التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر

مقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَهْلِهِ عَوْنَكَ اللَّهُمَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ النَّمَرِيُّ الْحَافِظُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ الظَّاهِرُ الْبَاطِنُ الْقَادِرُ الْقَاهِرُ شُكْرًا عَلَى تَفَضُّلِهِ وَهِدَايَتِهِ وَفَزَعًا إِلَى تَوْفِيقِهِ وَكِفَايَتِهِ وَوَسِيلَةً إِلَى حِفْظِهِ وَرِعَايَتِهِ وَرَغْبَةً فِي الْمَزِيدِ مِنْ كَرِيمِ آلَائِهِ وَجَمِيلِ بَلَائِهِ وَحَمْدًا عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي عَظُمَ خَطَرُهَا عَنِ الْجَزَاءِ وَجَلَّ عَدَدُهَا عَنِ الْإِحْصَاءِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى ءاله أَجْمَعِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي رَأَيْتُ كُلَّ مَنْ قَصَدَ إِلَى تَخْرِيجِ مَا فِي مُوَطَّأِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَدَ بِزَعْمِهِ إِلَى الْمُسْنَدِ وَأَضْرَبَ عَنِ الْمُنْقَطِعِ وَالْمُرْسَلِ وَتَأَمَّلْتُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا انْتَهَى إِلَيَّ مِمَّا جُمِعَ فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ وَأُلِّفَ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ فَلَمْ أَرَ جَامِعِيهِ وَقَفُوا عِنْدَ مَا شَرَطُوهُ وَلَا سَلِمَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مَا أَمَّلُوهُ بَلْ أَدْخَلُوا مِنَ الْمُنْقَطِعِ

شَيْئًا فِي بَابِ الْمُتَّصِلِ وَأَتَوْا بِالْمُرْسَلِ مَعَ الْمُسْنَدِ وَكُلُّ مَنْ يَتَفَقَّهُ مِنْهُمْ لِمَالِكٍ وَيَنْتَحِلُهُ إِذَا سَأَلْتَ مَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ عَنْ مَرَاسِيلِ الْمُوَطَّأِ قَالُوا صِحَاحٌ لَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ الطَّعْنُ فِيهَا لِثِقَةِ نَاقِلِيهَا وَأَمَانَةِ مُرْسِلِيهَا وَصَدَقُوا فِيمَا قَالُوهُ مِنْ ذَلِكَ لَكِنَّهَا جُمْلَةٌ يَنْقُضُهَا تَفْسِيرُهُمْ بِإِضْرَابِهِمْ عَنِ الْمُرْسَلِ وَالْمَقْطُوعِ وَأَصْلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَصْحَابِنَا الْمَالِكِيِّينَ أَنَّ مُرْسَلَ الثِّقَةِ تَجِبُ بِهِ الْحُجَّةُ وَيَلْزَمُ بِهِ الْعَمَلُ كَمَا يَجِبُ بِالْمُسْنَدِ سَوَاءً وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ فِيمَا عَلِمْتُ عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ وَإِيجَابِ الْعَمَلِ بِهِ إِذَا ثَبَتَ وَلَمْ يَنْسَخْهُ غَيْرُهُ مِنْ أَثَرٍ أَوْ إِجْمَاعٍ عَلَى هَذَا جَمِيعُ الْفُقَهَاءِ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ لَدُنِ الصَّحَابَةِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا إِلَّا الْخَوَارِجَ وَطَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ شِرْذِمَةٌ لَا تُعَدُّ خِلَافًا وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ قَبُولِ الْوَاحِدِ السَّائِلِ الْمُسْتَفْتِي لِمَا يُخْبِرُهُ بِهِ الْعَالِمُ الْوَاحِدُ إِذَا اسْتَفْتَاهُ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ وَقَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ مِثْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ (*) فِي رَدِّهِمْ أَخْبَارَ الْآحَادِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْجَمَاعَةِ وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ أَفْرَدْتُ لِذَلِكَ كِتَابًا مُوعِبًا كَافِيًا والحمد لله

وَلِأَئِمَّةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي إِنْفَاذِ الْحُكْمِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ مَذَاهِبُ مُتَقَارِبَةٌ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ قَبُولِهِ وَإِيجَابِ الْعَمَلِ بِهِ دُونَ الْقَطْعِ عَلَى مَغِيبِهِ فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ إِيجَابُ الْعَمَلِ بِمُسْنَدِهِ وَمُرْسَلِهِ مَا لَمْ يَعْتَرِضْهُ الْعَمَلُ الظَّاهِرُ بِبَلَدِهِ وَلَا يُبَالِي فِي ذَلِكَ مَنْ خَالَفَهُ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ أَلَا تَرَى إِلَى إِيجَابِهِ الْعَمَلَ بِحَدِيثِ التفليس وَحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ وَحَدِيثِ أَبِي الْقُعَيْسِ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَكَذَلِكَ الْمُرْسَلُ عِنْدَهُ سَوَاءٌ أَلَا تَرَاهُ يُرْسِلُ حَدِيثَ الشُّفْعَةِ وَيَعْمَلُ بِهِ وَيُرْسِلُ حَدِيثَ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَيُوجِبُ الْقَوْلَ بِهِ وَيُرْسِلُ حَدِيثَ نَاقَةِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي جِنَايَاتِ الْمَوَاشِي وَيَرَى الْعَمَلَ بِهِ وَلَا يَرَى الْعَمَلَ بِحَدِيثِ خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَلَا بِنَجَاسَةِ وُلُوغِ الْكَلْبِ وَلَمْ يُدْرَ مَا حَقِيقَةُ ذَلِكَ كله لما اعترضهما عنده من العمل ولتخليص الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مَرَاسِيلُ الثِّقَاتِ أَوْلَى مِنَ الْمُسْنَدَاتِ وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ مَنْ أَسْنَدَ لَكَ فَقَدْ أَحَالَكَ عَلَى الْبَحْثِ عَنْ أَحْوَالِ مَنْ سَمَّاهُ لَكَ وَمَنْ أَرْسَلَ مِنَ الْأَئِمَّةِ حَدِيثًا مَعَ عِلْمِهِ وَدِينِهِ وَثِقَتِهِ فَقَدْ قَطَعَ لَكَ عَلَى صِحَّتِهِ وَكَفَاكَ النَّظَرَ

وَقَالَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَسْنَا نَقُولُ إِنَّ الْمُرْسَلَ أَوْلَى مِنَ الْمُسْنَدِ وَلَكِنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْحُجَّةِ وَالِاسْتِعْمَالِ وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ السَّلَفَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَرْسَلُوا وَوَصَلُوا وَأَسْنَدُوا فَلَمْ يَعِبْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَلْ كُلُّ مَنْ أَسْنَدَ لَمْ يَخْلُ مِنَ الْإِرْسَالِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَهُمْ دِينًا وَحَقًّا مَا اعْتَمَدُوا عَلَيْهِ لِأَنَّا وَجَدْنَا التَّابِعِينَ إِذَا سُئِلُوا عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ وَكَانَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ كَذَا وَقَالَ عُمَرُ كَذَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ عَمَلًا وَلَا يُعَدُّ عِلْمًا عِنْدَهُمْ لَمَا قَنِعَ بِهِ الْعَالِمُ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا رَضِيَ بِهِ مِنْهُ السَّائِلُ وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ أَصْحَابِنَا أَبُو الْفَرَجِ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِكِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ الْأَبْهَرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَزَعَمَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ التَّابِعِينَ بِأَسْرِهِمْ أَجْمَعُوا عَلَى قبول المرسل ولم عَنْهُمْ إِنْكَارُهُ وَلَا عَنْ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُمْ إِلَى رَأْسِ الْمِائَتَيْنِ كَأَنَّهُ يَعْنِي أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوَّلُ مَنْ أَبَى مِنْ قَبُولِ الْمُرْسَلِ

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْ أَصْحَابِنَا لَسْنَا نَقُولُ أن المسند الَّذِي اتَّفَقَتْ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ وَهُمُ الْجَمَاعَةُ عَلَى قَبُولِهِ وَالِاحْتِجَاجِ بِهِ وَاسْتِعْمَالِهِ كَالْمُرْسَلِ الَّذِي اخْتُلِفَ فِي الْحُكْمِ بِهِ وَقَبُولِهِ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ بَلْ نَقُولُ إِنْ لِلْمُسْنَدِ مَزِيَّةَ فَضْلٍ لِمَوْضِعِ الِاتِّفَاقِ وَسُكُونِ النَّفْسِ إِلَى كَثْرَةِ الْقَائِلِينَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُرْسَلُ يَجِبُ أَيْضًا الْعَمَلُ بِهِ وَشَبَّهَ ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِهِ بِالشُّهُودِ يَكُونُ بَعْضُهُمْ أَفْضَلَ حَالًا مِنْ بَعْضٍ وَأَقْعَدَ وَأَتَمَّ مَعْرِفَةٍ وَأَكْثَرَ عَدَدًا وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ عَدْلَيْنِ جَائِزَيِ الشَّهَادَةِ وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ يُوجِبُ الْعَمَلَ وَلَا يَقْطَعُ الْعُذْرَ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ هَذَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أسحاق بن خوازبنداذ الْبَصْرِيُّ الْمَالِكِيُّ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَإِنَّهُمْ يَقْبَلُونَ الْمُرْسَلَ وَلَا يَرُدُّونَهُ إِلَّا بِمَا يَرُدُّونَ بِهِ الْمُسْنَدَ مِنَ التَّأْوِيلِ وَالِاعْتِلَالِ عَلَى أُصُولِهِمْ فِي ذَلِكَ وَقَالَ سَائِرُ أَهْلِ الْفِقْهِ وَجَمَاعَةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فِي كُلِّ الْأَمْصَارِ فِيمَا عَلِمْتُ الِانْقِطَاعُ فِي الْأَثَرِ عِلَّةٌ تَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ وَسَوَاءٌ عَارَضَهُ خَبَرٌ مُتَّصِلٌ أَمْ لَا وَقَالُوا إِذَا اتَّصَلَ خَبَرٌ وَعَارَضَهُ خَبَرٌ مُنْقَطِعٌ لَمْ يُعَرَّجْ عَلَى الْمُنْقَطِعِ مَعَ الْمُتَّصِلِ وَكَانَ الْمَصِيرُ إِلَى الْمُتَّصِلِ دُونَهُ

وَحُجَّتُهُمْ فِي رَدِّ الْمَرَاسِيلِ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ مِنَ الْحَاجَةِ إِلَى عَدَالَةِ الْمُخْبِرِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ فَإِذَا حَكَى التَّابِعِيُّ عَمَّنْ لَمْ يَلْقَهُ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْوَاسِطَةِ إِذْ قَدْ صَحَّ أَنَّ التَّابِعِينَ أَوْ كَثِيرًا مِنْهُمْ رَوَوْا عَنِ الضَّعِيفِ وَغَيْرِ الضَّعِيفِ فَهَذِهِ النُّكْتَةُ عِنْدَهُمْ فِي رَدِّ الْمُرْسَلِ لِأَنَّ مُرْسِلَهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِمَّنْ يَجُوزُ قَبُولُ نَقْلِهِ وَمِمَّنْ لَا يَجُوزُ وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ عَدَالَةِ النَّاقِلِ فَبَطُلَ لِذَلِكَ الْخَبَرُ الْمُرْسَلُ لِلْجَهْلِ بِالْوَاسِطَةِ قَالُوا وَلَوْ جَازَ قَبُولُ الْمَرَاسِيلِ لَجَازَ قَبُولُ خَبَرِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمِثْلِهِمْ إِذَا ذَكَرُوا خَبَرًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ فِيهِمْ لَجَازَ فِيمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى عَصْرِنَا وَبَطُلَ الْمَعْنَى الَّذِي عَلَيْهِ مَدَارُ الْخَبَرِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا فِي ذَلِكَ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهَا إِلَّا الِاتِّصَالُ وَالْمُشَاهَدَةُ فَكَذَلِكَ الْخَبَرُ يَحْتَاجُ مِنَ الِاتِّصَالِ وَالْمُشَاهَدَةِ إِلَى مِثْلِ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ الشَّهَادَةُ إِذْ هُوَ بَابٌ فِي إِيجَابِ الْحُكْمِ وَاحِدٌ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ مَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَكُلُّهُمْ مَذْهَبُهُ فِي الْأَصْلِ اسْتِعْمَالُ الْمُرْسَلِ مَعَ الْمُسْنَدِ كَمَا يُوجِبُ الْجَمِيعُ اسْتِعْمَالَ الْمُسْنَدِ وَلَا يَرُدُّونَ بِالْمُسْنَدِ الْمُرْسَلَ كَمَا لَا يَرُدُّونَ الْخَبَرَيْنِ الْمُتَّصِلَيْنِ مَا وَجَدُوا إِلَى اسْتِعْمَالِهِمَا سَبِيلًا وَمَا رَدُّوا بِهِ الْمُرْسَلَ مِنْ حُجَّةٍ بِتَأْوِيلٍ أَوْ عَمَلٍ مُسْتَفِيضٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُصُولِهِمْ فَهُمْ يَرُدُّونَ بِهِ الْمُسْنَدَ سَوَاءً لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا عِنْدَهُمْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَصْلُ الْمَذْهَبِ ثُمَّ إِنِّي تَأَمَّلْتُ كُتُبَ الْمُنَاظِرِينَ وَالْمُخْتَلِفِينَ مِنَ الْمُتَفَقِّهِينَ وَأَصْحَابِ الْأَثَرِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْنَعُ مِنْ خَصْمِهِ إِذَا احْتَجَّ عَلَيْهِ بِمُرْسَلٍ وَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ خَبَرًا مَقْطُوعًا وَكُلُّهُمْ عِنْدَ تَحْصِيلِ الْمُنَاظَرَةِ يُطَالِبُ خَصْمَهُ بِالِاتِّصَالِ فِي الْأَخْبَارِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّ التَّنَازُعَ إِنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ مَنْ يَقْبَلُ الْمُرْسَلَ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَقْبَلُهُ فَإِنِ احْتَجَّ بِهِ مَنْ يَقْبَلُهُ عَلَى مَنْ لَا يَقْبَلُهُ قَالَ لَهُ هَاتِ حُجَّةً غَيْرَهُ فَإِنَّ الْكَلَامَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فِي أَصْلِ هَذَا وَنَحْنُ لَا نَقْبَلُهُ وَإِنِ احْتَجَّ مَنْ لَا يَقْبَلُهُ عَلَى مَنْ يَقْبَلُهُ كَانَ مِنْ حُجَّتِهِ كَيْفَ تَحْتَجُّ عَلَيَّ بِمَا لَيْسَ حُجَّةً عِنْدَكَ وَنَحْوُ هَذَا وَلَمْ نُشَاهِدْ نَحْنُ مُنَاظَرَةً بَيْنَ مَالِكِيٍّ يَقْبَلُهُ وَبَيْنَ حَنَفِيٍّ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ مَذْهَبَهُ وَيَلْزَمُ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِهِمَا فِي ذَلِكَ قَبُولُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ الْمُرْسَلُ إِذَا أَرْسَلَهُ ثِقَةٌ عَدْلٌ رِضًا مَا لَمْ يَعْتَرِضْهُ مِنَ الْأُصُولِ مَا يَدْفَعُهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ هَلْ يُوجِبُ الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا أَمْ يُوجِبُ الْعَمَلَ دُونَ الْعِلْمِ وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَنَّهُ يُوجِبُ الْعَمَلَ دُونَ الْعِلْمِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالنَّظَرِ وَلَا يُوجِبُ الْعِلْمَ عِنْدَهُمْ إِلَّا مَا شَهِدَ بِهِ عَلَى اللَّهِ وَقَطَعَ الْعُذْرُ بِمَجِيئِهِ قَطْعًا وَلَا خلاف فيه

وَقَالَ قَوْمٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْأَثَرِ وَبَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ إِنَّهُ يُوجِبُ الْعِلْمَ الظَّاهِرَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا مِنْهُمُ الْحُسَيْنُ الْكَرَابِيسِيُّ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ ابْنُ خوازبنداذ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَخْرُجُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي نَقُولُ بِهِ إِنَّهُ يُوجِبُ الْعَمَلَ دُونَ الْعِلْمِ كَشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَالْأَرْبَعَةِ سَوَاءٌ وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ وَكُلُّهُمْ يَدِينُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ فِي الِاعْتِقَادَاتِ ويعادى ويوالى علها وَيَجْعَلُهَا شَرْعًا وَدِينًا فِي مُعْتَقَدِهِ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَلَهُمْ فِي الْأَحْكَامِ مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَلَمَّا أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْمُسْنَدِ وَالْمُرْسَلِ وَاتَّفَقَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَا وَصَفْنَا رَأَيْتُ أَنْ أَجْمَعَ فِي كِتَابِي هَذَا كُلَّ مَا تَضَمَّنَهُ مُوَطَّأُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِوَايَةِ يحيى بن يحيى الليثي الأندلس عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدَهُ وَمَقْطُوعَهُ وَمُرْسَلَهُ وَكُلَّ مَا (هـ) يُمْكِنُ إِضَافَتُهُ إِلَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَرَتَّبْتُ ذَلِكَ مَرَاتِبَ قَدَّمْتُ فِيهَا الْمُتَّصِلَ ثُمَّ مَا جَرَى مَجْرَاهُ مِمَّا اخْتُلِفَ فِي اتِّصَالِهِ ثُمَّ الْمُنْقَطِعَ وَالْمُرْسَلَ

وَجَعَلْتُهُ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ فِي أَسْمَاءِ شُيُوخِ مَالِكٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ لِيَكُونَ أَقْرَبَ لِلْمُتَنَاوَلِ وَوَصَلْتُ كُلَّ مَقْطُوعٍ جَاءَ مُتَّصِلًا مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَكُلَّ مُرْسَلٍ جَاءَ مُسْنَدًا مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيمَا بَلَغَنِي عِلْمُهُ وَصَحَّ بِرِوَايَتِي جَمْعُهُ لِيَرَى النَّاظِرُ فِي كِتَابِنَا هَذَا مَوْقِعَ آثَارِ الْمُوَطَّأِ مِنَ الِاشْتِهَارِ وَالصِّحَّةِ وَاعْتَمَدْتُ فِي ذَلِكَ عَلَى نَقْلِ الْأَئِمَّةِ وَمَا رَوَاهُ ثِقَاتُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَذَكَرْتُ مِنْ مَعَانِي الْآثَارِ وَأَحْكَامِهَا الْمَقْصُودَةِ بِظَاهِرِ الْخِطَابِ مَا عَوَّلَ عَلَى مِثْلِهِ الْفُقَهَاءُ أُولُو الْأَلْبَابِ وَجَلَبْتُ مِنْ أقاويل العلماء في تأويلها وناسخا ومنسوخها وأحكامها ومعانيها ما يشتفى به القارىء الطَّالِبُ وَيُبَصِّرُهُ وَيُنَبِّهُ الْعَالِمَ وَيُذَكِّرُهُ وَأَتَيْتُ مِنَ الشَّوَاهِدِ عَلَى الْمَعَانِي وَالْإِسْنَادِ بِمَا حَضَرَنِي مِنَ الْأَثَرِ ذِكْرُهُ وَصَحِبَنِي حِفْظُهُ مِمَّا تَعْظُمُ بِهِ فَائِدَةُ الْكِتَابِ وَأَشَرْتُ إِلَى شَرْحِ مَا اسْتَعْجَمَ مِنَ الْأَلْفَاظِ مُقْتَصِرًا عَلَى أَقَاوِيلِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَذَكَرْتُ فِي صَدْرِ الْكِتَابِ مِنَ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى الْبَحْثِ عَنْ صِحَّةِ النَّقْلِ وَمَوْضِعِ الْمُتَّصِلِ وَالْمُرْسَلِ وَمِنْ أَخْبَارِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَوْضِعُهُ مِنَ الْإِمَامَةِ فِي عِلْمِ الدِّيَانَةِ وَمَكَانُهُ مِنَ الِانْتِقَادِ وَالتَّوَقِّي فِي الرِّوَايَةِ وَمَنْزِلَةُ مُوَطَّئِهِ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ الْمُؤَلِّفِينَ مِنْهُمْ وَالْمُخَالِفِينَ نَبْذًا يَسْتَدِلُّ بِهَا اللَّبِيبُ عَلَى الْمُرَادِ وَتُغْنِي الْمُقْتَصِرَ عَلَيْهَا عَنْ الِازْدِيَادِ وَأَوْمَأْتُ إِلَى ذِكْرِ بَعْضِ أَحْوَالِ الرُّوَاةِ وَأَنْسَابِهِمْ وَأَسْنَانِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ

وَذَكَرْتُ مَنْ حَفِظْتُ تَارِيخَ وَفَاتِهِ مِنْهُمْ مُعْتَمِدًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الِاخْتِصَارِ ضَارِبًا عَنِ التَّطْوِيلِ وَالْإِكْثَارِ وَاللَّهَ أَسْأَلُهُ الْعَوْنَ عَلَى مَا يَرْضَاهُ وَيُزْلِفُ فِيمَا قَصَدْنَاهُ فَلَمْ نَصِلْ إِلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ إِلَّا بِعَوْنِهِ وَفَضْلِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ فَلَهُ الْحَمْدُ كَثِيرًا دَائِمًا عَلَى مَا أَلْهَمَنَا مِنَ الْعِنَايَةِ بِخَيْرِ الْكُتُبِ بَعْدَ كِتَابِهِ وَعَلَى مَا وَهَبَ لَنَا مِنَ التَّمَسُّكِ بِسُنَّةِ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَإِنَّمَا اعْتَمَدْتُ عَلَى رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْمَذْكُورَةِ خَاصَّةً لِمَوْضِعِهِ عِنْدَ أَهْلِ بَلَدِنَا مِنَ الثِّقَةِ وَالدِّينِ وَالْفَضْلِ وَالْعِلْمِ وَالْفَهْمِ وَلِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ لِرِوَايَتِهِ وِرَاثَةً عَنْ شُيُوخِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ إِلَّا أَنْ يَسْقُطَ مِنْ رِوَايَتِهِ حَدِيثٌ مِنْ أُمَّهَاتِ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ أَوْ نَحْوِهَا فَأَذْكُرُهُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَكُلُّ قَوْمٍ يَنْبَغِي لَهُمُ امْتِثَالُ طَرِيقِ سَلَفِهِمْ فِيمَا سَبَقَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْخَيْرِ وَسُلُوكِ مِنْهَاجِهِمْ فِيمَا احْتَمَلُوا عَلَيْهِ مِنَ الْبِرِّ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مُبَاحًا مَرْغُوبًا فِيهِ وَالرِّوَايَاتُ فِي مَرْفُوعَاتِ الْمُوَطَّأِ مُتَقَارِبَةٌ فِي النَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ رِوَايَتِهِ فِي الْإِسْنَادِ والارسال والقطع والاتصال فأرجوا أَنْ تَرَى مَا يَكْفِي وَيَشْفِي فِي كِتَابِنَا هَذَا مِمَّا لَا يُخْرِجُنَا عَنْ شَرْطِنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِارْتِبَاطِهِ بِهِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ فَأَمَّا رِوَايَتُنَا لِلْمُوَطَّأِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْأَنْدَلُسِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

فَحَدَّثَنَا بِهَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ لَفْظًا مِنْهُ قِرَاءَةً عَلَيَّ مِنْ كِتَابِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَنَا أَنْظُرُ فِي كِتَابِي قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ وَوَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ وَحَدَّثَنَا بِهِ أَيْضًا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ وَوَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ وَحَدَّثَنَا بِهِ أَيْضًا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابن ضاح قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ وَحَدَّثَنِي بِهِ أَيْضًا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ مَالِكٍ وَبَيْنَ رواية عبيد الله ورواية ابو وَضَّاحٍ حُرُوفٌ قَدْ قَيَّدْتُهَا فِي كِتَابِي وَاللَّهَ أَسْأَلُهُ حُسْنَ الْعَوْنِ عَلَى مَا يُرْضِيهِ وَيُقَرِّبُ مِنْهُ فَإِنَّمَا نَحْنُ بِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ وحسبنا الله ونعم الوكيل

(باب معرفة المرسل والمسند والمنقطع والمتصل والموقوف ومعنى التدليس) قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ أَسْمَاءٌ اصْطِلَاحِيَّةٌ وَأَلْقَابٌ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَيْهَا وَأَنَا ذَاكِرٌ فِي هَذَا الْبَابِ مَعَانِيَهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ اعْلَمْ وَفَّقَكَ اللَّهُ أَنِّي تَأَمَّلْتُ أَقَاوِيلَ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَنَظَرْتُ فِي كُتُبِ مَنِ اشْتَرَطَ الصَّحِيحَ فِي النَّقْلِ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فَوَجَدْتُهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى قَبُولِ الْإِسْنَادِ الْمُعَنْعَنِ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ في ذلك اذا جمع شروط ثَلَاثَةً وَهِيَ عَدَالَةُ الْمُحَدِّثِينَ فِي أَحْوَالِهِمْ وَلِقَاءُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا مُجَالَسَةً وَمُشَاهَدَةً وَأَنْ يَكُونُوا بُرَآءً مِنَ التَّدْلِيسِ وَالْإِسْنَادُ الْمُعَنْعَنُ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ وَقَدْ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن عبد الرحمن حدثنا إبراهيم بن بكر حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَزْدِيُّ الحافظ الموصلي

قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ زَاكِيَا قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَنْ وَكِيعٍ قَالَ قَالَ شُعْبَةُ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ لَيْسَ بِحَدِيثٍ قَالَ وَكِيعٌ وَقَالَ سُفْيَانُ هُوَ حَدِيثٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ ثُمَّ إِنَّ شُعْبَةَ انْصَرَفَ عَنْ هَذَا إِلَى قَوْلِ سُفْيَانَ وَقَدْ أَعْلَمْتُكَ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَئِمَّةِ الحديث والمشترطين في تصنيفهم الصحيح قد أجمعا عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بِالتَّدْلِيسِ فَلَا يُقْبَلُ حَدِيثُهُ حَتَّى يَقُولَ حَدَّثَنَا أَوْ سَمِعْتُ فَهَذَا مَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ أَيْضًا خِلَافًا وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ عَنْ مَحْمُولَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى الِاتِّصَالِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الِانْقِطَاعُ فِيهَا مَا حَكَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ ابن حَنْبَلٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ فَقَالَ هَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرْتُهُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ

فَقَالَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ عَنْ ثَوْرٍ حَدَّثْتُ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ وَلَيْسَ فِيهِ الْمُغِيرَةُ قَالَ أَحْمَدُ وَأَمَّا الْوَلِيدُ فَزَادَ فِيهِ عَنِ الْمُغِيرَةِ وَجَعَلَهُ ثَوْرٌ عَنْ رَجَاءٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ ثَوْرٌ مِنْ رَجَاءٍ لِأَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ قَالَ فِيهِ عَنْ ثَوْرٍ حُدِّثْتُ عَنْ رَجَاءٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَلَا تَرَى أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَابَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَوْلَهُ عن في منطقع لِيُدْخِلَهُ فِي الِاتِّصَالِ فَهَذَا بَيَانُ أَنَّ عَنْ ظَاهِرُهَا الِاتِّصَالُ حَتَّى يَثْبُتَ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ وَمِثْلُ هَذَا عَنِ الْعُلَمَاءِ كَثِيرٌ وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ بِطُرُقِهِ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَأَمَّا التَّدْلِيسُ فَهُوَ أَنْ يُحَدِّثَ الرَّجُلُ عَنِ الرَّجُلِ قَدْ لَقِيَهُ وَأَدْرَكَ زَمَانَهُ وَأَخَذَ عَنْهُ وسمع منه وحدث عنه بما لم يسمعه مِنْهُ وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِهِ عَنْهُ مِمَّنْ تُرْضَى حَالُهُ أَوْ لَا تُرْضَى عَلَى أَنَّ الْأَغْلَبَ فِي ذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَتْ حَالُهُ مَرَضِيَّةً لَذَكَرَهُ وَقَدْ يَكُونُ لِأَنَّهُ اسْتَصْغَرَهُ هَذَا هُوَ التَّدْلِيسُ عِنْدَ جَمَاعَتِهِمْ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ وَسَنُبَيِّنُ مَعْنَى التَّدْلِيسِ بِالْإِخْبَارِ عَنِ الْعُلَمَاءِ فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِيثِ الرَّجُلِ عَمَّنْ لَمْ يَلْقَهُ مِثْلُ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالثَّوْرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا فَقَالَتْ فِرْقَةٌ هَذَا تَدْلِيسٌ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَاءَا لَسَمَّيَا مَنْ حَدَّثَهُمَا كَمَا فَعَلَا فِي الْكَثِيرِ مِمَّا بَلَغَهُمَا عَنْهُمَا قَالُوا وَسُكُوتُ الْمُحَدِّثِ عَنْ ذِكْرِ مَنْ حَدَّثَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ دُلْسَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَإِنْ كَانَ هَذَا تَدْلِيسًا فَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْعُلَمَاءِ سَلِمَ مِنْهُ فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ وَلَا فِي حَدِيثِهِ اللَّهُمَّ إِلَّا شُعْبَةَ بْنَ الْحَجَّاجِ وَيَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ فَإِنَّ هَذَيْنِ لَيْسَ يُوجَدُ لَهُمَا شَيْءٌ مِنْ هَذَا لَا سِيَّمَا شُعْبَةُ فَهُوَ الْقَائِلُ لأن أزني أحب إلي من أن أدلس

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ التَّدْلِيسُ فِي الْحَدِيثِ أَشَدُّ مِنَ الزنا ولان أسقط من الماء إِلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُدَلِّسَ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ لَأَنْ أَزْنِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُدَلِّسَ وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ زَعَمَ فُلَانٌ وَلَمْ أَسْمَعَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ مِنْهُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ لَيْسَ مَا ذَكَرْنَا يَجْرِي عَلَيْهِ لَقَبُ التَّدْلِيسِ وَإِنَّمَا هُوَ إِرْسَالٌ قَالُوا وَكَمَا جَازَ أَنْ يُرْسِلَ سَعِيدٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عيه وَسَلَّمَ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَهُوَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمَا وَلَمْ يُسَمِّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَلِكَ تَدْلِيسًا كَذَلِكَ مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بن المسيب

وَالْإِرْسَالُ قَدْ تَبْعَثُ عَلَيْهِ أُمُورٌ لَا تُضِيرُهُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ سَمِعَ ذَلِكَ الْخَبَرَ مِنْ جَمَاعَةٍ عَنِ الْمَعْزِيِّ إِلَيْهِ الْخَبَرُ وَصَحَّ عِنْدَهُ وَوَقَرَ فِي نَفْسِهِ فَأَرْسَلَهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَعْزِيِّ إِلَيْهِ عِلْمًا بِصِحَّةِ مَا أَرْسَلَهُ وَقَدْ يَكُونُ الْمُرْسِلُ لِلْحَدِيثِ نَسِيَ مَنْ حَدَّثَهُ بِهِ وَعَرَفَ الْمِعْزِيَّ إِلَيْهِ الْحَدِيثُ فَذَكَرَهُ عَنْهُ فَهَذَا أَيْضًا لَا يَضُرُّ إِذَا كَانَ أَصْلُ مَذْهَبِهِ أَنْ لَا يَأْخُذَ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ كَمَالِكٍ وَشُعْبَةَ أَوْ تَكُونُ مُذَاكَرَةً فَرُبَّمَا ثَقُلَ مَعَهَا الْإِسْنَادُ وَخَفَّ الْإِرْسَالُ إِمَّا لِمَعْرِفَةِ الْمُخَطَابِينَ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ وَاشْتِهَارِهِ عِنْدَهُمْ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ الْكَائِنَةِ فِي مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ اعْتِبَارُ حَالِ الْمُحَدِّثِ فَإِنْ كَانَ لَا يَأْخُذُ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ وَهُوَ فِي نَفْسِهِ ثِقَةٌ وَجَبَ قَبُولُ حَدِيثِهِ مُرْسَلِهِ وَمُسْنَدِهِ وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُ عَنِ الضُّعَفَاءِ وَيُسَامِحُ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ وَجَبَ التَّوَقُّفُ عَمَّا أَرْسَلَهُ حَتَّى يُسَمِّيَ مَنِ الَّذِي أَخْبَرَهُ وَكَذَلِكَ مَنْ عُرِفَ بِالتَّدْلِيسِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ وَكَانَ مِنَ الْمُسَامِحِينَ فِي الْأَخْذِ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ لَمْ يُحْتَجَّ بِشَيْءٍ مِمَّا رَوَاهُ حَتَّى يَقُولَ أَخْبَرَنَا أَوْ سَمِعْتُ هَذَا إِذَا كَانَ عَدْلًا ثِقَةً فِي نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ اسْتُغْنِيَ عَنْ تَوْقِيفِهِ وَلَمْ يُسْأَلْ عَنْ تَدْلِيسِهِ وَعَلَى مَا ذَكَرْتُهُ لَكَ أَكْثَرُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنِ التَّدْلِيسِ فَكَرِهَهُ وَعَابَهُ

قُلْتُ لَهُ فَيَكُونُ الْمُدَلِّسُ حُجَّةً فِيمَا رَوَى حَتَّى يَقُولَ حَدَّثَنَا أَوْ أَخْبَرَنَا فَقَالَ لَا يَكُونُ حُجَّةً فِيمَا دَلَّسَ فِيهِ قَالَ يَعْقُوبُ وسألت على ابن الْمَدِينِيِّ عَنِ الرَّجُلِ يُدَلِّسُ أَيَكُونُ حُجَّةً فِيمَا لَمْ يَقُلْ حَدَّثَنَا فَقَالَ إِذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ التَّدْلِيسَ فَلَا حَتَّى يَقُولَ حَدَّثَنَا قَالَ عَلِيٌّ وَالنَّاسُ يَحْتَاجُونَ فِي صَحِيحِ حَدِيثِ سُفْيَانَ إِلَى يَحْيَى الْقَطَّانِ يَعْنِي عَلِيٌّ أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يُدَلِّسُ وَأَنَّ الْقَطَّانَ كَانَ يُوقِفُهُ عَلَى مَا سَمِعَ وَمَا لَمْ يَسْمَعْ وَسَتَرَى فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا مَا يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ وَيَكْشِفُ لَكَ الْمَذْهَبَ وَالْمُرَادَ فِيهِ إِنْ شاء الله

فَأَمَّا الْمُرْسَلُ فَإِنَّ هَذَا الِاسْمَ أَوْقَعُوهُ بِإِجْمَاعٍ عَلَى حَدِيثِ التَّابِعِيِّ الْكَبِيرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَوْ أَبُو امامة ابن سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَوْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَكَذَلِكَ مَنْ دُونَ هَؤُلَاءِ مِثْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُمْ وَكَذَلِكَ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ وَمَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَالشَّعْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُمْ مِنْ سَائِرِ التَّابِعِينَ الَّذِينَ صَحَّ لَهُمْ لِقَاءُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمُجَالَسَتُهُمْ فَهَذَا هُوَ الْمُرْسَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمِثْلُهُ أَيْضًا مِمَّا يَجْرِي مَجْرَاهُ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مُرْسَلٌ مِنْ دُونِ هَؤُلَاءِ مِثْلُ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَتَادَةَ وَأَبِي حَازِمٍ ويحيى ابن سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمُّونَهُ مُرْسَلًا كَمُرْسَلِ كِبَارِ التَّابِعِينَ

وقال آخرون حد يث هاؤلاء عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمَّى مُنْقَطِعًا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْقُوا مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا الْوَاحِدَ وَالِاثْنَيْنِ وَأَكْثَرُ رِوَايَتِهِمْ عَنِ التَّابِعِينَ فَمَا ذَكَرُوهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمى منقطعا قال ابوعمر المنقطع عندى كل مالايتصل سَوَاءً كَانَ يُعْزَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أوالى غَيْرِهِ وَأَمَّا الْمُسْنَدُ فَهُوَ مَا رُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً فَالْمُتَّصِلُ مِنَ الْمُسْنَدِ مِثْلُ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَمَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَمَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بن المسبب أوأبي سلمة بن عبد الرحمن أوالاعرج عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَيُّوبُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وماكان مِثْلَ هَذَا كُلِّهِ وَالْمُنْقَطِعُ مِنَ الْمُسْنَدِ مِثْلُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وعن عبد الرحمن بن قاسم عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنِ ابْنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ زَيْدِ ابن أَسْلَمَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا وَمَا كَانَ مثله مسند لَأَنَّهُ أُسْنِدَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُفِعَ إِلَيْهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُنْقَطِعٌ لأن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن ابن القاسم لم يسمعا من عائشة وكذلك بن شِهَابٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا سَمِعَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ مِنْ عُمَرَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سَمَاعِهِ مِنَ ابْنِ عُمَرَ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ وَسَتَرَى ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَكْثَرُ مِنْ هَذَا فِي الِانْقِطَاعِ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَأَمَّا الْمُتَّصِلُ جُمْلَةً فَمِثْلُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا أَوْ مَوْقُوفًا وَكَذَلِكَ أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا أَوْ مَوْقُوفًا

وَشُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا أَوْ مَوْقُوفًا وَشُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا أَوْ مَوْقُوفًا وَمِثْلُ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا أَوْ مَوْقُوفًا وَمِثْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَهِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَوْ مَوْقُوفًا وَالزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَوْ مَوْقُوفًا ووما كَانَ مِثْلَ هَذَا وَإِنَّمَا سُمِّيَ مُتَّصِلًا لِأَنَّ بَعْضَهُمْ صَحَّتْ مُجَالَسَتُهُ وَلِقَاؤُهُ لِمَنْ بَعْدَهُ فِي الْإِسْنَادِ وَصَحَّ سَمَاعُهُ مِنْهُ

وَالْمَوْقُوفُ مَا وَقَفَ عَلَى الصَّاحِبِ وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مالك عن نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَوْلُهُ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أبيه قوله وابن عيينة عن عمرو ابن دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ وَمَا كَانَ مِثْلَ هَذَا وَالِانْقِطَاعُ يَدْخُلُ الْمَرْفُوعَ وَغَيْرَ الْمَرْفُوعِ وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمَرْفُوعَ كُلُّ مَا أُضِيفَ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم متصلاكان أَوْ مَقْطُوعًا وَأَنَّ الْمُسْنَدَ لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى مَا اتَّصَلَ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَرَّقُوا بَيْنَ الْمَرْفُوعِ وَالْمُسْنَدِ بِأَنَّ الْمُسْنَدَ هُوَ الَّذِي لَا يَدْخُلُهُ انْقِطَاعٌ وَمِمَّا يُعَرَفُ بِهِ اتِّصَالُ الرُّوَاةِ وَلِقَاءُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فَلِذَا صَارَ الْحَدِيثُ مَقْطُوعًا وَإِنْ كَانَ مُسْنَدًا لِأَنَّ ظَاهِرَهُ يَتَّصِلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَقَالَ آخَرُونَ الْمَرْفُوعُ وَالْمُسْنَدُ سَوَاءٌ وَهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالِانْقِطَاعُ يَدْخُلُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَالِاتِّصَالُ

وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى أَنَّ هَلْ هِيَ بِمَعْنَى عن محمولة على الاتصال الشرائط التي ذكرنا حتى يتبين انقطاعها حَتَّى يُعْرَفَ صِحَّةُ اتِّصَالِهَا وَذَلِكَ مِثْلُ مَالِكٍ عنن ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ كذا ومثل مالك عن هشان بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ كَذَا وَمِثْلُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ كَذَا فَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عن وأن سَوَاءٌ وَأَنَّ الِاعْتِبَارَ لَيْسَ بِالْحُرُوفِ وَإِنَّمَا هُوَ بِاللِّقَاءِ وَالْمُجَالَسَةِ وَالسَّمَاعِ وَالْمُشَاهَدَةِ فَإِذَا كَانَ سَمَاعُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ صَحِيحًا كَانَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ أَبَدًا بِأَيِّ لَفْظٍ وَرَدَ مَحْمُولًا عَلَى الِاتِّصَالِ حَتَّى تَتَبَيَّنَ فِيهِ عِلَّةُ الِانْقِطَاعِ وَقَالَ الْبَرْدِيجِيُّ أَنَّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِانْقِطَاعِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ السَّمَاعُ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ بِعَيْنِهِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ أَوْ يَأْتِيَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ شَهِدَهُ وَسَمِعَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هذا عندي لا معنى لا لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْإِسْنَادَ الْمُتَّصِلَ بِالصَّحَابِيِّ سَوَاءٌ قَالَ فِيهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَوْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ أَوْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَأَمَّا التَّدْلِيسُ فَمَعْنَاهُ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ قَدْ لَقِيَ شَيْخًا مِنْ شُيُوخِهِ فَسَمِعَ مِنْهُ أَحَادِيثَ لَمْ يَسْمَعْ غَيْرَهَا مِنْهُ ثُمَّ أَخْبَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخِ بِأَحَادِيثَ غَيْرِ تلك التي سمع منه (هـ) فَيُحَدِّثُ بِهَا عَنِ الشَّيْخِ دُونَ أَنْ يَذْكُرَ صاحبه الذي حدثه بها فيقول فيه عَنْ فُلَانٍ يَعْنِي ذَلِكَ الشَّيْخَ وَهَذَا لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي الْإِسْنَادِ الْمُعَنْعَنِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا يُجِيزُ لِلْمُحَدِّثِ أَنْ يَقُولَ أَخْبَرَنِي أَوْ حَدَّثَنِي أَوْ سَمِعْتُ مَنْ لَمْ يُخْبِرْهُ وَلَمْ يُحَدِّثْهُ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَإِنَّمَا يَقُولُ اكْتُبُوا فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ كَمَا لَوْ قَالَ مَالِكٌ اكتبوا مالك عَنْ نَافِعٍ أَوِ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ اكْتُبُوا سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَوِ الثَّوْرِيُّ أَوْ شُعْبَةُ يَقُولُ اكْتُبُوا سُفْيَانَ أَوْ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ وَهُوَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ رَجُلٍ وَثِقَ بِهِ عَنِ الَّذِي حَمَلَهُ عَنْهُ وَهَذَا أَخَفُّ مَا يَكُونُ فِي الَّذِينَ لَقِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يَلْقَهُ فَهُوَ أَقْبَحُ وَأَسْمَجُ وَسُئِلَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنِ التَّدْلِيسِ فِي الحديث فكرهه وقال هو من التزين

باب بيان التدليس ومن يقبل نقله ويقبل مرسله وتدليسه ومن لا يقبل ذلك منه قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ فِي حَالِ الْمُحَدِّثِ الَّذِي يُقْبَلُ نَقْلُهُ وَيُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ وَيُجْعَلُ سُنَّةً وَحَكَمًا فِي دِينِ اللَّهِ هُوَ أَنْ يَكُونَ حَافِظًا إِنْ حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ عَالِمًا بِمَا يُحِيلُ الْمَعَانِي ضَابِطًا لِكِتَابِهِ إِنْ حَدَّثَ مِنْ كِتَابٍ يُؤَدِّي الشَّيْءَ عَلَى وَجْهِهِ مُتَيَقِّظًا غَيْرَ مُغْفِلٍ وَكُلُّهِمْ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَدِّيَ الْحَدِيثَ بِحُرُوفِهِ لِأَنَّهُ أَسْلَمُ لَهُ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَهْمِ وَالْمَعْرِفَةِ جَازَ لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِالْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يُحِيلُ الْحَلَالَ إِلَى الْحَرَامِ وَيَحْتَاجُ مَعَ مَا وَصَفْنَا أَنْ يَكُونَ ثِقَةً فِي دِينِهِ عَدْلًا جَائِزَ الشَّهَادَةِ مَرْضِيًّا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَكَانَ سَالِمًا مِنَ التَّدْلِيسِ كَانَ حُجَّةً فِيمَا نَقَلَ وَحَمَلَ مِنْ أَثَرٍ فِي الدِّينِ وَجُمْلَةُ تَلْخِيصِ الْقَوْلِ فِي التَّدْلِيسِ الَّذِي أَجَازَهُ مَنْ أَجَازَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِالْحَدِيثِ هُوَ أَنْ يُحَدِّثَ الرَّجُلُ عَنْ شَيْخٍ قَدْ لَقِيَهُ وَسَمِعَ مِنْهُ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَسَمِعَهُ مِنْ غَيْرِهِ عَنْهُ فَيُوهِمُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ شَيْخِهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ فَإِنْ دَلَّسَ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ فَهُوَ تَدْلِيسٌ مَذْمُومٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ إِنْ دَلَّسَ عَمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ فَقَدْ جَاوَزَ حَدَّ التَّدْلِيسِ الَّذِي رَخَّصَ فيه من رخص الْعُلَمَاءِ إِلَى مَا يُنْكِرُونَهُ وَيَذُمُّونَهُ وَلَا يَحْمَدُونَهُ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَكُلُّ حَامِلِ عِلْمٍ مَعْرُوفُ الْعِنَايَةِ بِهِ فَهُوَ عَدْلٌ مَحْمُولٌ فِي أَمْرِهِ أَبَدًا عَلَى الْعَدَالَةِ حَتَّى تَتَبَيَّنَ جَرْحَتُهُ فِي حَالِهِ أَوْ فِي كَثْرَةِ غَلَطِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ

وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْخَبَرَ بِطُرُقِهِ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ قَالَ شُعْبَةُ يَوْمًا حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بِكَذَا ثُمَّ قَالَ مَا يَسُرُّنِي أَنِّي قُلْتُ قَالَ مَنْصُورٌ وَأَنَّ لِيَ الدُّنْيَا كُلَّهَا وَقَدْ يَكُونُ الْمُحَدِّثُ عَدْلًا جَائِزَ الشَّهَادَةِ وَلَا يَعْرِفُ مَعْنَى مَا يَحْمِلُ فَلَا يُحْتَجُّ بِنَقْلِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ قَدْ تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ وَلَا يَجُوزُ حَدِيثُهُ وَلَا يَجُوزُ حَدِيثُهُ حَتَّى تَجُوزَ شَهَادَتُهُ وَقَالَ أَيُّوبُ إِنَّ بِالْبَصْرَةِ رَجُلًا مِنْ أَزْهَدِهِمْ وَأَكْثَرِهِمْ صَلَاةً عَيِيًّا لَوْ شَهِدَ عِنْدِي شَهَادَةً مَا أَجَزْتُ شَهَادَتَهُ يُرِيدُ فَكَيْفَ أَقْبَلُ حَدِيثَهُ وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ إِنِّي لَأَدْعُو اللَّهَ لِقَوْمٍ قَدْ تَرَكْتُ حَدِيثَهُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بنن أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ حَدَّثَنَا سُوِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ خَرَجْنَا إِلَى شَيْخٍ بَلَغَنَا أَنَّهُ يُحَدِّثُ بِأَحَادِيثَ فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ قَالَ مَا حَبَسَكُمْ قُلْنَا أَتَيْنَا شَيْخًا يُحَدِّثُ بِأَحَادِيثَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا نَأْخُذُ الْأَحَادِيثَ إِلَّا مِمَّنْ يَعْرِفُ وُجُوهَهَا وَإِنَّا لَنَجِدُ الشَّيْخَ يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ يُحَرِّفُ حَلَالَهُ مِنْ حَرَامِهِ وما يعلم

وقال علي ابن المدني سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَعْنِي الْقَطَّانَ يَقُولُ يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْحَدِيثِ أَنْ تَكُونَ فِيهِ خِصَالٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَيِّدَ الْأَخْذِ وَيَفْهَمُ مَا يُقَالُ لَهُ وَيُبْصِرُ الرِّجَالَ وَيَتَعَاهَدُ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ أَخْبَارِ مَالِكٍ بَعْدَ هَذَا الْبَابِ قَوْلَهُ فِيمَنْ يُؤْخَذُ الْعِلْمُ عَنْهُ وَمَذْهَبُهُ فِي ذَلِكَ هُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَالشَّرْطُ فِي خَبَرِ الْعَدْلِ عَلَى مَا وَصَفْنَا أَنْ يَرْوِيَ عَنْ مِثْلِهِ سَمَاعًا وَاتِّصَالًا حَتَّى يَتَّصِلَ ذَلِكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا الْإِرْسَالُ فَكُلُّ مَنْ عُرِفَ بِالْأَخْذِ عَنِ الضُّعَفَاءِ وَالْمُسَامَحَةِ فِي ذَلِكَ لَمْ يُحْتَجَّ بِمَا أَرْسَلَهُ تَابِعِيًّا كَانَ أَوْ مَنْ دُونَهُ وَكُلُّ مَنْ عُرِفَ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ فَتَدْلِيسُهُ وَمُرْسَلُهُ مَقْبُولٌ فَمَرَاسِيلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عِنْدَهُمْ صِحَاحٌ وَقَالُوا مَرَاسِيلُ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ لَا يُحْتَجُّ بِهَا لِأَنَّهُمَا كَانَا يَأْخُذَانِ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ وَكَذَلِكَ مَرَاسِيلُ أَبِي قِلَابَةَ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَقَالُوا لَا يُقْبَلُ تَدْلِيسُ الْأَعْمَشِ لِأَنَّهُ إِذَا وَقَفَ أَحَالَ عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ يَعْنُونَ عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ إِذَا سَأَلْتَهُ عَمَّنْ هَذَا قَالَ عَنْ مُوسَى بْنِ طَرِيفٍ وَعَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ وَالْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ

قَالُوا يُقْبَلُ تَدْلِيسُ ابْنِ عُيَيْنَةَ لِأَنَّهُ إِذَا وَقَفَ أَحَالَ عَلَى ابْنِ جُرَيْحٍ ((75) وَمَعْمَرٍ وَنَظَائِرِهِمَا أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمِ بْنِ خَلِيلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَوْمًا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ يُجْزِي الْجُنُبَ أَنْ يَنْغَمِسَ فِي الْمَاءِ قُلْنَا مَنْ دُونَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ مَعْمَرٌ قُلْنَا مَنْ دُونَ مَعْمَرٍ قَالَ ذَاكَ الصَّنْعَانِيُّ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُدَلِّسُ فَيَقُولُ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَإِذَا قِيلَ لَهُ مَنْ دُونَ الزُّهْرِيِّ فَيَقُولُ لَهُمْ أَلَيْسَ لَكُمْ فِي الزُّهْرِيِّ مَقْنَعٌ فَيُقَالُ بَلَى فَإِذَا اسْتُقْصِيَ عَلَيْهِ يَقُولُ مَعْمَرٌ اكْتُبُوا لَا بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَكَانَ هشيم مدلسا كان الأعمش مدلسا ووكان الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ مُدَلِّسًا

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ محمد ابن سليمان الباغنذي قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ لَمْ يَسْمَعِ الْأَعْمَشُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ إِمَامَيْنِ عَلَى الْأَعْمَشِ بِالتَّدْلِيسِ وَأَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ مَنْ لَقِيَهُ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَرُبَّمَا كَانَ بَيْنَهُمَا رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ فَلِمِثْلِ هَذَا وَشِبْهِهِ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ فِي الْأَعْمَشِ إِنَّهُ مُدَلِّسٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عِمْرَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الزَّمَنُ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرَ يَقُولُ كُنْتُ أُحَدِّثُ الْأَعْمَشَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِمَارَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ فَيَجِيءُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ بِالْعَشِيِّ فَيَقُولُونَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ مُجَاهِدٍ بِتِلْكَ الْأَحَادِيثِ فَأَقُولُ أَنَا حَدَّثْتُهُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِمَارَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ التَّدْلِيسُ فِي مُحَدِّثِي أَهْلِ الْكُوفَةِ كَثِيرٌ قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ لَمْ أَرَ بِالْكُوفَةِ أَحَدًا إِلَّا وَهُوَ يُدَلِّسُ إِلَّا مِسْعَرًا وَشَرِيكًا وَذَكَرَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ قَالَ لِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ لَوْ أَنَّ رَجُلًا حَدَّثَنِي عَنْكَ بِحَدِيثٍ مَا بَالَيْتُ أَنْ أَرْوِيَهُ عَنْكَ

وَرَوَى مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ مارأيت احدا الاوهو يدلس الاعمرو بْنَ مُرَّةَ وَابْنَ عَوْنٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْخُ الثَّوْرِيِّ فِيهِ رَمَقٌ لَبَرَحَ بِهِ وَصَاحَ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى كِلَاهُمَا عِنْدِي شِبْهُ الرِّيحِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الزَّمِنُ حَدَّثَنَا الحسن ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ ذَكَرَ أَيُّوبُ لِمُحَمَّدٍ يَوْمًا حَدِيثًا عَنْ أَبِي قِلَابَةَ فَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَلَكِنِ انْظُرْ عَمَّنْ ذَكَرَهُ أَبُو قِلَابَةَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يُحَدِّثُ مُحَمَّدًا بِالْحَدِيثِ فَلَا يَقْبَلُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ وَاللَّهِ مَا أَتَّهِمُكَ وَلَا أَتَّهِمُ ذَاكَ وَلَكِنْ أَتَّهِمُ مَنْ بَيْنَكُمَا

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بن أصبغ حدثنا أحمد ابن زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ يَعْنِي الطَّيَالِسِيَّ قَالَ قَالَ شُعْبَةُ كنت أعرف اذا جاء ما سمع قتاد مِمَّا لَمْ يَسْمَعْ كَانَ إِذَا جَاءَ مَا سَمِعَ يَقُولُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَحَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ وَإِذَا جَاءَ مَا لَمْ يَسْمَعْ يَقُولُ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ وَذَكَرَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ قُلْتُ لِهُشَيْمٍ مَا لَكَ تُدَلِّسُ وَقَدْ سمعت كثرا قَالَ كَانَ كَبِيرَاكَ يُدَلِّسَانِ الْأَعْمَشُ وَالثَّوْرِيُّ وَذَكَرَ أَنَّ الْأَعْمَشَ لَمْ يَسْمَعْ عَنْ مُجَاهِدٍ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ وَقَالَ قَالَ أَبُو عِيسَى قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ لَمْ يَسْمَعِ الْأَعْمَشُ مِنْ مُجَاهِدٍ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ قَالَ رِيحٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ لَقَدْ عَدَدْتُ لَهُ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ يَقُولُ فِيهَا حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَلَا أَعْرِفُ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَلَا عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَلَا عَنْ مَنْصُورٍ وَذَكَرَ مَشَايِخَ كَثِيرَةً فَقَالَ لَا أَعْرِفُ لِسُفْيَانَ عَنْ هَؤُلَاءِ تَدْلِيسًا مَا أَقَلَّ تدليسه

قَالَ الْبُخَارِيُّ وَكَانَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ يُدَلِّسُ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِدَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَعْنِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ يُصَلِّي فِيهِ وَدَخَلَتْ رِجَالٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَدَخَلَ مَعَهُمْ صُهَيْبٌ فَسَأَلْتُ صُهَيْبًا كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ قَالَ يُشِيرُ بِيَدِهِ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فَقُلْتُ لِرَجُلٍ سَلْ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ وَفَرَقْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ هَلْ سَمِعْتَ هَذَا مِنَ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا أُسَامَةَ أَسَمِعْتَهُ مِنَ ابْنِ عُمَرَ قَالَ زَيْدٌ أَمَّا أَنَا فَقَدْ رَأَيْتُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ جَوَابُ زِيدٍ هَذَا جَوَابُ حَيْرَةٍ عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ ابْنِ عُمَرَ وَلَوْ سَمِعَهُ مِنْهُ لَأَجَابَ بِأَنَّهُ سَمِعَهُ وَلَمْ يُجِبْ بِأَنَّهُ رَآهُ وَلَيْسَتِ الرُّؤْيَةُ دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ السَّمَاعِ

وَقَدْ صَحَّ سَمَاعُهُ مِنَ ابْنِ عُمَرَ لِأَحَادِيثَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي أَوَّلِ بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى الزُّهْرِيِّ وَإِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ فَيَقُولُ الزُّهْرِيُّ قَالَ ابْنُ عُمَرَ كَذَا وَكَذَا فَإِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ جَلَسْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ الَّذِي ذَكَرْتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَنْ أَخْبَرَكَ بِهِ قَالَ ابْنُهُ سَالِمٌ وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ قَالَ لِي مُحَمَّدُ بن سيرين سل أ) الحسن من سَمِعَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مِنْ سَمُرَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَكَذَا مَرَاسِيلُ الثِّقَاتِ إِذَا سُئِلُوا أَحَالُوا عَلَى الثِّقَاتِ يَقُولُونَ لَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ سَمُرَةَ غَيْرَ حَدِيثِ الْعَقِيقَةِ هَكَذَا قَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً وَصَحَّحَ سَمَاعَهُ مِنْ سَمُرَةَ فِيمَا ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَبُو عِيسَى عَنِ الْبُخَارِيِّ فَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ قَالَ قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ إِذَا

حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا فَأَسْنِدْهُ فَقَالَ إِذَا قُلْتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ فَاعْلَمْ أَنَّهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ وَإِذَا سَمَّيْتُ لَكَ أَحَدًا فَهُوَ الَّذِي سَمَّيْتُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِلَى هَذَا نَزَعَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُرْسَلَ الْإِمَامِ أَوْلَى مِنْ مُسْنَدِهِ لِأَنَّ فِي هَذَا الْخَبَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَرَاسِيلَ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَقْوَى مِنْ مَسَانِيدِهِ وَهُوَ لَعَمْرِي كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَيْسَ بِعَيَّارٍ عَلَى غَيْرِهِ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَسْلَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حدثنا الربيع بن سلمان قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةَ بن الزبير قال إني لأسمع الحديث أستحسنه فَمَا يَمْنَعُنِي مِنْ ذِكْرِهِ إِلَّا كَرَاهِيَةُ أَنْ يَسْمَعَهُ سَامِعٌ فَيَقْتَدِي بِهِ وَذَلِكَ أَنِّي أَسْمَعُهُ مِنَ الرَّجُلِ لَا أَثِقُ بِهِ قَدْ حَدَّثَ بِهِ عَمَّنْ أَثِقُ بِهِ أَوْ أَسْمَعُهُ مِنْ رَجُلٍ أَثِقُ بِهِ قَدْ حَدَّثَ بِهِ عَمَّنْ لَا أَثِقُ بِهِ فَلَا أُحَدِّثُ بِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا فِعْلُ أَهْلِ الْوَرَعِ وَالدِّينِ كَيْفَ تَرَى فِي مُرْسَلِ عُرْوَةَ بْنِ الزبير وقد صح عنه ماذكرنا أَلَيْسَ قَدْ كَفَاكَ الْمُؤْنَةَ وَلَوْ كَانَ النَّاسُ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ كُلِّهِمْ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى شَيْءٍ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ وَفِي خَبَرِ عُرْوَةَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ كَانَ يُحَدِّثُ فِيهِ الثِّقَةُ وَغَيْرُ الثِّقَةِ فَمَنْ بَحَثَ وَانْتَقَدَ كَانَ إِمَامًا وَلِهَذَا شَرَطْنَا فِي الْمُرْسَلِ وَالْمَقْطُوعِ إِمَامَةَ مُرْسِلِهِ وَانْتِقَادَهُ لِمَنْ يَأْخُذُ عَنْهُ وَمَوْضِعَهُ مِنَ الدِّينِ وَالْوَرَعِ وَالْفَهْمِ وَالْعِلْمِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عِمْرَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَزْدِيُّ الْحَافِطُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عروة بن الزبير قَالَ إِنِّي لَأَسْمَعُ الْحَدِيثَ أَسْتَحْسِنُهُ فَذَكَرَ كَلَامَ عُرْوَةَ كَمَا تَقَدَّمَ حَرْفًا بِحَرْفٍ إِلَى آخِرِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ في أخره فأدعه لااحدث بِهِ وَزَادَ قَالَ الشَّافِعِيُّ كَانَ ابْنُ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَطَاوُسٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ يذهبون الى أن لايقبلوا الْحَدِيثَ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ يَعْرِفُ مَا يَرْوِي وَيَحْفَظُ وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ يُخَالِفُ هَذَا الْمَذْهَبَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا أَظُنُّ قَوْلَ عُرْوَةَ هذا الا مأخوذ من قول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَذَّابِينَ وذلك أن كل من حديث بِكُلِّ مَا سَمِعَ مِنْ ثِقَةٍ وَغَيْرِ ثِقَةٍ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ أَنْ يُحَدِّثَ بِالْكَذِبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابن المبارك قال سمعت يحيى ابن عبيد الله قال سمعت أبي تقول سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكَ وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ يَقُولُ إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّهُ مُجَانِبُ الْإِيمَانِ وَرَوَيْنَا عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ قَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ الَّذِي يَرْوِي الْكَذِبَ هُوَ الْكَذَّابُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَخْبَرَنَا

عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بن سلام السويقي قال حدثنا عفان بن مُسْلِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَنْ شُعْبَةَ فِي هَذَا اسناد آخر أخبرنا عبد الواث بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بن سلام السويقي قال حدثنا عفان بن مُسْلِمٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من حدث عنني بِحَدِيثٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَبِيبٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسْلَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَحَدِّثُوا عني لا تَكْذِبُوا عَلَيَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا أَشَدُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي تَخْرِيجِ الرِّوَايَةِ عَمَّنْ لَا يُوثَقُ بِخَبَرِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْلُومٌ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُبِيحُ اخْتِلَاقَ الْكَذِبِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا عَلَى غَيْرِهِمْ فَلَمَّا فَرَّقَ بَيْنَ الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَيْنَ الْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْتَمِلْ إِلَّا أَنَّهُ أَبَاحَ الْحَدِيثَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ

وَأَنَّهُ مَنْ سَمِعَ مِنْهُمْ شَيْئًا جَازَ لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ عَنْ كُلِّ مَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ وَأَنْ يُخْبِرَ عَنْهُمْ بِمَا بَلَغَهُ لِأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُمْ مَا يَقْدَحُ فِي الشَّرِيعَةِ وَلَا يُوجِبُ فِيهَا حُكْمًا وَقَدْ كَانَتْ فِيهِمُ الْأَعَاجِيبُ فَهِيَ الَّتِي يُحَدَّثُ بِهَا عَنْهُمْ لَا شَيْءَ مِنْ أُمُورِ الدِّيَانَةِ وَهَذَا الْوَجْهُ الْمُبَاحُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ هُوَ الْمَحْظُورُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُحَدِّثَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَمَّنْ يَثِقُ بِخَبَرِهِ وَيَرْضَى دِينَهُ وَأَمَانَتَهُ لِأَنَّهَا دِيَانَةٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَشِيرُ بْنُ كَعْبٍ الْعَدَوِيُّ يُحَدِّثُهُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عُدْ لِحَدِيثِ كَذَا وَكَذَا فَعَادَ لَهُ ثُمَّ إِنَّهُ حَدَّثَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عُدْ لِحَدِيثِ كَذَا وَكَذَا فَعَادَ لَهُ ثُمَّ إِنَّهُ حَدَّثَ فَقَالَ لَهُ بَشِيرٌ مَا لَكَ تَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ بَيْنِ حَدِيثِي كُلِّهِ أَأَنْكَرْتَ حَدِيثِي كُلَّهُ وَعَرَفْتَ هَذَا أَوْ عَرَفْتَ حَدِيثِي كُلَّهُ وَأَنْكَرْتَ هَذَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّا كُنَّا نُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ لَمْ يَكُنْ يُكْذَبُ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصعب والذلول

تَرَكْنَا الْحَدِيثَ عَنْهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَذِبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ أَحَسَّ بِهِ ابْنُ عباس في عصره وقال رجل لابن المباررك هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَكْذِبَ أَحَدٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَهَرَهُ وَقَالَ وَمَاذَا مِنَ الْكَذِبِ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَضَعَتِ الزَّنَادِقَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ بَثُّوهَا فِي النَّاسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَخْوِيفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ بِالنَّارِ عَلَى الْكَذِبِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ سيكذب عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ رُوحُ بْنُ الْفَرَجِ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ وَيَزِيدُ بْنُ مُوهِبٍ قَالَا حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من كَذَبَ عَلَيَّ قَالَ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مُتَعَمِّدًا فليتبوا بيته في النار (هـ)

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو غِيَاثٍ أَصْرَمُ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سِنَانٍ عَنْ هرون بْنِ عَنْتَرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِنَّ هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعٍ قَالَ لِبَنِيهِ يَا بَنِيَّ لَا تَقْبَلُوا الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ ثِقَةٍ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ فِيمَا أَوْصَى بِهِ صُهَيْبٌ بَنِيهِ أَنْ قَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَقْبَلُوا الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ ثِقَةٍ وَقَالَ ابن عون لا تأخذوا العلم الا من شُهِدَ لَهُ بِالطَّلَبِ وَفِيمَا أَجَازَ لَنَا عَبْدُ بْنُ أَحْمَدَ وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ قَالَ غَدَوْتُ إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

فَقَالَ يَا شُعَيْبُ مَا غَدَا بِكَ فَقُلْتُ يا أبا حمزة غدوت لا تعلم مننك وَأَلْتَمِسَ مَا يَنْفَعُنِي فَقَالَ يَا شُعَيْبُ إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرْ مِمَّنْ تَأْخُذُهُ وَقَالَ سعيد ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ لَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ صَحَفِيٍّ وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَقْبَحُ مِنَ الْجَهْلِ أَنْ أَقُولَ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَوْ أُحَدِّثَ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير حدثنا أحمد ابن يُونُسَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ انْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ هَذَا الْحَدِيثَ فَإِنَّمَا هُوَ دِينُكُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ إِنَّمَا هَذَا الْعِلْمُ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى الْمَقْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَمْعُونَ بِبَغْدَادَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ محمد بن أبي حذيفة حدثنا ربيعة ابن الْحَارِثِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ

إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ قَالَ الْمُغِيرَةُ كُنَّا إِذَا اتينا الرجل لنأخذ عنه نظرا إِلَى سَمْتِهِ وَصَلَاتِهِ وَقَدْ رَوَى جَمَاعَةٌ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كَانُوا إِذَا أَتَوُا الرَّجُلَ لِيَأْخُذُوا عَنْهُ نَظَرُوا إِلَى هَدْيِهِ وَسَمْتِهِ وَصَلَاتِهِ ثُمَّ أَخَذُوا عَنْهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ خالي مالك بن أنس يقول إن هذا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ لَقَدْ أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَهُوَ بِتَمَامِهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا فِي أَخْبَارِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ النُّعْمَانِ حدثنا محمد بن علي ابن مَرْوَانَ قَالَ سَمِعْتُ عَفَّانَ بْنَ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ سَأَلْتُ شُعْبَةَ وَابْنَ الْمُبَارَكِ وَالثَّوْرِيَّ وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنِ الرَّجُلِ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ فَقَالُوا انْشُرْهُ فَإِنَّهُ دِينٌ وَرُوِّينَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ كَلَّمْنَا شُعْبَةَ فِي أَنْ يَكُفَّ عَنْ أَبَانَ ابن أَبِي عَيَّاشٍ لِسِنِّهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ فَقَالَ لِي يَا أَبَا إِسْمَاعِيلَ لَا يَحِلُّ الْكَفُّ عَنْهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ دِينٌ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أبو جعفر محمد ابن عَمْرِو بْنِ مُوسَى الْعُقَيْلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ حَدَّثَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ بِحَدِيثٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فَذَكَرَ لَهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ سِيرِينَ مَا هَذَا يَا سُلَيْمَانُ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَكْذِبْ عَلَيَّ فَقَالَ سُلَيْمَانُ إِنَّمَا حَدَّثَنَا مُؤَذِّنُنَا أَيْنَ هُوَ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ فَقَالَ سُلَيْمَانُ أَلَيْسَ حَدَّثْتَنِي عَنِ ابْنِ سِيرِينَ بِكَذَا وَكَذَا فَقَالَ إِنَّمَا حَدَّثَنِيهُ رَجُلٌ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ ابن مِهْرَانَ السَّرَّاجُ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ الدُّوْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ حَمَّادٍ يَعْنِي الْوَرَّاقَ قَالَ كُنَّا قُعُودًا عَلَى بَابِ شُعْبَةَ نَتَذَاكَرُ الْحَدِيثَ فَقُلْتُ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ (كُنَّا نَتَنَاوَبُ رَعْيَةَ الْإِبِلِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجِئْتُ ذَاتَ يَوْمٍ وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَوْلَهُ أَصْحَابُهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ غَفَرَ لَهُ قُلْتُ بَخٍ بَخٍ قال فجذبني رجل من خلف فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ مَا لك تبخبخ فقلت عجبا بها (ب) قَالَ لَوْ سَمِعْتَ الَّتِي قَبْلَهَا كَانَتْ أَعْجَبَ وَأَعْجَبَ قُلْتُ وَمَا قَالَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قِيلَ لَهُ ادْخُلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتَ قَالَ قَالَ نَصْرٌ فَخَرَجَ علينا شعبة

فَلَطَمَنِي ثُمَّ رَجَعَ فَدَخَلَ قَالَ فَتَنَحَّيْتُ نَاحِيَةً أَبْكِي ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ مَا لَهُ بَعْدُ يَبْكِي فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ إِنَّكَ أَسَأْتَ إِلَيْهِ قَالَ انْظُرْ مَا يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عطاء عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا قُلْتُ لِأَبِي إِسْحَاقَ مَنْ حَدَّثَكَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لِأَبِي إِسْحَاقَ أَوَ سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ عُقْبَةَ قَالَ فَغَضِبَ وَمِسْعَرُ بْنُ كَدَامٍ حَاضِرٌ فَقَالَ لِي مِسْعَرٌ أَغْضَبْتَ الشَّيْخَ فَقُلْتُ لَيُصَحِّحَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَوْ لَأَرْمِيَنَّ بِحَدِيثِهِ فَقَالَ لِي مِسْعَرٌ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ بِمَكَّةَ قَالَ شُعْبَةُ فَرَحَلْتُ إِلَى مَكَّةَ لَمْ أُرِدِ الْحَجَّ أَرَدْتُ الْحَدِيثَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَطَاءٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِي قَالَ شُعْبَةُ فَلَقِيتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ سَعْدٍ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِالْمَدِينَةِ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ فَرَحَلْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَقِيتُ سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ الْحَدِيثُ مِنْ عِنْدِكُمْ حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ قَالَ شُعْبَةُ فَلَمَّا ذَكَرَ زِيَادَ بْنَ مِخْرَاقٍ قُلْتُ أَيُّ شَيْءٍ هَذَا بَيْنَمَا هُوَ كوفي (هـ) إِذْ صَارَ مَدَنِيًّا إِذْ صَارَ بَصْرِيًّا قَالَ شُعْبَةُ فَرَحَلْتُ إِلَى الْبَصْرَةِ فَلَقِيتُ زِيَادَ بْنَ مِخْرَاقٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لَيْسَ الْحَدِيثُ مِنْ بَانَتِكَ (كَذَا) فَقُلْتُ حَدِّثْنِي بِهِ قَالَ لَا تَرُدُّهُ قُلْتُ حَدِّثْنِي بِهِ قَالَ حَدَّثَنِي شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ قُلْتُ وَمَنْ لِي بِهَذَا الْحَدِيثِ لَوْ صَحَّ لِي مِثْلُ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي وَمِنَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمُحَامِلِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدِ بْنِ حَفْصٍ الْعَطَّارِ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ ابن غَالِبٍ قَالَ سَمِعْتُ نَصْرَ بْنَ حَمَّادٍ يَقُولُ كُنَّا قُعُودًا عَلَى بَابِ شُعْبَةَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَى آخِرِهِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ وُجُوهٍ عَنْ شُعْبَةَ وَلِذَلِكَ ذَكَرْتُهُ عَنْ نَصْرِ بْنِ حَمَّادٍ لِأَنَّ نَصْرَ بْنَ حَمَّادٍ الْوَرَّاقَ يَرْوِي عَنْ شُعْبَةَ مَنَاكِيرَ تَرَكُوهُ وَقَدْ رَوَاهُ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَفْصٍ يَعْنِي الْفَلَّاسَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ كُنَّا عِنْدَ شُعْبَةَ فَجَاءَ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ فَقَالَ لَهُ أَتَحْفَظُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عطاء عن عقبة ابْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَضَحِكَ شُعْبَةُ فَقَالَ بِشْرٌ إِنَّا نَرَاكَ قَدْ سَقَطَ عَنْكَ حَدِيثٌ جَيِّدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ وَتَضْحَكُ قَالَ فَقَالَ شُعْبَةُ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ فَحَدَّثَ بهذا الحديث فقال حدثي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ شُعْبَةُ وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ إِذَا حَدَّثَنِي عَنْ رَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ قُلْتُ أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ هَذَا فَقَالَ حَدَّثَنِي

ذَاكَ الْفَتَى فَتَحَوَّلْتُ فَإِذَا شَابٌ جَالِسٌ فَسَأَلْتُهُ فقال صدق أنا حدثته فقلت أنت مَنْ حَدَّثَكَ فَقَالَ حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدَ فَأَتَيْتُ نُعَيْمَ بْنَ أَبِي هِنْدَ فَقُلْتُ مَنْ حَدَّثَكَ قَالَ زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ قَالَ شُعْبَةُ فَقَدِمْتُ الْبَصْرَةَ فَلَقِيتُ زِيَادَ بْنَ مِخْرَاقٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَا أَدْرِي مَنْ هُوَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا يَكُونُ الْبَحْثُ وَالتَّفْتِيشُ وَهَذَا مَعْرُوفٌ عَنْ شُعْبَةَ وَلِهَذَا وَشِبْهِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ أُمَنَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى حَدِيثِ رَسُولِهِ ثَلَاثَةٌ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَدِيثُ الَّذِي جرى ذكره بين شعبة وبشرر بْنِ الْمُفَضَّلِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَكُنَّا نَتَنَاوَبُ الرَّعْيَةَ فَلَمَّا كَانَتْ نَوْبَتِي سَرَحْتُ ثُمَّ رُحْتُ فَجِئْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُومُ فِي صَلَاتِهِ فَيَعْلَمُ مَا يَقُولُ فِيهَا إِلَّا انْفَتَلَ وَهُوَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ مِنَ الْخَطَايَا لَيْسَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ قَالَ فَمَا مَلَكْتُ نَفْسِي عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ قُلْتُ بَخٍ بَخٍ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ يَقُولُ مَا رَأَيْتُ الْكَذِبَ فِي أَحَدٍ أَكْثَرَ مِنْهُ فِيمَنْ يُنْسَبُ الى الخير الزهد وَقَالَ عَفَّانُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ مَا رَأَيْتُ الصَّالِحِينَ أَكْذَبَ مِنْهُمْ فِي الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يُنْسَبُ إِلَى الْخَيْرِ وَلَيْسَ كَمَا نُسِبَ إِلَيْهِ وَظُنَّ بِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا قَالَ لَا وَهَذَا أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ أَوْ لَا يكذب على دِينِهِ لِيُضِلَّ غَيْرَهُ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ

قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ أَمَّرَنِي يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ عَلَى جَرْشٍ فَقَدِمْتُهَا فَحَدَّثُونِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اتَّقُوا صَاحِبَ هَذَا الدَّاءِ يَعْنِي الْجُذَامَ كَمَا يُتَّقَى السَّبُعُ إِذَا هَبَطَ وَادِيًا فَاهْبِطُوا غَيْرَهُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ ابْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَكُمْ هَذَا مَا كَذَبَكُمْ قَالَ فَلَمَّا عَزَلَنِي عَنْ جَرْشٍ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا جَعْفَرٍ مَا حَدِيثٌ حَدَّثَهُ عَنْكَ أَهْلُ جَرْشٍ ثُمَّ حَدَّثْتُهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ كَذَبُوا وَاللَّهِ مَا حَدَّثْتُهُمْ وَلَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَدْعُو بِالْإِنَاءِ فِيهِ الماء فيناله مُعَيْقِبًا وَقَدْ كَانَ أَسْرَعَ فِيهِ هَذَا الدَّاءُ ثُمَّ يَتَنَاوَلُهُ فَيَتَيَمَّمُ بِفَمِهِ مَوْضِعَ فَمِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَصْنَعُ ذَلِكَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَدْخُلَ نَفْسَهُ شَيْءٌ مِنَ الْعَدْوَى وَلَقَدْ كَانَ يَطْلُبُ لَهُ الطِّبَّ مِنْ كُلِّ مَنْ سَمِعَ عِنْدَهُ بِطِبٍّ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمَا مِنْ طِبٍّ لِهَذَا الرَّجُلِ فَإِنَّ هَذَا الْوَجَعَ قَدْ أَسْرَعَ فِيهِ قَالَا أَمَّا شَيْءٌ

يُذْهِبُهُ فَلَا وَلَكِنَّا نُدَاوِيهِ دَوَاءً يَقِفُهُ فَلَا يَزِيدُ قَالَ عُمَرُ عَافِيَةٌ عَظِيمَةٌ قَالَا هَلْ تُنْبِتُ أَرْضُكَ هَذَا الْحَنْظَلَ قَالَ نَعَمْ قَالَا فَاجْمَعْ لَنَا مِنْهُ قَالَ فَأَمَرَ عَمَرُ فَجُمِعَ مِنْهُ مِكْتَلَتَانِ عَظِيمَتَانِ فَأَخَذَا كُلَّ حَنْظَلَةٍ فَشَقَّاهَا باثنتين ثم أخد كل واحد منها بِقَدَمِ مُعَيْقِيبٍ فَجَعَلَا يُدَلِّكَانِ بُطُونَ قَدَمَيْهِ حَتَّى إِذَا أَمَحَقَتْ طَرَحَاهَا وَأَخَذَا أُخْرَى حَتَّى رَأَيَا معيقيبا يتنخمه أخضرر مُرًّا ثُمَّ أَرْسَلَاهُ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا زَالَ مُعَيْقِيبٌ مِنْهَا مُتَمَاسِكًا حَتَّى مَاتَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ يَحْكِي عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ حَدَّثُوهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ بِمَا أَنْكَرَهُ ابْنُ جَعْفَرٍ وَلَمْ يَعْرِفْهُ بَلْ عَرَفَ ضِدَّهُ وَهَذَا فِي زَمَنٍ فِيهِ الصحابة فما ظنك بزمن بَعْدَهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي عَصْرِهِ نَحْوَ هَذَا الْمَعْنَى حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا عَمِّي سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ مُرَابِطًا فَنَزَلَ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ فَعَرَضُوا لَهُ بِالْحِمْلَانِ وَعَرَضُوا لَهُ بِالْمَعُونَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ وَاجْتَمَعَ هو وأصحابنا يزيد ابن أَبِي حَبِيبٍ وَغَيْرُهُ فَأَقْبَلَ يُحَدِّثُهُمْ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَجَمَعُوا تِلْكَ الْأَحَادِيثَ وَكَتَبُوا بِهَا إِلَى ابْنِ نَافِعٍ وَقَالُوا لَهُ إِنَّ رَجُلًا قَدِمَ عَلَيْنَا وَخَرَجَ الى الاسكندرية مرابطا

وحدثنا فأحببا أَنْ لَا يَكُونُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ فِيهَا أَحَدٌ فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ أَبِي مِنْ هذا بحرف قط فانظرا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ وَاحْذَرُوا قُصَّاصَنَا وَمَنْ يَأْتِيكُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ حَدَّثَنَا يَعْلَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خَثْيَمٍ قَالَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ كَانَ لَهُ كَعِتْقِ رِقَابٍ أَوْ رَقَبَةٍ قَالَ الشَّعْبِيُّ فَقُلْتُ لِلرَّبِيعِ بْنِ خَثْيَمٍ مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيُّ فَلَقِيتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ فَقُلْتُ مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى فَلَقِيتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَقُلْتُ مَنْ حَدَّثَكَ قَالَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَى هَذَا كَانَ النَّاسُ عَلَى الْبَحْثِ عَنِ الْإِسْنَادِ وَمَا زَالَ النَّاسُ يُرْسِلُونَ الْأَحَادِيثَ وَلَكِنَّ النَّفْسَ أَسْكَنُ عِنْدَ الْإِسْنَادِ وَأَشَدُّ طُمَأْنِينَةً وَالْأَصْلُ مَا قَدَّمْنَا حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ الْبَجَلِيُّ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زَرْعَةَ

الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَاحِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُطْنٍ عَنْ أَبِي خَلَدَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ كُنَّا نَسْمَعُ الرِّوَايَةَ بِالْبَصْرَةِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا رَضِينَا حَتَّى رَحَلْنَا إِلَيْهِمْ فَسَمِعْنَاهَا مِنْ أَفْوَاهِهِمْ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَحْرٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ لَوْلَا الْإِسْنَادُ لَقَالَ كُلُّ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ وَلَكِنْ إِذَا قِيلَ لَهُ عَنْ مَنْ بَقِيَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَعْطُوا كُلَّ سُورَةٍ حَظَّهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَالَ عَاصِمٌ فَقُلْتُ لِأَبِي الْعَالِيَةِ أَنَسِيتَ مَنْ حَدَّثَكَ قَالَ لَا وَإِنِّي لَأَذْكُرُهُ وَأَذْكُرُ الْمَكَانَ الَّذِي حَدَّثَنِي فِيهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ الْأُمَوِيُّ مَوْلًى لَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَيْرُونَ قَالَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ الْإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ قَالَ يَحْيَى وَسَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ إِنَّمَا يُعْلَمُ صِحَّةُ الْحَدِيثِ بِصِحَّةِ الْإِسْنَادِ وَقَرَأْتُ عَلَى خَلَفِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَبَا الْمَيْمُونِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُمَرَ الدِّمَشْقِيَّ حَدَّثَهُمْ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ صَاحِبُ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ مَا ذَهَابُ الْعِلْمِ إِلَّا ذَهَابُ الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عِمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَزْدِيُّ الْمَوْصِلِيُّ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ كَانَ الْحَسَنُ يُحَدِّثُنَا بِأَحَادِيثَ لَوْ كَانَ يُسْنِدُهَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيْنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَرَاسِيلِ الْحَسَنِ فَقَبِلَهَا قَوْمٌ وَأَبَاهَا آخَرُونَ وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ رُبَّمَا حَدَّثْتُ بِالْحَدِيثِ الْحَسَنَ ثُمَّ أَسْمَعُهُ بَعْدُ يُحَدِّثُ بِهِ فَأَقُولُ مَنْ حَدَّثَكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ فَيَقُولُ مَا أَدْرِي غَيْرَ أَنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ ثِقَةٍ فَأَقُولُ أَنَا حَدَّثْتُكَ بِهِ وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ مَا حَدَّثَنِي بِهِ رَجُلَانِ قُلْتُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ قَالَ بَكْرٌ الْمُزَنِيُّ لِلْحَسَنِ وَأَنَا عِنْدَهُ عَمَّنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَقُولُ فِيهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَنْكَ وَعَنْ هَذَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلَاكُ أُمَّتِي فِي الْقَدَرِيَّةِ وَالْعَصَبِيَّةِ وَالرِّوَايَةِ عَنْ غَيْرِ ثَبْتٍ هَذَا حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ بَقِيَّةُ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ هو إِسْنَادٌ فِيهِ ضَعْفٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ وَلَكِنَّا ذَكَرْنَاهُ لِيُعْرَفَ وَالْحَدِيثُ الضَّعِيفُ لَا يُرْفَعُ وَإِنْ لَمْ يُحْتَجَّ بِهِ وَرُبَّ حَدِيثٍ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ صَحِيحُ الْمَعْنَى حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ لَا يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هـ) الا الثقات وها مَعْنَاهُ لَا يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ مَنْ لَمْ يَلْقَهُ إِلَّا مَنْ يَعْرِفُ كَيْفَ يُؤْخَذُ الْحَدِيثُ وَعَنْ مَنْ يُؤْخَذُ وَهُوَ الثِّقَةُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ الْأُمَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الصَّدَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَدِّي وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن محمد ابن يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو

ابن مُوسَى الْعُقَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَا حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُعَانِ بْنِ رِفَاعَةَ السَّلَامِيِّ عن ابراهيم ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُذْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ مُعَانِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُذْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الغالين وتأويل الجالين وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ موسى العقيلي قال حدثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْقُومَسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي قُبَيْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عدوله فذكره

وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءٌ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الله ابن مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ الزَّطَّنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن زكريا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُولُ بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ قَالَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ أَمَا تَخْشَى عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يُفْسِدُوهُ قَالَ كَلَّا فَأَيْنَ جَهَابِذَتُهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ يَاسِرٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ الْمُبَارَكِ أَمَا تَخْشَى عَلَى الْعِلْمِ أَنْ يَجِيءَ الْمُبْتَدِعُ فَيَزِيدُ فِي الْحَدِيثِ مَا لَيْسَ مِنْهُ قَالَ لَا أَخْشَى هَذَا بِعَيْشِ الْجَهَابِذَةِ النُّقَّادِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِعِلْمِ الْإِسْنَادِ طُرُقٌ يَصْعُبُ سُلُوكُهَا عَلَى مَنْ لم يصل بعنايته اليها يقطع كَثِيرًا مِنْ أَيَّامِهِ فِيهَا وَمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى حَدِيثِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَدْ كُفِيَ تَعَبَ التفتيش البحث وَوَضَعَ يَدَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى عُرْوَةٍ وُثْقَى لَا تَنْفَصِمُ لِأَنَّ مَالِكًا قَدِ انْتَقَدَ وَانْتَقَى وَخَلَّصَ وَلَمْ يَرْوِ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ حُجَّةٍ وَسَتَرَى مَوْقِعَ مُرْسَلَاتِ كِتَابِهِ وَمَوْضِعَهَا مِنَ الصِّحَّةِ وَالِاشْتِهَارِ فِي النَّقْلِ فِي كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شاء الله وانما رى مالك عن عبد الكريم بن أبي الخارق وهو مجتمع على ضعفه وتركه لأنه لم يعرفه إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ وَكَانَ حسن السمت الصلاة فغره ذلك منه لم يدخل في كتابه عه حُكْمًا أَفْرَدَهُ بِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ النَّمَرِيُّ فِي كِتَابِهِ الِاسْتِيعَابُ (بَابُ ذِكْرِ عُيُونٍ مَنْ أَخْبَارِ مالك رحمه الله وذكر فضل موطاه) حدثنا أحمد بن سعيد بن بشر أحمد بن القاسم بن عبد الرحمان قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ لَوْلَا أَنِّي أَدْرَكْتُ مَالِكًا وَاللَّيْثَ لَضَلَلْتُ

قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ وَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْأَيْلِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ مَا لَا أُحْصِي يَقُولُ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ أَنْقَذَنِي بِمَالِكٍ وَاللَّيْثِ لضللت حدثا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ وَذَكَرَ الْأَحْكَامَ وَالسُّنَنَ فَقَالَ الْعِلْمُ يَعْنِي الْحَدِيثَ يَدُورُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَاللَّيْثُ بن سعد وقال عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ أَئِمَّةُ النَّاسِ فِي زَمَانِهِمْ أَرْبَعَةٌ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ بِالْكُوفَةِ وَمَالِكٌ بِالْحِجَازِ وَالْأَوْزَاعِيُّ بِالشَّامِ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ بِالْبَصْرَةِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن معاوية بن عبد الرحمان وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ أَنَّهُمَا جَمِيعًا سَمِعَا أبا عبد الرحمان أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ النَّسَائِيَّ يَقُولُ أُمَنَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِلْمِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم

شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَيَحْيَى بن سعيد القطان قال والثوى إِمَامٌ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَرْوِي عَنِ الضُّعَفَاءِ قَالَ وَكَذَلِكَ ابْنُ الْمُبَارَكِ مِنْ أَجَلِّ أَهْلِ زَمَانِهِ إِلَّا أَنَّهُ يَرْوِي عَنِ الضُّعَفَاءِ قَالَ وَمَا أَحَدٌ عِنْدِي بَعْدَ التَّابِعِينَ أَنْبَلُ مِنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَلَا أَجَلُّ وَلَا آمَنُ عَلَى الْحَدِيثِ مِنْهُ ثُمَّ شُعْبَةُ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَلَيْسَ بَعْدَ التَّابِعِينَ آمَنُ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ وَلَا أَقَلُّ رِوَايَةً عَنِ الضُّعَفَاءِ وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ لَيْسَ لَهُمَا ثَالِثٌ إِلَّا مَالِكٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الشَّرِيفِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْغَافِقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا سَمِعْنَا الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَوْلَا مالك وسفيان يعني ابن عيينة ذهب عام الْحِجَازِ قَالَا وَسَمِعْنَا الشَّافِعِيَّ يَقُولُ كَانَ مَالِكٌ إِذَا شَكَّ فِي الْحَدِيثِ طَرَحَهُ كُلَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الشريف حدثنا ابراهيم ابن إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ إِذَا جَاءَ الْأَثَرُ فَمَالِكٌ النجم

حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُفَسِّرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ قَالَ كُنَّا عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَجَاءَهُ نَعْيُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَسَالَتْ دُمُوعُهُ ثُمَّ قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ مِنَ الدِّينِ بِمَكَانٍ ثُمَّ قَالَ حَمَّادٌ سَمِعْتُ أَيُّوبَ يَقُولُ لَقَدْ كَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ فِي حَيَاةِ نَافِعٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ إِذَا جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ مَالِكٍ فَشُدَّ بِهِ يَدَيْكَ قَالَ وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ إِذَا جاء الاثر فما لك النَّجْمُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الله أبن أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخَفَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ مَالِكٌ إِمَامٌ قَالَ عَلِيٌّ وسمعت سفيان بن عيينه بقول مَالِكٌ إِمَامٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أيوب بن المتوكل عن عبد الرحمان اب مَهْدِيٍّ قَالَ لَا يَكُونُ إِمَامًا فِي الْعِلْمِ مَنْ أَخَذَ بِالشَّاذِّ مِنَ الْعِلْمِ وَلَا يَكُونُ اماما في العلم من يروى (هـ) عَنْ كُلِّ أَحَدٍ وَلَا يَكُونُ إِمَامًا فِي الْعِلْمِ مَنْ رَوَى كُلَّ مَا سَمِعَ قَالَ والحفظ الاتقان

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْلُومٌ أَنَّ مَالِكًا كَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ تَرْكًا لِشُذُوذِ الْعِلْمِ وَأَشَدِّهِمُ انْتِقَادًا لِلرِّجَالِ وَأَقَلِّهِمْ تَكَلُّفًا وَأَتْقَنِهِمْ حِفْظًا فَلِذَلِكَ صَارَ إِمَامًا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ حَدَّثَنَا عَلَّانُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بن أحمد بن حنبل حدثنا علي ابن المديني قالل سمعت يحي بن سعيد القطان يقوول كَانَ مَالِكٌ إِمَامًا فِي الْحَدِيثِ قَالَ عَلِيٌّ وَسَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ مَا كَانَ أَشَدَّ انْتِقَادَ مَالِكٍ لِلرِّجَالِ وَأَعْلَمَهُ بِهِمْ قَالَ صَالِحٌ وحدثنا علي ابن الْمَدِينِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ أَخْبَرَنِي وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ وَكَانَ مِنْ أبصر الناس بالحديث وبالرجال أنه قدم المدنية قَالَ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا إِلَّا يُعْرَفُ وَيُنْكَرُ إِلَّا مَالِكًا وَيَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ وَكَانَ عَبْدُ الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ يَقُولُ مَا أُقَدِّمُ عَلَى مَالِكٍ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ أَحَدًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى عبد الله ابن أَبِي مَسَرَّةَ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ لقد تركت جماع مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا أَخَذْتُ عَنْهُمْ مِنَ العلم شيئا وانهم لممن يوخذ عَنْهُمُ الْعِلْمُ وَكَانُوا أَصْنَافًا فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ كَذَّابًا فِي غَيْرِ عِلْمِهِ تَرَكْتُهُ لِكَذِبِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ جَاهِلًا بِمَا عِنْدَهُ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي مَوْضِعًا لِلْأَخْذِ عَنْهُ لِجَهْلِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَدِينُ بِرَأْيِ سُوءٍ

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ أبا الطاهر محمد ابن أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى الْقَاضِي بمصر حدثهم قال حدثنا جعفر بن محمد ابن الْحُسَيْنِ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ 239) قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ صَدَقَةَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا قَالَا كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ لَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ سِوَى ذَلِكَ لَا يوخذ مِنْ سَفِيهٍ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ صَاحِبِ هَوًى يَدْعُو النَّاسَ إِلَى هَوَاهُ وَلَا مِنْ كَذَّابٍ يَكْذِبُ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ عَلَى أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مِنْ شَيْخٍ لَهُ فَضْلٌ وَصَلَاحٌ وَعِبَادَةٌ إِذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ مَا يُحَدِّثُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى مَالِكٍ لَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَدْرَكْتُ بِهَذَا الْبَلَدِ مَشْيَخَةً أَهْلَ فَضْلٍ وَصَلَاحٍ يُحَدِّثُونَ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا قَطُّ قِيلَ لَهُ (هـ) لِمَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ مَا يُحَدِّثُونَ

وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْعَقِيلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يقول لا يوخذ الْعِلْمُ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَذَكَرَهُ إِلَى آخِرِهِ سَوَاءً لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مُحَمَّدَ بْنَ صَدَقَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أُوَيْسٍ يَقُولُ سمعت خالي مالك بن أنس يقول إن هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ لَقَدْ أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ مِمَّنْ يُحَدِّثُ قَالَ فَلَانٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ هَذِهِ الْأَسَاطِينِ وَأَشَارَ إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا أَخَذْتُ عنهم شيئا وان أحدهم لو اؤتمن على بيت المال (هـ) لَكَانَ أَمِينًا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ وَقَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ شِهَابٍ فَكُنَّا نَزْدَحِمُ عَلَى بَابِهِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ وعبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ سَمِعْتُ أَشْهَبَ يَقُولُ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ أَدْرَكْتُ بِالْمَدِينَةِ مَشَايِخَ أَبْنَاءَ مِائَةٍ وَأَكْثَرَ فَبَعْضُهُمْ قَدْ حَدَّثْتُ بِأَحَادِيثِهِ وَبَعْضُهُمْ لَمْ أُحَدِّثْ بِأَحَادِيثِهِ كُلِّهَا وَبَعْضُهُمْ لَمْ أُحَدِّثْ مِنْ أَحَادِيثِهِ شَيْئًا وَلَمْ أَتْرُكِ الْحَدِيثَ عَنْهُمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا ثقات فِيمَا حَمَلُوا إِلَّا أَنَّهُمْ حَمَلُوا شَيْئًا لَمْ يعقلوه

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْخَوْلَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الدِّمَشْقِيُّ عَنِ ابْنِ كِنَانَةَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ رُبَّمَا جَلَسَ إِلَيْنَا الشَّيْخُ فَيَتَحَدَّثُ كُلَّ نَهَارِهِ مَا نَأْخُذُ عَنْهُ حديثا واحدا وما بنا أنا نتهمه ولاكنه لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُلَابَةَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الرَّقَاشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ سَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ رَجُلٍ فَقَالَ هَلْ رَأَيْتَهُ فِي كُتُبِي قُلْتُ لَا قَالَ لَوْ كَانَ ثِقَةً لَرَأَيْتَهُ فِي كُتُبِي وَمِمَّا يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ عَنِ الْكَذَّابِ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَكْذِبُ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ مُوسَى الْجَنَدِيِّ قَالَ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهادةرجل فِي كِذْبَةٍ كَذِبَهَا قَالَ مَعْمَرٌ لَا أَدْرِي أَكَذِبَ عَلَى اللَّهِ أَوْ عَلَى رَسُولِهِ أَوْ كَذِبَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ

حدثنا أبو القاسم عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ الْهَمَدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ احمد بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ اسحاق الحربي قال حدثنا أبو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ فَذَكَرَهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْعُقَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَعْنَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا اطَّلَعَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ يَكْذِبُ لَمْ يَزَلْ مُعْرِضًا عَنْهُ حَتَّى يُحْدِثَ لِلَّهِ تَوْبَةً حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ حَدَّثَنَا بدر ابن الْهَيْثَمِ الْقَاضِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حكيم الأودى حدثنا علي ابن حَكِيمٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ سُئِلَ شَرِيكٌ فَقِيلَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ سَمِعْتُهُ يَكْذِبُ مُتَعَمِّدًا أَأُصَلِّي خَلْفَهُ قَالَ لَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ آلَةُ الْمُحَدِّثِ الصِّدْقُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد القاضي حدثنا يوس بن عبد الأعلي قال سمعت بشر ابن بَكْرٍ قَالَ رَأَيْتُ الْأَوْزَاعِيَّ فِي الْمَنَامِ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْجَنَّةِ فَقُلْتُ وَأَيْنَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَقِيلَ رُفِعَ فَقُلْتُ بِمَ ذَا قَالَ بِصِدْقِهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرحمان حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عِمْرَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَزْدِيُّ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الرحمان بْنِ صَالِحٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ قُلْ مَا كَانَ رَجُلٌ صَادِقًا لَا يَكْذِبُ إِلَّا مُتِّعَ بِعَقْلِهِ وَلَمْ يُصِبْهُ مَا يُصِيبُ غَيْرَهُ مِنَ الْهَرَمِ وَالْخَرَفِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن عبد المومن قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَارُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ

قَدِمَ عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ فَأَتَيْنَاهُ وَمَعَنَا رَبِيعَةُ فَحَدَّثَنَا بِنَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ حَدِيثًا قَالَ ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ انْظُرُوا كِتَابًا حَتَّى أُحَدِّثَكُمْ مِنْهُ أَرَأَيْتُمْ مَا حَدَّثْتُكُمْ أَمْسُ أَيُّ شَيْءٍ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْهُ قَالَ فَقَالَ لَهُ رَبِيعَةُ ها هنا مَنْ يَرُدُّ عَلَيْكَ مَا حَدَّثْتَ بِهِ أَمْسُ قَالَ مَنْ هُوَ قَالَ ابْنُ أَبِي عَامِرٍ قال هات فحدثته بأربعين حدثنا مِنْهَا فَقَالَ الزُّهْرِيُّ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ بَقِيَ أَحَدٌ يَحْفَظُ هَذَا غَيْرِي قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَدَّثَنِي عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ بِبِضْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ حَدِيثًا ثُمَّ قَالَ إِيهِ أَعِدْ عَلَيَّ فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ وَأَسْقَطْتُ الْبِضْعَ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ سَيِّدِ بْنِ سَعِيدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد ابن يُوسُفَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ الْبَاجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ ايكم أبو عبد الله مالك فقالا هذا فجاء (هـ) فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَ بَيْنِ عَيْنَيْهِ وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ وَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ هَاتُوا مَالِكًا فَأُتِيَ بِكَ تَرْتَعِدُ فَرَائِصُكَ فَقَالَ لَيْسَ بِكَ بَأْسٌ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَكَنَّاكَ وَقَالَ اجْلِسْ فَجَلَسْتَ فَقَالَ افْتَحْ حِجْرَكَ فَفَتَحْتَ فَمَلَأَهُ مِسْكًا مَنْثُورًا وَقَالَ ضُمَّهُ إِلَيْكَ وَبُثَّهُ فِي أُمَّتِي قال فبكى مالك طويلا قال الرؤيا تسر لا تَغُرُّ وَإِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ فَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي اودعني الله

وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي لَهِيعَةَ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو الْأَسْوَدِ يَعْنِي يَتِيمَ عُرْوَةَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فَقُلْتُ مَنْ لِلرَّأْيِ بَعْدَ رَبِيعَةَ بِالْحِجَازِ فَقَالَ الْغُلَامُ الْأَصْبَحِيُّ وَعَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ مَنْ أَعْلَمُ مَالِكٌ أَوْ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ مَالِكٌ أَعْلَمُ مِنْ أُسْتَاذِ أَبِي حَنِيفَةَ يَعْنِي حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ أَخْبَرَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَتْبَعُ مِنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنْ سُفْيَانَ وَمَالِكٍ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الرَّأْيِ فَقَالَ مَالِكٌ أكبر في قلبي فقلت فمالك الأوزاعي إِذِ اخْتَلَفَا فَقَالَ مَالِكٌ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ كَانَ الْأَوْزَاعِيُّ مِنَ الْأَيِّمَةِ فَقِيلَ لَهُ وَمَالِكٌ ابراهيم النَّخَعِيُّ فَقَالَ هَذَا كَأَنَّهُ سَمِعَهُ ضَعْهُ مَعَ أهل زمانه

وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ شَهِدْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ سُئِلَ عَنْ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً فَقَالَ فِي اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ مِنْهَا لَا أَدْرِي قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَحَدَّثَنِي سَلِيمُ بْنُ عَبْدِ الرحمان حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ هُرْمُزَ يَقُولُ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يُورِثَ جُلَسَاءَهُ مِنْ بَعْدِهِ لَا أَدْرِي حَتَّى يَكُونَ أَصْلًا فِي أَيْدِيهِمْ فَإِذَا سُئِلَ أَحَدُهُمْ عَمَّا لَا يَعْلَمُ قَالَ لَا أَدْرِي قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ عَنْ وَهْبٍ يَعْنِي ابْنَ جَرِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ بَعْدَ مَوْتِ نَافِعٍ بِسَنَةٍ وَلِمَالِكٍ يَوْمَئِذٍ حَلْقَةٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَثْبَتُ فِي نَافِعٍ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَيُّوبَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قُلْتُ لِابْنِ مَعِينٍ اللَّيْثُ أَرْفَعُ عِنْدَكَ أَمْ مَالِكٌ قَالَ مَالِكٌ قُلْتُ أَلَيْسَ مَالِكٌ أَعْلَى أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَعُبَيْدُ اللَّهِ أَثْبَتُ فِي نَافِعٍ أَوْ مَالِكٍ قَالَ مَالِكٌ أَثْبَتُ النَّاسِ

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ كَانَ مَالِكٌ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ الْحَافِظُ قَالَ سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى يَقُولُ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ إِذَا ذُكِرَ الْعُلَمَاءُ فَمَالِكٌ النَّجْمُ وَمَا أَحَدٌ أَمَنُّ عَلَيَّ فِي عِلْمٍ مِنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَرَوَى طَاهِرُ بْنُ خَالِدِ بْنِ نِزَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ ذَكَرَ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فَقَالَ كَانَ لَا يُبَلِّغُ مِنَ الْحَدِيثِ إِلَّا صَحِيحًا ولا يحدث الا عن ثقات الناس ما أرى المدينة الاستخرب بَعْدَ مَوْتٍ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قال حدثنا عثمان بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ صَاحِبُنَا أَعْلَمُ مِنْ صَاحِبِكَ وَمَا كان على صاحبك أن يتكلم ما كان

لِصَاحِبِنَا أَنْ يَسْكُتَ قَالَ فَغَضِبْتُ وَقُلْتُ نَشَدْتُكَ اللَّهَ مَنْ كَانَ أَعْلَمُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ مالك أو أبو حنيفة قال مالك لا كن صَاحِبَنَا أَقْيَسُ فَقُلْتُ نَعَمْ وَمَالِكٌ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَمَنْ كَانَ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوْلَى بِالْكَلَامِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَخْبَارُ في امامة مالك وحفظه اتقانه وَوَرَعِهِ وَتَثَبُّتِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى وَقَدْ ألف الناس في فضائله كتبا كثيرة انما ذَكَرْتُ هَا هُنَا فِقَرًا مِنْ أَخْبَارِهِ دَالَّةً عَلَى مَا سِوَاهَا

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَيُّوْنَ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ قَالَ مَا كِتَابٌ أَكْثَرُ صَوَابًا بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ مِنْ كِتَابِ مَالِكٍ يَعْنِي الْمُوَطَّأَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا محد بْنُ سُلَيْمَانَ ابْنِ أَبِي الشَّرِيفِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ قال الشافعي مافي الْأَرْضِ بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ أَكْثَرُ صَوَابًا مِنْ مُوَطَّأِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْمَدَنِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ يَقُولُ سمعت الشافعي يقول ماكتاب بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْفَعُ مِنْ مُوَطَّأِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو الْحَسَنِ يُعَرَفُ بِابْنِ حَمُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ سُلَيْمَانَ التِّنِّيسِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ زَيْدٍ اللَّخْمِيُّ قَالَ قَالَ لَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ مَا قَرَأْتُ كِتَابَ الْجَامِعِ مِنْ موطا مالك بن أنس ألا أنا أَتَانِي آتٍ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لِي هَذَا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم (هـ) حَقًّا أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ

قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدٍ صَاحِبِ الْأَوْزَاعِيِّ قال عرضنا على مالك الوطا فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَقَالَ كِتَابٌ أَلَّفْتُهُ فِي أَرْبَعِينَ سَنَةً أَخَذْتُمُوهُ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَلَّمَا تَفْقَهُونَ فِيهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْقَاضِي حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ قَالَ قَالَ عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ مَا كِتَابٌ بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ أَنْفَعُ لِلنَّاسِ مِنَ الْمُوَطَّأِ أَوْ كَلَامٌ هَذَا مَعْنَاهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْقَاضِي حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ السرافي (هـ) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ مَنْ كَتَبَ مُوَطَّأَ مَالِكٍ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَكْتُبَ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ شَيْئًا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْقَاضِي حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ يَقُولُ وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ مُوَطَّأَ مَالِكٍ وَكَانَ ابْنَا أَخِيهِ قَدْ رَحَلَا إِلَى الْعِرَاقِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَقَالَ سَعِيدٌ لَوْ أَنَّ ابْنَيْ أَخِي مَكَثَا بِالْعِرَاقِ عُمْرَهُمَا يَكْتُبَانِ لَيْلًا وَنَهَارًا مَا أَتَيَا بِعِلْمٍ يُشْبِهُ مُوَطَّأَ مَالِكٍ وَقَالَ مَا أَتَيَا بِسُنَّةٍ يُجْتَمَعُ عَلَيْهَا خِلَافَ مُوَطَّأِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ القروي (يي) قَالَ سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى

يَقُولُ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ مَا رَأَيْتُ كِتَابًا أُلِّفَ فِي الْعِلْمِ أَكْثَرَ صَوَابًا مِنْ مُوَطَّأِ مالك حدثا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ الْبَجَلِيُّ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرحمان بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ إِذَا كَانَ فِقْهُ الرَّجُلِ حِجَازِيًّا وَأَدَبُهُ عِرَاقِيًّا فَقَدْ كَمُلَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قال أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ مَنْ أَرَادَ الْإِسْنَادَ وَالْحَدِيثَ الْمَعْرُوفَ الَّذِي تَسْكُنُ إِلَيْهِ الْقُلُوبُ فَعَلَيْهِ بِحَدِيثِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْغَافِقِيُّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ إِذَا وَجَدْتَ مُتَقَدِّمَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْكَ شَكٌّ أَنَّهُ الْحَقُّ وَكُلُّ مَا جَاءَكَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا تَلْتَفِتْ إِلَيْهِ فَإِنَّكَ تَقَعُ فِي اللُّجُجِ وَتَقَعُ فِي الْبِحَارِ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الذُّهْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن مهدي السنة المتقدمة من سنة أهل الْمَدِينَةِ خَيْرٌ مِنَ الْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ أَهْلِ العراق

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَلَكُ بْنُ سَيْفٍ (التُّجِيبِيُّ) قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ إِذَا جَاوَزَ الْحَدِيثُ الْحَرَّتَيْنِ ضَعُفَ نُخَاعُهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا الْعُتْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سليمان قال سمعت الشافعي يقول اذاجاوز الْحَدِيثُ الْحَرَّتَيْنِ ضَعُفَ نُخَاعُهُ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ عِمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ أَطْلُبُ الْعِلْمَ وَالشَّرَفَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَكْتُبُ إِلَى

الْأَمْصَارِ يُعَلِّمُهُمُ السُّنَنَ وَالْفِقْهَ وَيَكْتُبُ إِلَى الْمَدِينَةِ يسألهم عما مضى وان يعلموا بِمَا عِنْدَهُمْ وَيَكْتُبُ إِلَى أَبِي بَكْرِ ابْنِ حَزْمٍ أَنْ يَجْمَعَ السُّنَنَ وَيَكْتُبَ إِلَيْهِ بِهَا فَتُوُفِّيَ عُمَرُ وَقَدْ كَتَبَ ابْنُ حَزْمٍ كُتُبًا قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ بِهَا إِلَيْهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ قَالَ كَانَ أَبُو بَكْرِ ابْنُ حَزْمٍ عَلَى قَضَاءِ الْمَدِينَةِ قَالَ وَوَلِيَ الْمَدِينَةَ أَمِيرًا وَقَالَ لَهُ يَوْمًا قَائِلٌ مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِالِاخْتِلَافِ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرِ ابْنُ حَزْمٍ يَا ابْنَ أَخِي إِذَا وَجَدْتَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مُجْتَمِعِينَ عَلَى أَمْرٍ فَلَا تَشُكَّ فِيهِ أَنَّهُ الْحَقُّ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ لِي مَالِكٌ لَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ قَطُّ إِمَامٌ أَخْبَرُ بِحَدِيثَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا (هـ) محمد بن أحمد الذهلي قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا إِلَّا وَهُوَ يَخَافُ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَحَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ فَإِنَّهُمَا كَانَ يَجْعَلَانِهِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ قَالَ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن مهدي السنة المتقدمة من سنة أهل الْمَدِينَةِ خَيْرٌ مِنَ الْحَدِيثِ قَالَ وَقَالَ أَبُو قُدَامَةَ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مِنْ أَحْفَظِ أَهْلِ زَمَانِهِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَقَدْ سُئِلَ أَيُّ الْحَدِيثِ أَصَحُّ قَالَ حَدِيثُ أَهْلِ الْحِجَازِ قِيلَ لَهُ ثُمَّ مَنْ قَالَ حَدِيثُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قِيلَ ثُمَّ مَنْ قَالَ حَدِيثُ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالُوا فَالشَّامُ قَالَ فَنَفَضَ يده

وَذَكَرَ الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ مَا أَعْلَمُ الْوَرَعَ الْيَوْمَ إِلَّا فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ مِصْرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ ... أَقُولُ لِمَنْ يَرْوِي الْحَدِيثَ وَيَكْتُبُ ... وَيَسْلُكَ سُبُلَ الْعِلْمِ فِيهِ وَيَطْلُبُ ... ... ... إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُدْعَى لَدَى الْحَقِّ عالما ... فلا تعد ما يحتوي مِنَ الْعِلْمِ يَثْرِبُ ... ... أَتَتْرُكُ دَارًا كَانَ بَيْنَ بُيُوتِهَا ... يَرُوحُ وَيَغْدُو جِبْرَئِيلُ الْمُقَرَّبُ ... ... وَمَاتَ رَسُولُ الله فيها وبعده ... ... بسنته أصحصابه قد تأدبوا (هـ) ... ... وفرق سبل العلم في تابعيهم ... وكل امرىء مِنْهُمْ لَهُ فِيهِ مَذْهَبُ ... ... وَخَلَّصَهُ بِالسَّبْكِ لِلنَّاسِ مَالِكٌ ... وَمِنْهُ صَحِيحٌ فِي الْمَقَالِ وَأَجْرَبُ ... ... فَأَبَرَّا لِتَصْحِيحِ الرِّوَايَةِ دَاءَهُ ... وَتَصْحِيحُهَا فِيهِ دَوَاءٌ مُجَرَّبٌ ... ... وَلَوْ لَمْ يَلُحْ نُورُ الْمُوَطَّا لِمَنْ سَرَى ... بليل عماه ما درى أين يذهب ... ... أبا طَالِبًا لِلْعِلْمِ إِنْ كُنْتَ تَطْلُبُ ... حَقِيقَةَ عِلْمِ الدِّينِ مَحْضًا وَتَرْغَبُ ... ... فَبَادِرْ مُوَطَّا مَالِكٍ قَبْلَ فَوْتِهِ ... ... فَمَا بَعْدَهُ إِنْ فَاتَ لِلْحَقِّ مَطْلَبُ

وَدَعْ لِلْمُوَطَّا كُلَّ عِلْمٍ تُرِيدُهُ ... فَإِنَّ الْمُوَطَّا الشَّمْسُ وَالْعِلْمُ كَوْكَبُ ... ... هُوَ الْأَصْلُ طَابَ الْفَرْعُ مِنْهُ لِطِيبِهِ ... ... وَلِمَ لَا يَطِيبُ الْفَرْعُ وَالْأَصْلُ طَيِّبُ ... ... هُوَ الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ بَعْدَ كِتَابِهِ ... وَفِيهِ لِسَانُ الصِّدْقِ بِالْحَقِّ مُعْرِبُ ... ... لَقَدْ أَعْرَبَتْ آثاره ببيانها ... ... فليس لها في العالمين مكدب ... ... وَمِمَّا بِهِ أَهْلُ الْحِجَازِ تَفَاخَرُوا ... بِأَنَّ الْمُوَطَّا بالعراق محبب ... ... وكل كتاب بالعراق مؤلف ... ... نره بِآثَارِ الْمُوَطَّا يَعْصِبُ ... ... وَمَنْ لَمْ تَكُنْ كُتْبُ الْمُوَطَّا بِبَيْتِهِ ... فَذَاكَ مِنَ التَّوْفِيقِ بَيْتٌ مُخَيَّبُ ... ... أَيُعْجَبُ مِنْهُ إِذْ عَلَا فِي حَيَاتِهِ ... ... تَعَالِيهِ مِنْ بَعْدِ الْمَنِيَّةِ أَعْجَبُ ... ... جَزَى اللَّهُ عَنَّا فِي مَوَطَّاهُ مَالِكًا ... بِأَفْضَلَ مَا يَجْزِي اللَّبِيبَ الْمُهَذَّبَ ... ... لَقَدْ أَحْسَنَ التَّحْصِيلَ فِي كُلِّ مَا رَوَى ... كَذَا فِعْلُ مَنْ يَخْشَى الْإِلَهَ وَيَرْهَبُ ... ... لقد رفع الرحمان بِالْعِلْمِ قَدْرَهُ ... غُلَامًا وَكَهْلًا ثُمَّ إِذْ هُوَ أَشْيَبُ ... ... فَمَنْ قَاسَهُ بِالشَّمْسِ يَبْخَسُهُ حَقَّهُ ... كَلَمْعِ نُجُومِ اللَّيْلِ سَاعَةَ تَغْرُبُ ... ... يُرَى عِلْمُهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ مُصَدَّعًا ... إِذَا لَمْ يَرَوْهُ بِالْمُوَطَّأِ يَعْصِبُ ... ... وما لا نور لامرىء بَعْدَ مَالِكٍ ... ... فَذَمَّتُهُ مِنْ ذِمَّةِ الشَّمْسِ أَوْجَبُ ... ... لقد فاق أهل العلم حينا وَمَيِّتًا ... فَأَضْحَتْ بِهِ الْأَمْثَالُ فِي النَّاسِ تُضْرَبُ ... ... وَمَا فَاقَهُمْ إِلَّا بِتَقْوًى وَخَشْيَةٍ ... ... وَإِذْ كَانَ يَرْضَى فِي الْإِلَهِ وَيَغْضَبُ ... ... فَلَا زَالَ يَسْقِي قبره كل عارض ... بمنبعق ظلت غرابيه (هـ) تَسْكُبُ ... ... وَيَسْقِي قُبُورًا حَوْلَهُ دُونَ سَقْيِهِ ... ... فَيُصْبِحُ فِيهَا بَيْنَهَا وَهْوَ مُعْشِبُ ... ... وَمَا بِيَ بُخْلٌ أَنْ تُسْقَى كَسَقْيِهِ ... وَلَكِنَّ حَقَّ الْعِلْمِ أَوْلَى وَأَوْجَبُ ... ... فَلِلَّهِ قَبْرٌ دَمِعُنَا فَوْقَ ظَهْرِهِ ... وَفِي بَطْنِهِ وَدَقُ السَّحَائِبِ تُسْكَبُ

وَقَالَ غَيْرُهُ ... أَلَا إِنَّ فَقْدَ الْعِلْمِ فِي فَقْدِ مَالِكٍ ... فَلَا زَالَ فِينَا صَالِحَ الْحَالِ مَالِكٌ ... ... فَلَوْلَاهُ مَا قَامَتْ حُقُوقٌ كَثِيرَةٌ ... وَلَوْلَاهُ لَانْسَدَّتْ عَلَيْنَا الْمَسَالِكُ ... ... ... يُقِيمُ سَبِيلَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ وَاضِحٌ ... ... وَيَهْدِي كَمَا تَهْدِي النُّجُومُ الشَّوَابِكُ ... وَقَالَ آخَرُ فِي مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ... يَأْبَى الْجَوَابَ فَمَا يُرَاجَعُ هَيْبَةً ... وَالسَّائِلُونَ نَوَاكِسُ الْأَذْقَانِ ... ... أَدَبُ الوقار وعن سُلْطَانِ الْتُّقَى ... ... فَهُوَ الْمُطَاعُ وَلَيْسَ ذَا سُلْطَانِ ... حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُنِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَنَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ نَرَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تضرب الاكباد فلا يجدون (هـ) أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ إِنَّهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَقَالَ مُصْعَبٌ وَكُنْتُ إِذَا لَقِيتُ سُفْيَانَ بن عبينة سَأَلَنِي عَنْ أَخْبَارِ مَالِكٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا الْحَدِيثُ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوشِكُ النَّاسُ أَنْ يَضْرِبُوا أَكْبَادَ الْإِبِلِ فَلَا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ كُنَّا عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَأَتَاهُ نَعْيُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَقَالَ مَاتَ وَاللَّهِ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ وَرَوَى الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ سَأَلْتُ الْمُغِيرَةَ الْمَخْزُومِيَّ مَعَ تَبَاعُدِ مَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ مَا اعْتَدَلَا فِي الْعِلْمِ قَطُّ وَرَفَعَ مَالِكًا عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ وَبَلَغَنِي عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيِّ الْأَصَمِّ صَاحِبِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ لِي مَالِكٌ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِي مُوَطَّئِي فَقُلْتُ لَهُ النَّاسُ رَجُلَانِ مُحِبٌّ مُطْرٍ وَحَاسِدٌ مُفْتَرٍ فَقَالَ لِي مَالِكٌ إِنْ مَدَّ بِكَ الْعُمْرُ فَسَتَرَى مَا يُرَادُ اللَّهَ بِهِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ أَوَّلُ مَنْ عَمِلَ كِتَابًا بِالْمَدِينَةِ عَلَى مَعْنَى الْمُوَطَّأِ مِنْ ذِكْرِ مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ وعمل ذلك كلا ما يغير حَدِيثٍ قَالَ الْقَاضِي وَرَأَيْتُ أَنَا بَعْضَ ذَلِكَ الْكِتَابِ وَسَمِعْتُهُ مِمَّنْ حَدَّثَنِي بِهِ وَفِي مُوَطَّأِ ابن وهب منه عن عبد العزيز غير شيء قال فأتى به مالك فَنَظَرَ فِيهِ فَقَالَ مَا أَحْسَنَ مَا عَمِلَ ولو كنت أنا الذي علمت لَبَدَأْتُ بِالْآثَارِ ثُمَّ شَدَدْتُ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ قَالَ ثُمَّ إِنَّ مَالِكًا عَزَمَ عَلَى تَصْنِيفِ الْمُوَطَّأِ فَصَنَّفَهُ فَعَمِلَ مَنْ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُوطَّآتِ فَقِيلَ لِمَالِكٍ شَغَلْتَ نَفْسَكَ بِعَمَلِ هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ شَرَكَكَ فِيهِ النَّاسُ وَعَمِلُوا أَمْثَالَهُ فَقَالَ ائْتُونِي بِمَا عَمِلُوا فَأُتِيَ بِذَلِكَ فَنَظَرَ فِيهِ ثُمَّ نَبَذَهُ وَقَالَ لَتَعْلَمُنَّ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ مِنْ هَذَا إِلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ قَالَ فَكَأَنَّمَا أُلْقِيَتْ تِلْكَ الْكُتُبُ فِي الْآبَارِ وَمَا سُمِعَ لِشَيْءٍ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِذِكْرٍ حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا رُوحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَدِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الزهري قال رأيت مالك بن أنس ابن أَبِي عَامِرٍ الْأَصْبَحِيَّ لَمْ يَكُنْ يُخَضِّبُ وَمَاتَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَشَهِدْتُ جِنَازَتَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو عَدِيٍّ هَذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ لَا أَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ يَرْوِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَوُلِدَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ بُكَيْرٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكِيمِ وُلِدَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَفِيهَا وُلِدَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ وَفِيهَا مَاتَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَقَالَ أَبُو رِفَاعَةَ عِمَارَةُ بْنُ وَثِيمَةَ بْنِ مُوسَى وُلِدَ مَالِكٌ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَتُوفِّيَ بِالْمَدِينَةِ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ فِي رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ مَرِضَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَمَاتَ يَوْمَ الْأَحَدِ لِتَمَامِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَغَسَّلَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَسَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ زَنْبَرٍ قَالَ حَبِيبٌ وَكُنْتُ أَنَا وَابْنُهُ يَحْيَى بْنُ مَالِكٍ نَصُبُّ الْمَاءَ وَنَزَلَ فِي قَبْرِهِ جَمَاعَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْبَنِينَ يَحْيَى وَمُحَمَّدٌ وَحَمَّادَةُ وَأُمُّ ابْنِهَا

فَأَمَّا يَحْيَى وَأُمُّ ابْنِهَا فَلَمْ يُوصِ بِهِمَا إِلَى أَحَدٍ فَكَانَا مَالِكَيْنِ لِأَنْفُسِهِمَا وَأَمَّا حَمَّادَةُ وَمُحَمَّدٌ فَأَوْصَى بِهِمَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَانَ مُشَارِكًا لِمُحَمَّدِ بن بشير ووأوصى مَالِكٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثِيَابٍ بِيضٍ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ فَصَلَّى عَلَيْهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ كَانَ وَالِيًا عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ مَاشِيًا وَكَانَ أَحَدَ مَنْ حَمَلَ نَعْشَهُ وَبَلَغَ كَفَنُهُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَتَرَكَ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنَ النَّاضِّ أَلْفَيْ دِينَارٍ وَسِتَّمِائَةِ دِينَارٍ وَتِسْعًا وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَأَلْفَ دِرْهَمٍ فَكَانَ الذي اجتمع لورثته ثلاثة الاف دينار ثلاثمائة دِينَارٍ وَنَيِّفٍ فَقَبَضَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَبِيبٍ مَالَ محمد حمادة وقبض يحيى ماله (هـ) كذلك أُمُّ ابْنِهَا قَبَضَتْ مَالَهَا وَكَانَ الَّذِي خَلَفَ مَالِكًا فِي حَلْقَتِهِ عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى بْنِ كِنَانَةَ وَحَجَّ هَارُونُ الرَّشِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَامَ مَاتَ مَالِكٌ فَوَصَلَ يَحْيَى بْنَ مَالِكٍ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ وَوَصَلَ جَمِيعَ الْفُقَهَاءِ يَوْمَئِذٍ بِصِلَاتٍ سُنِّيَّةٍ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَحَبِيبٌ وَعِمَارَةُ بْنُ وَثِيمَةَ وَغَيْرُهُمْ دَخَلَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ مَالِكُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ بن أبي عامر الأصبح كنيته أبو عبد الله حليف عبد الرحمان بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ الْقُرَشِيُّ ابْنُ أَخِي طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كَانَ اماما رى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ ابن فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ أَبُو الزِّنْبَاعِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُصْعَبٍ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مِنَ الْعَرَبِ صُلْبُهُ وَخَلَفُهُ فِي قُرَيْشٍ فِي بَنِيَ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ مَالِكُ بْنُ أَنَسِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ مِنْ ذِي أَصْبَحَ مِنْ حِمْيَرٍ مَاتَ سنة تسع سبعين يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ عَاشَ مَالِكٌ تِسْعِينَ سَنَةً وَقَالَ سَحْنُونٌ عَنْ عَبْدِ الله بن نافع ان مالكا تتوفى وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً سَنَةَ تِسْعٍ وسبعين ومائة اقام مُفْتِيًا بِالْمَدِينَةِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ سِتِّينَ سَنَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ فِي نَسَبِهِ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَنْسَابِ أَنَّهُ مَالِكُ بْنُ أنس ابن مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ عَمْرِو

ابن الْحَارِثِ وَهُوَ ذُو أَصْبَحَ إِلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ فِي عُثْمَانَ غَيْمَانُ بِالْغَيْنِ الْمَنْقُوطَةِ وَالْيَاءِ الْمَنْقُوطَةِ مِنْ أَسْفَلِ بِاثْنَيْنِ وَفِي حَنْبَلٍ حَتِيلٍ وَقَدْ قِيلَ حَسْلٌ وَالصَّوَابُ حَتِيلٌ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ الْهَمْدَانِيُّ وَأَنَا أَسْتَغْرِبُ نَسَبَ مَالِكٍ إِلَى ذِي أَصْبَحَ وَأَعْتَقِدُ أَنَّ فِيهِ نُقْصَانًا كَثِيرًا لِأَنَّ ذَا أَصْبَحَ قَدِيمٌ جِدًّا وَذُو أَصْبَحَ هُوَ الحرث بْنُ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ زُرْعَةَ حَمِيرٌ الْأَصْغَرُ ابْنُ سَبَأٍ الْأَصْغَرُ بْنُ كَعْبٍ كَهْفُ الظُّلَمِ ابْنُ بُدَيْلِ بْنِ زَيْدِ الْجُمْهُورِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَيْسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ جُشَمَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ وَائِلِ بْنِ الْغَوْثِ بْنِ حَيَدَانَ بْنِ مَعْنِ بْنِ عَرِيبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَيْمَنَ ابن الْهَمَيْسَعِ بْنِ حِمْيَرَ بْنِ سَبَأِ بْنِ يَشْجُبَ بن يغوث بن قحطان

قيل فِي اسْمِ أُمِّهِ الْعَالِيَةُ بِنْتُ شَرِيكِ بْنِ عبد الرحمان بن شريك من الازد وحمل بن سَنَتَيْنِ وَقِيلَ ثَلَاثُ سِنِينَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَكَانَ أَشْقَرَ شَدِيدَ الْبَيَاضِ رَبْعَةً إِلَى الطُّولِ كَبِيرَ الرَّأْسِ أَصْلَعَ وَلَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَرِضْوَانُهُ عَلَيْهِ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَحَدَّثُوا عَنْهُ وَكُلُّهُمْ مَاتَ قَبْلَهُ بِسِنِينَ وَلَوْ ذَكَرْنَاهُمْ لَطَالَ الْكِتَابُ بِذِكْرِهِمْ وَذِكْرِ وَفَاةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدَ ذِي أَصْبَحَ فِي رَفْعِهِ إِلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَا لَمْ أَرَ لِذِكْرِهِ هَا هُنَا مَعْنًى وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ ذَا أَصْبَحَ مِنْ حِمْيَرٍ فِي كِتَابِنَا كِتَابِ الْقَبَائِلِ الَّتِي رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَغْنَى عن اعادته هاهنا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخَفَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأُوَيْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ نافع بن مالك

ابن أَبِي عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ لِي عبد الرحمان بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ يَا مَالِكُ هَلْ لَكَ إِلَى مَا دَعَانَا إِلَيْهِ غَيْرُكَ فَأَبَيْنَا عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ دَمُنَا دَمَكَ وَهَدْمُنَا هَدْمَكَ مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً فَأَجَبْتُهُ إِلَى ذَلِكَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ سُوِيدٍ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْمَهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحَزَّامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا معن بن عيسى ابن عُمَرَ قَالَ كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ حَسْبِي اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ سَمِعْتُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ لِقَوْمٍ قَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بنعمة من الله وفضل لم يمسهم سُوءٌ وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ مَاتَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وتسعين (هـ) وَمِائَةٍ وَوُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَذَا يَقُولُ ابْنُ بُكَيْرٍ وَغَيْرُهُ يُخَالِفُهُ فِي مَوْلِدِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحِبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رب العالمين

باب الألف في أسماء شيوخ مالك

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (بَابُ أَلِفٍ فِي أَسْمَاءِ شُيُوخِ مَالِكٍ الَّذِينَ رَوَى عَنْهُمْ حَدِيثَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الْمَدَنِيُّ مَوْلًى لِآلِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَهُمْ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ وموسى بن عقبة ابن أَبِي عَيَّاشٍ مَدَنِيُّونَ مَوَالِي الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وكانن يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يَقُولُ هُمْ مَوَالِي أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ العاص وَلَمْ يُتَابِعْ يَحْيَى عَلَى ذَلِكَ وَالصَّوَابُ أَنَّهُمْ مَوَالِي آلِ الزُّبَيْرِ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ الْبُخَارِيُّ سَمِعَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ مِنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بن العاص وَهِيَ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ وَسَمِعَ مِنْهَا إِخْوَةُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ حَدِيثَهَا فِي عَذَابِ الْقَبْرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَشْهُورٌ وَأَمَّا رِوَايَةُ إِبْرَاهِيمَ عَنْهَا فَمِنْ رِوَايَةِ الْأَصْمَعِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عقبة قال قَالَ سَمِعْتُ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي تَقُولُ

أَبِي أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَحَصَلَ إِبْرَاهِيمُ بِرِوَايَتِهِ عَنْ أُمِّ خَالِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَسَمِعَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظِ وَكُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَى عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَمَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَمُحَمَّدُ ابن اسحاق وابن عيينة ومحمد بن جعفر ابن أَبِي كَثِيرٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ حُجَّةٌ فِيمَا نَقَلَ هُوَ أَسَنُّ مِنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ أَسَنُّ مِنْهُ وَأَكْثَرُهُمْ حَدِيثًا مُوسَى وَكُلُّهُمْ ثِقَةٌ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ فِي بَنِيَ عُقْبَةَ قَالَ مُوسَى أَكْثَرُهُمْ حَدِيثًا وَمُحَمَّدٌ أَكْبَرُهُمْ قَالَ وَمُحَمَّدٌ وَإِبْرَاهِيمُ أَثْبَتُ مِنْ مُوسَى لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُرْسَلٌ عِنْدَ أَكْثَرِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَهُوَ مَالِكٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِيَ فِي مِحَفَّةٍ لَهَا فَقِيلَ لَهَا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَتْ بِضَبْعَيْ صَبِيٍّ كَانَ مَعَهَا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حج يارسول اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ كُرَيْبٌ مَوْلَى ابْنِ الْعَبَّاسِ هُوَ كُرَيْبُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ مولى عبد الله بن العباس سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ العباس رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ جِلَّةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْهُمْ بَنُو عُقْبَةَ ثَلَاثَتُهُمْ وَبُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ وهو ثقه حجه فيما نقل من أثرفي الدين

قَالَ الْوَاقِدِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مَاتَ كُرَيْبٌ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمِحَفَّةُ شَبِيهَةٌ بالهودج وقيل المحفه لاغطاء عليها واما الضُّبْعُ فَبَاطِنُ السَّاعِدِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ وَقَدْ أَسْنَدَهُ عَنْ مَالِكٍ ابْنُ وَهْبٍ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ عَثْمَةَ وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالُوا فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ نُسَخِ مُوَطَّأِ مَالِكٍ رِوَايَةَ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ مُرْسَلًا مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنِ ابْنِ وَهْبٍ وَلَا أَثِقُ بِمَا رَأَيْتُهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِهِ كِتَابُ تَهْذِيبِ الْآثَارِ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابن وهب عن مالك عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ بن عَبَّاسٍ مُسْنَدًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَحْنُونٌ وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ (*) وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مالك عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُسْنَدًا وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ من رواية أبى الطاهر وسليمان بن داوود وَالْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ مُسْنَدًا وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَالشَّافِعِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ وَأَبِي مُصْعَبٍ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بن عبد الله بن الخضرالأسيوطي رَحِمَهُ اللَّهُ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هِلَالُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِيَ فِي مِحَفَّتِهَا فَقِيلَ لَهَا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صبي معها فقالت الهذا حج يارسول اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ محمد أبن أَبِي دُلَيْمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُمَرَ (328 قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ وَسَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ قَالُوا حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مر بامرأة وهي في خدرها أومحفتها ومعها صبي لها فقالت يارسول اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ0 وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ تَمِيمٍ أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ (329)

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا سَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِيَ فِي خِدْرِهَا مَعَهَا صَبِيٌّ فقالت يارسول اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ فَقَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ وكل مافي كِتَابِنَا مِنْ مُوَطَّأِ ابْنِ وَهْبٍ فَهُوَ بِهَذَيْنِ الْإِسْنَادَيْنِ عَنْ سَحْنُونٍ وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِهَا ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قالاحدثنا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سلم مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِيَ فِي خِدْرِهَا مَعَهَا صَبِيٌّ فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ وَرِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ ذَكَرَهَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مَرَّ بِامْرَأَةٍ فِي مِحَفَّتِهَا فَقِيلَ لَهَا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ كَانَ مَعَهَا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ

وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حدثنا الربيع بن سليمان (هـ) حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ أَنْبَأَنَا مَالِكٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ فِي مِحَفَّتِهَا فَقِيلَ لَهَا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ كَانَ مَعَهَا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ الْمَيْمُونَ بْنَ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيَّ حَدَّثَهُمْ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ سَلَمَةَ الْأَزْدِيُّ الطَّحَاوِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ فِي مِحَفَّتِهَا فَقِيلَ لَهَا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ كَانَ مَعَهَا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي مُصْعَبٍ فَأَخْبَرَنَا بِهَا أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْخَضِرِ الْأَسْيُوطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ الْمَدَنِيُّ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَحَدَّثَنَا

خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُزَيْقِ بْنِ جَامِعٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا ابو مصعب عن مالك عن ابراهيم ابن عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ يَحْيَى وَمَا كَانَ فِي كِتَابِنَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ فَهُوَ مِنْ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ وَاخْتُلِفَ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ عَنْهُ سَحْنُونٌ مُرْسَلًا كَرِوَايَةِ يَحْيَى وَسَائِرِ الرُّوَاةِ ورواه عنه يوسف بن عمرو والحرث بْنُ مِسْكِينٍ مُتَّصِلًا مُسْنَدًا كَرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَأَبِي مُصْعَبٍ وَمَنْ تَابَعَهُمَا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ فَأَكْثَرُهُمْ رَوَاهُ مُسْنَدًا وَمِمَّنْ رَوَاهُ مُسْنَدًا مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الثَّوْرِيِّ كَمَا اخْتُلِفَ عَلَى مَالِكٍ وَكَانَ عِنْدَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ ابْنَيْ عُقْبَةَ جَمِيعًا عن كريب فراه أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ ابْنَيْ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ

إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مُرْسَلًا وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُسْنَدًا فَقَطَعَ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنِ الثَّوْرِيِّ حَدِيثَ إِبْرَاهِيمَ وَوَصَلَ حَدِيثَ مُحَمَّدٍ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُتَّصِلًا وَمَنْ وَصَلَ هَذَا الْحَدِيثَ وَأَسْنَدَهُ فَقَوْلُهُ أَوْلَى وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ مُسْنَدٌ ثَابِتُ الِاتِّصَالِ لَا يَضُرُّهُ تَقْصِيرُ مَنْ قَصَّرَ بِهِ لِأَنَّ الَّذِينَ أَسْنَدُوهُ حُفَّاظٌ ثِقَاتٌ فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ فَحَدَّثَنَا بِهِ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يُوسُفَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ أخو موسى بن عقبة قال سمعت كريب يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ لَقِيَ رَكْبًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَرَدُّوا عَلَيْهِ فَقَالَ مَنِ الْقَوْمُ قَالُوا الْمُسْلِمُونَ فَمَنِ الْقَوْمُ فَقَالُوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَزِعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ صَبِيًّا لَهَا مِنْ مِحَفَّةٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ قَالَ سُفْيَانُ وَكَانَ ابن المنكدر حدثناه أولا مرسلا فقالوا الى إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ فَأَتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِي بِهِ وَقَالَ حَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ

الْمُنْكَدِرِ فَحَجَّ بِأَهْلِهِ كُلِّهِمْ قَالَ سُفْيَانُ وَأَخْبَرَنِي الْمُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ أَتَحُجُّ بِالصِّبْيَانِ فَقَالَ نَعَمْ أَعْرِضُهُمْ عَلَى اللَّهِ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ قَالَ قِيلَ لِابْنِ الْمُنْكَدِرِ أَتَحُجُّ وَعَلَيْكَ دَيْنٌ قَالَ الْحَجُّ أَقْضَى لِلدَّيْنِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُومِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ التَّمَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّوْحَاءِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ فَفَزِعَتِ امْرَأَةٌ فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ فأخرجته من مفحتها فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ وَأَمَّا حَدِيثُ مَعْمَرٍ فَحَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ فَقَالُوا مَنْ أَنْتُمْ فَقَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ عِبَادُ اللَّهِ الْمُسْلِمُونَ قَالَ فَسَأَلُوا عَنْهُمْ فَقِيلَ لَهُمْ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ فَعَلِقُوهُ يَسْأَلُونَهُ فَأَخْرَجَتِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا فَقَالَتْ أَيْ رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ

وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْحُذَاقِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ كُرَيْبٍ مُرْسَلًا وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبَّادٍ أَثْبَتُ وَأَمَّا حَدِيثُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ بَهْرَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ مَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا صَغِيرٌ فَرَفَعَتْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهَا فَقَالَتْ هَلْ لِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ محمد بن هاني الطَّائِيُّ الْأَثْرَمُ الْوَرَّاقُ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ الَّذِي يَصِحُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثِ كُرَيْبٍ مُرْسَلٌ أَوْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ هُوَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحٌ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ الثَّوْرِيَّ وَمَالِكًا يُرْسِلَانِهِ فَقَالَ مَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمَا قَدْ أَسْنَدُوهُ وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ وَصَلَ حَدِيثَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ هَذَا عَنِ الثَّوْرِيِّ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَخَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالُوا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا

سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَفَعَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيًّا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ وَصَلَ عَنِ الثَّوْرِيِّ حَدِيثَهُ فِي ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ فَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا لَهَا فِي مِحَفَّةٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ نَعَمْ ولك اجر أخبرنا عبد الوارث ابن سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ صَبِيًّا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أُمُورٌ مِنْهَا الْحَجُّ بِالصِّبْيَانِ الصِّغَارِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذلك فأجازوه مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ مِنْ أَصْحَابِهِمَا وَغَيْرِهِمْ وَأَجَازَهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ الْكُوفِيِّينَ وَأَجَازَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِيمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمَا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَاهُ يَسْتَحِبُّ الْحَجَّ بِالصِّبْيَانِ وَيَأْمُرُ بِهِ وَيَسْتَحْسِنُهُ وَعَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ كُلِّ قرن

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يُحَجُّ بِالصِّبْيَانِ وَهُوَ قَوْلٌ لا يشتغل به ولا يعرج عليه للأن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّ بِأُغَيْلِمَةِ بني عبد المطلب حج السَّلَفِ بِصِبْيَانِهِمْ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّبِيِّ لَهُ حَجٌّ وَلِلَّذِي يَحُجُّهُ أَجْرٌ يَعْنِي بِمَعُونَتِهِ لَهُ وَقِيَامِهِ فِي ذَلِكَ بِهِ فَسَقَطَ كُلُّ مَا خَالَفَ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ طَافَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي خِرْقَةٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانُوا يُحِبُّونَ إِذَا حَجَّ الصَّبِيُّ أَنْ يُجَرِّدُوهُ وأن يجنبه الطِّيبَ إِذَا أَحْرَمَ وَأَنْ يُلَبَّى عَنْهُ إِذَا كَانَ لَا يُحْسِنُ التَّلْبِيَةَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ يُحَجُّ بِالصَّغِيرِ وَيُرْمَى عَنْهُ وَيُجَنَّبُ مَا يُجَنَّبُ الْكَبِيرُ مِنَ الطِّيبِ وَلَا يُخَمَّرُ رَأْسُهُ وَيُهْدَى عَنْهُ إِنْ تَمَتَّعَ وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يُحَجُّ بِالصَّبِيِّ الصَّغِيرِ وَيُجَرَّدُ لِلْإِحْرَامِ وَيُمْنَعُ مِنَ الطِّيبِ وَمِنْ كُلِّ مَا يمنع منه الكبر فَإِنْ قَوِيَ عَلَى الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ وَإِلَّا طِيفَ بِهِ مَحْمُولًا وَرُمِيَ عَنْهُ وَإِنْ أَصَابَ صَيْدًا فُدِيَ عَنْهُ وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْكَبِيرُ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ وَفُدِيَ عَنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ مَالِكٌ وَمَا أَصَابَ الصَّبِيُّ مِنْ صَيْدٍ أَوْ لِبَاسٍ أو طيب فدى عنه بذلك قال الشافعي قال أَبُو حَنِيفَةَ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَلَا فِدْيَةَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَتَكَلَّمُ إِذَا جُرِّدَ يُنْوَى بِتَجْرِيدِهِ الْإِحْرَامُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُغْنِيهُ تَجْرِيدُهُ عَنِ التَّلْبِيَةِ عَنْهُ لَا يُلَبِّي عَنْهُ أَحَدٌ قَالَ فَإِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ لَبَّى عَنْ نَفْسِهِ

قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَطُوفُ بِهِ أَحَدٌ لَمْ يَطُفْ طَوَافَهُ الْوَاجِبَ لِأَنَّهُ يُدْخِلُ طَوَافَيْنِ فِي طَوَافٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَرَى أَنْ يَطُوفَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَطُوفُ بِالصَّبِيِّ وَلَا يَرْكَعُ عَنْهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الصَّبِيِّ في ركعتيه قال أبو عمر فان قبل فَمَا مَعْنَى الْحَجِّ بِالصَّغِيرِ وَهُوَ عِنْدَكُمْ غَيْرُ مَجْزِيٍّ عَنْهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إِذَا بَلَغَ وَلَيْسَ مِمَّنْ تَجْرِي لَهُ وَعَلَيْهِ قِيلَ لَهُ أَمَّا جَرْيُ الْقَلَمِ لَهُ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ فَغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ يُكْتَبَ لِلصَّبِيِّ دَرَجَةٌ وَحَسَنَةٌ فِي الْآخِرَةِ بِصَلَاتِهِ وَزَكَاتِهِ وَحَجِّهِ وَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ الَّتِي يَعْمَلُهَا عَلَى سُنَّتِهَا تَفَضُّلًا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ كَمَا تَفَضَّلَ عَلَى الْمَيِّتِ بِأَنْ يَوْجَرَ بِصَدَقَةِ الْحَيِّ عَنْهُ وَيَلْحَقَهُ ثَوَابُ مَا لَمْ يَقْصِدْهُ وَلَمْ يَعْمَلْهُ مِثْلُ الدُّعَاءِ لَهُ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ أَمَرُوا الصَّبِيَّ إِذَا عَقَلَ الصَّلَاةَ بِأَنْ يُصَلِّيَ وَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَسٍ وَالْيَتِيمِ مَعَهُ وَالْعَجُوزِ مِنْ وَرَائِهِمَا وَأَكْثَرُ السَّلَفِ عَلَى إِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَيَسْتَحِيلُ أَنْ لَا يُؤْجَرُوا عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ وَصَايَاهُمْ إِذَا عَقَلُوا وَلِلَّذِي يَقُومُ بِذَلِكَ عَنْهُمْ أَجْرٌ كَمَا لِلَّذِي يُحِجُّهُمْ أَجْرٌ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً فَلِأَيِّ شَيْءٍ يُحْرَمُ الصَّغِيرُ التَّعَرُّضَ لِفَضْلِ اللَّهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعْنَى مَا ذَكَرْتُ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ أَعْلَمُهُ مِمَّنْ يَجِبُ اتِّبَاعُ قَوْلِهِ حَدَّثَنَا عبد الواث بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عبد الواحد البزاز قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ ابْنُ

الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْبَكَّاءُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ تُكْتَبُ لِلصَّغِيرِ حَسَنَاتُهُ وَلَا تُكْتَبُ عَلَيْهِ سَيِّئَاتُهُ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي حَجِّ الصَّبِيِّ هَلْ يُجْزِئُهُ إِذَا بَلَغَ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا فَالَّذِي عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ الَّذِينَ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْزِيهِ إِذَا بَلَغَ ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي شَرْحِ مَعَانِي الْآثَارِ حَدِيثَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ هَذَا عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَبِيٍّ هَلْ لِهَذَا حَجٌّ فَقَالَ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الصَّبِيَّ إِذْ حَجَّ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَجْزَأَهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بهذا الحديث قال وخالفهم أخرون فقالوا لايجزيه من جحه الْإِسْلَامِ وَعَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ حَجَّةٌ أُخْرَى قَالَ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ عِنْدَنَا عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَخْبَرَ أَنَّ لِلصَّبِيِّ حَجًّا وَهَذَا مِمَّا قَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ أَنَّ لِلصَّبِيِّ حَجًّا وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِفَرِيضَةٍ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ كَمَا لَهُ صَلَاةٌ وَلَيْسَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بِفَرِيضَةٍ فَكَذَلِكَ أَيْضًا قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَجٌّ وَلَيْسَ الْحَجُّ عَلَيْهِ بِفَرِيضَةٍ وَإِنَّمَا هَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ زَعَمَ انه لاحج لِلصَّبِيِّ فَأَمَّا مَنْ يَقُولُ إِنَّ لَهُ حَجًّا وَإِنَّهُ غَيْرُ فَرِيضَةٍ عَلَيْهِ فَلَمْ يُخَالِفْ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا خَالَفَ تَأْوِيلَ مُخَالِفِهِ خَاصَّةً وَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَرَفَ حَجَّ الصَّبِيِّ إِلَى غَيْرِ الْفَرِيضَةِ وَأَنَّهُ لَا

يُجْزِيهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ مَنْ رَوَى حَدِيثًا فَهُوَ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي السَّفَرِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَيُّمَا غُلَامٍ حج به أهله فمات فقد قضى حجة الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَدْرَكَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ وَأَيُّمَا عَبْدٍ حج به أهله فمات فقد قضى حجة الْإِسْلَامِ وَإِنْ عُتِقَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عُبَيْدٍ صَاحِبِ الْحُلِيِّ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْمَمْلُوكِ إِذَا حَجَّ ثُمَّ عُتِقَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَعَنِ الصَّبِيِّ يَحُجُّ ثُمَّ يَحْتَلِمُ قَالَ يَحُجُّ أَيْضًا قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ بِالْأَمْصَارِ وَأَئِمَّةُ الْأَثَرِ إِلَّا أَنَّ دَاوُدَ بْنَ عَلِيٍّ خَالَفَ فِي الْمَمْلُوكِ فَقَالَ يَجْزِيهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَجْزِي الصَّبِيَّ وَفَرَّقَ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْمَمْلُوكِ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ مُخَاطَبٌ عِنْدَهُ بِالْحَجِّ فَلَزِمَهُ فَرْضُهُ وَلَيْسَ الصَّبِيُّ مِمَّنْ خُوطِبَ بِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم رفع القلم عن الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ حَجَّ الصَّبِيِّ تَطَوُّعٌ وَلَمْ يُؤَدِّ بِهِ فَرْضًا لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُؤَدِّيَ فَرْضًا مَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْفَرْضُ وَأَمَّا الْمَمْلُوكُ فَهُوَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ خَارِجٌ مِنَ الْخِطَابِ الْعَامِّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) بَدِيلُ عَدَمِ التَّصَرُّفِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُجَّ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا خَرَجَ مِنْ خِطَابِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) الْآيَةَ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا مَنْ شَذَّ وكما خرج من خطاب أيجاب الشهاده قال الله عزوجل (ولاياب الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) فَلَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الْعَبْدُ وَكَمَا جَازَ خُرُوجُ الصَّبِيِّ مِنْ قَوْلِهِ (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) وَهُوَ مِنَ النَّاسِ بِدَلِيلِ رَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ وَخَرَجَتِ المرأة من قوله (ياأيها الذين آمنو إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) وَهِيَ مِمَّنْ شَمِلَهُ اسْمُ الْإِيمَانِ فَكَذَلِكَ خُرُوجُ الْعَبْدِ مِنَ الْخِطَابِ الْمَذْكُورِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ دَلِيلٍ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَالْمَغْرِبِ ومثلهم لايجوز عَلَيْهِمْ تَحْرِيفُ تَأْوِيلِ الْكِتَابِ الْبَتَّةَ بِحَالٍ0 فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مِمَّنْ يَرَى أَنَّ حَجَّ الصَّبِيِّ يجري عَنْهُ إِذَا بَلَغَ إِنَّ الصَّبِيَّ إِنَّمَا لَمْ يجب عليه الحج لأنه ممن لايستطيع السَّبِيلَ إِلَيْهِ فَإِذَا بَلَغَ بِهِ الْبَيْتَ وَجَبَ عليه الحج وأجزأه كسائر من لايلزمه الْحَجُّ مِنَ الْبَالِغِينَ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ فَإِذَا وَصَلَ إِلَى الْبَيْتِ لَزِمَهُ الْحَجُّ فَإِذَا فَعَلَهُ أَجْزَأَ عنه قيل له ان الذي لايجد السَّبِيلَ إِلَى الْحَجِّ إِنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ لعدم الوصول الى البيت فاذاوصل إِلَيْهِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْفَرْضُ وَارْتَفَعَتْ عِلَّتُهُ وَصَارَ مِنَ الْوَاجِدِينَ السَّبِيلَ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ لِذَلِكَ0 وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَفَرْضُ الْحَجِّ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ كما لاتجب عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَلَا الصِّيَامُ فَهُوَ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى الْبَيْتِ وَبَعْدَ وُصُولِهِ سَوَاءٌ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ فَإِذَا بَلَغَ الْحُلُمَ فَحِينَئِذٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الحج

أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا رُوحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عطاء بن السائب عن أبى ضبيان قَالَ فِي حَدِيثِ عَفَّانَ الْجَنْبِيِّ ثُمَّ اتَّفَقَا عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رفع الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ رِوَايَةُ حَمَّادِ بن سلمه عن عطاء بن السايب صَحِيحَةً لِأَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ وَكَذَلِكَ سَمَاعُ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ مِنْهُ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ ابرهيم عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الْمُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَعْقِلَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ تُقْضَى حَجَّةُ الصَّغِيرِ عَنْهُ فَإِذَا عَقِلَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَاجِبَةٌ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ وَذُكِرَ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي السَّفَرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ الطَّحَاوِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِي

السَّفَرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عن الأعمش عن ابي ظبيان عن أبي عَبَّاسٍ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافًا عَلِمْتُهُ فِيمَنْ شَهِدَ مَنَاسِكَ الْحَجِّ وَهُوَ لَا يَنْوِي حَجًّا وَلَا عُمْرَةً وَالْقَلَمُ جَارٍ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنَّ شُهُودَهَا بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَلَا قَصْدٍ غَيْرُ مُغْنٍ عَنْهُ وَخَصَّ الصَّبِيَّ بِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ وَلَا نِيَّةٌ لِمَا وَصَفْنَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُرَاهِقِ وَالْعَبْدِ يُحْرِمَانِ بِالْحَجِّ ثُمَّ يَحْتَلِمُ هَذَا وَيُعْتَقُ هَذَا قيل الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَا سَبِيلَ إِلَى رَفْضِ الْإِحْرَامِ لِهَذَيْنِ وَلَا لِأَحَدٍ وَيَتَمَادَيَانِ عَلَى إِحْرَامِهِمَا وَلَا يَجْزِيهِمَا حَجُّهُمَا ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الْغِلْمَانِ ثُمَّ بَلَغَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ فَوَقَفَ بِهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ مِنْ حَجَّةِ الاسلام فان جدد احراما بعد ما بَلَغَ أَجْزَأَهُ وَقَالُوا إِنْ دَخَلَ عَبْدٌ مَعَ مَوْلَاهُ فَلَمْ يُحْرِمْ مِنَ الْمِيقَاتِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَأَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ بِالْحَجِّ فَعَلَيْهِ الدَّمُ ذا أُعْتِقَ لِتَرْكِهِ الْمِيقَاتَ وَلَيْسَ عَلَى النَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ وَلَا عَلَى الصَّبِيِّ يَحْتَلِمُ لِسُقُوطِ الْإِحْرَامِ عَنْهُمَا دَمٌ وَوُجُوبِهِ عَلَى الْعَبْدِ وَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ فِي الْحَجِّ إِذَا بَلَغَ مَعَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَحْرَمَ الصَّبِيُّ ثُمَّ بَلَغَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَوَقَفَ بِهَا مُحْرِمًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إِذَا أَحْرَمَ ثُمَّ عُتِقَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ بِهَا مُحْرِمًا أَجْزَأَهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَجْدِيدِ

إِحْرَامِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ وَلَوْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ بِمُزْدَلِفَةَ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ بِهَا فَرَجَعَا إِلَى عَرَفَةَ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ فَأَدْرَكَا الْوُقُوفَ بِهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَجْزَأَتْ عَنْهُمَا مِنْ حَجَّةِ الاسلام ولم يكن عليهما دم ولو احتطا فَأَهْرَقَا دَمًا كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ قَالَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنِ عِنْدِي قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قال لكل قَوْلٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ الثَّلَاثَةِ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَمُرَاعَاةُ عَرَفَةَ بِإِدْرَاكِ الْوُقُوفِ بِهَا لَيْلَةَ النَّحْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجُّ عَرَفَاتٌ وَسَنَذْكُرُ هَذَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَنَذْكُرُ هُنَاكَ مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ التَّنَازُعِ فِي كَيْفِيَّةِ فَرْضِ وَقْتِهَا وَأَنَّهُ لَا حَجَّ لِمَنْ لَمْ يَقِفْ بِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ مَنْ دَخَلَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِإِتْمَامِ مَا دَخَلَ فِيهِ لِقَوْلِهِ (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) وَمَنْ رَفَضَ إِحْرَامَهُ فَلَمْ يُتِمَّ حَجَّهُ وَلَا عُمْرَتَهُ وَمِنْ حُجَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْحَجَّ الَّذِي كَانَ فِيهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ يُجْزِي عَنْهُ وَلَمْ يَكُنِ الْفَرْضُ لَازِمًا لَهُ حِينَ أَحْرَمُ بِهِ ثُمَّ لَزِمَهُ حِينَ بَلَغَ اسْتَحَالَ أَنْ يَشْتَغِلَ عَنْ فَرْضٍ قَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ بِنَافِلَةٍ وَيُعَطِّلُ فَرْضَهُ كَمَنَ دَخَلَ فِي نَافِلَةٍ وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْمَكْتُوبَةُ وَخَشِيَ فَوْتَهَا قَطَعَ النَّافِلَةَ وَدَخَلَ الْمَكْتُوبَةَ وَاحْتَاجَ إِلَى الْإِحْرَامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْحَجَّ عِنْدَهُ مُفْتَقِرٌ إِلَى النِّيَّةِ وَالنِّيَّةُ وَالْإِحْرَامُ هُمَا مِنْ فَرَائِضِهِ عِنْدَهُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَاحْتَجَّ فِي إِسْقَاطِ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ بِأَنَّهُ جَائِزٌ لِكُلِّ مَنْ نَوَى بِإِهْلَالِهِ الْإِحْرَامَ أَنْ يَصْرِفَهُ إِلَى مَا شَاءَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ إِذْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حِينَ أَقْبَلَ مَنِ الْيَمَنِ مُهِلًّا بِالْحَجِّ بِمَ أَهْلَلْتَ قَالَ قُلْتُ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ وَسُقْتُ الْهَدْيَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ مَقَالَتَهُ وَلَا أَمَرَهُ بِتَجْدِيدِ نِيَّةٍ لإفراد أو قرن أَوْ مُتْعَةٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا بكر أنه ذكر لابن عمران أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ فَقَالَ أَهَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ وَأَهْلَلْنَا بِهِ فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً وَكَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيٌ فَقَدِمَ عَلَيْنَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْيَمَنِ حَاجًّا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَ أَهْلَلْتَ فَإِنَّ مَعَنَا أَهْلَكَ فَقَالَ أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَأَمْسِكْ فَإِنَّ مَعَنَا هَدْيًا قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ قَالَ جَابِرٌ وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنْ سِعَايَتِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَ أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ قَالَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ قَالَ فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ وَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ مَعْنَى حَدِيثِ عَلِيٍّ عَنْهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَكِلَاهُمَا حَدِيثٌ

ثَابِتٌ صَحِيحٌ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْمِي بِالْيَمَنِ فَجِئْتُ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ بِمَ أَهْلَلْتَ قُلْتُ أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ هَلْ مَعَكَ هَدْيٌ قُلْتُ لَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ عَلِيًّا وَأَبَا مُوسَى لَمْ يَنْوِيَا شَيْئًا مُعَيَّنًا مِنْ حَجٍّ مُفْرَدٍ وَلَا عُمْرَةٍ وَلَا قِرَانٍ وَإِنَّمَا أَهَلَّا مُحْرِمَيْنِ وَعَلَّقَا النِّيَّةَ فِي عَمَلِهِمَا بِمَا نَوَاهُ وَعَمِلَهُ غَيْرُهُمَا وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَلَّ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ لَيْسَ كَالنِّيَّةِ فِي الْإِحْرَامِ بِالصَّلَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ مُفْتَقِرٌ إِلَى الْقَوْلِ وَالنِّيَّةِ جَمِيعًا وَهُوَ التَّكْبِيرُ وَاعْتِقَادُ تَعْيِينِ الصَّلَاةِ بِعَيْنِهَا وَلَيْسَ الْحَجُّ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَهُمْ بِالنِّيَّةِ دُونَ التلبية ألا ترى أن الحد قَدْ يَدْخُلُ فِيهِ بِغَيْرِ التَّلْبِيَةِ مِنَ الْأَعْمَالِ مِثْلَ إِشْعَارِ الْهَدْيِ وَالتَّوَجُّهِ نَحْوَ الْبَيْتِ إِذَا نَوَى بِذَلِكَ الْإِحْرَامَ وَمِثْلَ أَنْ يَقُولَ قَدْ أَحْرَمْتُ بِالْحَجِّ أَوْ بِالْعُمْرَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ فَلِهَذَا جَازَ نَقْلُ الْإِحْرَامِ فِي الْحَجِّ مِنْ شَيْءٍ إِلَى مِثْلِهِ وَيُصَحِّحُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً فَأَجَازَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ بِوَجْهٍ وَيَصْرِفَهُ إِلَى غَيْرِهِ وَلِهَذَا قَالَ إِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الصَّغِيرُ ثُمَّ يَبْلُغُ فَيَبْنِي عَلَى ذَلِكَ فِي عَمَلِهِ إِذَا صَحَّ لَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ لِأَنَّهُ أَصْلُ الْحَجِّ الَّذِي يُبْنَى عَلَيْهِ مَا سِوَاهُ مِنْهُ وَالْكَلَامُ فِي هذه المسئلة يَطُولُ وَفِيمَا لَوَّحْنَا بِهِ مَقْنَعٌ إِنْ شَاءَ الله

وَقَدْ ذَكَرَ الرَّبِيعُ فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَلَوْ لَبَّى رَجُلٌ وَلَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً لَمْ يَكُنْ حَاجًّا وَلَا مُعْتَمِرًا وَلَوْ نَوَى وَلَمْ يُحْرِمْ حَتَّى قَضَى الْمَنَاسِكَ كَانَ حَجُّهُ تَامًّا وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ قَالَ وَمَنْ فَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ أَهَلَّ عَلَى إِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْزَأَتْهُ تِلْكَ النِّيَّةُ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى نِيَّةٍ لِغَيْرِهِ قَدْ تَقَدَّمَتْ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْعَبْدُ أَحْرَمَ وَلَا الصَّبِيُّ أَوْ كَانَ ذِمِّيٌّ دَخَلَ مَكَّةَ وَهُوَ كِرًى لِبَعْضِ الْحَاجِّ فَرُزِقَ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ وَهُوَ بِعَرَفَةَ أَوْ بِمَكَّةَ قَبْلَ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ إِنْ أَرَادَ الْحَجَّ مِنْ مَكَّةَ أَوْ بِعَرَفَةَ فَإِنْ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ وَيُجْزِيهِ ذَلِكَ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ وَحَجُّهُ تَامٌّ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي النِّيَّةِ بِالْحَجِّ عِنْدَ ذِكْرِ التَّلْبِيَةِ بِهِ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إبراهيم ابن أبي عبلة ابراهيم ابن أَبِي عَبْلَةَ أَبُو إِسْحَاقَ وَقَدْ قِيلَ أَبُو اسماعيل قيل انه عقيل من بني (هـ) عَقِيلِ بْنِ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ تَمِيمِيٌّ فَاللَّهُ أعلم

وَاسْمُ أَبِي عَبْلَةَ شُمَيْرُ بْنُ يَقْظَانَ بْنِ الْمُرْتَحِلِ مَعْدُودٌ فِي التَّابِعِينَ رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَأَدْرَكَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَأَبَا أُمَامَةَ وَرَبِيبَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَبَا أُبَيِّ ابْنِ أُمِّ حَرَامٍ وَرَوَى عَنْهُمْ وَاخْتُلِفَ فِي سَمَاعِهِ مِنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ سَكَنَ الشَّامَ وَعَمَّرَ طَوِيلًا وَمَاتَ فِي خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ وَكَانَ ثِقَةً فَاضِلًا لَهُ أَدَبٌ وَمَعْرِفَةٌ وَكَانَ يَقُولُ الشِّعْرَ الْحَسَنَ رَوَى عَنْهُ جِلَّةٌ مَالِكٌ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرٍ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُرْسَلٌ وَهُوَ مَالِكٌ عَنْ ابراهيم ابن أَبِي عَبْلَةَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِلَّا مَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ قِيلَ وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ لَهُ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ أَبُو النَّضْرِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ العجلي عن مالك عن ابراهيم ابن أَبِي عَبْلَةَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَقُلْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِيهِ غَيْرُهُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ هَذَا خُزَاعِيٌّ مِنْ أَنْفَسِهِمْ

تَابِعِيٌّ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ سَمِعَ مِنَ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ الْكَعْبِيُّ الْخُزَاعِيُّ الْمَدَنِيُّ سَمِعَ أُمَّ الدَّرْدَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ فِي فَضْلِ شُهُودِ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ الْمُبَارَكِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى التَّرْغِيبِ فِي الْحَجِّ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مَحْفُوظٌ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ شَهِدَ تِلْكَ الْمَشَاهِدَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ أَنَّ شُهُودَ بَدْرٍ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ الْإِنْسَانُ بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ نَفْلًا كَانَ أَوْ فَرْضًا لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَفِيهِ الْخَبَرُ عَنْ حَسَدِ إِبْلِيسَ وَعَدَاوَتِهِ لَعَنَهُ اللَّهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَسُودَ يَجِدُ في ذِلَّةً لِعَدَمِهِ مَا أُوتِيَهُ الْمَحْسُودُ وَأَمَّا قَوْلُهُ أصغر واقحر وَأَغْيَظُ فَمُسْتَغْنٍ عَنِ التَّفْسِيرِ لِوُضُوحِ مَعَانِي ذَلِكَ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَدْحَرُ فَمَعْنَاهُ أَبْعَدُ مِنَ الْخَيْرِ وَأَهْوَنُ وَالْأَدْحَرُ الْمَطْرُودُ الْمُبْعَدُ مِنَ الْخَيْرِ الْمُهَانُ يُقَالُ أَدْحَرُهُ عَنْكَ أَيْ أَطْرُدُهُ وَأُبْعِدُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ فَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ مَعْنَى يَزَعُ يَكُفُّ وَيَمْنَعُ إِلَّا انها ها هنا بمعنى يعيبهم وَيُرَتِّبُهُمْ لِلْقِتَالِ وَيَصِفُهُمْ وَفِيهِ مَعْنَى الْكَفِّ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُمْ عَنِ الْكَلَامِ مِنْ أَنْ يَشِفَّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَيَخْرُجَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فِي التَّرْتِيبِ قَالُوا وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ وَقَدْ تُكَنِّي الْعَرَبُ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ عَنِ الْمَوْعِظَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْكَفِّ وَالْمَنْعِ وَالرَّدْعِ وَالزَّجْرِ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ ... عَلَى حِينِ عَاتَبْتُ الْمَشِيبَ عَلَى الصِّبَا ... وَقُلْتُ أَلَمَّا أَصَحُّ وَالشَّيْبُ وَازِعُ

وَقَالَ لَبِيدٌ الْعَامِرِيُّ ... إِذَا الْمَرْءُ أَسْرَى لَيْلَةً ظَنَّ أَنَّهُ ... قَضَى عَمَلًا وَالْمَرْءُ مَا عَاشَ عَامِلُ ... ... فَقُولَا لَهُ إِنْ كَانَ يَعْقِلُ أَمْرَهُ ... أَلَمَّا يَزَعْكَ الدَّهْرُ أُمُّكَ هَابِلُ ... وَقَالَ الْمَعْلُوطُ السَّعْدِيُّ ... وَلَمَّا تَلَاقَيْنَا جَرَتْ مِنْ جُفُونِنَا ... دُمُوعٌ وَزَعْنَا غَرْبَهَا بِالْأَصَابِعِ ... وَقَالَ آخَرُ ... وَقَدْ لَاحَ فِي عَارِضَيْكَ الْمَشِيبُ ... وَمِثْلُكَ بِالشَّيْبِ قَدْ يُوَزِعُ ... وَقَالَ آخَرُ ... وَلَا يَزَعُ النَّفْسَ اللَّجُوجَ عَنِ الهوى ... من الناس الا افر الْعَقْلِ كَامِلُهُ ... وَقَالَ آخَرُ ... امْنَعْ فُؤَادَكَ أَنْ يَمِيلَ بِكَ الْهَوَى ... وَاشْدُدْ يَدَيْكَ بِحَبْلِ دِينِكَ وَاتَّزِعْ ... وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ لَمَّا وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي طَوًى يَعْنِي يَوْمَ الْفَتْحِ قَالَ أَبُو قُحَافَةَ وَقَدْ كُفَّ يَوْمَئِذٍ بَصَرُهُ لِابْنَتِهِ اظْهَرِي بِي عَلَى أَبِي قبيس قالت فاشرفت به عليه فقلا مَا تَرَيْنَ قَالَتْ

أَرَى سَوَادًا مُجْتَمِعًا قَالَ تِلْكَ الْخَيْلُ قَالَتْ وَأَرَى رَجُلًا بَيْنَ السَّوَادِ مُقْبِلًا وَمُدْبِرًا قَالَ ذَلِكَ الْوَازِعُ يَمْنَعُهَا أَنْ تَنْتَشِرَ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْأَصْبَغِ الْإِمَامُ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قال حدثنا أبو زيد ابن أَبِي الْغَمْرِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ أَنَّ عُثْمَانُ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَقُولُ مَا يَزَعُ الْإِمَامُ أَكْثَرَ مِمَّا يَزَعُ القرءان أَيْ مِنَ النَّاسِ قَالَ قُلْتُ لِمَالِكٍ مَا يَزَعُ قَالَ يَكُفُّ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ لَهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ وَهُوَ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُ النَّاسُ قَالَ وَاللَّهِ مَا يُصْلِحُ هَؤُلَاءِ النَّاسَ إِلَّا وَزَعَةٌ قَالَ إِسْمَاعِيلُ يَزَعُونَهُمْ أَيْ يَمْنَعُونَهُمْ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابن يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا كَأَنَّ مَلَكًا انْطَلَقَ بِهِ إِلَى النَّارِ فَلَقِيَهُ مَلَكٌ آخَرُ وَهُوَ يَزَعُهُ فَقَالَ لِمَ تَزَعُ هَذَا نِعْمَ الرَّجُلُ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ قَالَ فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ بِاللَّيْلِ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِنْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا أُقِيدُ مِنْ وَزَعَةِ اللَّهِ قَالَ ذَاكَ فِي بَعْضِ عُمَّالِهِ

وَقَدْ رُوِيَتْ آثَارٌ فِي مَعْنَى حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ ابن أَبِي عَبْلَةَ هَذَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ أَنَا ذَاكِرٌ مِنْهَا مَا حَضَرَنِي ذِكْرُهُ بِحُسْنِ عَوْنِ رَبِّي لَا إِلَاهُ إِلَّا هُوَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ وَهُوَ ابْنُ يُوسُفَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ يَوْمٍ يُعْتِقُ اللَّهُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ الْكِنَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ وَهُوَ ابْنُ يُوسُفَ عَنْ سَعِيدِ ابن الْمُسَيَّبِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرُ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ مَغْفُورٌ لَهُمْ لِأَنَّهُ لَا يُبَاهِي بِأَهْلِ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبِ إِلَّا مِنْ بَعْدِ التَّوْبَةِ وَالْغُفْرَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمُ الْمُبَاهَاةِ قِيلَ لَهَا وَمَا يَوْمُ الْمُبَاهَاةِ قَالَتْ يَنْزِلُ اللَّهُ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَدْعُو مَلَائِكَتَهُ وَيَقُولُ انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا بَعَثْتُ إِلَيْهِمْ رَسُولًا فَآمَنُوا بِهِ وَبَعَثْتُ إِلَيْهِمْ كِتَابًا فَآمَنُوا بِهِ يَأْتُونَنِي مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَسْأَلُونِي أَنْ أُعْتِقَهُمْ مِنَ النَّارِ فَقَدْ أَعْتَقْتُهُمْ فَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرُ أَنْ يُعْتَقَ فِيهِ مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ حَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ الْوَرَّاقُ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْزُوقٌ مَوْلَى طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ يَا رَبِّ فُلَانٌ وَفُلَانٌ هُوَ قَالَ فَيَقُولُ قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا يَوْمٌ أَكْثَرُ عَتِيقًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْفِرَةُ تَنْزِلُ عَلَى أَهْلِ عَرَفَةَ مَعَ الحركة الأولى

فَإِذَا كَانَتِ الدَّفْعَةُ الْعُظْمَى فَعِنْدَ ذَلِكَ يَضَعُ إِبْلِيسُ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ يَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ قَالَ فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ شَيَاطِينُهُ فَيَقُولُونَ مَا لَكَ فَيَقُولُ قَوْمٌ فَتَنْتُهُمْ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً وَسَبْعِينَ سَنَةً غُفِرَ لَهُمْ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ وَقَالَ مُجَاهِدٌ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الرَّحْمَةَ تَنْزِلُ عِنْدَ دَفْعَةِ الْإِمَامِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنْجِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم إن اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ أَهْلَ السَّمَاءِ يَقُولُ لهم انظروا إلى عبادي جاؤوني شُعْثًا غُبْرًا أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ

أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سنجر الجرجاني ح وَأَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُبَابِ أَبُو عَلِيٍّ الْمَقْرِي قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَا حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ السُّلَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنٌ لِكِنَانَةَ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَشِيَّةَ عَرَفَةَ لِأُمَّتِهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ فَأَكْثَرَ الدُّعَاءَ فَأَجَابَهُ الله إني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بَعْضًا فَأَمَّا ذُنُوبُهُمْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَقَدْ غَفَرْتُهَا لَهُمْ فَقَالَ أَيْ رَبِّ إِنَّكَ قَادِرٌ أَنَّ تُثِيبَ هَذَا الْمَظْلُومَ خَيْرًا مِنْ مَظْلَمَتِهِ وَتَغْفِرَ لِهَذَا الظَّالِمِ قَالَ فَلَمْ

يُجِبْهُ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ فَلَمَّا كَانَ غَدَاةَ الْمُزْدَلِفَةِ أَعَادَ الدُّعَاءَ فَأَجَابَهُ إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ قَالَ ثُمَّ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ يَا رَسُولَ الله تبست في ساعة لن تَكُنْ تَتَبَسَّمُ فِيهَا قَالَ تَبَسَّمْتُ مِنْ عَدُوِّ اللَّهِ إِبْلِيسَ لَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ قَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ لِي فِي أُمَّتِي أَهْوَى يَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَيُحْثِي التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ سَيِّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ فَحْلُونِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ السُّلَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنٌ لِكِنَانَةَ بْنِ عَبَّاسِ ابن مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لِأُمَّتِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِالْمَغْفِرَةِ فَأَجَابَهُ اللَّهُ إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ إِلَّا ظُلْمُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فَلَمَّا كَانَ

غداة المزدلفه أعاد الدعاء فقال يارب إِنَّكَ قَادِرٌ أَنْ تُثِيبَ الْمَظْلُومَ خَيْرًا مِنْ مَظْلَمَتِهِ وَتَعْفُوَ عَنِ الظَّالِمِ فَأَجَابَهُ اللَّهُ إِنَّى قَدْ فَعَلْتُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم متبسما فقلنا يانبي اللَّهِ مَا الَّذِي أَضْحَكَكَ قَالَ إِنَّ إِبْلِيسَ عَدُوَّ اللَّهِ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ شَفَّعَنِي فِي أُمَّتِي أَهْوَى يَدْعُو بالويل والثبور ويحثوالتراب عَلَى رَأْسِهِ وَرَوَى مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا كَعْبُ بْنُ فَرُّوخٍ الرَّقَاشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَيْسَ يَوْمٌ أَكْثَرَ عَتِيقًا مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ هَكَذَا ذَكَرَهُ مَوْقُوفًا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ وَهْبٍ الْمُسَعِّرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ بُخْتٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ يَوْمٌ يُبَاهِي اللَّهُ مَلَائِكَتَهُ فِي السَّمَاءِ بِأَهْلِ الْأَرْضِ يَقُولُ تبارك وتعالى عبادي جاؤوني شعثا غبراء آمَنُوا بِي وَلَمْ يَرَوْنِي وَعِزَّتِي لَأَغْفِرَنَّ لَهُمْ وَهُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فَقِيلَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَقِيلَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ بِهَذَا جماعه وبهذا جماعه روى من الحديث عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُرَّةَ بْنِ شَرَاحِيلَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُزْدَلِفَةِ غَدَاةَ يَوْمِ النَّحْرِ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ رَوَاهُ شعبه وغيره عن عمروبن مره ومن حديث أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَرْثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فقال يوم النحر وروى جعفرأبن أَبِي وَحْشِيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ الْحَجُّ الْأَكْبَرُ يَوْمُ النَّحْرِ وَرَوَى عَاصِمُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ قَالَ حِينُ الْحَجِّ أَيَّامُهُ كُلُّهَا وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الْحَسَنِ إِنَّمَا سُمِّيَ الْحَجُّ الْأَكْبَرُ لِأَنَّهُ حَجَّ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ وَنُبِذَتْ فِيهِ الْعُهُودُ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ مَا الْحَجُّ الْأَكْبَرُ قَالَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَكْبَرُ عَرَفَةُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَوْمُ عَرَفَةَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَطَاوُسٍ وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يوم عرفة وقال بعضهم يوم النحو وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَيْسَ عَنْهُ شَيْءٌ مَنْصُوصٌ وَذَكَرَ الثَّوْرِيُّ فِي جَامِعِهِ فِي يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ الْحَجُّ الْأَكْبَرُ يَوْمُ النَّحْرِ وَالْحَجُّ الْأَصْغَرُ الْعُمْرَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابن يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُرَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الْغَنِيِّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ غَفَرَ اللَّهُ لِلْحَاجِّ الْمُخْلِصِ وَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ مُزْدَلِفَةَ غَفَرَ اللَّهُ لِلتُّجَّارِ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ مِنَى غَفَرَ اله للجمالين وإذا كان عند جمرة العقبة غفر اللَّهُ لِلسُّؤَّالِ وَلَا يَشْهَدُ ذَلِكَ الْمَوْقِفَ خَلْقٌ مِمَّنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَّا غفر له

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ بُنْدَارٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مُعَانٍ الصَّنْعَانِيَّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بن احمد القاضي وعلى ابن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الطُّوسِيُّ بِمَكَّةَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُرَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الْغَنِيِّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ غَفَرَ اللَّهُ لِلْحَاجِّ وَإِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْمُزْدَلِفَةِ غفر الله للتجار اذا كَانَ يَوْمُ مِنَى غَفَرَ اللَّهُ لِلْجَمَّالِينَ وَإِذَا كان عند جمرة العقبة غفر الله للسؤال وَلَا يَشْهَدُ ذَلِكَ الْمَوْقِفَ خَلْقٌ مِمَّنْ قَالَ لا الاه إِلَّا اللَّهُ إِلَّا غُفِرَ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَيْسَ مَحْفُوظًا عَنْهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَأَبُو عَبْدِ الْغَنِيِّ لَا أَعْرِفُهُ وَأَهْلُ الْعِلْمِ مَا زَالُوا يُسَامِحُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي رِوَايَةِ الرَّغَائِبِ وَالْفَضَائِلِ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ وَإِنَّمَا كَانُوا يَتَشَدَّدُونَ فِي أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد أبن الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْعَرَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا

عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ قَاعِدًا فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَرَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ طُولٌ وَفِيهِ وَأَمَّا وُقُوفُكَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَإِنَّ اللَّهَ يَهْبِطُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ هَؤُلَاءِ عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا سفعا يرجون رحمتي ومغفرتي فلو كانت ذونوبكم كَعَدَدِ الرَّمْلِ وَكَعَدَدِ الْقَطْرِ وَكَزَبَدِ الْبَحْرِ لَغَفَرْتُهَا أَفِيضُوا عِبَادِي مَغْفُورًا لَكُمْ وَلِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمُّوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْبَرْذَعِيُّ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حدنا عَلِيُّ بْنُ مُوَفَّقٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابن شَبُّوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ وَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ وَكَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تؤوب فَقَالَ يَا بِلَالُ أَنْصِتْ لِيَ النَّاسَ فَقَامَ بِلَالُ فَقَالَ أَنْصِتُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَصَتَ النَّاسُ فَقَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ أَتَانِي جِبْرِيلُ آنِفًا فَأَقْرَأَنِي مَنْ رَبِّيَ السَّلَامَ وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ غَفَرَ لِأَهْلِ عَرَفَاتٍ وَأَهْلِ الْمَشْعَرِ وَضَمِنَ عَنْهُمُ التَّبِعَاتِ فَقَامَ

إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص

عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَنَا خَاصٌّ فَقَالَ هَذَا لَكُمْ وَلِمَنْ أَتَى بَعْدَكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَثُرَ خَيْرُ اللَّهِ وَطَابَ وَرُوِيَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى سَائِلًا يَسْأَلُ يَوْمَ عَرَفَةَ فقال يا عاجز في هذا اليوم تسئل غير الله وذكر المداني فَقَالَ خَطَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِعَرَفَةَ فَقَالَ إِنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ مِنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَأَنْضَيْتُمُ الظَّهْرَ وَأَخْلَقْتُمُ الثِّيَابَ وَلَيْسَ السَّابِقُ الْيَوْمَ مَنْ سَبَقَتْ دَابَّتُهُ وَرَاحِلَتُهُ وَإِنَّمَا السَّابِقُ الْيَوْمَ مَنْ غُفِرَ لَهُ وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِيَ هِنْدَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانُوا يَرْجُونَ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ لِلْحَمْلِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَحَدُ الْجِلَّةِ الْأَشْرَافِ قُرَشِيٌّ زُهْرِيٌّ ثِقَةٌ حُجَّةٌ فِيمَا نَقَلَ وَرَوَى مِنْ أَثَرٍ فِي الدِّينِ وَقَدْ ذَكَرْنَا نَسَبَهُ عِنْدَ ذِكْرِ جَدِّهِ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَأَبُوهُ مُحَمَّدُ بن سعد بن أبي قاص قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ صَبْرًا لِخُرُوجِهِ مَعَ ابْنِ الْأَشْعَثِ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْحَكَمِ بن القاسم الاويسي (هـ) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حُوَيْطِبٍ قَالَ وَفَدْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَيَّامَ قَتْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ فَدَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ فَقَالَ يَا ابْنَ حُوَيْطِبٍ مَا يَقُولُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي قَتْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَشْعَثِ قَالَ قُلْتُ سَرَّهُمْ مَا كَانَ مِنْ ظَفَرِ أمير المومنين وَمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ وَأَيَّدَهُ قَالَ فَقَالَ أَمَا والله يا بن حُوَيْطِبٍ لَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنِّي أَقْتَلُهَا لَهَا قَصْعًا وَأَعْفَاهَا بَعْدُ عَنْ مُسِيئِهَا قَالَ ثُمَّ وَافَيْنَا الْعَشَاءَ فَأُتِيَ بِإِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَبِعُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ قَالَ فَقَالَ لِيَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ يَا يَحْيَى قُمْ فَانْظُرْ إِلَى حَالِ هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ هَلْ أَنْبَتَا قَالَ فَقَامَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المومنين مَا ذَلِكَ مِنْهُمَا إِلَّا مِثْلَ خُدُودِهِمَا فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمَا عَبْدُ الْمَلِكِ فَقَالَ لَا رَحِمَ اللَّهُ أَبَوَيْكُمَا وَلَا جَبَرَ يُتْمَكُمَا اخْرُجَا عَنِّي قَالَ محمد بن حسن (هـ) فَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مُوسَى الْخَطْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ كَانَ الْحَجَّاجُ قتل ابويهما صبرا وكان مِمَّنْ أُسِرَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ حَدِيثَ الْمُغِيرَةِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَحَسْبُكَ

قَالَ الْبُخَارِيُّ سَمِعَ إِسْمَاعِيلُ أَبَاهُ وَعَامِرَ بْنَ سَعْدٍ وَمُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ سَمِعَ مِنْهُ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى صَفْحَةِ خَدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ مَا سَمِعْنَا هَذَا مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَكُلَّ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ سَمِعْتَهُ قَالَ لَا قَالَ فَنِصْفَهُ قَالَ لَا قَالَ فَاجْعَلْ هَذَا فِي النِّصْفِ الَّذِي لَمْ تَسْمَعْ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ هَذَا يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ سَكَنَ الْمَدِينَةَ وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي خِلَافَةِ أبن الْعَبَّاسِ فِيمَا ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ وَالطَّبَرِيُّ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ يَجْرِي مَجْرَى الْمُتَّصِلِ اخْتَلَفَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ فِي إِسْنَادِهِ وَالْمَتْنُ صَحِيحٌ مِنْ طُرُقٍ وَالْحَدِيثُ مَالِكٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عن مَوْلًى لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِي أَوْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ وَهُوَ قَاعِدٌ مِثْلُ نِصْفِ

صَلَاتِهِ وَهُوَ قَائِمٌ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِيهِ عَنْهُ وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ عَنْ أنس والقول عندهمم قَوْلُ مَالِكٍ وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَهُ فِي بَابِ مُرْسَلِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مُسْتَقْصَاةً وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ الْمَقْصُودُ بِالْخِطَابِ إِلَيْهِ الْفَضْلُ يُرِيدُ أَنَّ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ مَرَّتَيْنِ وَضِعْفَيْنِ فِي الْفَضْلِ وَفَضْلُ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ مِثْلُ نِصْفِ صَلَاتِهِ فِي الْفَضْلِ إِذَا قام فهيا وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا فِي الْقِيَامِ مِنَ الْمَشَقَّةِ أَوْ لِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتَفَضَّلَ به وقد سل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أَفْضَلِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ طُولُ الْقُنُوتِ وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمِثْلِهِ صَلَاةُ النَّافِلَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ فَرْضًا جَالِسًا لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مُطِيقًا عَلَى الْقِيَامِ أَوْ عَاجِزًا عَنْهُ فَإِنْ كَانَ مُطِيقًا وَصَلَّى جَالِسًا فَهَذَا لَا تُجْزِيهِ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَعَلَيْهِ إِعَادَتُهَا فَكَيْفَ يَكُونُ لِهَذَا نِصْفُ فَضْلِ مُصَلٍّ بَلْ هُوَ عَاصٍ بِفِعْلِهِ وَأَمَّا إِذَا كَانَ عَنِ الْقِيَامِ عَاجِزًا فَقَدْ سَقَطَ فَرْضُ الْقِيَامِ عَنْهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ صَارَ فَرْضُهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا فَإِذَا صَلَّى كَمَا أُمِرَ فَلَيْسَ الْمُصَلِّي قَائِمًا بِأَفْضَلَ مِنْهُ لِأَنَّ كُلًّا قَدْ أَدَّى فَرْضَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ لَمَّا وَجَبَ فَرْضًا بِقَوْلِهِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ وَقَوْلِهِ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا وَقَعَتِ الرُّخْصَةُ فِي النَّافِلَةِ أَنْ يُصَلِّيَهَا الْإِنْسَانُ جَالِسًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِكَثْرَتِهَا وَاتِّصَالِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ

وَأَمَّا الْفَرِيضَةُ فَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ فِيهَا وَإِنَّمَا يَسْقُطُ ذَلِكَ بِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ عَلَيْهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ فرض على الايجاب لا على التخير وَأَنَّ النَّافِلَةَ فَاعِلُهَا مُخَيَّرٌ فِي الْقِيَامِ فِيهَا فَكَفَى بِهَذَا بَيَانًا شَافِيًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ جَالِسًا فِي النَّافِلَةِ حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو عمر أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي قَالَ مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُصَلِّيَ قَاعِدًا فَقَالَ أَمَا إِنَّ لِلْقَاعِدِ نِصْفَ صَلَاةِ الْقَائِمِ وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ أَيْضًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِمْرَانُ بْنُ

حُصَيْنٍ وَالسَّائِبُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَأَنَسٌ وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ زِيَادَةٌ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً فِي غَيْرِهِ وَهِيَ وَصَلَاةُ الرَّاقِدِ مثل صَلَاةِ الْقَاعِدِ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يُجِيزُونَ النَّافِلَةَ مُضْطَجِعًا وَهُوَ حَدِيثٌ لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ وَهُوَ حُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَيْضًا عَلَى حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ فِي إِسْنَادِهِ وَلَفْظِهِ اخْتِلَافًا يُوجِبُ التَّوَقُّفَ عَنْهُ وَإِنْ صَحَّ حَدِيثُ حُسَيْنٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ هَذَا فَلَا أَدْرِي مَا وَجْهُهُ فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ أَجَازَ النَّافِلَةَ مُضْطَجِعًا لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ أَوِ الْقِيَامِ فَوَجْهُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ النَّافِلَةُ وَهُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ وَإِنْ أَجْمَعُوا عَلَى كَرَاهِيَةِ النَّافِلَةِ رَاقِدًا لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ أَوِ الْقِيَامِ فِيهَا فَحَدِيثُ حُسَيْنٍ هَذَا إِمَّا غَلَطٌ وَإِمَّا مَنْسُوخٌ وَقَدْ رُوِيَ بِأَلْفَاظٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ النَّافِلَةُ وَإِنَّمَا قُصِدَ بِهِ الْفَرِيضَةُ وَهُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ أَلْفَاظُ مَنْ يُحْتَجُّ بِنَقْلِهِ له

قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُومِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ كَانَ بِي النَّاسُورُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ الْقِيَامَ لَا يَسْقُطُ فَرْضُهُ إِلَّا بِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ ثُمَّ كَذَلِكَ الْقُعُودُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ ثُمَّ كَذَلِكَ شَيْءٌ شَيْءٌ يَسْقُطُ عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَتَّى يَصِيرَ إِلَى الْإِغْمَاءِ فَيَسْقُطُ جَمِيعُ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْفَرْضِ لَا فِي النَّافِلَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّمَا هُوَ فِي النَّافِلَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ فِي نَقْلِ ابْنِ شِهَابٍ لَهُ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانُوا يُصَلُّونَ فِي سُبْحَتِهِمْ قُعُودًا فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال ذَلِكَ الْقَوْلَ وَالسُّبْحَةُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ النَّافِلَةُ وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الامراء الذين يوخرون الصلاة

عَنْ مِيقَاتِهَا صَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً يَعْنِي نَافِلَةً وَفَرْضُ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ كَافَّةً عَنْ كَافَّةٍ فِي الْمُصَلِّي فَرِيضَةً وَحْدَهُ أَوْ كَانَ إِمَامًا أَنَّهُ لَا تُجْزِيهِ صَلَاتُهُ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فِيهَا وَصَلَّى قَاعِدًا وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْبَابِ مَعْنَاهُ النَّافِلَةُ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ أَيْ قَائِمِينَ فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ فُرِضَ الْقِيَامُ أَيْضًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقُومُوا وَلِقَوْلِهِ قَانِتِينَ يُرِيدُ قُومُوا قَائِمِينَ لِلَّهِ يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ فَخَرَجَ عَلَى غَيْرِ لَفْظِهِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ فِي الْفَائِدَةِ لِاحْتِمَالِ الْقُنُوتِ وُجُوهًا كُلُّهَا تَجِبُ فِي الصَّلَاةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ يُسَمَّى قُنُوتًا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ سُئِلَ أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ قَالَ طُولُ الْقُنُوتِ يَعْنِي طُولَ الْقِيَامِ وَزَعَمَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ الْقُنُوتَ فِي الْوِتْرِ وَهُوَ عِنْدَنَا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إِنَّمَا سُمِّيَ قُنُوتًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِيهِ قَائِمٌ لِلدُّعَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ فَكَأَنَّهُ سُكُوتٌ وَقِيَامٌ إِذْ لَا يَقْرَأُ فِيهِ وَقَدْ يَكُونُ الْقُنُوتُ السُّكُوتَ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَدٌّ لِمَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ الْآيَةَ يَقُومُ مِنْهَا هَذَانِ الْمَعْنَيَانِ وَغَيْرُهُمَا لِاحْتِمَالِهِمَا فِي اللُّغَةِ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْقُنُوتَ فِي اللُّغَةِ لَهُ وُجُوهٌ مِنْهَا أَنَّ الْقُنُوتَ الطَّاعَةُ دَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وجل وكل لَهُ قَانِتُونَ أَيْ مُطِيعُونَ وَقَوْلُهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ من المشركين

أَيْ مُطِيعًا لِلَّهِ وَهَذَا كَثِيرٌ مَشْهُورٌ وَمِنْهَا أَنَّ الْقُنُوتَ الصَّلَاةُ فِيمَا زَعَمَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ واحتج بقول الله يا مريم اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي ثُمَّ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ ... قَانِتًا لِلَّهِ يَتْلُو كُتُبَهُ ... وَعَلَى عَمْدٍ مِنَ النَّاسِ اعْتَزَلَ ... وَقَالَ تَحْتَمِلُ هَذِهِ الْآيَةُ وَهَذَا الْبَيْتُ جَمِيعًا عِنْدِي مَعْنَى الطَّاعَةِ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْهَا أَنَّ الْقُنُوتَ الدُّعَاءُ دَلِيلُ ذَلِكَ الْقُنُوتُ فِي الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُمْ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا يَدْعُو وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْقَاعِدِ فِي النَّافِلَةِ وَصَلَاةِ الْمَرِيضِ فَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَرِيضِ أَنَّهُ يَتَرَبَّعُ فِي قِيَامِهِ وَرُكُوعِهِ فَإِذَا أَرَادَ السُّجُودَ تَهَيَّأَ لِلسُّجُودِ فَسَجَدَ عَلَى قَدْرِ مَا يُطِيقُ وَكَذَلِكَ الْمُتَنَفِّلُ قَاعِدًا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يَتَرَبَّعُ فِي حَالِ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَيَثْنِي رِجْلَيْهِ فِي حَالِ السُّجُودِ فَيَسْجُدُ وَهَذَا نَحْوَ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجْلِسُ فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا كَجُلُوسِ التَّشَهُّدِ فِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ وَقَالَ الْبُوَيْطِيُّ عَنْهُ يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ يَجْلِسُ كَجُلُوسِ الصَّلَاةِ فِي التَّشَهُّدِ وَكَذَلِكَ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَكُونُ مُتَرَبِّعًا فِي حَالِ الْقِيَامِ وَحَالِ الرُّكُوعِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَتَرَبَّعُ فِي حَالِ الْقِيَامِ وَيَكُونُ فِي حَالِ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ كجلوس التشهد

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَتَرَبَّعَ أَحَدٌ فِي الصَّلَاةِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ يَقُولُ إِذَا صَلَّى قَائِمًا فَلَا يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ مُتَرَبِّعًا فَأَمَّا إِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَلْيَتَرَبَّعْ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ التَّرَبُّعَ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ قَالَ شُعْبَةُ فَسَأَلْتُ عَنْهُ حَمَّادًا فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ فِي التَّطَوُّعِ وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُجَاهِدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي النَّافِلَةِ جُلُوسًا مُتَرَبِّعِينَ وَمَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عُرْوَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُمَا كَانَا يُصَلِّيَانِ النَّافِلَةَ وَهُمَا مُحْتَبِيَانِ وَمَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ كَانَ يُصَلِّي فِي التَّطَوُّعِ مُحْتَبِيًا قَالَ مَعْمَرٌ وَرَأَيْتُ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ يَحْتَبِي فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَقَالَ مَا أَرَانِي أَخَذْتُهُ إِلَّا مِنَ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَحْتَبِي فِي آخِرِ صَلَاتِهِ فِي التَّطَوُّعِ وَذَكَرَ الثَّوْرِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ مِثْلَهُ قَالَ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ ثَنَى رِجْلَيْهِ وَسَجَدَ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُصَلِّي جَالِسًا مُحْتَبِيًا فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ حَتَّى كَانَ أَكْثَرَ صَلَاتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيمَنْ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ مَرِيضًا ثُمَّ صَحَّ فِيهَا فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وجل وصلى الله على محمد

إسماعيل بن أبى حكيم

اسماعيل ابن أَبِي حَكِيمٍ وَهُوَ مَوْلًى لِبَنِي عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ ووثقة النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَقِيلَ وَلَاءُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ لِآلِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ سَكَنَ الْمَدِينَةَ وَكَانَ فاضلا ثقة توفى بِهَا سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ سَنَةَ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ حُجَّةٌ فِيمَا رَوَى عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ وَالثَّلَاثَةُ مُنْقَطِعَةٌ مُرْسَلَةٌ حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ عُبَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ هَذَا مِنْ تَابِعِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثِقَةٌ حُجَّةٌ فِيمَا نَقَلَ سَمِعَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي الجعد الضمري روى عنه محمد بن عمر وَبُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ وَهَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ

وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ نَهْيُ تَحْرِيمٍ لَا نَهْيُ أَدَبٍ وَإِرْشَادٍ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ هَذَا اللَّفْظُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَانَ الْوَاجِبُ فِي النَّظَرِ أَنْ يَكُونَ نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي هَذَا الْخَبَرِ لِأَنَّ النَّهْيَ حَقِيقَتُهُ الْإِبْعَادُ وَالزَّجْرُ وَالِانْتِهَاءُ وَهَذَا غَايَةُ التَّحْرِيمِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْحِرْمَانُ وَالْمَنْعُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ أَيْ حَرَمْنَاهُ رَضَاعَهُنَّ ومعناه منهن لم يَكُنْ مِمَّنْ تَجْرِي عَلَيْهِ عِبَادَةٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِطُفُولَتِهِ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي مَعْنَى الْمَنْعِ كُلِّهِ وَتَقُولُ الْعَرَبُ حَرَّمْتُ عَلَيْكَ دُخُولَ دَارِي أَيْ مَنَعْتُكَ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَهُمْ فِي مَعْنَى لَا تَدْخُلِ الدَّارَ كُلُّ ذَلِكَ مَنْعٌ وَتَحْرِيمٌ وَنَهْيٌ وَحِرْمَانٌ وَكُلُّ خَبَرٍ جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ نَهْيٌ فَالْوَاجِبُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ مَعَهُ أَوْ فِي غَيْرِهِ دَلِيلٌ يُبِيِّنُ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّهُ نَدْبٌ وَأَدَبٌ فَيُقْضَى لِلدَّلِيلِ فِيهِ أَلَا تَرَى إِلَى نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ وَعَنْ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَعَنْ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا وَعَنْ قَلِيلِ مَا أَسْكَرَ كثره مِنَ الْأَشْرِبَةِ وَعَنْ سَائِرِ مَا نَهَى عَنْهُ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا فِي الْبُيُوعِ وَهَذَا كُلُّهُ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فَكَذَلِكَ النَّهْيُ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا سَنُبَيِّنُهُ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا رَوَاهُ مَا حَدَّثَنِي بِهِ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ

قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَالْمُجَثَّمَةَ وَالْحِمَارَ الْأَهْلِيَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا مَا جَاءَ مِنَ النَّهْيِ عَلَى جِهَةِ الْأَدَبِ وَحُسْنِ الْمُعَامَلَةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى الْمَرْءِ نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَنْ يَمْشِيَ الْمَرْءُ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَأَنْ يَقْرِنَ بَيْنَ تَمْرَتَيْنِ فِي الْأَكْلِ وَأَنْ يأكل من أس الصَّحْفَةِ وَأَنْ يَشْرَبَ مِنْ فِيِّ السِّقَاءِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِثْلُهُ كَثِيرٌ قَدْ عُلِمَ بِمَخْرَجِهِ الْمُرَادُ مِنْهُ وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ كُلَّ نَهْيٍ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ فَفَعَلَهُ الْإِنْسَانُ مُنْتَهِكًا لِحُرْمَتِهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِالنَّهْيِ غي مُضْطَرٍّ إِلَيْهِ أَنَّهُ عَاصٍ آثِمٌ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَانْتَهُوا عَنْهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بشيء فخذوا عنه مَا اسْتَطَعْتُمْ فَأَطْلَقَ النَّهْيَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِصِفَةٍ وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ لَمْ يُقَيِّدْهُ إِلَّا بِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ فَقَالُوا إِنَّ مَنْ شَرِبَ مِنْ فِيِّ السِّقَاءِ أَوْ مَشَى فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ أَوْ قَرَنَ بَيْنَ تَمْرَتَيْنِ فِي الْأَكْلِ أَوْ أَكَلَ مِنْ رَأْسِ الصَّحْفَةِ وَنَحْوُ هَذَا وَهُوَ عَالِمٌ بِالنَّهْيِ كَانَ عَاصِيًا وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا نَهَى عَنِ الْأَكْلِ مِنْ رَأْسِ الصَّحْفَةِ لِأَنَّ الْبَرَكَةَ تَنَزَّلُ مِنْهَا وَنَهَى عَنِ الْقِرَانِ بَيْنَ تَمْرَتَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ سُوءِ الْأَدَبِ أَنْ يَأْكُلَ الْمَرْءُ مَعَ جَلِيسِهِ وَأَكِيلِهِ تَمْرَتَيْنِ فِي وَاحِدٍ وَيَأْخُذُ جَلِيسُهُ تَمْرَةً فَمَنْ فَعَلَ فَلَا حَرَجَ وَكَذَلِكَ النهى

عَنِ الشُّرْبِ مِنْ فِيِّ السِّقَاءِ خَوْفَ الْهَوَامِّ لِأَنَّ أَفْوَاهَ الْأَسْقِيَةِ تَقْصِدُهَا الْهَوَامُّ وَرُبَّمَا كَانَ فِي السِّقَاءِ مَا يُؤْذِيِهِ فَإِذَا جَعَلَ مِنْهُ فِي إِنَاءٍ رَآهُ وَسَلِمَ مِنْهُ وَقَالُوا فِي سَائِرٍ مَا ذَكَرْنَا نَحْوَ هَذَا مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْعُلَمَاءِ جَعَلَ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ بَعْضَ أَصْحَابِنَا زَعَمَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ نَهْيُ تَنَزُّهٍ وَتَقَذُّرٍ وَلَا أَدْرِي مَا مَعْنَى قَوْلِهِ نَهْيُ تَنَزُّهٍ وَتَقَذُّرٍ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ نَهْيَ أَدَبٍ فَهَذَا مَا لَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ يَجِبُ التَّنَزُّهُ عنه كما يجب التزه عَنِ النَّجَاسَةِ وَالْأَقْذَارِ فَهَذَا غَايَةٌ فِي التَّحْرِيمِ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ النَّجَاسَاتِ مُحَرَّمَاتِ الْعَيْنِ أَشَدَّ التَّحْرِيمِ لَا يَحِلُّ اسْتِبَاحَةُ أَكْلِ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَمْ يَرُدَّهُ الْقَائِلُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَا حَكَيْنَا هَذَا عَنْهُمْ وَلَكِنَّهُمْ أَرَادُوا الوجه الذي عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ نَدْبٌ وَأَدَبٌ لِأَنَّ بَعْضَهُمِ احْتَجَّ بِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لَا أَجِدُ فيما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ (الْآيَةَ) وَذَكَرَ أَنَّ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنِ اسْتَعْمَلَ هَذِهِ الْآيَةَ وَلَمْ يُحَرِّمْ مَا عَدَاهَا فَكَأَنَّهُ لَا حَرَامَ عِنْدِهِ عَلَى طَاعِمٍ إِلَّا مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَيَلْزَمُهُ عَلَى أَصْلِهِ هَذَا أَنْ يُحِلَّ أَكْلَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَهُوَ لَا يَقُولُ هَذَا فِي الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا تُعْمَلُ الذَّكَاةُ عِنْدَهُ فِي لُحُومِهَا وَلَا فِي جُلُودِهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مُحَرَّمًا إِلَّا مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَكَانَتِ الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ عِنْدَهُ حَلَالًا وَهُوَ لَا يَقُولُ هَذَا وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهَذِهِ مُنَاقَضَةٌ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يُحَرِّمَ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَمْدًا وَيَسْتَحِلَّ الْخَمْرَ الْمُحَرَّمَةَ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مُسْتَحِلَّ خَمْرِ الْعِنَبِ الْمُسْكِرِ كَافِرٌ رَادٌّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَبَرَهُ فِي كِتَابِهِ مُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا اسْتُبِيحَ دَمُهُ

كَسَائِرِ الْكُفَّارِ وَفِي إِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِ خَمْرِ الْعِنَبِ الْمُسْكِرِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قد وَجَدَ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ مُحَرَّمًا غَيْرَ مَا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ مِمَّا قَدْ نَزَلَ بَعْدَهَا مِنَ الْقُرْآنِ وَكَذَلِكَ مَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَحْرِيمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْحُمُرِ وَبَيْنَ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَقَدْ تَنَاقَضَ وَالنَّهْيُ عَنْ أكل كل ذي ناب السِّبَاعِ أَصَحُّ مَخْرَجًا وَأَبْعَدُ مِنَ الْعِلَلِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي الْحُمُرِ أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَاهُمْ عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ لِقِلَّةِ الظَّهْرِ وَقِيلَ إِنَّهُ إِنَّمَا نَهَى مِنْهَا عَنِ الْجَلَّالَةِ الَّتِي تَأْكُلُ الْجُلَّةَ وَهِيَ الْعُذْرَةُ وَسَائِرُ الْقَذَرِ قَدْ قَالَ بِهَذَا وَبِهَذَا قَوْمٌ وَلَا حُجَّةَ عِنْدَهُ وَلَا عِنْدَنَا فِيهِ لِثُبُوتِ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَصِحَّتِهِ وَأَنَّ مَا رُوِيَ مِمَّا ذَكَرْنَا لَا يَثْبُتُ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي الْحُمُرِ مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَأَظُنُّ قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ رَاعَى اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَاعِيَ الِاخْتِلَافَ عِنْدَ طَلَبِ الْحُجَّةِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ لَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ لَازِمٌ دُونَ دَلِيلٍ وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ اللَّازِمَةُ الْإِجْمَاعُ لَا الِاخْتِلَافُ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ يَجِبُ الِانْقِيَادُ إِلَيْهِ لِقَوْلِ اللَّهِ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سبيل المومنين نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى (الْآيَةَ) وَالِاخْتِلَافُ يَجِبُ طَلَبُ الدَّلِيلِ عِنْدَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ (الْآيَةَ) يُرِيدُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ هَكَذَا فَسَّرَهُ الْعُلَمَاءُ فَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لَا أَجِدُ فيما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا (الْآيَةَ) فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ في معناه فَقَالَ قَوْمٌ مِنْ فُقَهَاءَ الْعِرَاقِيِّينَ مِمَّنْ يُجِيزُ نسخ

القرءان بِالسُّنَّةِ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِالسُّنَّةِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ هُنَا أَيْ لَا أَجِدُ قَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ فِي هَذَا الْحَالِ يَعْنِي فِي تِلْكَ الحال حال الوخي وَوَقْتَ نُزُولِهِ لِأَنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ مِنْ تَحْرِيمِ الْمُنْخَنِقَةِ وَالْمَوْقُوذَةِ إِلَى سَائِرِ مَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ فكما اوحى الله اليه في القرءان تَحْرِيمًا بَعْدَ تَحْرِيمٍ جَازَ أَنَّ يُوحِيَ إِلَيْهِ عَلَى لِسَانِهِ تَحْرِيمًا بَعْدَ تَحْرِيمٍ وَلَيْسَ فِي هَذَا شَيْءٌ مِنَ النَّسْخِ وَلَكِنَّهُ تَحْرِيمُ شَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ قَالُوا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحِمَارِ وَالسِّبَاعِ وَذِي الْمِخْلَبِ وَالنَّابِ ذِكْرٌ فِي قَوْلِهِ قل لا اجد فيما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا ذَكَرَ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ثُمَّ قال قل لا اجد فيما أُوحِيَ يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ هَذِهِ الْأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَزَادَ ذِكْرَ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ تَأْكِيدًا فِي تَحْرِيمِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا لِأَنَّهُ مَا حُرِّمَ لَحْمُهُ لَمْ تَعْمَلِ الذَّكَاةُ فِيهِ فَكَانَ أَشَدَّ مِنَ الميتة ولم يذكر السباع والحمير والطير ذات الْمِخْلَبِ بِتَحْلِيلٍ وَلَا تَحْرِيمٍ وَقَالَ آخَرُونَ لَيْسَ السِّبَاعُ وَالْحُمُرُ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ الَّتِي أُحِلَّتْ لَنَا فَلَا يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى هَذَا وَقَالَ الْآخَرُونَ هَذِهِ الْآيَةُ جَوَابٌ لِمَا سَأَلَ عَنْهُ قَوْمٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَأُجِيبُوا عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ كَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ مَعْنَى الْآيَةِ قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مِمَّا ذَكَرْتُمْ أَوْ مِمَّا كنتم تأكلون ونحو هذا قاله (هـ) طَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَتَابَعَهُمْ قَوْمٌ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ أَشْيَاءَ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْآيَةِ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ الْمُسْلِمُونَ فِي ذلك

ذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لَا أَجِدُ فيما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ قَالَ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ لَا أَجِدُ مِنْ ذَلِكَ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً الْآيَةَ قَالَ حَجَّاجٌ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ وَقَالَتْ فِرْقَةٌ الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ وَلَا يَحْرُمُ إِلَّا مَا فِيهَا وَهُوَ قَوْلٌ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُهُ فِي أَشْيَاءَ حَرَّمَهَا يَطُوْلُ ذِكْرُهَا وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا مُحَرَّمًا وَأَمَّا سَائِرُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ فَمُخَالِفُونَ لِهَذَا الْقَوْلِ مُتَّبِعُونَ لِلسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالنَّظَرِ مَنْ أَهْلِ الْأَثَرِ وَغَيْرِهِمْ إِنَّ الْآيَةَ مَحْكَمَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ وَكُلُّ مَا حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ مَضْمُومٌ إِلَيْهَا وَهُوَ زِيَادَةٌ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَوْ حَرَّمَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَقَوْلِهِ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَقَوْلِهِ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله والحكمة قال أهل العلم القرءان وَالسُّنَّةُ وَقَوْلِهِ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَقَوْلِهِ

وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ وَقَوْلِهِ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فَقَرَنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ طَاعَتَهُ بِطَاعَتِهِ وَأَوْعَدَ عَلَى مُخَالَفَتِهِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَهْدِي إِلَى صِرَاطِهِ وَبَسْطُ الْقَوْلِ فِي هَذَا مَوْجُودٌ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا حَرَامَ عَلَى آكِلٍ إِلَّا مَا ذُكِرَ فِيهَا وَإِنَّمَا فِيهَا أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُخْبِرَ عباده انه لم يجد في القرءان مَنْصُوصًا شَيْئًا مُحَرَّمًا عَلَى الْآكِلِ وَالشَّارِبِ إِلَّا مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَانِعٍ أَنْ يُحَرِّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ أَشْيَاءَ سِوَى مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ سُورَةَ الْأَنْعَامِ مكية وقد نزل بعدها قرءان كَثِيرٌ وَسُنَنٌ عَظِيمَةٌ وَقَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فِي الْمَائِدَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيهِ أَكْلَ كُلِّ ذِي نَابٍ من السباع أكل الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةَ حُكْمٍ مِنَ اللَّهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَعَلَى خَالَتِهَا مَعَ قَوْلِهِ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ كَحُكْمِهِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا كَثِيرٌ تَرَكْنَاهُ خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَقَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْيَاءَ مِنَ الْبُيُوعِ وَإِنْ تَرَاضَا بِهَا الْمُتَبَايِعَانِ كَالْمُزَابَنَةِ وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَكَالتِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ سُورَةَ الْأَنْعَامِ مَكِّيَّةٌ إِلَّا قَوْلَهُ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ الْآيَاتِ الثَّلَاثَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ إِنَّمَا كَانَ مِنْهُ بِالْمَدِينَةِ وَلَمْ يَرْوِ ذَلِكَ عَنْهُ غَيْرُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ وَإِسْلَامُهُمَا متأخر

بَعْدَ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ بِأَعْوَامٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي ثَعْلَبَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ مِنْ وَجْهٍ صَالِحٍ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ كَانَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ نُزُولِ قل لا اجد فيما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا الْآيَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ مَكِّيٌّ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لَا أَجِدُ فيما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا الْآيَةَ قَدْ أَوْضَحْنَا بِمَا أَوْرَدْنَا فِي هَذَا الْبَابِ بِأَنَّهُ قَوْلٌ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ نَصًّا مُحْكَمًا لِأَنَّ النَّصَّ الْمُحْكَمَ مَا لَا يُخْتَلَفُ فِي تَأْوِيلِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ نَصًّا كَانَ مُفْتَقِرًا إِلَى بَيَانِ الرَّسُولِ لِمُرَادِ اللَّهِ مِنْهُ كَافْتِقَارِ سَائِرِ مُجْمَلَاتِ الْكِتَابِ إِلَى بَيَانِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَقَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ وَأَكْلِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ مُرَادَ اللَّهِ فَوَجَبَ الْوُقُوفُ عِنْدَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ الْحُمُرَ الْأَهْلِيَّةَ وَذَا النَّابِ مِنَ السِّبَاعِ لَوْ كَانَ أَكْلُهَا حَرَامًا لَكَفَرَ مُسْتَحِلُّهَا كَمَا يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّ الْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ فَالْجَوَابُ عَنْ ذلك ان المحرم باية مجتمع تَأْوِيلِهَا أَوْ سُنَّةٍ مُجْتَمَعٍ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا يكفر مستحله لأن جَاءَ مَجِيئًا يَقْطَعُ الْعُذْرَ وَلَا يُسَوِّغُ فِيهِ التَّأْوِيلَ وَمَا جَاءَ مَجِيئًا يُوجِبُ الْعَمَلَ وَلَا يَقْطَعُ الْعُذْرَ وَسَاغَ فِيهِ التَّأْوِيلَ لَمْ يَكْفُرْ مُسْتَحِلُّهُ وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْكِرَ مِنْ غَيْرِ شَرَابِ الْعِنَبِ لَا يَكْفُرُ الْمُتَأَوِّلُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ صَحَّ عِنْدَنَا النَّهْيُ بِتَحْرِيمِهِ وَلَا يَكْفُرُ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ يَخْرُجُ مِنْهَا الْمَرْءُ وَيَتَحَلَّلُ بِغَيْرِ سَلَامٍ وَأَنَّ السَّلَامَ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِهَا مَعَ قِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ السَّلَامِ عِنْدَنَا فِيهَا وَكَذَلِكَ لَا يَكْفُرُ مَنْ قَالَ إِنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ

وَغَيْرَهَا سَوَاءٌ وَأَنَّ تَعْيِينَ قِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَمَنْ قَرَأَ غَيْرَهَا أَجْزَأَهُ مَعَ ثُبُوتِ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِهَا وَكَذَلِكَ لَا يَكْفُرُ مَنْ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ عَلَى خَمْسَةِ رِجَالٍ مَلَكُوا خَمْسَ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ وَلَا مَنْ قَالَ الصَّائِمُ فِي السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَرِ وَلَا حَجَّ إِلَّا عَلَى مَنْ مَلَكَ زَادًا أَوْ رَاحِلَةً مَعَ إِطْلَاقِ اللَّهِ الِاسْتِطَاعَةَ وَنَفْيِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ أَنْ يَكُونَ فِيمَا دُوْنَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ وَأَنَّهُ صَامَ فِي السَّفَرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا كَثِيرٌ لَا يَجْهَلُهُ مَنْ لَهُ أَقَلُّ عِنَايَةٍ بِالْعِلْمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ سُؤَالُهُمْ وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَخُذُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المومن قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ التَّمَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَرْطَأَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ سَمِعْتُ حَكِيمَ بْنَ عُمَيْرٍ أَبَا الْأَحْوَصِ يُحَدِّثُ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ نَزَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّهُ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى إِنَّ الْجَنَّةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ وَأَنِ اجْتَمِعُوا لِلصَّلَاةِ فَاجْتَمَعُوا ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ فقال أيحسب أحدكم متكيا عَلَى أَرِيكَتِهِ قَدْ يَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يحرم شيئا الا ما في هذا القرءان أَلَا وَإِنِّي قَدْ أَمَرْتُ وَوَعَظْتُ وَنَهَيْتُ عَنْ أَشْيَاءَ إِنَّهَا لَمِثْلُ الْقُرْآنِ أَوْ أَكْثَرُ وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُحِلَّ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتَ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا بِإِذْنٍ وَلَا ضَرْبَ نِسَائِهِمْ وَلَا أَكْلَ ثِمَارِهِمْ إِذَا أَعْطَوْكُمُ الَّذِي عَلَيْهِمْ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابو عمر وعثمان بن كثير

ابن دِينَارٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شعبان على اريكته يقول عليكم بهذا القرءان فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمُ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَلَا لُقْطَةُ مُعَاهِدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُقْرُوهُ فَإِنْ لَمْ يُقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يَعْقُبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ وَرَوَى بَقِيَّةُ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ رُؤْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ الْجُرَشِيِّ عَنِ الْمِقْدَامِ بن معد يكرب أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا إِنِّي قَدْ أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمَا يَعْدِلُهُ يوشك شعبان عَلَى أَرِيكَتِهِ فَذَكَرَهُ إِلَى آخِرِهِ مِثْلَهُ وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي عُمَرَ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاجِيُّ فَأَقَرَّ بِهِ أَنَّ الْمَيْمُونَ بْنَ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ وَقَرَأْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاكِرٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَسْلَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سليمان قالا

جَمِيعًا أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ من أوي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ لَا نَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَخْبَرَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَكُنَّا نَتَذَاكَرُ الْعِلْمَ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ لَا تَتَحَدَّثُوا إِلَّا بِمَا في القرءان فَقَالَ لَهُ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ إِنَّكَ لَأَحْمَقُ اوجدت في القرءان صَلَاةَ الظُّهْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَالْعَصْرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لَا يُجْهَرُ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا وَالْمَغْرِبَ بِثَلَاثٍ يُجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَتَيْنِ وَلَا يُجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ وَالْعِشَاءَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يُجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَتَيْنِ وَلَا يُجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَتَيْنِ وَالْفَجْرَ رَكْعَتَيْنِ يُجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ

قَالَ وَقَالَ عِمْرَانُ لَمَا نَحْنُ فِيهِ يَعْدِلُ القرءان أَوْ نَحْوَهُ مِنَ الْكَلَامِ قَالَ عَلِيٌّ وَلَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ الَّذِي قَالَ هَذَا صَاحِبَ بِدْعَةٍ وَلَكِنَّهُ كَانَتْ زَلَّةٌ مِنْهُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابن نَاصِحٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمُفَسِّرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ مِسْوَرٍ الْفِهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوشِكُ أَحَدُكُمْ يَقُولُ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ أَحْلَلْنَاهُ وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ أَلَا مَنْ بَلَغَهُ عَنِّي حَدِيثٌ فَكَذَّبَ بِهِ فَقَدْ كَذَّبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِي حَدَّثَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ إِنَّمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ هَذَا مَا كان يعدو على الناس مثل الأسد والذيب والنمر والكلب العادي وما أشبهه ذَلِكَ مِمَّا الْأَغْلَبُ فِي طَبْعِهِ أَنْ يَعْدُوَ وَمَا كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْ طَبْعِهِ أَنَّهُ لَا يَعْدُو فَلَيْسَ مِمَّا عَنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ هَذَا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ يَعْدُو فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الضَّبُعِ فِي إِبَاحَةِ أَكْلِهِ وَهِيَ سَبْعٌ وَهُوَ حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ وَقَدْ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ من أئمة

أَهْلِ الْحَدِيثِ وَرَوَوْا عَنْهُ حَدِيثَهُ هَذَا وَاحْتَجُّوا به قال علي ابن الْمَدِينِيِّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ ثِقَةٌ مَكِّيٌّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ ابن نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الضَّبُعِ فَقَالَ أَآكُلُلَهَا فَقَالَ نَعَمْ قَالَ أَصَيْدٌ هِيَ قَالَ نَعَمْ قَالَ سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال نَعَمْ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضَّبُعَ مِنَ الصَّيْدِ وَجَعَلَ فِيهِ إِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ كَبْشًا وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ جَمِيعًا قَالَا أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا أَخْبَرَ

عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ كَانَ يَأْكُلُ الضِّبَاعَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ مَا زَالَتِ الْعَرَبُ تَأْكُلُ الضَّبُعَ وَلَا تَرَى بِأَكْلِهَا بَأْسًا قَالُوا وَالضَّبُعُ سَبُعٌ لَا يُخْتَلَفُ فِي ذَلِكَ فَلَمَّا أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ أَكْلَهَا عَلِمْنَا أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا أَبَاحَهُ وَإِنَّمَا هُوَ نَوْعٌ آخَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ مَا الْأَغْلَبُ فِيهِ الْعَدَاءُ عَلَى النَّاسِ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ ذو الناب المحرم أكله هو الذي يعد وعلى الناس كالأسد والنمر والذيب قَالَ وَيُؤْكَلُ الضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَا يُؤْكَلُ شَيْءٌ مِنْ سِبَاعِ الْوُحُوشِ كُلِّهَا وَلَا الْهِرُّ الْوَحْشِيُّ وَلَا الْأَهْلِيُّ لِأَنَّهُ سَبُعٌ قَالَ وَلَا يُؤْكَلُ الضَّبُعُ وَلَا الثَّعْلَبُ وَالضَّرْبُ وَلَا شَيْءٌ مِنْ سِبَاعِ الْوَحْشِ وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ سِبَاعِ الطَّيْرِ زَادَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي حِكَايَتِهِ قَوْلَ مَالِكٍ قَالَ وَكُلُّ مَا يَفْتَرِسُ وَيَأْكُلُ اللَّحْمَ وَلَا يَرْعَى الْكَلَأَ فَهُوَ سَبُعٌ لَا يؤكل وهذا ما يُشْبِهُ السِّبَاعَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِهَا وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْفِيلِ إِذَا ذُكِّيَ وَقَالَ ابْنُ وهب قال لِي مَالِكٌ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ العلم قديماولا حَدِيثًا بِأَرْضِنَا يَنْهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ لَا يُؤْكَلُ كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَكَانَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَقُولُ يُؤْكَلُ الْهِرُّ وَالثَّعْلَبُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي أَكْلِ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَمَا يَأْكُلُ مِنْهُ الْجِيَفَ فَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عِنْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فَذَكَرَ مِنْهَا الْغُرَابَ وَالْحِدَأَةَ وَذَلِكَ أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِذِكْرِهِ وَبِاللَّهِ الْعَوْنُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَمَّا الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ فِي النَّهْيِ عَنْ أكل كل ذي ناب مخلب مِنَ الطَّيْرِ فَأَكْثَرُهَا مَعْلُومَةٌ وَسَنَذْكُرُهَا فِي بَابِ نَافِعٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْحُجَّةُ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي تَحْرِيمِ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ عُمُومُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَخُصَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبُعًا مِنْ سَبُعٍ فَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ سَبُعٍ فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ النَّهْيِ عَلَى مَا يُوجِبُهُ الْخِطَابُ وَتَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ لِسَانِهَا فِي مُخَاطَبَاتِهَا وَلَيْسَ حَدِيثُ الضَّبُعِ مِمَّا يُعَارَضُ بِهِ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ وَلَيْسَ بِمَشْهُورٍ بِنَقْلِ العلم ولا من يُحْتَجُّ بِهِ إِذَا خَالَفَهُ مَنْ هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَقَدْ رُوِيَ النَّهْيُ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ مِنْ طُرُقٍ مُتَوَاتِرَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي ثَعْلَبَةَ وَغَيْرِهِمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الثِّقَاتِ الَّذِينَ تَسْكُنُ النَّفْسُ إِلَى مَا نَقَلُوهُ وَمُحَالٌ أَنْ يُعَارَضُوا بِحَدِيثِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ الثَّعْلَبُ سَبُعٌ لَا يُؤْكَلُ قَالَ مَعْمَرٌ وَقَالَ قَتَادَةُ لَيْسَ بِسُبُعٍ وَرَخَّصَ فِي أَكْلِهِ طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يُؤْذِي وَأَمَّا الْعِرَاقِيُّونَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فقالوا ذو الناب من السباع المنهي عن أكله الأسد والذيب وَالنَّمِرُ وَالْفَهْدُ وَالثَّعْلَبُ وَالضَّبُعُ

وَالْكَلْبُ وَالسِّنَّوْرُ الْبَرِّيُّ وَالْأَهْلِيُّ وَالْوَبَرُ قَالُوا وَابْنُ عِرْسٍ سَبُعٌ مِنْ سِبَاعِ الْهَوَامِّ وَكَذَلِكَ الْفِيلُ وَالدُّبُّ وَالضَّبُعُ وَالْيَرْبُوعُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ فَأَمَّا الْوَبَرُ فَلَا أَحْفَظُ فِيهِ شَيْئًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ عِنْدِي مِثْلَ الْأَرْنَبِ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ لِأَنَّهُ يَعْتَلِفُ الْبُقُولَ وَالنَّبَاتَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي السِّنْجَابِ وَالْفِنْكِ وَالسِّنَّوْرِ كُلُّ ذَلِكَ سَبُعٌ مِثْلَ الثَّعْلَبِ وَابْنِ عِرْسٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الضَّبُّ فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِجَازَةُ أَكْلِهِ وَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِسَبُعٍ يَفْتَرِسُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مَنْ وَلَدِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ غطفا فَسَأَلَهُ عَنِ الْوَرَلِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وان كان معكم منه شيء فطعمونا منه قال عبد الزاق وَالْوَرَلُ شِبْهُ الضَّبِّ وَأَجَازَ الشَّعْبِيُّ أَكْلَ الْأَسَدِ والفيل وتلا قل لا اجد فيما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا الْآيَةَ وَقَدْ كَرِهَ أَكْلَ الْكَلْبِ وَالتَّدَاوِيَ بِهِ وَهَذَا خِلَافٌ مِنْهُ وَاضْطِرَابٌ وَكَرِهَ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ أَكْلَ الْفِيلِ لِأَنَّهُ ذُو نَابٍ وَهُمْ لِلْأَسَدِ أَشَدُّ كَرَاهِيَةٍ وَكَرِهَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ أَكْلَ الْكَلْبِ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَلْبِ قَالَ طُعْمَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَقَدْ أَغْنَى اللَّهُ عَنْهَا وَذَكَرَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيِّ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَكْلِ الضَّبُعِ فَقَالَ إِنَّ أَكْلَهَا لَا يَصْلُحُ وَمَعْمَرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَكْلِ الْيَرْبُوعِ فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا قَالَ معمر

وسألت عطاء الخراساني عن اليربوع فلم يربه بَأْسًا قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أنه سئل عن أكل الوبر فلم يربه بَأْسًا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ بَلَغَنِي عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ لَحْمِ الْقِرْدِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَرِهَهُ ابْنُ عُمَرَ وَعَطَاءٌ وَمَكْحُولٌ وَالْحَسَنُ وَلَمْ يُجِيزُوا بَيْعَهُ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ سُئِلَ مُجَاهِدٌ عَنْ أَكْلِ الْقِرْدِ فَقَالَ لَيْسَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ قال أبو عمر لاأعلم بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ خِلَافًا أَنَّ الْقِرْدَ لَا يؤكل ولايجوز بَيْعُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَمَا عَلِمْنَا أَحَدًا أَرْخَصَ فِي أَكْلِهِ وَالْكَلْبُ وَالْفِيلُ وَذُو النَّابِ كُلُّهُ عِنْدِي مِثْلُهُ وَالْحُجَّةُ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لافي قَوْلِ غَيْرِهِ وَمَا يَحْتَاجُ الْقِرْدُ وَمِثْلُهُ أَنْ يَنْهَى عَنْهُ لِأَنَّهُ يُنْهِي عَنْ نَفْسِهِ بِزَجْرِ الطِّبَاعِ وَالنُّفُوسِ لَنَا عَنْهُ وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنِ الْعَرَبِ وَلَا عَنْ غَيْرِهِمْ أَكْلُهُ وَقَدْ زَعَمَ نَاسٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَرَبِ مَنْ يأكل الكلب الاقوم مِنْهُمْ نَفَرٌ مَنْ فَقْعَسَ وَفِي أَحَدِهِمْ قَالَ الشاعر الاسدي ... يافقعسي لِمَ أَكَلْتَهُ لِمَهْ ... لَوْ خَافَكَ اللَّهُ عَلَيْهِ حرمه ... فما أكلت لحمه ولادمه

قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي قَوْلَهُ لَوْ خَافَكَ اللَّهُ عَلَيْهِ حَرَّمَهُ أَيْ إِنَّ الْكَلْبَ عِنْدَهُ كَانَ مِمَّا لَا يَأْكُلُهُ أَحَدٌ وَلَا يَخَافُ أَحَدًا عَلَى أَكْلِهِ إِلَّا الْمُضْطَرُّ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَخَافُ أَحَدًا عَلَى شَيْءٍ وَلَا عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ وَلَا يَلْحَقُهُ الْخَوْفُ جَلَّ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ وَأَظُنُّ الشِّعْرَ لِأَعْرَابِيٍّ لَا يَقِفُ عَلَى مِثْلِ هَذَا مِنَ الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حدثنا بقى ابن مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ دَاوُدَ قَالَ سُئِلَ الشَّعْبِيُّ عَنْ رَجُلٍ يَتَدَاوَى بِلَحْمِ كَلْبٍ قَالَ إِنْ تَدَاوَى بِهِ فَلَا شَفَاهُ اللَّهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ أَصَابَهُ حُمَّى رَبْعٍ فَنُعِتَ لَهُ جَنْبُ ثَعْلَبٍ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ الثَّعْلَبُ مِنَ السِّبَاعِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ رَخَّصَ فِي الثَّعْلَبِ وَالْهِرِّ وَنَحْوَهُمَا فَإِنَّمَا رَخَّصَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عِنْدَهُ مِنَ السِّبَاعِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ وَذَكَرْنَا مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرُّخْصَةِ فِي أَكْلِ الضَّبُعِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعْدٍ فِي الضَّبُعِ أنها صيد يفديها المحرك بِكَبْشٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا ذَاتُ نَابٍ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَسَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَكْلِ الضَّبُعِ فَنَهَاهُ فَقَالَ لَهُ إِنَّ قَوَّمَكَ يَأْكُلُونَهَا فَقَالَ إِنَّ قَوْمِي لَا يَعْلَمُونَ قَالَ سُفْيَانُ هَذَا الْقَوْلُ أَحَبُّ إِلَيَّ فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ فَأَيْنَ مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا فَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَتَرْكُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ وَبِهِ نَأْخُذُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ الا وهو يوخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَا يُتْرَكُ مِنْ قَوْلِهِ إِلَّا مَا تَرَكَهُ هُوَ وَنَسَخَهُ قَوْلًا أَوْ عَمَلًا وَالْحُجَّةُ فِيمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِي قَوْلِ غَيْرِهِ حُجَّةٌ وَمَنْ تَرَكَ قَوْلَ عَائِشَةَ فِيِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ وَفِي لَبَنِ الْفَحْلِ وَتَرَكَ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْعَوْلِ وَالْمُتْعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَقَاوِيلِهِ وَتَرَكَ قَوْلَ عُمَرَ فِي تَضْعِيفِ الْقِيمَةِ عَلَى الْمُزْنِي وَفِي تَبْدِيئِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْيَمِينِ فِي الْقَسَامَةِ وَفِي أَنَّ الْجُنَبَ لَا يَتَيَمَّمُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ كَثِيرٌ وَتَرَكَ قَوْلَ ابْنَ عُمَرَ فِي أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَهْدِمُ التَّطْلِيقَةَ وَالتَّطْلِيقَتَيْنِ وَكَرَاهِيَةِ الْوُضُوءِ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ وَسُؤْرِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَغَيْرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ وَتَرَكَ قَوْلَ عَلِيٍّ فِي أَنَّ الْمُحْدِثَ فِي الصَّلَاةِ يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا وَفِي أَنَّ بَنِي تَغْلِبَ لَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا رُوِيَ عَنْهُ كَيْفَ يَتَوَحَّشُ مِنْ مُفَارَقَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَمَعَهُ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عَنِ

النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ الْمَلْجَأُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ وَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَخْفَى عَلَى الصَّاحِبِ وَالصَّاحِبَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ السُّنَّةُ الْمَأْثُورَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ فِي سِعَةِ عِلْمِهِ وَكَثْرَةِ لُزُومِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَفِيَ عَلَيْهِ مِنْ تَوْرِيثِ الْمَرْأَةِ مِنْ دِيَةِ زوجها وحديث دية الجنين فَغَيْرُهُمَا أَحْرَى أَنْ تَخْفَى عَلَيْهِ السُّنَّةُ فِي خَوَاصِّ الْأَحْكَامِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا أَيْضًا بضائرهم رضي الله عنهم وَقَدْ كَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَقُولُ وَهُوَ حَبْرٌ عَظِيمٌ مِنْ أَحْبَارِ هَذَا الدِّينِ مَا سَمِعْتُ بِالنَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَتَّى دَخَلْتُ الشَّامَ وَالْعِلْمُ الْخَاصُّ لَا يُنْكَرُ أَنْ يَخْفَى عَلَى الْعَالِمِ حِينًا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَاحِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا حَتَّى أَتَيْتُ الشَّامَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ جَزِيٍّ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ أَحْفَاشِ الْأَرْضِ قَالَ سَلْ عَمَّا شِئْتَ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الضَّبِّ فَقَالَ لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ فَقُلْتُ إِنِّي آكِلٌ مَا لَمْ تُحَرِّمْ قَالَ إِنَّهَا فَقَدَتْ أُمَّةٌ وَإِنِّي رَأَيْتُ خُلُقًا رَابَنِي قَالَ وَسَأَلْتُهُ عَنِ الْأَرْنَبِ فَقَالَ لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ قَالَ إِنِّي آكِلٌ مَا لَمْ تُحَرِّمْ قَالَ إِنَّهَا تُدْمِي قَالَ وَسَأَلْتُ عَنِ الثَّعْلَبِ فَقَالَ وَمَنْ يَأْكُلُ الثَّعْلَبَ وَسَأَلْتُ عَنِ الضَّبُعِ فَقَالَ وَمَنْ يَأْكُلُ الضَّبُعَ قَالَ وَسَأَلْتُهُ عَنِ الذِّئْبِ فقال أو يأكل الذِّئْبَ أَحَدٌ وَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ جَاءَ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ لِضَعْفِ إِسْنَادِهِ وَلَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَدُورُ عَلَى عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ وَلَيْسَ يَرْوِيهِ غَيْرُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَى مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْقِلٍ صَاحِبُ الدَّثْنِيَةِ وَهُوَ رَجُلٌ يُعَدُّ فِي الصَّحَابَةِ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الضَّبُعِ قَالَ لَا آكُلُهُ وَلَا أَنْهَى عَنْهُ قَالَ قُلْتُ مَا لَمْ تَنْهَ عَنْهُ فَإِنِّي آكُلُهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَقُولُ فِي الضَّبِّ قَالَ لَا آكُلُهُ وَلَا أَنْهَى عَنْهُ قَالَ قُلْتُ مَا لَمْ تَنْهَ عَنْهُ فَإِنِّي آكُلُهُ قَالَ وَقُلْتُ مَا تَقُولُ فِي الْأَرْنَبِ قَالَ لَا آكُلُهَا وَلَا أُحَرِّمُهَا قَالَ قُلْتُ مَا لَمْ تُحَرِّمْهُ فَإِنِّي آكُلُهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ في الذئب قال أو يأكل ذَلِكَ أَحَدٌ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ في الثعلب قال أو يأكل ذلك أحد

وَهُوَ أَيْضًا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِالْقَائِمِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ يَدُورُ عَلَى أَبِي محمد رجل مجهول وهو حديث لايصح عندهم وعبد الرحمن بن معقل لايعرف إِلَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا تَصِحُّ صُحْبَتُهُ وَإِنَّمَا ذكرت هذا الحديث والذي قبله ليقف عَلَيْهِمَا وَلِرِوَايَةِ النَّاسِ لَهُمَا وَلِتَبْيِينِ الْعِلَّةِ فِيهِمَا وَأَمَّا جُلُودُ السِّبَاعِ الْمُذَكَّاةُ لِجُلُودِهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ السِّبَاعَ إِذَا ذُكِّيَتْ لِجُلُودِهَا حَلَّ بَيْعُهَا وَلِبَاسُهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الذَّكَاةُ عِنْدَهُ فِي السِّبَاعِ لِجُلُودِهَا أَكْمَلُ طَهَارَةً فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنَ الدِّبَاغِ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ القاسم في المدونه لايصلي عَلَى جِلْدِ الْحِمَارِ وَإِنْ ذُكِّيَ وَقَوْلُهُ إِنَّ الْحِمَارَ الْأَهْلِيَّ لَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي كِتَابِهِ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي السِّبَاعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فَأَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا فَلَا يجوز بيعها ولالبسها وَلَا الصَّلَاةُ بِهَا وَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا إِذَا ذُكِّيَتْ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ أَنَّ الدَّوَابَّ الْحَمِيرَ وَالْبِغَالَ ذُكِّيَتْ لِجُلُودِهَا لَمَا حَلَّ بَيْعُهَا وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهَا ولاالصلاة فيها الا الفرس فانه لوذكى لَحَلَّ بَيْعُ جِلْدِهِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي تَحْرِيمِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ أَكْرَهُ بيع جلود السباع وأن ذكيت مالم تُدْبَغْ قَالَ وَأَرَى أَنْ يُفْسَخَ الْبَيْعُ فِيهَا وَيُفْسَخَ ارْتِهَانُهَا وَأَرَى أَنْ يُؤَدَّبَ فَاعِلُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِالْجَهَالَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ أَكْلَ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَالذَّكَاةُ فِيهَا لَيْسَتْ بِذَكَاةٍ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ الضَّحَايَا من المستخرجه أن مالا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَلَا يُطَهَّرُ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ وَهَذِهِ المسألة

فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ وَسُئِلَ مَالِكٌ أترى مادبغ مِنْ جُلُودِ الدَّوَابِّ طَاهِرًا فَقَالَ إِنَّمَا يُقَالُ هذا في جلود الانعام فأما جلود مالا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَكَيْفَ يَكُونُ جِلْدُهُ طَاهِرًا إِذَا دبغ وهو مما لاذكاة فيه ولايؤكل لحمه قال أبوعمر لاأعلم احدا من الفقهاء قال بمارواه أشهب عن مالك في جلد مالا يؤكل لحمه أنه لايطهر بِالدِّبَاغِ إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ إِبْرَاهِيمَ بْنَ خَالِدٍ الْكَلْبِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِهِ فِي جُلُودِ الميته كل ما كان مما لوذكى حَلَّ أَكْلُهُ فَمَاتَ لَمْ يُتَوَضَّأْ فِي جِلْدِهِ ولم ينتفع بشئ مِنْهُ حَتَّى يُدْبَغَ فَإِذَا دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ قَالَ وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَوْ ذُكِّيَ لَمْ يُتَوَضَّأْ فِي جِلْدِهِ وَإِنْ دُبِغَ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي جِلْدِ شَاةٍ مَاتَتْ أَلَا دَبَغْتُمْ جِلْدَهَا فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ وَنَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ قَالَ فَلَمَّا رُوِيَ الْخَبَرَانِ أَخَذْنَا بِهِمَا جَمِيعًا لِأَنَّ الْكَلَامَيْنِ جَمِيعًا لَوْ كَانَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ كَانَ كَلَامًا صَحِيحًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ تَنَاقُضٌ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّهُ لَا يَتَوَضَّأُ فِي جِلْدِ خِنْزِيرٍ وَإِنْ دُبِغَ فَلَمَّا كَانَ الْخِنْزِيرُ حَرَامًا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَإِنْ ذُكِّيَ وَكَانَتِ السِّبَاعُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا وَإِنْ ذُكِّيَتْ كَانَ حَرَامًا أَنْ يُنْتَفَعَ بِجُلُودِهَا وَإِنْ دُبِغَتْ وَأَنْ يُتَوَضَّأَ فِيهَا قِيَاسًا عَلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنَ الْخِنْزِيرِ إِذْ كَانَتِ الْعِلَّةُ وَاحِدَةً

وَذَكَرَ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عَلِيًّا كَرِهَ الصَّلَاةَ فِي جُلُودِ الْبِغَالِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا قَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ صَحِيحٌ فِي الذَّكَاةِ أَنَّهَا لَا تَعْمَلُ فِيمَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ قَدْ دَخَلَ فِيهِ كُلُّ جِلْدٍ إِلَّا أَنَّ جُمْهُورَ السَّلَفِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ جِلْدَ الْخِنْزِيرِ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ فَخَرَجَ بِإِجْمَاعِهِمْ هَذَا إِنْ صَحَّ أَنَّ لِلْخِنْزِيرِ جِلْدًا يُوْصَلُ إِلَيْهِ وَيُسْتَعْمَلُ وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُنَا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ وَنُوَضِّحُهُ فِي باب حديث زيد ابن أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ إِنْ شاء الله والحديث ذَكَرَ أَبُو ثَوْرٍ فِي النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ حَدَّثَنَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر ابن حَمَّادٍ قَالَ حَدَثَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَحَكَاهُ أَيْضًا عَنْ أَشْهَبَ لَا يَجُوزُ تَذْكِيَةُ السِّبَاعِ وَإِنْ ذُكِّيَتْ لِجُلُودِهَا لَمْ يَحِلَّ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْ جُلُودِهَا إِلَّا أَنْ يُدْبَغَ

الحديث الثاني

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمَا حَكَاهُ أَيْضًا عَنْ أَشْهَبَ فِي تَذْكِيَةِ السِّبَاعِ عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالْأَثَرِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ الَّذِي يُشْبِهُ أَصْلَ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُتَقَلَّدَ غَيْرُهُ لِوُضُوحِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَخْتَبِرْ ذَلِكَ إِلَّا بِمَا ذَبَحَهُ المحرم او ذبح في الحام أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ ذَكَاةً لِلْمَذْبُوحِ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِيهِ وَبِالْخِنْزِيرِ أَيْضًا وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَأَنَّ عِنْدَهُ يَلْزَمُ طَلَبُ الدَّلِيلِ وَالْحُجَّةِ لِيَتَبَيَّنَ الْحَقُّ مِنْهُ وَقَدْ بَانَ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ مِنَ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي تَحْرِيمِ السِّبَاعِ وَمُحَالٌ أَنْ تَعْمَلَ فِيهَا الذَّكَاةُ وَإِذَا لَمْ تَعْمَلْ فِيهَا الذَّكَاةُ فَأَكْثَرُ أَحْوَالِهَا أَنْ تَكُونَ مَيْتَةً فَتُطَهَّرُ بِالدِّبَاغِ هَذَا أَوْلَى الْأَقَاوِيلِ فِي هَذَا الْبَابِ وَلِمَا رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَجْهٌ أَيْضًا وَأَمَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فَلَا وَجْهَ لَهُ يَصِحُّ إِلَّا مَا ذَكَرُوا مِنْ تَأْوِيلِهِمْ فِي النَّهْيِ أَنَّهُ عَلَى التَّنَزُّهِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ لَا يُعَضِّدُهُ دَلِيلٌ حَدِيثٌ ثاني لِإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ اسماعيل بن ابي حيكم أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ كَانَ مِنْ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ هَكَذَا جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّآتِ كُلِّهَا مَقْطُوعًا وَهُوَ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ أبي

هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ وَأَمَّا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ فَأَشْهَرُ وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ إِلَى ذِكْرِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاجِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عن عائشة ذكر الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا خالد بن الحرث قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَائِشَةَ وَقَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ فِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَائِشَةَ وَقَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ فِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي

الْإِسْنَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ممحمد بن سنجر قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ هِلَالِ بْنِ حَمِيدٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ لَعَنَ اللَّهُ اليهود والنصارى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ قَالَتْ وَلَوْلَا ذَلِكَ أَبْرَزَ قَبْرَهُ غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ عَلَيْهِ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا قَالَ أَبُو عُمَرَ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرِوَايَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَهُ أَمَرَ فِي خِلَافَتِهِ أَنْ يُجْعَلَ بُنْيَانُ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محددا بركن واحد ليلا يُسْتَقْبَلَ الْقَبْرُ فَيُصَلَّى إِلَيْهِ وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ سِنْجِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَذَاكَرْنَ فِي مَرَضِهِ كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَذَكَرْنَ مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرِهَا وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ

حَبِيبَةَ قَدْ أَتَتَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ عِنْدَهُمْ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا ثُمَّ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَّخِذُوا قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ مَسَاجِدَ وَقَدِ احْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ الصَّلَاةَ فِي الْمَقْبَرَةِ وَلَمْ يُجِزْهَا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِقَوْلِهِ إِنَّ شِرَارَ النَّاسِ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم صلوا في بيوتكم ولا تجعلها قبورا وهذا الْآثَارُ قَدْ عَارَضَهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَتِلْكَ فَضِيلَةٌ خُصَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَجُوزُ عَلَى فَضَائِلِهِ النَّسْخُ وَلَا الْخُصُوصُ وَلَا الِاسْتِثْنَاءُ وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي غَيْرِ فَضَائِلِهِ إِذَا كَانَتْ أَمْرًا أَوْ نَهْيًا أَوْ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَبِهَذَا يَسْتَبِينُ عند تعارض الاثار في ذلك أن الناسح مِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَقَوْلُهُ لِأَبِي ذَرٍّ حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَقَدْ جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ أَقْوَامًا اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ وَسَيَأْتِي مِنْ هَذَا ذِكْرٌ فِي بَابِ مُرْسَلِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ لَا يَبْقَيَنَّ دينان بأرض العرب فأخبرنا عبد الله ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُومِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سمعت ابن عباس يقول يوم وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى قُلْتُ يَا أَبَا عَبَّاسٍ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ قَالَ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم الوجع فقال ايتوني اكتب لكم كتاب لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ فَتَنَازَعُوا عِنْدَهُ فَقَالَ لَا يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ ذَرُونِي وَأَمَرَهُمْ بِثَلَاثٍ فَقَالَ أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوٍ مِمَّا كُنْتُ أُجْزِيهِمْ وَالثَّالِثَةُ إِمَّا سَكَتَ عَنْهَا يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ وَإِمَّا قَالَهَا فَنَسِيتُهَا يَقُولُهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَذَكَرَ الْحُمَيْدِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِإِسْنَادٍ مِثْلِهِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قال حدثنا ابن سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَأُخْرِجَنَّ

اليهود والنصارى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لَا أَدَعُ بِهَا إِلَّا مُسْلِمًا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجْتَمِعُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ أَوْ قَالَ بِأَرْضِ الْحِجَازِ دِينَانِ قَالَ فَفَحَصَ عَنْ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى وُجِدَ عَلَيْهِ الثَّبْتُ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَلِذَلِكَ أَجْلَاهُمْ عُمَرُ قَالَ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَحَدِيثُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَكْمَلُ وفيه حتى أجلاهم عمر الى تيماء وأريحا أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ مَوْلَى آلِ سَمُرَةَ عَنْ اسحاق بن سمرة قَالَ آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنَ الْحِجَازِ وَأَهْلَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ هَكَذَا قَالَ وَكِيعٌ فِيمَا صَحَّ عِنْدَنَا مِنْ مُسْنَدِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَخَالَفَهُ سُفْيَانُ بن عيينة ويحيى القطان واسماعيل بن زكريا وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ كُلُّهُمْ قَالَ مَكَانَ إِسْحَاقَ ابن سَمُرَةَ سَعْدَ بْنَ سَمُرَةَ قَرَأْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ أَنَّ قَاسِمًا حَدَّثَهُمْ قَالَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ مَوْلَى آلِ سَمُرَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ أَبِيهِ سَمُرَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَخْرِجُوا يَهُودَ الْحِجَازِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال حدثنا يحيى ابن سَعِيدٍ يَعْنِي الْقَطَّانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ قال حدثني سعد بن سمرة ابن جُنْدُبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ إِنَّ مِنْ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ أَخْرِجُوا يَهُودَ الْحِجَازِ وَنَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَاعْلَمُوا أَنَّ شِرَارَ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا قُبُورَهُمْ مَسَاجِدَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سنجر حدثنا سعيد بن سلميان حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أبي عبيدة ابن الْجَرَّاحِ قَالَ آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ أَخْرِجُوا يَهُودَ الْحِجَازِ وَأَهْلَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَإِنَّ شِرَارَ النَّاسِ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّرَوْقِيُّ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَنْ قَالَ قُبُورُ أَنْبِيَائِهِمْ يَقْضِي عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ الْقُبُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ بَيَانٌ مُبْهَمٌ وَتَفْسِيرٌ مُجْمَلٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَرْضُ الْعَرَبِ وَجَزِيرَةُ الْعَرَبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ أَرْضُ الْعَرَبِ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَنُ وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ مِنْ أَقْصَى عَدَنِ أَبْيَنَ إِلَى رِيفِ الْعِرَاقِ فِي الطُّولِ وَأَمَّا فِي الْعَرْضِ فَمِنْ جَدَّةَ وَمَا وَالَاهَا مِنْ سَائِرِ الْبَحْرِ إِلَى أَطْرَارِ الشَّامِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ مَا بَيْنَ حَفْرِ أَبِي مُوسَى إِلَى أَقْصَى الْيَمَنِ في اطول واما في العرض فمن بير يبرين (هـ) إِلَى مُنْقَطَعِ السَّمَاوَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ كُلِّهِ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَامٍ فِي كِتَابِهِ فِي شَرْحِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَبِجَمِيعِ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ وقال يعقوب ابن شَيْبَةَ حَفَرَ أَبِي مُوسَى عَلَى مَنَازِلَ مِنَ الْبَصْرَةِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ خَمْسَةَ مَنَازِلَ أَوْ سِتَّةً وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ الْمَدِينَةُ وَمَكَّةُ وَالْيَمَامَةُ وَالْيَمَنُ قَالَ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ الْمَدِينَةُ وَمَكَّةُ وَالْيَمَنُ وَقَرْيَاتُهَا وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ يَزِيدَ بْنِ

الحديث الثالث

عُبَيْدٍ السَّعْدِيِّ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ الْقُرَى الْعَرَبِيَّةُ الْفَرْعُ وَيَنْبُعُ وَالْمَرْوَةُ وَوَادِي الْقُرَى وَالْجَارُ وَخَيْبَرُ قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَكَانَ أَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ عَالِمًا بِذَلِكَ قَالَ أَبُو وَجْزَةَ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ قُرًى عرية لِأَنَّهَا مِنْ بِلَادِ الْعَرَبِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ قُلْتُ لمالك إِنَّنَا لَنَرْجُوَ أَنْ تَكُونَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ يُرِيدُ الْبَصْرَةَ لِأَنَّهُ لَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ نهر فقال ذلك ان كان قومك تبؤوا الدَّارَ وَالْإِيمَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّمَا سُمِّيَ الحجاز حجازا لأنه يحجز بني تِهَامَةَ وَنَجْدٍ وَإِنَّمَا قِيلَ لِبِلَادِ الْعَرَبِ جَزِيرَةٌ لِإِحَاطَةِ الْبَحْرِ وَالْأَنْهَارِ بِهَا مِنْ أَقْطَارِهَا وَأَطْرَارِهَا فَصَارُوا فِيهَا فِي مِثْلِ جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ فِي صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ أَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ امْكُثُوا فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ وَعَلَى جِلْدِهِ أَثَرُ الْمَاءِ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ هُوَ أَخُو سليمان ابن يَسَارٍ قَالَ مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ كَانُوا أَرْبَعَةَ إِخْوَةٍ عَطَاءٌ وَسُلَيْمَانُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَهُمْ مَوَالِي مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتَبَتْهُمْ وَكُلُّهُمْ أَخَذَ عَنْهَا الْعِلْمَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ سُلَيْمَانُ أَفْقَهُهُمْ وَعَطَاءٌ أَكْثَرُهُمْ حَدِيثًا وَعَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ قَلِيلَا الْحَدِيثِ وَكُلُّهُمْ ثِقَةٌ رِضًى وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ مِنَ الْفُضَلَاءِ الْعُبَّادِ الْعُلَمَاءِ وَكَانَ صَاحِبَ قِصَصٍ ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ مَا رَأَيْتُ قَاصًّا أَفْضَلَ مِنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ سَمِعَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عُمَرَ وَقِيلَ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ وَفِي ذَلِكَ عِنْدِي نَظَرٌ وَتُوُفِّيَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ فِيمَا ذَكَرَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ فَقَالَ تُوُفِّيَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَهَذَا عِنْدَنَا أَصَحُّ مِنْ قَوْلِ الْهَيْثَمِ وَكَانَ يُكَنَّى أَبَا يَسَارٍ وَقِيلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ أَبُو مُحَمَّدٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ وَقَدْ رُوِيَ مُتَّصِلًا مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي الْأَثْرَمَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَارَ أَنِ امْكُثُوا فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ وَعَلَى جِلْدِهِ أَثَرُ الْغُسْلِ فَصَلَّى بِهِمْ مَا وَجْهُهُ قَالَ وَجْهُهُ أَنَّهُ ذَهَبَ فَاغْتَسَلَ قِيلَ لَهُ كَانَ جُنُبًا قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ يَرْوِيهِ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ كَبَّرَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ لم يكبر قيل له فتلو فَعَلَ هَذَا إِنْسَانٌ الْيَوْمَ هَكَذَا أَكُنْتَ تَذْهَبُ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ طَرْقِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ يَعْنِي اللَّيْثِيَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَعْنَاهُ يَعْنِي مِثْلَ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ واخبرنا الثقة عن حماد ابن سَلَمَةَ عَنْ زِيَادٍ الْأَعْلَمِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ وَكِيعٌ فِي مُصَنَّفِهِ حَدِيثَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ هَذَا بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ وَهِشَامٌ وَابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ مِثْلَهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مُسْنَدًا مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ مِنْهُ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عبد الحميد

ابن حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَفَّ النَّاسُ صُفُوفَهُمْ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِلْ فَقَالَ لِلنَّاسِ مَكَانَكُمْ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى قَامَ فِي مُصَلَّاهُ فَكَبَّرَ وَرَأَسُهُ يَنْطِفُ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَالزُّبَيْدِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ سَوَاءً بِمَعْنَاهُ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَبَّرَ قَبْلَ أَنْ يَذْكُرَ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِلْ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْتَظِرُوهُ فَلَوْ صَحَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى يُشْكَلُ حِينَئِذٍ لِأَنَّ انْتِظَارَهُمْ لَوْ كَانَ وَهُمْ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهِ أَيْ قَامَ فِي صَلَاتِهِ فَلَمَّا احْتَمَلَ الْوَجْهَيْنِ كَانَتْ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ كَبَّرَ يُفَسِّرُ مَا أَبْهَمَ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ لِأَنَّ الثِّقَاةِ مِنْ رُوَاةِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ قَالُوا فِيهِ أَنَّهُ كَبَّرَ ثُمَّ أَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ امْكُثُوا وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ فِي إِشَارَتِهِ إِلَيْهِمْ أَنِ امْكُثُوا دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ بنى بهم اذا انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَهَذَا جَهْلٌ وَغَلَطٌ فَاحِشٌ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَا صَنَعَ وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ وَسَنُبَيِّنُ هَذَا الْمَعْنَى بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ لَهُمْ وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ وَكَلَامُهُ وَإِشَارَتُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ أَنِ امْكُثُوا مَكَانَكُمْ ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ وَرَأَسُهُ يَنْطِفُ فصلى واخبرنا عبد الله (جـ) بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ زِيَادٍ الْأَعْلَمِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ أَنْ مَكَانَكُمْ ثُمَّ جَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ فَصَلَّى بِهِمْ قَالَ وَحَدَّثَنَا عثمان ابن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا حماد ابن سَلَمَةَ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ فَكَبَّرَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنِّي كُنْتُ جُنُبًا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ مَالِكٍ أَنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ يُصَحِّحُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ كَبَّرَ ثُمَّ أَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ امْكُثُوا وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ حِينَ انْصَرَفَ بَعْدَ غُسْلِهِ فَوَاجِبٌ أَنْ تُقْبَلَ هَذِهِ الزِّيَادَةُ أَيْضًا لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ مُنْفَرِدَةٌ أَدَّاهَا ثِقَةٌ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهَا هَذَا مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ فِي تَرْتِيبِ الْآثَارِ وَتَهْذِيبِهَا إِلَّا أَنَّ هَا هُنَا اعْتِرَاضَاتٍ تَعْتَرِضُ عَلَى مَذْهَبِنَا فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ نَزَعَ غَيْرُنَا بِهَا وَنَحْنُ ذاكر ما يجب به العلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِعَوْنِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَمَّا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنَّهُ أَدْخَلَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُوَطَّئِهِ فِي بَابِ إِعَادَةِ الْجُنُبِ غُسْلَهُ إِذَا صَلَّى وَلَمْ يَذْكُرْ يَعْنِي حَالَهُ أَنَّهُ كَانَ جُنُبًا حِينَ صَلَّى وَالَّذِي يَجِيءُ عِنْدِي عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ مِنَ الْقَوْلِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَّا الْإِعْلَامَ أَنَّ الْجُنُبَ إِذَا صَلَّى نَاسِيًا قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ ثُمَّ ذَكَرَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيُعِيدَ مَا صَلَّى وَهُوَ جُنُبٌ وَأَنَّ نِسْيَانَهُ لِجَنَابَتِهِ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْإِعَادَةَ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَطَهِّرٍ وَاللَّهُ لَا يَقْبَلُ صَلَاةً بِغَيْرٍ طَهُورٍ لَا مِنْ نَاسٍ وَلَا مِنْ مُتَعَمِّدٍ وَهَذَا أَصْلٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ النِّسْيَانَ لَا يُسْقِطُ فَرْضَهَا الْوَاجِبَ فِيهَا ثُمَّ أَرْدَفَ مَالِكٌ حَدِيثَهُ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْبَابِ بِفِعْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ نَاسِيًا ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى فَاغْتَسَلَ وَأَعَادَ صَلَاتَهُ وَلَمْ يُعِدْ أَحَدٌ مِمَّنْ خَلْفَهُ فَمِنْ فِعْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخَذَ مَالِكٌ مَذْهَبَهُ فِي الْقَوْمِ يُصَلُّونَ خَلْفَ الْإِمَامِ الْجُنُبِ لَا مِنَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَسَنَذْكُرُ وَجْهَ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي جَوَازِ صَلَاةِ الْقَوْمِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْجُنُبِ وَجَعَلَهُ دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ وَأَرْدَفَهُ بِفِعْلِ عُمَرَ فِي جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَمِمَّا جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْإِمَامِ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَنَّهُ يُعِيدُ وَلَا يُعِيدُونَ ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ مَذَاهِبِ الْإِسْلَامِ وَالسُّنَنِ لِأَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا كُلِّفُوا فِي غَيْرِهِمُ الْأَغْلَبَ مِمَّا يَظْهَرُ لَهُمْ أَنَّ مُسْلِمًا لَا يُصَلِّي عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ ولم يكلفو عِلْمَ مَا يَغِيبُ عَنْهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ إِنَّ النَّاسَ إِنَّمَا كُلِّفُوا فِي غَيْرِهِمُ الْأَغْلَبَ مِمَّا يَظْهَرُ لَهُمْ وَلَمْ يكلفو عِلْمَ مَا غَابَ عَنْهُمْ مِنْ حَالِ إِمَامِهِمْ فَقَوْلٌ صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّ اسْتِدْلَالَهُ بِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْقَوْمِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْجُنُبِ هُوَ خَارِجٌ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ الَّذِي يُجِيزُ فِيهِ إِحْرَامَ الْمَأْمُومِ قَبْلَ إِمَامِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ كَبَّرَ وَهُوَ جُنُبٌ ثُمَّ ذَكَرَ حَالَهُ فَأَشَارَ إِلَى أَصْحَابِهِ أَنِ امْكُثُوا وَانْصَرَفَ فَاغْتَسَلَ لَا يَخْلُو أَمْرُهُ إِذْ رَجَعَ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةٍ وُجُوهٍ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَنَى عَلَى التَّكْبِيرَةِ الَّتِي كَبَّرَهَا وَهُوَ جُنُبٌ وَبَنَى الْقَوْمُ مَعَهُ عَلَى تَكْبِيرِهِمْ فَإِنْ كَانَ هَذَا فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ فَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ فَكَيْفَ يَبْنِي عَلَى مَا صَلَّى وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ هَذَا لَا يَظُنُّهُ ذُو لُبٍّ وَلَا يَقُولُهُ أَحَدٌ لِأَنَّ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ

مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامُ لَا يَبْنِي عَلَى شَيْءٍ عَمِلَهُ فِي صَلَاتِهِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي بِنَاءِ الْمُحْدِثِ عَلَى مَا صَلَّى وَهُوَ طَاهِرٌ قَبْلَ حَدَثِهِ فِي صَلَاتِهِ وَسَنَذْكُرُ أَقْوَالَهُمْ فِي ذَلِكَ وَفِي بِنَاءِ الرَّاعِفِ فِي آخِرِ الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد حدثنا حمد بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لا يقبل اله صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ قَوْلِهِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرٍ طَهُورٍ فِي بَابِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين انْصَرَفَ بَعْدَ غُسْلِهِ اسْتَأْنَفَ صَلَاتَهُ وَاسْتَأْنَفَهَا أَصْحَابُهُ مَعَهُ بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ وَأَبْطَلُوا إِحْرَامَهُمْ مَعَهُ وَقَدْ كان لهم أن يعتدوا به او اسْتَخْلَفَ لَهُمْ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ فَهَذَا الْوَجْهُ وَإِنْ صَحَّ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ مِنْ وَجْهٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْقَوْمِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْجُنُبِ لِأَنَّهُمْ إِذَا اسْتَأْنَفُوا إِحْرَامَهُمْ فَلَمْ يُصَلُّوا وَرَاءَ جُنُبٍ بَلْ قَدْ يَسْتَدِلُّ بِمِثْلِ هَذَا لَوْ صَحَّ مَنْ أَبْطَلَ صَلَاتَهُمْ خَلْفَهُ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ مُحْرِمًا مُسْتَأْنِفًا لِصَلَاتِهِ وَبَنَى الْقَوْمُ خَلْفَهُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ إِحْرَامِهِمْ فَهَذَا أَيْضًا وَإِنْ كَانَ فِيهِ النُّكْتَةُ الْمُجِيزَةُ لِصَلَاةِ الْمَأْمُومِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْجُنُبِ لاستجزائهم واعتدادهم

بِإِحْرَامِهِمْ خَلْفَهُ لَوْ صَحَّ فَإِنَّ ذَلِكَ أَيْضًا لَا يَخْرُجُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ إِحْرَامُ الْقَوْمِ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ قَبْلَ إِحْرَامِ إِمَامِهِمْ فِيهَا وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ لَا يَحْتَمِلُ الْحَدِيثُ غَيْرَ هَذِهِ الْأَوْجُهِ وَلَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِهَا فَلِذَلِكَ قُلْنَا إِنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْقَوْمِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْجُنُبِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ تَجِدْهُ كَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَيَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَصْلِهِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْقَوْمِ عِنْدَهُ غَيْرُ مُرْتَبِطَةٍ بِصَلَاةِ إِمَامِهِمْ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إِذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَتَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ وَقَدْ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ وَتَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ بِوُجُوهٍ أَيْضًا كَثِيرَةٍ فَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ صَلَاتُهُمَا مُرْتَبِطَةً وَلَا يَضُرُّ عِنْدَهُ اخْتِلَافُ نِيَّاتِهِمَا لِأَنَّ كُلًّا يُحْرِمُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي لِنَفْسِهِ وَلَا يَحْمِلُ فَرْضًا عَنْ صَاحِبِهِ فَجَائِزٌ عِنْدَهُ أَنْ يُحْرِمَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ إِمَامِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ عَلَى هَذَا دَلَائِلُ قَدْ ذَكَرَهَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِهِمْ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي الْقَوْمِ يُصَلُّونَ خَلَفَ إِمَامٍ نَاسٍ لِجَنَابَتِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا الْإِعَادَةُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ إِذَا عَلِمَ اغْتَسَلَ وَصَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا وَهُوَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَحَسْبُكَ بِحَدِيثِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ صَلَّى بِجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ غَدَا إِلَى أَرْضِهِ بِالْجُرْفِ فَوَجَدَ فِي ثَوْبِهِ احْتِلَامًا فَغَسَلَهُ وَاغْتَسَلَ وَأَعَادَ صَلَاتَهُ وَحْدَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةٍ وَهَذَا فِي جماعتهم

مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَفْتَى بِذَلِكَ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُمَرَ فِي جُنُبٍ صَلَّى يقوم قَالَ يُعِيدُ وَلَا يُعِيدُونَ قَالَ شُعْبَةُ وَقَالَ حَمَّادٌ أَعْجَبُ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدُوا وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْجُنُبِ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ قَالَ يُعِيدُ وَلَا يُعِيدُونَ قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عن خالد ابن مَسْلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْمُصْطَلِقِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْفَجْرَ فَلَمَّا أَصْبَحَ وَارْتَفَعِ النَّهَارُ فَإِذَا هُوَ بِأَثَرِ الْجَنَابَةِ فَقَالَ كَبُرَتْ وَاللَّهِ كَبُرَتْ وَاللَّهِ فَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ أَنْ يُعِيدُوا وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ يُعِيدُ وَلَا يُعِيدُونَ وَسَأَلْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ فَقَالَ إِذَا صَحَّ لَنَا عَنْ عُمَرَ شَيْءٌ اتَّبَعْنَاهُ يُعِيدُ وَلَا يُعِيدُونَ وَذُكِرَ عَنِ الْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ وَدَاوُدَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ عَلَيْهِمُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ مُرْتَبِطَةٌ بِصَلَاةِ إِمَامِهِمْ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ صَلَاةٌ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ وَرُوِيَ إِيجَابُ الْإِعَادَةِ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَ جنب أو غير متوضىء عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ حَدِيثِ عبد الرزاق

عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيٍّ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَفِيهِ عَنْ عُمَرَ خَبَرٌ ضَعِيفٌ لَا يَصِحُّ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إِذَا صَلَّى إِمَامٌ بِقَوْمٍ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ثُمَّ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ فَإِنَّهُ يعيد ويعيدون ويبتدؤون الصَّلَاةَ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَعَادَ وَحْدَهُ وَلَمْ يُعِيدُوا وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فِي الْإِمَامِ يَتَمَادَى فِي صَلَاتِهِ ذَاكِرًا لِجَنَابَتِهِ أَوْ ذَاكِرًا أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ مُبْتَدِئًا صَلَاتَهُ كَذَلِكَ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ بِالْإِسْلَامِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِذَا عَلِمَ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَتَمَادَى فِي صَلَاتِهِ عَامِدًا بَطُلَتْ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ صَلَاةُ الْقَوْمِ جَائِزَةٌ تَامَّةٌ وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُكَلَّفُوا عِلْمَ مَا غَابَ عَنْهُمْ وَقَدْ صَلَّوْا خَلْفَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فِي عِلْمِهِمْ وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ نَافِعٍ صَاحِبُ مَالِكٍ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَمْدِ الْإِمَامِ وَنِسْيَانِهِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُكَلَّفُوا عِلْمَ الْغَيْبِ فِي حَالِهِ فَحَالُهُمْ فِي ذَلِكَ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ إِذَا عَلِمُوا بِأَنَّ إِمَامَهُمْ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ فَتَمَادَوْا خَلْفَهُ فَيَكُونُونَ حِينَئِذٍ الْمُفْسِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمَّا هُوَ فَغَيْرُ مُفْسِدٍ عَلَيْهِمْ بِمَا لَا يَظْهَرُ مِنْ حَالِهِ إِلَيْهِمْ لَكِنَّ حَالَهُ فِي نَفْسِهِ تَخْتَلِفُ فَيَأْثَمُ فِي عَمْدِهِ إِنْ تَمَادَى بِهِمْ وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ وسها عنه

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَوْضَحْنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْقَوْلَ بِأَنَّ حَدِيثَ هَذَا الْبَابِ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ فِي جَوَازِ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى خَلَفَ إِمَامٍ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَنَّ أَصْلَ مَذْهَبِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِعْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ لَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ وَلَا خَالَفَهُ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَقَدْ كَانُوا يُخَالِفُونَهُ فِي أَقَلِّ مِنْ هَذَا مِمَّا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ فَكَيْفَ بِمِثْلِ هَذَا الْأَصْلِ الْجَسِيمِ وَالْحُكْمِ الْعَظِيمِ وَفِي تَسْلِيمِهِمْ ذَلِكَ لِعُمَرَ وَإِجْمَاعِهِمْ عَلَيْهِ مَا تَسْكُنُ الْقُلُوبُ فِي ذَلِكَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُمْ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمْ إِضَافَةُ إِقْرَارِ مَا لَا يَرْضَوْنَهُ إِلَيْهِمْ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ جَعَلَ حَدِيثَ هَذَا الْبَابِ أَصْلًا فِي جَوَازِ صَلَاةِ الْقَوْمِ خَلْفَ الْإِمَامِ الجنب وأردفه بفعل عمرر وَفَتْوَى عَلِيٍّ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لِذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ وَالَّذِي تَحَصَّلَ عَلَيْهِ مَذْهَبُ مَالِكٍ عِنْدَ أَصْحَابِهِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي إِمَامٍ أَحْرَمَ بِقَوْمٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَنَّهُ يَخْرُجُ وَيُقَدِّمُ رَجُلًا فَإِنْ خَرَجَ وَلَمْ يُقَدِّمْ أَحَدًا قَدَّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ يُتِمُّ بِهِمْ صَلَاتَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا وَصَلَّوْا أَفْذَاذًا أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ فَإِنِ انْتَظَرُوهُ وَلَمْ يُقَدِّمُوا أَحَدًا لَمْ تَفْسَدْ صَلَاتُهُمْ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنِ ابْنِ نَافِعٍ إِذَا انْصَرَفَ وَلَمْ يقدم واشار اليهم ان امكنوا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُقَدِّمُوا أَحَدًا حَتَّى يَرْجِعَ فَيُتِمُّ بِهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ إِنَّ الْقَوْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَنْتَظِرُونَ إِمَامَهُمْ حَتَّى يَرْجِعَ فَيُتِمُّ بِهِمْ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا وجهه حتى يرجع فيبتدىء بِهِمْ لَا يُتِمُّ بِهِمْ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ لِأَنَّ إِحْرَامَ الْإِمَامِ لَا يُجْتَزَأُ بِهِ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ عَلَى غَيْرِ طَهُورٍ وذلك باطل واذا

لم يجتزىء بِهِ اسْتَأْنَفَ إِحْرَامَهُ إِذَا انْصَرَفَ وَإِذَا اسْتَأْنَفَهُ لَزِمَهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ لِيَكُونَ إِحْرَامُهُمْ بَعْدَ إِحْرَامِ إِمَامِهِمْ وَإِلَّا فَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِمَامِ إِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا هَذَا هُوَ عِنْدِي فِي تَحْصِيلِ مَذْهَبِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ جَعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ أَصْلًا فِي تَرْكِ الِاسْتِخْلَافِ فَقَالَ الِاخْتِيَارُ عِنْدِي إِذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ حَدَثًا لَا تَجُوزُ لَهُ مَعَهُ الصَّلَاةُ مِنْ رُعَافٍ أَوِ انْتِقَاضِ وُضُوءٍ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يُصَلِّيَ الْقَوْمُ فُرَادَى وَأَلَّا يُقَدِّمُوا أَحَدًا فَإِنْ قَدَّمُوا أَوْ قَدَّمَ الْإِمَامُ رَجُلًا مِنْهُمْ فَأَتَمَّ بِهِمْ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ أَنَّ إِمَامًا كَبَّرَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ أَوْ لَمْ يَرْكَعْ حَتَّى ذَكَرَ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ طهارة فكان مخرجه ووضوؤه أَوْ غُسْلُهُ قَرِيبًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقِفَ النَّاسُ فِي صَلَاتِهِمْ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَيَرْجِعَ فَيَسْتَأْنِفُ وَيُتِمُّونَ هُمْ لِأَنْفُسِهِمْ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَانْتَظَرَهُ الْقَوْمُ فَاسْتَأْنَفَ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِتَكْبِيرَةٍ كَبَّرَهَا وَهُوَ جُنُبٌ فَيُتِمُّ الْقَوْمُ لِأَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَوْ أَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ حِينَ خَرَجَ عَنْهُمْ إِمَامُهُمْ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَجَائِزٌ عِنْدَهُ أَنْ يَقْطَعُوا صَلَاتَهُمْ إِذَا رَابَهُمْ شَيْءٌ مِنْ إِمَامِهِمْ فَيُتِمُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ عَلَى حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي قِصَّةِ مُعَاذٍ قَالَ وَإِنْ كَانَ خُرُوجُ الْإِمَامِ يَتَبَاعَدُ أَوْ طَهَارَتُهُ تَثْقُلُ صَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ قَالَ وَلَوْ أَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ يَنْتَظِرُوا أَوْ كَلَّمَهُمْ بِذَلِكَ كَلَامًا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ في غيره صَلَاةٍ فَإِنِ انْتَظَرُوهُ وَكَانَ قَرِيبًا فَحَسَنٌ وَإِنْ خَالَفُوهُ فَصَلُّوا لِأَنْفُسِهِمْ

فُرَادَى أَوْ قَدَّمُوا غَيْرَهُ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ قَالَ وَالِاخْتِيَارُ عِنْدِي لِلْمَأْمُومِينَ إِذَا فَسَدَتْ عَلَى الْإِمَامِ صَلَاتُهُ أَنْ يَبْنُوا فُرَادَى قَالَ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَلَّا يَنْتَظِرُوهُ وَلَيْسَ أَحَدٌ فِي هَذَا كَرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ فَعَلُوا فَصَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ عَلَى مَا وَصَفْنَا قَالَ فَلَوْ أَنَّ إِمَامًا صَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَخَرَجَ فَاغْتَسَلَ وَانْتَظَرَهُ الْقَوْمُ فَرَجَعَ فَبَنَى عَلَى الرَّكْعَةِ فَسَدَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّهُمْ يَأْتَمُّونَ بِهِ عَالِمِينَ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ فَلَيْسَ له أن يبنى على رجعة صَلَّاهَا جُنُبًا قَالَ وَلَوْ عَلِمَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَعْلَمْ بَعْضٌ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ أَجَازَ انْتِظَارَ الْقَوْمِ لِلْإِمَامِ إِذَا أَحْدَثَ احْتَجَّ بِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ وَفِيهِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِمَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صَلَّى بِالنَّاسِ فَأَهْوَى بِيَدِهِ فَأَصَابَ فَرْجَهُ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ كَمَا أَنْتُمْ فَخَرَجَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ فَأَعَادَ فَاحْتَجَّ بِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ وَمَا كَانَ مِثْلُهُمَا مَنْ كَرِهَ الِاسْتِخْلَافَ مِنَ الْعُلَمَاءِ

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ أَحْدَثَ وَهُوَ يُصَلِّي أيستخلف أم يقول لهم يبتدءون وَهُوَ كَيْفَ يَصْنَعُ فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَيُعْجِبُنِي أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَسْتَقْبِلَ قِيلَ لَهُ فَهُمْ كَيْفَ يَصْنَعُونَ فَقَالَ أَمَّا هُمْ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَذْهَبُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي احمد ابن حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ لَا يَبْنِيَ فِي الْحَدَثِ سَمِعْتُهُ يَقُولُ الْحَدَثُ أَشَدُّ وَالرُّعَافُ أَسْهَلُ وَقَدْ تَابَعَ الشَّافِعِيُّ عَلَى تَرْكِ الِاسْتِخْلَافِ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا إِذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي صَلَاتِهِ صَلَّىُ الْقَوْمُ أَفْرَادًا وَأَمَّا أَهْلُ الْكُوفَةِ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَكُلُّهُمْ يَقُولُ بِالِاسْتِخْلَافِ لِمَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَإِنْ جَهِلَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ تَقَدَّمَهُمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِإِذْنِهِمْ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ وَأَتَمَّ بِهِمْ وَذَلِكَ عِنْدَهُمْ عَمَلٌ مُسْتَفِيضٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ إِنَّمَا يَرَى الِاسْتِخْلَافَ لِمَنْ أَحْرَمَ وَهُوَ طَاهِرٌ ثُمَّ أَحْدَثَ وَلَا يَرَى لِإِمَامٍ جُنُبٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ إِذَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَوْضِعٌ لِلِاسْتِخْلَافِ لِأَنَّ الْقَوْمَ عِنْدَهُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ كَإِمَامِهِمْ سَوَاءٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَصْلِهِ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا تَبِينُ عِنْدِي حُجَّةُ مَنْ كَرِهَ الِاسْتِخْلَافَ اسْتِدْلَالًا بِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِي الِاسْتِخْلَافِ كَغَيْرِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَحَدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَقَدْ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانَكُمْ فَلَزِمَهُمْ أَنْ يَنْتَظِرُوهُ هَذَا لَوْ صَحَّ أَنَّهُ تَرَكَهُمْ فِي صَلَاةٍ فَكَيْفَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُمُ اسْتَأْنَفُوا مَعَهُ فَلَوْ صَحَّ هَذَا لَبَطَلَتِ النُّكْتَةُ الَّتِي مِنْهَا نَزَعُ مَنْ كَرِهِ الِاسْتِخْلَافَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ فِيمَنْ يُقِيمُ لَهُمْ أمر

دِينِهِمْ وَالصَّلَاةُ أَعْظَمُ الدِّينِ وَفِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ لِتَأَخُّرِ أَبِي بَكْرٍ وَتَقَدُّمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَسْبُكَ مَا مَضَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَمَلُ النَّاسِ وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي بَابِ أَبِي حَازِمٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ نَزَعَ قَوْمٌ فِي جَوَازِ بِنَاءِ المحديث عَلَى مَا صَلَّى قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ إِذَا تَوَضَّأَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا وَجْهَ لِمَا نَزَعُوا بِهِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَبْنِ عَلَى تَكْبِيرِهِ لَمَّا بَنَى قَبْلُ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَوْ بَنَى مَا كَانَ فِيهِ حُجَّةٌ أَيْضًا لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ الْيَوْمَ لِأَحَدٍ وَأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِأَنَّ مَا عَمِلَهُ الْمَرْءُ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ إِذْ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ وَاتَّفَقَ مالك الشافعي عَلَى أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ فِي صَلَاتِهِ لَمْ يَبْنِ عَلَى مَا مَضَى لَهُ مِنْهَا وَيَسْتَأْنِفُهَا إِذَا تَوَضَّأَ وَكَذَلِكَ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَا يبنى احد فِي الْقَيْءِ كَمَا لَا يَبْنِي فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحْدَاثِ وَاخْتَلَفَا فِي بِنَاءِ الرَّاعِفِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ يَبْنِي الرَّاعِفُ وَانْصَرَفَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْجَدِيدِ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا رَعَفَ فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ وَلَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً بِسَجْدَتِهَا فَلَا يَبْنِي وَلَكِنَّهُ يَنْصَرِفُ فَيَغْسِلُ عَنْهُ الدَّمَ وَيَرْجِعُ فَيُعِيدُ الْإِقَامَةَ وَالتَّكْبِيرَ وَالْقِرَاءَةَ وَلَا يَبْنِي عِنْدَهُ إِلَّا مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً كَامِلَةً مِنْ صَلَاتِهِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ ثُمَّ رَعَفَ خَرَجَ فَغَسَلَ الدَّمَ عَنْهُ وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى وَصَلَّى حَيْثُ شَاءَ إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَبْنِي فِيهَا إِذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْهَا ثُمَّ رَعَفَ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَإِذَا كَانَ الرَّاعِفُ إِمَامًا فَلَا يَعُودُ إِمَامًا فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ أَبَدًا وَلَا يُتِمُّ صَلَاتَهَ إِلَّا مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا هَذَا تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ عِنْدَ جميع أصحابه

وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَوْلَا أَنِّي أَكْرَهُ خِلَافَ مَنْ مَضَى مَا رَأَيْتُ أَنْ يَبْنِيَ الرَّاعِفُ وَرَأَيْتُ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَيَسْتَأْنِفَ قَالَ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْفَذَّ لَا يَبْنِي فِي الرُّعَافِ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ لَا يَبْنِي الرَّاعِفُ إِذَا اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ لِغَسْلِ الدَّمِ عَنْهُ وَكُلُّ مَنِ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ عِنْدَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْبِنَاءُ وَكَانَ عَلَيْهِ الاستيناف أَبَدًا وَالَّذِي يَسْهُو فَيُسَلِّمُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَيَخْرُجُ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَ صَلَاتَهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ فَإِنَّ هَذَا يَبْنِي عِنْدَهُ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ أَوْ يُحْدِثْ أَوْ يَطُولُ أَمْرُهُ عَلَى حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَسَنَذْكُرُ أَقَاوِيلَ الْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ فِي بَابِ أَيُّوبَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ فِي هَذَا كَقَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لَا يَبْنِي أَحَدٌ فِي الْحَدَثِ وَلَكِنَّهُ يَنْصَرِفُ فَيَتَوَضَّأُ وَيَسْتَقْبِلُ وَإِنْ كَانَ إِمَامًا اسْتَخْلَفَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ كَانَ حَدَثُهُ مِنْ قَيْءٍ أَوْ رِيحٍ تَوَضَّأَ وَاسْتَقْبَلَ وَإِنْ كَانَ مِنْ رُعَافٍ تَوَضَّأَ وَبَنَى وَكَذَلِكَ الدَّمُ غَيْرُ الرُّعَافِ وَالرُّعَافُ عِنْدَهُ حَدَثٌ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا كَانَ حَدَثُهُ مِنْ رُعَافٍ أَوْ قَيْءٍ تَوَضَّأَ وَبَنَى وَإِنْ كَانَ حَدَثُهُ مِنْ بَوْلٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ ضَحِكٍ أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ الْقَيْءُ وَالرُّعَافُ سَوَاءٌ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُتِمُّ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي الامام يرى بثوبه دما أو رعف أَوْ يَجِدُ حَدَثًا أَنَّهُ يَنْصَرِفُ وَيَقُولُ لِلْقَوْمِ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ وَيُصَلِّي كُلُّ إِنْسَانٍ لِنَفْسِهِ رَوَاهُ الزُّبَيْدِيُّ عَنْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى يَبْنِي فِي الْأَحْدَاثِ كُلِّهَا إِذَا

سَبَقَتْهُ فِي الصَّلَاةِ وَالْقَيْءُ وَالرُّعَافُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ حَدَثٌ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ سَلَفِ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَنْقُضُ الرُّعَافُ وَالْقَيْءُ وَكُلُّ مَا خَرَجَ مِنَ الْجَسَدِ مِنْ دَمٍ أو نجاسة عنده الطَّهَارَةُ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ قِيَاسًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَالرَّاعِفُ عِنْدَهُمْ يَنْصَرِفُ فَيَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي عَلَى مَا صَلَّى عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَصْلِهِمْ فِي بِنَاءِ الْمُحْدِثِ وَهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ الرَّاعِفَ لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ تَوَضَّأَ وَاسْتَأْنَفَ وَلَمْ يَبْنِ وَإِنَّمَا يَبْنِي عِنْدَهُمْ مَنْ أَحْدَثَ فِي الصَّلَاةِ وَحَسْبُكَ بِمِثْلِ هَذَا ضَعْفًا فِي النَّظَرِ وَلَا يَصِحُّ بِهِ خَبَرٌ وَالْحُجَجُ لِلْفَرْقِ فِي هَذَا الْبَابِ تَطُولُ جِدًّا وَتَكْثُرُ وَفِي بَعْضِهَا تَشْعِيبٌ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَا هُنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي تَأْوِيلِ حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَأُصُولِ الْأَحْكَامِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالْحُجَّةُ عِنْدَنَا أَلَّا وُضُوءُ عَلَى الرُّعَافِ وَالْقَيْءِ أَنَّ المتوضىء باجماع لا ينتقض وضوؤه بِاخْتِلَافٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ سُنَّةٌ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهَا وَهِيَ مَعْدُومَةٌ هَا هُنَا وَبِاللَّهِ تَوَفُّقُنَا وَسَنَذْكُرُ أَحْكَامَ الْمُسْتَحَاضَةِ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الرايع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ امْرَأَةً تُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ فَقِيلَ الْحَوْلَاءُ بِنْتُ تُوَيْتٍ لَا تَنَامُ اللَّيْلَ فَكَرِهَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى عَرَفْنَا الْكَرَاهَةَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا اكْلُفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا لَكَمَ بِهِ طَاقَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ منقطع من رواية اسماعيل ابن أَبِي حَكِيمٍ وَقَدْ يَتَّصِلُ مَعْنًى وَلَفْظًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ ثَابِتَةٍ وَالْحَوْلَاءُ هَذِهِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِيَ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَهِيَ الْحَوْلَاءُ بِنْتُ تُوَيْتِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الْعَقِبِ وَأَبُو الْمَيْمُونِ الْبَجَلِيُّ جَمِيعًا بِدِمَشْقَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ عُرْوَةُ أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ الْحَوْلَاءَ بِنْتَ تُوَيْتِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى مَرَّتْ بِهَا وَعِنْدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ الْحَوْلَاءُ بِنْتُ تُوَيْتٍ قَالُوا إِنَّهَا لَا تَنَامُ اللَّيْلَ فَقَالَ رَسُولُ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَنَامُ اللَّيْلَ خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَوَاللَّهِ لَا يَسْأَمُ اللَّهُ حَتَّى تَسْأَمُوا وَذَكَرَهُ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَتْ عِنْدِي امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ فَقُلْتُ لَهُ هَذِهِ فُلَانَةٌ لَا تَنَامُ اللَّيْلَ تَذْكُرُ مِنْ صَلَاتِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْ عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا القعبي عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَهُ وَبِهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ عِنْدِي حَدِيثٌ آخَرُ لَيْسَ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الْأَوْزَاعِيِّ

حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن معاوية قال حدثنا اسحاق ابْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ قَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دِيمَ عَلَيْهَا وَإِنْ قَلَّتْ قَالَتْ وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا قَالَ أَبُو سَلَمَةَ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا أَبُو الدَّحْدَاحِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ السُّلَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ قَدْرَ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا قَالَتْ وَكَانَ أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِنْ قَلَّتْ قَالَتْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عليها ثم قرأ أبو سلمة والذين هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ الْحَوْلَاءِ هَذَا مُتَّصِلًا مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ ذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ مَا تَصَوَّرْتُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ إِلَّا سَمِعْتُ صَوْتًا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ الْحَوْلَاءُ بِنْتُ تُوَيْتٍ لَا تَنَامُ إِذَا نَامَ النَّاسُ قَالَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ إِجَازَةً قَالَ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ إِجَازَةً عَنِ الْعُقَيْلِيِّ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُوسَى الْمَكِّيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعَطَاءِ عَلَى الْعَمَلِ حَتَّى تَمَلُّوا أَنْتُمْ وَلَا يَسْأَمُ مِنْ أَفْضَالِهِ عَلَيْكُمْ إِلَّا بِسَآمَتِكُمْ (هـ) عَنِ الْعَمَلِ لَهُ وَأَنْتُمْ مَتَى تَكَلَّفْتُمْ مِنَ الْعِبَادَةِ مَا لَا تُطِيقُونَ لَحِقَكُمُ الْمَلَلُ وَأَدْرَكَكُمُ الضَّعْفُ وَالسَّآمَةُ وَانْقَطَعَ عَمَلُكُمْ فَانْقَطَعَ عَنْكُمُ الثَّوَابُ لِانْقِطَاعِ الْعَمَلِ يَحُضُّهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَلِيلِ الدَّائِمِ وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّ النُّفُوسَ لَا تَحْتَمِلُ الْإِسْرَافَ عَلَيْهَا وَأَنَّ الْمَلَلَ سَبَبٌ إِلَى قطع العمل

وَمِنْ هَذَا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تُشَادُّوا الدِّينَ فَإِنَّهُ مَنْ يُغَالِبُ الدِّينَ يَغْلِبُهُ الدِّينُ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا يَقْطَعُ أَرْضًا وَلَا يُبْقِي ظَهْرًا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَكَانَ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ لَا تَفْعَلْ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ نَفِهَتْ نَفْسُكَ يَعْنِي أَعْيَتْ وَكَلَّتْ يُقَالُ لِلْمُعْيِ مُنْفِهٍ وَنَافِهٍ وَجَمْعُ نَافِهٍ نُفْهٍ كَذَلِكَ فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَأَبِي عَمْرٍو قَالَ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ الايغال السير الشديد وأما الوغول فَهُوَ الدُّخُولُ وَقَدْ جَعَلَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْغُلُوَّ فِي أَعْمَالِ الْبِرِّ سَيِّئَةً وَالتَّقْصِيرَ سَيِّئَةً فَقَالَ الْحَسَنَةُ بَيْنَ سَيِّئَتَيْنِ وَأَمَّا لَفْظُهُ فِي قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا فَلَفْظٌ مُخْرَجٌ عَلَى مِثَالِ لَفْظٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَمَلُّ سَوَاءً مَلَّ النَّاسُ أَوْ لَمْ يَمَلُّوا وَلَا يَدْخُلُهُ مَلَالٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ جَلَّ وَتَعَالَى عُلُوًّا كَبِيرًا وَإِنَّمَا جَاءَ لَفْظُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ بِأَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا وَضَعُوا لَفْظًا بِإِزَاءِ لَفْظٍ وَقُبَالَتِهِ جَوَابًا لَهُ وَجَزَاءً ذَكَرُوهُ بِمِثْلِ لَفْظِهِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لَهُ فِي مَعْنَاهُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وجزاء سيئة بسيئة مِثْلُهَا وَقَوْلُهُ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَالْجَزَاءُ لَا يَكُونُ سَيِّئَةً وَالْقِصَاصُ لَا يَكُونُ اعْتِدَاءً لِأَنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (هـ) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ وَقَوْلُهُ انما نحن مستهزؤن الله يستهزىء بهم وقوله انهم يكيدون كيدا واكيدا كَيْدًا وَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُزُؤٌ وَلَا مَكْرٌ وَلَا كَيْدٌ إِنَّمَا هُوَ جَزَاءٌ لِمَكْرِهِمْ وَاسْتِهْزَائِهِمْ وَجَزَاءُ كَيْدِهِمْ فَذَكَرَ الْجَزَاءَ بِمِثْلِ لَفْظِ الِابْتِدَاءِ لَمَّا وُضِعَ بِحِذَائِهِ وَكَذَلِكَ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا أَيْ إِنَّ مَنْ مَلَّ مِنْ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ قُطِعَ عَنْهُ جَزَاؤُهُ فَأَخْرَجَ لَفْظَ قَطْعِ الْجَزَاءِ بِلَفْظِ الْمَلَالِ إِذْ كَانَ بِحِذَائِهِ وَجَوَابًا لَهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوُّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عبد الله ابن عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكُلِّ عَامِلٍ فَتْرَةٌ وَلِكُلِّ فَتْرَةٍ شِرَّةٌ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إن لكل عمل شرها وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةً فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ هَكَذَا قال جعل من مَوْضِعِ الْفَتْرَةِ الشِّرَّةُ فَقُلِبَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى عَلَى مَا فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ خَارِجَ مَعْنَاهُ وَالشِّرَّةُ الْحِرْصُ وَالشَّرِهُ وَالشَّرِهَانُ الْحَرِيصُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّجْسَجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ أَخَفُّهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ أَخَفَّهَا عَلَى الْقُلُوبِ وَأَحَبَّهَا إِلَى النُّفُوسِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْرَى أَنْ يَدُومَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ حَتَّى يَصِيرَ لَهُ عَادَةً وَخُلُقًا

إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة

وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ أَفْضَلُ الْعِيَادَةِ أَخَفُّهَا يُرِيدُ عِيَادَةَ الْمَرْضَى فَمَنْ رَوَاهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ وَالْحُكَمَاءِ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْعِيَادَةِ التَّخْفِيفُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَرِيضُ يَدْعُو الصَّدِيقَ إِلَى الْأُنْسِ بِهِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الْعِيَادَةِ وَالْقَوْلُ فِيهَا فِي بَابِ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ يُكَنَّى أَبَا نَجِيحٍ وَقِيلَ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ وَقِيلَ أَبَا يَحْيَى مِنْ تَابِعِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ صِغَارِهِمْ لَقِيَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ ثِقَةٌ حُجَّةٌ فِيمَا نَقَلَ وَأَبَوْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَسٌ فَغَدَوْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُحَنِّكَهُ فَوَافَيْتُهُ وَبِيَدِهِ الْمِيسَمُ يَسِمُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ اسْمُ جَدِّهِ أَبِي طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَذَكَرْنَا طَرَفًا مِنْ أَخْبَارِهِ فِي كِتَابِنَا كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَرَفَعْنَا هُنَاكَ فِي نَسَبِهِ وَأُمُّ إِسْحَاقَ بُثَيْنَةُ ابْنَةُ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْعَجْلَانِ الزَّرَفِيُّ الانصاري وروى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ابْنُهُ اسحاق وروى عنه ابن شهاب ايضا ورو عن اسحاق جماعة من الايمة مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى وَلِإِسْحَاقَ إِخْوَةٌ جَمَاعَةٌ وَهُمْ عَمْرٌو وَعُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَيَعْقُوبُ وَإِسْمَاعِيلُ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ كُلُّهمْ قَدْ رَوَى عَنْهُمُ الْعِلْمَ وَإِسْحَاقُ هَذَا أَرْفَعُهُمْ وَأَعْلَمُهُمْ وَأَثْبَتُهُمْ رِوَايَةً

قَالَ الْوَاقِدَيُّ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يُقَدِّمُ عَلَى إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْحَدِيثِ أَحَدًا وَتُوفِيَ إِسْحَاقُ بِالْمَدِينَةِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ كَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيثًا مِنْهَا عَنْ أَنَسٍ عَشْرَةٌ وَعَنْ رَافِعِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدِيثَانِ وَعَنْ زُفَرَ بْنِ صَعْصَعَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَعَنْ أَبِي مُرَّةً حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَعَنْ حُمَيْدَةَ امْرَأَتِهِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ حَدِيثٌ أَوَّلُ لِإِسْحَاقَ عَنْ أنس مسند مالك عَنْ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرُ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءُ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا نَزَلَتْ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لَنْ تَنَالُوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وإن أحب أَمْوَالِي بَيْرُحَاءُ وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهُ فِي الْأَقْرَبِينَ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَسَّمَهَا أَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَسَّمَهَا أَبُو طَلْحَةُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَعْنَبِيُّ فِي رِوَايَةِ علي بن

عَبْدِ الْعَزِيزِ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِهِ الْمَبْسُوطِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ بِإِسْنَادِهِ سَوَاءً وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَقَسَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَأَضَافَ الْقِسْمَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ أَرَادَ أَقَارِبَ أَبِي طَلْحَةَ وَبَنِي عَمِّهِ وَذَلِكَ مَحْفُوظٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا إِضَافَةُ الْقِسْمَةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَنْ يُضَافَ الْفِعْلُ إِلَى الْآمِرِ بِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ وَلَا يُجِيزُ مِثْلَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَلَكِنَّهَا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمَعْنَى فِيهِ بَيِّنٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (0ب) عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ وَكَانَتْ دَارُ ابْنِ جَعْفَرٍ وَالدَّارُ الَّتِي تَلِيهَا إِلَى قَصْرِ ابْنِ جَدِيلَةَ حَوَائِطُ لِأَبِي طَلْحَةَ قَالَ وَكَانَ قَصْرُ ابْنِ جَدِيلَةَ حَائِطًا لِأَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهَا بَيْرُحَاءُ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا وَيَأْكُلُ مِنْ ثَمَرِهَا فَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَإِنْ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءُ فَهِيَ لِلَّهِ ولرسوله ارجو بره وذخره اجعله يارسول اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَخٍ ذَلِكَ يَا أَبَا طَلْحَةَ مَالٌ رَابِحٌ قَدْ قَبِلْنَاهُ مِنْكَ وَرَدَدْنَاهُ عَلَيْكَ فَاجْعَلْهُ فِي الْأَقْرَبِينَ قَالَ فَتَصَدَّقَ بِهِ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى ذَوِي رَحِمِهِ فَكَانَ مِنْهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ فَبَاعَ حَسَّانُ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ فَقِيلَ لَهُ يَا حَسَّانُ تَبِيعُ صَدَقَةَ أَبِي طَلْحَةَ فَقَالَ أَلَا أَبِيعُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ بِصَاعٍ مِنْ دَرَاهِمَ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ وَأُبَيٌّ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِهِ قَالَ قَالَ أَنَسٌ كَانَتْ لِأَبِي طَلْحَةَ أَرْضٌ فَجَعَلَهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اجْعَلْهَا فِي فُقَرَاءِ أَقَارِبِكَ فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ أَنَسٌ وَكَانَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنِّي وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ من الفقه والعلم وجوه فمنها ان الرجال الْفَاضِلَ الْعَالِمَ قَدْ يُضَافُ إِلَيْهِ حُبُّ الْمَالِ وَقَدْ يُضِيفُهُ هُوَ إِلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ فِي ذلك نقيصة عليه ولاعلى مَنْ أَضَافَ ذَلِكَ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهِ حِلِّهِ وَمَا أَبَاحَ اللَّهُ مِنْهُ وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ مِنْ خِيَارِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وقد أخبرنا الله

عز وجل عن الانسان وإنه لحب الخير لشديد قال المفسرون الخير ها هنا الْمَالُ وَفِيهِ إِبَاحَةُ اتِّخَاذِ الْجَنَّاتِ وَالْحَوَائِطِ وَهِيَ الَّتِي تُعْرَفُ عِنْدَنَا بِالْمُنَى فِي الْحَوَاضِرِ وَغَيْرِهَا وَفِيهِ إِبَاحَةُ دُخُولِ الْعُلَمَاءِ وَالْفُضَلَاءِ الْبَسَاتِينَ وَمَا جَانَسَهَا مِنَ الْجَنَّاتِ وَالْكُرُومِ وَغَيْرِهَا طَلَبًا لِلرَّاحَةِ وَالتَّفَرُّجِ وَالنَّظَرِ إِلَى مَا يُسَلِّي النَّفْسَ وَمَا يوجب شكر الله عزوجل عَلَى نِعَمِهِ وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ كَسْبِ الْعَقَارِ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ لِمَا رُوِيَ عن ابن مسعود أنه قال لاتتخلوا الضَّيْعَةَ فَتَرْغَبُوا فِي الدُّنْيَا وَفِي كَسْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَقَارَ مِمَّا أفاء الله عليه من بني النظير وَفَدَكٍ وَغَيْرِهَا وَكَسْبِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ لِلْأَرَضِينَ وَالْحَوَائِطِ وَكَسْبِ التَّابِعِينَ بَعْدَهُمْ بِإِحْسَانٍ لِذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى وَلَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ فِي أَنَّ كَسْبَ الْعَقَارِ مُبَاحٌ إِذَا كَانَ مِنْ حِلِّهِ وَلَمْ يَكُنْ سَبَبَ ذُلٍّ وَصَغَارٍ فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَرِهَ كَسْبَ أَرْضِ الْخَرَاجِ وَلَمْ ير شراءها وقال لاتجعل فِي عُنُقِكَ صَغَارًا وَفِيهِ إِبَاحَةُ الشُّرْبِ مِنْ الماء الصَّدِيقِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَمَاءِ الْحَوَائِطِ وَالْجَنَّاتِ وَالدُّورُ عِنْدَنَا مَمْلُوكٌ لِأَهْلِهِ لَهُمُ الْمَنْعُ مِنْهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَسَنَذْكُرُ مَعْنَى نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ وَعَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ فِي بَابِ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى الله عليه وسلم لاتمنع نَفْعَ بِئْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِذَا جَازَ الشُّرْبُ مِنْ مَاءِ الصَّدِيقِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ جَازَ الْأَكْلُ مِنْ ثِمَارِهِ وَطَعَامِهِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ نَفْسَ صَاحِبِهِ تَطِيبُ بِهِ لِتَفَاهَتِهِ وَيُسْرِ مُؤْنَتِهِ وَلِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمَوَدَّةِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ

جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ دَخَلْتُ بَيْتَ قَتَادَةَ فَأَبْصَرْتُ رُطَبًا فَجَعَلْتُ آكُلُهُ فَقَالَ مَا هَذَا قُلْتُ أَبْصَرْتُ رُطَبًا فِي بَيْتِكَ فَأَكَلْتُ قَالَ أَحْسَنْتَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ صَدِيقِكُمْ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ أَوْ صَدِيقِكُمْ قَالَ إِذَا دَخَلْتَ بَيْتَ صَدِيقِكَ مِنْ غَيْرِ مُؤَامَرَتِهِ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ قَالَ مَعْمَرٌ وَدَخَلْتُ بَيْتَ قَتَادَةَ فَقُلْتُ أَأَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْجُبِّ لِجُبٍّ فِيهِ مَاءٌ فَقَالَ أَنْتَ لَنَا صَدِيقٌ قَالَ مَعْمَرٌ وَقَالَ قَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ إِذَا مَلَكَ الرَّجُلُ الْمِفْتَاحَ فَهُوَ (*) خَازِنٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَطْعَمَ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ كُنَّا نَغْزُو فَنَمُرُّ بِالثِّمَارِ فَنَأْكُلُ مِنْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عَلَى مَا قُلْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِمَّا يَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ تَطِيبُ بِهِ نَفْسُهُ وَكَانَ يَسِيرًا لَا يَتَشَاحَّ فِي مِثْلِهِ وَقَدْ كَانَ لَهُمْ فِي سَفَرِهِمْ ضِيَافَةٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا وَقَدْ يَكُونُ هَذَا مِنْهَا وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَقَالَ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى مُمَهَّدًا فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ إِبَاحَةُ اسْتِعْذَابِ الْمَاءِ وَتَفْضِيلُ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ بِمَا فَضَّلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي خِلْقَتِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا ملح أجاج

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُسْتَعْذَبُ لَهُ الْمَاءُ مِنْ بير السُّقْيَا وَفِي هَذَا الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُ أَنَسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي بَيْرُحَاءَ وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ فَوَصَفَهُ بِالطَّيِّبِ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ ظَاهِرِ الْخِطَابِ وَعُمُومِهِ وَأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا مِنْ فَحْوَى الْخِطَابِ غَيْرَ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ حِينَ سَمِعَ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ لَمْ يَحْتَجْ أَنْ يَقِفَ حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ الْبَيَانُ عَنِ الشَّيْءِ الَّذِي يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْهُ عِبَادُهُ بِآيَةٍ أُخْرَى أَوْ سُنَّةٍ مُبَيِّنَةٍ لِذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً وَفِي بِدَارِ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى اسْتِعْمَالِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ مَعْنَى حُبِّهِ فِي الْإِنْفَاقِ مِنْهُ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ مَعْنَى الْعُمُومِ وَمَا احْتَمَلَ الِاسْمُ الظَّاهِرُ مِنْهُ فِي أَقَلِّ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرِهِ وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ أَبَى مِنِ اسْتِعْمَالِ الْعُمُومِ لِاحْتِمَالِهِ التَّخْصِيصَ وَهَذَا أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ كَبِيرٌ خَالَفَ فِيهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ أَهْلَ الْحِجَازِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ بِحُجَجِهِ وَوُجُوهِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ بَدَّرَ مِمَّا يُحِبُّ إِلَى حَائِطِهِ فَأَنْفَقَهُ وَجَعَلَهُ صَدَقَةً لِلَّهِ اسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ فَعَلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بَدَّرَ مِمَّا يُحِبُّ إِلَى فَرَسٍ لَهُ فَجَعَلَهَا صَدَقَةً لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ عُمُومِ الْآيَةِ ذَكَرَ أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ (*) الْمُنْكَدِرِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ

لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ قَالَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِي مَالٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ فَرَسِي هَذَا وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ سُبُلٌ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فقال لأسامة بن زيد أأقبضه فَكَأَنَّ زَيْدًا وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَبِلَهَا مِنْكَ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ مِثْلَهُ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ فَقَالَ لَهَا أَشْعَرْتِ أَنِّي أَعْطَيْتُ بِنَافِعٍ أَلْفَ دِينَارٍ أَعْطَانِي بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَتْ فَمَا تَنْتَظِرُ أَنْ تَبِيعَ قَالَ فَهَلَّا خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَتْ وَمَا هُوَ قَالَ هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ قَالَ أَظُنُّهُ تَأَوَّلَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَرُوِّينَا عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أُمَّ وَلَدِ الرَّبِيعِ بْنِ خُشْمٍ قَالَتْ كَانَ إِذَا جَاءَ السَّائِلُ يَقُولُ لِي يَا فُلَانَةُ أَعْطِي السَّائِلَ سُكَّرًا فَإِنَّ الرَّبِيعَ يُحِبُّ السُّكَّرَ قَالَ سُفْيَانُ يَتَأَوَّلُ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُؤَمِّلُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ فَذَكَرَهُ

وَقَالَ الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنَّكُمْ لَا تَنَالُونَ مِمَّا تُحِبُّونَ إِلَّا بِتَرْكِ مَا تَشْتَهُونَ وَلَا تُدْرِكُونَ مَا تَأْمُلُونَ إِلَّا بِالصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ وَفِيهِ أَنَّ لَفَظَ الصَّدَقَةِ يُخْرِجُ الشَّيْءَ الْمُتَصَدَّقَ بِهِ عَنْ مِلْكِ الَّذِي يَمْلِكُهُ قَبْلَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ فَإِنْ أَخْرَجَهَا إِلَى مَالِكٍ وَمَلَّكَهُ إِيَّاهَا اسْتَغْنَى بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ عَنْ غَيْرِهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّ لَفْظُ الصَّدَقَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ اللَّهَ بِهَا مُعْطِيهَا لِمَا وَعَدَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَلَى الصَّدَقَةِ مِنْ جَزِيلِ الثَّوَابِ وَمَا أُرِيدَ بِهِ اللَّهُ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ وَهَذَا مِمَّا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ وَفِي هَذَا حُجَّةٌ لِمَالِكٍ فِي إِجَازَتِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ بِالصَّدَقَةِ وَإِنْ لَمْ يَحُزْهَا حَتَّى يَحُوزَهَا وَتَصِحَّ لَهُ مَا دَامَ الْمُتَصَدِّقُ أَوِ الْوَاهِبُ حَيًّا وَإِنْ لَمْ تُقْبَضْ وَغَيْرُهُ لَا يَجْعَلُ اللَّفْظَ بِالصَّدَقَةِ وَلَا بِالْهِبَةِ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ (*) لِمُعَيَّنٍ وَلَا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ حَتَّى تُقْبَضَ وَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ عِنْدَهُمْ وَلَا لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ أَنْ يُطَالِبَ وَاهِبَهَا بِإِخْرَاجِهَا إِلَيْهِ وَلَا يُوجِبَ عِنْدَهُمْ لَفْظَ الصَّدَقَةِ أَوِ الْهِبَةِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ حُكْمًا وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَهُمْ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَمَا شَاكَلَهُ مِنْ مَعَانِي الْهِبَاتِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنُبَيِّنُ وُجُوهَ أَقَاوِيلِهِمْ وَاعْتِلَالِهِمْ لِمَذَاهِبِهِمْ هُنَاكَ بِحَوْلِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ قَدْ أَوْجَبَ حُكْمًا أَقَلُّهُ الْمُطَالَبَةُ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ لِلْمُعَيَّنِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ لَوْلَا الْكَلَامُ الْمُتَقَدِّمُ مَا كَانَ الْقَبْضُ يُدْرَى مَا هُوَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

فَإِذَا قَالَ الْمُتَصَدِّقُ مَالِي هَذَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يُمَلِّكْهُ أَحَدًا جَازَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي أَيِّ سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ اللَّهِ شَاءَ غَيْرَ أَنَّ الْأَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى هَذَا إِذَا لَمْ يَبِنْ مُرَادُ الْمُتَصَدِّقِ فَإِنْ بَانَ مُرَادُهُ لَمْ يَتَعَدَّ ذَلِكَ الْوَجْهَ وَفِيهِ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُشِرْ بِذَلِكَ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ إِلَّا وَهُوَ قَدِ اخْتَارَ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يَخْتَارُ لَهُ إِلَّا الْأَفْضَلَ لَا مَحَالَةَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعِتْقَ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَقَدْ فَضَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ عَلَى الْعِتْقِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السُّرِّيِّ عَنْ عَبْدَةَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ فَأَعْتَقْتُهَا فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ آجَرَكِ اللَّهُ أَمَا إِنَّكِ لَوْ

أَعْطَيْتِهَا إِخْوَانَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ وَرَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ لِقَرِيبٍ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةِ زَوْجَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْنَبَ الْأَنْصَارِيَّةِ حِينَ أَتَتَاهُ تَسْأَلَانِهِ عَنِ النَّفَقَةِ عَلَى أَزْوَاجِهِمَا وَعَلَى أَيْتَامٍ فِي حُجُورِهِمَا هَلْ يُجْزِي ذَلِكَ عَنْهُمَا مِنَ الصَّدَقَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ (*) وَسَلَّمَ لَكُمَا أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَفْضَلَ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرحم الكاشح قيل في تأويل الكاشح ها هنا الْقَرِيبُ وَقِيلَ الْمُبْغِضُ الْمُعَادِي فَإِنَّهُ طَوَى كَشْحَهُ عَلَى بُغْضِهِ وَعَدَاوَتِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ إِجَازَةُ تَوَلِّي الْمُتَصَدِّقَ قَسْمَ صَدَقَتِهِ وَذَلِكَ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ إِذَا كَانَ مِنْهُ إِخْرَاجًا لها عن ملكه ويده وتمليكا (هـ) لِغَيْرِهِ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ كَرِهَ أَكْلَ الصدقة التطوع للغني من غير مسئلة لِأَنَّ أَقَارِبَ أَبِي طَلْحَةَ الَّذِينَ قَسَّمَ عَلَيْهِمْ صَدَقَتَهُ تِلْكَ لَمْ يَبِنْ لَنَا أَنَّهُمْ فُقَرَاءُ

مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُمْ أَخْذُ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ وَقَدْ ذكر بعض أهل العلم أن أبي ابن كَعْبٍ كَانَ مِنْ أَيْسَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ أَحَدُ الَّذِينَ قَسَّمَ عَلَيْهِمْ أَبُو طَلْحَةَ صَدَقَتَهُ هَذِهِ وَقَدْ عَارَضَهُ بَعْضُ مُخَالِفِيهِ فَزَعَمَ أَنَّ أُبَيًّا كَانَ فَقِيرًا وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَسَّمَهَا أَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ فقراء أقاربه وهي لفظة مختلف فيه لَا تَثْبُتُ وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَإِنَّ الصدقة التطوع جائز قبولها من غير مسئلة لِكُلِّ أَحَدٍ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا وَإِنْ كَانَ التَّنَزُّهُ عَنْهَا أَفْضَلَ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَسَنُبَيِّنُ وُجُوهَ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فُقَهَاءُ الْحِجَازِيِّينَ حَيْثُ قَالُوا فَيَمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ أَوْ عَلَى قَوْمٍ بِصَدَقَةِ حَبْسٍ ذَكَرَ فِيهَا أَعْقَابَهُمْ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا بَعْدَهُمْ مَرْجِعًا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى مَا لَا يُعْدَمُ وجوده من صفات البر فماتو وَانْقَرَضُوا إِنَّهَا تَرْجِعُ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ يَوْمَ تَرْجِعُ لَا يَوْمَ حَبْسٍ أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ إِذْ جَعَلَ حَائِطَهُ ذَاكَ صَدَقَةً لِلَّهِ وَلَمْ يَذْكُرْ وَجْهًا مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي أَقَارِبِهِ فَكَذَلِكَ كُلُّ صَدَقَةٍ لَا يُجْعَلُ لَهَا وَجْهٌ وَلَا يُذْكَرُ لَهَا مَرْجِعٌ تُصْرَفُ عَلَى أَقَارِبِ الْمُتَصَدِّقِ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا عِنْدَ مَالِكٍ فِيمَا لَمْ يُرِدْ بِهِ صَاحِبُهُ حَيَاةَ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إِذَا أَرَادَ ذَلِكَ فَهِيَ عِنْدُهُ الْعُمْرَى وَمَذْهَبُهُ فِي الْعُمْرَى أَنَّهَا (*) عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ عِنْدَ انْقِضَاءِ عُمْرِ الْمُعْمَرِ أَوْ إِلَى وَرَثَتِهِ مِيرَاثًا وَسَنَذْكُرُ قَوْلَهُ وَقَوْلَ غَيْرِهِ فِي الْعُمْرَى عِنْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثِ فِيهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَنُبَيِّنُ وُجُوهَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

وقد اختلف قول مالك فيمن قال هذا الدَّارُ أَوْ هَذَا الشَّيْءُ حَبْسٌ عَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى قَوْمٍ وَلَمْ يَعْقُبْهُمْ وَلَا جَعَلَ لَهَا مَرْجِعًا إِلَى الْمَسَاكِينِ وَنَحْوِهِمْ فَمَرَّةً قَالَ تَرْجِعُ مِلْكًا إِلَى رَبِّهَا إِذَا هَلَكَ الْمُحْبِسُ عَلَيْهِ كَالْعُمْرَى وَمَرَّةً قَالَ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ أَبَدًا وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَغْرِبِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَحَكَوْا عَنْهُ نُصُوصًا فِيمَنْ حَبَسَ حَبْسًا عَلَى نَفَرٍ مَا عَاشُوا فَانْقَرَضُوا فَالْحَبْسُ رَاجِعٌ إِلَى عُصْبَةِ الْمُحْبِسِ حَبْسًا وَلَا يَرْجِعُ إِلَى مَنْ حَبَسَهُ وَإِنْ كَانَ حَيًّا وَيَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي الْغَلَّةِ مَعَهُمْ وَالسُّكْنَى وَلَوْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ حَبْسٍ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مَرْجِعًا غَيْرَ ذَلِكَ فَانْقَرَضَ وَلَدُهُ وَوَلَدُ وَلَدِهِ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ فَأَرَادَ بَيْعَهُ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى ذَلِكَ فَإِذَا انْقَرَضَ فَهُوَ حَبْسُ صَدَقَةٍ عَلَى عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَإِذَا انْقَرَضَ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ مِنْ عَصَبَتِهِ فَإِلَى الَّذِينَ يَلُونَهُمْ فَإِذَا انْقَرَضَ كُلُّ مَنْ تَمَسُّهُ بِهِ رَحِمٌ مِنْ عَصَبَتِهِ رَجَعَتْ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَحْبَاسُ الْمُسْلِمِينَ يَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ فِي وَضْعِ غَلَّتِهَا وَكِرَائِهَا بَعْدَ صَدَقَتِهَا وَلَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ شَيْءٌ مِنَ الْعَقَارِ إِذَا أُجْرِيَ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّدَقَةِ الْحَبْسِ وَلَفْظُ الْوَلَدِ فِي التَّحْبِيسِ يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْوَلَدِ أَبَدًا وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْبَنَاتِ يَدْخُلُ فِيهِ بَنَاتُ الْبَنِينَ أَبَدًا إِذَا اجْتَمَعُوا وَلَا يُفَضَّلُ الْأَعْيَانُ إِلَّا عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَيْسَ وَلَدُ الْبَنَاتِ مِنَ الْعَقِبِ وَلَا مِنَ الْوَلَدِ إِذْ لَيْسُوا مِنَ الْعَصَبَاتِ هَذَا كُلُّهُ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إِلَّا أَنَّ عَنْ بَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ الْمَالِكِيِّينَ خِلَافًا فِي بَعْضِ هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَدَّلِ قِيلَ لِمَالِكٍ فَلَوْ قَالَ فِي صَدَقَتِهِ هَذَا حَبْسٌ عَلَى فُلَانٍ هَلْ تَكُونُ بِذَلِكَ مُحْبَسَةً قَالَ لَا لِأَنَّهَا لِمَنْ لَيْسَ بِمَجْهُولٍ وَقَدْ حَبَسَهَا عَلَى فُلَانٍ فَهِيَ عُمْرَى لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ تَحْبِيسَهَا غَيْرُ ثَابِتٍ وَلَا دَائِمٍ وَأَنَّهُ إِلَى غَايَةٍ قِيلَ فَلَوْ قَالَ هِيَ صَدَقَةٌ مُحْبَسَةٌ وَفُلَانٌ يَأْخُذُهَا مَا عَاشَ قَالَ إِذَا تَكُونُ مُحْبَسَةً قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُمْ هِيَ صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ وَهِيَ مُحْبَسَةٌ (*) وَالْأَلْفَاظُ الَّتِي بِهَا يَنْقَطِعُ مِلْكُ الشَّيْءِ عَنْ رَبِّهِ وَلَا يَعُودُ إِلَيْهِ أَبَدًا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنْ يَقُولَ حَبْسُ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٌ لَا يُبَاعُ أَوْ حَبْسٌ عَلَى أَعْقَابٍ وَمَجْهُولِينَ مِثْلَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ عِنْدَهُمْ مُؤَبَّدٌ لَا يَرْجِعُ مِلْكًا أَبَدًا وَأَمَّا إِذَا قَالَ سُكْنَى أَوْ عُمْرَى أَوْ حَيَاةَ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ أَوْ إِلَى أَجَلٍ مِنَ الْآجَالِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ مِلْكًا إِلَى صَاحِبِهَا أَوْ إِلَى وَرَثَتِهِ وَلَا يَكُونُ حَبْسًا مُؤَبَّدًا وَمَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ يُرِيدُ عَصَبَتَهُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِيمَنْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مِنِ النِّسَاءِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كُلُّ مَنْ كَانَ مِنَ النِّسَاءِ لَوْ كَانَ رَجُلًا كَانَ عُصْبَةً وَارِثًا دَخَلَ فِي مَرْجِعِ الْحَبْسِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُنَّ كَذَلِكَ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِيهِ وَرُوِيَ كَذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَدْخُلُ الْأُمُّ فِي مَرْجِعِ الْحَبْسِ وَلَا تَدْخُلُ الْأَخَوَاتُ لِلْأُمِّ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُدْخَلُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَنْ يَرِثُ فَأَمَّا عَمَّةٌ أَوِ ابْنَةُ عَمٍّ أَوِ ابْنَةُ أَخٍ فَلَا وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأُمَّ لَا تَدْخُلُ فِي مَرْجِعِ الْحَبْسِ وَلَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ اضْطِرَابٌ يَطُولُ ذِكْرُهُ

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَمَذْهَبُهُ نَحْوُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي مَرْجِعِ الْحَبْسِ خَاصَّةً قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِذَا قَالَ تَصَدَّقْتُ بِدَارِي عَلَى قَوْمٍ أَوْ عَلَى رَجُلٍ حَيٍّ مَعْرُوفٍ يَوْمَ تَصَدَّقَ أَوْ قَالَ صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ أَوْ قَالَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ أَوْ قَالَ صَدَقَةٌ مُسْبَلَةٌ فَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ فَلَا تَعُودُ مِيرَاثًا أَبَدًا قَالَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ مِلْكِهِ إِلَّا إِلَى مَالِكِ مَنْفَعَتِهَا يَوْمَ يُخْرِجُهَا إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُسْبِلْهَا عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً أَبَدًا فَإِذَا انْقَرَضَ الْمُتَصَدِّقُ بِهَا عَلَيْهِ كَانَتْ بِحَالِهَا أَبَدًا وَرَدَدْنَاهَا إلى أقرب الناس بالذي تصدق بها يَوْمَ تَرْجِعُ وَهِيَ عَلَى شَرْطِهِ مِنَ الْأَثَرَةِ وَالتَّقْدِمَةِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْغِنَى وَالْحَاجَةِ وَمِنْ إِخْرَاجِ مَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا بِصِفَةٍ أَوْ رَدِّهِ إِلَيْهَا بِصِفَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ مِلْكِهِ إِلَّا إِلَى مَالِكِ مَنْفَعَتِهَا مَعْنَاهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الْمَحْبِسُ عَلَيْهِ مَوْجُودَ الْعَيْنِ لَيْسَ بِحَمْلٍ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَجَائِزٌ أَنْ يَتَوَلَّاهَا لَهُ غَيْرُهُ إِذَا أَخْرَجَهَا الْمُحْبِسُ مِنْ يَدِهِ عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَجُوزُ عِنْدَهُ فِي الْأَوْقَافِ مِنْ تَرْكِ الْقَبْضِ مَا لَا يَجُوزُ فِي الْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ الْمَمْلُوكَاتِ لِأَنَّ الْوَقْفَ عِنْدَهُ يَجْرِي مَجْرَى الْعِتْقِ يَتِمُّ بِالْكَلَامِ دُونَ الْقَبْضِ قَالَ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُوقِفِ مِلْكَهُ كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِلْكُ رَقَبَةِ الْعَبْدِ (*) إِذَا أَعْتَقَهُ إِلَّا أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّى صَدَقَتَهُ وَتَكُونَ بِيَدِهِ لِيُفَرِّقَهَا وَيُسْبِلَهَا فِيمَا أَخْرَجَهَا فِيهِ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمْ يَزَلْ يَلِي صَدَقَتَهُ فِيمَا بَلَغَنَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ قَالَ وَكَذَلِكَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ كَانَا يليان صدقاتهما

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَكَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ بَلْ مَذْهَبُهُ فِيمَنْ حَبَسَ أَرْضًا أَوْ دَارًا أَوْ نَخْلًا عَلَى الْمَسَاكِينِ وَكَانَتْ فِي يَدَيْهِ يَقُومُ بِهَا وَيَكْرِيهَا وَيُقَسِّمُهَا فِي الْمَسَاكِينِ حَتَّى مَاتَ وَالْحَبْسُ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَبْسٍ مَا لَمْ يَحُزْهُ غَيْرُهُ وَهُوَ مِيرَاثٌ وَالرَّبْعُ عِنْدَهُ وَالْحَوَائِطُ وَالْأَرْضُ لَا يَنْفُذُ حَبْسُهَا وَلَا يَتِمُّ حَوْزُهَا حَتَّى يَتَوَلَّاهُ غَيْرُ مَنْ حَبَسَهُ بِخِلَافِ الْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ هَذَا تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْحُسَيْنِ الْخَرَقِيَّ ذَكَرَ عَنْهُ قَالَ إِذَا وَقَفَ وَقْفًا وَمَاتَ الْمُوقَفُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجْعَلْ آخِرَهُ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَبْقَ مِمَّنْ وَقَفَ عَلَيْهِ أَحَدٌ رَجَعَ إِلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ فِي إحدى الروايتين عنه والرواية الأخرى تكون وقفاش عَلَى أَقْرَبِ عَصَبَةِ الْوَاقِفِ وَزَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَدًّا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ فِي إِبْطَالِهِمَا الْأَحْبَاسَ وَرَدِّهِمَا الْأَوْقَافَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ الْوَقْفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ صَدَقَةُ أَبِي طَلْحَةَ صَدَقَةَ تَمْلِيكٍ لِلرَّقَبَةِ بَلِ الْأَغْلَبُ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ فَقَسَّمَهَا أَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ أَنَّهُ قَسَّمَ رَقَبَتَهَا وَمَلَّكَهُمْ إِيَّاهَا ابْتِغَاءَ مَرِضَاتِ اللَّهِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ إِذَا حَلَّ المتصدق عليه فيها محل المتصدق كان لَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَنْتَفِعَ وَيَهَبَ وَيَتَصَدَّقَ وَيَصْنَعَ ما أحب

وَإِنَّمَا أَنْكَرَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ تَحْبِيسَ الْأَصْلِ عَلَى التَّمْلِيكِ وَتَسْبِيلَ الْغَلَّةِ وَالثَّمَرَةِ وَهِيَ الْأَحْبَاسُ الْمَعْرُوفَةُ بِالْمَدِينَةِ وَفِيهَا تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ وَأَجَازَهَا الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالَ بِجَوَازِهَا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ لَمَّا حَدَّثَهُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِسَهْمِهِ مِنْ خَيْبَرَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْبِسِ الْأَصْلَ وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَبِهِ يَحْتَجُّ كُلُّ (*) مَنْ أَجَازَ الْأَحْبَاسَ ذَكَرَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ قَالَ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَ أَبَا يُوسُفَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ لَقِيَ ابْنَ عُلَيَّةَ فَسَأَلَهُ عَنْهُ فَحَدَّثَهُ بِهِ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا عَلَى جَوَازِهَا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الحارث بن أَخِي جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَتَخَلَّفَ أَرْضًا مَوْقُوفَةً وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ بَيَانِ الْعِلْمِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَنْقَطِعُ عَمَلُ الْمَرْءِ بَعْدَهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ بَعْدَهُ وَعِلْمٍ يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ وَوَلَدٍ يَدْعُو لَهُ

فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَوْنٍ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث ابن أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْمَرَهُ فِيهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ فَقَالَ إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا قَالَ فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُوَهَبُ وَلَا يُورَثُ قَالَ فَتَصَدَّقْ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَالْقُرَبَاءِ وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ أَوْ مُتَمَوِّلٍ مَالًا وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ نَافِعٍ إِلَّا ابْنُ عَوْنٍ وَهُوَ ثِقَةٌ لَمْ يَرْوِهِ مَالِكٌ وَلَا غَيْرُهُ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَدْ رَوَى عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لَوْلَا أَنِّي ذَكَرْتُ صَدَقَتِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَأْمَرْتُهُ أَوْ نَحْوَ هَذَا لَرَجَعْتُ عَنْهَا قَالَ مَالِكٌ مَخَافَةَ أَنْ يَعْمَلَ النَّاسُ بِذَلِكَ فِرَارًا مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَضَعُونَهَا مَوَاضِعَهَا وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي أَكْثَرِ الْمُوَطَّآتِ عَنْ مَالِكٍ وَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَهَذِهِ الصَّدَقَةُ هِيَ صَدَقَةُ عُمَرَ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وفي ابن عون هذا قال الشاعر ... خدوا عَنْ مَالِكٍ وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ ... وَلَا تَرْوُوا أحاديث ابن داب ... (*) وأما حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ قَالَ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ الَّتِي كَانَ يَرْكَبُهَا وَسِلَاحَهُ وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً فِي أَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ طُرُقٍ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ فَهَذِهِ الْآثَارُ وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا لَا مَدْخَلَ لِلتَّأْوِيلِ فِيهَا بِهَا احْتَجَّ مَنْ أَجَازَ الْأَوْقَافَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ هَذَا فَمُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَالْأَغْلَبُ فِيهِ عِنْدَنَا مَا وَصَفْنَا وَالِاحْتِجَاجُ بِهِ فِي مَرْجِعِ الْحَبْسِ عَلَى أَقَارِبِ الْمُحْبِسِ حَبْسًا حَسَنٌ قَوِيٌّ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ مِنِّي هَذَا الْقَوْلُ قَبْلَ أَنْ أَرَى حَدِيثَ ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ هَذَا وَفِيهِ فَبَاعَ حَسَّانُ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مُلْحَقًا فَعَادَ مَا ظَنَنَّا يَقِينًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ فَإِنَّهُ أَرَادَ مَالٌ رَابِحٌ صَاحِبُهُ وَمُعْطِيهِ فَحُذِفَ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ يَقُولُونَ مَالٌ رَابِحٌ وَمَتْجَرٌ رَابِحٌ كَمَا قَالُوا لَيْلٌ نَائِمٌ أَيْ يُنَامُ فِيهِ وَهَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى مَالٌ رَابِحٌ مِنَ الرِّبْحِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ بِالْيَاءِ الْمَنْقُوطَةِ بِاثْنَيْنِ مِنْ تَحْتِهَا وَقَالَ فِي تَفْسِيرِهِ إِنَّهُ يَرُوحُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْأَجْرِ الْعَظِيمِ وَحَقِيقَتُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِاللِّسَانِ عَلَى أَنَّهُ عَلَى النَّصْبِ أَيْ مَالٌ ذُو رِبْحٍ كَمَا يَقُولُونَ هَمٌّ نَاصِبٌ وَعِيشَةٌ رَاضِيَةٌ أَيْ هَمٌّ ذُو نَصَبٍ وَعِيشَةٌ ذَاتُ رضى وقال الأخفش (هـ) أَصْلُهُ مِنَ الرَّوْحَةِ أَيْ هُوَ مَالٌ يَرُوحُ عَلَيْكَ ثَمَرُهُ وَخَيْرُهُ مَتَى شِئْتَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَقَارِبُ الَّذِينَ قَسَّمَ أَبُو طَلْحَةَ صَدَقَتَهُ عَلَيْهِمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أرى ربنا يسئلنا أَمْوَالَنَا وَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ أَرْضِي بَيْرَحَا لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلْهَا فِي قَرَابَتِكَ فَقَسِّمْهَا بَيْنَ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ

الحديث الثاني

قَالَ أَبُو دَاوُدَ (*) وَبَلَغَنِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ الأنصاري زيد بن سهل بن أسود بن حرام بن عمرو ابن زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ يَجْتَمِعَانِ فِي حَرَامٍ وَهُوَ الْأَبُ الثَّالِثُ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَتِيكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ قَالَ الْأَنْصَارِيُّ بَيْنَ أَبِي طَلْحَةَ وَأُبَيٍّ سِتَّةُ آبَاءٍ قَالَ وَعَمْرُو بْنُ مَالِكٍ يَجْمَعُ حَسَّانَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَأَبَا طَلْحَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَسَّانُ فَيَلْقَاهُ أَبُو طَلْحَةَ عِنْدَ أَبِيهِ الثَّالِثِ وَأَمَّا أُبَيٌّ فَيَلْقَاهُ أَبُو طَلْحَةَ عِنْدَ أَبِيهِ السَّابِعِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَفِي هَذَا أَيْضًا مَا يَقْضِي عَلَى الْقَرَابَةِ أَنَّهَا مَا كَانَ فِي هَذَا الْقُعْدُدِ وَنَحْوِهِ وَمَا كَانَ دُونَهُ فهو احرى ان يلحق اسم قرابة حديث ثاني لإسحاق عن أنس مسند مالك عَنْ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَالْتَمَسَ النَّاسُ وَضَوْءًا فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ فِي إِنَاءٍ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ يَدَهُ ثُمَّ أمر الناس يتوضؤون مِنْهُ قَالَ أَنَسٌ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تحت اصابعه فتوضأ الناس حتى توضؤوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ

فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا قَرُبَ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ سَمَّى الْمَاءَ وَضَوْءًا لِأَنَّهُ يَقُومُ بِهِ الْوُضُوءُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوضوء في غناء والوضوء بفتح الواو فعل المتوضىء وَمَصْدَرُ فِعْلِهِ وَبِضَمِّهَا الْمَاءُ وَفِيهِ إِبَاحَةُ الْوُضُوءِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ لِلْجَمَاعَةِ يَغْتَرِفُونَ مِنْهُ فِي حِينٍ وَاحِدٍ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِفَضْلِ وُضُوءِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي فَضْلِ طَهُورِ الرِّجَالِ إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ الْعَلَمُ الْعَظِيمُ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَهُوَ نَبْعُ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَكَمْ لَهُ مِنْ هَذِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ وَرِضْوَانُهُ عَلَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ حضرت الصلاة فقام جيران المسجد يتوضؤون وَبَقِيَ مَا بَيْنَ (*) السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ وَكَانَتْ مَنَازِلُهُمْ بَعِيدَةً فَدَعَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمِخْضَبٍ فِيهِ مَاءٌ مَا هُوَ بِمَلْآنَ فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فيه وجعل يصب عليهم ويقول توضؤوا حتى توضؤوا كُلُّهُمْ وَبَقِيَ فِي الْمِخْضَبِ مِمَّا كَانَ فِيهِ وَهُمْ نَحْوٌ مِنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ فَزَادَ فِيهِ ذِكْرَ التَّسْمِيَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا

الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَبَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ وَقَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ نَظَرَ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَضَوْءًا فَلَمْ يَجِدُوا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ها هنا مَاءٌ قَالَ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الماء ثم قال توضؤوا بِسْمِ اللَّهِ قَالَ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَفُورُ مِنْ بين اصابعه والقوم يتوضؤون حتى توضؤوا مِنْ آخِرِهِمْ قَالَ ثَابِتٌ قُلْتُ لِأَنَسٍ كَمْ تَرَاهُمْ كَانُوا قَالَ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ هَذَا الْمَعْنَى بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا وَأَحْسَنَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ نَعُدُّ الْآيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا إِنَّا بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ مَعْنَا مَاءٌ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطْلُبُوا مَنْ مَعَهُ فَضْلُ مَاءٍ فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَصَبَّهُ فِي إِنَاءٍ ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ فَجَعَلَ الْمَاءَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ وَالْبَرَكَةِ مِنَ اللَّهِ قَالَ فَشَرِبْنَا وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَكُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَنَحْنُ نأكل

وَرَوَى جَابِرٌ فِي ذَلِكَ مِثْلَ رِوَايَةِ أَنَسٍ فِي أَكْثَرِ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ وَفِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَأَبُو دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَ الشَّجَرَةِ قَالَ فَذَكَرَ عَطَشًا فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْرٍ فِيهِ مَاءٌ فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِيهِ وَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهَا الْعُيُونُ (*) فَشَرِبْنَا وَسَقَيْنَا وَكَفَانَا قَالَ قُلْتُ لِجَابِرٍ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ وَلَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا وَقَالَ جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قُلْتُ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي أَوُتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْمُعْجِزَةِ أَوْضَحُ فِي آيَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَعْلَامِهِمْ مِمَّا أُعْطِيَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ ضَرَبَ بِعَصَاهُ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا وَذَلِكَ أَنَّ مِنَ

الْحِجَارَةِ مَا يُشَاهَدُ انْفِجَارُ الْمَاءِ مِنْهَا وَلَمْ يُشَاهِدْ قَطُّ أَحَدٌ مِنَ الْآدَمِيِّينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ الْمَاءُ غَيْرَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ نَزَعَ بِنَحْوِ مَا قُلْتُ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُ وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ فِي الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلَ مِنَ الْقَصْعَةِ الْوَاحِدَةِ ثَمَانُونَ رَجُلًا وَبَقِيَتْ بِهَيْأَتِهَا وَحَدَّثَنَا النُّعْمَانُ بْنُ مُقْرِنٍ إِذْ زُوِّدُوا مِنَ التَّمْرِ وَهُمْ أَرْبَعُمِائَةِ رَاكِبٍ قَالَ ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا بِهِ كَأَنَّهُ لَمْ يُفْقَدْ مِنْهُ شَيْءٌ وَالْأَحَادِيثُ فِي أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى وَقَدْ جَمَعَ قَوْمٌ كَثِيرٌ كَثِيرًا مِنْهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِنْ أَحْسَنِهَا وَكُلُّهَا حَسَنٌ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ حَتَّى أَتَيْنَا مَنْزِلًا فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْمُرُهُ أيت تِلْكَ الْأَشَاتَيْنِ فَقُلْ لَهُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَجْتَمِعَا فَفَعَلْتُ فَأَتَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبَتِهَا قَالَ فَخَرَجَ فَاسْتَتَرَ بِهِمَا فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ قَالَ ارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَقُلْ لَهُمَا يَرْجِعَا إِلَى مَكَانِهِمَا فَفَعَلْتُ فَفَعَلَتَا

وَرُوِيَ عَنْ يَعْلَى مِنْ وُجُوهٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حزرة يعقوب ابن مُجَاهِدٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ لَهُ حَتَّى نَزَلْنَا وَادِيًا أَفْيَحَ فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ وَاتَّبَعْتُهُ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَسْتَتِرُ بِهِ فَنَظَرَ فَإِذَا فِي شَاطِئِ الْوَادِي شَجَرَتَانِ فَانْطَلَقَ إِلَى إِحْدَاهُمَا فَأَخَذَ بِغُصْنٍ (*) مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ الْمَحْسُوسِ الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ ثُمَّ أَتَى الشَّجَرَةَ الْأُخْرَى فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي الْمَنْصَفِ مِمَّا بَيْنَهُمَا لَأَمَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ الْتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ قَالَ فَالْتَأَمَتَا قَالَ جَابِرٌ فَخَرَجْتُ أُسْرِعُ مَخَافَةَ أَنْ يُحِسَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُرْبِي فَتَبَعَّدْتُ قَالَ فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي ثُمَّ حَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدِ افْتَرَقَتَا فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى سَاقٍ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ وَقْفَةً فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ اقبل

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بن أصبغ حدثنا محمد ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَأْتِي الْبَرَازَ حَتَّى يَبْعُدَ فَلَا يُرَى فَنَزَلْنَا بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ وَلَا عَلَمٌ فَقَالَ يَا جَابِرُ اجْعَلْ فِي إِدَاوَتِكَ مَاءً ثُمَّ انْطَلِقْ بِنَا قَالَ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى لَا نُرَى فَإِذَا هُوَ بِشَجَرَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُ أَدْرُعٍ فَقَالَ يَا جَابِرُ انْطَلِقْ إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَقُلْ لَهَا يَقُولُ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَقِي بِصَاحِبَتِكِ حَتَّى أَجْلِسَ خَلْفَكُمَا قَالَ فَفَعَلَتْ فَرَجَعْتُ إِلَيْهَا فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُمَا ثُمَّ رَجَعَتَا إِلَى مَكَانِهِمَا فَرَكِبْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ الله بيننا كأنما على رؤوسنا الطَّيْرُ تُظِلُّنَا فَعَرَضَتْ لَنَا امْرَأَةٌ مَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنِي هَذَا يَأْخُذُهُ الشَّيْطَانُ كُلَّ يَوْمٍ مِرَارًا فَوَقَفَ لَهَا ثُمَّ تَنَاوَلِ الصَّبِيَّ فَجَعَلَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَقْدِمِ الرَّحْلِ ثُمَّ قَالَ اخْسَأْ عَدُوَّ اللَّهِ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ اخْسَأْ عَدُوَّ اللَّهِ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ ثَلَاثًا ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيْهَا فَلَمَّا قَضَيْنَا سَفَرَنَا مَرَرْنَا بِذَلِكَ الْمَكَانِ فَعَرَضَتْ لَنَا امْرَأَةٌ مَعَهَا صَبِيُّهَا وَمَعَهَا كَبْشَانِ تَسُوقُهُمَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْبَلْ مِنِّي هَذَيْنِ فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عَادَ إِلَيْهِ بَعْدُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا مِنْهَا أَحَدَهُمَا وَرَدُّوا عَلَيْهَا الْآخَرَ ثُمَّ سِرْنَا ورسول الله (*) صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسنا الطَّيْرُ تُظِلُّنَا فَإِذَا جَمَلٌ نَادٍ

حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ خَرَّ سَاجِدًا فحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم على النَّاسِ وَقَالَ مَنْ صَاحِبُ هَذَا الْجَمَلِ فَإِذَا فِتْيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا هُوَ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَمَا شَأْنُهُ فَقَالُوا اسْتَنَيْنَا عَلَيْهِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَكَانَتْ بِهِ شُجَيْمَةٌ فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْحَرَهُ فَنُقَسِّمُهُ بَيْنَ غِلْمَانِنَا فَانْفَلَتَ مِنَّا فَقَالَ أَتَبِيعُونَنِيهِ قَالُوا لَا بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَمَا لَا فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ أَجَلُهُ قَالَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ ذَلِكَ نَحْنُ أَحَقُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِالسُّجُودِ لَكَ مِنَ الْبَهَائِمِ قَالَ لَا يَنْبَغِي لِشَيْءٍ أَنْ يَسْجُدَ لِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَانَ النِّسَاءُ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي شَأْنِ الْعُمْرَةِ فَقَالَ عُمَرُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى تَبُوكَ فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا أَصَابَنَا فِيهِ عَطَشٌ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّ رِقَابَنَا سَتَنْقَطِعُ حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لِيَذْهَبُ فَيَلْتَمِسُ الْمَاءَ فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّ رَقَبَتَهُ سَتَنْقَطِعُ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْصِرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبُهُ وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ عَلَى كَبِدِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَوَّدَكَ فِي الدُّعَاءِ خَيْرًا فَادْعُ لَنَا قَالَ نَعَمْ

الحديث الثالث

فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَرْجِعْهُمَا حَتَّى قَالَتِ السَّمَاءُ فَأَظَلَّتْ ثُمَّ أَسْكَبَتْ فَمَلَئُوا مَا مَعَهُمْ ثُمَّ ذَهَبْنَا نَنْظُرُ فَلَمْ نَجِدْهَا جَازَتِ الْعَسْكَرَ وَفِي هَذَا الْمَعْنَى أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ ذَكَرْنَا مِنْهَا فِي بَابِ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ فِي الِاسْتِسْقَاءِ مَا فِيهِ شِفَاءٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثٌ ثَالِثٌ لإسحاق عن أنس مسند مالك عَنْ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ إِلَى قُبَاءَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ وَجَلَسَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ قَالَتْ فَقَلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ (*) غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ يَشُكُّ إِسْحَاقُ قَالَتْ فَقَلْتُ يَا رَسُولَ الله ادع الله يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَدَعَا لَهَا ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فنام ثم استيقظ يضحك قال فَقَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ قَالَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ كَمَا قَالَ فِي الْأَوَّلِ قَالَتْ فَقَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي اللَّهُ مِنْهُمْ قَالَ أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ قَالَ فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ ابن أَبِي سُفْيَانَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ

هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِيمَا عَلِمْتُ جَعَلُوهُ مِنْ مُسْنَدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَرَوَاهُ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ قَالَتِ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ أُمِّ حَرَامٍ هَكَذَا حَدَّثَ عَنْهُ بِهِ بُنْدَارُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأُمُّ حَرَامٍ هَذِهِ خَالَةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أُخْتُ أُمِّ سُلَيْمٍ بِنْتِ مِلْحَانَ أُمِّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا وَنَسَبْنَاهُمَا وَذَكَرْنَا أَشْيَاءَ مِنْ أَخْبَارِهِمَا فِي كتابنا كتاب الصحابة فأغنى عن ذكره ها هنا وَأَظُنُّهَا أَرْضَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أُمُّ سُلَيْمٍ أَرْضَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَصَلَتْ أُمُّ حَرَامٍ خَالَةً لَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَلِذَلِكَ كَانَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ وَيَنَامُ عِنْدَهَا وَكَذَلِكَ كَانَ يَنَامُ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ وَتَنَالُ مِنْهُ مَا يَجُوزُ لِذِي الْمَحْرَمِ أَنْ يَنَالَهُ مِنْ مَحَارِمِهِ وَلَا يَشُكُّ مُسْلِمٌ أَنَّ أُمَّ حَرَامٍ كَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ لَمَحْرَمٌ فَلِذَلِكَ كَانَ مِنْهَا مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْبَاجِيِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ فُطَيْسٍ أَخْبَرَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُزَيْنٍ قَالَ إِنَّمَا اسْتَجَازَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تَفْلِيَ أُمُّ حَرَامٍ رَأْسَهُ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْهُ ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْ قِبَلِ خَالَاتِهِ لِأَنَّ أُمَّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ كَانَتْ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ لَنَا ابْنُ وَهْبٍ أُمُّ

حَرَامٍ إِحْدَى خَالَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَلِهَذَا كَانَ يَقِيلُ عِنْدَهَا وَيَنَامُ فِي حِجْرِهَا وَتَفْلِي رَأْسَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَأُمُّ حَرَامٍ مَحْرَمٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ (*) بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قال حدثنا على ابن حُجْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا لَا يَبِيتَنَّ رَجُلٌ عِنْدَ امْرَأَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَاكِحًا أَوْ ذَا مَحْرَمٍ وَرَوَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْهُ ذَاتَ مَحْرَمٍ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بن عمرو بن العاصي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ عَلَى مُغِيبَةٍ إِلَّا وَمَعَهُ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال

إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَرَأَيْتَ الْحَمْوَ قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ وَهَذِهِ آثَارٌ ثَابِتَةٌ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَمُحَالٌ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَنْهَى عَنْهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا إِبَاحَةُ أَكْلِ مَا قَدَّمَتْهُ الْمَرْأَةُ إِلَى ضَيْفِهَا فِي بَيْتِهَا مِنْ مَالِهَا وَمَالِ زَوْجِهَا لِأَنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّ مَا فِي الْبَيْتِ مِنَ الطَّعَامِ هُوَ لِلرَّجُلِ وَأَنَّ يَدَ زَوْجَتِهِ فِيهِ عَارِيَةٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ فِيهِ وَأَحْسَنُ حَدِيثٍ فِي ذَلِكَ وَأَصَحُّهُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ مَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَيْسَ لِي شَيْءٌ إِلَّا مَا أَدْخَلَ عَلِيَّ الزُّبَيْرُ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَرْضَخَ مِمَّا يُدْخِلُ عَلَيَّ فَقَالَ ارْضَخِي مَا اسْتَطَعْتِ وَلَا تُوكِي فَيُوكِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَوَى الْأَعْمَشُ وَمَنْصُورٌ بن المعتمر جَمِيعًا عَنْ شَفِيقٍ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَنْفَقَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرٌ بِمَا أَنْفَقَتْ وَلِزَوْجِهَا أَجْرُ مَا كَسَبَ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يُنْقِصُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَجْرِ بعض شيئا

وَهَذَانِ حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ مَشْهُورَانِ لَا يُخْتَلَفُ فِي صِحَّتِهِمَا وَثُبُوتِهِمَا تَرَكْتُ الْإِتْيَانَ بِطُرُقِهِمَا خَشْيَةَ التَّطْوِيلِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا (*) أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ الْقِلْزَمِيُّ الْقَاضِي فِي دَارِهِ بِمِصْرَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ عَبْدُ اللَّهِ ابن مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْقَاضِي الْقِلْزَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمَذَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْفُرَاتِ عَنْ نَافِعِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ الْهَادِي عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تَصُومُ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأْذَنُ لِرَجُلٍ فِي بَيْتِهَا وَهُوَ لَهُ كَارِهٌ وَمَا تَصَدَّقَتْ مِمَّا كَسَبَهُ فَلَهُ أَجْرُ نِصْفِ صَدَقَةٍ وَإِنَّمَا خُلِقَتِ الْمَرْأَةُ من ضلع فلن يصاحبها إلا وفيها عوجن فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُكَ إِيَّاهَا فِرَاقُهَا

وَأَمَّا الْآثَارُ الْوَارِدَةُ فِي الْكَرَاهَةِ لِذَلِكَ فَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تُنْفِقَنَّ امْرَأَةٌ مِنْ بَيْتِهَا شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الطَّعَامِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَهَلْ أَمْوَالُنَا إِلَّا الطَّعَامُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بن أصبغ قال حدثنا محمد ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ (أ572 -) عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقِّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ لَا تُنْفِقِ امْرَأَةٌ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الطَّعَامُ قَالَ ذَلِكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا وَسَاقَ تَمَامَ الْحَدِيثِ

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَتَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ قَالَ لَا تَمْنَعُهُ نَفْسَهَا وَلَوْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ قَالَ لَا تَصُومُ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِلَّا الْفَرِيضَةَ فَإِنْ فَعَلَتْ أَثِمَتْ وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ قَالَ لَا تَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ قَالَ فَإِنْ فَعَلَتْ (*) كَانَ لَهُ الْأَجْرُ وَعَلَيْهَا الْوِزْرُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ قَالَ لَا تَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنْ فَعَلَتْ لَعَنَتْهَا مَلَائِكَةُ اللَّهِ وَمَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْغَضَبِ حَتَّى تَتُوبَ أَوْ تَرَاجَعُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ لَهَا ظَالِمًا قَالَ وَإِنْ كَانَ لَهَا ظَالِمًا قَالَتْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا يَمْلِكُ عَلَى أَمْرِي أَحَدٌ بَعْدَهَا أَبَدًا مَا بَقِيتُ فَإِنْ كَانَ مَا أَطْعَمَتْهُ أُمُّ حَرَامٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم من مَالِ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِهَا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا إِبَاحَةُ أَكْلِ مَالِ الصَّدِيقِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ إِذَا كَانَ يَسِيرًا لَيْسَ مِثْلُهُ يُدَّخَرُ وَلَا يُتَمَوَّلُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكَثِيرِ الَّذِي لَهُ بَالٌ وَيَحْضُرُ النَّفْسَ عَلَيْهِ الشُّحُّ بِهِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْ صَاحِبِهِ

وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمَنْ أَجَازَ أَكْلَ مَالِ الصَّدِيقِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّمَا أَبَاحَهُ مَا لَمْ يَتَّخِذِ الْآكِلُ خُبْنَةً وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ وِقَايَةَ مَالِهِ وَكَانَ تَافِهًا يَسِيرًا وَنَحْوَ هَذَا وَأَمَّا قَوْلُهُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ رَأَى الْغُزَاةَ فِي الْبَحْرِ مِنْ أُمَّتِهِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَرُؤْيَاهُ وَحْيٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَشْهَدُ لِقَوْلِهِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ مَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْجَنَّةِ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ) قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ الْأَرَائِكُ السُّرُرُ فِي الْحِجَالِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ وَهَذَا الْخَبَرُ إِنَّمَا وَرَدَ تَنْبِيهًا عَلَى فَضْلِ الْجِهَادِ فِي الْبَحْرِ وَتَرْغِيبًا فِيهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا إِبَاحَةُ رُكُوبِ الْبَحْرِ فِي الْجِهَادِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ الْجِهَادِ لِلنِّسَاءِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُمَرِّضُ الْمَرْضَى وَنُدَاوِي الْجَرْحَى وَكَانَ يَرْضَخُ لَنَا مِنَ الْغَنِيمَةِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْإِسْهَامِ لِلنِّسَاءِ مِنَ الْغَنِيمَةِ إِذَا غَزَوْنَ فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ النِّسَاءِ هَلْ يُجْزَيْنَ مِنَ الْمَغَانِمِ فِي الْغَزْوِ قَالَ مَا عَلِمْتُ ذَلِكَ وَقَدْ أَجَازَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنْ يُرْضَخَ لِلنِّسَاءِ مَا أَمْكَنَ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ (*) وقال الثوري وأبو حنيفة والليث وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ لَا يُسْهَمُ لِامْرَأَةٍ وَيُرْضَخُ لَهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُسْهَمُ لِلنِّسَاءِ

وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْهَمَ لِلنِّسَاءِ بِخَيْبَرَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَخَذَ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ مَا كَتَبَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى نَجْدَةَ الْخَارِجِيِّ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَحْضُرْنَ فَيُدَاوِينَ الْمَرْضَى وَيُجْزَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَلَمْ يُضْرَبْ لَهُنَّ بِسَهْمٍ وَفِيهِ إِبَاحَةُ رُكُوبِ الْبَحْرِ لِلنِّسَاءِ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يَكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ الْحَجَّ فِي الْبَحْرِ فَهُوَ فِي الْجِهَادِ لِذَلِكَ أَكْرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ لِأَنَّ السُّفُنَ بِالْحِجَازِ صِغَارٌ وَأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَقْدِرْنَ عَلَى الِاسْتِتَارِ عِنْدَ الْخَلَاءِ فِيهَا لِضِيقِهَا وَتَزَاحُمِ النَّاسِ فِيهَا وَكَانَ الطَّرِيقُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ عَلَى الْبَرِّ مُمْكِنًا فَلِذَلِكَ كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ قَالَ وَأَمَّا السُّفُنُ الْكِبَارُ نَحْوَ سُفُنِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَلَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ قَالَ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْحَجَّ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا مِنَ الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ نِسَاءً كَانُوا أَوْ رِجَالًا إِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ مِنَ الطَّرِيقِ الْأَمْنَ وَلَمْ يَخُصَّ بَرًّا مِنْ بَحْرٍ فَإِذَا كَانَ طَرِيقُهُمْ عَلَى الْبَحْرِ أَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ طَرِيقُ الْبَرِّ فَذَلِكَ لَازِمٌ لَهُمْ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى رُكُوبِ الْبَحْرِ لِلْحَجِّ لِأَنَّهُ إِذَا رَكِبَ الْبَحْرَ لِلْجِهَادِ فَهُوَ لِلْحَجِّ الْمَفْرُوضِ أَوْلَى وَأَوْجَبُ وَذَكَرَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَمْنَعُ النَّاسَ مَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ فَلَمْ يَرْكَبْهُ أَحَدٌ طُولَ حَيَاتِهِ فَلَمَّا مَاتَ اسْتَأْذَنَ مُعَاوِيَةُ عُثْمَانَ فِي رُكُوبِهِ فَأَذِنَ لَهُ فَلَمْ يَزَلْ يَرْكَبُ حَتَّى كَانَ أَيَّامُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَمَنَعَ النَّاسَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ رُكُوبِهِ

ثُمَّ رُكِبَ بَعْدَهُ إِلَى الْآنِ وَهَذَا إِنَّمَا كَانَ مِنْ عُمَرَ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي التِّجَارَةِ وَطَلَبِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا فِي أَدَاءِ فَرِيضَةِ الْحَجِّ فَلَا وَالسُّنَّةُ قَدْ أَبَاحَتْ رُكُوبَهُ لِلْجِهَادِ فِي حَدِيثِ إِسْحَاقَ عَنْ أنس وحديث غيره وهي الحجة وفيها الأسووة فَرُكُوبُهُ لِلْحَجِّ أَوْلَى قِيَاسًا وَنَظَرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْبَحْرَ إِذَا ارْتَجَّ لَمْ يَجُزْ رُكُوبُهُ لِأَحَدٍ (*) بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فِي حِينِ ارْتِجَاجِهِ ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ لَيْثٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ عُمَرُ لَا يسئلني اللَّهُ عَنْ جَيْشٍ رَكِبُوا الْبَحْرَ أَبَدًا يَعْنِي التَّغْرِيرَ وَفِيهِ التَّحَرِّي فِي الْإِتْيَانِ بِأَلْفَاظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا جَمَاعَةٌ وَرَخَّصَ آخَرُونَ فِي الْإِتْيَانِ بِالْمَعَانِي وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابٍ أَفْرَدْنَاهُ لَهُ فِي كِتَابِ جَامِعِ الْعِلْمِ وَفَضْلِهِ وَمَا يَنْبَغِي فِي رِوَايَتِهِ وَحَمْلِهِ وَسَيَأْتِي مِنْ هَذَا الْبَابِ ذِكْرٌ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ أَنَّ الْجِهَادَ تَحْتَ رَايَةِ كُلِّ إِمَامٍ جَائِزٌ مَاضٍ إِلَى يَوْمِ القيامة لأنه صلى الله عليه وسلم قَدْ رَأَى الْآخِرِينَ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ كَمَا رَأَى الْأَوَّلِينَ وَلَا نِهَايَةَ لِلْآخِرِينَ إِلَى يَوْمِ قِيَامِ السَّاعَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ ملعوم وَقَالَ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ وَهَذَا عَلَى الْأَبَدِ

وَفِيهِ فَضْلٌ لِمُعَاوِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذْ جَعَلَ مَنْ غَزَا تَحْتَ رَايَتِهِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَحْيٌ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى فأجابه ابنه قال يا أبت افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ وَهَذَا بَيِّنٌ وَاضِحٌ وَقَالَتْ عَائِشَةُ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ وَفِي فَرَحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتِبْشَارِهِ وَضَحِكِهِ بِدُخُولِ الْأَجْرِ عَلَى أُمَّتِهِ بَعْدَهُ سُرُورًا بِذَلِكَ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُنَاصَحَةِ لِأُمَّتِهِ وَالْمَحَبَّةِ فِيهِمْ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنْ عَلَامَةِ المؤمن سُرُورُهُ لِأَخِيهِ بِمَا يُسَرُّ بِهِ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى رُكُوبِ الْبَحْرِ لِلْجِهَادِ وَغَيْرِهِ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ إِلَى سَائِرِ مَا اسْتَنْبَطْنَا مِنْهُ لِاسْتِيقَاظِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَرَحًا بِذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِبَاحَتِهِ وَفَضْلِهِ وَجَعَلْنَا الْمُبَاحَ مِمَّا يُرْكَبُ فِيهِ الْبَحْرُ قِيَاسًا عَلَى الْغَزْوِ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْقَتْلُ سَوَاءً أَوْ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ فِي الْفَضْلِ لِأَنَّ أُمَّ حَرَامٍ لَمْ تُقْتَلْ وَإِنَّمَا مَاتَتْ مِنْ صَرْعَةِ دَابَّتِهَا وَقَالَ (*) لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَإِنَّمَا قُلْتُ أَوْ قَرِيبٌ مِنَ السَّوَاءِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ فَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ جَعَلَ الْمَيِّتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَقْتُولَ سَوَاءً وَاحْتَجَّ بُقُولِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا الِاثْنَيْنِ جَمِيعًا وَبِقَوْلِهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ

وَبِقَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتِيكٍ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَخَرَّ عَنْ دَابَّتِهِ فَمَاتَ أَوْ لَدَغَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ومن مات قعصا فقد استوجب المئاب وَيَقُولُ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ مَا أُبَالِي مِنْ أَيِّ حُفْرَتَيْهِمَا بُعِثْتُ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ سَلَامَانَ بْنِ عَامِرٍ عن عبد الرحمن ابن جَحْدَمٍ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَ فِيهِ رَجُلَيْنِ أَحَدَهُمَا أُصِيبَ فِي غَزَاةٍ بِمَنْجَنِيقٍ وَالْآخَرُ مَاتَ هُنَاكَ فَجَلَسَ فَضَالَةُ عِنْدَ الْمَيِّتِ فَقِيلَ لَهُ تَرَكْتَ الشَّهِيدَ وَلَمْ تَجْلِسْ عِنْدَهُ فَقَالَ مَا أُبَالِي مِنْ أَيِّ حُفْرَتَيْهِمَا بُعِثْتُ ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا الْآيَةَ كُلَّهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ فَقَالَ مَنْ أُهْرِيقَ دَمُهُ وَعُقِرَ جَوَادَهُ وَلَمْ يَخُصَّ بَرًّا مِنْ بَحْرٍ رَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ وَغَيْرُهُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ محمد بن مسلم

ابن عَائِذٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَقَالَ حِينَ انْتَهَى إِلَى الصف اللهم آتني أفضل ما توتي عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ مَنِ الْمُتَكَلِّمُ آنِفًا قَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذًا يُعْقَرُ جَوَادُكَ وَتُسْتَشْهَدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (*) قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ قَالَ مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِقَ دَمُهُ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ وَكِيعٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مِثْلُهُ وَإِذَا كَانَ مَنْ هُرِقَ دَمُهُ وَعُقِرَ جَوَادُهُ أَفْضَلَ الشُّهَدَاءِ عُلِمَ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَهُوَ مَفْضُولٌ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَضْرِبُ مَنْ يَسْمَعُهُ يَقُولُ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَيَقُولُ لَهُمْ قُولُوا مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّ شَرْطَ الشَّهَادَةِ شَدِيدٌ فَمِنْ ذَلِكَ أَلَّا يَغُلَّ وَلَا يَجْبُنَ وَأَنْ يُقْتَلَ مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ وَأَنْ يُبَاشِرَ الشَّرِيكَ وَيُنْفِقَ الْكَرِيمَةَ وَنَحْوَ هَذَا كَمَا قَالَ مُعَاذٌ والله أعلم

وَرُوِّينَا فِي هَذَا الْمَعْنَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي أَنَّهُ قَالَ لَا تَغُلَّ وَلَا تُخْفِ غُلُولًا وَلَا تُؤْذِ جَارًا وَلَا رَفِيقًا وَلَا ذِمِّيًّا وَلَا تَسُبَّ إِمَامًا وَلَا تَفِرَّ مِنَ الزَّحْفِ يَعْنِي وَلَكَ الشَّهَادَةُ إِنْ قُتِلْتَ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي شَهِيدِ الْبَحْرِ أَهْوَ أَفْضَلُ أَمْ شَهِيدُ الْبَرِّ فَقَالَ قَوْمٌ شَهِيدُ الْبَرِّ أَفْضَلُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِقَ دَمُهُ وَقَالَ آخَرُونَ شَهِيدُ الْبَحْرِ أَفْضَلُ وَالْغَزْوُ فِي الْبَحْرِ أَفْضَلُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثٍ مُنْقَطِعِ الإسناد عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ لَمْ يُدْرِكِ الْغَزْوَ مَعِي فَلْيَغْزُ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّ غَزَاةً فِي الْبَحْرِ أَفْضَلُ مِنْ غَزْوَتَيْنِ فِي الْبَرِّ وَإِنَّ شَهِيدَ الْبَحْرِ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيِ الْبَرِّ وَإِنَّ أَفْضَلَ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَصْحَابُ الْوَكُوفِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا أَصْحَابُ الْوَكُوفِ 4قَالَ قَوْمٌ تُكْفَأُ بِهِمْ مَرَاكِبُهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ غَزْوَةٌ فِي الْبَحْرِ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرِ غَزَوَاتٍ فِي الْبَرِّ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَرْثِ عن يحيى ابن سَعِيدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ غَزْوَةٌ فِي الْبَحْرِ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرٍ فِي الْبَرِّ وَالْمَائِدُ فِيهِ كَالْمُتَشَحِّطِ فِي دَمِهِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ لَأَنْ أَغْزُوَ فِي الْبَحْرِ غَزْوَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُنْفِقَ قِنْطَارًا مُتَقَبَّلًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ (*) الْعَاصِي وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ أَيْضًا

عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ قَالَ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ الْغَرِيقُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ وَإِنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِنْ حِينِ يَرْكَبُهُ حَتَّى يُرْسِيَ كَأَجْرِ رَجُلٍ ضُرِبَتْ فِي اللَّهِ عُنُقُهُ فَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ الْعَيْشِيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ أَخْبَرَنَا هِلَالُ بْنُ مَيْمُونٍ الزَّمْلِيُّ عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادٍ عَنْ أُمِّ حَرَامٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ الَّذِي يُصِيبُهُ الْقَيْءُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ وَالْغَرِقُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا مَا بَلَغَنَا فِي ذَلِكَ وَرُوِيَ مِنْ حديث عبد الله ابن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لَا يَرْكَبُ الْبَحْرَ رَجُلٌ

إِلَّا غَازِيًا أَوْ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ مُظْلِمُ الْإِسْنَادِ لَا يُصَحِّحُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لِأَنَّ رُوَاتَهُ مَجْهُولُونَ لَا يُعْرَفُونَ وَحَدِيثُ أُمِّ حَرَامٍ هَذَا يَرُدُّهُ وَفِيمَا رَوَاهُ يَعْلَى بْنُ شَدَّادٍ عَنْ أُمِّ حَرَامٍ كِفَايَةٌ فِي رَدِّهِ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لَا يَرْكَبُ الْبَحْرَ إِلَّا حَاجٌّ أَوْ مُعْتَمِرٌ أَوْ غَازٍ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُجِيزُونَ رُكُوبَ الْبَحْرِ فِي طَلَبِ الْحَلَالِ إِذَا تَعَذَّرَ الْبَرُّ وَرَكِبَ الْبَحْرَ فِي حِينٍ يَغْلِبُ عَلَيْهِ فِيهِ السُّكُونُ وَفِي كُلِّ مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ وَلَمْ يَحْظُرْهُ عَلَى حَدِيثِ أُمِّ حَرَامٍ وَغَيْرِهِ إِلَّا أَنَّهُمْ يَكْرَهُونَ رُكُوبَهُ فِي الِاسْتِغْزَارِ مِنْ طَلَبِ الدُّنْيَا وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ عَجِبْتُ لِرَاكِبِ الْبَحْرِ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْبَابِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ يَعْنِي ظَهْرَ هَذَا الْبَحْرِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ ح وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَا حَدَّثَنَا سَلَمَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَقَالَا فِي حَدِيثِ عَفَّانَ قَالَ (*) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أُمِّ حَرَامٍ قَالَتْ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِلًا فِي بَيْتِي فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّ تَضْحَكُ قَالَ عُرِضَ عَلَيَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مِنْهُمْ ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّ تَضْحَكُ قَالَ عُرِضَ عَلَيَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ فَقُلْتُ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ فَغَزَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِي الْبَحْرِ فَلَمَّا قَفَلُوا وَقَصَتْهَا بَغْلَةٌ لَهَا فَمَاتَتْ هَكَذَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَغَزَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ اتَّكَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بِنْتِ مِلْحَانَ فَسَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ فَنَكَحَتْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَرَكِبَتْ مَعَ ابْنَةِ قَرَظَةَ فَلَمَّا قَفَلَتْ وَقَصَتْ بِهَا دَابَّتُهَا فَقَتَلَتْهَا فَدُفِنَتْ ثُمَّ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسٍ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ مَسِيرَةَ

الحديث الرايع

عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ وَقَالَ قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ فَشَهِدْتُ أَنَا تِلْكَ الْغَزْوَةَ مَعَ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَكَانَتْ مَعَهُ فِي غَزْوَتِنَا فَمَاتَتْ بِأَرْضِ الرُّومِ وَذَكَرَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ غَزَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فِي الْبَحْرِ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ فَاخِتَةُ بَنَتُ قَرَظَةَ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَمَعَهُ عُبَادَةَ بْنُ الصَّامِتِ ومعه امرأته أم حرام بنت ملحا ملحان النصارية فأتى قبرض فَتُوُفِّيَتْ أُمُّ حَرَامٍ فَقَبَرَهَا هُنَاكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ السِّيَرِ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّ غَزَاةَ مُعَاوِيَةَ هَذِهِ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ إِذْ غَزَتْ مَعَهُ أُمُّ حَرَامٍ كَانَتْ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ لَا فِي خِلَافَةِ معاوية قال الزبير ابن أَبِي بَكْرٍ رَكِبَ مُعَاوِيَةُ الْبَحْرَ غَازِيًا بِالْمُسْلِمِينَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ إِلَى قُبْرُسَ وَمَعَهُ أُمُّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ زَوْجَةُ عُبَادَةَ بن الصامت فركبت بغتلها حِينَ خَرَجَتْ مِنَ السَّفِينَةِ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا فَمَاتَتْ (*) حَدِيثٌ رَابِعٌ لِإِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ مُسْنَدٌ مالك عَنْ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كنت أسقي أبا عبيدة ابن الْجَرَّاحِ وَأَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ شَرَابًا مِنْ فَضِيخٍ وَتَمْرٍ قَالَ فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أَنَسُ قُمْ إِلَى هَذِهِ الْجِرَارِ فَاكْسِرْهَا فَقَالَ فَقُمْتُ إِلَى مِهْرَاسٍ لَنَا فَضَرَبْتُهَا بِأَسْفَلِهِ حَتَّى تَكَسَّرَتْ هَذَا الْحَدِيثُ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ يَدْخُلُ فِي الْمُسْنَدِ عِنْدَ الْجَمِيعِ فَأَمَّا قَوْلُهُ فِيهِ شَرَابًا مِنْ فَضِيخٍ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْفَضِيخِ فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْفَضِيخُ نَبِيذُ الْبُسْرِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْفَضِيخُ مَا افْتُضِخَ مِنَ الْبُسْرِ

مِنْ غَيْرِ أَنْ تَمَسَّهُ النَّارُ قَالَ وَفِيهِ روى عن ابن عمر ليس بالفضيخ ولاكنه الْفَضُوخُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فَإِنْ كَانَ مَعَ الْبُسْرِ تَمْرٌ فَهُوَ الْخَلِيطَانِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ زَبِيبًا فَهُوَ مِثْلُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ نبيد التَّمْرِ إِذَا أَسْكَرَ خَمْرٌ وَهُوَ نَصٌّ لَا يَجُوزُ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ هُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ وَقَدْ عَقَلُوا أَنَّ شَرَابَهُمْ ذَلِكَ خَمْرٌ بَلْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَرَابٌ ذَلِكَ الْوَقْتَ بِالْمَدِينَةِ غَيْرُهُ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَاجِيُّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَمَا بِالْمَدِينَةِ خَمْرٌ مِنْ عِنَبٍ وروى شعبة عن محارب ابن دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ يَوْمَ حُرِّمَتِ وَمَا كَانَ شَرَابُ النَّاسِ إِلَّا الْبُسْرَ وَالتَّمْرَ وَقَالَ الْحَكَمِيُّ ... لَنَا خَمْرٌ وَلَيْسَتْ خَمْرَ كَرْمٍ ... وَلَكِنْ مِنْ نِتَاجِ الْبَاسِقَاتِ ... ... كِرَامٌ فِي السَّمَاءِ ذَهَبْنَ طُولًا ... وَفَاتَ ثِمَارُهَا أَيْدِي الْجُنَاةِ ... وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي اشْتِقَاقِ اسْمِ الْخَمْرِ عَلَى أَلْفَاظٍ قَرِيبَةِ الْمَعَانِي مُتَدَاخِلَةٍ كُلُّهَا مَوْجُودَةُ الْمَعْنَى فِي الْخَمْرِ

فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا سُمِّيَتِ الْخَمْرُ خَمْرًا لِأَنَّهَا تُخَمِّرُ الْعَقْلَ أَيْ تُغَطِّيهِ وَتَسْتُرُهُ وَكُلُّ شَيْءٍ غَطَّى شَيْئًا فَقَدْ خَمَّرَهُ وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ جَاءَ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا خَمَّرْتَهُ وَلَوْ أَنْ تَعَرِضَ عَلَيْهِ عُودًا وَمِنْ ذَلِكَ خِمَارُ الْمَرْأَةِ سُمِّيَ خِمَارًا لِأَنَّهُ يُغَطِّي رَأْسَهَا وَمِنْ ذَلِكَ الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ يُقَالُ لَهُ الْخَمْرُ لِأَنَّهُ يُغَطِّي مَا تَحْتَهُ وَيُخَمِّرُهُ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ إِنَّمَا (*) سُمِّيَتِ الْخَمْرُ خَمْرًا لِأَنَّهَا تُرِكَتْ حَتَّى أَدْرَكَتْ كَمَا يُقَالُ خَمَرَ الرَّأْيُ وَاخْتَمَرَ أَيْ تُرِكَ حَتَّى تَبَيَّنَ فِيهِ الْوَجْهُ وَيُقَالُ قَدِ اخْتَمَرَ الْعَجِينُ أَيْ بَلَغَ إِدْرَاكَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا سُمِّيَتِ الْخَمْرُ خَمْرًا لِأَنَّهَا اشْتُقَّتْ مِنَ الْمُخَامَرَةِ الَّتِي هِيَ الْمُخَالَطَةُ لِأَنَّهَا تُخَالِطُ الْعَقْلَ وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ دَخَلْتُ فِي خِمَارِ النَّاسِ أَيِ اخْتَلَطْتُ بِهِمْ وَهَذَا الْوَجْهُ يَقْرُبُ مِنَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَالثَّلَاثَةُ الْأَوْجُهُ كُلُّهَا مَوْجُودَةٌ فِي الْخَمْرِ لِأَنَّهَا تُرِكَتْ حَتَّى أَدْرَكَتِ الْغَلَيَانَ وَحَّدَ الْإِسْكَارِ وَهِيَ مُخَالِطَةٌ لِلْعَقْلِ وَرُبَّمَا غَلَبَتْ عَلَيْهِ وَغَطَّتْهُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ الْخَمْرُ مَا خَمَّرْتَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ عُمَرَ قَالَ الْخَمْرُ مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْخَمْرُ مَا خَمَّرْتَهُ

وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَبِكُلِّ مِصْرٍ فِيمَا بَلَغَنَا وَصَحَّ عِنْدَنَا أَنَّ عَصِيرَ الْعِنَبِ إِذَا رَمَى بِالزَّبَدِ وَهَدَأَ وَأَسْكَرَ الْكَثِيرُ مِنْهُ أَوِ الْقَلِيلُ أَنَّهُ خَمْرٌ وَأَنَّهُ مَا دَامَ عَلَى حَالِهِ تِلْكَ حَرَامٌ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ رِجْسٌ نَجِسٌ كَالْبَوْلِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ رَبِيعَةَ فِي نُقَطٍ مِنَ الْخَمْرِ شَيْءٌ لَمْ أَرَ لِذِكْرِهِ وَجْهًا لِأَنَّهُ خِلَافُ إِجْمَاعِهِمْ وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ فِي مِثْلِ رؤوس الْإِبَرِ مِنْ نُقَطِ الْبَوْلِ نَحْوُ ذَلِكَ وَالَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ فِي خَمْرِ الْعِنَبِ مَا ذَكَرْتُ لَكَ عَنْهُمْ مِنْ تَحْرِيمِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَأَنَّهَا عِنْدَهُمْ رِجْسٌ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ إِلَّا أَنَّ تَحْرِيمَهَا عِنْدَهُمْ لِعِلَّةِ الشِّدَّةِ وَالْإِسْكَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ تَحْرِيمُ الْمَيْتَةِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا مِمَّا حُرِّمَ لِذَاتِهِ وَعَيْنِهِ وَلِهَذَا مَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَحْلِيلِ الْخَمْرِ وَفِي طِيبِهَا عِنْدَ زَوَالِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْهَا وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَهُمْ فِي تَحْلِيلِ الْخَمْرِ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَكَخَمْرِ الْعِنَبِ عِنْدَهُمْ نَقِيعُ الزَّبِيبِ إِذَا غَلَا وَأَسْكَرَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ فِي التَّحْرِيمِ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ مَيِّتٌ أُحْيِيَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَائِرِ الْأَنْبِذَةِ الْمُسْكِرَةِ فَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ إِنَّمَا الْحَرَامُ مِنْهَا السُّكْرُ وَهُوَ فِعْلُ الشَّارِبِ وَأَمَّا النَّبِيذُ فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ (*) وَلَا نَجِسٍ لِأَنَّ الْخَمْرَ الْعِنَبُ لَا غَيْرُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا يَعْنِي عِنَبًا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَمْرَ مَا عُصِرَ مِنَ الْعِنَبِ لا غير لما خدمنا ذِكْرَهُ مِنْ أَنَّ الْخَمْرَ الْمَعْرُوفَةَ عِنْدَ الْعَرَبِ مَا خَمَّرَ الْعَقْلَ وَخَامَرَهُ وَذَلِكَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْمُسْكِرِ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ أَهْلُ

الْمَدِينَةِ وَسَائِرُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَعَامَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَئِمَّتُهُمْ إِنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ حُكْمُهُ حُكْمُ خَمْرِ الْعِنَبِ فِي التَّحْرِيمِ وَالْحَدِّ عَلَى مَنْ شَرِبَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ كَمَا هُوَ عِنْدَ الْجَمِيعِ مِنْهُمْ عَلَى شَارِبِ خَمْرِ الْعِنَبِ وَمِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ قَدْ وَرَدَ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَخُصَّ خَمْرَ الْعِنَبِ مِنْ غَيْرِهَا فَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ خَمْرٍ مِنَ الْأَشْرِبَةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي التَّحْرِيمِ بظاهرالخطاب وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْخَمْرَ نَزَلَ تَحْرِيمُهَا بِالْمَدِينَةِ وَلَيْسَ بِهَا شَيْءٌ مِنْ خَمْرِ الْعِنَبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ بَيْنِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ سُورَةَ الْمَائِدَةِ نَزَلَتْ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وذلك قول الله عز وجل يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ثُمَّ قَالَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ فَنَهَى عَنْهَا وَأَمَرَ بِاجْتِنَابِهَا كَمَا قَالَ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ ثُمَّ زَجَرَ وَأَوْعَدَ مَنْ لَمْ يَنْتَهِ أَشَدَّ الْوَعِيدِ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمَّاهَا رِجْسًا وَقَرَنَهَا بِالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ ولحم الخنزير بقوله قل لا أجد فيما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا وَالرِّجْسُ النَّجَاسَةُ وَقَالَ فِي الْخَمْرِ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَقَرَنَهَا بِلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَوَرَدَ التَّحْرِيمُ فِي الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ خَبَرًا وَفِي الْخَمْرِ نَهْيًا وَزَجْرًا وَهُوَ أَقْوَى التَّحْرِيمِ وَأَوْكَدُهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَفِي إِجْمَاعِ أَهْلِ الصَّلَاةِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَا يُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ فِيهِ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ

أَبِي حَكِيمٍ ذِكْرُ مَعْنَى التَّحْرِيمِ فِي اللُّغَةِ وَأَنَّهُ الْمَنْعُ وَكُلُّ مَا مُنِعْتَ مِنْهُ فَقَدْ حَرُمَ عَلَيْكَ دَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ أَيْ مَنَعْنَاهُ مِنْ رَضَاعِ غَيْرِ أُمِّهِ وَقَالَ اللَّهُ عز وجل يسئلونك عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ (*) وَقَالَ تَبَارَكَ اسْمُهُ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ الْآيَةَ فَحَصَلَ بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ أَيْضًا تَحْرِيمُ الْخَمْرِ نَصًّا قَرَأْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ فَأَقَرَّ بِهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ مَشَى أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَقَالُوا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ وَجُعِلَتْ عِدْلًا لِلشِّرْكِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ قَرَنَهَا وَعَدَلَهَا بِالذَّبْحِ لِلْأَنْصَابِ وَذَلِكَ شِرْكٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ

قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَجِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَا الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكَوْبَةَ وَالْغُبَيْرَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَكَمِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ فَقَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ وَالدُّبَّاءِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحَرِّمَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فليحرم النبيذ وذكر يحيى ابن سَلَّامٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ مَا أُحِلَّتِ الْغَنِيمَةُ لِأَحَدٍ قَبْلَكُمْ وَلَا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ عَلَى قَوْمٍ قَبْلَكُمْ وَلَمَّا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ مِنْ مُسْكِرِ الْأَنْبِذَةِ وَجَبَ الرُّجُوعُ عِنْدَ تَنَازُعِهِمْ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا وَرَدَ بِهِ الْكِتَابُ أَوْ قَامَ دَلِيلُهُ مِنْهُ أَوْ ثَبَتَتْ بِهِ سُنَّةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يُوجِبُهُ إِطْلَاقُ اسْمِ الْخَمْرِ وَمَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ اللِّسَانِ مِنِ اشْتِقَاقِهَا

وَأَمَّا السُّنَّةُ فَالْآثَارُ الثَّابِتَةُ كُلُّهَا فِي هَذَا الْبَابِ تَقْضِي عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَقَدْ رَوَى أَهْلُ الْعِرَاقِ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ آثَارًا لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي تَعْلِيلِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ وَفِي الِاسْتِظْهَارِ بِتَكْرِيرِ الْآثَارِ فِي تَحْرِيمِ (*) الْمُسْكِرِ وَنَحْنُ نَذْكُرُ مِنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُغْنِي وَيَكْفِي عَنِ التَّطْوِيلِ وَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْخَمْرَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ وَحَسْبُكَ بِهِ عَالِمًا بِاللِّسَانِ وَالشَّرْعِ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الْغُبَرِيِّ السُّحَيْمِيِّ وَاسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ وَفِي هَذَا مَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ الْخَمْرَ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَيْضًا فِي تَأْوِيلِ الْخَمْرِ حَدِيثَانِ مُبَيِّنَانِ مَوْضِعَ الصَّوَابِ فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ هُمَا جَمِيعًا عِنْدَ الشَّعْبِيِّ أَحَدُهُمَا عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وَالْآخَرُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَوْلُهُ أخبرنا عبد الله ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا

إِسْرَائِيلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عن النعمان ابن بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنَ الْعِنَبِ خَمْرًا وَإِنَّ مِنَ الْعَسَلِ خَمْرًا وَإِنَّ مِنَ الْبُرِّ خَمْرًا وَإِنَّ مِنَ الشَّعِيرِ خَمْرًا وَإِنَّ مِنَ التَّمْرِ خَمْرًا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمُسْمَعِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي جَرِيرٍ أَنَّ عَامِرًا أَخْبَرَهُ أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ إِنَّ الْخَمْرَ مِنَ الْعَصِيرِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قال حدثنا أحمد ابن حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ الْمَدِينَةِ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ يَوْمَ نَزَلَ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ

وَهَذَا أَبْيَنُ مَا يَكُونُ فِي مَعْنَى الْخَمْرِ يَخْطُبُ بِهِ عُمَرُ بِالْمَدِينَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِمَحْضَرِ جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ وَهُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ وَلَمْ يَفْهَمُوا مِنَ الْخَمْرِ إِلَّا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قال حدثنا أحمد (*) ابن حَنْبَلٍ وَجَدِّي أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ الْمُخْتَارَ بْنَ فُلْفُلٍ قَالَ قَالَ أَنَسٌ الْخَمْرُ مِنَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ فَمَا خَمَّرْتَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ الْخَمْرُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن يحيى ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ يَخْطُبُ فَقَالَ خَمْرُ الْمَدِينَةِ مِنَ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ وَخَمْرُ أَهْلِ فَارِسَ مِنَ الْعِنَبِ وَخَمْرُ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنَ الْبِتْعِ وَهُوَ مِنَ الْعَسَلِ وَخَمْرُ الْحَبَشِ السكركة

مِنَ الذُّرَةِ وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ وَقَوْلُهُ كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ وَأَصَحُّ شَيْءٍ فِي ذَلِكَ وَأَثْبَتُهُ وَأَشَدُّهُ اسْتِقَامَةً فِي الْإِسْنَادِ حَدِيثُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْبِتْعِ فقال كل شرابا أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ وَالْبِتْعُ شَرَابُ الْعَسَلِ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْخَمْرَ الْمُحَرَّمَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ ثَابِتٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْأُمَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُوِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ التَّمَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى فِي آخَرِينَ قَالُوا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حدثنا أحمد ابن حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ (*) بْنِ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو حَازِمِ بْنُ دِينَارٍ وَلَيْثٌ وَأَبُو مَعْشَرٍ وَإِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ وَالْأَحْلَجُ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ

قَيْسٍ وَأَبُو الزِّنَادِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْفُوعًا كَمَا رَوَاهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رُبَّمَا وَقَفَهُ وَكَانَ يَقُولُ أَحْيَانًا لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا وَالْحَدِيثُ ثَابِتٌ مَرْفُوعٌ لَا يَضُرُّهُ تَقْصِيرُ مَنْ قَصَّرَ فِي رَفْعِهِ لِرَفْعِ الْحُفَّاظِ الْأَثْبَاتِ له والاجتماع الْجَمَاعَةِ مِنْ رُوَاةِ نَافِعٍ عَلَى رَفْعِهِ مِنْهُمْ أَيُّوبُ وَمُوسَى وَسَائِرُ مَنْ ذَكَرْنَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ رَفْعِهِ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو لَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرْفُوعًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا فَكَيْفَ يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَأَوَّلَ فِي الْأَنْبِذَةِ الْمُسْكِرَةِ أَنَّهَا حَلَالٌ وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلَّ خَمْرٍ حَرَامٌ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخِذْلَانِ وَمِنْ سُلُوكِ سَبِيلِ الضَّلَالِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا

إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ بَكْرِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ يَعْنِي ابْنَ الْمُنْذِرِ الصَّنْعَانِيَّ يَقُولُ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ مُخَمِّرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ وَهَذِهِ كُلُّهَا نُصُوصٌ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ لِمَنْ (*) أَرَادَ اللَّهُ فِي الْمُسْكِرِ أَنْ يَهْدِيَهُ وَيَشْرَحَ صَدْرَهُ وَالْآثَارُ فِي تَحْرِيمِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ كَثِيرَةٌ جِدًّا يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهَا وَقَدْ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ فِي كِتَابِهِ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحَلَّ الْمُسْكِرَ مِنَ الْأَنْبِذَةِ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَهَذِهِ زَلَّةٌ مِنْ عَالِمٍ وَقَدْ حُذِّرْنَا مِنْ زَلَّةِ الْعَالَمِ وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ مَعَ السُّنَّةِ

وَقَدْ زَعَمَتْ طَائِفَةٌ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيَّ وَكَانَ إِمَامَ أَهْلِ زَمَانِهِ ذَهَبَ إِلَى إِبَاحَةِ الشُّرْبِ مِنَ الْمُسْكِرِ مَا لَمْ يُسْكِرْ وَهَذَا لَوْ صَحَّ عَنْهُ لَمْ يُحْتَجَّ بِهِ عَلَى مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَّبِعِينَ فِي تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ مَا ثَبَتَ مِنَ السُّنَّةِ وَأَنَا أَذْكُرُ مَا حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ لِيَتَبَيَّنَ لَكَ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَمَا ظَنُّوا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ فِي الِاخْتِلَافِ اتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ أن عصير العنب إذ اشْتَدَّ وَغَلَا وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ فَهُوَ خَمْرٌ وَمُسْتَحِلُّهُ كَافِرٌ وَاخْتَلَفُوا فِي نَقِيعِ التَّمْرِ إِذَا غَلَا وَأَسْكَرَ قَالَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي كثير عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَبِلُوا الْحَدِيثَ لَكَفَّرُوا مُسْتَحِلَّ نَقِيعِ التَّمْرِ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْخَمْرِ الْمُحَرَّمَةِ غَيْرُ عَصِيرِ الْعِنَبِ الَّذِي قَدِ اشْتَدَّ وَبَلَغَ أَنْ يُسْكِرَ قَالَ ثُمَّ لَا تَخْلُو الْخَمْرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ التَّحْرِيمُ مُعَلَّقًا بِهَا فَقَطْ غَيْرَ مَقِيسٍ عَلَيْهَا غَيْرُهَا أَوْ يَجِبَ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا فَوَجَدْنَاهُمْ جَمِيعًا قَدْ قَاسُوا عَلَيْهَا نَقِيعَ التَّمْرِ إِذَا غَلَا وَأَسْكَرَ كَثِيرُهُ وَكَذَلِكَ نَقِيعُ الزَّبِيبِ قَالَ فَوَجَبَ قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُحَرَّمَ كُلُّ مَا أَسْكَرَ مِنَ الْأَشْرِبَةِ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ قَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَاسْتُغْنِيَ عَنْ ذِكْرِ سَنَدِهِ لِقَبُولِ الْجَمِيعِ لَهُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي تَأْوِيلِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَرَادَ بِهِ مَا يَقَعُ السُّكْرُ عِنْدَهُ كَمَا لَا يُسَمَّى قَاتِلًا إِلَّا مَعَ وُجُودِ الْقَتْلِ وَقَالَ آخَرُونَ أَرَادَ بِهِ جِنْسَ مَا يُسْكِرُ قَالَ وَقَدْ روى

أَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا الْقَلِيلُ مِنْهَا وَالْكَثِيرُ وَالسُّكْرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ غَيْرَ الْخَمْرِ لَمْ يُحَرَّمْ عَيْنُهُ كَمَا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا هَذَا آخِرُ قَوْلِهِ وَفِيمَا مَضَى كِفَايَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا (*) أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ جَمِيعًا عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنْتُ فِي بَيْتِ أَبِي طَلْحَةَ وَعِنْدَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَسُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ وَأَنَا أَسْقِيهِمْ شَرَابًا حَتَّى إِذَا أَخَذَ فِيهِمْ إِذَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُنَادِي أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ فَوَاللَّهِ مَا انْتَظَرُوا حتى يعلموا أو يسئلوا عَنْ ذَلِكَ قَالَ فَقَالُوا يَا أَنَسُ اكْفَأْ مَا فِي إِنَائِكَ قَالَ فَكَفَأَتْهُ قَالَ فَمَا عَادُوا فِيهَا حَتَّى لَقُوا اللَّهَ وَشَرَابُهُمْ يَوْمَئِذٍ خَلِيطُ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ الْفَضِيخَ الْمَذْكُورَ فِي حَدِيثِ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ خَلِيطُ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ وَهَذَا عَلَى نَحْوِ مَا فَسَّرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ والله أعلم

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَنَسٍ جَمَاعَةٌ يَطُولُ ذِكْرُهُمْ مِنْهُمْ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وقَتَادَةُ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ وَالْمُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَأَبُو التَّيَّاحٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسٍ وَخَالِدُ بْنُ الْفِزْرِ لَمْ يَذْكُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ كَسْرَ الْجِرَارِ إِلَّا إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَحْدَهُ وَإِنَّمَا فِي حَدِيثِهِمْ أَنَّهُ كَفَأَهَا وَلَا بَأْسَ بِالِاسْتِمْتَاعِ بِظُرُوفِ الْخَمْرِ بَعْدَ تَطْهِيرِهَا وَغَسْلِهَا بِالْمَاءِ وَتَنْظِيفِهَا إِلَّا أَنَّ الزُّقَاقَ الَّتِي قَدْ بَالَغَتْهَا الْخَمْرُ وَدَاخَلَتْهَا إِنْ عُرِفَ أَنَّ الْغَسْلَ لَا يَبْلُغُ مِنْهَا مَبْلَغَ التَّطْهِيرِ لَهَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ لِأَنَّهُمْ قَبِلُوا خَبَرَ الْمُخْبِرِ لَهُمْ وَهُوَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ قَدْ عَرَفُوهُ وَلِذَلِكَ قَبِلُوا خَبَرَهُ وَعَمِلُوا بِهِ وَأَرَاقُوا شَرَابَهُمْ وَقَدْ كَانَ مِلْكًا لَهُمْ قَبْلَ التَّحْرِيمِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُحَرَّمَ لَا يَحِلُّ مِلْكُهُ وَأَنَّ الْخَمْرَ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهَا مِلْكُ مُسْلِمٍ بِحَالٍ وَفِيهِ أَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَةً مَعْفُوًّا عَنْهَا حَتَّى نَزَلَ تَحْرِيمُهَا قال سعيد ابن جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ النَّاسُ عَلَى أَمْرِ جَاهِلِيَّتِهِمْ حَتَّى يُؤْمَرُوا أَوْ يُنْهَوْا

وَقَدْ كَانَتِ الشِّدَّةُ وَالْإِسْكَارُ مَوْجُودَيْنِ فِي الْخَمْرِ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمُوجِبٍ لِتَحْرِيمِهَا لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي التَّحْرِيمِ مَا يَقْرَعُ السَّمْعَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِنَّمَا كَانَتِ الشِّدَّةُ وَصْفًا مِنْ أَوْصَافِ الْخَمْرِ فَلَمَّا وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ صَارَ الْإِسْكَارُ وَالشِّدَّةُ فِيهَا عَلَمًا لِلتَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ الِاعْتِبَارِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا مَوْضِعٌ تَنَازَعَ فِيهِ مَنْ نَفَى الْقِيَاسَ وَمَنْ أَثْبَتَهُ وَالْكَلَامُ فِيهِ يَطُولُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا كَانَ (*) الْقَوْمُ عَلَيْهِ مِنَ الْبِدَارِ إِلَى الطَّاعَةِ وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نُهُوا عَنْهُ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ إِنَّ الْخَمْرَ لَا تُخَلَّلُ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ تَخْلِيلُهَا وَالِانْتِفَاعُ بِهَا لَكَانَ فِي إِرَاقَتِهَا إِضَاعَةُ الْمَالِ وَقَدْ نُهِيَ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ فِيمَنْ أَرَاقَ خَمْرًا لِمُسْلِمٍ إِنَّهُ أَتْلَفَ لَهُ مَالًا وَقَدْ أَرَاقَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِي خَمْرَ الْيَتِيمِ وَأُرِيقَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا يَجْعَلُهُ خَلًّا فَكَرِهَهُ وَرَوَى مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ جَبْرِ بْنِ نَوْفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ

كَانَ عِنْدِي خَمْرٌ لِأَيْتَامٍ فَلَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُهْرِقَهَا وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ وَاسْمُهُ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فِي حِجْرِهِ يَتِيمٌ وَكَانَ عِنْدَهُ خَمْرٌ لَهُ حِينَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَصْنَعُهَا خَلًّا قَالَ لَا وَسَنَذْكُرُ آثَارَ هَذَا الْبَابِ بِأَسَانِيدِهَا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي وَعْلَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَبِهَذَا احْتَجَّ مَنْ كَرِهَ تَخْلِيلَ الْخَمْرِ وَلَمْ يُبِحْ أَكْلَهَا إِذَا تَخَلَّلَتْ وَقَالُوا لَوْ جَازَ تَخْلِيلُهَا لَمْ يَأْمُرْ رَسُولُ اللَّهِ بِإِرَاقَتِهَا وَقَدِ اسْتُؤْذِنَ فِي تَخْلِيلِهَا فَقَالَ لَا وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ ذَهَبَ إِلَى هَذَا طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالرَّأْيِ وَإِلَيْهِ مَالَ سَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ وَقَالَ آخَرُونَ لَا بَأْسَ بِتَخْلِيلِ الْخَمْرِ وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا تَخَلَّلَ مِنْهَا بِمُعَالَجَةِ آدَمِيٍّ وَبِغَيْرِ مُعَالَجَتِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْكُوفِيِّينَ وَمِنْ حُجَّةِ هَؤُلَاءِ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْعَصِيرَ مِنَ الْعِنَبِ قَبْلَ أَنْ يُسْكِرَ حَلَالٌ فَإِذَا صَارَ مُسْكِرًا حَرُمَ لِعِلَّةِ مَا حَدَثَ فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْإِسْكَارِ فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ عَادَتِ الْإِبَاحَةُ وَزَالَ التَّحْرِيمُ وَسَوَاءٌ تَخَلَّلَتْ مِنْ ذَاتِهَا أَوْ تَخَلَّلَتْ بِمُعَالَجَةِ آدَمِيٍّ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِذَا ذَهَبَ مِنْهَا حَالَ الإسكار

وَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَعَ تَخْلِيلِهَا أَنْ يُصْنَعَ مِنَ الْخَمْرِ الْمُرَبَّى وَغَيْرُهُ وَبِأَيِّ وَجْهٍ أُفْسِدَتْ وَزَالَتْ عِلَّةُ السُّكْرِ مِنْهَا طَابَتْ عِنْدَهُمْ وَطَهُرَتْ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ ذَكَرْنَا عَنْهُمْ إِجَازَةَ تَخْلِيلِ الْخَمْرِ فَإِنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ مِنْهَا غَيْرَ الْخَلِّ عَلَى أَصْلِهَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْخَمْرَ إِذَا تَخَلَّلَتْ بِذَاتِهَا أَنَّ أَكْلَ ذَلِكَ الْخَلِّ حَلَالٌ وَاخْتَلَفَ (*) قَوْلُهُ فِي تلخيلها فَكَرِهَهُ مَرَّةً وَأَجَازَهُ أُخْرَى وَالْأَشْهَرُ عَنْهُ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يُمْسِكَ خَمْرًا وَلَا مُسْكِرًا لِيَتَخَلَّلَ وَلَا يَنْبَغِيَ لِأَحَدٍ أَنْ يُخَلِّلَهَا فَإِنْ فَعَلَ أَكَلَهَا وَكَرِهَ لَهُ فِعْلَ ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَبِيصَةَ وَابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ كَرَاهِيَةُ تَخْلِيلِ الْخَمْرِ وَإِجَازَةُ أَكْلِهَا إِذَا تَخَلَّلَتْ بِذَاتِهَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَذْهَبُ مَنْ أَجَازَ تَخْلِيلَهَا بِكُلِّ وَجْهٍ فِيهِ وَمَذْهَبُ مَنْ أَبَاحَهَا إِذَا تَخَلَّلَتْ مِنْ ذَاتِهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ جَوَازُ تَخْلِيلِ الْخَمْرِ مِنْ وَجْهٍ فِيهِ لِينٌ وَالصَّحِيحُ عَنْهُ إِجَازَةُ أَكْلِهَا إِذَا صَارَتْ خَلًّا ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا كَانَ خَمْرًا فَصَارَ خَلًّا قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرحمن ابن مَهْدِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُسَرْبَلِ الْعَبْدِيِّ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ خَلِّ الْخَمْرِ قَالَتْ لَا بَأْسَ بِهِ هُوَ إِدَامٌ

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَصْطَبِغُ فِي خَلِّ خَمْرٍ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ خَلَّ عِنَبٍ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ عَنِ ابْنِ عون عن محمد ابن سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ خَلُّ خَمْرٍ وَكَانَ يَقُولُ خَلُّ عِنَبٍ وَكَانَ يَصْطَبِغُ فِيهِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ وَهَذَا عَلَى عُمُومِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَعْدَلُ شَيْءٍ فِي هَذَا الباب ما روى عن عمر رضي عَنْهُ فِيهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لَا يُؤْكَلُ خَلٌّ مِنْ خَمْرٍ أُفْسِدَتْ حَتَّى يَبْدَأَ اللَّهُ إِفْسَادَهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ يَطِيبُ الْخَلُّ قَالَ وَلَا بَأْسَ عَلَى امْرِئٍ أَنْ يَبْتَاعَ خَلًّا وَجَدَهُ مَعَ أَهْلِ الْكِتَابِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمْ تَعَمَّدُوا افسادها بعد ما عَادَتْ خَمْرًا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا خَيْرَ فِي خَلٍّ مِنْ خَمْرٍ أُفْسِدَتْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ يُفْسِدُهَا عِنْدَ ذَلِكَ يَطِيبُ الْخَلُّ قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ وَرَأَيْتُ سَحْنُونَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْخَمْرَ إِذَا خُلِّلَتْ لَمْ يُؤْكَلْ خَلُّهَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ

الحديث الخامس

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي النَّهْيِ عَنْ تَخْلِيلِهَا وَالْأَمْرِ بِإِرَاقَتِهَا مَا يَمْنَعُ مِنْ أَكْلِهَا إِذَا تَخَلَّلَتْ مِنْ ذَاتِهَا (*) لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يكون ذلك كان عند نزول تحريمها ليلا يُسْتَدَامَ حَبْسُهَا لِقُرْبِ الْعَهْدِ بِشُرْبِهَا إِرَادَةَ قَطْعِ العادة ولم يسئل عَنْ خَمْرٍ تَخَلَّلَتْ فَنَهَى عَنْهَا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَا يُؤْكَلُ خَلٌّ مِنْ خَمْرٍ أُفْسِدَتْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي بَدَأَ إِفْسَادَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَبِهِ أَقُولُ قَالَ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ جَازَ أَكْلُهَا عَلَى تَكَرُّهٍ مِنْهُ قَالَ وَقَوْلُ عُمَرَ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَحْرِيمِهَا الشِّدَّةُ فَإِذَا زَالَتْ حَلَّتْ وَلِكُلِّ قَوْلٍ وَجْهٌ يَطُولُ شرحه والاحتجاج له وقد زدنا هذه المسئلة بَسْطًا وَبَيَانًا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي وَعْلَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثٌ خَامِسٌ لإسحاق عن أنس مسند مالك عَنْ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُومُوا فَلْأُصَلِّ لَكُمْ قَالَ أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ فَنَضَحْتُهُ بِالْمَاءِ فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا فَصَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ

هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَزَادَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ الْخَرَّازُ وَمُوسَى بْنُ أَعْيَنَ فَأَكَلَ مِنْهُ وَأَكَلْتُ مَعَهُ ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ قُمْ فَتَوَضَّأْ وَمُرِ الْعَجُوزَ فَلْتَتَوَضَّأْ وَمُرِ الْيَتِيمَ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْأُصَلِّ لَكُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ مَالِكٌ يَقُولُهُ وَالضَّمِيرُ الَّذِي فِي جَدَّتِهِ هُوَ عَائِدٌ عَلَى إِسْحَاقَ وَهِيَ جَدَّةُ إِسْحَاقَ أُمُّ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَهِيَ أُمُّ سُلَيْمٍ بِنْتُ مِلْحَانَ زَوْجُ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَهِيَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَحْتَ أَبِيهِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ فَوَلَدَتْ لَهُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَالْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا قِصَّتَهَا فِي كِتَابِ النِّسَاءِ مِنْ كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ يَعْنِي جَدَّةَ إِسْحَاقَ دَعَتِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِجَابَةُ الدَّعْوَةِ إِلَى الطَّعَامِ فِي غَيْرِ الْوَلِيمَةِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ الله

وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُتَجَالَّةَ وَالْمَرْأَةَ (*) الصَّالِحَةَ إِذَا دَعَتْ إِلَى طَعَامٍ أُجِيبَتْ هَذَا إِنْ صَحَّ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِذَاتِ مَحْرَمٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ كِفَايَةٌ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَيْضًا أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَلَّا يَلْبَسَ ثَوْبًا وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا كَانَ لِكَلَامِهِ بِسَاطٌ يُعْلَمُ بِهِ مُرَادُهُ وَلَمْ يَقْصِدْ إِلَى اللِّبَاسِ الْمَعْهُودِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِمَا يَتَوَطَّأُ وَيَبْسُطُ مِنَ الثِّيَابِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى لِبَاسًا أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ قُلْتُ لِعُبَيْدَةَ افْتِرَاشُ الْحَرِيرِ كَلُبْسِهِ قَالَ نَعَمْ وَأَمَّا نَضْحُ الْحَصِيرِ فَإِنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ لِتَلْيِينِ الْحَصِيرِ لَا لِنَجَاسَةٍ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّ النَّضْحَ طُهْرٌ لِمَا شُكَّ فِيهِ لِتَطْيِيبِ النَّفْسِ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَصْلُ فِي ثَوْبِ الْمُسْلِمِ وَفِي أَرْضِهِ وَفِي جِسْمِهِ الطَّهَارَةُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بِالنَّجَاسَةِ فَإِذَا تَيَقَّنَتْ وَجَبَ غَسْلُهَا وَكَذَلِكَ الْمَاءُ أَصْلُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ حُلُولَ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا يُطَهِّرُهَا النَّضْحُ وَإِنَّمَا يُطَهِّرُهَا الْغَسْلُ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْحَصِيرَ لَمْ يُنْضَحْ لِنَجَاسَةٍ وَقَدْ يُسَمَّى الْغَسْلُ فِي بَعْضِ كَلَامِ الْعَرَبِ نَضْحًا

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَرْضًا يُقَالُ لَهَا عُمَانُ يَنْضَحُ الْبَحْرُ بِنَاحِيَتِهَا الْحَدِيثَ فَإِنْ كَانَ الْحَصِيرُ نَجِسًا فَإِنَّمَا أُرِيدَ بِذِكْرِ النَّضْحِ الْغَسْلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا إِنَّ النَّضْحَ طَهَارَةٌ لِمَا شَكَّ فِيهِ فَإِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ فِعْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ احْتَلَمَ فِي ثَوْبِهِ فَقَالَ أَغْسِلُ مِنْهُ مَا رَأَيْتُ وَأَنْضَحُ مَا لَمْ أَرَهُ وَمَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا إِنَّ النَّضْحَ لَا مَعْنًى لَهُ فَهُوَ قَوْلٌ يَشْهَدُ لَهُ النَّظَرُ وَالْأُصُولُ بِالصِّحَّةِ وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ في الثوب النجس إنهم قالوا لايزيده النَّضْحُ إِلَّا شَرًّا وَهُوَ قَوْلٌ صَحِيحٌ وَمَنْ ذَهَبَ بِحَدِيثِ عُمَرَ إِلَى قَطْعِ الْوَسْوَسَةِ وَحَزَازَاتِ النَّفْسِ فِي نَضْحِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مَا لَمْ يَرَ فِيهِ شَيْئًا مِنَ النَّجَاسَةِ كَانَ وَجْهًا حَسَنًا صَحِيحًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ الْأَخْفَشُ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْكَ مِنَ الْمَاءِ مُفَرَّقًا فَهُوَ نَضْحٌ وَيَكُونُ النَّضْحُ بِالْيَدِ وَبِالْفَمِ أَيْضًا قال وأما النضح بِالْخَاءِ الْمَنْقُوطَةِ فَكُلُّ مَاءٍ أَتَى كَثِيرًا مُنْهَمِرًا وَمِنْهُ (*) قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ أَيْ مُنْهَمِرَتَانِ بِالْمَاءِ الْكَثِيرِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا حُجَّةٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ يَقُولُ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَأَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً قَامَ إِمَامَهُمْ وَسَطَهُمْ وَلَمْ يَتَقَدَّمْهُمْ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ مِنْ وَارِئِهِ وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِي وَبِجَبَّارِ بْنِ صَخْرٍ فَأَقَامَنَا خَلْفَهُ وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا مَنْ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ فَحَدِيثُ أَنَسٍ مِنْ أَثْبَتِ شَيْءٍ وَعَلَيْهِ عَوَّلَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو داوود فِي هَذَا الْبَابِ

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْإِيلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّيْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ كَانَ عِنْدَنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمُّ سُلَيْمٍ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مِنْ ورائنا وفيما أجاز لنا عبيد الله ابن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ السَّقْطِيُّ وَأَخْبَرَنَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الصَّفَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ بْنِ يَزِيدَ الْعَبْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عباد بن العوام عن هارون ابن عَنْتَرَةَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ وَعَلْقَمَةَ أَنَّهُمَا صَلَّيَا مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي بَيْتِهِ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ هَكَذَا صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ فِيهِ التَّوْقِيفُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَذَلِكَ صَلَّى بِعَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَثْبَتُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْإِمَامُ وَآخَرُ فَإِنَّمَا يَقُومُ عَنْ يَمِينِهِ وَهَذَا مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ فِيمَا كَتَبَ بِإِجَازَتِهِ إِلَيَّ قَالَ حَدَّثَنَا إسماعيل الصفار قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحرث قال فقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ قَالَ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ أُصَلِّي بِصَلَاتِهِ فَأَخَذَ بِذُؤَابَةٍ كَانَتْ لِي أَوْ بِرَأْسِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي بَابِ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ أَيْضًا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ أَبْطَلَ صَلَاةَ الْمُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وحده وكان أحمد ابن حَنْبَلٍ وَالْحُمَيْدِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ يَذْهَبُونَ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ فِي الْمُصَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ فَكَانُوا يَرَوْنَ (*) الْإِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ مِنَ الرِّجَالِ بِحَدِيثِ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ وَلَا يَرَوْنَ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا صَلَّتْ خَلْفَ الصَّفِّ شَيْئًا لِهَذَا الْحَدِيثِ قَالُوا وَسُنَّةُ الْمَرْأَةِ أَنْ تَقُومَ خَلْفَ الرِّجَالِ لَا تَقُومُ مَعَهُمْ قَالُوا فَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ أَجَازَ الصَّلَاةَ لِلرَّجُلِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ وضعه إسماعيل بن يحيى ابن عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا صَفٌّ وَهَذَا لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِإِسْمَاعِيلَ هَذَا وَقَدِ اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الرَّجُلِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ بِحَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا وَأَرْدَفَهُ بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ حِينَ رَكَعَ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ

وَلَمْ يَأْمُرْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ قَالَ وَقَوْلُهُ لِأَبِي بَكْرَةَ وَلَا تَعُدْ يَعْنِي لَا تَعُدْ أَنْ تَتَأَخَّرَ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَفُوتَكَ قَالَ وَإِذَا جَازَ الرُّكُوعُ لِلرَّجُلِ خَلْفَ الصُّفُوفِ وَحْدَهُ وَأَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ فَكَذَلِكَ سَائِرُ صَلَاتِهِ لِأَنَّ الرُّكُوعَ ركن من أركانها فإذا جاز للمصلى أن يركع خَلْفَ الصُّفُوفِ وَحْدَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ وَأَنْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ احْتَجَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بِمَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنِ اتَّبَعَهُمْ وَسَلَكَ سَبِيلَهُمْ إِجَازَةُ صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ وَحَدِيثُ وَابِصَةَ مُضْطَرِبُ الْإِسْنَادِ لَا يُثْبِتُهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ إِذَا عَقَلَ الصَّلَاةَ حَضَرَهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ وَدَخَلَ مَعَهُمْ فِي الصَّفِّ إِذَا كَانَ يُؤْمَنُ مِنْهُ اللَّعِبُ وَالْأَذَى وَكَانَ مِمَّنْ يَفْهَمُ حُدُودَ الصَّلَاةِ وَيَعْقِلُهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَبْصَرَ صَبِيًّا فِي الصَّفِّ أَخْرَجَهُ وَعَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ وَأَبِي وَائِلٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُؤْمَنُ لَعِبُهُ وَلَهْوُهُ أَوْ يَكُونَ كَرِهَ لَهُ التَّقَدُّمَ فِي الصَّفِّ وَمَنْعَ الشُّيُوخِ مِنْ مَوْضِعِهِ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ مَا ذَكَرْنَاهُ لِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَذْهَبُ إِلَى كَرَاهَةِ ذَلِكَ قَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَكْرَهُ أَنْ يَقُومَ النَّاسُ فِي الْمَسْجِدِ خَلْفَ الْإِمَامِ إِلَّا مَنْ قَدِ احْتَلَمَ أَوْ أَنْبَتَ أَوْ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقُلْتُ لَهُ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا قَالَ مَا أَدْرِي قُلْتُ لَهُ فَكَأَنَّكَ تَكْرَهُ (*) مَا دُونُ هَذَا السِّنِّ قَالَ مَا أَدْرِي فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيثَ أَنَسٍ وَالْيَتِيمِ فَقَالَ ذَاكَ فِي التَّطَوُّعِ

وَإِذَا كَانَ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَقَامَتِ الْمَرْأَةُ خَلْفَهُمَا وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَبِهَذَا احْتَجَّ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ سُنَّتُهَا أَنْ تَقُومَ خَلْفَ الرِّجَالِ لَا تَكُونُ مَعَهُمْ فِي الصَّفِّ وَدَفَعَ مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ أبا على الحسن ابن سَلَمَةَ بْنِ مُعَلَّى حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عمرو ابن عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّى بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِامْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ وَالْمَرْأَةَ خَلْفَنَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ صَلَاةُ الضُّحَى وَلِذَلِكَ سَاقَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي صَلَاةِ الضُّحَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَجُلٌ ضَخْمٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُصَلِّيَ مَعَكَ

الحديث السادس

فَلَوْ أَتَيْتَ مَنْزِلِي فَصَلَّيْتَ فَأَقْتَدِيَ بِكَ فَصَنَعَ الرجل طعاما ثم دعا بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَضَحَ حَصِيرًا لَهُمْ فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكَعَتَيْنِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آلِ الْجَارُودِ لِأَنَسٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى فَقَالَ مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ صَلَّاهَا إِلَّا يَوْمَئِذٍ رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَصُفُّ الرِّجَالَ ثُمَّ الصِّبْيَانَ خَلْفَ الرِّجَالِ ثُمَّ النِّسَاءَ خَلْفَ الصِّبْيَانِ فِي الصَّلَاةِ حَدِيثٌ سَادِسٌ لإسحاق عن أنس مسند مالك عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سمع أنس ابن مَالِكٍ يَقُولُ إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ قَالَ أَنَسٌ فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ فَقَرَّبَ إِلَيْهِ خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ قَالَ أَنَسٌ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوْلِ الْقَصْعَةِ فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِيهِ ذِكْرَ الْقَدِيدِ وَسَنَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ (*) إِنْ شَاءَ اللَّهُ

أَدْخَلَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ الْوَلِيمَةِ لِلْعُرْسِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ وَصَلَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عِلْمٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ نَحْوُ هَذَا وَلَيْسَ فِي ظَاهِرِ الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا وَلِيمَةُ عُرْسٍ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ عِنْدِي وَاجِبَةٌ إِذَا كَانَ طَعَامُ الدَّاعِي مُبَاحًا أَكْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَيْءٌ مِنَ الْمَعَاصِي وُجُوبَ سُنَّةٍ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ تَرْكُهَا فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَغَيْرِهَا وَإِتْيَانُ طَعَامِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ عِنْدِي أَوْكَدُ لِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَمَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ لَمْ يَرَ إِتْيَانَ الدَّعْوَةِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَهَذَا أَحْسَنُ وَجْهٍ حُمِلَ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَا يَجِبُ الْإِجَابَةُ إِلَيْهِ مِنَ الدَّعَوَاتِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ إِلَى أَنَّ إِجَابَةَ الْوَلِيمَةِ وَاجِبٌ دُونَ غَيْرِهَا وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُمْ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَهُمْ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ قَوْلِهِ شَرُّ الطَّعَامِ الْوَلِيمَةُ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْمَسَاكِينُ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا مَا ذَكَرْنَا أَنَّ إِجَابَةَ الدَّعْوَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ وَلَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ لَأَجَبْتُ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجِيبُوا الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ رَوَاهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَرَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى وَلِيمَةٍ فَلْيَأْتِهَا زَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ فِي حَدِيثِهِ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدْعُ قَالَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا دُعِيَ أَجَابَ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا تَرَكَ وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا أَكَلَ فَإِنْ قِيلَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ حُجَّةٌ لِأَنَّ لَفْظَ حَدِيثِهِمَا مُجْمَلٌ وَقَدْ فُسِّرَ بِحَدِيثِ مَالِكٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَجِيبُوا الدَّعْوَةَ إِلَى الْوَلِيمَةِ إِذَا دُعِيتُمْ قِيلَ لَهُ قَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ فِيهِ عُرْسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْهُ عُرْسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (*) وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ قال حدثنا الحسن ابن عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَالَ عُرْسًا كَانَ أَوْ دَعْوَةً قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزَّبِيدِيُّ عَنْ نَافِعٍ مِثْلَ حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ وَمَعْنَاهُ سَوَاءٌ وَهَذَا قَاطِعٌ لِمَوْضِعِ الْخِلَافِ وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أجيبوا الدَّاعِيَ وَلَا تَرُدُّوا الْهَدِيَّةَ وَلَا تَضُرُّوا الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ ذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى إِيجَابِ إِتْيَانِ كُلِّ دَعْوَةٍ وُجُوبَ فَرْضٍ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَحَمَلَهَا سَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى النَّدْبِ لِلتَّآلُفِ والتحاب وقد احتج بعض من لايرى إِتْيَانَ الدَّعْوَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عُرْسًا بِقَوْلِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ مَا كُنَّا نُدْعَى إِلَى الْخِتَانِ وَلَا نَأْتِيهِ وَهَذَا لَا حُجَّةَ

فِيهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا يَجِبُ إِتْيَانُ طَعَامِ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ وَطَعَامِ الْخِتَانِ وَطَعَامِ الْوَلِيمَةِ والحجة قائمة بما قدما من آثار الصحاح التي نقلها الأيمة مُتَّصِلَةً إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهِيَ عَلَى عُمُومِهَا لَا تَخُصُّ دَعْوَةً مِنْ دَعْوَةٍ أَخْبَرَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ابن أَبِي الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ مُعَاوِيَةَ ابن سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ وَإِجَابَةِ الدَّاعِي وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ وَنَهَانَا عَنِ الشَّرَابِ فِي الْفِضَّةِ فَإِنَّهُ

مَنْ شَرِبَ فِيهَا فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْ فِيهَا فِي الْآخِرَةِ وَعَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ وَعَنْ رُكُوبِ الْمَيَاثِرِ وَعَنْ لِبَاسِ الْقِسِيِّ وَالْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالْإِسْتَبْرَقِ قَالَ الْبَرَاءُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ فَذَكَرَ مِنْهَا إِجَابَةَ الدَّاعِي وَذَكَرَ مِنْهَا أَشْيَاءَ مِنْهَا مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَمِنْهَا مَا هُوَ وَاجِبٌ وُجُوبَ سُنَّةٍ فَكَذَلِكَ إِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ الْعِصْمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَأْكُلْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ نقول فَلْيَدْعُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ صِحَّةِ إِسْنَادِهِ إِلَى طَعَامٍ لَمْ يَخُصَّ طَعَامًا مِنْ طَعَامٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ ابن مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله ابن نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَهَذَا أَيْضًا عَلَى عُمُومِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أجيبوا الدعوة إذا دعيتم وحدثنا سعيد ابن نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَجِيبُوا الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ لَهَا وَهَذَا أَيْضًا عَلَى عُمُومِهِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ زَادَ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ ذِكْرَ الْقَدِيدَ فَقَالَ بِطَعَامٍ فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ وَتَابَعَهُمَا عَلَى ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْهُمْ أَبُو نُعَيْمٍ إِلَّا أَنَّهُ اخْتَصَرَ أَلْفَاظًا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا مالك ابن أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمَرَقٍ فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ فَرَأَيْتُهُ يَتْبَعُ الدُّبَّاءَ يَأْكُلُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا إِبَاحَةُ إِجَالَةِ الْيَدِ فِي الصَّحْفَةِ وَهَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْسُنُ وَلَا يَجْمُلُ إِلَّا بِالرَّئِيسِ وَرَبِّ الْبَيْتِ وَالْآخَرُ أَنَّ الْمَرَقَ وَالْإِدَامَ وَسَائِرَ الطَّعَامِ إِذَا كَانَ فِيهِ نَوْعَانِ أَوْ أَنْوَاعٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَجَوَّلَ الْيَدُ فِيهِ لِلتَّخَيُّرِ مِمَّا وُضِعَ فِي الْمَائِدَةِ وَالصَّحْفَةِ مِنْ صُنُوفِ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ لِذَلِكَ قُدِّمَ لِيَأْكُلَ كُلٌّ مَا أَرَادَ وَهَذَا كُلُّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالَتْ يَدُهُ فِي الصَّحْفَةِ يَتْبَعُ الدُّبَّاءَ فَكَذَلِكَ سَائِرُ الرُّؤَسَاءِ وَلَمَّا كَانَ

فِي الصَّحْفَةِ نَوْعَانِ وَهُمَا اللَّحْمُ وَالدُّبَّاءُ حَسُنَ بِالْآكِلِ أَنْ تَجَوَّلَ يَدُهُ فِيمَا اشْتَهَى مِنْ ذَلِكَ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَلِيهِ لِأَنَّ (*) الطَّعَامَ كُلَّهُ كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَذَلِكَ فَسَّرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَفِيهِ أَيْضًا مَا كَانَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ مِنْ شَظَفِ الْعَيْشِ فِي أَكْلِ الشَّعِيرِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْمُوَاسَاةِ وَإِطْعَامِ الطَّعَامِ مَعَ مَا كَانُوا فِيهِ مِنْ هَذِهِ الْحَالِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُكْثِرُونَ طَعَامَهُمْ بِالدُّبَّاءِ ذَكَرَ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرِ الْأَحْمَسِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُ عِنْدَهُ الدُّبَّاءَ فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقَالَ نُكْثِرُ بِهِ طَعَامَنَا وَمِنْ صَرِيحِ الْإِيمَانِ حُبُّ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّهُ وَاتِّبَاعُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ أَنَسٍ فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ

الحديث السابع

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ حدثنا أبو الظاهر مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْبَعُ الدُّبَّاءَ فِي الْقَصْعَةِ فَلَا أَزَالُ أُحِبُّهُ وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْهُ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا حَدِيثٌ سَابِعٌ لِإِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ مُسْنَدٌ مالك عَنْ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ يَعْنِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ هَذَا مِنْ فَصِيحِ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَلَاغَتِهِ وَفِيهِ اسْتِعَارَةٌ بَيِّنَةٌ لِأَنَّ الدُّعَاءَ إِنَّمَا هُوَ لِلْبَرَكَةِ فِي الطَّعَامِ الْمَكِيلِ بِالصَّاعِ وَالْمُدِّ لَا فِي الظُّرُوفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ يَحْتَمِلُ عَلَى ظَاهِرِ الْعُمُومِ أَنْ يَكُونَ فِي الطَّعَامِ وَالظُّرُوفِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَيْلَ إِذَا اخْتَلَفَ فِي الْبُلْدَانِ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَجَبَ الرُّجُوعُ فِيهِ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَتَرْجِيحُ الْقَائِلِ بِذَلِكَ قَوْلُهُ بِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ وَصَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ

الحديث الثامن

الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ وَزْنُ مَكَّةَ وَفِي هَذَا أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مَكِيلًا بِالْمَدِينَةِ مِمَّا وَرَدَ فِيهِ الْخَبَرُ بِتَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ لَا يَجُوزُ فِيهِ إِلَّا الْكَيْلُ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ مَوْزُونًا (*) عِنْدَهُمْ فَالتَّفَاضُلُ فِي بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُحَرَّمٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ إِلَّا الْوَزْنُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلٌ بَيِّنٌ لِلْمَدِينَةِ وَقَدْ عَارَضَهُ بَعْضُ مَنْ يُفَضِّلُ مَكَّةَ لِمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ ابْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا ازهر ابن سَعْدٍ السَّمَّانُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا قَالُوا وَفِي نَجْدِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِي نَجْدِنَا فَأَظُنُّهُ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ هُنَاكَ الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ دعاؤه صلى الله عليه وسلم لِلشَّامِ يَعْنِي لِأَهْلِهَا كَتَوْقِيتِهِ لِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ عِلْمًا مِنْهُ بِأَنَّ الشَّامَ سَيَنْتَقِلُ إِلَيْهَا الْإِسْلَامُ وَكَذَلِكَ وَقَّتَ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا يَعْنِي عِلْمًا مِنْهُ بِأَنَّ الْعِرَاقَ سَتَكُونُ كَذَلِكَ وَهَذَا مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِإِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ مسند مالك عَنْ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ لَا يُخْتَلَفُ فِي صِحَّتِهِ وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ شعبة عن قتادة عن أنس عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال رؤيا المؤمن جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَعَبْدِ الرَّحْمِنِ الْأَعْرَجِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي وأخطأ فيه رشدين ابن سعد فرواه عن عمرو بن الحرث عَنْ دَرَّاجٍ بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ فِيهِ جُزْءٌ مِنْ تِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَرَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ (*) فَقَالَ فِيهِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ بِإِسْنَادٍ فِيهِ لِينٌ وَقَدْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْعَقِبِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدمشقي قال حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الذَّهَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَرِيبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُؤْيَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ قَالَ سَلْمَانُ فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ مِنْ خَمْسِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ فَقُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ فقال ابن عباس سمعت العباس ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الرؤيا الصالحة من المؤمن جُزْءٌ مِنْ خَمْسِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَقَدْ حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو سَلَمَةَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ عُمَرُ لَوْ كَانَتْ جُزْءًا مِنْ عَدَدِ الْحَصَا لَرَأَيْتُهَا صِدْقًا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواه عبيد الله بن عمرو ابن جُرَيْجٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ

عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ لَا يُخْتَلَفُ فِي صِحَّتِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ (*) جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَرَوَى عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْمُثَنَّى بْنُ دُجَانَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فإن الشيطان لا يتمثل بي ورؤيا المؤمن جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ هَكَذَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا وَهُوَ حَسَنُ الإسناد

جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا وَرَوَاهُ أَبُو رَزِينٍ الْعُقَيْلِيُّ فَقَالَ فِيهِ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا بَكْرٌ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا مُعَلَّقَةٌ بِرِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ يُحَدِّثْ بِهَا صَاحِبُهَا فَإِذَا حَدَّثَ بِهَا وَقَعَتْ فَلَا تُحَدِّثُوا بِهَا إِلَّا عَاقِلًا أَوْ مُحِبًّا أَوْ نَاصِحًا قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتِلَافُ آثَارِ هَذَا الباب في عدد أَجْزَاءِ الرُّؤْيَا مِنَ النُّبُوَّةِ لَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي بِاخْتِلَافِ تَضَادٍّ وَتَدَافُعٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنْ بَعْضِ مَنْ يَرَاهَا عَلَى سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا أَوْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا أَوْ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا أَوْ خَمْسِينَ جُزْءًا أَوْ سَبْعِينَ جُزْءًا عَلَى حَسَبِ مَا يَكُونُ الَّذِي يَرَاهَا مِنْ صِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَالدِّينِ الْمَتِينِ وَحُسْنِ الْيَقِينِ فَعَلَى قَدْرِ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا وَصَفْنَا تَكُونُ الرُّؤْيَا مِنْهُمْ عَلَى الْأَجْزَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ الْعَدَدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَمَنْ خَلَصَتْ لَهُ نِيَّتُهُ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَيَقِينِهِ وَصِدْقِ حَدِيثِهِ كَانَتْ رُؤْيَاهُ أَصْدَقَ وَإِلَى النبوة أقرب

كَمَا أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَتَفَاضَلُونَ وَالنُّبُوَّةُ كَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حدثنا إبراهيم بن عثمان عن الحكم ابن عُتَيْبَةَ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ يَسْمَعُ الصَّوْتَ فَيَكُونُ بِهِ نَبِيًّا وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى فِي الْمَنَامِ فَيَكُونُ بِذَلِكَ نَبِيًّا وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يُنْفَثُ فِي أُذُنِهِ وَقَلْبِهِ فَيَكُونُ بِذَلِكَ نَبِيًّا وَإِنَّ جبرئيل يَأْتِينِي فَيُكَلِّمُنِي (*) كَمَا يُكَلِّمُ أَحَدُكُمْ صَاحِبَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ يُكَلِّمُهُ جِبْرِيلُ كَثِيرًا بِالْوَحْيِ فِي الْأَغْلَبِ مِنْ أَمْرِهِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قِيلَ لَهُ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ قَالَ يَأْتِينِي الْوَحْيُ أَحْيَانًا فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ مَا قَالَ وَقَدْ كَانَ يَتَرَاءَى لَهُ جِبْرِيلُ مِنَ السَّحَابِ وَكَانَ أَوَّلُ مَا ابْتُدِئَ مِنَ النُّبُوَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى الرُّؤْيَا فَتَأْتِي كَأَنَّهَا فَلَقُ الصُّبْحِ وَرُبَّمَا جَاءَ جِبْرِيلُ فِي صِفَةِ إِنْسَانٍ حَسَنِ الصُّورَةِ فَيُكَلِّمُهُ وَرُبَّمَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى يَغُطَّ غَطِيطَ الْبِكْرِ وَيَئِينَ وَيَحْمَرَّ وَجْهُهُ إِلَى ضُرُوبٍ كَثِيرَةٍ يَطُولُ ذِكْرُهَا

وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَا جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ لِأَنَّ فِيهَا مَا يُعْجِزُ وَيَمْتَنِعُ كَالطَّيَرَانِ وَقَلْبِ الْأَعْيَانِ وَلَهَا التَّأْوِيلُ الْحَسَنُ وَرُبَّمَا أَغْنَى بَعْضُهَا عَنِ التَّأْوِيلِ وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ مِنَ اللَّهِ وَأَنَّهَا مِنَ النُّبُوَّةِ وَأَنَّ التَّصْدِيقَ بِهَا حَقٌّ وَفِيهَا مِنْ بَدِيعِ حِكْمَةِ اللَّهِ وَلُطْفِهِ مَا يَزِيدُ المؤمن فِي إِيمَانِهِ وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الدِّينِ وَالْحَقِّ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْأَثَرِ خِلَافًا فِيمَا وَصَفْتُ لَكَ وَلَا يُنْكِرُ الرُّؤْيَا إِلَّا أَهْلُ الْإِلْحَادِ وَشِرْذِمَةٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَرُبَّمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فَقَطْ وربما جاء في الحديث أيضا رؤيا المؤمن فَقَطْ وَرُبَّمَا جَاءَ يَرَاهَا الرَّجُلُ الصَّالِحُ أَوْ ترى له يعتلى مِنْ صَالِحٍ وَغَيْرِ صَالِحٍ وَهِيَ أَلْفَاظُ الْمُحَدِّثِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهَا وَالْمَعْنَى عِنْدِي فِي ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ مَا ظَهَرَ إِلَيَّ فِي الْأَجْزَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا إِذَا لَمْ تَكُنْ مِنَ الْأَضْغَاثِ وَالْأَهَاوِيلِ فَهِيَ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ وَقَدْ تَكُونُ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ مِنَ الْكَافِرِ وَمِنَ الْفَاسِقِ كَرُؤْيَا الْمَلِكِ الَّتِي فَسَّرَهَا يُوسُفُ صَلَّى اللَّهُ عليه وَرُؤْيَا الْفَتَيَيْنِ فِي السِّجْنِ وَرُؤْيَا بُخْتَنَصَّرَ الَّتِي فَسَّرَهَا دَانْيَالُ فِي ذَهَابِ مُلْكِهِ وَرُؤْيَا كِسْرَى فِي ظُهُورِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُؤْيَا عَاتِكَةَ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فِي أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ وَقَدْ قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ (*) عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَا أَقْسَامًا تُغْنِي عَنْ قَوْلِ كُلِّ قَائِلٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يزيد الحلتي الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ رَزِينٍ بِحِمْصَ قَالَ

حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ مِشْكَمٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ مِنْهَا أَهَاوِيلُ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ابْنُ آدَمَ وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ قَالَ قُلْتُ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مِثْلَهُ وَهَذَا يُفَسِّرُ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ إِسْحَاقَ الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ إِنَّهَا مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهَاوِيلِ الشَّيْطَانِ وَلَا مِمَّا يَهُمُّ بِهِ الْإِنْسَانُ فِي يَقَظَتِهِ وَيَشْغَلُ بِهَا نَفْسَهُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ لا تكاد رؤيا المؤمن تَكْذِبُ وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ وَالرُّؤْيَا يُحَدِّثُ بِهَا الرَّجُلُ نَفْسَهُ وَالرُّؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ فإذا رأى

أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُعْجِبُنِي الْقَيْدُ وأكرهه الْغَلَّ الْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ زِيَادٍ الْمِصِّيصِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لم تكد رؤيا المؤمن تَكْذِبُ وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ فَالرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ اللَّهِ وَالرُّؤْيَا مِنْ تَحْزِينِ الشَّيْطَانِ وَالرُّؤْيَا يُحَدِّثُ بِهَا الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ احب القيد في النوم واكرهه الْغَلَّ وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ وَرَوَى قَتَادَةُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَّلَمَ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا (*) أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ (الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ حُضُورُ الشَّيْطَانِ وَالرَّجُلُ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِالنَّهَارِ فَيَرَاهُ بِاللَّيْلِ وَالرُّؤْيَا الَّتِي هِيَ الرُّؤْيَا) وَأَوْلَى مَا اعْتُمِدَ عَلَيْهِ فِي عِبَارَةِ الرُّؤْيَا وَالْأَدَبِ فِيهَا لِمَنْ رَآهَا أَوْ قُصَّتْ عَلَيْهِ مَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ

الحديث التاسع

الْمُفَسِّرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا تُعْجِبُهُ فَلْيَذْكُرْهَا وَلْيُفَسِّرْهَا وإذا رأى أحدكم الرؤيا تسوؤه فَلَا يَذْكُرْهَا وَلَا يُفَسِّرْهَا وَقِيلَ لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيَعْبُرُ الرُّؤْيَا كُلُّ أَحَدٍ فَقَالَ أَبِالنُّبُوَّةِ يُلْعَبُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَعْبُرُ الرُّؤْيَا إِلَّا مَنْ يُحْسِنُهَا فَإِنْ رَأَى خَيْرًا أَخْبَرَ بِهِ وَإِنْ رَأَى مَكْرُوهًا فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ قِيلَ فَهَلْ يَعْبُرُهَا عَلَى الْخَيْرِ وَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى الْمَكْرُوهِ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا عَلَى مَا أُوِّلَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ لَا ثُمَّ قَالَ الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ فَلَا يُتَلَاعَبُ بِالنُّبُوَّةِ حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِإِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ مُسْنَدٌ أَيْضًا مالك عَنْ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا ثُمَّ لَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِي وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ

وَمَعَهُ النَّاسُ فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ بِطَعَامٍ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ مَعَهُ قُومُوا فَانْطَلَقُوا وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ وَالنَّاسُ وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنَ الطَّعَامِ مَا نُطْعِمُهُمْ فَقَالَتْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ (*) فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخَبْزِ فَأَمَرَ بِهِ فَفُتَّ وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ عَكَّةً لَهَا فَأَدَمَتْهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ قَالَ إِيذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ إِيذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ إِيذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مِنْ أَثْبَتِ مَا يُرْوَى مِنَ الْحَدِيثِ وَأَحْسَنِهِ اتِّصَالًا وَكَذَلِكَ سَائِرُ حَدِيثِ إِسْحَاقَ عَنْ أنس قال أبو عمر (هـ) احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي جَوَازِ شَهَادَةِ الْأَعْمَى عَلَى الصَّوْتِ وَقَالَ لَمْ يَمْنَعْ أَبَا طَلْحَةَ ضَعْفُ صَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه عَنْ تَمْيِيزِهِ لِعِلْمِهِ بِهِ فَكَذَلِكَ الْأَعْمَى إِذَا عَرَفَ الصَّوْتَ وَعَارَضَهُ بَعْضُ مَنْ لَا يَرَى شَهَادَةَ الْأَعْمَى جَائِزَةً عَلَى الْكَلَامِ بِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَدْ تَغَيَّرَ عِنْدَهُ صَوْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عِلْمِهِ بِصَوْتِهِ

وَلَوْلَا رُؤْيَتُهُ لَهُ لَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ فِي حِينِ سَمَاعِهِ مِنْهُ وَمَا عَرَفَهُ وَالتَّشْغِيبُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَوِيلٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مِنْ ضِيقِ الْحَالِ وَشَظَفِ الْعَيْشِ وَأَنَّهُ كان صلى الله عليه وسلم يَجُوعُ حَتَّى يَبْلُغَ بِهِ الْجُوعُ وَالْجَهْدُ إِلَى ضَعْفِ الصَّوْتِ وَهُوَ غَيْرُ صَائِمٍ وَفِيهِ أَنَّ الطَّعَامَ الَّذِي لِمِثْلِهِ يُدْعَى الضَّيْفُ وَلَا يُدْعَى إِلَّا لِأَرْفَعِ مَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ كَانَ عِنْدَهُمُ الشَّعِيرُ وَقَدْ كَانَ أَكْثَرَ طَعَامِهِمِ التَّمْرُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَكَانَ يَمُرُّ بِهِمُ الشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ مَا تُوقَدُ فِي بَيْتِ أَحَدِهِمْ نَارٌ وَذَلِكَ مَحْفُوظٌ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا وَفِيهِ قَبُولُ مُوَاسَاةِ الصَّدِيقِ وَأَكْلُ طَعَامِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِصَدَقَةٍ وَإِنَّمَا كَانَ صِلَةً وَهَدِيَّةً وَلَوْ كَانَ صَدَقَةً مَا أَكَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ جَازَ لِجُلَسَائِهِ أَنْ يَأْتُوا مَعَهُ إِذَا دَعَاهُمُ الرَّجُلُ وَإِنْ لَمْ يَدْعُهُمْ صَاحِبُ الطَّعَامِ وَذَلِكَ عِنْدِي مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ تَطِيبُ لَهُمْ نَفْسُهُ بِذَلِكَ وَوَجْهٌ آخَرُ أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ يَكْفِيهِمْ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ أَنْ يَحْمِلَ مَعَ نَفْسِهِ غَيْرَهُ إِذْ لَا يَدْرِي هَلْ يُسَرُّ بِذَلِكَ صَاحِبُ الطَّعَامِ أَمْ لَا قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنْ يُقَالَ لَهُ ادْعُ مَنْ لَقِيتَ وَفِيهِ اكْتِرَاثُ المؤمن عِنْدَ ضِيقِ الْحَالِ إِذَا نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ مِنَ الطَّعَامِ

وَفِيهِ فَضْلُ فِطْنَةِ أُمِّ سُلَيْمٍ لِحُسْنِ جَوَابِهَا زَوْجَهَا حِينَ شَكَى إِلَيْهَا كَثْرَةَ مَنْ حَلَّ بِهِ مَعَ قِلَّةِ طَعَامِهِ فَقَالَتْ لَهُ اللَّهُ (*) وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ أَيْ لَمْ يَأْتِ بِهِمْ إِلَّا وَسَيُطْعِمُهُمْ وَفِيهِ الْخُرُوجُ إِلَى الطَّرِيقِ لِمَنْ قَصَدَ لَهُ إِذَا كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنَ الْبِرِّ وَفِيهِ أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ لَا يُسْتَأْذَنُ فِي دَارِهِ وَأَنَّ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ يَسْتَغْنِي عَنِ الْإِذْنِ وَفِيهِ أَنَّ الصَّدِيقَ الْمُلَاطِفَ يَأْمُرُ فِي دَارِ صَدِيقِهِ بِمَا يُحِبُّ وَيُظْهِرُ دَالَّتَهُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالتَّحَكُّمِ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفُتَّ الْخُبْزَ وَهُوَ فِعْلٌ يَرْضَاهُ أَهْلُ الْكَرَمِ مِنَ الضَّيْفِ وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ ... يَسْتَأْنِسُ الضَّيْفُ فِي أَبْيَاتِنَا أَبَدًا ... فَلَيْسَ يَعْرِفُ خَلْقٌ أَيَّنَا الضَّيْفُ ... وَفِيهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُدْخَلُ عَلَيْهِ بَيْتُهُ إِلَّا مَعَهُ أَوْ بِإِذْنِهِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيذَنْ لِعَشَرَةٍ وَقَدِ اسْتَحَبَّ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْخِوَانِ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ كثر مِنْ عَشَرَةٍ وَفِيهِ أَنَّ الثَّرِيدَ أَعْظَمُ بَرَكَةً مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الطَّعَامِ وَلِذَلِكَ اشْتَرَطَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ أَنَّ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ أَنْ يُقَدِّمَ إِلَى طَعَامِهِ مِمَّنْ حَضَرَهُ مَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ دَعَاهُمْ جَمِيعًا إِذَا عَلِمَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَصِلُ مِنَ الطَّعَامِ إِلَى مَا يَكْفِيهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ

وَفِيهِ إِبَاحَةُ الشِّبَعِ لِلصَّالِحِينَ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان آخِرَهُمْ أَكْلًا وَذَلِكَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ قَالَ سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا وَفِيهِ الْعِلْمُ السَّاطِعُ النَّيِّرُ وَالْبُرْهَانُ الْوَاضِحُ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى وَشِبْهُهُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا مَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ (1ـ681) عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدِّثْنَا بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْوِيهِ عَنْكَ قَالَ فَقَالَ جَابِرٌ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُهُ فَلَبِثْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا نَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ فَعَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ كُدْيَةٌ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ كُدْيَةٌ قَدْ عَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ فَرَشَشْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ أَوِ الْمِسْحَاةَ ثُمَّ سَمَّى ثَلَاثًا ثُمَّ ضَرَبَ فَعَادَتْ كَثِيبًا أَهْيَلَ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِيذَنْ لِي (*) فَأَذِنَ لِي فَجِئْتُ امْرَأَتِي فَقُلْتُ ثَكِلَتْكِ أُمُّكِ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لَا صَبْرَ لِي عَلَيْهِ فَمَا عِنْدَكِ قَالَتْ عندي

صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ قَالَ فَطَحَنَّا الشَّعِيرَ وَذَبَحْنَا الْعَنَاقَ وَأَصْلَحْنَاهَا وَجَعَلْنَاهَا فِي الْبُرْمَةِ وَعَجَنْتُ الشَّعِيرَ فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَبِثْتُ سَاعَةً ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ الثَّانِيَةَ فَأَذِنَ لي فجئت فإذا العجين قد أمكن فأمرها بِالْخَبْزِ وَجَعَلْتُ الْقِدْرَ عَلَى الْأَثَافِيِّ ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عِنْدَنَا طَعَامًا لَنَا فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَقُومَ مَعِي أَنْتَ وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ مَعَكَ فَعَلْتَ فَقَالَ كَمْ هُوَ وَمَا هُوَ فَقُلْتُ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ وَعَنَاقٌ قَالَ ارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ فَقُلْ لَهَا لَا تَنْزِعِ الْقِدْرَ مِنَ الْأَثَافِيِّ وَلَا تُخْرِجِ الْخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حَتَّى آتِيَ ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ قُومُوا إِلَى بَيْتِ جَابِرٍ فَاسْتَحْيَيْتُ حَيَاءً لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي ثَكِلَتْكِ أُمُّكِ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ بِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ فَقَالَتْ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَكَ كَمِ الطَّعَامُ قُلْتُ نَعَمْ فَقَالَتِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَدْ أَخْبَرْتَهُ بِمَا كَانَ عِنْدَنَا قَالَ فَذَهَبَ عَنِّي بَعْضُ مَا أَجِدُ وَقُلْتُ لَقَدْ صَدَقْتِ قَالَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ لَا تَضَاغَطُوا قَالَ ثُمَّ بَرَّكَ عَلَى التَّنُّورِ وَعَلَى الْبُرْمَةِ فَجَعَلْنَا نَأْخُذُ مِنَ التَّنُّورِ الْخُبْزَ وَنَأْخُذُ اللَّحْمَ مِنَ الْبُرْمَةِ فَنَثْرُدُ وَنَغْرِفُ وَنُقَرِّبُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِيَجْلِسْ عَلَى الصَّحْفَةِ سَبْعَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ فَلَمَّا أَكَلُوا كَشَفْنَا التَّنُّورَ وَالْبُرْمَةَ فَإِذَا هُمَا قَدْ عَادَا إِلَى أَمْلَأِ مِمَّا كَانَا فَنَثْرُدُ وَنَغْرِفُ وَنُقَرِّبُ

إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ كُلَّمَا فَتَحْنَا عَنِ التَّنُّورِ وَكَشَفْنَا عَنِ الْبُرْمَةِ وَجَدْنَاهُمَا أَمْلَأَ مِمَّا كَانَا حَتَّى شَبِعَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ وَبَقِيَ طَائِفَةٌ مِنَ الطَّعَامِ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَصَابَتْهُمْ مَخْمَصَةٌ فَكُلُوا وَأَطْعِمُوا قَالَ فَلَمْ نَزَلْ يَوْمَنَا نَأْكُلُ وَنُطْعِمُ قَالَ وَأَخْبَرَنِي جَابِرٌ أَنَّهُمْ كَانُوا ثَمَانِمِائَةٍ أَوْ ثَلَاثِمَائَةٍ شَكَّ أَيْمَنُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِحٍ الْمُفَسِّرُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عن سعيد الجريري (دـ682) عَنْ أَبِي الْوَرْدِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ صَنَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ وَلِأَبِي بَكْرٍ طَعَامًا قَدْرَ مَا (*) يَكْفِيهِمَا وَأَتَيْتُهُمَا بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبْ فَادْعُ لِي ثَلَاثِينَ مِنْ أَشْرَافِ الْأَنْصَارِ قَالَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ وَقُلْتُ ما عندي شيء ازيده قال (هـ) فَكَأَنِّي تَغَافَلْتُ ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَادْعُ لِي ثَلَاثِينَ مِنْ أَشْرَافِ الْأَنْصَارِ قَالَ فَدَعَوْتُهُمْ فَجَاءُوا فقال اطعموا فأكلوا ثم صدوا ثُمَّ شَهِدُوا أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ بَايَعُوهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَادْعُ لِي بِسِتِّينَ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ أَبُو أَيُّوبَ فَوَاللَّهِ لَأَنَا بِالسِّتِّينَ أَجْوَدُ مِنِّي بِالثَّلَاثِينَ قَالَ فدعوتتهم فقال

الحديث العاشر

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلوا فاكلوا حتى صدوا وَشَهِدُوا أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَبَايَعُوهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَادْعُ لِي بِتِسْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ فَلَأَنَا أَجْوَدُ بِالتِّسْعِينَ وَالسِّتِّينَ مني بالثلاثين قال فدعوتهم فأكلوا حتى صدوا وَشَهِدُوا أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَايَعُوهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا قَالَ فَأَكَلَ مِنْ طَعَامِي ذَلِكَ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ رَجُلًا حَدِيثٌ عَاشِرٌ لِإِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَخْرُجُ الْإِنْسَانُ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَيَجِدُهُمْ يُصَلُّونَ الْعَصْرَ هَذَا يَدْخُلُ فِي الْمُسْنَدِ وَهُوَ الْأَغْلَبُ مِنْ أَمْرِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ مُسْنَدًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيُّ عَنْ مَالِكٍ كَرِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ السَّعَةُ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ وَأَنَّ النَّاسَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهُمْ أَصْحَابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تَكُنْ صَلَاتُهُمْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ لِعِلْمِهِمْ بِمَا أُبِيحَ لَهُمْ مِنْ سَعَةِ الْوَقْتِ

وَالْآثَارُ كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ مَمْدُودٌ مُنْذُ يَزِيدُ الظِّلُّ عَلَى قَامَةٍ مِنَ الْحَدِّ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مَا كَانَتِ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً وَيُرْوَى مَا دَامَتِ الشَّمْسُ حَيَّةً وَحَيَاتُهَا حَرَارَتُهَا وَمَا لَمْ تَدْخُلْهَا صُفْرَةٌ فَإِذَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ وَدَنَتْ لِلْغُرُوبِ خَرَجَ الْوَقْتُ الْمَحْمُودُ الْمُسْتَحَبُّ الْمُخْتَارُ وَلَحِقَ مُؤَخِّرَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ الذَّمُّ لِحَدِيثِ العلاء ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ يُمْهِلُ أَحَدُهُمْ حَتَّى إِذَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا يَعِيبُهُمْ بِذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ هَذَا فَإِنَّا لَا نَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَنْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَنْ يَكُونَ مُدْرِكًا لِوَقْتِهَا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَصَحُّ إِسْنَادًا وَأَقْوَى عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ وَحَدِيثُ الْعَلَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَقَاوِيلَ الْفُقَهَاءِ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عِنْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ وَذَكَرَنَا مَذَاهِبَ الْعُلَمَاءِ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ هُنَاكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ آثَارِ هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ وَكُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى السَّعَةِ فِي الْوَقْتِ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ لَمْ تَصْفَرَّ

وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن وردان قال دخلنا على أنس ابن مَالِكٍ فِي رَهْطٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ صَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ قُلْنَا نَعَمْ قَالُوا يَا أَبَا حَمْزَةَ مَتَى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ قَالَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بن حراش عن أبي الأبيض عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ مُحَلِّقَةٌ ثُمَّ آتِي عَشِيرَتِي فِي جَانِبِ الْمَدِينَةِ لَمْ يُصَلُّوا فَأَقُولُ لَهُمْ مَا يُجْلِسُكُمْ صَلُّوا فَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُعَلِّمُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ أَبِي الْأَبْيَضِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ مُحَلِّقَةٌ فَآتِي عَشِيرَتِي فَأَجِدُهُمْ جُلُوسًا فَأَقُولُ قُومُوا فَصَّلُوا فَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَرْدَانَبَهْ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا عَنْ وَقْتِ الْعَصْرِ فَقَالَ وَقْتُهَا أَنْ تَسِيرَ سِتَّةَ أَمْيَالٍ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ قَالَ حَدَّثَّنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ (*) عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ يُعَجِّلُهَا مَرَّةً وَيُؤَخِّرُهَا أُخْرَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمِنِ الْعَنْبَرِيُّ (هـ ـ 692) قال حدثنا إبراهيم ابن

أَبِي الْوَزِيرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْيَمَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ قَالَ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الْمَدِينَةَ فَكَانَ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً قَالَ أَبُو عُمَرَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَشَدُّ تَأْخِيرًا لِلْعَصْرِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْآثَارُ الْوَارِدَةُ عَنْهُمْ بِذَلِكَ تُبَيِّنُ مَا قُلْنَا وَعَلَى ذَلِكَ فُقَهَاؤُهُمْ حَتَّى قَالَ أَبُو قِلَابَةَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ الْعَصْرَ لِتَعْتَصِرَ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا فَقِيهُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ أَعْلَمُ تَابِعِيهِمْ بِالصَّلَاةِ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ مَا تَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ سَلَفِهِمْ جَاءَ عنه

لبحديث الحادى عشر

فِي تَعْجِيلِ الْعَصْرِ أَكْثَرُ مِمَّا ذَكَرَهُ أَبُو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ تُصَلَّى الْعَصْرُ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ حَيَّةٌ وَحَيَاتُهَا أَنْ تَجِدَ حَرَّهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كَمَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ سَعَةِ الْوَقْتِ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا وَسَنَذْكُرُ الْمَوَاقِيتَ وَنَسْتَوْعِبُ الْقَوْلَ فِيهَا بِالْآثَارِ وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِسْحَاقُ عَنْ رَافِعِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدِيثَانِ حَدِيثٌ حَادِي عَشَرَ لِإِسْحَاقَ مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ رَافِعَ بْنَ إِسْحَاقَ مَوْلَى الشِّفَاءِ أَخْبَرَهُ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ نَعُودُهُ فَقَالَ لَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَمَاثِيلُ أَوْ تَصَاوِيرُ يَشُكُّ إِسْحَاقُ لَا يَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَحْسَنُهُ إِسْنَادًا وَقَالَ فِيهِ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ رَافِعِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي (*) شَيْبَةَ عَنْ زَيْدٍ

وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فيه صورة وقيل في الملائكة ها هنا مَلَائِكَةُ الْوَحْيِ وَقِيلَ بَلْ كُلُّ مَلَكٍ عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ كَمَا أَنَّ لَفْظَ بَيْتٍ عَلَى لَفْظِ النَّكِرَةِ يَقْتَضِي كُلَّ بَيْتٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يَقْتَضِي الْحَظْرَ عَنِ اسْتِعْمَالِ الصُّوَرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي حَائِطٍ كَانَتْ أَوْ فِي غَيْرِهِ وَمِثْلُهُ حَدِيثُ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ فِي النُّمْرُقَةِ الَّتِي فِيهَا تَصَاوِيرُ وَقَدِ اسْتَثْنَى فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الصُّوَرِ الْمَكْرُوهَةِ فَقَالَ قَوْمٌ إِنَّمَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَهُ ظِلٌّ وَمَا لَا ظِلَّ لَهُ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ آخَرُونَ مَا قُطِعَ رَأَسُهُ فَلَيْسَ بِصُورَةٍ وَقَالَ آخَرُونَ تُكْرَهُ الصُّورَةُ فِي الْحَائِطِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ كَانَ لَهَا ظِلٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا مَا كَانَ فِي ثَوْبٍ يُوطَأُ وَيُمْتَهَنُ وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ مَكْرُوهَةٌ فِي الثِّيَابِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا شَيْئًا وَرَوَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ بِمَا قَالَتْهُ أثرا اعتمدت (هـ) عَلَيْهِ وَعَمِلَتْ بِهِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَهْلِ الْفَتْوَى فِي هَذَا الْبَابِ فَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ قَالَ مَالِكٌ يُكْرَهُ التَّمَاثِيلُ فِي الْأَسِرَّةِ وَالْقِبَابِ وَأَمَّا الْبُسُطُ وَالْوَسَائِدُ وَالثِّيَابُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَكَرِهَ أَنْ يُصَلَّى إِلَى قِبْلَةٍ فِيهَا تَمَاثِيلُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا بَأْسَ بِالصُّوَرِ فِي الْوَسَائِدِ لِأَنَّهَا تُوطَأُ وَيُجْلَسُ عَلَيْهَا وَكَرِهَ الحسن

ابن حَيٍّ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتًا فِيهِ تِمْثَالٌ فِي كَنِيسَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَكَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالصَّلَاةِ فِي الْكَنِيسَةِ وَالْبَيْعَةِ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَكْرَهُونَ التَّصَاوِيرَ فِي الْبُيُوتِ بِتِمْثَالٍ وَلَا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ فِيمَا يُبْسَطُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ التَّصَاوِيرَ فِي السُّتُورِ الْمُعَلَّقَةِ مَكْرُوهَةٌ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ مَا كَانَ خَرْطًا أَوْ نَقْشًا فِي الْبِنَاءِ وَكَرِهَ اللَّيْثُ التَّمَاثِيلَ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ وَالْأَسِرَّةِ وَالْقِبَابِ وَالطِّسَاسِ وَالْمَنَارَاتِ إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَإِنْ دُعِيَ رَجُلٌ إِلَى عُرْسٍ فَرَأَى صَورَةً ذَاتَ رُوحٍ أَوْ صُوَرًا ذَاتَ أَرْوَاحٍ لَمْ يَدْخُلْ إِنْ كَانَتْ مَنْصُوبَةً وَإِنْ كَانَ يُوطَأُ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ كَانَتْ صُوَرَ الشَّجَرِ فَلَا بَأْسَ وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إِذَا دُعِيتُ لِأَدْخُلَ فَرَأَيْتُ سِتْرًا مُعَلَّقًا فِيهِ تَصَاوِيرُ أَأَرْجِعُ قَالَ نَعَمْ قَدْ (*) رَجَعَ أَبُو أَيُّوبَ قُلْتُ رَجَعَ أَبُو أَيُّوبَ مِنْ سَتْرِ الْجُدُرِ قَالَ هَذَا أَشَدُّ وَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ قُلْتُ لَهُ فَالسَّتْرُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ صُورَةٌ قَالَ لَا قِيلَ فَصُورَةُ الطَّائِرِ وَمَا أَشْبَهَهُ فَقَالَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأَسٌ فَهُوَ أَهْوَنُ فَهَذَا مَا لِلْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ وَسَيَأْتِي مَا لِلسَّلَفِ فِيهِ مِمَّا بَلَغَنَا عَنْهُمْ فِي بَابِ سَالِمِ أَبِي النَّضْرِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الثاني عشر

حَدِيثٌ ثَانِي عَشَرَ لِإِسْحَاقَ عَنْ رَافِعِ بْنِ إِسْحَاقَ مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ رَافِعِ بْنِ إِسْحَاقَ مَوْلًى لِآلِ الشِّفَاءِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ مَوْلَى أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِمِصْرَ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِهَذِهِ الْكَرَابِيسِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ أَوِ الْبَوْلِ فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا بِفَرْجِهِ هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَوْلًى لِآلِ الشِّفَاءِ وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ مَوْلَى الشِّفَاءِ فِيمَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْهُ وَقَدْ قَالَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا طَائِفَةٌ مِنَ الرُّوَاةِ مَوْلَى الشِّفَاءِ وَقَالَ آخَرُونَ عَنْهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا مَوْلَى آلِ الشِّفَاءِ وَقَالَ قَوْمٌ كَمَا قَالَ يَحْيَى وَهَذَا إِنَّمَا جَاءَ مِنْ مَالِكٍ وَالشِّفَاءُ اسْمُ امْرَأَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ قُرَيْشٍ وَهِيَ الشِّفَاءُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ خَالِدٍ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهِيَ أُمُّ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَكَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ يَقُولُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ رَافِعِ ابن إِسْحَاقَ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ مَوْلَى أَبِي طَلْحَةَ وَهُوَ مِنْ تَابِعِيِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثِقَةٌ فِيمَا نَقَلَ وَحَمَلَ وَحَدِيثُهُ هَذَا حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ

وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ عَلَى مَنْ سَمِعَ الْخِطَابَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ عَلَى عُمُومِهِ إِذَا لَمْ يَبْلُغْهُ شَيْءٌ يَخُصُّهُ لِأَنَّ أَبَا أَيُّوبَ سَمِعَ النَّهْيَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِشَرْطٍ فَفَهِمَ مِنْهُ الْعُمُومَ فَكَانَ يَنْحَرِفُ فِي مَقَاعِدِ الْبُيُوتِ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ أَيْضًا وَلَمْ يَبْلَغْهُ الرُّخْصَةُ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبُيُوتِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ (*) عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ يَبْلُغُ النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَبَوْلٍ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا قَالَ أَبُو أَيُّوبَ فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ فَنَنْحَرِفُ عَنْهَا وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَهَكَذَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ بَلَغَهُ شَيْءٌ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ مَا يَخُصُّهُ أَوْ يَنْسَخُهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي زَيْدٍ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ أَبِي معقل

الْأَسَدِيِّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَتَانِ بِبَوْلٍ أَوْ بِغَائِطٍ وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ وَكَانَ مُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَكْرَهُونَ أَنْ نَسْتَدْبِرَ إِحْدَى الْقِبْلَتَيْنِ أَوْ نَسْتَقْبِلَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ الْكَعْبَةَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ (إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِذَا قَعَدْتَ لِحَاجَتِكَ فَلَا تَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ) وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَتْنِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة قالا جميعا حدثنا حفص ابن غِيَاثٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ ابن حِبَّانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَاعِدًا عَلَى لَبِنَتَيْنِ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُتَوَجِّهًا نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَزَادَ عَبْدُ الْوَارِثِ فِي حَدِيثِهِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يحيى بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَقَدِ ارْتَقَيْتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ

وَهَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بلال عن يحيى ابن سَعِيدٍ بِلَفْظِ (*) حَدِيثِ مَالِكٍ وَمَعْنَاهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَجْلَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَائِطِ بِحَدِيثٍ وَقَدِ اطَّلَعْتُ يَوْمًا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُحَجَّرٌ عَلَيْهِ بِلَبِنٍ فَرَأَيْتُهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَقَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَقَرَّ بِهِ أَنَّ قَاسِمَ ابن أصبغ حدثهم قال حدثنا الحارث ابن أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَعْنِي الْأَنْصَارِيَّ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ظَهَرْتُ عَلَى أَجَارٍ لِحَفْصَةَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ سَطْحٍ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا عَلَى حَاجَتِهِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ فِيهَا مُوَافَقَةٌ لِمَا قَالَهُ مَالِكٌ مِنِ اسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَهَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَثْبَتُ الرِّوَايَاتِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ

وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ ذَلِكَ الثَّقَفِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ قَالَ الْمَرْوَزِيُّ رِوَايَةُ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ مَالِكٌ وَالثَّقَفِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ فِي ذِكْرِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَاصَّةً قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمَّا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا لِحَاجَتِهِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مُسْتَدْبِرَ الكعبة او مسقبل الْقِبْلَةِ عَلَى حَسَبِ مَا مَضَى مِنَ الرِّوَايَةِ فِي ذَلِكَ وَاسْتَحَالَ أَنْ يَأْتِيَ مَا نَهَى عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمْنَا أَنَّ الحال التي استقبل فيه الْقِبْلَةَ بِالْبَوْلِ وَاسْتَدْبَرَهَا غَيْرُ الْحَالِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا فَأَنْزَلْنَا النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الصَّحَارِي وَالرُّخْصَةَ فِي الْبُيُوتِ لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي الْبُيُوتِ وَلَمْ يَصِحَّ لَنَا أَنْ يُجْعَلَ أَحَدُ الْخَبْرَيْنِ نَاسِخًا لِلْآخَرِ لِأَنَّ النَّاسِخَ يَحْتَاجُ إِلَى تَارِيخٍ أَوْ دَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ وَلَا سَبِيلَ إِلَى نَسْخِ قُرْآنٍ بِقُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ بِسُنَّةٍ مَا وُجِدَ إِلَى اسْتِعْمَالِ الْآيَتَيْنِ أَوِ السُّنَّتَيْنِ سَبِيلٌ وَرَوَى مَرْوَانُ الْأَصْفَرُ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ جَلَسَ (*) يَبُولُ إِلَيْهَا فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا قَالَ إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلَا بَأْسَ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بن يحيى

ابن فَارِسٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ فَسَّرَهُ الشَّعْبِيُّ كَمَا ذَكَرْنَا نَحْوًا مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ عُمَرَ ذَكَرَ وَكِيعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عِيسَى الْخَيَّاطِ وَهُوَ عِيسَى ابْنُ مَسِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ (لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا) وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ (حَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي كَنِيفِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ) فَقَالَ الشَّعْبِيُّ صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَصَدَقَ ابْنُ عُمَرَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَرِّيَّةِ وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ فِي الْكُنُفِ قَالَ الشَّعْبِيُّ أَمَّا كُنُفُكُمْ هَذِهِ فَلَا قِبْلَةَ فِيهَا هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ لُبَابَةَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ عِيسَى الْخَيَّاطِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَنِيفِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قال

يَحْيَى وَأَخْبَرَنَا عِيسَى الْخَيَّاطُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا قَالَ عِيسَى فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلشَّعْبِيِّ فَقَالَ صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَصَدَقَ ابْنُ عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَلِكَ فِي الصَّحْرَاءِ لَا يَسْتَقْبِلْهَا وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ فَالْكَنِيفُ بَيْتٌ صُنِعَ لِلتَّبَرُّزِ لَيْسَ فِيهِ قِبْلَةٌ اسْتَقْبِلْ حَيْثُ شِئْتَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابن المبارك وإسحاق ابن رَاهَوَيْهِ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنْ لَا يَجُوزَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ لَا فِي الصَّحَارِي وَلَا فِي الْبُيُوتِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ وَسَائِرِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ رَوَاهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيُّ وَسُلَيْمَانُ وَرَدَّ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدِيثَ جَابِرٍ وَحَدِيثَ عَائِشَةَ الْوَارِدَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ (*) وَسَلَّمَ بِالرُّخْصَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَضَعَّفَ حَدِيثَ جَابِرٍ وَتَكَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ بِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ خَالِدُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَائِشَةَ وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّمَا فِيهِ نَسْخُ اسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاسْتِدْبَارِهِ بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ قَالَ هَذَا الَّذِي لَا أَشُكُّ فِيهِ وَأَشُكُّ فِي الْكَعْبَةِ وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ يَعْنِي حَدِيثَ خَالِدِ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ فَإِنَّ مَخْرَجَهُ حَسَنٌ وَلَكِنَّهُ

يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَوَقَّى الْقِبْلَةَ وَأَمَّا بَيْتُ الْمَقْدِسِ فَلَيْسَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ آخَرُونَ جَائِزٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَاسْتِدْبَارُهُمَا بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فِي الصَّحَارِي وَفِي الْبُيُوتِ وَذَكَرُوا حَدِيثَ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ قَالَ ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِبَوْلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ جَابِرٍ قَالُوا وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ وَذَكَرُوا مَا رَوَاهُ خالد بن أبي الصلت عن عراك بن مَالِكٍ عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قوم

يَكْرَهُونَ أَنْ يَسْتَقْبِلُوا بِفُرُوجِهِمُ الْقِبْلَةَ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلُوهَا اسْتَقْبِلُوا بِمَقْعَدِي الْقِبْلَةَ قَالُوا فَلَمَّا تَعَارَضَتِ الْآثَارُ فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ يَجِبِ الْعَمَلُ بِشَيْءٍ مِنْهَا لِتَهَاتُرِهَا كَالْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَتَيْنِ قَالُوا وَالْأَصْلُ أَنْ لَا حَظْرَ إِلَّا مَا يَرِدُ بِهِ الْخَبَرُ عَنِ اللَّهِ أَوْ عَنْ رَسُولِهِ مِمَّا لَا مُعَارِضَ لَهُ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَكَاهُ أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ رَبِيعَةَ وَقَالَ بِهِ قَوْمٌ مِنْهُمْ دَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ وَزَعَمُوا أَنَّ النَّسْخَ فِيهَا وَاضِحٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ وَقَالُوا لَيْسَ خَالِدُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ بِمَجْهُولٍ لِأَنَّهُ رَوَى عَنْهُ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ وَالْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ وَوَاصِلٌ مَوْلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ وَكَانَ عَامِلًا (*) لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَكَيْفَ يُقَالُ فِيهِ مَجْهُولٌ وَذَكَرُوا حَدِيثَ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَحَدِيثَ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُنْكِرُ قَوْلَهُمْ إِذَا خَرَجَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْخَلَاءِ فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ الْإِنْكَارُ بِحُجَّةٍ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا وَصَفْنَاهُ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَمَحْمَلُهُ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي الْبُيُوتِ وَقَدْ بَانَ ذَلِكَ بِرِوَايَةِ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا الَّذِي يُذْهَبُ إِلَيْهِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ اسْتِعْمَالَ السُّنَنِ عَلَى وُجُوهِهَا الْمُمْكِنَةِ فِيهَا دُونَ رَدِّ شَيْءٍ ثَابِتٍ مِنْهَا وَلَيْسَ حَدِيثُ جَابِرٍ بِصَحِيحٍ عَنْهُ فَيُعَرَّجَ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَبَانَ بْنَ صَالِحٍ الَّذِي يَرْوِيهِ ضَعِيفٌ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى خِلَافِ رِوَايَةِ أبان بن صالح عن مجاهد عن جابر وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ قَدْ دَفَعَهُ قَوْمٌ وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِلَافٌ لِمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ لِأَنَّ الْمَقْعَدَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْبُيُوتِ وَلَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ عِنْدَنَا فِي كُنُفِ الْبُيُوتِ وَإِنَّمَا وَقَعَ نهيه والله أعلم على السحارى وَالْفَيَافِي وَالْفَضَاءِ دُونَ كُنُفِ الْبُيُوتِ وَخَرَجَ عَلَيْهِ حَدِيثُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَبَرَّزَ الْقَوْمِ أَلَا تَرَى إِلَى مَا فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ وَكَانَتْ بُيُوتُنَا لَا مَرَاحِيضَ لَهَا وَإِنَّمَا أَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأَوَّلُ يَعْنِي الْبُعْدَ فِي الْبِرَازِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الصَّحَارِي لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي فِي الصَّحَارِي وَلَيْسَ الْمَرَاحِيضُ كَذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ كَيْفَ أَصْنَعُ بِهَذِهِ الْكَرَابِيسِ فَهِيَ الْمَرَاحِيضُ وَاحِدُهَا كِرْبَاسٌ مِثْلَ سِرْبَالٍ وَسَرَابِيلَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْكَرَابِيسَ مَرَاحِيضُ الْغُرَفِ وَأَمَّا مَرَاحِيضُ الْبُيُوتِ فَإِنَّهَا يُقَالُ لَهَا الْكُنُفُ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا بِفَرْجِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقُبُلَ يُسَمَّى فَرْجًا وَأَنَّ الدُّبُرَ أَيْضًا يُسَمَّى فرجا

الحديث الثالث عشر

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُضُوءِ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ أَوْ دُبُرَهُ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِسْحَاقُ عَنْ زُفَرَ بْنِ صَعْصَعَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ (*) حَدِيثٌ ثَالِثَ عَشَرَ لِإِسْحَاقَ عَنْ زُفَرَ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ مَالِكٍ مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ زُفَرَ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَقُولُ هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا وَيَقُولُ إِنَّهُ لَيْسَ يَبْقَى بَعْدِي مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ لَا نَعْلَمُ لِزُفَرَ بْنِ صَعْصَعَةَ وَلَا لِأَبِيهِ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُمَا مَدَنِيَّانِ وَهَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ وَتَابَعَهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ فِيهِ عَنْ زُفَرَ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَقُولُ عَنْ أَبِيهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى شَرَفِ عِلْمِ الرُّؤْيَا وَفَضْلِهَا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ يسئل عَنْهَا لِتُقَصَّ عَلَيْهِ وَيَعْبُرَهَا لِيَعُلِّمَ أَصْحَابَهُ كَيْفَ الْكَلَامُ فِي تَأْوِيلِهَا وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَعَدَّدَ عَلَيْهِ فِيمَا عَدَّدَ مِنَ الْنِعَمِ الَّتِي آتَاهُ التَّمْكِينَ فِي الْأَرْضِ وَتَعْلِيمَ تَأْوِيلِ الأحاديث

وَأَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ فِي تَأْوِيلِ الرُّؤْيَا وَكَانَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِتَأْوِيلِهَا وَكَانَ نبينا صلى الله عليه وسلم نَحْوَ ذَلِكَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصَّدِيقُ مَنْ أَعْبَرِ النَّاسِ لَهَا وَحَصَلَ لِابْنِ سِيرِينَ فِيهَا التَّقَدُّمُ الْعَظِيمُ وَالطَّبْعُ وَالْإِحْسَانُ وَنَحْوَهُ أَوْ قَرُبَ مِنْهُ كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِي ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرُوا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي أَمْرِ الرُّؤْيَا فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ تَفْسِيرٌ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ الرُّؤْيَا الَّتِي هِيَ جُزْءٌ مِنْهَا وَقِيلَ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ أَشْيَاءُ غَيْرُ هَذَا قَدْ ذَكَرَهَا أَبُو جَعْفَرٍ الطبري لا حاجة بنا إلى ذكرها ها هنا وَفِيهِ إِبَاحَةُ الْكَلَامِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِغَيْرِ الذِّكْرِ وَفِيهِ جَوَازُ قَوْلِ العالم سلوني ومن عِنْدَهُ مَسْأَلَةٌ وَنَحْوَ هَذَا وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

الحديث الرايع عثر

إِسْحَاقُ عَنْ أَبِي مُرَّةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ حَدِيثٌ رَابِعَ عَشَرَ لِإِسْحَاقَ مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِي وَاقَدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَأَقْبَلَ (*) اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ فَلَمَّا وَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ سَلَّمَا فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَلَى النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَآوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فاستحيى فاستحيى اللَّهُ مِنْهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ هَذَا حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ وَأَبُو مُرَّةَ قِيلَ اسْمُهُ يَزِيدُ وَقِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُرَّةَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ مِنْ تَابِعِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثِقَةٌ وَأَبُو وَاقَدٍ اللَّيْثِيُّ مِنْ جُلَّةِ الصَّحَابَةِ شَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ اسْمُهُ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ وَقِيلَ الْحَارِثُ بْنُ مَالِكٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَنَسَبْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْجُلُوسُ إِلَى الْعَالِمِ فِي الْمَسْجِدِ وَفِيهِ أَنَّ الْآتِيَ يُسَلِّمُ عَلَى الْمَقْصُودِ إِلَيْهِ كَمَا يُسَلِّمُ الْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ وَالرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي

وَفِيهِ التَّخَطِّي إِلَى الْفُرَجِ فِي حَلْقَةِ الْعَالِمِ وَتَرْكُ التَّخَطِّي إِلَى غَيْرِ الْفُرَجِ وَلَيْسَ مَا جَاءَ مِنْ حَمْدِ التَّزَاحُمِ فِي مَجْلِسِ الْعَالِمِ وَالْحَضِّ عَلَى ذَلِكَ بِمُبِيحٍ تَخَطِّي الرِّقَابِ إِلَيْهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَذَى كَمَا لَا يَجُوزُ التَّخَطِّي إِلَى سَمَاعِ الْخُطْبَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ التَّخَطِّي إِلَى الْعَالِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا يُفِيدُ قُرْبُهُ مِنَ الْعَالِمِ فَائِدَةً وَيُثِيرُ عِلْمًا فَيَجِبُ حينئذ أن يفتح له ليلا يُؤْذِيَ أَحَدًا حَتَّى يَصِلَ إِلَى الشَّيْخِ وَمِنْ شَرْطِ الْعَالِمِ أَنْ يَلِيَهُ مَنْ يَفْهَمُ عَنْهُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلني منكم أولوا الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لِيَفْهَمُوا عنه يؤدوا مَا سَمِعُوا كَمَا سَمِعُوا مِنْ غَيْرِ تَبْدِيلِ مَعْنًى وَلَا تَصْحِيفٍ وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُتَخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ أذيت وأنبت بَيَانُ أَنَّ التَّخَطِّيَ أَذًى وَلَا يَحِلُّ أَذَى مُسْلِمٍ بِحَالٍ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِ الْجُمُعَةِ وَمَعْنَى التَّزَاحُمِ بِالرُّكَبِ فِي مَجْلِسِ الْعَالِمِ الِانْضِمَامُ وَالِالْتِصَاقُ يَنْضَمُّ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ عَلَى مَرَاتِبِهِمْ وَمَنْ تَقَدَّمَ إِلَى مَوْضِعٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قُرْبِ أُولِي الْفَهْمِ مِنَ الشَّيْخِ فَيُفْسَحُ لَهُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَبَطَّأَ ثُمَّ يَتَخَطَّى إِلَى الشَّيْخِ لِيَرَى النَّاسُ مَوْضِعَهُ مِنْهُ فَهَذَا مَذْمُومٌ وَيَجِبُ لِكُلِّ مِنْ عَلِمَ مَوْضِعَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ بِالتَّبْكِيرِ وَالْبُكُورُ إِلَى مَجْلِسِ الْعَالِمِ كَالْبُكُورِ إِلَى الْجُمُعَةِ فِي الْفَضْلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ أَتَيْنَا مِنَ الْقَوْلِ فِي أَدَبِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَشِفَاءٌ فِي كِتَابِنَا كِتَابِ بَيَانِ الْعِلْمِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ آوَى إِلَى اللَّهِ يَعْنِي فَعَلَ مَا يَرْضَاهُ اللَّهُ فَحَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ مِنَ اللَّهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ عليه السلام

الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مَا آوَى إِلَى اللَّهِ يَعْنِي مَا كَانَ لِلَّهِ وَرَضِيَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الثَّانِي فاستحي فاستحي اللَّهُ مِنْهُ فَهُوَ مِنِ اتِّسَاعِ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي أَلْفَاظِهِمْ وَفَصِيحِ كَلَامِهِمْ وَالْمَعْنَى فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَهُ لِأَنَّهُ من استحيى اللَّهُ مِنْهُ لَمْ يُعَذِّبْهُ بِذَنْبِهِ وَغَفَرَ لَهُ بَلْ لَمْ يُعَاتِبْهُ عَلَيْهِ فَكَانَ الْمَعْنَى فِي الْأَوَّلِ أَنَّ فِعْلَهُ أَوْجَبَ لَهُ حَسَنَةً وَالْآخَرُ أَوْجَبَ لَهُ فِعْلُهُ مَحْوَ سَيِّئَةٍ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الثَّالِثِ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَرَادَ أَعْرَضَ عَنْ عَمَلِ الْبِرِّ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ بِالثَّوَابِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْرِضُ عَنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ مَنْ فِي قَلْبِهِ نِفَاقٌ وَمَرَضٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْرِضُ فِي الْأَغْلَبِ عَنْ مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ هَذِهِ حَالُهُ بَلْ قَدْ بَانَ لَنَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْرَضَ لِحَاجَةٍ عَرَضَتْ لَهُ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الْقَوْلُ فِيهِ وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ كَانَ إِعْرَاضُ الله عنه سخطا عليه وأسئل اللَّهَ الْمُعَافَاةَ وَالنَّجَاةَ مِنْ سُخْطِهِ بِمَنِّهِ وَرَحْمَتِهِ

الحديث الخامس عشر

إِسْحَاقُ عَنْ حُمَيْدَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ حَدِيثٌ خَامِسَ عَشَرَ لِإِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدَةَ مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عن حُمَيْدَةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ فَرْوَةَ عَنْ خَالَتِهَا كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهَا أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَكَبَتْ لَهُ وَضَوْءًا فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ مِنْهُ فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ قَالَتْ كَبْشَةُ فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي قَالَتْ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ أَوِ الطَّوَّافَاتِ هَكَذَا قَالَ يحيى حميدة بنت أبي عبيدة ابن فَرْوَةَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ وهو غلط منه وإنا يَقُولُ الرُّوَاةُ لِلْمُوَطَّأِ كُلُّهُمْ ابْنَةُ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ إِلَّا أَنَّ زَيْدَ بْنَ الْحُبَابِ قَالَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ (*) حُمَيْدَةُ بِنْتُ عُبَيْدِ بْنِ رَافِعٍ وَالصَّوَابُ رِفَاعَةَ وَهُوَ رَفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيُّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَاخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي رَفْعِ الْحَاءِ وَنَصْبِهَا مِنْ حُمَيْدٍ فَبَعْضُهُمْ قَالَ حَمِيدَةَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَبَعْضُهُمْ قَالَ حُمَيْدَةُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَحُمَيْدَةُ هَذِهِ هِيَ امْرَأَةُ إِسْحَاقَ ذَكَرَ ذَلِكَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَتْنِي امْرَأَتِي حُمَيْدَةُ قَالَتْ حَدَّثَتْنِي كَبْشَةُ ابْنَةُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَتْ رَأَيْتُ أَبَا قَتَادَةَ تَوَضَّأَ ثُمَّ أَصْغَى إِنَاءَهُ لِلْهِرَّةِ قَالَتْ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ أَتَعْجَبِينَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافَاتِ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافِينَ وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ كَبْشَةُ امْرَأَةُ أَبِي قَتَادَةَ وَهَذَا وَهَمٌ مِنْهُ وَإِنَّمَا هِيَ امْرَأَةُ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ وَأَمَّا حُمَيْدَةُ فَامْرَأَةُ إِسْحَاقَ وَكُنْيَتُهَا أُمُّ يَحْيَى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ النِّسَاءُ فِيهِ وَالرِّجَالُ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا الْمُرَاعَاةُ فِي ذَلِكَ الْحِفْظُ وَالْإِتْقَانُ وَالصَّلَاحُ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْأَثَرِ وفيه إباحة اتخاذ الهر وما أبيح اخاذه اتِّخَاذُهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ جَازَ بَيْعُهُ وَأَكْلُ ثَمَنِهِ إِلَّا إِنْ يَخُصَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ فَيُخْرِجَهُ عَنْ أَصْلِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْهِرَّ لَيْسَ يُنَجِّسُ مَا شَرِبَ مِنْهُ وَأَنَّ سُؤْرَهُ طَاهِرٌ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا أُبِيحَ لَنَا اتِّخَاذُهُ فَسُؤْرُهُ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْنَا وَمَعْنَى الطَّوَّافِينَ عَلَيْنَا الَّذِينَ يُدَاخِلُونَنَا وَيُخَالِطُونَنَا وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْأَطْفَالِ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ

وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ فِي الْهِرِّ إِنَّهَا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ شَبَّوَيْهِ السَّجَسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَوْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْهِرُّ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ وَالطَّوَّافُ وَالْخَادِمُ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ أَيْ يَخْدِمُهُمْ وِلْدَانٌ وَيَتَرَدَّدُونَ عَلَيْهِمْ بِمَا يَشْتَهُونَ وَطَهَارَةُ (*) الْهِرِّ تَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ الْكَلْبِ وَأَنْ لَيْسَ فِي حَيٍّ نَجَاسَةٌ سِوَى الْخِنْزِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْكَلْبَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْنَا وَمِمَّا أُبِيحَ لَنَا اتِّخَاذُهُ فِي مَوَاضِيعِ الْأُمُورِ وَإِذَا كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِيعِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ سُؤْرَهُ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْمَوَاضِيعِ كَسُؤْرِهِ فِيهَا لِأَنَّ عَيْنَهُ لَا تَنْتَقِلُ وَدَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى أَنَّ مَا جَاءَ فِي الْكَلْبِ مِنْ غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِهِ سَبْعًا أَنَّهُ تَعَبُّدٌ وَاسْتِحْبَابٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهِرِّ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ بَيَانُ أَنَّ الطَّوَّافِينَ عَلَيْنَا لَيْسُوا بِنَجَسٍ فِي طِبَاعِهِمْ وَخِلْقَتِهِمْ وَقَدْ أُبِيحَ لَنَا اتِّخَاذُ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ وَالْغَنَمِ وَالزَّرْعِ أَيْضًا فَصَارَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْنَا وَالِاعْتِبَارُ أَيْضًا يَقْضِي بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِعِلَّةِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَبُعٌ يَفْتَرِسُ وَيَأْكُلُ الْمَيْتَةَ فَإِذَا جَاءَ نَصٌّ فِي أَحَدِهِمَا كَانَ حُكْمُ نَظِيرِهِ حُكْمَهُ وَلَمَّا فَارَقَ غَسْلُ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَائِرَ غَسْلِ النَّجَاسَاتِ كُلِّهَا عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِنَجَاسَةٍ وَلَوْ كَانَ لِنَجَاسَةٍ

سَلَكَ بِهِ سَبِيلَ النَّجَاسَاتِ فِي الْإِنْقَاءِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ مَا يَدُلُّ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَهَارَةِ الْهِرِّ وَزَعَمَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ هُوَ الْقَائِلُ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ فَإِنَّهُ شَبَّهَهُ عَلَيْهِ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ فَقَالَ فِيهِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ وَقَالَ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ قَالَ وَيَكُونُ الطَّوَّافُونَ عَلَيْنَا يُنَجِّسُونَ الْمَاءَ قَالَ فَقَوْلُ أَبِي قَتَادَةَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ لَمْ يُضِفْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَضَافَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ قَوْلَهُ إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا اعْتِلَالٌ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ حَدِيثَ مَالِكٍ وَهُوَ أَصَحُّ النَّاسِ لَهُ نَقْلًا عَنْ إِسْحَاقَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَفِي هَذَا بَيَانُ جَهْلِهِ بِحَدِيثِ مَالِكٍ ثُمَّ يَقُولُ إِنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَمَا ذَكَرَ مِنْ قَوْلِ أَبِي قَتَادَةَ وَلَمْ يَكُنْ مَرْفُوعًا لَكُنَّا أَسْعَدَ

بِالتَّأْوِيلِ مِنْهُ لِأَنَّ أَبَا قَتَادَةَ إِنَّمَا خَاطَبَهَا بِمَا فَهِمَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهِرِّ وَمَنْ شَهِدَ الْقَوْلَ وَعَرَفَ مَخْرَجَهُ سَلِمَ لَهُ فِي التَّأْوِيلِ (*) وَالنَّجَاسَةُ فِي الْحَيَوَانِ أَصْلُهَا مَأْخُوذٌ مِنَ التَّوْقِيفِ لَا مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رَأْيَ أَبِي قَتَادَةَ مَعَ أَنَّ رِوَايَةَ مَالِكٍ فِي طَهَارَةِ الْهِرِّ مَرْفُوعَةٌ وَمَنْ خَالَفَ مَالِكًا فَوَقَفَهَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا قَصَّرَ عَنْهُ عَلَى مَالِكٍ وَمَالِكٌ عَلَيْهِ حُجَّةٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ النَّقْلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَطُّ أَسْقَطَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ هَذَا قَوْلَهُ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ أَسَدُ بْنُ مُوسَى عن حماد بن سلمة عن إسحاق ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ يُصْغِي الْإِنَاءَ لِلسِّنَّوْرِ فَيَلِغَ فِيهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ وَيَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ وَالطَّوَّافَاتِ عَلَيْكُمْ وَمَا رَوَاهُ أَيْضًا أَسَدٌ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَدِّهِ أَبِي قَتَادَةَ نَحْوُهُ وَهَذَانِ لَا يُحْتَجُّ بِهِمَا لِانْقِطَاعِهِمَا وَفَسَادِهِمَا وَتَقْصِيرِ رُوَاتِهِمَا عَنِ الْإِتْقَانِ فِي الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ عَنْ إِسْحَاقَ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ مِنْهُمْ هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى وَحُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَإِنْ كَانَ هِشَامٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ لَمْ يُقِيمَا إِسْنَادَهُ وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يُخَالِفُ فِي إِسْنَادِهِ فَمَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ قَدْ أَقَامَ إِسْنَادَهُ وَجَوَّدَهُ وَقَدْ رَوَى

إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَمَنْ أَسْقَطَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْلَهُ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ فَلَمْ يَحْفَظْ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِنَقْلِ الْحُفَّاظِ الثِّقَاتِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ بِهِ الْهِرُّ فَيُصْغِي لَهَا الْإِنَاءَ فَتَشْرَبُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّ الْهِرَّ لَيْسَ بِنَجَسٍ وَأَنَّهُ لا بأس بفضل سؤؤه لِلْوُضُوءِ وَالشُّرْبِ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعَلِيُّ ابن أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ وَأَبُو قَتَادَةَ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَلْقَمَةُ وَإِبْرَاهِيمُ وَعِكْرِمَةُ وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فَرَوَى عَطَاءٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الْهِرَّ كَالْكَلْبِ يُغْسَلُ مِنْهُ الْإِنَاءُ سَبْعًا وَرَوَى أَبُو صَالِحٍ ذَكْوَانُ (*) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ السِّنَّوْرُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَرَوَى أَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِسُؤْرِ السِّنَّوْرِ وَرَوَى يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ يُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِهِ مرة وهذا

يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَأَى فِي فَمِهِ أَذًى لِيَصِحَّ مَخْرَجُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُوِيَ عَنْهُ فِي الْهِرِّ أَنَّهُ لَا يُتَوَضَّأُ بِسُؤْرِهِ إِلَّا أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمْ أَمَرُوا بِإِرَاقَةِ مَاءٍ وَلَغَ فِيهِ الْهِرُّ وَغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْهُ وَسَائِرُ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ يَقُولُونَ فِي الْهِرِّ إِنَّهُ طَاهِرٌ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ بِسُؤْرِهِ وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ أَنَّهُمَا كَرِهَا الْوُضُوءَ بِفَضْلِ الْهِرِّ قَالَ الْوَلِيدُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَقَالَا تَوَضَّأْ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ وَجَدْتَ غَيْرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَالِاخْتِلَافِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا ذَكَرْنَا وَعَلَيْهِ اعْتِمَادُ الْفُقَهَاءِ فِي كُلِّ مِصْرٍ إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ جُلُّ أَهْلِ الْفَتْوَى مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْأَثَرِ وَالرَّأْيِ جَمِيعًا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِسُؤْرِ السِّنَّوْرِ اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ يَعْنِي عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أنس وأهل المدينة والليث ابن سعد فيمن وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وَالْمَغْرِبِ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي أَهْلِ الشَّامِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِيمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ وَكَذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ

وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَجَمَاعَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ قَالَ وَكَانَ النُّعْمَانُ يَكْرَهُ سُؤْرَهُ وَقَالَ إِنْ كَانَ تَوَضَّأَ بِهِ أَجْزَأَهُ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا حَكَاهُ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَيْسَ كَمَا حَكَاهُ عِنْدَنَا وَإِنَّمَا خَالَفَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَبُو يُوسُفَ وَحْدَهُ وَأَمَّا مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ فَيَقُولُونَ بِقَوْلِهِ وَأَكْثَرُهُمْ يَرْوُونَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يجزئ الوضوء بفضل الهر ويحتجون لذلك يروون عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا كَرِهَا (*) الْوُضُوءَ بِسُؤْرِ الْهِرِّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَمَّا الثَّوْرِيُّ فَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْهُ فِي سُؤْرِ الْهِرِّ فَذُكِرَ فِي جَامِعِهِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ سُؤْرَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِسُؤْرِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَكْرَهُ أَكْلَ الْهِرِّ وَذَكَرَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ حَدَّثَنِي الْأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ لَا بَأْسَ بِفَضْلِ السِّنَّوْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ لِمَنْ كَرِهَ سُؤْرَ الْهِرِّ حُجَّةً أَحْسَنَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ وَبَلَغَهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْكَلْبِ فَقَاسَ الْهِرَّ عَلَى الْكَلْبِ وَقَدْ فَرَّقَتِ السُّنَّةُ بَيْنَ الْهِرِّ وَالْكَلْبِ فِي بَابِ التَّعَبُّدِ وَجَمَعَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ بَابِ الِاعْتِبَارِ وَالنَّظَرِ وَمَنْ حَجَّتْهُ السُّنَّةُ خَصَمَتْهُ وَمَا خَالَفَهَا مَطْرُوحٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا مَا رَوَاهُ قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ طَهُورُ الْإِنَاءِ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْهِرُّ أَنْ يُغْسَلَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ شَكَّ قُرَّةُ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَّا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ ثِقَةٌ ثَبْتٌ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْلُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رَأْيِ أَبِي قَتَادَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْيَسِيرَ تَلْحَقُهُ النَّجَاسَةُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيْسَتْ بِنَجَسٍ فَدَلَّ هَذَا أَنَّ الْهِرَّ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ بَابِ النَّجَاسَاتِ لَأَفْسَدَ الْمَاءَ وَإِنَّمَا حَمَلَهُ على أن يصغى لها الإناء وطهارتها وَلَوْ كَانَ مِمَّا تُنَجِّسُ لَمْ يَفْعَلْ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ عِنْدَهُ تُفْسِدُهُ النَّجَاسَةُ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ لِأَنَّ شُرْبَ الْهِرِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ فِي الْإِنَاءِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ أَذًى مِنْ غَيْرِهِ لَيْسَ تُرَى مَعَهُ نَجَاسَةٌ فِي الْإِنَاءِ وَهَذَا الْمَعْنَى اخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ فَذَهَبَ الْمِصْرِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ إِلَى أَنَّ قَلِيلَ الْمَاءِ يُفْسِدُهُ قَلِيلُ النَّجَاسَةِ وَأَنَّ الْكَثِيرَ لَا يُفْسِدُهُ إِلَّا مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَمَا غَلَبَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ أَخْرَجَهُ مِنْ بَابِ التَّطْهِيرِ وَأَبْقَاهُ عَلَى طَهَارَتِهِ وَلَمْ يَحُدُّوا بَيْنَ الْقَلِيلِ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي يُفْسِدُهُ قَلِيلُ النَّجَاسَةِ وَبَيْنَ الْكَثِيرِ الَّذِي لَا يُفْسِدُهُ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ حَدًّا يُوقَفُ عِنْدَهُ إِلَّا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ رَوَى عَنْ مَالِكٍ فِي الْجُنُبِ يَغْتَسِلُ فِي حَوْضٍ مِنَ الْحِيَاضِ الَّتِي تُسْقَى فِيهَا الدَّوَابُّ وَلَمْ يَكُنْ غَسَلَ

مَا بِهِ مِنَ الْأَذَى أَنَّهُ قَدْ أَفْسَدَ الْمَاءَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ (*) فِي الْجُنُبِ يَغْتَسِلُ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الْكَثِيرِ مِثْلَ الْحِيَاضِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَلَمْ يَكُنْ غَسَلَ مَا بِهِ مِنَ الْأَذَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنْ أَصْحَابِهِمُ الْمِصْرِيِّينَ إِلَّا ابْنَ وَهْبٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمَاءِ بِقَوْلِ الْمَدَنِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَوْلُهُمْ مَا حَكَاهُ أَبُو الْمُصْعَبِ عَنْهُمْ وَعَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ الْمَاءَ لَا تُفْسِدُهُ النَّجَاسَةُ الْحَالَّةُ فِيهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا إِلَّا أَنْ تَظْهَرَ فِيهِ النَّجَاسَةُ وَتُغَيِّرَ مِنْهُ طَعْمًا أَوْ رِيحًا أَوْ لَوْنًا وَكَذَلِكَ ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ أَنَّ هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي الْمَاءِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمَاءِ الرَّاكِدِ الَّذِي لَا يَجْرِي تَمُوتُ فِيهِ الدَّابَّةُ أَيُشْرَبُ مِنْهُ وَيَغْسِلُ مِنْهُ الثِّيَابَ فَقَالَا انْظُرْ بِعَيْنِكَ فَإِنْ رَأَيْتَ مَاءً لَا يُدَنِّسُهُ مَا وَقَعَ فِيهِ فَنَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بَأْسٌ قَالَ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ كُلُّ مَاءٍ فِيهِ فَضْلٌ عَمَّا يُصِيبُهُ مِنَ الْأَذَى حَتَّى لَا يُغَيِّرَ ذَلِكَ طَعْمَهُ وَلَا لَوْنَهُ وَلَا رِيحَهُ فَهُوَ طَاهِرٌ يُتَوَضَّأُ بِهِ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ إِذَا وَقَعَتِ الْمَيْتَةُ فِي الْبِئْرِ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهَا وَلَا لَوْنُهَا وَلَا رِيحُهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْهَا وَإِنْ رَأَى فِيهِ الْمَيْتَةَ

قَالَ فَإِنْ تَغَيَّرَتْ نَزَعَ مِنْهَا قَدْرَ مَا يُذْهِبُ الرَّائِحَةَ عَنْهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو الْفَرَجِ وَالْأَبْهَرَيُّ وَسَائِرُ الْمُنْتَحِلِينَ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ مِنَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وسعيد ابن الْمُسَيَّبِ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَيْضًا وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ وَجَيِّدِ الْأَثَرِ وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَالنَّجَاسَةُ عِنْدَهُمْ تُفْسِدُ قَلِيلَ الْمَاءِ وَكَثِيرَهُ إِذَا حَلَّتْ فِيهِ إِلَّا الْمَاءَ الْمُسْتَجِدَّ الْكَثِيرَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ آدَمِيٌّ عَلَى تَحْرِيكِ جَمِيعِهِ قِيَاسًا عَلَى الْبَحْرِ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مِيتَتُهُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَمَذْهَبُهُ فِي الْمَاءِ نَحْوُ مَذْهَبِ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَرِوَايَتُهُمْ فِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ قَلِيلَ الْمَاءِ يُفْسِدُهُ قَلِيلُ النَّجَاسَةِ وَلَا يُفْسِدُ كَثِيرَهُ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ فَغَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ رَائِحَتَهُ أَوْ لَوْنَهُ (*) إِلَّا أَنَّ مَالِكًا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ لَا يَحُدُّ حَدًّا بَيْنَ قَلِيلِ الْمَاءِ الَّذِي تَلْحَقُهُ النَّجَاسَةُ وَبَيْنَ كَثِيرِهِ الَّذِي لَا تَلْحَقُهُ النَّجَاسَةُ إِلَّا بِالْغَلَبَةِ عَلَيْهِ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى النُّفُوسِ أَنَّهُ قَلِيلٌ وَمَا الْأَغْلَبُ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّهُ كَثِيرٌ وَهَذَا لَا يُضْبَطُ لِاخْتِلَافِ آرَاءِ النَّاسِ وَمَا يَقَعُ فِي نُفُوسِهِمْ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَحَدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ تَلْحَقْهُ نَجَاسَةٌ أَوْ لَمْ يَحْمِلْ خُبْثًا

وهو حديث يرويه محمد بن إسحاق الوليد بْنُ كَثِيرٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَبَعْضِ رُوَاةِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ يَقُولُ فِيهِ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ يَرْفَعُهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ يَقُولُ فِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ وَعَاصِمٍ أَيْضًا فَالْوَلِيدُ يَجْعَلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ يَجْعَلُهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَرَوَاهُ عَاصِمُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَيْهِ أَيْضًا فَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سلمة عن عاصم ابن الْمُنْذِرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ فِيهِ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أبي بكر ابن عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِيهِ إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْصُلِ الْخَبَثُ وَهَذَا اللَّفْظُ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ وَمِثْلُ هَذَا الِاضْطِرَابِ فِي الْإِسْنَادِ يُوجِبُ التَّوَقُّفَ عَنِ الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَى أَنَّ الْقُلَّتَيْنِ غَيْرُ مَعْرُوفَتَيْنِ وَمُحَالٌ أَنْ يَتَعَبَّدَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِمَا لَا يَعْرِفُونَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ وُلُوغِ الْكَلْبِ فِي الْإِنَاءِ وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ إِدْخَالِ الْيَدِ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهَا لِمَنِ انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الرَّاكِدِ فَقَدْ عَارَضَهَا مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا وَالْأَصْلُ فِي الْمَاءِ الطَّهَارَةُ

فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يُقْضَى بِنَجَاسَتِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا تَنَازُعَ فِيهِ وَلَا مَدْفَعَ لَهُ وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَا نَخْتَارُهُ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي الْمَاءِ ها هنا وَنَذْكُرُ مَعْنَى حَدِيثِ وُلُوغِ الْكَلْبِ وَغَسْلِ الْيَدِ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ لَا يَفْسَدُ إِلَّا بِمَا ظَهَرَ فِيهِ مِنَ النَّجَاسَةِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَمَّاهُ طَهُورًا فَقَالَ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طهورا وفي طهور معنيان أحدهما أن (*) يكون طهور بِمَعْنَى طَاهِرٍ مِثْلَ صَبُورٍ وَصَابِرٍ وَشَكُورٍ وَشَاكِرٍ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى فَعَوْلٍ مِثْلَ قَتُولٍ وَضُرُوبٍ فَيَكُونُ فِيهِ مَعْنَى التَّعَدِّي وَالتَّكْثِيرِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ أَنَّ الْمَاءَ مُطَهِّرٌ لِلنَّجَاسَاتِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ الْمَائِعَاتِ الطَّاهِرَاتِ فَثَبَتَ بِذَلِكَ هَذَا التَّأْوِيلُ وَمَا كَانَ طَاهِرًا مُطَهِّرًا اسْتَحَالَ أَنْ تَلْحَقَهُ النَّجَاسَةُ لِأَنَّهُ لَوْ لَحِقَتْهُ النَّجَاسَةُ لَمْ يَكُنْ مُطَهِّرًا أَبَدًا لِأَنَّهُ لَا يُطَهِّرُهَا إِلَّا بِمُمَازَجَتِهِ إِيَّاهَا وَاخْتِلَاطِهِ بِهَا فَلَوْ أَفْسَدَتْهُ النَّجَاسَةُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَغْلِبَ عَلَيْهِ وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ الَّتِي تَنْجُسُ بِمُمَاسَّةِ النَّجَاسَةِ لَهَا لَمْ تَحْصُلْ لِأَحَدٍ طَهَارَةٌ وَلَا اسْتَنْجَى أَبَدًا وَالسُّنَنُ شَاهِدَةٌ لِمَا قُلْنَا بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ النَّظَرُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمِنْ ذَلِكَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصب على بول العرابي دَلْوٌ مِنْ مَاءٍ أَوْ ذُنُوبٌ مِنْ مَاءٍ وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي الْمَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبَوْلَ إِذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ مَازَجَهُ وَلَكِنَّهُ إِذَا غَلَبَ الْمَاءُ عَلَيْهِ طَهَّرَهُ وَلَمْ يَضُرُّهُ مُمَازَجَةُ الْبَوْلِ لَهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ

حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهُرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَثَارَ النَّاسُ إِلَيْهِ لِيَمْنَعُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهُ وَأَهْرِقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ أَوْ قَالَ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ وَهَكَذَا رَوَاهُ شُعَيْبُ ابن أبي خمرة وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهُرِيِّ كَمَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ بِإِسْنَادِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَابَعَهُ سُفْيَانُ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكُلُّ ذَلِكَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ عِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَسَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ فَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً عَنْ هَذَا وَمَرَّةً عَنْ هَذَا وَرُبَّمَا جَمَعَهُمْ وَهَذَا مَوْجُودٌ لِابْنِ شِهَابٍ مَعْرُوفٌ لَهُ كَثِيرٌ جِدًّا وَقَدْ رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قِصَّةَ الْأَعْرَابِيِّ (*) هَذَا وَسَنَذْكُرُ طُرُقَ حَدِيثِهِ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ مُرْسَلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ الله

وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ سئل عن بير بُضَاعَةَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ يُطْرَحُ فِيهَا لُحُومُ الْكِلَابِ وَالْعَذِرَةُ وَأَوْسَاخُ النَّاسِ فَقَالَ الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ يَعْنِي مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ أَوْ يَظْهَرْ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ فَغَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ وَهَذَا إِجْمَاعٌ فِي الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِالنَّجَاسَةِ وَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَقَدْ زَالَ عَنْهُ اسم الماء مطلقا وحديث بير بُضَاعَةَ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ يَقُولُ سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي من بير بُضَاعَةَ وَذَكَرَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ دَخَلْنَا عَلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي نِسْوَةٍ فَقَالَ لَوْ أني سقيتكم من بير بُضَاعَةَ لَكَرِهْتُمْ ذَلِكَ وَقَدْ وَاللَّهِ سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي مِنْهَا وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ سُئِلَ عَنْ مَاءٍ اغْتَسَلَتْ مِنْهُ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ جُنُبٌ فَقَالَ الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهُمْ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ إِلَّا أَنَّ جُلَّ أَصْحَابِ شُعْبَةَ يَرْوُونَهُ عَنْهُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا وَوَصَلَهُ عنه

مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ وَقَدْ وَصَلَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ سِمَاكٍ مِنْهُمُ الثَّوْرِيُّ وَحَسْبُكَ بِالثَّوْرِيِّ حِفْظًا وَإِتْقَانًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْتَسَلَتْ مِنْ جَنَابَةٍ فَاغْتَسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَضَّأَ مِنْ فَضْلِهَا وَقَالَ الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ وَهَكَذَا رَوَاهُ أبو الحوص وَشَرِيكٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا وَكُلُّ مَنْ أَرْسَلَ هَذَا الْحَدِيثَ فَالثَّوْرِيُّ أَحْفَظُ مِنْهُ وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى إِسْنَادِهِ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي عَنِ الْحِمَّانِيِّ عَنْ شَرِيكٍ (*) عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ قَالَ حَدَّثَنَا علي ابن الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ سَلْمَ بْنَ غِيَاثٍ يُحَدِّثُ عَنْ جَدِّهِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قُلْتُ إِنَّا نَرِدُ الْحَوْضَ يَكُونُ فِيهِ السُّؤْرُ مِنَ الْمَاءِ فَيَلِغُ فِيهِ الْكَلْبُ وَيَشْرَبُ مِنْهُ الْحِمَارُ فَقَالَ الْمَاءُ لَا يُحَرِّمُهُ شَيْءٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَسْبُكَ بِجَوَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ وُلُوغِ الْكَلْبِ فِي الْإِنَاءِ وَحَدِيثَ غَسْلِ الْيَدِ قَبْلَ إِدْخَالِهَا فِيهِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ

الْمَاءُ يُطَهِّرُ وَلَا يُطَهَّرُ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ الْمَاءُ طَهُورٌ لِكُلِّ مَا أَصَابَ وَعَنْ عبد الرحمن ابن أَبِي لَيْلَى وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ عَنْ مُعَاذٍ عَنْ عَائِشَةَ الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي مَاءِ الْحَمَّامِ يَغْتَسِلُ فِيهِ الْجُنُبُ وَغَيْرُ الطَّاهِرِ قَالَ الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ سَعِيدِ ابن الْمُسَيَّبِ عَنِ الْغُدُرِ الَّتِي فِي الطُّرُقِ تَلِغُ فِيهَا الْكِلَابُ وَتَبُولُ فِيهَا الدَّوَابُّ أَيُتَوَضَّأُ مِنْهَا فَقَالَ الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي سُؤْرِ الْهِرِّ أَنَّهُ كَرِهَهُ لَمْ يَكُنْ إِلَّا لِشَيْءٍ ظَهَرَ فِي الْمَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِيمَا بَالَتْ فِيهِ الدَّوَابُّ مِنَ الْمَاءِ أَنَّهُ طَهُورٌ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْبَوْلَ لَمْ يَظْهَرْ فِي الْمَاءِ مِنْهُ طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رِيحٌ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ

حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهُرِيِّ فِي الْغَدِيرِ تَقَعُ فِيهِ الدَّابَّةُ فَتَمُوتُ قَالَ الْمَاءُ طَهُورٌ مَا لَمْ تُنَجِّسِ الْمَيْتَةُ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ وَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ فَمَذْهَبٌ ضَعِيفٌ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي الْأَثَرِ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ وَلِأَنَّ الْقُلَّتَيْنِ لَمْ يُوقَفْ عَلَى حَقِيقَةِ مَبْلَغِهِمَا فِي أَثَرٍ ثَابِتٍ وَلَا إِجْمَاعٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ حَدًّا لَازِمًا لَوَجَبَ عَلَى الْعُلَمَاءِ (*) الْبَحْثُ عَنْهُ لِيَقِفُوا عَلَى حَدِّ مَا حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أَحَلَّهُ مِنَ الْمَاءِ لِأَنَّهُ مِنْ أَصْلِ دِينِهِمْ وَفَرْضِهِمْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَا ضَيَّعُوهُ فَلَقَدْ بَحَثُوا عَمَّا هُوَ أَدَقُّ مِنْ ذلك والطف ومحال في العقول أن يكوم مَاءَانِ أَحَدُهُمَا يَزِيدُ عَلَى الْآخَرِ بِقَدَحٍ أَوْ رِطْلٍ وَالنَّجَاسَةُ غَيْرُ قَائِمَةٍ وَلَا مَوْجُودَةٍ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدُهُمَا نَجِسٌ وَالْآخَرُ طَاهِرٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ قَلِيلَ الْمَاءِ يُفْسِدُهُ قَلِيلُ النَّجَاسَةِ دُونَ كَثِيرِهِ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ وَلَمْ تُغَيِّرْ شَيْئًا مِنْهُ وُجِدَ فِي ذَلِكَ الْمَاءِ الْمُسْتَجَدِّ بِغَيْرِ أَثَرٍ يَشْهَدُ لَهُ فَقَوْلُهُ مَدْفُوعٌ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَقَاوِيلِ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْحِجَازِ فِيهِ وَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمِصْرِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي أَنَّ قَلِيلَ الْمَاءِ يَفْسَدُ بقليل النجاسة من غير حد حدوده فِي ذَلِكَ وَمَا قَالُوهُ مِنْ أَجْوِبَةِ مَسَائِلِهِمْ في البير تَقَعُ فِيهَا الْمَيْتَةُ مِنِ اسْتِحْبَابِ نَزْحِ بَعْضِهَا وَتَطْهِيرِ مَا مَسَّهُ مَاؤُهَا وَفِي إِنَاءِ الْوُضُوءِ يسقط فيه مثل رؤوس الْإِبَرِ مِنَ الْبَوْلِ وَفِي سُؤْرِ النَّصْرَانِيِّ وَالْمَخْمُورِ وَسُؤْرِ الدَّجَاجَةِ الْمُخَلَّاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ فَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى التَّنَزُّهِ والاستحباب هكذا ذكره إسماعيل ابن إِسْحَاقَ وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بن أصبغ حدثنا أحمد ابن زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا الْجَوْطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ قلت لأوزاعي جُبٌّ كَانَ يُعْصَرُ فِيهِ الْعَصِيرُ فَلَمَّا فَرَغُوا بَقِيَتْ فِي أَسْفَلِهِ بَقِيَّةٌ فَصَارَتْ خَمْرًا ثُمَّ جَاءَتِ الْأَمْطَارُ فَمَلَأَتِ الْجُبَّ مَا تَقُولُ فِي الْوُضُوءِ مِنْهُ قَالَ تَجِدُ لَهُ طَعْمًا أَوْ رِيحًا قُلْتُ لَا قَالَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ وَلَمَّا ثَبَتَتِ السُّنَّةُ فِي الْهِرِّ وَهُوَ سَبُعٌ يَفْتَرِسُ وَيَأْكُلُ الْمَيْتَةَ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَجَسٍ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كُلَّ حَيٍّ لَا نَجَاسَةَ فِيهِ فَكَانَ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْبَغْلُ وَسَائِرُ الْحَيَوَانِ كُلِّهِ لَا نَجَاسَةَ فِيهِ مَا دَامَ حيا ولا بأس بسؤره للوضوء والشرب حاشى الْخِنْزِيرَ الْمُحَرَّمَ الْعَيْنَ فَإِنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ إِنَّهُ إِذَا مَاسَّ الْمَاءَ وَهُوَ حَيٌّ أَفْسَدَهُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ لَا يُفْسِدُهُ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ عُمَرَ فِي السِّبَاعِ وَظَاهِرِ قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي إِلَيْهِ يَذْهَبُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَبِهِ نَقُولُ وَكَذَلِكَ الطَّيْرُ كُلُّهُ لَا بَأْسَ بِسُؤْرِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي فَمِهِ أَذًى يُغَيِّرُ الْمَاءَ اعْتِبَارًا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (*) فِي الْهِرِّ وَفِي الْمَاءِ أَنَّهُ لَا يُنَجِّسُهُ إِلَّا مَا ظَهَرَ فِيهِ مِنَ النَّجَاسَةِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ الْكِلَابَ كَانَتْ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يُغْسَلُ شَيْءٌ مِنْ أَثَرِهَا وَلَا يُرَشُّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي حَيٍّ نَجَاسَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنَّمَا النَّجَاسَةُ فِي الْمَيْتَةِ وَفِيمَا ثَبَتَتْ مَعْرِفَتُهُ عِنْدَ النَّاسِ مِنَ النَّجَاسَاتِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا وَالَّتِي قَامَتِ الدَّلَائِلُ بِنَجَاسَتِهَا كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْمَذْيِ وَالْخَمْرِ

وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الْمَيْتَةِ مَا لَيْسَ بِنَجَسٍ وَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ مِثْلَ بَنَاتِ وَرْدَانَ وَالزُّنْبُورِ وَالْعَقْرَبِ وَالْجِعْلَانِ وَالصَّرَّارِ وَالْخُنْفُسَاءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الذُّبَابِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَمْقُلْهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ مَوْلَى بَنِي زُرَيْقٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لْيَطْرَحْهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِي الْآخَرِ دَاءً وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ كُلُّهَا ثَابِتَةٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الذُّبَابَ إِذَا غُمِسَ فِي الطَّعَامِ الْحَارِّ أَوِ الْبَارِدِ أَنَّ الْأَغْلَبَ عَلَيْهِ مَعَ ضَعْفِ خَلْقِهِ الْمَوْتُ فَلَوْ كَانَ مَوْتُهُ فِي الْمَاءِ وَالطَّعَامِ يُفْسِدُهُ لَمْ يَأْمُرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بِغَمْسِهِ فِيهِ وَإِذَا لَمْ يَنْجُسِ الطَّعَامُ بِمَوْتِهِ فَلَيْسَ بِنَجَسٍ عَلَى حَالٍ الْبَتَّةَ

وَحُكْمُ مَا لَا دَمَ لَهُ حُكْمُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ مَا مَاتَ فِيهِ مِنَ الطَّعَامِ وَقَدْ رَخَّصَ قَوْمٌ فِي أَكْلِ دُودِ التِّينِ وَمَا فِي الْفُولِ وَسَائِرِ الطَّعَامِ مِنَ السُّوسِ وَاسْتَجَازُوا ذَلِكَ لِعَدَمِ النَّجَاسَةِ وَكَرِهَ أَكْلَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالُوا لَا يُؤْكَلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَلْقٌ وَلِبَّةٌ فَيُذَكَّى وَلَا هُوَ مِنْ صَيْدِ الْمَاءِ فَيَحِلُّ بِغَيْرِ الذَّكَاةِ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الذُّبَابِ فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لْيَطْرَحْهُ قَالُوا وَلَوْ كَانَ أَكْلُهُ مُبَاحًا لَمْ يَأْمُرْ بِطَرْحِهِ وَأَمَّا الْقَمْلَةُ وَالْبُرْغُوثُ (*) فَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ لَا يُؤْكَلُ طَعَامٌ مَاتَتْ فِيهِ قَمْلَةٌ أَوْ بُرْغُوثٌ لِأَنَّهُمَا نَجِسَانِ وَهُمَا مِنَ الْحَيَوَانِ الَّذِي عَيْشُهُ مِنْ دَمِ الْحَيَوَانِ لَا عَيْشَ لَهُمَا غَيْرُ الدَّمِ فَهُمَا نَجِسَانِ وَهَمَا دَمٌ وَكَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ سَالِمٍ الْقَاضِي الْكِنْدِيُّ مِنْ أَهْلِ أَفْرِيقِيَّةَ يَقُولُ إِنْ مَاتَتِ الْقَمْلَةُ فِي الْمَاءِ طُرِحَ وَلَمْ يُشْرَبْ وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الدَّقِيقِ وَلَمْ تَخْرُجْ فِي الْغِرْبَالِ لَمْ يُؤْكَلِ الْخُبْزُ وَإِنْ مَاتَتْ فِي شَيْءٍ جَامِدٍ طُرِحَتْ وَمَا حَوْلَهَا كَالْفَأْرَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ إِنَّ الْقَمْلَةَ كَالذُّبَابِ سَوَاءٌ فَأَمَّا الْمَاءُ فَالْأَصْلُ فِيهِ عِنْدَنَا مَا ذَكَرْنَا وَأَوْضَحْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الذُّبَابَ يَعِيشُ مِنَ الدَّمِ وَيَتَنَاوَلُ مِنَ الْأَقْذَارِ ما تَتَنَاوَلُ الْقَمْلَةُ وَفِيهِ مِنَ الدَّمِ مِثْلُ مَا فِي الْقَمْلَةِ أَوْ أَكَثُرُ وَقَدْ حَكَمَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَمٌ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّجِسَ مِنَ الْحَيَوَانِ مَا لَهُ دَمٌ سَائِلٌ وَكَذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فَلَيْسَ بِنَجَسٍ يَعْنِي بِالنَّفْسِ الدَّمَ

أيوب السختيانى البصرى

أيوب السختياني بصري وهو أيوب ابن أَبِي تَمِيمَةَ وَاسْمُ أَبِي تَمِيمَةَ كَيْسَانُ وَهُوَ مِنْ سَبْيِ كَابُلَ مَوْلًى لِعَزَّةَ وَقِيلَ هُوَ مَوْلًى لِعَمَّارِ بْنِ شَدَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ ثُمَّ انْتَمَوْا إِلَى بَنِي طُهَيَّةَ وَأَيُّوبُ يُكْنَى أَبَا بَكْرٍ وَكَانَ يَبِيعُ الْجُلُودَ بِالْبَصْرَةِ وَلِذَلِكَ قِيلَ له السختياني وهو أحد أيمة الْجَمَاعَةِ فِي الْحَدِيثِ وَالْإِمَامَةِ وَالِاسْتِقَامَةِ وَكَانَ مِنْ عُبَّادِ الْعُلَمَاءِ وَحُفَّاظِهِمْ وَخِيَارِهِمْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَؤُلَاءِ قَطُّ أَيُّوبُ وَيُونُسُ وَابْنُ عَوْنٍ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ يَقُولُ مَا قَدِمَ عَلَيْنَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَفْضَلَ مِنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ وَمِنْ ذَلِكَ الرُّؤَاسِيِّ يَعْنِي مِسْعَرًا لِأَنَّهُ كَانَ كَبِيرَ الرَّأْسِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَالِكِ بْنُ بَحْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ أَيُّوبُ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ مُوسَى بْنُ

هَارُونَ وَسَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ مَا كَانَ فِي زَمَنِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ مِثْلُهُمْ أَيُّوبُ وَابْنُ عَوْنٍ وَيُونُسُ وَالتَّيْمِيُّ (*) وَمَا كَانَ فِي الزَّمَنِ الْذِي قَبْلَهُمْ مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَبَكْرٌ وَمُطَرِّفٌ وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا حَدَّثَهُ أَيُّوبُ بِالْحَدِيثِ قَالَ حَدَّثَنِي الصَّدُوقُ وَذَكَرَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مَالِكٍ وَشُعْبَةَ أَنَّهُمَا قَالَا مَا حَدَّثْنَاكُمْ عَنْ أَحَدٍ إِلَّا وَأَيُّوبُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ بِالْبَصْرَةِ مِثْلُ أَيُّوبَ كَانَ أَعْلَمَنَا بِالْحَدِيثِ وَقَالَ شُعْبَةُ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ حَدَّثَنَا بِهِ سَيِّدُ الْفُقَهَاءِ أَيُّوبُ وَقَالَ نَافِعٌ خَيْرُ مَشْرِقِيٍّ رَأَيْتُهُ أَيُّوبُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَيُّوبُ خَيْرُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ سُئِلَ مَالِكٌ مَتَّى سَمِعْتَ مِنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ فَقَالَ حَجَّ حَجَّتَيْنِ فَكُنْتُ أَرْمُقُهُ وَلَا أَسْمَعُ مِنْهُ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بَكَى حَتَّى أَرْحَمَهُ فَلَمَّا رَأَيْتُ مِنْهُ مَا رَأَيْتُ وَإِجْلَالَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبْتُ عَنْهُ قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ مَا رَأَيْتُ فِي الْعَامَّةِ خَيْرًا مِنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا إسماعيل ابن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ سمعت علي ابن الْمَدِينِيِّ يَقُولُ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ يَسْكُنُ الْقَلْبُ إِلَيْهِمْ فِي الْحَدِيثِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ بِالْمَدِينَةِ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ بِمَكَّةَ وَأَيُّوبُ بِالْبَصْرَةِ ومنصور بالكوفة

الحديث الأول

قَالَ أَبُو عُمَرَ تُوُفِّيَ أَيُّوبُ رَحِمَهُ اللَّهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ بِطْرِيقِ مَكَّةَ رَاجِعًا إِلَى الْبَصْرَةِ فِي طَاعُونِ الْجَارِفِ لَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَانِ مُسْنَدَانِ هَذَا ماله عَنْهُ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى وَأَمَّا سَائِرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ غَيْرُ يَحْيَى فَعِنْدَهُمْ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَيُّوبَ حَدِيثَانِ آخَرَانِ فِي الْحَجِّ نَذْكُرُهُمَا أَيْضًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدِيثٌ أَوَّلُ لأيوب السختياني مالك عن أيوب ابن أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنِ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقْصُرَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ نَسِيتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يُكْنَى أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ (*) مَوْلًى لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ وَهُوَ أَحَدُ أيمة التَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وُلِدَ قَبْلَ قَتْلِ عُثْمَانَ بِسَنَتَيْنِ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِي اسْمِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي كِتَابِنَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وُجُوهٌ مِنَ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ مِنْهَا أَنَّ النِّسْيَانَ لَا يُعْصَمُ مِنْهُ أَحَدٌ نَبِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ نبي قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسِيَ آدَمُ فَنَسِيتُ ذُرِّيَّتُهُ

وَفِيهِ أَنَّ الْيَقِينَ لَا يَجِبُ تَرْكُهُ لِلشَّكِّ حَتَّى يَأْتِيَ يَقِينٌ يُزِيلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ فَرْضَ صَلَاتِهِمْ تِلْكَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَكَانَتْ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ كَمَا رُوِيَ فَلَمَّا أَتَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على غَيْرِ تَمَامِهَا وَأَمْكَنَ فِي ذَلِكَ الْقَصْرُ مِنْ جِهَةِ الْوَحْيِ وَأَمْكَنَ الْوَهْمُ لَزِمَهُ الِاسْتِفْهَامُ لِيَصِيرَ إِلَى يَقِينٍ يَقْطَعُ بِهِ الشَّكَّ وَفِيهِ أَنَّ الْوَاحِدَ إِذَا ادَّعَى شَيْئًا كَانَ فِي مَجْلِسِ جَمَاعَةٍ لَا يُمْكِنُ فِي مِثْلِ مَا ادَّعَاهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعِلْمِهِ دُونَ أَهْلِ الْمَجْلِسِ لَمْ يُقْطَعْ بِقَوْلِهِ حَتَّى تُسْتَخْبَرَ الْجَمَاعَةُ فَإِنْ خَالَفُوهُ سَقَطَ قَوْلُهُ أَوْ نُظِرَ فِيهِ بِمَا يَجِبُ وَإِنْ تَابَعُوهُ ثَبَتَ وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ هَذَا أَصْلًا فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فِي غَيْرِ غَيْمٍ وَهُوَ أَصْلٌ يَطُولُ فِيهِ الْكَلَامُ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحَدِّثَ إِذَا خَالَفَتْهُ جَمَاعَةٌ فِي نَقْلِهِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْجَمَاعَةِ وَأَنَّ الْقَلْبَ إِلَى رِوَايَتِهِمْ أَشَدُّ سُكُونًا مِنْ رِوَايَةِ الْوَاحِدِ وَفِيهِ أَنَّ الشَّكَّ قَدْ يَعُودُ يَقِينًا بِخَبَرِ أَهْلِ الصِّدْقِ وَأَنَّ خَبَرَ الصَّادِقِ يُوجِبُ الْيَقِينَ وَالْوَاجِبُ إِذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ مَجْلِسٍ فِي شَهَادَةٍ وتكافؤوا فِي الْعَدَالَةِ أَنْ تُؤْخَذَ شَهَادَةُ مَنْ أَثْبَتَ عِلْمًا دُونَ مَنْ نَفَاهُ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ سَلَّمَ سَاهِيًا فِي صَلَاتِهِ لَمْ يَضُرُّهُ ذَلِكَ وَأَتَمَّهَا بَعْدَ سَلَامِهِ ذَلِكَ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِاسْتِئْنَافِ صَلَاتِهِ بَلْ يَبْنِي عَلَى مَا عَمِلَ فِيهَا وَيُتِمُّهَا وَفِيهِ السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ لِمَنْ عَرَضَ لَهُ مِثْلُ هَذَا فِي صَلَاتِهِ أَوْ لِمَنْ زَادَ فِيهَا سَاهِيًا قِيَاسًا عَلَيْهِ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَفِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمِنِ الْأَعْرَجِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَفِيهِ أَنَّ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ يُكَبَّرُ فِيهِمَا وَأَنَّهُمَا عَلَى هَيْئَةِ سُجُودِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا السَّلَامُ مِنْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَذَلِكَ مَحْفُوظٌ فِي غَيْرِهِ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ كَانَ ابْنُ شِهَابٍ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (*) فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ سَجَدَ يَوْمَئِذٍ بَعْدَ السَّلَامِ قَرَأْتُ عَلَى خَلَفِ بْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم سَجَدَ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَقَدِ ادَّعَى الْمُخَالِفُ أَنَّ فِيهِ حُجَّةً عَلَى مَنْ قَالَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَا فِي رَدِّهِ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ إِذَا كَانَ فِيمَا يُصْلِحُهَا وَفِيمَا هُوَ مِنْهَا لَا يُفْسِدُهَا عَمْدًا كَانَ أَوْ سَهْوًا إِذَا كَانَ فِيمَا يُصْلِحُهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي هَذَا الْمَعْنَى جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ عَلَى مَا نُبَنِّيُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّهَا وَهُوَ عِنْدَ نَفْسِهِ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ أَنَّهُ يَبْنِي وَلَا تَفْسَدُ صَلَاتُهُ فَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَاضْطَرَبَتْ أَقَاوِيلُهُمْ وَرِوَايَاتُهُمْ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ فَرَوَى سَحْنُونُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا صَلَّى بِهِمْ رَجُلٌ

رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ سَاهِيًا فَسَبَّحُوا بِهِ فَلَمْ يَفْقَهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ مِمَّنْ هُوَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ إِنَّكَ لَمْ تُتِمَّ فَأَتِمَّ صَلَاتَكَ فَالْتَفَتَ إِلَى الْقَوْمِ فَقَالَ أَحَقٌّ مَا يَقُولُ هَذَا فَقَالُوا نَعَمْ قَالَ يُصَلِّي بِهِمُ الْإِمَامُ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ وَيُصَلُّونَ مَعَهُ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِمْ مَنْ تَكَلَّمَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَيَفْعَلُونَ فِي ذَلِكَ مَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ في كتب الْمُدَوَّنَةِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَإِيَّاهُ يُقَلِّدُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَاحْتَجَّ لَهُ فِي كِتَابِ رَدِّهِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَكَذَلِكَ رَوَى عِيسَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ عِيسَى سَأَلْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ إِمَامٍ فَعَلَ الْيَوْمَ كَفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ وَتَكَلَّمَ أَصْحَابُهُ عَلَى نَحْوِ مَا تَكَلَّمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ وَلَا يُخَالِفُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ سَنَّهَا زَادَ الْعُتْبِيُّ فِي هَذِهِ عَنْ عِيسَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلْيَرْجِعِ الْإِمَامُ فِيمَا شَكَّ فِيهِ إِلَيْهِمْ وَيُتِمَّ مَعَهُمْ وَيُجْزِيهِمْ قَالَ عِيسَى (*) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ أَنَّ إِمَامًا قَامَ مِنْ رَابِعَةٍ أَوْ جَلَسَ فِي ثَالِثَةٍ فَسُبِّحَ بِهِ فَلَمْ يَفْقَهْ فَكَلَّمَهُ رَجُلٌ مِمَّنْ خَلْفَهُ كَانَ مُحْسِنًا وَأَجْزَتْهُ صَلَاتُهُ قَالَ عِيسَى وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ الْيَوْمَ مَا جاز لمن كان يؤمئذ مع النبي صلى الله عليه وسلم لِأَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ ظَنَّ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ قَصُرَتْ فَاسْتَفْهَمَ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ عَلِمَ النَّاسُ الْيَوْمَ أَنَّ قَصْرَهَا لَا يَنْزِلُ فَعَلَى مَنْ تَكَلَّمَ الْإِعَادَةُ قَالَ عِيسَى فَقَرَأْتُهُ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ مَا أَرَى فِي هَذَا حُجَّةً وَقَدْ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَقَالُوا لَهُ بَلَى فَقَدْ كَلَّمُوهُ عَمْدًا بَعْدَ عِلْمِهِمْ أَنَّهَا لَمْ تَقْصُرْ وَبَنَوْا مَعَهُ

وَقَالَ يَحْيَى عَنِ ابْنِ نَافِعٍ لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ الْفِعْلِ الْيَوْمَ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ آمُرْهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ وَرَوَى أبو قرة موسى ابن طَارِقٍ عَنْ مَالِكٍ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ خِلَافَ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَسْتَحِبُّ إِذَا تَكَلَّمَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَعُودَ لَهَا وَلَا يَبْنِيَ قَالَ وَقَالَ لَنَا مَالِكٌ إِنَّمَا تَكَلَّمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَتَكَلَّمَ أَصْحَابُهُ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ لِأَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ قَصُرَتْ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَحَدٍ الْيَوْمَ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي سَمَاعِهِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ أَبَلَغَكَ أَنَّ رَبِيعَةَ صَلَّى خَلْفَ إِمَامٍ فَأَطَالَ التَّشَهُّدَ فَخَافَ رَبِيعَةُ أَنْ يُسَلِّمَ وَكَانَ عَلَى الْإِمَامِ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ فَكَلَّمَهُ رَبِيعَةُ وَقَالَ لَهُ إِنَّهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ فَقَالَ مَا بَلَغَنِي وَلَوْ بَلَغَنِي مَا تَكَلَّمْتُ بِهِ أَيُتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ تَحْتَمِلُ رِوَايَةُ أَشْهَبَ هَذِهِ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ رَجَعَ فِيهَا عَنْ قَوْلِهِ الَّذِي حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَى مَا حَكَاهُ عَنْهُ أَبُو قُرَّةَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَنْكَرَ هَذَا مِنْ فِعْلِ رَبِيعَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ عِنْدَهُ الْكَلَامُ فِيمَا تَكَلَّمَ فِيهِ لِأَنَّ أَمْرَ سُجُودِ السَّهْوِ خَفِيفٌ فِي أَنْ يُنْقَلَ مَا كَانَ مِنْهُ قَبْلَ السَّلَامِ فَيُجْعَلَ بَعْدَ السَّلَامِ فَكَأَنَّ رَبِيعَةَ عِنْدَ مَالِكٍ تَكَلَّمَ فِيمَا لَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيهِ وَرَأَى كَلَامَهُ كَأَنَّهُ فِي غَيْرِ شَأْنِ الصَّلَاةِ وَذَهَبَ رَبِيعَةُ إِلَى أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ وَصَلَاحِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاجِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُدْرِكٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مسكين قال أصحاب مالك كلهم (هـ) على خلاف قول مالك (*) في مسئلة ذِي الْيَدَيْنِ إِلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ يَقُولُ فِيهَا بِقَوْلِ مَالِكٍ وَغَيْرُهُمْ يَأْبَوْنَهُ وَيَقُولُونَ إِنَّمَا كَانَ هَذَا أَوَّلَ الْإِسْلَامِ فَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ عَرَفَ النَّاسُ صَلَاتَهُمْ فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهَا أَعَادَهَا قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَا الْيَدَيْنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَدْرٍ وَإِسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ عَامَ خَيْبَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ مَا قَالَهُ ابْنُ وَضَّاحٍ فِي مَوْتِ ذِي الْيَدَيْنِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمَقْتُولُ بِبَدْرٍ ذُو الشِّمَالَيْنِ وَسَنُبَيِّنُ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ بَعْدَ هَذَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ سَحْنُونُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ صَلَّى وَحْدَهُ فَفَرَغَ عِنْدَ نَفْسِهِ مِنَ الْأَرْبَعِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ إِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ إِلَّا ثلاثا فالتفت

إِلَى آخَرَ فَقَالَ أَحَقٌّ مَا يَقُولُ هَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُ وَلَا يَلْتَفِتَ إِلَيْهِ وهذه المسئلة عند أكثر المالكين الْبَغْدَادِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مَحْمُولَةٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ الْكَلَامُ فِي إِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لِلضَّرُورَةِ الدَّافِعَةِ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ فِي صَلَاةِ جَمَاعَةٍ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمُنْفَرِدِ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ بُدٌّ لِمَنْ سُبِّحَ بِهِ وَلَمْ يَفْقَهْ بِالتَّسْبِيحِ أَنْ يُكَلَّمَ وَيُفْصَحَ لَهُ بِالْمُرَادِ لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَى ذَلِكَ فِي إِصْلَاحِ الصَّلَاةِ تَأَسِّيًا بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَصْحَابِهِ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَكَانُوا يُفَرِّقُونَ فِي هَذِهِ المسئلة بَيْنَ الْجَمَاعَةِ وَبَيْنَ الْمُنْفَرِدِ فَيُجِيزُونَ مِنَ الْكَلَامِ فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ لِلْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ مَا لَا يُجِيزُونَهُ لِلْمُنْفَرِدِ وَكَانَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ مِنْهُمْ يَحْمِلُونَ جَوَابَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُنْفَرِدِ فِي هذه المسئلة عَلَى خِلَافٍ مِنْ قَوْلِهِ فِي اسْتِعْمَالِ حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ كَمَا اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَيَذْهَبُونَ إِلَى جَوَازِ الْكَلَامِ فِي إِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْجَمَاعَةِ وَيَقُولُونَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُكَلِّمَ الرَّجُلُ فِي إِصْلَاحِ الصَّلَاةِ مَنْ مَعَهُ فِيهَا وَبَيْنَ أَنْ يُكَلِّمَ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِيهَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي شَأْنِ إِصْلَاحِهَا وَعَمَلِهَا كَمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُكَلِّمَ رَجُلٌ مَنْ مَعَهُ فِيهَا وَمَنْ لَيْسَ فِيهَا مَعَهُ بِكَلَامٍ فِي غَيْرِ إِصْلَاحِهَا فِي أَنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُهَا قَالُوا وَإِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ شَأْنَ إِصْلَاحِ الصَّلَاةِ فَالْمُنْفَرِدُ قَدْ شَمَلَتْهُ تِلْكَ الْعِلَّةُ فَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا قَالُوا وَقَدْ تكلم النبي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ وَبَنَوْا عَلَى مَا صَلَّوْا وَلَوْ كَانَ بَيْنَ المنفرد

وَالْجَمَاعَةِ فَرْقٌ لَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (*) وَلَقَالَ إِنَّمَا هَذَا لِمَنْ كَانَ مَعَ إِمَامِهِ خَاصَّةً دُونَ الْمُنْفَرِدِ وَلَمَا سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ لَوِ اخْتَلَفَ حُكْمُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِمَّنْ يَقُولُ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ إِنَّمَا خَرَجَ عَلَى رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى مُجَاوَبَةِ مَنْ جَاءَ فَسَأَلَ بِكَمْ سُبِقَ مِنَ الصَّلَاةِ وَعَلَى مَنْ عَرَضَتْ لَهُ حَاجَةٌ فَأَمَرَ بِهَا وَهُوَ فِي صَلَاةٍ وَقَدْ كَانَ فِي مَنْدُوحَةٍ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَعَلَى هَذَا خَرَجَ النَّهْيُ عَنِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَجَاءَ خبر ذي اليدين بجواز الكلام في إصلاحا الصَّلَاةِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ بُدٌّ مِنَ الْكَلَامِ فَوَجَبَ اسْتِعْمَالُ الْأَخْبَارِ كُلِّهَا وَإِلَّا يَسْقُطُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَلَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا بِهَذَا التَّخْرِيجِ وَالتَّوْجِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا لَيْسَ لِلْمُنْفَرِدِ لِأَنَّ الْمُنْفَرِدَ قَدْ أُمِرَ بِالْبِنَاءِ عَلَى يَقِينِهِ فَكَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْكَلَامِ لِأَنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا جَازَ فِيمَا لَا يُوجَدُ مِنْهُ مَنْدُوحَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذَا مَا لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ فِي مسئلة ذِي الْيَدَيْنِ وَأَمَّا سَائِرُ الْعُلَمَاءِ فَنَحْنُ نَذْكُرُ مَا صَحَّ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا عَنْهُمْ أَيْضًا بِعَوْنِ اللَّهِ أَمَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَذَكَرَ الْأَثْرَمُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الْإِنْسَانُ فِي صَلَاتِهِ لِإِصْلَاحِهَا لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ تَكَلَّمَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَسَدَتْ عَلَيْهِ وقال في موضع آخر سمعت أحمد ابن حَنْبَلٍ يَقُولُ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ

إِنَّمَا تَكَلَّمَ ذُو الْيَدَيْنِ وَهُوَ يَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ قَصُرَتْ وَتَكَلَّمَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ دَافِعٌ لِقَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ فَكَلَّمَ الْقَوْمَ فَأَجَابُوهُ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُجِيبُوهُ وَذَكَرَ الْخَرَقِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِيمَنْ تَكَلَّمَ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إِلَّا الْإِمَامَ خَاصَّةً فَإِنَّهُ إِذَا تَكَلَّمَ لِمَصْلَحَةِ صَلَاتِهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَأَمَّا الْأَوْزَاعِيُّ فَمَذْهَبُهُ جَوَازُ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ فِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُصَلِّي مِمَّا يُعْذَرُ فِيهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِإِمَامٍ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْعَصْرِ إِنَّهَا الْعَصْرُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ قَالَ وَلَوْ نَظَرَ إِلَى غُلَامٍ يُرِيدُ أَنْ يَسْقُطَ فِي بِئْرٍ فَصَاحَ بِهِ أَوِ انْصَرَفَ إِلَيْهِ أَوْ جَبَذَهُ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ لَا يَشُكُّ مُسْلِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْصَرِفْ إِلَّا وَهُوَ يَرَى أَنْ قَدْ أَكْمَلَ الصَّلَاةَ وَظَنَّ ذُو الْيَدَيْنِ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ قَصُرَتْ بِحَادِثٍ مِنَ اللَّهِ وَلَمْ يَقْبَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ ذِي الْيَدَيْنِ إِذْ سَأَلَ غَيْرَهُ (*) وَلَمَّا سَأَلَ غَيْرَهُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ كَلَامَهُ فَيَكُونُونَ مِثْلَهُ يَعْنِي مِثْلَ ذِي الْيَدَيْنِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ مَنْ سَمِعَ كَلَامَهُ وَلَمْ يسمع النبي صلى الله عليه وسلم مَنْ رَدَّ عَلَيْهِ فَلَمَّا لَمْ يَسْمَعِ النَّبِيُّ عليه السلام (من) (ب) رَدَّ عَلَيْهِ كَانَ فِي مَعْنَى ذِي الْيَدَيْنِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَدْرِ أَقْصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيَ رَسُولُ اللَّهِ فَأَجَابَهُ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى ذِي الْيَدَيْنِ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ عَلَيْهِمْ جَوَابُهُ أَلَا ترى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَخْبَرُوهُ فَقَبِلَ قَوْلَهُمْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا حَتَّى بَنَوْا عَلَى صَلَاتِهِمْ قَالَ فَلَمَّا قُبِضَ

رسول الله صلى الله عليه وسلم تَنَاهَتِ الْفَرَائِضُ فَلَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ مِنْهَا أَبَدًا قَالَ فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ إِذَا كَانَ أَحَدُنَا إِمَامًا الْيَوْمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَالَّذِي حَصَلَ عَلَيْهِ قَوْلُ مَالِكٍ وأصحابه والشافعي وأصحابه في هذه المسئلة مِمَّا لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ وَالسَّلَامَ سَاهِيًا فِي الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُهَا وَلَا يَقْدَحُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَتُجْزِئُ مِنْهُ سَجْدَتَا السَّهْوِ وليستا ها هنا بِوَاجِبَةٍ فَرْضًا عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَمَنْ نَسِيَهُمَا وَلَمْ يَسْجُدْهُمَا لَمْ تَضُرُّهُ وَيَسْجُدُهُمَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مَتَى مَا ذَكَرَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ تَعَمُّدُ الْكَلَامِ فِيهَا إِذَا كَانَ فِي إِصْلَاحِهَا وَشَأْنِهَا وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ وَابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي الْمُنْفَرِدِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ إِنْ تَعَمَّدَ الْكَلَامَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ وَأَنَّهُ فِيهَا أَفْسَدَ صَلَاتَهُ وَإِنْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا أَوْ تَكَلَّمَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَهَا عِنْدَ نَفْسِهِ فَهَذَا يَبْنِي وَلَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ كَلَامُهُ هَذَا صَلَاتَهُ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ طُرًّا أَنَّ الْكَلَامَ عَامِدًا فِي الصَّلَاةِ إِذَا كَانَ الْمُصَلِّي يَعْلَمُ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي إِصْلَاحِ صَلَاتِهِ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ مَنْ تَكَلَّمَ لِإِحْيَاءِ نَفْسٍ أَوْ مِثْلِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْجِسَامِ لَمْ تَفْسَدْ بِذَلِكَ صَلَاتُهُ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فِي النَّظَرِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ

قَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ أَلَّا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحْ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ (*) وَلَيْسَ الْحَادِثُ الْجَسِيمُ الَّذِي يَجِبُ لَهُ قَطْعُ الصَّلَاةِ وَمِنْ أَجْلِهِ يُمْنَعُ مِنَ الِاسْتِينَافِ فَمَنْ قَطَعَ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَاهُ مِنَ الْفَضْلِ فِي إِحْيَاءِ نَفْسٍ أَوْ مَا كَانَ يَشْمَلُ ذَلِكَ اسْتَأْنَفَ صَلَاتَهُ وَلَمْ يَبْنِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَجْمَعُوا أَنَّ السَّلَامَ فِيهَا عَامِدًا قَبْلَ تَمَامِهَا يُفْسِدُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا الْعِرَاقِيُّونَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ يُفْسِدُهَا عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا لِصَلَاحِ الصَّلَاةِ كَانَ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي السَّلَامِ فِيهَا سَاهِيًا قَبْلَ تَمَامِهَا فَبَعْضُهُمْ أَفْسَدَ صَلَاةَ الْمُسَلِّمِ سَاهِيًا وَجَعَلَهُ كَالْمُتَكَلِّمِ سَاهِيًا وبعضهم لم يفسدها بالسلام فيها سهيا وَكُلُّهُمْ يُفْسِدُهَا بِالْكَلَامِ سَاهِيًا وَعَامِدًا وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سليمان وقتادة

وَزَعَمَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا قَالُوا وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بَيَانُ أَنَّ الْكَلَامَ كَانَ مُبَاحًا فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ نُسِخَ قَالُوا فَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ نَاسِخٌ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ قَالُوا وَإِنْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مُتَأَخِّرَ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ أَرْسَلَ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ كَمَا أَرْسَلَ حَدِيثَ مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ جُنُبًا فَلَا صَوْمَ لَهُ ثُمَّ أَضَافَهُ إِلَى مَنْ حَدَّثَهُ بِهِ إِذْ سُئِلَ عَنْهُ قَالُوا وَكَانَ كَثِيرَ الْإِرْسَالِ وَجَائِزٌ لِلصَّاحِبِ إِذَا أَخْبَرَهُ الصَّحَابَةُ بِشَيْءٍ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَمْ يَقُلْ سَمِعْتُ أَلَا تَرَى ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا لَا يَكَادُ يُحْصَى كَثْرَةً مِنَ الْحَدِيثِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يسمع منه إلا أحاديث يسيرة وقولوا أَلَا تَرَى إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يَقُولُ مَا كُلُّ مَا نُحَدِّثُكُمْ سَمِعْنَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ مِنْهُ مَا سَمِعْنَا وَمِنْهُ مَا أَخْبَرَنَا أَصْحَابُنَا وَكُلٌّ حديث الصحابة مَقْبُولٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالُوا فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يُحَدِّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْهَا قَالُوا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْسُوخٌ أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ السِّيَرِ فِي ذَلِكَ قَالُوا فَيَوْمُ ذِي الْيَدَيْنِ كَانَ قَبْلَ يَوْمِ بَدْرٍ وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ إِسْلَامَ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ بَعْدَ مَوْتِ ذِي الْيَدَيْنِ قَالُوا وَهَذَا الزُّهُرِيُّ مَعَ عِلْمِهِ بِالْأَثَرِ (*) وَالسِّيَرِ وَهُوَ الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ فِي ذَلِكَ يَقُولُ إِنَّ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ كَانَتْ قَبْلَ بَدْرٍ حَكَاهُ مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهُرِيِّ قَالَ الزُّهُرِيُّ ثُمَّ اسْتُحْكِمَتِ الْأُمُورُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ

وَجَمَاعَةُ أَهْلِ السِّيَرِ قَالُوا وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ كَانَ بِمَكَّةَ فِي حِينَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَذَلِكَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ كان بالمدينة في قصة ذي اليدين هذا مَا لَا يَدْفَعُهُ حَامِلُ أَثَرٍ وَلَا نَاقِلُ خَبَرٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ بَعْدَ قُدُومِهِ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ بَدْرًا وَأَبُو هُرَيْرَةَ إِنَّمَا كَانَ إِسْلَامُهُ عَامَ خَيْبَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ كَمَا قَالُوا إِلَّا أَنَّ مَنْ ذَكَرَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال فِي حِينِ رُجُوعِهِ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ إِنَّ اللَّهَ أَحْدَثَ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ وَهِمَ وَلَمْ يَحْفَظْ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ غَيْرُ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ سيء الْحِفْظِ كَثِيرُ الْخَطَأِ فِي الْأَحَادِيثِ وَالصَّحِيحُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ وَبِالْمَدِينَةِ نُهِيَ عَنِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَأُمِرُوا بِالسُّكُوتِ فِي الصَّلَاةِ وَنُهُوا عَنِ الْكَلَامِ فِيهَا وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ بِمَا يُوَافِقُ هَذَا وَلَا يَدْفَعُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ السُّورَةَ مَدَنِيَّةٌ وَتَحْرِيمُ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَأَمَّا رِوَايَةُ عَاصِمٍ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي النجود

عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ نَأْتِيَ أَرْضَ الْحَبَشَةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا فَلَمَّا رَجَعْنَا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ فَجَلَسْتُ حَتَّى قَضَى النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الصَّلَاةَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَلَّمْتُ عَلَيْكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي فَلَمْ تَرُدَّ عَلَيَّ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ أَلَّا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ قَالَ سُفْيَانُ هَذَا أَجْوَدُ مَا وَجَدْنَا عِنْدَ عَاصِمٍ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ ج) قَبْلَ أَنْ نَأْتِيَ أَرْضَ الْحَبَشَةِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءٌ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا (*) قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ لِنَبِيِّهِ مَا شَاءَ وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ لَهُ أَلَّا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يَقُلْ شُعْبَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَاصِمٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حِينِ انْصِرَافِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ عَاصِمٍ وَلَيْسَ فِيهِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَاصِمٍ بَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ وَمَعْنَى حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ سَوَاءٌ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُيَيْنَةَ وَالْقَاسِمُ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ الْجَرْمِيَّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ كُلْثُومٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَهَذَا حَدِيثُ الْقَاسِمِ قَالَ كُنْتُ آتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَيَرُدُّ عَلَيَّ فَأَتَيْتُهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وهو يصلي فلم يرد علي شيئا فلم سَلَّمَ أَشَارَ إِلَى الْقَوْمِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَحْدَثَ فِي الصَّلَاةِ أَلَّا تَكَلَّمُوا إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا يَنْبَغِي لَكُمْ وَأَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدَ بْنِ أَرْقَمَ فَلَيْسَ فِيهِ بَيَانُ أَنَّهُ قَبْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا بَعْدَهُ وَالنَّظَرُ يَشْهَدُ أَنَّهُ قَبْلَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْحَدِيثُ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد ابن مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَا جَمِيعًا أخبرنا إسماعيل ابن أَبِي خَالِدٍ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ فِي حَدِيثِهِ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ شُبَيْلٍ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي حَدِيثِهِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كَانَ أَحَدُنَا يُكَلِّمُ الرَّجُلَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ فَنَزَلَتْ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ اللَّفْظُ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ مِنَ الْكَلَامِ كَانَ بَعْدَ إِبَاحَتِهِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا مَنْسُوخٌ بِالنَّهْيِ عَنْهُ وَالْمَنْعِ مِنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَشْهَدْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ بَدْرٍ وَإِسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ عَامَ خَيْبَرَ فَلَيْسَ كَمَا ذَكَرُوا بَلَى إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَسْلَمَ عَامَ خَيْبَرَ (*) وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَصَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نحو أربعة أعوم وَلَكِنَّهُ قَدْ شَهِدَ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَحَضَرَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ قَبْلَ بَدْرٍ وَحُضُورُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ مَحْفُوظٌ مِنْ رِوَايَةِ الْحُفَّاظِ الثِّقَاتِ وَلَيْسَ تَقْصِيرُ مَنْ قَصَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِحُجَّةٍ عَلَى مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ وَحَفِظَهُ وَذَكَرَهُ فهذا مالك ابن أنس قد ذكر في موطأه عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَالْقَعْنَبِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَقُلْ يَحْيَى صَلَّى لَنَا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ هَذَا وَإِنَّمَا قَالَ صَلَّى رَسُولُ

الله صلى الله عليه وسلم وَسَقَطَ أَيْضًا عَنْ بَعْضِهِمْ قَوْلُهُ لَنَا وَشُهُودُ أَبِي هُرَيْرَةَ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصلى بنا رسول الله وبينما نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ ذَلِكَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ مَحْفُوظٌ عِنْدَ أَهْلِ الْإِتْقَانِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ الله أقصرت الصلاة أم نسيبت فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ تَقْصُرْ وَلَمْ أَنْسَهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ قالوا نعم فصلى بهم ركعتين أخرين قَالَ يَحْيَى وَحَدَّثَنِي ضَمْضَمُ بْنُ جَوْسٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ ثُمَّ سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ سَجْدَتَيْنِ وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ إبراهيم بن يعقوب عن الحسن ابن مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْقَاضِي بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي ضَمْضَمُ بْنُ جَوْسٍ الْهَفَّانِيُّ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى قَالَ قَالَ مَنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ (*) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا حميد بن مسعدة قال حدثنا يزيد ابن زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَكِنِّي نَسِيتُ قَالَ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَانْطَلَقَ إِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ بِيَدِهِ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ وَخَرَجَتِ السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالُوا أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ فِي يَدِهِ طُولٌ وَكَانَ يُسَمَّى ذا اليدين فقال يا رسول الله أنسيت أَمْ قَصُرَتِ الصَّلَاةُ قَالَ لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرِ الصَّلَاةُ قَالَ أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ قَالُوا نَعَمْ فَجَاءَ فَصَلَّى الَّذِي كَانَ تَرَكَ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ قَالَ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ فَوَضَعَ

يَدَيْهِ عَلَيْهَا إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى وَخَرَجَ سُرْعَانُ النَّاسِ وَقَالُوا أَقْصُرَتِ الصَّلَاةُ أَقْصُرَتِ الصَّلَاةُ وَفِي النَّاسِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ فَقَامَ رَجُلٌ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّيهِ ذَا الْيَدَيْنِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلَاةُ فَقَالَ لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرِ الصَّلَاةَ قَالَ بَلْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم عَلَى الْقَوْمِ فَقَالَ أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ فَأَوْمَأُوا أن نعم فرجع رسول الله إني مَقَامِهِ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ وَكَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ وَكَبَّرَ قَالَ فَقِيلَ لِمُحَمَّدٍ سَلَّمَ فِي السَّهْوِ قَالَ لَمْ أَحْفَظْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَكِنْ نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ ثُمَّ سَلَّمَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ كُلُّ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَقُلْ فَأَوْمَأُوا إِلَّا حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَكَذَا رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ سَوَاءً وَلَمْ يَقُلْ فَأَوْمَأُوا أَخَبَرَنِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ (*) دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَحَصَّلَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَأَبُو سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَضَمْضَمُ بْنُ جَوْسٍ كُلُّهُمْ يَرْوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أبي هريرة وابن أبي ذيب عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي

هُرَيْرَةَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ يُقَالُ لَهُ أَبُو الْعُرْيَانِ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَعْنَاهُ ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلْدَةَ قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ فَقُلْتُ أُصَلِّي وَمَا أَدْرِي أَرَكْعَتَيْنِ صَلَّيْتُ أَمْ أَرْبَعًا فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْعُرْيَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ صَلَّى يَوْمًا وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَكَانَ فِي الْبَيْتِ رَجُلٌ طَوِيلُ الْيَدَيْنِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّيهِ ذَا الْيَدَيْنِ فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ قَالَ لَمْ تَقْصُرْ وَلَمْ أَنْسَ قَالَ بَلْ نَسِيتَ الصَّلَاةَ قَالَ فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ رَأْسَهُ وَلَمْ يَحْفَظْ لِي أَحَدٌ سَلَّمَ بَعْدُ أَمْ لَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَبَا الْعُرْيَانِ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَدْ رَوَى قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَابْنُ مَسْعَدَةَ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَكُلُّهُمْ لَمْ يَحْفَظْ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَا صَحِبَهُ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ مُتَأَخِّرًا

فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم صَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ فَسَهَا فَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَأَمَّا حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ فَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حبيب أَنَّ سُوِيدَ بْنَ قَيْسٍ أَخْبَرَهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى يَوْمًا فَسَلَّمَ وَانْصَرَفَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةٌ فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ فَقَالَ نَسِيتَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَرَجَعَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَةً فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ النَّاسَ فَقَالُوا أَتَعْرِفُ الرَّجُلَ قُلْتُ لَا إِلَّا أن أراه فمر بي فقلت ها هو هَذَا فَقَالُوا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَمَّا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَرَوَاهُ شُعْبَةُ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ (*) وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ كُلُّهُمْ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قُلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ

زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ مُسَدَّدٍ قَالَ سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنَ الْعَصْرِ ثُمَّ دَخَلَ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْخِرْبَاقُ وَكَانَ طَوِيلَ الْيَدَيْنِ فَقَالَ الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ فَذَكَرَ لَهُ الَّذِي صَنَعَ فَخَرَجَ مُغْضَبًا يَجُرُّ إِزَارَهُ فَقَالَ أَصَدَقَ هَذَا قَالُوا نَعَمْ فَصَلَّى تِلْكَ الرَّكْعَةَ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعَدَةَ فَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ مَسْعَدَةَ صَاحِبِ الْجُيُوشِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَخُفِّفَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ نَسِيتَ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ قَالُوا صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَتَمَّ بِهِمُ الرَّكْعَتَيْنِ ثُمَّ سجد سجدتي السهو وهو جالس بعد ما سَلَّمَ وَابْنُ مَسْعَدَةَ هَذَا اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ مَعْرُوفٌ فِي الصَّحَابَةِ قَدْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ إِنِّي قَدْ بَدَنْتُ فَمَنْ فَاتَهُ رُكُوعِي أَدْرَكَهُ فِي بُطْءِ قِيَامِي وَرُوِيَ عَنْهُ حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي الْمَكِّيِّينَ وَحَسْبُكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا مَطْعَنَ فِيهَا لِأَحَدٍ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ شَيْءٍ مِنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ ذَا الْيَدَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ فَغَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنَّمَا الْمَقْتُولُ يَوْمَ بَدْرٍ ذُو الشِّمَالَيْنِ وَلَسْنَا نُدَافِعُهُمْ أَنَّ ذَا الشِّمَالَيْنِ مَقْتُولٌ بِبَدْرٍ لِأَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ ذَكَرُوهُ فِيمَنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ قُتِلَ يَوْمَ

بَدْرٍ خَمْسَةُ رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَعَامِرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَذُو الشِّمَالَيْنِ وَابْنُ بَيْضَاءَ وَمِهْجَعٌ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ إِنَّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ لِأَنَّ الْحَلِيفَ وَالْمَوْلَى يُعَدُّ مِنَ الْقَوْمِ فَمِهْجَعٌ مَوْلَى عُمَرَ وَذُو الشِّمَالَيْنِ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ قَالَ ابن إسحق ذُو الشِّمَالَيْنِ هُوَ عُمَيْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ غَبْشَانَ بْنِ سُلَيْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَفْضَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ (*) خُزَاعَةَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَذُو الْيَدَيْنِ غَيْرُ ذِي الشِّمَالَيْنِ الْمَقْتُولِ بِبَدْرٍ بِدَلِيلِ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ مِنْ حُضُورِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِذَلِكَ الْكَلَامِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ كَذَلِكَ قَالَ يَحْيَى ابن أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لِذَلِكَ وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَجُلٌ طَوِيلُ الْيَدَيْنِ يُقَالُ لَهُ الْخِرْبَاقُ وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ رَجُلَانِ أَوْ ثَلَاثَةً يُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ذُو الْيَدَيْنِ وَذُو الشِّمَالَيْنِ وَلَكِنَّ الْمَقْتُولَ يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرُ الَّذِي تَكَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَهَا فَسَلَّمَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْحِذْقِ وَالْفَهْمِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ مُسَدَّدًا يَقُولُ الَّذِي قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ إِنَّمَا هُوَ ذُو الشِّمَالَيْنِ ابْنُ عَبْدِ عَمْرٍو حَلِيفٌ

لِبَنِي زُهْرَةَ وَهَذَا ذُو الْيَدَيْنِ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ كَانَ يَكُونُ بِالْبَادِيَةِ فَيَجِيءُ فَيُصَلِّي مَعَ النبي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حرب قال حدثني حماد ابن زَيْدٍ قَالَ ذُكِرَ لِأَيُّوبَ الْبِنَاءُ بَعْدَ الْكَلَامِ فَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ مُضْطَرِبٌ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولَانِ سَلَّمَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَعِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ يَقُولُ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنَ حُدَيْجٍ يَقُولُ إِنَّ الْمُتَكَلِّمَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ لَيْسَ اخْتِلَافُهُمْ فِي مَوْضِعِ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِخِلَافٍ يَقْدَحُ فِي حَدِيثِهِمْ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُرَادَ مِنَ الْحَدِيثِ هُوَ الْبِنَاءُ بَعْدَ الْكَلَامِ وَلَا فَرْقَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بَيْنَ الْمُسَلِّمِ مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ مِنِ اثْنَتَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يُكْمِلْ صَلَاتَهُ وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ مِنْ ذِكْرِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا طَلْحَةُ كَلَّمَهُ وَغَيْرُهُ وَلَيْسَ فِي أَنْ يُكَلِّمَهُ طَلْحَةُ وَغَيْرُهُ مَا يَدْفَعُ أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ كَلَّمَهُ أَيْضًا فَأَدَّى كُلٌّ مَا سَمِعَ عَلَى حَسَبِ مَا سَمِعَ وَكُلُّهُمُ اتَّفَقُوا فِي أَنَّ الْمَعْنَى الْمُرَادَ مِنَ الْحَدِيثِ هُوَ الْبِنَاءُ بَعْدَ الْكَلَامِ لِمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ وَأَمَّا قَوْلُ الزُّهُرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ فَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ وَحَمَلَهُ الزُّهُرِيُّ عَلَى أَنَّهُ الْمَقْتُولُ يَوْمَ بَدْرٍ وَقَدِ اضْطَرَبَ عَلَى الزُّهُرِيِّ

فِي حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ اضْطِرَابًا (*) أَوْجَبَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ تَرْكَهُ مِنْ رِوَايَتِهِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ مَرَّةً يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ مَالِكٌ وَحَدَّثَ بِهِ مَالِكٌ أَيْضًا عَنْهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بِمِثْلِ حَدِيثِهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ فَأَتَمَّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَمْ يَسْجُدِ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تُسْجُدَانِ إِذَا شَكَّ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ حِينَ لَقَّنَهُ الرَّجُلُ قَالَ صَالِحٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِي هَذَا الْخَبَرَ سَعِيدُ بن المسيبب عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَأَخْبَرَنِي بِهِ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو بَكْرِ ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَرَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ كُلٌّ قَدْ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ قَالُوا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ بِالنَّاسِ الظَّهْرَ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ الزُّهُرِيُّ وَلَمْ يُخْبِرْنِي رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَقُولُ إِذَا عَرَفَ الرَّجُلُ مَا يَبْنِي مِنْ صَلَاتِهِ فَأَتَمَّهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ لِهَذَا الْحَدِيثِ

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْحٍ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ أبن أَبِي حَثْمَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَمَّنْ يَقْنَعَانِ بِحَدِيثِهِ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ فَقَالَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ ابْنُ عَبْدِ عَمْرٍو يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ سليمان ابن أَبِي حَثْمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذَا اضْطِرَابٌ عَظِيمٌ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي كِتَابِ التَّمْيِيزِ لَهُ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَسْجُدْ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ خَطَأٌ وَغَلَطٌ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ أَحَادِيثِ الثِّقَاتِ ابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ الْمُنْصِفِينَ فِيهِ عَوَّلَ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ لِاضْطِرَابِهِ فِيهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ لَهُ إِسْنَادًا وَلَا مَتْنًا وَإِنْ كَانَ إِمَامًا عَظِيمًا فِي هَذَا الشَّأْنِ فَالْغَلَطُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ وَالْكَمَالُ لَيْسَ لِمَخْلُوقٍ وَكُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم فَلَيْسَ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ إِنَّهُ الْمَقْتُولُ يَوْمَ بَدْرٍ حُجَّةً لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ غَلَطُهُ فِي ذَلِكَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ فَذَكَرَ خَبَرَ ذِي الْيَدَيْنِ قَالَ فَأَدْرَكَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَخُو بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذُو الشِّمَالَيْنِ الْمَقْتُولُ يَوْمَ بَدْرٍ خُزَاعِيٌّ وَذُو الْيَدَيْنِ الَّذِي شَهِدَ سَهْوَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُلَمِيٌّ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ لَيْسَ هُوَ

ذَا الشِّمَالَيْنِ الْمَقْتُولَ بِبَدْرٍ مَا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَانِئٍ الْأَثْرَمُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا (*) مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ السَّعْدِيُّ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ مُطَيْرٍ وَمُطَيْرٌ حَاضِرٌ يصدقه بمقالته قال يا أبتاه أخبرتي أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ لَقِيَكَ بِذِي خَشَبٍ فَأَخْبَرَكَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهِمْ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ وَهِيَ الْعَصْرُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبِعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَخَرَجَ سُرْعَانُ النَّاسِ فَلَحِقَهُ ذُو الْيَدَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مُبْتَدِيهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ فَقَالَ مَا قَصُرَتِ الصَّلَاةُ وَمَا نَسِيتُ ثُمَّ أَقْبَلُ رَسُولُ اللَّهِ وَثَابَ النَّاسِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ علي قال حدثنا أَبِي قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ مُطَيْرٍ وَمُطَيْرٌ حَاضِرٌ يُصَدِّقُهُ بِمَقَالَتِهِ فَذَكَرَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ صَاحِبُ الطَّعَامِ قال كنا بوادي القرى فقيل إن ها هنا شَيْخًا قَدِيمًا قَدْ بَلَغَ بِضْعًا وَمِائَةَ سَنَةٍ فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُطَيْرٌ وَإِذَا ابْنٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ شُعَيْبٌ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً فَقُلْنَا لِابْنِهِ قُلْ لَهُ يُحَدِّثْ بِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ فَثَقُلَ عَلَى الشَّيْخِ فَقَالَ ابْنُهُ أَلَيْسَ حَدَّثْتَنَا أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ تَلَقَّاكَ بِذِي خَشَبٍ فَقَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ وَهِيَ الْعَصْرُ ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أبي قال أخبرنا أحمد ابن خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ حَدَّثَنِي مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَنَّاطُ وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنَ الْأَبْدَالِ فَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ عُمِّرَ عُمْرًا طَوِيلًا وَأَنَّهُ غَيْرُ الْمَقْتُولِ بِبَدْرٍ وَفِيمَا قَدَّمْنَا مِنَ الْآثَارِ الصِّحَاحِ كِفَايَةٌ لِمَنْ عُصِمَ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَا الْيَدَيْنِ عُمِّرَ إِلَى خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ بِذِي خَشَبٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَوْ صَحَّ لِلْمُخَالِفِينَ مَا ادَّعَوْهُ مِنْ نَسْخِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ حُجَّةٌ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ إِنَّمَا تَوَجَّهَ إِلَى الْعَامِدِ القاسد لَا إِلَى النَّاسِي لِأَنَّ النِّسْيَانَ مُتَجَاوَزٌ عَنْهُ

وَالنَّاسِي وَالسَّاهِي لَيْسَا مِمَّنْ دَخَلَ تَحْتَ النَّهْيِ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ فِي النَّظَرِ (*) فَإِنْ قِيلَ فَإِنَّكُمْ تجيزون الكلام في الصلاةعامدا إِذَا كَانَ فِي شَأْنِ إِصْلَاحِهَا قِيلَ لِقَائِلِ ذَلِكَ أَجَزْنَاهُ مِنْ بَابٍ آخَرَ قِيَاسًا عَلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ التَّسْبِيحِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَإِبَاحَتِهِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى مَا غفله الْمُصَلِّي مِنْ صَلَاتِهِ لِمُسْتَدْرِكِهِ وَاسْتِدْلَالًا بِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ أَيْضًا فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا الْمَعْنَى قَدْ نَزَعَ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَفِيمَا قَدَّمْنَا كِفَايَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ تَدْخُلُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ مُنَاقَضَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ لِقَوْلِهِمْ إِنَّ الْمَشْيَ في الصلاة لاصلاحها عامدا جائز كالراعف من يَجْرِي مَجْرَاهُ عِنْدَهُمْ لِلضَّرُورَةِ إِلَى خُرُوجِهِ وَغَسْلِ الدَّمِ عَنْهُ وَوُضُوئِهِ عِنْدَهُمْ وَغَيْرُ جَائِزِ فِعْلُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ إِصْلَاحِ الصَّلَاةِ وَشَأْنِهَا فَكَذَلِكَ الْكَلَامُ يَجُوزُ مِنْهُ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ وَشَأْنِهَا ما لايجوز لغير ذلك إذا الْفِعْلَانِ مَنْهِيٌّ عَنْهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِمَّنْ قَالَ مِنَ السَّلَفِ بِمَعْنَى حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَرَأَى الْبِنَاءَ جَائِزًا لِمَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ سَاهِيًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعُرْوَةُ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالشَّعْبِيُّ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ مِثْلُ ذَلِكَ وَقَالَ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا الْبَابِ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ أَيْضًا مِثْلُهُ وَالْحُجَّةُ عِنْدَنَا فِي سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِيَ الْقَاضِيَةُ فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا إِثْبَاتُ حُجَّةِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي قَوْلِهِمْ إِذَا نَسِيَ الْحَاكِمُ حُكْمَهُ فَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ نَفَّذَهُ وَأَمْضَاهُ وَإِنْ لَمْ يذكره لأن

النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ وَمَنْ شَهِدَ مَعَهُ إِلَى شَيْءٍ لَمْ يَذْكُرْهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يُنَفِّذُهُ حَتَّى يَذْكُرَ حُكْمَهُ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ وَفِيهِ إِثْبَاتُ سُجُودِ السَّهْوِ عَلَى مَنْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ وَفِيهِ أَنَّ السُّجُودَ يَكُونُ بَعْدَ السَّلَامِ إِذَا زَادَ الْإِنْسَانُ فِي صَلَاتِهِ شَيْئًا سَهْوًا وَبِهِ اسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ فِيمَا كَانَ زِيَادَةً مِنَ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ وَفِيهِ أَنَّ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ يُسَلَّمُ مِنْهُمَا وَيُكَبَّرُ فِي كُلِّ خَفْصٍ وَرَفْعٍ فِيهِمَا وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وموضعه فِي الصَّلَاةِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَيَأْتِي مِنْهُ ذِكْرٌ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (*) وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي رُجُوعِ الْمُسَلِّمِ سَاهِيًا فِي صَلَاتِهِ إِلَى تَمَامِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا هَلْ يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إِلَى إِحْرَامٍ أَمْ لَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يُحْدِثَ إِحْرَامًا يُجَدِّدُهُ لِرُجُوعِهِ إِلَى تَمَامِ صَلَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يُجْزِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ ذَلِكَ عليه وإنما عليه أن ينوى الرجوع إلىتمام صَلَاتِهِ فَإِنْ كَبَّرَ لِرُجُوعِهِ فَحَسَنٌ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ شعار حركات المصلى وان لم يكبر فلاشيء عَلَيْهِ لِأَنَّ أَصْلَ التَّكْبِيرِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ إنما كان

الحديث الثاني

لِإِمَامِ الْجَمَاعَةِ ثُمَّ صَارَ سُنَّةً بِمُوَاظَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْمَعْنَى مُمَهَّدًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنَّهُ إِذَا نَوَى الرُّجُوعَ إِلَى صَلَاتِهِ لِيُتِمَّهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ لِأَنَّ سَلَامَهُ سَاهِيًا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ صَلَاتِهِ وَلَا يُفْسِدُهَا عَلَيْهِ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَإِذَا كَانَ فِي صَلَاةٍ يَبْنِي عَلَيْهَا فَلَا مَعْنَى للاحرام ها هنا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَأْنِفٍ لِصَلَاتِهِ بَلْ هُوَ مُتِمٌّ لَهَا بَانٍ فِيهَا وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ الْمُبْتَدِئُ وَحْدَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدِيثٌ ثَانٍ لِأَيُّوبَ السختياني مسند صحيح ماك عن أيوب ابن أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّهَا قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ فَقَالَ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي قَالَتْ فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ فَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ قَالَ مَالِكٌ يَعْنِي بِحِقْوِهِ إِزَارَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْعِلْمِ بِالْخَبَرِ إِنَّ ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي شَهِدَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ غُسْلَهَا هِيَ أُمُّ كلثوم فالله

أَعْلَمُ وَكُلُّ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا عَلِمْتُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ يَقُولُونَ فِيهِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ وَسَقَطَ لِيَحْيَى إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ وَلَا فِي نُسْخَتِهِ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ أَيُّوبَ أَيْضًا إِلَّا وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا قَوْلَهُ إِنَّ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ وَقَدْ روى هذا الحديث عن أيوب جماعة اثتبهم فِيهِ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَرِوَايَتُهُمَا لِهَذَا الْحَدِيثِ كَرِوَايَةِ مَالِكٍ سَوَاءٌ إِلَى آخِرِهِ إِلَّا أَنَّهُمَا زَادَا فِيهِ فَقَالَا قَالَ أَيُّوبُ وَقَالَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا (*) أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ قَالَ وَقَالَتْ حَفْصَةُ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ مَشَّطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ) قَالَ أَبُو عُمَرَ كانت حفصة بنت سيرين قد روت هذ الْخَبَرَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ بِأَكْمَلِ أَلْفَاظٍ فَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَرْوِي عَنْ أُخْتِهِ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ فَمِمَّا كَانَ يَرْوِيهِ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَوْلُهَا وَمَشَّطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ لَمْ يَسْمَعِ ابْنُ سِيرِينَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مِنْ أُمِّ عَطِيَّةَ فَكَانَ يَرْوِيهَا عَنْ أُخْتِهِ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ حَدَّثَ بِذَلِكَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَوْمٌ مِنْهُمُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَقَدْ رَوَى أَيُّوبُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عطية فكا يَرْوِي عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ مِنْ أَحْفَظِ النَّاسِ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي الْبِرْتِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نُغَسِّلُ ابْنَةً لَهُ فَقَالَ اغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاغْسِلْنَهَا وِتْرًا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ وَاجْعَلْنَ فِي آخِرِهِنَّ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي فَلَمَّا فَرَغْنَا أَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ فَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ قَالَتْ فَمَشَّطْنَاهَا أَوْ قَالَتْ ضَمَمْنَا رَأْسَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ هُوَ أَصْلُ السُّنَّةِ فِي غُسْلِ الْمَوْتَى لَيْسَ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ حَدِيثٌ أَعَمُّ مِنْهُ وَلَا أَصَحُّ وَعَلَيْهِ عَوَّلَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَصْلُهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا رِوَايَةُ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ فَإِنَّ ذِكْرَ السَّبْعِ وَمَا فَوْقَهَا لَا يُوجَدُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْعُلَمَاءِ قَالَ بِمُجَاوَزَةِ سَبْعِ غَسَلَاتٍ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَقَدْ رَوَى أَنَسٌ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغَسَلَاتِ لَا يُتَجَاوَزُ بِهَا سَبْعٌ وَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوَقِيُّ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ ذَلِكَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ غَسَّلْنَا ابْنَةَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَمَرَنَا أَنْ نَغْسِلَهَا بِالسِّدْرِ

ثَلَاثًا (*) فَإِنْ أَنْجَتْ وَإِلَّا فَخَمْسًا وَإِلَّا فَأَكْثَرَ من ذلك قال فرأينا أن كثر مِنْ ذَلِكَ سَبْعٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْبُلُوغِ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ إِلَى سَبْعِ غَسَلَاتٍ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ أَقْصَى مَا يُغْسَلُ الْمَيِّتُ ثَلَاثَ غَسَلَاتٍ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ الْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ غُسِلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ وَحْدَهُ وَلَا يُعَادُ غَسْلُهُ وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمُزَنِيُّ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُوَضَّأُ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ الْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ وَلَا يُعَادُ غُسْلُهُ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْجُنُبِ إِذَا اغْتَسَلَ وَأَحْدَثَ بَعْدَ الْغُسْلِ اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ أَوْ بِالْمَاءِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فكذلك الميت وقال ابن القاسم إن وضيء فَحَسَنٌ وَإِنَّمَا هُوَ الْغُسْلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ عَلَى الْحَيِّ قَدْ أَدَّاهَا وَلَيْسَ عَلَى الْمَيِّتِ عِبَادَةٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ الْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ أُعِيدَ غَسْلُهُ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ إِذَا جَاءَ مِنْهُ الْحَدَثُ بَعْدَ كَمَالِ غُسْلِهِ أُعِيدَ وُضُوءُهُ لِلصَّلَاةِ وَلَمْ يُعَدْ غُسْلُهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُعَادُ غُسْلُهُ أَبَدًا إِذَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَى سَبْعِ غَسَلَاتٍ وَلَا يُزَادُ عَلَى سَبْعٍ وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ السَّابِعَةِ غُسِلَ الموضع وحده وإن خرج منه شيء بعد ما كُفِّنَ رُفِعَ وَلَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ وَكُلُّ قَوْلٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ ذكر عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ يُغَسَّلُ الْمَيِّتُ ثَلَاثًا فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ غَسَّلُوهُ خَمْسًا فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ غُسِّلَ سَبْعًا قَالَ وَأَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ مِثْلَهُ قَالَ هِشَامٌ وَقَالَ الْحَسَنُ يُغَسَّلُ ثَلَاثًا فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ غُسِّلَ مَا خَرَجَ مِنْهُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى الثَّلَاثِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا

ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بن علي قول غَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ غَسَلَاتٍ كُلُّهُنَّ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ الْأُولَى بِمَاءٍ قَرَاحٍ يُوَضِّيهِ وُضَوْءَ الصَّلَاةِ وَالثَّانِيَةُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَالثَّالِثَةُ بِمَاءٍ قَرَاحٍ وَيَتْبَعُ مَسَاجِدَهُ بِالطِّيبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ لَا يَرَى الْكَافُورَ فِي الْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ وَلَا يُغَسَّلُ الْمَيِّتُ عِنْدَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَافُورٌ وَإِنَّمَا الْكَافُورُ عِنْدَهُ فِي الْحَنُوطِ لَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَاءِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ قَالَ لِلنِّسَاءِ اللَّاتِي (*) غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ اجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُغَسَّلَ الْمَيِّتُ الْغَسْلَةَ الْأَوْلَى بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ وَالثَّانِيَةَ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ وَالثَّالِثَةَ بِمَاءٍ فِيهِ كَافُورٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْغُسْلَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ يَغْسِلُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ مَرَّتَيْنِ وَالثَّالِثَةَ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثَ كُلَّهَا بِالسِّدْرِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم غَسَّلَ ثَلَاثَ غَسَلَاتٍ كُلَّهُنَّ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ تَذْهَبُ إِلَى السِّدْرِ فِي الْغَسَلَاتِ كُلِّهَا قَالَ نَعَمْ السِّدْرُ فِيهَا كُلِّهَا عَلَى حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ثُمَّ قَالَ لَيْسَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ أَرْفَعُ مِنْ حَدِيثِ

أُمِّ عَطِيَّةَ وَلَا أَحْسَنَ مِنْهُ فِيهِ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا وَابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا ثُمَّ قَالَ مَا أَحْسَنَهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لَهُنَّ فِي غُسْلِ ابْنَتِهِ ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ تَطْهِيرُ الْمَيِّتِ تَطْهِيرُ عِبَادَةٍ لَا إِزَالَةُ نَجَاسَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ كَالْجُنُبِ وَغُسْلُهُ كَغُسْلِ الْجُنُبِ سَوَاءٌ فَأَوَّلُ مَا يَبْدَأُ الْغَاسِلُ بِهِ مِنْ أَمْرِهِ بَعْدَ سَتْرِهِ جُهْدَهُ أَنْ يَعْصِرَ بَطْنَهُ عَصْرًا خَفِيفًا رَفِيقًا فَإِنَّ الِاسْتِنْجَاءَ يُقَدَّمُ فِي الْوُضُوءِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ تَنَاوَلَ غُسْلَ أَسْفَلِهِ وَعَلَى يَدِهِ خِرْقَةٌ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُبَاشِرَ قُبُلَهُ وَلَا دُبُرَهُ إِلَّا وعلى يده خرقة ملفوفة يدخل به يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ الَّذِي يُسَجَّى بِهِ الْمَيِّتُ وَيُسْتَرُ بِهِ لِلْغُسْلِ فَيَغْسِلُ فَرْجَيْهِ غَسْلًا نَاعِمًا وَيُوَالِي بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى يَدِ الْغَاسِلِ حَتَّى يَصِحَّ إِنْقَاؤُهُ ثُمَّ يَبْتَدِئُ فَيُوَضِّئُهُ وُضُوءَ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ حَاكِيًا عَنْ مَالِكٍ يَجْعَلُ الْغَاسِلُ خِرْقَةً عَلَى يَدِهِ يُبَاشِرُ بِهَا فَرْجَ الْمَيِّتِ إِنِ احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ قَالَ الْوَقَّارُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَضْمَضَةِ الْمَيِّتِ عِنْدَ وُضُوئِهِ وَفِي غَسْلِ أَنْفِهِ وَدَلْكِ أَسْنَانِهِ فَرَأَى ذَلِكَ مِنْهُمْ قَوْمٌ وَأَبَاهُ آخَرُونَ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ أَبَى مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا فَرَغَ بِوُضُوئِهِ بَدَأَ بِغَسْلِ (*) شِقِّهِ الْأَيْمَنِ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى طَرَفِ قَدَمِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَصْرِفُهُ بِرِفْقٍ عَلَى شِقِّهِ فَيَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ مِنْ قَرْنِ رَأْسِهِ إِلَى طَرَفِ قَدَمِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْغُسْلُ عَلَى جَمِيعِهِ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ سِدْرٌ فَحَسَنٌ ثُمَّ يَغْسِلُهُ غَسْلَةً ثَانِيَةً بِمَاءٍ فِيهِ وَرَقُ سِدْرٍ مدقوق

أَوْ بِسِدْرٍ يَجْعَلُهُ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ وَيَغْسِلُهُ بِهِ وَيَبْدَأُ بِرَأْسِهِ قَبْلَ لِحْيَتِهِ فَإِنْ لَمْ يكن سدر فبالاشنان او يالخطمى أَوْ بِالْحُرُضِ أَوِ الْمَاءِ الْقَرَاحِ حَتَّى يَأْتِيَ أَيْضًا عَلَى تَمَامِ غَسْلِهِ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَسْتُرُهُ طَاقَتَهُ وَيَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْ عَوْرَتِهِ كَمَا يَفْعَلُ بِالْحَيِّ وَإِنْ كَانَ بِهِ قُرُوحٌ أَوْ جِرَاحٌ أَخَذَ عَفْوَهُ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُوَضِّيَهُ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ الْوُضُوءُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ يَكْفِي ثُمَّ يُغَسَّلُ الثَّالِثَةَ بِمَاءِ الْكَافُورِ كَمَا غَسَّلَهُ فِي الْأُولَى فَإِذَا أَكْمَلَ غُسْلَهُ جَفَّفَهُ وَحَشَّى دَاخِلَ إِزَارِهِ قُطْنًا وَهُوَ عَلَى مُغْتَسَلِهِ ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ شَدَّادَتَهُ مِنْ خَلْفِهِ إِلَى مُقَدَّمِهِ ثُمَّ حَمَلَهُ رِفْقًا فِي ثوبه إلىنعشه وَأَدْرَجَهُ فِي أَكْفَانِهِ وَوَجْهُ الْعَمَلِ أَنْ يَبْدَأَ الْغَاسِلُ بِتَهْذِيبِ أَكْفَانِهِ وَنَشْرِهَا وَتَجْمِيرِهَا قَبْلَ أَخْذِهِ فِي غَسْلِهِ وَالْوَتْرُ عِنْدَهُمْ فِي الْغَسَلَاتِ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَلَيْسَ الْوَتْرُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ كَالْوَتْرِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ يُغَسَّلُ الْمَيِّتُ وَتْرًا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا كُلُّهُنَّ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَفِي كُلِّ غَسْلَةٍ يَغْسِلُ رَأْسَهُ مَعَ سَائِرِ جَسَدِهِ قُلْتُ وَيُجْزِئُ وَاحِدَةٌ قَالَ نَعَمْ إِذَا أَنْقَوْا قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قُلَابَةَ وَابْنِ سِيرِينَ قَالَا إِذَا طَالَ مَرَضُهُ وَلَمْ يَجِدُوا سِدْرًا غَسَّلُوهُ بالاشنان إن شاؤوا وَيُقَالُ إِنَّ أَعْلَمَ التَّابِعِينَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ ابْنُ سِيرِينَ ثُمَّ أَيُّوبُ وَكِلَاهُمَا كَانَ غَاسِلًا مُتَوَلِّيًا لِذَلِكَ بِنَفْسِهِ مُحْسِنًا مُجِيدًا ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فِي الْمَيِّتِ يُغَسَّلُ قَالَ تُوضَعُ خِرْقَةٌ عَلَى فَرْجِهِ وَأُخْرَى عَلَى وَجْهِهِ فَإِذَا

أَرَادَ أَنْ يُوَضِّيهِ كَشَفَ الْخِرْقَةَ عَنْ وَجْهِهِ فَيُوَضِّيهِ بِالْمَاءِ وُضَوْءَ الصَّلَاةِ ثُمَّ يُغَسِّلُهُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ مَرَّتَيْنِ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى قَدَمِهِ يَبْدَأُ بِمَيَامِنِهِ وَلَا يَكْشِفُ الْخِرْقَةَ الَّتِي عَلَى فَرْجِهِ وَلَكِنْ يَلُفُّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ وَيَغْسِلُ مَا تَحْتَ الْخِرْقَةِ الَّتِي عَلَى فَرْجِهِ بِمَاءٍ فَإِذَا غَسَّلَهُ مَرَّتَيْنِ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ غَسَّلَهُ الْمَرَّةَ الثَّالِثَةَ بِمَاءٍ فِيهِ (*) كَافُورٌ قَالَ وَالْمَرْأَةُ أَيْضًا كَذَلِكَ قَالَ فَإِذَا فَرَغَ الْغَاسِلُ اغْتَسَلَ إِنْ شَاءَ أَوْ تَوَضَّأَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا غُسْلَ وَلَا وُضُوءَ عَلَى الْغَاسِلِ وَاجِبًا عِنْدَ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ وَجُمْهُورِ العلماء وهو المشهور من مذهب مالك والمعول بِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ عَلَى حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ حِينَ غَسَّلَتْ أَبَا بَكْرٍ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا قَالَ ابْنُ سِيرِينَ يَضَعُ خِرْقَةً عَلَى وَجْهِهِ سَتْرًا لَهُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ رُبَّمَا يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ بِالسَّوَادِ وَنَحْوِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَذَلِكَ لِدَاءٍ أَوْ لِغَلَبَةِ دَمٍ فَيُنْكِرُهُ الْجُهَّالُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ مَرَاسِلِ الثِّقَاتِ الشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا وَلَمْ يُفْشِ عَلَيْهِ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يُغَطَّى وَجْهُ الْمَيِّتِ قَالَ لَا إِنَّمَا يُغَطَّى مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ

أَعْطَانَا حِقْوَهُ فَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ فَالْحِقْوُ الْإِزَارُ وَقِيلَ الْمِئْزَرُ قَالَ مُنْقِذُ بْنُ خَالِدٍ الْهُذَلِيُّ ... مُكَبَّلَةٌ قَدْ خَرَّقَ الرِّدْفُ حِقْوَهَا ... وَأُخْرَى عَلَيْهَا حِقْوُهَا لَمْ يُخَرَّقِ ... وَالْحِقْوُ مَكْسُورُ الْحَاءِ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ وَقَدْ قِيلَ حَقْوُهَا بِالْفَتْحِ وَجَمْعُهُ حِقِيٌّ وَأَحْقَاءٌ وَأُحُقٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ فَإِنَّهُ أَرَادَ اجْعَلْنَهُ يَلِي جَسَدَهَا قَبْلَ سَائِرِ أَكْفَانِهَا وَمِنْهُ قَوْلُ عَائِشَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي فِي شُعُرِنَا وَلَا لُحُفِنَا يَعْنِي مَا يَلِي أَجْسَادَنَا مِنَ الثِّيَابِ وَنَحْنُ حُيَّضٌ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ فَالشِّعَارُ ها هنا أَرَادَ بِهِ مَا قَرُبَ مِنَ الْقَلْبِ وَالدِّثَارُ مَا فَوْقَ الشِّعَارِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي قَوْلِهِ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ إِنَّهُ يَجْعَلُ الْإِزَارَ شِبْهَ الْمِئْزَرِ وَيُفْضِي بِهِ إِلَى جِلْدِهَا وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِأَيُّوبَ مَا قَوْلُهُ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ أَتُوَزَّرُ قَالَ لَا أُرَاهُ إِلَّا قَالَ أَلْفِفْنَهَا فِيهِ قَالَ وَكَذَلِكَ كان ابن سرين يَأْمُرُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُشَعَّرَ لِفَافَةً وَلَا تُوَزَّرَ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ الْحِقْوُ فَوْقَ الدِّرْعِ وَخَالَفَهُ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَالنَّاسُ فَجَعَلُوا الْحِقْوَ يَلِي أَسْفَلَهَا مُبَاشِرًا لَهَا وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ الْحِقْوُ هُوَ النِّطَاقُ الَّذِي تُنَطَّقُ بِهِ الْمَيِّتَةُ وَهُوَ سبنية طويلة يجمع بها فخذها تَحْصِينًا لَهَا أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا شَيْءٌ كَنِطَاقِ الْحَيْضِ وَهُوَ أَحَدُ الْخَمْسَةِ الْأَثْوَابِ الَّتِي تُكَفَّنُ بِهَا الْمَرْأَةُ أَحَدُهَا دِرْعٌ وَهُوَ الْقَمِيصُ وَلِفَافَتَانِ وَخِصَارٌ (*) وَهَذَا النِّطَاقُ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ بَعْدَ غُسْلِهَا قِطْعَةُ كُرْسُفٍ فَيُحْشَى بِهِ أَسْفَلُهَا وَيُؤْخَذُ النِّطَاقُ فيلف

عَلَى عَجُزِهَا وَيُجْمَعُ بِهِ فَخِذَاهَا كَمَا يُلَفُّ النِّطَاقُ عَلَيْهَا وَيُخْرَجُ طَرَفَا السَّبَنِيَّةِ مِمَّا يَلِي عَجُزَهَا يُشَدُّ بِهِ عَلَيْهَا إِلَى قَرِيبٍ مِنْ رُكْبَتِهَا وَقَدْ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ يُلَفُّ عَلَى عَجُزِهَا وَفَخِذَيْهَا حَتَّى يُسَوَّى ذَلِكَ مِنْهَا بِسَائِرِ جَسَدِهَا ثُمَّ تُدْرَجُ فِي اللِّفَافَتَيْنِ كَمَا يُدْرَجُ الرَّجُلُ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ كَانَ الْخِمَارُ أَوْلَى مِنَ الْمِئْزَرِ لِأَنَّهَا تُصَلِّي فِي الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ وَلَا تُصَلِّي في الدرع والمئزر قال أبو عمر كيف ما صُنِعَ بِهَا مِمَّا يَكُونُ تَحْصِينًا لِأَسْفَلِهَا فَحَسَنٌ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ لَازِمٌ لَا يُتَعَدَّى وقد ذكرنا أقاويل العلماءفي أَكْفَانِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ أَوْلَى بِغَسْلِ الْمَرْأَةِ مِنَ الزَّوْجِ لِأَنَّ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ اللَّوَاتِي تُوُفِّينَ فِي حَيَاتِهِ زَيْنَبَ وَرُقَيَّةَ وَأُمَّ كُلْثُومٍ ولم يَبْلُغْنَا أَنَّ إِحْدَاهُنَّ غَسَّلَهَا زَوْجُهَا وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ غُسْلِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا وَغَسَّلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ زَوْجَهَا أَبَا بَكْرٍ بِمَحْضَرِ جُلَّةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَكَذَلِكَ غَسَّلَتْ أَبَا مُوسَى امْرَأَتُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي غُسْلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فَأَجَازَ ذَلِكَ جُمْهُورٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنَ التَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثور وداود وحجتهم أن علي بن بي طَالِبٍ غَسَّلَ زَوْجَتَهُ فَاطِمَةَ وَقِيَاسًا عَلَى غُسْلِهَا إِيَّاهُ وَلِأَنَّهُ كَانَ يَحِلُّ لَهُ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهَا مَا لَا يَحِلُّ لِلنِّسَاءِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ لَا يَغْسِلُهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي عِدَّةٍ مِنْهَا وَهَذَا مَا لَا مَعْنًى لَهُ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ لَا فِي حُكْمِ الْمَبْتُوتَةِ بِدَلِيلِ الْمُوَارَثَةِ والأصل في هذه المسئلة غُسْلُ عَلِيٍّ فَاطِمَةَ

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عِمَارَةَ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ أُمِّ عَوْنٍ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ أَوْصَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنْ نُغَسِّلَهَا أَنَا وَعَلِيٌّ فَغَسَّلْتُهَا أَنَا وَعَلِيٌّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ هَذَا الْخَبَرَ فَلَمْ يُقِمْ إِسْنَادَهُ وَهُوَ خَبَرٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ حَمَّادًا يَقُولُ إِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ مَعَ الْقَوْمِ فَالْمَرْأَةُ يُغَسِّلُهَا زَوْجُهَا وَالرَّجُلُ امْرَأَتُهُ قَالَ سُفْيَانُ وَنَحْنُ نَقُولُ لَا يُغَسِّلُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا حِينَ (*) مَاتَتْ وَيَقُولُ تُغَسِّلُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا لِأَنَّهَا فِي عِدَّةٍ مِنْهُ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ إِذَا لَمْ يَجِدُوا امْرَأَةً مُسْلِمَةً وَلَا يَهُودِيَّةً وَلَا نَصْرَانِيَّةً غَسَّلَهَا زَوْجُهَا وَابْنُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ أَحَقُّ النَّاسِ بِغُسْلِ الْمَرْأَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَيُحْتَمَلُ هَذَا مِنَ الرِّجَالِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَالنِّسَاءُ أَيْضًا جَائِزٌ كُلُّ ذَلِكَ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَأَمَّا غُسْلُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ وَهُوَ أَوْلَى مَا عُمِلَ بِهِ وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَسْمَاءَ أَنْ تُغَسِّلَهُ وَكَانَتْ صَائِمَةً فَعَزَمَ عَلَيْهَا لَتُفْطِرِنَّ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ قَالَ إِذَا أَنَا مِتُّ فَاغْسِلِينِي وَأُقْسِمُ عَلَيْكِ لَتُفْطِرِنَّ لِيَكُونَ أَقْوَى لَكِ وَلْتَغْسِلِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابني

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ يَحْيَى مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ رَجُلٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال إِنَّ أُمِّي عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ نُرْكِبَهَا عَلَى الْبَعِيرِ وَلَا تَمْتَسِكُ وَإِنْ رَبَطْتُهَا خِفْتُ عَلَيْهَا أَنْ تَمُوتَ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ هَكَذَا رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ فَمَرَّةً قَالَ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ الْأَثْبَتُ عَنْهُ وَمَرَّةً قَالَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَالصَّحِيحُ فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا عَلَى ابْنِ سِيرِينَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَمِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ أَيُّوبَ أَيْضًا فَقِيلَ عَنْهُ فِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَقِيلَ عَنْهُ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَهُمْ إِخْوَةٌ عَدَدٌ الْفَضْلُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بَنُو الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَلَهُمْ إِخْوَةٌ قَدْ ذَكَرْنَاهُمْ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَمْ يَسْمَعِ ابْنُ سِيرِينَ هَذَا الْحَدِيثَ لَا مِنَ الْفَضْلِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ مَعْرُوفٌ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ أَصْغَرُ

مِنِ ابْنِ سِيرِينَ بِكَثِيرٍ وَمِثْلُهُ يَرْوِي عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ (*) ثُمَّ طَرَحَهُ مَالِكٌ بِآخِرِهِ فَلَمْ يَرْوِهِ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى صَاحِبُنَا وَلَا طَائِفَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَإِنَّمَا طَرَحَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ الِاضْطِرَابَ فِيهِ كَثِيرٌ فَمِنْ الِاضْطِرَابِ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ فِي تَارِيخِهِ حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمَّهُ عَجُوزٌ إِنْ حَزَمَهَا خَشِيَ أَنْ يَقْتُلَهَا وَإِنْ حَمَلَهَا لَمْ تَسْتَمْسِكْ قَالَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ سِيرِينَ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا وَبَيْنَهُمَا رَجُلَانِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنِي فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ ابن يَسَارٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي عَجُوزٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ أَسْقَطَ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ مِنْ إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ رَجُلَيْنِ يَحْيَى بْنَ أَبِي إِسْحَاقَ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَحَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ يعني بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ

قَالَ وَحَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحَدُ ابْنَيِ الْعَبَّاسِ إِمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ وَإِمَّا الْفَضْلُ أَنَّهُ كَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي أَوْ إِنَّ أَبِي ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَذَا قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَحْدَهُ وَابْنُ عُلَيَّةَ يَشُكُّ فِي عُبَيْدِ اللَّهِ أَوِ الْفَضْلِ قَالَ وَخَالَفَهُ شُعْبَةُ فَجَعَلَهُ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَشُكَّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يُحَدِّثُ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ هَذَا عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا (*) عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَبَابَةَ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ ابن يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ هَكَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَلَمْ يَشُكَّ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ح وَأَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْحَجُّ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُجَوِّدْ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ ابْنِ سِيرِينَ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا هِشَامَ بْنَ حَسَّانَ فَإِنَّهُ أَقَامَ إِسْنَادَهُ وَجَوَّدَهُ وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ خَاصَّةً فِي إِسْنَادِهِ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ الْكِنَانِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ ابن يَسَارٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ رديف رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ إِنْ حَمَلْتُهَا لَمْ تَمْتَسِكْ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدَّثَ بِهِ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ هِشَامٍ فَقَالَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ يُسَمِّهِ أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله (هـ) يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ التَّمْتَامُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ

ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَمْ يَحُجَّ وَإِنْ حَمَلْتُهُ عَلَى الْبَعِيرِ لَمْ يَثْبُتْ وَإِنْ شَدَدْتُهُ عَلَيْهِ لَمْ آمَنْ عَلَيْهِ قَالَ هَلْ كُنْتَ قَاضِيَ دَيْنٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَحُجَّ عَنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى ابْنُ سِيرِينَ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ فَهُوَ يَخْرُجُ فِي رِوَايَةِ الْكِبَارِ عَنِ الصِّغَارِ وَقَدْ رَوَى ابن سرين عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ حَدِيثَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ فِي بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَلَى الشَّكِّ فِي الْفَضْلِ أَوْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَيَعِيشُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَا أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ (*) حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ أَبِي إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ أَوْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَشُكُّ فِيهِ عَالِمٌ أَنَّ الْفَضْلَ هُوَ الَّذِي كَانَ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ هَذَا الْخَبَرَ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ وَابْنُ عُلَيَّةَ عَلَى الشَّكِّ أَيْضًا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ أَوْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ

أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي أَوْ أُمِّي عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ إِنْ أَنَا حَمَلْتُهَا لَمْ تَمْتَسِكْ وَإِنْ رَبَطْتُهَا خَشِيتُ أَنْ أَقْتُلَهَا فَقَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ أَوْ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ تَقْضِيهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَحُجَّ عَنْ أَبِيكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَرِوَايَةُ ابْنِ شِهَابٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ هِيَ الَّتِي عَلَيْهَا الْمَدَارُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لِحِفْظِ ابْنِ شِهَابٍ وَإِتْقَانِهِ إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ قَالُوا عَنْهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يُسَمُّوا وَرَوَاهُ عَنْهُ مَالِكٌ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَسَمَّاهُ وَزِيَادَةُ مِثْلِ مَالِكٍ مَقْبُولَةٌ وَتَفْسِيرُهُ لِمُجْمَلِ غَيْرِهِ أَوْلَى مَا أُخِذَ بِهِ وَهُوَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي ابْنِ شِهَابٍ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَلَمْ يُسَمِّ ابْنَ عَبَّاسٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَذَا قَالَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ يُسَمِّ الْفَضْلَ وَلَا عُبَيْدَ اللَّهِ وَلَا عَبْدَ اللَّهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَوَيْهِ وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَا حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ

الحديث الرايع

ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَوْ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ عَنْ كِلَيْهِمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ أَخْبَرَنَا قَاسِمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي وَهَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهُرِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ (*) ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ النَّحْرِ زَادَ هَارُونُ فِي حَدِيثِهِ وَالْفَضْلُ رَدِيفُهُ وَقَالَا جَمِيعًا إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَمَسَّكَ عَلَى الرَّحْلِ فَهَلْ تَرَى أَنْ نَحُجَّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْكَلَامُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ وَاخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِيهِ يَأْتِي مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ ابن يَسَارٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدِيثٌ رَابِعٌ لِأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ مَالِكٌ عَنْ أيوب ابن أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يَبْلُغَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ الْحَلْبَ فَيَحْلِبُ فَيَشْرَبُ وَيَسْقِيهِ إِلَّا حَجَّ وَحَجَّ بِهِ مَعَهُ فَبَلَغَ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِهِ الَّذِي قَالَ الشَّيْخَ وَقَدْ

كَبِرَ الشَّيْخُ فَجَاءَ ابْنُهُ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ وَقَالَ إِنَّ أَبِي قَدْ كَبِرَ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحُجَّ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ هَذَا حَدِيثٌ مَقْطُوعٌ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَيْسَ عِنْدَ يَحْيَى وَلَا عِنْدَ مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ الْحَدِيثُ الَّذِي قَبْلَ هَذَا وَهُمَا جَمِيعًا مِمَّا رَمَاهُ مَالِكٌ بِآخِرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ وَهُمَا عِنْدَ مُطَرِّفٍ وَالْقَعْنَبِيِّ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُوَطَّأِ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَالْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ سَوَاءٌ وَمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَسَانِيدِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ يُغْنِي عَنْ ذكرها وتكرارها ها هنا إِذِ الْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ وَهُوَ حَجُّ الْمَرْءِ عَنْ غَيْرِهِ وَهَلْ يَلْزَمُ الْحَجُّ مَنْ عَجَزَ عَنْهُ بَدَنُهُ وَالْقَوْلُ فِي هَذَا يَأْتِي فِي بَابِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فِي قِصَّةِ الْخَثْعَمِيَّةِ وَأَبِيهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَالظَّعْنَ فَقَالَ حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ وَمُسْلِمٌ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ

أيوب بن حبيب

النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ حَفْصٌ فِي حَدِيثِهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ وَلَا الظَّعْنَ قَالَ احْجُجْ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ (*) مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عبد الله ابن الزُّبَيْرِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ إِنْ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الرُّكُوبَ وَأَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الحج فهل يجزى أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ قَالَ أَنْتَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَكُنْتَ تَقْضِيهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَحُجَّ عَنْهُ وَهَذَا الْمَعْنَى وَمَا فِيهِ مِنْ تَنَازُعِ الْعُلَمَاءِ سَيَأْتِي فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَوْلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ كَذَلِكَ نَسَبَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ يَقُولُ إِنَّهُ أَيُّوبُ بْنُ حَبِيبٍ الْجُمَحِيُّ الْقُرَشِيُّ مِنْ بَنِي جُمَحٍ قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ هُوَ أَيُّوبُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْأَعْوَرِ وَاسْمُ الْأَعْوَرِ خَلَفُ بْنُ عَمْرِو بْنِ وُهَيْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحٍ قُتِلَ بِقَدِيدٍ هَكَذَا قَالَ مُصْعَبٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ أَيُّوبُ بْنُ حَبِيبٍ مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وفليح وعباد إبن إِسْحَاقَ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُسْنَدٌ وَهُوَ مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ حبيب مولى سعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قال كنت عند مروان ابن الْحَكَمِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَسَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ فَقَالَ لَهُ أَبُو سَعِيدٍ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَا أُرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ فَأَبِنِ الْقَدَحَ عَنْ فِيكَ ثُمَّ تَنَفَّسْ قَالَ فَإِنِّي أَرَى الْقَذَاةَ فِيهِ قَالَ فَأَهْرِقْهَا أَبُو الْمُثَنَّى الْجُهَنِيُّ لَا أَقِفُ عَلَى اسْمِهِ وَاسْمُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ سَعْدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ قَدْ أَتَيْنَا عَلَى ذِكْرِ نَسَبِهِ وَوَفَاتِهِ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَالْقَذَاةُ مَا وَقَعَ فِي إِنَاءِ الشَّارِبِ مِنْ عُودٍ أَوْ وَرَقَةٍ أَوْ رِيشَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْذِي الشَّارِبَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ دُخُولُ الْعَالِمِ عَلَى السُّلْطَانِ

وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْأُمَرَاءُ وَالسَّلَاطِينُ فِي سَالِفِ الْأَيَّامِ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ السُّؤَالِ عَنِ الْعِلْمِ وَالْبَحْثِ عَنْهُ وَمُجَالَسَةِ أَهْلِهِ وَفِيهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْعَالِمِ وَأَنَّ قَوْلَهُ نَعَمْ يَقُومُ مَقَامَ إِخْبَارِهِ وَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ يَجْرِي عِنْدَنَا هَذَا الْمَجْرَى وَإِنْ كَانَ غَيْرُنَا قَدْ خَالَفَنَا فِيهِ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ أَلِفُلَانٍ عِنْدَكَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ فَيَلْزَمُهُ كَمَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي كَذَا وَفِيهِ الرُّخْصَةُ فِي الزِّيَادَةِ (*) عَلَى الْجَوَابِ إِذَا كَانَ مِنْ مَعْنَى السُّؤَالِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ الشُّرْبِ فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ رَأَى فِي قَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لَهُ إِنِّي لَا أُرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَبِنِ الْقَدَحَ عَنْ فِيكَ قَالَ مَالِكٌ فَكَأَنِّي أَرَى فِي ذَلِكَ الرُّخْصَةَ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ مَا شَاءَ وَلَا أَرَى بَأْسًا بِالشُّرْبِ مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ وَأَرَى فِيهِ رُخْصَةً لِمَوْضِعِ الْحَدِيثِ إِنِّي لَا أُرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَنْهَ الرَّجُلَ حِينَ قَالَ لَهُ إِنِّي لَا أُرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ أَنْ يَشْرَبَ فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ بَلْ قَالَ لَهُ كَلَامًا مَعْنَاهُ فَإِنْ كُنْتَ لَا تُرْوَى فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ فَأَبِنِ الْقَدَحَ عَنْ فِيكَ وَهَذَا إِبَاحَةٌ مِنْهُ لِلشُّرْبِ مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَقَدْ رُوِيَتْ آثَارٌ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ فِيهَا كَرَاهَةُ الشُّرْبِ فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ تَجِبُ بِهِ حُجَّةٌ فَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَهْدِيٍّ الْفَقِيهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ رَاشِدٍ الْإِمَامُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مُخَلَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن أبي حبيبة قال أخبرني داود ابن الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الشَّرَابُ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ شُرْبُ الشَّيْطَانِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حَبِيبَةَ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَلَوْ صَحَّ كَانَ الْمَصِيرُ إِلَى الْمُسْنَدِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الصَّاحِبِ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ قَالَ كَانَ أَبِي إِذَا رَآنِي أَشْرَبُ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ نَهَانِي وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَرِهَ الشُّرْبَ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ وَقَالَ هُوَ شُرْبُ الشَّيْطَانِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ كُنْتُ أَرَى سَحْنُونَ إِذَا أَتَى بِالْمَاءِ يَشْرَبُهُ يُسَمِّي اللَّهَ ثُمَّ يَتَنَاوَلُ مِنْهُ شَيْئًا ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَحْمَدُ اللَّهَ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذلك مرارا

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِعْلُ سَحْنُونَ هَذَا حَسَنٌ فِي الْأَدَبِ وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَكِنَّهُ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَلَعَلَّ سَحْنُونَ بَلَغَهُ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَرْوِيهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ كهمس عن أنس ابن مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (*) قَالَ الشُّرْبُ فِي ثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ أَمْرَأُ وأشفأ وَأَشْهَى وَأَبْرَأُ وَقَدْ لَقِيَ سَحْنُونُ ابْنَ عُيَيْنَةَ وَأَخَذَ عَنْهُ وَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ بِخَطِّهِ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ هِلَالٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَوَكِيعٌ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتَوَائِيِّ عَنْ أَبِي عِصَامٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَرِبَ تَنَفَّسَ ثَلَاثًا وَيَقُولُ هُوَ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ وَأَبْرَأُ وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ لَهُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الْيَمَانُ بْنُ عَدِيٍّ الْحِمْصِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ كَثِيرٍ الضَّبِّيُّ الْبَصْرِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ بَهْزٍ قَالَ كَانَ

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ عَرْضًا وَيَشْرَبُ مَصًّا وَيَتَنَفَّسُ ثَلَاثًا وَيَقُولُ هَذَا أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ وَأَبْرَأُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْكِنْدِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ الْقُرَشِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَكْثَمَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يستاك عرضا ويشرب مصا ويقول هو هنأ وَأَمْرَأُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ حَدِيثُ بَهْزٍ وَحَدِيثُ رَبِيعَةَ بْنِ أَكْثَمَ لَيْسَ لِإِسْنَادَيْهِمَا عَنْ سَعِيدٍ أَصْلٌ وَلَيْسَا بِصَحِيحَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ عِنْدَهُمْ وَقَدْ جَاءَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ إِجَازَةُ الشُّرْبِ فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِالشُّرْبِ بِالنَّفَسِ الْوَاحِدِ بَأْسًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ لَمْ أَرَ أَحَدًا كَانَ أَعْجَلَ إِفْطَارًا مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ كَانَ لَا يَنْتَظِرُ مُؤَذِّنًا وَيُؤْتَى بِالْقَدَحِ مِنْ مَاءٍ فَيَشْرَبُهُ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ لَا يَقْطَعُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ هَذَا أَصَحُّ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ نُبِّئْتُ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ رَآنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَنَا أَشْرَبُ فَجَعَلْتُ أَقْطَعُ شَرَابِي وَأَتَنَفَّسُ قَالَ إِنَّمَا نُهِيَ أَنْ يُتَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ فَإِذَا لَمْ تَتَنَفَّسْ فَاشْرَبْهُ إِنْ شِئْتَ بِنَفَسٍ واحد

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي هَذَا هُوَ الْفِقْهُ الصَّحِيحُ فِي هذه المسئلة وَالنَّهْيُ عَنِ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ (*) عِنْدِي كَالنَّهْيِ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ سَوَاءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَأَبِنِ الْقَدَحَ عَنْ فِيكَ ثُمَّ تَنَفَّسْ وَإِذَا لَمْ يَجُزِ التَّنَفُّسُ فِي الْإِنَاءِ لَمْ يَجُزِ النَّفْخُ فِيهِ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ وَقِطْعَةٌ مِنْهُ وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأُسْوَانِيُّ قَالَ وَكَانَ فَاضِلًا رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنْ يُنْفَخَ فِي الْإِنَاءِ أَوْ يُتَنَفَّسَ فِيهِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنِ الحرث بْنِ عَبْدِ الرَّحْمِنِ الدَّوْسِيِّ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَتَنَفَّسْ أَحَدُكُمْ فِي الْإِنَاءِ إِذَا كَانَ يَشْرَبُ مِنْهُ وَلَكِنْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَنَفَّسَ فَلْيُؤَخِّرْ عَنْهُ ثُمَّ يَتَنَفَّسْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ وَأَكْثَرُ الْآثَارِ إِنَّمَا جَاءَتْ بِالنَّهْيِ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ وَقَدْ قُلْنَا إِنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ وَالنَّهْيُ عَنْ هَذَا نَهْيُ أَدَبٍ لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ تَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ أَوْ نَفَخَ فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَعَامُهُ وَلَا شَرَابُهُ وَلَكِنَّهُ مُسِيءٌ إِذَا كَانَ بِالنَّهْيِ عَالِمًا وَكَانَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الْقِيَاسِيُّ يَقُولُ إِنَّ النَّهْيَ عَنْ هَذَا كُلِّهِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ نَهْيُ تَحْرِيمٍ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يُشْرَبَ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ وَلَا أَنْ يَتَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ عِنْدَهُمْ إِذَا كَانَ بِالنَّهْيِ عَالِمًا وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ طَعَامُهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ فَقَالَ قَوْمٌ إِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّ الشُّرْبَ فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ غَيْرُ مَحْمُودٍ عِنْدَ أَهْلِ الطِّبِّ وَرُبَّمَا آذَى الْكَبِدَ وَقَالُوا الْكَبِدُ مِنَ الْعَبِّ فَكُرِهَ ذَلِكَ لِذَلِكَ كَمَا كُرِهَ الِاغْتِسَالُ بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ بِالشَّمْسِ لِأَنَّهُ قال يُورِثُ الْبَرَصَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا أَظُنُّ هَذَا صَحِيحًا مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ وفي قوله صلى الله عليه وسلم هُوَ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ وَأَبْرَأُ حُجَّةٌ لِهَذَا الْقَوْلِ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا نُهِيَ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ لِيُزِيلَ الشَّارِبُ الْقَدَحَ عَنْ فِيهِ لِأَنَّهُ إِذَا أَزَالَهُ عَنْ فِيهِ صَارَ مُسْتَأْنِفًا لِلشُّرْبِ وَمِنْ سُنَّةِ الشَّرَابِ أَنْ يَبْتَدِيَهُ الْمَرْءُ بِذِكْرِ اللَّهِ فَمَتَى أَزَالَ الْقَدَحَ عَنْ فِيهِ حَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَسَمَّى اللَّهَ فَحَصَلَتْ لَهُ بِالذِّكْرِ حَسَنَاتٌ فَإِنَّمَا جَاءَ هَذَا رَغْبَةً فِي الْإِكْثَارِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا (*) تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُسَمِّي عَلَى طَعَامِهِ إِلَّا فِي أَوَّلِهِ وَيَحْمَدُ اللَّهَ فِي آخِرِهِ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ لَسَمَّى عِنْدَ كُلِّ لُقْمَةٍ وَحَمِدَ عِنْدَ كُلِّ لُقْمَةٍ وَهَذَا لَمْ يُرْوَ عَنْهُ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا فَعَلَهُ عِنْدَ كُلِّ لُقْمَةٍ مِنْ طَعَامِهِ وَإِنْ فَعَلَهُ أَحَدٌ لَمْ أَسْتَحْسِنْهُ لَهُ وَلَمْ أَذُمُّهُ عَلَيْهِ وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثٌ بِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ أَبِي فَرْوَةَ الْجَزَرِيِّ عَنِ ابْنٍ لِعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَشْرَبُوا وَاحِدَةً كَشُرْبِ الْبَعِيرِ وَلَكِنِ اشْرَبُوا مَثْنَى وَثُلَاثَ وَسَمُّوا إِذَا شَرِبْتُمْ وَاحْمَدُوا إِذَا رَفَعْتُمْ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا نُهِيَ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ لِأَدِبِ الْمُجَالَسَةِ لِأَنَّ الْمُتَنَفِّسَ فِي الْإِنَاءِ قَلَّ مَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَعَ نَفَسِهِ رِيقٌ وَلُعَابٌ وَمِنْ سُوءِ الْأَدَبِ أَنْ يَشْرَبَ ثُمَّ يُنَاوِلَ جَلِيسَهُ لُعَابَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَمَدَ إِلَى الْإِنَاءِ فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ تَفَلَ فِيهِ وَنَاوَلَهُ جَلِيسَهُ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا تَقْذِرُهُ النُّفُوسُ وَتَكْرَهُهُ وَلَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ ذَوِي الْعُقُولِ فَكَذَلِكَ مَنْ تَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ مَعَ تَنَفُّسِهِ أَكْثَرُ مِنَ التَّفْلِ مِنْ لُعَابِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى عَقِيلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عَنِ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ قَالَ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ فَرَغَ الْأَلِفُ وَلَيْسَ فِي شُيُوخِ مَالِكٍ أَحَدٌ مِمَّنْ لَهُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ عليه السلام في موطأه أَوَّلُ اسْمِهِ بَاءٌ أَوْ تَاءٌ

باب الثاء

بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ بَابُ الثَّاءِ ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ الدِّيلِيُّ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ صَدُوقٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَأَبُو أُوَيْسٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ لَمْ يَتَّهِمْهُ أَحَدٌ بِالْكَذِبِ وَكَانَ يُنْسَبُ إِلَى رَأْيِ الْخَوَارِجِ وَالْقَوْلِ بِالْقَدَرِ وَلَمْ يَكُنْ يَدْعُو إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَأَنَّهُ يَقُولُ حَسْبُكُ بِرِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْهُ وَتُوُفِّيَ ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ هَذَا سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ علي الحلواني عن عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَأْبَى إِلَّا أَنْ يُوَثِّقَ ثَوْرَ بْنَ زَيْدٍ وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ رَأْيُهُ وَأَمَّا الْحَدِيثُ فإنه ثقة

قَالَ أَبُو عُمَرَ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا مُسْنَدٌ مُتَّصِلٌ وَالثَّلَاثَةُ مُنْقَطِعَةٌ يُشْرِكُهُ فِي أَحَدِ الثَّلَاثَةِ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ قال البخاري سمع ثور ابن زَيْدٍ الدِّيلِيُّ الْمَدَنِيُّ مِنْ عِكْرِمَةَ وَأَبِي الْغَيْثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو الْغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ يُسَمَّى سَالِمًا وَهُوَ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعِ بْنِ الْأَسْوَدِ الْقُرَشِيِّ الْعَدَوِيِّ أَحَدِ بن عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ

(حَدِيثٌ أَوَّلُ لِثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ مُسْنَدٌ) مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ سَالِمٍ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ (1) ذَهَبًا وَلَا وَرِقًا إِلَّا الْأَمْوَالَ الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ قَالَ فَأَهْدَى رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامًا أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وَادِي الْقُرَى حَتَّى إِذَا كَانُوا بِوَادِي الْقُرَى بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَ يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ ذَلِكَ جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نار)

هَكَذَا قَالَ يَحْيَى خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ قَوْمٌ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَعْنَبِيُّ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ عَامَ حُنَيْنٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَقَالَ يَحْيَى إِلَّا الْأَمْوَالَ الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ وَتَابَعَهُ قَوْمٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا الْأَمْوَالَ وَالثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا وَرِقًا إِلَّا الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ وَالْأَمْوَالَ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً إِنَّمَا غَنِمْنَا الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْمَتَاعَ وَالْحَوَائِطَ فَجَوَّدَ أَبُو إِسْحَاقَ مَعَ جَلَالَتِهِ إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ بِسَمَاعِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَقَضَى بِأَنَّهَا خَيْبَرُ لَا حُنَيْنٌ وَرَفَعَ الْإِشْكَالَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ وَهِيَ دَوْسٌ لَا تُسَمِّي الْعَيْنَ مَالًا وَإِنَّمَا الْأَمْوَالُ عِنْدَهُمُ الثِّيَابُ وَالْمَتَاعُ وَالْعُرُوضُ وَعِنْدَ غَيْرِهِمُ الْمَالُ الصَّامِتُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَذَكَرَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى النَّحْوِيِّ قَالَ مَا قَصَرَ عَنْ بُلُوغِ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالْمَاشِيَةِ فَلَيْسَ بِمَالٍ وأنشد

وَاللَّهِ مَا بَلَغَتْ بِي قَطُّ مَاشِيَةٌ ... حَدَّ الزَّكَاةِ وَلَا إِبْلٌ وَلَا مَالُ ... قَالَ وَأَنْشَدَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى أَيْضًا ... ... مَلَأْتُ يَدِي مِنَ الدُّنْيَا مِرَارًا ... فَمَا طَمِعَ الْعَوَاذِلُ فِي اقْتِصَادِي ... ... وَلَا وَجَبَتْ عَلَيَّ زَكَاةُ مَالٍ ... وَهَلْ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى جَوَادِ ... وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ أَنْشَدَهُمَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى لِفُلَيْحِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَنَّ كُلَّ مَا تَمُولُ وَتَمْلِكُ فَهُوَ مَالٌ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ أَبِي قَتَادَةَ السُّلَمِيِّ فَابْتَعْتُ يَعْنِي بِسَلَبِ الْقَتِيلِ الَّذِي قَتَلْتُهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَقَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْعَيْنَ مِمَّا تُؤْخَذُ مِنْهُ الصَّدَقَةُ وَأَنَّ الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا الصَّدَقَةُ إِلَّا فِي قَوْلِ مَنْ رَأَى زَكَاةَ الْعُرُوضِ لِلْمُدِيرِ التَّاجِرِ نَضَّ لَهُ فِي عَامِهِ شَيْءٌ مِنَ الْعَيْنِ أَوْ لَمْ يَنِضَّ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالِي مَالِي وَإِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا أَكَلَ فَأَفْنَى أَوْ تَصَدَّقَ فَأَمْضَى أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى) وَهَذَا أَبْيَنُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ فِيهِ إِلَى اسْتِشْهَادٍ (هـ) فَمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ فَذَلِكَ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْ مَالِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ فَيَكُونَ عَلَى مَا نَوَى وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى أَمْوَالِ الزَّكَوَاتِ لِأَنَّ الْعِلْمَ مُحِيطٌ

وَاللِّسَانَ شَاهِدٌ فِي أَنَّ مَا تُمْلِكَ وَتَمُولُ يُسَمَّى مَالًا وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ فِي بَابِ عُثْمَانَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَوْتِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالُوا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِلَى عُمَرَ فَقَالُوا إِنَّا أَصَبْنَا أَمْوَالًا خَيْلًا وَرَقِيقًا نُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لَنَا مِنْهَا زَكَاةٌ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ إِبَاحَةُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ لِلْخَلِيفَةِ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا كَانَ مِنْهُ قَبُولُهَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِبْدَادِ بِهَا دُونَ رَعِيَّتِهِ وَرَوَى حَبِيبٌ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ إِسْنَادُهُ غَيْرَ صَحِيحٍ لِتَفَرُّدِ حَبِيبٍ بِهِ عَنْ مَالِكٍ فَإِنَّ قَبُولَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدَايَا أَشْهَرُ

وَأَعْرَفُ وَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى الْآثَارُ فِي ذَلِكَ لَكِنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْصُوصًا بِمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ النَّاسِ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ خِلَافُ حُكْمِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ لَهُ خَاصَّةً دُونَ الْمُسْلِمِينَ بِإِجْمَاعٍ لِأَنَّهُ فَيْءٌ وَفِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي قِصَّةِ ابْنِ! اللُّتْبِيَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْثِرَ بِهَدِيَّةٍ أُهْدِيَتْ إِلَيْهِ بِسَبَبِ وِلَايَتِهِ لِأَنَّهَا لِلْمُسْلِمِينَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنَ الْأَزْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ! اللتيبة فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ فَقَامَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ (مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ (1) شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ أو بقرة لها خوار أو شاة تبعر ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عَفْرَتَيْ إِبِطَيْهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ)

وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَأَبُو الزِّنَادِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله بِمَعْنَاهُ رَوَى وَكِيعٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اسْتَعْمَلَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ عَلَى الْيَمَنِ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعَثَ عُمَرَ عَلَى الْمَوْسِمِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَقَدِمَ مُعَاذٌ مِنَ الْيَمَنِ بِرَقِيقٍ فَلَقِيَ عُمَرَ بِعَرَفَةَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ لِأَبِي بَكْرٍ وَهَؤُلَاءِ لِي فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَرَى أَنْ تَأْتِيَ بِهِمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَتَدْفَعَهُمْ إِلَيْهِ فَإِنْ سَلَّمَهُمْ لَكَ وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِمْ فَقَالَ وَمَا لِي أَدْفَعُ رَقِيقِي إِلَى أَبِي بَكْرٍ لَا أُعْطِيهِ هَدِيَّتِي فَانْصَرَفَ بِهِمْ إِلَى مَنْزِلِهِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي اللَّيْلَةَ أُشْرِفُ عَلَى نَارٍ قَدْ أُوقِدَتْ فَأَكَادُ أَتَقَحَّمُهَا وَأَهْوِي فِيهَا وَأَنْتَ آخِذٌ بِحُجْزَتِي وَلَا أَرَانِي إِلَّا مُطِيعُكَ قَالَ فَذَهَبَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ هَؤُلَاءِ لَكَ وَهَؤُلَاءِ أُهْدُوا لِي قَالَ فَإِنَّا قَدْ سَلَّمْنَا لَكَ هَدِيَّتَكَ فَرَجَعَ مُعَاذٌ إِلَى مَنْزِلِهِ فَصَلَّى فَإِذَا هُمْ خَلْفَهُ يُصَلُّونَ قَالَ مَا بَالُكُمْ قَالُوا نُصَلِّي قَالَ لِمَنْ قَالُوا لِلَّهِ قَالَ فَاذْهَبُوا فَأَنْتُمْ لِلَّهِ فَأَعْتَقَهُمْ وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ أَمِيرًا وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ تَجَرَ فِي مَالِ اللَّهِ فَمَكَثَ حَتَّى أَصَابَ مَالًا وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَدِمَ مُعَاذٌ

فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ أَرْسِلْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَدَعْ لَهُ مَا يَعِيشُ بِهِ وَخُذْ سَائِرَهُ مِنْهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّمَا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُجْبِرَهُ وَلَسْتُ بِآخِذٍ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يُعْطِيَنِي وَفِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ غُلُولٌ حَرَامٌ نَارٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ) وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ هَذَا (إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَ يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ (1) لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا) فَكُلُّ مَنْ غَلَّ شَيْئًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ خَانَ شَيْئًا مِنْ مَالِ اللَّهِ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْغُلُولُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْقِصَاصِ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ صَاحِبُهُ فِي الْمَشِيئَةِ وَسَنَذْكُرُ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي عُقُوبَةِ الْغَالِّ بَعْدَ هَذَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ مُبَشِّرٍ عَنْ صفوان بن عمرو عن حبيب ابن عُبَيْدٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ أَتَى بِرَجُلٍ قَدْ غَلَّ وَمَعَهُ غُلُولُهُ فَوَجَدَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ أَوَّلَ غُلُولٍ رَأَوْهُ فِي غَزْوِهِمْ بِالشَّامِ فَقَامَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَمَا لَا كَفَّارَةَ لَهُ مِنَ الذُّنُوبِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَزْنِي ثُمَّ يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَإِنَّ

الرَّجُلَ لَيَسْرِقُ ثُمَّ يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَإِنَّهُمَا لَذَنْبَانِ لَا كَفَّارَةَ لَهُمَا صَاحِبُ الْغُلُولِ وَآكِلُ الرِّبَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَا كَفَّارَةَ لِصَاحِبِ الْغُلُولِ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَآكِلُ الرِّبَا يَبْعَثُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُخْتَنِقًا يَخْتَنِقُ قَالَ سُنَيْدٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ) حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ (قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا خَطِيبًا فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ (1) لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ وَلَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ يَقُولُ

يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ وَلَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ وَلَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ عَلَى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ فَهَذَا مَا فِي الْغُلُولِ وَقَدْ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْعُ الزَّكَوَاتِ لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا بِالْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا النَّصُّ فِي هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ فَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حَمَّادٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ يَعْنِي هَدَايَاهُمْ وَرِفْدَهُمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَا أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حَمَّادٍ قَالَ أَهْدَيْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَةً أَوْ قَالَ هَدِيَّةً فَقَالَ أَسْلَمْتَ قُلْتُ لَا قَالَ (إِنِّي نُهِيتُ عَنْ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ أَخْبَرْنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا وهب ابن مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ وَمَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرحمن ابن مَالِكٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مُلَاعِبُ الْأَسِنَّةِ قَالَ قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَدِيَّةٍ فَقَالَ إِنَّا لَنْ نَقْبَلَ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ فِيهِمَا النَّسْخُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ مثل أكيدردومة وَفَرْوَةَ بْنِ نُفَاثَةَ وَالْمُقَوْقِسِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ آخَرُونَ لَيْسَ فِيهِمَا نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ وَالْمَعْنَى فِيهِمَا أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةَ مَنْ يَطْمَعُ بِالظُّهُورِ عَلَيْهِ وَأَخْذِ بَلَدِهِ أَوْ دُخُولِهِ فِي الْإِسْلَامِ فَعَنْ مِثْلِ هَذَا نَهَى أَنْ يَقْبَلَ هَدِيَّتَهُ وَيُهَادِنَهُ وَيُقِرَّهُ عَلَى دِينِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ طَمَعِهِ فِي هِدَايَتِهِ لِأَنَّ فِي قَبُولِ هَدِيَّتِهِ حَمْلًا عَلَى الْكَفِّ عَنْهُ وَقَدْ أُمِرَ (1) أَنْ يُقَاتِلَ الْكُفَّارَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَالَ آخَرُونَ كَانَ مُخَيَّرًا فِي قَبُولِ هَدِيَّتِهِمْ وَتَرْكِ قَبُولِهَا لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ خُلُقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُثِيبَ عَلَى الْهَدِيَّةِ بِأَحْسَنَ مِنْهَا فَلِذَلِكَ لَمْ يقبل هدية مشرك ليلا يُثِيبُهُ بِأَفْضَلَ مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَ ذَلِكَ تَنَزُّهًا وَنَهَى عَنْ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ لِمَا فِي التَّهَادِي وَالزَّبْدِ مِنَ التَّحَابِّ وَتَلْيِينِ الْقُلُوبِ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ الْآيَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ رَسُولُهُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ وَقَدْ قَبِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةَ قَوْمٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَجَازَ قَبُولَهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى وُجُوهٍ نَذْكُرُ مِنْهَا مَا حَضَرَ ذِكْرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا محبوب ابن مُوسَى ح وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الْمِصِّيصِيُّ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ قَالَ قُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ صَاحِبَ الرُّومِ أَهْدَى إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَدِيَّةً أَتُرَى بَأْسًا أَنْ يَقْبَلَهَا قَالَ لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا قُلْتُ فَمَا حَالُهَا إِذَا قَبِلَهَا قَالَ تَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قُلْتُ وَمَا وَجْهُ ذَلِكَ قَالَ أَلَيْسَ إِنَّمَا أَهْدَاهَا لَهُ لِأَنَّهُ وَالِي عَهْدِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مِنْهُمْ وَيُكَافِيهِ بِمِثْلِهَا مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ قُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ فَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْبَابِ أَهْدَى لَهُ صَاحِبُ الْعَدُوِّ هَدِيَّةً أَوْ صَاحِبُ مَلَطْيَةَ أَيَقْبَلُهَا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ يَرُدُّهَا قَالَ يَرُدُّهَا أَحَبُّ إِلَيَّ فَإِنْ قَبِلَهَا فَهِيَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَيُكَافِيهِ بِمِثْلِهَا قُلْتُ فَصَاحِبُ الصَّائِفَةِ إِذَا دَخَلَ فَأَهْدَى لَهُ صاحب

الرُّومِ هَدِيَّةً قَالَ تَكُونُ بَيْنَ ذَلِكَ الْجَيْشِ فَمَا كَانَ مِنْ طَعَامٍ قَسَّمَهُ بَيْنَهُمْ وَمَا كَانَ سِوَى ذَلِكَ جَعْلَهُ فِي غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ زَعَمُوا أَعْلَمَ بِمَسَائِلِ الْجِهَادِ مِنَ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَوْلُهُ هَذَا هُوَ قَوْلُنَا وَرَوَى عِيسَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْإِمَامِ يَكُونُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَيُهْدِي لَهُ الْعَدُوُّ أَتَكُونُ لَهُ خَالِصَةً أَمْ لِلْجَيْشِ قَالَ لَا أَرَاهَا لِجَمَاعَةِ الْجَيْشِ قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَهْدَاهَا خَوْفًا إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ قِبَلِ قَرَابَةٍ أَوْ مُكَافَأَةٍ فَأَرَاهُ لَهُ خَالِصًا قِيلَ فَالرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْجَيْشِ تَأْتِيهِ الْهَدِيَّةُ قَالَ هَذِهِ لَهُ خَالِصَةٌ لَا شَكَّ فِيهِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لَهُ قَرِيبٌ أَوْ صَدِيقٌ فَيُهْدِي لَهُ فَهُوَ لَهُ خَالِصٌ وَقَالَ الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ إِذَا أَهْدَى وَاحِدٌ مِنَ الْقَوْمِ لِلْوَالِي هَدِيَّةً فَإِنْ كَانَتْ لِشَيْءٍ نَالَ مِنْهُ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا فَحَرَامٌ عَلَى الْوَالِي أَخْذُهَا لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَجْعِلَ عَلَى الْحَقِّ وَقَدْ أَلْزَمَهُ اللَّهُ ذَلِكَ وَحَرَامٌ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ لَهُمْ بَاطِلًا وَالْجُعْلُ عَلَيْهِ حَرَامٌ قَالَ وَإِنْ أَهْدَى إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ عَلَى غَيْرِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ تَفَضُّلًا أَوْ تَشَكُّرًا بِحُسْنٍ كَانَ مِنْهُ فِي الْعَامَّةِ فَلَا يَقْبَلُهَا وَإِنْ قَبِلَهَا كَانَتْ فِي الصَّدَقَاتِ وَلَا يَسَعُهُ عِنْدِي غَيْرُهُ إِلَّا أَنْ يُكَافِيهِ مِنْ مَالِهِ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُهُ بِهِ أَنْ يَتَمَوَّلَهَا قَالَ

وَإِنْ أُهْدِيَتْ هَدِيَّةٌ إِلَى رَجُلٍ لَيْسَ بِذِي سُلْطَانٍ شُكْرًا عَلَى حُسْنٍ كَانَ مِنْهُ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يَقْبَلَهَا وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ عِنْدِي إِنْ قَبِلَهَا وَأَخَذَهَا وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَدَعَ قَبُولَهَا وَلَا يَأْخُذَهَا عَلَى الْحُسْنِ مُكَافَأَةً هَذَا كُلُّهُ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ في كتبه الظاهرة عند أَصْحَابِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْحَاكِمَ إِذَا أُهْدِيَتْ إِلَيْهِ هَدِيَّةٌ مِنْ أَجْلِ حُكْمِهِ فَحَكَمَ بِالْحَقِّ عَلَى وُجُوهٍ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْعِرَاقِيُّونَ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ مَا أَهْدَى مَلِكُ الرُّومِ إِلَى أَمِيرِ الْجَيْشِ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً وَكَذَلِكَ مَا يُعْطَى الرَّسُولُ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ وَقَالَ إِنَّ الْهَدِيَّةَ تَكُونُ مِلْكًا لِلْمُهْدَى لَهُ وَإِنْ كَانَ وَالِيًا وَلَا تَكُونُ فَيْئًا احْتَجَّ بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يَقْبَلَ هَدِيَّةَ الْكُفَّارِ قَالُوا وَلَوْ كَانَتْ فَيْئًا لَمَا كَانَ لَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَهَا وَيَرُدَّهَا عَلَى الْحَرْبِيِّينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ تَخْيِيرَهُمُ الْإِمَامَ فِي قَبُولِ هَدِيَّةِ الْكُفَّارِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ إِنْ قَبِلَهَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُكَافِئَ عَلَيْهَا مِنْ بَيْتِ المال لا أنها لاتكون فَيْئًا وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُثِيبَ عَلَيْهَا كَانَ مُخَيَّرًا فِي قَبُولِهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِنَّمَا أُهْدِيَتْ إِلَيْهِ بِسَبَبِ وِلَايَتِهِ فَاسْتَحَالَ أَنْ تَكُونَ لَهُ دُونَ الْمُسْلِمِينَ وَالْحُجَّةُ فِي هَذَا عِنْدِي حديث أبي حميد الساعدي في قصة ابن! اللُّتْبِيَّةِ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عبد الله

ابن مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حدثنا عبيد ابن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبَانَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْهَدَايَا لِلْأُمَرَاءِ غُلُولٌ وَبِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ جَمِيعًا عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ الرِّشْوَةُ فِي الدِّينِ سُحْتٌ قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي فِي الْحُكْمِ وَبِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ جَمَعَ الْيَهُودُ لِابْنِ رَوَاحَةَ حِينَ خَرَصَ عَلَيْهِمْ حُلِيًّا مِنْ حُلِيِّ نسائهم

فَأَهْدَوْهُ لَهُ فَقَالَ هَذِهِ الرِّشْوَةُ سُحْتٌ وَإِنَّا لَا نَأْكُلُهَا وَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْعَلَاءِ أَخِي أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ خَطَبَنَا عَلِيٌّ بِالْكُوفَةِ وَبِيَدِهِ قَارُورَةٌ وَعَلَيْهِ سَرَاوِيلُ وَنَعْلَانِ فَقَالَ مَا أَصَبْتُ مُنْذُ دَخَلْتُهَا غَيْرَ هَذِهِ الْقَارُورَةِ أَهْدَاهَا لِي دِهْقَانُ وَعَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ عَلِيًّا اسْتَعْمَلَ رَجُلًا فَلَمَّا جَاءَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ أُهْدِيَ لِي فِي عَمَلِي أَشْيَاءُ وَقَدْ أَتَيْتُ بِهَا فَإِنْ كَانَ حَلَالًا أَخَذْتُهُ وَإِلَّا جِئْتُكَ بِهِ فَجَاءَهُ بِهِ فَقَبَضَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ إِنِّي أَحْسَبُهُ كَانَ غُلُولًا وَأَمَّا هَدِيَّةُ غَيْرِ الْكُفَّارِ إِلَى مَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ فَمَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَجِيبُوا الدَّاعِيَ وَلَا تَرُدُّوا الْهَدِيَّةَ) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا أَتَاكَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَكُلْهُ وَتَمَوَّلْهُ) وَهَذَا إِذَا لَمْ تَكُنِ الْهَدِيَّةُ عَلَى شَرْطِ أَدَاءِ حَقٍّ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ كَالشَّهَادَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ فَهِيَ سُحْتٌ وَرِشْوَةٌ وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ الْأَخْذُ عَلَى الْبَاطِلِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ

عَيَّاشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ قَالَ اشْتَهَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ تُفَّاحًا فَقَالَ لَوْ كَانَ عِنْدَنَا شَيْءٌ مِنْ تُفَّاحٍ فَإِنَّهُ طَيِّبُ الرِّيحِ طَيِّبُ الطَّعْمِ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَأَهْدَى إِلَيْهِ تُفَّاحًا فَلَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا أطيب ريحه وطعمه يا غلام أرجعه وأقرأ فَلَانًا السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ هَدِيَّتُكَ قَدْ وَقَعَتْ عِنْدَنَا بِحَيْثُ تُحِبُّ قَالَ عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ابْنُ عَمِّكَ وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ وَقَدْ بَلَغَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ فَقَالَ إِنَّ الْهَدِيَّةَ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً وَهِيَ لَنَا الْيَوْمَ رِشْوَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حِينِ هَذَا الْخَبَرِ خَلِيفَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيمَا لِلْخُلَفَاءِ وَالْأُمَرَاءِ وَسَائِرِ الْوُلَاةِ مِنَ الْحُكْمِ فِي الْهَدِيَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ قَدْ عَلِمَ فِي كَسْبِهِ شَيْئًا أَوْجَبَ التَّنَزُّهَ عَنْ هَدِيَّتِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَدَّوُا الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَخْذُهُ فِي الْغَزْوِ قَبْلَ الْمَقَاسِمِ إِلَّا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ أَكْلِ الطَّعَامِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ مِنَ الِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ وَهَذَا أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَا خَالَفَهُ مِمَّا جَاءَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ عُمُومَ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل واعلموا أن ما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ غَنِيمَةً خُمْسُهَا لِمَنْ سَمَّى الله وأربعة أخمساها لِمَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ مِنَ الْبَالِغِينَ الْأَحْرَارِ الذُّكُورِ فلا يحل

لِأَحَدٍ مِنْهَا شَيْءٌ إِلَّا سَهْمُهُ الَّذِي يَقَعُ لَهُ فِي الْمَقَاسِمِ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْخُمُسِ الْمَذْكُورِ إِلَّا أَنَّ الطَّعَامَ خَرَجَ بِدَلِيلِ إِخْرَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ عَنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بن معفل فِي الْجِرَابِ بِالشَّحْمِ وَحَدِيثُ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ في السفينة الْمَمْلُوءَةِ بِالْجَوْزِ وَحَدِيثُ ابْنُ أَبِي أَوْفَى (كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ يَأْتِي أَحَدُنَا إِلَى الطَّعَامِ مِنَ الْغَنِيمَةِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ حَاجَتَهُ) وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ أَكْلَ الطَّعَامِ فِي دَارِ الْحَرْبِ مُبَاحٌ وَكَذَلِكَ الْعَلَفُ مَا دَامُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مُرَادِ اللَّهِ مِنَ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا وَمَا عَدَا الطَّعَامَ فهو داخل تحت عموم قوله واعلموا أن ما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ الْآيَةَ إِلَّا أَنَّ لِلْأَرْضِ حُكْمًا سَنَذْكُرُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا يُؤْخَذُ الطَّعَامُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَهَذَا لَا أَصْلَ لَهُ لِأَنَّ الْآثَارَ الْمَرْفُوعَةَ تُخَالِفُهُ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ فِيمَا عَلِمْتُ غَيْرُهُ وَمِنَ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ

نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الطَّعَامِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَكَانَ لَهُ قِيمَةٌ فَهُوَ غَنِيمَةٌ وَكَذَلِكَ قَلِيلُ وَكَثِيرُ غَيْرِ الطَّعَامِ فَهُوَ غَنِيمَةٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ وَرَوَى ثَوْبَانُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ (قَالَ مَنْ فَارَقَ الرُّوحُ منه الجسد وهو برئ من ثلاث دخل الجنة الكبر والغلول والدين) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ الْعَطَّارُ وَهَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ (مَنْ فارق منه الروح الجسد وهو برئ من ثلاث دخل الجنة الكبر والغلول والدين)

وَرَوَى رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَأْخُذْ دَابَّةً مِنَ الْمَغْنَمِ فَيَرْكَبَهَا حَتَّى إِذَا أَنْقَضَهَا رَدَّهَا فِي الْمَغَانِمِ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ فَلَا يَلْبَسْ ثَوْبًا مِنَ الْمَغْنَمِ حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ فِي الْمَغَانِمِ) وَهَذَا غَايَةٌ فِي التَّحْذِيرِ وَالْمَنْعِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي جَاءَ بِالشِّرَاكِ أَوِ الشِّرَاكَيْنِ شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ) فَفِي قَوْلِهِ هَذَا كُلِّهِ دَلِيلٌ عَلَى تَعْظِيمِ الْغُلُولِ وَتَعْظِيمِ الذَّنْبِ فِيهِ وَأَظُنُّ حُقُوقَ الْأُمِّيِّينَ كُلَّهَا كَذَلِكَ فِي التَّعْظِيمِ وَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ حَامِلًا لَهُ كَمَا يَأْتِي بِالْغُلُولِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّجُلِ الَّذِي غَلَّ الْخَرَزَاتِ وَهِيَ لَا تُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ عُقُوبَةً لَهُ وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا الشَّمْلَةُ فَكِسَاءٌ مُخْمَلٌ وَقَالَ الْخَلِيلُ اشْتَمَلَ بِالثَّوْبِ أَدَارَهُ عَلَى جَسَدِهِ قَالَ وَالِاسْمُ الشَّمْلَةُ قَالَ وَالشَّمْلَةُ كِسَاءٌ ذُو خَمْلٍ وَقَالَ الْأَخْفَشُ الشَّمْلَةُ إِزَارٌ مِنَ الصُّوفِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْغَالَّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَرْقُ مَتَاعِهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْرُقْ رَحْلَ الَّذِي أَخَذَ الشَّمْلَةَ وَلَا مَتَاعَهُ وَلَا أَحْرَقَ مَتَاعَ صَاحِبِ الْخَرَزَاتِ وَلَوْ كَانَ حَرْقُ مَتَاعِهِ وَاجِبًا لَفَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ وَلَوْ فَعَلَهُ لَنُقِلَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أنه قال

(مَنْ غَلَّ فَأَحْرِقُوا مَتَاعَهُ وَاضْرِبُوهُ) رَوَاهُ أَسَدُ بْنُ مُوسَى وَغَيْرُهُ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ بَعْضُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ فِيهِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ وَأَحْرِقُوا مَتَاعَهُ وَهُوَ حَدِيثٌ يَدُورُ عَلَى صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عُقُوبَةِ الْغَالِّ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِلَى أَنَّ الْغَالَّ يُعَاقَبُ بِالتَّعْزِيرِ وَلَا يُحْرَقُ مَتَاعُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِالنَّهْيِ عُوقِبَ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِنَّمَا يُعَاقَبُ الرَّجُلُ فِي بَدَنِهِ لَا فِي مَالِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ في العقوبة فِي الْمَالِ دُونَ الْبَدَنِ أَوِ الْبَدَنِ دُونَ الْمَالِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُحْرَقُ مَتَاعُ الْغَالِّ كُلُّهُ إِلَّا سِلَاحَهُ وَثِيَابَهُ الَّتِي عَلَيْهِ وَسَرْجَهُ وَلَا تُنْتَزَعُ مِنْهُ دَابَّتُهُ وَيُحْرَقُ سَائِرُ مَتَاعِهِ كُلِّهِ إِلَّا الشَّيْءَ الَّذِي غَلَّ فَإِنَّهُ لَا يُحْرَقُ وَيُعَاقَبُ مَعَ ذَلِكَ وَقَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ كَقَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ يُحْرَقُ رَحْلُهُ

كُلُّهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَيَوَانًا أَوْ مُصْحَفًا وَمِمَّنْ قَالَ يُحْرَقُ رَحْلُ الْغَالِّ وَمَتَاعُهُ مَكْحُولٌ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ صَالِحٍ الْمَذْكُورُ وَهُوَ عِنْدَنَا حَدِيثٌ لَا يَجِبُ بِهِ انْتِهَاكُ حُرْمَةٍ وَلَا إِنْفَاذُ حُكْمٍ مَعَ مَا يُعَارِضُهُ مِنَ الْآثَارِ الَّتِي هِيَ أَقْوَى مِنْهُ فَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ وَأَحْرِقُوا مَتَاعَهُ فَإِنَّهُ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ) الْحَدِيثَ وَهُوَ يَنْفِي الْقَتْلَ فِي الْغُلُولِ وَرَوَى ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْخَائِنِ وَلَا عَلَى الْمُنْتَهِبِ وَلَا عَلَى الْمُخْتَلِسِ قَطْعٌ وَهَذَا أَيْضًا يُعَارِضُ حَدِيثَ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ حُجَّةِ الْإِسْنَادِ وَالْغَالُّ خَائِنٌ فِي اللُّغَةِ وَالشَّرِيعَةِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَوْ صَحَّ حَدِيثُ صَالِحٍ الْمَذْكُورُ احْتَمَلَ أَنْ يكون كان حِينَ كَانَتِ الْعُقُوبَاتُ فِي الْأَمْوَالِ كَمَا قَالَ فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ إِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ اللَّهِ وَكَمَا رَوَى أَبُو هريرة في ضالة الابل المكتومة فيها عزامتها وَمِثْلُهَا مَعَهَا وَكَمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي الثمر الْمُعَلَّقِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ وَهَذَا كُلُّهُ مَنْسُوخٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مالك والشافعي وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ تَابَعَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَوْلَى مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَصَحِيحِ الْأَثَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ عَلَى الْغَالِّ أَنْ يَرُدَّ مَا غَلَّ إِلَى صَاحِبِ الْمَقَاسِمِ إن وجد

السَّبِيلَ إِلَى ذَلِكَ وَأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَهِيَ تَوْبَةٌ لَهُ وَخُرُوجٌ عَنْ ذَنْبِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُفْعَلُ بِمَا غَلَّ إِذَا افْتَرَقَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ وَلَمْ يَصِلْ إِلَيْهِمْ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَدْفَعُ إِلَى الْإِمَامِ خُمْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ بالباقي وهذا مذهب الزهري ومالك والأوزاعي والليث والثوري وروى ذلك عن عابدة بْنِ الصَّامِتِ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَهُوَ يُشْبِهُ مَذْهَبَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنَّهُمَا كَانَا يَرَيَانِ أَنْ يُتَصَدَّقَ بِالْمَالِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهُ وَذَكَرَ بَعْضُ النَّاسِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الصَّدَقَةَ بِالْمَالِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهُ وَقَالَ كَيْفَ يُتَصَدَّقُ بِمَالِ غَيْرِهِ وَهَذَا عِنْدِي مَعْنَاهُ فِيمَا يُمْكِنُ وُجُودُ صَاحِبِهِ وَالْوُصُولُ إِلَيْهِ أَوْ إِلَى وَرَثَتِهِ وَأَمَّا إِنْ لَمْ يُمْكِنُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَكْرَهُ الصَّدَقَةَ بِهِ حِينَئِذٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ذَكَرَ سنيد حدثنا أبو فضالة عن أزهر ابن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ غَزَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ الله الخثعمي أرض الروم فعل

رَجُلٌ مِائَةَ دِينَارٍ فَأَتَى بِهَا مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا وَقَالَ قَدْ نَفَرَ الْجَيْشُ وَتَفَرَّقَ فَخَرَجَ فَلَقِيَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ خُذْ خُمُسَهَا أَنْتَ ثُمَّ تَصَدَّقْ أَنْتَ بِالْبَقِيَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِهِمْ جَمِيعًا فَأَتَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَأَنْ كُنْتُ أَنَا أفنتيتك بِهَذَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ أَجْمَعُوا فِي اللُّقَطَةِ عَلَى جَوَازِ الصَّدَقَةِ بِهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَانْقِطَاعِ صَاحِبِهَا وَجَعَلُوهُ إِذَا جَاءَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْأَجْرِ وَالضَّمَانِ وَكَذَلِكَ الْغُصُوبِ وبالله والتوفيق

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ مَقْطُوعٌ مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ (لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ) هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ عِكْرِمَةَ وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ لِعِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِنَّمَا رَوَاهُ ثَوْرٌ عَنْ عِكْرِمَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ ثُمَّ سَاقَهُ إِلَى آخِرِهِ سَوَاءً وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ عِكْرِمَةُ وَزَعَمُوا أَنَّ مَالِكًا أَسْقَطَ ذِكْرَ عِكْرِمَةَ مِنْهُ لِأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ فِي كِتَابِهِ لِكَلَامِ سعيد ابن الْمُسَيَّبِ وَغَيْرِهِ فِيهِ وَلَا أَدْرِي صِحَّةَ هَذَا لِأَنَّ مَالِكًا قَدْ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَصَرَّحَ بِاسْمِهِ وَمَالَ إِلَى رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَتَرَكَ رِوَايَةَ عَطَاءٍ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَعَطَاءٌ أَجَلُّ التَّابِعِينَ فِي عِلْمِ الْمَنَاسِكِ وَالثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ رَوَى مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَقْعَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهُوَ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْحَرَ بَدَنَةً وَرَوَى مَالِكٌ أَيْضًا عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَظُنُّهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ يَعْتَمِرُ وَيُهْدِي وَبِهِ قَالَ مالك

قَالَ أَبُو عُمَرَ عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ جُلَّةِ الْعُلَمَاءِ لَا يَقْدَحُ فِيهِ كَلَامُ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا حُجَّةَ مَعَ أَحَدٍ تَكَلَّمَ فِيهِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ جَبُنَ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يَرْمِيهِ بِالْكَذِبِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِمَا نُسِبَ إِلَيْهِ مِنْ رَأْيِ الْخَوَارِجِ وَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ نَحْنُ نَتَّقِي حَدِيثَ عِكْرِمَةَ وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى وَالْقَاسِمِ الْعَمْرِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ وَهُمْ ضُعَفَاءُ مَتْرُوكُونَ وَهَؤُلَاءِ كَانُوا أَوْلَى أَنْ يُتَّقَى حَدِيثُهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِمْ فِي حُكْمٍ وَكُلُّ أحد من خلقا اللَّهِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْحَاقَ الطَّبَّاعِ قَالَ سَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ قُلْتُ أَبَلَغَكَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لِنَافِعٍ لَا تَكْذِبْ عَلَيَّ كَمَا كَذَبَ عِكْرِمَةُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ

قَالَ لَا وَلَكِنْ بَلَغَنِي أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ ذَلِكَ لِبَرْدٍ مَوْلَاهُ وَقِيلَ لِابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ لِمَ لَمْ يَكْتُبْ مَالِكٌ حَدِيثَ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ يرى رأى الاباضية وأما قول سعيد ابن الْمُسَيَّبِ فِيهِ فَقَدْ ذَكَرَ الْعِلَّةَ الْمُوجِبَةَ لِلْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ وَقَدْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ وَأَشْبَاهَهُ فِي كِتَابِي كِتَابِ جَامِعِ بَيَانِ أَخْذِ الْعِلْمِ وَفَضْلِهِ وَمَا يَنْبَغِي فِي رِوَايَتِهِ وَحَمْلِهِ فِي بَابِ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ بَعْضِهِمْ في بعض فأغنى ذلك عن اعادته ها هنا وَتَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ سِيرِينَ وَلَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ بَيْنَ نُقَّادِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِ ابْنِ سِيرِينَ وَقَدْ يَظُنُّ الْإِنْسَانُ ظَنًّا يَغْضَبُ لَهُ وَلَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ ذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ قَالَ سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ خُذُوا تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ عَنْ أَرْبَعَةٍ عَنْ عِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَالضِّحَاكِ فبدأ

بِعِكْرِمَةَ وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ دَفَعَ إِلَيَّ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ مَسَائِلَ أَسْأَلُ عَنْهَا عِكْرِمَةَ قَالَ فَجَعَلَ جَابِرٌ يَقُولُ هَذَا عِكْرِمَةُ هَذَا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا الْبَحْرُ فَاسْأَلُوهُ وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ أَعْطَانِي جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ صَحِيفَةً فِيهَا مَسَائِلُ فَقَالَ سَلْ عَنْهَا عِكْرِمَةَ قَالَ فَكَأَنِّي تَبَطَّأْتُ فَانْتَزَعَهَا مِنْ يَدِي وَقَالَ هَذَا عِكْرِمَةُ هَذَا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا أَعْلَمُ النَّاسِ وَقَالَ جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ قَالَ نَعَمْ عِكْرِمَةُ قَالَ فَلَمَّا قُتِلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ إِبْرَاهِيمُ مَا خَلَّفَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ

ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ نُبَّئْتُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ لَوْ كَفَّ عَنْهُمْ عِكْرِمَةُ مِنْ حَدِيثِهِ لَشُدَّتْ إِلَيْهِ الْمَطَايَا قال وحدثنا إسحاق ابن رَاهَوَيْهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ ضُرَيْسٍ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ اجْتَمَعَ عِنْدِي خَمْسَةٌ لَا يَجْتَمِعُ عِنْدِي مثلهم أبدا عطاء وطاوس ومجاهد وسعيد ابن جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ فَتَذَاكَرُوا التَّفْسِيرَ فَأَقْبَلَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بن جبير على عكرمة يسئلانه عَنِ التَّفْسِيرِ وَهُوَ يُجِيبُهُمَا قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ اجْتَمَعَ عِكْرِمَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَطَاوُسُ وَعِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَانَ عِكْرِمَةُ صَاحِبَ الْحَدِيثِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِأَيُّوبَ كَانَ عِكْرِمَةُ يُتَّهَمُ فَسَكَتَ هُنَيْئَةً ثُمَّ قَالَ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ أَتَّهِمُهُ وَبِهِ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ قَالَ عِكْرِمَةُ أَرَأَيْتَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَنِي مِنْ خَلْفِي أَفَلَا يُكَذِّبُونَنِي فِي وَجْهِي قَالَ وَحَدَّثَنَا الْحَلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يَقُولُ كَانَ الْحَسَنُ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ

وَكَانَ عَطَاءٌ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالْمَنَاسِكِ وَكَانَ عِكْرِمَةُ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالتَّفْسِيرِ قَالَ وَحَدَّثَنَا الْحَلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ أَنَّ عِكْرِمَةَ قَدِمَ عَلَى طَاوُسَ الْيَمَنَ فَحَمَلَهُ طَاوُسُ عَلَى نَجِيبٍ وَأَعْطَاهُ ثَمَانِينَ دِينَارًا فَقِيلَ لِطَاوُسَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَلَا أَشْتَرِي عِلْمَ ابْنِ عَبَّاسٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسَ بِنَجِيبٍ وَثَمَانِينَ دِينَارًا وَذَكَرَ عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ جَاءَ عِكْرِمَةُ إِلَى أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَأَنَا جَالِسٌ فقال يا ابا أمامة أسمعت بن عَبَّاسٍ يَقُولُ مَا حَدَّثَكُمْ بِهِ عِكْرِمَةُ فَصَدِّقُوهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ عَلَيَّ قَالَ نَعَمْ وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَهُ اخْرُجْ يَا عِكْرِمَةُ فَأَفْتِ النَّاسَ وَمَنْ سَأَلَكَ عَمَّا لَا يَعْنِيهِ فَلَا تُفْتِهِ فَإِنَّكَ تَطْرَحُ عَنْ نَفْسِكَ ثُلُثَيْ مُؤْنَةِ النَّاسِ قَالَ عَبَّاسٌ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ عَبْدٌ فَبَاعَهُ عَلَى ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقِيلَ لَهُ تَبِيعُ عِلْمَ أَبِيكَ فَاسْتَرْجَعَهُ وقال عثمان

ابْنُ سَعِيدٍ قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ عِكْرِمَةُ أحب إليك أو سعيد ابن جُبَيْرٍ فَقَالَ ثِقَةٌ وَثِقَةٌ قُلْتُ فَعِكْرِمَةُ أَوْ عَبِيدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ كِلَاهُمَا وَلَمْ يَخْتَرْ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عبد الله ابن صَالِحٍ الْكُوفِيُّ عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ثِقَةٌ وهو برئ مِمَّا رَمَاهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الْحَرُورِيَّةِ وَذَكَرَ عيسى بن مسكين عن محمد ابن الْحَجَّاجِ بْنِ رِشْدِينَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِيِّ قَالَ عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ بَرْبَرِيٌّ مِنَ الْمَغْرِبِ وَقَالَ أَبُو الْعَرَبِ سَمِعْتُ قُدَامَةَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ كَانَ خُلَفَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ يُرْسِلُونَ إِلَى الْمَغْرِبِ يَطْلُبُونَ جُلُودَ الْخِرْفَانِ الَّتِي لَمْ تُولَدْ بَعْدُ الْعَسَلِيَّةِ قَالَ فَرُبَّمَا ذُبِحَتِ المائة شاة فلا يوجد في بطنها إِلَّا وَاحِدٌ عَسَلِيٌّ كَانُوا يَتَّخِذُونَ مِنْهَا الْفِرَاءَ فَكَانَ عِكْرِمَةُ يَسْتَعْظِمُ ذَلِكَ وَيَقُولُ هَذَا كُفْرٌ

هَذَا شِرْكٌ فَأَخَذَ ذَلِكَ عَنْهُ الصُّفْرِيَّةُ وَالْإِبَاضِيَّةُ فَكَفَّرُوا النَّاسَ بِالذُّنُوبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِهَذَا كَانَ سَحْنُونُ يَقُولُ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَضَلَّ الْمَغْرِبَ قَالَ أَبُو عُمَرَ نَزَلَ عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَغْرِبَ وَمَكَثَ بِالْقَيْرَوَانِ بُرْهَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ مَاتَ بِهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ هُوَ وَكُثَيِّرُ عَزَّةَ الشَّاعِرُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ لَهِيعَةُ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ أَنَا مَدَحْتُ الْمَغْرِبَ لِعِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرْتُ لَهُ حَالَ أَهْلِهَا فَخَرَجَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَاتَ بِهَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيِّ قَدْ أَجْمَعَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِ عِكْرِمَةَ وَاتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ رُؤَسَاءُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَلَقَدْ سَأَلْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ فَقَالَ لِي عِكْرِمَةُ عِنْدَنَا إِمَامُ الدُّنْيَا وَتَعَجَّبَ مِنْ سُؤَالِي إِيَّاهُ قَالَ وَأَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُمْ شَهِدُوا يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ وَسَأَلَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِ عِكْرِمَةَ فَأَظْهَرَ التَّعَجُّبَ قَالَ الْمَرْوَزِيُّ وَعِكْرِمَةُ قَدْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ بِصُحْبَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُلَازَمَتِهِ إِيَّاهُ وَبِأَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ رَوَوْا عَنْهُ وَعَدَلُوهُ وَمَا زَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدَهُمْ يَرْوُونَ عَنْهُ قَالَ وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ مِنْ جُلَّةِ التَّابِعِينَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَطَاوُسُ وَالزُّهْرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَغَيْرُهُمْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ وَكُلُّ رَجُلٍ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ بِرِوَايَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ

عَنْهُ وَحَمْلِهِمْ حَدِيثَهُ فَلَنْ يُقْبَلَ فِيهِ تَجْرِيحُ أَحَدٍ جَرَحَهُ حَتَّى يَثْبُتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِأَمْرٍ لَا يُجْهَلُ أَنْ يَكُونَ جَرْحَةً فَأَمَّا قَوْلُهُمْ فُلَانٌ كَذَّابٌ فَلَيْسَ مِمَّا يُثْبَتُ بِهِ جَرْحٌ حَتَّى يُتَبَيَّنَ مَا قَالَهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ عَمْرٍو وَالْبَزَّارَ يَقُولُ رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ أَوْ قَالَ قَرِيبٌ مِنْ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ وُجُوهِ الْبُلْدَانِ بَيْنَ مَكِّيٍّ وَمَدَنِيٍّ وَكُوفِيٍّ وَبَصْرِيٍّ وَمِنْ سَائِرِ الْبُلْدَانِ كُلُّهُمْ رَوَى عَنْهُ وَرَضِيَ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ وَأَئِمَّةُ الْحَدِيثِ الَّذِينَ لَهُمْ بَصَرٌ بِالْفِقْهِ وَالنَّظَرِ هَذَا قَوْلُهُمْ إِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنَ ابْنِ مَعِينٍ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فِيمَنِ اشْتُهِرَ بِالْعِلْمِ وَعُرِفَ بِهِ وَصَحَّتْ عَدَالَتُهُ وَفَهْمُهُ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ الْوَجْهَ الَّذِي يَجْرَحُهُ بِهِ عَلَى حَسَبِ مَا يَجُوزُ مِنْ تَجْرِيحِ الْعَدْلِ الْمُبْرِزِ الْعَدَالَةَ فِي الشَّهَادَاتِ وَهَذَا الَّذِي لَا يَصِحُّ أَنْ يُعْتَقَدَ غَيْرُهُ وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُلْتَفَتَ إِلَى مَا خَالَفَهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا بَيَانَ ذَلِكَ فِي بَابِ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ مِنْ كِتَابِنَا كِتَابِ الْعِلْمِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ ها هنا وبالله توفيقنا

وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبٌ قَالَ حَدَّثَنِي الْوَاقِدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَيَاضِيُّ قَالَ مَاتَ عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وكثير بن عبد الرحمان الْخُزَاعِيُّ صَاحِبُ عَزَّةَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَمِائَةٍ فَرَأَيْتُهُمَا جَمِيعًا صُلِّيَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فِي مَسْجِدِ الْجَنَائِزِ فَقَالَ النَّاسُ مَاتَ الْيَوْمَ أَفْقَهُ النَّاسِ وَأَشْعَرُ النَّاسِ وَقَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ مَاتَ عِكْرِمَةُ وَكُثَيِّرُ عَزَّةَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَأُخْرِجَ جِنَازَتَاهُمَا فَمَا عَلِمْتُهُ تَخَلَّفَ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ بِالْمَدِينَةِ عَنْ جِنَازَتَيْهِمَا قَالَ وَقِيلَ مَاتَ الْيَوْمَ أَعْلَمُ النَّاسِ وَأَشْعَرُ النَّاسِ قَالَ وَغَلَبَ النِّسَاءُ عَلَى جِنَازَةِ كُثَيِّرٍ يَبْكِينَهُ وَيَذْكُرْنَ عَزَّةَ فِي نُدْبَتِهِنَّ إِيَّاهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ لِعِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابن سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا سَمَّاكٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَصُومُوا قَبْلَ رَمَضَانَ صُومُوا لِلرُّؤْيَةِ وَأَفْطِرُوا للرؤية فإن حالت دونه غيابه فأكلموا ثَلَاثِينَ) وَرَوَاهُ شُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَحَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ عَنْ سَمَّاكٍ مِثْلَهُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ ح وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ عَنْ سَمَّاكٍ قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابَةٌ أَوْ غَيَايَةٌ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلَا تَسْتَقْبِلُوا الشَّهْرَ اسْتِقْبَالًا لَا تَسْتَقْبِلُوا رمضان بيوم من شعبان) اللفظ بحديث بن عبد المؤمن وقرأت على أحمد ابن قَاسِمٍ التَّمِيمِيِّ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ سَمَّاكٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عِكْرِمَةَ فِي يَوْمٍ وَقَدْ أُشْكِلَ عَلَيَّ أَمْرُهُ أَمِنْ رَمَضَانَ هُوَ أَمْ مِنْ شَعْبَانَ فَأَصْبَحْتُ صَائِمًا وَقُلْتُ إِنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يَسْبِقْنِي وَإِنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ تَطَوُّعًا فَدَخَلْتُ عَلَى عِكْرِمَةَ وَهُوَ يَأْكُلُ خُبْزًا وَبَقْلًا وَلَبَنًا فَقَالَ هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ فَقُلْتُ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ أَحْلِفُ عَلَيْكَ لَتُفْطِرَنَّهُ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ أَحَلِفُ بِاللَّهِ لَتُفْطِرَنَّهُ قَالَ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ لَا يَسْتَثْنِي أَفْطَرْتُ فَعُدْتُ لِبَعْضِ الشَّيْءِ وَأَنَا شَبْعَانُ فَقُلْتُ هَاتِ فَقَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابَةٌ أَوْ غَيَايَةٌ فَكَمِّلُوا الْعِدَّةَ وَلَا تَسْتَقْبِلُوا الشَّهْرَ اسْتِقْبَالًا لَا

تَسْتَقْبِلُوا رَمَضَانَ بِيَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ) وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ عَمْرٌو مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عبادة قال حدثنا زكريا ابن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ حُنَيْنٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنِّي لَأَعْجَبُ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَصُومُونَ قَبْلَ رَمَضَانَ إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ) أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِذْ ذَكَرَ رَمَضَانَ لا تصوموا حتى ترو الْهِلَالَ فَالصِّيَامُ لِاسْمِهِ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا لُغَوِيٌّ وَالْآخَرُ شَرْعِيٌّ تَعَبَّدَ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ فَأَمَّا مَعْنَى الصِّيَامِ فِي اللُّغَةِ فَمَعْنَاهُ الْإِمْسَاكُ عَمَّا كَانَ يَصْنَعُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ حَرَكَةٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ مَشْيٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْحَرَكَاتِ فَإِذَا أَمْسَكَ عَمَّا كَانَ يَصْنَعُهُ سُمِّيَ صَائِمًا فِي اللُّغَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَعْنَى الصِّيَامِ الْمَأْمُورِ بِهِ الْمُسْلِمُونَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْإِمْسَاكَ يُسَمَّى صَوْمًا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَاكِيًا عَنْ مَرْيَمَ (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) أَيْ إِمْسَاكًا عَنِ الْكَلَامِ وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ أَيْ صَمْتًا وَتَقُولُ الْعَرَبُ خَيْلٌ صَائِمَةٌ إِذَا كَانَتْ وَاقِفَةً دُونَ أَكْلٍ وَلَا رَعْيٍ قَالَ الشَّاعِرُ ... خَيْلٌ صِيَامٌ وَخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ ... ... تَحْتَ الْعَجَاجِ وَخَيْلٌ تَعْلُكُ اللُّجُمَا ... يَقُولُ خَيْلٌ مُمْسِكَةٌ عَنِ الْأَكْلِ وَخَيْلٌ آكِلَةٌ

وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ ... فَدَعْهَا وَسَلِّ الْهَمَّ عَنْكَ بِجَسْرَةٍ ... ذُمُولٍ إِذَا صَامَ النَّهَارُ وَسَجَّرَا ... وَمَعْنَاهُ إِذَا أَمْسَكَتِ الشَّمْسُ عَنِ الْجَرْيِ وَاسْتَوَتْ فِي كبد السماء وقال بشر بن أبي حازم ... نَعَامًا بِوَجْرَةَ صُفْرِ الْخُدُودِ ... ... مَا تَطْعَمُ النَّوْمَ إِلَّا صِيَامًا ... وَأَمَّا الصِّيَامُ فِي الشَّرِيعَةِ فَالْإِمْسَاكُ عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ مِنِ اطِّلَاعِ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَفَرَائِضُ الصَّوْمِ خَمْسٌ وَهِيَ الْعِلْمُ بِدُخُولِ الشَّهْرِ وَالنِّيَّةُ وَالْإِمْسَاكُ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجِمَاعِ وَاسْتِغْرَاقُ طَرَفَيِ النَّهَارِ الْمُفْتَرَضِ صِيَامُهُ وَسُنَنُ الصِّيَامِ أَنْ لَا يَرْفُثَ الصَّائِمُ وَلَا يَغْتَابَ أَحَدًا وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنَّ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَذَلِكَ مِنَ الْغَيْمِ وَالْغَمَامِ وَهُوَ السَّحَابُ يُقَالُ مِنْهُ يَوْمٌ غَمٌّ وَلَيْلَةٌ غَمَّةٌ وَذَلِكَ أَنْ تَكُونَ السَّمَاءُ مُغَيَّمَةً وَفِي الْآثَارِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُوَضِّحُ لَكَ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ ومن حديث محمد ابن زِيَادٍ عَنْهُ وَمِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عنه ومن

حَدِيثِ الْأَعْرَجِ عَنْهُ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ مِنْ رِوَايَةِ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ وَحَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ يُفَسِّرُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ فَاقْدُرُوا لَهُ وَكَذَلِكَ جَعَلَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِهِ بَعْدَهُ مُفَسِّرًا لَهُ وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَذْهَبُ فِي قَوْلِهِ فَاقْدُرُوا لَهُ مَذْهَبًا سَنَذْكُرُهُ عَنْهُ فِي بَابِ حَدِيثِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَذْكُرُ مَنْ تَابَعَهُ عَلَى تَأْوِيلِهِ ذَلِكَ وَمَنْ خَالَفَهُ فِيهِ وَنَذْكُرُ هُنَا كَثِيرًا مِنْ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَبَّدَ عِبَادَهُ فِي الصَّوْمِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لرمضان أو باستعمال شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَفِيهِ تَأْوِيلٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ أَنَّ شُهُودَهُ رُؤْيَتُهُ أَوِ الْعِلْمَ بِرُؤْيَتِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْيَقِينَ لَا يُزِيلُهُ الشَّكُّ وَلَا يُزِيلُهُ إِلَّا يَقِينٌ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَمَرَ النَّاسَ أَلَّا يَدَّعُوا مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ يَقِينِ شَعْبَانَ إِلَّا بِيَقِينِ رُؤْيَةِ وَاسْتِكْمَالِ الْعِدَّةِ وَأَنَّ الشَّكَّ لَا يَعْمَلُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَلِهَذَا نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ اطِّرَاحًا لِأَعْمَالِ الشَّكِّ وَإِعْلَامًا أَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَجِبُ إِلَّا بِيَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ وَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ مِنَ الْفِقْهِ أَنْ لَا يَدَعَ الْإِنْسَانُ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَالِ الْمُتَيَقَّنَةِ إِلَّا بِيَقِينٍ مِنِ انْتِقَالِهَا وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعَدَدَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا يَقْتَضِي اسْتِكْمَالَ شَعْبَانَ قَبْلَ الصِّيَامِ

وَاسْتِكْمَالَ رَمَضَانَ أَيْضًا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صِيَامُ يَوْمِ الشَّكِّ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي صِيَامِ يَوْمِ الشَّكِّ عَلَى أنه من رمضان بأتم من ذلك ها هنا لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ أَوْلَى بِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَاقْدُرُوا لَهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صَوْمِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ تَطَوُّعًا فَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِذَا كَانَ تَطَوُّعًا وَلَمْ يَكُنْ خَوْفًا وَلَا احْتِيَاطًا أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ صَوْمُهُ عَلَى الشَّكِّ قَالَ مَالِكٌ إِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ جَازَ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُصَامُ يَوْمُ الشَّكِّ إِلَّا تَطَوُّعًا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يُتَلَوَّمُ يَوْمُ الشَّكِّ وَلَا يَصُومُ أَحَدٌ يَوْمَ الشَّكِّ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيمِنْ صَامَهُ عَلَى الشَّكِّ هَلْ يُجْزِئْهُ مِنْ رَمَضَانَ عِنْدَ قَوْلِهِ فَاقْدُرُوا لَهُ فِي بَابِ نَافِعٍ إِنْ شاء الله قال بعض أهل العلم من أهل احديث إِنَّهُ لَا يَجُوزُ صِيَامُ يَوْمَيْنِ قَبْلَ رَمَضَانَ مِنْ آخِرِ شَعْبَانَ إِلَّا لِمَنْ كَانَ لَهُ عَادَةُ صِيَامِ شَعْبَانَ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يُقَدِّمْ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ) رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَفِي قَوْلِهِ وَلَا يَوْمَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَطَوُّعٌ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّكُّ فِي يَوْمَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ زَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ فِي صَوْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعْبَانَ تَطَوُّعًا دَلِيلًا عَلَى أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْخَوْفِ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ وَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمَكْرُوهَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَعْبَانَ وَيَصِلُهُ بِرَمَضَانَ) وَرَوَى سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ (كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ وَيَصِلُهُ بِرَمَضَانَ) رَوَاهُ عَنْ سَالِمٍ جَمَاعَةٌ لَمْ يَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ) قَالَ وَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا كَانَ يَصُومُ يَوْمَ الشَّكِّ تَطَوُّعًا لَا خَوْفًا أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي صِيَامِهِ لِشَعْبَانَ تَطَوُّعًا دَفَعٌ لما تأوله اولائك فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ تَطَوُّعًا لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ فَمَعْنَاهُ صُومُوا الْيَوْمَ الَّذِي يَلِي لَيْلَةَ رُؤْيَتِهِ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَمْ يُرِدْ صُومُوا مِنْ وَقْتِ رُؤْيَتِهِ لِأَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ بِمَوْضِعِ صيام وإذا رؤى الْهِلَالُ نَهَارًا فَإِنَّمَا هُوَ لِلَّيْلَةِ الَّتِي تَأْتِي هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ وَنَحْنُ بِخَانِقِينَ إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ نَهَارًا فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ رَجُلَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالْأَمْسِ فَفِي هَذَا الْخَبَرِ عَنْ عُمَرَ اعْتِبَارُ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَلَمْ يَخُصَّ عَشِيًّا مِنْ غَيْرِ عَشِيٍّ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَسْأَلَةَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْهِلَالِ فِي بَابِ نَافِعٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ

ابْنِ حَبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَنَحْنُ بِخَانِقِينَ أَنَّ الْأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ نَهَارًا فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ عَدْلَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالْأَمْسِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِثْلُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِمَارَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ عَنْ عَلِيٍّ وَقَدْ روى من حديث أبي إسحاق عن الحرث أن هلال الفطر ريء نَهَارًا فَلَمْ يَأْمُرْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا مِنْ يَوْمِهِمْ ذَلِكَ وَرَوَى الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَا تُفْطِرُوا حَتَّى يُرَى مِنْ مَوْضِعِهِ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

مِثْلُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حنيفة ومحمد بن الحسن والليث بْنِ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ كل هؤلاء يقول إذا ريء الهلال نهارا قبل الزوال ابو بَعْدَ الزَّوَالِ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَقَالَ سُفْيَانُ الثوري وأبو يوسف أن ريء بَعْدَ الزَّوَالِ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الَّتِي تَأْتِي وَإِنْ ريء قَبْلَ الزَّوَالِ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقَ وَغَيْرُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ شِبَاكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ نَهَارًا قَبْلَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ لِتَمَامِ ثَلَاثِينَ فَأَفْطِرُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ بَعْدَ مَا تَزُولُ الشَّمْسُ فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تُمْسُوا وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَسْبَاطَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَرْثِ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ شَيْءٌ عَنْ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرُوِيَ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ ربيعة

مِثْلُ قَوْلِ الثَّوْرِيِّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ وَاخْتُلِفَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرُوِيَ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَالْحَدِيثُ عَنْ عُمَرَ بِمَعْنَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ تَابَعَهُمْ مُتَّصِلٌ وَالْحَدِيثُ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ بِمَذْهَبِ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ مُنْقَطِعٌ وَالْمَصِيرُ إِلَى الْمُتَّصِلِ أَوْلَى وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَأَلْتُ مالكا والليث وَالْأَوْزَاعِيَّ عَنِ الْهِلَالِ يُرَى مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَقَالُوا هُوَ لِلَّيْلَةِ الَّتِي تَجِيءُ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ فَفِيهِ رَدٌّ لِتَأْوِيلِ مَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرَا عِيدٍ لا ينقصان رمضان وذوا الْحِجَّةِ إِنَّهُمَا لَا يَنْقُصَانِ مِنْ ثَلَاثِينَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ كَوْنِ رَمَضَانَ مِنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمَعَ هَذَا الدَّلِيلِ فَإِنَّ الْمُشَاهَدَةَ تُثْبِتُ مَا قُلْنَا وَكَفَى بِهَا حُجَّةً لِمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ أن

يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحذاء عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ سَالِمٌ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ سَوَاءً وَهَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُمَا لَا يَنْقُصَانِ فِي الْأَجْرِ وَتَكْفِيرِ الْخَطَايَا سَوَاءٌ كَانَا مِنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ أَوْ مِنْ ثَلَاثِينَ وَإِنَّ مَا وَعَدَ اللَّهُ صَائِمَ رَمَضَانَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْأَجْرِ فَهُوَ مُنْجِزُهُ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ شَهْرُهُ ثَلَاثِينَ أَوْ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ شَهْرٍ حَرَامٌ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَثَلَاثُونَ لَيْلَةً فَإِنَّهُ حَدِيثٌ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ يدور على عبد الرحمان بْنِ إِسْحَاقَ وَهُوَ ضَعِيفٌ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ البغدادي المعروف بابن الحداد بمصر قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى

السِّجْزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حدثنا مروان ابن معاوية قال حدثنا عبد الرحمان بن إسحاق القرشي قال حدثنا عبد الرحمان بْنُ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم كل شَهْرٍ حَرَامٌ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَثَلَاثُونَ لَيْلَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ أَرْبَعَةٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عمرو بن الحرث بْنِ أَبِي ضِرَارٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لَمَّا صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرَ مِمَّا صُمْنَا مَعَهُ ثَلَاثِينَ وَهَذَا أَيْضًا يَدْفَعُ التَّأْوِيلَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ وَيُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ رَمَضَانَ قَدْ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَفِيمَا يُدْرَكُ مِنْ ذَلِكَ مُعَايَنَةً وَمُشَاهَدَةً كِفَايَةٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَذِكْرُ رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَهِلَالِ الْفِطْرِ فِي بَلَدٍ دُونَ بَلَدٍ فِي بَابِ نَافِعٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ أَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ قُسِّمَتْ فِي الجاهلية فهي على قسم الجاهلية وأيما دار أَوْ أَرْضٍ أَدْرَكَهَا الْإِسْلَامُ وَلَمْ تُقَسَّمْ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ لَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِ ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهُوَ ثِقَةٌ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُرْسَلًا أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابن سنجر قال حدثنا موسى ابن دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ

دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ وَكُلُّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ وَلَمْ يُقْسَمْ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّمَا مِيرَاثٍ مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ اقْتُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دينار عن أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كل قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ وَلَمْ يُقْسَمْ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ الْمُزَنِيُّ سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ يَقْتَسِمُونَ مِيرَاثًا مِنَ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ وَيَمْلِكُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِذَلِكَ الْقَسْمَ ثُمَّ يُسْلِمُونَ فَيُرِيدُ بَعْضُهُمْ أَنْ يَنْقُضَ ذَلِكَ الْقَسْمَ وَيَقْسِمُ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ فَقُلْتُ لَهُ وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الِاسْتِدْلَالُ بِمَعْنَى الْإِجْمَاعُ وَالسُّنَّةُ قُلْتُ وَأَيْنَ ذَلِكَ فَذَكَرَ حَدِيثَ مَالِكٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ هذا قال ونحن نرويه متصلا ثابتا بِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَإِنَّ أَهْلَ دار الحرب إذا سبا بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ثُمَّ أَسْلَمُوا أُهْدِرَتِ الدِّمَاءُ وَمَلَكَ

كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا كَانَ قَدْ مَلَكَهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مِنَ الرَّقِيقِ الَّذِينَ اسْتَرَقَّهُمْ وَسَائِرِ الْأَمْوَالِ فَمَا مَلَكُوهُ بِالْقَسْمِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَحَقُّ وَأَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ مِنْ مِلْكِ الْغَصْبِ وَالِاسْتِرْقَاقِ لِمَنْ كَانَ حُرًّا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ تَفْسِيرِ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ قُسِّمَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ لِي هُوَ كَذَلِكَ أَيُّمَا دَارٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قُسِّمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُهَا فَهُمْ عَلَى قِسْمَتِهِمْ يَوْمَئِذٍ وَأَيُّمَا دَارٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ تَزَلْ بِأَيْدِي أَصْحَابِهَا لَمْ يَقْتَسِمُوهَا حَتَّى كَانَ الْإِسْلَامُ فاقتمسوها فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ فَقُلْتُ لِمَالِكٍ أَرَأَيْتَ النَّصْرَانِيَّ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ وَلَدًا نَصْرَانِيًّا ثُمَّ يَمُوتُ فَيُسْلِمُ بَعْضُ وَلَدِهِ قَبْلَ قَسْمِ مِيرَاثِهِمْ فَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ هَذَا مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ إِنَّمَا يَقْسِمُ هَؤُلَاءِ مَنْ أَسْلَمَ مهم وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ عَلَى حَالِ قَسْمِهِمْ يَوْمَ مَاتَ أَبُوهُمْ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ لَهُ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقْتَسِمُونَ الْمَوَارِيثَ عَلَى خِلَافِ فَرَائِضِنَا فَإِذَا اقْتَسَمُوا مِيرَاثًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ أَسْلَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُمْ عَلَى مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ كَمَا يُسْلِمُ عَلَى مَا صَارَ فِي يَدِ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَحَازَهُ مِنَ الْغُصُوبِ وَالدِّمَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ كُلَّمَا اقْتَسَمُوا مِنَ الْمَوَارِيثِ فَإِذَا أَسْلَمُوا قَبْلَ أَنْ يُبْرِمُوا فِي ذَلِكَ شَيْئًا عَمِلُوا فِيهِ بِأَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا مَوَارِيثُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَقَدِ اسْتَقَرَّ حُكْمُهَا يَوْمَ مَاتَ الْمَيِّتُ قُسِّمَتْ أَوْ لَمْ تُقَسَّمْ وَهُمْ فِيمَا لَمْ يُقَسَّمْ عَلَى حَسَبِ شَرِكَتِهِمْ وَعَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ قَالَ إِسْمَاعِيلُ

وَأَحْسَبُ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَكُونُوا يُعْطُونَ الزَّوْجَةَ مَا نُعْطِيهَا وَلَا يُعْطُونَ الْبَنَاتِ مَا نُعْطِيهِنَّ وَرُبَّمَا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ مَوَارِيثُ مَعْلُومَةٌ يَعْمَلُونَ عَلَيْهَا قَالَ وَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ سَأَلْنَا مَالِكًا عَنِ الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ أَيُّمَا دَارٍ قُسِّمَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فهي على قسم الجاهلية وأيما دار أدركها الْإِسْلَامُ وَلَمْ تُقَسَّمْ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ مَالِكٌ الْحَدِيثُ لِغَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَمَّا النَّصَارَى وَالْيَهُودُ فَهُمْ عَلَى مَوَارِيثِهِمْ لَا يَنْقُلُ الْإِسْلَامُ مَوَارِيثَهُمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قَالَ إِسْمَاعِيلُ قَوْلُ مَالِكٍ هَذَا عَلَى أَنَّ النَّصَارَى وَالْيَهُودَ لَهُمْ مَوَارِيثُ قَدْ تَرَاضَوْا عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ ظُلْمًا فَإِذَا أَسْلَمُوا عَلَى مِيرَاثٍ قَدْ مَضَى فَهُمْ كَمَا لَوِ اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ ثُمَّ يَكُونُ مَا يَحْدُثُ مِنْ مَوَارِيثِهِمْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَامِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْبِشْرِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهَبٍ قَالَ سَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُولُ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا كَانَ مِنْ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الاسلام

إِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ أَبَدًا فِي الْإِسْلَامِ فَلَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا هَلَكَ وَتَرَكَ وَلَدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا ثُمَّ أَسْلَمُوا جَمِيعًا قَبْلَ الْقَسْمِ قُسِمَ بَيْنَهُمُ الْمِيرَاثُ عَلَى قَسْمِ مَوَارِيثِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ أَنَّهُمُ اقْتَسَمُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا لَكَانَتْ مَوَارِيثُهُمْ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يُسْلِمْ بَعْضٌ فَإِنَّ الْقَسْمَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا وَرِثُوهُ يَوْمَ مَاتَ وَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالْمَجُوسِ فَقَطْ وَأَمَّا الْيَهُودُ والنصارى فَهُمْ عَلَى قِسْمَتِهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَالْوَثَنِيُّ وَالْمَجُوسِيُّ وَمَنْ لَا كِتَابَ لَهُ عِنْدَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِذَا مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ عَلَى دِينِهِ فَلَمْ يَقْتَسِمُوا مِيرَاثَهُ حَتَّى أَسْلَمُوا اقْتَسَمُوهُ عَلَى شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُمْ فِي وَقْتِ الْقِسْمَةِ مسلمون ولاكتاب لَهُمْ فَيَقْتَسِمُونَ مَا وَجَبَ لَهُمْ مِنْ مِيرَاثِهِمْ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْكِتَابِيُّ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِذَا مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ عَلَى دِينِهِ فَلَمْ يَقْتَسِمُوا مِيرَاثَهُ حَتَّى أَسْلَمُوا فَإِنَّهُمْ يَقْتَسِمُونَهُ عَلَى حَسَبِ مَا وَجَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي دِينِهِ وَشَرِيعَتِهِ فِي حِينِ مَوْتِ مَوْرُوثِهِمْ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ حِينَئِذٍ وَجَبَ وَاسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا اسْتَحَقَّهُ بِمَوْتِ مَوْرُوثِهِ لَا يُزَاحُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَمَّا اسْتَحَقَّهُ فِي دِينِهِ الَّذِي قَدْ أَقْرَرْنَاهُ عَلَيْهِ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ وَأَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ

وَمُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْكُفَّارِ كُلِّهِمُ الْمَجُوسِ وَمُشْرِكِي الْعَرَبِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ وَجَمِيعِ أَهْلِ الْمِلَلِ وَهَذَا أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْحَدِيثِ عَلَى عُمُومِهِ فِي أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلِأَنَّ الْكُفْرَ لَا تَفْتَرِقُ أَحْكَامُهُ لِاخْتِلَافِ أَدْيَانِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ جَمِيعِهِمْ أمر عَلَى نِكَاحِهِ وَلَحِقَهُ وَلَدُهُ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أصحابه أن أهل الكفر كلهم سوء مَجُوسًا كَانُوا أَوْ كِتَابِيِّينَ فِي مُقَاتَلَتِهِمْ وَضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ وَقَبُولِهِمْ مِنْهُمْ وَإِقْرَارِهِمْ عَلَى دِينِهِمْ وَقَدْ جَمَعَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْوَعِيدِ وَالتَّخْلِيدِ فِي النَّارِ وَشَمِلَهُمُ اسْمُ الْكَفْرِ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِهِمْ إِلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ فَيَكُونَ مَخْصُوصًا بِذَلِكَ الدَّلِيلِ الذي خصه كأكل ذبائح الكتابين وَمُنَاكَحَتِهِمْ دُونَ سَائِرِ أَهْلِ الْكُفْرِ بِمَا نَصَّ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونُوا جَمَاعَةٌ مُؤْمِنِينَ كُلُّهُمْ يَقْتَسِمُونَ مِيرَاثَهُمْ عَلَى شَرِيعَةِ الطَّاغُوتِ وَمِنْهَاجِ الْكُفْرِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَجَمَاعَةِ أَهَلِ الْحِجَازِ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْكِتَابِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ أَبَى قَوْمٌ مِنَ الْقَوْلِ بِهِ وَالْحُجَّةُ تَلْزَمُهُمْ بِهِ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ قَدْ وَصَلَهُ مَنْ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَقَدْ رَوَى أَصْبَغَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أنه سئل عن قول رسل الله صلى الله عليه وسلم أَيُّمَا دَارٍ قُسِّمَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ عَلَى قسم الجاهلية وأيما دار أدركها الإسلام ولم تُقَسَّمْ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ قُلْتُ أَيُرِيدُ بِهَذَا مُشْرِكِي الْعَرَبِ أَمْ يَكُونُ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَقَالَ تَفْسِيرُهُ عِنْدِي أَنَّ كُلَّ وَرَثَةٍ وَرِثُوا دَارًا عَلَى مَجُوسِيَّةٍ أَوْ يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ فَلَمْ يَقْسِمُوا حَتَّى أَسْلَمُوا فَإِنَّ مَوَارِيثَهُمْ تَرْجِعُ فِي قَسْمِ الدَّارِ عَلَى سُنَّةِ

فَرَائِضِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانُوا قَدِ اقْتَسَمُوا وَهُمْ عَلَى يَهُودِيَّتِهِمْ أَوْ مَجُوسِيَّتِهِمْ مَضَى ذَلِكَ الْقَسْمُ وَلَمْ يُعَدْ بَيْنَهُمُ اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ وَأَخْذًا بِهِ قُلْتُ لَهُ فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْتَسِمُوا فَدَعَا مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ إِلَى أَنْ يَقْتَسِمُوا عَلَى فَرَائِضِ الْإِسْلَامِ وَدَعَا مَنْ لَمْ يسلم منهم إلىالتمسك بِفَرَائِضِ أَهْلِ دِينِهِمْ كَيْفَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ يُقَرُّونَ عَلَى قَسْمِ أَهْلِ دِينِهِمْ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ لَمْ يُسْلِمْ وَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى غير ذلك إلا أن يتراضو عَلَى حَكَمٍ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ فَحَكَمَ بَيْنَهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ هَكَذَا ذَكَرَهُ وَرَوَاهُ مَطْرُوحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ عَنْ أَصْبَغَ وَرَوَى ابْنُ وَهَبٍ قَالَ قُلْتُ لِمَالِكٍ النَّصْرَانِيُّ يَمُوتُ وَلَهُ وَلَدُ نَصَارَى فَيُسْلِمُ بَعْضُ وَلَدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ فَقَالَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ فِي قِسْمَتِهِمْ يَوْمَ مَاتَ أَبُوهُمْ إِنْ كَانَ لِلذَّكَرِ فِي قِسْمَتِهِمْ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَى لَمْ يَكُنْ لمن أسلم إلا ذالك إِنَّمَا يَقْسِمُونَ عَلَى قَسْمِ النَّصْرَانِيَّةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ فَلَا يُقْسَمُ لِمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ إِلَّا مَا وَجَبَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ يَوْمَ مَاتَ أَبُوهُ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي النَّصْرَانِيِّ يَمُوتُ وَلَهُ أَوْلَادٌ مُسْلِمُونَ وَنَصَارَى فَيُسْلِمُ النَّصْرَانِيُّ مِنْهُمْ قَبْلَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ فَقَالَ إِنَّمَا يَكُونُ مِيرَاثُهُ لِمَنْ كَانَ عَلَى دِينِهِ يَوْمَ مَاتَ وَلَيْسَ لِمَنْ كَانَ مُسْلِمًا قَبْلَ مَوْتِهِ شَيْءٌ وَلَوْ أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ وَلَهُ أَوْلَادٌ مُسْلِمُونَ وَنَصَارَى ثُمَّ مَاتَ فَأَسْلَمَ وَلَدُهُ النَّصَارَى بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْءٌ فَقُلْتُ لِمَالِكٍ وَالْعَتَاقَةُ كَذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ مَنْ أُعْتِقَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَسْمِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ بِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخْعِيِّ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَالزُّهْرِيِّ كُلُّهُمْ يَقُولُ مَنْ أَسْلَمَ أَوْ أُعْتِقَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا مِيرَاثَ لَهُ وَلَا قَسْمَ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ قَدْ وَجَبَ فِي حِينِ الْمَوْتِ لِمَنْ وَجَبَ مِنْ عَصَبَةٍ أَوْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ سَائِرِ وَرَثَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ وَالْحِجَازِيِّينَ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمِيرَاثَ إِنَّمَا يَقَعُ وَيَجِبُ بِمَوْتِ الْمَوْرُوثِ فِي حِينِ مَوْتِهِ كَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ يَمُوتُ وَلَهُ أَوْلَادٌ نَصَارَى ثُمَّ يُسْلِمُونَ بَعْدُ فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِي مِيرَاثِهِ وَقَدْ وَجَبَ بِمَوْتِهِ لِوَارِثٍ مُسْلِمٍ إِنْ كَانَ لَهُ غَيْرُهُمْ وَإِلَّا فَلِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ الْبَصْرِيِّ وَطَائِفَةٍ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ بِالْبَصْرَةِ خَاصَّةً فَإِنَّ ابْنَ أَبِي عُمَرَ ذَكَرَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الشَّعْثَاءِ يَقُولُ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنًا لَهُ مَمْلُوكًا فَأُعْتِقَ أَوْ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْتَسِمَ مِيرَاثَهُ وَرَثَتُهُ قَالَ سُفْيَانُ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ أَظُنُّ أَبَا الشَّعْثَاءِ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَيُّمَا مِيرَاثٍ مِنْ مِيرَاثِ الْجَاهِلِيَّةِ اقْتُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ الْمِيرَاثِ إِذَا أَسْلَمَ أَوْ أُعْتِقَ الْوَارِثُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَقَالَ سَعِيدٌ يُرَدُّ الْمِيرَاثُ إِلَى أَهْلِهِ يَقُولُ لَا يَرِثُ وَإِنْ أُعْتِقَ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ الْمِيرَاثُ لِأَنَّ أَبَاهُ وَهُوَ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن بشار قال حدثنا عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَأَلْتُ الْحَكَمَ وَحَمَّادًا عَنْ رَجُلٍ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ فَقَالَا لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى إِنْ مَاتَ مُسْلِمٌ وَلَهُ وَلَدُ نَصَارَى ثُمَّ أَسْلَمُوا وَلَمْ يُقَسَّمْ مِيرَاثُهُ حَتَّى أَسْلَمُوا فَلَا حَقَّ لَهُمْ وَقَعَتِ الْمَوَارِيثُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعَهُ يَقُولُ إِذَا وَقَعَتِ الْمَوَارِيثُ فَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَمِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي حُصَيْنٌ قَالَ رَأَيْتُ شَيْخًا يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا فَقِيلَ لِي هَذَا وَارِثُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثِهَا بَعْدَ مَوْتِهَا قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ فَلَمْ يُوَرَّثْ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي والليث وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَبِي الشَّعْثَاءِ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِيمَا عَلِمْتُ وَهُوَ حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي رَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ

أَبِي قِلَابَةَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ بِلَالٍ الْمُزَنِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ إِنْسَانًا مَاتَ مِنْ أَهْلِهِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ قَالَ فَوَرِثَتْهُ ابْنَتُهُ دُونِي وَكَانَتْ عَلَى دِينِهِ ثُمَّ إِنَّ جَدِّي أَسْلَمَ وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا فَتُوُفِّيَ وَتَرَكَ نَخْلًا فَأَسْلَمَتْ فَخَاصَمَتْنِي فِي الْمِيرَاثِ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَحَدَّثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ أَنَّ عُمَرَ قَضَى أَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قِيلَ إِنْ يُقْسَمْ فَإِنَّهُ يُصِيبُهُ فَقَضَى لَهُ عُثْمَانُ فَذَهَبَتْ بِالْأُولَى وَشَارَكَتْنِي فِي الْآخِرَةِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ هَذَا حُكْمٌ لا يحتمل فيه على مثل حسان ابن بِلَالٍ وَيَزِيدِ بْنِ قَتَادَةَ لِأَنَّ فُقَهَاءَ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ عَلَى خِلَافِهِ وَلِأَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمِيرَاثَ يَجِبُ لِأَهْلِهِ فِي حِينِ مَوْتِ الْمَيِّتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ عُثْمَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ فِي هَذَا الْبَابِ بِمَا عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ الْيَوْمَ حَتَّى حَدَّثَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَرْقَمَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ وَرَّثَ قَوْمًا أَسْلَمُوا قَبْلَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ وَبَعْدَ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ فَرَجَعَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ وَقَالَ بِهِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ بِالْبَصْرَةِ وَهُمُ الْحَسَنُ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَقَتَادَةُ وَقَالَ الْحَسَنُ فَإِنْ قسم بعض

الْمِيرَاثِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَرِثَ مِمَّا لَمْ يُقْسَمْ وَلَمْ يَرِثْ مِمَّا قُسِمَ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ حَدِيثٌ هَذَا الْبَابِ وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قَتَادَةَ الْعَنَزِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ كَاتِبِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ صَارَ الْمِيرَاثُ لَهُ بِإِسْلَامِهِ وَاجِبًا وَرَوَى عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ شِنْظِيرٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصِيبَهُ مِنْهُ وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ تُوُفِّيَتْ أُمُّنَا مُسْلِمَةً وَلِي إِخْوَةٌ نَصَارَى فَأَسْلَمُوا قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ الْمِيرَاثُ فَدَخَلْنَا عَلَى عُثْمَانَ فَسَأَلَ كَيْفَ قَضَى فِي ذلك عمر فأخبر فَأَشْرَكَ بَيْنَنَا وَرَوَى وُهَيْبٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْتَسَمَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُكْمُ مَنْ أُعْتِقَ عِنْدَهُمْ قَبْلَ الْقَسْمِ كَحُكْمِ مَنْ أَسْلَمَ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ فَقَالَ مَرَّةً هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَسْلَمَ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى مَنْ أَسْلَمَ وَرِثَ وَمَنْ أُعْتِقَ لَمْ يَرِثْ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا جَاءَ

فِيمَنْ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ وَهُوَ قَوْلُ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَحُمَيْدٍ وَرَوَى أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حماد عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ الْعَبْدُ إِذَا أُعْتِقَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَبِهِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ أَنَّهُ لَهُ وَخَالَفَهُ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ مَكْحُولٍ فِي الْمَمْلُوكِ يَمُوتُ ذُو قَرَابَتِهِ ثُمَّ يُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ الْمِيرَاثُ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْعَبْدُ يُعْتَقُ عَلَى الْمِيرَاثِ قَالَ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ كَانَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ أَمَّا النَّصْرَانِيُّ يُسْلِمُ فَنَعَمْ وَأَمَّا الْعَبْدُ يُعْتَقُ فَلَا قَالَ وَبِهِ قَالَ حُمَيْدٌ فِيمَنْ أُعْتِقَ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ يَعْنِي أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْإِسْلَامِ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا حُجَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمَنْ قَالَ بِقَوْلِ جَابِرِ ابن زَيْدٍ لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ لَا فِي تَوْرِيثِ مَنْ لَا يَجِبُ لَهُ مِيرَاثٌ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَعَلَى هَذَا الْحَدِيثِ الْعَمَلُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ

بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَالْمَغْرِبِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يقسم أو اعتق على ميراث قبل أني قسم فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ وَجَبَتِ الْحُقُوقُ لِأَهْلِهَا حَيْثُ مَاتَ قَالَ وَحَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ يُرَدُّ الْمِيرَاثُ لِأَهْلِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَحُكْمُ الْعَيْنِ وَالْمَتَاعِ وَسَائِرِ الْأَمْوَالِ حُكْمُ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ الدَّارُ وَالْأَرْضُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَيُّمَا شَيْءٍ وَأَيُّمَا مِيرَاثٍ مِنْ مِيرَاثِ الْجَاهِلِيَّةِ وَذَلِكَ عَامٌّ فِي كُلِّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ شَيْءٍ وَاسْمُ مِيرَاثٍ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنِ الْكَلَامِ فِيهِ

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ مُرْسَلٌ شَرِكَهُ فِيهِ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحَدُهُمَا يَزِيدُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا قَائِمًا فِي الشَّمْسِ فَقَالَ مَا بَالُ هذا قالوا نذر ألا يتلكم وَلَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَجْلِسَ وَيَصُومَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَجْلِسْ وَلْيُتِمَّ صِيَامَهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَمَرَهُ بِكَفَّارَةٍ وَقَدْ أَمَرَهُ أَنْ يُتِمَّ مَا كَانَ لِلَّهِ طَاعَةً وَأَنْ يَتْرُكَ مَا كَانَ لِلَّهِ مَعْصِيَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يَتَّصِلُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا حَدِيثُ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن حديث طاووس عَنْ أَبِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عليه

السَّلَامُ وَأَظُنُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ هُوَ هَذَا لِأَنَّ مُجَاهِدًا رَوَاهُ عَنْ جَابِرٍ وَحُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ صَاحِبِ مُجَاهِدٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّكُوتَ عَنِ الْمُبَاحِ أَوْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ لَيْسَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَكَذَلِكَ الْجُلُوسُ لِلشَّمْسِ وَفِي مَعْنَاهُ كُلُّ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَانُ مِمَّا لَا طَاعَةَ فِيهِ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ وَكَذَلِكَ الْحَفَا وَغَيْرِهِ مِمَّا لَمْ تَرِدِ الشَّرِيعَةُ بِعَمَلِهِ لَا طَاعَةَ لِلَّهِ فِيهِ وَلَا قُرْبَةً وَإِنَّمَا الطَّاعَةُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ بِالتَّقَرُّبِ بِعَمَلِهِ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَقَدْ جَاءَ عَنْ مَالِكٍ فِي هذاالباب مسألة ذكرها في موطأه فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ أَنَا أَحْمِلُكَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ قَالَ إِنْ نَوَى أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْمَشَقَّةَ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلْيَمْشِ عَلَى رِجْلَيْهِ وَلْيُهْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلْيَحُجَّ وَلْيَرْكَبْ وَلْيَحُجَّ بِهِ مَعَهُ إِنْ أَطَاعَهُ وَإِنْ أَبَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ أَنْكَرَ قَوْمٌ عَلَى مَالِكٍ إِيجَابَ الْهَدْيِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الَّذِي نَوَى أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ وَقَالُوا لَيْسَ هَذَا أَصْلَهُ فِيمَنْ تَرَكَ الْوَفَاءَ بِمَا لَا طَاعَةَ فِيهِ مِنْ نَذْرِهِ أَنْ يُكَفِّرَ بِهَدْيٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ لَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ طَاعَةٌ وَهُوَ يُشْبِهُ نَذْرَ الَّذِي نَذَرَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَقَدْ سُئِلَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي عَنْ هَذَا فَقَالَ لَوْ قَدَرَ أَنْ يَحْمِلَهُ لَكَانَ طَاعَةً قَالَ وَمِنْ هُنَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَمْ يَجْعَلْهُ كَالْمُسْتَظِلِّ وَالْمُتَكَلِّمِ بَعْدَ نَذْرِهِ أَنْ لَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَصْلُ مَالِكٍ الَّذِي لَمْ يُخَالِفْهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ مَا فِيهِ لِلَّهِ طَاعَةٌ بِمَا لَا طَاعَةَ فِيهِ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِمَا فِيهِ طَاعَةٌ وَتَرْكُ مَا سِوَاهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ وَذَلِكَ كَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْصِدَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الطَّاعَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَصْدُهُ مَاشِيًا إِذِ الْمَشْيُ لَا طَاعَةَ فِيهِ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَهَذَا يَقْضِي عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَيَقْضِي عَلَى أَنَّ مَنْ

نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى الْكَعْبَةِ حَافِيًا أَنَّهُ يَنْتَعِلُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ فِي هَذِهِ كَانَ يَسْتَحْسِنُ الْهَدْيَ أَيْضًا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخَفَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ عَنِ ابن إسحاق عن أبان ابن صَالِحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ أَبُو إِسْرَائِيلَ رَجُلًا مِنْ بَنِي فِهْرٍ فَنَذَرَ لَيَقُومَنَّ فِي الشَّمْسِ حَتَّى يُصَلِّيَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْجُمُعَةَ وَلَيَصُومَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَرَآهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ مَا شَأْنُهُ فَأَخْبَرُوهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِسَ وَيَسْتَظِلَّ وَيَصُومَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِكَفَّارَةٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا لَيْسَ لِلَّهِ بِطَاعَةٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَعْصِيَةِ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ وَلَا الْكَفَّارَةُ عَنْهُ فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ إِيجَابَ الْكَفَّارَةِ بِالْهَدْيِ أَوْ غَيْرِهِ احْتِيَاطٌ قِيلَ لَهُ لَا مَدْخَلَ لِلِاحْتِيَاطِ فِي إِيجَابِ شَيْءٍ لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ فِي ذِمَّةٍ بَرِيئَةٍ بَلِ الِاحْتِيَاطُ الْكَفُّ عَنْ إِيجَابِ مَا لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ بِإِيجَابِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ مَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةً كَانَ

عَلَيْهِ مَعَ تَرْكِهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ جَمِيعًا عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ قِيلَ لَهُ هَذَانِ حَدِيثَانِ مُضْطَرِبَانِ لَا أَصِلَ لَهُمَا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّمَا يَدُورُ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ وَحَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ يَدُورُ عَلَى زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبُوهُ مَجْهُولٌ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ ابْنِهِ زُهَيْرٍ وَزُهَيْرٌ أَيْضًا عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ وَقَدْ بَيَّنَا الْعِلَّةَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فِي بَابِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَيَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ ابْنَهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَقَدْ قَالَهُ مَالِكٌ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّهُ لَا مَعْصِيَةَ أَعْظَمُ مِنْ إِرَاقَةِ دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا مَعْنَى لِإِيجَابِ كَفَّارَةِ يَمِينٍ عَلَى مَنْ نَذَرَ ذَلِكَ وَلَا لِلِاعْتِبَارِ فِي ذَلِكَ بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ فِي قَوْلِ الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ لِأَنَّ الظِّهَارَ لَيْسَ بِنَذْرٍ وَالْمُنْذِرُ فِي الْمَعْصِيَةِ قَدْ جَاءَ فِيهِ نَصٌّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَوْلًا وَعَمَلًا فَأَمَّا الْعَمَلُ فَهُوَ مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا وَأَمَّا الْقَوْلُ فَحَدِيثُ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ طَلْحَةَ بْنِ عبد الملك

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وهيب قال حدثنا أيوب عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَمَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ أَبُو عُمَرَ سَيَأْتِي فِي بَابِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَا يَنْضَافُ إِلَى هَذَا الْبَابِ وَيَلِيقُ به إن شاء الله

باب الجيم

باب الجيم جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ ابن علي ابن أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَأُمُّهُ فَرْوَةُ بِنْتُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ وَهُوَ جَعْفَرٌ الْمَعْرُوفُ بِالصَّادِقِ وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا عَاقِلًا حَكِيمًا وَرِعًا فَاضِلًا وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ الْجَعْفَرِيَّةُ وَتَدَّعِيهِ مِنَ الشعية الْإِمَامِيَّةُ وَتَكْذِبُ عَلَيْهِ الشِّيعَةُ كَثِيرًا وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فِي الْحِفْظِ ذَكَرَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فِي خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ هَذَا قَوْلُ الْوَاقِدِيِّ وَالْمَدَائِنِيِّ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَ أَبِي لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِنَّ لِي جَارًا يَزْعُمُ أَنَّكَ تَتَبَرَّأُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ بَرِئَ اللَّهُ مِنْ جَارِكَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَنْفَعَنِي اللَّهُ بِقَرَابَتِي مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَقَدِ اشْتَكَيْتُ شَكَاةً فَأَوْصَيْتُ إِلَى خَالِي عبد الرحمان ابن الْقَاسِمِ وَمِنْ كَلَامِهِ وَكَانَ أَكْثَرُ كَلَامِهِ حِكْمَةً اوفر

النَّاسِ عَقْلًا أَقَلَّهُمْ نِسْيَانًا لِأَمْرِ آخِرَتِهِ وَهُوَ الْقَائِلُ أَسْرَعُ الْأَشْيَاءِ انْقِطَاعًا مَوَدَّةُ الْفَاسِقِ وَذَكَرَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ اخْتَلَفْتُ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ زَمَانًا وَمَا كُنْتُ أَرَاهُ إِلَّا عَلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ إِمَّا مُصَلٍّ وَإِمَّا صَائِمٌ وَإِمَّا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَا رَأَيْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ وَكَانَ لَا يَتَكَلَّمُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْعُبَّادِ الزُّهَّادِ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللَّهَ وَلَقَدْ حَجَجْتُ مَعَهُ سَنَةً فَلَمَّا أَتَى الشَّجَرَةَ أَحْرَمَ فَكُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ كَادَ يُغْشَى عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ يُكْرِمُنِي وَيَنْبَسِطُ إِلَيَّ فَقَالَ يَا ابْنَ أَبِي عَامِرٍ إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَقُولَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ فَيَقُولُ لَا لَبَّيْكَ وَلَا سَعْدَيْكَ قَالَ مَالِكٌ وَلَقَدْ أحرم جده علي أبن حُسَيْنٍ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ أَوْ قَالَهَا غُشِيَ عَلَيْهِ وَسَقَطَ مِنْ نَاقَتِهِ فَهُشِّمَ وَجْهُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِمَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم تِسْعَةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا خَمْسَةٌ مُتَّصِلَةٌ أَصْلُهَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ حَدِيثُ جَابِرٍ الْحَدِيثُ الطَّوِيلُ فِي الْحَجِّ وَالْأَرْبَعَةُ مُنْقَطِعَةٌ تَتَّصِلُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ مِنْ وُجُوهٍ

الحديث الأول

حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي مِنَ الْأَشْوَاطِ السَّبْعَةِ فِي طَوَافِ الدُّخُولِ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّ الرَّمَلَ وَهُوَ الْحَرَكَةُ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَشْيِ لَا يَكُونُ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكِيمِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُلُ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الطَّائِفَ بِالْبَيْتِ يَبْتَدِئُ طَوَافَهُ مِنَ الْحَجَرِ وَهُوَ مَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَيْضًا وَإِذَا بَدَأَ مِنَ الْحَجَرِ مَضَى عَلَى يَمِينِهِ وَهُوَ أَيْضًا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَمْضِ عَلَى يَمِينِهِ كَانَ الطَّوَافُ مَنْكُوسًا وَكَانَ عَلَيْهِ إِعَادَتُهُ عِنْدَنَا فَإِذَا مَضَى عَلَى يَمِينِهِ جَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الدَّاخِلَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ أَنْ يَأْتِيَ الْحَجَرَ يَقْصِدُهُ فَيُقَبِّلَهُ إِنِ اسْتَطَاعَ أَوْ يَمْسَحَهُ بِيَمِينِهِ وَيُقَبِّلَهَا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ قَامَ بِحِيَالِهِ فَكَبَّرَ ثُمَّ أَخَذَ فِي طَوَافِهِ يَمْضِي عَلَى يَمِينِهِ وَيَكُونُ البيت

عَنْ يَسَارِهِ مُتَوَجِّهًا مَا يَلِي الْبَابَ بَابَ الْكَعْبَةِ إِلَى الرُّكْنِ الَّذِي لَا يَسْتَلِمُ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ مِثْلَهُ إِلَى الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْيَمَانِيُّ الَّذِي يَلِي الْأَسْوَدَ مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ ثُمَّ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ يَرْمُلُ فِيهَا ثُمَّ أَرْبَعَةً لَا يَرْمُلُ فِيهَا وَهَذَا كُلُّهُ إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَإِنْ لَمْ يَطُفْ كَمَا وَصَفْنَا كَانَ مُنَكِّسًا لِطَوَافِهِ وَإِذَا أَخَذَ عَنْ يَسَارِهِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَمِينِهِ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ الطَّوَافُ عِنْدَنَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ طَافَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ مَنْكُوسًا عَلَى ضِدِّ مَا وَصَفْنَا بِأَنْ يَمْضِيَ عَلَى يَسَارِهِ إِذَا اسْتَسْلَمَ الْحَجَرَ وَلَمْ يُعِدْهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَأَبْعَدَ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يُجْزِئُهُ الطَّوَافُ مَنْكُوسًا وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ بِلَادِهِ فَيَطُوفَ لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ وَهُوَ قَوْلُ الْحُمَيْدِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُعِيدُ الطَّوَافَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ فَإِذَا بَلَغَ الْكُوفَةَ أَوْ أَبْعَدَ كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ وَيُجْزِئُهُ وَكُلُّهُمْ يَقُولُ إِذَا كَانَ بِمَكَّةَ أَعَادَ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِيمَنْ نَسِيَ شَوْطًا وَاحِدًا مِنَ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ بِلَادِهِ عَلَى بَقِيَّةِ إِحْرَامِهِ فَيَطُوفَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ إِنْ بَلَغَ بَلَدَهُ لَمْ يَنْصَرِفْ وَكَانَ عَلَيْهِ دَمٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ لَمْ يُجِزِ الطَّوَافَ مَنْكُوسًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا اسْتَسْلَمَ الرُّكْنَ أَخَذَ عَنْ يَمِينِهِ فَمَنْ خَالَفَ فِعْلَهُ فَلَيْسَ بِطَائِفٍ وَيُعَضِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ يَعْنِي مَرْدُودًا وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأعلى

ابن وَاصِلِ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَمَضَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعَةً ثُمَّ أَتَى الْمَقَامَ فَقَالَ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَالْمَقَامُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ ثُمَّ أَتَى الْبَيْتَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا الرَّمَلُ فَهُوَ الْمَشْيُ خَبَبًا يَشْتَدُّ فِيهِ دُونَ الْهَرْوَلَةِ قَلِيلًا وَأَصْلُهُ أَنْ يُحَرِّكَ الْمَاشِي مَنْكِبَيْهِ لِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ فِي مَشْيِهِ هَذَا حُكْمُ الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْأَشْوَاطِ فِي الطَّوَافِ تَتِمَّةَ الْأُسْبُوعِ فَحُكْمُهَا الْمَشْيُ الْمَعْهُودُ بِالرِّفْقِ وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ أَنْ يَفْعَلَهَا فِي طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ يَرْمُلُ ثَلَاثَةً وَيَمْشِي أَرْبَعَةً إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الرَّمَلِ فَقَالَ قَوْمٌ الرَّمَلُ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا رُوِيَ ذلك عن عمر ابن الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَجَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَقَالَ قَوْمٌ إِنْ شَاءَ رَمَلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرْمُلْ قَالُوا وَلَيْسَ الرَّمَلُ سُنَّةً قَالَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَطَاوُسُ وَالْحَسَنُ وَسَالِمٌ وَالْقَاسِمُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَحُجَّتُهُمْ عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ زَعَمَ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رَمَلَ بِالْبَيْتِ وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ قَالَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا قُلْتُ مَا صَدَقُوا وَمَا كَذَبُوا قَالَ صَدَقُوا قَدْ رَمَلَ

رسول الله صلى الله عليه وسلم حين طَافَ بِالْبَيْتِ وَكَذَبُوا لَيْسَ ذَلِكَ بِسُنَّةٍ إِنَّ قُرَيْشًا قَالَتْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ إِنَّ بِهِ وَبِأَصْحَابِهِ هَزْلًا وَقَعَدُوا عَلَى قُعَيْقِعَانَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ (أَرْمِلُوا أَرُوهُمْ أَنَّ بِكُمْ قُوَّةً) فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُلُ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَإِذَا تَوَارَى عَنْهُمْ مَشَى هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ فِطْرٌ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ الْغَنَوِيُّ وَابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ نَحْوَهُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ فَلَمَّا قَدِمُوا قَعَدَ الْمُشْرِكُونَ مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أَصْحَابَهُ أَنْ يَرْمُلُوا الثَّلَاثَةَ وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا إِبْقَاءً عَلَيْهِمْ وَبِمَا رَوَاهُ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسَ وَعَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّمَا رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ بالبيت وبين الصفا والمروة لأن المشركين رأو أَنَّ بِأَصْحَابِهِ جُهْدًا فَرَمَلَ لِيُرِيَهُمْ أَنَّ بِهِمْ قوة

وَبِمَا رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَعِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَغَ أَهْلَ مَكَّةَ أَنَّ بِأَصْحَابِهِ هَزْلًا فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ (شُدُّوا مَيَازِرَكُمْ وَأَرْمِلُوا حَتَّى يَرَى قَوْمُكُمْ أَنَّ بِكُمْ قُوَّةً) ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ يَرْمُلْ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ الرَّمَلَ لَيْسَ بِسُنِّةٍ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا فَمُغَفَّلٌ فِيمَا اخْتَارَهُ وَقَدْ ظَنَّ فِي ذَلِكَ ظَنًّا لَيْسَ كَمَا ظَنَّ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رواه ابن المبارك عن عبيد الله ابن أبي زايد عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الْحَجْرِ إِلَى الْحَجْرِ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ

فَرَمَلَ بِالْبَيْتِ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ فَفِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم رَمَلَ الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ كُلَّهَا وَقَدْ كَانَ فِي بَعْضِهَا حَيْثُ لَا يَرَاهُ الْمُشْرِكُونَ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْلِهِمْ رَمَلَ وَبَعْدُ فَلَوْ كَانَ رَمَلَ مِنْ أَجْلِ الْمُشْرِكِينَ فِي عُمْرَتِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا مَنَعَ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ الرَّمَلُ سُنَّةً لِأَنَّ الرَّمَلَ مَأْخُوذٌ عَنْهُ مَحْفُوظٌ فِي حَجَّتِهِ الَّتِي حَجَّهَا وَلَيْسَ بِمَكَّةَ مُشْرِكٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فرمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَجَّتِهِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ كَمَلًا وَمَشَى أَرْبَعًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَا مُشْرِكَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَئِذٍ فَصَحَّ أَنَّ الرَّمَلَ سُنَّةٌ رَوَى مَالِكٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَيَزِيدُ بْنُ الْهَادِ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَبْعًا رَمَلَ مِنْهَا ثَلَاثَةً وَمَشَى أَرْبَعًا وَهَذَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ الَّذِي وَصَفَ فِيهِ حَجَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ إِلَيْهَا إِلَى انْقِضَاءِ جَمِيعِهَا رَوَاهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي وَقْتِهِمْ وَقَدْ حَكَى عَبْدُ اللَّهِ ابن رَجَاءٍ أَنَّ مَالِكًا سَمِعَهُ بِتَمَامِهِ مِنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ أَنَّ مالكا في ابواب من موطاه وَأَتَى مِنْهُ بِمَا احْتَاجَ إِلَيْهِ فِي أَبْوَابِهِ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ أَنَّهُ قَالَ حَضَرْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ جُرَيْجٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ وَعَبْدَ اللَّهِ الْعُمَرِيَّيْنِ وَسُفْيَانَ

الثَّوْرِيَّ وَعَلِيَّ بْنَ صَالِحٍ وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ يَسْأَلُونَهُ عَنْ حَدِيثِ الحج فحدثهم به وروه عَنْهُ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بن إسحاق وعبد الرحمان بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو عَلْقَمَةَ الْمَكِّيِّ وَحَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَسَلَّامٍ الْقَارِئِ وجماعة يطول طول ذِكْرُهُمْ وَلَمَّا ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ عُدْمِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الطَّوَافِ عِنْدَ الْقُدُومِ وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ تَرْكُهُ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ بِحَدِيثِ جَابِرٍ لِأَنَّهُ الثَّابِتُ فِي ذَلِكَ وَالْعِلَّةُ الَّتِي حَكَاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ مُرْتَفِعَةٌ فَبَطَلَ تَأْوِيلُ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنْ صَحَّ عَنْهُ وَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ فِي قَوْلِهِ حُجَّةٌ عَلَى السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ وَقَدْ رَوَى عَطَاءٌ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ لَمَّا حَجَّ عُمَرُ رَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا وَرَوَى هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّمَلِ لَا نَدَعُ شَيْئًا صَنَعْنَاهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى مَنْصُورٌ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ اعْتَمَرَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا وَرَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ فِي حَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ وَقَدْ ثَبَتَ الرَّمَلُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ

أَصْحَابِهِ فَصَارَ سُنَّةً وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بن أرطاة عن أبي جعفر وعكرمة عن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ قَالَ فِيهِ ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ يَرْمُلْ فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى ضَعْفِ رِوَايَةِ الْحَجَّاجِ وَأَنَّ مَا قَالَ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِيهِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ مُدَلِّسٌ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ لِضَعْفِهِ وَسُوءِ نَقْلِهِ عِنْدَهُمْ حَقٌّ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ رَمَلَ فِي حَجَّتِهِ فَبَطَلَ مَا خَالَفَهُ وَلَوْ كَانَ مَا حَكَاهُ الْحَجَّاجُ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ نَافٍ وَالَّذِي حُكِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ عَايَنَهُ يَصْنَعُ ذَلِكَ مُثْبِتٌ وَالْمُثْبِتُ أَوْلَى مِنَ النَّافِي فِي وَجْهِ الشَّهَادَاتِ وَالْأَخْبَارِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَإِنِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ لَا يَرَى الرَّمَلَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ بِمَا رَوَاهُ الْعَلَاءُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم رَمَلَ فِي الْعُمْرَةِ وَمَشَى فِي الْحَجِّ قِيلَ لَهُ هَذَا حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ لِأَنَّهُ رَوَاهُ الْحُفَّاظُ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَلَوْ كَانَ مَرْفُوعًا كَانَ قَدْ عَارَضَهُ مَا هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نافع عن ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حدثنا أنس

ابن عِيَاضٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَمَلَ ثَلَاثَةً وَمَشَى أَرْبَعَةً قَالَ الطَّحَاوِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ ثَلَاثَةً وَمَشَى أَرْبَعَةً حِينَ قَدِمَ فِي الْحَجِّ وَفِي الْعُمْرَةِ حِينَ كَانَ اعْتَمَرَ وَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ تَدْفَعُ حَدِيثَ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَقَدْ ذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ رَمَلَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ وَإِذَا أَحْرَمَ بِمَكَّةَ لَمْ يَرْمُلْ بِالْبَيْتِ وَأَخَّرَ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ وَمَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرْمُلُ فِي الْحَجَّةِ إِذَا كَانَ إِحْرَامُهُ بِهَا مِنْ غَيْرِ مَكَّةَ وَكَانَ لَا يَرْمُلُ فِي حَجَّتِهِ إِذَا أَحْرَمَ بِهَا مِنْ مَكَّةَ وَهَذَا إِجْمَاعُ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ لَا رَمَلَ عَلَيْهِ إِنْ طَافَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى مِنًى وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ حَدِيثُ مُجَاهِدٍ إِنْ كَانَ مَوْقُوفًا وَكَانَتْ حَجَّةُ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ مَكِّيَّةً وَأَمَّا مَرْفُوعًا فَلَا يَصِحُّ لِدَفْعِ الْآثَارِ الصِّحَاحِ لَهُ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ فِي حَجَّتِهِ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ حَجَّةٌ غَيْرَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

واختلف قول مالك وأصحابه فيمن تركل الرَّمَلَ فِي الطَّوَافِ وَالْهَرْوَلَةَ فِي السَّعْيِ ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ قَرِيبٌ فَمَرَّةً قَالَ يُعِيدُ وَمَرَّةً قَالَ لَا يُعِيدُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ هَلْ عَلَيْهِ دَمٌ مَعَ حَالِهِ هَذِهِ إِذَا لَمْ يُعِدْ أَمْ لَا شيء عليه فمرة قال لا شيء عليه وَمَرَّةً قَالَ عَلَيْهِ دَمٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ خَفِيفٌ وَلَا نَرَى فِيهِ شَيْئًا وَكَذَلِكَ روى ابن وهب في موطاه عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ اسْتَخَفَّهُ وَلَمْ يَرَ فِيهِ شَيْئًا وَرَوَى مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونَ عَلَيْهِ دَمٌ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبِ بْنُ مُطَرِّفٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ عَلَيْهِ فِي قَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ دَمًا وَالْحُجَّةُ لِمَا حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ تَرَكَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَمَنْ جَعَلَهُ نُسُكًا حَكَمَ فِيهِ بِذَلِكَ وَالْحُجَّةُ لِمَنِ اسْتَخَفَّ ذَلِكَ أَنَّهُ شَيْءٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ أَمْ لَا وَإِيجَابُ الدَّمِ عَلَيْهِ إِيجَابُ فَرْضٍ وَإِخْرَاجُ مَالٍ مِنْ يَدِهِ وَهَذَا لَا يَجِبُ إِلَّا بِيَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ عباس نصا فِيمَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَالشَّافِعِيِّ فِيمَنِ اتَّبَعَهُ وَقَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ كُلُّهُمْ يَقُولُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ

الرَّمَلِ وَهُوَ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ لِمَا ذَكَرْنَا وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِسْقَاطِ نَفْسِ عَمَلٍ إِنَّمَا هُوَ سُقُوطُ هَيْئَةِ عَمَلٍ وَأَجْمَعُوا أَنْ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ رَمَلٌ فِي طَوَافِهِنَّ بِالْبَيْتِ وَلَا هَرْوَلَةٌ فِي سَعْيِهِنَّ بَيْنَ الصفا والمروة

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّفَا وَهُوَ يَقُولُ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْخُرُوجَ إِلَى الصَّفَا مِنَ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْحَاجَّ أَوِ الْمُعْتَمِرَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمَا مَكَّةَ أَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْحَاجُّ مُرَاهَقًا يَخْشَى فَوْتَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ يَبْدَأُ بِالْحَجَرِ فَيَسْتَلِمُهُ ثُمَّ يَطُوفُ مِنْهُ بِالْبَيْتِ سَبْعًا فَإِذَا طَافَ بِهِ سَبْعًا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْمَقَامِ أَوْ حَيْثُ أَمْكَنَهُ رَكْعَتَيْنِ بِأَثَرِ أُسْبُوعِهِ يَخْرُجُ مِنْ بَابِ الصَّفَا إِنْ شَاءَ إِلَى الصَّفَا فَيَرْقَى عَلَيْهَا ثُمَّ يَبْتَدِئُ السَّعْيَ مِنْهَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ مَنْصُوصٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْضُ النَّاسِ أَحْسَنُ سِيَاقَةً لَهُ مِنْ بَعْضٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدٍ الْحَلَبِيُّ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ الْمُسْتَهِلِّ ابن أَبِي جَامِعٍ الْبَصْرِيُّ يُعْرَفُ بَدْرَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بِالْبَيْتِ فَرَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعَةً ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأَ فيهما بقل يأيها الكافرون وقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ خَرَجَ يُرِيدُ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ فَقَالَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فبدا بالصفا فرقا عليه فكبر ثلاثا وأهل

وَاحِدَةً ثُمَّ هَبَطَ فَلَمَّا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ سَعَى حَتَّى ظَهَرَ مِنْ طَرِيقِ الْمَسِيلِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّسَقَ بِالْوَاوِ جَائِزٌ أَنْ يُقَالَ فِيهِ قَبْلُ وَبَعْدُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ بَدَأَ بِذِكْرِ الصَّفَا قَبْلَ الْمَرْوَةِ وَعَطْفُ الْمَرْوَةِ عَلَيْهَا إِنَّمَا كَانَ بِالْوَاوِ وَإِذَا كَانَ الِابْتِدَاءُ بِالصَّفَا قَبْلَ الْمَرْوَةِ سُنَّةً مَسْنُونَةً وَعَمَلًا وَاجِبًا فَكَذَلِكَ كَلُّ مَا رَتَّبَهُ اللَّهُ وَنَسَّقَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ بِالْوَاوِ فِي كِتَابِهِ مِنْ آيَةِ الْوُضُوءِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ وَأَهْلُ الْأَمْصَارِ وَأَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ وَأَشْهَرِهَا أَنَّ الْوَاوَ لَا تُوجِبُ التَّعْقِيبَ وَلَا تُعْطِي رُتْبَةً وَبِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ الْمُزَنِيِّ صَاحِبِ الشَّافِعِيِّ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ قَالُوا فِيمَنْ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ وَجْهَهُ أَوْ قَدَّمَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ قَبْلَ غَسْلِ يَدَيْهِ أَوْ مَسَحَ بِرَأْسِهِ قَبْلَ غَسْلِ وَجْهِهِ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا يَسْتَحِبُّ لِمَنْ نَكَّسَ وُضُوءَهُ وَلَمْ يُصَلِّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الْوُضُوءَ عَلَى نَسَقِ الْآيَةِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفَ صَلَاتَهُ فَإِنْ صَلَّى لَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعَادَةِ الصلاة لكنه يستحب له استنئاف الْوُضُوءِ عَلَى النَّسَقِ لِمَا يَسْتَقْبِلُ وَلَا يَرَى ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ هَذَا هُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ مَنْ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثُمَّ وَجْهَهُ ثُمَّ ذَكَرَ مَكَانَهُ أَعَادَ غَسْلَ ذِرَاعَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى صَلَّى أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ قَالَ عَلِيٌّ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَيُعِيدُ الْوُضُوءَ لِمَا يَسْتَقْبِلُ وَذَكَرَ أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ من قدم في الضوء يَدَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ عَلَى تَرْتِيبِ الْآيَةِ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِمَا صَلَّى بِذَلِكَ الْوُضُوءِ وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعَ مَالِكٍ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءُ نَسَقًا وَالْحُجَّةُ لِمَالِكٍ وَمَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ سِيبَوَيْهِ وَسَائِرَ الْبَصْرِيِّينَ مِنَ النَّحْوِيِّينَ قَالُوا فِي قَوْلِ الرَّجُلِ أَعْطِ زَيْدًا وَعَمْرًا دِينَارًا إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يُوجِبُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي الْعَطَاءِ وَلَا يُوجِبُ تقدمة

زَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو فَكَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ إِنَّمَا يُوجِبُ ذَلِكَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْغُسْلِ وَلَا يُوجِبُ النَّسَقَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَبَدَأَ بِالْحَجِّ قَبْلَ الْعُمْرَةِ وَجَائِزٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ أَنْ يَعْتَمِرَ الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ جَائِزٌ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ زَكَاةِ مَالِهِ فِي حِينِ وَقْتِ صَلَاةٍ أَنْ يَبْدَأَ بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ ثُمَّ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا عِنْدَ الْجَمِيعِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ جَائِزٌ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ إِخْرَاجُ الدِّيَةِ وَتَحْرِيرُ الرَّقَبَةِ وَيُسَلِّمُهَا قَبْلَ أَنْ يُحَرِّرَ الرَّقَبَةَ وَهَذَا كُلُّهُ مَنْسُوقٌ بِالْوَاوِ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لَا تُوجِبُ رُتْبَةً وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا قَالَا مَا أُبَالِي بِأَيِّ أَعْضَائِي بَدَأْتُ فِي الْوُضُوءِ إِذَا أَتْمَمْتُ وُضُوئِي وَهُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ مِنَ الْآيَةِ إِلَّا مَعْنَى الْجَمْعِ لَا مَعْنَى التَّرْتِيبِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا مَأْمُورٌ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَلَا تَرْتِيبَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْجَمِيعِ فَكَذَلِكَ غَسْلُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ الْغَسْلُ لَا التَّبْدِيَةُ وَقَدْ قَالَ الله عز وجل يا مريم اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ السُّجُودَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْجَمْعَ لَا الرُّتْبَةَ هَذَا جُمْلَةُ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنِ احْتَجَّ لِلْقَائِلِينَ بِمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى إِبْطَالِ وُضُوءِ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِالْوُضُوءِ عَلَى تَرْتِيبِ الْآيَةِ وَإِبْطَالِ صَلَاتِهِ إِنْ صَلَّى بِذَلِكَ الْوُضُوءِ الْمَنْكُوسِ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ أَصْحَابِهِ وَالْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ إِلَّا الْمُزَنِيَّ وَمِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ

القاسم بن سلام وإسحاق بن راهويه وابو ثَوْرٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو مُصْعَبٍ صَاحِبُ مَالِكٍ ذَكَرَهُ فِي مُخْتَصَرِهِ وَحَكَاهُ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَالِكٌ مَعَهُمْ فَمِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ أَنَّ الْوَاوَ توجب الرتبة والجمع جميعا وحكىذلك بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الْأُصُولِ لَهُ عن نحوى الْكُوفَةِ الْكِسَائِيِّ وَالْفَرَّاءِ وَهِشَامِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي وَاوِ الْعَطْفِ إِنَّهَا تُوجِبُ الْجَمْعَ وَتَدُلُّ عَلَى تَقْدِمَةِ الْمُقَدَّمِ فِي قَوْلِهِمْ أَعْطِ زَيْدًا وَعَمْرًا قَالُوا وَذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي فَائِدَةِ الْخِطَابِ مَعَ الْجَمْعِ قَالُوا وَلَوْ كَانَتِ الْوَاوُ تُوجِبُ الرُّتْبَةَ أَحْيَانًا وَلَا تُوجِبُهَا أَحْيَانًا وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ بَيَانِ مُرَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآيَةِ عَلَى مَا زَعَمَ مُخَالِفُونَا لَكَانَ فِي بَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ بِفِعْلِهِ مَا يُوجِبُهُ لِأَنَّهُ مُذْ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ مَاتَ لَمْ يَتَوَضَّأْ إِلَّا عَلَى التَّرْتِيبِ فَصَارَ ذَلِكَ فَرْضًا لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِمُرَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا احْتَمَلَ التَّأْوِيلُ مِنَ الْوُضُوءِ كَتَبْيِينِهِ عَدَدَ الصَّلَوَاتِ وَمِقْدَارَ الزَّكَوَاتِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ بَيَانِهِ لِلْفَرَائِضِ الْمُجْمَلَاتِ الَّتِي لَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّهَا مَفْرُوضَاتٌ فَمَنْ تَوَضَّأَ عَلَى غَيْرِ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُجِزْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَيْضًا وَقَدْ تَوَضَّأَ عَلَى التَّرْتِيبِ هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً إِلَّا بِهِ قَالُوا وَأَمَّا الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ فَغَيْرُ صَحِيحٍ عَنْهُمَا لِأَنَّ حَدِيثَ عَلَيٍّ انفرد به عبد الله بن عمرو

ابن هِنْدٍ الْجَمَلِيُّ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ وَالْمُنْقَطِعُ مِنَ الْحَدِيثِ لَا تَجِبُ بِهِ حُجَّةٌ قَالُوا وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَشَدُّ انْقِطَاعًا لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَا رَآهُ وَلَا أَدْرَكَهُ وَهُوَ أَيْضًا حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ وَمُحَمَّدَ بْنَ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيَّ رَوَيَاهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ مَا أُبَالِي بِأَيِّهِمَا بَدَأْتُ بِالْيُمْنَى أَوْ بِالْيُسْرَى وَرَوَاهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ لَا بَأْسَ أَنْ تَبْدَأَ بِيَدَيْكَ قَبْلَ رِجْلَيْكَ قَالُوا وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ أَثْبَتُ فِي ابْنِ جُرَيْجٍ مِنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ وَقَدْ تَابَعَهُ الْبُرْسَانِيُّ وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِهِمَا مَا يُوجِبُ تَقْدِيمًا وَلَا تَأْخِيرًا لِأَنَّ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى لَا تَنَازُعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي تَقْدِيمِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا نَسَقٌ بِوَاوٍ وَقَدْ جَمَعَهُمَا اللَّهُ بِقَوْلِهِ وَأَيْدِيكُمْ وَهَذَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ فَيُحْتَاجُ إِلَيْهِ قَالُوا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ أَنْتُمْ تقرؤون الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ مَشْهُورٌ ثَابِتٌ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالُوا فَهَذَا عَلِيٌّ قَدْ أَوْجَبَتْ عِنْدَهُ أَوِ الَّتِي هِيَ فِي أَكْثَرِ أحوالها بمعنى الواو القبل والبعد فالواو أو عِنْدَهُ أَحْرَى بِهَذَا وَأَوْلَى لَا مَحَالَةَ لِأَنَّ الْوَاوَ أَقْوَى عَمَلًا فِي الْعَطْفِ مِنْ أَوْ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَمِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ أَيْضًا مَا أَخْبَرَنَا بِهِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ

دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي إسماعيل ابن إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي حُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ عَلِمْتُ بِهِ مَا نَدِمْتُ عَلَى الْمَشْيِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ أَنْ لَا أَكُونَ مَشَيْتُ لِأَنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ حِينَ ذَكَرَ إِبْرَاهِيمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ قَالَ يَأْتُوكَ رِجَالًا فَبَدَأَ بِالرِّجَالِ قَبْلَ الرُّكْبَانِ فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْوَاوَ تُوجِبُ عِنْدَهُ الْقَبْلَ وَالْبَعْدَ وَالتَّرْتِيبَ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ ابن الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْعَوَّامِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ ابْنِ مُدْرَكٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجل ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا قَالَ ضَجَّ وَاللَّهِ الْقَوْمُ مِنَ الصِّغَارِ قَبْلَ الْكِبَارِ فَهَذَا أَيْضًا مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَوَاءٌ قَالُوا وَلَيْسَ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ فِي التَّقْدِمَةِ فِي مَعْنَى هَذَا الْبَابِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّهُمَا فَرْضَانِ مُخْتَلِفَانِ أَحَدُهُمَا فِي مَالٍ وَالثَّانِي فِي بَدَنٍ وَقَدْ يَجِبُ الْوَاحِدُ عَلَى مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْآخَرُ وَكَذَلِكَ الدِّيَةُ وَالرَّقَبَةُ شَيْئَانِ لَا يُحْتَاجُ فِيهِمَا إِلَى الرُّتْبَةِ وَأَمَّا الطَّهَارَةُ فَفَرْضٌ وَاحِدٌ مُرْتَبِطٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَكَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ اللَّذَيْنِ أُمِرْنَا بِالتَّرْتِيبِ فِيهِمَا قَالُوا وَالْفَرْقُ بَيْنَ جَمْعِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فِي الْعَطَاءِ وَبَيْنَ

أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ عَمْرٍو وَزَيْدٍ مَعًا فِي عَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ غَيْرُ مُتَمَكَّنٍ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ إِلَّا عَلَى الرُّتْبَةِ فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يُقَدَّمَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مُنْذُ افْتِرَاضِ اللَّهِ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَفَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ولو مرة واحدة لأنه كان خُيِّرَ فِي أَمْرَيْنِ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّ الرُّتْبَةَ فِي الْوُضُوءِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَدَّمَ السُّجُودُ عَلَى الرُّكُوعِ بِإِجْمَاعٍ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ الْوَاوَ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ فِي الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا مَعْطُوفَةٌ على الفاء في قوله افأغسلوا وُجُوهَكُمْ الْآيَةَ قَالُوا وَمَا كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى الْفَاءِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْفَاءِ بِوَاوٍ كَانَ مَعْطُوفًا أَوْ بِغَيْرِ وَاوٍ لِأَنَّ أَصْلَهُ الْعَطْفُ عَلَى الْفَاءِ وَحُكْمُهَا إِيجَابُ الرُّتْبَةِ وَالْعَجَلَةِ قَالُوا وَحُرُوفُ الْعَطْفِ كُلُّهَا قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهَا تُوجِبُ الرُّتْبَةَ إِلَّا الْوَاوَ فَإِنَّهُمْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِيهَا فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمُ أَخَوَاتِهَا مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ فِي إِيجَابِ التَّرْتِيبِ وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عز وجل يا مريم اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عِبَادَتُهَا فِي شَرِيعَتِهَا الرُّكُوعَ بَعْدَ السُّجُودِ فَإِنْ صَحَّ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَالْوَجْهُ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَهَا أَوَّلًا بِالْقُنُوتِ وَهُوَ الطَّاعَةُ ثُمَّ السُّجُودِ وَهِيَ الصَّلَاةُ بِعَيْنِهَا كَمَا قَالَ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ أَيْ أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ أَيِ اشْكُرِي مَعَ الشَّاكِرِينَ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فَخَرَّ رَاكِعًا أَيْ سَجَدَ شُكْرًا لِلَّهِ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِ الله عز وجل واركعوا وَاسْجُدُوا مَعَ إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْجُدَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ قَالُوا فَهَذِهِ الْوَاوُ قَدْ أَوْجَبَتِ الرُّتْبَةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إن الصفا والمروة من شَعَائِرِ اللَّهِ مَعَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ

نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ وَرَجَّحُوا قَوْلَهُمْ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي الصَّلَوَاتِ وَاجِبٌ وَهُوَ مَا قَالُوهُ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأَ عَلَى النَّسَقِ كَانَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً بِإِجْمَاعٍ قَالُوا وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ثُبُوتِ التَّرْتِيبِ فِي الْوُضُوءِ دُخُولُ الْمَسْحِ بَيْنَ الْغَسْلِ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ ذِكْرَ الرِّجْلَيْنِ وَأَخَّرَ مَسْحَ الرَّأْسِ لَمَا فُهِمَ الْمُرَادُ مِنْ تَقْدِيمِ الْمَسْحِ فَأَدْخَلَ الْمَسْحَ بَيْنَ الْغَسْلَيْنِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ لِيَثْبُتَ تَرْتِيبَ الرَّأْسِ قَبْلَ الرِّجْلَيْنِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَالَ فَاغْسِلُوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم وامسحوا برؤوسكم وَلَمَا احْتَاجَ أَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظٍ مُلْتَبِسٍ مُحْتَمِلٍ لِلتَّأْوِيلِ لَوْلَا فَائِدَةُ التَّرْتِيبِ فِي ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ تَقْدِيمَ ذِكْرِ الرَّأْسِ لَيْسَ عَلَى مَنْ جَعَلَ الرِّجْلَيْنِ مَمْسُوحَتَيْنِ فَلِفَائِدَةِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَرَدَتِ الْآيَةُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا جُمْلَةُ مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا مَا ادَّعَوْهُ عَنِ الْعَرَبِ وَنَسَبُوهُ إِلَى الْفَرَّاءِ وَالْكِسَائِيِّ وَهِشَامٍ فَلَيْسَ بِمَشْهُورٍ عَنْهُمْ وَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ الْوَاوَ إِنَّمَا تُوجِبُ التَّسْوِيَةَ وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنْ آيَةِ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ فَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ الْمَالَ إِذَا كَانَ مَأْمُونًا وَبَذَّرَ الْوَرَثَةُ فَنَفَّذُوا الْوَصِيَّةَ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ ثم أدو الدَّيْنَ بَعْدُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ إِعَادَةُ الْوَصِيَّةِ وَلَوْ نَفَّذُوا الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ مَا يُؤَدَّى مِنْهُ الدَّيْنُ وَكَانُوا قَدْ عَلِمُوا بِهِ ضَمِنُوا لِأَنَّهُمْ قَدْ تَعَدَّوْا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَلَسْنَا نُنْكِرُ إِذَا صَحِبَ الْوَاوَ بَيَانٌ يَدُلُّ عَلَى التَّقْدِمَةِ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِمَوْضِعِ الْبَيَانِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ حَقَّ الْوَاوِ فِي اللُّغَةِ التَّسْوِيَةُ لَا غَيْرَ حَتَّى يَأْتِيَ إِجْمَاعٌ يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَيُبَيِّنَ الْمُرَادَ فِيهِ وَالْإِجْمَاعُ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ مَعْدُومٌ بَلْ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ مَعَ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَمَّا مَا ادَّعَوْهُ مِنْ أَنَّ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآيَةِ بَيَانٌ كبيانه

رَكَعَاتِ الصَّلَوَاتِ فَخَطَأٌ لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ فَرْضُهَا مُجْمَلٌ لَا سَبِيلَ إِلَى الْوُصُولِ لِمُرَادِ اللَّهِ مِنْهَا إِلَّا بِالْبَيَانِ فَصَارَ الْبَيَانُ فِيهَا فَرْضًا بِإِجْمَاعٍ وليس آية الوضوء كذلك لنا لَوْ تُرِكْنَا وَظَاهِرُهَا كَانَ الظَّاهِرُ يُغْنِينَا عَنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا مُحْكَمَةٌ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنْ بَيَانٍ فَلَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ فِيهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَعَلَى الْأَفْضَلِ كَمَا كَانَ يَبْدَأُ بِيَمِينِهِ قَبْلَ يَسَارِهِ وَكَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِفَرْضٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ من شَعَائِرِ اللَّهِ مَعَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ نَبْدَأُ بم بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّا كَذَلِكَ نَقُولُ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ هَذَا الَّذِي هُوَ أَوْلَى وَلَسْنَا نَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِيمَنْ لَمْ يَبْدَأْ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ هَلْ يَفْسُدُ عَمَلُهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا وَقَدْ أَرَيْنَاهُمْ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِالدَّلَائِلِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ إِلَّا أَنْ يَصْحَبَهُ دَلِيلٌ يُدْخِلُهُ فِي حَيِّزِ الْفُرُوضِ ولو كان فرضا لقال ابدأوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ يَأْمُرُهُمْ بِذَلِكَ وَلَفْظُ الْأَمْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا يُؤْخَذُ مِنْ رِوَايَةِ من يحتج به وهذا الادخال والإحتجاج على غير مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا الْمَالِكِيِّينَ لِأَنَّهُمْ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ أَفْعَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوُجُوبِ أَبَدًا حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا أُرِيدُ بِهَا النَّدْبُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَارِجَةٌ عَلَى مَذْهَبِهِمْ عَنْ أَصْلِهِمْ هَذَا وَقَدْ يَنْفَصِلُ مِنْ هَذَا بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُحْتَجَّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لَا تُوجِبُ التَّرْتِيبَ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تُوجِبُ التَّرْتِيبَ لَمْ يَحْتَجْ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ الَّذِي نَزَلَ الْقُرْآنُ بِهِ فَلَوْ كَانَ مَفْهُومًا فِي فَحْوَى الْخِطَابِ أَنَّ الْوَاوَ تُوجِبُ الْقَبْلَ وَالْبَعْدَ مَا احْتَاجَ

رَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا بَيَّنَ لَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ كَانَ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَبْدَأَ فِيهِ بِالصَّفَا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَيِّنًا فِي الْخِطَابِ فَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ختلف الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ نَكَّسَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَبَدَأَ بِالْمَرْوَةِ قَبْلَ الصَّفَا فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ لَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُلْغِيَ ابْتِدَاءَهُ بِالْمَرْوَةِ وَيَبْنِي عَلَى سَعْيِهِ مِنَ الصَّفَا وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ وَقَالَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الِابْتِدَاءُ عِنْدَهُمْ بِالصَّفَا اسْتِحْبَابٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْ عَطَاءٍ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَلْغِي الشَّوْطَ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ مَنْ جَهِلَ ذَلِكَ أَجْزَأَ عَنْهُ وَالْحُجَّةُ لِمَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَأَمَّا تَرْجِيحُهُمْ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الصَّلَاةِ فَأَصْلٌ غَيْرُ مُطَّرِدٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَرَ ذَلِكَ حُجَّةً فِي اخْتِلَافِ نية المأمور وَالْإِمَامِ وَفِي الْجُمُعَةِ خَلْفَ الْعَبْدِ وَفِي الْوُضُوءِ بِمَا حَلَّ فِيهِ النَّجَاسَةُ إِذَا كَانَ فَوْقَ الْقُلَّتَيْنِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَهَذَا كُلُّهُ الِاحْتِيَاطُ فِيهِ غَيْرُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَرَ لِلِاحْتِيَاطِ مَعْنًى إِذْ قَامَ لَهُ الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فَكَذَلِكَ لَا مَعْنَى لِمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الِاحْتِيَاطِ مَعَ ظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمَشْهُورِ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ مَنْ فَعَلَ فِعْلَنَا كَانَ مُصَلِّيًا بِإِجْمَاعٍ فَهَذَا أَيْضًا أَصْلٌ لَا يُرَاعِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَعَ قِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى مَا ذُهِبَ إِلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ أَوْجَبَ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ فَظَنٌّ وَالظَّنُّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ مُتَكَرِّرٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ فِي قَوْلِهِمْ ذَلِكَ شَيْءٌ يَلْزَمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ

قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النَّجَادُ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ الْجَمَلِيُّ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ مَا أُبَالِي بِأَيِّ أَعْضَائِي بَدَأْتُ إِذَا أَتْمَمْتُ وُضُوئِي قَالَ عَوْفٌ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُبْدَأَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ الْمَضْمَضَةِ ثُمَّ الِاسْتِنْشَاقِ ثُمَّ الْوَجْهِ ثُمَّ الْيَدَيْنِ ثُمَّ الْمَسْحِ عَلَى الرَّأْسِ ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ قَالَ فَإِنْ قَدَّمَ شَيْئًا عَلَى شَيْءٍ فَلَا حَرَجَ وَهُوَ يَكْرَهُهُ قَالَ أَبُو عمر قول مالك في مثل قول عطا سَوَاءٌ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَرَ بِتَنْكِيسِ السَّعْيِ وَتَنْكِيسِ الطَّوَافِ بَأْسًا فَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَدَأَ بِالصَّفَا وَخَتَمَ بِالْمَرْوَةِ فِي السَّعْيِ وَطَافَ بِالْبَيْتِ عَلَى رُتْبَتِهِ ثُمَّ قَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَالْحَجُّ فِي الْكِتَابِ مُجْمَلٌ وَبَيَانُهُ لَهُ كَبَيَانِهِ لِسَائِرِ الْمُجْمَلَاتِ مِنَ الصَّلَوَاتِ وَالزَّكَوَاتِ إِلَّا أَنْ يُجْمَعَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَيُخْرَجَ بِدَلِيلِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ السِّكِينَةُ وَأَمَرَهُمْ بِالسَّكِينَةِ وَأَنْ يُوضَعُوا فِي وَادِي مُحَسِّرٍ وَأَمَرَهُمْ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ وَقَالَ (خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ لعلمي لَا أَحُجُّ بَعْدَ عَامِي هَذَا)

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مُتَّصِلٌ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا وَقَفَ عَلَى الصَّفَا يُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يَصْنَعُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَدْعُو وَيَصْنَعُ عَلَى الْمَرْوَةِ مِثْلَ ذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْمَشْيِ بَيْنَهُمَا وَالسَّعْيِ مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَفِيهِ أَنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مَوْضِعُ دُعَاءٍ تُرْجَى فِيهِ الْإِجَابَةُ وفيه أن الدعا يُفْتَتَحُ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَفِيهِ أَنَّ عَدَدَ التَّكْبِيرِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ثَلَاثٌ وَالتَّهْلِيلَ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ الدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ مَوَاقِفِ الْحَجِّ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ مُسْتَحَبٌّ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ وَرَجَاءِ الْإِجَابَةِ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَمَنْ زَادَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالذِّكْرِ فَلَا حَرَجَ وَأَحَبُّ إِلَى اسْتِعْمَالِ مَا فِيهِ عَلَى حَسَبِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَكَذَلِكَ أَحَبُّ لِلْمُرْتَقِي عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَعْلُوَ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَبْدُوَ لَهُ الْبَيْتُ لِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصْعَدُ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَبْدُوَ لَهُ الْبَيْتُ وَهُوَ حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ

فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا حَرَجَ وَكَذَلِكَ انْفَرَدَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا انْتَهَى إِلَى الْمَقَامِ قَرَأَ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فِيهِمَا بِفَاتِحَةِ الكتاب وقل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ عَادَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا فَقَالَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ وَالَّذِي انْفَرَدَ بِهِ الْوَلِيدُ وَأَغْرَبَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلُهُ لَمَّا انْتَهَى إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ قَرَأَ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَسَائِرُ ذَلِكَ فِي الْمُوَطَّأِ

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانَ إِذَا نَزَلَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَشَى حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ سَعَى حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا نَزَلَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَغَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ يَقُولُ إِذَا نَزَلَ مِنَ الصَّفَا مَشَى حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ سَعَى حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ وَلَا أَعْلَمُ لِرِوَايَةِ يَحْيَى وَجْهًا إِلَّا أَنْ تُحْمَلَ عَلَى مَا رَوَاهُ النَّاسُ لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ نَزَلَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ رَاكِبًا فَنَزَلَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَوْلُ غَيْرِهِ نَزَلَ مِنَ الصَّفَا وَالصَّفَا جَبَلٌ لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا ذَلِكَ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شُبِّهَ عَلَى يَحْيَى رِوَايَةُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طَافَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيَرَاهُ النَّاسُ وَلِيُشْرِفَ لَهُمْ ليسئلوه لِأَنَّ النَّاسَ غَشُوهُ وَهَذَا خَبَرٌ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ غَيْرُ ابْنِ جُرَيْجٍ وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظُ فِي هَذَا حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بِالْبَيْتِ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ ثَابِتَ الْإِسْنَادِ عِنْدَهُمْ صَحِيحًا فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَضَرُورَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعُذْرِ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَطَائِفَةٌ كَانَ شَاكِيًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ لِشِدَّةِ مَا غَشِيَهُ مِنَ السَّائِلِينَ لِيُشْرِفَ لَهُمْ وَيُعْلِمَهُمْ

وَيُفْهِمَهُمْ وَذَلِكَ فِي حِينِ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ لَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَدْ وَهَمَ فِيهِ ابْنُ جُرَيْجٍ حِينَ ذَكَرَ فِيهِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ طَافَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيَرَاهُ النَّاسُ وَلِيَسْأَلُوهُ فَإِنَّ النَّاسَ غَشُوهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ تَدْفَعُهُ الْآثَارُ الْمُتَوَاتِرَةُ عَنْ جَابِرٍ بِمِثْلِ رِوَايَةِ مَالِكٍ هَذِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ يَدْفَعُ أَنْ يَكُونَ رَاكِبًا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ! قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ يَعْنِي عَلَى الصَّفَا حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى وَالْوَجْهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي طَوَافِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِبًا إنه كان في طوف الْإِفَاضَةِ وَحِينَئِذٍ أَلَظَّ النَّاسُ بِهِ يَسْأَلُونَهُ وَفِي حَدِيثِ طَاوُسَ بَيَانُ ذَلِكَ رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ

يُهَجِّرُوا بِالْإِفَاضَةِ وَأَفَاضَ فِي نِسَائِهِ لَيْلًا فَطَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا اشْتَكَتْ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ طُوفِي رَاكِبَةً مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى كراهة الطوارف رَاكِبًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَنِّي لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِبُّونَ لِأَحَدٍ أَنْ يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى رَاحِلَةٍ رَاكِبًا وَلَوْ كَانَ طَوَافُهُ رَاكِبًا لِغَيْرِ عُذْرٍ لَكَانَ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا عِنْدَهُمْ أَوْ عِنْدَ مَنْ صَحَّ عِنْدَهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَطُوفَ أَحَدٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ فَأَمَّا مَالِكٌ فَلَا أَحْفَظُ لَهُ فِيهِ نَصًّا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ مَحْمُولًا أَوْ رَاكِبًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يُجْزِهِ وَأَعَادَ وَكَذَلِكَ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عِنْدِي فِي قَوْلِهِ بَلِ السَّعْيُ أو كد مَاشِيًا لِمَا وَرَدَ فِيهِ مِنِ اشْتِدَادِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَعْيِهِ مَاشِيًا عَلَى قَدَمَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ إِنَّهُ إِنْ سَعَى أَحَدٌ حَامِلًا صَبِيًّا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَجْزَأَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنِ الصَّبِيِّ إِذَا نَوَى ذلك وقال فِي الطَّائِفِ بِالْبَيْتِ مَحْمُولًا إِنْ رَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُهَرِيقَ دَمًا وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَوَاءٌ لَا يُجْزِئُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا رَاكِبًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ مَنْ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا لَمْ يُجْزِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ لَا يَرْكَبُ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَلَا يَسْعَى رَاكِبًا فَإِنْ فَعَلَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ مِنْ عُذْرٍ كَانَ ذَلِكَ أَوْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَذَكَرَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَعَطَاءً طَافَا رَاكِبَيْنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ سَعَى رَاكِبًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَعَادَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ وَإِنْ رَجَعَ إِلَى الْكُوفَةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَكَذَلِكَ

إِنْ طَافَ بِالْبَيْتِ رَاكِبًا عِنْدَهُ وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ لَوْ طَافَ بِأُمِّهِ حَامِلًا لَهَا أَجْزَأَهُ عَنْهُ وَعَنْهَا وَكَذَلِكَ لَوِ اسْتَأْجَرَتِ امْرَأَةٌ رَجُلًا يَطُوفُ بِهَا كَانَ الطَّوَافُ لَهُمَا جَمِيعًا وَكَانَتِ الْأُجْرَةُ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ أَسْعَدُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وأقيس في قول من أوجب السعي بن الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَرْضًا وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ شَاكِيًا فَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ مَكَّةَ وَهُوَ يَشْتَكِي فَطَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ اسْتَلَمَ بِمِحْجَنٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَنَاخَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ حِينَ اشْتَكَتْ إِلَيْهِ طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي السَّعْيِ

بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ هَلْ هُوَ مِنْ فُرُوضِ الْحَجِّ أَوْ مِنْ سُنَنِهِ فَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنِ اتَّبَعَهُمَا وَقَالَ بِقَوْلِهِمَا أَنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ لَا يَنُوبُ عَنْهُ الدَّمُ وَلَا بُدَّ مِنَ الْإِتْيَانِ بِهِ كَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ سَوَاءٌ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَإِنْ تَرَكَهُ أَحَدٌ مِنَ الْحُجَّاجِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بِلَادِهِ جَبَرَهُ بِالدَّمِ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ وَسُنَنُ الْحَجِّ تُجْبَرُ بِالدَّمِ إِذَا سَقَطَ الْإِتْيَانُ بِهَا هَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِثْلُهُ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا إِنْ تَرَكَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ تَرَكَ أَقَلَّ كَانَ عَلَيْهِ لِكُلِّ شَوْطٍ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ قَالُوا وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فِي الْعُمْرَةِ أَوْ فِي الْحَجِّ نَاسِيًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَقَالَ قَوْمٌ هُوَ فَرْضٌ فِي الْعُمْرَةِ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ فِي الْحَجِّ وَقَالَ طَاوُسُ مَنْ تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَهُمَا فَعَلَى عُمْرَةٍ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ عَطَاءٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ تَطَوَّعٌ وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجُّ عَرَفَاتٌ فَمَنْ أَدْرَكَهَا فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ قَالُوا فَصَارَ مَا سِوَاهُ يَنُوبُ عَنْهُ الدَّمُ قَالُوا وَإِنَّمَا السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ تَبَعٌ لِلطَّوَافِ كَمَا أَنَّ الْمَبِيتَ بِالْمُزْدَلِفَةِ تَبَعٌ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَلَمَّا نَابَ عَنِ الْمَبِيتِ بِجَمْعِ الدَّمِ فَكَذَلِكَ يَنُوبُ عَنِ السَّعْيِ الدَّمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَفَرْضٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمَبِيتُ أَوْ حُضُورُ الْمُزْدَلِفَةِ لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ بِهَا فَمُخْتَلَفٌ فِي فَرْضِهِ وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَرَوْنَهُ فَرْضًا وَسَيَأْتِي ذِكْرُ حُكْمِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمَبِيتِ بِجَمْعٍ فِي بَابِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْحُجَّةُ لِمَنْ

أَوْجَبَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَرْضًا عَلَى مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَصَارَ بَيَانًا لِمُجْمَلِ الْحَجِّ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا كَبَيَانِهِ لِرَكَعَاتِ الصَّلَوَاتِ وَمَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ إِذْ لَمْ يُتَّفَقْ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ أَوْ تَطَوُّعٌ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمَا فِي مُصْحَفِهِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا قِيلَ لَهُ لَيْسَ فِيمَا سَقَطَ مِنْ مُصْحَفِ الْجَمَاعَةِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِهِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُحْكَمُ بِأَنَّهُ قُرْآنٌ إِلَّا بِمَا نَقَلَتْهُ الْجَمَاعَةُ بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ وَأَحْسَنُ مَا رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا ذَكَرَهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ مَنَاةُ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ وَحَوْلَهَا الْفُرُوثُ وَالدِّمَاءُ مِمَّا يَذْبَحُ بِهَا الْمُشْرِكُونَ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا إِذَا أَحْرَمْنَا بِمَنَاةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَحِلَّ لَنَا فِي دِينِنَا أَنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا قَالَ عُرْوَةُ أَمَّا أَنَا فَلَا أُبَالِي أَلَّا أَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَتْ عَائِشَةُ لِمَ يَا ابْنَ أُخْتِي قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَكَانَ فَلَا جَنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا فَلَعَمْرِي مَا تَمَّتْ حَجَّةُ أَحَدٍ وَلَا عُمْرَتُهُ إِنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ وَقَالَ فِيهِ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ هَذَا الْعِلْمُ وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ

وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ هِشَامٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يُجْزِئُكِ أَوْ يَكْفِيكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لَمَا قَالَ يُجْزِئُكِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرَتْهُ عَائِشَةُ مَخْرَجُ نُزُولِ الْآيَةِ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ وَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِطَوَافِهِ بَيْنَ الصفا والمروة وقوله اسعو بينهما فإن لله كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ وَكَتَبَ بِمَعْنًى أَوْجَبَ كَقَوْلِ اللَّهِ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ وَكَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْخَمْسِ الصَّلَوَاتِ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير قال حدثنا سريج ابن النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفِيَّةَ

بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالنَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ وَرَاءَهُمْ وَهُوَ يَسْعَى حَتَّى أَرَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ وهو يقول اسعو فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ هَكَذَا قَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عَطَاءٍ وَبَيْنَ عَطَاءٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ فِي هذا الحديث عمر ابن عبد الرحمان بْنِ مُحَيْصِنٍ السَّهْمِيُّ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عمر بن عبد الرحمان السَّهْمِيِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تَجْرَاةَ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَتْ لَمَّا سَعَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ دَخَلْنَا فِي دَارِ آلِ أَبِي حُسَيْنٍ فِي نِسْوَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي بَطْنِ الْوَادِي وَهُوَ يقول اسعو فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهُ يُدِيرُهُ مِنْ شَدَّةِ السَّعْيِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ

ابن عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ الْعَابِدِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عبد الرحمن بن محيصن عن عطاء ابن أَبِي رَبَاحٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ أَخْبَرَتْنِي ابْنَةُ أَبِي تَجْرَاةَ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ قَالَتْ دَخَلْتُ مَعَ نِسْوَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ دَارَ أَبِي حُسَيْنٍ نَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَرَأَيْتُهُ يَسْعَى وَإِنَّ مِئْزَرَهُ لَيَدُورُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ حَتَّى أَقُولَ إِنِّي لَأَرَى رُكْبَتَيْهِ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فَأَخْطَأَ فِي إِسْنَادِهِ إِمَّا هُوَ وَإِمَّا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ نَظَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ وَلَكِنَّهُ أَخَطَأَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنَ الْإِسْنَادِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَعَلَ فِي مَوْضِعِ عُمَرَ بن عبد الرحمان عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي حُسَيْنٍ وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَسْقَطَ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ مِنَ الْإِسْنَادِ فَأَفْسَدَ إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا أَدْرِي مِمَّنْ هَذَا أَمِنْ أَبِي بَكْرٍ أَمْ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ وَمِنْ أَيِّهِمَا كَانَ فَهُوَ خَطَأٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ العوفي عن عبد الله ابن الْمُؤَمَّلِ فَجَعَلَهُ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوْفِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ الْمَكِّيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عمر بن عبد الرحمان بْنِ مُحَيْصِنٍ السَّهْمِيُّ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنِ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا حَبِيبَةُ بِنْتُ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ أَنَا وَنِسْوَةٌ مَعِي مِنْ قُرَيْشٍ قَالَتْ وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ

السَّلَامُ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ قَالَتْ وَإِنَّهُ لَيَسْعَى حَتَّى أني لارثى له وهو يقول لاصحابه اسعو فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ هَكَذَا قَالَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَأُسْقِطَ مِنْ إِسْنَادِ الْحَدِيثِ عَطَاءٌ وَالصَّحِيحُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ إِلَّا أَنَّ قَوْلَ أَبِي نُعَيْمٍ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَالصَّوَابُ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ المؤمل ليس ممن يحتج بحديثه لضفعه وَقَدِ انْفَرَدَ بِهَذَا الْحَدِيثُ قِيلَ لَهُ هُوَ سيء الْحِفْظِ فَلِذَلِكَ اضْطَرَبَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ وَمَا عَلِمْنَا لَهُ خَرِبَةً تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ جُلَّةِ الْعُلَمَاءِ وَفِي ذَلِكَ مَا يَرْفَعُ مِنْ حَالِهِ وَالِاضْطِرَابُ عَنْهُ لَا يُسْقِطُ حَدِيثَهُ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ عَلَى الْأَئِمَّةِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي رِوَايَتِهِمْ وَقَدِ اتَّفَقَ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ عَلَيْهِ وَهُمَا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَلَيْسَ مَنْ لَمْ يَحْفَظْ وَلَمْ يُقِمْ حُجَّةً عَلَى مَنْ أَقَامَ وَحَفِظَ وَمِمَّا يَشُدُّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ هَذَا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ بن حيكم عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ فَإِنَّهُ يُبَيِّنُ صِحَّةَ مَا قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ بُدَيْلٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنِ امْرَأَةٍ قَالَتْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْعَى فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ وَيَقُولُ لَا يُقْطَعُ الْوَادِي إِلَّا شَدًّا وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ العقيلي قال

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى النَّهْرُتِيرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ قَالَ أَخْبَرَنَا مَهْرَانُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الرَّازِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ تَمْلِكُ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ يَعْنِي الشَّيْبِيَّةَ قَالَتْ نَظَرْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي غُرْفَةٍ لِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهُوَ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ فَاسْعَوْا قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا الْقَوْلُ مَعَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَكْفِيكِ لِحَجَّتِكِ وَعُمْرَتِكِ يُوَضِّحُ وُجُوبَ السَّعْيِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَصْحَابِنَا فِيمَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ أَوْ تَرَكَ الْهَرْوَلَةَ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ ذَلِكَ خَفِيفٌ لَا شَيْءَ فِيهِ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَمْشِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ قَالَ إِنْ مَشَيْتُ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَمْشِي وَإِنْ سَعَيْتُ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَسْعَى وَرَوَى سُفْيَانُ أيضا عن عطاء

ابن السَّائِبِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ جُمْهَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهَ سَوَاءٌ وَزَادَ وَأَخْبَرَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ قَوِيٍّ عَلَى السَّعْيِ وَالْهَرْوَلَةِ وَالِاشْتِدَادِ تَرْكُهُ وَمَنْ كَانَ شَيْخًا ضَعِيفًا أَوْ مَرِيضًا فَاللَّهُ أَعْذَرَ بِالْعُذْرِ وَيُجْزِئُهُ الْمَشْيُ لِأَنَّ السَّعْيَ الْعَمَلُ وَقَدْ عَمِلَهُ بِالْمَشْيِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ قَدَّمَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ فَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يُجْزِئُهُ وَلَا يُعِيدُ السَّعْيَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنِ الثَّوْرِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ وَعَطَاءٍ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يُعِيدُ السَّعْيَ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ لَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ قَالَا يُعِيدُ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ جَمِيعًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُعِيدُ السَّعْيَ وَحْدَهُ لِيَكُونَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إِذَا خَرَجَ من مكة فابعد أو وطيء النِّسَاءَ فَقَالَ مَالِكٌ يَرْجِعُ فَيَطُوفَ وَيَسْعَى وَإِنْ كَانَ وَطِئَ النِّسَاءَ اعْتَمَرَ وَأَهْدَى يَعْنِي إِذَا كَانَ وَطْؤُهُ بَعْدَ رَمْيِهِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَبَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَرْجِعُ حَيْثُ كَانَ فيسعى ويهدي ولا معنى للعمرة ها هنا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ وَرُوِيَ عَنْهُ إِذَا بَلَغَ بِلَادَهُ أَهْدَى وَأَجْزَأَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا فَرْقَ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ بَيْنَ مَنْ نَسِيَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَبَيْنَ مَنْ قَدَّمَ السَّعْيَ عَلَى الطَّوَافِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالسَّعْيِ

عِنْدَهُمَا أَبَدًا وَإِنْ أَبْعَدَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنِ اخْتِلَافِهِمَا فِي إِعَادَةِ الطَّوَافِ مَعَهُ فَإِنْ وطيء كان عليه هدى بدنة عند الشافعي لا غير مَعَ الْإِتْيَانِ بِالسَّعْيِ وَكَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى وَيَعْتَمِرَ وَيُهْدِي وَكَذَلِكَ مَنْ نَسِيَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ بِالْبَيْتِ سَوَاءٌ عِنْدَهُمَا كَمَنْ نَسِيَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى أَصْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا فَرْقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا قال مالك في موطاه مَنْ نَسِيَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي عُمْرَةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى يَسْتَبْعِدَ مِنْ مَكَّةَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَيَسْعَى وَإِنْ أَصَابَ النِّسَاءَ فَلْيَرْجِعْ فَلْيَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يُتِمَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ أُخْرَى وَالْهَدْيُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا أَوْجَبَ مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْعُمْرَةَ وَالْهَدْيَ لِيَكُونَ سَعْيُهُ فِي إِحْرَامٍ صَحِيحٍ لَا فِي إِحْرَامٍ فَاسِدٍ بِالْوَطْءِ وَلِيَكُونَ طَوَافُهُ بِالْبَيْتِ فِي إِحْرَامٍ صَحِيحٍ لَا فِي إِحْرَامٍ فَاسِدٍ وَاللَّهُ أعلم

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ بَعْضَ هَدْيِهِ بِيَدِهِ وَنَحَرَ غَيْرُهُ بَعْضَهُ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الحديث عن علي وتابعه القعنبي فَجَعَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى ورواه ابن بكير وسعيد ابن عُفَيْرٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ وَأَبُو مُصْعَبٍ وَالشَّافِعِيُّ فَقَالُوا فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ وَأَرْسَلَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ لَمْ يَقُلْ عَنْ جَابِرٍ وَلَا عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ فِيهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي

رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرٍ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي الْحَجِّ وَإِنَّمَا جَاءَ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْهُ لَا أَحْفَظُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهَذَا الْمَتْنُ صَحِيحٌ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَحَدِيثِ عَلِيٍّ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنْ يَتَوَلَّى الرَّجُلُ نَحْرَ هَدْيِهِ بِيَدِهِ وَذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مُسْتَحَبٌّ مُسْتَحْسَنٌ لِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَلِأَنَّهَا قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمُبَاشَرَتُهَا أولى وجائز أن ينحر الهدى والضحايا غير صَاحِبُهَا أَلَا تَرَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَحَرَ بَعْضَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو أَمْرٌ لَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِي إِجَازَتِهِ فَأَغْنَى عَنِ الْكَلَامِ فِيهِ وَقَدْ جَاءَتْ رِوَايَةٌ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ نَحَرَ أضحيته غيره كان عليه الإعادة ولم يجزه وَهَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الْفَهْمِ عَلَى أَنَّهَا نُحِرَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا وَهُوَ مَوْضِعُ اخْتِلَافٍ وَأَمَّا إِذَا كَانَ صَاحِبُ الْهَدْيِ أَوِ الضَّحِيَّةِ قَدْ أَمَرَ بِنَحْرِ هَدْيِهِ أَوْ ذَبْحِ أُضْحِيَتِهِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي إِجَازَةِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وَكَّلَ غَيْرَهُ بِشِرَاءِ هَدْيِهِ فَاشْتَرَاهُ جَازَ بِإِجْمَاعٍ وَفِي نَحْرِ غَيْرِ رَسُولِ اللَّهِ هَدْيَهُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْوَكَالَةِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَإِذَا صَحَّ أَنَّهُ كَذَلِكَ صَحَّتِ الْوَكَالَةُ وَجَازَتْ فِي كُلِّ مَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْإِنْسَانُ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يُوَلِّيَهُ غَيْرَهُ فَيُنَفِّذَ فِيهِ فِعْلَهُ وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ فِي ذَلِكَ حَدِيثَ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ

حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ أُضْحِيَةً أَوْ قَالَ شَاةً فَاشْتَرَى لَهُ ثِنْتَيْنِ فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَأَتَى بِشَاةٍ وَدِينَارٍ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ فَكَانَ لَوِ اشْتَرَى تُرَابًا لَرَبِحَ فِيهِ وَهَكَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِنَحْوِ رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ نَحْوُ هَذَا الْمَعْنَى وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْوَكَالَةِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْوَكِيلِ يَشْتَرِي زِيَادَةً عَلَى مَا وُكِّلَ بِهِ هَلْ يَلْزَمُ الْأَمْرُ ذَلِكَ أَمْ لَا كَرَجُلٍ قَالَ لَهُ رَجُلٌ اشْتَرِ لِي بِهَذَا الدِّرْهَمِ رِطْلَ لَحْمٍ صِفَتُهُ كَذَا فَاشْتَرَى لَهُ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ مِنْ تِلْكَ الصِّفَةِ بِذَلِكَ الدِّرْهَمِ وَالَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ الْجَمِيعَ يَلْزَمُهُ إِذَا وَافَقَ الصِّفَةَ وَزَادَ مِنْ جِنْسِهَا لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعَضِّدُ قَوْلَهُمْ فِي ذَلِكَ وَهُوَ حَدِيثٌ جَيِّدٌ وَفِيهِ ثُبُوتُ صِحَّةِ مِلْكِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلشَّاتَيْنِ وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا أَخَذَ مِنْهُ الدِّينَارَ وَلَا أَمْضَى لَهُ الْبَيْعَ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ نُحِرَتِ أُضْحِيَتُهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ولا امره فروى عه انها لاتجزئ عن الذابح وسواء نوى ذبحا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ صَاحِبِهَا وَعَلَى الذَّابِحِ ضَمَانُهَا وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الذَّابِحَ لَهَا إِذَا كَانَ مِثْلَ الْوَلَدِ أَوْ بَعْضَ الْعِيَالِ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي رَجُلٍ تَطَوَّعَ عَنْ رَجُلٍ فَذَبَحَ لَهُ ضَحِيَّةً قَدْ أَوْجَبَهَا أَنَّهُ إِنْ ذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ مُتَعَمِّدًا لَمْ تُجْزِ عَنْ صَاحِبِهَا وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الذَّابِحَ فَإِنْ ضَمَّنَهُ إِيَّاهَا أَجْزَتْ عَنِ الضَّامِنِ وَإِنْ ذَبَحَهَا عَنْ صَاحِبِهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ أَجْزَتْ عَنْهُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا تُجْزِئُ وَيَضْمَنُ الذَّابِحُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُجْزِئُ عَنْ صَاحِبِهَا وَيَضْمَنُ الذَّابِحُ النُّقْصَانَ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ إِنْ ذَبَحَ رَجُلٌ ضَحِيَّةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ تُجْزِ عَنْهُ وَهُوَ ضَامِنٌ لِضَحِيَّتِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْوَلَدِ

أَوْ بَعْضَ الْعِيَالِ إِنَّمَا ذَبَحُوهَا عَلَى وَجْهِ الْكِفَايَةِ لَهُ فَأَرْجُو أَنْ تُجْزِئَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ إِذَا كَانُوا كَذَلِكَ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ وَلَمْ يَقُلْ أَرْجُو وَإِنْ أَخْطَأَ رَجُلَانِ فَذَبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَحِيَّةَ صَاحِبِهِ لَمْ تُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَيَضْمَنُ عِنْدَهُمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَةَ ضَحِيَّةِ صَاحِبِهِ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي الضَّحَايَا وَأَمَّا الْهَدْيُ فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ وَالْأَشْهُرُ عَنْهُ مَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الحكم وغيره أنه لو أخطأ رجلا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهَدْيِ صَاحِبِهِ أَجْزَأَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ وَهَذَا هُوَ تَحْصِيلُ الْمَذْهَبِ فِي الْهَدْيِ خَاصَّةً وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُعْتَمِرَيْنِ إِذَا أَهْدَيَا شَاتَيْنِ فَذَبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةَ صَاحِبِهُ خَطَأً أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُمَا وَيَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَةَ مَا ذَبَحَ وَائْتَنَفَا الْهَدْيَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا بَيْنَ قِيمَةِ مَا ذَبَحَ حَيًّا وَمَذْبُوحًا وَأَجْزَتْ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَتُهُ أَوْ هَدْيُهُ وَقَالَ الطَّبَرَيُّ يُجْزِئُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَتُهُ أَوْ هَدْيُهُ الَّتِي أَوْجَبَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الذَّابِحِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَّا أَنْ يَسْتَهْلِكَ شَيْئًا مِنْ لَحْمِهَا فَيَضْمَنَ مَا اسْتَهْلَكَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ أَوْ ذَبَحَ أَحَدُهُمَا يَعْنِي الْمُعْتَمِرَيْنِ شَاةَ صَاحِبِهِ عَنْ نَفْسِهِ ضَمِنَهَا وَلَمْ تُجْزِهِ وَذَبَحَ شَاتَهُ الَّتِي أَوْجَبَهَا وَغُرِّمَ لِصَاحِبِهِ قِيمَةَ شَاتِهِ الَّتِي ذَبَحَهَا وَاشْتَرَى صَاحِبُهُ شَاةً وَأَهْدَاهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَعْجَبُ إِلَيْنَا يَعْنِي الْمُعْتَمِرَيْنِ يَذْبَحُ أَحَدُهُمَا شَاةَ صَاحِبِهِ وَهُوَ قَدْ أَخْطَأَ بِهَا أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِيهِمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ بَعْضَ هَدْيِهِ بِيَدِهِ وَنَحَرَ غَيْرُهُ بَعْضَهْ وَغَيْرُهُ فِي هذا

الْمَوْضِعِ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَلِكَ صَحِيحٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَحَدِيثِ عَلِيٍّ أَيْضًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابن سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ وَهَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ فِي الْحَجِّ قَالَ ثُمَّ انْصَرَفَ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَنَحَرَ ثَلَاثًا وستين بدنة ثُمَّ أَعْطَى عَلَيًّا فَنَحَرَ سَائِرَهَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي الْحَجِّ مِثْلَهُ قَالَ فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بدنة ثم أعطى عليا فنحر ما غير وذكر الحديث وأخبرنا محمد ابن إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قال

حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَاقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ بَدَنَةٍ فَنَحَرَ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ وَنَحَرَ عَلِيٌّ مَا بَقِيَ ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُؤْخَذَ بَضْعَةٌ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ فَتُجْعَلَ فِي قِدْرٍ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَحَسَيَا مِنْ مَرَقِهَا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ الْهَادِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ بِهَدْيٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْهَدْيُ الَّذِي قَدِمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ مِائَةَ بَدَنَةٍ فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً وَنَحَرَ عَلِيٌّ سَبْعًا وَثَلَاثِينَ وَأَشْرَكَ عَلِيًّا فِي بُدْنِهِ ثُمَّ أَخَذَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بَضْعَةً فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطَبَخَهُ فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا هَكَذَا قَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ مِنْ تِلْكَ الْبُدْنِ الْمِائَةِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَنَحَرَ عَلِيٌّ بَقِيَّتَهَا إِلَّا سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ فَإِنَّهُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ وَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتًّا وَسِتِّينَ بَدَنَةً وَنَحَرَ عَلِيٌّ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَأَمَّا رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي ذَلِكَ فَحَدَّثَنَاهُ أَبُو محمد عبد الله بن محمد ابن عبد المؤمن قال حدثنا محمد بن بكر التَّمَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ

قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَيَعْلَى ابْنَا عُبَيْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مجاهد عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُدْنَهُ فَنَحَرَ ثَلَاثِينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ أَمَرَنِي فَنَحَرْتُ سَائِرَهَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ الرحمان بْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وأن أقسم جلالها وجلودها وإن لا أُعْطِيَ الْجَازِرَ مِنْهَا شَيْئًا وَقَالَ نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ أبي

نجيح عن مجاهد عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ وَحَدِيثُ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَتَمُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ مِنْ هَدْيِهِ الَّذِي سَاقَهُ فِي حَجَّتِهِ وَهَدْيُهُ ذَلِكَ كَانَ تَطَوُّعًا عِنْدَ كُلِّ مَنْ جَعَلَهُ مُفْرَدًا وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الْأَكْلِ مِنَ التَّطَوُّعِ إِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْأَكْلِ مِمَّا عَدَا هَدْيَ التَّطَوُّعِ فَقَالَ مَالِكٌ يُؤْكَلُ مِنْ كُلِّ هَدْيٍ سِيقَ فِي الْإِحْرَامِ إِلَّا جَزَاءَ الصيد فدية الْأَذَى وَمَا نُذِرَ لِلْمَسَاكِينِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَهُ الْإِطْعَامُ مِنَ الْهَدْيِ وَالنُّسُكِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْهُ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ مَا جُعِلَ لِلْمَسَاكِينِ وَلَا يَجُوزُ الأكل منه وما سوى ذلك يوكل مِنْهُ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَطْلَقَ الْأَكْلَ مِنَ الْبُدْنِ وَهِيَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يُمْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ أَوْ بِإِجْمَاعٍ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى إِبَاحَةِ الْأَكْلِ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ إِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ رُجُوعًا فِيهِ فَكَذَلِكَ كَلُّ هَدْيٍ إِلَّا مَا اجْتُمِعَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَأْكُلُ مِنْ هَدْيِ الْمُتْعَةِ وهدى التطوع إذا بلغ محله لا غير وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَأْكُلُ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَقَالَ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا إِنَّ ذَلِكَ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ لَا فِي الواجب بدليل الاجماع على انه لا يوكل مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى فَكَانَتِ الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ دَمٌ وَاجِبٌ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ أَجْلِ مَا أَتَاهُ الْمُحْرِمُ فَكُلُّ هَدْيٍ وَجَبَ عَلَى الْمُحْرِمِ بِسَبَبِ فِعْلٍ أَتَاهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ وَالْوَاجِبَاتُ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَالزَّكَاةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث السادس

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مُنْقَطِعٌ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ذَكَرَ الْمَجُوسَ فَقَالَ مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ فِي أَمْرِهِمْ فَقَالَ عَبْدُ الرحمان بْنُ عَوْفٍ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ لَمْ يَلْقَ عُمَرَ وَلَا عبد الرحمان بْنَ عَوْفٍ رَوَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ فِيهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَهُوَ مَعَ هَذَا أَيْضًا مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ لَمْ يلق عمر ولا عبد الرحمان ابن عَوْفٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ

أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْحُجَيْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ عُمَرُ مَا أَدْرِي ما أصنع بالمجوس فقال له عبد الرحمان بْنُ عَوْفٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُخَلَّدٍ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ بالمجوس أهل الذمة فقال عبد الرحمان بْنُ عَوْفٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ سُنَّتُهُمُ سُنَّةُ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْجِزْيَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ لَمْ يَقُلْ فِي هَذَا الإسناد عن

جَدِّهِ مِمَّنْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ مَالِكٍ غَيْرُ أَبِي عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ وَكَانَ ثِقَةً وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ جَعْفَرٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهُوَ مَعَ هَذَا كُلِّهِ مُنْقَطِعٌ وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ مُتَّصِلٌ مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ وَفِيهِ أَنَّ الْعَالِمَ الْحَبْرَ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ مَا يُوجَدُ عِنْدَ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْعِلْمِ وَهَذَا مَوْجُودٌ كَثِيرًا فِي عِلْمِ الْخَبَرِ الَّذِي لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِالتَّوْقِيفِ وَالسَّمْعِ فَإِذَا كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَبْلُغُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا سَمِعَ غَيْرُهُ مِنْهُ مَعَ مَوْضِعِهِ وَجَلَالَتِهِ فَغَيْرُهُ مِمَّنْ لَيْسَ مِثْلَهُ أَحْرَى أَلَّا يُنْكِرَ عَلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ وَلَا يُنْكَرَ عَلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ الْعَالِمَ إِذَا جَهِلَ شَيْئًا أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ السُّؤَالُ وَالِاعْتِرَافُ بِالتَّقْصِيرِ وَالْبَحْثِ حَتَّى يَقِفَ عَلَى حَقِيقَةٍ مِنْ أَمْرِهِ فِيمَا أُشْكِلَ عَلَيْهِ وَفِيهِ إِيجَابُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ وَأَنَّهُ حُجَّةٌ يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهَا وَالِانْقِيَادُ إِلَيْهَا أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْمَجُوسِ فَلَمَّا حدثه عبد بْنُ عَوْفٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَقَضَى بِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فَهُوَ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي خَرَجَ مَخْرَجَ الْعُمُومِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْخُصُوصُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْجِزْيَةِ وَعَلَيْهَا خَرَجَ الْجَوَابُ وَإِلَيْهَا أُشِيرُ بِذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ مُجْتَمِعُونَ عَلَى أَنْ لَا يُسَنَّ بِالْمَجُوسِ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي نِكَاحِ نِسَائِهِمْ وَلَا فِي ذَبَائِحِهِمْ إِلَّا شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِذَبْحِ الْمَجُوسِيِّ لِشَاةِ الْمُسْلِمِ إِذَا أَمَرَهُ الْمُسْلِمُ بِذَبْحِهَا بَأْسًا وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ وَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ عَنْهُ هُوَ خَبَرٌ شَاذٌّ وَقَدِ اجْتَمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى خِلَافِهِ وَلَيْسَتِ الْجِزْيَةُ مِنَ الذَّبَائِحِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ أَخْذَ

الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ صَغَارٌ وَذِلَّةٌ لِكُفْرِهِمْ وَقَدْ سَاوَوْا أَهْلَ الْكِتَابِ فِي الْكُفْرِ بَلْ هُمْ أَشَدُّ كُفْرًا فَوَجَبَ أَنْ يَجْرُوا مَجْرَاهُمْ فِي الذُّلِّ وَالصَّغَارِ وَأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ لَمْ تُؤْخَذْ مِنَ الْكِتَابِيِّينَ رِفْقًا بِهِمْ وَإِنَّمَا أُخِذَتْ منهم تقوية للمسلمين وذلا للكفارين فَلِذَلِكَ لَمْ يَفْتَرِقْ حَالُ الْكِتَابِيِّ وَغَيْرِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ ذَهَبُوا هَذَا الْمَذْهَبَ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ جَمِيعِهِمْ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا وليس نكاحن سائهم وَلَا أَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ مِنْ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَكْرُمَةً بِالْكِتَابِيِّينَ لِمَوْضِعِ كِتَابِهِمْ وَاتِّبَاعِهِمُ الرُّسُلَ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ مَنْ لَا كِتَابَ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَكْرُمَةِ هَذِهِ جُمْلَةٌ اعْتَلَّ بِهَا أَصْحَابُ مَالِكٍ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنَ الْمَجُوسِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ أَهْلِ الْبَحْرِينِ وَمِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَفَعَلَهُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ السَّوَادِ وَأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَخَذَهَا مِنَ الْبَرْبَرِ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عن سعيد ابن الْمُسَيَّبِ وَأَمَّا مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ فَإِنَّهُمَا جَعَلَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَلَمْ يَذْكُرَا سَعِيدًا وَرَوَاهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وقد ذكرناه في باب مراسل ابْنِ شِهَابٍ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَمَنْ لَا كِتَابَ لَهُ هَلْ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ تُقْبَلُ الْجِزْيَةَ مِنْ جَمِيعِ الْكُفَّارِ عَرَبًا كَانُوا

أَوْ عَجَمًا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ قَالَ وَتُقْبَلُ مِنَ الْمَجُوسِ بِالسُّنَّةِ وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ وَدَاوُدَ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ الْجِزْيَةُ لَا تُؤْخَذُ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمِنَ الْمَجُوسِ لَا غَيْرَ وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنَّ مُشْرِكِي الْعَرَبِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ السَّيْفُ وَتُقْبَلُ الْجِزْيَةُ مِنَ الْكِتَابِيِّينَ مِنَ الْعَرَبِ وَمِنْ سَائِرِ كُفَّارِ الْعَجَمِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِنَّ الْفَرَازِنَةَ وَمَنْ لَا دِينَ لَهُ مِنْ أَجْنَاسِ التُّرْكِ وَالْهِنْدِ وَعَبَدَةِ النِّيرَانِ وَالْأَوْثَانِ وَكُلَّ جَاحِدٍ وَمُكَذِّبٍ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ يُقَاتَلُونَ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ وَإِنْ بَذَلُوا الْجِزْيَةَ قُبِلَتْ مِنْهُمْ وَكَانُوا كَالْمَجُوسِ فِي تَحْرِيمِ مَنَاكِحِهِمْ وَذَبَائِحِهِمْ وَسَائِرِ أُمُورِهِمْ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كُلُّ عَجَمِيٍّ تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ إِنْ بَذَلَهَا وَلَا تُقْبَلُ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا مِنْ كِتَابِيٍّ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ يَذْهَبُ مَذْهَبَهُ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَقْتَضِي أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِمْ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ خُصُّوا بِالذِّكْرِ فَتَوَجَّهَ الْحُكْمُ إِلَيْهِمْ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَمْ يَقُلْ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ كَمَا قَالَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَنْ أَوْجَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى غَيْرِهِمْ قَالَ هُمْ فِي مَعْنَاهُمْ وَاسْتَدَلَّ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ وَلَيْسُوا بأهل كتاب

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجُوسِ سُنُّوا بهم سنة أهل الكتاب يعيني فِي الْجِزْيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَعَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ فَبَدَّلُوهُ وَأَظُنُّهُ ذَهَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى شَيْءٍ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ وَجْهٍ فِيهِ ضَعْفٌ يَدُورُ عَلَى أَبِي سَعْدٍ الْبَقَّالِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ شَيْخٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أَبُو سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ شَهِدَ ذَلِكَ أَحْسَبُهُ نَصْرَ بْنَ عَاصِمٍ أَنَّ الْمُسْتَوْرِدَ بْنَ غَفَلَةَ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَفَرْوَةَ بْنَ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيُّ فَقَالَ رَجُلٌ لَيْسَ عَلَى الْمَجُوسِ جِزْيَةٌ فَقَالَ الْمُسْتَوْرِدُ أَنْتَ تَقُولُ هَذَا وَقَدْ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مَجُوسِ هَجَرَ الْجِزْيَةَ وَاللَّهِ لَمَا أَخْفَيْتَ

أَخْبَثُ مِمَّا أَظْهَرْتَ فَذَهَبَ بِهِ حَتَّى دَخَلَا عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ فِي قَصْرِهِ جَالِسٌ فِي قُبَّةٍ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ زَعَمَ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمَجُوسِ جِزْيَةٌ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ فَقَالَ عَلِيٌّ اجْلِسَا فَوَاللَّهِ مَا عَلَى الْأَرْضِ الْيَوْمَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِذَلِكَ مِنِّي كَانَ الْمَجُوسُ اهل كتاب يقرؤونه وَعِلْمٍ يَدْرُسُونَهُ فَشَرِبَ أَمِيرُهُمُ الْخَمْرَ فَوَقَعَ عَلَى أُخْتِهِ فَرَآهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَتْ أُخْتُهُ إِنَّكَ قَدْ صَنَعْتَ بِهَا كَذَا وَكَذَا وَقَدْ رَآكَ نَفَرٌ لَا يَسْتُرُونَ عَلَيْكَ فَدَعَا أَهْلَ الطَّمَعِ فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ آدَمَ أَنْكَحَ بَنِيهِ بَنَاتَهُ فَجَاءَ أُولَئِكَ الَّذِينَ رَأَوْهُ فَقَالُوا وَيْلًا لِلْأَبْعَدِ إِنَّ فِي ظَهْرِكِ حَدًّا فَقَتَلَهُمْ وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدَهُ ثُمَّ جَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ بَلَى قَدْ رَأَيْتُكَ فَقَالَ لَهَا وَيْحًا لِبَغِيِّ بَنِي فُلَانٍ فَقَالَتْ أَجَلْ وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ بَغِيًّا ثُمَّ تُبْتُ فَقَتَلَهَا ثُمَّ أَسْرَى عَلَى مَا فِي قُلُوبِهِمْ وَعَلَى كِتَابِهِمْ فَلَمْ يُصْبِحْ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ مِنْهُ فَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمَجُوسَ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَأْبَوْنَ ذَلِكَ وَلَا يُصَحِّحُونَ هَذَا الْأَثَرَ وَالْحُجَّةُ لَهُمْ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قبلنا يعني اليهود والنصارى وقوله يا أهل الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ وقال يا أهل الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ هُمْ أَهْلُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى لَا غَيْرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَدِ احْتَجَّ مَنْ قَالَ إِنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يُعْلَمُ كِتَابُهُمْ عِلْمَ ظُهُورٍ وَاسْتِفَاضَةٍ وَأَمَّا الْمَجُوسُ فَعِلْمُ كِتَابِهِمْ عَلَى خُصُوصٍ وَالْآيَةُ مُحْتَمِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ عِنْدَهُمْ أَيْضًا وَأَيَّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ

الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمَجُوسَ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْهُمْ فَأَغْنَى عَنِ الْإِكْثَارِ فِي هَذَا وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ الْمَجُوسُ أَهْلُ كِتَابٍ قَالَ لَا وَأَمَّا الْآثَارُ الْمُتَّصِلَةُ الثَّابِتَةُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ فِي أَخْذِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ فَأَحْسَنُهَا إِسْنَادًا مَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أبا عبيدة ابن الْجَرَّاحِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا يَعْنِي الْبَحْرِينِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرِينِ فَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِالْمَالِ مِنَ الْبَحْرِينِ فَسَمِعَتِ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِهِ فَوَافَوْا صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا صَلَّى انْصَرَفَ فَعَرَضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ أظنكم سمعت بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَأَنَّهُ جَاءَ بِشَيْءٍ قَالُوا أَجَلْ فَقَالَ فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أخشى عليكم ولكم أَخْشَى أَنْ تُبَسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ

فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُلْهِيَكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخُرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ وذكر الحديث نحره وَفِي آخِرِهِ فَتَنَافَسُوا فِيهَا كَمَا تَنَافَسُوا فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْبَحْرَيْنِ لَعَلَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مَجُوسًا قِيلَ لَهُ رَوَى قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَتَبَ إِلَى مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ قُبِلَ وَمَنْ أَبَى وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَلَا تُوكَلُ لَهُمْ ذَبِيحَةٌ وَلَا تُنْكَحُ لَهُمُ امْرَأَةٌ وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ أَمَّا بَعْدُ فَسَلِ الْحَسَنَ يَعْنِي الْبَصَرِيَّ مَا مَنَعَ مَنْ قَبْلَنَا مِنَ الْأَئِمَّةِ أَنْ يَحُولُوا بَيْنَ الْمَجُوسِ وَبَيْنَ مَا يَجْمَعُونَ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَجْمَعُهُنَّ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبِلَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ الْجِزْيَةَ وَأَقَرَّهُمْ عَلَى مَجُوسِيَّتِهِمْ وَأَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْبَحْرَيْنِ الْعَلَاءَ بْنَ

الْحَضْرَمِيِّ وَفَعَلَهُ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ فَارِسَ وَأَنَّ عُثْمَانَ أَخَذَهَا مِنَ الْبَرْبَرِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ سُئِلَ أَتُوخَذُ الْجِزْيَةُ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ نَعَمْ أَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ وَعُمَرُ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ وَعُثْمَانُ مِنْ بَرْبَرٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَالَحَ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ عَلَى الْجِزْيَةِ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنَ الْعَرَبِ وَقَبِلَ الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ وَكَانُوا مَجُوسًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ إِلَّا أَنْ يَدِينُوا بِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْخَبَرَ الْمُرْسَلَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا مَعْمَرًا أَعْنِي قَوْلَهُ صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ عَلَى الْجِزْيَةِ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنَ الْعَرَبِ فَاسْتَثْنَى الْعَرَبَ وَإِنْ كَانُوا عَبَدَةَ أَوْثَانٍ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ وَهْبٍ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أُنْزِلَتْ فِي كُفَّارِ الْعَرَبِ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَأُنْزِلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ الْآيَةَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ

أَعْطَى الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَهْلُ نَجْرَانَ فِيمَا عَلِمْنَا وَكَانُوا نَصَارَى قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ثُمَّ قَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ الْجِزْيَةَ وَكَانُوا مَجُوسًا ثُمَّ أَدَّى أَهْلُ أَيْلَةَ وَأَهْلُ أَذْرُحَ وَأَهْلُ أَذْرِعَاتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَرُّوا لَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ ثُمَّ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أَهْلِ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ وَكَانُوا مِنْ عِبَادِ الْكُوفَةِ فَأَسَرَ رَأْسَهُمْ أُكَيْدِرَ فَقَاضَاهُ عَلَى الْجِزْيَةِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أُولَئِكَ كُلِّهِمْ قَبِلَ مِنْهُ الْإِسْلَامَ وَأَحْرَزَ لَهُ إِسْلَامُهُ نَفْسَهُ وَمَالَهُ إِلَّا الْأَرْضَ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَأَنَّ عُمَرَ ابن الْخَطَّابِ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ السَّوَادِ وَأَنَّ عُثْمَانَ أَخَذَهَا مِنْ بَرْبَرٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ أَهْلُ السَّوَادِ لَيْسَ لَهُمْ عَهْدٌ فَلَمَّا أَخَذَ مِنْهُمُ الْخَرَاجَ كَانَ لَهُمْ عَهْدٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَهْلُ الْعَهْدِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ سَوَاءٌ وَهُمْ أَهْلُ الْعَنْوَةِ يُقَرُّونَ بَعْدَ الْغَلَبَةِ عَلَيْهِمْ فِيمَا جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَفَاءَهُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ وَمِنْ أَرْضِهِمْ فَإِذَا أَقَرُّوهُمْ كَانُوا أَهْلَ عهد وذمة تضرب على رؤوسهم الْجِزْيَةُ مَا كَانُوا كُفَّارًا وَيُضْرَبُ عَلَى أَرْضِهِمُ الْخَرَاجُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهَا مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ عَنِ الْأَرْضِ بِإِسْلَامِ عَامِلِهَا فَهَذَا حُكْمُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَهُمْ أَهْلُ الْعَنْوَةِ الَّذِينَ غُلِبُوا عَلَى بِلَادِهِمْ وَأُقِرُّوا فِيهَا وَأَمَّا أَهْلُ الصُّلْحِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ يُؤَدُّونَهُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَرْضِهِمْ وَسَائِرِ ما يملكونه وليس عليهم غيرما صُولِحُوا عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَنْقُضُوا فَإِنْ نَقَضُوا فَلَا عَهْدَ لَهُمْ وَلَا ذِمَّةَ وَيَعُودُونَ حَرْبًا إِلَّا أَنْ يُصَالَحُوا بَعْدُ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا

عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ بَجَالَةَ يقول كنت كاتبا لجزى بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الْأَحْنَفِ فَأَتَانَا كِتَابَ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ قَالَ وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الْجِزْيَةَ من المجوس حتى شهد عبد الرحمان بْنَ عَوْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدَةَ قَالَ كُنْتُ كَاتِبًا لجزى بن معاوية على منادر فَقَدِمَ عَلَيْنَا كِتَابُ عُمَرَ أَنِ انْظُرْ وَخُذْ مِنْ مَجُوسِ مَنْ قِبَلَكَ الْجِزْيَةَ فَإِنَّ عَبْدَ الرحمان بْنَ عَوْفٍ أَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ الْجِزْيَةَ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدَةَ أن عبد الرحمان بْنَ عَوْفٍ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ الْجِزْيَةَ قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَرَأَيْتُ مِنْهُمْ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَمَكَثَ عِنْدَهُ مَا مَكَثَ ثُمَّ خَرَجَ فَقُلْتُ مَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ شَرٌّ قُلْتُ مَهْ قَالَ الْإِسْلَامُ أَوِ الْقَتْلُ قَالَ ابْنُ عباس فأخذ الناس بقول عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَتَرَكُوا قَوْلِي

قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ أَمْوَالَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا شَيْءَ فِيهَا ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَكَانَ عَامِلًا بِعَدَنَ فَقَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا فِي أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَالَ الْعَفْوُ قَالَ إِنَّهُمْ يَأْمُرُونَنَا بِكَذَا وَكَذَا قَالَ فَلَا تَعْمَلْ لَهُمْ قُلْتُ لَهُ فَمَا فِي الْعَنْبَرِ قَالَ إِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ فَالْخُمُسُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْعَنْبَرَ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَرَى فِي أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ شَيْئًا تَجَرُوا فِي بِلَادِهِمْ أَوْ فِي غَيْرِ بِلَادِهِمْ أَوْ لَمْ يَتَّجِرُوا وَلَا يَرَى عَلَيْهِمْ غَيْرَ جِزْيَةِ رُؤُوسِهِمْ وَقَدْ أَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِمَّا كَانُوا يَتَّجِرُونَ بِهِ وَيَخْتَلِفُونَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْبُلْدَانِ وَمَضَى على ذلك الخلفاء وكان عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ يَأْمُرُ بِهِ عُمَّالَهُ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْمِقْدَارِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُمْ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَرَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَأْخُذُ مِنَ النَّبَطِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ نِصْفَ الْعُشْرِ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكْثُرَ الْحَمْلُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَيَأْخُذُ مِنَ الْقِطْنِيَّةِ الْعُشْرَ وَرَوَى مَالِكٌ أَيْضًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ

يَزِيدَ قَالَ كُنْتُ عَامِلًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَلَى سُوقِ الْمَدِينَةِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَكَانَ يَأْخُذُ مِنَ النَّبَطِ الْعُشْرَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفَ الْعُشْرِ وَكَذَلِكَ رَوَى أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ مِنَ الْمُسْلِمِ رُبُعَ الْعُشْرِ وَمِنَ الذِّمِّيِّ نِصْفَ الْعُشْرِ وَمِنَ الْحَرْبِيِّ إِذَا دَخَلَ مِنَ الشَّامِ الْعُشْرَ وَبِهَذَا يَقُولُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَيَعْتَبِرُونَ النِّصَابَ فِي ذَلِكَ وَالْحَوْلَ فَيَأْخُذُونَ مِنَ الذِّمِّيِّ نِصْفَ الْعُشْرِ إِذَا كَانَ مَعَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَى الْحَوْلِ وَمِنَ الْمُسْلِمِ زَكَاةَ مَالِهِ الْوَاجِبَةَ رُبُعَ الْعَشْرِ هَذِهِ رِوَايَةُ الْأَشْجَعِيِّ عَنِ الثَّوْرِيِّ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو أُسَامَةَ أَنَّ الذِّمِّيَّ يُؤْخَذُ مِنْهُ مِنْ كُلِّ مِائَةِ دِرْهَمٍ خمسة دراهم فإن نقست مِنَ الْمِائَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ يُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَنِصَابِ الْمُسْلِمِ قَالَ مَالِكٌ يُؤْخَذُ مِنَ الذِّمِّيِّ كُلَّمَا تَجَرَ مِنْ بَلَدِهِ إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ كَمَا لَوْ تَجَرَ مِنَ الشَّامِ إِلَى الْعِرَاقِ أَوْ إِلَى مِصْرَ مِنْ قَلِيلِ مَا يَتَّجِرُ بِهِ فِي ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ كُلَّمَا تَجَرَ وَلَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ نِصَابٌ وَلَا حَوْلٌ وَأَمَّا الْمِقْدَارُ الْمَأْخُوذُ فَالْعُشْرُ إِلَّا فِي الطَّعَامِ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَإِنَّ فِيهِ نِصْفَ الْعُشْرِ عَلَى مَا فَعَلَ عُمَرُ وَلَا يؤخذ منهم إلامرة وَاحِدَةً فِي كُلِّ سَفْرَةٍ عِنْدَ الْبَيْعِ لِمَا جَلَبُوهُ فَإِنْ لَمْ يَبِيعُوا شَيْئًا وَدَخَلُوا بِمَالٍ نَاضٍّ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ حَتَّى يَشْتَرُوا فَإِنِ اشْتَرَوْا أُخِذَ مِنْهُمْ فَإِنْ بَاعَ مَا اشْتَرَى لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ أَقَامَ سِنِينَ وَعَبِيدُهُمْ كَذَلِكَ إِنْ تَجَرُوا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِثْلَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ سَادَاتِهِمْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُؤْخَذُ مِنَ الذِّمِّيِّ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَالْجِزْيَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ مَا أَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنَ الْمُسْلِمِ رُبُعَ الْعُشْرِ وَمِنَ

الذِّمِّيِّ نِصْفَ الْعُشْرِ وَمِنَ الْحَرْبِيِّ الْعُشْرَ اتِّبَاعًا لَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ كَيْفَ ادَّعَيْتَ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ نِكَاحَ الْمَجُوسِيَّاتِ وَقَدْ تَزَوَّجَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ مَجُوسِيَّةً قِيلَ لَهُ هَذَا لَا يَصِحُّ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً وَقَدْ كَرِهَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِحُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا خَشْيَةَ أَنْ يَظُنَّ النَّاسُ ذَلِكَ وَرَوَيْنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَهُوَ بِالْكُوفَةِ وَكَانَ نَكَحَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَكَتَبَ عُمَرُ أَنْ فَارِقْهَا فَإِنَّكَ بِأَرْضِ الْمَجُوسِ وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَقُولَ الْجَاهِلُ قَدْ تَزَوَّجَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَافِرَةً وَيَجْهَلُ الرُّخْصَةَ الَّتِي كَانَتْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَيَتَزَوَّجُوا نِسَاءَ الْمَجُوسِ فَفَارَقَهَا حُذَيْفَةُ وَإِجْمَاعُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ نِكَاحَ الْمَجُوسِيَّاتِ وَالْوَثَنِيَّاتِ وَمَا عَدَا الْيَهُودِيَّاتِ وَالنَّصْرَانِيَّاتِ مِنَ الْكَافِرَاتِ لَا يَحِلُّ يُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ فِي هَذَا ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ قَيْسِ بن مسلم عن الحسين ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَجُوسِ هَجَرَ يدعوهم إلا الْإِسْلَامِ فَمَنْ أَسْلَمَ قَبِلَ مِنْهُ وَمَنْ أَبَى كَتَبَ عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ وَلَا تُوكَلُ لَهُمْ ذَبِيحَةٌ وَلَا تُنْكَحُ لَهُمُ امْرَأَةٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مِقْدَارِ الْجِزْيَةِ فَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ لَا تَوْقِيتَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالطَّبَرِيُّ إِلَّا أَنَّ الطَّبَرِيَّ قَالَ أَقَلُّهُ دِينَارٌ وَأَكْثَرُهُ لَا حَدَّ لَهُ إِلَّا الْإِجْحَافَ وَالِاحْتِمَالَ قَالُوا الْجِزْيَةُ عَلَى قَدْرِ الاحتمال بغير

تَوْقِيتٍ يَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ وَلَا يُكَلِّفُهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ إِنَّمَا يُكَلِّفُهُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَسْتَطِيعُونَ وَيَخِفُّ عَلَيْهِمْ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ وَأَظُنُّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ عَلَى الْجِزْيَةِ وَبِمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِرَ دَوْمَةَ فَأَخَذَهُ وَأَتَى بِهِ فَحَقَنَ لَهُ دَمَهُ وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ وَبِحَدِيثِ السُّدِّيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مُصَالَحَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ نَجْرَانَ وَلِمَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَالَحَ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ عَلَى الْجِزْيَةِ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الْعَرَبِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْخَبَرَ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا مَعْمَرًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمِقْدَارُ فِي الْجِزْيَةِ دِينَارٌ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ مِنَ الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ لَا يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْءٌ وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا فِي الْجِزْيَةِ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُرَادَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو ثَوْرٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ صُولِحُوا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ جَازَ وَإِنْ زَادُوا وَطَابَتْ بِذَلِكَ أَنْفُسُهُمْ قُبِلَ مِنْهُمْ وَإِنَّ صُولِحُوا عَلَى ضِيَافَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ جَازَ إِذَا كَانَتِ الضِّيَافَةُ مَعْلُومَةً فِي الْخُبْزِ وَالشَّعِيرِ وَالتِّبْنِ وَالْإِدَامِ وَذَكَرَ عَلَى الْوَسَطِ مِنْ ذَلِكَ وَمَا عَلَى الموسر وذكر موضع النزول والكن من البر والبحر وَلَا يُقْبَلُ مِنْ غَنِيٍّ وَلَا فَقِيرٍ أَقَلُّ مِنْ دِينَارٍ لِأَنَّا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَالَحَ أَحَدًا عَلَى أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَخَذَ عُمَرُ الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِنَّمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ ضَرَائِبُهُ وَلَا بَأْسَ بِمَا صُولِحَ عَلَيْهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ

اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مُعَاذٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ يَعْنِي مُحْتَلِمًا دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مِنَ الْمَعَافِرِ ثِيَابٌ تَكُونُ بِالْيَمَنِ هَكَذَا قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مُعَاذٍ وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ فِي كُلِّ عَامٍ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مَعَافِرَ وَمِنَ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةٍ تَبِيعًا وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٍ وَهَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ وَجَمَاعَةٌ عَنِ الْأَعْمَشِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ بِإِسْنَادِهِ هَذَا وَهُوَ حديث صحيح وكذلك رواه عاصم بن بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذٍ وَقَالَ مَالِكٌ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ سَوَاءٌ لَا يُزَادُ وَلَا يُنْقَصُ عَلَى مَا فَرَضَ عُمَرُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ غَيْرُهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ اثْنَا عَشَرَ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ ضَرَائِبُ مُخْتَلِفَةٌ فَلِلْوَالِي أَنْ يَأْخُذَ بِأَيِّهَا شَاءَ إِذَا كَانُوا ذِمَّةً وَأَمَّا أَهْلُ الصُّلْحِ فَمَا صُولِحُوا عَلَيْهِ لَا غير

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ وَعَلَى أهل الورق أربعون دِرْهَمًا مَعَ ذَلِكَ أَرْزَاقُ الْمُسْلِمِينَ وَضِيَافَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَرَوَى إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ فَوَضَعَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ السَّوَادِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ ذَكَرْتُ عَنْ عُمَرَ ضَرَائِبَ مُخْتَلِفَةً عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ أُخِذُوا عَنْوَةً قَالَ الثَّوْرِيُّ وَذَلِكَ إِلَى الْوَالِي يَزِيدُ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ يُسْرِهِمْ وَيَضَعُ عَنْهُمْ بِقَدْرِ حَاجَتِهِمْ وَلَيْسَ لِذَلِكَ وَقْتٌ وَلَكِنْ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ الْوَالِي عَلَى قَدْرِ مَا يُطِيقُونَ فَأَمَّا مَا لَمْ يُؤْخَذْ عَنْوَةً حَتَّى صُولِحُوا صُلْحًا فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ عَلَى مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ وَالْجِزْيَةُ عَلَى مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فِي أَرْضِهِمْ وَأَعْنَاقِهِمْ وَلَيْسَ فِي أَمْوَالِهِمْ زَكَاةٌ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنْ لَا زَكَاةَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمَجُوسِ فِي شَيْءٍ مِنْ مَوَاشِيهِمْ وَلَا زَرْعِهِمْ وَلَا ثِمَارِهِمْ إِلَّا أَنَّ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ رَأَى تضعيف الصدقة على بني تغلب دون جزية وَهُوَ فِعْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِيمَا رَوَاهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى تَضْعِيفِ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي تَغْلِبَ دُونَ جِزْيَةٍ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالُوا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِنْ كُلِّ مَا

يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِ مَثَلًا مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِ حَتَّى فِي الرِّكَازِ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ خُمُسَانِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِ فِيهِ الْعُشْرُ أُخِذَ مِنْهُمْ عُشْرَانِ وَمَا أُخِذَ مِنَ الْمُسْلِمِ فِيهِ رُبُعُ الْعُشْرِ أُخِذَ مِنْهُمْ نِصْفُ الْعُشْرِ وَيُجْرَى ذَلِكَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَرِجَالِهِمْ بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ وَقَالَ زُفَرُ لَا شَيْءَ عَلَى نِسَاءِ بَنِي تَغْلِبَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَلَيْسَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْءٌ مَنْصُوصٌ وَمَذْهَبُهُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّ بَنِي تَغْلِبَ وَغَيْرَهُمْ سَوَاءٌ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ عَلَى أَنْ لَا يُنَصِّرُوا أَوْلَادَهُمْ وَقَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَا عَهْدَ لَهُمْ كَذَلِكَ قَالَ دَاوُدُ بْنُ كُرْدُوسَ وَهُوَ رَاوِيَةُ حَدِيثِ عُمَرَ فِي بَنِي تَغْلِبَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ عَمَّ اللَّهُ أَهْلَ الْكِتَابِ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ فَلَا وَجْهَ لِإِخْرَاجِ بَنِي تَغْلِبَ عَنْهُمْ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ إِنَّمَا تُضْرَبُ عَلَى الْبَالِغِينَ مِنَ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا أَسْلَمَ فَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إذا أسلم في بعض الحلول أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ حَوْلُهُ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ سَقَطَ عَنْهُ كُلُّ مَا لَزِمَهُ مِنَ الْجِزْيَةِ لِمَا مَضَى وَسَوَاءٌ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حَوْلٌ أَوْ أَحْوَالٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا انْقَضَتِ السَّنَةُ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ وَدَخَلَتْ سَنَةٌ أُخْرَى لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ لِمَا مَضَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ شُبْرُمَةَ إِذَا أَسْلَمَ فِي بَعْضِ السَّنَةِ أُخِذَ

مِنْهُ بِحِسَابٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ فَإِنْ أَفْلَسَ فَالْإِمَامُ غَرِيمٌ مِنَ الْغُرَمَاءِ وَقَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث السابع

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ مُرْسَلٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مُسْنَدًا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ الدَّبَّاغُ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ خَالِدٍ الْمَدَنِيُّ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قصي بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ خَالِدٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا مُسْنَدًا وَالصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مُرْسَلٌ فِي رِوَايَتِهِ وَقَدْ تَابَعَ عُثْمَانَ بْنَ خَالِدٍ الْعُثْمَانِيَّ عَلَى رِوَايَتِهِ هَذِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْكُوفِيُّ فَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرحمان بن رداد ومسكين ابن بُكَيْرٍ كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ

عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَالصَّحِيحُ عَنْ مَالِكٍ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَرَوَى أَبُو حُذَافَةَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا مُنْكَرًا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدَّثَنَاهُ خلف ابن الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُطَرِّزُ حَدَّثَنَا أحمد بن الحسن ابن هارون حدثنا أبو حذافة مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَقَدْ أَسْنَدَهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمَاعَةُ حُفَّاظٍ وَزِيَادَةُ الْحَافِظِ مَقْبُولَةٌ فَمِمَّنْ أَسْنَدَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثقفي ومحمد بن عبد الرحمان بْنِ رَدَّادٍ الْمَدَنِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حَيَّةَ وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وعمرو بن دينار جميعا عن محمد ابن عَلِيٍّ مُرْسَلًا فَأَمَّا حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عمر فحدثناه عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ لُؤْلُؤٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ علي ابن الْحَسَنِ الْقَافْلَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ

وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَمِيعٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَأَمَّا حَدِيثُ الثَّقَفِيِّ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَبُو مُوسَى قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد ابن يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَصْرِيُّ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَحَدَّثَنِي أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ وَأَمَّا حَدِيثُ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ فَحَدَّثَنِي بِهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ

أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ حَاتِمٍ الْعَلَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ أَيْضًا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقُ فَأَخْطَأَ فِيهِ جَعَلَهُ عَنْ يحيى بن سليم عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَيْهِ لِأَنَّ في االحديث عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَقَضَى بِهَا عَلِيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ رَدَّادٍ فَحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أحمد قال حدثنا محمد ابن أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الرحمان بْنِ رَدَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَزَّارُ وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى وَجْهَيْنِ فَقَالَ حَدَّثَنَا أحمد ابن الْمُطَّلِبِ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا بشر ابن معاذ حدثنا محمد بن عبد الرحمان بْنِ رَدَّادٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ هَكَذَا قَالَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ وَجَعَلَهُ لَهُ عَنْ جَعْفَرٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمان عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلَهُ فَجَعَلَهُ لِابْنِ رَدَّادٍ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ وَفِي ذَلِكَ مَا لَا يَخْفَى وَأَمَّا حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حَيَّةَ فَحَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ حَمَّادٍ الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حَيَّةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَهَذَا مَا فِي حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَإِرْسَالُهُ أَشْهَرُ وَفِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ آثَارٌ مُتَوَاتِرَةٌ حِسَانٌ ثَابِتَةٌ مُتَّصِلَةٌ أَصَحُّهَا إِسْنَادًا وَأَحْسَنُهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ حَدِيثٌ لامطعن لِأَحَدٍ فِي إِسْنَادِهِ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ فِي أَنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ سيف بن سليمان عن قيس بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ورواه محمد بن مسلم الطائفي عن عمر بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ يَحْيَى القطان سيف ابن سُلَيْمَانَ ثَبْتٌ مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْهُ وَقَالَ النَّسَائِيُّ هَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ سَيْفٌ ثِقَةٌ وَقَيْسٌ ثِقَةٌ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنِي سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَكِّيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ قَيْسِ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَضَى الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا بن الحباب قال حدثنا سيف ابن سُلَيْمَانَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ وَحَدَّثَنَا عبد الوارث ابن سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حدثنا ابن وضاح قال حدثنا عبد الرحمان بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ قالا حدثنا عبد الله بن الحرث قَالَ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ قَيْسِ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ قَالَ عَمْرُو فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْخَرَّازُ قال حدثنا عبد الله بن الحرث الْمَخْزُومِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ أحمد بن عمرو وحدثناه عبدة ابن عَبْدِ اللَّهِ وَرِزْقُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا سَيْفُ بن سليمان عن قيس بن سعد عن عَمْرِو ابْنِ ابْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً قَالَ أَبُو عُمَرَ خَرَّجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ ثِقَتَانِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِمَا لِشُهْرَتِهِمَا فِي الثِّقَةِ وَالْعَدَالَةِ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ واخبرنا عبد الله بن محمد ابن أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَامِعٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ وَذَكَرَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا

أبو زيد عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ الْعَبَّاسِ الْفَاكِهِيُّ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الدراوردي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمان عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ الدَّرَاوَرْدِيُّ ثُمَّ أَتَيْتُ سُهَيْلًا فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ عَنِّي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ نَسِيَ سُهَيْلٌ حَدِيثَهُ هَذَا ثُمَّ حَمَلَهُ الْوَرَعُ عَلَى أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَمِلْ إِلَى إِذْكَارِ رَبِيعَةَ إِيَّاهُ بِذَلِكَ فَكَانَ يَقُولُ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ أَنِّي حَدَّثْتُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَقُلْ هَذَا عَنْ سُهَيْلٍ أَحَدٌ إِلَّا الدَّرَاوَرْدِيُّ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْهُ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةُ حُفَّاظٍ عَنْ رَبِيعَةَ لَمْ يَقُولُوا فِيهِ مَا قَالَهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَلَى أَنَّهُ قد رواه جماعة عن الدراروردي فَلَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ وَقَدْ عَرَضَ ذَلِكَ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ نَسُوا مَا حَدَّثُوا بِهِ ثُمَّ رَوَوْهُ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ تَقَصَّيْنَا ذَلِكَ وَذَكَرْنَاهُ خَرَجْنَا عَنْ حَدِّ مَا قَصَدْنَا لَهُ فَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثْتَنِي أَنْتَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ وَيْحَ كَلِمَةُ رَحْمَةٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثْتَنِي أَنْتَ يَعْنِي مُعْتَمِرًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ إِنَّمَا كَسَرَ عُمَرُ النَّبِيذَ مِنْ شِدَّةِ حَلَاوَتِهِ قَالَ قَالَ مُعْتَمِرٌ فَأَمَّا أَنَا فَلَا أَحْفَظُهُ وحفظه أبي عنى أخبرنا أحمد

ابن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ مُجَاهِدٍ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ قَالَ لِي أَبِي أَنْتَ حَدَّثْتَنِي عَنِّي عَنْ فُلَانٍ أَنَّهُ قَالَ وَيْحَ بَابُ رَحْمَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ قَدْ عَرَضَ لَهُ كَالَّذِي عَرَضَ لِسُهَيْلٍ إِنْ صَحَّ مَا ذَكَرَ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَنِسْيَانُ سُهَيْلٍ وَغَيْرِهِ لَهُ لَا يَقْدَحُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّ الْعَدْلَ إِذَا رَوَى خَبَرًا عَنْ عَدْلٍ مِثْلِهِ حَتَّى يَتَّصِلَ لَمْ يَضُرَّ الْحَدِيثَ أَنْ يَنْسَاهُ أَحَدُهُمْ لِأَنَّ الْحُجَّةَ حِفْظُ مَنْ حَفِظَ وَلَيْسَ النسيان بحجة أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمان بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُقْرِئُ الْكِنْدِيُّ ببغداد

قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ حدثنا ربيعة بن أبي عبد الرحمان عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عبد الرحمان عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قال حدثنا سحنون ابن سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ

إِبْرَاهِيمَ الدِّيلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَا جميعا أخبرنا سليما بْنُ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرحمان عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ صَالِحٍ السُّبَيْعِيُّ الْحَلَبِيُّ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَرَوَاهُ زُهَيْرُ بن محمد عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَهُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بن حمزة ابن عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ

وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ زهير بن محمد عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ سَأَلَنِي عَنْهُ النَّسَائِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حدثنا محمد ابْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى وَبَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ الْمَدَنِيِّ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ أَبُو عمر زهير بن محمد عندهم سيء الْحِفْظِ كَثِيرُ الْغَلَطِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَعُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَالصَّوَابُ فِي حَدِيثِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سُهَيْلٍ وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن القاسم ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الْجُمَحِيُّ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ الْمُؤَذِّنُ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

قال حدثنا حماد بن سلم عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُهُ رَوَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ وَهُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ من غير حَدِيثَ سُهَيْلٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عبد الرحمان القرشي قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْحَلَبِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّائِيُّ بِحِمْصَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عليه قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَحَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَشُرَيْحًا قَضَيَا بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ

قال أبو عمر المغيرة بن عبد الرحمان انْفَرَدَ بِرِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ أَخْبَرَنِي أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ أَبُو عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغِفَارِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَرَوَاهُ عُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يحيى ابن أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ سَلَامٍ اليزيدي قال أخبرنا معن ابن عِيسَى الْقَزَّازُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مَعِينِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ كِتَابٌ وَجَدْتُهُ فِي كتب سعد بن عبادة أن عمارة ابن حَزْمٍ شَهِدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ

الشَّاهِدِ وَرَوَاهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ يَعِيشُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عمرو ابن شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي كُتُبِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فِي الْحُقُوقِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حدثنا

الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرحمان عَنِ ابْنٍ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ وَجَدْنَا فِي كُتُبِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مع الشاهد وذكر ابن وهب في موطاه عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ سعد بن عبادة عن أبيه أنه وَجَدُوا فِي كِتَابِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَحَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بن سعد بن عُبَادَةَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي كُتُبِ آبَائِهِ هَذَا مَا رَفَعَ أَوْ ذَكَرَ عَمْرُو 01080) بْنُ حَزْمٍ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَا بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ مَعَ أَحَدِهِمَا شَاهِدٌ لَهُ عَلَى حَقِّهِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَ صَاحِبِ الْحَقِّ مَعَ شَاهِدِهِ فَاقْتَطَعَ بِذَلِكَ حَقَّهُ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ قَالَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ عَنِ ابن جريح عن عمرو ابن شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرَ النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْأُشْنَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَرَوَاهُ سُرَّقٌ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ أَحْسَبُهُ ابْنَ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ سُرَّقٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرحمان الْقُرَشِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عِمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَزْدِيُّ الْحَافِظُ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ الْجَرَادِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بن زياد

الشَّعْرَانِيُّ وَأَبُو عَرُوبَةَ الْحَرَّانِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا يَحْيَى ابن حَكِيمٍ الْمُقَوِّمُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ مُسْلِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ سُرَّقٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِشَهَادَةِ رَجُلٍ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ التَّمْتَامُ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ رَجُلٍ كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُقَالُ لَهُ سُرَّقٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ شَاذَانَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ

هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ عَنْ سُرَّقٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى قَضَى بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَيَمِينِ الطَّالِبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَصَحُّ إِسْنَادٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهَا فَحِسَانٌ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ الْآثَارَ الْمَرْفُوعَةَ لَا غَيْرَ وَلَوْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ عَمَّنْ قَضَى بِذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنَ وَعُلَمَاءِ المسلمين لطال ذلك وممن روى عنه القضاء بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ مَنْصُوصًا مِنَ الصَّحَابَةِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَسَانِيدِ عَنْهُمْ ضَعْفٌ فَإِنَّا لَمْ نَذْكُرْهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْحُجَّةِ لِأَنَّ الْحُجَّةَ قَدْ لَزِمَتْ بِالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ وَلَا تَحْتَاجُ السُّنَّةُ إِلَى مَنْ يُتَابِعُهَا لِأَنَّ مَنْ خَالَفَهَا مَحْجُوجٌ بِهَا وَلَمْ يَأْتِ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ أَنْكَرَ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ بَلْ جَاءَ عَنْهُمُ الْقَوْلُ بِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِهِ جُمْهُورُ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرحمان وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةُ وَسَالِمٌ وَأَبُو بَكْرِ بن عبد الرحمان وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ وَأَبُو جَعْفَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو الزِّنَادِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي ذَلِكَ إِلَّا عُرْوَةُ فَإِنَّهُ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِيهِ عن ابن

شِهَابٍ فَقَالَ مَعْمَرٌ سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَقَالَ هَذَا شَيْءٌ أَحْدَثَهُ النَّاسُ لَا بُدَّ مِنْ شَهِيدَيْنِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَوَّلَ مَا وَلِيَ الْقَضَاءَ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَتْبَاعُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْأَثَرِ هُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ عِنْدِي خِلَافُهُ لِتَوَاتُرِ الْآثَارِ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِهِ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي كُلِّ الْبُلْدَانِ ولم يحتج في موطاه لِمَسْأَلَةٍ غَيْرِهَا وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ فِي الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالْمَدِينَةِ وَمِصْرَ وَغَيْرِهَا وَلَا يَعْرِفُ الْمَالِكِيُّونَ فِي كُلِّ بَلَدٍ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِهِمْ إِلَّا عِنْدَنَا بِالْأَنْدَلُسِ فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى تَرَكَهُ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يُفْتِي بِهِ وَلَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ وَخَالَفَ يَحْيَى مَالِكًا فِي ذَلِكَ مَعَ خِلَافِهِ السُّنَّةَ وَالْعَمَلَ بِدَارِ الْهِجْرَةِ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ لَا يُقْضَى بِالْعُهْدَةِ فِي الرَّقِيقِ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ خَاصَّةً أَوْ عَلَى مَنِ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ وَيُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فِي كُلِّ بَلَدٍ وَقَدْ أَفْرَدَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لِذَلِكَ كِتَابًا بَيَّنَ فِيهِ الْحُجَّةَ عَلَى مَنْ رَدَّهُ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا يُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَطَائِفَةٍ وَزَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ قَضَى بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَهَذَا غَلَطٌ وَظَنٌّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا وَلَيْسَ مَنْ نَفَى وَجَهِلَ كَمَنْ أَثْبَتَ وَعَلِمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ سَمَّيْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنَ وَلَيْسَ فيهم من يدع عِلْمَهُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ مَرْوَانَ قَضَى بِشَهَادَةِ ابْنِ عمر وحده لنبي صُهَيْبٍ يَعْنِي مَعَ أَيْمَانِهِمْ وَزَعَمَ بَعْضُ مَنْ رَدَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَرْوِيَّ فيه منسوخ

بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ قَالُوا وَلَمْ يَقُلْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَشَهَادَةٌ وَيَمِينٌ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا أَنَّ الْيَمِينَ إِنَّمَا جُعِلَتْ لِلنَّفْيِ لَا لِلْإِثْبَاتِ وَجَعَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا سَبِيلَ لِلْمُدَّعِي إِلَيْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَفِي هَذَا إِغْفَالٌ شَدِيدٌ وَذَهَابٌ عَنْ طَرِيقِ النَّظَرِ وَالْعِلْمِ وَمَا في قول عَزَّ وَجَلَّ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مَا يُرَدُّ بِهِ قَضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَإِنَّمَا فِي هَذَا أَنَّ الْحُقُوقَ يُتَوَصَّلُ إِلَى أَخْذِهَا بِذَلِكَ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إِلَيْهَا وَلَا تُسْتَحَقُّ إِلَّا بِمَا ذُكِرَ فِيهَا لَا غَيْرَ وَالْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ زِيَادَةُ حُكْمٍ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنَهْيِهِ عَنْ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَعَلَى خَالَتِهَا مَعَ قَوْلِ اللَّهِ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ وَكَنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ وَكُلِّ ذِي نَابٍ من السباع مَعَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لَا أَجِدُ فيما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ الْآيَةَ وَكَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْقُرْآنُ إِنَّمَا وَرَدَ بِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ مَسْحِهِمَا وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ وَلَوْ جَازَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْقُرْآنَ نَسَخَ حُكْمَ رَسُولِ اللَّهِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لَجَازَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْقُرْآنَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا وَفِي قَوْلِهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ نَاسِخٌ لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَبَيْعِ الْغَرَرِ وَبَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ إِلَى سَائِرِ مَا نَهَى عَنْهُ فِي الْبُيُوعِ وَلَجَازَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً نَاسِخٌ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا صَدَقَةَ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ وَهَذَا لَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ لِأَنَّ السُّنَّةَ مُبَيِّنَةٌ لِلْكِتَابِ زَائِدَةٌ عَلَيْهِ مَا أَذِنَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحُكْمِ بِهِ وَلَوْ

جَازَ ذَلِكَ لَارْتَفَعَ الْبَيَانُ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَفْتَرِضُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا شَاءَ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَةِ رَسُولِهِ أَمْرًا مُطْلَقًا وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ قَالُوا الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَمِنَ الْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ أَنَّا وَجَدْنَا الْيَمِينَ أَقْوَى مِنَ الْمَرْأَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَا مَدْخَلَ لَهُمَا فِي اللِّعَانِ واليمين تدخل في اللعان ولما اثبت أَنْ يُحْكَمَ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَرَجُلٍ فِي الْأَمْوَالِ كَانَ كَذَلِكَ الْيَمِينُ مَعَ شَهَادَةِ رَجُلٍ وَفِي الْأُصُولِ أَنَّ مَنْ قَوِيَ سَبَبُهُ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ فِي يَدِ أَحَدٍ حَلَفَ صَاحِبُ الْيَدِ فَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ وَمَا ذَكَرُوا مِنْ أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ حُكْمِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الدَّيْنِ يَنْتَقِضُ عَلَيْهِمْ بِالْإِقْرَارِ وَالنُّكُولِ وَمَعَاقِرِ الْقَمْطِ وَأَنْصَابِ اللَّبَنِ وَالْجُذُوعِ الْمَوْضُوعَةِ فِي الْحِيطَانِ فَإِنَّهُمْ قَدْ حَكَمُوا بِكُلِّ ذَلِكَ وَلَيْسَ مَذْكُورًا فِي الْآيَةِ فَإِذَا اسْتَجَازُوا أَنْ يَسْتَحْسِنُوا وَيَزِيدُوا عَلَى النَّصِّ ذَلِكَ كُلِّهِ اسْتِحْسَانًا فَكَيْفَ يُنْكِرُونَ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ بِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنِ الْخُلَفَاءِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَصَحِيحِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ وَالْأَمْرُ فِي هَذَا أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ فِيهِ إِلَى إِكْثَارٍ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْهُ كِفَايَةٌ لِمَنْ فَهِمَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خالد بن إِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ أَجَازَ شَهَادَةَ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ وَحْدَهُ يَعْنِي مَعَ

يَمِينِ الطَّالِبِ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ شُرَيْحًا أَجَازَ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ قَالَ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ شَهِدْتُ يَحْيَى بْنَ مَعْمَرٍ قَضَى بِذَلِكَ قَالَ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الْهَرَوِيُّ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُوسَى حدثنا محمد ابن عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَهُ فَهَؤُلَاءِ قُضَاةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَيْضًا يَقْضُونَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي زَمِنَ الصَّحَابَةِ وَصَدْرِ الْأُمَّةِ وَحَسْبُكَ بِهِ عَمَلًا مُتَوَارَثًا بِالْمَدِينَةِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الْهَرَوِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ وَيَمِينُ الطَّالِبِ وَقَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ مَعَ شَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ فَلَمَّا حَلَفَ مَعَ الرَّجُلِ حَلَفَ مَعَهُمَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَمِينَ إِلَّا مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

الحديث الثامن

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسِّلَ فِي قَمِيصٍ هَكَذَا رَوَاهُ سَائِرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا إِلَّا سَعِيدَ بْنَ عُفَيْرٍ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَإِنْ صَحَّتْ رِوَايَتُهُ فَهُوَ مُتَّصِلٌ وَالْحُكْمُ عِنْدِي فِيهِ أَنَّهُ مُرْسَلٌ عِنْدَ مَالِكٍ لِرِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ لَهُ عَنْ مَالِكٍ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ رُوِيَ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَرَوَاهُ الْوُحَاظِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ غُسِّلَ فِي قَمِيصٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَاغَنْدِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى الطَّبَّاعِ عَنْ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ إِلَّا أَنَّهُ خُولِفَ الْبَاغَنْدِيُّ فِي ذَلِكَ عَنْ إِسْحَاقَ فَأَمَّا الْمُوَطَّأُ فَهُوَ فِيهِ مُرْسَلٌ إِلَّا فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ صَحِيحٌ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ مَالِكٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ هَكَذَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ محمد ابن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ عَنْ أَبِيهِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قال سمعت عائشة ونقول لَمَّا أَرَادُوا غُسْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثِيَابِهِ كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا أَمْ نُغَسِّلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا أَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِمُ النُّوَّمَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ أَنِ اغْسِلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَغَسَّلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ وَيُدَلِّكُونَهُ

بِالْقَمِيصِ دُونَ أَيْدِيهِمْ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُهُ مَا غَسَّلَهُ إِلَّا نِسَاؤُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ السُّنَّةُ فِي الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ تَحْرِيمُ النَّظَرِ إِلَى عَوْرَتِهِمَا وَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ مَيِّتًا كَحُرْمَتِهِ حَيًّا فِي ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُغَسِّلَ مَيِّتًا إِلَّا وَعَلَيْهِ مَا يَسْتُرُهُ فَإِنْ غُسِّلَ فِي قَمِيصِهِ فَحَسَنٌ وَإِنْ سُتِرَ وَجُرِّدَ عَنْهُ قَمِيصُهُ وَسُجِّيَ بِثَوْبٍ غُطِّيَ بِهِ رَأْسُهُ وَسَائِرُ جِسْمِهِ إِلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ فَحَسَنٌ وَإِلَّا فَأَقَلُّ مَا يَلْزَمُ مِنْ سَتْرِهِ أَنْ تُسْتَرَ عَوْرَتُهُ وَيَسْتَحِبُّ الْعُلَمَاءُ أَنْ يُسْتَرَ وَجْهُهُ بِخِرْقَةٍ وَعَوْرَتُهُ بِأُخْرَى لِأَنَّ الْمَيِّتَ رُبَّمَا تَغَيَّرَ وَجْهُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ لِعِلَّةٍ أَوْ دَمٍ وَأَهْلُ الْجَهْلِ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَيَتَحَدَّثُونَ بِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا ثُمَّ لَمْ يُفْشِ عَلَيْهِ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَرُوِيَ النَّاظِرُ مِنَ الرِّجَالِ إِلَى فُرُوجِ الرِّجَالِ كَالنَّاظِرِ مِنْهُمْ إِلَى فُرُوجِ النِّسَاءِ وَالنَّاظِرُ وَالْمُنْكَشِفُ مَلْعُونٌ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ يُسْتَرُ مِنَ الْمَيِّتِ مَا يُسْتَرُ مِنَ الْحَيِّ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُغَسَّلَ الْمَيِّتُ وَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ فَضَاءٌ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا سُتْرَةٌ أخبرنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُمَحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حدثنا

إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ سَبَلَانُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الحرث أَنَّ عَلِيًّا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ وَعَلَى يَدِ عَلِيٍّ خِرْقَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مُسْتَحْسَنٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَأْخُذَ الْغَاسِلُ خِرْقَةً فَيَلُفُّهَا عَلَى يَدِهِ إِذَا أَرَادَ غَسْلَ فَرْجِ الْمَيِّتِ ليلا يُبَاشِرَ فَرْجَهُ بِيَدِهِ بَلْ يُدْخِلُ يَدَهُ مَلْفُوفَةً بِالْخِرْقَةِ تَحْتَ الثَّوْبِ الَّذِي يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ قَمِيصًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَيَغْسِلَ فَرْجَهُ وَيَأْمُرَ مَنْ يُوَالِي بِالصَّبِّ عَلَيْهِ حَتَّى يُنْفَى مَا هُنَالِكَ مِنْ قُبُلٍ وَدُبُرٍ وَعَلَى مَا وَصَفْنَا مِنَ الْعَمَلِ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ فِي بَابِ أَيُّوبَ وَإِنْ لَمْ يَلُفَّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً وَدَلَّكَهُ بِالْقَمِيصِ أَجْزَأَهُ إِذَا أَنْقَى وَلَا يُبَاشِرُ شَيْئًا مِنْ عَوْرَتِهِ بِيَدِهِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ الْتَمَسَ عَلِيٌّ رِضَى اللَّهُ عَنْهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُلْتَمَسُ مِنَ الْمَيِّتِ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَطِبْتَ مَيِّتًا قَالَ وَأَخْبَرَنَا بن جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ يُخْبِرُ قَالَ غُسِّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَمِيصٍ وَغُسِّلَ ثَلَاثًا كُلُّهُنَّ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَوَلِيَ عَلِيٌّ سِفْلَتَهُ وَالْفَضْلُ بن العباس

مُحْتَضِنُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْعَبَّاسُ يَصُبُّ الْمَاءَ وَعَلِيٌّ يَغْسِلُ سِفْلَتَهُ وَالْفَضْلُ يَقُولُ أَرِحْنِي أَرِحْنِي قطعت وتيني أني لجد شَيْئًا يَتَنَزَّلُ عَلَيَّ قَالَ وَغُسِّلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم من بير لِسَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ يُقَالُ لَهَا الْعُرْسُ بِقُبَاءٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَبُ مِنْهَا وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا تُوَفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُجِّيَ بِثَوْبٍ هَتَفَ هَاتِفٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَلَا يَرَوْنَ شَخْصَهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ الْآيَةَ إِنَّ فِي اللَّهِ خَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ وَعَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ فايت فَبِاللَّهِ فَثِقُوا وَإِيَّاهُ فَارْجُوا فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَتَوَلَّى غُسْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَبَّاسُ وَأَنَا وَالْفَضْلُ قَالَ عَلِيٌّ فَلَمْ أَرَهُ يَعْتَادُ فَاهُ فِي الْمَوْتِ مَا يَعْتَادُ أَفْوَاهَ الْمَوْتَى ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ عَلِيٌّ مِنْ غُسْلِهِ وَأَدْرَجَهُ فِي أَكْفَانِهِ كَشَفَ الْإِزَارَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَطِبْتَ مَيِّتًا انْقَطَعَ بِمَوْتِكَ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ بِمَوْتِ أَحَدٍ مِمَّنْ سَوِاكَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْأَنْبِيَاءِ خُصِّصْتَ حَتَّى صِرْتَ مُسَلِّيًا عَمَّنْ سِوَاكَ وَعُمِّمْتَ حَتَّى صَارَتِ الْمُصِيبَةُ فِيكَ سَوَاءً وَلَوْلَا أَنَّكَ أَمَرْتَ بالصبر ونهيت عن الجزع لانفذنا عليك الشؤن بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي اذْكُرْنَا عِنْدَ رَبِّكَ وَاجْعَلْنَا مِنْ هَمِّكَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى قَذَاةٍ فِي عَيْنِهِ فَلَفَظَهَا بِلِسَانِهِ ثُمَّ رَدَّ الْإِزَارَ عَلَى وَجْهِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ وَقَطَعَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْزَعْ عَنْهُ ذَلِكَ القميص وأنه

كُفِّنَ فِيهِ مَعَ الثَّلَاثَةِ الْأَثْوَابِ السُّحُولِيَّةِ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي يُغَسَّلُ فِيهِ الْمَيِّتُ لَيْسَ مِنْ ثِيَابِ أَكْفَانِهِ وَثِيَابُ الْأَكْفَانِ غَيْرُ مَبْلُولَةٍ وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ تَعْنِي لَيْسَ فِي أَكْفَانِهِ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَائِلُ ذَلِكَ مَالَ إِلَى رِوَايَةِ الْمُؤَمَّلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي قَمِيصٍ وَثَوْبَيْنِ صَحَارِيَّيْنِ مِنْ عَمَلِ عَمَّانَ وَهَذَا خَبَرٌ غَيْرُ مُتَّصِلٍ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ صَحِيحٌ مُسْنَدٌ وَالْحُجَّةُ بِهِ أَلْزَمُ فِي الْعَمَلِ وَكِلَاهُمَا لَا يَقْطَعُ الْعُذْرَ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ إِلَّا أَنَّ الْحَدِيثَ الْمُسْنَدَ يُوجِبُ الْعَمَلَ وَتَجِبُ بِهِ الْحُجَّةُ عند جَمِيعُ أَهْلِ الْحَقِّ وَالسُّنَّةِ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِمَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصُهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَحُلَّةٌ لَهُ نَجْرَانِيَّةٌ قِيلَ لَهُ هَذَا الْحَدِيثُ يَدُورُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا خُولِفَ فِيهِ أَوِ انْفَرَدَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَحْتَجُّ بِهِ فِي شَيْءٍ لِضَعْفِهِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ يُعَارِضُهُ وَيَدْفَعُهُ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ أَحَدُهَا قَمِيصُهُ الَّذِي غُسِّلَ فِيهِ

حدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى بْنِ نَجِيحٍ الطَّبَّاعُ وَأَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولِيَّةٍ كُرْسُفٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ كُرْسُفٌ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ صالح مولى التوءمة أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ غُسِّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَمِيصٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ كَانَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصٌ فَنُودُوا أَلَّا تَنْزِعُوهُ

الحديث التاسع

حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَجَلَسَ بَيْنَهُمَا هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا وَهُوَ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ هَلْ هُوَ فَرْضٌ أَمْ سُنَّةٌ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالْعِرَاقِيُّونَ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَّا الشَّافِعِيَّ الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ سُنَّةٌ فَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ فَرْضٌ وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا صَلَّى ظُهْرًا أَرْبَعًا وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْخُطْبَةِ هَلْ هِيَ مِنْ فُرُوضِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا وَقَدْ جَاءَ فِيهَا أَيْضًا عَنْ أَصْحَابِنَا أَقَاوِيلُ مُضْطَرِبَةٌ وَالْخُطْبَةُ عِنْدَنَا فِي الْجُمُعَةِ فَرْضٌ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا مِنْ بَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُجْمَلِ الْخِطَابِ فِي صَلَاةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتعالى يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذورا الْبَيْعَ فَأَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ بِفِعْلِهِ كَيْفَ هِيَ وَأَيَّ وَقْتٍ هِيَ وَبَيَانُهُ لِذَلِكَ فَرْضٌ كَسَائِرِ بَيَانِهِ لِمُجْمَلَاتِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَوَاتِ وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَأَوْقَاتِهَا وَفِي الزَّكَوَاتِ وَمَقَادِيرِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى وُجُوبِ الْخُطْبَةِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَرَكُوكَ قَائِمًا لِأَنَّهُ عَاتَبَ بِذَلِكَ الَّذِينَ تَرَكُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَانْفَضُّوا إِلَى التِّجَارَةِ الَّتِي قَدِمَتِ الْعِيسُ بِهَا في تلك

السَّاعَةِ وَعَابَهُمْ لِذَلِكَ وَلَا يُعَابُ إِلَّا عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ وَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ قَوْلٍ فِي وُجُوبِهَا لَازِمٌ أَيْضًا قَاطِعٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ مِنْ كَلَامٍ مُؤَلَّفٍ يَكُونُ فِيهِ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَصَلَاةٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَشَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ يُجْزِئُ وَلَا يُجْزِئُ عِنْدِي إِلَّا أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ وَأَمَّا تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ تَسْبِيحَةٌ أَوْ تَهْلِيلَةٌ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فَلَا وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي هَذَا شَيْئًا لَمْ أَرَ لِذِكْرِهِ وَجْهًا لِمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ صَحِيحِ الْقَوْلِ عِنْدَنَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا الْأَثَرُ الْمُتَّصِلُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ فَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْلِسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ قَالَ عَلِيٌّ وَحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ بِخُطْبَتَيْنِ قَائِمًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَائِمًا وَيَجْلِسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا وَكَانَ يَتْلُو في خطبته آيات القرآن

باب الحاء

باب الحاء حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ أَبُو عُبَيْدَةَ بَصْرِيٌّ وَهُوَ حُمَيْدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ مَوْلَى طَلْحَةَ الطَّلَحَاتِ وَهُوَ طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ قِيلَ كَانَ حُمَيْدٌ مِنْ سَبْيِ سَجْتَانَ وَقِيلَ مِنْ سَبْيِ كَابُلَ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِيهِ أَبِي حُمَيْدٍ فَقِيلَ طَرْخَانُ وَقِيلَ مِهْرَانُ وَقِيلَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ هو حميد ابن شرويه قال أَبُو نُعَيْمٍ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ حُمَيْدُ بْنُ ثِيرَوَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ سَمِعَ مِنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ وَأَكْثَرُ رِوَايَتِهِ عَنْ أَنَسٍ أَخَذَهَا عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ سَمِعَ مِنْ أَنَسٍ تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ قَالَهُ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حُمَيْدٍ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَكَانَ ثِقَةً رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ تَنَاوَلَ رَجُلٌ حُمَيْدًا الطَّوِيلَ عِنْدَ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ فَقَالَ أَكْثَرَ اللَّهُ فِينَا أَمْثَالَهُ قَالَ عَفَّانُ كَانَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ فَقِيهًا وَكَانَ هُوَ وَالْبَتِّيُّ

يُفْتِيَانِ فَأَمَّا الْبَتِّيُّ فَكَانَ يَقْضِي وَأَمَّا حُمَيْدٌ فَكَانَ يُصْلِحُ فَقَالَ حُمَيْدٌ لِلْبَتِّيِّ إِذَا جَاءَكَ الرَّجُلَانِ فَلَا تُخْبِرْهُمَا بِمُرِّ الْحَقِّ وَلَكِنْ أَصْلِحْ بَيْنَهُمَا احْمِلْ عَلَى هَذَا وَاحْمِلْ عَلَى هَذَا فَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ أَنَا لَا أُحْسِنُ سِحْرَكَ وَكَانَ حُمَيْدٌ رَفِيقًا وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ رَأَيْتُ حُمَيْدًا الطَّوِيلَ وَلَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ كَانَ طَوِيلَ الْيَدَيْنِ لِمَالِكٍ عَنْهُ مِنْ مَرْفُوعَاتِ الْمُوَطَّأِ سَبْعَةُ أَحَادِيثَ مُسْنَدَاتٍ وَوَاحِدٌ مَوْقُوفٌ لَمْ يُسْنِدْهُ عَنْ مَالِكٍ خَاصَّةً إِلَّا مَنْ لَا يُوثَقُ بِحِفْظِهِ

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِمَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ هَذَا حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ وَبَلَغَنِي عَنِ ابْنِ وَضَّاحٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّ مَالِكًا لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ فِي لَفْظِهِ وَزَعَمَ أَنَّ غَيْرَهُ يَرْوِيهِ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَافِرُونَ فَيَصُومُ بَعْضُهُمْ وَيُفْطِرُ بَعْضُهُمْ فَلَا يَعِيبُ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَنَّهُ كَانَ يُشَاهِدُهُمْ فِي حَالِهِمْ هَذِهِ وَهَذَا عِنْدِي قِلَّةُ اتِّسَاعٍ فِي عِلْمِ الْأَثَرِ وَقَدْ تَابَعَ عَلَى ذَلِكَ مَالِكًا جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ مِنْهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَأَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ كُلُّهُمْ رَوَوْهُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَاءً وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثُ أَنَسٍ هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى حَدِيثَ أَنَسٍ هَذَا عَلَى مَا قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ إِلَّا مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنِ الْقَطَّانِ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ أصحاب

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَعْلَمُهُ قَالَ إِلَّا فِي رَمَضَانَ مِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ فَلَا يَعِيبُ هَذَا عَلَى هَذَا هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ وَالَّذِي عَلَيْهِ الرُّوَاةُ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ وَسَائِرُ مَنْ سَمَّيْنَاهُ مِنَ الْحُفَّاظِ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَسَنَذْكُرُ الْآثَارَ فِي ذَلِكَ بِالْأَسَانِيدِ الْجِيَادِ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْقَوْلِ فِي مَعَانِيهِ وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ بِعَوْنِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ وُجُوهٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا رَدُّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الصَّائِمَ فِي رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ لَا يُجْزِئُهُ كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ بِذَلِكَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ صَامَ فِي السَّفَرِ قضى في الحضر وروى عن عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ أَنَّ الصَّائِمَ فِي السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَالْحَسَنِ أَنَّهُمَا قَالَا إِنَّ الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ عَزْمَةٌ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا وَحَدِيثُ هَذَا الْبَابِ يَرُدُّ هَذِهِ الْأَقَاوِيلَ وَيُبْطِلُهَا كُلَّهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خُذْ بِيُسْرِ اللَّهِ وَهَذَا مِنْهُ إِبَاحَةٌ لِلصَّوْمِ وَالْفِطْرِ لِلْمُسَافِرِ خِلَافَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا عَنْهُ وَعَلَى إِبَاحَةِ الصَّوْمِ والفطر للمسافر جماعة العلماء وأيمة الْفِقْهِ بِجَمِيعِ الْأَمْصَارِ إِلَّا مَا ذَكَرْتُ لَكَ عَمَّنْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ مَعَ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ هَذَا إِنْ ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهُ صَامَ فِي السَّفَرِ وَأَنَّهُ لَمْ يَعِبْ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ وَلَا عَلَى مَنْ صَامَ فَثَبَتَتْ حُجَّتُهُ وَلَزِمَ التَّسْلِيمُ لَهُ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْأَفْضَلِ مِنَ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ أَوِ الصَّوْمِ فِيهِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَرُوِّينَا

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ صَاحِبَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمَا قَالَا الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ أَفْضَلُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ لِأَنَّهُمَا قَالَا الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ أَحَبُّ إِلَيْنَا لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَاسْتَدْلَلْنَا أَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَحْسِنُوهُ إِلَّا أَنَّهُ أَفْضَلُ عِنْدَهُمْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنِ اتَّبَعَهُ هُوَ مُخَيَّرٌ وَلَمْ يُفَضِّلْ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الصَّوْمَ أَحَبُّ إِلَيْهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ أَنَّهُ لَا يُفَضِّلُ وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ الرُّخْصَةُ أَفْضَلُ وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُجَاهِدٌ وقتادة وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ إِنَّ الْفِطْرَ أَفْضَلُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَهُوَ الثَّابِتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَحَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حدثنا مالك ابن إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَدْ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ فَمَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ قَالَ عَلِيٌّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادِهِ حَدَّثَنَاهُ فَضْلُ بْنُ عَوْفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ

مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ يَذْكُرْ طَاوُسًا حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ حُذَيْفَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ لَا يَصُومُونَ فِي السَّفَرِ وَكَانَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ وَأَبُو وَائِلٍ يَصُومُونَ فِي السَّفَرِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ الصِّيَامَ فِي السَّفَرِ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلُهُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ بِرُخْصَةِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ التَّيْسِيرَ عَلَيْكُمْ فَمَنْ تَيَسَّرَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فَلْيَصُمْ وَمِنْ تَيَسَّرَ عَلَيْهِ الْفِطْرُ فَلْيُفْطِرْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مِمَّنْ يَمِيلُ إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الظَّاهِرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ الْبَرُّ أَوْ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنَ الْبِرِّ فَهُوَ مِنَ الْإِثْمِ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ لَا يُجْزِئُ فَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ خَرَجَ لَفْظُهُ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ رَجُلٌ رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ قَدْ ظَلَّلَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَجُودُ

بِنَفْسِهِ فَقَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ أَيْ لَيْسَ الْبِرُّ أَنْ يَبْلُغَ الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ وَاللَّهُ قَدْ رَخَّصَ لَهُ فِي الْفِطْرِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ صَوْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ وَلَوْ كَانَ الصَّوْمُ إِثْمًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمان ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ قَالَ جَابِرٌ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ تَبُوكَ لَيَسِيرُ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى إِذَا هُوَ بِجَمَاعَةٍ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فَقَالَ مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ فَقَالُوا رَجُلٌ صَامَ فَجَهَدَهُ الصَّوْمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لَيْسَ الْبِرُّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ محمد بن عبد الرحمان عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَسَنٍ أَوِ ابْنِ حُسَيْنٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ نحوه وأخبرنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْقَلْزُمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا

عبد الله بن علي ابن الجارود قال حدثنا عبد الله ابن هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شعبة قال حدثنا محمد بن عبد الرحمان عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ فَرَأَى رَجُلًا عَلَيْهِ زِحَامٌ وَقَدْ ظَلَّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا صَائِمٌ قَالَ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَوْ لَيْسَ الْبِرُّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ هَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ وَيُحْتَمَلُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ الْبِرَّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ أَيْ لَيْسَ هُوَ أَبَرُّ الْبِرِّ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْإِفْطَارُ أَبَرَّ مِنْهُ إِذَا كَانَ فِي حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ لِيَقْوَى عَلَيْهِ وَقَدْ يَكُونُ الْفِطْرُ فِي السَّفَرِ الْمُبَاحِ بِرَّا لِأَنَّ اللَّهَ أَبَاحَهُ وَنَظِيرُ هَذَا مِنْ كَلَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ لَيْسَ الْمِسْكِينَ الطَّوَّافُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَاللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ قِيلَ فَمَنِ الْمِسْكِينُ قَالَ الَّذِي لَا يَسْأَلُ وَلَا يَجِدُ مَا يُغْنِيهِ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّوَّافَ مِسْكِينٌ وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ غَيْرَ تَطْوَافِهِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدُّوا الْمِسْكِينَ وَلَوْ بِكَرَاعٍ مُحْرَقٍ وَرُدُّوا السَّائِلَ لَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ وَقَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ الْمِسْكِينَ لَيَقِفُ عَلَى بَابِي الْحَدِيثَ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الطَّوَّافَ مِنْهُمْ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ عَلَيْكُمْ مَعْنَاهُ لَيْسَ السَّائِلُ بِأَشَدِّ النَّاسِ مَسْكَنَةً لِأَنَّ الْمُتَعَفِّفَ الَّذِي لَا يسئل النَّاسَ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ أَشَدُّ مَسْكَنَةً مِنْهُ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لَيْسَ الْبِرَّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ مَعْنَاهُ لَيْسَ الْبِرُّ كُلُّهُ فِي

الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ لِأَنَّ الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ بِرٌّ أَيْضًا لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ بِرُخْصَةِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَيْسَ مِنَ البر فهو كقوله ليس البر ومن قَدْ تَكُونُ زَائِدَةً كَقَوْلِهِمْ مَا جَاءَنِي مِنْ أَحَدٍ أَيْ مَا جَاءَنِي أَحَدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَأَمَّا مَنِ احْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ عَزْمَةٌ فَلَا دَلِيلَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ ظاهر الكلام وسياقه إنا يَدُلُّ عَلَى الرُّخْصَةِ وَالتَّخْيِيرِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ إِجْمَاعُهُمْ أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا تَحَامَلَ عَلَى نَفْسِهِ فَصَامَ وَأَتَمَّ يَوْمَهُ أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ رُخْصَةٌ لَهُ وَالْمُسَافِرُ فِي التِّلَاوَةِ وَفِي الْمَعْنَى مِثْلُهُ وَالْكَلَامُ فِي هَذَا أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ فِيهِ إِلَى إِكْثَارٍ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَحَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَوَارِسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ السِّنْدِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَيَّاطِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَصَامَ قَوْمٌ وَأَفْطَرَ قَوْمٌ فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ وَحَدَّثَنَا احمد بن عبد الله ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمِنَّا

الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ لَا يَعِيبُ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ وَبِهِ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ لَا يَجِدُ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ يَرَوْنَ أَنَّهُ مَنْ وَجَدَ قُوَّةً فَصَامَ أَنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ جَمِيلٌ وَمَنْ وَجَدَ ضَعْفًا فَأَفْطَرَ فَكَذَلِكَ حَسَنٌ جَمِيلٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَتْحِ مَكَّةَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ لِتِسْعَ عَشْرَةَ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ فَصَامَ صَائِمُونَ وَأَفْطَرَ مُفْطِرُونَ فَلَمْ يَعِبْ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَمْ يَعِبْ عَلَى هَؤُلَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَعْنًى حَسَنٌ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْإِبَاحَةَ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنَّهُ لَمْ يَعِبْ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ وَهُوَ مِنْ أَصَحِّ إِسْنَادٍ جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ فِيهِ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ فِيهِ بِإِسْنَادِهِ لِثَمَانَ عَشْرَةَ وَقَدْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْعَقِبِ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَطِيَّةَ بن

قَيْسٍ عَنْ قَزَعَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ آذَنَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّحِيلِ عَامَ الْفَتْحِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ رَمَضَانَ فَخَرَجْنَا صُوَّامًا حَتَّى بَلَغْنَا الْكَدِيدَ فَأَمَرَنَا بِالْفِطْرِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ مِنْهُمُ الصَّائِمُ وَمِنْهُمُ الْمُفْطِرُ حَتَّى بَلَغْنَا مَرَّ الظَّهْرَانِ فَآذَنَنَا بِلِقَاءِ الْعَدُوِّ وَأَمَرَنَا بِالْفِطْرِ فَأَفْطَرْنَا جَمِيعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا هَذَا عَنْ عَطِيَّةَ وَالْآخَرُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَهُمَا صَحِيحَانِ وَفِي هَذَا الْبَابِ مَسَائِلُ الْفُقَهَاءِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِيهَا وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرًا

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أن عبد الرحمان ابن عَوْفٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا قَالَ زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ مِنْ مُسْنَدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَرَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ عن أنس عن عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ عبد الرحمان بن عوف وقد ذكرنا عبد الرحمان بْنَ عَوْفٍ بِمَا يَجِبُ مِنْ ذِكْرِهِ وَمَا يَنْبَغِي مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ خَبَرِهِ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ نِسَاءَهُ وَذُرِّيَّتَهُ وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بكَّارٍ الْمَرْأَةُ الَّتِي قَالَ رسول الله فيها لعبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ حِينَ تَزَوَّجَهَا مَاذَا أَصْدَقْتَهَا فَقَالَ زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ هِيَ ابْنَةُ أَنَسِ بْنِ رَافِعِ ابْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ الْأَنْصَارِيَّةُ وَلَدَتْ لَهُ الْقَاسِمَ وَأَبَا عُثْمَانَ قَالَ وَاسْمُ أَبِي عُثْمَانَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَبِهِ

أَثَرُ صُفْرَةٍ فَيُرْوَى أَنَّ الصُّفْرَةَ كَانَتْ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ إِلَّا فِي ثِيَابِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يُخْلِقَ جَسَدَهُ بِخَلُوقِ الزَّعْفَرَانِ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي لِبَاسِ الرَّجُلِ لِلثِّيَابِ الْمُزَعْفَرَةِ فَأَجَازَهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَكَرِهَ ذَلِكَ الْعِرَاقِيُّونَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ آثَارٌ مَرْوِيَّةٌ بِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ عَنِ السَّلَفِ وَآثَارٌ مَرْفُوعَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا الرِّوَايَةُ بِأَنَّ الصفرة كانت على عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ زَعْفَرَانًا فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سفيان ابن سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بن مالك يقول قدم عبد الرحمان بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ فَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَأَتَى السُّوقَ فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرُ صُفْرَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْيَمْ فَقَالَ عبد الرحمان تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ فَمَا سُقْتَ إِلَيْهَا قَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم رأى عبد الرحمان بْنَ عَوْفٍ وَعَلَيْهِ رَدْعُ زَعْفَرَانٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى

الله عليه وسلم ميهم قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً قَالَ مَا أَصْدَقْتَهَا قَالَ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَقَدْ بَانَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ مِنْ نَقْلِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الصُّفْرَةَ الَّتِي رَأَى رَسُولُ اللَّهِ بعبد الرحمان كَانَتْ زَعْفَرَانًا وَالْوَضَرُ مَعْرُوفٌ فِي الثِّيَابِ وَالرَّدْعُ صبغ الثياب بالزعفران قال الخيل الرَّدْعُ الْفِعْلُ وَالرَّادِعَةُ وَالْمُرَدَّعَةُ قَمِيصٌ قَدْ لَمَعَ بِالزَّعْفَرَانِ أَوْ بِالطِّيبِ فِي مَوَاضِعَ وَلَيْسَ مَصْبُوغًا كُلَّهُ إِنَّمَا هُوَ مُبَلَّقٌ كَمَا تُدْرِعُ الْجَارِيَةُ جيبها بالزعفران بلمىء كَفِّهَا وَقَالَ الشَّاعِرُ ... رَادِعَةٌ بِالْمِسْكِ أَرْدَانُهَا ... وَقَالَ الْأَعْشَى ... ... وَرَادِعَةٌ بِالْمِسْكِ صَفْرَاءُ عِنْدَنَا ... لِحُسْنِ النَّدَامَى فِي يَدِ الدِّرْعِ مُفْتَقِ ... يَعْنِي جَارِيَةً قَدْ جَعَلَتْ عَلَى ثِيَابِهَا فِي مَوَاضِعَ زَعْفَرَانًا وَأَمَّا الردع بِالْغَيْنِ الْمَنْقُوطَةِ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الطِّينِ وَالْحَمَاةِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي لِبَاسِ الثِّيَابِ الْمَصْبُوغَةِ بِالزَّعْفَرَانِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِلِبَاسِ الثَّوْبِ الْمُزَعْفَرِ وَقَدْ كُنْتُ أَلْبَسُهُ وَفِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَلْبَسُ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ بِالْمَشْقِ وَالْمَصْبُوغَ بِالزَّعْفَرَانِ وَتَأَوَّلَ مَالِكٌ وجماعة معه حديثه عن سعيد ابن أَبِي سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ إِنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِصُفْرَةِ الزَّعْفَرَانِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ خَالَفَهُ فِي تَأْوِيلِهِ ذَلِكَ فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي

سَعْدٍ وَقَدْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهِ وَرَأَيْتُهُ أَحَبَّ الطِّيبِ إِلَيْهِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهَبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصبغ بِهِ وَرَأَيْتُهُ أَحَبَّ الطِّيبِ إِلَيْهِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ كُلَّهَا بِالزَّعْفَرَانِ حتى العمامة وذكر أيضا عن هشام ابن سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ الدَّارِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَبْعَثُ بِقَمِيصِهِ وَرِدَائِهِ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ فَتَصْبُغُ لَهُ بِالزَّعْفَرَانِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بن القاسم ابن شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ عَنِ الْخَلُوقِ فَقَالَ قَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ يَتَخَلَّقُونَ

وَلَا يَرَوْنَ بِالْخَلُوقِ بَأْسًا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ هَذَا خَاصٌّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا فِي الثِّيَابِ دُونَ الْجَسَدِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَقَدْ كَرِهَ التَّزَعْفُرَ لِلرِّجَالِ فِي الْجَسَدِ وَالثِّيَابِ جَمَاعَةٌ مِنْ سَلَفِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ لِآثَارٍ رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ أَصَحُّهَا حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ بِبَغْدَادَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إن يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن يَتَزَعْفَرَ الرِّجَالُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَاهُمْ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّزَعْفُرِ لِلرِّجَالِ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَمَلُوا هَذَا عَلَى الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا الْجَسَدُ فَلَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله

الْأَسَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ ابن أَنَسٍ عَنْ جَدَّيْهِ قَالَا سَمِعْنَا أَبَا مُوسَى يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ رَجُلٍ فِي جَسَدِهِ شَيْءٌ مِنْ خَلُوقٍ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ وَقَدْ رَأَى عَلَيْهِ خَلُوقَ زَعْفَرَانٍ قَدْ خَلَّقَهُ بِهِ أَهْلُهُ فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ فَاغْسِلْ هَذَا عَنْكَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَحْضُرُ جِنَازَةَ الْكَافِرِ وَلَا الْمُتَضَمِّخِ بِالزَّعْفَرَانِ وَلَا الْجُنُبِ وَرَخَّصَ لِلْجُنُبِ فِي أَنْ يَتَوَضَّأَ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ وَلَمْ يَسْمَعْهُ يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ مِنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ بَيْنَهُمَا رَجُلٌ وَرَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ عَمَّارٍ أَيْضًا وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ثَلَاثَةٌ لَا تَقْرَبْهُمُ الْمَلَائِكَةُ جِيفَةُ الْكَافِرِ وَالْمُتَضَمِّخِ بِالْخَلُوقِ وَالْجُنُبُ إِلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ ذَكَرَ حَدِيثَ عَمَّارٍ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَذَكَرُوا أَيْضًا حَدِيثَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ كان يؤتى بالصبيان فيمسح رؤوسهم ويدعوا لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ قَالَ فَجِيءَ بِي إِلَيْهِ وَأَنَا مُخَلَّقٌ فَلَمْ يَمَسَّنِي مِنْ أَجْلِ الْخَلُوقِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ يُوسُفَ بن صهيب عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ لَا تَقْرَبُهُمُ الْمَلَائِكَةُ الْمُتَخَلِّقُ وَالسَّكْرَانُ وَالْجَنُبُ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَكِيمٍ هُوَ أَبُو بَكْرٍ الدَّاهِرِيُّ مَدَّنِيٌّ مُجْتَمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ حَدَّثَنِي يَعْلَى بْنُ مُرَّةَ هَكَذَا فِي كِتَابِ قَاسِمٍ وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ سَمِعَتُ رَجُلًا مِنْ آلِ أَبِي عَقِيلٍ يُكَنَّى أَبَا حَفْصِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رَآهُ مُتَخَلِّقًا فَقَالَ أَلَكَ امْرَأَةٌ قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ اذْهَبْ فَاغْسِلْهُ عَنْكَ ثُمَّ اغْسِلْهُ ثُمَّ اغْسِلْهُ قَالَ فَذَهَبْتُ فَغَسَلْتُهُ ثُمَّ غَسَلْتُهُ ثُمَّ غَسَلْتُهُ ثُمَّ لَمْ أَعُدْ حَتَّى السَّاعَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَأَمَّا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا أَرْكَبُ الْأُرْجُوَانَ وَلَا أَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ وَلَا أَلْبَسُ الْقَمِيصَ الْمُكَفَّفَ بِالْحَرِيرِ قَالَ وَأَوْمَأَ الْحَسَنُ إِلَى جَيْبِ قَمِيصِهِ وَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا وَطِيبُ الرِّجَالِ رِيحٌ لَا لَوْنَ لَهُ أَلَا وَطِيبُ النِّسَاءِ لَوْنٌ لَا رِيحَ لَهُ قَالَ سَعِيدٌ أَرَاهُ قَالَ إِنَّمَا حَمَلُوا قَوْلَهُ فِي طِيبِ النِّسَاءِ عَلَى أَنَّهَا إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ عِنْدَ زوجها فلتتطيب بِمَا شَاءَتْ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ هَذَا مَنْ كَرِهَ الْخَلُوقَ لِلرِّجَالِ لِأَنَّ لَوْنَهُ ظَاهِرٌ فَهَذَا مَا بَلَغَنَا فِي الْخَلُوقِ لِلرِّجَالِ مِنَ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذَاهِبَ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا الْمُعَصْفَرُ الْمُقَدَّمُ الْمُشَبَّعُ وَغَيْرُهُ فَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ مِنَ الرِّوَايَةِ وَالْمَذَاهِبِ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عند نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَخَتُّمِ

الذَّهَبِ وَلُبْسِ الْقِسِيِّ وَلُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ دُونَ أَنْ يُشَاوِرَ السُّلْطَانَ خَلِيفَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَلَا حَرَجَ وَلَا تَثْرِيبَ عَلَيْهِ أَلَا ترى أن عبد الرحمان بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ وَلَمْ يُشَاوِرْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَعْلَمَهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ إِنْكَارٌ وَلَا عِتَابٌ وَكَانَ عَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ مِنَ الْحِلْمِ وَالتَّجَاوُزِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا قَوْلُهُ حِينَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا قَالَ زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَالنَّوَاةُ فِيمَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ اسْمٌ لِحَدٍّ مِنَ الْأَوْزَانِ وَهُوَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ كَمَا أَنَّ الْأُوقِيَّةَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَالَنَّشُّ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَلَا أَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ خِلَافًا إِلَّا فِي النَّوَاةِ فَالْأَكْثَرُ أَنَّهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وزن النواة ثلاثة دراهم وثلث وَقَالَ إِسْحَاقُ بَلْ وَزْنُهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ النَّوَاةَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَوَاةُ التَّمْرَةِ وَأَرَادَ وَزْنَهَا وَهَذَا عِنْدِي لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ وَزْنَهَا مَجْهُولٌ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الصَّدَاقَ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعْلُومًا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَاتِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيِّينَ وَزِنَةُ النَّوَاةِ بِالْمَدِينَةِ رُبْعُ دِينَارٍ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ يُرْوَى عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ ان عبد الرحمان بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَصْدَقَهَا زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَوَّمَتْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَرُبْعًا وَهَذَا حَدِيثٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِضَعْفِ إِسْنَادِهِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا تَحْدِيدَ فِي أَكْثَرِ الصَّدَاقِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا وَاخْتَلَفُوا فِي أَقَلِّ الصَّدَاقِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَكُونُ الصَّدَاقُ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ ذَهَبًا أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ كَيْلًا وَاعْتَلَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِذَلِكَ بِأَنَّهَا أَقَلُّ مَا بَلَغَهُ فِي الصَّدَاقِ فَلَمْ يَتَعَدَّهُ وَجَعَلَهُ حَدًّا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ بُدٌّ مِنَ الْحَدِّ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ النَّاسَ وَقَلِيلَ الصَّدَاقِ كَمَا تُرِكُوا وَكَثِيرُهُ لَكَانَ الْفَلْسُ وَالدَّانِقُ ثَمَنًا لِلْبُضْعِ وَهَذَا لَا يَصْلُحُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى طَوْلًا وَلَا يُشْبِهُ الطَّوْلَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ

مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْآيَةَ وَلَوْ كَانَ الطَّوْلُ فَلْسًا وَنَحْوَهُ لَكَانَ كُلُّ أَحَدٍ مُسْتَطِيعًا لَهُ وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ اسْتِبَاحَةِ الْفُرُوجِ بِالْيَسِيرِ ثُمَّ جَاءَ حَدِيثُ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ فِي وَزْنِ النَّوَاةِ فَجَعَلَهُ حَدًّا لَا يُتَجَاوَزُ لِمَا يُعَضِّدُهُ مِنَ الْقِيَاسِ لِأَنَّ الفروج لاتستباح بِغَيْرِ بَدَلٍ وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الصَّدَاقِ الْمُقَدَّرِ كَالنَّفْسِ الَّتِي لَا تُسْتَبَاحُ بِغَيْرٍ بَدَلٍ فَقُدِّرَتْ دِيَتُهَا وَكَانَ أَشْبَهَ الْأَشْيَاءِ بِذَلِكَ قَطْعُ الْيَدِ لِأَنَّ الْبُضْعَ عُضْوٌ وَالْيَدَ عُضْوٌ يُسْتَبَاحُ بمقدر من المال وذلك ربع فَرَدَّ مَالِكٌ الْبُضْعَ قِيَاسًا عَلَى الْيَدِ وَقَالَ لَا يَجُوزُ صَدَاقٌ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تُقْطَعُ عِنْدَهُ مِنَ السَّارِقِ فِي أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَهُ إِلَى هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَاسَ الصَّدَاقَ عَلَى قَطْعِ الْيَدِ وَالْيَدُ عِنْدَهُ لَا تُقْطَعُ إِلَّا فِي دِينَارٍ ذَهَبًا أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ كَيْلًا وَلَا صَدَاقَ عِنْدَهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِهِ وَأَهْلُ مَذْهَبِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ بَلَدِهِ فِي قَطْعِ الْيَدِ لَا فِي أَقَلِّ الصَّدَاقِ وَقَدْ قَالَ الدَّرَاوَرْدِيُّ لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذْ قَالَ لَا صَدَاقَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ تَعَرَّقْتَ فِيهَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَيْ سَلَكْتَ فِيهَا سَبِيلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَقَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ لَا حَدَّ فِي قَلِيلِ الصَّدَاقِ كَمَا لَا حَدَّ فِي كَثِيرِهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَرَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ وَيَزِيدُ بن قسيط وابن أبي ذيب وَهَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لَوْ أَصْدَقَهَا سَوْطًا حَلَّتْ وَأَنْكَحَ ابْنَتَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَدَاعَةَ بِدِرْهَمَيْنِ وَقَالَ رَبِيعَةُ يَجُوزُ النِّكَاحُ بِصَدَاقِ دِرْهَمٍ وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ مَا تَرَاضَى بِهِ الْأَهْلُونَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْبُ وَالسَّوْطُ وَالنَّعْلَانِ صَدَاقٌ إِذَا رَضِيَتْ بِهِ وَأَجَازَ الصَّدَاقَ بِقَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِهِ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ

دِينَارٍ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ والحسن بن حي وعبيد ابن الْحَسَنِ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْهُمْ وَكِيعٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ صَاحِبُ مَالِكٍ كَانُوا يُجِيزُونَ النِّكَاحَ بِدِرْهَمٍ وَنِصْفِ دِرْهَمٍ وَكَانَ ابْنُ شُبْرُمَةَ لَا يُجِيزُ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَلَا تُقْطَعُ الْيَدُ عِنْدَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ لِشَيْءٍ أَوْ ثَمَنًا لَهُ جَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا قِيَاسًا عَلَى الْإِجَارَاتِ لِأَنَّهَا مَنَافِعُ طَارِئَةٌ عَلَى أَعْيَانٍ بَاقِيَةٍ وَأَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِالْإِجَارَاتِ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْبُضْعِ قَالُوا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِ قَطْعَ الْيَدِ قَالُوا وَلَا مَعْنًى لِمَنْ شَبَّهَ الْمَهْرَ الْيَسِيرَ بِمَهْرِ الْبَغِيِّ لِأَنَّ مَهْرَ الْبَغِيِّ لَوْ كَانَ قِنْطَارًا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَحِلَّ لِأَنَّ الزنى لَيْسَ عَلَى شُرُوطِ النِّكَاحِ بِالشُّهُودِ وَالْوَلِيِّ وَالصَّدَاقِ الْمَعْلُومِ وَمَا يَجِبُ لِلزَّوْجَاتِ مِنْ حُقُوقِ الْعِصْمَةِ وَأَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ الْأَعْرَابِ ... يَقُولُونَ تَزْوِيجٌ وَأَشْهَدُ أَنَّهُ ... هُوَ الْبَيْعُ إِلَّا أَنَّ مَنْ شَاءَ يَكْذِبُ ... ... وَسَنَزِيدُ هَذَا الْبَابَ بَيَانًا فِي بَابِ أَبِي حَازِمٍ عِنْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ شَيْبَةَ يَقُولُ كَانَ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ يَرَى التَّزْوِيجَ بِدِرْهَمٍ قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ وَكَانَ ابْنُ وَهْبٍ يَرَى التَّزْوِيجَ بِدِرْهَمٍ وَرُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ

جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمَ اضْطِرَابٌ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا أَقَلُّ الصَّدَاقِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَهَذِهِ الْأَقَاوِيلُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا اتِّفَاقٍ وَمَا خَرَجَ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ وَمَعَانِيهَا فَلَيْسَ بِعِلْمٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَلِيمَةَ مِنَ السُّنَّةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِهَا فَذَهَبَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ إِلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ لِقَوْلِهِ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَكَانَتْ مُقَدَّرَةً معلوم مَبْلَغُهَا كَسَائِرِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنَ الطَّعَامِ فِي الْكَفَّارَاتِ وَغَيْرِهَا قَالُوا فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مُقَدَّرًا خَرَجَ مِنْ حَدِّ الْوُجُوبِ إِلَى حَدِّ النَّدْبِ وَأَشْبَهَ الطَّعَامَ لِحَادِثِ السُّرُورِ كَطَعَامِ الْخِتَانِ وَالْقُدُومِ مِنَ السَّفَرِ وَمَا صُنِعَ شُكْرًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ الْوَلِيمَةُ وَاجِبَةٌ فَرْضًا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِهَا وَفَعَلَهَا وَأَوْعَدَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْمَسَاكِينُ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِحُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهَى فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا تُزْهَى قَالَ حَتَّى تَحْمَرَّ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَفِيمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ فِي الْمُوَطَّأِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى تَحْمَرَّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثِّمَارَ إِذَا بَدَأَ فِيهَا الِاحْمِرَارُ وَكَانَتْ مِمَّا تَطِيبُ إِذَا احْمَرَّتْ مِثْلَ ثَمَرِ النَّخْلِ وَشَبَهِهَا حَلَّ بَيْعُهَا وَقَبْلَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا إِلَّا عَلَى الْقَطْعِ فِي الْحِينِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاحْمِرَارُ الثَّمَرَةِ فِي النَّخْلِ هُوَ بَدُوُّ صَلَاحِهَا وَهُوَ وَقْتٌ لِلْأَمْنِ مِنَ الْعَاهَاتِ عَلَيْهَا فِي الْأَغْلَبِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْهَتْ وَاحْمَرَّتْ وَبَدَا صَلَاحُهَا أَلْفَاظٌ مُخْتَلِفَةٌ وَرَدَتْ فِي الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ مَعَانِيهَا كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ وَذَلِكَ إِذَا بَدَا طِيبُهَا وَنُضْجُهَا وَكَذَلِكَ سَائِرُ الثِّمَارِ إِذَا بَدَا صَلَاحُ الْجِنْسِ مِنْهَا وَطَابَ مَا يُؤْكَلُ مِنْهَا الطِّيبَ الْمَعْهُودَ فِي التِّينِ وَالْعِنَبِ وَسَائِرِ الثِّمَارِ جَازَ بَيْعُهَا عَلَى التَّرْكِ فِي شَجَرِهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ أَوَانُهَا بِطِيبِ جَمِيعِهَا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنَ الثِّمَارِ وَلَا الزَّرْعِ قَبْلَ بَدُوِّ صَلَاحِهِ إِلَّا عَلَى الْقَطْعِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي ذَلِكَ وَقَدْ أَرْجَأْنَا الْقَوْلَ فِيهِ إِلَى بَابِ نَافِعٍ فَهُنَاكَ تَرَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَفِيمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ فَيَزْعُمُ قوم أنه من قول أنس ابن مَالِكٍ وَهَذَا بَاطِلٌ بِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِذْ جَعَلُوهُ مَرْفُوعًا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد وروى

أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَتَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ قَوْمٌ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إِبْطَالِ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ لِأَنَّ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَقَوْلُهُ مَعَ ذَلِكَ أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ أَيْ إِذَا بِعْتُمُ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ طِيبِهَا وَمَنَعَهَا اللَّهُ كُنْتُمْ قَدْ رَكِبْتُمُ الْغَرَرَ وَأَخَذْتُمْ مَالَ الْمُبْتَاعِ بِالْبَاطِلِ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ فِي الثِّمَارِ أَنْ تَلْحَقَهَا الْجَوَائِحُ قَبْلَ ظُهُورِ الطِّيبِ فِيهَا فَإِذَا طَابَتْ أَوْ طَابَ أَوَّلُهَا أُمِنَتْ عَلَيْهَا الْعَاهَةُ فِي الْأَغْلَبِ وَجَازَ بَيْعُهَا لِأَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ أَمْرِهَا السَّلَامَةُ فَإِنْ لَحِقَتْهَا جَائِحَةٌ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا حُكْمٌ وَكَانَتْ كَالدَّارِ تُبَاعُ فَتَنْهَدِمُ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَفِعَ الْمُبْتَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا أَوِ الْحَيَوَانُ يُبَاعُ فَيَمُوتُ بِأَثَرِ قَبْضِ مُبْتَاعِهِ لَهُ أَوْ سَائِرُ الْعُرُوضِ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ السَّلَامَةُ فَمَا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ نَادِرًا لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ وَلَمْ يُعَرَّجْ عَلَيْهِ وَكَانَتِ الْمُصِيبَةُ مِنْ مُبْتَاعِهِ وَكَذَلِكَ الثَّمَرَةُ إِذَا بِيعَتْ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى مَا لَحِقَهَا مِنَ الْجَوَائِحِ لِأَنَّهُمْ قَدْ سَلِمُوا مِنْ عِظَمِ الْغَرَرِ وَلَا يَكَادُ شَيْءٌ مِنَ الْبُيُوعِ يَسْلَمُ مِنْ قَلِيلِ الْغَرَرِ فَكَانَ مَعْفُوًّا عَنْهُ قَالُوا فَإِذَا بِيعَتِ الثَّمَرَةُ فِي وَقْتٍ يَحِلُّ بَيْعُهَا ثُمَّ لَحِقَتْهَا جَائِحَةٌ كَانَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ جَذَبَ فَتَلِفَتْ كَانَتْ مُصِيبَتُهَا مِنَ الْمُبْتَاعِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا قِيلَ لَهُ وَمَا بُدُوُّ صَلَاحِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِذَا بَدَا صَلَاحُهَا ذَهَبَتْ عَاهَتُهَا وَبِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ عن أمه عمرة بنت عبد الرحمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنَ الْعَاهَةِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ ذَكَرَ الليث بن

سَعْدٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ ثَمَرًا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ ثُمَّ أَصَابَتْهُ عَاهَةٌ كَانَ مَا أَصَابَهُ عَلَى رَبِّهِ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَتَبَايَعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَلَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ بِالثَّمَرِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدُ بْنِ سَلَامَةَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أخبرنا محمد ابن إسماعيل عن ابن أبي ذئيب عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَذْهَبَ الْعَاهَةُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُرَاقَةَ فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ مَتَى ذَلِكَ فَقَالَ طُلُوعُ الثُّرَيَّا وَرَوَى الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عِسْلِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طَلَعَتِ الثُّرَيَّا صَبَاحًا رُفِعَتِ الْعَاهَةُ عَنْ أَهْلِ الْبَلَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ

ابن أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ وَعَفَّانُ قَالَا حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عِسْلِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا طَلَعَ النَّجْمُ صَبَاحًا قَطُّ وَبِقَوْمٍ عَاهَةٌ إِلَّا رُفِعَتْ عَنْهُمْ أَوْ خَفَتْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ عَلَى الْأَغْلَبِ وَمَا وَقَعَ نَادِرًا فَلَيْسَ بِأَصْلٍ يُبْنَى عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ وَالنَّجْمُ هُوَ الثُّرَيَّا لَا خِلَافَ ها هنا في ذلك وطولعها صباحا لا ثنتي عَشْرَةَ لَيْلَةً تَمْضِي مِنْ شَهْرِ أَيَارٍ وَهُوَ شَهْرٌ مَايٍ فَنَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا مَعْنَاهُ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ من بيوعا الْغَرَرِ لَا غَيْرَ فَإِذَا بَدَا صَلَاحُهَا ارْتَفَعَ الْغَرَرُ فِي الْأَغْلَبِ عَنْهَا كَسَائِرِ الْبُيُوعِ وَكَانَتِ الْمُصِيبَةُ فِيهَا مِنَ الْمُبْتَاعِ إِذَا قَبَضَهَا عَلَى أُصُولِهِمْ فِي الْمَبِيعِ أَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُبْتَاعُ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِيمَنِ ابْتَاعَ ثَمَرَةً مِنْ نَخْلٍ أَوْ سَائِرِ الْفَوَاكِهِ وَالثَّمَرَاتِ فَقَبَضَ ذَلِكَ بِمَا يُقْبَضُ بِهِ مِثْلُهُ فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَأَهْلَكَتْهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ كَانَ ثُلُثًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَالْمُصِيبَةُ فِي ذَلِكَ كله قل أو أكثر مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْعِرَاقِ يَقُولُ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ ثُمَّ رجع إلى هذا القول بمصر وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ مِنْ مَذْهَبِهِ لِحَدِيثِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَلِأَنَّ حَدِيثَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ عَنْ جَابِرٍ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بموضع

الْجَوَائِحِ قَالَ الشَّافِعِيُّ كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُنَا بحديث حميد ابن قَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ وَلَا يَذْكُرُ فِيهِ وَضْعَ الْجَائِحَةِ قَالَ ثُمَّ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ كَذَلِكَ ثُمَّ زَادَ فِيهِ وَضْعَ الْجَوَائِحِ فَذَكَرْنَا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ هُوَ فِي الْحَدِيثِ وَاضْطَرَبَ لَنَا فِيهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ أُعِدْهُ قَالَ وَلَوْ كُنْتُ قَائِلًا بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ لَوَضَعْتُهَا فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ قَالَ وَالْأَصْلُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ أَنَّ كُلَّ مَنِ ابْتَاعَ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَقَبْضُهُ كَانَتِ الْمُصِيبَةُ مِنْهُ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا وَضْعُ الْجَوَائِحِ فَيُخْرِجُهُ مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْهُ فِي ذِكْرِ الْجَوَائِحِ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بن عتبق عَنْ جَابِرٍ فَبَعْضُهُمْ ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْهُ فِيهِ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَذْكُرْهُ وَمِمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَعَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فِيمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ إِذَا مُنِعَتْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْبَائِعُ ثَمَنًا لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ قَدْ مَنَعَ مِمَّا ابْتَاعَهُ قَالُوا وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا الْخِطَابِ قَالُوا وَحَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا فِي الثِّمَارِ أَصْلٌ فِي نَفْسِهِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِهِ فِي سَائِرِ السِّلَعِ يَجِبُ

التَّسْلِيمُ لَهُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرحمان بْنُ يَحْيَى وَخَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مطرف بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ تَمِيمٍ الْقَفَصِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ قَالُوا وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يُنَسَّقْ عَلَى النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَيَحْتَمِلُ مِنَ التَّأْوِيلِ مَا احْتَمَلَهُ حَدِيثُ أَنَسٍ بَلْ ظَاهِرُهُ يَدُلُّ فِي قَوْلِهِ إِنَّ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا أَنَّهُ الْبَيْعُ الْمُبَاحُ بَعْدَ الْإِزْهَاءِ وَبُدُوِّ الصَّلَاحِ لَا يَحْتَمِلُ ظَاهِرَهُ غَيْرَ ذَلِكَ وَهُوَ أَوْضَحُ وَأَبْيَنُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ فِيهِ إِلَى الْإِكْثَارِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ عَنْ جَابِرٍ وَهُوَ مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان الْأُمَوِيُّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ وَنَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سفيان ابن عُيَيْنَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ وَأَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ وَمِمَّنْ قَالَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ هَكَذَا مُجْمَلًا أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَبِوَضْعِ الْجَوَائِحِ كَانَ يَقْضِي رَضِيَ اللَّهِ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَسَائِرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَأَهْلُ

الظَّاهِرِ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ وَجُمْهُورَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُرَاعُونَ الْجَائِحَةَ وَيَعْتَبِرُونَ فِيهَا أَنْ تَبْلُغَ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ فَصَاعِدًا فَإِنْ بَلَغَتِ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا حَكَمُوا بِهَا عَلَى الْبَائِعِ وَجَعَلُوا الْمُصِيبَةَ مِنْهُ وَمَا كَانَ دُونَ الثُّلْثِ أَلْغَوْهُ وَكَانَتِ الْمُصِيبَةُ عِنْدَهُمْ فِيهِ مِنَ الْمُبْتَاعِ وَجَعَلُوا مَا دُونَ الثُّلُثِ تَبَعًا لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ وَهُوَ عِنْدُهُمْ فِي حُكْمِ التَّافِهِ الْيَسِيرِ إِذْ لَا تَخْلُو ثَمَرَةٌ مِنْ أَنْ يَتَعَذَّرَ الْقَلِيلُ مِنْ طِيبِهَا وَأَنْ يَلْحَقَهَا فِي الْيَسِيرِ مِنْهَا فَسَادٌ فَلَمَّا لَمْ يُرَاعِ الْجَمِيعُ ذَلِكَ التَّافِهَ الْحَقِيرَ كَانَ مَا دُونَ الثُّلْثِ عِنْدَهُمْ كَذَلِكَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ كَادَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنْ لَا يَسْتَقِيمُوا فِي الْجَائِحَةِ يَقُولُونَ مَا كَانَ دُونَ الثُّلُثِ فَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي إِلَى الثُّلُثِ فَإِذَا كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ فَهِيَ جَائِحَةٌ قَالَ وَمَا رَأَيْتُهُمْ يَجْعَلُونَ الْجَائِحَةَ إِلَّا فِي الثِّمَارِ وَقَالَ وَذَلِكَ أَنِّي ذَكَرْتُ لَهُمُ الْبَزَّ يَحْتَرِقُ وَالرَّقِيقَ يَمُوتُونَ قَالَ مَعْمَرٌ وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ قَالَ قُلْتُ لَهُ مَا الْجَائِحَةُ قَالَ النِّصْفُ وَرَوَى حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ وَالْجَائِحَةُ الرِّيحُ وَالْمَطَرُ وَالْجَرَادُ وَالْحَرِيقُ وَالْمُرَاعَاةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ ثُلُثُ الثَّمَرَةِ لَا ثُلُثُ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَ مَا بَقِيَ مِنَ الثمرة وفاء لرأسماله وَأَضْعَافَ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَتِ الْجَائِحَةُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ فَمُصِيبَتُهَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُشْتَرِي وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِ مَا بَقِيَ إِلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَسَائِرُ مَنْ قَالَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ وَضَعُوهَا عَنِ الْمُبْتَاعِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَقَالُوا الْمُصِيبَةُ فِي كُلِّ مَا أَصَابَتِ الْجَائِحَةُ مِنَ الثِّمَارِ عَلَى الْبَائِعِ قَلِيلًا كَانَ ذَلِكَ أَوْ كَثِيرًا وَلَا مَعْنًى عِنْدَهُمْ لِتَحْدِيدِ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْخَبَرَ الْوَارِدَ بِذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ وَهُوَ حَدِيثُ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من رواية أبي الزبير ورواية سليمان ابن عَتِيقٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَرَ وَضْعَ الْجَوَائِحِ يَتَأَوَّلُ حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ

عَتِيقٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ عَلَى النَّدْبِ وَيَقُولُ هُوَ كَحَدِيثِ عَمْرَةَ فِي الَّذِي تَبَيَّنَ لَهُ النُّقْصَانُ فِيمَا ابْتَاعَهُ مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ حِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأَلَّى أَلَّا يَفْعَلَ خَيْرًا يَعْنِي رَبَّ الْحَائِطِ وَكَانَ يَتَأَوَّلُ فِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَمَا لَمْ يُقْبَضْ فَمُصِيبَتُهُ عِنْدَهُمْ مِنْ بَائِعِهِ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَتَأَوَّلُ ذَلِكَ فِي وَضْعِ الْخَرَاجِ خَرَاجِ الْأَرْضِ يُرِيدُ كِرَاءَهَا عَمَّنْ أَصَابَ ثَمَرَهُ أَوْ زَرْعَهُ آفَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ مَعْنَى حَدِيثِ أَنَسٍ سَوَاءٌ إِلَّا أَنْ أَنَسًا سَاقَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَفَهْمِهِ بِتَمَامِهِ وَهَذِهِ التَّأْوِيلَاتُ كُلُّهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ وَالظَّاهِرُ يُوجِبُ وَضْعَ الْجَوَائِحِ إِنْ ثَبَتَ حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ وَأَمَّا الْأُصُولُ فَتَشْهَدُ لِتَأْوِيلِ الشَّافِعِيِّ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا جُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الْحَوَائِجِ فَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنِ ابْتَاعَ ثمرة فاصابتها! حائحة أَنَّهَا مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ إِذَا كَانَتِ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا وَإِذَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ لَمْ تُوضَعْ عَنِ الْمُشْتَرِي وَكَانَتِ الْمُصِيبَةُ مِنْهُ فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَنَحْوِهِمَا قَالَ وَأَمَّا الْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ وَالرُّمَّانُ وَالتُّفَّاحُ وَالْخَوْخُ وَالْأُتْرُجُّ وَالْمَوْزُ وَكُلُّ مَا يُجْنَى بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ مِنَ الْمَقَاثِي وَمَا أَشْبَهَهَا إِذَا أَصَابَتْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْجَائِحَةُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إِلَى الْمَقْثَأَةِ كَمْ نَبَاتُهَا مِنْ أَوَّلِ مَا يَشْتَرِي إِلَى آخِرِ مَا يَنْقَطِعُ ثَمَرَتُهَا فِي الْمُتَعَارَفِ وَيُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهَا فِي كُلِّ زَمَانٍ عَلَى قَدْرِ نِفَاقِهِ فِي الْأَسْوَاقِ ثُمَّ يَمْتَثِلُ فِيهِ أَنْ يُقَسِّمَ الثَّمَنَ عَلَى ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي الْحَائِطِ يَكُونُ فِيهِ أَنْوَاعٌ مِنَ الثِّمَارِ فَيُجَاحُ مِنْهَا نَوْعٌ وَاحِدٌ فَكَانَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ يَقُولَانِ لَا يُنْظَرُ فِيهِ إِلَى الثَّمَرَةِ وَلَكِنْ إِلَى الْقِيمَةِ فَإِنْ كانت القيمة الثلث فصاعدا وُضِعَ عَنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ يُنْظَرُ إِلَى الثَّمَرَةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا عَنْهُمْ وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا يَرَى السَّرِقَ جَائِحَةً وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ وَالنَّاسُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ مَنِ اشْتَرَى حَوَائِطَ

فِي صَفَقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَأُصِيبَ مِنْهَا ثُلُثُ حَائِطٍ فَإِنَّهَا تُوضَعُ عَنْهُ وَلَوِ اشْتَرَاهَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا وَضْعِيَّةَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا أَصَابَتِ الْجَائِحَةُ ثُلُثَ ثَمَرِ جَمِيعِ الْحَوَائِطِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْبُقُولِ كُلِّهَا وَالْبَصَلِ وَالْجَرَزِ وَالْكُرَّاثِ وَالْفِجْلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إِذَا اشْتَرَاهُ رَجُلٌ فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَإِنَّهُ يُوضَعُ عَنِ الْمُشْتَرِي كُلُّ شَيْءٍ أَصَابَتْهُ بِهِ الْجَائِحَةُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ قَالَ وَكُلُّ مَا يَبِسَ فَصَارَ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا وَأَمْكَنَ قِطَافُهُ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ قَالَ وَالْجَرَادُ وَالنَّارُ وَالْبَرْدُ وَالْمَطَرُ وَالطَّيْرُ الْغَالِبُ وَالْعَفَنُ وَمَاءُ السَّمَاءِ الْمُتَرَادِفُ الْمُفْسِدُ وَالسَّمُومُ وَانْقِطَاعُ مَاءِ الْعُيُونِ كُلُّهَا مِنَ الْجَوَائِحِ إِلَّا الْمَاءَ فِيمَا يُسْقَى فَإِنَّهُ يُوضَعُ قَلِيلُ ذَلِكَ وَكَثِيرُهُ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ سَبَبِ مَا يُبَاعُ وَلَا جَائِحَةَ فِي الثَّمَرِ إِذَا يَبِسَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ لَا جَائِحَةَ فِي ثَمَرٍ عِنْدَ جُذَاذِهِ وَلَا فِي زَرْعٍ عِنْدَ حَصَادِهِ قَالَ وَمَنِ اشْتَرَى زَرْعًا قَدِ اسْتَحْصَدَ فَتَلِفَ فَالْمُصِيبَةُ مِنَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ لَمْ يَحْصُدْهُ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ قال حدثنا ابن واضح قَالَ سَمِعْتُ سَحْنُونًا قَالَ فِي الَّذِي يَشْتَرِي الْكَرْمَ وَقَدْ طَابَ فَيُؤَخِّرُ قِطَافَهُ إِلَى آخِرِ السَّنَةِ لِيَكُونَ أَكْثَرَ لِثَمَنِهِ فَتُصِيبُهُ جَائِحَةٌ إِنَّهُ لَا جَائِحَةَ فِيهِ وَلَا يُوضَعُ عَنِ الْمُشْتَرِي فيه شيء قال وكذلك الثمر إِذَا طَابَ كُلُّهُ وَتَرَكَهُ لِلْغَلَاءِ فِي ثَمَنِهِ قَالَ وَلَيْسَ التِّينُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَطِيبُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَمَا طَابَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وُضِعَ عَنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجَازَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابُهُ بَيْعَ الْمَقَاثِي إِذَا بَدَا صَلَاحُ أَوَّلِهَا وَبَيْعَ الْبَاذِنْجَانِ وَالْيَاسَمِينِ وَالْمَوْزِ وَأَمَا أَشْبَهُ ذَلِكَ اسْتِدْلَالًا بِإِجَازَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعُ الثِّمَارِ حِينَ يَبْدُو صَلَاحُهَا وَمَعْنَاهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ أَنْ يَطِيبَ أَوَّلُهَا أَوْ يَبْدُوَ صَلَاحُ بَعْضِهَا وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ عِنْدَ الْجَمِيعِ فِي الثِّمَارِ كَانَتِ الْمَقَاثِي وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا يُخْلَقُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَيَخْرُجُ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ كَذَلِكَ قِيَاسًا وَنَظَرًا لِأَنَّهُ لما كان مالم

يَبْدُ صَلَاحُهُ مِنَ الْحَائِطِ وَمِنْ ثَمَرِ الشَّجَرِ تَبَعًا لِمَا بَدَا صَلَاحُهُ فِي الْبَيْعِ مِنْ ذَلِكَ كَانَ كَذَلِكَ بَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ مِنَ الْمَقَاثِي وَمَا أَشْبَهَهَا تَبَعًا لِمَا خُلِقَ وَطَابَ وَقِيَاسًا أَيْضًا عَلَى بَيْعِ مَنَافِعِ الدَّارِ وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ وَلِأَنَّ الضَّرُورَةَ تُؤَدِّي إِلَى إِجَازَتِهِ وَقَوْلُ الْمُزَنِيِّ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ سَوَاءً وَأَمَّا الْعِرَاقِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ فَإِنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ بَيْعَ الْمَقَاثِي وَلَا بَيْعَ شَيْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَالْبَيْعُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فِي ذَلِكَ مَفْسُوخٌ إِلَّا أَنْ يَقَعَ الْبَيْعُ فِيمَا ظَهَرَ وَأَحَاطَ الْمُبْتَاعُ بِرُؤْيَتِهِ وَطَابَ بَعْضُهُ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ وَنَهْيُهُ عَنْ بَيْعِ مَا ليس عندك ولأنها عيان مَقْصُودَةٌ بِالشِّرَاءِ لَيْسَتْ مَرْئِيَّةً وَلَا مُسْتَقِرَّةً فِي ذِمَّةٍ فَأَشْبَهَتْ بَيْعَ السِّنِينَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ وَبِاللَّهِ التوفيق

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي رَمَضَانَ فَتَلَاحَى رَجُلَانِ فَرُفِعَتْ فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ لَا خِلَافَ عَنْهُ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ وَفِيهِ عَنْ أَنَسٍ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ وإنما الحديث لأنس عن عبادة ابن الصَّامِتِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عُبَادَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرَ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلَاحَى رَجُلَانِ فَقَالَ إِنِّي خَرَجْتُ أَنْ أُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَلَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ فَرُفِعَتْ وَلَيْسَ فِي هَذَا فَرُفِعَتْ وَهِيَ لَفْظَةٌ مَحْفُوظَةٌ عِنْدَ الْحُفَّاظِ فِي حَدِيثِ حُمَيْدٍ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَعْنَى مَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ ذلك وإلا ظهر مِنْ مَعَانِيهِ أَنَّهُ رُفِعَ عِلْمُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ عَنْهُ فَأُنْسِيَهَا بَعْدَ أَنْ كَانَ عَلِمَهَا وَلَمْ تُرْفَعْ رَفْعًا لَا تَعُودُ بَعْدَهُ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍ أَنَّهَا فِي كُلِّ رَمَضَانَ وَأَنَّهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ فَالْتَمِسُوهَا إِلَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ الْتَمِسُوهَا فِي سَائِرِ الْأَعْوَامِ أَوْ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَإِنَّهَا رُفِعَتْ فِي هَذَا الْعَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رُفِعَتْ فِي تِلْكَ

اللَّيْلَةِ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ ثُمَّ تَعُودُ فِيهِ فِي غَيْرِهَا وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا لَيْلَةٌ مُعَيَّنَةٌ لَا تَعْدُوهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ سَبَبُ رَفْعِ عِلْمِهَا عَنْهُ مَا كَانَ مِنَ التَّلَاحِي بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْمُلَاحَاةُ فَهِيَ التَّشَاجُرُ وَرَفْعُ الْأَصْوَاتِ وَالْمُرَاجَعَةُ بِالْقَوْلِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ عَلَى حَالِ الْغَضَبِ وَذَلِكَ شُؤْمٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا وَعَنِ الْمِرَاءِ أَشَدَّ النَّهْيِ وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ نَهَانِي رَبِّي عَنْ مُلَاحَاةِ الرِّجَالِ وَقَالَ الْمُلَاحَاةُ السَّبُّ يُقَالُ تَلَاحَيَا إِذَا اسْتَبَّا وَلَحَانِي أَسْمَعَنِي مَا أَكْرَهُ مِنْ قَبِيحِ الْكَلَامِ وأنشد ... أَلَا أَيُّهَا اللَّاحِي بِأَنْ أَحْضُرَ الْوَغَى ... وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي ... ... وَقَدْ يُنْشَدُ هَذَا الْبَيْتُ عَلَى غَيْرِ هَذَا ... أَلَّا أَيُّهَا ذَا اللَّائِمِي أَحْضُرُ الْوَغَى ... وَمِنْ شُؤْمِ الْمُلَاحَاةِ أَنَّهُمْ حُرِمُوا بَرَكَةَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَهَذَا مِمَّا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ وَلَمْ يُحْرَمُوهَا فِي ذَلِكَ الْعَامِ لِأَنَّ قَوْلَهُ الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنَعَهُمُ الْإِخْبَارَ بِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ تَأْدِيبًا لَهُمْ فِي الْمُلَاحَاةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اشْتَغَلَ بَالُهُ بِتَشَاجُرِهُمَا فَنَسِيَهَا وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ مَنْصُوصًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر ابن حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَشْرَ الْأَوَاسِطَ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَبْلَ أَنْ تُبَانَ لَهُ فَلَمَّا انْقَضِينَ أَمَرَ بِالْبِنَاءِ يَعْنِي فَرَفَعَ فَأُبِينَتْ لَهُ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَأَعَادَ الْبِنَاءَ وَاعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ فَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي أُبِينَتْ لِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ فَخَرَجْتُ أُخْبِرُكُمْ بِهَا فَجَاءَ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ وَمَعَهُمَا الشَّيْطَانُ

فَنَسِيتُهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالْتَمِسُوهَا فِي السَّابِعَةِ وَالْتَمِسُوهَا فِي الْخَامِسَةِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَكَتَ سَاعَةً فَقَالَ لَقَدْ قُلْتُ لَكُمْ مَا قُلْتُ آنِفًا وَأَنَا أَعْلَمُهَا أَوْ إِنِّي لَأَعْلَمُهَا ثُمَّ أُنْسِيتُهَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَاسْتَقَامَ مَلَأُ الْقَوْمِ عَلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَأَمَّا قَوْلُهُ الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ قَوْمٌ هِيَ تَاسِعَةٌ تَبْقَى يَعْنُونَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَسَابِعَةٌ تَبْقَى لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَخَامِسَةٌ تَبْقَى لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَبِي زَنْبَرٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ مَا وَجْهُ تَفْسِيرِ قَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ فَقَالَ أَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالتَّاسِعَةِ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَالسَّابِعَةِ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَبِالْخَامِسَةِ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ رَجَعَ مَالِكٌ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ هُوَ حَدِيثٌ مَشْرِقِيٌّ لَا أَعْلَمُهُ وَمَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَا وَصَفْتُ لَكَ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مَنْصُوصًا مِثْلَ قَوْلِهِمْ هَذَا وَبِتَقْدِيمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّاسِعَةَ عَلَى السَّابِعَةِ وَالسَّابِعَةَ عَلَى الْخَامِسَةِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ فِي ذَلِكَ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهِيبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى وَفِي سَابِعَةٍ تَبْقَى وَفِي خَامِسَةٍ تَبْقَى وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَيُّوبُ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ مَعْمَرٌ وَرَوَى أَبُو

نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ قَالَ قُلْتُ يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّكُمْ أَعْلَمُ بِالْعَدَدِ مِنَّا قَالَ أَجَلْ قُلْتُ مَا التَّاسِعَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ قَالَ إِذَا مَضَتْ إِحْدَى وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا التَّاسِعَةُ وَإِذَا مَضَتْ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا السَّابِعَةُ وَإِذَا مَضَتْ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا الْخَامِسَةُ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ الْمُثَنَّى عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ هَكَذَا جَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ مُرَاعَاةُ الَّتِي تَلِيهَا وَذَلِكَ الْأُولَى مِنَ التِّسْعِ الْبَوَاقِي وَالْأُولَى مِنَ السَّبْعِ الْبَوَاقِي وَالْأُولَى مِنَ الْخَمْسِ الْبَوَاقِي وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ كَمَالَ الْعَدَدِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَهُوَ الْأَصْلُ وَالْأَغْلَبُ وَمَا خَالَفَهُ فَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِنُزُولِهِ لَا بِأَصْلِهِ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ كَأَنَّهَا لَيْلَةُ سَابِعَةٍ فَقَالَ النبي أرى رؤياكم قد تواطت أَنَّهَا فِي لَيْلَةِ سَابِعَةٍ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا مِنْكُمْ فَلْيَتَحَرَّهَا فِي لَيْلَةِ سَابِعَةٍ قَالَ مَعْمَرٌ فَكَانَ أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَيَمَسُّ طِيبًا قَوْلُهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُتَحَرِّيَهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قِيَامَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَضِيلَةٌ لَا فَرِيضَةٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ هَذَا التَّاسِعَةَ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَالسَّابِعَةَ مِنْهُ وَالْخَامِسَةَ مِنْهُ يَعْنُونَ لَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ قَالُوا فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ التَّاسِعَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ تَكُونُ السَّابِعَةُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَالْخَامِسَةُ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ قَالُوا وَلَيْسَ فِي تَقْدِيمِهِ لَهَا فِي لَفْظِهِ وَعَطْفِهِ بِبَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ بِالْوَاوِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيمٍ وَلَا تَأْخِيرٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَا قَالُوهُ مِنْ ذَلِكَ يُحْتَمَلُ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَاسِعَةً تَبْقَى وَسَابِعَةً تَبْقَى وَخَامِسَةً تَبْقَى يَقْضِي لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي اللَّيَالِي الَّتِي تَكُونُ وِتْرًا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى انْتِقَالِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي كُلِّ شَهْرِ رَمَضَانَ فَرُبَّمَا كَانَتْ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَرُبَّمَا كَانَتْ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَرُبَّمَا كَانَتْ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَرُبَّمَا كَانَتْ لَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَقَوْلُهُ فِي كُلِّ وِتْرٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ تَنْتَقِلُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي كُلِّ وِتْرٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَفِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ الْجُهَنِيِّ وفي

لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَحَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَهِيَ كُلُّهَا صِحَاحٌ فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَمِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ ها هنا لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا فِي بَابِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي وَهُوَ مَحْفُوظٌ مَشْهُورٌ رواه عن أبي سلمة بن عبد الرحمان جَمَاعَةٌ وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ الْجُهَنِيِّ فَهُوَ مَشْهُورٌ وَأَكْثَرُ مَا يَأْتِي مُنْقَطِعًا وَقَدْ وَصَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ أَبِي النَّضْرِ سَالِمٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَرَوَى عَبَّادُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم فقال أرسلني اليك رهط من بني سلمة يسؤلونك عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَالَ كَمِ اللَّيْلَةُ قَالَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ قَالَ هِيَ اللَّيْلَةُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ أَوِ الْقَابِلَةُ يُرِيدُ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ كَوْنِهَا لَيْلَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَإِذَا كَانَ هَذَا كَذَلِكَ جَازَ أَنْ تَكُونَ فِي غَيْرِ وِتْرٍ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَ مَعْمَرٌ عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ يَقُولُ نَظَرْتُ الشَّمْسَ عِشْرِينَ سَنَةً فَرَأَيْتُهَا تَطْلُعُ صَبَاحَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ وَرَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ عَنْ بِلَالٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَهَذَا عِنْدَنَا عَلَى ذَلِكَ الْعَامِ وَمُمْكِنٌ أَنْ تَكُونَ فِي مَثَلِهِ بَعْدُ إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ الْأَحَادِيثِ أَنَّهَا فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَأَكْثَرُ مَا جَاءَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ أَنَّهَا لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ بِلَا شَكٍّ وَسَتَرَى ذَلِكَ فِي بَابِ أَبِي النَّضْرِ

إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن الحرث التَّيْمِيُّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي بَادِيَةً أَكُونُ فِيهَا وَأَنَا أُصَلِّي فِيهَا بِحَمْدِ اللَّهِ فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ أَنْزِلُهَا إِلَى هَذَا الْمَسْجِدِ فَقَالَ انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَجْتَهِدُ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَفِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ يَأْتِي فِي بَابِ أَبِي النَّضْرِ وَفِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ قِصَّةُ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ تَأْتِي فِي بَابِ أَبِي النَّضْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَتَحَرَّى لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَالثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ صَبِيحَةَ بَدْرٍ أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَهَذَا عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدْ جَازَ عِنْدَهُمَا أَنْ تَكُونَ فِي غَيْرِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَوْلُهُ هَذَا مَرْفُوعًا رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عن عبد الرحمان بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطْلُبُوهَا لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَلَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ سَكَتَ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرِدُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَا حَدَّثَنَاهُ

سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي الصَّلْتِ عَنْ أَبِي عَقْرَبٍ الْأَسَدِيِّ قَالَ أَتَيْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فِي دَارِهِ فَوَجَدْنَاهُ فَوْقَ الْبَيْتِ قَالَ فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَلَمَّا نَزَلَ قُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فَقَالَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي النِّصْفِ مِنَ السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا فَنَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ فَرَأَيْتُهَا كَمَا حَدَّثْتَ فَكَبَّرْتُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو الصَّلْتِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ مَجْهُولٌ وَإِسْنَادُ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَبُو عَقْرَبٍ الْأَسَدِيُّ اسْمُهُ خُوَيْلِدُ بْنُ خَالِدٍ لَهُ صُحْبَةٌ وَهُوَ وَالِدُ نَوْفَلِ بْنِ أَبِي عَقْرَبٍ فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ فَمَعْنَاهُ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال أرى رؤياكم قد تواطت عَلَى الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَالْتَمِسُوهَا فِي تِسْعٍ فِي كُلِّ وِتْرٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَيْضًا فِي ذَلِكَ الْعَامِ فَلَا يَكُونُ فِيهِ خِلَافٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عُمَرَ اخْتُلِفَ فِي أَلْفَاظِهِ فَلَفْظُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ غَيْرُ لَفْظِ نَافِعٍ وَلَفْظُ نَافِعٍ غَيْرُ لَفْظِ سَالِمٍ وَمَعْنَاهَا مُتَقَارِبٌ أَنَّهَا فِي السَّبْعِ الْغَوَابِرِ أَوِ السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حدثنا سليمان ابن حَرْبٍ وَمُسَدَّدٌ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَاصِمٍ عن زر قال قلت لأبي ابن كَعْبٍ أَخْبِرْنِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ فَإِنَّ صَاحِبَنَا سُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْهَا فَقَالَ رَحِمَ اللَّهُ أَبَا عبد الرحمان وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ زَادَ مُسَدَّدٌ وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يَتَّكِلُوا أَوْ أَحَبَّ أَنْ لَا يَتَّكِلُوا ثُمَّ اتَّفَقَا وَاللَّهِ إِنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ لَا يُسْتَثْنَى قُلْتُ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَنَّى عَلِمْتَ ذَلِكَ قَالَ بِالْآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ لِزِرٍّ مَا الْآيَةُ قَالَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِثْلَ الطَّسْتِ لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ حَتَّى تَرْتَفِعَ قَالَ أَبُو عُمَرَ جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا تَرَى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَالَّذِي تَأَوَّلَهُ عَلَيْهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ الله عنه جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْهُ بِأَقْوَى مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّهُ قَالَ تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَأَظُنُّهُ أَرَادَ بِمَا حَكَى عَنْهُ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ الِاجْتِهَادَ فِي الْعَمَلِ سَائِرَ الْعَامِ بِقِيَامِ اللَّيْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَرْبَعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهَا فِي كُلِّ رَمَضَانَ وَلَا أَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا وَذَكَرَ الْجَوْزَجَانِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّهُمْ قَالُوا لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا كَأَنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْهَا وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ هِيَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرَوَى سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَالَ هِيَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْفُوعًا وَقَدْ قَالَ بَعْضُ رُوَاةِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا هِيَ فِي رَمَضَانَ كُلِّهِ وَجَاءَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَرُفِعَتْ قَالَ بَلْ هِيَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وروي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْنَسَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ زَعَمُوا أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَدْ رُفِعَتْ قَالَ كَذَبَ مَنْ

قَالَ ذَلِكَ قَالَ قُلْتُ فَهِيَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ أَسْتَقْبِلُهُ قَالَ نَعَمْ وَرَوَى دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي كُلِّ رَمَضَانَ يَأْتِي وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ الْحَسَنَ وَأَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَرَأَيْتَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ أَفِي كُلِّ رَمَضَانَ هِيَ قَالَ إِي وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّهَا لَفِي كُلِّ رَمَضَانَ إِنَّهَا لَلَيْلَةٌ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فِيهَا يَقْضِي اللَّهُ كُلَّ خَلْقٍ وَأَجَلٍ وَرِزْقٍ وَعَمِلٍ إِلَى مِثْلِهَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَالِكِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ كَانَ نَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَجَدُوا عَلَى عُمَرَ فِي إِدْنَائِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ دُونَهُمْ قَالَ وَكَانَ يَسْأَلُهُ فَقَالَ عُمَرُ أَمَا إِنِّي سَأُرِيكُمُ الْيَوْمَ مِنْهُ شَيْئًا فَتَعْرِفُونَ فَضْلَهُ فَسَأَلَهُمْ عَنْ هَذِهِ السُّورَةِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا قَالَ بَعْضُهُمْ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ إِذَا رَأَى النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا جَاءَ يَحْمَدُهُ وَيَسْتَغْفِرُهُ فَقَالَ عُمَرُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَلَا تَكَلَّمُ فَقَالَ أَعْلَمَهُ مَتَى يَمُوتُ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَالْمَوْتُ آتِيكَ فَسَبِّحْ بحمد ربك واستغفره إنه كان توبا قَالَ ثُمَّ سَأَلَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُنَّا نَرَاهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاسِطِ ثُمَّ بَلَغَنَا

أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فَقَالَ عُمَرُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَلَا تَكَلَّمُ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ قَدْ نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَإِنَّمَا نَسْأَلُكَ عَنْ عِلْمِكَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ خلق من خلقه سبع سموات فَاسْتَوَى عَلَيْهِنَّ وَخَلَقَ الْأَرْضَ سَبْعًا وَجَعَلَ عِدَّةَ الْأَيَّامِ سَبْعًا وَرَمْيَ الْجِمَارَ سَبْعًا وَخَلْقَ الْإِنْسَانَ مِنْ سَبْعٍ وَجَعَلَ رِزْقَهُ مِنْ سَبْعٍ فَقَالَ عُمَرُ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مَنْ سَبْعٍ وَجَعَلَ رِزْقَهُ مِنْ سَبْعٍ هَذَا أَمْرٌ مَا فَهِمْتُهُ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا حَتَّى بَلَغَ آخِرَ الْآيَاتِ وَقَرَأَ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وعنبا إلى وأنعامكم ثُمَّ قَالَ وَالْأَبُّ لِلْأَنْعَامِ قَرَأْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِابْنِ عَبَّاسٍ يَعْنِي فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَالَ وَمَا أَعْجَبَكَ سَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يَسْأَلُنِي مَعَ الْأَكَابِرِ مِنْهُمْ وَكَانَ يَقُولُ لَا تَكَلَّمْ حَتَّى يَتَكَلَّمُوا قَالَ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ اطْلُبُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وِتْرًا فَفِي أَيِّ الْوِتْرِ فَأَكْثَرَ الْقَوْمُ فِي الْوِتْرِ فقال مالك لَا تَتَكَلَّمُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ قُلْتُ إِنْ شِئْتَ تَكَلَّمْتُ قَالَ مَا دَعَوْتُكَ إِلَّا لِتَتَكَلَّمَ فَقُلْتُ رَأَيْتُ اللَّهَ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ السَّبْعِ فَذَكَرَ السَّمَاوَاتِ سَبْعًا وَالْأَرَضِينَ سَبْعًا وَالطَّوَافَ سَبْعًا وَالْجِمَارَ سَبْعًا وَذَكَرَ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَخَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ سَبْعٍ وَجَعَلَ رِزْقَهُ فِي سَبْعَةٍ قَالَ كُلُّ مَا ذَكَرْتَ قَدْ عَرَفْتُهُ فَمَا قَوْلُكَ خَلَقَ

الْإِنْسَانَ مِنْ سَبْعَةٍ وَجَعَلَ رِزْقَهُ فِي سَبْعَةٍ قَالَ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَالَ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ثُمَّ قَرَأَتُ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا وَالْأَبُّ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ مِمَّا لَا يَأْكُلُ النَّاسُ وَمَا أَرَاهَا إِلَّا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ لِسَبْعٍ يَبْقَيْنَ فَقَالَ عُمَرُ أَعْيَيْتُمُونِي أَنْ تَأْتُوا بِمِثْلِ مَا جَاءَ بِهِ هَذَا الْغُلَامُ الذي لم تجتمع شؤون رَأْسِهِ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ ابن كَعْبٍ قَالَ مَنْ قَامَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فَقَدْ أَصَابَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَخْبِرْنِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَإِنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ يَقُولُ مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْهَا فَقَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرحمان وَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادٍ عَنْ عَاصِمٍ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ وَعَاصِمٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا عِكْرِمَةَ يَقُولُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ دَعَا عُمَرُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَاجْتَمَعُوا أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لِعُمَرَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَوْ إِنِّي لَأَظُنُّ أَيَّ لَيْلَةٍ هِيَ قَالَ عُمَرُ فَأَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ

فَقُلْتُ سَابِعَةٌ تَمْضِي أَوْ سَابِعَةٌ تَبْقَى مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَقَالَ عُمَرُ مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ خَلَقَ اللَّهُ سبع سموات وَسَبْعَ أَرَضِينَ وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنَّ الدَّهْرَ يَدُورُ عَلَى سَبْعٍ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ سَبْعٍ وَيَأْكُلُ مِنْ سَبْعٍ وَيَسْجُدُ عَلَى سَبْعٍ وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ سَبْعٌ وَرَمْيُ الْجِمَارِ سَبْعٌ لِأَشْيَاءَ ذَكَرَهَا قَالَ فَقَالَ عُمَرُ لَقَدْ فَطِنْتَ لِأَمْرٍ مَا فَطِنَّا لَهُ وَكَانَ قَتَادَةُ يَزِيدُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ يَأْكُلُ مِنْ سَبْعٍ قَالَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا الْآيَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَعَا عُمَرُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فَسَأَلَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَأَجْمَعُوا أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَصَحُّهُ لِأَنَّ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ سَكَنَ الْقَلْبُ إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ النَّفْسُ أَمْيَلُ إِلَى أَنَّهَا فِي الْأَغْلَبِ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ أَوْ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّهَا سَابِعَةٌ تَمْضِي أَوْ سَابِعَةٌ تَبْقَى وَأَكْثَرُ الْآثَارِ الثَّابِتَةِ الصِّحَاحِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا فِي كُلِّ رَمَضَانَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي كُلِّ مَا أَوْرَدْنَا مِنَ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا عَلَامَةَ لَهَا فِي نَفْسِهَا تُعْرَفُ بِهَا مَعْرِفَةً حَقِيقِيَّةً كَمَا تَقُولُ الْعَامَّةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ أَبِي ذَرٍّ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الوسطى

فَسَأَلْتُهُ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَالَ كَانَ أَسْأَلَ النَّاسِ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ كَانَتْ تَكُونُ عَلَى عَهْدِ الْأَنْبِيَاءِ فَإِذَا ذَهَبُوا رُفِعَتْ قَالَ لَا وَلَكِنَّهَا تَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْبِرْنَا بِهَا قَالَ لَوْ أُذِنَ لِي فِيهَا لَأَخْبَرْتُكُمْ وَلَكِنِ الْتَمِسُوهَا فِي إِحْدَى السَّبْعَيْنَ ثُمَّ لَا تَسْأَلْنِي عَنْهَا بَعْدَ مَقَامِكَ وَمَقَامِي ثُمَّ أَخَذَ فِي حَدِيثٍ فَلَمَّا انْبَسَطَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا حَدَّثْتَنِي بِهَا فَغَضِبَ عَلَيَّ غَضْبَةً لَمْ يَغْضَبْ عَلَيَّ قَبْلَهَا مِثْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا مِثْلَهَا هَكَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ وَهُوَ خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ مَالِكُ بْنُ مَرْثَدٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يُقِمِ الْأَوْزَاعِيُّ إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا سَاقَهُ سِيَاقَةَ أَهْلِ الْحِفْظِ لَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عكرمة ابن عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ مَرْثَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مَرْثَدٌ قَالَ سَأَلَتُ أَبَا ذَرٍّ قُلْتُ كُنْتُ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَالَ أَنَا كُنْتُ أَسْأَلَ النَّاسِ عَنْهَا قَالَ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي رَمَضَانَ هِيَ أَمْ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ قَالَ بَلْ هِيَ فِي رَمَضَانَ قُلْتُ تَكُونُ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ إِذَا كَانُوا فَإِذَا قُبِضُوا رُفِعَتْ قَالَ بَلْ هِيَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قُلْتُ فِي أَيِّ رَمَضَانَ قَالَ الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ وَالْعَشْرِ

الْأَوَاخِرِ لَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا ثُمَّ حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ وَحَدَّثَ ثُمَّ اهْتَبَلْتُ غَفْلَتَهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي فِي أَيِّ الْعِشْرِينَ هِيَ قَالَ الْتَمِسُوهَا فِي الْأَوَاخِرِ لَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا ثُمَّ حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ وَحَدَّثَ ثُمَّ اهْتَبَلْتُ غَفْلَتَهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِحَقِّي عَلَيْكَ لَمَا أَخْبَرْتَنِي فِي أَيِّ الْعَشْرِ هِيَ فَغَضِبَ غَضَبًا مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ مِثْلَهُ قَالَ يَحْيَى قَالَ عِكْرِمَةُ كَلِمَةً لَمْ أَحْفَظْهَا ثُمَّ قَالَ الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ الْبَوَاقِي لَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ كُلِّهِ وَأَنَّهَا أَحْرَى أَنْ تَكُونَ فِي الْعَشْرِ وَفِي السَّبْعِ الْبَوَاقِي وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ وَقَالَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ أَنْ تَكُونَ فِي رَمَضَانَ كُلِّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَكِنَّهَا فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ أَوِ السَّبْعِ الْبَوَاقِي تَكُونُ أَكْثَرَ عَلَى مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآثَارُ وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَنَّهَا لَيْلَةٌ عَظِيمٌ شَأْنُهَا وَبَرَكَتُهَا وَجَلِيلٌ قَدْرُهَا هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تُدْرِكُ فِيهَا هَذِهِ الْأُمَّةُ مَا فَاتَهُمْ مِنْ طُولِ أَعْمَالِ مَنْ سَلَفَ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ فِي العمل والمحروم من حرم خيرها نسئل اللَّهَ بِرَحْمَتِهِ أَنْ يُوَفِّقَنَا لَهَا وَأَنْ لَا يَحْرِمَنَا خَيْرَهَا آمِينَ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ رَحِمَهُ اللَّهُ مَنْ شَهِدَ الْعِشَاءَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي جَمَاعَةٍ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظِّهِ مِنْهَا فَسُبْحَانَ الْمُتَفَضِّلِ عَلَى عِبَادِهِ بِمَا شَاءَ لَا شَرِيكَ لَهُ الْمَنَّانُ الْمُفَضِّلُ

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ أَتَاهَا لَيْلًا وَكَانَ إِذَا أَتَى قَوْمًا بِلَيْلٍ لَمْ يُغِرْ حَتَّى يُصْبِحَ فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتْ يَهُودُ بِمِسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ الْمَشْيِ بِاللَّيْلِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ جَازَ الِاسْتِخْدَامُ بِالْمَمَالِيكِ وَالْأَحْرَارِ إِذَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَكَانَتْ ضَرُورَةً وَفِيهِ إِتْعَابُ الدَّوَابِّ بِاللَّيْلِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ سَرْمَدًا لِأَنَّ الْعِلْمَ مُحِيطٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَخْلُوا مِنْ مَمْلُوكٍ يَخْدِمُهُمْ وَأَجِيرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ الْغَارَةَ عَلَى الْعَدُوِّ إِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فِي وَجْهِ الصَّبَاحِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّبْيِينِ وَالنَّجَاحِ فِي الْبُكُورِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ مِنَ الْكُفَّارِ لَمْ يَلْزَمْ دُعَاؤُهُ وَجَازَتِ الْغَارَةُ عَلَيْهِ وَطَلَبُ غَفْلَتِهِ وَغُرَّتِهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي دُعَاءِ الْعَدُوِّ قَبْلَ الْقِتَالِ إِذَا كَانُوا قَدْ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ فَكَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ الدَّعْوَةُ أَصْوَبُ بَلَغَهُمْ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُمْ إِلَّا أَنْ يُعْجِلُوا الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَدْعُوهُمْ وَقَالَ عنه ابن القاسم لا يبيتوا حتى يدعو وَذَكَرَ الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُقَاتَلُ الْعَدُوُّ حَتَّى يُدْعَوْا إِلَّا أَنْ يَعْجَلُوا عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ وَحَكَى الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُمُ الدَّعْوَةُ لَمْ يُقَاتَلُوا حَتَّى تَبْلُغَهُمُ الدَّعْوَةُ يُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ قَالَ وَإِنْ قُتِلَ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَبْلَ ذَلِكَ فَعَلَى قاتله

الدِّيَةُ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ عَنْهُ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَنْ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُغَارَ عَلَيْهِمْ بِلَا دَعْوَةٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِنْ دَعَوْهُمْ قَبْلَ الْقِتَالِ فَحَسَنٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ يُعْجِبُنِي كُلُّ مَا حَدَّثَ إِمَامٌ بَعْدَ إِمَامٍ أَحْدَثَ دَعْوَةً لِأَهْلِ الشِّرْكِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ وَالدُّعَاءُ قَبْلَ الْقِتَالِ عَلَى كُلِّ حَالٍ حَسَنٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ سَرَايَاهُ بِذَلِكَ وَكَانَ يَدْعُو كُلَّ مَنْ يُقَاتِلُهُ مَعَ اشْتِهَارِ كَلِمَتِهِ وَدِينِهِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَعِلْمِهِمْ بِمُنَابَذَتِهِ إِيَّاهُمْ وَمُحَارَبَتِهِ لمن خالفه ما أَظُنُّهُ أَغَارَ عَلَى خَيْبَرَ وَعَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ إِلَّا بِأَثَرِ دَعْوَتِهِ لَهُمْ فِي فَوْرِ ذَلِكَ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ مَعَ يَأْسِهِ عَنْ إِجَابَتِهِمْ إِيَّاهُ وَكَذَلِكَ كَانَ تَبْيِيتُهُ وَتَبْيِيتُ جُيُوشِهِ لِمَنْ بَيَّتُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي التَّبْيِيتِ حَدِيثُ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ وَحَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ أَمَّرَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ فَغَزَوْنَا نَاسًا فَبَيَّتْنَاهُمْ وَقَتَلْنَاهُمْ قَالَ وَكَانَ شِعَارُنَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَمِتْ أَمِتْ قَالَ سَلَمَةُ فَقَتَلْتُ بِيَدِي تِلْكَ اللَّيْلَةَ سَبْعَةَ أَبْيَاتٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا وَاللَّهُ أعلم ومثله لقوم أظهروا العناد والأدنى لِلْمُسْلِمِينَ وَيُئِسَ مِنْ إِنَابَتِهِمْ وَخَيْرِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ

ابن مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا حَتَّى يَدْعُوَهُمْ وَهَذَا يُحْتَمَلُ مِمَّنْ لَمْ تَبْلُغْهُمُ الدَّعْوَةُ وَيُحْتَمَلُ مِنْ كُلِّ كَافِرٍ مُحَارِبٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا عَلَى سَرِيَّةٍ أَوْ جَيْشٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ اغْزُوا بسم اللَّهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ تُقَاتِلُونَ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيُّهَا أَجَابُوكَ إِلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دارهم إلى دار المهارجين وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا فَإِنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا وَاخْتَارُوا دَارَهُمْ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ كَمَا يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ نَصِيبٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ أَبَوْا فَادْعُهُمْ إِلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ فَإِنْ أَجَابُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وقاتلهم

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مِنْ أَحْسَنِ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي مَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّ فِيهِ التَّحَوُّلَ عَنِ الدَّارِ وَذَلِكَ مَنْسُوخٌ نَسَخَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَكَّةَ قَالَ لَهُمْ قَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ حُبَابَةَ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغْوَيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال يَوْمَ خَيْبَرَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ فَذَكَرَ أَنَّ النَّاسَ طَمِعُوا فِي ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ أَيْنَ عَلِيٌّ فَقَالَ عَلَى رِسْلِكَ انْفُذْ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ فَإِذَا أُنْزِلْتَ بِسَاحَتِهِمْ فَادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ مِنَ الْحَقِّ أَوْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ فِي خَيْبَرَ أَنَّهُمْ لَمْ يُقَاتِلْهُمْ حِينَئِذٍ حَتَّى دَعَاهُمْ وَهُوَ شَيْءٌ قَصَّرَ عَنْهُ أَنَسٌ فِي حَدِيثِهِ وَذَكَرَهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَلِيًّا أَنْ لَا يقاتل

قوما حت يَدْعُوَهُمْ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ عَنِ ابْنِ أَخِي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ وَخَالَفَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ ابْنَ عُيَيْنَةَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَابْنُ عُيَيْنَةَ أَحْفَظُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَلِهَذِهِ الْآثَارِ قُلْنَا إِنَّ الدُّعَاءَ أَحْسَنُ وَأَصْوَبُ فَإِنْ أَغَارَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَدْعُهُمْ وَلَمْ يُشْعِرْهُمْ وَكَانُوا قَدْ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ فَمُبَاحٌ جَائِزٌ لِمَا رَوَاهُ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ عَلَى الْمَاءِ فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى ذُرِّيَّتَهُمْ وَكَانَتْ فِيهِمْ جُوَيْرِيَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ التَّمَّارُ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنْ دُعَاءِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الْقِتَالِ فَكَتَبَ إِلَيَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ أَغَارَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلَقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الماء فقتل مقاتلهم وسبى سبيهم وأصاب يؤمئذ جويرية بنت الحرث حَدَّثَنِي بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا حَدِيثٌ نَبِيلٌ رَوَاهُ ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ لَمْ يَشْرَكْهُ فِيهِ أَحَدٌ وَرَوَى صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيْهِ فَقَالَ أَغِرْ عَلَى أُبْنَى صَبَاحًا وَحَرِّقْ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ سَوَاءً وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ صَالِحٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْغَزِّيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُولُ وَقِيلَ لَهُ أُبْنَى فَقَالَ نَحْنُ أَعْلَمُ هِيَ يُبْنَى فِلَسْطِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ وَكِيعٌ وعيسى ابن يُونُسَ فَقَالَا فِيهِ يُبْنَى كَمَا قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ إِلَى قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا يُبْنَى فَقَالَ ائْتِهَا صَبَاحًا ثُمَّ حَرِّقْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قال حدثنا يعقوب ابن كَعْبٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن عروة قَالَ فَحَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَغِرْ عَلَى يُبْنَى ذَا صَبَاحٍ وَحَرِّقْ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغِيرُ عَلَى الْعَدُوِّ عِنْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَيَسْتَمِعُ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِلَّا أَغَارَ فَهَذَا كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَدْعُ وَذَلِكَ فِيمَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ فَأَمَّا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لِبُعْدِ دَارِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ دُعَائِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا رَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ الْقَطَّانَ لَا يُحَدِّثُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو الحسن على ابن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ نُصَيْرِ بْنِ لُؤْلُؤٍ الْبَغْدَادِيُّ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَذَكَرَهُ وَرَوَى عِصَامٌ الْمُزَنِيُّ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَ حَدِيثِ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ بِمِسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ فَإِنَّهُ يَعْنِي الْمَحَافِرَ وَالْقِفَافَ كَانُوا يَخْرُجُونَ لِأَعْمَالِهِمْ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ محمد والخميس الخميس الْعَسْكَرُ وَالْجَيْشُ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ الْهِلَالِيُّ فِيمَا ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْخَبَرِ وَلَا يَصِحُّ له

حَتَّى إِذَا رَفَعَ اللِّوَاءَ رَأَيْتُهُ ... تَحْتَ اللِّوَاءِ عَلَى الْخَمِيسِ زَعِيمًا ... وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْتُ لِلَيْلَى الْأَخْيَلِيَّةِ وَهُوَ صَحِيحٌ لَهَا وَهَذِهِ الْقَصِيدَةُ مُذَهَّبَتُهَا فِيهَا قَوْلُهَا ... وَمُخَرَّقٍ عَنْهُ الْقَمِيصُ تَخَالُهُ ... عِنْدَ اللِّقَاءِ مِنَ الْحَيَاءِ سَقِيمًا ... ... حَتَّى إِذَا رُفِعَ اللواء رأيته ... يوم الهياج على الخيمس زَعِيمًا ... وَالزَّعِيمُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الرَّئِيسُ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ وَلَكِنَّ الزِّعَامَةَ لِلْغُلَامِ يَعْنِي الرِّئَاسَةَ وَالزَّعِيمُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكَفِيلُ وَالضَّامِنُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ وقال ابو الحسن ابن لَنْكَكَ فِي مَقْصُورَتِهِ ... فَزَادَهُمْ مِنَّا خَمِيسٌ جَحْفَلٌ ... تَعَثِرُ مِنْهُ الْخَيْلُ عَثْرًا بِالْقَنَا ... وَقَالَ بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ يَرْثِي بِهَا حَبِيبَ بْنَ أُوَيْسٍ الطَّائِيَّ يُخَاطِبُ أَخَاهُ سَهْمَ بْنَ أَوْسٍ ... أَنَسِيتَ يَوْمَ الْجِسْرِ خُلَّةَ وُدِّهِ ... وَالدَّهْرُ غَضٌّ بِالسُّرُورِ الْمُقْبِلِ ... ... أَيَّامَ سَارَ أَبُو سَعِيدٍ وَالِيًا ... ... نَحْوَ الْجَزِيرَةِ فِي خَمِيسٍ جَحْفَلِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ إِذَا نَزَلَ بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَالسَّاحَةُ وَالسَّحْسَحَةُ عَرْصَةُ الدَّارِ أَخْبَرَنِي خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قال حدثنا سليمان ابن الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَوْ قُلْتُ إِنَّ رُكْبَتِي تَمَسُّ رُكْبَتَهُ صَدَقْتُ يَعْنِي عَامَ خَيْبَرَ قَالَ فَسَكَتَ عَنْهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ السَّحَرِ وَذَهَبَ ذُو الضَّرْعِ إِلَى ضَرْعِهِ وَذُو الزَّرْعِ إِلَى زَرْعِهِ أَغَارَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ كَانَ دَعَاهُمْ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ وَلَا يُشَكُّ فِي بُلُوغِ دَعْوَتِهِ خَيْبَرَ لِقُرْبِ الدِّيَارِ مِنَ الدِّيَارِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ الِاسْتِشْهَادِ بِالْقُرْآنِ فِيمَا يَحْسُنُ وَيَجْمُلُ

الحديث السادس

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ فَأَمَرَ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ وَأَمْرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ كَسْبَ الْحَجَّامِ طَيِّبٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُوكِلُ إِلَّا مَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَلَا يَجْعَلُ ثَمَنًا وَلَا عِوَضًا وَلَا جُعْلًا بِشَيْءٍ مِنَ الْبَاطِلِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ قَوْمٌ حَدِيثُ أَنَسٍ هَذَا وَمَا جَاءَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ إِعْطَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَّامَ أَجْرَهُ نَاسِخٌ لِمَا حَرَّمَهُ مِنْ ثَمَنِ الدَّمِ وَنَاسِخٌ لِمَا كَرِهَهُ مِنْ أَكْلِ إِجَارَةِ الْحَجَّامِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ حُبَابَةَ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ اشْتَرَى غُلَامًا حَجَّامًا فَكَسَرَ مَحَاجِمَهُ أَوْ أَمَرَ بِهَا فَكُسِرَتْ وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَظَاهِرُهُ عِنْدِي عَلَى غَيْرِ مَا تَأَوَّلَهُ أَبُو جُحَيْفَةَ بِدَلِيلِ مَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا لِأَنَّ نَهْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ لَيْسَ مِنْ أُجْرَةِ الْحَجَّامِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا هُوَ كَنَهْيِهِ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَثَمَنِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَثَمَنِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِ

ذَلِكَ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ نَهْيُهُ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ تَحْرِيمًا لِصَيْدِهِ كَذَلِكَ لَيْسَ تَحْرِيمُ ثَمَنِ الدَّمِ تَحْرِيمًا لِأُجْرَةِ الْحَجَّامِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَ أُجْرَةَ تَعَبِهِ وَعَمَلِهِ وَكُلُّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَجَائِرٌ بَيْعُهُ وَالْإِجَارَةُ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السُّنَّةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَقَالَ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى وَأَمَرَ بِحَلْقِ الرَّأْسِ فِي الْحَجِّ فَكَيْفَ تَحْرُمُ الْإِجَارَةُ فِيمَا أَبَاحَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَوْلًا وَعَمَلًا فَلَا سَبِيلَ إِلَى تَسْلِيمِ مَا تَأَوَّلَهُ أَبُو جُحَيْفَةَ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ لِأَنَّ الْأُصُولَ الصِّحَاحَ تَرُدُّهُ فَلَوْ كَانَ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ أَبُو جُحَيْفَةَ كَانَ مَنْسُوخًا بِمَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَقَالَ آخرون كسب الحجام كسب فيه دناءة وليس بحرام وسلم وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ مُحَيِّصَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم أم يُرَخِّصْ لَهُ فِي أَكْلِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْلِفَهُ نواضجه وَيُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ وَكَذَلِكَ رَوَى رِفَاعَةُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كسب الْحَجَّامِ وَأَمَرَنَا أَنْ نُطْعِمَهُ نَوَاضِحَنَا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَزَّهَهُمْ عَنْ أَكْلِهِ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يَأْمُرْهُمْ أَنْ يُطْعِمُوهُ رَقِيقَهُمْ لِأَنَّهُمْ مُتَعَبِّدُونَ فِيهِمْ كَمَا تَعَبَّدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَتْبَاعِهِ وَأَظُنُّ الْكَرَاهَةَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَيْسَ يَخْرُجُ مَخْرَجَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ وَلَا مَعْلُومٍ وَإِنَّمَا هُوَ عَمَلٌ يُعْطَى عَلَيْهِ عَامِلُهُ مَا تَطِيبُ بِهِ نَفْسُ مَعْمُولٍ لَهُ وَرُبَّمَا لَمَّ تَطِبْ نَفْسُ الْعَامِلِ بِذَلِكَ فَكَأَنَّهُ شَيْءٌ قَدْ نُسِخَ بِسُنَّةِ الْإِجَارَةِ وَالْبُيُوعِ وَالْجُعْلِ الْمُقَدَّرِ الْمَعْلُومِ وَهَكَذَا دُخُولُ الْحَمَّامِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ طائفة من الشافعين كَرِهُوا دُخُولَ الْحَمَّامِ إِلَّا بِشَيْءٍ مَعْرُوفٍ وَإِنَاءٍ معلوم وشيء

مَحْدُودٍ يُوقَفُ عَلَيْهِ مِنْ تَنَاوُلِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا شَدِيدٌ جِدًّا وَفِي تَوَاتُرِ الْعَمَلِ بِالْأَمْصَارِ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ وَأُجْرَةِ الْحَجَّامِ مَا يَرُدُّ قَوْلَهُمْ وَحَدِيثُ أَنَسٍ هَذَا شَاهَدٌ عَلَى تَجْوِيزِ أُجْرَةِ الْحَجَّامِ بِغَيْرِ سَوْمٍ وَلَا شَيْءٍ مَعْلُومٍ قبل العلم لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ فِيهِ وَلَوْ ذُكِرَ لَنُقِلَ وَحَسْبُكَ بِهَذَا حُجَّةً وَإِذَا صَحَّ هَذَا كَانَ أَصْلًا فِي نَفْسِهِ وَفِيمَا كَانَ مِثْلَهُ وَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ رَدُّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَيِّدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ السَّبْتِيَّ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ نَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كسب الْحَجَّامِ لِتَحْرِيمٍ إِنَّمَا كَانَ عَلَى التَّنَزُّهِ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَكْرَهُ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ كَسْبِ غِلْمَانَهَا فِي الْحِجَامَةِ وَكَانَ الرَّجُلُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِ أَخِيهِ وَلِحْيَتِهِ وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبَانٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ وَثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا منه كسب الْحَجَّامُ بِحَدِيثِ أَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى

ذَلِكَ أَوْ يَكُونَ عَلَى جِهَةِ التَّنَزُّهِ كَمَا ذَكَرْنَا وَلَيْسَ فِي عَطْفِ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ عَلَيْهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي تَحْرِيمِ كَسْبِ الْحَجَّامِ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْطَفُ الشَّيْءُ عَلَى الشَّيْءِ وَحَكْمُهُ مُخْتَلِفٌ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمِهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَوْ كَانَ بِهِ بَأْسٌ لَمْ يُعْطِهِ هَكَذَا قَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ وَلَوْ عَلِمَهُ خَبِيثًا لَمْ يُعْطِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ الْحِجَامَةِ وَفِي مَعْنَاهَا إِبَاحَةُ التَّدَاوِي كُلِّهِ بِمَا يُؤْلِمُ وَبِمَا لَا يُؤْلِمُ إِذَا كَانَ يُرْجَى نَفْعُهُ وَقَدْ بَيَّنَّا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي إِبَاحَةِ التَّدَاوِي وَالرُّقَى مِنَ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَازُعِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث السابع

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ هُوَ مَوْقُوفٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَأَسْنَدَتْهُ طَائِفَةٌ عَنْ مَالِكٍ لَيْسُوا فِي الْحِفْظِ هُنَاكَ مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قُمْتُ وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكُلُّهُمْ كَانَ لَا يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ مَوْقُوفًا وَرَوَتْهُ طَائِفَةٌ عَنْ مَالِكٍ فَرَفَعَتْهُ ذَكَرَتْ فِيهِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَحْفُوظٍ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ وَمِمَّنْ رَوَاهُ مَرْفُوعًا عَنْ مَالِكٍ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَزِيرٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكُلُّهُمْ كَانَ لَا يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرحمان الرَّحِيمِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فكانوا يفتتحون القراءة بالحمد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا مَرْفُوعًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا

إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرِ وَعُمَرَ فَلَمْ يَكُونُوا يَجْهَرُونَ ببسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَهَذَا خَطَأٌ كُلُّهُ خِلَافُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ عَنْ مَالِكٍ مَرْفُوعًا أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ اخْتَلَفَ عَنْهُ فِي لَفْظِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُشْكَانَ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ القراءة بالحمد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ مِنْ كِتَابِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اللَّيْثِ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا إسماعيل ابن مُوسَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بكر وعمر وعثمان كانوا لا يستفتحون ببسم الله الرحمان الرَّحِيمِ وَرَفَعَهُ أَيْضًا ابْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي داود السجستاني حدثنا أحمد بن عبد الرحمان بْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يجهر في القراءة ببسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهَذَا مَا بَلَغَنَا مِنَ الِاخْتِلَافِ عَلَى مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَفْظِهِ وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ مَوْقُوفٌ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَنَسٍ قَتَادَةُ وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا كُلُّهُمْ أَسْنَدَهُ وَذَكَرَ فِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفَ عَلَيْهِمْ فِي لَفْظِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا مُضْطَرِبًا مُتَدَافِعًا منهم من يقول فيه كانوا لا يقرؤون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ كانوا لا يجهرون ببسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ كَانُوا لَا يَتْرُكُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْهُمْ من قال كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَهَذَا اضْطِرَابٌ لَا يَقُومُ مَعَهُ حُجَّةٌ لِأَحَدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ كَبِرْنَا وَنَسِينَا وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي قِرَاءَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهَا بِوُجُوهِ اعْتِلَالِهِمْ وَآثَارِهِمْ وَمَا نَزَعُوا بِهِ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابٍ جَمَعْتُهُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ كِتَابُ الْإِنْصَافِ فِيمَا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي قِرَاءَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَمَضَى فِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا يَكْفِي وَيَشْفِي فِي هَذَا الْكِتَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ مالك عن العلاء ابن عبد الرحمان قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ اقْرَءُوا يَقُولُ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ إِلَى آخَرِ السُّورَةِ وَهُوَ أَقْطَعُ حَدِيثٍ فِي تَرْكِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ قَدْ تَأَوَّلُوا فِيهَا فَأَكْثَرُوا فِيهَا التِّشْغِيبَ وَالْمُنَازَعَةَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاخْتِلَافُ فِي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عَلَى أَوْجُهٍ أَحَدُهَا هَلْ هِيَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ سُورَةِ النَّمْلِ وَالْآخَرُ هَلْ هِيَ آيَةٌ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَوْ هِيَ آيَةٌ مَنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَالثَّالِثُ هَلْ

تَصِحُّ الصَّلَاةُ دُونَ أَنْ يُقْرَأَ بِهَا مَعَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَالرَّابِعُ هَلْ تُقْرَأُ فِي النَّوَافِلِ دون الفرائض ونختصر القول في القراة بها ها هنا لِأَنَّا قَدِ اسْتَوْعَبْنَا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَمَهَّدْنَاهُ فِي كِتَابِ الْإِنْصَافِ فِيمَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لَا تُقْرَأُ فِي الْمَكْتُوبَةِ سِرًّا وَلَا جَهْرًا وَفِي النَّافِلَةِ إِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرَيِّ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ تُقْرَأُ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ إِلَّا أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ إِنْ شَاءَ جَهَرَ بِهَا وَإِنْ شَاءَ أَخْفَاهَا وَقَالَ سَائِرُهُمْ يُخْفِيهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ آيَةٌ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ يُخْفِيهَا إِذَا أَخْفَى وَيَجْهَرُ بِهَا إِذَا جَهَرَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ هَلْ هِيَ آيَةٌ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا هِيَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَالثَّانِي لا إلا في فاتحة الكتاب وقد أشيعنا هَذَا الْبَابَ وَبَسَطْنَاهُ بِحُجَّةِ كُلِّ فِرْقَةٍ فِي كِتَابِ الْإِنْصَافِ وَفِي بَابِ الْعَلَاءِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِمَّا هُوَ مَوْقُوفٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَدْ أَسْنَدَهُ عَنْ مَالِكٌ مَنْ لَا يُوثَقُ بِحِفْظِهِ أَيْضًا مَا أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بن حامد المعدل حدثنا إبراهيم ابن مَيْمُونٍ قَالَ قُرِئَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَخْبَرَكُمُ ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ وَسَبْعٌ لِلْبِكْرِ لَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُ ابْنِ وَهْبٍ إِنْ صَحَّ عَنْهُ وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ مَوْقُوفٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مُجَوَّدًا مَبْسُوطًا مُمَهَّدًا بِمَا فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

حميد بن قيس الأعرج المكي

بَابُ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ الْمَكِّيِّ وَهُوَ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ مَوْلَى بَنِي فَزَارَةَ وَمَنْ نَسَبَهُ إِلَى وَلَاءِ بَنِيَ فَزَارَةَ قَالَ هُوَ مَوْلَى آلِ مَنْظُورِ بْنِ سَيَّارٍ وَقِيلَ مَوْلَى عَفْرَاءَ بِنْتِ سَيَّارِ بْنِ مَنْظُورٍ وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ مَوْلَى أم هاشم بنت سيار بن منظرو الْفَزَارِيِّ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَنُسِبَ إِلَى الزُّبَيْرِ وَيُقَالُ مَوْلَى بَنِيَ أَسَدٍ وَآلُ الزُّبَيْرِ أَسَدِيُّونَ أَسَدُ قُرَيْشٍ وَحُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ مَكِّيٌّ ثِقَةٌ صَاحِبُ قُرْآنٍ يُكَنَّى أَبَا صَفْوَانَ وقيل ابا عبد الرحمان وَإِلَيْهِ يُسْنِدُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قِرَاءَتَهُمْ وَإِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ وَابْنِ مُحَيْصِنٍ وَأَخُوهُ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِسَنْدَلٍ مَكِّيٌّ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ مَوْلَى بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَسَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ مَكِّيٌّ ثِقَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِمَالِكٍ عَنْهُ سِتَّةُ أَحَادِيثَ مَرْفُوعَةٍ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْهَا حَدِيثَانِ مُتَّصِلَانِ مُسْنَدَانِ وَمِنْهَا حَدِيثٌ ظَاهِرُهُ مَوْقُوفٌ وَمِنْهَا ثَلَاثَةُ مُنْقَطِعَاتٍ أَحَدُهَا شَرَكَهُ فِيهِ ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ وَتَأْتِي الْخَمْسَةُ فِي بَابِهِ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِحُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَبِي الْحَجَّاجِ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْلِقْ رَأْسَكَ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مُتَّصِلًا وَتَابَعَهُ القعنبي والشافعي وابن عبد الحكم وعتيق ابن يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو مُصْعَبٍ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عُفَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ لَمْ يَذْكُرُوا ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَكَذَلِكَ اخلتف الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ هَذَا وَسَنَذْكُرُ لَكَ فِي بَابِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْحَدِيثُ لِمُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو بِشْرٍ وَأَيُّوبُ وَابْنُ عَوْنٍ وَغَيْرُهُمْ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ رِوَايَةِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَعَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وابن أبي ليلى هذا هو عبد الرحمان بْنُ أَبِي لَيْلَى مِنْ كِبَارِ تَابِعِيِّ الْكُوفَةِ

وهو والد محمد بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى فَقِيهِ الْكُوفَةِ وَقَاضِيهَا وَلِأَبِيهِ أَبِي لَيْلَى صُحْبَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ ها هنا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَذْكُرْ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمِ الْإِطْعَامُ وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ مُجَاهِدٍ كَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرُوهُ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ مُجَاهِدٍ وَمِنْهُمْ عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَذَكَرَهُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ جَمَاعَةٌ وَمَنْ ذَكَرَهُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَذْكُرْهُ وَلَمْ يَذْكُرْ حُمَيْدٌ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعِلَّةَ الَّتِي أَوْجَبَتْ ذَلِكَ الْقَوْلَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَلَا الْمَوْضِعَ الَّذِي قَالَ لَهُ ذَلِكَ فِيهِ وَكَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ مِنْهُ لِكَعْبٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَأَذَاهُ الْقَمْلُ فِي رَأْسِهِ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَقَالَ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ أَوِ انْسُكْ شَاةً أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا يعقوب ابن إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانٌ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ عَنِ الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ أَصَابَنِي هَوَامٌّ فِي

رَأْسِي وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ حَتَّى تَخَوَّفْتُ عَلَى بَصَرِي قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ الْآيَةَ فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ احْلِقْ رَأْسَكَ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ فَرَقًا مِنْ زَبِيبٍ أَوِ انْسُكْ شَاةً فَحَلَقْتُ رَأْسِي ثُمَّ نَسَكْتُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ الرِّقَاشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ مجاهد عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ مِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ تَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي فَقَالَ يَا أَبَا كَعْبٍ مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى فَأَمَرَنِي أَنْ أَحْلِقَ رَأْسِيَ وَأَنْسُكَ نَسِيكَةً أَوْ أُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ أَوْ أَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ وَرَوَاهُ أَبُو قِلَابَةَ أَوِ اذْبَحْ شَاةً مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ وَسَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَوَرْقَاءَ وَابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ فِيهِ أَوْ تُطْعِمُ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ ورواه أبو قلابة عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ فِيهِ فَاحْلِقْ شَعْرَكَ وَاذْبَحْ شَاةً أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ تَصَدَّقْ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ وَكَذَلِكَ قَالَ سُلَيْمَانُ بن قرم عن عبد الرحمان بن

الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ الْمُزَنِيِّ سَمِعَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَتَقْدِرُ عَلَى نُسُكٍ قَالَ لَا قَالَ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ وَرَوَاهُ أبو عوانة عن عبد الرحمان بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَكَذَلِكَ رَوَى أَشْعَثُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ إِطْعَامُ ثَلَاثَةِ آصُعٍ تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عن عبد الرحمان بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ سَمِعَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ هَكَذَا يَقُولُ شُعْبَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِنْ طَعَامٍ لَمْ يَقُلْ مِنْ تَمْرٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَوْ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَالصَّحِيحُ فِيهِ عن أبي قلابة عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَأَمَّا الشَّعْبِيُّ فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَيْهِ فَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عنه عن عبد الرحمان عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَبَعْضُهُمْ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَلَمْ يَسْمَعِ الشَّعْبِيُّ مِنْ كَعْبِ بْنِ عَجْرَةَ وَلَا سَمِعَهُ أَبُو قِلَابَةَ مِنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَنْ ذَكَرَ النُّسُكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُفَسَّرًا فَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بِشَاةٍ وَهُوَ أَمْرٌ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا الصَّوْمُ وَالْإِطْعَامُ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَهُوَ مَحْفُوظٌ صَحِيحٌ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَجَاءَ عَنِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَنَافِعٍ أَنَّهُمْ قَالُوا الصَّوْمُ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَالْإِطْعَامُ عَشَرَةُ مَسَاكِينَ وَلَمْ يَقُلْ بِهَذَا أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَلَا أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ ابن حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ مجاهد عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ قَالَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فِيَّ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ادْنُهْ فَدَنَوْتُ مرتين أو ثلاثا فقال أتوذيك هَوَامُّكَ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ وَأَحْسَبُهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَمَرَنِي بِصِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ مما تيسير قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مجاهد عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنُ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ بُرْمَةٍ لِي وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي فَقَالَ أَتُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ احْلِقْ وصم ثلاثة أيام أو أطعم تسة مَسَاكِينَ أَوِ انْسُكْ نَسِيكَةً قَالَ أَيُّوبُ لَا أَدْرِي بِأَيِّهَا بَدَأَ وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قال سمعت مجاهدا يحدث عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنُ الْحُدَيْبِيَةِ فَذَكَرَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَرَوَاهُ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ مُجَاهِدٍ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ

حدثنا جعفر بن محمد الصائع قال مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ أَهَلَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَأَنَّهُ قَمِلَ رَأْسُهُ فَأَتَى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوقِدُ تَحْتَ قدر له فقال له كأنك توذيك هَوَامُّ رَأْسِكَ قَالَ أَجَلْ قَالَ احْلِقْ وَاهْدِ هَدْيًا فَقَالَ مَا أَجِدُ هَدْيًا قَالَ فَأَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ فَقَالَ مَا أَجِدُ فَقَالَ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَأَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى التَّرْتِيبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَوْ صَحَّ هَذَا كَانَ مَعْنَاهُ الِاخْتِيَارَ أَوَّلًا فَأَوَّلًا وَعَامَّةُ الْآثَارِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَرَدَتْ بِلَفْظِ التَّخْيِيرِ وَهُوَ نَصُّ الْقُرْآنِ وَعَلَيْهِ مَضَى عَمَلُ الْعُلَمَاءِ فِي كُلِّ الْأَمْصَارِ وَفَتْوَاهُمْ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْإِطْعَامِ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ الْإِطْعَامُ فِي ذَلِكَ مُدَّانِ مُدَّانِ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَرُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْفِدْيَةِ مِنَ الْبُرِّ نِصْفُ صَاعٍ وَمِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ صَاعٌ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا مِثْلُهُ جَعَلَ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ عَدْلَ صَاعِ تَمْرٍ وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مَرَّةً كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَرَّةً قَالَ إِنْ أَطْعَمَ بُرًّا فَمُدٌّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَإِنْ أَطْعَمَ تَمْرًا فَنِصْفُ صَاعٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفِ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْإِطْعَامَ إِنَّمَا هُوَ لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا عَنِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَنَافِعٍ وَهُوَ قَوْلٌ لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ لِأَنَّ

السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ تَدْفَعُهُ وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُغَدِّيَ الْمَسَاكِينَ وَيُعَشِّيَهُمْ فِي كفارة الأدنى حتى يعطي كل مسكين مدين مدين بمدالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ والشافعي ومحمد ابن الْحَسَنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُجِزِئُهُ أَنْ يُغَدِّيَهُمْ وَيُعَشِّيَهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ولا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمَرَضُ أَنْ يَكُونَ بِرَأْسِهِ قُرُوحٌ وَالْأَذَى الْقَمْلُ وَقَالَ عَطَاءٌ الْمَرَضُ الصُّدَاعُ وَالْقَمْلُ وَغَيْرُهُ وَحَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَوْضَحُ شَيْءٍ فِي هَذَا وَأَصَحُّهُ وَأَوْلَى مَا عُوِّلَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ الْأَصْلُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أحمد ابن كَامِلٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ رِشْدِينَ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ صَالِحٍ يَعْنِي الْمِصْرِيَّ يَقُولُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي الْفِدْيَةِ سُنَّةٌ مَعْمُولٌ بِهَا لَمْ يَرْوِهَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرُهُ وَلَا رَوَاهَا عَنْ كعب بن عجرة إلا رجلان عبد الرحمان بْنُ أَبِي لَيْلَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلٍ وَهَذِهِ سُنَّةٌ أَخَذَهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ أَحْمَدُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ سَأَلْتُ عَنْهَا عُلَمَاءَنَا كُلَّهُمْ حَتَّى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَلَمْ يُثْبِتُوا كَمْ عَدَدُ الْمَسَاكِينِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْفِدْيَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ مِنْ عُذْرٍ وَضَرُورَةٍ وَأَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيمَا نَصَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَا عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَاخْتَلَفُوا فَيمَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ عَامِدًا أَوْ تَطَيَّبَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ عَامِدًا أَوْ لَبِسَ لِغَيْرِ عُذْرٍ عَامِدًا فَقَالَ مَالِكٌ بِئْسَ مَا فَعَلَ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهَا إِنْ شَاءَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ شَاءَ ذَبَحَ شَاةً وَإِنْ شَاءَ أَطْعَمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ مِنْ قُوتِهِ أي ذلك شاء فعل وسواء أَطْعَمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ مِنْ قُوتِهِ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ فَعَلَ وَسَوَاءٌ عِنْدَهُ الْعَمْدُ فِي ذَلِكَ وَالْخَطَأُ لِضَرُورَةٍ وَغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَأَبُو ثَوْرٍ لَيْسَ

بِمُخَيَّرٍ إِلَّا فِي الضَّرُورَةِ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ فمن كان منكم مريضا أو أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَأَمَّا إِذَا حَلَقَ عَامِدًا أَوْ تَطَيَّبَ عَامِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَيْسَ بِمُخَيَّرٍ وَعَلَيْهِ دَمٌ لَا غَيْرُ وَاخْتَلَفُوا فَيمَنْ حَلَقَ أَوْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ نَاسِيًا فَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ الْعَامِدُ وَالنَّاسِي فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ وَلِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَالْآخَرُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَقَالَ دَاوُدُ وَإِسْحَاقُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِنْ صَنَعَهُ نَاسِيًا وَأَكْثَرُ العلماء يوجبون الفدية على المحرم إاذ حَلَقَ شَعْرَ جَسَدِهِ أَوْ إِطِلًا أَوْ حَلَقَ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شيء من ذلك دما وقال داود لاشيء عَلَيْهِ فِي حَلْقِ شَعْرِ جَسَدِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي موضع الفدية المذكروة فَقَالَ مَالِكٌ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَيْنَ شَاءَ إِنْ شَاءَ بِمَكَّةَ وَإِنْ شَاءَ بِبَلَدِهِ وَذَبْحُ النُّسُكِ وَالْإِطْعَامُ وَالصِّيَامُ عِنْدَهُ سَوَاءٌ يَفْعَلُ مَا شَاءَ مِنْ ذَلِكَ أَيْنَ شَاءَ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ والذبح ها هنا عِنْدَ مَالِكٍ نُسُكٌ وَلَيْسَ بِهَدْيٍ قَالَ وَالنُّسُكُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ وَالْهَدْيُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَكَّةَ وَحُجَّتُهُ فِي أَنَّ النُّسُكَ يَكُونُ بِغَيْرِ مكة حديثه عن يحيى ابن سَعِيدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَخَرَجَ مَعَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَمَرُّوا عَلَى حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ مَرِيضٌ بِالسُّقْيَا فَأَقَامَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ حَتَّى إِذَا خَافَ الْمَوْتَ خَرَجَ وَبَعَثَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ وَهُمَا بِالْمَدِينَةِ فَقَدِمَا عَلَيْهِ ثُمَّ إِنَّ حُسَيْنًا أَشَارَ إِلَى رَأْسِهِ فَأَمَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِرَأْسِهِ فَحُلِقَ ثُمَّ نَسَكَ عَنْهُ بِالسُّقْيَا فَنَحَرَ عَنْهُ بَعِيرًا قَالَ مَالِكٌ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَكَانَ حُسَيْنٌ خَرَجَ مَعَ عُثْمَانَ فِي سَفَرِهِ إِلَى مَكَّةَ فَهَذَا وَاضِحٌ فِي أَنَّ الذَّبْحَ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى جَائِزٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ وَجَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْهَدْيِ إِذَا نَحَرَ فِي الْحَرَمِ أَنْ يُعْطَاهُ غَيْرُ أَهْلِ الْحَرَمِ لِأَنَّ الْبُغْيَةَ فِيهِ إِطْعَامُ مَسَاكِينِ

الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَلَمَّا جَازَ الصَّوْمُ أَنْ يُؤْتَى به في غَيْرُ الْحَرَمِ جَازَ إِطْعَامُ غَيْرِ أَهْلِ الْحَرَمِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ الدَّمُ وَالْإِطْعَامُ لَا يجزى إِلَّا بِمَكَّةَ وَالصَّوْمُ حَيْثُ شَاءَ وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ الصَّوْمُ مُخَالِفٌ لِلْإِطْعَامِ وَالذَّبْحِ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِأَهْلِ الْحَرَمِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ رِفْقًا لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ جِيرَانِ بَيْتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قَالَ عَطَاءٌ مَا كَانَ مِنْ دَمٍ فَبِمَكَّةَ وَمَا كَانَ مِنْ إِطْعَامٍ أَوْ صِيَامٍ فَحَيْثُ شَاءَ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَيْضًا مِثْلُ قَوْلِ عَطَاءٍ وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّ الدَّمَ بِمَكَّةَ ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي حَدِيثَ عَلِيٍّ حِينَ حَلَقَ رَأْسَ حُسَيْنٍ ابْنِهِ بِالسُّقْيَا وَنَسَكَ عَنْهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ هَذَا أَبْيَنُ مَا جَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَصَحُّهُ وَفِيهِ جَوَازُ الذَّبْحِ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى بِغَيْرِ مَكَّةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل ولا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ثُمَّ قَالَ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ وَلَمْ يَقُلْ فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ فالظاهر أنه حيث ما فَعَلَ أَجْزَأَ وَقَدْ سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُذْبَحُ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى نُسُكًا وَلَمْ يُسَمِّهِ هَدْيًا فَلَا يَلْزَمُنَا أَنْ نَرُدَّهُ قِيَاسًا عَلَى الْهَدْيِ وَلَا أَنْ نَعْتَبِرَهُ بِالْهَدْيِ مَعَ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَعَ اسْتِعْمَالِ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِحُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ مُتَّصِلٌ مَالِكٌ عن حميد بن قيس الملكي عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَجَاءَهُ صَائِغٌ فَقَالَ يَا أبا عبد الرحمان إِنِّي أَصُوغُ الذَّهَبَ ثُمَّ أَبِيعُ الشَّيْءَ مِنْ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ فَأَسْتَفْضِلُ فِي ذَلِكَ قَدْرَ عَمَلِ يَدِي فَنَهَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَجَعَلَ الصَّائِغُ يُرَدِّدُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ إِلَى دَابَّةٍ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَهَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لَا فَضْلَ بَيْنِهِمَا هَذَا عَهْدُ نَبِيِّنَا إِلَيْنَا وَعَهْدُنَا إِلَيْكُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنِ التَّفَاضُلِ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ إِذَا بِيعَ شَيْءٌ مِنْهَا بِجِنْسِهِ وَقَوْلُهُ فِيهِ الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ إِشَارَةٌ إِلَى جِنْسِ الْأَصْلِ لَا إِلَى الْمَضْرُوبِ دُونَ غَيْرِهِ بِدَلِيلِ إِرْسَالِ ابْنِ عُمَرَ الْحَدِيثَ عَلَى سُؤَالِ الصَّائِغِ لَهُ عَنِ الذَّهَبِ الْمَصُوغِ وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْعُلَمَاءِ حَرَّمَ التَّفَاضُلَ فِي الْمَضْرُوبِ الْعَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْمُدَرْهَمَةِ دُونَ التِّبْرِ وَالْمَصُوغِ مِنْهُمَا إِلَّا شَيْءٌ جَاءَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى خِلَافِهِ فَأَغْنَى إِجْمَاعُهُمْ عَلَى ذَلِكَ عَنْ الِاسْتِشْهَادِ فِيهِ بِغَيْرِهِ وَفِي قِصَّةِ مُعَاوِيَةَ مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ إِذْ بَاعَ مُعَاوِيَةُ السِّقَايَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهَا بَيَانٌ أَنَّ الرِّبَا فِي الْمَصُوغِ وَغَيْرِ الْمَصُوغِ وَالْمَضْرُوبِ وَغَيْرِ المضروب

قَالَ أَبُو عُمَرَ فَالْفِضَّةُ السَّوْدَاءُ وَالْبَيْضَاءُ وَالذَّهَبُ الْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ كُلُّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ إِحْدَى الْفِضَّتَيْنِ أَوْ إِحْدَى الذَّهَبَيْنِ فِيهِ دَخَلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ أَلْبَتَّةَ عَلَى حَالٍ إِلَّا أَنْ يُحِيطَ الْعِلْمُ أَنَّ الدَّخْلَ فِيهِمَا سَوَاءٌ نَحْوَ السِّكَّةِ الْوَاحِدَةِ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ لِأَنَّا إِذَا عَدِمْنَا حَقِيقَةَ الْمُمَاثَلَةِ لَمْ نَأْمَنِ التَّفَاضُلَ وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِ الِازْدِيَادِ فِي ذلك فوجب المنع حتى تصحة الْمُمَاثَلَةُ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ نَافِعٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْمَوْزُونَاتِ الْوَزْنُ لَا غَيْرَ وَفِي الْمَكِيلَاتِ الْكَيْلُ وَلَوْ وُزِنَ الْمَكِيلُ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ مُمَاثَلَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ لَا يَصِحُّ عَنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ خِلَافُهُ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ فَلَمْ أَرَ وَجْهًا فِي ذَلِكَ لِلْإِكْثَارِ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ عبد الرحمان بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ لَقِيَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَشَهِدَ

على رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بمثل فمن زاد فقد أربا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ فِيمَا كُنْتُ أُفْتِي بِهِ وَرَجَعَ عَنْهُ قَالَ عَلِيٌّ وَحَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لَا زِيَادَةَ وَبَلَغَهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي تُحَدِّثُ بِهِ أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ أَوْ شَيْءٌ وَجَدْتَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي وَلَكِنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حَدَّثَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ قَالَ عَلِيٌّ وَحَدَّثَنَا عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ العزيز بن محمد عن إبراهيم ابن طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ وَابْنَ عَبَّاسٍ يُفْتِي فِي الدِّينَارِ بِالدِّينَارَيْنِ فَأَغْلَظَ لَهُ أَبُو أُسَيْدٍ فَقَالَ له

ابْنُ عَبَّاسٍ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ أَحَدًا يَعْرِفُ قَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِي مِثْلَ هَذَا يَا أَبَا أُسَيْدٍ فَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ وَصَاعُ حِنْطَةٍ بِصَاعِ حِنْطَةٍ وَصَاعُ شَعِيرٍ بِصَاعِ شَعِيرٍ وَصَاعُ مِلْحٍ بِصَاعِ مِلْحٍ لَا فَضْلَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ هَذَا شَيْءٌ إِنَّمَا كُنْتُ أَقُولُهُ بِرَأْيِي وَلَمْ أَسْمَعْ فِيهِ شَيْئًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ الرِّبْعِيُّ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَجَعَ عَنِ الصَّرْفِ وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ رَأْيًا مِنِّي وَهَذَا أَبُو سَعِيدٍ يُحَدِّثُ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مَالِكَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ يُحَدِّثُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ وَلَا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ أَرَ ذِكْرَ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي الصَّرْفِ وَلَمْ أَعُدَّهُ خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ رُجُوعِهِ عَنْ ذَلِكَ وَفِي رُجُوعِهِ إِلَى خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُفَسِّرِ وَتَرْكِهِ الْقَوْلَ بِخَبَرِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ الْمُجْمِلِ ضُرُوبٌ من

الْفِقْهِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهَا وَمَنْ تَدَبَّرَهَا وَوُفِّقَ لِفَهْمِهَا أَدْرَكَهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ عَنْ مَالِكٍ فِي التَّاجِرِ يَحْفِزُهُ الْخُرُوجُ وَبِهِ حَاجَةٌ إِلَى دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٍ أَوْ دَنَانِيرَ مَضْرُوبَةٍ فَيَأْتِي دَارَ الضَّرْبِ بِفِضَّتِهِ أَوْ ذَهَبِهِ فَيَقُولُ لِلضَّرَّابِ خُذْ فِضَّتِي هَذِهِ أَوْ ذَهَبِي وَخُذْ قَدْرَ عَمَلِ يَدِكَ وَادْفَعْ إِلَيَّ دَنَانِيرَ مَضْرُوبَةً فِي ذَهَبِي أَوْ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةً فِي فِضَّتِي هَذِهِ لِأَنِّي مَحْفُوزٌ لِلْخُرُوجِ وَأَخَافُ أَنْ يَفُوتَنِي مَنْ أَخْرَجَ مَعَهُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ وَإِنَّهُ قَدْ عَمِلَ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مِمَّا يُرْسِلُهُ الْعَالِمُ عَنْ غَيْرِ تَدَبُّرٍ وَلَا رِوَايَةٍ وَرُبَّمَا حَكَاهُ لِمَعْنًى قَادَهُ إِلَى حِكَايَتِهِ فَيَتَوَهَّمُ السَّامِعُ أَنَّهُ مَذْهَبُهُ فَيَحْمِلُهُ عَنْهُ وَهَذَا عَيْنُ الرِّبَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِلصَّائِغِ لَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَوَاءٌ وَنَهَاهُ عَنْهَا وَقَالَ هَذَا عَهْدُ نَبِيِّنَا إِلَيْنَا وَعَهْدُنَا إِلَيْكُمْ وَهَذَا قَدْ بَاعَ فِضَّةً بِفِضَّةٍ أَكْثَرَ مِنْهَا وَأَخَذَ فِي الْمَضْرُوبِ زِيَادَةً عَلَى غَيْرِ الْمَضْرُوبِ وَهُوَ الرِّبَا الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَضْرُوبُ الْفِضَّةِ وَمَصُوغُهَا بِتِبْرِهَا وَلَا مَضْرُوبُ الذَّهَبِ وَمَصُوغُهُ بِتِبْرِهِ وَعَيْنِهِ إِلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ وَعَلَى ذَلِكَ تَوَاتَرَتِ السُّنَنُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ

الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُهُ وَعَيْنُهُ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا يَعْنِي وَزْنًا بِوَزْنٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ مَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى مُخْتَصَرًا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَهِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَ عُبَادَةَ بِكَثِيرٍ مِنْ طُرُقِهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ رَدَّ ابْنُ وَهْبٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَنْ مَالِكٍ وَأَنْكَرَهَا وَزَعَمَ الْأَبْهَرِيُّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الرفق لطلب التجارة وليلا يَفُوتَ السُّوقُ قَالَ وَلَيْسَ الرِّبَا إِلَّا عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يُرْبِيَ مِمَّنْ يَقْصِدُ إِلَى ذَلِكَ وَيَبْتَغِيهِ وَنَسِيَ الْأَبْهَرَيُّ أَصْلَهُ فِي قَطْعِ الذَّرَائِعِ وَقَوْلُهُ فِيمَنْ بَاعَ ثَوْبًا بِنَسِيئَةٍ وَهُوَ لَا نِيَّةَ لَهُ فِي شِرَائِهِ ثُمَّ يَجِدُهُ فِي السُّوقِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبْتَاعَهُ مِنْهُ بِدُونِ مَا بِهِ بَاعَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إِلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَبْتَعْهُ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الرِّبَا إِلَّا عَلَى مَنْ قَصَدَهُ مَا حَرُمَ إِلَّا عَلَى الْفُقَهَاءِ خَاصَّةً وَقَدْ قَالَ عُمَرُ لَا يَتَّجِرُ في سوقنا إلامن فَقِهَ وَإِلَّا أَكَلَ الرِّبَا وَالْأَمْرُ فِي هَذَا بَيِّنٌ لِمَنْ رُزِقَ الْإِنْصَافَ وَأُلْهِمَ رُشْدَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ ابن حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ وَرْدَانَ الرُّومِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ إِنِّي رَجُلٌ أَصُوغُ الْحُلِيَّ ثُمَّ أَبِيعُهُ وَأَسْتَفْضِلُ فِيهِ قَدْرَ أُجْرَتِي أَوْ عَمَلِ يَدِي فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا هَذَا عَهْدُ صَاحِبِنَا إِلَيْنَا وَعَهْدُنَا إِلَيْكُمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ يَعْنِي بِقَوْلِهِ صَاحِبِنَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ وَقَوْلُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَهْدُ نَبِيِّنَا خَطَأٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ عِنْدِي غَلَطٌ عَلَى أَصْلِهِ لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي قَوْلِهِ صَاحِبِنَا مُجْمَلٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الْأَظْهَرُ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ عُمَرَ فَلَمَّا قَالَ مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا عهد نبينا فسر ما أجمل ورد أن الرُّومِيُّ وَهَذَا أَصْلُ مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْآثَارِ وَلَكِنَّ النَّاسَ لَا يَسْلَمُ مِنْهُمْ أَحَدٌ مِنَ الْغَلَطِ وَإِنَّمَا دَخَلَتِ الدَّاخِلَةُ عَلَى النَّاسِ مِنْ قَبِلَ التَّقْلِيدِ لِأَنَّهُمْ إِذَا تَكَلَّمَ العالم عند من لا ينعم النَّظَرَ بِشَيْءٍ كَتَبَهُ وَجَعَلَهُ دَيْنًا يَرُدُّ بِهِ مَا خَالَفَهُ دُونَ أَنْ يَعْرِفَ الْوَجْهَ فِيهِ فَيَقَعُ الْخَلَلُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِحُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِحُنَيْنٍ وَعَلَى الْأَعْرَابِيِّ قَمِيصٌ وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَهَلَلْتُ بِعُمْرَةٍ فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْزِعْ قَمِيصَكَ هَذَا وَاغْسِلْ هَذِهِ الصُّفْرَةَ عَنْكَ وَافْعَلْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَفْعَلُ فِي حَجِّكَ هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِيمَا عَلِمْتُ وَلَكِنَّهُ يَتَّصِلُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ مَنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ ثَابِتَةٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَهُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الزُّبَيْرِ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَقَتَادَةُ وَابْنُ جُرَيْحٍ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى وَمَطَرٌ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَحْسَنُهُمْ رِوَايَةً لَهُ عن عطاء وأتقنهم ابن جريج وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ رَوَوْهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّوَابُ فِيهِ وَغَيْرُهُمْ رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ يَعْلَى وَلَيْسَ بشيء

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَاللَّفْظُ بِحَدِيثِهِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَالَ حَدَّثَنَا صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْخَلُوقِ أَوْ قَالَ صُفْرَةٌ فَقَالَ كَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِي قَالَ فَأُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَتَرَ بِثَوْبٍ قَالَ وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيَ فَقَالَ عُمَرُ يَا يَعْلَى أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ فَرَفَعَ طَرَفَ الثَّوْبِ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا لَهُ غَطِيطٌ وَأَحْسَبُهُ كَغَطِيطِ الْبِكْرِ قَالَ فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ اخْلَعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ وَاغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الْخَلُوقِ أَوْ قَالَ أَثَرَ الصُّفْرَةِ وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا صَنَعْتَ فِي حَجِّكَ قَالَ وَأَتَاهُ رَجُلٌ آخَرُ قَدْ عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ يَدَهُ فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ الَّتِي عَضَّ بِهَا فَأَبْطَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ التَّمَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً قَالَ أَخْبَرَنَا صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ فَذَكَرَهُ سَوَاءً وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ سَمِعَ عَطَاءً يَقُولُ أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ يَعْلَى قَالَ لِعُمَرَ وَدِدْتُ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ حِينَ يُوحَى إِلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ بِالْجِعْرَانَةِ أَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِخَلُوقٍ وَقَدْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَقَالَ أَفْتِنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأُوحِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى

فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ إِلَى آخِرِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ الْعَاضِّ يَدَ الرَّجُلِ أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَضْرَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أخبرني محمد ابن إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سَمِعَتُ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ ابن يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ وَهُوَ مُصَفِّرٌ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَحْرَمْتُ بِعُمْرَةٍ وَأَنَا كَمَا تَرَى قَالَ انْزِعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ وَاغْسِلْ عَنْكَ الصُّفْرَةَ وَمَا كُنْتَ صَانِعًا فِي حَجِّكَ فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَضَمِّخًا بِالْخَلُوقِ وَعَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ فَقَالَ كَيْفَ تَأْمُرُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي عُمْرَتِي قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ فَقَالَ لَهُ أَلْقِ عَنْكَ ثِيَابَكَ وَاغْتَسِلْ وَاسْتَنْقِ مَا اسْتَطَعْتَ وَمَا كُنْتَ صَانِعَهُ فِي حَجِّكَ فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ هَكَذَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ نِسْبَةً إِلَى جَدِّهِ وَهُوَ صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ رَجُلٌ تَمِيمِيٌّ وَلَيْسَ بصوفان بْنِ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيِّ وَقَدْ نَسَبْنَاهُمَا فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحَدَّثَنَا

سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ مُقَطَّعَةٌ يَعْنِي جُبَّةٌ وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِالْخَلُوقِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَحْرَمْتُ بِالْعُمْرَةِ وَعَلَيَّ هَذِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كُنْتَ تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ قَالَ كُنْتُ أَنْزِعُ هَذِهِ وَأَغْسِلُهَا بِالْخَلُوقِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كُنْتَ صَانِعًا فِي حَجِّكَ فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ حدثنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْقَاضِي الْقَلْزُمِيُّ بِالْقَلْزُمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ! عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ كَانَ يَقُولُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَيْتَنِي أَرَى رَسُولَ اللَّهِ حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ فَبَيْنَا هُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ مَعَهُ بَعْدَمَا تَضَمَّخَ بِطِيبٍ فَسَكَتَ سَاعَةً فَجَاءَهُ الْوَحْيُ فَأَشَارَ عمر إلى يعلى بيده أن تعالى فَجَاءَهُ وَأَدْخَلَ رَأْسَهُ فَإِذَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ كَذَلِكَ سَاعَةً ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ فَالْتَمَسَ الرَّجُلَ فَأُتِيَ بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ قَالَ ابْنُ جُرَيْحٍ كَانَ عَطَاءٌ يَأْخُذُ فِي الطِّيبِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَكَانَ يَكْرَهُ الطِّيبَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَيَقُولُ إِنْ كَانَ بِهِ شَيْءٌ مِنْهُ فَلْيَغْسِلْهُ وَكَانَ يَأْخُذُ بِشَأْنِ صَاحِبِ الْجُبَّةِ وَكَانَ صَاحِبُ الْجُبَّةِ قَبْلَ حَجَّةِ

الْوَدَاعِ قَالَ ابْنُ جُرَيْحٍ وَالْآخِرُ فَالْآخِرُ مِنْ أمر رسول الله أحق واخبرنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْحٍ قَالَ كَانَ عَطَاءٌ يَأْخُذُ بِشَأْنِ صَاحِبِ الْجُبَّةِ وَكَانَ شَأْنُ صَاحِبِ الْجُبَّةِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ وَالْآخِرُ فَالْآخِرُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ قَالَ ابْنُ جُرَيْحٍ وَكَانَ شَأْنُ صَاحِبِ الْجُبَّةِ أَنَّ عَطَاءً أَخْبَرَنِي أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ لِعُمَرَ لَيْتَنِي أَرَى نَبِيَّ اللَّهِ حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَوْبٌ قَدْ ظُلِّلَ بِهِ وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَقَالَ فِيهِ نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ عَنِ الْقِطَّانِ عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ بِإِسْنَادِهِ كَمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَاخْلَعْهَا وَأَمَّا الطِّيبُ فَاغْسِلْهُ ثُمَّ أَحْدَثَ إِحْرَامًا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ عَنْ نُوحِ بْنِ حَبِيبٍ وَقَالَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثم احدث احراما غير نوح ابن حَبِيبٍ قَالَ وَلَا أَحْسَبُهُ مَحْفُوظًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ إِنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَهُوَ بِحُنَيْنٍ فَالْمُرَادُ مُنْصَرَفُهُ مِنْ غَزْوَةِ حُنَيْنَ وَالْمَوْضِعُ الَّذِي لَقِيَ فِيهِ الْأَعْرَابِيُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْجِعْرَانَةُ وَهُوَ بِطْرِيقِ حُنَيْنٍ بِقُرْبِ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ وَفِيهِ قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَائِمَ حنين والاثار المذكورة كلها تدلك علىما ذَكَرْنَاهُ وَلَا تَنَازُعَ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَعْرَابِيِّ قَمِيصٌ فَالْقَمِيصُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هُوَ الْجُبَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنْ الْمَخِيطَ كُلَّهُ مِنَ الثِّيَابِ لَا يَجُوزُ لِبَاسُهُ لِلْمُحْرِمِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحْرِمَ عَنْ لِبَاسِ الْقُمُصِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ هَذَا الْمَعْنَى فِي حَدِيثِ نَافِعٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَقَدْ بَانَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ أَنَّهَا كَانَتْ صُفْرَةَ خَلُوقٍ وَهُوَ طِيبٌ مَعْمُولٌ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ الْمُحْرِمَ عَنْ لِبَاسِ ثَوْبٍ مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الطِّيبَ كُلَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَى الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَكَذَلِكَ لِبَاسُ الثِّيَابِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الطِّيبِ لِلْمُحَرَّمِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِمَا يَبْقَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَأَجَازَ ذلك قوم وكرهه آخرون احتج بِهَذَا الْحَدِيثِ كُلُّ مِنْ كَرِهَ الطِّيبَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَقَالُوا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إِذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ أَنْ يَتَطَيَّبَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ ثُمَّ يُحْرِمُ لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ بِإِجْمَاعٍ أَنْ يَمَسَّ طِيبًا بَعْدَ أَنْ يُحْرِمَ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَطَيَّبَ ثُمَّ يُحْرِمَ لِأَنَّ بَقَاءَ الطِّيبِ عَلَيْهِ كَابْتِدَائِهِ لَهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ سَوَاءً لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبدا لله بْنَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ كَرِهُوا أَنْ يُوجَدَ مِنَ الْمُحْرِمِ شَيْءٌ مِنْ رِيحِ الطِّيبِ وَلَمْ يُرَخِّصُوا لِأَحَدٍ أَنْ يَتَطَيَّبَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ ثُمَّ يُحْرِمَ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مِنَ الْعُلَمَاءِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَصْحَابُهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ

رَوَاهُ ابْنُ سَمَاعَةَ عَنْهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ مِنْ لُبْسِ الْقُمُصِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْخِفَافِ وَالْعَمَائِمِ وَيَمْنَعُ مِنَ الطِّيبِ وَمِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ وَإِمْسَاكِهِ فَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا لَبِسَ قَمِيصًا أَوْ سَرَاوِيلَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ ثُمَّ أَحْرَمَ وَهُوَ عليه أنه يومر بِنَزْعِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْزِعْهُ وَتَرَكَهُ كَانَ كَمَنْ لَبِسَهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ لُبْسًا مُسْتَقْبَلًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ لَوِ اسْتَأْنَفَ لُبْسَهَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَكَذَلِكَ لَوِ اصْطَادَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ وَهُوَ حَلَالٌ فَأَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي يَدِهِ أُمِرَ بِتَخْلِيَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُخَلِّهِ كَانَ إِمْسَاكُهُ لَهُ بَعْدَ أَنْ أَحْرَمَ كَابْتِدَائِهِ الصَّيْدَ وَإِمْسَاكِهِ فِي إِحْرَامِهِ قَالُوا فَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا وَكَانَ الطِّيبُ مُحَرَّمًا عَلَى الْمُحْرِمِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ كَحُرْمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَانَ ثُبُوتُ الطِّيبِ عَلَيْهِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَطَيَّبَ بِهِ قَبْلَ إِحْرَامِهِ طتطيبه بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ عِنْدَهُمْ غَيْرُ هَذَا وَاعْتَلُّوا فِي دَفْعِ ظَاهِرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِمَا رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَقَالَ لَأَنْ أُطْلَى بِالْقَطِرَانِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا تَنْضَخُ مِنِّي رِيحُ الطِّيبِ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَأَخْبَرْتُهَا بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَافَ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا قَالُوا فَقَدْ بَانَ بِهَذَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ بَعْدَ التَّطَيُّبِ وَإِذَا طَافَ عَلَيْهِنَّ اغْتَسَلَ لَا مَحَالَةَ فَكَانَ بَيْنَ إِحْرَامِهِ وَتَطَيُّبِهِ غُسْلٌ قَالُوا فَكَأَنَّ عَائِشَةَ إِنَّمَا أَرَادَتْ بِهَذَا الْحَدِيثِ الِاحْتِجَاجَ عَلَى مَنْ كَرِهَ أَنْ يُوجَدَ مِنَ الْمُحْرِمِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ رِيحُ الطِّيبِ كَمَا كَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَأَمَّا بَقَاءُ نَفْسِ الطِّيبِ عَلَى الْمُحْرِمِ فَلَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ كَرِهَ الطِّيبَ لِلْمُحْرِمِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ وَمِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَيَّبَ الْمُحْرِمُ عِنْدَ إِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِمَا شَاءَ مِنَ الطِّيبِ مِمَّا يَبْقَى عَلَيْهِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَمِمَّا لَا يَبْقَى وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مِنَ الْعُلَمَاءِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَالثَّوْرِيُّ والشافعي وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٌ وَجَاءَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ حَبِيبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمُعَاوِيَةُ فَثَبَتَ الْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدِهِمْ وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ لَا يَرَوْنَ بِالطِّيبِ كُلِّهِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بَأْسًا وَالْحُجَّةُ لِمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ حَدِيثُ عائشة قالت طيبت يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحُرْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ هَذَا لَفْظُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ وَمِثْلُهُ رِوَايَةُ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ إِنَّهَا كَانَتْ تُطَيِّبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَطْيَبِ مَا تَجِدُ مِنَ الطِّيبِ قَالَتْ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى وَبِيصَ الطِّيبِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ وَرَوَى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغَالِيَةِ الْجَيِّدَةِ عِنْدَ إِحْرَامِهِ رَوَاهُ

أَبُو زَيْدِ بْنُ أَبِي الْغَمْرِ عَنْ يَعْقُوبَ بن عبد الرحمان الزُّهْرِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ بِأَطْيَبِ مَا أَجِدُ وَرُبَّمَا قَالَتْ بِأَطْيَبِ الطِّيبِ لِحُرْمِهِ وَحِلِّهِ وَقَالُوا لا معنى لحديث بن الْمُنْتَشِرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يُعَارَضُ بِهِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ فَلَوْ كَانَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ مَا كَانَ فِي لَفْظِهِ حُجَّةً لِأَنَّ قَوْلَهُ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ طَوَافُهُ لِغَيْرِ جِمَاعٍ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ طَوَافُهُ عَلَيْهِنَّ لِيُعَلِّمَهُنَّ كَيْفَ يُحْرِمْنَ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ يُرَى وَبِيصُ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالُوا وَالصَّحِيحُ فِي حَدِيثِ ابْنِ الْمُنْتَشِرِ مَا رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أبيه أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَقَالَ لَأَنْ أَتَطَيَّبَ بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ قَالَ فَذَكَرْتُهُ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ يرحم الله ابا عبد الرحمان قَدْ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فيطوف علىنسائه ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا قَالُوا وَالنَّضْخُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ اللَّطْخُ وَالْجَرْيُ وَالظُّهُورُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ قَالَ النَّابِغَةُ ... مِنْ كُلِّ نَهْكَتَةٍ نَضَخَ الْعَبِيرُ بِهَا ... ... لَا الْفُحْشُ يُعْرَفُ مِنْ فِيهَا وَلَا الزُّورُ ... يُرِيدُ لُطِّخَ الْعَبِيرُ بِهَا قَالُوا وَلَا مَعْنَى لِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ فِي هَذَا لَمَعَانٍ مِنْهَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَعْرَابِيُّ تَطَيَّبَ بَعْدَ مَا أَحْرَمَ وَمِنْهَا أَنَّهُ كَانَ عَامَ حُنَيْنٍ وَتَطَيَّبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ احرامه

فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَلَوْ كَانَ مَا تَطَيَّبَ بِهِ الْأَعْرَابِيُّ يَوْمَئِذٍ مُبَاحًا لِلرِّجَالِ فِي حَالِ الْإِحْلَالِ مُحْظَرًا عَلَيْهِمْ فِي الْإِحْرَامِ كَانَ ذَلِكَ مَنْسُوخًا بِفِعْلِهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَقَدْ صَحَّ وَعُلِمَ أَنَّ الطَّيِّبَ الَّذِي كَانَ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ يَوْمَئِذٍ كَانَ خَلُوقًا وَالْخَلُوقُ لَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ فِي حَالِ الْحِلِّ وَلَا فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَاحْتَجُّوا فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ هَذَا بِحَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَشُعْبَةُ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ وَهُشَيْمٌ كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا فِي ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ جَدَّيْهِ قَالَا سَمِعْنَا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ رَجُلٍ فِي جسده شيء من خلوق وبم رَوَاهُ يُوسُفُ بْنُ صُهَيْبٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ لَا تَقْرَبُهُمُ الْمَلَائِكَةُ الْمُتَخَلِّقُ وَالسَّكْرَانُ وَالْجَنُبُ وَبِحَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا وَطِيبُ الرِّجَالِ رِيحٌ لَا لَوْنٌ وَطِيبُ النِّسَاءِ لَوْنٌ لَا رِيحٌ وَرَوَى حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ وَنَحْوَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَمْ يَرَ بِلُبْسِ الثِّيَابِ الْمُزَعْفَرَةِ بَأْسًا لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يَلْبَسُ الْمَصْبُوغَ بِالزَّعْفَرَانِ وَالثَّوْبَ الْمُوَرَّدَ وَرَأَيْتُ ابْنَ هُرْمُزَ يَلْبَسُ الثَّوْبَ

بِالزَّعْفَرَانِ وَالْحُجَّةُ لِهَؤُلَاءِ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْحٍ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ يَعْنِي ثِيَابَكَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِي لِبَاسِ الثِّيَابِ الْمُزَعْفَرَةِ لِلرِّجَالِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَسَيَأْتِي مِنْهُ ذِكْرُ صَالِحٍ فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالُوا وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كراهيته للطيب على المحرم فيتحمل أن يكون ليلا يَرَاهُ جَاهِلٌ فَيَظُنُّ أَنَّهُ تَطَيَّبَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَيَسْتَجِيزُ بِذَلِكَ الطِّيبَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَكَانَ عُمَرُ كَثِيرَ الِاحْتِيَاطِ فِي مِثْلِ هَذَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ نَهَى طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ لُبْسِ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِالْمَدَرِ خَوْفًا أَنْ يَرَاهُ جاهل فيتسجيز بِذَلِكَ لُبْسَ الثِّيَابِ الْمُصْبَغَةِ قَالُوا وَفِي لَفْظِ عُمَرَ لِمُعَاوِيَةَ عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَتَرْجِعَنَّ إِلَى أُمِّ حَبِيبَةَ فَلْتَغْسِلْهُ عَنْكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ مُحَرَّمًا لِأَنَّ مَنْ أَتَى مالا يَحِلُّ لَيْسَ يُقَالُ لَهُ عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَتَتْرُكَنَّ مَا لَا يَحِلُّ لَكَ لَا سِيَّمَا فِي عُمَرَ وَمُعَاوِيَةَ فَقَدْ كَانَ عُمَرُ يَضْرِبُ بِالدِّرَّةِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ هَذَا أَجَلَّ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَأَسَنَّ قَالُوا وَلَوْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ كُرْهِ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لِوُجُودِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ وَالْمَصِيرُ إِلَى السُّنَّةِ فِيهِ وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ ذَكَرَ قَوْلَ عُمَرَ فِي الطِّيبِ ثُمَّ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ قَالَ سَالِمٌ وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَدْهُنُ إِلَّا بِالزَّيْتِ حِينَ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِمَ قَالَ مَنْصُورٌ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ مَا تَصْنَعُ بِهَذَا

حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ يُرَى وَبِيصُ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرحمان أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ سَأَلَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَخَارِجَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بَعْدَ أَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ وَحَلَقَ رَأْسَهُ وَقَبْلَ أَنْ يُفِيضَ عَنِ الطِّيبِ فَنَهَاهُ سَالِمٌ وَأَرْخَصَ لَهُ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ أَطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ لِحُرْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَقَدْ كَانَتْ عَائِشَةُ تُفْتِي بِذَلِكَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزُ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ أَبَاهُ كان يكره الطيب عندالاحرام وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُفْتِي بِأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَجَاءَ عَنْ عُمَرَ بِالْأَسَانِيدِ الصِّحَاحِ أَنَّهُ كَرِهَ الطِّيبَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَبَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ

قَبْلَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ أَنْ تَغْسِلَ أَمُّ حَبِيبَةَ عَنْهُ الطِّيبَ وَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ بِعَرَفَةَ إِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ وَنَحَرْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ مَا حَرُمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ لَا يَمَسُّ أَحَدٌ طِيبًا وَلَا نِسَاءً حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَهَذَا بِمَحْضَرِ جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ فَمَا رَدَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَلَا أَنْكَرَهُ مُنْكِرٌ وَجَاءَ عَنْ عُثْمَانَ فِي ذَلِكَ مِثْلُ مَذْهَبِ عُمَرَ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَا يَقَعُ فِي الْقَلْبِ أَنَّهُمْ جَهِلُوا مَا رَوَتْ عَائِشَةُ وَلَا أَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ لِخِلَافِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَلِمُوا نَسْخَ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا فَالِاحْتِيَاطُ التَّوَقُّفُ فَمَنِ اتَّقَى ذَلِكَ فَقَدِ احْتَاطَ لِنَفْسِهِ قَالَ وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَجَمَاعَةٌ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَقَالَ أَبُو ثَابِتٍ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يَتَطَيَّبَ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ قَالَ نَعَمْ قَلْتُ فَإِنْ فَعَلَ أَتَرَى عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ قَالَ لَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا لِمَا جَاءَ فِيهِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَدَّهِنَ الْمُحَرِمُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَقَبْلَ أَنْ يُفِيضَ بِالزَّيْتِ وَالَبَانِ غَيْرِ الْمُطَيَّبِ مِمَّا لَا رِيحَ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا مَعْنًى لِمَنْ قَاسَ الطِّيبَ عَلَى الثِّيَابِ وَالصَّيْدِ لِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ فَرَّقَتْ بَيْنَ ذَلِكَ فَأَجَازَتِ التَّطَيُّبَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِمَا يُرَى بَعْدَ الْإِحْرَامِ فِي الْمَفَارِقِ وَالشَّعْرِ وَيُوجَدُ رِيحُهُ مِنَ الْمُحْرِمِ وَحَظَرَتْ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يُحْرِمَ وَعَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَخِيطِ أَوْ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنَ الصَّيْدِ وَمَنْ جَعَلَ الطِّيبَ قِيَاسًا عَلَى الثِّيَابِ وَالصَّيْدِ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ مَا فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَهُ وَقَدْ شَبَّهَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الطِّيبَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْوَاطِئِ قَبْلَ الْفَجْرِ يُصْبِحُ جُنُبًا بَعْدَ الْفَجْرِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُنْشِئَ الْجَنَابَةَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَهُوَ قِيَاسٌ صَحِيحٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ إِنْكَارَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَشُمَّ الطِّيبَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ إِذَا أَجَازَ التَّطَيُّبَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مُنَاقِضٌ تَارِكٌ لِلْقِيَاسِ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ مِنْ رَائِحَةِ الطِّيبِ لمن

تَطَيَّبَ قَبْلَ إِحْرَامِهِ أَكْثَرُ مِنْ شَمِّهِ مِنْ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُمْ لَا يُجِيزُونَ مَسَّ الطِّيبِ الْيَابِسِ وَلَا حَمْلَهُ فِي الْخِرَقِ إِذَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَهَذَا كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ مَنْ كَرِهَ الطِّيبَ لِلْمُحْرِمِ وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ تَطَيَّبَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَكَانَ مَالِكٌ يَرَى الْفِدْيَةَ عَلَى كُلِّ مَنْ قَصَدَ إِلَى التَّطَيُّبِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا إِذَا تَعَلَّقَ بِيَدِهِ أَوْ بِبَدَنِهِ شَيْءٌ مِنْهُ وَالطِّيبُ الْمِسْكُ وَالْكَافُورُ وَالزَّعْفَرَانُ وَالْوَرْسُ وَكُلُّ مَا كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَ النَّاسِ بِأَنَّهُ طِيبٌ لِطِيبِ رَائِحَتِهِ وَأَمَّا شَمُّ الرَّيَاحِينِ وَالْمُرُورُ فِي سُوقِ الطِّيبِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ وَصَلَ إِلَيْهِ رَائِحَتُهُ إِذَا لَمْ يَعْلَقْ بِيَدَيْهِ أَوْ بَدَنِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ تَطَيَّبَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَطَيَّبَ عَامِدًا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ قَالَ وَالْفَرْقُ فِي التَّطَيُّبِ بَيْنَ الْجَاهِلِ وَالْعَامِدِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الْأَعْرَابِيَّ وَقَدْ أَحْرَمَ وَعَلَيْهِ خَلُوقٌ بِنَزْعِ الْجُبَّةِ وَغَسْلِ الصُّفْرَةِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِفِدْيَةٍ وَلَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ لَأَمَرَهُ بِهَا كَمَا أَمَرَهُ بِنَزْعِ الْجُبَّةِ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَاهِلِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي النَّاسِي يَلْبَسُ أَوْ يَتَطَيَّبُ نَاسِيًا فَمَرَّةً أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةَ وَمَرَّةً لَمْ يَرَ عَلَيْهِ فِدْيَةً وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَحْرَمَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَشُقَّهُ وَقَالُوا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْزِعَهُ كَمَا يَنْزِعُ الْحَلَّالُ قَمِيصَهُ لِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ غَطَّى رَأْسَهُ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ فَلِذَلِكَ أُمِرَ بِشَقِّهِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَأَبُو قِلَابَةَ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ ذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ هُشَيْمٌ وَأَخْبَرَنِي مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا إِذَا أَحْرَمَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ فَلْيَخْرِقْهُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِذَا أَحْرَمَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ فَلْيَخْرِقْهُ قَالَ أَحَدُهُمَا يَشُقُّهُ وَقَالَ الْآخَرُ

يَخْلَعُهُ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ سَالِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ يَخْرِقُهُ وَلَا يَنْزِعُهُ هَكَذَا قَالَ وَهُوَ عِنْدِي خَطَأٌ لِأَنَّ الثَّوْرِيَّ رَوَى عَنْ سَالِمٍ (1238 9 الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ قَالَ يَنْزِعُ ثِيَابَهُ وَلَا يَخْرِقُهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ إِنْ أَحْرَمَ فِي قَمِيصٍ شَقَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ بِمَا رَوَاهُ عبد الرحمان (1239) بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَيْ جَابِرٍ يُحَدِّثَانِ عَنْ أَبِيهِمَا بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ شَقَّ قَمِيصَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ فَقِيلَ لَهُ فقال واعتدهم يُقَلِّدُونَ هَدْيِيَ الْيَوْمَ فَنَسِيتُ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عبد الرحمان بن عطاء ورواه أسد ابن مُوسَى عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله قال كنت عندالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فَقَدَّ قَمِيصَهُ مِنْ جَيْبِهِ حَتَّى إِذَا أَخْرَجَهُ مِنْ رِجْلَيْهِ فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَمَرْتُ بِبُدْنِيَ الَّتِي بَعَثْتُ بِهَا أَنْ تُقَلَّدَ الْيَوْمَ وَتُشْعَرَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَلَبِسْتُ قَمِيصِي وَنَسِيتُ فَلَمْ أَكُنْ لِأُخْرِجَ قَمِيصِي مِنْ رَأْسِي وَكَانَ

بَعَثَ بِبُدْنِهِ وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ وَقَالَ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ لَيْسَ عَلَى مَنْ نَسِيَ فَأَحْرَمَ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ أَنْ يَخْرِقَهُ وَلَا يَشُقَّهُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالثَّوْرِيُّ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَصْحَابُ الْآثَارِ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي أَحْرَمَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْزِعَهَا وَهُوَ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ وحديث جابر الذي يرويه عبد الرحمان بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ عِنْدَهُمْ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ أَيْضًا مَعَ ضَعْفِهِ مَرْدُودٌ بِالثَّابِتِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يُقَلِّدُهُ وَيَبْعَثُ بِهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ وَإِنْ كَانَ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا إِذَا أَشْعَرَ هَدْيَهُ أَوْ قَلَّدَهُ فَقَدْ أَحْرَمَ وَقَالَ آخَرُونَ إِذَا كَانَ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْإِحْرَامَ وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْمَعْنَى مُجَرَّدًا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ أَحْرَمَ فِي قَمِيصٍ انْزِعْ عَنْكَ الْقَمِيصَ وَاغْسِلْ عَنْكَ الطِّيبَ حَسِبْتُهُ قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ قَتَادَةُ فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِذَا أَحْرَمَ فِي قَمِيصِهِ فَلْيَشُقَّهُ قَالَ لَا لِيَنْزِعْهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَنْ أَحْرَمَ فِي قَمِيصٍ فَلْيَنْزِعْهُ وَلَا يَشُقَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ نَزْعُ الْقَمِيصِ بِمَنْزِلَةِ اللِّبَاسِ فِي أَثَرٍ وَلَا نَظَرٍ فَأَمَّا الْأَثَرُ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ وَأَمَّا النَّظَرُ فَإِنَّ الْمُحْرِمَ لَوْ حَمَلَ عَلَى رَأْسِهِ شَيْئًا لَمْ يُعَدَّ ذلك معد لُبْسِ الْقَلَنْسُوَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ تَرَدَّى بِإِزَارٍ وَحُلَلٍ

بِهِ بَدَنُهُ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِحُكْمِ لِبَاسِ الْمَخِيطِ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْ لِبَاسِ الرَّأْسِ الْقَلَنْسُوَةِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ اللِّبَاسَ الْمَعْهُودَ وَعَنْ لِبَاسِ الرَّجُلِ الْقَمِيصَ اللِّبَاسَ الْمَعْهُودَ وَعَلِمَ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ وَقَصَدَ بِهِ إِلَى مَنْ قَصَدَ وَتَعَمَّدَ فِعْلَ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ اللِّبَاسِ فِي حَالِ إِحْرَامِهِ اللِّبَاسَ الْمَعْهُودَ فِي حَالِ إِحْلَالِهِ فَخَرَجَ بِمَا ذَكَرْنَا مَا أَصَابَ الرَّأْسَ مِنَ الْقَمِيصِ الْمَنْزُوعِ هَذَا مَا يُوجِبُ النَّظَرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَافْعَلْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَفْعَلُ فِي حَجِّكَ فَكَلَامٌ خَرَجَ عَلَى لَفْظِ الْعُمُومِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ وَقَدْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي سِيَاقَةٍ ابْنِ عُيَيْنَةَ لَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ حَيْثُ قَالَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا كُنْتَ تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ قَالَ كُنْتُ أَنْزِعُ هَذِهِ يَعْنِي الْجُبَّةَ وَأَغْسِلُ هَذَا الْخَلُوقَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كُنْتَ صَانِعًا فِي حَجِّكَ فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ أَيْ مِنْ هَذَا الَّذِي ذَكَرْتَ مِنْ نَزْعِ الْقَمِيصِ وَغَسْلِ الطِّيبِ فَخَرَجَ كَلَامُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ عَلَى جَوَابِ السَّائِلِ فِيمَا قَصَدَهُ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَصْنَعُ الْمُعْتَمِرُ عَمَلَ الْحَجِّ كُلَّهُ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ عَمَلَ عُمْرَتِهِ وَذَلِكَ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَالْحِلَاقُ وَالسُّنَنُ كُلُّهَا وَالْإِجْمَاعُ يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَافْعَلْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَفْعَلُ فِي حَجِّكَ كَلَامٌ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُ لَفْظُ عُمُومٍ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنَ الِاقْتِصَارِ بِهِ عَلَى جَوَابِ السَّائِلِ فِي مراده وبالله التوفيق تم السفر الاول من كتاب التمهيد بحمد الله وعونه إن شاء الله تعالى حديث رابع لحميد بن قيس منقطع والله المعين برحمته

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِحُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ مُنْقَطِعٌ مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ أَنَّهُ قَالَ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنَيْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لِحَاضِنَتِهِمَا مَا لِي أَرَاهُمَا ضَارِعَيْنِ فَقَالَتْ حَاضِنَتُهُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ تُسْرِعُ إِلَيْهِمَا الْعَيْنُ وَلَمْ يَمْنَعْنَا أَنْ نَسْتَرْقِيَ لَهُمَا إِلَّا أَنَّا لَا نَدْرِي مَا يُوَافِقُكَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَرْقُوا لَهُمَا فَإِنَّهُ لَوْ سَبَقَ شَيْءٌ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ هَكَذَا جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ فِيمَا عَلِمْتُ وَذَكَرَهُ ابْنُ وهب في جامعه فقال حدثني مالك ابن أَنَسٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَهُوَ مَعَ هَذَا كُلِّهِ مُنْقَطِعٌ وَلَكِنَّهُ مَحْفُوظٌ لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ مُتَّصِلَةٍ صِحَاحٍ وَهِيَ أُمُّهُمَا وَقَدْ يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أن تكون مع ذلك حاضنتها الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا وَكَانَتْ أَسْمَاءُ بنت عميس رحمها الله تحت جعفر ابن أَبِي طَالِبٍ وَهَاجَرَتْ مَعَهُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَوَلَدَتْ هُنَاكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَمُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ وَعَوْنَ بْنَ جَعْفَرٍ وَهَلَكَ عَنْهَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ بِمُؤْتَةَ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ فَخَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِالْبَيْدَاءِ

بِذِي الْحُلَيْفَةِ عَلَى مَا رُوِيَ مِنَ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ ثُمَّ لِتُهِلَّ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَخَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَهُ علي ابن أَبِي طَالِبٍ فَوَلَدَتْ لَهُ يَحْيَى بْنَ عَلِيٍّ وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَهَا مُسْتَوْعَبًا فِي كِتَابِ النِّسَاءِ مِنْ كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ حَاضِنَتُهُمَا غَيْرَهَا وَقَدْ رُوِّيتُ قِصَّةَ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ فِي ابْنَيْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالِاسْتِرْقَاءِ لَهُمَا مِنْ حَدِيثِهَا وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بن عبد الله وقوله في الحديث مالي أَرَاهُمَا ضَارِعَيْنِ يَقُولُ مَا لِي أَرَاهُمَا ضَعِيفَيْنِ ضَئِيلَيْنِ نَاحِلَيْنِ وَلِلضَّرْعِ فِي اللُّغَةِ وُجُوهٌ مِنْهَا الضَّعْفُ قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الْعَيْنِ الضَّرْعُ الصَّغِيرُ الضَّعِيفُ قَالَ وَالضَّرْعُ وَالضَّرَاعَةُ أَيْضًا التَّذَلُّلُ يُقَالُ قَدْ ضَرِعَ يَضْرَعُ وَأَضْرَعَتْهُ الْحَاجَةُ وَأَمَا الْحَاضِنُ فَهُوَ الَّذِي يَضُمُّ الشَّيْءَ إِلَى نَفْسِهِ وَيَسْتُرُهُ وَيَكْنُفُهُ وَأَصْلُهُ مِنَ الْحِضْنِ وَالْمُحْتَضَنِ وَهُوَ مَا دُونَ الْإِبِطِ إِلَى الْكَشْحِ تَقُولُ الْعَرَبُ الْحَمَامَةُ تَحْضُنُ بَيْضَهَا حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حدثنا محمد ابن إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ دِينَارٍ قَالَ أخبرني عروة ابن عَامِرٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَيْ جَعْفَرٍ يُصِيبُهُمَا الْعَيْنُ أَفَأَسْتَرْقِي لَهُمَا قَالَ نَعَمْ لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرِ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ قَالَ أَبُو عُمَرَ عُرْوَةُ بْنُ عَامِرٍ رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ رَوَى عَنْهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ وَلَهُ أَخٌ يُسَمَّى عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ وَلَهُمَا أَخٌ ثَالِثٌ أَصْغَرُ مِنْهُمَا اسمه عبد الرحمان بن عامر

رَوَى عَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَهُمْ مَكِّيُّونَ ثِقَاتٌ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُبَابَةَ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنِ ابْنِ بَابَاهُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فذكر مثله سواء وحدثنا عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ غَالِبٍ التَّمَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى بَنِيهَا بَنِي جَعْفَرٍ فَقَالَ مَا لِي أَرَى أَجْسَامَهُمْ ضَارِعَةً قَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ الْعَيْنَ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ أَفَأَرْقِيهِمْ قَالَ وَبِمَاذَا فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ كَلَامًا لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ فَقَالَ ارْقِيهِمْ بِهِ وَبِهِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَخِّصُ لِبَنِي عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي رُقْيَةِ الْحُمَةِ قَالَ وَقَالَ لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ مَا شَأْنُ أَجْسَامِ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً

أَتُصِيبُهُمْ حَاجَةٌ قَالَتْ لَا وَلَكِنْ تُسْرِعُ إِلَيْهِمُ الْعَيْنُ أَفَنَرْقِيهِمْ قَالَ وَبِمَاذَا فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ ارْقِيهِمْ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ ابن سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْحٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ مَا شَأْنُ أَجْسَامِ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأسماء بنت عميس مالي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً أَتُصِيبُهُمُ الْحَاجَةُ قالت لا ولكن العين تسرع اليهم أفاقيهم قَالَ بِمَاذَا فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ كَلَامًا قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ فَارْقِيهِمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ الرُّقَى لِلْعَيْنِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرُّقَى مِمَّا يُسْتَدْفَعُ بِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْبَلَاءِ إِذَا أَذِنَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ وَقَضَى بِهِ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ تُسْرِعُ إِلَى قَوْمٍ فَوْقَ إِسْرَاعِهَا إِلَى آخَرِينَ وَأَنَّهَا تُؤَثِّرُ فِي الْإِنْسَانِ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَتَضَرُّعِهِ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ قَدْ فَهِمَتْهُ الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنِ الْكَلَامِ فِيهِ وَإِنَّمَا يُسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ إِذَا لَمْ يُعْرِفِ الْعَائِنُ وَأَمَّا إِذَا عُرِفَ الَّذِي أَصَابَهُ بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْوُضُوءِ عَلَى حَسَبِ مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ وَشَرْحُهُ وَبَيَانُهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ أَبِي أُمَامَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ ثُمَّ يُصَبُّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَى الْمَعِينِ عَلَى حَسَبِ مَا فَسَّرَهُ الزُّهْرِيُّ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ هُنَالِكَ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفِ الْعَائِنُ اسْتُرْقِيَ حِينَئِذٍ

لِلْمَعِينِ فَإِنَّ الرُّقَى مِمَّا يُسْتَشْفَى بِهِ مِنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا وَأَسْعَدُ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ صَحِبَهُ الْيَقِينُ وَمَا تَوْفِيقِيَ إِلَّا بِاللَّهِ وَفِي إِبَاحَةِ الرُّقَى إِجَازَةُ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَيْهِ لِأَنَّ كُلَّ مَا انْتُفِعَ بِهِ جَازَ أَخْذُ الْبَدَلِ مِنْهُ وَمَنِ احْتَسَبَ وَلَمْ يَأْخُذْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا كَانَ لَهُ الْفَضْلُ وَفِي قَوْلِهِ لَوْ سَبَقَ شَيْءٌ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصِّحَّةَ وَالْقَسْمَ قَدْ جَفَّ بِذَلِكَ كُلِّهِ الْقَلَمُ وَلَكِنَّ النَّفْسَ تَطِيبُ بِالتَّدَاوِي وَتَأْنَسُ بِالْعِلَاجِ وَلَعَلَّهُ يُوَافِقُ قَدَرًا وَكَمَا أَنَّهُ مَنْ أُعْطِيَ الدُّعَاءَ وَفُتِحَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكَدْ يُحْرَمُ الْإِجَابَةَ كَذَلِكَ الرُّقَى وَالتَّدَاوِي مَنْ أُلْهِمَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَفَعَلَهُ رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِفَرَجِهِ وَمَنْزِلَةُ الَّذِينَ لَا يَكْتُبُونَ وَلَا يَسْتَرِقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ أَرْفَعُ وَأَسْنَى وَلَا حَرَجَ عَلَى مَنِ اسْتَرْقَى وَتَدَاوَى وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ النَّاسِ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَبَيَّنَّا الْحُجَّةَ لِكُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي خُزَامَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا وَتُقًى نَتَّقِيهَا وَأَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا هَلْ تَرُدُّ مِنَ الْقَدَرِ أَوْ تُغْنِي مِنَ الْقَدَرِ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا مِنَ الْقَدَرِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي خُزَامَةَ أَحَدِ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءً هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ سليمان

ابن بِلَالٍ عَنْ يُونُسَ وَرَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي خُزَامَةَ أن الحرث بْنَ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ سُلَيْمَانُ عَنْ يُونُسَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عن عبد الرحمان بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي خُزَامَةَ عَنْ أَبِيهِ كَمَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ سَوَاءً لَمْ يَنْسُبْهُ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عبد الرحمان بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا مِثْلَهُ سَوَاءً لَمْ يَذْكُرِ اسْمَهُ وَلَا كُنْيَتَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَامِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا علي قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا وهيب قال حدثنا ابن طاووس عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ يَسْبِقُ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا يَعْنِي غُسْلَ الْمُعَايَنِ الْمُصَابِ بالعين

وَسَتَرَى مَعْنَى ذَلِكَ مُجَوَّدًا فِي كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أمامة بعون الله تعالى أخبرنا عبد الرحمان حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ منصور عن المنهال عن سعيد ابن جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ حَسَنًا وَحُسَيْنًا أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ مَنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمَنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ ثُمَّ يَقُولُ هَكَذَا كَانَ أَبِي إِبْرَاهِيمُ يُعَوِّذُ إِسْمَاعِيلَ وإسحاق حدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عن عبا بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ قَالَ اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ سَيَأْتِي لِلرُّقَى ذِكْرٌ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الدِّيوَانِ عَلَى حَسَبِ تَكْرَارِ أَحَادِيثِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَفِي كُلِّ بَابٍ مِنْهَا نَذْكُرُ مِنَ الْأَثَرِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِحُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ يَدْخُلُ فِي الْمَرْفُوعِ بِالدَّلِيلِ مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ عَنْ طَاوُسٍ الْيَمَانِيِّ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ الْأَنْصَارِيَّ أَخَذَ مِنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا وَمِنْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً وَأُتِي بِمَا دُونَ ذَلِكَ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا وَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْئًا حَتَّى أَلْقَاهُ فَأَسْأَلَهُ فَتُوُفِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَقْدُمَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ هَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرُهُ الْوُقُوفُ عَلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مِنْ قَوْلِهِ إِلَّا أَنَّ فِي قَوْلِهِ إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ مِنَ الْبَقْرِ شَيْئًا دَلِيلًا وَاضِحًا عَلَى أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ مَا عَمِلَ بِهِ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مِثْلَهُ رَأْيًا وَإِنَّمَا هُوَ تَوْقِيفٌ مِمَّنْ أَمَرَ بِأَخْذِ الزَّكَاةِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يُطَهِّرُهُمْ وَيُزَكِّيهِمْ بِهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ السُّنَّةَ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَأَصْحَابِهِ مَا قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فِي ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعٌ وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَالتَّبِيعُ وَالتَّبِيعَةُ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ قَالَ الْخَلِيلُ التَّبِيعُ الْعِجْلُ مَنْ وَلَدِ الْبَقَرِ وَحَدِيثُ طَاوُسٍ عِنْدَهُمْ عَنْ مُعَاذٍ غَيْرُ مُتَّصِلٍ وَيَقُولُونَ إِنَّ طَاوُسًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذٍ شَيْئًا وَقَدْ رَوَاهُ قَوْمٌ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مُعَاذٍ إِلَّا أَنَّ الَّذِينَ أَرْسَلُوهُ أَثْبَتُ مِنَ الَّذِينَ أَسْنَدُوهُ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَبُّوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بن شريح ابن يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أَوْ تَبِيعَةً جَذَعًا أَوْ جَذَعَةً وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً قَالُوا فَالْأَوْقَاصُ قَالَ مَا أُمِرْتُ فِيهَا بِشَيْءٍ وَسَأَسَأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْهِ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ فَقَالَ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُسْنِدْهُ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنِ الْحَكَمِ غَيْرُ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الِاحْتِجَاجِ بِمَا يَنْفَرِدُ بِهِ بَقِيَّةُ عَنِ الثِّقَةِ وَلَهُ رِوَايَاتٌ عَنْ مَجْهُولِينَ لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِمْ وَقَدْ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنِ الحكم عن

طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مُعَاذٍ كَمَا رَوَاهُ بَقِيَّةُ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنِ الْحَكَمِ وَالْحَسَنُ مُجْتَمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُعَاذٍ هَذَا الْخَبَرُ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ صَحِيحٍ ثَابِتٍ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ طَاوُسٍ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً وَمَنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً وَمَنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مَعَافِرَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنْ مَعْمَرٍ وَالثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ وَفِي الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعٌ حَوْلِيٌّ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّدَقَاتِ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلَى ذَلِكَ مَضَى جَمَاعَةُ الْخُلَفَاءِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ إِلَّا شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي قِلَابَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَلَوْ ثَبَتَ عَنْهُمْ لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ لِخِلَافِ الْفُقَهَاءِ لَهُ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْأَثَرِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَسَائِرِ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ هَذَا وَفِيهِ مَا يَرُدُّ قَوْلَهُمْ لِأَنَّهُمْ يُوجِبُونَ فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الْبَقَرِ شَاةً إِلَى ثَلَاثِينَ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرَيُّ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْفِقْهِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْحَدِيثِ إِلَى أَنْ لَا شَيْءَ فِي مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ مِنَ الْبَقَرِ حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّينَ فَفِيهَا تَبِيعَانِ إِلَى سَبْعِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ سَبْعِينَ فَفِيهَا مُسِنَّةٌ وَتَبِيعٌ إِلَى ثَمَانِينَ فَتَكُونُ فِيهَا

مُسِنَّتَانِ إِلَى تِسْعِينَ فَيَكُونُ فِيهَا ثَلَاثَةُ تَبَابِيعَ إِلَى مِائَةٍ فَيَكُونُ فِيهَا تَبِيعَانِ وَمُسِنَّةٌ ثُمَّ هَكَذَا أَبَدًا فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَبِهَذَا كُلِّهِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنْ يَكُونَ فِي خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَثُمُنٌ وَفِي خَمْسِينَ مُسِنَّةٌ وَرُبُعٌ وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا زَادَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ رَوَى أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يَقُولُ فِي ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعٌ وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَفِي خَمْسِينَ مُسِنَّةٌ وَرُبُعٌ وَفِي السِّتِّينَ تَبِيعَانِ وَكَانَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ يَقُولَانِ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسِينَ فَبِحِسَابِ مَا زَادَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَقُولُ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ وَهُمُ الْجُمْهُورُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ طَاوُسًا أَخْبَرَهُ أَنَّ مُعَاذًا قَالَ لَسْتُ آخُذُ فِي أَوَقَاصِ الْبَقْرِ شَيْئًا حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْنِي فِيهَا بِشَيْءٍ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ إِنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ لَمْ يَزَلْ بِالْجُنْدِ مُنْذُ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ حَتَّى مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ ثُمَّ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فَرَدَّهُ عَلَى مَا كَانَ فِيهِ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْجُنْدُ مِنَ الْيَمَنِ هُوَ بَلَدُ طَاوُسٍ وَتُوُفِّيَ طَاوُسٌ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ وَتُوُفِّيَ مُعَاذٌ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ أَوْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فِي طاعون

عَمْوَاسٍ بِالشَّامِ وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِهِمْ فِي طَاعُونِ عَمْوَاسٍ أَنَّهُ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَفِي طَاعُونِ عَمْوَاسٍ مات معاذ وابو عبيدة بن الْجَرَّاحِ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَهُ وَوَفَاتَهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ على ذلك كثيرا

باب الخاء

باب الخاء خبيب بن عبد الرحمان رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ وَهُوَ خُبَيْبُ ابن عبد الرحمان بْنِ خُبَيْبِ بْنِ يَسَافِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عمرو بن خديج ابن عَامِرِ بْنِ جَشَّامِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيُّ يُكَنَّى خُبَيْبٌ شَيْخُ مَالِكٍ هَذَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَقِيلَ يكنى أبا الحرث لِمَالِكٍ عَنْهُ مِنْ مُسْنَدَاتِ الْمُوَطَّأِ حَدِيثَانِ مُتَّصِلَانِ

حديث أول لخبيب بن عبد الرحمان مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرحمان الأنصاري عن حفص ابن عَاصِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةٌ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظله إمام عادل وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ ذَاتُ حَسَبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ هَكَذَا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى وَأَكْثَرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِمَامٌ عَادِلٌ وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَدْلٌ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ يُقَالُ رَجُلٌ عَدْلٌ وَرِجَالٌ عَدْلٌ وَامْرَأَةٌ عَدْلٌ وَكَذَلِكَ رِضًا سَوَاءً قَالَ زُهَيْرٌ فَهُمْ رِضًا وَهُمْ عَدْلٌ وَيَجُوزُ عَادِلٌ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ يُقَالُ عَدَلَ فَهُوَ عَادِلٌ كَمَا يُقَالُ ضَرَبَ فَهُوَ ضَارِبٌ إِلَّا أَنَّ لِلْعَادِلِ فِي اللُّغَةِ مَعَانِيَ مُخْتَلِفَةً مِنْهَا الْعُدُولُ عَنِ الحق منها الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ هَذَانِ الْمَعْنَيَانِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي شَيْءٍ وَمِنَ الشَّاهِدِ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ لِفَاعِلِ الْعَدْلِ عَادِلٌ قَوْلُ الشاعر

وَمَنْ كَانَ فِي إِخْوَانِهِ غَيْرَ عَادِلٍ ... فَمَا أَحَدٌ فِي الْعَدْلِ مِنْهُ بِطَامِعِ ... ... حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبراهيم ابن جَابِرٍ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ كُلُّ مَنْ نَقَلَ الْمُوَطَّأَ عَنْهُ فِيمَا عَلِمْتُ عَلَى الشَّكِّ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ إِلَّا مُصْعَبًا الزُّبَيْرِيَّ وَأَبَا قُرَّةَ مُوسَى بْنَ طَارِقٍ فَإِنَّهُمَا قَالَا فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ جَمِيعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زياد حدثنا موسى ابن طَارِقٍ قَالَ ذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةٌ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظله إمام عَادِلٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ سَوَاءً كَلَفْظِ يَحْيَى وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ

سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ ثُمَّ ذَكَرَهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو مُعَاذٍ الْبَلْخِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ الْوَقَّارُ عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحْدَهُ لَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْجَمْعِ وَلَا عَلَى الشَّكِّ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِيَّاءَ كَاتِبُ الْعَمْرِيِّ زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى الْوَقَّارُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وعبد الرحمان بن القاسم ويوسف ابن عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ كُلُّهُمْ يَقُولُ حَدَّثَنِي مَالِكُ بن أنس عن خبيب بن عبد الرحمان عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عِبَادَةِ اللَّهِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَحْدَهُ وَلَمْ يُتَابِعِ الْوَقَّارُ عَلَى ذلك عنهم وإنا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْهُمْ عَلَى الشَّكِّ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ أَبِي سَعِيدٍ وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ لِأَبِي هُرَيْرَةَ بِلَا شَكٍّ مِنْ رِوَايَةِ خُبَيْبِ بن عبد الرحمان عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ غَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ أَيْضًا وَالَّذِي رَوَاهُ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ ابن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْأَثْبَاتِ فِي الْحِفْظِ وَالنَّقْلِ رَوَاهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ كُلُّهُمْ رَوَاهُ عَنْهُ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَأَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ وَعَبْدُ الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالُوا حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ حَمَّادِ

ابن فَضَالَةَ الْبَصْرِيُّ بِالْبَصْرَةِ وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ خَبَّابٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي خَالِيَ خبيب بن عبد الرحمان عَنْ جَدِّي حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةٌ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ مُقْتَصِدٌ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ حَتَّى تُوُفِّيَ عَلَى ذَلِكَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرحمان عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَبْعَةٌ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا عَلَى ذَلِكَ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ حُسْنٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ وَأَخْفَاهَا حَتَّى لَمْ تَعْلَمْ شِمَالُهُ مَا أَنْفَقَتْ يَمِينُهُ قال أبو عمر هذا احسن حديث يرى فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَأَعَمِّهَا وَأَصَحِّهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَحَسْبُكَ بِهِ فَضْلًا لِأَنَّ الْعِلْمَ مُحِيطٌ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ يَنَلْهُ هَوْلُ الْمَوْقِفِ وَالظِّلُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يُرَادُ بِهِ

الرَّحْمَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الْجَنَّةُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا وَقَالَ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ وَقَالَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ قَالَ تَدْنُو الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ مِيلٍ أَوْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ قَالَ فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فِيهِ إِلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فِيهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فِيهِ إِلَى حَقْوَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ وَرَوَاهُ يَحْيَى وَحَمْزَةُ وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ عبد الرحمان بْنِ زَيْدِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ الْخَبَايِرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ وَفِيهِ قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ أَمَسَافَةُ الْأَرْضِ أَمِ الْمِيلُ الَّذِي يُكْتَحَلُ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ كَانَ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ نَجَا مَنْ هَوْلِ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ جَعَلَنَا مِنْهُمْ بِرَحْمَتِهِ آمِينَ

وَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِمَامٌ عَادِلٌ بِالْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ كُلُّ مَنْ لَزِمَهُ الْحُكْمُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَيُوَضِّحُ لَكَ ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ الْحَدِيثَ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُقْسِطُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عن يمين الرحمان وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي أَهْلِيهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ وَمَا وَلُوا وَرَوَى أَبُو مُدِلَّةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْإِمَامُ الْعَادِلُ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَيُّهَا الرِّعَاءُ إِنَّ لِرَعِيَّتِكُمْ حُقُوقًا الْحُكْمُ بِالْعَدْلِ وَالْقَسْمُ بِالسَّوِيَّةِ وَمَا مِنْ حَسَنَةٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ حُكْمِ إِمَامٍ عَادِلٍ وَفِي فَضْلِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ وَفَضْلِ الشَّابِّ النَّاسِكِ وَفَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَفِي الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ وَفِي الْبُغْضِ فِي اللَّهِ وَالْحُبِّ فِي اللَّهِ وَفِي الْعَيْنِ الْبَاكِيَةِ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ وَفِي الْعِفَّةِ فَضْلُهَا وَفِي ذَمِّ الزِّنَا وَأَنَّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ وَمَا انْضَافَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى مِنْ قِصَّةِ ذِي الْكِفْلِ وَفِي فَضْلِ الصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَفِي تَضْعِيفِ اللَّهِ الصَّدَقَةَ الْمَقْبُولَةَ مِنَ الْكَسْبِ الطَّيِّبِ إِلَى سَائِرِ مَا يَنْتَظِمُ بِهَذِهِ الْمَعَانِي آثَارٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا تَحْتَمِلُ أَنْ يُفْرَدَ لَهَا كِتَابٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ تُرْسَلَ فِي بَابٍ وَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِلَّهِ فَالْقَلِيلُ يَكْفِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وبالله التوفيق

الحديث الثاني

حديث ثان لخبيب بن عبد الرحمان مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ كُلُّهُمْ فِيمَا عَلِمْتُ عَلَى الشَّكِّ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ عَلَى نَحْوِ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ إلا معن بن عيسى وروح ابن عبادة وعبد الرحمان بْنَ مَهْدِيٍّ فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ جَمِيعًا عَلَى الْجَمْعِ لَا على الشك حدثنا عبد الرحمان بن يحيى حدثنا الحسن ابن الْخَضِرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحَارِثِ أَخْبَرَنَا مَعْنٌ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عن خبيب بن عبد الرحمان عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي

وَحَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ خبيب بن عبد الرحمان ان حفص بن عاص أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رياض الجن ومنبري على حوضي رواه عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ فَجَعَلَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحْدَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ أَبَا سعيد حدثناه عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ حَدَّثَنَا أحمد ابن شعيب حدثنا إسحاق ابن مَنْصُورٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُبَشِّرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ عبد الرحمان عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ لِأَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا

الإسناد كذلك رواه عبيد الله ابن عُمَرَ عَنْ خُبَيْبٍ بِهَذَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي الْقَطَّانَ عَنْ عبيد الله ابن عُمَرَ عَنْ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي وَرُوِيَ مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ فَقَالَ قَوْمٌ مَعْنَاهُ أَنَّ الْبُقْعَةَ تُرْفَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَتُجْعَلُ رَوْضَةً فِي الْجَنَّةِ وَقَالَ آخَرُونَ هَذَا عَلَى الْمَجَازِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَأَنَّهُمْ يَعْنُونَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ جُلُوسُهُ وَجُلُوسُ النَّاسِ إِلَيْهِ يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ وَالْإِيمَانَ وَالدِّينَ هُنَاكَ شَبَّهَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِالرَّوْضَةِ لِكَرَمِ مَا يُجْتَنَى فِيهَا وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَنَّةِ لِأَنَّهَا تَقُودُ إِلَى الْجَنَّةِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ يَعْنِي أَنَّهُ عَمَلٌ يُوصَلُ بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ وَكَمَا يُقَالُ الْأُمُّ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يُرِيدُونَ أَنَّ بِرَّهَا يُوَصِّلُ الْمُسْلِمَ إِلَى الْجَنَّةِ مَعَ أَدَاءِ فَرَائِضِهِ وَهَذَا جَائِزٌ سَائِغٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ وَقَدِ اسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الْمَدِينَةَ أَفْضَلُ مِنْ مَكَّةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَرَكَّبُوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فيها وهذا لادليل فِيهِ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَهَبُوا إِلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ ذَمَّ الدُّنْيَا وَالزُّهْدَ فِيهَا وَالتَّرْغِيبَ فِي الْآخِرَةِ فَأَخْبَرَ أَنَّ الْيَسِيرَ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا كُلِّهَا وَأَرَادَ بِذِكْرِ السَّوْطِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ التَّقْلِيلَ لَا أَنَّهُ أَرَادَ مَوْضِعَ السَّوْطِ بِعَيْنِهِ بَلْ مَوْضِعُ نِصْفِ سَوْطٍ وَرُبُعِ سَوْطٍ مِنَ الْجَنَّةِ الْبَاقِيَةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ وَهَذَا

مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ لَمْ يُرِدِ الْقِنْطَارَ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْكَثِيرَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَمْ يُرِدْ بِهِ الدِّينَارَ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْقَلِيلَ أَيْ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُؤْتَمَنُ عَلَى بَيْتِ مَالٍ فَلَا يَخُونُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْتَمَنُ عَلَى فَلْسٍ أَوْ نَحْوِهُ فَيَخُونُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ مُحْتَمِلٌ مَا قَالَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَهَبُوا إِلَيْهِ وَالْمَوَاضِعُ كُلُّهَا وَالْبِقَاعُ أَرْضُ اللَّهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَضَّلَ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا بِخَبَرٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَإِنِّي لَأَعْجَبُ مِمَّنْ يَتْرُكُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ وَقَفَ بِمَكَّةَ عَلَى الْحَزْوَرَةِ وَقِيلَ عَلَى الْحَجُونِ وَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكِ خَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّهَا إِلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أبو سلمة بن عبد الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ جَمِيعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ يُتْرَكُ مِثْلُ هَذَا النَّصِّ الثَّابِتِ وَيُمَالُ إِلَى تَأْوِيلٍ لَا يُجَامَعُ مُتَأَوِّلُهُ عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عبد الرحمان أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ الزُّهْرِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ وَاللَّهِ إِنَّكِ لِخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ وَتَابَعَ شُعَيْبًا عَلَى مِثْلِ هَذَا الْإِسْنَادِ سَوَاءً صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ

وعقيل بن خالد وعبد الرحمان بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ الْأَرْضِ كُلِّهَا وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ أَصْحَابِهِ فِي مَذْهَبِهِ تَفْضِيلُ المدينة حدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّ آدَمَ لَمَّا أُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ بِالْهِنْدِ أَوِ السِّنْدِ قَالَ يَا رَبِّ هَذِهِ أَحَبُّ الْأَرْضِ إِلَيْكَ أَنْ تُعْبَدَ فِيهَا قَالَ بَلْ مَكَّةُ فَسَارَ آدَمُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ فَوَجَدَ عِنْدَهَا مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَيَعْبُدُونَ اللَّهَ فَقَالُوا مَرْحَبًا مرحبا بأبي البشر إنا ننتظرك ها هنا مُنْذُ أَلْفَيْ سَنَةٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى راحلته الحزورة يَقُولُ وَاللَّهِ إِنَّكِ لِخَيْرُ أَرْضٍ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ وَكَانَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ مَنْ فَضَّلَ الْمَدِينَةَ عَلَى مَكَّةَ إِنِّي لَا أَعْلَمُ بُقْعَةً فِيهَا قَبْرُ نَبِيٍّ مَعْرُوفٍ غَيْرَهَا وَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَجْهُهُ عِنْدِي مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فَإِنَّهُ يُرِيدُ مَا لَا يُشَكُّ فيه وما يقطع العذر خَبَرُهُ وَإِلَّا فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُ مِنْهُمُ الْكَثِيرُ أَنَّ قَبْرَ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببيت

الْمَقْدِسِ وَأَنَّ قَبْرَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُنَاكَ أَيْضًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن إِسْحَاقَ السِّجْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ قَالَ فَسَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ يَعْنِي عِنْدَ وَفَاتِهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ تَحْتَ الطَّرِيقِ إِلَى جَانِبِ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا يُحْتَجُّ بِقَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِفَضَائِلِ الْمَدِينَةِ بما جَاءَ فِيهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فَضْلَهَا وَكَرَامَتَهَا وَأَمَّا مَنْ أَقَرَّ بِفَضْلِهَا وَعَرَفَ لَهَا مَوْضِعَهَا وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَفْضَلُ بَعْدَ مَكَّةَ مِنْهَا فَقَدْ أَنْزَلَهَا مَنْزِلَتَهَا وَعَرَفَ لَهَا حَقَّهَا وَاسْتَعْمَلَ الْقَوْلَ بِمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَكَّةَ وَفِيهَا لِأَنَّ فَضَائِلَ الْبُلْدَانِ لَا تُدْرَكُ بِالْقِيَاسِ وَالِاسْتِنْبَاطِ وَإِنَّمَا سَبِيلُهَا التَّوْقِيفُ فَكَلُّ يَقُولُ بما بلغه وصح عنده غير حَرَجٍ وَالْآثَارُ فِي فَضْلِ مَكَّةَ عَنِ السَّلَفِ أَكْثَرُ وَفِيهَا بَيْتُ اللَّهِ الَّذِي رَضِيَ مِنْ عِبَادِهِ عَلَى الْحَطِّ لِأَوْزَارِهِمْ بِقَصْدِهِ مَرَّةً فِي الْعُمْرِ وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ وَذَكَرْنَا هُنَالِكَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي فَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ فِي مَعَانِي الْآثَارِ أَنَّهُ أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ لَهُ مِنْبَرًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى حَوْضِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ قَالَ وَلِي أَيْضًا مِنْبَرٌ عَلَى حَوْضِي أَدْعُو النَّاسَ إِلَيْهِ

لَا أَنَّ مِنْبَرَهُ ذَلِكَ عَلَى حَوْضِهِ وَقَالَ آخَرُونَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُعِيدُ ذَلِكَ الْمِنْبَرَ وَيَرْفَعُهُ بِعَيْنِهِ فَيَكُونُ يَوْمَئِذٍ عَلَى حَوْضِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَحَادِيثُ فِي حَوْضِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاتِرَةٌ صَحِيحَةٌ ثَابِتَةٌ كَثِيرَةٌ وَالْإِيمَانُ بِالْحَوْضِ عِنْدَ جماعة علماء المسلمين واجب والاقرار به عندالجماعة لَازِمٌ وَقَدْ نَفَاهُ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنَ الْخَوَارِجِ والمعتزلة وأهل الحق على التصديق بما جاءعنه فِي ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ وَالْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَالْإِيمَانُ بِالْحَوْضِ وَالشَّفَاعَةِ وَالدَّجَّالِ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هذاجماعة الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَنْ ذَكَرْنَا فَإِنَّهُمْ لَا يُصَدِّقُونَ بِالشَّفَاعَةِ وَلَا بِالْحَوْضِ وَلَا بِالدَّجَّالِ وَالْآثَارُ فِي الْحَوْضِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى وَأَصَحُّ مَا يُنْقَلُ وَيُرْوَى وَنَحْنُ نَذْكُرُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْهَا لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ لَا يُنْكِرُهَا مَنْ يَرْضَى قَوْلَهُ وَيَحْمَدُ مَذْهَبَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَرِدَنَّ على الحوض أقوام إذاعرفتهم اخْتَلَجُوا دُونِي فَأَقُولُ رَبِّ أَصْحَابِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ

حدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَلَأُنَازِعَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِي وَلَأَغْلِبَنَّ عَلَيْهِمْ ثُمَّ لِيُقَالَنَّ لِي إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ ابْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَلَيُدْفَعَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيَخْتَلِجُنَّ دُونِي فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ قَالَ الْبُخَارِيُّ تَابَعَهُ عَاصِمٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَقَالَ حُصَيْنٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ لَمْ يُزِدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَّامٍ السُّوَيْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عن عبد الرحمان بن أبي

بَكْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَرِدَنَّ عَلَى الْحَوْضِ رِجَالٌ مِمَّنْ صَحِبَنِي وَرَآنِي فَإِذَا رُفِعُوا إِلَيَّ اخْتَلَجُوا دُونِي فَلَأَقُولَنَّ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا يَحْيَى ابن أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ حدثنا محمد ابن مُهَاجِرٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَالِمٍ اللَّخْمِيِّ قَالَ بعث عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِي سَلَّامٍ فَحُمِلَ عَلَى الْبَرِيدِ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو سَلَّامٍ لَقَدْ شَقَّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَرِيدُ وَلَقَدْ أَشْفَقْتُ عَلَى رَحْلِي قَالَ مَا أَرَدْنَا الْمَشَقَّةَ عَلَيْكَ يَا أَبَا سَلَّامٍ وَلَكِنْ بَلَغَنِي عَنْكَ حَدِيثُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَوْضِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهَكَ بِهِ قَالَ سَمِعْتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول إِنَّ حَوْضِي مَا بَيْنَ عَدَنَ إِلَى عَمَّانَ الْبَلْقَاءِ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَأَكَاوِيبُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا أَوَّلُ النَّاسِ وُرُودًا عَلَيْهِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ الله قال هم الشعث رؤوسا الدُّنْسُ ثِيَابًا الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ وَلَا يفتح لهم أبواب السدد فقال عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاللَّهِ لَقَدْ نَكَحْتُ الْمُتَنَعِّمَاتِ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَفُتِحَتْ لِي أَبْوَابُ السُّدَدِ إِلَّا أَنْ يَرْحَمَنِيَ اللَّهُ لَا جَرَمَ لَا ادهن

رَأْسِي حَتَّى تَشَعَّثَ وَلَا أَغْسِلُ ثَوْبِيَ الَّذِي يَلِي جِلْدِي حَتَّى يَتَّسِخَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابن مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زيد ابن وَاقِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَّامٍ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ عَدَنَ إِلَى عَمَّانَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ أَكَاوِيبُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا وَأَكْثَرُ النَّاسِ وُرُودًا عَلَيْهِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ فُقَرَاءُ المهاجرين قال الشعث رؤوسا الدُّنْسُ ثِيَابًا الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ وَلَا تُفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السُّدَدِ الَّذِينَ يُعْطُونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ وَلَا يُعْطَوْنَ كُلَّ الَّذِي لَهُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتَوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الغطفاني عن معد أن بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنه قال اني بعقر الْحَوْضِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَذُودُ النَّاسَ عَنْهُ لِأَهْلِ الْيَمَنِ أَضْرِبُهُمْ بِعَصَايَ حَتَّى تَرْفُضَ عَلَيْهِمْ قَالَ فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَرْضِهِ فَقَالَ مِنْ مَقَامِي هَذَا إِلَى عَمَّانَ وَسُئِلَ عَنْ بَيَاضِهِ فَقَالَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ يَصُبُّ فِيهِ مِيزَابَانِ يَمُدَّانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ أَحَدُهُمَا ذَهَبٌ وَالْآخَرُ ورق

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بُنْدَارٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال إني لعقر بعقر الْحَوْضِ أَذُودُ عَنْهُ لِأَهْلِ الْيَمَنِ بِعَصَايَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ وَزَادَ فِيهِ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ بِإِسْنَادِهِ هَذَا فَذَكَرَ آنِيَتَهُ مِثْلَ عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمِ ابن أَبِي الْجَعْدِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرِدُونَ عَلَى الْحَوْضِ فَتَجِدُونِي أَذُودُ لِأَهْلِ الْيَمَنِ بِعَصَايَ حَتَّى أَرْفُضَ عَنْهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عرضه فقال من مقامي هذا إلى عمان قَالُوا فَمَا شَرَابُهُ قَالَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَأَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ يَصُبُّ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنَ الْجَنَّةِ مِيزَابٌ مَنْ ذَهَبٍ وَمِيزَابٌ مِنْ فِضَّةٍ وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا فَادْعُوا اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَكُمْ مِنْ وَارِدِيهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ كَذَا يَقُولُ الْأَعْمَشُ فِي أَحَادِيثِ سَالِمٍ عَنْ ثَوْبَانَ وَقَتَادَةَ يَدْخُلُ بَيْنَ سَالِمٍ وَثَوْبَانَ مَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ الْمَعْرُوفُ بِعَبْدُوسٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الثَّقَفِيُّ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلَانَ قَالَ سَمِعْتُ فُلَانًا يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ حَدِّثْنِي بِحَدِيثِ ثَوْبَانَ قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُ ثَوْبَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حَوْضِي مَا بَيْنَ عَدَنَ إِلَى أَيْلَةَ فِيهِ مِنَ الْآنِيَةِ بِعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ وَأَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدُ أَبَدًا وَأَوَّلُ مَا يرد عليه الشعث رؤوسا الدُّنْسُ ثِيَابًا الَّذِينَ لَا تُفْتَحُ لَهُمُ السُّدَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الاشناني قال حدثنا إسحاق ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِبْرِيقٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الحرث قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْأَشْعَرِيُّ

قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ حُسَيْنٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَرِدُ عَلَيَّ يَوْمَ القيامة رهط من أصحابي فيحلؤون عَنِ الْحَوْضِ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى أَمَّا قَوْلُهُ فيلحؤون عَنِ الْحَوْضِ أَيْ يُحْبَسُونَ عَنْهُ وَيُمْنَعُونَ مِنْهُ تَقُولُ الْعَرَبُ حَلَّأْتُ الْإِبِلَ أَيْ حَبَسْتُهَا عَنْ وِرْدِهَا قَالَ الشَّاعِرُ ... وَقَبْلَ ذَاكَ مَرَّةً حَلَّأْتُهَا ... تَكْلَؤُنِي كَمِثْلِ مَا كَلَّأْتُهَا ... وَبِإِسْنَادِهِ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا لُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ سُوِيدِ بْنِ جَبَلَةَ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَتَزْدَحِمَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى الْحَوْضِ ازْدِحَامَ إِبِلٍ وَرَدَتْ لِشِرْبِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ الزُّبَيْدِيُّ وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ

رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ الزُّبَيْدِيِّ سَوَاءً وَمَعْنَاهُ وَرَوَاهُ عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال يرد علي الحوض رجال من أصحابي فيحلؤون عَنِ الْحَوْضِ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رهط من أصحابي فيحلؤون عَنِ الْحَوْضِ مِثْلَ حَدِيثِ الزُّبَيْدِيِّ هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ عَنْ يُونُسَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَبَطِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ رِجَالٌ مِنْ اصحابي مثله بمعناه وروى سعيد ابن عُفَيْرٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قال حدثني أنس ابن مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ قَدْرَ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الْأَبَارِيقِ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِيَ اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِيَ ابْنُ مُسَافِرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ قَدْرَ حَوْضِي مَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى صَنْعَاءَ وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الْأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ

قَاسِمٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَحِمِي لَا تَنْفَعُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ رَحِمِي لَمَوْصُولَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَإِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا وَسَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ الْقَائِلُ مِنْهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَأَقُولُ أَمَّا النَّسَبُ فَقَدْ عَرَفْتُ وَلَكِنَّكُمُ ارْتَدَدْتُمْ وَرَجَعْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمُ الْقَهْقَرَى وَرَوَاهُ شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَحَمْزَةَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَزْعُمُونَ أَنَّ قَرَابَتِي وَرَحِمِي لَا تَنْفَعُ وَاللَّهِ إِنَّ رَحِمِي لَمَوْصُولَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيُرْفَعَنَّ لِي قَوْمٌ مِمَّنْ صَحِبَنِي وَلَيُمَرَّنَّ بِهِمْ ذَاتَ الْيَسَارِ فَيُنَادِي الرَّجُلُ يَا مُحَمَّدُ أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَيَقُولُ آخر يا محمد أنا

فلان ابن فُلَانٍ فَأَقُولُ أَمَّا النَّسَبُ فَقَدْ عَرَفْتُهُ وَلَكِنَّكُمْ أَحْدَثْتُمْ بَعْدِي وَارْتَدَدْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمُ الْقَهْقَرَى قِيلَ لِشَرِيكٍ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَامَ حَمَلْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ عَلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ رَوَاهُ أبو قتيبة وعبد الرحمان بْنُ شَرِيكٍ وَذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ فَقَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ شَبِيبٍ الْمُكْتِبُ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ أَخِي لِشَرِيكٍ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَامَ حَمَلْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ عَلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ يَا أَبَا شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ أَبُو جَعْفَرٍ الصَّايِغُ بِمَكَّةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَا حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ أَبُو غَسَّانَ قَالَ حدثنا يعقوب ابن عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيُّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ حَفْصِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِنِّي مُمْسِكٌ بِحُجَزِكُمْ هَلُمَّ عَنِ

النَّارِ وَتَغْلِبُونَنِي تَقَاحَمُونَ فِيهِ تَقَاحُمَ الْفَرَاشِ وَالْجَنَادِبِ وَأُوشِكُ أَنْ أُرْسِلَ حُجَزَكُمْ وَأُفْرِطَ لَكُمْ عَلَى الحوض وتردون علي معا أشتاتا فَأَعْرِفُكُمْ بِأَسْمَائِكُمْ وَسِيمَاكُمْ كَمَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ الْغَرِيبَةَ فِي إِبِلِهِ فَيُؤْخَذُ بِكُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَأُنَاشِدُ فِيكُمْ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَيْ رَبِّ رَهْطِي أَيْ رَبِّ أُمَّتِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمْ كَانُوا يَمْشُونَ الْقَهْقَرَى قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ صَالِحُ الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَحَفْصُ بْنُ حُمَيْدٍ ثِقَةٌ كُوفِيٌّ وَغَيْرُهُمَا فِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ إِلَى ذِكْرِهِمْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا خالد ابن مَخْلَدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ وَرَدَ عَلَيَّ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا أَلَا لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونَنِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ

حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الْخُزَاعِيَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْ حَوْضِي مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَعَمَّانَ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرِدُ سَمِعْتُ مِنْهُ شَيْئًا غَيْرَهَا فَقَالَ نَعَمْ آنِيَةٌ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَمِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي شُعْبَةَ وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مسرور قال حدثنا عليس بن مسكين قال حدثنا محمد ابن سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِيَ اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِيَ الْآنَ وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ أَوْ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ وَإِنِّي مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَتَنَافَسُوا فِيهَا وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ

عَمْرِو بْنِ خَالِدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً حَرْفًا بِحَرْفٍ إِلَى آخِرِهِ أخبرنا خلف بن القاسم وعبد الرحمان بن مروان قالا حدثنا الحسن ابن رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْأَيْلِيُّ عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عطاء ابن عَبَّاسٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ قَالَ سَيَكُونُ بَعْدِي امرءا فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ دُورَهُمْ وَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَا يَرِدُ عَلَى حَوْضِي وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ دَوْرَهُمْ وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَسَيَرِدُ عَلَى حَوْضِي يَا كَعْبُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مَنْ سُحْتٍ النَّارُ أَوْلَى بِهِ يَا كَعْبُ النَّاسُ غَادِيَانِ فَمُبْتَاعٌ نَفْسَهُ فَمُنْقِذُهَا أَوْ بائغ نَفْسَهُ فَمُوبِقُهَا يَا كَعْبُ الصَّلَاةُ بُرْهَانٌ وَالصِّيَامُ جنة والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الْمَاءُ النَّارَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ لَا حُجَّةَ فِي نَقْلِهِ ولكن صدر

هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ رُوِيَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْمُثَنَّى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَصِينٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَاصِمٍ الْعَدَوِيِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ دَخَلَ وَنَحْنُ تِسْعَةٌ وَبَيْنَنَا وِسَادَةٌ مِنْ آدَمَ فَقَالَ إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الْحَوْضِ وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَجَلِيُّ وَابْنُ أَبِي الْعَقِبِ جَمِيعًا قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ عَنْ أَمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ فَلَا أُلْفِيَنَّ مَا نُوزِعْتُ أَحَدَكُمْ فَأَقُولُ هَذَا مِنِّي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ بَعْدَكَ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ لَسْتَ مِنْهُمْ وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ

فَلَا تَقَاتَلُنَّ وَمِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول أَوَّلُكُمْ وُرُودًا عَلَى الْحَوْضِ أَوَّلُكُمْ إِسْلَامًا عَلِيُّ ابن أَبِي طَالِبٍ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ حَيَّةَ الْعُرَنِيِّ عَنْ عُلَيْمٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وُرُودًا عَلَى نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُهَا إِسْلَامًا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي صَادِقٍ عَنْ عُلَيْمٍ عَنْ سَلْمَانَ وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ كَمَا ذَكَرْنَا وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ هَاشِمٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي صَادِقٍ عَنْ حَنَشٍ عَنْ عُلَيْمٍ عَنْ سَلْمَانَ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قاسم بن عبد الرحمان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي صَادِقٍ عَنْ حَنَشٍ بن المعتمر عَنْ عُلَيْمٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُكُمْ وَارِدًا عَلَى الْحَوْضِ أَوَّلُكُمْ إِسْلَامًا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْأُشْنَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو

جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ قَالَ حَدَّثَنَا شعبة عن هشام ابن زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْحَوْضُ وَذَكَرَ أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الرِّشْدِينِيُّ ابن اخت رشيدين بْنِ سَعْدٍ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ الْكَبِيرَةِ مِنْ مُوَطَّأِ ابْنِ وَهْبٍ وَلَمْ يَرْوِهِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ غَيْرُهُ فِيمَا عَلِمْتُ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا صلى على الجنازة يقول اللهم مبارك فِيهِ وَاغْفِرْ لَهُ وَصَلِّ عَلَيْهِ وَأَوْرِدْهُ حَوْضَ رَسُولِكَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا إِنَّ أَمَامَكُمْ حَوْضًا مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْهِ كَمَا بَيْنَ جَرْبَا وَأَذْرُحَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ أَمَامَكُمْ حَوْضٌ كَمَا بَيْنَ جَرْبَا وَأَذْرُحَ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَيُّونَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا

عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عن مطر الوارق عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِي صَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال ألا وَإِنَّ لِي حَوْضًا وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الْأَبَارِيقِ مِثْلَ الْكَوَاكِبِ هُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث بن أبي أسامة قال حدثنا روح ابن عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِي مُرَّةَ الْهُذَلِيِّ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذَكَرَهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بن عمرو ابن العاصي قَالَ حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ مَوْعِدَكُمْ حَوْضِي عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ هُوَ أَبْعَدُ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى مَكَّةَ فَذَاكَ مَسِيرَةُ شَهْرٍ فِيهِ أَمْثَالُ الْكَوَاكِبِ أَبَارِيقُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الْفِضَّةِ مَنْ وَرَدَهُ فَشَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مَا حُدِّثْتُ عَنِ الْحَوْضِ أَثْبَتَ مِنْ هَذَا أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ حَقٌّ وحدثنا عبد الله ابن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا البخاري قال حدثنا سعيد ابن أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَا يَظْمَأْ أَبَدًا قَالَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ

مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَمَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ وَمِنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونَنِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَسَمِعَنِيَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ فَقَالَ أَهَكَذَا سَمِعْتَ مِنْ سَهْلٍ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَزِيدُ فِيهَا فَيَقُولُ إِنَّهُمْ مِنِّي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ فَسُحْقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي قَالَ الْبُخَارِيُّ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ حَتَّى أَنْظُرَ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ وَسَيَدْخُلُ أُنَاسٌ دُونِي فَأَقُولُ يَا رَبِّ مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي فَيُقَالُ هَلْ شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ وَاللَّهِ مَا بَرِحُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ فَكَانَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا أَوْ نُفْتَنَ فِي دِينِنَا وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَيِّدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي

الرِّفَاعِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرُّوا آبَاءَكُمْ يَبَرُّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ وَعِفُّوا تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ وَمَنْ تَنَصَّلَ اللَّهُ فَلَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَرِدْ عَلَى الْحَوْضِ وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَا أَصْلَ لَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْقَطِيعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَسْوَارٍ الْيَمَانِيُّ أَبُو حُمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ سَمِعَهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَنَا فَرَطُكُمْ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَإِنْ لَمْ تَجِدُونِي فَعَلَى الْحَوْضِ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى مَكَّةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَوَاتُرُ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَوْضِ حَمَلَ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْحَقِّ وَهُمُ الْجَمَاعَةُ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَتَصْدِيقِهِ وَكَذَلِكَ الْأَثَرُ فِي الشَّفَاعَةِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ والحمد لله رب العالمين آخر السفر الأول من الاصل المنقول منه أيضا وهو بخط الشيخ أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن احمد التجيفي القرطبي المالكي الامام بالجامع الاموي بدمشق

باب الدال

باب الدال دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ أَبُو سُلَيْمَانَ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ كَذَا قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ مَدَنِيٌّ جَائِزُ الْحَدِيثِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ ثِقَةٌ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ لا يَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ فِي الْحَدِيثِ قَالَ ذَلِكَ فِيهِ وَفِي ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ وَكَانَا جَمِيعًا يُنْسَبَانِ إِلَى الْقَدَرِ وَإِلَى مَذْهَبِ الْخَوَارِجِ وَلَمْ يُنْسَبْ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذِبٌ وَقَدِ احْتَمَلَا فِي الْحَدِيثِ وروى عنهما الثقات الايمة قَالَ مُصْعَبٌ كَانَ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ يُؤَدِّبُ بَنِي دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ مَقْدَمَ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ الْمَدِينَةَ وَكَانَ فَصِيحًا عَالِمًا وَكَانَ يُتَّهَمُ بِرَأْيِ الْخَوَارِجِ قَالَ وَمَاتَ عِكْرِمَةُ عِنْدَ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ كَانَ مُخْتَفِيًا عِنْدَهُ وَكَانَ عِكْرِمَةُ يُتَّهَمُ بِرَأْيِ الْخَوَارِجِ وَتُوُفِّيَ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً لِمَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ مِنْ مَرْفُوعِ حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَوَاحِدٌ مُرْسَلٌ

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِدَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سفيان مولى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة العصر فسلم فِي رَكْعَتَيْنِ فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ نَسِيتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَقَالَ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالُوا نَعَمْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَمَّ مَا بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَهُوَ جَالِسٌ هَكَذَا فِي كِتَابِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ لَنَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ فِي هَذَا الحديث بهذ الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعَصْرِ قرأت على عبد الرحمان بْنِ يَحْيَى أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ الْخِضْرِ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سفيان مولى ابن أَبِي أَحْمَدَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعَصْرِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ وَمِنْهُمْ مَنْ

يَقُولُ صَلَّى بِنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي بَابِ أَيُّوبَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ يَعْنِي أَنَّ الْقِصَرَ وَالسَّهْوَ لَمْ يَجْتَمِعَا لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ كَانَ مُتَيَقِّنًا أَنَّ الصَّلَاةَ لَمْ تَقْصُرْ وَإِنَّمَا الَّذِي شَكَّ فِيهِ السَّهْوُ لَا غَيْرَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَهُ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي عِلْمِي أَيْ لَمْ أَسْهُ فِي عِلْمِي وَلَا قَصُرَتِ الصَّلَاةُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ قَصُرَتِ الصَّلَاةُ فِي عِلْمِي لِأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَمْ تقصر

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِدَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ والمحالقة والمزابنة اشتراء التمر بالتمر في رؤوس لِنَخْلٍ وَالْمُحَاقَلَةُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ قَدْ جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ جَوْدَةِ إِسْنَادِهِ تَفْسِيرُ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ وَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ إِنْ لَمْ يَكُنِ التَّفْسِيرُ مَرْفُوعًا فَهُوَ مِنْ قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ رَوَى شَيْئًا وَعَلِمَ مَخْرَجَهُ سَلِمَ لَهُ فِي تَأْوِيلِهِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِهِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي تفسير المزابنة نحو ذلك ورى ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَالْمُزَابَنَةُ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ ثَمَرَ حَائِطِهِ بِتَمْرٍ كَيْلًا إِنْ كَانَتْ نَخْلًا أَوْ زَبِيبًا إِنْ كَانَتْ كَرْمًا أَوْ حِنْطَةً إِنْ كَانَتْ زَرْعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَبْيَنُ شَيْءٍ وَأَوْضَحُهُ فِي ذَلِكَ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ ثَمَرَ أَرْضِهِ مِنْ رَجُلٍ بِمِائَةِ فَرْقٍ يَكِيلُ لَهُ مِنْهَا فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن هَذَا وَهُوَ الْمُزَابَنَةُ وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَأَلَّا يباع إلا بالدناينر وَالدَّرَاهِمِ إِلَّا الْعَرَايَا قَالَ سُفْيَانُ

الْمُخَابَرَةُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ مَا في رؤوس النخل بالتمر والمحالقة بيع السنبل من الزرع بالحب المصفى كان هذا الحديث سقط من نسختي هذه ومن الأصل فبقي الكلام غير تام فألحقته من كتاب الاستذكار لأبي عمر رحمه الله وبه يتصل قوله فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ قَدْ فَسَّرُوا الْمُزَابَنَةَ بِمَا تَرَاهُ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ عَلِمْتُهُ بَلْ قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُزَابَنَةٌ وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا لَا يجوز إلامثلا بِمِثْلٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مِنْهُ كَيْلٌ بِجُزَافٍ وَلَا جُزَافٌ بِجُزَافٍ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ جَهْلُ المساواة ولا يؤمن مع ذلك التفضال وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ بَيْعَ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ وَالرُّطَبِ بالتمر المعلق في رؤوس النَّخْلِ وَالزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ مُزَابَنَةٌ إِلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ سَمَّى بَيْعَ الْحِنْطَةِ بِالزَّرْعِ مُحَاقَلَةً أَيْضًا وَسَنَذْكُرُ مَذَاهِبَهُمْ فِي الْمُحَاقَلَةِ وَمَعَانِيَهُمْ فِيهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْقَوْلِ فِي مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ عِنْدَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَمَّا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَمَذْهَبُهُ فِي الْمُزَابَنَةِ أَنَّهَا بَيْعُ كُلِّ مَجْهُولٍ بِمَعْلُومٍ مِنْ صِنْفِ ذَلِكَ كَائِنًا مَا كَانَ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ أَمْ لَا لِأَنَّ ذَلِكَ يَصِيرُ إِلَى بَابِ الْمُخَاطَرَةِ وَالْقِمَارِ وَذَلِكَ دَاخِلٌ عِنْدَهِ فِي مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ وَفَسَّرَ الْمُزَابَنَةَ فِي الْمُوَطَّأِ تَفْسِيرًا يُوقَفُ بِهِ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ وَبَيَّنَهُ بَيَانًا شَافِيًا يُغْنِي عَنِ الْقَوْلِ فِيهِ فَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْجُزَافِ لَا يُعْلَمُ كَيْلُهُ وَلَا وَزْنُهُ وَلَا عَدَدُهُ فَلَا يَجُوزُ ابْتِيَاعُهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ أَوِ الْعَدَدِ يَعْنِي مِنْ صِنْفِهِ ثُمَّ شَرَحَ ذَلِكَ بِكَلَامٍ مَعْنَاهُ كَرَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ له تمر في رؤوس شَجَرٍ أَوْ صُبْرَةٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ نَوًى أَوْ عُصْفُرٌ أَوْ بِزْرُ كَتَّانٍ أَوْ حَبُّ بَانٍ أَوْ زَيْتُونٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ أَنَا آخُذُ زَيْتُونَكَ بِكَذَا وَكَذَا رُبْعًا أَوْ رِطْلًا مِنْ زَيْتٍ أَعْصِرُهَا فَمَا نَقَصَ فَعَلَيَّ وَمَا زَادَ فَلِي وَكَذَلِكَ حَبُّ الْبَانِ أَوِ السِّمْسِمُ بِكَذَا وَكَذَا رِطْلًا مِنَ الْبَانِ أَوِ الْجُلْجُلَانِ أَوْ كَرْمُكَ بِكَذَا وَكَذَا

مِنَ الزَّبِيبِ كَيْلًا مَعْلُومًا فَمَا زَادَ فَلِي وَمَا نَقَصَ فَعَلَيَّ وَكَذَلِكَ صُبَرُ الْعُصْفُرِ أَوِ الطَّعَامِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا كُلَّهُ قَالَ مَالِكٌ فَلَيْسَ هَذَا بِبَيْعٍ وَلَكِنَّهُ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ وَالْغَرَرِ وَالْقِمَارِ فَيُضْمَنُ لَهُ مَا سَمَّى مِنَ الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ أَوِ الْعَدَدِ عَلَى أَنَّ لَهُ مَا زَادَ وَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ فَهَذَا غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ وَعِنْدَ مَالِكٍ أَنَّهُ كَمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَنَا أَضْمَنُ لَكَ مِنْ كَرْمِكَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الزَّبِيبِ مَعْلُومًا أَوْ مِنْ زَيْتُونِكَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الزَّيْتِ مَعْلُومًا وَمَنْ صُبْرَتِكَ فِي الْقُطْنِ أَوِ الْعُصْفُرِ أَوِ الطَّعَامِ كَذَا وَكَذَا وَزْنًا أَوْ كَيْلًا مَعْلُومًا فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ مَجْهُولًا بِمَعْلُومٍ مِنْ صِنْفِهِ مِمَّا يجوز فيه التفضال وَمِمَّا لَا يَجُوزُ وَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتِ وَلَا الْجُلْجُلَانِ بِدُهْنِ الْجُلْجُلَانِ وَلَا الزُّبْدِ بِالسَّمْنِ قَالَ لِأَنَّ الْمُزَابَنَةَ تَدْخُلُهُ وَمِنَ الْمُزَابَنَةِ عِنْدَهُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ صِنْفِهِ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ أَنَا أَضْمَنُ لَكَ مِنْ جَزُورِكَ هَذِهِ أَوْ مِنْ شَاتِكَ هَذِهِ كَذَا وَكَذَا رِطْلًا مَا زَادَ فَلِي وَمَا نَقُصَ فَعَلَيَّ كَانَ ذَلِكَ مُزَابَنَةً فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرُوا الْجَزُورَ وَلَا الشَّاةَ بِلَحْمٍ لِأَنَّهُمْ يَصِيرُونَ عِنْدَهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى وَسَنَذْكُرُ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ إسماعيل ابن إِسْحَاقَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِصَاحِبِ الْبَانِ أَعْصِرْ حَبَّكَ هَذَا فَمَا نَقَصَ مِنْ مِائَةِ رِطْلٍ فَعَلَيَّ وَمَا زَادَ فَلِي فَقَالَ لَهُ إِنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ فَقَالَ أَنَا أَشْتَرِي مِنْكَ هَذَا الْحَبَّ بِكَذَا وَكَذَا رِطْلًا مِنَ الْبَانِّ لَدَخَلَ فِي الْمُزَابَنَةِ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ إِلَى مَعْنَاهَا إِذَا كَانَ الْبَانُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ حَبَّ الْبَانِ قَدْ قَامَ مَقَامًا لَمْ يَكُنْ يَجُوزُ لَهُ مِنَ الضَّمَانِ الَّذِي ضَمِنَهُ فِي عَصْرِ الْبَانِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْبَانِ اشْتَرَى مَعْلُومًا بِمَعْلُومٍ مِنَ الْبَانِ مُتَفَاضِلًا لَجَازَ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئًا عَرَفَهُ بِشَيْءٍ قَدْ عَرَفَهُ فَخَرَجَ مِنْ بَابِ الْقِمَارِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَكَذَلِكَ السِّمْسِمُ بِدُهْنِهِ إِذَا كَانَا مَعْلُومَيْنِ فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا بِمَجْهُولٍ لَمْ يَجُزْ وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي غَزْلِ الْكَتَّانِ بِثَوْبِ الْكَتَّانِ وَغَزْلِ الصُّوفِ بِثَوْبِ الصوف

وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ نَقْدًا إِذَا كَانَ مَعْلُومًا بِمَعْلُومٍ وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ إِذَا أُرِيدَ بِابْتِيَاعِ شَيْءٍ مِنَ الْمَجْهُولِ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِوَقْتِهِ وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ جَازَ بَيْعُهُ كَلَبَنِ الْحَلِيبِ بِالْمَخِيضِ إِذَا أُرِيدَ بِالْحَلِيبِ وَقْتُهُ وَكَالْقَصِيلِ بِالشَّعِيرِ إِذَا أُرِيدَ قَطْعُ الْقَصِيلِ لِوَقْتِهِ وَكَالتَّمْرِ بِالْبَلَحِ إِذَا جَدَّ الْبَلَحُ لِوَقْتِهِ قَالَ وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ كُلِّ مَا خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا مِنَ الْمَجْهُولِ كَدُهْنِ الْبَانِ الْمُطَيَّبِ بِحَبِّهِ وَكَالشَّعِيرِ بِالْقَصِيلِ الَّذِي لَا يَكُونُ مِنْهُ شَعِيرٌ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي النَّوَى بِالتَّمْرِ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَمَرَّةً كَرِهَهُ وَجَعَلَهُ مُزَابَنَةً وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ ظَنَّ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْمُزَابَنَةِ فَاعْتَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ وَالْمَنْعُ مِنْهُ أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ السِّمْسِمِ أَوِ الزَّيْتُونِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ عَصْرَهُ قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَى مِنْهُ مَا يَخْرُجُ مِنْ زَيْتِهِ وَدُهْنِهِ وَأَجَازَ بَيْعَ الْقَمْحِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ طَحْنَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ لِي مَالِكٌ فِيهِ غَرَرٌ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّ مَالِكًا كَانَ عِنْدَهُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْقَمْحِ مَعْلُومًا لَا يَتَفَاوَتُ إِلَّا قَرِيبًا فَأَخْرَجَهُ مِنْ بَابِ الْمُزَابَنَةِ وَجَعَلَهُ مِنْ بَابِ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ كَمَنِ ابْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَوْرَدْنَا مِنْ أُصُولِ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْمُزَابَنَةِ مَا يُوقَفُ بِهِ عَلَى الْمُرَادِ وَالْبُغْيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ جُمَّاعُ الْمُزَابَنَةِ أَنْ يُنْظَرَ كُلُّ مَا عُقِدَ بَيْعُهُ وَفِي الْفَضْلِ فِي بَعْضِهِ بِبَعْضٍ يَدًا بِيَدٍ رِبًا فَلَا يَجُوزُ مِنْهُ شَيْءٌ يُعْرَفُ بِشَيْءٍ مِنْهُ جُزَافًا وَلَا جُزَافًا بِجُزَافٍ مَنْ صِنْفِهِ وَأَمَّا أَنْ يَقُولَ أَضْمَنُ لَكَ صُبْرَتَكَ هَذِهِ بِعِشْرِينَ صَاعًا فَمَا زَادَ فَلِي وَمَا نَقَصَ فَعَلَيَّ تَمَامُهَا فَهَذَا مِنَ الْقِمَارِ وَالْمُخَاطَرَةِ وَلَيْسَ مِنَ الْمُزَابَنَةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا قَدَّمْنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ فِي تَفْسِيرِ الْمُزَابَنَةِ يَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ فِي ذَلِكَ وَيَشْهَدُ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَصْلُ مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ فِي اللُّغَةِ الْمُخَاطَرَةُ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الزَّبْنِ وَهُوَ الْمُقَامَرَةُ وَالدَّفْعُ وَالْمُغَالَبَةُ وَفِي مَعْنَى الْقِمَارِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ أَيْضًا حَتَّى لَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ إِنَّ الْقَمَرَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْقِمَارِ لِزِيَادَتِهِ وَنُقْصَانِهِ فَالْمُزَابَنَةُ وَالْقِمَارُ وَالْمُخَاطَرَةُ شَيْءٌ مُتَدَاخِلٌ حَتَّى يُشْبِهَ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ اشْتِقَاقِهِمَا وَاحِدًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَقُولُ الْعَرَبُ حَرْبٌ زَبُونٌ أَيْ ذَاتُ دَفْعٍ وَقِمَارٍ وَمُغَالَبَةٍ وَقَالَ أَبُو الْغُولِ الطُّهَوِيُّ ... فَوَارِسُ لَا يَمَلُّونَ الْمَنَايَا ... إِذَا دَارَتْ رَحَى الْحَرْبِ الزَّبُونِ ... ... وَقَالَ مَعْمَرُ بْنُ لَقِيطٍ الْإِيَادِيُّ ... عَبْلُ الذِّرَاعِ أَبْيَاذًا مُزَابَنَةً ... ... فِي الْحَرْبِ يَخْتَتِلُ الرِّئَالَ وَالسُّقَبَا ... وَقَالَ مُعَاوِيَةُ ... وَمُسْتَعْجِبٌ مِمَّا رَأَى مِنْ أَنَاتِنَا ... ... وَلَوْ زَبَنَتْهُ الْحَرْبُ لَمْ يَتَرَمْرَمِ ... ... وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ كَانَ مِنْ مَيْسِرِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ فَأَخْبَرَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ ذَلِكَ مَيْسِرٌ وَالْمَيْسِرُ الْقِمَارُ فَدَخَلَ فِي مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ أَحْسَنِ مَا رُوِيَ فِي تَفْسِيرِ الْمُزَابَنَةِ وَأَرْفَعِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ مَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا جَلِيلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ قَدْ فَسَّرَ الْمُزَابَنَةَ عَلَى نَحْوِ مَا فَسَّرَهَا

مالك في موطاه سَوَاءً فَأَمَّا الْمُحَاقَلَةُ فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَعْنَاهَا مَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ قَالُوا وَفِي مَعْنَى كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ فِي تَأَوُّلِ هَذَا الْحَدِيثِ كِرَاؤُهَا بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ عَلَى اخْتِلَافٍ قَالُوا فَلَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ مِنَ الطَّعَامِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا وَيُزْرَعُ فِيهَا أَوْ مِنْ سَائِرِ صُنُوفِ الطَّعَامِ الْمَأْكُولِ كُلِّهِ وَالْمَشْرُوبِ نَحْوَ الْعَسَلِ وَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَكُلِّ مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فِي مَعْنَى بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسَاءً وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ عِنْدَهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَعَامًا مَأْكُولًا وَلَا مَشْرُوبًا سِوَى الْخَشَبِ وَالْقَصَبِ وَالْحَطَبِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ فِي مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ وَأَصْلُهُ عِنْدَهُمُ النَّهْيُ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سَحْنُونٍ عن المغيرة بن عبد الرحمان الْمَخْزُومِيِّ الْمَدَنِيِّ أَنَّهُ لَا بَاسَ بِكِرَاءِ الْأَرْضِ بِطَعَامٍ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَرَوَى يَحْيَى بْنُ عُمَرَ عَنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ كَقَوْلِ سَائِرِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِالْجُمْلَةِ الَّتِي قَدَّمْنَا عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ لَا تُكْرَى الْأَرْضُ بِشَيْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا أُكِلَ أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ وَلَا بِشَيْءٍ مِمَّا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ خَرَجَ مِنْهَا أَوْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ ابْنَ كِنَانَةَ كَانَ يَقُولُ لَا تُكْرَى الْأَرْضُ بِشَيْءٍ إِذَا أُعِيدَ فِيهَا نَبْتٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ تُكْرَى بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ مِمَّا يُؤْكَلُ وَمِمَّا لَا يُؤْكَلُ خَرَجَ مِنْهَا أَوْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا قَالَ وَكَانَ ابْنُ نَافِعٍ يَقُولُ لَا بَأْسَ أَنْ تُكْرَى الْأَرْضُ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ خَرَجَ مِنْهَا أَوْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا مَا عَدَا الْحِنْطَةُ وَأَخَوَاتُهَا فَإِنَّهَا مُحَاقَلَةٌ وَأَجْمَعَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ كُلُّهُمْ أَنَّ الْأَرْضَ لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِمَّا يُزْرَعُ فِيهَا ثُلُثًا كَانَ أَوْ رُبُعًا أَوْ جُزَافًا كَانَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَمُحَاقَلَةٌ وَقَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْنَى الْمُحَاقَلَةِ دَفْعُ الْأَرْضِ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَعَلَى جُزْءٍ مِمَّا

يَخْرُجُ مِنْهَا قَالُوا وَهِيَ الْمُخَابَرَةُ أَيْضًا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُعْطِيَ أَرْضَهُ عَلَى جُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَلَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ قَالُوا وَكَرَاءُ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَبِالْعُرُوضِ كُلِّهَا الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَنْبُتُ فِي الْأَرْضِ وَمِمَّا لَا يَنْبُتُ فِيهَا جَائِزٌ كَمَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْمَنَازِلِ وَإِجَارَةُ الْعَبِيدِ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُدَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ آخَرُونَ الْمُحَاقَلَةُ بَيْعُ الزَّرْعِ فِي سُنْبُلِهِ بَعْدَ أَنْ يَشْتَدَّ وَيَسْتَحْصِدَ بِالْحِنْطَةِ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ مَا الْمُحَاقَلَةُ قال المحاقلة في الحرث كهينة الْمُزَابَنَةِ فِي النَّخْلِ سَوَاءٌ وَهُوَ بَيْعُ الزَّرْعِ بِالْقَمْحِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ فَسَّرَ لَكُمْ جَابِرٌ الْمُحَاقَلَةَ كَمَا أَخْبَرْتَنِي قَالَ نَعَمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَذَلِكَ فَسَّرَ الْمُحَاقَلَةَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِي حَدِيثِهِ الْمُرْسَلِ فِي الْمُوَطَّأِ إِلَّا أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ جَمَعَ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا فَقَالَ وَالْمُحَاقَلَةُ اشْتِرَاءُ الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ وَاسْتِكْرَاءُ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ وَإِلَى هَذَا التَّفْسِيرِ فِي الْمُحَاقَلَةِ أَنَّهُ بَيْعُ الزَّرْعِ فِي سُنْبُلِهِ بِالْحِنْطَةِ دُونَ مَا عَدَاهُ ذَهَبَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَطَاوُسٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ لَا يَرَوْنَ بَأْسًا أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ عَلَى جُزْءٍ مِمَّا تُخْرِجُهُ نَحْوَ الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ لِأَنَّ الْمُحَاقَلَةَ عِنْدَهُمْ فِي مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ وَأَنَّهَا فِي بَيْعِ الثَّمَرِ بِالثَّمَرِ وَالْحِنْطَةِ بِالزَّرْعِ قَالُوا وَلَمَّا اخْتُلِفَ فِي الْمُحَاقَلَةِ كَانَ أَوْلَى مَا قِيلَ فِي مَعْنَاهَا مَا تَأَوَّلْنَاهُ مِنْ بَيْعِ الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ وَاحْتَجُّوا عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلُوهُ وَذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ إِجَازَةِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِقِصَّةِ خَيْبَرَ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ أَهْلَهَا عَلَى شَطْرِ مَا تُخْرِجُهُ أَرْضُهُمْ

وَثِمَارُهُمْ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدِيثُ رافع بن خديح فِي النَّهْيِ عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ مُضْطَرِبُ الْأَلْفَاظِ وَلَا يَصِحُّ وَالْقَوْلُ بِقِصَّةِ خَيْبَرَ أَوْلَى وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ لَمْ يُجِزْ كِرَاءَ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَنَّ قِصَّةَ خَيْبَرَ مَنْسُوخَةٌ بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُخَابَرَةِ لِأَنَّ لَفْظَ الْمُخَابَرَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ خَيْبَرَ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قِيلَ خَابَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ خَيْبَرَ أَيْ عَامَلَهُمْ فِي أَرْضِ خَيْبَرَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ كُنَّا نُخَابِرُ وَلَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا حَتَّى أَخْبَرَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عَنْهَا أَيْ كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا قَالَ وَفِي ذَلِكَ نَسْخٌ لِسَنَةِ خَيْبَرَ قَالَ وَابْنُ عُمَرَ رَوَى قِصَّةَ خَيْبَرَ وَعَمِلَ بِهَا حَتَّى بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْمُحَاقَلَةُ فَمَأْخُوذَةٌ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مِنَ الْحَقْلِ وَهِيَ الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ الْمَزْرُوعَةُ تَقُولُ لَهُ الْعَرَبُ الْبَرَاحُ وَالْحَقْلُ يُقَالُ حَاقَلَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا زَارَعَهُ كَمَا خَاضَرَهُ إِذَا بَاعَهُ شَيْئًا أَخْضَرَ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الْمُخَاضَرَةِ وَنَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَكَذَلِكَ يُقَالُ حَاقَلَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا بَايَعَهُ زَرْعًا بِحِنْطَةٍ وَحَاقَلَهُ أَيْضًا إِذَا أَكْرَى مِنْهُ الْأَرْضَ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا كَمَا يقال زارعه إذاعامله فِي زَرْعٍ وَهَذَا يَكُونُ مِنِ اثْنَيْنِ فِي أَمْرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مِثْلِ بَيْعِ الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ وَاكْتِرَاءِ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ لِأَنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَشْتَقَّ مِنَ الِاسْمَيْنِ جَمِيعًا اسْمًا وَاحِدًا لِلْمُفَاعَلَةِ وَإِنِ اشْتَقَقْتَ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْمُفَاعَلَةِ لَمْ تَسْتَدِلَّ عَلَى الْآخَرِ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الِاثْنَيْنِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ قُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا الْمُخَابَرَةُ فَقَالَ قَوْمٌ اشْتِقَاقُهَا مِنْ خَيْبَرَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ

الْخَبَرِ وَالْخَبَرُ حَرْثُ الْأَرْضِ وَحَمْلُهَا وَزَعَمَ مَنْ تَأَوَّلَ فِي الْمُخَابَرَةِ هَذَا التَّأْوِيلَ أَنَّ لَفْظَ الْمُخَابَرَةِ كَانَ قَبْلَ خَيْبَرَ وَلَا دَلِيلَ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَظِيرٍ وَخَلَفُ بْنُ احمد وعبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم نهى عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْمُخَابَرَةِ وَالْمُعَاوَمَةِ وَهِيَ بَيْعُ السِّنِينَ قَالَ وَالْمُخَابَرَةُ أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمُخَابَرَةُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مِمَّا تُخْرِجُهُ وَهِيَ الْمُزَارَعَةُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فَكُلُّ حَدِيثٍ يَأْتِي فِيهِ النَّهْيُ عَنِ الْمُزَارَعَةِ أَوْ ذِكْرُ الْمُخَابَرَةِ فَالْمُرَادُ بِهِ دَفَعُ الْأَرْضِ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَقِفْ عَلَى ذَلِكَ وَاعْرِفْهُ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ مُسْتَوْعِبًا فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنْ أَقَاوِيلَ وَمَا رَوَوْا فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ مُمَهَّدَةً فِي بَابِ رَبِيعَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْبَيْعُ فِي الْمُزَابَنَةِ إِذَا وَقَعَ كَتَمْرٍ بِيعَ بِرُطَبٍ وَزَبِيبٍ بِيعَ بِعِنَبٍ وَكَذَلِكَ الْمُحَاقَلَةُ كَزَرْعٍ بِيعَ بحنطة صبرة أو كيلا معلوما أو تمر بيع في رؤوس النخل جزافا بكيل من التمر معلوما فَهَذَا كُلُّهُ إِذَا وَقَعَ فُسِخَ إِنْ أُدْرِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ قُبِضَ وَفَاتَ رَجَعَ صَاحِبُ التَّمْرِ بِمَكِيلَةِ تَمْرِهِ وَجِنْسِهِ عَلَى صَاحِبِ الرُّطَبِ وَرَجَعَ صَاحِبُ الرُّطَبِ عَلَى صَاحِبِ التَّمْرِ بِقِيمَةِ رُطَبِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَكَذَلِكَ يَرْجِعُ صَاحِبُ النَّخْلِ وَصَاحِبُ الزَّرْعِ بِقِيمَةِ تَمْرِهِ وَقِيمَةِ زَرْعِهِ عَلَى صَاحِبِ الْمَكِيلَةِ يَوْمَ قَبْضِهِ ذَلِكَ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْمَكِيلَةِ بِمَكِيلَتِهِ فِي مِثْلِ صِفَةِ مَا قبض منه

قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ مَنْ كَرِهَ الْمُزَارَعَةَ مِنْهُمْ وَمَنْ أَجَازَهَا كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ وَزُفَرَ فَإِنَّهُمَا كَرِهَاهَا وَزَعَمَا أَنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ بِالنَّهْيِ عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَخَالَفَ أَبَا حَنِيفَةَ أَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ إِلَّا زُفَرَ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الْمُسَاقَاةِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِدَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ يَشُكُّ دَاوُدُ قَالَ خَمْسَةٌ أَوْ دُونَ خَمْسَةٍ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَرَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْطَأَ فِيهِ وَالصَّوَابُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَأَبُو سُفْيَانَ هَذَا مَدَنِيٌّ اسْمُهُ قُزْمَانُ ثِقَةٌ حُجَّةٌ فِيمَا رَوَى وَهُوَ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ الْأَسَدِيِّ وَاسْمُ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ عبيد ابن جَحْشٍ وَهُوَ أَخُو زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَإِخْوَتَهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ فِي أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ هَذَا قَالُوا هُوَ مَوْلًى لِبَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَكَانَ لَهُ انْقِطَاعٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ ابن أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ فَنُسِبَ إِلَيْهِ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَكَانَ مُكَاتِبًا وَكَانَ يُصَلِّي لِبَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فِي رَمَضَانَ وَفِيهِمْ قَوْمٌ قَدْ شَهِدُوا بَدْرًا وَالْعَقَبَةَ يُصَلُّونَ خَلْفَهُ وَأَمَا أَبُو سُفْيَانَ الَّذِي يَرْوِي عَنْ جَابِرٍ فَاسْمُهُ طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ لَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَأَمَّا الْعَرَايَا فَوَاحِدُهَا عَرِيَّةٌ وَالْجَمْعُ عَرَايَا وَمَعْنَاهَا عَطِيَّةُ ثَمَرِ النَّخْلِ دُونَ الرِّقَابِ كَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا دَهَمَتْهُمْ سَنَةٌ تَطَوَّعَ أَهْلُ النَّخْلِ مِنْهُمْ عَلَى مَنْ لَا نَخْلَ لَهُ فَيُعْطُونَهُ مِنْ ثَمَرِ نَخْلِهِمْ فَمِنْهُمُ

الْمُكْثِرُ وَمِنْهُمُ الْمُقِلُّ وَلَهُمْ عَطَايَا مَنَافِعُ لَا يَمْلِكُ بِشَيْءٍ مِنْهَا رَقَبَةَ الشَّيْءِ الْمَوْقُوفِ مِنْهَا الْإِفْقَارُ وَالْإِخْبَالُ وَالْإِعْرَاءُ وَمِنْهَا الْمِنْحَةُ كَانُوا إِذَا اعطى احد مِنْهُمْ صَاحِبَهُ نَاقَةً أَوْ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ يشرب لبنها مرة قبل مَنَحَهُ فَإِنْ أَعْطَاهُ دَابَّةً يَرْتَفِقُ بِظَهْرِهَا وَيُكْرِي ذَلِكَ وَيَنْتَفِعُ بِهِ قِيلَ أَخْبَلَهُ فَإِنْ أَعْطَاهُ شَيْئًا مِنَ الْإِبِلِ يَرْكَبُهُ مَرَّةً قِيلَ أَفْقَرَهُ ظَهْرَ جَمَلِهِ أَوْ نَاقَتِهِ أَوْ دَابَّتِهِ فَالْعَرَايَا فِي ثَمَرِ النَّخْلِ وَتَكُونُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الثِّمَارِ وَالْمِنْحَةُ فِي الْبَانِ النُّوقِ وَالْغَنَمِ وَالْإِخْبَالُ فِي الدَّوَابِّ وَالْإِفْقَارُ فِي النُّوقِ وَالْإِبِلِ وَالْإِطْرَاقُ أَنْ يغطيه فَحْلَ غَنَمِهِ أَوْ إِبِلِهِ لِحَمْلِهِ عَلَى نِعَاجِهِ أونوقه وَالْإِسْكَانُ أَنْ يُسْكِنَهُ بَيْتًا لَهُ مُدَّةً لَا يَمْلِكُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا كُلِّهِ رَقَبَةَ مَا يُعْطَى وَمِنْ هَذَا الْبَابِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الْعُمْرَى وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْعَرِيَّةُ مِنَ النَّخْلِ الَّتِي تَعْزِلُ عَنِ الْمُسَاوَمَةِ عِنْدَ بَيْعِ النَّخْلِ وَالْفِعْلُ الْإِعْرَاءُ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ ثَمَرَةَ عَامِهَا لِمُحْتَاجٍ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا قِيلَ لَهَا عَرِيَّةٌ لِأَنَّهَا تُعَرَّى مِنْ ثَمَرِهَا قَبْلَ غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْحَوَائِطِ وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ الْعَرِيَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْعَارِيَةِ وَهِيَ عَارِيَةٌ مُضَمَّنَةٌ بِهِبَةٍ فَالْأَصْلُ مُعَارٌ وَالثَّمَرَةُ هِبَةٌ فَهَذَا مَعْنَى لَفْظِ الْعَرِيَّةِ فِي اللُّغَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يُعْطِي جَارَهُ أَوِ الْمِسْكِينَ مَنْ كَانَ نَخْلَةً مِنْ حَائِطِهِ أَوْ نَخَلَاتٍ يَجْنِي ثَمَرَهَا فَيَقُولُ أَعْرَيْتُ نَخْلَتِي أَوْ نَخْلِي فُلَانًا وَكَانُوا يَمْتَدِحُونَ بِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ الْأَنْصَارِ ... فَلَيْسَتْ بِسَنْهَاءَ ولا رجيبة ... وَلَكِنْ عَرَايَا فِي السِّنِينَ الْجَوَائِحِ ... وَيُرْوَى فِي السنين الواحل وَسَنْهَاءُ مِنَ النَّخْلِ الَّتِي تَحْمِلُ سَنَةً وَتَحُولُ سَنَةً فَلَا تَحْمِلُ وَذَلِكَ عَيْبٌ فِي النَّخْلِ فَوَصَفَ نَخْلَهُ أَنَّهَا

لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهَا تَحْمِلُ كُلَّ عَامٍ وَالرَّجَبِيَّةُ هِيَ الَّتِي تَمِيلُ لِضَعْفِهَا فَتُدْعَمُ مِنْ تَحْتِهَا كَذَا قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِ الْفِقْهِ لَهُ ثُمَّ وَصَفَ أَنَّهُ يُعْرِيهَا فِي السِّنِينَ الْجَوَائِحِ أَيْ يُطْعِمُ ثَمَرَتَهَا أَهْلَ الْحَاجَةِ فِي سِنِيِّ الْجَدْبِ وَالْمَجَاعَةِ وَقَدْ كَانَ الرُّجُلُ مِنْهُمْ يُعْطِي ذَلِكَ أَيْضًا لِأَهْلِهِ وَلِعِيَالِهِ يَأْكُلُونَ ثَمَرَتَهَا فَتُدْعَى أَيْضًا عَرِيَّةً فَهَذَا كُلُّهُ أَقَاوِيلُ أَهْلِ اللغة في العرية وأما معنى العريا فِي الشَّرِيعَةِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا أَصِفُهُ لَكَ بِعَوْنِ اللَّهِ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ رَوَى عَنْ عَمْرِو بن الحرث بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْعَرِيَّةُ الرَّجُلُ يُعْرِي الرَّجُلَ النَّخْلَةَ أَوِ الرَّجُلُ يُسَمِّي مِنْ مَالِهِ النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَتَيْنِ لِيَأْكُلَهَا فَيَبِيعُهَا بِتَمْرٍ وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ عَنْ عَبْدَةَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ الْعَرَايَا أَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ النَّخَلَاتِ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا فَيَبِيعَهَا بِمِثْلِ خَرْصِهَا وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا فُسِّرَ بِهِ مَعْنَى الْعَرَايَا فَذَهَبَ قَوْمٌ إلى هذا وجعلوا الرخصة في بيع العريا بِخَرْصِهَا وَقْفًا عَلَى الرِّفْقِ بِالْمُعْرِي يَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ الْمُعْرَى وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ مَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ جَمِيعًا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا النَّخْلَةِ وَالنَّخْلَتَيْنِ يُوهَبَانِ لِلرَّجُلِ فَيَبِيعُهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا قَالُوا فَقَدْ أَطْلَقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيْعَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا وَلَمْ يَقُلْ مِنَ الْمُعْرَى وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ فِي ذَلِكَ قُصِدَ بِهَا الْمُعْرَى الْمِسْكِينُ لِحَاجَتِهِ قَالُوا وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ لِأَنَّ الْمُعْرَى قَدْ مَلَكَ مَا وُهِبَ لَهُ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنَ الْمُعْرِي وَمِنْ غَيْرِهِ إِذْ أَرْخَصَتْ لَهُ

السُّنَّةُ فِي ذَلِكَ وَخَصَّتْهُ مِنْ مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ فِي الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ ذَهَبَ إِلَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَسَنَذْكُرُ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْعَرَايَا إِلَى أَنْ جَعَلُوا الرُّخْصَةَ الْوَارِدَةَ فِيهَا مَوْقُوفَةً عَلَى الْمُعْرِي لَا غَيْرَ فَقَالُوا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلَّا لِمَنْ أَعْرَى نَخْلًا يَأْكُلُ ثَمَرَهَا رُطَبًا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِالتَّمْرِ فَإِنَّهُ أُرْخِصَ لِلْمُعْرَى أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنَ الْمُعْرِي إِذَا كَانَ ذَلِكَ خَرْصَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَهَا لِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنَ الضَّرَرِ فِي دُخُولِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ حَائِطَهُ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ باب المعروف يكفيه فيه مؤونة السَّقْيِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمُعْرِي لِأَنَّ الرُّخْصَةَ فِيهِ وَرَدَتْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَعَدَّى بِهَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَنَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ وَعَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَعَدَّى بِالرُّخْصَةِ مَوْضِعَهَا وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَصْحَابُهُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُمْ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي بُشَيْرُ ابن يَسَارٍ مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ ابن أَبِي حَثْمَةَ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ إِلَّا أَنَّهُ أَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا وَذَكَرَهُ أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ

بَشِيرٍ عَنْ سَهْلٍ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا رُطَبًا وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ أَنَّ رَافِعَ بن خديج وسهل ابن أَبِي حَثْمَةَ حَدَّثَنَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ إِلَّا أَصْحَابَ الْعَرَايَا فَإِنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهُمْ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ وَأَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا أَنْ تُشْتَرَى بِخَرْصِهَا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا قَالَ سُفْيَانُ قَالَ لِي يَحْيَى مَا أَعْلَمَ أَهْلَ مَكَّةَ بِالْعَرَايَا قُلْتُ أَخْبَرَهُمْ عَطَاءٌ وَسَمِعَهُ مِنْ جَابِرٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا إِلَى اسْتِثْنَائِهِ الْعَرَايَا مِنَ الْمُزَابَنَةِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ كَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ يُرِيدُ صَاحِبَهَا الَّذِي أَعْرَاهَا وَأَهْلَهَا الَّذِينَ وَهَبُوا ثَمَرَهَا وَأَعْرَوْهَا فَهُمُ الَّذِينَ أَبَاحَ لَهُمْ شِرَاءَهَا خَاصَّةً هَذَا تَأْوِيلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي الْعَرَايَا أَنَّ الْعَرِيَّةَ هِيَ أَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ مِنْ حَائِطِهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَمَا دُونَهَا ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنَ الْمُعْرِي عِنْدَ طِيبِ التَّمْرِ فَأُبِيحَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا عِنْدَ الْجُذَاذِ وإن

عَجَّلَ لَهُ لَمْ يَجُزْ وَيَجُوزُ أَنْ يُعْرِيَ مِنْ حَائِطِهِ مَا شَاءَ وَلَكِنَّ الْبَيْعَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَمَا دُونَ هَذَا جُمْلَةُ قَوْلِهِ وَقَوْلِ أَصْحَابِهِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمُ الْبَيْعُ فِي الْعَرَايَا إِلَّا لِوَجْهَيْنِ إِمَّا لِدَفْعِ ضَرُورَةِ دُخُولِ الْمُعْرِي عَلَى الْمُعْرَى وَإِمَّا لان يرفق المعرى المعري فيكفيه المؤونة فَأَرْخَصَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ تَمْرًا إِلَى الْجُذَاذِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَرِيَّةِ قَبْلَ زَهْوِهَا إِلَّا كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ غَيْرِ الْعَرِيَّةِ عَلَى الْجُذَاذِ وَالْقَطْعِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَرِيَّةِ وَإِنْ أَزْهَتْ بِخَرْصِهَا رُطَبًا وَلَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا نَقْدًا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ وَإِنَّ جَذَّهَا مَكَانَهُ وَلَا تُبَاعُ بِنِصْفِ سِوَاهَا مِنَ التَّمْرِ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْبَرْنِيِّ فَتُبَاعُ بِالْعَجْوَةِ وَلَا يُبَاعُ بِبُسْرٍ وَلَا رُطَبٍ وَلَا ثَمَرٍ مُعَيَّنٍ وَإِنَّمَا تُبَاعُ بِتَمْرٍ يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ إِلَى الْجُذَاذِ بِخَرْصِهَا وَمَا عَدَا وَجْهَ الرُّخْصَةِ فِيهَا مُزَابَنَةٌ وَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ مِنْهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِعَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ غَيْرِ الطَّعَامِ فَيَجُوزُ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ كَسَائِرِ الْبُيُوعِ فَإِنْ كَانَ طَعَامًا رُوعِيَ فِيهِ الْقَبْضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَوِ الْجُذَاذُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ أَعْرَى جَمِيعَ حَائِطِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَهُ شِرَاءُ جَمِيعِهِ وَبَعْضِهِ بِالْخَرْصِ إِذَا لَمْ يَتَجَاوَزِ الْبَيْعُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ قَالَ وَتَوَقَّفَ لِي مَالِكٌ فِي شِرَاءِ جَمِيعِهِ بِالْخَرْصِ وَإِنْ كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أَوْ أَدْنَى وَبَلَغَنِي عَنْهُ إِجَازَتُهُ وَالَّذِي سَمِعْتُ أَنَا مِنْهُ شِرَاءَ بَعْضِهِ وَجَائِزٌ عِنْدِي شِرَاءُ جَمِيعِهِ قَالَ فَإِنْ قِيلَ لَهُ أَعْرَى جَمِيعَهُ فَلَا يَنْفِي عَنْ نَفْسِهِ بِشِرَائِهِ ضَرَرًا قَبْلُ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ إِرْفَاقٌ لِلْمُعْرَى وَالْعَرِيَّةُ تُشْتَرَى لِلْإِرْفَاقِ كَمَا يَجُوزُ لِمَنْ أَسْكَنَ رَجُلًا دَارًا حَيَاتَهُ شِرَاءُ جَمِيعِ السُّكْنَى أَوْ بَعْضِهَا وَلَا يَدْفَعُ بِذَلِكَ ضَرَرًا قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا أَعْرَى إِلَّا لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَالْعَرِيَّةُ أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ مَا شَاءَ فَإِذَا كَانَ التَّمْرُ طَابَ قَالَ صَاحِبُ النَّخْلِ أَنَا أَكْفِيكُمْ سُقْيَهَا وَضَمَانَهَا وَلَكُمْ خَرْصُهَا تَمْرًا عِنْدَ الْجُذَاذِ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْجُذَاذِ قَالَ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُجَاوِزَ

ذَلِكَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ قَالَ وَتَجُوزُ الْعَرِيَّةُ فِي كُلِّ مَا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ نَحْوَ الْعِنَبِ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَلَا أَرَى لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا إلا ممن في الحائظ إِذَا كَانَ لَهُ تَمْرٌ بِخَرْصِهَا تَمْرًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ الْعَرِيَّةُ أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ تَمْرَ نَخْلَةٍ لَهُ أَوْ نَخَلَاتٍ فَيَمْلِكُهَا الْمُعْرَى ثُمَّ يَبْتَاعُهَا الْمُعْرِي مِنَ الْمَعْرَى بِمَا شَاءَ مِنَ التَّمْرِ وَلَا يَبْتَاعُهَا مِنْهُ بِخَرْصِهَا تَمْرًا إِلَّا الْمُعْرِي لِأَنَّ الرُّخْصَةَ فِيهِ وَرَدَتْ فَهَذِهِ جُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ لَهُ نَخْلَتَانِ فِي حَائِطِ رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْحَائِطِ أَنَا آخُذُهَا بِخَرْصِهَا إِلَى الْجُذَاذِ قَالَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ لِلْمُرْفَقِ يُدْخِلُهُ عَلَيْهِ يَعْنِي عل صَاحِبِ النَّخْلَتَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ كَرِهَ دُخُولَهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَكْفِيَهُ مؤونة السَّقْيِ فَهَذَا عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ وَلَا أُحِبُّهُ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ عَلَى خِلَافِ أَصْلِهِ فِي الْعَرِيَّةِ أَنَّهَا هِبَةٌ لِلثَّمَرَةِ وَأَنَّ الْوَاهِبَ هُوَ الَّذِي رَخَّصَ لَهُ فِي شِرَائِهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ هَذَا لَمْ يُوهَبْ لَهُ ثَمَرُ نَخْلٍ بَلْ هُوَ مَالِكُ رِقَابِ نَخْلٍ مِقْدَارُهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَ أُبِيحَ لَهُ بَيْعُ ثَمَرِهَا بِالْخَرْصِ إِلَى الْجُذَاذِ بِالتَّمْرِ وَهِيَ رِوَايَةٌ مَشْهُورَةٌ عَنْهُ بِالْمَدِينَةِ وَبِالْعِرَاقِ إِلَّا أَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ رَوَوْهَا عَنْ مَالِكٍ بِخِلَافِ شَيْءٍ مِنْ مَعْنَاهَا وَذَلِكَ أَنَّ الطَّحَاوِيَّ ذَكَرَهَا عَنِ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ عَنِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْعَرِيَّةَ النَّخْلَةُ وَالنَّخْلَتَانِ فِي حَائِطٍ لِغَيْرِهِ وَالْعَادَةُ بِالْمَدِينَةِ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ بِأَهْلِهِمْ فِي وَقْتِ الثِّمَارِ إِلَى حَوَائِطِهِمْ فَيَكْرَهُ صَاحِبُ النَّخْلِ الْكَثِيرِ دُخُولَ الْآخَرِ عَلَيْهِ فَيَقُولُ أَنَا أُعْطِيكَ خَرْصَ نَخْلَتِكَ تَمْرًا فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَمَا أَشْبَهَهَا عَنْ مَالِكٍ تُضَارِعُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ فِي الْعَرَايَا وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ إِجَازَةُ بَيْعِ مَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ يَدًا بِيَدٍ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِمَّنْ وُهِبَ لَهُ ثَمَرَةُ

نخلة أونخلات أَوْ فِيمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ حَائِطِهِ لِعِلَّةٍ أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةِ الرُّخْصَةِ عِنْدَهُ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ فَخَرَجَ ذَلِكَ عِنْدَهُ مِنَ الْمُزَابَنَةِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْمُزَابَنَةِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرُ حَدِيثِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالثَّمَرِ إِلَّا أَنَّهُ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا وَحَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا أَيْ يَأْكُلُهَا الَّذِينَ يَبْتَاعُونَهَا رُطَبًا قَالَ وَهُمْ أَهْلُهَا وَرُوِيَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ مَا يُوَضِّحُ تَأْوِيلَهُ هَذَا وَذَلِكَ أَنَّ مَحْمُودَ بْنَ لَبِيدٍ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَمَّا غَيْرُهُ قَالَ مَا عَرَايَاكُمْ هَذِهِ قَالَ فَسَمَّى رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ شَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ مَعَ النَّاسِ وَعِنْدَهُمْ فَضْلٌ مِنْ قُوتِهِ مِنَ التَّمْرِ فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا وَرَوَى الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْعَرِيَّةِ إذا بيعت وهي خسمة أَوْسُقٍ قَالَ فِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَائِزٌ وَالْآخَرُ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ إِلَّا مَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ يَلْزَمُهُ عَلَى أَصْلِ قَوْلِهِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَمَا زَادَ لِأَنَّهَا شَكٌّ وَأَصْلُ بَيْعِ الثمر في رؤوس النَّخْلِ بِالثَّمَرِ حَرَامٌ فَلَا يَحِلُّ مِنْهُ إِلَّا مَا اسْتُوفِيَتِ الرُّخْصَةُ فِيهِ وَذَلِكَ مَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمُزَنِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ الْمَالِكِيُّ وَاحْتَجَّ أَبُو الْفَرَجِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي الْأَرْبَعَةِ أَوْسُقٍ وَسَنَذْكُرُهُ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَا عَرِيَّةَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ فِي غَيْرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ الْخَرْصَ فِي ثَمَرَتِهَا وَأَنَّهُ لَا حَائِلَ دُونَ الْإِحَاطَةِ بِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا تُبَاعُ الْعَرِيَّةُ بِالتَّمْرِ إِلَّا بِأَنْ تُخْرَصُ الْعَرِيَّةُ كَمَا تُخْرَصُ لِلْعَشْرِ فَيُقَالُ فِيهَا الْآنَ رُطَبًا كَذَا وَإِذَا يَبِسَ كَانَ تَمْرًا كَذَا فَيُدْفَعُ مِنَ التَّمْرِ مكيلة

خَرْصِهَا تَمْرًا وَيَقْبِضُ النَّخْلَةَ بِتَمْرِهَا قَبْلَ أَنْ يفترقا فإن افترقا قبل دفعه فسدالبيع قَالَ وَيَبِيعُ صَاحِبُ الْحَائِطِ مِنْ كُلِّ مَنْ رُخِّصَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِالتَّمْرِ وَإِنْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ حَوَائِطِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي لَا ذَهَبَ عِنْدَهُ وَلَا وَرِقَ وَلَا عَرَضَ غَيْرَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَبِهِ حَاجَةٌ إِلَى الرُّطَبِ وَإِلَى الْعِنَبِ فَافْهَمْ وَقَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ فِي العريا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ وَاحْتَجَّ أَبُو ثَوْرٍ لِاخْتِيَارِهِ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ أَخْبَرَنَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا كَيْلَا يأكلها أهلا رُطَبًا هَكَذَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ أَرْدَفَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ بِحَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ يحيى ابن سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ ابن أَبِي حَثْمَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَحَكَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنْ تَفْسِيرِ الْعَرَايَا فَقَالَ أَنَا لَا أَقُولُ فِيهَا بِقَوْلِ مَالِكٍ وَأَقُولُ الْعَرَايَا أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ الْجَارَ أَوِ الْقَرَابَةَ لِلْحَاجَةِ وَالْمَسْكَنَةِ فَإِذَا أَعْرَاهُ إِيَّاهَا فَلِلْمُعْرَى أَنْ يَبِيعَهَا مِمَّنْ شَاءَ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَأَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا فَرَخَّصَ فِي شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ فَنَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ أَنْ تُبَاعَ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ مَنْ كُلِّ أَحَدٍ فَيَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ يَقُولُ بِبَيْعِهَا مِنَ الَّذِي أَعْرَاهَا إِيَّاهُ وَلَيْسَ هَذَا وَجْهَ الْحَدِيثِ عِنْدِي وَيَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ قَالَ وَكَذَلِكَ فَسَّرَهُ لِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ قَالَ الْأَثْرَمُ وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ الْعَرِيَّةُ فِيهَا مَعْنَيَانِ لَا يَجُوزَانِ فِي غَيْرِهَا فِيهَا أَنَّهَا رُطَبٌ بِتَمْرٍ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَفِيهَا أَنَّهَا تَمْرٌ بِثَمَرٍ يُعْلَمُ كَيْلُ التَّمْرِ وَلَا يُعْلَمُ كَيْلُ الثَّمَرِ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَهَذَا لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي الْعَرِيَّةِ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَإِذَا بَاعَ الْمُعْرِي الْعَرِيَّةَ أَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ

التَّمْرَ السَّاعَةَ أَوْ عِنْدَ الْجُذَاذِ قَالَ بَلْ يَأْخُذُ السَّاعَةَ قُلْتُ لَهُ إِنَّ مَالِكًا يَقُولُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ التَّمْرَ السَّاعَةَ حَتَّى يَجُذَّ قَالَ بَلْ يَأْخُذُ السَّاعَةَ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ كُلِّهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن عبد المؤن قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قال حدثنا الخضر ابن دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ فَذَكَرَهُ بِمِثْلِهِ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا فِي الْعَرَايَا قَوْلًا لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِصَحِيحِ الْأَثَرِ فِي ذَلِكَ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُعَرَّجَ عَلَيْهِ وَإِنْكَارُهُمْ لِلْعَرَايَا كَإِنْكَارِهِمْ لِلْمُسَاقَاةِ مَعَ صِحَّتِهَا وَدَفْعِهِمْ بِحَدِيثِ التَّغْلِيسِ إِلَى أَشْيَاءَ مِنَ الْأُصُولِ رَدُّوهَا بِتَأْوِيلٍ لَا مَعْنَى لَهُ فَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا الْعَرِيَّةُ هِيَ النَّخْلَةُ يَهَبُ صَاحِبُهَا تَمْرَهَا لِرَجُلٍ وَيَأْذَنُ لَهُ فِي أَخْذِهَا فَلَا يَفْعَلُ حَتَّى يَبْدُوَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ فَلَهُ مَنْعُهُ لِأَنَّهَا هِبَةٌ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ لِأَنَّ الْمُعْرَى لَمْ يَكُنْ مَلَكَهَا فَأُبِيحَ لِلْمُعْرِي أَنْ يُعَوِّضَهُ بِخَرْصِهَا تَمْرًا وَيَمْنَعَهُ وَهَذَا عَلَى أُصُولِهِمْ فِي الْهِبَاتِ أَنَّ لِلْوَاهِبِ مَنْعَ مَا وَهَبَ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ عِيسَى بْنُ أَبَانٍ الرُّخْصَةُ فِي ذَلِكَ لِلْمُعْرِي أَنْ يَأْخُذَ بَدَلًا مِنْ رُطَبٍ لَمْ يَمْلِكْهُ تَمْرًا وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْهُمْ الرُّخْصَةُ فِيهِ لِلْمُعْرَى لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ مُخْلِفًا لِوَعْدِهِ فَرُخِّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَأُخْرِجَ بِهِ مِنْ إِخْلَافِ الْوَعْدِ وَلَيْسَ لِلْعَرِيَّةِ عِنْدَهُمْ مَدْخَلٌ مِنَ الْبُيُوعِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ عِنْدَهُمْ أَنْ يَشْتَرِيَ ثَمَرَ الْعَرِيَّةِ غَيْرَ الْمُعْطِي وَحْدَهُ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْعَرِيَّةُ عِنْدَهُمْ هِبَةٌ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِحَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ أَصْحَابَ الْخَرْصِ أَنْ لَا يَخْرُصُوا الْعَرَايَا قَالَ وَالْعَرَايَا أَنْ يَمْنَحَ الرَّجُلُ مِنْ حَائِطِهِ رَجُلًا نَخْلًا ثُمَّ يَبْتَاعُهَا الَّذِي مَنَحَهَا إِيَّاهُ مِنَ الْمَمْنُوحِ يَخْرُصُهَا قَالُوا فَالْعَرِيَّةُ مِنْحَةٌ وَعَطِيَّةٌ لَمْ تُقْبَضْ فَلِذَلِكَ جَازَ فِيهَا هَذِهِ الرُّخْصَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْآثَارُ الصِّحَاحُ تَشْهَدُ بِأَنَّ الْعَرَايَا بِيعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فِي مِقْدَارٍ مَعْلُومٍ مُسْتَثْنًى مِنَ الْمَحْظُورِ فِي ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْوَصْفِ فِي الْعَرَايَا وَمُحَالٌ أَنْ يَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدٍ فِي بَيْعِ مَا لَمْ يَمْلِكْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِالتَّمْرِ وَالرُّطَبِ كَذَا قَالَ أَوِ الرُّطَبِ وَحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِالتَّمْرِ وَالرُّطَبِ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابن عمر عن زيد ابن ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي غَيْرِهَا قَالَ وَالْعَرَايَا الَّتِي تؤكل وروى مالك عن نافع عن بن عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا قَدْ أَوْضَحَتْ أَنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ فَلَا مَعْنًى لما خالفها

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ خَارِجَةَ عَنْ أَبِيهِ ذَكَرَ بَيْعَهَا بِالرُّطَبِ وَهُوَ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمْ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ جَائِزٌ بَيْعُهَا بِالرُّطَبِ خَرْصًا كَمَا يَجُوزُ بِالتَّمْرِ خَرْصًا قَالَ أَبُو عُمَرَ ذِكْرُ الرُّطَبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدْ جَعَلَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهْمًا وَجُعِلَ الْقَوْلُ بِهِ شُذُوذًا وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ بِحَدِيثِ يُونُسَ هَذَا قَالَ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ فُقَهَاءُ عُدُولٌ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِأَنَّ الرُّطَبَ بِالرُّطَبِ أَجْوَزُ فِي الْبَيْعِ مِنَ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ وَقَالَ آخَرُونَ وَهُمُ الْجُمْهُورُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالرُّطَبِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ حِينَئِذٍ تَرْتَفِعُ وَتَذْهَبُ وَأَيُّ ضَرُورَةٍ تَدْعُو إِلَى بَيْعِ رُطَبٍ بِرُطَبٍ لَا يُعْرَفُ أَنَّ ذَلِكَ مِثْلٌ بِمِثْلٍ وَكَيْفَ يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ الْمُزَابَنَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا وَلَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إِلَيْهَا وَالَّذِينَ أَجَازُوا بَيْعَهَا بِالرُّطَبِ جَعَلُوا الرُّخْصَةَ فِي الْعَرِيَّةِ أَنَّهَا وَرَدَتْ فِي الْمِقْدَارِ الْمُسْتَثْنَى رُخْصَةً لِمَنْ شَاءَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ إذا الضَّرُورَةُ لَمْ تُنَصَّ فِي الْحَدِيثِ قَالُوا وَمَنْ لَمْ يُرَاعِ الضَّرُورَةَ لَمْ يُخَالِفِ الْحَدِيثَ إِنَّمَا يُخَالِفُ تَأْوِيلَ مُخَالِفِهِ وَلَهُمْ فِي هَذَا اعْتِرَاضَاتٌ لَا وَجْهَ لِذِكْرِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الْعَرِيَّةَ بِالرُّطَبِ إِلَّا بَعْضَ أَصْحَابِ دَاوُدَ وَأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ مَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ هَذَا أَنْ يَأْخُذَ الْمُعْرَى الرُّطَبِ وَيُعْطِيَ خَرْصَهَا تَمْرًا عِنْدَ الْجُذَاذِ لِلْمُعْرِي وَهَذَا يَخْرُجُ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِهِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ يُونُسَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِالرُّطَبِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عن زَيْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرَ الرُّطَبِ أَيْضًا أَنْ كَانَ مَحْفُوظًا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحُمَيْدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِالرُّطَبِ لَمْ يُرْخِصْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْحُمَيْدِ كَاتِبُ الْأَوْزَاعِيِّ لَيْسَ بِالْحَافِظِ الْمُتْقِنِ وَلَا مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فَقَالَ فِيهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا لَمْ يَقُلْ بِالرُّطَبِ وَلَا بِالتَّمْرِ وَحَدِيثُ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِالتَّمْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا كَيْلًا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مِقْدَارِ الْعَرِيَّةِ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ فِي أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَقَالَ قَوْمٌ مِقْدَارُهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَقَالَ آخَرُونَ مِقْدَارُهَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَلَوْ بِأَقَلِّ مَا تَبَيَّنَ مِنَ النُّقْصَانِ وَحُجَّةُ الطَّائِفَتَيْنِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَقَالَ آخَرُونَ لَا تَجُوزُ الْعَرِيَّةُ فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْسُقٍ وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا فِي الْوَسْقِ وَالْوَسْقَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَالْأَرْبَعَةِ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ كَذَلِكَ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا صَدَقَةَ فِي الْعَرِيَّةِ قَالُوا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَمِمَّنْ أَجَازَهَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ نكرهه ففي الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَلَا نَنْسَخُهُ فِيهَا كَمَا نَنْسَخُهُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ والشافعي ومن ابتعهما فِي جَوَازِ الْعَرَايَا فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْسُقٍ إِذَا كَانَتْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ لِحَدِيثِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يَعْرِفُوا حَدِيثَ جَابِرٍ فِي الْأَرْبَعَةِ أَوْسُقٍ أَوْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَا يَعْرِفُهُ أَصْحَابُنَا وَهُمْ يُوجِبُونَ الزَّكَاةَ فِي الْحَوَائِطِ الْمُحْبَسَةِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَفِيمَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِمْ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ الْعَرِيَّةُ نَفْسُهَا صَدَقَةٌ فَلَا تَجِبُ فِيهَا صَدَقَةٌ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ هَذَا وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَوْلُ أَصْحَابِهِ أَيْضًا فِي زَكَاةِ الْعَرِيَّةِ وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذَاهِبِ أَنَّ زَكَاتَهَا عَلَى الْمُعْرِي إِذَا أَعْرَاهَا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا مَعَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِدَاوُدَ مُرْسَلٌ مِنْ وَجْهٍ مُتَّصِلٌ من وجه صحيح مالك عن داوود بْنِ الْحُصَيْنِ عَنِ الْأَعْرَجِ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي سَفَرِهِ إِلَى تَبُوكَ الْأَعْرَجُ هذا هو عبد الرحمان بن هرمز الأعرج مولى ربيعة بن الحرث بْنِ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ خِيَارِ التَّابِعِينَ تُوفِّيَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ يُكَنَّى أَبَا أيوب وهذا الحديث هَكَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ مُرْسَلًا إِلَّا أَبَا الْمُصْعَبِ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْمُبَارَكِ الصُّورِيَّ وَمُحَمَّدَ بْنَ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ ومطرف وَالْحُنَيْنِيَّ وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ دَاوُدَ الْمِخْرَاقِيَّ فَإِنَّهُمْ قَالُوا عن مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا حَدَّثَنَا خَلَفُ بن قاسم ابن سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عُتْبَةَ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن سعيد ابن بشر الرازي حدثنا سليمان بن داود ابن أَبِي الْغُصْنِ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ الْمِخْرَاقِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الظَّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي سَفَرِهِ إِلَى تَبُوكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ عِيسَى حَدَّثَنَا الْمَرْوَزِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ الْمِخْرَاقِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عَبْدِ الرحمان الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي سَفَرِهِ إِلَى تَبُوكَ وَحَدَّثَنَاهُ عبد الرحمان بن

يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْخَضِرِ قَالَ حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَثْمَةَ قَالَ حدثنا مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي سَفَرِهِ إِلَى تَبُوكَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عن داود بن الحصين عن عبد الرحمان أبن هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظهر العصر فِي سَفَرِهِ إِلَى تَبُوكَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحُنَيْنِيُّ عن مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي سَفَرِهِ إِلَى تَبُوكَ مُسْنَدًا قَالَ وَأَصْحَابُ مَالِكٍ جَمِيعًا عَلَى إِرْسَالِهِ عَنِ الْأَعْرَجِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُرَيْقِ بْنِ جَامِعٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ داوود بْنِ الْحُصَيْنِ عَنِ الْأَعْرَجِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي سَفَرِهِ إِلَى تَبُوكَ هَكَذَا حَدَّثَنَا بِهِ فِي الْمُوَطَّأِ أَبُو مُصْعَبٍ عَنْهُ مُرْسَلٌ وَكَذَلِكَ هُوَ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مُرْسَلٌ وذكر أحمد ابن خَالِدٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بين الظهر والعصر في سفره إلى تبوك مُسْنَدًا قَالَ وَأَصْحَابُ مَالِكٍ جَمِيعًا عَلَى إِرْسَالِهِ

عَنِ الْأَعْرَجِ فِي نُسْخَةِ يَحْيَى وَرِوَايَتِهِ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ وَضَّاحٍ طَرَحَ أَبَا هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ يَحْيَى لِأَنَّهُ رَأَى ابْنَ الْقَاسِمِ وَغَيْرَهُ مِمَّنِ انْتَهَتْ إِلَيْهِ رِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ أَرْسَلَ الْحَدِيثَ فَظَنَّ أَنَّ رِوَايَةَ يَحْيَى غَلَطٌ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ فَرَمَى أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَرْسَلَ الْحَدِيثَ فَإِنْ كَانَ فَعَلَ هَذَا فَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى عَلَى ذِي لُبٍّ وَقَدْ كَانَ لَهُ عَلَى يَحْيَى تَسَوُّرٌ فِي الْمُوَطَّأِ فِي بَعْضِهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ ذَلِكَ إِنْ صَحَّ أَنَّ رِوَايَةَ يَحْيَى لِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْإِسْنَادِ وَالِاتِّصَالِ وَإِلَّا فَقَوْلُ أَحْمَدَ وَهْمٌ مِنْهُ وَمَا أَدْرِي كَيْفَ هَذَا إِلَّا أَنَّ رِوَايَتَنَا لِهَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى مُرْسَلًا قَالَ كَانَ يَحْيَى قَدْ أَسْنَدَهُ كَمَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ فَقَدْ تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ وَأَبُو الْمُصْعَبِ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ وَالْحُنَيْنِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ الْمِخْرَاقِيُّ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُمْ وَقَدْ تَأَمَّلْتُ رِوَايَةَ يَحْيَى فِيمَا أَرْسَلَ مِنَ الْحَدِيثِ وَوَصَلَ فِي الموطأ فرأيتها اشد موافقة لرواية ابن الْمُصْعَبِ فِي الْمُوَطَّأِ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِهِ وَمَا رَأَيْتُ فِي رِوَايَةٍ فِي الْمُوَطَّأِ أَكْثَرَ اتِّفَاقًا مِنْهَا حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَاحِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُصْعَبِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي سَفَرِهِ إِلَى تَبُوكَ قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَمْ يُسْنِدْهُ عَنْ أَبِي الْمُصْعَبِ غَيْرَ جَعْفَرِ بْنِ صَبَّاحٍ وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ أَبِي الْمُصْعَبِ وَغَيْرِهِ مُرْسَلٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَهُوَ مَحْفُوظٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرِهِ إِلَى تَبُوكَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَغَيْرِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذٍ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ حَدِيثِ مَالِكٍ فِي بَابِ أَبِي الزُّبَيْرِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ وَقَدْ رُوِيَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقَيْنِ أَحَدُهُمَا زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عن أبي هريرة والاخر عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهٌ يُحْتَجُّ بِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ذَكَرَ جَمْعَهُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ قَرَأْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِنْ تَبُوكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاءُ محبوب ابن مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ

الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في عزوة تَبُوكَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ ابن مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَإِنِ ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعَصْرِ وَفِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِثْلُ ذَلِكَ إِنْ غَابَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَإِنِ ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى ينزل العشاء ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَلَى مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ

وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ حَدِيثِ الْمُفَضَّلِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إذاارتحل قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ فِي الْحَالِ الَّتِي لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَجْمَعَ فِيهَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَقْتَ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ وَوَضَّحْنَا وَجْهَ الصَّوَابِ فِيهِ عِنْدَنَا فِي بَابِ أَبِي الزُّبَيْرِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا

باب الراء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ بَابُ الرَّاءِ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَنِيُّ صَاحِبُ الرَّأْيِ مَدَنِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ وَاسْمُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرُّوخُ مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ التَّيْمِيِّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ وَمَوْلَى آلِ الْمُنْكَدِرِ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَا وَيُكْنَى رَبِيعَةَ أَبَا عُثْمَانَ وَقِيلَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَكَانَ أَحَدَ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ الثِّقَاتِ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ مَدَارُ الْفَتْوَى كَانَ أَكْثَرُ أَخْذِهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَقَدْ أَخَذَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسَائِرِ فُقَهَاءِ وَقْتِهِ وَأَدْرَكَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَرَوَى عَنْهُ

وَكَانَ يُذْكَرُ مَعَ جُلَّةِ التَّابِعِينَ فِي الْفَتْوَى بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ مَالِكٌ يُفَضِّلُهُ وَيَرْفَعُ بِهِ وَيُثْنِي عَلَيْهِ فِي الْفِقْهِ وَالْفَضْلِ عَلَى أَنَّهُ مِمَّنِ اعْتَزَلَ حَلْقَتَهُ لِإِغْرَاقِهِ فِي الرَّأْيِ وَكَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُثْنِي عَلَيْهِ أَيْضًا ذَكَرَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ أُمِّي وَلَدَتْ لِي أَخًا مِمَّنْ تَرَوْنَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِلَّا رَبِيعَةَ الرَّأْيِ وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ ذَهَبَتْ حَلَاوَةُ الْفِقْهِ مُذْ مَاتَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ

قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ كَانَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَجْلِسُ إِلَى الْقَاسِمِ ابن مُحَمَّدٍ فَكَانَ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ يَظُنُّهُ صَاحِبَ الْمَجْلِسِ يَغْلِبُ عَلَى صَاحِبِ الْمَجْلِسِ بِالْكَلَامِ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُصْعَبٌ قَالَ كَانَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ يَجْلِسُ إِلَى رَبِيعَةَ فَلَمَّا حَضَرَتْ رَبِيعَةَ الْوَفَاةُ قَالَ لَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ يَا أَبَا عُثْمَانَ إِنَّا قَدْ تَعَلَّمْنَا مِنْكَ وَرُبَّمَا جَاءَنَا مَنْ يَسْتَفْتِينَا فِي

الشَّيْءِ لَمْ نَسْمَعْ فِيهِ شَيْئًا فَنَرَى أَنَّ رَأْيَنَا لَهُ خَيْرٌ مِنْ رَأْيِهِ لِنَفْسِهِ فَنُفْتِيهِ فَقَالَ رَبِيعَةُ أَجْلِسُونِي فَجَلَسَ ثُمَّ قَالَ وَيْحَكَ يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ لِأَنْ تَمُوتَ جَاهِلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَقُولَ فِي شَيْءٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَا لَا لَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُصْعَبٌ قَالَ حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ إِذَا قَالَ مَالِكٌ وَعَلَيْهِ أَدْرَكْتُ أَهْلَ بَلَدِنَا وَأَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا وَالْأَمْرَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فَإِنَّهُ يُرِيدُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنَ هُرْمُزَ قَالَ مُصْعَبٌ وَمَاتَ رَبِيعَةُ فِي سُلْطَانِ بَنِي هَاشِمٍ قَدِمَ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ السَّفَّاحِ وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ الْمَالِكِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَهْلَوَيْهِ عَنِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ خَالِي مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ كَانَتْ أُمِّي تُلْبِسُنِي الثِّيَابَ وَتَعُمِّمُنِي وَأَنَا صَبِيٌّ وَتُوَجِّهُنِي إِلَى رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَتَقُولُ يَا بُنَيَّ ائْتِ مَجْلِسَ رَبِيعَةَ فَتَعَلَّمْ مِنْ سَمْتِهِ وَأَدَبِهِ قَبْلَ أَنْ تَتَعَلَّمَ مِنْ حَدِيثِهِ وفقهه

وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ابْنَ هُرْمُزَ قَالَ فِي رَبِيعَةَ إِنَّهُ لَفَقِيهٌ فِي حِكَايَةٍ ذَكَرَهَا وَقَالَ مَالِكٌ وَجَدْتُ رَبِيعَةَ يَوْمًا يَبْكِي فَقِيلَ لَهُ مَا الَّذِي أَبْكَاكَ أَمُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِكَ فَقَالَ لَا وَلَكِنْ أَبْكَانِي أَنَّهُ اسْتُفْتِيَ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ وَقَالَ لَبَعْضُ من يفتى ها هنا أَحَقُّ بِالسِّجْنِ مِنَ السَّارِقِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ أَخْبَارُهُ الْحِسَانُ وَقَدْ ذَمَّهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ لِإِغْرَاقِهِ فِي الرَّأْيِ فَرَوَوْا فِي ذَلِكَ أَخْبَارًا قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يَرْضَوْنَ عَنْ رَأْيِهِ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُ يُوجَدُ لَهُ بِخِلَافِ السَّنَدِ الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّسِعْ فِيهِ فَضَحَهُ فِيهِ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ أَبُو الزِّنَادِ مُعَادِيًا لَهُ وَكَانَ أَعْلَمَ مِنْهُ وَكَانَ رَبِيعَةُ أَوْرَعَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ تُوُفِّيَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِالْمَدِينَةِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي آخِرِ خِلَافَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّفَّاحِ وَكَانَ ثِقَةً فَقِيهًا جَلِيلًا

لِمَالِكٍ عَنْهُ مِنْ مَرْفُوعَاتِ الْمُوَطَّأِ اثْنَا عَشَرَ حَدِيثًا مِنْهَا خَمْسَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَمِنْهَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَاحِدٌ مُرْسَلٌ وَمِنْهَا مِنْ بَلَاغَاتِهِ ستة أحاديث

حديث اول لربيعة متصل مسند

حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِرَبِيعَةَ مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَا بِالْقَصِيرِ وَلَا بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ وَلَا بِالْآدَمِ وَلَا بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبْطِ بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ فَالْبَائِنُ هُوَ الْبَعِيدُ الطُّولِ الْمُشْرِفُ الْمُتَفَاوِتُ وَالْبَوْنُ وَالْبَيْنُ الْبُعْدُ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ ... وَمَا هَاجَ هَذَا الشَّوْقَ إِلَّا حَمَامَةٌ ... مُطَوَّقَةٌ قَدْ بَانَ عَنْهَا قَرِينُهَا ... ... أَيْ بَعُدَ قَرِينُهَا عنها

وَقَالَ زُهَيْرٌ ... ... بَانَ الْخَلِيطُ وَلَمْ يَأْوُوا لِمَنْ تركوا ... وقال جرير ... بان الخليط ولو طووعت مَا بَانَا ... ... وَقَالَ الْأَخْفَشُ الْبَائِنُ هُوَ الطَّوِيلُ الَّذِي يَضْطَرِبُ مِنْ طُولِهِ وَهُوَ عَيْبٌ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ يَقُولُ فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ الامهق فإن ابن وهب وغيره قالوا المهق البياض الشَّدِيدُ الَّذِي لَيْسَ بِمُشْرِقٍ وَلَا يُخَالِطُهُ شَيْءٌ مِنَ الْحُمْرَةِ يَخَالُهُ النَّاظِرُ إِلَيْهِ بَرَصًا يَقُولُ فَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ وَصَفَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ أَحْسَنُ النَّاسِ لَهُ صِفَةً فَقَالَ كَانَ أَبْيَضَ مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ وَقَالَ بَعْضُ الْأَعْرَابِ ... أَمَا تَبَيَّنْتَ بِهَا مِهَقَّةً ... تَنْبُو بِقَلْبِ الشَّيِّقِ الْعَازِمِ ... وَأَمَّا قَوْلُهُ لَيْسَ بِالْآدَمِ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَيْسَ بِأَسْمَرَ وَالْأُدْمَةُ السُّمْرَةُ وَالْقَطَطُ هُوَ الشَّدِيدُ الْجُعُودَةِ مِثْلَ شَعْرِ الْحَبَشِ وَالسَّبْطُ الْمُرْسَلُ الشَّعْرِ الَّذِي لَيْسَ فِي شَعْرِهِ شَيْءٌ مِنَ التَّكْسِيرِ يَقُولُ فَهُوَ جَعْدٌ رَجِلٌ كَأَنَّهُ دَهْرَهُ قَدْ رَجَّلَ شَعْرَهُ يعني مشط

وَأَمَّا قَوْلُهُ بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ فَمُخْتَلَفٌ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا نَحْنُ ذَاكِرُوهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ فَمُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي مَقَامِهِ بِمَكَّةَ فَحَدِيثُ رَبِيعَةَ عَنْ أَنَسٍ عَلَى مَا تَرَى أن س تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ وَرَوَاهُ عَنْ رَبِيعَةَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَعُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ كُلُّهُمْ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ أَنَسٍ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءٌ وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ رَبِيعَةَ هَذَا عَنْ أَنَسٍ ثُمَّ أَتْبَعَهُ فَقَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ صَاحِبٌ لَنَا قَالَ حَدَّثَنِي أبو غسان

مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ زُنَيْجٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ زَائِدَةَ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ أَنَسِ ابن مَالِكٍ قَالَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً وَأَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً وَعُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً قَالَ الْبُخَارِيُّ وَهَذَا عِنْدِي أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ رَبِيعَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ عَائِشَةَ وَمُعَاوِيَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ كُلُّهُمْ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابن ثلاث وستين ولم يختلف عن عائشة وَمُعَاوِيَةَ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ وَجَاءَ عَنْ أَنَسٍ مَا ذَكَرَ رَبِيعَةُ عَنْهُ وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ وَهُوَ ثِقَةٌ عَنْ أَنَسٍ مَا يُوَافِقُ مَا قَالُوا فَقَطَعَ الْبُخَارِيُّ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُنْفَرِدَ أَوْلَى بِإِضَافَةِ الْوَهْمِ إِلَيْهِ مِنَ الْجَمَاعَةِ وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ الْإِسْنَادِ فَحَدِيثُ رَبِيعَةَ أَحْسَنُ إِسْنَادًا فِي ظَاهِرِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ بَانَ مِنْ بَاطِنِهِ مَا يُضَعِّفُهُ وَذَلِكَ مُخَالَفَةُ أَكْثَرِ الْحُفَّاظِ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا وَجْهُ قَوْلِ الْبُخَارِيِّ وَإِلَّا فَلَا أَعْلَمُ لَهُ وَجْهًا وَقَدْ تَابَعَ رَبِيعَةَ عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ أَنَسٍ نَافِعٌ أَبُو غَالِبٍ وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً

قَالَ الْبُخَارِيُّ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْقَصَبِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَبُو غَالِبٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَشْرًا بَعْدَ أَنْ بُعِثَ وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْقَصَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَبُو غَالِبٍ قَالَ قُلْتُ لِأَنَسٍ يَا أَبَا حَمْزَةَ كَمْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُبِضَ قَالَ سِتُّونَ سَنَةً وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عن أنس قال نبىء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَمَكَثَ بِمَكَّةَ عَشْرًا وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً وَأَشْهُرٍ وَذَكَرَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نُبِّئَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمِمَّنْ قَالَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ بُعِثَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً قُبَاثُ بْنُ أَشْيَمَ قَالَ نُبِّئَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ مِنْ عَامِ الْفِيلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ أَنَّهُ وُلِدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَامَ الْفِيلِ إِذْ سَاقَهُ الْحَبَشَةُ إِلَى مَكَّةَ يَغْزُونَ الْبَيْتَ وَرَوَى هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ وهو قول

عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ رَوَاهُ عَنْ عُرْوَةَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَكَانَ عُرْوَةُ يَقُولُ إِنَّهُ أَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا وَأَنْكَرَ قَوْلَ مَنْ قَالَ أَقَامَ بِهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَوْلُهُ كَرِوَايَةِ رَبِيعَةَ سَوَاءٌ وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونبئ صلى الله عليه وسلم الاربعين ثُمَّ وُكِّلَ بِهِ إِسْرَافِيلُ ثَلَاثَ سِنِينَ قُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ فَكَانَ يُعَلِّمُهُ الْكَلِمَةَ وَالشَّيْءَ وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ فَلَمَّا مَضَتْ ثَلَاثُ سِنِينَ قُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ جِبْرِيلُ فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ عِشْرِينَ سَنَةً هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نُبِّئَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّهُ بُعِثَ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ هُشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ خِلَافَ مَا رَوَاهُ هشام ابن حَسَّانَ وَقَالَهُ أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَأَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً خَالَفَ الْقَوَارِيرِيَّ عَارِمٌ فِي هَذَا الْخَبَرِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ فِيهِ أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً

وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِثْلَ رِوَايَةِ الْقَوَارِيرِيِّ وَهُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعَافِرِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ نُبِّئَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أنس غير قُرَّةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مُكْثُهُ بِمَكَّةَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي قَوْلِ أَنَسٍ مِنْ رِوَايَةِ رَبِيعَةَ وَأَبِي غَالِبٍ أَنَّهُ مَكَثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَكَذَلِكَ رَوَى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَابْنِ شِهَابٍ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَكَذَلِكَ رَوَى هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يَنْزِلُ

عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبَّوَيْهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ قُلْتُ لِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ كَمْ لَبِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ قَالَ عَشْرًا قُلْتُ فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ بِضْعَ عَشْرَةَ قَالَ إِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ وَرَوَى هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مَكَثَ بِمَكَّةَ بَعْدَ مَا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَذَلِكَ رَوَى أَبُو حَمْزَةَ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَقَالَ أَبُو قَيْسٍ صِرْمَةُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ الْأَنْصَارِيُّ فِي أَبْيَاتٍ يَفْخَرُ بِمَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ صُحْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُصْرَتِهِ لَهُ ... ثَوَى فِي قُرَيْشٍ بِضْعَ عَشْرَةَ حِجَّةً ... يُذَكِّرُ لَوْ يَلْقَى صَدِيقًا مُوَاتِيًا ... فِي أَبْيَاتٍ قَدْ ذَكَرْتُهَا بِتَمَامِهَا فِي بَابِ صِرْمَةَ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ

وَأَمَّا سِنُّهُ فِي حِينِ وَفَاتِهِ فَفِي حَدِيثِ رَبِيعَةَ وَأَبِي غَالِبٍ عَنْ أَنَسٍ إِنَّهُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابْنُ سِتِّينَ وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَرَوَى حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ خمس وستين ذكره أحمد بن زهير عن الْمُثَنَّى بْنِ مُعَاذٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ حُمَيْدٍ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ دَغْفَلٍ النَّسَّابَةِ وَهُوَ دَغْفَلُ بْنُ حَنْظَلَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبِضَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَلَمْ يُدْرِكْ دَغْفَلٌ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَلَا نَعْرِفُ لِلْحَسَنِ سَمَاعًا مِنْ دَغْفَلٍ

قَالَ الْبُخَارِيُّ وَرَوَى عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً قَالَ الْبُخَارِيُّ وَلَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ إلا شيء رواه العلاء ابن صَالِحٍ عَنِ الْمِنْهَالِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَخَمْسَ سِنِينَ وَأَشْهُرًا وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ الْعَلَاءُ وَهُوَ شَيْءٌ لَا أَصْلَ لَهُ قَالَ وَرَوَى عِكْرِمَةُ وَأَبُو ظَبْيَانَ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبِضَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنْ أَحْمَدَ بن حنبل عن هشيم عن علي ابن زَيْدٍ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَا وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا غَيْرَهُ لِقَوْلِ الْبُخَارِيِّ إِنَّهُ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُمْ رَوَوْا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ فَكَمَا ذَكَرَ وَقَدْ رَوَى أَبُو حَمْزَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنْ عَائِشَةَ وَمُعَاوِيَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَأَمَّا حَدِيثُ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ فَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَقَامَ بِمَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَقُبِضَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ يُونُسَ عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ابْنُ كَمْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا لَشَدِيدٌ عَلَى مِثْلِكَ أَلَا تَعْلَمُ مِثْلَ هَذَا فِي قَوْمِكَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ ورواه حماد ابن سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ فَالِاخْتِلَافُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا قَوِيٌّ لِأَنَّ عَمَّارَ بْنَ أَبِي عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ مِنْ رِوَايَةِ الْعَلَاءِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْمِنْهَالِ عَنْ سَعِيدٍ وَيُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ كُلُّهُمُ اتَّفَقُوا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً وَرَوَى أَبُو سَلَمَةَ وَعِكْرِمَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَأَبُو حَمْزَةَ وَأَبُو حَصِينٍ وَمِقْسَمٌ وَأَبُو ظَبْيَانَ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ

كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَقَدْ رَوَى مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ مُعَاذٍ هَكَذَا وَذَكَرَهُ الْمُسْتَمْلِي عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ دَغْفَلِ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بن أصبغ قال حدثنا اسمعيل بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ إِسْحَاقُ أَخْبَرَنِي أَبِي وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ كِلَاهُمَا عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عروة عن عائشة قالت تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ

قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عروني عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مثل ذلك

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ جَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا أَنِّي أَعْجَبُ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُرْوَةَ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا عَنْهُ وَمَا أَدْرِي كَيْفَ هَذَا

وَرَوَى شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَعَامِرُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ وَسَعِيدُ ابن الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيُّ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كُلُّ مَنْ قَالَ تُنُبِّئَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكُلُّ مَنْ قَالَ بُعِثَ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا وَهُوَ الَّذِي يَسْكُنُ إِلَيْهِ الْقَلْبُ فِي وَفَاتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ وُلِدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ بِمَكَّةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ عَامَ الْفِيلِ وَأَنَّ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ أَوَّلُ يَوْمٍ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فِيهِ وَأَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة ص وَرَوَى كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عشرة سنة وبالدينة عَشْرًا وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَا فِي ذَلِكَ عندي والله أعلم وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ عُمَرَ أَبُو الْمَيْمُونِ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَصَدَّقَ ذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَأَمَّا شَيْبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكْثَرُ الْآثَارِ على نحو

حَدِيثِ رَبِيعَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي تَقْلِيلِ شَيْبِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ فِي عَنْفَقَتِهِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَخْضِبُ وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يَخْضِبْ وَلَمْ يَبْلُغْ مِنَ الشَّيْبِ مَا يَخْضِبُ لَهُ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي بَابِ حَدِيثِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ إِمْلَاءً قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَأَلْتُ أَوْ سُئِلَ أَنَسٌ هَلْ خَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمْ يُدْرِكِ الْخِضَابَ وَلَكِنْ خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمِنْهُمُ الْمُطَوِّلُ وَمِنْهُمُ الْمُقْتَصِدُ وَمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَى ذَلِكَ تَأَمَّلَهُ فِي كِتَابِ أَحْمَدَ بْنِ زُهَيْرٍ وَغَيْرِهِ

وَأَحْسَنُ النَّاسِ لَهُ صِفَةً فِي اخْتِصَارٍ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عدي وزهير ابن عَبَّادٍ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى غُفْرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ مِنْ وَلَدِ عَلِيٍّ قَالَ كَانَ عَلِيٌّ إِذَا نَعَتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ الْمُمَّغِطِ وَلَا بِالْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ وَكَانَ ربعة من

الْقَوْمِ وَلَمْ يَكُنْ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبْطِ كَانَ جَعْدًا رَجِلًا وَلَمْ يَكُنْ بِالْمُطَهَّمِ وَلَا بِالْمُكَلْثَمِ وَكَانَ فِي الْوَجْهِ تَدْوِيرٌ أَبْيَضُ مَشْرَبٌ حُمْرَةً أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ أَهْدَبُ الْأَشْفَارِ جَلِيلُ الْمُشَاسِ والكتد أجرد ذو مسربة شئن الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ إِذَا مَشَى تَقَلَّعَ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صَبَبٍ وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ مَعًا بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ وَهُوَ

خَاتَمُ النَّبِيئِينَ أَجْوَدُ النَّاسِ كَفًّا وَأَجْرَؤُ النَّاسِ صَدْرًا وَأَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً وَأَوْفَى النَّاسِ بِذِمَّةٍ وَأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً وَأَكْرَمُهُمْ عِشْرَةً مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ يَقُولُ نَاعِتُهُ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ الْمُمَّغِطُ هُوَ الطَّوِيلُ الْمَدِيدُ وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَرَسُ الْمُطَهَّمُ التام الخلق وقال أبو عبيد المشاش رؤوس العظام وقال الخليل الكثد مَا بَيْنَ الثَّبَجِ إِلَى مُنْتَصَفِ الْكَاهِلِ مِنَ الظَّهْرِ وَالْمَسْرُبَةُ شَعَرَاتٌ تَتَّصِلُ مِنَ الصَّدْرِ إِلَى السرة

حديث ثان لربيعة متصل مسند

حَدِيثٌ ثَانٍ لِرَبِيعَةَ مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَنْظَلَةَ ابن قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نهى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ قَالَ حَنْظَلَةُ فَسَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ قَالَ أَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ فَلَا بَأْسَ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي كِرَاءِ الْمَزَارِعِ فَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَمَالُوا إِلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ قَالُوا إِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَغَيْرِهِ خِلَافُ مَا حَكَاهُ رَبِيعَةُ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْهُ مِنْ تأويله

هَذَا وَذَكَرُوا أَنَّ أَحَادِيثَ رَافِعٍ فِي ذَلِكَ مُضْطَرِبَةُ الْأَلْفَاظِ مُخْتَلِفَةُ الْمَعَانِي وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ اسمعيل بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَرَّانِيُّ بِحَرَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ عَنْ مَطَرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال من كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيُزْرِعْهَا وَلَا يواجرها وحدثنا اسمعيل أيضا قال حدثنا محمد ابن الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَكْحُولٍ الْبَيْرُوتِيُّ بِبَيْرُوتَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْرٍ عِيسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّحَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ سَوَاءً مَرْفُوعًا

قَالُوا فَهَذَا جَابِرٌ يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيَ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ جَابِرٍ فِي ذَلِكَ كَمَا اخْتُلِفَ عَنْ رَافِعٍ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ عَنْ رَافِعٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيُزْرِعْهَا أَخَاهُ أَوْ لِيَدَعْهَا وَذَكَرَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ مِنْ حَدِيثِ رَافِعٍ مَا رَوَاهُ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُكْرِي أَرْضَهُ حَتَّى بَلَغَهُ أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ كَانَ يَنْهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ فَتَرَكَ ابْنُ عُمَرَ كِرَاءَ الْأَرْضِ وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ هَكَذَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جُوَيْرِيَةُ وَحْدَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ فَقَالَ سَالِمٌ أَخْبَرَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَّ عَمَّيْهِ وَكَانَا شَهِدَا بَدْرًا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نهى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ فَتَرَكَ عَبْدُ اللَّهِ كِرَاءَهَا وَكَانَ يُكْرِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَالَّذِي فِي الْمُوَطَّأِ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ فَقُلْتُ أَرَأَيْتَ الْحَدِيثَ الَّذِي يُذْكَرُ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَقَالَ أَكْثَرَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَلَوْ كَانَتْ لِي أَرْضٌ أَكْرَيْتُهَا هَكَذَا هُوَ في الموطأ لمالك عَنْ أَبِي شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ قَوْلَهُ وَرَوَاهُ جُوَيْرِيَةُ مَرْفُوعًا وَقَدْ رَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عمر مثله

وَلَمَّا كَانَ سَالِمٌ يَذْهَبُ إِلَى إِجَازَةِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَلَمْ يَحْمِلْ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كراء المزراع عَلَى الْعُمُومِ اعْتَرَضَهُ ابْنُ شِهَابٍ بِحَدِيثِ رَافِعٍ وَالْقَوْلُ بِظَاهِرِهِ فَقَالَ سَالِمٌ أَكْثَرَ رَافِعٌ فِي حَمْلِهِ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَمَنْعِهِ مِنْ كِرَائِهَا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ لِأَنَّ الْمَعْنَى عِنْدَ سَالِمٍ وَطَائِفَةٍ من العلماء كان في النَّهْيُ عَنْ كِرَائِهَا لِوُجُوهٍ سَنَذْكُرُهَا مُفَسَّرَةً بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهَا أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرُونَهَا بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمِنْهَا قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْ رَافِعٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ قَوْمٌ قَدْ تَشَاجَرُوا وَتَقَاتَلُوا فِي كِرَاءِ الْمَزَارِعِ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَيْسَ الْحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا عُمُومِهِ وَأَنَّهُ لِمَعْنَى مَا قَدَّمْنَا قَدِ اعْتَقَدَهُ كُلُّ فَرِيقٍ فِيهِ فَلِهَذَا قَالَ سَالِمٌ أَكْثَرَ رَافِعٌ يَعْنِي فِي حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيْ حَجَرَ مَا قَدْ وَسَّعَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَتَأَوَّلَ مَا يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَافِعٍ إِجَازَةُ كِرَائِهَا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قال حدثنا اسمعيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُكْرِي أَرْضَهُ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِهَا بَلَغَهُ أَنَّ رَافِعًا يُحَدِّثُ فِي ذَلِكَ بِنَهْيِ

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ وَأَنَا مَعَهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ نَعَمْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كراء المزارع فتركها بن عُمَرَ بَعْدُ قَالُوا وَهَذَا أَيْضًا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْعُمُومِ وَمَا رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي عُفَيْرٍ أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ كَانَ يَقُولُ مَنَعَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُكْرِيَ الْمَحَاقِلَ وَالْمَحَاقِلُ فُضُولٌ يَكُونُ مِنَ الْأَرْضِ وَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعَهُ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِجَارَةِ الْأَرْضِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ طَاوُسٌ الْيَمَانِيُّ فَقَالَ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَلَا بِالْوَرِقِ وَلَا بِالْعُرُوضِ وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَيْسَانَ فَقَالَ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ قَالَ لِأَنَّهَا إِذَا اسْتُؤْجِرَتْ وَحَرَثَهَا الْمُسْتَأْجِرُ وَأَصْلَحَهَا لَعَلَّهُ أَنْ يُحْرَقَ زَرْعُهُ فَيَرُدَّهَا وَقَدْ زَادَتْ فَانْتَفَعَ رَبُّ الْأَرْضِ وَلَمْ يَنْتَفِعِ الْمُسْتَأْجِرُ فَمِنْ هُنَاكَ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ آخَرُونَ جَائِزٌ كِرَاءُ الْأَرْضِ لِمَنْ شَاءَ وَلَكِنَّهُ لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَذَكَرُوا فِي إباحة

كِرَاءِ الْأَرْضِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إسحق عن أبي عبيدة ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَغْفِرُ اللَّهُ لرافع ابن خَدِيجٍ أَنَا وَاللَّهِ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْهُ إِنَّمَا أَتَاهُ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ قَدِ اقْتَتَلَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا شَأْنُكُمْ فَلَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ فَسَمِعَ قَوْلَهُ لَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسحق وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا يَزْرَعُ ثَلَاثَةٌ رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ فَهُوَ يَزْرَعُهَا وَرَجُلٌ مُنِحَ

أَرْضًا فَهُوَ يَزْرَعُ مَا مُنِحَ وَرَجُلٌ اكْتَرَى بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَبَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَقَالَ بَكْرٌ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَذَكَرَهُ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ مِثْلَهُ قَالُوا فَلَا يَجُوزُ أَنَّ يُتَعَدَّى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْبَيَانِ وَالتَّوْقِيفِ وَلِأَنَّ رَافِعًا بِذَلِكَ كَانَ يُفْتِي أَلَا تَرَى مَا ذَكَرَهُ رَبِيعَةُ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْهُ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ أَحَادِيثُ رَافِعٍ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ مضطربة وأحسنها حديث حديث يعلى بن حكيم عن سليمان ابن يَسَارٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ

وَقَالَ آخَرُونَ جَائِزٌ أَنْ تُكْرَى الْأَرْضُ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ حَاشَا الطَّعَامِ وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من كانت له أرض فيلزرعها أَوْ لِيُزْرِعْهَا أَخَاهُ وَلَا يُكْرِيهَا بِثُلُثٍ وَلَا رُبُعٍ وَلَا طَعَامٍ مُسَمًّى ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ وَذَكَرَهُ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ إِنِّي سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ فَذَكَرَهُ وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَأَلَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهَا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا عَنْهُمْ وَعَنْ

غَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي بَابِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالُوا فَقَدْ حُجِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ الْمَعْلُومِ وَذَكَرُوا نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المحاقلة وقد تألووا فِي ذَلِكَ أَنَّهَا اسْتِكْرَاءُ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُخَابَرَةِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ فِي بَابِ دَاوُدَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ ها هنا وإنما ذكرنا ها هنا اخْتِلَافَ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ وَجُمْلَةَ الْأَقَاوِيلِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَ آخَرُونَ جَائِزٌ أَنْ تُكْرَى الْأَرْضُ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالطَّعَامِ كُلِّهِ وَسَائِرِ الْعُرُوضِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا وَكُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِشَيْءٍ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةً فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ مَا لَمْ يَكُنْ مَجْهُولًا وَلَا غَرَرًا وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَاجِرُونَ بِهَا عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ فَيَهْلِكُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا وَيَهْلِكُ هَذَا وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إِلَّا هَذَا فَلِذَلِكَ زَجَرَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا بشيء مضمون مَعْلُومٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ

قَالُوا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِجَازَةُ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِكُلِّ شَيْءٍ مَعْلُومٍ وَإِنَّمَا النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يُجْهَلَ الْبَدَلُ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَى اللَّيْثُ عَنْ رَبِيعَةَ مِثْلَهُ قَالَ وَرِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حَنْظَلَةَ نَحْوَهُ مِثْلُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي حَنْظَلَةُ بْنُ قَيْسٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يَقُولُ كُنَّا أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ وَأَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَقْلًا وَكُنَّا نَقُولُ لِلَّذِي نُخَابِرُهُ وَنُكْرِي مِنْهُ الْأَرْضَ لَكَ هَذِهِ الْقِطْعَةُ وَلَنَا هَذِهِ فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ وَلَمْ تُخْرَجْ هَذِهِ شَيْئًا فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَأَمَّا بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ فَلَمْ يَنْهَنَا دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ قِيلَ لِابْنِ عُيَيْنَةَ إِنَّ مَالِكًا يَرْوِي هذا الحديث عن ربيع فَقَالَ وَمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ وَمَا

يَرْجُو مِنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَحْفَظُ مِنْهُ وَقَدْ حَفِظْنَاهُ عَنْهُ وَرِوَايَةُ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ مُوَافِقَةٌ لِرِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرِوَايَةُ مَالِكٍ مُخْتَصَرَةٌ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا كَانَ مَخْرَجُهُ مِنْ أَجْلِ الْمُخَابَرَةِ وَجَهْلِ الْإِجَارَةِ وَذَلِكَ أَيْضًا بَيِّنٌ فِيمَا ذَكَرَ الْحُمَيْدِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ كنانخابر وَلَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا حَتَّى زَعَمَ رَافِعُ بن خديج أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ فَتَرَكْنَا ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِ فَقَدْ بَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَبَانَ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الْمُخَابَرَةِ وَهِيَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَمَضَى الْقَوْلُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ وَالْآثَارِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ ابن زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ كُنَّا لَا نَرَى بِالْخَبْرِ بَأْسًا حَتَّى كَانَ عَامُ أَوَّلَ فَزَعَمَ رَافِعٌ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ قَالُوا وَالْخَبْرُ الْمُخَابَرَةُ وَهِيَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا

تُخْرِجُهُ عَلَى سُنَّةِ خَيْبَرَ وَذَلِكَ مَنْسُوخٌ وَقَدْ بَانَ نَسْخُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا أَنَّ حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ إِنَّمَا مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنِ الْمُزَارِعَةِ وَهِيَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ بِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد ابن إسمعيل التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نهى عن الْمُزَارِعَةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ قال أتانا رافع ابن خَدِيجٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَاكُمْ عَنِ الْحَقْلِ

وَالْحَقْلُ الْمُزَارِعَةُ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَهُوَ مَعْنَى حَدِيثِ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُزَارِعَةِ وَعَلَّلُوا حَدِيثَ جَابِرٍ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى النَّدْبِ وَأَنَّ مَطَرًا الْوَرَّاقَ قَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ فِيهِ فَرَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ لِرِجَالٍ هُنَا فُضُولُ أَرَضِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانُوا يُوَاجِرُونَهَا عَلَى النِّصْفِ وَالثُّلُثِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كانت له أرض فليزرعها أو لمينحها أَخَاهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ فَقَالُوا فَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا خَرَجَ عَنِ الْمُزَارَعَةِ والمخابرة وذلك كراء الأراض بِبَعْضِ مَا تُخْرِجُهُ وَكَذَلِكَ رَوَى أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَأْخُذُ الْأَرَضِينَ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَبِالْمَاذِيَانِ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ

قَالُوا وَأَمَّا بِالطَّعَامِ الْمَعْلُومِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ كَسَائِرِ الْعُرُوضِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَكَرَاءِ الدَّارِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ آخَرُونَ أَحَادِيثُ رَافِعٍ فِي هَذَا الْبَابِ لَا يَثْبُتُ مِنْهَا شَيْءٌ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا لِاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهَا وَاضْطِرَابِهَا وَكَذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ قَالُوا وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ ذلك على نحو ما رواه سعيد ابن الْمُسَيَّبِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ كان الناس يكرون المرزاع بِمَا يَكُونُ عَلَى السَّوَاقِي وَبِمَا يُنْبِتُهُ الْمَاءُ حَوْلَ الْبِئْرِ فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يزيد بن هرون قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عن

مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ سَعْدٍ قَالَ كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ بِمَا عَلَى السَّوَاقِي فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذَلِكَ وَأَمَرَنَا أَنَّ نُكْرِيَهَا بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ وَهَذَا عَلَى نَحْوِ مَا قَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ رَافِعٍ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ لَكَ هَذِهِ الْقِطْعَةُ وَلِي هَذِهِ فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ وَرُبَّمَا لَمْ تُخْرِجْ هَذِهِ وَمِثْلُهُ مَا رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ رَافِعٍ وَذَلِكَ كُلُّهُ مَجْهُولٌ وَغَرَرٌ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَى مِثْلِهِ فِي الشَّرِيعَةِ للجهل به قالوا فاما بالثلث والربع والجزء المعلوم فجائر لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ فِي قِصَّةِ خَيْبَرَ إِذْ أَعْطَاهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودَ عَلَى نِصْفِ مَا تُخْرِجُ أَرْضُهَا وَثَمَرَتُهَا

وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أَعْطَى خَيْبَرَ الْيَهُودَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا خَرَجَ مِنْهَا وَرَوَى أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابن عمر قَالَ عَامَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ زَرْعٍ أَوْ تَمْرٍ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ صَحِيحُ الْأَثَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ بِذِكْرِ الْقَائِلِينَ بِهَذِهِ الْأَقَاوِيلِ وَبِمَعْنَى اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ حَدِيثِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

حديث ثالث لربيعة بن أبي عبد الرحمن مسند صحيح

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ كَانَتْ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ وَكَانَتْ إِحْدَى السُّنَنِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا عتقت فَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا وَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْبُرْمَةُ تَفُورُ بِلَحْمٍ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ أَرَ الْبُرْمَةَ فِيهَا لَحْمٌ فَقِيلَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي تَشْقِيقِ مَعَانِي الْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ في قصة

بَرِيرَةَ وَتَفْتِيقِهَا وَتَخْرِيجِ وُجُوهِهَا فَلِمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ فِي ذَلِكَ كِتَابٌ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ خُزَيْمَةَ فِي ذَلِكَ كِتَابٌ وَلِجَمَاعَةٍ فِي ذَلِكَ أَبْوَابٌ أَكْثَرُ ذَلِكَ تَكَلُّفٌ وَاسْتِنْبَاطٌ وَاسْتِخْرَاجٌ مُحْتَمَلٌ وَتَأْوِيلٌ مُمْكِنٌ لَا يُقْطَعُ بِصِحَّتِهِ وَلَا يُسْتَغْنَى عَنِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ وَالَّذِي قَصَدَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا في هذا لحديث هُوَ عِظَمُ الْأَمْرِ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ أَصُولٌ وَأَحْكَامٌ وَأَرْكَانٌ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَأَنَا أُورِدُ فِي تِلْكَ الْمَعَانِي مِنَ الْبَيَانِ مَا يُوقِفُ النَّاظِرَ عَلَى بُلُوغِ الْمُرَادِ مِنْهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ تَقَصَّيْنَا الْقَوْلَ فِيمَا تُوجِبُهُ أَلْفَاظُ حَدِيثِ بَرِيرَةَ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْمَعَانِي فِي بَابِ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَضَى فِي بَرِيرَةَ بِأَرْبَعِ قَضَايَا وَهُوَ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو بكر ابن أبي شيبة وأخبرنا عبيد الله (هـ) بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ الْعَسَّالُ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ قَالَا

حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ يُسَمَّى مُغِيثًا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا بِأَرْبَعِ قَضِيَّاتٍ وَذَلِكَ أَنَّ مَوَالِيَهَا شَرَوْهَا وَاشْتَرَطُوا الْوَلَاءَ فَقَضَى أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنَ وَخَيَّرَهَا وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتُصُدِّقَ عَلَيْهَا بِصَدَقَةٍ فَأَهْدَتْ مِنْهَا إِلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ فَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ إِنَّ بَرِيرَةَ أُعْتِقَتْ فَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا فَكَانَتْ سُنَّةً وَلَكِنْ مِنْ ذَلِكَ سُنَّةٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا وَمِنْهَا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ فَأَمَّا الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ الَّذِي لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ فَهُوَ أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا أُعْتِقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ قَدْ كَانَتْ زُوِّجَتْ مِنْهُ فَإِنَّ لَهَا الْخِيَارَ فِي الْبَقَاءِ مَعَهُ أَوْ مُفَارَقَتِهِ فَإِنِ اخْتَارَتِ الْمُقَامَ فِي عِصْمَتِهِ لَزِمَهَا ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا فِرَاقُهُ بَعْدُ وَإِنِ اخْتَارَتْ مُفَارَقَتَهُ فَذَلِكَ لَهَا هَذَا مَا لَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ فِيهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَقْتِ خِيَارِ الْأَمَةِ إِذَا أُعْتِقَتْ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ إِذَا عَلِمَتْ بِالْعِتْقِ وَبَانَ لَهَا الْخِيَارُ فَخِيَارُهَا عَلَى الْمَجْلِسِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِذَا جَامَعَهَا وَهِيَ لَا تَعْلَمُ بِالْعِتْقِ فَلَهَا الْخِيَارُ لِأَنَّهَا جُومِعَتْ وَلَا تَعْلَمُ فَإِنْ عَلِمَتْ فَجَامَعَهَا بَعْدَ الْعِلْمِ فَلَا خِيَارَ لَهَا

قَالَ الثَّوْرِيُّ فَإِنِ ادَّعَتِ الْجَهَالَةَ حَلَفَتْ ثُمَّ يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَهَا الْخِيَارُ مَا لَمْ يَمَسَّهَا زَوْجُهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ وَقْتًا إِلَّا مَا قَالَتْهُ حَفْصَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ حَفْصَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ لِلْأَمَةِ الْخِيَارَ إِذَا أُعْتِقَتْ مَا لَمْ يَمْسَسْهَا زَوْجُهَا قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ مَسَّهَا زَوْجُهَا فَادَّعَتْ أَنَّهَا جَهِلَتْ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ فَإِنَّهَا تُتَّهَمُ وَلَا تُصَدَّقُ بِمَا ادَّعَتْ مِنَ الْجَهَالَةِ وَلَا خِيَارَ لَهَا بَعْدَ أَنْ يَمَسَّهَا هَذَا قَوْلُهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَجُمْلَةُ قَوْلِهِ وَقَوْلِ أَصْحَابِهِ لَا يَنْقَطِعُ خِيَارُهَا إِذَا أُعْتِقَتْ حَتَّى يَطَأَهَا زَوْجُهَا بَعْدَ عِلْمِهَا بِعِتْقِهَا أَوْ تُوقَفُ فَتَخْتَارُ وَلَا تُوقَفُ بَعْدَ الْمَسِيسِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَإِذَا صَحَّتْ جَهَالَتُهَا بِعِتْقِهَا فَلَا يَضُرُّهَا مَسُّهُ لَهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ أَصَابَهَا زَوْجُهَا فَادَّعَتِ الْجَهَالَةَ فَفِيهَا قَوْلَانِ

أَحَدُهُمَا لَا خِيَارَ لَهَا وَالْآخَرُ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ وَتَحْلِفُ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ حَتَّى غَشِيَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ عَلِمَتْ فَلَهَا الْخِيَارُ وَهَذَا كَقَوْلِ مَالِكٍ وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ مَوْلَاةً لِبَنِي عَدِيٍّ يُقَالُ لَهَا زَبْرَاءُ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ وَهِيَ أَمَةٌ يَوْمَئِذٍ فَعُتِقَتْ قَالَتْ فَأَرْسَلَتْ إِلَيَّ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَتْنِي فَقَالَتْ إِنِّي مُخْبِرَتُكِ خَبَرًا وَلَا أُحِبُّ أَنْ تَصْنَعِي شَيْئًا إِنَّ أَمْرَكِ بِيَدِكِ مَا لَمْ يَمَسَّكِ زَوْجُكِ فَإِنْ مَسَّكِ فَلَيْسَ لَكِ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ قَالَتْ فَقُلْتُ هُوَ الطَّلَاقُ ثُمَّ الطَّلَاقُ ثُمَّ الطَّلَاقُ فَفَارَقَتْهُ ثَلَاثًا وَحَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْأَمَةِ تَكُونُ تَحْتَ الْعَبْدِ فَتُعْتَقُ إِنَّ لَهَا الْخِيَارَ مَا لَمْ يَمَسَّهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ لِابْنِ عُمَرَ وَحَفْصَةَ فِي ذَلِكَ مُخَالِفًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا فِيهِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا خُيِّرَتْ بَرِيرَةُ رَأَيْتُ زَوْجَهَا يَتْبَعُهَا فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَكَلَّمَ النَّاسُ لَهُ رَسُولَ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطْلُبَ إِلَيْهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوْجُكِ وَأَبُو وَلَدِكِ فَقَالَتْ أَتَأْمُرُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّمَا أَنَا شَافِعٌ فَقَالَتْ إِنْ كُنْتَ شَافِعًا فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَكَانَ يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ وَكَانَ عَبْدًا لِآلِ الْمُغِيرَةِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُرُورُهَا فِي السِّكَكِ وَمُرَاجَعَتُهَا النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَمْ يُبْطِلْ ذَلِكَ خِيَارَهَا فَبَطَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ خِيَارَهَا إِنَّمَا هُوَ مَا دَامَا فِي مَجْلِسِهِمَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي فُرْقَةِ الْمُعْتَقَةِ إِذَا اخْتَارَتْ فِرَاقَ زوجها فقال ماكل وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ هُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ قَالَ مَالِكٌ هِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ إِلَّا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فَذَلِكَ لَهَا وَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مَا شَاءَتْ مِنَ الطَّلَاقِ فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً فَهِيَ بَائِنَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي أَنَّ لَهَا أَنْ تُوقِعَ مِنَ الطلاق ما

شَاءَتْ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِنَّهَا لا تطلق نفسها إلا واحدةب بَائِنَةً وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ وَعَنْ جُمْلَةِ أصحابه ما قدما مِنْ مَذْهَبِهِ عَلَى حَدِيثِ زَبْرَاءَ وَهُوَ أَصْلٌ لَا يُدْفَعُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ أَنْكَرَ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي حَيَاةِ حَفْصَةَ مُتَوَافِرِينَ وَفِي الْقِيَاسِ مَنْ كَانَ لَهُ أَنْ يُوقِعَ طَلْقَةً كَانَ لَهُ أَنْ يُوقِعَ ثَلَاثًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَجَازَ لَهَا أَنْ تُوقِعَ الثَّلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ فِي اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِ مَالِكٍ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إِنَّهُ لَا يَجِبُ لِأَحَدٍ إِيقَاعُ الثَّلَاثِ مُجْتَمِعَاتٍ وَالثَّانِي إِنَّهُ طَلَاقٌ مُعَلَّقٌ بِعَبْدٍ لَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلثَّلَاثِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَنُوطٌ بِأَحْوَالِ الرِّجَالِ لَا بِالنِّسَاءِ وَطَلَاقُ الْعَبْدِ إِنَّمَا هُوَ تَطْلِيقَتَانِ وَقَدْ حَكَى أَبُو الْفَرَجِ أَنَّ مَالِكًا لَا يُجِيزُ لَهَا أَنْ تُوقِعَ إِلَّا وَاحِدَةً فَتَكُونُ بَائِنَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَهُوَ أَصْلُ مَالِكٍ وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَوْ أُعْتِقَ زَوْجُهَا فِي عِدَّتِهَا فَإِنَّ بَعْضَ شُيُوخِنَا يَقُولُ هُوَ أَمْلَكُ بِهَا وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ هِيَ بائنة

وَقَدْ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لِلْعَبْدِ الرَّجْعَةَ إِنْ أُعْتِقَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَلَا أَرَى ذَلِكَ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ وَإِنْ أُعْتِقَ وَرَوَى عِيسَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْأَمَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ لَا تَخْتَارُ نَفْسَهَا حَتَّى تَطْهُرَ قَالَ وَإِنْ أُعْتِقَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَطْهُرَ فَلَا أَرَى ذَلِكَ يَقْطَعُ خِيَارَهَا لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ لَهَا الْخِيَارُ وَإِنَّمَا مَنَعَهَا مِنْهُ الْحَيْضُ وَقَالَ ابْنُ عُبْدُوسٍ لَا خِيَارَ لَهَا إِذَا أُعْتِقَ قَبْلَ أَنْ تَطْهُرَ وَتَخْتَارَ نَفْسَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ لِأَنَّ زَوْجَهَا لَوْ مَلَكَ رَجْعَتَهَا لَمْ يَكُنْ لِاخْتِيَارِهَا مَعْنًى وَأَيُّ شَيْءٍ كَانَ يُفِيدُهَا فِرَارُهَا عَنْ زَوْجِهَا وَمُفَارَقَتُهَا إِيَّاهُ بِتَطْلِيقِهَا نَفْسَهَا وَهُوَ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا هَذَا مَا لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهَا إِنَّمَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا لِتُخَلِّصَهَا مِنْ عِصْمَتِهِ فَلَوْ مَلَكَ رَجْعَتَهَا لَمْ تَتَخَلَّصْ مِنْهُ وَإِذَا اسْتَحَالَ ذَلِكَ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّلَاقَ إِذَا وَقَعَ بَائِنًا لَمْ يَكُنْ رَجْعِيًّا بَعْدُ وَكَيْفَ يَكُونُ بَائِنًا عِنْدَ وُقُوعِهِ وَتَكُونُ لِزَوْجِهَا رَجْعَتُهَا إِنْ أُعْتِقَ هَذَا مُحَالٌ وَمِثْلُهُ فِي الضَّعْفِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ وَزَوْجُهَا قَدْ أُعْتِقَ وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَالْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ لَهَا الِاخْتِيَارَ قَدِ ارْتَفَعَتْ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ أُعْتِقَتْ تَحْتَ حُرٍّ لَمْ يَكُنْ لَهَا عِنْدَهُ وَعِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ خِيَارٌ فَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ تَخْتَرْ نَفْسَهَا حَتَّى عُتِقَ فَلَا خِيَارَ لَهَا لِأَنَّ الرِّقَّ قَدْ زَالَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ إِنِ اخْتَارَتِ الْأَمَةُ الْمُعْتَقَةُ نَفْسَهَا فَهُوَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وإسحق

وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْجَارِيَةِ نِصْفُهَا حُرٌّ وَنِصْفُهَا مَمْلُوكٌ يَخْطُبُهَا الْعَبْدُ فتأبى أن تتزوجه فيسئلها سَيِّدُهَا ذَلِكَ فَتُطَاوِعُهُ ثُمَّ تُعْتَقُ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَرَى لَهَا الْخِيَارَ قَالَ نَعَمْ إِنِّي لَأَرَى ذَلِكَ لَهَا فَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَأْبَى التَّزْوِيجَ وَلَا يُكْرِهُهَا سَيِّدُهَا عَلَى ذَلِكَ قَالَ بَلَى قِيلَ لَهُ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ قَالَ هِيَ فِي حَالِهَا حَالُ أَمَةٍ وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَنَّ أَمَةً لَيْسَ فِيهَا عِتْقٌ طَلَبَتْ إِلَى سَيِّدِهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا عَبْدًا فَفَعَلَ فَزَوَّجَهَا فَلَهَا الْخِيَارُ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ هَذِهِ لَوْ شَاءَتْ لَمْ تَفْعَلْ وَالْأُخْرَى لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَأْبَى وَهَذِهِ قَدْ طَاوَعَتْ وَلَمْ يَكُنْ لِيُجْبِرَهَا عَلَى النِّكَاحِ قَالَ لَكِنَّهَا فِي حَالِهَا كُلِّهَا فِي حُدُودِهَا وَكَشْفِ شَعْرِهَا كَالْأَمَةِ فَمَا أَرَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْأَمَةِ تُعْتَقُ تَحْتَ الْحُرِّ فَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ لَهَا الْخِيَارُ حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْأَمَةَ لَمْ يَكُنْ لَهَا فِي إِنْكَاحِهَا رَأْيٌ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً فَلَمَّا عُتِقَتْ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ أَلَا تَرَى إِلَى إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْأَمَةَ يُزَوِّجُهَا سَيِّدُهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا مِنْ أَجْلِ أُمُوَّتِهَا فَإِذَا كَانَتْ حُرَّةً كَانَ لَهَا الْخِيَارُ قَالُوا وَقَدْ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَخْيِيرِ بريرة عند عِتْقِهَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَلَمْ يَقُلْ لَهَا إِنَّ خِيَارَكِ إِنَّمَا وَجَبَ لَكِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ زَوْجَكِ عَبْدٌ فَوَاجِبٌ لَهَا الْخِيَارُ أَبَدًا مَتَى مَا عُتِقَتْ تَحْتَ حُرٍّ وَتَحْتَ عَبْدٍ عَلَى عُمُومِ الْحَدِيثِ

وَرَوَوْا عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ حُرًّا وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِثْلَهُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لَهَا قَدْ مَلَكْتِ نَفْسَكِ فَاخْتَارِي قَالُوا فَكُلُّ مَنْ مَلَكَتْ نَفْسَهَا اخْتَارَتْ وَسَوَاءٌ كَانَتْ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ وَادَّعَوْا أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ حُرًّا أَوْلَى لِأَنَّ الرِّقَّ ظَاهِرٌ بِزَعْمِهِمْ وَالْحُرِّيَّةَ طَارِئَةٌ وَمَنْ أَنْبَأَ عَنِ الْبَاطِنِ كَانَ أَوْلَى وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى إِذَا أُعْتِقَتِ الْأَمَةُ تَحْتَ حُرٍّ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ واسحق وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّهَا لَمْ يَحْدُثْ لَهَا حَالٌ تَرْتَفِعُ بِهَا عَنِ الْحُرِّ فَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا حُرَّيْنِ وَلَمَّا لَمْ يَنْقُصْ حَالُ الزَّوْجِ عَنْ حَالِهَا وَلَمْ يَحْدُثْ بِهِ عَيْبٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارٌ وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ أَنْ لَا خِيَارَ لِزَوْجَةِ الْعِنِّينِ إِذَا ذَهَبَتِ الْعُنَّةُ وَكَذَلِكَ زَوَالُ سَائِرِ الْعُيُوبِ تَنْفِي الْخِيَارَ وَأَمَّا حُجَّتُهُمْ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَرِيرَةَ قَدْ مَلَكْتِ نَفْسَكِ فَاخْتَارِي فَإِنَّهُ خِطَابٌ وَرَدَ فِيمَنْ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَأَمَّا مَنْ أُعْتِقَتْ تَحْتَ حُرٍّ فَلَا تَمْلِكُ بِذَلِكَ نَفْسَهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ يُوجِبُ مِلْكَهَا لِنَفْسِهَا وَأَمَّا رِوَايَةُ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ حُرًّا فَقَدْ عَارَضَهُ عَنْ عَائِشَةَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَفَوْقَهُ وَذَلِكَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ رَوَيَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ

عَبْدًا وَالْقَلْبُ إِلَى رِوَايَةِ اثْنَيْنِ أَشَدُّ سُكُونًا مِنْهُ إِلَى رِوَايَةِ وَاحِدٍ فَكَيْفَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا حِينَ أُعْتِقَتْ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَفَّانَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُسَمَّى مُغِيثًا وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَيْضًا عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ

طَيْفُورَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا وَذَكَرَ حَدِيثَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ إِذَا أُعْتِقَتْ تَحْتَ حُرٍّ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَفِي تَخْيِيرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ بَعْدَ أَنْ بِيعَتْ مِنْ عَائِشَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ لَهَا وَفِي ذَلِكَ بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ قَالَ بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا لِأَنَّ بَيْعَهَا لَوْ كَانَ طَلَاقًا لَمْ يُخَيِّرْهَا

رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْ تَبْقَى مَعَ مَنْ طُلِّقَتْ عَلَيْهِ أَوْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ تُخَيَّرَ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ وَهَذَا وَاضِحٌ يُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ فِيهِ وَهَذَا الْقَوْلُ يُرْوَى عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى خِلَافِهِ بِحَدِيثِ بَرِيرَةَ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ وَضَّحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ مَنْ أَعْتَقَ كُلُّ مَالِكٍ نَافِذٌ أَمْرُهُ مُسْتَقِرٌّ مِلْكُهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْبَالِغِينَ إِلَّا أَنَّ النِّسَاءَ لَيْسَ لَهُنَّ مِنَ الْوَلَاءِ إِلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوِ الْوَلَاءُ عِتْقُ مَنْ أَعْتَقَ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْعَصَبَاتِ وَلَيْسَ لِذَوِي الْفُرُوضِ مَدْخَلٌ فِي مِيرَاثِ الْوَلَاءِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا عَصَبَةً وَلَيْسَ النِّسَاءُ بِعَصَبَةٍ رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ سالم ابن ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُوَرِّثُ مَوَالِيَ عُمَرَ دُونَ بَنَاتِ عُمَرَ وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَعْنَاهُ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْوَلَاءَ مِنَ الْعَصَبَاتِ إِلَّا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَلَا يَدْخُلُ بَعِيدٌ عَلَى قَرِيبٍ وَإِنْ قَرُبَتْ قَرَابَاتُهُمْ فَأَقْرَبُ الْعَصَبَاتِ الْأَبْنَاءُ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفُلُوا ثُمَّ الْأَبُ لِأَنَّهُ أَلْصَقُ النَّاسِ بِهِ بَعْدَ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ الْإِخْوَةُ لِأَنَّهُمْ بَنُو الْأَبِ ثُمَّ بَنُو الْإِخْوَةِ وَإِنْ سَفُلُوا ثُمَّ الْجَدُّ أَبُ الْأَبِ ثُمَّ الْعَمُّ لِأَنَّهُ ابْنُ الْجَدِّ ثُمَّ بَنُو الْعَمِّ فَعَلَى

هَذَا التَّنْزِيلِ مِيرَاثُ الْوَلَاءِ وَعَلَى هَذَا الْمَجْرَى يَجْرِي مِيرَاثُ الْوَلَاءِ وَمَا أَحْرَزَ الْأَبْنَاءُ وَالْآبَاءُ مِنَ الْوَلَاءِ فَهُوَ لِعَصَبَتِهِمْ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حدثنا أبو أُسَامَةَ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أبيه قَالَ تَزَوَّجَ زِيَادُ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَهْمٍ أُمَّ وَائِلٍ بِنْتَ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيَّةَ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ فَتُوُفِّيَتْ أُمُّهُمْ فَوَرِثَهَا بَنُوهَا رِبَاعَهَا وَوَلَاءَ مَوَالِيهَا فَخَرَجَ بِهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مَعَهُ إِلَى الشَّامِ فَمَاتُوا فِي طَاعُونِ عَمْوَاسٍ فَوَرِثَهُمْ عَمْرٌو وَكَانَ عَصَبَتَهُمْ فَلَمَّا رَجَعَ عَمْرٌو جَاءَهُ بَنُو مَعْمَرٍ يُخَاصِمُونَهُ فِي وَلَاءِ أُخْتِهِمْ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ عُمَرُ أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِمَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا أَحْرَزَ الْوَلَدُ أَوِ الْوَالِدُ فَهُوَ لِعَصَبَتِهِ مَنْ كَانَ فَقَضَى لَنَا وَكَتَبَ بِذَلِكَ كِتَابًا فِيهِ شَهَادَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَآخَرَ حَتَّى إِذَا اسْتُخْلِفَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ تُوُفِّيَ مَوْلًى لَهَا وَتَرَكَ أَلْفَ دِينَارٍ وَبَلَغَنِي أَنَّ ذَلِكَ الْقَضَاءَ قَدْ غُيِّرَ فَخَاصَمُوهُ إلى هشام

ابن إسمعيل فَرَفَعَهُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَأَتَيْنَاهُ بِكِتَابِ عُمَرَ فَقَالَ إِنْ كُنْتُ لَأَرَى أَنَّ هَذَا مِنَ الْقَضَاءِ الَّذِي لَا يُشَكُّ فِيهِ وَمَا كُنْتُ أَرَى أَمْرًا بِالْمَدِينَةِ بَلَغَ هَذَا أَنْ يَشُكُّوا فِي الْقَضَاءِ بِهِ فَقَضَى لَنَا بِهِ فَلَمْ نُنَازِعْ فِيهِ بَعْدُ وَهَذَا صَحِيحٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ فَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ يَنْظُرُ فِي الْحَدِيثِ وَيَنْتَقِي الرِّجَالَ يَقُولُ فِي عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ شَيْئًا وَحَدِيثُهُ عِنْدَهُمْ صَحِيحٌ وَهُوَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي أَنْكَرُوا مِنْ حَدِيثِهِ إِنَّمَا هِيَ لِقَوْمٍ ضُعَفَاءَ زَوَّرُوهَا عَنْهُ وَمَا رَوَى عَنْهُ الثِّقَاتُ فَصَحِيحٌ قَالَ وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ قَدْ سَمِعَ أَبُوهُ شُعَيْبٌ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ عَلِيٌّ وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عِنْدَنَا ثِقَةٌ وَكِتَابُهُ صَحِيحٌ وحسين المعلم ثقة عند جَمِيعِهِمْ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْوَلَاءِ لِلْكَبِيرِ فَذَكَرَ اسمعيل بن إسحق قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ عَلِيًّا وَابْنَ مَسْعُودٍ وَزَيْدًا كَانُوا يَقُولُونَ الْوَلَاءُ لِلْكَبِيرِ قَالَ وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنِ الْأَشْعَثِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدٍ مثل ذلك قال اسمعيل فَأَوْجَبَ هَؤُلَاءِ الْوَلَاءَ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ خَاصَّةً وَلَمْ يَجْعَلُوهُ مُشْتَرَكًا عَلَى طَرِيقِ الْفَرَائِضِ

قَالَ وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي أَخَوَيْنِ وَرِثَا مَوْلًى كَانَ أَعْتَقَهُ أَبُوهُمَا فَمَاتَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ وَتَرَكَ وَلَدًا قَالَ كَانَ شُرَيْحٌ يَقُولُ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ قَالَ وَكَانَ عَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ وَزَيْدٌ يَقُولُونَ الْوَلَاءُ لِلْكَبِيرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى قَوْلِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَزَيْدٍ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ إِنَّ الْوَلَاءَ لَا يَجُوزُ فِي الْمِيرَاثِ إِلَّا لِأَقْرَبِ النَّاسِ لِلْمُعْتِقِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمَوْرُوثُ الْمُعْتِقُ وَأَنَّهُ يَنْتَقِلُ أَبَدًا لهذه الحال قال اسمعيل حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ شُرَيْحًا قَالَ فِي رَجُلٍ تَرَكَ جَدَّهُ وَابْنَهُ وَمَوْلًى قَالَ لِلْجَدِّ السُّدُسُ مِنَ الْوَلَاءِ وَمَا بَقِيَ فَلِلِابْنِ قَالَ قَتَادَةُ وَقَالَ زَيْدٌ الْوَلَاءُ لِلِابْنِ كُلُّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَعَلَيْهِ الناس اليوم وقال اسمعيل وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ سَأَلْتُ إِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ عَنْ رَجُلٍ تَرَكَ جَدَّهُ وَابْنَهُ وَمَوْلَاهُ فَقَالَ الْوَلَاءُ لِلِابْنِ وَقَالَ كُلُّ إِنْسَانٍ لَهُ فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ فَلَيْسَ لَهُ مِنَ الولاء شيء قال اسمعيل يَعْنِي إِيَاسُ لَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْوَلَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالِ الَّتِي لَهُ فِيهَا فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِثْ فِي هَذَا

الْمَوْضِعِ مِنْ طَرِيقِ الْعَصَبَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ عَصَبَةً فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَيَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لَهُ هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ رَقَبَةً بِغَيْرِ إِذَنِ الْمُعَتَقِ عَنْهُ وَدُونَ أَمْرِهِ كذلك اخْتَلَفُوا فِي النَّصْرَانِيِّ يُعْتِقُ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ وَفِي وَلَاءِ الْمُعْتِقِ سَائِبَةً وَفِي وَلَاءِ الَّذِي يُسْلِمُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَقَالُوا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَقَاوِيلَ شَتَّى مِنْهُمْ من قال أَصْلَهُ فِيهَا اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَمِنْهُمْ من نزع به رأيه وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَأَنَا أُبَيِّنُ أَقْوَالَ الْفُقَهَاءِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَأَقْتَصِرُ عَلَى ذِكْرِهِمْ فِي ذَلِكَ دُونَ ذِكْرِ مَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ مِنَ التَّابِعِينَ قَبْلَهُمْ وَالْخَالِفِينَ بَعْدَهُمْ عَلَى مَا اعْتَمَدْنَا عَلَيْهِ مَنْ أَوَّلِ تَأْلِيفِنَا هَذَا وَقَصَدْنَاهُ لِئَلَّا نَخْرُجَ عَنْ شَرْطِنَا ذَلِكَ إِذْ كَانَ مُرَادُنَا فِيهِ الْفِرَارَ مِنَ التَّخْلِيطِ وَالْإِكْثَارِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ فَأَمَّا عِتْقُ الرَّجُلِ عَنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ إِلَّا أَشْهَبَ قَالُوا الْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ وَسَوَاءٌ أَمَرَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَأْمُرْ إِذَا كَانَ

مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا فَالْوَلَاءُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ إِنْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى مَالٍ ذَكَرَهُ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ فَإِذَا قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي بِغَيْرِ مَالٍ فَأَعْتَقَهُ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ لِأَنَّ الْآمِرَ لَمْ يَمْلِكْ مِنْهُ شَيْئًا وَهِيَ هِبَةُ بَاطِلٍ لِأَنَّهَا لَا يَصِحُّ فِيهَا الْقَبْضُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَعْتَقْتَ عَبْدَكَ عَنْ رَجُلٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَوَلَاؤُهُ لَكَ وَإِنْ أَعْتَقْتَهُ عَنْهُ بِأَمْرِهِ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَوَلَاؤُهُ لَهُ دُونَكَ وَيُجْزِئُهُ بِمَالٍ وَبِغَيْرِ مَالٍ وَسَوَاءٌ قَبِلَهُ الْمُعْتَقُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا يَكُونُ وَلَاءٌ لِغَيْرِ مُعْتِقٍ أَبَدًا وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْوَكَالَةَ فِي الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ جَائِزَةٌ وَأَمَّا أَشْهَبُ فَيُجِيزُ كَفَّارَةَ الْإِنْسَانِ عَنْ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ وَلَا يُجِيزُهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ فِي الْعِتْقِ وَغَيْرِ الْعِتْقِ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي بَابِ سُهَيْلٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَمَّا حُجَّةُ مَالِكٍ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ فَمِنْهَا مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَا حَدَّثَنَا

قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اسمعيل قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ فِيهِ طُولٌ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ فِي بَلَائِهِ إِنَّ اللَّهَ لَيَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أَمُرُّ عَلَى الرَّجُلَيْنِ يَتَنَازَعَانِ وَيَذْكُرَانِ اللَّهَ فَأَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي فَأُكَفِّرُ عَنْهُمَا كَرَاهَةَ أَنْ يَذْكُرَا اللَّهَ إِلَّا فِي حَقٍّ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يُونُسُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَصَلَهُ وَفِيهِ أَنَّ أَيُّوبَ كَانَ يُكَفِّرُ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلَوْ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَيُّوبَ لَمْ يُكَفِّرْ عَنْهُ وَالْكَفَّارَةُ قَدْ تَكُونُ بِالْعِتْقِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ شَرِيعَةَ أَيُّوبَ كَانَتْ فِي كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ عَلَى غَيْرِ شَرِيعَتِنَا وَإِذَا جَازَ الْعِتْقُ لِلْإِنْسَانِ عَنْ غَيْرِهِ فِي شَرِيعَةِ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُنْسَخْ ذَلِكَ فِي شَرِيعَتِنَا إِلَّا بِأَمْرٍ بَيِّنٍ فَالْوَاجِبُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فِي كَفَّارَةٍ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ وَالْقِيَاسُ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَنَّهُ بَرَاءَةٌ صَحِيحَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا صَحَّ هَذَا الْأَصْلُ صَحَّ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ تُجْزِئَ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ فِيمَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ وَالْوَلَاءُ لِغَيْرِهِ فَإِذَا أَجْزَأَتْ عَنْهُ كَفَّارَةٌ فَالْوَلَاءُ لَهُ وَذَكَرَ الْقَاسِمُ بْنُ خَلَفٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْأَبْهَرِيِّ أنه قال في مسئلة ابْنِ الْقَاسِمِ هَذِهِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَفْعَلَ الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ شَيْئًا وَاجِبًا عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِنِيَّةٍ مِنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَكَذَلِكَ الْكَفَّارَاتُ لِأَنَّهَا أَفْعَالٌ تُعُبِّدَ بِهَا الْإِنْسَانُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ قَدْ يَزُولُ عَنِ الْإِنْسَانِ بِغَيْرِ أَدَاءٍ وَهُوَ أَنْ يَبْرَأَ مِنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يُجْزِ الْعِتْقَ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ هَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا لمعتق ز وَالْمُعْتَقُ عَنْهُ غَيْرُ الْمُعْتِقِ فَبَطَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَنْتَقِلُ وَهُوَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَغَيْرُ جَائِزٍ فِي الْحَقِيقَةِ أَنْ يُضَافَ إِلَى الْإِنْسَانِ فِعْلٌ لَمْ يَقْصِدْهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلِهَذَا يَسْتَحِيلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ تَوْكِيلٍ مِنْهُ وَأَمَّا إِذَا أَمَرَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ عَنْهُ فَأَجَابَهُ الْمَأْمُورُ

إِلَى ذَلِكَ ثُمَّ أَعْتَقَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ تَوْكِيلٍ وَإِنَّمَا هِيَ هِبَةٌ مَقْبُوضَةٌ يَنْفُذُ فِيهَا التَّوْكِيلُ وَالتَّسْلِيطُ وَالْمَالُ فِي ذَلِكَ وَغَيْرُ الْمَالِ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَالْبَيْعَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَأَمَّا النَّصْرَانِيُّ يُعْتِقُ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ فَإِنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ يَقُولُونَ لَيْسَ لَهُ مِنْ وَلَائِهِ شَيْءٌ وَوَلَاؤُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ الْوَلَاءُ أَبَدًا وَإِنْ أَسْلَمَ وَلَا إِلَى وَرَثَتِهِ وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنَّ إِسْلَامَ عَبْدِ النَّصْرَانِيِّ يَرْفَعُ مِلْكَهُ عَنْهُ وَيُوجِبُ إِخْرَاجَهُ عَنْ يَدِهِ فَلَمَّا كَانَ مِلْكُهُ يَرْتَفِعُ بِإِسْلَامِهِ لَمْ يَثْبُتِ الْوَلَاءُ لَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ ثَبَتَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا ثَبَتَ لَهُمُ الْوَلَاءُ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُمْ لِأَنَّهُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ وَسَوَاءٌ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ لِأَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ ثَبَتَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا وَالدَّلِيلُ عَلَى ارْتِفَاعِ مِلْكِ النَّصْرَانِيِّ عَنْ عَبْدِهِ الْمُسْلِمِ عُمُومُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا وَقَوْلِهِ تَعَالَى وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَالْحَدِيثِ الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْعِرَاقِيُّونَ وَأَصْحَابُهُمْ إِذَا أَسْلَمَ عَبْدُ النَّصْرَانِيِّ فَأَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ فَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَإِنْ أَسْلَمَ مَوْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ بِالنَّسَبِ وَرِثَهُ مُعْتِقُهُ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ لَمْ يَرِثْهُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَحُجَّتُهُمْ فِي أَنَّ الْوَلَاءَ لَهُ عُمُومُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ لَمْ يَخُصَّ مُسْلِمًا مِنْ كَافِرٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ مَلَكَ مَا بِيعَ عَلَيْهِ وَدَفَعَ ثَمَنَهُ إِلَيْهِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَلَكِنَّهُ قَدِ احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ وَهُوَ مَا حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا محمد ابن أيوب الرقي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ غَيْلَانَ الثَّقَفِيَّ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ نَافِعَ بْنَ السَّائِبِ كَانَ لِغَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ فَفَرَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حَاصَرَ الطَّائِفَ فَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أَسْلَمَ غَيْلَانُ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَاءَ نَافِعٍ إِلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ أَهْلُ الطَّائِفِ حَرْبِيِّينَ يَوْمَئِذٍ وَمَا خَرَجَ عَنْهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَبْلَ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ وَنَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ أَقْوَى مِنْ هَذَا

وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ بَيَانُ أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِمُعْتِقٍ وَهُوَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لِكُلِّ مُعْتِقٍ كفارا كَانَ أَوْ مُسْلِمًا لِأَنَّهُ قَدْ جَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالنَّسَبِ فَكَمَا مَنَعَ اخْتِلَافُ الْأَدْيَانِ مِنَ التَّوَارُثِ مَعَ صِحَّةِ النَّسَبِ فَكَذَلِكَ مَنَعَ اخْتِلَافُ الْأَدْيَانِ مِنَ التَّوَارُثِ مَعَ صِحَّةِ الْوَلَاءِ وَثُبُوتِهِ فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْإِسْلَامِ تَوَارَثَا وَلَيْسَ اخْتِلَافُ الْأَدْيَانِ مِمَّا يَمْنَعُ مِنَ الْوَلَاءِ وَلَا يَدْفَعُهُ كَمَا أَنَّ اخْتِلَافَ الْأَدْيَانِ لَا يَمْنَعُ النَّسَبَ وَلَكِنَّهُ يَمْنَعُ التَّوَارُثَ كَمَا تَمْنَعُهُ الْعُبُودِيَّةُ وَالْقِتَالُ عَمْدًا قَالُوا فَوَلَاءُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ ثَابِتٌ وَوَلَاءُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ ثَابِتٌ إِذَا أَعْتَقَهُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قَالُوا وَلَا يزيل اسلام (هـ) عَبْدِ النَّصْرَانِيِّ مِلْكَهُ عَنْهُ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ اسْتِقْرَارَهُ وَاسْتِدَامَتَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إِذَا بِيعَ عَلَيْهِ مَلَكَ ثَمَنَهُ وَلَوِ ارْتَفَعَ مِلْكُهُ عَنْهُ لَمْ يُبَعْ عَلَيْهِ وَلَا مَلَكَ الْمُبْدَلَ مِنْهُ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مِلْكُ الرَّجُلِ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ يَمْنَعُ مِنِ اسْتِدَامَةِ الرِّقِّ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ فَيَكُونُ لَهُ وَلَاؤُهُ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ فِي الْعَبْدِ إِذَا اشْتُرِيَ اشْتِرَاءً فَاسِدًا فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي إِنَّ الْعِتْقَ وَاقِعٌ وَالْوَلَاءَ ثَابِتٌ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِلْكُهُ غَيْرَ تَامٍّ وَلَا مُسْتَقِرٍّ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْمُسْلِمُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ لَهُ وَلَاءَهُ وَأَنَّهُ يَرِثُهُ إِنْ أَسْلَمَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مِنْ نَسَبِهِ يَحْجُبُهُ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ فَلَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ أَيْضًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ مَالَهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَيَجْرِي مَجْرَى الْفَيْءِ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ أَشْهَبُ عَنِ الْمَخْزُومِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ عَنْهُ إِنَّ مِيرَاثَهُ لِأَهْلِ دِينِهِ قَالَ فَإِنْ أَسْلَمَ النَّصْرَانِيَّ مِيرَاثَهُ وَلَمْ يَطْلُبُوهُ وَلَا طَلَبَهُ مِنْهُمْ طَالِبٌ أَدْخَلْنَاهُ بَيْتَ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مَعْزُولًا وَلَا يَكُونُ فَيْئًا حَتَّى يَرِثَهُ اللَّهُ أَوْ يَأْتِيَ لَهُ طَالِبٌ وَهَذَا عِنْدِي لَا وَجْهَ لَهُ إِلَّا كَوْنُ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ أَوْلِيَاءَ بعض كما أن المسلمون بَعْضَهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ وَلَاءَهُ قَدْ ثَبَتَ لِلْمُسْلِمِينَ وِلَايَةَ نَسَبٍ وَهِيَ أَقْعَدُ مِنْ وِلَايَةِ الدِّينِ فِي وَجْهِ الْمَوَارِيثِ إِلَّا أَنَّ الشَّرِيعَةَ مَنَعَتْ مِنَ التَّوَارُثِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ فَكَانَ هَذَا النَّصْرَانِيُّ الْمُعْتَقُ قَدْ تَرَكَ مَالًا لَا وَارِثَ لَهُ وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْمُسْلِمِينَ عُدِمَ مُسْتَحِقُّهُ بِعَيْنِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُصْرَفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَيُوقَفَ فِي بَيْتِ مَالِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ يُعْتِقُ مَمْلُوكَهُ ثُمَّ يَخْرُجَانِ مُسْلِمَيْنِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ قَالُوا لِلْعَبْدِ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ وَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ كُلُّ كَافِرٍ أَعْتَقَ كَافِرًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَوْلَاهُ يَرِثُهُ إِذَا أَسْلَمَ وَاسْتَحْسَنَهُ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ قياس قول

مَالِكٍ فِي الذِّمِّيِّ يُعْتِقُ ذِمِّيًّا ثُمَّ يُسْلِمَانِ وَقَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا الْمُعْتَقُ سَائِبَةً فَإِنَّ ابْنَ وَهْبٍ رَوَى عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا يُعْتَقُ أَحَدٌ سَائِبَةً لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ وَهَذَا عِنْدَ كُلِّ مَنْ مذهب مَذْهَبَ مَالِكٍ إِنَّمَا هُوَ عَلَى كَرَاهِيَةِ السَّائِبَةِ لا غير لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أُعْتِقَ عِنْدَهُمْ سَائِبَةً نَفَذَ عِتْقُهُ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ هَكَذَا رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَشْهَبُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ مَالِكٍ لَا يُعْتَقُ أَحَدٌ سَائِبَةً رُجُوعًا عَنْ قَوْلِهِ الْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَكِنَّ أَصْحَابَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي السَّائِبَةِ أَنَّهُ لَا يُوَالِي أَحَدًا وَأَنَّ وَلَاءَهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَقْلَهُ عَلَيْهِمْ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى تَجْوِيزِهِ لِعِتْقِ السَّائِبَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَا أَكْرَهُ عِتْقَ السَّائِبَةِ وَأَنْهَى عَنْهُ فَإِنْ وَقَعَ نَفَذَ وَكَانَ مِيرَاثُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَقْلُهُ عليهم

وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا سَائِبَةَ الْيَوْمَ فِي الْإِسْلَامِ وَمَنْ أَعْتَقَ سَائِبَةً فَإِنَّ وَلَاءَهُ لَهُ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا بَأْسَ بِعِتْقِ السَّائِبَةِ ابْتِدَاءً قَالَ أَبُو عُمَرَ أَصْبَغُ ذَهَبَ فِي هَذَا إِلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَلَهُ احْتَجَّ اسمعيل بن اسحق الْقَاضِي وَإِيَّاهُ تَقَلَّدَ وَمِنْ حُجَّتِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ عِتْقَ السَّائِبَةِ مُسْتَفِيضٌ بِالْمَدِينَةِ لَا يُنْكِرُهُ عَالِمٌ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَغَيْرَهُ مِنَ السَّلَفِ أَعْتَقُوا السَّائِبَةَ وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ السَّائِبَةُ وَالصَّدَقَةُ لِيَوْمِهِمَا أَيْ لَا يُتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا وَرَوَى سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أُتِيَ بِمَالِ مَوْلًى أَعْتَقَهُ سَائِبَةً فَمَاتَ فَقَالَ إِنَّا كُنَّا أَعْتَقْنَاهُ سَائِبَةً فَأَمَرَ أَنْ يُشْتَرَى بِهِ رِقَابٌ فَتُعْتَقَ وَرَوَى سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ السَّائِبَةُ وَالصَّدَقَةُ لِيَوْمِهِمَا

وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ بِمَالٍ فَقَالَ خُذْ هَذَا فَقَالَ مَا هُوَ قَالَ مَالُ رَجُلٍ أَعْتَقْتَهُ سَائِبَةً فَمَاتَ وَتَرَكَ هَذَا قَالَ فَهُوَ لَكَ قَالَ لَيْسَ لِي فِيهِ حَاجَةٌ قَالَ وَطَرَحَهُ عَبْدُ اللَّهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا إِنْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ هُوَ لَكَ وَلَمْ يَقُلْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ كُلِّ مَالٍ يَدْفَعُهُ رَبُّهُ عَنْ نَفْسِهِ إِلَى غَيْرِ مَالِكٍ مُعَيَّنٍ وكذلك فعل عمر ابن الْخَطَّابِ فِي طَارِقِ بْنِ الْمُرَقَّعِ ذَكَرَهُ وَكِيعٌ عَنْ بِسْطَامِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّ طَارِقَ بْنَ الْمُرَقَّعِ أَعْتَقَ عبدا له فمات وترك مالا فأعرض عَلَى طَارِقٍ فَأَبَى فَقَالَ إِنَّمَا جَعَلْتُهُ لِلَّهِ وَلَسْتُ آخِذٌ مِيرَاثَهُ فَكَتَبَ فِيهِ إِلَى عُمَرَ فَكَتَبَ عُمَرُ أَنِ اعْرِضُوا عَلَى طَارِقٍ الْمِيرَاثَ فَإِنْ قَبِلَهُ وَإِلَّا فَاشْتَرُوا بِهِ رَقِيقًا

فَأَعْتِقُوهُمْ فَبَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ أَوْ سِتَّ عَشْرَةَ رَأْسًا وَأَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ السَّائِبَةَ مِيرَاثُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَمِمَّنْ رُوِيَ هَذَا عَنْهُ مِنْهُمُ ابْنُ شِهَابٍ وَرَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي قَوْلِ عُمَرَ السَّائِبَةُ لِيَوْمِهَا قَالَ يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُرْجَعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا أَعْتَقَ سَائِبَةً لَمْ يَرِثْهُ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ أَعْتَقَتْهُ مَوْلَاتُهُ لَيْلَى أَوْ لُبْنَى بنت يعار وكانت تحت أبي حذيفة ابن عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَأَعْتَقَتْهُ سَائِبَةً وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ فَأَعْطَاهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نِصْفَ مَالِهِ وَجَعَلَ النِّصْفَ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَالَّذِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ مِنْ أَمْرِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حذيفة أنه أعتق سائبة (هـ) وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ وَإِنَّمَا

نُسِبَ الْقَضَاءُ فِيهِ إِلَى عُمَرَ لِأَنَّهُ كَانَ بِأَمْرِ أَبِي بَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ الْقَاضِيَ لِأَبِي بَكْرٍ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ جَعَلَ مِيرَاثَهُ لِابْنَتِهِ لَمَّا امْتَنَعَ مَوَالِيهِ مِنْ قَبُولِ مِيرَاثِهِ إِذْ كَانَ سَائِبَةً وَرُوِيَ أَنَّهَا أَعْتَقَتْهُ سَائِبَةً فَوَالَى أَبَا حُذَيْفَةَ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ تَرَكَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ابْنَتَهُ وَمَوْلَاتُهُ لَيْلَى بِنْتُ يَعَارَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ فَوَرَّثَ أبو بكر البنت الصنف وَعَرَضَ الْبَاقِيَ عَلَى مَوْلَاتِهِ فَقَالَتْ لَا أَرْجِعُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ سَالِمٍ إِنِّي جَعَلْتُهُ لِلَّهِ فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النِّصْفَ الْبَاقِيَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّ عُمَرَ حَكَمَ بِذَلِكَ إِلَّا بِمَا وَجَّهْنَا مِنْ أَمْرِ أَبِي بَكْرٍ لَهُ بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا قَالَا يُعْرَضُ مَالُ الْمُعْتَقِ سَائِبَةً عَلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ فَإِنْ تَحَرَّجَ عَنْهُ اشْتُرِيَ بِهِ رِقَابٌ وَأُعْتِقُوا وَعَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ يَضَعُ السَّائِبَةُ مَالَهُ حَيْثُ شَاءَ وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالزُّهْرِيُّ وَمَكْحُولٌ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ وَيَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ السَّائِبَةُ لَا يُوَالِي أَحَدًا وَوَلَاؤُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُجَّتُهُ فِي أَنَّهُ لَا يُوَالِي أَحَدًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ تَوَلَّاهُ السَّائِبَةُ لَمْ يُعْتِقْهُ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ وَلَاؤُهُ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا كَانَ وَلَاؤُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَاؤُهُ فِي الْمَنْبُوذِ قَالُوا فَقَامَ الصَّغِيرُ مَقَامَهُ لِنَفْسِهِ لَوْ مَيَّزَ مَوْضِعَ الِاخْتِيَارِ لَهَا وَالدَّفْعِ عَنْهَا فَجَازَ بِذَلِكَ لِلْكَبِيرِ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ وَلَاءٌ وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ يُجِيزُونَ عِتْقَ السَّائِبَةِ وَيَجْعَلُونَ الْوَلَاءَ لِلْمُسْلِمِينَ وَحُجَّتُهُمْ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ فِي زَعْمِ الْمُحْتَجِّ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً فَقَدْ أَعْتَقَهُ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلِذَلِكَ صَارَ الْوَلَاءُ لَهُمْ قَالُوا وَإِنَّمَا يكون الولاء لمن اعتق إذا عن نفسه فهذا ما احتج به اسمعيل وَغَيْرُهُ فِي عِتْقِ السَّائِبَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا مَنْ أَعْتَقَ سَائِبَةً فَوَلَاؤُهُ لَهُ وَهُوَ يَرِثُهُ دُونَ النَّاسِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ وَبِهِ يَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَنَفَى بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لِغَيْرِ مُعْتِقٍ وَنَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَالْحَدِيثِ لَا سَائِبَةَ فِي الْإِسْلَامِ وَبِمَا رَوَاهُ أَبُو قَيْسٍ عَنْ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ إِنِّي أَعْتَقْتُ غُلَامًا لِي سَائِبَةً فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ لَا يُسَيِّبُونَ إِنَّمَا كَانَتْ تُسَيِّبُ الْجَاهِلِيَّةُ أَنْتَ وَارِثُهُ وَوَلِيُّ نِعْمَتِهِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ طَارِقَ بْنَ الْمُرَقَّعِ كَانَ أَمِيرًا عَلَى مَكَّةَ فَأَعْتَقَ سَوَائِبَ فَمَاتُوا فَجَاءُوا بِالْمِيرَاثِ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ أَعْطُوهُ وَرَثَتَهُ فَأَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يَقْبَلُوهُ فَاشْتَرَوْا بِهِ رِقَابًا فَأَعْتَقُوهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ السَّائِبَةُ يَضَعُ مَالَهُ حَيْثُ شَاءَ وَهَذَا مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُعْتِقَ لَهُ سَائِبَةً لَمْ يَكُنْ حَيًّا وَلَا عَصَبَتُهُ وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالُهُ فَمَذْهَبُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِيهِ وَفِي كُلِّ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَنَّهُ يَضَعُ مَالَهُ حَيْثُ شَاءَ وَأَجَازَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ

بِمَالِهِ لِمَنْ شَاءَ وَهُوَ قَوْلُ مَسْرُوقٍ وَعُبَيْدَةُ وَالشَّعْبِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَمَّا الَّذِي يُسْلِمُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ أَوْ يُوَالِيهِ فَإِنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ شُبْرُمَةَ وَالثَّوْرِيَّ وَالْأَوْزَاعِيَّ وَالشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُ قَالُوا لَا مِيرَاثَ لِلَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَلَا وَلَاءَ لَهُ بِحَالٍ وَمِيرَاثُ ذَلِكَ الْمُسْلِمِ إِذَا لَمْ يَدَعْ وَارِثًا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَدَاوُدَ وَلَا وَلَاءَ إِلَّا لِلْمُعْتِقِ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قَالُوا وَهَذَا غَيْرُ مُعْتِقٍ فَكَيْفَ يَكُونُ لهؤلاء مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا أَنَّ الْمِيرَاثَ بِالْمُعَاقَدَةِ مَنْسُوخٌ فَبَطَلَ بِذَلِكَ أَنْ يُوَالِيَ أَحَدٌ أَحَدًا لِأَنَّ الْوَلَاءَ نَسَبٌ قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ ذَكَرَ أَنَّ فِي يَدِهِ أَلْفَ دِينَارٍ مِنْ مَالِ رَجُلٍ هَلَكَ وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ فَقِيلَ لَهُ لَيْسَ لَكَ هَذَا فَلَا أَرَاهُ إِلَّا رَدَّهَا قَالَ أَشْهَبُ الرَّجُلُ الَّذِي جَاءَ هُوَ مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذَا أَسْلَمَ كَافِرٌ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِأَرْضِ العدو أو بأرض المسلمين فميراثه للذي أسم على يديه

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ إِذَا كَانَ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ فَجَاءَ فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِمَنْ وَالَاهُ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَاهُ وَعَاقَدَهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَا وَارِثَ غَيْرُهُ فَمِيرَاثُهُ لَهُ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَقَدْ وَالَاهُ وَمِيرَاثُهُ لِلَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ إِذَا لَمْ يَدَعْ وَارِثًا غَيْرَهُ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُشْرِكِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ فَقَالَ هُوَ أَحَقُّ النَّاسِ وَأَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ

فَحَدَّثَ بِهِ ابْنُ مَوْهَبٍ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَشَهِدْتُهُ قَضَى بِذَلِكَ فِي رَجُلٍ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَابْنَةً فَقَسَّمَ مَالَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنَتِهِ فَأَعْطَى الابن النِّصْفَ وَأَعْطَى الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ النِّصْفَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي رَجُلٍ وَالَى قَوْمًا فَجَعَلَ مِيرَاثَهُ لَهُمْ وَعَقْلَهُ عَلَيْهِمْ قَالَ مَعْمَرٌ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ إِذَا لَمْ يُوَالِ أَحَدًا وَرِثَهُ الْمُسْلِمُونَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هذه المسألة أقوال أحدهما مَا قَدَّمْنَا عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ وَلَاءَ مِيرَاثٍ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَسَوَاءٌ وَالَاهُ أَوْ لَمْ يُوَالِهِ وَقَوْلٌ آخَرُ إِذَا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَرِثَهُ وَإِنْ لَمْ يُوَالِهِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ

جَعَلَ إِسْلَامَهُ عَلَى يَدَيْهِ مُوَالَاةً وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا حَدِيثُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ الْمَذْكُورُ وَمَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ جعفر بن الزبير عن القاسم ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَلَهُ وَلَاؤُهُ

وَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنِ الْأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ فَهُوَ مَوْلَاهُ وَهِيَ آثَارٌ لَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ وَمَرَاسِيلُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ إِذَا وَالَى رَجُلٌ رَجُلًا وَعَاقَدَهُ فَهُوَ يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُهُ إِذَا لَمْ يُخْلِفْ ذَا رَحِمٍ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمْ أَجَازُوا الْمُوَالَاةَ وَوَرَّثُوا بِهَا وَعَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ نَحْوَهُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ إِنْ عَقَلَ عَنْهُ وَرِثَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ لَمْ يَرِثْهُ

رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَيُّمَا رَجُلٍ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَعَقَلَ عَنْهُ وَرِثَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ لَمْ يَرِثْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا وَالَاهُ عَلَى أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ وَيَرِثَهُ عَقَلَ عَنْهُ وَوَرِثَهُ إِذَا لَمْ يُخْلِفْ وَارِثًا مَعْرُوفًا قَالُوا وَلَهُ أَنْ يَنْقُلَ وَلَاءَهُ عَنْهُ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ أو عن أحد من صغار وَلَدِهِ وَلِلْمُوَالِي أَنْ يَبْرَأَ مِنْ وَلَائِهِ بِحَضْرَتِهِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ قَالُوا وَإِنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَلَمْ يُوَالِهِ لَمْ يَرِثْهُ وَلَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ لَا تُعْرَفُ لَهُ عَصَبَةٌ وَلَا ذُو رَحِمٍ يَرِثُ بِهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أَلَمْ أَرَ بُرْمَةً فِيهَا لَحْمٌ فَقِيلَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنْ ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ فَفِيهِ إِبَاحَةُ أَكْلِ اللَّحْمِ وَهُوَ يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ كَرِهَهُ مِنَ الصُّوفِيَّةِ وَالْعُبَّادِ وَيُبَيِّنُ مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ إِيَّاكُمْ وَاللَّحْمَ فَإِنَّ لَهُ ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الْخَمْرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ سَيِّدُ إِدَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ وَسَيَأْتِي مِنْ هَذَا الْمَعْنَى ذِكْرٌ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكِّبْ عَنْ ذَاتِ الدَّرِّ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

قَالَ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ بُرَيْدٍ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا غَالِبٌ الْقَطَّانُ قَالَ كَانَ لِلْحَسَنِ كُلَّ يَوْمٍ لَحْمٌ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَمَا وَجَدْتُ مَرَقَةً قَطُّ أَطْيَبَ رِيحًا مِنْ مَرَقَةِ الْحَسَنِ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَائِذٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ مَا وَجَدْتُ مَرَقَةً أَطْيَبَ رِيحًا مِنْ مَرَقَةِ الْحَسَنِ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ قَالَ مَا دَخَلْنَا عَلَى الْحَسَنِ قَطُّ إِلَّا وَقِدْرُهُ تَفُورُ بِلَحْمٍ طَيِّبَةِ الرِّيحِ

قال ودخلت يوما على محمد وهوي يَأْكُلُ مُتَّكِئًا مِنْ سَمَكٍ صِغَارٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ الصَّدَقَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْكُلُهَا وَكَانَ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الصَّدَقَةَ كَانَتْ لَا تَحِلُّ لَهُ عَلَى لِسَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الصَّدَقَةُ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ ولالآل مُحَمَّدٍ وَأَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصدقة (هـ) حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو طالب محمد بن زكريا الْمَقْدِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ الْغَازِي أَبُو ذُهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَكَانَ لَا يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ وقال طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَنَزَّهُ عَنْهَا وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ مُحَرَّمَةً وَقَالَ آخَرُونَ وَهُمْ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ كُلُّ صَدَقَةٍ فَدَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لَنَا وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَأْكُلُ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ وَقَالُوا فِي اللَّحْمِ الَّذِي

تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ صَدَقَاتِ التَّطَوُّعِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ أَنَّهَا لَا تُفَرَّقُ لَحْمًا وَإِنَّمَا تُفَرَّقُ لَحْمًا لُحُومُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّطَوُّعِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ الْمُفْتَرَضَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ فَأَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ فِيهَا إِلَى إِكْثَارٍ وَنَحْنُ نذكر ها هنا مِنْ ذَلِكَ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ إِنْ شَاءَ الله وذكرر عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَدْخُلُ بَيْتِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ مُلْقَاةً عَلَى فِرَاشِي فَلَوْلَا أَنِّي أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمُرُّ بِالتَّمْرَةِ فَمَا يَمْنَعُهُ مِنْ أَخْذِهَا إِلَّا مَخَافَةَ أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَيَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْعَوَّامِ قَالَ حَدَّثَنَا

أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ شَيْبَانَ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ هَلْ حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَالَ نَعَمْ دَخَلْتُ غُرْفَةَ الصَّدَقَةِ فَأَخَذْتُ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَأَلْقَيْتُهَا فِي فَمِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْزِعْهَا فَإِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِأَهْلِهِ

رَوَى شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِتَمْرٍ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَتَنَاوَلَ الحسن ابن عَلِيٍّ مِنْهَا تَمْرَةً فَلَاكَهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِخْ إِنَّهُ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ فَلَا تَحِلُّ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَا لِبَنِي هَاشِمٍ وَلَا لِمَوَالِيهِمْ لَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ إِنَّ مَوَالِيَ بَنِي هَاشِمٍ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ وَهَذَا خِلَافُ الثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حدثنا عمرو ابن عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ

عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَرَادَ أَبُو رَافِعٍ أَنْ يَتْبَعَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لَنَا وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ وَأَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْمُهُ أَسْلَمُ وَقِيلَ إِبْرَاهِيمُ وقيل غر ذَلِكَ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي جَوَازِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ لِبَنِي هَاشِمٍ وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ لَا بَأْسَ بِهَا لِبَنِي هَاشِمٍ وَمَوَالِيهِمْ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا وَالْعَبَّاسَ وَفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَغَيْرَهُمْ

تَصَدَّقُوا وَأَوْقَفُوا أَوْقَافًا عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَصَدَقَاتُهُمُ الْمَوْقُوفَةُ مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ وَلَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ فِي قَبُولِ الْهَدَايَا وَالْمَعْرُوفِ سَوَاءً وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وَسَنَزِيدُ هَذَا الْبَابَ بَيَانًا فِي أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا امْتِنَاعُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَكْلِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فَمَشْهُورٌ وَمَنْقُولٌ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حدثنا حمزة بن محمد ابن عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أخبرنا زياد ابن أَيُّوبَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إسمعيل قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ الصَّبَّاحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

الدَّرْوَقِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُتِيَ بِشَيْءٍ سَأَلَ عَنْهُ أَصَدَقَةٌ أَمْ هَدِيَّةٌ فَإِنْ قِيلَ صَدَقَةٌ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ وَإِنْ قِيلَ هَدِيَّةٌ بَسَطَ يَدَهُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ رَاشِدٍ الْإِمَامُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَيُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ السَّدُوسِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

كَانَ إِذَا أُتِيَ بِهَدِيَّةٍ قَبِلَهَا وَإِذَا أُتِيَ بِصَدَقَةٍ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوهَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إسحق عَنْ أَبِي قُرَّةَ الْكِنْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ كُنْتُ مِنْ أَبْنَاءِ أَسَاوِرَةِ فَارِسَ وَكُنْتُ فِي كُتَّابٍ وَكَانَ مَعِي غُلَامَانِ فَإِذَا أَتَيَا مِنْ عِنْدِ مُعَلِّمِهِمَا أَتَيَا قِسًّا فَدَخَلَا عَلَيْهِ فَدَخَلْتُ مَعَهُمَا عَلَيْهِ فَقَالَ أَلَمْ أَنْهَكُمَا أَنْ تَأْتِيَانِي بِأَحَدٍ فَجَعَلْتُ أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ حَتَّى كُنْتُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُمَا فَقَالَ لِي إِذَا سَأَلَكَ أَهْلُكَ مَا حَبَسَكَ فَقُلْ مُعَلِّمِي وَإِذَا سَأَلَكَ معلما مَا حَبَسَكَ فَقُلْ أَهْلِي ثُمَّ إِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَحَوَّلَ فَقُلْتُ لَهُ أَنَا أَتَحَوَّلُ مَعَكَ فَتَحَوَّلْتُ مَعَهُ فَنَزَلْتُ قَرْيَةً فَكَانَتِ امْرَأَةٌ تَأْتِيهِ فَلَمَّا حَضَرَ قَالَ لِي يَا سَلْمَانُ احْفِرْ عِنْدَ رَأْسِي فَحَفَرْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ فَاسْتَخْرَجْتُ جَرَّةً مِنْ دَرَاهِمَ فَقَالَ لِي صُبَّهَا عَلَى صَدْرِي فَصَبَبْتُهَا عَلَى صَدْرِهِ فَجَعَلَ يَقُولُ وَيْلٌ لِاقْتِنَائِي ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ فَهَمَمْتُ بِالدَّرَاهِمِ أَنْ أُحَوِّلَهَا ثُمَّ إِنِّي ذَكَرْتُ قَوْلَهُ فَتَرَكْتُهَا ثُمَّ إِنِّي أَذِنْتُ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانَ بِهِ فَحَضَرُوهُ فَقُلْتُ لَهُمْ إِنَّهُ قَدْ تَرَكَ مَالًا فَقَامَ شَبَابٌ مِنَ الْقَرْيَةِ فَقَالُوا هَذَا مَالُ أَبِينَا فَأَخَذُوهُ قَالَ فقلت للرهبان أخبروني برجل

عالم ابتعه فَقَالُوا مَا نَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ رَجُلًا أَعْلَمَ من رجل بحمص فانطلقلت إِلَيْهِ فَلَقِيتُهُ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ قَالَ وَمَا جَاءَ بِكَ إِلَّا طَلَبُ الْعِلْمِ قُلْتُ مَا كَانَ إِلَّا طَلَبُ الْعِلْمِ فَقَالَ إِنِّي لَا أَعْلَمُ الْيَوْمَ فِي الْأَرْضِ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ رَجُلٍ يَأْتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ كُلَّ سَنَةٍ إِنِ انْطَلَقْتَ الْآنَ وَافَقْتَ حِمَارَهُ فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِهِ عَلَى بَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ وَانْطَلَقَ فَلَمْ أَرَهُ حَتَّى الْحَوْلِ فَجَاءَ فَقُلْتُ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا صَنَعْتَ بِي قَالَ وأنك لها هنا قُلْتُ نَعَمْ فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ الْيَوْمَ رَجُلًا أَعْلَمَ مِنْ رَجُلٍ خَرَجَ مِنْ أَرْضِ تَيْمَاءَ وَإِنْ تَنْطَلِقِ الْآنَ تُوَافِقْهُ وَفِيهِ ثَلَاثُ آيَاتٍ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَعِنْدَ غُرْضُوفِ كَتِفِهِ الْيُمْنَى خَاتَمُ النُّبُوَّةِ مِثْلُ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ لَوْنُهَا لَوْنُ جِلْدِهِ قَالَ فَانْطَلَقْتُ تَرْفَعُنِي أَرْضٌ وَتَخْفِضُنِي أُخْرَى حَتَّى مَرَرْتُ بِقَوْمٍ مِنَ الْأَعْرَابِ فَاسْتَعْبَدُونِي فَبَاعُونِي حَتَّى اشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ بِالْمَدِينَةِ فَسَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ الْعَيْشُ عَزِيزًا فَقُلْتُ لَهَا هَبِي لِي يَوْمًا فَقَالَتْ نَعَمْ فَانْطَلَقْتُ فَاحْتَطَبْتُ حَطَبًا فَبِعْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يَسِيرًا فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا فَقُلْتُ صَدَقَةٌ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ كُلُوا وَلَمْ يَأْكُلْ فَقُلْتُ هذه

مِنْ عَلَامَاتِهِ ثُمَّ مَكَثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ ثُمَّ قُلْتُ لِمَوْلَاتِي هَبِي لِي يَوْمًا فَقَالَتْ نَعَمْ فَانْطَلَقْتُ فَاحْتَطَبْتُ حَطَبًا فَبِعْتُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَصَنَعْتُ طَعَامًا فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا فَقُلْتُ هَدِيَّةٌ فَوَضَعَ يَدَهُ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ خُذُوا بِاسْمِ اللَّهِ فَقُمْتُ خَلْفَهُ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فَإِذَا خَاتَمُ النُّبُوءَةِ فَقُلْتُ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ فَقَالَ وَمَا ذَاكَ فَحَدَّثْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ ثُمَّ قُلْتُ أَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَنَّكَ نَبِيٌّ فَقَالَ لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ قَالَ حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَحَدِ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ عَاصِمٍ أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سعد عن يحيى ابن سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ سَلْمَانَ الْخَيْرَ كَانَ خَالَطَ النَّاسَ مِنْ أَصْحَابِ دَانْيَالَ بِأَرْضِ فَارِسَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَسَمِعَ ذِكْرَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَصِفَتَهُ فَإِذَا فِي حَدِيثِهِمْ أَنَّهُ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ فِي أَشْيَاءَ مِنْ صِفَتِهِ فَأَرَادَ الْخُرُوجَ فِي الْتِمَاسِهِ فَمَنَعَهُ أَبُوهُ ثُمَّ هَلَكَ أَبُوهُ فَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ يَلْتَمِسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ هُنَاكَ فِي كَنِيسَةٍ ثُمَّ سَمِعَ بِخُرُوجِ رسول

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذِكْرِهِ فَخَرَجَ يُرِيدُهُ فَأَخَذَهُ أَهْلُ تَيْمَاءَ فَاسْتَرَقُّوهُ فَقَدِمُوا بِهِ الْمَدِينَةَ فَبَاعُوهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَتَاهُ سَلْمَانُ بِشَيْءٍ فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَ صَدَقَةٌ فَأَمَرَ بِهَا فَصُرِفَتْ ثُمَّ جَاءَ بِشَيْءٍ فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَ هَدِيَّةٌ فَأَكَلَ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ سَلْمَانُ عِنْدَ ذَلِكَ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ فَقَالَ كَاتِبْهُمْ بِغَرْسِ مِائَةِ وَدِيَّةٍ فَرَمَاهُ الْأَنْصَارُ مِنْ وَدِيَّةٍ وَوَدِيَّتَيْنِ فَغَرَسَهَا فَأَقْبَلَ يَوْمًا آخَرَ وَإِنَّهُ لَفِي سَقْيِ ذَلِكَ الودي أو وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصٍ الْإِمَامُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ سَلْمَانَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَةٍ فَقَالَ صَدَقَةٌ عَلَيْكَ وَعَلَى أَصْحَابِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ فَدَفَعَهَا ثُمَّ جَاءَ مِنَ الْغَدِ بِمِثْلِهَا فَقَالَ هَذِهِ هَدِيَّةٌ لَكَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه

كُلُوا قَالَ ثُمَّ اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلْمَانَ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا مِنْ يَهُودَ وَعَلَى أَنْ يَغْرِسَ لَهُمْ كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّخْلِ يَقُومُ عَلَيْهِ حَتَّى يُدْرَكَ قَالَ فَغَرَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخْلَ كُلَّهُ إِلَّا نَخْلَةً غَرَسَهَا عُمَرُ قَالَ فَأَطْعَمَ النَّخْلُ كُلُّهُ إِلَّا النَّخْلَةَ الَّتِي غَرَسَهَا عُمَرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ غَرَسَ هَذِهِ النَّخْلَةَ فَقَالُوا عُمَرُ قَالَ فَقَطَعَهَا وَغَرَسَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْعَمَتْ مِنْ عَامِهَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حدثنا ابن الأصبهاني قال أخبرنا شريك عن عُبَيْدٍ الْمُكْتِبُ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَةٍ فَرَدَّهَا وَأَتَيْتُهُ بِهَدِيَّةٍ فَقَبِلَهَا وَإِنَّمَا لَمْ تَجُزْ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا لِأَنَّهُ لَا يَبْتَغِي بِهَا إِلَّا الْآخِرَةَ وَأُبِيحَتْ لَهُ الْهَدِيَّةُ لِأَنَّهُ يُثِيبُ عَلَيْهَا وَلَا تَلْحَقُهُ بِذَلِكَ مِنَّةٌ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا أَوْ لِغَارِمٍ أَوْ

لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ أَوْ لِرَجُلٍ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ فَتَصَدَّقَ عَلَى الْمِسْكِينِ فَأَهْدَى الْمِسْكِينُ لِلْغَنِيِّ وَهَذَا فِي مَعْنَى حَدِيثِ بَرِيرَةَ سَوَاءٌ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ وَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيهِ وَفِي إِسْنَادِهِ وَمَعَانِيهِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَوْلُهُ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ يريد الصدقة المفروضة وأما التطوع فغير محرمة على أحد غير مَنْ ذَكَرْنَا عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفْنَا فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا أَنَّ التَّنَزُّهَ عَنْهَا حَسَنٌ وقبولها من غير مسئلة لا بأس به ومسئلتها غير جائرة إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ بُدًّا وَسَنُبَيِّنُ هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى جَوَازِ شِرَاءِ الْمُتَصَدِّقِ صَدَقَتَهُ مِنَ السَّاعِي إِذَا قَبَضَهَا السَّاعِي وَبَانَ بِهَا إِلَى نَفْسِهِ بِحَدِيثِ بَرِيرَةَ هَذَا وَقَالُوا شِرَاءُ الصَّدَقَةِ مِنَ السَّاعِي وَمِنَ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ جَائِزٌ لِأَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى مُشْتَرِيهَا مِنْ غَيْرِ مِلْكِ الْجِهَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَانِعٍ لِلصَّدَقَةِ وَلَا عَائِدٍ فِيهَا مِنْ وَجْهِهَا وَقَالُوا كَمَا رَجَعَتِ الصَّدَقَةُ عَلَى بَرِيرَةَ هَدِيَّةً إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ بِذَاكَ بَأْسٌ وَكَذَلِكَ إِذَا اشْتَرَاهَا الْمُتَصَدِّقُ بِهَا وَقَالُوا كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَرِثَهَا لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بَأْسٌ وَقِيلَ

إِنَّ اسْتِقَاءَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ اللَّبَنَ الَّذِي سُقِيَهُ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ إِنَّمَا اسْتَقَاءَهُ لِأَنَّ الَّذِي سَقَاهُ إِيَّاهُ كَانَ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ الَّذِينَ لَا تَحِلُّ لَهُمُ الصَّدَقَةُ وَلَا يَصِحُّ مِلْكُهَا وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ وَيَسْتَقِرُّ عليها ملكه ما اسقاءه عُمَرُ لِأَنَّهُ كَانَ يَحِلُّ لَهُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ أَهْدَى إِلَيْهِ رَجُلٌ مِسْكِينٌ مِمَّا تُصُدِّقَ عَلَيْهِ عَلَى حَدِيثِ بَرِيرَةَ وَغَيْرِهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا إِهْدَاءُ الْمِسْكِينِ إِلَى الْغَنِيِّ فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَازُهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا وَغَيْرِهَا فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَيْضًا وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ مَا رَجَعَ بِالْمِيرَاثِ إِلَى الْمُتَصَدِّقِ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَازُهُ أَيْضًا فَوَجَبَ الْوُقُوفُ عند ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى حَسَبِ مَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا شِرَاءُ الصَّدَقَةِ مِنَ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَمِنَ السَّاعِي فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعُمَرَ فِي الْفَرَسِ الَّتِي حَمَلَ عَلَيْهَا عُمَرُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تَشْتَرِهَا وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ الْحَدِيثَ فَكَيْفَ يُجْمَعُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنَّ أَهْلَ

الْعِلْمِ حَمَلُوا نَهْيَهُ عَلَى شِرَاءِ الصَّدَقَةِ وَالْعَوْدَةِ فِيهَا عَلَى سَبِيلِ التَّنَزُّهِ عَنْهَا لَا عَلَى سَبِيلِ التَّحْرِيمِ وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ قَطْعِ الذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يُطْلِقَ لِلنَّاسِ اشْتِرَاءَ صَدَقَاتِهِمْ فَيَشْتَرُونَهَا مِنَ السَّاعِي وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ بَيْعُ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَإِعْطَاءُ الْقِيمَةِ عَنِ الْعَيْنِ الْوَاجِبَةِ وَسَنَذْكُرُ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ عُمَرَ فِي الْفَرَسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا رُجُوعُهَا بِالْمِيرَاثِ إِلَى الْمُتَصَدِّقِ بِهَا فَلَا تُهْمَةَ فِيهَا وَلَا كَرَاهِيَةَ تَدْخُلُهُ إِلَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من جَوَازِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يونس قال حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابن بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كُنْتُ تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِوَلِيدَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ وَتَرَكَتْ تِلْكَ الْوَلِيدَةَ فَقَالَ وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَجَعَتْ إِلَيْكِ بِالْمِيرَاثِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ فَمَاتَتْ وَبَقِيَتِ الْجَارِيَةُ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَجَعَتْ إِلَيْكِ بِالْمِيرَاثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُومِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا

عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ ابن مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلَحْمٍ فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالُوا شَيْءٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ قَالَ هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ إِذَا تَحَوَّلَتْ إِلَى غَيْرِ مَعْنَاهَا حَلَّتْ لِمَنْ لَمْ تَكُنْ تَحِلُّ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَفِي قَوْلِهِ هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا لَمْ يَحْرُمْ لِعَيْنِهِ كَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالدَّمِ وَالْعَذَرَاتِ وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَحَرُمَ لِعِلَّةٍ عَرَضَتْ مِنْ فِعْلِ فَاعِلٍ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْعِلَلِ فَإِنَّ تَحْرِيمَهُ يَزُولُ بِزَوَالِ الْعِلَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الدِّرْهَمَ الْمَغْصُوبَ وَالْمَسْرُوقَ حَرَامٌ عَلَى الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ مِنْ أَجْلِ غَصْبِهِ لَهُ وَسَرِقَتِهِ إِيَّاهُ فَإِنْ وَهَبَهُ لَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَالْمَسْرُوقُ مِنْهُ طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ حَلَّ لَهُ وَهُوَ الدِّرْهَمُ بِعَيْنِهِ

وَقَدِ اعْتَلَّ قَوْمٌ مِمَّنْ نَفَى الْقِيَاسَ فِي الْأَحْكَامِ وَزَعَمَ أَنَّ التَّعَبُّدَ بِالْأَسْمَاءِ دُونَ الْمَعَانِي بِحَدِيثِ بَرِيرَةَ هَذَا فِي قِصَّةِ اللَّحْمِ وَالصَّدَقَةِ بِهِ وَالْهَدِيَّةِ وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ اللَّحْمَ لَمَّا سُمِّيَ صَدَقَةً حَرُمَ فَلَمَّا سُمِّيَ هَدِيَّةً حَلَّ فَجَاءَ بِتَخْلِيطٍ مِنَ الْقَوْلِ وَخَطَلٍ مِنْهُ وَاحْتَجَّ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَلَامِ فِي هَذَا الْبَابِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَلَوْ ذَكَرْنَاهُ ها هنا خَرَجْنَا عَمَّا شَرَطْنَا وَعَمَّا لَهُ قَصَدْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَعَلَيْهِ تَوَكُّلُنَا

حديث رابع لربيعة مسند صحيح

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِرَبِيعَةَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا قَالَ فضالة الغنم

يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أو للذئب قال فضالة الابل قال مالك مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا وَالْعِفَاصُ هُنَا الْخِرْقَةُ الْمَرْبُوطُ فِيهَا الشَّيْءُ الْمُلْتَقَطُ وَأَصْلُ الْعِفَاصِ مَا سُدَّ بِهِ فَمُ الْقَارُورَةِ وَكُلُّ مَا سُدَّ بِهِ فَمُ الْآنِيَةِ فَهُوَ عِفَاصٌ يُقَالُ مِنْهُ عَفَصْتُ الْقَارُورَةَ وَأَعْفَصْتُهَا وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ هُوَ جِلْدٌ تُلْبِسُهُ رَأْسَ الْقَارُورَةِ وَالْوِكَاءُ الْخَيْطُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ يُقَالُ مِنْهُ أَوْكَيْتُهَا إِيكَاءً وَأَمَّا الصِّمَامُ فَهُوَ مَا يُدْخَلُ فِي فَمِ الْقَارُورَةِ فَيَكُونُ سِدَادًا لَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَانٍ اجْتَمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا وَمَعَانٍ اخْتَلَفُوا فِيهَا فَمِمَّا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ أَنَّ عِفَاصَ اللُّقَطَةِ وَوِكَاءَهَا مِنْ إِحْدَى عَلَامَاتِهَا وَأَدُلُّهَا عَلَيْهَا وَأَجْمَعُوا أَنَّ اللُّقَطَةَ مَا لَمْ تَكُنْ تَافِهًا يَسِيرًا أَوْ شَيْئًا لَا بَقَاءَ لَهُ فَإِنَّهَا تُعَرَّفُ حَوْلًا كَامِلًا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ صَاحِبَهَا إِذَا جَاءَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ مُلْتَقِطِهَا إِذَا ثَبَتَ لَهُ أَنَّهُ صَاحِبُهَا وَأَجْمَعُوا أَنَّ مُلْتَقِطَهَا إِنْ أَكَلَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَأَرَادَ صَاحِبُهَا أَنْ يُضَمِّنَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا فَصَاحِبُهَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّضْمِينِ

وَبَيْنَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى أَجْرِهَا فَأَيَّ ذَلِكَ تَخَيَّرَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ بِإِجْمَاعٍ وَلَا تَنْطَلِقُ يَدُ مُلْتَقِطَهَا عَلَيْهَا بِصَدَقَةٍ وَلَا تَصَرُّفٍ قَبْلَ الْحَوْلِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ آخِذَ ضَالَّةِ الْغَنَمِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَخُوفِ عَلَيْهَا لَهُ أَكْلُهَا وَاخْتَلَفُوا فِي سَائِرِ ذَلِكَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى إِبَاحَةِ الْتِقَاطِ اللُّقَطَةِ وَأَخْذِ الضَّالَّةِ مَا لَمْ تَكُنْ إِبِلًا لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَجَابَ السَّائِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ بِأَنْ قَالَ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا كَأَنَّهُ قَالَ احْفَظْهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَاعْرِفْ مِنَ الْعَلَامَاتِ مَا تُسْتَحَقُّ بِهِ إِذَا طُلِبَتْ وَقَالَ فِي الشَّاةِ هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ يَقُولُ خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ إِنْ لَمْ تَأْخُذْهَا كَأَنَّهُ يَحُضُّهُ عَلَى أَخْذِهَا وَلَمْ يَقُلْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ دَعُوهُ حَتَّى يَضِيعَ أَوْ يَأْتِيَهُ رَبُّهُ وَلَوْ كَانَ تَرْكُ اللُّقَطَةِ أَفْضَلَ لَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا كَمَا قَالَ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَهْلَ الْأَمَانَاتِ لَوِ اتَّفَقُوا عَلَى تَرْكِ اللُّقَطَةِ لَمْ تَرْجِعْ لُقَطَةٌ وَلَا ضَالَّةٌ إِلَى صَاحِبِهَا أَبَدًا لِأَنَّ غَيْرَ أَهْلِ الْأَمَانَاتِ لَا يَعْرِفُونَهَا بَلْ يَسْتَحِلُّونَهَا وَيَأْكُلُونَهَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ أَخْذِ اللُّقَطَةِ أَوْ تَرْكِهَا فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ يَجِدُهَا الرَّجُلُ أَيَأْخُذُهَا فَقَالَ أَمَّا الشَّيْءُ الَّذِي لَهُ بَالٌ فَإِنِّي أَرَى ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ إِنِّي رَأَيْتُ شفنا أَوْ قُرْطًا مَطْرُوحًا فِي الْمَسْجِدِ فَتَرَكْتُهُ فَقَالَ مَالِكٌ لَوْ أَخَذْتَهُ فَأَعْطَيْتَهُ بَعْضَ نِسَاءِ الْمَسْجِدِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ قَالَ وَكَذَلِكَ الَّذِي يَجِدُ الشَّيْءَ فَإِنْ كَانَ لَا يَقْوَى عَلَى تَعْرِيفِهِ فَإِنَّهُ يَجِدُ مَنْ هُوَ

أَقْوَى عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ يُعْطِيهِ فَيُعَرِّفُهُ فَإِنْ كَانَ الشَّيْءُ لَهُ بَالٌ فَأَرَى أَنْ يَأْخُذَهُ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَخْذَ اللُّقَطَةِ وَالْآبِقِ جَمِيعًا قَالَ فَإِنْ أَخَذَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَأَبَقَ الْآبِقُ أَوْ ضَاعَتِ اللُّقَطَةُ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ وَلَمْ يُضَيِّعْ لَمْ يَضْمَنْ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ وَجَدَ آبِقًا إِنْ كَانَ لِجَارٍ أَوْ لِأَخٍ رَأَيْتُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَإِنْ كَانَ لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْ فَلَا يَقْرَبْهُ وَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ تَرْكِ مَالٍ لِجَارِهِ أَوْ لِأَخِيهِ وَجُمْلَةُ مَذْهَبِ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّهُ فِي سَعَةٍ إِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وإن شاء تركها هذا قول اسمعيل بْنِ إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا جَعَلَهُ مَالِكٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِي أَخْذِ الْآبِقِ وَالْحَيَوَانِ الضَّوَالِّ مِنَ الْمُؤَنِ وَلَمْ يُكَلِّفِ اللَّهُ عِبَادَهُ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَهُ فَاعِلٌ فقد أحسن وليست اللقطة كذلك لأن المؤونة فِيهَا خَفِيفَةٌ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى غِذَاءٍ وَلَا اهْتِبَالِ حِرْزٍ وَلَا يُخْشَى غَائِلَتُهَا فَيُحْتَفَظُ مِنْهَا كَمَا يُصْنَعُ بِالْآبِقِ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي اللُّقَطَةِ إِنْ كَانَ شَيْءٌ لَهُ بَالٌ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيُعَرِّفَهُ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا فَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَأَمَّا ضَالَّةُ الْغَنَمِ فَلَا أُحِبُّ أَنْ يَقْرَبَهَا إِلَّا أَنْ يَحُوزَهَا لصاحبها

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَسَمِعْتُ اللَّيْثَ وَمَالِكًا يَقُولَانِ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ فِي الْقُرَى مَنْ وَجَدَهَا يُعَرِّفْهَا وَإِنْ وَجَدَهَا فِي الصَّحَارِي فَلَا يَقْرَبْهَا وَأَصْحَابُ مَالِكٍ يَقُولُونَ فِي الَّذِي يَأْخُذُ اللُّقَطَةَ ثُمَّ يَرُدُّهَا إِلَى مَكَانِهَا فِي فَوْرِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ إِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ تَبَاعَدَ ثُمَّ رَدَّهَا ضَمِنَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ تَبَاعَدَ وَلَا وَجْهَ عِنْدِي لِقَوْلِ أَشْهَبَ لِأَنَّهُ رَجُلٌ قَدْ حَصَلَ بِيَدِهِ مَالُ غَيْرِهِ ثُمَّ عَرَّضَهُ لِلضَّيَاعِ وَالتَّلَفِ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ تَرْكُ لُقَطَةٍ وَجَدَهَا إِذَا كَانَ أَمِينًا عَلَيْهَا قَالَ وَسَوَاءٌ قَلِيلُ اللُّقَطَةِ وَكَثِيرُهَا وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ضَالَّةِ الْغَنَمِ هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ يَقُولُ إِنْ لَمْ تَحْفَظْهَا بِنَفْسِكَ عَلَى أَخِيكَ أَكَلَهَا الذِّئْبُ فَاحْفَظْ عَلَى أَخِيكَ ضَالَّتَهُ الضَّائِعَةَ وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ وَخَلَفُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا

ذُؤَيْبُ بْنُ عِمَامَةَ السَّهْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ فَقَالَ هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ فَرُدَّ عَلَى أَخِيكَ ضَالَّتَهُ وَسُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ فَقَالَ مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا وَسُئِلَ عَنْ حَرِيسَةِ الْجَبَلِ فَقَالَ فِيهَا جَلَدَاتُ نكال وغزامة مِثْلِهَا فَإِذَا أَوَاهُ الْمُرَاحُ فَالْقَطْعُ فِيمَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرُدَّ عَلَى أَخِيكَ ضَالَّتَهُ يَعْنِي ضَالَّةَ الْغَنَمِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَخُوفِ عَلَيْهَا دَلِيلٌ عَلَى الْحَضِّ عَلَى أَخْذِهَا لِأَنَّهَا لَا تُرَدُّ إِلَّا بَعْدَ أَخْذِهَا وَحُكْمُ اللُّقَطَةِ فِي خَوْفِ التَّلَفِ عَلَيْهَا وَالْبِدَارِ إِلَى أَخْذِهَا وَتَعْرِيفِهَا كَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ العلماء في اللقطة والضالة وكان أبوه عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ اللُّقَطَةِ وَالضَّالَّةِ قَالُوا الضَّالَّةُ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْحَيَوَانِ وَاللُّقَطَةُ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ إِنَّمَا الضَّوَالُّ مَا ضَلَّ بِنَفْسِهِ وَكَانَ يَقُولُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَدَعَ اللُّقَطَةَ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَخْذُ الضالة ويحتج

بِحَدِيثِ الْجَارُودِ وَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ حَرْقُ النَّارِ وَبِحَدِيثِ جَرِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يؤوى الضَّالَّةَ إِلَّا ضَالٌّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اللُّقَطَةُ وَالضَّوَالُّ سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى وَالْحُكْمُ فِيهَا سَوَاءٌ وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا وَأَنْكَرَ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدٍ الضَّالُّ مَا ضَلَّ بِنَفْسِهِ وَقَالَ هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ قَوْلُهُ لِلْمُسْلِمِينَ إِنَّ أُمَّكُمْ ضَلَّتْ قِلَادَتَهَا فَأَطْلَقَ ذَلِكَ عَلَى الْقِلَادَةِ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ حَرْقُ النَّارِ قَالَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَرَادُوهَا لِلرُّكُوبِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا لَا لِلْحِفْظِ عَلَى صَاحِبِهَا لِذَلِكَ قَالَ لَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ حَرْقُ النَّارِ قَالَ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَا أَحْمِلُكُمْ قُلْنَا نَحْنُ نَجِدُ في الطريق

ضَوَالَّ مِنَ الْإِبِلِ نَرْكَبُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ حَرْقُ النار وقال في قوله لا يؤوى الضَّالَّةَ إِلَّا ضَالٌّ قَالَ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ يُؤْوِيهَا لِنَفْسِهِ لَا لِصَاحِبِهَا وَلَا يُعَرِّفُهَا وذكر الحطاوي أَيْضًا عَنْ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنِ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ عَنْ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من آوَى ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ضَالَّةِ الْغَنَمِ هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ وَفِي ضالة الابل

مالك وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ خَوْفُ التَّلَفِ وَالذَّهَابِ لَا جِنْسُ الذَّهَابِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا ضَلَّ بِنَفْسِهِ وَبَيْنَ مَا لَمْ يَضِلَّ بِنَفْسِهِ إِذَا خُشِيَ عَلَيْهِ التَّلَفُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ ضَالَّةِ الْغَنَمِ وَضَالَّةِ الْإِبِلِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ غَضِبَ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ ثُمَّ قَالَ فِيهَا مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْإِبِلَ تَصْبِرُ عَلَى الْمَاءِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَأَكْثَرَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِحُكْمِ الشَّاةِ لِأَنَّهُ يَقُولُ إِنْ لَمْ تَأْخُذْهَا وَلَا وَجَدَهَا أَخُوكَ صَاحِبُهَا أَوْ غَيْرُهُ أَكَلَهَا الذِّئْبُ يَقُولُ فَخُذْهَا وَهَذَا مَحْفُوظٌ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حدثنا أحمد ابن مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ سُفْيَانُ فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ فَغَضِبَ وَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ وَقَالَ مَا لَكَ وَلَهَا

مَعَهَا الْحِذَاءُ وَالسِّقَاءُ تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا وَسُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ فَقَالَ خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ وَسُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنِ اعْتُرِفَتْ وَإِلَّا فَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ كَذَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ رَبِيعَةَ وَخَالَفَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَرَوَيَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ جَمِيعًا عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَيْطَارِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنَ سعيد وربيعة ابن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن اللُّقَطَةِ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ قَالَ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فَاسْتَعِنْ بِهَا وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إِلَيْهِ وَسُئِلَ عن ضالة الابل فقال مالك وَلَهَا دَعْهَا مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا وَسَأَلَهُ عَنِ الشَّاةِ فَقَالَ خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لأخيك أو للذئب وكذلك رواه القعنبي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ جَمِيعًا عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً فِي ضَالَّةِ الْغَنَمِ وَفِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ وَفِي اللُّقَطَةِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فَاسْتَنْفِعْ بِهَا وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حدثنا اسمعيل بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ضالة الابل فقال مالك وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا دَعْهَا تَأْكُلُ الشَّجَرَ وَتَرِدُ الْمَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهَا بَاغِيهَا ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ فَقَالَ هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَعِدَّتَهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَّفَهَا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي التَّافِهِ الْيَسِيرِ الْمُلْتَقَطِ هَلْ يُعَرَّفُ حَوْلًا أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ تَافِهًا يَسِيرًا تُصُدِّقَ بِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ كَالدِّرْهَمِ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي اللُّقَطَةِ مِثْلَ الْمِخْلَاةِ وَالْحَبْلِ وَالدَّلْوِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي طَرِيقٍ وَضَعَهُ فِي أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ إِلَيْهِ لِيُعْرَفَ وَإِنْ كَانَ فِي مَدِينَةٍ انْتَفَعَ بِهِ وَعَرَّفَهُ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ كَانَ عَلَى حَقِّهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَا كَانَ عشرة دراهم فصاعدا

عَرَّفَهَا حَوْلًا وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ عَرَّفَهَا عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ كَقَوْلِهِمْ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ قَالَ مَا كان دون عشرة دراهم عرفه ثلاث أَيَّامٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ الَّذِي يَجِدُ الدِّرْهَمَ يُعَرِّفُهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُعَرِّفُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ حَوْلًا كَامِلًا وَلَا تَنْطَلِقُ يَدُهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ إِلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِذَا عَرَّفَهُ حَوْلًا أَكَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهُ كَانَ غَرِيمًا فِي الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ قَالَ وَإِنْ كَانَ طَعَامًا لَا يَبْقَى فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ وَيَغْرَمُهُ لِرَبِّهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَمِمَّا وُجِدَ بِخَطِّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَبِيعَهُ وَيُقِيمَ عَلَى تَعْرِيفِهِ حَوْلًا ثُمَّ يَأْكُلَهُ هَذَا أَوْلَى بِهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَقُلْ لِلْمُلْتَقِطِ فَشَأْنَكَ بِهَا إِلَّا بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ التَّعْرِيفُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ فِيمَا عَلِمْتُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الْعَامَّةِ وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ يَطُولُ ذِكْرُهُمْ أَنَّ اللُّقَطَةَ يُعَرِّفُهَا وَاجِدُهَا سَنَةً فَإِنْ لَمْ يَأْتِ لَهَا مُسْتَحِقٌّ أَكَلَهَا وَاجِدُهَا إِنْ شَاءَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَقَدْ تَصَدَّقَ بِهَا فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَجْرِ وَالضَّمَانِ وَبِهَذَا كُلِّهِ أَيْضًا قَالَ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْهُمْ مَالِكٌ والثوري

وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُمْ الا ما بينا عنهم في كتبانا هَذَا مِنْ تَفْسِيرِ بَعْضِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْفَقِيرَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْغَنِيِّ فَقَالَ مَالِكٌ أَمَّا الْغَنِيُّ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَيَضْمَنَهَا إِنْ جاء صاحبها وقال ابن وهب قلت لمالك فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ قَالَ لِلَّذِي وَجَدَ الصُّرَّةَ عَرِّفْهَا ثَلَاثًا ثُمَّ احْبِسْهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا قَالَ مَا شَأْنُهُ بِهَا قَالَ يَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهَا وَإِنْ شَاءَ اسْتَنْفَقَهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا أَدَّاهَا إِلَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ كَانَ مَالًا كَثِيرًا جَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ بَعْدَ السَّنَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَأْكُلُهَا الْغَنِيُّ أَلْبَتَّةَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَإِنَّمَا يَأْكُلُهَا الْفَقِيرُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا الْغَنِيُّ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا كَانَ مُخَيَّرًا عَلَى الْفَقِيرِ الْآكِلِ وَعَلَى الْغَنِيِّ الْمُتَصَدِّقِ فِي الْأَجْرِ أَوِ الضَّمَانِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَأْكُلُ اللُّقَطَةَ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَقَوْلِهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَدْ قَالَ لِوَاجِدِهَا شَأْنَكَ بِهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَعَلَى مَنْ أَكَلَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا الضَّمَانُ إِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَرَى أَنَّ الْغَنِيَّ لَا يَأْكُلُ اللُّقَطَةَ بَعْدَ الْحَوْلِ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْمَذْكُورِ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ بِقَوْلِهِ وَعَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ عُرِفَتْ وَإِلَّا فَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ قَالُوا فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّائِلَ عَنْ حُكْمِ اللُّقَطَةِ وَالضَّالَّةِ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ كَانَ غَنِيًّا فَخَرَجَ الْجَوَابُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ فَشَأْنَكَ بِهَا وَقَوْلِهِ فَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ وَقَوْلِهِ وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ نَحْوَ هَذَا فَمَا رُوِيَ مِنِ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُوجِبَةِ لَا تَكُونُ عِنْدَهُ مَرْفُوعَةً لِصَاحِبِهَا وَهِيَ تَفْسِيرُ مَعْنَى قَوْلِهِ شَأْنَكَ بِهَا وَحُجَّةُ مَنْ أَجَازَ لِلْغَنِيِّ أَكْلَهَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ شَأْنَكَ بِهَا وَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ وَلَمْ يَسْأَلْهُ أَفَقِيرٌ هُوَ أَمْ غَنِيٌّ وَلَا فَرْقَ لَهُ بَيْنَ الْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ فَرْقٌ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ لَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفَقِيرُ قَدْ يَكُونُ لَهُ مَالٌ لَا يُخْرِجُهُ إِلَى حَدِّ الْغِنَى فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهُ اخْلِطْهَا بِمَالِكَ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى انْطِلَاقِ يَدِهِ عَلَيْهَا بِمَا أَحَبَّ كَانْطِلَاقِ يَدِهِ فِي مَالِهِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في حديث عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَهُوَ أحق بها وإلا فهو مال الله يوتيه مَنْ يَشَاءُ وَهَذَا مَعْنَاهُ انْطِلَاقُ يَدِ الْمُلْتَقِطِ وَتَصَرُّفِهِ فِيهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَكِنَّهُ يَضْمَنُهَا إِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَاجِبٌ ذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلِكٌ مَالَ غَيْرِهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنِ اسْتَهْلَكَ مَالَ غَيْرِهِ وَأَنْفَقَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ

غَرِمَهُ وَضَمِنَهُ وَمَنِ اسْتَهْلَكَ لِغَيْرِهِ شَيْئًا مِنَ المال ضمنه بأبي وجه استهلكه وهذا مالا خِلَافَ فِيهِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنِ الْإِكْثَارِ وَاخْتَلَفُوا فِي دَفْعِ اللُّقَطَةِ إِلَى مَنْ جَاءَ بِالْعَلَامَةِ دُونَ بَيِّنَةٍ فَقَالَ مَالِكٌ تُسْتَحَقُّ بِالْعَلَامَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهَا إِلَيْهِ فَإِنْ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ فَاسْتَحَقَّهَا بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَضْمَنِ الْمُلْتَقِطُ شَيْئًا قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ اللُّصُوصُ إِذَا وُجِدَ مَعَهُمْ أَمْتِعَةٌ فَجَاءَ قَوْمٌ فَادَّعَوْهَا وَلَيْسَتْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ أَنَّ السُّلْطَانَ يَتَلَوَّمُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُمْ دَفَعَهَا إِلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ الْآبِقُ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ أَنَّهَا تُدْفَعُ لِمَنْ جَاءَ بِالْعَلَامَةِ وَالْحُجَّةُ لِمَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعِدَّتَهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَهَا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ وَهَذَا نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ يُوجِبُ طَرْحَ مَا خَالَفَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا تُسْتَحَقُّ إِلَّا بينة وَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهَا إِلَّا مَنْ جَاءَ بِالْعَلَامَةِ وَيَسَعُهُ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ دُونَ قَضَاءٍ وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ فَإِذَا عَرَّفَ طَالِبُ اللُّقَطَةِ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَالْعَدَدَ وَالْوَزْنَ وَحَلَّاهَا بِحِلْيَتِهَا وَوَقَعَ فِي نَفْسِ الْمُلْتَقِطِ أَنَّهُ صَادِقٌ كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهَا وَإِلَّا أَجْبَرَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ الصِّفَةَ بِأَنْ يَسْمَعَ الْمُلْتَقِطَ يَصِفُهَا قَالَ وَمَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنْ يُؤَدِّي عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا مَعَهَا وَلِيَعْلَمَ إِذَا وَضَعَهَا فِي مَالِهِ أَنَّهَا

لُقَطَةٌ وَقَدْ يَكُونُ لِيَسْتَدِلَّ عَلَى صِدْقِ الْمُعْتَرِفِ أَرَأَيْتَ لَوْ وَصَفَهَا عَشَرَةٌ أَيُعْطَوْنَهَا نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّهُمْ كَاذِبٌ إِلَّا وَاحِدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ أَوْلَى وَلَمْ يُؤْمَرْ بِأَنْ يَعْرِفَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَلَامَاتِهَا إِلَّا لِذَلِكَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ عَرَفَهَا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ هَكَذَا قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي حَدِيثِهِ وَمَنْ كَانَ أَسْعَدَ بِالظَّاهِرِ أَفْلَحَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَخَذَ لُقَطَةً وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ الْتَقَطَهَا وَإِنَّهَا عِنْدَهُ يُعَرِّفُهَا ثُمَّ هَلَكَتْ عِنْدَهُ وَهُوَ لَمْ يُشْهِدْ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إِذَا هَلَكَتْ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَضْيِيعٍ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُشْهِدْ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُبْرُمَةَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ إِنْ أَشْهَدْ حِينَ أَخَذَهَا أَنَّهُ يَأْخُذُهَا لِيُعَرِّفْهَا لَمْ يَضْمَنْهَا إِنْ هَلَكَتْ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ ضَمِنَهَا وَحُجَّتُهُمَا فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الدِّينَوَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَطْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ أَبَا الْعَلَاءِ يُحَدِّثُ عَنْ أَخِيهِ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوَيْ عَدْلٍ وَلِيُعَرِّفْ وَلَا يَكْتُمْ وَلَا يُغَيِّبْ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ فِي الْإِشْهَادِ الْإِشَادَةَ وَالْإِعْلَانَ وَظُهُورَ الْأَمَانَةِ قَالَ وَلَمَّا لَمْ يَكُنِ الْإِشْهَادُ فِي الْغُصُوبِ يُخْرِجُهَا عَنْ حُكْمِ الضَّمَانِ وَكَانَ الْإِشْهَادُ فِي ذَلِكَ وَتَرْكُ الْإِشْهَادِ سَوَاءً وَهِيَ مَضْمُونَةٌ أَبَدًا أَشْهَدَ أَمْ لَمْ يُشْهِدْ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ اللُّقَطَةُ أَمَانَةً أَبَدًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ وَلِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَشْهَدَ لَمْ يَضْمَنْ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يُشْهِدْ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُلْتَقِطَ اللُّقَطَةِ إِذَا عَرَّفَهَا وَسَلَكَ فِيهَا سُنَّتَهَا وَلَمْ يَكُنْ مُغَيِّبًا وَلَا كَاتِمًا وَكَانَ مُعْلِنًا مُعَرِّفًا وَحَصَلَ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ أَمِينًا لَا يَضْمَنُ إِلَّا بِمَا يَضْمَنُ بِهِ الْأَمَانَاتِ وَإِذَا لَمْ يُعَرِّفْهَا وَلَمْ يَسْلُكْ بِهَا سُنَّتَهَا وَغَيَّبَ وَكَتَمَ وَلَمْ يُعْلِمِ النَّاسَ أَنَّ عِنْدَهُ لُقَطَةً ثُمَّ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ وَجَدَ لُقَطَةً

ذَكَرُوهَا وَضَمَّهَا إِلَى بَيْتِهِ ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَهَا ضَمِنَ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ الْفِعْلِ خَارِجٌ عَنْ حُدُودِ الْأَمَانَةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسَّائِلِ عَنِ اللُّقَطَةِ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَعَرَفَهَا يَعْنِي بِعَلَامَاتِهَا دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى إِبْطَالِ قَوْلِ كُلِّ مَنِ ادَّعَى عِلْمَ الْغَيْبِ فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا مِنَ الْكَهَنَةِ وَأَهْلِ التَّنْجِيمِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُوصَلُ إِلَى عِلْمِ ذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَعْرِفَةِ عَلَامَاتِهَا وَجْهٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذَا مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَحْكَامِ اللُّقَطَةِ وَوُجُوهِ الْقَوْلِ فِيهَا وَأَمَّا حُكْمُ الضَّوَالِّ مِنَ الْحَيَوَانِ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ وُجُوهِ ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ فِي ضَالَّةِ الْغَنَمِ مَا قَرُبَ مِنَ الْقُرَى فَلَا يَأْكُلُهَا وَيَضُمُّهَا إِلَى أَقْرَبِ الْقُرَى تُعَرَّفُ فِيهَا قَالَ وَلَا يَأْكُلُهَا وَاجِدُهَا وَلَا مَنْ تُرِكَتْ عِنْدَهُ حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ كَامِلَةٌ هَذَا فِيمَا يُوجَدُ بِقُرْبِ الْقُرَى وَأَمَّا مَا كَانَ فِي الْفَلَوَاتِ وَالْمَهَامِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَيَأْكُلُهَا وَلَا يُعَرِّفُهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ وَالْبَقَرُ بِمَنْزِلَةِ الْغَنَمِ إِذَا خِيفَ عَلَيْهَا السِّبَاعُ فَإِنْ لم يخف عليها السباع فَبِمَنْزِلَةِ الْإِبِلِ وَقَالَ فِي الْإِبِلِ إِذَا وَجَدَهَا فِي فَلَاةٍ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا فَإِنْ أَخَذَهَا فعرفها فلم يجيء صَاحِبُهَا خَلَّاهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ قَالَ وَالْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ يُعَرِّفُهَا ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا لِأَنَّهَا لَا تُوكَلُ

قَالَ مَالِكٌ لَا تُبَاعُ ضَوَالُّ الْإِبِلِ وَلَكِنْ يَرُدُّهَا إِلَى مَوْضِعِهَا الَّتِي أُصِيبَتْ فِيهِ وَكَذَلِكَ فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وَاتَّفَقَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إِنَّ الْإِمَامَ إِذَا كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ وَلَا مَأْمُونٍ لَمْ تُؤْخَذْ ضَوَالُّ الْإِبِلِ وَتُرِكَتْ مَكَانَهَا فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا كَانَ لَهُ أَخْذُهَا وَتَعْرِيفُهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا رَدَّهَا إِلَى الْمَكَانِ هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَرُدُّهَا وَيَبِيعُهَا وَيُمْسِكُ ثَمَنَهَا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ وَجَدَ شَاةً أَوْ غَنَمًا بِجَانِبِ قَرْيَةٍ إِنَّهُ لَا يَأْكُلُهَا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ أَوْ أَكْثَرُ فَإِنْ كَانَ لَهَا صُوفٌ أَوْ لَبَنٌ وَكَانَ قُرْبَهُ مَنْ يَشْتَرِي ذَلِكَ الصُّوفَ وَاللَّبَنَ فَلْيَبِعْهُ وَلْيَدْفَعْ ثَمَنَهُ لِصَاحِبِ الشَّاةِ إِنْ جَاءَ قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُصِيبَ مِنْ نَسْلِهَا وَلَبَنِهَا بِنَحْوِ قِيَامِهِ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ وَجَدَ تَيْسًا قُرْبَ قَرْيَةٍ إِنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتْرُكَهُ يَنْزُو عَلَى غَنَمِهِ مَا لَمْ يُفْسِدْهُ ذَلِكَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الشَّاةِ إِنْ أَكَلَهَا وَاجِدُهَا ضَمِنَهَا لِصَاحِبِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تؤخذ الشاة ويعرفها آخذها فإن لم يجيء صَاحِبُهَا أَكَلَهَا ثُمَّ ضَمِنَهَا لِصَاحِبِهَا إِنْ جَاءَ قَالَ وَلَا يَعْرِضُ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فَإِنْ أَخَذَ الْإِبِلَ ثُمَّ أَرْسَلَهَا ضَمِنَ

وذكر ان عثمان خالف (عمر فأمر) (أ) بِبَيْعِهَا وَحَبْسِ أَثْمَانِهَا لِأَرْبَابِهَا وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُدَّ عَلَى أَخِيكَ ضَالَّتَهُ وَبِقَوْلِهِ فِي اللُّقَطَةِ وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ وَمَنْ أَرْسَلَ الْوَدِيعَةَ وَعَرَّضَهَا لِلضَّيَاعِ ضَمِنَهَا بِإِجْمَاعٍ (وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ مَنْ وَجَدَ بَعِيرًا فِي بَادِيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَأَخَذَهُ ثُمَّ أَرْسَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ وَشَبَّهَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِمَا بِالصَّيْدِ يَصِيدُهُ الْمُحْرِمُ ثُمَّ يُرْسِلُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عليه فأما الشافعي فالضالة عنده ها هنا كَاللُّقَطَةِ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي أَنَّهُ مَالٌ هَالِكٌ مُعَيَّنٌ قد لزمه حفظه بَعْدَ أَخْذِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَصِيرَ بِإِزَالَةِ يَدِهِ عنه ضامنا كالوديعة) (ب) قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَزْدِيُّ هُوَ الطَّحَاوِيُّ جَوَابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضَوَالِّ الْإِبِلِ بِغَيْرِ مَا أَجَابَ فِي ضَالَّةِ الْغَنَمِ إِخْبَارٌ مِنْهُ عَنْ حَالٍ دُونَ حَالٍ وَذَلِكَ عَلَى الْمَوَاضِعِ الْمَأْمُونِ عَلَيْهَا فِيهَا التَّلَفُ فَإِذَا تُخُوِّفَ عَلَيْهَا التَّلَفُ فَهِيَ وَالْغَنَمُ سَوَاءٌ قَالَ وَلَمْ يُوَافِقْ مَالِكًا أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى قَوْلِهِ فِي الشَّاةِ إِنْ أَكَلَهَا لَمْ يَضْمَنْهَا إِذَا وَجَدَهَا فِي الْمَوْضِعِ الْمَخُوفِ قَالَ وَاحْتِجَاجُهُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ هِيَ لَكَ لَيْسَ هُوَ عَلَى مَعْنَى التَّمْلِيكِ كَمَا أَنَّهُ إِذَا قَالَ أَوْ لِلذِّئْبِ لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّمْلِيكَ لِأَنَّ الذِّئْبَ يَأْكُلُهَا عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا فَكَذَلِكَ الْوَاجِدُ إِنْ أَكَلَهَا أَكَلَهَا عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا فَيَضْمَنُهَا وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ فِي

اللُّقَطَةِ وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ قَالَ وَذَلِكَ يُوجِبُ ضَمَانَهَا إِذَا أَكَلَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُدَّ عَلَى أَخِيكَ ضَالَّتَهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّاةَ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا وَذَلِكَ يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى آكِلِهَا وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ الَّذِي لَا يَرَى عَلَى آكِلِهَا فِي الْمَوْضِعِ الْمَخُوفِ شَيْئًا إِنَّ رَبَّهَا لَوْ أَدْرَكَهَا لَحْمًا فِي يَدِ وَاجِدِهَا وَفِي يَدِ الَّذِي تُصُدِّقَ بِهَا عَلَيْهِ وَأَرَادَ أَخْذَ لَحْمِهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَلَوْ بَاعَهَا وَاجِدُهَا كَانَ لِرَبِّهَا ثَمَنُهَا الَّذِي بِيعَتْ بِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا عِنْدَهُ فَالْوَجْهُ تَضْمِينُ آكِلِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ (لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَكْلِ الشَّاةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ أَخْذُهَا وَبَيْنَ أَكْلِ اللُّقَطَةِ وَاسْتِهْلَاكِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ لِأَنَّهُمَا قَدْ أُبِيحَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَفْعَلَ بِهَا مَا شَاءَ وَيَتَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا أَحَبَّ ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَى ضَمَانِ اللُّقَطَةِ لِصَاحِبِهَا إِنْ جَاءَ طالبها فكذلك الشاة وبالله التوفيق) (أ) وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذِكْرِ الْأَخِ صَاحِبَهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ لَكَ أَوْ لِغَيْرِكَ مِنَ النَّاسِ الْوَاجِدِينَ لَهَا وَأَيَّ الْوَجْهَيْنِ كَانَ فَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لِلذِّئْبِ يُوجِبُ تَلَفَهَا أَيْ إِنْ لَمْ تَأْخُذْهَا أَنْتَ وَلَا مِثْلُكَ أَكَلَهَا الذِّئْبُ وَأَنْتَ وَمِثْلُكَ أَوْلَى مِنَ الذِّئْبِ فَكَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهَا طُعْمَةً لِمَنْ وَجَدَهَا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ

لِلضَّمَانِ فِي طُعْمَةٍ أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَقَدْ شَبَّهَهَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالرِّكَازِ وَهَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ الرِّكَازَ لم يصح عليه ملك لأحد قبل) (أ) ويجوز ان يحتج أيضا لمالك فِي تَرْكِ تَضْمِينِ آكِلِهَا بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى إِبَاحَةِ أَكْلِهَا وَاخْتِلَافِهِمْ فِي ضَمَانِهَا وَالِاخْتِلَافُ لَا يُوجِبُ فَرْضًا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا (وَهَذَا الِاحْتِجَاجُ مُخَالِفٌ لأصول مالك ومذهبه) (ب) وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي الْإِبِلِ وَلَا فِي اللُّقَطَةِ وَذَلِكَ فَرْقٌ بَيِّنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ هَذَا مِمَّا يمكن أن يحتج به لمالك في ذلك وفي المسئلة نظر (والصحيح ما قدمت لك) (ج) وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ إِنْ أَكَلَ الشَّاةَ وَاجِدُهَا فِي الْفَلَاةِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا ضَمِنَهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ أَكَلَ طَعَامًا قَدِ اضْطُرَّ إِلَيْهِ لِغَيْرِهِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَالشَّاةُ أَوْلَى بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الضَّوَالِّ مِنَ الْمَوَاشِي يَتَصَدَّقُ بِهَا الْمُلْتَقِطُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ ثُمَّ يَأْتِي رَبُّهَا أنه ليس له شيء قال (هـ) وَلَيْسَتِ الْمَوَاشِي مِثْلَ الدَّنَانِيرِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي النَّفَقَةِ عَلَى الضَّوَالِّ وَاللَّقِيطِ

فَقَالَ مَالِكٌ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ إِنْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى الدَّوَابِّ وَالْإِبِلِ وَغَيْرِهَا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهَا بِالنَّفَقَةِ وَسَوَاءٌ أَنَفَقَ عَلَيْهَا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ قَالَ وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ بِالنَّفَقَةِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ كَالرَّهْنِ قَالَ وَيَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ اللُّقَطَةِ بِكِرَاءِ حَمْلِهَا وَقَالَ مَالِكٌ فِي اللَّقِيطِ إِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ الْمُلْتَقِطُ ثُمَّ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ فَإِنَّ الْمُلْتَقِطَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ إِنْ كَانَ طَرَحَهُ مُتَعَمِّدًا وَكَانَ مُوسِرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَرَحَهُ وَلَكِنْ ضَلَّ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ وَالْمُلْتَقِطُ مُتَطَوِّعٌ بِالنَّفَقَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ الرَّبِيعُ فِي الْبُوَيْطِيِّ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى الضَّوَالِّ مَنْ أَخَذَهَا فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهَا فَلْيَذْهَبْ إِلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَفْرِضَ لَهُ النَّفَقَةَ وَيُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَقْبِضَ تِلْكَ النَّفَقَةَ مِنْهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا وَلَا يَكُونُ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا إِلَّا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ فَإِنْ جَاوَزَ ذَلِكَ أَمَرَ بِبَيْعِهَا وَقَالَ الْمُزَنِيُّ عَنْهُ إِذَا أَمَرَ الْحَاكِمُ بِالنَّفَقَةِ كَانَتْ دَيْنًا وَمَا ادَّعَى قَبْلُ مِنْهُ إِذَا كَانَ مِثْلَهُ قَصْدًا وَقَالَ الْمُزَنِيُّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِالْأَمِينِ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى الْعَبْدِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدِ انْتَفَعَ بِهِ وَخَدَمَهُ فَتَكُونَ النَّفَقَةُ بِمَنْفَعَةٍ وَقَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ إِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ الْمُلْتَقِطُ احْتِسَابًا لَمْ يَرْجِعْ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ احْتَسَبَ بِمَنْفَعَتِهِ وَأُعْطِيَ نَفَقَتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ نَفَقَتِهِ بِشَيْءٍ فِي الْحُكْمِ وَيُعْجِبُنِي فِي الْوَرَعِ وَالْأَخْلَاقِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ نَفَقَتَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى اللُّقَطَةِ وَالْآبِقِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَإِنْ أَنْفَقَ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَهُوَ دَيْنٌ عَلَى صَاحِبِهَا إِذَا جَاءَ وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَهَا بِالنَّفَقَةِ إِذَا حَضَرَ صَاحِبُهَا وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَنَحْوُهَا حَتَّى يَأْمُرَ الْقَاضِي بِبَيْعِ الشَّاةِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَيَقْضِي بِالنَّفَقَةِ وَأَمَّا الْغُلَامُ وَالدَّابَّةُ فَيُكْرَى وَيُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنَ الْأُجْرَةِ قَالُوا وَمَا أَنْفَقَ عَلَى اللَّقِيطِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ إِلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الثَّوْرِيِّ إِنَّ مَنْ أَنْفَقَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ فِي الضَّالَّةِ وَاللَّقِيطِ كَانَ دَيْنًا وَقَالَ اللَّيْثُ فِي اللَّقِيطِ إِنَّهُ يَرْجِعُ الْمُلْتَقِطُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى أَبِيهِ إِذَا ادَّعَاهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ لِأَنَّهُ قَالَ كُلُّ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى مَنْ لَا تَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ

حديث خامس لربيعة بن أبي عبد الرحمن مسند صحيح

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ محمد بن يحيى ابن حَبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبْيًا من سبي العرب فأشتيهنا النِّسَاءَ وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ فَقُلْنَا نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نسئله فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مَا عَلَيْكُمْ أَلَّا تَفْعَلُوا مَا مِنْ

نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ (هَكَذَا جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ) (أ) قَالَ أَبُو عُمَرَ وَرِوَايَةُ رَبِيعَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ تَدْخُلُ فِي بَابِ رِوَايَةِ النَّظِيرِ عَنِ النَّظِيرِ وَالْكَبِيرِ عَنِ الصَّغِيرِ وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّكَ عَلَى مَا كَانَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ مِنَ الْبَحْثِ عَنِ العلم واستدامة طلبه العمر كله عند كُلُّ مَنْ طَمِعَ بِهِ عِنْدَهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرُ جُوَيْرِيَةَ ذَكَرَهُ السُّدِّيُّ عَنِ الْعَبَّاسِ العنبري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْ جُوَيْرِيَةَ عَنْ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عُقَيْلٌ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابن محيريز (عن أبي سعيد الخدري) (ج) وَخَالَفَهُمَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ (وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أيوب عن ربيعة عن محمد

ابن يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو صِرْمَةَ وَكَانَ أَكْبَرَ مِنِّي وَأَفْضَلَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَسَأَلْنَاهُ عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ أَسَرْنَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ فَقُلْنَا نَعْزِلُ وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ سَوَاءً بِمَعْنَاهُ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ الشَّامِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَأَبَا صِرْمَةَ الْمَازِنِيَّ يَقُولَانِ أَصَبْنَا سَبَايَا فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهِيَ الْغَزْوَةُ الَّتِي أَصَابَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُوَيْرِيَةَ فَكَانَ مِنَّا مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَّخِذَ أَهْلًا وَمِنَّا مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ وَيَبِيعَ فَتَذَاكَرْنَا الْعَزْلَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا عَلَيْكُمْ أَلَّا تَفْعَلُوا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَدَّرَ مَا هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلِهَذَا الِاضْطِرَابِ فِي ذِكْرِ أَبِي صِرْمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَذْكُرْهُ مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) وَخَالَفَهُمَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ فَرَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثُ مَالِكٍ وَشُعَيْبٍ وَعُقَيْلٍ هُوَ الصَّوَابُ عِنْدَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَأَمَّا حَدِيثُ جُوَيْرِيَةَ فَحَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال حدثنا يوسف ابن يَعْقُوبَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ أَصَبْنَا سَبَايَا فَكُنَّا نَعْزِلُ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَنَا وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ (وَأَمَّا حَدِيثُ عُقَيْلٍ فَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ (1417) بْنُ عَزِيزٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَامَةُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ عَنِ الرَّجُلِ يَعْزِلُ عَنِ امْرَأَتِهِ فَقَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محيريز

القرشي أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُصِيبُ سَبَايَا وَنُحِبُّ الْأَثْمَانَ فَكَيْفَ تَرَى فِي الْعَزْلِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ ذَلِكَ لَا عَلَيْكُمْ أَلَّا تَفْعَلُوا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ نَسَمَةٌ كَتَبَ اللَّهُ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ إِلَّا وَهِيَ خَارِجَةٌ فَلَا نَرَى أَنَّ هَذَا كَانَ نَهْيًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَزِيمَةً) وَأَمَّا ابْنُ مُحَيْرِيزٍ هَذَا فَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ نَزَلَ الْمَدِينَةَ وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي الشَّامِيِّينَ مِنْ جُلَّةِ التَّابِعِينَ وَخِيَارِهِمْ رَوَى عَنْهُ مَكْحُولٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْعَرَبَ تُسْبَى وَتُسْتَرَقُّ وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي هَذَا الْمَعْنَى وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الْعَرَبَ لَا تُسْتَرَقُّ وَفِيهِ إِبَاحَةُ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَأَنَّ مَا وَقَعَ فِي سَهْمِ الْإِنْسَانِ مِنَ الْغَنِيمَةِ مِلْكُ يَمِينِهِ وَذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِنْ أَطَيْبِ الْكَسْبِ وَهُوَ مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَحَرَّمَهُ عَلَى مَنْ قَبْلَهَا وَجَوَازُ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ مُقَيَّدٌ بِمَعَانٍ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ ذَوَاتُ الْمَحَارِمِ مِنَ النَّسَبِ وَالرِّضَاعِ (وَمِنْهَا أَلَّا توطأ من ليست كتابية حتى تسلم) (ب) وَمِنْهَا أَلَّا تُوطَأَ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً وَأَمَّا وَطْءُ نِسَاءِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَلَا يَخْلُو أَمْرُهُنَّ مِنْ أَنْ يَكُنَّ مِنْ نِسَاءِ الْعَرَبِ الَّذِينَ دَانُوا بِالنَّصْرَانِيَّةِ أَوِ الْيَهُودِيَّةِ فَيَحِلُّ

وَطْؤُهُنَّ أَوْ يَكُنَّ مِنَ الْوَثَنِيَّاتِ فَتَكُونُ إِبَاحَةُ وَطْئِهِنَّ مَنْسُوخَةً بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ يَعْنِي الْوَثَنِيَّاتِ وَمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الكتاب حتى يومن وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَمَا خَالَفَهُ فَشُذُوذٌ لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ (وَلَا يعد خلافا) (أ) وَفِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخْبِرَ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا فِيهِ مِمَّا لَا نَقِيصَةَ عَلَيْهِ فِي دِينِهِ مِنْهُ مِنْ شَهْوَةِ النِّسَاءِ لِلْعَفَافِ وَحُبِّ الْمَالِ لِلتَّسَتُّرِ وَالْكَفَافِ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنِ النَّاسِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ اشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَمَا عَلَيْكُمْ فَمَا بِمَعْنَى لَيْسَ وَلَا زَائِدَةَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ما منعك ألا تسجد إذا أَمَرْتُكَ بِمَعْنَى أَنْ تَسْجُدَ فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَفْعَلُوا أَيْ لَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي الْعَزْلِ وَقَوْلُهُ مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَرَادَ مَا مِنْ نَسَمَةٍ قَدَّرَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ إِلَّا وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا فَلَا يُوجِبُ الْعَزْلُ مَنْعَ الْوَلَدِ كَمَا لَا يُوجِبُ الِاسْتِرْسَالُ أَنْ يَأْتِيَ الْوَلَدُ بَلْ ذَلِكَ بِيَدِهِ تَعَالَى لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) وَفِيهِ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِقَوْلِهِ وَأَحْبَبْنَا الفداء فأردنا أن نعزل والفداء ها هنا الثَّمَنُ فِي الْبَيْعِ أَوْ أَخْذُ الْفِدَاءِ مِنْ أقاربهن

مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِيهِنَّ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَدْ مَلَكَ مَا وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنَ السَّبْيِ فَأَرَادُوا الْوَطْءَ وَخَافُوا الْحَمْلَ الْمَانِعَ مِنَ الْفِدَاءِ وَالْبَيْعِ فَهَمُّوا بِالْعَزْلِ رَجَاءَ السَّلَامَةِ مِنَ الْحَمْلِ فِي الْأَغْلَبِ وَلَمْ يُقْدِمُوا عَلَى الْعَزْلِ حَتَّى سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ الْيَهُودَ كَانَتْ تَقُولُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ إِنَّ العزل هو المؤودة الصغرى وكانوا أهل اكتاب فَلَمْ يُقْدِمُوا عَلَى الْعَزْلِ لِمَا كَانَ فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ قَوْلِ الْيَهُودِ حَتَّى وَقَفُوا عَلَى مَا فِي ذَلِكَ عِنْدَ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي شَرِيعَتِهِمْ فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَأَبَاحَ لَهُمُ الْعَزْلَ وَلَوْ كَانَتْ أُمُّ الْوَلَدِ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ حَمْلُهَا لَبَلَغُوا مِنَ الْوَطْءِ مَا أَحَبُّوا مَعَ حَاجَتِهِمْ إِلَى ذلك ولكنهم لما أرادوا الفداء أحبو الْعَزْلَ لِيَسْلَمَ ذَلِكَ لَهُمْ ثُمَّ لَمْ يُقْدِمُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَغَ مِنَ الْعِبَادِ وَقَدْ عَلِمَ كُلَّ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ وَقَدَّرَهَا وَجَفَّ الْقَلَمُ بِهَا وَمَا قُدِّرَ لَمْ يُصْرَفْ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَصَحِّ شَيْءٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ مَا دَامَتْ حَامِلًا مِنْ سَيِّدِهَا ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي بَيْعِهَا بَعْدَ وَضْعِ حَمْلِهَا وَأَصْلُ الْمُخَالِفِ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ إِجْمَاعٌ إِلَّا بِمِثْلِهِ وَهَذَا قطع لقوله ها هنا (إِلَّا أَنَّهُ يُعْتَرَضُ بِزَوَالِ الْعِلَّةِ الْمَانِعَةِ مِنْ بَيْعِهَا لِأَنَّهُ إِذَا زَالَ الْحَمْلُ الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَزُولَ بِزَوَالِهِ الْمَنْعُ مِنَ الْبَيْعِ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ ضُرُوبٌ مِنَ التَّشْغِيبِ وَأَمَّا طَرِيقُ الِاتِّبَاعِ لِلْجُمْهُورِ الَّذِي يُشْبِهُ الْإِجْمَاعَ فهو المنع من بيعهن) (أ) وعلى المنع من

بين جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِنَّ وَلَكِنَّهُ قَطَعَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كُتُبِهِ بِأَنَّهُنَّ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُنَّ وَعَلَى ذَلِكَ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ وَالْقَوْلُ بِبَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ شُذُوذٌ تَعَلَّقَتْ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ داود (اتباعا لعلي رضي الله عنه ولاحجة لها في ذلك) (ب) (ولا سلف لها) (ج) لِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مُخْتَلَفٌ عَنْهُ فِي ذَلِكَ (وَأَصَحُّ شَيْءٍ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَةَ (1419) يَقُولُ كَانَ عَلِيٌّ يَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فِي الدَّيْنِ) وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الْمَنْعُ مِنْ بَيْعِهِنَّ

وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ أَجَازَ بَيْعَهُنَّ مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا (وَهِيَ آثَارٌ لَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ وَفِيهَا) (أ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي مَارِيَةَ إِذْ وَلَدَتْ إِبْرَاهِيمَ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا وَالْحُجَجُ مُتَسَاوِيَةٌ فِي بَيْعِهِنَّ لِلْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَأَمَّا الْعَمَلُ وَالِاتِّبَاعُ فَعَلَى مذهب عمر رضي الله عنه او وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بُرْهَانٌ وَاضِحٌ عَلَى إِثْبَاتِ قِدَمِ الْعِلْمِ وَأَنَّ الْخَلْقَ يَجْرُونَ فِي عِلْمِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ فَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ عَنْ ذَلِكَ عَزَّ اللَّهُ وَجَلَّ تَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا

وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي قَوْلِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ قَالَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ قبل أن يعلموه وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ أَبِي هِشَامٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ قَالَ كَانَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ الْغَنَائِمَ وَرَوَى سَالِمٌ الْأَفْطَسُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ قَالَ مَا كُتِبَ لَهُمْ مِنَ الشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ قَالَ مَا قُدِّرَ لَهُمْ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي الْقَدَرِ أَنَّهُ سِرُّ اللَّهِ لَا يُدْرَكُ بِجِدَالٍ وَلَا نَظَرٍ وَلَا تُشْفِي مِنْهُ خُصُومَةٌ وَلَا احْتِجَاجٌ وَحَسْبُ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْقَدَرِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَقُومُ شَيْءٌ دُونَ إِرَادَتِهِ وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ كُلُّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ نِظَامُ ذلك قوله وما تشاؤون إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَقَوْلُهُ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ وَحَسْبُ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْقَدَرِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَلَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَهُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ فَمَنْ رَدَّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى خَبَرَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ (أَوْ فِي أَحَدِهِمَا كَانَ عنادا وكفرا) (هـ) وَقَدْ ظَاهَرَتِ الْآثَارُ فِي التَّسْلِيمِ لِلْقَدَرِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْجَدَلِ فِيهِ وَالِاسْتِسْلَامِ لَهُ وَالْإِقْرَارِ بِخَيْرِهِ وشره

وَالْعِلْمِ بِعَدْلِ مُقَدِّرِهِ وَحِكْمَتِهِ وَفِي نَقْضِ عَزَائِمِ الْإِنْسَانِ بُرْهَانٌ فِيمَا قُلْنَا وَتِبْيَانٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ مَا يُنْكِرُ هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلِمَ عِلْمًا فَجَعَلَهُ كِتَابًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حدثنا محمد بن إسمعيل التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَلْحَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا الْوَدَّاكِ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ مَا مِنْ كُلِّ مَاءٍ يَكُونُ الْوَلَدُ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ خَلْقَ شَيْءٍ لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ

وَرَوَى يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُيَيْنَةُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ قَالَ بِلَالُ بْنُ أبي بردة لمحمد بن واسع مَا تَقُولُ فِي الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ فَقَالَ أَيُّهَا الأمير أن الله تبارك وتعالى لا يسئل عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَإِنَّمَا يسئلهم عَنْ أَعْمَالِهِمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السِّبَاءَ يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْطَلَقُوا عَلَى وَطْءِ السَّبَايَا يَوْمَئِذٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ انْطَلَقَتْ يَدُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنْهُنَّ وَأَرَادُوا الْعَزْلَ عَنْهُنَّ وَذَلِكَ مَحْمُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ مِنْهُمْ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ مَا خَبَرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَئِذٍ لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً رَوَاهُ شَرِيكٌ عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَأَنَسٍ رويفع بْنِ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوُهُ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بْنُ عيسى قال حدثنا اسحق بْنُ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ عن حنش الصنعاني عن رويفع

ابن ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال لا يحل لأحد يومن بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ مَوْلَى تُجِيبَ عَنْ حَنَشٍ سَمِعَ رُوَيْفِعَ بْنَ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أَحَادِيثُ حِسَانٌ وَعَلَيْهَا جماعة أهل العلم في الوطء الطارىء بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلَيْسَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي هَذَا حَدِيثٌ مُسْنَدٌ وَعِنْدَهُ فِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ يُنْهَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ عَلَى خَالَتِهَا وَأَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ وَلِيدَةً وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٍ لِغَيْرِهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الزَّوْجَيْنِ إِذَا سُبِيَا مَعًا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا سُبِيَ الْحَرْبِيَّانِ وَهُمَا زَوْجَانِ مَعًا فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْ سُبِيَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ وَأُخْرِجَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَقَدْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا سُبِيَا مَعًا فَمَا كَانَا فِي الْمَقَاسِمِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ فَإِنِ اشْتَرَاهُمَا رَجُلٌ فَإِنْ شَاءَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وإن شاء

فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَاتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ زَوَّجَهَا لِغَيْرِهِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِذَا سُبِيَتْ ذَاتُ زَوْجٍ اسْتُبْرِئَتْ بِحَيْضَتَيْنِ وَغَيْرُ ذَاتِ زَوْجٍ بِحَيْضَةٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا سُبِيَتْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ قَالَ وَالسِّبَاءُ يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فُرُوجَهُنَّ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِلَّذِينَ سَبُوهُنَّ وَصِرْنَ بِأَيْدِيهِمْ وَمِلْكِ أَيْمَانِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَا رَوَى ابْنُ وهب وابن عبد الحكم وهو قولهما وقو أَشْهَبَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا سُبِيَا مَعًا أَوْ مُفْتَرِقَيْنِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّهُنَّ السَّبَايَا ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ يُحِلُّهُنَّ السِّبَاءُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ هَذَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى ذَلِكَ وَفِيهِ تَفْسِيرُ الْآيَةِ وَهُوَ أَوْلَى مَا قِيلَ فِي تَفْسِيرِهَا وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ إِنَّ مَعْنَى الْآيَةِ فِي الْإِمَاءِ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ وَأَنَّهُنَّ إِذَا مُلِكْنَ جَازَ وَطْؤُهُنَّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَكَانَ بَيْعُهُنَّ طَلَاقَهُنَّ وَالتَّفْسِيرُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ رَوَى أَبُو علقمة الهاشمي عن أبي سعيد الخدري أن هَذِهِ الْآيَةَ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ نَزَلَتْ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ وَقَالَهُ الشَّعْبِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ أَنَّ أَبَا عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ حَدَّثَهُمْ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ يَوْمَ حُنَيْنٍ سَرِيَّةً فَأَصَابُوا أَحْيَاءً مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ يَوْمَ أَوْطَاسٍ فَقَتَلُوهُمْ وَهَزَمُوهُمْ وَأَصَابُوا نِسَاءً لَهُنَّ أَزْوَاجٌ فَكَأَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأَثَّمُوا مِنْ غِشْيَانِهِنَّ مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْهُنَّ فَحَلَالٌ لَكُمْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بَعْثًا يَوْمَ حُنَيْنٍ إِلَى أَوْطَاسٍ فَلَقُوا عَدُوًّا فَقَاتَلُوهُمْ فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ وَأَصَابُوا لَهُمْ سَبَايَا فَكَأَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَرَّجُوا مِنْ غِشْيَانِهِنَّ مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَهُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ حُجَّةٌ لِلْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ فِي اعْتِبَارِهِ الْعِدَّةَ فِي ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ مَا يُبَيِّنُ أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ لَيْسَ بِطَلَاقِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا (وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا إِبَاحَةُ الْعَزْلِ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ وَالْحُجَّةُ قَائِمَةٌ لِمَنْ أَجَازَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ حَدَّثَنَا

أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَابْنَ مَسْعُودٍ كَانَا يَعْزِلَانِ وَكَانَ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ يَكْرَهَانِ الْعَزْلَ) (وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ لِلرَّجُلِ) أَنْ يَعْزِلَ عَنِ الْأَمَةِ بِغَيْرِ أَمْرِهَا وَأَنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْتَاجُوا فِي أَمْرِ الْعَزْلِ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ مَعْرِفَةِ جَوَازِهِ في الشريعة لم يضيفوا الى ذلك استيمار الْإِمَاءِ وَلَا مُشَاوَرَتَهُنَّ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ الْعَزْلِ عَنْهُنَّ دُونَ رَأْيِهِنَّ وَالْأُصُولُ تَشْهَدُ لِصِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ له ان يمنع أمته الوطئ أَصْلًا كَانَ لَهُ الْعَزْلُ عَنْهَا أَحْرَى بِالْجَوَازِ وَهَذَا أَمْرٌ وَإِنْ كَانَ جَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ كَرَاهِيَةُ الْعَزْلِ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ عَلَى إِبَاحَتِهِ وَجَوَازِهِ وَهُوَ أَمْرٌ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَكَذَلِكَ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا فِي أَنَّ الْحُرَّةَ لَا يُعْزَلُ عَنْهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا لِأَنَّ الْجِمَاعَ مِنْ حَقِّهَا وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَلَيْسَ الْجِمَاعُ الْمَعْرُوفُ التَّامُّ إِلَّا أَنْ لَا يَلْحَقُهُ الْعَزْلُ وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ جَوَازُ الْعَزْلِ وَإِبَاحَتُهُ (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ اخْتَلَفَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْعَزْلِ وَإِنَّمَا هُوَ حَرْثُكَ إِنْ شِئْتَ سقيته وإن شئت عطشته) (ب) فَإِنْ قِيلَ قَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الْعَزْلَ وَيَقُولُ هُوَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ قِيلَ لَوْ صَحَّ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ كَانَتِ الْحُجَّةُ فِيمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ الصَّحَابَةِ فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ فَقُلْنَا نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نسئله فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ مَا عَلَيْكُمْ أَلَّا تَفْعَلُوا فَأَيُّ شَيْءٍ أَبْيَنُ مِنْ إِبَاحَةِ الْعَزْلِ (وَإِجَازَتِهِ وَهَذَا فِي السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ وَهِيَ الْحُجَّةُ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ خِلَافُ هَذَا وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَبِي رِفَاعَةَ قَالَ شَهِدْتُ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يذكرون الموءدة فِيهِمْ عَلِيٌّ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَالزُّبَيْرُ وَطَلْحَةُ وَسَعْدٌ فَاخْتَلَفُوا فَقَالَ عُمَرُ إِنَّكُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْتَلِفُونَ فِي هَذَا فَكَيْفَ بِمَنْ بَعْدَكُمْ فَقَالَ عَلِيٌّ إِنَّهَا لَا تَكُونُ مَوْءُودَةً حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهَا الْحَالَاتُ السَّبْعُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ صَدَقْتَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ قال ابن لهيعة انها لاتكون مَوْءُودَةً حَتَّى تَكُونَ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عَظْمًا ثُمَّ لَحْمًا ثُمَّ تَظْهَرُ ثُمَّ تَسْتَهِلُّ فَحِينَئِذٍ إِذَا دُفِنَتْ فَقَدْ وُئِدَتْ لِأَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَحَسَّتْ بِحَمْلٍ فَتَدَاوَتْ حَتَّى تُسْقِطَهُ فَقَدْ وأدته ومنهم من قال العزل الموءدوة الصُّغْرَى فَأَخْبَرَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ ذلك لا يكون موءدة إِلَّا بَعْدَ مَا وَصَفَ وَقَدْ قِيلَ فِي) قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ إِنْ شِئْتَ فَاعْزِلْ وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَعْزِلْ قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي ذِكْرِ الْآيَةِ قَوْلَانِ غير هذا ذكر إسمعيل بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا يَعْزِلُ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةٌ لِقَوْمٍ تَزَوَّجَهَا فَلَا يَعْزِلُ عَنْهَا إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَمَتَهُ فَلْيَعْزِلْ إِنْ شَاءَ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْعَزْلِ عَنِ الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا الْإِذْنُ فِي الْعَزْلِ عَنِ الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ إِلَى مَوْلَاهَا (وَعَنِ الثَّوْرِيِّ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا لَا يَعْزِلُ عنها الا بامرها والاخرى بأمر مولاها) (د)

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ عَنِ الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ دُونَ إِذْنِهَا وَدُونَ إِذْنِ مَوْلَاهَا وَلَيْسَ لَهُ الْعَزْلُ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَلَكِنَّ إِجْمَاعَ الْحُجَّةِ عَلَى الْقَوْلِ بمعناه يَقْضِي بِصِحَّتِهِ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أبو خيثمة زهير ابن حرب قال حدثنا اسحق بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْزَلَ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا (وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِي جَارِيَةً أَفَأَعْزِلُ عَنْهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سياتيها ما قدر لها) (ب)

حديث سادس لربيعة مرسل

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِرَبِيعَةَ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا رَافِعٍ مَوْلَاهُ وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَزَوَّجَاهُ مَيْمُونَةَ ابْنَةَ الْحَارِثِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ وَذَلِكَ عِنْدِي غَلَطٌ مِنْ مَطَرٍ لِأَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَقِيلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمَاتَ أَبُو رَافِعٍ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بِيَسِيرٍ وَكَانَ قَتْلُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَغَيْرُ جَائِزٍ وَلَا مُمْكِنٍ أَنْ يَسْمَعَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ مِنْ أَبِي رَافِعٍ وَمُمْكِنٌ صَحِيحٌ أَنْ يَسْمَعَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ مِنْ مَيْمُونَةَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ مَوْلِدِهِ وَلِأَنَّ مَيْمُونَةَ مَوْلَاتُهُ وَمَوْلَاةُ إِخْوَتِهِ أَعْتَقَتْهُمْ وَوَلَاؤُهُمْ لَهَا وَتُوُفِّيَتْ مَيْمُونَةُ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَصَلَّى عَلَيْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَسْمَعَ مِنْهَا وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا وَهُوَ مَوْلَاهَا وَمَوْضِعُهُ مِنَ الْفِقْهِ مَوْضِعُهُ وَقِصَّةُ مَيْمُونَةَ هَذِهِ أَصْلُ هَذَا الْبَابِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَغَيْرُ مُمْكِنٍ سَمَاعُهُ مِنْ أَبِي رَافِعٍ فَلَا مَعْنَى لِرِوَايَةِ مَطَرٍ وَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ أولى والله التوفيق

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَارَّقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن هانيء أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مطر الوراق عن ربيعة عن سليمان بن يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلَالٌ وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلَالٌ وَكُنْتُ الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ ان قاسم ابن أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَطَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ حَلَالًا وَبَنَى بِهَا حَلَالًا وَكُنْتُ الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْوَكَالَةِ فِي النِّكَاحِ وَهُوَ أَمْرٌ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَالرِّوَايَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلَالٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ مَيْمُونَةَ بِعَيْنِهَا وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَاهَا وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِهَا وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

وَابْنِ شِهَابٍ وَجُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْكِحْ مَيْمُونَةَ إِلَّا وَهُوَ حَلَالٌ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ رَوَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكَحَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَرِوَايَةُ مَنْ ذَكَرْنَا مُعَارِضَةٌ لِرِوَايَتِهِ وَالْقَلْبُ إِلَى رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ أَمْيَلُ لِأَنَّ الْوَاحِدَ أَقْرَبُ إِلَى الْغَلَطِ وَأَكْثَرُ أَحْوَالِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ يُجْعَلَ مُتَعَارِضًا مَعَ رِوَايَةِ مَنْ ذَكَرْنَا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ سَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِجَمِيعِهَا وَوَجَبَ طلب الدليل على هذه المسئلة مِنْ غَيْرِهَا فَوَجَدْنَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَقَالَ لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الَّتِي لَا مُعَارِضَ لَهَا لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ وَيَفْعَلَهُ مَعَ عَمَلِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ لَهَا وَهُمْ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ عُثْمَانَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي غطفان ابن طريف المريء قَالَ تَزَوَّجَ أَبِي وَهُوَ مُحْرِمٌ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَرَوَى قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ نَكَحَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَرَّقْنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ مُحْرِمٍ نَكَحَ قَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَهَؤُلَاءِ يَفْسَخُونَ نِكَاحَ الْمُحْرِمِ وَهُمْ جُلَّةُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالتَّفْرِيقُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ بَصِيرَةٍ مُسْتَحْكِمَةٍ وَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ عِنْدَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَذَلِكَ إِلَّا لِصِحَّتِهِ عِنْدَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكر عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَا يَتَزَوَّجُ الْمُحْرِمُ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى غَيْرِهِ

وَرَوَى مَالِكٌ وَأَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطُبُ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ مَيْمُونَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ سَأَلْتُ صَفِيَّةَ ابْنَةَ شَيْبَةَ أَتَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَتْ بَلْ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ وَجَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ قَالَا كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى مَيْمُونَ بن مهران ان يسئل يَزِيدَ بْنَ الْأَصَمِّ كَيْفَ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيْمُونَةَ أَحَلَالًا أَمْ حَرَامًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ بَلْ تَزَوَّجَهَا حَلَالًا وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَيْهِ فَهَذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يقنع في ذلك بيزيد بن الأصم (لِعِلْمِهِ بِاتِّصَالِهِ بِهَا وَهِيَ خَالَتُهُ وَلِثِقَتِهِ بِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قال أخبرني يزيد بن الأصم) (أ) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ حَلَالًا وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ مَيْمُونَ بْنِ

مِهْرَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَرَفَ وَهُمَا حَلَالَانِ بَعْدَ مَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ وَقَرَأْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو فَزَارَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ حَدَّثَتْنِي مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ قَالَ وَكَانَتْ خَالَتِي وَخَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي نِكَاحِ الْمُحْرِمِ فَقَالَ مالك واصحابه والليث وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ والشوري لَا بَأْسَ أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْرِمُ وَأَنْ يُنْكَحَ

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِنِكَاحِ الْمُحْرِمِ بَأْسًا قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ يَتَزَوَّجُ الْمُحْرِمُ إِنْ شَاءَ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ وَقَالَ لِي الثَّوْرِيُّ لَا تَلْتَفِتْ فِيهِ إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَحُجَّةُ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ حَدِيثُ عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَتَفْرِقَةُ عُمَرَ بَيْنَهُمَا تَدُلُّكَ عَلَى قُوَّةِ بَصِيرَتِهِ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مَيْمُونَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ أَتَيْتُ صَفِيَّةَ بِنْتَ شَيْبَةَ امْرَأَةً كَبِيرَةً فَقُلْتُ لَهَا أَتَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَتْ لَا وَاللَّهِ لَقَدْ تَزَوَّجَهَا وَهُمَا حَلَالَانِ وَحُجَّةُ الْعِرَاقِيِّينَ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَكَحَ مَيْمُونَةَ بِسَرَفَ وَهُوَ مُحْرِمٌ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِكْرِمَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَجَابِرُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو الشَّعْثَاءِ وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَذَكَرَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ حَدَّثْتُ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

نَكَحَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ حدثني يزيد بن الأصم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلَالٌ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ شِهَابٍ أَتَجْعَلُ حِفْظَ ابْنِ عَبَّاسٍ كَحِفْظِ أَعْرَابِيٍّ يَبُولُ عَلَى فَخِذَيْهِ حَدَّثَنَاهُ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَهِمَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَإِنْ كَانَتْ خَالَتَهُ مَا تَزَوَّجَهَا إِلَّا بَعْدَ مَا أَحَلَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَلَا أَدْرِي أَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُهُ أَوْ عَطَاءٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ السِّيَرِ فِي الْأَخْبَارِ فِي تَزْوِيجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيْمُونَةَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَقَالَ آخَرُونَ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ سَوَاءٌ وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خَيْبَرَ تَوَجَّهَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا سَنَةَ سَبْعٍ وَقَدِمَ عَلَيْهِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَخَطَبَ عَلَيْهِ مَيْمُونَةَ ابْنَةَ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةَ وَكَانَتْ أُخْتَهَا لِأُمِّهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ عند جعفر ابن أبي طالب وسلمى بنت عميس عند حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأُخْتَهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا أُمُّ الْفَضْلِ تَحْتَ الْعَبَّاسِ فَأَجَابَتْ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَتْ أَمْرَهَا إِلَى الْعَبَّاسِ فَأَنْكَحَهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَمَّا رَجَعَ بَنَى بِهَا بِسَرَفَ حَلَالًا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ عام الحديبية

مُعْتَمِرًا فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَهُوَ الشَّهْرُ الَّذِي صَدَّهُ فِيهِ الْمُشْرِكُونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَلَمَّا بَلَغَ مَوْضِعًا ذَكَرَهُ بَعَثَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ الْعَامِرِيَّةِ فَخَطَبَهَا عَلَيْهِ فَجَعَلَتْ أَمْرَهَا إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَزَوَّجَهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَلَالٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةُ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ الْعَامِرِيَّةُ وَهِيَ مِنْ وَلَدِ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَقَدْ ذَكَرْتُ نَسَبَهَا مَرْفُوعًا فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَعَلَيْهِ التَّوَكُّلُ

حديث سابع لربيعة مرسل منقطع

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِرَبِيعَةَ مُرْسَلٌ مُنْقَطِعٌ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مُضْطَجِعَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَأَنَّهَا وَثَبَتَ وَثْبَةً شَدِيدَةً فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مالك لَعَلَّكِ نَفِسْتِ يَعْنِي الْحَيْضَةَ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ شُدِّي عَلَى نَفْسِكِ إِزَارَكِ ثُمَّ عُودِي إِلَى مضجعك

(هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ كَمَا رُوِيَ مُنْقَطِعٌ) وَيَتَّصِلُ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَلْبَتَّةَ وَسَنَذْكُرُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَسَائِرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ولم يختلف ورواه الْمُوَطَّأِ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا رُوِيَ وَرَوَى حَبِيبٌ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَاجِعُ أُمَّ سَلَمَةَ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَيْهَا بَعْضُ الْإِزَارِ وَمَا انْفَرَدَ بِهِ حَبِيبٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ نَوْمُ الرَّجُلِ الشَّرِيفِ مَعَ أَهْلِهِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَسَرِيرٍ وَاحِدٍ وَفِيهِ أَنَّ الْحَيْضَ قَدْ يَأْتِي فَجْأَةً دُونَ مُقَدِّمَةٍ مِنَ الْعَلَامَاتِ لِبَعْضِ النِّسَاءِ وَبَعْضُهُنَّ تَرَى قَبْلَهُ صُفْرَةً أَوْ كُدْرَةً كَمَا تَرَى بَعْدَهُ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنَ الْغَيْبِ إِلَّا مَا علمه الله لقوله مالك لَعَلَّكِ نَفِسْتِ وَقَوْلُهُ نَفِسْتِ يَقُولُ لَعَلَّكِ أُصِبْتِ بِالدَّمِ يَعْنِي الْحَيْضَةَ وَالنَّفْسُ الدَّمُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ النَّخْعِيِّ وَهُوَ عَرَبِيٌّ فَصِيحٌ كُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ لَا يُفْسِدُهُ يَعْنِي دَمًا سَائِلًا وَفِيهِ أَنَّ الْحَائِضَ يَجُوزُ أَنْ يُبَاشَرَ مِنْهَا مَا فَوْقَ الْإِزَارِ لِقَوْلِهِ ثُمَّ عُودِي إِلَى مضجك وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا إِذَا عَادَتْ إِلَيْهِ فِي ثَوْبٍ واحد

مَعَهُ أَنْ يُبَاشِرَهَا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ يُفَسِّرُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ اعْتَزِلُوا النِّسَاءَ أَيْ لَا تَكُونُوا مَعَهُنَّ فِي الْبُيُوتِ وَيَحْتَمِلُ اعْتَزِلُوا وَطْأَهُنَّ لَا غَيْرَ فَأَتَتِ السُّنَّةُ مُبَيِّنَةً مُرَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا محمد ابن بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا موسى بن إسمعيل قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ الْيَهُودَ كَانَتْ إِذَا حَاضَتْ مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ أَخْرَجُوهَا مِنَ الْبَيْتِ وَلَمْ يُوَاكِلُوهَا وَلَمْ يُشَارِبُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي الْبَيْتِ فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزل الله ويسئلونك عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ وَاصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ النِّكَاحِ فَقَالَتِ الْيَهُودُ مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِنَا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ فَجَاءَ

أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا أَفَلَا نَنْكِحُهُنَّ فِي الْمَحِيضِ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ وَجَدَ عَلَيْهِمَا فَخَرَجَا فَاسْتَقْبَلَتْهُمَا هَدِيَّةٌ مِنْ لَبَنٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ فِي أَثَرِهِمَا فَسَقَاهُمَا فَظَنَنَّا أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِمَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في لِحَافِهِ فَوَجَدْتُ مَا يَجِدُ النِّسَاءُ مِنَ الْحَيْضَةِ فَانْسَلَلْتُ مِنَ اللِّحَافِ فَقَالَ

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَفِسْتِ قُلْتُ وَجَدْتُ مَا يَجِدُ النِّسَاءُ مِنَ الْحَيْضَةِ قَالَ ذَلِكَ مَا كَتَبَ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ قَالَتْ فَانْسَلَلْتُ فَأَصْلَحْتُ مِنْ شَأْنِي ثُمَّ رَجَعْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَالِي فَادْخُلِي فِي اللِّحَافِ قَالَتْ فَدَخَلْتُ مَعَهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ حِضْتُ وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمِيلَةِ قَالَتْ فَانْسَلَلْتُ فَخَرَجْتُ مِنْهَا فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حَيْضَتِي فَلَبِسْتُهَا فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَفِسْتِ قَالَتْ قُلْتُ نَعَمْ فَدَعَانِي فَأَدْخَلَنِي مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ فِي مَعْنَى حَدِيثِ رَبِيعَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ جماعة هكذا ورواه محمد ابن عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ كَمَا ذَكَرْنَا وَالْقَوْلُ عِنْدَهُمْ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو فِي أُمِّ

سَلَمَةَ وَقَدْ أَدْخَلَ بَيْنَ أَبِي سَلَمَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَنَامُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حَائِضٌ وَبَيْنَهُمَا ثَوْبٌ (وَعَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ كَانَ شُعْبَةُ يُضَعِّفُهُ وَلَيْسَ بِالْحَافِظِ وَإِسْنَادُ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ صَحِيحٌ عِنْدَهُمْ وَإِسْنَادُ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا وَمَيْمُونَةَ فِي هَذَا الباب صحيح والحمد لله) (أ) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَنْ تَتَّزِرَ ثُمَّ يُضَاجِعُهَا وَقَالَ مَرَّةً يُبَاشِرُهَا وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يونس والليث عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَبِيبٍ مَوْلَى عُرْوَةَ عن

ندية (وكان الليث يقول ندبة) (أ) مَوْلَاةِ مَيْمُونَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَاشِرُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا إِزَارٌ يَبْلُغُ أَنْصَافَ الْفَخِذَيْنِ أَوِ الرُّكْبَتَيْنِ تَحْتَجِزُ بِهِ وَفِي حَدِيثِ اللَّيْثِ مُحْتَجِزَتَهُ (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَبِيبٍ مَوْلَى عُرْوَةَ عَنْ نُدَيَّةَ مَوْلَاةِ مَيْمُونَةَ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُبَاشِرُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا إِزَارٌ إِلَى أَنْصَافِ الْفَخِذَيْنِ أَوِ الرُّكْبَتَيْنِ تَحْتَجِزُ بِهِ) (ج) قَالَ أَبُو دَاوُدَ يُونُسُ يَقُولُ نُدَيَّةُ وَمَعْمَرٌ يَقُولُ نُدْبَةُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ

حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا فِي فَوْحِ حَيْضَتِنَا أَنْ نَتَّزِرَ ثُمَّ يُبَاشِرُنَا وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْلِكُ إِرْبَهُ (وَذَكَرَ دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ سَلْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ عَنْ سُوَيْدِ (1441) بْنِ قَيْسٍ التُّجِيبِيُّ أَنَّ قُرْطَ بْنَ عَوْفٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ فَقَالَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَاجِعُكِ وَأَنْتِ حَائِضٌ فَقَالَتْ نَعَمْ إِذَا

شَدَدْتُ عَلِيَّ إِزَارِي وَذَلِكَ إِذْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا فِرَاشٌ وَاحِدٌ فَلَمَّا رَزَقَنَا اللَّهُ فِرَاشَيْنِ اعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لَا نَعْلَمُ يُرْوَى إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ أَمَرَهَا فَائْتَزَرَتْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو الأحوص عن أبي إسحق عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَنْ تَشُدَّ إِزَارَهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا (وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عنها من وجوه حسان كلها) (ب) قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا فِي مَعْنَى حَدِيثِ رَبِيعَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَظَاهِرُهَا أَنَّ الْحَائِضَ لَا يُبَاشَرُ مِنْهَا إِلَّا مَا فَوْقَ الازار

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ وَمَا يُسْتَبَاحُ مِنْهَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ لَهُ مِنْهَا مَا فَوْقَ الْمِئْزَرِ وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ هَذَا الْمَعْنَى الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَحُجَّتُهُمْ مَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْآثَارِ عَنْ عَائِشَةَ وَمَيْمُونَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ يَجْتَنِبُ مَوَاضِعَ الدَّمِ وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ هَذَا الْمَعْنَى ابن عباس مسروق وَالنَّخَعِيُّ وَعِكْرِمَةُ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ حَدِيثُ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (جَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ واصنعوا كل شيء ما خلا النكاح) (أ) أَوْ قَالَ مَا خَلَا الْجِمَاعَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا حَدِيثُ عَائِشَةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ اه (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ) وَحَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى اه وَوَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ بِخَطِّهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ هِلَالٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ القاسم ابن مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ قُلْتُ إِنِّي حَائِضٌ قَالَ إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ قَالَ أَسَدُ بْنُ مُوسَى وَحَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَسَدٌ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرِ ابن عمر

(وَذَكَرَ دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَهِيِّ (1442) عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ) قَالَ دُحَيْمٌ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ حُرَيْثٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاوِلِينِي الثَّوْبَ قُلْتُ إِنِّي حَائِضٌ قَالَ إِنَّ الْحَيْضَ لَيْسَ فِي يَدِكِ فَنَاوَلْتُهُ قَالَ دُحَيْمٌ وَحَدَّثَنَا يَعْلَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ جَدَّتِهِ الرَّبَابِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ حَنِيفٍ قَالَ يَا جَارِيَةُ نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ فَقَالَتْ لَسْتُ أُصَلِّي فَقَالَ إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ فَنَاوَلْتُهُ فَقَامَ فَصَلَّى

قَالَ أَبُو عُمَرَ فَدَلَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ كُلَّ عُضْوٍ مِنْهَا لَيْسَ فِيهِ الْحَيْضَةُ فِي الطَّهَارَةِ يَعْنِي مَا كَانَ قَبْلَ الْحَيْضِ وَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ لَيْسَ يُغَيِّرُ شَيْئًا مِنَ الْمَرْأَةِ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلُ الحيض غَيْرَ مَوْضِعِ الْحَيْضِ وَحْدَهُ (قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ كُلَّ عُضْوٍ مِنْهَا لَيْسَ فِيهِ الْحَيْضَةُ فِي الطَّهَارَةِ يعني ما كان عليه قبل الحيض غير موضع الحيض وحده) (أ) وَرَوَى أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا يَحِلُّ لِي مِنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَتْ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْفَرَجَ رَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ وَرَوَى أَيُّوبُ أَيْضًا عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ قال حدثني علي بن أحمد ابن أَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ بَكْرِ ابن الْأَشَجِّ عَنْ أَبِي مُرَّةَ عَنْ عَقِيلٍ عَنْ حكيم بن عفان (هـ) قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا يَحْرُمُ عَلَيَّ مِنِ امْرَأَتِي إِذَا حَاضَتْ فَقَالَتْ فَرْجُهَا (وَذَكَرَهُ دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِيُّ عَنْ

سَعِيدِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشَجِّ عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ عِقَالٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا يَحْرُمُ عَلَيَّ مِنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ قالت فرجها) ومن حجة من قال بالقول الْأَوَّلَ مَا رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَحِلُّ لِي مِنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا ثُمَّ شَأْنَكَ بِأَعْلَاهَا وَحَدِيثُ مَيْمُونَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُبَاشِرُ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ إِلَّا وَهِيَ مُتَّزِرَةٌ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ قَوْلًا وَعَمَلًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ وَهِيَ مُتَّزِرَةٌ عَلَى الِاحْتِيَاطِ وَالْقَطْعِ لِلذَّرِيعَةِ وَلَوْ أَنَّهُ أباح فخذها كل ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى مَوْضِعِ الدَّمِ الْمُحَرَّمِ بِإِجْمَاعٍ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ احْتِيَاطًا وَالْمُحَرَّمُ بِعَيْنِهِ مَوْضِعُ الْأَذَى وَيَشْهَدُ لِهَذَا ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَإِجْمَاعُ مَعَانِي الْآثَارِ لِئَلَّا يَتَضَادَّ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي

ابْنَ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يعني بن زياد عن عمارة ابن غُرَابٍ أَنَّ عَمَّةً لَهُ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِحْدَانَا تَحِيضُ وَلَيْسَ لَهَا وَلِزَوْجِهَا إِلَّا فِرَاشٌ وَاحِدٌ قَالَتْ أُخْبِرُكِ بِمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل فَمَضَى إِلَى الْمَسْجِدِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ تَعْنِي مَسْجِدَ بَيْتِهِ فَلَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ وَأَوْجَعَهُ الْبَرْدُ فَقَالَ ادْنُ مِنِّي فَقُلْتُ إِنِّي حَائِضٌ فَقَالَ وَأَنِ اكْشِفِي عَنْ فَخِذِكِ فَكَشَفْتُ فَوَضَعَ خَدَّهُ وَصَدْرَهُ عَلَى فَخِذِي وَحَنَيْتُ عَلَيْهِ حَتَّى دَفِئَ وَنَامَ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَعُودُ وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ يَتَصَدَّقُ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ وَقَالَ أَحْمَدُ مَا أَحْسَنَ حَدِيثَ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ

دِينَارٍ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ بِبَغْدَادَ وقالت فرقة من أهل الحديث ان وطيء في الدم فعليه دينار وإن وطيء فِي انْقِطَاعِ الدَّمِ فَنِصْفُ دِينَارٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْجَزَرِيِّ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا قَالَ إِذَا أَصَابَهَا فِي الدَّمِ فَدِينَارٌ وَإِذَا أَصَابَهَا فِي انْقِطَاعِ الدَّمِ فَنِصْفُ دِينَارٍ (سَوَاءٌ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مَا رَوَاهُ خُصَيْفٌ (1445) عَنْ مِقْسَمٍ) وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (مَرْفُوعًا قَالَ إِذَا أَصَابَهَا فِي الدَّمِ فَدِينَارٌ وَإِذَا

أَصَابَهَا فِي انْقِطَاعِ الدَّمِ فَنِصْفُ دِينَارٍ) عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا وَقَعَ بِأَهْلِهِ وَهِيَ حَائِضٌ فَلْيَتَصَدَّقْ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ كَذَلِكَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ بَذِيمَةَ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مُرْسَلٌ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مَا رَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم (ج) فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ (قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَكَذَا الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ دِينَارٌ أَوْ نِصْفُ دينار) (د) قَالَ وَرُبَّمَا لَمْ يَرْفَعْهُ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ وقال الأوزاعي من وطيء امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ تَصَدَّقَ بِخُمْسَيْ دِينَارٍ رَوَاهُ عن زيد (هـ) بن أبي مالك عن عبد الحميد

ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِخُمْسَيْ دِينَارٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ كَفَّارَةً إِلَّا الِاسْتِغْفَارَ وَالتَّوْبَةَ اضْطِرَابُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَّ مِثْلَهُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ وَأَنَّ الذِّمَّةَ عَلَى الْبَرَاءَةِ ولا يجب ان يثبت فيها شي لِمِسْكِينٍ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا مَدْفَعَ فِيهِ وَلَا مَطْعَنَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مَعْدُومٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي وَطْءِ الْحَائِضِ بَعْدَ الطُّهْرِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِذَا انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ لَمْ يَجُزْ وَطْؤُهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ وَبِهِ قَالَ الشافعي والطبري ومحمد ابن سَلَمَةَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِنِ انْقَطَعَ دَمُهَا بَعْدَ مُضِيِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَإِنْ كَانَ انْقِطَاعُهُ قَبْلَ الْعَشَرَةِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا تَحَكُّمٌ لَا وَجْهَ لَهُ وَقَدْ حَكَمُوا لِلْحَائِضِ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا بِحُكْمِ الْحَيْضِ فِي العدة وقالوا لزوجها عليه الرَّجْعَةُ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ (فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمْ هَذَا لَا يَجِبُ أَنْ تُوطَأَ حَتَّى تَغْتَسِلَ) (ج) وَهُوَ الصَّوَابُ مَعَ مُوَافَقَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبِاللَّهِ التوفيق

فَإِنْ قِيلَ إِنَّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْمَحِيضَ إِذَا زَالَ وَطَهُرْنَ جَازَ إِتْيَانُهُنَّ مِنْ حَيْثُ أُمِرْنَا بِاجْتِنَابِهِنَّ فَالْجَوَابُ أَنَّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ دَلِيلًا عَلَى بَقَاءِ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ بَعْدَ الطُّهْرِ حَتَّى يَتَطَهَّرْنَ بِالْمَاءِ لِأَنَّ تَطَهَّرْنَ تَفَعَّلْنَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا يُرِيدُ الِاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ وَقَدْ يَقَعُ التَّحْرِيمُ بِالشَّيْءِ وَلَا يَزُولُ بِزَوَالِهِ لِعِلَّةٍ أُخْرَى دَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمَبْتُوتَةِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَلَيْسَ تَحِلُّ لَهُ بِنِكَاحِ الزَّوْجِ حَتَّى يَمَسَّهَا وَيُطَلِّقَهَا وَكَذَلِكَ لَا تَحِلُّ الْحَائِضُ لِلْوَطْءِ بِالطُّهْرِ حَتَّى تَغْتَسِلَ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ وَمَعْنَاهُ حَتَّى تَضَعَ وَتَطْهُرَ مِنْ دَمِ نِفَاسِهَا أَوْ حَيْضَتِهَا وَتَغْتَسِلَ مِنْهُ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا أَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ مِنَ الطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَالصَّيْدِ وَالنِّسَاءِ وَقَدْ يَقَعُ الْحِلُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنْ وَطْءِ النِّسَاءِ حَتَّى يُكْمِلَ الْخُرُوجَ مِنَ الْحَجِّ فَيَحِلَّ حِينَئِذٍ الْوَطْءُ فَكَذَلِكَ الْحَيْضُ يُوجِبُ تَحْرِيمَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَإِتْيَانِ الزَّوْجِ فَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ انْحَلَّ عَنْهَا بَعْضُ ذَلِكَ بِإِبَاحَةِ الصَّوْمِ لَهَا وَبَقِيَ تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ إِلَى أَنْ تَأْتِيَ بِالطَّهَارَةِ فَكَذَلِكَ حُكْمُ الْجِمَاعِ أَنْ يَبْقَى تَحْرِيمُهُ حَتَّى لَا يَبْقَى لِلْحَيْضِ حُكْمٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ اعْتِرَاضَاتٌ وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

حديث ثامن لربيعة منقطع يتصل من وجوه

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِرَبِيعَةَ مُنْقَطِعٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَقَالَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَعْقِبْنِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ ذَلِكَ ثُمَّ قُلْتُ وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ فَأَعْقَبَهَا اللَّهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجَهَا اهـ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ فَقَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَامًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَا مِنْ أَحَدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَعْقِبْنِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ

قَالَتْ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ ذَلِكَ ثُمَّ قُلْتُ وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ ثم قلته فأعقبني اللَّهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى إِلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ يَجْعَلُهُ لِأُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْضَهُمْ يَجْعَلُهُ لِأُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَهَذَا مِمَّا لَيْسَ يَقْدَحُ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّ رِوَايَةَ الصَّحَابَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَرَفْعَهُمْ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَاءٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ مَقْبُولُ الْحَدِيثِ مَأْمُونٌ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ بِثَنَاءِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَبُو سَلَمَةَ مَاتَ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ ذكره ها هنا اهـ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ أَخْبَرَنَا (هـ) مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَضَرْتُمُ الْمَيِّتَ أَوِ الْمَرِيضِ فَقُولُوا خَيْرًا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا

تَقُولُونَ قَالَتْ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سَلَمَةَ قَدْ مَاتَ قَالَ قُولِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَأَعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبَى حَسَنَةً قَالَتْ فَفَعَلْتُ فَأَعْقَبَنِي اللَّهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ قَالَ سَمِعْتُ

ابْنَ سَفِينَةَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْنِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَجَرْهُ فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا قَالَتْ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْلَفَنِي اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ قَالَ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ سَفِينَةَ مَوْلَى أُمِّ سلمة عن أم سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فَقُلْتُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم عَزَمَ لِي فَقُلْتُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَالَفَهُ سَعِيدُ بْنُ

أَبِي هِلَالٍ (فِي الْإِسْنَادِ وَجَعَلَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هلال) (أ) عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ مُوَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ أَتَاهَا يَوْمًا فَقَالَ لَقَدْ سَمِعْتُ الْيَوْمَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَامًا لَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ قَالَتْ وَمَا هُوَ يَا أَبَا سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول من رَجَعَ عِنْدَ مُصِيبَةٍ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْنِي خَيْرًا مِنْهَا كَانَ لَهُ ذلك قالت فلما أصيب أبو سلمة رجعت ثُمَّ قُلْتُ اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي قَالَتْ وَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا ثُمَّ قُلْتُ وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ وَرَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَامِي متوكيء عَلَى أَبِي بَكْرٍ مُمْسِكٌ بِيَدِهِ قَالَتْ ثُمَّ قُلْتُهَا قَالَتْ فَشَدَّ عَلَى يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ أُمِّ

أَيْمَنَ وَقَالَ سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَفِينَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا إِسْنَادُهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ مُسْلِمٍ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَيَفْزَعُ لِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ قَوْلِ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي فِيهَا وَعِضْنِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَجَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا وَعَاضَهُ خَيْرًا مِنْهَا قَالَتْ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ ذَكَرْتُ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ إِنِّي احْتَسَبْتُ عِنْدَكَ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي عَلَيْهَا فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ عِضْنِي خَيْرًا مِنْهَا قُلْتُ فِي نَفْسِي أُعَاضُ خَيْرًا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ ثُمَّ قُلْتُهَا فَعَاضَنِي اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَجَرَنِي في مصيبتي

قَالَ أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ هَذَا هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيُّ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ شَرِيفٌ وَأَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ ابن عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِسْوَرِ الْعَسَّالُ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصِ الْعَيْشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ قَالَ

أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ فَلْيَقُلْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي فِيهَا وَأَبْدِلْنِي بِهَا خَيْرًا مِنْهَا قَالَتْ فَلَمَّا احْتَضَرَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ قَالَ اللَّهُمَّ اخْلُفْنِي فِي أَهْلِي بِخَيْرٍ مِنِّي فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي فِيهَا فَكُنْتُ إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ وَأَبْدِلْنِي خَيْرًا مِنْهَا قُلْتُ وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ فَلَمْ أَزَلْ حَتَّى قُلْتُهَا قَالَ فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا خَطَبَهَا أَبُو بَكْرٍ فَرَدَّتْهُ ثُمَّ خَطَبَهَا عُمَرُ فَرَدَّتْهُ ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَهَا فَقَالَتْ مَرْحَبًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم ومرحبا بالله ورسوله اقرأ رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُ أَنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى وأنا مصبية وليس أحد من أولياءي شَاهِدًا قَالَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا قَوْلُكِ إِنِّي غَيْرَى فَإِنِّي سَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَ غَيْرَتَكِ وَأَمَّا قَوْلُكِ إِنِّي مُصْبِيَةٌ فَإِنَّ اللَّهَ سَيَكْفِيكِ وَأَمَّا أَوْلِيَاؤُكِ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ شَاهِدًا وَلَا غَائِبًا إِلَّا سَيَرْضَانِي فَقَالَتْ لِابْنِهَا قُمْ يَا عُمَرُ فَزَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَوَّجَهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا إِنِّي لَا أَنْقُصُكِ مِمَّا أَعْطَيْتُ أُخْتَكِ فُلَانَةً جَرَّتَيْنِ وَرَحًى وَوِسَادَةً

مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِيهَا وَهِيَ تُرْضِعُ زَيْنَبَ فَكَانَ إِذَا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَتْهَا فَوَضَعَتْهَا فِي حَجْرِهَا تُرْضِعُهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَبِيبًا كَرِيمًا فَرَجَعَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَكَانَ أَخَاهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَهَا ذَاتَ يَوْمٍ فَجَاءَ عَمَّارٌ فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَأَهْبَطَ زَيْنَبَ مِنْ حَجْرِهَا وَقَالَ دَعِي هَذِهِ الْمَقْبُوحَةَ الْمَشْقُوحَةَ الَّتِي قَدْ آذَيْتِ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ فَجَعَلَ يَلْتَفِتُ يَنْظُرُ فِي الْبَيْتِ وَيَقُولُ أَيْنَ زَنَابٌ وَمَا فَعَلَتْ زَنَابٌ وَمَا لِيَ لَا أرى زناب فَقَالَتْ جَاءَ عَمَّارٌ فَذَهَبَ بِهَا فَبَنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَهْلِهِ وَقَالَ لَهَا إِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِلنِّسَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ مَعْنًى يُشْكِلُ وَلَا مَوْضِعٌ تَنَازَعَهُ الْعُلَمَاءُ فِي التَّأْوِيلِ وَإِنَّمَا هُوَ دُعَاءٌ وَاسْتِرْجَاعٌ وَتَعَزٍّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إِنَّا لِلَّهِ أَيْ نَحْنُ لِلَّهِ وَعَبِيدٌ وَخَلْقٌ خَلَقَنَا لِلْفَنَاءِ

وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أَيْ إِلَيْهِ نَصِيرُ وَإِلَيْهِ نَرْجِعُ لِأَنَّهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ إِلَيْهِ يَرْجِعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ وَالْخَلْقُ كُلُّهُ فَلَا بُدَّ مِنَ الْمَوْتِ وَالرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ أَيْ فَمَا لَنَا نَجْزَعُ مِمَّا لَا بُدَّ لَنَا مِنْهُ وَلَا مَحِيدَ عَنْهُ وَهَذَا أَحْسَنُ شَيْءٍ وَأَبْلَغُهُ فِي حُسْنِ الْعَزَاءِ وَفِيهِ إِيمَانٌ وَإِخْلَاصٌ وَإِقْرَارٌ بِالْبَعْثِ وَالْحَمْدُ لله

حديث تاسع لربيعة منقطع يتصل من وجوه حسان

حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِرَبِيعَةَ مُنْقَطِعٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَاسْتَأْذَنَ ثَلَاثًا ثُمَّ رَجَعَ فَأَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي أَثَرِهِ فَقَالَ مَالَكَ لَمْ تَدْخُلْ فَقَالَ أَبُو مُوسَى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ فَإِنْ أُذِنَ لَكَ فَادْخُلْ وَإِلَّا فَارْجِعْ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَمَنْ يَعْلَمُ هَذَا لَئِنْ لَمْ تَأْتِ بِمَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ كَذَا وَكَذَا فَخَرَجَ أَبُو مُوسَى حَتَّى جَاءَ مَجْلِسًا فِي الْمَسْجِدِ يُقَالُ لَهُ مَجْلِسُ الْأَنْصَارِ فَقَالَ إِنِّي أَخْبَرْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ فَإِنْ أُذِنَ لَكَ فَادْخُلْ وَإِلَّا فَارْجِعْ فَقَالَ لَئِنْ لَمْ تَأْتِ بِمَنْ يَعْلَمُ هَذَا لَأَفْعَلَنَّ بِكَ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كَانَ سَمِعَ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْكُمْ فَلْيَقُمْ مَعِي فَقَالُوا لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قُمْ مَعَهُ وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ أَصْغَرَهُمْ فَقَامَ مَعَهُ فَأَخْبَرَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِي مُوسَى أَمَا إِنِّي لَمْ أَتَّهِمْكَ وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَتَقَوَّلَ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مُتَّصِلًا مُسْنَدًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَحَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كُلُّنَا سَمِعَهُ وَقَدْ رَوَى قَوْمٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى وَإِنَّمَا هَذَا مِنَ النَّقَلَةِ بِاخْتِلَاطِ الْحَدِيثِ عَلَيْهِمْ وَدُخُولِ قِصَّةِ أَبِي سَعِيدٍ مَعَ أَبِي مُوسَى فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ قِصَّةِ أَبِي مُوسَى عَلَى نَحْوِ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ الْبَهْزِيِّ يُرِيدُ عَنْ قِصَّةِ الْبَهْزِيِّ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ الْبَهْزِيِّ فِي بَابِ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِنْ أَحْسَنِ طُرُقِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ كُنَّا فِي مَجْلِسِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَأَتَى أَبُو مُوسَى مُغْضَبًا حَتَّى وَقَفَ وَقَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ

فَإِنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلَّا فَارْجِعْ قَالَ أَبِي وَمَا ذَاكَ قَالَ اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ أَمْسِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ ثُمَّ جئت اليوم فدخلت عَلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي جِئْتُ أَمْسِ فَسَلَّمْتُ ثَلَاثًا ثُمَّ انْصَرَفْتُ قَالَ قَدْ سَمِعْنَاكَ وَنَحْنُ حِينَئِذٍ عَلَى شُغْلٍ فَلَوِ اسْتَأْذَنْتَ حَتَّى يُؤْذَنَ لَكَ قَالَ اسْتَأْذَنْتُ كَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَأُوْجِعَنَّ ظَهْرَكَ وَبَطْنَكَ أَوْ لَتَأْتِيَنِّي بِمَنْ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا فَقَالَ أُبَيٌّ وَاللَّهِ لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَحْدَثُنَا سَنًّا الَّذِي يُجِيبُكَ قُمْ يَا أَبَا سَعِيدٍ فَقُمْتُ حَتَّى أَتَيْتُ عُمَرَ فَقُلْتُ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَذَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ مَالِكٌ الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ لَا أُحِبُّ أَنْ يَزِيدَ أَحَدٌ عَلَيْهَا إِلَّا مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَزِيدَ إِذَا اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ الِاسْتِينَاسُ فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ الِاسْتِئْذَانُ حَدَّثَنِي (هـ) أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ

جَاءَ أَبُو مُوسَى فَاسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَرَجَعَ فَقَالَ عُمَرُ لَئِنْ لَمْ تَأْتِنِي بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ فَأَتَى الْأَنْصَارَ فَقَالَ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ قَالَ فَقَالُوا لَا يَشْهَدُ لَكَ إِلَّا أَصْغَرُنَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَتَيْتُ فَشَهِدْتُ لَهُ قَالَ عَلِيٌّ وَأَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ سَمِعَ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مِثْلَ ذَلِكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ابن حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ إِنَّ أَبَا مُوسَى اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ قَالَ وَاحِدَةً ثِنْتَيْنِ ثَلَاثًا ثُمَّ رَجَعَ أَبُو مُوسَى فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَتَأْتِيَنَّ عَلَى هذا ببينة

أَوْ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ كَأَنَّهُ يَقُولُ أَجْعَلُهُ نَكَالًا فِي الْآفَاقِ قَالَ فَانْطَلَقَ أَبُو مُوسَى إِلَى مَجْلِسٍ فِيهِ الْأَنْصَارُ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمْ فَقَالَ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فلم يؤذن له فاليرجع قَالُوا بَلَى لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَصْغَرُنَا قَالَ فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ هَذَا أَبُو سَعِيدٍ فَخَلَّى عَنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ فَلَمْ يَأْتِ بِالْقِصَّةِ بِتَمَامِهَا وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ أَيْضًا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ وَرِوَايَةُ أَبِي سَلَمَةَ أَحْسَنُ سِيَاقَةً وَأَتَمُّ مَعْنًى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ اسْتَأْذَنَ أَبُو مُوسَى عَلَى عُمَرَ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَرَجَعَ فَلَقِيَهُ عُمَرُ فَقَالَ مَا شَأْنُكَ رجعت فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنِ اسْتَأْذَنَ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ فَقَالَ لَتَأْتِيَنَّ بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ وَأَفْعَلَنَّ فَأَتَى مَجْلِسَ قَوْمِي فَنَاشَدَهُمُ اللَّهَ فَقُلْتُ أَنَا أَشْهَدُ مَعَكَ فَشَهِدْتُ بِذَلِكَ فَخَلَّى سَبِيلَهُ

وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ (فَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ دَاوُدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْتَأْذِنُ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ أَتَى عُمَرَ فَاسْتَأْذَنَ (1) ثَلَاثًا فَقَالَ اسْتَأْذَنَ أَبُو مُوسَى اسْتَأْذَنَ الْأَشْعَرِيُّ اسْتَأْذَنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَرَجَعَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَقَالَ مَا رَدَّكَ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَأْذِنْ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا فَلْيَرْجِعْ قَالَ ايتِنِي بِبَيِّنَةٍ عَلَى هَذَا فَقَالَ هَذَا أُبَيٌّ فَانْطَلَقْنَا إِلَى عُمَرَ فَقَالَ نَعَمْ يَا عُمَرُ لَا تَكُنْ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ عُمَرُ لَا أَكُونُ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ اهـ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عن عطاء بن عبيد ابن عُمَيْرٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَرَجَعَ فَقَالَ أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ قَالُوا بَلَى قَالَ فَاطْلُبُوهُ قَالَ فَدُعِيَ قَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ فَقَالَ اسْتَأْذَنْتُ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ كَمَا كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا فَقَالَ لَتَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ فَأَتَى مَجْلِسَ أَوْ مَسْجِدَ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا لَا يَشْهَدُ لَكَ إِلَّا أَصْغَرُنَا فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ فَشَهِدَ لَهُ فَقَالَ عُمَرُ خَفِيَ عَلَيَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْهَانِي عَنْهُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْمَعْنَى سَوَاءٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِيجَابُ الاستئئذان وَهُوَ يَخْرُجُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وتسلموا على أهلها ولا استيناس فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُوَ الِاسْتِئْذَانُ كَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ وَكَذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ تَسْتَأْذِنُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا

(أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسمعيل أَبُو جَعْفَرٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ حَتَّى تُسَلِّمُوا أَوْ تَسْتَأْذِنُوا قَالَ وَتَعَلَّمَ مِنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ) وَفِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الِاسْتِئْذَانِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى الْإِبَاحَةِ وَالتَّخْفِيفِ عَلَى الْمُسْتَأْذِنِ فَمَنِ اسْتَأْذَنَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ لَمْ يُحَرَّجْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ الِاسْتِئْذَانَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مأخوذ من قول الله عز وجل يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ يُرِيدُ ثَلَاثَ دَفْعَاتٍ فَوَرَدَ الْقُرْآنُ فِي الْمَمَالِكِ وَالصِّبْيَانِ وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَمِيعِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا قَالَهُ مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ عَنِ الْعُلَمَاءِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الَّتِي نَزَعَ بِهَا وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُهُمْ فِي قَوْلِهِ فِيهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَيْ فِي ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ ذِكْرُهُ فِيهَا مِنْ قَبْلِ صلاة الفجر وحين تضعون ثبابكم مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَلِلْكَلَامِ في هذه لآية موضع غير هذا) (ب) وَجَاءَ فِي هَذَا

الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ قَالَ اسْتِئْذَانُهُ يَوْمَئِذٍ بِأَنْ قَالَ يَسْتَأْذِنُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ يَسْتَأْذِنُ أَبُو مُوسَى وَنَحْوَ هَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَفِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ الْعَالِمَ الْحَبْرَ قَدْ يُوجَدُ عِنْدَ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْعِلْمِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ إِذَا كان طريق ذلك العلم السمع و (وَإِذَا جَازَ مِثْلُ هَذَا عَلَى عُمَرَ عَلَى مَوْضِعِهِ فِي الْعِلْمِ فَمَا ظَنُّكَ بِغَيْرِهِ بَعْدَهُ وَرَوَى وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لَوْ أَنَّ عِلْمَ عُمَرَ وُضِعَ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَ عِلْمُ أَحْيَاءِ الْأَرْضِ فِي كِفَّةٍ أُخْرَى لَرَجَحَ عِلْمُ عُمَرَ بِعِلْمِهِمْ قَالَ الْأَعْمَشُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لَا تَعْجَبْ مِنْ هَذَا فَقَدَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنِّي لَأَحْسَبُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْعِلْمِ ذَهَبَ يَوْمَ ذَهَبَ عُمَرُ وَجَاءَ عَنْ حذيفة مثل قول عبد الله) (أ) قَالَ أَبُو عُمَرَ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ عُمَرَ أَنْ لَا يَقْبَلُ خَبَرَ الْوَاحِدِ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوا لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ اسْتِعْمَالُ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَقَبُولُهُ وَإِيجَابُ الْحُكْمِ بِهِ أَلَيْسَ هُوَ الَّذِي نَاشَدَ النَّاسَ بِمِنًى مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدِّيَةِ فَلْيُخْبِرْنَا وَكَانَ رَأْيُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عُصْبَتِهِ الَّذِينَ يعقلون عنه فقام

الضحاك بن سفيان الكلاب فَقَالَ كَتَبَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَوْرِثِ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا وَكَذَلِكَ نَاشَدَ النَّاسَ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ مَنْ عِنْدَهُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فَقَضَى بِهِ عُمَرُ وَلَا يَشُكُّ ذُو لُبٍّ وَمَنْ لَهُ أَقَلُّ مَنْزِلَةٍ فِي الْعِلْمِ أَنَّ مَوْضِعَ أَبِي مُوسَى مِنَ الْإِسْلَامِ وَمَكَانَهُ مِنَ الْفِقْهِ وَالدِّينِ أَجَلُّ مِنْ أن يرد خبره ويقبل خبر الضحاك ابن سُفْيَانَ الْكِلَابِيِّ وَحَمَلِ بْنِ مَالِكٍ الْأَعْرَابِيِّ وَكِلَاهُمَا لا يقاص بِهِ فِي حَالٍ وَقَدْ قَالَ لَهُ عُمَرُ فِي حَدِيثِ رَبِيعَةَ هَذَا أَمَا إِنِّي لَمْ أَتَّهِمْكَ وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَتَقَوَّلَ النَّاسُ عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدل عَلَى اجْتِهَادٍ كَانَ مِنْ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ

لِمَعْنًى اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ الْحِينِ مَنْ لَمْ يَصْحَبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِ الشَّامِ لِأَنَّ اللَّهَ فَتَحَ عَلَيْهِ أَرْضَ فَارِسَ وَالرُّومِ وَدَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ كَثِيرٌ مِمَّنْ يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ لِأَنَّ الْإِيْمَانَ لَمْ يَسْتَحْكِمْ فِي قُلُوبِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ وَلَيْسَ هَذِهِ صِفَةَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وَأَنَّهُمْ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ وَإِذَا جَازَ الْكَذِبُ وَأَمْكَنَ فِي الدَّاخِلِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ مَعَ احْتِيَاطِهِ فِي الدِّينِ يَخْشَى أَنْ يَخْتَلِقُوا الْكَذِبَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الرَّهْبَةِ وَالرَّغْبَةِ أَوْ طَلَبًا لِلْحُجَّةِ وَفِرَارًا إِلَى الْمَلْجَأِ وَالْمَخْرَجِ مِمَّا دَخَلُوا فِيهِ لِقِلَّةِ عِلْمِهِمْ بِمَا فِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يُرِيَهُمْ أَنَّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا يُنْكَرُ عَلَيْهِ فَفَزِعَ إِلَى الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَثْبُتَ لَهُ بِذَلِكَ فِعْلُهُ وَجَبَ التَّثَبُّتُ فِيمَا جَاءَ بِهِ إِذَا لَمْ تُعْرَفْ حَالُهُ حَتَّى يَصِحَّ قَوْلُهُ فَأَرَاهُمْ ذَلِكَ وَوَافَقَ أَبَا مُوسَى وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَعْرُوفًا بِالْعَدَالَةِ غَيْرَ مُتَّهَمٍ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَصْلًا عِنْدَهُمْ وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَجْتَهِدَ بِمَا أَمْكَنَهُ إِذَا أَرَادَ بِهِ الْخَيْرَ وَلَمْ يَخْرُجْ عَمَّا أُبِيحَ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ عُمَرُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَبِي مُوسَى وَعَلَى هَذَا قَوْلُ طَاوُسٍ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخِذَ حَتَّى يَجِيءَ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا عُوقِبَ يعني ممن

لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ بِالْعَدَالَةِ وَلَا مَشْهُورٍ بِالْعِلْمِ وَالثِّقَةِ أَلَا تَرَى إِلَى إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْعَالِمَ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مَشْهُورًا بِالْعِلْمِ أُخِذَ ذَلِكَ عَنْهُ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُحْتَجْ إِلَى بَيِّنَةٍ وَمِنْ نَحْوِ قَوْلِ طَاوُسٍ هَذَا قَوْلُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الثِّقَاتُ أَيْ كُلُّ مَنْ إِذَا وُقِفَ أَحَالَ عَلَى مَخْرَجٍ صَحِيحٍ وَعَلَمٍ ثَابِتٍ وَكَانَ مَسْتُورًا لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ كَبِيرَةٌ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ عُمَرَ لَمْ يَعْرِفْ أَبَا مُوسَى فَقَوْلٌ خَرَجَ عَنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ وَلَا تَدَبُّرٍ وَمَنْزِلَةُ أَبِي مُوسَى عِنْدَ عُمَرَ مَشْهُورَةٌ وَقَدْ عَمِلَ لَهُ وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِلًا وَسَاعِيًا عَلَى بَعْضِ الصَّدَقَاتِ وَهَذِهِ مَنْزِلَةٌ رَفِيعَةٌ فِي الثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ وَفِي قَوْلِ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ 1456) بْنِ عُمَيْرٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ خَفِيَ عَلَيَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْهَانِي عَنْهُ الصَّفْقُ فِي الْأَسْوَاقِ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِجَهْلِ مَا لَمْ يَعْلَمْ وَإِنْصَافٌ صَحِيحٌ وَهَكَذَا يَجِبُ عَلَى كل مؤمن

وَفِي قَوْلِهِ أَلْهَانِي عَنْهُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ طَلَبَ الدُّنْيَا يَمْنَعُ مِنَ اسْتِفَادَةِ العلم وإن كل ما ازْدَادَ الْمَرْءُ طَلَبًا لَهَا ازْدَادَ جَهْلًا وَقَلَّ عَمَلُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَمَّا إِخْوَانُنَا الْمُهَاجِرُونَ فَكَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَأَمَّا إِخْوَانُنَا مِنَ الْأَنْصَارِ فَشَغَلَتْهُمْ حَوَائِطُهُمْ وَلَزِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شِبَعِ بَطْنِي هَذَا وَكَانَ الْقَوْمُ عَرَبًا فِي طَبْعِهِمُ الْحِفْظُ وَقِلَّةُ النِّسْيَانِ فَكَيْفَ الْيَوْمَ وَإِذَا كَانَ الْقُرْآنُ الْمُيَسَّرُ لِلذِّكْرِ كَالْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ مَنْ تَعَاهَدَهَا أَمْسَكَهَا فَكَيْفَ بِسَائِرِ الْعُلُومِ وَاللَّهَ اسئله عِلْمًا نَافِعًا وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا وَرِزْقًا وَاسِعًا لَا شَرِيكَ لَهُ وَمِنْ أَحْسَنِ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي كيفية الاستيذان ما حدثنا سعيد ابن نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال اتساذن عُمَرُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أيدخل عمر

وَرَوَى مَنْصُورٌ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ قُلِ السلام آدخل (وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عُمَرَ مَوْلَى آلِ عُمَرَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ دَخَلَ على عبد الله ابن عُمَرَ بِمَكَّةَ قَالَ وَقَفْتُ عَلَى الْبَابِ فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ثُمَّ دَخَلْتُ فَنَظَرَ فِي وَجْهِي ثُمَّ قَالَ اخْرُجْ ثُمَّ قُلْتُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ آدخل قَالَ ادْخُلِ الْآنَ مَنْ أَنْتَ قُلْتُ رَجُلٌ مِنْ مِصْرَ قَالَ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ كَانَ يُقَالُ إِذَا اسْتَأْذَنَ الرَّجُلُ وَلَمْ يُسَلِّمْ فَلَا يُؤْذَنُ لَهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِمِفْتَاحٍ قُلْتُ السَّلَامُ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَهْذِيبُ هَذِهِ الْآثَارِ كُلِّهَا عَلَى مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيَدْخُلُ عمر فمن سلم ولم يقل آدخل أَوْ يَدْخُلُ فُلَانٌ أَوْ قَالَ أَدْخُلُ أَوْ يَدْخُلُ فُلَانٌ وَلَمْ يُسَلِّمْ فَلَيْسَ بِإِذْنٍ يَسْتَحِقُّ بِهِ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ الِاسْتِئْذَانَ تَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ النَّاسُ وَأَظُنُّ ذَلِكَ لَقَرْعِ الْأَبْوَابِ الْيَوْمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ

عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ النَّاسُ لَيْسَ لِبُيُوتِهِمْ سُتُورٌ وَلَا حِجَالٌ فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِالِاسْتِئْذَانِ ثُمَّ جَاءَهُمُ اللَّهُ بِالسُّتُورِ وَالْخَيْرِ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَعْمَلُ بِذَلِكَ بَعْدُ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ)

وَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَلَى جَابِرٍ حِينَ دَقَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَابَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم) (أ) مَنْ فَقَالَ جَابِرٌ أَنَا فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أَنَا أَنَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَيْنِ أَبِيهِ قَالَ فَدَقَقْتُ الْبَابَ فَقَالَ مَنْ هَذَا قُلْتُ أَنَا قَالَ أَنَا أَنَا فَكَرِهَهُ

حديث عاشر لربيعة منقطع يتصل من وجوه صحاح

حَدِيثٌ عَاشِرٌ لِرَبِيعَةَ مُنْقَطِعٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مَالٌ مِنَ الْبَحْرِينِ فَقَالَ مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأْيٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِ فَجَاءَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَحَفَنَ لَهُ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ هَذَا الْحَدِيثُ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ عَنْ جَابِرٍ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ وَأَبُو الزُّبَيْرِ والشعبي وسنذكر وجوه هذا الحديث وطرقه بعد الفراغ مِنَ الْقَوْلِ فِي مَعَانِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْعِدَةَ وَاجِبٌ الْوَفَاءُ بِهَا وُجُوبُ سُنَّةٍ وَكَرَامَةٍ وَذَلِكَ مِنْ أَخْلَاقِ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَثَرِ وَأْيُ الْمُؤْمِنِ وَاجِبٌ أَيْ وَاجِبٌ فِي أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ

وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَرْضًا لِإِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ مَنْ وَعَدَ بِمَالٍ مَا كَانَ لَمْ يَضْرِبْ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ كَذَلِكَ قُلْنَا (إِيجَابُ الْوَفَاءِ بِهِ حَسَنٌ فِي المروءة) (أ) وَلَا يُقْضَى بِهِ وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحْسَنٌ يَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ الْحَمْدَ وَالشُّكْرَ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ وَيَسْتَحِقُّ عَلَى الْخُلْفِ فِي ذَلِكَ الذَّمِّ وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَنْ صَدَقَ وَعْدَهُ وَوَفَى بِنَذْرِهِ وَكَفَى بِهَذَا مَدْحًا وَبِمَا خَالَفَهُ ذَمًّا (وَلَمْ تَزَلِ الْعَرَبُ تَمْدَحُ بِالْوَفَاءِ وَتَذُمُّ بِالْغَدْرِ وَالْخُلْفِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأُمَمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ سَابِقُ بْنُ خُدَيْمٍ ... مَتَى مَا يَقُلْ حُرٌّ لِطَالِبِ حَاجَةٍ نَعَمْ يَقْضِهَا وَالْحُرُّ لِلْوَأْيِ ضَامِنُ ... وَالْوَأْيُ الْعِدَةُ وَلَمَّا كَانَ هَذَا مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَا وَأَنْذَرَهُمْ إِلَيْهَا وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَتُهُ أَدَّى ذَلِكَ وَقَامَ فِيهِ مَقَامَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقيمه) (ب) وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَلْزَمُ مِنَ الْعِدَةِ وَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْهَا وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي تَأْخِيرِ الدَّيْنِ الْحَالِّ هَلْ يَلْزَمُ أَمْ لَا يَلْزَمُ وَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَقَالَ مَالِكٌ وأصحابه من أقرض رجلا مالا دناينر أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوْزَنُ وَغَيْرَ ذَلِكَ إِلَى

أَجَلٍ أَوْ مَنَحَ مِنْحَةً أَوْ أَعَارَ عَارِيَّةً أَوْ أَسْلَفَ سَلَفًا كُلُّ ذَلِكَ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ أَرَادَ الِانْصِرَافَ فِي ذَلِكَ وَأَخَذَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ مِنْ بَابِ الْحِسْبَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمِنَ الْحُجَّةِ لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ عُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي الصَّدَقَاتِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْهِبَاتِ) قَالَ مَالِكٌ وَأَمَّا الْعِدَةُ مِثْلُ أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَنْ يَهَبَ لَهُ الْهِبَةَ فَيَقُولُ لَهُ نَعَمْ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ فَمَا أَرَى ذَلِكَ يَلْزَمُهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْهُ فَقَالَ نَعَمْ وَثَمَّ رِجَالٌ يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ فَمَا أَحْرَاهُ أَنْ يَلْزَمُهُ إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ اثْنَانِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا وَعَدَ الْغُرَمَاءُ فَقَالَ أُشْهِدُكُمْ إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ لِهَذَا مِنْ أَيْنَ يُؤَدِّي إِلَيْكُمْ فَإِنَّ هَذَا يَلْزَمُهُ وَأَمَّا أَنْ يَقُولَ نَعَمْ أَنَا أَفْعَلُ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَلَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَالَ سَحْنُونُ الَّذِي يَلْزَمُهُ مِنَ الْعِدَةِ فِي السَّلَفِ وَالْعَارِيَّةِ أَنْ يَقُولَ لِلرَّجُلِ اهْدِمْ دَارَكَ وَأَنَا أُسَلِّفُكَ مَا تَبْنِيهَا بِهِ أَوِ اخْرُجْ إِلَى الْحَجِّ وَأَنَا أُسَلِّفُكَ مَا يُبَلِّغُكَ أَوِ اشْتَرِ سلعة كَذَا أَوْ تَزَوُّجْ وَأَنَا أُسَلِّفُكَ ثَمَنَ السِّلْعَةِ وَصَدَاقَ الْمَرْأَةِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا

يُدْخِلُهُ فِيهِ وَيُنْشِبُهُ بِهِ فَهَذَا كُلُّهُ يَلْزَمُهُ قَالَ وَأَمَّا أَنْ يَقُولَ أَنَا أُسَلِّفُكَ وَأَنَا أُعْطِيكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُ الْمَأْمُورَ نَفْسَهُ فَإِنَّ هَذَا لَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ أَمَّا الْعِدَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا شَيْءٌ لِأَنَّهَا مَنَافِعُ لَمْ يَقْبِضْهَا فِي الْعَارِيَّةِ لِأَنَّهَا طَارِئَةٌ وَفِي غَيْرِ الْعَارِيَّةِ أَشْخَاصٌ وَأَعْيَانٌ مَوْهُوبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ وَلِصَاحِبِهَا الرُّجُوعُ فِيهَا وَأَمَّا الْقَرْضُ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْقَرْضُ إِلَى أَجَلٍ أَوْ إِلَى غَيْرِ أَجَلٍ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مَتَى أَحَبَّ وَكَذَلِكَ الْعَارِيَّةُ وَمَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْقَرْضِ أَلْبَتَّةَ بِحَالٍ وَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ تَأْخِيرُ الْمَغْصُوبِ (وَقِيَمِ الْمُسْتَهْلَكَاتِ إِلَّا زُفَرَ فَإِنَّهُ قَالَ لَا يُجَوِّزُ التَّأْجِيلَ فِي الْقَرْضِ وَلَا في الغصب) (ب) وَاضْطَرَبَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَخَّرَهُ بِدَيْنٍ حَالٍّ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ مَتَى شَاءَ وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ قرض أو غَيْرِ قَرْضٍ أَوْ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَكَذَلِكَ الْعَارِيَّةُ وَغَيْرُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْعِدَةِ وَالْهِبَةِ غَيْرِ الْمَقْبُوضَةِ وَهِبَةِ مَا لَمْ يُخْلَقْ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنْ يَقْضِيَ الْإِنْسَانُ عَنْ غيره

بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَيَبْرَأُ وَإِنَّ الْمَيِّتَ يَسْقُطُ عَنْهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ مَنْ قَضَى عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْآثَارُ الْمُتَّصِلَةُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ رَبِيعَةَ فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ الْحَافِظِ قِرَاءَةٌ مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ أَبَا أَحْمَدَ الْحُسَيْنَ بْنَ جَعْفَرٍ الزَّيَّاتَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قَدِمَ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ لَأَعْطَيْتُكِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا (فَمَا قَدِمَ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَلَمَّا قَدِمَ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ

مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا قَالَ جَابِرٌ فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَنِي إِذَا قَدِمَ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا قَالَ فَحَثَى لِي أَبُو بَكْرٍ حَثْيَةً ثُمَّ قَالَ لِي عُدَّهَا فَإِذَا هِيَ خَمْسُمِائَةٍ قَالَ خُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ وَزَادَ فِيهِ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ ثُمَّ أَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَدَّنِي فَسَأَلْتُهُ فَرَدَّنِي فَقُلْتُ فِي الثَّالِثَةِ سَأَلْتُكَ مَرَّتَيْنِ فَلَمْ تُعْطِنِي قَالَ إِنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي مَرَّةً إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ اهـ وَحَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَشِيقٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُقَاتِلُ بْنُ إبراهيم قال حدثنا نوح

ابن أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَوْ جَاءَنَا مَالٌ لَحَثَيْتُ لَكَ ثم حثيت لك ثم حثيت لك قال فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ وَنَحْنُ لَوْ جاءنا مال لحثيت لك ثم حثيت لك ثُمَّ حَثَيْتُ لَكِ قَالَ فَأَتَى مَالٌ فَحَثَى لِي ثُمَّ حَثَى لِي ثُمَّ حَثَى لِي ثُمَّ قَالَ لَيْسَ لِي عَلَيْكِ فِيهِ صَدَقَةٌ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ فَوَزَنَهَا فَكَانَتْ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا قُتِلَ أَبِي دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتُحِبُّ الدَّرَاهِمَ

فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ لَوْ جَاءَنِي مَالٌ لَأَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا قَالَ فَمَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَنِي فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ أَتَاهُ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ خُذْ كَمَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذْتُ وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ سَعْدَوَيْهِ عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ (وَذَكَرَ أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَ عمرو ابن الْعَاصِ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ عَلَى صَدَقَاتِ مَعْدٍ فَلَمَّا قَدِمَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ إِنْفَاذًا لِرَأْيِ رسول الله صلى الله عليه وسلم) (أ)

حديث حادي عاشر لربيعة منقطع متصل من وجوه شتى

حَدِيثٌ حَادِيَ عَاشِرَ لِرَبِيعَةَ مُنْقَطِعٌ مُتَّصِلٌ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ لَحْمًا فَقَالَ انْظُرُوا أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِي فَقَالُوا هُوَ مِنْهَا فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا فَقَالُوا إِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَكَ فِيهَا أَمْرٌ فَخَرَجَ أَبُو سَعِيدٍ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَأُخْبِرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِي بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الِانْتِبَاذِ فَانْتَبِذُوا وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا يعني لا تقولوا سواء سوء قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَسْمَعْ رَبِيعَةَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَتَّصِلُ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ رَبِيعَةَ وَيَسْتَنِدُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقٍ حِسَانٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي سَعِيدٍ

وبريدة الأسملي وَجَابِرٍ وَأَنَسٍ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ تَرْكُ الْإِقْدَامِ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ مِنْهُ شَكٌّ حَتَّى يُسْتَبْرَأَ ذَلِكَ بِالسُّؤَالِ وَالْبَحْثِ وَالْوُقُوفِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَفِيهِ أَنَّ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ كَمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَمَّا فِي الْخَبَرِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ عَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَجُوزُ النَّسْخُ فِي الْأَخْبَارِ الْبَتَّةَ بِحَالٍ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ عَنِ الشَّيْءِ أَنَّهُ كَانَ أَوْ يَكُونُ إِذَا رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَخْلُ مِنَ السَّهْوِ أَوِ الْكَذِبِ وَذَلِكَ لَا يُعْزَى إِلَى اللَّهِ وَلَا إِلَى رَسُولِهِ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ عَنْ رَبِّهِ فِي دِينِهِ وَأَمَّا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ فَجَائِزٌ عَلَيْهِمَا النَّسْخُ لِلتَّخْفِيفِ وَلَمَّا شَاءَ اللَّهُ مِنْ مَصَالِحِ عِبَادِهِ وَذَلِكَ مِنْ حِكْمَتِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وقد أنكر قوم من الروافض والخوراج النَّسْخَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَضَاهَوْا فِي ذَلِكَ قَوْلَ الْيَهُودِ وَلَوْ أَمْعَنُوا النَّظَرَ لَعَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْبَدَاءُ كَمَا زَعَمُوا وَلَكِنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَوْتِ بَعْدَ الْحَيَاةِ وَالْكِبَرِ بَعْدَ الصِّغَرِ وَالْغِنَى بَعْدَ الْفَقْرِ إِلَى أَشْبَاهِ ذَلِكَ مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَعْنَى لِئَلَّا نَخْرُجَ عَمَّا قَصَدْنَاهُ وَفِيهِ أَنَّ النَّهْيَ حُكْمُهُ إِذَا وَرَدَ أَنْ يُتَلَقَّى بِاسْتِعْمَالِ تَرْكِ مَا نُهِيَ عَنْهُ وَالِامْتِنَاعِ مِنْهُ وَأَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَظْرِ وَالتَّحْرِيمِ

وَالْمَنْعِ حَتَّى يَصْحَبَهُ دَلِيلٌ مِنْ فَحْوَى الْقِصَّةِ وَالْخِطَابِ أَوْ دَلِيلٌ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ يُخْرِجُهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِلَى بَابِ الْإِرْشَادِ وَالنَّدْبِ وَفِيهِ أَنَّ الْآخَرَ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسِخٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْهُ إِذَا لَمْ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ وَصَحَّ تَعَارُضُهُ وَلِذَلِكَ لَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي إِجَازَةِ أَكْلِ لُحُومِ الْأَضَاحِي بَعْدَ ثَلَاثٍ وَقَبْلَ ثَلَاثٍ وَأَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رَوَتْ عَمْرَةُ عَنْ عَائِشَةَ بَيَانَ الْعِلَّةِ فِي النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْأَضَاحِي بَعْدَ ثَلَاثٍ وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ مَحَبَّةً فِي الصَّدَقَةِ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي كَانَتْ قَدْ دَفَّتْ عَلَيْهِمْ يَعْنِي الْجَمَاعَةَ مِنَ الْفُقَرَاءِ الْقَادِمَةَ عَلَيْهِمْ وَرَوَى ذَلِكَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المؤمن قال حدثنا محمد ابن بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ نُبَيْشَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا كُنَّا نَهَيْنَاكُمْ عَنْ لُحُومِهَا أَنْ تَأْكُلُوهَا فَوْقَ ثَلَاثٍ لِكَيْ تَسَعَكُمْ فَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالسَّعَةِ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَائْتَجِرُوا أَلَا وَإِنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا فِي حَدِيثِ نُبَيْشَةَ الْخَيْرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَائْتَجِرُوا وَمَعْنَاهُ اتَّخِذُوا الْأَجْرَ فِيمَا تَتَصَدَّقُونَ بِهِ مِنْهَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ حَدِيثُ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ الْمُتَقَدَّمُ ذِكْرُهُ فِيهِ فَكَلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا (وَمَعْنَاهُمَا عِنْدِي وَاحِدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ 0 وَأَمَّا قَوْلُهُ فَكَلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا) (ب) عَلَى لَفْظِ الْأَمْرِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ الْإِبَاحَةُ لَا الْإِيجَابُ وَهَكَذَا كُلُّ أَمْرٍ يَأْتِي فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بَعْدَ حَظْرٍ وَمَنْعٍ تَقَدَّمَهُ فَمَعْنَاهُ الْإِبَاحَةُ لا غير أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّيْدَ لَمَّا حُظِرَ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمُنِعَ مِنْهُ ثُمَّ قِيلَ لَهُ بَعْدَ أَنْ حَلَّ اصْطَدْ إِذَا حَلَلْتَ كَانَ ذَلِكَ إِبَاحَةً لَهُ فِي الِاصْطِيَادِ

لَا إِيجَابًا لِذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَمِثْلَ ذَلِكَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَهَذَا أَصْلٌ جَسِيمٌ فِي الْعِلْمِ فَقِفْ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ هذا كما ذكرنا فجائر لِلْمُضَحِّي أَنْ يَأْكُلَ أُضْحِيَتَهُ كُلَّهَا وَجَائِزٌ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا كُلَّهَا وَجَائِزٌ أَنْ يَدَّخِرَ وَأَنْ لَا يَدَّخِرَ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَنَّهُمْ يَسْتَحِبُّونَ لِلْمُضَحِّي أَنْ يَأْكُلَ وَيَتَصَدَّقَ وَيَكْرَهُونَ لَهُ أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ مِنْهَا بِشَيْءٍ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَتِهِ ثُلْثَهَا وَيَتَصَدَّقَ بِثُلْثٍ وَيَدَّخِرَ ثُلْثًا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَكَانَ غَيْرُهُ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِنِصْفٍ وَيَأْكُلَ نِصْفًا لِقَوْلِ اللَّهِ فِي الْبُدْنِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ وَأَمَّا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَمْ يَحُدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَيَتَصَدَّقَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحُدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ ثَوْبَانَ قال

ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِيَّتَهُ ثُمَّ قَالَ يَا ثَوْبَانُ أَصْلِحْ لَحْمَ هَذِهِ الْأُضْحِيَةِ فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهَا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ادِّخَارُ لَحْمِ الْأُضْحِيَةِ وَفِيهِ الضَّحِيَّةُ فِي السَّفَرِ وَأَمَّا قَوْلُهُ ونهيتكم عن الانتباذ فانتبذوا وكل مسكر حرام فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا مَعْنَاهُ لِسُرْعَةِ الشِّدَّةِ فِيهَا وَلِهَذَا ثَبَتَ عَلَى كَرَاهِيَةِ الِانْتِبَاذِ فِيهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ النَّاسِخِ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَكَرِهُوا الِانْتِبَاذَ فِيهَا خَوْفًا مِنْ مُوَافَقَةِ الْمُسْكِرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنِ انْتَبَذَ أَحَدٌ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَلَمْ يَشْرَبْ مُسْكِرًا فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ وَالْأَوْعِيَةُ التي نهى عن الانتباذ هِيَ الدُّبَّاءُ وَالنَّقِيرُ وَالْحَنْتَمُ وَالْمُزَفَّتُ وَالْمُقَيَّرُ وَالْجَرُّ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا

وَبِذِكْرِ هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ وَرَدَتِ الْآثَارُ فِي كَرَاهِيَةِ النَّبِيذِ فِيهَا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ لَا يَرَيَانِ الِانْتِبَاذَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا بِحَالٍ لِمَا رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّهْيِ عنها إن وَعَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ الْجَرُّ كُلُّ مَا يُصْنَعُ مِنْ مَدَرٍ وَكَانَا لَا يُجِيزَانِ النَّبِيذَ إِلَّا فِي الْجُلُودِ بَعْضُهُمْ يقول اسقية الادم وبعضهم يقول الجلد المؤكأ عَلَيْهِ وَنَحْوُ هَذَا وَابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَفِيهِ النَّهْيُ عَنِ الشُّرْبِ فِي الدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُقَيَّرِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الْمُزَفَّتِ وَالْحَنْتَمِ وَفِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنِ اشْتَدَّ فِي الْأَسْقِيَةِ قَالَ فَصَبُّوا عَلَيْهِ الْمَاءَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَهُمْ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ اهْرِقُوهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ خَشْيَةَ مُوَاقَعَةِ الْحَرَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَوَاجِبٌ أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهِيَةُ بَاقِيَةً عَلَى كُلِّ حَالٍ لأن الخشية أبدا غير مُرْتَفِعَةٌ وَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَبِذُوا فِيمَا بَدَا لَكُمْ كَشْفًا عَنِ الْمُرَادِ لَا أَنَّهُ نَسْخٌ أَبَاحَ فِيهِ مَا حَرَّمَ قَبْلُ هَذَا مَا يَحْضُرُنِي مِنَ التَّأْوِيلِ فِيهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَ مَا ذَكَرْنَا مَا خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سالم ابن أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْأَوْعِيَةِ قَالَتِ الْأَنْصَارُ إِنَّهُ لَا بُدَّ لَنَا قَالَ فَلَا إِذًا وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَرِوَايَتِهِمْ لَهُ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ الِانْتِبَاذَ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ وَلَا يَكْرَهُ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَمَّا خَشِيَ مِنْ سُرْعَةِ الْفَسَادِ إِلَى النَّبِيذِ فِي هَذَيْنِ الظَّرْفَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَرِهَ الثَّوْرِيُّ الِانْتِبَاذَ فِي الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أَكْرَهُ مِنَ الْأَنْبِذَةِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الشَّرَابُ يُسْكِرُ شَيْئًا بَعْدَ مَا سُمِّيَ فِي الْآثَارِ مِنَ الْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَحَاطَ عِلْمُنَا بِأَنَّ مَالِكًا وَالثَّوْرِيَّ وَالشَّافِعِيَّ رَوَوُا الْآثَارَ النَّاسِخَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَعَنْهُمْ رُوِّينَاهَا فَلَا وجه

لِكَرَاهِيَتِهِمُ الِانْتِبَاذَ فِي هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ مَعَ سُرْعَتِهِمْ إِلَى الْقَوْلِ بِمَا صَحَّ عِنْدَهُمْ مِنَ الْآثَارِ الْمُسْنَدَةِ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا بَأْسَ بِالِانْتِبَاذِ فِي جَمِيعِ الْأَوَانِي وَحُجَّتُهُمُ الْآثَارُ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا النَّسْخُ لِمَا قَبْلَهَا وَرَوَوْا عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يَنْبِذُ لَهُ فِي جَرَّةٍ خَضْرَاءَ وَهُوَ أَحَدُ مَنْ رَوَى النَّهْيَ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ فَأَمَّا الْآثَارُ فِي هَذَا الْبَابِ فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْعِتْوَارِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مَرَّ بِهِ فَقَالَ لَهُ أَيْنَ أَصْبَحْتَ غَادِيًا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَرَدْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ يَا أَبَا سَعِيدٍ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لُحُومِ الْأَضَاحِي وَادِّخَارِهَا بَعْدَ ثَلَاثٍ (وَفِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَفِي الْأَنْبِذَةِ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لحوم الاضاحي وادخارها بعد ثلاث) (د) فَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالسَّعَةِ فَكَلُّوا وَادَّخِرُوا مَا بَدَا لَكُمْ وَكُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ

زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَإِنْ زُرْتُمُوهَا فَلَا تَقُولُوا هُجْرًا وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الْأَنْبِذَةِ فَاشْرَبُوا كَمَا بَدَا لَكُمْ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ (وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَسَنَذْكُرُهُ بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ وأما حديث ابن مسعود) (أ) فَرَوَى وَاسِعُ بْنُ حَبَّانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَحْوَهُ وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَإِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أمه فزرورها تُذَكِّرْكُمُ الْآخِرَةَ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ وَإِنَّ الْأَوْعِيَةَ لَا تَحُلُّ شَيْئًا مِنْهَا وَلَا تُحَرِّمُهُ فَاشْرَبُوا فِيهَا وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ فَاحْبِسُوا مَا بَدَا لَكُمْ

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَرِّفُ بْنُ وَاصِلٍ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلَاثٍ وَإِنِّي آمُرُكُمْ بِهِنَّ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الْأَشْرِبَةِ أَنْ تَشْرَبُوا إِلَّا فِي ظُرُوفِ الْأَدَمِ فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ غَيْرَ أَنْ لَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِي أَنْ تَأْكُلُوهَا بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا وَاسْتَمْتِعُوا بِهَا فِي أَسْفَارِكُمْ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مثله (قال كنت

نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ فَزُورُوهَا مَا بَدَا لَكُمْ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِي أَنْ تَأْكُلُوهَا فَوْقَ ثَلَاثٍ وَإِنَّمَا أَرَدْنَا بِذَلِكَ أَنْ يُوَسِّعَ أَهْلُ السَّعَةِ عَلَى مَنْ لَا سَعَةَ لَهُ فَكُلُوا مِمَّا بَدَا لَكُمْ وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الظُّرُوفِ وَإِنَّ الظُّرُوفَ لَا تَحُلُّ شَيْئًا وَلَا تُحَرِّمُهُ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ) قَالَ أبو عمر قدم تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إِبَاحَةٌ فَمَنْ شَاءَ انْتَبَذَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَنْتَبِذْ وَمَنْ شَاءَ زَارَ الْقُبُورَ وَمَنْ لَمْ يَشَأْ لَمْ يَزُرْ وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ أَنْ تَنْتَبِذُوا في الدباء والحنتم والمقير والمزفت فانبتذوا وَلَا أُحِلُّ مُسْكِرًا وَرَوَى أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ أَوْ نَحْوَهُ

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغَفَّلِ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَهَى عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ وَشَهِدْتُهُ حِينَ أَمَرَ بِشُرْبِهِ فقال اجتنبوا المسكر أخبرنا إسمعيل بن عبد الرحمن قال حدثنا أبو اسحق مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الطَّائِفِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي ضَمْرَةُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَلَّ نَبِيذَ الْجَرِّ بَعْدَ أَنْ حَرَّمَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إسمعيل بن إسحق قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ النَّابِغَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ الْأَوْعِيَةِ فَانْتَبِذُوا فِيمَ بَدَا لَكُمْ وَإِيَّاكُمْ وَالْمُسْكِرَ فَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَإِنْ زُرْتُمُوهَا فَلَا تَقُولُوا هُجْرًا وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخَفَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ الدَّقَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ فَانْتَبِذُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ وَاجْتَنِبُوا كُلَّ مُسْكِرٍ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ وَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَزَوَّدُوا وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم

نَهَى عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَلُحُومِ الْأَضَاحِي أَنْ تُحْبَسَ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَعَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ ثُمَّ إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ فَكَلُّوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الظُّرُوفِ فَانْتَبِذُوا فِيمَا بَدَا لَكُمْ وَاجْتَنِبُوا كُلَّ مُسْكِرٍ (وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي الظُّرُوفِ بَعْدَ أَنْ نَهَى عَنْهَا وَانْفَرَدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَلَيْسَ لِسَلَمَةَ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ أَجَازَ شُرْبَ النَّبِيذِ الصَّلْبِ بِأَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ وَقَالُوا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ مِنْ شُرْبِ النَّبِيذِ هُوَ مَا أَسْكَرَ شَارِبَهُ مِنْهُ وَمَا لَمْ يُسْكِرْهُ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ عَلَيْهِ قَالُوا وَالْمُسْكِرُ مثل المحنتم من الاطعمة والمبشم (2) والموخم وَالْمُشَبَّعِ وَهُوَ مَا أَشْبَعَ مِنَ الْأَطْعِمَةِ وَأَتْخَمَ وَلَا يُقَالُ لِمَنْ أَكَلَ لُقْمَةً وَاحِدَةً أَكَلَ مَا يُتْخِمُهُ وَيُشْبِعُهُ وَأَكْثَرُوا مِنَ الْقَوْلِ فِي هذا المعنى مما لا وجه لإيراده يراده ها هنا

وَقَالُوا قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشربوا في الطروف كُلِّهَا وَلَا تَسْكَرُوا بَعْدَ أَنْ كَانَ نَهَاهُمْ عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي بَعْضِهَا قَالُوا وَمُحَالٌ أَنْ يَقُولَ رَسُولُ اللَّهِ اشْرَبُوا مَا لَا يُسْكِرُ قَلِيلُهُ وَلَا كَثِيرُهُ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَسْكَرُوا لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُضَافَ مِثْلُهُ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْحُلْوَ الَّذِي لَا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ وَلَا قَلِيلُهُ لَيْسَ يُقَالُ فِي مِثْلِهِ اشْرَبْ مِنْهُ وَلَا تَسْكَرْ وَأَتَوْا بِضُرُوبٍ مِنْ خَطَأِ الْقَوْلِ وَالتَّعَسُّفِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِمَا لَا يَلْزَمُ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ وَمَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ مَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ فِيمَا ذَكَرُوهُ وَيُوهِمُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ شُرْبِ قَلِيلِ الْجِنْسِ مِنَ الْمُسْكِرِ وَكَثِيرِهِ لَا عَنِ الْفِعْلِ مِنْ فِعْلِ الشَّارِبِ وَخَرَجَ الْقَوْلُ فِي نَبِيذِ الظُّرُوفِ عَلَى خَوْفِ الشِّدَّةِ فِيهِ عَلَى مَا وَصَفْنَا وقد بينا هذا المعنى في باب اسحق) وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ

الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْإِبَاحَةَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ إِبَاحَةُ عُمُومٍ كَمَا كَانَ النَّهْيُ عَنْ زِيَارَتِهَا نَهْيُ عُمُومٍ ثُمَّ وَرَدَ النَّسْخُ بِالْإِبَاحَةِ عَلَى الْعُمُومِ فَجَائِزٌ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ زِيَارَةُ الْقُبُورِ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ فِيهِ رَجُلًا وَلَا امْرَأَةً اهـ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو علي سعيد ابن السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْخَزَّازُ قال حدثنا يحيى ابن الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَارَ قَبْرَ أُمِّهِ فِي أَلْفِ مُقَنَّعٍ قَالَ فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا كَانَ أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ يَوْمِئِذٍ

قَالَ أَبُو عَلِيٍّ قَالَ لِيَ ابْنُ صَاعِدٍ كَانَ حَمِيدٌ لَا يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً (قَالَ أَبُو عُمَرَ) زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ يَحْيَى بْنَ الْيَمَانِ انْفَرَدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ سَائِرَ أَصْحَابِ الثَّوْرِيِّ يَرْوُونَهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ مُرْسَلًا وَالَّذِي قَالَ أَنَّ حَمِيدَ بْنَ الرَّبِيعِ انْفَرَدَ بِتَوْصِيلِهِ لِأَنَّ الْبَزَّارَ ذَكَرَهُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى ابن الْيَمَانِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ مُرْسَلًا وَذَكَرَهُ الْبَزَّازُ أَيْضًا عَنْ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ مُتَّصِلًا كَمَا ذَكَرْنَا) وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا اقْتَضَتِ الْإِبَاحَةُ زِيَارَةَ الْقُبُورِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَجَائِزٌ لِلرِّجَالِ زِيَارَةُ الْقُبُورِ وَغَيْرُ جَائِزٍ ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ لِمَا خَصَّصَ فِي ذَلِكَ وَاحْتَجُّوا لِمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ آدم ابن أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْنٍ ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

جُحَادَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّائِرَاتِ لِلْقُبُورِ وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حدثنا محمد بن بشار قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَهُ سَوَاءٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَبْلَ الْإِبَاحَةِ وَتَوَقِّي ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ الْمُتَجَالَّاتِ أَحَبُّ إِلَيَّ فَأَمَّا الشَّوَابُّ فَلَا تُؤْمَنُ الْفِتْنَةُ عَلَيْهِنَّ وَبِهِنَّ حَيْثُ

خَرَجْنَ وَلَا شَيْءَ لِلْمَرْأَةِ أَفْضَلُ مِنْ لُزُومِ قَعْرِ بَيْتِهَا وَلَقَدْ كَرِهَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ خُرُوجَهُنَّ إِلَى الصَّلَوَاتِ فَكَيْفَ إِلَى الْمَقَابِرِ وَمَا أَظُنُّ سُقُوطَ فَرْضِ الْجُمُعَةِ عَنْهُنَّ إِلَّا دَلِيلًا عَلَى إِمْسَاكِهِنَّ عَنِ الْخُرُوجِ فِيمَا عَدَاهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاحْتَجَّ مَنْ أَبَاحَ زِيَارَةَ الْقُبُورِ لِلنِّسَاءِ بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا بِسْطَامُ ابن مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ يَزِيدَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَلِيكَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَقْبَلَتْ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْمَقَابِرِ فَقُلْتُ لَهَا يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتِ قَالَتْ مِنْ قَبْرِ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَقُلْتُ لَهَا أَلَيْسَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن زِيَارَةِ الْقُبُورِ قَالَتْ نَعَمْ كَانَ نَهَى عَنْ زِيَارَتِهَا ثُمَّ أَمَرَ بِزِيَارَتِهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مَلِيكَةَ قَالَ زَارَتْ عَائِشَةُ قَبْرَ أَخِيهَا فِي هَوْدَجٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ

دَرَّاجٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُ قَبْرَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كُلَّ جُمُعَةٍ وَعَلَّمَتْهُ بِصَخْرَةٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يسئل عَنِ الْمَرْأَةِ تَزُورُ الْقَبْرَ فَقَالَ أَرْجُو إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ عَائِشَةُ زَارَتْ قَبْرَ أَخِيهَا قَالَ وَلَكِنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ ثُمَّ قَالَ هَذَا أَبُو صَالِحٍ مَاذَا كَأَنَّهُ يُضَعِّفُهُ ثُمَّ قَالَ أَرْجُو إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَائِشَةُ زَارَتْ قَبْرَ أَخِيهَا قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَالرِّجَالُ قَالَ أَمَّا الرِّجَالُ فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ حَدِيثُ لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ وَمِنْ غَيْرِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُمَرَ

ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ (وَبِهِ عَنْ مُوسَى بن هارون) (ب) قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مَلِيكَةَ يَقُولُ رَكِبَتْ عَائِشَةُ فَخَرَجَ إِلَيْنَا غُلَامُهَا فَقُلْتُ أَيْنَ ذَهَبَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ ذَهَبَتْ إِلَى قَبْرِ أَخِيهَا (عَبْدِ الرَّحْمَنِ تُسَلِّمُ عليه) (د)

حديث ثاني عشر لربيعة مرسل

حَدِيثٌ ثَانِيَ عَشَرَ لِرَبِيعَةَ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قطع لبلال ابن الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْفَرْعِ فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا (إِلَى الْيَوْمِ الا الزكاة) (ب) هَكَذَا هُوَ فِي

الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ مُرْسَلًا وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَثِيرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ (ذَكَرَهُ الْبَزَّارُ وَلَفْظُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةَ جَلْسِيَّهَا وَغَوْرِيَّهَا (1) وَحَيْثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ مُدْهِنٍ وَلَمْ يُعْطِهِ حق مسلم

رَوَاهُ أَبُو يُونُسَ عَنْ كَثِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَعَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَيْسَ يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ ثَوْرٍ وَانْفَرَدَ أَبُو سَبْرَةَ الْمَدَنِيُّ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ بِمِثْلِهِ سَوَاءً وَلَمْ يُتَابَعْ أَبُو سَبْرَةَ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ) وَإِسْنَادُ رَبِيعَةَ فِيهِ صَالِحٌ حَسَنٌ وَهُوَ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ فِي الْمَعَادِنِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا يُخْرَجُ مِنَ الْمَعَادِنِ (فَقَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ فيما يخرج من المعادن) (ب) غَيْرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا شَيْءَ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حَتَّى يَكُونَ الذَّهَبُ عِشْرِينَ مِثْقَالَا وَالْفِضَّةُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَيَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ مَكَانَهَا وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ مَا دَامَ فِي الْمَعْدِنِ نَيْلٌ

فَإِنِ انْقَطَعَ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ نَيْلٌ فإنه يتبدا فِيهِ مِقْدَارُ الزَّكَاةِ مَكَانَهُ قَالَ وَالْمَعْدِنُ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ لَا يُنْتَظَرُ بِهِ حَوْلٌ قَالَ وَمَا وُجِدَ فِي الْمَعْدِنِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ عَمَلٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الرِّكَازُ فِيهِ الْخُمْسُ قَالَ وَالْمَعْدِنُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ سَوَاءٌ قَالَ وَالْمَعْدِنُ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ لِأَهْلِهَا لَهُمْ أَنْ يَصْنَعُوا فِيهَا مَا شَاءُوا وَيُصَالِحُونَ لِمَنْ أَذِنُوا لَهُ فِيهِ عَلَى مَا شَاءُوا مِنْ خُمْسٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ وَمَا افْتُتِحَ عَنْوَةٌ فَهُوَ إِلَى السُّلْطَانِ يَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعَادِنِ فَمَرَّةً يَقُولُ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَمَرَّةً يَقُولُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَائِدَةً يُسْتَأْنَفُ بِهَا حَوْلٌ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي ذَهَبِ الْمَعْدِنِ وَفِضَّتِهِ الْخُمْسُ وَلَا شَيْءَ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْهُ غَيْرُهُمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ الْخُمْسُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ أَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ فِي الزِّئْبَقِ يَخْرُجُ فِي الْمَعَادِنِ فَمَرَّةً قَالَ فِيهِ الْخُمْسُ وَمَرَّةً قَالَ لَيْسَ فِيهِ شيء كالقار (هـ) وَالنِّفْطِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ (وَتَقَصَّيْنَا القول فيها هنالك والحمد لله) (و)

باب الزاي

باب الزاي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ يُكْنَى أَبَا أُسَامَةَ وَأَبُوهُ أَسْلَمُ يُكْنَى أَبَا خَالِدٍ بِابْنِهِ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ وهو ن \ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ (وَهُوَ أَوَّلُ سَبْيٍ دَخَلَ الْمَدِينَةَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ بَعَثَ بِهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَأَسْلَمُوا وَأَنْجَبُوا كُلُّهُمْ مِنْهُمْ حُمْرَانُ بْنُ أَبَانٍ وَيَسَارٌ مَوْلَى قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَأَفْلَحُ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ وَأَسْلَمُ مولى عمر) (أ) وَكَانَ أَسْلَمُ مِنْ جِلَّةِ الْمَوَالِي عِلْمًا وَدِينًا وَثِقَةً وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَحَدُ ثِقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْعُبَّادِ الْفُضَلَاءِ وَزَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ بَعْدَ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَقَدْ كَانَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ يُشَاوَرُ فِي زَمَنِ الْقَاسِمِ وسالم

رَوَى ابْنُ وَهَبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ أَبِيهِ إِذْ أَتَاهُ رَسُولٌ مِنَ النَّصَارَى وَكَانَ أَمِيرًا لَهُمْ فَقَالَ إِنَّ الْأَمِيرَ يَقُولُ لَكَ كَمْ عِدَّةُ الْأَمَةِ تَحْتَ الْحُرِّ وَكَمْ طَلَاقُهُ إِيَّاهَا وَكَمْ عِدَّةُ الْحُرَّةِ تَحْتَ الْعَبْدِ وَكَمْ طَلَاقُهُ إِيَّاهَا قَالَ أَبِي عِدَّةُ الْأَمَةِ الْمُطَلَّقَةِ حَيْضَتَانِ وَطَلَاقُ الْحُرِّ الْأَمَةَ ثَلَاثٌ وَطَلَاقُ الْعَبْدِ الْحُرَّةَ تَطْلِيقَتَانِ وَعِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ ثُمَّ قَامَ الرَّسُولُ فَقَالَ أَبِي (إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ فَقَالَ أَمَرَنِي أَنْ آتِيَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فأسألهما فقال أبي) (أ) أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا مَا رَجَعْتَ إِلَيَّ فَأَخْبَرْتَنِي بِمَا يَقُولَانِ لَكَ قَالَ فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُمَا قَالَا كَمَا قَالَ وَقَالَ الرَّسُولُ قَالَا قُلْ لَهُ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَكِنْ عَمِلَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ وَقَالَ مَالِكٌ كَانَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللَّهَ وَكَانَ يَنْبَسِطُ إِلَيَّ وَكَانَ يَقُولُ ابْنُ آدَمَ اتَّقِ اللَّهَ يُحِبَّكَ النَّاسُ وَإِنْ كَرِهُوا قَالَ أَبُو عُمَرَ تُوُفِّيَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتُخْلِفَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ

(وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ يَتَخَطَّى الْخَلْقَ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَكَانَ نَافِعُ بن جبير ينقل ذَلِكَ عَلَيْهِ فَرَآهُ ذَاتَ يَوْمٍ يَتَخَطَّى إِلَيْهِ فَقَالَ أَتَتَخَطَّى مَجَالِسَ قَوْمِكَ إِلَى عَبْدِ آلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ إِنَّمَا يُجَالِسُ الرَّجُلُ مَنْ يَنْفَعُهُ فِي دِينِهِ) وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ يُدْنِي زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ وَيُقَرِّبُهُ وَيُجَالِسُهُ وَحَجَبَ الْأَحْوَصَ الشَّاعِرَ يَوْمًا فَقَالَ ... خَلِيلِي أَبَا حَفْصٍ هَلْ أَنْتَ مُخْبِرِي ... أَفِي الْحَقِّ أَنْ أُقْصَى وَيُدْنَى ابْنُ أَسْلَمَا ... فَقَالَ عُمَرُ ذَلِكَ الْحَقُّ اهـ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْخُزَاعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا وَضَعَ مَالِكٌ الْمُوَطَّأَ جَعَلَ أَحَادِيثَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي آخِرِ الْأَبْوَابِ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ أَخَّرْتَ أَحَادِيثَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ جَعَلْتَهَا فِي آخِرِ الْأَبْوَابِ فَقَالَ إِنَّهَا كَالسِّرَاجِ تُضِيءُ لِمَا قَبْلَهَا

لِمَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ مَرْفُوعَاتِ الْمُوَطَّأِ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ حَدِيثًا مِنْهَا مُسْنَدَةٌ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا وَمِنْهَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ قِصَّةُ مُعَاوِيَةَ مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ تَتِمَّةُ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَمِنْهَا مُرْسَلَةٌ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا مِنْ مَرَاسِيلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَاحِدٌ وَمِنْ مَرَاسِيلِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ خَمْسَةَ عَشَرَ وَمِنْ مُرَاسِلِيهِ عَنْ نَفْسِهِ أَحَدَ عَشَرَ حَدِيثًا

حديث أول لزيد بن اسلم مسند صحيح عن ابن عمر

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ كُلُّهُمْ يُخْبِرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْخُيَلَاءُ التَّكَبُّرُ وَهِيَ الْخُيَلَاءُ وَالْمَخْيَلَةُ يُقَالُ مِنْهُ رَجُلٌ خَالٌ وَمُخْتَالٌ شَدِيدُ الْخُيَلَاءِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْبَطَرِ وَالْكِبْرِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُتَكَبِّرِينَ وَلَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ مِنْ غَيْرِ خُيَلَاءَ وَلَا بَطَرٍ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْوَعِيدُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ أَنَّ جَرَّ الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ وَسَائِرِ الثِّيَابِ مَذْمُومٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا الْمُسْتَكْبِرُ الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ فَهُوَ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ ذَلِكَ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ

يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَالَ الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي مَنْ نَازَعَنِي وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَدْخَلْتُهُ النَّارَ (رَوَى كُرَيْبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ سَمِعَهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَدْخُلُ شيء من الكبر الجنة) (أ) وَتَرْكُ التَّكَبُّرِ وَاجِبٌ فَرْضًا (وَهَيْئَةُ اللِّبَاسِ سُنَّةً) (ب) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ مَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ يَعْنِي أَنَّ هَذَا مُسْتَحَقٌّ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالنَّهْيِ مُسْتَخِفٌّ بِمَا جَاءَهُ عَنْ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ أَهْلُ الْعَفْوِ وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَرَّ الْإِزَارِ مَذْمُومٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَا ذَكَرَهُ أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ لِابْنِ ابْنِهِ (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ واقد) (أ) يَا بُنَيَّ ارْفَعْ إِزَارَكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ أَلَّا تَرَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَقُلْ لِابْنِ ابْنِهِ هَلْ تَجُرُّهُ خُيَلَاءَ بَلْ أَرْسَلَ ذَلِكَ إِرْسَالًا خَوْفًا مِنْهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خُيَلَاءَ (وَلَوْ صَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ خُيَلَاءَ لِدِينِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ (1486) بْنُ خِدَاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ كَانَ قَمِيصُ أَيُّوبَ يَسِمُ الْأَرْضَ هَرَوِيٌّ جَيِّدٌ) وَقَدْ زَعَمَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ عُمَرَ وَهَذَا غَلَطٌ وَقَدْ بَانَ لَكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ هذا

سَمَاعُهُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي كِتَابِ الْمَجَالِسِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَاهُ أَسْلَمَ أَرْسَلَهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَكْتُبُ لَهُ إِلَى قَيِّمِهِ بِخَيْبَرَ أَنْ يَصْنَعَ لَهُ خَصَفَتَيْنِ لِلْأَقِطِ قَالَ فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ أَأَلِجُ فَقَالَ ادْخُلْ فَلَمَّا دَخَلْتُ قَالَ مَرْحَبًا بِابْنِ أَخِي لَا تَقُلْ أَأَلِجُ وَلَكِنْ قُلِ السَّلَامُ عليكم فإذا قالوا وعليك فقل آدخل فَإِذَا قَالُوا ادْخُلْ فَادْخُلْ فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ إِنَّ أَبِي يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ اكْتُبْ إِلَى قَيِّمِكَ بِخَيْبَرَ أَنْ يَصْنَعَ لَهُ خَصَفَتَيْنِ لِلْأَقِطِ فَقَالَ نَعَمْ وَكَرَامَةٌ اكْتُبْ يَا غُلَامُ فَكَتَبَ إِلَى قَيِّمِهِ يَأْمُرُهُ أَنْ يَصْنَعَ لِي خَصَفَتَيْنِ جَيِّدَتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ فَلَمْ يَأْلُ قَالَ زَيْدٌ ملتحف فَبَيْنَمَا هُوَ يَكْتُبُ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الله ابن واقد بن ابنه وهو ملتحق مُرْخٍ ثَوْبَهُ فَقَالَ لَهُ ارْفَعْ ثَوْبَكَ فَرَفَعَ فَقَالَ ارْفَعْ فَرَفَعَ فَقَالَ ارْفَعْ فَرَفَعَ وَقَالَ إِنَّ فِي رِجْلِي قُرُوحًا فَقَالَ وَإِنْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مَنْ يجر ثوبه الْخُيَلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهَذَا وَاضِحٌ فِي كَرَاهِيَةِ ابْنِ عُمَرَ لِجَرِّ الْإِنْسَانِ ثَوْبَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَاقِدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ فِي رِجْلَيْهِ قُرُوحًا فَقَالَ وَإِنْ

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ جَمَاعَةٌ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ مِنْهُمْ نَافِعٌ وَسَالِمٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ وَجُبَيْرُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَغَيْرُهُمْ وَرَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَزَعَمَ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ ابْنِ عُمَرَ إِذْ مَرَّ بِهِ فَتًى شَابٌّ عَلَيْهِ جُبَّةٌ صَنْعَانِيَّةٌ يَجُرُّهَا مُسْبِلًا فَقَالَ يَا فَتَى هَلُمَّ فَقَالَ لَهُ الْفَتَى مَا حَاجَتُكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ وَيْحَكَ أَتُحِبُّ أَنْ يَنْظُرَ اللَّهُ إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَجُرُّ إِزَارَهُ خُيَلَاءَ قَالَ فَلَمْ يُرَ الْفَتَى إِلَّا مُشَمِّرًا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى مَاتَ

وَقَدْ ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ جَرَّ الثَّوْبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ خُيَلَاءَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَاحْتَجُّوا لِذَلِكَ بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الله ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ لَيَسْتَرْخِي إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ قَالَ مُوسَى قُلْتُ لِسَالِمٍ أَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ قَالَ لَمْ أُسْمِعْهُ إِلَّا ذِكْرُ ثَوْبِهِ وَهَذَا إِنَّمَا فِيهِ أَنَّ أَحَدَ شِقَّيْ ثَوْبِهِ يَسْتَرْخِي لَا أَنَّهُ تَعَمَّدَ ذَلِكَ خُيَلَاءَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لست ممن يرضى ذلك ولا يتعمده ولا يظن بك ذلك وَقَدْ مَضَى مَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَسَنَزِيدُهُ بَيَانًا فِي بَابِ الْعَلَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْحَمَّالُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِكَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا يَنْظُرُ إِلَى عَبْدٍ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ حَتَّى يَضَعَ ذَلِكَ الثَّوْبَ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ يُحِبُّ ذَلِكَ الْعَبْدَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا هَذَا وَمِنْهَا حَدِيثُ ابْنُ عُمَرَ عَنْ صُهَيْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِشَارَةِ وَمِنْهَا إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا وَمِنْهَا مَنْ نَزَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ وَمِنْهَا فِي حَلِّ الْأَزْرَارِ وَمِنْهَا تَشْقِيقُ الْكَلَامِ مِنَ الشَّيْطَانِ كُلُّهَا عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكُلُّهَا سَمِعَهَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ زيد ابن أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَطَبَ رَجُلَانِ فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا أَوْ إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ لسحر وذكرناه في مراسل زيد ابن أَسْلَمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ لِأَنَّ يَحْيَى أَرْسَلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ عُمَرَ وَلَمْ يُتَابَعْ يَحْيَى عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

حديث ثان لزيد بن اسلم مسند حسن عن جابر

حَدِيثٌ ثَانٍ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ حَسَنٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ قَوْمٌ لَمْ يَسْمَعْ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ مِنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ آخَرُونَ سَمِعَ مِنْهُ وَسَمَاعُهُ مِنْ جَابِرٍ غَيْرُ مَدْفُوعٍ عِنْدِي وَقَدْ سَمِعَ مِنَ ابْنِ عُمَرَ وَتُوُفِّيَ ابْنُ عُمَرَ قَبْلَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِنَحْوِ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ تُوُفِّيَ جَابِرٌ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَتُوُفِّيَ ابْنُ عُمَرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ مَالِكٌ عَنْ زيد ابن أَسْلَمَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي أَنْمَارٍ قَالَ جَابِرٌ فَبَيْنَا أَنَا نَازِلٌ تَحْتَ شَجَرَةٍ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلُمَّ إِلَى الظِّلِّ قَالَ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُمْتُ إِلَى غِرَارَةٍ لَنَا

فالتمست فيها فوجدت جروقثاء فَكَسَرْتُهُ ثُمَّ قَرَّبْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا فَقُلْتُ خَرَجْنَا بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ جَابِرٌ وَعِنْدَنَا صَاحِبٌ لَنَا نُجَهِّزُهُ يَذْهَبُ يَرْعَى ظُهُرَنَا قَالَ فَجَهَّزْتُهُ ثُمَّ أَدْبَرَ يَذْهَبُ فِي الظُّهْرِ وَعَلَيْهِ بَرْدَانِ لَهُ قَدْ خَلِقَا قَالَ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَمَا لَهُ ثَوْبَانِ غَيْرَ هَذَيْنِ فَقُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَوْبَانِ فِي الْعَيْبَةِ كَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا قَالَ فَادْعُهُ فَمُرْهُ فَيَلْبَسْهُمَا قَالَ فَدَعَوْتُهُ فَلَبِسَهُمَا ثُمَّ وَلَّى يَذْهَبُ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَهُ ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا قَالَ فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقُتِلَ الرَّجُلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ الرُّوَاةُ وَقَدْ حَدَّثَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَلَبِيُّ عُبَيْدَ (1489) بْنَ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ

الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكٍ بِحَدِيثٍ هُوَ عِنْدَهُمْ خَطَأٌ إِنْ أَرَادَ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ هَذَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ بُنْدَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ يَا فُلَانُ ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَكَ قَالَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَهِيَ كَانَتْ نِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْحَلَبِيُّ جَمَاعَةٌ هَكَذَا بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِنْهُمْ أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْطَاكِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ العزيز ابن مَرْوَانَ الْحَلَبِيُّ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ طَلَبِ الظِّلِّ وَالرَّاحَةِ وَأَنَّ الْوُقُوفَ لِلشَّمْسِ مَعَ وُجُودِ الظِّلِّ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ فِي غَزْوٍ كَانَ ذَلِكَ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا غَازِينَ مُجَاهِدِينَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ الْخُرُوجُ بِالزَّادِ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ مِنَ الصُّوفِيَّةِ لَا يُدَّخَرُ لِغَدٍ وَفِيهِ إِكْرَامُ الرَّجُلِ الْجَلِيلِ السَّيِّدِ بِيَسِيرِ الطَّعَامِ وَقَبُولِ الْجِلَّةِ لِيَسِيرَ مَا يَدْعُونَ إِلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَسْأَلَ مِنْ أَيْنَ هَذَا الطَّعَامِ إِذَا خَافَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ خَافَ مِنْ صَاحِبِ غَفْلَةٍ لِمَعْنًى مَعْهُودٍ فَيُنَبِّهُهُ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ جَابِرٌ يَوْمَئِذٍ حَدَثًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَعْنَى سُؤَالِ رَسُولِ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ جَابِرٌ مِمَّنْ يُتَّهَمُ وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ بُعِثَ مُعَلِّمًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ إِدْمَانُ لُبْسِ الْخَلِقِ مِنَ الثِّيَابِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ بِنِعْمَةٍ أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَهَا عَلَيْهِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَوْسِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ جَمَعَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ اهـ حدثنا إسمعيل بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْغَضَائِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ قال حدثني أبي عن أشعث عَنْ بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال إن اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عبده

(وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعَارِضُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْبَذَاذَةُ رَثَاثَةُ الْهَيْئَةِ) وَفِيهِ إِبَاحَةُ الْكَلَامِ بِالْمَعَارِيضِ وَبِمَا فَحْوَاهُ يُسْمَعُ إِذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ يُرِيدُ بِهِ وَجْهًا مَحْمُودًا أَلَا ترى إلى قوله ماله ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ وَهُوَ يُرِيدُ بِذَلِكَ الشَّهَادَةَ لَهُ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّمَا يَقُولُ مِثْلَ هَذَا إِلَّا كَانَ كَمَا قَالَ أَلَا تَرَى إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَالُوا حِينَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعْثَةً إِلَى مُؤْتَةَ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فَقَالَ إِنْ قُتِلَ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ قَالُوا فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ سَيُقْتَلُونَ وَمِثْلُ هَذَا مَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حدثنا أبو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عكرمة ابن عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ (قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ ان عامر بن الأكوع) (د) حِينَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ جَعَلَ يَرْتَجِزُ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَفِيهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَسُوقُ بِهِمُ الرِّكَابَ وَهُوَ يَقُولُ ... تَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا ... ... ... إِنَّ الَّذِينَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا ... ... وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا ... فثبت الأقدام أن لا قينا ... ... وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ هَذَا قَالُوا عَامِرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ قَالَ وَمَا اسْتَغْفَرَ لِإِنْسَانٍ قَطُّ يَخُصُّهُ إِلَّا اسْتُشْهِدَ قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ فَقَامَ عَامِرٌ إِلَى الْحَرْبِ فَبَارَزَهُ مَرْحَبٌ اليهودي فاستشهدا وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ وَمَا اسْتَغْفَرَ لِإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إِلَّا اسْتُشْهِدَ وَإِلَى قَوْلِ عُمَرَ لَوْ مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ وَهَذَا كُلُّهُ في معنى قوله ماله ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ وَفِيهِ إِجَابَةُ دَعْوَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدُعَاؤُهُ كُلُّهُ عِنْدَنَا مُجَابٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي مَعْنَى حَدِيثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

حديث ثالث لزيد بن اسلم متصل صحصح مسند

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَقُولُ حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ عَتِيقٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَكَانَ الرَّجُلُ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ قد اضاعه فأردت أن أشتريه منه وظنت أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا تَشْتَرِهِ وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدِ ابن أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ وَقَالَ فِيهِ لَا تَشْتَرِهِ وَلَا شَيْئًا مِنْ نِتَاجِهِ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْحُمَيْدِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْفَرَسُ الْعَتِيقُ هُوَ الْفَارِهُ عِنْدَنَا وقال صاحب العين عتقت الفرس تعتق إِذَا سَبَقَتْ وَفَرَسٌ عَتِيقٌ رَائِعٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِجَازَةُ تَحْبِيسِ الْخَيْلِ فِي سبيل الله

وَفِيهِ إِنْ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَغَزَا بِهِ (فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُ فِي سَائِرِ مَالِهِ) (أ) أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى بَائِعِهِ بَيْعَهُ وَأَنْكَرَ عَلَى عُمَرَ شِرَاءَهُ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا بَلَغْتَ بِهِ وَادِيَ الْقُرَى فَشَأْنَكَ بِهِ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ إِذَا بَلَغَ بِهِ رَأْسَ مَغْزَاتِهِ فَهُوَ لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْفَرَسُ ضَاعَ حَتَّى عَجَزَ عَنِ اللَّحَاقِ بِالْخَيْلِ وَضَعُفَ عَنْ ذَلِكَ وَنَزَلَ عَنْ مَرَاتِبِ الْخَيْلِ الَّتِي يُقَاتَلُ عَلَيْهَا فَأُجِيزُ لَهُ بَيْعُهُ لِذَلِكَ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَقُولُ يَضَعُ ثَمَنَهُ ذَلِكَ فِي فَرَسٍ عَتِيقٍ إِنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا أَعَانَ بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ لَهُ كَسَائِرِ مَالِهِ إِذَا غَزَا عَلَيْهِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا أُعْطِيَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقِيلَ لَهُ هُوَ لَكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ قِيلَ هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ رَكِبَهُ وَرَدَّهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ الْفَرَسُ الْمَحْمُولُ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ هِيَ لِمَنْ يَحْمِلُ عَلَيْهَا تَمْلِيكٌ قَالُوا وَلَوْ قَالَ لَهُ إِذَا بَلَغْتَ بِهِ رَأْسَ مَغْزَاكَ فَهُوَ لَكَ كَانَ تَمْلِيكًا عَلَى مُخَاطَرَةٍ وَلَمْ يَجُزْ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مَنْ أُعْطِيَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى يَبْلُغَ مَغْزَاهُ ثُمَّ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَبْسًا فَلَا يُبَاعُ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا قَالَ هُوَ لَكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَرَجَعَ بِهِ رَدَّهُ حَتَّى يَجْعَلَهُ فِي سَبِيلِ الله

وَسَيَأْتِي هَذَا فِي بَابِ نَافِعٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِي ماله وبيعه وشراؤه فَجَائِزٌ لَهُ بَيْعُ مَا شَاءَ مِنْ مَالِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ قَلِيلِ الثَّمَنِ وَكَثِيرِهِ كَانَ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَالَهُ وَلَمْ يَكُنْ وَكِيلًا وَلَا وَصِيًّا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِي مِثْلِ هَذَا الحديث (ج) وَلَوْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَرَاهِيَةِ شِرَاءِ الرَّجُلِ لِصَدَقَتِهِ الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ إِذَا أَخْرَجَهَا عَنْ يَدِهِ لِوَجْهِهَا ثُمَّ أَرَادَ شِرَاءَهَا مِنَ الَّذِي صَارَتْ إِلَيْهِ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فَبَاعَهُ الَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ الْحَامِلُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَشْتَرِهِ أَبَدًا وَكَذَلِكَ الدَّرَاهِمُ وَالثَّوْبُ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ وَمَنْ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فَبَاعَهُ ثُمَّ وَجَدَهُ الْحَامِلُ فِي يَدِ الَّذِي اشتراه فترك شرائه أفضل قال ابو عمر كره (هـ) ذَلِكَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَالشَّافِعِيِّ

وَلَمْ يَرَوْا لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَتَهُ (فَإِنِ إشترى أحد صدقته) (أ) لَمْ يَفْسَخُوا الْعَقْدَ وَلَمْ يَرُدُّوا الْبَيْعَ وَرَأَوُا التَّنَزُّهَ عَنْهَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي شِرَاءِ الْإِنْسَانِ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مِثْلَ الصَّدَقَةِ سَوَاءً قَالَ أَبُو عُمَرَ (إِنَّمَا كَرِهُوا بَيْعَهَا) (ب) لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَفْسَخُوهَا لِأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إِلَيْهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ هَدِيَّةِ بَرِيرَةَ بِمَا تُصَدِّقَ بِهِ عَلَيْهَا وَيَحْتَمِلُ هَذَا الْحَدِيثُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ التَّنَزُّهِ وَقَطْعِ الذَّرِيعَةِ إِلَى بَيْعِ الصَّدَقَةِ قَبْلَ إِخْرَاجِهَا أَوْ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى التَّطَوُّعِ فِي التَّنَزُّهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا بَأْسَ لِمَنْ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ وَكَفَّارَةَ يَمِينِهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِثَمَنٍ يَدْفَعُهُ إِلَيْهِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ الْمَصِيرُ إِلَى حَدِيثِ عُمَرَ فِي الْفَرَسِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ أَبَاحَ شِرَاءَ صَدَقَتُهُ وَقَالَ قَتَادَةُ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ فَاسِدٌ مَرْدُودٌ لِأَنِّي لَا أَعْلَمُ الْفَيْءَ إِلَّا حَرَامًا وَكُلُّ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ إِذَا رَجَعَتْ إِلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ طَابَتْ لَهُ (إِلَّا ابْنَ عُمَرَ فَإِنَّهُ كَانَ لا يحبسها إذا رجعت اليه بالميراث) (د)

وَتَابَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ فَقَالَ إِذَا رَجَعَتْ إِلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ وَجَّهَهَا فِيمَا كَانَ وَجَّهَهَا فِيهِ إِذَا كَانَتْ صَدَقَةً وَأَمَّا الْهِبَةُ فَلَا يُكْرَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا اهـ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَحْتَمِلُ فِعْلُ ابْنِ عُمَرَ فِي رَدِّ مَا رَجَعَ إِلَيْهِ مِنْ صَدَقَاتِهِ بِالْمِيرَاثِ أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الْوَرَعِ وَالتَّبَرُّعِ لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَكَثِيرًا مَا كَانَ يَدَعُ الْحَلَالَ وَرَعًا وَلَعَلَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ وَقَدْ وَرَدَتِ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (أ) بِإِبَاحَةِ مَا رَدَّهُ الْمِيرَاثُ مِنَ الصَّدَقَاتِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ رَبِيعَةَ فِي قِصَّةِ لَحْمِ بَرِيرَةَ وَأَوْضَحْنَا الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ بِمَا لَا وجه لاعادته ها هنا وَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أُهْدِيَ إِلَيْهِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَقَوْلُهُ إِنَّ الصدقة تحل من اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ يُوَضِّحُ مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ أَحَدُهُمْ رَجُلٌ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ فَكَمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِمَالِهِ وَهِيَ صَدَقَةُ غَيْرِهِ فَكَذَلِكَ شِرَاءُ صَدَقَتِهِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَهَا لَيْسَ بِرُجُوعٍ فِيهَا فِي الْمَعْنَى عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي قِصَّةِ لَحْمِ بَرِيرَةَ وَإِنَّمَا الرُّجُوعُ فِيهَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا فَعَلَهُ مِنْ صَدَقَتِهِ أَوْ هِبَتِهِ دُونَ أَنْ يَبْتَاعَ ذَلِكَ

وَلَكِنَّ حَدِيثَ عُمَرَ هَذَا أَوْلَى أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ خَصَّ الْمُتَصَدِّقَ بِهَا فَنَهَى عَنْ شِرَائِهَا وَذَلِكَ نَهْيُ تَنَزُّهٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ فَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِيمَا يَأْتِي مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا

حديث رابع لزيد بن اسلم مسند يجري مجرى المتصل

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ يَجْرِي مَجْرَى الْمُتَّصِلِ مالك عن زيد ابن أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ (ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ) (أ) فَقَالَ عُمَرُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا عُمَرُ نَزَرْتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُكَ قَالَ عُمَرُ فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ أَمَامَ النَّاسِ وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي قَالَ فَقُلْتُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ قَالَ فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ أُنْزِلَ عَلَيَّ هَذِهِ الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عَلَيْهِ الشَّمْسُ ثُمَّ قَرَأَ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا عَلَى الِاتِّصَالِ لِأَنَّ أَسْلَمَ رَوَاهُ عَنْ عُمَرَ

وَسَمَاعُ أَسْلَمَ مِنْ مَوْلَاهُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَحِيحٌ لَا رَيْبَ فِيهِ وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ مَالِكٍ كَمَا ذَكَرْنَا اهـ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُرَيْقِ بْنِ جَامِعٍ وَحَدَّثَنَا عبد الرحمن بن مروان قال) (أ) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَيَّانَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ابن عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَعُمَرُ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ (ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يجبه) (ج) ثَلَاثًا فَقَالَ عُمَرُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ عُمَرُ نَزَرْتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُكَ قَالَ عُمَرُ فحركت بعيري حتى تقدمت أما النَّاسِ وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ

صَارِخًا يَصْرُخُ بِي قَالَ فَقُلْتُ لَهُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ يَنْزِلُ فِيَّ قُرْآنٌ فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ لِي لَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عَلَيْهِ الشَّمْسُ ثُمَّ قَرَأَ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْنَدًا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ (جَمِيعًا أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ كَرِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ سَوَاءٍ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ محمد بن عبد الله بن المبارك) (ب) فِي هَذَا الْحَدِيثِ السَّفَرُ بِاللَّيْلِ وَالْمَشْيُ عَلَى الدَّوَابِّ بِاللَّيْلِ وَذَلِكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَعَ اسْتِعْمَالِ الرِّفْقِ لِأَنَّهَا بَهَائِمُ عُجْمٌ وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرِّفْقِ بِهَا وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهَا وَفِيهِ أَنَّ الْعَالِمَ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَجِبُ الْجَوَابُ فِيهِ أَنْ يَسْكُتَ وَلَا يُجِيبُ بِنَعَمْ وَلَا بِلَا وَرُبَّ كَلَامٍ جَوَابُهُ السُّكُوتُ وَفِيهِ مِنَ الْأَدَبِ أَنَّ سُكُوتَ الْعَالِمِ عَنِ الْجَوَابِ يُوجِبُ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ تَرْكَ الْإِلْحَاحِ عَلَيْهِ وَفِيهِ النَّدَمُ عَلَى الْإِلْحَاحِ عَلَى الْعَالِمِ خَوْفَ غَضَبِهِ وَحِرْمَانِ فَائِدَتِهِ فِيمَا يُسْتَأْنَفُ وَقَلَّمَا أُغْضِبَ عَالِمٌ إِلَّا احْتُرِمَتْ فَائِدَتُهُ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ رَفِقْتَ بِابْنِ عَبَّاسٍ لَاسْتَخْرَجْتَ مِنْهُ عِلْمًا اهـ وَفِيهِ مَا كَانَ عُمَرُ عَلَيْهِ مِنَ التَّقْوَى وَالْوَجَلِ لِأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ عَاصِيًا بِسُؤَالِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ مرات

كُلُّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُهُ إِذِ الْمَعْهُودُ أَنَّ سُكُوتَ الْمَرْءِ عَنِ الْجَوَابِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ عَالِمٌ بِهِ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهِيَةِ السُّؤَالِ وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّكُوتَ عَنِ السَّائِلِ يعز عليه وهذا موجود في طابع النَّاسِ وَلِهَذَا أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمَرَ يُؤْنِسُهُ وَيُبَشِّرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ أَوْضَحُ الدَّلِيلِ عَلَى مَنْزِلَةِ عُمَرَ مِنْ قَلْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم موضعه مِنْهُ وَمَكَانَتُهُ عِنْدَهُ وَفِيهِ أَنَّ غُفْرَانَ الذُّنُوبِ خَيْرٌ لِلْإِنْسَانِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ لَوْ أُعْطِيَ ذَلِكَ وَذَلِكَ تَحْقِيرٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلدُّنْيَا وَتَعْظِيمٌ لِلْآخِرَةِ وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يُحَقِّرَ مَا حَقَّرَ اللَّهُ مِنَ الدُّنْيَا وَيَزْهَدَ فِيهَا وَيُعَظِّمَ مَا عَظَّمَ اللَّهُ من الاخرة ويرغب فيها وإذا كان غفارن الذُّنُوبِ لِلْإِنْسَانِ خَيْرًا مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُكَفَّرْ عَنْهُ إِلَّا الصَّغَائِرُ مِنَ الذُّنُوبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ قَطُّ كَبِيرَةً لَا هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مِنَ الْكَبَائِرِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَعَلَى هَذَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ خَيْرٌ لِلْإِنْسَانِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لِأَنَّهَا تُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَفِيهِ أَنَّ نُزُولَ الْقُرْآنِ كَانَ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ مِنْ حَضَرٍ وَسَفَرٍ وَلَيْلٍ وَنَهَارٍ وَالسَّفَرُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ سُورَةُ الْفَتْحِ مُنْصَرَفُهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ لَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ نَزَلَتْ عَلَيْهِ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ مَرْجِعُهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ آية أحب إلى (مما على الأرض) (أ) ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا هَنِيئًا مَرِيئًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكَ مَا يَفْعَلُ بِكَ فَمَاذَا يَفْعَلُ بِنَا فَنَزَلَتْ لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِلَى قَوْلِهِ فَوْزًا عَظِيمًا وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ نَحْوَ ذَلِكَ وَزَادَ فَنَزَلَ مَا فِي الْأَحْزَابِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا وَأَنْزَلَ لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ الْآيَتَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ غَفُورًا رَحِيمًا وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ جُرَيْجٍ فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ وَمَاذَا يَفْعَلُ بِنَا فَنَزَلَتْ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَنَزَلَتْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ إِلَى قَوْلِهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَأَصْحَابُهُ يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ وَأَنْ يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَيَنْصُرَهُ نَصْرًا عَزِيزًا هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ أَكْثَرُ فَارِسَ وَالرُّومِ أَيَظُنُّ مُحَمَّدٌ أَنَّهُمْ مِثْلُ مَنْ نَزَلَ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ فَنَزَلَتْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ بِأَنَّهُ لَا يَنْصُرُ فَبِئْسَ مَا ظَنُّوا وَنَزَلَتْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْآيَةَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قوله فتحنا مُبِينًا فَقَالَ قَوْمٌ خَيْبَرُ وَقَالَ قَوْمٌ الْحُدَيْبِيَةُ مَنْحَرَهُ وَحَلْقَهُ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَتَحْنَا لَكَ حكمنا لك حكما (بينا حين ارتحل) (ب) مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ رَاجِعًا قَالَ وَقَدْ كَانَ شَقَّ عَلَيْهِمْ أَنْ صُدُّوا عَنِ الْبَيْتِ وَقَالَ لِيَغْفِرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَقَالَ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ وَيَنْصُرُكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا قَالَ يُرِيدُ بِذَلِكَ فَتْحَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ وَحُنَيْنَ الْعَرَبِ وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ فِي الْعَرَبِ غَيْرُهُمْ وَقَالَ قتادة ومجاهد فتحنا لك قضينا لك (هـ) قَضَاءً مُبِينًا مَنْحَرَهُ وَحَلْقَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ ذَكَرَهُ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ وَذَكَرَهُ وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ فَتْحًا مُبِينًا قَالَ الْحُدَيْبِيَةَ (وَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ خَيْبَرُ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ فِي ذلك قول مجاهد ايضا) (و)

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ مَعْنَاهُ أَكْرَهْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بالمسئلة أَيْ أَتَيْتُهُ بِمَا يَكْرَهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَعْنَاهُ أَلْحَحْتَ وَكَرَّرْتَ السُّؤَالَ وَأَبْرَمْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ حَبِيبٌ عَنْ مَالِكٍ قَالَ نَزَرْتَ رَاجَعْتَهُ وَقَالَ الْأَخْفَشُ نَزَرْتَ وَأَنْزَرْتَ الْبِئْرَ (أَكْثَرْتَ الِاسْتِقَاءَ مِنْهَا حَتَّى يَقِلَّ ماؤها قاله أبو عمر) (أ) (وَدَفْعٌ نَزُورٌ أَيْ يَأْتِي مِنْهَا الشَّيْءُ مُنْقَطِعًا قَالَ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ سَأَلَهُ حَتَّى قطع عنه كلامه لأنه تبرم به) (ب)

حديث خامس لزيد بن أسلم متصل صحيح مسند

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَعَنِ الْأَعْرَجِ كُلُّهُمْ يُحَدِّثُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَالْخَبَرُ عنه في باب إسماعيل ابن أَبِي حَكِيمٍ (وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا احمد أبن صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو صخر (1494)

عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ قَالَ كَانَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ إِذَا جَلَسَ يَكُونُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ يَمِينِهِ وَكُنْتُ عَنْ يَسَارِهِ) وَأَمَّا بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ فَإِنَّهُ كَانَ مَوْلًى لِحَضْرَ مَوْتَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ ثِقَةٌ فَاضِلًا مُسِنًّا سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَجَالَسَهُ كَثِيرًا وَلَمْ يُنْكِرْ يَحْيَى الْقَطَّانُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَعْنِي الْقِطَّانَ بسر ابن سَعِيدٍ لَقِيَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ وَمَا تُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ لَقِيَهُ قُلْتُ قَدْ رَوَى عَنْ أَبِي صَالِحٍ عُبَيْدٍ مَوْلَى السَّفَّاحِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَ قَدْ رَوَى سُفْيَانُ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عُبَيْدٍ مَوْلَى السَّفَّاحِ عَنْ زيد بن ثابت (وهو حديث) (د) عَجِّلْ لِي وَأَضَعْ عَنْكَ ذَكَرَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ وَكَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يُثْنِي عَلَى بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَيُفَضِّلُهُ وَيَرْفَعُ بِهِ فِي وَرَعِهِ وفضله

وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ يَحْيَى (كان بسر بن سعيد يذكر بخير) (أ) بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ مَوْلَى الْحَضْرَمِيِّينَ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ رَوَى عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَمَّا الْأَعْرَجُ فَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ كَانَ صَاحِبَ قُرْآنٍ وَحَدِيثٍ قَرَأَ عَلَيْهِ نَافِعٌ الْقَارِئُ وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا قَالَ (مُصْعَبُ ابن عبد الله) (ب) عبد الرحمن (بن هرمز) (ج) الْأَعْرَجُ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يُكْنَى أَبَا دَاوُدَ رَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ وَأَبُو الزِّنَادِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَغَيْرُهُمْ تُوِّفِيَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ سَنَةَ سَبْعَ عَشَرَةَ وَمِائَةٍ (وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ مَاتَ أَبُو دَاوُدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ سَنَةَ تسع عشرة ومائة) (د) وَأَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَذْكُورٌ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يَجِبُ أَنْ يُذَكَرَ بِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَعَ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّيلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حدثنا

سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ الصَّنْعَانِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ الْأَعْرَجِ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَأَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً من صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلَمْ تَفُتْهُ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلَمْ تَفُتْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْإِدْرَاكُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِدْرَاكُ الْوَقْتِ لَا أَنَّ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ مَنْ أَدْرَكَهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ أَجْزَأَتْهُ مِنْ تَمَامِ صِلَاتِهِ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ هَذَا الْمُصَلِّيَ فُرِضَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ أَنْ يَأْتِيَ بِتَمَامِ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَتَمَامِ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنِ الْإِكْثَارِ وَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ يُرِيدُ فَقَدْ أَدْرَكَ وَقْتَ الصَّلَاةِ إِلَّا أَنَّ ثَمَّ أَدِلَّةً تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَقْتَ الْمُخْتَارَ فِي هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ غَيْرُ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (وآخر وقت العصر) (ج) مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ يَعْنِي آخِرَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ لِئَلَّا تَتَعَارَضَ الْأَحَادِيثُ

وَمِثْلُ ذَلِكَ حَدِيثُ الْعَلَاءِ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ يَجْلِسُ أَحَدُهُمْ حَتَّى إِذَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ وَكَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا وَهَذَا التَّغْلِيظُ عَلَى مَنْ تَرَكَ اخْتِيَارَ رَسُولِ اللَّهِ لِأُمَّتِهِ فِي الْوَقْتِ وَرَغِبَ عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ مَقْبُولٌ وَالْآثَارُ فِي تَعْجِيلِ الْعَصْرِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَمَعْنَاهَا كُلِّهَا مَا ذَكَرْنَاهُ وَبِهَذَا كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ صَلُّوا الْعَصْرَ وَالشَّمْسَ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَهَا صُفْرَةٌ هَذَا كُلُّهُ عَلَى الِاخْتِيَارِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَثْرَمُ قَالَ قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَالَ هَذَا عَلَى الْفَوَاتِ لَيْسَ عَلَى أَنْ يُتْرَكَ الْعَصْرُ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ وَذُكِرَ حَدِيثُ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ) فَالْأَوْقَاتُ فِي تَرْتِيبِ السُّنَنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقْتَانِ فِي الحضر وقت رفاهية وسعة ووقت عذر ضرورة يُبَيِّنُ لَكَ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ وَيَزِيدُ لَكَ فِي ذَلِكَ بَيَانًا أَقَاوِيلُ فُقَهَاءِ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ فَنَذْكُرُ هُنَا أَقَاوِيلَهُمْ فِي وَقْتِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ إِذْ لَمْ يَتَضَمَّنْ حَدِيثُ هَذَا الْبَابِ ذِكْرَ غَيْرِهِمَا مِنَ الصَّلَوَاتِ وَنَذْكُرُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ جُمْلَةَ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَنُبَسِّطُ ذَلِكَ وَنُمَهِّدُهُ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ طُلُوعُ الْفَجْرِ الثَّانِي إِذَا تَبَيَّنَ طلوعه وهو البياض الْمُنْتَشِرُ مِنْ أُفُقِ الْمَشْرِقِ وَالَّذِي لَا ظُلْمَةَ بَعْدَهُ (وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسْمَاءَ الْفَجْرِ فِي اللُّغَةِ وَشَوَاهِدَ الشِّعْرِ عَلَى ذَلِكَ وَالْمَعْنَى فِيهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي أَوَّلِ حَدِيثٍ مِنْ مَرَاسِيلِ عَطَاءٍ وَمِنْ بَابِ يَزِيدَ أَيْضًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ)) وَاخْتَلَفُوا فِي آخِرِ وَقْتِهَا فَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَقْتُ الصُّبْحِ مِنْ حِينِ يَطْلُعُ الْفَجْرُ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَقْتُ الصُّبْحِ الْإِغْلَاسُ وَالنُّجُومُ بَادِيَةٌ مُشْتَبِكَةٌ وَآخِرُ وَقْتِهَا إِذَا أَسْفَرَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عِنْدَنَا عَلَى الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ لِأَنَّ مَالِكًا لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي سُقُوطِ الصَّلَاةِ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ مِثْلُ الْحَائِضِ تَطْهُرُ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهَا أَنَّ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهَا بِإِدْرَاكِ مِقْدَارِ رَكْعَةٍ مِنْ وَقْتِهَا وَإِنْ صَلَّتِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مَعَ الطُّلُوعِ أَوْ بَعْدِهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ آخِرُ وَقْتِهَا مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُسْفِرُوا بِهَا وَمِثْلَ قَوْلِ الثَّوْرِيِّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ آخِرُ وَقْتِهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ إِلَّا أَنَّهُ يَسْتَحِبُّ التَّغْلِيسَ بِهَا وَلَا تَفُوتُ عِنْدَهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ مِنْهَا رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا فَمَنْ لَمْ يُكْمِلْ مِنْهَا رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَدْ فَاتَتْهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءً قَالَ وَقْتُ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا مَعَ الضَّرُورَةِ وَهَذَا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٍ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ آخِرَ وَقْتِهَا إِدْرَاكَ رَكْعَةٍ مِنْهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِضَرُورَةٍ وَغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَإِسْحَاقَ وَأَمَّا سَائِرُ الْعُلَمَاءِ فَجَعَلُوا هَذَا وَقْتًا لِأَصْحَابِ الْعُذْرِ وَالضَّرُورَاتِ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ والأوزاعي وأحمد ابن حنبل

وَاخْتَلَفُوا فِي أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَآخِرِهِ فَقَالَ مَالِكٌ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ إِذَا كَانَ الظِّلُّ قَامَةً بَعْدَ الْقَدْرِ الَّذِي زَالَتْ عَنْهُ الشَّمْسُ وَيُسْتَحَبُّ لِمَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ أَنْ يُؤَخِّرُوا ذَلِكَ قَلِيلًا قَالَ وَآخِرُ وَقْتِهَا أَنْ يَكُونَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ هَذِهِ حِكَايَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَهَذَا عِنْدَنَا عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنْ (لَا خِلَافَ عِنْدِنَا فِي) مُدْرِكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ مِمَّنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ لَوْ خَرَجَ وَقْتُهَا لِحَالَةٍ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَالْحَائِضِ وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُمَا تَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَرْضًا بِإِدْرَاكِ مِقْدَارِ رَكْعَةٍ مِنْهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ وَقْتَهَا عِنْدَهُ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ وَقْتَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَهَذَا عِنْدَنَا أَيْضًا عَلَى أَصْحَابِ الضَّرُورَاتِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمع بين الصلاتين فِي السَّفَرِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا لِضَرُورَةِ السَّفَرِ فَكُلُّ ضَرُورَةٍ وَعُذْرٍ فَكَذَلِكَ وَسَنَذْكُرُ وَجْهَ الْجَمْعِ بين الصلاتين فِي السَّفَرِ وَالْمَطَرِ فِي بَابِ أَبِي الزُّبَيْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ رَكَعَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَرَكْعَةً بَعْدَ غُرُوبِهَا فَقَدْ أَدْرَكَهَا وَالصُّبْحُ عِنْدَهُ كَذَلِكَ (قَالَ الثَّوْرِيُّ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ إِذَا كَانَ ظِلُّكَ مِثْلَكَ وَإِنْ أَخَّرْتَهَا مَا لَمْ تغير الشمس أجزأك) (هـ)

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَوَّلُ وَقْتِهَا فِي الصَّيْفِ إِذَا جَاوَزَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ بِشَيْءٍ مَا كَانَ وَمَنْ أَخَّرَ الْعَصْرَ حَتَّى يُجَاوِزَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ فِي الصَّيْفِ أَوْ قَدْرَ ذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ فَقَدْ فَاتَهُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ قَدْ فَاتَهُ وَقْتُ الْعَصْرِ مُطْلَقًا كَمَا جَازَ عَلَى الَّذِي أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى أَنْ جَاوَزَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ قَالَ وَإِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قول الشافعي ها هنا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ يَنْفِي الِاشْتِرَاكَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَهُوَ شَيْءٌ يَنْقُضُهُ مَا بَنَى عَلَيْهِ مَذْهَبَهُ فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقُ وَالْكَافِرِ يُسْلِمُ وَالصَّبِيِّ يَحْتَلِمُ لِأَنَّهُ يُوجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً وَاحِدَةً قَبْلَ الْغُرُوبِ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَفِي بَعْضِ أَقَاوِيلِهِ إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ مِقْدَارَ تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ لَزِمَهُ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ جَمِيعًا فَكَيْفَ يَسُوغُ لِمَنْ هَذَا مَذْهَبُهُ أَنْ يَقُولَ إِنَّ الظُّهْرَ يَفُوتُ فَوَاتًا صَحِيحًا بِمُجَاوَزَةِ ظَلِّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ أَكْثَرَ مِنْ فَوَاتِ الْعَصْرِ بِمُجَاوَزَةِ ظَلِّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ إِذَا جَاوَزَ ظَلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ فَقَدْ جَاوَزَ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ فَهَذَا أَيْضًا فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسَ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً فَقَدْ صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ لَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ في ذلك

فَقِفْ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ يَتَبَيَّنْ لَكَ بذك سِعَةُ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ أَيْضًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ أَوَّلُ وَقْتِهَا إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَزَادَ عَلَى الظِّلِّ زِيَادَةً تَتَبَيَّنُ إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ (وهو قول داود) (أ) قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ فِي أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ لَا يَدْخُلُ حَتَّى يَزِيدَ الظِّلُّ عَلَى الْقَامَةِ زِيَادَةً تَظْهَرُ فَمُخَالِفٌ لِحَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّ حَدِيثَ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ هُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ بِلَا فَصْلٍ (وَلَكِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى (1) مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى) وَقَدْ بَيَّنَّا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَذَكَرْنَا عِلَلَ أَقَاوِيلِهِمْ فِيهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا قَالَ (وَإِذَا زَادَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مثليه) (هـ) خَرَجَ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ

الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا قَالَ وَهَذَا مَعَ الضَّرُورَةِ (هَذِهِ حِكَايَةُ الْخَزَفِيِّ عَنْهُ وَأَمَّا الْأَثَرُ فَقَالَ سمعت أبا عبد الله يقول آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ هُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ قَالَ لِي ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ تَغَيُّرُ الشَّمْسِ قِيلَ لَهُ وَلَا تَقُلْ بِالْمِثْلِ وَالْمِثْلَيْنِ قَالَ لَا هَذَا أكثر عندي) (أ) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ حَتَّى يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ فَخَالَفَ الْآثَارَ وَجَمَاعَةَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَجَعَلَ وَقْتَ الظُّهْرِ إِلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ (وَجَعْلَ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةً لَيْسَتْ مِنْهُمَا وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ) هَذِهِ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ عنه (وللحسين بن زياد اللؤلؤي) (هـ) أَنَّ الظِّلَّ إِذَا صَارَ مِثْلَهُ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَإِذَا خَرَجَ تَلَاهُ وَقْتُ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَتَغَيَّرَ الشَّمْسُ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ أَنْ يُدْرِكَ الْمُصَلِّي مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ الْغُرُوبِ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ لِكُلِّ النَّاسِ مَعْذُورٍ

وَغَيْرِ مَعْذُورٍ وَالْأَفْضَلُ عِنْدَهُمَا أَوَّلُ الْوَقْتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَقَدْ بَانَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَقَاوِيلَ أَئِمَّةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَمَا رَوَيْنَا مِنَ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ مِنْهُ مُخْتَارٌ فِي الْحَضَرِ لِلسِّعَةِ وَالرَّفَاهِيَةِ وَمِنْهُ وَقْتُ ضَرُورَةٍ وَعُذْرٍ وَلَا يَلْحَقُ الْإِثْمُ وَاللَّوْمُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ كُلُّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَفَادَنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فقد أدرك الصبح) (أ) وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ مَعَانِيَ وَوُجُوهًا مِنْهَا أَنَّ الْمُدْرِكَ لِرَكْعَةٍ مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَوْ لِرَكْعَةٍ مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِهَا كَالْمُدْرِكِ لِوَقْتِ الصُّبْحِ وَلِوَقْتِ الْعَصْرِ الْوَقْتُ الَّذِي يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ إِلَيْهِ كَأَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ الْوَقْتَ مِنْ أَوَّلِهِ وَهَذَا لِمَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ نِسْيَانٍ أَوْ ضَرُورَةٍ عَلَى ما قدما ذِكْرَهُ وَمِنْهَا جَوَازُ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى ذَلِكَ الْوَقْتَ فَرْضَهُ مِمَّنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا لِأَنَّهُ الْمُرَادُ بِالْخِطَابِ الْمَذْكُورِ وَالْمَأْمُورِ بِالْبِدَارِ إِلَى إِدْرَاكِ بَقِيَّةِ الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْخِطَابِ بِالْمَعْنَى فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ فِيهِ بِالنَّصِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَمِنْهَا أَنَّهُ أَفَادَنَا فِي حُكْمِ مَنْ أَسْلَمَ من الكفار أو بلغ من الصبيان أَوْ طَهُرَ مِنَ الْحَيْضِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنَّهُ كَمَنْ أَدْرَكَ الْوَقْتَ بِكَمَالِهِ فِي وُجُوبِ صَلَاةِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَتَلْزَمُهُ تِلْكَ الصَّلَاةُ بِكَمَالِهَا كَمَا لَوْ أَدْرَكَ وَقْتَهَا مِنْ أَوَّلِهِ فَفَرَّطَ فِيهَا وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمُسَافِرِ يَقْدُمُ الْحَضَرَ وَحُكْمُ الْحَضَرِيِّ يَخْرُجُ مُسَافِرًا فِي بَقِيَّةٍ مِنَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَحُكْمُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقُ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلُ هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ فقف عليه (إلا أن الفقهاء اختلفوا ها هنا فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالُوا مَنْ خَرَجَ مُسَافِرًا وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ النَّهَارِ مِقْدَارُ رَكْعَةٍ بَعْدَ أَنْ جَاوَزَ بيوت مِصْرَهُ أَوْ قَرْيَتَهُ صَلَّى الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ وَلَوْ خَرَجَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِقْدَارُ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ صَلَّاهُمَا جَمِيعًا مَقْصُورَتَيْنِ وَهَذَا عِنْدَهُ حُكْمُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يُرَاعَى مِنْهُمَا مِقْدَارُ رَكْعَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى أَصْلِهِ فِيمَنْ سَافَرَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِقْدَارُ رَكْعَةٍ أَنَّهُ يَقْصُرُ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَلَوْ قَدِمَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ سَفَرِهِ أَتَمَّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِذَا خَرَجَ مِنْ مِصْرِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ قَدِمَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَتَمَّ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ زُفَرُ إِنْ جَاوَزَ بُيُوتَ الْقَرْيَةِ وَالْمِصْرِ وَلَمْ يَبْقَ مِنَ الْوَقْتِ إِلَّا رَكْعَةً فَإِنَّهُ مُفَرِّطٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَصْرَ أَرْبَعًا وَإِنْ قَدِمَ مِنْ

سَفَرِهِ وَدَخَلَ مِصْرَهُ وَلَمْ يَبْقَ مِنَ الْوَقْتِ إِلَّا رَكْعَةً أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حي والليث وَالشَّافِعِيُّ إِذَا خَرَجَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَتَمَّ وَكَذَلِكَ إِنْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَتَمَّ وَسَتَأْتِيَ زِيَادَةٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى عَنِ الشافعي والليث وَمَنْ تَابَعَهُمَا فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ) وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي صَلَاةِ الْحَائِضِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمَا فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا طَهُرَتِ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَإِنْ كَانَ بَقِيَ عَلَيْهَا مِنَ النَّهَارِ مَا تُصَلِّي خَمْسَ رَكَعَاتٍ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ مَا تُصَلِّي خَمْسَ رَكَعَاتٍ صَلَّتِ الْعَصْرَ وَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ وَكَانَ مَا بَقِيَ عَلَيْهَا مِنَ اللَّيْلِ قَدْرَ مَا تُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثَلَاثًا لِلْمَغْرِبِ وَرَكْعَةً مِنَ الْعِشَاءِ صَلَّتِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهَا إِلَّا مَا تُصَلِّي فِيهِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ صَلَّتِ الْعِشَاءَ ذَكَرَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ أَشْهَبُ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ النَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقُ أَهُمَا مِثْلُ الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَالَ نَعَمْ يَقْضِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَفُتْ وَقْتُهُ وَمَا فَاتَ وَقْتُهُ لَمْ يَقْضِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الْمَرْأَةِ تَنْسَى وَتَغْفُلُ عَنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَلَا تُصَلِّيهَا حَتَّى تَغْشَاهَا الْحَيْضَةُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ

قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى عَلَيْهَا قَضَاءً إِلَّا أَنْ تَحِيضَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَلَمْ تَكُنْ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَأَيْتُ عَلَيْهَا الْقَضَاءَ (وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَاشْتَغَلَتْ بِالْغُسْلِ فَلَمْ تَزَلْ مُجْتَهِدَةً حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ لَا أَرَى أَنْ تُصَلِّيَ شَيْئًا مِنْ صَلَاةِ النهار) (أ) (قَالَ مَالِكٌ إِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَا أَرَى أَنْ تُصَلِّيَ شَيْئًا مِنْ صَلَاةِ النهار) (ب) وَقَالَ الْمَرْأَةُ الطَّاهِرُ تَنْسَى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ حَتَّى تَصْفَرَّ الشَّمْسُ ثُمَّ تَحِيضُ فَلَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاؤُهُمَا فَإِنْ لَمْ تَحِضْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ فَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ نَاسِيَةً كَانَتْ أَوْ مُتَعَمِّدَةً قَالَ مَالِكٌ إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ عِنْدَ الْغُرُوبِ فَأَرَى أَنْ تَغْتَسِلَ فَإِنْ فَرَغَتْ مِنْ غُسْلِهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَإِنْ كَانَ فِيمَا أَدْرَكَتْ مَا تُصَلِّي الظُّهْرَ وَرَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ فَلْتُصَلِّ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا قَدْرُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ صَلَّتِ الْعَصْرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ إِلَّا قَدْرُ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَلْتُصَلِّ تِلْكَ الرَّكْعَةَ ثُمَّ تَقْضِي مَا بَقِيَ مِنْ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ فَلَمْ يُفِقْ حَتَّى ذَهَبَ وَقْتُهَا ظُهْرًا كَانَتْ أَوْ عَصْرًا قَالَ وَالظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَقْتُهُمَا فِي هَذَا إِلَى مَغِيبِ الشَّمْسِ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ قَالَ وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَقْتُهُمَا اللَّيْلُ كُلُّهُ

وَقَوْلُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي الْحَائِضِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَقَوْلِ مَالِكٍ هَذَا سَوَاءٌ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْحَائِضِ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَحِيضُ (وَكَيْفَ وَإِنْ كَانَتْ أَخَّرَتِ الصَّلَاةَ قَالَ إِنْ أَدْرَكَهَا الْمَحِيضُ فِي صَلَاةٍ انْصَرَفَتْ عَنْهَا ولا شيء عليها) (أ) وَإِنْ كَانَتْ أَخَّرَتِ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَذْهَبِ الْوَقْتُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا قَالَ وَإِذَا طَهُرَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَأَخَذَتْ فِي غُسْلِهَا فَلَمْ تَفْرُغْ مِنْهُ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا ذَكَرَهُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا طَهُرَتِ الْمَرْأَةُ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ بِرَكْعَةٍ أَعَادَتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَكَذَلِكَ إِنْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ أَعَادَتِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشمس فقد أَدْرَكَ الْعَصْرَ وَبِجَمْعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين الصلاتين فِي أَسْفَارِهِ وَبِعَرَفَةَ وَبِالْمُزْدَلِفَةِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا يَعْنِي صَلَاتَيِ اللَّيْلِ وَصَلَاتَيِ النَّهَارِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ والمغرب والعشاء (وهذا القول للشافعي) (ب) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَشْهَرُ أَقَاوِيلِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ فِيهَا وَأَصَحُّهَا عِنْدَهُمْ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرِ الْبُوَيْطِيُّ غَيْرَهُ وَلِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ أَحَدُهُمَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ فِي مُرَاعَاةِ قَدْرِ خَمْسِ رَكَعَاتٍ

لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَمَا دُونَ إِلَى رَكْعَةٍ لِلْعَصْرِ وَمِقْدَارِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَمَا دُونَ ذَلِكَ لِلْعِشَاءِ وَآخِرُ الْوَقْتِ عِنْدَهُ فِي هَذَا الْقَوْلِ لِآخِرِ الصَّلَاتَيْنِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ الْمِصْرِيِّ قَالَ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ إِنَّهُ إِذَا أَفَاقَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ النَّهَارِ قدر ما يكبر فيه تكبيرة الْإِحْرَامَ أَعَادَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَلَمْ يُعِدْ مَا قَبْلَهُمَا لَا صُبْحًا وَلَا مَغْرِبًا وَلَا عِشَاءً قَالَ وَإِذَا أَفَاقَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ قَضَى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَإِذَا أَفَاقَ قَبْلَ طلوع الشمس بقدر تكبيرة قَضَى الصُّبْحَ وَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يُفِيقَ لَمْ يَقْضِهَا قَالَ وَكَذَلِكَ الْحَائِضُ وَالرَّجُلُ يُسْلِمُ وَقَالَ فِيمَنْ جُنَّ بِأَمْرٍ لَا يَكُونُ بِهِ عَاصِيًا فَذَهَبَ عَقْلُهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَمَنْ كَانَ زَوَالُ عَقْلِهِ بِمَا يَكُونُ بِهِ عَاصِيًا قَضَى كُلَّ صَلَاةٍ فَاتَتْهُ فِي حَالِ زوال عقل وذلك مثل السركان وشارب السم والسركان عامدا لاذهان عَقْلِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من أدرك ركعةمن الصُّبْحِ أَوْ مِنَ الْعَصْرِ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَقْتَضِي فَسَادَ قَوْلِ مَنْ قَالَ من أدرك تكبيرة لأن دليل الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنَ الْوَقْتِ مِقْدَارَ رَكْعَةٍ فَقَدْ فَاتَهُ وَمَنْ فَاتَهُ الْوَقْتُ بِعُذْرٍ يَسْقُطُ عَنْهُ فِيهِ الصَّلَاةُ كَالْحَائِضِ وَشِبْهِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(وَمَا احْتَجَّ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ بِهَذِهِ الْقَوْلَةِ حَيْثُ قَالُوا إِنَّمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِكْرِ الرَّكْعَةِ الْبَعْضُ مِنَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ فَأَشَارَ إِلَى بَعْضِ الصَّلَاةِ مَرَّةً بِرَكْعَةٍ وَمَرَّةً بِرَكْعَتَيْنِ وَالتَّكْبِيرُ فِي حُكْمِ الرَّكْعَةِ لِأَنَّهُ بَعْضُ الصَّلَاةِ فَمَنْ أَدْرَكَهَا فكأنه أدرك ركعة من الصلاة فلس بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ يَنْتَقِضُ عَلَيْهِ أَصْلُهُ فِي الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِيهَا أَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا رَكْعَةً تَامَّةً فَلَمْ يُدْرِكْهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي جَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا أَتَمَّهَا ظُهْرًا وَهَذَا يَقْضِي عَلَيْهِ عَلَى سَائِرِ أَقْوَالِهِ وَهُوَ أَصَحُّهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنُ عُلَيَّةَ من طهر من الحيض أو بلغ من الصبيان أَوْ أَسْلَمَ مِنَ الْكُفَّارِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ شَيْئًا مِمَّا فَاتَ وَقْتُهُ وَإِنَّمَا يَقْضِي مَا أَدْرَكَ وَقْتَهُ بِمِقْدَارِ رَكْعَةٍ فَمَا زَادَ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِالِاشْتِرَاكِ (فِي الْأَوْقَاتِ) (ب) لَا فِي صَلَاتَيِ اللَّيْلِ وَلَا فِي صَلَاتَيِ النهار ولا يرون لأحد الجمع بين الصلاتين لَا لِمُسَافِرٍ وَلَا لِمَرِيضٍ وَلَا لِعُذْرٍ مِنَ الْأَعْذَارِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فِي غَيْرِ عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي بَابِ أَبِي الزُّبَيْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَوْلُ حماد بن (أبي سليمان (ج) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَقَوْلِ أَبِي

حَنِيفَةَ ذَكَرَهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ سَأَلْتُ حَمَّادًا عَنِ الْمَرْأَةِ تَطْهُرُ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ قَالَ تُصَلِّي الْعَصْرَ فَقَطْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَيمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَأَقَلَّ مِنْهَا ثُمَّ أَفَاقَ أَنَّهُ يَقْضِيهَا وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ أَفَاقَ لَمْ يَقْضِهِ وَهَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْضِيَ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَمَا دُونَهَا قَضَى ذَلِكَ كُلَّهُ إِذَا أَفَاقَ وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَيَّامًا قَضَى خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَقَطْ يَنْظُرُ حَتَّى يُفِيقَ فَيَقْضِيَ مَا يَلِيَهُ وَقَالَ زُفَرُ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقُ وَالْحَائِضِ تَطْهُرُ وَالنَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ وَالصَّبِيِّ يَحْتَلِمُ إِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَضَاءُ صَلَاةٍ إِلَّا بِأَنْ يُدْرِكُوا مِنْ وَقْتِهَا مِقْدَارَ الصَّلَاةِ كُلِّهَا بِكَمَالِهَا كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الصِّيَامِ إِلَّا مَا أَدْرَكَ وَقْتَهُ بِكَمَالِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من أدرك رَكْعَةً عَلَى مَا فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ يَرُدُّ قَوْلَ زُفَرَ هَذَا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَقْضِي إِلَّا صَلَاةَ وَقْتِهِ مِثْلَ أَنْ يُفِيقَ نَهَارًا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَيَقْضِي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَلَا يُصَلِّي الْفَجْرَ وَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ الْفَجْرِ صَلَّى المغرب والعشاء لا غير (وأن أفاق بعد لطلوع الْفَجْرِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ شيء

فَإِنْ أَفَاقَ) بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِذَا طَهُرَتِ الْحَائِضُ أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ صَلَّوُا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَيْضًا فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ أَنْ يَقْضِيَ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا الَّتِي كَانَتْ فِي إِغْمَائِهِ وَهُوَ قَوْلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بن الحسن العنبري قَاضِي الْبَصْرَةِ لَا فَرْقَ عِنْدَهُمَا بَيْنَ النَّائِمِ وَبَيْنَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقْضِي جَمِيعَ مَا فَاتَهُ وَقْتُهُ وَإِنْ كَثُرَ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَرَوَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ النَّائِمَ إِذَا نَامَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فِي النَّائِمِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فَإِنْ صَحَّ هَذَا عَنْهُ فَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا

وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ نَامَ عَنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ قَضَاهَا فَكَذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ يَقْضِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ إِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَدُونَ وَلَا يَقْضِي أَكْثَرَ فَقَوْلٌ ضَعِيفٌ لَا وَجْهَ لَهُ فِي النَّظَرِ لِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ لَا يَجِبُ امْتِثَالُهُ إِلَّا لَوْ كَانَ قَوْلَ مَنْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَأَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِمَا فَاتَهُ وَقْتُهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَرَبِيعَةُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ مَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَقْضِ شَيْئًا مِمَّا فَاتَ وَقْتُهُ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ لِلْوَقْتِ فَإِذَا فَاتَ الْوَقْتُ لَمْ تَجِبْ إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا تَنَازُعَ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنَ الْوَقْتِ مِقْدَارَ رَكْعَةٍ وَفَاتَهُ ذَلِكَ بِقَدَرٍ مِنَ اللَّهِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَالْأُصُولُ مُخْتَلِفَةٌ فِي قَضَاءِ مَا يَجِبُ مِنَ الْأَعْمَالِ فِي أَوْقَاتٍ مُعَيَّنَةٍ (إِذَا فَاتَتْ أَوْقَاتُهَا فَمِنْهَا أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ فَإِذَا مَنَعَ الْمُسْلِمَ مِنْ صِيَامِهِ عِلَّةٌ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِعِدَّتِهِ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَمِنْهَا أَنَّ أَعْمَالَ الْحَجِّ أَوْقَاتٌ مُعَيَّنَةٌ) (ج) فَإِذَا فَاتَ وَقْتُهَا لَمْ تَعْمَلْ فِي غَيْرِهَا كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَبِالْمُزْدَلِفَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَكَرَمِيِ الْجِمَارِ فِي أَيَّامِهَا وَكَالضَّحَايَا فِي أَيَّامِهَا لَا يَعْمَلُ

شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا قَامَ دَلِيلُ الْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ وَقَامَ الدَّلِيلُ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي قَضَاءِ الصِّيَامِ فَلَمَّا احْتَمَلَتِ الصَّلَاةُ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا طَلَبْنَا الدَّلِيلَ عَلَى ذَلِكَ فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَيَّنَ مُرَادَ اللَّهِ مِنْهَا فِيمَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ يَقْضِي وَرَأَيْنَا الْعَاجِزَ عَنِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ وَكَذَلِكَ إِنْ عَجَزَ عَنِ الْجُلُوسِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يومئ إِيمَاءً فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِيمَاءِ فَهُوَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَوَجَبَ سُقُوطُ ذَلِكَ عَنْهُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ (وَدَلِيلٌ آخَرُ) مِنَ الْإِجْمَاعِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أجمعو عَلَى أَنَّ الْمَجْنُونَ الْمُطْبَقُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (بخروج الوقت) (ب) مِنْ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ إِذَا أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ وَإِطْبَاقِهِ وَكَانَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَشْبَهُ بِهِ مِنْهُ بِالنَّائِمِ إِذْ لَا يَجْتَذِبُهُ غَيْرُ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ وَوَجَدْنَاهُ لَا يَنْتَبِهُ إِذَا نُبِّهَ وَكَانَ ذَلِكَ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّائِمِ وَفَرْقٌ آخَرُ أَنَّ النَّوْمَ لَذَّةٌ وَنِعْمَةٌ وَالْإِغْمَاءَ عِلَّةٌ وَمَرَضٌ مِنَ الْأَمْرَاضِ فَحَالُهُ بِحَالِ مَنْ يُجَنُّ أَشْبَهَ مِنْهُ بِحَالِ النَّائِمِ وَلِقَوْلِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وُجُوهٌ فِي الْقِيَاسِ أَيْضًا مَعَ الِاحْتِيَاطِ وَاتِّبَاعِ رَجُلَيْنِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ يَقْضِي خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَلَا يَقْضِي مَا زَادَ فَقَوْلٌ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ وَلَا وَجْهَ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمُ ابْنُ عُلَيَّهَ وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَغَيْرِهِ إِذَا طَهُرَتِ الْحَائِضُ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ وَأَخَذَتْ فِي غُسْلِهَا فَلَمْ تَفْرُغْ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ تِلْكَ الصَّلَاةِ

وَجَبَ عَلَيْهَا قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا فِي وَقْتِهَا غَيْرُ حَائِضٍ وَلَيْسَ فَوْتُ الْوَقْتِ عَنِ الرَّجُلِ بِمُسْقِطٍ عَنْهُ الصَّلَاةَ إِنِ اشْتَغَلَ بِوُضُوئِهِ أو غسله حتى فاته الوقت وكذلك لحائض إِذَا طَهُرَتْ لَا تَسْقُطُ عَنْهَا الصَّلَاةُ مِنْ أَجْلِ غُسْلِهَا لِأَنَّ شُغْلَهَا بِالِاغْتِسَالِ لَا يُضِيعُ عَنْهَا مَا لَزِمَهَا مِنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَنِ الْحَائِضِ مَا دَامَتْ حَائِضًا فَإِذَا طَهُرَتْ فَهِيَ كَالْجُنُبِ وَلَزِمَهَا صَلَاةُ وَقْتِهَا (التي طهرت فيه) (أ) (قَالَ الشَّافِعِيُّ وَكَذَلِكَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقُ وَالنَّصْرَانِيُّ يُسْلِمُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِرَكْعَةٍ ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ قَالَ وَلَا يَقْضِي أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا مِنَ الصَّلَوَاتِ التي فات وقتها) (ب) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ عُلَيَّةَ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً حَاضَتْ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ بِمِقْدَارِ مَا يُمْكِنُهَا فِيهِ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَلَمْ تَكُنْ صَلَّتْ لَزِمَهَا قَضَاءُ صَلَاةِ الظُّهْرِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ بأول الوقت وليس تسقط عنها لم كَانَ لَهَا مِنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا مَا وَجَبَ عَلَيْهَا مِنَ الصَّلَاةِ بِأَوَّلِهِ قَالُوا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ أَنَّ مُسَافِرًا لَوْ صَلَّى فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْمِصْرَ ثُمَّ دَخَلَ الْمِصْرَ فِي وَقْتِهِ أَجْزَأَهُ فَإِنْ حَاضَتْ وَقَدْ مَضَى مِنَ الْوَقْتِ قَدْرُ مَا لَا يُمْكِنُهَا فِيهِ الصَّلَاةُ (بِتَمَامِهَا لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَلَيْهَا مِنَ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُهَا

فِيهِ الصَّلَاةُ) كَمَا لَوْ حَاضَتْ وَهِيَ فِي الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهَا إِعَادَتُهَا لِأَنَّ اللَّهَ مَنَعَهَا أَنْ تُصَلِّيَ وَهِيَ حَائِضٌ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لَمْ يَجُزْ أن يجعل أول الوقت ها هنا كَآخِرِهِ فَيَلْزَمُهَا بِإِدْرَاكِ رَكْعَةِ الصَّلَاةِ كُلِّهَا أَوِ الصلاتان لِأَنَّ الْبِنَاءَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ يَتَهَيَّأُ عَلَى الرَّكْعَةِ وَلَا يَتَهَيَّأُ الْبِنَاءُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِأَنَّ تَقْدِيمَ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَا يَجُوزُ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ فِي الرَّجُلِ تَزُولُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ يُرِيدُ سَفَرًا فَلَا يُصَلِّي حَتَّى يَخْرُجَ قَالَ يُصَلِّي صَلَاةَ المقيم لأن الوقت دخل عليه قيل الْخُرُوجِ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَّى وَالْكَلَامُ فِي تَعْلِيلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَطُولُ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْهَا أُصُولَ مَعَانِيهِ وَمَا مَدَارُهُ عَلَيْهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ (وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ) (ب) لَا شَيْءَ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا حَاضَتْ فِي بَقِيَّةٍ مِنَ الْوَقْتِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا عَنْهُمْ أَنَّ الْحَائِضَ لَا صَلَاةَ عَلَيْهَا وَقَدْ كَانَتْ مُوَسَّعًا لَهَا فِي الْوَقْتِ وَمَسَائِلُ هَذَا الْبَابِ تَكْثُرُ جَدًّا وَهَذِهِ أُصُولُهَا الَّتِي تُضْبَطُ بِهَا وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي أوله وبالله العون والتوقيف لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنْ مَعَانِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ وَهُوَ جَوَازُ (مَنْ صلى) (ج) صَلَاةَ الصُّبْحِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوِ الْعَصْرِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِمَّنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ

فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَقْضِي أَحَدٌ صَلَاةً عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ قيام قائم الظهيرة ولا عند غروب الشمس غير عَصْرِ يَوْمِهِ خَاصَّةً فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَهَا عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِهِ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ إِلَى وَقْتٍ تَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ قَالُوا ولو دخل في صلاة الفجر فلم يكلمها حَتَّى طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَهَا بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ وَلَوْ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ فَاصْفَرَّتِ الشَّمْسُ أَتَمَّهَا إِذَا كَانَتْ عَصْرَ يَوْمِهِ خَاصَّةً وَاحْتَجُّوا لِمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ بِحَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ وَحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النهي عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَعِنْدَ اسْتِوَائِهَا وَجَعَلُوا نَهْيَهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ نَهْيَ عُمُومٍ كَنَهْيهِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْضِيَ فِيهَا فَرْضًا مِنْ صِيَامٍ وَلَا يُتَطَوَّعُ بِصِيَامِهَا وَهَذَا إِجْمَاعٌ قَالُوا فَكَذَلِكَ نَهْيُهُ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَاسْتِوَائِهَا يَقْتَضِي صَلَاةَ النَّافِلَةِ وَالْفَرِيضَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ زعما حَدِيثَ هَذَا الْبَابِ مَنْسُوخٌ بِأَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ وَاسْتَيْقَظَ فِي حِينِ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ حَتَّى ارْتَفَعَتْ

قَالُوا وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ نَهْيَهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ نَاسِخٌ لِحَدِيثِ الْبَابِ فَذَكَرُوا حَدِيثَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ رَجُلٍ مَنْ وَلَدِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ نَامَ عَنِ الْفَجْرِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَالَ فَقُمْتُ أَصَلِّي فَدَعَانِي فَأَجْلَسَنِي أَعْنِي كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَضَّتْ ثُمَّ قَالَ قُمْ فَصَلِّ وَحَدِيثُ مَعْمَرٍ وَالثَّوْرِيِّ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ أَتَاهُمْ فِي بُسْتَانٍ لَهُمْ فَنَامَ عَنِ الْعَصْرِ قَالَ فَرَأَيْنَاهُ أَنَّهُ صَلَّى وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى فَقَامَ فَتَوَضَّأَ وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْخَبَرُ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فَلَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ مِنْ وَلَدِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ فَهُمْ يُخَالِفُونَهُ فِي عَصْرِ يَوْمِهِ وَيَرَوْنَ جَوَازَ ذَلِكَ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ السُّنَّةَ لَا يَنْسَخُهَا إِلَّا سُنَّةٌ مِثْلُهَا وَلَا تُنْسَخُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ (غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ باتباعه ومحظور من مخالفته) (أ) وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا أو فاتته بأبي

سبب كان فليصلها بعدالصبح وبعدالعصر وَعِنْدَ الطُّلُوعِ وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ وَعِنْدَ الْغُرُوبِ وَفِي كُلِّ وَقْتٍ ذَكَرَهَا فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْيَمَنِ وَالْعِرَاقِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ صَلِّهَا حِينَ تَذْكُرُهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ تُكْرَهُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فقدأدرك الْعَصْرَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ فَهَذَا الْحَدِيثُ يُبِيحُ الصَّلَاةَ فِي حِينِ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ لِمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً بَعْدَ نِسْيَانٍ أَوْ غَفْلَةٍ أو تفريط ويؤيد هذاالظاهر أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَامَ عن صلاة او نسيها فيصلها إِذَا ذَكَرَهَا وَلَمْ يَخُصَّ وَقْتًا مِنْ وَقْتٍ فَذَلِكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقْتٌ لِمَنْ نَامَ او نسي حدثنا أحمد بن عاسم بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلَاسٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ

أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَطَلَعَتْ فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى وَهَذَا نَصٌّ فِي إِبْطَالِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ (ومن تابعه) (أ) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المؤمن قال حدثنا محمد ابن بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها) (ب) لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنِ ادَّعَى النَّسْخَ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ النَّسْخَ إِنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يَتَعَارَضُ وَيَتَضَادُّ وَلَوْ جَازَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّ نَهْيَهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ من أرك رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ وَنَاسِخٌ لِقَوْلِهِ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَلَا يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ بِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ لَجَازَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ قَدْ نَسَخَا نَهْيَهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ وَهَذَا لَا يُجَوِّزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ النَّسْخَ فِيمَا ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ وَبِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ فَلِهَذَا صَحَّ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي النَّوَافِلِ دُونَ الْفَرَائِضِ لِيَصِحَّ اسْتِعْمَالُ الْآثَارِ كُلِّهَا وَلَا يَدْفَعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَقَدْ أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهَا

أَلَا تَرَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قَالَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَا صَلَاةَ بعدالعصر وَلَا بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ اسْتِوَائِهَا وَغُرُوبِهَا إِلَّا مَنْ نَسِيَ صَلَاةً وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ نَامَ عَنْهَا ثُمَّ فَزِعَ إِلَيْهَا لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْكَلَامِ تَنَاقُضٌ وَلَا تَعَارُضٌ وَكَذَلِكَ هُوَ إِذَا وَرَدَ هَذَا اللَّفْظُ فِي حَدِيثَيْنِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَرِدَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ وَلَا فَرْقَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ أَوْ وَقْتَيْنِ فَمَنْ حَمَلَ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ أَوِ الصُّبْحِ قَبْلَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ فَقَدْ أَدْرَكَ عَلَى الْفَرَائِضِ وَرَتَّبَهُ عَلَى ذَلِكَ وَجَعَلَ نَهْيَهُ عَنِ الصَّلَوَاتِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ مُرَتَّبًا عَلَى النَّوَافِلِ فَقَدِ اسْتَعْمَلَ جَمِيعَ الْآثَارِ وَالسُّنَنِ وَلَمْ يُنْسَبْ إِلَيْهِ أَنَّهُ رَدَّ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ في هذه الآثار عامة علماء الحجاز وفقهاؤهم وجميع أَهْلِ الْأَثَرِ وَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ جَسِيمٌ فِي تَرْتِيبِ السُّنَنِ وَالْآثَارِ فَتَدَبَّرْهُ وَقِفْ عَلَيْهِ وَرُدَّ كُلَّ مَا يَرِدُ عَلَيْكَ مِنْ بَابِهِ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبِيحِ غَلَطِهِمْ فِي ادِّعَائِهِمُ النَّسْخَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُمْ أَجَازُوا لِمَنْ غَفَلَ أَوْ نَامَ عَنْ عَصْرِ يَوْمِهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَلَمْ يَقُودُوا أَصْلَهُمْ فِي النَّسْخِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عَصْرِ يَوْمِهِ وَغَيْرِ يَوْمِهِ فِي نَظَرٍ وَلَا أَثَرٍ وَلَوْ صَحَّ النَّسْخُ دَخَلَ فِيهِ عَصْرُ يَوْمِهِ وَغَيْرِ يَوْمِهِ وَفِي قَوْلِهِمْ هَذَا إِقْرَارٌ مِنْهُمْ بِالْخُصُوصِ فِي أَحَادِيثَ النَّهْيِ وَالْخُصُوصُ

أَنْ يُقْتَصَرَ بِهَا عَلَى التَّطَوُّعِ دُونَ مَا عداه من الصلوات (المنسيات المكتوبات) (أ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَزَادَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ الْمَسْنُونَاتِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَ الْفَائِتَةَ حِينَ انْتَبَهَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا لِأَنَّا قَدْ رُوِّينَا أَنَّهُمْ لَمْ يَنْتَبِهُوا يَوْمَئِذٍ إِلَّا لِحَرِّ الشَّمْسِ وَالشَّمْسُ لَا تَكُونُ لَهَا حَرَارَةٌ إِلَّا فِي وَقْتٍ تَحِلُّ فِيهِ الصَّلَاةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ مَنْ يَكْلَؤُنَا اللَّيْلَةَ لَا نَرْقُدُ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَالَ بِلَالٌ أَنَا فَاسْتَقْبَلَ مَطْلَعَ الشَّمْسِ فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ حَتَّى أَيْقَظَهُمْ حَرُّ الشَّمْسِ ثُمَّ قَامُوا فَقَادُوا ركابهم فتوضأوا ثم أذن بلال (ثم صلو ركعتي الفجر ثم صلوا الفجر) (ج) وَسَنَذْكُرُ أَحَادِيثَ النَّوْمِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي بَابِ مُرْسَلِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَبَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَنَذْكُرُ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (وَعِنْدَ غُرُوبِهَا واستوئاها) (أ) فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ ابن يَسَارٍ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ وَنُبَيِّنُ مَعْنَاهَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ ونذكر حديث نهيه عن الصلاة بعدالصبح وبعدالعصر فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ (وَنَذْكُرُ أَحَادِيثَ النَّوْمِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي بَابِ مرسل زيد بن أسلم) (ب) وَنُورِدُ فِي كُلِّ بَابٍ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالتَّنَازُعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

حديث سادس لزيد بن أسلم مرسل صحيح

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ مَعَهُ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا قَالَ نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَالَ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فَقَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ هَذَا ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا وَرَأَيْتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ

أَهْلِهَا النِّسَاءَ قَالُوا وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِكُفْرِهِنَّ قَالُوا أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ هَذَا مِنْ أَصَحِّ حَدِيثٍ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَهِيَ رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ فَحَصَّلَتْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجْدَاتٍ وَكَذَلِكَ رَوَى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ (كثير (1497) (ج) بْنِ عَبَّاسٍ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ رَوَتْ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُهَا أَيْضًا فِي ذَلِكَ أَثْبَتُ حَدِيثٍ وَأَصَحُّهُ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سعيد عن مرة عَنْ عَائِشَةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَهَّلِ الْحِجَازِ وَقَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ فَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَنَّ الْقِيَامَ الْأَوَّلَ أَطْوَلُ مِنَ الثَّانِي وَكَذَلِكَ الرُّكُوعُ الْأَوَّلُ

أَطْوَلُ مِنَ الثَّانِي فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَأَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْقِيَامَ الْأَوَّلَ فِيهَا دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالرُّكُوعَ الْأَوَّلَ فِيهَا دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُوْلَى وَأَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِقَوْلِهِ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ فِيهَا وَكَذَلِكَ رُكُوعُهُ الثَّانِي فِيهَا دُونَ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ فِيهَا وَقَدْ قِيلَ غَيْرُ هَذَا وَهَذَا أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِتَكُونَ الرَّكْعَتَانِ مُعْتَدِلَتَيْنِ فِي أَنْفُسِهِمَا وَكَمَا نَقَصَ الْقِيَامُ الثَّانِي فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى عَنِ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ فِيهَا وَالرُّكُوعُ الثَّانِي فِي الْأُولَى عَنِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ فِيهَا نَفْسِهَا فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ يَنْقُصُ قِيَامُهَا الثَّانِي عَنْ قِيَامِهَا الْأَوَّلِ وَرُكُوعُهَا الثَّانِي عَنْ رُكُوعِهَا الْأَوَّلِ فِيهَا نَفْسِهَا وَيَكُونُ قِيَامُهَا الْأَوَّلُ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَوْلَى وَرُكُوعُهَا الْأَوَّلُ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ فِي الركعة الأولى وجائز على هذا (هـ) الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ الْقِيَامُ الْأَوَّلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ الْقِيَامِ الثَّانِي فِي الرَّكْعَةِ الْأَوْلَى وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ دُونَهُ وَحَسْبُهُ أَنْ يَكُونَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالْقَوْلُ فِي الرُّكُوعِ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فَتَدَبَّرْهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَ مَالِكٌ لَمْ أَسْمَعْ أَنَّ السُّجُودَ يَطُولُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ

وَرَأَتْ فِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ تَطْوِيلَ السُّجُودِ فِي ذَلِكَ وَرَوَتْهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ صَلَاةُ الْكُسُوفِ كَهَيْئَةِ صَلَاتِنَا رَكْعَتَانِ نَحْوُ صَلَاةِ الصُّبْحِ ثُمَّ الدُّعَاءِ حَتَّى تَنْجَلِيَ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ نَحْوُ قَوْلِ الْعِرَاقِيِّينَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَبِيصَةَ الْهِلَالِيِّ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ

قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ الْبَصْرِيُّ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنِ النُّعْمَانِ بن بشير قال كشفت الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلِّمُ حَتَّى تَجَلَّتِ الشَّمْسُ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ قَبِيصَةَ الْهِلَالِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ أَوِ الْقَمَرُ فَصَلُّوا كَأَحْدَثِ صَلَاةٍ صَلَّيْتُمُوهَا مَكْتُوبَةٍ) قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْوَجْهِ فِي بَعْضِهَا اضْطِرَابٌ تَرَكْتُ ذَلِكَ لِشُهْرَتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَلِكَرَاهَةِ التَّطْوِيلِ وَالْمَصِيرُ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ أَوْلَى لِأَنَّهُمَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَلِأَنَّ فِيهَا زِيَادَةً فِي كَيْفِيَّةِ

الصَّلَاةِ يَجِبُ قَبُولُهَا وَاسْتِعْمَالُ فَائِدَتِهَا وَلِأَنَّهُمَا قَدْ وَصَفَا صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَصْفًا يَرْتَفِعُ مَعَهُ الْإِشْكَالُ وَالْوَهْمُ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ طَاوُسًا رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ سجد وإن عبيد ابن عُمَيْرٍ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَ ذَلِكَ وَإِنَّ عَطَاءً رَوَى عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ وَإِنَّ أَبَا الْعَالِيَةَ رَوَى عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتِيِ الْكُسُوفِ وَأَرْبَعُ سَجَدَاتٍ فَلَمْ يَكُنِ الْمَصِيرُ عِنْدَكَ إِلَى زِيَادَةِ هَؤُلَاءِ أَوْلَى قِيلَ لَهُ إِنَّمَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ مِنَ الْحَافِظِ إِذَا ثَبَتَتَ عَنْهُ وَكَانَ أَحْفَظَ وَأَتْقَنَ مِمَّنْ قَصَّرَ أَوْ مِثْلِهِ فِي الْحِفْظِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ حَدِيثٌ آخَرُ مُسْتَأْنَفٌ وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِنْ غَيْرِ حَافِظٍ وَلَا مُتْقِنٍ فَإِنَّهَا لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهَا وَحَدِيثُ طَاوُسٍ هَذَا مُضْطَرِبٌ ضَعِيفٌ رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا ورواه غير الثوري عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ يَذْكُرْ طَاوُسًا وَوَقَفَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابن عباس (فعله) (أ) وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَهَذَا الِاضْطِرَابُ يُوجِبُ طَرْحَهُ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي مَتْنِهِ فَقَوْمٌ يَقُولُونَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَةٍ وَقَوْمٌ يَقُولُونَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَةٍ وَلَا يَقُومُ بِهَذَا الِاخْتِلَافِ حُجَّةٌ

وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَرَوَاهُ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ حدثنا مؤمل ابن هشام قال حدثنا اسمعيل بْنُ عُلَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ وَأَمَّا حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَإِنَّمَا يَدُورُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةَ وَلَيْسَ هَذَا الْإِسْنَادُ عِنْدَهُمْ بِالْقَوِيِّ وَأَمَّا حَدِيثُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَسَجْدَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَإِنَّمَا يَرْوِيِهِ قتادة عَنْ عَطَاءٌ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ وَسَمَاعُ قَتَادَةَ عِنْدَهُمْ مِنْ عَطَاءٍ غَيْرُ صَحِيحٍ وَقَتَادَةُ إِذَا لَمْ يَقُلْ سَمِعْتُ وَخُولِفَ فِي نَقْلِهِ فَلَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لأنه يدلس كثيرا عمن من لم يسمع منه وربما كان بينهما غير ثِقَةً وَلَيْسَ مِثْلُ هَذِهِ الْأَسَانِيدِ يُعَارَضُ بِهَا حَدِيثُ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَلَا حَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنَّهَا مِنَ الْآثَارِ الَّتِي لَا مَطْعَنَ لِأَحَدٍ فِيهَا وَقَدْ كَانَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ يَرْوِي حَدِيثَ قَتَادَةَ هَذَا عَنْ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا لَا يَرْفَعُهُ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَكَمٍ قالا حدثنا محمد ابن مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ أَبُو مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ صَلَاةُ الْآيَاتِ سِتُّ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعُ سَجَدَاتٍ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ وَلَمْ يَرْفَعْهُ أَبُو دَاوُدَ وَرَفَعَهُ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِنَا الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ حَيْثُ قَالَ نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ دَلِيلٌ عَلَى سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَنْ تَكُونَ سِرًّا وَكَذَلِكَ رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عروة وعبد الله ابن أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ فَأَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ فَحَزَرْتُ قِرَاءَتَهُ فَرَأَيْتُ أَنَّهُ قَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فَحَزَرْتُ قِرَاءَتَهُ فَرَأَيْتُ أَنَّهُ قَرَأَ سُورَةَ آل عمران

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قِرَاءَتَهُ كَانَتْ سِرًّا وَلِذَلِكَ رَوَى سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ له صوت فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَبِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْحَجَّةُ لَهُمْ مَا ذَكَرْنَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المؤمن قال حدثنا محمد ابن بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ عَبَّادٍ الْعَبْدِيُّ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَنَّهُ شَهِدَ خُطْبَةً يَوْمًا لِسَمُرَةَ فَذَكَرَ حَدِيثَ الْكُسُوفِ بِتَمَامِهِ وَفِيهِ فَصَلَّى بِنَا فَقَامَ كَأَطْوَلِ مَا قَامَ بِنَا قَطُّ لَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن أسد قال حدثنا حمزة ابن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ

ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ كُسُوفَ الشَّمْسِ لَا يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ كُنْتُ إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا سَمِعَتُ مِنْهُ حَرْفًا وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ مَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءٌ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمْ حَزَرُوا قِرَاءَتَهُ (بِالرُّومِ وَيس أَوِ الْعَنْكَبُوتِ) (أ) وَرُوِيَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَرَأَ في صلاة الكسوف سأل سائل والذي استحستن مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُوْلَى بِالْبَقَرَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِآلِ عِمْرَانَ وَفِي الثَّالِثَةِ بِقَدْرِ مِائَةِ آيَةٍ وَخَمْسِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ (وَفِي الرابعة بقدر خمسين آية من البقرة (ب) وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ أُمُّ الْقُرْآنِ لَا بُدَّ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يُسْمَعُ لِلْقَارِئِ فِيهِ صَوْتٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِنَّهُ جَهَرَ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَالْعَلَاءِ بْنِ يَزِيدَ مِثْلَهُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي كسوف الشمس (وفي حديث ابي ابن كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ بِسُورَةٍ مِنَ الطُّوَلِ ثُمَّ رَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ إِلَى الثَّانِيَةِ فَقَرَأَ بِسُورَةٍ مِنَ الطُّوَلِ ثُمَّ رَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ كَمَا يَدْعُو ثُمَّ انْجَلَى كُسُوفُهَا وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ سُورَةٌ مِنَ الطُّوَلِ فِي تَقْدِيرِهِ وَالظَّاهِرُ فِيهِ الْجَهْرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَكِنَّهُ حَدِيثٌ يَدُورُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةَ عَنْ أُبَيٍّ وقد تكلم في هذا الاسناد) (ب) وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ فِي الزُّهْرِيِّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمَيْرٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَكُلُّهُمْ لَيِّنُ الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ

(وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِالْجَهْرِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ سُنَّتُهَا أَنْ تُصَلَّى فِي جَمَاعَةٍ مِنْ صَلَوَاتِ السُّنَنِ سُنَّتُهَا الْجَهْرُ كَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَكَذَلِكَ الْخُسُوفِ) وَقَالَ الطَّبَرِيُّ إِنْ شَاءَ جَهَرَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَإِنْ شَاءَ أَسَرَّ وَإِنْ شَاءَ قَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَرَّتَيْنِ وَرَكَعَ فِيهَا رُكُوعَيْنِ وَإِنْ شَاءَ أَرْبَعَ قِرَاءَاتٍ وَرَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَإِنْ شَاءَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَةٍ وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ النَّافِلَةِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ هَلْ هِيَ فِي كُلِّ النَّهَارِ أَمْ لَا فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا يُصَلَّى الْكُسُوفُ إِلَّا فِي حِينِ صَلَاةٍ قَالَ فَإِنْ كَسَفَتْ فِي غَيْرِ حِينِ الصَّلَاةِ ثُمَّ جَاءَ حِينَ الصَّلَاةِ وَالشَّمْسُ لَمْ تَنْجَلِ صَلَّوْا فَإِنْ تَجَلَّتْ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُصَلُّوا وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ قَالَ لا أرى ان يصلى الكسوف بعد الزول وَإِنَّمَا سُنَّتُهَا تُصَلَّى ضُحًى إِلَى الزَّوَالِ وَقَالَ الليث ابن سَعْدٍ يُصَلَّى الْكُسُوفُ نِصْفَ النَّهَارِ لِأَنَّ نِصْفَ النَّهَارِ لَا يَثْبُتُ لِسُرْعَةِ الشَّمْسِ وَقَالَ اللَّيْثُ حَجَجْتُ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ وَعَلَى الْمَوْسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامٍ وَبِمَكَّةَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَابْنُ شِهَابٍ وَابْنُ أَبِي مَلِيكَةَ وَعِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ وَقَتَادَةُ وَأَيُّوبُ بن موسى وإسمعيل بْنُ أُمَيَّةَ فَكَسَفَتِ الشَّمْسُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَامُوا قِيَامًا يَدْعُونَ اللَّهَ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي

الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ لِأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى مَا لَهُمْ لَا يُصَلُّونَ وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكُسُوفِ فَقَالَ النَّهْيُ قَدْ جَاءَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَلِذَلِكَ لَا يُصَلُّونَ وَالنَّهْيُ يَقْطَعُ الْأَمْرَ ذَكَرَهُ الْحُلْوَانِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَأَبِي صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ جَمِيعًا عَنِ اللَّيْثِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالطَّبَرِيُّ لَا تُصَلَّى صَلَاةُ الْكُسُوفِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُصَلَّى نِصْفَ النَّهَارِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ وَفِي كُلِّ وَقْتٍ وهو قول أبي ثور وقال إسحق تُصَلَّى فِي كُلِّ وَقْتٍ إِلَّا فِي حِينِ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ وَالنَّهْيُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ (فِي كُلِّ وَقْتٍ وَهُوَ قَوْلُ أبي ثور) (ب) إِنَّمَا هُوَ عَلَى التَّطَوُّعِ الْمُبْتَدَأِ فَأَمَّا الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَمَا كَانَ مِنْ عَادَةِ الْمَرْءِ أَنْ يُصَلِّيَهُ فَلَا وَسَيَأْتِي اخْتِلَافُهُمْ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِحُجَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَقَالَ إسحق بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ إِنْ شَاءَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ كُلُّ ذَلِكَ مُؤْتَلِفٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَزِيدُ فِي الرُّكُوعِ إِذَا لَمْ يَرَ الشَّمْسَ قَدْ تَجَلَّتْ فإذا تجلت سجد قال فمن ها هنا زِيَادَةُ الرَّكَعَاتِ وَلَا يُجَاوِزُ بِذَلِكَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ ذلك

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم خمس ركعات (في كل ركعة) (ب) عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَهُوَ حَدِيثٌ لَيِّنٌ وَمِثْلُهُ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رحمه اله أَنَّهُ صَلَّى فِي الْكُسُوفِ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فَفَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلُ ذَلِكَ وَأَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِنَّ الْآثَارَ الْمَرْوِيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ كُلَّهَا حِسَانٌ وَبِأَيِّهَا عَمِلَ النَّاسُ جَازَ عَنْهُمْ إِلَّا أَنَّ الِاخْتِيَارَ عِنْدَهُمْ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي صَلَاةِ كسوف القمر فقال العراقيون ومالك وَأَصْحَابُهُ لَا يُجْمَعُ فِي صَلَاةِ الْقَمَرِ وَلَكِنْ يُصَلِّي النَّاسُ أَفْذَاذًا رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَالْحُجَّةُ لَهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ وَخَصَّ صَلَاةَ كُسُوفِ الشَّمْسِ بِالْجَمْعِ لَهَا وَلَمْ يَفْعَلْ ذلك في

كُسُوفِ الْقَمَرِ فَخَرَجَتْ صَلَاةُ كُسُوفِ الشَّمْسِ بِدَلِيلِهَا وَمَا وَرَدَ مِنَ التَّوْفِيقِ فِيهَا وَبَقِيَتْ صَلَاةُ كُسُوفِ الْقَمَرِ عَلَى أَصْلِ مَا عَلَيْهِ النَّوَافِلُ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا يُجْمَعُ فِي صَلَاةِ الْقَمَرِ وَلَكِنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا كَهَيْئَةِ الصَّلَاةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ وَقَالَ ذَلِكَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ بِهِمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ وأحمد وإسحق وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ الصَّلَاةُ فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ كَهِيَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ سَوَاءٌ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَعَطَاءٍ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَكَانَ الذِّكْرُ الَّذِي فَزِعَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ كُسُوفِ الشَّمْسِ هُوَ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ فَكَذَلِكَ خُسُوفُ الْقَمَرِ يَجْمَعُ الصَّلَاةَ عِنْدَهُ عَلَى حَسَبِ الصَّلَاةِ عِنْدَ كُسُوفِ الشَّمْسِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الذِّكْرِ

وَلَمْ يَخُصَّ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْأُخْرَى بِشَيْءٍ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيتان من آيات الله لا يخسفا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا وَادْعُوا وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ إِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ وَعَرَفْنَا كَيْفَ الصَّلَاةُ عِنْدَ إِحْدَاهُمَا فَكَانَ دَلِيلًا عَلَى الصَّلَاةِ عِنْدَ الْأُخْرَى اهـ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُمَا صَلَّيَا فِي الْقَمَرِ جَمَاعَةً رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حمزة ابن مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَجُرُّ رداءه) (ج) حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَسْجِدِ وَثَابَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ قَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ بِهِمَا اللَّهُ عِبَادَهُ وَأَنَّهُمَا لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا حتى

يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنًا لَهُ مَاتَ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ نَاسٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الْقَمَرِ سُنَّةٌ وَلَا صَلَاةَ فِيهَا إِلَّا لِمَنْ شَاءَ وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ غَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ يَرَوْنَ صَلَاةَ كُسُوفِ الْقَمَرِ سُنَّةً كُلٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا بَعْدَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنِ اتَّبَعَهُ وَهُوَ قول إسحاق والطبري يخطب بعدالصلاة في الكسوف كالعيدين ولاستسقاء وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِ الْكُسُوفِ وَفِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ الْحَدِيثَ وَبِهِ احْتَجَّ كُلُّ مَنْ رَأَى الْخُطْبَةَ فِي الْكُسُوفِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا لَا خُطْبَةَ فِي الْكُسُوفِ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا خَطَبَ النَّاسَ لِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ الشَّمْسَ كَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِذَلِكَ خَطَبَهُمْ يُعَرِّفُهُمْ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَكَانَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَرَيَانِ الصَّلَاةَ عِنْدَ الزَّلْزَلَةِ وَلَا عِنْدَ الظُّلْمَةِ وَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ وَرَآهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى فِي زَلْزَلَةٍ

قال ابن مسعود إذا سمعتم هذا مِنَ السَّمَاءِ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ فَعَلَ فَحَسَنٌ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَأْتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ أَنَّ الزَّلْزَلَةَ كَانَتْ فِي عَصْرِهِ وَلَا صَحَّتْ عَنْهُ فِيهَا سُنَّةٌ وَقَدْ كَانَتْ (أَوَّلَ ما كانت) (أ) فِي الْإِسْلَامِ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ فَأَنْكَرَهَا فَقَالَ أَحْدَثْتُمْ وَاللَّهِ لَئِنْ عَادَتْ لَأَخْرُجَنَّ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ قَالَتْ زُلْزِلَتِ الْمَدِينَةُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ حَتَّى اصْطَكَّتِ السُّرُرُ فَقَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَا أَسْرَعَ مَا أَحْدَثْتُمْ وَاللَّهِ لَئِنْ عادت لاخرجن من بين أظهركم ورى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَزُلْزِلَتِ الْأَرْضُ أَمْ بِي أَرْضٌ فَقَامَ بِالنَّاسِ فَصَلَّى يَعْنِي صَلَاةَ الْكُسُوفِ اهـ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ فَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَخْنَسْتَ وَتَأَخَّرْتَ (وَقَالَ الْفُقَهَاءُ مَعْنَاهُ تَقَهْقَرْتَ وَالْأَمْرُ كله قريب

وَقَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ ... وَلَكِنَّنِي أَمْضِي عَلَى ذَاكَ مُقْدِمًا ... إِذَا بَعْضُ مَنْ لَاقَى الْخُطُوبَ تَكَعْكَعَا) ... وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَرَأَيْتُ النَّارَ فَإِنَّ الْآثَارَ فِي رُؤْيَتِهِ لَهُمَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَةٌ وَقَدْ رَآهُمَا مِرَارًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى مَا جَاءَتْ به الأحاديث وعندالله عِلْمُ كَيْفِيَّةِ رُؤْيَتِهِ لَهُمَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُمْكِنُ أَنْ يُمَثَّلَا لَهُ فَيَنْظُرَ إِلَيْهِمَا بِعَيْنَيْ وَجْهِهِ كَمَا مُثِّلَ لَهُ بَيْتُ الْمَقْدِسِ حِينَ كَذَّبَهُ الْكُفَّارُ بِالْإِسْرَاءِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَجَعَلَ يُخْبِرُهُمْ عَنْهُ وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِرُؤْيَةِ الْقَلْبِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَكَذَلِكَ نُرِي براهيم مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مُجَاهِدٌ فُرِجَتْ له السموات فَنَظَرَ إِلَى مَا فِيهِنَّ حَتَّى انْتَهَى بَصَرُهُ الى العرش وفورجت لَهُ الْأَرْضُونَ السَّبْعُ فَنَظَرَ إِلَى مَا فِيهِنَّ اهـ ذَكَرَهُ حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ عَنْ مُجَاهِدٍ وذكره معمر عن قتادة قال ملكوت السموات الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَمَلَكُوتُ الْأَرْضِ الْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالْبِحَارُ وَالظَّاهِرُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ رَأَى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ رُؤْيَةَ عَيْنٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَتَنَاوَلَ مِنَ الْجَنَّةِ عُنْقُودًا عَلَى مَا ذَكَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ فَالظَّاهِرُ

الْأَغْلَبُ أَنَّهَا رُؤْيَةُ عَيْنٍ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ وَالنَّظَرَ إِذَا أُطْلِقَا فَحَقُّهُمَا أَنْ يُضَافَا إِلَى رُؤْيَةِ الْعَيْنِ إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْكَلَامِ وَحَقِيقَتُهُ أَوْلَى إِذَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ دَلِيلٌ (يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَفِي الحديث أيضا من ذكر الجنة والنار) (أ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمَا مَخْلُوقَتَانِ وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَنَّهُمَا لَا يَبِيدَانِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ وَأَهْلُ الْبِدَعِ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْعُنْقُودِ وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ ما بقيت الدنيا فَكَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السِّجْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ الْبِكَالِيِّ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنِ الْجَنَّةِ وذكر الحوض

فَقَالَ فِيهَا فَاكِهَةٌ قَالَ نَعَمْ شَجَرَةٌ تُدْعَى طُوبَى قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَّ شَجَرِ أَرْضِنَا تُشْبِهُ قَالَ لَا تُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ شَجَرِ أَرْضِكَ ائْتِ الشَّامَ هُنَاكَ شَجَرَةٌ تُدْعَى الْجَوْزَةَ تَنْبُتُ عَلَى سَاقٍ يَفْتَرِشُ أَعْلَاهَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا عِظَمُ أَصْلِهَا قَالَ لَوِ ارْتَحَلَتْ جَذَعَةٌ مِنْ إِبِلِ أَهْلِكَ مَا أَحَاطَتْ بِأَصْلِهَا حَتَّى تَنْكَسِرَ تَرْقُوَتُهَا هَرَمًا قَالَ هَلْ فِيهَا عِنَبٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا عظم العنقود منها قال مسيرة الغراب شهر الا يَقَعُ وَلَا يَفْتُرُ قَالَ فَمَا عِظَمُ حَبِّهَا قَالَ أَمَا عَمَدَ أَبُوكَ وَأَهْلُكَ إِلَى جَذَعَةٍ فذبحها وسلخ أهابها فقال افروا (هـ) لَنَا مِنْهَا دَلْوًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنَّ تلك الحبة لتشبعني وَأَهْلَ بَيْتِي قَالَ نَعَمْ وَأَهْلَ عَشِيرَتِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِّينَا عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ لَا أَقِفُ عَلَى اسْمِهِ فِي وَقْتِي هَذَا أَنَّهُ قَالَ كَانَ يَسُرُّنَا أَنْ تَأْتِيَ الْأَعْرَابُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَسْأَلُونَ عَنْ أَشْيَاءَ لَا نُقْدِمُ نَحْنُ عَلَى السُّؤَالِ عَنْهَا أَوْ نَحْوِ هَذَا وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ مِمَّا فِي الْجَنَّةِ إِلَّا الْأَسْمَاءُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَرَأَيْتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ

كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهُ قَالَ اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْمَسَاكِينَ وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسمعيل التِّرْمِذِيُّ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أسامة ابن زَيْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ وَإِذَا أَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ إِلَّا أَصْحَابَ النَّارِ فَقَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ قَالُوا لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِكُفْرِهِنَّ قِيلَ أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ وَيَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ (وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ وَهَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ويكفرن العشير بالواو) (أ) قَالُوا وَقَدْ تَابَعَهُ بَعْضُ

مَنْ نَقَدَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَيْضًا غَلَطًا كَمَا عُدَّ عَلَى يَحْيَى وَالْمَحْفُوظُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَالْقَعْنَبِيِّ وَعَامَّةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ قَالَ يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ بِغَيْرِ وَاوٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَعْنَى وَأَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى فَالْوَجْهُ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ السَّائِلُ لَمَّا قَالَ أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ لَمْ يُجِبْهُ عَنْ هَذَا جَوَابًا مَكْشُوفًا لِإِحَاطَةِ الْعِلْمِ بِأَنَّ مِنَ النِّسَاءِ مَنْ يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ كَمَا أَنَّ مِنَ الرِّجَالِ مَنْ يَكْفُرُ بِاللَّهِ فَلَمْ يَحْتَجْ الى ذلك لأن المقصود في الحديث الى غير ذَلِكَ (كَأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ كَانَ مِنَ النِّسَاءِ مَنْ يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ فَإِنَّهُنَّ كُلَّهُنَّ فِي الْغَالِبِ من أمرهن يكفرن الاحسان) (أ) أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ وَقَرَأَتُ عَلَى خَلَفِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ جعفر الزيات حدثهم بمصر قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا حجاج ابن إبراهيم قال حدثنا إسمعيل بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عن (أبي سعيد المقبري) (ج) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَأَتَى النِّسَاءَ فِي الْمَسْجِدِ فَوَقَفَ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَمَا رَأَيْتُ مِنْ نَوَاقِصِ عَقْلٍ قَطُّ أَوْ دِينٍ أَذْهَبَ لِقُلُوبِ ذَوِي الالباب

مِنْكُنَّ وَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَتَقَرَّبْنَ إِلَى اللَّهِ بِمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَكَانَ فِي النِّسَاءِ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَسَاقَ الْحَدِيثَ فَقَالَتْ فَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعُقُولِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُ مِنْ نُقْصَانِ دِينِكُنَّ فَالْحَيْضَةُ الَّتِي تُصِيبُكُنَّ تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَمْكُثَ لَا تُصَلِّي وَلَا تَصُومُ فَذَلِكَ نُقْصَانُ دِينِكُنَّ وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُ من نقصان عقولكن (فشهادة المرأة) (أ) نِصْفُ شَهَادَةِ الرَّجُلِ وَأَمَّا قَوْلُهُ يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ فَالْعَشِيرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ الزَّوْجُ وَالْمَعْنَى عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ كُفْرُ النِّسَاءِ لِحُسْنِ مُعَاشَرَةِ الزَّوْجِ ثُمَّ عَطَفَ عَلَى ذَلِكَ كُفْرَهُنَّ بِالْإِحْسَانِ جُمْلَةً فِي الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْعَشِيرُ الْمَخَالِطُ مِنَ الْمُعَاشَرَةِ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (قَالَ الشَّاعِرُ ... وَتِلْكَ الَّتِي لَمْ يَشْكُهَا فِي خَلِيقَةٍ ... عَشِيرٌ وَهَلْ يَشْكُو الكريم عشير) (ج) وقال آخر ... سلاهل قَلَانِي مِنْ عَشِيرٍ صَحِبْتُهُ ... وَهَلْ ذَمَّ رَحْلِي فِي الرِّفَاقِ دَخِيلُ

حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن إسمعيل قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ قَالَ حَدَّثَنَا ذَرٌّ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ وَائِلِ بْنِ مَهَانَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصَدَّقْنَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ فَإِنَّكُنَّ مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ النَّارِ فَقَامَتِ امْرَأَةٌ لَيْسَتْ مِنْ عِلْيَةِ النِّسَاءِ فَقَالَتْ لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لِأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مَا وُجِدَ مِنْ نَاقِصِ الْعَقْلِ والدين أَغْلَبُ لِلرِّجَالِ ذَوِي الرَّأْيِ عَلَى أُمُورِهِمْ مِنَ النِّسَاءِ قَالَ فَقِيلَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَمَا نُقْصَانُ عَقْلِهَا وَدِينِهَا فَقَالَ أَمَّا نُقْصَانُ عَقْلِهَا فَجَعَلَ اللَّهُ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ رَجُلٍ وَأَمَّا نُقْصَانُ دِينِهَا فَإِنَّهَا تَمْكُثُ كَذَا وَكَذَا يَوْمًا لَا تُصَلِّي لِلَّهِ فِيهِ سَجْدَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ وَائِلِ بْنِ مَهَانَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَحْوَهُ قَالَ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ الدِّينِ وَالْعَقْلِ أَغْلَبَ لِلرِّجَالِ ذَوِي الْأَمْرِ مِنْهُنَّ ثُمَّ ذَكَرَهُ إِلَى آخِرِهِ وَرَوَاهُ الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذر عن وائل ابن مَهَانَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْقُوفًا وَالصَّوَابُ

فِيهِ رِوَايَةُ مَنْصُورٍ عَنْ ذَرٍّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ كَلَامُ ابْنُ مَسْعُودٍ هَذَا مَرْفُوعًا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ (مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وراه الدراوردي عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم خَطَبَ فَوَعَظَ ثُمَّ قَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَلِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِكَثْرَةِ لَعْنِكُنَّ وَكُفْرِكُنَّ الْعَشِيرَ وَمَا رَأَيْتُ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِأَلْبَابِ ذَوِي الرَّأْيِ مِنْكُنَّ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نُقْصَانُ عُقُولِنَا وَدِينِنَا فَقَالَ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ مِنْكُنَّ شهادة رجل ونقصان دينهن الْحَيْضَةُ تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ الثَّلَاثَ وَالْأَرْبَعَ لَا تُصَلِّي وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنِ ابْنِ الْهَادِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ قَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ قَالَ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ قَالَ أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ فَهَذَا من نقصان العقل وتمكث ليلالي مَا تُصَلِّي وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نُقْصَانَ الدِّينِ قَدْ يَقَعُ ضَرُورَةً لَا تُدْفَعُ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ جَبَلَهُنَّ عَلَى مَا يَكُونُ نَقْصًا فِيهِنَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ على

بَعْضٍ وَقَدْ فَضَّلَ اللَّهُ أَيْضًا بَعْضَ الرِّجَالِ عَلَى بَعْضٍ وَبَعْضَ النِّسَاءِ عَلَى بَعْضٍ وَبَعْضَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى بَعْضٍ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ اهـ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ (قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حدثنا أحمد بن خالد (ب) قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْغُدَانِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى امْرَأَةٍ لَا تَشْكُرُ لِزَوْجِهَا وَهِيَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى امْرَأَةٍ لَا تَعْرِفُ حَقَّ زَوْجِهَا وَهِيَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا (حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى امْرَأَةٍ لَا تَشْكُرُ لِزَوْجِهَا وهي لا

تَسْتَغْنِي عَنْهُ) وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ الْفَرَجِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بن فياض عن خلاد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَعْدَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا خَيْرُ مَا أَعَدَّتِ الْمَرْأَةُ قَالَ الطَّاعَةُ لِلزَّوْجِ وَالِاعْتِرَافُ بحقه

حديث سابع لزيد بن أسلم مسند صحيح

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ عِنْدَ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا حَدِيثٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا قَرَّبَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَنْبًا مَشْوِيًّا فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافٍ (عَلَى عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ في الاسناد) (ج) وَهُمَا حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال توضؤا مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ وَتَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَذَهَبَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السلام توضئوا مما مست (النار أنه) (أ) عَنَى بِهِ غَسْلَ الْيَدِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ مَأْخُوذٌ من الوضاءة وهي النظافة فكأنه قال فنطفوا أَيْدِيَكُمْ مِنْ غَمْرِ مَا مَسَّتِ النَّارُ وَمِنْ دَسَمِ مَا مَسَّتِ النَّارُ وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَوْ كَانَ كَمَا ظَنَّ هَذَا الْقَائِلُ لَكَانَ دَسَمُ مَا لَمْ تَسِمْهُ النَّارُ وَوَدَكُ مَا لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ لَا يَتَنَظَّفُ مِنْهُ وَلَا تُغْسَلُ مِنْهُ الْيَدُ وَهَذَا لَا يَصِحُّ عِنْدَ ذِي لُبٍّ وَتَأْوِيلُهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ نَظَرِهِ وَقِلَّةِ عِلْمِهِ بِمَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اهـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ أَمْرٌ مِنْهُ بِالْوُضُوءِ الْمَعْهُودِ لِلصَّلَاةِ لِمَنْ أَكَلَ طَعَامًا مَسَّتْهُ النَّارُ وَذَلِكَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ (وَعِنْدَ جَمَاعَةِ ائمة الفقهاء) (ب) مَنْسُوخٌ بِأَكْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا مَسَّتْهُ النَّارُ وَصَلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ يُحْدَثَ وُضُوءًا فَاسْتَدَلَّ الْعُلَمَاءُ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ بِالْوُضُوءِ مِمَّا

مَسَّتِ النَّارُ مَنْسُوخٌ وَأُشْكِلَ ذَلِكَ عَلَى طَائِفَةٍ كَثِيرَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَلَمْ يَقِفُوا عَلَى النَّاسِخِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَنْسُوخِ أَوَ لَمْ يَعْرِفُوا مِنْهُ غَيْرَ الْوَجْهِ الْوَاحِدِ فكانوا يوجبون الوضوء مما مست النار ويتوضأون مِنْ ذَلِكَ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ زَيْدُ بن ثابت (وابن عمرو) (أ) وَأَبُو مُوسَى وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ حَبِيبَةَ أُمَّا الْمُؤْمِنِينَ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنُهُ عَبْدُ الملك ومحمد ابن الْمُنْكَدِرِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ وَقَالَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَبُو قِلَابَةَ وَأَبُو مَخْلَدٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ بَصْرِيُّونَ

وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ عَرَفَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا فِي ذَلِكَ وَرَوَى الْحَدِيثَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ قوله صلى الله عليه وسلم توضأوا مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ نَاسِخٌ لِفِعْلِهِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا وَمِثْلِهِ وَهَذَا مِمَّا غَلَطَ فِيهِ الزُّهْرِيُّ مَعَ سِعَةِ عِلْمِهِ وَقَدْ نَاظَرَهُ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا كَيْفَ يَذْهَبُ النَّاسِخُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَهُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فَأَجَابَهُمْ بِأَنْ قَالَ أَعْيَى الْفُقَهَاءُ أَنْ يَعْرِفُوا نَاسِخَ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَنْسُوخِهِ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ أَعْيَى الْفُقَهَاءَ وَأَعْجَزَهُمْ أَنْ يَعْرِفُوا نَاسِخَ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَنْسُوخِهِ وَرَوَى أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ وَهُوَ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم توضؤوا مما غيرت النار) (أ) وَجَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ نَحْوُ مَذْهَبِ ابْنِ شِهَابٍ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ مِمَّنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ فَمَضْمَضَ وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَصَلَّى فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ وَمَذْهَبَ ابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ

سَوَاءٌ وَأَنَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّ النَّاسِخَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ فَأَمَّا حَدِيثُهُ فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ فَرَوَاهُ سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ فَمَضْمَضَ وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَصَلَّى ذَكَرَهُ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَأَلْنَا الزُّهْرِيَّ عَنِ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ فَذَكَرَ فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بكر ابن عبد الرحمن وغيرهم أنهم كانوا يتوضئون ما غيرت النار فقلت له ان ها هنا شَيْخًا مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَأُتِينَا بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم

يَتَوَضَّأْ وَأَنَّهُ رَجَعَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فِي خِلَافَتِهِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَأَتَى أَهْلَهُ فَابْتَغَى عَشَاءً فَقِيلَ مَا عِنْدَنَا عَشَاءٌ إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الشَّاةَ وَلَدَتْ فَاحْتَلَبَ لَنَا مِنْ لَبَنِهَا ثُمَّ طَبَخَ فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا فَقَالَ لِي مَا قَالَ لَكَ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ لِي إِذَا جَاءَنَا مَالٌ أَعْطَيْنَاكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا فَحَفَنَ لِي ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّيْنَا وَلَمْ يَمَسَّ أَحَدٌ مِنَّا مَاءً وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ربما صنع لنا في ولايته الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ فَأَكَلَ وَمَا يَتَوَضَّأُ أَحَدٌ مِنَّا فَقَالَ الزُّهْرِيُّ أَهَذَا تُرِيدُونَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ عُضْوًا وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَالَ وَحَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ عُضْوًا وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ فَقُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ فَمَا بَعْدُ هَذَا قَالَ إِنَّهُ يَكُونُ الْأَمْرُ ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُ الْأَمْرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ النَّاسِخَ فِي هَذَا الْبَابِ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّار وَأَظُنُّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِنَّ الْآخَرُ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِهَذَا اسْتَدَلَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى

أَنَّهُ النَّاسِخُ وَقَدْ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ فَسَقَتْهُ سَوِيقًا ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَقَالَتْ تَوَضَّأَ يَا ابْنَ أَخِي فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ قَالَ مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَبَلَغَنِي ان زيد ابن ثابت وعائشة كانا يتوضئان مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَجَاءَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِثْلَ مَذْهَبِ ابْنِ شِهَابٍ فِي أَنَّ النَّاسِخَ أَمْرُهُ بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ قَرَأْتُ عَلَى خَلَفِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ عَنِ ابْنٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوضوء

مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ فَهَذَا كُلُّهُ يُعَضِّدُ مَذْهَبَ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْبَابِ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عن معمر جمعيا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَانَ لَا يَطْعَمُ طَعَامًا مَسَّتْهُ النَّارُ أَوْ لَمْ تَمَسَّهُ إِلَّا تَوَضَّأَ وَإِنْ شَرِبَ سَوِيقًا تَوَضَّأَ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ (وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ مِسْعَرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ورواية أهل المدينة عنه أصح) (أ) وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَتَوَضَّأُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ (وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيُّ أَنَّ عُمَرَ ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَتَوَضَّأُ مما مست النار) (ج) حَتَّى كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنَ السَّكَرِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَكَانَ مَعْمَرٌ وَالزُّهْرِيُّ يَتَوَضَّآنِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ قَالَ لِيَ ابْنُ شِهَابٍ أَطِعْنِي وَتَوَضَّأْ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ فَقُلْتُ لَا أُطِيعُكَ وَادْعُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَسَكَتَ

أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يُونُسَ قَالَ قَالَ لِيَ ابْنُ شِهَابٍ أَطِعْنِي وَتَوَضَّأْ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ قَالَ قُلْتُ لَا أُطِيعُكَ وَادْعُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَأَخْبَرَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن عباس قال حدثنا شعيب ابن أَبِي حَمْزَةَ قَالَ مَشَيْتُ بَيْنَ الزُّهْرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ فِي الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَرَاهُ وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ لَا يَرَاهُ وَاحْتَجَّ الزُّهْرِيُّ بِأَحَادِيثَ فَلَمْ أَزَلْ أَخْتَلِفُ بَيْنَهُمَا حَتَّى رَجَعَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ إِلَى قَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَأَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ النَّجَّارُ الْفَقِيهُ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ كَانَ مَعْمَرٌ يَتَوَضَّأُ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ أَنْتَ شِهَابِيُّ يَا أَبَا عُرْوَةَ (وَقَدْ رَوَى عَفَّانُ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قَالَ لِي سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامٍ إِنَّ هَذَا يَعْنِي الزُّهْرِيَّ لَا يَدَعُنَا إِنْ كَانَ شَيْءٌ أَمَرَنَا أَنْ نَتَوَضَّأَ يَعْنِي مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ فَقُلْتُ لَهُ سَأَلَتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ إِذَا أَكَلْتَهُ فَهُوَ طَيِّبٌ لَيْسَ عَلَيْكَ فِيهِ وُضُوءٌ فَإِذَا خَرَجَ وَجَبَ عَلَيْكَ فِيهِ الْوُضُوءُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى كَاتِبُ الْعُمْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ

الْقِتْبَانِيِّ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يسأله هَلْ يَتَوَضَّأُ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ هَذَا مِمَّا يُخْتَلَفُ فِيهِ وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمَا أَكَلَا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ ثُمَّ صَلَّيَا وَلَمْ يَتَوَضَّآ) وَأَمَّا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عبد الله ابن قازظ قَالَ مَرَرْتُ بِأَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ أَتَدْرِي مِمَّ أَتَوَضَّأُ أَتَوَضَّأُ مِنْ أَثْوَارِ أَقِطٍ أَكَلْتُهَا لِأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول توضؤا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَلَعَلَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمْ يَرْوِ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرَ هذا الحديث فذهب اليه ولعله كان وضوؤه مِنْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ الْفَضْلِ وَهُرُوبًا مِنَ الْخِلَافِ مَعَ شِدَّةِ احْتِيَاطِهِ فِي الدِّينِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِقُوَّةِ الِاخْتِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْمَدِينَةِ بَيْنَ عُلَمَائِهَا أَشْبَعَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُوَطِّئِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَشَدَّهُ وَقَوَّاهُ فَذَكَرَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسُوِيدِ بْنِ النُّعْمَانِ وَهُمَا إِسْنَادَانِ صَحِيحَانِ وَذَكَرَ فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَأَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ (انهم كانوا لا يتوضأون مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ)

وَمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي مُوَطِّئِهِ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَنْسُوخَ أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ لِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ رَوَى الْأَمْرَ بِالْوُضُوءِ مِنْ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لَا يَتَوَضَّأُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْمَنْسُوخِ وَيَدَعَ النَّاسِخَ وَقَدْ عَلِمَهُ وَرِوَايَةُ أَبِي طَلْحَةَ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْقَاسِمِ الْبَصْرِيِّ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ بُكَيْرِ بْنِ بِلَالِ بْنِ غَيْلَانَ قَالَ حَدَّثَنَا (بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزهراني) (أ) قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّئُوا مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَوْضِيُّ أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ قِيلَ لِمَطَرٍ وَأَنَا عِنْدَهُ عَمَّنْ أَخَذَ الْحَسَنُ الْوُضُوءَ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ فَقَالَ أَخَذَهُ الْحَسَنُ عَنْ أَنَسٍ وَأَخَذَهُ أَنَسٌ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ وَأَخَذَهُ أَبُو طَلْحَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مِمَّنْ أَخَذَ الْحَسَنُ الْحَدِيثَ الَّذِي كَانَ يُحَدَّثُ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ فَقَالَ لَهُ أَخَذَهُ الْحَسَنُ عَنْ أَنَسٍ وَأَخَذَهُ أَنَسٌ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ وَأَخَذَهُ أَبُو طَلْحَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ عَمِلَ بِهِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَذَا عَلَى أَنَّ مَطَرًا الْوَرَّاقَ لَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ) (أ) وَيُعَضِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي مَوَطِّئِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَنْكَرَا عَلَيْهِ الْوُضُوءَ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ فَلَوْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ أَبِي طَلْحَةَ غَيْرُ مَنْسُوخٍ لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَى أَنَسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قال حدثني أسامة ابن زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ بَيْنَا أَنَا وَأَبُو طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أُتِينَا بِطَعَامٍ سُخْنٍ فَأَكَلْتُ ثُمَّ قُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَعِرَاقِيَّةٌ ثُمَّ انْتَهَرَانِي فَقُلْتُ إِنَّهُمَا أَفْقَهُ مِنِّي

وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إسمعيل بْنُ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَكَلْتُ أَنَا وَأَبُو طَلْحَةَ وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ طَعَامًا قَدْ مَسَّتْهُ النَّارُ فَقُمْتُ لِأَتَوَضَّأَ فَقَالَا لِي أَتَوَضَّأُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَقَدْ جِئْتَ بِهَا عِرَاقِيَّةً هَكَذَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ هَذَا الْخَبَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَ فِيهِ وَأَبُو أَيُّوبَ وَالْمَحْفُوظُ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَظُنُّ الْوَهْمَ فِيهِ مِنْ يَحْيَى بْنِ أيوب أو من إسمعيل بْنِ رَافِعٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَتَوَضَّأُ مِنَ الطَّعَامِ مِثْلَ وُضُوئِهِ لِلصَّلَاةِ وَذَكَرَ الْعَقِيلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا غَالِبُ بْنُ فَرْقَدٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْمَغْرِبَ فَلَمَّا انْصَرَفْنَا دَعَا بِمَائِدَةٍ فَتَعَشَّى ثُمَّ دَعَا بِوُضُوءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَمَضْمَضَ فَاهُ وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَذِرَاعَيْهِ وَوَجْهِهِ ثُمَّ جَلَسْنَا حَتَّى حَضَرَتِ الْعَتْمَةُ فَصَلَّى بِذَلِكَ الْوُضُوءِ وَلَمْ يَغْسِلْ رِجْلَيْهِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ حَدَثًا ينقض الوضوء) (ب) وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك

الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ أُمُّ سَلَمَةَ وَمَيْمُونَةُ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَضُبَاعَةُ ابْنَةُ الزُّبَيْرِ وَأَبُو رَافِعٍ وَجَابِرٌ وَعَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ وَأُمُّ عَامِرٍ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ وَكَانَتْ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَسُوِيدُ بْنُ النُّعْمَانِ وَكَثِيرٌ مِنْ رِجَالِ الصَّحَابَةِ كُلُّ هَؤُلَاءِ رَوَوْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَمِمَّا يَسْتَبِينُ بِهِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ مَنْسُوخٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ شَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ لَحْمًا وَخُبْزًا وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ حِفْظَ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَأَخِّرٌ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إسمعيل بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَرَّقَ كَتِفًا ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَجَاءَ بِلَالٌ فَأَذَّنَهُ بِالصَّلَاةِ فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ فَاسْتَقْبَلَتْنَا هَدِيَّةٌ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ فَرَجَعَ وَرَجَعْنَا مَعَهُ وَأَكَلَ وَأَكَلْنَا ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَيْضًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ خَالِدٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُبْسَطُ لَهُ فِي بَيْتِ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ فَيُحَدِّثُ فَقَالَ لَهُ أَخْبِرْنِي عَمَّا مَسَّتِ النَّارُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا أُخْبِرُكَ إِلَّا بِمَا رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي بَيْتِهِ فَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ إِلَى الصَّلَاةِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْبَابِ لَقِيَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا خُبْزٌ ولحم

فَرَجَعَ بِأَصْحَابِهِ فَأَكَلَ وَأَكَلُوا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ محمد ابن الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ حُسَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَوْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ الْوُضُوءُ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ قَالَ مَرْوَانُ كَيْفَ نَسْأَلُ عَنْ هَذَا وَفِينَا أُمَّهَاتُنَا أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَنِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ فَنَاوَلْتُهُ لَحْمًا فَأَكَلَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ كَتِفًا فَجَاءَ بِلَالٌ فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً) (أ) يَقُولُونَ إِنَّ خَالَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ مُحَمَّدُ بن عمرو ابن حَلْحَلَةَ الدِّيلِيُّ (فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَبَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَبَيْنَ مُحَمَّدِ (1521) بْنِ عَمْرِو بْنِ عطاء العامري في هذا الحديث محمد

ابن عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ أَحَادِيثُ) وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هريرة وابن عباس وَرَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ بُنَيَّ عَبَّاسٍ أَتَدْرِي بُنَيَّ عَبَّاسٍ مِمَّ أَتَوَضَّأُ تَوَضَّأْتُ مِنْ أَثْوَارِ أَقِطٍ أَكَلْتُهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا أُبَالِي مِمَّا تَوَضَّأْتَ أَشْهَدُ لَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ كَتِفَ لَحْمٍ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَمَا تَوَضَّأَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ وَعُمَرُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ وَابْنُهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ

وَعِكْرِمَةُ مَوْلَاهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَغَيْرُهُمْ إِلَّا أَنَّ عِكْرِمَةَ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَفْظَةً زَائِدَةً حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَامِعٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ كَتِفًا مَهْرِيَّةً يَعْنِي نَضِجَةً ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ ثُمَّ صَلَّى هَكَذَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَفْسِيرُ مَهْرِيَّةٍ وَهُوَ أَوْلَى مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ أَبُو عَبِيدٍ مُؤَرَّبَةٌ بِالْهَمْزِ وفسرها (هـ) أَنَّهَا مُوَفَّرَةٌ ثُمَّ قَالَ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْإِرْبِ يَعْنِي الْعُضْوَ فَهَذِهِ طُرُقُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْ بَعْضُهَا وَهُوَ حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ مَعَهُ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ كُلِّهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ قَالَ جَابِرٌ إِنَّ النَّاسِخَ فِي هَذَا الْبَابِ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَخَالَفَتْهُ فِي ذَلِكَ عَائِشَةُ اهأخبرنا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي العقب بدمشق

قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلَيُّ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ مُحَمَّدِ بن المنكدر) (ب) بِمَا يَجِبُ الْقَوْلُ فِيهِ فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ لِأَنَّ مَالِكًا أَرْسَلَهُ عَنْهُ وَوَصَلَهُ غَيْرُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ عَلَى شَرْطِنَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ فَهَذَا وَجْهُ الْقَوْلِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ الْآثَارِ وَأَمَّا طَرِيقُ النَّظَرِ فَإِنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يُنْتَقَضَ وَضَوْءٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ إِلَّا بِحَدِيثٍ مُجْتَمَعٍ عَلَيْهِ أَوْ بِدَلِيلٍ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ رَجَاءٍ قَالَ سَأَلْتُ الْوَلِيدَ (1525) بْنَ هِشَامٍ

عَمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ فَقَالَ إِنِّي لَسْتُ بِالَّذِي أُسْأَلُ قُلْتُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ كَانَ مَكْحُولٌ وَكَانَ أَعْظَمُ فِقْهًا يَتَوَضَّأُ مِنْهُ فَلَقِيَ مَنْ أَثْبَتَ لَهُ الْحَدِيثَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ وُضُوءٌ فَتَرَكَ الْوُضُوءَ) (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ الْبَيْرُوتِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ سَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ عَنِ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ فَقَالَ لِي تَوَضَّأْ قُلْتُ عَمَّنْ قَالَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ قُلْتُ فَأَبُو بَكْرٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ يَتَوَضَّأُ قُلْتُ فَعُمَرُ قَالَ لَمْ يَكُنْ يَتَوَضَّأُ قُلْتُ فَعُثْمَانُ قَالَ لَمْ يَكُنْ يَتَوَضَّأُ قُلْتُ فِعْلِيٌّ قَالَ لَمْ يَكُنْ يَتَوَضَّأُ قُلْتُ فَابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ يَتَوَضَّأُ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ أَرَأَيْتَ إِنْ سَأَلْتُكَ رِجَالًا مِثْلَ رِجَالِي فَقَالَ إِذًا لَأَتَيْتُكَ بِهِمْ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ أحمد ابن قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو عُثْمَانَ يَعِيشُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ الْإِمَامُ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَكَمٍ قَالُوا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ عَنِ الْيَزِيدِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ قال بينما نحن عن عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ أُتِيَ بِجَفْنَةٍ فِيهَا ثَرِيدٌ قَالَ خُذُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَكُلُوا مِنْ نَوَاحِيهَا وَذَرُوا الذُّرْوَةَ فَإِنَّ فِي الذُّرْوَةِ الْبَرَكَةَ فَأَكَلْنَا ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَشَرِبَهُ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَقُلْتُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَنَّ فِيمَا غَيَّرَتِ النَّارُ مِنَ الطَّعَامِ الْوُضُوءَ فَقَالَ لَوْلَا النَّارُ مَا أَكَلْنَاهُ وَمَا زَادَتْهُ النَّارُ إِلَّا

طِيبًا وَإِنَّمَا الْوُضُوءُ فِيمَا يَخْرُجُ وَلَيْسَ فِيمَ يَدْخُلُ وَصَلَّى بِنَا عَلَى بِسَاطٍ) وَمِمَّنْ قَالَ بِإِسْقَاطِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وعلي بن أبي طالب (وعبد الله ابن مسعود) (ب) وعبد الله بن عباس وعامر بن ربيعة وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو أُمَامَةَ وَقَالَ بِذَلِكَ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مَالِكٌ فِيمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَسَائِرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي أَهْلِ الشَّامِ (وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ) (ج) والشافعي ومن اتبعه واحمد ابن حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْأَثَرِ إِلَّا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَطَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَقُولُونَ مَنْ أَكَلَ لَحْمَ الْجَزُورِ خَاصَّةً فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مَسَّتْهُ النَّارُ غَيْرَ لَحْمِ الْجَزُورِ وَقَالَ أَحْمَدُ فِيهِ حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ حَدِيثُ الْبَرَاءِ وَحَدِيثُ جَابِرِ ابن سَمُرَةَ يَعْنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ ذَكَرَهُ الاثرم عن أحمد وذكره اسحق بن منصور والكوسج عن أسحق

قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ الْبَرَاءِ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابن عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ سل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ فَقَالَ تَوَضَّئُوا مِنْهَا وَحَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ قَالَ إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَتَوَضَّأَ قَالَ أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ نَعَمْ تَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ) رَوَاهُ شُعْبَةَ وزائدة عن سماك

ابن حَرْبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ (وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَيْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَابِقٍ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ عِيسَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن أَبِي لَيْلَى عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أُصَلِّي فِي مَبَارِكِهَا قَالَ لَا قَالَ أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ قَالَ لَا قَالَ أصلي في مرابضها قال نعم) (أ) وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِ أَحْمَدَ هَذَا فِي لَحْمِ الابل خاصة اسحق بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ وَأَبُو خَيْثَمَةَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إسحق وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ والليث وَالْأَوْزَاعِيِّ فَكُلُّهُمْ لَا يَرَوْنَ فِي شَيْءٍ مَسَّتْهُ النَّارُ وَضَوْءًا عَلَى مَنْ أَكَلَهُ سَوَاءٌ عِنْدَهُمْ لَحْمُ الْإِبِلِ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِ الْإِبِلِ لِأَنَّ فِي الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ خُبْزًا وَلَحْمًا وَأَكَلَ كَتِفًا وَنَحْوُ هَذَا كَثِيرٌ (وَلَمْ يَخُصَّ لَحْمَ جزور من غيره) (ج) وصلى ولم يتوضأ وهذا (ناسخ رافع) (د) عِنْدَهُمْ لِمَا عَارَضَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ غَسْلُ الْيَدِ قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَوْلَهُ هَذَا وَرَآهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ أُرِيدَ بِهِ الْوُضُوءُ لِلصَّلَاةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ رَدُّ هَذَا الْقَوْلِ وَدَفْعُ هَذَا التَّأْوِيلِ وَقَدِ اجْتَنَبْنَا في هذاالباب مَا تَبَيَّنَ بِهِ جَهْلُ هَذَا الْمُتَكَلِّفِ فِي تَأْوِيلِهِ هَذَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ اهـ حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ الْأَبْهَرَيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ كَانَ مَكْحُولٌ يَتَوَضَّأُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ حَتَّى لَقِيَ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ فَأَخْبَرَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ

اللَّهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَكَلَ ذِرَاعًا أَوْ كَتِفًا ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ فَتَرَكَ مكحول الْوُضُوءَ فَقِيلَ لَهُ أَتَرَكْتَ الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتِ النار فَقَالَ لَأَنْ يَقَعَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُخَالِفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَارِمٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَيُّوبَ يَقُولُ لِعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ (إِذَا سَمِعْتَ امرأ) (أ) عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ بَلَغَكَ فَانْظُرْ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَشُدَّ بِهِ يَدَيْكَ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَارِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ النَّاسِخَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ حَمَّادٌ وَكَانَ رَأْيُ خَالِدٍ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ حَدِيثِهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ أَتْبَعَ النَّاسِ لِهَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ إِذَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ عَمِلَا بِأَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ وَتَرَكَا الْآخَرَ كَانَ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً أَنَّ الْحَقَّ فِيمَا عَمِلَا بِهِ)

وقد روى عكراش بن ذوئب عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِفَةَ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ وَلَمْ أَرَ لِذِكْرِهِ مَعْنًى لِأَنَّ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ وَأَهْلُ الْعِلْمِ يُنْكِرُونَهُ

تابع باب الزاء

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ يَجْرِي مَجْرَى الْمُتَّصِلِ وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ وُجُوهٍ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا ثُمَّ إِذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ وَتَابَعَهُ الْقَعْنَبِيُّ وَجُمْهُورُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَتْ

طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مُطَرِّفٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ وَاخْتَلَفَ عَنْ زيد ابن أَسْلَمَ فِي ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِهِ هَذَا فَطَائِفَةٌ قَالَتْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ وقالت طائفة أخرى عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَعْمَرٌ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ أَبُو غَسَّانَ وَغَيْرُهُمْ (وَمَا أَظُنُّ هَذَا الِاضْطِرَابَ جَاءَ إِلَّا مِنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ أَوْ قَالَ يَطْلُعُ مَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا فَإِذَا كَانَتْ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ قَارَنَهَا فَإِذَا دَلَكَتْ أَوْ قَالَ زَالَتْ فَارَقَهَا فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا فَلَا تُصَلُّوا هَذِهِ الثَّلَاثَ سَاعَاتٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي غَسَّانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عن الصُّنَابِحِيِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوُضُوءِ وَفَضْلِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عن سعيد

ابن ابي هلال عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّلَاثِ سَاعَاتٍ وَالصَّوَابُ عِنْدَهُمْ قَوْلُ مَنْ قَالَ فِيهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ وَرَوَى زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ (عَبْدِ اللَّهِ) الصُّنَابِحِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَهَذَا خَطَأٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصُّنَابِحِيُّ لَمْ يَلْقَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ (إِذَا خَالَفَهُ غَيْرُهُ) (وَقَدْ صَحَّفَ فَجَعَلَ كُنْيَتَهُ اسْمَهُ وَكَذَلِكَ فَعَلَ كُلُّ مَنْ قَالَ فِيهِ عَبْدَ اللَّهِ لِأَنَّهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ قَالَ فِيهِ الصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامَ عَنْ الْحَرْثِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّنَابِحِيِّ فَهَذَا صَحَّفَ أَيْضًا فَجَعَلَ اسْمَهُ كُنْيَتَهُ وَكُلُّ هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ فِيهِ فِي رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى الطَّبَّاعِ وَمَنْ رَوَاهُ كَرِوَايَتِهِمَا عَنْ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِمْ فِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ) وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ يَرْوِي عَنْهُ الْمَدَنِيُّونَ يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ لَهُ صُحْبَةٌ وَأَصَحُّ مِنْ هَذَا عَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ سُئِلَ عن أحاديث الصناحبي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُرْسَلَةٌ لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ صَدَقَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ لَيْسَ فِي الصَّحَابَةِ أَحَدٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ وَإِنَّمَا فِي الصَّحَابَةِ الصُّنَابِحُ الْأَحْمَسِيُّ وَهُوَ الصُّنَابِحُ بْنُ الْأَعْسَرِ كُوفِيٌّ رَوَى عَنْهُ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ أَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُهُ فِي الْحَوْضِ وَلَا فِي التَّابِعِينَ أَيْضًا أَحَدٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ فَهَذَا أَصَحُّ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِأَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيَّ مَشْهُورٌ فِي التَّابِعِينَ كَبِيرٌ مِنْ كُبَرَائِهِمْ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عسيلة وهو جليل كان عبادة ابن الصَّامِتِ كَثِيرَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَالْعَلَاءُ بْنُ هَارُونَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ كُنَّا عند عبادة بن الصامت نعوده إذا جَاءَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ فَلَمَّا رَآهُ عُبَادَةُ قَالَ لَئِنْ شُفِّعْتُ لَأَشْفَعَنَّ لَكَ وَلَئِنْ قَدَرْتُ لَأَنْفَعَنَّكَ وَلَئِنْ سُئِلْتُ لَأَشْهَدَنَّ لَكَ ثُمَّ قَالَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ كإنه رفع فوق سبع سموات ثم رد فعمل على ما رأى فينظر إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الصُّنَابِحِيَّ

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَبَكَيْتُ فَقَالَ مهلا لم تبكي فوالله لئن اسشتهدت لَأَشْهَدَنَّ لَكَ وَذَكَرَ نَحْوَهُ وَحَدِيثُ ضَمْرَةَ أَتَمُّ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ مَتَى هَاجَرْتَ قَالَ خَرَجْنَا مِنَ الْيَمَنِ مُهَاجِرِينَ فَقَدِمْنَا الجحفة فأقبل راكب قلت الْخَبَرُ فَقَالَ دَفَنَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ خَمْسٍ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مرثد ابن عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُسَيْلَةَ قَالَ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ وَفَاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا خَمْسُ لَيَالٍ تُوُفِّيَ وَأَنَا بِالْجُحْفَةِ فَقَدِمْتُ وَأَصْحَابُهُ مُتَوَافِرُونَ فَسَأَلْتُ بِلَالًا عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَالَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِمَ الصُّنَابِحِيُّ هَذَا يَوْمَئِذٍ الْمَدِينَةَ فَصَلَّى وَرَاءَ أَبِي بكر

الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَغْرِبَ فَسَمِعَهُ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ بَعْدَ أُمِّ الْقُرْآنِ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي تَابِعِي أَهْلِ الشَّامِ وَبِهَا تُوُفِّيَ وَأَحَادِيثُهُ الَّتِي فِي الْمُوَطَّأِ مَشْهُورَةٌ جَاءَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى مِنْ حَدِيثِ أَهْلِ الشَّامِ وَمِمَّنْ رَوَاهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ وَأَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ وَمُرَّةُ بْنُ كَعْبٍ الْبَهْزِيُّ وَقِيلَ كَعْبُ بْنُ مُرَّةَ وَسَنَذْكُرُهَا فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى شَرْطِنَا فِي تَوْصِيلِ الْمُرْسَلَاتِ وَبِاللَّهِ الْعَوْنُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هذا الْحَدِيثِ إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ تَطْلُعُ عَلَى قَرْنِ الشَّيْطَانِ وَتَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ وَنَحْوُ هَذَا فَإِنَّ لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ اللَّفْظَ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنَّهَا تَغْرُبُ وَتَطْلُعُ عَلَى قَرْنِ شَيْطَانٍ وَعَلَى رَأْسِ شَيْطَانٍ وَبَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ حَقِيقَةً لا مجازا من غير تَكَيَّفَ لِأَنَّهُ لَا يُكَيَّفُ مَا لَا يُرَى وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ بِمَا أَخْبَرَنَا عبد الله بن محمد ابن يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرْنَا أَبُو الْفَتْحِ الْفَارِسِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ بِمِصْرَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْنَا أَبُو الْفَتْحِ بِإِجَازَةِ مَا رَوَاهُ وَأَبَاحَ لَنَا أَنْ نُحَدِّثَ عَنْهُ وَكَتَبَ ذَلِكَ بِخَطِّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا محمد بن القاسم ابن بَشَّارٍ النَّحْوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَفِيفٍ الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَرَأَيْتَ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ آمَنَ شِعْرُهُ وَكَفَرَ قَلْبُهُ قَالَ هُوَ حَقٌّ فَمَا أَنْكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ قُلْتُ أَنْكَرْنَا قَوْلَهُ ... وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ ... حَمْرَاءَ يُصْبِحُ لونها يتورد

لَيْسَتْ بِطَالِعَةٍ لَهُمْ فِي رِسْلِهَا ... ... إِلَّا مُعَذَّبَةً وَإِلَّا تُجْلَدُ ... ... ... ... فَمَا بَالُ الشَّمْسِ تُجْلَدُ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَطُّ حَتَّى يَنْخُسَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فَيَقُولُونَ لَهَا اطْلَعِي اطْلَعِي فَتَقُولُ لَا أَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ يَعْبُدُونَنِي مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَأْتِيهَا مَلَكٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى يَأْمُرُهَا بِالطُّلُوعِ فَتَطْلُعُ لِضِيَاءِ بَنِي آدَمَ فَيَأْتِيهَا شَيْطَانٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّهَا عَنِ الطُّلُوعِ فَتَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْهِ فَيَحْرِقُهُ اللَّهُ بِحَرِّهَا وَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَطُّ إِلَّا خَرَّتْ لِلَّهِ سَاجِدَةً فَيَأْتِيهَا شَيْطَانٌ فَيُرِيدُ أَنْ يَصُدَّهَا عَنِ السُّجُودِ فَتَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْهِ فَيَحْرِقُهُ اللَّهُ تَعَالَى تَحْتَهَا وَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا طَلَعَتْ إِلَّا بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَلَا غَرَبَتْ إِلَّا بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَّقَ أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ فِي بَيْتَيْنِ مِنْ شِعْرِهِ قَالَ ... رجل وثور تحت رجل يمينه ... والسحر لِلْأُخْرَى وَلَيْثٌ مُرَصَّدُ ... فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ قَالَ ... وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ ... حَمْرَاءَ يُصْبِحُ لَوْنُهَا يَتَوَرَّدُ ... تَأْبَى فَمَا تَطْلُعُ لَهُمْ فِي رِسْلِهَا إِلَّا مُعَذَّبَةً وَإِلَّا تُجْلَدُ ... ... ... ... فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ (وَذَكَرَ أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ ابن عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ أَحَدُهُمْ عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ وَالثَّانِي عَلَى صُورَةِ ثَوْرٍ وَالثَّالِثُ عَلَى صُورَةِ نَسْرٍ وَالرَّابِعُ عَلَى صُورَةِ أَسَدٍ) وَحَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا إبراهيم ابن مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهَبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ

عَنْ سِمَاكٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا تُصَلُّوا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ أَوْ عَلَى قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَتَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ أَوْ عَلَى قَرْنَيْ شَيْطَانٍ شَكَّ شُعْبَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ سُئِلَ عَنْ تَأْوِيلِ حَدِيثِ زَيْدِ ابن أَسْلَمَ هَذَا فَقَالَ مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْطَانِ قَرْنٌ يُظْهِرُهُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَمَا صَنَعَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي جَوَابِهِ هَذَا شَيْئًا وَأَظُنُّهُ أَشَارَ إِلَى نَحْوِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ مِنْ حَمْلِ الْكَلَامِ عَلَى حَقِيقَتِهِ دُونَ مَجَازِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ عِنْدَنَا حَمْلُهُ عَلَى مَجَازِ اللَّفْظِ وَاسْتِعَارَةِ الْقَوْلِ وَاتِّسَاعِ الْكَلَامِ وَقَالُوا أَرَادَ بِذِكْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرْنَ الشَّيْطَانِ أُمَّةً تَعْبُدُ الشمس

وَتَسْجُدُ لَهَا وَتُصَلِّي فِي حِينِ طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ التَّشَبُّهَ بِالْكُفَّارِ وَيُحِبُّ مُخَالَفَتَهُمْ وَبِذَلِكَ وَرَدَتْ سُنَّتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَفْصِلَ دِينَهُ مِنْ دِينِهِمْ إِذْ هُمْ أَوْلِيَاءُ الشَّيْطَانِ وَحِزْبُهُ فَنَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ لِذَلِكَ وَهَذَا التَّأْوِيلُ جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ مَعْرُوفٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ لِأَنَّ الْأُمَّةَ تُسَمَّى عِنْدَهُمْ قَرْنًا وَالْأُمَمُ قُرُونًا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذلك كثيرا وقال وكم أهلكنا قبلهم من قرن وَقَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِحٍ الدِّمَشْقِيُّ بمصر قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ عَنْ

خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ أَنَّهُ رَأَى ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ يَقُصُّ فَلَمَّا رَجَعَ اتَّزَرَ وَأَخَذَ السَّوْطَ وَقَالَ أَمَعَ الْعَمَالِقَةِ أَنْتَ هَذَا قَرْنٌ قَدْ طَلَعَ فَهَذَا خَبَّابٌ قَدْ سَمَّى الْقَصَّاصَ قَرْنًا طَالِعًا إِنْكَارًا مِنْهُ لِلْقَصَصِ وَخَبَّابٌ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَهُمْ أَهْلُ الْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ خَبَّابٌ لِأَنَّ الْقَصَصَ أَحْدَثُ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهُ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُنْكِرُهُ وَيَقُولُ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَلَا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ وَلَا عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ وَإِنَّمَا كَانَتِ الْقَصَصُ حِينَ كَانَتِ الْفِتْنَةُ وَجَائِزٌ أَنْ يُضَافَ الْقَرْنُ إِلَى الشَّيْطَانِ لِطَاعَتِهِمْ فِي ذَلِكَ لشيطان وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ الْكُفَّارَ حِزْبَ الشَّيْطَانِ وَهَذَا أَعْرَفُ فِي اللُّغَةِ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ فِيهِ إِلَى إِكْثَارٍ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا التَّأْوِيلِ ما أخبرناه أبو عبد الله عبيد ابن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ مَسْرُورٍ) قَالَ حدثنا

عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ الْخَبَائِرِيِّ وَضَمْرَةَ بْنِ حبيب وأبي طلحة نعيم ابن زِيَادٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَبَسَةَ السُّلَمِيَّ يَقُولُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَهُوَ نَازِلٌ بِعُكَاظَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ مَعَكَ فِي هَذَا الْأَمْرِ قَالَ مَعِي رَجُلَانِ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ قَالَ فَأَسْلَمْتُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي رُبْعَ الْإِسْلَامِ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْكُثُ مَعَكَ أَمْ أَلْحَقُ بِقَوْمِي فَقَالَ بَلِ الحق بقومك فيوشك أن يفيء اللَّهُ بِمَنْ تَرَى إِلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَتَيْتُهُ قُبَيْلَ فَتْحِ مَكَّةَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ أُحِبُّ أَنْ أَسْأَلَكَ عَمَّا تَعْلَمُ وَأَجْهَلُ وَعَمَّا يَنْفَعُنِي ولا يضرك فقال يا عمرو ابن عَبَسَةَ إِنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ تَرَى وَلَنْ تَسْأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُكَ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلْ مِنْ سَاعَةٍ أَقْرَبُ مِنْ أُخْرَى أَوْ سَاعَةٍ يتقي ذكرها قال نعم إن أقرب ما يكون الرب من الدعاء جوف اللليل

الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ وَهِيَ سَاعَةُ صَلَاةِ الْكُفَّارِ فَدَعِ الصَّلَاةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ قَدْرَ رُمْحٍ وَيَذْهَبَ شُعَاعُهَا ثُمَّ الصَّلَاةُ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى تَعْتَدِلَ الشَّمْسُ اعْتِدَالَ الرُّمْحِ نِصْفَ النَّهَارِ فَإِنَّهَا سَاعَةٌ تفتح فيها أبواب جهنم وتسجر فدع الصلاة حَتَّى يَفِيءَ الْفَيْءُ ثُمَّ الصَّلَاةُ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ وَهِيَ سَاعَةُ صَلَاةِ الْكُفَّارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا فِي هَذَا فَكَيْفَ فِي الْوُضُوءِ قَالَ أَمَّا الْوُضُوءُ فَإِنَّكَ إِذَا تَوَضَّأْتَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ أَخْبَرْنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ الْكَلْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرْنَا جَرِيرُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِعُكَاظَ قُلْتُ مَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ قَالَ حُرٌّ وَعَبْدٌ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ ثُمَّ قَالَ فَارْجِعْ حَتَّى يُمَكِّنَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ فَقَالَ فَأَتَيْتُهُ بَعْدُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ شَيْئًا تَعْلَمُهُ وَأَجْهَلُهُ لَا يَضُرُّكَ وَيَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ هَلْ مِنْ سَاعَةٍ أَفْضَلُ مِنْ سَاعَةٍ وَهَلْ مِنْ سَاعَةٍ لَا يُصَلَّى فِيهَا قَالَ لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ

إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَنْزِلُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَيَغْفِرُ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الشِّرْكِ والبغي والصلاة مشهودة فصل حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتْ فَأَقْصِرْ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ عَلَى قَرْنِ شَيْطَانٍ وَهِيَ صَلَاةُ الْكُفَّارِ حَتَّى تَرْتَفِعَ فَإِذَا اسْتَقَلَّتِ الشَّمْسُ فَصَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَعْتَدِلَ النَّهَارُ فَإِذَا اعْتَدَلَ النَّهَارُ فَأَقْصِرْ (عَنِ الصَّلَاةِ) فَإِنَّهَا سَاعَةٌ تسجر فيها جهنم حتى يفي الْفَيْءُ فَإِذَا أَفَاءَ الْفَيْءُ فَصَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى تَدْنُوَ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ فَإِذَا تَدَلَّتْ فَأَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَغِيبُ عَلَى قَرْنِ شَيْطَانٍ وَهِيَ صَلَاةُ الْكُفَّارِ قَالَ أَبُو عمر فقد قال في هذا الحديث عند طُلُوعُ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا هِيَ صَلَاةُ الْكُفَّارِ وفي غير هذا الاسناد في هذا الحديث ويصلي لَهَا الْكُفَّارُ وَفِي غَيْرِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا هِيَ سَاعَةُ صَلَاةِ الْكُفَّارِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ كُلُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ قَدْ رُوِيَتْ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ هَذَا وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ الشَّامِيِّينَ رَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ الْبَاهِلِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مِنْهُمْ أَبُو سَلَامٍ الْحَبَشِيُّ وَقَدْ سَمِعَهُ أَبُو سَلَامٍ أَيْضًا مِنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ وَسَمِعَهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ يَزِيدُ بْنُ طَلْقٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ حَدِيثٌ طَوِيلٌ فِي إِسْلَامِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ فِيهِ مَعَانِي حَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ فِي النَّهْي عَنِ الصَّلَاةِ فِي ثَلَاثِ

سَاعَاتٍ وَفِي فَضْلِ الْوُضُوءِ جَمِيعًا وَسَنَذْكُرُهُ بِتَمَامِهِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْتَصَرًا حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ قَالَ حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا علي ابن (مَعْبَدِ بْنِ شَدَّادٍ) قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُصَلُّوا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَكُلُّ كَافِرٍ يَسْجُدُ لَهَا (وَلَا تُصَلُّوا عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَكُلُّ كَافِرٍ يَسْجُدُ لَهَا وَلَا تُصَلُّوا وَسَطَ النَّهَارِ فَإِنَّ جَهَنَّمَ تُسْجَرُ عِنْدَ ذَلِكَ

وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي ظَاهِرِهَا حُجَّةٌ لِلْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِقَوْلِهِ فِيهَا بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَأْوِيلِهِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ نَهْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا صَحِيحٌ غَيْرُ مَنْسُوخٍ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ (وَمَعْنَاهُ) فَقَالَ عُلَمَاءُ الْحِجَازِ مَعْنَاهُ الْمَنْعُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ دُونَ الْفَرِيضَةِ هَذِهِ جُمْلَةُ قَوْلِهِمْ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ كُلُّ صَلَاةِ فريضة أو نافلة او جنازة فلا تصلي ذَلِكَ الْوَقْتَ لَا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ الْغُرُوبِ وَلَا عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَخُصَّ نَافِلَةً مِنْ فَرِيضَةٍ إِلَّا عَصْرَ يَوْمِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ وَقَدْ مَضَى الرَّدُّ عَلَيْهِمْ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ مُمَهَّدًا مبسوطا بِمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ إن شاء الله ونذكر ها هنا أَقَاوِيلَ الْفُقَهَاءِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ لِأَنَّهُ أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِمَا فِي ذَلِكَ وَبِاللَّهِ الْعَوْنُ فَأَمَّا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فَلَا بَأْسَ عِنْدَهُمْ بِالصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ لَا أَكْرَهُ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ إِذَا اسْتَوَتِ الشَّمْسُ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ لَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَا فِي غيره

وَلَا أَعْرِفُ هَذَا النَّهْيَ وَمَا أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْفَضْلِ إِلَّا وَهُمْ يَجْتَهِدُونَ وَيُصَلُّونَ نِصْفَ النَّهَارِ فَقَدْ أَبَانَ مَالِكٌ حُجَّتَهُ فِي مَذْهَبِهِ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفِ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ وَسَطَ النَّهَارِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا أَكْرَهُ التَّطَوُّعَ نِصْفَ النَّهَارِ إِذَا اسْتَوَتِ الشَّمْسُ وَلَا أُحِبُّهُ وَمَحْمَلُ هَذَا عِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ لِأَنَّهُ قَدْ رَوَاهُ أَوْ صَحَّ عِنْدَهُ وَنَسَخَ مِنْهُ وَاسْتَثْنَى الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُصَلُّونَ حَتَّى يَخْرُجَ عُمَرُ فَإِذَا خَرَجَ عُمَرُ وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ حَتَّى إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ وَقَامَ عُمَرُ سَكَتُوا فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ وَخُرُوجُ عُمَرَ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ بِدَلِيلِ حديث طنفسة عقيل

ابن أَبِي طَالِبٍ وَإِذَا كَانَ خُرُوجُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدْ كَانُوا يُصَلُّونَ إِلَى أَنْ يَخْرُجَ فَقَدْ كَانُوا يُصَلُّونَ وَقْتَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَغَيْرُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ فِي أَثَرٍ وَلَا نَظَرٍ وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا الْحَسَنُ وَطَاوُسٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ لَا بَأْسَ بِالتَّطَوُّعِ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَهْلِ الشَّامِ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ هَذَا مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بن محمد عن إسحق بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَالَ وَخَبَّرَ ثَعْلَبَةُ عَنْ عَامَّةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِ الْهِجْرَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كأنه يقول النهي عن الصلاة عند اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ صَحِيحٌ وَخَصَّ مِنْهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِمَا رُوِيَ مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي لَا يَكُونُ مِثْلُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَبِالْخَبَرِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا وَبَقِيَ سَائِرُ الْأَيَّامِ مَوْقُوفَةً عَلَى النَّهْيِ

وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ الشَّافِعِيُّ هَذَا الْخَبَرَ هُوَ ابْنُ أَبِي يَحْيَى الْمَدَنِيُّ متروك الحديث وإسحق بَعْدَهُ فِي الْإِسْنَادِ وَهُوَ ابْنُ أَبِي فَرْوَةَ ضَعِيفٌ أَيْضًا فَكَأَنَّهُ إِنَّمَا يَقْوَى عِنْدَهُ هَذَا الْخَبَرُ بِمَا رُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي زَمَنِ عُمَرَ مِنَ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابن سُلَيْمَانَ بْنِ عُمَرَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو اللَّيْثِ (نَصْرُ بْنُ الْقَاسِمِ الْفَرَائِضِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إسحق (1) بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) قَالَ حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الصلاة تُكْرَهُ نِصْفَ النَّهَارِ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ جَهَنَّمَ تُسْجَرُ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْهُمْ مَنْ يُوقِفُهُ

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أصبغ قال حدثنا إسمعيل بن إسحاق قال حدثنا إسحق بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ النِّدَاءُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ حَتَّى كَانَ عُثْمَانَ فَكَثُرَ النَّاسُ وَاسْتَبْعَدَتِ الْبُيُوتُ فَزَادَ النِّدَاءُ الثَّانِي فَلَمْ يَعِيبُوهُ قَالَ السَّائِبُ وَكَانَ عُمَرُ إِذَا خَرَجَ تَرَكَ النَّاسُ الصَّلَاةَ وَجَلَسُوا فَإِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ صَمَتُوا وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ فِي الصَّيْفِ وَيُبِيحُ ذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ نِصْفَ النَّهَارِ فِي شِتَاءٍ وَلَا صَيْفٍ وَكَرِهُوا ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنْ تُصَلَّى فَرِيضَةٌ وَلَا عَلَى جِنَازَةٍ وَلَا شَيْءٌ مِنَ الصَّلَوَاتِ لَا فَائِتَةً مَذْكُورَةً وَلَا غَيْرَهَا وَلَا نَافِلَةً عِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ نصف النهار

وَالْحُجَّةُ لِمَنْ قَالَ بِقَوْلِ الْعِرَاقِيِّينَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ الصُّنَابِحِيِّ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وحديث عمرو بن عبسة وحديث عقبة بن عَامِرٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا الليث ابن سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو يَحْيَى سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ وَضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ وَأَبُو طَلْحَةَ نُعَيْمُ بْنُ زِيَادٍ قَالُوا سَمِعْنَا أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَبَسَةَ يَقُولُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ مِنْ سَاعَةٍ أَقْرَبُ مِنَ الْأُخْرَى وَهَلْ سَاعَةٍ يُتَّقَى ذِكْرُهَا قَالَ

نَعَمْ إِنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ الْعَبْدِ جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَهِيَ سَاعَةُ صَلَاةِ الْكُفَّارِ فَدَعِ الصَّلَاةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قَيْدَ رُمْحٍ وَيَذْهَبَ شُعَاعُهَا ثُمَّ الصَّلَاةُ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تَعْتَدِلَ الشَّمْسُ اعْتِدَالَ الرُّمْحِ نصف النهار فإنها ساعة تفتح فيها أبواب جَهَنَّمَ وَتُسْجَرُ فَدَعِ الصَّلَاةَ حَتَّى يَفِيءَ الْفَيْءُ ثُمَّ الصَّلَاةُ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ فَإِنَّهَا تَغِيبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَهِيَ صَلَاةُ الْكُفَّارِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بن عبسة هذا النهي عن الصلاة عن طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ اسْتِوَائِهَا وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَفِيهِ إِبَاحَةُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَبَعْدَ زَوَالِهَا إِلَى الْغُرُوبِ وَتَدَبَّرْهُ تَجِدْهُ كَمَا ذَكَرْتُ لَكَ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَطُرُقُهُ كَثِيرَةٌ حِسَانٌ شَامِيَّةٌ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ الصَّلَاةُ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى تَغِيبَ الشمس قد خلافه فِيهِ غَيْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ ثُمَّ الصَّلَاةُ مَشْهُودَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ حَتَّى يُصَلَّى الْعَصْرُ وَهَذَا أَشْبَهُ بِالسُّنَنِ الْمَأْثُورَةِ فِي ذَلِكَ

وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا حَتَّى تَكُونَ الشَّمْسُ قَدْ دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَيْدَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي الصَّلَاةِ النَّافِلَةِ وَالْفَجْرَ وَالْعَصْرَ وَمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ فِي هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المؤمن قال حدثنا محمد ابن بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا موسى بن إسمعيل أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ طَلْقٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جعفر حدثهم عن شعبة عن يصلى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ طَلْقٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ وَهَذَا لَفْظُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْلَمَ مَعَكَ قَالَ حُرٌّ وَعَبْدٌ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَبِلَالًا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي مِمَّا تَعْلَمُ وَأَجْهَلُ هَلْ مِنَ السَّاعَاتِ سَاعَةٌ أَفْضَلَ مِنْ أُخْرَى قَالَ نَعَمْ صَلِّ مِنَ اللَّيْلِ الْآخِرِ وَفِي حَدِيثِ شُعْبَةَ قَالَ نَعَمْ جوف االليل فَصَلِّ مَا بَدَا لَكَ حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ وَفِي حَدِيثِ حَمَّادٍ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ ثُمَّ انْتَهِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَمَا دَامَتْ مِثْلَ الْحَجَفَةِ حَتَّى تَسْتَقِرَّ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَيَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ

ثُمَّ صَلِّ مَا بَدَا لَكَ فَإِنَّهَا مَشْهُودَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ حَتَّى يَسْتَوِيَ الْعَمُودُ عَلَى ظِلِّهِ فَإِنَّهَا سَاعَةٌ تُسْجَرُ فِيهَا الْجَحِيمُ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَلِّ فَإِنَّهَا مَشْهُودَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ ثُمَّ انْتَهِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَيَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الْبَهْزِيِّ مَعْنَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ هَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ الْبَهْزِيِّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرِ ثُمَّ الصَّلَاةُ مَقْبُولَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْفَجْرَ ثُمَّ لَا صَلَاةَ حَتَّى تَكُونَ الشَّمْسُ قَيْدَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ ثُمَّ الصَّلَاةُ مَقْبُولَةٌ حَتَّى يَقُومَ الظِّلُّ قِيَامَ الرُّمْحِ ثُمَّ لَا صَلَاةَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ ثُمَّ الصَّلَاةُ مَقْبُولَةٌ حَتَّى تَكُونَ الشَّمْسُ قَدْ دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَيْدَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ وَذَكَرَ فَضْلَ الْوُضُوءِ أَيْضًا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحَادِيثُ هَذَا الْبَابِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ كُلُّهَا وَحَدِيثُ الْبَهْزِيِّ إِنَّمَا فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى صَلَاةِ التَّطَوُّعِ لَا الْفَرَائِضِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ يُعْجِبُنِي أَنْ تَتَوَقَّاهَا

فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيثَ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيَّ كُنَّا نُصَلِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَخْرُجَ عُمَرُ قُلْتُ لَهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ فَقَالَ لَيْسَ فِي هَذَا بَيَانٌ إِنَّمَا جَاءَ الْكَلَامُ مُجْمَلًا كُنَّا نُصَلِّي ثُمَّ قَالَ لَا وَلَكِنَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ إِنَّمَا نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ الْغُرُوبِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ والصُّنَابِحِيِّ وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ أَرَى أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَامُوا فَصَلُّوا أَرْبَعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ أَقْوَى مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَبْيَنُ وَحَدِيثُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ مِثْلُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ حَدَّثَنَا الليث عن موسى ابن عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نصلي

فِيهَا أَوْ نَقْبُرَ فِيهَا مَوْتَانَا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَتَّى تَبْيَضَّ وَعِنْدَ انْتِصَافِ النَّهَارِ حَتَّى تَزُولَ وَعِنْدَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ وَإِضَافَتُهَا حَتَّى تَغِيبَ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيِّ الْمِصْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قَالَ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ وَحِينَ تُضِيفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُوِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ يَقُولُ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهَا أَوْ نَقْبُرَ فِيهَا مَوْتَانَا حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ فَذَكَرَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ كُنَّا نَنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ يَتَّقُونَ ذَلِكَ وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ أَيْضًا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ فَإِذَا اصْفَرَّتْ لَمْ يُصَلَّ عَلَى الْجِنَازَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يُخَافُ عَلَيْهَا فَيُصَلَّى عَلَيْهَا حِينَئِذٍ وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ مَا لَمْ يُسْفِرْ فَإِذَا أَسْفَرَ فَلَا تُصَلُّوا عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ تَخَافُوا عَلَيْهَا هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَائِزِ جَائِزَةٌ فِي سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَلَا خِلَافَ (فِي ذَلِكَ) عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إِنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَائِزِ وَدَفْنَهَا نِصْفَ النَّهَارِ جَائِزَةٌ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يُصَلَّى عَلَى الْجَنَائِزِ إِلَّا فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا نِصْفَ النَّهَارِ وَحِينَ تَغِيبُ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشمس

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يُصَلَّى عَلَى الْجَنَائِزِ عِنْدَ الطُّلُوعِ وَلَا عِنْدَ الْغُرُوبِ وَلَا نِصْفَ النَّهَارِ وَيُصَلَّى عَلَيْهَا فِي غَيْرِهَا مِنَ الْأَوْقَاتِ وَقَالَ اللَّيْثُ لَا يُصَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُصَلَّى عَلَيْهَا مَا دَامَ فِي مِيقَاتِ الْعَصْرِ فَإِذَا ذَهَبَ عَنْهُمْ مِيقَاتُ الْعَصْرِ لَمْ يُصَلُّوا عَلَيْهَا حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُصَلَّى عَلَى الْجَنَائِزِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَالنَّهْيُ عِنْدَهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ إِنَّمَا هو عن النوافل المبتدئات وَالتَّطَوُّعِ وَأَمَّا عَنْ صَلَاةِ فَرِيضَةٍ أَوْ صَلَاةِ سُنَّةٍ فَلَا لِدَلَائِلَ مِنَ الْأَثَرِ سَأَذْكُرُهَا فِي كِتَابِي هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث التاسع

حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِثْلُ الَّذِي قبله مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ الله الصنابحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ العبد المؤمن فَمَضْمَضَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ فَإِذَا اسْتَنْثَرَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ أَنْفِهِ فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ وَجْهِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَشْفَارِ عَيْنَيْهِ فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ يَدَيْهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ يَدَيْهِ فَإِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رِجْلَيْهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ رِجْلَيْهِ ثُمَّ كَانَ مَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَصَلَاتُهُ نَافِلَةً لَهُ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الصُّنَابِحِيِّ وَفِيمَنْ دُونَهُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ أَبُو عِيسَى بْنُ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ التِّرْمِذِيُّ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ محمد بن إسمعيل البخاري عن حديث مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ

ابن أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ الله الصنابحي أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ فَمَضْمَضَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ الْحَدِيثَ فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَهَمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحيُّ وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحيِّ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْحَدِيثُ مُرْسَلٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَسْتَنِدُ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ حِسَانٍ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ وَغَيْرِهِ وَسَنَذْكُرُهَا فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِنَّ الْوُضُوءَ مَسْنُونَهُ وَمَفْرُوضَهُ جَاءَ فِيهِ مَجِيئًا وَاحِدًا وَإِنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُؤمِنِ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِذَا أَرَادَ الصلاة إأ يَأْتِيَ بِمَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَقْصُرُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَإِنْ قَصَرَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ كَانَ لِلْمُفْتَرِضِ حِينَئِذٍ حُكْمٌ وَلِلْمَسْنُونِ حُكْمٌ إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ غَسْلَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَمَسْحَ الرَّأْسِ فَرْضٌ ذَلِكَ كُلُّهُ لِأَمْرِ اللَّهِ بِهِ فِي كِتَابِهِ الْمُسْلِمَ عِنْدَ قِيَامِهِ إِلَى الصَّلَاةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَوَضِّئًا لَا خِلَافَ عَلِمْتَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا فِي مَسْحِ الرِّجْلَيْنِ وَغَسْلِهِمَا عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي بَلَاغَاتِ مَالِكٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْثَارِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ فَرَضٌ وَقَالَ آخَرُونَ ذَلِكَ سُنَّةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْمَضْمَضَةُ سُنَّةٌ وَالِاسْتِنْثَارُ فَرْضٌ وَلَيْسَ فِي مُسْنَدِ حَدِيثِ (الْمُوَطَّأِ ذِكْرُ الْمَضْمَضَةِ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي حَدِيثِ) عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ فِي صِفَةِ وَضَوْءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فِي الْمُوَطَّأِ ذِكْرُ الْأُذُنَيْنِ فِي الْوُضُوءِ فِي حَدِيثٍ مُسْنَدٍ إِلَّا فِي حَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ هَذَا وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنَ الرَّأْسِ وَأَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ مَعَ الرَّأْسِ بِحَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ هَذَا لِقَوْلِهِ فِيهِ فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ أُذُنَيْهِ فَنَذْكُرُ أَقَاوِيلَ الْفُقَهَاءِ في ذلك ها هنا وَنُؤَخِّرُ ذِكْرَ الْمِرْفَقَيْنِ إِلَى بَابِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى وَذِكْرَ الْكَعْبَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ من النار ونرجيء ذِكْرَ الْقَوْلِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ إِلَى بَابِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى أَيْضًا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَجَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ الِاسْتِنْثَارِ فَنَذْكُرُهُ أَيْضًا بِعَوْنِ اللَّهِ وَكَذَلِكَ لَا أَعْلَمُ فِي مُسْنَدِ حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ وَمَرْفُوعِهِ مَوْضِعًا أَشْبَهَ بِالْقَوْلِ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ونحن ذاكرو ذلك كله ها هنا ونذكر حكم المضمضمة والاستنثار أيضا ها هنا لِأَنَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَهُوَ حَسْبُنَا لَا شَرِيكَ لَهُ

فَأَمَّا الِاسْتِنْثَارُ وَالِاسْتِنْشَاقُ فَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ مُتَقَارِبٌ إِلَّا أَنَّ أَخْذَ الْمَاءِ بِرِيحِ الْأَنْفِ هُوَ الِاسْتِنْشَاقُ وَالِاسْتِنْثَارُ رَدُّ الْمَاءِ بَعْدَ أَخْذِهِ بِرِيحِ الْأَنْفِ أَيْضًا وَهَذِهِ حَقِيقَةُ اللَّفْظَيْنِ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنَّ الِاسْتِنْثَارَ أَنْ يَجْعَلَ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ وَيَسْتَنْثِرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذَاهِبَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْتَفُونَ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّفْظَتَانِ جَمِيعًا وَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الحديث فإذا استنثر قوله في حديث أبي هريرة إذاتوضأ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْثُرَ وَلْيَنْتَثِرَ أَوْ لِيَسْتَنْثِرَ وَنَحْوَ هَذَا عَلَى مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ وَقَوُلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم

قَالَ اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَمِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال إذاتوضأ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرِهِ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ لِيَنْتَثِرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْآثَارَ بِأَسَانِيدِهَا فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فَاللَّفْظَتَانِ كَمَا تَرَى مَرْوِيَّتَانِ يَتَدَاخَلَانِ وَأَهْلُ الْعِلْمِ يُعَبِّرُونَ بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ عَنِ الثَّانِي اكْتِفَاءً وَعِلْمًا بِالْمُرَادِ فَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي حُكْمِهِمَا فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُمَا يَقُولُونَ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ سُنَّةٌ لَيْسَتَا بِفَرْضٍ لَا فِي الْجَنَابَةِ وَلَا فِي الْوُضُوءِ وَبِذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثُ ابن سَعْدٍ وَقَتَادَةُ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتْبَةَ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ سعيد وقتادة والحكم ابن عُتْبَةَ فَمَنْ تَوَضَّأَ وَتَرَكَهُمَا وَصَلَّى فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ هُمَا فَرْضٌ فِي الْجَنَابَةِ سُنَّةٌ فِي الْوُضُوءِ فَإِنْ تَرَكَهُمَا فِي غُسْلِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَصَلَّى أَعَادَ كَمَنْ تَرَكَ لُمْعَةً وَمَنْ تَرَكَهُمَا فِي وُضُوئِهِ (وَصَلَّى) فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ هُمَا فَرْضٌ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ جَمِيعًا وَرَوَى الزُّهْرِيُّ وَعَطَاءٌ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا وَرُوِيَ عَنْهُمَا مِثْلُ

قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ دَاوُدَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُمَا فَرْضٌ (فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ جَمِيعًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمَضْمَضَةَ سُنَّةٌ وَالِاسْتِنْشَاقُ فَرْضٌ) وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَنْ دَاوُدَ وَأَصْحَابِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ إِنَّ الْمَضْمَضَةَ سُنَّةٌ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَاجِبٌ قَالَا فَمَنْ تَرَكَ الِاسْتِنْشَاقَ وَصَلَّى أَعَادَ وَمَنْ ترك المضمضة لم يعد وكذلك القول عند أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةٍ وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ دَاوُدَ وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يُوجِبْهُمَا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَذْكُرْهُمَا فِي كِتَابِهِ وَلَا أَوْجَبَهُمَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَيْهِ وَالْفَرَائِضُ لَا تَثْبُتُ إِلَّا مِنْ هذه الوجوه وحجة ن أَوْجَبَهُمَا فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ دُونَ الْوُضُوءِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ فَبِلُّوا

الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشْرَةَ وَفِي الْأَنْفِ مَا فِيهِ مِنَ الشَّعْرِ وَأَنَّهُ لَا يُوصَلُ إِلَى غَسْلِ الْأَسْنَانِ وَالشَّفَتَيْنِ إِلَّا بِالْمَضْمَضَةِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَالْفَمُ يَزْنِي وَنَحْوُ هَذَا إِلَى أَشْيَاءَ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَحُجَّةُ مَنْ أَوْجَبَهُمَا فِي الْوُضُوءِ وَفِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا كَمَا قَالَ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ فَمَا وَجَبَ فِي الْوَاحِدِ مِنَ الْغُسْلِ وَجَبَ فِي الْآخَرِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ أَنَّهُ تَرَكَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فِي وُضُوئِهِ وَلَا فِي غُسْلِهِ لِلْجَنَابَةِ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُرَادَهُ قَوْلًا وَعَمَلًا وَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ مِنْ مُرَادِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ اغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ مَعَ غَسْلِ سَائِرِ الْوَجْهِ وَحُجَّةُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ الْمَضْمَضَةَ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهَا وَأَفْعَالُهُ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَفَعَلَ الِاسْتِنْثَارَ وَأَمَرَ بِهِ وَأَمْرُهُ عَلَى الْوُجُوبِ أَبَدًا إِلَّا أَنْ تَبَيَّنَ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ مُرَادِهِ وَهَذَا عَلَى أُصُولِهِمْ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ الْأُذُنَيْنِ فِي الطَّهَارَةِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَغَيْرُهُمْ الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يَسْتَأْنِفُ لَهُمَا مَاءٌ جَدِيدٌ سِوَى الْمَاءِ الَّذِي يَمْسَحُ بِهِ الرَّأْسَ فَوَافَقَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ يَمْسَحُ الْأُذُنَيْنِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَلَكِنَّهُ قَالَ هُمَا سُنَّةٌ عَلَى حِيَالِهِمَا لَا مِنَ الْوَجْهِ وَلَا مِنَ الرَّأْسِ وَقَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَقَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ

فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ فِي قَوْلِهِ الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ وَفِي أَنَّهُمَا يَسْتَأْنِفُ لَهُمَا مَاءٌ جَدِيدٌ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْأُذُنَانِ (مِنَ الرَّأْسِ يُمْسَحَانِ مَعَ الرَّأْسِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ مِثْلَ ذَلِكَ الْقَوْلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَقَالَ ابْنُ شهاب الزهري الْأُذُنَانِ) مِنَ الْوَجْهِ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ مَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا مِنَ الْوَجْهِ وَظَاهِرَهُمَا مِنَ الرَّأْسِ وَبِهَذَا القول قال الحسن بن حي وإسحاق ابن رَاهَوَيْهِ إِنَّ بَاطِنَهُمَا مِنَ الْوَجْهِ وَظَاهِرَهُمَا مِنَ الرَّأْسِ وَحَكَيَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا الْقَوْلَ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ رَوَاهُ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ وَالزَّعْفَرَانِيُّ وَالْبُوَيْطِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدِ بْنِ حَنْبَلٍ مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ فِي هَذَا أَيْضًا وَقَالَ دَاوُدُ إِنْ مَسَحَ أُذُنَيْهِ فَحَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ للمتوضيء ترك مسح أذنيه ويجعلونه تارك سُنَّةً مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ولا يوجبون عليه إعادة الا اسحق بْنَ رَاهَوَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ إِنْ تَرَكَ مَسْحَ أُذُنَيْهِ عَامِدًا لَمْ يَجُزْهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِنْ تَرَكَهُمَا عَمْدًا أَحْبَبْتُ أَنْ يُعِيدَ وقد كان بعض أصحاب مالك يقول من

تَرَكَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ أَوِ الصَّلَاةِ عَامِدًا أَعَادَ وَهَذَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ ضَعِيفٌ وَلَيْسَ لِقَائِلِهِ سَلَفٌ وَلَا لَهُ حَظٌّ مِنَ النَّظَرِ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُعْرَفِ الْفَرْضُ الْوَاجِبُ مِنْ غَيْرِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَنْ تَرَكَ مَسْحَ أُذُنَيْهِ فَكَأَنَّهُ تَرَكَ مَسْحَ بَعْضِ رَأْسِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْفَرْضَ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ وإنه يجزئ المتوضيء مَسْحُ بَعْضِهِ وَقَوْلُهُ هَذَا كُلُّهُ لَيْسَ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِ مَالِكٍ الَّذِي يَقْتَدِي بِهِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ فِي بَابِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاحْتَجَّ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَخْذِهِمَا لِلْأُذُنَيْنِ مَاءً جَدِيدًا بِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ إِنَّ الْأُذُنَيْنِ يُمْسَحَانِ مَعَ الرَّأْسِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ حديث زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَعَلَ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ أَيْضًا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ فِي صِفَةِ وَضَوْءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ الرَّبِيعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ وَفِي حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ أُذُنَيْهِ كَمَا قَالَ فِي الْوَجْهِ مِنْ أَشْفَارِ عَيْنَيْهِ وَفِي الْيَدَيْنِ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَمَلَ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ

ابن هرون قَالَ أَخْبَرْنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ ابن خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كُلَّهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَفِيهِ قَالَ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ (ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا) مَسْحَةً وَاحِدَةً وَأَكْثَرُ الْآثَارِ عَلَى هَذَا وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْوُضُوءَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا إِلَّا الرَّأْسَ وَالْأُذُنَيْنِ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِغَسْلِ بَاطِنِهِمَا مَعَ الْوَجْهِ وَبِمَسْحِ ظَاهِرِهِمَا مَعَ الرَّأْسِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمُوَاجَهَةِ فَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ وَجْهٍ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ وَأَمَرَ عَزَّ وَجَلَّ بِمَسْحِ الرَّأْسِ وَمَا لَمْ يُوَاجِهْكَ مِنَ الْأُذُنَيْنِ فَمِنَ الرَّأْسِ لِأَنَّهُمَا فِي الرَّأْسِ فَوَجَبَ الْمَسْحُ عَلَى مَا لَمْ يُوَاجِهْ مِنْهُمَا مع الرأس

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلٌ تَرُدُّهُ الْآثَارُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ ظُهُورَ أُذُنَيْهِ وَبُطُونِهِمَا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالرَّبِيعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ وَغَيْرِهِمْ وَحُجَّةُ ابْنُ شِهَابٍ فِي أَنَّهُمَا مِنَ الْوَجْهِ لِأَنَّ مَا لَمْ يَنْبِتْ عَلَيْهِ الشَّعْرُ فَهُوَ مِنَ الْوَجْهِ لَا مِنَ الرَّأْسِ إِذَا أَدْرَكَتْهُ الْمُوَاجَهَةُ وَلَمْ يَكُنْ قَفًا وَاللَّهُ قَدْ أَمَرَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ أَمْرًا مُطْلَقًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْتَجَّ لَهُ بِحَدِيثِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانٍ فَذَكَرَ صِفَةَ وَضَوْءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا قَالَ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَأَخَذَ مَاءً فَمَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ فَغَسَلَ ظُهُورَهُمَا وَبُطُونَهُمَا وَمِنَ الْحُجَّةِ لَهُ أَيْضًا مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ فَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ فَأَضَافَ السَّمْعَ إِلَى الْوَجْهِ وَهَذَا كَلَامٌ مُحْتَمَلُ التَّأْوِيلِ يُمْكِنُ فِيهِ الِاعْتِرَاضُ

وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ إِنَّ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ سُنَّةٌ عَلَى حِيَالِهَا وَلَيْسَتَا مِنَ الْوَجْهِ وَلَا مِنَ الرَّأْسِ إِجْمَاعُ الْقَائِلِينَ بِإِيجَابِ الِاسْتِيعَابِ فِي مسح الرأس انه ان ترك مسح أذنيه وَصَلَّى لَمْ يُعِدْ فَبَطَلَ قَوْلُهُمْ إِنَّهُمَا مِنَ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ رَأْسِهِ عِنْدَهُمْ لَمْ يُجْزِئْهُ وَإِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ حَلْقُ رَأْسِهِ فِي الْحَجِّ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ مَا عَلَى أُذُنَيْهِ مِنَ الشَّعْرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنَ الرَّأْسِ وَإِنَّ مَسْحَهُمَا سُنَّةٌ عَلَى الِانْفِرَادِ كَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ مِنْهُمَا اعْتِلَالٌ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ تَرَكْتُ ذَلِكَ خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ وَإِنَّ الْغَرَضَ وَالْجُمْلَةَ مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَعْنَى الَّذِي يَجِبُ الْوُقُوفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فِي الْأُذُنَيْنِ أَنَّ الرَّأْسَ قَدْ رَأَيْنَا لَهُ حُكْمَيْنِ فَمَا وَاجَهَ مِنْهُ كَانَ حكمه الغسل ما عَلَا مِنْهُ وَكَانَ مَوْضِعًا لِنَبَاتِ الشَّعْرِ كَانَ حُكْمُهُ الْمَسْحَ وَاخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي الْأُذُنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ هَلْ حُكْمُهُمَا الْمَسْحُ كَحُكْمِ الرَّأْسِ أَوْ حُكْمُهُمَا الْغَسْلُ كَغَسْلِ الْوَجْهِ أَوْ لَهُمَا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمٌ أَوْ هُمَا مِنَ الرَّأْسِ فَيُمْسَحَانِ مَعَهُ فَلَمَّا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ أُذُنَيْهِ (فَأَتَى بِذِكْرِ الْأُذُنَيْنِ مَعَ الرَّأْسِ وَلَمْ يَقُلْ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ أُذُنَيْهِ) عَلِمْنَا أَنَّ الْأُذُنَيْنِ لَيْسَ لَهُمَا

مِنْ حُكْمِ الْوَجْهِ شَيءٌ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُذْكَرَا مَعَهُ وَذُكِرَا مَعَ الرَّأْسِ فَكَانَ حُكْمُهُمَا الْمَسْحُ كَحُكْمِ الرَّأْسِ فَلَيْسَ يَصِحُّ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي إِلَّا مَسْحُهُمَا مَعَ الرَّأْسِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَاسْتِئْنَافُ الْمَاءِ لَهُمَا فِي الْمَسْحِ فَإِنَّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مُحْتَمَلَانِ لِلتَّأْوِيلِ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ أَمَرَ بِغَسْلِهِمَا أَوْ غَسْلِ بَعْضِهِمَا فَلَا مَعْنَى لَهُ وَذَلِكَ مَدْفُوعٌ بِحَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ هَذَا مَعَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْحِهِمَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ مَنْ لَمْ يُجِزْ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ بِحَدِيثِ الصنابحي هذا وقال الماء إذا توضيء بِهِ مَرَّةً خَرَجَتِ الْخَطَايَا مَعَهُ فَوَجَبَ التَّنَزُّهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ مَاءُ الذُّنُوبِ وَهَذَا عِنْدِي لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الذُّنُوبَ لَا تُنَجِّسُ الْمَاءَ لِأَنَّهَا لَا أَشْخَاصَ لَهَا (وَلَا أَجْسَامَ) تُمَازِجُ الْمَاءَ فَتُفْسِدُهُ وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مَعَ الْمَاءِ إِعْلَامٌ مِنْهُ بِأَنَّ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ عَمَلٌ يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ السَّيِّئَاتِ عَنْ عِبَادِهِ المؤمنين رحمة منه بهم وتفضلا عليهم اعلموا بذلك لِيَرْغَبُوا فِي الْعَمَلِ بِهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الوضوء بالماء المستعمل وهو الذي قد توضيء بِهِ مَرَّةً فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ وَمَنْ تَوَضَّأَ بِهِ أَعَادَ أَبَدًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ وَيَتَيَمَّمُ وَاجِدُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِدٍ مَاءً وَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِي ذَلِكَ عَلَى الَّذِينَ أَجَازُوا الْوُضُوءَ بِهِ عِنْدَ عدم غَيْرِهِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَعَ الْمَاءِ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ كُلًّا مَاءٌ كَانَ عِنْدَ عَدَمِهِ أَيْضًا كُلًّا مَاءٌ وَوَجَبَ التَّيَمُّمُ

وَقَالَ بِقَوْلِهِمْ فِي ذَلِكَ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَالَ لَا يَتَوَضَّأُ بِهِ إِذَا وَجَدَ غَيْرَهُ مِنَ الْمَاءِ وَلَا خَيْرَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ تَوَضَّأَ بِهِ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ لِأَنَّهُ مَاءٌ طَاهِرٌ لَمْ يُغَيِّرْهُ شَيْءٌ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ جَائِزٌ لِأَنَّهُ مَاءٌ طَاهِرٌ لَا يَنْضَافُ إِلَيْهِ شَيْءٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُطَهِّرًا لِطَهَارَتِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يُضَافُ إِلَى شَيْءٍ وَهُوَ مَاءٌ مُطْلَقٌ وَاحْتَجُّوا بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى طَهَارَتِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي أعضاء المتوضيء نَجَاسَةٌ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ المروزي محمد ابن نَصْرٍ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْمَاءَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ أحد ولا يسام مِنْ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ عَنِ الثَّوْرِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَأَظُنُّهُ حَكَى عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ هُوَ مَاءُ الذُّنُوبِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَفْتَى مَنْ نَسَى مَسْحَ رَأْسِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ بَلَلِ لِحْيَتِهِ فَيَمْسَحُ بِهِ رَأْسَهُ وَهَذَا وَاضِحٌ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي أُمَامَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَمَكْحُولٍ وَالزُّهْرِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا فِيمَنْ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ فَوَجَدَ فِي لِحْيَتِهِ بَلَلًا أَنَّهُ يُجْزِئُهُ أَنْ يَمْسَحَ بِذَلِكَ الْبَلَلِ رَأْسَهُ فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ أَجَازُوا الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَأَمَّا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ لِمَنْ نَسِيَ مَسْحَ رَأَسِهِ وَوَجَدَ فِي لِحْيَتِهِ بَلَلًا أَنْ يَمْسَحَ رَأْسَهُ بِذَلِكَ الْبَلَلِ وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يُجَزِئْهُ وَكَانَ كَمَنْ لَمْ يَمْسَحْ وَكَانَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِكُلِّ مَا صَلَّى

ذلك الْوُضُوءِ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ مَاءٌ قَدْ أَدَّى بِهِ فرض فَلَا يُؤَدَّى بِهِ فَرْضٌ آخَرَ كَالْجِمَارِ وَشِبْهِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْجِمَارُ مُخْتَلِفٌ فِي ذَلِكَ مِنْهَا وَقَالَ بَعْضُ الْمُنْتَمِينَ إِلَى الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا إِنَّ الْكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ يُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالطَّهَارَةُ وَاحْتَجَّ بِظَاهِرِ حَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ هَذَا وَبِمِثْلِهِ مِنَ الْآثَارِ وَبُقُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا تَرَوْنَ ذَلِكَ يَبْقَى مِنْ ذُنُوبِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَهَذَا جَهْلٌ بَيِّنٌ وَمُوَافَقَةٌ لِلْمُرْجِئَةِ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَكَيْفَ يَجُوزُ لِذِي لُبٍّ أَنْ يَحْمِلَ هَذِهِ الْآثَارَ عَلَى عُمُومِهَا وَهُوَ يَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فِي آيٍ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ وَلَوْ كَانَتِ الطَّهَارَةُ وَالصَّلَاةُ وَأَعْمَالُ البر مكفرة للكبائر والمتطهر المصلى غير ذَاكِرٌ لِذَنْبِهِ الْمُوبِقِ وَلَا قَاصِدَ إِلَيْهِ (وَلَا حَضَرَهُ فِي حِينِهِ ذَلِكَ أَنَّهُ نَادِمٌ عَلَيْهِ) وَلَا خَطَرَتْ خَطِيئَتُهُ الْمُحِيطَةُ بِهِ بِبَالِهِ لَمَا كَانَ لِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالتَّوْبَةِ مَعْنًى ولكان

كُلُّ مَنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى يَشْهَدُ لَهُ بِالْجَنَّةِ بِأَثَرِ سَلَامِهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَإِنِ ارْتَكَبَ قَبْلَهَا مَا شَاءَ مِنَ الْمُوبِقَاتِ الْكَبَائِرِ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِمَّنْ لَهُ فَهْمٌ صَحِيحٌ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ التَّوْبَةَ عَلَى الْمُذْنِبِ فَرْضٌ وَالْفُرُوضُ لَا يَصِحُّ أَدَاءُ شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا بِقَصْدٍ وَنِيَّةٍ (وَاعْتِقَادٍ أَنْ لَا عَوْدَةَ) فَأَمَّا أن يصلي وهو غير ذَاكِرٌ لِمَا ارْتَكَبَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَلَا نَادِمَ عَلَى ذَلِكَ فَمُحَالٌ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّدَمُ تَوْبَةٌ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ ابن الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد

ابن جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مِنَ الْخَطَايَا مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْعَوَّامِ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سعيد ابن بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا لِمَنِ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اجتنبت الكبائر

قَالَ وَأَخْبَرَنِي الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ سَمِعَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ يَقُولُ حَافِظُوا عَلَى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنَّهُنَّ كَفَّارَةُ هَذِهِ الْجِرَاحِ مَا لَمْ تُصَبِ الْمَقْتَلَةُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ (بْنِ يَسَارٍ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لَا يَتَطَهَّرُ رَجُلٌ ثُمَّ يَأْتِي الْجُمُعَةَ فَيَجْلِسُ وَيُنْصِتُ حَتَّى يَقْضِيَ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ إِلَّا كَانَتْ لَهُ كَفَّارَةُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي

كُدَيْنَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ الْقَرْثَعِ عَنْ سَلْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السلام قال أُحَدِّثُكَ عَنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَنْ تَطَهَّرَ وَأَتَى الْجُمُعَةَ ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَقْضِيَ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا مَا اجْتُنِبَتِ الْمَقْتَلَةُ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ زِيَادِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنِ الْقَرْثَعِ عَنْ سَلْمَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي كُدَيْنَةَ وَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ مَا ذَكَرْنَا وَيُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ الصَّغَائِرَ تُكَفَّرُ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لِمَنِ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ الصَّغَائِرُ بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَأَعْمَالِ الْبِرِّ وَإِنْ لَمْ تَجْتَنِبُوا الْكَبَائِرَ وَلَمْ تَتُوبُوا مِنْهَا لَمْ تَنْتَفِعُوا بِتَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ إِذَا وَاقَعْتُمُ الْمُوبِقَاتِ الْمُهْلِكَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا كُلُّهُ قَبْلَ

الموت فإن مات صاحب الكبيرة فَمَصِيرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ فإن عذبه فيجرمه وَإِنْ عَفَا عَنْهُ فَهُوَ أَهْلُ الْعَفْوِ وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ وَإِنْ تَابَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ حُضُورِهِ وَمُعَايَنَتِهِ وَنَدِمَ وَاعْتَقَدَ أَنْ لَا يَعُودَ وَاسْتَغْفَرَ وَوَجِلَ كَانَ كَمَنْ لَمْ يُذْنِبْ وَبِهَذَا كُلِّهِ الْآثَارُ الصِّحَاحُ عَنِ السَّلَفِ قَدْ جَاءَتْ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ تَدَبَّرَ هَذَا الْقَائِلُ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ خُرُوجِ الْخَطَايَا مِنْ فَمِهِ وَأَنْفِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَرَأْسِهِ لَعَلِمَ أَنَّهَا الصَّغَائِرُ فِي الْأَغْلَبِ وَلَعَلِمَ أَنَّهَا مَعْفُوٌّ عَنْهَا بِتَرْكِ الْكَبَائِرِ دَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَالْفَمُ يَزْنِي وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْفَرْجَ بِعَمَلِهِ يُوجِبُ الْمَهْلَكَةَ وَمَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَأَعْمَالُ الْبِرِّ يَغْسِلْنَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَقَدْ كُنْتُ أَرْغَبُ بِنَفْسِي عَنِ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْبَابِ لَوْلَا قَوْلُ ذَلِكَ الْقَائِلِ وَخَشِيتُ أَنْ يَغْتَرَّ بِهِ جَاهِلٌ فَيَنْهَمِكَ فِي الْمُوبِقَاتِ اتِّكَالًا عَلَى أَنَّهَا تُكَفِّرُهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ دُونَ النَّدَمِ عَلَيْهَا وَالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَنَسْأَلُهُ الْعِصْمَةَ وَالتَّوْفِيقَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إسمعيل بن إسحق الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ

وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ وَحُمَيْدٍ وَصَالِحٍ الْمُعَلِّمِ وَيُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ (إِلَى الْجُمُعَةِ) كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَمِنْهُ قَامَ حَدِيثُ الصُّنَابِحِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْآجُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا (أَبُو) أيوب سليمان بن عبد الرحمان الدمشقي قال حدثنا إسمعيل بن عياش عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ شَهْرَ بْنِ حَوْشَبٍ أَنَّهُ لَقِيَ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ فَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السَّلَمِيِّ حِينَ حَدَّثَ شُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَلَغَ أَخْطَأَ أَوْ أَصَابَ كَانَ سَهْمُهُ ذَلِكَ كعدل رقبة من ولد إسمعيل وَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ شَيْبَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً كَانَتْ لَهُ فِكَاكًا مِنْ جَهَنَّمَ وَمَنْ قَامَ إِلَى الْوُضُوءِ يَرَاهُ حَقًّا عَلَيْهِ فَمَضْمَضَ غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ مَعَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ طُهُورِهِ فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ جَلَسَ جَلَسَ سَالِمًا وَإِنْ صَلَّى تُقُبِّلَ مِنْهُ قَالَ شَهْرُ فَحَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ

عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِلَّا أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَيَّاشٍ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا يَنْفَرِدُ بِهِ) وَحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ هُوَ إسمعيل قال حدثني يحيى ابن أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ عَنْ أَبِي سَلَامٍ الْحَبَشِيِّ وَعَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ رَغِبْتُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَرَأَيْتُ أَنَّهَا آلِهَةُ بَاطِلٍ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْحِجَارَةَ وَالْحِجَارَةُ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ قَالَ فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَفْضَلِ الدِّينِ فَقَالَ رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ وَيَرْغَبُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِهِ وَيَدْعُو إِلَى غَيْرِهَا

وَهُوَ يَدْعُو إِلَى أَفْضَلِ الدِّينِ فَإِذَا سَمِعْتَ بِهِ فَاتَّبِعْهُ فَلَمْ يَكُنْ لِي هَمٌّ إِلَّا مَكَّةَ آتِيهَا فَأَسْأَلُ هَلْ حَدَثَ فِيهَا حَدَثٌ أَوْ أَمْرٌ فَيَقُولُونَ لَا فَأَنْصَرِفُ إِلَى أَهْلِي وأهلي بالطريق غير بَعِيدٌ فَأَعْتَرِضُ خَارِجِي مَكَّةَ فَأَسْأَلُهُمْ هَلْ حَدَثَ فِيهَا حَدَثٌ أَوْ أَمْرٌ فَيَقُولُونَ لَا فَإِنِّي قَاعِدٌ عَلَى الطَّرِيقِ إِذْ مَرَّ بِي رَاكِبٌ فَقُلْتُ مِنْ أَيْنَ جِئْتَ فَقَالَ مِنْ مَكَّةَ قُلْتُ حَدَثَ فِيهَا حَدَثٌ قَالَ نَعَمْ رَجُلٌ رَغَبَ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِهِ وَيَدْعُو إِلَى غَيْرِهَا قُلْتُ صَاحِبِي الَّذِي أُرِيدَ فَشَدَدْتُ رَاحِلَتِي بِرَحْلِهَا فَجِئْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ أَنْزِلُ فِيهِ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَوَجَدْتُهُ مُسْتَخْفِيًا بِشَأْنِهِ وَوَجَدْتُ قُرَيْشًا عَلَيْهِ جُرَءَاءُ فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى دَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا نَبِيٌّ فَقُلْتُ وَمَا النَّبِيُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ قُلْتُ مَنْ أَرْسَلَكَ قَالَ اللَّهُ قُلْتُ فَبِمَ أَرْسَلَكَ قَالَ بِأَنْ تُوصَلَ الْأَرْحَامُ وَتُحْقَنَ الدِّمَاءُ وَتُؤَمَّنَ السُّبُلُ وَتُكَسَّرَ الْأَوْثَانُ وَيَعْبُدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ به شيء قلت نعم ما أَرْسَلَكَ فَأَشْهَدُ أَنِّي قَدْ آمَنْتُ بِكَ وَصَدَّقْتُ بِكَ أَمْكُثُ مَعَكَ أَمْ مَاذَا تَرَى قَالَ قَدْ تَرَى كَرَاهِيَةَ النَّاسِ لِمَا جِئْتُ بِهِ فَامْكُثْ فِي أَهْلِكَ فَإِذَا سَمِعْتَ بِأَنِّي خَرَجْتُ مَخْرَجِي فَائْتِنِي فَلَمَّا سَمِعْتُ بِهِ خَرَجَ إِلَى

الْمَدِينَةِ سِرْتُ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ تَعْرِفُنِي قَالَ نَعَمْ أَنْتَ السُّلَمِيُّ الَّذِي جِئْتَنِي فَقُلْتَ لِي كَذَا وَكَذَا فَاغْتَنَمْتُ ذَلِكَ الْمَجْلِسَ وَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِي أَفْرَغُ قَلْبًا مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ السَّاعَاتِ أَسْمَعُ قَالَ جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرِ وَالصَّلَاةُ مَشْهُودَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ حَتَّى تَخْرُجَ الشَّمْسُ فَإِذَا رَأَيْتَهَا خَرَجَتْ حَمْرَاءَ فَاقْصُرْ عَنْهَا فَإِنَّهَا تَخْرُجُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَتُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ قَدْرَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ فَصَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرُّمْحُ بِالظِّلِّ فَإِذَا اسْتَوَى الرُّمْحُ بِالظِّلِّ فَأَقْصِرْ عَنْهَا فَإِنَّهُ حِينَ تُسْجَرُ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ فَإِذَا فَاءَ الظِّلُّ فَصَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَإِذَا رَأَيْتَهَا حَمْرَاءَ فَاقْصُرْ عَنْهَا فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَتُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ ثُمَّ أَخَذَ فِي الْوُضُوءِ وَقَالَ إِذَا تَوَضَّأْتَ فَغَسَلْتَ يَدَيْكَ خَرَجَتْ خَطَايَا يَدَيْكَ مِنْ أَطْرَافِ أَنَامِلِكَ مَعَ الْمَاءِ فَإِذَا غَسَلْتَ وَجْهَكَ وَمَضْمَضْتَ وَاسْتَنْثَرْتَ خَرَجَتْ خَطَايَا وَجْهِكَ مِنْ فِيكَ وَخَيَاشِيمِكَ مَعَ الْمَاءِ فَإِذَا مَسَحْتَ بِرَأْسِكَ وَأُذُنَيْكَ خَرَجَتْ خَطَايَا رَأْسِكَ وَأُذُنَيْكَ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِكَ مَعَ الْمَاءِ فَإِذَا غَسَلْتَ رِجْلَيْكَ خَرَجَتْ خَطَايَا رِجْلَيْكَ وَأَنَامِلِكَ مَعَ الْمَاءِ فَصَلَّيْتَ فَحَمِدْتَ رَبَّكَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ انْصَرَفْتَ مِنْ صَلَاتِكَ كَيَوْمِ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَقَرَأَتُ عَلَى الْمُؤَمَّلِ بْنِ إِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا النضر ابن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ الْعِجْلِيُّ قال حدثنا شداد

ابن عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عَمَّارٍ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ (قِيلَ لِعِكْرِمَةَ وَلَقِيَ شَدَّادٌ أَبَا أُمَامَةَ) قَالَ نَعَمْ وَوَاثِلَةَ وَصَحِبَ أنس ابن مَالِكٍ إِلَى الشَّامِ قَالَ قَالَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ السُّلَمِيُّ كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَظُنُّ أَنَّ النَّاسَ عَلَى ضَلَالَةٍ وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيءٍ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ قَالَ فَسَمِعْتُ بِرَجُلٍ بِمَكَّةَ فَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ قَالَ فَقَدِمْتُ المدينة فدخلت عَلَيْهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَعْرِفُنِي قَالَ نَعَمْ أَلَسْتَ الَّذِي لَقِيتَنِي بِمَكَّةَ قَالَ فَقُلْتُ بَلَى وَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ وَأَجْهَلُهُ أَخْبِرْنِي عَنِ الصَّلَاةِ قَالَ صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَحَتَّى تَرْتَفِعَ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة يُسْتَقْبَلَ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلَّى العصر ثم أقصر حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ فَقُلْتُ أَيْ نَبِيَّ اللَّهِ الْوُضُوءُ حَدِّثْنِي عَنْهُ قَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ رَجُلٍ يَقْرَبُ وَضَوْءَهُ فَيَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ وَيَسْتَنْثِرُ إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ مَعَ الْمَاءِ ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ خَرَجَتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ طَرَفِ لِحْيَتِهِ مَعَ الْمَاءِ ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى الْمَرْفِقَيْنِ إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ الْمَاءِ ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ إِلَّا خَرَجَتْ خَطَايَا رِجْلَيْهِ مِنْ

أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ أَهْلُهُ إِلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَذَكَرَ بَاقِي الْكَلَامِ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي سَلَامٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ مَا بُعِثَ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَهُوَ حِينَئِذٍ مُسْتَخْفٍ فَقُلْتُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا نَبِيٌّ قُلْتُ وَمَا النَّبِيُّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ فَقَالَ سَلْ عَمَّا شِئْتَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ قَالَ جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخَرِ فَصَلِّ مَا شِئتَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ ثُمَّ أَقْصِرْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَتَرْتَفِعَ قَيْدَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَتُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ ثُمَّ صَلِّ مَا شِئتَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ حَتَّى يَعْتَدِلَ رُمْحٌ بِظِلِّهِ ثُمَّ أَقْصِرْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ تُسْجَرُ وَتُفْتَحُ أَبْوَابُهَا فَإِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلِّ مَا شِئتَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَكْتُوبَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ ثُمَّ أَقْصِرْ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ

وَتُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ فَإِذَا تَوَضَّأَتَ فَاغْسِلْ يَدَيْكَ فإنك إذاغسلت يَدَيْكَ خَرَجَتْ خَطَايَاكَ مِنْ أَطْرَافِ أَنَامِلِكَ ثُمَّ إِذَا غَسَلْتَ وَجْهَكَ خَرَجَتْ خَطَايَاكَ مِنْ وَجْهِكَ ثم إذامضمت وَاسْتَنْثَرْتَ خَرَجَتْ خَطَايَاكَ مِنْ فِيكَ وَمَنَاخِرِكَ ثُمَّ إِذَا غَسَلْتَ ذِرَاعَيْكَ خَرَجَتْ خَطَايَاكَ مِنْ ذِرَاعَيْكَ ثُمَّ إِذَا مَسَحَتْ بِرَأْسِكَ خَرَجَتْ خَطَايَاكَ مِنْ أطراف شعرك ثم إذاغسلت رِجْلَيْكَ خَرَجَتْ خَطَايَاكَ مِنْ أَطْرَافِ أَنَامِلِ رِجْلَيْكَ فَإِنْ ثَبَتَّ فِي مَجْلِسِكَ كَانَ لَكَ حَظُّكَ مِنْ وُضُوئِكَ فَإِنْ قُمْتَ فَذَكَرْتَ رَبَّكَ وَحَمِدْتَ وَرَكَعْتَ لَهُ رَكْعَتَيْنِ تُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِكَ خَرَجْتَ مِنْ خَطَايَاكَ كَيَوْمِ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ شَجَرَةُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ الْبَهْزِيِّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ قَالَ جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرِ ثُمَّ الصَّلَاةُ مَقْبُولَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْفَجْرَ ثُمَّ لَا صَلَاةَ حَتَّى تَكُونَ الشَّمْسُ قَيْدَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ ثُمَّ الصَّلَاةُ مَقْبُولَةٌ حَتَّى يَقُومَ الظِّلُّ قِيَامَ الرُّمْحِ ثُمَّ لَا صَلَاةَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ ثُمَّ الصَّلَاةُ مَقْبُولَةٌ حَتَّى تَكُونَ الشَّمْسُ قَدْ دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَدْرَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ فَإِذَا غَسَلْتَ وَجْهَكَ

خَرَجَتْ خَطَايَاكَ مِنْ وَجْهِكَ وَإِذَا غَسَلْتَ ذِرَاعَيْكَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ ذِرَاعَيْكَ وَإِذَا غَسَلْتَ رِجْلَيْكَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رِجْلَيْكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ أُذُنَيْهِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ وَسَائِرِ حَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ كُلِّهِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا لِيَبِينَ بِهَا حَدِيثُ الصُّنَابِحِيِّ وَيَتَّصِلَ وَيَسْتَنِدَ فَلِذَلِكَ ذَكَرْنَاهَا لِتَقِفَ عَلَى نَقْلِهَا وَتَسْكُنَ إِلَيْهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث العاشر

حَدِيثٌ عَاشِرٌ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدُ ثَابِتٍ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكْرًا فَجَاءَتْهُ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ قَالَ أَبُو رَافِعٍ فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ فَقُلْتُ لَمْ أَجِدْ فِي الْإِبِلِ إِلَّا جَمَلًا خِيَارًا رُبَاعِيًّا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطِهِ إِيَّاهُ فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْبَكْرُ مِنَ الْإِبِلِ الْفَتَى وَالْخِيَارُ الْمُخْتَارُ الْجَيِّدُ قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ نَاقَةٌ خِيَارٌ وَجَمَلٌ خِيَارٌ وَالْجَمْعُ خِيَارٌ أَيْضًا وَيُقَالُ أَرْبَعَ الْفَرَسُ وَأَرْبَعَ الْجَمَلُ إِذَا أَلْقَى رُبَاعِيَّتَهُ فَهُوَ رُبَاعٌ وَالْأُنْثَى رُبَاعِيَّةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْلُومٌ أَنْ اسْتِسْلَافَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمَلَ الْبَكْرَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَكُنْ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ قَضَاهُ مِنْ إِبِلِ

الصَّدَقَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّدَقَةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَكْلُهَا وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهَا وَقَدْ مَضَى بَيَانُ هَذَا فِي رَبِيعَةَ وَلِهَذَا عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْمَسَاكِينِ وَإِذَا صَحَّ هَذَا عَلِمْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا اسْتَسْلَفَ الْجَمَلَ لِلْمَسَاكِينِ وَاسْتَقْرَضَهُ عَلَيْهِمْ لِمَا رَأَى مِنَ الْحَاجَةِ ثُمَّ رَدَّهُ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ كَمَا يَسْتَقْرِضُ وَلِيُّ الْيَتِيمِ عَلَيْهِ نَظَرًا لَهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ مِنْ مَالِهِ إِذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ وَهَذَا كُلُّهُ لَا يُنَازَعُ فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَالِ الْمُسْتَقْرَضِ مِنْهُ الْجَمَلِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ لَمْ يَكُنِ الْمُسْتَقْرَضُ مِنْهُ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَلَا يَلْزَمُهُ زَكَاةٌ لِأَنَّهُ قَدْ رَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَدَقَتَهُ وَلَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِهَا وَقْتَ أَخْذِ الصَّدَقَاتِ وَخُرُوجِ السُّعَاةِ وَقْتًا وَاحِدًا يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهِ فما لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِمَا أُخِذَ مِنْهُ صَدَقَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ صَدَقَةٌ فِي مَاشِيَتِهِ لِقُصُورِ نِصَابِهَا عَنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا قَوْلُ مَنْ لَمْ يُجِزْ تَعْجِيلَ الزكاة قبل محلها وقال آخرون جائر أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَقْرَضُ مِنْهُ فِي حِينِ رَدِّ مَا اسْتُقْرِضَ مِنْهُ إِلَيْهِ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ لِجَائِحَةٍ لَحِقَتْهُ فِي إِبِلِهِ وَمَالِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَوَجَبَ رَدُّ مَا أُخِذَ مِنْهُ إِلَيْهِ وَمِثَالُ ذَلِكَ الِاسْتِسْلَافُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ لِلرَّجُلِ أَقْرِضْنِي عَلَى زَكَاتِكَ لِأَهْلِهَا فَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْكَ زَكَاةٌ بِتَمَامِ مِلْكِكَ لِلنِّصَابِ حَوْلًا فَذَاكَ وَإِلَّا فَهُوَ دَيْنٌ لَكَ أَرُدُّهُ عَلَيْكَ مِنَ الصَّدَقَةِ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ أَجَازَ تَعْجِيلَ الزَّكَاةِ قَبْلَ وَقْتِ وُجُوبِهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَوَاتِ قَبْلَ حُلُولِ الْحَوْلِ فَأَجَازَ ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى إِجَازَةِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَبْلَ

الْحُلُولِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمِ النَّخَعِيِّ وَابْنِ شِهَابٍ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ لِمَا فِي يَدِهِ وَلِمَا يَسْتَفِيدُهُ فِي الْحَوْلِ وَبَعْدَهُ بِسِنِينَ وَقَالَ زُفَرُ التَّعْجِيلُ عَمَّا فِي يَدِهِ جَائِزٌ وَلَا يَجُوزُ عَمَّا يَسْتَفِيدُهُ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ لِسِنِينَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا قَبْلَ الْحُلُولِ إِلَّا بِيَسِيرٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا قَبْلَ مَحَلِّهَا بِيَسِيرٍ وَلَا كَثِيرٍ وَمَنْ عَجَّلَهَا قَبْلَ مَحَلِّهَا لَمْ يُجْزِئْهُ وَكَانَ عَلَيْهِ إِعَادَتُهُ كَالصَّلَاةِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ دَاوُدَ وَرَوَى خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ لَمْ يُجِزْ تَعْجِيلَهَا قَاسَهَا عَلَى الصَّلَاةِ وَعَلَى سائر ما يجب مؤقتا لأنه لا يجزيء مَنْ فَعَلَهُ قَبْلَ وَقْتِهِ وَمَنْ أَجَازَ تَعْجِيلَهَا قَاسَ ذَلِكَ عَلَى الدُّيُونِ الْوَاجِبَةِ لِآجَالٍ مَحْدُودَةٍ أَنَّهُ جَائِزٌ تَعْجِيلُهَا وَفَرْقٌ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ يَسْتَوِي النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي وَقْتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَوْقَاتُ الزَّكَاةِ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِيهَا فَأَشْبَهَتِ الدُّيُونَ إِذَا عُجِّلَتْ وَقَدِ اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى جَوَازِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَفِي قَضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْتَسْلَفِ مِنْهُ الْبَكْرُ جَمَلًا جَيِّدًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ عَلَيْهِ

صَدَقَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِذَلِكَ قَضَاهُ وبريء إِلَيْهِ مِنْهُ وَلَا حُجَّةَ لِلشَّافِعِيِّ فِيمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي جَوَازِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ نَصَرَ مَذْهَبَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ بِأَنْ قَالَ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الَّذِي اسْتَقْرَضَ مِنْهُ الْبِكْرَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم غير بعيره بمقدار حاجته وجمع في ذلك وضع الصَّدَقَةِ فِي مَوْضِعِهَا وَحُسْنَ الْقَضَاءِ قَالَ وَجَائِزٌ أَنْ يَسْتَسْلِفَ الْإِمَامُ لِلْفُقَرَاءِ وَيَقْضِيَ مِنْ سَهْمِهِمْ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ لِمَا يَرَاهُ مِنَ النَّظَرِ والصلاح إذا كان ذلك من غير شرط وَلَا مَنْفَعَةَ تَعْجِيلٍ ثُمَّ نَعُودُ إِلَى الْقَوْلِ فِي مَعْنَى الِاسْتِسْلَافِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَنَقُولُ إِنْ قَالَ قَائِلٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِقْرَاضُ الْمَذْكُورُ عَلَى الْمَسَاكِينِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَرْضًا عَلَى الْمَسَاكِينِ لَمَا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَكْثَرَ مِمَّا اسْتَقْرَضَ لَهُمْ قِيلَ لَهُ لَمَّا بَطَلَ أَنْ يَسْتَقْرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم عل الصَّدَقَةِ لِغِنًى وَأَنْ لَا يَسْتَقْرِضَهَا لِنَفْسِهِ لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنَّهُ اسْتَقْرَضَهَا لِأَهْلِهَا وَهُمُ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دليل على أنه جائز لأمام إِذَا اسْتَقْرَضَ لِلْمَسَاكِينِ أَنْ يَرُدَّ مِنْ مَالِهِمْ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَالصَّلَاحِ إِذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَوَجْهُ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ وَالْمَصْلَحَةُ مَعْلُومٌ فَإِنَّ مَنْفَعَةَ تَعْجِيلِ مَا أَخَذَهُ لِشِدَّةِ حَاجَةِ الْفَقِيرِ إِلَيْهِ أَضْعَافُ مَا يَلْحَقُهُمْ فِي رَدِّ الْأَفْضَلِ لِأَنَّ مَيْلَ النَّاسِ إِلَى الْعَاجِلِ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا فَكَيْفَ نُعْطِيهِ أَكْثَرَ مِمَّا أُخِذَ مِنْهُ وَالصَّدَقَةُ لَا تَحِلُّ لِغَنِيِّ فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنَّهُ جَائِزٌ مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَقْرِضُ مِنْهُ قَدْ ذَهَبَتْ إِبِلُهُ بِنَوْعٍ مِنْ جَوَائِحِ الدُّنْيَا وَكَانَ فِي وَقْتِ صَرْفِ مَا أُخِذَ مِنْهُ إِلَيْهِ فَقِيرًا

تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا مِنْ بَعِيرِهِ بِمِقْدَارِ حَاجَتِهِ وَجَمَعَ فِي ذَلِكَ وَضْعَ الصَّدَقَةِ فِي مَوْضِعِهَا وَحُسْنَ الْقَضَاءِ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ غَارِمًا وَغَازِيًا مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ مَعَ الْقَضَاءِ وَوَضَعَ الصَّدَقَةَ مَوْضِعَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي فِي ذِكْرِ الْخَمْسَةِ الْأَغْنِيَاءِ الَّذِينَ تَحِلُّ لَهُمُ الصَّدَقَةُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ إِثْبَاتُ الْحَيَوَانِ فِي الذِّمَّةِ وَإِذَا صَحَّ ثُبُوتُ الْحَيَوَانِ فِي الذِّمَّةِ بِمَا صَحَّ مِنْ جَوَازِ اسْتِقْرَاضِ الْحَيَوَانِ صَحَّ فِيهِ السَّلَمُ عَلَى الصِّفَةِ وَبَطَلَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ لَمْ يُجِزْ الِاسْتِقْرَاضَ فِي الْحَيَوَانِ وَلَا أَجَازُوا السَّلَمَ فِيهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ وَفِي اسْتِقْرَاضِهِ فَذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ إِلَى أَنَّ السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ (وَفِي اسْتِقْرَاضِهِ) لَا يَجُوزُ وَمِمَّنْ قَالَ بذلك أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن ابن صَالِحٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وعبد الرحمن ابن سمرة

وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ إِنَّ الْحَيَوَانَ لَا يُوقَفُ عَلَى حَقِيقَةِ صِفَتِهِ لِأَنَّ مَشْيَهُ وَحَرَكَاتِهِ وَمَلَاحَتَهُ وَجَرْيَهُ كُلُّ ذَلِكَ لَا يُدْرَكُ وَصْفُهُ وَكُلُّ ذَلِكَ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ وَيَرْفَعُ مَنْ قِيمَتِهِ وَادَّعُوا النَّسْخَ فِي حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ الْمَذْكُورِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَقَالُوا نَسَخَهُ مَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى الْمُعَتَقِ نَصِيبُهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ إِذْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ نِصْفَ عَبْدٍ مِثْلِهِ وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَصْحَابُهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ خَاصَّةً وَمَا خَرَجَ عَنِ الْمَكِيلِ والموزن فَالسَّلَمُ فِيهِ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَهُمْ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَلِنَهْيهِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ قَالُوا فَكُلُّ مَا لَمْ يَكُنْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَدَاخِلٌ فِي بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ بَنَوْا هَذَا عَلَى مَا أَصَّلُوا مِنْ أَنَّ كُلَّ بَيْعٍ جَائِزٍ بِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ إِلَّا بيع ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ النَّهْيُ عَنْهُ أَوْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى فَسَادِهِ

وقال أهل المدينة ومالك وأصحابه والأوزاعي والليث وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ جَائِزٌ بِالصِّفَةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُضْبَطُ بِالصِّفَةِ فِي الْأَغْلَبِ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ هَذَا لِمَا فِيهِ مِنْ ثُبُوتِ الْحَيَوَانِ فِي الذِّمَّةِ وَمِثْلُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي اسْتِقْرَاضِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمَلَ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا إِيجَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَةَ الْخَطَأِ فِي ذِمَّةِ مَنْ أَوْجَبَهَا عَلَيْهِ وَهِيَ أَخْمَاسٌ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَذَلِكَ مِنَ الْإِبِلِ ثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَأَرْبَعُونَ خِلْفَةً وَفِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا فَجُعِلَ الْحَيَوَانُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ إِلَى أَجَلٍ وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُجِيزُ السَّلَمَ فِي الْوَصْفِ وَأَجَازَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَلَى مَمْلُوكٍ وَهَذِهِ مُنَاقَضَةٌ مِنْهُمْ وَأَجَازَ الْجَمِيعُ النِّكَاحَ على عبد موصون وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ

قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ قُلْتُ لِرَبِيعَةَ إِنَّ أَهْلَ أَنْطَابْلِسَ حَدَّثُونِي أَنَّ خَيْرَ بْنَ نُعَيْمٍ كَانَ يَقْضِي عِنْدَهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَفُ فِي الْحَيَوَانِ وَقَدْ كَانَ يُجَالِسُكَ وَلَا أَحْسَبُهُ قَضَى بِهِ إِلَّا عَنْ رَأْيِكَ فَقَالَ لِي رَبِيعَةُ قَدْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ ذَلِكَ قَالَ يَحْيَى فَقُلْتُ وَمَا لَنَا وَلِابْنِ مَسْعُودٍ فِي هَذَا قَدْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَتَعَلَّمُ مِنَّا وَلَا نَتَعَلَّمُ مِنْهُ وَقَدْ كَانَ يَقْضِي فِي بِلَادِهِ بِأَشْيَاءَ فإذا جاء المدينة وجد القضاء على غير مَا قَضَى بِهِ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِ وَأَمَّا اعْتِلَالُ الْعِرَاقِيِّينَ بِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يُمْكِنُ صِفَتُهُ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ لَهُمْ لِأَنَّ الصِّفَةَ فِي الْحَيَوَانِ يَأْتِي الْوَاصِفُ مِنْهَا بِمَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ وَيُوجِبُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَوْصُوفِ وَغَيْرِهِ كَسَائِرِ الْمَوْصُوفَاتِ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَإِذَا أَمْكَنَتِ الصِّفَةُ فِي الْحَيَوَانِ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ بِظَاهِرِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَصْفُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ

لِزَوْجِهَا حَتَّى كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا فَجَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصِّفَةَ تَقُومُ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ كَمَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لِأَنَّ رَدَّ الْمِثْلِ لَا يُمْكِنُ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ عِنْدَهُمْ فِي الْحَيَوَانِ وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الْحَيَوَانِ كُلِّهِ إِلَّا الْإِمَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُنَّ وَعِنْدَ مَالِكٍ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الْمَوَّازِ إِنِ اسْتَقْرَضَ أَمَةً وَلَمْ يَطَأْهَا رَدَّهَا بِعَيْنِهَا وَإِنْ وَطِئَهَا لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ وَلَمْ يَرُدَّهَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا عَقْدَهَا يَعْنِي صَدَاقَ مِثْلِهَا وَإِنْ حَمَلَتْ رَدَّهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَقِيمَةُ وَلَدِهَا إِنْ وُلِدُوا أَحْيَاءً يَوْمَ سَقَطُوا وَمَا نَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ وَإِنْ مَاتَتْ لَزِمَهُ مِثْلُهَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهَا فَقِيمَتُهَا وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يُجِزِ اسْتِقْرَاضَ الْإِمَاءِ وَهُمْ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ الْفُرُوجَ مَحْظُورَةٌ لَا تُسْتَبَاحُ إِلَّا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ وَلِأَنَّ الْقَرْضَ لَيْسَ بِعِقْدٍ لَازِمٍ مِنْ جِهَةِ الْمُقْتَرِضِ لِأَنَّهُ يَرُدُّهُ مَتَى شَاءَ فَأَشْبَهَ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَاةَ بِالْخِيَارِ وَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا بِإِجْمَاعٍ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَيَّامُ الْخِيَارِ فَهَذِهِ قِيَاسٌ عَلَيْهَا وَلَوْ جَازَ اسْتِقْرَاضُ الْإِمَاءِ لَحَصَلَ الْوَطْءُ فِي غَيْرِ نِكَاحٍ وَلَا مِلْكٍ صَحِيحٍ وَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ اسْتِقْرَاضُ الْإِمَاءِ جَائِزٌ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَالطَّبَرَيُّ قِيَاسًا عَلَى بَيْعِهَا وَإِنَّ مِلْكَ الْمُسْتَقْرِضِ صَحِيحٌ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ التَّصَرُّفُ كُلُّهُ وَكُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جاز قرضه

فِي نَفْسِ الْقِيَاسِ وَقَالَ دَاوُدُ لَمْ يَحْظُرِ اللَّهُ اسْتِقْرَاضَ الْإِمَاءِ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ وَقَدْ أَبَاحَ الِاسْتِسْلَافَ لِلْحَيَوَانِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ حَتَّى يَصِحَّ الْمَنْعُ مِنْ وَجْهٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا كُلُّ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى مَنِ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ مِثْلَهُ إِنْ وُجِدَ لَهُ مِثْلٌ لَا قِيمَتُهُ قَالُوا وَكَمَا كَانَ يَكُونُ لَهُ مِثْلٌ فِي الْقَضَاءِ فَكَذَلِكَ يَكُونُ لَهُ مِثْلٌ فِي الضَّمَانِ عَنِ الِاسْتِهْلَاكِ وَمِمَّنْ قَالَ بِالْمِثْلِ فِي الْمُسْتَهْلَكَاتِ كُلِّهَا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَجَمَاعَةٌ لِقَوْلِ اللَّهِ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَأَمَّا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ مَنِ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْخَذَ بِمِثْلِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَلَكِنْ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ اسْتَهْلَكَهُ الْقِيمَةُ أَعْدَلُ فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ قَالُوا وَأَمَّا الطَّعَامُ فَبِمَنْزِلَةِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ أَحَدٌ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَكِيلَتِهِ مِنْ صِنْفِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَكِيلُ كُلُّهُ وَالْمَوْزُونُ الْمَأْكُولُ وَالْمَشْرُوبُ هَذَا حُكْمُهُ عِنْدَهُ وَأَمَّا ما لا يؤكل مثل الرصاص القطن وما أشبه ذلك فالذي اختاره إسمعيل أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمِثْلُ لِأَنَّهُ يُضْبَطُ بِالصِّفَةِ قَالَ وَقَدِ احْتَجَّ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْقِيمَةِ فِي الْحَيَوَانِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِيمَنْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ لَهُ بِقِيمَةِ النِّصْفِ الْبَاقِي لِلشَّرِيكِ وَلَمْ يَقْضِ بِنِصْفِ عَبْدٍ مِثْلِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُقْرِضَ إِنْ أَعْطَاهُ الْمُسْتَقْرَضُ أَفْضَلَ مِمَّا أُقْرِضَهُ جِنْسًا أَوْ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَنَّ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ وَأَنَّهُ يَطِيبُ لَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَثْنَى فِيهِ عَلَى مَنْ أَحْسَنَ الْقَضَاءَ وَأَطْلَقَ ذَلِكَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِصِفَةٍ وَرَوَى سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَاضَاهُ فَأَغْلَظَ لَهُ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ فَنَهَاهُمْ فَقَالَ أَلَا كُنْتُمْ مَعَ الطَّالِبِ ثُمَّ قَالَ دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا اشْتَرُوا لَهُ بَعِيرًا فَلَمْ يَجِدُوا إِلَّا فَوْقَ سِنِّهِ فَقَالَ اشْتَرُوا لَهُ فَوْقَ سِنِّهِ فَأَعْطُوهُ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَخَذْتَ حَقَّكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ كَذَلِكَ افْعَلُوا خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً وَهَذَا عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ شَرْطٍ مِنْهُمَا فِي حِينِ السَّلَفِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ نَقْلًا عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اشْتِرَاطَ الزِّيَادَةِ فِي السَّلَفِ رِبًا وَلَوْ كَانَ قَبْضَةً مِنْ عَلَفٍ أَوْ حَبَّةً كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَوْ حَبَّةٍ وَاحِدَةٍ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَسْلِفَ لِلْمَسَاكِينِ عَلَى الصَّدَقَاتِ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ كَالْوَصِيِّ لِجَمِيعِهِمْ أَوِ الْوَكِيلِ وَفِيهِ أَنَّ التَّدَايُنَ فِي الْبِرِّ وَالطَّاعَةِ وَالْمُبَاحَاتِ جَائِزٌ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ التَّدَايُنُ فِي الْإِسْرَافِ وَمَا لَا يجوز وبالله التوفيق

الحديث الحادي عشر

حديث حادي عَشَرَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ يَجْرِي مَجْرَى الْمُتَّصِلِ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ ابن أَبِي سُفْيَانَ بَاعَ سِقَايَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزَنِهَا فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذَا إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ مَا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ مُعَاوِيَةَ أَنَا أُخْبِرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُخْبِرُنِي عَنْ رَأْيِهِ لَا أُسَاكِنُكَ أَرْضًا أَنْتَ بِهَا ثُمَّ قَدِمَ أَبُو الدَّرْدَاءِ عَلَى عُمَرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنْ لَا يَبِيعَ ذَلِكَ إِلَّا مِثْلٌ بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ قَدْ ذَكَرْنَا أَبَا الدَّرْدَاءِ عُوَيْمِرًا رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ ها هنا وَكَذَلِكَ ذَكَرْنَا مُعَاوِيَةَ هُنَالِكَ وَالسِّقَايَةُ الْآنِيَةُ قِيلَ إِنَّهَا آنِيَةٌ كَالْكَأْسِ وَشِبْهِهِ يُشْرَبُ بِهَا (وَقَالَ الْأَخْفَشُ السِّقَايَةُ الْإِنَاءُ الَّذِي يُشْرَبُ بِهِ)

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ قَالَ السِّقَايَةُ مِكْيَالٌ كَانَ يُسَمَّى السِّقَايَةَ (وَقَالَ غَيْرُهُ بَلْ كُلُّ إِنَاءٍ يُشْرَبُ فِيهِ) وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ السِّقَايَةُ الْبَرَّادَةُ يُبَرَّدُ فِيهَا الْمَاءُ تُعَلَّقُ وَقَالَ الْأَخْفَشُ أَهْلُ الْحِجَازِ يُسَمُّونَ الْبَرَّادَةَ سِقَايَةٌ وَيُسَمُّونَ الْحَوْضَ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ سِقَايَةً وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ بَلَغَنِي أَنَّهَا كَانَتْ قِلَادَةُ خَرَزٍ وَذَهَبٍ وَوَرِقٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ قَالَ إِنَّ السِّقَايَةَ قِلَادَةٌ فَقَدْ وَهَمَ وأخطأ وهو قول لا وجه له عند أَهْلُ الْعِلْمِ بِاللِّسَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ الِانْقِطَاعُ لِأَنَّ عَطَاءً لَا أَحْفَظُ لَهُ سَمَاعًا مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَمَا أَظُنُّهُ سَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا لِأَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءَ تُوُفِّيَ بِالشَّامِ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلَافَتِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ تُوُفِّيَ أَبُو الدَّرْدَاءِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمَوْلِدُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَقِيلَ سَنَةَ عِشْرِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ رَوَى عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ حَدِيثَ لَهُمُ الْبُشْرَى وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ مِنْ مُعَاوِيَةَ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ تُوَفِّي سَنَةَ سِتِّينَ وَقَدْ سَمِعَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بن العاصي وعبد الله ابن عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ هُمْ أَقْدَمُ مَوْتًا مِنْ مُعَاوِيَةَ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ هَذِهِ الْقِصَّةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَتُوُفِّيَ عُمَرُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ أَوْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ وَفَاةِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ فَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ تُوُفِّيَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ لَا يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْعِلْمِ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ الا من حديث زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَأَنْكَرَهَا بَعْضُهُمْ لِأَنَّ شَبِيهًا بِهَذِهِ الْقِصَّةِ عَرَضَتْ لِمُعَاوِيَةَ مَعَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ مَشْهُورَةٌ مَحْفُوظَةٌ لِعُبَادَةَ مَعَ مُعَاوِيَةَ (مِنْ وُجُوهٍ وَطُرُقٍ شَتَّى)

وَحَدِيثُ تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِي الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ وَالذَّهَبِ لِعُبَادَةَ مَحْفُوظٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا أَعْلَمُ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّرْفِ وَلَا فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَلَا الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ حَدِيثًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ وَالتَّحْرِيمَ إِنَّمَا وَرَدَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدِّينَارِ الْمَضْرُوبِ وَالدِّرْهَمِ الْمَضْرُوبِ لَا فِي التِّبْرِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْمَضْرُوبِ وَلَا فِي الْمَصُوغِ بِالْمَضْرُوبِ (وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْمَصُوغِ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ) حَتَّى وَقَعَ لَهُ مَعَ عُبَادَةَ مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ أَبَا سَعِيدٍ بَعْدَ حِينٍ فَأَخْبَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِي الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ تِبْرُهُمَا وَعَيْنُهُمَا وَتِبْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا كَانَ سُؤَالُهُ أَبَا سَعِيدٍ اسْتِثْبَاتًا لِأَنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْعَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلِمَ بِالنَّهْيِ حَتَّى أَعْلَمَهُ غَيْرُهُ وَخَفَاءُ مِثْلِ هَذَا عَلَى مِثْلِهِ غَيْرُ نَكِيرٍ لِأَنَّهُ مِنْ عِلْمِ الْخَاصَّةِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ لِغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُهُ كَانَ كَمَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَدْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ بَحْرٌ فِي الْعِلْمِ لَا يَرَى بِالدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ يَدًا بِيَدٍ بَأْسًا حَتَّى صَرَفَهُ عَنْ ذَلِكَ أَبُو سَعِيدٍ وَذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو حُرَّةَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ سِيرِينَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ لَا عِلْمَ لِي بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَقُولَ فِيهِ بِرَأْيِكَ قال إني أكره أن أقول فيه برأي ثُمَّ يَبْدُو لِي غَيْرُهُ فَأَطْلُبُكَ فَلَا أَجِدُكَ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَدْ رَأَى فِي الصَّرْفِ رَأْيًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ)

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّبَعِيُّ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ يَأْمُرُ بِالصَّرْفِ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَالدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ يَدًا بِيَدٍ فَقَدِمْتُ الْعِرَاقَ فَأَفْتَيْتُ النَّاسَ بِذَلِكَ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّهُ نَزَلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَدِمْتُ مَكَّةَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لِي إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ رَأْيًا مِنِّي وَهَذَا أَبُو سَعِيدٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهُ (قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي الصَّرْفِ عِنْدَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ يَأْتِي ذِكْرُهُ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَخْفَى عَلَى مُعَاوِيَةَ مَا خَفِيَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مُعَاوِيَةَ كَمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الرِّبَا فِي الْمَضْرُوبِ دُونَ غَيْرِهِ وَهُوَ شَيْءٌ لَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ قُلْنَا إِنَّ قِصَّتَهُ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ لَا تُوجَدُ إِلَّا فِي حَدِيثِ زَيْدٍ هَذَا (وَإِذَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعُمَرُ قَبْلَهُ وَأَبُو بَكْرٍ قَبْلَهُمَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ مَا يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُمْ فَمُعَاوِيَةُ أَحْرَى أَنْ يُوجَدَ عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ مَعَ أَبِي الدرداء)

وَأَمَّا قِصَّةُ مُعَاوِيَةَ مَعَ عُبَادَةَ فَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بن قاسم (ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ) قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا إسمعيل بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ الْكِفَّةُ بِالْكِفَّةِ (وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ الْكِفَّةُ بِالْكِفَّةِ) وَالْبُرُّ بِالْبِرِّ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ قَالَ حَتَّى ذَكَرَ الْمِلْحَ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ قَالَ مُعَاوِيَةُ إِنَّ هَذَا لَا يَقُولُ شَيْئًا فَقَالَ لِي عُبَادَةُ وَاللَّهِ لَا أُبَالِي أَنْ لَا أَكُونَ بِأَرْضِكُمْ هَذِهِ (وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ) عَنْ إسمعيل قَالَ حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جَابِرٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ إِلَى قَوْلِهِ الملح بالملح

وَقَالَ قَالَ مُعَاوِيَةُ إِنَّ هَذَا لَا يَقُولُ شَيْئًا فَقَالَ عُبَادَةُ إِنِّي وَاللَّهِ مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَكُونَ بِأَرْضِ مُعَاوِيَةَ أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ ذَلِكَ) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بَيْعَ آنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ إِلَى الْعَطَاءِ فَقَالَ عُبَادَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ يَدًا بِيَدٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ مَنْ زَادَ أَوِ ازداد فقد أربى (هكذا قال المعتمر عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ وَهُوَ خَطَأٌ) وَالصَّوَابُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَالَهُ أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عن أبي الأشعث وقول المعتمر عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ خَطَأٌ وَقَدْ خَالَفَهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ خالد

(واخطأ أيضا المعتمر فِي قَوْلِهِ إِنَّ الْآنِيَةَ بِيعَتْ إِلَى الْعَطَاءِ وَإِنَّمَا بِيعَتْ فِي أُعْطِيَّاتِ النَّاسِ لَا إِلَى الْعَطَاءِ وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ لِأَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ لَا أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ كَذَلِكَ رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ذَكَرَ وَكِيعٌ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَاحِ الدِّينَارِيُّ كُلُّهُمْ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ كَانَ مُعَاوِيَةُ يَبِيعُ الْآنِيَةَ مِنَ الْفِضَّةِ بِأَكْثَرِ مِنْ وَزْنِهَا فَقَالَ عُبَادَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ والتمر بالتمر مثل بِمِثْلٍ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِالْمِثْلِ وَبِيعُوا الذَّهَبَ بالفضة يدا بيد كيف شئتم (والبر بالشعير يدا بيد كيف شئتم والتمر بالملح يدا بِيَدٍ كَيْفَ شِئتُمْ هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَقَالَ وَكِيعٌ إِذَا اخْتَلَفَ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كيف شئتم) وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا (عَبْدُ الْوَهَّابِ) بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ قَالَ كُنَّا فِي غَزَاةٍ وَعَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ فَأَصَبْنَا ذَهَبًا وَفِضَّةً فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ رَجُلًا بِبَيْعِهَا النَّاسَ فِي أُعْطِيَّاتِهِمْ فَتَنَازَعَ النَّاسُ فِيهَا فَقَامَ عُبَادَةُ فَنَهَاهُمْ فَرَدُّوهَا فَأْتَى الرَّجُلُ مُعَاوِيَةَ فَشَكَا إِلَيْهِ فَقَامَ مُعَاوِيَةُ خَطِيبًا فَقَالَ ما بال

رِجَالٍ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ يَكْذِبُونَ فِيهَا لَمْ نَسْمَعْهَا فَقَامَ عُبَادَةُ فَقَالَ وَاللَّهِ لَنُحَدِّثَنَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ بِمَا سَمِعْنَا وَإِنْ كَرِهَ مُعَاوِيَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَلَا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ وَلَا التَّمْرَ بِالتَّمْرِ وَلَا الْبُرَّ بِالْبُرِّ وَلَا الشَّعِيرَ بِالشَّعِيرِ وَلَا الْمِلْحَ بِالْمِلْحِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وسواء سواء عَيْنًا بِعَيْنٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ كُنْتُ فِي حَلَقَةٍ بِالشَّامِ فِيهَا مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ فَجَاءَ أَبُو الْأَشْعَثِ قَالُوا أَبُو الْأَشْعَثِ فَجَلَسَ فَقُلْتُ حَدِّثْ أَخَاكَ حَدِيثَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ نَعَمْ غَزْونَا وَعَلَى النَّاسِ مُعَاوِيَةُ فَغَنِمْنَا غَنَائِمَ كَثِيرَةً فَكَانَ فِيمَا غَنِمْنَا آنِيَةً مِنْ فِضَّةٍ فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ رَجُلًا بِبَيْعِهَا فِي أُعْطِيَّاتِ النَّاسِ فَتَنَازَعَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَبَلَغَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَرِهَ مُعَاوِيَةُ أَوْ قَالَ أَوْ رَغْمَ مُعَاوِيَةَ مَا أُبَالِي أَنْ أَصْحَبَهُ فِي جُنْدِهِ لَيْلَةً سَوْدَاءَ قَالَ حَمَّادٌ هَذَا أَوْ نَحْوَهُ)

(وروى هذا الحديث محمد بن سِيرِينَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَسَارٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير قال حدثنا أبي قال حدثنا إسمعيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ وَقَدْ كَانَ يُدْعَى ابْنُ هُرْمُزَ قَالَا جَمَعَ الْمَنْزِلُ بَيْنَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَبَيْنَ مُعَاوِيَةَ إِمَّا فِي بَيْعَةٍ أَوْ فِي كَنِيسَةٍ فَقَامَ عُبَادَةُ فَقَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ وَزَادَ وَأَمَرَنَا أَنْ نَبِيعَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ وَالْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ وَالْبُرَّ بِالشَّعِيرِ وَالشَّعِيرَّ بِالْبُرِّ يَدًا بِيَدٍ كَيْفَ شِئنَا) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابن أَبِي الْعَوَّامِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا هشام ابن حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ رَجُلَيْنِ أحدهما مسلم بن يسار عن عبادة بن الصَّامِتِ نَحْوَهُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن إسمعيل التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُدْعَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ

(وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ) وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ حَتَّى خَصَّ الْمِلْحَ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ الْحُمَيْدِيِّ (وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بَكْرُ الْمُزَنِيُّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُبَادَةَ كَمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بن إسمعيل قَالَ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ (1) بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا بكر ابن عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ خَطَبَ مُعَاوِيَةُ بِالشَّامِ فَقَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنِ الصَّرْفِ وَقَدْ شَهِدْنَا النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَمْ نَسْمَعْهُ نَهَى عَنْهُ فَقَامَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى أَنْ يُبَاعَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالْوَرِقُ بالورق الا مثل بِمِثْلٍ وَذَكَرَ سِتَّةَ أَشْيَاءٍ الْبُرَّ وَالتَّمْرَ وَالشَّعِيرَ وَالْمِلْحَ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ لِنُحَدِّثَنَّ بِمَا سَمِعْنَا وَإِنْ كَرِهْتَ يَا مُعَاوِيَةُ لَنَدَعَنَّكَ وَلَنَلْحَقَنَّ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ أَيُّهَا الرَّجُلُ أَنْتَ وَمَا سَمِعْتَ)

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ السَّمَرِيُّ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عُرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ قَامَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ قَدْ أَحْدَثْتُمْ بُيُوعًا لَا أَدْرِي مَا هِيَ وَإِنَّ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ (وَزْنًا بِوَزْنٍ) تِبْرَهُ وَعَيْنَهُ يَدًا بِيَدٍ زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَزْنًا بِوَزْنٍ يَدًا بِيَدٍ تِبْرُهَا وعينها ثم اتفقا وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ وَالْفِضَّةُ أَكْثَرُهُمَا يَدًا بِيَدٍ وَلَا يَصْلُحُ (نَسَاءً) وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ مدى بمدى يدا بيد والشعير بالشعير مدى بمدى يَدًا بِيَدٍ (وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الشَّعِيرِ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ أَكْثَرِهِمَا يَدًا بِيَدٍ وَلَا يَصْلُحُ نَسِيئَةً وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ حَتَّى عَدَّ الْمِلْحَ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ) مَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى قَالَ قَتَادَةُ وَكَانَ عُبَادَةُ بَدْرِيًّا عَقَبِيًّا أَحَدَ نُقَبَاءِ الْأَنْصَارِ وَكَانَ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ لَا يَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ

لَائِمٍ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عُرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ مَوْقُوفًا (فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَتَابَعَ هِشَامَ الدَّسْتَوَائِيَّ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عُرُوبَةَ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ) عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ وَرَوَاهُ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مثله بمعناه (وَسَعِيدٌ وَهِشَامٌ كِلَاهُمَا عِنْدَهُمْ أَحْفَظُ مِنْ هَمَّامٍ فَهَذَا مَا بَلَغَنَا فِي قِصَّةِ مُعَاوِيَةَ مَعَ عُبَادَةَ فِي بَيْعِ الْآنِيَةِ بِأَكْثَرِ مِنْ وَزْنِهَا ذَهَبًا كَانَتْ أَوْ فِضَّةً وَذَلِكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مَعْرُوفٌ لِمُعَاوِيَةَ مَعَ عُبَادَةَ لَا مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمُمْكِنٌ أَنَّ يَكُونَ لَهُ مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ مِثْلَ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَوْ نَحْوَهَا وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ فِي الصَّرْفِ مَحْفُوظٌ لِعُبَادَةَ وَهُوَ الْأَصْلُ الَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ فِي بَابِ الرِّبَا وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ فِعْلَ مُعَاوِيَةَ في ذلك غَيْرُ جَائِزٍ وَأَنَّ بَيْعَ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ لَا يَجُوزُ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلِ تِبْرِهِمَا وَعَيْنِهِمَا وَمَصُوغِهِمَا وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَتْ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي الصَّائِغِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ فَضْلَ عَمَلِهِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَا هذا عهد نبينا إِلَيْنَا وَعَهِدْنَا إِلَيْكُمْ) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ

عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ (سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ) يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذا كان يدا بِيَدٍ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ أَنَّ قَاسِمًا حدثهم قال حدثنا (محمد ابن إِسْمَاعِيلَ) التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أُمَيٌّ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ سَنَةَ مِائَةٍ قَالَ كَتَبَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ لَا يَشْتَرُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا الْحِنْطَةَ بِالْحِنْطَةِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا الشَّعِيرَ بِالشَّعِيرِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا التَّمْرَ بِالتَّمْرِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا مَذْهَبُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَجَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا وَجْهَ لِلْإِكْثَارِ فِيهِ

حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ الْبَجَلِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ عَنْ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ قَبِيصَةَ بْنِ

ذُؤَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُبَادَةَ أَنْكَرَ عَلَى مُعَاوِيَةَ شَيْئًا فَقَالَ لَا أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ أَنْتَ بِهَا وَرَحَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مَا أَقْدَمَكَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى مَكَانِكَ فَقَبَّحَ اللَّهُ أَرْضًا لَسْتَ فِيهَا وَلَا أَمْثَالُكَ وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ لَا إِمَارَةَ لَكَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَقَوْلُ عُبَادَةَ لَا أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ أَنْتَ بِهَا وَقَوْلُ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَلَى ما في حديث زيد ابن أَسْلَمَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ ذَلِكَ قَدْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْفِتْنَةَ لِبَقَائِهِ بِأَرْضٍ يُنَفَّذُ فِيهَا فِي الْعِلْمِ قَوْلٌ خِلَافَ الْحَقِّ عِنْدَهُ وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ أَنَفَةً لِمُجَاوَرَةِ مَنْ رَدَّ عَلَيْهِ سُنَّةً عَلِمَهَا مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْيهِ وَقَدْ تَضِيقُ صُدُورُ الْعُلَمَاءِ عِنْدَ مِثْلِ هَذَا وَهُوَ عندهم عظيم رد السنن بالرأي

وجائز للمريء أَنْ يَهْجُرَ مَنْ خَافَ الضَّلَالَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَلَمْ يُطِعْهُ وَخَافَ أَنْ يُضِلَّ غَيْرَهُ وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْهِجْرَةِ الْمَكْرُوهَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَ النَّاسِ أَنْ لَا يُكَلِّمُوا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ أَحْدَثَ فِي تَخَلُّفِهِ عَنْ تَبُوكَ مَا أَحْدَثَ حَتَّى تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَهَذَا أَصْلٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ فِي مُجَانَبَةِ مَنِ ابْتَدَعَ وَهِجْرَتِهِ وَقَطْعِ الْكَلَامِ مَعَهُ وَقَدْ حَلَفَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنْ لَا يُكَلِّمَ رَجُلًا رَآهُ يَضْحَكُ فِي جِنَازَةٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَبْسٍ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَأَى رَجُلًا يَضْحَكُ فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ تَضْحَكُ وَأَنْتَ فِي جِنَازَةٍ وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا وَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَجْهَلَ مُعَاوِيَةُ مَا قَدْ عَلِمَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَعُبَادَةُ فَإِنَّهُمَا جَلِيلَانِ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ وَكِبَارِهِمْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ عُبَادَةَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي إِسْنَادِهِ فَهُوَ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَصْلُ مَا يَدُورُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ مَعَانِي الرِّبَا إِلَّا أَنَّهُمْ قَدِ اخْتَلَفَتْ مَذَاهِبُهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا أَوْضَحْنَاهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَا يُوجَدُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ ذُكِرَ فِيهِ الرِّبَا غَيْرَ هَذِهِ السِّتَّةِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ وَهِيَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ وَالْمِلْحُ فَجَعَلَهَا جَمَاعَةُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْقَائِلِينَ بِالْقِيَاسِ أَصُولُ الرِّبَا وَقَاسُوا عَلَيْهَا مَا أَشْبَهَهَا وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ حَتَّى خَصَّ الْمِلْحَ بِالْمِلْحِ فَجَلَعُوا الْمِلْحَ أَصْلًا لِكُلِّ إِدَامٍ فَحَرَّمُوا التَّفَاضُلَ فِي كُلِّ إِدَامٍ كَمَا حَرَّمُوا التَّفَاضُلَ فِي كُلِّ مَأْكُولٍ عَلَى عِلَلِ أُصُولِهَا مُسْتَنْبَطَةً مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ إِلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهَا الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ لِأَنَّ كُلَّ مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَنْوَاعِ السِّتَّةِ لَمْ تَخْلُ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنِ وَكَذَلِكَ جَاءَ الْحَدِيثُ بِهِ نَصًّا قَالَ فِي الذَّهَبِ وَفِي الْوَرِقِ وزنا بوزن وقال في غير ذلك مدى بمدى ونحو ذلك

وَسُئِلَ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ الْأَكْلُ لَا غَيْرَ إِلَّا فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَلَمْ يَقِسْ عَلَيْهِمَا غَيْرُهُمَا لِأَنَّهُمَا أَثْمَانُ الْمَبِيعَاتِ وَقِيَمُ الْمَتْلَفَاتِ وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَعَلَّلُوا الْأَرْبَعَةَ بِأَنَّهَا أَقْوَاتٌ مُدَّخَرَةٌ فَأَجَازُوا التَّفَاضُلَ فِيمَا لَا يُدَّخَرُ إِذَا كَانَ يَدًا بيد ولا بأس عندهم برمانة بِرُمَّانَتَيْنِ وَتُفَّاحَةً بِتُفَّاحَتَيْنِ أَوْ مَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ عِلَّتَهُ فِي ذَلِكَ الْأَكْلُ وَسَوَاءً عِنْدَهُ مَا يَدَّخِرُ وَمَا لَا يَدَّخِرُ وَالرِّبَا عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ يَدْخُلُهُ مِنْ جِهَتَيْنِ وَهُمَا النَّسَاءُ وَالتَّفَاضُلُ فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنَ الْأَنْوَاعِ السِّتَّةِ بِمِثْلِهِ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ جَازَ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَلَمْ يَجُزْ فِيهِ النَّسَاءُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيعُوا الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ كَيْفَ شِئتُمْ يَدًا بيد وبيعوا البر بالشعير كيف شئتم يدا بِيَدٍ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا جَعَلَ الْبُرَّ وَالشَّعِيرَ جِنْسًا وَاحِدًا فَلَمْ يُجِزْ فِيهِ التَّفَاضُلَ لشَيءٍ رَوَاهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ

وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي بَابِ (عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا رِبًا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ السِّتَّةِ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا فِي عِلَلِهِمْ وَأُصُولِهِمُ الَّتِي ذَكَرْنَا وَلَا حَرَامَ عِنْدَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْبُيُوعِ بَعْدَ مَا تَضَمَّنَتْ أُصُولَهُمُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى (مَا وَصَفْنَا) إِلَّا مِنْ طَرِيقِ الزِّيَادَةِ فِي السَّلَفِ وَالْقَوْلُ بِالذَّرَائِعِ عِنْدَ مَنْ قَالَهَا وَهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ ذَهَبُوا إِلَى أَنْ لَا رِبًا إِلَّا فِي ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ مَا كان

يكال أو يوزن مما يوكل وَيُشْرَبُ اسْتِدْلَالًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ عُبَادَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ (وَكَانُوا يَنْفُونَ) الْقَوْلَ بِالذَّرَائِعِ وَيَقُولُونَ لَا يُحْكَمُ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ بِظَنٍّ وَلَا تُشْرَعُ الْأَحْكَامُ بِالظُّنُونِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَظُنَّ الْمُسْلِمُ إِلَّا الْخَيْرَ (وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا الرِّبَا عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يُرْبِي) فَهَذَا مَا فِي السُّنَّةِ مِنْ أُصُولِ الرِّبَا وَأَمَّا الرِّبَا الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ فَهُوَ الزِّيَادَةُ فِي الْأَجَلِ يَكُونُ بِإِزَائِهِ زِيَادَةٌ فِي الثَّمَنِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ بِالدَّيْنِ إِلَى أَجَلٍ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ قَالَ صَاحِبُ الْمَالِ إِمَّا أَنْ تَقْضِيَ وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ فَحَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ وَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ أُمَّتُهُ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ عِنْدَ (أَهْلِ العلم) ضع وَتَعَجُّلٌ لِأَنَّهُ عَكْسُ الْمَسْأَلَةِ وَمَنْ رَخَّصَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ (وَجَعَلَهُ مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ) وَأَمَّا مَنْ نَفَى الْقِيَاسَ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ الرِّبَا فِي غَيْرِ السِّتَّةِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَمَا عَدَاهَا عِنْدَهُمْ فَحَلَالٌ جَائِزٌ بِعُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْلُ قَتَادَةُ وَمَا حَفِظْتُهُ لِغَيْرِهِ

وَهُوَ مَذْهَبُ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَلِهَذَا الْبَابِ تَلْخِيصٌ (يَطُولُ شَرْحُهُ وَيَتَّسِعُ الْقَوْلُ فِيهِ) وَفِيمَا ذَكَرْتُ لَكَ كِفَايَةٌ وَمُقْنِعٌ لِمَنْ تَدَبَّرَ وَفَهِمَ وبالله التوفيق وقد ذكرنا منه نكتا موعبة كَافِيَةً فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لله

الحديث الثاني عشر

حديث ثاني عَشَرَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدُ ثَابِتٍ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ قَالَ نَزَلْتُ أَنَا وَأَهْلِي بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَقَالَ لِي أَهْلِي اذْهَبْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْأَلْهُ لَنَا شَيْئًا نَأْكُلُهُ وَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ مِنْ حَاجَتِهِمْ فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ رَجُلًا يَسْأَلُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا أَجِدُ مَا أُعْطِيكَ فَتَوَلَّى الرَّجُلُ وَهُوَ مُغْضَبٌ وَيَقُولُ لَعَمْرِي أَنَّكَ لَتُعْطِي مَنْ شِئْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ لَيَغْضَبُ عَلَيَّ أَنْ لَا أَجِدَ مَا أُعْطِيهِ مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عِدْلُهَا فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا قَالَ الْأَسَدِيُّ فَقُلْتُ لَلَقْحَةٌ لَنَا خير من أوقية قال (ولاوقية أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا) فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَسْأَلْهُ فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَعِيرٍ وَزَبِيبٍ فَقَسَّمَ لَنَا مِنْهُ حَتَّى أَغْنَانَا اللَّهُ هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَتَابَعَهُ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَيْسَ حُكْمُ الصَّاحِبِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ كَحُكْمِ مَنْ دُونَهُ إِذَا لَمْ

يسم عند العلماء لارتفاع الجرحة عَنْ جَمِيعِهِمْ وَثُبُوتِ الْعَدَالَةِ لَهُمْ قَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إِذَا قَالَ رَجُلٌ مِنَ التَّابِعِينَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُسَمِّهِ فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ قَالَ نَعَمْ وَقَدْ رَوَى عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ عَنِ الْأَسَدِيِّ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ اسْتُشْهِدَ أَبِي يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَنَا بِغَيْرِ مَالٍ فَأَصَابَتْنَا حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ فَقَالَتْ لِي أُمِّي أَيْ بُنَيَّ ائْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْأَلْهُ لَنَا شَيْئًا قَالَ فَجِئْتُ وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ جَالِسٌ فَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ فَاسْتَقْبَلَنِي وَقَالَ مَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ وَمَنِ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللَّهُ وَمَنِ اسْتَكَفَّ كَفَاهُ اللَّهُ قَالَ قُلْتُ مَا يُرِيدُ غَيْرِي فَرَجَعْتُ وَلَمْ أُكَلِّمْهُ فِي شَيءٍ فَقَالَتْ لِي أُمِّي ما

فَعَلْتَ فَأَخْبَرْتُهَا الْخَبَرَ فَرَزَقَنَا اللَّهُ شَيْئًا فَصَبَرْنَا وَبَلَغْنَا (حَتَّى أَلَحَّتْ عَلَيْنَا حَاجَةٌ هِيَ أَشَدُّ مِنْهَا) فَقَالَتْ لِي أُمِّي ائْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلْهُ لَنَا شَيْئًا قَالَ فَجِئْتُهُ وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ جَالِسٌ فَاسْتَقْبَلَنِي فَأَعَادَ القول اول وَزَادَ فِيهِ مَنْ سَأَلَ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ قِيمَةُ أُوقِيَّةٍ فَهُوَ مُلْحِفٌ فَقُلْتُ إِنَّ لِي نَاقَةً خَيْرًا مِنْ أُوقِيَّةٍ فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَسْأَلْهُ هَكَذَا رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَنْ سَأَلَ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ إِلَى آخِرِهِ وَإِنَّمَا هَذَا مَوْجُودٌ مِنْ رِوَايَةِ مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ مَحْفُوظٌ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَلَيْسَ يُحْفَظُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الْمَذْكُورُ فِيهِ الْأُوقِيَّةُ إِلَّا بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَسَنَذْكُرُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ الله تعالى وفي حديث زيد ابن أَسْلَمَ هَذَا مِنَ الْفِقْهِ مَعْرِفَةُ بَعْضِ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحِلْمِ وَمَا كَانَ الْقَوْمُ فِيهِ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى الْإِقْلَالِ وَقِلَّةِ ذَاتِ الْيَدِ

وَأَمَّا قَوْلُ الرَّجُلِ فِيهِ وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتُعْطِي مَنْ شِئْتَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ الْجُفَاةِ الَّذِينَ لَا يَدْرُونَ حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ إِنَّ مَنْ تَوَلَّى تَفْرِيقَ الصَّدَقَاتِ لَمْ يَعْدَمْ مَنْ يَلُومُهُ قَالَ وَقَدْ كُنْتُ أَتَوَلَّاهَا لِنَفْسِي فَأُوذِيتُ فَتَرَكْتُ ذَلِكَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْعُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلرَّجُلِ الَّذِي مَنَعَهُ حِينَ سَأَلَهُ مِنَ الصَّدَقَةِ لِأَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا لَا تَحِلُّ لَهُ أَوْ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخَذُهَا لِمَعَانٍ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ بِهَا وَفِيهِ أَنَّ السُّؤَالَ مَكْرُوهٌ لِمَنْ لَهُ أُوقِيَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَالْأُوقِيَّةُ إِذَا أُطْلِقَتْ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهَا الْفِضَّةُ دُونَ الذَّهَبِ وَغَيْرِهِ هَذَا قَوْلُ الْعُلَمَاءِ أَلَا تَرَى إِلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ (وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ) وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ فَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ إِلَّا الْفِضَّةَ دُونَ غَيْرِهَا وَمَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا قَالَ فِي الْأُوقِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا غَيْرُ الْفِضَّةِ وَفِي ذَلِكَ كِفَايَةٌ وَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَهِيَ بِدَرَاهِمِنَا الْيَوْمَ سِتُّونَ دِرْهَمًا أَوْ نَحْوُهَا فَمَنْ سَأَلَ وَلَهُ هَذَا الْحَدُّ وَالْعَدَدُ وَالْقَدْرُ مِنَ الْفِضَّةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا وَيَكُونُ عِدْلًا مِنْهَا فَهُوَ مُلْحِفٌ سَأَلَ إِلْحَافًا

وَالْإِلْحَافُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْإِلْحَاحُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي ذَلِكَ وَالْإِلْحَاحُ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ مَذْمُومٌ لِأَنَّهُ قَدْ مَدَحَ اللَّهُ بِضِدِّهِ فَقَالَ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَلِهَذَا قُلْتُ إِنَّ السُّؤَالَ لِمَنْ مَلَكَ هَذَا الْمِقْدَارَ مَكْرُوهٌ وَلَمْ أَقُلْ إِنَّهُ حَرَامٌ لَا يَحِلُّ لِأَنَّ مَا لَا يَحِلُّ يَحْرُمُ الْإِلْحَاحُ فِيهِ وَغَيْرُ الْإِلْحَاحِ وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَفِيهِ وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا وَهُوَ يَكْرَهُ السُّؤَالَ لِمَنْ مَلَكَ هَذَا الْمِقْدَارَ مِنَ الْفِضَّةِ أَوْ عِدْلَهَا مِنَ الذَّهَبِ فَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ مَلَكَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ عِدْلَهَا مِنَ الذَّهَبِ أَنْ يَسْأَلَ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَمَا جَاءَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ (إِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الزَّكَاةِ وَهَذَا مَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا فَإِنْ كَانَ مِنَ الزَّكَاةِ فَفِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ مَا نُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) وَلَا تَحِلُّ الزَّكَاةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ رَبِيعَةَ وَأَمَّا غَيْرُ الزَّكَاةِ مِنَ التَّطَوُّعِ كُلِّهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا حَدًّا بَيْنَ الْغِنَى وَالْفَقْرِ فَقَالَ إِنَّ الصَّدَقَةَ يَعْنِي الزَّكَاةَ لَا يَحِلُّ أَخْذُهَا لِمَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ غَنِيٌّ إِذَا مَلَكَ ذَلِكَ وَأَظُنُّهُ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا بَابٌ اخْتَلَفَ العلماء فيه ونحن نذكره ها هنا وبالله توفيقنا

فَأَمَّا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ مَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَقَالَ نَعَمْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ مَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا مُكْتَسَبًا (حَسَنَ التَّصَرُّفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي الْأُولَى ضَعِيفًا عَنِ الِاكْتِسَابِ) أَوْ مَنْ لَهُ عِيَالٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي صَاحِبِ الدَّارِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْ سُكْنَاهُ وَلَا فِي ثَمَنِهَا فَضْلٌ إِنْ بِيعَتْ يَعِيشُ فِيهِ بَعْدَ دَارٍ تَحْمِلُهُ أَنَّهُ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ قَالَ وَإِنْ كَانَتِ الدَّارُ فِي ثَمَنِهَا مَا يُشْتَرَى لَهُ بِهِ مَسْكَنٌ وَيَفْضُلُ لَهُ فَضْلٌ يَعِيشُ بِهِ أَنَّهُ لَا يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالْخَادِمُ عِنْدَهُ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَيْضًا هَذَا فِي الدَّارِ وَالْخَادِمِ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَيْنِ جَمِيعًا إِلَّا أَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَحُدُّ فِي الْغِنَى حَدًّا لَا يُجَاوِزُهُ إِلَّا عَلَى قَدْرِ الِاجْتِهَادِ وَالْمَعْرُوفِ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ وَكَذَلِكَ يُرَدُّ مَا يُعْطَى الْمِسْكِينُ الْوَاحِدُ مِنَ الزَّكَاةِ أَيْضًا إِلَى الِاجْتِهَادِ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيفٍ

فَأَمَّا الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالطَّبَرِيُّ فَكُلُّهُمْ يَقُولُونَ فِيمَنْ لَهُ الدَّارُ وَالْخَادِمُ وَهُوَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُمَا أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنَ الزَّكَاةِ وَتَحِلُّ لَهُ وَلَمْ يُفَسِّرُوا هَذَا التَّفْسِيرَ الَّذِي فَسَّرَهُ مَالِكٌ إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ مَنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ هُوَ وَأَهْلُهُ وَخَادِمٌ أُعْطِيَ مِنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ قَالَ وَإِنْ كَانَ مَسْكَنُهُ يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ أَهْلِهِ الْفَضْلَ الَّذِي يَكُونُ بِمِثْلِهِ غَنِيًّا لَمْ يُعْطَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَهَذَا الْقَوْلُ ضَارَعَ قَوْلَ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ يَفْضُلُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَضْلٌ (يَعِيشُ بِهِ وَلَمْ يَقُلْ كَمْ يَعِيشُ بِهِ وَالشَّافِعِيُّ قَالَ يَفْضُلُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَضْلٌ) يَكُونُ بِهِ غَنِيًّا وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ مَنْ لَهُ الْمَسْكَنُ وَالْخَادِمُ وَرَوَاهُ الرَّبِيعُ عَنِ الْحَسَنِ وَفَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَلَى نَحْوِ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ نَحْوُ قَوْلِ الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمِقْدَارَ الَّذِي تُحَرَّمُ بِهِ الصَّدَقَةُ لِمَنْ مَلَكَهُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَسَائِرِ الْعُرُوضِ

فَأَمَّا مَالِكٌ فَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ فِي الْأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَلَا اخْتِلَافَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ مَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَهُوَ غَنِيٌّ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنْ يَحُدَّ فِي هَذَا أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا حَدِيثُ الْأَسَدِيِّ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَيْضًا حَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ التَّمْتَامُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ شَابُورٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ سَأَلَ وَلَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتُهَا فَهُوَ الْمُلْحِفُ

وَذَكَرَ كَلَامًا فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَى السَّائِلِ إِذَا مَلَكَ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمَنْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَهَا مَنْ لَهُ أَقَلُّ مِنْهَا وَيَكْرَهُونَ أَنْ يُعْطَى إِنْسَانٌ وَاحِدٌ مِنَ الزَّكَاةِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَإِنْ أُعْطِيَهَا أَجْزَأَتْ عَنِ الْمُعْطِي عِنْدَهُمْ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَى أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رَجُلٍ لَهُ (عَلَى رَجُلٍ) مِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا فَيَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ مِنْ زَكَاةٍ بِدِرْهَمَيْنِ أَنَّهُ يَقْبَلُ وَاحِدًا وَيَرُدُّ وَاحِدًا فَفِي هَذَا إِجَازَةٌ أَنْ يَقْبَلَ تَمَامَ الْمِائَتَيْنِ وَكَرَاهَةُ أَنْ يَقْبَلَ مَا فَوْقَهَا وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ وَأَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِكُمْ وَالْغَنِيُّ مَنْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ فِيهَا لِأَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ إِلَّا مِنْ غَنِيٍّ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَابْنُ المبارك وأحمد ابن حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَقُولُونَ لَا يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ مَنْ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ عِدْلُهَا مِنَ الذَّهَبِ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ سَأَلَ وَهُوَ غَنِيٌّ جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مسئلته خدوشا وكموشا أَوْ كُدُوحًا فِي وَجْهِهِ قِيلَ وَمَا غِنَاهُ أَوْ مَا الْغِنَى

يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ عِدْلُهَا مِنَ الذَّهَبِ وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يَدُورُ عَلَى حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ الثَّوْرِيِّ مِنْهُمُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ

إِلَّا يَحْيَى بْنَ آدَمَ فَإِنَّهُ جَعَلَ فِيهِ مَعَ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ زُبَيْدٌ الْإِيَامِيُّ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ أَنْ يُعْطَى أَحَدٌ مِنَ الزَّكَاةِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ الْحَدُّ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ عِنْدَهُمْ وَالزَّكَاةُ إِنَّمَا جَعَلَهَا اللَّهُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَحَرَّمَهَا عَلَى الْأَغْنِيَاءِ إِلَّا الْخَمْسَةَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُمْ فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ مَنْ لَا يَكُونُ لَهُ مَا يُقِيمُهُ وَيَكْفِيهِ سَنَةً فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَمَا أَعْلَمُ لِهَذَا الْقَوْلِ وَجْهًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهُ عَسَاهُ أَخَذَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ بْنِ

الْخَطَّابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدَّخِرُ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ قُوتَ سَنَةٍ ثُمَّ يَجْعَلُ مَا سِوَى ذَلِكَ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُعْطَى الرَّجُلُ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ حَتَّى يُخْرِجَهُ ذَلِكَ مِنْ حَدِّ الْفَقْرِ إِلَى حَدِّ الْغِنَى كَانَ ذَلِكَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَوْ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَا أَحَدَ حَدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ جَمِيعًا عَنْهُ وَلَا خِلَافَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ أَيْضًا قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ بِالدِّرْهَمِ غَنِيًّا مَعَ كَسْبِهِ وَلَا يُغْنِيهِ الْأَلْفُ مَعَ ضَعْفِهِ فِي نَفْسِهِ وَكَثْرَةِ عِيَالِهِ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ لَا يَأْخُذْ مِنَ الزَّكَاةِ مَنْ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ عِدْلُهَا ذَهَبًا إِذَا كَانَ عَلَى التَّصَرُّفِ بِهَا قَادِرًا حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنِ النَّاسِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ وَأَمَّا إِذَا صَرَفَ الْخَمْسِينَ دِرْهَمًا فِي مَسْكَنٍ أَوْ خَادِمٍ أَوْ مَا لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا وَلَيْسَ لَهُ سِوَاهَا وَكَانَ عَلَى التَّصَرُّفِ بِهَا غَيْرَ قَادِرٍ حَلَّتْ لَهُ الزَّكَاةُ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ (عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَذَكَرَ حَدِيثَ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ لَا تحل المسئلة لِمَنْ لَهُ سَدَادٌ مِنْ عَيْشٍ أَوْ قِوَامٌ مِنْ عَيْشٍ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ السَّدَادَ الْخَمْسِينَ دِرْهَمًا الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِهَذَا الظَّاهِرِ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ هَذَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ وَلَا ذَكَرَ أَحَدٌ عَنْهُ وَلَا عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ نَصًّا غَيْرَ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَرَاهِيَةِ السُّؤَالِ وَتَحْرِيمِهِ لِمَنْ مَلَكَ مِقْدَارًا مَا فِي آثَارٍ كَثِيرَةٍ مُخْتَلِفَةِ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي فَجَعَلَهَا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَدًّا بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَأَبَى ذَلِكَ آخَرُونَ وَقَالُوا إِنَّمَا فِيهَا تَحْرِيمُ السُّؤَالِ أَوْ كَرَاهِيَتُهُ فاما من جاءه شيء من الصدقات من غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَجَائِزٌ لَهُ أَخْذُهُ وَأَكْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا الْغِنَى الْمَعْرُوفَ عِنْدَ النَّاسِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ الزَّكَاةُ دُونَ التَّطَوُّعِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الصَّدَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ إِلَّا مَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَلَى مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّدَقَةِ التَّطَوُّعِ هَلْ تَحِلُّ لِلْغَنِيِّ فَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى التَّنَزُّهَ عَنْهَا وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَرَ بِهَا بَأْسًا إِذَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ (لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ مَا جَاءَكَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَكُلْهُ وَتَمَوَّلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ) مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ لَا يَحِلُّ لِغَنِيٍّ مَعْرُوفِ الْغِنَى

وَأَكْثَرُ مَنْ كَرِهَ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ إِنَّمَا كَرِهَهَا مِنْ أَجْلِ الِامْتِنَانِ وَرَأَوُا التَّنَزُّهَ عَنِ التَّطَوُّعِ مِنَ الصَّدَقَاتِ لِمَا يَلْحَقُ قَابِضَهَا مِنْ ذُلِّ النَّفْسِ وَالْخُضُوعِ لِمُعْطِيهَا وَنَزَعُوا أَوْ بَعْضُهُمْ بِالْحَدِيثِ إِنَّ الصَّدَقَةَ أَوْسَاخُ النَّاسِ يَغْسِلُونَهَا عَنْهُمْ فَرَأَوُا التَّنَزُّهَ عَنْهَا وَلَمْ يُجِيزُوا أَخْذَهَا لِمَنِ اسْتَغْنَى عَنْهَا بِالْكَفَافِ مَا لَمْ يَضْطَرُّوا إِلَيْهَا حَتَّى لَقَدْ قَالَ سُفْيَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَائِزُ السُّلْطَانِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صِلَاتِ الْإِخْوَانِ لِأَنَّهُمْ يَمُنُّونَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَيُحْتَمَلُ مَعَ هَذَا أَنَّهُ رَأَى أَنَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ حَقًّا وَالْآثَارُ الْمَرْوِيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَرَاهَتِهِ السُّؤَالَ مُطْلَقًا أَوْ لِمَنْ مَلَكَ مِقْدَارًا مَا كَثِيرَةٌ جِدًّا مِنْهَا حَدِيثُ الأسدي المذكور في هذا الباب لمالك عن زيد ابن أَسْلَمَ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَفِيهَا جَمِيعًا ذِكْرُ الْأُوقِيَّةِ أَوْ عِدْلِهَا وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْخَمْسِينَ دِرْهَمًا أَوْ عِدْلِهَا مِنَ الذَّهَبِ وَحَدِيثُ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا يُغْنِيهِ قَالَ مَا

يُغَذِّيهِ فِي أَهْلِهِ وَمَا يُعَشِّيهِمْ وَحَدِيثُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ مَنِ اسْتَغْنَى أغناه الله ومن استعف أعفه الله ومن سَأَلَ النَّاسَ وَلَهُ عِدْلُ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ سَأَلَ إِلْحَافًا وَحَدِيثُ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ رَجُلٌ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَهَا أَوْ يُمْسِكَ وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قَالَ سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُولَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا الْفَاقَةُ فَقَدْ حَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا أَوْ سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكُ وَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتٌ يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا وَرَوَى الْفِرَاسِيُّ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَأَسْأَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا وَإِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ سَائِلًا فَسَلِ الصَّالِحِينَ (وَذَكَرَ الْحَدِيثَ)

وَرَوَى عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ أَنَّهُمْ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَهُمْ سَبْعَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ) فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَيُصَلُّوا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَيَسْمَعُوا وَيُطِيعُوا وَلَا يَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا (قَالَ فَلَقَدْ كَانَ بَعْضُ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُهُ فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ) وَرَوَى ثَوْبَانُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ تَكَفَّلَ لِي أَنْ لَا يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا تَكَفَّلْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ وَرَوَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أُعْطِيتَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَهُ فَكُلْ وَتَصَدَّقْ) وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ آتَاهُ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا اسْتِشْرَافٍ فَلْيَأْكُلْ وَلِيَتَمَوَّلْ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ

سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَهَذَا مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا أَوْ يَكُونَ الشَّيْءُ الَّذِي جَاءَهُ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ لَيْسَ مِنَ الزَّكَاةِ إِنْ كَانَ غَنِيًّا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ وَيُرْوَى لِذِي مِرَّةٍ قَوِيٍّ رَوَاهُ (عَبْدُ اللَّهِ) بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَرَوَاهُ أَيْضًا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ كُلُّهَا آثَارٌ مَشْهُورَةٌ صِحَاحٌ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مَوْجُودَةٌ فِي الْمَسَانِيدِ وَالْمُصَنَّفَاتِ وَأُمَّهَاتِ الدَّوَاوِينِ (ذَكَرَهَا أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ كَرِهْتُ الْإِتْيَانَ بِأَسَانِيدِهَا لِاشْتِهَارِهَا وَالسُّؤَالُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَكْرُوهٌ لِمَنْ يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا عَلَى كُلِّ حَالٍ

رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهُ أَوْصَاهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ فِي وَصِيَّتِهِ لَهُ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلًا فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمَا زَالَ ذَوُو الْهِمَمِ وَالْأَخْطَارِ مِنَ الرِّجَالِ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ السُّؤَالِ وَلَقَدْ أَحْسَنَ أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ بْنِ غَيْلَانَ الْعَبْدِيُّ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ حَيْثُ يَقُولُ ... الْتَمِسِ الأرزاق عند الذي ... ما دونه أن سيل مِنْ حَاجِبِ ... ... مَنْ يَبْغَضُ التَّارِكَ عَنْ سُؤْلِهِ ... جُودًا وَمَنْ يَرْضَى عَنِ الطَّالِبِ ... ... وَمَنْ إِذَا قَالَ جَرَى قَوْلُهُ ... بِغَيْرِ تَوْقِيعٍ إِلَى كَاتِبِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ شَاعِرًا فَقِيهًا نَاسِكًا وَكَانَ أَخُوهُ عَبْدُ الصَّمَدِ شَاعِرًا مَاجِنًا وَلِأَحْمَدَ قَصِيدَتُهُ الْمَشْهُورَةُ فِي فَضْلِ الرِّبَاطِ وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ نَظْمًا فِي الرِّضَى وَالْقَنَاعَةِ وَذَمِّ السُّؤَالِ قَوْلُ بَعْضِ الْأَعْرَابِ ... عَلَامَ سُؤَالُ النَّاسِ وَالرِّزْقُ وَاسِعٌ ... وَأَنْتَ صَحِيحٌ لَمْ تَخُنْكَ الْأَصَابِعُ ... ... وَلِلْعَيْشِ أَوْكَارٌ وَفِي الْأَرْضِ مَذْهَبٌ ... عَرِيضٌ وَبَابُ الرِّزْقِ فِي الْأَرْضِ وَاسِعٌ ... ... فَكُنْ طَالِبًا لِلرِّزْقِ مِنْ رَازِقِ الْغَنِيِّ ... وَخَلِّ سُؤَالَ النَّاسِ فَاللَّهُ صَانِعُ ... ... وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْوَلِيدِ ... أَقُولُ لِمَأْفُونِ الْبَدِيهَةِ طَائِرِ ... مَعَ الْحِرْصِ لَمْ يَغْنَمْ وَلَمْ يَتَمَوَّلْ ... ... سَلِ النَّاسَ إِنِّي سَائِلُ اللَّهَ وَحْدَهُ ... وَصَائِنُ عِرْضِي عَنْ فُلَانٍ وَعَنْ فُلِّ ... وَقَالَ عَبِيدُ بْنُ الْأَبْرَصِ ... مَنْ يَسْأَلِ النَّاسَ يَحْرِمُوهُ ... وَسَائِلُ اللَّهَ لَا يَخِيبُ

وَمِنْ قَصِيدَةٍ لِلْحُسَيْنِ بْنِ حُمَيْدٍ ... وَسَائِلُ النَّاسَ إِنْ جَادُوا وَإِنْ بَخِلُوا ... فَإِنَّهُ بِرِدَاءِ الذُّلِّ مُشْتَمِلٌ ... وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةَ فَأَحْسَنَ ... أَتَدْرِي أَيَّ ذُلٍّ فِي السُّؤَالِ ... وَفِي بَذْلِ الْوُجُوهِ إِلَى الرِّجَالِ ... ... يَعِزُّ عَلَيَّ التَّنَزُّهُ مَنْ رَعَاهُ ... وَيَسْتَغْنِي الْعَفِيفُ بِغَيْرِ مَالِ ... ... تَعَالَى اللَّهُ يَا سَلْمَ بْنَ عَمْرٍو ... أَذَلَّ الْحِرْصُ أَعْنَاقَ الرِّجَالِ ... ... وَمَا دُنْيَاكَ إِلَّا مِثْلُ فَيْءٍ ... ... أَظَلَّكَ ثُمَّ آذَنَ بِالزَّوَالِ ... ... إِذَا كَانَ النَّوَالُ بِبَذْلِ وَجْهِي ... فَلَا قَرَبْتُ مِنْ ذَاكَ النَّوَالِ ... ... مَعَاذَ اللَّهِ مِنْ خلق دنيء ... يكون الفضل فيه على لالي ... ... تَوَقَّ يَدًا تَكُونُ عَلَيْكَ فَضْلًا ... ... فَصَانِعُهَا إِلَيْكَ عليك عالي ... ... يد تعلوا بِجَمِيلِ فِعْلٍ ... كَمَا عَلَتِ الْيَمِينُ عَلَى الشِّمَالِ

وُجُوهُ الْعَيْشِ مِنْ سَعَةٍ وَضِيقٍ ... ... وَحَسْبُكَ وَالتَّوَسُّعُ فِي الْحَلَالِ ... ... وَتُنْكِرُ أَنْ تَكُونَ أَخَا نَعِيمٍ ... وَأَنْتَ تُصَيِّفُ فِي فَيْءِ الظِّلَالِ ... ... وَأَنْتَ تُصِيبُ قُوتَكَ فِي عَفَافٍ ... ... وَرِيُّكَ إِنْ ظَمِئْتَ مِنَ الزلال ... ... متى تمسي وتصبح مسترحيا ... ... وَأَنْتَ الدَّهْرَ لَا تَرْضَى بِحَالِ ... ... تُكَابِدُ جَمْعَ شَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ وَتَبْغِي أَنْ تَكُونَ رَخِيَّ بَالٍ ... ... وَقَدْ يُجْزِي قَلِيلُ الْمَالِ مَجْزَى ... كَثِيرِ الْمَالِ فِي سَدِّ الْخِلَالِ ... ... إِذَا كَانَ الْقَلِيلُ يَسُدُّ فَقْرِي ... ... وَلَمْ أَجِدِ الْكَثِيرَ فَلَا أُبَالِي ... ... هِيَ الدُّنْيَا رَأَيْتُ الْحُبَّ فِيهَا ... عَوَاقِبُهُ التَّفَرُّقُ عَنْ تُقَالِ ... ... تُسَرُّ إِذَا نَظَرْتَ إِلَى هِلَالٍ ... ... وَنَقْصُكَ إِنْ نَظَرْتَ إِلَى الْهِلَالِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ الْفَزَارِيِّ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلُ كَدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذَا السُّلْطَانِ أَوْ فِي أَمْرٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ سَمُرَةَ هَذَا مِنْ أَثْبَتِ مَا يُرْوَى فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ أَصْلٌ عِنْدَهُمْ فِي سُؤَالِ السُّلْطَانِ وَقَبُولِ جَوَائِزِهِ وَعُمُومُهُ يَقْتَضِي كُلَّ

سُلْطَانٍ لَمْ يَخُصَّ مِنَ السَّلَاطِينِ صِفَةً دُونَ صِفَةٍ وَقَدْ كَانَ يُعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا يَكُونُ بَعْدَهُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ الْحَدِيثَ فَمَا لَمْ يُعْلَمِ الْحَرَامُ عِنْدَهُمْ بِصِفَتِهِ جَازَ قَبُولُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَسَّانَ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْبَلُ الْجَوَائِزَ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَقَبِلَ جَوَائِزَ الأمراء جماعة منهم الشعبي والحسن البصري وإباهيم النَّخَعِيُّ وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي دِيوَانِ الْوَلِيدِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ كَانُوا فِي دِيوَانِ بَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي الْعَبَّاسِ فِي الْعَطَاءِ ذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ قَالَ ذكر الوليد ابن هِشَامٍ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ قَالَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ عُمَرُ سَلْ حَاجَتَكَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْتَ مَا جَاءَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَالَ لَيْسَ أَنَا ذَلِكَ إِنَّمَا أَنَا

قَاسِمٌ فَسَلْ حَاجَتَكَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُخِذَ مِنِّي قَالَ قَدْ أَمَرْنَا لَكَ بِخَادِمٍ فَخُذْهَا مِنْ عِنْدِ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَتَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ إِلَى عَامِلِ حُلْوَانَ فَأَعْطَاهُمَا قَالَ فَفَضَّلَ تَمِيمًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَوَجَدَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدِيثَ أَحْمَدَ بن منصور الرمادي عن القعنبي قال سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَلِيمٍ الطَّائِفِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي (الْهَاشِمِيَّ) وَالِيًا كَانَ عَلَى مَكَّةَ بَعَثَ إِلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ مِائَتَيْ دِينَارٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَأَنَّكَ لَا تَرَاهَا حَلَالًا قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُذَلَّ وَقَالَ سُفْيَانُ جَوَائِزُ السُّلْطَانِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صِلَةِ الْإِخْوَانِ لِأَنَّهُمْ لَا يَمُنُّونَ وَالْإِخْوَانُ يَمُنُّونَ

قَالَ الْحُلْوَانِيُّ وَحَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ أَمَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِمَالٍ لِلْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ فَلَمْ يَقْبَلْ مُحَمَّدٌ وَقَبِلَ الْحَسَنُ قَالَ وَحَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ سَلَامِ بْنِ مِسْكِينٍ قَالَ بَعَثَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْحَسَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَيَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ وَيَزِيدَ الضبي بثمانمائة ثمانمائة وحلة حلة فقبلوا كلهم إلا محمد بن سِيرِينَ قَالَ وَحَدَّثَنَا دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حَاتِمٍ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَدَعَاهُ الْوَلِيدُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَصَنَعَ حَمَّامًا وَدَخَلَهُ فَأَطْلَى بِنَوْرَةٍ ثُمَّ خرج وانصرف الى المنزل فتغذى مَعَهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ رَأَيْتُ هَدَايَا الْمُخْتَارِ تَأْتِي ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ فيقبلانها

قَالَ مَرْوَانُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ قَالَ قَالَ الْحَسَنُ لَا يَرُدُّ عَطَايَاهُمْ إِلَّا أَحْمَقُ أَوْ مُرَاءٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ فَاضِلًا قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ فَاضِلًا قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ سُفْيَانَ لَمْ يَأْخُذْ مِنَ السُّلْطَانِ أَنَا أَخَذْتُ لَهُ مِنْهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ الثَّوْرِيُّ يَحْتَجُّ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَكَ الْمَهْنَأُ وَعَلَيْهِ الْمَأْثَمُ وَهَذَا لَوْلَا خُرُوجُنَا بِذِكْرِهِ عَنْ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ لَذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا يَطُولُ بِهِ الْكِتَابُ فَقَدْ جَمَعَهُ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ وَغَيْرُهُ وَرُوِيَ عَنْ بَكِيرِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّهُ كَانَ يَقْبَلُ هَدِيَّةَ امْرَأَةٍ سَوْدَاءَ تَبِيعُ الْمِزْرَ بِمِصْرَ قَالَ لِأَنِّي كُنْتُ أَرَاهَا تَغْزِلُ وَقَالَ اللَّيْثُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَى الْخَمْرِ فَلْيَكُفَّ عَنْهُ قَالَ وَأَكْرَهُ طَعَامَ الْعُمَّالِ مِنْ جِهَةِ الْوَرَعِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا كُلُّهَا حَرَامًا لَمَا كَانَ بُدٌّ مِنَ العيش فيها

وَقَالَ مَالِكٌ فَكُلٌّ مَنْ عَمِلَ لِلسُّلْطَانِ عَمَلًا فَلَهُ رِزْقُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ فَلَا بأس بالجائزة يجاز بِهَا الرَّجُلُ يَرَاهُ الْإِمَامُ بِجَائِزَتِهِ أَهْلًا لِعِلْمٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا مَنْ حَدَّ فِي الْغِنَى حَدًّا خَمْسِينَ دِرْهَمًا أَوْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَزَعَمُوا أَنَّ الْمَرْءَ غَنِيٌّ بِمَلْكِهِ هَذَا الْمِقْدَارَ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِيهِ وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا يُعْطَى أَحَدٌ مِنَ الْفُقَرَاءِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا مِنَ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَرُدُّ قَوْلَهُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَى الْأَنْصَارِيَّ الْمَقْتُولَ بِخَيْبَرَ بِمِائَةِ نَاقَةٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَدَفَعَهَا إِلَى أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ قَدْ نَزَعَ لِهَذَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَفِي ذَلِكَ عِنْدِي نَظَرٌ فَأَمَّا مَنْ جَعَلَ الْمَرْءَ بِمَلْكِهِ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ غَنِيًّا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَلَكَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ مِنْ شَعِيرٍ قِيمَتُهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ أَوْ نَحْوُهَا مِمَّا لَا يَكُونُ غِنًى عِنْدَ أَحَدٍ وَكَانَ مَلْكُهُ إِيَّاهَا بِزَرْعِهِ لَهَا فِي أَرْضِهِ وَلَمْ يَمْلِكْ مِنْ حَصَادِهِ غَيْرَهَا أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ شيئا سوها وَهَذَا عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فَقِيرٌ مِسْكِينٌ غَيْرُ غَنِيٍّ وَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ وَهَذَا يَنْقُضُ مَا أَصَّلُوهُ وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ عَنْ رجلين قَالَا أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُقَسِّمُ نِعَمَ الصَّدَقَةِ فَسَأَلْنَاهُ فَصَعَّدَ فِينَا الْبَصَرَ وَصَوَّبَ وَقَالَ مَا شِئتُمَا فَلَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ قَوِيٍّ وَمِنْ أَحْسَنِ مَا رَأَيْتُ (مِنْ أَجْوِبَةٍ) فِي مَعَانِي السُّؤَالِ وَكَرَاهِيَتِهِ وَمَذَاهِبِ أَهْلِ الْوَرَعِ فِيهِ مَا حَكَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَنِ الْمَسْأَلَةِ مَتَى تَحِلُّ فَقَالَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُغَذِّيهِ وَيُعَشِّيهِ عَلَى حديث سهل ابن الْحَنْظَلِيَّةِ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَإِنِ اضْطُرَّ إِلَى الْمَسْأَلَةِ قَالَ هِيَ مُبَاحَةٌ لَهُ إِذَا اضطر

قِيلَ لَهُ فَإِنْ تَعَفَّفَ قَالَ ذَلِكَ خَيْرٌ لَهُ ثُمَّ قَالَ مَا أَظُنُّ أَحَدًا يَمُوتُ مِنَ الْجُوعِ اللَّهُ يَأْتِيهِ بِرِزْقِهِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَنِ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللَّهُ وَحَدِيثَ أَبِي ذَرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ تَعَفَّفْ قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَذَكَرَ حَدِيثَ عُبَيْدِ الله بن عدي ابن الْخِيَارِ عَنْ رَجُلَيْنِ أَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَاهُ عَنِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ لَهُمَا إِنْ شِئْتُمَا وَلَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيِّ مُكْتَسِبٍ فَقَالَ هَذَا أَجْوَدُهَا إِسْنَادًا ثُمَّ قَالَ قَدْ يَكُونُ قَوِيًّا وَلَا يَكُونُ مُكْتَسِبًا لَا يَكُونُ فِي يَدِهِ حِرْفَةٌ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى شَيءٍ فَهَذَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا إِذَا كَانَ غَيْرَ مُكْتَسِبٍ فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَكْتَسِبَ فَهُوَ مُضَيَّقٌ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ فَإِذَا غُيِّبَ عَلَيْكَ أَمْرُهُ فَلَمْ تَدْرِ أَيَكْتَسِبُ أَمْ لَا أَعْطَيْتَهُ وَأَخْبَرْتَهُ بِمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ (قَالَ أَبُو بَكْرٍ) وَسَمِعْتُهُ يَسْأَلُ عَنْ قَوْلِهِ ذِي مِرَّةٍ قَوِيٍّ قَالَ هُوَ الصَّحِيحُ ثُمَّ قَالَ مَا أَحْسَنَهُ وَأَجْوَدَهُ مِنْ حَدِيثٍ يَعْنِي حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عدي ابن الْخِيَارِ (وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِسَنَدِنَا فِيهِ قَبْلَ هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ)

(أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ) قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ عَلَى حَدِيثِ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا أَوْ سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ قِيلَ لَهُ مَا السَّدَادُ قَالَ مَا يُعَشِّيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عَلَى نَحْوِ جَوَابِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَسَمِعْتُهُ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي لَا يَجِدُ شَيْئًا أَيَسْأَلُ أَمْ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ فَقَالَ أَيَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَهُوَ يَجِدُ مَنْ يَسْأَلُهُ هَذَا شَنِيعٌ قَالَ وَسَمِعْتُهُ يُسْأَلُ هَلْ يَسْأَلُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ فَقَالَ لَا وَلَكِنْ يَعْرِضُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ قَوْمٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ فَقَالَ تَصَدَّقُوا وَلَمْ يَقُلْ أَعْطُوهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَفِيهِ إِطْلَاقُ السُّؤَالِ لِغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّي مَعَهُ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ قِيلَ لَهُ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فَالرَّجُلُ يَذْكُرُ الرَّجُلَ فَيَقُولُ إِنَّهُ مُحْتَاجٌ فَقَالَ هَذَا تَعْرِيضٌ وَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ فَإِنَّمَا الْمَسْأَلَةُ أَنْ تَقُولَ أَعْطِهِ ثُمَّ قَالَ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَسْأَلَ الْمَرْءُ لِنَفْسِهِ فَكَيْفَ لغيره والتعريض ها هنا أَعْجَبُ إِلَيَّ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ سَأَلَ وَهُوَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الْمَسْأَلَةُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ هَذَا رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مِنَ الزَّكَاةِ فَهَذَا يُضَيِّقُ عَلَى الْمُعْطِي وَالْمُعْطَى فَإِنْ كَانَ مِنْ عَرَضِ مَالِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَا يَأْخُذُ مِنَ الصَّدَقَةِ مَنْ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا قِيلَ لَهُ وَمَا الْأَصْلُ فِي أَنْ لَا يُعْطَى أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ قَالَ لِأَنَّهُ إِذَا أَخَذَ خَمْسِينَ صَارَ غَنِيًّا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عِيَالٌ أَوْ يَكُونَ غَارِمًا أَوْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ ثُمَّ قَالَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ فِي الصَّدَقَةِ قُلْتُ لَهُ وَرَوَاهُ زُبَيْدٌ وَهُوَ لِحَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَطْ فَقَالَ رَوَاهُ زُبَيْدٌ فِيمَا قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ فَحَدَّثْنَا زُبَيْدٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ لَمْ (يُخْبِرْ بِهِ) مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَا قَالَ وَسَمِعْتُهُ وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَأَلَ وله أوقية أو قيمة أوقية فهو

مُلْحِفٌ فَقَالَ هَذَا يُقَوِّي حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ) مِنْ حَدِيثِ مَنْ هُوَ فَقَالَ مِنْ حَدِيثِ عِمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ رَجُلٌ لَهُ عِيَالٌ قَالَ يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسِينَ خَمْسِينَ وَمَنْ كَانَ لَهُ خَمْسُونَ لَمْ يُعْطَ مِنْهَا شَيْئًا وَإِنْ كَانَ لَهُ دُونَ خَمْسِينَ بَلَغَ الْخَمْسِينَ قِيلَ لَهُ فَإِنْ كَانَتِ الْخَمْسُونَ لَا تَكْفِيهِ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ إِنَّمَا تَكْفِيهِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ (أَوْ نَحْوَهَا) وَهُوَ يَشْتَهِي أَنْ لَا يُحْوِجَهُ إِلَى أَحَدٍ فَقَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْطِيَهُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ فَقُلْتُ أَنَا لِلَّذِي سَأَلَهُ إِذَا فَنِيَتِ الْخَمْسُونَ أَعْطَاهُ خَمْسِينَ أُخْرَى قَالَ نَعَمْ إِذَا فَنِيَتْ أَعْطَاهُ أُخْرَى قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا اللَّقِحَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ الْأَسَدِيِّ فَقُلْتُ لَلِقْحَةٌ لَنَا خَيْرٌ مِنْ أُوقِيَّةٍ فَاللِّقْحَةُ النَّاقَةُ اللبون

(وَذَكَرَ الْحَرْبِيُّ عَنْ أَبِي نَصْرٍ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِقَاحُ الْإِبِلِ أَنْ تَحْمِلَ سَنَةً) قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ أَحْبَحَةُ بْنُ الْجَلَّاحِ ... تبوع للحليلة حيث كانت ... كما يعتاد لقحت الفصيل

الحديث الثالث عشر

حديث ثالث عَشَرَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ فِي الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ وَسَيَأْتِي حَدِيثُ أَبِي النَّضْرِ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صَيْدَ الْبَرِّ لِلْمُحْرِمِ حَلَالٌ إِذَا لَمْ يَصِدْهُ إِلَّا أَنَّهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَفِيمَا يُصَادُ مِنْ أَجْلِ الْمُحْرِمِ كَلَامٌ وَتَعْلِيلٌ وَاخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ يَأْتِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي باب حرف الميم عِنْدَ ذَكَرَ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَفِي حَرْفِ السِّينِ عِنْدَ ذِكْرِ أَحَادِيثِ أَبِي النَّضْرِ سَالِمٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ الْعَوْنُ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِي قَتَادَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كثيرا

الحديث الرابع عشر

حديث رابع عَشَرَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ مَالِكٌ عن زيد ابن أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الْعَامِرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ قَدْ ذَكَرْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ ها هنا وَتُوُفِّيَ بِفِلَسْطِينَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَكَانَ أَخَا عُثْمَانَ لِأُمِّهِ وَابْنُهُ عِيَاضٌ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُوَطَّئِهِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَدِيثٌ قَدْ خَرَّجَهُ فِي الْمُسْنَدِ جَمَاعَةُ الْمُصَنِّفِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ وَشَرْطُنَا أَنْ لَا نَتْرُكَ ذِكْرَ مِثْلَ هَذَا فِي كِتَابِنَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ

مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قال كنا نخرج إذا كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ (فَلَمْ نَزَلْ) نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ أَنْ قَالَ إِنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعَدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ أَبَدًا مَا عِشْتُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عثمان عن عياض عن أبي سعيد بمعناه وَذُكِرَ فِيهِ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ أَوْ صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ وَلَيْسَ بِمَحْفُوظٍ قَالَ أبو داود وقد حدثناه مسدد عن إسمعيل بْنِ عُلَيَّةَ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْحِنْطَةِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَقَدْ ذَكَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ أَوْ مِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَاهُ حَامِدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ سَمِعَ عِيَاضًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ أَوْ صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ قَالَ حَامِدٌ فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ عَلَى سُفْيَانَ فَتَرَكَهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذِهِ الزِّيَادَةُ وَهْمٌ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عجلان قال سمعت عياض

ابن عَبْدِ اللَّهِ يُخْبِرُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ لَمْ يُخْرَجْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ دَقِيقٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ سُلْتٍ ثُمَّ شَكَّ سُفْيَانُ فَقَالَ مِنْ دَقِيقٍ أَوْ سُلْتٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لم ذكر فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ لَمْ يَذْكُرِ الطَّعَامَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بن عبد الله بن عثمان عن عياض عَنْ أَبِي سَعِيدٍ لَيْسَ فِيهَا مِنْ طَعَامٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الطَّعَامِ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَقَالَ فِيهِ مِنْ طَعَامٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ طعام (قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ لَمْ نَزَلْ نُخْرِجُ عَلَى

عَهْدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَصَاعًا مِنْ شَعِيرٍ وَصَاعًا مِنْ أَقِطٍ فَلَمْ نَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى كَانَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ أَرَى أَنَّ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ يَعْدِلُ صَاعَ تَمْرٍ فَأَخَذَ بِهِ النَّاسُ خَالَفَهُ وَكِيعٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ فَذَكَرَ فِيهِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ كَمَا قَالَ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ دَاوُدَ) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَوِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا وكيع عن سفيان عن زيد ابن أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الثَّوْرِيُّ وَمَوْضِعُهُ من الحفظ وموضعه قَدْ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إِذْ كان فينا

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ قَالَ فِيهِ كُلُّ مَنْ رَوَاهُ فَلِذَلِكَ ذَكَرْنَاهُ فِي الْمُسْنَدِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَوْمُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَ فِيهِ الثَّوْرِيُّ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَكَمَا قَالَ دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ الْقَعْنَبِيُّ (وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الطَّعَامَ) قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن إسمعيل قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنَ الْأَقِطِ لَا نُخْرِجُ غَيْرَهُ

زَادَ عَبْدُ الْوَارِثِ فَلَمَّا كَثُرَ الطَّعَامُ فِي زمن معاوية جعلوه مدى حِنْطَةٍ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قال حدثنا حمزة بن محمد ابن عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَا جَمِيعًا أخبرنا وكيع عن داود ابن قَيْسٍ الْفَرَّاءِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أو صاعا من أَقِطٍ فَلَمْ نَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ قَالَ مَا أَرَى مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ إِلَّا تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ هَذَا قَالَ فَأَخَذَ النَّاسُ بِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ وَبَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ وَالْمَعْنَى سَوَاءٌ وَفِي حَدِيثِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ زِيَادَةٌ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ أَبَدًا مَا عِشْتُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ

الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحْرِزُ بْنُ الْوَضَّاحِ عَنْ إسمعيل بْنِ أُمَيَّةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَرْفُوعٌ فَلِذَلِكَ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا عَلَى شَرْطِنَا وَذَكَرَ فِيهِ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ فِيهِ دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ مِنْ رِوَايَةِ وَكِيعٍ وَالْقَعْنَبِيِّ وَكُلُّهُمْ ذَكَرَ فِيهِ الشَّعِيرَ وَالتَّمْرَ وَالْأَقِطَ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِيهِ الزَّبِيبَ وَتَأَوَّلَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ فِي ذِكْرِ الطَّعَامِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا أَنَّهُ الْحِنْطَةُ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ الشعير والتمر

وَالْأَقِطُ بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِهِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَقَالَ عَنْهُ ابْنُ سِيرِينَ صَاعٌ مِنْ بُرٍّ وَقَالَ عَنْهُ الْحَسَنُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَقَالَ أَبُو رَجَاءٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِكُمْ يَعْنِي مِنْبَرَ الْبَصْرَةِ يَقُولُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ فَتَأَوَّلُوهُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ الْبُرُّ وَلَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ وَلَا ابْنُ سِيرِينَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ أَبُو رَجَاءٍ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَسَيَأْتِي فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا بِاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهِ وَتَخْرِيجِ مَعَانِيهِ وَنَذْكُرُ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَحْكَامَ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَوُجُوبَهَا عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّنَازُعِ وَالْأَقَاوِيلِ بِأَتَمِّ ما يكون إن شاء الله ونذكر ها هنا اخْتِلَافَهُمْ فِي مَكِيلَةِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَمَا الَّذِي يُخْرَجُ فِيهَا مِنَ الْحُبُوبِ وَأَصْنَافِ الْمَأْكُولِ أَوِ الْقِيمَةِ مِنَ الْعُرُوضِ وَغَيْرِهَا وَمَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَقَاوِيلِ وَالِاعْتِلَالِ وَبِاللَّهِ الْحَوْلُ وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الشَّعِيرَ وَالتَّمْرَ لَا يجزء مِنْ أَحَدِهِمَا إِلَّا صَاعٌ كَامِلٌ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْبُرِّ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يجزء مِنَ الْبُرِّ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ أَقَلُّ مِنْ صَاعٍ بِصَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا يُجْزِئُ مِنَ الْبُرِّ نِصْفُ صَاعٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَجَمَاعَةِ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ

وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِالصَّاعِ مِنَ الْبُرِّ وَغَيْرِهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ هَذَا وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ نِصْفُ صَاعٍ وَحَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدِ عِنْدَهُمْ لَا يَصِحُّ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الصَّحِيحُ فِيهِ صَاعٌ لَا نِصْفَ صَاعٍ وَالتَّمْرُ وَالشَّعِيرُ كَانَ قُوتَ الْقَوْمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَوَاجِبٌ اعْتِبَارُ الْقُوتِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَالْقَضَاءُ مِنْهُ بِصَاعٍ كَامِلٍ عَلَى مَا فِي الاثار الصحاح عن ابن عمر وغيره مِنْهُ بِصَاعٍ كَامِلٍ عَلَى مَا فِي الْآثَارِ الصِّحَاحِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِنِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ مَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ قَالَ فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَالنَّاسُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كِبَارُ الصَّحَابَةِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ عَدَلَ ذَلِكَ وَقَضَى بِهِ وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ رَوَى هَذَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ نَافِعٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَانَ الصَّحَابَةُ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ مُتَوَافِرِينَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْغَلَطُ فِي مِثْلِ هَذَا وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي صَغِيرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ

الحديث التاسع عشر

وَصَاعٌ مِنْ بُرٍّ عَنْ (كُلِّ) اثْنَيْنِ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا وَهُوَ حَدِيثٌ مضطرب (لا يثبت) واحتج أيضا من عقال بِنِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ بِمَا رُوِيَ عَنْ سعيد ابن الْمُسَيَّبِ قَالَ كَانَتْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ تُعْطَى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَمُعَاوِيَةَ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَفِي الْأَسَانِيدِ عَنْ بَعْضِهِمْ ضَعْفٌ وَاخْتِلَافٌ وَكَذَلِكَ روى سعيد بن المسيب عطاء وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَكَانَ لَا يُخْرِجُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ إِلَّا التَّمْرَ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً أَعْوَزَهُ التَّمْرُ فَأَخْرَجَ شعيرا

وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ إِنَّهُ يُؤَدِّي مَا كَانَ جُلُّ عَيْشِ أَهْلِ بَلَدِهِ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ وَالسُّلْتَ وَالذُّرَةَ وَالدَّخَنَ وَالْأُرْزَ وَالزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ وَالْأَقِطَ قَالَ وَلَا أَرَى لِأَهْلِ مِصْرَ أَنْ يَدْفَعُوا إِلَّا الْقَمْحَ لِأَنَّ ذَلِكَ جُلُّ عَيْشِهِمْ إِلَّا أَنْ يَعْلُوَ سِعْرُهُمْ فَيَكُونُ عَيْشُهُمُ الشَّعِيرَ فَيُعْطَوْنَهُ قَالَ وَيُعْطَى صَاعًا مِنْ كُلِّ شَيءٍ وَلَا يُعْطَى مَكَانُ ذَلِكَ عَرْضًا مِنَ الْعُرُوضِ قَالَ أَشْهَبُ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الَّذِي يُؤَدِّي الشَّعِيرَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ فَقَالَ لَا يُؤَدِّي الشَّعِيرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَأْكُلُهُ قِيلَ فَيُنَقِّيَهُ قَالَ لَا بَلْ يُؤَدِّيهِ عَلَى وَجْهِهِ كَمَا يَأْكُلُهُ قِيلَ لَهُ فَإِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ مُدَّانِ فَقَالَ الْقَوْلُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَذَكَرْتُ لَهُ الْأَحَادِيثَ الَّتِي تَذْكُرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُدَّيْنِ مِنَ الْحِنْطَةِ فَأَنْكَرَهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَيُّ قُوتٍ كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَى رَجُلٍ أَدَّى مِنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إِنْ كَانَ حِنْطَةً أَوْ ذُرَةً أَوْ سُلْتًا أَوْ شَعِيرًا أَوْ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا أَدَّى صَاعًا بِصَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُؤَدِّي إِلَّا الْحَبَّ لَا يُؤَدِّي دَقِيقًا وَلَا سُوَيْقًا وَلَا قِيمَةً قَالَ فَإِنْ أَدَّى أَهْلُ الْبَادِيَةِ الْأَقِطَ لَمْ يَبِنْ لِي أَنَّ عَلَيْهِمْ إِعَادَةً وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُؤَدِّي نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ دَقِيقٍ أَوْ سُوَيْقٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الزَّبِيبُ بِمَنْزِلَةِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ يَخْرُجُ بِالْقِيمَةِ قِيمَةُ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْبُرِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُؤَدِّي كُلُّ إِنْسَانٍ مُدَّيْنِ (مِنْ قَمْحٍ) بِمَدِّ أَهْلِ بَلَدِهِ وَقَالَ اللَّيْثُ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ بِمُدِّ هِشَامٍ وَأَرْبَعَةَ أَمْدَادٍ مِنَ التَّمْرِ (وَالشَّعِيرِ وَالْأَقِطِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ الَّذِي يُخْرِجُ فِي زكاة الفطر) صاع مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ أَقِطٍ إِنْ كَانَ بَدَوِيًّا وَلَا يُعْطَى قِيمَةَ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ وَهُوَ يَجِدُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ سَكَتَ أَبُو ثَوْرٍ عَنْ ذِكْرِ الْبُرِّ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَسْتَحِبُّ إِخْرَاجَ التَّمْرِ (وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَدَارُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا اعْتِبَارُ الْقُوتِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا الصَّاعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الصَّاعُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ اعْتِبَارُ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ وَقِيمَتِهِمَا وَعِدْلِهِمَا (عَلَى) مَا قَالَ الْكُوفِيُّونَ وَفِي أَخْذِ الْبَدَلِ وَالْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ وَفِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ كَلَامٌ يَطُولُ وَاعْتِلَالٌ يَكْثُرُ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ)

الحديث الخامس عشر

حديث خامس عَشَرَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ زيد ابن أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ الْمِصْرِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَمَّا يَعْصِرُ مِنَ الْعِنَبِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَهْدَى رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاوِيَةَ خَمْرٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا قَالَ لَا قَالَ فَسَارَّهُ إِنْسَانٌ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَ سَارَرْتَهُ قَالَ أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا قَالَ فَفَتَحَ الْمَزَادَتَيْنِ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهِمَا ابْنُ وَعْلَةَ هَذَا اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَعْلَةَ السَّبَئِيُّ أَصْلُهُ مِنْ مِصْرَ ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَسَكَنَهَا وَهُوَ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَعْدُودٌ وَكَانَ ثِقَةً مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ مَأْمُونًا عَلَى مَا روى وحمل روى عنه

زيد ابن أَسْلَمَ وَالْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ وَأَبُو الْخَيْرِ الْيَزَنِيُّ وغيرهم ذكر إسحق بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ عبد الرحمن ابن وَعْلَةَ ثِقَةٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ مَا يُعْصَرُ مِنَ الْعِنَبِ يُسَمَّى خَمْرًا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ لَكِنَّ الِاسْمَ الشَّرْعِيَّ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ تُغْلَى وَتُرْمَى بِالزُّبْدِ وَيُسْكِرَ كَثِيرُهَا أَوْ قَلِيلُهَا وَفِي اللُّغَةِ قَدْ يُسَمَّى الْعِنَبُ خَمْرًا لَكِنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالِاسْمِ الشَّرْعِيِّ دُونَ اللُّغَوِيِّ وَفِيهِ أَنَّ النَّهْيَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ إِذَا وَرَدَ فَحُكْمُهُ التَّحْرِيمُ إِلَّا أَنْ يُزِيحَهُ عَنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ يُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْهُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا ثُمَّ قَالَ إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا فَأَطْلَقَ عَنِ اللَّهِ تَحْرِيمَهَا وَلَا خِلَافَ بَيْنِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ تَحْرِيمَهَا إِنَّمَا وَرَدَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ بِلَفْظِ النَّهْي فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ إِلَى فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَإِلَى فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ وَهَذِهِ الْآيَةُ نَسَخَتْ كُلَّ لَفْظٍ وَرَدَ بِإِبَاحَتِهَا نَصًّا أَوْ دَلِيلًا فَنَسَخَتْ مَا جَرَى مِنْ ذِكْرِهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَسُورَةِ النِّسَاءِ وسورة النحل

وَأَجْمَعْتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ خَمْرَ الْعِنَبِ حَرَامٌ فِي عَيْنِهَا قَلِيلَهَا وَكَثِيرَهَا فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنِ الْإِكْثَارِ فِيهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابَ الْأَلِفِ (مِنْ ذَلِكَ) مَا فِيهِ كِفَايَةٌ (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ (دَلِيلٌ) أَنَّ الْخَمْرَ لَمْ تَكُنْ حَرَامًا حَتَّى نَزَلَ تَحْرِيمُهَا وَفِي سِيَاقَةِ الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا سَكَتَ اللَّهُ عَنْ تَحْرِيمِهِ فَحَلَالٌ وَأَنَّ أَصْلَ الْأَشْيَاءِ عَلَى الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَرِدَ الْمَنْعُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَهْدِيَّ لِرَاوِيَةِ الْخَمْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا أَهْدَاهَا اعْتِقَادًا مِنْهُ لِلْإِبَاحَةِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْخَمْرَ لَمْ يُنَزِّلِ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ أَمَرَ بِشُرْبِهَا ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ بِتَحْرِيمِهَا وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا وَإِنَّ مَا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَسَكَتَ فَدَاخِلٌ فِي بَابِ الْإِبَاحَةِ أَلَا تَرَى إِلَى (قَوْلِ) سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ حَيْثُ قَالَ كَانَ النَّاسُ عَلَى أَمْرِ جَاهِلِيَّتِهِمْ حَتَّى يُؤْمَرُوا أَوْ يُنْهَوْا وَسُؤَالُ الصَّحَابَةِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَمْرِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ إِنَّمَا كَانَ لِمَا كَانُوا يَجِدُونَهُ مِنَ الشَّرِّ وَالسَّفَهِ عِنْدَ

شُرْبِهَا عَلَى مَا جَاءَ مَنْصُوصًا فِي الْآثَارِ في تفسير قوله يسئلونك عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ الْآيَةَ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ أَوْ شُرْبُهُ مِنَ الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا يَحِلُّ ثَمَنُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ ثَلَاثًا حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ ثَمَنَهُ وَقَدِ احْتَجَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمِثْلِ هَذَا حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ سَمُرَةَ بَاعَ خَمْرًا فَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ سَمُرَةَ أَوْ مَا عَلِمَ أَوْ مَا سَمِعَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ (فَجَمَّلُوهَا) فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يزيد ابن أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ

بِمَكَّةَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْأَصْنَامَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَثَمَنَهَا وَحَرَّمَ الْخِنْزِيرَ وَثَمَنَهُ وَجَمِيعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الدَّمِ وَالْخَمْرِ وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الْعَذِرَاتِ وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ وَمَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَلِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَرِهَ مَالِكٌ بَيْعَ زِبْلِ الدَّوَابِّ وَرَخَّصَ فِيهِ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ شَاهِدٌ لِصِحَّةِ ذَلِكَ فَلَمْ أَرَ وَجْهًا لِذِكْرِ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي بَيْعِ السرجين والزبل ها هنا لِأَنَّ كُلَّ قَوْلٍ تُعَارِضُهُ السُّنَّةُ وَتَدْفَعُهُ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنْ مِثْلِهَا لَا وَجْهَ لَهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ ابن أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنَّ لَنَا كُرُومًا فَكَيْفَ تَرَى فِي بَيْعِ الْخَمْرِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ دَوْسٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَهْدَيْتُ لَكَ هَدِيَّةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا هِيَ قَالَ رَاوِيَةُ خَمْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعَرْتُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ الْخَمْرَ بعدك فأمر الدوسي بها غلامه يَبِيعَهَا فَلَمَّا وَلَّى بِهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاذَا أَمَرْتَ بِهَا قَالَ أَمَرْتُ بِبَيْعِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعَرْتُ أَنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِثْمَ مَرْفُوعٌ عَمَّنْ لَمْ يَعْلَمِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا وَمَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمَ وَلَمْ يَتَعَلَّمْ أَثِمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَمْرَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ تَخْلِيلَهَا وَلَوْ جَازَ (لِأَحَدٍ) تَخْلِيلَهَا مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَدَعَ الرَّجُلَ أَنْ يَفْتَحَ الْمَزَادَتَيْنِ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهِمَا

لِأَنَّ الْخَلَّ مَالٌ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ بَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُهُ أَنْ يُخَلِّلَهَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْصَحُ النَّاسَ لِلنَّاسِ وَأَدَلُّهُمْ عَلَى قَلِيلِ الْخَيْرِ وَكَثِيرِهِ وَذَكَرَ ابْنُ وَضَّاحٍ أَنَّ سَحْنُونَ كَانَ يَذْهَبُ هَذَا الْمَذْهَبَ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَخْلِيلِ الْخَمْرِ فَقَالَ مَالِكٌ فِيمَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُخَلِّلَ الْخَمْرَ وَلَكِنْ يهريقها فإن صارت خلا بغير علاج فهو حلالا لَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ إِذَا خَلَّلَ النَّصْرَانِيُّ خَمْرًا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ خَلَّلَهَا مُسْلِمٌ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ ذَكَرَهَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي كِتَابِهِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِيمَنِ اشْتَرَى قِلَالَ خَلٍّ فَوَجَدَ فِيهَا قُلَّةَ خَمْرٍ قَالَ لَا يُجْعَلُ فِيهَا شَيْءٌ يُخَلِّلُهَا قَالَ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُعَالِجَ الْخَمْرَ حَتَّى يَجْعَلَهَا خَلًّا ولا يبيعها ولكن يهرقها فإن فات علاجها (بعد أن وجدت خمرا) من غير عِلَاجٍ فَإِنَّهَا حَلَالٌ لَا بَأْسَ بِهَا إِنْ شاء الله

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ (والأوزاعي) والليث بن سعيد لَا يَرَوْنَ بَأْسًا بِتَخْلِيلِ الْخَمْرِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ طَرَحَ فِيهَا السَمَكَ وَالْمِلْحَ فَصَارَتْ مَرْيًا وَتَحَوَّلَتْ عَنْ حَالِ الْخَمْرِ جَازَ وَخَالَفَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْمَرْيِ وَقَالَ لَا يُعَالَجُ الْخَمْرُ بِغَيْرِ تَحْوِيلِهَا إِلَى الْخَلِّ وَحْدَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ عِنْدِي فِي هَذِهِ المسئلة مَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حِجْرِهِ يَتِيمٌ وَكَانَ عِنْدَهُ خَمْرٌ لَهُ حِينَ حُرِّمَتْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَصْنَعُهَا خَلًّا قَالَ لَا فَصَبَّهَا حَتَّى سَالَ الْوَادِي وَرُوِيَ مُجَالِدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كَانَ عِنْدِي خَمْرٌ لِأَيْتَامٍ فَلَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُهْرِيقَهَا

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا قَالَ أَهْرِقْهَا قَالَ أَفَلَا أَجْعَلُهَا خَلًّا قَالَ لَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو هُبَيْرَةَ هَذَا هُوَ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ ثِقَةٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا قَالَ لَا وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسمعيل الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ فِي سَنَةِ مِائَتَيْنِ بَعْدَ قَتْلِ أَبِي السَّرَايَا بِأَشْهُرٍ قَالَ حدثنا مجالد

ابن سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ كَانَ عِنْدَنَا خَمْرٌ لِيَتِيمٍ فَلَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَقُلْنَا) إِنَّهُ لِيَتِيمٍ فَقَالَ أَهْرِيقُوهَا وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ وَقَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كَانَ عِنْدِي مَالُ يَتِيمٍ فَاشْتَرَيْتُ بِهِ خَمْرًا فَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَبِيعَهَا فَأَرُدُّ عَلَى الْيَتِيمِ مَالَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْعِ الْخَمْرِ وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَهْدَى رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاوِيَةً مِنْ خَمْرٍ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي حُرِّمَتْ جَاءَ بِرَاوِيَةِ خَمْرٍ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ ضَحِكَ وَقَالَ هَلْ شَعَرْتَ أَنَّهَا قَدْ حُرِّمَتْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أَبِيعُهَا وَأَنْتَفِعُ بِثَمَنِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ انْطَلَقُوا إِلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ مِنْ شُحُومِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَأَذَابُوهُ وَجَعَلُوهُ إِهَالَةً فَابْتَاعُوا بِهِ مَا يَأْكُلُونَ وَإِنَّ الْخَمْرَ حَرَامٌ وَثَمَنُهَا حَرَامٌ

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُطِيعٌ الْغَزَّالُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ لَا تَحِلُّ التِّجَارَةُ فِي شَيْءٍ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قال حدثنا هشيم عن مطيع ابن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ (عَنْ عُمَرَ) فَذَكَرَهُ فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ وَرِثَ خَمْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَصَارَتْ بِيَدِهِ أَهْرَقَهَا وَلَمْ يَحْبِسْهَا وَلَا خَلَّلَهَا وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ قَالَ يُخَلِّلُهَا فَأَمَّا إِذَا تَخَلَّلَتْ مِنْ ذَاتِهَا بِغَيْرِ صُنْعٍ آدَمِيٍّ فَقَدْ رُوِيَ فِيهَا عَنْ عُمَرَ مَا تَسْكُنُ النَّفْسُ إِلَيْهِ وَقَالَ بِهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ عَلَى ما قدمنا ذكره في باب إسحق وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاحْتَجَّ الْعِرَاقِيُّونَ فِي تَخْلِيلِ الْخَمْرِ بِأَبِي الدَّرْدَاءِ وَهُوَ حَدِيثٌ يُرْوَى عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مِنْ وَجْهٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ أَنَّهُ يُأْكَلُ الْمَرِيُ الَّذِي جُعِلَ فِيهِ الْخَمْرُ وَيَقُولُ دَبَغَتْهُ الْخَلُّ وَالْمِلْحُ وَهَذَا وَمِثْلُهُ لَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ إِذَا كَانَ مُخَالِفًا لِمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ مُجَوَّدًا فِي بَابِ إسحق وذلك يغني عن تكريره ها هنا

وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ لَا خَيْرَ فِي خَلٍّ مِنْ خَمْرٍ أُفْسِدَتْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ الَّذِي أَفْسَدَهَا قال وحديث ابن أبي ذئيب عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) قَالَ لَا تُؤكَلُ خَمْرٌ أُفْسِدَتْ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ تَوَلَّى إِفْسَادَهَا وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ عن عثمان بن أبي العاصي أَنَّ تَاجِرًا اشْتَرَى خَمْرًا فَأَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّهَا فِي دِجْلَةَ فَقَالُوا أَلَا تَأْمُرُهُ أَنْ يَجْعَلَهَا خَلًّا فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَهَذَا عُمَرُ بْنُ الخطاب وعثمان ابن أَبِي الْعَاصِي يُخَالِفَانِ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِي تَخْلِيلِ الْخَمْرِ وَلَيْسَ فِي أَحَدٍ حُجَّةٌ مَعَ السُّنَّةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ مِنْ تَخْلِيلِهَا كَانَ فِي بَدْءِ الْأَمْرِ عِنْدَ نُزُولِ تَحْرِيمهَا لِئَلَّا يُسْتَدَامَ حَبْسُهَا بِقُرْبِ الْعَهْدِ بِشُرْبِهَا إِرَادَةً لِقَطْعِ الْعَادَةِ فِي ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا لَمْ يَكُنْ فِي النَّهْيِ عن تخليلها حينئذ والأمر بارقتها مَا يَمْنَعُ مِنْ أَكْلِهَا إِذَا تَخَلَّلَتْ وَلَمْ يسئل عَنْ خَمْرٍ تَخَلَّلَتْ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ تعالى الموفق للصواب (لا شريك له)

الحديث السادس عشر

حديث سادس عَشَرَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ زيد ابن أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ الْمِصْرِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَسَمَاعُ ابْنِ وَعْلَةَ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحٌ رَوَى هذا الحديث عن زيد ابن أَسْلَمَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ وَأَبُو الْخَيْرِ (الْيَزَنِيُّ) وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَا لَمْ يَكُنْ طَاهِرًا مِنَ الْأُهُبِ كَجُلُودِ الْمَيْتَاتِ وَمَا لَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ مِنْ

السِّبَاعِ عِنْدَ مَنْ حَرَّمَهَا لِأَنَّ الطَّاهِرَ لَا يَحْتَاجُ الدِّبَاغَ لِلتَّطْهِيرِ وَمُسْتَحِيلٌ أَنْ يُقَالَ فِي الْجِلْدِ الطَّاهِرِ إِنَّهُ إِذَا دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ (وَهَذَا يَكَادُ عِلْمُهُ أَنْ يَكُونَ ضَرُورَةً وَفِي قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ) نَصٌّ وَدَلِيلٌ فَالنَّصُّ طَهَارَةُ الْإِهَابِ بِالدِّبَاغِ وَالدَّلِيلُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ إِهَابٍ لَمْ يُدْبَغْ فَلَيْسَ بِطَاهِرٍ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ طَاهِرًا فَهُوَ نَجِسٌ وَالنَّجِسُ رِجْسٌ مُحَرَّمٌ فَبِهَذَا عَلِمْنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ جُلُودُ الْمَيْتَةِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مُعَارِضًا لِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى فِي (هَذِهِ الشَّاةِ) الميتة إنما حرم أكلها (ولرواية من روى فِي الْمَيْتَةِ إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا) وَلِرِوَايَةِ مَنْ روى إنما حرم لحمها ومبينا المراد (اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ كَمَا كَانَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا بَيَانًا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا وَبَطُلَ بِنَصِّ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْجِلْدَ مِنَ الْمَيْتَةِ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ الدِّبَاغِ

وَبَطُلَ بِالدَّلِيلِ مِنْهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ وَإِنْ لَمْ يُدْبَغْ يُسْتَمْتَعُ بِهِ وَيُنْتَفَعُ وَهُوَ قَوْلٌ رُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَهُوَ مَشْهُورٌ عَنْهُمَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُمَا خِلَافُهُ وَالْأَشْهَرُ عَنْهُمَا مَا ذَكَرْنَا ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثُ شَاةِ مَيْمُونَةَ وَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى شَاةٍ لِمَيْمُونَةَ (مَيِّتَةٍ) فَقَالَ أَلَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا قَالُوا وَكَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهِيَ مَيِّتَةٌ قَالَ إِنَّمَا حُرِّمَ لَحْمُهَا قَالَ مَعْمَرٌ وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يُنْكِرُ الدِّبَاغَ وَيَقُولُ لِيَسْتَمْتِعْ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ الزُّهْرِيِّ وَرَوَى اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ جِلْدِ الْمَيْتَةِ فَقَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ شَاةً ميتة أعطيتها مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا قَالُوا إِنَّهَا مَيِّتَةٌ قَالَ إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ لَا نَرَى مِنْهَا بِالسِّقَاءِ بَأْسًا وَلَا بِبَيْعِ جِلْدِهَا وَابْتِيَاعِهِ وَعَمَلِ الْفِرَاءِ مِنْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ وَمَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عن ابن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ شَاةِ مَيْمُونَةَ لَمْ يَذْكُرُوا الدِّبَاغَ أَيْضًا وَالدِّبَاغُ مَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَعُقَيْلٍ وَالزُّبَيْدِيِّ وَسُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ وزيادة من حفط مَقْبُولَةٌ وَذِكْرُ الدِّبَاغِ أَيْضًا مَوْجُودٌ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِشَاةٍ مَطْرُوحَةٍ مِنَ الصَّدَقَةِ قَالَ أَفَلَا أَخَذُوا إِهَابَهَا فَدَبَغُوهُ فَانْتَفَعُوا بِهِ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَخْبَرَتْنِي مَيْمُونَةُ أَنَّ شَاةً مَاتَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا دَبَغْتُمْ

إِهَابَهَا فَجَاءَ (ذِكْرُ) الدِّبَاغِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ ثَابِتَةٍ وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَذْهَبُ إِلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا وَكَانَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَقُولُ بِقَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ إِذَا يَبَسَتْ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا وَالْبَيْعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ وَلَمْ نَجِدْ عَنْ وَاحِدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ جَوَازَ بِيعِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ إِلَّا عَنِ اللَّيْثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي مِنَ الْفُقَهَاءِ أَئِمَّةَ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ بَعْدَ التَّابِعِينَ وَأَمَّا ابْنُ شِهَابٍ فَذَلِكَ عَنْهُ صَحِيحٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهُوَ قَوْلٌ يَأْبَاهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ مَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ ابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ وَذَكَرَهُ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ فِي كِتَابِهِ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَيْضًا قَالَ مَنِ اشْتَرَى جِلْدَ (مَيْتَةٍ) فَدَبَغَهُ وَقَطَّعَهُ نِعَالًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَبِينَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ جَوَازُ بَيْعِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَ الدِّبَاغِ قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ غَيْرُ مَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ أَنَّ الدِّبَاغَ لَا يُطَهِّرُ جِلْدَ

الْمَيْتَةِ وَلَكِنْ يُبِيحُ الِانْتِفَاعَ بِهَا فِي الْأَشْيَاءِ الْيَابِسَةِ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُؤْكَلُ فِيهِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنِ اغْتَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ غَيْرَ مَدْبُوغٍ فَأَتْلَفَهُ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَحَكَى أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ أَنَّ مَالِكًا قَالَ مَنِ اغْتَصَبَ لِرَجُلٍ جِلْدَ مَيْتَةٍ غَيْرَ مَدْبُوغٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ إسمعيل إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِمَجُوسِيٍّ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي تَقْصِيرِ مَنْ قَصَّرَ عَنْ ذِكْرِ الدِّبَاغِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ لِأَنَّ مَنْ أَثْبَتَ شَيْئًا هُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يُثْبِتْهُ وَالْآثَارُ الْمُتَوَاتِرَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ بِشَرْطِ الدِّبَاغِ كَثِيرَةٌ جِدًّا مِنْهَا مَا ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَعْلَةَ وَمِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ وَمِنْهَا حديث عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يُسْتَمْتَعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ

يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَى إِسْرَائِيلُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِبَاغُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ ذَكَاتُهَا وَرَوَاهُ شَرِيكٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ وَمِنْهَا حَدِيثُ مَيْمُونَةَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ

قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَرْثِ وَاللَّيْثُ بْنُ سعد عن كثير ابن فَرَقَدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَالِكِ بْنِ حُذَافَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ الْعَالِيَةِ بِنْتِ سُبَيْعٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْهَا أَنَّهُ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَجُرُّونَ شَاةً لَهُمْ مِثْلَ الْحِمَارِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ اتَّخَذْتُمْ إِهَابَهَا قَالُوا إِنَّهَا مَيِّتَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ فَقَالَ دِبَاغُهَا طَهُورُهَا خالفا شَرِيكٌ إِسْرَائِيلَ فِي إِسْنَادِهِ وَرَوَى مَنْصُورٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ وَهِشَامٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَتَى أَهْلَ بَيْتٍ فَدَعَا بِمَاءٍ عِنْدَ امْرَأَةٍ فَقَالَتْ مَا عِنْدِي مَاءٌ إِلَّا قِرْبَةُ مَيْتَةٍ فَقَالَ أَوْ لَيْسَ قَدْ دَبَغْتِهِ

قَالَتْ بَلَى قَالَ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ دِبَاغُهُ هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ هِشَامٍ وَفِي حَدِيثِ شُعْبَةَ دِبَاغُهُ طَهُورُهُ وَفِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ ذَكَاةُ الْأَدِيمِ دِبَاغُهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ (فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ) إِنَّ دِبَاغَهُ أَذْهَبَ خَبَثَهُ وَرِجْسَهُ أَوْ نَجَسَهُ وَالْآثَارُ بِهَذَا أَيْضًا عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَثِيرَةٌ جِدًّا فَلَا وَجْهَ لِمَنْ قَصَّرَ عَنْ ذِكْرِ الدِّبَاغِ وَلَا لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ وَيُقَالُ لِمَنْ قَالَ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ إِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ أَتَقُولُ إِنَّ جِلْدَ الشَّاةِ لَا يَمُوتُ بِمَوْتِ الشَّاةِ وَإِنَّهُ كَاللَّبَنِ أَوِ الصُّوفِ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ بَانَ جَهْلُهُ وَلَزِمَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجِلْدَ فِيهِ دَسَمٌ وَوَدَكٌ وَأَكْلُهُ لِمَنْ شَاءَ مُمْكِنٌ كَإِمْكَانِ اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ فِي قِيَاسٍ وَلَا نَظَرٍ وَلَا مَعْقُولٍ لِأَنَّ الدَّمَ جَارٍ فِي

الْجِلْدِ كَمَا هُوَ (جَارٍ) فِي اللَّحْمِ وَإِنْ قَالَ إِنَّ الْجِلْدَ يَمُوتُ بِمَوْتِ الشَّاةِ كَمَا يموت اللحم قبل لَهُ فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَتَحْرِيمُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ إِلَّا إِنْ يَخُصَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ وَقَدْ خَصَّ الْجِلْدَ بَعْدَ الدِّبَاغِ وَالْأَصْلُ فِي الْمَيْتَةِ عُمُومُ التَّحْرِيمِ وَلَمْ يَخُصَّ إِهَابَهَا بِشَيْءٍ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ إِلَّا بَعْدَ الدِّبَاغِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ذكاة الاديم طهور وقوله عليه السلام دِبَاغُهُ أَذْهَبَ خَبَثَهُ وَنَجَسَهُ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ الدِّبَاغِ رِجْسٌ نَجِسٌ غَيْرَ طَاهِرٍ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ وَالْأَمْرُ فِي هَذَا وَاضِحٌ وَعَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا إِلَّا مَا قَدْ بَيَّنَّا ذِكْرُهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَاللَّيْثِ وَرِوَايَةً شَاذَّةً عَنْ مَالِكٍ وفي هذه المسئلة قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَتْ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْآثَارِ وَذَهَبَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَهُوَ فِي الشُّذُوذِ قَرِيبٌ مِنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى تَحْرِيمِ الْجِلْدِ وَتَحْرِيمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ وَاحْتَجُّوا مِنَ الْأَثَرِ بِمَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي

لَيْلَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ قرىء عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ أَنْ لَا تَسْتَمْتِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قال وحدثنا محمد بن إسمعيل مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ عَنْ خَالِدٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّهُ انْطَلَقَ هُوَ وَنَاسٌ مَعَهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ رَجُلٌ مِنْ جُهَيْنَةَ قَالَ الْحَكَمُ فَدَخَلُوا وَقَعَدْتُ عَلَى الْبَابِ فَخَرَجُوا إِلَيَّ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ أَخْبَرَهُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى جُهَيْنَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ (أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ)

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ انْطَلَقْتُ مَعَ الْأَشْيَاخِ حَتَّى أَتَيْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ خَالِدٍ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَقَالَ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ وكذلك وراه مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ وَرَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَشْيَخَةٌ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَيْهِمْ أَنْ لَا يَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ وَهَذَا اضْطِرَابٌ كَمَا تَرَى يُوجِبُ التَّوَقُّفَ عَنِ الْعَمَلِ بِمِثْلِ هَذَا الْخَبَرِ (وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَضَعَّفَهُ وَقَالَ لَيْسَ بشَيءٍ إِنَّمَا يَقُولُ حَدَّثَنِي الْأَشْيَاخُ قَالَ أَبُو عُمَرَ) وَلَوْ كان ثابتا لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِلْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ وَغَيْرِهِمْ عَنِ

النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَبَاحَ الِانْتِفَاعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ وَقَالَ دِبَاغُهَا طَهُورُهَا لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُكَيْمٍ أَنْ لَا يَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ باهاب قبل الدباغ وإذا حتمل أَنْ لَا يَكُونَ مُخَالِفًا لَهُ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَجْعَلَهُ مُخَالِفًا وَعَلَيْنَا أَنْ نَسْتَعْمِلَ الْخَبَرَيْنِ مَا أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهُمَا وَمُمْكِنٌ اسْتِعْمَالُهُمَا بِأَنْ نَجْعَلَ خَبَرَ ابْنِ عُكَيْمٍ فِي النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَنَسْتَعْمِلُ خَبَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ وغيره في الانتفاع بها بعدالدباغ فَكَانَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ قَبْلَ الدِّبَاغِ ثُمَّ جَاءَتْ رُخْصَةُ الدِّبَاغِ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَهْرٍ كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ فَمُمْكِنٌ أَنْ تَكُونَ قِصَّةُ مَيْمُونَةَ (وَسَمَاعُ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهُ قَوْلَهُ أَيُّمَا إِهَابٍ قَدْ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ) قَبْلَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجُمُعَةٍ أَوْ دون جمعة والله أعلم وروى من حديثا بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ حَدِيثِ ابْنِ عُكَيْمٍ وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَالَ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ ابْنِ حَنْبَلٍ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ

كَرَاهِيَةُ لِبَاسِ الْفِرَاءِ مِنْ غَيْرِ الذَّكِيِّ قَالَ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الدِّبَاغَ لَا يُطَهِّرُ الْجِلْدَ وَلَا يَذْهَبُ بِنَجَاسَتِهِ وَذَكَرَ مَا رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ كَانَ مِمَّنْ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي الْجِلْدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَكِيًّا عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَأَسِيرُ بْنُ جَابِرٍ وَرَوَى الْحَكَمُ وَغَيْرُهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ أَنْ لَا تَلْبَسُوا إِلَّا ذَكِيًّا قَالَ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَتَكْرَهُ لِبَاسَ الْفِرَاءِ مِنْهَا قَالَ لَهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ أَلَا نُهْدِي لَكِ مِنَ الْفِرَاءِ

الَّتِي عِنْدَنَا فَقَالَتْ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مَيْتَةً فَقَالَ أَلَا نَذْبَحُ لَكِ مِنْ غَنَمِنَا قَالَتْ بَلَى وَاحْتَجَّ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ تَحْرِيمًا عَامَّا لَمْ يَخُصَّ مِنْهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيءٍ فَكَانَ ذَلِكَ وَاقِعًا عَلَى الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ جَمِيعًا وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بالواد الْمُقَدَّسِ طُوًى وَبِقَوْلِ كَعْبٍ وَغَيْرِهِ كَانَتْ نَعْلَا مُوسَى مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ هَذَا كُلُّهُ مَا احْتَجَّ بِهِ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَالَ إِنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لِأَنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ وَقَوْمًا يَقُولُونَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ سَوْدَةَ وَقَوْمًا يَقُولُونَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ سَوْدَةَ وَمَرَّةً جَعَلُوهَا لِمَيْمُونَةَ وَمَرَّةً يَجْعَلُونَ الشَّاةَ لِسَوْدَةَ وَمَرَّةً جَعَلُوهَا لِمَوْلَاةِ مَيْمُونَةَ وَمَرَّةً قَالُوا عَنِ ابن عباس سمعت رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ يَضُرُّ لِأَنَّ الْغَرَضَ صَحِيحٌ وَالْمَقْصِدُ وَاضِحٌ ثَابِتٌ وَهُوَ أَنَّ الدِّبَاغَ يُطَهِّرُ إِهَابَ الْمَيْتَةِ وَسَوَاءٌ كَانَتِ

الشَّاةُ لِمَيْمُونَةَ (أَوْ لِسَوْدَةَ) أَوْ لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كُلُّهُ (أَوْ بَعْضُهُ) وَمُمْكِنٌ أَنْ يَسْمَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ وَعْلَةَ قَوْلُهُ أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ وَذَلِكَ ثَابِتٌ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ ثَبَتَ تَخْصِيصُ الْجِلْدِ بِشَرْطِ الدِّبَاغِ مِنْ جُمْلَةِ تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَالسُّنَّةُ هِيَ الْمُبَيِّنَةُ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ مِنْ مُجْمَلَاتِ خِطَابِهِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ فِي كَرَاهِيَةِ لِبَاسِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَكِيًّا مِنَ الْفِرَاءِ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عِنْدَنَا عَلَى التَّنَزُّهِ وَالِاخْتِيَارِ وَالِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّهُمْ قَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ وَتَهْذِيبُ الْآثَارِ عَنْهُمْ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْهُذَلِيِّ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ دِبَاغُ الأديم ذكاته

وَرَوَى هِشَامٌ وَهَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ دِبَاغُ الْأَدِيمِ ذَكَاتُهُ وَرَوَى جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ (عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ سَأَلَهَا عن الفراء فقالت لعل دباغه طهروه وَهَذَا أَشْبَهُ عَنْ عَائِشَةَ وَأَوْلَى لِأَنَّ الْأَعْمَشَ يَرْوِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ) وَعُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ جَمِيعًا عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِبَاغُ الْأَدِيمِ ذَكَاتُهُ وَأَكْثَرُ أَحْوَالِ الرِّوَايَةِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فَيُسْقِطُهَا وَالْحُجَّةُ فِيمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ غَيْرِهِ وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنْ نَعْلَيْ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا مِنْ جِلْدٍ مَدْبُوغٍ (وَإِنَّمَا كَانَتِ الْحُجَّةُ تَلْزَمُ لَوْ أَنَّهُمَا كَانَتَا مِنْ جِلْدِ مَيْتَةٍ مَدْبُوغٍ) هَذَا عَلَى أَنَّ فِي شَرِيعَتِنَا وَمِنْهَاجِنَا الَّذِي أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ ذَكَرَ الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يسئل عَنْ رَجُلٍ يَقْدِمُ وَعَلَيْهِ جُلُودُ الثَّعَالِبِ أَوْ غَيْرُهَا مِنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغَةِ فَقَالَ إِنْ كان لبسه وهو يتنأول أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ فَلَا بَأْسَ إن

يُصَلَّى خَلْفَهُ قِيلَ لَهُ فَتَرَاهُ أَنْتَ جَائِزًا قَالَ لَا نَحْنُ لَا نَرَاهُ جَائِزًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ وَلَكِنَّهُ إِذَا كَانَ يَتَأَوَّلُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلَّى خَلْفَهُ فقيل له كيف وهو مخطيء فِي تَأْوِيلِهِ فَقَالَ وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا فِي تَأْوِيلِهِ لَيْسَ مَنْ تَأَوَّلَ كَمَنْ لَا يَتَأَوَّلُ ثُمَّ قَالَ كُلُّ مَنْ تَأَوَّلَ شَيْئًا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن أَصْحَابِهِ أَوْ عَنْ أَحَدِهِمْ فَيَذْهَبُ إِلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلَّى خَلْفَهُ وَإِنْ قُلْنَا نَحْنُ خِلَافَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لِأَنَّهُ قَدْ تَأَوَّلَ قِيلَ لَهُ فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ لَيْسَ جِلْدُ الثَّعَالِبِ بِإِهَابٍ فَنَفَضَ يَدَهُ وَقَالَ ما أدري أي شيءهذا الْقَوْلُ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَنْ تَأَوَّلَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلَّى خَلْفَهُ يَعْنِي إِذَا كَانَ تَأْوِيلُهُ لَهُ وَجْهٌ فِي السُّنَّةِ (قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا أَنْكَرَهُ أَحْمَدُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ إِنَّ جُلُودَ الثَّعَالِبِ لَا يُقَالُ لِلْجِلْدِ مِنْهَا إِهَابٌ هُوَ قَوْلٌ يُحْكَى عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا الْإِهَابُ جِلْدُ مَا يُؤكَلُ لَحْمُهُ مِنَ الْأَنْعَامِ وَأَمَّا مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَإِنَّمَا هُوَ جِلْدٌ وَمَسْكٌ (1) وَقَدْ أَنْكَرَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلَ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ هَذَا وَزَعَمَتْ أَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي كُلَّ جِلْدٍ إِهَابًا وَاحْتَجَّتْ بِقَوْلِ عَنْتَرَةَ ... فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الطَّوِيلِ إِهَابَهُ ... لَيْسَ الْكَرِيمُ عَلَى الْقَنَا بِمُحَرَّمِ

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا بَعْدَ مَا ذَكَرْنَا فِي حُكْمِ طَهَارَةِ الْجِلْدِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ الدِّبَاغِ هَلْ هِيَ طَهَارَةٌ كَامِلَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَالْمُذَكَّى أَوْ هِيَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ تُبِيحُ الِانْتِفَاعَ بِهِ فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ فَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ وَإِلَى جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَكَرَاهِيَةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا قَبْلَ الدِّبَاغِ ذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ التابعين وهو قول يحيى ابن سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَعَامَّةِ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَقَالَ حَدَّثَنَا إسحق قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْتُ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا عَنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ أَيَحِلُّ مَا يُجْعَلُ فِيهَا قَالَا نَعَمْ وَيَحِلُّ ثَمَنُهَا إِذَا بُيِّنَتْ مِمَّا كَانَتْ قَالَ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَلَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ لَا يَخْتَلِفُ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ أَنَّ دِبَاغَ جُلُودِ الْمَيْتَةِ طَهُورُهَا قَالَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ زَيْدٍ الْعَبْسِيُّ مَوْلًى لَهُمْ دِمَشْقِيٌّ قَالَ سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ فقال حدثني الزهري أن دباغها طهروها

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَابْنُ المبارك وإسحق بن إبراهيم وهو قول مالك ابن أَنَسٍ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا مِنْ بَيْنِ هَؤُلَاءِ كَانَ يُرَخِّصُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا بَعْدَ الدِّبَاغِ وَلَا يَرَى الصَّلَاةَ فِيهَا وَيَكْرَهُ بَيْعَهَا وَشِرَاءَهَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَسَائِرُ مَنْ ذَكَرْنَا جَعَلَهَا طَاهِرَةً بَعْدَ الدِّبَاغِ وَأَطْلَقَ الِانْتِفَاعَ بِهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْقَوْلُ الَّذِي نَخْتَارُهُ وَنَذْهَبُ إِلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ أَطْلَقَ الِانْتِفَاعَ بِهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ يَعْنِي الْوُضُوءَ فِيهَا وَالصَّلَاةَ فِيهَا وَبَيْعَهَا وَشِرَاءَهَا وَسَائِرَ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَبِثَمَنِهَا (كَالْجُلُودِ) الْمُذَكَّاةِ سَوَاءٍ (وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ وَالْحَسَنُ ابن حَيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ داود ابن عَلِيٍّ وَالطَّبَرِيِّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ وَهْبٍ صَاحِبُ مَالِكٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ دِبَاغُ الْإِهَابِ طَهُورُهُ لِلصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ وَالْبَيْعِ وَكُلِّ شَيْءٍ

وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَحَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ جَمِيعًا عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ آكُلُ مَا جُعِلَ فِيهَا قَالَا نَعَمْ وَيَحِلُّ ثَمَنُهَا إِذَا بُيِّنَتْ مِمَّا كَانَتْ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ الْفَرْوُ مِنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ يُصَلَّي فِيهَا قَالَ نَعَمْ وَمَا بَأْسُهُ وَقَدْ دُبِغَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَسَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ (وَلَا بَأْسَ بِالنِّعَالِ مِنَ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ) وَلَا بَأْسَ بِالِاسْتِقَاءِ بِهَا وَالشُّرْبِ مِنْهَا وَالْوُضُوءِ فِيهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَنِ اللَّيْثِ بِذِكْرِ شَرْطِ الدِّبَاغِ أَوْلَى مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْهُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَرَى بَيْعَهَا وَإِنْ لَمْ تُدْبَغْ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْقَوْلُ مَأْخُوذٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ بِالدِّبَاغِ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ طَهَارَةٌ كَامِلَةٌ فِي الْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ وَالْيَابِسَةِ وَأَجَازَ الشُّرْبَ مِنْهَا وَالِاسْتِقَاءَ بِهَا وَالصَّلَاةَ عَلَيْهَا وَسَائِرَ مَا يَجُوزُ فِي الْجُلُودِ الْمُذَكَّاةِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسمعيل التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَعْلَةَ السَّبَئِيُّ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ إِنَّا نَكُونُ بِالْمَغْرِبِ فَيَأْتِينَا الْمَجُوسُ بِالْأَسْقِيَةِ فِيهَا الْمَاءُ وَالْوَدَكُ فَقَالَ اشْرَبْ فَقُلْتُ رَأْيٌ تَرَاهُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ دِبَاغُهَا طَهُورُهَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِبَاغُهَا طَهُورُهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ قَالَ حَدَّثَنِي هشام

حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ السبئي قال سألت عبد الله بن عباس عَنْ أَسْقِيَةٍ نَجِدُهَا بِالْمَغْرِبِ فِي مَغَازِينَا فِيهَا السَّمْنُ وَالزَّيْتُ لَعَلَّهَا تَكُونُ مَيْتَةً أَفَنَأْكُلُ مِنْهَا قَالَ لَا أَدْرِي وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فَهِمَ مِنَ الْخَبَرِ مَعْنَى عُمُومِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَحَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعُمُومِهِ وَإِنَّمَا سُئِلَ عَنِ الشُّرْبِ فِيهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ فَأَطْلَقَ الطَّهَارَةَ عَلَيْهَا إِطْلَاقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِشَيْءٍ وَلَمْ تَخْتَلِفْ فَتْوَى ابْنِ عباس وغيره أن دباغ الاديم طهروه وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ وَكَانَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ حَاشَا ابْنَ وَهْبٍ يَرَوْنَ أَنْ يُنْتَفَعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ فِي الْجُلُوسِ عَلَيْهَا وَالْعَمَلِ وَالِامْتِهَانِ فِي الْأَشْيَاءِ الْيَابِسَةِ كَالْغَرْبَلَةِ وَشِبْهِهَا وَلَا تُبَاعُ وَلَا يُتَوَضَّأُ فِيهَا وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهَا لِأَنَّ طَهَارَتَهَا لَيْسَتْ بِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ فَثَبَتَ تَحْرِيمُهَا بِالْكِتَابِ وَأَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاسْتِمْتَاعَ بِجِلْدِهَا وَالِانْتِفَاعَ بِهِ بَعْدَ الدِّبَاغِ

وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يُسْتَمْتَعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ وَفَهِمَتْ عَائِشَةُ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ فَكَانَتْ تَكْرَهُ لِبَاسَ الْفِرَاءِ مِنَ الْجُلُودِ الَّتِي لَيْسَتْ مُذَكَّاةً حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ أَلَا نَجْعَلُ لَكِ فَرْوًا تَلْبَسِينَهُ قَالَتْ إِنِّي لَأَكْرَهُ جُلُودَ الْمَيْتَةِ قَالَ إِنَّا لَا نَجْعَلُهُ إِلَّا ذَكِيًّا فَجَعَلْنَاهُ فَكَانَتْ تَلْبَسُهُ وَرَوَى مُجَاهِدٌ وَنَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَلْبَسُ إِلَّا ذَكِيًّا وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ مِثْلُ ذَلِكَ وَفِي نَعْلَيْ موسى عليه السلام ما يحتج به ها هنا فَهَذَا (مَا) فِي طَهَارَةِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي عُمُومَهُ جَمِيعَ الْأُهُبِ وَهِيَ الْجُلُودُ كُلُّهَا لِأَنَّ اللَّفْظَ جَاءَ فِي ذَلِكَ مَجِيءَ عُمُومٍ لَمْ يَخُصَّ شَيْئًا مِنْهَا وَهَذَا أَيْضًا مَوْضِعُ اخْتِلَافٍ وَتَنَازُعٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَأَمَّا مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِمْ أَنَّ جِلْدَ الْخِنْزِيرِ لَا يَدْخُلُ (فِي عُمُومِ) قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فقد طَهُرَ لِأَنَّهُ مُحَرَّمُ الْعَيْنِ حَيًّا وَمَيِّتًا جِلْدُهُ مثل

لَحْمِهِ لَا يَعْمَلُ فِيهِ الدِّبَاغُ كَمَا لَا تَعْمَلُ فِي لَحْمِهِ الذَّكَاةُ وَلَهُمْ فِي هَذَا الْأَصْلِ اضْطِرَابٌ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا الصُّمَادِحِيُّ عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ جِلْدِ الْخِنْزِيرِ إِذَا دُبِغَ قَالَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ سَمِعْنَا أَبَا عَمْرِو بْنَ أَبِي زَيْدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ وَضَّاحٍ يَقُولُ حَدَّثَنَا موسى بن معاوية عن ممن بْنِ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يُنْتَفَعُ بِجِلْدِ الْخِنْزِيرِ وَإِنَّ دُبِغَ قَالَ وَقَالَ لِي سَحْنُونٌ لَا بَأْسَ بِهِ

وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَيِّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى ابن مُعَاوِيَةَ عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جِلْدِ الْخِنْزِيرِ إِذَا دُبِغَ فكرهه قال ابن وضاح وسمعت سحنون يَقُولُ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ سَحْنُونٍ هَذَا هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَوْلُ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِ وَحُجَّتُهُمْ مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قال حدثنا إسحق بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا أبو غسان محمد ابن مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّا قَوْمٌ نَغْزُو أَرْضَ الْمَغْرِبِ وَإِنَّمَا أستقيتنا جُلُودُ الْمَيْتَةِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَيُّمَا مَسْكٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ (حَمَلُوهُ عَلَى الْعُمُومِ فِي كُلِّ جِلْدٍ) قَالَ أَبُو عُمَرَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهَذَا الْقَوْلِ عُمُومَ الْجُلُودِ الْمَعْهُودِ الِانْتِفَاعُ بِهَا

وَأَمَّا جِلْدُ الْخِنْزِيرِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي السُّؤَالِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ إِذْ لَا تَعْمَلُ الذَّكَاةُ فِيهِ وَإِنَّمَا دَخَلَ فِي هَذَا الْعُمُومِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنَ الْجُلُودِ مَا لَوْ ذُكِّيَ لأستغنى عن الدباغ يحتمل أَنْ يَكُونَ جِلْدُ الْخِنْزِيرِ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي عُمُومِ هَذَا الْخَبَرِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَى عُمُومِ الْمُسُوكِ كَالَّتِي إِذَا ذُكِّيَتِ اسْتَغْنَتْ عَنِ الدِّبَاغِ) وَأَمَّا جِلْدُ الْخِنْزِيرِ فَالذَّكَاةُ فِيهِ وَالْمَيْتَةُ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ لَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ خَفَّفَ ذَلِكَ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ وَكَرِهَ جُلُودَ الْحَمِيرِ الْمُذَكَّاةِ وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ مَا قَالَهُ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَنَّ الْإِهَابَ جِلْدُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ وَمَا عَدَاهَا فَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ جِلْدٌ لَا إِهَابَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَمَّا جِلْدُ السَّبُعِ وَالْكَلْبِ إِذَا ذُكِّيَ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ وَالشُّرْبِ فِيهِ وَالصَّلَاةِ بِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الذَّكَاةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَامِلَةٌ فِي السِّبَاعِ لِجُلُودِهَا وَغَيْرُ عَامِلَةٍ فِي الْحَمِيرِ وَالْبِغَالِ لِجُلُودِهَا وَالنَّهْيُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ أَقْوَى مِنَ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ لِأَنَّ قَوْمًا قَالُوا إِنَّ النَّهْيَ عَنِ الْحُمُرِ إِنَّمَا كَانَ لِقِلَّةِ الظَّهْرِ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا نَهَى مِنْهَا عَنِ الْجَلَّالَةِ وَلَمْ يُعْتَلَّ بِمِثْلِ هَذِهِ الْعِلَلِ فِي السِّبَاعِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ لَا يَحِلُّ بَيْعُ جُلُودِ السِّبَاعِ وَلَا الصَّلَاةُ فِيهَا وَإِنْ دُبِغَتْ إِذَا لَمْ تُذَكَّ قَالَ وَلَوْ ذُكِّيَتْ لِجُلُودِهَا لَحَلَّ بَيْعُهَا وَالصَّلَاةُ فِيهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ جَعَلَ التَّذْكِيَةَ فِي السِّبَاعِ لِجُلُودِهَا أَكْمَلَ طَهَارَةً مِنْ دِبَاغِهَا وَهَذَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أُصُولِهِمْ فِي أَنَّ الذَّكَاةَ عَامِلَةٌ فِي السِّبَاعِ لِجُلُودِهَا وَأَنَّ طَهَارَةَ الدِّبَاغِ لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ طَهَارَةً كَامِلَةً وَلَكِنَّهَا مُبِيحَةٌ لِلِانْتِفَاعِ فِيمَا ذَكَرُوهُ (عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ) فِي هَذَا الْبَابِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَمَّا أَشْهَبُ فَقَالَ جِلْدُ الْمَيْتَةِ (إِذَا دُبِغَ) لَا أَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِيهِ وَلَا الْوُضُوءَ مِنْهُ وَأَكْرَهُ بَيْعَهُ وَرَهْنَهُ فإن بيع

أَوْ رُهِنَ لَمْ أَفْسَخْهُ قَالَ وَكَذَلِكَ جُلُودُ السِّبَاعِ إِذَا ذُكِّيَتْ وَدُبِغَتْ وَهِيَ عِنْدِي أَخَفُّ لِمَوْضِعِ الذَّكَاةِ مَعَ الدِّبَاغِ فَإِنْ لَمْ تُذَكَّ جُلُودُ السِّبَاعِ فَهِيَ كَسَائِرِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ قَالَ أَشْهَبُ وَأَمَّا جُلُودُ السِّبَاعِ إِذَا ذُكِّيَتْ وَلَمْ تُدْبَغْ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا ارْتِهَانُهَا وَلَا الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا فِي حَالٍ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فِيهَا وَالرَّهْنُ وَيُؤَدَّبُ فَاعِلُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهَالَةٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ كُلَّ ذِي نَابٍ (مِنَ السِّبَاعِ) فَلَيْسَتِ الذَّكَاةُ فِيهَا ذَكَاةً كَمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْخِنْزِيرِ ذَكَاةً قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ أَشْهَبَ هَذَا هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ جُلُودُ الْمَيْتَةِ كُلُّهَا تَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ وَكَذَلِكَ جِلْدُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إِذَا دُبِغَ إِلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ فَإِنَّ الذَّكَاةَ وَالدِّبَاغَ لَا يَعْمَلَانِ فِي جُلُودِهِمَا شَيْئًا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَا تَعْمَلُ الذَّكَاةُ عندا لشافعي فِي جِلْدِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَقَدْ تقدم في باب إسمعيل بْنِ أَبِي حَكِيمٍ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِيمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ مِنَ السِّبَاعِ وَحَكَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الذَّكَاةَ عِنْدَهُ عَامِلَةٌ فِي السِّبَاعِ وَالْحُمُرِ لِجُلُودِهَا وَلَا تَعْمَلُ الذَّكَاةُ عِنْدَهُ فِي جِلْدِ الْخِنْزِيرِ شَيْئًا وَلَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ

وَكَرِهَ الثَّوْرِيُّ جُلُودَ الثَّعَالِبِ وَالْهِرِّ وَسَائِرِ السِّبَاعِ وَلَمْ يَرَ بَأْسًا بِجُلُودِ الْحَمِيرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا فِي الذَّكَاةِ دُونَ الدِّبَاغِ وَأَمَّا الدباغ فهو عنده مطهر لجلود الثعالب وغيثرها وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِجُلُودِ السِّبَاعِ لَا قَبْلَ الدِّبَاغِ وَلَا بَعْدَهُ مَذْبُوحَةً كَانَتْ أَوْ مَيْتَةً وَمِمَّنْ قَالَ هذا القول الأوزاعي وابن المبارك وإسحق وأبو ثور ويزيد بن هرون وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَبَاحَ الِانْتِفَاعَ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ إِذَا كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ (لَحْمُهُ) لِأَنَّ الْخِطَابَ الْوَارِدَ فِي ذَلِكَ إِنَّمَا خَرَجَ عَلَى شَاةٍ مَاتَتْ لِبَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَمَا لَمْ يُؤْكَلْ لَحْمُهُ فَدَاخِلٌ فِي عُمُومِ تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ فِي الْمَنْعِ مِنْ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ لِأَنَّ الذَّكَاةَ غَيْرُ عَامِلَةٍ فِيهِ قَالُوا فَكَذَلِكَ السِّبَاعُ لَا تَعْمَلُ فِيهَا الذَّكَاةُ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِهَا وَلَا يَعْمَلُ فِيهَا الدِّبَاغُ لِأَنَّهَا مَيْتَةٌ لَمْ يَصِحَّ خُصُوصُ شَيْءٍ مِنْهَا وَزَعَمُوا أَنَّ قَوْلَ مَنْ أَجَازَ الِانْتِفَاعَ بِجِلْدِ الْخِنْزِيرِ بَعْدَ الدِّبَاغِ شذوذ لا يعرج عليه وحكى إسحق بْنُ مَنْصُورٍ الْكَوْسَجُ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فقد طهر إِنَّمَا يُقَالُ الْإِهَابُ لِجُلُودِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ

وَأَمَّا السِّبَاعُ فَجُلُودٌ قَالَ الْكَوْسَجُ وَقَالَ لِي إسحق بن راهوية هو كما قال النضر إبن شُمَيْلٍ وَحُجَّةُ الْآخَرِينَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فقد فعم الاهب فَعَمَّ الْأُهُبَ كُلَّهَا فَكُلُّ إِهَابٍ دَاخِلٌ تَحْتَ هَذَا الْخِطَابِ إِلَّا أَنْ يَصِحَّ إِجْمَاعٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَيَخْرُجُ مِنَ الْجُمْلَةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الزَّرَّادُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ سَأَلْتُ سَحْنُونًا عَنْ لُبْسِ الْفِرَاءِ مِنَ الْقَلَنِيَّاتِ وَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُ بَلَغَنِي فِيهَا عَنْكَ شَيْءٌ وَقَلْتُ إِنَّهُمْ لَيْسَ يَغْسِلُونَهَا إِنَّمَا يَذْبَحُونَهَا فَيَدْبُغُونَهَا بِذَلِكَ الدَّمِ قَالَ وَمَا ذَلِكَ الدَّمُ قَالَ أَلَيْسَ يَسِيرًا قُلْتُ بَلَى قَالَ أَوْ لَيْسَ يَذْهَبُ مَعَ الدِّبَاغِ قُلْتُ بَلَى قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الدِّبَاغِ الَّذِي يُطَهَّرُ بِهِ جُلُودُ الْمَيْتَةِ مَا هُوَ فَقَالَ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ كُلُّ شَيْءٍ دُبِغَ بِهِ الْجِلْدُ مِنْ مِلْحٍ أَوْ قُرَظٍ أَوْ شَبٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ

وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ دُبِغَ بِهِ جِلْدُ الْمَيْتَةِ فَأَزَالَ شَعْرَهُ وَرَائِحَتَهُ وَذَهَبَ بِدَسَمِهِ وَنَشَّفَهُ فَقَدْ طَهَّرَهُ وَهُوَ بِذَلِكَ الدِّبَاغِ طَاهِرٌ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مَا دُبِغَتْ بِهِ الْجُلُودُ مِنْ دَقِيقٍ أَوْ قُرَظٍ أَوْ مِلْحٍ فَهُوَ لَهَا طَهُورٌ وَلِلشَّافِعِيِّ في هذه المسئلة قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَالْآخَرُ إِنَّهُ لَا يُطَهِّرُهُ إِلَّا الشَّبُّ أَوِ الْقَرَظُ لِأَنَّهُ الدِّبَاغُ الْمَعْهُودُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ الْخِطَابُ (وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ)

الحديث السابع عشر

حَدِيثٌ سَابِعَ عَشَرَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ زيد ابن أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ قِيلَ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يُكْنَى أَبَا جَعْفَرٍ تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ (سَنَةً) وَقَدْ ذَكَرْنَا أَبَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ ها هنا وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِيمَا عَلِمْتُ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ فِي هَذَا (الْحَدِيثِ) عَنْ مَالِكٍ غَيْرُ هَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا ابْنَ وَهْبٍ فَإِنَّ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يديه

هَذَا آخِرُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَهُ وَلَمْ يَرَوِهِ أَحَدٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا ابْنُ وَهْبٍ وَعِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ هَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرْنَاهُ وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَشْهَرُ وَحَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مَعْرُوفٌ أَيْضًا حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أصبغ قال حدثنا إسمعيل بن إسحق الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي وَبَيْنَ يَدَيْهِ ابْنٌ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَضَرَبَهُ فَقَالَ مَرْوَانُ ضَرَبْتَ ابْنَ أَخِيكَ قَالَ مَا ضَرَبْتُ إِلَّا شَيْطَانًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنْ أَبَى فَرُدَّهُ فَإِنْ أَبَى فَقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَرَاهِيَةُ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَصَلَّى إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْإِمَامِ إِذَا صَلَّى إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا أَنَّ الْإِمَامَ وَالْمُنْفَرِدَ لَا يَضُرُّ أَحَدًا مِنْهُمَا مَا مَرَّ مِنْ وَرَاءِ سُتْرَةِ الْإِمَامِ وَسُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ هَذَا فِي الْإِمَامِ وَفِي الْمُنْفَرِدِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ يُصَلِّي وَحْدَهُ بِدَلِيلِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبِذَلِكَ قُلْنَا إِنَّ الْمَأْمُومَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ مَنْ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلَامَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ (فَنَزَلْتُ) وَأَرْسَلْتُ الْأَتَانَ تَرْتَعُ وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ

هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَلَمْ يَدْرَأْهُ أَحَدٌ وَلَمْ يَدْفَعْهُ وَلَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ أَوِ الْمُنْفَرِدُ يُصَلِّيَانِ إِلَى سُتْرَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ مَنْ يَمُرُّ مِنْ وَرَاءِ سُتْرَتِهِ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ كُلُّهَا عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ لَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ اخْتِلَافًا وَالْآثَارُ الثَّابِتَةُ دَالَّةٌ عَلَيْهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ فِي الصَّلَاةِ جَائِزٌ وَالَّذِي يَجُوزُ مِنْهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ الْقَلِيلُ نَحْوَ قَتْلِ الْبُرْغُوثِ وَحَكِّ الْجَرَبِ وَقَتْلِ الْعَقْرَبِ بِمَا خَفَّ مِنَ الضَّرْبِ مال لَمْ تَكُنِ الْمُتَابَعَةُ وَالطُّولُ وَالْمَشْيِ إِلَى الْقَوْمِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا وَدَرْءِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكْثُرْ فَإِنَّ كَثُرَ أَفْسَدَ وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنَ الْعُلَمَاءِ خَالَفَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ وَلَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ جَعَلَ بَيْنَ الْقَلِيلِ مِنَ الْعَمَلِ الْجَائِزِ فِي الصَّلَاةِ وَبَيْنَ الْكَثِيرِ الْمُفْسِدِ لَهَا حَدًّا لَا يَتَجَاوَزُ إِلَّا مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ وَالْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْمَوْقُوفَةُ كَثِيرَةٌ (وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ فَتْلِ الدَّمِ وَقَتْلِ الْقَمْلِ فِي الصَّلَاةِ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ) وَمِنَ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ لَا يَجُوزُ مِنْهُ فِيهَا الْقَلِيلُ وَلَا الْكَثِيرُ وَهُوَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْكَلَامُ عَمْدًا فِي غَيْرِ شأن الصلاة

وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا بَايَنَهَا وَخَالَفَهَا مِنَ اللَّهْوِ وَالْمَعَاصِي وَمَا لَمْ تَرِدْ فِيهِ إِبَاحَةُ قَلِيلِ ذكل كُلِّهِ وَكَثِيرُهُ غَيْرُ جَائِزٍ شَيْءٌ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَالْمُقَاتَلَةُ هُنَا الْمُدَافَعَةُ وَأَظُنُّهُ كَلَامًا خَرَجَ عَلَى التَّغْلِيظِ وَلِكُلِّ شَيْءٍ حَدٌّ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُقَاتِلُهُ بِسَيْفٍ وَلَا يُخَاطِبُهُ وَلَا يَبْلُغُ مِنْهُ مَبْلَغًا تَفْسُدُ بِهِ صَلَاتُهُ فَيَكُونُ فِعْلُهُ ذَلِكَ أَضَرَّ عَلَيْهِ مِنْ مُرُورِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا بَلَغَ بِنَفْسِهِ إِذَا جَهِلَ أَوْ نَسِيَ فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي إِلَى أَكْثَرَ مِنَ الدَّفْعِ وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مَا يُبَيِّنُ لَكَ الْمُرَادَ مِنَ الْحَدِيثِ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي أَكْثَرِ ظَنِّي ضَمَّنَ رَجُلًا دَفَعَ آخَرَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَكَسَرَ أَنْفَهُ دِيَةَ مَا جَنَى عَلَى أَنْفِهِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ بِهِ وَلِأَنَّ مَا تَوَلَّدَ عَنِ الْمُبَاحِ فَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَقَدْ كَانَ الثَّوْرِيُّ يَدْفَعُ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذَا صَلَّى دَفْعًا عَنِيفًا وَذَكَرَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ أَنَّهُ قَالَ يمر الرَّجُلُ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ يَدَيَّ وَأَنَا أُصَلِّي فَأَدْفَعُهُ وَيَمُرُّ الضَّعِيفُ فَلَا أَمْنَعُهُ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ إِذَا جَازَ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي فَلَا يَرُدُّهُ قَالَ وَكَذَلِكَ لَا يَرُدُّهُ وَهُوَ ساجد

وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا مَرَّ قُدَّامَهُ فَلْيَرُدَّهُ بِإِشَارَةٍ وَلَا يَمْشِي إِلَيْهِ لِأَنَّ مَشْيَهُ إِلَيْهِ أَشَدُّ مِنْ مُرُورِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنْ مَشَى إِلَيْهِ وَرَدَّهُ لَمْ تَفْسُدْ بِذَلِكَ صَلَاتُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ (إِنْ كَانَ مَشْيًا كَثِيرًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ وَيَدْرَأَهُ مَنْعًا لَا يَشْتَغِلُ بِهِ عَنْ صَلَاتِهِ فَإِنْ أَبَى عَلَيْهِ فَلْيَدَعْهُ يَبُوءُ بِإِثْمِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي مُرُورِهِ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ عَلَى الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المؤمن قال حدثنا محمد ابن بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا لَمْ يَقْطَعِ الصَّلَاةَ شَيْءٌ فَإِنَّمَا هُوَ تَغْلِيطٌ عَلَى الْمَارِّ وَلِذَلِكَ جَاءَ فِيهِ مَا جَاءَ والله أعلم

وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ النَّاسِ فِيمَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَمَا لَا يَقْطَعُهَا فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَقْطَعُهَا شَيْءٌ مِمَّا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَلَوْ كَانَ خِنْزِيرًا وَإِنَّمَا يَقْطَعُهَا مَا يُفْسِدُهَا مِنَ الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ (مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ) وَأَمَّا الْحَدِيثُ بِأَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إسحق بن إسمعيل الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جِئْتُ أَنَا وَالْفَضْلُ عَلَى أَتَانٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِعَرَفَةَ فَمَرَرْنَا بِبَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْنَا عَنْهَا وَتَرَكْنَاهَا تَرْتَعُ وَدَخَلْنَا مَعَهُ فِي الصَّفِّ فَلَمْ يَقُلْ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ وَأَوْضَحُ مِنْ هَذَا حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا الحسين بن إسمعيل الْمَحَامِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ

مُحَمَّدِ بْنِ تُرَابٍ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَزِيدَ الْأَرْقَطُ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ الْغَازِي عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ فَجَاءَتْ بَهْمَةٌ لِتَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَدْرَؤُهَا حَتَّى رَأَيْتُهُ أَلْصَقَ مَنْكِبَهُ بِالْجِدَارِ فَمَرَّتْ خَلْفَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَمْ يَكْرَهْ أَنْ تَمُرَّ خَلْفَهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ خُولِفَ فِيهِ خلاد هنا فروى عن هشام بن الغزي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَحَدَّثَنَا

سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ بحضرته الصَّلَاةُ إِلَى جِدَارٍ فَاتَّخَذَهُ قِبْلَةً وَنَحْنُ خَلْفَهُ فَجَاءَتْ بَهْمَةٌ لِتَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَا زَالَ يَدْرَؤُهَا حَتَّى أَلْصَقَ بَطْنَهُ بِالْجِدَارِ وَمَرَّتْ مِنْ وَرَائِهِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَى سُتْرَةٍ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ إِنْ لَمْ يَكُنْ جِدَارٌ نَصَبَ أَمَامَهُ شَيْئًا وَكَانَ يَأْمُرُ بِذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسُّتْرَةُ فِي الصَّلَاةِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ مَعْمُولٌ بِهَا رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ

فِي السَّفَرِ قَالَ فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الْأُمَرَاءُ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَجَمِيعُهُمْ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ شَهِدَ النبي صلى الله عليه وسلم بِالْبَطْحَاءِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ تَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَصَلَّى الظُّهْرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شَجَرَةٍ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ أَيْضًا عَنْ أبي إسحق عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عَلِيٍّ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَعَلْتَ بَيْنَ يَدَيْكَ

مِثْلَ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ فَلَا يَضُرُّكَ مَنْ مَرَّ مِنْ بَيْنِ يَدَيْكَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يزيد المقريء قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ عَنْ سُتْرَةِ الْمُصَلِّي فَقَالَ مِثْلُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ وَأَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ رَوَاهُ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا لَا يَقْطَعُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ وَهُوَ حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي إِسْنَادِهِ وَلَكِنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وغيرهما

وَمِقْدَارُ الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ مَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ صَلَّى بِالْكَعْبَةِ جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ وَعَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَثَلَاثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ نَافِعٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ قَالَ عَطَاءٌ أَقَلُّ مَا يَكْفِيكَ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ يَسْتَحِبَّانِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ وَلَا يُوجِبَانِ ذَلِكَ وَلَمْ يَحُدَّ فِيهِ (أَيْضًا) مَالِكٌ حَدًّا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغَفَّلِ يَجْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَقَالَ عِكْرِمَةُ إِذَا كَانَ بيك وَبَيْنَ الَّذِي يَقْطَعُ الصَّلَاةَ قَذْفَةُ حَجَرٍ لَمْ يَقْطَعِ الصَّلَاةَ وَرَوَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ قَالَ كَانَ بَيْنَ مَقَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مَمَرَّ عَنْزٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حدثنا القعنبي والنفيلي قالا جميعا حثدنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ مَقَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مَمَرُّ عَنْزٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ فِي الْكَعْبَةِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَكِلَاهُمَا حَسَنٌ وَأَمَّا اسْتِقْبَالُ السُّتْرَةِ وَالصَّمْدُ لَهَا فَلَا تَحْدِيدَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَحَسْبُ الْمُصَلِّي أَنْ تَكُونَ سُتْرَتُهُ قُبَالَةَ وَجْهِهِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إِلَى عُودٍ وَلَا عَمُودٍ وَلَا شَجَرَةٍ إِلَّا جَعَلَهُ عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ أَوِ الْأَيْسَرِ وَلَا يَصْمُدُ لَهُ صَمْدًا خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ فَهَذَا مَا جَاءَ مِنَ الْآثَارِ الَّتِي اجْتَمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهَا وَلَا أَعْلَمُهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْعَمَلِ بِهَا وَلَا أَنْكَرَ أَحَدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا مِنْهَا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ قَدِ اسْتَحْسَنَ شَيْئًا وَاسْتَحْسَنَ غَيْرُهُ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ وَهَذَا كُلُّهُ بِحَمْدِ اللَّهِ سَوَاءٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنَ السَّوَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا صِفَةُ السُّتْرَةِ وَقَدْرُهَا فِي ارْتِفَاعِهَا وَغِلَظِهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذلك

فَقَالَ مَالِكٌ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ فِي السُّتْرَةِ غِلَظُ الرُّمْحِ وَكَذَلِكَ السَّوْطُ وَالْعَصَا وَارْتِفَاعُهَا قَدْرُ عظم الذراع هذا أقل ما يجزيء عنده وهو قول الشافعي في ذكل كُلِّهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَقَلُّ السُّتْرَةِ قَدْرُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ وَيَكُونُ ارْتِفَاعُهَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ ذِرَاعًا وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَقَالَ قَتَادَةُ ذِرَاعٌ وَشِبْرٌ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ قَدْرُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ وَلَمْ يَحُدَّ ذِرَاعًا وَلَا عَظْمَ ذِرَاعٍ ولا غير ذلك وقال يجزيء السَّهْمُ وَالسَّوْطُ وَالسَّيْفُ يَعْنِي فِي الْغِلَظِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُعَرَّضُ وَلَا يُنْصَبُ وَفِي الْخَطِّ فَكُلُّ من ذكرنا قوله أنه لا يجزيء عِنْدَهُ أَقَلُّ مِنْ عَظْمِ الذِّرَاعِ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذِرَاعٍ لَا يُجِيزُ الْخَطَّ وَلَا أَنْ يُعَرِّضَ الْعَصَا وَالْعُودَ فِي الْأَرْضِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَهُمْ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ كُلُّهُمْ يَقُولُ الْخَطُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ إِذَا لَمْ يَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا وَلَمْ يَجِدْ عَصًا يَنْصِبُهَا فَلْيَخُطَّ خَطًّا وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ بِالْعِرَاقِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا لَمْ (يَكُنْ) يَنْتَصِبْ لَهُ عَرَّضَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَصَلَّى إِلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ خَطَّ خطا وهو قول سعيد بين جُبَيْرٍ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالسَّوْطُ يُعَرِّضُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْخَطِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ لَا يَخُطُّ (الرَّجُلُ) بَيْنَ يَدَيْهِ خَطًّا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ فَيُتَّبَعُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْخَطِّ بِمَا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا إسمعيل ابن أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُرَيْثٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ حُرَيْثًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصَاهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا وَلَا يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ (حَدِيثٌ) صَحِيحٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبُوا ورأيت أن علي بن الْمَدِينِيِّ كَانَ يُصَحِّحُ هَذَا الْحَدِيثَ وَيَحْتَجُّ بِهِ

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ إِذْ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو عَمْرِو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُرَيْثٍ هَذَا مَجْهُولٌ وَجَدُّهُ أَيْضًا مَجْهُولٌ لَيْسَ لَهُمَا ذِكْرٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يُحْتَجُّ بمثل هذا (من) الحديث واخلتف الْقَائِلُونَ بِالْخَطِّ فِي هَيْئَةِ الْخَطِّ فَقَالَتْ (مِنْهُمْ) طَائِفَةٌ يَكُونُ عَرْضًا مِنْهُمْ الْأَوْزَاعِيُّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَكُونُ طُولًا كَالْعَصَا (يُقِيمُهَا) مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيُّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَكُونُ كَالْهِلَالِ وَالْمِحْرَابِ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ

الحديث الثامن عشر

حَدِيثٌ ثَامِنَ عَشَرَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ زيد ابن أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ لِرَجُلٍ أَجْرٌ وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ فَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرَجٍ أَوْ رَوْضَةٍ فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا (ذَلِكَ) مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا ذَلِكَ فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُسْقَى بِهِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ حَسَنَاتٍ فَهِيَ لِذَلِكَ أَجْرٌ وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا فَهِيَ لِذَلِكَ سِتْرٌ وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ وَسُئِلَ عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهَا (شَيْءٌ) إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ الْجَامِعَةَ الْفَاذَّةَ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ

أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ اسْمُهُ ذَكْوَانُ وَهُوَ وَالِدُ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ مَدَنِيٌّ نَزَلَ الْكُوفَةَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ عَلَى مَا رَوَى وَحَمَلَ مِنْ أَثَرٍ فِي الدِّينِ مِنْ خِيَارِ التَّابِعِينَ وَهُوَ مَوْلًى لِجُوَيْرِيَةَ امْرَأَةٌ مِنْ غَطَفَانَ رَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ سُمَيٌّ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ والقعقاع ابن حَكِيمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَابْنُهُ سُهَيْلٌ وَرَوَى عَنْهُ مَنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ الْأَعْمَشُ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَعَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ وَتُوُفِّيَ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِذَا نَظَرَ إِلَى أَبِي صَالِحٍ هَذَا قَالَ مَا عَلَى هَذَا أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْأَعْيَانَ لَا يُؤْجَرُ الْمَرْءُ فِي اكْتِسَابِهَا إِنَّمَا يُؤْجَرُ فِي اسْتِعْمَالِ مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِعَمَلِهِ مَعَ النِّيَّةِ الَّتِي تَزْكُو بِهَا الْأَعْمَالُ إِذَا نَوَى بِهَا صَاحِبُهَا وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ وَمَا يُقَرِّبُهُ مِنْ رَبِّهِ إِذَا كَانَ (ذَلِكَ) عَلَى سُنَّةٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الْخَيْلَ أَجْرٌ لِمَنِ اكْتَسَبَهَا وَوِزْرٌ عَلَى مَنِ اكْتَسَبَهَا عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ وَهِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ والصابرين ونبلوا أَخْبَارَكُمْ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ

عَمَلًا وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ وَفِيهِ أَنَّ الْحَسَنَاتِ تُكْتَبُ لِلْمَرْءِ إِذَا كَانَ لَهُ فِيهَا سَبَبٌ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَصْدَهَا تَفَضُّلًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةً مِنْهُ بِهِمْ وَلَيْسَ هَذَا حُكْمُ (اكْتِسَابِ) السَّيِّئَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي هذا الحديث حركات الخيل ونقلبه فِي سَيِّئَاتِ الْمُفْتَخِرِ بِهَا كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِ الْمُحْتَسِبِ الْمُرِيدِ بِهَا الْبِرَّ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ قَطَعَتْ حَبْلَهَا نَهَارًا فَأَفْسَدَتْ زَرْعًا أَوْ رَمَحَتْ فَقَتَلَتْ أَوْ جُنَّتْ أَنَّ صاحبها برئ مِنَ الضَّمَانِ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ حَسَنَاتٍ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا صَنَعَ شَيْئًا يُرِيدُ بِهِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَكُلُّ مَا كَانَ بِسَبَبٍ مِنْهُ وَإِلَيْهِ كَانَ لَهُ حُكْمُهُ فِي الْأَجْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مُنْتَظِرًا الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتِظَارُ

الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ ذَلِكُمُ الرِّبَاطُ ذَلِكُمُ الرِّبَاطُ لِأَنَّ انْتِظَارَ الصَّلَاةِ سَبَبُ شُهُودِهَا وَكَذَلِكَ انْتِظَارُ الْعَدُوِّ فِي الْمَوْضِعِ الْمَخُوفِ فِيهِ إِرْصَادٌ لِلْعَدُوِّ (وَقُوَّةٌ لِأَهْلِ الْمَوْضِعِ وَعِدَّةٌ لِلِقَاءِ الْعَدُوِّ) (وَسَبَبٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ) وَمِنْهُ قَوْلُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَحْتَسِبُ فِي نَوْمَتِي مِثْلَ مَا أَحْتَسِبُ فِي قَوْمَتِي وَكَانَ يَنَامُ بَعْضَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ بَعْضَهُ وَبِالنَّوْمِ كَانَ يَقْوَى عَلَى الْقِيَامِ وَكَذَلِكَ يَقْوَى بِرَعْيِ الْخَيْلِ وَأَكْلِهَا وَشُرْبِهَا عَلَى مُلَاقَاةِ الْعَدُوِّ إِذَا احْتِيجَ إِلَيْهَا وَهَذَا كُلُّهُ فِي تَعْظِيمِ فِعْلِ الرِّبَاطِ لِأَنَّهُ جُلُوسٌ وَانْتِظَارٌ وَاسْتِعْدَادٌ لِلْعَدُوِّ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْخَوْفِ وَالرَّوْعَاتِ أَحْيَانًا وَقَدْ يُكْتَبُ لِلرَّجُلِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ إِذَا حَبَسَهُ عَنْهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَفِي ذَلِكَ الْمَعْنَى شُعْبَةٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَقَدْ أَتَيْنَا بِمَا رُوِيَ فِيهِ مِنَ الْآثَارِ فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَالْحَمْدُ لله

وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ مَنِ ارْتَبَطَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ بَوْلُهُ وَرَوْثُهُ فِي أَجْرِهِ وَرَوَى صَالِحُ بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنِ ارْتَبَطَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ عَلَفُهُ وَشُرْبُهُ وَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَعْنِي ارْتَبَطَهَا مِنَ الرِّبَاطِ قَالَ الْخَلِيلُ الرِّبَاطُ مُلَازَمَةُ الثُّغُورِ وَمُوَاظَبَةُ الصَّلَاةِ أَيْضًا قَالَ وَالرِّبَاطُ الشَّيْءُ الَّذِي تَرْبُطُ بِهِ وَتُرْبَطُ (أَيْضًا) وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الرِّبَاطُ مِنَ الْخَيْلِ الْخَمْسُ فَمَا فَوْقَهَا وَجَمَاعَةٌ رَبَطٌ وَهِيَ الَّتِي تَرْتَبِطُ يُقَالُ مِنْهُ رَبَطَ يَرْبُطُ رَبْطًا وَارْتَبَطَ يَرْتَبِطُ ارْتِبَاطًا وَمَرْبِطُ الْخَيْلِ وَمَرَابِطُ الْخَيْلِ قَالَ الشَّاعِرُ ... أَمَرَ الْإِلَهُ بِرَبْطِهَا لِعَدُوِّهِ ... فِي الْحَرْبِ إِنَّ اللَّهَ خَيْرُ مُوَفِّقِ

وَقَالَتْ لَيْلَى الْأَخْيَلِيَّةُ ... لَا تَقْرَبَنَّ الدَّهْرَ آلَ مُحَرِّقٍ ... إِنْ ظَالِمًا أَبَدًا وَإِنْ مَظْلُومَا ... ... قَوْمٌ رِبَاطُ الْخَيْلِ حَوْلَ بُيُوتِهِمْ ... وَأَسِنَّةٌ زُرْقٌ تُخَلْنَ نُجُومَا ... وَيُنْشَدُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ ... أَحِبُّوا الْخَيْلَ وَاصْطَبِرُوا عَلَيْهَا ... فَإِنَّ الْعِزَّ فِيهَا وَالْجَمَالَا ... ... إِذَا مَا الْخَيْلُ ضَيَّعَهَا أُنَاسٌ ... رَبَطْنَاهَا فَشَارَكَتِ الْعِيَالَا ... ... نُقَاسِمُهَا الْمَعِيشَةَ كُلَّ يَوْمٍ ... ... وَنَكْسُوهَا الْبَرَاقِعَ وَالْجَلَالَا ... وَقَالَ مَكْحُولُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ... تَلُومُ عَلَيَّ رَبْطَ الْجِيَادِ وَحَبْسَهَا ... وَأَوْصَى بِهَا اللَّهُ النَّبِيَّ مُحَمَّدًا ... وَقَالَ الْأَخْطَلُ ... ما زال فينا رباط الخيل نعرفه ... وَفِي كُلَيْبٍ رِبَاطُ اللُّؤْمِ وَالْعَارِ ... وَأَمَّا قَوْلُهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا فَالطِّيَلُ الْحَبْلُ يُطَوَّلُ فِيهِ لِلدَّابَّةِ وَهُوَ مَكْسُورُ الْأَوَّلِ وَقَلَّمَا يَأْتِي فِي الْأَفْعَالِ

وَأَمَّا الْأَسْمَاءُ فَكَثِيرٌ مِثْلُ قِمَعٍ وَضِلَعٍ وَنِطَعٍ وَعِنَبٍ وَشِبَعٍ وَسِرَرِ الصَّبِيِّ وَطِيَلِ الدَّابَّةِ قَالَ الْقَطَامِيُّ وَاسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ شُيَيْمٍ التَّغْلِبِيُّ ... إِنَّا مُحَيُّوكَ فَاسْلَمْ أَيُّهَا الطَّلَلُ ... ... وَإِنْ بَلِيتَ وَإِنْ طَالَتْ بِكَ الطِّيَلُ ... وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى طِوَلٌ يُقَالُ طَالَ طِوَلُكَ وَطَالَ طِيَلُكَ جَمِيعًا مَكْسُورَةُ الْأَوَّلِ مَفْتُوحَةُ الثَّانِي قَالَ طَرَفَةُ ... لَعَمْرِكَ إِنَّ الْمَوْتَ مَا أَخْطَأَ الْفَتَى ... لَكَالطِّوَلِ الْمَرْخِيِّ وَثِنْيَاهُ بِالْيَدِ ... لَا يُقَالُ فِي الْخَيْلِ إِلَّا بِكَسْرٍ الْأَوَّلِ وَفَتْحِ الثَّانِي يُقَالُ أَرْخِ لِلْفَرَسِ مِنْ طوله وَمِنْ طِيَالِهِ وَأَمَّا طُوَالُ الدَّهْرِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فَيُقَالُ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَكَذَلِكَ الطُّوَلُ وَالطُّوَالُ مِنَ الطُّولِ وَأَمَّا قَوْلُهُ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ فَقِيلَ الْمَرْجُ مَوْضِعُ الْكَلَأِ وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْمُطْمَئِنِّ (مِنَ الْأَرْضِ) وَالرَّوْضَةُ الْمَوْضِعُ الْمُرْتَفِعُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ فَإِنَّ الِاسْتِنَانَ أَنْ تَلِجَ فِي عَدْوِهَا فِي إِقْبَالِهَا وَإِدْبَارِهَا يُقَالُ

جَاءَتِ الْإِبِلُ سَنَنًا أَيْ تَسْتَنُّ فِي عَدْوِهَا وَتُسْرِعُ أَنْشَدَ يَعْقُوبُ بْنُ السِّكِّيتِ لِأَبِي قِلَابَةَ الْهُذَلِيِّ ... وَمِنْهَا عُصْبَةٌ أُخْرَى سِرَاعٌ ... رَمَتْهَا الرِّيحُ كَالسَّنَنِ الطِّرَابِ ... ... ... أَيْ كَإِبِلٍ تَسْتَنُّ فِي عَدْوِهَا قَالَ وَرَمَتْهَا اسْتَخَفَّتْهَا قَالَ وَالطِّرَابُ الَّتِي قَدْ طَرِبَتْ إِلَى أَوْلَادِهَا وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ ... فَبَلَغَنَا صُنْعُهُ حَتَّى نَشَا ... فَارِهَ الْبَالِ لَجُوجًا فِي السَّنَنِ ... فَارِهَ الْبَالِ أَيْ نَاعِمَ الْبَالِ وَقَالَ عَوْفُ بْنُ الْجَزْعِ ... بَنُو الْمُغِيرَةِ فِي السَّوَادِ كَأَنَّهَا ... سَنَنٌ تَحَيَّرُ حَوْلَ حَوْضِ الْمُبَكِّرِ ... ... ... قَالَ يَعْقُوبُ يَقُولُ فَرَّقُوا الْخَيْلَ فَكَأَنَّهَا إِبِلٌ جَاءَتْ سَنَنًا ثُمَّ تَفَرَّقَتْ حَوْلَ حَوْضِ الْمُبَكِّرِ (وَالْمُبَكِّرِ) الَّذِي يَسْقِي إِبِلَهُ بُكْرَةً يُقَالُ أَبْكَرَ الرَّجُلُ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمِنْ هَذَا (أَيْضًا) حَدِيثُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً لَهَا ضُرُوعٌ كَضُرُوعِ الْبَقَرِ يُغَذَّى بِهَا وِلْدَانُ الْجَنَّةِ حَتَّى أَنَّهُمْ لَيَسْتَنُّونَ كَاسْتِنَانِ الْبَكَارَةِ وَالْبَكَارَةُ صِغَارُ الْإِبِلِ

وَمِنْ هَذَا أَيْضًا قَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ السَّائِرِ اسْتَنَّتِ الْفِصَالُ حَتَّى الْقَرْعَى يُضْرَبُ هَذَا الْمَثَلُ لِلرَّجُلِ الضَّعِيفِ يَرَى الْجُلَدَاءَ يَفْعَلُونَ شَيْئًا فَيَفْعَلُ مِثْلَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَوْ قَطَعَتْ حَبْلَهَا الَّذِي رُبِطَتْ بِهِ فَجَعَلَتْ تَجْرِي وَتَعْدُو مِنْ شَرَفٍ إِلَى شَرَفٍ يُرِيدُ مَنْ كُدْيَةٍ إِلَى كُدْيَةٍ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ حَسَنَاتٍ لِصَاحِبِهَا لِأَنَّهُ أَرَادَ بِاتِّخَاذِهَا وَجْهَ اللَّهِ (وَأَمَّا قَوْلُهُ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ فَالشَّرَفُ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ) وَأَمَّا قَوْلُهُ تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا فَإِنَّهُ أَرَادَ اسْتِغْنَاءً عَنِ النَّاسِ وَتَعَفُّفًا عَنِ السُّؤَالِ يُقَالُ مِنْهُ تَغَنَّيْتُ بِمَا رَزَقَنِي اللَّهُ تَغَنِّيًا وَتَغَانَيْتُ تَغَانِيًا وَاسْتَغْنَيْتُ اسْتِغْنَاءً كُلُّ ذَلِكَ قَدْ قَالَتْهُ الْعَرَبُ فِي ذَلِكَ قَالَ الشَّاعِرُ ... كِلَانَا غَنِيٌّ عَنْ أَخِيهِ حَيَاتَهُ ... وَنَحْنُ إِذَا مُتْنَا أَشَدُّ تَغَانِيَا ... ... ... وَقَالَ الْأَعْشَى ... وَكُنْتُ امْرَأً زَمَنًا بِالْعِرَاقِ ... عَفِيفَ الْمُنَاخِ طويل التغن

وَعَلَى هَذَا (الْمَعْنَى) كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ يُفَسِّرُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ يَقُولُ يَسْتَغْنِي بِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا فَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ مَعْنَاهُ حُسْنُ مَلَكَتِهَا وَتَعَهُّدُ شِبَعِهَا وَالْإِحْسَانُ إِلَيْهَا وَرُكُوبُهَا غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَهَا كَرَاسِيَّ وَخَصَّ رِقَابَهَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الرِّقَابَ تُسْتَعَارُ كَثِيرًا فِي مَوْضِعِ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ وَالْفُرُوضِ الْوَاجِبَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ وَكَثُرَ عِنْدَهُمُ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ وَاسْتِعَارَتُهُ حَتَّى جَعَلُوهُ فِي الرُّبَاعِ وَالْأَمْوَالِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ كَثِيرٍ ... غَمْرُ الرِّدَاءِ إِذَا تَبَسَّمَ ضَاحِكًا ... غَلِقَتْ لِضِحْكَتِهِ رِقَابُ الْمَالِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ ذَهَبَ فِي تَأْوِيلِ قوله صلى الله عليه وسلم ولم ينس حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا إِلَى حُسْنِ التَّمَلُّكِ وَالتَّعَهُّدِ بِالْإِحْسَانِ فَهُوَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَذْهَبُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمَالَ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ وَاجِبٌ سِوَى الزَّكَاةِ وَلَمْ يَرَ فِي الْخَيْلِ زَكَاةً وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيٌّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَا (جَمِيعًا) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَمْوَالِ حَقٌّ وَاجِبٌ غَيْرُ الزَّكَاةِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم

قَالَ إِذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ ذَلِكَ إِطْرَاقُ فَحْلِهَا وَإِفْقَارُ ظَهْرِهَا وَحَمَلَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِلَى هَذَا وَنَحْوِهِ ذَهَبَ ابْنُ نَافِعٍ فِيمَا أَظُنُّ لِأَنَّ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَافِعٍ عَنْ حَقِّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَظُهُورِهَا فَقَالَ يُرِيدُ أَنْ لَا يَنْسَى أَنْ يَتَصَدَّقَ لِلَّهِ بِبَعْضِ مَا يَكْتَسِبُ عَلَيْهَا وَهَذَا مَذْهَبُ مَنْ قَالَ فِي الْمَالِ حُقُوقٌ سِوَى الزَّكَاةِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ قَالَ سِوَى الزَّكَاةِ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ بَيَانٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ وزاد فيه إسمعيل بْنُ سَالِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ تَصِلُ الْقَرَابَةَ وَتُعْطِي الْمَسَاكِينَ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُزَاحِمُ بْنُ زُفَرَ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عَطَاءٍ (فَأَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ) فَسَأَلَهُ إِنَّ لِي إِبِلًا فَهَلْ عَلَيَّ فِيهَا حَقٌّ بَعْدَ الصَّدَقَةِ قال نعم

قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زُفَرَ القاضي بمصر قال حدثنا محمد ابن رَوْحٍ أَبُو يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُرَيْبٍ الْأَصْمَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيِّ وَكَانَ مِمَّنْ نَزَلَ الْبَصْرَةَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الْوَبَرِ قَالَ قَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا خَيْرُ الْمَالِ قَالَ نِعْمَ الْمَالُ الْأَرْبَعُونَ وَالْأَكْثَرُ السِّتُّونَ وَوَيْلٌ لِأَصْحَابٍ الْمَئِينِ إِلَّا مَنْ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ فِي رُسُلِهِ وَنَجْدَتِهَا وَأَفْقَرَ ظَهْرَهَا وَأَطْرَقَ فَحْلَهَا وَمَنَحَ غَزِيرَهَا وَنَحَرَ سَمِينَهَا فَأَطْعَمَ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ

(فَقَدْ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَاشِيَةِ حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ وَهَذَا بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَيْضًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ وَلَا بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا إِلَّا أُقْعِدَ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ تَطَأُهُ ذَاتُ الظِّلْفِ بِظِلْفِهَا وَتَنْطَحُهُ ذَاتُ الْقَرْنِ بِقَرْنِهَا لَيْسَ فِيهَا يَوْمَئِذٍ جَمَّاءُ وَلَا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا حَقُّهَا قَالَ إِطْرَاقُ فَحْلِهَا وَإِعَارَةُ دَلْوِهَا وَمَنْحُهَا وَحَلْبُهَا عَلَى الْمَاءِ وَحَمْلٌ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وَقَالَ آخَرُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَنْسَ حق الله في رقابهما وَلَا ظُهُورِهَا الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ (فِيهَا) وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْخَيْلِ إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ وَشَيْخَهُ حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ وَخَالَفَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ

فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَكَانَ يَقُولُ إِذَا كَانَتِ الْخَيْلُ سَائِمَةً ذُكُورًا وَإِنَاثًا يُطْلَبُ نَسْلُهَا فَالزَّكَاةُ فِيهَا عَنْ كُلِّ فَرَسٍ دِينَارٌ قَالَ وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا وَأَعْطَى عَنْ كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْمَوَاشِيَ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ لَا يَجُوزُ تَقْوِيمُهَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يُوجِبِ الزَّكَاةَ فِي الْخَيْلِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَوَى عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَّهُ) قَالَ عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنَ الْخَيْلِ شَيْءٌ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَخَذَ مِنَ الْخَيْلِ صَدَقَةً إِلَّا خَبَرٌ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ

الْخَطَّابِ فِيهِ اضْطِرَابٌ وَعَنْ عُثْمَانَ فِيهِ خَبَرٌ مُنْقَطِعٌ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ أَنْ لَا صَدَقَةَ فِي الْخَيْلِ وَبِذَلِكَ قَالَ عُلَمَاءُ التَّابِعِينَ وَفُقَهَاءُ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ يَعْلَى أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ يَقُولُ ابْتَاعَ عبد الرحمن بن أمية أخو يعلى ابن أُمَيَّةَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَرَسًا أُنْثَى بِمِائَةِ قَلُوصٍ فَنَدِمَ الْبَائِعُ فَلَحِقَ بِعُمَرَ فَقَالَ غَصَبَنِي يَعْلَى وَأَخُوهُ فَرَسًا لِي فَكَتَبَ إِلَى يَعْلَى أَنِ الْحَقْ بِي فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنَّ الْخَيْلَ لَتَبْلُغُ هَذَا عِنْدَكُمْ فَقَالَ مَا عَلِمْتُ فَرَسًا قَبْلَ هَذَا بَلَغَ هَذَا فَقَالَ عُمَرُ نَأْخُذُ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً (شَاةً) وَلَا نَأْخُذُ مِنَ الْخَيْلِ شَيْئًا خُذْ مِنْ كُلِّ فَرَسٍ دِينَارًا (قَالَ) فَضَرَبَ عَلَى الْخَيْلِ دِينَارًا دِينَارًا

وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ إِنَّ عُثْمَانَ كَانَ يُصَدِّقُ الْخَيْلَ وَإِنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ إِنَّهُ كَانَ يَأْتِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِصَدَقَةِ الْخَيْلِ (قَالَ ابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ) قَالَ ابْنُ شِهَابٍ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ صَدَقَةَ الْخَيْلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْخَبَرُ فِي صَدَقَةِ الْخَيْلِ عَنْ عُمَرَ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ أَيْضًا حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ المثنى حدثنا عبد الله بن محمد ابن أسماء حدثنا جويرية عن مالك عن الزهري أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ أَبِي يُقَيِّمُ الْخَيْلَ ثُمَّ يَدْفَعُ صَدَقَتَهَا إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهَذَا حُجَّةٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَاللَّهُ

أَعْلَمُ تَفَرَّدَ بِهِ جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ (وَجُوَيْرِيَةُ ثِقَةٌ) وَقَدْ ذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ كَلَامًا مَعْنَاهُ عَنْ عُمَرَ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ أَلَحُّوا عَلَيْهِ فِي أَخْذِ الصَّدَقَاتِ مِنْ خَيْلِهِمْ وَعَبِيدِهِمْ فَكَانَ يَأْخُذُهَا مِنْهُمْ وَكَانَ يَرْزُقُهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ الْأَجُرِّيَّةِ (قَالَ) فَلَمَّا كَانَ مُعَاوِيَةُ حَسَبَ ذَلِكَ فَإِذَا الَّذِي كَانَ يُعْطِيهِمْ أَكْثَرَ مِنَ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ مِنْهُمْ فَتَرَكَ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا وَأَمَّا قَوْلُهُ وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَالْفَخْرُ وَالرِّيَاءُ مَعْرُوفَانِ فَأَمَّا النِّوَاءُ فَهُوَ مُصْدَرُ نَاوَأْتُ الْعَدُوَّ مُنَاوَأَةً وَنِوَاءً (وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَصْلُهُ مِنْ نَاءَ إِلَيْكَ وَنُؤْتَ إِلَيْهِ أَيْ نَهَضَ إِلَيْكَ وَنَهَضْتَ إِلَيْهِ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ ... بَلَتْ قُتَيْبَةَ فِي النِّوَاءِ بِفَارِسٍ ... لَا طَائِشٍ رَعِشٍ وَلَا وَقَّافِ ... وَقَالَ أَعْشَى بَاهِلَةَ ... أَمَا يُصِبْكَ عَدُوٌّ فِي مُنَاوَأَةٍ ... يَوْمًا فَقَدْ كُنْتَ تستعلى وتنتصر

وَقَالَ أَوْسُ بْنُ حُجْرٍ ... إِذَا أَنْتَ نَاوَأْتَ الرِّجَالَ فَلِمَ تَنُوءُ ... بِقَرْنَيْنِ غَرَّتْكَ الْقُرُونُ الْكَوَامِلُ ... ... إِذَا مَا اسْتَوَى قَرْنَاكَ لَمْ يَهْتَضِمْهُمَا ... عَزِيزٌ وَلَمْ يَأْكُلْ صَفِيفَكَ آكِلُ ... ... وَلَا يَسْتَوِي قَرْنُ النِّطَاحِ الَّذِي بِهِ ... تَنُوءُ وَقَرْنٌ كُلَّمَا قُمْتَ مَائِلُ ... ... ... (وَقَالَ جَرِيرٌ ... إِنِّي امْرُؤٌ لَمْ أَرُدْ فيمن إناوئه ... للناس ظلما ولا للحرب امتحانا) ... وَأَمَّا قَوْلُهُ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ فَالْفَاذُّ هُوَ الشَّاذُّ وَالْفَاذَّةُ الشَّاذَّةُ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ يُقَالُ مَا يَدَعُ فِي الْحَرْبِ فَلَانٌ شَاذًّا وَلَا فَاذًّا أَيْ إِنَّهُ شُجَاعٌ لَا يَلْقَاهُ أَحَدٌ إِلَّا قَتَلَهُ وَيُقَالُ فَاذَّةٌ وَفَذَّةٌ وَفَاذٌّ وَفَذٌّ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا آيَةٌ مُنْفَرِدَةٌ فِي عُمُومِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَلَا أَعْلَمُ آيَةً أعم منهإن لِأَنَّهَا تَعُمُّ كُلَّ خَيْرٍ وَكُلَّ شَرٍّ

فَأَمَّا الْخَيْرُ فَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى فِي الْقِيَامَةِ مَا عَمِلَ مِنَ الْخَيْرِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ وَأَمَّا الشَّرُّ فَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَغْفِرَ وَلَهُ أَنْ يُعَاقِبَ قَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ وَلَمَّا نَزَلَتْ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ بَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكُلُّ مَا نَعْمَلُ نَجْزِي بِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْتَ تَمْرَضُ أَلَسْتَ تَنْصَبُ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللَّأْوَاءُ فَذَلِكَ مَا تُجْزَوْنَ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرَضُ كَفَّارَةٌ وَمَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا كَفَّرَ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ وَقَوْلُهُ فِي الْحُمُرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ (ذِي) كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ وَكَانَ الْحُمَيْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ إِنِ اتخذت حمارا

فَانْظُرْ كَيْفَ تَتَّخِذُهُ أَمَّا الْخَيْلُ فَقَدْ جَاءَ فِيهَا مَا جَاءَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ ذَلِكَ فِي الْخَيْلِ كَانَ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْحُمُرِ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا الْآيَةَ الْجَامِعَةَ الْفَاذَّةَ فَكَانَ قَوْلُهُ فِي الْخَيْلِ نَزَلَ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ لَقَدْ عُوتِبْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْخَيْلِ وَهَذَا يُعَضِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ (كَانَ) لَا يَتَكَلَّمُ فِي شَيْءٍ إِلَّا بِوَحْيٍ وَتَلَا وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ وَبُقُولِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْتُبُ كُلَّ مَا أَسْمَعُ مِنْكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ قَالَ نَعَمْ فَإِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا

حَدِيثٌ تَاسِعَ عَشَرَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الدِّيلِ يُقَالُ له بسر ابن مِحْجَنٍ عَنْ (أَبِيهِ مِحْجَنٍ) أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فَقَامَ (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَصَلَّى ثُمَّ رَجَعَ وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ اخْتَلَفَ النَّاسُ عَنْ زيد ابن أَسْلَمَ فِي اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ لَهُ عَنْ زَيْدٍ فِيهِ بُسْرُ بْنُ مِحْجَنٍ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ (كَذَلِكَ هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جُمْهُورِ رُوَاتِهِ (3) وَقِيلَ فِيهِ

بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ (عَنْ) بِشْرِ بْنِ مِحْجَنٍ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ قَدِيمًا عَنْ زيد ابن أَسْلَمَ فَيَقُولُ فِيهِ بِشْرٌ فَقِيلَ لَهُ هُوَ بُسْرٌ فَقَالَ عَنْ بُسْرٍ أَوْ بِشْرٍ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ مِحْجَنٍ وَلَمْ يَقُلْ بُسْرٌ وَلَا بِشْرٌ) وَقَالَ فِيهِ الثَّوْرِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِشْرٌ بِالشِّينِ الْمَنْقُوطَةِ وَكَانَ أَبُو نُعَيْمٍ يَقُولُ بِالسِّينِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ (وَرَوَاهُ الدراوردي عن زيد ابن أَسْلَمَ فَقَالَ فِيهِ عَنْ بِشْرٍ بِالْمَنْقُوطَةِ كَمَا قَالَ الثَّوْرِيُّ وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ زَيْدِ ابن أَسْلَمَ فَقَالَ فِيهِ بُسْرٌ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا حَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ الأسلمي عن بشر إبن مِحْجَنٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَاهُ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ عَنْ زيد ابن أَسْلَمَ عَنْ بِشْرِ بْنِ مِحْجَنٍ عَنْ أَبِيهِ بِالْمَنْقُوطَةِ كَمَا قَالَ الثَّوْرِيُّ فِي رِوَايَةِ أَصْحَابِ الثَّوْرِيِّ عَنْهُ وَقَدْ قِيلَ فِيهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ بُسْرٌ أَيْضًا) وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدُ بْنِ سَلَامَةَ الْأَزْدِيُّ قال

سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ الْبُرُلُّسِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ صَالِحٍ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِمِصْرَ يَقُولُ سَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ وَلَدِهِ وَمِنْ رَهْطِهِ فَمَا اخْتَلَفَ (عَلَيَّ) مِنْهُمُ اثْنَانِ أَنَّهُ بِشْرٌ كَمَا قَالَ الثَّوْرِيُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وُجُوهٌ مِنَ الْفِقْهِ أَحَدُهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمِحْجَنٍ الدِّيلِيِّ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ وَفِي هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَا يُصَلِّي لَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَإِنْ كَانَ مُوَحِّدًا وَهَذَا مَوْضِعُ اخْتِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَتَقْرِيرُ هَذَا الْخِطَابِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَحَدًا لَا يَكُونُ مُسْلِمًا إِلَّا أَنْ يُصَلِّيَ فَمَنْ لَمْ يُصَلِّ فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالصَّلَاةِ بِعَمَلِهَا وَإِقَامَتِهَا أَنَّهُ يُوكِلُ إِلَى ذَلِكَ إِذَا قَالَ إِنِّي أُصَلِّي لِأَنَّ مِحْجَنًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي فَقَبِلَ مِنْهُ وَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمَنْ قَالَ إِنَّ الْإِقْرَارَ بِالصَّلَاةِ دُونَ إِقَامَتِهَا يَحْقِنُ الدَّمَ لِأَنَّهُ لَمْ يقل إني مؤمن بالصلاة مقر بها غير أَنِّي لَا أُصَلِّي بَلْ قَالَ لَهُ قَدْ صَلَّيْتُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ

لَمْ يُنْجِهِ إِلَّا قَوْلُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ عَامِدًا وَهُوَ عَلَى فِعْلِهَا قَادِرٌ فَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ تَكْفِيرُ تَارِكِ الصَّلَاةِ قَالُوا مَنْ لَمْ يصل فهو كفار وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لَاحَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَلَا دِينَ لَهُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً وَاحِدَةً مُتَعَمِّدًا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَبَى مِنْ قَضَائِهَا وَأَدَائِهَا وَقَالَ لَا أُصَلِّي فَهُوَ كَافِرٌ وَدَمُهُ وَمَالُهُ حَلَالٌ وَلَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَحُكْمُ مَالِهِ مَا وَصَفْنَا كَحُكْمِ مَالِ الْمُرْتَدِّ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَأَبُو خَيْثَمَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَكَذَلِكَ كَانَ رَأْيُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ لَدُنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا إِنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا مِنْ

غَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا كَافِرٌ إِذَا أَبَى مِنْ قَضَائِهَا وَقَالَ لَا أُصَلِّيهَا قَالَ إِسْحَاقُ وَذَهَابُ الْوَقْتِ أَنْ يُؤَخَّرَ الظُّهْرُ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَالْمَغْرِبَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَنْ سَبَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ سَبَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ دَفَعَ شَيْئًا أَنْزَلَهُ اللَّهُ أَوْ قَتَلَ نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُقِرٌّ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ أَنَّهُ كَافِرٌ فَكَذَلِكَ تَارِكُ الصَّلَاةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا عَامِدًا قَالَ وَلَقَدْ أَجْمَعُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَيْهِ فِي سَائِرِ الشَّرَائِعِ لِأَنَّهُمْ بِأَجْمَعِهِمْ قَالُوا مَنْ عُرِفَ بِالْكُفْرِ ثُمَّ رَأَوْهُ يُصَلِّي الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا حَتَّى صلى صلوات كَثِيرَةً فِي وَقْتِهَا وَلَمْ يَعْلَمُوا مِنْهُ إِقْرَارًا بِاللِّسَانِ أَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِالْإِيمَانِ وَلَمْ يَحْكُمُوا لَهُ فِي الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ بِمِثْلِ ذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ فَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ تَارِكَ الصَّلَاةِ كَافِرًا فَقَدْ نَاقَضَ وَخَالَفَ أَصْلَ قَوْلِهِ وَقَوْلِ غَيْرِهِ قَالَ وَلَقَدْ كَفَرَ إِبْلِيسُ إِذْ لَمْ يَسْجُدِ السَّجْدَةَ الَّتِي أُمِرَ بِسُجُودِهَا قَالَ وَكَذَلِكَ تَارِكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا (حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا كَافِرٌ إِذَا أَبَى مِنْ قَضَائِهَا) وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يُكَفَّرُ أَحَدٌ بِذَنْبٍ إِلَّا تَارِكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا ثُمَّ ذَكَرَ اسْتِتَابَتَهُ وَقَتْلَهُ

وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا رُوِيَ مِنَ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِي تَكْفِيرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ مِنْهَا حَدِيثُ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ أَوْ قَالَ بَيْنَ الشِّرْكِ إِلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ يَعْنِي مُتَعَمِّدًا فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ هَذَا كُلُّهُ مِمَّا احْتَجَّ بِهِ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يُغِرْ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ فَإِذَا أَصْبَحَ كَانَ إِذَا سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ وَوَضَعَ السَّيْفَ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا

الحديث الخامس والعشرون

الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا وَبِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَبِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَبِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَبِآيَاتٍ نَحْوِ هَذَا كَثِيرَةٍ وَآثَارٍ وَاحْتَجَّ غَيْرُهُ مِمَّنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ حُشِرَ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَبِحَدِيثِ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ قَالُوا هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ صَلَاتَنَا وَلَمْ يَسْتَقْبِلْ قِبْلَتَنَا فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَبِمَا رَوَاهُ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ أَوْصَانِي خَلِيلِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَإِنْ حُرِّقْتَ وَلَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ (الذِّمَّةُ) ولا تشرب

الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ وَأَطِعْ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ لَهُمَا مِنْ دُنْيَاكَ فَافْعَلْ وَلَا تُنَازِعِ الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَإِنْ رَأَيْتَ أَنَّكَ أَنْتَ وَلَا تَفِرَّ مِنَ الزَّحْفِ فَإِنَّ فِيهِ الْهَلَكَةَ وَأَنْفِقْ عَلَى أَهْلِكَ مِنْ طَوْلِكَ وَأَخِفْهُمْ فِي اللَّهِ وَلَا تَرْفَعْ عَصَاكَ عَنْهُمْ وَبِمَا رُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ قَدَّمْنَا الذِّكْرَ عَنْهُمْ (بِذَلِكَ) وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي رَحِمَهُ الله بخطه أن أحمد بن سعيد ابن حَزْمٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَدْرٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ كَاتِبٌ الْعُمَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جابر عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ ترك الصلا وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ قال حدثنا

مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فَذَكَرَهُ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فَقَدْ كَفَرَ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ قَالَ أَنْبَأَنِي الْحَسَنُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُكْثِرُ ذِكْرَ الصَّلَاةِ فِي الْقُرْآنِ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى مَوَاقِيتِهَا فَقَالَ مَا كُنَّا نَرَى إِلَّا أَنْ تُتْرَكَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ تَرْكُهَا الْكُفْرُ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَانٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ الْإِمَامُ لِتَارِكِ الصَّلَاةِ صَلِّ فَإِنْ قَالَ لَا أُصَلِّي سُئِلَ فَإِنْ ذَكَرَ عِلَّةً تَحْبِسُهُ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ فَإِنْ أَبَى مِنَ الصَّلَاةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا قَتَلَهُ الْإِمَامُ وَإِنَّمَا يُسْتَتَابُ مَا دَامَ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَائِمًا يُسْتَتَابُ فِي أَدَائِهَا وَإِقَامَتِهَا فَإِنْ أَبَى قُتِلَ وَوَرِثَهُ ورثته وهذا

قَوْلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَمَذْهَبُهُمْ وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَجَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُولُ قَالَ مَالِكٌ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ وَأَبَى أَنْ يُصَلِّيَ قُتِلَ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَجَمِيعُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ قَوْلُ مَكْحُولٍ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَوَكِيعٍ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَحَلَّ دِمَاءَ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَقَالَ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَقَاتَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فِي جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَأَرَاقَ دِمَاءَهُمْ لِمَنْعِهِمُ الزَّكَاةَ وَإِبَايِتِهِمْ مِنْ أَدَائِهَا فَمَنِ امْتَنَعَ مِنَ الصَّلَاةِ وَأَبَى مِنْ إِقَامَتِهَا كَانَ أَحْرَى بِذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ شَبَّهَ الزَّكَاةَ بِالصَّلَاةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِالْإِسْلَامِ وَالشَّهَادَةِ يُوَضِّحُ لَكَ ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ لِأَبِي بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُهُمْ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مني دماءهم وأمولاهم إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا مِنْ حَقِّهَا وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا أَوْ عِقَالًا مِمَّا كَانُوا يُعْطُونَ

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَفَرَ الْقَوْمُ لَقَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ تَرَكُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَصَارُوا مُشْرِكِينَ وَقَدْ قَالُوا لِأَبِي بَكْرٍ بَعْدَ الْإِسَارِ مَا كَفَرْنَا بَعْدَ إِيمَانِنَا وَلَكِنْ شَحَحْنَا عَلَى أَمْوَالِنَا وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي شِعْرِهِمْ قَالَ شَاعِرُهُمْ ... أَلَا فَأَصْبِحِينَا قَبْلَ نَائِرَةِ الْفَجْرِ ... لَعَلَّ مَنَايَانَا قَرِيبٌ وَمَا نَدْرِي ... ... أَطَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ بَيْنَنَا ... ... فَيَا عَجَبًا مَا بَالُ مُلْكِ أَبِي بَكْرِ ... ... فَإِنَّ الَّذِي سَأَلُوكُمْ فَمَنَعْتُمْ ... لَكَالتَّمْرِ أَوْ أَشْهَى إِلَيْهِمْ مِنَ التَّمْرِ ... ... ... فَرَأَى أَبُو بَكْرٍ فِي عَامَّةِ الصَّحَابَةِ وَمَعَهُ عُمَرُ قِتَالَهَمْ وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَغَيْرَهُ إِلَى قِتَالِ مَنِ ارْتَدَّ هَذَا كُلُّهُ احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَنِ امْتَنَعَ مِمَّا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ كَانَ عَلَى الْإِمَامِ أَخْذُهُ بِهِ وَقِتَالُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَمَّا تَوْرِيثُ وَرَثَتِهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَلِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا وَلِيَ رَدَّ عَلَى وَرَثَةِ مَانِعِي الزَّكَاةِ كُلَّ مَا وَجَدَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِأَيْدِي النَّاسِ

وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ سَبَاهُمْ كَمَا سَبَى أَهْلَ الرِّدَّةِ فَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ عُمَرُ لِصَلَاتِهِمْ وَتَوْحِيدِهِمْ وَرَدَّ إِلَى وَرَثَتِهِمْ أَمْوَالَهُمْ فِي جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَقَالَ أَهْلُ السِّيَرِ إِنَّ عُمَرَ لَمَّا وَلِيَ أَرْسَلَ إِلَى النِّسْوَةِ اللَّاتِي كَانَ الْمُسْلِمُونَ حَازُوهُنَّ (فَخَيَّرَهُنَّ) أَنْ يَمْكُثْنَ عِنْدَ مَنْ هُنَّ عِنْدَهُ بِتَزْوِيجٍ وَصَدَاقٍ أَوْ يَرْجِعْنَ إِلَى أَهْلِيهِنَّ بِالْفِدَاءِ فَاخْتَرْنَ أَنْ يَمْكُثْنَ عِنْدَ مَنْ كُنَّ عِنْدَهُ فَمَكَثْنَ عِنْدَهُمْ بِتَزْوِيجٍ وَصَدَاقٍ قَالَ وَكَانَ الصَّدَاقُ الَّذِي جُعِلَ لِمَنِ اخْتَارَ أَهْلَهُ عَشْرَ أَوَاقٍ لِكُلِّ امْرَأَةٍ وَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِفِعْلِ عُمَرَ هَذَا فِي جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ (وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَأَنْ أَكُونَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَلَاثٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ الْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ وَعَنْ قَوْمٍ أَقَرُّوا بِالزَّكَاةِ وَلَمْ يُؤَدُّوهَا أَيَحِلُّ لَنَا قِتَالُهُمْ وَعَنِ الكلالة (1)

وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ النُّكْرِيِّ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَوَاعِدُ الدِّينِ ثَلَاثَةٌ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالصَّلَاةُ وَصَوْمُ رَمَضَانَ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَجِدُهُ كَثِيرَ الْمَالِ وَلَا يُزَكِّي فَلَا يُقَالُ لِذَلِكَ كَافِرٌ وَلَا يحل دمه وقد ذكرنا هذا الحديث فإسناده فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِذْكَارِ) وَمِنْ حُجَّتِهِ أَيْضًا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنِ (الْحَسَنِ) عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَكُونُ أُمَرَاءُ تَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نُقَاتِلُهُمْ قَالَ لَا مَا صَلَّوُا الْخَمْسَ

وَفِيهِ دَلِيلٌ (عَلَى) أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُصَلُّوا الْخَمْسَ قُوتِلُوا وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ لَمْ يُنْهَ عَنْ قَتْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ الَّذِينَ شَاوَرُوهُ فِي قَتْلِ مَالِكِ بْنِ الدَّخْشَمِ أَلَيْسَ يُصَلِّي قَالُوا بَلَى وَلَا صَلَاةَ لَهُ فَنَهَاهُمْ عَنْ قَتْلِهِ (لِصَلَاتِهِ إِذْ قَالُوا لَهُ بَلَى إِنَّهُ يُصَلِّي وَلَوْ قَالُوا إِنَّهُ لَا يُصَلِّي مَا نَهَاهُمْ عَنْ قَتْلِهِ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ فِي الْمَنْعِ مِنْ قَتْلِهِ إِلَّا بِالشَّهَادَةِ وَالصَّلَاةِ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالُوا بَلَى وَلَا شَهَادَةَ لَهُ فَقَالَ أَلَيْسَ يُصَلِّي قَالُوا بَلَى وَلَا صَلَاةَ لَهُ قَالَ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْ قَتْلِهِمْ وَقَدْ قَالَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ وَاعْتَلُّوا فِي دَفْعِ الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي تَكْفِيرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ بِأَنْ

قَالُوا مَعْنَاهَا مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ جَاحِدًا (لَهَا مُعَانِدًا) مُسْتَكْبِرًا غَيْرَ مُقِرٍّ بِفَرْضِهَا قَالُوا وَيَلْزَمُ مَنْ كَفَّرَهُمْ بِتِلْكَ الْآثَارِ وَقَبِلَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا فِيهِمْ أَنْ يُكَفِّرَ الْقَاتِلَ وَالشَّاتِمَ لِلْمُسْلِمِ وَأَنْ يُكَفِّرَ الزَّانِيَ وَشَارِبَ الْخَمْرِ وَالسَّارِقَ وَالْمُنْتَهِبَ وَمَنْ رَغِبَ عَنْ نَسَبِ أَبِيهِ فَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ وَقَالَ لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ (فِيهَا) أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَقَالَ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ وَقَالَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ إِلَى آثَارٍ مِثْلِ هَذِهِ لَا يُخْرِجُ بِهَا الْعُلَمَاءُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ ذَلِكَ فَاسِقًا عِنْدَهُمْ فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ تَكُونَ الْآثَارُ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ كَذَلِكَ

قَالُوا وَمَعْنَى قَوْلِهِ سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ يُخْرِجُ عَنِ الْمِلَّةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا وَرَدَ مِنْ تَكْفِيرِ مَنْ ذَكَرْنَا مِمَّنْ يَضْرِبُ بَعْضُهُمْ رِقَابَ بَعْضٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ أَحَدُ الَّذِينَ رُوِيَ عَنْهُمْ تَكْفِيرُ تَارِكِ الصَّلَاةِ (أَنَّهُ) قَالَ فِي حُكْمِ الْحَاكِمِ (الْجَائِرِ) كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إسمعيل قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَيْسَ بِالْكُفْرِ الَّذِي تَذْهَبُونَ إِلَيْهِ إِنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ ثُمَّ قَرَأَ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لَا يَبْلُغُ الْمَرْءُ حَقِيقَةَ الْكُفْرِ حَتَّى يَدْعُوَ مَثْنَى مَثْنَى وَقَالُوا يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ يُرِيدُ مُسْتَكْمِلَ الْإِيمَانِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ وَكَذَلِكَ السَّارِقُ وَشَارِبُ الْخَمْرِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ

وَعَلَى نَحْوِ ذَلِكَ تَأَوَّلُوا قَوْلَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ قَالُوا أَرَادَ أَنَّهُ لَا كَبِيرَ حَظٍّ لَهُ وَلَا حَظًّا كَامِلًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمَا أَشْبَهَهُ وَجَعَلُوهُ كَقَوْلِهِ لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ صَلَاةٌ كَامِلَةٌ وَمِثْلُهُ الْحَدِيثُ لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ عَلَيْكُمْ يُرِيدُ لَيْسَ هُوَ الْمِسْكِينُ حَقًّا لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مَسْكَنَةً مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَسْأَلُ وَنَحْوَ هَذَا مِمَّا اعْتَلُّوا بِهِ وَقَدْ رَأَى مَالِكٌ اسْتِتَابَةَ الْإِبَاضِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ فَإِنْ تَابُوا والا قتلوا ذكر ذلك إسمعيل الْقَاضِي عَنْ أَبِي ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ قُلْتُ لِأَبِي ثَابِتٍ هَذَا رَأْيُ مَالِكٍ فِي هَؤُلَاءِ حَسْبُ قَالَ بَلْ فِي كُلِّ أَهْلِ الْبِدَعِ قَالَ الْقَاضِي وَإِنَّمَا رَأَى مَالِكٌ ذَلِكَ فِيهِمْ لِإِفْسَادِهِمْ فِي الْأَرْضِ وَهُمْ أَعْظَمُ إِفْسَادًا مِنَ الْمُحَارِبِينَ لِأَنَّ إِفْسَادَ الدِّينِ أَعْظَمُ مِنْ إِفْسَادِ الْمَالِ لَا أَنَّهُمْ كُفَّارٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا مَالِكٌ يُرِيقُ دِمَاءَ هَؤُلَاءِ وَلَيْسُوا عِنْدَهُ كُفَّارًا فَكَذَلِكَ تَارِكُ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ قَتْلُهُ لَا مِنْ جِهَةِ الكفر

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِكَافِرٍ كُفْرًا يَنْقُلُ عَنِ الْإِسْلَامِ إِذَا كَانَ مُؤْمِنًا بِهَا مُعْتَقِدًا لَهَا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ أَنْ يُضْرَبَ فِي قَبْرِهِ مِائَةَ جَلْدَةٍ فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ اللَّهَ وَيَدْعُوهُ حَتَّى صَارَتْ جَلْدَةً (وَاحِدَةً) فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ نَارًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ عَلَامَ جَلَدْتُمُونِي قَالُوا إِنَّكَ صَلَّيْتَ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ وَمَرَرْتَ عَلَى مَظْلُومٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِكَافِرٍ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ فَلَمْ يُصَلِّ وَقَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُهُ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا مَا أُجِيبَتْ لَهُ دَعْوَةٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم خمس صلوات كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ ثُمَّ قَالَ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ مِنْهُ مالا يَنْقُلُ عَنِ الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ وَكَافِرُ

النِّعْمَةِ يُسَمَّى كَافِرًا وَأَصْلُ الْكُفْرِ فِي اللُّغَةِ السَّتْرُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلَّيْلِ كَافِرٌ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ قَالَ لَبِيدٌ فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمَامُهَا أَيْ سَتَرَهَا وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ رَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْهُ قَالَ إِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا تَرَكَهَا لِأَنَّهُ ابْتَدَعَ دِينًا غَيْرَ الْإِسْلَامِ قُتِلَ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا هُوَ فَاسِقٌ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ ضَرْبًا مُبَرِّحًا وَيُسْجَنُ حَتَّى يَرْجِعَ قَالَ وَالَّذِي يُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ كَذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ قَوْلُنَا وَإِلَيْهِ يَذْهَبُ جَمَاعَةٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ قَالَ أَبُو عُمَرَ بِهَذَا يَقُولُ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ إِنَّهُ يُسْجَنُ وَيُضْرَبُ وَلَا يُقْتَلُ وَابْنُ شِهَابٍ الْقَائِلُ مَا ذَكَرْنَا هُوَ الْقَائِلُ أَيْضًا فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نَزَلَتِ الْفَرَائِضُ بَعْدُ وَقَوْلُهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ عِنْدَهُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ (وَاللَّهُ أَعْلَمُ) وَهُوَ قَوْلُ الطَّائِفَتَيْنِ

اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ قَبْلَ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ كَمَا عَلِمْتَ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَعْنِي مَذْهَبَ ابْنِ شِهَابٍ في أنه يضرب ويسجد وَلَا يُقْتَلُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا قَالُوا وَحَقُّهَا الثَّلَاثُ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانٍ أَوْ زِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ قَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ قَالُوا وَالْكَافِرُ جَاحِدٌ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ الْمُقِرُّ بِالْإِسْلَامِ لَيْسَ بِجَاحِدٍ وَلَا كَافِرٍ وَلَيْسَ بِمُسْتَكْبِرٍ وَلَا مُعَانِدٍ وَإِنَّمَا يَكْفُرُ بِالصَّلَاةِ مَنْ جَحَدَهَا وَاسْتَكْبَرَ عَنْ أَدَائِهَا قَالُوا وَقَدْ كَانَ مُؤْمِنًا عِنْدَ الْجَمِيعِ بِيَقِينٍ قَبْلَ تَرْكِهِ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اختلفوا فيه إذاترك الصَّلَاةَ فَلَا يَجِبُ قَتْلُهُ إِلَّا بِيَقِينٍ (وَلَا يقين) مع

الِاخْتِلَافِ فَالْوَاجِبُ الْقَوْلُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ الضَّرْبُ وَالسَّجْنُ وَأَمَّا الْقَتْلُ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مِيقَاتِهَا فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً قَالُوا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ غَيْرُ كُفَّارٍ بِتَأْخِيرِهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا وَلَوْ كَفَرُوا بِذَلِكَ مَا أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُمْ بِسُبْحَةٍ وَلَا غَيْرِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلٌ قَدْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِمَّنْ يَقُولُ الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَقَالَتْ بِهِ الْمُرْجِئَةُ أَيْضًا (إِلَّا أَنَّ الْمُرْجِئَةَ) تَقُولُ (الْمُؤْمِنُ) الْمُقِرُّ مُسْتَكْمِلُ الْإِيمَانِ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَئِمَّةِ (أَهْلِ) السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ فَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ فَإِنَّ الْمُرْجِئَةَ قَالَتْ تارك الصلاة مؤمن مُسْتَكْمِلُ الْإِيمَانِ إِذَا كَانَ مُقِرًّا غَيْرَ جَاحِدٍ وَمُصَدِّقًا غَيْرَ مُسْتَكْبِرٍ وَحُكِيَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَسَائِرِ الْمُرْجِئَةِ وَهُوَ قَوْلُ جَهْمٍ

وقالت المعتزلة تارك الصلاة فاسق لا مؤمن وَلَا كَافِرٌ وَهُوَ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ وَقَالَتِ الصُّفْرِيَّةُ وَالْأَزَارِقَةُ مِنَ الْخَوَارِجِ هُوَ كَافِرٌ حَلَالُ الدَّمِ وَالْمَالِ وَقَالَتِ الْإِبَاضِيَّةُ هُوَ كَافِرٌ غَيْرَ أَنَّ دَمَهُ وَمَالَهُ مُحَرَّمَانِ وَيُسَمُّونَهُ كَافِرَ نِعْمَةٍ فَهَذَا جَمِيعُ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْقِبْلَةِ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا مَعَهُمْ وَلَا يَخْرُجُ حَتَّى يُصَلِّيَ وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى فِي جَمَاعَةِ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى فِي أَهْلِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ كَانَ صَلَّى مُنْفَرِدًا وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِنَّمَا هَذَا لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ أَوْ غَيْرِ بَيْتِهِ فِي جَمَاعَةٍ فَلَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ لِأَنَّ إِعَادَتَهَا فِي جَمَاعَةٍ لَا وَجْهَ لَهُ وَإِنَّمَا كَانَتِ الْإِعَادَةُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَهَذَا قَدْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَتِهِ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى (وَلَوْ جَازَ أَنْ

يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ لَلَزِمَهُ أَنْ يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى) ثَالِثَةٍ وَرَابِعَةٍ إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ بِهِ أَحَدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُعَادُ صَلَاةٌ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ وَقَالُوا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ وَهُوَ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ (سُلَيْمَانَ) مَوْلَى مَيْمُونَةَ قَالَ أَتَيْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ عَلَى الْبَلَاطِ وَهُمْ يُصَلُّونَ فَقُلْتُ أَلَا تُصَلِّي مَعَهُمْ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ

قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ قَالَ مَرَرْتُ بِابْنِ عُمَرَ وَهُوَ جَالِسٌ بِالْبَلَاطِ وَالْقَوْمُ يُصَلُّونَ قَالَ فَقُلْتُ أَلَا تُصَلِّي قَالَ قَدْ صَلَّيْتُ قَالَ قُلْتُ الْقَوْمُ يُصَلُّونَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ جَائِزٌ لِمَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَأُقِيمَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ أَنْ يُصَلِّيَهَا ثَانِيَةً فِي جَمَاعَةٍ (قَالَ أَحْمَدُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إِذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ حَتَّى يُصَلِّيَهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ) وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْلِهِ فِي الَّذِي خَرَجَ عِنْدَ الْإِقَامَةِ مِنَ الْمَسْجِدِ أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وحذيفة بن اليمان وأنس ابن مَالِكٍ وَصِلَةَ بْنِ زُفَرَ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ لِمَنْ صَلَّاهَا (فِي) جَمَاعَةٍ وبه قال حماد بن زيد وسليمان

ابن حَرْبٍ حَكَى ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ وَعَنْ سَائِرِ مَنْ ذَكَرْنَا كَمَا ذَكَرْنَا بِالْأَسَانِيدِ فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَدِمْنَا مَعَ أَبِي مُوسَى حِينَ بَعَثَهُ عُمَرُ عَلَى الْبَصْرَةِ فَصَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ فِي الْمِرْبَدِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْنَا فَصَلَّيْنَا مَعَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ قَالَ انْطَلَقْتُ مَعَ حُذَيْفَةَ فِي حَاجَةٍ فَأَتَيْنَا عَلَى مَسْجِدٍ وَهُمْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُمْ ثُمَّ خَرَجْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مَسْجِدٍ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُمْ وَذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ (مِنْ إِعَادَتِهِمَا فِي جَمَاعَةٍ قَالَ فَذَهَبْتُ أَقُومُ فِي الثَّالِثَةِ فَأَجْلَسَنِي) قَالَ وَحَدَّثَنَا مُوسَى بن إسمعيل قال حدثنا أبو عوانة عن إسمعيل بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ إِذَا دَخَلْتَ المسجد

وَقَدْ صَلَّيْتَ صَلَاةً وَحْدَكَ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ فَأُقِيمَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ تَخْرُجَ كَمَا تَخْرُجُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَلَكِنْ صَلِّهَا (مَعَهُمْ) فَتَكُونُ صَلَاتُكُ الَّتِي (قَدْ) صُلِّيَتْ قَبْلَ ذَلِكَ الْفَرِيضَةَ وَصَلَاتُكَ هَذِهِ التَّطَوُّعَ صَلِّهَا مَعَهُمْ وَإِنْ كَانَ الْعَصْرَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ صَلَّيْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ مَسْجِدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَذَلِكَ (فِي) صَلَاةِ الْعَصْرِ وَقَدْ عَلِمَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَنِّي أُصَلِّي بهم ها هنا فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَقَالَ لِي حَمَّادٌ صَلِّ قُلْتُ قَدْ صَلَّيْتُ قَالَ صَلِّ فَصَلَّيْتُ قُلْتُ لِسُلَيْمَانَ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ أَيُعِيدُ قَالَ نَعَمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ فَذَكَرَ الْأَحَادِيثَ إِلَى آخِرِهَا وَاتَّفَقَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ قَالَا إِنَّمَا ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِنْسَانُ الْفَرِيضَةَ (ثُمَّ) يَقُومُ فَيُصَلِّيهَا ثَانِيَةً يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ مَرَّةً أُخْرَى يَعْتَقِدُ ذَلِكَ فَأَمَّا إِذَا صَلَّاهَا مَعَ الْإِمَامِ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةُ تَطَوُّعٍ فَلَيْسَ بِإِعَادَةٍ لِلصَّلَاةِ

(قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ (رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا) أَمَرَ الَّذِي صَلَّى فِي أَهْلِهِ وَحْدَهُ أَنْ يُعِيدَ (فِي جَمَاعَةٍ) مِنْ أَجْلِ فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ لِيَتَلَافَى مَا فَاتَهُ مِنْ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ إِذَا كَانَ قَدْ صَلَّى مُنْفَرِدًا وَالْمُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ قَدْ حَصَلَ لَهُ الْفَرْضُ وَالْفَضْلُ فَلَمْ يَكُنْ لِإِعَادَتِهِ الصَّلَاةَ وَجْهٌ إِلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَا وَسُنَّةُ التَّطَوُّعِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى يَعْنِي فِي التَّطَوُّعِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْقَصْدِ إِلَى التَّطَوُّعِ بَعْدَ العصر والصبح فمن ها هنا لَمْ يَكُنْ لِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ لِمَنْ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ وَجْهٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْأَحَادِيثُ عَنِ السَّلَفِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ رَوَى مَالِكٌ عَنْ عَفِيفِ بْنِ عُمَرَ السَّهْمِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ فَقَالَ إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ آتِي الْمَسْجِدَ فَأَجِدُ الْإِمَامَ يُصَلِّي أَفَأُصَلِّي مَعَهُ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ نَعَمْ فَصَلِّ مَعَهُ وَمَنْ صَنَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ سَهْمَ جَمْعٍ أَوْ مِثْلَ سَهْمِ

جَمْعٍ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَعْنِي يُضَعَّفُ لَهُ الْأَجْرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِ مَنْ قال إن الجمع ها هنا الْجَيْشُ وَإِنَّ لَهُ أَجْرَ الْغَازِي أَوِ الْغُزَاةِ مِنْ قَوْلِهِ تَرَاءَى الْجَمْعَانِ يَعْنِي الْجَيْشَيْنِ وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِشَيْءٍ وَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عَنِ الْعَرَبِ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ فِي وَصِيَّةِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ إِنَّ لِفُلَانٍ بَغْلَتِي الشَّهْبَاءَ وَلِفُلَانٍ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ سَهْمَ جَمْعٍ قَالَ مُصْعَبٌ فَسَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ مَا يَعْنِي بِسَهْمِ الْجَمْعِ قَالَ نَصِيبُ رَجُلَيْنِ) وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ (أَيْضًا) فِيمَا يُعَادُ مِنَ الصَّلَوَاتِ مَعَ الْإِمَامِ لِمَنْ صَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ فَقَالَ مَالِكٌ تُعَادُ الصَّلَوَاتُ (كُلُّهَا) مَعَ الْإِمَامِ إِلَّا الْمَغْرِبَ وَحْدَهَا فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُهَا لِأَنَّهَا تَصِيرُ شَفْعًا قَالَ وَمَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ تلك

الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ يُعِيدَهَا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى قَالَ وَإِنْ دَخَلَ الَّذِي صَلَّى وَحْدَهُ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَهُمْ جُلُوسًا فِي آخِرِ صَلَاتِهِمْ فَلَا يَجْلِسُ مَعَهُمْ وَلَا يَدْخُلُ فِي صَلَاتِهِمْ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ مِنْهَا رَكْعَةً وَمِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَّ صَلَاتَيْهِ فَرِيضَتَهُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَهُ إِلَى اللَّهِ يَجْعَلُهَا أَيَّتَهُمَا شَاءَ وَلَا يَقُولُ إِنَّهَا نَافِلَةٌ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِثْلُ قَوْلِهِ هَذَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ يَجْعَلُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ وَاخْتَلَفَتْ أَجْوِبَتُهُ وَأَجْوِبَةُ أَصْحَابِهِ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ ذَكَرَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا أَنَّ الْأُولَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ أَسْقَطَ مِنْهَا سَجْدَةً بِمَا لَمْ أَرَ لِذِكْرِهِ وَجْهًا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ مَالِكٌ مَنْ أَحْدَثَ فِي هَذِهِ فَصَلَاتُهُ فِي بَيْتِهِ هِيَ صَلَاتُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَوْلِ غَيْرِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يُعِيدُ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ الْعَصْرَ مَعَ

الْإِمَامِ وَلَا الْفَجْرَ وَلَا الْمَغْرِبَ وَيُصَلِّي مَعَهُ الظُّهْرَ وَالْعِشَاءَ وَيَجْعَلُ صَلَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ نَافِلَةً قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لِأَنَّ النَّافِلَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ لَا تَجُوزُ وَلَا تُعَادُ الْمَغْرِبُ لِأَنَّ النَّافِلَةَ لَا تَكُونُ وِتْرًا (فِي غَيْرِ الْوِتْرِ) وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُعِيدُ مَعَ الْإِمَامِ جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ إِلَّا الْمَغْرِبَ وَالْفَجْرَ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَنَّ الْوِتْرَ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ غَيْرُ جَائِزٍ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَلِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ النَّافِلَةَ غَيْرَ الْوِتْرِ لَا تَكُونُ وِتْرًا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَصَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَجَاءَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَطَوَّعُونَ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا كَانَتِ الشَّمْسُ بيضاء نقية ولم يجيء ذَلِكَ عَنْ وَاحِدٍ

مِنْهُمْ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالنَّهْيُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ عَنِ الصَّلَاةِ بعد العصر معناه إذا أصفرت الشَّمْسُ وَكَانَتْ عَلَى الْغُرُوبِ وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً فَلَا بَأْسَ عِنْدَهُمْ بِصَلَاةِ النَّافِلَةِ وَلِلْقَوْلِ فِي هَذَا التَّأْوِيلِ مَوْضِعٌ مِنْ كِتَابِنَا غَيْرُ هَذَا يَأْتِي ذِكْرُهُ فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَرَ ابْنُ عُمَرَ بِإِعَادَةِ الْعَصْرِ بَأْسًا وَكَرِهَ إِعَادَةَ الصُّبْحِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُصَلِّي الرَّجُلُ الَّذِي صَلَّى وَحْدَهُ مَعَ الْجَمَاعَةِ كُلَّ صَلَاةٍ الْمَغْرِبَ وَغَيْرَهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمِحْجَنٍ الدِّيلِيِّ إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ وَلَمْ يَخُصَّ صَلَاةً مِنْ صَلَاةٍ قَالَ وَالْأُولَى هِيَ الْفَرِيضَةُ وَالثَّانِيَةُ سُنَّةٌ (تَطَوُّعًا) سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ (بْنِ عَلِيٍّ) إِلَّا أَنَّ دَاوُدَ يَرَى الْإِعَادَةَ فِي الْجَمَاعَةِ عَلَى مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَرْضًا وَلَا يُحْتَسَبُ عِنْدَهُ بِمَا صَلَّى وَحْدَهُ وَفَرْضُهُ مَا أَدْرَكَهُ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً أخرى فالاعادة ها هنا اسْتِحْبَابٌ وَاخْتُلِفَ عَنِ الثَّوْرِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا مَعَ الْإِمَامِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٍ وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ وَلَا خلاف

عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّ الثَّانِيَةَ تَطَوُّعٌ وَأَنَّ الَّتِي صَلَّى وَحْدَهُ هِيَ الْمَكْتُوبَةُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يُعِيدُهَا كُلَّهَا إِلَّا الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَسْجِدٍ فَتُقَامُ الصَّلَاةُ فَلَا يَخْرُجُ حَتَّى يُصَلِّيَهَا وَحُجَّتُهُ النَّهْيُ عَنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ فَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ مَالِكٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ ابن الْمُسَيَّبِ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ يَجْعَلُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ وَلَمْ يَقُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَنَّ الثَّانِيَةَ نَافِلَةٌ فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَدِ اخْتُلِفَ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ نَقْلُ مَالِكٍ أَصَحَّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا (مُحَمَّدُ) بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ الْعَسْقَلَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَعَادَ فِي الْجَمَاعَةِ أَيُّهُمَا الْمَكْتُوبَةُ قَالَ الْأُولَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المؤمن قال حدثنا عبد الحميد ابن أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الثقفي عن

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ مِنْ دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ حَتَّى نَظَرْنَا إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ فِي (صَلَاةِ) الْعَصْرِ فَلَمْ يَزَلْ بِي وَاقِفًا حَتَّى صَلَّى النَّاسُ وَقَالَ إِنِّي (قَدْ) صَلَّيْتُ فِي الْبَيْتِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إِذَا صَلَّيْتُ وَحْدِي ثُمَّ أَدْرَكْتُ الْجَمَاعَةَ فَقَالَ أَعِدْ غَيْرَ أَنَّكَ إِذَا أَعَدْتَ الْمَغْرِبَ صَلَّيْتَ إِلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى تَشْفَعُ بِهَا وَاجْعَلْ صَلَاتَكَ وَحْدَكَ تَطَوُّعًا وَهَذَا حَدِيثٌ لَا وَجْهَ لَهُ كَيْفَ يَشْفَعُ الْمَغْرِبَ وَتَكُونُ الأولى تطوعا

وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْمَغْرِبَ لَا تُشْفَعُ بِرَكْعَةٍ إِذَا نَوَى بِهَا الْفَرِيضَةَ وَأَنَّ التَّطَوُّعَ لَا يَكُونُ وِتْرًا فِي غَيْرِ الْوِتْرِ وَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ يُنْكِرُونَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِنْهَا هَذَا وَأَمَّا مَا جَاءَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ وَمَا قد ذكرناه عنه ها هنا فَإِنَّ الْحَدِيثَيْنِ وَإِنْ تَدَافَعَا فَإِنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أن يخرجا على غير (وَجْهَ) التَّدَافُعِ بِأَنْ يُحْمَلَا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْقَبُولَ أَيْ أَنَّهُ يَتَقَبَّلُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ فَقَدْ يَتَقَبَّلُ اللَّهُ النَّافِلَةَ التَّطَوُّعَ وَلَا يَتَقَبَّلُ الْفَرِيضَةَ وَقَدْ يَتَقَبَّلُ اللَّهُ الْفَرِيضَةَ دُونَ التَّطَوُّعِ وَقَدْ يَتَقَبَّلُهُمَا بِفَضْلِهِ جَمِيعًا وَقَدْ لَا يَقْبَلُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَلَيْسَ كُلُّ صَلَاةٍ مَقْبُولَةً وَكَانَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ يَقُولُ طُوبَى لِمَنْ تُقُبِّلَتْ مِنْهُ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الْإِشْفَاقِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَ هَذَا وَمَعْنَاهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حدثنا أبوعبيد قال حدثنا

هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ سَائِلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ لِابْنِهِ أَعْطِهِ دِينَارًا فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْكَ يَا أَبَتَاهُ فَقَالَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ تَقَبَّلَ مِنِّي سَجْدَةً وَاحِدَةً أَوْ صَدَقَةَ دِرْهَمٍ وَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الْمَوْتِ أَتَدْرِي مِمَّنْ يَتَقَبَّلُ اللَّهُ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ إِذَا سَأَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السَّائِلُ أَيَّتُهُمَا صَلَاتِي أَيْ أَيَّتُهُمَا الَّتِي يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنِّي أَجَابَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إِلَيْهِ عِلْمُهُ وَأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ عِلْمُهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ تَأْوِيلٌ مُحْتَمَلٌ صَحِيحٌ وَقَدْ تَأَوَّلَ هَذَا التَّأْوِيلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ وَقَالَ إِنَّ الْأُولَى هِيَ صَلَاتُهُ وَالنَّظَرُ يُصَحِّحُ مَا قَالَهُ لِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ شُهُودَ الْجَمَاعَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَاجِبٍ عَلَى أَنَّ الَّذِي صَلَّى وَحْدَهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلِ الْمَسْجِدَ فَيُعِيدُ مَعَ الْجَمَاعَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَفِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ تُعَادُ مَعَ الْإِمَامِ كُلُّ صَلَاةٍ إِلَّا الْمَغْرِبَ وَالْفَجْرَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأُخْرَى عِنْدَهُ تَطَوُّعٌ وَسُنَّةٌ

وَيَشْهَدُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الْأُولَى صَلَاتُهُ وَمِمَّا يُصَحِّحُ هَذَا الْمَذْهَبَ أَيْضًا مَا رَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَجَمَاعَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً أَيْ نَافِلَةً وَحَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْخُزَاعِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا النَّاسَ وَهُمْ يُصَلُّونَ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأُولَى فَرْضُهُ وَالثَّانِيَةَ تَطَوُّعٌ (لَهُ) وَتَدُلُّ أَيْضًا (على) إعادةالصلاة مَعَ الْإِمَامِ أَنَّهُ أَمْرٌ عَامٌّ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ وَلَا تَعْيِينٍ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قال حدثنا عفان قال حدثنا جرير ابن حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ حَمَّادًا قَالَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُ إِذَا نَوَى الرَّجُلُ صَلَاةً كَتَبَتْهَا الْمَلَائِكَةُ فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحَوِّلَهَا فَمَا صَلَّى بَعْدَهَا فهو تطوع

قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ حَدَّثَكُمْ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ نَعَمْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أنه أنى برجلين بعد ما صَلَّى الْغَدَاةَ كَانَا فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ قَالَ مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا قَالَا كُنَّا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا قَالَ فَلَا تَفْعَلَا إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ وَهَذَا نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ يَقْطَعُهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَالْحُجَّةُ لِمَالِكٍ وَالْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ إِنَّ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا تُعَادُ مَعَ الْإِمَامِ إِلَّا الْمَغْرِبَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَغْرِبَ إِنْ أَعَادَهَا كَانَتْ إِحْدَى صَلَاتَيْهِ تَطَوُّعًا وَسُنَّةُ التَّطَوُّعِ أَنْ تُصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ صَارَ شَفْعًا وَبَطَلَ مَعْنَى الْوِتْرِ فَلَمَّا كَانَ فِي إِعَادَةِ الْمَغْرِبِ مُخَالَفَةٌ لِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَنَعَ مَالِكٌ مِنْ إِعَادَتِهَا

وَلَا يَدْخُلُ عَلَى مَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي إِعَادَةِ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ مَعَ الْإِمَامِ مُخَالَفَةٌ لِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنِ التَّطَوُّعِ بِالنَّافِلَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ لِأَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ إِنَّ الثَّانِيَةَ نَافِلَةٌ بَلْ يَقُولُونَ إِنَّنَا لَا نَعْلَمُ أَيَّ الصَّلَاتَيْنِ فَرْضَهُ وَلَا يَأْمُرُونَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ الْإِمَامِ إِلَّا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ ثُمَّ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ يَجْعَلُهَا أَيَّتَهُمَا شَاءَ فَأَيَّتَهُمَا جَعَلَهَا فَالْأُخْرَى تَطَوُّعٌ وَالْأَغْلَبُ عِنْدَهُمْ فِي الظَّنِّ أَنَّ الثَّانِيَةَ فَرْضُهُ لِفَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ وَتَأَوَّلُوا فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ قَالُوا (مَعْنَى نَافِلَةٍ فَضِيلَةٌ وَزِيَادَةُ خَيْرٍ وَلَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ ذَلِكَ) أَنْ يَكُونَ تَطَوُّعًا وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى نَافِلَةً لَكَ أَيْ فَضِيلَةً وَبِقُولِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً أَيْ فَضِيلَةً (وَمِنْ أَدَلِّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ الْأُولَى فَرْضُهُ وَالثَّانِيَةَ نَفْلٌ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مِمَّا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ أَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ لَا يَكُونُ إِمَامًا فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ فَرِيضَةٍ وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ فَرِيضَةٍ كَانَتْ تَطَوُّعًا وَبِاللَّهِ التوفيق)

الحديث العشرون

حَدِيثٌ مُوفِي عِشْرِينَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ زيد ابن أَسْلَمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالْمُسَوَّرَ بن مخرمة اخْتَلَفَا بِالْأَبْوَاءِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ وَقَالَ الْمُسَوَّرُ لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ قَالَ فَأَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ قَالَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَنْ هَذَا قُلْتُ أَنَا (عَبْدُ اللَّهِ) بْنُ حُنَيْنٍ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَ فَوَضَعَ أَبُو أيوب يده علىالثوب فَطَأْطَأَ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ ثُمَّ قَالَ لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ اصْبُبْ فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ

رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَهُ وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَى إِدْخَالِ نَافِعٍ بَيْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ أَحَدٌ (مِنْ) رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ وَذِكْرُ نَافِعٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مَالِكٍ خَطَأٌ عِنْدِي لَا أَشُكُّ فِيهِ فَلِذَلِكَ لَمْ أَرَ لِذِكْرِهِ فِي الْإِسْنَادِ وَجْهًا وَطَرَحْتُهُ مِنْهُ كَمَا طَرَحَهُ ابْنُ وَضَّاحٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهَذَا مِمَّا يُحْفَظُ مِنْ خَطَأِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى فِي الْمُوَطَّأِ وَغَلَطِهِ وَمِثْلُ هَذَا مِنْ غَلَطِهِ الْوَاضِحِ أَيْضًا رِوَايَتُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى جَمَلًا (كَانَ) لِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَهَذَا غَلَطٌ غَيْرُ مُشْكِلٍ وَلَيْسَ لِذِكْرِ نَافِعٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَجْهٌ وَإِنَّمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ لَا عَنْ نَافِعٍ وَكَذَلِكَ هُوَ عِنْدَ (كُلِّ) مَنْ رَوَى الْمُوَطَّأَ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ رَوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ هَذَا ابْنُ شِهَابٍ وَنَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ومحمد بن إسحاق والحرث بْنُ أَبِي ذُبَابٍ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَأَبُو الْأَسْوَدِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُمْ

وَحُنَيْنٌ جَدُّ إِبْرَاهِيمَ هَذَا يُقَالُ إِنَّهُ مَوْلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقِيلَ مَوْلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتُلِفَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ هَذَا (فِي حَدِيثِهِ) عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالتَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ اخْتِلَافًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالْحَافِظِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَنَذْكُرُ (ذَلِكَ) فِي بَابِ حَدِيثِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ (وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ الْمُسَوَّرُ بن مخرمة لابن عباس والله لا ما ريتك (3) أَبَدًا) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عيينة حدثنا زيد ابن أَسْلَمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ تَمَارَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْمُسَوَّرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فِي الْمُحْرِمِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِالْمَاءِ وَهُمَا بِالْعَرْجِ فَأَرْسَلُونِي إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَسْأَلُهُ قَالَ فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يَغْتَسِلُ بَيْنَ قَرْنَيِ الْبِئْرِ فَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ فَرَفَعَ رَأَسَهُ وَضَمَّ ثَوْبَهُ إِلَى صَدْرِهِ حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى صَدْرِهِ فَقُلْتُ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ ابْنُ أَخِيكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَ فَغَرَفَ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَأَمَرَّ عَلَى رَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِهِ وَأَدْبَرَ وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل فقال المسور والله لا ما ريتك أَبَدًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ إِذَا اخْتَلَفُوا لَمْ تَكُنِ الْحُجَّةُ فِي قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَّا بِدَلِيلٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ أَلَا تَرَى أن ابن عباس والمسور بن مخرمة وَهُمَا مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ وَإِنْ كَانَا مِنْ أَصْغَرِهِمْ سِنًّا اخْتَلَفَا فَلَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا حُجَّةٌ عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى أَدْلَى ابْنُ عَبَّاسٍ بِالسُّنَّةِ فَفَلَجَ وَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ هُوَ عَلَى مَا فَسَّرَهُ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ أَنَّ ذَلِكَ فِي النَّقْلِ لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ ثِقَاتٌ مَأْمُونُونَ عَدْلٌ رِضًى فَوَاجِبٌ قَبُولُ مَا نَقَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَشَهِدَ بِهِ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَلَوْ كَانُوا كَالنُّجُومِ فِي آرَائِهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ إِذَا اخْتَلَفُوا لَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِلْمُسَوَّرِ أَنْتَ نَجْمٌ وَأَنَا نَجْمٌ فَلَا عَلَيْكَ وَبِأَيِّنَا اقْتَدَى فِي قَوْلِهِ فَقَدِ اهْتَدَى وَلَمَا احْتَاجَ إِلَى طَلَبِ الْبَيِّنَةِ (وَالْبُرْهَانِ) مِنَ السُّنَّةِ عَلَى (صِحَّةِ) قَوْلِهِ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِذَا اخْتَلَفُوا حُكْمُهُمْ فِي ذَلِكَ كَحُكْمِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْمُسَوَّرِ بْنِ مَخْرَمَةَ سَوَاءٌ وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ تَلَا فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَإِلَى سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ قُبِضَ فَإِلَى سُنَّتِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قِيلَ لَهُ إِنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ قَالَ فِي أُخْتٍ وَابْنَةٍ وَابْنَةِ ابْنٍ إِنَّ لِلِابْنَةِ النِّصْفَ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفَ وَلَا شَيْءَ لِبِنْتِ الِابْنِ وَأَنَّهُ قَالَ لِلسَّائِلِ ائْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ سَيُتَابِعُنَا فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ بَلْ أَقْضِي فِيهَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلْثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَرْفَعْ (هَذَا) الْحَدِيثَ وَجَعَلَهُ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ

وَكُلُّهُمْ رَوَى فِيهِ أَنَّهُ تَلَا قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا الْآيَةَ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَبَا مُوسَى أَفْتَى بِجَوَازِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ فَرَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ أَبُو مُوسَى لَا تَسْئَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ فِي الرَّبِيبَةِ إِلَى قَوْلِ أَصْحَابِهِ بِالْمَدِينَةِ وَهَذَا الْبَابُ فِي اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ وَرَدِّ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَطَلَبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الدَّلِيلَ وَالْبُرْهَانَ عَلَى مَا قَالَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِذَا خَالَفَهُ صَاحِبُهُ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُجْمَعَ فِي كِتَابٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُكْتَبَ فِي بَابٍ وَالْأَمْرُ فِيهِ وَاضِحٌ وَإِذَا كَانَ هَذَا مَحَلَّ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهُمْ أُولُو الْعِلْمِ (وَالدِّينِ) وَالْفَضْلِ (وَخَيْرُ) أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَمَنْ قَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُمْ رَضُوا عَنْهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمُ الرُّحَمَاءُ بَيْنَهُمْ الْأَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ الرُّكَّعُ السُّجَّدُ وَأَنَّهُمُ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ (قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ قَالَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كَثِيرٍ مِنْ ثَنَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ وَاخْتِيَارِهِ إِيَّاهُمْ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَإِذَا كَانُوا وَهُمْ بِهَذَا الْمَحَلِّ مِنَ الدِّينِ وَالْعِلْمِ لَا يَكُونُ أَحَدُهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ حُجَّةً وَلَا يُسْتَغْنَى عِنْدَ خِلَافِ غَيْرِهِ لَهُ عَنْ حجة من كتاب الله أوسنة رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ دُونَهُمْ أَوْلَى وَأَحْرَى أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى أَنْ يُعَضِّدَ قَوْلَهُ بِوَجْهٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عُتْبَةَ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَبِي زَنْبَرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عن طاوس عن عبد الل بْنِ عُمَرَ قَالَ الْعِلْمُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ كِتَابٌ نَاطِقٌ وَسُنَّةٌ مَاضِيَةٌ وَلَا أَدْرِي وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ الْمُعَافِرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ التَّنُّوخِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ فَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فَضْلٌ آيَةٌ مُحْكَمَةٌ وَسُنَّةٌ قَائِمَةٌ وَفَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ وقال إسمعيل الْقَاضِي حَدَّثَنَا أَبُو ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ قَالَ مَالِكٌ الْحُكْمُ حُكْمَانِ حُكْمٌ جَاءَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ وَحُكْمٌ أَحْكَمَتْهُ السُّنَّةُ قَالَ وَمُجْتَهِدٌ رَأْيَهُ فَلَعَلَّهُ يُوَفَّقُ قَالَ وَمُتَكَلِّفٌ فَطُعِنَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ ابْنُ وَضَّاحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ قَالَ

لِي مَالِكٌ الْحُكْمُ الَّذِي يَحْكُمُ بِهِ النَّاسُ حكما مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ أَحْكَمَتْهُ السُّنَّةُ فَذَلِكَ الْحُكْمُ الْوَاجِبُ وَذَلِكَ الصَّوَابُ وَالْحُكْمُ الَّذِي يَجْتَهِدُ فِيهِ الْحَاكِمُ بِرَأْيِهِ فَلَعَلَّهُ يُوَفَّقُ وَثَالِثٌ مُتَكَلِّفٍ فَمَا أَحْرَاهُ أَنْ لَا يُوَفَّقَ قَالَ وَقَالَ لِي مَالِكٌ الْحِكْمَةُ وَالْعِلْمُ وَقَالَ مَرَّةً وَالْفِقْهُ نُورٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ وَيُؤْتِيهِ مَنْ أَحَبَّ مِنْ عِبَادِهِ وَلَيْسَ بِكَثْرَةِ الْمَسَائِلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ حُجَّةٌ ثَابِتَةٌ وَعِلْمٌ صَحِيحٌ إِذَا كَانَ طَرِيقُ ذَلِكَ الْإِجْمَاعِ التَّوْقِيفَ فَهُوَ أَقْوَى مَا يَكُونُ مِنَ السُّنَنِ وَإِنْ كَانَ اجْتِهَادًا وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مُخَالِفًا فَهُوَ أَيْضًا عِلْمٌ وَحُجَّةٌ لَازِمَةٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا وَهَكَذَا إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ إِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ لِأَنَّهَا لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالٍ وَمَا عَدَا هَذِهِ الْأُصُولَ فَكَمَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ تَقَصَّيْنَا الْأَقَاوِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِنَا فِي الْعِلْمِ فَمَنْ أَحَبَّهُ تَأَمَّلَهُ هُنَاكَ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَدْ كَانَ عِنْدَهُ فِي غَسْلِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ عِلْمٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْبَأَهُ ذَلِكَ أَبُو أَيُّوبَ أَوْ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ عِلْمَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي السُّنَنِ وَغَيْرِهَا عَنْ جَمِيعِهِمْ وَيَخْتَلِفُ إِلَيْهِمْ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ لِأَبِي أَيُّوبَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَلَمْ يَقُلْ (هَلْ) كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى حَسْبَمَا اخْتَلَفَا فِيهِ فَالظَّاهِرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ عِلْمٌ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي غَسْلِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ بِالْمَاءِ فَكَانَ مَالِكٌ لَا يُجِيزُ ذَلِكَ لِلْمُحْرِمِ وَيَكْرَهُهُ (لَهُ) وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ إِلَّا مِنِ احْتِلَامٍ قَالَ مَالِكٌ فَإِذَا رَمَى الْمُحْرِمُ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ (جَازَ لَهُ غَسْلُ رَأْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ قَبْلَ الْحَلْقِ لأنه إذا رمى جمرةالعقبة) فقد حل

لَهُ قَتْلُ الْقَمْلِ وَحَلْقُ الشَّعْرِ وَإِلْقَاءُ التَّفَثِ وَلُبْسُ الثِّيَابِ قَالَ وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَعِنْدَ جُوَيْرِيَةَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ مَالِكٍ حَدِيثٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا إسمعيل بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ حَدَّثَنَا سَوَارُ بْنُ سَهْلٍ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّهُ رَأَى قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ غَسَلَ أَحَدَ شِقَّيْ رَأْسِهِ بِالشَّجَرَةِ ثُمَّ الْتَفَتُّ فَإِذَا هَدْيُهُ قَدْ قُلِّدَتْ فَقَامَ فَأَهَلَّ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ شِقَّ رَأْسِهِ الْآخَرَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ والأوزاعي وأحمد ابن حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْسِلَ الْمُحْرِمُ رَأَسَهُ بِالْمَاءِ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِالْمَاءِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَيَقُولُ لَا يَزِيدُهُ الْمَاءُ إِلَّا شَعَثًا وَرُوِيَتِ الرُّخْصَةُ فِي ذَلِكَ (أَيْضًا) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ التَّابِعِينَ وَجُمْهُورُ فقهاء المسلمين

وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُحْرِمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَأَتْبَاعُ مَالِكٍ فِي كَرَاهِيَتِهِ لِلْمُحْرِمِ غَسْلَ رَأْسِهِ بِالْمَاءِ (قَلِيلٌ) وَقَدْ كَانَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ يَتَغَاطَسَانِ وَهُمَا مُحْرِمَانِ مُخَالَفَةً لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي إِبَايَتِهِ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ إِنَّ مَنْ غَمَسَ رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ أَطْعَمَ شَيْئًا خَوْفًا مِنْ قَتْلِ الدَّوَابِّ وَلَا بَأْسَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ أَنْ يُصَبَّ الْمَاءُ (عَلَى الْمُحْرِمِ لِحَرٍّ يَجِدُهُ وَكَانَ أَشْهَبُ يَقُولُ لَا أَكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ غَمْسَ رَأْسِهِ فِي الْمَاءِ قَالَ وَمَا يُخَافُ فِي الْغَمْسِ يَنْبَغِي أَنْ يُخَافَ مِثْلُهُ فِي صَبِّ الْمَاءِ عَلَى الرَّأْسِ مِنَ الْحَرِّ وَأَمَّا غَسْلُ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ وَالسِّدْرِ (1) فَالْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ وَكَانَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَرَيَانِ الْفِدْيَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ إِذَا غَسَلَ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَكَانَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ يُرَخِّصُونَ لِلْمُحْرِمِ إِذَا كَانَ قَدْ لَبَّدَ رَأْسَهُ (فِي غَسْلِ رَأْسِهِ) بِالْخِطْمِيِّ لِيَلِينَ

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَكَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا لَبَّدَ حَلَقَ فَإِنَّمَا كَانَ فِعْلُهُ (ذَلِكَ) وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ عَوْنًا عَلَى الْحَلْقِ وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى جَوَازِ غَسْلِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ أَنْ يُغَسِّلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَأَمَرَهَمْ أَنْ يُجَنِّبُوهُ مَا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ قَالَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ غَسْلِ رَأْسِ الْمُحْرِمِ بِالسِّدْرِ قَالَ وَالْخِطْمِيُّ فِي مَعْنَاهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْقَوْلِ بِهِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ الْكَلَامِ فِيهِ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي دُخُولِ (الْمُحْرِمِ) الْحَمَّامَ فَكَانَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ مَنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ فَتَدَلَّكَ وَأَنْقَى الْوَسَخَ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ لَا يَرَوْنَ بِدُخُولِ الْمُحْرِمِ الْحَمَّامَ بَأْسًا وَرُوِيِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَهُوَ محرم

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا اسْتِتَارُ الْغَاسِلِ عِنْدَ الْغَسْلِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِي كَانَ يَسْتُرُهُ بِالثَّوْبِ لَا يَطَّلِعُ مِنْهُ عَلَى مَا يَسْتُرُهُ بِهِ عَنْ مِثْلِهِ فَالسُّتْرَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتُرْ عَوْرَتَكَ إِلَّا عَنْ زَوْجَتِكَ أَوْ أَمَتِكَ وَهَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ لَا غَيْرَ وَسَيَأْتِي فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا قَوْلُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ الْقَرْنَانِ الْعَمُودَانِ الْمَبْنِيَّانِ اللَّذَانِ فِيهِمَا السَّانِيَةُ عَلَى رَأْسِ الْجُحْفَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ هُمَا حَجَرَانِ مُشْرِفَانِ أَوْ عَمُودَانِ عَلَى الْحَوْضِ يَقُومُ عَلَيْهِمَا السُّقَاةُ

الحديث الواحد والعشرون

حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ الْقَعْقَاعِ (بْنِ حَكِيمٍ) عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا ثُمَّ قَالَتْ إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الْآيَةَ فَآذِنِّي حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا فَأَمْلَتْ عَلَيَّ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ثُمَّ قَالَتْ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ جَوَازُ دُخُولِ مَمْلُوكِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْقُرْآنَ نُسِخَ مِنْهُ مَا لَيْسَ فِي مُصْحَفِنَا الْيَوْمَ وَمَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ يَقُولُ إِنَّ النَّسْخَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فِي الْقُرْآنِ أَحَدُهَا مَا نُسِخَ خَطُّهُ وَحُكْمُهُ وَحِفْظُهُ فَنُسِيَ

يعني رفع خطه من المصحف وليس حفظه عَلَى وَجْهِ التِّلَاوَةِ وَلَا يُقْطَعُ بِصِحَّتِهِ عَلَى اللَّهِ وَلَا يَحْكُمُ بِهِ الْيَوْمَ أَحَدٌ وَذَلِكَ نَحْوَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُقْرَأُ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ وَمِنْهَا قَوْلُهُ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ لَابْتَغَى إِلَيْهِ ثَانِيًا وَلَوْ أَنَّ لَهُ ثَانِيًا لَابْتَغَى إِلَيْهِ ثَالِثًا وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ قِيلَ إِنَّ هَذَا كَانَ فِي سُورَةِ ص وَمِنْهَا (بِلِّغُوا قَوْمَنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا (عَنْهُ) وَهَذَا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا قَرَأْنَاهُ ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ بِلِّغُوا قَوْمَنَا وَذَكَرَهُ وَمِنْهَا قَوْلُ عَائِشَةَ كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ إِلَى أَشْيَاءَ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَحَفْصَةَ وَغَيْرِهِمْ مِمَّا يطول ذكره

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ سُورَةَ الْأَحْزَابِ كَانَتْ نَحْوَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوِ الْأَعْرَافِ رَوَى سُفْيَانُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ قَالَ لي أبي بن كعب كائن تقرأ سورة الأحزاب أو كائن تَعِدُّهَا قُلْتُ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ آيَةً قَالَ قَطُّ لَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَتُعَادِلُ الْبَقَرَةَ وَلَقَدْ كَانَ فِيمَا قَرَأْنَا فِيهَا الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ كَانَتْ سُورَةُ الْأَحْزَابِ تُقَارِنُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ (وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَيْفٌ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ كَانَتِ الْأَحْزَابُ مِثْلَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ أَطْوَلَ وَلَقَدْ ذَهَبَ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ قُرْآنٌ كَثِيرٌ وَلَمْ يَذْهَبْ مِنْهُ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ) أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَعْدَانَ (الْمُقْرِئُ) قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْخِرَقِيُّ الْمُقْرِئُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ الْقِيرَاطِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بن

يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَجْلَحِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيِّ بن عميرة ابن فَرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عُمَيْرَةَ بْنِ فَرْوَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِأَبِي وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ أَوَلَيِسَ كُنَّا نَقْرَأُ فِيمَا نَقْرَأُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ انْتِفَاءَكُمْ مِنْ آبَائِكُمْ كُفْرٌ بِكُمْ فَقَالَ بَلَى ثُمَّ قَالَ أو ليس كُنَّا نَقْرَأُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ فِيمَا فَقَدْنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ أَبِي بَلَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُنْسَخَ خَطُّهُ وَيَبْقَى حُكْمُهُ وَذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَوْلَا أَنْ يَقُولَ قَوْمٌ زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُهَا بِيَدِي الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ (إِذَا زَنَيَا) فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ بِمَا قَضَيَا مِنَ اللَّذَّةِ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَقَدْ قَرَأْنَاهَا

عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا مِمَّا نُسِخَ وَرُفِعَ خَطُّهُ مِنَ الْمُصْحَفِ وَحُكْمُهُ بَاقٍ فِي الثَّيِّبِ مِنَ الزُّنَاةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ) وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَصَلَاةُ الْعَصْرِ (فِي مَذْهَبِ مَنْ نَفَى أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى هِيَ صَلَاةَ الْعَصْرِ) وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ فِي قَوْلِ عُمَرَ قَرَأْنَاهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ تَلَوْنَاهَا وَالْحِكْمَةُ تُتْلَى بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ وَبَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا تَنَازُعٌ يَطُولُ ذِكْرُهُ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يُنْسَخَ حُكْمُهُ وَيَبْقَى خَطُّهُ يُتْلَى فِي الْمُصْحَفِ وَهَذَا كَثِيرٌ نَحْوَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ نَسَخَتْهَا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا الْآيَةَ وَهَذَا مِنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ وَقَدْ أَنْكَرَ قَوْمٌ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي شَيْءٍ مِنْ مَعْنَى النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَقَالُوا إِنَّمَا هُوَ مِنْ مَعْنَى السَّبْعَةِ الْأَحْرُفِ الَّتِي أَنْزَلَ

اللَّهُ الْقُرْآنَ عَلَيْهَا نَحْوَ قِرَاءَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَقِرَاءَةِ أُبَيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ) وَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانَ الْجِنُّ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ وَنَحْوِ هَذَا مِنَ الْقِرَاءَاتِ الْمُضَافَةِ إِلَى الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ أَبَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا مَا بَيْنَ لَوْحَيْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ إِلَى أَشْيَاءَ احْتَجُّوا بِهَا يَطُولُ ذِكْرُهَا وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَا فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ الَّذِي بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ حَيْثُ كَانُوا هُوَ الْقُرْآنُ الْمَحْفُوظُ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَجَاوَزَهُ وَلَا تَحِلُّ الصَّلَاةُ لِمُسْلِمٍ إِلَّا بِمَا فِيهِ وَإِنَّ كُلَّ مَا رُوِيَ مِنَ القراآت فِي الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ أُبَيٍّ أَوْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ عَائِشَةَ أَوِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَوِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّا يُخَالِفُ مُصْحَفَ عُثْمَانَ الْمَذْكُورَ لَا يُقْطَعُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَكِنْ ذَلِكَ فِي الْأَحْكَامِ يَجْرِي فِي الْعَمَلِ مَجْرَى خَبَرِ الْوَاحِدِ وَإِنَّمَا حَلَّ مُصْحَفُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذَا الْمَحَلَّ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَسَائِرِ الْأُمَّةِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُجْمِعُوا عَلَى مَا سِوَاهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَيُبَيِّنُ لَكَ هَذَا أَنَّ مَنْ دَفَعَ شَيْئًا مِمَّا فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ كَفَرَ وَمَنْ دَفَعَ مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ وَشِبْهِهَا مِنَ الْقِرَاءَاتِ لَمْ يَكْفُرْ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ أَنْكَرَ صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَاعْتَقَدَ أَنَّهَا لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ كَفَرَ وَمَنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ التَّسْلِيمُ مِنَ الصَّلَاةِ أَوْ قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ فرض لَمْ يَكْفُرْ وَنُوظِرَ فَإِنْ بَانَ لَهُ فِيهِ الْحُجَّةُ وَإِلَّا عُذِرَ إِذَا قَامَ لَهُ دَلِيلُهُ وَإِنْ لَمْ يُقَمْ لَهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ دَلِيلٌ مُحْتَمَلٌ هُجِرَ وَبُدِّعَ فَكَذَلِكَ مَا جَاءَ مِنَ الْآيَاتِ الْمُضَافَاتِ إِلَى الْقُرْآنِ فِي الْآثَارِ فَقِفْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى لَيْسَتْ صَلَاةَ الْعَصْرِ لِقَوْلِهِ فِيهِ وَصَلَاةُ الْعَصْرِ وَهَذِهِ الْوَاوُ تُسَمَّى الْوَاوَ الْفَاصِلَةَ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا صَحِيحٌ لَا أَعْلَمُ فِيهِ اخْتِلَافًا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ حَفْصَةَ فِي هَذَا نَحْوُ حَدِيثِ عَائِشَةَ سَوَاءٌ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أَكْتُبُ مُصْحَفًا لِحَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الْآيَةَ فَآذِنِّي حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا فَأَمْلَتْ عَلَيَّ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ مَوْقُوفًا وَحَدِيثُ حَفْصَةَ هَذَا قَدِ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَفِي مَتْنِهِ أَيْضًا وَمِمَّنْ رَفَعَهُ عَنْ زَيْدٍ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ أَمَرَتْنِي

حَفْصَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا فَقَالَتْ إِذَا بَلَغْتَ آيَةَ الصَّلَاةِ مِنَ الْبَقَرَةِ فَتَعَالَ أُمْلِهَا عَلَيْكَ فَلَمَّا بَلَغْتُهَا جِئْتُهَا فَقَالَتْ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ هَكَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ وذكر إسمعيل بن إسحاق قال حدثنا محمد بن أبي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ حَفْصَةَ أَمَرَتْ أَنْ يُكْتَبَ لَهَا مُصْحَفٌ فَقَالَتْ إِذَا أَتَيْتَ عَلَى ذِكْرِ الصَّلَوَاتِ فَلَا تَكْتُبْ حَتَّى أُمْلِيَهَا عَلَيْكَ كَمَا سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ قَالَ نَافِعٌ فَرَأَيْتُ الْوَاوَ فِيهَا قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَكَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَقُولُ صَلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الظُّهْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ جَيِّدٌ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ وَوَجَدْتُ فِي أَصْلِ

سَمَاعِ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ بِخَطِّهِ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ هِلَالٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ لِكَاتِبِ مُصْحَفِهَا إِذَا بَلَغْتَ مَوَاقِيتَ الصَّلَاةِ فَأَخْبِرْنِي حَتَّى أُخْبِرَكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فَلَمَّا أَخْبَرْتُهَا قَالَتْ اكْتُبْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَرَوَى هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَتْ رَجُلًا يَكْتُبُ لَهَا مُصْحَفًا فَقَالَتْ إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الْآيَةَ فَآذِنِّي حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَلَمَّا بَلَغْتُهَا أَعْلَمْتُهَا ذَلِكَ فَقَالَتْ لَهُ اكْتُبْ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ ذَكَرَهُ سُنَيْدٌ وَغَيْرُهُ عَنْ هُشَيْمٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا

جَعَلَتْ صَلَاةَ الْعَصْرِ بَدَلًا مِنَ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَلَمْ يَأْتِ (فِيهِ) بِالْوَاوِ فَلَوْ صَحَّ هَذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ هِيَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى (وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ بِحَدِيثِ هُشَيْمٍ هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَقَالَ إِنَّ سُقُوطَ الْوَاوِ وَثُبُوتَهَا فِي مِثْلِ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ سَوَاءٌ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ ... إِلَى الْمَلِكِ الْقَرِمِ وَابْنِ الْهُمَا ... مِ وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحَمِ ... ... ... يُرِيدُ الْمَلِكَ الْقَرِمَ ابْنَ الْهُمَامِ لَيْثَ الْكَتِيبَةِ وَالْعَرَبُ تَقُولُ اشْتَرِ ثَوْبًا قُطْنًا كَتَّانًا صُوفًا وَقَالُوا إِنَّ مِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (1) أَيْ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ نَخْلٌ وَرُمَّانٌ وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَلَائِكَتِهِ ورسله وجبريل وميكائيل يريد وملئكته جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ) وَهَذَا خِلَافُ مَا (تَقَدَّمَ وَخِلَافُ مَا) رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَصَحُّ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ مَنْ أَثْبَتَ (الْوَاوَ) فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ أَصَحُّ إِسْنَادًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَسْبُكَ بِقَوْلِ نَافِعٍ فَرَأَيْتُ الْوَاوَ فِيهَا

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَقَالَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الصُّبْحِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ أَصَحُّ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ وَرَوَى زُهَيْرُ بْنُ محمد ومصعب بن سعد عن زيد ابن أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صلاة الصبح وذكر إسمعيل بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ وعلي بن الْمَدِينِيِّ وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بن محمد قال حدثني زيد ابن أَسْلَمَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الصُّبْحِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا قَوْلُ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بن أنس وأصحابه ذكر إسمعيل قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (بْنُ مُحَمَّدٍ) عَنْ ثَوْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الصُّبْحِ تُصَلَّى فِي سَوَادٍ مِنَ اللَّيْلِ وَبَيَاضٍ مِنَ النَّهَارِ وَهِيَ أكثر الصلوات تفوت الناس قال إسمعيل وَحَدَّثَنَا (بِهِ) مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حدثنا عبد الله ابن جَعْفَرٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ الرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ صَحِيحَةٌ وَيَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِهِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا فَخُصَّتْ بِهَذَا النَّصِّ مَعَ أَنَّهَا مُنْفَرِدَةٌ بِوَقْتِهَا لَا يُشَارِكُهَا غَيْرُهَا فِي (هَذَا) الْوَقْتِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا الْوُسْطَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَزَادَ غَيْرُهُ إِنَّهَا لَا تَجْتَمِعُ مَعَ غَيْرِهَا لَا فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَضُمَّهَا إِلَى غَيْرِهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ) قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَالَ قَائِلُونَ (إِنَّ) الصَّلَاةَ الْوُسْطَى صَلَاةُ الظُّهْرِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَهُوَ أَثْبَتُ مَا رُوِيَ عَنْهُ وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ

(عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمْ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهَا الظُّهْرُ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي حَكِيمٍ قَالَ سَمِعْتُ الزبرقان يحدث عن عروة ابن الزُّبَيْرِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ وَلَمْ يَكُنْ يُصَلِّي صَلَاةً أَشَدَّ عَلَى أَصْحَابِهِ مِنْهَا فَنَزَلَتْ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقَالَ إِنَّ قَبْلَهَا صَلَاتَيْنِ وَبَعْدَهَا صَلَاتَيْنِ وَرَوَى شُعْبَةُ أَيْضًا عَنْ سَعْدِ بْنِ إبراهيم قال سمعت حفص ابن عُمَرَ يُحَدِّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الظُّهْرِ وَشُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابت مثله

وَمَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنِ ابْنِ يَرْبُوعٍ الْمَخْزُومِيِّ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ مِثْلَهُ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ مَنْ قَالَ إِنَّهَا الظُّهْرُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهَا وَسَطُ النَّهَارِ أَوْ لَعَلَّ بَعْضَهُمْ رَوَى فِي ذَلِكَ أَثَرًا فَاتَّبَعَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَالَ آخَرُونَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَا خِلَافَ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ مَعْرُوفٍ صَحِيحٍ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الصُّبْحِ وَحُسَيْنٌ هَذَا مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ مَدَنِيٌ وَلَا يَصِحُّ حَدِيثُهُ بِهَذَا (الْإِسْنَادِ) وَقَالَ قَوْمٌ إِنَّ مَا أَرْسَلَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى أَنَّهَا الصُّبْحُ أَخَذَهُ من حديث

ابْنِ ضُمَيْرَةَ هَذَا إِلَّا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ عَنْ عَلِيٍّ إِلَّا مِنْ حَدِيثِهِ وَالصَّحِيحُ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى صِحَاحٍ (أَنَّهُ) قَالَ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ عُبَيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ وَشُتَيْرُ بْنُ شَكَلٍ وَيَحْيَى بْنُ الْجَزَّارِ (وَالْحَرْثُ) وَالْأَحَادِيثُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ صِحَاحٌ ثَابِتَةٌ أَسَانِيدُهَا حِسَانٌ ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أبي بكر قال حدثنا يحيى وعبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ قَالَ (قُلْتُ) لِعُبَيْدَةَ سَلْ عَلِيًّا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَسَأَلَهُ قَالَ كُنَّا نَرَاهَا الْفَجْرَ حَتَّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول يوم الأحراب شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَأَجْوَافَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا وَمِمَّنْ قَالَ أَيْضًا الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ (الدَّوْسِيُّ) وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَهُوَ قَوْلُ عَبٍيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ

سِيرِينَ وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْأَثَرِ (وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ) وَرُوِيَ ذَلِكَ (أَيْضًا) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمْ كَمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي حَيَّانَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَقَالَ هِيَ الْعَصْرُ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ هِيَ الْعَصْرُ وَرَوَى ذَلِكَ إِسْمَاعِيلُ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ إِنَّهَا الْعَصْرُ بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عن عُبَيْدَةَ عَنْ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَبَسُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ أخبرنا أحمد ابن زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ

يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَبَا حَسَّانَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبٍيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا (قَالَ) إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ اللَّهُمَّ امْلَأْ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا كَمَا حَبَسُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ (عَنْ قَتَادَةَ) عَنْ أَبِي حَسَّانَ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ مثله مرفوعا وذكر إسمعيل الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدَةَ (السَّلْمَانِيِّ) عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ مَلَأَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا قَالَ الْقَاضِي أَحْسَنُ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ حَدِيثُ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدَةَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ شُتَيْرِ بن شكل

عَنْ عَلِيٍّ قَالَ شَغَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى صَلَّاهَا بَيْنَ صَلَاتِيِ الْعِشَاءَيْنِ فَقَالَ شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ (وَقُبُورَهُمْ) نَارًا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي الْأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ أَبِي الضُّحَى عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ مَلَأَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَأَجْوَافَهُمْ نَارًا وَرَوَى شُعْبَةُ أَيْضًا عَنِ الْحَكَمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فُرْضَةٍ مِنْ فُرَضِ الْخَنْدَقِ فَقَالَ شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُطُونَهُمْ (وَبُيُوتَهُمْ) نَارًا

قَالَ شُعْبَةُ لَمْ يَسْمَعْ يَحْيَى بْنُ الْجَزَّارِ مِنْ عَلِيٍّ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَرْثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ وَيَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ إِنَّهَا الصُّبْحُ بِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ ابن أَسْلَمَ عَنْ أَبِي يُونُسَ عَنْ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَيَجُوزُ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ (أَيْضًا) مَنْ قَالَ إِنَّهَا الظُّهْرُ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَالصَّلَاةُ الْوُسْطَى وَصَلَاةُ الْعَصْرِ يَقْتَضِي أَنَّ الْوُسْطَى لَيْسَتْ (صَلَاةَ) الْعَصْرِ وَقَدْ عَارَضَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ حديث عائشة هذا بحديث زيد ابن أَرْقَمَ قَالَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ قَالَ فَهَذَا

زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ يَذْكُرُ أَنَّ الْآيَةَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ لَيْسَ فِيهَا وَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَهُوَ الثَّابِتُ بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ بِنَقْلِ الْكَافَّةِ وَاحْتَجَّ أَيْضًا مَنْ قَالَ إِنَّهَا الْعَصْرُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ قَالُوا فَلَمْ يَخُصَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالذِّكْرِ إِلَّا لِأَنَّهَا الْوُسْطَى الَّتِي خَصَّهَا اللَّهُ بِالتَّأْكِيدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرُوِيَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّهُ قَالَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْمَغْرِبِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَقَلِّهَا وَلَا أَكْثَرِهَا وَلَا تُقْصَرُ فِي السَّفَرِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا وَلَمْ يُعَجِّلْهَا وَهَذَا لَا أَعْلَمُهُ قَالَهُ غَيْرُ قَبِيصَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا قَدْ قِيلَ فِيمَا وَصَفْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَهُوَ

أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَوْلِهِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْخَمْسِ وُسْطَى لِأَنَّ قَبْلَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ صَلَاتَيْنِ وَبَعْدَهَا صَلَاتَيْنِ كَمَا قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي الظُّهْرِ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى جَمِيعِهِنَّ وَاجِبٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

الحديث الثاني والعشرون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَعِشْرُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ الْأَشْهَلِيِّ (الْأَنْصَارِيِّ) عَنْ جَدَّتِهِ أَنَّهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ أَحَدُكُنَّ لِجَارَتِهَا وَلَوْ كُرَاعَ شَاةٍ مُحْرَقًا قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ الْكُرَاعُ (مِنَ الْإِنْسَانِ) وَمِنَ الدَّوَابِّ وَسَائِرِ الْمَوَاشِي مَا دُونَ الْكَعْبِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى الصِّلَةِ وَالْهَدِيَّةِ بِقَلِيلِ الشَّيْءِ وَكَثِيرِهِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى بِرِّ الْجَارِ وَحِفْظِهِ لِأَنَّ مَنْ نُدِبْتَ (إِلَى) أَنْ تُهْدِيَ إِلَيْهِ وَتَصِلَهُ فَقَدْ مُنِعْتَ مِنْ أَذَاهُ وَأُمِرْتَ بِبِرِّهِ وَالْآثَارُ فِي الْهَدَايَا وَحُسْنِ الْجِوَارِ كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَفِي ذِكْرِ الْقَلِيلِ مِنْ ذَلِكَ مَا يُنَبِّهُ عَلَى فَضْلِ الْكَثِيرِ مِنْهُ لِمَنْ فَهِمَ مَعْنَى الْخِطَابِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ

افْعَلِ الْخَيْرَ مَا اسْتَطَعْتَ وَإِنْ كَانَ ... قَلِيلًا فَلَنْ تُطِيقَ بِكُلِّهِ ... ... وَمَتَى تَفْعَلُ الْكَثِيرَ مِنَ الخير ... إِذَا كُنْتَ تَارِكًا لِأَقَلِّهِ ... وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا قَوْلُ مَحْمُودٍ الْوَرَّاقِ ... لَقَدْ رَأَيْتُ الصَّغِيرَ مِنْ عمل الخير ... ثَوَابًا عَجِبْتُ مِنْ كِبَرِهِ ... ... أَوْ قَدْ رَأَيْتُ الحقير من عمل الشر جزءا أَشْفَقْتُ مِنْ حَذَرِهِ ... وَجَدَّةُ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ (هَذَا) قِيلَ إِنَّ اسْمَهَا حَوَّاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ مَدَنِيَّةٌ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا جَدَّةُ ابْنِ بُجَيْدٍ أَيْضًا وَحَدِيثُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ صَاحِبَتِهِ وَسَنَذْكُرُ بَعْضَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافِ فِي الْبَابِ (الَّذِي يَلِي هَذَا الْبَابَ) في حديث زيد ابن أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ بُجَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شُجَاعِ بْنِ فَارِسٍ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ

أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ (عَنِ الْأَعْمَشِ) عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْبَلُوا الْهَدِيَّةَ وَأَجِيبُوا الدَّاعِيَ

الحديث الثالث والعشرون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَعِشْرُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ بُجَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ الْحَارِثِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُدُّوا السَّائِلَ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وتابع ملكا عَلَى إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ مَعْمَرٌ عن زيد ابن أَسْلَمَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَنْصُورُ بْنُ حَيَّانَ وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنِ ابْنِ بُجَيْدٍ عَنْ جَدَّتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ رَوَاهُ (عَنِ) الْمَقْبُرِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وابن أبي ذئب والليث وَرَوَاهُ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَيَّانَ سُفْيَانُ وَالظِّلْفُ فِي اللُّغَةِ الظُّفْرُ مِنْ ذَوِي الْأَظْلَافِ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ قَالَ الْفَرَزْدَقُ ... وَكَانَ كَعَنْزِ السُّوءِ قَامَتْ بِظِلْفِهَا ... إِلَى مُدْيَةٍ مَدْفُونَةٍ تَسْتَثِيرُهَا

وَابْنُ بُجَيْدٍ مَدَنِيٌّ مَعْرُوفٌ رَوَى عَنْهُ زَيْدُ ابن أَسْلَمَ وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ وَمَنْصُورُ بْنُ حَيَّانَ حَدِيثُهُ هَذَا وَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ بِخَطِّهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ هِلَالٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ بُجَيْدٍ عَنْ أُمِّ بُجَيْدٍ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ (وَاللَّهِ) إِنَّ الْمِسْكِينَ لَيَقِفُ على بابي حتى استحي فَمَا أَجِدُ مَا أَضَعُ فِي يَدِهِ فَقَالَ ادْفَعِي فِي يَدِهِ وَلَوْ ظِلْفًا مُحْتَرِقًا وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدٍ أَخِي بَنِي حَارِثَةَ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ بُجَيْدٍ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ وَكَانَتْ مِمَّنْ بَايَعَتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

وَاللَّهِ إِنَّ الْمِسْكِينَ لَيَقُومَ عَلَى بَابِي فَمَا أَجِدُ لَهُ شَيْئًا أُعْطِيهِ إِيَّاهُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وإن لَمْ تَجِدِي لَهُ شَيْئًا تُعْطِيهِ إِيَّاهُ إِلَّا ظِلْفًا مُحْرَقًا فَادْفَعِيهِ إِلَيْهِ فِي يَدِهِ وَخَالَفَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ (أَبُو عُمَرَ الصَّنْعَانِيُّ) فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ فَقَلَبَهُمَا وَجَعَلَ إِسْنَادَ هَذَا فِي مَتْنِ ذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ أَبِي عُمَرَ الصَّنْعَانِيِّ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ الْأَشْهَلِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ حَوَّاءَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ رُدُّوا السَّائِلَ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ وهب وقال معاذ ولو بشيء مُحْتَرِقٌ وَتَابَعَهُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ (بِهَذَا الْإِسْنَادِ) هشام بن سعد عن زيد ابن أَسْلَمَ (وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا هُوَ لِابْنِ بُجَيْدٍ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةِ عَنْ زيد ابن أَسْلَمَ) عَنِ ابْنِ بُجَيْدٍ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ بُجَيْدٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شاة

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ وَهَذَا عِنْدَ مَالِكٍ إِنَّمَا هُوَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ الْأَشْهَلِيِّ إِلَّا أَنَّ لَفْظَ حَدِيثِ مَالِكٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ فِرْسِنٍ وَإِنَّمَا فِيهِ وَلَوْ كُرَاعٍ مُحْتَرِقٍ قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ فِرْسِنُ الْبَعِيرِ مَعْرُوفٌ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ فِي قَوْلِهِ فِرْسِنُ شَاةٍ هَذِهِ اسْتِعَارَةٌ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ الْفِرْسِنُ لِلْبَعِيرِ وَالظِّلْفُ لِلشَّاةِ (قَالَ) وَاسْتِعَارَةُ الْفِرْسِنِ لِغَيْرِ الْبَعِيرِ هُوَ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ ... أَشْكُو الى مولاي من مولاتي ... تربط بالحبل أكير عاتي ... قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى الصَّدَقَةِ بِكُلِّ مَا أَمْكَنَ مِنْ قَلِيلِ الْأَشْيَاءِ وَكَثِيرِهَا وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ فِي هَذَا الْبَابِ

وَتَصَدَّقَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِحَبَّتَيْنِ مِنْ عِنَبٍ فَنَظَرَ إِلَيْهَا بَعْضُ أَهْلِ بَيْتِهَا فَقَالَتْ لَا تَعْجَبُنَّ فَكَمْ فِيهَا مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ وَإِذَا كَانَ اللَّهُ يربي الصدقات ويأخذ الصدقة بيمينه فيربها كَمَا يُرَبِّي أَحَدُنَا فُلَوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ فَمَا بَالُ مَنْ عَرَفَ هَذَا يَغْفُلُ عَنْهُ وَمَا التَّوْفِيقُ إِلَّا بِاللَّهِ وَفِي سَمَاعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ بُجَيْدٍ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ الْمَقْبُرِيِّ وَغَيْرِهِ قَوْلُ جَدَّةِ ابْنِ بُجَيْدٍ لَهُ إِنَّ الْمِسْكِينَ لَيَقِفُ عَلَى بَابِي وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ عَلَيْكُمْ لَمْ يُرِدْ بِهِ (اسْمَ) الْمَسْكَنَةِ وَلَكِنَّهُ أَرَادَ مَعْنًى مِنْهَا لَيْسَ مَوْجُودًا فِي الطَّوَّافِ عَلَى الْأَبْوَابِ وَهُوَ الصَّبْرُ عَلَى اللَّأْوَاءِ وَالْفَقْرِ مَعَ تَرْكِ السُّؤَالِ وَكِلَاهُمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مِسْكِينٍ بِظَاهِرِ الْحَدِيثَيْنِ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَيْسَ الْمِسْكِينُ عَلَى تَمَامِ الْمَسْكَنَةِ وَعَلَى الْحَقِيقَةِ إِلَّا الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

لَيْسَ (مِنْ) الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ أَيْ لَيْسَ الْبِرَّ كُلَّهُ بِتَمَامِهِ لِأَنَّ الْفِطْرَ أَيْضًا في السفر في رمضان جزء لِلْأَخْذِ بِرُخْصَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِبَاحَتِهِ وَبِاللَّهِ التوفيق

الحديث الرابع والعشرون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَعِشْرُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ عَنْ أَبِيهِ (أَنَّهُ) قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ لَا أُحِبُّ الْعُقُوقَ وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا كَرِهَ الِاسْمَ وَقَالَ مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسِكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ (ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ) زَيْدِ ابن أَسْلَمَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ (بَنِي) ضَمْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ عَمِّهِ هَكَذَا عَلَى الشَّكِّ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ وَلَا أَعْلَمُهُ رَوَى مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أيضا

(وَمِنْ أَحْسَنِ أَسَانِيدِ حَدِيثِهِ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ لَا أُحِبُّ الْعُقُوقَ وَكَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ يَنْسِكُ أَحَدُنَا عَنْ وَلَدِهِ فَقَالَ مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَنْسِكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ) وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَقِيقَةِ آثَارٌ سَنَذْكُرُهَا هُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ كَرَاهِيَةُ مَا يَقْبُحُ مَعْنَاهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الِاسْمَ الْحَسَنَ وَيُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ فِي حَرْبٍ وَمُرَّةَ وَنَحْوِهِمَا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ سَتَرَاهُ فِي بَابِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَكَانَ الْوَاجِبُ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يُقَالَ لِلذَّبِيحَةِ عَنِ الْمَوْلُودِ نَسِيكَةٌ وَلَا يُقَالُ عَقِيقَةٌ لَكِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْعُلَمَاءِ مَالَ إِلَى ذَلِكَ وَلَا قَالَ بِهِ وَأَظُنُّهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَرَكُوا الْعَمَلَ بِهَذَا الْمَعْنَى الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ لِمَا صَحَّ عِنْدَهُمْ فِي غَيْرِهِ مِنْ لَفْظِ الْعَقِيقَةِ وَذَلِكَ أَنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَرَوَى سَلْمَانُ الضَّبِّيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُهُ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى وَهُمَا حَدِيثَانِ ثَابِتَانِ إِسْنَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَيْرٌ مِنْ إِسْنَادِ حَدِيثٍ زيد ابن أَسْلَمَ هَذَا حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ أَمْلَى عَلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِمَكَّةَ فِي المسجدالحرام قال

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سَلَامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُمَاطُ عَنْهُ الْأَذَى وَيُسَمَّى قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَحَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا قُرَيْشُ ابن أَنَسٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ سِيرِينَ سَلِ الْحَسَنَ مِمَّنْ سَمِعَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مِنْ سَمُرَةَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ القاضي قال حدثنا حجاج ابن مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ وَقَتَادَةُ

وَيُونُسُ وَهِشَامٌ وَحَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُهُ فَأَهْرِقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ فَهَذَا لَفْظُ الْعَقِيقَةِ قَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ أَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ هَذَا وَعَلَيْهَا الْعُلَمَاءُ وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْأَثَرِ فِي الذَّبِيحَةِ عَنِ الْمَوْلُودِ الْعَقِيقَةُ دُونَ النَّسِيكَةِ وَأَمَّا الْعَقِيقَةُ فِي اللُّغَةِ فَزَعَمَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ أَصْلَهَا الشَّعْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى رَأْسِ الصَّبِيِّ حِينَ يُولَدُ (قَالَ) وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الشَّاةُ الَّتِي تُذْبَحُ عَنْهُ عَقِيقَةً لِأَنَّهُ يُحْلَقُ عَنْهُ ذَلِكَ الشَّعْرُ عِنْدَ الذَّبْحِ قَالَ وَلِهَذَا قِيلَ فِي الْحَدِيثِ وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى يَعْنِي بِالْأَذَى ذَلِكَ الشَّعْرَ

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَهَذَا مِمَّا قُلْتُ لَكَ إِنَّهُمْ رُبَّمَا سَمَّوُا الشَّيْءَ بِاسْمِ غَيْرِهِ إِذَا كَانَ مَعَهُ أَوْ مِنْ سَبَبِهِ فَسُمِّيَتِ الشَّاةُ عَقِيقَةً لِعَقِيقَةِ الشَّعْرِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَوْلُودٍ مِنَ الْبَهَائِمِ فَإِنَّ الشَّعْرَ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ حِينَ يُولَدُ عَقِيقَةٌ وَعِقَّةٌ قَالَ زُهَيْرٌ يَذْكُرُ حِمَارَ وَحْشٍ ... أَذَلِكَ أَمْ شَتِيمُ الْوَجْهِ جَأْبٌ ... عَلَيْهِ مِنْ عَقِيقَتِهِ عَفَاءُ ... يَعْنِي صِغَارَ الْوَبَرِ وَقَالَ ابْنُ الرِّقَاعِ فِي الْعِقَّةِ يَصِفُ حِمَارًا ... تَحَسَّرَتْ عقة عنه فأنسلها ... واجتاب اخرى جديدا بعد ما ابْتَقَلَا ... قَالَ يُرِيدُ أَنَّهُ لَمَّا فُطِمَ مِنَ الرَّضَاعِ وَأَكَلَ الْبَقْلَ أَلْقَى عَقِيقَتَهُ وَاجْتَابَ أُخْرَى وَهَكَذَا زَعَمُوا يَكُونُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعِقَّةُ وَالْعَقِيقَةُ فِي النَّاسِ وَالْحُمُرِ وَلَمْ يُسْمَعْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدٍ وَحِكَايَتُهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي تفسير العقيقة

وَقَدْ أَنْكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ تَفْسِيرَ أَبِي عُبَيْدٍ هَذَا لِلْعَقِيقَةِ وَمَا ذَكَرَهُ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ إِنَّمَا الْعَقِيقَةُ (الذَّبْحُ نَفْسُهُ) قَالَ وَلَا وَجْهَ لِمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي قَوْلِهِ هَذَا بِأَنْ قَالَ مَا (قَالَ) أَحْمَدُ مِنْ ذَلِكَ فَمَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ لِأَنَّهُ يُقَالُ عَقَّ إِذَا قَطَعَ وَمِنْهُ يُقَالُ عَقَّ وَالِدَيْهِ إِذَا قَطَعَهُمَا (قَالَ أَبُو عُمَرَ يَشْهَدُ لِقَوْلِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَوْلُ الشَّاعِرِ ... بِلَادٌ بِهَا عَقَّ الشَّبَابُ تَمَائِمِي (1) ... وَأَوَّلُ أَرْضٍ مَسَّ جِلْدِي تُرَابَهَا ... يُرِيدُ أَنَّهُ لَمَّا شَبَّ قُطِعَتْ عَنْهُ تَمَائِمُهُ ... وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ مَيَّادَةَ وَاسْمُهُ الرَّمَّاحُ ... بِلَادٌ بِهَا نِيطَتْ عَلَيَّ تَمَائِمِي ... وَقُطِّعْنَ عَنِّي حِينَ أَدْرَكَنِي عَقْلِي

وَقَوْلُ أَحْمَدَ فِي مَعْنَى الْعَقِيقَةِ فِي اللُّغَةِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَتْرَبُ وَأَصْوَبُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسِكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَقِيقَةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يُقَالُ فِيهِ مَنْ أَحَبَّ فَلْيَفْعَلْهُ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّ الْعَقِيقَةَ وَاجِبَةٌ فَرْضًا مِنْهُمْ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ وَاحْتَجُّوا لِوُجُوبِهَا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِهَا وَفَعَلَهَا وَكَانَ بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ يُوجِبُهَا وَشَبَّهَهَا بِالصَّلَاةِ فَقَالَ النَّاسُ يُعْرَضُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الْعَقِيقَةِ كَمَا يُعْرَضُونَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَنِ الْغُلَامِ يَوْمَ سَابِعِهِ فَإِنْ لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يُعَقُّ عَنِ الْمَوْلُودِ فِي أَيَّامِ سَابِعِهِ فِي أَيِّهَا شَاءَ فَإِنْ لَمْ تَتَهَيَّأْ لَهُمُ الْعَقِيقَةُ فِي سَابِعِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَقَّ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ أَنْ يُعَقَّ عَنْهُ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَكَانَ اللَّيْثُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي السَّبْعَةِ الْأَيَّامِ

وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ هِيَ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيِّ قَالَ مَالِكٌ لَا يُعَقُّ عَنِ الْكَبِيرِ وَلَا يُعَقُّ عَنِ الْمَوْلُودِ إِلَّا يَوْمَ سَابِعِهِ ضَحْوَةً فَإِنْ جَاوَزَ يَوْمَ السَّابِعِ لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ (وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يُعَقُّ عَنْهُ فِي السَّابِعِ الثَّانِي) قَالَ وَيُعَقُّ عَنِ الْيَتِيمِ وَيَعُقُّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ عَنْ وَلَدِهِ إِلَّا أَنْ يَمْنَعَهُ سَيِّدُهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُعَدُّ الْيَوْمُ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يُولَدَ قَبْلَ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ إِنْ أَخْطَأَهُمْ أَمْرُ الْعَقِيقَةِ يَوْمَ السَّابِعِ أَحْبَبْتُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إِلَى يَوْمِ السَّابِعِ الْآخَرِ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ إِنْ لَمْ يعق عنه يوم السابع ففي أربع شعرة فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إِنْ لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ فِي يَوْمِ السَّابِعِ عَقَّ عَنْهُ فِي السَّابِعِ الثَّانِي وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَقَّ عَنْهُ فِي السَّابِعِ الثَّالِثِ

وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ مَاتَ قَبْلَ السَّابِعِ لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلُ ذَلِكَ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي الْمَرْأَةِ تَلِدُ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ إِنَّهُ يُعَقَّ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا أَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ خِلَافًا فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَعُقُّ الْمَأْذُونُ لَهُ الْمَمْلُوكُ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا يُعَقُّ عَنِ الْيَتِيمِ كَمَا لَا يُضَحَّى عَنْهُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَيْسَتِ الْعَقِيقَةُ بِوَاجِبَةٍ وَإِنْ صُنِعَتْ فَحَسَنٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ هِيَ تَطَوُّعٌ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَفْعَلُونَهَا فَنَسَخَهَا ذَبْحُ الْأَضْحَى فَمَنْ شَاءَ فَعَلَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ الْعَقِيقَةُ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَكْرَهُونَ تَرْكَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْآثَارُ كَثِيرَةٌ مَرْفُوعَةٌ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي اسْتِحْبَابِ الْعَمَلِ بِهَا وَتَأْكِيدِ سُنَّتِهَا وَلَا وَجْهَ لِمَنْ قَالَ إِنَّ ذَبْحَ الْأَضْحَى نَسَخَهَا

وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ مَا يُذْبَحُ عَنِ الْمَوْلُودِ مِنَ الشِّيَاهِ فِي الْعَقِيقَةِ عَنْهُ فَقَالَ مَالِكٌ يُذْبَحُ عَنِ الْغُلَامِ شَاةٌ وَاحِدَةٌ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَالْحُجَّةُ لَهُ وَلِمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو داود قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ فَاطِمَةَ ذَبَحَتْ عَنْ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ كَبْشًا كَبْشًا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَعُقُّ عَنِ الْغِلْمَانِ وَالْجَوَارِي مِنْ وَلَدِهِ شَاةً شَاةً وَبِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ يُعَقُّ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ

قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَحَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَيْضًا وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ مَيْسَرَةَ الْفِهْرِيَّةَ مَوْلَاتَهُ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ أُمَّ كُرْزٍ الْخُزَاعِيَّةَ تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال فِي الْعَقِيقَةِ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ وَعِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادٌ آخَرُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أُمَّ كُرْزٍ حَدَّثَنِيهِ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ سِبَاعَ بْنَ ثَابِتٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةَ تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِهَا قَالَتْ وَسَمِعْتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ وَلَا يَضُرُّكُمْ ذُكَرَانًا كُنَّ أَوْ إِنَاثًا هَكَذَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ وَخَالَفَهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فَلَمْ يَقُلْ عَنْ أبيه

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ سباع بن ثابت عن أم كرز قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مِثْلَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَهِمَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ قَالَ هَذَا أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ حَافِظٌ وَقَدْ زَادَ فِي الإسناد وله عن عبيد الله ابن أَبِي يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أُمِّ كُرْزٍ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ وَحَدَّثَنَا بِحَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ أَيْضًا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ مُكَافَأَتَانِ مُسْتَوِيَتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ (عَنْ أَبِيهِ) عَنْ جَدِّهِ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ لَا أُحِبُّ الْعُقُوقَ فَقَالَ أَيْ رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَسْأَلُكَ عَنْ أَحَدِنَا يُولَدُ لَهُ الْمَوْلُودُ فَقَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْسِكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ انْفَرَدَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ بِقَوْلِهِمَا إِنَّهُ لَا يُعَقُّ عَنِ الْجَارِيَةِ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا يُعَقُّ عَنِ الْغُلَامِ فَقَطْ بِشَاةٍ وَأَظُنُّهُمَا ذَهَبَا إِلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ سَلْمَانَ مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُهُ وَالَى ظَاهِرِ حَدِيثِ سَمُرَةَ الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ وَكَذَلِكَ انْفَرَدَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ أَيْضًا بِأَنَّ الصَّبِيَّ يُمَسُّ رَأْسُهُ بِقُطْنَةٍ قَدْ غُمِسَتْ فِي دَمِ (الْعَقِيقَةِ)

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَلْقُ رَأْسِ الصَّبِيِّ عِنْدَ الْعَقِيقَةِ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ ذَلِكَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ الْعَقِيقَةِ يُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ حَدِيثُ سَمُرَةَ يُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُدْمَى وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ يُدْمَى رَأْسُ الصَّبِيِّ إِلَّا الْحَسَنَ وَقَتَادَةَ فَإِنَّهُمَا قَالَا يُطْلَى رَأْسُ الصَّبِيِّ بِدَمِ الْعَقِيقَةِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ سَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَكَرِهُوهُ وَحُجَّتُهُمْ فِي كَرَاهِيَتِهِ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى فَكَيْفَ (يَجُوزُ) أَنْ يُؤْمَرَ بِإِمَاطَةِ الْأَذَى عَنْهُ وَأَنْ يَحْمِلَ عَلَى رَأْسِهِ الْأَذَى وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى نَاسِخٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَخْضِيبِ رَأْسِ الصَّبِيِّ بِدَمِ الْعَقِيقَةِ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا حَلَقُوا رَأْسَ الصَّبِيِّ وَضَعُوا دَمَ الْعَقِيقَةِ عَلَى رَأْسِهِ بِقُطْنَةٍ مَغْمُوسَةٍ فِي الدَّمِ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلُوا مَكَانَ الدَّمِ خَلُوقًا

وَرُوِيَ عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ نَحْوُ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي بُرَيْدَةَ يَقُولُ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً وَلَطَّخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطِّخُهُ بِالزَّعْفَرَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ وَيُدْمَى مَكَانَ وَيُسَمَّى إِلَّا هَمَّامًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابن بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ التَّمَّارُ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُدْمَى فَكَانَ قَتَادَةُ إِذَا سُئِلَ عَنِ الدَّمِ كَيْفَ يَصْنَعُ (بِهِ) قَالَ إِذَا ذُبِحَتِ الْعَقِيقَةُ أُخِذَتْ (مِنْهَا) صُوفَةٌ وَاسْتُقْبِلَتْ بِهَا أَوْدَاجُهَا ثم

تُوضَعُ عَلَى يَافُوخِ الصَّبِيِّ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ يُغْسَلُ رَأْسُهُ بَعْدُ وَيُحْلَقُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَقَوْلُهُ وَيُدْمَى وَهْمٌ مِنْ هَمَّامٍ وَجَاءَ تَفْسِيرُهُ عَنْ قَتَادَةَ وَهُوَ مَنْسُوخٌ وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الصَّبِيِّ فإن مالكا رحمه اله قَالَ يُسَمَّى يَوْمَ السَّابِعِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْحُجَّةُ لِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ سَمُرَةَ (وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ) قَوْلُهُ يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُسَمَّى يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُسَمَّى يَوْمَئِذٍ قَالَ مَالِكٌ إِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا لَمْ يُسَمَّ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَقَتَادَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِذَا وُلِدَ وَقَدْ تَمَّ خَلْقُهُ سُمِّيَ فِي الْوَقْتِ إِنْ شَاءَ وَيَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ لِمَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ وُلِدَ لِيَ اللَّيْلَةَ فسميته غلام بِإِبْرَاهِيمَ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ يَتَّقِي فِي الْعَقِيقَةِ مِنَ الْعُيُوبِ مَا يَتَّقِي فِي الضَّحَايَا وَيَسْلُكُ بِهَا

مَسْلَكَ الضَّحَايَا يُؤَكِّلُ مِنْهَا وَيَتَصَدَّقُ وَيُهْدِي إِلَى الْجِيرَانِ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ قَالَ عَطَاءٌ إِذَا ذَبَحْتَ الْعَقِيقَةَ فَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ هَذِهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ (قَالَ) وَتُطْبَخُ وَتُقَّطَعُ قِطَعًا وَلَا يُكْسَرُ لَهَا عَظْمٌ وهو قول الشافي فِي أَنْ لَا يُكْسَرَ لَهَا عَظْمٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَا تُكْسَرُ عِظَامُ الْعَقِيقَةِ وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ شِهَابٍ لَا بَأْسَ بِكَسْرِ عِظَامِهَا وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ تُطْبَخُ بِمَاءٍ وَمِلْحٍ أَعْضَاءً أَوْ قَالَ آرَابًا وَتُهْدَى فِي الْجِيرَانِ وَالصَّدِيقِ وَلَا يُتَصَدَّقُ مِنْهَا بِشَيْءٍ

حيث خَامِسٌ وَعِشْرُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عن زيد ابن أَسْلَمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ هَذَا الْحَدِيثَ يَتَّصِلُ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ مِنَ الْوُجُوهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ مُرْسَلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ هَذَا وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِهِ إِلَّا مَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أحمد بن حماد ابن سُفْيَانَ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الساعدي قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

وَهَذَا حَدِيثٌ إِسْنَادُهُ مَوْضُوعٌ لَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ وَلَا أَصْلَ لَهُ فِي حَدِيثِهِ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالشَّاةِ الْحَيَّةِ هذا لفظ حديث معمر قال زيد ابن أَسْلَمَ نَظْرَةً وَيَدًا بِيَدٍ هَكَذَا قَالَ مَعْمَرٌ عن زيد ابن أَسْلَمَ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَفِي مَعْنَاهُ فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ التَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَهُوَ عِنْدَهُ مِنْ بَابِ الْمُزَابَنَةِ وَالْغَرَرِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ فِي الْحَيَوَانِ مِثْلُ اللَّحْمِ الَّذِي أَعْطَى أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَبَيْعُ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ لَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا فَكَذَلِكَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ إِذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَالْجِنْسُ الْوَاحِدُ عِنْدَهُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَسَائِرُ الْوَحْشِ وَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ الْمَأْكُولَاتِ هَذَا كُلُّهُ

عِنْدَهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ لَحْمِهِ بِلَحْمِهِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَقَدْ أَجَازَهُ عَلَى التَّحَرِّي وَلَا يَجُوزُ حَيَوَانُهُ بِلَحْمِهِ عِنْدَهُ أَصْلًا مِنْ أَجْلِ الْمُزَابَنَةِ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ عِنْدَهُ الشَّيْرَقُ بِالسِّمْسِمِ وَالزَّيْتُ بِالزَّيْتُونِ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى حَالٍ وَالطَّيْرُ (كُلُّهُ) عِنْدَهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَالْحِيتَانُ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَمَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ أَصْلِهِ فِي بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُهُ إِلَّا أَشْهَبَ فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا بَأْسَ عِنْدَهُ بِبَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ جِنْسِهِ وَغَيْرِ جِنْسِهِ حَكَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرُهُ عَنْهُ قَالَ ابن القاسم من سلم في داجاج فَأَخَذَ فِيهَا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ طَيْرًا مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ طَيْرَ الْمَاءِ إِنَّمَا يُرَادُ لِلْأَكْلِ لَا لِغَيْرِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ جَائِزٌ وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجِيزُ حَيَّ مَا يُقْتَنَى بِحَيِّ مَا لَا يُقْتَنَى (لَا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا مُتَفَاضِلًا لِلْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ النَّهْيُ عَنِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

وَأَجَازَ حَيَّ مَا يُقْتَنَى بِحَيِّ مَا يُقْتَنَى مُتَفَاضِلًا وَأَجَازَ حَيَّ مَا لَا يُقْتَنَى بِحَيِّ مَا لَا يُقْتَنَى عَلَى التَّحَرِّي) قَالَ الْفَضْلُ لِأَنَّهُ (إِنْ كَانَ لَحْمًا فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ عَلَى التَّحَرِّي وَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا فَهُوَ يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا فَكَيْفَ تَحَرِّيًا) قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَ غَيْرُهُ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي الْمَذْبُوحِ إِذَا لَمْ يُسْلَخْ وَيُجَرَّدْ وَيُوقَفْ عَلَى مَا يُمْكِنُ تَحَرِّيهِ مِنْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ الْفَضْلُ وَكَانَ أَشْهَبُ يُجِيزُ حي ما لا يقتني بحي مالا يُقْتَنَى وَبِحَيِّ مَا يُقْتَنَى مُتَفَاضِلًا فَكَذَلِكَ أَجَازَ أَنْ يَأْخُذَ فِي الدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ طَيْرًا مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ فَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ جَائِزٌ بَيْعُ الْحَيَوَانِ حِينَئِذٍ بِاللَّحْمِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِاللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ جِنْسِهِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِغَيْرِ اعْتِبَارٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى الِاعْتِبَارِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاعْتِبَارُ عِنْدَهُ نَحْوُ التَّحَرِّي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (فَافْهَمْ) وَقَالَ

الليث بن سعد والشافعي وأصحابه لا يجو بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ عَلَى (كُلِّ) حَالٍ مِنْ جِنْسِهِ وَلَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ عَلَى عُمُومِ الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا الحديث وإن كا مُرْسَلًا وَأَصْلُهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْمَرَاسِيلَ إِلَّا مَرَاسِيلَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ افْتَقَدَهَا فَوَجَدَهَا صِحَاحًا قَالَ أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّاءَ بْنِ يَحْيَى السَّاجِيُّ سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ شَاذَانَ يَقُولُ إِرْسَالُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَازِي إِسْنَادَ غَيْرِهِ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ الْقِيَاسُ أَنْ يَجُوزَ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ الْحَدِيثُ فَلَا يَجُوزُ اتِّبَاعًا لِلْأَثَرِ وَتَرْكًا لِلْقِيَاسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ عَلَى كَرَاهِيَةِ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ وَهُوَ الْعَمَلُ عِنْدَهُمْ وَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَرْثِ بْنِ هِشَامٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ كُلُّهُمْ (كَانُوا) يُحَرِّمُونَ بَيْعَ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ عَاجِلًا وَآجِلًا

وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ كُلُّ مَنْ أَدْرَكْتُ يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ وَكَانَ يَكْتُبُ ذَلِكَ فِي عُهُودِ الْعُمَّالِ فِي زَمَانِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَهِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ وَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ (نُهِيَ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ قَالَ فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ) أَرَأَيْتَ رَجُلًا اشْتَرَى شَارِفًا بِعَشْرِ شِيَاهٍ فَقَالَ سَعِيدٌ إِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِيَنْحَرَهَا فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ وَذَكَرَ مَالِكٌ أَيْضًا عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ كَانَ مِنْ مَيْسِرِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بِيعُ الحيوان باللحم بالشاة والشاتيتن وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ (فِي هَذَا الْبَابِ) أَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ الْقِمَارِ (وَالْمُزَابَنَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمَيْسِرَ وَهُوَ الْقِمَارُ) قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَإِنَّمَا دَخَلَ ذَلِكَ فِي معنى المزابنة لأن الرجل ولو قَالَ لِلرَّجُلِ أَنَا أَضْمَنُ لَكَ مِنْ جَزُورِكَ هَذِهِ أَوْ مِنْ شَاتِكَ هَذِهِ كَذَا وَكَذَا رِطْلًا فَمَا زَادَ فَلِي وَمَا نَقُصَ فَعَلَيَّ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْمُزَابَنَةُ فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَهُمْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرُوا الْجَزُورَ وَلَا الشَّاةَ بِلَحْمٍ لِأَنَّهُمْ يَمِيلُونَ إِلَى ذَلِكَ المعنى

قَالَ وَلِهَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ إِنْ كَانَ اشْتَرَى الشَّارِفَ لِيَنْحَرَهَا فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ لِأَنَّهُ إِذَا اشْتَرَاهَا لِيَنْحَرَهَا فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِلَحْمٍ وَلَوْ كَانَ لَا يُرِيدُ نَحْرَهَا لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ اشْتَرَى حَيَوَانًا بِحَيَوَانٍ فَوُكِلَ إِلَى نِيَّتِهِ وَأَمَانَتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَوْضَحْنَا مَذْهَبَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِي الْمُزَابَنَةِ فِي بَابِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى كَرَاهِيَةِ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِأَنْوَاعِ اللُّحُومِ فَالْحُجَّةُ لَهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْكَلَامِ أَنْ يَكُونَ عَلَى عُمُومِهِ وَيُحْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ إِلَّا أَنْ يُزِيحَهُ عَنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لِمِثْلِهِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا إِجَازَةُ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالشَّاةِ وَالثَّانِيَةُ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَشْهَرُ عَنْهُ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّ جَزُورًا نُحِرَتْ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقُسِّمَتْ عَلَى عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ فَقَالَ رَجُلٌ أَعْطُونِي جُزْءًا بِشَاةٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَصْلُحُ هَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا أَعْلَمُ مُخَالِفًا مِنَ الصَّحَابَةِ لِأَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ

وَرَوَى الثَّوْرِيُّ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُبَاعَ حَيٌّ بِمَيِّتٍ يَعْنِي الشَّاةَ الْمَذْبُوحَةَ بِالْقَائِمَةِ قَالَ سُفْيَانُ وَلَا نَرَى بِهِ بَأْسًا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ جُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْأَزْوَاجَ الثَّمَانِيَةَ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالضَّأْنُ وَالْمَعْزُ وَكَذَلِكَ الْجَوَامِيسُ وَالظِّبَاءُ وَحُمُرُ الْوَحْشِ وَكُلُّ ذِي أَرْبَعٍ مِمَّا يَجُوزُ أَكْلُهُ كُلُّ ذَلِكَ صِنْفٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ حَيَوَانٌ مِنْهُ بِلَحْمِ بَعْضِهِ عَلَى حَالٍ وَلَا لَحْمُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلُحُومُ الطَّيْرِ كُلُّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ الْإِوَزُّ وَالْبَطُّ وَالدَّجَاجُ وَالنَّعَامُ وَالْحَدَأُ وَالرَّخَمُ وَالنُّسُورُ وَالْعِقْبَانُ وَالْغُرَابُ وَالْحَمَامُ وَالْيَمَامُ وَكُلُّ ذِي رِيشٍ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ وَطَيْرِ الْبَرِّ لَا يَجُوزُ حَيُّ ذَلِكَ كُلِّهِ بِمَذْبُوحِ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى حَالٍ وَلَا يَجُوزُ لَحْمُ شَيْءٍ مِنْهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْجِنْسِ الْمَذْكُورِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَيَجُوزُ عَلَى التَّحَرِّي قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي إِلَّا فِيمَا قَلَّ مِمَّا يُدْرَكُ وَيَلْحَقُهُ التَّحَرِّي وَأَمَّا مَا كَثُرَ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ التَّحَرِّي لِأَنَّهُ

لا يحاط بعلمه وَيَجُوزُ لَحْمُ الطَّيْرِ بِحَيِّ الْأَنْعَامِ وَذَوَاتِ الْأَرْبَعِ يَدًا بِيَدٍ وَإِلَى أَجَلٍ إِذَا كَانَ الْمَذْبُوحُ مُعَجَّلًا قَدْ حُسِرَ عَنْ لَحْمِهِ وَعُرِفَ وَكَانَتِ الْقِنْيَةُ تَصْلُحُ فِي الْحَيِّ مِنْهُمَا وَأَمَّا مَا يُسْتَحْيَى وَيُقْتَنَى مِنَ الْجِنْسَيْنِ جَمِيعًا فَلَا بَأْسَ بِوَاحِدٍ مِنْهُ بِاثْنَيْنِ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ جَازَا لِأَجَلٍ هَذَا كُلُّهُ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إِلَّا أَشْهَبَ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ وَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ حَيٌّ بِمَيِّتٍ مِنْ جَمِيعِ (اللُّحُومِ) وَالْحَيَوَانِ وَعَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ ذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ وَلَهُ حُجَجٌ كَثِيرَةٌ مِنْ طَرِيقِ الِاعْتِبَارِ تَرَكْتُ ذكرها

الحديث السادس والعشرون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَعِشْرُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ وَهُوَ أَوَّلٌ حَدِيثٌ مِنْ مَرَاسِيلِ عَطَاءِ بْنِ يسار مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ صَلَّى الصُّبْحَ (حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ) مِنَ الْغَدِ بَعْدَ أَنْ أَسْفَرَ ثُمَّ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ قَالَ هَأَنَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى سَوَاءً وَقَدْ يَتَّصِلُ مَعْنَاهُ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَحَدِيثِ جَابِرٍ وَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَحَدِيثِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ إِلَّا أَنَّ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا سُؤَالَ السَّائِلِ

رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مَوَاقِيتِ الصَّلَوَاتِ جُمْلَةً وَإِجَابَتَهُ إِيَّاهُ فِي الصُّبْحِ بِمِثْلِ (مَعْنَى) حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا وَقَدْ رَوَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ هَذَا سَوَاءً فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَحْدَهَا لَمْ يُشْرَكْ مَعَهَا غَيْرُهَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطويل عن أنس منهم حماد ابن سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَالَ صَلِّهَا مَعَنَا غَدًا فَصَلَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَلَسٍ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي أَخَّرَ حَتَّى أَسْفَرَ ثُمَّ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ هَذِهِ الصَّلَاةِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَيْسَ قَدْ حَضَرْتَهَا مَعَنَا أَمْسَ وَالْيَوْمَ قَالَ بَلَى قَالَ فَمَا بَيْنَهُمَا وَقْتٌ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ

قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا مِنَ الْغَدِ أَمَرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ فَصَلَّى بِنَا فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَسْفَرَ ثُمَّ أَمَرَ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى بِنَا ثُمَّ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ بِلَفْظِ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَمَعْنَاهُ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ وَبَلَغَنِي أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءٍ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أَدْرِي كَيْفَ صِحَّةُ هَذَا عَنْ سُفْيَانَ وَأَمَّا الحديث عن زيد ابن أَسْلَمَ فَالصَّحِيحُ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ مُرْسَلَاتِ عَطَاءٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ السُّؤَالِ إِلَى وَقْتٍ آخَرَ يَجِبُ فِيهِ فِعْلُ (ذَلِكَ إِذَا كَانَ لِعِلَّةٍ جَائِزٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ) وَأَمَّا تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ حِينِ تَكْلِيفِ الْفِعْلِ وَالْعَمَلِ حَتَّى يَنْقَضِيَ وَقْتُهُ فَغَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَهَذَا بَابٌ طَالَ فِيهِ الْكَلَامُ بَيْنَ أَهْلِ النَّظَرِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ فَمَنْ أَجَازَ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ فِي هَذَا الْبَابِ احْتَجَّ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ (وَالْمَنَاسِكُ) لَمْ تَتِمَّ إِلَّا فِي

أَيَّامٍ وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ ذَلِكَ قَوْلًا فِي مُدَّةٍ أَقْرَبَ مِنْ مُدَّةِ تَعْلِيمِهِ إِيَّاهُمْ عَمَلًا وَكَذَلِكَ قَدْ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يُبَيِّنَ لِلسَّائِلِ مِيقَاتَ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ بِقَوْلِهِ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ أَخَّرَ ذَلِكَ لِيُبَيِّنَ ذَلِكَ لَهُ عَمَلًا وَلَمْ يَمْتَنِعْ من ذلك لما يخاف عليه من احترام الْمَنِيَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ كَانَ أَنْبَأَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْبِضُهُ حَتَّى يُكْمِلَ بِهِ الدِّينَ وَيُبَيِّنَ لِلْأُمَّةِ عَلَى لِسَانِهِ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ وَكَذَلِكَ فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ كَثِيرًا وَقَدْ يَكُونُ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ أَثْبَتُ أَحْيَانًا فِيمَا فِيهِ عَمَلٌ مِنَ الْقَوْلِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَوِهِ (غَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّدْرَ الْأَوَّلَ لَمْ يُخْبِرُوا بِمَا سَمِعُوا مِنَ الْأَخْبَارِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً بَلْ كَانُوا يُخْبِرُونَ بِالشَّيْءِ عَلَى حَسَبِ الْحَالِ وَنُزُولِ النَّوَازِلِ وَكَذَلِكَ الْأَخْبَارُ الْمُسْتَفِيضَةُ أَيْضًا لَمْ تَقَعْ ضَرْبَةً وَاحِدَةً وَالْكَلَامُ فِي هَذَا الْبَابِ يَطُولُ جِدًّا وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ وَفِيمَا لَوَّحْنَا بِهِ مِنْهُ كِفَايَةٌ وَتَنْبِيهٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَإِنَّ وَقْتَهَا مَمْدُودٌ إِلَى آخِرِ الْإِسْفَارِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ

فَأَمَّا أَوَّلُ وَقْتِهَا فَلَا خِلَافَ بَيْنِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ إِجْمَاعٌ فَسَقَطَ الْكَلَامُ فِيهِ وَالْفَجْرُ هُوَ أَوَّلُ بَيَاضِ النَّهَارِ الظَّاهِرِ الْمُسْتَطِيرِ فِي الْأُفُقِ الْمُسْتَنِيرِ الْمُنْتَشِرِ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الْخَيْطَ الْأَبْيَضَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ يُرِيدُ بَيَاضَ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ قَالَ أَبُو دَؤُادَ الْإِيَادِيُّ ... فَلَمَّا أَضَاءَتْ لنا سدقه ... وَلَاحَ مِنَ الصُّبْحِ خَيْطٌ أَنَارَا ... وَقَالَ آخَرُ ... قَدْ كَادَ يَبْدُو أَوْ بَدَتْ تُبَاشِرُهُ ... وَسُدَفُ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ سَاتِرُهُ ... وَقَدْ سَمَّتْهُ أَيْضًا الصَّدِيعَ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ انْصَدَعَ الْفَجْرُ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ أَوْ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ ... بِهِ السَّرْحَانُ مُفْتَرِشًا يَدَيْهِ ... كَأَنَّ بَيَاضَ لِبَّتِهِ الصديع

وَشَبَّهَهُ الشَّمَّاخُ بِمَفْرِقِ الرَّأْسِ فَقَالَ ... إِذَا مَا اللَّيْلُ كَانَ الصُّبْحُ فِيهِ ... أَشَقَّ كَمَفْرِقِ الرَّأْسِ الدَّهِينِ ... وَيَقُولُونَ لِلْأَمْرِ الْوَاضِحِ هَذَا كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَكَانْبِلَاجِ الْفَجْرِ وَتَبَاشِيرِ الصُّبْحِ قَالَ الشَّاعِرُ ... فَوَرَدَتْ قَبْلَ انْبِلَاجِ الْفَجْرِ ... وَابْنُ ذُكَاءَ كَامِنٌ فِي كُفْرِ ... وَذُكَاءُ الشَّمْسُ فَسَمَّى الصُّبْحَ ابْنَ ذُكَاءَ وَالْكُفْرِ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ وَيُقَالُ لِلَّيْلِ كَافِرٌ لِتَغْطِيَتِهِ الْأَشْيَاءَ بِظُلْمَتِهِ وَأَمَّا آخِرُ وَقْتِهَا فَكَانَ مَالِكٌ فِيمَا حَكَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ آخِرُ وَقْتِ (صَلَاةِ) الصُّبْحِ الْإِسْفَارُ كَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ صَلَّاهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ أَسْفَرَ ثُمَّ قَالَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ فَكَانَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ إِنَّ مَا عَدَا هَذَيْنِ فَلَيْسَ بِوَقْتٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ يُرِيدُ هَذَيْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَقْتٌ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلُ الْآثَارِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا آخِرُ صَلَاةِ الصُّبْحِ أَنْ تُدْرِكَ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ طُلُوعِ

الشَّمْسِ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا فَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ آخِرُ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ الْإِسْفَارُ أَنَّهُ أَرَادَ الْوَقْتَ الْمُسْتَحَبَّ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا خِلَافَ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ مِقْدَارَ رَكْعَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ عِنْدَهُمْ وَقْتٌ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ لِأَصْحَابِ الضَّرُورَاتِ وَأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنْهُمْ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَقِيلَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَآخِرَهُ سَوَاءٌ وَبِهَذَا نَزَعَ مَنْ قَالَ (أَنْ لَا) فَضْلَ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ عَلَى آخِرِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ قَالَ بِذَلِكَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَخَالَفَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَنَزَعُوا بِأَشْيَاءَ سَنَذْكُرُ بَعْضَهَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالَّذِي فِي قَوْلِهِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا سَعَةُ الْوَقْتِ وَبَقِيَ التَّفْضِيلُ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ مَوْقُوفًا عَلَى الدَّلِيلِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْأَفْضَلِ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ الْإِسْفَارَ بِهَا أَفْضَلُ مِنَ التَّغْلِيسِ فِي الْأَزْمِنَةِ كُلِّهَا

فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَحَدِيثُ رَافِعٍ يَدُورُ عَلَى عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ رَوَاهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ عَجْلَانَ وَغَيْرُهُمَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ (بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ) أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَاصِمِ ابن عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عن رافع بن خديح قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَكُلَّمَا أَسْفَرْتُمْ فَهُوَ أَعْظَمُ لأجر وَهَذَا أَحْسَنُ أَسَانِيدِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَاهُ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ دَاوُدَ البصري عن

زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ بَقِيَّةَ ضَعِيفٌ وَزَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ كَانَا يُسْفِرَانِ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَكَانَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ والأوزاعي والشافعي يذهبون الى أن التغليس بصلاة الصُّبْحَ أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ وَالْحُجَّةُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ (مُتَلَفِّفَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ) مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ يُغْلِسُ بِالصُّبْحِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَقَالَ إِذَا بَانَ الْفَجْرَ فَقَدْ أَسْفَرَ قُلْتُ كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ يَقُولُ فِي حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَسْفِرُوا

بِالْفَجْرِ فَكُلَّمَا أَسَفَرْتُمْ بِهَا فَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ فَقَالَ نَعَمْ كُلُّهُ سَوَاءٌ إِنَّمَا هُوَ إِذَا تَبَيَّنَ الْفَجْرُ فَقَدْ أَسْفَرَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ يُقَالُ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ مُتَنَقِّبَةً فَكَشَفَتْ عَنْ وَجْهِهَا قَدْ أَسْفَرَتْ عَنْ وَجْهِهَا فَإِنَّمَا هُوَ أَنْ يَنْكَشِفَ الْفَجْرُ وَهَكَذَا بَلَغَنِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُغْلِسُونَ وَمُحَالٌ أَنْ يَتْرُكُوا الْأَفْضَلَ وَيَأْتُوا الدُّونَ وَهُمُ النِّهَايَةُ فِي إِتْيَانِ الْفَضَائِلِ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنِ احْتَجَّ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخَيَّرْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الْإِسْفَارَ أَيْسَرُ عَلَى النَّاسِ مِنَ التَّغْلِيسِ وَقَدِ اخْتَارَ التَّغْلِيسَ لِفَضْلِهِ وَجَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ فَكَانَ الْعَفْوُ إِبَاحَةً وَالْفَضْلُ كُلُّهُ فِي رِضْوَانِ اللَّهِ وَسُئِلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَأَحَبِّهَا إِلَى اللَّهِ فَقَالَ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ (الْقَاضِي) قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَزَعَةُ بْنُ سُوِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ عَنْ بَعْضِ أُمَّهَاتِهِ عَنْ أُمِّ فَرْوَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا وَهَذَا أَحْسَنُ أَسَانِيدِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَاهُ وَلَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ وَأَصَحُّ دَلِيلٍ عَلَى تَفْضِيلِ أَوَّلِ الْوَقْتِ مِمَّا قَدْ نَزَعَ بِهِ ابْنُ خُوَازِ بَنْدَادَ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ استبقوا الخيرات

فَوَجَبَتِ الْمُسَابَقَةُ إِلَيْهَا وَتَعْجِيلُهَا وُجُوبَ نَدْبٍ وَفَضْلٍ لِلدَّلَائِلِ الْقَائِمَةِ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِهَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَفْضَلُ أَيْضًا مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ الْبَغْدَادِيِّ (بِبَغْدَادَ) قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ (وَمَا فَاتَهُ وَقْتُهَا) وَلَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا أَعْظَمُ أَوْ أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفُتْهُ وَقْتُهَا كُلُّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ مِنْ حَقُّهَا التَّبْعِيضُ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَنْ صَلَّى صَلَاتَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ وَقْتِهَا أَنَّهُ غَيْرُ حَرِجٍ إِذَا أَدْرَكَ وَقْتَهَا فَفِي هَذَا مَا يُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ بَدَّرَ إِلَى أَدَاءِ فَرْضِهِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهِ كَانَ قَدْ سَلِمَ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُتَوَانِيَ مِنَ الْعَوَارِضِ وَلَمْ تَلْحَقْهُ مَلَامَةٌ وَشُكِرَ لَهُ بِدَارُهُ إِلَى طَاعَةِ رَبِّهِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَفْضِيلِ تَعْجِيلِ الْمَغْرِبِ مَنْ قَالَ إِنَّ وَقْتَهَا مَمْدُودٌ إِلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ لَيْسَ لَهَا إِلَّا وَقْتٌ وَاحِدٌ كُلُّهُمْ يَرَى تَعْجِيلَهَا أفضل

وَأَمَّا الصُّبْحُ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعُمَرُ الْفَارُوقُ يُغْلِسَانِ بِهَا فَأَيْنَ الْمَذْهَبُ عَنْهُمَا وَبِذَلِكَ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ صَلُّوا الصُّبْحَ وَالنُّجُومُ بَادِيَةٌ مُشْتَبِكَةٌ وَعَلَى تَفْضِيلِ أَوَائِلِ الْأَوْقَاتِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَأَكْثَرُ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْ هَذَا (الْمَعْنَى فِي) الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

تابع لحرف الزاء

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَعِشْرُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنْ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرَّ فَأَبْرِدُوا! عَنِ الصَّلَاةِ وَقَالَ اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ فِي كُلِّ عَامٍ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ثَابِتَةٍ مِنْهَا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَوْلُهُ اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ

رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ هَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ وَالْأَعْرَجُ وَأَبُو سَلَمَةَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرُهُمْ وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ أَبُو ذَرٍّ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مَشْهُورٌ فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِ الْأَسَانِيدِ فِيهِ إِذْ هُوَ عِنْدَ مَالِكٍ مُتَّصِلٌ كَمَا ذَكَرْنَا وَمَشْهُورٌ فِي الْمَسَانِيدِ وَالْمُصَنَّفَاتِ كَمَا وَصَفْنَا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الظُّهْرَ يُعَجَّلُ بِهَا فِي غَيْرِ الْحَرِّ وَيُبْرَدُ بِهَا فِي الْحَرِّ وَمَعْنَى الْإِبْرَادِ التَّأْخِيرُ حَتَّى تَزُولَ شَمْسُ الْهَاجِرَةِ وَهَذَا مَعْنًى اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ فَأَمَّا مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَأَبُو الْفَرَجِ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي الظُّهْرِ وَحْدَهَا أَنْ يُبْرَدَ بِهَا وَتُؤَخَّرَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَسَائِرُ الصَّلَوَاتِ تُصَلَّى فِي أَوَائِلِ أَوْقَاتِهَا قَالَ أَبُو الْفَرَجِ اخْتَارَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لِجَمِيعِ الصَّلَوَاتِ أَوَّلَ أَوْقَاتِهَا إِلَّا الظُّهْرَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ لِهَذَا الْقَوْلِ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ مَا قَدَّمْنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَتَقْدِيرُ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ كَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلُّوا الصَّلَوَاتِ فِي أَوَائِلِ أَوْقَاتِهَا لِمَنِ ابْتَغَى الْفَضْلَ إِلَّا الظُّهْرَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِنَّ الْإِبْرَادَ (بِهَا) أَفْضَلُ وَهَذَا تَقْدِيرٌ مُحْتَمَلٌ وَاسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ نَزَعَ أَبُو الْفَرَجِ بِأَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَصَلَّى بِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لِيُعْلِمَهُ بِالسَّعَةِ فِي الْوَقْتِ وَالرُّخْصَةِ فِيهِ وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَحَكَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الظُّهْرَ تُصَلَّى إِذَا فَاءَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ لِلْجَمَاعَةِ وَالْمُنْفَرِدِ عَلَى مَا كَتَبَ بِهِ عُمَرُ إِلَى عُمَّالِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ مَسَاجِدُ الْجَمَاعَاتِ وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَأَوَّلُ الْوَقْتِ أَوْلَى بِهِ وَهُوَ الَّذِي مَالَ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّظَرِ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَتَرَكُوا رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُنْفَرِدِ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ تُصَلَّى الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا الظُّهْرُ وَغَيْرُهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وهو أفضل

وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا أَنَّهُ اسْتَثْنَى فَقَالَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِمَامُ جَمَاعَةٍ يُنْتَابُ (إِلَيْهِ) مِنَ الْمَوَاضِعِ الْبَعِيدَةِ فَإِنَّهُ يُبْرِدُ بِالظُّهْرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْحِجَازِ حَيْثُ شِدَّةُ الْحَرِّ وَكَانَتِ الْمَدِينَةُ لَيْسَ فِيهَا مسجد غَيْرِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يُنْتَابُ مَنْ بَعُدَ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنْ صَلِّ الظُّهْرَ حِينَ تَزِيغُ الشَّمْسُ وَهُوَ حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ ثَابِتٌ عَنْ عُمَرَ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ لَقِيَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِيهِ عَنْ عُمَرَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ صَلُّوا الظُّهْرَ إِذَا فَاءَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا مُنْقَطِعٌ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عُمَرَ وَنَافِعٌ لَمْ يَلْقَ عُمَرَ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ تُصَلَّى الظُّهْرُ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَاسْتَثْنَى أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ شِدَّةَ الْحَرِّ فَقَالُوا تُؤَخَّرُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَبْرُدَ وَالِاخْتِلَافُ فِي هَذَا قَرِيبٌ جِدًّا وَقَدِ احْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ الْإِبْرَادَ بِالظُّهْرِ فِي الْحَرِّ بِحَدِيثِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ

الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا يَقُولُ فَلَمْ يَعْذِرْنَا وَتَأَوَّلَ مَنْ رَأَى الْإِبْرَادَ فِي قَوْلِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ هَذَا فَلَمْ يُشْكِنَا أَيْ لَمْ يُحْوِجْنَا إِلَى الشَّكْوَى لِأَنَّهُ رَخَّصَ لَنَا فِي الْإِبْرَادِ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى ثعلب فَسَّرَ قَوْلَهُ فَلَمْ يُشْكِنَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْ لَمْ يُحْوِجْنَا إِلَى الشَّكْوَى قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ يَعِيشَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمَا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ التَّمْتَامُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الدَّهَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا قَالَ زُهَيْرٌ فَقُلْتُ لِأَبِي إِسْحَاقَ فِي تَعْجِيلِ الظُّهْرِ قَالَ نَعَمْ فِي تَعْجِيلِ الظُّهْرِ وحدثنا عبد الوارث ين سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي الْقَطَّانَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فَمَا أشكانا

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ خَبَّابٍ وَالْقَوْلُ عِنْدَهُمْ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَزُهَيْرٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ خَبَّابٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْكِنَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَوِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ وَرَوَى جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَاهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ أَخْبَرَنَا محمد ابن بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ

أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ طَارِقٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُدْرِكٍ عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ كَانَ قَدْرُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ فِي الصَّيْفِ ثَلَاثَةَ أَقْدَامٍ إِلَى خَمْسَةٍ وَفِي الشِّتَاءِ خَمْسَةَ أَقْدَامٍ إِلَى سَبْعَةٍ وَذَكَرَ النَّسَوِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَذْرَمِيِّ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ حُمَيْدٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدُ ابن دِينَارٍ أَبُو خَلْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ وَإِذْ كَانَ الْبَرْدُ عَجَّلَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ أَخْبَرَنَا الْأَثْرَمُ (قَالَ) قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ أَيُّ الْأَوْقَاتِ

أَعْجَبُ إِلَيْكَ قَالَ أَوَّلُ الْأَوْقَاتِ أَعْجَبُ إِلَيَّ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا إِلَّا فِي صَلَاتَيْنِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الْحَرِّ يُبْرَدُ بِهَا وَأَمَّا فِي الشِّتَاءِ فَيُعَجَّلُ بِهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَفَسَهَا فِي الشِّتَاءِ غَيْرُ الشِّتَاءِ وَنَفَسَهَا فِي الصَّيْفِ غَيْرُ الصَّيْفِ وَفِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ زِيَادَةٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ فَمَا تَرَوْنَ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ فَذَلِكَ مِنْ زَمْهَرِيرِهَا وَمَا تَرَوْنَ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فَهُوَ مِنْ سَمُومِهَا أَوْ قَالَ مِنْ حَرِّهَا وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَدْ فَسَّرَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِيَ رِوَايَتِهِ فَقَالَ اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَخَفِّفْ عَنِّي قَالَ فَخَفَّفَ عَنْهَا وَجَعَلَ لَهَا كُلَّ عَامٍ نَفَسَيْنِ فَمَا كَانَ مِنْ بَرْدٍ يُهْلِكُ شَيْئًا فَهُوَ مِنْ زَمْهَرِيرِهَا وَمَا كَانَ مِنْ سَمُومٍ يُهْلِكُ شَيْئًا فَهُوَ مِنْ حَرِّهَا وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زَمْهَرِيرٌ يُهْلِكُ شَيْئًا وَحَرٌّ يهلك شيئا تفسير ماأشكل مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مَخْلُوقَتَانِ لَا تَبِيدَانِ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ النَّارَ والجنة قد خلقتا ما حدثناه خلف

ابن الْقَاسِمِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَا أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو شُرَحْبِيلَ عِيسَى بْنُ خَالِدٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ حُمَيْدَ بْنَ عبيد مولى المعلى يقول سمعت ثابتا الْبُنَانِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ أَرَ مِيكَائِلَ ضَاحِكًا قَطُّ فَقَالَ مَا ضَحِكَ مِيكَائِلُ مُذْ خُلِقَتِ النَّارُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابن يُونُسَ أَبُو يَعْقُوبَ قَالَ أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ قَالَا أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ دَعَا جِبْرِيلَ فَأَرْسَلَهُ إِلَيْهَا فَقَالَ انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا فَحُجِبَتْ بِالْمَكَارِهِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ فَرَجَعَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ ثُمَّ أَرْسَلَهُ إِلَى النَّارِ فَقَالَ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فَذَهَبَ وَرَجَعَ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ فَحُجِبَتْ

بِالشَّهَوَاتِ ثُمَّ قَالَ عُدْ إِلَيْهَا فَعَادَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا فَلِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا قَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ إِنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مَخْلُوقَتَانِ وَأَنَّهُمَا لَا تَبِيدَانِ لِأَنَّهُمَا إِذَا كَانَتَا لَا تَبِيدَانِ حَتَّى تَبِيدَ الدُّنْيَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدُّنْيَا إِذَا انْقَرَضَتْ بِقِيَامِ السَّاعَةِ جَاءَتِ الْآخِرَةُ وَالْآخِرَةُ غَيْرُ خَالِيَةٍ مِنْ جَهَنَّمَ كَمَا أَنَّهَا غَيْرُ خَالِيَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ لِأَنَّ الْجَنَّةَ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَالنَّارَ عَذَابُهُ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ اخْتَصَمَتِ النَّارُ وَالْجَنَّةُ فَقَالَتِ الْجَنَّةُ مَالِي يَدْخُلُنِي الضُّعَفَاءُ وَالْمَسَاكِينُ وَقَالَتِ النَّارُ مَا لِي يَدْخُلُنِي الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ فَقَالَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ أَنْتِ رَحْمَتِي أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ وَقَالَ لِلنَّارِ أَنْتِ عَذَابِي أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَ بِهِ عَنْ مَالِكٍ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّارَ مَخْلُوقَةٌ دَائِمَةٌ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا الْآيَةَ وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ يُقَالُ لَهُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْأَثَرِ أَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مَخْلُوقَتَانِ لَا تَبِيدَانِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا الْحَدِيثَ فَإِنَّ قَوْمًا حَمَلُوهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَأَنَّهَا أَنْطَقَهَا الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ الْآيَةَ وَبِقَوْلِهِ وَإِنْ من شيء إلا يسبح بحمده وبقوله يا جبال أَوِّبِي مَعَهُ أَيْ سَبِّحِي مَعَهُ وَقَالَ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ وَبِقَوْلِهِ

يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ وَمَا كَانَ مِنْ مِثْلِ هَذَا وَهُوَ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ حَمَلُوا ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا عَلَى الْمَجَازِ وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا وَتَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ وَمَا كَانَ مِثْلَ هَذَا كُلِّهِ وَقَالَ آخَرُونَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا وَتَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ هَذَا تَعْظِيمٌ لِشَأْنِهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَضَافَ إِلَيْهِ الْإِرَادَةَ مَجَازًا وَجَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ وَالتَّمْثِيلُ فِي كُلِّ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَوْ كَانَتْ مِمَّا تَنْطِقُ أَوْ تَعْقِلُ لَكَانَ هَذَا نُطْقَهَا وَفِعْلَهَا وَذَكَرُوا قَوْلَ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ ... لَوْ أَنَّ اللُّؤْمَ يُنْسَبُ كَانَ عَبْدًا ... قَبِيحَ الْوَجْهِ أَعْوَرَ مِنْ ثَقِيفِ ... وَسُئِلَ الْمُبَرِّدُ عَنْ قَوْلِ الْمَلِكِ ((إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ)) وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ لَا أَزْوَاجَ لَهُمْ فَقَالَ نَحْنُ طُولَ النَّهَارِ نَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا نَقُولُ ضَرَبَ زِيدٌ عَمْرًا

وَإِنَّمَا هُوَ تَقْدِيرٌ كَأَنَّ الْمَعْنَى إِذَا وَقَعَ هَكَذَا فَكَيْفَ الْحُكْمُ فِيهِ وَذَكَرُوا قَوْلَ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ لِلنُّعْمَانِ أَتَدْرِي مَا تَقُولُ هَذِهِ الشَّجَرَةُ أَيُّهَا الْمَلِكُ قَالَ وَمَا تَقُولُ قَالَ تَقُولُ رُبَّ رَكْبٍ قَدْ أَنَاخُوا حَوْلَنَا ... يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ بِالْمَاءِ الزُّلَالِ ثُمَّ أَضْحَوْا لَعِبَ الدَّهْرُ بِهِمْ ... وَكَذَاكَ الدَّهْرُ حَالًا بَعْدَ حَالِ وَقَوْلُ عَنْتَرَةَ وَشَكَا إِلَيَّ بِعَبْرَةٍ وَتَحَمْحُمِ وَقَوْلُ الْآخَرِ: شَكَا إِلَيَّ جَمَلِي طُولَ السُّرَى ... صَبْرًا جَمِيلًا فَكِلَانَا مُبْتَلَى وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ الْحَارِثِيِّ يُرِيدُ الرُّمْحَ صَدْرَ أَبِي بَرَاءِ ... وَيَرْغَبُ عَنْ دِمَاءِ بَنِي عَقِيلِ وَقَالَ غَيْرُهُ رُبَّ قَوْمٍ غَبَرُوا مِنْ عَيْشِهِمْ ... فِي سُرُورٍ وَنَعِيمٍ وَغَدَقْ سَكَتَ الدَّهْرُ زَمَانًا عَنْهُمْ ... ثُمَّ أَبْكَاهُمْ دَمًا حِينَ نطق

وَقَالَ آخَرُ: وَعَظَتْكَ أَجْدَاثٌ صُمُتْ ... وَنَعَتْكَ أَزْمِنَةٌ خَفَتْ وَتَكَلَّمَتْ عَنْ أَوْجُهٍ ... تَبْلَى وَعَنْ صُوَرٍ سبت وأرتك قبرك في القبور ... وَأَنْتَ حَيٌّ لَمْ تَمُتْ وَقَالَ آخَرُ: فَتَكَلَّمَتْ تِلْكَ الدِّيَارُ وَلَمْ تَكُنْ ... تِلْكَ الدِّيَارُ تُكَلِّمُ الزَّوَّارَا قَالَتْ بِرَغْمِي بَانَ أَهْلِي كُلُّهُمْ ... وَبَقِيتُ تَكْسُونِي الرِّيَاحُ غُبَارَا وَلَوِ اسْتَطَعْتُ لَمَا فُجِعْتُ بِسَاكِنِي ... وَالدَّهْرُ لَا يُبْقِي لَنَا عُمَّارَا وَالشِّعْرُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ جِدًّا وَمَعْنَاهُ أَنَّ الدِّيَارَ لَوْ كَانَتْ مِمَّنْ يَصِحُّ لَهَا نُطْقٌ وَقَالَتْ لَكَانَ هَذَا قَوْلُهَا وَكَلَامُهَا وَكَذَلِكَ الْقُبُورُ لَوْ كَانَ لَهَا قَوْلٌ فِي الْحَقِيقَةِ لَكَانَ هَكَذَا وَمِثْلُ هَذَا مِمَّا أَنْشَدُوا فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ الْقَائِلِ قَدْ قَالَتِ الْأَنْسَاعُ لِلْبَطْنِ الْحَقِي وَقَوْلُ الْآخَرِ امْتَلَأَ الْحَوْضُ وَقَالَ قَطْنِي

وَهُوَ كَثِيرٌ وَمَعْنَاهُ كُلُّهُ مَا ذَكَرْنَاهُ فَمَنْ حَمَلَ قَوْلَ النَّارِ وَشَكْوَاهَا عَلَى هَذَا احْتَجَّ بِمَا وَصَفْنَا وَمَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى الْحَقِيقَةِ قَالَ جَائِزٌ أَنْ يُنْطِقَهَا اللَّهُ كَمَا تُنْطَقُ الْأَيْدِي وَالْجُلُودُ وَالْأَرْجُلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ وَمِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بحمده الآية وقالت نملة يا أيها النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ وَقَالَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ أَيْ تَتَقَطَّعُ عَلَيْهِمْ غَيْظًا كَمَا تَقُولُ فُلَانٌ يَتَّقِدُ عَلَيْكَ غَيْظًا وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا فَأَضَافَ إِلَيْهَا الرُّؤْيَةَ وَالتَّغَيُّظَ إِضَافَةً حَقِيقِيَّةً وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَقُصُّ الْحَقَّ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ عِنْدَهُمْ قَوْلُهُ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَتَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ

وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا وَقَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ قَالُوا وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ لِلْجُلُودِ إِرَادَةٌ لَا تُشْبِهُ إِرَادَتَنَا كَمَا لِلْجَمَادَاتِ تَسْبِيحٌ وَلَيْسَ كَتَسْبِيحِنَا وَلِلْجِبَالِ وَالشَّجَرِ سُجُودٌ وَلَيْسَ كَسُجُودِنَا وَالِاحْتِجَاجُ لِكِلَا الْقَوْلَيْنِ يَطُولُ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِهِ وَحَمْلُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى بِذَوِي الدِّينِ وَالْحَقِّ لِأَنَّهُ يَقُصُّ الْحَقَّ وَقَوْلَهُ الْحَقُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عُلُوًّا كَبِيرًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَجَعَلَ لَهَا نفسين نفسا

فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسًا فِي الصَّيْفِ فَشِدَّةُ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْبَرْدِ مِنْ زَمْهَرِيرِهَا وَشِدَّةُ مَا تَجِدُونَ فِي الصَّيْفِ مِنَ الْحَرِّ مِنْ سَمُومِهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فَيْحُ جَهَنَّمَ فَالْفَيْحُ سُطُوعُ الْحَرِّ هَكَذَا قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ فَكَأَنَّ الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ شِدَّةُ الْحَرِّ الْمُؤْذِي مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ وَلَهِيبِهَا أَجَارَنَا اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَعَفْوِهِ مِنْهَا

الحديث الثامن والعشرون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَعِشْرُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً وَلِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَإِنْ كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّى خَامِسَةً شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ رَابِعَةً فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ جَمِيعُ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ عَنْهُ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ وَصَلَهُ وَأَسْنَدَهُ عَنْ مَالِكٍ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ إِنْ صَحَّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى إِرْسَالِهِ الثَّوْرِيُّ وَحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ الصَّنْعَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَدَاوُدُ بن قيس

الْفَرَّاءُ فِيمَا رَوَى عَنْهُ الْقَطَّانُ وَوَصَلَ هَذَا الْحَدِيثَ وَأَسْنَدَهُ مِنَ الثِّقَاتِ عَلَى حَسَبِ رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ لَهُ عَنْ مَالِكٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ أَبُو غَسَّانَ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْقَطَّانِ وَالْحَدِيثُ مُتَّصِلٌ مسند صحيح لا يَضُرُّهُ تَقْصِيرُ مَنْ قَصَّرَ بِهِ فِي اتِّصَالِهِ لِأَنَّ الَّذِينَ وَصَلُوهُ حُفَّاظٌ مَقْبُولَةٌ زِيَادَتُهُمْ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ فَأَمَّا رِوَايَةُ الْوَلِيدِ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي قَالَ حدثنا أحمد ابن عُمَيْرِ بْنِ حَوْطٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيُلْقِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ وَلِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَتْ وِتْرًا شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ شَفْعًا فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ الْأَبْهَرَيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرٍ بن

يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيُلْغِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَتْ وِتْرًا شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ شَفْعًا فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ وَقَدْ تَابَعَ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ عَلَى مِثْلِ رِوَايَتِهِ هَذِهِ عَنْ مَالِكٍ يَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ الْمَازِنِيُّ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ الْمَازِنِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عن عطاء

ابن يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَوَاءً قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ الْإِرْسَالَ فَإِنَّهُ مُتَّصِلٌ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ مِنْ حَدِيثِ مَنْ تُقْبَلُ زِيَادَتُهُ فَمِنْ ذَلِكَ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم قال إذا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ (كَمْ) صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً ثُمَّ يَسْجُدْ بَعْدَ ذَلِكَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعَتَا لَهُ صَلَاتَهُ وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعًا أَرْغَمَتِ الشَّيْطَانَ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَجْلَانَ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سعيد الخدري

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَا يَدْرِي أَوَاحِدَةً أَمِ اثْنَتَيْنِ أَمْ ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيُتِمَّ مَا شَكَّ فِيهِ ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ نَاقِصَةً فَقَدْ أَتَمَّهَا وَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ وَإِنْ كَانَ أَتَمَّ صَلَاتَهُ فَالرَّكْعَةُ وَالسَّجْدَتَانِ نَافِلَةٌ لَهُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ

وَأَمَّا حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ فَأَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى خَمْسًا كَانَتْ شَفْعًا لِصَلَاتِهِ وَإِنْ كَانَ صَلَّاهُمَا تَمَامًا لِأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً تَامَّةً ثُمَّ لْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ خَامِسَةً شَفَعَ بِهَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ رَابِعَةً كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ

وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ كُلُّهُمْ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِلَّا أَنَّ هِشَامًا بَلَغَ بِهِ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ وَقَدْ أَخْطَأَ فِيهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ فَرَوَيَاهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ صدوق ولكن حفظه لَيْسَ بِالْجَيِّدِ عِنْدَهُمْ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ هَذَا هُوَ وَالِدُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَقَدِ اجْتُمِعَ عَلَى ضَعْفِهِ وَلَيْسَ رِوَايَةُ هَذَيْنِ مِمَّا يُعَارِضُ رِوَايَةَ مَنْ ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا

وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي السَّهْوِ أَتَذْهَبُ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ أَذْهَبُ إِلَيْهِ قُلْتُ إِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي إِسْنَادِهِ قَالَ إِنَّمَا قَصَّرَ بِهِ مَالِكٌ وَقَدْ أَسْنَدَهُ عِدَّةٌ مِنْهُمْ ابْنُ عَجْلَانَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَصْلٌ عَظِيمٌ جَسِيمٌ مُطَّرِدٌ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ أَنَّ الْيَقِينَ لَا يُزِيلُهُ الشَّكُّ وَأَنَّ الشَّيْءَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِهِ الْمَعْرُوفِ حَتَّى يُزِيلَهُ يَقِينٌ لَا شَكَّ مَعَهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الظُّهْرِ أَنَّهَا فَرْضٌ بِيَقِينٍ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فَإِذَا أَحْرَمَ بِهَا وَلَزِمَهُ إِتْمَامُهَا وَشَكَّ فِي ذَلِكَ فَالْوَاجِبُ الَّذِي قَدْ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِيَقِينٍ لَا يُخْرِجُهُ مِنْهُ إِلَّا يَقِينٌ فَإِنَّهُ قَدْ أَدَّى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ غَلِطَ قَوْمٌ مِنْ عَوَامِّ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْفِقْهِ فِي هَذَا الْبَابِ فَظَنُّوا أَنَّ الشَّكَّ أَوْجَبَ عَلَى الْمُصَلِّي إِتْمَامَ صَلَاتِهِ وَالْإِتْيَانَ بِالرَّكْعَةِ وَاحْتَجُّوا لِذَلِكَ بِأَعْمَالِ الشَّكِّ فِي بَعْضِ نَوَازِلِهِمْ وَهَذَا جَهْلٌ بَيِّنٌ وَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا بَلِ الْيَقِينُ بِأَنَّهَا أَرْبَعٌ فُرِضَ عَلَيْهِ إِقَامَتُهَا أوجب عليه إتمامها وهذا واضح والكلام لِوُضُوحِهِ يَكَادُ يُسْتَغْنَى عَنْهُ

أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عِيَاضٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَا يَدْرِي أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَإِذَا أَتَى أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ فِي صَلَاتِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّكَ أَحْدَثْتَ فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ بِأُذُنَيْهِ صَوْتَهُ أَوْ يَجِدَ رِيحَهُ بِأَنْفِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لَمْ يَنْقُلْهُ مِنْ يَقِينِ طَهَارَتِهِ إِلَى شَكٍّ بَلْ أَمَرَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى يَقِينِهِ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَصِحَّ عِنْدَهُ يَقِينٌ يَصِيرُ إِلَيْهِ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا وَفِي الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ فِي الصَّلَاةِ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ مَنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ بَعْدَ يَقِينِهِ بِالْوُضُوءِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ عَلِمْتُهُ إِلَّا أَصْحَابُهُ وَمَنْ قَلَّدَهُمْ فِي ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ إِنَّ ذَلِكَ اسْتِحْبَابٌ وَاحْتِيَاطٌ منه

وَخَالَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ مَالِكًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ خُوَازِ بَنْدَاذَ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ أَمْ لَا فَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَقَدْ قَالَ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُ الْبِنَاءُ عَلَى الْأَصْلِ حَدَثًا كَانَ أَوْ طَهَارَةً وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إِنَّهُ إِنْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ كَثِيرًا فَهُوَ عَلَى وُضُوئِهِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَنْ أَيْقَنَ بِالْحَدَثِ وَشَكَّ فِي الْوُضُوءِ أَنَّ شَكَّهُ لَا يُفِيدُ فَائِدَةً وَأَنَّ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ فَرْضًا وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الشَّكَّ عِنْدَهُمْ مُلْغًى وَأَنَّ الْعَمَلَ عَلَى الْيَقِينِ عِنْدَهُمْ وَهَذَا أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي الْفِقْهِ فَتَدَبَّرْهُ وَقِفْ عَلَيْهِ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عُثْمَانَ سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا

الْحُمَيْديُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ شُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ الشَّيْءُ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْتَقِلُ وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا وَلَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ بَيْنَ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَسَائِرِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّ أَحَدًا لَا يَرِثُ أَحَدًا بِالشَّكِّ فِي حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُهَا مَا كَانَتْ سَهْوًا أَوْ فِي إِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الشَّاكَّ فِي صَلَاتِهِ إِذَا أُمِرَ بِالْبِنَاءِ عَلَى يَقِينِهِ وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَهُوَ شَكَّ هَلْ صَلَّى وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ فَغَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ فِي صَلَاتِهِ رَكْعَةً وَقَدْ أَحْكَمَتِ السُّنَّةُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ فَإِذَا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَمَا ذَكَرْنَا بَطُلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ (مِثْلَ) نِصْفِهَا سَاهِيًا أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ وَهَذَا قَوْلٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَلَا قَالَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أيمة الْأَمْصَارِ وَالصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ خَمْسًا سَاهِيًا فَسَجَدَ لِسَهْوِهِ وَحُكْمُ الركعة

وَالرَّكْعَتَيْنِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي الْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ وَالْمَعْقُولِ وَلَوْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ عَلَى غَيْرِ التَّعَمُّدِ وَالْقَصْدِ لِلْإِفْسَادِ مُفْسِدَةً لِلصَّلَاةِ وَقَدْ قَصَدَ الْمُصَلِّي بِذَلِكَ إِصْلَاحَ صَلَاتِهِ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ سَاهِيًا لِأَمْرِ الشَّاكِّ فِي صَلَاتِهِ الَّذِي لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا أَنْ يَقْطَعَ وَيَسْتَأْنِفَ وَهَذَا خِلَافُ مَا وَرَدَتِ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ بِهِ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ قَالَ فِي السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ أَنْ يَقْطَعَ وَيَسْتَأْنِفَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَإِنَّمَا تَرَكَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا وَلِمِثْلِهِ مِنَ الْآثَارِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِصْلَاحِ صَلَاتِهِ نَحْوِ حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِيمَنْ صَلَّى خَمْسًا سَاهِيًا وَحَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ وَغَيْرِهِ فِيمَنْ قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ السَّاهِيَ فِي صَلَاتِهِ إِذَا فَعَلَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ سَجَدَ لِسَهْوِهِ وَفِيهِ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ فِي الزِّيَادَةِ قَبْلَ السَّلَامِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ كُلُّ سَهْوٍ كَانَ نُقْصَانًا مِنَ الصَّلَاةِ فَالسُّجُودُ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ لِحَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِيَامِهِ مِنِ اثْنَتَيْنِ دُونَ أَنْ يَجْلِسَ فَسَجَدَ

لِسَهْوِهِ ذَلِكَ قَبْلَ السَّلَامِ وَقَدْ نَقَصَ الْجَلْسَةَ الْوُسْطَى وَالتَّشَهُّدَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ كَانَ السَّهْوُ زِيَادَةً فَالسُّجُودُ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهَا وَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَوْمَئِذٍ وَتَكَلَّمَ ثُمَّ انْصَرَفَ وَبَنَى فَزَادَ سَلَامًا وَعَمَلًا وَكَلَامًا وَهُوَ سَاهٍ لَا يَظُنُّ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ ثُمَّ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ الْآثَارِ لِأَنَّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ اسْتِعْمَالُ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَاسْتِعْمَالُ الْأَخْبَارِ عَلَى وُجُوهِهَا أَوْلَى مِنَ ادِّعَاءِ التَّنَاسُخِ فِيهَا وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ الْفَرْقُ بَيْنَ النُّقْصَانِ فِي ذَلِكَ وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ السُّجُودَ فِي النُّقْصَانِ إِصْلَاحٌ وَجَبْرٌ وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الْإِصْلَاحُ وَالْجَبْرُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الصَّلَاةِ وَأَمَّا السُّجُودُ فِي الزِّيَادَةِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ وَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ إِذَا اجْتَمَعَ زِيَادَةٌ وَنُقْصَانٌ مِنَ السَّهْوِ فَالسُّجُودُ لِذَلِكَ قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّهُ أَمْلَكُ بِمَعْنَى الْجَبْرِ وَالْإِصْلَاحِ

وَجُمْلَةُ مَذْهَبِهِ أَنَّ مَنْ وَضَعَ السُّجُودَ الَّذِي قُلْنَا أَنَّهُ قَبْلَ بَعْدَ أَوْ وَضَعَ السُّجُودَ الَّذِي قُلْنَا أَنَّهُ بَعْدَ قَبْلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّهُمْ أَشَدُّ اسْتِثْقَالًا لِمَنْ وَضَعَ السُّجُودَ الَّذِي بَعْدَ السَّلَامِ قَبْلَ السَّلَامِ وَذَلِكَ لِمَا رَأَى وَعَلِمَ مِنِ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ السُّجُودُ كُلُّهُ فِي السَّهْوِ زِيَادَةً كَانَ أَوْ نُقْصَانًا بَعْدَ السَّلَامِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ إِلَّا أَنَّ دَاوُدَ لَا يَرَى السُّجُودَ إِلَّا فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ جَاءَتْ فِيهَا الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُجَّةُ الْكُوفِيِّينَ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ إِذْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا وَحَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ وَحَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَسَجَدَ فِيهَا كُلَّهَا بَعْدَ السَّلَامِ وَعَارَضُوا حَدِيثَ ابْنِ بُحَيْنَةَ بِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَزَعَمُوا أَنَّهُ أَوْلَى لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ التَّسْلِيمِ وَالسُّجُودَ بَعْدَهُ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ مَنْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ أَنْ لَا يَسْجُدَ فِي مَوْضِعِ سَهْوِهِ وَلَا فِي حَالِهِ تِلْكَ وَأَنَّ حُكْمَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ إِلَى آخِرِ صَلَاتِهِ لِتَجْمَعَ السَّجْدَتَانِ كُلَّ سَهْوٍ فِي صَلَاتِهِ وَمَعْلُومٌ

أَنَّ السَّلَامَ قَدْ يُمْكِنُ فِيهِ السَّهْوُ فَوَاجِبٌ أَنْ تُؤَخَّرَ السَّجْدَتَانِ عَنِ السَّلَامِ أَيْضًا كَمَا تُؤَخَّرَ عَنِ التَّشَهُّدِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ السُّجُودُ كُلُّهُ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ قَبْلَ السَّلَامِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ (وَرَبِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ وَالْحُجَّةُ لَهُمْ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ فِيهِ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ وَإِلْغَاءُ الشَّكِّ والعلم محيط أن ذاك إِنْ لَمْ يَكُنْ (زِيَادَةٌ لَمْ يَكُنْ) نُقْصَانًا وَأَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسُّجُودِ فِي ذَلِكَ قَبْلَ السَّلَامِ وَقَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَجْلِسْ وَسَبَّحَ بِهِ فَتَمَادَى وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ وَهَذِهِ الْآثَارُ أَثْبَتُ مَا يُرْوَى فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَفِيهَا السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ لِلنُّقْصَانِ وَغَيْرِ النُّقْصَانِ قَالُوا فَعَلِمْنَا بِهَذَا أَنْ لَيْسَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ زيادة ولا نقصان وَأَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ إِصْلَاحُ الصَّلَاةِ وَإِصْلَاحُهَا لَا يَكُونُ إِلَّا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَإِنَّمَا جاز تأخير السجدتين عن جميع الصلاة ماخلا السَّلَامَ لِأَنَّ السَّلَامَ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ أَنْ تَكُونَ السَّجْدَتَانِ مُصْلِحَتَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّ مُدْرِكَ بَعْضِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ لَا يَشْتَغِلُ بِالْقَضَاءِ ويتبع الإمام فيما بقي عليه

حائسا السَّلَامَ لِمَا ذَكَرْنَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَنْ جِهَةِ النَّظَرِ حُجَجٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَالْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا وَسَيَأْتِي فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ زِيَادَةٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يقول إن المصلى أو سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ فِيمَا قَالُوا إِنَّ السُّجُودَ فِيهِ قَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ وَلَوْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ فِيمَا فِيهِ السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنِ السُّجُودِ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ فَقَالَ فِي مَوَاضِعَ قَبْلَ السَّلَامِ وَفِي مَوَاضِعَ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ سَلَّمَ مِنِ اثْنَتَيْنِ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَإِذْ سَلَّمَ مِنْ ثَلَاثٍ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ عُمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَفِيَ التَّحَرِّي بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ مَنْصُورٍ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ وَفِي الْقِيَامِ مِنِ اثْنَتَيْنِ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ وَفِي الشَّكِّ يُبْنَى عَلَى الْيَقِينِ وَيُسْجَدُ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قُلْتُ لَهُ فَمَا كَانَ سِوَاهَا مِنَ السَّهْوِ قَالَ يَسْجُدُ فِيهِ كُلِّهُ قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّهُ يُتِمُّ مَا نَقَصَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ وَلَوْلَا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ لَرَأَيْتُ السُّجُودَ كُلَّهُ فِي السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الصَّلَاةِ فَيَقْضِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ وَلَكِنِّي أَقُولُ كُلُّ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَجَدَ فِيهِ بَعْدَ السَّلَامِ فَإِنَّهُ يُسْجَدُ فِيهِ بَعْدَ السَّلَامِ وَسَائِرُ السَّهْوِ يُسْجَدُ فِيهِ قَبْلَ السلام وقال داود لايسجد لِسَهْوٍ إِلَّا فِي الْخَمْسَةِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي سَجَدَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ هَلْ سَمِعْتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلِ إِذَا نَسِيَ صَلَاتَهُ فَلَمْ يَدْرِ أَزَادَ أَمْ نَقَصَ مَا أُمِرَ بِهِ قَالَ قُلْتُ أَمَا سَمِعْتَ أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْئًا قَالَ لَا وَاللَّهِ مَاَ سَمِعْتُ مِنْهُ فِيهِ شَيْئًا وَلَا سَأَلْتُهُ عَنْهُ إِذْ دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ فِيمَ أَنْتُمَا فَأَخْبَرَهُ عُمَرُ قَالَ سَأَلْتُ هَذَا الْفَتَى عَنْ كَذَا وَكَذَا فَلَمْ أَجِدْ عِنْدَهُ عِلْمًا فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لَكِنَّ عِنْدِي مِنْهُ عِلْمٌ لَقَدْ سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُمَرُ فَأَنْتَ الْعَدْلُ الرَّضِيُّ فَمَاذَا سَمِعْتَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي الْوَاحِدَةِ وَالِاثْنَتَيْنِ فَلْيَجْعَلْهَا وَاحِدَةً وَإِذَا شَكَّ فِي الِاثْنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فَلْيَجْعَلْهَا اثْنَتَيْنِ وَإِذَا شَكَّ فِي الثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ فَلْيَجْعَلْهَا ثَلَاثًا حَتَّى يَكُونَ الْوَهْمُ فِي الزِّيَادَةِ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِيمَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَوَاحِدَةً صَلَّى أَمِ اثْنَتَيْنِ أَمْ ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَلَا يُجْزِئُهُ التَّحَرِّي وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الْمَذْكُورُ فِي هذا

الباب وحديث عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ هَذَا وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا شَكَّ اسْتَقْبَلَ وَلَمْ يَتَحَرَّ وَإِنَّ لَفِيَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ تَحَرَّى وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَالثَّوْرِيُّ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ يَتَحَرَّى سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَتَحَرَّى قَالَ وَإِنْ نَامَ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى اسْتَأْنَفَ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِنْ كَانَ هَذَا شَيْئًا يَلْزَمُهُ وَلَا يَزَالُ يَشُكُّ أَجَزْأَهُ سَجْدَتَا السَّهْوِ عَنِ التَّحَرِّي وَعَنِ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَإِنْ لَمْ يكن شيئا يلزمه استأنفت تِلْكَ الرَّكْعَةُ بِسَجْدَتَيْهَا وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الشَّكُّ عَلَى وَجْهَيْنِ الْيَقِينُ وَالتَّحَرِّي فَمَنْ رَجَعَ إِلَى الْيَقِينِ أَلْغَى الشَّكَّ وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَإِذَا رَجَعَ إِلَى التَّحَرِّي وَهُوَ أَكْثَرُ الْوَهْمِ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي يَرْوِيهِ مَنْصُورٌ وَبِهِ قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ إِنَّمَا فِيهِ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ وَبَيْنَ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَالتَّحَرِّي فَرْقٌ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ أَنْ يَتَحَرَّى أَصْوَبَ ذَاكَ وَأَكْثَرَهُ عِنْدَهُ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ يُلْغِي الشَّكَّ (كُلَّهُ) وَيَبْنِي عَلَى يَقِينِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ دَاوُدُ مَعْنَى التَّحَرِّي الرُّجُوعُ إِلَى الْيَقِينِ (قَالَ أَبُو عُمَرَ) وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِالتَّحَرِّي فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ شَكَّ مِنْكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ وَلْيَبْنِ عَلَى أَكْثَرِ ظَنِّهِ وَهُوَ حديث يرويه أبو عبيدة ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ فِيمَا يَقُولُ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّحَرِّي هُوَ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى ذَاكَ صَحَّ لَهُ اسْتِعْمَالُ الْخَبَرَيْنِ وَأَيُّ تَحَرٍّ يَكُونُ لِمَنِ انْصَرَفَ وَهُوَ شَاكٌ لَمْ يَبْنِ عَلَى يَقِينِهِ وَقَدْ أَحَاطَ الْعِلْمُ أَنَّ شُعْبَةً مِنَ الشَّكِّ تَصْحَبُهُ إِذَا لَمْ يَبْنِ عَلَى يَقِينِهِ وَإِنْ تَحَرَّى وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدِي لَيْسَ مِمَّا يُعَارَضُ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِيمَا حَكَى الْأَثْرَمُ عَنْهُ حَدِيثُ التَّحَرِّي لَيْسَ يَرْوِيهِ إِلَّا مَنْصُورٌ قُلْتُ لَهُ لَيْسَ يَرْوِيهِ إِلَّا مَنْصُورٌ قَالَ

لَا كُلُّهُمْ يَقُولُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خَمْسًا قَالَ إِلَّا أَنَّ شُعْبَةَ رَوَى عَنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْقُوفًا نَحْوَهُ قَالَ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَحَرَّ وَأَمَّا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَأَحْسَبُهُ ذَهَبَ إِلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إن الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيُلَبِّسُ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ وَالْقَوْلُ فِيهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعْرِفُهُ بَيْنَ أَوَّلِ مَرَّةٍ وَغَيْرِهَا فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ) قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ

سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَرْكَعْ رَكْعَةً يُحْسِنُ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَصِحُّ رَفْعُ هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ مَالِكًا رَوَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ فَوَقَفَهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ جَعَلَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَخَالَفَ أَيْضًا لَفْظَهُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَّا مَنْ لَا يُوثَقُ بِهِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَأَخُوهُ وَأَبُوهُ ضِعَافٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِمْ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهُ لِيُعْرَفَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنَ الْحُجَّةِ لِلْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَثْرَمِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا إِغْرَارَ فِي صَلَاةٍ وَلَا تَسْلِيمَ فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَأَرَى أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهَا إِلَّا عَلَى يَقِينٍ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا عَلَى غَرَرٍ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّهَا (وَسَيَأْتِي (1) فِي كَيْفِيَّةِ التَّسْلِيمِ وَفِي وُجُوبِهِ فِي بَابِ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَثْمَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا)

الحديث التاسع والعشرون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَعِشْرُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال اللهم لا تجعل قبري وَثَنًا يُعْبَدُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا رَوَاهُ يَحْيَى سَوَاءً وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ أَعْنِي قَوْلَهُ (اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلُ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ) وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ وَزَعَمَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ وَلَيْسَ بِمَحْفُوظٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَا إِسْنَادَ لَهُ غَيْرُهُ إِلَّا أَنَّ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَسْنَدَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ فَمَحْفُوظٌ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ صِحَاحٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا وَجْهَ لِقَوْلِ الْبَزَّارِ إِلَّا مَعْرِفَةُ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ لَا غَيْرَ وَلَا خِلَافَ بن عُلَمَاءِ أَهْلِ الْأَثَرِ وَالْفِقْهِ أَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا رَوَاهُ ثِقَةٌ عَنْ ثِقَةٍ حَتَّى يَتَّصِلَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ حُجَّةٌ يُعْمَلُ بِهَا إِلَّا أَنْ يَنْسَخَهُ غَيْرُهُ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ حُجَّةٌ فِيمَا نَقَلَ وَقَدْ أَسْنَدَ حَدِيثَهُ هَذَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ أَشْرَافِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَوَى عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالثَّوْرِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ (وَغَيْرُهُمْ) وَهُوَ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَهَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِمَرَاسِيلِ الثِّقَاتِ وَعِنْدَ مَنْ قَالَ بِالْمُسْنَدِ لِإِسْنَادِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ لَهُ وَهُوَ مِمَّنْ تُقْبَلُ زِيَادَتُهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيُّ قَالَ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال اللهم لا تجعل قبري وثنا يُعْبَدُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكَرْمَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي وَثَنًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ وَحَدِيثُ سُهَيْلٍ هَذَا إِنَّمَا يَجِيءُ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا ابن عيينة عن حمزة بن المغيرة عن سهيل

قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ فِي التَّارِيخِ الْكَبِيرِ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ الْحُمَيْدِيِّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظِ حَدِيثِ مَالِكٍ وَمَعْنَاهُ أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ إِجَازَةً قَالَ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّيْدَلَانِيُّ إِجَازَةً قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُوسَى الْعُقَيْلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا لَعَنَ اللَّهُ قَوْمًا اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ مَوْلَى آلِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ وَكَانَ مِنْ سراة الموالي

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْوَثَنُ الصَّنَمُ وَهُوَ الصُّورَةُ مِنْ ذَهَبٍ كَانَ أَوْ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ التِّمْثَالِ وَكُلُّ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَهُوَ وَثَنٌ صَنَمًا كَانَ أَوْ غَيْرَ صَنَمٍ وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُصَلِّي إِلَى الْأَصْنَامِ وَتَعْبُدُهَا فَخَشِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّتِهِ أَنْ تَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ بَعْضُ مَنْ مَضَى مِنَ الْأُمَمِ كَانُوا إِذَا مَاتَ لَهُمْ نَبِيٌّ عَكَفُوا حَوْلَ قَبْرِهِ كَمَا يُصْنَعُ بِالصَّنَمِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُصَلَّى إِلَيْهِ وَيُسْجَدُ نَحْوَهُ وَيُعْبَدُ فَقَدِ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَذِّرُ أَصْحَابَهُ وَسَائِرَ أُمَّتِهِ مِنْ سُوءِ صَنِيعِ الْأُمَمِ قَبْلَهُ الَّذِينَ صَلَّوْا إِلَى قُبُورِ أَنْبِيَائِهِمْ وَاتَّخَذُوهَا قِبْلَةً وَمَسْجِدًا كَمَا صَنَعَتِ الْوَثَنِيَّةُ بِالْأَوْثَانِ الَّتِي كَانُوا يَسْجُدُونَ إِلَيْهَا وَيُعَظِّمُونَهَا وَذَلِكَ الشِّرْكُ الْأَكْبَرُ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُهُمْ بِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ سُخْطِ اللَّهِ وَغَضَبِهِ وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يَرْضَاهُ خَشْيَةً عَلَيْهِمُ امْتِثَالَ طُرُقِهِمْ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُخَالَفَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَسَائِرَ الْكُفَّارِ وَكَانَ يَخَافُ عَلَى أُمَّتِهِ اتِّبَاعَهُمْ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم على جهة التعبير وَالتَّوْبِيخِ ((لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَوْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ))

وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ لَا يَرَى الصَّلَاةَ فِي الْمَقْبَرَةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنْجِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَذَاكَرْنَ عِنْدَهُ فِي مَرَضِهِ كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ عِنْدَهُمْ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا ثُمَّ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنْجِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ عَنْ هِلَالِ بْنِ حَمِيدٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يقم منه لعن الله اليهود والنصارى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ قَالَتْ وَلَوْلَا ذَلِكَ أَبْرَزَ قَبْرَهُ غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ عَلَيْهِ أَنْ يتخذ مسجدا

الحديث الثلاثون

حَدِيثٌ مُوفِي ثَلَاثِينَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكَيْنِ فَقَالَ انْظُرَا مَاذَا يَقُولُ لعواده فإن هو إذا جاؤوه حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ رَفَعَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ أَعْلَمُ فَيَقُولُ لِعَبْدِي عَلَيَّ إِنْ تَوَفَّيْتُهُ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَإِنْ أَنَا شَفَيْتُهُ أَنْ أُبَدِّلَ لَهُ لَحْمًا خَيْرًا مِنْ لَحْمِهِ وَدَمًا خَيْرًا مِنْ دَمِهِ (وَأَنْ أُكَفِّرَ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ (1)) هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ مُرْسَلًا وَقَدْ أَسْنَدَهُ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ عباد بن كثير عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَصَابَ اللَّهُ عَبْدًا بِالْبَلَاءِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكَيْنِ فَقَالَ انْظُرُوا مَاذَا يَقُولُ لِعُوَّادِهِ فَإِنْ

قَالَ لَهُمْ خَيْرًا فَأَنَا أُبَدِّلُهُ بِلَحْمِهِ خَيْرًا مِنْ لَحْمِهِ وَبِدَمِهِ خَيْرًا مِنْ دَمِهِ وَإِنْ أَنَا تَوَفَّيْتُهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَإِنْ أَنَا أَطْلَقْتُهُ مِنْ وَثَاقِهِ فَلْيَسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ الثَّقَفِيُّ كَانَ رَجُلًا فَاضِلًا عَابِدًا وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ يُعَدُّ فِي أَهْلِ مَكَّةَ وَكَانَ انْتَقَلَ إِلَيْهَا مِنَ الْبَصْرَةِ وَأَظُنُّ أَصْلَهُ مِنَ الْحِجَازِ كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَمْنَعُ مِنْ ذِكْرِهِ إِلَّا بِخَيْرٍ وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ هُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي مُطِيعٍ قَالَ كَانَ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ عِنْدَنَا ثِقَةٌ قَالَ وَأُخْرَجَ مِنْ قَبْرِهِ بَعْدَ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَلَمْ يُفْقَدْ مِنْهُ إِلَّا شُعَيْرَاتٌ فَدَلَّنَا ذَلِكَ عَلَى فَضْلِهِ وَعِنْدَ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَيْضًا حَدِيثٌ يُشْبِهُ هَذَا فِي مَعْنَاهُ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى

عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أَصَابَ الْمَرْءُ مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ وَلَا حُزْنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ مِنْ خَطَايَاهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُبْتَلَى فِي جَسَدِهِ إِلَّا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْحَفَظَةَ فَقَالَ اكْتُبُوا لِعَبْدِي مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ مَا كان مشدودا في وثاقي والأحاديث في هذاالمعنى كثيرة جدا فسبحان المبتدىء بِالنِّعَمِ الْمُتَفَضِّلِ بِالْإِحْسَانِ لَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَرَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ لَا شَرِيكَ لَهُ

الحديث الواحد والثلاثون

حَدِيثٌ حَادٍ وَثَلَاثُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ رَجُلٌ ثَائِرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بِيَدِهِ) أَنِ اخْرُجْ كَأَنَّهُ يَعْنِي إِصْلَاحَ شَعْرِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ فَفَعَلَ الرَّجُلُ ثُمَّ رَجَعَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُكُمْ ثَائِرَ الرَّأْسِ كَأَنَّهُ شَيْطَانٌ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَائِرَ الرأس يعني أن شعره مرتفع شعث غَيْرُ مُرَجَّلٍ وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ فِي اللُّغَةِ الظُّهُورُ وَالْخَبَالُ وَمِنْهُ أُخِذَ الثَّائِرُ وَالثَّوْرَةُ وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُرْسَلٌ وَقَدْ يَتَّصِلُ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ اتِّخَاذِ الشَّعْرِ وَالْوَفَرَاتِ وَالْجُمَمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِحَلْقِهِ وَفِيهِ الْحَضُّ عَلَى تَرْجِيلِ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَكَرَاهِيَةِ إِهْمَالِ ذَلِكَ وَالْغَفْلَةِ عَنْهُ حَتَّى يَتَشَعَّثَ وَيَسْمُجَ

وَهَذَا عِنْدِي أَصْلٌ فِي إِبَاحَةِ التَّزَيُّنِ وَالتَّنَظُّفِ كُلِّهِ مَا لَمْ يَتَشَبَّهِ الرَّجُلُ فِي ذَلِكَ بِالنِّسَاءِ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَيْتُ ذَلِكَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَهَذَا عَلَى الْعُمُومِ إِلَّا أَنْ يَخُصَّهُ عَنْهُ شَيْءٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالتَّزَيُّنُ وَالتَّنَظُّفُ مُبَاحٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ إِسْرَافًا وَتَنَعُّمًا وَتَشَبُّهًا بِالْجَبَّارِينَ يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا مِنْ حَدِيثِ الْبَصْرِيِّينَ وَمَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى مَا ذَكَرْتُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ كَأَنَّهُ شَيْطَانٌ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ لِأَنَّهَا كَانَتْ تُشَبِّهُ مَا اسْتَقْبَحَتْ بِالشَّيْطَانِ وَإِنْ كَانَ لَا يُرَى لِمَا أَوْقَعَ اللَّهُ فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ كَرَاهِيَةِ

طَلْعَتِهِ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ في شجرة الزقوم طلعها كأنه رؤوس الشَّيَاطِينِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمُتَّصِلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرًا فِي مَنْزِلِنَا فَرَأَى رَجُلًا شَعِثًا فَقَالَ أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَا يُسَكِّنُ بِهِ رَأْسَهُ وَرَأَى رَجُلًا عَلَيْهِ ثِيَابًا وَسِخَةً فَقَالَ أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَا يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ وَحَدَّثَنَا محمد بن عبد الله قال حدقنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ كَاتِبُ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بن عطية قال حدثني محمد بن

الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرًا فِي رِحَالِنَا فَذَكَرَهُ إِلَى آخِرِهِ سَوَاءً وَذَكَرَهُ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَصَالِحُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ وَذَلِكَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّرَجُّلِ الاغبا

وَمِنْ حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْهَاهُمْ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الرَّفَاهِيَةِ وَيَأْمُرُهُمْ بِالِاحْتِفَاءِ أَحْيَانًا وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ وَهَذَا الْمَعْنَى فِي حَدِيثِ الْحِجَازِيِّينَ كَثِيرٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثاني والثلاثون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَثَلَاثُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنْ يَبْقَى بَعْدِي مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمُبَشِّرَاتُ قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الرَّجُلُ الصَّالِحُ أَوْ تُرَى لَهُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمِيعُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ مُرْسَلًا وَفِيهِ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ حَدِيثٌ يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَإِنَّ صَحَّ كَانَ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ فِيهِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَحَسْبُكَ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَا نبي بعدي

وَحَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ يَتَّصِلُ مَعْنَاهُ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ كُرْزٍ الْخُزَاعِيَّةِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرحمان الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْغَضَائِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْعَبْدُ أَوْ تُرَى لَهُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّتَارَةَ فِي مَرَضِهِ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ ثُمَّ قَالَ أَلَا إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا

الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ هَكَذَا رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ سَوَاءً وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ يَرَاهَا الرَّجُلُ الصَّالِحُ أَوْ تُرَى لَهُ فَظَاهِرُهُ أَنْ لَا تَكُونَ الرُّؤْيَا مِنَ النُّبُوَّةِ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ إِلَّا عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ أَوْ مِنْهُ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ وَلَمْ يَقُلْ صَالِحًا وَلَا طَالِحًا وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ يَرَاهَا الْعَبْدُ وَهَذَا أَوْسَعُ أَيْضًا وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ أَوْ تُرَى لَهُ عُمُومُهُ مِنَ الصَّالِحِ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الرُّؤْيَا فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ أبيه عن سباع بن ثابت عن أم كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةِ قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ وَبَقِيَتِ الْمُبَشِّرَاتُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحَادِيثُ هَذَا الْبَابِ كُلُّهَا صِحَاحٌ ثَابِتَةٌ فِي مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ وَقَدْ رَوَى عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا حَدِيثًا يَدْخُلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْبَابِ قَرَأْتُهُ عَلَى أَبِي عُثْمَانَ سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ وَأَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أهل مصر قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ فَقَالَ مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ مُذْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا غَيْرُكَ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فَقَالَ مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ مُنْذُ نَزَلَتْ غَيْرُكَ هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ قَالَ سُفْيَانُ ثُمَّ لَقِيتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ

بْنَ رُفَيْعٍ فَحَدَّثَنِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أهل مِصْرَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سُفْيَانُ ثُمَّ لَقِيتُ محمد بن المنكر! فَحَدَّثَنِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ فِي التَّفْسِيرِ الْمَرْفُوعِ صَحِيحٌ مِنْ نَقْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَدْ رَوَاهُ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَذَكَرَهُ سَوَاءً هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنِ الْأَعْمَشِ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَأَبِي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاصي وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ هذا سواء بمعناه وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ أَوْلَى مَا اعْتَقَدَهُ الْعَالِمُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ أَنَّهَا الْبِشَارَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْآخِرَةِ الْجَنَّةُ

الحديث الثالث والثلاثون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَثَلَاثُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ اثْنَتَيْنِ وَلَجَ الْجَنَّةَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تُخْبِرْنَا فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ عَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الْأُولَى فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ لَا تُخْبِرْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا فَقَالَ الرَّجُلُ لَا تُخْبِرْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا ثُمَّ ذَهَبَ الرَّجُلُ يَقُولُ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الْأُولَى فَأَسْكَتَهُ رَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ اثْنَتَيْنِ وَلَجَ الْجَنَّةَ

مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ مَا بين لحييه وما بين رجليه ما لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى في هذا الحديث لاتخبرنا عَلَى لَفْظِ النَّهْيِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَعَادَ الْكَلَامَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَتَابَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَلَى لَفْظِ لَا تُخْبِرْنَا عَلَى النَّهْيِ إِلَّا أَنَّ إِعَادَةَ الْكَلَامِ عِنْدَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ أَلَا تُخْبِرْنَا عَلَى لَفْظِ الْعَرْضِ وَالْإِغْرَاءِ وَالْحَثِّ وَالْقِصَّةُ عِنْدَهُ مُعَادَةٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَيْضًا وَكُلُّهُمْ قَالَ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَمَّا ابْنُ بُكَيْرٍ فَلَيْسَ عِنْدَهُ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّإِ وَلَا عِنْدَهُ مِنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَبْوَابِ الْمُتَّصِلَةِ إِلَّا بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَلَامِ فِيهِ أَوْرَدَ أَحَادِيثَ الْأَبْوَابِ الْأَرْبَعَةِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ وَلَا أَعْلَمُ عَنْ مَالِكٍ خلافا في إرسال هذاالحديث وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَاهُ مُتَّصِلًا مِنْ طُرُقٍ حِسَانٍ عَنْ جَابِرٍ وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ

وَعَنْ أَبِي مُوسَى وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا أَنَّ لَفْظَ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّ أَكْثَرَ مَا يدخل الناس النار إلا جوفان الْبَطْنُ وَالْفَرْجُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ يَتَكَفَّلُ لِي بِمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَأَضْمَنُ لَهُ الْجَنَّةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ سِقْلَابٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْقِلٌ يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيَّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ضَمِنَ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ضَمِنْتُ لَهُ الْجَنَّةَ

وَحَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ مُقَدَّمٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ ضَمِنَ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ضَمِنْتُ لَهُ الْجَنَّةَ وَحَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ دُرَّانَ غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سِقْلَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من ضمن لي ما بين لحييه وَرِجْلَيْهِ ضَمِنْتُ لَهُ الْجَنَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير قال حدثنا أحمد

ابن اسحاق الحضرمي قال حدثنا خالد بن الحرث قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ اثْنَتَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ شَرَّ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَشَرَّ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَدَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي خِرَاشُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَوْلَايَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ مَنْ ضَمِنَ لِي اثْنَتَيْنِ ضَمِنْتُ لَهُ الْجَنَّةَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ أنا أضمنها

مَا هُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ضَمِنَ لِي مَا بَيْنَ لِحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ ضَمِنْتُ لَهُ الْجَنَّةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْلُومٌ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ مَا بَيْنَ لِحْيَيْهِ اللِّسَانَ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ الْفَرْجَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلِذَلِكَ أَرْدَفَ مَالِكٌ حَدِيثَهُ فِي هَذَا الْبَابِ بِحَدِيثِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ وَهُوَ يَجْبِذُ لِسَانَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مَهْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ وَفِي اللِّسَانِ فِي مَعْنَى هَذَا الْبَابِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مَرْفُوعَةٌ وَمِنْهَا مِنْ قَوْلِ السَّلَفِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ أَبْوَابًا وَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي بِخَطِّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ هِلَالٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن غَنْمٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ الصَّلَاةُ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ قَالَ لَا وَنِعْمَ مَا هِيَ قَالَ فَالصَّوْمُ بَعْدَ صَوْمِ رَمَضَانَ قَالَ لَا وَنِعْمَ مَا هُوَ قَالَ فَالصَّدَقَةُ بَعْدَ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ قَالَ لَا وَنِعْمَ مَا هِيَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَانَهُ ثُمَّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِصْبُعَهُ فَاسْتَرْجَعَ مُعَاذٌ وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُؤَاخَذُ بِمَا نَقُولُ كُلِّهِ وَيُكْتَبُ عَلَيْنَا قَالَ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْكِبَ مُعَاذٍ وَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنَ النَّظْمِ الْمُحْكَمِ قَوْلُ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ ... لِسَانُ الْفَتَى حَتْفُ الْفَتَى حِينَ يَجْهَلُ ... وَكُلُّ امرىء مَا بَيْنَ فَكَّيْهِ مَقْتَلُ ... ... وَكَمْ فَاتِحٍ أَبْوَابَ شَرٍّ لِنَفْسِهِ ... إِذَا لَمْ يَكُنْ قُفْلٌ عَلَى فِيهِ مُقْفَلُ ... فِي أَبْيَاتٍ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ فِي بَابِهَا

وسيأتي في باب سعيدالمقبري عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي فَضْلِ الصَّمْتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عن عدي بن حاتم قال أيمن امرىء وَأَشْأَمُهُ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَعْظَمُ الْخَطَايَا اللِّسَانُ الْكَذُوبُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْكَبَائِرَ أَكْثَرُ مَا تَكُونُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنَ الْفَمِ وَالْفَرْجِ وَوَجَدْنَا الْكُفْرَ وَشُرْبَ الْخَمْرِ وَأَكْلَ الرِّبَا وَقَذْفَ الْمُحْصَنَاتِ وَأَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْمًا مِنَ الْفَمِ وَاللِّسَانِ وَوَجَدْنَا الزِّنَا مِنَ الْفَرْجِ وَأَحْسَبُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَنِ اتَّقَى لِسَانَهُ وَمَا يَأْتِي مِنَ الْقَذْفِ وَالْغِيبَةِ وَالسَّبِّ كَانَ أَحْرَى أَنْ يَتَّقِيَ الْقَتْلَ وَمَنِ اتَّقَى شُرْبَ الْخَمْرِ كَانَ حَرِيًّا بِاتِّقَاءِ بَيْعِهَا وَمَنِ اتَّقَى أَكْلَ الرِّبَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ لِأَنَّ الْبُغْيَةَ مِنَ الْعَمَلِ بِهِ التَّصَرُّفُ فِي أَكْلِهِ فَهَذَا وَجْهٌ فِي تَخْصِيصِ الْجَارِحَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي هَذَا

الْحَدِيثِ وَضَمَانِ الْجَنَّةِ لِمَنْ وُقِيَ شَرَّهُمَا وَهَذَا التَّأْوِيلُ عَلَى نَحْوِ قَوْلِ عَمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ وَمَنْ ضَيَّعَهَا كَانَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ وَمَنْ حَفِظَهَا حَفِظَ دِينَهُ فَكَانَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ اتَّقَى الْغِيبَةَ وَقَوْلَ الزُّورِ وَاتَّقَى الزِّنَا مَعَ غَلَبَةِ شَهْوَةِ النِّسَاءِ عَلَى الْقُلُوبِ كَانَ لِلْقَتْلِ أَهْيَبَ وَأَشَدَّ تَوَقِّيًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِطَابًا لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمُ اتَّقَى عَلَيْهِمْ مِنَ اللِّسَانِ وَالْفَرْجِ مَا لَمْ يَتَّقِ عَلَيْهِمْ مِنْ سَائِرِ الْجَوَارِحِ وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ذَلِكَ مَعَهُ كلام لم يسمعه النَّاقِلِ كَأَنَّهُ قَالَ مَنْ عَافَاهُ اللَّهُ وَوَقَاهُ كَذَا وَكَذَا وَشَرَّ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَلَجَ الْجَنَّةَ فَسَمِعَ النَّاقِلُ بَعْضَ الْحَدِيثِ وَلَمْ يَسْمَعْ بَعْضًا فَنَقَلَ مَا سَمِعَ وَإِنَّمَا حَمَلَنَا عَلَى تَخْرِيجِ هَذِهِ الْوُجُوهِ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ أَنَّ مَنْ أَحْصَنَ فَرْجَهُ عَنِ الزِّنَا وَمَنَعَ لِسَانَهُ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَلَمْ يَتَّقِ

مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْقَتْلِ وَالظُّلْمِ أَنَّهُ لَا يُضْمَنُ لَهُ الْجَنَّةُ وَهُوَ إِنْ مَاتَ عِنْدَنَا فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ إِذَا مَاتَ مُسْلِمًا وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقُوا الْمُوبِقَاتِ الْمُهْلِكَاتِ يَعْنِي الْكَبَائِرَ أَعَمُّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا وَالْمُدْخَلُ الْكَرِيمُ الْجَنَّةُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْكَبَائِرِ فَأَمَّا مَا أَتَى مِنْهَا فِي الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْمَفْزَعُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فَحَدَّثْنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي طَيْلَسَةُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَهُوَ تَحْتَ ظِلِّ أَرَاكٍ وَهُوَ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْكَبَائِرِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ هُنَّ تِسْعٌ قُلْتُ وَمَا هُنَّ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ قَالَ قُلْتُ قَبْلَ الدَّمِ قَالَ نَعَمْ وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَالسِّحْرُ

وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَالْإِلْحَادُ بِالْبَيْتِ الْحَرَمِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا قَالَ أَبُو عُمَرَ طَيْلَسَةُ هَذَا يُعْرَفُ بَطَيْلَسَةَ بْنِ مَيَّاسٍ وَمَيَّاسٌ لَقَبٌ وَهُوَ طَيْلَسَةُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ يُقَالُ فِيهِ طَيْلَسَةُ وَطَيْسَلَةُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَزِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ عَنْ طَيْلَسَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا فَهَذَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَرَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْكَبَائِرِ أَعْظَمُ فَقَالَ أَنْ تُشْرِكَ بِاللَّهِ وَهُوَ خَلَقَكَ وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ وَأَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ

وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَبَائِرُ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَلَفْظُ حَدِيثِ أَنَسٍ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ وَرَوَى أَبُو بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ وَزَادَ وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا الْكَبَائِرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ قَالَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ ثُمَّ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ قَالَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ ثُمَّ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ قَالَ وَمَا اليمين الغموس قال الذي يقتطع مال امرىء مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ هُوَ فِيهَا كَاذِبٌ

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ شُرْبُ الْخَمْرِ مِنَ الْكَبَائِرِ وَعَنْهُ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال من الْكَبَائِرِ أَنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ يَعْنِي يَسْتَسِبَّ لَهُمَا وَهُوَ يَدْخُلُ فِي بَابِ الْعُقُوقِ وَحَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَعُدُّونَ الْكَبَائِرَ فِيكُمْ قُلْنَا الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَشُرْبُ الْخَمْرِ قَالَ هُنَّ كَبَائِرُ وَفِيهِنَّ عُقُوبَاتٌ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ قُلْنَا بَلَى قَالَ شَهَادَةُ الزُّورِ وَفِي حَدِيثِ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ يَوْمًا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَامَ قَائِمًا فَقَالَ عُدِلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ بِالْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَلَا فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ

وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ بِالشِّرْكِ بِاللَّهِ ثُمَّ قَرَأَ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ وَرُوِيَ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ شَاهِدُ الزُّورِ لَا تَزُولُ قَدَمَاهُ حَتَّى تَجِبُ لَهُ النَّارُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ مَذْكُورٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ الْجُهَنِيِّ كُلُّهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ وَمَنْعُ ابْنِ السَّبِيلِ

وَلَا أَحْفَظُهُ فِي غَيْرِهِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قُلْنَا وَمَا هِيَ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَالزِّنَا وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ فِي السَّبْعِ الْكَبَائِرِ إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِنَّ الْعُقُوقَ وَلَمْ يَذْكُرْ قَذْفَ الْمُحْصَنَاتِ فَهَذَا مَا فِي الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ مِنَ الْكَبَائِرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْرُجُ فِي التَّفْسِيرِ الْمَرْفُوعِ وَهِيَ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ تركت ذكر أسانيدها خشيةالإطالة وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْجَوْرَ فِي الْحُكْمِ مِنَ الْكَبَائِرِ لِمَنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ عَالِمًا بِهِ رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ آثَارٌ شَدِيدَةٌ عَنِ السَّلَفِ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ وَالظَّالِمُونَ والفاسقون

نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ حُذَيْفَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَهِيَ عَامَّةٌ فِينَا قَالُوا لَيْسَ بِكُفْرٍ يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ حَتَّى يَكْفُرَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَطَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا وَالْقَاسِطُ الظَّالِمُ الْجَائِرُ فَالَّذِي حَصَلَ فِي الْآثَارِ الْمَذْكُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذِكْرِ الْكَبَائِرِ سِتَّةَ عَشَرَ ذَنْبًا الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَالسِّحْرُ وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَالزِّنَى وَأَكْلُ الرِّبَا وَشُرْبُ الخمر والسرقة واليمين المغموس وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْمًا وَالْإِلْحَادُ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ وَمَنْعُ ابْنِ السَّبِيلِ وَالْجَوْرُ فِي الْحُكْمِ عَمْدًا وَمَنْ جَعَلَ الِاسْتِسْبَابَ لِلْأَبَوَيْنِ مِنْ بَابِ الْعُقُوقِ كَانَتْ سَبْعَةَ عَشَرَ عَصَمَنَا اللَّهُ مِنْ جَمِيعِهَا برحمته

وَقَدْ رَوَى عُمَرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الضِّرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ هَكَذَا رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ مَرْفُوعًا وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَمَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ كُلُّهُمْ عَنْ دَاوُدَ ابن أَبِي هِنْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا قَالَ الضِّرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ ثم قرأ تلك حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ الْآيَةَ وَمِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَمَنْعُ فَضْلِ الْمَاءِ وَمَنْعُ الْفَحْلِ وَهَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ ذَكَرَهُ الْبَزَّارُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ

الْمُقَدَّمِيُّ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ هَذَا الْإِسْنَادِ وَلَيْسَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ وَقَدْ رَوَى حَنَشُ بْنُ قَيْسٍ الرَّحَبِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ وَمَنْ شَهِدَ شَهَادَةً فَاجْتَاحَ بِهَا مَالَ مُسْلِمٍ فَقَدْ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَمَنْ شَرِبَ شَرَابًا حَتَّى يَذْهَبَ عقله الَّذِي رَزَقَهُ اللَّهُ فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ وَهَذَا حَدِيثٌ وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ حَنَشٍ هَذَا فَإِنَّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ مِنْ وُجُوهٍ وَقَدْ رَوَى شَبِيبُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِرُ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالْإِيَاسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ فَهَذِهِ الْكَبَائِرُ مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا وَعَصَمَهُ مِنْهَا ضَمِنْتُ لَهُ الْجَنَّةَ

مَا أَدَّى فَرَائِضَهُ فَإِنَّهُنَّ الْحَسَنَاتُ الْمُذْهِبَاتُ لِلسَّيِّئَاتِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنِ اجْتَنَبَ كَبَائِرَ مَا نُهِيَ عَنْهُ كُفِّرَتْ سَيِّئَاتُهُ الصَّغَائِرُ بِالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَمَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفَازَ مَضْمُونٌ لَهُ ذَلِكَ وَمَنْ أَتَى كَبِيرَةً مِنَ الْكَبَائِرِ ثُمَّ تَابَ عَنْهَا بِالنَّدَمِ عَلَيْهَا وَالِاسْتِغْفَارِ مِنْهَا وَتَرَكَ الْعَوْدَةَ إِلَيْهَا كَانَ كَمَنْ لَمْ يَأْتِهَا قَطُّ وَالتَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ وَكَفَّارَةِ الذُّنُوبِ جَاءَ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَنْ أَتَى كَبِيرَةً وَمَاتَ عَلَى غَيْرِ تَوْبَةٍ (مِنْهَا) فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا وَوَصَفْنَا خَرَجَ قَوْلُنَا أَنَّ الْأَحَادِيثَ فِي اجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ أَعَمُّ مِنْ حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ فِي قَوْلِهِ مَنْ وُقِيَ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَرِجْلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ لَا شَرِيكَ لَهُ وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَكَفَّلَ بِالْجَنَّةِ لِمَنْ جَاءَ بِخِصَالٍ سِتٍّ ذَكَرَهَا أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا يُونُسُ

ابن عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَكَفَّلُوا لِي سِتًّا أَتَكَفَّلُ لَكُمْ بِالْجَنَّةِ قَالُوا وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذَا حَدَّثَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَكْذِبْ وَإِذَا وَعَدَ فَلَا يَخْلِفْ وَإِذَا اؤْتُمِنَ فَلَا يَخُنْ وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا لَا تُخْبِرُنَا عَلَى لَفْظِ النَّهْيِ فَيَحْتَمِلُ عِنْدِي وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ قَائِلُ ذَلِكَ قَالَهُ عَلَى مَعْنَى اسْتِنْبَاطِهَا وَاسْتِخْرَاجِهَا أَنْ يَتْرُكَهُمْ وَذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ وَالْإِدْرَاكِ بِالْفِكْرَةِ لَهَا أَوْ يَكُونَ رَجُلًا مُنَافِقًا قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ زَهَادَةً فِي سَمَاعِ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَغْبَةً عَنْهُ وَكَانُوا قَوْمًا قَدْ نَهَاهُ اللَّهُ عَنْ قَتْلِهِمْ بِمَا أَظْهَرُوهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ وَكَيْفَ كَانَ

وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى (أَلَا تُخْبِرُنَا) فَهِيَ بَيِّنَةٌ فِي الِاسْتِفْهَامِ عَلَى وَجْهِ الْعَرْضِ وَالْإِغْرَاءِ وَالْحَثِّ كَأَنَّهَا لَا الَّتِي لِلتَّبْرِئَةِ دَخَلَ عَلَيْهَا أَلِفُ الِاسْتِفْهَامِ فَصَارَ مَعْنَاهَا مَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا تَكْرِيرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ مَا بين لحييه وما بين رجليه ثلاث مرات فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِتَكْرِيرِ قَوْلِهِ (مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ اثْنَتَيْنِ) قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثًا أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ كَرَّرَهَا ثَلَاثًا وَفِي هَذَا رُخْصَةٌ لِمَنْ كَرَّرَ الْكَلَامَ يُرِيدُ بِهِ التَّأْكِيدَ وَالْبَيَانَ وَلَا أُرِيدُ لِأَحَدٍ إِذَا كَرَّرَ كَلِمَةً يُرِيدُ تَأْكِيدَهَا أَنْ يُكَرِّرَهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ ابن شَعْبَانَ وَحَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الحسن ابن رَشِيقٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ

الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنَا فَضَالُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْثِرُ حَدِيثًا سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أُكْفُلُوا لِي بِسِتِّ خِصَالٍ أَكْفُلْ لَكُمْ بِالْجَنَّةِ إِذَا حَدَّثَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَكْذِبْ وَإِذَا وَعَدَ فَلَا يَخْلِفْ وَإِذَا اؤْتُمِنَ فَلَا يَخُنْ وَامْلِكُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ خَلَفٍ

الحديث الرابع والثلاثون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَثَلَاثُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِعَطَاءٍ فَرَدَّهُ (عُمَرُ) فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَ رَدَدْتَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَخْبَرْتَنَا أَنَّ خَيْرًا لِأَحَدِنَا أَنْ لَا يَأْخُذَ مَنْ أَحَدٍ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا ذَلِكَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ فَأَمَّا مَا كَانَ عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ يَرْزُقُكَهُ اللَّهُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (أَمَا) وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا وَلَا يَأْتِينِي شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ إِلَّا أَخَذْتُهُ قال أبو عمر لا خلاف علمته بن رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا

الْحَدِيثِ هَكَذَا وَهُوَ حَدِيثٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ وَمِنْ غَيْرِ مَا وَجْهٍ عَنْ عُمَرَ وَفِيهِ أَنْ يُهْدِيَ الْكَبِيرُ إِلَى الصَّغِيرِ وَالْجَلِيلُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ وَأَنْ يُهْدِيَ الْقَلِيلُ الْمَالِ إِلَى مَنْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ مَالًا وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَرُدَّ الْهَدِيَّةَ إِذَا عَلِمَ طِيبَ مَكْسَبِهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ لِمَ رَدَدْتَهُ كَانَ إِنْكَارًا مِنْهُ لِفِعْلِهِ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْعُمُومِ فِي الْأَخْبَارِ وَالْأَوَامِرِ أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ مَا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ خَيْرٌ لِأَحَدِكُمْ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا عَلَى عُمُومِهِ وَلَمْ تُوجِبْ عِنْدَهُ اللُّغَةُ فِي الْخِطَابِ غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ بَيَّنَ لَهُ مُرَادَهُ مِنْهُ وَفِيهِ أَنَّ الْعُمُومَ جَائِزٌ عَلَيْهِ التَّخْصِيصُ وَفِيهِ كَرَاهِيَةُ السُّؤَالِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ الْآثَارِ فِيمَنْ تَحِلُّ لَهُ الْمَسْأَلَةُ وَمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا

وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُمَرَ بِعَطَاءٍ أَيْ مِمَّا كَانَ يُقَسِّمُهُ مِنَ الْفَيْءِ عَلَى سَبِيلِ الْأَعْطِيَةِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ فَرَضَ الْأَعْطِيَةَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَيَسْتَحِيلُ أَيْضًا أَنْ يَرُدَّ نَصِيبَهُ مِنَ الْفَيْءِ وَيَقُولَ فِيهِ ذَلِكَ الْقَوْلَ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ وَالْوَجْهُ عِنْدِي أَنَّهَا عَطِيَّةٌ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصِّلَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ الْوَاجِبَ قَبُولُ كُلِّ رِزْقٍ يَسُوقُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْعَبْدِ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ مَا لَمْ يَكُنْ حَرَامًا بَيِّنًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الحرث عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْطِي عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَطَاءَ فَيَقُولُ لَهُ عُمَرُ أَعْطِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ أَوْ تَصَدَّقْ

بِهِ وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غير مشرف ولا سائل فخذه ومالا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ قَالَ سَالِمٌ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا وَلَا يَرُدُّ شَيْئًا أُعْطِيَهُ وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنَ الْبِدَارِ إِلَى طَاعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي فِيهَا طَاعَةُ اللَّهِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُ أَحَدًا وَلَا يَأْتِينِي شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ إِلَّا أَخَذْتُهُ وَهَكَذَا يَلْزَمُ مَنْ جَهِلَ شَيْئًا الِانْقِيَادُ إِلَى الْعِلْمِ وَاسْتِعْمَالُهُ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَالٍ فَرَدَدْتُهُ فَلَمَّا جِئْتُهُ قَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَرُدَّ مَا أَرْسَلْتُ بِهِ إِلَيْكَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتَ لِي إِنَّ خَيْرًا لَكَ أَنْ لَا تَأْخُذَ مِنَ النَّاسِ قَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَ النَّاسَ وَمَا جَاءَكَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ رَزَقَكَهُ الله

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا فَقُلْتُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي فَقَالَ خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فخذه ومالا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُهْلُولُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي حَتَّى أعطاني مرة

مَالًا فَقُلْتُ أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْهُ وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إِشْرَافٍ فَخُذْهُ وَعِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادٌ آخَرُ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ سَوَاءً رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمُ الزُّبَيْدِيُّ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَيَقُولُونَ إِنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ مَعْمَرٍ وَعَنْهُ يَرْوِيهِ وَقِيلَ لِمَالِكٍ الْحَدِيثُ الَّذِي أَتَى مَا جَاءَكَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ رَزَقَكَهُ اللَّهُ أَفِيهِ رُخْصَةٌ قَالَ نَعَمْ قِيلَ فَمَنْ أُعْطِيَ شَيْئًا وَوُصِلَ بِهِ

قَالَ تَرْكُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَأُفَضِّلُ إِنْ كَانَ لَهُ عَنْهُ غِنًى إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْجُوعَ وَهُوَ مُحْتَاجٌ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَهْدِي إِلَيَّ هَدِيَّةً إِلَّا قَبِلْتُهَا وَأَمَّا أَنْ أَسْأَلَ فَلَمْ أَكُنْ لِأَسْأَلَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَتَاكَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إِشْرَافٍ أَيَّ الْإِشْرَافِ أَرَادَ فَقَالَ أَنْ تَسْتَشْرِفَهُ وَتَقُولَ لَعَلَّهُ يَبْعَثُ إِلَيَّ بِقَلْبِكَ قِيلَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ قَالَ نَعَمْ إِنَّمَا هُوَ بِالْقَلْبِ قِيلَ لَهُ هَذَا شَدِيدٌ قَالَ وَإِنْ كَانَ شَدِيدًا فَهُوَ هَكَذَا قِيلَ لَهُ فَإِنْ كَانَ رَجُلٌ لَمْ يُعَوِّدْنِي أَنْ يُرْسِلَ إِلَيَّ شَيْئًا إِلَّا أَنَّهُ قَدْ عَرَضَ بِقَلْبِي فَقُلْتُ عَسَى أَنْ يَبْعَثَ إِلَيَّ شَيْئًا فقال هذا إشراف فأما إذا جآك من غير أَنْ تَحْسَبَهُ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِكَ فَهَذَا الْآنَ لَيْسَ فِيهِ إِشْرَافٌ

قُلْتُ لَهُ فَلَوْ عَرَضَ بِقَلْبِهِ لَوْ بَعَثَ إِلَيْهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَيَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّهُ قَالَ لَا أَدْرِي مَا يَلْزَمُهُ وَلَكِنْ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَرُدَّهُ قُلْتُ لَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ أَنْ يَرُدَّهُ قَالَ لَا ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّأْنَ أَنَّهُ إِذَا جَاءَهُ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إِشْرَافٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَقْبَلْهُ قَالَ فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَيُضَيِّقَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ عَنْ غَيْرِ إِشْرَافٍ وَلَا مَسْأَلَةٍ أَنْ يَرُدَّ فَإِذَا كَانَ فِيهِ إِشْرَافٌ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْخُذَ وَإِنْ أَخَذَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ سَأَلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَضَاقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِالْمَسْأَلَةِ إِذَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْإِشْرَافُ فِي اللُّغَةِ رَفْعُ الرَّأْسِ إِلَى الْمَطْمُوعِ عِنْدَهُ وَالْمَطْمُوعِ فِيهِ وَأَنْ يَهَشَّ الْإِنْسَانُ وَيَتَعَرَّضَ وَمَا قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَأْوِيلِ الْإِشْرَافِ تَضْيِيقٌ وَتَشْدِيدٌ وَهُوَ عِنْدِي بَعِيدٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَجَاوَزَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ لِسَانٌ أَوْ تَعْمَلْهُ جَارِحَةٌ وَمَا اعتقد الْقَلْبُ مِنَ الْمَعَاصِي

مَا خَلَا الْكُفْرَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى يُعْمَلَ بِهِ وَخَطَرَاتُ النُّفُوسِ مُتَجَاوَزٌ عَنْهَا بِإِجْمَاعٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ سَعْدٍ الْحَمْرَاوِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّلُولِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ نَجِيحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْهَدِيَّةُ رِزْقٌ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ فَمَنْ أُهْدِيَ لَهُ فَلْيَقْبَلْهُ وَلَا يَرُدَّهُ وَلْيُعْطِهِ خَيْرًا مِنْهُ وليكافىء قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمُكَافَأَةُ الِاسْتِوَاءُ وَالِاعْتِدَالُ وَمِنْهُ قوله شاتان مكافأتان أَيْ مُعْتَدِلَتَانِ أَوْ مِثْلَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَرِيرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْحَاسِبُ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ عَرَضَ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الرِّزْقِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَهُ فَلْيَقْبَلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن هانىء قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنِي مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا أَخُوكَ أَعْطَاكَ شَيْئًا فَاقْبَلْهُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَتْ لَكَ فِيهِ حَاجَةٌ فَاسْتَمْتِعْ بِهِ وَإِنْ كُنْتَ غَنِيًّا عَنْهُ فَتَصَدَّقْ بِهِ وَلَا تَنْفِسْ عَلَى أَخِيكَ أَنْ يَأْجُرَهُ اللَّهُ فِيهِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ أَبِي شُرَيْحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ مَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ إِذَا أتاه الله برزق لم يسأله وَلَمْ يَسْتَشْرِفْ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ إِنْ كَانَ غَنِيًّا أُجِرَ فِي أَخِيهِ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا كَانَ رِزْقًا قَسَمَهُ اللَّهُ لَهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ إِنَّ أَحَدَكُمْ يَقُولُ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَخْلُقُ لَهُ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَإِنَّمَا يُرْزَقُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَإِذَا أُعْطِيَ أَحَدُكُمْ شَيْئًا فَلْيَقْبَلْهُ فَإِنْ كَانَ عَنْهُ غَنِيًّا فَلْيَضَعْهُ فِي

أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ إِخْوَانِهِ وَإِنْ كَانَ إِلَيْهِ فَقِيرًا فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ عَلَى حَاجَتِهِ وَلَا يَرُدَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقَهُ الَّذِي رَزَقَهُ قَرَأْتُ عَلَى خَلَفِ بْنِ أَحْمَدَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُطَرِّفٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ لُبَابَةَ وَأَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو صَالِحٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمَقْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عن بسر بن سعيد عن خَالِدِ بْنِ عَدِيٍّ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ جَاءَهُ مِنْ أَخِيهِ مَعْرُوفٌ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَلَا إِشْرَافِ نَفْسٍ فَلْيَقْبَلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَيُّوبَ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمَا أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ أَخْبَرَهُ أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَدِيٍّ الْجُهَنِيِّ

قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ جَاءَهُ مِنْ أَخِيهِ مَعْرُوفٌ مِنْ غَيْرِ إِشْرَافٍ وَلَا مَسْأَلَةٍ فَلْيَقْبَلْهُ وَلَا يَرُدَّهُ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ السَّاعِدِيِّ وَرِوَايَةُ أَبِي الْأَسْوَدِ أَصَحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الخامس والثلاثون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَثَلَاثُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا أَوْ لِغَارِمٍ أَوْ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ أَوْ لِرَجُلٍ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ فَتَصَدَّقَ عَلَى الْمِسْكِينِ فَأَهْدَى الْمِسْكِينُ لِلْغَنِيِّ هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلًا وَتَابَعَهُ عَلَى إِرْسَالِهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ مَعْمَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

فَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ رَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ أَوْ رَجُلٍ أُهْدِيَتْ لَهُ أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا أَوْ لِغَارِمٍ أَوْ لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَمَّا رِوَايَةُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ فَرَوَاهَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظِ حَدِيثِ مَالِكٍ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَأَمَّا رِوَايَةُ مَعْمَرٍ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بن سفيان ويعيش ابن سعيد قالا حدثنا قاسم ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ يَعْنِي الْكُوفِيَّ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ يَعْنِي الْمِصْرِيَّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامِ بْنِ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ

يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لاتحل الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا أَوْ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ أَوْ غَارِمٍ أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مِسْكِينٍ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَأَهْدَى مِنْهَا لِغَنِيٍّ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ مَا يَدْخُلُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الْآيَةَ وَتَفْسِيرٌ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ وَقَوْلُهُ هَذَا عُمُومٌ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا لِخَمْسَةٍ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الصَّدَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ غَيْرِ مَنْ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْخَمْسَةِ الْمَوْصُوفِينَ فِيهِ وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ لَا يَجُوزُ لِغَنِيٍّ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الصَّدَقَةِ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْجِهَادِ وَيُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْفَقِيرِ قَالَ وَكَذَلِكَ الْغَارِمُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يأخذ

مِنَ الصَّدَقَةِ مَا يَفِي بِهَا مَالَهُ وَيُؤَدِّي مِنْهَا دَيْنَهُ وَهُوَ عَنْهَا غَنِيٌّ قَالَ وَإِذَا احْتَاجَ الْغَازِي فِي غَزْوَتِهِ وَهُوَ غَنِيٌّ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ عَنْهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الصَّدَقَةِ شَيْئًا وَاسْتَقْرَضَ فَإِذَا بَلَغَ بَلَدَهُ أَدَّى ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ هَذَا كُلُّهُ ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَزَعَمَ أَنَّ ابْنَ نَافِعٍ وغيره خالفا فِي ذَلِكَ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ فِي الزَّكَاةِ يُعْطَى مِنْهَا الْغَازِي وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي غَزَاتِهِ مَا يَكْفِيهِ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ غَنِيٌّ فِي بَلَدِهِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا الْغُزَاةُ وَمَنْ لَزِمَ مَوَاضِعَ الرِّبَاطِ فُقَرَاءَ كَانُوا أَوْ أَغْنِيَاءَ وَذَكَرَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَدِ احْتَاجَ فِي غَزْوَتِهِ وَغَابَ عَنْهُ غِنَاهُ وَوَفْرُهُ قَالَ وَلَا تَحِلُّ لِمَنْ كَانَ مَعَهُ مَالُهُ مِنَ الْغُزَاةِ إِنَّمَا تَحِلُّ لِمَنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا عَنْهُ مِنْهُمْ قَالَ عِيسَى وَتَحِلُّ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا وَهُوَ الَّذِي يَجْمَعُهَا لِلْمَسَاكِينِ مِنْ عِنْدِ أَرْبَابِ الْمَوَاشِي وَالْأَمْوَالِ فَهَذَا يُعْطَى مِنْهَا عَلَى قَدْرِ سَعْيِهِ لَا عَلَى قَدْرِ مَا جَمَعَ

مِنَ الصَّدَقَاتِ وَالْعُشُورِ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى الثُّمُنِ وَلَيْسَ الثُّمُنُ بِفَرِيضَةٍ وَإِنَّمَا لَهُ قَدْرُ اجْتِهَادِهِ وَعَمَلِهِ قَالَ وَتَحِلُّ لِغَارِمٍ غُرْمًا قَدْ فَدَحَهُ وَذَهَبَ بِمَالِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ غُرْمُهُ فِي فَسَادٍ وَلَا دَيْنُهُ فِي فَسَادٍ مِثْلُ أَنْ يَسْتَدِينَ فِي نِكَاحٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الصَّلَاحِ وَالْمُبَاحِ قَالَ وَأَمَا غَارِمٌ لَمْ يَفْدَحْهُ الْغُرْمُ وَلَمْ يَحْتَجْ وَقَدْ بَقِيَ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيهِ فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الصَّدَقَاتِ قَالَ وَتَحِلُّ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ وَلِرَجُلٍ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَأَهْدَى الْمِسْكِينُ لِلْغَنِيِّ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا عَلِمْتُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا جَائِزٌ لِلْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِذَا ذَهَبَتْ نَفَقَتُهُ وَمَالُهُ غَائِبٌ عَنْهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الصَّدَقَةِ مَا يُبَلِّغُهُ قَالُوا وَالْمُحْتَمِلُ بِحَمَالَةٍ فِي صَلَاحٍ وَبِرٍّ وَالْمُتَدَائِنُ فِي غَيْرِ فَسَادٍ كِلَاهُمَا يَجُوزُ لَهُ أَدَاءُ دَيْنِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ الْحَمِيلُ غَنِيًّا فَإِنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَدَاءُ مَا تَحَمَّلَ بِهِ وَكَانَ ذَلِكَ يُجْحِفُ بِمَالِهِ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِحَدِيثِ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ وَبِظَاهِرِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ هَذَا

فَأَمَّا حَدِيثُ قَبِيصَةَ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي كِنَانَةُ بْنُ نُعَيْمٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ قَالَ تَحَمَّلْتُ بِحَمَالَةٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ فِيهَا فَقَالَ أَقِمْ يَا قَبِيصَةُ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ رَجُلٍ تَحَمَّلَ بِحَمَالَةٍ فَحَلَّتِ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُولَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ أَصَابَتْ فلانا الفاقة

فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ فَمَا سِوَاهُنَّ يَا قَبِيصَةُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ فَسُحْتٌ فَقَوْلُهُ رَجُلٍ تَحَمَّلَ بِحَمَالَةٍ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ غَنِيٌّ لِأَنَّ الْفَقِيرَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُمْسِكَ عَنِ السُّؤَالِ مَعَ فَقْرِهِ وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ عَطْفُهُ ذِكْرَ الَّذِي ذَهَبَ مَالُهُ وَذِكْرَ الْفَقِيرِ ذِي الْفَاقَةِ عَلَى ذِكْرِ صَاحِبِ الْحَمَالَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ مَالُهُ وَلَمْ تُصِبْهُ فَاقَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ تَحِلُّ لِمَنْ عَمِلَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي لَهَا بِمَالِهِ وَالَّذِي تُهْدَى إِلَيْهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ من ذكر فيه والله أعلم وظاهر هذاالخبر يَقْتَضِي أَنَّ الصَّدَقَةَ تَحِلُّ لِهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ فِي حَالِ غِنَاهُمْ وَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ أَخْذُهَا إِلَّا مَعَ الْحَاجَةِ وَالْفَقْرِ لَمَا كَانَ لِلِاسْتِثْنَاءِ وَجْهٌ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَبَاحَهَا لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ إِبَاحَةً مُطْلَقَةً وَحَقُّ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ مُخْرِجًا مِنَ الْجُمْلَةِ مَا دَخَلَ فِي عُمُومِهَا هَذَا هُوَ الْوَجْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ زَوْجِي تُوُفِّيَ وَأَوْصَى بِمَالٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَا قَالَ قُلْتُ إِنَّكَ لَمْ تَزِدْهَا إِلَّا غَمًّا قَدْ سَأَلَتْكَ فَأَخْبِرْهَا فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ يَا ابْنَ أَبِي نُعْمٍ أَتَأْمُرُنِي أَنْ آمُرَهَا أَنْ تَدْفَعَهُ إِلَى هَذِهِ الْجُيُوشِ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ فَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَيَقْطَعُونَ السَّبِيلَ قَالَ فَقُلْتُ فَتَأْمُرُهَا بِمَاذَا قَالَ آمُرُهَا أَنْ تُنْفِقَهُ عَلَى أَهْلِ الْخَيْرِ وَعَلَى حُجَّاجِ بَيْتِ اللَّهِ أُولَئِكَ وَفْدُ الرَّحْمَنِ لَيْسُوا كَوَفْدِ الشَّيْطَانِ يُكَرِّرُهَا ثَلَاثًا قُلْتُ وَمَا وَفْدُ الشَّيْطَانِ قَالَ قَوْمٌ يَأْتُونَ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءَ فَيَمْشُونَ إِلَيْهِمْ بِالنَّمِيمَةِ وَالْكَذِبِ فَيُعْطَوْنَ عَلَيْهَا الْعَطَايَا وَيُجَازَوْنَ عَلَيْهَا بِالْجَوَائِزِ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ جَازَ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَحَلَّتْ لَهُ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهَا وَيَمْلِكُهَا وَيَصْنَعُ فِيهَا مَا شَاءَ مِنْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أحب ولذلك ما يطيب أكلها لمن اشتراها ولمن أُهْدِيَتْ إِلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَدِيَّةِ الْمِسْكِينِ مِنَ الصَّدَقَةِ لِلْغَنِيِّ فِي بَابِ رَبِيعَةَ فِي قِصَّةِ لَحْمِ بَرِيرَةَ إِذْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ شيبويه السَّجَسْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ أَعْنَدَكِ شَيْءٌ فَقَالَتْ لَا إِلَّا رِجْلُ شَاةٍ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى امْرَأَةٍ فَأَهْدَتْهُ لَنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرِّبِيهِ فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا

وَمَعْنَى قَوْلِهِ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيْ قَدْ بَلَغَتْ حَالًا تَحِلُّ لَنَا فِيهَا إِذْ هِيَ هَدِيَّةٌ أَهْدَاهَا مَنْ يَمْلِكُهَا وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا صَدَقَةً فَلَا تَضُرُّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَدَقَةٍ مِنَ الْمُهْدَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بَلَغَتْ مَوْضِعَهَا الَّذِي قَدَّرَ اللَّهُ أَنْ تُؤْكَلَ فِيهِ فَهُوَ مَحِلُّهَا وَهُوَ مِنَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا بَلَغَتْ حَالًا حَلَّ لَهُ فِيهَا أَكْلُهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ قَدْ بَلَغَتِ الْحَاجَةُ مَحِلَّهَا فَنَحْنُ نَأْكُلُ الرِّجْلَ وَغَيْرَ الرِّجْلِ لِحَاجَتِنَا إِلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُنَّ شَيْءٌ قُلْتُ لَا إِلَّا عَظْمٌ أُعْطِيَتْهُ مَوْلَاةٌ لَنَا مِنَ الصَّدَقَةِ قَالَ قَرِّبِيهِ فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا وَرَوَى ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ بَعَثَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةً مِنَ الصَّدَقَةِ فَبَعَثْتُ إِلَى عَائِشَةَ مِنْهَا بِشَيْءٍ فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَائِشَةَ قَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ قَالَتْ لَا إِلَّا أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ بَعَثَتْ إِلَيْنَا مِنْ شَاتِهَا الَّتِي بَعَثْتُمْ بِهَا إِلَيْهَا فَقَالَ إِنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا كَذَا قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ وَخَالَفَهُ أَبُو شِهَابٍ فَقَالَ فِيهِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ بَعَثْتُ إِلَى نُسَيْبَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ بِشَاةٍ وَذَكَرَهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي شِهَابٍ عَنْ

خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ بَعَثْتُ إِلَى نُسَيْبَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ بِشَاةٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى عَائِشَةَ مِنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ فَقَالَتْ لَا إِلَّا مَا أَرْسَلَتْ بِهِ نُسَيْبَةُ مِنْ تِلْكَ الشَّاةِ قَالَ هَاتِ فَقَدْ بلغت محلها

الحديث السادس والثلاثون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَثَلَاثُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا قَبَّلَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا فَأَرْسَلَ امْرَأَتَهُ تَسْأَلُ لَهُ عَنْ ذَلِكَ فَدَخَلَتْ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهَا فَأَخْبَرَتْهَا أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ فَرَجَعَتْ فَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا بِذَلِكَ فَزَادَهُ ذَلِكَ شَرًّا وَقَالَ لَسْنَا مِثْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِلُّ اللَّهُ لِرَسُولِهِ مَا شَاءَ ثُمَّ رَجَعَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَوَجَدَتْ عِنْدَهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ فَأَخْبَرَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَ أَلَا أَخْبَرْتِيهَا أَنِّي أَفْعَلُ ذَلِكَ فَقَالَتْ قَدْ أَخْبَرْتُهَا فَذَهَبَتْ إِلَى زَوْجِهَا فَأَخْبَرَتْهُ فَزَادَهُ ذَلِكَ شَرًّا وَقَالَ لَسْنَا مِثْلَ رَسُولِ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِلُّ اللَّهُ لِرَسُولِهِ مَا شَاءَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِهِ هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ عَنْ مَالِكٍ وَهَذَا الْمَعْنَى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَدِيثِ حَفْصَةَ يُرْوَى عَنْهُنَّ كُلِّهِنَّ وَعَنْ غَيْرِهِنَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ وَقَدْ ذَكَرَ مِنْهَا مَالِكٌ حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ تَضْحَكُ عَطَفَ بِهِ عَلَى حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ هَذَا فِي الْمُوَطَّإِ وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فِي بَابِ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عائشةكانت إِذَا ذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ تَقُولُ وَأَيُّكُمْ أَمْلَكُ لِنَفْسِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونذكر هاهنا مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْآثَارِ إِذْ هي التي رفع عنها هذا الحديث هاهنا وَبِاللَّهِ الْعَوْنُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْقُبْلَةَ لِلصَّائِمِ جَائِزَةٌ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ شَابًّا كَانَ أَوْ شَيْخًا عَلَى عُمُومِ الْحَدِيثِ وَظَاهِرِهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ لِلْمَرْأَةِ هَلْ زُوْجُكِ شَابٌّ أَمْ شَيْخٌ وَلَوْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا لَمَا سَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ مِنْ عِبَادِهِ وَأَظُنُّ أَنَّ الَّذِي فَرَّقَ بَيْنَ الشَّيْخِ وَالشَّابِّ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَأَيُّكُمْ أَمْلَكُ لِأَرَبِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ أَمْلَكُ لِنَفْسِهِ وَشَهْوَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهَذَا أَيْضًا احْتَجَّ مَنْ كَرِهَهَا وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ (وَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيهَا هُنَاكَ) إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِمَّنْ كَرِهَ الْقُبْلَةَ لِلصَّائِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ وَكَرِهَ مَالِكٌ الْقُبْلَةَ لِلصَّائِمِ فِي رَمَضَانَ لِلشَّيْخِ وَالشَّابِّ ذَهَبَ فِيهَا إِلَى مَا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ وَلِمَا رَوَاهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لَمْ أَرَ الْقُبْلَةَ لِلصَّائِمِ تَدْعُو إِلَى خَيْرٍ وَلَمْ يَذْهَبْ فِيهَا إِلَى مَا رَوَاهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَخَّصَ فِيهَا لِلشَّيْخِ وَكَرِهَهَا لِلشَّابِّ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إبراهيم

ابن الْحَدَّادِ وَحَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السِّجْزِيُّ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ قَالَ إِنَّ عُرُوقَ الْخِصْيَتَيْنِ مُعَلَّقَةٌ بِالْأَنْفِ فَإِذَا وَجَدَ الرِّيحَ تَحَرَّكَ وَإِذَا تَحَرَّكَ دَعَا إِلَى مَا هُوَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَالشَّيْخُ أَمْلَكُ لِأَرَبِهِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ شَيْخٌ يَسْأَلُهُ عَنِ الْقُبْلَةِ وَهُوَ صَائِمٌ فَرَخَّصَ لَهُ فَجَاءَهُ شَابٌّ فَنَهَاهُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَا بَأْسَ بِهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا غَيْرُهَا يَعْنِي الْقُبْلَةَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ فَقَالَ هِيَ دَلِيلٌ إِلَى غَيْرِهَا وَالِاعْتِزَالُ أَكْيَسُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَنْ كَرِهَهَا فَإِنَّمَا كَرِهَهَا خَوْفًا أَنْ تُحْدِثَ شَيْئًا يَكُونُ رَفَثًا كَإِنْزَالِ الْمَاءِ الدَّافِقِ أَوْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَشِبْهِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ لِلصَّائِمِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ كَانَ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ فَدَخَلَ فِيهِ رَفَثُ الْقَوْلِ وَغِشْيَانُ النِّسَاءِ وَمَا دَعَا إِلَى ذَلِكَ وَأَشْبَاهُهُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كان يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ فَقَالَ مَنْ ذَا لَهُ مِنَ الْحِفْظِ وَالْعِصْمَةِ مَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَنَاهَوْنَ عَنِ الْقُبْلَةِ صِيَامًا وَيَقُولُونَ إِنَّهَا تَدْعُو إِلَى أَكْثَرَ مِنْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَرَى مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ فِي هذا الباب

عَنْ عُمَرَ إِلَّا تَنَزُّهًا وَاحْتِيَاطًا مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنْ عُمَرَ حَدِيثٌ (مَرْفُوعٌ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ عُمَرَ حَدِيثٌ وَيُخَالِفُهُ إِلَى غَيْرِهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُفَسِّرُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ هَشَشْتُ إِلَى امْرَأَتِي فَقَبَّلْتُهَا وَأَنَا صَائِمٌ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَيْتُ أَمْرًا عَظِيمًا قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِالْمَاءِ وَأَنْتَ صَائِمٌ قَالَ قُلْتُ لَا بَأْسَ قَالَ فَفِيمَ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَكْرَهُهَا لِمَنْ حَرَّكَتْهُ بِهَا شَهْوَةٌ وَخَافَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَمْ يَكْرَهْهَا لِمَنْ أُمِنَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِذَا كَانَ يَخَافُ أَنْ

يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا وَرُوِيَتِ الرُّخْصَةُ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَنْهُ وَرُوِيَتْ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَعَائِشَةَ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَخَّصَ فِيهَا لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَوَلَّدُ عَلَيْهِ مِنْهَا مَا يُفْسِدُ صَوْمَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا بَأْسَ بِالْقُبْلَةِ إِذَا كَانَ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ قَالُوا فَإِنْ قَبَّلَ فَأَمْنَى فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَالشَّافِعِيِّ فِيمَنْ قَبَّلَ فَأَمْنَى أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ لَا تُفْسِدُ الْقُبْلَةُ الصَّوْمَ إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ الْمَاءُ الدَّافِقُ وَلَوْ قَبَّلَ فَأَمْذَى لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَابْنِ عُلَيَّةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ أَحْمَدُ مَنْ قَبَّلَ فَأَمْذَى أَوْ أَمْنَى

فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عِنْدَهُ إِلَّا عَلَى مَنْ جَامَعَ فَأَوْلَجَ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا وَسَيَأْتِي ذكر كفارةالمفطر فِي رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ أَوْ أَكْلٍ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ مَالِكٌ لَا أُحِبُّ لِلصَّائِمِ أَنْ يُقَبِّلَ فَإِنْ قَبَّلَ فِي رَمَضَانَ فَأَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَإِنْ قَبَّلَ فَأَمْذَى فَعَلَيْهِ القضاء ولا كفارة وقال ابن خواز بنداد الْقَضَاءُ عَلَى مَنْ قَبَّلَ فَأَمْذَى عِنْدَنَا مُسْتَحَبٌّ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَيْضًا إِيجَابُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَمَنْ خَالَفَ ذَلِكَ فَهُوَ عِنْدَ الْجَمِيعِ مُبْتَدِعٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قُلْنَا مِنَ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لأم سَلَمَةَ (أَلَا أَخْبَرْتِيهَا) فَأَوْضَحَ بِذَلِكَ أَنَّ خَبَرَ أُمِّ سَلَمَةَ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وَكَذَلِكَ خَبَرُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا وَلَوْ كَانَ خَبَرُ أُمِّ سَلَمَةَ لَا يُلْزِمُ الْمَرْأَةَ وَخَبَرُ الْمَرْأَةِ لَا يُلْزِمُ زَوْجَهَا لِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ أَلَا أَخْبَرْتِيهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ وَكَيْفَ كُنْتُ أُخْبِرُهَا عَنْكَ وَحْدِي وَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي نَقْلِي

عَنْكَ وَحْدِي أَوْ كَيْفَ تَنْقُلُ الْمَرْأَةُ الْخَبَرَ وَحْدَهَا إِلَى زَوْجِهَا وَهَذَا بَيِّنٌ فِي إِيجَابِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَقَبُولِهِ مِمَّنْ جَاءَ بِهِ إِذَا كَانَ عَدْلًا وَالْحُجَّةُ فِي إِثْبَاتِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْعَمَلِ بِهِ قَائِمَةٌ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَدَلَائِلِ الْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِهَا (وَقَدْ أَفْرَدْنَا لِذَلِكَ كِتَابًا تَقَصَّيْنَا فِيهِ الْحُجَّةَ عَلَى الْمُخَالِفِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ) وَإِنَّمَا قَصَدْنَا فِي كِتَابِنَا (هَذَا) لِتَخْرِيجِ مَا فِي الْأَخْبَارِ مِنَ الْمَعَانِي وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ النَّاظِرَ فِيهِ لَيْسَ مِمَّنْ يُخَالِفُنَا فِي قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَفِيهِ أَنَّ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهُ يَحْسُنُ التَّأَسِّي بِهِ فِيهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِلَّا أَنْ يُخْبِرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَهُ خَاصَّةً أَوْ يَنْطِقَ الْقُرْآنُ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَالِاقْتِدَاءُ بِهِ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ رَأَى أَنَّ جَمِيعَ أَفْعَالِهِ وَاجِبٌ الِاقْتِدَاءُ بِهَا كَوُجُوبِ أَوَامِرِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا الْحُجَّةَ فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُ

كلها يحسن التأسي به فيها قوله الله عز وجل لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فَهَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ إِلَّا أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى خُصُوصِ شَيْءٍ مِنْهُ فَيَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَوْهُوبَةَ لَمَّا كَانَتْ لَهُ خَالِصَةً نَطَقَ الْقُرْآنُ بِأَنَّهَا خَالِصَةً لَهُ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوِصَالِ إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي فأخبر بِمَوْضِعِ الْخُصُوصِ عَلَى أَنَّ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ الْوِصَالَ خُصُوصًا لَهُ وَجَعَلَهُ مِنْ بَابِ الرِّفْقِ وَالتَيْسِيرِ عَلَى أُمَّتِهِ وَسَنُبَيِّنُ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَقَالَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أصلي

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ شَيْئًا فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ وَفِي غَضَبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلِهِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخُصُوصَ لَا يَجُوزُ ادِّعَاؤُهُ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ مُجْتَمَعٍ عَلَيْهِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا مُبَشِّرًا وَبُعِثْتُ رَحْمَةً مُهْدَاةً صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ ادِّعَاءُ الْخُصُوصِ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا فِيمَا بَانَ بِهِ خُصُوصُهُ فِي الْقُرْآنِ أَوِ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ أَوِ الْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ قَدْ أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِهِ وَالتَّأَسِّي بِهِ وَالِاقْتِدَاءِ بِأَفْعَالِهِ وَالطَّاعَةِ لَهُ أَمْرًا مُطْلَقًا وَغَيْرُ جَائِزٍ عَلَيْهِ أَنْ يُخَصَّ بِشَيْءٍ فَيَسْكُتَ لِأُمَّتِهِ عَنْهُ وَيَتْرُكَ بَيَانَهُ لَهَا وَهِيَ مَأْمُورَةٌ بِاتِّبَاعِهِ هَذَا مَا لَا يَظُنُّهُ ذُو لُبٍّ مُسْلِمٌ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي مَوْدُودٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ إِذَا ذَهَبَ إِلَى قُبُورِ الشُّهَدَاءِ عَلَى نَاقَتِهِ رَدَّهَا هَكَذَا وَهَكَذَا فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ عَلَى نَاقَتِهِ فَلَعَلَّ خُفِّي يَقَعُ عَلَى خُفِّهِ وَهَذَا غَايَةٌ فِي الِاقْتِدَاءِ وَالتَّأَسِّي بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْخَضِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْوَكِيعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَاحِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ فَرَغِبَ عَنْ ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا فَقَالَ مَالِي أُرَخِّصُ فِي الْأَمْرِ فَيَرْغَبُ عَنْ ذَلِكَ أُنَاسٌ وَاللَّهِ إني

لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدَّكُمْ لَهُ خَشْيَةً وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَرَهُمْ أَمَرَهُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ فَقَالُوا إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ (الْغَضَبُ) فِي وَجْهِهِ ثُمَّ يَقُولُ إِنَّ أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا قَالَ الْبُخَارِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيِّ عَنْ

سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِي هَذَا الْبَابِ فَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَرُّوخَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ إِنَّ زَوْجِي يُقَبِّلُنِي وَهُوَ صَائِمٌ وَأَنَا صَائِمَةٌ فَمَا تَرَيْنَ فَقَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُنِي وَهُوَ صَائِمٌ وَأَنَا صَائِمَةٌ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الله ابن فَرُّوخَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُنِي وَهُوَ صَائِمٌ وَأَنَا صَائِمَةٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَرُّوخَ هَذَا كُوفِيٌّ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقِيلَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ تَابِعِيٌّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ ابن حَمْدَانَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ سَمِعْنَا مِنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ قَالَتْ حَدَّثَتْنِي أُمِّي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المؤمن قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سلمة عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله

وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي عُثْمَانَ سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ذكرنا وقد رواه الحسن ابن مُوسَى الْأَشْيَبُ عَنْ شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ وَهَذَا عِنْدِي إِنْ لَمْ يَكُنْ إِسْنَادًا آخَرَ فَهُوَ خَطَأٌ وَمَا رَوَاهُ هِشَامٌ وَهَمَّامٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ عَنْ شَيْبَانَ صَحِيحٌ وَهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ أَثْبَتُ مَنْ رَوَى عَنْ يَحْيَى

ابن أَبِي كَثِيرٍ وَقَدْ تَابَعَهُ هَمَّامٌ وَغَيْرُهُ وَرِوَايَتُهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ خَالَفَهُ بِالصَّوَابِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ هَذَا وَذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حدثنا موسى بن علي ابن رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَرْسَلَهُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ فَإِنْ قَالَتْ لَا فَقُلْ لَهَا إِنَّ عَائِشَةَ تُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُ وهو صائم قال أبو قيس فجيئتها فَقَالَتْ أَحُرٌّ أَمْ مَمْلُوكٌ فَقُلْتُ بَلْ مَمْلُوكٌ فَقَالَتْ أُدْنُهْ فَدَنَوْتُ فَقُلْتُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَرْسَلَنِي إِلَيْكِ أَسْأَلُكِ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبل وَهُوَ صَائِمٌ فَقَالَتْ لَا فَقُلْتُ إِنَّ عَائِشَةَ تُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ فَقَالَتْ لَعَلَّهُ لَمْ يَتَمَالَكْ عَنْهَا حُبًّا

وَهَذَا حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ يَجِيءُ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَهُوَ مُنْكَرٌ عَلَى أَصْلِ مَا ذَكَرْنَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِيُّ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ سَوَاءً وَمَا انْفَرَدَ بِهِ مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُعَارِضَةٌ لَهُ وَهِيَ أَحْسَنُ مَجِيئًا وَأَظْهَرُ تَوَاتُرًا وَأَثْبَتُ نَقْلًا مِنْهُ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ فَأَسَانِيدُهَا لَا مَطْعَنَ لِأَحَدٍ فِيهَا وَسَتَرَاهَا فِي بَابِ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِسْنَادُ حَدِيثِ حَفْصَةَ فِي ذَلِكَ أَحْسَنُ وبالله التوفيق

الحديث السابع والثلاثون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَثَلَاثُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ عَامِلَكَ عَلَى خَيْبَرَ يَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادْعُوهُ لِي فَدُعِيَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا يَبِيعُونَنِي الْجَنِيبَ بِالْجَمْعِ صَاعًا بِصَاعٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بالدراهم جنيبا

هَكَذَا رَوَاهُ فِي الْمُوَطَّإِ مُرْسَلًا وَمَعْنَاهُ عِنْدَ مَالِكٍ مُتَّصِلٌ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ جَمِيعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَدِيثُ ثَابِتٌ مَحْفُوظٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ

وَمِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ أَيْضًا وَغَيْرِهِمْ وَقَدْ رَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ التَّمْرَ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ رَدِيئُهُ وَطَيِّبُهُ وَرَفِيعُهُ وَوَضِيعُهُ لَا يَجُوزُ التفاضل في شيء منه ويدخل فِي مَعْنَى التَّمْرِ بِالتَّمْرِ كُلُّ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ وَكَذَلِكَ التَّفَاضُلُ لَا يَجُوزُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنَ الْمَأْكُولَاتِ الْمُدَّخَرَاتِ وَهَذَا وَمِثْلُهُ أَصْلٌ فِي الرِّبَا وَقَدْ ذَكَرْنَا أُصُولَ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنْ الإعادة ها هنا فَالْجِنْسُ الْوَاحِدُ مِنَ الْمَأْكُولَاتِ يَدْخُلُهُ الرِّبَا مِنْ وَجْهَيْنِ لَا يَجُوزُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَلَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ نَسِيئَةً هَذَا إِذَا كَانَ مَأْكُولًا مُدَّخَرًا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْكُولُ مُدَّخَرًا أَوْ لَا يُدَّخَرُ مِثْلُهُ الْقَوْلُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا فَأَمَّا النَّسِيئَةُ فِي بعض ذلك ببعض فمجتمع على تحريمه وَالتَّمْرُ وَالْبُرُّ دَخَلَ فِي مَعْنَاهُمَا كُلُّ مَا يُؤْكَلُ مِمَّا كَانَ مَثْلَهُمَا وَقَدْ لَخَّصْنَا هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ

وَسَيَأْتِي ذِكْرُ أُصُولِ الْفُقَهَاءِ فِيمَا يَدْخُلُهُ الرِّبَا مُجَوَّدًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِتَحْرِيمِ الشَّيْءِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْلَمَ إِذَا كَانَ الشَّيْءُ مِمَّا يُعْذَرُ الْإِنْسَانُ بِجَهْلِهِ مِنْ عِلْمِ الْخَاصَّةِ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا وَالْبَيْعُ إِذَا وَقَعَ مُحَرَّمًا أَوْ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ فَمَفْسُوخٌ مَرْدُودٌ وَإِنْ جَهِلَهُ فَاعِلُهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا عَلَى غَيْرِ أَمْرِنَا فَهُوَ رَدٌّ أَيْ مَرْدُودٌ فَإِنْ أُدْرِكَ الْمَبِيعُ بِعَيْنِهِ رُدَّ وَإِنْ فَاتَ رُدَّ مِثْلُهُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعِينَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَكِيلًا وَلَا مَوْزُونًا فَالْقِيمَةُ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ أَعْدَلُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ الْمِثْلُ أَيْضًا فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا أَنْ يُعْدَمَ فَيُنْصَرَفُ فِيهِ إِلَى الْقِيمَةِ وَفِي اتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ إِذَا وَقَعَ بِالرِّبَا مَفْسُوخٌ أَبَدًا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ بَيْعَ عَامَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ الصَّاعَيْنِ بِالصَّاعِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الرِّبَا وَقَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِّ عَنِ التَّفَاضُلِ فِي ذَلِكَ وَلِهَذَا سَأَلَهُ عَنْ فِعْلِهِ لِيُعْلِمَهُ بِمَا أَحْدَثَ إِلَيْهِ فِيهِ من حكمه ولذلك لم يأمر بفسخ مالم تَتَقَدَّمِ الْعِبَارَةُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَمَرَ بِرَدِّ هَذَا الْبَيْعِ وَذَلِكَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَيْضًا رَوَى مَنْصُورٌ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ بِلَالٍ قَالَ كَانَ عِنْدِي مِزْوَدٌ مِنْ تَمْرٍ دُونٍ قَدْ تَغَيَّرَ فَابْتَعْتُ تَمْرًا أَجْوَدَ مِنْهُ فِي السُّوقِ بِنِصْفِ كَيْلِهِ بِعْتُهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ وَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ أَيْنَ لَكَ هَذَاَ فَحَدَّثْتُهُ بِمَا صَنَعْتُ فَقَالَ هَذَا الرِّبَا بِعَيْنِهِ انْطَلِقْ فَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَخُذْ تَمْرَكَ وَبِعْهُ بِحِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ ثُمَّ اشْتَرِ مِنْ هَذَا التَّمْرِ ثُمَّ ائْتِنِي بِهِ فَفَعَلْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَزْنًا بِوَزْنٍ فَمَا كَانَ مِنْ فضل فهو

الرِّبَا فَإِذَا اخْتَلَفَ فَخُذُوا وَاحِدًا بِعَشَرَةٍ وَفِيهِ تَثْبِيتُ الْوَكَالَةِ لِأَنَّ خَيْبَرَ كَانَ الْأَمْرُ فِيهَا إِلَيْهِ وَعَامِلُهُ إِنَّمَا تَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ بِالْوَكَالَةِ وَيُوَضِّحُ لَكَ ذَلِكَ حَدِيثُ بِلَالٍ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وَغَيْرِهِ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بعث أَخَا بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ إِلَى خَيْبَرَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ يَعْنِي طَيِّبًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا قَالَ لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَشْتَرِيَ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَفْعَلْ وَلَكِنْ بِعْ هَذَا

وَاشْتَرِ مِنْ ثَمَنِهِ هَذَا وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق عن يزيد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَسَّمَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا مِنَ التَّمْرِ مُخْتَلِفًا بَعْضُهُ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ قَالَ فَذَهَبْنَا نَتَزَايَدُ فِيهِ بَيْنَنَا فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذَلِكَ إِلَّا كَيْلًا بِكَيْلٍ يَدًا بِيَدٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَالَ

حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ وَأَنَا شَاهِدٌ عِنْدَهُ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا هَذَا أَطْيَبُ مِنْ تَمْرِنَا قَالَ أَعْطَيْتُ صَاعَيْنِ وَأَخَذْتُ صَاعًا مِنْ هَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَيْتَ وَلَكِنْ بِعْ مِنْ تَمْرِكَ بِسِلْعَةٍ ثُمَّ ابْتَعْ بِهَا مَا شِئْتَ مِنَ التَّمْرِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كُنَّا نُرْزَقُ تَمْرَ الْجَمِيعِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُنَّا نَبْتَاعُ صَاعًا بِصَاعَيْنِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لَا صَاعَيْ تَمْرٍ بِصَاعٍ وَلَا صَاعَيْ حِنْطَةٍ

بِصَاعٍ وَلَا دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَزَّارُ أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ بِلَالٍ قَالَ كَانَ عِنْدِي مُدٌّ مِنْ تَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْتُ تَمْرًا خَيْرًا مِنْهُ فَاشْتَرَيْتُ صَاعًا بِصَاعَيْنِ فَقَالَ رُدَّهُ وَرُدَّ عَلَيْنَا تَمْرَنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُكْمُ فِيمَا يُوزَنُ إِذَا كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ كَالْحُكْمِ فِيمَا يُكَالُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ سَوَاءً لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ (وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ) وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا حَاجَةَ بِنَا إلى الكلام فيه فما وزن من

المؤكولات كُلِّهَا جَرَى الرِّبَا فِيهَا إِذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فِي وَجْهَيِ التَّفَاضُلِ وَالنَّسِيئَةِ فَالتَّفَاضُلُ فِي الْمَوْزُونِ الِازْدِيَادُ فِي الْوَزْنِ كَمَا أَنَّ التَّفَاضُلَ فِي الْمَكِيلِ الِازْدِيَادُ فِي الْكَيْلِ وَإِذَا اختلفت الأجناس وكانت موزونة مؤكولة مَطْعُومَةً فَلَا رِبًا فِيهَا إِلَا فِي النَّسِيئَةِ كَالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالْبُرِّ وَالْفُولِ وَمَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ إِلَّا عِنْدَ مَنْ جَعَلَ الْعِلَّةَ فِي الرِّبَا الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ (عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا) وَعَلَى مَا يَأْتِي مِنْ ذِكْرِ اخْتِلَافِهِمْ فِيمَا يُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ 0 إِنْ شَاءَ الله تعالى

الحديث الثامن والثلاثون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَثَلَاثُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ كَانَ يَرْعَى لَقْحَةً بِأُحُدٍ فَأَصَابَهَا الْمَوْتُ فَذَكَّاهَا بِشِظَاظٍ فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ فَكُلُوهَا هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ مُرْسَلًا وَمَعْنَاهُ مُتَّصِلٌ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ إِلَّا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

ذَكَرَهُ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ وَذَكَرَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ فِي تَارِيخِهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خِرَاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَلَقِيتُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ فَحَدَّثَنِي عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كَانَتْ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ نَاقَةٌ تَرْعَى فِي قِبَلِ أُحُدٍ فَنَحَرَهَا بِوَتَدٍ فَقُلْتُ لِزَيْدٍ وَتَدٌ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ خَشَبٍ قَالَ لَا بَلْ مِنْ خَشَبٍ وَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَاللَّقْحَةُ النَّاقَةُ ذَاتُ اللَّبَنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالشِّظَاظُ الْعُودُ الْحَدِيدُ الطَّرْفِ كَذَا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَخَذَهَا الْمَوْتُ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَنْحَرُهَا بِهِ فَأَخَذَ وَتَدًا فَوَجَأَ بِهِ فِي لَبَّتِهَا حَتَّى أَهْرَاقَ دَمَهَا ثُمَّ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا فَعَلَى هَذَا الْحَدِيثِ الشَّظَّاظُ الْوَتَدُ (وَذَلِكَ كُلُّهُ مَعْنًى مُتَقَارِبٌ) وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الشَّظَّاظُ هُوَ الْعُودُ الَّذِي يَجْمَعُ بِهِ بَيْنَ عُرْوَتَيِ الْغِرَارَتَيْنِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ (بِحَالِّ الْعُرْوَتَيْنِ مِنَ الشِّظَاظِ) قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَالَ عَنْتَرَةُ ... إِذَا ضَرَبُوهَا سَاعَةً بِدِمَائِهَا ... ... وَحَلَّ عَنِ الْكَوْمَاءِ عَقْدُ شِظَاظِهَا

قَالَ الْخَلِيلُ الظُّرَرَةُ وَالظُّرَرُ حَجَرٌ لَهُ حَدٌّ قَالَ وَالشَّظَاظُ خَشَبَةٌ عَقْفَاءُ مَحْدُودَةُ الطَّرَفِ وَاللَّيْطُ قِشْرُ الْقَصَبِ وَالتَّذْكِيَةُ بِالشِّظَاظِ إِنَّمَا تَكُونُ فِيمَا يُنْحَرُ لَا فِيمَا يُذْبَحُ وَالنَّاقَةُ الشَّأْنُ فِيهَا النَّحْرُ وَهُوَ ذَكَاتُهَا وَالشِّظَاظُ لَا يُمْكِنُ بِهِ الذَّبْحُ لِأَنَّهُ كَطَرَفِ السِّنَانِ وَقَدْ يُمْكِنُ الذَّبْحُ بِفِلْقَةِ الْعُودِ لِأَنَّ لَهَا جَانِبًا رَقِيقًا وَذَلِكَ يُسَمَّى الشَّطِيرَ وَفِلْقَةُ الْحَجَرِ الرَّقِيقَةُ الَّتِي يُمْكِنُ الذَّكَاةُ بِهَا تُسَمَّى الظُّرَرَ وَهَذَانَ يُذْبَحُ بِهِمَا وَلَا يُمْكِنُ النَّحْرُ بِهِمَا وَأَمَّا الْقَصَبَةُ فَيُمْكِنُ بِهَا الذَّبْحُ وَالنَّحْرُ وَفِلْقَةُ الْقَصَبَةِ تُسَمَّى اللِّيطَةَ وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ مَا ذُبِحَ بِاللِّيطَةِ وَالشَّطِيرِ وَالظُّرَرِ فَحِلٌّ ذَكِيٌّ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ تَذْكِيَةِ مَا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ مِنَ الْحَيَوَانِ الْمُبَاحِ أَكْلُهُ كَانَتِ الْبَهِيمَةُ فِي حَالٍ تُرْجَى حَيَاتُهَا أَوْ لَا تُرْجَى إِذَا كَانَتْ حَيَّةً فِي وَقْتِ الذَّكَاةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْأَلْ مُذَكِّيهَا عَنْ حَالِهَا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ بَلْ قَالَ لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ فَكُلُوهَا وَقَدْ قِيلَ لَهُ أَصَابَهَا الْمَوْتُ فَعَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا سَلِمَ مَوْضِعُ الذَّكَاةِ مِنَ الْآفَةِ وَكَانَتِ الْحَيَاةُ مَوجُودَةً فِي الْمُذَكَّى جَازَ تَذْكِيَتُهُ

أَخْبَرَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ قَالَ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الْمُتَرَدِّيَةِ وَالْمَفْرُوسَةِ تُدْرَكُ ذَكَاتُهَا وَهِيَ تَتَحَرَّكُ قَالَ لَا بَأْسَ إِذَا لَمْ يَكُنْ قُطِعَ رَأْسُهَا أَوْ نُثِرَ بَطْنُهَا قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ إِذَا غُيِّرَ مَا بَيْنَ الْمَنْحَرِ إِلَى الْمَذْبَحِ لَمْ تُؤْكَلْ واختلف العلماء في قوله اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ فَقَالَ قَوْمٌ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ عَلَى كُلِّ مَا أُدْرِكَ ذَكَاتُهُ مِمَّا يَنْخَنِقُ وَيُوقَذُ وَيَتَرَدَّى وَيُنْطَحُ وَأَكِيلَةُ السَّبُعِ فَمَتَى أَدْرَكَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ وَفِيهِ حَيَاةٌ كَانْتِ الذَّكَاةُ عَامِلَةٌ فِيهِ لِأَنَّ حَقَّ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ مَصْرُوفًا إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْكَلَامِ وَلَا يُجْعَلُ مُنْقَطِعًا إِلَّا بِدَلِيلٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْمَعْنَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَمِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ وَشَرِيكٌ وَجَرِيرٌ عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَسَدِيِّ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ ذِئْبٍ عَدَا عَلَى

شَاةٍ فَشَقَّ بَطْنَهَا حَتَّى انْتَثَرَ قَصَبُهَا فَأَدْرَكْتُ ذَكَاتَهَا فَذَكَّيْتُهَا فَقَالَ كُلْ وَمَا انْتَثَرَ مِنْ قَصَبِهَا فَلَا تَأْكُلْ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَحُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ فِيمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِذَا كَانَتْ تَطْرِفُ بِعَيْنِهَا أَوْ تَرْكُضُ بِرِجْلِهَا أَوْ تَمْصَعُ بِذَنَبِهَا فَذَكِّ وَكُلْ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ قَالَ الْحَسَنُ أَيُّ هَذِهِ الْخَمْسِ أَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ فَقُلْتُ يَا أَبَا سَعِيدٍ كَيْفَ أَعْرِفُ ذَلِكَ قَالَ إِذَا طَرَفَتْ بِعَيْنِهَا أَوْ ضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا وَعَنْ قَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ مِثْلَ ذَلِكَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ وَذَكَرَهُ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا كَانَتِ الذَّبِيحَةُ تَطْرِفُ فَهِيَ ذَكِيَّةٌ وَلَوْ طَرَفَتْ بِأَحَدِ أَطْرَافِهَا بِعَيْنٍ أو رجل أو ذئب أَوْ يَدٍ مَعَ مَجْرَى النَّفَسِ فَهِيَ ذَكِيَّةٌ قَالَ وَهَكَذَا فَسَّرَهُ لِي أَصْحَابُ مَالِكٍ عَنْهُ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ نَحْوَهُ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِذَا كَانَتْ حَيَّةً وقد أخرج السبع جوفها أكلت إلا ما بان منها وهو قوله ابْنِ وَهْبٍ وَالْأَشْهَرُ

مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي السَّبُعِ إِذَا شَقَّ بَطْنَ شَاةٍ وَاسْتَيْقَنَ أَنَّهَا تَمُوتُ إِنْ لَمْ تُذْكَّ فَذُكِّيَتْ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا قَالَ الْمُزَنِيُّ وَأَحْفَظُ لَهُ قَوْلًا آخَرَ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ إِذَا بَلَغَ مِنْهَا السَّبُعُ أَوِ التَّرَدِّي إِلَى مَا لَا حَيَاةَ مَعَهُ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ قَالَ وَهُوَ عِنْدِي أَقَيْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ قوله في صيدالبر إِذَا لَمْ يَبْلُغْ مِنْهُ السِّلَاحُ مَبْلَغَ الذَّبْحِ وَأَمْكَنَتْ ذَكَاتُهُ فَلَمْ يُذَكِّهِ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُهُ قَالَ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الذَّبْحُ أَكَلَهُ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَدَلِيلٌ آخَرُ مِنْ قَوْلِهِ أَيْضًا قَالَ فِي كِتَابِ الدِّمَاءِ لَوْ قُطِعَ حُلْقُومُ رَجُلٍ وَمِرِّيئُهُ أَوْ قُطِعَ حَشْوَتُهُ فَأَبَانَهَا مِنْ جَوْفِهِ أَوْ صَيَّرَهُ فِي حَالِ الْمَذْبُوحِ ثُمَّ ضَرَبَ آخَرُ عُنُقَهُ فَالْأَوَّلُ قَاتِلٌ دُونَ الْآخَرِ قَالَ فَفِي هَذَا مِنْ قَوْلِهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ أَنَّهُ أَصَحُّ فِي الْقِيَاسِ مِنْ قَوْلِهِ الْآخَرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ عَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ عَلَى خِلَافِ مَا اخْتَارَ الْمُزَنِيُّ وَاحْتَجَّ مِنْهُمْ أَبُو الْقَاسِمِ الْقَزْوِينِيُّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ ذِكْرِ الْمُنْخَنِقَةِ وَمَا ذَكَرَ مَعَهَا إلى قوله

إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ قَالَ فَمَعْنَى الْآيَةِ أَكْلُ الْمُنْخَنِقَةِ وَالْمُتَرَدِّيَةِ وَالنَّطِيحَةِ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِذَا ذُكِّيَ وَفِيهِ الْحَيَاةُ كَانَ التَّرَدِّي وَأَكْلُ السَّبُعِ بَلَغَ مِنْهَا مَا فِيهِ الْبَقَاءُ أَوْ مَا لَا بَقَاءَ مَعَهُ إِذَا كَانَ فِيهَا مِنَ الْحَيَاةِ مَا يُعْلَمُ بِهِ أَنَّهَا لَمْ تَمُتْ قَالَ وَالزَّاعِمُ أَنَّ الْمُتَرَدِّيَةَ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ وَفِيهَا الْحَيَاةُ إِذَا ذُكِّيَتْ تُؤْكَلُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ مُدَّعٍ عَلَى الْكِتَابِ مَا لَمْ يَأْتِ بِهِ الْكِتَابُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا أَيْضًا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي كُلِّ مَا تُدْرَكُ ذَكَاتُهُ وَفِيهِ الْحَيَاةُ مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ فَإِنَّهُ ذَكِيٌّ وَمَتَى ذُكِّيَتْ وَأُدْرِكَتْ قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ أُكِلَتْ عِنْدَهُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْإِمْلَاءِ إِذَا بَلَغَ بِهَا ذَلِكَ حَالًا لَا تَعِيشُ مِنْ مِثْلِهِ لَمْ تُؤْكَلْ قَالَ وَذَكَرَ ابْنُ سَمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ إِذَا بَلَغَ بِهَا ذَلِكَ حَالًا لَا تَعِيشُ مَعَهُ الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ وَالسَّاعَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ وَنَحْوَهَا فَذَكَّاهَا حَلَّتْ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَبْقَى إِلَّا بَقَاءَ الْمَذْبُوحِ لَمْ تؤكل وإن ذبحت قال واحتج محمد

ابن الْحَسَنِ بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَتْ جِرَاحَاتُهُ مُتْلِفَةٌ وَصَحَّتْ عُهُودُهُ وَأَوَامِرُهُ وَلَوْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ كَانَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الطَّحَاوِيُّ وَزَعَمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْأَنْعَامِ إِذَا أَصَابَتْهَا الْأَمْرَاضُ الْمُتْلِفَةُ الَّتِي قَدْ تَعِيشُ مَعَهَا مُدَّةً قَصِيرَةً أَوْ طَوِيلَةً أَنَّهَا تُذَكَّى وَأَنَّهَا لَوْ صَارَتْ فِي حَالِ النُّزُوعِ وَالِاضْطِرَابِ لِلْمَوْتِ أَنَّهُ لَا ذَكَاةَ فِيهَا فَكَذَاكَ الْقِيَاسُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمُتَرَدِّيَةِ وَنَحْوِهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا كَانَ فِيهَا حَيَاةٌ فَذُبِحَتْ أُكِلَتْ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ مُنْقَطِعٌ مِمَّا قَبْلَهُ غَيْرُ عَائِدٍ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْمَذْكُورَاتِ قَالُوا وَذَلِكَ مَشْهُورٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ يَجْعَلُونَ إِلَّا بِمَعْنَى لَكِنْ ومن ذلك قوله اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً يُرِيدُ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا أَلْبَتَّةَ ثُمَّ قَالَ إِلَّا خَطَأً أَيْ لَكِنْ إِنْ قَتَلَهُ خَطَأً فالاستثناء هاهنا لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ والفراء كلهم يجعلون إلا (هاهنا) بِمَعْنَى لَكِنْ وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ لِأَبِي خِرَاشٍ

الحديث التاسع والثلاثون

أَمْسَى سُقَامٌ خَلَاءً لَا أَنِيسَ بِهِ ... إِلَّا السباع ومر الريح بالغرف ... أراد ألا يَكُونَ بِهِ السِّبَاعُ أَوْ لَكِنْ بِهِ السِّبَاعُ وَطَرْدُ الرِّيحِ وَسُقَامٌ وَادٍ لِهُذَيْلٍ وَمِثْلُ هَذَا أَيْضًا قَوْلُ الشَّاعِرِ ... وَبَلْدَةٌ لَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ ... إِلَّا الْيَعَافِيرُ وَإِلَّا الْعِيسُ ... ... أَرَادَ لَكِنْ بِهَا الْيَعَافِيرُ وَبِهَا الْعِيسُ وَلَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ مَعَ هَذَا وَقَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ ... وَبَعْضُ الرِّجَالِ نَخْلَةٌ لَا جَنَى لَهَا ... ... وَلَا ظِلَّ إِلَّا أَنْ تُعَدَّ مِنَ النَّخْلِ ... ... يُرِيدُ لَكِنْ تُعَدُّ مِنَ النَّخْلِ وَقَدْ يَكُونُ قَوْلُهُ لَا أَنِيسَ بِهِ إِلَّا السِّبَاعُ وَلَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ وَلَا الْيَعَافِيرُ وَلَا السِّبَاعُ فَتَكُونُ إِلَّا بِمَعْنَى الْوَاوِ كما قيل في قوله اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيْ وَلَا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ ... مَا بِالْمَدِينَةِ دَارٌ غَيْرُ وَاحِدَةٍ ... ... دَارُ الْخَلِيفَةِ إِلَّا دَارُ مَرْوَانَ

أَيْ إِلَّا دَارُ الْخَلِيفَةِ وَدَارُ مَرْوَانَ هَذَا كُلُّهُ قَدْ قِيلَ كَمَا وَصَفْنَا فِي مَعْنَى ما ذكرنا وحقيقة ألاأن تُحْمَلَ عَلَى صَرِيحِ الِاسْتِثْنَاءِ إِمَّا مُتَّصِلًا رَدًّا لِلْأَوَّلِ عَلَى الْآخِرِ مُخْرِجًا لَهُ مِنْ جُمْلَتِهِ وَإِمَّا مُنْقَطِعًا قَدْ فَصَلَ الْأَوَّلَ مِنَ الْآخِرِ كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ ... وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدٍ إلا ... ... الأوارى لايا ما أبينها ومن هذاالباب أيضا وهو كثير جدا ومن أبدعه قوله جَرِيرٍ ... مِنَ الْبَيْضِ لَمْ تَظْعَنْ بَعِيدًا وَلَمْ تَطَأْ ... عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا ذَيْلَ بُرْدٍ مُرَجَّلِ ... فَكَأَنَّهُ قَالَ لَمْ تَطَأْ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا أَنْ تَطَأَ ذَيْلَ الْبُرْدِ وَالتَّرْجِيلُ وَشْيٌ فِي حَاشِيَةِ الْبُرْدِ وَقَدْ قِيلَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ أَيْ لَكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ يُحَاجُّونَكُمْ وَقِيلَ إِلَّا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ الميتة والدم ولحم الخنزير والميتة هاهنا الَّتِي تَمُوتُ حَتْفَ أَنْفِهَا وَحَرَّمَ الَّتِي تَمُوتُ منخنقة

وَمَوْقُوذَةً وَمُتَرَدِّيَةً وَمَنْطُوحَةً وَأَكِيلَةَ السَّبُعِ فَعَمَّ بِهَذَا أَجْنَاسَ الْمَيْتَةِ الَّتِي كَانُوا يَأْكُلُونَ وَأُحِلَّ لَهُمْ مَا ذَكَّوْا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا حَرَّمَ مِنَ الْمَيْتَاتِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ لَكِنْ مَا ذَكَّيْتُمْ وَذَبَحْتُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَحَلَّ لَكُمْ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ عِنْدَهُمْ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةُ الْمَالِكِيِّينَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَيُرْوَى نَحْوُ هَذَا الْمَذْهَبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ كَانَتْ لِي عَنَاقٌ كَرِيمَةٌ فَكَرِهْتُ أَنْ أَذْبَحَهَا فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ تَرَدَّتْ فَأَمْرَرْتُ الشَّفْرَةَ عَلَى أَوْدَاجِهَا فَرَكَضَتْ بِرِجْلِهَا فَسَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ إِنَّ الْمَيِّتَ لِيَتَحَرَّكُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا تَأْكُلْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ يَزِيدُ مَوْلَى عَقِيلٍ هَذَا هُوَ أَبُو مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهَذَا الْخَبَرُ قَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ

أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ رَوَى عَنْهُ مِثْلَ قَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ خَالَفَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَلَى قَوْلِهِمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ إِذَا قَطَعَ السَّبُعُ حُلْقُومَ الشَّاةِ أَوْ قَسَمَ صُلْبَهَا أَوْ شَقَّ بَطْنَهَا فَأَخْرَجَ مِعَاهَا أَوْ قَطَعَ عُنُقَهَا لَمْ تُذَكَّ وَفِي سَائِرِ ذَلِكَ كُلِّهِ تُذَكَّى إِذَا كَانَ فِيهَا حَيَاةٌ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا تُذَكَّى الَّتِي شُقَّ بَطْنُهَا نَحْوَ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ دَاوُدَ فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ أَيْضًا عَلَى قَوْلَيْنِ فَذَهَبَ مِنْهُمْ قَوْمٌ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ كَمَا وَصَفْنَا وَذَهَبَ مِنْهُمْ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ عَائِدٌ عَلَيْهِ مُخْرِجٌ لِجُمْلَةِ مَا ذُكِّيَ مِنَ الْمَذْكُورَاتِ إِذَا كَانَتْ فِيهِ حَيَاةٌ مِنْ جُمْلَةِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي الْآيَةِ وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ إِسْمَاعِيلُ فِي ذِكْرِ الْمُتَرَدِّيَةِ وَمَا ذَكَرَ مَعَهَا يُرْوَى عَنْ قتادة وعن الضحاك ابن مُزَاحِمٍ إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا بِتَذْكِيَةِ مَا أُدْرِكَتْ فِيهِ حَيَاةٌ مِنْ ذَلِكَ رَوَى سَعِيدُ بْنُ أبي عروبة ومعمر عن قتادة في قوله اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ الْآيَةَ قَالَ كَانَ أَهْلُ

الْجَاهِلِيَّةِ يَخْنُقُونَ الشَّاةَ حَتَّى إِذَا مَاتَتْ أَكَلُوهَا وَالْمَوْقُوذَةُ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَضْرِبُونَهَا بِالْعَصَا حَتَّى إِذَا مَاتَتْ أَكَلُوهَا وَالْمُتَرَدِّيَةُ كَانَتْ تَتَرَدَّى فِي الْبِئْرِ فَتَمُوتُ فَيَأْكُلُونَهَا وَالنَّطِيحَةُ كَبْشَانِ يَتَنَاطَحَانِ فَيَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَيَأْكُلُونَهُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا قَتَلَ السَّبُعُ شَيْئًا مِنْ هَذَا أَوْ أَكَلَ مِنْهُ أَكَلُوا مَا بَقِيَ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ فَكُلُّ مَا ذكر الله هاهنا مَا خَلَا الْخِنْزِيرَ إِذَا أُدْرِكَتْ مِنْهُ عَيْنًا تَطْرِفُ أَوْ ذَنَبًا يَتَحَرَّكُ أَوْ قَائِمَةً تَرْكُضُ فَذَكَّيْتَهُ فَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ وَعَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ مِثْلَ قَوْلِ قَتَادَةَ هَذَا كُلُّهُ سَوَاءٌ قَالَ الضَّحَّاكُ فَإِنْ لَمْ تَطْرِفْ لَهُ عَيْنٌ وَلَمْ تَتَحَرَّكْ لَهُ قَائِمَةٌ وَلَا ذَنَبٌ فَهِيَ مَيْتَةٌ وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ إِذَا أَدْرَكْتَ ذَكَاةَ الْمَوْقُوذَةِ والمرتدية وَالنَّطِيحَةِ وَهِيَ تُحَرِّكُ يَدًا أَوْ رِجْلًا فَكُلْهَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَلَمْ يُصَرِّحْ إِسْمَاعِيلُ بِرَدِّ هَذَا وَنَكَبَ عَنْهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالتَّابِعِينَ الَّذِينَ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ (وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَا فِيهِ الْحَيَاةُ وَإِنْ كَانَ لَا يَعِيشُ وَلَا يُرْجَى لَهُ بِالْعَيْشِ يُذَكَّى وَيُؤْكَلُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ قَالَ وَأَمَّا الشَّاةُ يَعْدُو عليها الذئب فيبقر بطنها وَيُخْرِجُ الْمَصَارِينَ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ مِثْلُهَا فَإِنَّ السُّنَّةَ فِي ذَلِكَ مَا وَصَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ خَرَجَتْ مَصَارِينُهَا فَإِنَّهَا حَيَّةٌ بَعْدُ وَمَوْضِعُ الذَّكَاةِ مِنْهَا سَالِمٌ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ عِنْدَ الذَّبْحِ أَحَيَّةٌ هِيَ أَمْ مَيِّتَةٌ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى هَلْ يَعِيشُ مِثْلُهَا وَكَذَلِكَ الْمَرِيضَةُ الَّتِي لَا يُشَكُّ أَنَّهُ مَرَضُ مَوْتٍ جَائِزٌ ذَكَاتُهَا إِذَا أُدْرِكَتْ فِيهَا حَيَاةٌ وَمَا دَامَ الرُّوحُ فِيهَا فَلَهُ أَنْ يُذَكِّيَهَا قَالَ إِسْحَاقُ وَمَنْ قَالَ خِلَافَ هَذَا فَقَدَ خَالَفَ السُّنَّةَ مِنْ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُعَضِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْمَذْكُورُ فِيهِ فَأَصَابَهَا الْمَوْتُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ كُلَّ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَفَرَى الْأَوْدَاجَ فَهُوَ مِنْ آلَاتِ الذَّكَاةِ وَجَائِزٌ أَنْ يُذَكَّى بِهِ مَا خَلَا السِّنَّ وَالْعَظْمَ وَعَلَى هَذَا تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ وَقَالَ بِهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ قَالَ ذَبَحْتُ أَرْنَبَيْنِ بِمَرْوَةَ فَأَتَيْتُ بِهِمَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنِي بِأَكْلِهِمَا كَذَا قَالَ أَبُو الْأَحْوَصِ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ أَوْ صَفْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ

اصْطَدْتُ أَرْنَبَيْنِ فَذَبَحْتُهُمَا بِمَرْوَةَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَيْضًا عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَلَمْ يَشُكَّ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ مُرِّيِّ بْنِ قَطَرِيٍّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أَصَابَ أَحَدُنَا صَيْدًا وَلَيْسَ مَعَهُ سِكِّينٌ أَيَذْبَحُ بِالْمَرْوَةِ وَشِقِّ الْعَصَا فَقَالَ أَنْزِلِ الدَّمَ بِمَا شِئْتَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَالْمَرْوَةُ فِلْقَةُ الْحَجَرَةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ

رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا مَا لَمْ يَكُنْ سِنٌّ أَوْ ظُفْرٌ وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَإِذَا جَازَتِ التَّذْكِيَةُ بِغَيْرِ الْحَدِيدِ جَازَتْ بِكُلِّ شَيْءٍ إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَى شَيْءٍ فَيَكُونُ مَخْصُوصًا وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَالسِّنُّ وَالظُّفْرُ الْمَنْهِيُّ عَنِ التَّذْكِيَةِ بِهِمَا عِنْدَهُمْ (هُمَا) غَيْرُ الْمَنْزُوعَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَصِيرُ خَنْقًا وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَلِكَ الْخَنْقُ فَأَمَّا السِّنُّ وَالظُّفْرُ الْمَنْزُوعَانِ إِذَا فَرَيَا الْأَوْدَاجَ فَجَائِزٌ الذَّكَاةُ بِهِمَا عِنْدَهُمْ وَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ السِّنَّ وَالظُّفْرَ وَالْعَظْمَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَنْزُوعَةً وَغَيْرَ مَنْزُوعَةٍ مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَسْنُ بْنُ حَيٍّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الشَّافِعِيِّ وَحُجَّتُهُمْ ظَاهِرُ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَثَلَاثُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُنْبَذَ الْبُسْرُ وَالرُّطَبُ جَمِيعًا وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ بِإِسْنَادِهِ هَذَا مُرْسَلًا لَا خِلَافَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ذَكَرَهُ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ وَسَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَهُوَ حَدِيثٌ يُرْوَى مُتَّصِلًا مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَأَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ فَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي بَابِ

الْأَشْرِبَةِ لِأَنَّهُ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ خَاصَّةً وَأَمَّا حَدِيثٌ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْبَابِ فَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ وَالنَّقِيرِ وَأَنْ يُخْلَطَ الْبَلَحُ وَالزَّهْوُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ أَبُو الْأَسْوَدِ الْعَمِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ

عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَزَّاتُ حَرَامٌ يَعْنِي خَلِيطَ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَحَدَّثَنِي إسماعيل بن عبد الرحمن بن على القرشي رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ يَحْيَى الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوبَةَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَرَّانِيُّ بِحَرَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ

عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْلَطَ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ يَعْنِي فِي النَّبِيذِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نَهَى أَنْ يُنْبَذَ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ جَمِيعًا وَنَهَى أَنْ يُنْبَذَ الْبُسْرُ وَالرُّطَبُ جَمِيعًا وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ يَحْيَى الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فَرُّوخَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ زُهَيْرٌ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالُوا جَمِيعًا حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَطَاءٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ جَمِيعًا قَالَ زُهَيْرٌ وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ عَطَاءٍ

قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونَ قَالَ حَدَّثَنَا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَطَاءٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ وأخبرنا اللاحقي قال حدثنا حماد ابن سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُخْلَطَ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ وَالْبُسْرُ وَالتَّمْرُ وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ وَالرُّطَبُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ غَالِبٍ التَّمَّارُ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُنْبَذَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَالْبُسْرُ والرطب جميعا

وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَجَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ وَهْبٍ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مِثْلَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ أَنْ يُخْلَطَا قَالَ وَحَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ

قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْلَطَ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ وَالْبُسْرُ وَالتَّمْرُ وَعَنِ الْجَرِّ أَنْ يُنْبَذَ فِيهِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُنْبَذَ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ جَمِيعًا وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا وَفَاءُ بْنُ إِيَاسٍ عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن يَجْمَعَ الشَّيْئَيْنِ يَنْبِذَهُمَا مِمَّا يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى

صاحبه قال وسأتله عَنِ الْفَضِيخِ فَنَهَانِي عَنْهُ قَالَ وَكَانَ يَكْرَهُ الْمُذَنَّبَ مِنَ الْبُسْرِ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَا شَيْئَيْنِ فَكُنَّا نَقْطَعُهُ مِنْهُمَا وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لا تجمعوا بن الزهو والرطب والتمر والزبيب وانبذواكل وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ الْبُرُلُّسِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ السُّحَيْمِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَخْلِطُوا التَّمْرَ وَالْبُسْرَ جَمِيعًا تَنْبِذُونَهُمَا وَلَا تَخْلِطُوا الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ

تَنْبِذُونَهُمَا وَانْبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنِي مَعْبَدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أُمِّهِ وَكَانَتْ قَدْ صَلَّتِ الْقِبْلَتَيْنِ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ينهى عن الْخَلِيطَيْنِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ أَنْ يُنْبَذَا وَرُبَّمَا قَالَ انْبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي

مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ مُغِيثٍ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ الْخَلِيطَيْنِ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْخَلِيطَانِ قَالَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ صِحَاحٌ مُتَوَاتِرَةٌ تَلَقَّاهَا الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهَا فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا إِلَى الْقَوْلِ بِظَاهِرِهَا وَعُمُومِهَا وَنَهَوْا عن الخليطين

جُمْلَةً وَاحِدَةً قَالَ مَالِكٌ لَمَّا ذَكَرَ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ أَنْ يُنْبَذَ الْبُسْرُ وَالرُّطَبُ جَمِيعًا وَالزَّهْوُ وَالرُّطَبُ جَمِيعًا قَالَ وَعَلَى هَذَا أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ فَلَا يَجُوزَانِ عَلَى حَالٍ وَلَا يُجْمَعُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ بَيْنَ شَرَابَيْنِ سَوَاءٌ نُبِذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ أَوْ جُمِعَ شَيْئَانِ فَنُبِذَا جَمِيعًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا بَأْسَ بِشُرْبِ الْخَلِيطَيْنِ مِنَ الْأَشْرِبَةِ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَكُلِّ مَا لَوْ طُبِخَ أَوْ نُبِذَ عَلَى الِانْفِرَادِ حَلَّ فَكَذَلِكَ إِذَا طُبِخَ أَوْ نُبِذَ مَعَ غَيْرِهِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَإِبْرَاهِيمَ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَكْرَهُ الْمُعَتَّقَ مِنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالنَّهْيُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ السَّرَفِ لِضِيقِ مَا كَانُوا فِيهِ من العيش

وَرَوَى الْمُعَافَى عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ كَرِهَ مِنَ النَّبِيذِ الْخَلِيطَ وَالسُّلَافَةَ وَالْمُعَتَّقَ وَقَالَ اللَّيْثُ لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُخْلَطَ نَبِيذُ التَّمْرِ وَنَبِيذُ الزَّبِيبِ ثُمَّ يُشْرَبَا جَمِيعًا وَإِنَّمَا جَاءَ النَّهْيُ فِي كَرَاهِيَةِ أَنْ يُنْبَذَا جَمِيعًا ثُمَّ يُشْرَبَانِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَشُدُّ صَاحِبَهُ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الطحاي عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَقَدْ رُوِّينَا عَنْهُ خِلَافَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ نَهَى أَنْ يُنْبَذَ الزَّهْوُ وَالرُّطَبُ جَمِيعًا وَالْبُسْرُ وَالتَّمْرُ جَمِيعًا

الحديث الاربعون

حَدِيثٌ مُوفِي أَرْبَعِينَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مالك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْغُبَيْرَاءِ فَقَالَ لَا خَيْرَ فِيهَا وَنَهَى عَنْهَا قَالَ مَالِكٌ وَسَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ عَنِ الْغُبَيْرَاءِ فَقَالَ هِيَ الْأَسْكَرْكَةُ هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ مُرْسَلًا وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا ابْنَ وَهْبٍ وَحَدِيثُ ابْنِ وَهْبٍ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْغُبَيْرَاءِ فَذَكَرَهُ سَوَاءً قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَعْبَانَ وَحَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عن مالك مثله

هَكَذَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَالَّذِي فِي الْمُوَطَّإِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْإِرْسَالُ كَرِوَايَةِ يَحْيَى وَغَيْرِهِ وَالْأَسْكَرْكَةُ نَبِيذُ الْأُرْزِ وَقِيلَ نَبِيذُ الذُّرَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُنَا فِي تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مُوَضَّحًا مُسْتَوْعَبًا وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ يَدْخُلُ فِيهِ الْغُبَيْرَاءُ وَغَيْرُهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَشِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَا الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ وَالْغُبَيْرَاءَ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بن يزيد عن صفوان ابن مُحْرِزٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى يَخْطُبُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ أَلَا إِنَّ خَمْرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ وَخَمْرَ أَهْلِ فَارِسَ الْعِنَبُ وَخَمْرَ أَهْلِ الْيَمَنِ الْبِتْعُ وَهُوَ الْعَسَلُ وَخَمْرَ أَهْلِ الْحَبَشَةِ الْأَسْكَرْكَةُ وَهُوَ الْأُرْزُ آخِرُ مَرَاسِيلِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وحده

الحديث الواحد والأربعون

حَدِيثٌ حَادٍ وَأَرْبَعُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ يَسْتَنِدُ وَيَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ قَدِمَ رَجُلَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا أَوْ إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ لَسِحْرٌ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلًا وَمَا أَظُنُّ أَرْسَلَهُ عَنْ مَالِكٍ غَيْرُهُ وَقَدْ وَصَلَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ مَالِكٍ مِنْهُمُ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ نَافِعٍ وَمُطَرِّفٌ وَالتِّنِّيسِيُّ رَوَوْهُ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَسَمَاعُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنَ ابْنِ عُمَرَ

صَحِيحٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي كتابنا هذا في أول باب زيد ابن أَسْلَمَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَدِمَ رَجُلَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا أَوْ إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ لَسِحْرٌ وَرَوَاهُ الْقَطَّانُ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ هَكَذَا مُسْنَدًا حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَدِمَ رَجُلَانِ فَخَطَبَا فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ بَيَانِهِمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا وَهَكَذَا رواه الثوري وابن عينية! وَزُهَيْرُ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَتِهِمْ فَخَطَبَا أَوْ خَطَبَ أَحَدُهُمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ قَوْلَهُ (إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا) مِنْ وُجُوهٍ غَيْرِ هَذَا مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ وَغَيْرِهِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ إِلَيْهِ بِهَذَا الْخَبَرِ فَقِيلَ قَصَدَ بِهِ إِلَى ذَمِّ الْبَلَاغَةِ إِذْ شُبِّهَتْ بِالسِّحْرِ وَالسِّحْرُ مُحَرَّمٌ مَذْمُومٌ وَذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنْ تَصْوِيرِ الْبَاطِلِ فِي صُورَةِ الْحَقِّ وَالتَّفَيْهُقِ وَالتَّشَدُّقِ وَقَدْ جَاءَ فِي الثَّرْثَارِينَ الْمُتَفَيْهِقِينَ مَا جَاءَ مِنَ الذَّمِّ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِإِدْخَالِ مَالِكٍ لَهُ فِي مُوَطَّئِهِ فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَلَامِ (وَأَبَى جُمْهُورُ أَهْلِ الْأَدَبِ وَالْعِلْمِ بِلِسَانِ الْعَرَبِ إِلَّا أَنْ يَجْعَلُوا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا مَدْحًا وَثَنَاءً وَتَفْضِيلًا لِلْبَيَانِ وَإِطْرَاءً وَهُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقَةُ الْخَبَرِ وَلَفْظُهُ عَلَى مَا نُورِدُهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ رَوَى عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْهَيْثَمُ بْنُ مَحْفُوظٍ عَنْ أَبِي الْمُقَوِّمِ يَحْيَى بْنِ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيِّ (1) عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ اجْتَمَعَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ وَالزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ وَعَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ فَفَخَرَ الزِّبْرِقَانُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا

سَيِّدُ تَمِيمٍ الْمُطَاعُ فِيهِمْ وَالْمُجَابُ مِنْهُمْ آخُذُ لَهُمْ بِحُقُوقِهِمْ وَأَمْنَعُهُمْ مِنَ الظُّلْمِ وَهَذَا يَعْلَمُ ذَلِكَ يَعْنِي عَمْرَو بْنَ الْأَهْتَمِ فَقَالَ عَمْرٌو وَإِنَّهُ لَشَدِيدُ الْعَارِضَةِ مَانِعٌ لِجَانِبِهِ مُطَاعٌ فِي أَدَانِيهِ فَقَالَ الزِّبْرِقَانُ وَاللَّهِ لَقَدْ كَذَبَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ إِلَّا الْحَسَدُ فَقَالَ عَمْرٌو أَنَا أَحْسُدُكَ فَوَاللَّهِ لَبَئِيسُ الْخَالِ حَدِيثُ الْمَالِ أَحْمَقُ الْوَالِدِ مُبَغَضٌ فِي الْعَشِيرَةِ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ فِيمَا قُلْتُ أَوَّلًا وَلَقَدْ صَدَقْتُ فِيمَا قُلْتُ آخِرًا رَضِيتُ فَقُلْتُ أَحْسَنَ مَا عَلِمْتُ وَغَضِبْتُ فَقُلْتُ أَقْبَحَ مَا وَجَدْتُ وَلَقَدْ صَدَقْتُ فِي الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا (وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الزبرقان بن بدر وعمرو ابن الْأَهْتَمِ وَقَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرٍو أَخْبَرَنِي عَنِ الزِّبْرِقَانِ فَقَالَ هُوَ مُطَاعٌ فِي نَادِيهِ شَدِيدُ الْعَارِضَةِ مَانِعُ لِمَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ قَالَ الزِّبْرِقَانُ هُوَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَعْلَمُ أَنِّي أَفْضَلُ مِنْهُ فَقَالَ عَمْرٌو

إِنَّهُ لِزَمِرُ الْمُرُوءَةِ ضَيِّقُ الْعَطَنِ أَحْمَقُ الْأَبِ لئيم الخال يا رسول الله صدقته في الْأُولَى وَمَا كَذَبْتُهُ فِي الْأُخْرَى أَرْضَانِي فَقُلْتُ أَحْسَنَ مَا عَلِمْتُ وَأَسْخَطَنِي فَقُلْتُ أَسْوَأَ مَا عَلِمْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا) وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأَخْبَارِ مِنْهُمُ الْمَدَائِنِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لِعَمْرِو بْنِ الْأَهْتَمِ أَخْبِرْنِي عَنِ الزِّبْرِقَانِ بْنِ بَدْرٍ فَقَالَ هُوَ مُطَاعٌ فِي أَدَانِيهِ شَدِيدُ الْعَارِضَةِ مَانِعٌ لِمَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَقَالَ الزِّبْرِقَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ مِنِّي أَكْثَرَ مِنَ هَذَا وَلَكِنَّهُ حَسَدَنِي فَقَالَ عَمْرٌو أَمَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَزَمِرُ الْمُرُوءَةِ ضيق العطن أحمق الوالد لَئِيمُ الْخَالِ مَا كَذَبْتُ فِي الْأُولَى وَلَقَدْ صَدَقْتُ فِي الْآخِرَةِ رَضِيتُ فَقَلْتُ أَحْسَنَ مَا عَلِمْتُ وَسَخِطْتُ فَقَلَتْ أَسْوَأَ مَا عَلِمْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَدْحِ الْبَيَانِ وَفَضْلِ الْبَلَاغَةِ وَالتَّعَجُّبِ بِمَا يَسْمَعُ مِنْ فَصَاحَةِ أَهْلِهَا وَفِيهِ الْمَجَازُ وَالِاسْتِعَارَةُ الْحَسَنَةُ لِأَنَّ الْبَيَانَ لَيْسَ بِسِحْرٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَفِيهِ الْإِفْرَاطُ فِي الْمَدْحِ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الْإِعْجَابِ وَالْأَخْذِ بِالْقُلُوبِ يَبْلُغُ مَبْلَغَ السِّحْرِ وَأَصْلُ لَفْظَةِ السِّحْرِ عِنْدَ الْعَرَبِ الِاسْتِمَالَةُ وَكُلُّ مَنِ اسْتَمَالَكَ فَقَدْ سَحَرَكَ وَقَدْ ذَهَبَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلًا سَائِرًا فِي النَّاسِ إِذَا سَمِعُوا كَلَامًا يُعْجِبُهُمْ قَالُوا إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا وَيَقُولُونَ فِي مِثْلِ هَذَا أَيْضًا هَذَا السِّحْرُ الْحَلَّالُ وَنَحْوَ ذَلِكَ قَدْ صَارَ هَذَا مَثَلًا أَيْضًا وَرُوِيَ أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَاجَةً بِكَلَامٍ أَعْجَبَهُ فَقَالَ عُمَرُ هَذَا وَاللَّهِ السِّحْرُ الْحَلَّالُ وَقَالَ ابْنُ الرُّومِيِّ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَأَحْسَنَ

وَحَدِيثُهَا السِّحْرُ الْحَلَّالُ لَوْ أَنَّهَا ... لَمْ تَجْنِ قَتْلَ الْمُسْلِمِ الْمُتَحَرِّزِ ... ... ... إِنْ طَالَ لَمْ يُمْلَلْ وَإِنْ هِيَ أَوْجَزَتْ ... ... وَدَّ الْمُحَدَّثُ أَنَّهَا لَمْ تُوجِزِ ... ... ... شِرْكُ الْعُقُولِ وَنُزْهَةٌ مَا مِثْلُهَا ... لِلسَّامِعِينَ وَعُقْلَةَ الْمُسْتَوْفِزِ ... ... وَمِنْ هَذَا مَا أَنْشَدَنِي يُوسُفُ بْنُ هَارُونَ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ ... نَطَقَتْ بِسِحْرٍ بَعْدَهَا غَيْرَ أَنَّهُ ... ... مِنَ السِّحْرِ مَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِي حَلَالِهِ ... ... ... كَذَاكَ ابْنُ سِيرِينَ بِنَفْثَةِ يُوسُفَ ... تَكَلَّمَ فِي الرُّؤْيَا بِمِثْلِ مَقَالِهِ ... وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعَجُّبَ مِنَ الْإِحْسَانِ وَالْبَيَانِ مَوْجُودٌ فِي طِبَاعِ ذَوِي الْعُقُولِ وَالْبَلَاغَةِ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ قَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ إِلَّا أَنَّهُ بِإِنْصَافِهِ كَانَ يَعْرِفُ لِكُلِّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَبْصَرَ النَّاسِ بِالشَّيْءِ أَشَدُّهُمْ فَرَحًا بِالْجَيِّدِ مِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ حَسُودًا وَإِنَّمَا يَحْمَدُ الْعُلَمَاءُ الْبَلَاغَةَ وَاللِّسَانَةَ مَا لَمْ يَخْرُجْ إِلَى حَدِّ الْإِسْهَابِ وَالْإِطْنَابِ وَالتَّفَيْهُقِ فَقَدْ رُوِيَ فِي الثَّرْثَارِينِ الْمُتَفَيْهِقِينَ أَنَّهُمْ أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِذَا كَانَ مِمَّنْ يُحَاوِلُ تَزْيِينَ الْبَاطِلِ وَتَحْسِينَهُ بِلَفْظِهِ وَيُرِيدُ إِقَامَتَهُ فِي صُورَةِ الْحَقِّ فَهَذَا هُوَ الْمَكْرُوهُ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ التَّغْلِيظُ وَأَمَّا قَوْلُ الْحَقِّ فَحَسَنٌ جَمِيلٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَانَ فِيهِ إِطْنَابٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ إِذَا لَمْ يَتَجَاوَزِ الْحَقَّ وَإِنْ كُنْتُ أَحِبُّ أَوْسَاطَ الْأُمُورِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْدَلُهَا وَالَّذِي اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ بِاللُّغَةِ فِي مَدْحِهِ مِنَ الْبَلَاغَةِ وَالْإِيجَازِ وَالِاخْتِصَارِ وَإِدْرَاكِ الْمَعَانِي الْجَسِيمَةِ بِالْأَلْفَاظِ الْيَسِيرَةِ وَيُقَالُ إِنَّ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ خَطَبَا أَوْ أَحَدَهُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ وَالزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ لِزَمِرُ فَالزَّمِرُ الْقَلِيلُ أَرَادَ قَلِيلَ الْمُرُوءَةِ وَالْعَطَنُ الْفِنَاءُ وَقَوْلُهُ ضَيَّقُ الْعَطَنِ كِنَايَةٌ عَنِ الْبُخْلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مَالِكِ بْنِ مَغْوَلٍ قَالَ كَانَ زيد ابن إِيَاسٍ يَقُولُ لِلشَّعْبِيِّ يَا مُبْطِلَ الْحَاجَاتِ يَعْنِي أَنَّهُ يَشْغَلُ جُلَسَاءَهُ عَنْ حَوَائِجِهِمْ بِحُسْنِ حَدِيثِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمِهْرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُهَلَّبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْعُتْبِيُّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ كَانَ الشَّعْبِيُّ إِذَا سَمِعَ حَدِيثًا وَرَدَّهُ فَكَأَنَّهُ زَادَ فِيهِ مِنْ تَحْسِينِهِ لِلَفْظِهِ فَسَمِعَ يَوْمًا حَدِيثًا وَقَدْ سَمِعَهُ مَعَهُ جَلِيسٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ رَزِينٌ فَرَدَّهُ الشَّعْبِيُّ وَحَسَّنُهُ فَقَالَ لَهُ رَزِينٌ اتَّقِ اللَّهَ يَا أَبَا عَمْرٍو لَيْسَ هَكَذَا الْحَدِيثُ فَقَالَ (لَهُ) الشَّعْبِيُّ يَا رَزِينُ مَا كَانَ أَحْوَجَكَ إِلَى مُحَدْرَجٍ شَدِيدِ

الْجِلْدِ لَيِّنِ المَهَزَّةِ عَظِيمِ الثَّمَرَةِ أَخَذَ مَا بَيْنَ مَغْرَزِ عُنُقٍ إِلَى عَجَبِ ذَنْبٍ يُوضَعُ مِنْكَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَتَكْثُرُ لَهُ رَقَصَاتُكَ مِنْ غَيْرِ جَذْلٍ فَلَمْ يَدْرِ مَا قَالَ لَهُ فَقَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ شَيْءٌ لَنَا فِيهِ أَرَبٌ وَلَكَ فِيهِ أَدَبٌ وَمَنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي مَدْحِ الْبَلَاغَةِ مِنَ النَّظْمِ قَوْلُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فِي ابْنِ عَبَّاسٍ ... صَمُوتٌ إِذَا مَا الصَّمْتُ زَيَّنَ أَهْلَهُ ... وَفَتَّاقُ أَبْكَارِ الْكَلَامِ الْمُخَتَّمِ ... ... وَعَى مَا وَعَى الْقُرْآنُ مِنْ كُلِّ حِكْمَةٍ ... وَنِيطَتْ لَهُ الْآدَابُ بِاللَّحْمِ وَالدَّمِ ... وَقَالَ ثَعْلَبٌ لَا أَعْرِفُ فِي حُسْنِ صِفَةِ الْكَلَامِ أَحْسَنَ مِنْ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ وَهُمَا لعدي بن الحرث التيمي

كَأَنَّ كَلَامَ النَّاسِ جُمِّعَ عِنْدَهُ ... فَيَأْخُذُ مِنْ أَطْرَافِهِ يَتَخَيَّرُ ... ... فَلَمْ يَرْضَ إِلَّا كُلَّ بِكْرٍ ثَقِيلَةٍ ... تَكَادُ بَيَانًا مِنْ دَمِ الْجَوْفِ تَقْطُرُ ... قَالَ أَبُو عُمَرَ الْبَيْتَانِ اللَّذَانِ قَبْلَهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا وَلِحَسَّانٍ أَيْضًا فِي ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَيُرْوَى لِلْحُطَيْئَةِ ... إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرُكْ مَقَالًا لِقَائِلٍ ... بِمُنْتَظِمَاتٍ لَا تَرَى بَيْنَهَا فَصْلَا ... ... يَقُولُ مَقَالًا لَا يَقُولُونَ مِثْلَهُ ... كَنَحْتِ الصفا لم يبق في غاية فضلا ... ... كفى وَشَفَى مَا فِي النُّفُوسِ فَلَمْ يَدَعْ ... لِذِي إِرْبَةٍ فِي الْقَوْلِ جَدًّا وَلَا هَزْلَا ... ... فِي أبيات له

وَلِغَيْرِهِ فِيهِ أَيْضًا ... إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرُكْ صَوَابًا وَلَمْ يَقِفْ ... ... بِعَيٍّ وَلَمْ يُثْنِ اللِّسَانَ عَلَى هَجْرِ ... وَقَالَ بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ فِي خَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ ... ... عَلِيمٌ بِتَنْزِيلِ الْكَلَامِ مُلَقَّنٌ ... ذَكُورٌ لِمَا سَدَّاهُ أَوَّلَ أَوَّلَا ... ... تَرَى خُطَبَاءَ النَّاسِ يَوْمَ ارْتِجَالِهِ ... كَأَنَّهُمُ الْكِرْوَانُ عَايَنَّ أَجَدْلَا ... أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النَّحْوِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنِي صَخْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا وَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ جَهْلًا وَإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكَمًا

وَإِنَّ مِنَ الْقَوْلِ عِيَالًا فَقَالَ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا فَالرَّجُلُ يَكُونُ عَلَيْهِ الْحَقُّ فَهُوَ أَلْحَنُ بِالْحُجَجِ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ فَيُسْحِرُ الْقَوْمَ بِبَيَانِهِ فَيَذْهَبُ بِالْحَقِّ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ مِنَ الْعِلْمِ جَهْلًا فتكلف العالم إلى علمه مالا يَعْمَلُهُ فَيُجْهِلُهُ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكَمًا فَهِيَ هَذِهِ الْمَوَاعِظُ الَّتِي يَتَّعِظُ بِهَا النَّاسُ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ مِنَ الْقَوْلِ عِيَالًا فَعَرْضُكَ كَلَامَكَ وَحَدِيثَكَ عَلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ وَلَا يُرِيدُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إن من الشِّعْرِ حِكَمًا أَرَادَ حِكْمَةً وَذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ يَعْنِي الْحِكْمَةَ وَالنُّبُوَّةَ وَهَذَا أَعْرَفُ وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى شَاهِدٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثاني والأربعون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَأَرْبَعُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُنْقَطِعٌ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى وَهُوَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مِنْ رواية القعنبي وغيره مالك عن زيد ين أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكَلَالَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْآيَةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِي الصَّيْفِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى مُرْسَلًا وَتَابَعَهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَلَى إِرْسَالِهِ وَوَصَلَهُ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ فَقَالَا فِيهِ عَنْ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَمُصْعَبٌ وَمَعْنٌ وَابْنُ عُفَيْرٍ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى لَمْ يَقُولُوا عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي رِوَايَةِ أَسْلَمَ عَنْ مَوْلَاهُ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الِاتِّصَالِ وَقَدْ رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ كَمَا قَالَ يَحْيَى وَغَيْرُهُ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَحَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَلَاءٍ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الشَّامِيُّ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكَلَالَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْآيَةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِي الصَّيْفِ فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَسَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَالِمَ إِذَا سُئِلَ عَمَّا فِيهِ خَبَرٌ فِي الْكِتَابِ أَوْ فِي السُّنَّةِ وَيَكُونُ دَلِيلُ ذَلِكَ الْخِطَابِ بَيِّنًا أَنَّ لَهُ أَنْ يُحِيلَ السَّائِلَ عَلَيْهِ وَيَكِلَهُ إِلَى فَهْمِهِ فِيهِ إِذَا كَانَ السَّائِلُ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِهَذَا وَنَزَلَ تِلْكَ الْمَنْزِلَةَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ عُمُومِ اللَّفْظِ وَظَاهِرِهِ مَا لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ يَخُصُّهُ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى الْكَلَالَةِ فَأَمَّا أَهْلُ اللُّغَةِ فَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ كَلَالَةٌ هُوَ أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ وَلَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ قَالُوا وَقِيلَ هِيَ مَصْدَرٌ مِنْ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ أَيْ أَحَاطَ بِهِ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْإِكْلِيلُ وَهُوَ مَنْزِلَةٌ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ لِإِحَاطَتِهَا بِالْقَمَرِ إِذَا احْتَلَّ بِهَا وَمِنْهُ الْإِكْلِيلُ وَهُوَ التَّاجُ وَالْعِصَابَةُ الْمُحِيطَةُ بِالرَّأْسِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِإِحَاطَتِهِ بِالرَّأْسِ فَجَرَى لَفْظُ الْكَلَالَةِ مَجْرَى الشَّجَاعَةِ وَالسَّمَاحَةِ وَالْأَبُ وَالِابْنُ طَرَفَا الرَّجُلِ فَإِذَا ذَهَبَا تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ أَيْ أَحَاطَ بِهِ وَمِنْهُ قِيلُ رَوْضَةٌ مُكَلَّلَةٌ إِذَا حُفَّتْ بِالنُّورِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ اسْمٌ لِلْمُصِيبَةِ فِي تَكَلُّلِ النَّسَبِ وَأَنْشَدُوا

مَسْكَنُهُ رَوْضَةٌ مُكَلَّلَةٌ ... عَمَّ بِهَا الْأَيْهُقَانُ وَالذُّرَقُ ... يَعْنِي نَبْتَيْنِ وَقَالَ الْخَلِيلُ كَلَّ الرَّجُلُ كَلَالَةً إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَكَلَّلَ إِذَا ذَهَبَ وَرَوْضَةٌ مُكَلَّلَةٌ بِالنُّورِ أَيْ مَحْفُوفَةٌ بِهِ وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ وَالْأَثْرَمُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ الْكَلَالَةُ كُلُّ مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَبٌ أَوِ ابْنٌ أَوْ أَخٌ فَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ كَلَالَةٌ يُورَثُ كَلَالَةً مَصْدَرٌ مِنْ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ أَيْ أَحَاطَ بِهِ وَتَعَطَّفَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَمَنْ قَرَأَ يُورَثُ كَلَالَةً فَهُمُ الْعَصَبَةُ الرِّجَالُ الْوَرَثَةُ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي كَلَامَ أَبِي عُبَيْدَةَ هَذَا إِلَى آخِرِهِ ثُمَّ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنَّ تَكُونَ اللُّغَةُ تَحْتَمِلُ هَذَا كُلَّهُ يَعْنِي مَا ذَكَرَهُ عَنِ الْعُلَمَاءِ مِنْ قَوْلِهِمُ الْكَلَالَةُ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ إِلَى سَائِرِ مَا ذُكِرَ مِمَّا سَنَذْكُرُ أَكْثَرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ قَالَ إِسْمَاعِيلُ فَأُرِيدَ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ مَنْ لَا أَبَ لَهُ وَلَا جَدَّ وَأُرِيدَ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَإِنَّمَا أَوْجَبَ قَوْلُ مَنْ قَالَ فِي الْكَلَالَةِ فِي أَوَّلِ

سُورَةِ النِّسَاءِ أَنَّهُ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ لِأَنَّ الْجَدَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَمْنَعُ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ كَمَا مَنَعَهُمُ الْأَبُ وَلَمْ يُوجِبْ هَذَا أَنَّ الْجَدَّ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ مِنَ الْأَبِ لِأَنَّ الْبِنْتَ قَدْ مَنَعَتِ الْإِخْوَةَ مِنَ الْأُمِّ كَمَا مَنَعَهُمُ الْأَبُ وَالْجَدُّ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ مِنَ الْأَبِ وَقَدْ يَقُومُ الْوَارِثُ مَقَامَ الْوَارِثِ فِي مَنْعِ بَعْضِ الْوَارِثِينَ وَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي مَنْعِ كُلِّ مَا يَمْنَعُهُ الْآخَرُ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْمُصْعَبِ قَالَ قَالَ مَالِكٌ كُلُّ مَنْ تَرَكَ وَلَدًا ذَكَرًا أَوِ ابْنَ ابْنٍ ذَكَرٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُورَثْ كَلَالَةً وَإِنْ تَرَكَ ابْنَةً أَوِ ابْنَتَيْنِ فَإِنَّ الْبِنْتَيْنِ لَيْسَتَا بِكَلَالَةٍ وَالَّذِي وَرِثَ مَعَهُمَا كَلَالَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ الكلالة في هذاالموضع عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَمَعَانِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى هُمُ الْمُتَكَلِّلُونَ مِنَ الْوَرَثَةِ بِرَحِمِ الْمَيِّتِ مِمَّنْ لَمْ يَلِدِ الْمَيِّتَ وَلَا وَلَدَهُ الْمَيِّتُ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ حَوَالَيِ الْمَيِّتِ وَلَيْسُوا بِآبَائِهِ وَلَا بِأَبْنَائِهِ الَّذِينَ خَرَجَ مِنْهُمْ وَخَرَجُوا مِنْهُ فَهُمُ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَلِلْأُمِّ ثُمَّ بَعْدَهُمْ سَائِرُ الْعَصَبَةِ يَجْرُونَ مَجْرَاهُمْ وَلِذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْكَلَالَةُ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ وَأَمَّا ذكر أبي عبيدة الأخ هاهنا مَعَ الْأَبِ وَالِابْنِ فِي شَرْطِ الْكَلَالَةِ حَيْثُ قَالَ هُوَ كُلُّ مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَبٌ وَلَا ابْنٌ وَلَا أَخٌ

فَذِكْرُ الْأَخِ فِي ذَلِكَ غَلَطٌ لَا وَجْهَ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي شَرْطِ الْكَلَالَةِ غَيْرُهُ إِلَّا أَنَّ لِقَوْلِهِ وَجْهًا ضَعِيفًا يَخْرُجُ عَلَى مَعْنًى مِنْ مَعَانِي تَوْرِيثِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ بَعِيدٌ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْكَلَالَةِ وَسَنُبَيِّنُ خَطَأَ قَوْلِهِ ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدَ ذِكْرِ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ وَأَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فقال يا رَسُولَ اللَّهِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ قَالَ تَجْزِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ يَقُولُ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الصَّيْفِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عِيَاضٍ فَقُلْتُ لِأَبِي إسحاق

هُوَ الرَّجُلُ يَمُوتُ وَلَا يَدَعُ وَلَدًا وَلَا وَالِدًا قَالَ كَذَلِكَ ظَنَّ النَّاسُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ آيَةُ الْكَلَالَةِ وَآخِرُ سُورَةٍ نزلت سورة براة! وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضٌ فَتَوَضَّأَ فَصَبَّهُ عَلَيَّ فَقُلْتُ إِنَّهُ لَا يَرِثُنِي إِلَّا كَلَالَةً فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالُوا وَلَمْ يَكُنْ لِجَابِرٍ يَوْمَئِذٍ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ لِأَنَّ وَالِدَهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَنَزَلَتْ آيَةُ الْكَلَالَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ وَقَالَ سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ مَرِضْتُ فَجَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا مَاشِيَانِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَقْضِي فِي مَالِي كَيْفَ أَصْنَعُ فَلَمْ يُجِبْنِي حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْكَلَالَةِ وروى أشعث عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ اشتكيت

وَعِنْدِي سَبْعُ أَخَوَاتٍ لِي فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا جَابِرُ لَا أَرَاكَ مَيِّتًا مِنْ وَجَعِكَ هَذَا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ وَبَيَّنَ لِأَخَوَاتِكَ فَجَعَلَ لَهُنَّ الثُّلُثَيْنِ فَكَانَ جَابِرٌ يَقُولُ فِيَّ نَزَلَتْ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ وَرَوَى هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ اشْتَكَيْتُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَى آخِرِهِ سَوَاءً حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ الطَّبَّاعِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ حَفْصَةَ أَنْ تَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكَلَالَةِ فَأَمْهَلَتْ حَتَّى لَبِسَ ثِيَابَهُ ثُمَّ سَأَلَتْهُ فَأَمَّلَهُ عَلَيْهَا فِي كَتِفٍ وَقَالَ مَنْ أَمَرَكِ بِهَذَا أَعُمَرُ مَا أظنه فهمها أو لم تَكْفِهِ الْآيَةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِي الصَّيْفِ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ فَأَتَتْهُ حَفْصَةُ بِالْكَتِفِ فَجَعَلَ عُمَرُ يَقْرَأُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا فَقَالَ اللَّهُمَّ مَنْ فَهِمَهَا فَإِنِّي لَمْ أَفْهَمْهَا

وَرَوَى عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ نَزَلَتْ آيَةُ الْكَلَالَةِ عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فِي مَسِيرٍ لَهُ فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِحُذَيْفَةَ إِلَى جَنْبِهِ فَلَقَّنَهُ إِيَّاهَا فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا عُمَرُ فَلَقَّنَهُ إِيَّاهَا فَلَمَّا كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَنَظَرَ فِي الْكَلَالَةِ لَقِيَ حُذَيْفَةَ فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ حُذَيْفَةُ لَقَّنَنِيهَا (النَّبِيُّ)

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقَّنْتُكَ كَمَا لَقَّنَنِي وَاللَّهِ لَا أَزِيدُكَ عَلَى هَذَا أَبَدًا قَالَ أَبُو عُمَرَ طَعَنَ قَوْمٌ مِنَ الْمُلْحِدِينَ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَنَسَبُوهُ إِلَى قِلَّةِ الْفَهْمِ فَأَوْضَحُوا جَهْلَهُمْ وَكَشَفُوا قِلَّةَ فَهْمِهِمْ وَسَرَحُوا عَنْ بِدْعَتِهِمْ وَقَدْ عَرَفَ الْمُسْلِمُونَ مَوْضِعَ فَطِنَةِ عُمَرَ وَفَهْمِهِ وَذَكَائِهِ حَتَّى لَقَدْ كَانَ يَسْبِقُ التَّنْزِيلَ بِفِطْنَتِهِ فَيَنْزِلُ الْقُرْآنُ عَلَى ظَنِّهِ وَمُرَادِهِ وَهَذَا مَحْفُوظٌ مَعْلُومٌ عَنْهُ فِي غَيْرِ مَا قِصَّةٍ مِنْهَا نُزُولُ آيَةِ الْحِجَابِ وَآيَةِ فِدَاءِ الْأَسْرَى وَآيَةِ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى

وَآيَةِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَلَا يَجْهَلُ فَضَائِلَهُ وَمَوْضِعَهُ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلِعَمْرِي إِنَّ فِي هَذَا الْخَبَرِ عَنْهُ فِي الْكَلَالَةِ مَا يَزِيدُ فِي فَضْلِهِ وَيُوَضِّحُ عَنْ فَهْمِهِ وَمَنْزِلَتِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنه لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ يَقُومُ بِاسْتِخْرَاجِ التَّأْوِيلِ وَاسْتِنْبَاطِ الْمَعَانِي مِنَ التَّنْزِيلِ لَمَا رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا وَمِثْلَهُ إِلَى نَظَرِهِ وَاسْتِنْبَاطِهِ وَإِلَى بَصَرِهِ وَاسْتِخْرَاجِهِ وَلَمَا قَالَ لَهُ يَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِمَّنْ لَا يُدْرِكُ اسْتِخْرَاجَ التَّأْوِيلِ مِنْ ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ لَمَا كَفَتْهُ عِنْدَهُ الْآيَةُ وَلَبَيَّنَ لَهُ مَا يَحْتَاجُ مِنْ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَأَوْضَحَ لَهُ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ إِذْ كَانَ بَيَانُهُ وَاجِبًا لَازِمًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ

وَعَنْ شَرِيكٍ أَيْضًا عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَرَى الرَّأْيَ فَيَنْزِلُ بِهِ الْقُرْآنُ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عن مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ إِنِّي لَا أَدَعُ بَعْدِي شَيْئًا أَهَمَّ مِنَ الْكَلَالَةِ وَمَا رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مَا رَاجَعْتُهُ فِي الْكَلَالَةِ وَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ مُنْذُ صَاحَبْتُهُ مَا أَغْلَظَ لِي فِي الْكَلَالَةِ حَتَّى طَعَنَ بِأُصْبُعِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ يَا عُمَرُ أَمَا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ قَالَ قَالَ عُمَرُ لِأَنْ أَكُونَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَلَاثٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا عَنِ الْكَلَالَةِ وَذَكَرَ بَاقِي الحديث

وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ عَنِ الشَّعْبِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِ الْمَدِينَةِ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا عَهْدًا نَنْتَهِي إِلَيْهِ فِي الْجَدِّ وَالْكَلَالَةِ وَأَبْوَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَابْنِ عُمَرَ حِينَ طُعِنَ اعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ وَفَاتِي مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ مِنْ مَالِ اللَّهِ فَهُوَ حُرٌّ وَاعْلَمُوا أَنِّي لَمْ أَقُلْ فِي الْكَلَالَةِ شَيْئًا وَاعْلَمُوا أَنِّي لَمْ أَسْتَخْلِفْ أَحَدًا وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ الْكَلَالَةُ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ فَلَمَّا طُعِنَ قَالَ إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أُخَالِفَ أَبَا بَكْرٍ أَرَى الْكَلَالَةَ مَا عَدَا الْوَلَدِ

وَالْوَالِدِ وَرَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عُبَيْدٍ السَّلُولِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْكَلَالَةُ مَا خَلَا الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ وَرَوَى عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْكَلَالَةِ فَقَالَ مَا عَدَا الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ قُلْتُ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ فَغَضِبَ وَانْتَهَرَنِي وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنِ الْكَلَالَةِ فَقَالَ إِنِّي سَأَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ أَرَاهَا مَا خَلَا الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ قَالَ إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُرَّةَ قَالَ قَالَ عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ ثَلَاثٌ لَأَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَهُنَّ لَنَا أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا الْكَلَالَةُ وَالْخِلَافَةُ وَالرِّبَا (رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ بِإِسْنَادِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَبْدَ اللَّهِ)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَا الْكَلَالَةُ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ وَذَكَرَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ شَرِيكٍ وَزُهَيْرٍ وَأَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدٍ قَالَ مَا رَأَيْتُهُمْ إِلَّا وَقَدْ تَوَاطَئُوا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْكَلَالَةَ مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ قَالَ يَحْيَى وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ الْكَلَالَةُ مَا كَانَ سِوَى الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ مِنَ الْوَرَثَةِ إِخْوَةٌ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعَصَبَةِ كَذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالُوا الْكَلَالَةُ مَنْ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُوسَى بْنِ الْأَهْوَازِيِّ عَنْ أَبِي هِشَامٍ الرِّفَاعِيِّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ آدَمَ يَقُولُ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْكَلَالَةِ وَصَارَ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ مَا خَلَا الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ فَسَّرَ مَالِكٌ الْكَلَالَةَ في موطئه تفسيرا حسنا فَقَالَ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ الَّذِي لَا خِلَافَ فِيهِ وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا أَنَّ الْكَلَالَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ فَهَذِهِ (الْكَلَالَةُ) الَّتِي لَا يَرِثُ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ فِيهَا حَتَّى لَا يَكُونَ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ قَالَ مَالِكٌ وَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ قَالَ فَهَذِهِ (الْكَلَالَةُ) الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْإِخْوَةُ عَصَبَةً إِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ فَيَرِثُونَ مَعَ الْجَدِّ فِي الْكَلَالَةِ قَالَ وَالْجَدُّ يَرِثُ مَعَ الْإِخْوَةِ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْهُمْ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَرِثُ مَعَ ذُكُورِ بَنِي الْمُتَوَفَّى السُّدُسَ وَلَا يَرِثُ الْإِخْوَةُ مَعَهُمْ شَيْئًا قَالَ وَكَيْفَ لَا يَأْخُذُ مَعَ الْإِخْوَةِ وَهُوَ يَحْجِبُ بَنَى الْأُمِّ عَنِ الْمِيرَاثِ وَبَنُو الْأُمِّ يَأْخُذُونَ مَعَ الأخوة الثلث

قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْكَلَالَةَ فِي مَوْضِعَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ وَارِثًا غَيْرَ الْإِخْوَةِ فَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي فِي صَدْرِ سُورَةِ النِّسَاءِ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْإِخْوَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عُنِيَ بِهِمُ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْ لِلْأَبِ لَيْسَ مِيرَاثُهُمْ هَكَذَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ فَدَلَّ هَذَا مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ خَاصَّةً أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَارُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ قَائِفٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا يَقْرَأُ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمِّهِ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بن

عَطَاءٍ مِثْلَهُ بِإِسْنَادِهِ سَوَاءٌ وَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ قَوْلُهُ تَعَالَى يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَنَّ مِيرَاثَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ لَيْسَ هَكَذَا فَدَلَّ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ الْإِخْوَةَ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ وَدَلَّتِ الْآيَتَانِ جَمِيعًا أَنَّ الْإِخْوَةَ كُلَّهُمْ كَلَالَةٌ وَأَنَّهُمْ إِذَا وَرِثُوا الْمُتَوَفَّى فَإِنَّهُ يُورَثُ كَلَالَةً وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَلِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ مَنْ قَالَ مِنَ الصحابة أن من وِرَاثَةَ مَنْ عَدَا الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ كَلَالَةٌ (لِأَنَّ الْإِخْوَةَ إِذَا كَانُوا كَلَالَةً كَانَ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُمْ أَوْلَى أَنْ يُسَمَّى كَلَالَةً) وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمُسَمَّى بِالْكَلَالَةِ أَهْوَ الْمَيِّتُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ أَمْ وَرَثَتُهُ فَقَالَ أَكْثَرُ الْمَدَنِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ الْكَلَالَةُ الْوَرَثَةُ الَّذِينَ لَا وَلَدَ فِيهِمْ وَلَا وَالِدَ وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ الْكَلَالَةُ الْمَيِّتُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الْكَلَالَةُ الْمَيِّتُ الَّذِي لَا ولد له

وَلَا وَالِدَ وَالْحَيُّ الَّذِي لَيْسَ بِوَلَدِ الْمَيِّتِ وَلَا وَالِدِ وَهُوَ يَرِثُهُ هَذَا يُورَثُ بِالْكَلَالَةِ وَهَذَا يَرِثُ بِالْكَلَالَةِ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ الْكَلَالَةَ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ وَالْأُخْرَى مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ خَاصَّةً وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ قَوْلٌ شَاذٌّ قَالَ إِنَّ الْكَلَالَةَ الْمَالُ وَقَدْ قَرَأَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ يُورِّثُ كَلَالَةً بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِهَا وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَأَيُّوبُ يُورِثُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِهَا عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمَا وَعَلَى هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ لَا تَكُونُ الْكَلَالَةُ إِلَّا الْوَرَثَةَ وَالْمَالَ كَذَلِكَ حَكَى أَصْحَابُ الْمَعَانِي فَمَنْ قَرَأَ يُورَثُ بِفَتْحِ الرَّاءِ قَالَ هُوَ الْمَيِّتُ يُورَثُ كلالة وجعل نصب الكلالة على المصدر كَمَا تَقَدَّمَ لِأَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِ وَمَنْ قَرَأَ يُورِثُ كَلَالَةً بِكَسْرِ الرَّاءِ جَعَلَ الْكَلَالَةَ الْوَرَثَةَ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَعَ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ حَدِيثُ جَابِرٍ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَوْلُهُ لَا يَرِثُنِي إِلَّا كَلَالَةً

وَقَالَ الطَّبَرِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ الْكَلَالَةَ هُمُ الَّذِي يَرْثُونَ الْمَيِّتَ مِنْ عَدَا وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ لِصِحَّةِ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا يَرِثُنِي كَلَالَةً وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سعد بن أبي وقاص في حديث الوصية بالثلث نَحْوَ هَذَا اللَّفْظِ وَلَا يَصِحُّ وَقَرَأَ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ يُورَثُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

الحديث الثالث والأربعون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَأَرْبَعُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ عَرَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً بِطَرِيقٍ مَكَّةَ وَوَكَّلَ بِلَالًا أَنْ يُوقِظَهُمْ لِلصَّلَاةِ فَرَقَدَ بِلَالٌ وَرَقَدُوا حَتَّى اسْتَيْقَظُوا وَقَدْ طَلَعَتْ عَلَيْهِمُ الشَّمْسُ فَاسْتَيْقَظَ الْقَوْمُ وَقَدْ فَزِعُوا فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْكَبُوا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي وَقَالَ إِنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ فَرَكِبُوا حَتَّى خَرَجُوا مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي ثُمَّ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن ينزلوا وأن يتوضأوا وَأَمَرَ بِلَالًا أَنْ يُنَادِيَ بِالصَّلَاةِ أَوْ يُقِيمَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ وَقَدْ رَأَى مِنْ فَزَعِهِمْ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا وَلَوْ شَاءَ لَرَدَّهَا إِلَيْنَا فِي حين غير هَذَا فَإِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ أَتَى بِلَالًا وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فَأَضْجَعَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُهَدِّئُهُ كَمَا يُهَدَّأُ الصَّبِيُّ (حَتَّى نَامَ) ثُمَّ دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَأَخْبَرَ بِلَالٌ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوطَآتِ لَمْ يُسْنِدْهُ عَنْ زَيْدٍ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَقَدْ جَاءَ مَعْنَاهُ مُتَّصِلًا مُسْنَدًا مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ ثَابِتَةٍ فِي نَوْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي سَفَرِهِ رَوَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَظُنُّهَا قِصَّةٌ لَمْ تَعْرِضْ لَهُ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِيمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآثَارُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّ بَعْضَهَا فِيهِ مَرْجِعُهُ مِنْ خَيْبَرَ كَذَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي حَدِيثِهِ هَذَا وَهُوَ أَقْوَى مَا يُرْوَى فِي

ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَوْلُ زيد بن ثابت حَدِيثُهُ هَذَا بِطْرِيقِ مَكَّةَ لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِأَنَّ طَرِيقَ خَيْبَرَ وَطَرِيقَ مَكَّةَ مِنَ الْمَدِينَةِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا وَرُبَّمَا جَعَلَتْهُ الْقَوَافِلُ وَاحِدًا وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ هَذَا مُرْسَلٌ وَلَيْسَ مِمَّا يُعَارِضُ حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ (مَنْ يُوقِظُنَا فَقُلْتُ أَنَا أُوقِظُكُمْ) وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ قِصَّةِ بِلَالٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَهُ أَيْقِظْنَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُجِيبَهُ إِلَى ذَلِكَ وَيَأْمُرَ بِلَالًا وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ

زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةَ وَهُوَ زَمَنٌ وَاحِدٌ فِي عَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ مُنْصَرَفُهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ مَضَى إِلَى خَيْبَرَ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَفَتَحَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ وَفِي الْحُدَيْبِيَةِ نَزَلَتْ وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً يَعْنِي خَيْبَرَ وَكَذَلِكَ قَسَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ وَرَوَى خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ فِي جَيْشِ الْأُمَرَاءِ وَهَذَا وَهْمٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِأَنَّ جَيْشَ الْأُمَرَاءِ كَانَ فِي غَزَاةِ مُؤْتَةَ وَكَانَتْ سَرِيَّةً لَمْ يَشْهَدْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْأَمِيرَ عَلَيْهَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ثُمَّ جَعْفَرُ بْنُ أبي طالب ثم عبد الله بن رواحة وَفِيهَا قُتِلُوا رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَلَى غَيْرِ مَا رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ وَمَا قَالُوهُ فَهُوَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ الصَّوَابُ دُونَ مَا قَالَهُ خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ وَقَدْ قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهَا كَانَتْ غَزْوَةَ تَبُوكٍ وَهَذَا لَا يَصِحُّ وَالْآثَارُ الصِّحَاحُ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ مُسْنَدَةٌ ثَابِتَةٌ

وَقَوْلُهُ مُرْسَلٌ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهَا غَزْوَةُ تَبُوكٍ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ فِي مَضْجَعِهِ ذَلِكَ بِالْأُولَى ثُمَّ مَشَوْا قَلِيلًا ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّوُا الصُّبْحَ وَسَنَذْكُرُ فِي هَذَا الْبَابِ جَمِيعَ هَذِهِ الْآثَارِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَوْمُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَمْرٌ خَارِجٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَنْ عَادَتِهِ وَطِبَاعِهِ وَطِبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ وَأَظُنُّ الْأَنْبِيَاءَ مَخْصُوصِينَ بِأَنْ تَنَامَ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامَ قُلُوبُهُمْ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا كَانَ نَوْمُهُ ذَلِكَ لِيَكُونَ سُنَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنُونَ كَيْفَ حُكْمُ مَنْ نَامَ

عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا وَهُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنِّي لَأَنْسَى أَوْ أُنَسَّى لِأَسُنَّ وَالَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ جِبِلَّتُهُ وَعَادَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يُخَامِرَ النَّوْمُ قَلْبَهُ وَلَا يُخَالِطَ نَفْسَهُ وَإِنَّمَا كَانَتْ تَنَامُ عَيْنُهُ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي وَهَذَا عَلَى الْعُمُومِ لِأَنَّهُ جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ تَنَامُ أَعْيُنُنَا وَلَا تَنَامُ قُلُوبُنَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِذَلِكَ لِأَنَّهَا خَصْلَةٌ لَمْ يَعِدْهَا فِي السِّتِّ الَّتِي أُوتِيَهَا وَلَمْ يُؤْتَهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ مِنْهُ مَا أَرَادَ لِيُبَيِّنَ لِأُمَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَضَ رُوحَهُ وَرُوحَ مَنْ مَعَهُ فِي نَوْمِهِمْ ذَلِكَ وَصَرَفَهَا إِلَيْهِمْ بَعْدَ طُلُوعِ الشمس ليبن لَهُمْ مُرَادَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ وَهُوَ

وَاضِحٌ وَالْمُخَالِفُ فِيهِ مُبْتَدَعٌ وَلِلْكَلَامِ عَلَيْهِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بن الْخَضِرِ الْأَسْيُوطِيُّ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَرَّسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ التَّعْرِيسَ نُزُولُ الْمُسَافِرِينَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَلَا يُقَالُ لِمَنْ نَزَلَ أَوَّلُ اللَّيْلِ عَرَّسَ وَأَمَّا قَوْلُهُ يُهَدِّئُهُ كَمَا يُهَدَّأُ الصَّبِيُّ فَمَعْنَاهُ يُسَكِّنُهُ وَيُعَلِّلُهُ حَتَّى

نَامَ وَرَوَى أَهْلُ الْحَدِيثِ هَذِهِ اللَّفْظَةَ بِتَرْكِ الْهَمْزِ وَأَصْلُهَا الْهَمْزُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَرِمَةَ ... خَوْدٌ تُعَاطِيكَ بَعْدَ رَقْدَتِهَا ... إِذَا تُلَاقِي الْعُيُونَ مَهْدَؤُهَا ... وَمِنْهُ الْحَدِيثُ إِيَّاكُمْ وَالسَّمَرَ بَعْدَ هَدْأَةِ الرَّجُلِ وَفِي فَزَعِ أَصْحَابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انْتَبَهُوا لِمَا فَاتَهُمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى مَا كَانَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ مِنَ الْوَجَلِ وَالْإِشْفَاقِ وَالْخَوْفِ لِرَبِّهِمْ وَأَظُنُّهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَمْ يَكُونُوا عَلِمُوا أَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنِ النَّائِمِ وَأَنَّ الْإِثْمَ عَنْهُ سَاقِطٌ لِأَنَّهُمْ بُعِثَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا فَعَرَّفَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْإِثْمَ عَنِ النَّائِمِ وَالنَّاسِي سَاقِطٌ وَأَنَّ الصَّلَاةَ غَيْرُ سَاقِطَةٍ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِعْلُهَا مَتَى مَا انْتَبَهَ وَذَكَرَهَا وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ فَزَعَهُمْ كَانَ لِخَوْفِ عَدْوِهِمْ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآثَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَعْرِفُ أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ مُنْصَرَفَهُ مِنْ خَيْبَرَ أَوْ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ كَانَ انْصِرَافَ خَائِفٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ مَا يَبِينُ بِهِ تَأْوِيلُنَا لِأَنَّ فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ

وَقَدْ رَأَى مِنْ فَزَعِهِمْ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا الْحَدِيثَ فَآَنَسَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ مَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا قَضَاهَا إِذَا انْتَبَهَ أَوْ ذَكَرَ وَقَالَ لَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ لَيْسَ التَّفْرِيطُ فِي النَّوْمِ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى وَقَدْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ كُسِفَتِ الشَّمْسُ إِلَى الصَّلَاةِ فَزِعًا يَجُرُّ ثَوْبَهُ رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ وَغَيْرُهُ وَذَلِكَ خَوْفٌ لِرَبِّهِ وَشَفَقَةٌ مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ وَأَمَّا خُرُوجُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي وَتَرْكُهُ الصَّلَاةَ فِيهِ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ مَا بَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ إِنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ الشَّيْطَانَ أَتَى بِلَالًا فَلَمْ يَزَلْ يُهَدِّئُهُ كَمَا يُهَدَّأُ الصَّبِيُّ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرُّكُوبِ وَالْإِسْرَاعِ وَالْخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي لِأَنَّهُ وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ تَشَاؤُمًا بِذَلِكَ الْوَادِي أَوْ لِمَا شَاءَ اللَّهُ

مِمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قال في هذا الحديث أخرجوا عن هذاالموضع الَّذِي أَصَابَتْكُمْ فِيهِ الْغَفْلَةُ ذَكَرَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ نَهْيِهِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَقَوْلُهُ إِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ جِنٍّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُصَلِيَّ بِأَرْضِ بَابِلَ فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا كَرَاهِيَتُهُمْ لِلصَّلَاةِ فِي مَوْضِعِ الْخَسْفِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَرَّ بِالْحِجْرِ مِنْ ثَمُودَ لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ لَا يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَتَى وَادِيَ ثَمُودَ أَمَرَ النَّاسَ فَأَسْرَعُوا وَقَالَ هَذَا وَادٍ مَلْعُونٌ وَرَوِيٌّ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْعَجِينِ فَطُرِحَ فَهَذَا كُلُّهُ بَابٌ وَاحِدٌ لَا تُدْرَى عِلَّتُهُ حَقِيقَةً فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ خُصُوصًا مَرْدُودًا إِلَى الْأُصُولِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا وَالدَّلَائِلِ الصَّحِيحِ مَجِيئُهَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْعِلَّةُ فِي خُرُوجِهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي أَنَّهُ انْتَبَهَ وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ وَذَلِكَ وَقْتٌ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ لَا تَجُوزَ الصَّلَاةُ فِيهِ لَا نَافِلَةٌ وَلَا فَرِيضَةٌ عِنْدَهُمْ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَذَلِكَ عِنْدَهُمْ عَلَى الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ عَلَى حَسَبِ نَهْيِهِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطَرِ وَالْأَضْحَى فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَصُومَ فِيهِ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا وَاحْتَجُّوا بِأَشْيَاءَ يَطُولُ ذِكْرُهَا مِنْهَا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَبْرُزَ وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَغِيبَ قَالُوا وَهَذَا عَلَى الْفَرِيضَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ هَذَا وَذَكَرْنَا الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَنْتَبِهْ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَّا وَالشَّمْسُ لَهَا حَرَارَةٌ وَلَا يَكُونُ لِلشَّمْسِ حَرَارَةٌ إِلَّا وَقَدِ ارْتَفَعَتْ وَجَازَتِ الصَّلَاةُ عِنْدَ الْجَمِيعِ فَبَطَلَ تأويلهم

هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْخَبَرَ وَغَيْرَهُ مِنْ شَكْلِهِ فِي هَذَا الْبَابِ بِعَوْنِ اللَّهِ وَتَأَوَّلُوا فِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا أَنَّ ذَلِكَ إِعْلَامٌ مِنْهُ بِأَنَّهَا غَيْرُ سَاقِطَةٍ عَنِ النَّائِمِ وَالنَّاسِي لَا أَنَّهَا تُصَلَّى فِي وَقْتِ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيثِ يُبِيحُ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَهَذَا نَصٌّ يَقْطَعُ الِارْتِيَابَ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِنَا فِيهِ مَا يُغْنِي عن إعادته ها هنا وَجَاءَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي مَوْضِعِهِ ذَلِكَ رَكْعَتِي الْفَجْرِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ فِي بعض

أَسْفَارِهِ فَسَارُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانُوا فِي آخِرِ اللَّيْلِ نَزَلُوا لِلتَّعْرِيسِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُوقِظُنَا لِلصُّبْحِ فَقَالَ بِلَالٌ أَنَا فَتَوَسَّدَ بِلَالٌ ذِرَاعَهُ فَلَمْ يَسْتَيْقِظُوا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي مُعَرَّسِهِ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ أَيُّ سَفَرٍ هُوَ قَالَ لَا أَدْرِي قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ عَطَاءٍ هَذَا مَا يَدُلُّ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُؤَخِّرْ صَلَاةَ الصُّبْحِ يَوْمَئِذٍ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي لِمَا زَعَمَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ أَنَّهُ انْتَبَهَ فِي وَقْتٍ لَا تَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتِي الْفَجْرِ ثُمَّ مَشَى سَاعَةً وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي تَجُوزُ فِيهِ النَّافِلَةُ فَالْفَرِيضَةُ أَحْرَى أَنْ تَجُوزَ فِيهِ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ مَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي سَفَرِهِ ثُمَّ انْتَبَهَ لَزِمَهُ الزَّوَالُ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِنْ كَانَ وَادِيًا خَرَجَ عَنْهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّيْطَانَ أَتَى بِلَالًا وَقَوْلِهِ اركبوا واخرجوا

مِنَ هَذَا الْوَادِي فَإِنَّهُ وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ قَالُوا فَكُلُّ مَوْضِعٍ يُصِيبُ الْمُسَافِرِينَ أَوْ غَيْرَهُمْ فِيهِ مِثْلُ مَا أَصَابَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنَ النَّوْمِ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا فَوَاجِبٌ الْخُرُوجُ عَنْهُ وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ شَيْطَانٍ وَمَوْضِعٌ مَلْعُونٌ وَنَزَعُوا بِنَحْوِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنَ الْعِلَلِ وَقَالَ مِنْهُمْ آخَرُونَ أَمَّا ذَلِكَ الْوَادِي وَحْدَهُ إِنْ عُلِمَ وَعَرَضَ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ الْعَارِضِ فَوَاجِبٌ الْخُرُوجَ مِنْهُ عَلَى مَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ وَأَمَّا سَائِرُ الْمَوَاضِعِ فَلَا وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ وَحْدَهُ مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَهَذَا عَلَى عُمُومِهِ لَمْ يَخُصَّ مَوْضِعًا مِنْ مَوْضِعٍ إِلَّا مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ الْوَادِي خَاصَّةً وَقَالَ آخَرُونَ كُلُّ مَنِ انْتَبَهَ إِلَى صَلَاةٍ مِنْ نَوْمٍ أَوْ ذَكَرَ بَعْدَ نِسْيَانٍ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ صَلَاتَهُ بِأَعْجَلِ مَا يُمْكِنُهُ وَيُصَلِّيَهَا كَمَا أُمِرَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَادِيًا كَانَ أَوْ غَيْرَ وَادٍ إِذَا كَانَ الْمَوْضِعُ طَاهِرًا وَسَوَاءٌ ذَلِكَ

الْوَادِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ خُصُوصًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يَعْلَمُ مِنْ حُضُورِ الشَّيْطَانِ فِي الْمَوْضِعِ مَا لَا يَعْلَمُ غَيْرُهُ وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَلَمْ يَخُصَّ ذَلِكَ الْوَادِيَ مِنْ غَيْرِهِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ فَحْلُونَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ سَمِعْتُ مُطَرِّفًا وَابْنِ الْمَاجِشُونِ يَقُولَانِ لَا يلزم الناس أن يقتادوا شيئا إذااستيقظوا فِي أَسْفَارِهِمْ وَقَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مِنْ ذَلِكَ مَا عِلْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَا وَمَنِ ابْتُلِيَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَادِي أَوْ غَيْرِهِ صَلَّى فِيهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ ذَلِكَ الْوَادِيَ وَغَيْرَهُ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ جَائِزٌ أَنْ يُصَلَّى فِيهَا كُلِّهَا مَا لَمْ تَكُنْ فِيهَا نَجَاسَةٌ مُتَيَقَّنَةٌ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا مَعْنَى لِاعْتِلَالِ مَنِ اعْتَلَ بِأَنَّ مَوْضِعَ النَّوْمِ عَنِ الصَّلَاةِ مَوْضِعُ شَيْطَانٍ وَمَوْضِعٌ مَلْعُونٌ

لَا يَجُوزُ أَنْ تُقَامَ فِيهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْفَكُّ عَنِ الشَّيَاطِينِ وَلَا الْمَوْضِعِ الَّذِي تَحْضُرُهُ الشَّيَاطِينُ وَكُلُّ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنَ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ وَبِأَرْضِ بَابِلَ وَفِي الْحَمَّامِ وَفِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَالْخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِي هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ كُلُّ ذَلِكَ عِنْدَنَا مَنْسُوخٌ وَمَدْفُوعٌ بِعُمُومِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَقَوْلُهُ هَذَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْبِرًا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ فَضَائِلِهِ وَمِمَّا خُصَّ بِهِ وَفَضَائِلُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَجُوزُ عَلَيْهَا النَّسْخُ وَلَا التَّبْدِيلُ وَلَا النَّقْصُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُوتِيَتُ خَمْسًا وَقَدْ رُوِيَ سِتٌّ وَقَدْ رُوِيَ ثَلَاثٌ وَأَرْبَعٌ وَهِيَ تَنْتَهِي إِلَى أَزْيَدَ مِنْ سَبْعٍ قَالَ فِيهِنَّ لَمْ يُؤْتَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي بُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيْرَ الْأُمَمِ وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحُلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَجُعِلَتْ لِيَ

الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَأُوتِيتُ الشَّفَاعَةَ وَبُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ وَبَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أُوتِيتُ بِمَفَاتِيحِ كُنُوزِ الْأَرْضِ فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْ وَأُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ وَهُوَ خَيْرٌ كَثِيرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي وَهُوَ حَوْضٌ ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عددالنجوم مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا وَخُتِمَ بي النبيئون وَهَذِهِ الْمَعَانِي رَوَاهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُ بَعْضَهَا وَيَذْكُرُ بَعْضُهُمْ مَا لَمْ يَذْكُرِ الْآخَرُونَ وَهِيَ صِحَاحٌ كُلُّهَا وَإِنْ لَمْ تَجْتَمِعْ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ فَهِيَ فِي أَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ ثَابِتَةٍ وَجَائِزٌ عَلَى فَضَائِلِهِ الزِّيَادَةُ وَغَيْرُ جَائِزٍ فِيهَا النُّقْصَانُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا ثُمَّ كَانَ نَبِيًّا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ رَسُولًا وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ عَبْدًا قَبْلَ أَنْ أَكُونَ نَبِيًّا وَنَبِيًّا قَبْلَ أَنْ أَكُونَ رَسُولًا وَقَالَ مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ثُمَّ نَزَلَتْ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ

وَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَهُ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ فَقَالَ ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ أَنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى وَقَالَ السَّيِّدُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ فَفَضَائِلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَزَلْ تَزْدَادُ إِلَى أن قبضه الله فمن هاهنا قُلْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهَا النَّسْخُ وَلَا الِاسْتِثْنَاءُ وَلَا النُّقْصَانُ وَجَائِزٌ فِيهَا الزِّيَادَةُ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَطَهُورًا أَجَزْنَا الصَّلَاةَ فِي الْمَقْبَرَةِ وَفِي الْحَمَّامِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنَ الْأَرْضِ إِذَا كَانَ طَاهِرًا مِنَ الْأَنْجَاسِ لِأَنَّهُ عُمُومَ فَضِيلَةٍ لَا يَجُوزُ عَلَيْهَا الْخُصُوصُ وَلَوْ صَحَّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ فَكَيْفَ وَفِي إِسْنَادِ هذا

الْخَبَرِ مِنَ الضَّعْفِ مَا يَمْنَعُ الِاحْتِجَاجَ بِهِ فَلَوْ صَحَّ لَكَانَ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا لِقَوْلِهِ جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَيَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ فَيَكُونُ زِيَادَةً فِيمَا فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ جُعِلَتِ الْأَرْضُ كُلُّهَا لَنَا مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا طَهُورًا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ عُثْمَانَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارُ هُوَ أَبُو الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الْفَقِيرُ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي

نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا قَالَ وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ سَيَّارٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُضِّلْتُ بِأَرْبَعٍ جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قال حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ سَمِعَ أَبَاهُ سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ

الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَإِنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا مَسْجِدٌ مُخْتَصَرًا وَعَنِ الْأَعْمَشِ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فِي تَعْدِيدِ فَضَائِلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي مُوسَى وَحُذَيْفَةَ وَهِيَ آثَارٌ كُلُّهَا صِحَاحٌ ثَابِتَةٌ كَرِهْتُ ذِكْرَهَا بِأَسَانِيدِهَا خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ وَقَدْ ذَكَرَهَا كُلَّهَا أَوْ أَكْثَرَهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْفَضَائِلِ مِنَ مُصَنَّفِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ الْمَقْبَرَةِ فَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ أَزْهَرَ فَمَرَّةً قَالَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ الْمُرَادِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْغِفَارِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَمُرَّةَ قَالَ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ أَزْهَرَ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْغِفَارِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ نَهَانِي حِبِّي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُصَلِّيَ فِي الْمَقْبَرَةِ وَنَهَانِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي أَرْضِ بَابِلَ فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَهُوَ مَعَ هَذَا مُنْقَطِعٌ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَمَّارٌ والحجاج

وَيَحْيَى مَجْهُولُونَ لَا يُعْرَفُونَ (بِغَيْرِ هَذَا) وَابْنُ لَهِيعَةَ وَيَحْيَى بْنُ أَزْهَرَ ضَعِيفَانِ لَا يُحْتَجُّ بِهِمَا وَلَا بِمَثَلِهِمَا وَأَبُو صَالِحٍ هَذَا هُوَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْغِفَارِيُّ مِصْرِيٌّ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ أَيْضًا وَلَا يَصْحُّ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ عَلِيٍّ وَفِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ قَوْلِهِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ حَدِيثٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ رَوَاهُ أبو نعيم الفضل بن ذكين قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي الْحُرِّ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْعَنْبَسِ حُجْرُ بْنُ عَنْبَسٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ فَلَمَّا جَاوَزْنَا سُورًا وَقَعَ بِأَرْضِ بَابِلَ قُلْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمْسَيْتَ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ فَأَبَى أَنْ يُكَلِّمَ أَحَدًا قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَيْسَ قَدْ أَمْسَيْتَ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي لَا أُصَلِّي فِي أَرْضٍ خَسَفَ اللَّهُ بِهَا وَالْمُغَيَّرَةُ بْنُ أَبِي الْحُرِّ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ قَالَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ وَحُجْرُ بْنُ عَنْبَسٍ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِي النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ حَدِيثٌ آخَرُ أَيْضًا رَوَاهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

قَالَ الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ به عند من لا يرى المرسل حُجَّةٌ وَلَيْسَ مِثْلُهُ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ وَلَوْ ثَبَتَ كَانَ الْوَجْهُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا وَلَسْنَا نَقُولُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُنْتَحِلِينَ لِمَذْهَبِ الْمَدَنِيِّينَ إِنَّ الْمَقْبَرَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ أُرِيدَ بِهَا مَقْبَرَةُ الْمُشْرِكِينَ خَاصَّةً وَهَذَا قَوْلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا خَبَرٍ صَحِيحٍ وَلَا لَهُ مُدْخَلٌ فِي الْقِيَاسِ وَلَا فِي الْمَعْقُولِ وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ فَحْوَى الْخِطَابِ وَلَا خَرَجَ عَلَيْهِ الْخَبَرُ وَاحْتَجَّ قائل هذاالقول بِمَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُصَلَّى فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ فِي الْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَالْمَقْبَرَةِ وَمَحَجَّةِ الطَّرِيقِ وَالْحَمَّامِ وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَفَوْقَ بَيْتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهَذَا حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ زَيْدُ بْنُ جُبَيْرَةَ

وَأَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا الْحَدِيثُ مُسْنَدًا إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرَةَ وَقَدْ كَتَبَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ يَسْأَلُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ لَا أَعْلَمُ مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا عَنْ نَافِعٍ إِلَّا قَدْ قَالَ عَلَيْهِ الْبَاطِلَ ذَكَرَهُ الْحُلْوَانِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنِ اللَّيْثِ فَصَحَّ بِهَذَا وَشَبَهِهِ أَنَّ الْحَدِيثَ مُنْكَرٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمِثْلِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصُ مَقْبَرَةِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ غَيْرِهَا وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَفِيهِ مِنَ الْعِلَّةِ مَا وَصَفْنَا وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْمَقْبَرَةُ وَالْحَمَّامُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُرَدَّ ذَلِكَ إِلَى مَقْبَرَةٍ دُونَ مَقْبَرَةٍ أَوْ حَمَّامٍ دُونَ حَمَّامٍ بِغَيْرِ تَوْقِيفِ عَلَيْهِ وَلَا يَخْلُو تَخْصِيصُ مَنْ خَصَّصَ مَقْبَرَةَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَجْلِ اخْتِلَافِ الْكُفَّارِ إِلَيْهَا بِأَقْدَامِهِمْ فَلَا مَعْنَى لِخُصُوصِ الْمَقْبَرَةِ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ هُمْ فِيهِ بِأَجْسَامِهِمْ وَأَقْدَامِهِمْ فَهُوَ كَذَلِكَ وَقَدْ

جَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَا لَا مَعْنَى لَهُ أَوْ يَكُونَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا بُقْعَةُ سُخْطٍ فَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَبْنِيَ مَسْجِدَهُ فِي مَقْبَرَةِ الْمُشْرِكِينَ وَيَنْبُشُهَا وَيُسَوِّيَهَا وَيَبْنِيَ عَلَيْهَا وَقَدْ أَجَازَ الْعُلَمَاءُ الصَّلَاةَ فِي الْكَنِيسَةِ إِذَا بُسِطَ فِيهَا ثَوْبٌ طَاهِرٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَنِيسَةَ أَقْرَبُ إِلَى أَنْ تَكُونَ بُقْعَةَ سُخْطٍ مِنَ الْمَقْبَرَةِ لِأَنَّهَا بُقْعَةٌ يُعْصَى اللَّهُ وَيُكْفَرُ بِهِ فِيهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَقْبَرَةَ وَقَدْ وَرَدَتِ السُّنَّةُ بِإِبَاحَةِ اتِّخَاذِ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ مَسَاجِدَ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُصَلِّي فِي الْبَيْعَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَمَاثِيلُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْكَنِيسَةِ إِذَا كَانَ فِيهَا تَمَاثِيلُ وَرَوَى أَيُّوبُ وَعَبِيدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ صَنَعَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ النَّصَارَى طَعَامًا وَدَعَاهُ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّا لَا نَدْخُلُ كَنَائِسَكُمْ وَلَا نُصَلِّي فِيهَا مِنْ أَجْلِ مَا فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ وَالتَّمَاثِيلِ فَلَمْ يَكْرَهْ عُمَرُ وَلَا ابْنُ عَبَّاسٍ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ أَجْلِ مَا فِيهَا مِنَ التَّمَاثِيلِ وَحَكَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَا لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي الْبَيْعَةِ

وَأَمَّا جُثَثُ الْمَوْتَى فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا كُلَّهَا سَوَاءٌ وَيَتَحَفَّظُ عِنْدَ غُسْلِ الْمَيِّتِ مِنْ أَنْ يَطِيرَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ قَوْلَ ابْنِ مَسْعُودٍ (لَا تَنْجَسُوا مِنْ مَوْتَاكُمْ (1)) عَلَى أَنَّ جُثَثَ الْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً طَاهِرَةٌ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ الْمُرَجَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ بْنِ أَبِي الْعَاصِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ مَسْجِدَ الطَّائِفِ حَيْثُ كَانَتْ طَوَاغِيتُهُمْ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ طلق عَنْ أَبِيهِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ مُلَازِمِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ عَنْ

قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَحَدِيثُ هَنَّادٍ أَتَمُّ قَالَ خَرَجْنَا وَفْدًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فبايعناه وصلينا معه وأخبرنا أَنَّ بِأَرْضِنَا بَيْعَةً لَنَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَإِذَا أَتَيْتُمْ أَرْضَكُمْ فَاكْسِرُوا بَيْعَتَكُمْ وَاتَّخِذُوهَا مَسْجِدًا مُخْتَصَرًا وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ عَلَى مَقْبَرَةِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا كَانَ الْمَوْضِعُ طَيِّبًا طَاهِرًا نَظِيفًا جَائِزٌ وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي كَنِيسَةٍ أَوْ بَيْعَةٍ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ أَنَّ صَلَاتَهُ مَاضِيَةٌ جَائِزَةٌ وَقَدْ كَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الصَّلَاةَ فِي الْمَقْبَرَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ لِمُسْلِمِينَ أَوْ مُشْرِكِينَ لِلْأَحَادِيثِ الْمَعْلُولَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا وَلِحَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ وَلَا تَجْلِسُوا

عَلَيْهَا وَهَذَانِ حَدِيثَانِ ثَابِتَانِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِمَا لِأَنَّهُمَا مُحْتَمِلَانِ لِلتَّأْوِيلِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ طَاهِرٍ إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا وَمِمَّنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ فِي الْمَقْبَرَةِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِنْ صَلَّى فِي الْمَقْبَرَةِ لَمْ يَعُدْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ صَلَّى أَحَدٌ فِي الْمَقْبَرَةِ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ نَجَاسَةٌ أَجْزَأَهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ أَحَدٌ مِنَ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَ مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ إِلَّا مَا حَكَيْنَا مِنْ خَطَلِ الْقَوْلِ الَّذِي لَا يُشْتَغَلُ بِمِثْلِهِ وَلَا وَجْهَ لَهُ فِي نَظَرٍ وَلَا فِي صَحِيحِ أَثَرٍ لِأَنَّ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ فِي الْمَقْبَرَةِ كَرِهَهَا فِي كُلِّ مَقْبَرَةٍ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَعُمُومِهِ وَمَنْ أَبَاحَ الصَّلَاةَ فِيهَا دَفَعَ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّأْوِيلِ وَالِاعْتِلَالِ وَقَدْ بَنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِدَهُ فِي مَقْبَرَةِ الْمُشْرِكِينَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا

مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي الْتَّيَّاحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْمَعْنَى وَاحِدٌ وَاللَّفْظُ مُتَقَارِبٌ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ أَعْلَى الْمَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَأَقَامَ فِيهَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ فجاؤوا متقلدين بسوفهم قَالَ أَنَسٌ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ وَمَلَأَ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفَنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَأَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا فَقَالُوا وَاللَّهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَنَسٌ فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ كَانَتْ فِيهِ قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ وَخِرَبٌ وَنَخْلٌ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وَيَرْتَجِزُونَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ وَيَقُولُونَ ... اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَهْ ... ... فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْتَّيَّاحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْتَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ مَوْضِعُ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَائِطًا لِبَنِي النَّجَّارِ فِيهِ خِرَبٌ وَنَخْلٌ وَقُبُورُ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَامِنُونِي فِيهِ فَقَالُوا لَا نَلْتَمِسُ بِهِ ثَمَنًا إِلَّا عِنْدَ اللَّهِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّخْلِ فَقُطِعَ وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَ وَبِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ وَفِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَنَى مَسْجِدَهُ فِي مَوْضِعِ مَقْبَرَةِ الْمُشْرِكِينَ وَلَوْ جَازَ أَنْ يَخُصَّ مِنَ الْمَقَابِرِ مَقْبَرَةً لَكَانَتْ مَقْبَرَةُ الْمُشْرِكِينَ أَوْلَى بِالْخُصُوصِ وَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَكُلُّ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ فِي الْمَقْبَرَةِ لَمْ يَخُصَّ مَقْبَرَةً لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الْمَقْبَرَةِ وَالْحَمَّامِ إِشَارَةٌ إِلَى الْجِنْسِ لَا إِلَى

الْمَعْهُودِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ فَرْقٌ لَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُهْمِلْهُ لِأَنَّهُ بُعِثَ مُبَيِّنًا لِمُرَادِ اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ وَالْقَوْمُ عَرَبٌ لَا يَعْرِفُونَ مِنَ الْخِطَابِ إِلَّا اسْتِعْمَالَ عُمُومِهِ مَا لَمْ يَكُنِ الْخُصُوصُ وَالِاسْتِثْنَاءُ يَصْحَبُهُ فَلَوْ أَرَادَ مَقْبَرَةً دُونَ مَقْبَرَةٍ لَوَصَفَهَا وَنَعَتَهَا وَلَمْ يُحِلْ عَلَى لَفْظِ الْمَقْبَرَةِ جُمْلَةً لِأَنَّ كُلَّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ مَقْبَرَةٍ يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ الْمَقْبَرَةِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ حَقِيقَةِ الْخِطَابِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَلَوْ سَاغَ لِجَاهِلٍ أَنْ يَقُولَ مَقْبَرَةُ كَذَا لَجَازَ لِآخَرَ أَنْ يَقُولَ حَمَّامُ كَذَا لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ الْمَزْبَلَةُ وَالْمَجْزَرَةُ وَمَحَجَّةُ الطَّرِيقِ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ مَزْبَلَةُ كَذَا وَلَا مَجْزَرَةُ كَذَا وَلَا طَرِيقُ كَذَا لِأَنَّ التَّحَكُّمَ فِي دِينِ اللَّهِ غَيْرُ سَائِغٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ نَصْرٍ النَّرْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمَرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ

الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ أَوْ يقعد عَلَيْهِ أَوْ يُبْنَى عَلَيْهِ قَالَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَوْلُهُ أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ وَهْمٌ وَإِنَّمَا هُوَ أَنْ يُصَلَّى إِلَى الْقَبْرِ وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ هَذَا ثُمَّ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن ينزلوا ويتوضؤا وَأَمَرَ بِلَالًا أَنْ يُؤَذِّنَ أَوْ يُقِيمَ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى عَلَى الشَّكِّ وَتَابَعَهُ قَوْمٌ وَاخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَكْثَرُهَا فِيهَا أَنَّهُ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَكَذَلِكَ فِي أَكْثَرِهَا أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ (وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ) وَلَمْ يُذْكَرْ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَهَذَا مَوْضِعٌ قَدْ تَنَازَعَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ وَمَنْ ذَكَرَ شَيْئًا وَحَفِظَهُ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَذْكُرْ فَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِلصَّلَوَاتِ الْفَوَائِتِ فَإِنَّ مَالِكًا وَالْأَوْزَاعِيَّ وَالشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُمْ قَالُوا فِيمَنْ فَاتَتْهُ صلاة أو صلوات حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا أَنَّهُ يُقِيمُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ إِقَامَةً وَلَا يُؤَذِّنُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْفَوَائِتِ أَذَانٌ وَلَا إِقَامَةٌ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةُ وَأَصْحَابُهُ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ صَلَّاهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا فاتته صلوات فَإِنْ صَلَّاهُنَّ بِإِقَامَةِ إِقَامَةٍ كَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَحَسَنٌ وَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَحَسَنٌ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَائِتَةٍ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ يُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَائِتَةٍ وَلَا يُؤَذِّنُ لَهَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حُبِسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إِلَى هَوِيٍّ مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ أَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلَمْ يُؤَذِّنْ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَابْنُ مَسْعُودٍ فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَحَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حدثنا

عَمَّارُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى كان هوى من اليل حَتَّى كُفِينَا وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا قَالَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا الْمَعْنَى وَاحِدٌ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قال أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أربع صلوات فِي الْخَنْدَقِ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أقام فصلى

الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ هَكَذَا قَالَ هُشَيْمٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَذَكَرَ الْأَذَانَ لِلظَّهْرِ وَحْدَهَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ هُشَيْمٍ سَوَاءٌ وَخَالَفَهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ فَقَالَ فِيهِ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ لَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا لِلظُّهْرِ وَلَا لِغَيْرِهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْإِقَامَةَ وَحْدَهَا فِيهَا كُلِّهَا قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْبَرْقِيُّ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحُبِسْنَا عَنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ قَالَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ طَافَ عَلَيْنَا فَقَالَ مَا عَلَى الْأَرْضِ عِصَابَةٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ غَيْرَكُمْ

وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ بِإِسْنَادِهِ سَوَاءٌ وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ذَكَرَ ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَغَيْرُهُ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ يُؤْذِّنُ وَيُقِيمُ لِلْفَوَائِتِ بِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَبْلَهُ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ قَالَ وَالْعِشَاءُ كَانَتْ مُفْعُولَةً فِي وَقْتِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا أَذَانًا وَهِيَ غَيْرُ فَائِتَةٍ فَعُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ إقامتها بما بنبغي أَنْ يُقَامَ لَهَا مِنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْفَجْرِ فِي السَّفَرِ صَلَّاهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَأَمَّا صَلَاةُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ لِمَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمْ يَنْتَبِهْ لَهَا إِلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ يَبْدَأُ بِالْمَكْتُوبَةِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَا ذَكَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكْعَتِي الْفَجْرَ أَنَّهُ رَكَعَهَا يَوْمَ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي سَفَرِهِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ ذَكَرَ أَبُو قُرَّةَ فِي سَمَاعِهِ مِنْ مَالِكٍ قَالَ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ نَامَ عَنِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَنَّهُ لَا يَرْكَعُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَلَا يَبْدَأُ بِشَيْءٍ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ قَالَ وَقَالَ مالك

لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ركعتي الفجر حين نام عن صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ سُئِلَ مَالِكٌ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ رَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَالَ مَا عَلِمْتُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ هَذَا وَلَا فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إِنْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكَعَ يَوْمَئِذٍ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَإِنَّمَا صَارَ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا رُوِيَ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ إِلَّا أَشْهَبَ وَعَلِيَّ بْنَ زِيَادٍ فَإِنَّهُمَا قَالَا يَرْكَعُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ قَالَا وَقَدْ بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ لِمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَغَيْرِهِ وَقَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ أَنْ يَرْكَعَهُمَا قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيمَنْ أَتَى مَسْجِدًا قَدْ صَلَّى فِيهِ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَوَّعَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ إِذَا كَانَ فِي سِعَةٍ مِنَ الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَدَاوُدُ إِذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ سِعَةٌ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ ابْدَأْ

بِالْمَكْتُوبَةِ ثُمَّ تَطَوَّعْ بِمَا شِئْتَ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَبْدَأُ بِالْفَرِيضَةِ وَلَا يَتَطَوَّعُ حَتَّى يَفْرَغَ مِنَ الْفَرِيضَةِ قَالَ فَإِنْ كَانَتِ الظَّهْرَ فَرَغَ مِنْهَا ثُمَّ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا ثُمَّ يُصَلِّي الْأَرْبَعَ الَّتِي لَمْ يُصَلِّهَا قَبْلَ الظُّهْرِ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ كُلُّ وَاجِبٍ مِنْ صَلَاةِ فَرِيضَةٍ أَوْ صَلَاةِ نُذُرٍ أَوْ صِيَامٍ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْوَاجِبِ قَبْلَ النَّفْلِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَيْضًا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ فِي الَّذِي يُدْرِكُ الْإِمَامَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَلَمْ يُصَلِّ الْعِشَاءَ إِنَّهُ يَدْخُلُ معهم ويصلي بِصَلَاتِهِمْ فَإِذَا فَرَغَ صَلَّى الْعِشَاءَ قَالَ وَإِنَّ عَلِمَ أَنَّهُمْ فِي الْقِيَامِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ مَكَانًا طَاهِرًا فَلْيُصَلِّ الْعِشَاءَ ثُمَّ لِيَدْخُلْ مَعَهُمْ فِي الْقِيَامِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَيَجِيءُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَدَاوُدَ فِيمَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّى أَهْلُهُ وَفِي الْوَقْتِ سَعَةٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَوَّعَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ مثل

قَوْلِ اللَّيْثِ فِيمَنْ أَدْرَكَ الْقَوْمَ فِي قِيَامِ رَمَضَانِ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوتِرَ مَعَهُمْ وَإِنْ أَوْتَرْ مَعَهُمْ لَزِمَهُ إِعَادَةُ الْوِتْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَوِتْرُهُ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ كَلَا وِتْرٍ لِأَنَّهُ قَبْلَ وَقْتِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا وَلَوْ شَاءَ لَرَدَّهَا إِلَيْنَا فِي حِينٍ غَيْرِ هَذَا فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الرُّوحِ وَالنَّفْسِ هَلْ هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ أَوْ شَيْئَانِ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا وَجَاءَ فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَوْلُ بِلَالٍ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الرُّوحُ والنفس شيء واحد ومن حجتهم قوله اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُمَا قَالَا تُقْبَضُ أَرْوَاحُ الْأَمْوَاتِ إِذَا مَاتُوا وَأَرْوَاحُ الْأَحْيَاءِ إِذَا نَامُوا تَتَعَارَفُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَتَعَارَفَ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ الَّتِي قَدْ مَاتَتْ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ذَكَرَهُ بَقِيُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيِّ عَنْ يَعْقُوبَ الْقُمِّيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَذَكَرَهُ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ رَجَاءٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَعْنَى حَدِيثِهِمَا وَاحِدٌ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفْسَ وَالرُّوحَ شيء

وَاحِدٌ لِأَنَّهُمْ فَسَّرُوا الْآيَةَ وَقَدْ جَاءَتْ بِلَفْظِ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَقَالُوا يَقْبِضُ الْأَرْوَاحَ كَمَا رَأَيْتَ وَذَلِكَ وَاضِحٌ فِي أَنَّ النَّفْسَ وَالرُّوحَ سَوَاءٌ وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى بِلَالٍ قَوْلَهُ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ فَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ يُشِيرَانِ إِلَى مَعْنَى وَاحِدٍ بِلَفْظِ النَّفْسِ مَرَّةً وَبِلَفْظِ الرُّوحِ أُخْرَى وَقَالَ آخَرُونَ النَّفْسُ غَيْرُ الرُّوحِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّفْسَ مُخَاطَبَةٌ مَنْهِيَّةٌ مَأْمُورَةٌ وَاسْتَدَلُّوا بقول الله عز وجل يا أيتها النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً الآية وقوله أن تقول نفس يا حسرتى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ قَالُوا وَالرُّوحُ لَمْ تُخَاطَبْ وَلَمْ تُؤْمَرْ وَلَمْ تُنْهَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَلَمْ يَلْحَقْهَا شَيْءٌ مِنَ التَّوْبِيخِ كَمَا لَحِقَ النَّفْسَ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

وَتَأَوَّلُوا فِي قَوْلِ بِلَالٍ أَيْ أَخَذَ بِنَفْسِي مِنَ النَّوْمِ مَا أَخَذَ بِنَفْسِكَ وَذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا الْآيَةَ قَالَ فِي جَوْفِ الْإِنْسَانِ رُوحٌ وَنَفْسٌ بَيْنِهِمَا فِي الْجَوْفِ مِثْلُ شُعَاعِ الشَّمْسِ فَإِذَا تَوَفَّى اللَّهُ النَّفْسَ كَانَ الرُّوحُ فِي جَوْفِ الْإِنْسَانِ فَإِذَا أَمْسَكَ اللَّهُ نَفْسَهُ أَخْرَجَ الرُّوحَ مِنْ جَوْفِهِ فَإِنْ لَمْ يُمِتْهُ أَرْسَلَ اللَّهُ نَفْسَهُ فَرَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَيْقِظَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأُخْبِرْتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَ هَذَا الْخَبَرِ وَذَكَرَ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ حَكَى عَنِ التَّوْرَاةِ فِي خَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ خَلَقْتُ آدَمَ رَكَّبْتُ جَسَدَهُ مِنْ رَطْبٍ وَيَابِسٍ وَسُخْنٍ وَبَارِدٍ وَذَلِكَ لِأَنِّي خَلَقْتُهُ مِنْ تُرَابٍ وَمَاءٍ ثُمَّ جَعَلْتُ فِيهِ نَفْسًا وَرُوحًا فَيُبُوسَةُ كُلُّ جَسَدٍ خَلَقْتُهُ مِنَ التُّرَابِ وَرُطُوبَتُهُ مِنْ قِبَلِ الْمَاءِ وَحَرَارَتُهُ مِنْ قِبَلِ النَّفْسِ وَبُرُودَتُهُ مِنْ قِبَلِ الرُّوحِ وَمِنَ النَّفْسِ حِدَّتُهُ وَشَهْوَتُهُ وَلَهْوُهُ وَلَعِبُهُ وَضَحِكُهُ وَسَفَهُهُ وَخِدَاعُهُ وَعُنْفُهُ

وَخَرْقُهُ وَمِنَ الرُّوحِ حِلْمَهُ وَوَقَارُهُ وَعَفَافُهُ وَحَيَاؤُهُ وَفَهْمُهُ وَتَكَرُّمُهُ وَصِدْقُهُ وَصَبْرُهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُسَيِّبُ بْنُ وَاضِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الظَّفَرِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ إِنَّ أَنْفُسَ الْآدَمِيِّينَ كَأَنْفُسِ الدَّوَابِّ الَّتِي تَشْتَهِي وَتَدْعُو إِلَى الشَّرِّ وَمَسْكَنُ النَّفْسِ الْبَطْنُ إِلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ فُضِّلَ بِالرُّوحِ وَمَسْكَنُهُ الدِّمَاغُ فَبِهِ يَسْتَحْيِي الْإِنْسَانُ وَهُوَ يَدْعُو إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُ بِهِ ثُمَّ نَفَخَ وَهْبُ عَلَى يَدِهِ فَقَالَ هَذَا بَارِدٌ وَهُوَ مِنَ الرُّوحِ ثُمَّ تَنَهَّدَ عَلَى يَدِهِ فَقَالَ هَذَا حَارٌّ وَهُوَ مِنَ النَّفْسِ وَمَثَلُهُمَا كَمَثَلِ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ فَإِذَا انْحَدَرَ الرُّوحُ إِلَى النَّفْسِ وَالْتَقَيَا نَامَ الْإِنْسَانُ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ رَجَعَ الرُّوحُ إِلَى مَكَانِهِ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِأَنَّكَ إِذَا كُنْتَ نَائِمًا فَاسْتَيْقَظْتُ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ يَبْدُرُ إِلَى رَأْسِكَ وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ بْنِ خَالِدٍ صَاحِبَ مَالِكٍ قَالَ النَّفْسُ جَسَدٌ مُجَسَّدٌ كَخَلْقِ الْإِنْسَانِ وَالرُّوحُ كَالْمَاءِ الْجَارِي قَالَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ

تَمُتْ فِي مَنَامِهَا الْآيَةَ وَقَالَ أَلَا تَرَى أن النائم قد توفى الله نفسه وروح صَاعِدٌ وَنَازِلٌ وَأَنْفَاسُهُ قِيَامٌ وَالنَّفْسُ تَسْرَحُ فِي كُلِّ وَادٍ وَتَرَى مَا تَرَاهُ مِنَ الرُّؤْيَا فَإِذَا أَذِنَ اللَّهُ فِي رَدِّهَا إِلَى الْجَسَدِ عادت واستيقظ بعودتها جميع أعظاء الْجَسَدِ وَحَرَّكَ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْأَعْضَاءِ قَالَ فَالنَّفْسُ غَيْرُ الرُّوحِ وَالرُّوحُ كَالْمَاءِ الْجَارِي فِي الْجِنَانِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ إِفْسَادَ ذَلِكَ الْبُسْتَانِ مَنَعَ الْمَاءَ الْجَارِي فِيهِ فَمَاتَتْ حَيَاتُهُ فَكَذَلِكَ الْإِنْسَانُ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَسَقَ لَفْظِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ إِذَا حُمِلَ الْمَيِّتُ عَلَى السَّرِيرِ كَانَتْ نَفْسُهُ بِيَدِ مَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَسِيرُ بِهَا مَعَهُ فَإِذَا وُضِعَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَقَفَ فَإِذَا حُمِلَ إِلَى قَبْرِهِ سَارَ مَعَهُ فإذا ألحد وووري فِي التُّرَابِ أَعَادَ اللَّهُ نَفْسَهُ حَتَّى يُخَاطِبَهُ الْمَلَكَانِ فَإِذَا وَلَّيَا عَنْهُ مُنْصَرِفَيْنِ اخْتَلَعَ الْمَلَكُ نَفْسَهُ فَرَمَى بِهَا إِلَى حَيْثُ أُمِرَ وَهَذَا الْمَلَكُ مِنْ أَعْوَانِ مَلَكِ الْمَوْتِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ وَقَدْ قَالَهُ مَعَهُ غَيْرُهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَتِ الْعُلَمَاءُ بِمَا وَصَفْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّحِيحِ مِنْ ذَلِكَ وَمَا احْتَجَّ بِهِ الْقَوْمُ فَلَيْسَ حُجَّةً وَاضِحَةً وَلَا هُوَ مِمَّا يُقْطَعُ بِصِحَّتِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ صَحِيحٌ يَقْطَعُ الْعُذْرَ وَيُوجِبُ الْحُجَّةَ وَلَا هُوَ مِمَّا يُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَلَا اسْتِنْبَاطٍ بَلِ الْعُقُولُ تَنْحَسِرُ وَتَعْجَزُ عَنْ عِلْمِ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل ويسئلونك عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا أَنَّهُ هَذَا الرُّوحُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ بِالذِّكْرِ رُوحُ الْحَيَاةِ وَقَالَ غَيْرُهُمْ إِنَّهُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَقُومُ صَفًّا وَتَقُومُ الْمَلَائِكَةُ صَفًّا فَكَيْفَ يَتَعَاطَى عِلْمُ شَيْءٍ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ وَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قِيلَ فِي الرُّوحِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيلَ هُمْ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِي الَّذِينَ عُنُوا بِقَوْلِهِ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا فَقِيلَ أَرَادَ الْيَهُودَ السَّائِلِينَ عَنِ الرُّوحِ لِأَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ

الْآيَةَ يَقُولُ مَا أُوتِيتُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا وَقِيلَ بَلْ عَنَى بِالْآيَةِ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ كُلَّهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى النَّظَرِ وَالْقِيَاسِ وَالِاسْتِنْبَاطِ فِي مَعْنَى الرُّوحِ مِنْ حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ لَقُلْنَا أَنَّ النَّظَرَ يَشْهَدُ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآثَارُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَضَعُ الْعَرَبُ النَّفْسَ مَوْضِعَ الرُّوحِ وَالرُّوحَ مَوْضِعَ النَّفْسِ فَيَقُولُونَ خَرَجَتْ نَفْسُهُ وَفَاضَتْ نَفْسُهُ وَخَرَجَتْ رُوحُهُ إِمَّا لِأَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ أَوْ لِأَنَّهُمَا شيآن مُتَّصِلَانِ لَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَقَدْ يُسَمُّونَ الْجَسَدَ نَفْسًا وَيُسَمُّونَ الدَّمَ جَسَدًا قَالَ النابغة ... وما أريق علىالأنصاب مِنْ جَسَدِ ... يُرِيدُ مِنْ دَمٍ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فَجَعَلَ الْجَسَدَ نَفْسًا ... ... يَا قَابِضَ الرُّوحِ مِنْ نَفْسٍ إِذَا احْتُضِرَتْ ... وَغَافِرَ الذَّنْبِ زَحْزِحْنِي عَنِ النَّارِ ... وَيُقَالُ لِلنَّفْسِ نَسَمَةٌ أَيْضًا عَلَى عِتْقِ نَسَمَةٍ أَيْ نَفْسٍ

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طائر يعني روحه وسنذكر هذاالخبر فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ) وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا وَهَذَا إِنَّمَا فِيهِ إِيجَابُ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَأَنَّهَا غَيْرُ سَاقِطَةٍ عَمَّنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ وَلَمْ يَخُصَّ وَقْتًا مِنْ وَقْتٍ فَالْبِدَارُ إِلَيْهَا أَوْلَى إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَحَدِيثِ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ مَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ وأقم الصلاة لذكري وفي هذا وجوب صلاتها عندالذكر لَهَا وَالِانْتِبَاهِ إِلَيْهَا أَيَّ وَقْتٍ كَانَ وَهُوَ مَوْضِعُ اخْتِلَافٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَاسْتَوْعَبْنَا الْقَوْلَ فِيهِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَسَيَأْتِي مِنْهُ ذِكْرٌ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ سَعِيدِ بْنِ المسيب

مِنْ كِتَابِنَا هَذَا لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ أَوْلَى بِذِكْرِ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ فِيهِ فَلَيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَإِنَّمَا فِي حَدِيثِ زَيْدٍ هَذَا (فَلْيُصَلِّهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا) وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَفِي إِخْبَارِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ بِمَا عَرَضَ لِبِلَالٍ فِي نَوْمِهِ ذَلِكَ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ صَرِيحِ الْإِيمَانِ وَالْبِدَارِ إِلَى تَصْدِيقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفَرَحِ بِكُلِّ مَا يَأْتِي مِنْهُ وَهُوَ الصِّدِّيقُ حَقًّا مِنْ أُمَّتِهِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ فِي هَذَا الْبَابِ فَرَوَاهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو قَتَادَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَعَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَأَبُو مَرْيَمَ السَّلُولِيُّ وَأَبُو جُحَيْفَةَ السِّوَائِيُّ وَذُو مِخْبَرٍ الْحَبَشِيُّ فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَنَذْكُرُ مِنْهُ هاهنا مَا يُشْبِهُ حَدِيثَنَا وَيَكُونُ فِي مَعْنَاهُ وَنَذْكُرُ مَنْ قَطَعَهُ وَمَنْ

وَصَلَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَصَّاصُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ أَبُو عُتْبَةَ الْحِجَازِيُّ بِحِمْصَ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ عَرَّسَ بِنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ ثم قال أيكم يكلألنا الْفَجْرَ اللَّيْلَةَ فَقَالَ بِلَالٌ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اكْلَأْهُ لَنَا يَا بِلَالُ وَلَا تَكُنْ لُكَعًا قَالَ بِلَالٌ فَنَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَامَ أَصْحَابُهُ فَعَمَدْتُ إِلَى حَجَفَةٍ لِي اسْتَنَدْتُ إِلَيْهَا فَجَعَلْتُ أُرَاعِي الْفَجْرَ فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيَّ النُّوَّمَ فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ إِلَّا لِحَرِّ الشَّمْسِ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَقُمْتُ فَزِعًا فَقُلْتُ الصَّلَاةَ عِبَادَ اللَّهِ فَانْتَبَهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتَبَهَ النَّاسُ وَقَالَ لِي يَا بِلَالُ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ اكْلَأْ لَنَا الْفَجْرَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَرْوَاحَكُمْ كَانَتْ بِيَدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَبَسَهَا إِذْ شَاءَ وَأَطْلَقَهَا إِذْ شاء

اقْتَادُوا مِنْ هَذَا الْوَادِي فَإِنَّهُ وَادٍ مَلْعُونٌ الشَّيْطَانُ قَالَ فَخَرَجْنَا مِنَ الْوَادِي ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَضَّأَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ صَلَّوْا فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ مِنْ غَدٍ لِلْوَقْتِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْهَاكُمْ عَنِ الرِّبَا وَيَرْضَاهُ مِنْكُمْ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا لَا كَفَّارَةَ لَهَا غَيْرُهَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ عَرَّسْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ كُلُّ إِنْسَانٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ قَالَ فَفَعَلْنَا فَدَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ

فَصَلَّى الْغَدَاةَ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَحَدَّثْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى (وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَلْقَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَكْلَؤُنَا فَقَالَ بِلَالٌ أَنَا فَنَامُوا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ افْعَلُوا مَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ قَالَ فَفَعَلْنَا قَالَ وَكَذَلِكَ فَافْعَلُوا لِمَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ فَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي سَفَرٍ ذَاتِ لَيْلَةٍ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ عَرَّسْتَ بِنَا قَالَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ فمن يوقظنا

لِلصَّلَاةِ فَقَالَ بِلَالٌ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَعَرَّسَ الْقَوْمُ وَاسْتَنَدَ بِلَالٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ وَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَالَ يَا بِلَالُ أَيْنَ مَا قُلْتَ لَنَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلَهَا قَالَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ ثُمَّ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فانتشروا لحاجتهم وتوضؤا وَارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى بِهِمُ الْفَجْرَ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَفِي حَدِيثِهِ زِيَادَةٌ يَا بِلَالُ قُمْ فَأَذِّنْ لِلنَّاسِ بِالصَّلَاةِ فَتَوَضَّأَ فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَاضَّتْ قَامَ فَصَلَّى وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ

فَعَرَّسُوا مِنَ اللَّيْلِ فَلَمْ يَسْتَيْقِظُوا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَمَا يَسُرُّنِي بِهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا يَعْنِي الرُّخْصَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ عُبَادَةَ الْأَسَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَغَفَلُوا عَنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ كَمَا كَانَ يُؤَذَّنُ كُلَّ يَوْمٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ كَمَا كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ الْغَدَاةَ كَمَا كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ وَأَمَّا حَدِيثُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ فَحَدَّثْنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال فِي سَفَرٍ لَهُ مَنْ يَكْلَؤُنَا اللَّيْلَةَ لَا نَرْقُدُ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَالَ بِلَالٌ أَنَا فَاسْتَقْبَلَ مَطْلَعَ الشَّمْسِ

فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ حَتَّى أَيْقَظَهُمْ حَرُّ الشَّمْسِ فقاموا فقال توضؤا ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّوْا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ثُمَّ صَلَّوُا الْفَجْرَ (وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مريم فرواه علي بن الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصُّبْحِ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَذَنَّ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ فَصَلَّى الْفَجْرَ) وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرحمن المقريء قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَيَّاشُ بْنُ عَيَّاشٍ أَنَّ كُلَيْبَ بْنَ صُبْحٍ حَدَّثَهُ أَنَّ الزِّبْرِقَانَ حَدَّثَهُ عَنْ عَمِّهِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَنَامَ وَلَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى أَذَاهُمْ حَرُّ الشَّمْسِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَنَحَّوْا عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ ثُمَّ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَصَلَّوْا رَكْعَتِي الْفَجْرِ ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبَّاسٍ الْعَنْبَرِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِيِّ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ أَبِي عَبْدِ الرحمن المقريء بِإِسْنَادِهِ نَحْوَ مَعْنَاهُ وَذَكَرَ الْأَذَانَ وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَأَمَّا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَحَدَّثْنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى (بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى) قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ أَسْرَيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ فلما كان من آخر السحر عرسنا فلما اسْتَيْقَظْنَا حَتَّى أَيْقَظَنَا حَرُّ الشَّمْسِ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَثِبُ دَهِشًا فَزِعًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْكَبُوا فَرَكِبَ وَرَكِبْنَا فَسَارَ حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ نَزَلَ فَأَمَرَ بِلَالًا فأذن وقضى القوم من حاجاتهم وتوضؤا وَصَلَّيْنَا الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى بِنَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَقْضِيهَا لِوَقْتِهَا مِنَ الْغَدِ

فَقَالَ لَا يَنْهَاكُمْ رَبُّكُمْ عَنِ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ منكم حدثنا سعيد ابن نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن وضاح حدثنا أبو بكر ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هشام عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ أَسْرَيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً ثُمَّ عَرَّسَ بِنَا مِنْ آخَرِ اللَّيْلِ قَالَ فَاسْتَيْقَظْنَا وَقَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَالَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا يَثُورُ إِلَى طَهُورِهِ دَهِشًا فَازِعًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَحِلُوا فَارْتَحَلْنَا حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ نَزَلْنَا فَقَضَيْنَا مِنْ حَوَائِجِنَا وَتَوَضَّأْنَا ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ فَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ فَصَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِقْضِيَهَا لِمِيقَاتِهَا مِنَ الْغَدِ فَقَالَ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الرِّبَا وَيَأْخُذُهُ مِنْكُمْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في

غَزَاةٍ أَوْ قَالَ فِي سَرِيَّةٍ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ وَهْبِ بْنِ بَقِيَّةَ عَنْ خَالِدٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ مِثْلَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ السِّوَائِيِّ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرِهِ الَّذِي نَامُوا فِيهِ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ أَرْوَاحَكُمْ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا اسْتَيْقَظَ وَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَ وَأَمَّا حَدِيثُ ذِي مِخْبَرٍ فَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ يَدُورُ عَلَى جَرِيرِ بْنِ عُثْمَانَ الرَّحَبِيِّ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَقَوْمٌ قَالُوا عَنْهُ عَنْ صُلَيْحٍ الرَّحَبِيِّ كَذَا قَالَ أَبُو الْمُغِيرَةِ

وَقَوْمٌ قَالُوا عَنْهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ صُلَيْحٍ وَقَالَ آخَرُونَ عَنْهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ صَالِحٍ وَالْحَدِيثُ شَامِيٌّ مَشْهُورٌ بِمَعْنَى مَا تَقْدَّمَ مِنَ الْآثَارِ سَوَاءً قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حدثنا قاسم ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الْبَاهِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يَرْقُدُ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ يَغْفُلُ عَنْهَا قَالَ كَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا

الحديث الرابع والأربعون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَأَرْبَعُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا يَحِلُّ لِي مِنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا ثُمَّ شَأْنَكَ بِأَعْلَاهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُسْنَدًا بِهَذَا اللَّفْظِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ ثَابِتٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ فِي ذَاكَ مُسْتَوْعَبَةً فِي

بَابِ رَبِيعَةَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ وَمَتَى تُوطَأُ بَعْدَ طُهْرِهَا قَبْلَ غُسْلِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَسَائِرَ أَحْكَامِهَا فِي ذَلِكَ فِي حَدِيثِ رَبِيعَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ ها هنا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَوِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَتِ الْيَهُودُ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ مِنْهُمْ لَمْ يُوَاكِلُوهُنَّ وَلَمْ يُشَارِبُوهُنَّ وَلَمْ يُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُوَاكِلُوهُنَّ وَيُبَاشِرُوهُنَّ وَيُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ وَأَنْ يَصْنَعُوا بِهِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مَا خَلَا النِّكَاحَ فَقَالَتْ الْيَهُودُ مَا يَدَعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِنَا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ فَأَخْبَرَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ وَقَالَا أَلَا نُجَامِعُوهُنَّ فِي الْمَحِيضِ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَعُّرًا شَدِيدًا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ غَضِبَ عَلَيْهِمَا فَقَامَا فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةَ لَبَنٍ فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمَا فَرَدَّهُمَا فَسَقَاهُمَا فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَمْ يَغْضَبْ عَلَيْهِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن شداد عن خالته ميمونة بنت الحرث أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ ثُمَّ يُبَاشِرُهَا وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ إِذَا رُتِّبَ مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ دَلَّا عَلَى أَنَّ شَدَّ الْإِزَارِ عَلَى الْحَائِضِ مَعْنَاهُ لِقَطْعِ الذَّرِيعَةِ وَالِاحْتِيَاطِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ رَبِيعَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمبن

الحديث الخامس والأربعون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَأَرْبَعُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابَهُ جُرْحٌ فَاحْتَقَنَ الْجُرْحُ الدَّمَ وَأَنَّ الرَّجُلَ دَعَا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي أَنْمَارٍ فَنَظَرَا إِلَيْهِ فَزَعَمَ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمَا أَيُّكُمَا أَطَبُّ فَقَالَا أُوَ فِي الطِّبِّ خَيْرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَزَعَمَ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنْزَلَ الدَّوَاءَ الَّذِي أَنْزَلَ الْأَدْوَاءَ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ مُنْقَطِعًا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ رَوَى عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ (أَيُّكُمَا أَطَبُّ) وَأَمَّا (أَنْزَلَ الدَّوَاءَ الَّذِي أَنْزَلَ الْأَدْوَاءَ) فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فِي هَذَا الْمَعْنَى بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ آثَارٌ مُسْنَدَةٌ صِحَاحٌ سَنَذْكُرُهَا فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ التَّعَالُجُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَفِيهِ إِتْيَانُ الْمُتَطَبِّبِ إِلَى صَاحِبِ الْعِلَّةِ وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الْمُمْرِضُ وَالشَّافِي وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي مِلْكِهِ إِلَّا مَا شَاءَ وَأَنَّهُ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَقَدَّرَهُ وَقَضَى بِهِ وَكَذَلِكَ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَرْقِي وَيَقُولُ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي يَا رَبِّ لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ اشْفِ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا وَهَذَا يُصَحِّحُ لَكَ أَنَّ الْمُعَالَجَةَ إِنَّمَا هِيَ لِتَطِيبَ نَفْسُ العليل ويأنس بالعلاج ورجاء أن يكون من أسباب الشِّفَاءُ كَالتَّسَبُّبِ لِطَلَبِ الرِّزْقِ الَّذِي قَدْ فُرِغَ مِنْهُ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْزَلَ الدَّوَاءَ الَّذِي أَنْزَلَ الْأَدْوَاءَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبُرْءَ لَيْسَ فِي وِسْعِ مَخْلُوقٍ أَنْ يُعَجِّلَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ وَيُقَدَّرَ وَقْتُهُ وَحِينُهُ وَقَدْ رَأَيْنَا الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى عِلْمِ الطِّبِّ يُعَالِجُ أَحَدُهُمْ رَجُلَيْنِ وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ عِلَّتَهُمَا وَاحِدَةٌ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَسِنٍّ وَاحِدٍ وَبَلَدٍ وَاحِدٍ وَرُبَّمَا كَانَا أَخَوَيْنِ تَوْأَمَيْنِ غِذَاؤُهُمَا وَاحِدٌ فَعَالَجَهُمَا بِعِلَاجٍ وَاحِدٍ فَيُفِيقُ أَحَدُهُمَا وَيَمُوتُ الْآخَرُ أَوْ تَطُولُ عِلَّتُهُ ثُمَّ يُفِيقُ عِنْدَ الْأَمَدِ الْمَقْدُورِ له

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ فَذَهَبَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ إِلَى كَرَاهِيَةِ الرُّقَى وَالْمُعَالَجَةِ قَالُوا الْوَاجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ اعْتِصَامًا بِاللَّهِ تَعَالَى وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ وَثِقَةً بِهِ وَانْقِطَاعًا إِلَيْهِ وعلما بأن الرقية لاتنفعه وَأَنَّ تَرْكَهَا لَا يَضُرُّهُ إِذْ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَيَّامَ الْمَرَضِ وَأَيَّامَ الصِّحَّةِ فَلَا تَزِيدُ هَذِهِ بِالرُّقَى وَالْعِلَاجَاتِ وَلَا تَنْقُصُ تِلْكَ بِتَرْكِ السَّعْيِ وَالِاحْتِيَالَاتِ لِكُلِّ صِنْفٍ مِنْ ذَلِكَ زَمَنٌ قَدْ عَلِمَهُ اللَّهُ وَوَقْتٌ قَدْ قَدَّرَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ فَلَوْ حَرَصَ الْخَلْقُ عَلَى تَقْلِيلِ أَيَّامِ الْمَرَضِ وَزَمَنِ الدَّاءِ أَوْ عَلَى تَكْثِيرِ أَيَّامِ الصِّحَّةِ مَا قَدَرُوا عَلَى ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ ابن أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَيْضًا مِنْ أُمَّتِكَ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فَأَفَاضَ الْقَوْمُ

فَقَالُوا نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ فَنَحْنُ هُمْ وَأَوْلَادُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وَبِهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ تَحَدَّثْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمُ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَسْتَرِقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وَاحْتَجُّوا (أَيْضًا) بِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَتْ أُمَّةٌ بِقَضِّهَا وَقَضِيضِهَا الْجَنَّةَ كَانُوا لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ

وبما حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فِي الْمَوْسِمِ فَرَأَيْتُ أُمَّتِي فَأَعْجَبَتْنِي كَثْرَتُهُمْ وَهَيْئَتُهُمْ قَدْ ملؤا السَّهْلَ وَالْجَبَلَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ مَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَامَ عُكَّاشَةُ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ وَرَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ هَذَا فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذِكْرُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَلِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى كَرَاهِيَةِ الرُّقَى وَالِاكْتِوَاءِ

وَالْآثَارُ بِهَذَا كَثِيرَةٌ ثَابِتَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ ذَكَرَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قال أخبرني عاصم بن بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ الْأَسَدِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا حَمَلَتْ تَصَعَّدَتِ النُّطْفَةُ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ وَبَشَرَةٍ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ تَسْتَقِرُّ فِي الرَّحِمِ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ مُضْغَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ الْمَلَكَ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَيَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَقُولُ الْمَلَكُ أَيْ رَبِّ شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَيَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَكْتُبُ رِزْقَهُ وَأَثَرَهُ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَأَيْنَ يَمُوتُ وَأَنْتُمْ تُعَلِّقُونَ التَّمَائِمَ عَلَى أَبْنَائِكُمْ مِنَ الْعَيْنِ وَقَدْ رُوِيَ نَحْوَ هَذَا الْمَعْنَى مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ كَثِيرَةٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ أَيْضًا مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ مَا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْيُسْرِ بِشْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

الْبَغْدَادِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاضِي الْأَنْطَاكِيُّ حَدَّثَنَا حَبَشِيُّ بْنُ عَمْرِو بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ وَاسْمُهُ طَاهِرٌ يَعْنِي اسْمَ حَبَشِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ أَخْبَرَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَنْ أَبِي شُجَاعٍ عَنْ أَبِي ظَبْيَةَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَخَلَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ مَا تَشْتَكِي قَالَ ذُنُوبِي قَالَ فَمَا تَشْتَهِي قَالَ رَحْمَةَ رَبِّي قَالَ أَلَا أَدْعُو لَكَ الطَّبِيبَ قَالَ الطَّبِيبُ أَمْرَضَنِي قَالَ أَلَا نَأْمُرُ لَكَ بِعَطَائِكَ قَالَ حَبَسْتُهُ عَنِّي فِي حَيَاتِي فَلَا حَاجَةَ لِي بِهِ عِنْدَ مَوْتِي قَالَ لَهُ عُثْمَانُ لَكِنْ يَكُونُ لِبَنَاتِكَ قَالَ أَتَخْشَى عَلَى بَنَاتِي الْفَاقَةَ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا تُصِيبَهُمْ فَاقَةٌ أَبَدًا إِنِّي قَدْ أَمَرْتُ بَنَاتِي بِقِرَاءَةِ الْوَاقِعَةِ كُلَّ لَيْلَةٍ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْوَاقِعَةِ كُلَّ لَيْلَةٍ لَمْ تُصِبْهُ فَاقَةٌ أَبَدًا وَذَكَرَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا قَوْلَ أَبِي الدَّرْدَاءِ حِينَ مَرِضَ فَقِيلَ لَهُ أَلَا نَدْعُو لَكَ طَبِيبًا فَقَالَ رَآنِي الطَّبِيبُ قِيلَ لَهُ مَا قَالُ لَكَ قَالَ إِنِّي فَعَّالٌ لِمَا أُرِيدُ

ذَكَرَ وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ هِلَالٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ مَرِضَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَعَادُوهُ وَقَالُوا لَهُ نَدْعُو لَكَ الطَّبِيبَ فَقَالَ هُوَ أَضْجَعَنِي (وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ قِيلَ لِلرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمٍ فِي مَرَضٍ أَلَا نَدْعُو لَكَ الطَّبِيبَ فَقَالَ أَنْظِرُونِي ثُمَّ تَفَكَّرَ فَقَالَ إِنَّ عَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا) فَذَكَرَ مِنْ حِرْصِهِمْ عَلَى الدُّنْيَا وَرَغْبَتِهِمْ فِيهَا وَقَالَ قَدْ كَانَ فِيهِمُ الْمَرْضَى وَكَانَ مِنْهُمُ الْأَطِبَّاءُ فَلَا الْمُدَاوِيَ بَقِيَ وَلَا الْمُدَاوَى هَلَكَ النَّاعِتُ وَالْمَنْعُوتُ لَهُ وَاللَّهِ لَا تَدْعُو لِي طَبِيبًا وَمِمَّنْ كَرِهَ الرُّقَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ذَكَرُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَهُوَ نَازِلٌ بِالْمَرْوَةِ وَكَانَتْ تَأْخُذُهُ شَقِيقَةٌ بِصُدَاعٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَلَّا آتِيَكَ بِمَنْ يَرْقِيكَ مِنَ الصُّدَاعِ فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِي بِالرُّقَى وَرَوَى سُنَيْدٌ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ يَوْمًا فَقَالَ أَيُّكُمْ رَأَى الْكَوْكَبَ الَّذِي انْقَضَّ

الْبَارِحَةَ فَقَالَ أَبُو حُصَيْنٍ أَمَا إِنِّي لَمْ أَكُنْ فِي صَلَاةٍ وَذَلِكَ أَنِّي لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ قَالَ فَكَيْفَ صَنَعْتَ قُلْتُ اسْتَرْقَيْتُ قَالَ وَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ قُلْتُ حَدِيثٌ حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَّةٍ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَذَا حَسَنٌ مَنِ انْتَهَى إِلَى مَا سَمِعَ فَقَدْ أَحْسَنَ لَكِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ وَهُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ مُخْتَصَرٌ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ شُرْبَ الْأَدْوِيَةِ كُلِّهَا إِلَّا اللَّبَنَ وَالْعَسَلَ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ أَيْضًا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي عَضُدِهِ حَلْقَةً فَقَالَ مَا هَذِهِ قَالَ مِنَ الْوَاهِنَةِ فَقَالَ مَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا

انْبُذْهَا عَنْكَ فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ وُكِلْتَ إِلَيْهَا وَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَقَّارُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ حَدِيثًا فَلَمْ أَحْفَظْهُ فَمَكَثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَمَرْتُ حَسَّانَ بْنَ أَبِي وَجْرَةَ أَنْ يَسْأَلَهُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ سَأَلَهُ فَقَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَوَكَّلَ مَنِ اسْتَرْقَى أَوِ اكْتَوَى وَبِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا أُبَالِي مَا أَتَيْتُ أَوْ مَا ارْتَكَبْتُ إِنْ أَنَا شَرِبْتُ تِرْيَاقًا أَوْ تَعَلَّقْتُ تَمِيمَةً أَوْ قُلْتُ الشِّعْرَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا عَنِ النُّشْرَةِ

فَقَالَ ذَكَرُوا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا مِنَ الشَّيْطَانِ وَهَذِهِ كُلُّهَا آثَارٌ لَيِّنَةٌ وَلَهَا وُجُوهٌ مُحْتَمَلَةٌ وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْكَيِّ فَهَذَا أَكْثَرُ مَا نَزَعَ بِهِ الْكَارِهُونَ لِلرُّقَى وَالتَّدَاوِي وَالْمُعَالَجَةِ وَذَكَرَ الأثرم قال سألت أحمد بن حنبل عن الْكَيِّ فَقَالَ مَا أَدْرِي وَكَأَنَّهُ كَرِهَهُ وَذَكَرَ حديث عمران ابن حُصَيْنٍ نُهِينَا عَنِ الْكَيِّ قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَكْرَهُ الْحُقْنَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرُورَةً لَا بُدَّ مِنْهَا وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى إِبَاحَةِ الِاسْتِرْقَاءِ وَالْمُعَالَجَةِ وَالتَّدَاوِي وَقَالُوا إِنَّ مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهِمْ لُزُومُهَا لِرِوَايَتِهِمْ لَهَا عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَزَعُ إِلَى اللَّهِ عِنْدَ الْأَمْرِ يَعْرِضُ لَهُمْ وَعِنْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ بِهِمْ فِي التَّعَوُّذِ بِاللَّهِ مِنْ كُلِّ شَرٍّ وَإِلَى الِاسْتِرْقَاءِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَاحْتَجُّوا بِالْآثَارِ الْمَرْوِيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِبَاحَةِ التَّدَاوِي وَالِاسْتِرْقَاءِ مِنْهَا قَوْلُهُ تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً

وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ كَيَّةِ نَارٍ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَدَاوُونَ بِهِ خَيْرٌ فَالْحِجَامَةُ وَمِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ مَا يُتَدَاوَى بِهِ الْحِجَامَةُ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَاسْتَعَطَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِنْ كَانَ دَوَاءٌ يَبْلُغُ الدَّاءَ فَالْحِجَامَةُ تَبْلُغُهُ وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا خَلَقَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا خَلْقَ لَهُ دَوَاءً إِلَّا الْمَوْتَ وَالْهَرَمَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ يَعْنِي الْمَوْتَ رَوَاهُ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ وَرَقَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

نَفْسَهُ وَرَقَى أَصْحَابَهُ وَأَمَرَهُمْ بِالرُّقْيَةِ وَأَبَاحَ الْأَكْلَ بِالرُّقْيَةِ وَكَانَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَسْتَرْقِي لَهُمَا وَكَذَلِكَ جَاءَ عَنْهُ فِي ابْنَيْ جَعْفَرٍ وَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ بِالِاغْتِسَالِ لِسُهَيْلِ بْنِ حُنَيْفٍ مِنَ الْعَيْنِ وَكَانَ يَقُولُ مَنْ قَالَ أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ كَشَفَ عَنْهُ كَذَا وَمَنْ قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْحَدِيثِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ بِمَ كُنْتَ تَسْتَمْشِينَ قَالَتْ بِالشُّبْرُمِ قَالَ حار جار قالت ثم اسمتشيت بِالسَّنَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ شَيْءٌ يَشْفِي مِنَ الْمَوْتِ كَانَ السَّنَا وَأَجَازَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّدُودَ وَالسَّعُوطَ وَالْمَشْيَ وَالْحِجَامَةَ وَالْعَلَقَ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ كَانُوا لَا يَرَوْنَ بِالِاسْتِشْفَاءِ بَأْسًا وَإِنَّمَا كَرِهُوا مِنْهُ مَا كَرِهُوا مَخَافَةَ أَنْ يُضْعِفَهُمْ وَقَالَ عَطَاءٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَشْفِيَ الْمَجْذُومُ وَغَيْرُ الْمَجْذُومِ وَقَدْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ أَرَأَيْتَ أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا ورقى

نَسْتَرْقِي بِهَا أَتَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ فَقَالَ هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ وَقَالَ فِي عَجْوَةِ الْعَالِيَةِ شِفَاءٌ إِذَا بَكَرَهُ عَلَى الرِّيقِ وَقَالَ مَنْ تَصَبَّحَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةٍ مِنْ تَمْرِ الْعَالِيَةِ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ وَكَوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَطَعَ مِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عِرْقًا وَكَوَاهُ وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ وَذَكَرَ الأثرم قال سألت أحمد بن حنبل عن قَطْعِ الْعِرْقِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ قَطَعَ عِرْقًا وَأُسِيدُ بْنُ حُضَيْرٍ قطع عرق النساء وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَطَعَ عِرْقًا فِيمَا قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ

وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اكْتَوَى مِنَ اللَّقْوَةِ وَرُقِيَ مِنَ الْعَقْرَبِ قَالَ وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بن الحرث عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا دَعَا طَبِيبًا يُعَالِجُ أَهْلَهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُدَاوِيَ بِشَيْءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ وَاكْتَوَى ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا مُهَنَّأُ بْنُ يَحْيَى (2) قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَسْقِي وَلَدَهُ التِّرْيَاقَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ) قَالَ أَبُو عُمَرَ وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ خَيْرُ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ

وَاكْتَوَى ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلرُّقَى وَالِاسْتِعَاذَةِ وَمَنَعَ مِنَ التَّدَاوِي وَالْمُعَالَجَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُلْتَمَسُ بِهِ الْعَافِيَةُ مِنَ اللَّهِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ عُرْفِ الْمُسْلِمِينَ وَخَالَفَ طَرِيقَهُمْ قَالُوا وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ كَرِهَ التَّدَاوِيَ وَالرُّقَى مَا قَطَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَعْضَائِهِمْ لِلْعِلَاجِ وَمَا افْتَصَدُوا وَلَا احْتَجَمُوا وَهَذَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ قَطَعَ سَاقَهُ قَالُوا وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ إِلَى نَوْعٍ مِنَ الْكَيِّ مَكْرُوهٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ أَوْ يَكُونَ قَصَدَ إِلَى الرُّقَى بِمَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا مِنْ ذِكْرِهِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ كَرَاهِيَةُ الرُّقْيَةِ بِغَيْرِ كِتَابِ اللَّهِ وَعَلَى ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ وَأَبَاحَ لِلْيَهُودِيَّةِ أَنْ تَرْقِيَ عَائِشَةَ بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ قَدْ نَزَعَ بِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ مَنْ قَصَدَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالَّذِي أَقُولُ بِهِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ خِيَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ

وَسَلَفِهَا وَعُلَمَائِهَا قَوْمٌ يَصْبِرُونَ عَلَى الْأَمْرَاضِ حَتَّى يَكْشِفَهَا اللَّهُ وَمَعَهُمُ الْأَطِبَّاءُ فَلَمْ يُعَابُوا بِتَرْكِ الْمُعَالَجَةِ وَلَوْ كَانَتِ الْمُعَالَجَةُ سُنَّةً مِنَ السُّنَنِ الْوَاجِبَةِ لَكَانَ الذَّمُّ قَدْ لَحِقَ مَنْ تَرَكَ الِاسْتِرْقَاءَ وَالتَّدَاوِيَ وَهَذَا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ وَلَكَانَ أَهْلُ الْبَادِيَةِ وَالْمَوَاضِعِ النَّائِيَةِ عَنِ الْأَطِبَّاءِ قَدْ دَخَلَ عَلَيْهِمُ النَّقْصُ فِي دِينِهِمْ لِتَرْكِهِمْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا التَّدَاوِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِبَاحَةٌ عَلَى مَا قَدَّمَنَا لِمَيْلِ النُّفُوسِ إِلَيْهِ وَسُكُونِهَا نَحْوَهُ ((وَلِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ)) لَا أَنَّهُ سُنَّةٌ وَلَا أَنَّهُ وَاجِبٌ وَلَا أَنَّ الْعِلْمَ بِذَلِكَ عِلْمٌ مَوْثُوقٌ بِهِ لَا يُخَالَفُ بَلْ هُوَ خَطَرٌ وَتَجْرِبَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْقَدَرِ وَاللَّهُ نَسْأَلُهُ الْعِصْمَةَ وَالتَّوْفِيقَ وَعَلَى إِبَاحَةِ التَّدَاوِي وَالِاسْتِرْقَاءِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ أَوْ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ قَدِمَ وَالثَّمَرَةُ خَضِرَةٌ قَالَ فَأَسْرَعَ النَّاسُ فِيهَا فَحُمُّوا فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقَرِّسُوا الْمَاءَ فِي الشِّنَانِ ثُمَّ يَحْدِرُونَ عَلَيْهِمْ بَيْنَ أَذَانِ الْفَجْرِ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَفَعَلُوا

فَكَأَنَّمَا نَشِطُوا مِنْ عِقَالٍ أَوْ قَالَ مِنْ عَقْلٍ وَقَدْ رَخَّصُوا أَنْ يُدَاوِيَ الرِّجَالُ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ النِّسَاءَ عَلَى سَبِيلِ السُّتْرَةِ وَالِاحْتِيَاطِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ أَوْ سُئِلَ وَأَنَا أَسْمَعُ عَنِ الْمَرْأَةِ يُدَاوِيهَا الرَّجُلُ فِي مِثْلِ الْكَسْرِ وَشَبَهِهِ قَالَ نَعَمْ قَدْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ عِدَّةٌ مِنَ التَّابِعِينَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ قَالَ سَأَلْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ امْرَأَةٍ مِنَّا فِي رَأْسِهَا سِلْعَةٌ لَا يَسْتَطِيعُ النِّسَاءُ أَنْ يُدَاوِينَهَا قَالَ يُخْرَقُ فِي خِمَارِهَا قَدْرَ السِّلْعَةِ ثُمَّ يُدَاوِيهَا الرِّجَالُ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْكِينُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ خَرَجَ فِي عُنُقِ أُخْتِي خُرَّاجٌ فَدَعَا عُرْوَةُ الطَّبِيبَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُقَوِّرَ الْمَوْضِعَ ثُمَّ يُعَالِجَهَا قَالَ وَحَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ ذِرْوَةَ قَالَ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ عَنِ الْمَرْأَةِ يَنْكَسِرُ مِنْهَا الْعُضْوُ أَجْبُرُهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ فِي الْمَرْأَةِ يَنْكَسِرُ فَخِذُهَا فَلَا يجدون

امْرَأَةً تَجْبُرُهَا فَقَالَ يَجْبُرُهَا رَجُلٌ وَيَسْتُرُهَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي الرَّجُلِ يُؤَخَّرُ عَنِ امْرَأَتِهِ فَيَلْتَمِسُ مَنْ يُدَاوِيهِ قَالَ إِنَّمَا نَهَى اللَّهُ عَمَّا يَضُرُّ وَلَمْ يَنْهَ عَمَّا يَنْفَعُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يُعَالَجَ الْمَرِيضُ بِلَبَنِ الشَّاةِ السَّوْدَاءِ وَالْبَقَرَةِ السَّوْدَاءِ وَلَبَنِ الْمَرْأَةِ أَوَّلَ بَطْنٍ لَا نَرَى بِذَلِكَ كُلِّهِ بَأْسًا وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْبَشِيرِ سَمْنُ الْبَقَرَةِ السَّوْدَاءِ الَّتِي لَا بَيَاضَ فِيهَا يَجْلُو الْبَصَرَ وَأَمَّا الْآثَارُ الَّتِي رُوِيَتْ مُسْنَدَةً فِي مَعْنَى حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ هَذَا فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ شَرِيكٍ قَالَ شَهِدْتُ الْأَعَارِيبَ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ عَلَيْنَا جُنَاحٌ فِي كَذَا وَكَذَا فَقَالَ عِبَادَ اللَّهِ قَدْ وُضِعَ الْحَرَجُ إِلَّا امْرَأً اقْتَرَضَ مِنْ عِرْضِ أَخِيهِ شَيْئًا فَذَلِكَ الَّذِي حَرِجَ وَهَلَكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ

هَلْ عَلَيْنَا حَرَجٌ أَنْ نَتَدَاوَى فَقَالَ تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا وَقَدْ أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً وَقَالَ مَرَّةً شِفَاءً إِلَّا الْهَرَمَ قَالُوا فَمَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ خُلُقٌ حَسَنٌ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَزَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ أُسَامَةِ بْنِ شَرِيكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَدَّادِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَذْلَمَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا ثَعْلَبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَثْعَمِيُّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الدَّاءَ وَخَلَقَ الدَّوَاءَ فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ إِمْلَاءً قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ إِمْلَاءً قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِمْلَاءً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي شَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ

قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً يُحَدِّثُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ دَاءٍ إِلَّا أَنْزَلَ مَعَهُ دَوَاءً عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ إِلَّا السَّامَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا السَّامُ قَالَ الْمَوْتُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ شَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَخَالَفَهُ عُمَرُ بْنُ أَبِي حُسَيْنٍ فَرَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ دَاءٍ إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً وَرَوَاهُ طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عباس

وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ عَطَاءٍ عَنْهُمْ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ دَاءً إِلَّا خَلَقَ لَهُ شِفَاءً إِلَّا السَّامَ وَالسَّامُ الْمَوْتِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ما أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً أَوْ شِفَاءً الشَّكُّ مِنْ أَبِي الْأَحْوَصِ إِذَا أُصِيبَ الدَّوَاءُ الَّذِي هُوَ شِفَاءُ الدَّاءِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ سَمِعْتُ عِمْرَانَ الْعَمِّيَّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ خَلَقَ الدَّاءَ خَلَقَ الدَّوَاءَ فَتَدَاوَوْا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا المقرىء حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا وَقَدْ وَضَعَ لَهُ شِفَاءً إِلَّا الْهَرَمَ فَعَلَيْكُمْ بِأَلْبَانِ الْبَقَرِ فَإِنَّهَا تَرُمُّ مِنْ كُلِّ الشَّجَرِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسماعيل قال حدثناالحميدي قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ أَعُودُهُ فَأَرَادَ غُلَامٌ لَهُ أَنْ يُدَاوِيَهُ فَنَهَيْتُهُ فَقَالَ دَعْهُ فَإِنِّي سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ شِفَاءً عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ من

جَهِلَهُ (رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا مِنْ قَوْلِهِ) وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ للصواب

الحديث السادس والأربعون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَأَرْبَعُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَإِذَا سَلَّمَ مِنَ الْقَوْمِ وَاحِدٌ أَجْزَأَ عَنْهُمْ لَا خِلَافَ بَيْنِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ هَكَذَا (وَفِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مُسْنَدٌ وَسَنَذْكُرُهُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) وَزَعَمَ الْبَزَّارُ أَنَّ فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ بَيِّنُ الْمَعْنَى مُسْتَغْنٍ عَنِ التَّأْوِيلِ إِلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الْقَوْلِ بِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِذَا سَلَّمَ رَجُلٌ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الرِّجَالِ فَرَدَّ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَجْزَأَ عَنْهُمْ وَشَبَّهَهُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَالتَّفَقُّهِ فِي دِينِ اللَّهِ وَغُسْلِ الْمَوْتَى

وَدَفْنِهِمْ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَبِالسَّفَرِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ لِقِتَالِهِمْ قَالَ هَذِهِ كُلُّهَا فُرُوضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ إِذَا قَامَ بِشَيْءٍ مِنْهَا بَعْضُ الْقَوْمِ أَجْزَأَ عَنْ غَيْرِهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ فِي فَرْضِ رَدِّ السَّلَامِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا وَالْحُجَّةُ فِي أَنَّ هَذَا الْفَرْضَ لَا يَتَعَيَّنُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ هَذَا وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَزْدِيُّ الطَّحَاوِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ الْحَدِيثَ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ (قَالَ) إِذَا رَدَّ السَّلَامَ بَعْضُ الْقَوْمِ أجزأ عن الجميع وقال لا يجزىء إِلَّا أَنْ يَرُدُّوا جَمِيعًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئًا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَشَيْءٌ رُوِيَ فِيهِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ قَالَ وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ إِنَّمَا فِيهِ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الْقَوْمِ وَاحِدٌ أَجْزَأَ عَنْهُمْ قَالَ وَإِنَّمَا هُوَ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ وَابْتِدَاءُ

السَّلَامِ خِلَافُ رَدِّ السَّلَامِ لِأَنَّ السَّلَامَ الْمُبْتَدَأَ تَطَوُّعٌ وَرَدَّهُ فَرِيضَةٌ قَالَ وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْفُرُوضِ الَّتِي عَلَى الْكِفَايَةِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مع القوم نصراني فرد النصراني دُونَ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسْقِطْ ذَلِكَ عَنْهُمْ فَرْضَ السَّلَامِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ فَرْضَ السَّلَامِ مِنَ الْفُرُوضِ الْمُتَعَيِّنَةِ الَّتِي تَلْزَمُ كُلَّ إِنْسَانٍ بِنَفْسِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ هَذَا مَعْنَاهُ الِابْتِدَاءُ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ لَهُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ ذَلِكَ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا تَأَوَّلَ فِيهِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ أَجْزَأَ عَنْهُمْ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ أَجْزَأَ عَنْهُمْ إِلَّا فِيمَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ وَالِابْتِدَاءُ بِالسَّلَامِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ وَخَيْرٌ وَأَدَبٌ وَالرَّدُّ وَاجِبٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فَاسْتَبَانَ بِقَوْلِهِ أَجْزَأَ عَنْهُمْ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْحَدِيثِ الرَّدَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا وَجْهُ الْحَدِيثِ فَبَطَلَ مَا تَأَوَّلَ الطَّحَاوِيُّ وَصَحَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُرْوَى فِي هَذَا غَيْرُ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَحَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ وَهُمَا مُنْقَطِعَانِ فَلَيْسَ كَمَا قَالَ عِنْدَنَا وَقَدْ رُوِّينَا

بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنِ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم يجزىء مِنَ الْجَمَاعَةِ إِذَا مَرَّتْ أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ ويجزىء عَنِ الْقُعُودِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَقَطْعُ التَّنَازُعِ لِأَنَّهُ سوى بين الابتداء والرد وجعل ذلك علىالكفاية وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ لَا مُعَارِضَ لَهُ وَسَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ هَذَا هُوَ سَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْخُزَاعِيُّ مَدَنِيٌّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَقَدْ ضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو زُرْعَةٌ وَأَبُو حَاتِمٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ وَجَعَلُوا حَدِيثَهُ هَذَا مُنْكَرًا لِأَنَّهُ انْفَرَدَ فِيهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَلَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْفَضْلِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ بَيْنَهُمَا الْأَعْرَجُ فِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ

فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَائِرُ الْإِسْنَادِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ إِلَى ذِكْرِهِمْ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْخَبَرَ عَنِ الْحَسَنِ الْحُلْوَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجُدِّيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ الْخُزَاعِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَدْ رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِهَذَا الْمَعْنَى مَكْشُوفًا حَدَّثَنِيهِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان قال حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرَّ الْقَوْمُ عَلَى الْمَجْلِسِ فَسَلَّمَ مِنْهُمْ رَجُلٌ أَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَإِذَا رَدَّ مِنْ أَهْلِ الْمَجْلِسِ رَجُلٌ أَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَصِحُّ بِهَذَا الْمَعْنَى فِيهِ شَيْءٌ غَيْرُ مَا ذَكَرَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الوارث قالا حدثنا قاسم حدثنا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ

حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ وَالْمَاشِيَانِ أَيُّهُمَا بَدَأَ بِالسَّلَامِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي زِيَادٌ أَنَّ ثَابِتًا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الماشي والماشي على القاعد والقليل علىالكثير وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَجْزَأَ فِي الِابْتِدَاءِ أَيْ أَجْزَأَ فِي السُّنَّةِ الْمَنْدُوبِ إِلَيْهَا كَمَا يُقَالُ مَنْ أَتَى الْوَلِيمَةَ أَجْزَأَهُ التَّبْرِيكُ وَالدُّعَاءُ إِذَا كَانَ صَائِمًا وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا بِدَلِيلِ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِالسَّلَامِ سُنَّةٌ وَأَنَّ الرَّدَّ فَرْضٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنِ اخْتِلَافِهِمْ فِي تَعْيِينِهِ وَكِفَايَتِهِ وَالِابْتِدَاءُ لَيْسَ كَذَلِكَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ السَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَهُ فِي الْأَرْضِ فَافْشُوهُ بَيْنَكُمْ فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى الْقَوْمِ فَرَدُّوا عَلَيْهِ كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ فَضَلُ دَرَجَةٍ لِأَنَّهُ ذَكَّرَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ رَدَّ

عَلَيْهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَأَطْيَبُ قَالَ وَأَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كُنْتُ أُسَايِرُ رَجُلًا مِنْ فُقَهَاءِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ فَحَبَسَتْنِي دَابَّتِي تَبُولُ ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَلَمْ أُسَلِّمْ فَقَالَ أَلَا تُسَلِّمُ فَقُلْتُ إِنَّمَا كُنْتُ مَعَكَ آنِفًا فَقَالَ وَإِنْ لَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَسَايَرُونَ فَتُفَرِّقُ بَيْنَهُمُ الشجرة فإذاالتقوا سَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ انْتَهَى السَّلَامُ إِلَى الْبَرَكَةِ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ صَالِحِ عِبَادِهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَكَانَا يَكْرَهَانِ أَنْ يَزِيدَ أَحَدٌ فِي السَّلَامِ عَلَى قَوْلِهِ وَبَرَكَاتُهُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

الحديث السابع والأربعون

حَدِيثُ سَابِعٌ وَأَرْبَعُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَعْطُوا السَّائِلَ وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ لَا أَعْلَمَ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ خِلَافًا بَيْنَ رُوَاةِ مَالِكٍ وَلَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظِ مُسْنَدٌ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ الْحَضُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَفِيهِ أَنَّ الْفَرَسَ إِذَا كَانَ صاحبه محتاجا إليه لاغنى بِهِ عَنْهُ لِضَعْفِهِ عَنِ التَّصَرُّفِ فِي مَعَاشِهِ عَلَى رِجْلَيْهِ فَإِنَّ مُلْكَهُ لِلْفَرَسِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الْفَقْرِ وَلَا يُدْخِلُهُ فِي حُكْمِ الْأَغْنِيَاءِ الَّذِينَ لَا تَحِلُّ لَهُمُ الصَّدَقَةُ

وَقَدْ أَطْلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِعْطَاءَهُ وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ دُونَ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ فَجَائِزٌ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ كُلِّ صَدَقَةٍ وَمَحْمَلُ الدَّارَ الَّتِي لَا غِنَى لِصَاحِبِهَا عَنْ سُكْنَاهَا وَلَا فَضْلَ لَهُ فِيهَا عَمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْهَا وَالْخَادِمُ الَّذِي لَا غِنَى بِهِ عَنْهُ مَحْمَلُ الْفَرَسِ وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ حَدِيثِ زَيْدِ (بْنِ أَسْلَمَ) عَنِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الْأَسَدِيِّ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هاهنا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراد بقوله في هذاالحديث الْحَضَّ عَلَى إِعْطَاءِ السَّائِلِ وَأَنْ لَا يُرَدَّ كَائِنًا مَنْ كَانَ إِذَا رَضِيَ لِنَفْسِهِ بِالسُّؤَالِ إِذِ الْأَغْلَبُ مِنْ هَذِهِ الْحَالِ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا عَنْ حَاجَةٍ نَدْبًا إِلَى نَوَافِلِ الْخَيْرِ وَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَفَعْلِ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ بِكُلِّ مُسْتَضْعَفٍ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ غَنِيٌّ مُسْتَكْثِرٌ بِالسُّؤَالِ مَعَ مَا كَانَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم من التغليط فِي الْمَسْأَلَةِ وَكَرَاهِيَتَهَا وَقَدْ تَقَدَّمُ هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فَلَا وَجْهَ لِلْإِكْثَارِ فِيهِ

وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مُسْنَدًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ الحسين بن علي حدثنا عبد الوارث ابن سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسَّائِلِ حَقٌّ وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا محمد ابن عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بِمَرْوَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن يعقوب حدثنا الأصم قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لولا أن السوال

يَكْذِبُونَ مَا أَفْلَحَ مَنْ رَدَّهُمْ وَقَدْ رُوَى عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بِلَالٍ فَوَقَفَ بِالْبَابِ سَائِلٌ فَرَدَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ صَدَقَ السَّائِلُ مَا أَفْلَحَ مَنْ رَدَّهُ وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ أَيْضًا عَلَى مَالِكٍ وَضَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَيُقَالُ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْرٍ

عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا أَبِي وَالْعُقَيْلِيُّ قَالَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بُجَيْرِ بْنِ يَسَارٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ وَلَا يُعْلَمُ بِهِ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَغْشُونَ بُيُوتَنَا (قَالَ أُولَئِكَ الْغُنَاةُ) قِيلَ وَمَا الْغُنَاةُ قَالَ الَّذِينَ لَا يَتَطَهَّرُونَ مِنْ جَنَابَةٍ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ لِصَلَاةٍ ولا يرون لأحد عليم حَقًّا وَيُرُونَ حَقَّهُمْ عَلَى النَّاسِ وَاجِبًا وَإِذَا قَامَ النَّاسُ فِي جُمُعَةٍ أَوْ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى يَسْأَلُونَ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ قَامُوا يَسْأَلُونَ النَّاسَ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ وَمِمَّا وُضِعَ أَيْضًا عَلَى مَالِكٍ مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَامِلٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُسَيْنٍ الدِّمْيَاطِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةُ اللَّهِ إِلَى المومن

السَّائِلُ عَلَى بَابِهِ وَرَوَاهُ أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ مُوسَى عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَعِيدُ بْنُ مُوسَى مَتْرُوكَانِ وَالْحَدِيثُ مَوْضُوعٌ (وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)

الحديث الثامن والأربعون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَأَرْبَعُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ أَوِ اشْتَرَى الْجَارِيَةَ فَلْيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا وَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ وَإِذَا اشْتَرَى الْبَعِيرَ فَلْيَأْخُذْ بِذِرْوَةِ سَنَامِهِ وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ وَهَذَا أَيْضًا مُرْسَلٌ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَعْنَاهُ يَسْتَنِدُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي لَاسٍّ الْخُزَاعِيِّ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْبَسَةُ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَفِيهِ أَنَّ الدُّعَاءَ كُلَّهُ تُرْجَى إِجَابَتُهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا

ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كَانَ يَقُولُ إِذَا أَفَادَ أَحَدُكُمْ دَابَّةً أَوِ امرأة أو خادما أو بعيرا فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى نَاصِيَتِهِ وَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ وَأَعُوذُ بك من شرها ومن شر مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ فَأَمَّا الْبَعِيرُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِذِرْوَةِ سَنَامِهِ ثُمَّ لِيَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحَزَّامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ أَوِ ابْتَاعَ الْجَارِيَةَ أَوِ الْبَعِيرَ أَوِ الدَّابَّةَ فَلْيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا ثُمَّ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها ومن وَشَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَرَوَاهُ ابْنُ لهيعة

أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ (وَذَكَرَ أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِذَا ابْتَاعَ أَحَدُكُمُ الْوَصِيفَ أَوِ الْوَصِيفَةَ أَوِ الدَّابَّةَ أَوْ تَزَوُّجَ الْمَرْأَةَ فَلْيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا ويقول اللهم إني أسأك خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ) وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي لَاسٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ حَمَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِبِلٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ ضِعَافٍ لِلْحَجِّ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَرَى أَنْ تَحْمِلَنَا قَالَ مَا مِنْ بَعِيرٍ إِلَّا وَفِي ذِرْوَتِهِ شَيْطَانٌ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عَلَيْهَا إِذَا رَكِبْتُمُوهَا كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ ثُمَّ امْتَهِنُوهَا لِأَنْفُسِكُمْ فَإِنَّمَا يَحْمِلُ اللَّهُ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي

شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلَ فَإِنَّهَا خُلِقَتْ من الشياطين

الحديث التاسع والأربعون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَأَرْبَعُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا وَلَا يَصِحُّ فِيهِ عَنْ مالك غير هذا الحديث المرسل عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ وَهُوَ مُنْكَرٌ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْحَدِيثُ مَعْرُوفٌ ثَابِتٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ

أَتَى عَلِيٌّ بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَوْ كُنْتُ أَنَا مَا أَحْرَقْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بدل دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُومِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ عَلِيًّا أَحْرَقَ نَاسًا ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَحْرِقُهُمْ بِالنَّارِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ وَكُنْتُ قَاتِلَهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَقَالَ وَيْحَ أُمِّ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّ عَلِيًّا إِنَّمَا حَرَّقَهُمْ بِالنَّارِ بَعْدَ ضَرْبِ أَعْنَاقِهِمْ وَسَنَذْكُرُ بَعْضَ الْأَخْبَارِ بِذَلِكَ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَفِقْهُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنِ ارْتَدَّ عَنْ دِينِهِ حَلَّ دَمُهُ وَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَالْأُمَّةُ مُجْتَمِعَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي اسْتِتَابَتِهِ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ (قَالَتْ لَا يُسْتَتَابُ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَيُقْتَلُ) وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَالَتْ يُسْتَتَابُ بِسَاعَةٍ واحدة ومرة وَاحِدَةٍ وَوَقْتًا وَاحِدًا وَقَالَ آخَرُونَ يُسْتَتَابُ شَهْرًا وَقَالَ آخَرُونَ يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَلَمْ يستتب ابن مسعود وابن النَّوَّاحَةِ وَحْدَهُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنَّكَ رَسُولٌ لَقَتَلْتُكَ قَالَ لَهُ وَأَنْتَ الْيَوْمَ لَسْتَ بِرَسُولٍ وَاسْتَتَابَ غَيْرَهُ رَوَى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِي عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنِ النَّاسِ فَأَخْبَرَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ عُمَرُ هَلْ مِنْ مُغَرِّبَةٍ خَبَرٌ قَالَ نَعَمْ رَجُلُ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ قَالَ فَمَاذَا فَعَلْتُمْ بِهِ قَالَ قَرَّبْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ فَقَالَ عُمَرُ فَهَلَّا حَبَسْتُمُوهُ ثَلَاثًا وَأَطْعَمْتُمُوهُ

كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا وَاسْتَتَبْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ وَيُرَاجِعُ أَمْرَ اللَّهِ اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَحْضُرْ وَلَمْ آمر ولم أرض إذا بَلَغَنِي أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْعَقِيبِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابن خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِي عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمَ وَفْدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَلَى عُمَرَ فَأَخْبَرُوهُ بِفَتْحِ تَسْتُرَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ هَلْ حَدَثَ فِيكُمْ حَدَثٌ فَقَالُوا لَا وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا رَجُلٌ ارْتَدَّ عَنْ دِينِهِ فَقَتَلْنَاهُ قَالَ وَيْلَكُمُ أَعَجَزْتُمْ أَنْ تُطْبِقُوا عَلَيْهِ بَيْتًا ثَلَاثًا ثُمَّ تُلْقُوا إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا فَإِنْ تَابَ قَبِلْتُمْ مِنْهُ وَإِنْ أَقَامَ كُنْتُمْ قَدْ أُعْذِرْتُمْ إِلَيْهِ اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَشْهَدْ وَلَمْ آمُرْ وَلَمْ أَرْضَ إِذْ بَلَغَنِي وَرَوَى دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ يَوْمَ تَسْتُرَ وَلَحِقُوا بِالْمُشْرِكِينَ فَلَمَّا فُتِحَتْ قُتِلُوا فِي الْقِتَالِ

قَالَ فَأَتَيْتُ عُمَرَ بِفَتْحِهَا فَقَالَ مَا فَعَلَ النَّفَرُ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فَعَرَضْتُ فِي حَدِيثٍ لِأَشْغَلَهُ عَنْ ذِكْرِهِمْ فَقَالَ مَا فَعَلَ النَّفَرُ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ قُلْتُ قُتِلُوا قَالَ لَأَنْ أَكُونَ (كُنْتُ) أَخَذْتُهُمْ سِلْمًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مِنْ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ قُلْتُ وَهَلْ كَانَ سَبِيلَهُمْ إِلَّا الْقَتْلُ ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ وَلَحِقُوا بِالْمُشْرِكِينَ قَالَ كُنْتُ أَعْرِضُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْبَابِ الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ فَإِنْ فَعَلُوا قَبِلْتُ مِنْهُمْ وَإِلَّا اسْتَوْدَعْتُهُمُ السِّجْنَ وَرَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ أَنَّ عَلِيًّا أَتَى بِالْمُسْتَوْرِدِ الْعِجْلِيِّ وَقَدِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ فَاسْتَتَابَهُ فَأَبَى أَنْ يَتُوبَ فَقَتَلَهُ وَرَوَى عُبَادَةُ

عَنِ الْعَلَاءِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّ عَلِيًّا أَخَذَ رَجُلًا مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ تَنَصَّرَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ شَهْرًا فَأَبَى فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ خِلَافًا فِي اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ وَأَقَامَ عَلَى تَبْدِيلِهِ فَاقْتُلُوهُ وَأَمَّا أَقَاوِيلُ الْفُقَهَاءِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ يُعْرَضُ عَلَى الْمُرْتَدِّ الْإِسْلَامُ ثَلَاثًا فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ قَالَ وَإِنِ ارْتَدَّ سِرًّا قُتِلَ وَلَمْ يُسْتَتَبْ كَمَا تُقْتَلُ الزَّنَادِقَةُ قَالَ وَإِنَّمَا يُسْتَتَابُ مَنْ أَظْهَرَ دِينَهُ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ وَيُقْتَلُ الزَّنَادِقَةُ وَلَا يُسْتَتَابُونَ وَالْقَدَرِيَّةُ يُسْتَتَابُونَ قَالَ فقيل لمالك كَيْفَ يُسْتَتَابُونَ قَالَ يُقَالُ لَهُمْ اتْرُكُوا مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلُوا وَإِلَّا قُتِلُوا (وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ فِي اسْتِتَابَةٍ أَمْرٌ مِنْ جَمَاعَةِ النَّاسِ)

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا إسحاق بن قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ الْمُرْتَدُّ يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا وَالْمُرْتَدَّةُ تُسْتَتَابُ ثَلَاثًا وَالزِّنْدِيقُ لَا يُسْتَتَابُ قَالَ إِسْحَاقُ وَقَالَ لِي إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ سَوَاءٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ سَوَاءٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ ظَاهِرًا وَالزِّنْدِيقُ جَمِيعًا فَمَنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهُمَا قُتِلَ وَفِي الِاسْتِتَابَةِ ثَلَاثًا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ عُمَرَ وَالْآخِرُ أَنَّهُ لَا يُؤَخَّرُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ فِيهِ بِأَنَاةٍ وَهَذَا ظَاهِرُ الْخَبَرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِالرِّدَّةِ فَأَنْكَرَ قُتِلَ فَإِنْ أَقَرَّ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ خَالَفَ الْإِسْلَامَ لَمْ يَكْشِفْ عَنْ غَيْرِهِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يُسْتَتَابَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالُوا وَمَنْ قَتَلَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَتَابَ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي السِّيَرِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ مَكَانَهُ إِلَّا أَنْ يَطْلُبَ أَنْ يُؤَجَّلَ فَإِنْ طَلَبَ ذَلِكَ أُجِّلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ

وَالزِّنْدِيقُ عِنْدَهُمْ وَالْمُرْتَدُّ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ لَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُ الزَّنَادِقَةُ وَأَنَّهُمْ يَعُودُونَ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ قَالَ أَرَى إِذَا أُتِيتُ بِزِنْدِيقٍ أَمَرْتُ بِضَرْبِ عُنُقِهِ وَلَا أَسْتَتِيبُهُ فَإِنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ أَقْتُلَهُ لَمْ أَقْتُلْهُ وَخَلَّيْتُهُ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَطَائِفَةٌ مَعَهُ لَا يُسْتَتَابُ مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ ارْتَدَّ إِذَا شُهِدَ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ يُقْتَلُ تَابَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَتُبْ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ وَقَالَ الْحَسَنُ يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ مِائَةَ مَرَّةٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ دُونَ اسْتِتَابَةٍ وَذَكَرَ سَحْنُونٌ أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ كَانَ يَقُولُ يُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ وَلَا يُسْتَتَابُ وَيَحْتَجُّ بِحَدِيثِ مُعَاذٍ مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ قَالَ أَبُو عُمَرَ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يَشْهَدُ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِلَّا أَنَّهُ عَمَّ كُلَّ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ سَوَاءٌ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يُولَدْ وَالْحَدِيثُ عِنْدِي فِيهِ مُضْمَرٌ وَذَلِكَ لِمَا صَنَعَهُ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ الِاسْتِتَابَةِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَجْهَلُونَ مَعْنَى الْحَدِيثِ فَكَأَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ إِنْ لَمْ يَتُبْ وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنَّمَا عَنَى بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَى الْكُفْرِ وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ أَوِ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ مَنْ كُفْرٍ إِلَى

كُفْرٍ فَلَمْ يُعْنَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ إِذَا كَانَ الْمُبَدِّلُ لِدِينِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ بَلَدِهِ وَيُلْحِقَهُ بِأَرْضِ الْحَرْبِ وَجَازَ لَهُ اسْتِحْلَالُ مَالِهِ مَعَ أَمْوَالِ الْحَرْبِيِّينَ إِنْ غَلَبَ عَلَى الدَّارِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَ لَهُ الذِّمَّةَ عَلَى الدِّينِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي حِينِ عَقَدَ الْعَهْدَ لَهُ هَكَذَا حَكَاهُ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَحَكَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا خَرَجَ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ كَانَ لِلْإِمَامِ قَتْلُهُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ وَالرَّبِيعِ وَغَيْرِهِمَا عَنْهُ وَقَالَتْ فِرْقَةٌ إِذَا ارْتَدَّ اسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ قُبِلَ مِنْهُ ثُمَّ إِنِ ارْتَدَّ فَكَذَلِكَ إِلَى الرَّابِعَةِ ثُمَّ يُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ يُقْتَلُ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ إِلَى الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَتُبْ حَتَّى يَصِيرَ إِلَى الْإِمَامِ قُتِلَ وَكَانَتْ تَوْبَتُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ جَعَلَهُ حَدَّا مِنَ الْحُدُودِ وَلَا يَسَعُ الْإِمَامُ إِلَّا أَنْ يُقِيمَهُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي الْمُرْتَدَّةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ كَمَا يُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ سَوَاءٌ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَحُجَّتُهُمْ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ ذكرا

مِنْ أُنْثَى وَمَنْ تَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ والذكر والأنثى وقال لا يحل دم امرىء مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانٍ فَعَمَّ كُلَّ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ إِيمَانِهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ عُلَيَّةَ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ إِنْ تَنَصَّرَتِ الْمُسْلِمَةُ فَتَزَوَّجَهَا نَصْرَانِيٌّ جَازَ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ لَا تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ لَا تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ وَمَنْ رَوَى حَدِيثًا كَانَ أَعْلَمَ بِتَأْوِيلِهِ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ خَلَاصٍ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعَطَاءٌ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَبَى نِسَاءَ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَقَالُوا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ حُكْمُهُ

إِذَا قُدِّرَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ عَلَى كُفْرِهِ وَالْمَرْأَةُ لَيْسَ حُكْمَهَا الْقَتْلُ عَلَى كُفْرِهَا وَإِنَّمَا حُكْمُهَا السَّبْيُ وَالِاسْتِرْقَاقُ فَلَا تَدْخُلُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْمُرْتَدَّةِ قَالَ تُقْتَلُ وَقَالَ قَتَادَةُ تُسْبَى لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَتَلَ أَهْلَ الرِّدَّةِ وَسَبَى نِسَاءَهُمْ قَالَ مَعْمَرٌ كَانَتْ دَارَ شِرْكٍ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أحمد ابن عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شيبة حدثنا يعقوب ابن مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ ارْتَدَّتْ بَنُو عَامِرٍ وَقَتَلُوا مَنْ كَانَ فِيهِمْ مِنْ عُمَّالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَرَّقُوهُمْ بِالنَّارِ فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنْ يَقْتُلَ بَنِي عَامِرٍ وَيُحَرِّقَهُمْ بِالنَّارِ وَلَمَّا ارْتَدَّ الْفَجْأَةَ وَاسْمُهُ إِيَاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بَعَثَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِي ثَلَاثِينَ فَارِسًا وَبَيَّتَهُ لَيْلًا فَأَخَذَهُ فَقَدِمَ بِهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو

بَكْرٍ أَخْرِجُوهُ إِلَى الْبَقِيعِ يَعْنِي إِلَى الْمُصَلَّى فَأَحْرِقُوهُ بِالنَّارِ فَأَخْرَجُوهُ إِلَى الْمُصَلَّى فَأَحْرَقُوهُ وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّهُ رُفِعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يُنْكَحُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ قَالَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حازم عن داود ابن بَكْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّ خَالِدًا كَتَبَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَذْكُرُ أَنَّهُ وَجَدَ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْعَرَبِ رَجُلًا يُنْكَحُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ فَاسْتَشَارَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ عَلِيٌّ مِنْ أَشَدِّهِمْ فِيهِ قَوْلًا فَقَالَ إِنَّ هَذَا ذَنْبٌ لَمْ تَعْصِ بِهِ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً صَنَعَ اللَّهُ بِهَا مَا قَدْ عَلِمْتُمْ أَرَى أَنْ تَحْرِقُوهُ بِالنَّارِ فَأَجْمَعَ رَأْيَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى خَالِدٍ فَحَرَّقَهُ قَالَ وَحَدَّثَنِي مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا اسْتَشَارَهُمْ أَبُو بَكْرٍ قَالُوا نَرَى أَنْ تَرْجُمَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ أَرَى أَنْ تُحَرِّقُوهُ فَإِنَّ الْعَرَبَ تَأْنَفُ مِنَ الْمُثْلَةِ وَلَا تَأْنَفُ مِنَ الْحُدُودِ فَحَرَّقُوهُ وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقَبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي رِدَّةِ أَسَدٍ وَغَطْفَانَ يَوْمَ بُزَاخَةَ قَالَ فَاقْتَتَلُوا يَعْنِي هُمْ وَالْمُسْلِمُونَ

قِتَالًا شَدِيدًا وَقَتَلَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْعَدْوِ بَشَرًا كَثِيرًا وَأَسَرُوا مِنْهُمْ أَسَارَى فَأَمَرَ خَالِدٌ بِالْحَظِيرَةِ أَنْ تُبْنَى ثُمَّ أَوْقَدَ تَحْتَهَا نَارًا عَظِيمَةً فَأَلْقَى الْأَسَارَى فِيهَا وَرَوَى شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَاتَلَ أَبُو بَكْرٍ أَهْلَ الرِّدَّةِ فَقَتَلَ وَسَبَى وَحَرَّقَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ قَالَ لَمَّا بَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيًّا أَحْرَقَ الْمُرْتَدِّينَ يَعْنِي الزَّنَادِقَةَ قَالَ لَوْ كُنْتُ أَنَا لَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بدل دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ وَلَمْ أَحْرِقْهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذَّبَ بِعَذَابِ اللَّهِ قَالَ سُفْيَانُ فَقَالَ عَمَّارُ الدُّهْنِيُّ وَكَانَ فِي الْمَجْلِسِ مَجْلِسِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَأَيُّوبُ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يُحَرِّقْهُمْ بِالنَّارِ إِنَّمَا حَفَرَ لَهُمْ أَسْرَابًا فَكَانَ يُدَخِّنُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا حَتَّى قَتَلَهُمْ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَمَا سَمِعْتَ قَائِلَهُمْ وَهُوَ يقول

لِتَرِمِ بِي الْمَنَايَا حَيْثُ شَاءَتْ ... إِذَا لَمْ ترم بي في مرتين ... ... إِذَا مَا أَوْقَدُوا حَطَبًا وَنَارًا ... فَذَاكَ الْمَوْتُ نقدا غير ... وَرَوَى حَامِدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ أَنَّ هَذَا الشِّعْرَ لِلنَّجَاشِيِّ قَالَهُ إِذْ لَحِقَ بِمُعَاوِيَةَ فارا في حيث ضَرَبَ عَلِيٌّ لَهُ فِي الْخَمْرِ مِائَةَ جَلْدَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِّينَا مِنْ وُجُوهٍ أَنَّ عَلِيًّا إِنَّمَا أَحْرَقَهُمْ بَعْدَ قَتْلِهِمْ ذَكَرَ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ وَذَكَرَهُ أَبُو زَيْدٍ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ عَنْ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي عُثْمَانَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ جَاءَ نَاسٌ مِنَ الشِّيَعَةِ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ هُوَ قَالَ مَنْ أَنَا قَالُوا أَنْتَ هُوَ قَالَ وَيْلَكُمُ مَنْ أَنَا قَالُوا أَنْتَ رَبُّنَا قَالَ وَيْلَكُمُ ارْجِعُوا فَتُوبُوا فَأَبَوْا فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ ثُمَّ قَالَ يَا قَنْبَرُ ائْتِنِي بِحُزَمِ الْحَطَبِ فَحَفَرَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ أُخْدُودًا فَأَحْرَقَهُمْ

بِالنَّارِ ثُمَّ قَالَ ... لَمَّا رَأَيْتُ الْأَمْرَ أَمْرًا مُنْكَرًا ... أَجَّجْتُ نَارِي وَدَعَوْتُ قَنْبَرَا ... قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَسَهْلُ بْنُ حَنِيفٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعَائِشَةُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لا يحل دم امرىء مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانٍ أو زنى بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ قَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ فَالْقَتْلُ بِالرِّدَّةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا لَا خِلَافَ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ وَلَا اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ وَالسُّنَّةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الِاسْتِتَابَةِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمُرْتَدَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ قَالَ يُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ إِذَا ارْتَدَّ ثَالِثَةً أَوْ رَابِعَةً بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا الْآيَةَ وَالْقِيَاسُ أَنَّ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَتَابَ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ غَيْرَ الْإِسْلَامِ وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ اسْتِتَابَةَ الْمُرْتَدِّ

وَقَالَ يُقْتَلُ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ دُونَ اسْتِتَابَةٍ بِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْيَمَنِ ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَقَدِمَ مُعَاذٌ فَوَجَدَ عِنْدَهُ رَجُلًا مُقَيَّدًا بِالْحَدِيدِ فَقَالَ مَا شَأْنُ هَذَا فَقَالَ هَذَا كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ وَرَاجَعَ دِينَهُ دِينَ السَّوْءِ فَقَالَ مُعَاذٌ لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى اجْلِسْ فَقَالَ لَا أَجْلِسُ حَتَّى يَقْتُلَ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ رَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى وَرُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ عَنْ أَبِي مُوسَى إِلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ فِيهِ إِنَّهُ قَدْ كَانَ اسْتُتِيبَ قَبْلَ ذَلِكَ أَيَّامًا وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى الِاسْتِتَابَةَ (بِهَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ) مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَزَلَّهُ الشَّيْطَانُ فَلَحِقَ

بِالْكَفَّارِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْتَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَاسْتَجَارَ لَهُ عُثْمَانُ فَأَجَارَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّ مِيرَاثَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا يَرِثُهُ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ وَنَذْكُرُ أَقَاوِيلَ السَّلَفِ فِيهِ عِنْدَ ذِكْرِنَا حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ فِي كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

الحديث الخمسين

حَدِيثٌ مُوَفَّى خَمْسِينَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوْطٍ فَأْتِي بِسَوْطٍ مَكْسُورٍ فَقَالَ فَوْقَ هَذَا فَأُتِي بِسَوْطٍ جَدِيدٍ لَمْ تُقْطَعْ ثَمَرَتُهُ فَقَالَ دُونَ هَذَا فَأْتِي بِسَوْطٍ قَدْ رُكِبَ بِهِ وَلَانَ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجُلِدَ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آن لكن أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ مَنْ أَصَابَ من هذه القاذورة شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُرْسِلًا جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ وَلَا أَعْلَمُهُ يَسْتَنِدُ بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَقَدْ رَوَى

مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءٌ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَّطَئِهِ عَنْ مَخْرَمَةَ بن بكر عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مِقْسَمٍ يَقُولُ سَمِعْتُ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ أَوْ يُحَدِّثُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَتَى رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا وَلَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ أُحْصِنَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْطًا فَوَجَدَ رَأْسَهُ شَدِيدًا فَرَدَّهُ ثُمَّ أَخَذَ سَوْطًا آخَرَ فَوَجَدَ رَأْسَهُ لَيِّنًا فَأَمَرَ رَجُلًا مِنَ الْقَوْمِ فَجَلَدَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ ثُمَّ قام على المنبر فقال أيهاالناس اتَّقُوا اللَّهَ وَاسْتَتِرُوا بِسِتْرِ اللَّهِ وَقَالَ انْظُرُوا مَا كَرِهَ اللَّهُ لَكُمْ أَوْ قَالَ احْذَرُوا مَا حَذَّرَكُمُ اللَّهُ مِنَ الْأَعْمَالِ فَاجْتَنِبُوهُ فَإِنَّهُ ما نؤتى به من امرىء قَالَ ابْنُ وَهْبٍ مَعْنَاهُ نُقِيمُ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ الْمُسْنَدَةَ فِي الِاعْتِرَافِ بِالزِّنَا الَّتِي جَاءَتْ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ كِتَابِنَا هذا

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِيهِ بِسَوْطٍ لَمْ تُقْطَعْ ثَمَرَتُهُ فَإِنَّهُ أَرَادَ لَمْ يُمْتَهَنْ وَلَمْ يَلِنْ وَالثَّمَرَةُ الطَّرَفُ وَإِذَا رُكِبَ كَثِيرًا بِالسَّوْطِ ذَهَبَ طَرَفُهُ تَقُولُ الْعَرَبُ ثَمَرَةُ السَّوْطِ وَذُبَابُ السَّيْفِ قَالَ عُمَارَةُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ بِلَالِ بْنِ جَرِيرٍ ... مَا زَالَ عِصْيَانُنَا لِلَّهِ يُسْلِمُنَا ... حَتَّى دُفِعْنَا إِلَى يَحْيَى وَدِينَارِ ... ... عُلَيْجَيْنِ لَمْ تُقْطَعْ ثِمَارَهُمَا ... قَدْ طَالَمَا سَجَدَا لِلشَّمْسِ وَالنَّارِ ... ثِمَارَهُمَا يَعْنِي الْقَلْفَلَةَ وَكَذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ مَنِ اعْتَرَفَ بِالزِّنَا مَرَّةً وَاحِدَةً لَزِمَهُ الْحَدُّ إِذَا كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا مُمَيِّزًا وَلَمْ يَنْصَرِفْ عَنْ إِقْرَارِهِ ذَلِكَ وَلَا رَجْعَ عَنْهُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَبِهِ قَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ ذِكْرِ اعْتِرَافِهِ وَالِاعْتِرَافُ إِذَا أُطْلِقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ كُلَّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ اعْتِرَافٍ مَرَّةً كَانَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الِاعْتِرَافَ كَالشَّهَادَةِ وَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِيهِ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ

مَرَّاتٍ فِي الزِّنَا وَفِي السَّرِقَةِ مَرَّتَيْنِ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ الْإِقْرَارُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ الْحَدَّ عَلَى الزَّانِي الْجَلْدُ بِالسَّوْطِ وَذَلِكَ إِذَا كَانَ بِكْرًا لَمْ يُحْصَنْ عِنْدَ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَمَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ مَعْنَاهُ الْأَبْكَارُ دُونَ مَنْ قَدْ أُحْصِنَ وَأَمَّا الْمُحْصَنُ فَجَلْدُهُ الرَّجْمُ إِلَّا عِنْدَ الْخَوَارِجِ وَلَا يَعُدُّهُمُ الْعُلَمَاءُ خِلَافًا لِجَهْلِهِمْ وَخُرُوجِهِمْ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ رَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحْصَنِينَ فَمِمَّنْ رَجَمَ مَاعِزٌ الْأَسْلَمِيُّ وَالْغَامِدِيَّةُ

وَالْجُهَنِيَّةُ وَالَّتِي بُعِثَ إِلَيْهَا أُنَيْسًا وَرَجَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سُخَيْلَةَ بِالْمَدِينَةِ وَرَجَمَ بِالشَّامِ وَقِصَّةُ الْحُبْلَى الَّتِي أَرَادَ رَجْمَهَا فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ لِلَّذِي فِي بَطْنِهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِ سَبِيلٌ وَعَرَضَ مِثْلُ ذَلِكَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مَعَ عَلِيٍّ فِي الْمَجْنُونَةِ الْحُبْلَى وَرَجَمَ عَلِيٌّ شَرَاحَةَ الْهَمْدَانِيَّةِ وَرَجَمَ أَيْضًا فِي مَسِيرِهِ إِلَى صِفِّينَ رَجُلًا أَتَاهُ مُقِرًّا بِالزِّنَا وَهَذَا كُلُّهُ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي جَلْدِ الْمُحْصَنِ مَعَ الرَّجْمِ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ يُجْلَدُ وَيُرْجَمُ وَقَالَ الْجُمْهُورُ يُرْجَمُ وَلَا جَلْدَ عَلَيْهِ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ

شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُنَيْسٍ الْأَسْلَمِيِّ (وَائْتِ الْمَرْأَةَ فَإِنَّ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا) مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَيْضًا أَنَّ الِاعْتِرَافَ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ يَقُومُ مَقَامَ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ إِلَّا مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنَ الْعَدَدِ فِي الْإِقْرَارِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي رُجُوعِ الْمُقِرِّ بِالْحَدِّ بَعْدَ إِقْرَارِهِ قَبْلَ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَقَالَ مَالِكٌ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنِ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَيُغَرَّمُ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ مَا سَرَقَ إِنِ ادَّعَاهُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إِذَا ضُرِبَ أَكْثَرَ الْحَدِّ ثُمَّ انْصَرَفَ أَتَمَّ عَلَيْهِ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أنه أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَرَوَى عَنْهُ اللَّيْثُ أَنَّهُ يُقْبَلُ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي رَجُلٍ اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَهُوَ مُحْصَنٌ ثُمَّ نَدِمَ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَتَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُضْرَبُ حَدَّ الْفِرْيَةِ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنِ اعْتَرَفَ بِسَرِقَةٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ قَتْلٍ ثُمَّ أَنْكَرَ عَاقَبَهُ السُّلْطَانُ دُونَ الْحَدِّ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُجْلَدُ إِذَا رَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ حَدٌّ وَهُوَ مُنْكِرٌ لَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الشُّهُودَ لَوْ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ قَبْلَ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ لَمْ يقم وكذلك لا يتم عليه إذا ابتدىء بِهِ لِأَنَّهُ كُلُّ جَلْدَةٍ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَ رُجُوعِهِ كَرُجُوعِ الشُّهُودِ سَوَاءٌ وَلَيْسَ الْإِقْرَارُ بِحَدِّ اللَّهِ وَحَقٌّ لَا يُطَالِبُ بِهِ آدَمِيٌّ كَالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ لِلْآدَمِيِّينَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْحَدِّ تَوْبَةٌ لَمْ تُعْرَفْ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ فَإِنْ نَزَعَ عَنْهَا كَانَ كَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا وَالْكَلَامُ فِي هَذَا وَاضِحٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْحُدُودَ لَا تُقَامُ إِلَّا بِسَوْطٍ قَدْ لَانَ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَمْ تُقْطَعْ ثَمَرَتُهُ فَهَذَا مِنَ الِاسْتِعَارَةِ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يُمْتَهَنْ وَقَوْلُهُ قَدْ رَكِبَ بِهِ يَعْنِي نَالَتْهُ الْمِهْنَةُ وَلَيَّنَتْهُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَشَدِّ الْحُدُودِ ضَرْبًا فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ الضَّرْبُ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا سَوَاءٌ

ضرب غير مبرح ضرب ين ضَرْبَيْنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ التَّعْزِيرُ أَشَدُّ الضَّرْبِ وَضَرْبُ الزِّنَا أَشَدُّ مِنَ الضَّرْبِ فِي الْخَمْرِ وَضَرْبُ الشَّارِبِ أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ الْقَاذِفِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ ضَرْبُ الزِّنَا أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ الْقَذْفِ وَضَرْبُ الْقَذْفِ أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ الشُّرْبِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ ضَرْبُ الزِّنَا أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ الشُّرْبِ وَالْقَذْفِ وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِثْلَهُ وَزَادَ ضَرْبُ الشَّارِبِ أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ التَّعْزِيرِ وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ حَدُّ الزِّنَا أَشَدُّ مِنْ حَدِّ الْفِرْيَةِ وَحَدُّ الْفِرْيَةِ وَالْخَمْرِ وَاحِدٌ وَاحْتَجَّ مَنْ جَعَلَ الضَّرْبَ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا وَاحِدًا سَوَاءٌ بِوُرُودِ التَّوْقِيفِ فِيهَا عَلَى عَدَدِ الْجَلْدَاتِ وَلَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا تَخْفِيفٌ وَلَا تَثْقِيلٌ عَمَّنْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ فَوَجَبَتِ التَّسْوِيَةُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُؤْخَذُ قِيَاسًا وَإِنَّمَا هِيَ عُقُوبَاتٌ وَرَدَ فِيهَا تَوْقِيفُ عَدَدٍ دُونَ كَيْفِيَّةِ شِدَّةٍ وَتَخْفِيفٍ فِي نَوْعِ الضَّرْبِ فَالْوَجْهُ فِيهَا التَّسْوِيَةُ لِأَنَّ مَنْ فَرَّقَ احْتَاجَ إِلَى دَلِيلٍ وَلَا دَلِيلَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ إِلَّا التَّحَكُّمُ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ إِنَّ الزِّنَا أَشَدُّ ضَرْبًا مِنَ الْقَذْفِ وَالْقَذْفُ أَشَدُّ مِنَ الْخَمْرِ لِأَنَّ الزِّنَا أَكْثَرُ عَدَدًا فِي الْجَلْدَاتِ فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ الْقَذْفُ أَبْلَغَ فِي النِّكَايَةِ لِأَنَّ اللَّهَ قد قصر

بِالْعَدَدِ فِيهِ عَنْ عَدَدِ الزِّنَا وَكَذَلِكَ الْخَمْرُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حَدٌّ إِلَّا بِالِاجْتِهَادِ وَسَبِيلُ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ أَنْ لَا تَقْوَى قُوَّةَ مَسَائِلِ التَّوْقِيفِ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ بِالتَّعْزِيرِ الْحَدَّ فِي الْعَدَدِ وَلَا فِي الْإِيجَاعِ عَدَمُ النَّصِّ فِيهِ وَإِنَّ عِرْضَ الْمُسْلِمِ وَدَمَهُ مَحْظُورَانِ مُحَرَّمَانِ (لَا يَحُلَّانِ) إِلَّا بِيَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ مَعَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشْرِ جَلْدَاتٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ رَوَاهُ أَبُو بُرْدَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حديث بُكَيْرُ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ قَيْسِ بْنِ رَبِيعٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْنٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَهْبَانَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ ظُهُورُ الْمُسْلِمِينَ حِمَى اللَّهِ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْرَحَهَا إِلَّا فِي حَدٍّ قَالَ وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يُقَيِّدُ مِنْ نفسه

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحرث أَنَّهُ قَالَ لَا يُبْلَغُ بِالْعُقُوبَةِ الْحُدُودُ وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ نَحْوُهُ وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى التَّعْزِيرَ أَشَدَّ الْحُدُودِ ضَرْبًا بِمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ أَبِي وائل شقيق ابن سَلَمَةَ الْأَسَدِيِّ قَالَ كَانَ رَجُلٌ لَهُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ دَيْنٌ فَكَتَبَ إِلَيْهَا كِتَابًا يُحْرِجُ عَلَيْهَا فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُجْلَدَ ثَلَاثِينَ جَلْدَةً كُلُّهَا تَبْضِعُ اللَّحْمَ وَتُحَدِّرُ الدَّمَ قَالَ سُفْيَانُ لِأَنَّهَا أُمُّهُ وَلَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنَّ يُضَيِّقَ عَلَى أُمِّهِ وَنَحْوَ هَذَا وَبِمَا رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِامْرَأَةٍ زَنَتْ فَقَالَ أَفْسَدَتْ

حَسَبَهَا اضْرِبُوهَا حَدَّهَا وَلَا تَخْرِقُوا عَلَيْهَا جِلْدَهَا قَالَ فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَرَى الضَّرْبَ فِي التعزير أشد منه في الزنى قَالُوا وَكَذَلِكَ لَا مَحَالَةَ سَائِرُ الْحُدُودِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ قَالَ إِنَّ الْحُدُودَ كُلَّهَا سَوَاءٌ إِلَّا فِي الْعَدَدِ جَعَلَ قَوْلَهُ ((وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ)) فِي إِسْقَاطِ الْحَدِّ لَا في صفة الضرب وضرب الزنى أَخَفُّ عِنْدَهُمْ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ لَا يَشُقُّ جِلْدًا وَلَا سَوْطًا فَوْقَ سَوْطٍ) وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ ضَرْبُ الْقَذْفِ أَشَدُّ الضَّرْبِ بِمَا أَخْبَرَنِي بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا جُلِدَ أَبُو بَكْرَةَ أَمَرَتْ جَدَّتِي أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بِشَاةٍ فَسُلِخَتْ ثُمَّ أُلْبِسَ مِسْكَهَا قَالَ فَهَلْ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ ضَرْبٍ شَدِيدٍ

هكذا قال جَدَّتِي وَإِنَّمَا هِيَ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ جَدَّةُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الضَّحَّاكِ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ لَمَّا جُلِدَ أَبُو بَكْرَةَ أَمَرَتْ أُمُّهُ بِشَاةٍ فَذَبَحَتْهَا ثُمَّ جَعَلَتْ جِلْدَهَا عَلَى ظَهْرِهِ وَمَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ ضَرْبٍ شَدِيدٍ) وَكَانَ أَبِي يَرَى أَنَّ ضَرْبَ الْقَذْفِ شَدِيدٌ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ لِقَنْبَرٍ فِي الْعَبْدِ الذي أقر عنده بالزنى اضْرِبْهُ كَذَا وَكَذَا وَلَا تُنْهِكْ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ صِفَةِ ضَرْبِ الزَّانِي دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ الْآيَةَ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ أَنْ لَا تُعَطَّلَ الْحُدُودُ وَأَنْ لَا يَأْخُذَ الْحُكَّامَ رَأْفَةٌ عَلَى الزُّنَاةِ فَيُعَطِّلُوا حُدُودَ اللَّهِ وَلَا يَحُدُّوهُمْ وَهَذَا قَوْلُ جَمَاعَةِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ

وَعِكْرِمَةُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وسعيد بن جبير (لا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ) قَالُوا فِي الضَّرْبِ وَالْجِلْدِ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ قَالَ ضَرَبَ ابْنُ عُمَرَ جَارِيَةً لَهُ أَحْدَثَتْ فَجَعَلَ يَضْرِبُ رِجْلَيْهَا وأحسبه قال ظهرها فقلت ((لا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ)) فَقَالَ يَا بُنَيَّ وَأَخَذَتْنِي بِهَا رَأْفَةٌ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْنِي أَنْ أَقْتُلَهَا أَمَّا أَنَا فَقَدْ أَوْجَعْتُ حَيْثُ أَضْرِبُ وَذَكَرَهُ وَكِيعٌ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ الْجُمَحِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حَدِيدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا مِجْلَزٍ عَنِ الرَّأْفَةِ فَقُلْتُ إِنَّا لَنَرْجُمُهُمْ إِذَا نَزَلَ ذَلِكَ بِهِمْ قَالَ لَيْسَ بِذَاكَ إِنَّمَا الرَّأْفَةُ تَرْكُ الْحُدُودِ إِذَا رُفِعَتْ إِلَى السُّلْطَانِ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ

قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ أَدْرَكْتُ عُمَرَ جَلَدَ رَجُلًا فَقَالَ لِلْجَلَّادِ لَا تُرِنِي إِبِطَكَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَهُوَ الْأَقْطَعُ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ يُؤْمَرُ بِالسَّوْطِ فَتُقْطَعُ ثَمَرَتُهُ ثُمَّ يُدَقُّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ حَتَّى يَلِينَ ثُمَّ يُضْرَبُ بِهِ قُلْنَا لِأَنَسٍ فِي زَمَنِ مَنْ كَانَ هَذَا قَالَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي تُضْرَبُ مِنَ الْإِنْسَانِ فِي الْحُدُودِ فَقَالَ مَالِكٌ الْحُدُودُ كُلُّهَا لَا تُضْرَبُ إِلَّا فِي الظَّهْرِ قَالَ وَكَذَلِكَ التَّعْزِيرُ لَا يُضْرَبُ إِلَّا فِي الظَّهْرِ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ يُتَّقَى الْوَجْهُ وَالْفَرْجُ وَيُضْرَبُ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ اتَّقُوا وَجْهَهُ وَمَذَاكِيرَهُ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ تُضْرَبُ الأعظاء كُلُّهَا فِي الْحُدُودِ إِلَّا الْفَرْجَ وَالْوَجْهَ وَالرَّأْسَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُضْرَبُ الرَّأْسُ أَيْضًا وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنَ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا لَا يُضْرَبُ الرَّأْسُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَمْ نُؤْمَرْ أَنْ نَضْرِبَ الرَّأْسَ وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ فِي حَدٍّ فَقَالَ لِلْجَلَّادِ اضْرِبْ وَلَا تُرِ إِبِطَكَ وَأَعْطِ كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ أَنَّ الْعَمَلَ عِنْدَهُمْ بِالْمَدِينَةِ لَا يَخْفَى لِأَنَّ الْحُدُودَ تُقَامُ أَبَدًا وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ يُجْهَلُ وَبِنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْعَمَلِ يَسُوغُ الِاحْتِجَاجُ لِكُلِّ فِرْقَةٍ لِأَنَّهُ شَيْءٌ لَا يَنْفَكُّ مِنْهُ إِلَّا مَا رَوَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَثَرِ عَنِ السَّلَفِ فَيَمِيلُ بِاخْتِيَارِهِ إليه

وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ ضَرْبِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَقَالَ مَالِكٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا سَوَاءٌ لَا يُقَامُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا يُضْرَبَانِ قَاعِدَيْنِ وَيُجَرَّدُ الرجل في جميع الحدود ويترك علىالمرأة مَا يَسْتُرُهَا وَيُنْزَعُ عَنْهَا مَا يَقِيهَا مِنَ الضَّرْبِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يُجَرَّدُ الرَّجُلُ وَلَا يُمَدُّ وَيُضْرَبُ قَائِمًا وَالْمَرْأَةُ قَاعِدَةً وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ الضَّرْبُ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا وَفِي التَّعْزِيرِ مُجَرَّدًا قَائِمًا غَيْرَ مَمْدُودٍ إِلَّا حَدَّ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ وَيُنْزَعُ عَنْهُ الْمَحْشُوُّ وَالْفَرْوُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ كَانَ مَدُّهُ صَلَاحًا مُدَّ وَمِنَ الْحُجَّةِ لِمَالِكٍ مَا أَدْرَكَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَمِنَ الْحُجَّةِ لِلثَّوْرِيِّ حَدِيثُ ابْنُ عُمَرَ فِي رَجْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودِيَّيْنِ وَفِيهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ قَائِمًا وَالْمَرْأَةَ قَاعِدَةٌ وَضَرَبَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَجُلًا فِي الْقَذْفِ قَائِمًا وَمَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي ضَرْبِ الْأَعْضَاءِ يَدُلُّ عَلَى الْقِيَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْمَسَائِلِ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّهَا كُلَّهَا قَائِمَةُ الْمَعْنَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ هَذَا

يَصْلُحُ ذِكْرُهَا عِنْدَهُ وَفِيهِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّتْرَ وَاجِبٌ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ إِذَا أَتَى فَاحِشَةً وَوَاجِبٌ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي غَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ سُلْطَانًا يُقِيمُ الْحُدُودَ وَفِي السَّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِ آثار كثيرة صحاح نذكر منها هاهنا مَا يُوَافِقُ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَسَائِرُهَا نَذْكُرُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَا هَزَّالُ لَوْ سَتَرْتَهُ بِرِدَائِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَفَّسَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنْ يَسَّرَ عَلَى مُسْلِمٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَإِذَا كَانَ الْمَرْءُ يُؤْجَرُ فِي السَّتْرِ عَلَى غَيْرِهِ فَسَتْرُهُ على

نَفْسِهِ كَذَلِكَ أَوْ أَفْضَلُ وَالَّذِي يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ التَّوْبَةُ وَالْإِنَابَةُ وَالنَّدَمُ عَلَى مَا صَنَعَ فَإِنَّ ذَلِكَ مَحْوٌ لِلذَّنْبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وقد حدثنا خلف بن القسم حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّقِيقِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ بَدْرٍ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يُهْلِكُ أُمَّةً وَهُمْ يَسْتَتِرُونَ بِالذُّنُوبِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحُمَيْدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سَوْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَيَسْتُرُ الْعَبْدَ مِنَ الذَّنْبِ مَا لَمْ يَخْرِقْهُ قَالُوا وَكَيْفَ يَخْرِقْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سالم

ابن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرُونَ وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا لَا يَرْضَاهُ اللَّهُ بِاللَّيْلِ ثُمَّ يَتَحَدَّثُ بِهِ بِالنَّهَارِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَيْفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عِيسَى بْنِ مُوسَى بْنِ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ اطْلُبُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ كُلَّهُ وَتَعَرَّضُوا نَفَحَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٌ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَاسْأَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ

وَحَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنُ الْمُهَلَّبِ الْجَزَرِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِمْلَاءً قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أُقْسِمُ عَلَى أَرْبَعٍ قَسَمًا مَبْرُورًا وَالْخَامِسَةُ لَوْ أَقْسَمْتُ عَلَيْهَا لَبَرَرْتُ لَا يَعْمَلُ عَبْدٌ خَطِيئَةً تَبْلُغُ مَا بَلَغَتْ ثُمَّ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَا يُحِبُّ أَحَدٌ لِقَاءَ اللَّهِ إِلَّا أحب الله لقاءه ولا يتولى الله عبد فِي الدُّنْيَا فَيُوَلِّيهِ غَيْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُحِبُّ عَبْدٌ قَوْمًا إِلَّا جَعَلَهُ اللَّهُ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْخَامِسَةُ لَوْ أَقْسَمْتُ عَلَيْهَا لَبَرَرْتُ لَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَوْرَةَ عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو الْبَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنَا فَضَالُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ لَوْ حَلَفْتُ عَلَيْهِنَّ لَبَرَرْتُ وَالرَّابِعَةُ لَوْ حَلَفْتُ عَلَيْهَا لَرَجَوْتُ أَنْ لَا آَثَمَ لَا يَجْعَلُ اللَّهُ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الْإِسْلَامِ كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ وَلَا يَتَوَلَّى الله

عبد فَيُوَلِّيهِ إِلَى غَيْرِهِ وَلَا يُحِبُّ عَبْدٌ قَوْمًا إِلَّا بَعَثَهُ اللَّهُ فِيهِمْ أَوْ قَالَ مَعَهُمْ وَلَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمِعَادِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَةُ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّهُ شَهِدَ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا سَتَرَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ قَالَ لَا يَهْتِكُ اللَّهُ سِتْرَ عَبْدٍ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الباب (فإنه من يبدلنا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ) فَإِنَّهُ أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بَعْدَ أَمْرِهِ بِالِاسْتِتَارِ بِالذَّنْبِ أَنَّهُ مَنْ أَقَرَّ عِنْدَهُ

فَلَا شَفَاعَةَ حِينَئِذٍ لَهُ وَلَا عَفْوَ عَنْهُ وَمِنْ هَذَا وَشَبَهِهِ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ إِذَا بَلَغَتِ السُّلْطَانَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُتَشَفَّعَ فِيهَا وَلَا أَنْ تُتْرَكَ إِقَامَتُهَا أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ (فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ (2)) وَقَوْلِ الزُّبَيْرِ إِذَا بَلَغْتَ بِهِ السُّلْطَانَ فَلَعَنَ اللَّهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفَّعَ

الحديث الواحد والخمسون

حَدِيثٌ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ يَقُولُ مَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَّا كَانَ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ يُسْتَجَابَ لَهُ وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي كِتَابِنَا هَذَا وَإِنْ كَانَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ مِنْ قَوْلِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ لِأَنَّهُ خَبَرٌ مَحْفُوظٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّ مِثْلَهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ رَأْيًا وَاجْتِهَادًا وَإِنَّمَا هُوَ تَوْقِيفٌ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ بِبَغْدَادَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بمصر قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيُّ عَنْ أَبِي

الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو دَعْوَةً لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ وَإِمَّا أَنْ يُؤَخِّرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ مِنَ الشَّرِّ مِثْلَهَا قَالُوا إِذًا نُكْثِرُ قَالَ اللَّهُ أَكْثَرُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي قَالَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ فَذَكَرَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ إِلَى آخِرِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يُكَفِّرُ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا قَالُوا إِذًا نُكْثِرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ أَكْثَرُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ دَعْوَةَ

الْمُسْلِمِ لَا تُرَدُّ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا أَنْ تُدَّخَرَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يُصْرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ بِقَدْرِ مَا دَعَا حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْفُوظٍ الدِّمَشْقِيُّ بِالرَّمْلَةِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ إبراهيم بن بشر القرشي قال حدثنا عبد الله بن ثابت القرشي قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دُعَاءُ الْمُسْلِمِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ يُعْطَى مَسْأَلَتَهُ الَّتِي سَأَلَ أَوْ يُرْفَعَ بِهَا دَرَجَةً أَوْ يُحَطَّ بِهَا عَنْهُ خَطِيئَةٌ مَا لَمْ يَدْعُ بِقَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ مَأْثَمٍ أَوْ يَسْتَعْجِلْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يُخْرَّجُ فِي التَّفْسِيرِ الْمُسْنَدِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ فَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الِاسْتِجَابَةِ وَقَدْ قَالُوا كَرَمُ اللَّهِ لَا تَنْقَضِي حِكْمَتُهُ وَلِذَلِكَ لَا تَقَعُ الْإِجَابَةُ فِي كُلِّ دَعْوَةٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ

السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَفِي الْحَدِيثِ الْمَأْثُورِ إِنَّ اللَّهَ لَيَبْتَلِي الْعَبْدَ وَهُوَ يُحِبُّهُ لِيَسْمَعَ تَضَرُّعَهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُقَالُ أَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْإِلْحَاحُ عَلَى اللَّهِ وَالتَّضَرُّعُ إِلَيْهِ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةِ وَغَيْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ أَوْ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ وَقَالَ سُفْيَانُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَيْكَ دَيْنٌ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَفُتِحَ لَكَ فِيهِ فِي الدُّعَاءِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ لَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي هَذَا الدَّيْنِ وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمْ وَلِيُعَظِّمَ الرَّغْبَةَ وَلَا يَقُلْ إِنْ شِئْتُ فَإِنَّ اللَّهَ لَا مُكْرِهَ لَهُ وَلَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ وَلَا يَزَالُ الْعَبْدُ يُسْتَجَابُ لَهُ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى بِزِيَادَةٍ فِي مَعْنَى الدُّعَاءِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ والحمد لله

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ مَا مِنْ عَبْدٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ فَتَذْهَبُ حَتَّى يُعَجِّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا أَوْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ إِذَا هُوَ لَمْ يُعَجِّلْ أَوْ يَقْنَطْ قَالَ عُرْوَةُ فَقُلْتُ يَا أُمَتَاهُ وَكَيْفَ عَجَلَتُهُ وَقُنُوطُهُ قَالَتْ يَقُولُ قَدْ سَأَلْتُ فَلَمْ أُعْطَ وَدَعَوْتُ فَلَمْ أُجَبْ قَالَ ابْنُ قُسَيْطٍ وَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ فَتَذْهَبُ بِرَجَاءٍ حَتَّى يُعَجِّلَهَا لَهُ فِي الدُّنْيَا أَوْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ

حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ يَرْفَعُهُ قَالَ مَنْ دَعَا دَعْوَةً أَخْطَأَتْ بَاطِلًا أَوْ حَرَامًا أُعْطِيَ إِحْدَى ثَلَاثٍ كُفِّرَتْ عَنْهُ خَطِيئَتُهُ أَوْ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ أَوْ أُعْطِيَ الَّذِي سأل التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

تابع لحرف الزاء

حَدِيثٌ وَاحِدٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ الْجَزَرِيِّ مُسْنَدٌ لَا يَتَّصِلُ مِنْ وَجْهِهِ هَذَا وَهُوَ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ يُكْنَى أَبَا سَعِيدٍ اخْتُلِفَ فِي وَلَائِهِ فَقِيلَ إِنَّهُ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ لِبَنِي عَدِيٍّ وَقِيلَ مَوْلًى لِبَنِي كِلَابٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَلَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّهُ مَوْلًى وَقِيلَ اسْمُ أَبِي أُنَيْسَةَ زَيْدٌ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَهُوَ زَيْدُ بْنُ زَيْدٍ وَكَانَ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ مِنْ سُكَّانِ الرُّهَا مِنْ عَمَلِ الْجَزِيرَةِ وَمَاتَ بِالرُّهَا سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِيمَا ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَكَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ رواية لِلْعِلْمِ ثِقَةً صَاحِبَ سُنَّةٍ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْجُلَّةِ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يُثْنِي عَلَيْهِ وَيَدْعُو لَهُ كَثِيرًا بَعْدَ مَوْتِهِ بِالرَّحْمَةِ وقال البخاري عن عمرو ابن مُحَمَّدٍ النَّاقِدِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ الْكِلَابِيِّ قَالَ مَاتَ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَقِيلَ وُلِدَ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ

وَتُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ وَقِيلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ يَقُولُ مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ مَعْدُودٌ فِي أَهْلِ الْجَزِيرَةِ وَهُوَ رُهَاوِيٌّ وَحَدِيثُهُ الْمَذْكُورُ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أَنِيسَةَ عَنْ عبد الحميد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى الْآيَةَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسْأَلُ عَنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ آدَمَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِينِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً فَقَالَ خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذَرِّيَّةً فَقَالَ خَلَقْتُ

هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفِيمَ الْعَمَلُ (قَالَ) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ الْجَنَّةَ وَإِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ النَّارَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لِأَنَّ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ هَذَا لَمْ يَلْقَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَبَيْنَهُمَا فِي هَذَا الحديث نعيم ابن رَبِيعَةَ وَهُوَ أَيْضًا مَعَ هَذَا الْإِسْنَادِ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ

وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ هَذَا مَجْهُولٌ وَقِيلَ إِنَّهُ مدني وليس بمسلم ابن يَسَارٍ الْبَصْرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ حَدِيثَ مَالِكٍ هَذَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ فَكَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ لَا يُعْرَفُ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ زَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ رَبِيعَةَ الْأَزْدِيِّ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ وَخَلَفُ ابن الْقَاسِمِ قَالُوا حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ

شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ من ظهورهم ذرياتهم قال فقال عمر كنت النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ ثُمَّ اسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذَرِّيَّةَ مَنْ هُوَ كَائِنٌ مِنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَالَ لِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ خَلَقْتُهُمْ وَقَالَ لِطَائِفَةٍ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ خَلَقْتُهُمْ فَمَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُمِيتَهُ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ الْجَنَّةَ وَمَنْ خَلَقَهُ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يُمِيتَهُ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ النَّارَ قَالَ أَبُو عُمَرَ زِيَادَةُ مَنْ زَادَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نُعَيْمَ بْنَ رَبِيعَةَ لَيْسَتْ حجة

لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْهُ أَحْفَظُ وَإِنَّمَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ مِنَ الْحَافِظِ الْمُتْقِنِ وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَائِمِ لِأَنَّ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ وَنُعَيْمَ بْنَ رَبِيعَةَ جميعا غَيْرُ مَعْرُوفَيْنِ بِحَمْلِ الْعِلْمِ وَلَكِنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ثَابِتَةٍ يَطُولُ ذِكْرُهَا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ جَمَاعَةٍ يَطُولُ ذِكْرُهُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَقِيَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَذَكَرَا لَهُ الْقَدَرَ وَمَا يَقُولُونَ فِيهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطُولِهِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ جُهَيْنَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفِيمَ نَعْمَلُ فِي شَيْءٍ قَدْ خَلَا وَمَضَى أَوْ فِي شَيْءٍ مُسْتَأْنَفٍ الْآنَ

فَقَالَ فِي شَيْءٍ قَدْ خَلَا وَمَضَى فَقَالَ الرَّجُلُ أَوْ بَعْضُ الْقَوْمِ) فَفِيمَ الْعَمَلُ فَقَالَ إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ يُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقٍ وَمِمَّنْ رَوَى هَذَا الْمَعْنَى فِي الْقَدَرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو سَرِيحَةَ الْغِفَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَذُو اللِّحْيَةِ الْكِلَابِيُّ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَعَائِشَةُ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَسُرَاقَةُ بن جعثم وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَأَكْثَرُ أَحَادِيثِ هَؤُلَاءِ لَهَا طُرُقٌ شَتَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ كُنَّا فِي جِنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ قَالَ

صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَإِلَّا قَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعَ الْعَمَلَ فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَقَالَ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ثُمَّ قَرَأَ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعُلِمَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قال نعم

قَالَ فَلِمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ قَالَ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ قَالَ حَمْزَةُ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ مِنْهُمْ شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَيْضًا عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قَاسِمٌ وَحَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعُلِمَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَفِيمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ قَالَ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ عَنْ حماد بن يزيد عن يزيد الضبعي وهو يريد الرِّشْكِ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الضُّبَعِيُّ عَنْ مُطَرِّفٍ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ (قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعُلِمَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَفِيمَ الْعَمَلُ إِذًا قَالَ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ أَيْضًا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي الْأَسْوَدِ الدِّئَلِيِّ فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ فَقَالَ عِمْرَانُ يَا أَبَا الْأَسْوَدِ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ الْعِبَادُ يَعْمَلُونَ فِيمَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ السَّابِقِ أَوْ يَسْتَأْنِفُونَ الْعَمَلَ قَالَ لَا بَلْ يَعْمَلُونَ فِيمَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ قَالَ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَوْرًا قَالَ ((لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)) فَقَالَ عِمْرَانُ ثَبَّتَكَ اللَّهُ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ

أَحْزَرَكَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا سَأَلْتُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قُلْتَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ وَسَعِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّئَلِيِّ قَالَ قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتُّخِذَتْ بِهِ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ قُلْتُ لَا بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ قَالَ فَهَلْ يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ظُلْمًا قَالَ فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا وَقُلْتُ إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ إِلَّا خَلْقُ اللَّهِ وَمِلْكُ يَدِهِ فَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ فَقَالَ سَدَّدَكَ اللَّهُ إِنِّي وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُكَ إِلَّا لِأَحْزِرَ عَقْلَكَ إِنَّ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَا يعمل الناس ويكدحون أشي قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ وَاتُّخِذَتْ عَلَيْهِمْ بِهِ الْحُجَّةُ قَالَ لَا بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ قَالَ فَلِمَ نَعْمَلُ إِذًا قَالَ مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ لِوَاحِدَةٍ مِنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ فَهُوَ يُسْتَعْمَلُ لَهَا وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ مِنْ تَخْرِيجِ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَكْثَرَ الْمُتَكَلِّمُونَ مِنَ الْكَلَامِ فِيهِ وَأَهْلُ السُّنَّةِ مُجْتَمِعُونَ عَلَى الْإِيمَانِ بِهَذِهِ الْآثَارِ وَاعْتِقَادِهَا وَتَرْكِ الْمُجَادَلَةِ فِيهَا وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ

أَبِي السَّوَّارِ الْعَدَوِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ رُفِعَ الْكِتَابُ وَجَفَّ الْقَلَمُ وَأُمُورٌ تُقْضَى فِي كِتَابٍ قَدْ خَلَا قَالَ وَحَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ قال حدثنا الأصمعي قال حدثناالمعتمر بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ لَعَلِمَتِ الْقَدَرِيَّةُ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ مَا يُنْكِرُ هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ عَلِمَ عِلْمًا فَجَعَلَهُ كِتَابًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ وَقَالَ وما تشاؤون إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَشِيئَةٌ تَنْفُذُ إِلَّا أَنْ تَنْفُذَ مِنْهَا مَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا يَجْرِي الْخَلْقُ فِيمَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَالْقَدَرُ سِرُّ اللَّهِ

لَا يُدْرَكُ بِجِدَالٍ وَلَا يَشْفِي مِنْهُ مَقَالٌ وَالْحِجَاجُ فِيهِ مَرْتَجَةٌ لَا يُفْتَحُ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا بِكَسْرِ شَيْءٍ وَغَلْقِهِ وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْآثَارُ وَتَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ فِيهِ عَنِ السَّلَفِ الْأَخْيَارِ الطَّيِّبِينَ الْأَبْرَارِ وَبِالِاسْتِسْلَامِ وَالِانْقِيَادِ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ سَابِقٌ وَلَا يَكُونُ فِي مُلْكِهِ إِلَّا مَا يُرِيدُ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ وَسَعِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُرْعَةَ الرُّعَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى التَّنْزِيلُ وَعَلَى رَسُولِهِ التَّبْلِيغُ وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ (وبالله التوفيق)

زيد بن رباح

حَدِيثٌ وَاحِدٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ مُسْنَدٌ (لَا يَتَّصِلُ مِنْ وَجْهِهِ هَذَا) وَهُوَ زَيْدُ بْنُ رَبَاحٍ مَوْلَى أَدْرَمَ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ هَكَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ ابْنُ شَيْبَةَ قُتِلَ زَيْدُ بْنُ رَبَاحٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ عَلَى مَا حَمَلَ وَرَوَى رَوَى عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ

وَحَدِيثُهُ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمُوَطَّإِ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي فَذَكَرَهُ وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ وَإِسْنَادٌ مَقْلُوبٌ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا حَدِيثُهُ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ زَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ (عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مَعْمَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا

إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَابِرٍ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَلْمَانَ الْأَغَرِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طُرُقٍ ثَابِتَةٍ صِحَاحٍ مُتَوَاتِرَةٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرُّ اسْمُهُ سَلْمَانُ مَوْلَى جُهَيْنَةَ مِنْ تَابِعِي الْمَدِينَةِ وَأَصْلُهُ مِنْ أَصْبَهَانَ وَهُوَ ثِقَةٌ كَبِيرٌ حُجَّةٌ فِيمَا نَقَلَ رَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ وَابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ أَيْضًا ثِقَةٌ وَحَدِيثُهُ هَذَا صَحِيحٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ وَمَعْنَاهُ فَتَأَوَّلَهُ قَوْمٌ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الزُّبَيْرِيُّ صَاحِبُ مَالِكٍ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِدُونِ أَلْفِ دَرَجَةٍ وَأَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ بألف صلاة

وَقَالَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ مَالِكٍ وَذَكَرَ أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُّ قَالَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَفْضِيلِ مَكَّةَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَكَّةُ خَيْرُ الْبِقَاعِ كُلِّهَا وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْمَكِّيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ وَقَالَ مَالِكٌ وَالْمَدَنِيُّونَ الْمَدِينَةُ أَفْضَلُ مِنْ مَكَّةَ وَاخْتَلَفَ الْبَغْدَادِيُّونَ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ فِي ذَلِكَ فَطَائِفَةٌ تَقُولُ مَكَّةُ وَطَائِفَةٌ تَقُولُ الْمَدِينَةُ وَقَالَ عَامَّةُ أَهْلِ الْأَثَرِ وَالْفِقْهِ أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وَسَلَّمَ بِمِائَةِ صَلَاةٍ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ مَعْنَى هذاالحديث فَقَالَ مَعْنَاهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِدُونِ أَلْفِ صَلَاةٍ وَفِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْقَوْلُ فِي فَضْلِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقَدْ مَضَى مِنْهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَأَمَّا تَأْوِيلُ ابْنِ نَافِعٍ فَبَعِيدٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِاللِّسَانِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ إِنَّ الصلاة في مسجد

الرسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِتِسْعِمِائَةِ ضِعْفٍ وَتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ ضِعْفًا وَإِذَا كَانَ هَكَذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَضْلٌ عَلَى سَائِرِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا بِالْجُزْءِ اللَّطِيفِ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ نَافِعٍ وَحَسْبُكَ ضعفا بقول يئول إِلَى هَذَا (فَإِنْ حَدَّ حَدًّا فِي ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ دَلِيلٌ وَلَا حُجَّةٌ وَكُلُّ قَوْلٍ لَا تُعَضِّدُهُ حُجَّةٌ سَاقِطٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَتِيقٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ يَعْنِي مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ يَقُولَانِ بِفَضْلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَىِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الصلاة فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرٌ مِنْ تِسْعمِائَةِ صَلَاةٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَهَذَا كُلُّهُ تَأْوِيلٌ لَا يُعَضِّدُهُ أَصْلٌ وَلَا يَقُومُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الصَّلَاةَ

فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ صَلَاةٍ وَفِي غَيْرِهِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَتِيقٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ وَحَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ هَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي إِسْنَادِهِ وَفِي لَفْظِهِ وَقَدْ خَالَفَهُ فِيهِ مَنْ هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ فَمِنْ الِاخْتِلَافِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ وَقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ الْخُرَاسَانِيِّ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَتِيقٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ صلاة

فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ وَكَتَبْتُهُ مِنْ أَصْلِهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الدَّيْبُلِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَتِيقٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّمَا فَضْلُهُ عَلَيْهِ بِمِائَةِ صَلَاةٍ فَهَذَا خِلَافُ مَا ذَكَرُوهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُمَرَ فَكَيْفَ بِحَدِيثٍ قَدْ رُوِيَ فِيهِ ضِدُّ مَا ذَكَرُوهُ نصا مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ إِلَى مَا فِي إِسْنَادِهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ أَيْضًا وَقَدْ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَتِيقٍ وَعَطَاءٌ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمَا سَمِعَاهُ يَقُولُ صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِيهِ وَيُشِيرُ إِلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن فَضْلَهُ عَلَيْهِ بِمِائَةِ صَلَاةٍ فَهَذَا حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَضْلَهُ عَلَيْهِ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ عن عبد الله بن الزبير نصا مِنْ نَقْلِ الثِّقَاتِ خِلَافُ مَا تَأَوَّلُوهُ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُتَابَعْ فِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَتِيقٍ عَلَى ذِكْرِ عُمَرَ وَهُوَ مِمَّا أَخْطَأَ فِيهِ عِنْدَهُمْ سُلَيْمَانُ بْنُ عَتِيقٍ وَانْفَرَدَ بِهِ وماانفرد به فلا حجة فيه وإنماالحديث مَحْفُوظٌ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى وَجْهَيْنِ طَائِفَةٌ تُوقِفُهُ عَلَيْهِ فَتَجْعَلُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَطَائِفَةٌ تَرْفُعُهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِائَةِ ضِعْفٍ

هَكَذَا رَوَاهُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَاخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ عن عطاء على حسبما نَذْكُرُهُ وَمَنْ رَفَعَهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْفَظُ وَأَثْبَتُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَهُوَ أَيْضًا صَحِيحٌ فِي النَّظَرِ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ وَلَا بُدَّ فِيهِ من التوقيف فلهذا قلناأن مَنْ رَفَعَهُ أَوْلَى مَعَ شَهَادَةِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ للذي رفعه بالحفظ والثقة فممن رقفه علي بن الزُّبَيْرِ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَلَى أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ رَوَاهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ أَيْضًا مِثْلَ رِوَايَتِهِ عَنْ عَطَاءٍ سَوَاءً فَحَدِيثُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ تَفْضُلُ عَلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ عَطَاءٌ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَإِذَا هِيَ تَفْضُلُ عَلَى سَائِرِ الْمَسَاجِدِ بِمِائَةِ أَلْفِ ضِعْفٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ

الْحَرِامِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ قَالَ قُلْتُ لَمْ يُسَمِّ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ قَالَ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَتِيقٍ بِمِثْلِ خَبَرِ عَطَاءٍ هَذَا ثُمَّ يُشِيرُ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى الْمَدِينَةِ هَكَذَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ بِأَلْفٍ وَعَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا تَكُونُ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ تَفْضُلُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي كُلِّ الْمَسَاجِدِ غَيْرَ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَقْطَعُ الْخِلَافَ وَيَحْسِمُ التَّنَازُعَ وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يُقِمْهُ وَلَا جَوَّدَهُ إِلَّا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ أَقَامَ إِسْنَادَهُ وَجَوَّدَ لَفْظَهُ فَأَتَى بِالْمَعْرُوفِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ (الْحَرَامِ بِأَنَّهَا مِائَةُ أَلْفِ صَلَاةٍ وَفِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَلْفِ صَلَاةٍ) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ

قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ فَقِيهُ مَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي (وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي هَذَا بِمِائَةِ صَلَاةٍ) فَأَسْنَدَ حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ هَذَا الْحَدِيثَ وَجَوَّدَهُ وَلَمْ يَخْلِطْ فِي لَفْظِهِ وَلَا فِي مَعْنَاهُ وَكَانَ ثِقَةً وَلَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مَا يُحْتَجُّ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ إِلَّا حَدِيثَ حَبِيبٍ هَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يقول حبيب المعلم بصري ثِقَةٌ وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ

سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ ثِقَةٌ مَا أَصَحَّ حَدِيثَهُ وَسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ عَنْ حبيب المعلم فقال بصري ثِقَةٌ وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ حَدِيثٌ نَقَلَتُهُ ثِقَاةٌ كُلُّهُمْ بِمِثْلِ حَدِيثِ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ سَوَاءٌ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ عَطَاءٍ فِي ذَلِكَ عَنْ جَابِرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَيَكُونَانِ حَدِيثِينَ وَعَلَى ذَلِكَ يَحْمِلُهُ أَهْلُ الْفِقْهِ فِي الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَمْ يُرْوَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ قَوِيٍّ وَلَا ضَعِيفٍ مَا يُعَارِضُ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ لِأَحَدٍ إِلَّا لِمُتَعَسِّفٍ لَا يُعَرَّجُ عَلَى قَوْلِهِ فِي حَبِيبٍ المعلم وقد كان أحمد ابن حَنْبَلٍ يَمْدَحُهُ وَيُوَثِّقُهُ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْهُ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ الْقَطَّانُ وَرَوَى عَنْهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَعِنْدَهُمْ عَنْهُ كَثِيرٌ وَسَائِرُ الْإِسْنَادِ أَئِمَّةٌ ثِقَاتٌ أَثْبَاتٌ وَقَدْ رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ عَطَاءٍ مِثْلَ رِوَايَةِ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ سَوَاءً وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ (جَابِرٍ (2)) عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ سَوَاءٌ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ (الْجَزَرِيِّ) عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ وَحَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ هَذَا شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الرَّقَّةِ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَخَذَ عَنْهُ ابْنُ وَضَّاحٍ وَهُوَ عِنْدَهُمْ شَيْخٌ صَدُوقٌ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنْ كَانَ حَفِظَ فَهُمَا حَدِيثَانِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ عَلَى ما ذكرنا

وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا (حَدِيثٌ بِهَذَا الْمَعْنَى عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مُسْنَدًا وَهُوَ عِنْدَهُمْ) حَدِيثٌ آخَرُ لَا شَكَّ فِيهِ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ وجوه حدثنا عبد الرحمن ابن يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن محمد ابن بَدْرٍ الْبَاهِلِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَهُوَ أَفْضَلُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ وَابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حدثنا يوسف ابن عَدِيٍّ (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (3)) عَنْ عبد الملك عن عطاء عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ أَفْضَلُ

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن محمد (ابن عَلِيٍّ) قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَجَازَهُ لَنَا أَيْضًا أبو محمد (عبد الله) بن عبد المومن عَنِ ابْنِ جَامِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ بِمِائَةِ صَلَاةٍ قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَحَدَّثَنَا عَازِمٌ قال حدثنا حماد ابن زَيْدٍ عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله (قَالَ أَبُو عُمَرَ) مُوسَى الْجُهَنِيُّ كُوفِيٌّ (ثِقَةٌ) أَثْنَى عَلَيْهِ الْقَطَّانُ

وَأَحْمَدُ وَيَحْيَى وَجَمَاعَتُهُمْ (وَرَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَجَابِرٍ بِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى سَوَاءً (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّسِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ الْقَدَّاحُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بِشْرٍ) عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى غَيْرِهِ مِائَةُ أَلْفِ صَلَاةٍ وَفِي مَسْجِدِي أَلْفُ صَلَاةٍ وَفِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَمْسُمِائَةِ صَلَاةٍ (قَالَ الْبَزَّارُ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَقَدْ رُوِيَ) مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ سَوَاءً

وَرَوَى الْحُمَيْدِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مَا لِامْرَأَةٍ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَهَذَا تَفْضِيلٌ مِنْهُ لِلصَّلَاةِ فِيهِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ وَقَدِ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ يُبْرَزُ لَهَا فِي كُلِّ بَلَدٍ إِلَّا بِمَكَّةَ فَإِنَّهَا تُصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ آدَمَ لَمَّا أُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ قَالَ يَا رَبِّ هَذِهِ أَحَبُّ الْأَرْضِ إِلَيْكَ أَنْ تُعْبَدَ فِيهَا قَالَ بَلْ مَكَّةُ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ بِتَمَامِهِ فِي بَابِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهُرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ قَالَ سُفْيَانُ فَيَرَوْنَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ (حَدَّثَنَا) ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن عمرو ابن السَّرْحِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُولُ مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ بِالتَّفْسِيرِ لِلْحَدِيثِ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ (وَحَسْبُكَ فِي هَذَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكِ خَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّهَا إِلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ) وَهَذَا مِنْ أَصَحِّ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا

أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عدي ابن الْحَمْرَاءِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْحَزْوَرَةِ يَقُولُ وَاللَّهِ إِنَّكِ لِخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ وَهَذَا قَاطِعٌ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا محمد ابن عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مَكَّةَ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْرُجُ مِنْكِ وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكِ أَحَبُّ بِلَادِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَأَكْرَمُهُ عَلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَهْلُكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يوسف

ابن مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَحَبَّ بُقْعَةٍ إِلَى اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَأَفْضَلُ بِئْرٍ فِي الْأَرْضِ وَأَطْيَبُ أَرْضٍ فِي الْأَرْضِ رِيحًا فَأَمَّا أَحَبُّ بُقْعَةٍ إِلَى اللَّهِ فِي الْأَرْضِ فَالْبَيْتُ الْحَرَامُ (وَمَا حَوْلَهُ) وَأَفْضَلُ بِئْرٍ فِي الْأَرْضِ زَمْزَمُ وَأَطْيَبُ أَرْضٍ فِي الْأَرْضِ رِيحًا الْهِنْدُ هَبَطَ بِهَا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْجَنَّةِ فَعَلِقَ شَجَرُهَا مِنْ رِيحِ الْجَنَّةِ فَهَذَا عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ (وَابْنُ عُمَرَ وَجَابِرٌ) يُفَضِّلُونَ مَكَّةَ وَمَسْجِدَهَا وَهُمْ أَوْلَى بِالتَّقْلِيدِ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ (وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ قَالَ مَعْمَرٌ وَسَمِعْتُ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَ قَوْلِ قَتَادَةَ) وَذَكَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَعَنْ أَصْبَغَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَذْهَبَانِ إِلَى تَفْضِيلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا فِي أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

(قَالَ أَبُو عُمَرَ) أَصْحَابُنَا يَقُولُونَ إِنَّ قَوْلَ ابْنِ عُيَيْنَةَ حُجَّةٌ حِينَ حَدَّثَ بِحَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ يُوشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ أَكْبَادَ الْإِبِلِ فَلَا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ كَانُوا يَرَوْنَهُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ قَالُوا قَوْلُ ابْنِ عُيَيْنَةَ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ إذا قال كان يَرَوْنَ إِنَّمَا حَكَى عَنِ التَّابِعَيْنِ فَيَلْزَمُهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهُ قَالَ إِنَّهُ حَدَّثَ بِهِ فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ بِمِائَةِ أَلْفٍ فِيمَا سِوَاهُ وَلَا يَشُكُّ عَالِمٌ مُنْصِفٌ فِي أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ فَوْقَ ابْنِ نَافِعٍ فِي الْفَهْمِ وَالْفَضْلِ وَالْعِلْمِ وَأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ التَّقْلِيدِ فَتَقْلِيدُهُ أَوْلَى مِنْ تَقْلِيدِ ابْنِ نَافِعٍ وَفِيمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ غِنًى عَمَّا سِوَاهُمْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ)

(قَالَ أَبُو عُمَرَ) طَعَنَ قَوْمٌ فِي حَدِيثِ عَطَاءٍ فِي هَذَا الْبَابِ لِلِاخْتِلَافِ عَلَيْهِ فِيهِ لأن قوما يرونه عَنْهُ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَآخَرُونَ يَرْوُونَهُ عَنْهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَآخَرُونَ يَرْوُونَهُ عَنْهُ عَنْ جَابِرٍ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ مِثْلَ هَذَا عِلَّةً فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ عَطَاءٍ عَنْهُمْ كُلُّهُمْ وَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يُدْفَعَ خَبَرٌ نَقَلَهُ الْعُدُولُ إِلَّا بِحُجَّةٍ لَا تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَلَا الْمَخْرَجَ وَلَا يَجِدُ مُنْكِرُهَا لَهَا مَدْفَعًا وَهُوَ مُشْتَهِرٌ بِصِحَّةِ حَدِيثِ عَطَاءٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَفِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ مُوسَى الْجُهَنِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ فِيهِ وَهُوَ يَشْهَدُ لِصِحَّةِ حَدِيثِ عَطَاءٍ وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا)

زياد بن أبي زياد

زِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَهُوَ زِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ يُكْنَى أَبَا جَعْفَرٍ وَاسْمُ أَبِي زِيَادٍ مَيْسَرَةُ فِيمَا ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ وَكَانَ زِيَادٌ هَذَا أَحَدَ الْفُضَلَاءِ الْعُبَّادِ الثِّقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُقَالُ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِهِ بِالْمَدِينَةِ مَوْلًى أَفْضَلُ مِنْهُ وَمِنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِي وَوَلَاؤُهُمَا جَمِيعًا وَاحِدٌ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ كَانَ زَيْدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَابِدًا وَكَانَ يَلْبَسُ الصُّوفَ وَكَانَ يَكُونُ وَحْدَهُ وَلَا يُجَالِسُ أَحَدًا وَكَانَتْ فِيهِ لُكْنَةٌ وَذَكَرَ الْعُقَيْلِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بن يحيى حدثنا بكر ابن صَدَقَةَ قَالَ وَزِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ هُوَ الذي يقول فيه جرير ابن الْخَطَفِيِّ إِذِ اجْتَمَعُوا عِنْدَ بَابِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَخَرَجَ الرَّسُولُ فَقَالَ أَيْنَ زِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ فَأَذِنَ لَهُ فَقَالَ جَرِيرٌ

يا أيها القارىء الْمُرْخِي عِمَامَتَهُ ... هَذَا زَمَانُكَ أَنَّى قَدْ مَضَى زَمَنِي ... ... ... أَبْلِغْ خَلِيفَتَنَا إِنْ كُنْتَ لَاقِيَهُ ... أَنَّا لَدَى الْبَابِ مَحْبُوسُونَ فِي قَرَنِ ... قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إِنَّمَا قَالَهُ جَرِيرٌ لِعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَالِكٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ هَذَا مِنْ مَرْفُوعَاتِ الْمُوَطَّإِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُرْسَلٌ وَآخَرُ مَوْقُوفٌ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُهُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ) ذَكَرَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ مُوَطَّئِهِ أَحَدُهُمَا آخِرُ كِتَابِ الصَّلَاةِ ذَكَرَهُ فِيهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ هَاهُنَا عَنْهُ وَذَكَرَهُ

في كِتَابِ الْحَجِّ فَنَسَبَهُ قَالَ مَالِكٌ عَنْ زياد بن أبي زياد مولى عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ الْخُزَاعِيِّ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ فَقَالَ ثِقَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا رَأَيْتَ وَلَا أَحْفَظُهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ وَقَدْ جَاءَ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَإِنَّهُ يَدُورُ عَلَى دِينَارٍ أَبِي عَمْرٍو عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَلَيْسَ دِينَارٌ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وليس دون عمور مَنْ يُحْتَجُّ بِهِ فِيهِ (وَأَحَادِيثُ الْفَضَائِلِ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى مَنْ يُحْتَجُّ بِهِ)

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ نَضْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أكثر دُعَائِي وَدُعَاءِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي بِعَرَفَةَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَخِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ دُعَائِي وَدُعَاءِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي بِعَرَفَةَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا اللَّهُمَّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَسْوَاسِ الصَّدْرِ وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ وَشَتَاتِ الْأَمْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا يَأْتِي فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ

وَمَا تَهُبُّ بِهِ الرِّيَاحُ وَمُرْسَلُ مَالِكٍ أَثْبَتُ مِنْ تِلْكَ الْمَسَانِيدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى وَسَنَذْكُرُ مِنْهَا مَا حَضَرَنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ دُعَاءَ يَوْمِ عَرَفَةَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ يَوْمِ عَرَفَةَ عَلَى غَيْرِهِ وَفِي فَضْلِ يَوْمِ عَرَفَةَ دَلِيلٌ أَنَّ لِلْأَيَّامِ بَعْضِهَا فَضْلًا عَلَى بَعْضٍ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِالتَّوْقِيفِ وَالَّذِي أَدْرَكْنَا مِنْ ذَلِكَ بِالتَّوْقِيفِ الصَّحِيحِ فَضْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَجَاءَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمِ الْخَمِيسِ مَا جَاءَ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا يُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَلَا فِيهِ لِلنَّظَرِ مَدْخَلٌ وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دُعَاءَ يَوْمِ عَرَفَةَ مُجَابٌ كُلُّهُ فِي الْأَغْلَبِ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ أَفْضَلَ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَفْضَلِ الذِّكْرِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَوْمٌ أَفْضَلُ الْكَلَامِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَإِنَّهَا كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ وَكَلِمَةُ التَّقْوَى وَقَالَ آخَرُونَ أَفْضَلُ الذِّكْرِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَفِيهِ مَعْنَى الشُّكْرِ وَالثَّنَاءِ وَفِيهِ مِنَ الْإِخْلَاصِ مَا فِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّهُ افْتَتَحَ اللَّهُ بِهِ كَلَامَهُ وَخَتَمَ بِهِ وَهُوَ آخِرُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَوْلَيْنِ وَجْهٌ وَآثَارٌ تَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ بِهِ نذكر منها ما حضرنا حفظه مِمَّا فِيهِ كِفَايَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنُ كَثِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ قَالَ سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ خِرَاشٍ يَقُولُ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

يَقُولُ أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُبَّمَا وَقَفَهُ عَلَى جَابِرٍ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا أَيْضًا أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَفْضَلُ الشُّكْرِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا مَعَ حَدِيثِ مَالِكٍ حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ أَفْضَلَ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَإِنَّ الذِّكْرَ كُلَّهُ دُعَاءٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَأَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زُرَيْقٍ أَبُو زَيْدٍ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَوْمًا مَا كَانَ أَكْثَرَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

بِعَرَفَةَ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَسُبْحَانَ اللَّهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ إِنَّمَا هُوَ ذِكْرٌ وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ ثُمَّ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ قَوْلَهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ يَقُولُ (إِذَا شَغَلَ عَبْدِي ثَنَاؤُهُ عَلَيَّ عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ) قَالَ قُلْتُ نَعَمْ حَدَّثْتَنِي أَنْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ (وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ) قَالَ هَذَا تَفْسِيرُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ قَوْلَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ حِينَ أَتَى ابْنَ جُدْعَانَ يَطْلُبُ نَائِلَهُ وَفَضْلَهُ قُلْتُ لَا قَالَ قَالَ أُمَيَّةُ حِينَ أَتَى ابْنَ جُدْعَانَ ... أَأَطْلُبُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كفاني ... حياؤك إن شيمتك الحياء ... ... كفاه من تعرضك الثناء ... إذا أثنى عليك المرء يوما ... قَالَ سُفْيَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا مَخْلُوقٌ حِينَ يُنْسَبُ إِلَى أَنْ يَكْتَفِيَ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ دُونَ مسئلته فَكَيْفَ بِالْخَالِقِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى

قَالَ الْحُسَيْنُ لَمَّا سَأَلْتُ سُفْيَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ هَذَا فَكَأَنِّي إِنَّمَا سَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَذَلِكَ أَنَّنِي لَمْ أَدَعْ كَبِيرَ أَحَدٍ بِالْعِرَاقِ إِلَّا وَقَدْ سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَمَا فَسَّرَهُ لِي كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هِيَ أَبْيَاتٌ كَثِيرَةٌ قَدْ أَنْشَدَهَا الْمُبَرِّدُ وَحَبِيبٌ فَذَكَرَ بَعْدَ الْبَيْتَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ ... وَعِلْمُكَ بِالْحُقُوقِ وَأَنْتَ فَرْعٌ ... لَكَ الْحَسَبُ الْمُهَذَّبُ وَالسَّنَاءُ ... ... ... كَرِيمٌ مَا يُغَيِّرُهُ صَبَاحٌ ... ... عَنِ الْخُلُقِ الْجَمِيلِ وَلَا ماء ... ... ... يُبَارِي الرِّيحَ مَكْرُمَةً وَجُودًا ... إِذَا مَا الْكَلْبُ أجحره الشاء ... ... وَأَرْضُكَ كُلُّ مَكْرُمَةٍ بَنَاهَا ... بَنُو تَيْمٍ وَأَنْتَ لها ساء ... وحديث مالك بن الحرث قَوْلُهُ هَذَا قَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ صَفْوَانُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ عَنْ بُكِيْرِ بْنِ عَتِيقٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أُبَيٍّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ

يقولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ (1)) لَيْسَ يَجِيءُ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا عَلِمْتُ مَرْفُوعًا إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَصَفْوَانُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ وَبُكَيْرُ بْنُ عَتِيقٍ رَجُلَانِ صَالِحَانِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ قَالَ لِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ كُنْتُ أَتَمَنَّى أَنْ أَلْقَى الزُّهْرِيَّ فَرَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِنْدَ الْحَدَّادِينَ فَقُلْتُ يَا أَبَا بَكْرٍ هَلْ مِنْ دَعْوَةٍ قَالَ نَعَمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي

لا يَمُوتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُعِيذَنِي وَذُرِّيَّتِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّنَاءَ دُعَاءٌ وَيُفَسِّرُ مَعْنَى حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ فَضَّلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَحُجَّتُهُ مَا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنَ الْكَلَامِ أَرْبَعًا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ كُتِبَتْ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً وَحُطَّتْ عَنْهُ عِشْرُونَ سَيِّئَةً وَمَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَذَلِكَ ثَنَاءُ اللَّهِ وَثَنَاؤُهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ كُتِبَتْ لَهُ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً وَحُطَّتْ عَنْهُ ثَلَاثُونَ سيئة

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ السَّلُولِيِّ عَنْ كَعْبٍ قَالَ اخْتَارَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْكَلَامَ فَأَحَبُّ الْكَلَامَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَهِيَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عِشْرِينَ حَسَنَةً وَكَفَّرَ عَنْهُ عِشْرِينَ سَيِّئَةً وَمَنْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَذَلِكَ جَلَالُ اللَّهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عِشْرِينَ حَسَنَةً وَكَفَّرَ عَنْهُ عِشْرِينَ سَيِّئَةً وَمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ كُتِبَ لَهُ بِهَا عِشْرُونَ حَسَنَةً وَكُفِّرَ عَنْهُ عِشْرُونَ سَيِّئَةً وَمَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَذَلِكَ ثَنَاءُ اللَّهِ وَثَنَاؤُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَتَبَ لَهُ بِهَا ثَلَاثِينَ حَسَنَةً وَكَفَّرَ عَنْهُ ثَلَاثِينَ سَيِّئَةً قَالَ حَمْزَةُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ السَّلُولِيُّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ضَمْرَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَ سَوَاءٌ احْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ حَمْزَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ الْكَلَامِ أَرْبَعٌ

لَا تُبَالِي بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَخَالَفَهُ ابْنُ فُضَيْلٍ فَرَوَاهُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ وَاضِحَةٌ وَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَمْدُ لِلَّهِ وَاضِحٌ وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَفْضِيلُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَلَى الْحَمْدِ لِلَّهِ وَتَقْدِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَلَى الذِّكْرِ كُلِّهِ وَذَكَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ محمد بن إسحاق السراج في تاريخ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عن ابن عباس قال كَتَبَ صَاحِبُ الرُّومِ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَفْضَلِ الْكَلَامِ مَا هُوَ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَكَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنْ أَكْرَمِ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ وَأَكْرَمِ الْإِمَاءِ عَلَى اللَّهِ وَعَنْ أَرْبَعَةٍ مِنَ الْخَلْقِ لَمْ يَرْكُضُوا فِي رَحِمٍ وَيَسْأَلُهُ عَنْ قَبْرٍ سَارَ بِصَاحِبِهِ وَعَنِ الْمَجَرَّةِ وَعَنِ الْقَوْسِ وَعَنْ مَكَانٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ لَمْ تَطْلُعْ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا بَعْدَهُ فَلَمَّا قَرَأَ مُعَاوِيَةُ الْكِتَابَ قَالَ أَخْزَاهُ اللَّهُ وَمَا عِلْمِي بِمَا هَاهُنَا فَقِيلَ لَهُ اكْتُبْ إِلَى ابْنِ عباس فسله فكتب إليه يسأله فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ (إِنَّ) أَفْضَلَ الْكَلَامِ

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ لَا يُقْبَلُ عَمَلٌ إِلَّا بِهَا وَالَّتِي تَلِيهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ وَالَّتِي تَلِيهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ كَلِمَةُ الشُّكْرِ وَالَّتِي تَلِيهَا اللَّهُ أَكْبَرُ فَاتِحَةُ الصَّلَوَاتِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَأَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَكْرَمُ الْإِمَاءِ عَلَى اللَّهِ مَرْيَمُ وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الَّتِي لَمْ يَرْكُضُوا فِي رَحِمٍ فَآدَمُ وَحَوَّاءُ وَالْكَبْشُ الَّذِي فُدِيَ بِهِ إِسْمَاعِيلُ وَعَصَا مُوسَى حَيْثُ أَلْقَاهَا فَصَارَتْ ثُعْبَانًا مُبِينًا وَأَمَّا الْقَبْرُ الَّذِي سَارَ بِصَاحِبِهِ فَالْحُوتُ حِينَ الْتَقَمَ يُونُسَ وَأَمَّا الْمَجَرَّةُ فَبَابُ السَّمَاءِ وَأَمَّا الْقَوْسُ فَإِنَّهَا أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ بَعْدَ قَوْمِ نُوحٍ وَأَمَّا الْمَكَانُ الَّذِي طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ وَلَمْ تَطْلُعْ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ فَالْمَكَانُ الَّذِي انْفَرَجَ مِنَ الْبَحْرِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ أَرْسَلَ بِهِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ فَقَالَ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهَذَا عِلْمٌ وَمَا أَصَابَ هَذَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَمِنَ الْحُجَّةِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْضِيلِ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ

قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ (لِي) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ وَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَفْضَلُ الْكَلَامِ فَمِنْ حُجَّتِهِ حَدِيثُ جَابِرٍ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَحَدِيثُ مَالِكٍ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَا أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ حُمَيْدٍ الطَّبِيبِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَنْجَتْهُ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ أَصَابَ قَبْلَهَا مَا أَصَابَهُ)

وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رِشْدِينَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ إِمْلَاءً قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْرَقُ فِي كِتَابِهِ فِي الصَّحَابَةِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِبَادُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَزْرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْمُجَالِدِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي الْمُنْذِرِ الْجُهَنِيِّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَفْضَلُ الْكَلَامِ قَالَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ مِائَةَ مَرَّةٍ فِي يَوْمٍ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ فَأَنْتَ أَفْضَلُ النَّاسِ عَمَلًا إِلَّا مَنْ قَالَ مِثْلَ مَقَالَتِكَ وَأَكْثِرْ مِنْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَنْسَ الِاسْتِغْفَارَ فِي صَلَاتِكَ فَإِنَّهَا مَمْحَاةٌ لِلْخَطَايَا رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ الصَّدَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا

يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ أَبُو شَرِيكٍ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْضَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَكْثِرُوا مِنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا وَلَقِّنُوهَا مَوْتَاكُمْ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نِعْمَةَ الْبَصْرِيُّ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ يَذْكُرُ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَبَدًا غُفِرَ لَهُ أَبَدًا وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْحِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال قَالَ مُوسَى يَا رَبِّ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَذْكُرُكَ بِهِ وَأَدْعُوكَ بِهِ قَالَ يَا مُوسَى قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ مُوسَى يَا رَبِّ كُلُّ عِبَادِكَ يَقُولُ هَذَا قَالَ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ إِنَّمَا أُرِيدُ شَيْئًا تَخُصُّنِي بِهِ قَالَ يَا مُوسَى لَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ

السَّبْعَ وَعَامِرَهُنَّ غَيْرِي وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ فِي كِفَّةٍ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي كِفَّةٍ مَالَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَالَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَقُّ الْمُبِينُ كَانَ لَهُ أَمَانًا مِنَ الْفَقْرِ وَأُنْسًا مِنْ وَحْشَةِ الْقَبْرِ وَاسْتَجْلَبَ بِهِ الْغِنَى وَاسْتَقْرَعَ بِهِ بَابَ الْجَنَّةِ وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ لَا يَصِحُّ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ فَارِسٍ وَأَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ قَالَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ غَانِمٍ عَنْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَقُّ الْمُبِينُ فَذَكَرَهُ سَوَاءً وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّشِيطِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَجَّاجِ النَّضْرُ بن محمد

(بَصَرِيٌّ) ثِقَةٌ مِنْ وَلَدِ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنْ مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَقُّ الْمُبِينُ اسْتَقْرَعَ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ وَأَمِنَ مِنْ وَحْشَةِ الْقَبْرِ وَاسْتَجْلَبَ بِهَا الرِّزْقَ وَأَمِنَ مِنَ الْفَقْرِ وَهَذَا لَا يَرْوِيهِ عَنْ مَالِكٍ مَنْ يُوثَقُ بِهِ وَلَا هُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ حَدِيثِهِ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ تُرْجَى بَرَكَتُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمُّوَيْهِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ يَا مُعَاذُ اتَّقِ اللَّهَ وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ وَإِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعْهَا حَسَنَةً قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ قَالَ هِيَ أَكْبَرُ الْحَسَنَاتِ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ رِشْدِينَ قَالَ

قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ الصَّدَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلْأَوْزَاعِيِّ يَا أَبَا عَمْرٍو أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ مِائَتَيْ مَرَّةٍ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَسْلَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ أَفْضَلُ الدُّعَاءِ يَوْمَ عَرَفَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِيَ هِنْدَ عَنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانُوا يَرْجُونَ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ يَعْنِي بِعَرَفَةَ حَتَّى لِلْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِمَالِكٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ هَذَا مِمَّا يَدْخُلُ فِي حُكْمِ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهُ تَوْقِيفٌ فِي الْأَغْلَبِ مَالِكٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا

أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ قَالُوا بَلَى قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ قَالَ زِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَهَذَا يُرْوَى مُسْنَدًا مِنْ طُرُقٍ جَيِّدَةٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا أَنْ تَضْرِبَ بِسَيْفِكَ حَتَّى يَنْقَطِعَ ثُمَّ تَضْرِبَ بِسَيْفِكَ حَتَّى يَنْقَطِعَ ثُمَّ تَضْرِبَ بِسَيْفِكَ حتى ينقطع

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حُرَيْثٍ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ زِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الْمُوَطَّإِ سَوَاءً قَالَ وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ النَّارِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْتَعَ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ فَلْيُكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنِ ابْنِ سَابِطٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ لَأَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ مِنْ غَدْوَةٍ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْمِلَ عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

مِنْ غَدْوَةٍ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَالَ وَحَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ أَعْظَمُ مِنْ حَطْمِ السُّيُوفِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِعْطَاءِ المال سحا

زياد بن سعد بن عبد الرحمن الخرساني أبو عبد الرحمن

زِيَادُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَصْلُهُ مِنْ خُرَاسَانَ وَنَشْأَتُهُ بِهَا ثُمَّ سَكَنَ مَكَّةَ زَمَانًا ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْهَا إِلَى الْيَمَنِ فَسَكَنَ عَكَّ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ هُوَ مِنَ الْعَرَبِ وَصَحِبَ الزُّهْرِيَّ إِلَى أَرْضِهِ حِينَ كَتَبَ عَنْهُ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَكَانَ زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ ثِقَةً قَالَ وَكَانَ لَا يَكْتُبُ إِلَّا شَيْئًا يَحْفَظُهُ إِذَا كَانَ قَصِيرًا وَإِنْ كَانَ طَوِيلًا لَمْ يَرْضَ إِلَّا الْإِمْلَاءَ قَالَ وَقَالَ لِي زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ أَنَا لَا أَحْفَظُ حِفْظَكَ أَنْتَ أَحْفَظُ مِنِّي أَنَا بَطِيءُ الْحِفْظِ فَإِذَا حَفِظْتُ شَيْئًا كُنْتُ أَحْفَظَ مِنْكَ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَقَالَ أَيُّوبُ لِزِيَادِ بْنِ سَعْدٍ مَتَى سَمِعْتَ مِنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فَقَالَ سَمِعْتُ مِنْهُمَا بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَكَانَ زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ خُرَاسَانِيًّا

وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَكَانَ ثِقَةً مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ سَكَنَ مَكَّةَ وَقَدِمَ عَلَيْنَا الْمَدِينَةَ وَلَهُ هَيْبَةٌ وَصَلَاحٌ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ ثِقَةٌ وَكَذَلِكَ قَالَ يَحْيَى ابن مَعِينٍ زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ خُرَاسَانِيٌّ ثِقَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَرَوَى النَّاسِ عَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَكَانَ شَرِيكَهُ وَيُقَالُ إِنَّ زِيَادَ بْنَ سَعْدٍ كَانَ أُمِّيًّا لَا يَكْتُبُ وَفِي خَبَرِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ إِلَّا إِنْ أَرَادَ أَنَّهُ كَانَ يُكْتَبُ لَهُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ وَالثَّانِي مُرْسَلٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَالثَّالِثُ مَوْقُوفٌ

الحديث الأول

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِزِيَادِ بْنِ سَعْدٍ مَالِكٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ الْيَمَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ قَالَ طَاوُسٌ وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزِ وَالْكَيْسِ أَوِ الْكَيْسِ وَالْعَجْزِ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى عَلَى الشَّكِّ فِي تَقْدِيمِ إِحْدَى اللَّفْظَتَيْنِ وَتَابَعَهُ ابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ مَوْقُوفًا لَمْ يَزِيدُوا عَلَى قَوْلِهِ عَنْ طَاوُسٍ أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ ذَكَرُوا الزِّيَادَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَى يَحْيَى إِلَّا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشُكَّ وَرَوَاهُ عَلَى الْقَطْعِ وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ لَا يَجِيءُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَإِنْ صَحَّ أَنَّ الشَّكَّ مِنِ ابْنِ عُمَرَ أَوْ مِمَّنْ هُوَ دونه

فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مُرَاعَاةِ الْإِتْيَانِ بِأَلْفَاظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُتْبَتِهَا وَأَظُنُّ هَذَا مِنْ وَرَعِ ابْنِ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ اسْتِجَازَةُ الْإِتْيَانِ بِالْمَعَانِي دُونَ الْأَلْفَاظِ لِمَنْ يَعْرِفُ الْمَعْنَى رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ (مِنْهُمْ) مَنْصُوصًا وَمَنْ تَأَمَّلَ حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ وَمِثْلَهُ وَاخْتِلَافَ أَصْحَابِهِمْ عَلَيْهِمْ فِي مُتُونِ الْأَحَادِيثِ بَانَ لَهُ مَا قُلْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَدَلُّ الدَّلَائِلِ وَأَوْضَحُهَا عَلَى أَنَّ الشَّرَّ وَالْخَيْرَ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وهو خالفهما لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْعَجْزَ شَرٌّ وَلَوْ كَانَ خَيْرًا مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اسْتَعَاذَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْعَجْزِ والجبن والدين وَمُحَالٌ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنَ الْخَيْرِ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ كِفَايَةٌ لِمَنْ وُفِّقَ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي من يشاء

وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْهَادِي وَالْفَاتِنُ وَفِيمَا أَجَازَ لَنَا أَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ السَّقْطِيُّ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ خَالِدُ بْنُ النَّصْرِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ أَبُو الْحَسَنِ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْعَدَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ يَقُولُ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَرَأَيْتَ مَنْ حَرَمَنِي الْهُدَى وَأَوْرَثَنِي الضَّلَالَةَ وَالرَّدَى أَتُرَاهُ أَحْسَنَ إِلَيَّ أَوْ ظَلَمَنِي فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنْ كَانَ الْهُدَى شَيْئًا كَانَ لَكَ عِنْدَهُ فَمَنَعَكَهُ فَقَدْ ظَلَمَكَ وَإِنْ كَانَ الْهُدَى لَهُ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ فَمَا ظَلَمَكَ شَيْئًا وَلَا تُجَالِسْنِي بَعْدَهُ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ غَيْلَانَ الْقَدَرِيَّ وَقَفَ بِرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عُثْمَانَ أَرَأَيْتَ الَّذِي مَنَعَنِي الْهُدَى وَمَنَحَنِي الرَّدَى أَأَحْسَنَ إِلَيَّ أَمْ أَسَاءَ فَقَالَ رَبِيعَةُ إن كان

مَنَعَكَ شَيْئًا هُوَ لَكَ فَقَدْ ظَلَمَكَ وَإِنْ كَانَ فَضْلُهُ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ فَمَا ظَلَمَكَ شَيْئًا وَإِنَّمَا أَخَذَهُ رَبِيعَةُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ للعبيد ولا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَبَا الْعَبَّاسِ إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِنَّ الشَّرَّ لَيْسَ بِقَدَرٍ فَقَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَهْلِ الْقَدَرِ هَذِهِ الْآيَةُ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا الْآيَةَ كُلَّهَا حَتَّى بَلَغَ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ وقال غيلان القدري لربيعة أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُعْصَى قَالَ وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يُعْصَى قَسْرًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قتادة عن أنس أن نبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ (وَالْهَرَمِ) وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَاضِرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ أَلَا أُعَلِّمُكُمْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ آتِ أَنْفُسَنَا تَقْوَاهَا (وَزَكِّهَا) أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مَنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَعِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَدَعْوَةٍ لَا يستجاب لها

وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ قَالَ حدثنا إدريس ابن وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ نَظَرْتُ فِي الْقَدَرِ فَتَحَيَّرْتُ ثُمَّ نَظَرْتُ فِيهِ فَتَحَيَّرْتُ وَوَجَدْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالْقَدَرِ أَكَفُّهُمْ عَنْهُ وَأَجْهَلُ النَّاسِ بِهِ أَنْطَقُهُمْ فِيهِ وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ يُضِلُّ وَيُهْدِي فَإِنْ قِيلَ لِي فَسِّرْ قُلْتُ أَغْنِ عَنِّي نَفْسَكَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ أَمْلَى عَلَيَّ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ عَنِ الْقَدَرِ فَقَالَ لِي كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ وَالطَّاعَةُ بِقَدَرٍ وَالْمَعْصِيَةُ بِقَدَرٍ قَالَ وَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمَعَاصِيَ لَيْسَتْ بِقَدَرٍ قَالَ وَقَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ الْعِلْمُ وَالْقَدَرُ وَالْكِتَابُ سَوَاءٌ ثُمَّ عَرَضْتُ كَلَامَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَقَالَ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ هَذَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ أَبُو وَائِلٍ وَغَيْرُهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا وَإِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِزِيَادِ بْنِ سَعْدٍ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ سَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ هَكَذَا رَوَاهُ الرُّوَاةُ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ مُرْسَلًا إِلَّا حَمَّادَ بْنَ خَالِدٍ الْخَيَّاطَ فَإِنَّهُ وَصَلَهُ وَأَسْنَدَهُ وَجَعَلَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ فَأَخْطَأَ فِيهِ وَالصَّوَابُ فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ الْإِرْسَالُ كَمَا فِي الْمُوَطَّإِ لَا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَهُوَ الَّذِي يُصَحِّحُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ فَأَمَّا رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مَالِكٍ فَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مِهْرَانَ

السَّرَّاجِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْدُلَ ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ وَهَكَذَا رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ كَمَا رَوَاهُ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مالك عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ لَمْ يَذْكُرْ زِيَادَ بْنَ سَعْدٍ فَأَخْطَأَ فِيهِ أَيْضًا حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ

عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَدَلَ نَاصِيَتَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْدُلَهَا ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَهَذَا خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ فَهُوَ الصَّوَابُ كَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الضَّحَّاكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الكتاب فيما لم يؤمر فيه وإن أهل الكتاب يسدلون شعورهم وكان المشركون يفرقون شُعُورَهُمْ فَسَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ أَهْلُ الكتاب يسدلون شعورهم وكان المشركون يفرقون رؤوسهم وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ فَسَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حدثنا عبد الله

ابن صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله عن ابن عباس فَذَكَرَهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ مَرْفُوعًا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن محمد ابن مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سحنون ابن سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْدُلُ شَعْرَهُ وَكَانَ المشركون يفرقون رؤوسهم وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مُرْسَلًا لَمْ يَذْكُرَا ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ وَالصَّحِيحُ الْمَحْفُوظُ

ما رَوَاهُ يُونُسُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ وَمَا أَظُنُّ ابْنَ عُيَيْنَةَ سَمِعَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ تَرْكُ حَلْقَ شَعْرِ الرَّأْسِ وَحَبْسُ الْجُمَمِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَبْسَ الْجُمَّةِ أَفْضَلُ مِنَ الْحَلْقِ لِأَنَّ مَا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَاصَّتِهِ أَفْضَلُ مِمَّا أَقَرَّ النَّاسَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْهَهُمْ عَنْهُ لِأَنَّهُ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ عَلَى أَفْضَلِ الْأُمُورِ وَأَكْمَلِهَا وَأَرْفَعِهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْفَرْقَ فِي الشَّعْرِ سُنَّةٌ وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنَ السَّدْلِ لِأَنَّهُ آخِرُ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا الْفَرْقُ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ كَثْرَةِ الشَّعْرِ وَطُولِهِ وَالنَّاصِيَةُ شَعْرُ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ كُلُّهُ وَسَدْلُهُ تَرْكُهُ مُنْسَدِلًا سَائِلًا عَلَى هَيْئَتِهِ وَالتَّفْرِيقُ أَنْ يُقَسِّمَ شَعْرَ نَاصِيَتِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا فَتَظْهَرَ جَبْهَتُهُ وَجَبِينُهُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَالْفَرْقُ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ

وَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا مِنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَسُنَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَر الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ الْكَلِمَاتُ عَشْرُ خِصَالٍ خَمْسٌ مِنْهَا فِي الرَّأْسِ وَخَمْسٌ فِي الْجَسَدِ فَأَمَّا الَّتِي فِي الرَّأْسِ فَفَرْقُ الشَّعْرِ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَالسِّوَاكُ وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَأَمَّا الَّتِي فِي الْبَدَنِ فَالْخِتَانُ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَالِاسْتِنْجَاءُ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَتَقْلِيمُ الْأَظَافِرِ وَقَوْلُهُ (فَأَتَمَّهُنَّ) أَيْ عَمِلَ بِهِنَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُؤَكِّدُ هَذَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا الْآيَةَ وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَلَّامٍ

وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْجَرَّاحُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثْنَا قُرَيْشُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّاءَ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عِمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَضِبُوا وَفَرِّقُوا وَخَالِفُوا الْيَهُودَ وَهَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ ثِقَاتٌ كُلُّهُمْ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ حَدَّثَنَا يحيى بن إبراهيم حدثنا عيسى ابن دِينَارٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ رَأَيْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَرَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ يَفْرُقُونَ شُعُورَهُمْ وَكَانَتْ لَهُمْ شُعُورٌ وَكَانَتْ لِهِشَامٍ جُمَّةٌ إِلَى كَتِفَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهَبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ اللَّيْثِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الْجُمُعَةِ

أَقَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حَرَسًا يَجُزُّونَ كُلَّ شَيْنِ الْهَيْئَةِ فِي شَعْرِهِ لَمْ يَفْرُقْهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُومِنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي الْأَثْرَمَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ صِفَةِ شَعْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ إِلَى مَنْكِبَيْهِ وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ فَرَقَ قَالَ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْفَرْقُ إِذَا كَانَ لَهُ شَعْرٌ قَالَ وَأَحْصَيْتُ عَنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانَ لَهُمْ شعر فذكر منهم أبا عبيدة ابن الْجَرَّاحِ وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ شَعْرَهُ كَانَ يَبْلُغُ تَرْقُوَتَهُ وَأَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى جَعَلَهُ وَرَاءَ أُذُنَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِيمَا حَكَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ أَحْصَى مِنَ

الصحابةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا لَهُمْ شَعْرٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُمْ وَهُمُ الْأَكْثَرُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَعْرٌ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ وَالشَّعْرُ الَّذِي يُشِيرُ إِلَيْهِ هِيَ الْجُمَّةُ وَالْوَفْرَةُ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْحَلْقِ وَعَلَى حَبْسِ الشَّعْرِ لِأَنَّ الْهَيْئَتَيْنِ جَمِيعًا قَدْ أَقَرَّ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُمَا فَصَارَ كُلُّ ذَلِكَ مُبَاحًا بِالسُّنَّةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا الْحَلَقُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَهُمْ فَبِالْجَلَمَيْنِ لِأَنَّ الْحَلْقَ بِالْمُوسَى لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَيَقُولُ إِنَّ الْحَلْقَ بِالْمُوسَى لَمَّا كَانَ سُنَّةً وَنُسُكًا فِي مَوْضِعٍ وَجَبَ أَنْ يُتَبَرَّكَ بِهِ وَيُسْتَحَبَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا يُقْضَى بِوُجُوبِهِ سُنَّةً وَلَا نُسُكًا إِلَّا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَا وَجْهَ لِكَرَاهِيَةِ مَنْ كَرِهَهُ وَلَا حُجَّةَ مَعَهُ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا إِجْمَاعٍ وَإِنَّمَا هُوَ رَأْيٌ وَاسْتِحْسَانٌ جَائِزٌ خِلَافُهُ إِلَى مِثْلِهِ ذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُوَفِّرَ شَعْرَ رَأْسِهِ إِذَا أَرَادَ الْحَجَّ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بن عون

عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كان لايرى بَأْسًا أَنْ يَأْخُذَ شَعْرَهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْحَمَّالُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ أَنَّهُ رَأَى أَبَاهُ وَأَبَا حَازِمٍ وَصَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ وَابْنَ عجلان إذا دخل الصيف حلقوا رؤوسهم قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَكَانَ أَبِي إِذَا تَخَلَّفَ عَنِ الْحَجِّ حَلَقَ يَوْمَ الْأَضْحَى قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ كَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يَكْرَهُ حَلْقَ الْقَفَا وَمَا أَدْرِي إِنْ كَانَ كَرِهَهُ مَعَ حَلْقِ الرَّأْسِ أَوْ مُفْرَدًا وَهَذَا لَيْسَ مِنْ شَرَائِعِ الْأَحْكَامِ وَلَا مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْقَوْلُ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ يُغْنِي عَنِ الْقَوْلِ فِي حَلْقِ الْقَفَا وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ كَرَاهِيَةُ مَالِكٍ لِحَلْقِ الْقَفَا هُوَ أَنْ يُرْفَعَ فِي حَلْقِهِ حَتَّى يُحْلَقَ بَعْضُ مُؤَخَّرِ الرَّأْسِ عَلَى مَا تَصْنَعُهُ الرُّومُ وَهَذَا تَشَبُّهٌ لِأَنَّا قَدْ رُوِّينَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلُ مَنْ حَلَقَ قَفَاهُ عِنْدَنَا دُرَاقِسُ النَّصْرَانِيُّ

قال أبو عمر قد حلق الناس رؤوسهم وَتَقَصَّصُوا وَعَرَفُوا كَيْفَ ذَلِكَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ صَارَ أَهْلُ عَصْرِنَا لَا يَحْبِسُ الشَّعْرَ مِنْهُمْ إِلَّا الْجُنْدُ عِنْدَنَا لَهُمُ الْجُمَمُ وَالْوَفَرَاتُ وَأَضْرَبَ عَنْهَا أَهْلُ الصَّلَاحِ وَالسِّتْرِ وَالْعِلْمِ حَتَّى صَارَ ذَلِكَ عَلَامَةً مِنْ عَلَامَاتِهِمْ وَصَارَتِ الْجُمَمُ الْيَوْمَ عِنْدَنَا تَكَادُ تَكُونُ عَلَامَةَ السُّفَهَاءِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ قَالَ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ أَوْ حُشِرَ مَعَهُمْ فَقِيلَ مَنْ تَشَبَّهَ بِهِمْ فِي أَفْعَالِهِمْ وَقِيلَ مَنْ تَشَبَّهَ بِهِمْ فِي هَيْئَاتِهِمْ وَحَسْبُكَ بِهَذَا فَهُوَ مُجْمَلٌ فِي الِاقْتِدَاءِ بهدى من الصَّالِحِينَ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانُوا وَالشَّعْرُ وَالْحَلْقُ لَا يُغْنِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَيْئًا وَإِنَّمَا الْمُجَازَاةُ عَلَى النِّيَّاتِ وَالْأَعْمَالِ فَرُبَّ مَحْلُوقٍ خَيْرٌ مِنْ ذِي شَعْرٍ وَرُبَّ ذِي شَعْرٍ رَجِلًا صَالِحًا وَقَدْ كَانَ التَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ مُبَاحًا حَسَنًا لِأَنَّهُ قَدْ تَخَتَّمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ فِي الْيَمِينِ كَمَا تَخَتَّمَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ فِي الشَّمَالِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

الْوَجْهَانِ جَمِيعًا فَلَمَّا غَلَبَتِ الرَّوَافِضُ عَلَى التَّخَتُّمِ فِي الْيَمِينِ وَلَمْ يَخْلِطُوا بِهِ غَيْرَهُ كَرِهَهُ الْعُلَمَاءُ مُنَابَذَةً لَهُمْ وَكَرَاهِيَةً لِلتَّشَبُّهِ بِهِمْ لَا أَنَّهُ حَرَامٌ وَلَا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عِجْلَانَ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ كَيْفَ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ قَالَ إِنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ قَالَ كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِكَ وَأَطْيَبَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الحميد ابن أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة قَالَتْ كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوْقَ الْوَفْرَةِ دُونَ الْجُمَّةِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ

حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثْنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعِيدَ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ يَبْلُغُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ وَرَوَى حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَ حَدِيثِ الْبَرَاءِ سَوَاءً

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِزِيَادِ بْنِ سَعْدٍ مَالِكٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يُؤْخَذُ فِي صَدَقَةِ النَّخْلِ الْجُعْرُورُ ولا مصران الفارة ولا عذق ابن حبيق قَالَ وَهُوَ يُعَدُّ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي الصَّدَقَةِ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا يَرْوِيهِ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجُعْرُورِ

وَلَوْنِ الْحُبَيْقِ أَنْ يُؤْخَذَا فِي الصَّدَقَةِ قَالَ الزُّهْرِيُّ لَوْنَيْنِ مِنْ تَمْرِ الْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ أَسْنَدَهُ أَيْضًا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ عَنْهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عَنْ لَوْنَيْنِ مِنَ التَّمْرِ الْجُعْرُورِ وَلَوْنِ الْحُبَيْقِ قَالَ وَنَزَلَتْ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ الْجُعْرُورُ ضَرْبٌ مِنَ الدَّقَلِ يَحْمِلُ شَيْئًا صِغَارًا لَا خَيْرَ فِيهِ قَالَ وَعَذْقُ ابْنِ حُبَيْقٍ ضَرْبٌ مِنَ الدَّقَلِ رَدِيءٌ وَالْعَذْقُ النَّخْلَةُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْعِذْقُ بِالْكَسْرِ الْكِبَاسَةُ كَأَنَّ التَّمْرَ سُمِّيَ بِاسْمِ النَّخْلَةِ إِذْ كَانَ منها

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَعَذْقُ ابْنِ حُبَيْقٍ أَوْ لَوْنُ الْحُبَيْقِ نَحْوُ ذَلِكَ لِأَنَّ الدَّقَلَ يُقَالُ لَهُ الْأَلْوَانُ وَاحِدُهَا لَوْنٌ وَالْمَعْنَى أَنْ لَا يُؤْخَذَ هذان الضربان من التمر في الصدقة لردائتهما وَكَانَ النَّاسُ يُخْرِجُونَ شِرَارَ ثِمَارِهِمْ فِي الصَّدَقَةِ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ حُمَيْدٍ الْيَحْصَبِيُّ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ قَالَ هُوَ الْجُعْرُورُ وَلَوْنُ حُبَيْقٍ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُؤْخَذَا فِي الصَّدَقَةِ وَفِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا حَدِيثُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سعيد عن عبد

الحميد بن حعفر قَالَ حَدَّثَنِي صَالِحٌ مَوْلَى ابْنِ أَبِي عَرِيبٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ وَبِيَدِهِ عَصًا وَقَدْ عَلَّقَ رَجُلٌ قَنَا حَشَفًا فَطَعَنَ بِالْعَصَا فِي ذَلِكَ التَّمْرِ وَقَالَ لَوْ شَاءَ رَبُّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ تَصَدَّقَ بِأَطْيَبَ مِنْهَا إِنَّ رَبَّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ يَأْكُلُ حَشَفًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَتَصَدَّقُ بِرَذَالَةِ مَالِهِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ قَالَ وَحَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ ((وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ)) قَالَ لَوْ وَجَدْتُمُوهُ يُبَاعُ فِي السُّوقِ مَا أَخَذْتُمُوهُ حَتَّى يُهْضَمَ لَكُمْ مِنَ الثَّمَنِ

وَذَكَرَ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ أَخْرَجُوا فِي زَكَاةِ أَمْوَالِهِمُ الْحَشَفَ وَالدِّرْهَمَ الرَّدِيءَ قَالَ ((وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ)) قَالَ وَلَوْ أَنَّ لَكَ حَقًّا عَلَى رَجُلٍ لَمْ تَأْخُذْ ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ كَانُوا يَتَصَدَّقُونَ بِالْحَشَفِ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَأُمِرُوا أَنْ يَتَصَدَّقُوا بِطَيِّبٍ قَالَ وَفِي ذَلِكَ نَزَلَتْ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ (الْآيَةَ) قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا بَابٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ هَذَانَ اللَّوْنَانِ مِنَ التَّمْرِ فِي الصَّدَقَةِ إِذَا كَانَ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا أُخِذَ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ الرَّدِيءُ كُلُّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إِذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَيَمُّمٌ لِلْخَبِيثِ إِذَا أُخْرِجَ عَنْ غَيْرِهِ

قَالَ مَالِكٌ لَا يَأْخُذُ الْمُصَّدِقُ الْجُعْرُورَ وَلَا مُصْرَانَ الْفَارَةِ وَلَا عَذْقَ ابْنِ حُبَيْقٍ وَلَا يَأْخُذُ الْبَرَدَى وَالْبَرَدَى مِنْ أَجْوَدِ التَّمْرِ فَأَرَادَ مَالِكٌ أَنْ لَا يَأْخُذَ الرَّدِيءَ جِدًّا وَلَا الْجِيدَ جِدًّا وَلَكِنْ يَأْخُذُ الْوَسَطَ قَالَ مَالِكٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ السِّخَالُ (مِنَ الْغَنَمِ) تُعَدُّ مَعَ الغنم على صاحبها ولا تؤخذ

باب الطاء

باب الطاء طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الَأَيْلِيُّ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ حَدِيثًا وَاحِدًا مُسْنَدًا صَحِيحًا وَلَيْسَ عِنْدَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَالتِّنِّيسِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّإِ فَكَرِهْنَا أَنْ نُخَلِّيَ كِتَابَنَا مِنْ ذِكْرِهِ لِأَنَّهُ أَصْلٌ مِنْ أَصُولِ الْفِقْهِ وَمَا أَظُنُّهُ سَقَطَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الرواة إلا عن يحيى ابن يَحْيَى فَإِنِّي رَأَيْتُهُ لِأَكْثَرِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَاهُ مِنْ غَيْرِ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ قَوْمٌ جِلَّةٌ عَنْ مَالِكٍ مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَغَيْرُهُمْ

وَهُوَ حَدِيثٌ يَدُورُ عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الَأَيْلِيِّ هَذَا وَهُوَ ثِقَةٌ مَرَضِيٌّ حُجَّةٌ فِيمَا نَقَلَ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ (بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) عَلَى أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَدْ لَقِيَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَرَوَى عَنْهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الَأَيْلِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بن ابن أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أيوب الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ حَدَّثَنَا

عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ (وَعُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ) الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عن طلحة بن عبد الملك عَنْ قَاسِمٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا الحسن ابن أَبِي هِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ طَلْحَةَ بن عبد الملك عن القاسم بن محمد عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَذَكَرَهُ سَوَاءً وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حدثنا يحيى ابن سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ أَبُو يَعْقُوبَ الصَّيْدَلَانِيُّ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُوسَى الْعُقَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مالك بن أنس عن طلحة بن عبد الْمَلِكِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ

اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَنِيعٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ قِيلَ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَنَا أَسْمَعُ حَدَّثَكَ طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ فَقَالَ مَالِكٌ نَعَمْ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ خَلَفَ بْنَ هِشَامٍ الْبَزَّارُ يَقُولُ قِيلَ لمالك ابن أَنَسٍ وَأَنَا أَسْمَعُ حَدَّثَكَ طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ الملك الأيلي عَنِ الْقَاسِمِ (بْنِ مُحَمَّدٍ) عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ فَقَالَ مَالِكٌ نَعَمْ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمِ بن عيسى المقريء قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغْوَيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ

الْبَزَّارُ قَالَ قِيلَ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَنَا أَسْمَعُ حدثك طلحة ابن عبد الملك الأيلي عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ قال مَالِكٌ نَعَمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الحسن بن الخضر الأسيوطي وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي التَّمَّامِ وَأَحْمَدُ ابن مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ عِيسَى الْحَضْرَمِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ طَلْحَةَ بن عبد الملك عن القاسم عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَرْوِهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِلَّا طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا وَقَدْ وَجَدْنَاهُ لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبَانٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلَهُ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ

قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبان عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن أحمد ابن يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الخالق قال حدثنا هدبة ابن خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبان عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءً لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الطَّاعَةِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ هَذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ الْمُزَنِيُّ الْيَمَامِيُّ لَيْسَ هُوَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ الْكُوفِيَّ ذَاكَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ وَقِيلَ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبَانٍ هَذَا لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ مَدَنِيٌّ مَعْرُوفٌ رَوَى عَنْهُ الْأَوْزَاعِيُّ أَيْضًا وَلَهُ عَنِ الْقَاسِمِ وَعُرْوَةَ وَعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رِوَايَةٌ وَهَذَا هُوَ الصحيح

وَهُوَ شَيْخٌ يَمَامِيٌّ ثِقَةٌ وَحَسَبُكَ بِرِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ عَنْهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ مَا يَرُدُّ قَوْلَ الْعِرَاقِيِّينَ فِيمَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةً أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ مَعَ تَرْكِهَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِكَفَّارَةٍ لِمَنْ نَذَرَ الْمَعْصِيَةَ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِتَرْكِ الْمَعْصِيَةِ لَا غَيْرَ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَحَدِيثٌ مُنْكَرٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَإِنَّمَا انفرد به عن الزهري سليمان ابن أَرْقَمَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَكَذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي ذَلِكَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَدُورُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي حَدِيثِهِ مَنَاكِيرُ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ

وَعَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ أَنْ لَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةً إِلَّا تَرْكُهَا فُقَهَاءُ الْحِجَازِيِّينَ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ نَذْرًا أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ كَالْجَاعِلِ عَلَيْهِ إِنِ اللَّهُ شَفَى مَرِيضَهُ أَوْ رَدَّ غَائِبَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَنْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ أَوْ يَقْتُلَ أَوْ يَزْنِيَ أَوْ يَظْلِمَ أَحَدًا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَاصِي صَغَائِرِهَا وَكَبَائِرِهَا وَكَالْقَائِلِ مُبْتَدِئًا لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَقْتُلَ فُلَانًا أَوْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِزُورٍ أَوْ أَبْغِيَ عَلَيْهِ وَأَشْفِيَ غَيْظِي بِأَذَاهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ قَلِيلِ الْمَعَاصِي وَكَثِيرِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّهُ مِنْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَعَلَيْهِ تَرْكُهُ فَرْضًا وَاجِبًا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ غَيْرَ ذَلِكَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفَّارَةٍ وَكَذَلِكَ مَنْ نَذَرَ مَا لَيْسَ بِطَاعَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ إِنْ حَلَفَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الشَّامِ أَوْ إِلَى مِصْرَ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ طَاعَةٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ طَاعَةٌ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ قَالَ أَنَا أَحْمِلُ هَذَا الْعَمُودَ أو غيره

إلى مَكَّةَ طَلَبَ الْمَشَقَّةِ فَلْيَحُجَّ غَيْرَ حَامِلٍ شَيْئًا وَيُهْدِي فَقَدْ أَنْكَرُوا عَلَيْهِ إِيجَابَ الْهَدْيِ فِي هَذَا وَمِثْلِهِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ فِي مَسَائِلَ مِنْ هَذَا الْبَابِ نَحْوَ قَوْلِ الْإِنْسَانِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ أَنْحَرَ ابْنِي عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ أَيْضًا فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَالَّذِي يُوجِبُهُ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ وَحُجَّةُ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ) وَأَمَّا مَنْ نَذَرَ شَيْئًا لِلَّهِ فِيهِ طَاعَةٌ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ وَيَشُدُّ ذَلِكَ قَوْلُ الله عز وجل يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ الْعُقُودُ الَّتِي لَا مَعْصِيَةَ فِيهَا لِبَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ

فَمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إِنْ لَمْ أَشْرَبِ الْخَمْرَ وَلَمْ أَقْتُلْ فُلَانًا فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا إِنْ سَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ قَتِلْ فُلَانٍ أَوْ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَفِيَ بِنَذْرِهِ وَكُلُّ نَذْرٍ لَا مَخْرَجَ لَهُ وَلَا نِيَّةَ لِصَاحِبِهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ثَبَتَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ وَعَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ فَأَغْنَى عَنِ الْإِكْثَارِ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مُجَوَّدًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى قَوْمٍ كَانُوا يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا وَمَنْ نَذَرَ مَا لَا مَعْصِيَةَ فِيهِ وَلَا طَاعَةَ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ قَوْمٌ وَاجِبٌ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ النَّذْرِ إِلَّا مَا كَانَ لِلَّهِ فِيهِ طَاعَةٌ وَقِصَّةُ أَبِي إِسْرَائِيلَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التوفيق

(قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَفُتْ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى فِي الْمُوَطَّإِ حَدِيثٌ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ مِمَّا رَوَاهُ غَيْرُهُ فِي الْمُوَطَّإِ إِلَّا حَدِيثَ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا وَسَائِرُ مَا رَوَاهُ غَيْرُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي الْمُوَطَّإِ إِنَّمَا هِيَ أَحَادِيثُ مِنْ أَحَادِيثِ الْجَامِعِ وَنَحْوِهِ لَيْسَتْ فِي أَحْكَامٍ وَأَكْثَرُهَا أَوْ كُلُّهَا مَعْلُولَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ تُوبِعَ يَحْيَى تَابَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ عَلَى سُقُوطِ كُلِّ مَا أَسْقَطَ مِنْ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ مِنَ الْمُوَطَّإِ إِلَّا حَدِيثَ طَلْحَةَ هَذَا وَحْدَهُ وَمَا عَدَاهُ فَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى سُقُوطِهِ مِنَ الْمُوَطَّإِ قَوْمٌ وَخَالَفَهُ آخَرُونَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ وَيَحْيَى آخِرُهُمْ عَرْضًا وَمَا سَقَطَ مِنْ رِوَايَتِهِ فَعَنِ اخْتِيَارِ مَالِكٍ وَتَمْحِيصِهِ وَاللَّهُ أعلم)

باب الميم

باب الميم مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابن شِهَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ هَكَذَا نَسَبَهُ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَغَيْرُهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ قَالَ مُصْعَبٌ وَأُمُّهُ مِنْ بَنِي الدِّئْلِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةِ بْنِ كِنَانَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُنْيَتُهُ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ وَفُقَهَائِهِمْ مُقَدَّمٌ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ وَالرِّوَايَةِ وَالِاتِّسَاعِ إِمَامٌ جَلِيلٌ مِنْ أئمة

الدِّينِ أَدْرَكَ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَرَوَى عَنْهُمْ مِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَزْهَرَ الزُّهْرِيُّ وَسُنَيْنٌ أَبُو جَمِيلَةَ السُّلَمِيُّ وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِيمَا ذَكَرَهُ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثَهُ فِي الْحَجِّ مَعَ الْحَجَّاجِ وَقِيلَ إِنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثَيْنِ وَقِيلَ ثَلَاثَةً وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ صَحَّحَ ذَلِكَ وَمَنْ نَفَاهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مِنْ هذا الكتاب وسمع ابن شهاب من جامعة أَدْرَكُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ صِغَارٌ مِثْلِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ (وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ) وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَنُظَرَائِهِمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ الزُّهْرِيُّ فَقَالَ وَأَيُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ أَنَا لَقِيتُ جَابِرًا وَلَمْ يَلْقَهُ وَلَقِيتُ ابْنَ عُمَرَ وَلَمْ يَلْقَهُ وَلَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَلْقَهُ فَقَدِمَ الزُّهْرِيُّ مَكَّةَ فَقِيلَ لِعَمْرٍو قَدْ جَاءَ الزُّهْرِيُّ فَقَالَ احْمِلُونِي إِلَيْهِ وَكَانَ قَدْ أُقْعِدَ فَحُمِلَ إِلَيْهِ فَلَمْ يَأْتِ أَصْحَابَهُ إِلَّا بَعْدَ هَوِيٍّ مِنَ اللَّيْلِ فَقِيلَ لَهُ كَيْفَ رَأَيْتَ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَذَا الْقُرَشِيَّ قَطُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حدثنا أحمد

ابن يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجَشُونُ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ شِهَابٍ يَا أَبَا بَكْرٍ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ جَالَسْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ الزُّبَيْرِ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَنْسَقَ لِلْحَدِيثِ مِنَ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الْبَجَلِيُّ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوِيدٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ مَا دَاهَنَ ابْنُ شِهَابٍ مَلِكًا مِنَ الْمُلُوكِ قط إذ دَخَلَ عَلَيْهِ وَلَا أَدْرَكَتْ خِلَافَةُ هِشَامٍ أَحَدًا مِنَ التَّابِعَيْنِ أَفْقَهَ مِنْهُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ سمعت مكحولا يقول ابن شهاب أعلم بالناس

قَالَ الْوَلِيدُ وَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ مَا ابْنُ شِهَابٍ إِلَّا بَحْرٌ وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ قُلْتُ لِمَكْحُولٍ مَنْ أَعْلَمُ النَّاسِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ مَا بَقِيَ عَلَى ظَهْرِهَا أَعْلَمُ بِسُنَّةٍ مَاضِيَةٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بن بشير

يَذْكُرُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ مَا بَقِيَ عَلَى ظَهْرِهَا إِلَّا اثْنَانِ الزُّهْرِيُّ وَآخَرُ فَظَنَنَّا أَنَّهُ يَعْنِي نَفْسَهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَا جَمَعَ أَحَدٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جَمَعَ الزُّهْرِيُّ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ (فِي كِتَابِ المعرفة) قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى (قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى) الطَّبَّاعُ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَا وَعَى أَحَدٌ مِنَ الْعِلْمِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا وَعَى ابْنُ شِهَابٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ الْهُذَلِيُّ جَالَسْتُ الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ يَعْنِي الزُّهْرِيَّ

قَالَ سُفْيَانُ كَانُوا يَقُولُونَ مَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ مِنْهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مَعْنُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا جُنَادَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا أَتَاكَ بِهِ الزُّهْرِيُّ بِسَنَدِهِ فَاشْدُدْ بِهِ يَدَيْكَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْقَلْزُمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا وهيب قال سمعت أيوب يقول ما رأيت أَحَدًا أَعْلَمَ مِنَ الزُّهْرِيِّ فَقِيلَ لَهُ وَلَا الْحَسَنُ قَالَ مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ وُهَيْبٍ

قَالَ سَمِعْتُ أَيُّوبَ يَقُولُ مَا رَأَيْتُ (أَحَدًا) أَعْلَمَ مِنَ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ لَهُ صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ وَلَا الْحَسَنُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ أَخَذْتُ بِلِجَامِ بَغْلَةِ الزُّهْرِيِّ فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُعِيدَ عَلَيَّ حَدِيثًا فَقَالَ مَا اسْتَعَدْتُ حَدِيثًا قَطُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ (حَدَّثَنَا مَالِكٌ) قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا فَتَوَهَّمْتُ فِي حَدِيثٍ مِنْهَا فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى خَرَجَ ثُمَّ سَأَلْتُهُ وَأَخَذْتُ بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ عَنِ الْحَدِيثِ الَّذِي شككت فيه فقال أو لم أُحَدِّثْكَهُ قُلْتُ بَلَى وَلَكِنِّي تَوَهَّمْتُ فِيهِ فَقَالَ لَقَدْ فَسَدَتِ الرِّوَايَةُ خَلِّ لِجَامَ الْبَغْلَةِ فَخَلَّيْتُهُ وَمَضَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ مَا رَأَيْتُ عَالِمًا قَطُّ أَجْمَعَ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ وَلَا أَكْثَرَ علما

وَلَوْ سَمِعْتَ ابْنَ شِهَابٍ يُحَدِّثُ بِالتَّرْغِيبِ لَقُلْتَ مَا يُحْسِنُ إِلَّا هَذَا وَإِنْ حَدَّثَ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ قُلْتَ لَا يُحْسِنُ إِلَّا هَذَا وَإِنْ حَدَّثَ عَنِ الْعَرَبِ وَالْأَنْسَابِ قُلْتَ لَا يُحْسِنُ إِلَّا هَذَا وَإِنْ حَدَّثَ عَنِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ كَانَ حَدِيثَهُ وَذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ قُلْتُ لِعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ مَنْ أَفْقَهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ أَمَّا أَعْلَمُهُمْ بِقَضَايَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَأَفْقَهُهُمْ فِقْهًا وَأَعْلَمُهُمْ بِمَا مَضَى مِنْ أَمْرِ النَّاسِ فسعيد بن المسيب وأما أعزرهم حَدِيثًا فَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَلَا تَشَاءُ أَنْ تُفَجِّرَ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بَحْرًا إِلَّا فَجَّرْتَهُ قَالَ عِرَاكٌ وَأَعْلَمُهُمْ عِنْدِي ابْنُ شِهَابٍ لِأَنَّهُ جَمَعَ عِلْمَهُمْ جَمِيعًا إِلَى عِلْمِهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ قال سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ مَا كَتَبْتُ شَيْئًا قَطُّ وَلَقَدْ وُلِّيتُ الصَّدَقَةَ فَأَتَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَأَخْرَجَ إِلَيَّ كِتَابَ

الصَّدَقَةِ فَقَرَأَهُ عَلَيَّ فَحَفِظْتُهُ وَأَتَيْتُ إِلَى (أَبِي بكر (1)) ابن حَزْمٍ فَقَرَأَ عَلَيَّ كِتَابَ الْعُقُولِ فَحَفِظْتُهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ أَنَّ عبد الملك كتب إلى أهل المدينة يعاتيهم فوصل كتابه في طومار فقرىء (الْكِتَابُ) عَلَى النَّاسِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمَّا فَرَغُوا وَافْتَرَقَ النَّاسُ اجْتَمَعَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ جُلَسَاؤُهُ فَقَالَ لَهُمْ سَعِيدٌ مَا كَانَ فِي كِتَابِكُمْ فَإِنَّا نَوَدُّ أَنْ نَعْرِفَ مَا فِيهِ فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَقُولُ فِيهِ كَذَا (وَكَذَا) وَالْآخَرُ يَقُولُ فِيهِ كَذَا وَكَذَا (أَيْضًا) فَلَمْ يَشْتَفِ سَعِيدٌ فِيمَا سَأَلَ عَنْهُ فَقَالَ لِابْنِ شِهَابٍ فَقَالَ أَتُحِبُّ (يَا أَبَا مُحَمَّدٍ) أَنْ تَسْمَعَ كُلَّ مَا فِيهِ (كَامِلًا) قَالَ نَعَمْ

قَالَ فَأَمْسِكْ فَهَذَّهُ وَاللَّهِ هَذًّا كَأَنَّمَا هُوَ فِي يَدِهِ فَقَرَأَهُ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِ قَالَ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ مَا اسْتَوْدَعْتُ قَلْبِي شَيْئًا قَطُّ فَنَسِيتُهُ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى يَقُولُ إِذَا جَاءَنَا الْعِلْمُ مِنَ الْحِجَازِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَبِلْنَاهُ وَإِنْ جَاءَنَا مِنْ الْعِرَاقِ عَنِ الْحَسَنِ قَبِلْنَاهُ وَإِنْ جَاءَنَا مِنْ الْجَزِيرَةِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَبِلْنَاهُ وَإِنْ جَاءَنَا مِنْ الشَّامِ عَنْ مَكْحُولٍ قَبِلْنَاهُ قَالَ سَعِيدٌ كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ عُلَمَاءَ النَّاسِ فِي خِلَافَةِ هِشَامٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ (أَبَا) الْقَاسِمِ الْقَزْوِينِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ طَاهِرَ بْنَ خَالِدِ بْنِ نِزَارٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مَبْرُورٍ يَقُولُ سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ

يَقُولُ كَانَ ابْنُ شِهَابٍ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فَإِنَّمَا هُوَ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ أَكْرَمَ النَّاسِ وَأَخْبَارُهُ فِي الْجُودِ كَثِيرَةٌ (جِدًّا) نَذْكُرُ مِنْهَا لَمْحَةً دَالَّةً أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا (أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ) بْنِ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْقَاضِي حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ مَا رَأَيْتُ أَنَصَّ لِلْحَدِيثِ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ وَلَا رَأَيْتُ أَجْوَدَ مِنْهُ مَا كَانَتِ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ عِنْدَهُ إِلَّا بِمَنْزِلَةِ الْبَعْرِ قَالَ الزُّبَيْرُ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ كَانَ ابْنُ شِهَابٍ إِذَا أَبَى أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ (أَنْ) يَأْكُلَ طَعَامَهُ حَلَفَ أَنْ لَا يُحَدِّثَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ قِيلَ لِابْنِ شِهَابٍ لَوْ جَلَسْتَ إِلَى سَارِيَةٍ تُفْتِي النَّاسَ قَالَ إِنَّمَا يَجْلِسُ هَذَا الْمَجْلِسَ مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا وَذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ مَا اسْتَوْدَعْتُ قَلْبِي شَيْئًا قَطُّ فَنَسِيتُهُ

قَالَ (الْحُلْوَانِيُّ) وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ مَا رَأَيْتُ مُحَدِّثًا فَقِيهًا إِلَّا وَاحِدًا قُلْتُ مَنْ هُوَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو قُدَامَةَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ يَقُولُ مَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ الْمَدَنِيِّينَ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَبَعْدَ الزُّهْرِيِّ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَلَيْسَ مُرْسَلٌ أَصَحَّ مِنْ مُرْسَلِ الزُّهْرِيِّ لِأَنَّهُ حَافِظٌ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عِنْدَنَا كَأَخْذٍ بِالْيَدِ قَالَ وَرَأْيُ الزُّهْرِيِّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَخْبَارُ الزُّهْرِيِّ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْوَى فِي كِتَابٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ تُجْمَعَ فِي بَابٍ وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ مِنْهَا هَاهُنَا طَرَفًا دَالًّا عَلَى مَوْضِعِهِ وَمَكَانِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَإِمَامَتِهِ وَحِفْظِهِ وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِ الزُّهْرِيِّ مُحَمَّدٌ يَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ وَمِمَّا يُنْشَدُ لِابْنِ شِهَابٍ يُخَاطِبُ أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ ... أَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ لَقِيتُهُ ... وَقَدْ شَدَّ أَحْلَاسَ الْمَطِيِّ مُشَرِّقَا ... ... تَتَبَّعْ خَبَايَا الْأَرْضِ وَادْعُ مَلِيكَهَا ... لَعَلَّكَ يَوْمًا أَنْ تجاب فترزقا

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَهَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَهِيَ أَبْيَاتٌ وَوُلِدَ رحمه الله سنة إحدى وخمسين وقبل سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي تُوُفِّيَتْ فِيهَا عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَمَاتَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْهُ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَسِتِّينَ (سَنَةً) (وَذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ هِشَامٍ بِعَامٍ) وَقِيلَ إِنَّهُ مَاتَ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَدُفِنَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ لِيُدْعَى لَهُ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِضَيْعَةٍ لَهُ بِنَاحِيَةِ شَغْبٍ وَبَدَا مَرِضَ هُنَالِكَ وَأَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَدُفِنَ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ إِدَامَى وَهِيَ خَلْفَ شَغْبٍ وَبَدَا وَهِيَ أَوَّلُ عَمَلِ فِلَسْطِينَ وَآخِرُ عَمَلِ الْحِجَازِ

هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الْوَاقِدِيِّ وَمُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ وَالزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ وَالطَّبَرِيِّ وَغَيْرُهُمْ دَخَلَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَلِابْنِ شِهَابٍ فِي الْمُوَطَّإِ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةُ حَدِيثٍ وَأَحَدٌ وَثَلَاثُونَ حَدِيثًا مِنْهَا مُتَّصِلَةٌ مُسْنَدَةٌ اثْنَانِ وَتِسْعُونَ حَدِيثًا وَسَائِرُهَا مُنْقَطِعَةٌ مُرْسَلَةٌ فَأَوَّلُ الْمُسْنَدِ مَا رَوَاهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ

الحديث الأول

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ هَاهُنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُهَاجِرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى يُهَاجِرُ وَسَائِرُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّإِ يَقُولُ يَهْجُرَ وَاخْتَصَرَ هَذَا الْحَدِيثَ (أَبُو نُعَيْمٍ) الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ فَخَالَفَ فِي لَفْظِهِ جَمَاعَةَ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ فِيهِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَلْقَاهُ هَذَا فَيُعْرِضُ عَنْهُ وَأَيُّهُمَا بَدَأَ بِالسَّلَامِ سَبَقَ إلى الجنة

حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ فَذَكَرَهُ وَقَدْ زَادَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ وَلَا تَنَافَسُوا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنُ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ (قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَنَافَسُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ قَالَ حَمْزَةُ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ وَلَا تَنَافَسُوا غَيْرَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَقَدْ رَوَى هَذِهِ اللَّفْظَةَ وَلَا تَنَافَسُوا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ التَّبَاغُضُ لِأَنَّ التَّبَاغُضَ مَفْسَدَةٌ لِلدِّينِ حَالِقَةٌ لَهُ وَلِهَذَا أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوَادِّ وَالتَّحَابِّ حَتَّى قَالَ تَهَادُوا تحابوا

وروى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ قَالُوا بَلَى قَالَ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَإِيَّاكُمْ وَالْبِغْضَةَ فَإِنَّهَا (هِيَ) الْحَالِقَةُ وَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ التَّدَابُرُ وَالتَّدَابُرُ الْإِعْرَاضُ وَتَرْكُ الْكَلَامِ وَالسَّلَامِ (وَنَحْوُ هَذَا) وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْإِعْرَاضِ تَدَابُرٌ لِأَنَّ مَنْ أَبْغَضْتَهُ أَعْرَضْتَ عَنْهُ وَمَنْ أَعْرَضْتَ عَنْهُ وَلَّيْتَهُ دُبُرَكَ وَكَذَلِكَ يَصْنَعُ هُوَ بِكَ وَمَنْ أَحْبَبْتَهُ أَقْبَلْتَ عَلَيْهِ وَوَاجَهْتَهُ لِتَسُرَّهُ وَيَسُرَّكَ فَمَعْنَى تَدَابَرُوا وَتَقَاطَعُوا وتباغضوا معنى متداخل متقارب كالمعنىالواحد فِي النَّدْبِ إِلَى التَّوَاخِي وَالتَّحَابِّ فَبِذَلِكَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَأَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوُجُوبِ حَتَّى يَأْتِيَ دَلِيلٌ يُخْرِجُهُ إِلَى مَعْنَى النَّدْبِ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْعُمُومَ فَهُوَ عِنْدِي مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ حَيْثُ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَهْجُرُوهُ وَلَا يُكَلِّمُوهُ هُوَ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ وَمُرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ لِتَخَلُّفِهِمْ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَوْبَتَهُمْ

وُعُذْرَهُمْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَصْحَابَهُ) أَنَّ يُرَاجِعُوهُمُ الْكَلَامَ وَفِي حَدِيثِ كَعْبٍ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَهْجُرَ الْمَرْءُ أَخَاهُ إِذَا بَدَتْ (لَهُ) مِنْهُ بِدْعَةٌ أَوْ فَاحِشَةٌ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ هِجْرَانُهُ تَأْدِيبًا لَهُ وَزَجْرًا عَنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا تَحَاسَدُوا يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنِ التَّحَاسُدِ وَعَنِ الْحَسَدِ فِي كُلِّ شَيْءٍ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعُمُومِهِ إِلَّا أَنَّهُ أَيْضًا عِنْدِي مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ هَكَذَا رَوَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ لَيْلَهُ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَرْتِيبِ الْأَحَادِيثِ وَتَهْذِيبِهَا قَالَ لَا حَسَدَ وَلَكِنَّ الْحَسَدَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِالْقُرْآنِ وَفِي نَفَقَةِ الْمَالِ فِي حَقِّهِ وَتَعْلِيمِ الْعِلْمِ أَهْلَهُ

وَلَا هِجْرَةَ إِلَّا لِمَنْ تَرْجُو تَأْدِيبَهُ (بِهَا) أَوْ تَخَافُ (مِنْ) شَرِّهِ فِي بِدْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَاللَّهُ أَعْلَمُ) أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن عبد المؤمن قال حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ (رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ) وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَكِنَّهُ غَرِيبٌ لِمَالِكٍ (وَهُوَ لَا يَصْلُحُ لَهُ) وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ الْأَخْنَسِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا سَوَاءً وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ شَيْبَانَ وَهِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ يعيش ين الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ زَادَ شَيْبَانُ عَنْ مَوْلَى الزُّبَيْرِ عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمُ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ حَالِقَتَا الدِّينِ لَا حَالِقَتَا الشَّعْرِ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ يَعْنِي شَيْبَانَ فِي حَدِيثِهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السلام بينكم

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَرْبِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَعِيشُ بْنُ الْوَلِيدِ أَنَّ مَوْلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمُ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو الْبَغْدَادِيُّ (بِمِصْرَ) قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُفَيْرٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ الْأَصْبِهَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَقَدْ تَوَضَّأَ وَلِحْيَتُهُ تَنْطِفُ (مَاءً) مِنْ وضوئه وقد علق نعليه بيده الشمال فسلم فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأَوَّلِ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الْأُولَى فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مثل هيئته فأما قام

تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَقَالَ إِنَّهُ لَاحَيْتُ أَبِي وَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ آوِيَ عِنْدَكَ حَتَّى تَمْضِيَ الثَّلَاثُ فَعَلْتَ فَبَاتَ مَعَهُ ثَلَاثًا فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ تَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ وَكَبَّرَ حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ فَلَمَّا مَضَتِ الثَّلَاثُ لَيَالٍ وَكِدْتُ أَحْتَقِرُ عَمَلَهُ قُلْتُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي هِجْرَةٌ وَلَا غَضَبٌ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَطَلَعْتَ أَنْتَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لَيْلًا لِأَنْظُرَ عَمَلَكَ فَأَقْتَدِيَ بِكَ فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَبِيرَ عَمَلٍ فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلَا أَحْسُدُهُ عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ فَقُلْتُ هُوَ الَّذِي بَلَغَ بِكَ وَهُوَ الَّذِي لَا نُطِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَمَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَوْمًا عَلَى حَسَدِهِمْ آخَرِينَ آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فضله فقال

أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَقَالَ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَى قَوْلِهِ واسئلوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ لَمَّا رَفَعَ (اللَّهُ) مُوسَى نَجِيًّا رَأَى رَجُلًا مُتَعَلِّقًا بِالْعَرْشِ فَقَالَ يَا رَبِّ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي صَالِحٌ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِعَمَلِهِ قَالَ يَا رَبِّ أَخْبِرْنِي قَالَ كَانَ لَا يَحْسُدُ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا قَالَ الْحَسَدُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ

قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ الْمُفَسِّرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ إِلَّا وَقَدْ خُلِقَ مَعَهُ الْحَسَدُ فَمَنْ لَمْ يُجَاوِزْ ذَلِكَ إِلَى البغي والظلم

لَمْ يَتْبَعْهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ لَا أَحْفَظُهُ فِي وَقْتِي هَذَا أَنَّهُ قَالَ إِذَا حَسَدْتُمْ فَلَا تَبْغُوا وَإِذَا ظَنَنْتُمْ فَلَا تُحَقِّقُوا وَإِذَا تَطَيَّرْتُمْ فَامْضُوا وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا (وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ لَا يَسْلَمُ مِنْهُنَّ أَحَدٌ الطِّيَرَةُ وَالظَّنُّ وَالْحَسَدُ قِيلَ فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذَا تَطَيَّرْتَ فَلَا تَرْجِعْ وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ وَإِذَا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ (2)) وَذَكَرَ (الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ) الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ كَذَبَ عَلَى الْحَسَنِ ضَرْبَانِ مِنَ النَّاسِ قَوْمٌ رَأْيُهُمُ الْقَدَرُ فَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ لِيُنْفِقُوهُ فِي الناس

وقوم في صدورهم حدس وَشَنَآنٌ (وَبُغْضٌ) لِلْحَسَنِ فَيَقُولُونَ أَلَيْسَ يَقُولُ كَذَا أَلَيْسَ يَقُولُ كَذَا قَالَ وَحَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ مَا حَسَدْتُ أَحَدًا شَيْئًا قَطُّ بَرًّا وَلَا فَاجِرًا قَالَ أَبُو عُمَرَ تَضَمَّنَ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبْغِضَ الْمُسْلِمُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ وَلَا يُدْبِرَ عَنْهُ بِوَجْهِهِ إِذَا رَآهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ وَلَا يَقْطَعَهُ بَعْدَ صُحْبَتِهِ لَهُ فِي غَيْرِ جُرْمٍ أَوْ فِي جُرْمٍ يُحْمَدُ لَهُ الْعَفْوُ (عَنْهُ) وَلَا يَحْسُدَهُ عَلَى نِعْمَةِ اللَّهِ عِنْدَهُ حَسَدًا يُؤْذِيهِ بِهِ وَلَا يُنَافِسَهُ فِي دُنْيَاهُ وَحَسْبُهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ وَهَذَا كُلُّهُ لَا يُنَالُ شَيْءٌ مِنْهُ إِلَّا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى قِيلَ لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَيَحْسُدُ الْمُؤْمِنُ أَخَاهُ فَقَالَ لَا أَبَا لَكَ أَنَسِيتَ إِخْوَةَ يُوسُفَ وَأَصْلُ التَّحَابِّ وَالتَّوَادِّ الْمَذْكُورِ فِي السُّنَنِ مَعْنَاهُ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَحْدَهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ فَهَكَذَا الْمَحَبَّةُ بَيْنَ أَهْلِ الْإِيمَانِ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الدِّينِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا تَكُنِ الْعَدَاوَةُ وَلَا الْمُنَافَسَةُ وَلَا الْحَسَدُ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَنْهِيٌّ عنه

وَلَمَّا كَانَتْ مُوَالَاةُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ كَانَتْ مُعَادَاةُ أَعْدَائِهِ كَذَلِكَ أَيْضًا وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ أَبِي طُوَالَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَخَافُ مِنْ مُكَالَمَتِهِ وَصِلَتِهِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ أَوْ يُوَلِّدُ (بِهِ) عَلَى نَفْسِهِ مَضَرَّةً فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَقَدْ رُخِّصَ لَهُ فِي مُجَانَبَتِهِ وَبُعْدِهِ وَرُبَّ صَرْمٍ جَمِيلٍ خَيْرٌ مِنْ مُخَالَطَةٍ مُؤْذِيَةٍ (قَالَ الشَّاعِرُ ... إِذَا مَا تَقَضَّى الْوُدُّ إِلَّا تَكَاشُرًا ... فَهَجْرٌ جَمِيلٌ لِلْفَرِيقَيْنِ صَالِحُ) وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُتَهَاجِرَيْنِ يُسَلِّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَيُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنَ الْهِجْرَةِ أَمْ لَا فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَدْ قَطَعَ الْهِجْرَةَ وَكَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخَذَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ أَوْ مِنْ قَوْلِ مَنْ قال يجزىء مِنَ الصَّرْمِ السَّلَامُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ هَلْ يُجْزِيهِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ إِيَّاهُ فَقَالَ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَهْجُرَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ عُلِمَ (منه)

مُكَالَمَتُهُ وَالْإِقْبَالُ عَلَيْهِ فَلَا يُخْرِجُهُ مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَّا سَلَامٌ لَيْسَ مَعَهُ إِعْرَاضٌ وَلَا إِدْبَارٌ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ مَالِكٍ قِيلَ لمالك الرجل يهجر أخاه ثم يبدوا لَهُ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُكَلِّمَهُ فَقَالَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُؤْذِيًا لَهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الشَّحْنَاءِ حَتَّى يُكَلِّمَهُ وَيُسْقِطَ مَا كَانَ مِنْ هِجْرَانِهِ إِيَّاهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ في كتابنا هذا زيادة من الأثرالمرفوع فِي (مَعْنَى) هَذَا الْبَابِ وَذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلَهُ أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ السَّلَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ التَّبَاغُضِ وَتَوْرِيثِ الْوُدِّ وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ ... قَدْ يَمْكُثُ النَّاسُ دَهْرًا لَيْسَ بَيْنَهُمُ ... ... وُدٌّ فَيَزْرَعُهُ التَّسْلِيمُ وَاللُّطَفُ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِلزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ (مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ فَصَلَّى صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ قَاعِدٌ فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ

لَمْ يَخْتَلِفْ رُوَاةُ الْمُوَطَّإِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَرَوَاهُ (سُوِيدُ بْنُ سَعِيدٍ (1)) عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ فَأَخْطَأَ سُوِيدٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَطَأً لَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَزَادَ فِيهِ إِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَلَمْ يَقُلْ إِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا سُوِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمُّ بِهِ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَقَالَ فِيهِ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ وَابْنُهُ يَحْيَى بْنُ مَالِكٍ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ فِي الْمُوَطَّإِ إِلَّا فِي بَلَاغَاتِ مَالِكٍ أَعْنِي قَوْلَهُ (فَلَا تَخْتَلِفُوا (1) عَلَيْهِ) وَقَدْ رَوَاهَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَأَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ عَنْ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وسنذكر بِتَمَامِهِ فِي (بَابِ) بَلَاغَاتِ مَالِكٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَزَادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَجُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ وَذَكَرَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ مَالِكٍ التَّكْبِيرَ وَلَمْ يَذْكُرِ السُّجُودَ وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّإِ قَوْلُهُ إِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَلَا قَوْلُهُ إِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ سَمْعَانَ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ فَصَلَّى (لَنَا) صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ جَالِسٌ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ جُلُوسًا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعُونَ فَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ لَيْسَ فِي الْمُوَطَّإِ وَلَا رَوَاهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مَالِكٍ غَيْرُ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِهِ يَحْيَى بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَقَوْلُهُ وَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا لَيْسَ فِي الْمُوَطَّإِ وَلَا رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ غَيْرُ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ مَهْدِيٍّ وَجُوَيْرِيَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) وَرَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ

قَحْزَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَحْزَمٍ الْأُسْوَانِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ فَزَادَ فِيهِ فِي بَيْتِهِ وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ أَحَدٌ غَيْرُ الشَّافِعِيِّ فِي رِوَايَةِ قَحْزَمٍ عَنْهُ خَاصَّةً وَإِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا فِي حَدِيثِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَيْسَ يُحْفَظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى فِي بَيْتِهِ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي حَنِيفَةَ قَحْزَمٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَهُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُرِعَ عَنْ فَرَسِهِ فَجُحِشَ جَنْبُهُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ يَعُودُونَهُ فَصَلَّى بِهِمْ قَاعِدًا وَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ أَنِ اقْعُدُوا فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا حَدِيثُ قَحْزَمٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ فَأَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ حدثنا أبو الحسن فقير

ابن مُوسَى بْنُ عِيسَى الْأُسْوَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ قَحْزَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَحْزَمٍ الْأُسْوَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ (بْنِ مَالِكٍ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ فَصَلَّى فِي بَيْتِهِ قَاعِدًا وَصَلَّى خَلْفَهُ قَوْمٌ قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ فَخَلَطَ فِيهِ قَحْزَمٌ وَزَادَ وَنَقَصَ (وَلَمْ يُتِمَّهُ) وَالصَّحِيحُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ مَا فِي الْمُوَطَّإِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ رُكُوبُ الْخَيْلِ (وَحَرَكَتُهَا) وَالتَّقَلُّبُ عَلَيْهَا وَهُوَ يَرُدُّ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ رُكُوبَ الْخَيْلِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْخُيَلَاءِ وَأَمَّا السُّقُوطُ مِنْ ظُهُورِهَا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ فِي الْأَغْلَبِ لِمَنْ يُحْسِنُ رُكُوبَهَا إِلَّا مَعَ حَرَكَتِهَا وَدَفْعِهَا (وَإِجْرَائِهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ تَقَلُّبًا عليها)

وَفِي حَدِيثِ قَتَادَةَ وَثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا عُرْيًا لِأَبِي طَلْحَةَ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ السِّيَرِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ (فِي) حِينِ أَغَارَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ عَلَى لِقَاحِ الْمَدِينَةِ (فَخَرَجَ (2) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ خَيْلَ الْمُشْرِكِينَ أَغَارَتْ عَلَى لِقَاحٍ بِالْمَدِينَةِ فَوَقَعَتِ الصَّيْحَةُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍّ ثُمَّ انْصَرَفَ قَالَ إِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا) وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَغُنْدَرٌ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ فَاسْتَعَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ فَرَكِبَهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُنْبُورٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْمَلَ النَّاسِ وَجْهًا (وَأَجْوَدَ النَّاسِ كَفًّا) وَأَشْجَعَ النَّاسِ قَلْبًا خَرَجَ وَقَدْ فَزِعَ النَّاسُ فَرَكِبَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ (عُرْيًا) ثُمَّ رَجَعَ وَهُوَ يَقُولُ لَنْ تُرَاعُوا لَنْ تُرَاعُوا ثُمَّ قَالَ إِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا (قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الدَّيْبُلِيُّ) قَالَ (لَنَا) ابْنُ زُنْبُورٍ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ لَقِيتُهُ عِنْدَ زَمْزَمٍ فَحَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَمَّا قَوْلُهُ (فَجُحِشَ شِقُّهُ) فَإِنَّ ذَلِكَ كَمَا لَوْ زَاحَمَ إِنْسَانٌ جِدَارًا فَانْخَدَشَ خَدْشًا بَيِّنًا (كَمَا نَقُولُ نَحْنُ انْسَلَخَ وَانْجَرَحَ) فَالْجَحْشُ فَوْقَ الْخَدْشِ وَحَسْبُكَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّلَاةِ قَائِمًا فَصَلَّى قَاعِدًا وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الِائْتِمَامَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَأْمُومٍ بِإِمَامِهِ فِي ظَاهِرِ أَفْعَالِهِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ خِلَافُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ (وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا فِي إِبْطَالِ صَلَاةِ مَنْ خَالَفَتْ نِيَّتُهُ نِيَّةَ إِمَامِهِ فَصَلَّى ظُهْرًا خَلْفَ إِمَامٍ يُصَلِّي عَصْرًا أَوْ صَلَّى فريضة خلف

إِمَامٍ يُصَلِّي نَافِلَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمَّ بِهِ فِي صَلَاتِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُجْزِيَهُ) وَأَمَّا اخْتِلَافُ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَقَدْ أَرْجَأْنَا الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى بَلَاغَاتِ مَالِكٍ وَمُرْسَلَاتِهِ عَنْ نَفْسِهِ حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ (فَهُنَاكَ أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِهِ) وَقَدْ ذَكَرْنَا (هَذِهِ اللَّفْظَةَ مُسْنَدَةً مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَذَكَرْنَا) هُنَالِكَ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ اخْتِلَافِ نِيَّةِ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالْأَقْوَالِ وَالتَّنَازُعِ وَالِاعْتِدَالِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا (فَصَلُّوا قِيَامًا) فَهَذَا كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ لِأَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمْ (وَأَمَرَهُمْ بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ) وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى جواز صلاة الجالس خلف القائم فِي النَّافِلَةِ فَدَلَّ (ذَلِكَ) عَلَى مَا ذَكَرْنَا إِلَّا أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي النَّافِلَةِ جَالِسًا وَهُوَ قادر على

القيام له نصف أجر صلاة القائم وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي حُكْمِ صَلَاةِ الْقَاعِدِ فِي النَّافِلَةِ وَحُكْمِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَفِي قَوْلِهِ فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا بَيَانٌ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فَرْضٌ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ صَحِيحٍ قَادِرٍ عَلَيْهِ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ إِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا (أَوْ إِمَامًا) وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَأْمُومِ الصَّحِيحِ يُصَلِّي قَاعِدًا خَلَفَ (إِمَامٍ) مَرِيضٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ فَأَجَازَتْ (ذَلِكَ) طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اتِّبَاعًا لِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِمَامِ (وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ (3)) رُوِيَ هَذَا (الْحَدِيثُ) عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقٍ (كَثِيرَةٍ) مُتَوَاتِرَةٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَحَدِيثِ جَابِرٍ كُلُّهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ (وَإِلَيْهِ ذَهَبَ دَاوُدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ) قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ

وَفَعَلَهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بَعْدَهُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَقَيْسُ بْنُ قَهْدٍ وَجَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَاشْتَكَى فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ شَكْوَاهُ فَأَمَرُوهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ لَهُمْ فَقَالَ لَا أَسْتَطِيعُ فَقَالُوا لَا يُصَلِّي بِنَا مَا كُنْتَ فِينَا غَيْرُكَ فَقَالَ إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنَّ أُصَلِّيَ قَائِمًا فَاقْعُدُوا فَصَلَّى قَاعِدًا وَصَلَّوْا قُعُودًا أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا (سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ) قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ اشْتَكَى إِمَامُنَا أَيَّامًا فَكُنَّا نُصَلِّي بِصَلَاتِهِ جُلُوسًا

وَرَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّمَا الْإِمَامُ أَمِيرٌ فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُمْ شَيَّعُوا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَصَلَّى بِهِمْ قَاعِدًا وَصَلَّوْا مَعَهُ قُعُودًا وَقَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ جَالِسًا وَهُوَ صَحِيحٌ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ لَا إِمَامًا ولا منفردا ولا خلف امال ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ صَلَاةَ الْقَائِمِ خَلْفَ الْقَاعِدِ الْمَرِيضِ لِأَنَّ كُلًّا يُؤَدِّي فَرْضَهُ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ اقْتِدَاءً وَتَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ صَلَّى فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ إِلَى جَنْبِهِ قَائِمًا يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاسُ قِيَامٌ خَلْفَهُ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ فَلَمْ يُشِرْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَلَا إِلَيْهِمْ بِالْجُلُوسِ وَأَكْمَلَ صَلَاتَهُ بِهِمْ جَالِسًا وَهُمْ خَلْفَهُ قِيَامٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ عَنْ فَرَسِهِ وَصَلَاتِهِ حِينَئِذٍ قَاعِدًا وَقَوْلِهِ فَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا فَعُلِمَ أَنَّ الْآخِرَ مِنْ فِعْلِهِ نَاسِخٌ للأول

(فَإِنَّهُمْ مَا قَامُوا خَلْفَهُ وَهُوَ جَالِسٌ إِلَّا لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّهُ قَدْ نُسِخَ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ هَذَا الْبَابِ مَنْسُوخٌ بِمَا كَانَ مِنْهُ فِي مَرَضِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْإِيجَابِ لَا عَلَى التَّخْيِيرِ وَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَكُنْ فَرْضُهُ قَطُّ عَلَى التَّخْيِيرِ وَجَبَ طَلَبُ الدَّلِيلِ عَلَى النَّسْخِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ صَلَاةَ أَبِي بَكْرٍ وَالنَّاسُ (خَلْفَهُ) قِيَامًا وَهُوَ قَاعِدٌ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ صَلَاتِهِ فِي حِينِ سُقُوطِهِ عَنْ فَرَسِهِ فَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّهُ نَاسِخٌ لِذَلِكَ وَمِمَّنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ وَاحْتَجَّ بِنَحْوِ هَذِهِ الْحُجَّةِ الشَّافِعِيُّ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَصْحَابُهُمَا وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَعَانِيَ الْآثَارِ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ وَأَتَيْنَا عَلَى حِكَايَةِ قَوْلِ مَنْ قَالَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الْمُقَدَّمَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَمَنْ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا الْمُقَدَّمَ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ هَاهُنَا (وَقَدْ) رَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَجَازَ لِلْإِمَامِ الْمَرِيضِ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ جَالِسًا وَهُمْ قِيَامٌ قَالَ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقُومَ إِلَى جَنْبِهِ مَنْ يُعْلِمُ النَّاسَ بصلاته

وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ غَرِيبَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَمَذْهَبُهُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ذَكَرَ أَبُو الْمُصْعَبِ عَنْ مَالِكٍ فِي مُخْتَصَرِهِ قَالَ لَا يَؤُمُّ النَّاسَ أَحَدٌ قَاعِدًا فَإِنْ أَمَّهُمْ قَاعِدًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي قَاعِدًا قَالَ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَلِيلًا تَمَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَفَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ قَالَ وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ أَعَادَ الصَّلَاةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي الْمُصْعَبِ هَذِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ فِي الْإِمَامِ الْمَرِيضِ يُصَلِّي جَالِسًا بِقَوْمٍ قِيَامٍ أَنَّ صَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُ فَاسِدَةٌ تَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَيْهِمْ فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذِهِ أَنَّهُمْ يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ خَاصَّةً وَذَلِكَ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا ذَكَرَهُ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَهُوَ جَالِسٌ وَأَبُو بَكْرٍ إِلَى جَنْبِهِ قَائِمٌ وَالنَّاسُ قِيَامٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ (2) وَلِمَا رَوَاهُ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّإِ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ الْمُقَدَّمَ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يصلي)

بِصَلَاتِهِ فَلَمَّا رَأَى الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ احْتَاطَ فَرَأَى الْإِعَادَةَ (فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ كُلًّا قَدْ أَدَّى فَرْضَهُ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَكَثِيرٌ مِنْ مَذْهَبِهِ احْتِيَاطًا) قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ احْتَجَّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لِقَوْلِهِ وَمَذْهَبِهِ فِي هَذَا الْبَابِ بِالْحَدِيثِ الَّذِي (ذَكَرَهُ) أَبُو الْمُصْعَبِ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي قَاعِدًا وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ إِنَّمَا يَرْوِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ مُرْسَلًا وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ لَا يُحْتَجُّ بِشَيْءٍ يَرْوِيهِ مُسْنَدًا فَكَيْفَ بِمَا يَرْوِيهِ مُرْسَلًا وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّهُ قَالَ إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ لِمَرَضٍ بِهِ قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَلَا يُطِيقُ إِلَّا ذَلِكَ بِقَوْمٍ قِيَامٍ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ وَصَلَاةَ مَنْ خَلْفِهِ مِمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ جَائِزَةٌ أَيْضًا وَصَلَاةَ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ مِمَّنْ حُكْمُهُ الْقِيَامُ بَاطِلَةٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ وَقَالُوا لَوْ صَلَّى

وهو يوميء بِقَوْمٍ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ لَمْ يُجْزِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ جميعا وأجزأت الامام صلاته وكان نفر يَقُولُ تُجْزِيهِمْ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّهُمْ صَلَّوْا عَلَى فَرْضِهِمْ وصلى إمامهم على فرضه وأما ابن قاسم فَإِنَّهُ قَالَ لَا يَأْتَمُّ الْقَائِمُ بِالْجَالِسِ فِي فَرِيضَةٍ وَلَا نَافِلَةٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْتَمَّ الْجَالِسُ بِالْقَائِمِ قَالَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَؤُمَّ أَحَدٌ فِي نَافِلَةٍ وَلَا فِي فَرِيضَةٍ قَاعِدًا قال وان عرض الإمام مَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْقِيَامِ اسْتَخْلَفَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي إِمَامَةِ الْمَرِيضِ بِالْمَرْضَى جُلُوسًا فَأَجَازَهَا بَعْضُهُمْ وَكَرِهَهَا أَكْثَرُهُمْ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فَيَمَنْ صَلَّى شَيْئًا مِنْ فَرْضِهِ جَالِسًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ أَنَّ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ أَبَدًا وَذَكَرَ سَحْنُونٌ عن ابن قاسم عَنْ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْإِمَامَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَقَالَ مَا مَاتَ نَبِيٌّ حَتَّى يَؤُمَّهُ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى حَدِيثِ رَبِيعَةَ هَذَا وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

صَلَّى بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ سَحْنُونٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّإِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَكْثَرُ الْآثَارِ الصِّحَاحِ الْمُسْنَدَةِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْمُقَدَّمَ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ الَّذِي أَقَرَّهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ الله في الموطأ وقرىء عَلَيْهِ إِلَى أَنْ مَاتَ وَسَنُبَيِّنُهُ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ مَعَ اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الِاسْتِخْلَافِ لِلْمَرِيضِ مِنَ الْأَئِمَّةِ مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَرِضَ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَإِنْ صَلَّى بِهِمْ وَهُوَ مَرِيضٌ فَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَمَلَ الْمَأْمُومِ يَكُونُ بِعَقِبِ عَمَلِ الْإِمَامِ وَبَعْدَهُ بِلَا فَصْلٍ لِأَنَّ الْفَاءَ تُوجِبُ التَّعْقِيبَ وَالِاسْتِعْجَالَ وَلَيْسَتْ مِثْلَ ثُمَّ الَّتِي تُوجِبُ التَّعْقِيبَ وَالتَّرَاخِيَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ عَمَلَ الْمَأْمُومِ كُلَّهُ مَعَ

عَمَلِ الْإِمَامِ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَخَفْضِهِ وَرَفْعِهِ مَا خَلَا الْإِحْرَامَ وَالتَّسْلِيمَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ عَمَلِ الْإِمَامِ وَبِعَقِبِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا خَلَا الْإِحْرَامَ وَالْقِيَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَالسَّلَامَ وَكَانَ شَيْخُنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَاشِمٍ رحمه الله يَذْهَبُ إِلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَرَأَيْتُهُ مِرَارًا لَا أُحْصِيهَا كَثْرَةً يَقُومُ مَعَ الْإِمَامِ فِي حِينِ قِيَامِهِ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَلَا يُرَاعِي اعْتِدَالَهُ وَلَا تَكْبِيرَهُ وَكَانَ يَقُولُ هِيَ أَصَحُّ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّ الْأَحَبَّ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ عَمَلُ الْمَأْمُومِ (بَعْدَ عَمَلِ الْإِمَامِ) وَبِعَقِبِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَحْسَنُ لِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ

سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ قَالَ قَالَ خَطَبَنَا أَبُو مُوسَى فَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا وَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا فَقَالَ إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ فَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ فَكَبِّرُوا وَإِذَا قَالَ ((غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)) فَقُولُوا آمِينَ يحيكم اللَّهُ فَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ (وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ) قَالَ نَبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتِلْكَ بِتِلْكَ وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ يَسْمَعِ اللَّهُ لَكُمْ فَإِذَا كَبَّرَ وَسَجَدَ فَكَبِّرُوا وَاسْجُدُوا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَسْجُدُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتِلْكَ بِتِلْكَ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ عَمَلَ الْمَأْمُومِ بِعَقِبِ عَمَلِ الْإِمَامِ دُونَ فَصْلٍ وَلَا تَرَاخٍ وَهُوَ الَّذِي يُوجِبُهُ حُكْمُ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ

أَنَّ حُكْمَ قَوْلِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أَنْ يَكُونَ فَرَاغُ الْمَأْمُومِ مِنْهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهَا وَابْتِدَاؤُهُ بِهَا بَعْدَ ابْتِدَاءِ الْإِمَامِ بِهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعًا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَسَائِرُ الْعَمَلِ كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ التَّكْبِيرِ وَالْحُكْمِ فِيهِ عِنْدَ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ وَالْإِحْرَامِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يسأل متى يكبر خلف الإمام ومتى يركع فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا ثُمَّ قَالَ يَتْبَعُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَصْنَعُهُ كُلَّمَا فَعَلَ شَيْئًا فَعَلَهُ بَعْدَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ) فَإِنَّهُ يَقْتَضِي مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ يَقْتَصِرُ عَلَى قَوْلِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَفْعَلُ الْمُنْفَرِدُ وَإِنَّ الْمَأْمُومَ كَذَلِكَ يَقُولُ أَيْضًا وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ أَوْ وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ

مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْإِمَامُ (إِنَّمَا) يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقَطْ وَلَا يَقُولُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ (ومالك) والليث وَمَنْ تَابَعَهُمْ وَحُجَّتُهُمْ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى كُلُّهُمْ حَكَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ حَدِيثًا غَرِيبًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمِّهِ عن مالك والليث عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ولو كان هذا صحيحا عند مالك والليث لَمْ يُخَالِفَاهُ فِي الْفَتْوَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَيَقُولُ الْمَأْمُومُ أَيْضًا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَقُولُ الْإِمَامُ الْمُنْفَرِدُ لِأَنَّ الْإِمَامَ

إِنَّمَا جُعِلَ لِيُؤْتَمَّ بِهِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يَقُولُ الْمَأْمُومُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَإِنَّمَا يَقُولُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ فَقَطْ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ أَنَسٍ هَذَا وَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُمَا وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا اخْتَارَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ قَوْلِ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ بِالْوَاوِ وَذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا (أَبُو بَكْرٍ) الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أحمد بن حنبل رحمه الله يُثْبِتُ أَمْرَ الْوَاوِ فِي رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَقَالَ رَوَى الزُّهْرِيُّ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ الطَّوِيلِ وَلَكَ الْحَمْدُ (وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ)

الحديث الثالث

حديثٌ ثَالِثٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ (بْنِ مَالِكٍ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ فَشَرِبَ ثُمَّ أَعْطَى الْأَعْرَابِيَّ وَقَالَ الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مَطْرُوحٍ حَدَّثَنَا (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَكِيعِيُّ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ) وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَحْيَى الضَّبِّيُّ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زُرَيْقٍ قَالُوا حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ فَشَرِبَ ثُمَّ أَعْطَى الْأَعْرَابِيَّ وَقَالَ الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ

فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي أَلْفَاظِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابن شهاب فأحسن سياقته وذكر فيه ألفاظ لَمْ يَذْكُرْهَا مَالِكٌ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَمَاتَ وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سنة فكن أمهاتي يحدثني عَلَى خِدْمَتِهِ فَدَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَارَنَا فَحَلَبْنَا لَهُ مِنْ شَاةٍ لَنَا دَاجِنٍ فَشِيبَ لَهُ مِنْ مَاءِ بِيرٍ فِي الدَّارِ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ شِمَالِهِ وَأَعْرَابِيٌّ عَنْ يَمِينِهِ فَشَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرُ نَاحِيَةً فَقَالَ عُمَرُ أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ فَنَاوَلَ الْأَعْرَابِيَّ وَقَالَ الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبُسْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَوَاءً وَزَادَ فِيهِ (وَقَالَ) الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ فَمَضَتْ سُنَّةً

قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلَمْ يَرْوِ (أَحَدٌ) هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ إِلَّا الْبُسْرِيُّ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ أَحْفَظَ فَقَدْ أَغْرَبَ بِأَلْفَاظٍ عِدَّةٍ لَيْسَتْ فِي الْمُوَطَّإِ مِنْهَا (قَوْلُهُ) قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْمَدِينَةَ) وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَمَاتَ وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً وَكُنَّ أُمَّهَاتِي يَحْثُثْنَنِي عَلَى خِدْمَتِهِ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَارَنَا فَحَلَبْنَا لَهُ مِنْ شَاةٍ لَنَا دَاجِنٍ فَكُلُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَيْسَتْ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا وَعُمَرُ نَاحِيَةً فَقَالَ عُمَرُ أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ لَيْسَتْ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَوْلُهُ فَمَضَتْ سُنَّةً لَيْسَ فِي الْمُوَطَّإِ وَلَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَيْضًا وَسَائِرُ الْأَلْفَاظِ كُلِّهَا مَحْفُوظَةٌ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ مَنْ تَكَلَّفَ الْكَلَامَ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَنَّهُ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ فِي هذا الحديث هو خالد ابن الْوَلِيدِ وَهَذَا مِنْهُ إِغْفَالٌ شَدِيدٌ وَإِقْدَامٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالظَّنِّ الَّذِي هُوَ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ أَوْ تَقْلِيدٌ لِمَنْ سَلَكَ فِي ذَلِكَ سَبِيلَهُ وَوَهْمٌ بَيِّنٌ وَغَلَطٌ وَاضِحٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ كَانَ فِي قِصَّةِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ يَسَارِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَبَهَ (عَلَيْهِ)

حديثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي الْأَشْيَاخِ مَعَ الْغُلَامِ مَعَ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي أَبِي بَكْرٍ وَالْأَعْرَابِيِّ وَإِنَّمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الشُّبْهَةُ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الْأَشْيَاخُ وَالْأَشْيَاخُ (أَحَدُهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَقِصَّةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَخَالِدٍ غَيْرُ قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَالْأَعْرَابِيِّ وَحَدِيثُ أَنَسٍ غَيْرُ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَقِفْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا تَلْتَفِتْ إِلَى سِوَاهُ وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ سَهْلٍ فِي بَابِ أَبِي حَازِمٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) (وَقَدْ رُوِيَ مُفَسَّرًا عَنْ يَمِينِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَنْ يَسَارِهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فِي بَابِ أَبِي حَازِمٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ مِنَ الْفِقْهِ إِبَاحَةُ شُرْبِ اللَّبَنِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الْإِسْرَافِ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَكْلِهِ أَوْ شُرْبِهِ سَرَفًا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ قُدِّمَ إِلَيْهِ شَيْءٌ يَأْكُلُهُ أَوْ يَشْرَبُهُ حَلَالًا فليس عليه أن يسأل وأين هُوَ وَمَا أَصْلُهُ إِذَا عَلِمَ طِيبَ مَكْسَبِ صَاحِبِهِ فِي الْأَغْلَبِ مِنْ أَمْرِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لَمْ يَسْأَلِ الَّذِي أَتَاهُ بِاللَّبَنِ مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا وَفِيهِ إِجَازَةُ خَلْطِ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ لِمَنْ أَرَادَ شُرْبَهُ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْبَيْعَ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ أَيْ (قَدْ) خُلِطَ بِمَاءٍ (وَمَعْنَى) الشَّوْبِ الْخَلْطُ وَجَمْعُهُ أَشَوَابٍ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِذَا

لَمْ يُرِدْ بِهِ الْبَيْعَ لِأَنَّ خَلْطَ الْمَاءِ بِاللَّبَنِ غِشٌّ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَهْرَاقَ لَبَنًا قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ عَلَى مُرِيدِ بَيْعِهِ وَالْغِشِّ بِهِ وَفِيهِ مُجَالَسَةُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَتَقْرِيبُهُمْ إِذَا كَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ وَفِيهِ أَنَّ الْمَجْلِسَ عَنْ يَمِينِ الرَّجُلِ وَعَنْ يَسَارِهِ سَوَاءٌ إِذْ لَوْ كَانَ الْفَضْلُ عَنْ يَمِينِ الرَّجُلِ لَمَا آثَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيًّا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (أَيْضًا) دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ (مِنْ) مَجْلِسِ الْعِلْمِ إِلَى مَكَانٍ كَانَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ كَائِنًا مَنْ كَانَ وَدَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَامُ أَحَدٌ مِنْ مَجْلِسِهِ لِأَحَدٍ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ وَفِيهِ مِنْ أَدَبِ الْمُوَاكَلَةِ وَالْمُجَالَسَةِ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاوَلَ فَضْلَهُ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ كَائِنًا مَنْ كَانَ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا وَكَانَ الَّذِي عَلَى يَسَارِهِ فَاضِلًا وَفِي الْقِيَاسِ على هذاالنص فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ لَوْ كَانَ كَافِرًا كَانَ الْأَدَبُ وَالسُّنَّةُ أَنْ يُؤْثِرَ مَنْ عَلَى الْيَمِينِ أَبَدًا عَلَى مَنْ كَانَ عَلَى الْيَسَارِ بِفَضْلِ الشَّرَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ كَذَلِكَ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم

وَفِيهِ مُوَاسَاةُ الْجُلَسَاءِ فِيمَا يَأْتِي صَاحِبُ الْمَجْلِسِ مِنَ الْهَدَايَا وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا جُلَسَاؤُكُمْ شُرَكَاؤُكُمْ فِي الْهَدِيَّةِ وَهَذَا إِنْ صَحَّ فَعَلَى النَّدْبِ إِلَى التَّحَابِّ وَبِرِّ الْجَلِيسِ وَإِكْرَامِ الصَّدِيقِ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَقَدْ حَكَى بَعْضُ النَّاسِ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شَيْئًا خِلَافَ مَا يُوجِبُهُ ظَاهِرُهُ وَلَا يَصِحُّ وَبِاللَّهِ (الْعِصْمَةُ) وَالتَّوْفِيقُ وَرَوَى مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ فَهُمْ شُرَكَاؤُهُ فِيهَا

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1)) اقْتُلُوهُ قَالَ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا اخْتُلِفَ فِي اسْمِ ابْنِ خَطَلٍ (هَذَا فَقِيلَ هِلَالُ بْنُ خَطَلٍ (3) وَقِيلَ عَبْدُ الْعُزَّى بْنُ خَطَلٍ وَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ وَجَمَاعَةٍ وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ ابْنُ خَطَلٍ الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَإِنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقُتِلَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ هُوَ هِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ جَابِرِ بْنِ كبير (بن تيم) بن غالب

ابن فِهْرٍ قَالَ وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ خَطَلٌ وَلِأَخِيهِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ مُنَافٍ أَيْضًا (خَطَلٌ) هُمَا جَمِيعًا الْخَطَلَانِ قَالَ فَبَنُو تَيْمِ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو الْأَدْرَمِ وَتَيْمٌ هُوَ الْأَدْرَمُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمِغْفَرُ مَا غَطَّى الرَّأْسَ مِنَ السِّلَاحِ كَالْبَيْضَةِ وَشَبَهِهَا مِنْ حَدِيدٍ كَانَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ رَوَى بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ عَنْ مَالِكٍ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ مِغْفَرٌ مِنْ حَدِيدٍ وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ حَدِيدٍ (وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ ماَلِكٍ غَيْرَ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (4)

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ الرِّقَاشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مالك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ مِغْفَرٌ مِنْ حَدِيدٍ فَلَمَّا نَزَعَهُ قِيلَ لَهُ ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ اقْتُلُوهُ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا وَفِيهِ زِيَادَةُ وَطَافَ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ وَلَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الفتح مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ وَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ بِمِحْجَنٍ وَهَذَا أَيْضًا لَمْ يَقُلْهُ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَهَذَا حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُحْفَظُ عَنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ سِوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَنَسٍ وَلَا يَكَادُ يَصِحُّ وَرُوِيَ (أَيْضًا) من غير هذاالوجه وَلَا يُثْبِتُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ فِيهِ إِسْنَادًا غَيْرَ حَدِيثِ مَالِكٍ

وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَاحْتَاجَ إِلَيْهِ فِيهِ جَمَاعَةٌ (مِنَ الْأَئِمَّةِ) يَطُولُ ذِكْرُهُمْ وَقَدْ ذَكَرَهُمْ شَيْخُنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابٍ (جَمَعَهُ) فِي ذَلِكَ وَمِنْ أَجَلِّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ مَسْلَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ (وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ (2) وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ دُخُولُ مَكَّةَ) بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَبِالسِّلَاحِ وَإِظْهَارُ السِّلَاحِ فبها وَلَكِنَّ هَذَا عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ مَنْسُوخٌ وَمَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مكة يوم خلق السموات وَالْأَرْضَ لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ يَعْنِي يَوْمَ الْفَتْحِ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْأَجْوِبَةِ عَنِ المسائل المتسغربة فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَلَا تَحِلُّ (لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ) لِأَحَدٍ بَعْدِي وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ إِنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَامٌ لَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي وَإِنَّمَا أُحِلَّ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ هُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَرَوَى أَبُو شُرَيْحٍ الْكَعْبِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَجَمَاعَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهَ وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ لَا بَأْسَ أَنْ تَدْخُلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ رَوَى خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى بَأْسًا أَنْ يَدْخُلَ الرَّجُلُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَصْحَابُهُ وَذَكَرُوا قَوْلَ ابْنِ شِهَابٍ وَالْحَسَنِ وَأَنَّ ابْنَ عمر

رَجَعَ مِنْ طَرِيقِهِ فَدَخَلَهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ مُوجِبَ الْإِحْرَامِ مُوجِبُ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَمْ يُوجِبْهَا اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ خَائِفًا لِحَرْبٍ أَوْ خَائِفًا مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ جَازَ لَهُ دُخُولُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُحْصَرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ وَدَاوُدَ (فِي هَذَا الْبَابِ) وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّهَا لَا تُدْخَلُ إِلَّا بِإِحْرَامٍ (إِلَّا مَا ذَكَرْتُ عَنْهُ) وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَسْتُ آخُذُ بِقَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ فِي دُخُولِ الْإِنْسَانِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَكَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ إِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى مِثْلِ ما عمل عبد الله بن عمر من القرب إِلَّا رَجُلًا يَأْتِي بِالْفَاكِهَةِ مِنَ الطَّائِفِ أَوْ يَنْقُلُ الْحَطَبَ يَبِيعُهُ فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا قِيلَ لَهُ وَرُجُوعُ ابْنِ عُمَرَ مِنْ قَدِيدٍ إِلَى مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ فَقَالَ ذَلِكَ أَنَّهُ جَاءَهُ خَبَرٌ مِنْ جُيُوشِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي كَرِهَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ مَكَّةَ إِلَّا مُحْرِمًا

وَرَخَّصُوا لِلْحَطَّابِينَ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ مِمَّنْ يَكْثُرُ اخْتِلَافُهُ إِلَى مَكَّةَ وَرُخِّصَ أَيْضًا لِمَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُ بَلْدَةً ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ كَمَا صَنَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ وَأَمَّا مَنْ نَزَعَ مِنْ مَوْضِعِهِ إِلَى مَكَّةَ فِي تِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَهَا إِلَّا مُحْرِمًا لِأَنَّهُ يَأْتِي الْحَرَمَ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْرِمَ لِدُخُولِهِ إِيَّاهُ (قَالَ) وَمِمَّا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا لَوْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ مَشْيًا إِلَى مَكَّةَ لَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَهَا مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ قَالَ وَأَمَّا حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ (مَكَّةَ) وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ فَإِنَّ هَذِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَالُ خُصُوصٍ لِأَنَّهُ أُحِلَّتْ لَهُ مَكَّةُ بَعْضَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَمْ يَكُنْ لِإِحْرَامِهِ وَجْهٌ لِأَنَّهَا كَانَتْ حَلَالًا (لَهُ) سَاعَةً وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا (إِلَّا) مُحْرِمًا مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا حَرَمٌ وَذَكَرَ حَدِيثَ طَاوُسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَدْخُلْ قَطُّ مَكَّةَ إِلَّا مُحْرِمًا إِلَّا يَوْمَ الْفَتْحِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ دخل مكة بغير إحرام فقال مالك والليث لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مَكَّةَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ إِلَّا مُحْرِمًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ

وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لَا يَجِبَانِ إِلَّا عَلَى مَنْ نَوَاهُمَا وَأَحْرَمَ بِهِمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَسُنَّةُ الله في عباده أن لا يدخلواالحرم إلا حرما قال ومكة مبابنة لِسَائِرِ الْبِلَادِ فَلَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ إِلَّا بِإِحْرَامٍ إِلَّا أَنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ رَخَّصَ لِلْحَطَّابِينَ وَشِبْهِهِمْ مِمَّنْ يَدْخُلُ لِمَنَافِعِ أَهْلِهِ وَنَفْسِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَيْسَ عَلَى الْعِرَاقِيِّ يَدْخُلُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ لِحَاجَةٍ شَيْءٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ فإن دخلها أحد غير مُحْرِمٌ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَحُجَّ وَلَمْ يَعْتَمِرْ قِيلَ لَهُ اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي الْحَطَّابِينَ وَمَنْ يُدْمِنُ الِاخْتِلَافَ إِلَى مَكَّةَ وَيُكْثِرُهُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمَرُونَ بِذَلِكَ لِمَا عَلَيْهِمْ فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَلَوْ أُلْزِمُوا الْإِحْرَامَ لَكَانَ عَلَيْهِمْ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ رُبَّمَا عُمَرٌ كَثِيرَةٌ وَقَدْ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْهَا ثُمَّ خُوِّفَ فَانْصَرَفَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ فَمِثْلُ هَذَا وَشِبْهُهُ رُخِّصَ لَهُ

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ من مكة يريد المدينة فأخبر بِالْفِتْنَةِ فَرَجَعَ فَدَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَقَدْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابُهُ يُشَدِّدُونَ فِي ذَلِكَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَا عُمْرَةَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ أَجْلِ الطَّوَافِ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ أَحَدُهُمْ مِنَ الْحَرَمِ فَلَا يَدْخُلُهُ إِلَّا حَرَامًا قَالَ فَقِيلَ لَهُ فَإِنْ خَرَجَ قَرِيبًا لِحَاجَتِهِ قَالَ يَقْضِي حَاجَتَهُ وَيَجْمَعُ مَعَ قَضَائِهَا عُمْرَةً قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَنْ يَدْخُلَ لِحَاجَةٍ وَلَا لِغَيْرِهَا إِلَّا حَرَامًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَدْخُلْهَا قَطُّ إِلَّا حَرَامًا إِلَّا عَامَ الْفَتْحِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ يُرَخِّصُ لِلْحَطَّابِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَدْخُلُوهَا بِغَيْرِ إِهْلَالٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَتْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَطَلٍ فَلِأَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كَانَ عَهِدَ فِيهِ أَنْ يُقْتَلَ وَإِنْ وُجِدَ متعلقا

بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ لِأَنَّهُ ارْتَدَّ بَعْدَ إِسْلَامِهِ وَكَفَرَ بَعْدَ إِيمَانِهِ وَبَعْدَ قِرَاءَتِهِ الْقُرْآنَ وَقَتَلَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْكُفْرِ بِمَكَّةَ وَاتَّخَذَ قَيْنَتَيْنِ يُغَنِّيَانِهِ بِهِجَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَهِدَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا عَهِدَ فِي سِتَّةِ نَفَرٍ مَعَهُ قَدْ ذَكَرَهُمُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ وَامْرَأَتَيْنِ فِيمَا قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ رَوَى زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الْغَزِّيُّ الْقُرَشِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ ابْنَ خَطَلٍ كَانَ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بالشعر وروى شبابة (ابن سَوَّارٍ) عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ

عَنْ أَنَسٍ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ ثُمَّ قَالَ مَنْ رَأَى مِنْكُمُ ابْنَ خَطَلٍ فَلْيَقْتُلْهُ وَزَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَتَلَ ابْنَ خَطَلٍ لِأَنَّهُ كَانَ يَسُبُّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَالَّذِي ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقُ فِي الْمَغَازِي غَيْرُ هَذَا مِمَّا نَذْكُرُهُ بَعْدُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كَانَتِ الْعِلَّةُ فِي قَتْلِهِ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الْقَائِلُ مَا تَرَكَ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَسُبُّهُ وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا مِنْهُمُ امْتَنَعَ فِي حِينِ كُفْرِهِ وَمُحَارَبَتِهِ (لَهُ) مِنْ سَبِّهِ وَجَعَلَ الْقَائِلُ هَذَا حُجَّةً لِقَتْلِ الذِّمِّيِّ إِذَا سَبَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ عَلِمْتُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَقِيسَ الذِّمِّيَّ عَلَى الْحَرْبِيِّ لِأَنَّ ابْنَ خَطَلٍ فِي دَارِ حَرْبٍ كَانَ وَلَا ذِمَّةَ لَهُ وَقَدْ حَكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَرْبِيِّ إِذَا قُدِرَ عَلَيْهِ بِتَخَيُّرِ الْإِمَامِ فِيهِ إِنْ شَاءَ قَتَلَهُ وَإِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ فَدَى بِهِ فَلِهَذَا قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ خَطَلٍ وَغَيْرَهُ مِمَّنْ أَرَادَ مِنْهُمْ قَتْلَهُ عَلَى أَنَّ ابْنَ خَطَلٍ كَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ مُسْلِمًا ثُمَّ ارْتَدَّ كَذَلِكَ ذَكَرَ أَهْلُ السِّيَرِ وَهَذَا يُبِيحُ دَمَهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الَّذِي يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ شَتَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مِنْ أَهْلِّ الذِّمَّةِ) قُتِلَ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ يُعَزَّرُ وَلَا يُقْتَلُ وَقَالَ اللَّيْثُ يُقْتَلُ مَكَانَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُؤْخَذُ عَلَى مَنْ صُولِحَ مِنَ الْكُفَّارِ فَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْهَا وَمَتَى ذَكَرَ أَحَدٌ مِنْهُمْ كِتَابَ اللَّهِ أَوْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا لَا يَنْبَغِي فَقَدْ أُحِلَّ دَمُهُ (قَالَ الطَّحَاوِيُّ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَلَا يُسْتَحَلُّ ماله) واحتج الطحاوي لقول أصحابه بمالا حُجَّةَ فِيهِ وَالْقَوْلُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ قَوْلُ مالك والليث وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ فِي رَاهِبٍ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ سَمِعْتُهُ لَقَتَلْتُهُ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلِمْتُهُ وَلَا يَخْلُو أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ ابْنِ خَطَلٍ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ إِمَّا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أُحِلَّتْ لَهُ مَكَّةُ وَهِيَ دَارُ حَرْبٍ وَكُفْرٍ وَكَانَ لَهُ أَنْ يُرِيقَ دَمَ مَنْ شَاءَ مِنْ أَهْلِهَا فِي السَّاعَةِ الَّتِي أُحِلَّ لَهُ فِيهَا الْقِتَالُ أَوْ يَكُونُ عَلَى مَذْهَبِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ الْحَرَمَ لَا يُجِيرُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَكَانَ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ وَجَبَ قَتْلُهُ لِمَا ذَكَرْنَا

فَلَمْ يُجِرْهُمُ (الْحَرَمُ (1)) وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فَأَمَّا مَالِكٌ فَقَالَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْحَرَمِ اقْتُصَّ مِنْهُ وَمَنْ قَتَلَ وَدَخَلَ الْحَرَمَ لَمْ يُجِرْهُ وَلَمْ يَمْنَعِ الْحَرَمُ حَدًّا وَجَبَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَرَوَاهُ ابْنُ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ قِصَاصٌ أَوْ حَدٌّ (فَدَخَلَ الْحَرَمَ) لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ فِي النَّفْسِ وَلَا يُحَدُّ فِيمَا يَأْتِي عَلَى النَّفْسِ وَتُقَامُ الْحُدُودُ عَلَيْهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الْحَرَمِ وَكَذَلِكَ قَالَ زُفَرُ قَالَ وَإِنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ (أَوْ زَنَى فِي الْحَرَمِ) رُجِمَ وَقُتِلَ فِي الْحَرَمِ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ يُخْرَجُ مِنَ الْحَرَمِ فَيُقْتَلُ وَكَذَلِكَ فِي الرَّجْمِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَبَيَّنَّاهَا وَأَوْضَحْنَا وَجْهَ الصَّوَابِ فِيهَا فِي كِتَابِ الْأَجْوِبَةِ عَنِ الْمَسَائِلِ الْمُسْتَغْرَبَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ حَدَّثَنَا

أحمد بن محمد بن قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ فَقَتَلَهُ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ الْمَخْزُومِيُّ وَأَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ اشْتَرَكَا فِي دَمِهِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ غَالِبٍ قَالَ وَإِنَّمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ لِأَنَّهُ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا وَكَانَ مُسْلِمًا وَبَعَثَ مَعَهُ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَكَانَ مَعَهُ مَوْلًى لَهُ يَخْدُمُهُ وَكَانَ مُسْلِمًا فَنَزَلَ ابْنُ خَطَلٍ مَنْزِلًا وَأَمَرَ الْمَوْلَى أَنْ يَذْبَحَ لَهُ تَيْسًا وَيَصْنَعَ لَهُ طَعَامًا فَنَامَ وَاسْتَيْقَظَ وَلَمْ يَصْنَعْ لَهُ شَيْئًا فَعَدَا عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ ثُمَّ ارْتَدَّ مُشْرِكًا وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُشْتَهِ (الأصبهاني المقرىء) قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَوْهَرِيُّ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يعقوب القمي عن جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ لَمَّا افْتَتَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ أَخَذَ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ هُوَ وَسَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَطَلٍ وَهُوَ الَّذِي كَانَتْ تُسَمِّيهِ قُرَيْشٌ ذَا الْقَلْبَيْنِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ فَقَدَّمَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بأستار الكعبة

فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قِيلَ فِي ذِي الْقَلْبَيْنِ إِنَّهُ جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ وَقِيلَ ذَلِكَ فِي رَجُلٍ مِنْ بَنِي فِهْرٍ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمِ بْنِ الْوَلِيدِ الْعَسْقَلَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ وَعِنْدَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ فَإِنَّهُ لَا يُحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا (الْإِسْنَادِ) إِلَّا الْمِغْفَرُ لَا عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ عَلَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ

فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْفَتْحِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَيْبُخْتَ إِجَازَةً كَتَبَ إِلَيَّ بِخَطِّهِ وَحَدَّثَنِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا (عَنْهُ) قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ مَالِكٌ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ (ابن المسور قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرُ) مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الْمَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثْنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ

قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ (بْنُ سَلَمَةَ) عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا (عِنْدِي) بِمُعَارِضٍ لِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ وَعَلَيْهَا الْمِغْفَرُ فَلَا يَتَعَارَضُ الْحَدِيثَانِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الزِّبْرِقَانِ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ وَلَيْسَ بِصَائِمٍ وَهَذَا اللَّفْظُ ليس بمحفوظ بهذا الإسناد لمالك إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ رَوَى سُوِيدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُغَنْزَلِيُّ وَهَذَا لَا يُعْرَفُ هَكَذَا إِلَّا بِهِمَا وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمُوَطَّإِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ مَالِكٌ (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ) وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَى أَنَسٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ (بْنُ مَالِكٍ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَابْنُ رَوَاحَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ ... خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سبيله ... قدأنزل الرحمان فِي تَنْزِيلِهِ ... ... بِأَنَّ خَيْرَ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِهِ ... ... ومما يدل على أن دخلوه (مَكَّةَ) عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ خُصُوصٌ لَهُ وَأَنَّهَا أُحِلَّتْ لَهُ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ عَادَتْ إِلَى حَالِهَا مَا أَخْبَرَنَاهُ أبو الحسن محمد بن أحمد ابن الْعَبَّاسِ الْإِخْمِيمِيُّ فِيمَا كَتَبَ بِإِجَازَتِهِ إِلَيَّ وَأَذِنَ لِي أَنْ أَرْوِيَهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن أحمد علان قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ الْحَرَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ بِمَكَّةَ سِلَاحًا وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد

ابن مُفَضَّلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ زَعَمَ السُّدِّيُّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ اقْتُلُوهُمْ وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ (مُتَعَلِّقِينَ) بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ وَمَقِيسُ بْنُ حُبَابَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة فاسنبق إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّارًا وَكَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ فَقَتَلَهُ وَأَمَّا مَقِيسُ بْنُ حُبَابَةَ فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ وَهُوَ فِي السُّوقِ فَقَتَلُوهُ وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَرَكِبَ الْبَحْرَ فَأَصَابَتْهُمْ رِيحٌ عَاصِفٌ فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ لِأَهْلِ السَّفِينَةِ أَخْلِصُوا فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لَا تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا هَاهُنَا فَقَالَ عِكْرِمَةُ وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ يُنْجِنِي فِي الْبَحْرِ إِلَّا الْإِخْلَاصُ مَا يُنْجِينِي فِي الْبَرِّ غَيْرُهُ اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ عَهْدًا إِنْ أَنْتَ عَافَيْتَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ أَنْ آتِيَ مُحَمَّدًا حَتَّى أَضَعَ يَدِيَ فِي يَدِهِ فَلَأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيمًا قَالَ فَجَاءَ فَأَسْلَمَ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ

فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَلَمَّا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى (فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ) ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أما كان فيكم رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حِينَ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِيَ عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلَهُ فَقَالُوا مَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ أَلَا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ فَقَالَ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ أَعْيُنٍ وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ (قَالَ) حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ زَعَمَ السُّدِّيُّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ فَذَكَرَهُ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ مَالِكٌ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى قُبَاءٍ فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ هَكَذَا (هُوَ) فِي الْمُوَطَّإِ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ وَابْنُ وَهْبٍ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْهُ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ كُلُّهُمْ (عَنْ مَالِكٍ) عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى قُبَاءٍ فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ جَمِيعًا عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ

يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى قُبَاءٍ (قَالَ أَحَدُهُمْ) فَيَأْتِيهِمْ والشمس مرتفعة فهؤلاء رووا هذاالحديث عَنْ مَالِكٍ عَلَى خِلَافِ لَفْظِ الْمُوَطَّإِ وَهُوَ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لِأَنَّ مَعْمَرًا وَغَيْرَهُ مِنَ الْحُفَّاظِ قَالُوا فِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي (فَيَأْتِيهِمْ) وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ هَكَذَا قَالَ فِيهِ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَوْلُ مَالِكٍ (عِنْدَهُمْ) إِلَى قُبَاءٍ وَهْمٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا إِلَّا أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ مُتَقَارِبٌ عَلَى سِعَةِ الْوَقْتِ لِأَنَّ الْعَوَالِيَ مُخْتَلِفَةُ الْمَسَافَةِ وَأَقْرَبُهَا إِلَى الْمَدِينَةِ مَا كَانَ عَلَى مِيلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَمِنْهَا مَا يَكُونُ (عَلَى) ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ وَعَشْرَةٍ وَمِثْلُ هَذَا هِيَ الْمَسَافَةُ بَيْنَ قُبَاءٍ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ وَقُبَاءٌ مَوْضِعُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَقَدْ نَصَّ عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ حَدِيثِهِ

ذَلِكَ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيَّ يَقُولُ لَمْ يُتَابِعْ مَالِكًا أَحَدٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ إِلَى قُبَاءٍ وَالْمَعْرُوفُ (فِيهِ) إِلَى الْعَوَالِي وَكَذَلِكَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ فِيهِ إِلَى الْعَوَالِي كَمَا قَالَ سَائِرُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ هَكَذَا رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مَالِكٍ وَسَائِرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ قَالُوا قُبَاءٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن سلمة قال! أخبونا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَانَ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ جِبْرِيلُ صَلِّ صَلَاةَ كَذَا (فِي سَاعَةِ كَذَا) حَتَّى عَدَّ الصَّلَوَاتِ قَالَ

بَلَى قَالَ وَأَشْهَدُ أَنَّا كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ ثُمَّ نَأْتِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَإِنَّهَا لَمُرْتَفِعَةٌ وَهِيَ عَلَى (رَأْسِ) ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ مِنَ الْمَدِينَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ تَعْجِيلُ الْعَصْرِ وَعَلَى هَذَا كَانَ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ أَلَا تَرَى إِلَى حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ الْعَلَاءِ قَالَ صَلَّيْنَا الظُّهْرَ ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا صَلَّوُا الظُّهْرَ مَعَ بَعْضِ بَنِي أُمَيَّةَ بِالْبَصْرَةِ ثُمَّ دَخَلُوا عَلَى أَنَسٍ فَوَجَدُوهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْخَبَرَ فِي بَابِ الْعَلَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَاعَاةَ الْقَامَةِ فِي الظُّهْرَ وَالْقَامَتَيْنِ فِي الْعَصْرِ اسْتِحْبَابٌ وَأَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ مَمْدُودٌ مَا كَانَتِ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً وَكَذَلِكَ حَدَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقْتَ الْعَصْرِ مِثْلَ هَذَا الْحَدِّ وَكَتَبَ بِهِ إِلَى عُمَّالِهِ وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَائِشَةُ فِي قَوْلِهَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو النَّجَاشِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعَصْرِ ثُمَّ نَنْحَرُ جَزُورًا فَنُقَسِّمُهُ عَشَرَ قِسَمٍ ثُمَّ نَطْبُخُ

فَنَأْكُلُ لَحْمًا نَضِيجًا قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أَرْوَى الدَّوْسِيِّ كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَمْشِي إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ فَآتِيهِمْ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ وَأَبُو أَرْوَى اسْمُهُ رَبِيعَةُ وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَبُو أَحْمَدَ الزَّيَّاتُ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ أَبُو يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ وَكَذَلِكَ (رَوَاهُ أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَذَكَرَهُ وَكَذَلِكَ) ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأُشْنَانِيُّ بِبَغْدَادَ قَدِمَ عَلَيْنَا بِهَا مِنَ الشَّامِ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِبْرِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مرتفعة حية

فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ قَالَ وَالْعَوَالِي مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى عَشَرَةِ أَمْيَالٍ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ شَيْبَانَ قَالَ قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ مَا كَانَتِ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي بَابِ إِسْحَاقَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ (وَمَضَى فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ (2) خَاصَّةً وَسَيَأْتِي تَلْخِيصُ مَذَاهِبِهِمْ فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ مُسْتَوْعَبَةً مُجْمَلَةً وَمُفَسَّرَةً فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى)

الحديث السادس

ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُتَّصِلٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن عبد المؤمن قال حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ الْقَاضِي بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ كَانَ لَفْظُ الزُّهْرِيِّ إِذَا حَدَّثَنَا عَنْ أَنَسٍ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ سَمِعْتُ سَمِعْتُ قَدْ ذَكَرْنَا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ هَاهُنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُوَيْمِرَ بْنَ أَشْقَرَ الْعَجْلَانِيَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ (الْأَنْصَارِيِّ) فَقَالَ لَهُ يَا عَاصِمُ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ

عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْمَسَائِلَ) وَعَابَهَا حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَلَمَّا جَاءَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَ عُوَيْمِرٌ) فَقَالَ يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال عَاصِمٌ لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْمَسْأَلَةَ) الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وهو وَسَطُ النَّاسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ (النَّاسِ) عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا فَرَغَا (مِنْ تَلَاعُنِهِمَا) قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا فَطَلَّقَهَا (عُوَيْمِرٌ) ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَالَ مَالِكٌ) قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ تِلْكَ

(بَعْدُ) سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّإِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ تلك سنة المتلاعنين ورواه جويرة عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلٍ وَسَاقَهُ بِنَحْوِ مَا فِي الْمُوَطَّإِ إِلَى آخِرِهِ وَقَالَ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ فِرَاقُهُ إِيَّاهَا سُنَّةً هَكَذَا قَالَ فِي نَسَقِ الْحَدِيثِ جَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ لَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلَاعُنِهِمَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَكَانَتْ فُرْقَتُهُ إِيَّاهَا سُنَّةً بَعْدُ وَمِنْ رُوَاةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ مَنْ يَقُولُ عَنْهُ فِيهِ فَكَانَ طَلَاقُهُ إِيَّاهَا سُنَّةً كُلُّ ذَلِكَ مُدْرَجٌ فِي كَلَامِ سَهْلٍ لَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ وَهُوَ عِنْدُ جَمَاعَةِ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ كَذَلِكَ هُوَ عِنْدَ الْقَعْنَبِيِّ وَمُطَرِّفٍ وَمَعْنِ بْنِ عِيسَى وَابْنِ بُكَيْرٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي مُصْعَبٍ وَالتِّنِّيسِيِّ وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيِّ وَعَبْدِ الله بن نافع

الزبير وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ اللِّعَانِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ فَاخْتَلَفُوا عَنْهُ فِي قَوْلِهِ فَكَانَ فُرَاقُهُ إِيَّاهَا سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فَأَدْرَجَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ وَجَعَلُوهُ مِنْ قَوْلِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مِنْهُمُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيُّ وفليح بن سليمان وإبراهيم بن إسماعيل ابن مُجَمِّعٍ وَفَصَّلَهُ عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ فِيمَا كَتَبَ (بِهِ) إِلَيْهِ الزُّهْرِيُّ قَالُوا فِي آخِرِهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ كَمَا فِي الْمُوَطَّإِ وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمْرُوسٍ (إِجَازَةً) عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الْحَافِظِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِبَغْدَادَ قال حدثنا البغوي

قال قرىء عَلَى سُوِيدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَيَقْتُلُهُ فَيَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمَا مَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ التَّلَاعُنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قُضِيَ فِيكَ وَفِي امْرَأَتِكَ قَالَ فَتَلَاعَنَا وَأَنَا شَاهِدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا فَقَدْ كَذَبْتُ عَلَيْهَا فَفَارَقَهَا فَكَانَتِ السُّنَّةُ فِيهِمَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَكَانَتْ حَامِلًا فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَيْهَا ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ أَنْ يرثها وترث منه ما فرض الله لها وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ لَمْ يَرْوِهَا عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ غَيْرُ سُوِيدِ بْنِ سَعِيدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ وَزَادَ فِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكُمَا قُرْآنًا وَتَلَا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ و! لا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَمَّا تَلَاعَنَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ظَلَمْتُهَا إِنْ أَمْسَكْتُهَا فَهِيَ الطَّلَاقُ

فهي الطَّلَاقُ فَهِيَ الطَّلَاقُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ (صَلَاةِ) الْعَصْرِ إِلَّا ابْنُ إِدْرِيسَ وَأَظُنُّهُ حَمَلَ لَفْظَ ابْنِ إِسْحَاقَ عَلَى لَفْظِ مَالِكٍ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَمْ يَقُلْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ السُّؤَالُ عَنِ الْإِشْكَالِ وَفِيهِ أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ بأرأيت (عَنِ الْمَسَائِلِ) كَانَ قَدِيمًا فِي عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا وَادَّعَى أَنَّهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ لِأَنَّهُ وَجَدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَفِيهِ أَنْ يَتَوَلَّى السُّؤَالَ عَنْ مَسْأَلَتِكَ غَيْرُكَ وَإِنْ كَانَتْ مُهِمَّةً وَفِيهِ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ قَبُولُ خَبَرِهِ عِنْدَهُ مَا أَرْسَلَهُ يَسْأَلُ لَهُ وَفِيهِ كَرَاهِيَةُ سَمَاعِ الْكَلَامِ إِذَا كَانَ فِيهِ تَعْرِيضٌ بِقَبِيحٍ قَذْفًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ فِي التَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ الْمُعَرَّضَ (بِهِ) غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ عَرَّضَ بِقَذْفِ رَجُلٍ يشير إليه أو يسميه في مشاتمته وبطلبه الْمُعَرَّضُ بِهِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ فِي

التَّعْرِيضِ (بِالْقَذْفِ) (الْحَدُّ إِذَا كَانَ يَعْلَمُ مِنَ الْمُعَرِّضِ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ قَصْدَ الْقَذْفِ وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَحُدُّ فِي التَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ إِذَا كَانَ مَفْهُومًا مِنْ ذَلِكَ التَّعْرِيضِ مُرَادُ الْقَاذِفِ وَلِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَنْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِرَجُلٍ سَمَّاهُ فَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعْلِمَ الْمَقْذُوفَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَالْحُجَّةُ لِمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلِأَنَّ الْعَجْلَانِيَّ رَمَى امْرَأَتَهُ بشريك ابن سَحْمَاءَ فَلَمْ يَبْعَثْ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَعْلَمَهُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاغَدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ ذَكَرَ الْمَرْمِيَّ بِهِ فِي الْتِعَانِهِ حُدَّ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ ضَرُورَةٌ إِلَى قَذْفِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ عَلَى مَنْ رَمَى زَوْجَتَهُ بِالزِّنَا إِلَّا حَدًّا وَاحِدًا بِقَوْلِهِ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ

أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ ذَكَرَ رَجُلًا بِعَيْنِهِ (وَبَيْنَ) مَنْ لَمْ يَذْكُرْهُ وَقَدْ رَمَى الْعَجْلَانِيُّ زَوْجَتَهُ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ وَكَذَلِكَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ فَلَمْ يُحَدَّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَفِيهِ أَنَّ طِبَاعَ الْبَشَرِ أَنْ تَكُونَ الْغَيْرَةُ تَحْمِلُ عَلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ إِلَّا أَنْ يَعْصِمَ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ بِالْعِلْمِ وَالتَّثَبُّتِ وَالتُّقَى وَفِيهِ أَنَّ الْعَالَمَ إِذَا كَرِهَ السُّؤَالَ (لَهُ) أَنْ يَعِيبَهُ وَيَنْجَهَ صَاحِبَهُ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ لَقِيَ شَيْئًا مِنَ الْمَكْرُوهِ بِسَبَبِ غَيْرِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُؤَنِّبَ ذَلِكَ الَّذِي لَقِيَ الْمَكْرُوهَ بِسَبَبِهِ وَيُعَاتِبَهُ لِقَوْلِ عَاصِمٍ لِعُوَيْمِرٍ لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ وَفِيهِ أَنَّ الْمُحْتَاجَ إِلَى الْمَسْأَلَةِ مِنْ مَسَائِلِ الْعِلْمِ لَا يَرْدَعُهُ عَنْ تَفَهُّمِهَا غَضَبُ الْعَالِمِ وَكَرَاهِيَتُهُ لَهَا حَتَّى يَقِفَ عَلَى الثَّلَجِ مِنْهَا وَفِيهِ أَنَّ السُّؤَالَ عَمَّا يَلْزَمُ عِلْمُهُ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَاجِبٌ فِي الْمَحَافِلِ وَغَيْرِ الْمَحَافِلِ وَأَنَّهُ لَا حَيَاءَ يَلْزَمُ فِيهِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَسَطُ النَّاسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ وَفِيهِ أَنَّ الْمُلَاعَنَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا عند السلطان

وَأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالطَّلَاقِ الَّذِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُوقِعَهُ حَيْثُ أَحَبَّ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَكَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ اللِّعَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي تُجْمَعُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاعَنَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ فِي حَدِيثِ اللِّعَانِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَاسْتَحَبَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَكُونَ اللِّعَانُ فِي الْجَامِعِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ أَجْزَأَ عِنْدَهُمْ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْعَالِمِ أَنْ يُؤَخِّرَ الْجَوَابَ إِذَا لَمْ يَحْضُرْهُ وَرَجَاهُ فِيمَا بَعْدُ وَفِيهِ أَنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى الْأَرْضِ وَإِنَّمَا كَانَ يَنْزِلُ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُورَةً سُورَةً وَآيَةً آيَةً عَلَى حَسَبِ حَاجَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ وَأَمَّا نُزُولُ الْقُرْآنِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَنَزَلَ كُلُّهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ مباركة قالوا ليلة القدر ونزل فِيهَا الْقُرْآنُ جُمْلَةً (وَاحِدَةً) إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَفِيهِ أَنَّ الْمُتَلَاعِنَيْنِ يَتَلَاعَنَانِ بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ خَلِيفَةً كان أوغيره وفي قوله

أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُلَاعَنَةَ تَجِبُ بَيْنَ كُلِّ زَوْجَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ رَجُلًا مِنْ رَجُلٍ وَلَا امْرَأَةً مِنِ امْرَأَةٍ وَنَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ بِهَذَا الْعُمُومِ فَقَالَ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَخُصَّ زَوْجًا مِنْ زَوْجٍ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا لِعَانَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكَةِ وَلَا بَيْنَ الْمَمْلُوكِ وَالْحُرَّةِ وَلَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيَّةِ الْكِتَابِيَّةِ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ حُجَجٌ (لَا تَقُومُ عَلَى سَاقٍ) مِنْهَا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا لِعَانَ بَيْنَ مَمْلُوكَيْنِ وَلَا كَافِرَيْنِ وَهَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ دُونَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مَنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَاحْتَجُّوا مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ الْأَزْوَاجَ لَمَّا اسْتُثْنُوا مِنْ جُمْلَةِ الشُّهَدَاءِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ وَجَبَ أَنْ لَا يُلَاعِنَ إِلَّا مَنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَا عَبْدٌ وَلَا كَافِرٌ وَلَا يُلَاعِنُ عِنْدَهُمْ إِلَّا الْحُرُّ الْمُسْلِمُ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ اللِّعَانُ بَيْنَ كُلِّ زَوْجَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَالْحُجَّةُ لَهُمْ أن اللعان

يُوجِبُ فَسْخَ النِّكَاحِ فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ وَكُلُّ مَنْ يَجُوزُ طَلَاقُهُ يَجُوزُ لِعَانُهُ وَاللِّعَانُ أَيْمَانٌ لَيْسَ بِشَهَادَةٍ وَلَوْ كَانَ شَهَادَةً (مَا) سَوَّى فِيهِ بَيْنَ (الرَّجُلِ) وَالْمَرْأَةِ وَلَكَانَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الرَّجُلِ وَلَا يَشْهَدُ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ أَيْمَانَ الْمُنَافِقِينَ شَهَادَةً بِقَوْلِهِ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ مُحَالٌ أَنْ يَنْتَفِيَ عَنْهُ وَلَدُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ بِاللِّعَانِ وَلَا يَنْتَفِيَ عَنْهُ وَلَدُ الْأَمَةِ وَالْكِتَابِيَّةِ بِاللِّعَانِ وَفِيهِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْضُرُ مَعَ نَفْسِهِ لِلتَّلَاعُنِ قَوْمًا يَشْهَدُونَ ذَلِكَ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ (سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي شُهُودِ) سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ لِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ شُهُودِ الْغِلْمَانِ وَالشُّبَّانِ التَّلَاعُنَ مَعَ الْكُهُولِ وَالشُّيُوخِ بَيْنَ يَدَيِ الْحَاكِمِ لِأَنَّ سَهْلًا كَانَ يَوْمَئِذٍ غُلَامًا قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا أَدْرَكَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَهُوَ غُلَامٌ صَغِيرٌ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ قُلْتُ لِسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ابْنُ كَمْ أَنْتَ يؤمئذ يَعْنِي يَوْمَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَالَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ إِنَّ الطَّلَاقَ ثَلَاثًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مُبَاحٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُنْكِرْ عَلَى الْعَجْلَانِيِّ أَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ الْمُلَاعَنَةِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ تَقَعُ الثَّلَاثُ مُجْتَمِعَاتٍ فِي الطُّهْرِ لِلسُّنَّةِ أَمْ لَا وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ شَاءَ اللَّهُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي فُرْقَةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ هَلْ تَحْتَاجُ إِلَى طَلَاقٍ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ بْنِ الْهُذَيِلِ إِذَا فَرَغَا جَمِيعًا مِنَ اللِّعَانِ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّقِ الْحَاكِمُ ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا وَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِي أَنَّ لِلْفُرْقَةِ تَأْثِيرًا فِي الْتِعَانِ الْمَرْأَةِ وُجُوبُهُ عَلَيْهَا وَقِيَاسًا عَلَى أَنَّ تَفَاسُخَ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِتَمَامِ تجالفهما جَمِيعًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا مِنَ اللِّعَانِ حَتَّى يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فأضاف

الْفُرْقَةَ إِلَيْهِ لَا إِلَى اللِّعَانِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا وَحُجَّةُ مَالِكٍ أَنَّ تَفْرِيقَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ إِعْلَامًا مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ اللِّعَانِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا وَمِنْ حُجَّتِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَمَّا افْتَقَرَ اللِّعَانُ إِلَى حُضُورِ الْحَاكِمِ افْتَقَرَ إِلَى تَفْرِيقِهِ كَفُرْقَةِ الْعِنِّينِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَكْمَلَ الزَّوْجُ الشَّهَادَةَ وَالِالْتِعَانَ فَقَدْ زَالَ فِرَاشُ امْرَأَتِهِ الْتَعَنَتْ أَوْ لَمْ تَلْتَعْنُ (قَالَ) وإنما التعان المرأة لدرء الحد لا غير وَلَيْسَ لِالْتِعَانِهَا فِي زَوَالِ الْفَرَاشِ مَعْنًى وَلَمَّا كَانَ لِعَانُ الزَّوْجِ يَنْفِي الْوَلَدَ وَيُسْقِطُ الْحَدَّ رَفَعَ الْفِرَاشَ (وَقَدْ ذَكَرْنَا حُجَّتَهُ فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ) وَكُلُّ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَسَائِرِ الْحِجَازِيِّينَ وَأَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ يَقُولُونَ إِنَّ اللِّعَانَ مُسْتَغْنٍ عَنِ الطَّلَاقِ

وَإِنَّ حُكْمَهُ وَسُنَّتَهُ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَإِنَّمَا اخْتِلَافُهُمُ الَّذِي قَدَّمْنَا فِي أَنَّ الْحَاكِمَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا عُثْمَانَ الْبَتِّيَّ فِي أهل البصرة فإنه لم ير التلاعن بنقض شَيْئًا مِنْ عِصْمَةِ الزَّوْجَيْنِ حَتَّى يُطَلِّقَ وَهُوَ قَوْلٌ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّ الْبَتِّيَّ قَدِ اسْتَحَبَّ لِلْمُلَاعِنِ أَنْ يُطَلِّقَ بَعْدَ اللِّعَانِ وَلَمْ يَسْتَحِبُّهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ عِنْدَهُ قَدْ أَحْدَثَ حُكْمًا (قَالَ أَبُو عُمَرَ (2)) مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ فِي آخِرِ حَدِيثِ مَالِكٍ فَكَانَتْ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ يَعْنِي الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا إِذَا تَلَاعَنَا لَا أَنَّهُ أَرَادَ الطَّلَاقَ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ مَعَ مَا يُعَضِّدُهُ مِنَ الْأُصُولِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ قَالَ أَخْبَرَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرَيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عُوَيْمِرَ ابن أَشْقَرَ الْأَنْصَارِيَّ أَحَدَ بَنِي الْعَجْلَانِ جَاءَ إِلَى عَاصِمٍ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلٍ وَزَادَ فِيهِ

وَكَانَتِ امْرَأَةُ عُوَيْمِرٍ حُبْلَى فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا وَكَانَ الْغُلَامُ يُدْعَى إِلَى أُمِّهِ قَالَ وَجَرَتِ السُّنَّةُ فِي الْمِيرَاثِ أَنَّهُ يَرِثُهَا وَتَرِثُ عَنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لِلْأُمِّ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ عويمر عن ذلك ليس بهذا حَقًّا إِنْ أَنَا رُمِيتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَذِبٍ قَالَ فَمَضَتِ السُّنَّةُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا فَهَذَا نَصٌّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ) وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُلَاعِنِ أَنْ يُمْسِكَهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم فَرَّقَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ

وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ غَيْرُ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَحْدَهُ وَهُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ إِلَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَهُ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الزَّوْجِ إِذَا أَبَى مِنْ الِالْتِعَانِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْحَدَّ وَعَلَى الزَّوْجِ اللِّعَانَ فَلَمَّا (لَمْ) يَنْتَقِلِ اللِّعَانُ إِلَى الْأَجْنَبِيِّ لَمْ يَنْتَقِلِ الْحَدُّ إِلَى الزَّوْجِ وَيُسْجَنُ أَبَدًا حَتَّى

يُلَاعِنَ لِأَنَّ الْحُدُودَ لَا تُؤْخَذُ قِيَاسًا وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِنْ لَمْ يَلْتَعِنِ الزَّوْجُ حُدَّ لِأَنَّ اللِّعَانَ لَهُ بَرَاءَةٌ كَمَا الشُّهُودُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ (الْأَجْنَبِيُّ) بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ حُدَّ فَكَذَلِكَ الزَّوْجُ إِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ حُدَّ وَجَائِزٌ عِنْدَ مَنِ احْتَجَّ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ الْقِيَاسُ فِي الْحُدُودِ وَفِي حَدِيثِ الْعَجْلَانِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لِقَوْلِهِ إِنْ سَكَتُّ سَكَتُّ عَلَى غَيْظٍ وَإِنْ قَتَلْتُ قُتِلْتُ وَإِنْ نَطَقْتُ جُلِدْتُ وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ عَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَيْضًا (أَنَّهُ) لَمَّا لَحِقَ الزَّوْجَةَ مِنَ الْعَارِ بِقَذْفِ الزَّوْجِ لَهَا مِثْلُ مَا لَحِقَ الْأَجْنَبِيَّةَ وَجَبَتِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَاخْتَلَفُوا هَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يُلَاعِنَ مَعَ شُهُودِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يُلَاعِنُ كَانَ لَهُ شُهُودٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَيْسَ لَهُمْ عمل لا دَرْءُ الْحَدِّ وَأَمَّا رَفْعُ الْفِرَاشِ وَنَفْيُ الْوَلَدِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنَ اللِّعَانِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنَّمَا جُعِلَ اللِّعَانُ لِلزَّوْجِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شُهَدَاءُ غَيْرُ نَفْسِهِ

وَاخْتَلَفُوا إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ الْمُلَاعِنُ هَلْ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا إِذَا جُلِدَ الْحَدَّ فَأَجَازَ ذَلِكَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالُوا يَكُونُ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ وَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا سَوَاءٌ أَكْذَبَ نَفْسَهُ أَوْ لَمْ يُكْذِبْهَا وَلَكِنَّهُ إِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ الْحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَإِبْرَاهِيمَ وَابْنِ شِهَابٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُمَا أَنَّ الْمُتَلَاعِنَيْنِ لَا يَتَنَاكَحَانِ أَبَدًا وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَالضَّحَّاكُ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ الْحَدَّ وَرُدَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَهَذَا عِنْدِي قَوْلٌ ثَالِثٌ خِلَافُ مَنْ قَالَ يَكُونُ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ وَخِلَافُ مَنْ قَالَ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا قَالَ أَبُو عُمَرَ التَّلَاعُنُ يَقْتَضِي التَّبَاعُدَ فَإِذَا حَصَلَا مُتَبَاعِدَيْنِ لَمْ يَجُزْ لَهُمَا أَنْ يَجْتَمِعَا أَبَدًا وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا وَفِي قَوْلِهِ هَذَا إِعْلَامٌ أَنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بِاللِّعَانِ وَأَنَّ السَّبِيلَ عَنْهَا مُرْتَفِعَةٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا سَبِيلَ لك عليها مطلق غير مُقَيَّدٌ (بِشَيْءٍ) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَقَالَ حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَالِي قَالَ (لَا (1)) مَالَ لَكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا (فَهُوَ) بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ فَهُوَ أَبْعَدُ لَكَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الْأَبْهَرِيُّ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَإِنَّمَا عُوقِبَ الْمُلَاعِنُ بِمَنْعِ التَّرَاجُعِ لِمَا أَدْخَلَ مِنَ الشُّبْهَةِ فِي النَّسَبِ كَمَا عُوقِبَ الْقَاتِلُ عَمْدًا أَنْ لَا يَرِثَ وَاحْتُجَّ أَيْضًا لِمَذْهَبِ مَالِكٍ فِي النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَتَنَاكَحَانِ أَبَدًا بِمَنْعِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ مِنْ ذَلِكَ عُقُوبَةً لَهُمَا لِمَا قَطَعَا مِنْ نَسَبِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَتَصَادَقَا فِيهِ قَالَ فَكَذَلِكَ الْمُتَزَوِّجُ فِي الْعِدَّةِ

لما أدخل الشبهة فِي النَّسَبِ عُوقِبَ بِالْمَنْعِ مِنْ الِاجْتِمَاعِ وَرَفْعِ فِرَاشِهِمَا لِأَنَّهُ أَفْرَشَ غَيْرَ فِرَاشِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأُصُولُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنْ الِاحْتِجَاجِ لَهُمَا وَالزَّانِي قَدِ افْتَرَشَ غَيْرَ فِرَاشِهِ وَلَمْ يُمْنَعْ مِنَ النِّكَاحِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ وَأَغْلَالٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِ ذَلِكَ (وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي مَسْأَلَةِ النَّاكِحِ فِي الْعِدَّةِ هُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ (فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ) مِثْلُ ذَلِكَ (وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ) وَمِنْ حُجَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عُمُومُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ فَلَمَّا لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى تَحْرِيمِهَا دَخَلَتْ تَحْتَ عُمُومِ الْآيَةِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ لَمَّا لَحِقَ الْوَلَدُ وَجَبَ أَنْ يَعُودَ الْفِرَاشُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقْتَضِيهِ عَقْدُ النِّكَاحِ وَيُوجِبُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ حَامِلًا وَأَنَّهَا جَاءَتْ بعدَ

ذَلِكَ بِوَلَدٍ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقَالَ فِي دَرَجِ حَدِيثِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلَا أَرَاهَا إِلَّا قَدْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ عَلَيْهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ أَعْيَنَ ذَا إِلْيَتَيْنِ فَلَا أَرَاهَا إِلَّا (قَدْ) صَدَقَ عَلَيْهَا فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى الْمَكْرُوهِ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتِ السُّنَّةُ بَعْدَهُمَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَكَانَتْ حَامِلًا وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى لِأُمِّهِ قَالَ ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُ يرثها وترث منه ما فرض الله لها وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْمَعْنَى بِمَا فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ مِنَ التَّنَازُعِ فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا وَلَيْسَ لِلْحَمْلِ وَلَا لِلْوَلَدِ ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا فَلِذَلِكَ أَخَّرْنَاهُ إِلَى بَابِ نَافِعٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ اللِّعَانِ فَإِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ ذَكَرَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَحْلِفُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ يُرِيدُ أَرْبَعَ أَيْمَانٍ يَقُولُ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَرَأَيْتُهَا تَزْنِي

وَإِنْ نَفَى حَمْلَهَا زَادَ وَلَقَدِ اسْتَبْرَيْتُهَا وَمَا الْحَمْلُ مِنِّي يَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَالْخَامِسَةَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيَّ إِنْ كُنْتُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ثُمَّ تَقُومُ هِيَ فَتَقُولُ أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَا رَآنِي أَزْنِي وَإِنَّ حَمْلِي لَمِنْهُ تَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَالْخَامِسَةَ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَيْفِيَّةَ اللِّعَانِ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ لَا يُلَاعِنُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ رَأَيْتُكِ تزني أوينفي حَمْلًا أَوْ وَلَدًا مِنْهَا قَالَ وَالْأَعْمَى يُلَاعِنُ إِذَا قَذَفَ وَقَوْلُ أَبِي الزِّنَادِ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْبَتِّيِّ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُلَاعَنَةَ لَا تَجِبُ بِالْقَذْفِ وَإِنَّمَا تَجِبُ بِادِّعَاءِ الرُّؤْيَةِ أَوْ نَفْيِ الْحَمْلِ مَعَ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ وَعِنْدَهُمْ أَنَّهُ إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا زَانِيَةُ جُلِدَ الْحَدَّ وَالْحُجَّةُ لِهَذَا الْقَوْلِ قَائِمَةٌ مِنَ الْآثَارِ فَمِنْهَا حَدِيثُ مَالِكٍ هَذَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَوْلُهُ فِيهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا وَكَذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا (قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ) قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حدثني

سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذُكِرَ الْمُتَلَاعِنَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجِدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يزيد ابن هَارُونَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ وَهُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَجَاءَ مِنْ أَرْضِهِ عِشَاءً فَوَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ رَجُلًا فَرَأَى بِعَيْنِهِ وَسَمِعَ بِأُذُنِهِ فَلَمْ يُهِجْهُ حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ غَدَا عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي جِئْتُ أَهْلِي عِشَاءً فَوَجَدْتُ عِنْدَهُمْ رَجُلًا فَرَأَيْتُ بِعَيْنِي وَسَمِعْتُ بِأُذُنِي فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ فَنَزَلَتْ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ الْآيَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبْشِرْ يَا هِلَالُ (فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ مَخْرَجًا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ (2) وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا قَذَفَ هِلَالُ)

ابْنُ أُمَيَّةَ امْرَأَتَهُ قِيلَ لَهُ وَاللَّهِ لَيَجْلِدَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِينَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يَضْرِبَنِي وَقَدْ عَلِمَ أَنِّي رَأَيْتُ حَتَّى اسْتَبَنْتُ وَسَمِعْتُ حَتَّى اسْتَيْقَنْتُ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمُلَاعَنَةِ فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُلَاعَنَةَ الَّتِي قَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما كَانَتْ بِالرُّؤْيَةِ فَلَا يَجِبُ أَنْ تَتَعَدَّى ذَلِكَ وَمَنْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ رُؤْيَةً حُدَّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْآيَةَ (وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ فَإِنَّ ذَلِكَ قِيَاسٌ عَلَى الشُّهُودِ) وَلِأَنَّ الْمَعْنَى فِي اللِّعَانِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ النَّسَبِ وَلَا يَصِحُّ ارْتِفَاعُهُ إِلَّا بِالرُّؤْيَةِ أَوْ نَفْيِ الْوَلَدِ فَلِهَذَا قَالُوا إِنَّ الْقَذْفَ (الْمُجَرَّدَ) لَا لِعَانَ فِيهِ وَفِيهِ الْحَدُّ لِعُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ وَقِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ الَّتِي لَا تَصِحُّ إِلَّا بِرُؤْيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُدُ وَأَصْحَابُهُمْ إِذَا قَالَ لَهَا يَا زَانِيَةً وَجَبَ اللِّعَانُ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وَسَوَاءٌ عِنْدَهُمْ قَالَ يَا زَانِيَةً أَوْ رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ أَوْ زَنَيْتِ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَعَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَجَمَاعَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ مِثْلُ ذَلِكَ

وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ كَمَا قَالَ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ وَلَمْ يَقُلْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِرُؤْيَةٍ وَلَا بِغَيْرِ رُؤْيَةٍ وَسَوَّى بَيْنَ الرَّمْيَيْنِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ فمن قذف محصنة غير زَوْجَتَهُ وَلَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ جُلِدَ الْحَدَّ وَمَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ وَلَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ لَاعَنَ فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ حُدَّ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْأَعْمَى يُلَاعِنُ إِذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَلَوْ كَانَتِ الرُّؤْيَةُ مِنْ شَرْطِ اللِّعَانِ مَا لَاعَنَ الأعمى ولهم في هذا حجج يطول ذكره وَاخْتَلَفُوا فِي مُلَاعَنَةِ الْأَخْرَسِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يُلَاعِنُ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ إِذَا فُهِمَ ذَلِكَ عَنْهُ وَيَصِحُّ يَمِينُهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُلَاعِنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَنْطَلِقُ لِسَانُهُ فَيُنْكِرُ اللِّعَانَ فَلَا يُمْكِنُنَا إِقَامَةَ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ الْمُلَاعِنُ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ زَوْجَتِي فُلَانَةً بِنْتَ فُلَانٍ وَيُشِيرُ إِلَيْهَا إِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً يَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يُقْعِدُهُ الْإِمَامُ وَيُذَكِّرُهُ اللَّهَ وَيَقُولُ لَهُ إِنِّي أَخَافُ

إِنْ لَمْ تَكُنْ صَدَقْتَ أَنْ تَبُوءَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ فَإِنْ رَآهُ يُرِيدُ أَنْ يَمْضِيَ عَلَى ذَلِكَ أَمَرَ مَنْ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَيَقُولُ إِنَّ قَوْلَكَ وَعَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ مِنَ الْكَاذِبِينَ مُوجِبَةٌ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَإِنْ أَبَى تَرْكَهُ يَقُولُ وَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيَّ إِنْ كُنْتُ مِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ فُلَانَةً مِنَ الزِّنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ هَذَا مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ (عَنْ أَبِيهِ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا حَيْثُ أَمَرَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يَتَلَاعَنَا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ عِنْدَ الْخَامِسَةَ يَقُولُ إِنَّهَا مُوجِبَةٌ

الحديث السابع

ابن شهاب عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُسْنَدٌ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ سعد بن عبد الله بن الحرث بن رفيدة بن عتر بْنِ وَائِلِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ هِنْبِ بْنِ أقصى بن دعمى بن جديلة ابن أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارٍ أَدْرَكَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالْخُلَفَاءَ وَحَفِظَ عَنْهُمْ وَرَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَفِظَ عَنْهُ أَيْضًا خَبَرًا وَاحِدًا وَهُوَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ ابن عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنِ ابْنِ عِجْلَانَ عَنْ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ) قَالَ دَعَتْنِي أُمِّي وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَنَا فَأَتَيْتُ فَقَالَتْ تَعَالَ أُعْطِيكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

مَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيَهُ قَالَتْ تَمْرًا قَالَ لَوْ لَمْ تَفْعَلِي كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَذَكَرْنَا أَبَاهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَلَمَّا جَاءَ سَرْغَ بَلَغَهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ فَرَجَعَ عُمَرُ مِنْ سَرْغَ سَرْغُ مَوْضِعٌ بِطَرِيقِ الشَّامِ قِيلَ إِنَّهُ وَادِي تَبُوكَ وَقِيلَ بِقُرْبِ تَبُوكَ وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ أَنَّ عُمَرَ بَلَغَهُ إِذْ بَلَغَ سَرْغَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الشَّامِ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ فَإِنَّ الْمَعْنَى عِنْدَهُمْ أَنَّ الْوَبَاءَ وَقَعَ بِدِمَشْقَ وَكَانَتْ أُمَّ الشَّامِ وَإِلَيْهَا كَانَ مَقْصِدُهُ (وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ عمر

لَبَيْتٌ بِرُكْبَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَشَرَةِ أَبْيَاتٍ بِالشَّامِ فَقَالَ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ عُمَرُ حِينَ وَقَعَ الْوَبَاءُ بِالشَّامِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ لَأَنْ أَعْمَلَ عَشْرَ خَطَايَا بِرُكْبَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ (أَنْ) أَعْمَلَ وَاحِدَةً بِمَكَّةَ وَرُكْبَةُ وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ الطَّائِفِ) ذَكَرَ أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَذَلِكَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ فَلَمَّا بَلَغَ سَرْغَ أَتَاهُ الْخَبَرُ عَنِ الطَّاعُونِ فَانْصَرَفَ مِنْ سَرْغَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْوَبَاءُ الطَّاعُونُ وَهُوَ مَوْتٌ نَازِلٌ (شَامِلٌ) لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَفِرَّ مِنْ أَرْضٍ نَزَلَ فِيهَا إِذَا كَانَ مِنْ سَاكِنِيهَا وَلَا أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ خَارِجًا عَنِ الْأَرْضِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا

إِيمَانًا بِالْقَدَرِ وَدَفْعًا لِمَلَامَةِ النَّفْسِ رُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ قَالَتِ الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُونُ قَالَ غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ تَخْرُجُ فِي الْمَرَاقِ وَالْآبَاطِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ وَرُوِّينَا أَنَّ زِيَادًا كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنِّي قَدْ ضَبَطْتُ الْعِرَاقَ بِيَمِينِي وَشِمَالِي فَارِغَةٌ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ مُرُوا الْعَجَائِزَ يَدْعُونَ اللَّهَ عَلَيْهِ فَفَعَلْنَ فَخَرَجَ بِأُصْبُعِهِ طَاعُونٌ فَمَاتَ مِنْهُ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْفَارُّ مِنَ الطَّاعُونِ كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ وَالصَّابِرُ فِيهِ كَالصَّابِرِ فِي الزَّحْفِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ نَدِمَ عَلَى انْصِرَافِهِ مِنْ سَرْغَ عَلَى أَنَّهُ انْصَرَفَ عَنْهُ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَوْفٍ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ فَارًّا مِنَ الْقَدَرِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ (قَالَ) حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ (قَالَ) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي

فُدَيْكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ جِئْتُ عُمَرَ (حِينَ قَدِمَ مِنْ الشَّامِ) فَوَجَدْتُهُ نَائِمًا فِي خِبَائِهِ فَقَعَدْتُ فَسَمِعْتُهُ حِينَ يَثُورُ مِنْ نَوْمِهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رُجُوعِي مِنْ سَرْغَ قَالَ عُرْوَةُ فَبَلَغَنَا أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ بِالشَّامِ إِذَا سَمِعْتَ بِالطَّاعُونِ قَدْ وَقَعَ عِنْدَكُمْ فَاكْتُبْ إِلَيَّ حَتَّى أَخْرُجَ قَالَ وَحَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ يَزِيدَ بْنِ حُمَيْدٍ الضُّبَعِيِّ قَالَ قُلْتُ لِمُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ مَا تَقُولُ رَحِمَكَ اللَّهُ فِي الْفِرَارِ مِنَ الطَّاعُونِ قَالَ هُوَ الْقَدَرُ يَخَافُونَهُ وَلَيْسَ مِنْهُ بُدٌّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ ثَوْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْفِرْيَابيُّ (مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَيْسَرَةَ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ

وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ قَالَ كَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ خَرَجُوا فِرَارًا مِنَ الطَّاعُونِ فَمَاتُوا فَدَعَا اللَّهَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ يُحْيِيَهُمْ حَتَّى يَعْبُدُوهُ فَأَحْيَاهُمُ اللَّهُ قَالَ الْفِرْيَابيُّ وَحَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ وَقَعَ الطَّاعُونُ فِي قَرْيَتِهِمْ فَخَرَجَ أُنَاسٌ وَبَقِيَ أُنَاسٌ وَمَنْ خَرَجَ أَكْثَرُ مِمَّنْ بَقِيَ قَالَ فَنَجَا الَّذِينَ خَرَجُوا وَهَلَكَ الَّذِينَ أَقَامُوا فَلَمَّا كَانَتِ الثَّانِيَةُ خَرَجُوا بِأَجْمَعِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ وَدَوَابَّهُمْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ فَرَجَعُوا إِلَى بَلَدِهِمْ وَقَدْ تَوَالَدَتْ ذُرِّيَّتُهُمْ ذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ هَرَبَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ مِنَ الطَّاعُونِ فَرَكِبَ حِمَارًا لَهُ وَمَضَى بِأَهْلِهِ نَحْوَ سَفْوَانَ فَسَمِعَ حَادِيًا يَحْدُو خَلْفَهُ ... لَنْ يُسْبَقَ اللَّهُ عَلَى حِمَارِ ... وَلَا عَلَى ذِي مَيْعَةٍ طَيَّارِ ... ... أَوْ يَأْتِي الْحَتْفُ عَلَى مِقْدَارِ ... قَدْ يُصْبِحُ اللَّهُ أَمَامَ السَّارِ ... وَذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ أَنَّ ذَلِكَ النَّبِيَّ حِزْقِيلُ ابْنُ بُوذِي وَقَالَ (الْمَدَائِنِيُّ) يُقَالُ إِنَّهُ قَلَّمَا فَرَّ أَحَدٌ مِنَ الْطَاعُونَ فَسَلِمَ مِنَ الْمَوْتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا مِنْ حَمَلَةِ الْعِلْمِ

فَرَّ مِنَ الطَّاعُونِ إِلَّا مَا ذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ هَرَبَ مِنَ الطَّاعُونِ إِلَى السَّيَّالَةِ فَكَانَ يُجْمِعُ كُلَّ جُمُعَةٍ وَيَرْجِعُ فَكَانَ إِذَا جَمَعَ صَاحُوا بِهِ فَرَّ مِنَ الطَّاعُونِ فَطُعِنَ فَمَاتَ بِالسَّيَّالَةِ قَالَ وهرب عمرو ابن عُبَيْدٍ وَرِبَاطُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رِبَاطٍ (إِلَى) الرِّبَاطِيَّةِ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الْقَعْنَبِيُّ ... وَلَمَّا اسْتَفَزَّ الْمَوْتُ كُلَّ مُكَذِّبٍ ... صَبَرْتُ وَلَمْ يَصْبِرْ رِبَاطٌ وَلَا عَمْرُو ... أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَمُوتُ بْنُ الْمُزَرِّعِ قَالَ حَدَّثَنَا الرِّيَاشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ قَالَ لَمَّا وَقَعَ الطَّاعُونُ الْجَارِفُ بِالْبَصْرَةِ فَنِيَ أَهْلُهَا وَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ دَفْنِ مَوْتَاهُمْ فَدَخَلَتِ السِّبَاعُ الْبَصْرَةَ عَلَى رِيحِ الْمَوْتِ وَخَلَتْ سِكَّةُ بَنِي جَرِيرٍ مِنَ النَّاسِ فَلَمْ يُبْقِ اللَّهُ فِيهَا سِوَى جَارِيَةٍ فَسَمِعَتْ صَوْتَ الذِّئْبِ فِي سِكَّتِهِمْ لَيْلًا فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ ... أَلَا أَيُّهَا الذِّئْبُ الْمُنَادِي بِسَحَرَةٍ ... إِلَيَّ أُنْبِئُكَ الَّذِي قَدْ بَدَا لِيَا ... ... بَدَا لِي أَنِّي قَدْ نعيت وأني ... بَقِيَّةُ قَوْمٍ وَرَّثُونِي الْبَوَاكِيَا ... ... وَإِنِّي بِلَا شَكٍّ سَأَتْبَعُ مَنْ مَضَى ... ... وَيَتْبَعُنِي مِنْ بَعْدُ مَنْ كان تاليا

وذكر المدائني قال وقع الطاعون بمصر فِي وِلَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ إِيَّاهَا فَخَرَجَ هَارِبًا مِنْهُ فَنَزَلَ قَرْيَةً مِنْ قُرَى الصَّعِيدِ يُقَالُ لَهَا سُكَرَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ حِينَ نَزَلَهَا رَسُولٌ لِعَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ مَا اسْمُكَ قَالَ طَالِبُ بْنُ مُدْرِكٍ فَقَالَ أَوَّهْ مَا أَرَانِي رَاجِعًا إِلَى الْفُسْطَاطِ (أَبَدًا) فَمَاتَ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ (وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ أَبِي رُوَيْحٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ جِئْتُ عُمَرَ حِينَ قَدِمَ (مِنَ) الشَّامِ فَوَجَدْتُهُ قَائِلًا فِي خِبَائِهِ فَانْتَظَرْتُهُ فِي فَيْءِ الْخِبَاء فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَضَوَّرَ مِنْ نَوْمِهِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رُجُوعِي مِنْ سَرْغَ يَعْنِي حِينَ رَجَعَ مِنْ أَجْلِ الْوَبَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْخَبَرُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ)

وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ الْمَرْفُوعَةَ فِي الطَّاعُونِ فِي باب محمد بن منكدر مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَبْيَنُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى شَرْحٍ وَتَفْسِيرٍ وَفِيهِ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَفِيهِ أَيْضًا رِوَايَةُ الْكَبِيرِ عَمَّنْ دُونَهُ فِي الْعِلْمِ وَالْمَنْزِلَةِ إِذَا كَانَ ثِقَةً وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ يَذْهَبُ عَنِ الْعَالِمِ الْحَبْرِ مَا يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِمَّنْ لَيْسَ مِثْلَهُ وَكَانَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ بِمَوْضِعٍ لَا يُوَازِيهِ أَحَدٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ لَوْ وُضِعَ عِلْمُ عُمَرَ فِي كِفَّةٍ وَعِلْمُ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي كِفَّةٍ رَجَحَ عِلْمُ عُمَرَ وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم رَأَى أَنَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَسُقِيَ بِهَا لَبَنًا فَنَاوَلَ فَضْلَهُ عُمَرَ فَقِيلَ لَهُ مَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْعِلْمُ وَأَخْبَارُهُ فِي الْفِقْهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى وَقَدْ جَلَبْنَا الْكَثِيرَ مِنْهَا فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْحُجَّةَ لَازِمَةٌ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ (الْعَدْلِ) وَأَنَّ الْمَرْءَ يَجِبُ عَلَيْهِ الِانْقِيَادُ لِلسُّنَّةِ إِذَا ثَبَتَتْ عِنْدَهُ مِنْ نَقْلِ الْكَافَّةِ كَانَتْ أَوْ مِنْ نَقْلِ الْآحَادِ الْعُدُولِ وَفِيهِ سُرْعَةُ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ الِانْقِيَادِ لِلْعِلْمِ وَالِاسْتِعْمَالِ لَهُ وبالله التوفيق

الحديث الخامس عشر

ابْنُ شِهَابٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُتَّصِلٌ وَهُوَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ (الْكِنْدِيُّ (1)) يُقَالُ إِنَّهُ مَخْزُومِيٌّ (وَلَا يَصِحُّ) وَيُقَالُ إِنَّهُ كِنَانِيٌّ وَيُقَالُ إِنَّهُ لَيْثِيٌّ وَيُقَالُ هُذَلِيٌّ وَيُقَالُ أَزْدِيٌّ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ هُوَ مِنَ الْأَزْدِ وَعِدَادُهُ فِي كِنَانَةَ وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ بْنُ أُخْتِ النَّمِرِ وَهُوَ يُنْسَبُ فِي كِنْدَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُقَالُ إِنَّهُ مِنْ كِنْدَةَ وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي أُمَيَّةَ أَوْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ يُكْنَى أَبَا يَزِيدَ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَغِيرٌ وَحَفِظَ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى خَاتَمَ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ كَزِرِّ الْحَجَلَةِ وَأَنَّهُ مَسَحَ رَأَسَهُ وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ

وَأَنَّهُ تَلَقَّاهُ فِي انْصِرَافِهِ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الْمَدَنِيِّ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ بْنَ أُخْتِ النَّمِرِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَخْرَجَ يَوْمَ الْفَتْحِ مِنْ تَحْتِ سِتَارِ الْكَعْبَةِ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ خَطَلٍ فَضَرَبَ عُنُقَهُ (صَبْرًا) وَأَبُوهُ يَزِيدُ لَهُ صُحْبَةٌ وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ يُقَالُ هُوَ ابْنُ أُخْتِ النَّمِرِ بْنِ جَبَلٍ وَالنَّمِرُ بْنُ جَبَلٍ خَالُهُ وَتُوُفِّيَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَقَدْ ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ مَوْلَى السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَخِي النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ قَالَ كَانَ وَسَطُ رَأْسِ السَّائِبِ أَسْوَدَ وَبَقِيَّةُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ أَبْيَضَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ يَا سَيِّدِي وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ رَأْسِكَ هَذَا قَطُّ هَذَا أَبْيَضَ وَهَذَا أَسْوَدُ قَالَ أَفَلَا أُخْبِرُكَ يَا بُنِيَّ قُلْتُ بَلَى قال إني كنت مع الصبيان أَلْعَبُ فَمَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَرَضْتُ لَهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ وَعَلَيْكَ مَنْ أَنْتَ قَالَ قُلْتُ (أَنَا) السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ أَخُو النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ قَالَ فَمَسَحَ رَأْسِي وَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ فَلَا وَاللَّهِ (لَا) يَبْيَضُّ أَبَدًا وَلَا يَزَالُ هَكَذَا (أَبَدًا) (هَكَذَا) قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ

الْكُوفِيُّ وَهُوَ وَهْمٌ وَغَلَطٌ مِنْهُ أَوْ مِمَّنْ نَقَلَ عَنْهُ لَمْ يُتَابَعْ عَلَى قَوْلِهِ أَخُو النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ وَذِكْرُ قَاسِطٍ هَاهُنَا خَطَأٌ وَأَظُنُّهُ لَمَّا لَمْ يُعْرَفِ النَّمِرُ خَالُ السَّائِبِ فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ يُوجَدُ مَنْسُوبًا تَوَهَّمَهُ النَّمِرَ بْنَ قَاسِطٍ لِشُهْرَتِهِ فِي أَنْسَابِ رَبِيعَةَ فَأَخْطَأَ والغلط لا يسلم منه أحد (وقد ذكرنا فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ (1) وَذَكَرْنَا طَرَفًا مِنْ أَخْبَارِهِ هُنَاكَ فَأَغْنَى عَنْ أَخْبَارِهِ هَاهُنَا) مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيِّ عَنْ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي سُبْحَتِهِ قَاعِدًا قَطُّ حَتَّى كَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِعَامٍ فَكَانَ يُصَلِّي فِي سُبْحَتِهِ قَاعِدًا وَيَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ السَّائِبِ وَرَوَاهُ أَبُو حُمَةَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِي قرة موسى

ابن طَارِقٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ الْجُنْدَعِيِّ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ فَأَخْطَأَ فِيهِ وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ عَنْ مَالِكِ (بْنِ أَنَسٍ) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ كَمَا رَوَاهُ النَّاسُ وَهُوَ الصَّوَابُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِجَازَةُ صَلَاةِ النَّافِلَةِ جَالِسًا لِمَنْ يُطِيقُ الْقِيَامَ وَالسُّبْحَةُ النَّافِلَةُ دَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مِيقَاتِهَا فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً يَعْنِي نَافِلَةً قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ) لَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمَصَلِّينِ وَقَدْ يَحْتَمِلُ فِي اللُّغَةِ أَنْ تَكُونَ السُّبْحَةُ اسْمًا لِجِنْسِ الصَّلَاةِ كُلِّهَا نَافِلَةٍ وَغَيْرِهَا وَفِي اللُّغَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ أَصْلُهَا الدُّعَاءُ لَكِنَّ الْأَسْمَاءَ الشَّرْعِيَّةَ أَوْلَى لِأَنَّهَا قَاضِيَةٌ عَلَى اللُّغَوِيَّةِ وَفِي قَوْلِ رَسُولِ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً وَقَدْ رُوِيَ اجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ نَافِلَةً وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لِلَّذِينِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ بِمَسْجِدِ الْخَيْفِ إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا الْمَسْجِدَ فَصَلِّيَا مَعَ النَّاسِ تَكُونُ لَكُمَا سُبْحَةً وَرُوِيَ تَكُونُ لَكُمَا نَافِلَةً وَهَذَا كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّبْحَةَ حَقِيقَتُهَا فِي الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ النَّافِلَةُ دُونَ الْفَرِيضَةِ لِأَنَّهُ مَرَّةً يَقُولُ سُبْحَةً وَمَرَّةً (يَقُولُ) نَافِلَةً وَفِيهِ تَرْتِيلُ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ وَاخْتَارَهُ لَهُ وَلِسَائِرِ أُمَّتِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا وَالتَّرْتِيلُ التَّمَهُّلُ وَالتَّرَسُّلُ لِيَقَعَ مَعَ ذَلِكَ التَّدَبُّرُ وَكَذَلِكَ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرْفًا حَرْفًا فِيمَا حَكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَغَيْرُهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا فَضْلَ التَّرْتِيلِ عَلَى الْهَذِّ فِي كِتَابٍ جَمَعْنَاهُ فِي (الْبَيَانِ عَنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ) وَفِي قَوْلِ حَفْصَةَ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ (أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا) دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْهَذِّ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ تَكُونَ) أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا إِذَا رُتِّلَتِ الَّتِي هِيَ أَطْوَلُ

مِنْهَا مِثْلَ تَرْتِيلِهَا وَإِنَّمَا أَرَادَتْ أَطْوَلَ (مِنْ أَطْوَلَ) مِنْهَا إِذَا حُدِرَتْ تِلْكَ وَهَذَّ بِهَا قَارِئُهَا وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي فِي النَّافِلَةِ جَالِسًا إِلَّا فِي آخِرِ عُمُرِهِ وَذَلِكَ حِينَ أَسَنَّ وَضَعُفَ عَنِ الْقِيَامِ وَبَدِنَ وَأَنَّهُ كَانَ صَابِرًا طُولَ عُمُرِهِ عَلَى الْقِيَامِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْعَمَلِ حَتَّى كَانَتْ تَرِمُ قَدَمَاهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَضْلَ فِي النَّافِلَةِ قَائِمًا مِثْلَمَا ذَلِكَ فِيهَا جَالِسًا دَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ يَعْنِي فِي الْأَجْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ سَمِعَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى وَرِمَتْ قَدَمَاهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ

ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ الرِّقَاشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ تَفْعَلُ هَذَا وَقَدْ غَفَرَ (اللَّهُ) لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ (قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ) بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حدثنا ابن عجلان قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُبَادِرُونِي بِرُكُوعٍ وَلَا بِسُجُودٍ فَإِنِّي مَهْمَا أَسْبِقُكُمْ بِهِ

إِذَا رَكَعْتُ تُدْرِكُونِي بِهِ إِذَا رَفَعْتُ إِنِّي قَدْ بَدُنْتُ كَذَا قَالَ بَدُنْتُ بِالضَّمِّ وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ حَمَلَ اللَّحْمَ وَثَقُلَ كَذَا فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ بِفَتْحِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِهَا فَيَعْنِي أَنَّهُ أَسَنَّ وَضَعُفَ بِأَخْذِ السِّنِّ مِنْهُ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ هَذَا الَّذِي يَرْوِي قَدْ بَدَّنْتُ فَقُلْتُ مَا الْحُجَّةُ فِيهِ قَالَ قَوْلُ الشَّاعِرِ ... قَامَتْ تُرِيكَ بَدَنًا مَكْنُونَا ... كَعِرْقَيِ الْبِيضِ اسْتَمَاتَ لِينَا ... ... وَخِلْتَ أَنَّ الشَّيْبَ وَالتَّبْدِينَا ... ... وَالنَّأْيَ مِمَّا يذهل القرينا

الحديث التاسع

ابْنُ شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُتَّصِلٌ وَهُوَ مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سُرَاقَةَ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ سَمِعَ مِنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَقِلَ مَجَّةً مَجَّهَا مِنْ دَلْوٍ فِي بِئْرِهِمْ يُكْنَى أَبَا نُعَيْمٍ رَوَى عَنْهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَتُوُفِّيَ مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ محمود ابن الرَّبِيعِ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يَؤُمُّ قومه وهو أعمى وَأَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا تَكُونُ الظُّلْمَةُ وَالسَّيْلُ وَالْمَطَرُ وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ

فَصَلِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فَأَشَارَ لَهُ إِلَى مَكَانٍ مِنَ الْبَيْتِ فَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ وَهُوَ غَلَطٌ بَيِّنٌ وَخَطَأٌ غَيْرُ مُشْكِلٍ وَوَهْمٌ صَرِيحٌ لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ وَلِهَذَا لَمْ نَشْتَغِلْ بِتَرْجَمَةِ الْبَابِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ لِأَنَّهُ مِنَ الْوَهْمِ الَّذِي يُدْرِكُهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِالْعِلْمِ كَبِيرُ عِنَايَةٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَلَا مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ وَلَا يُحْفَظُ إِلَّا لِمَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهِ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ وَمَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَطَأٌ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ وَالْعِصْمَةُ بِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ إِمَامَةَ الْأَعْمَى جَائِزَةٌ وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُجَمَّعُ فِي مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ لِعُذْرٍ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَفِيهِ التَّخَلُّفُ عَنِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَطَرِ وَالظُّلْمَةِ لِمَنْ لَمْ يُطِقِ الْمَشْيَ إِلَيْهَا أَوْ تَأَذَّى بِهِ وَفِيهِ أَنْ يُخْبِرَ الْإِنْسَانُ عَنْ نَفْسِهِ بِعَاهَةٍ فِيهِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الشَّكْوَى وَفِيهِ التَّبَرُّكُ بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَطِئَهَا وَقَامَ عَلَيْهَا وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا كَانَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ مِنْ صَرِيحِ الْإِيمَانِ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَجَمِيلِ الْأَدَبِ فِي إِجَابَتِهِ كُلَّ مَنْ دَعَاهُ إِلَى مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ أَبُو الْحُسَيْنِ الْمَعْنَى قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَصَابَنِي فِي بَصَرِي بَعْضُ الشَّيْءِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَدْ أَصَابَنِي فِي بَصَرِي بَعْضُ الشَّيْءِ وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَنِي فَتُصَلِّيَ فِي مَنْزِلِي فَأَتَّخِذَهُ مُصَلًّى فَفَعَلَ وَأَخْبَرَنِي سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ

عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ شَهِدَ حُنَيْنًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْلِمًا وَقَالَ ابْنُ الْبَرْقِيِّ هُوَ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عِجْلَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ غَنْمِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ شَهِدَ بَدْرًا فِيمَا قَالَهُ عُرْوَةُ وَالزُّهْرِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ حَدَّثَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِحَدِيثٍ لَعِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ أَنْكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ حدث مَالِكٍ هَذَا يَرُدُّهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّخَلُّفِ عَنِ الصَّلَاةِ قَالَ أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ قَالَ نَعَمْ فَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ (وَهَذَا عِنْدَنَا عَلَى الْجُمُعَةِ فَلَا تَتَعَارَضُ الْأَحَادِيثُ وَحَدِيثُ مَالِكٍ لِعِتْبَانَ فِي الظُّلْمَةِ وَالسَّيْلِ وَالْمَطَرِ

أَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ (وَهُوَ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ) وَقَدْ ذَكَرْتُ طُرُقَ حَدِيثِ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ فِي بَابِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَسُقْتُ مِنْهَا هُنَاكَ مَا يَشْفِي النَّاظِرَ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث العاشر

ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَاسْمُ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاسْمِ جَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ أَبِي أُمَامَةَ وَأُمُّهُ ابْنَةُ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ ذَكَرُهُ أَحْمَدُ بن زهير قال سمعت أحمد بن حنيل (يَقُولُ) وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَرَى نَسَبَهُ نَظَرَهُ عِنْدَ ذِكْرِ أَبِيهِ مِنْ كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ كَانَ أَبُو أُمَامَةَ هَذَا مِنْ جِلَّةِ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ وَكِبَارِهِمْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْلِدِهِ وَسَمِعَ أَبَاهُ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَإِنْ كَانَ مَعْدُودًا فِي كِبَارِ التَّابِعِينَ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسَحَ رَأَسَهُ (وَسَمَّاهُ) وَكَنَّاهُ (وكان) مولده

قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَنَتَيْنِ وَمَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ الِاثْنَانِ مِنْهَا مُتَّصِلَانِ وَالثَّالِثُ مُرْسَلٌ

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مُتَّصِلٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ قَالَ رَأَى عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَغْتَسِلُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ فَلُبِطَ بِسَهْلٍ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَقَالَ هَلْ تَتَّهِمُونَ لَهُ أَحَدًا قَالُوا نَتَّهِمُ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ قَالَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرَ (بْنَ رَبِيعَةَ) فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ أَلَا بَرَّكْتَ اغْتَسِلَ لَهُ فَغَسَلَ عَامِرٌ وَجْهَهُ (وَيَدَيْهِ) وَمَرْفِقَيْهِ

وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ صُبَّ عَلَيْهِ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا فِي غُسْلِ الْعَائِنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ قَوْلِهِ اغْتَسِلْ لَهُ وَفِيهِ كَيْفِيَّةُ الْغُسْلِ مِنْ فِعْلِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ رَأَى عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَتَعَجَّبَ مِنْهُ فَقَالَ تَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ فِي خِدْرِهَا أَوْ قَالَ جِلْدَ فَتَاةٍ فِي خِدْرِهَا قَالَ فَلُبِطَ حَتَّى مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَالَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلْ تَتَّهِمُونَ أَحَدًا قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا أَنَّ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ قَالَ لَهُ كَذَا وَكَذَا فَدَعَا عَامِرًا فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ إِذَا رَأَى مِنْهُ شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ قَالَ ثُمَّ أَمَرَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَظَهْرَ عَقِبَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَغَسَلَ صَدْرَهُ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ قَدَمَيْهِ ظَاهِرَهُمَا فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ أَمَرَهُ فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ وَكَفَأَ

الْإِنَاءَ مِنْ خَلْفِهِ قَالَ وَأَمَرَهُ فَحَسَا مِنْهُ حَسَوَاتٍ قَالَ فَقَامَ فَرَاحَ مَعَ الرَّكْبِ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ لِلزُّهْرِيِّ مَا كُنَّا نَعُدُّ هَذَا حَقًّا قَالَ بَلْ هِيَ السُّنَّةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا غَرِيبُ هَذَا الْحَدِيثِ فَالْمُخَبَّأَةُ مَهْمُوزٌ مِنْ خَبَّأْتُ الشَّيْءَ إِذَا سَتَرْتُهُ وَهِيَ الْمُخَدَّرَةُ الْمَكْنُونَةُ الَّتِي لَا تَرَاهَا الْعُيُونُ وَلَا تَبْرُزُ لِلشَّمْسِ فَتُغَيِّرُهَا يَقُولُ إِنَّ جِلْدَ سَهْلٍ كَجِلْدِ الْجَارِيَةِ الْمُخَدَّرَةِ إِعْجَابًا بِحُسْنِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ الرُّقَيَاتِ ... ذَكَّرَتْنِي الْمُخَبَّآتِ لَدَى الْحِجْرِ ... يُنَازِعْنَنِي سُجُوفَ الْحِجَالِ ... ... وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَرْمَةَ ... يَا لَكِ مِنْ خُلَّةٍ مُبَاعِدَةٍ ... ... تَكْتُمُ أَسْرَارَهَا وَتَخْبَؤُهَا ... ... وَلُبِطَ صُرِعَ وَسَقَطَ تَقُولُ مِنْهُ لُبِطَ بِهِ يَلْبِطُ لَبْطًا فَهُوَ

مَلْبُوطٌ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لُبِطَ وُعِكَ قَالَ الْأَخْفَشُ يُقَالُ لُبِطَ بِهِ وَلُبِجَ بِهِ إِذَا سَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ مِنْ خَبَلٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ إِعْيَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي قَوْلِهِ دَاخِلَةُ إِزَارِهِ هُوَ الْحَقْوُ يُجْعَلُ مِنْ تَحْتِ الْإِزَارِ فِي حَقْوِهِ وَهُوَ طَرَفُ الْإِزَارِ (الَّذِي تَعْطِفُهُ إِلَى يَمِينِكَ) ثُمَّ تَشُدُّ عَلَيْهِ الْأَزِرَّةَ قَالَ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَفَسَّرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ بِنَحْوِ ذَلِكَ أَيْضًا قَالَ دَاخِلَةُ الْإِزَارِ هُوَ الطَّرَفُ الْمُتَدَلِّي الَّذِي يَضَعُهُ الْمُؤْتَزِرُ أَوَّلًا عَلَى حَقْوِهِ الْأَيْمَنِ وَقَالَ الْأَخْفَشُ دَاخِلَةُ إِزَارِهِ الْجَانِبُ الْأَيْسَرُ مِنَ الْإِزَارِ الَّذِي تَعْطِفُهُ إِلَى يَمِينِكَ ثُمَّ تَشُدُّ الْإِزَارَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ طَرَفُ إِزَارِهِ الدَّاخِلُ الَّذِي يَلِي جَسَدَهُ وَهُوَ يَلِي الْجَانِبَ الْأَيْمَنَ مِنَ الرَّجُلِ لِأَنَّ الْمُؤْتَزِرَ إِنَّمَا يَبْدَأُ بِجَانِبِهِ الْأَيْمَنِ فَذَلِكَ الطَّرَفُ يُبَاشِرُ جَسَدَهُ فَهُوَ الَّذِي يُغْسَلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْإِزَارُ هُوَ الْمِئْزَرُ عِنْدَنَا فَمَا الْتَصَقَ مِنْهُ بِخَصْرِهِ

وَسُرَّتِهِ فَهُوَ دَاخِلَةُ إِزَارِهِ وَأَمَّا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْمَعْنَى فَفِيهِ الِاغْتِسَالُ بِالْعَرَاءِ فِي السَّفَرِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِيهِ أَنَّ النَّظَرَ إِلَى الْمُغْتَسِلِ مُبَاحٌ إِذَا لَمْ يَنْظُرُ مِنْهُ إِلَى عَوْرَةٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ لِعَامِرٍ لِمَ نَظَرْتَ إليه وإنما عاتبه على ترك التبريك لا غير وَقَدْ يَسْتَحِبُّ الْعُلَمَاءُ أَنْ لَا يَنْظُرَ الْإِنْسَانُ إِلَى الْمُغْتَسِلِ خَوْفًا أَنْ تَقَعَ عَيْنُ النَّاظِرِ مِنْهُ عَلَى عَوْرَةٍ وَلَيْسَ بِمُحَرَّمِ النَّظَرُ مِنْهُ إِلَى غَيْرِ عَوْرَةٍ وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي طِبَاعِ الْبَشَرِ الْإِعْجَابَ بِالشَّيْءِ الْحَسَنِ وَالْحَسَدَ عَلَيْهِ وَهَذَا لَا يَمْلِكُهُ الْمَرْءُ مِنْ نَفْسِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُعَاتِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا عَاتَبَهُ عَلَى تَرْكِ التَّبْرِيكِ الَّذِي كَانَ فِي وُسْعِهِ وطاقته وفيه أن العين حق وأنا تصرع وتودي وَتَقْتُلُ وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ هَذَا أَنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ أَبِيهِ وَرُوِيَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ أَيْضًا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن

ابن سُلَيْمَانَ بْنِ الْغَسِيلِ قَالَ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ خَالِدٍ الْأَنْمَارِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبِي سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ وَهُوَ عَنْ قَتْلِهِ غَنِيٌّ إِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ أَوْ مِنْ مَالِهِ فَلْيُبَرِّكْ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ دَلِيلٌ (عَلَى) أَنَّ الْعَيْنَ رُبَّمَا قَتَلَتْ وَكَانَتْ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ الْمَنِيَّةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُؤَزَّرٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ سُحَيْمِ بن نوفل قال كنا عن عَبْدِ اللَّهِ نَعْرِضُ الْمَصَاحِفَ فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ أَعْرَابِيَّةٌ إِلَى رَجُلٍ مِنَّا فَقَالَتْ

إِنَّ فُلَانًا قَدْ لَقَعَ مُهْرَكَ بِعَيْنِهِ وَهُوَ يَدُورُ فِي فَلَكٍ لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يَبُولُ وَلَا يَرُوثُ فَالْتَمِسْ لَهُ رَاقِيًا فقال عبد الله لا نلتمس لَهُ رَاقِيًا وَلَكِنِ ائْتِهِ فَانْفُخْ فِي مِنْخَرِهِ الْأَيْمَنِ أَرْبَعًا وَفِي الْأَيْسَرِ ثَلَاثًا وَقُلْ لَا بَأْسَ أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا يَكْشِفُ الضُّرَّ إِلَّا أَنْتَ فَقَامَ الرَّجُلُ فَانْطَلَقَ فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى رَجَعَ فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ فَعَلْتُ الَّذِي أَمَرْتَنِي بِهِ فَمَا برحت حتى أكل وشرب (وبال) وارث وَحَكَى الْمَدَائِنِيُّ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ حَجَّ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَتَى الْمَدِينَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ هِشَامٌ مَا رَأَيْتُ ابْنَ سَبْعِينَ أَحْسَنَ كِدْنَةً مِنْهُ فَلَمَّا صَارَ سَالِمٌ فِي مَنْزِلِهِ حُمَّ فَقَالَ أَتَرَوْنَ الْأَحْوَلَ لَقَعَنِي بِعَيْنَيْهِ فَمَا خَرَجَ هِشَامٌ مِنْ الْمَدِينَةِ حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ زِيَادَةً فِي هَذَا الْمَعْنَى وَشَرْحًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي تَغَيُّظِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَأْنِيبَ كُلِّ مَنْ كَانَ مِنْهُ أَوْ بِسَبَبِهِ سُوءٌ وَتَوْبِيخُهُ مُبَاحٌ وَإِنْ كَانَ النَّاسُ كلهم يجرون

تَحَتَ الْقَدَرِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَاتِلَ يُقْتَلُ وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ يَمُوتُ بِأَجَلِهِ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ صَاحِبُ الزَّعْفَرَانِيِّ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلًا أَبِأَجَلِهِ قَتَلَهُ قَالَ قَتَلَهُ بِأَجَلِهِ وَعَصَى رَبَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَذَلِكَ يُوَبَّخُ كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْهُ أَوْ بِسَبَبِهِ سُوءٌ وَإِنْ كَانَ الْقَدَرُ قَدْ سَبَقَ لَهُ بِذَلِكَ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ لَوْ كَانَ شَيْءٌ يَسْبِقُ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ لَا يُصِيبُهُ إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ وَأَنَّ الْعَيْنَ لَا تَسْبِقُ الْقَدَرَ وَلَكِنَّهَا مِنَ الْقَدَرِ وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا بَرَّكْتَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ لَا تَضُرُّ وَلَا تَعْدُو إِذَا بَرَّكَ الْعَائِنُ وَأَنَّهَا إِنَّمَا تَعْدُو إِذَا لَمْ يُبَرِّكْ فَوَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ أَعْجَبَهُ شَيْءٌ أَنْ يُبَرِّكَ فَإِنَّهُ إِذَا دَعَا بِالْبَرَكَةِ صرف

الْمَحْذُورُ لَا مَحَالَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالتَّبْرِيكُ أَنْ يَقُولَ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ اللَّهُمَّ بَارِكْ فيه وفيه أن العائن يؤمر بالاغتسال الذي عَانَهُ وَيُجْبَرُ (عِنْدِي) عَلَى ذَلِكَ إِنْ أَبَاهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ حَقِيقَتُهُ الْوُجُوبُ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أن يمنع أخاه ما ينتفع به أخوه وَلَا يَضُرُّهُ هُوَ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ بِسَبَبِهِ وَكَانَ الْجَانِي عَلَيْهِ فَوَاجِبٌ عَلَى الْعَائِنِ الْغُسْلُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ إِبَاحَةُ النُّشْرَةِ وَإِبَاحَةُ عَمَلِهَا وَقَدْ قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي ذَلِكَ إِنَّ هَذَا مِنَ الْعِلْمِ وَإِذَا كَانَتْ مُبَاحَةً فَجَائِزٌ أَخْذُ الْبَدَلِ عَلَيْهَا وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا صَحَّ الِانْتِفَاعُ بِهَا فَكُلُّ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِيَقِينٍ فَأَكْلُ الْمَالِ عَلَيْهِ بَاطِلٌ (مُحَرَّمٌ) وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِالنُّشْرَةِ لِلْمَعِينِ وَجَاءَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ خَرَجَ يَوْمًا وَهُوَ أَمِيرُ الْكُوفَةِ فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنَّ أَمِيرَكُمْ هَذَا لَأَهْضَمَ الْكَشْحَيْنِ (فَعَانَتْهُ) فَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَوُعِكَ ثُمَّ إِنَّهُ بَلَغَهُ مَا قَالَتْ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَغَسَلَتْ لَهُ أَطْرَافَهَا ثُمَّ اغْتَسَلَ (بِهِ) فَذَهَبَ (ذَلِكَ) عَنْهُ وَأَحْسَنُ شَيْءٍ فِي تَفْسِيرِ الاغتسال

لِلْمَعِينِ مَا وَصَفَهُ الزُّهْرِيُّ وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَغَيْرُهُ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) عَنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَامِرًا مَرَّ بِهِ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ قَالَ فَلُبِطَ بِهِ حَتَّى مَا يَعْقِلُ لِشِدَّةِ الْوَجَعِ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَغَيَّظَّ عَلَيْهِ فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَتَلْتَهُ عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ أَلَا بَرَّكْتَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ اغْسِلُوهُ فَاغْتَسَلَ فَخَرَجَ مَعَ الرَّكْبِ قَالَ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ إِنَّ هَذَا مِنَ الْعِلْمِ يَغْتَسِلُ لَهُ الَّذِي عَانَهُ يُؤْتَى بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَيُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْقَدَحِ فَيُمَضْمِضُ وَيَمُجُّهُ فِي الْقَدَحِ وَيَغْسِلُ وَجْهَهُ فِي الْقَدَحِ ثُمَّ يَصُبُّ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى كَفِّهِ الْيُمْنَى ثُمَّ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى عَلَى كفه اليسرى ثم يدخل بيده الْيُسْرَى فَيَصُبُّ بِهَا عَلَى مَرْفِقِ يَدِهِ الْيُمْنَى ثم بيده الْيُمْنَى ثُمَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى مِرْفَقِ

يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَهُ الْيُمْنَى ثُمَّ يُدْخِلُ الْيُمْنَى فَيَغْسِلُ قَدَمَهُ الْيُسْرَى ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فَيَغْسِلُ الرُّكْبَتَيْنِ ثُمَّ يَأْخُذُ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ فَيَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ صَبَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَضَعُ الْقَدَحَ حَتَّى يَفْرُغَ وَزَادَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي قَوْلِ الزُّهْرِيِّ هَذَا حَكَاهُ عَنِ الْحَنَفِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ يَصُبُّ مِنْ خَلْفِهِ صَبَّةً وَاحِدَةً يَجْرِي عَلَى جَسَدِهِ وَلَا يُوضَعُ الْقَدَحُ فِي الْأَرْضِ قَالَ وَيَغْسِلُ أَطْرَافَهُ الْمَذْكُورَةَ (كُلَّهَا) وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي الْقَدَحِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَحُلُّ السِّحْرَ يُؤْتَى بِالْمَسْحُورِ فَيَحُلُّ عَنْهُ فَقَالَ قَدْ رَخَّصَ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ وَمَا أَدْرِي مَا هَذَا

قَالَ الْأَثْرَمُ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي الرَّجُلِ يُؤْخَذُ عَنِ امْرَأَتِهِ فَيَلْتَمِسُ مَنْ يُدَاوِيهِ قَالَ إِنَّمَا نَهَى اللَّهُ عَمَّا يَضُرُّ وَلَمْ يَنْهَ عَمَّا يَنْفَعُ قَوْلُهُ يُؤْخَذُ عَنِ امْرَأَتِهِ أَيِ النِّسَاءِ (قَالَ) وَالْأُخْذَةُ رُقْيَةٌ تَأْخُذُ الْعَيْنَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ قَالَ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الرَّجُلِ يَأْبَقُ لَهُ الْعَبْدُ أَيُؤْخَذُ قَالَ نَعَمْ أَوْ قَالَ لَا بَأْسَ (بِهِ) قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَيْفٍ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ الْأُخْذَةُ (هِيَ) السِّحْرُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ مُحَمَّدِ بْنِ سَيْفٍ قَالَ سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنِ الْأُخْذَةِ فَفَزِعَ وَقَالَ لَعَلَّكَ صَنَعْتَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا قُلْتُ لَا قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ

عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النُّشْرَةِ (فَقَالَتْ) مَا تَصْنَعُونَ بِالنُّشْرَةِ وَالْفُرَاتُ إِلَى جَانِبِكُمْ يَنْغَمِسُ فِيهِ (أَحَدُكُمْ) سَبْعَ انْغِمَاسَاتٍ إِلَى جَانِبِ الْجَرْيَةِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَأْبَقُ لَهُ الْعَبْدُ أَيُؤَخِّذُهُ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَدْ وَخَّذْنَا فَمَا رُدَّ عَلَيْنَا شَيْءٌ أَوْ رَدَّ عَلَيْنَا شَيْئًا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَأَلْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ النُّشْرَةِ فَكَرِهَ نُشْرَةَ الْأَطِبَّاءِ وَقَالَ لَا أَدْرِي مَا يَصْنَعُونَ فِيهَا وَأَمَّا شَيْءٌ تَصْنَعُهُ أَنْتَ فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ أَنَّهُ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ لَيْسَ بِالنُّشْرَةِ الَّتِي يُجْمَعُ فِيهَا مِنَ الشَّجَرِ وَالطِّيبِ وَيَغْتَسِلُ بِهِ الْإِنْسَانُ بَأْسٌ وَذَكَرَ سُنَيْدٌ

قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ عَنْ مَعْمَرٍ وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَاوُسٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرِ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ وَإِذَا اسْتُغْسِلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَغْتَسِلْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَامِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرِ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْتَسِلُوا

الحديث الحادي عشر

حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مُتَّصِلٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ مَيْمُونَةَ (زَوْجِ (1) النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَأُتِيَ (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2)) بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بِيَدِهِ (3)) فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ فَقَالُوا هُوَ ضَبٌّ (يَا رَسُولَ (4) اللَّهِ) فَرَفَعَ (رَسُولُ (5) اللَّهِ) يَدَهُ فَقُلْتُ أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ قَالَ خَالِدٌ فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ينظر

هَكَذَا قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَتَابَعَهُ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُمَا دَخَلَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ مَيْمُونَةَ وَتَابَعَهُ قَوْمٌ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَخَالِدًا شَهِدَا هَذِهِ الْقِصَّةَ بِنَحْوِ رِوَايَةِ ابْنِ بُكَيْرٍ وَلَمْ تَخْتَلِفْ نُسَخُ الْمُوَطَّإِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ فَأَخْطَأَ فِي إِسْنَادِهِ جَعَلَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَنِ بْنِ عَلَّانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ زِيَادٍ السَّاجِيُّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ مَيْمُونَةَ وَمَعَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَأُتِيَ بِضَبٍّ فَأَهْوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ إِنَّهُ ضَبٌّ فَرَفَعَ يَدَهُ

فَقِيلَ (لَهُ) أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ قَالَ فَأَمَّا خَالِدٌ فَأَكَلَهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ (وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ (1) بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَالِكِيِّ الْقَاضِي بِالْبَصْرَةِ عَنْ بُنْدَارٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ) وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ (مِثْلَهُ) سَوَاءً وَالضَّبُّ دُوَيْبَّةٌ مَعْرُوفَةٌ بِأَرْضِ الْيَمَنِ وَلَيْسَ مَوْجُودًا بِمَكَّةَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي وَأَظُنُّهُ بِالْحِجَازِ كُلِّهِ غَيْرَ مَأْكُولٍ أَيْضًا عِنْدَهُمْ وَلَا مَوْجُودًا أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَقَلَهُ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْأَخْبَارِ أَنَّ مَدَنِيًّا سَأَلَ أَعْرَابِيًّا فَقَالَ أَتَأْكُلُونَ الضَّبَّ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ وَالْيَرْبُوعَ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَالْقُنْفُذَ قَالَ نَعَمْ

قَالَ وَالْوَرَلَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَتَأْكُلُونَ أُمَّ حبين قال لا قال فليهنىء أم جبين الْعَافِيَةُ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الضَّبَّ لَا يُوجَدُ إِلَّا فِي بَعْضِ أَرْضِ الْعَرَبِ قَوْلُ بَعْضِ بَنِي تَمِيمٍ ... لَكِسْرَى كَانَ أَعْقَلَ مِنْ تَمِيمٍ ... لَيَالِيَ فَرَّ مِنْ أَرْضِ الضِّبَابِ ... ... وَقَالَ غَيْرُهُ ... بِلَادٌ تَكُونُ الْخَيْمُ أَظْلَالَ أَهْلِهَا ... ... إِذَا حَضَرُوا بِالْقَيْظِ وَالضَّبُّ نُونُهَا ... ... وَقَدْ ذَكَرْنَا صِفَتَهُ بِمَا لَا يُشْكَلُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَأَشْعَارِهَا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَيْضًا مِنَ الْآثَارِ الْمَنْقُولَةِ فِي مَسْخِهِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَبَيَانٌ والحمد لله

وَالْمَحْنُوذُ الْمَشْوِيُّ فِي الْأَرْضِ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَحْفِرُ حُفْرَةً وَتُوقِدُ فِيهَا النَّارَ فَإِذَا حَمِيَتْ وُضِعَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي يُشْوَى فِي الْحَفِيرَةِ وَدُفِنَ فَهُوَ الْحَنِيذُ عِنْدَهُمْ وَقَدْ قِيلَ إِنَّمَا يُوضَعُ فِي التَّنُّورِ إِذَا غُطِّيَ وَطُيِّنَ عَلَيْهِ حَنِيذٌ أَيْضًا يُقَالُ حَنِيذٌ وَمَحْنُوذٌ مِثْلُ قَتِيلٍ وَمَقْتُولٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوَاكِلُ أَصْحَابَهُ فَجَائِزٌ لِلرَّئِيسِ أَنْ يُوَاكِلَ أَصْحَابَهُ وَحَسَنٌ جَمِيلٌ بِهِ ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْكُلُ اللَّحْمَ وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ وَإِنَّمَا كَانَ يَعْلَمُ مِنْهُ مَا يُظْهِرُهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ النُّفُوسَ تَعَافُ مَا لَمْ تَعْهَدْ وَفِيهِ أَنَّ أَكْلَ الضَّبِّ حَلَالٌ وَأَنَّ مِنَ الْحَلَالِ مَا تَعَافُهُ النُّفُوسُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّحْلِيلَ وَالتَّحْرِيمَ لَيْسَ مَرْدُودًا إِلَى الطِّبَاعِ وَلَا إِلَى مَا يَقَعُ فِي النَّفْسِ وَإِنَّمَا الْحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ أَوْ يَكُونُ فِي مَعْنَى مَا حَرَّمَهُ أَحَدُهُمَا وَنَصَّ عَلَيْهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى خَطَأِ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّبِّ (لَسْتُ بِمُحِلِّهِ وَلَا بمحرمه (5))

وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَدْ رَدَّهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ لَمْ يُبْعَثْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا آمِرًا أَوْ نَاهِيًا أَوْ مُحِلًّا أَوْ مُحَرِّمًا وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُؤْكَلْ عَلَى مَائِدَتِهِ (وَأَمَّا دُخُولُ خَالِدِ (1) بْنِ الْوَلِيدِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بَيْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ مَيْمُونَةُ مَعَ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَالَ بَعْضُهُنَّ أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ فَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ الْحِجَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) وَلَيْسَ الضَّبُّ ذَا نَابٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِلْفَرْقِ الَّذِي وَرَدَ بَيْنَ حُكْمِهِ وَحُكْمِ كُلِّ ذِي نَابٍ فِي الْأَكْلِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ سَلَفَ الْقَوْلُ مِنَّا فِي أَكْلِ (كُلِّ) ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مُسْتَوْعَبًا كَامِلًا فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا وَسَيَأْتِي مِنْ ذِكْرِ الْآثَارِ فِي الضَّبِّ بِمَا فِيهِ شِفَاءٌ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الثاني عشر

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ (مُرْسَلٌ) وَهُوَ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ثَابِتَةٍ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ مِسْكِينَةً مَرِضَتْ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَرَضِهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُ الْمَسَاكِينَ وَيَسْأَلُ عَنْهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَاتَتْ فَآذِنُونِي (بِهَا) فَخُرِجَ بِجِنَازَتِهَا لَيْلًا فَكَرِهُوا أَنْ يُوقِظُوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِالَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِهَا فَقَالَ أَلَمْ آمُرْكُمْ أَنْ تُؤْذِنُونِي بِهَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَرِهْنَا أَنْ نُخْرِجَكَ لَيْلًا وَنُوقِظَكَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى صَفَّ بِالنَّاسِ عَلَى قَبْرِهَا وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ

لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَى مُوسَى بْنُ محمد بن إبراهيم القرشي عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ بَعْدَمَا دُفِنَتْ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا وَهَذَا لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ وَمُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ هَذَا مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ (هَذَا الْحَدِيثَ) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ (وَغَيْرِهِ) وَرُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهَا ثَابِتَةٌ وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْعَالِمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَكْرُوهٌ فَيَكُونُ غِيبَةً وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يُتَحَدَّثَ بِأَحْوَالِ النَّاسِ مِنَ التَّوَاضُعِ وَأَنَّهُ كَانَ يَعُودُ الْفُقَرَاءَ فَجَائِزٌ لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَعُودَ

الْمَرْضَى وَإِنْ تَوَاضَعَ وَعَادَ الْمَسَاكِينَ وَشَهِدَ جَنَائِزَهُمْ كَانَ أَفْضَلَ وَأَسْنَى وَكَانَ جَدِيرًا أَنْ يُعَدَّ مِنَ الْخُلَفَاءِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ عِيَادَةِ النِّسَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنَّ ذَوَاتَ مَحْرَمٍ وَمَحَلُّ هَذَا عِنْدِي أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُتَجَالَّةً وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَجَالَّةٍ فَلَا إِلَّا أَنْ يُسْأَلَ عَنْهَا وَلَا يُنْظُرَ إِلَيْهَا وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخُلُقِ الْجَمِيلِ فِي الْعَفْوِ وَإِنَّهُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَلَمْ يَفْعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ وَلَمْ يُعَاتِبْهُمْ وَفِيهِ إِجَازَةُ الْإِذْنِ بِالْجِنَازَةِ وَذَلِكَ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا تُشْعِرُوا بِي أَحَدًا وَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَرَخَّصَ فِيهِ آخَرُونَ وَدَلَائِلُ السُّنَّةِ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فَأَمَّا الَّذِينَ كَرِهُوا ذَلِكَ فَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابُهُ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَإِبْرَاهِيمَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ الْإِيذَانُ بِالْجِنَازَةِ مِنَ النَّعْيِ وَالنَّعْيُ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ إِذَا كَانَ عِنْدَكَ مَنْ يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ فَلَا تُؤْذِنْ أَحَدًا مَخَافَةَ أَنْ يُقَالَ مَا أَكْثَرَ مَنِ اتَّبَعَهُ

قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ قَيْسٍ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لَا تُؤْذِنُوا بِي أَحَدًا كَفِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ (قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَحَيَّنُ بِجَنَائِزِهِ غَفْلَةَ النَّاسِ) قَالَ وَأَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَا تُؤْذِنُوا بِمَوْتِي أَحَدًا حَسْبِي مَنْ يَحْمِلُنِي إِلَى حُفْرَتِي قَالَ وَأَخْبَرَنَا هِشَامٌ الدستوائي

عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ لَا بَأْسَ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ أَنْ يُؤْذَنَ صَدِيقُهُ وَأَصْحَابُهُ إِنَّمَا كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُطَافَ فِي الْمَجَالِسِ أَنْعِي فُلَانًا كَفِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ مَا أَدَعُ مَالًا وَلَا أَدَعُ عَلَيَّ مِنْ دَيْنٍ وَمَا أَدَعُ مِنْ عِيَالٍ يُهِمُّونِي بَعْدِي فَإِذَا (أَنَا) مِتُّ فَلَا تَنْعُونِي إِلَى أَحَدٍ وَأَسْرِعُوا فِي الْمَشْيِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ أَكَانَ النَّعْيُ يُكْرَهُ قَالَ نَعَمْ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فَقَالَ يُؤْذَنُ الرَّجُلَ حَمِيمُهُ وَيُؤْذَنُ صَدِيقُهُ وَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَاتَتْ فَآذِنُونِي بِهَا وَنَعَى النَّجَاشِيَّ لِلنَّاسِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ نَعَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

أَصْحَابَ مُؤْتَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَجُلًا رَجُلًا بَدَأَ بِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ثُمَّ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ قَالَ فَأَخَذَ اللِّوَاءَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَهُوَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ شُهُودُ الْجَنَائِزِ أَجْرٌ وَتَقْوَى وَبِرٌّ وَالْإِذْنُ بِهَا تَعَاوُنٌ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَإِدْخَالُ الْأَجْرِ عَلَى الشَّاهِدِ وَعَلَى الْمُتَوَفَّى أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ أَنْ يَكُونُوا مِائَةً يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَكَانَ أَخَا عَائِشَةَ فِي الرَّضَاعَةِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْعَدَدَ وَمِثْلَهُ لَا يَجْتَمِعُونَ لِشُهُودِ جِنَازَةٍ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنُوا لَهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

وَفِيهِ أَنَّ عِصْيَانَ الْمَرْءِ مَنْ أَمَرَهُ إِذَا أَرَادَ بِعِصْيَانِهِ بِرَّهُ وَتَعْظِيمَهُ لَا يُعَدُّ عَلَيْهِ ذَنْبًا وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَعِزُّ عَلَيْهِ أَنْ يُعْصَى إِذَا لَمْ تُنْتَهَكْ لِلَّهِ حُرْمَةٌ وَلَمْ يعص عز وجل أَلَا تَرَى لِي قَوْلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ قَطُّ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ بِهَا وَفِيهِ إِبَاحَةُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَطَّلِعُ عَلَى مَا غَابَ عَنْهُ إِلَّا أَنْ يُطْلِعَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَفِيهِ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْجِنَازَةِ وَهَذَا عِنْدَ كُلِّ مَنْ أَجَازَهُ وَرَآهُ إِنَّمَا هُوَ بِحِدْثَانِ ذَلِكَ عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ الْمُسْنَدَةُ وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَيْضًا رَحِمَهُمُ اللَّهُ مِثْلُ ذَلِكَ وَفِيهِ الصَّفُّ عَلَى الْجِنَازَةِ وَفِيهِ أَنَّ التَّكْبِيرَ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ وَفِيهِ أَنَّ سُنَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ كَسُنَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ سَوَاءٌ فِي الصَّفِّ عَلَيْهَا وَالدُّعَاءِ وَالتَّكْبِيرِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فَجَاءَ وَقَدْ سُلِّمَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَقَدْ دُفِنَتْ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ وَمَنْ لم يدرك

الصَّلَاةَ مَعَ النَّاسِ عَلَيْهَا لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهَا وَلَا يُصَلِّ عَلَى الْقَبْرِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ والأوزاعي وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَقَالَ بن القاسم قلت لمالك فَالْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ قَالَ قَدْ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَدِمَ بعدما توفي عاصم أخوه فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالَ أَيْنَ قَبْرُ أَخِي فَدَلُّوهُ عَلَيْهِ فَأَتَاهُ فَدَعَا لَهُ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَبِهِ نَأْخُذُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا انْتَهَى إِلَى جِنَازَةٍ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهَا دَعَا وَانْصَرَفَ وَلَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ وَذُكِرَ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ لَا تُعَادُ عَلَى مَيِّتٍ صَلَاةٌ قَالَ وَقَالَ مَعْمَرٌ كَانَ الْحَسَنُ إِذَا فَاتَتْهُ صَلَاةٌ عَلَى جِنَازَةٍ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهَا وَكَانَ قَتَادَةُ يُصَلِّي عَلَيْهَا بَعْدُ إِذَا فَاتَتْهُ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ رَأْيُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ قول أحمد ابن حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وسائر أصحاب الحديث قال أحمد ابن حَنْبَلٍ رُوِيَتِ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سِتَّةِ وُجُوهٍ حِسَانٍ كُلِّهَا وَفِي كِتَابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ قَرَظَةَ أَنَّ أَحَدَهُمَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ بَعْدَمَا دُفِنَتْ وَصَلَّى الْآخَرُ عَلَيْهَا بَعْدَمَا صُلِّيَ عَلَيْهَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْ مَكَّةَ فَحَمَلْنَاهُ حَتَّى جِئْنَا بِهِ إِلَى مَكَّةَ فَدَفَنَّاهُ فَقَدِمَتْ عَائِشَةُ عَلَيْنَا بَعْدَ ذَلِكَ فَعَابَتْ عَلَيْنَا ذَلِكَ ثُمَّ قَالَتْ أَيْنَ قَبْرُ أَخِي فَدَلَلْنَاهَا عَلَيْهِ فَوُضِعَتْ فِي هَوْدَجِهَا عِنْدَ قَبْرِهِ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا

أحمد بن محمد بن هانىء الطَّائِيُّ الْأَثْرَمُ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا (أَيُّوبُ عَنِ) ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ تُوُفِّيَ فِي مَنْزِلٍ لَهُ كان فيه! فحمناه عَلَى رِقَابِنَا سِتَّةَ أَمْيَالٍ إِلَى مَكَّةَ وَعَائِشَةُ غَائِبَةٌ فَقَدِمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَتْ أَرُونِي قَبْرَ أَخِي فَأَرَوْهَا فَصَلَّتْ عَلَيْهِ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ قَدِمَتْ عَائِشَةُ بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهَا بِشَهْرٍ فَصَلَّتْ عَلَى قَبْرِهِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عن حنش بن المعتمر قَالَ جَاءَ نَاسٌ مِنْ بَعْدِ أَنْ صَلَّى (عَلِيٌّ) عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَأَمَرَ عَلِيٌّ قَرَظَةَ الْأَنْصَارِيَّ أَنْ يَؤُمَّهُمْ (وَيُصَلِّيَ) عَلَيْهِ بَعْدَ مَا دُفِنَ وَعَنِ ابْنِ مُوسَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَأَمَّا السِّتَّةُ وُجُوهٍ الَّتِي ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ رَوَى مِنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صَلَّى) عَلَى قَبْرٍ فَهِيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (حَدِيثُ) سَهْلِ بْنِ حنيف وحديث

سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ وَحَدِيثُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَحَدِيثُ (أَنَسٍ) (وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ) فَأَمَّا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَحَدَّثَنَاهُ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سعيد ابن يحيى أبو سفيان الحميري عن سفيان ابن حسين عن الزهري عن أبي أمامة ابن سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُ فُقَرَاءَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَيَشْهَدُ جَنَائِزَهُمْ إِذَا مَاتُوا قَالَ فَتُوُفِّيَتِ (امْرَأَةٌ) مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قَضَتْ فَآذِنُونِي بِهَا قَالَ فَأَتَوْهُ لِيُؤْذِنُوهُ فَوَجَدُوهُ نَائِمًا وَقَدْ ذَهَبَ اللَّيْلُ فَكَرِهُوا أَنْ يُوقِظُوهُ وَتَخَوَّفُوا عَلَيْهِ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ وَهَوَامَّ الْأَرْضِ قَالَ فَدَفَنَّاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ سَأَلَ عَنْهَا فَقَالُوا يَا رسول الله

أَتَيْنَاكَ لِنُؤْذِنَكَ فَوَجَدْنَاكَ نَائِمًا فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ وَتَخَوَّفْنَا عَلَيْكَ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ وَهَوَامَّ الْأَرْضِ قَالَ فَمَشَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَبْرِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا وَكَبَّرَ أَرْبَعًا وَأَمَّا حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ (حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ) قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أُمَّ سَعْدٍ تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ فَصَلِّ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهَا وَقَدْ دُفِنَتْ قَبْلَ ذَلِكَ بِشَهْرٍ وَرَوَى الْقَطَّانُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أُمَّ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مَاتَتْ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَائِبٌ فَأَتَى قَبْرَهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا وَقَدْ مَضَى لِذَلِكَ شَهْرٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا

الْخُشَنِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ (وَذَكَرَهُ أَبُو بكر الأثرم قال حدثناأحمد بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ سَوَاءً) وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَرُوِّينَاهُ مِنْ وُجُوهٍ أَحْسَنُهَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَا (حَدَّثَنَا) أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَتِ امْرَأَةٌ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَمَاتَتْ فَدُفِنَتْ لَيْلًا

فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فَهَلَّا أَعْلَمْتُمُونِي فَقَالُوا مَاتَتْ لَيْلًا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَصَلَّى عَلَى قَبْرِهَا ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا وَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهَا نُورٌ قَالَ حَمَّادٌ لَا أَدْرِي الْكَلَامَ الْآخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هُوَ أَمْ لَا (وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَا أَخْبَرَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَأَبُو عَامِرٍ الْجَزَّارُ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تُنَقِّي الْمَسْجِدَ مِنَ الْأَذَى ثُمَّ مَاتَتْ فَدُفِنَتْ وَلَمْ يُؤْذَنِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهَا فَانْطَلَقَ إِلَى الْقَبْرِ فَأَتَى عَلَى الْقُبُورِ فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مُمْتَلِئَةٌ عَلَى أَهْلِهَا ظُلْمَةً وَإِنَّ اللَّهَ يُنَوِّرُهَا بِصَلَاتِي عَلَيْهَا (2) ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ فَصَلَّى عَلَيْهَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي أَوْ أَخِي مَاتَ وَقَدْ دُفِنَ فَصَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الأنصاري)

وَأَمَّا حَدِيثُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ فَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَعْفَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ قُنْفُذٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرٍ حَدِيثٍ فَقَالَ مَا هَذَا الْقَبْرُ قَالُوا قَبْرُ فُلَانَةَ قَالَ فَهَلَّا آذَنْتُمُونِي قَالُوا كُنْتَ نَائِمًا فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَفْعَلُوا ادْعُونِي لِجَنَائِزِكُمْ ثُمَّ صَفَّ عَلَيْهَا فَصَلَّى وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ

قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرٍ حَدِيثٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقِيلَ قَبْرُ فُلَانَةَ الْمِسْكِينَةِ قَالَ فَهَلَّا آذَنْتُمُونِي أُصَلِّي عَلَيْهَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ نَائِمًا فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادْعُونِي لِجَنَائِزِكُمْ أَوْ قَالَ أَعْلِمُونِي بِجَنَائِزِكُمْ فَصَفَّ وَصَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ وَصَلَّى عَلَيْهَا وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ ابن دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْقَعْنَبِيُّ جَمِيعًا قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَنْ مُحَمَّدِ) بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ

عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرٍ حَدِيثٍ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَحَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ أَخْبَرَنِي مَنْ مَرَّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ قَالَ فَقُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ يَا أَبَا عَمْرٍو مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا قَالَ أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ عَنْ عَامِرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرٍ حَدِيثِ عَهْدٍ بِدَفْنٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا

مات ليلا فكرهنا أن نوفظك فَنَشُقَّ عَلَيْكَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَّنَا خَلْفَهُ فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ بَعْدَمَا دُفِنَتْ وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَحَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْمَقْدِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ وَعَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ بَعْدَمَا دُفِنَتْ وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ أحمد بن قاسم بن عيسى المقرىء قال حدثنا عبيد الله ابن مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ الْبَغْدَادِيُّ

قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ (بْنُ هانىء قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ) الشَّهِيدِ وَعَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى على قبر بعد ما دُفِنَ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ سِوَى هَذِهِ السِّتَّةِ الْأَوْجُهِ الْمَذْكُورَةِ وَكُلُّهَا حِسَانٌ مِنْهَا (حَدِيثٌ) لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ وَالْحُصَيْنِ بْنِ وَحْوَحٍ وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيِّ فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيَّهَا أَرَادَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ بن مالك الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ

قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا وَرَدْنَا الْبَقِيعَ إِذَا هُوَ بِقَبْرٍ جَدِيدٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقِيلَ فُلَانَةُ فَعَرَفَهَا فَقَالَ أَفَلَا آذَنْتُمُونِي قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ قَائِلًا نَائِمًا فَكَرِهْنَا أَنْ نُؤْذِنَكَ فَقَالَ لَا تَفْعَلُوا لَا يَمُوتَنَّ فِيكُمْ مَيِّتٌ مَا كُنْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلَّا آذَنْتُمُونِي بِهِ فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهِ لَهُ رَحْمَةٌ قَالَ ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ فَصَفَّنَا خَلْفَهُ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُبَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْبَلَوِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ وَحْوَحٍ أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ الْبَرَاءِ مَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فِي الشِّتَاءِ فِي بَرْدٍ وَغَيْمٍ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لِأَهْلِهِ إِنِّي مَا أَرَى طَلْحَةَ إِلَّا وَقَدْ حَدَثَ بِهِ الْمَوْتُ فَآذِنُونِي بِهِ حَتَّى أَشْهَدَهُ وَأُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَعَجِّلُوا بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ فَلَمْ يَبْلُغِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم

بَنِي سَالِمٍ حَتَّى تُوُفِّيَ وَجَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ فَكَانَ مِمَّا قَالَ طَلْحَةُ ادْفِنُونِي (وَأَلْحِقُونِي) بِرَبِّي وَلَا تَدْعُوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْهِ (الْيَهُودَ) أَنْ يُصَابَ بِشَيْءٍ فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ فَجَاءَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى قَبْرِهِ (فِي) قِطَارِهِ بِالْعُصْبَةِ فَصَفَّ وَصَفَّ النَّاسَ مَعَهُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ الْقَ طَلْحَةَ تَضْحَكُ (إِلَيْهِ) وَيَضْحَكُ إِلَيْكَ ثُمَّ انْصَرَفَ وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ (قَالَ) أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ عبد الله بن المنبب

عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ الحارثي (عن أبي أمامة الحارثي) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَمَا دُفِنَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ) بْنُ الْمُنِيبِ (الْمَدَنِيُّ) عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَدْرٍ وَقَدْ تُوُفِّيَتْ يَعْنِي أُمَّ أَبِي أُمَامَةَ فَصَلَّى عَلَيْهَا وَأَمَّا الْعَمَلُ مِنَ الصَّحَابَةِ بِهَذَا فَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ وَأَبِي مُوسَى وَغَيْرِهِمْ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ محمد بن هانىء الْأَثْرَمُ الطَّائِيُّ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَرْبِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ سِيرِينَ حَدَّثَهُ أن أنس بن ملك أَتَى جِنَازَةً وَقَدْ صُلِّيَ عَلَيْهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا (قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي عَنِ الْحَكَمِ قَالَ جَاءَ

سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ وَقَدْ صُلِّيَ عَلَى جِنَازَةٍ فَصَلَّى عَلَيْهَا) قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا الضحاك ابن مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ عَنِ الْمُسْتَظِلِّ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ عَلِيًّا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ بَعْدَمَا صُلِّيَ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ تُوُفِّيَ الزُّبَيْرُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِالْعَقِيقِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ بِالْعَقِيقِ وَدَعَا لَهُ وَأَرْسَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ يُصَلَّى عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ وَيُدْفَنُ بِالْبَقِيعِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا الْخَضِرُ

ابن دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ الضُّبَعِيُّ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ قَالَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَمَعْمَرُ بْنُ سَمِيرٍ الْيَشْكُرِيُّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الدِّرْهَمَيْنِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ فَانْطَلَقْنَا نَطْلُبُ جِنَازَةً نُصَلِّي عَلَيْهَا فَاسْتَقْبَلْنَا أَصْحَابَنَا وَقَدْ فَرَغُوا وَرَجَعُوا قَالَ أَبُو جَمْرَةَ فَذَهَبْتُ أَرْجِعُ فَقَالَ امْضِ بِنَا فَمَضَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ انْطَلَقَ إِلَى الْقَبْرِ فَصَلَّى عَلَيْهِ قَالَ وُهَيْبٌ وَرَأَيْتُ أَيُّوبَ يَفْعَلُهُ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا إسماعيل

ابن إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ تُوُفِّيَ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ وَابْنُ عُمَرَ غَائِبٌ فَقَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ أَيُّوبُ أَحْسَبُهُ قَالَ بِثَلَاثٍ فَقَالَ أَرُونِي قَبْرَ أَخِي فَأَرَوْهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ هَكَذَا قَالَ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ وَهُوَ عِنْدِي وَهْمٌ لَا شَكَّ فِيهِ لِأَنَّ مَعْمَرًا ذَكَرَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَتَى قَبْرَ أَخِيهِ وَدَعَا لَهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ غَيْرِ مَا وَجْهٍ عَنْ نَافِعٍ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ فَصَلَّى عَلَيْهِ بِمَعْنَى فَدَعَا (لَهُ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ دُعَاءٌ وَهُوَ أَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ فَإِذَا كَانَ هَذَا فَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِمَا رَوَى مَعْمَرٌ وَكَذَلِكَ رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ (عَنْ نَافِعٍ) قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا انْتَهَى إِلَى جِنَازَةٍ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهَا دَعَا وَانْصَرَفَ وَلَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ وَقَدْ يَحْتَمِلُ مَا ذَكَرْنَا عَنْ عَائِشَةَ مِنْ صَلَاتِهَا عَلَى قَبْرِ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا دَعَتْ (لَهُ) فَكَنَّى الْقَوْمُ عَنِ الدُّعَاءِ بِالصَّلَاةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَرَبًا وَهَذَا سَائِغٌ فِي اللُّغَةِ وَالشَّوَاهِدُ عَلَيْهِ مَحْفُوظَةٌ مَشْهُورَةٌ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ ذِكْرِهَا هَاهُنَا وَإِذَا احْتَمَلَ هَذَا فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يُقَالَ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ أُرِيدَ بِذِكْرِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ

فِيهَا الدُّعَاءُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَدِيثًا مُفَسِّرًا يُذْكَرُ فِيهِ أَنَّهُ صَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَنَحْوُ هَذَا مِنْ وَجْهِ الْمُعَارَضَةِ وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ فِي النَّظَرِ أَنَّ ذِكْرَ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ إِذَا أَتَى مُطْلَقًا فَالْمُرَادُ بِهِ الصَّلَاةُ المعهودة على الجنائز ومن ادعى غير ذَلِكَ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مَا يَرُدُّ قَوْلَ مَالِكٍ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْقَبْرِ جَاءَ وليس عليه العمل لأنها كلها آثار بَصْرِيَّةٌ وَكُوفِيَّةٌ وَلَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ مَدَنِيٌّ أَعْنِي (عَنِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) وَمَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنَّمَا حَكَى أَنَّهُ لَيْسَ) عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَهُمْ بِالْمَدِينَةِ فِي عَصْرِهِ وَعَصْرِ شيوخه وهو كما قال ما وجدنا عَنْ مَدَنِيٍّ مَا يَرُدُّ (حِكَايَتَهُ هَذِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ نَزَّهَهُ عَنِ التُّهْمَةِ وَالْكَذِبِ وَحَبَاهُ بِالْأَمَانَةِ وَالصِّدْقِ) قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ أَوْ عَلَى جِنَازَةٍ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهَا فَمُبَاحٌ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ خَيْرًا لَمْ يَحْظُرْهُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ (وَقَدْ) قَالَ

اللَّهُ تَعَالَى وَافْعَلُوا الْخَيْرَ وَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرٍ وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ نَسْخُهُ وَلَا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ فَمَنْ فَعَلَ فَغَيْرُ حَرِجٍ وَلَا مُعَنَّفٍ بَلْ هُوَ فِي حِلٍّ وَسَعَةٍ وَأَجْرٍ جَزِيلٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلَّا أَنَّهُ مَا قَدُمَ عَهْدُهُ فَمَكْرُوهٌ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ صَلَّوْا عَلَى الْقَبْرِ إِلَّا بِحِدْثَانِ ذَلِكَ وَأَكْثَرُ مَا رُوِيَ فِيهِ شَهْرٌ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى مَا قَدُمَ مِنَ الْقُبُورِ وَمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَحُجَّةٌ وَنَحْنُ نَتَّبِعُ وَلَا نَبْتَدِعُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِيمَنْ نُسِيَ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ حَتَّى دُفِنَ (أَوْ) فِيمَنْ دَفَنَهُ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ دُونَ أَنْ يُغَسَّلَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ خُشِيَ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ أَنْ يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ نُبِشَ وَغُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ بِحِدْثَانِ ذَلِكَ وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ مِنْ قَتِيلٍ أَوْ مَيِّتٍ فَإِنِّي أَرَى أَنْ يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ قَالَ وَقَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ

لَا يُصَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ مَرَّتَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهَا غَيْرُ وَلِيِّهَا فَيُعِيدُ وَلِيُّهَا الصَّلَاةَ (عَلَيْهَا) إِنْ كَانَتْ لَمْ تُدْفَنْ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ دُفِنَتْ أَعَادَهَا عَلَى الْقَبْرِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ تَرَى الصَّلَاةَ عَلَى الْقَبْرِ قَالَ لَا وَلَا أَرَى عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ شَيْئًا وَلَيْسَ النَّاسُ عَلَى هَذَا الْيَوْمَ وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا أُخَالِفُ النَّاسَ فِيهِ

الحديث الثالث عشر

ابْنُ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُتَّصِلٌ وَهُوَ مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيُّ مِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَدْرَكَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلِأَبِيهِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ وَلِمَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَيْضًا رُؤْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ثِقَةٌ حُجَّةٌ فِيمَا نَقَلَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا بِمِائَةِ دِينَارٍ قَالَ فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدٍ لَهُ فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي وَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ ثُمَّ قَالَ حَتَّى يَأْتِيَنِي خَازِنِي مِنَ الْغَابَةِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْمَعُ فَقَالَ عُمَرُ لَا

وَاللَّهِ لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَعْنَ بْنَ عِيسَى وَرَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ قَالُوا حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ الْحَدِيثَ هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ (وَاللَّيْثُ) وَابْنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ

وَلَمْ يَقُولُوا الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْحُجَّةُ الثَّابِتَةُ فِي ابْنِ شِهَابٍ عَلَى (كُلِّ) مَنْ خَالَفَهُمْ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ قَالَ لَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَشْهَدُ عَلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ لَنَا الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ وَلَمْ يَقُلِ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ يَعْنِي فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ عُمَرَ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ هَاءَ وَهَاءَ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ هَاءَ وَهَاءَ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ مِثْلًا بِمِثْلٍ هَاءَ وَهَاءَ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ هَاءَ وَهَاءَ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ هَاءَ وَهَاءَ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا هَكَذَا رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَرِوَايَةُ أَبِي نُعَيْمٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ مِثْلُ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ عَنِ ابن عيينة غير أَبِي نُعَيْمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِنَحْوِ ذَلِكَ هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ (عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ) عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ مَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى (وَعَلَى ذَا كَانَ النَّاسُ يَرْوِي النَّظِيرُ عَنِ النَّظِيرِ وَالْكَبِيرُ عَنِ الصَّغِيرِ رَغْبَةً فِي الِازْدِيَادِ مِنَ الْعِلْمِ) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَسَعِيدُ (بْنُ نَصْرٍ) قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ (حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ) أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ (أَبِي) ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْمِنْهَالِ قَالَ سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ عَنِ الصَّرْفِ

فَكِلَاهُمَا يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ دَيْنًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الرَّجُلَ الْكَبِيرَ الشَّرِيفَ الْعَالِمَ قَدْ يَلِي الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ وُكَلَاءُ وَأَعْوَانٌ يَكْفُونَهُ وَفِيهِ الْمُمَاكَسَةُ فِي الْبَيْعِ وَالْمُرَوَاضَةِ وَفِيهِ تَقْلِيبُ السِّلْعَةِ وَأَنْ يَتَنَاوَلَهَا الْمُشْتَرِي بِيَدِهِ لِيُقَلِّبَهَا وَيَنْظُرَ فِيهَا وَهَذَا كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي أَنْ لَا يُغْبَنَ الْإِنْسَانُ وَفِيهِ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَانُوا قَدِ اكْتَسَبُوا الْأَرْضَ بِالْمَدِينَةِ وَبَوَادِيهَا وَفِيهِ أَنَّ عِلْمَ الْبُيُوعِ مِنْ عِلْمِ الْخَوَاصِّ لَا مِنْ عِلْمِ الْعَوَامِّ لِجَهْلِ طَلْحَةَ بِهِ وَمَوْضِعُهُ مِنَ الْجَلَالَةِ مَوْضِعُهُ وَفِيهِ أَنَّ الْخَلِيفَةَ وَالسُّلْطَانَ مَنْ كَانَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ إِذَا سَمِعَ أَوْ رَأَى مَا لَا يَجُوزُ فِي الدِّينِ أَنَّ يَنْهَى عَنْهُ وَيُرْشِدَ إِلَى الْحَقِّ فِيهِ وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ تَفَقُّدِ أَحْوَالِ رَعِيَّتِهِ فِي دِينِهِمْ وَالِاهْتِمَامِ بهم

وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ خُلُقِهِمْ وَسِيَرِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا عَزَمُوا عَلَى أَمْرٍ حَلَفُوا عَلَيْهِ وَأَكَّدُوهُ بِالْيَمِينِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفِيهِ أَنَّ الْحُجَّةَ عَلَى مَنْ خَالَفَكَ فِي حُكْمٍ مِنَ الْأَحْكَامِ أَوْ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفِيهِ أَنَّ الْحُجَّةَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لَازِمَةٌ وَفِيهِ أَنَّ النَّسَاءَ لَا يَجُوزُ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ وَإِذَا كَانَ الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ وَهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ يَجُوزُ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ بِإِجْمَاعٍ وَلَا يَجُوزُ فِيهِمَا النَّسَاءُ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَجُوزَ ذَلِكَ فِي الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ الَّذِي هُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ (وَلَا فِي الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ) وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ والفضة بالفضة تبرها وعينها وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ يَدًا بِيَدٍ مَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى وَقَدْ جَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ مَرْدُودٌ بِالسُّنَّةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ وَقَدْ مَضَى رَدُّهُ وَبَيَانُ فَسَادِهِ فِي بَابِ

حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَبَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الرِّبَا فِي الِازْدِيَادِ فِي الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَفِي الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ كَمَا هُوَ فِي النَّسِيئَةِ سَوَاءٌ فِي بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَفِي بَيْعِ بَعْضِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَعْضٍ وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فيه مع توتر الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ (قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ) قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذا كان يدا بيد

وكذلك رواه عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ عُبَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ (وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ) وَزْنًا بِوَزْنٍ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ يَدًا بيد كيف شئتم والبر بالشعير يدا بيد كيف شئتم والتمر بالملح يدا بيد كيف شئتم وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ (التِّرْمِذِيُّ) قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُدْعَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مثلا بمثل والشعير بالشعير مثلا بمثل

حَتَّى خَصَّ الْمِلْحَ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْعَوَّامِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عن رجلين أحدهما مسلم بن يسار عن عبادة بْنِ الصَّامِتِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَاءَ وَهَاءَ وَقَوْلُهُ يَدًا بِيَدٍ سَوَاءٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَدِّ قَبْضِ الصَّرْفِ وَحَقِيقَتِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَصِحُّ الصَّرْفُ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْهُ وَمَكَثَ مَعَهُ مِنْ غَدْوَةٍ إِلَى ضَحْوَةٍ قَاعِدًا وَقَدْ تَصَارَفَا غَدْوَةً فَتَقَابَضَا ضَحْوَةً لَمْ يَصِحَّ هَذَا وَلَا يَكُونُ الصَّرْفُ إِلَّا عِنْدَ الْإِيجَابِ بِالْكَلَامِ وَلَوِ انْتَقَلَا مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ إِلَى مَوْضِعٍ غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ تَقَابُضُهُمَا هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَجُمْلَةُ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ تَرَاخِي الْقَبْضِ فِي الصَّرْفِ سَوَاءٌ كَانَا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ تَفَرَّقَا وَمَحَلُّ قَوْلِ عمر عنده (والله أعلم) والله لا نفارقه حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ

عَلَى الْفَوْرِ لَا عَلَى التَّرَاخِي وَهُوَ الْمَعْقُولُ مِنْ لَفْظِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَاءَ وَهَاءَ عِنْدَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ يَجُوزُ التَّقَابُضُ فِي الصَّرْفِ مالم يَفْتَرِقَا وَإِنْ طَالَتِ الْمُدَّةُ وَانْتَقَلَا إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ عُمَرَ وَاللَّهِ لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَأْخُذَ وَجَعَلُوهُ تَفْسِيرًا لِمَا رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ أَيْضًا وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ فَلَا تُنْظِرْهُ قَالُوا فَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا أَنَّ الْمُرَاعَى الِافْتِرَاقُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا مِنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الدَّيْنَيْنِ يُصَارَفُ عَلَيْهِمَا فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا إِذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ وَلَهُ عَلَى الْآخَرِ دَنَانِيرُ جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا مَا عَلَيْهِ بِمَا عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّ الذِّمَّةَ تَقُومُ مَقَامَ العين الحاضرة وليس يحتاج ها هنا إِلَى قَبْضٍ فَجَازَ التَّطَارُحُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ عُمَرَ لَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ قَالُوا فَالْغَائِبُ بِالْغَائِبِ أَحْرَى أَنْ لَا يجوز

وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ عَلَيْهِمَا أَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ كَالْمَقْبُوضِ وَاخْتَلَفُوا مِنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا فِي أَخْذِ الدَّرَاهِمِ عَنِ الدَّنَانِيرِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِيمَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَرَاهِمُ حَالَّةٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ دَنَانِيرَ (بِهَا) وَإِنْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَهَا بِدَنَانِيرَ وَلْيَأْخُذْ فِي ذَلِكَ عَرَضًا إِنْ شَاءَ وَإِنَّمَا جَازَ هَذَا فِي الْحَالِّ وَمَنَعَهَا فِي الْمُؤَجَّلِ فِرَارًا مِنَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا حَلَّ دَيْنُهُ أَخَذَ بِهِ مَا شَاءَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ بَيْعٍ كَانَ أَوْ قَرْضٍ وَإِنْ لَمْ يَحُلَّ دَيْنُهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ أَقْرَضَ رَجُلًا دَرَاهِمَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِهَا دَنَانِيرَ إِنْ تَرَاضَيَا وَقَبَضَ الدَّنَانِيرَ فِي الْمَجْلِسِ وَقَالَ الْبَتِّيُّ يَأْخُذُهَا بِسِعْرِ يَوْمِهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ يَأْخُذُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ دَنَانِيرَ دَرَاهِمَ وَلَا عَنْ دَرَاهِمَ دَنَانِيرَ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مَا أُقْرِضَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ وَرُوِيَ عَنِ ابن عمر

أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَأَجَازَ ابْنُ شُبْرُمَةَ لِمَنْ بَاعَ طَعَامًا بِدَيْنٍ فَجَاءَ الْأَجَلُ أَنْ يَأْخُذَ بِدَرَاهِمِهِ (طَعَامًا) وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ فِي ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ ثَابِتٌ صَحِيحٌ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدِ بْنِ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْنٍ ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سِمَاكِ بن حرب عن سعيد ابن جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَآخُذُ مَكَانَ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ وَمَكَانَ الدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا افْتَرَقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اعْتِبَارِ الْمَذْكُورَاتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ إِلَيْهِ بِذِكْرِهَا فَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ

الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ الْمَذْكُورَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَوْزُونَانِ وَهُمَا أَصْلٌ لِكُلِّ مَوْزُونٍ فَكُلُّ مَوْزُونٍ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَلَا النَّسَاءُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ قِيَاسًا عَلَى مَا أَجْمَعَتِ (الْأُمَّةُ) عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا وَلَا النَّسَاءُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَإِذَا كَانَ الْمَوْزُونُ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَجَائِزٌ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَجُوزُ النَّسَاءُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ قِيَاسًا عَلَى الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ الْمُجْتَمَعِ عَلَى إِجَازَةِ التَّفَاضُلِ فِيهِمَا وَتَحْرِيمِ النسا لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ قَالُوا وَالْعِلَّةُ فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ الْكَيْلُ فَكُلُّ مَكِيلٍ مِنْ جِنْسٍ واحد فغير جَائِزٌ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَلَا النَّسَا قِيَاسًا عَلَى مَا أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ فِي أَنَّ الْبُرَّ (بِالْبُرِّ) بَعْضَهُ بِبَعْضٍ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ لَا يَجُوزُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ التَّفَاضُلُ وَلَا النَّسَا بِحَالٍ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ جَازَ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ وَلَمْ يَجُزِ النَّسَا عَلَى حَالٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَكِيلُ أَوِ الْمَوْزُونُ مَأْكُولًا أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَمَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِمَا غَيْرُهُمَا لِأَنَّ الْعِلَّةَ (الَّتِي) فِيهِمَا لَيْسَتْ مَوْجُودَةً فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَوْزُونَاتِ غَيْرَهُمَا فَكَيْفَ تَرِدُ قِيَاسًا عَلَيْهِمَا وَذَلِكَ أَنَّ

الْعِلَّةَ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ أَنَّهُمَا أَثْمَانُ الْمَبِيعَاتِ وَقِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ شَيْءٌ مِنَ الْمَوْزُونَاتِ لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ تُسَلِّمَ مَا شِئْتَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فِيمَا عَدَاهُمَا مِنْ سَائِرِ الْمَوْزُونَاتِ وَلَا يُسَلَّمُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ فَبَطَلَ قِيَاسُهَا عَلَيْهِمَا وَرَدُّهَا إِلَيْهِمَا قَالَ وَأَمَّا الْبُرُّ وَالتَّمْرُ وَالشَّعِيرُ فَالْعِلَّةُ عِنْدِي فِيهِمَا الْأَكْلُ لَا الْكَيْلُ فَكُلُّ مَأْكُولٍ أَخْضَرَ كَانَ أَوْ يَابِسًا مِمَّا يدخر كان أو مما لا يدخر فغير جَائِزٌ بَيْعُ الْجِنْسِ مِنْهُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَلَا نَسَاءً وَحَرَامٌ فِيهِ التَّفَاضُلٌ وَالنَّسَاءُ جَمِيعًا قِيَاسًا عَلَى الْبُرِّ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَعَلَى الشَّعِيرِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ (وَعَلَى التَّمْرِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ) لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْإِجْمَاعِ وَالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ قَالَ وَأَمَّا إِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ مِنَ الْمَأْكُولِ فَجَائِزٌ حِينَئِذٍ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ وَحَرَامٌ فِيهِمَا النَّسَاءُ وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ وَأَمَّا أَصْحَابُنَا مِنْ عَصْرِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ (إِلَى) هَلُمَّ جَرَّا وَمَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِ أَصْحَابِهِ فَالَّذِي حَصَلَ عِنْدِي مِنْ تَعْلِيلِهِمْ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ

بَعْدَ اخْتِلَافِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعِبَارَاتِ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ الْقَوْلُ فِيهِمَا (عِنْدَهُمْ) كَالْقَوْلِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُرَدُّ إِلَيْهِمَا شَيْءٌ مِنَ الْمَوْزُونَاتِ لِأَنَّهُمَا قِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ وَأَثْمَانُ الْمَبِيعَاتِ وَلَاشَيْءَ غَيْرَهَمَا كَذَلِكَ فَارْتَفَعَ الْقِيَاسُ عَنْهُمَا لِارْتِفَاعِ الْعِلَّةِ إِذِ الْقِيَاسُ لَا يَكُونُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْقِيَاسِيِّينَ إِلَّا عَلَى الْعِلَلِ لَا عَلَى الْأَسْمَاءِ وَعَلَّلُوا الْبُرَّ وَالتَّمْرَ وَالشَّعِيرَ بِأَنَّهَا مَأْكُولَاتٌ مُدَّخَرَاتٌ أَقْوَاتٌ فَكُلُّ مَا كَانَ قُوتًا مُدَّخَرًا حُرِّمَ التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ وَحُرِّمَ النَّسَاءُ فِي الْجِنْسَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ دُونَ التَّفَاضُلِ وَمَا لَمْ يَكُنْ مُدَّخَرًا قُوتًا مِنَ الْمَأْكُولَاتِ لَمْ يُحَرَّمْ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَحُرِّمَ فِيهِ النَّسَاءُ سَوَاءٌ كَانَ جِنْسًا أَوْ جِنْسَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ لَا يَجُوزُ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ مُدَّخَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُدَّخَرٍ إِلَّا إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُلَيَّةَ فَإِنَّهُ شَذَّ فَأَجَازَ التَّفَاضُلَ وَالنَّسَاءَ فِي الْجِنْسَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَا مِنَ الْمَكِيلِ وَمِنَ الْمَوْزُونِ قياسا

عَلَى إِجْمَاعِهِمْ فِي إِجَازَةِ بَيْعِ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ بِالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْمِسْكِ وَسَائِرِ المزونات نساء وأجاز على هذاالقياس نصا فِي كُتُبِهِ بَيْعَ الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ وَالشَّعِيرِ بِالتَّمْرِ وَالتَّمْرِ بِالْأُرْزِ وَسَائِرِ مَا اخْتَلَفَ اسْمُهُ وَنَوْعُهُ بِمَا يُخَالِفُهُ مِنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ مُتَفَاضِلًا نَقْدًا وَنَسِيئَةً سَوَاءٌ كَانَ مَأْكُولًا أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ وَلَمْ يَجْعَلِ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ عِلَّةً وَلَا الْأَكْلَ وَالِاقْتِيَاتَ وَقَاسَ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَا وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ وَأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ بَاعَ صَاعَيْ تَمْرٍ بِالْغَابَةِ بِصَاعِ حِنْطَةٍ بِالْمَدِينَةِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ هَذَا لَهُ شُذُوذٌ كَثِيرٌ وَمَذَاهِبُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ مَهْجُورَةٌ وَلَيْسَ قَوْلُهُ عِنْدَهُمْ مِمَّا يُعَدُّ خِلَافًا وَلَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ لِثُبُوتِ السُّنَّةِ بِخِلَافِهِ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ وَغَيْرِهِ على ما قدمنا في هذاالباب ذِكْرَهُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا اخْتَلَفَتِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بيد وبيعوا البر بالشعير

كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ وَبِيعُوا التَّمْرَ بِالْمِلْحِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ مُدْيٌ بِمُدْيٍ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مُدْيٌ بِمُدْيٍ (وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مُدْيٌ بِمُدْيٍ) وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مُدْيٌ بِمُدْيٍ فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ وَالْفِضَّةُ أَكْثَرُهُمَا يَدًا بِيَدٍ وَأَمَّا نَسِيئَةً فَلَا وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ وَالشَّعِيرُ أَكْثَرُهُمَا يدا بيد

وَأَمَّا نَسِيئَةً فَلَا فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا تَرُدُّ قَوْلَ ابْنِ عُلَيَّةَ فِي إِجَازَتِهِ بَيْعَ الطَّعَامِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ نَسِيئَةً وَكَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجْعَلُ الْبُرَّ وَالشَّعِيرَ وَالسُّلْتَ صِنْفًا وَاحِدًا فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ عِنْدَهُ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ زَيْدٍ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ سَعْدٍ فِي الْبَيْضَاءِ بِالسُّلْتِ أَيُّهُمَا أَكْثَرُ فَنَهَاهُ وَحَدِيثُهُ عَنْ (سَعْدٍ) أَنَّهُ فَنِيَ عَلَفُ حِمَارِهِ فَأَمَرَ غُلَامَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ حِنْطَةِ أَهْلِهِ فَيَبْتَاعَ بِهَا شَعِيرًا وَلَا يَأْخُذَ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي مُوَطَّئِهِ وَذَكَرَ عَنْ مُعَيْقِيبِ الدَّوْسِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلَ ذَلِكَ وَخَالَفَهُ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فَجَعَلُوا الْبُرَّ صِنْفًا وَالشَّعِيرَ صِنْفًا وَأَجَازُوا فِيهِمَا التَّفَاضُلَ يَدًا بِيَدٍ لِلْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عُبَادَةَ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ

وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَكَانَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ لَا يَجْعَلُ لِلْمُسَمَّيَاتِ عِلَّةً وَلَا يَتَعَدَّى الْمَذْكُورَاتِ إِلَى غَيْرِهَا فَقَوْلُهُ إِنَّ (الرِّبَا وَالتَّحْرِيمَ غَيْرُ جَائِزٍ (1)) فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَبِيعَاتِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا إِلَّا فِي السِّتَّةِ الْأَشْيَاءِ الْمَنْصُوصَاتِ وَهِيَ الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ وَالْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ الْمَذْكُورَاتُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ هَذَا وَالْمِلْحُ الْمَذْكُورُ مَعَهَا فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهِيَ زِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا (قَالَ) فَهَذِهِ السِّتَّةُ الْأَشْيَاءِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهَا بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَلَا نَسَاءً الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ حَدِيثُ عُمَرَ هَذَا وَحَدِيثُ عُبَادَةَ وَلِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ إِلَّا مَنْ شَذَّ مِمَّنْ لَا يَعُدُّ خِلَافًا وَلَا يَجُوزُ النَّسَا فِي الْجِنْسَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ مِنْهَا لِحَدِيثِ عُمَرَ فِي الذَّهَبِ وَلِحَدِيثِ عبادة لان الأمة لا خلاف بينهما فِي ذَلِكَ وَيَجُوزُ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ وَمَا عَدَا هذه الأصناف

السِّتَّةَ فَجَائِزٌ فِيهَا الزِّيَادَةُ (عِنْدَهُ) وَالنَّسِيئَةُ وَكَيْفَ شَاءَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الْجِنْسِ وَفِي الْجِنْسَيْنِ فَهَذَا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي أَصْلِ الرِّبَا الْجَارِي فِي الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ مُخْتَصَرًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الرابع عشر

ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ (الْقُرَشِيِّ) الْمَخْزُومِيِّ (الْمَدَنِيِّ) سَبْعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا مِنْهَا سَبْعَةٌ متصلى وَسِتَّةٌ مُرْسَلَةٌ وَمِنْهَا مَا شَرَكَهُ فِيهَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ حَدِيثَانِ مُتَّصِلَانِ مُسْنَدَانِ وَحَدِيثَانِ مُرْسَلَانِ وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ بْنِ حَزْنِ بْنِ أَبِي وَهْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ وُلِدَ لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَذَلِكَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ هَذَا أَشْهَرُ شَيْءٍ فِي مَوْلِدِهِ وَأَصَحُّهُ وَقَدْ قِيلَ وُلِدَ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَهْلُ الْأَثَرِ وَأَمَّا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فَوُلِدَ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ وَذَكَرَ ابْنُ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وُلِدَ لِثَلَاثِ سِنِينَ بَقِيَتْ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ

كَانَ يُقَالُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رَاوِيَةُ عُمَرَ قَالَ وَتُوُفِّيَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ هَكَذَا قَالَ (ابْنُ) الْبَرْقِيِّ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي آخِرِ بَابِ أَخْبَارِهِ هَاهُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَمَّا مَاتَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ عَالِمُ الْمَدِينَةِ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ وَحَدَّثَنَا دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ سُئِلَ الزُّهْرِيُّ وَمَكْحُولٌ مَنْ أَفْقَهُ مَنْ أَدْرَكْتُمَا فَقَالَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا

أَبُو الْمَيْمُونِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ فَذَكَرَ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ أَنْبَأَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَمَقْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ بَعْدَ جَلْدِ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ إِيَّاهُ فَمَا رَأَيْتُهُ يَفُوتُهُ مَعَهُ سُجُودٌ وَلَا رُكُوعٌ وَلَا زَالَ يُصَلِّي مَعَهُ بِصَلَاتِهِ قَالَ الزُّبَيْرُ وَحَدَّثَنِي ذُؤَيْبُ بْنُ عِمَامَةَ عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ مَا لَقِيتُ (قَطُّ) الْمُنْصَرِفِينَ مِنَ الصَّلَاةِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يُسَمَّى رَاوِيَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِأَنَّهُ كَانَ أَحْفَظَ النَّاسِ لِأَحْكَامِهِ وَأَقْضِيَتِهِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَالَ سَلُوا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ (قَالَ) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ (قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ) بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وُلِدَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَكَانَ احْتِلَامُهُ أَيَّامَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ قَالَ لِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مِمَّنْ أَنْتَ قُلْتُ (مِنْ) مُزَيْنَةَ قَالَ إِنِّي لَأَذْكُرُ يَوْمَ نَعَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ عَلَى الْمِنْبَرِ وَسَنَذْكُرُ رِوَايَةَ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ

ابن سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ كَانَ الْحَسَنُ لَا يَرْجِعُ عَنْ فُتْيَا يُفْتِي بِهَا إِلَّا أَنْ يَبْلُغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَفْتَى بِخِلَافِهَا فَإِنَّهُ يَتْرُكُ قَوْلَهُ وَيَرْجِعُ إِلَى قَوْلِ سَعِيدٍ وَيَقُولُ إِنَّ ذَلِكَ رَجُلٌ طَلَبَ الْعِلْمَ فِي مَظَانِّهِ قَالَ الْحَسَنُ وَسَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُولَانِ كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ سَيِّدَ التَّابِعِينَ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانَ فِي سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ كَزَازَةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ رَفَقُوا بِهِ لَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ عِلْمًا كَبِيرًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ أَدْرَكْتُ أَرْبَعَةَ بُحُورٍ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مبارك

قَالَ حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ حَيَّانَ الْعِجْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يَقُولُ مَا جَمَعْتُ عِلْمَ الْحَسَنِ إِلَى عِلْمِ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا وَجَدْتُ لَهُ فَضْلًا عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَتَبَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ يَسْأَلُهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْقَهِ أَهْلِهَا فَدُفِعْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صغير تُرِيدُ هَذَا الْأَمْرَ عَلَيْكَ بِسَعِيدِ بْنِ (الْمُسَيَّبِ) قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ وَأَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِكُلِّ قَضَاءٍ قَضَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلِّ قَضَاءٍ قَضَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَكُلِّ قَضَاءٍ قَضَاهُ عُمَرُ قَالَ وَأَحْسَبُهُ قَالَ وَعُثْمَانُ (مِنِّي) قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ سَمِعْتُ

يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ مَاتَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ وَكَذَلِكَ (قَالَ) عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيُّ أَبُو الْحَسَنِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ سَنَةَ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ يَعْنِي مَاتَ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ مَاتَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وكذلك ذكر البخاري عن علي بن الْمَدِينِيِّ وَزَادَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ قَالَ الْوَاقِدِيُّ مَاتَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ قَالَ وَفِيهَا مَاتَ عُرْوَةُ وَعَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ وَكَانَ يُقَالُ سَنَةُ الْفُقَهَاءِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَالْأَصْمَعِيُّ وَابْنُ أَبِي الْوَزِيرِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ كُنْتُ أُجَالِسُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ أَتَعَلَّمُ مِنْهُ النَّسَبَ فَسَأَلْتُهُ يَوْمًا عَنْ شَيْءٍ (مِنَ الْفِقْهِ) فَقَالَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ هَذَا وَلَكَ بِهِ حَاجَةٌ فَعَلَيْكَ بِذَلِكَ الشَّيْخِ وَأَشَارَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَتَحَوَّلْتُ إِلَيْهِ فَجَالَسْتُهُ تِسْعَ (سِنِينَ) لَا أَحْسَبُ أَنَّ عَالِمًا غَيْرَهُ زَادَ الْأَصْمَعِيُّ ثُمَّ تَحَوَّلْتُ إِلَى عُرْوَةَ فَفَجَّرْتُ مِنْهُ بَحْرًا

وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ مَالِكٍ فَجَعَلَ مَوْضِعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ ثَعْلَبَةَ بْنَ أَبِي مَالِكٍ فَوَهِمَ فِيهِ وَغَلِطَ وَالْقَوْلُ عِنْدَهُمْ قَوْلُ الْأَصْمَعِيِّ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ أَبِي الْوَزِيرِ وَاسْمُ ابْنِ أَبِي الْوَزِيرِ (مُحَمَّدُ) بْنُ عُمَرَ (هَاشِمِيٌّ) وَأَخْبَارُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَفَضَائِلُهُ فِي عِلْمِهِ (وَدِينِهِ) وَزُهْدِهِ وَفَهْمِهِ وَوَرَعِهِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَسَنَذْكُرُهَا (إِنْ شَاءَ اللَّهُ) فِي كِتَابِ أَخْبَارِ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ أَعَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ بِفَضْلِهِ وَنِعْمَتِهِ

حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مُتَّصِلٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ بِالْمَدِينَةِ تَرْتَعُ مَا ذَعَرْتُهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حَرَامٌ (لَمْ يَخْتَلِفْ رُوَاةُ الموطأ في إسناده ولامتنه) وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ تَحْرِيمُ الْمَدِينَةِ وَإِذَا كَانَتْ حَرَامًا لَمْ يَجُزْ فِيهَا الِاصْطِيَادُ ولا قطع الشجر كهئة مَكَّةَ إِلَّا أَنَّهُ لَا جَزَاءَ فِيهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ صَيْدٌ الْمَدِينَةِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَكَذَلِكَ قَطْعُ شَجَرِهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ مَعَ سَائِرِ مَا فِي

(تَحْرِيمِ) الْمَدِينَةِ مِنَ الْآثَارِ وَاحْتَجَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ بِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَصِيدُ فِي حُدُودِ الْمَدِينَةِ أَوْ يَقْطَعُ مِنْ شَجَرِهَا فَخُذُوا سَلَبَهُ وَأَخَذَ سَعْدٌ سَلَبَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ سَلَبُ مَنْ صَادَ فِي الْمَدِينَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ قَالَ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ صَيْدِ الْمَدِينَةِ وَقَطْعِ شَجَرِهَا لِأَنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ إِلَيْهَا فَكَانَ بَقَاءُ الصَّيْدِ وَالشَّجَرِ مِمَّا يَزِيدُ فِي زِينَتِهَا وَيَدْعُو إِلَى أُلْفَتِهَا كَمَا رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَدْمِ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهَا مِنْ زِينَةِ الْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي هَذَا كُلِّهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ حَدِيثَ سَعْدٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِي نَسْخِ أَخْذِ السَّلَبِ مَا يُسْقِطُ مَا صح

مِنْ تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ وَمَا تَأَوَّلَهُ فِي زِينَةِ الْمَدِينَةِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ تَلَقَّوْا تَحْرِيمَ (الْمَدِينَةِ) بِغَيْرِ هَذَا التَّأْوِيلِ (وَسَعْدٌ قَدْ عَمِلَ بِمَا رَوَى فَأَيُّ نَسْخٍ هَاهُنَا) وَفِي قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ ((مَا ذَعَرْتُهَا)) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْوِيعُ الصَّيْدِ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ كَمَا لَا يَجُوزُ تَرْوِيعُهُ فِي الْحَرَمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَلِكَ نَزْعُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ يَدِ الرَّجُلِ النُّهَسَ وَهُوَ طَائِرٌ كَانَ صَادَهُ بِالْمَدِينَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمُوا مُرَادَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في تَحْرِيمِهِ صَيْدَ الْمَدِينَةِ فَلَمْ يُجِيزُوا فِيهَا الِاصْطِيَادَ وَلَا تَمَلُّكَ مَا يُصْطَادُ وَلِذَلِكَ نَزَعَ زَيْدٌ النُّهَسَ وَسَرَّحَهُ مِنْ يَدِ صَائِدِهِ يُقَالُ إِنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ شُرَحْبِيلُ بْنُ سَعِيدٍ وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ (عَنْ مَالِكٍ) حَرَمُ الْمَدِينَةِ بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ يَعْنِي (مِنَ الشَّجَرِ) قَالَ وَاللَّابَتَانِ هُمَا الْحَرَّتَانِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ اللَّابَةُ الْحَرَّةُ وَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي أُلْبِسَتِ الْحِجَارَةَ السُّودَ الْجُرْدَ وَجَمْعُ اللَّابَةِ لَابَاتٌ فَإِذَا كَثُرَتْ جِدًّا فَهِيَ لُوبٌ

قَالَ وَتَحْرِيمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ (الْمَدِينَةِ) إِنَّمَا يَعْنِي فِي الصَّيْدِ فَأَمَّا فِي قَطْعِ الشَّجَرِ فَبَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ فِي دُورِ الْمَدِينَةِ كُلِّهَا مُحَرَّمٌ كَذَلِكَ أَخْبَرَنِي مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما بين لا بتيها يَعْنِي حَرَّتَيْهَا الشَّرْقِيَّةَ وَالْغَرْبِيَّةَ وَهِيَ حِرَارٌ أَرْبَعُ لَكِنَّ الْقِبْلِيَّةَ وَالْجَوْفِيَّةَ مُتَّصِلَتَانِ بِهَا وَقَدْ رَدَّهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ إِلَى حَرَّةٍ وَاحِدَةٍ لِاتِّصَالِهَا فَقَالَ ... لَنَا حَرَّةٌ مَأْطُورَةٌ بِجِبَالِهَا ... بَنَى الْعِزُّ فِيهَا بَيْتَهُ فَتَأَثَّلَا ... قَالَ وَقَوْلُهُ مَأْطُورَةٌ بِجِبَالِهَا يَعْنِي مَعْطُوفَةٌ بِجِبَالِهَا لِاسْتِدَارَةِ الْجِبَالِ بِهَا وَإِنَّمَا جِبَالُهَا تِلْكَ الْحِجَارَةُ السُّودُ الَّتِي تُسَمَّى الْحِرَارُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَذَلِكَ فَسَّرَ ابْنُ وَهْبٍ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا (قَالَ) مَا بَيْنَ حَرَّتَيْهَا قَالَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَهَذَا الَّذِي حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا إِنَّمَا هُوَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ قِيلَ لِابْنِ وَهْبٍ فَمَا حَرَّمَهُ فِيهَا فِي قَطْعِ الشَّجَرِ

قَالَ حَدُّ ذَلِكَ بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ اللَّابَتَانِ هُمَا الْحَرَّتَانِ إِحْدَاهُمَا الَّتِي يَنْزِلُ بِهَا الْحَاجُّ إِذَا رَجَعُوا مِنْ مَكَّةَ وَهِيَ بِغَرْبِيِّ الْمَدِينَةِ وَالْأُخْرَى مِمَّا يَلِيهَا مِنْ شرقي المدينة قال فما بين هاتين الحرتن حَرَامٌ أَنَّ يُصَادَ فِيهَا طَيْرٌ أَوْ صَيْدٌ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَحَرَّةٌ أُخْرَى مِمَّا يَلِي قِبْلَةَ الْمَدِينَةِ وَحَرَّةٌ رَابِعَةٌ مِنْ جِهَةِ الْجَوْفِ فَمَا بَيْنَ هَذِهِ الْحِرَارِ كُلِّهَا فِي الدُّورِ مُحَرَّمٌ أَنَّ يُصَادَ فِيهَا وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَثِمَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَزَاءُ مَا صَادَهُ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي حَرَمِ مَكَّةَ إِذَا صَادَ فِيهِ وَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي صَيْدِ الْمَدِينَةِ وَقَطْعِ شَجَرِهَا أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لَا جَزَاءَ فِيهِ (وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُقْتَلُ الْجَرَادُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ) وَكَانَ يَكْرَهُ أَكْلَ مَا قَتَلَ الْحَلَالُ مِنَ الصَّيْدِ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَكَذَلِكَ (قَطْعُ) شَجَرِهَا وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لَهُمْ بِحَدِيثِ أَنَسٍ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ قَالَ فَلَمْ يُنْكِرْ صَيْدَهُ وَإِمْسَاكَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ (هَذَا) قَدْ يَجُوزُ أَنْ يكون صيد فِي غَيْرِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِحَدِيثِ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْشٌ فَإِذَا خَرَجَ لَعِبَ وَاشْتَدَّ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ فَإِذَا أَحَسَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَضَ فَلَمْ يَتَرَمْرَمْ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُؤْذِيَهُ وَالْقَوْلُ عِنْدِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَالْقَوْلِ فِي حَدِيثِ النُّغَيْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْآثَارَ فِي تَحْرِيمِ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ إِنِّي لَأَعْجَبُ مِمَّنْ رَدَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ بحديث أنس يابا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ زِدْنَا هَذَا الْبَابَ بَيَانًا عِنْدَ ذِكْرِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ أَنَسٍ اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا وَلَيْسَ فِي سُقُوطِ الْجَزَاءِ عَمَّنِ اصْطَادَ بِالْمَدِينَةِ دَلِيلٌ عَلَى سُقُوطِ تَحْرِيمِ صَيْدِهَا أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

إِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَغَيْرُهُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ كَانَ فِي شَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ جَزَاءُ صَيْدٍ وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ شَرَعَهُ اللَّهُ لِهَذِهِ الأمة بقوله يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ إِلَى قَوْلِهِ لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ قَالَ إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ حَرَامٌ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْبَرَكَةَ فِيهَا بَرَكَتَيْنِ وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ

حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مُتَّصِلٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ وَرَوَاهُ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ فَضْلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ أَحَدِكُمْ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صَلَاةً وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ زِيَادٍ النَّصِيبِيُّ وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَعَمَّارُ بْنُ مَطَرٍ عَنْ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ مَعْرِفَةُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَالتَّرْغِيبُ فِي حُضُورِهَا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخُصَّ جَمَاعَةً مِنْ جَمَاعَةٍ وَالْقَوْلُ عَلَى عُمُومِهِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ وَقَالَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ بِكَذَا وَكَذَا دَرَجَةً لَمْ يَقْصِدْ جَمَاعَةً مِنْ جَمَاعَةٍ وَلَا مَوْضِعًا مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْ مَوْضِعٍ وَأَمَّا حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صِلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَصَلَاتُهُ مَعَ الثَّلَاثَةِ أَزْكَى مِنْ صِلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلَيْنِ وَكُلَّمَا كَثُرَ فَهُوَ أَزْكَى وَأَطْيَبُ فَهُوَ حَدِيثٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَعْنِي حَدِيثَ مَالِكٍ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْفَذِّ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَتِ الْجَمَاعَةُ أَفْضَلَ وَإِذَا جَازَتْ صَلَاةُ الْفَذِّ وَحْدَهُ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ شُهُودُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فرضا

لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَرْضًا لَمْ تَجُزْ لِلْفَذِّ صَلَاتُهُ كَمَا أَنَّ الْفَذَّ لَا يُجْزِئُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ ظُهْرًا (وَلَا غَيْرَهَا) إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ إِتْيَانُ الْجُمُعَةِ قَدِ احْتَجَّ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ يَقُولُونَ إِنَّ حُضُورَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَضِيلَةٌ وَفَضْلٌ وَسُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا وَلَيْسَتْ بِفَرْضٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ شُهُودُ الْجَمَاعَةِ فَرْضٌ (عَلَى الْكِفَايَةِ) وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ شُهُودُهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهَا لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ دَلَائِلُ يَطُولُ ذِكْرُهَا لِلْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ مِنْهُمْ دَاوُدُ إِنَّ حُضُورَ (صَلَاةِ) الْجَمَاعَةِ فَرْضٌ مُتَعَيِّنٌ كَالْجَمَاعَةِ سَوَاءٌ وأنه لا يجزىء الْفَذَّ صَلَاةٌ إِلَّا بَعْدَ صَلَاةِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ صَلَّاهَا قَبْلَهُمْ أَعَادَ وَاسْتَدَلَّ بِظَاهِرِ آثَارٍ رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ سَنَذْكُرُ مَا رَوَى مِنْهَا مَالِكٌ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْلُو قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ

تفضل صلاة الفد مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ (صَلَاةَ النَّافِلَةِ أَوْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ) مَنْ تَخَلَّفَ مِنْ عُذْرٍ عَنِ الْفَرِيضَةِ أَوْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِذَا احْتَمَلَ مَا ذَكَرْنَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد قَالَ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي (هَذَا) إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ صَلَاةَ النَّافِلَةِ بِتَفْضِيلِهِ صَلَاةَ الجماعة عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ صَلَاةَ النَّافِلَةِ بِتَفْضِيلِهِ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْفَذِّ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْفَرْضَ وَكَذَلِكَ لَمَّا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ غَلَبَهُ عَلَى صَلَاتِهِ نَوْمٌ كُتِبَ لَهُ أَجْرُهَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ إِذَا كَانَ لِلْعَبْدِ عَمَلٌ يَعْمَلُهُ فَمَنَعَهُ (مِنْهُ) مَرَضٌ أَمَرَ اللَّهُ كَاتِبَيْهِ أَنْ يَكْتُبَا لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي صِحَّتِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ لِأَصْحَابِهِ إِنَّ بِالْمَدِينَةِ قَوْمًا مَا سَلَكْتُمْ طَرِيقًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا وَلَا أَنْفَقْتُمْ نَفَقَةً إِلَّا وَهُمْ مَعَكُمْ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ

عَلِمْنَا بِهَذِهِ الْآثَارِ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا أَنَّ الْمُتَخَلِّفَ بِعُذْرٍ لَمْ يَقْصِدْ إِلَى تَفْضِيلِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَإِذَا بَطَلَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ صَحَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ هُوَ الْمُتَخَلِّفُ عَنِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَعَلِمْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَاضِلْ بَيْنَهُمَا إِلَّا وَهُمَا جَائِزَانِ غَيْرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَفْضَلُ مِنَ الْآخَرِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا حَدِيثُ مِحْجَنٍ الدِّيلِيِّ حِينَ قَالَ لَهُ (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فِي رَحْلِي فَعَلِمَ أَنَّهُ إِنَّمَا صَلَّى فِي رَحْلِهِ مُنْفَرِدًا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِذَا حَضَرَتِ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ (3)) ) وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الْعُذْرِ الْمَطَرُ وَالظُّلْمَةُ لِقَوْلِهِ ((أَلَّا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ (4)) ) وَمِنَ الْعُذْرِ أَيْضًا مُدَافَعَةُ الْأَخْبَثَيْنِ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ كِتَابِنَا وَمَضَى الْقَوْلُ هُنَاكَ فِي مَعَانِيهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ (كَثِيرًا)

الحديث السادس عشر

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مُتَّصِلٌ (مَالِكٌ) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ (فِيمَا عَلِمْتُ) وَرَوَاهُ شَيْخٌ يُسَمَّى حَاتِمَ بْنَ مَنْصُورٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْطَأَ فِيهِ عَلَى مَالِكٍ وَإِنَّمَا رِوَايَةُ مَالِكٍ فِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ (الْمُسَيَّبِ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو أُوَيْسٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَخَالَفَهُمْ يُونُسُ وَعُقَيْلٌ وَمَعْمَرٌ

وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَالزُّبَيْدِيُّ فَرَوَوْهُ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكَرْخِيُّ قَالَ حدثنا إسحاق ابن مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ فَضْلُ الْحِلْمِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحِلْمَ كِتْمَانُ الْغَيْظِ وَأَنَّ الْعَاقِلَ مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ لِأَنَّ الْعَقْلَ فِي اللُّغَةِ ضَبْطُ الشَّيْءِ وَحَبْسُهُ مِنْهُ قِيلَ عِقَالُ النَّاقَةِ وَمَعْنَاهُ فِي الشَّرِيعَةِ مِلْكُ النَّفْسِ وَصَرْفُهَا عَنْ شَهَوَاتِهَا الْمُرْدِيَةِ لَهَا وَحَبْسُهَا عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ وَيَغْلِبُهَا مِنَ الْقُوَّةِ مَا لَيْسَ لِلَّذِي يغلب غيره

وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُجَاهَدَةَ النَّفْسِ أصعب مراما وأفضل من مجاهدة عَلَى أَنَّ مُجَاهَدَةَ النَّفْسِ أَصْعَبُ مَرَامًا وَأَفْضَلُ مِنْ مُجَاهَدَةِ الْعَدُوِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ ((الصُّرَعَةُ)) فَإِنَّهُ يَعْنِي الْكَثِيرَ الْقُوَّةِ الَّذِي يَصْرَعُ كُلَّ مَنْ صَارَعَهُ وَمِثْلُهُ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ هَذَا رَجُلٌ نُوَمَةٌ يَعْنِي كَثِيرَ النَّوْمِ وَحُفَظَةٌ يَعْنِي كَثِيرَ الْحِفْظِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الصُّرَعَةُ تَثْقِيلُ الْكَلِمَةِ بِالْحَرَكَاتِ مَعْنَاهُ الَّذِي يَصْرَعُ النَّاسَ قَالَ وَالصُّرْعَةُ بِالتَّخْفِيفِ (الرَّجُلُ الضَّعِيفُ النَّحِيفُ) الَّذِي يَصْرَعُهُ النَّاسُ حَتَّى لَا يَكَادُ يَثْبُتُ وَكَذَلِكَ الضُّحَكَةُ بِالتَّثْقِيلِ الَّذِي يُضْحِكُ بِالنَّاسِ وَالضُّحْكَةُ بِالتَّخْفِيفِ الَّذِي يَضْحَكُ مِنْهُ النَّاسُ (وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ)

الحديث السابع عشر

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مُتَّصِلٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ لِلنَّاسِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ هَكَذَا (هُوَ) فِي جَمِيعِ الْمُوَطَّآتِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدْ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَدَّادٍ الْمِسْمَعِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ وَابْنُ قَعْنَبٍ قَالَا حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ

وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَعَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجَاشِيَّ إِلَى النَّاسِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَصَفَّ النَّاسَ فِي الْمُصَلَّى وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ شَدَّادٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ إِلَّا عَنْ سَعِيدٍ وَحْدَهُ (وَهُوَ مَحْفُوظٌ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ عُقَيْلٌ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ (1)) وَقَدْ رَوَى مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَحُبَابُ بْنُ جَبَلَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادًا آخَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ عَلَى النَّجَاشِيِّ أَرْبَعًا وَلَيْسَ هَذَا الْإِسْنَادُ فِي الْمُوَطَّأِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا حَدَّثَ بِهِ هَكَذَا عَنْ مَالِكٍ غَيْرَهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلَّانَ حَدَّثَنَا ابْنُ يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ زَنْجَلَةَ الرَّازِيَّ يَسْأَلُ ابْنَ أَبِي سمينة عن حديث بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ

قَالَ هَذَا مُنْكَرٌ وَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي سَمِينَةَ مَنْ رَوَاهُ عَنْ نَافِعٍ فَقَالَ ابْنُ زَنْجَلَةَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ فَقَالَ ابْنُ أَبِي سَمِينَةَ عَمَّنْ حَمَلْتَهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَاهُ مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا مَالِكٌ فَسَكَتَ ابْنُ أَبِي سَمِينَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا روى هذا الحديث عن مالك غير مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَحُبَابِ بْنِ جَبَلَةَ وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ مَا فِي الْمُوَطَّأِ النَّجَاشِيُّ مَلِكُ الْحَبَشَةِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ النَّجَاشِيُّ اسْمُ الْمَلِكِ كَمَا يُقَالُ كِسْرَى وَقَيْصَرُ قَالَ وَاسْمُهُ أَصْحَمَةُ وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ عَطِيَّةُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ كَبِيرٌ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ بِمَوْتِهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَلَى بُعْدِ مَا بَيْنَ الْحِجَازِ وَأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَنَعَاهُ لِلنَّاسِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ نَعْيُ رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ كَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ السِّيَرِ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ إِبَاحَةُ الْإِشْعَارِ بِالْجِنَازَةِ وَالْإِعْلَامِ بِهَا وَالْاجْتِمَاعِ لَهَا وَهَذَا أقوى من

حَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا مَاتَ لَهُ مَيِّتٌ قَالَ لَا تُؤْذِنُوا بِهِ أَحَدًا فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ نَعْيًا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ينهى عن النَّعْيِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ (مَالِكٍ عَنِ) ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا مَاتَ لَهُ مَيِّتٌ تَحَيَّنَ غَفْلَةَ النَّاسِ ثُمَّ خَرَجَ بِجِنَازَتِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُ هَذَا فِي جِنَازَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ لَمَّا نُعِيَ لَهُ قَالَ وَكَيْفَ تُرِيدُونَ أَنْ تَصْنَعُوا (بِهِ) قَالُوا نَحْبِسُهُ حَتَّى نُرْسِلَ إِلَى قُبَاءَ وَإِلَى قُرَيَّاتٍ حَوْلَ الْمَدِينَةِ لِيَشْهَدُوا جِنَازَتَهُ قَالَ نِعْمَ مَا رَأَيْتُمْ وَجَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ (كَانَ) يَمُرُّ بِالْمَجَالِسِ فَيَقُولُ إِنَّ أَخَاكُمْ قَدْ قُبِضَ فَاشْهَدُوا جِنَازَتَهُ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ هَلَّا آذَنْتُمُونِي بِهَا وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَعَى النَّجَاشِيَّ لِلنَّاسِ وَالنَّظَرُ يَشْهَدُ لِهَذَا لِأَنَّ (شُهُودَ) الْجَنَائِزِ أَجْرٌ وَخَيْرٌ وَمَنْ دَعَا إِلَى ذَلِكَ فَقَدْ دَعَا إِلَى خَيْرٍ وَأَعَانَ عَلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَخْرُجَ الْجِنَازَةُ إِلَى الْمُصَلَّى لِيُصَلَّى عَلَيْهَا هُنَاكَ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى

أَنَّ صَلَاتَهُ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ إِبَاحَةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ أَبِي النَّضْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ (إِنَّ) هَذَا خُصُوصٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُهُمُ الصَّلَاةَ عَلَى الْغَائِبِ إِذَا بَلَغَهُ الْخَبَرُ بِقُرْبِ مَوْتِهِ وَدَلَائِلُ الْخُصُوصِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاضِحَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا غَيْرُهُ لِأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أُحْضِرَ رُوحُ النَّجَاشِيِّ بَيْنَ يَدَيْهِ حَيْثُ شَاهَدَهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا أَوْ رُفِعَتْ لَهُ جِنَازَتُهُ كَمَا كُشِفَ لَهُ عَنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ حِينَ سَأَلَتْهُ قُرَيْشٌ عَنْ صِفَتِهِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَاهُ بِرُوحِ جَعْفَرٍ أَوْ جِنَازَتِهِ وَقَالَ قُمْ فَصَلِّ عَلَيْهِ

وَمِثْلُ هَذَا كُلِّهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِهِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ وَفِيهِ الصَّفُّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَوْجَبَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ هُبَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ قَالَ وَكَانَ مَالِكٌ إِذَا اسْتَقَلَّ أَهْلَ الْجِنَازَةِ جَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ الْحَدِيثَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى الْاسْتِكْثَارِ مِنَ النَّاسِ فِي شُهُودِ الْجَنَائِزِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْإِشْعَارِ وَالْإِعْلَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ أَنَّ النَّجَاشِيَّ مَلِكَ الْحَبَشَةِ أَسْلَمَ وَمَاتَ مُسْلِمًا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي إِلَّا عَلَى مُسْلِمٍ وَذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ لَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّجَاشِيِّ طَعَنَ فِي ذَلِكَ الْمُنَافِقُونَ فَنَزَلَتْ (هذه الآية)

وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ إِلَى آخِرِهَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقَالَ آخَرُونَ نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَمَنْ مَعَهُ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ (الْآيَةَ) إِلَى قَوْلِهِ ((سَرِيعُ الْحِسَابِ)) قَالَ هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي النَّجَّاشِيِّ وَأَصْحَابِهِ مِمَّنْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْوَرْدِ (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ) قَالَ حَدَّثَنَا عُبْدُوسُ بْنُ دُورَوَيْهِ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا جَاءَتْ وَفَاةُ النَّجَاشِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لِأَصْحَابِهِ صَلُّوا عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُمْنَا مَعَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ فَقَالُوا صَلَّى عَلَى عِلْجٍ مَاتَ فَنَزَلَتْ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ الْآيَةَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّيَّاتُ قَالَ حَدَّثَنَا

(يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا) ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ الْيَوْمَ عَبْدٌ صَالِحٌ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَصْحَمَةَ فَكُنْتُ (فِي الصَّفِّ) الْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي وَفِي صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّجَاشِيِّ وَأَمْرِهِ أَصْحَابَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى تَأْكِيدِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ جِنَازَةُ مُسْلِمٍ دُونَ صَلَاةٍ وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ حَضَرُهُ أَنْ يَدْفِنَهُ دُونَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ (مِنَ السَّلَفِ وَالْخَالِفِينَ) إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَسْمِيَةِ وُجُوبِ ذَلِكَ فَقَالَ الْأَكْثَرُ هِيَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ يَسْقُطُ وُجُوبُهَا بِمَنْ حَضَرَهَا عَمَّنْ لَمْ يَحْضُرْهَا وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْكُ الصَّلَاةِ عَلَى جَنَائِزِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ كَانُوا أَوْ صَالِحِينَ وِرَاثَةً عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَوْلًا وَعَمَلًا وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا فِي الشُّهَدَاءِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَالْبُغَاةِ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى هَؤُلَاءِ حَسْبَمَا يَأْتِي فِي مَوَاضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي الْعِشْرِينَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمُهَاجِرِ قَالَ حَدَّثَنِي عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَخَاكُمُ النَّجَاشِيَّ قَدْ مَاتَ فَصَلُّوا عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ فَكَبَّرَ (عَلَيْهِ) أَرْبَعًا وَمَا نَحْسَبُ الْجِنَازَةَ إِلَّا بَيْنَ يَدَيْهِ وَفِيهِ التكبير على الجنائز (أربع لا غير وَهَذَا أَصَحُّ مَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ) وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى قَبْرٍ أَرْبَعًا وَأَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ أَرْبَعًا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن صالح المقرىء قال حدثنا

أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ صُبْحٍ الْخَلَّالُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُلْثُومٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ مِنْ (قِبَلِ) رَأْسِهِ فَحَثَا فِيهِ ثَلَاثًا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ لَيْسَ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ أَرْبَعًا إِلَّا هَذَا وَلَمْ يَرْوِهِ إِلَّا سَلَمَةُ بْنُ كُلْثُومٍ وَهُوَ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ وَإِنَّمَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى قَبْرٍ أَرْبَعًا وَأَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى النَّجَاشِيِّ أَرْبَعًا وَأَمَّا عَلَى جِنَازَةٍ (أَرْبَعًا) هَكَذَا فَلَا إِلَّا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ كُلْثُومٍ هَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا صَحِيحٌ فَلَا كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ وَقَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ ضِعَافٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ أَرْبَعًا مِنْهَا حَدِيثٌ رَوَاهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ الْفَقِيهُ الْمَدَنِيُّ الْمُفْتِي بِهَا وَكَانَ ثِقَةً عَنْ خَالِدِ بْنِ

إِلْيَاسَ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ الْعَاصِ وَكَانَ ثِقَةً عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى عُثْمَانَ بن مظعون فكبر عليه أَرْبَعًا) قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ ثُمَّ اتَّفَقُوا عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ وَمَا خَالَفَ ذَلِكَ شُذُوذٌ يُشْبِهُ الْبِدْعَةَ وَالْحَدَثَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ جَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ فَاسْتَشَارَهُمْ فِي التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَجَمَعَهُمْ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ اجْتَمَعَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ (أَبِي) مَسْعُودٍ فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ أربع

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الْمِصِّيصِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَجْمَعُوا عَلَى أَرْبَعٍ قَالَ الْمُغِيرَةُ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ جَمَعَهُمْ وَسَأَلَهُمْ عَنْ أَحْدَثِ جِنَازَةٍ كَبَّرَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَهِدُوا أَنَّهُ صَلَّى عَلَى أَحْدَثِ جِنَازَةٍ وَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنِ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ فَقَالَ كُلُّ ذَلِكَ قَدْ صُنِعَ فَرَأَيْتُ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَرْبَعٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُكَبِّرُ خَمْسًا احْتَجَّ بِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ خَمْسًا وَهُوَ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ شُعْبَةُ وَقَدْ قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ شُعْبَةَ كَانَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ يَعْرِفُ وَيُنْكِرُ وَقَدْ جَاءَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ مَا يعارض

حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ هَذَا أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ الْمُؤَذِّنِ قَالَ تُوُفِّيَ أَبُو سَرِيحَةَ الْغِفَارِيُّ فَصَلَّى عَلَيْهِ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُهُ مَا خَالَفَهُ وَعَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى إِنَّمَا فِيهِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ كَانَ يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِهِمْ أَرْبَعًا وَأَنَّهُ (مَرَّةً) كَبَّرَ خَمْسًا فَقِيلَ لَهُ مَا هَذَا فَقَالَ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي هَذَا مَا يدل على أن تكبيره علىالجنائز كَانَ أَرْبَعًا وَأَنَّهُ إِنَّمَا كَبَّرَ خَمْسًا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا يُوجَدُ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَيْسَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَاتِّفَاقِهِمْ عَلَى الْأَرْبَعِ دُونَ مَا سِوَاهَا وَالتَّكْبِيرُ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعٌ هُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ إِلَّا ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَحْدَهُ فَإِنَّهُ قَالَ خَمْسًا وَلَا أَعْلَمُ لَهُ فِي ذَلِكَ سَلَفًا إِلَّا زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَحُذَيْفَةُ وَأَبُو ذَرٍّ وَفِي الْإِسْنَادِ عَنْهُمَا مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَبَّرَ أَرْبَعًا

مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَلَى قَبْرٍ وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ آخِرُ جِنَازَةٍ صَلَّاهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِيقِ أَنَّهُ كَبَّرَ أَرْبَعًا وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَرْبَعًا وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى ابْنِ الْمُكَفَّفِ أَرْبَعًا (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَحُذَيْفَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ أَنَّهُمْ كَبَّرُوا أَرْبَعًا) وَعَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا أَنَّهُ كَبَّرَ أَرْبَعًا وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى أُمِّهِ أَرْبَعًا وَذَكَرَ حَدِيثَ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ أَبِي مَسْعُودٍ وَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعٌ قَالَ الْأَثْرَمُ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ

كَانَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعًا ثُمَّ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ خَمْسًا فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُهَا أَوْ قَالَ كَبَّرَهَا قَالَ وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَامِرٌ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ إِنَّ أَصْحَابَ مُعَاذٍ يُكَبِّرُونَ عَلَى الْجَنَائِزِ خَمْسًا فَلَوْ وَقَّتَ لَنَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا تَقَدَّمَ إِمَامُكُمْ (فَكَبَّرَ) فَكَبِّرُوا مَا كَبَّرَ فَإِنَّهُ لَا وَقْتَ وَلَا عِدَّةَ وَمِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغِ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ لَمْ يَرْوِ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا حَدِيثَيْنِ أَحَدَهُمَا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ يُكَبِّرُ (عَلَى) الْجَنَائِزِ ثَلَاثًا وَالْآخَرَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ حَدٌّ قَالَ وَكِيعٌ حَدَّثَنَاهُ شُعْبَةُ وَذَكَرَ الْفَزَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ

أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ سَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّمَا كَبَّرْتَ ثَلَاثًا فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ الرَّابِعَةَ ثُمَّ سَلَّمَ (حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ علي أبو العباس الكندي حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ الدُّورِيُّ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى الْجِنَازَةِ ثَلَاثًا) وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنِ اتَّبَعَهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ وَابْنِ سِيرِينَ وَالْحَسَنِ وَسَائِرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ التَّكْبِيرُ أَرْبَعٌ قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ كَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ خَمْسًا وَآخَرُ يَقُولُ سَبْعًا فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ جَمَعَ الصَّحَابَةَ فَقَالَ لَهُمُ انْظُرُوا أَمْرًا تَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَأَجْمَعَ أَمْرُهُمْ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ خَمْسٌ وَأَرْبَعٌ فَأَمَرَ عُمَرُ النَّاسَ بِأَرْبَعٍ

فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِابْنِ مَسْعُودٍ قِيلَ لَهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي التَّكْبِيرِ شَيْءٌ مَعْلُومٌ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَبَّرَ أَرْبَعًا وَهُوَ أَوْلَى وَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِيلَ لَهُ إِنَّمَا كَبَّرَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ عَلَى قَوْمٍ دُونَ آخَرِينَ وَذَلِكَ أَنَّهُ (كَانَ) يُكَبِّرُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ سِتًّا أَوْ سَبْعًا وَعَلَى سَائِرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا وَعَلَى سَائِرِ النَّاسِ أَرْبَعًا وَقَدْ رَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ كَبَّرَ عَلِيٌّ فِي سُلْطَانِهِ أَرْبَعًا أَرْبَعًا عَلَى الْجِنَازَةِ إِلَّا عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَإِنَّهُ كَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْسًا (ثُمَّ الْتَفَتَ) فَقَالَ إِنَّهُ بَدْرِيٌّ وَالْأَحَادِيثُ عَنْ عَلِيٍّ فِي هَذَا مُضْطَرِبَةٌ وَمَا جَمَعَ عُمَرُ عَلَيْهِ النَّاسَ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ مَعَ صِحَّةِ السُّنَنِ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَبَّرَ أَرْبَعًا وَهُوَ الْعَمَلُ الْمُسْتَفِيضُ بِالْمَدِينَةِ وَمِثْلُ هَذَا يُحْتَجُّ فِيهِ بِالْعَمَلِ لِأَنَّهُ قَلَّ يَوْمٌ أَوْ جُمُعَةٌ إِلَّا وَفِيهِ جِنَازَةٌ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُمُ الْحُجَّةُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

وَاخْتَلَفُوا إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا قِفْ حَيْثُ وَقَفَتِ السُّنَّةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا يُكَبِّرُ مَعَهُ الْخَامِسَةَ وَلَكِنَّهُ لَا يُسَلِّمُ إِلَّا بِسَلَامِهِ وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ نَحْوُ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا قَطَعَ الْمَأْمُومُ بَعْدَ الْأَرْبَعِ بِسَلَامٍ وَلَمْ يَنْتَظِرُوا تَسْلِيمَهُ وَقَالَ زُفَرُ التَّكْبِيرُ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعٌ فَإِنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا كَبَّرَ مَعَهُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ فِي رِوَايَةٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ وَلَكِنَّهُ يُسَلِّمُ (كَمَا) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (سَوَاءٌ) وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ زُفَرَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُكَبِّرُ إِلَّا أَرْبَعًا فَإِنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا فَالْمَأْمُومُ بِالْخَيَارِ إِنْ شَاءَ سَلَّمَ وَقَطَعَ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ تَسْلِيمَ الْإِمَامِ فَسَلَّمَ بِسَلَامِهِ وَلَا يُكَبِّرُ خَامِسَةً أَلْبَتَّةَ وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَإِنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا أُكَبِّرُ مَعَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ كَبِّرْ مَا كَبَّرَ إِمَامُكَ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَفَلَا نَنْصَرِفُ إِذَا كَبَّرَ الْخَامِسَةَ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ خَمْسًا رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أرقم

ثُمَّ قَالَ مَا أَعْجَبَ الْكُوفِيِّينَ سُفْيَانُ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ يَقُولُ يَنْصَرِفُ إِذَا كَبَّرَ الْخَامِسَةَ وَابْنُ مَسْعُودٍ (يَقُولُ) مَا كَبَّرَ إِمَامُكُمْ فَكَبِّرُوا وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي نَخْتَارُهُ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا فَإِنْ كَبَّرَ (الْإِمَامُ) خَمْسًا كَبَّرْنَا مَعَهُ لِمَا رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَلِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ قِيلَ لَهُ فَإِنْ كَبَّرَ سِتًّا أَوْ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا قَالَ أَمَّا هَذَا فَلَا وَأَمَّا خَمْسٌ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَجْمَعَ هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ فَاتَهُ بَعْضُ التَّكْبِيرِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ مَعَ الْإِمَامِ مَا أَدْرَكَ مِنْهُ وَيَقْضِي مَا فَاتَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَاخْتَلَفُوا إِذَا وَجَدَ الْإِمَامَ قَدْ سَبَقَهُ بِبَعْضِ التَّكْبِيرِ فَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُكَبِّرُ (أَوَّلًا) وَلَا ينتظر الإمام وهو قول الشافعي والليث وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ حَتَّى يُكَبِّرَ فَإِذَا كَبَّرَ كَبَّرَ مَعَهُ وَإِذَا سَلَّمَ قَضَى مَا عَلَيْهِ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا فَلَوْ كَبَّرَ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ إِمَامُهُ فِي الْجِنَازَةِ (ثُمَّ) قَضَى مَا فَاتَهُ عَلَى عُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ صَارَتْ خَمْسًا وَحُجَّةُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ وَمَنْ قَالَ

بِهَا أَنَّ التَّكْبِيرَ الْأَوَّلَ بِمَنْزِلَةِ الْإِحْرَامِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ثُمَّ يَقْضِي مَا فَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ إِمَامِهِ وَقَالَ أَحْمَدُ كُلُّ ذَلِكَ سَهْلٌ لَا بَأْسَ بِهِ رَوَى وكيع عن سفيان عن مغيرة عن الحرث الْعُكْلِيِّ قَالَ إِذَا جِئْتَ وَقَدْ كَبَّرَ الْإِمَامُ عَلَى الْجِنَازَةِ فَقُمْ وَلَا تُكَبِّرْ حَتَّى يُكَبِّرَ وَاخْتَلَفُوا إِذَا رُفِعَتِ الْجِنَازَةُ فَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ يَقْضِي مَا فَاتَهُ (مِنَ التَّكْبِيرِ) نَسَقًا مُتَتَابِعًا وَلَا يَدْعُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ رُفِعَ النَّعْشُ أَوْ لَمْ يُرْفَعْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ يَقْضِي مَا بَقِيَ عَلَيْهِ (مِنَ التَّكْبِيرِ مَا لَمْ يُرْفَعْ وَيَدْعُو مَا بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَقَالَ اللَّيْثُ كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ يَقْضِي مَا فَاتَهُ) وَكَانَ رَبِيعَةُ يَقُولُ لَا يَقْضِي وَقَالَ اللَّيْثُ يَقْضِي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يَقْضِي وَقَالَ أحمد (ابن حَنْبَلٍ) إِنْ قَضَى قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ فَحَسَنٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَلَى أَنَّ الْجِنَازَةَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِخُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ إِلَى الْمُصَلَّى لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ

قَالَ أَبُو عُمَرَ اسْتَدَلَّ بِهَذَا وَهُوَ مِمَّنْ يَقُولُ بِأَنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَقْوَى مِنَ الْخَبَرِ الْمُنْفَرِدِ وَهُوَ يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ وَعَلَى أَخِيهِ سَهْلٍ أَيْضًا كَذَلِكَ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَّ عُمَرَ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ وَهَذِهِ نُصُوصُ سُنَّةٍ وَعَمَلٍ وَلَيْسَ لِلدَّلِيلِ الْمُحْتَمِلِ لِلتَّأْوِيلِ مَدْخَلٌ مَعَ النُّصُوصِ وَقَدْ قَالَ قَائِلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ إِنَّمَا صُلِّيَ عَلَيْهِمَا فِي الْمَسْجِدِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا دُفِنَا فِي الْمَسْجِدِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُجِيزَ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى مَنْ يُدْفَنُ فِيهِ وَإِذَا جَازَ أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ يُدْفَنَ فِيهِ لَمْ يَكُنِ الْمَنْعُ مِنَ الدَّفْنِ فِي الْمَسْجِدِ بِمَانِعٍ مِنَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الدَّفْنَ (فِيهِ) لَيْسَ بِعِلَّةٍ لِلصَّلَاةِ (فِيهِ) فَافْهَمْ وَالْأَصْلُ فِي الأشياء

الْإِبَاحَةُ حَتَّى يَصِحَّ الْمَنْعُ بِوَجْهٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ وَدَلِيلٌ غَيْرُ مُحْتَمِلٍ لِلتَّأْوِيلِ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا 0 إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الثامن عشر

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ مُتَّصِلٌ مالك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ) فَتَمَسُّهُ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَفِيهِ أَنَّ الْمُسْلِمَ تُكَفَّرُ خَطَايَاهُ وَتُغْفَرُ لَهُ ذُنُوبُهُ بِالصَّبْرِ عَلَى مُصِيبَتِهِ وَلِذَلِكَ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ فَلَمْ تَمَسَّهُ لِأَنَّ مَنْ لَمْ تُغْفَرْ لَهُ ذُنُوبُهُ لَمْ يُزَحْزَحْ عَنِ النَّارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَجَارَنَا اللَّهُ مِنْهَا وَإِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَالُ الْمُومِنُ يُصَابُ فِي وَلَدِهِ وَحَامَّتِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ

وَلَيْسَتْ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ وَإِنَّمَا قُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ بِالصَّبْرِ وَالْاحْتِسَابِ وَالرِّضَى لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَبَرَ عَلَى مُصِيبَتِهِ وَاحْتَسَبَ كَانَ جَزَاؤُهُ الْجَنَّةَ وَقَدْ رَوَى ابْنُ سِيرِينَ وَغَيْرُهُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا فِيهِ مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ كَانُوا لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ (حَدِيثِ) أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ (إِيَّاهُمْ) يُجَاءُ بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَيَقُولُونَ حَتَّى يَدْخُلَ آبَاؤُنَا فَيُقَالُ لَهُمُ ادْخُلُوا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِي وَقَدْ رَوَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ (لَمْ يَبْلُغُوا) الْحِنْثَ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ فَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ وَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ وَلَمْ يَبْلُغُوا أَنْ يَلْزَمَهُمْ حِنْثٌ دَلِيلٌ عَلَى (أَنَّ) أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ لَا مَحَالَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ إِذَا نَزَلَتْ بِآبَائِهِمْ مِنْ أَجْلِهِمُ اسْتَحَالَ أَنْ يُرْحَمُوا مِنْ أَجْلِ مَنْ لَيْسَ بِمَرْحُومٍ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ فَقَدْ صَارَ الْأَبُ مَرْحُومًا بِفَضْلِ رَحْمَتِهِمْ وَهَذَا عَلَى عُمُومِهِ لِأَنَّ لَفْظَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَفْظُ عُمُومٍ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ وَلَا أَعْلَمُ عَنْ جَمَاعَتِهِمْ فِي ذَلِكَ خِلَافًا إِلَّا فِرْقَةً شَذَّتْ مِنَ الْمُجْبِرَةِ فَجَعَلَتْهُمْ فِي الْمَشِيئَةِ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ (مَهْجُورٌ) مَرْدُودٌ بِإِجْمَاعِ الْجَمَاعَةِ وَهُمُ الْحُجَّةُ الَّذِينَ لَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُمْ وَلَا يَجُوزُ عَلَى مِثْلِهِمُ

الْغَلَطُ فِي مِثْلِ هَذَا إِلَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من أَخْبَارِ الْآحَادِ الثِّقَاتِ الْعُدُولِ فَمِنْهَا مَا ذَكَرْنَا وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ حَتَّى بِالسَّقْطِ يَظَلُّ مُحْبَنْطِئًا يُقَالُ لَهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ لَا حَتَّى يَدْخُلَهَا أَبَوَايْ فَيُقَالُ لَهُ ادْخُلْ أَنْتَ وَأَبَوَاكَ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ صِغَارُكُمْ دَعَامِيصُ الْجَنَّةِ وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ بْنِ إِيَاسٍ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا مَنَ الْأَنْصَارِ مَاتَ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ فَوَجَدَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا يُسُرُّكَ أَنْ لَا تَأْتِيَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلَّا وَجَدْتَهُ يَسْتَفْتِحُ لَكَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً قَالَ بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً وَهَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا آثَارَ هَذَا الْبَابِ وَمَا قَالَتْهُ الْفِرَقُ فِي ذَلِكَ وَاعْتَقَدَتْهُ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذِهِ الْآثَارِ مَعَ إِجْمَاعِ الْجُمْهُورِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَإِنَّ الْمَلَكَ يَنْزِلُ فَيَكْتُبُ أَجَلَهُ وَرِزْقَهُ وَيُكْتَبُ شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ مَخْصُوصٌ مُجْمَلٌ وَإِنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ الِاكْتِسَابِ فَهُوَ مِمَّنْ سَعِدَ في بطن أمه ولم يشق بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالْإِجْمَاعِ وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى سُقُوطِ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَمَّتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِيٍّ مِنْ صِبْيَانِ الْأَنْصَارِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ طُوبَى لَهُ عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ لَمْ يَعْمَلْ سُوءًا قَطُّ وَلَمْ يُدْرِكْهُ ذَنْبٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا خَلْقًا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ وَهَذَا حَدِيثٌ سَاقِطٌ ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ

وَالْإِجْمَاعِ وَطَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ فَلَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ (وَمَعْنَى قَوْلِهِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ إِخْبَارٌ بِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ وَمَا لَا يَكُونُ لَوْ كَانَ كَيْفَ يَكُونُ وَالْمُجَازَاةُ إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى الْأَعْمَالِ) وَحَدِيثُ شُعْبَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ النَّاسُ وَهُوَ يُعَارِضُ حَدِيثَ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى وَيَدْفَعُهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ بِابْنِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُحِبُّهُ فَقَالَ أَحَبَّكَ اللَّهُ كَمَا أُحِبُّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَتُوُفِّيَ الصَّبِيُّ فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ فُلَانٌ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوُفِّيَ ابْنُهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا تَرْضَى أَنْ لَا تَأْتِيَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلَّا جَاءَ حَتَّى يَفْتَحَهُ لَكَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَهُ وَحْدَهُ أَمْ لِكُلِّنَا فَقَالَ لَا بَلْ لِكُلِّكُمْ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ قَالَ

فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ قَالَ هُمْ أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ (قَالَا) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ زَاذَانَ عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ قَالَ أَصْحَابُ الْيَمِينِ أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ وَفِي أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَمَهَّدْنَاهُ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِنَا الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ فَهُوَ يُخَرَّجُ فِي التَّفْسِيرِ الْمُسْنَدِ لِأَنَّ الْقَسَمَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا قَسَمًا وَاجِبًا وَكَذَلِكَ قَالَ السُّدِّيُّ وَرَوَاهُ عَنْ مُرَّةَ عَنْ

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ مِنْ ظَاهِرِ قَوْلِهِ ((فَتَمَسُّهُ النَّارُ)) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوُرُودَ الدُّخُولُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْمَسِيسَ حَقِيقَتُهُ فِي اللُّغَةِ الْمُبَاشَرَةُ وَقَدْ يَحْتَمِلُ عَلَى الْاتِّسَاعِ أَنْ يَكُونَ الْقُرْبُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْوُرُودِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ الْوُرُودُ الدُّخُولُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنِ ابْنِ رَوَاحَةَ وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ بَكَى فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ قَدْ عَلِمْتُ أَنِّي دَاخِلٌ النَّارَ وَلَا أَدْرِي أَنَاجٍ (أَنَا) مِنْهَا أَمْ لَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وإن منكم إلا واردها كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا

وَهَذَا يَحْتَمِلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا تَكُونُ بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَيَنْجُونَ مِنْهَا سَالِمِينَ وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ الْوُرُودَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ الدُّخُولُ لَيَرِدَنَّهَا كُلُّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَةُ أَوْرَادٍ قَوْلُهُ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَقَوْلُهُ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ وَقَوْلُهُ وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا وَقَوْلُهُ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ مِنْ دُعَاءِ مَنْ مَضَى اللَّهُمَّ أَخْرِجْنِي مِنَ (النَّارِ سَالِمًا وَأَدْخِلْنِي) الْجَنَّةَ غَانِمًا وَرَوَى مُجَاهِدٌ عَنْ نَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَارِدُهَا دَاخِلُهَا فَقَالَ نَافِعٌ يَرِدُ الْقَوْمُ وَلَا يَدْخُلُونَ فَاسْتَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ جَالِسًا وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ لَهُ أَمَّا أَنَا وَأَنْتَ فَسَنَرِدُهَا فَانْظُرْ هَلْ نَنْجُو مِنْهَا أَمْ لَا أَمَا تَقْرَأُ قَوْلَ اللَّهِ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القيامة فأوردهم

النَّارَ أَفَتَرَاهُ وَيْلَكَ أَوْقَفَهُمْ عَلَى شَفِيرِهَا وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ وَقَدْ رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يَدْخُلُ (النَّارَ) أَحَدٌ شَهِدَ بَدْرًا وَبَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَقَالَتْ لَهُ حَفْصَةُ أَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ يَقُولُ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا تَسْمَعِينَ اللَّهَ يَقُولُ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالُوا أَلَمْ تَقُلْ ((إِنَّا نَرِدُ النَّارَ)) فَيُقَالُ قَدْ وَرَدْتُمُوهَا فَأَلْفَيْتُمُوهَا رَمَادًا) وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ بِبَغْدَادَ حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد ابن حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حدثنا غالب ابن سُلَيْمَانَ أَبُو صَالِحٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ الْبُرْسَانِيِّ عَنْ أَبِي سُمَيَّةَ أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْوُرُودِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول الورود الدخول

لَا يَبْقَى بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ إِلَّا دَخَلَهَا فتكون علىالمؤمنين بَرْدًا وَسَلَامًا كَمَا كَانَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا وَرَوَى الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا قَالَ الْمَمَرُّ عَلَى الصِّرَاطِ وَمِمَّنْ قَالَ أَيْضًا إِنَّ الْوُرُودَ الْمَمَرُّ عَلَى الصِّرَاطِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ وَالسُّدِّيُّ وَرَوَاهُ السُّدِّيُّ عَنْ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ عَنْ كعب أنه تلا وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَا وُرُودُهَا قَالُوا اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ ذَلِكَ أَنْ يُجَاءَ بِجَهَنَّمَ فَتُمْسَكُ لِلنَّاسِ كَأَنَّهَا مَتْنُ إِهَالَةٍ يَعْنِي الْوَدَكَ الَّذِي يُجَمَّدُ عَلَى الْقِدْرِ مِنَ الْمَرَقَةِ حَتَّى إِذَا اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهَا أَقْدَامُ الْخَلَائِقِ بَرِّهِمْ وَفَاجِرِهِمْ نَادَى مُنَادٍ أَنْ خُذِي أَصْحَابَكِ (وَذَرِي أَصْحَابِي فَيُخْسَفُ بِكُلِّ وَلِيٍّ لَهَا فَهِيَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنَ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا وَيَنْجُو الْمُؤْمِنُونَ نَدِيَّةٌ ثِيَابُهُمْ)) وَرُوِيَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَنْ أَبِي

نَضْرَةَ وَزَادَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ رَجُلٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وإن منكم إلا واردها قال هو خطاب لِلْكُفَّارِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ وَإِنْ مِنْهُمْ إِلَّا وَارِدُهَا (رَدًّا) عَلَى الْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَهَا فِي الْكُفَّارِ قَوْلُهُ فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا وَأَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا وَإِنْ مِنْهُمْ إِلَّا واردها وقال ابن الأنباري مُحْتَجًّا لِمُصْحَفِ عُثْمَانَ وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ يَرْجِعُ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْغَائِبِ إِلَى لَفْظِ الْمُوَاجَهَةِ بِالْخِطَابِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا فَأَبْدَلَ الْكَافَ مِنَ الْهَاءِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ (وَتَرْجِعُ الْعَرَبُ مِنْ مُوَاجَهَةِ الْخِطَابِ إِلَى لَفْظِ الْغَائِبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى) حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ (بريح طيبة) وهذا (كثير) في القرآن وأشعارالعرب وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ ... إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَوْمِ جَدٌّ وَلَمْ يَكُنْ ... لَهُمْ رَجُلٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَكِينُ ... ... فَكُونُوا كَأَيْدٍ وَهَّنَ اللَّهُ بَطْشَهَا ... تَرَى أَشْمُلًا لَيْسَتْ لَهُنَّ يَمِينُ ... وَقَدْ جَاءَ عَنْ مُجَاهِدٍ (أَنَّهُ قَالَ) فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا قَالَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جهنم وهي حظ المؤمن مِنَ النَّارِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ (حَدَّثَنَا) ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا محمد بن سليمان الأنباري حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ الْحُمَّى حَظُّ المؤمن مِنَ النَّارِ ثُمَّ قَرَأَ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا قَالَ الْحُمَّى فِي الدُّنْيَا الْوُرُودُ فَلَا يَرِدُهَا فِي الْآخِرَةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ مَرِيضًا وَمَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ وَعَكٍ كَانَ بِهِ فَقَالَ (لَهُ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَبْشِرْ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ هِيَ نَارِي اسلطها على عبدي (المؤمن) لِتَكُونَ حَظَّهُ مِنَ النَّارِ (فِي الْآخِرَةِ) (وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نُوحٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ عَنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحُمَّى كِيرٌ مِنْ جَهَنَّمَ فَمَا أَصَابَ المؤمن مِنْهَا كَانَ حَظَّهُ مِنَ النَّارِ)

أَبُو الْحُصَيْنِ هَذَا مَرْوَانُ بْنُ رُؤْيَةَ الثَّعْلَبِيُّ وَأَبُو صَالِحٍ الْأَشْعَرِيُّ مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ (وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عِصْمَةُ بْنُ سَالِمٍ الْهِنَّابِيُّ وَكَانَ صَدُوقًا عَاقِلًا قَالَ حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ بْنُ جَابِرٍ الْحَرَّانِيُّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الحمى كير من جهنم وهي نصيب المؤمن من النار (1)) ) وقال قوم الورود للمؤمنين أَنْ يَرَوُا النَّارَ ثُمَّ يُنَجَّى مِنْهَا الْفَائِزُ وَيَصْلَاهَا مَنْ قُدِّرَ عَلَيْهِ دُخُولُهَا ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مخاطبة أصحابه ومن جرى مجراهم من المؤمنين إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ يُقَالُ (لَهُ) هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ

(اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَذَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ أَنَّ المؤمن يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ مَا نَجَّاكَ اللَّهُ مِنْهُ ثُمَّ يُفْتَحُ (لَهُ) إِلَى الْجَنَّةِ فَيُقَالُ انْظُرْ مَا تَصِيرُ إِلَيْهِ هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ فَهَذِهِ الْأَقَاوِيلُ كُلُّهَا (قَدْ) جَاءَتْ فِي مَعْنَى الْوُرُودِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ)) اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا بِمَعْنَى لَكِنْ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ لَنْ تَمَسَّهُ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ أَيْ لَا تَمَسُّهُ النَّارُ أَصْلًا كَلَامًا تَامًّا ثُمَّ ابْتَدَأَ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ أَيْ لَكِنْ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا وَهِيَ الْجَوَازُ عَلَى الصراط أو الرؤية والدخول دخول سلامة فَلَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَسِيسٌ يُؤْذِي وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِ اللَّهِ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ

مَعْنَاهُ لَكِنْ مَا ذَكَّيْتُمْ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ذَكَاةً تَامَّةً وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا (هَذَا) وَذَكَرْنَا هُنَاكَ تَعَارُفَ ذَلِكَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَذَلِكَ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَمِمَّا يدل على (أن) الاستثناء (هاهنا) منقطع وأنه غير عَائِدٌ إِلَى النَّارِ ((لَا تَمَسُّ مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَاحْتَسَبَهُمْ)) حَدِيثُهُ الْآخَرُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَوْلُهُ ((لَا يَمُوتُ لِأَحَدِكُمْ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَيَحْتَسِبُهُمْ إِلَّا كَانُوا لَهُ جُنَّةً مِنَ النَّارِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوِ اثْنَانِ قَالَ أَوِ اثْنَانِ (2) وَالْجُنَّةُ الْوِقَايَةُ وَالسَّتْرُ وَمَنْ وُقِيَ النَّارَ وَسُتِرَ عَنْهَا فَلَنْ تَمَسَّهُ أَصْلًا وَلَوْ مَسَّتْهُ ماكان مُوَقًّى وَإِذَا وُقِيَهَا وَسُتِرَ عَنْهَا فَقَدْ زُحْزِحَ وَبُوِعَدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ صَبَرَ وَاحْتَسَبَ وَرَضِيَ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهَذَا الْحَدِيثِ يُفَسَّرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ فِيهِ ذِكْرَ الْحِسْبَةِ قَوْلُهُ فَيَحْتَسِبُهُمْ وَلِذَلِكَ جَعَلَهُ مَالِكٌ بِأَثَرِهِ مُفَسِّرًا لَهُ وَالْوَجْهُ عِنْدِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْآثَارِ إِنَّهَا لِمَنْ حَافَظَ عَلَى أَدَاءِ فَرَائِضِهِ وَاجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْخِطَابَ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ لَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَّا إِلَى قَوْمٍ الْأَغْلَبُ مِنْ أَعْمَالِهِمْ مَا ذَكَرْنَا وَهُمُ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ

الحديث التاسع عشر

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ (بْنِ الْمُسَيَّبِ) مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو لِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ (لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ في استناد هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا مَتْنِهِ) رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ (وَرَوَاهُ يُونُسُ وَعُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ وَابْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءً) وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِإِجَازَةِ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ

(وَاحِدٍ) وَكُلُّ ثَوْبٍ سَتَرَ الْعَوْرَةَ وَالْفَخِدَيْنِ مِنَ الرَّجُلِ جَازَتِ الصَّلَاةُ فِيهِ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ ثَوْبٍ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ مَنْ صَلَّى مَسْتُورَ الْعَوْرَةِ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً فَكُلُّ ثَوْبٍ يُغَيِّبُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا وَيَسْتُرُ جَمِيعَ جَسَدِهَا وَشَعْرِهَا فَجَائِزٌ لَهَا الصَّلَاةُ فِيهِ لِأَنَّهَا كُلَّهَا عَوْرَةٌ إِلَّا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ عَلَى هَذَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَكْشِفُ وَجْهَهَا فِي الصَّلَاةِ وَالْإِحْرَامِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُغَطِّيَ مِنْهَا مَا سِوَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ حَتَّى ظُفُرِهَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الفضل بن الصباح قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ

ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ (عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) قَالَ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ حَتَّى ظُفُرِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ هَذَا خَارِجٌ عَنْ أَقَاوِيلِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ وَيَدَاهَا وَوَجْهُهَا مَكْشُوفٌ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْهَا تُبَاشِرُ الْأَرْضَ بِهِ وَأَجْمَعُوا (عَلَى) أَنَّهَا لَا تصلى متنقبة ولا عليها أن تلبس فقازين فِي الصَّلَاةِ وَفِي هَذَا أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى أن ذلك منها غير عَوْرَةٌ وَجَائِزٌ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى ذَلِكَ مِنْهَا كُلُّ مَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا بِغَيْرِ رِيبَةٍ وَلَا مكروه وأما النظر للشهورة فَحَرَامٌ تَأَمُّلُهَا مِنْ فَوْقِ ثِيَابِهَا لِشَهْوَةٍ فَكَيْفَ بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِهَا مُسْفِرَةً وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ قَوْلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (عَنْ أَحْمَدَ) بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ الْأَثْرَمُ سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنِ الْمَرْأَةِ تُصَلِّي وَبَعْضُ شَعْرِهَا مَكْشُوفٌ وَقَدَمُهَا قَالَ لَا يُعْجِبُنِي إِلَّا أَنْ تغطي

شَعْرَهَا وَقَدَمَيْهَا قَالَ وَسَمِعْتُهُ يُسْأَلُ عَنْ أُمِّ الْوَلَدِ كَيْفَ تُصَلِّي فَقَالَ تُغَطِّي رَأْسَهَا وَقَدَمَيْهَا لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ وَهِيَ تُصَلِّي كَمَا تُصَلِّي الْحُرَّةُ قَالَ وَسَمِعْتُهُ يُسْأَلُ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي في قميص واحد غير مَزْرُورٍ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِرَّهُ قِيلَ فَإِنْ كَانَتْ لِحْيَتُهُ تُغَطِّي وَلَمْ يَكُنِ الْقَمِيصُ مُتَّسِعَ الْجَيْبِ أَوْ نَحْوَ هَذَا فَقَالَ إِنْ كَانَ يَسِيرًا فَجَائِزٌ قَالَ وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يصلي في ثوب واحد غير مَزْرُورٍ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِرَّهُ قِيلَ فَإِنْ كانت لحيته مَالِكٌ إِنْ صَلَّتِ الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ وَشَعْرُهَا مَكْشُوفٌ أَوْ قَدَمَاهَا أَوْ صَدْرُهَا أَعَادَتْ مَا دَامَتْ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ تُعِيدُ أَبَدًا إِنِ انْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْ شَعْرِهَا أَوْ صَدْرِهَا أَوْ صُدُورِ قَدَمَيْهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ قَدَمُ الْمَرْأَةِ لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ فَإِنْ صَلَّتْ وَقَدَمُهَا مَكْشُوفَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنْ صَلَّتْ وَجُلُّ شَعْرِهَا مَكْشُوفٌ فَصَلَاتُهَا فَاسِدَةٌ وَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ مِنْ شَعْرِهَا مَكْشُوفًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنِ انْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْهَا غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا فَصَلَّتْ بِذَلِكَ فَصَلَاتُهَا فَاسِدَةٌ عَلِمَتْ أَمْ لَمْ تَعْلَمْ وَقَالَ إِسْحَاقُ إِنْ عَلِمَتْ فَسَدَتْ صَلَاتُهَا وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ سُئِلَتْ مَاذَا تُصَلِّي فِيهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ

فَقَالَتْ تُصَلِّي فِي الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ السَّابِغِ الَّذِي يُغَيِّبُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا وَعَنْ عَائِشَةَ وَمَيْمُونَةَ مِثْلُ ذَلِكَ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَهَذِهِ الْآثَارُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ وَمَيْمُونَةَ فِي الْمُوَطَّأِ فَحَدِيثُ عَائِشَةَ مِنْ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ وَحَدِيثُ مَيْمُونَةَ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُصَلِّي فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ دُونَ إِزَارٍ وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ قُنْفُذٍ عَنْ أُمِّهِ سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ مَاذَا تُصَلِّي فِيهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ فَقَالَتْ تُصَلِّي فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ سَابِغٍ إِذَا غَيَّبَ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا وَالَّذِينَ وَقَفُوهُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ كُلُّهُمْ رَوَوْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَوْقُوفًا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَفَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ (عَنْ أمه)

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَذَكَرَهُ) (عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ خَرَّجَ الْبُخَارِيُّ بَعْضَ حَدِيثِهِ) وَالْإِجْمَاعُ فِي هَذَا الْبَابِ أَقْوَى مِنَ الْخَبَرِ (فِيهِ) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ((مَا ظَهَرَ مِنْهَا)) الثِّيَابُ قَالَ لَا يُبْدِينَ قُرْطًا وَلَا قِلَادَةً وَلَا سُوَارًا وَلَا خَلْخَالًا إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنَ الثِّيَابِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا قال القلب والفتحة رواه ابن وهب عن جرير

ابن حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ فَذَكَرُهُ قَالَ جَرِيرُ بن حازم القلب السوار والفقخة وَالْخَاتَمُ وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ هِيَ كُحْلٌ فِي عَيْنٍ أَوْ خَاتَمٌ فِي خِنْصَرٍ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ الْجِلْبَابُ وَالرِّدَاءُ وَعَنْ عَائِشَةَ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَا يَصِحُّ الْبَنَانُ وَالْقُرْطُ وَالدُّمْلُجُ وَالْخَلْخَالُ وَالْقِلَادَةُ (يُرِيدُ مَوْضِعَ ذَلِكَ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ التَّابِعُونَ فِيهَا أَيْضًا عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ فَهَذَا مَا جَاءَ فِي الْمَرْأَةِ وَحُكْمِهَا فِي الْاسْتِتَارِ فِي صَلَاتِهَا وَغَيْرِ صَلَاتِهَا وَأَمَّا الرَّجُلُ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَكُونَ عَلَى عَاتِقِ الرَّجُلِ ثَوْبٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّزِرًا لِئَلَّا تَقَعَ عَيْنُهُ عَلَى عَوْرَةِ نَفْسِهِ وَيَسْتَحِبُّونَ لِلْوَاحِدِ الْمُطِيقِ عَلَى الثِّيَابِ أَنْ يَتَجَمَّلَ فِي صَلَاتِهِ مَا اسْتَطَاعَ بِثِيَابِهِ وَطِيبِهِ وَسِوَاكِهِ قَالَ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ رَآنِي ابْنُ عُمَرَ أُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَقَالَ أَلَمْ أَكْسُكَ ثَوْبَيْنِ قُلْتُ بَلَى فَقَالَ أَرَأَيْتَ لَوْ أَرْسَلْتُكَ إِلَى فُلَانٍ كُنْتَ ذاهبا في هذا الثوب قلت لا فالله أحق

مَنْ تَزَيَّنُ لَهُ أَوْ مَنْ تَزَيَّنْتَ لَهُ وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ هَذَا وَمَحْمَلُهُ عِنْدَنَا عَلَى الْأَفْضَلِ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ إِمَامًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ السَّكَنِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ شُعْبَةَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إسحاق النيسابوري قال أنبأنا عبيد الله ابن مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ الْمُثَنَّى عَنْ أَبِيهِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَتَّزِرْ وَلْيَرْتَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَيَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ

أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ شَغَلَنِي شَيْءٌ فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا أُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَالَ فَأَمْهَلَنِي حَتَّى فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ ثُمَّ قَالَ أَلَمْ تُكْسَ ثَوْبَيْنِ قُلْتُ بَلَى قَالَ فَلَوْ أُرْسِلْتَ خَارِجًا مِنَ الدَّارِ أَكُنْتَ تَذْهَبُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قُلْتُ لَا قَالَ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَزَيَّنَ لَهُ أَمِ النَّاسُ قُلْتُ بَلِ اللَّهُ قَالَ ثُمَّ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ أَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ ذَكَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ثَوْبَيْنِ فَلْيُصَلِّ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا فَلْيَتَّزِرْ بِهِ اتِّزَارًا وَلَا يَشْتَمِلِ اشْتِمَالَ الْيَهُودِ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَ لِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ يَتَّزِرُ بِالْوَاحِدِ وَيَلْبَسُ الْآخَرَ أَنَّهُ حَسَنٌ فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا حَسَنٌ وَلَمْ نَقُلْ وَاجِبٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَأَصْحَابَهُ قَدْ صَلَّوْا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَمَعَهُمْ ثِيَابٌ وَحَسْبُكَ بِأَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ رَاوِي (هَذَا) الْحَدِيثِ ذَكَرَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ هَلْ يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ هَلْ تَفْعَلُ أَنْتَ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ إِنِّي لَأُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَإِنَّ ثِيَابِي لَعَلَى الْمِشْجَبِ وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ (قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ السَّمُرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَاضِعًا طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صَلَّى أَحَدُكُمْ فِي ثَوْبٍ فَلْيُخَالِفْ بِطَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذِهِ سُنَّةُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَ وَاسِعًا وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَحَدِيثُ جَابِرٍ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَرَوَاهُ أَبُو حَزْرَةَ يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ أَنْبَأَنِي جَابِرٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ إِنْ كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَيْكَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ وَعِنْدَ مَالِكٍ حَدِيثُ جَابِرٍ هَذَا بَلَاغًا عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا فَلْيَتَّزِرْ بِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي بَلَاغَاتِ مَالِكٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ

أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ عُمَرُ إِذَا كَانَ لِأَحَدِكُمْ ثَوْبَانِ فَلْيُصَلِّ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا ثَوْبٌ فَلْيَتَّزِرْ بِهِ وَلَا يَشْتَمِلِ اشْتِمَالَ الْيَهُودِ وَرَوَى أَبُو الْمُنِيبِ (عُبَيْدُ اللَّهِ الْعَتَكِيُّ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنْ يُصَلَّى فِي سَرَاوِيلَ لَيْسَ عَلَيْهَا رِدَاءٌ وَهَذَا خَبَرٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ لِضَعْفِهِ وَلَوْ صَحَّ كَانَ مَعْنَاهُ النَّدْبَ لِمَنْ قَدَرَ وَقَدْ جَاءَ مَا يُعَارِضُهُ رَوَى أَبُو حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي ثَوْبٍ بَعْضُهُ عَلَيْهَا وَهَذَا لَا مَحَالَةَ دُونَ السَّرَاوِيلِ وَيَرُدُّهُ أَيْضًا حَدِيثُ جَابِرٍ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَلْيَتَّزِرْ بِهِ وَقَدْ رَوَى سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ صَلِّ فِي قَمِيصٍ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ هَذَا أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ) يَا رَسُولَ اللَّهِ اني أتصيد

أَفَأُصَلِّي فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ قَالَ نَعَمْ وَزِرَّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِذَا كَانَ إِزَارُكَ وَاسِعًا فَتَوَشَّحْ بِهِ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ وَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تُبَيِّنُ لَكَ مَا قُلْنَاهُ وَفَسَّرْنَاهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَأَبِي أُمَامَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ أَجَازُوا الصَّلَاةَ فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَ لَا يَصِفُ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي جَمِيعِ الْأَقْطَارِ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنِ اسْتَحَبَّ الصَّلَاةَ فِي ثَوْبَيْنِ وَاسْتَحَبُّوا أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّي مُخَمَّرَ الْعَاتِقَيْنِ وَكَرِهُوا أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُؤْتَزِرًا بِهِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ إِذَا قَدَرَ عَلَى غَيْرِهِ وَأَجْمَعَ جَمِيعُهُمْ أَنَّ صَلَاةَ مَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ جَائِزَةٌ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ إِذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا يَزُرُّهُ أَوْ يُخَلِّلُهُ بِشَيْءٍ لِئَلَّا يَتَجَافَى الْقَمِيصُ فَيَرَى مِنَ الْجَيْبِ الْعَوْرَةَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَرَأَى عَوْرَتَهُ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَقَدْ رَخَّصَ مَالِكٌ فِي الصَّلَاةِ فِي الْقَمِيصِ مَحْلُولَ الْإِزَارِ لَيْسَ عَلَيْهِ سَرَاوِيلُ وَلَا إِزَارٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَكَانَ سَالِمٌ يُصَلِّي مَحْلُولَ الْإِزَارِ وَقَالَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ إِذَا كَانَ عَظِيمَ

اللِّحْيَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ فَرْضٌ وَاجِبٌ بِالْجُمْلَةِ عَلَى الْآدَمِيِّينَ وَاخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ أَمْ لَا فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إِنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو الْفَرَجِ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِكِيُّ وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَرَنَ أَخْذَ الزِّينَةِ بِذِكْرِ الْمَسَاجِدِ يَعْنِي الصَّلَاةَ وَالزِّينَةُ الْمَأْمُورُ بِهَا فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ هِيَ الثِّيَابُ السَّاتِرَةُ لِلْعَوْرَةِ لِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُسْلِمًا الْبَطِينَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

قَالَ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهِيَ عُرْيَانَةٌ وَتَقُولُ ... الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهْ ... وَمَا بدا منه فلا أحله ... فنزلت يا بني آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ نَزَلَتْ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً رُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ وَأَبِي صَالِحٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ فِي ذَلِكَ مَعْنَى مَا نُورِدُهُ بِدُخُولِ كَلَامِ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ وَأَكْثَرُهُ عَلَى لَفْظِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ كَانَتِ الْعَرَبُ تطوف بالبيت (عراة) إلا الحمس قريش وَأَحْلَافَهُمْ فَمَنْ جَاءَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَضَعَ ثِيَابَهُ فَطَافَ فِي ثَوْبَيْ أُحْمُسِيٍّ يَسْتَعِيرُهُمَا مِنْهُ فَإِنْ

لَمْ يَجِدْ مَنْ يُعِيرُهُ اسْتَأْجَرَ مِنْ ثِيَابِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُ مِنْهُ ثَوْبَهُ مِنُ الْحُمْسِ وَلَا مَنْ يُعِيرُهُ ذَلِكَ كَانَ بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يُلْقِيَ عَنْهُ ثِيَابَهُ وَيَطُوفَ عُرْيَانًا وَإِمَّا أَنْ يَطُوفَ فِي ثِيَابِهِ فَإِنْ طَافَ فِي ثِيَابِهِ أَلْقَاهَا عَنْ نَفْسِهِ إِذَا قَضَى طَوَافَهُ وَحَرَّمَهَا عَلَيْهِ فَلَا يَقْرَبُهَا (وَلَا يَقْرَبُهَا) غَيْرُهُ فَكَانَ ذَلِكَ الثَّوْبُ يُسَمَّى اللَّقَى وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ بَعْضُهُمْ ... كَفَى حُزْنًا كَرِّي عَلَيْهِ كَأَنَّهُ ... لَقًى بَيْنَ أَيْدِي الطَّائِفِينَ حَرِيمُ ... وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَطُفْنَ بِاللَّيْلِ وَالرِّجَالَ بِالنَّهَارِ فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ لَهَا هَيْئَةٌ وَجَمَالٌ فَطَافَتْ عُرْيَانَةً وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ كَانَ عَلَيْهَا مِنْ ثِيَابِهَا مَا يَنْكَشِفُ عَنْهَا فَجَعَلَتْ تَقُولُ ... الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهْ ... فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهْ ... فَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وأنزل عليه يا بني آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَأَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا فَنَادَى أَنْ لَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ وَقَالَ مُجَاهِدٌ كَانَتْ قُرَيْشٌ تَطُوفُ عُرَاةً وَلَا يَلْبَسُ أَحَدُهُمْ ثَوْبًا طَافَ فِيهِ وَقَالَ غَيْرُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اسْتَدَلَّ مَنْ جَعَلَ سَتْرَ الْعَوْرَةِ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى إِفْسَادِ مَنْ تَرَكَ ثَوْبَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْاسْتِتَارِ بِهِ وَصَلَّى عُرْيَانًا وَقَالَ آخَرُونَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَرْضٌ عَنْ أَعْيُنِ الْمَخْلُوقِينَ لَا مِنْ أَجْلِ الصَّلَاةِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ وَمَنْ تَرَكَ الْاسْتِتَارَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ وَصَلَّى عُرْيَانًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ كَمَا تَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ تَرَكَ الْجِلْسَةَ الْوُسْطَى عَامِدًا وَإِنْ كَانَتْ مَسْنُونَةً وَلِكِلَا الْفَرِيقَيْنِ اعْتِلَالٌ يَطُولُ ذِكْرُهُ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ فِي النَّظَرِ وَأَصَحُّ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَوْرَةِ مِنَ الرَّجُلِ مَا هِيَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ مَا دُونُ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ عَوْرَةٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الرُّكْبَةُ عَوْرَةٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَتِ السُّرَّةُ وَلَا الرُّكْبَتَانِ مِنَ

الْعَوْرَةِ وَحَكَى أَبُو حَامِدٍ التِّرْمِذِيُّ لِلشَّافِعِيِّ فِي السُّرَّةِ قَوْلَيْنِ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى ذَيْنِكَ الْقَوْلَيْنِ فَطَائِفَةٌ قَالَتْ السُّرَّةُ مِنَ الْعَوْرَةِ وَطَائِفَةٌ قَالَتْ لَيْسَتِ السُّرَّةُ عَوْرَةً وَقَالَ عَطَاءٌ الرُّكْبَةُ عَوْرَةٌ وَقَالَ مَالِكٌ السُّرَّةُ لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ وَأَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَكْشِفَ فَخِذَهُ بِحَضْرَةِ زَوْجَتِهِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ الْعَوْرَةُ مِنَ الرَّجُلِ الْفَرْجُ نَفْسُهُ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ دُونَ غَيْرِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَقَوْلُ ابْنِ عُلَيَّةَ وَالطَّبَرِيِّ فَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْفَخِذَ لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ كَاشِفًا عَنْ فَخِذِهِ فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُمَا وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَسَوَّى عَلَيْهِ ثِيَابَهُ (ثُمَّ أَذِنَ لَهُ) فَسُئِلَ عَنْ ذلك فقال الا استحيى منه تستحي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهَذَا حَدِيثٌ فِي أَلْفَاظِهِ اضْطِرَابٌ

(وَاحْتَجَّ الْبُخَارِيُّ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَسَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِهِ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى بَيَاضَ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ والركبة عروة قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَخِذُ عَوْرَةٌ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَحْشٍ وَجَرْهَدٌ الْأَسْلَمِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ مُخَارِقٍ كُلُّهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَالرُّكْبَةُ لَيْسَتْ مِنَ الْفَخِذِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَبَّلَ سُرَّةَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَقَالَ أُقَبِّلُ مِنْكَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ مِنْكَ فَلَوْ كَانَتِ السُّرَّةُ عَوْرَةً مَا قَبَّلَهَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَا مَكَّنَهُ مِنْهَا الْحَسَنُ وَمُحَالٌ أَنْ يُقَبِّلَهَا حَتَّى يَنْظُرَ إِلَيْهَا (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَعْدِ (4)

(الْوَشَّاءُ) قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ (الرَّنْسِيُّ) قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَالَ مُعْتَمِرٌ أَظُنُّهُ فِي مَرَضِهِ)

الحديث العشرون

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ مُتَّصِلٌ مالك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ الدُّعَاءِ عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ وَتَحْرِيمُ السُّجُودِ عَلَى قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَفِي مَعْنَى هَذَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ السُّجُودُ لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَحْتَمِلُ الْحَدِيثُ أَنْ لَا تُجْعَلَ قُبُورُ الْأَنْبِيَاءِ قِبْلَةً يُصَلَّى إِلَيْهَا وَكُلُّ مَا احْتَمَلَهُ الْحَدِيثُ فِي اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ فَمَمْنُوعٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا دَعَا عَلَى الْيَهُودِ مُحَذِّرًا لِأُمَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَنْ يَفْعَلُوا فِعْلَهُمْ وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ وَإِلَى الْقُبُورِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ عِنْدِي حُجَّةٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الصَّلَاةِ إِلَى الْقُبُورِ فِي بَابِ زيد ابن

أَسْلَمَ (فِي مُرْسَلَاتِهِ (1) وَأَتَيْنَا بِآثَارِ هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ لَا شَرِيكَ لَهُ

الحديث الحادي والعشرون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ (بْنِ الْمُسَيَّبِ) (مُرْسَلٌ) مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَفَلَ مِنْ خَيْبَرَ أَسْرَى حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ عَرَّسَ وَقَالَ لِبِلَالٍ اكْلَأْ لَنَا الصُّبْحَ وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَكَلَأَ بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ مُقَابِلُ الْفَجْرِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بِلَالٌ وَلَا أَحَدٌ مِنَ الرَّكْبِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بِلَالٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَادُوا فَبَعَثُوا رَوَاحِلَهُمْ وَاقْتَادُوا شَيْئًا ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ ثُمَّ قَالَ حِينَ قضى الصلاة

مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ مُرْسَلًا جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٌ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) مُرْسَلًا كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَقَدْ وَصَلَهُ أَبَانُ (الْعَطَّارُ) عَنْ مَعْمَرٍ وَوَصَلَهُ الْأَوْزَاعِيُّ أَيْضًا وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ أَثْبَتُ فِي مَعْمَرٍ مِنْ أَبَانَ الْعَطَّارِ وَقَدْ وَصَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِيمَا حَدَّثَنَا بِهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ (قَالَ) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّافِقِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ صالح ابن زِيَادٍ السُّوسِيُّ بِالرَّقَّةِ حَدَّثَنَا يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ حَتَّى إِذَا كَانَ

بِبَعْضِ الطَّرِيقِ أَرَادَ التَّعْرِيسَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْنَدَ بِلَالٌ ظَهْرَهُ إِلَى بَعِيرِهِ فَاسْتَقْبَلَ الشَّرْقَ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَنَامَ فَلَمْ يُوقِظْهُ إِلَّا الشَّمْسُ فَكَانَ أَوَّلَهُمْ رَفَعَ رَأْسَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَاذَا صَنَعْتَ (بِنَا) يَا بِلَالُ قَالَ أَخَذَ بِنَفْسِي يَا رَسُولَ الله الذي أخذ بنفسك فقال صدقت فَاقْتَادَ غَيْرَ كَبِيرٍ فَتَوَضَّأَ وَتَوَضَّأَ النَّاسُ ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ إِذَا نَسِيتُمُ الصَّلَاةَ فَصَلُّوهَا إِذَا ذَكَرْتُمُوهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (وَأَمَّا حَدِيثُ يونس بن يزيد عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم حين قَفَلَ مِنْ خَيْبَرَ سَارَ لَيْلَهُ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْكَرَى عَرَّسَ وَقَالَ لِبِلَالٍ اكْلَأْ لَنَا الصُّبْحَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ إِلَى آخِرِهِ قَالَ يُونُسُ وَسَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ يَقْرَؤُهَا لِلذِّكْرَى

وَوَصَلَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَوْمِهِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى رَوَاهَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أصحابه منهم ابن مسعود وأبو مَسْعُودٍ وَأَبُو قَتَادَةَ وَذُو مِخْبَرٍ الْحَبَشِيُّ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ أَنَّهُ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ أَنَّهُ رَكَعَ رَكْعَتِيِ الْفَجْرِ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَالْحُجَّةُ فِي قَوْلِ مَنْ ذَكَرَ لَا فِي قَوْلِ مَنْ قَصَّرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ فِي بَابِ مُرْسَلِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ شيء من ذلك ههنا وَقَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَفَلَ مِنْ خَيْبَرَ أَصَحُّ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ (كَانَ) مَرْجِعَهُ مِنْ حُنَيْنٍ لِأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَعْلَمُ (النَّاسِ) بِالسِّيَرِ وَالْمَغَازِي وَكَذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَلَا يُقَاسُ بِهِمَا

الْمُخَالِفُ (لَهُمَا) فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَأَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ نَوْمَهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي سَفَرِهِ كَانَ فِي (حِينِ) قُفُولِهِ مِنْ خَيْبَرَ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حِينَ قَفَلَ مِنْ خَيْبَرَ وَالْقُفُولُ الرُّجُوعُ مِنَ السَّفَرِ وَلَا يُقَالُ (قَفَلَ) إِذَا سَافَرَ مُبْتَدِئًا قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ قَفَلَ الْجُنْدُ قُفُولًا وَقَفْلًا إِذَا رَجَعُوا وَقَفَلْتُهُمْ أَنَا أَيْضًا هَكَذَا (عَلَى وَزْنِ ضَرَبْتُهُمْ) وَهُمُ الْقَفْلُ وَفِيهِ أَيْضًا خُرُوجُ الْإِمَامِ بِنَفْسِهِ فِي الْغَزَوَاتِ وَذَلِكَ سُنَّةٌ وَكَذَلِكَ إِرْسَالُهُ السَّرَايَا كُلُّ ذَلِكَ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَسْرَى فَفِيهِ لُغَتَانِ سَرَى وَأَسْرَى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا (مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) فَهَذَا رُبَاعِيٌّ وَقَالَ امْرِؤُ الْقَيْسِ ... سَرَيْتُ بِهِمْ حَتَّى تَكِلَّ مَطِيُّهُمْ ... ... وَحَتَّى الْجِيَادُ ما يقدن بأرسان

وهذا ثلاثي وقرىء أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي بِالْوَصْلِ وَالْقَطْعِ عَلَى الثُّلَاثِيِّ وَالرُّبَاعِيِّ جَمِيعًا وَقَالَ النَّابِغَةُ ... (أَسْرَتْ) عَلَيْهِ مِنَ الْجَوْزَاءِ سَارِيَةٌ ... تُزْجِي الشَّمَالُ عَلَيْهِ جَامِدَ الْبَرَدِ ... فَجَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ وَالسُّرَى مَشْيُ اللَّيْلِ وَسَيْرُهُ وَهِيَ لَفْظَةٌ مُؤَنَّثَةٌ قَالَ الشَّاعِرُ ... وَلَيْلٍ وَصَلْنَا بَيْنَ قُطْرَيْهِ بِالسُّرَى ... وَقَدْ جَدَّ شَوْقُ مُطْمَعٍ فِي وِصَالِكِ ... أَرْبَتْ عَلَيْنَا مِنْ دُجَاهُ حَنَادِسُ ... ... أَعَدْنَ الطَّرِيقَ النَّهْجَ وَعْرَ الْمَسَالِكِ ... وَقَالَ غَيْرُهُ ... ... يَفُوتُ الْغِنَى مَنْ لَا يَنَامُ عَنِ السُّرَى ... وَآخَرُ يَأْتِي رِزْقُهُ وَهُوَ نَائِمُ ... وَلَا يُقَالُ لمشي النهار سرى ومنه المثل السائر عند الصباح يَحْمَدُ (الْقَوْمُ) السُّرَى

فَأَمَّا قَوْلُهُ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ عَرَّسَ فَالتَّعْرِيسُ النُّزُولُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَلَا تُسَمِّي الْعَرَبُ نُزُولَ اللَّيْلِ تَعْرِيسًا كَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ حَتَّى إِذَا كَانَ آخَرُ (اللَّيْلِ) نَزَلُوا لِلتَّعْرِيسِ فَكُلُّهُمْ قَالَ آخِرُ اللَّيْلِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَرَبِ وَأَمَّا قَوْلُهُ اكْلَأْ لَنَا الصُّبْحَ فَمَعْنَاهُ ارْقُبْ لَنَا الصُّبْحَ وَاحْفَظْ عَلَيْنَا وَقْتَ صَلَاتِنَا وَأَصْلُ الْكِلَايَةِ الْحِفْظُ وَالرِّعَايَةُ وَالْمَنْعُ وَهِيَ كَلِمَةٌ مَهْمُوزَةٌ مِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ وَمِنْهَا قَوْلُ ابْنِ هَرْمَةَ ... إِنَّ سُلَيْمَى وَاللَّهُ يَكْلَؤُهَا ... ضَنَّتْ بِشَيْءٍ مَا كَانَ يَرْزَؤُهَا ... وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا إِبَاحَةُ الْاسْتِخْدَامِ بِالصَّاحِبِ فِي السَّفَرِ وَإِنْ كَانَ حُرًّا لِأَنَّ بِلَالًا كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حُرًّا كَانَ أَبُو بَكْرٍ اشْتَرَاهُ بِمَكَّةَ فَأَعْتَقَهُ وَلَهُ وَلَاؤُهُ وَذَلِكَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَكَانَتْ خَيْبَرُ فِي سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنَامُ أَحْيَانًا نَوْمًا يُشْبِهُ (نَوْمَ) الْآدَمِيِّينَ وَذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ مِنْهُ غِبًّا لِمَعْنَى يُرِيدُ اللَّهُ إِحْدَاثَهُ وَلَيْسَ لِأُمَّتِهِ سُنَّةً تَبْقَى بَعْدَهُ يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَنْسَى أَوْ أُنَسَّى لِأَسُنَّ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْعَلَاءِ بْنِ خَبَّابٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَيْقَظَنَا وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ تَكُونَ سُنَّةً) لِمَنْ بَعْدَكُمْ وَأَمَّا طَبْعُهُ وَجِبِلَّتُهُ وَعَادَتُهُ الْمَعْرُوفَةُ مِنْهُ وَمِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ فَمَا حَكَاهُ عَنْ نَفْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي فَأَطْلَقَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ إِطْلَاقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِوَقْتٍ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ إِنَّا مَعَاشِرَ الأنبياء تنام أعيينا وَلَا تَنَامُ قُلُوبُنَا فَأَخْبَرَ أَنَّ كُلَّ الْأَنْبِيَاءِ كَذَلِكَ وَمِمَّا يُصَحِّحُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ تَرَاصُّوا فِي الصَّفِّ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي فَهَذِهِ جِبِلَّتُهُ وَخِلْقَتُهُ وَعَادَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا نَوْمُهُ فِي السَّفَرِ عَنِ الصَّلَاةِ

فَكَانَ خَرْقَ عَادَتِهِ لِيَسُنَّ لِأُمَّتِهِ وَيُعَرِّفَهُمْ بِمَا يحب عَلَى مَنْ نَامَ مِنْهُمْ عَنْ صَلَاتِهِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا وَكَيْفَ الْعَمَلُ فِي ذَلِكَ وَجَعَلَ اللَّهُ نَوْمَهُ سَبَبًا بِمَا جَرَى لَهُ فِي ذَلِكَ النَّوْمِ مِنْ تَعْلِيمِهِ أُمَّتَهُ وَتَبْصِيرِهِمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ الْوَارِدَةَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَلَا سَبِيلَ إِلَى حَمْلِهَا عَلَى الْائْتِلَافِ وَالِاتِّفَاقِ إِلَّا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَغَيْرُ جَائِزٍ حَمْلُ أَخْبَارِهِ إِذَا صَحَّتْ عَنْهُ عَلَى التَّنَاقُضِ عِنْدَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهَا النَّسْخُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ وَتَلَا إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا ترى قال يا أبت افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قُلُوبَهُمْ لَا تَنَامُ أَلَا تَرَى إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نام حنى نَفَخَ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي وَالنَّوْمُ إِنَّمَا يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْحَدَثِ إِذَا خَمَرَ الْقَلْبَ وَخَامَرَهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُخَامِرُ النَّوْمُ قَلْبَهُ

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ أُطْعَمُ وَأُسْقَى وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَكْلَأُ لَنَا الصُّبْحَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ عَادَتَهُ النَّوْمُ قِيلَ لَهُ لَمْ تُمْعِنِ النَّظَرَ وَلَوْ أَمْعَنْتَهُ لَعَلِمْتَ أَنَّ الْمَعْنَى (مَنْ) يَرْقُبُ لَنَا انْفِجَارَ الصُّبْحِ فَيُشْعِرُنَا بِهِ فِي أَوَّلِ طُلُوعِهِ لِأَنَّ مَنْ نَامَتْ عَيْنَاهُ لَمْ يَرَ هَذَا فِي أَوَّلِهِ وَنَوْمُ الْعَيْنِ يَمْنَعُ مِنْ مِثْلِ هَذَا لَا نَوْمُ الْقَلْبِ وَكَانَ شَأْنَهُ التَّغْلِيسُ بِالصُّبْحِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ بِلَالٌ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ أَمَرَهُ بِمُرَاقَبَةِ الْفَجْرِ لَا أَنَّ عَادَتَهُ كَانَتِ النَّوْمَ الْمَعْرُوفَ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (أَبُو بَكْرٍ) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مَسْرُوقٍ (قَالَ) مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهَذَا

عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ أَعْلَمَ أُمَّتَهُ أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الصَّلَاةِ أَنْ تُقْضَى فِي وَقْتٍ آخَرَ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الصِّيَامِ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَلَيْسَ كَالْحَجِّ وَعَرَفَةَ وَالضَّحَايَا وَالْجِمَارِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ الْاسْتِذْكَارِ وَلَيْسَ فِي تَخْصِيصِ النَّائِمِ وَالنَّاسِي بِالذِّكْرِ فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ مَا يُسْقِطُ قَضَاءَهَا عَنِ الْعَامِدِ لِتَرْكِهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا بَلْ فِيهِ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ الْعَامِدَ (الْمَأْثُومَ) أَوْلَى أَنْ يُؤْمَرَ بِالْقَضَاءِ مِنَ النَّاسِي الْمُتَجَاوَزِ عَنْهُ وَ (النَّائِمِ) الْمَعْذُورِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ النَّائِمَ وَالنَّاسِيَ لِئَلَّا يَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُمَا لَمَّا رُفِعَ عَنْهُمَا الْإِثْمُ سَقَطَ الْقَضَاءُ عَنْهُمَا فِيمَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا فَأَبَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْقِطٍ عَنْهُمَا قَضَاءَ الصَّلَاةِ وَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمَا مَتَى مَا ذَكَرَاهَا وَالْعَامِدُ لا محالة ذاكر لها فوحب عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا وَالْاسْتِغْفَارُ مِنْ تَأْخِيرِهَا لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي وَقَدْ قَضَاهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ وَلَا نَوْمٍ إِلَّا أَنَّهُ شُغِلَ عنها وأجاز

لِمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ أَنْ يُصَلِّيَ تَمَامَهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا وَقَدْ زِدْنَا هَذَا بَيَانًا وَإِيضَاحًا فِي كِتَابِ الْاسْتِذْكَارِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي فَزَعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَتِهِ مُنْذُ بُعِثَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ فَزَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ) مِنْ أَجْلِ الْعَدُوِّ الَّذِي يَتْبَعُهُمْ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْبَعْهُ عَدُوٌّ فِي انْصِرَافِهِ مِنْ خَيْبَرَ وَلَا فِي انْصِرَافِهِ مِنْ حُنَيْنٍ وَلَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي بَلْ كَانَ مُنْصَرَفُهُ فِي كِلْتَا الْغَزْوَتَيْنِ غَانِمًا ظَافِرًا قَدْ هَزَمَ عَدُوَّهُ وَظَفِرَ به وقمعه والحمد لله وما فَزَعُ أَصْحَابِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَلِمَا رَأَوْا مِنْ فَزَعِهِ وَقَدْ فَزِعُوا حِينَ قَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ يُصَلِّي لَهُمْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ حِينَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَانْتَظَرُوهُ وَخَشُوا فَوَاتَ الْوَقْتِ فَقَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ يَؤُمُّهُمْ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ رَكْعَةً فَفَزِعَ النَّاسُ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَحْسَنْتُمْ يَغْبِطُهُمْ أَنْ صَلَّوُا الصلاة لوقتها

هَكَذَا نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَزِعًا يَجُرُّ ثَوْبَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَزَعُهُمْ شَفَقَةً وَتَأَسُّفًا عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَلَعَلَّهُمْ حَسِبُوا أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ فَاتَتْهُمْ أَصْلًا فَلَحِقَهُمُ الْفَزَعُ وَالْحُزْنُ لِفَوْتِ الْأَجْرِ وَالْفَضْلِ وَلَمْ يَعْرِفُوا أَنَّ خروج الوقت لايسقط فَرْضَ الصَّلَاةِ حَتَّى قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا لِوَقْتِهَا فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهَا غَيْرُ سَاقِطَةٍ عَنْهُمْ وَإِذَا لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُمْ صَلَّوْهَا وَإِذَا صَلَّوْهَا أَدْرَكُوا أَجْرَهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَعْلَمَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ الْإِثْمَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ سَاقِطٌ بِقَوْلِهِ لَيْسَ التَّفْرِيطُ فِي النَّوْمِ وَإِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ (حَدِيثِ) أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الصَّلَاةَ لَا تَفُوتُ النَّائِمَ إِنَّمَا تَفُوتُ الْيَقْظَانَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى بِهِمْ وَفِي هَذَا (الْحَدِيثِ) تَخْصِيصٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَبَيَانُ (ذلك) أن رفع القلم (عنه) ههنا مِنْ جِهَةِ رَفْعِ الْمَأْثَمِ لَا مِنْ جِهَةِ رَفْعِ الْفَرْضِ عَنْهُ وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ

وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ جَاءَ فِي أَثَرٍ وَاحِدٍ فَقِفْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ وَأَمَّا قَوْلُ بِلَالٍ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ يَقُولُ إِذَا كُنْتَ أَنْتَ فِي مَنْزِلَتِكَ مِنَ اللَّهِ قَدْ غَلَبَتْكَ عَيْنُكَ وَقُبِضَتْ نَفْسُكَ فَأَنَا أَحْرَى بِذَلِكَ وفي هذا دليل على أن طَلَبِ الْحُجَّةِ وَالْإِدْلَاءِ بِهَا ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَهُمَا نَائِمَانِ فَقَالَ أَلَا تُصَلُّوا فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَهَا بَعَثَهَا فَانْصَرَفَ عَنْهُمَا وَهُوَ يَقُولُ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (وَرَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ حَدَّثَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهُوَ يَقُولُ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شيء جدلا)

وَأَمَّا قَوْلُ بِلَالٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ فَمَعْنَاهُ قَبَضَ نَفْسِي الَّذِي قَبَضَ نَفْسَكَ وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ أَيْ تَوَفَّى نَفْسِي مُتَوَفِّي نَفْسِكَ وَالتَّوَفِّي هُوَ الْقَبْضُ نَفْسُهُ يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَبَضَ نَفْسَهُ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ جَعَلَ النَّفْسَ الرُّوحَ وَجَعَلَهُمَا شَيْئًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا (فَنَصَّ) عَلَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ هُوَ الرُّوحُ وَفِي الْقُرْآنِ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا (وَمَنْ قَالَ إِنَّ النَّفْسَ غَيْرُ الرُّوحِ تَأَوَّلَ قَوْلَ بِلَالٍ أَخَذَ بِنَفْسِي مِنَ النَّوْمِ مَا أَخَذَ بِنَفْسِكَ مِنْهُ) وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي النَّفْسِ وَالرُّوحِ مُسْتَوْعَبًا فِي باب زيد ابن أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فَأَمَّا قَوْلُهُ اقْتَادُوا شَيْئًا فَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا ذَكَرَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ فِي حَدِيثِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي هَذَا فِي بَابِ مُرْسَلِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ مَعْنَى اقْتِيَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ رَوَاحِلَهُمْ

حَتَّى خَرَجُوا مِنَ الْوَادِي إِنَّمَا كَانَ تَأْخِيرًا لِلصَّلَاةِ لِأَنَّهُمُ انْتَبَهُوا فِي وَقْتٍ لَا تَجُوزُ فِيهِ صَلَاةٌ وَذَلِكَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (وَزَعَمُوا أَنَّ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) وَعِنْدَ غُرُوبِهَا يَقْتَضِي الْفَرِيضَةَ وَالنَّافِلَةَ وَكُلُّ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ وَمَسْنُونَةٍ وَاحْتَجُّوا مِنَ الْآثَارِ بِنَحْوِ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يَقُولُ إِذَا بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَبْرُزَ وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَغِيبَ وَتَأَوَّلُوا هَذَا عَلَى الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ مَضَى الرَّدُّ عَلَيْهِمْ فِي تَأْوِيلِهِمْ هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ خُرُوجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُرُوجَ أَصْحَابِهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي لَمْ يَكُنْ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ أَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَيْقِظُوا حَتَّى ضَرَبَهُمْ حَرُّ الشَّمْسِ وَالشَّمْسُ لَا تَكُونُ لَهَا حَرَارَةٌ إِلَّا وَقَدِ ارْتَفَعَتْ وَحَلَّتِ الصَّلَاةُ وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ مَحْفُوظَةٌ فِي حَدِيثٍ لِلزُّهْرِيِّ وَفِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ فِي نَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

عن الصلاة منها حديث جبير بن مطعن وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ لَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ أَسْرَى لَيْلَةً حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ عَدَلَ عَنِ الطَّرِيقِ ثُمَّ عَرَّسَ وَقَالَ مَنْ يَحْفَظُ عَلَيْنَا الصُّبْحَ فَقَالَ بِلَالٌ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَجَلَسَ يَحْفَظُ عَلَيْهِمْ فَنَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَأَصْحَابُهُ) فَبَيْنَمَا بِلَالٌ جَالِسٌ غَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَمَا أَيْقَظَهُمْ إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ فَفَزِعُوا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِمْتَ يَا بِلَالُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ نَفْسِي الَّذِي أخذ نفسكم قَالَ فَاقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ وَارْتَحَلُوا عَنِ الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَتْهُمْ فِيهِ الْغَفْلَةُ ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ

مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي قَالَ مَعْمَرٌ وَكَانَ الْحَسَنُ يُحَدِّثُ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ وَيَذْكُرُ أَنَّهُمْ رَكَعُوا رَكْعَتِيِ (الْفَجْرِ) ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ فَفِي قَوْلِهِ فَمَا أَيْقَظَهُمْ إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ وَقَوْلِهِ ارْتَحَلُوا عَنِ الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَتْهُمْ فِيهِ الْغَفْلَةُ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَدَلِيلٌ آخَرُ هُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسَرَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الزَّمِنُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا (مُحَمَّدُ) بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلَاسٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَدْرَكْتَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ (الْفَجْرِ) قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأُخْرَى مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَأَيُّ شَيْءٍ أَبْيَنُ مِنْ هَذَا وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ عَطَاءٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكَعَ فِي ذَلِكَ الْوَادِي رَكْعَتِيِ الْفَجْرِ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ وَقْتٍ تَجُوزُ فِيهِ النَّافِلَةُ يَجُوزُ فِيهِ قَضَاءُ الْمَنْسِيَّةِ الْمَفْرُوضَةِ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَدَلِيلٌ آخَرُ لَا مَدْفَعَ لَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَهَذَا إِطْلَاقٌ أَنْ يُصَلِّيَ الْمُنْتَبِهُ وَالذَّاكِرُ فِي كُلِّ وَقْتٍ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ صَلَاتَهُ الَّتِي انْتَبَهَ إِلَيْهَا وَذَكَرَهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِيمَنْ ذَكَرَ الصَّلَاةَ فَاتَتْهُ وَهُوَ فِي آخِرِ وَقْتِ صَلَاةٍ أَوْ ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ فِي صَلَاةٍ فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً وَقَدْ حَضَرَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى بَدَأَ بِالَّتِي نَسِيَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فَأَدْنَى وَإِنْ فَاتَ وَقْتُ هَذِهِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بَدَأَ بِالَّتِي حَضَرَ وَقْتُهَا وَعَلَى هَذَا النَّحْوِ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ والثوري والليث إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ قَالُوا التَّرْتِيبُ عِنْدَنَا وَاجِبٌ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ إِذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ لِلْفَائِتَةِ وَلِصَلَاةِ الْوَقْتِ فَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ صَلَاةِ الْوَقْتِ بَدَأَ بِهَا فَإِنْ زَادَ عَلَى صَلَاةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَمْ يَجِبِ التَّرْتِيبُ عِنْدَهُمْ وَالنِّسْيَانُ عِنْدَهُمْ يُسْقِطُ التَّرْتِيبَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً فَائِتَةً وَهُوَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ مَضَى فِيمَا هُوَ فِيهِ ثُمَّ قَضَى الَّتِي عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ قَطَعَ مَا هُوَ فِيهِ وَصَلَّى الَّتِي ذَكَرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي آخِرِ وَقْتِ الَّتِي دَخَلَ

(فِيهَا) يَخَافُ فَوْتَهَا إِنْ تَشَاغَلَ بِغَيْرِهَا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ أَتَمَّهَا ثُمَّ قَضَى الَّتِي ذَكَرَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إِنْ ذَكَرَ الْوِتْرَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَسَدَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ ذَكَرَ فِيهَا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَفْسُدُ عَلَيْهِ بِذِكْرِ الْوِتْرِ وَلَا بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الِاخْتِيَارُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْفَائِتَةِ مَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ هَذِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَبَدَأَ بِصَلَاةِ الْوَقْتِ أَجْزَأَهُ وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ أَنَّ التَّرْتِيبَ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَاجِبٌ فِي صَلَاةِ سِتِّينَ سَنَةً وَأَكْثَرَ وَقَالَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ (صَلَاةً) وَهُوَ ذَاكِرٌ لِمَا قَبْلَهَا لِأَنَّهَا تَفْسُدُ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ ثُمَّ نَقَضَ هَذَا الْأَصْلَ فَقَالَ أَنَا آخُذُ بِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَيُعْجِبُنِي فِي الَّذِي يَذْكُرُ صَلَاةً فِي وَقْتِ صَلَاةٍ كَرَجُلٍ ذَكَرَ الْعِشَاءَ فِي آخِرِ وَقْتِ الْفَجْرِ قَالَ يُصَلِّي الْفَجْرَ وَلَا يُضَيِّعُ

صَلَاتَيْنِ أَوْ قَالَ يُضَيِّعُ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ إِذَا خَافَ طُلُوعَ الشَّمْسِ فَلَا يُضَيِّعُ هَذِهِ لِقَوْلِ سَعِيدِ (بْنِ الْمُسَيَّبِ) يُضَيِّعُ مَرَّتَيْنِ فَهَذَا يُصَلِّي الصُّبْحَ وَهُوَ ذَاكِرٌ الْعِشَاءَ وَفِي ذَلِكَ نَقْضٌ لِأَصْلِهِ وَقَالَ دَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ التَّرْتِيبُ غَيْرُ وَاجِبٍ وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ ذَكَرَ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ يَقُولُ فِي الَّذِي يَنْسَى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ حَتَّى لَا يَجِدَ إِلَّا مَوْضِعَ سَجْدَةٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ (قَالَ) يُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَنْبَأَنَا يُونُسُ وَمَنْصُورٌ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِيمَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَاسْتَيْقَظَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَالَ يُصَلِّي الْفَجْرَ ثُمَّ يُصَلِّي الْعِشَاءَ قَالَ وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ أَمَّا الْحَسَنُ فَيَقُولُ يُصَلِّي تِلْكَ وَإِنْ فَاتَتْ هَذِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا الَّذِي يَذْكُرُ صَلَاةً وَهُوَ وَرَاءَ إِمَامٍ فَكُلُّ مَنْ قَالَ

بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ فِيمَا عَلِمْتُ يَقُولُ يَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يُكْمِلَ صَلَاتَهُ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُصَلِّي الَّتِي ذَكَرَ ثُمَّ يُعِيدُ الَّتِي صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَنِ الْكُوفِيِّينَ وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْمَدَنِيِّينَ وَذَكَرَ الْخِرَقِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ فِي أُخْرَى أَتَمَّهَا وَقَضَى الْمَذْكُورَةَ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا إِذَا كَانَ الْوَقْتُ مُبْقًى فَإِنْ خَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ اعْتَقَدَ وَهُوَ فِيهَا أَنْ لَا يُعِيدَهَا وَقَدْ أَجْزَأَتْهُ وَيَقْضِي الَّتِي عَلَيْهِ قَالَ الْأَثْرَمُ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ إِذَا دَخَلْتَ فِي صَلَاةٍ فَأَحْرَمْتَ بِهَا ثُمَّ ذَكَرْتَ صَلَاةً نَسِيتَهَا لَمْ تَقْطَعِ الَّتِي دَخَلْتَ فِيهَا وَلَكِنَّكَ إِذَا فَرَغْتَ مِنْهَا قَضَيْتَ الَّتِي نَسِيتَ وَلَيْسَ عَلَيْكَ إِعَادَةُ هَذِهِ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ ما أعلم

أَحَدًا قَالَ بِهَذَا إِنَّمَا أَعْرِفُ أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ أَنَا أَقْطَعُ وَإِنْ كُنْتُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَأُصَلِّي الَّتِي ذَكَرْتُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا قَالَ وَهَذَا شَنِيعٌ أَنْ يَقْطَعَ وَهُوَ خَلْفَ الْإِمَامِ قِيلَ لَهُ فَمَا تَقُولُ أَنْتَ قَالَ يَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ قَطَعَ وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا هِقْلٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ فِي الَّذِي يَنْسَى الظُّهْرَ وَلَا يَذْكُرُهَا حَتَّى يَدْخُلَ فِي الْعَصْرِ قَالَ يَمْضِي فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ فَإِذَا انْصَرَفَ اسْتَقْبَلَ الظُّهْرَ فَصَلَّاهَا ثُمَّ يُصَلِّي الْعَصْرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا ابْنُ شِهَابٍ يُفْتِي بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ الَّذِي يَرْوِي قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي وَقَدْ رَأَى تَمَادِيَهُ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ رَأَى إِعَادَتَهَا (لَا) أَدْرِي إِنْ كَانَ اسْتِحْبَابًا أَوْ إِيجَابًا وَقَدْ يحتمل

(هَذَا) الْحَدِيثُ إِيجَابَ التَّرْتِيبِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الْإِعْلَامَ بِأَنَّهَا غَيْرُ سَاقِطَةٍ بِالنَّوْمِ وَالنِّسْيَانِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ فِيمَا كَثُرَ غَيْرُ وَاجِبٍ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فِي الْقَلِيلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمُ اسْتِحْبَابٌ لِأَنَّهُمْ يَأْمُرُونَهُ إِذَا ذَكَرَهَا وَهُوَ وَحْدَهُ فِي صَلَاةٍ أَنْ يَقْطَعَهَا وَإِنْ ذَكَرَهَا وَرَاءَ إِمَامٍ تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وَالْأَصْلُ فِي التَّمَادِي مَعَ الْإِمَامِ عِنْدَ أَكْثَرِهِمُ اتِّبَاعُ ابْنِ عُمَرَ (وَحَدِيثُهُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ) كَانَ يَقُولُ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إِلَّا وَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَلْيُصَلِّ الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ لِيُصَلِّ (بَعْدَهَا) الصَّلَاةَ الْأُخْرَى وَلَا مُخَالِفَ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ مَعَ دَلَالَةِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُمُعَةَ وَاسْمُهُ حَبِيبُ بْنُ سِبَاعٍ وَلَهُ صُحْبَةٌ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ هَلْ عَلِمَ أَحَدٌ مِنْكُمْ

أَنِّي صَلَّيْتُ الْعَصْرَ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَعَادَ الْمَغْرِبَ وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ يَرْوِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مَجْهُولِينَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَدَاوُدُ يَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ يُصَلِّي الَّتِي ذَكَرَ وَلَا يُعِيدُ هَذِهِ وَلَيْسَ التَّرْتِيبُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ بِوَاجِبٍ فِيمَا قَلَّ وَلَا فِيمَا كَثُرَ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ (أَنَّ) التَّرْتِيبَ إِنَّمَا يَجِبُ فِي الْيَوْمِ وَأَوْقَاتِهِ فَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ سَقَطَ التَّرْتِيبُ اسْتِدْلَالًا بِالْإِجْمَاعِ (عَلَى) أَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ تَجِبُ الرُّتْبَةُ فِيهِ وَالنَّسَقُ لِوَقْتِهِ فَإِذَا انْقَضَى سَقَطَتِ الرُّتْبَةُ عَمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ (مِنْهُ شَيْءٌ بِسَفَرٍ أَوْ عِلَّةٍ) وَجَائِزٌ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى غَيْرِ نَسَقٍ وَلَا رُتْبَةٍ مُتَفَرِّقًا فَكَذَلِكَ الصَّلَوَاتُ الْمَذْكُورَاتُ الْفَوَائِتُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاحْتَجَّ دَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ذَاكِرًا لِلصُّبْحِ فِي حِينِ نَوْمِهِ فِي سَفَرِهِ قَالُوا فَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ذَاكِرٌ صَلَاةً وَاجِبَةً عَلَيْهِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَهُمَا غَيْرُ وَاجِبَتَيْنِ عَلَيْهِ وَهَذَا عِنْدِي لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ صَلَاةً قَبْلَهَا وَإِنَّمَا الْمُرَاعَاةُ أَنْ يَذْكُرَ فِي الصَّلَاةِ مَا قَبْلَهَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُجَجٌ مِنْ جِهَةِ

النَّظَرِ فِي أَكْثَرِهَا تَشْعِيبٌ وَتَطْوِيلٌ وَفِيمَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ مَا تَقِفُ بِهِ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ مَعْنَى حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَأَقَامَ وَلَمْ يُؤَذِّنْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَقَامَ الصَّلَاةَ بِمَا تُقَامُ بِهِ مِنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالطَّهَارَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهُ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فِي حِينِ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا وَقَدْ رَوَى أَبَانُ الْعَطَّارُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا الْحَدِيثَ وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ فَصَلَّى الْفَجْرَ وَهَذَا لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ أَبَانَ الْعَطَّارِ عَنْ مَعْمَرٍ وَأَبَانُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَلَا تُقْبَلُ زِيَادَتُهُ عَلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي مَعْمَرٍ عِنْدَهُمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَذَانِ لِمَا فَاتَ مِنَ الصَّلَوَاتِ وَالْحُجَّةَ لِكُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَذَكَرَ أَبُو قُرَّةَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَنَّهُ لَا يَرْكَعُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَلَا يَبْدَأُ بِشَيْءٍ قبل الفريضة

قَالَ مَالِكٌ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حِينَ نَامَ عَنِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إِنْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ صَحِيحَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا وَلِجَمِيعِ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ مُسْتَوْعَبَةً مَبْسُوطَةً فِي بَابِ مُرْسَلِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلِذَلِكَ اخْتَصَرْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

الحديث الثاني والعشرون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ (بْنِ الْمُسَيَّبِ) مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبْ مَسَاجِدَنَا يُؤْذِينَا بِرِيحِ الثوم هكذا هو في الموطأ عند جَمِيعُهُمْ مُرْسَلٌ إِلَّا مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (مَرَّةً) مَوْصُولًا وَقَدْ وَصَلَهُ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَأَمَّا رِوَايَةُ مَعْمَرٍ فَذَكَرَهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ (مِنْ) هَذِهِ الشَّجَرَةِ يَعْنِي الثُّومَ فَلَا يُؤْذِينَا فِي مَسْجِدِنَا وَذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ كَذَلِكَ (سَوَاءً) مُسْنَدًا وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مِسَلَّةُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا فَضْلٌ الْأَعْرَجُ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ

شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يُؤْذِينَا فِي مَسْجِدِنَا يَعْنِي الثُّومَ قَالَ يَعْقُوبُ وَذَكَرَ أَبِي عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ ذَكَرَ مَعَهُ الْكُرَّاثَ وَالْبَصَلَ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى النَّهْيَ عَنْ أَكْلِ الثُّومِ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةِ الْمَعَانِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَحُذَيْفَةُ وَابْنُ عُمَرَ وَجَابِرٌ وَأَنَسٌ وَأَبُو سَعِيدٍ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ وَأُمُّ أَيُّوبَ فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَرَوَاهُ عُبَيْدُ الله بن عمر عن نافع عن ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يَعْنِي الثُّومَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَحَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ مَا سَمِعْتَ (مِنْ) نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثُّومِ فَقَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّا وَلَا يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ الْمَسَاجِدَ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا خَرَجَ النَّهْيُ عَنْ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أجل جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَنُزُولِهِ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ آخَرُونَ وَهُمُ الْأَكْثَرُونَ مَسْجِدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَائِرُ الْمَسَاجِدِ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَمَلَائِكَةُ الْوَحْيِ فِي ذَلِكَ (وَغَيْرِهَا) سَوَاءٌ (لِأَنَّهُ) قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَتَأَذَّى بَنُو آدَمَ وَقَالَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى بِمَا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ وَقَالَ يُؤْذِينَا بِرِيحِ الثُّومِ وَلَا يَحِلُّ أَذَى الْجَلِيسِ الْمُسْلِمِ حَيْثُ كَانَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ مَعْرِفَةُ كَوْنِ الْبُقُولِ وَالْخُضَرِ بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا (لَمْ) يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهَا الزَّكَاةَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ سَاقِطَةٌ عَنِ الْخُضَرِ وَعَمَّا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ غَيْرَ الْقُوتِ الْمُدَّخَرِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَذَكَرْنَا وُجُوهَهَا وَاخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِيهَا فِي أَوَّلِ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ وَذَلِكَ قَوْلُهُ إِنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ (وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ الْحَدِيثَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ (أَيْضًا) مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ أَكْلَ الثُّومِ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ لِأَنَّ الْحَرَامَ لَا يُقَالُ فِيهِ مَنْ فَعَلَهُ فَلَا يَفْعَلُ كَذَا لِشَيْءٍ غَيْرِهِ لِأَنَّ هَذَا لَفْظُ إِبَاحَةٍ لَا لَفْظُ مَنْعٍ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ مَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَلْيُشَقِّصِ الْخَنَازِيرَ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ وَتَشْقِيصَ الْخَنَازِيرِ كِلَاهُمَا مُحَرَّمٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَكْلِ الثُّومِ فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ فَرْضًا إِلَى تَحْرِيمِ أَكْلِ الثُّومِ (فِي وَقْتٍ يُوجَدُ رِيحُهُ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ) وَقَالُوا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أَكْلِ الثُّومِ نَهْيَ تَحْرِيمٍ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ التَّأَخُّرُ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى شُهُودِهَا ولايحل لَهُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِهَا مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ عَلَى الْمَشْيِ إِلَيْهَا قَالُوا وَكُلُّ مَنْعٍ مِنْ إِتْيَانِ الْفَرْضِ وَالْقِيَامِ بِهِ فَحَرَامٌ عَمَلُهُ وَالتَّشَاغُلُ بِهِ كَمَا أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَى الْإِنْسَانِ فِعْلُ كُلِّ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ مُشَاهَدَةِ الْجُمُعَةِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَدْ سَمَّاهَا خَبِيثَةً وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَصَفَ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِأَنَّهُ يُحَرِّمُ الْخَبَائِثَ وَذَكَرُوا حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا وَقَوْلُهُ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ الْخَبِيثَتَيْنِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسَاجِدَنَا وَذَهَبَ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَجُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ إلى إباحة أكل الثوم لدلائل منها حدث عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نَأْكُلَ الثُّومَ وَقَالَ لَوْلَا أَنَّ الْمَلَكَ يَنْزِلُ عَلَيَّ لَأَكَلْتُهُ فَقَدْ بَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَأَنَّهُ مُبَاحٌ وَأَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ إِنَّمَا وَرَدَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَلَكَ كَانَ يَتَأَذَّى بِهِ وَمِنْهَا (أَيْضًا) حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يَعْنِي الثُّومَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا وَلَا

يَأْتِيَنَّا يَمْسَحُ جَبْهَتَهُ قَالَ فَقُلْتُ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَحَرَامٌ هِيَ قَالَ (لَا) إِنَّمَا كَرِهَهَا النبي صلى الله عليه وسلم من أجل رِيحِهَا وَهَذَا نَصٌّ عَنْ صَاحِبٍ عَرَفَ مَخْرَجَ النَّهْيِ وَمِثْلُهُ حَدِيثُ جَابِرٍ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ (قَالَ) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يُرِيدُ الثُّومَ فَلَا يَغْشَانَا فِي مَسَاجِدِنَا قُلْتُ مَا يَعْنِي بِهِ قَالَ مَا أَرَاهُ يَعْنِي إِلَّا نَيِّئَهُ قَالَ وَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ إِلَّا نَتِنَهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَكَلَ ثُومًا (أَوْ بَصَلًا) فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقِدْرٍ فيه خضروات مِنْ بُقُولٍ فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا قَالَ فَأُخْبِرَ ما فِيهَا مِنَ الْبُقُولِ فَقَالَ قَرِّبُوهَا إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ كَانَ مَعَهُ فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا قَالَ كُلْ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا بَيِّنٌ فِي الْخُصُوصِ (لَهُ) وَالْإِبَاحَةُ لِمَنْ سِوَاهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ (قَالَ) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ

شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي (عَطَاءُ) بْنُ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَذَكَرَهُ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا النَّجِيبِ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثُّومُ وَالْبَصَلُ وَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَشَدُّ ذَلِكَ كُلِّهِ الثُّومُ أَفَتُحَرِّمُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوهُ وَمَنْ أكله منكم فلا يقرب هذاالمسجد حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ مِنْهُ وَمِثْلُ هَذَا أَيْضًا حَدِيثُ أُمِّ أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّةِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ (قَالَ) حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ (قَالَ) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ (قَالَ) حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ (قَالَ) حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ أُمَّ أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ نَزَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَكَلَّفْنَا لَهُ طَعَامًا فِيهِ بَعْضُ هَذِهِ الْبُقُولِ فَكَرِهَهُ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ فإني أكره أن أوذي صاحبي قال الحميدي قَالَ سُفْيَانُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي تُحَدِّثُ بِهِ أُمُّ أَيُّوبَ عَنْكَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ قَالَ حَقٌّ وَمِثْلُ هَذَا حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْكُلُ الثُّومَ وَلَا الكراث ولا

الْبَصَلَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَأْتِيهِ وَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يُكَلِّمُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ (وَالْقَعْنَبِيُّ) وَطَائِفَةٌ عَنْ مَالِكٍ (فِي الْمُوَطَّأِ هَكَذَا وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْبَكْرِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيِّ عَنْ مَالِكٍ) أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَأْكُلُ الثُّومَ وَلَا الْكُرَّاثَ وَلَا الْبَصَلَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَأْتِيهِ وَأَنَّهُ يُكَلِّمُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْبَكْرِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمَا جَاءَ بِهِ وَهْمٌ لِأَنَّهُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلٌ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ قَالَ أَوَّلَ يَوْمٍ الثُّومَ ثُمَّ قَالَ الثُّومَ وَالْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّا فِي مَسَاجِدِنَا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الْإِنْسُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ فَرُّوخَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْهِلَالِ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ أَكَلْتُ ثُومًا فَأَتَيْتُ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد سُبِقْتُ بِرَكْعَةٍ فَلَمَّا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِيحَ الثُّومِ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّا حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهَا فَلَمَّا قضيت الصلاة

جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَتُعْطِيَنِّي يَدَكَ (قَالَ) فَأَدْخَلْتُ يَدَهُ فِي كُمِّ قَمِيصِي إِلَى صَدْرِي فَإِذَا أَنَا مَعْصُوبُ (الصَّدْرِ) فَقَالَ إِنَّ لَكَ عُذْرًا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْجَرَّاحُ أَبُو وَكِيعٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ (شَرِيكِ بْنِ حَنْبَلٍ) عَنْ عَلِيٍّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الثُّومِ إِلَّا مَطْبُوخًا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَسَعِيدٌ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ (أَصْبَغَ) قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَبَكْرٌ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو وَكِيعٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ شَرِيكِ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ عَلِيٍّ فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ (فَفِي) هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ أَكْلَ الثُّومِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَأَنَّهُ مُبَاحٌ وَقَدْ أَكَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَجَازَ أَكْلَهُ جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا محمد ابن عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي صَدَقَةَ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عن

الثُّومِ وَالْبَصَلِ فَقَالَ اذْهَبُوا وَاقْطَعُوا عَنْكُمْ رِيحَهَا بِالنُّضْجِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَصَابَهُ بُهْرٌ زَمَنَ أَذْرَبِيجَانَ فَنُعِتَ لَهُ الثُّومُ فَكُنَّا نَنْظِمُهُ فَنَجْعَلُهُ فِي حَسَاءٍ لَهُ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ (بْنُ) الْفَضْلِ الدِّينَوَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ (عَنِ اللَّيْثِ) بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي قَالَ قُلْتُ لِنَافِعٍ هَلْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْكُلُ الثُّومَ فِي اللَّحْمِ قَالَ نَعَمْ فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ قَدْ رَوَى الْحَدِيثَ فِي الثُّومِ وَكَانَ يَأْكُلُهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ الْمُرَادَ وَعَرَفَ الْمَقْصِدَ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَوْتِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ محمد بن أحمد ابن الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ سَلَامَةَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَوَجَدْتُهُ يَأْكُلُ ثُومًا مَسْلُوقًا بِمَاءٍ وَمِلْحٍ وَزَيْتٍ وَلَوْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ عَنِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ لَطَوَّلْنَا وَأَمْلَلْنَا وَالْأَمْرُ الْوَاضِحُ لَا

وَجْهَ لِلتَّطْوِيلِ فِيهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَيْضًا أَنَّ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَرْضًا مَا كَانَ أَحَدٌ لِيُبَاحَ لَهُ مَا يَحْبِسُهُ عَنِ الْفَرْضِ وَقَدْ أَبَاحَتِ السُّنَّةُ لِآكِلِ الثُّومِ التَّأَخُّرَ عَنْ شُهُودِ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنْ أَكْلَهُ مُبَاحٌ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَبِاللَّهِ عِصْمَتُنَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْجُمُعَةَ إِذَا نُودِيَ لَهَا حُرِّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كُلُّ مَا يَحْبِسُ عَنْهَا مِنْ بَيْعٍ وَقُعُودٍ وَرُقَادٍ وَصَلَاةٍ وَكُلِّ مَا يَشْتَغِلُ بِهِ الْمَرْءُ عَنْهَا وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ (مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ) حَاضِرًا فِيهِ لَا عُذْرَ لَهُ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ عَلَى نَفْسِهِ مَا يَحْبِسُهُ عَنْهَا فَلَوْ كَانَتِ الْجَمَاعَةُ فَرْضًا لَكَانَ أَكْلُ الثُّومِ فِي حِينِ وَقْتِ الصَّلَاةِ حَرَامًا وَقَدْ ثَبَتَتْ إِبَاحَتُهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنَّمَا حُضُورُهَا سُنَّةٌ وَفَضِيلَةٌ وَعَمَلُ بِرٍّ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَضَرَ العشاء وسمعتم الإقامة بالصلاة فابدؤا بِالْعَشَاءِ وَفِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ آكِلَ الثُّومِ يُبْعَدُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَيُخْرَجُ عَنْهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَقْرَبْ (مَسْجِدَنَا أَوْ) مَسَاجِدَنَا لِأَنَّهُ يُؤْذِينَا بِرِيحِ الثُّومِ وَإِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ في إخراجه مِنَ الْمَسْجِدِ أَنَّهُ يُتَأَذَّى

بِهِ فَفِي الْقِيَاسِ أَنَّ كُلَّ مَا يَتَأَذَّى بِهِ جِيرَانُهُ فِي الْمَسْجِدِ بِأَنْ يَكُونَ ذَرِبَ اللِّسَانِ سَفِيهًا عَلَيْهِمْ فِي الْمَسْجِدِ مُسْتَطِيلًا أَوْ كَانَ ذَا رِيحَةٍ قَبِيحَةٍ لَا تَرِيمُهُ لِسُوءِ صناعته أو عاهة موذية كَالْجُذَامِ وَشَبَهِهِ وَكُلُّ مَا يَتَأَذَّى بِهِ النَّاسُ إِذَا وُجِدَ فِي أَحَدِ جِيرَانِ الْمَسْجِدِ وَأَرَادُوا إِخْرَاجَهُ عَنِ الْمَسْجِدِ وَإِبْعَادَهُ عَنْهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُمْ مَا كَانَتِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةً فِيهِ حَتَّى تَزُولَ فَإِذَا زَالَتْ بِإِفَاقَةٍ أَوْ تَوْبَةٍ أَوْ أَيِّ وَجْهٍ زَالَتْ كَانَ لَهُ مُرَاجَعَةُ الْمَسْجِدِ وَقَدْ شَاهَدْتُ شَيْخَنَا أَبَا عُمَرَ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَاشِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَفْتَى فِي رَجُلٍ شَكَاهُ جِيرَانُهُ وَأَثْبَتُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ يُؤْذِيهِمْ فِي الْمَسْجِدِ بِلِسَانِهِ وَيَدِهِ فَشُوِّرَ فِيهِ فَأَفْتَى بِإِخْرَاجِهِ عَنِ الْمَسْجِدِ وَإِبْعَادِهِ عَنْهُ وَأَنْ لَا يُشَاهِدُ مَعَهُمُ الصَّلَاةَ إِذْ لَا سَبِيلَ مَعَ جُنُونِهِ وَاسْتِطَالَتِهِ إِلَى السَّلَامَةِ مِنْهُ فَذَاكَرْتُهُ يَوْمًا أَمْرَهُ وَطَالَبْتُهُ بِالدَّلِيلِ فِيمَا أَفْتَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَرَاجَعْتُهُ فِيهِ الْقَوْلَ فَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ الثُّومِ وَقَالَ هُوَ عِنْدِي أَكْثَرُ أَذًى مِنْ آكِلِ الثُّومِ وَصَاحِبُهُ يُمْنَعُ مِنْ شُهُودِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا وُجِدَ مِنْ أَحَدٍ رِيحُ ثُومٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْرِجَ عَنْهُ وَرُبَّمَا أُبْعِدَ حَتَّى يُبْلَغَ بِهِ الْبَقِيعُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ

شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ إِنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَأْكُلُونَ مِنْ شَجَرَتَيْنِ مَا أَرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ هَذَا الْبَصَلُ وَالثُّومُ وَلَقَدْ رَأَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ إِذَا وَجَدَ رِيحَهَا مِنَ الرَّجُلِ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى الْبَقِيعِ فَمَنْ أَكَلَهَا فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا فهذا عمر بن الخطاب يجير أَكْلَ الْبَصَلِ وَالثُّومِ مَطْبُوخَيْنِ عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرْنَا وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثْنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْغَطَفَانِيِّ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْعُمَرِيِّ أَنَّ عُمَرَ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا افْتُتِحَتْ خَيْبَرُ أَكَلُوا مِنَ الثُّومِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ الْخَبِيثَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهَا مِنْ فِيهِ

الحديث الثالث والعشرون

حَدِيثٌ عَاشِرٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلٌ مالك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ هَكَذَا رَوَاهُ كُلُّ مَنْ رَوَى الْمُوَطَّأَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا مَعْنَ بْنَ عِيسَى فَإِنَّهُ وَصَلَهُ (فَجَعَلَهُ عَنْ سَعِيدٍ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَعْنٌ ثِقَةٌ إِلَّا أَنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ الْخَطَأُ فِيهِ مِنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْغَضَائِرِيِّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحسن ابن عَلَّانَ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْحَلَبِيُّ قالا حدثنا علي ابن عَبْدِ الْحَمِيدِ الْغَضَائِرِيُّ حَدَّثْنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ وَهُوَ لِصَاحِبِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ يَحْيَى الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا

عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ يَحْيَى الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَا حدثنا مجاهد ابن مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ وَهُوَ مِنْ صَاحِبِهِ وَزَادَ فِيهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَمْرُوسٍ عَنِ الْأَبْهَرِيِّ بِإِسْنَادِهِ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ قَدِ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي رَفْعِهَا فَرَفَعَهَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمَعْمَرٌ وَغَيْرُهُمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَكِنَّهُمْ رَوَوْهُ مُرْسَلًا عَلَى اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرِوَايَةُ مَعْنٍ عَنْ مَالِكٍ مُوَافِقَةٌ لِذَلِكَ وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ هَذَا الْحَدِيثَ فَجَوَّدَهُ وَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَيْسَ مَرْفُوعًا رَوَى سَحْنُونُ وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا وَيُونُسَ بْنَ يَزِيدَ وَابْنَ أَبِي ذِئْبٍ يُحَدِّثُونَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ وَقَالَ يُونُسُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ الرَّهْنُ مِمَّنْ رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ فَتَبَيَّنَ بِرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ

فَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّ مَعْمَرًا (قَدْ) ذَكَرَهُ عن ابن شهاب مرفوعا ومعمر من أثبته النَّاسُ فِي ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ فَرَفَعَ هَذَا اللَّفْظَ وَوَصَلَ الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيَحْيَى لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ وَمِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَغْلَقَ الرَّهْنُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ شَيْخُنَا ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ شُيُوخِهِ عَنْهُمَا وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ الْعَابِدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ وَفِيمَا أَخْبَرَنِي

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِجَازَةً عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الْحَافِظِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَتْحِ الْوَرَّاقُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (بْنِ يَعْقُوبَ الْأَنْطَاكِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الأنباري حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) بْنِ أَبِي سُكَيْنَةَ الْحَبْلِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ مِمَّنْ رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ (بْنُ أَصْبَغَ) قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ زُرَيْقٍ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا (مُحَمَّدُ) ابن الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّائِيُّ بِحِمْصَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَبَّادٍ يَعْنِي ابْنَ كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ لِصَاحِبِهِ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ فَهَذَا أَصْلُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ إِسْمَاعِيلُ مِنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ عِنْدَهُمْ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ (عِنْدَهُمْ) أَيْضًا غَيْرُ مَقْبُولِ الْحَدِيثِ إِذَا حَدَّثَ عَنْ غَيْرِ أَهْلِ بَلَدِهِ فَإِذَا حَدَّثَ عَنِ الشَّامِيِّينَ فَحَدِيثُهُ مُسْتَقِيمٌ وَإِذَا حَدَّثَ عَنِ الْمَدَنِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مَا عَدَا الشَّامِيِّينَ فَفِي حَدِيثِهِ خَطَأٌ كَثِيرٌ وَاضْطِرَابٌ وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ خِلَافًا أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ فِيمَا رَوَى عَنْ غَيْرِ أَهْلِ بَلَدِهِ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ إِذَا رَوَى عَنْ أَهْلِ بَلَدِهِ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْتُ لَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عن إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ صَحَّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ لَكَانَ

حَسَنًا لَكِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَقُولُونَ إِنَّهُ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَلَمْ يَرْوِهِ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ وَقَدْ أَوْضَحْتُ لَكَ أَصْلَ رِوَايَتِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ أبي ذئب من وجه صالح حسن غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْأَنْطَاكِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الثقة قالوا حدثنا عبد الله بن نصر الأصم الْأَنْطَاكِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ الرَّهْنُ لِمَنْ رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ وَرَوَاهُ عَنْ شَبَابَةَ هَكَذَا جَمَاعَةٌ وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ عُيَيْنَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ مُتَّصِلًا عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ فَإِنَّ الْأَثْبَاتَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ يَرْوُونَهُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ لَا يَذْكُرُونَ فِيهِ أَبَا هُرَيْرَةَ وَيَجْعَلُونَهُ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ مُرْسَلٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ وُصِلَ مِنْ جِهَاتٍ كَثِيرَةٍ فَإِنَّهُمْ يُعَلِّلُونَهَا وَهُوَ مَعَ هَذَا حَدِيثٌ لَا يَرْفَعُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ وَمَعْنَاهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الرِّوَايَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ بِرَفْعِ الْقَافِ عَلَى الْخَبَرِ أَيْ لَيْسَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ وَمَعْنَاهُ لا

يَذْهَبُ وَيَتْلَفُ بَاطِلًا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْهِلَالُ وَالنَّحْوِيُّونَ يَقُولُونَ غَلِقَ الرَّهْنُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ تَخَلُّصٌ قَالَ امْرِؤُ الْقَيْسِ ... غَلِقْنَ بِرَهْنٍ مِنْ حَبِيبٍ بِهِ ادَّعَتْ ... سُلَيْمَى وَأَمْسَى حَبْلُهَا قَدْ تَبَتَّرَا ... ... وَقَالَ زُهَيْرٌ ... وَفَارَقَتْكَ بِرَهْنٍ لَا فِكَاكَ لَهُ ... ... يَوْمَ الْوَدَاعِ فَأَمْسَى الرَّهْنُ قَدْ غَلِقَا ... ... وَقَالَ آخَرُ وَهُوَ قَعْنَبُ بْنُ أُمِّ صَاحِبٍ وَهُوَ أَحَدُ الْمَنْسُوبِينَ إِلَى أُمَّهَاتِهِمْ وَهُوَ قَعْنَبُ بْنُ حَمْزَةَ أَحَدُ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَفَطَانَ ... بَانَتْ سُعَادُ وَأَمْسَى دُونَهَا عَدَنُ ... وَغَلَّقَتْ عِنْدَهَا مِنْ قَبْلِكَ الرَّهَنُ ... ... وَقَالَ آخَرُ ... كَأَنَّ الْقَلْبَ لَيْلَةَ قِيلَ يُغْدَى ... ... بِلَيْلَى الْعَامِرِيَّةِ أو يراح

قَطَاةٌ غَرَّهَا شَرَكٌ فَبَاتَتْ ... ... تُجَاذِبُهُ وَقَدْ غَلِقَ الْجَنَاحُ ... وَقَالَ آخَرُ ... ... أَجَارَتَنَا مَنْ يَجْتَمِعْ يَتَفَرَّقْ ... وَمَنْ يَكُ رَهْنًا لِلْحَوَادِثِ يَغْلَقْ ... ... وَقَالَ أَعْشَى تَغْلِبَ ... لَمَّا رَأَى أَهْلُهَا أَنَّى عَلِقْتُ بِهَا ... ... وَاسْتَيْقَنُوا أَنَّنِى فِي حَبْلِهَا غَلِقْ ... ... ... بَانَتْ نَوَاهُمْ شُطُونًا عَنْ هَوَايَ لَهُمْ ... ... فَمَا دِلُوفِي مَيْسُورًا ولا رفق)

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَا يَجُوزُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنْ يُقَالَ لِلرَّهْنِ إِذَا ضَاعَ قَدْ غَلِقَ إِنَّمَا يُقَالُ قَدْ غَلِقَ إِذَا اسْتَحَقَّهُ الْمُرْتَهِنُ فَذَهَبَ بِهِ قَالَ وَهَذَا كَانَ مِنْ فِعْلِ (أَهِلِ) الْجَاهِلِيَّةِ فَأَبْطَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفَسَّرَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنْ قَالَ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَرْهَنَ الرَّجُلُ الرَّهْنَ عِنْدَ الرَّجُلِ بِالشَّيْءِ وَفِي الرَّهْنِ فَضْلٌ عَمَّا رَهَنَ (بِهِ) فَيَقُولُ الراهن للمرتهن إن جنتك بحمقك إِلَى أَجَلِ كَذَا يُسَمِّيهِ لَهُ وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَكَ بِمَا فِيهِ قَالَ مَالِكٌ فَهَذَا لَا يَصْلُحُ وَلَا يَحِلُّ وَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ بِالَّذِي رَهَنَ فِيهِ بَعْدَ الأجل فهو له وأرى هذا الشرط متفسخا وَعَلَى نَحْوِ هَذَا فَسَّرَهُ الزُّهْرِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَطَاوُسٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ قَالَ إِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الرَّهْنَ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ إِنْ لَمْ آتِكَ إِلَى كَذَا وَكَذَا فَالرَّهْنُ لَكَ

قَالَ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَكِنْ يُبَاعُ فَيَأْخُذُ حَقَّهُ وَيَرُدُّ مَا فَضَلَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) عن ابْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ مِمَّنْ رَهَنَهُ قَالَ مَعْمَرٌ قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ أَهُوَ الرَّجُلُ يَقُولُ إِنْ لَمْ آتِكَ بِمَالِكَ فَهَذَا الرَّهْنُ لَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَعْمَرٌ ثُمَّ بَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِنْ هَلَكَ لَمْ يَذْهَبْ حَقُّ هَذَا إِنَّمَا هَلَكَ مِنْ رَبِّ (الرَّهْنِ) لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ وَرَوَى عبد الرزاق وعبد الملك بن الصباح جَمِيعًا عَنِ الثَّوْرِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ مِمَّنْ رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ زَادَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ إِنْ لَمْ يَأْتِهِ بِمَالِهِ فَلَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَعَلَى هَذَا تَفْسِيرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِهِ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا قُصِدَ بِهِ الرَّهْنُ الْقَائِمُ أَيْ لَا يَسْتَغْلِقُهُ الْمُرْتَهِنُ فَيَأْخُذُهُ بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ إِذْ قَدْ أَبْطَلَتْ (ذَلِكَ) الشَّرْطَ السُّنَّةُ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الرَّهْنِ يَتْلَفُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الَّذِي تَلِفَ لَا يَغْلَقُ لِأَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ وَإِنَّمَا قِيلَ فِيمَا كَانَ بَاقِيًا مَوْجُودًا لَا يَغْلَقُ أَيْ لَا يَأْخُذُهُ الْمُرْتَهِنُ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ وَلَا

يَكُونُ أَوْلَى بِهِ مِنْ صَاحِبِهِ وَرَوَى هُشَيْمٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِذَا أُقْرِضَ الرَّجُلُ قَرْضًا وَرَهَنَهُ رَهْنًا وَقَالَ إِنْ أَتَيْتُكَ بِحَقِّكَ إِلَى كَذَا وَكَذَا (وَإِلَّا) فَهُوَ لَكَ بِمَا فِيهِ فَقَالَ لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ هُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ لَا يَغْلَقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ فِي الرَّهْنِ يَهْلَكُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَيَتْلَفُ مِنْ غَيْرِ جِنَايَتِهِ (مِنْهُ) وَلَا تَضْيِيعٍ فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ إِنْ كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يَخْفَى هَلَاكُهُ نَحْوُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحُلِيِّ وَالْمَتَاعِ وَالثِّيَابِ وَالسُّيُوفِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَيَخْفَى هَلَاكُهُ فَهُوَ مَضْمُونٌ إِذَا خَفِيَ هَلَاكُهُ ويتراد أن الْفَضْلَ فِيمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ (أَكْثَرَ مِنَ الدَّيْنِ ذَهَبَ الدَّيْنُ كُلُّهُ وَرَجَعَ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِفَضْلِ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ) مِثْلَ الدَّيْنِ ذَهَبَ بِمَا فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنَ الدَّيْنِ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِبَاقِي دَيْنِهِ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا وَابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولَانِ إِنْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى هَلَاكِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِمَضْمُونٍ إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى فِيهِ الْمُرْتَهِنُ أَوْ يُضَيِّعَهُ فَيَضْمَنُ وَقَالَ أَشْهَبُ كُلُّ مَا يُغَابُ عليه مضمون عَلَى الْمُرْتَهِنِ خَفِيَ هَلَاكُهُ أَوْ ظَهَرَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْبَتِّيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَإِنِ اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ فَهُوَ بَابٌ غَيْرُ هَذَا وَلَا يَجْمُلُ بِنَا ذِكْرُ مَسَائِلِ الرُّهُونِ كُلِّهَا لِخُرُوجِنَا بِذَلِكَ عَنْ تَأْلِيفِنَا وَإِنَّمَا نَذْكُرُ مِنَ الْمَسَائِلِ فِي كِتَابِنَا مَا كان في معنى الحديث المذكور لا غير وقد جود

مَالِكٌ مَذْهَبَهُ فِي اخْتِلَافِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ وَفِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ جَمِيعًا فِي كِتَابِهِ الْمُوَطَّأِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنْ خِلَافِهِ وَمُوَافَقَتِهِ وَوَجْهَ قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي كِتَابِ الْاسْتِذْكَارِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يَظْهَرُ هَلَاكُهُ نَحْوَ الدَّارِ وَالْأَرَضِينَ وَالْحَيَوَانِ فَهُوَ مَنْ مَالِ الرَّاهِنِ وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ وَالْمُرْتَهِنُ فِيهِ أَمِينٌ وَدَيْنُ الْمُرْتَهِنِ (فِيهِ) ثَابِتٌ عَلَى حَالِهِ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَرَوَى هَذَا الْقَوْلَ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو عُبَيْدٍ يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ بَيْنَهُمَا مِثْلَ قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَالْبَتِّيِّ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ مَا يَظْهَرُ هلاكه وبين ما يغاب عليه والرهن مضمون عِنْدَهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ حَيَوَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ هُوَ عِنْدَهُمْ مَضْمُونٌ بِنَفْسِهِ يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ فِيهِ إِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنِ الدَّيْنِ أَوْ زَادَتْ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي ذَلِكَ إِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَيُرْوَى هَذَا الْقَوْلُ أَوْ مَعْنَاهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ خِلَاسٍ عَنْ عَلِيٍّ وَيُرْوَى أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ حَدِيثِ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَيْرَةَ وَهُوَ مَجْهُولٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِنْ كَانَ الرَّهْنُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَهُوَ بِمَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ

أَقَلَّ مِنَ الدَّيْنِ ذَهَبَ مِنَ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ وَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَا نَقَصَ وَالرَّهْنُ عندهم مضمون بِقِيمَةِ الدَّيْنِ فَمَا دُونَ وَمَا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ فَهُوَ أَمَانَةٌ وَرُوِيَ مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ كُلِّهِ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيٍّ وَهُوَ أَحْسَنُ الْأَسَانِيدِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَكُونُ لِلرَّاهِنِ وَغُنْمُهُ عِنْدَهُمْ مَا فَضَلَ مِنَ الدَّيْنِ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ مَا نَقَصَ مِنَ الدَّيْنِ وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَهُمْ فِي سَلَامَةِ الرَّهْنِ لَا فِي عَطْبِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فَالرَّهْنُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ فِي الْهَلَاكِ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ لَا بِنَفْسِهِ وَقِيمَتِهِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمَّا كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ عِنْدَ الْفَلَسِ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ كَالْوَدِيعَةِ وأنه مضمون لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَمَانَةً لَمْ يَكُنِ (الْمُرْتَهِنُ) أَحَقَّ بِهِ وَقَالَ شُرَيْحٌ وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْكُوفِيِّينَ يَذْهَبُ الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (مِنْهُ) أَوْ أَقَلَّ وَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ الْمَدَنِيِّينَ إِلَّا أَنَّهُمْ إِنَّمَا يَجْعَلُونَهُ بِمَا فِيهِ إِذَا هَلَكَ وَعَمِيَتْ قِيمَتُهُ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا فِيهِ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا فِيهِ تَرَادَّا الْفَضْلَ وَهَكَذَا قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مَذْهَبُهُ فِي هَذَا وَمَذْهَبُ السَّبْعَةِ سَوَاءٌ قَالَ اللَّيْثُ وَبَلَغَنِي ذَلِكَ

عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْحَيَوَانُ عِنْدَ اللَّيْثِ لَا يُضَمَّنُ إِلَّا أَنْ يُتَّهَمَ الْمُرْتَهِنُ فِي دَعْوَى الْمَوْتِ وَالْإِبَاقِ وَقَالَ اللَّيْثُ يَكُونُ بِالْمَوْتِ ظَاهِرًا مَعْلُومًا قَالَ فَإِنْ أَعْلَمَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ بِإِبَاقِهِ أَوْ مَوْتِهِ أَوْ أَعْلَمَ السُّلْطَانَ ان كان صاحبه غائبا حلف وبرىء وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالزُّهْرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِ الْأَثَرِ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ الرَّهْنُ كُلُّهُ أَمَانَةٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْهُ وَمَا يَظْهَرُ إِذَا ذَهَبَ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةِ الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الرَّاهِنِ وَلَا يُضَمَّنُ إِلَّا بِمَا يُضَمَّنُ بِهِ الْوَدَائِعُ وَسَائِرُ الْأَمَانَاتِ وَدَيْنُ الْمُرْتَهِنِ ثَابِتٌ عَلَى حَالِهِ قَالُوا وَالْحَيَوَانُ فِي ذَلِكَ وَالْعَقَارُ وَالْحُلِيُّ وَالثِّيَابُ وَغَيْرُ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ سَعِيدِ (بْنِ الْمُسَيَّبِ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالُوا وَهُوَ مَرْفُوعٌ صَحِيحٌ عَنِ الرَّهْنِ مِمَّنْ رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ وَقَدْ وَصَلَهُ قَوْمٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالُوا وَهُوَ مَرْفُوعٌ صَحِيحٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَرَاسِيلُ سَعِيدٍ عِنْدَهُمْ صِحَاحٌ وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَهُ غُنْمُهُ أَيْ لَهُ غَلَّتُهُ وَرَقَبَتُهُ وَفَائِدَتُهُ كُلُّهَا وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ فِكَاكُهُ وَمُصِيبَتُهُ فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَهُمْ غُنْمُهُ لِصَاحِبِهِ وَغُرْمُهُ عَلَيْهِ قَالُوا وَالْمُرْتَهِنُ

لَيْسَ بِمُعْتَدٍّ فِي حَبْسِهِ فَيُضَمَّنُ وَإِنَّمَا يُضَمَّنُ من تعدى والأمانة لا تضمن بِغَيْرِ التَّعَدِّي فَهُوَ عِنْدُ هَؤُلَاءِ كُلُّهُ أَمَانَةٌ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ مَا زَادَ عَلَى قيمته فأمانة وعند مالك ما لا يعاب عليه أمانة لا تضمن إِلَّا بِمَا تُضَمَّنُ بِهِ الْأَمَانَاتُ مِنَ التَّعَدِّي وَالتَّضْيِيعِ وَكَذَلِكَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ إِذَا ظَهَرَ هلاكل لم يجب على المرتهن ضمانه وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنَ الرُّهُونِ كَالْحَيَوَانِ وَشَبَهِهِ وَالْعَقَارِ وَمِثْلِهِ إِذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ هَلَاكَهُ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهُ قُبِلَ قَوْلُهُ وَإِذَا ادَّعَى هَلَاكَ مَا قَدْ غَابَ عَلَيْهِ عِنْدَ نَفْسِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِيهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَهُ وَثِيقَةً لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَأْخُذْهُ وَدِيعَةً لِيَحْفَظَهُ عَلَى رَبِّهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ضَيَاعِهِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَأَمْرٍ ظَاهِرٍ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يُقَاصُّ بِهَا مِنْ دَيْنِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي قِيمَتِهِ إِنْ نَزَلَ فِيهَا اخْتِلَافٌ بَيْنَهُمَا وَعَمِيَتْ وَيَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ فِي ذَلِكَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ غُنْمُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَيْ لَهُ غَلَّتُهُ وَخَرَاجُ ظَهْرِهِ وَأُجْرَةُ عَمَلِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ غُرْمُهُ أَيْ نَفَقَتُهُ لَيْسَ الْفِكَاكُ وَالْمُصِيبَةُ قَالُوا لِأَنَّ الْغُنْمَ إِذَا كَانَ الْخَرَاجَ وَالْغَلَّةَ كَانَ الْغُرْمُ مَا قابل ذلك من النقفة قَالُوا وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ غَيْرُ مُؤْتَمَنٍ وَلَا مُتَعَدٍّ فَيُضَمَّنُ مَا خَفِيَ هَلَاكُهُ مِنْ حَيْثُ ضَمِنَهُ الْمُسْتَعِيرُ سَوَاءً وَفِي مَعْنَى قَوْلِهِ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ قَوْلُهُ الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ أَيْ أُجْرَةُ ظَهْرِهِ لِرَبِّهِ وَكَسْبُهُ لَهُ وَلَا

يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ رِبًا مِنْ أَجْلِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ وَلَا يَجُوزُ أن يلي الراهن ذلك لأنه يصير غير مَقْبُوضٌ حِينَئِذٍ وَالرَّهْنُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَقْبُوضًا وَلَوْ رَكِبَهُ لَخَرَجَ مِنَ الرَّهْنِ فَقِفْ عَلَى هَذَا كُلِّهِ فَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وفرق مالك بين الولد وبين الغلة وَالْخَرَاجِ فَجَعَلَ وَلَدَ الْأَمَةِ وَسَخْلَ الْمَاشِيَةِ رَهْنًا مَعَ الْأُمَّهَاتِ كَمَا هِيَ فِي الزَّكَاةِ تَبَعًا لِلْأُمَّهَاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ صُوفُهَا وَلَبَنُهَا وَلَا ثَمَرُ الْأَشْجَارِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَبَعًا لِأُصُولِهَا فِي الزَّكَاةِ وَلَا هِيَ فِي صُورَتِهَا (وَلَا مَعْنَاهَا) وَلَا تَقُومُ مَقَامَهَا وَلَهَا حُكْمُ نَفْسِهَا (لَا حُكْمُ الْأَصْلِ) وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْوَلَدُ وَالسَّخْلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بصواب ذلك)

الحديث الرابع والعشرون

حَدِيثٌ حَادِي عَشَرَ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ وَالْمُحَاقَلَةُ اشْتِرَاءُ الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ وَاسْتِكْرَاءُ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ فِي الْمُوَطَّأِ (عِنْدَ) جَمِيعِ الرُّوَاةِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَيْبَةَ عَنْ مَالِكٌ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاءَ فِيهِ مِنْ تَفْسِيرِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ مَا فِيهِ مَقْنَعٌ لِمَنْ فَهِمَ وَلَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ فِي هَذَا التَّأْوِيلِ وَهُوَ أَحْسَنُ تَفْسِيرٍ فِي الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ وَأَعَمُّهُ وَقَدْ مَضَى في كتابنا هذا من تفسير المزابنة ههنا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ رَبِيعَةَ مِنَّا الْقَوْلُ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ مُسْتَوْعَبًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رَوَى النَّهْيَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ جَابِرٌ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ

سَمِعَ مِنْهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ يَكُونُ الْعَالِمُ إِذَا اجْتَمَعَ لَهُ جَمَاعَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ غَيْرِهِ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ يُرْسِلُهُ إِلَى الْمُعْزِي إِلَيْهِ الْحَدِيثَ وَيَسْتَثْقِلُ أَنْ يُسْنِدَهُ أَحْيَانًا عَنِ الْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ أَلَا تَرَى إِلَى مَا ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الدِّيوَانِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ مَرَّةً تَقُولُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَمَرَّةً تُسَمِّي مَنْ حَدَّثَكَ عَنْهُ فَقَالَ إِذَا أَسْنَدْتُ لَكَ الْحَدِيثَ عَنْهُ فَقَدْ حَدَّثَنِي مَنْ سَمَّيْتُ لَكَ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ أُسَمِّ لَكَ أَحَدًا فَاعْلَمْ أَنَّهُ حَدَّثَنِيهِ جَمَاعَةٌ هَذَا أَوْ مَعْنَاهُ كَلَامُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ طَارِقٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَقَالَ إِنَّمَا يَزْرَعُ ثَلَاثَةٌ رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ فَهُوَ يَزْرَعُهَا وَرَجُلٌ مُنِحَ أَرْضًا فَهُوَ يَزْرَعُ مَا مُنِحَ وَرَجُلٌ اسْتَكْرَى أَرْضًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ مَا الْمُحَاقَلَةُ قَالَ الْمُحَاقَلَةُ فِي الزَّرْعِ كَهَيْئَةِ الْمُزَابَنَةِ فِي النَّخْلِ سَوَاءٌ بَيْعُ الزَّرْعِ بِالْقَمْحِ قَالَ ابْنُ

جُرَيْجٍ فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ فَسَّرَ لَكُمْ جَابِرٌ فِي الْمُحَاقَلَةِ كَمَا أَخْبَرْتَنِي قَالَ نَعَمْ وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ فِي بَابِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالْقَضَاءُ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ أَنَّهُ إِنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ فَسَخَ وَإِنْ قَبَضَ وَفَاتَ رَجَعَ صَاحِبُ الْمَكِيلَةِ عَلَى صَاحِبِ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ بِمِثْلِ صِفَةِ مَا قَبَضَ مِنْهُ فِي كَيْلِهِ وَرَجَعَ صَاحِبُ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ بِقِيمَةِ ثَمَرِهِ أَوْ قِيمَةِ زَرْعِهِ عَلَى صَاحِبِ الْمَكِيلَةِ يَوْمَ قَبَضَهُ بَالِغًا مَا بَلَغَتْ

الحديث الخامس والعشرون

حَدِيثٌ ثَانِي عَشَرَ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِيَهُودِ خَيْبَرَ أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ثُمَّ يَقُولُ إِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي فَكَانُوا يَأْخُذُونَهُ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ (عَنْ مَالِكٍ) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ وَصَلَهُ مِنْهُمْ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ لَمَّا افْتَتَحَ خَيْبَرَ دَعَا الْيَهُودَ فَقَالَ نُعْطِيكُمُ الثَّمَرَ عَلَى أَنْ تَعْمَلُوهَا أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ

فَيَخْرُصُهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُخَيِّرُهُمْ أَيَأْخَذُونَ بِخَرْصِهِ أَمْ يَتْرُكُونَ (وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَمَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَا لِأَصْحَابِهِ عُمَّالٌ يَعْمَلُونَهَا وَيَزْرَعُونَهَا فَدَعَا يَهُودَ خَيْبَرَ وَكَانُوا أُخْرِجُوا مِنْهَا فَدَفَعَ إِلَيْهِمْ خَيْبَرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا عَلَى النِّصْفِ يُؤَدُّونَهُ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَصْحَابِهِ وَقَالَ لَهُمْ أُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ فَكَانَ يَبْعَثُ إِلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ النَّخْلَ حِينَ يَطِيبُ ثُمَّ يُخَيِّرُ يَهُودَ خَيْبَرَ يَأْخُذُونَهَا بِذَلِكَ الْخَرْصِ أَمْ يَدْفَعُونَهَا بِذَلِكَ الْخَرْصِ قَالَ وَإِنَّمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ لِكَيْ يُحْصِيَ الزَّكَاةَ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ التَّمْرُ وَيُفَرَّقَ فَكَانُوا كَذَلِكَ وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ السِّيَرِ عَلَى أَنَّ خَيْبَرَ كَانَ بَعْضُهَا عَنْوَةً وَبَعْضُهَا صُلْحًا وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَهَا فَمَا كَانَ مِنْهَا صُلْحًا أَوْ أُخِذَ بِغَيْرِ قِتَالٍ كَالَّذِي جَلَا عَنْهُ أَهْلُهُ عَمِلَ فِي

ذَلِكَ كُلِّهِ بِسُنَّةِ الْفَيْءِ وَمَا كَانَ مِنْهَا عَنْوَةً عَمِلَ فِيهِ بِسُنَّةِ الْغَنَائِمِ إِلَّا أَنَّ ما فتحت اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْهَا عَنْوَةً قَسَمَهُ بَيْنَ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ وَبَيْنَ مَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ وَقَدْ رُوِيَتْ فِي فَتْحِ خَيْبَرَ آثَارٌ كَثِيرَةٌ ظَاهِرُهَا مُخْتَلِفٌ وَلَيْسَ بِاخْتِلَافٍ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ إِلَّا أَنَّ فُقَهَاءَ الْأَمْصَارِ اخْتَلَفُوا فِي الْقِيَاسِ عَلَى خَيْبَرَ سَائِرَ الْأَرَضِينَ الْمُفْتَتَحَةِ عَنْوَةً فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ خَيْبَرَ أَصْلًا فِي قِسْمَةِ الْأَرَضِينَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَى مِنْ ذَلِكَ وَذَهَبَ إِلَى إِيقَافِهَا وَجَعَلَهَا قِيَاسًا عَلَى مَا فَعَلَ عمر بسواد الكوفة وسنين ذَلِكَ كُلَّهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَمَّا الْآثَارُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالسِّيَرِ بِأَنَّ بَعْضَ خَيْبَرَ كَانَ عَنْوَةً وَبَعْضَهَا بِغَيْرِ قِتَالٍ فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ خَيْبَرَ كَانَ بَعْضُهَا عَنْوَةً وَبَعْضُهَا صُلْحًا قَالَ فَالْكُتَيْبَةُ أكثرها عنوة وفيها صلح قلت لمالك وَمَا الْكُتَيْبَةُ قَالَ مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ وَهِيَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ عَذْقٍ قَالَ مَالِكٌ وَكَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي الْمَهْدِيَّ أَنْ تُقَسَّمَ الْكُتَيْبَةُ مَعَ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُمْ يقسمونها في الأغنياء والفقراء فقيل لمالك أَفْتَرَى ذَلِكَ لِلْأَغْنِيَاءِ قَالَ لَا وَلَكِنْ أَرَى أَنْ يُفَرِّقُوهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَكَانَتْ خَيْبَرُ جَمَاعَةَ حُصُونٍ فَافْتُتِحَ بَعْضُهَا بقتال وبعضها سلمه أهله على أن نحقن دماؤهم وقال موسى بن عقبة كان من أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ نِصْفُهَا كَانَ النِّصْفُ لِلَّهِ ورسوله

وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْمُسْلِمِينَ فَكَانَ الَّذِي لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ النِّصْفُ وَهِيَ الْكُتَيْبَةُ وَالْوَطِيحُ وَسَلَالِمُ وَوَخْدَةُ وَكَانَ الْبَاقِي لِلْمُسْلِمِينَ نَطَاةُ وَالشَّوْقُ قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ (وَلَمْ يُقَسَّمْ مِنْ خَيْبَرَ شَيْءٌ إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ (3) قَالَ ابْنُ عُقْبَةَ وَقَدْ ذَكَرُوا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسٌ كَثِيرٌ بِخَيْبَرَ فَرَأَى أَنْ لَا يُخَيِّبَ مَسِيرَهُمْ وَسَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنَّ يُشْرِكُوهُمْ قَالَ وَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ مَكَثَ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا ثُمَّ خَرَجَ غَازِيًا إِلَى خَيْبَرَ وَكَانَ اللَّهُ وَعَدَهُ إِيَّاهَا وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ كَانَتْ قِسْمَتُهُ خَيْبَرَ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ (مَعَ مَنْ شَهِدَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ حَضَرَ خَيْبَرَ أَوْ غَابَ عَنْهَا مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ) وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاهُمْ إِيَّاهَا فِي سَفَرِهِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّا نُخْرِجُهُمْ إِذَا شِئْنَا

فَمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَلْيَلْحَقْ بِهِ فَإِنَّى مُخْرِجٌ يَهُودَ فَأَخْرَجَهُمْ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَمَّا افْتُتِحَتْ خَيْبَرُ سَأَلَتْ يَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقِرَّهُمْ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا عَلَى النِّصْفِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُقِرُّكُمْ فِيهَا مَا شِئْنَا فَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ التَّمْرُ يُقَسَّمُ عَلَى السِّهَامِ مِنْ نِصْفِ خَيْبَرَ يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا افْتُتِحَ عَنْوَةً مِنْهَا بِالْغَلَبَةِ وَالْقِتَالِ قُسِّمَ عَلَى السِّهَامِ كَمَا يُقَسَّمُ السَّبْيُ وَمَا كَانَ فَيْئًا كَانَ لَهُ وَلِأَهْلِهِ وَلِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى هَذَا تَأْتَلِفُ مَعَانِي الْآثَارِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

غَزَا خَيْبَرَ فَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً (مَجْمَعُ السَّبْيِ (1)) وَلَيْسَ هَذَا بِخِلَافٍ لِمَا ذَكَرْنَا أَلَا تَرَى إِلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ حُصُونًا مِنْ خَيْبَرَ لَمَّا رَأَى أَهْلُهَا مَا افْتُتِحَ عَنْوَةً مِنْهَا تَحَصَّنُوا وَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ وَيُسَيِّرَهُمْ فَفَعَلَ فَسَمِعَ بِذَلِكَ أَهْلُ فَدَكَ فَنَزَلُوا عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَاصَّةً) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهَا بَخِيلٍ وَلَا رِكَابٍ وَخَرَجَ عَنْهَا أَهْلُهَا لِلرُّعْبِ فَهَذَا قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَهُوَ الْقَائِلُ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ قَالَ خَمَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ ثُمَّ قَسَمَ سَائِرَهَا عَلَى مَنْ شَهِدَهَا وَمَنْ غَابَ عَنْهَا مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُخَمِّسُ مَا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ بَخِيلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَا يَجْعَلُ نِصْفَهَا لِنَوَائِبِهِ وَنِصْفَهَا لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا قَالَ بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ (وَغَيْرُهُ) وَهِيَ عَنْوَةً فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مِنْهَا مَأْخُوذًا بِالْغَلَبَةِ قُسِمَ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ وَمَنْ شَهِدَهَا وَخَمَّسَ وَمَا كَانَ مِنْهَا مِمَّا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ وَأَسْلَمُوهُ بِلَا قِتَالٍ حَكَمَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُكْمِ الْفَيْءِ وَاسْتَخْلَصَ مِنْهُ لِنَفْسِهِ كَمَا فَعَلَ بِفَدَكَ فَقِفْ عَلَى هَذَا وَتَدَبَّرِ الْآثَارَ تَجِدْهَا عَلَى ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال كانت خيبر لأهل الحديبة خَاصَّةً قَالَ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ خَيْبَرَ عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا فَجَعَلَ لِنَفْسِهِ النِّصْفَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَلِلنَّاسِ النِّصْفَ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الثَّوْرِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ نِصْفَيْنِ نِصْفًا لِنَوَائِبِهِ وَحَاجَتِهِ وَنِصْفًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ (بْنُ) إِسْمَاعِيلَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الحدثنان قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثُ

صَفَايَا بَنِي النَّضِيرِ وَخَيْبَرَ وَفَدَكَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي خَيْبَرَ مَا كَانَ بِغَيْرِ قِتَالٍ فَجَرَى مَجْرَى بَنِي النَّضِيرِ قَالَ وَكَذَلِكَ فَدَكُ إِنَّمَا صَالَحَ أَهْلَهَا حِينَ بَلَغَهُمْ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ خَيْبَرَ فَصَالَحُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى حَقَنَ دِمَاءَهُمْ قَالَ وَلَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَةُ فِي أَنَّ خَيْبَرَ قُسِّمَتْ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ مَنْ حَضَرَ خَيْبَرَ وَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيمَنْ حَضَرَ (فَتْحَ) خَيْبَرَ وَلَمْ يَحْضُرِ الْحُدَيْبِيَةَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ أُدْخِلُوا فِي قِسْمَتِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يُدْخَلُوا فِي ذَلِكَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ فَإِذَا كَانَ أَمْرُ خَيْبَرَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَعَلَى هَذَا الْخُصُوصِ الَّذِي وَقَعَ فِيهَا فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا افْتُتِحَ بَعْدَهَا مِنَ السَّوَادِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَيَجِبُ عَلَى مَنْ قَاسَ أَمْرَ السَّوَادِ وَغَيْرَهُ عَلَى أَمْرِ خَيْبَرَ أَنْ يَقْسِمَ السَّوَادَ عَلَى مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ وَعَلَى من لم يحضرها قُسِّمَتْ خَيْبَرُ عَلَى مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ وَعَلَى مَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ وَهَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي ذَكَرْتُ أَنَّهُ لَمْ تَخْتَلِفْ الرِّوَايَةُ فِيهِ قَالَ وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ ظَاهِرُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى وَيُحْتَجُّ فِي ذَلِكَ بِأَمْرِ خَيْبَرَ الَّذِي هَذِهِ صِفَتُهُ قال أبو عمر وزعم أبو جفر الطَّحَاوِيُّ أَنَّ خَيْبَرَ لَمْ تُقَسَّمْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا قُسِّمَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ (بْنِ الْخَطَّابِ) قَالَ وَأَمَّا مَا كَانَ عَلَى

ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا فَإِنَّمَا هُوَ قِسْمَةُ جَمْعٍ لِأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ مِائَةِ سَهْمٍ كَسَهْمٍ وَاحِدٍ ثُمَّ جَزَّأَ غَلَّاتِهَا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُقَسِّمِ الْأَرْضَ أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ الطَّحَاوِيَّ فَذَكَرَهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ وَصَارَتْ خَيْبَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُسْلِمِينَ ضَعُفُوا عَنْهَا فَدَفَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ عَلَى أَنَّ لَهُ النِّصْفَ وَلَهُمُ النِّصْفُ فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِصْفَيْنِ فَكَانَ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ سِهَامُ الْمُسْلِمِينَ وَسَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا وَجَعَلَ النِّصْفَ الْآخَرَ لِمَنْ نَزَلَ بِهِ مِنَ الْوُفُودِ وَالْأُمُورِ وَنَوَائِبِ النَّاسِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ الْيَمَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ قَسَمَهَا ستة وثلاثين

سَهْمًا جَمَعَ لِلْمُسْلِمِينَ الشَّطْرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا جَمَعَ كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ سَهْمٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ كَسَهْمِ أَحَدِهِمْ وَعَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَهُوَ الشَّطْرُ لِنَوَائِبِهِ وَمَا يَنْزِلُ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ فَكَانَ ذَلِكَ الْوَطِيحَ وَالْكُتَيْبَةَ وَالسَّلَالِمَ وَتَوَابِعَهَا فَلَمَّا صَارَتِ الْأَمْوَالُ بِيَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُمَّالٌ يَكْفُونَهُمْ عَمَلَهَا فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودَ فَعَامَلَهُمْ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَهْذَبُ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ (مَعْنًى وَأَحْسَنُهُ إِسْنَادًا وَهُوَ يُوَضِّحُ مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ توفيقنا وقد روى بن هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ سَهْلٍ مُخْتَصَرًا (3)) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ (ابن أَصْبَغَ) قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُكْتَفٍ أَحَدِ بَنِي حَارِثَةَ قَالَ لَمَّا أَخْرَجَ عُمَرُ يَهُودَ خَيْبَرَ رَكِبَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَخَرَجَ مَعَهُ بِجَبَّارِ بْنِ صَخْرِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ كَعْبٍ وَكَانَ خَارِصَ الْمَدِينَةِ وَحَاسِبَهُمْ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فهما

قَسَّمَا خَيْبَرَ عَلَى أَهْلِهَا عَلَى أَصْلِ جَمَاعَةِ السُّهْمَانِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقَسِّمَ مَا افْتَتَحَ عَنْوَةً كَمَا قُسِّمَتْ خَيْبَرُ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يُقَسِّمَ ذَلِكَ وَيَفْعَلَ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ فِي أَرَضِ السَّوَادِ فَهُوَ كَلَامُ مَنْ لَا يُحَصِّلُ مَا يَقُولُ لِأَنَّ الَّذِي يُحَصِّلُ كَلَامَهُ لَا يَقُولُ فِي رَجُلٍ مَلَّكَهُ اللَّهُ شَيْئًا إِنَّ لِلْإِمَامِ إِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ هَذَا مَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ ذِي نَظَرٍ وَلَا فَهْمٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَرَادَ إِسْمَاعِيلُ بِقَوْلِهِ هَذَا أَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَ لِلْغَانِمِينَ فِيهَا شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ مَا أَعْطَى (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ذَلِكَ الشَّيْءَ أَوْ بَعْضَهُ لِغَيْرِهِمْ وَلَمَا مُنِعُوهُ وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ إِسْمَاعِيلُ تَخْصِيصُ آيَةِ الْأَنْفَالِ فِي قَوْلِهِ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الْآيَةَ وَأَنَّ هَذَا لَفْظُ عُمُومٍ بِقَوْلِهِ (مِنْ شَيْءٍ) يُرِيدُ بِهِ الْخُصُوصَ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ عِنْدَهُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَسَائِرُ الْأَمْتِعَةِ (وَالسَّعْيُ) وَأَمَّا الْأَرْضُ فَغَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي عُمُومِ هَذَا اللَّفْظِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى قَوْلِهِ وَالَّذِينَ جاؤوا مِنْ بَعْدِهِمْ الْآيَةَ وَمِنْهَا فِعْلُ

عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي تَوْقِيفِهِ أَرْضَ السَّوَادِ وَمِنْهَا أَنَّ الْغَنَائِمَ الَّتِي أُحِلَّتْ لِلْمُسْلِمِينَ هِيَ الَّتِي كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ وَهِيَ الَّتِي كَانَتِ النَّارُ تَأْكُلُهَا قَالَ وَلَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَةُ فِي أَنَّ هَارُونَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَحْرِقُوا مَا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ مَتَاعِ فِرْعَوْنَ فَجَمَعُوهُ وَأَحْرَقُوهُ وَأَلْقَى السَّامِرِيُّ (فِيهِ) الْقَبْضَةَ الَّتِي كَانَتْ بِيَدِهِ مِنْ أَثَرِ (الرَّسُولِ) يُقَالُ مِنْ أَثَرِ جِبْرِيلَ فَصَارَتْ عِجْلًا لَهُ خُوَارٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَرْضَ لَمْ تَجْرِ هَذَا الْمَجْرَى لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الْآيَةَ وَقَالَ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ إِسْمَاعِيلُ وَاحْتَجَّ لَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمْ يُقَسِّمْ أَرْضَ السَّوَادِ وَمِصْرَ وَالشَّامَ وَجَعَلَهَا مَادَّةً لِلْمُسْلِمِينَ وَلِمَنْ يَجِيءُ بَعْدَ الْغَانِمِينَ وَاحْتَجَّ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْحَشْرِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا إِسْمَاعِيلُ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ رُوِيَ عَنْهُ بَعْدَ عُمَرَ إِنْكَارٌ لِفِعْلِ عُمَرَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ لَوْلَا آخِرُ النَّاسِ مَا افْتَتَحْتُ قَرْيَةً إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ قَالَ لَوْلَا آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إِلَّا وَقَسَمْتُهَا كَمَا قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَغَيْرُهُمَا يُرْسِلُهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عُمَرَ) وَمِمَّا يُصَحِّحُ هَذَا الْمَذْهَبَ أَيْضًا مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنَعَتِ الْعِرَاقُ قَفِيزَهَا وَدِرْهَمَهَا الْحَدِيثَ بِمَعْنَى سَتَمْنَعُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ لِلْغَانِمِينَ لِأَنَّ مَا مَلَكَهُ الْغَانِمُونَ لَا يَكُونُ فِيهِ قَفِيزٌ وَلَا دِرْهَمٌ وَلَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ تُقَسَّمُ كَمَا تُقَسَّمُ الْأَمْوَالُ مَا بَقِيَ لِمَنْ جَاءَ بَعْدَ الْغَانِمِينَ شَيْءٌ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَا تُقَسَّمُ وَإِنَّمَا يُقَسَّمُ مَا يُنْقَلُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ

(قَالَ إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لقوم سود الرؤوس قَبْلَكُمْ كَانَتْ تَنْزِلُ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتَأْكُلُهَا وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَسَعِيدٌ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تحل الغنائم لقوم سود الرؤوس قَبْلَكُمْ كَانَتْ تَنْزِلُ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتَأْكُلُهَا) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَعَتِ الْعِرَاقُ قَفِيزَهَا وَدِرْهَمَهَا وَمَنَعَتِ الشَّامُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا ثُمَّ عُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ مَنَعَتْ بِمَعْنَى ستمنع واحتج بهذا الحديث لمذهب

عمر قي إِيقَافِ الْأَرْضِ وَضَرْبِ الْخَرَاجِ عَلَيْهَا عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ الْإِمَامَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ قَسَمَهَا وَأَهْلَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَإِنْ شَاءَ أَقَرَّ أَهْلَهَا عَلَيْهَا وَجَعَلَ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِمُ الْخَرَاجَ وَتَكُونُ الْأَرْضُ مِلْكًا لَهُمْ يَجُوزُ بَيْعُهُمْ لَهَا وَشِرَاؤُهُمْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَا كَانَ عَنْوَةً فَخُمْسُهَا لِأَهْلِهَا وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْغَانِمِينَ فَمَنْ طَابَ نَفْسًا عَنْ حَقِّهِ جَازَ لِإِمَامِهِ أَنْ يَجْعَلَهَا وَقْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ بِذَلِكَ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَالِهِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْأَرْضَ العنوة غير مَمْلُوكَةٌ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا رَهْنُهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ (فِي جُمْلَةِ بيعها ولا رهنها وهو قول ابن شبرمة وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَقَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَيْضًا (فِي جُمْلَةِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ) عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَقْوَالِهِمْ فِي قِسْمَتِهَا أَوْ تَوْقِيفِهَا فَإِذَا قُسِّمَتْ مَلَكَ كُلٌّ نَصِيبَهُ فِي قَوْلِ مَنْ أَجَازَ قِسْمَتَهَا فَإِنْ وُقِفَتْ عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنَ الْغَانِمِينَ أَوْ عَلَى مَذْهَبِ عُمَرَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فَهِيَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى إِلَى أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِأَهْلِهَا الَّذِينَ أُقِرَّتْ فِي أَيْدِيهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ وَأَجَازَ مَالِكٌ بَيْعَ أَرْضِ الصُّلْحِ وَرَهْنَهَا وَجَعْلَهَا مِلْكًا لِأَهْلِهَا الَّذِينَ صَالَحُوا عَلَيْهَا قَالَ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ

كَانَ أَحَقَّ بِأَرْضِهِ وَمَالِهِ قَالَ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَصَارَتْ أَرْضُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ بِلَادَهُمْ صَارَتْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ وَحُكْمُ الْأَرْضِ عِنْدَهُمْ حُكْمُ الْفَيْءِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ مَا حَصَلَ مِنَ الْغَنَائِمِ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ مِنْ شَيْءٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ مَتَاعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ قُسِّمَ إِلَّا الرِّجَالُ الْبَالِغُونَ فَإِنَّ الْإِمَامَ فيهم مخير بين أن يمن أويقتل أَوْ يُفَادِيَ أَوْ يَسْبِيَ وَسَبِيلُ مَا سَبَى مِنْهُمْ أَوْ أَخَذَ مِنْ شَيْءٍ عَلَى إِطْلَاقِهِمْ سَبِيلُ الْغَنِيمَةِ وَمِنَ الْحُجَّةِ لِمَنْ قَالَ تُقَسَّمُ الْأَرْضُ كَمَا تُقَسَّمُ سَائِرُ الْغَنَائِمِ عُمُومَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ الْآيَةَ وَالْأَرْضُ مَغْنُومَةٌ لَا مَحَالَةَ كَسَائِرِ الْغَنِيمَةِ فَوَجَبَ أَنْ تُقَسَّمَ كَمَا تُقَسَّمُ الْغَنَائِمُ كُلُّهَا وَقَدْ قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا افْتُتِحَ عَنْوَةً مِنْ خَيْبَرَ عَلَى قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ الْأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ وَهُمُ الَّذِينَ وَعَدَهُمُ اللَّهُ بِهَا وَشَهِدُوا فَتْحَهَا قَالُوا وَهَذَا أَمْرٌ يُسْتَغْنَى فِيهِ عَنْ نَقْلِ الْإِسْنَادِ لِشُهْرَتِهِ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْأَثَرِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَرْضًا مِنْ غَيْرِهَا مِنَ الْغَنَائِمِ وَلَوْ جَازَ أَنْ يُدَّعَى الْخُصُوصُ فِي الْأَرْضِ جَازَ أَنْ يُدَّعَى فِي غير الأرض

فَيَبْطُلُ (حُكْمُ) الْآيَةِ قَالُوا وَلَا مَعْنَى لِمَا احْتَجَّ بِهِ مُخَالِفُنَا مِنْ آيَةِ سُورَةِ الْحَشْرِ لأن ذلك إنما هو الْفَيْءِ لَا فِي الْغَنِيمَةِ وَجُمْلَةُ الْفَيْءِ مَا رَجَعَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِلَا قِتَالٍ مِثْلَ مَنْ يَتْرُكُ بِلَادَهُ وَيَخْرُجُ عَنْهَا لِمَا لَحِقَهُ مِنَ الرُّعْبِ الَّذِي بِهِ نُصِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَمِثْلَ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ أَهْلَ الْكُفْرِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِنَ الْجِزْيَةِ وَمَا تَأْتِي بِهِ الريح من مراكب العدو بغير أمان أويموت مِنْهُمْ مَيِّتٌ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ لَا وَارِثَ لَهُ فَكُلُّ هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِمَّا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ قِتَالٍ وَلَا مؤونة حَرْبٍ فَهُوَ الْفَيْءُ الَّذِي قُصِدَ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْحَشْرِ فَقُسِّمَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِيهَا نَحْوَ قَسْمِ خُمْسِ الْغَنِيمَةِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إِلَى الْأَرْضِ الْمَغْنُومَةِ قَالُوا وَلَا دَلِيلَ فِي الْآيَةِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُخَالِفُنَا لِأَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ

وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ إِنَّمَا هُوَ اسْتِئْنَافُ كَلَامٍ لِلدُّعَاءِ لَهُمْ بِدُعَائِهِمْ لِمَنْ سَبَقَهُمْ بِالْإِيمَانِ لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ قَالُوا وَلَيْسَ يَخْلُو فِعْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي تَوْقِيفِهِ الْأَرْضَ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ (إِمَّا) أَنْ تَكُونَ غَنِيمَةً اسْتَطَابَ أَنْفُسَ أَهْلِهَا فَطَابَتْ بِذَلِكَ فَوَقَفَهَا وَكَذَلِكَ رَوَى جَرِيرٌ أَنَّ عُمَرَ اسْتَطَابَ نُفُوسَ أَهْلِهَا وَكَذَلِكَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبْيِ هَوَازِنَ اسْتَطَابَ أَنْفُسَ الْغَانِمِينَ عَمَّا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى مَا نَقَلَهُ ثِقَاتُ الْعُلَمَاءِ (وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَا وَقَفَهُ عُمَرُ فَيْئًا فَلَمْ يَحْتَجْ فِي ذَلِكَ إِلَى مُرَاضَاةِ أَحَدٍ) قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ فِي هَذِهِ المسئلة طَوِيلٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهَا وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا كِفَايَةٌ لِمَنْ فَهِمَ فَهَذَا مَا أَوْجَبَهُ الْعِلْمُ مِنَ الْقَوْلِ فِي فَتْحِ خَيْبَرَ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا مِنْ أَرْضِ الْغَنَائِمِ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ خَيْبَرَ فَأَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانُوا وَجَعَلَهَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ وَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَخَرَصَهَا عَلَيْهِمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا

عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَالزُّبَيْرُ وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ إِلَى أَمْوَالِنَا بِخَيْبَرَ نَتَعَهَّدُهَا فَلَمَّا قَدِمْنَا تَفَرَّقْنَا فِي أَمْوَالِنَا قَالَ فَعُدِيَ عَلَيَّ تَحْتَ اللَّيْلِ وَأَنَا نَائِمٌ فَفُدِعَتْ يَدَايَ مِنْ مِرْفَقِي فَلَمَّا أَصْبَحْتُ اسْتَصْرَخَ عَلَيَّ صَاحِبَايَ فَأَتَيَانِي فَسَأَلَانِي مَنْ صَنَعَ هَذَا بِكَ فَقُلْتُ لَا أَدْرِي قَالَ فَأَصْلَحَا مِنْ يَدِي (ثُمَّ قَدِمَا بِي عَلَى عُمَرَ فَقَالَ هَذَا عَمَلُ يَهُودَ) ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّا نُخْرِجُهُمْ إِذَا شِئْنَا وَقَدْ عَدَوْا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَفَدَعُوا يَدَيْهِ كَمَا قَدْ بَلَغَكُمْ مَعَ عَدْوَتِهِمْ عَلَى الْأَنْصَارِ قَبْلَهُ لَا نَشُكُّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهُ لَيْسَ لَنَا عَدُوٌّ غَيْرَهُمْ فَمَنْ كَانَ (لَهُ) مَالٌ (بِخَيْبَرَ) فَلْيَلْحَقْ بِهِ فَإِنِّي مُخْرِجٌ يَهُودَ فَأَخْرَجَهُمْ وَرَوَى الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَ خَيْبَرَ إِلَى أَهْلِهَا بِالشَّطْرِ فَلَمْ يَزَلْ مَعَهُمْ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهَا وَحَيَاةَ أَبِي بَكْرٍ كُلَّهَا حَتَّى بَعَثَنِي إِلَيْهِمْ عُمَرُ لِأُقَاسِمَهُمْ فَسَحَرُونِي فَتَكَوَّعَتْ يَدَايَ فَانْتَزَعَهَا عُمَرُ مِنْهُمْ وَأَمَّا قوله في هذا الحديث أقركم ما أقركم اللَّهُ فَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يكون

بِأَرْضِ الْعَرَبِ غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا دِينَانِ كَنَحْوِ مَحَبَّتِهِ فِي اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ حَتَّى نَزَلَتْ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا الْآيَةَ وَكَانَ لَا يَتَقَدَّمُ فِي شَيْءٍ إِلَّا بِوَحْيٍ وَكَانَ يَرْجُو أَنْ يُحَقِّقَ اللَّهُ رَغْبَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ فَذَكَرَ لِلْيَهُودِ مَا ذَكَرَ مُنْتَظِرًا لِلْقَضَاءِ فِيهِمْ بِإِخْرَاجِهِمْ عَنْ أَرْضِ الْعَرَبِ فَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ إِلَى أَنْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَأَتَاهُ فِي ذَلِكَ مَا أَتَاهُ فَذَكَرَ أَنْ لَا يَبْقَى دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ وَأَوْصَى بِذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى (نَحْوِ) مَا قُلْنَا ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَ خَيْبَرَ إِلَى الْيَهُودِ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا فِيهَا وَلَهُمْ شَطْرُهَا قَالَ فَمَضَى عَلَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ ثُمَّ أُخْبِرَ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ لَا يَجْتَمِعُ دَيْنَانِ بِأَرْضٍ الحجاز أَوْ قَالَ بِأَرْضِ الْعَرَبِ فَفَحَصَ عَنْهُ حَتَّى وَجَدَ (عَلَيْهِ) الثَّبْتَ فَقَالَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَأْتِ بِهِ وَإِلَّا فَإِنِّي مُجْلِيكُمْ فَأَجْلَاهُمْ عُمَرُ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ أَجْلَى

الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ الْيَهُودَ مِنْهَا وَكَانَتِ الْأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ وَأَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا فَسَأَلَتِ الْيَهُودُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُقِرَّهُمْ بِهَا عَلَى أَنْ يَكْفُوهُ عَمَلَهَا وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ إِلَى تَيْمَاءَ وأريحا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ يَقُولُ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنِّي (بِكَ) وَقَدْ وُضِعْتَ كَوَرِكٍ عَلَى بَعِيرِكَ ثُمَّ سِرْتَ لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّهُ وَاللَّهِ لَا تُمْسُونَ بِهَا فَقَالَ الْيَهُودِيُّ مَا رَأَيْتُ كَلِمَةً كَانَتْ أَشَدَّ عَلَى مَنْ قَالَهَا وَلَا أَهْوَنَ عَلَى مَنْ قِيلَتْ لَهُ (مِنْهَا) قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ إِلَى أَجَلٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ وَمُدَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ لِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ أَحْكَمَتْ مَعَانِيَ الْإِجَارَاتِ وَسَائِرَ الْمُعَامَلَاتِ مِنَ الشَّرِكَةِ وَالْقِسْمَةِ وأنواع أبواب الربا والعلة بينه فِي قِصَّةِ الْيَهُودِ وَذَلِكَ انْتِظَارُ حُكْمِ اللَّهِ فِيهِمْ فَدَلَّ عَلَى خُصُوصِهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ خُصُوصٍ لَا سَبِيلَ إِلَى أَنْ يُشْرِكَهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ بِالْمَدِينَةِ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَا تَجُوزُ إِلَّا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَسِنِينَ مَعْدُودَةٍ إِلَّا أَنَّهُمْ يَكْرَهُونَهَا فِيمَا طَالَ مِنَ السِّنِينَ مِثْلَ الْعَشْرِ فَمَا فَوْقَهَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم

(إِنَّمَا) قَالَ أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ وَكَانَ يَخْرُصُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ اللَّهَ كَانَ قَدْ أَفَاءَهَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ قِتَالٍ أَوْ بَعْضَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَصْفُنَا لَهُ وَكَانَ أَهْلُهَا لَهُ وَلِمَنِ اسْتَحَقَّ شَيْئًا مِنْهَا كَالْعَبِيدِ لِأَنَّهُ سَبَاهُمْ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ وَجَائِزٌ بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لِأَنَّ مَالَهُ لَهُ وَلَهُ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ رِبًا وَإِنْ كُرِهَ ذَلِكَ لَهُمَا عِنْدَنَا وَأَمَّا الْخَرْصُ فِي الْمُسَاقَاةِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ فِي الْقِسْمَةِ وَالْبُيُوعِ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا يُجِيزُونَ ذَلِكَ عِنْدَ اخْتِلَافِ أَغْرَاضِ الشُّرَكَاءِ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ مَا نُورِدُهُ بَعْدُ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يُجِيزُونَ الْخَرْصَ لِلزَّكَاةِ) وَإِنَّمَا يَجُوزُ (ذَلِكَ) عِنْدَهُمْ فِي الزَّكَاةِ لأن المساكين ليسوا شركاء معينين وإنماالزكاة كَالْمَعْرُوفِ وَأَهْلُهَا فِيهَا أُمَنَاءُ وَأَمَّا قِسْمَةُ الثِّمَارِ في رؤوس الْأَشْجَارِ (فِي الْمُسَاقَاةِ أَوْ غَيْرِهَا) فَلَا يَصْلُحُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَنَّ لِأَصْحَابِنَا فِي إِجَازَةِ قِسْمَةِ ذَلِكَ اخْتِلَافًا سَنَذْكُرُهُ عَنْهُمْ وَعَمَّنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ فِي ذَلِكَ بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنَّمَا لَمْ يُجِزْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ الْقِسْمَةَ فِي ذَلِكَ إِلَّا كَيْلًا فِيمَا يُكَالُ أَوْ وَزْنًا فِيمَا يُوزَنُ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَعَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ إِلَّا

مِثْلًا بِمِثْلٍ (وَأَمَّا حِكَايَةُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ) فَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ وَيَرْوِيهِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ مِنْ قِسْمَةِ الثِّمَارِ فِي رؤوس النَّخْلِ إِذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ الشَّرِيكَيْنِ إِلَّا التَّمْرُ وَالْعِنَبُ فَقَطْ وَأَمَّا الْخَوْخُ وَالرُّمَّانُ وَالسَّفَرْجَلُ وَالْقِثَّاءُ وَالْبِطِّيخُ وَمَا أَشْبَهُ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَاكِهِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا التَّفَاضُلُ يَدًا بِيَدٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُجِزْ مَالِكٌ اقْتِسَامَهُ عَلَى التَّحَرِّي وَكَانَ يَقُولُ الْمُخَاطَرَةُ تَدْخُلُهُ حَتَّى يُبَيَّنَ فَضْلُ أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ وَلَا بَأْسَ بِاقْتِسَامِهِ إِذَا تحرى وعدل أو كان على التجاوز والرضى بِالتَّفَاضُلِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَبِهِ أَقُولُ لِأَنَّ مَا جَازَ فِيهِ التَّفَاضُلُ جَازَتْ قِسْمَتُهُ بِالتَّحَرِّي وَذَكَرَ سَحْنُونُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ عَنْ قِسْمَةِ الْفَوَاكِهِ بِالْخَرْصِ فَأَبَى أَنْ يُرَخِّصَ فِي ذَلِكَ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا ذَكَرَ أَنَّهُ سَأَلَ مَالِكًا عَنْ قِسْمَةِ الْفَوَاكِهِ بِالْخَرْصِ فَأَرْخَصَ فِيهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَبَى أَنْ يُرَخِّصَ (لِي) فِيهِ قَالَ أَشْهَبُ سَأَلْتُ مَالِكًا مَرَّاتٍ عَنْ ثَمَرَةِ النَّخْلِ وَغَيْرِهَا مِنَ الثِّمَارِ تُقْسَمُ بِالْخَرْصِ فَكُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لِي إِذَا طَابَتِ الثَّمَرَةُ مِنَ النَّخْلِ وَغَيْرِهَا قُسِمَتْ بِالْخَرْصِ وَاخْتَارَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ قِيَاسًا عَنْ جَوَازِ بِيعِ الْعَرَايَا فِي غَيْرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ كَمَا يَجُوزُ فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَيَجُوزُ بَيْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ بِخَرْصِهِ إِلَى

الْجِذَاذِ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ أَشْهَبُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الثِّمَارِ إِلَّا طِيبُهَا ثُمَّ يَقْسِمُهَا بَيْنَ أَرْبَابِهَا بِالْخَرْصِ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى اخْتِلَافِ حَاجَاتِهِمْ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ (قَالَ) وَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ بِالْخَرْصِ إِلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ غَرَضُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيُرِيدُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَبِيعَ وَالْآخَرُ أَنْ يُيَبِّسَ وَيَدَّخِرَ وَالْآخَرُ أَنْ يَأْكُلَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهُمْ قِسْمَتُهَا بِالْخَرْصِ إِذَا وُجِدَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ مَنْ يَعْرِفُ الْخَرْصَ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ حَاجَاتُهُمْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَهُمْ وَإِنِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَبِيعُوا أَوْ عَلَى أَنْ يَأْكُلُوا رُطَبًا أَوْ تَمْرًا أَوْ عَلَى أَنْ يَجُذُّوهَا تَمْرًا لَمْ يَقْسِمُوهَا وَلَا بِالْخَرْصِ (وَقَالَ سَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَّا عَلَى أَصْلِهِ مَعَ (1) اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ أَيْضًا) (وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ أَنَّ الشُّرَكَاءَ فِي النَّخْلِ وَالشَّجَرِ الْمُثْمِرِ إِذَا اقْتَسَمَتِ الْأُصُولَ بِمَا فِيهَا مِنَ الثَّمَرَةِ جَازَ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ تَبَعٌ لِلْأُصُولِ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ عَرَاجِينِ النَّخْلِ وَأَغْصَانِ الشَّجَرِ بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ فِي الثَّمَرِ وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ إِذَا قُسِمَتْ عِنْدَهُ مَزْرُوعَةً (2) كَانَ الزَّرْعُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ فِي الْقِسْمَةِ وَالْقِسْمَةُ عِنْدَهُ مُخَالَفَةٌ البيوع قَالَ لِأَنَّهَا تَجُوزُ بِالْقُرْعَةِ وَالْبَيْعُ لَوْ وَقَعَ عَلَى شَرْطٍ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا فَإِنَّ الشَّرِيكَ يُجْبَرُ عَلَى الْقَسْمِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّحَابِيَ فِي قِسْمَةِ الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهَا جائز وذلك

مَعْرُوفٌ وَتَطَوُّعٌ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قِسْمَةُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ طِيبِهَا بِالْخَرْصِ عَلَى حَالٍ وَيَجُوزُ عِنْدَهُ قِسْمَتُهَا مَعَ الْأُصُولِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ يَجُوزُ قِسْمَتُهَا بِالْخَرْصِ إِذَا طَابَتْ وَحَلَّ بَيْعُهَا وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ فِي مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ) وَقَدْ قِيلَ إِنَّ خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْيَهُودِ كَانَ مِنْ أَجْلِ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ فِي تِلْكَ الثَّمَرَةِ لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (فَكَانَ يَبْعَثُ مَنْ يَخْرُصُ الثِّمَارَ عَلَى أَرْبَابِهَا تَوْسِعَةً عَلَيْهِمْ وَرِفْقًا بِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَوْ مُنِعُوا مِنْ أَجْلِ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ مِنْ أَكْلِهَا رُطَبًا وَمِنَ التَّصَرُّفِ فِيهَا بِالصِّلَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْأَكْلِ لَأَضَرَّ بِهِمْ ذَلِكَ وَكَانَتْ عَلَيْهِمْ فِيهِ مَشَقَّةٌ كَبِيرَةٌ وَلَوْ تُرِكُوا وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا بِالْأَكْلِ وَغَيْرِهِ لَأَضَرَّ ذَلِكَ بِالْمَسَاكِينِ وَأُتْلِفَ كَثِيرٌ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلِهَذَا مَا كَانَ (مِنْ) تَوْجِيهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْخَارِصِ وَإِرْسَالِهِ إِيَّاهُ لِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْأَصْلُ أَنَّ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ أُمَنَاءُ وَالْخَرْصُ لَا يُخْرِجُهُمْ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُخْرَصْ عَلَيْهِمْ إِلَّا رِفْقًا بِهِمْ وَإِحْسَانًا إِلَيْهِمْ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ إِطْلَاقِهِمْ لِلتَّصَرُّفِ فِي ثِمَارِهِمْ وَحِفْظِ مَا يَجِبُ لِلْمَسَاكِينِ فِيهَا مِنْ حِينِ طِيبِهَا فَإِنْ تَبَيَّنَ لِرَبِّ الْمَالِ بَعْدَ الْخَرْصِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا خَرَصَ الْخَارِصُ أَدَّاهَا لِأَنَّ الْخَرْصَ حُكْمٌ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْاجْتِهَادِ فَإِذَا جَاءَتِ الْحَقِيقَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ رَجَعَ إِلَيْهَا وَفِي هَذَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْتُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ خَرَصَ ابْنُ رَوَاحَةَ أَرْبَعِينَ

أَلْفَ وَسْقٍ وَزَعَمَ أَنَّ الْيَهُودَ لَمَّا خَيَّرَهُمْ أَخَذُوا الثَّمَرَ وَأَدَّوْا عِشْرِينَ أَلْفَ وَسْقٍ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ فَحُقَّ عَلَى الْخَارِصِ إِذَا اسْتَكْثَرَ رَبُّ الْمَالِ الْخَرْصَ أَنْ يُخَيِّرَهُ كَمَا خَيَّرَ ابْنُ رَوَاحَةَ الْيَهُودَ قَالَ أَيْ لَعَمْرِي وَأَيُّ سُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال وقلت لِعَطَاءٍ مَتَّى يُخْرَصُ النَّخْلُ قَالَ حِينَ تُطْعَمُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ وَهِيَ تَذْكُرُ شَأْنَ خَيْبَرَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى الْيَهُودِ فَيَخْرُصُ النَّخْلَ حِينَ يَطِيبُ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ (ثُمَّ يُخْبِرُ يَهُودَ أَنْ يَأْخُذُوهَا بِذَلِكَ الْخَرْصِ أَوْ يَدْفَعُوهَا إِلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ أَمْرُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْخَرْصِ لِكَيْ تُحْصَى الزَّكَاةُ قَبْلَ أَنْ تُؤْكَلَ الثِّمَارُ وَتُفَرَّقَ) وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْخَرْصِ عَلَى صَاحِبِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ لِلزَّكَاةِ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْخَرْصَ لَا يَكُونُ فِي غَيْرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ لِحَدِيثِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ النَّضْرِ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ

وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْرُصَ الْعِنَبَ وَتُؤَدَّى زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤَدَّى زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا فَتِلْكَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَقَالَ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ قَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الزَّيْتُونَ لَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِمَّا اجْتُمِعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخْرَصُ وَلَوْ كَانَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ لَخُرِصَ لِأَنَّ ثَمَرَتَهُ بَادِيَةٌ وَمَا عَدَا النَّخْلَ وَالْعِنَبَ مِمَّا اجْتُمِعَ عَلَى زَكَاتِهِ فَثَمَرَتُهُ لَيْسَتْ بِبَادِيَةٍ وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْخَرْصَ فِي الزَّيْتُونِ وَدَفَعَ الْإِجْمَاعَ فِيمَا ذَكَرْنَا وَرَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمِمَّنْ أَجَازَ الْخَرْصَ فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ لِلزَّكَاةِ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَقَالَ فِي الْإِمْلَاءِ إِنَّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَرْصُ لِلزَّكَاةِ جَائِزٌ فِي النَّخْلِ وَغَيْرُهُ جَائِزٌ فِي الْعِنَبِ وَدَفَعَ حَدِيثَ عَتَّابَ بْنَ أسيد وكره الثوري الخرص ولم يجزه بِحَالٍ وَقَالَ الْخَرْصُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ قَالَ وَإِنَّمَا على رب الحائط أن يودي عُشْرَ مَا يَصِيرُ فِي يَدِهِ لِلْمَسَاكِينِ إِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ (وَرَوَى الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ الْخَرْصُ الْيَوْمَ بِدْعَةٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كَأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِالنَّهْيِ عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا عَلَى أَنَّ الثَّوْرِيَّ مَعَ قَوْلِهِ إِنَّمَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يُؤَدِّيَ عُشْرَ مَا يَصِيرُ فِي يَدِهِ لِلْمَسَاكِينِ إِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ) يَقُولُ إِنَّ صَاحِبَ الثَّمَرَةِ وَالْأَرْضِ يُحْسَبُ عَلَيْهِ مَا أَكَلَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إِذَا أَكَلَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَأَطْعَمَ جَارَهُ وَصَدِيقَهُ أُخِذَ مِنْهُ عُشْرُ مَا بَقِيَ إِذَا بَلَغَ خَرْصُهُ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ أَكَلَ الْجَمِيعَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ فَعَلَيْهِ عُشْرُهُ أَوْ نِصْفُ عُشْرِهِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَتْرُكُ الْخَرَّاصُ لِأَرْبَابِ الثِّمَارِ شَيْئًا لِمَكَانِ مَا يَأْكُلُونَ وَلَا يُتْرَكُ لَهُمْ مِنَ الْخَرْصِ شَيْءٌ ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (وَغَيْرُهُ عَنْهُ) وَقَالَ اللَّيْثُ فِي زَكَاةِ الْحُبُوبِ يُبْدَأُ بِهَا قَبْلَ النَّفَقَةِ وَمَا أَكَلَ مِنْ فَرِيكٍ هُوَ وَأَهْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الرُّطَبِ الَّذِي يُتْرَكُ لِأَهْلِ الْحَوَائِطِ يَأْكُلُونَ وَلَا يُخْرَصُ عَلَيْهِمْ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ (كُلِّهِ) كَقَوْلِ اللَّيْثِ سَوَاءً فِي خَرْصِ الثِّمَارِ وَالتَّرْكِ لِأَهْلِهَا مَا يَأْكُلُونَ رُطَبًا وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِمْ وَالْحُجَّةُ لِمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَهَذَا يُوجِبُ مُرَاعَاةَ وَقْتِ الْحَصَادِ وَالْجِذَاذِ لَا مَا قَبْلَهُ وَمَا رَوَاهُ شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَسْعُودِ بْنِ دِينَارٍ يَقُولُ جَاءَ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ إِلَى مَسْجِدِنَا فَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا خَرَصْتُمْ فخذوا

وَدَعُوا الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ رَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الْخَرْصَ لِلزَّكَاةِ وَمِثْلُ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي خَرْصِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ لِلزَّكَاةِ خَرَصُوا عَلَيْهَا عَامَ تَبُوكَ فِي حَدِيقَتِهَا عشرة أوسق فَقَدْ ذَكَرْنَا الْخَبَرَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَرَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ خَفِّفُوا فِي الْخَرْصِ فَإِنَّ فِي الْمَالِ الْعَرِيَّةَ وَالْوَاطِيَةَ وَالْأَكَلَةَ وَالْوَصِيَّةَ وَالْعَامِلَ وَالنَّوَائِبَ وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَأْمُرُ الْخُرَّاصَ أَنْ يَخْرُصُوا وَيَرْفَعُوا عَنْهُمْ قَدْرَ مَا يَأْكُلُونَ وَقَالَ الْحَسَنُ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يخرص عليهم ثم يوخذ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْخَرْصِ وَالْآثَارُ عَنِ السَّلَفِ فِي الْخَرْصِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُسَاقَاةِ أَيْضًا فَمِمَّنْ أَجَازَهَا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَكَرِهَهَا أَبُو

حَنِيفَةَ (وَزُفَرُ) وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمَا ثَابِتَةٌ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرَجُ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا عَلَى أَنْ يعملوها من أموالهم وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَطْرُ ثَمَرِهَا لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّهُ أَخَذَ مِنَ الْأَرْضِ شَيْئًا (وَإِنَّمَا أَخَذَ مِنَ الثَّمَرَةِ) وَهُوَ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ فِي الْغَابَةِ الْبَيَاضِ لِلْعَامِلِ وَقَوْلُهُ إِنَّ الْبَيَاضَ كَانَ بِخَيْبَرَ بَيْنَ النَّخْلِ تَبَعًا لَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْأَحَادِيثُ فِي الْمُسَاقَاةِ مُتَوَاتِرَةٌ وَالْمُسَاقَاةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ جَائِزَةٌ سِنِينَ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَمَّا انْعَقَدَتْ فِيمَا لَمْ يُخْلَقْ مِنَ الثَّمَرَةِ فِي عَامٍ كَانَ كَذَلِكَ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَعْوَامِ مَا لَمْ يطل على

حَسْبَمَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي ثَمَرٍ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ إِلَّا قَوْلُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَفِرْقَةٍ وَالْمَشْهُورُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ إِلَّا عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ فَقَالَ مَالِكٌ تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي كُلِّ أَصْلٍ نَحْوَ النَّخْلِ وَالرُّمَّانِ وَالتِّينِ وَالْفِرْسِكِ وَالْعِنَبِ وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالزَّيْتُونِ وَكُلِّ مَا لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ يَبْقَى قَالَ وَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي كُلِّ مَا يُجْنَى ثُمَّ يُخَلَّفُ نَحْوَ الْقَصَبِ وَالْبُقُولِ وَالْمَوْزِ لِأَنَّ بَيْعَ ذَلِكَ جَائِزٌ وَبَيْعَ مَا يُجْنَى بَعْدَهُ وَقَالَ مَالِكٌ كَانَ بَيَاضُ خَيْبَرَ يَسِيرًا بَيْنَ أَضْعَافِ سَوَادِهَا فَإِذَا كَانَ الْبَيَاضُ قَلِيلًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَزْرَعَهُ الْعَامِلُ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فما نبت منه كان بين المساقين عَلَى حَسَبِ شَرِكَتِهِمَا فِي الْمُسَاقَاةِ قَالَ وَأَحَلُّ ذَلِكَ أَنْ يُلْغَى الْبَيَاضُ الْيَسِيرُ فِي الْمُسَاقَاةِ لِلْعَامِلِ فَيَزْرَعُهُ لِنَفْسِهِ فَمَا نَبَتَ مِنْ شَيْءٍ كَانَ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَدْرُ الْيَسِيرَ أن يكون قدر الثلث من السواد قَالَ مَالِكٌ وَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الزَّرْعِ إِذَا اسْتَقَلَّ وَعَجَزَ صَاحِبُهُ عَنْ سَقْيِهِ وَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاةٌ إِلَّا فِي هَذِهِ الْحَالِ بَعْدَ عَجْزِ صَاحِبِهِ عَنْ سَقْيِهِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ بِمُسَاقَاةِ الْقِثَّاءِ وَالْبِطِّيخِ إِذَا عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ وَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاةُ الْمَوْزِ وَلَا الْقَصَبِ حَكَى هَذَا كُلَّهُ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ) وَابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الطَّلْعِ

مَا لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهُ فَإِذَا بَلَغَ حَالًا لَا يَزِيدُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ لَمْ يُرْطِبْ وَقَالَ فِي الزَّرْعِ جَائِزٌ مُسَاقَاتُهُ مَا لَمْ يُسْتَحْصَدْ فَإِنِ اسْتُحْصِدَ لَمْ يَجُزْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ إِلَّا فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ لِأَنَّ ثَمَرَهَا بَائِنٌ مِنْ شَجَرِهِ وَلَا حَائِلَ دُونَهُ يَمْنَعُ لِإِحَاطَةِ النَّظَرِ إِلَيْهِ وَثَمَرُ غَيْرِهِمَا مُتَفَرِّقٌ بَيْنَ أَضْعَافِ وَرَقِ شَجَرِهِ لَا يُحَاطُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ وَإِذَا سَاقَاهُ عَلَى نَخْلٍ فِيهَا بَيَاضٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ إِنْ كَانَ لَا يُوصَلُ إِلَى عَمَلِ الْبَيَاضِ إِلَّا بِالدُّخُولِ عَلَى النَّخْلِ وَكَانَ لَا يُوصَلُ إِلَى سَقْيِهِ إِلَّا بِشَرْكِ النَّخْلِ فِي الْمَاءِ وَكَانَ غَيْرَ مُثْمِرٍ جَازَ أَنْ يُسَاقَى عَلَيْهِ فِي النَّخْلِ لَا مُنْفَرِدًا وَحْدَهُ قَالَ وَلَوْلَا الْخَبَرُ بِقِصَّةِ خَيْبَرَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ قَالَ وَلَيْسَ لِمُسَاقِي النَّخْلِ أَنْ يَزْرَعَ الْبَيَاضَ إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّهِ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ كَمَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي مُسَاقَاةِ الْبَعْلِ فَأَجَازَهَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَذَلِكَ عِنْدَهُمْ عَلَى التَّلْقِيحِ وَالزِّبِرِّ وَالْحَفْرِ وَالْحِفْظِ وَمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ وَقَالَ اللَّيْثُ لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ إِلَّا فِيمَا يُسْقَى قَالَ اللَّيْثُ وَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الزَّرْعِ اسْتَقَلَّ أَوْ لَمْ يَسْتَقِلَّ قَالَ وَتَجُوزُ فِي الْقَصَبِ لِأَنَّ الْقَصَبَ أَصْلٌ وَأَجَازَ اللَّيْثُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ الْمُسَاقَاةَ فِي النَّخْلِ وَالْأَرْضِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ كَانَ الْبَيَاضُ يَسِيرًا أَوْ

كَثِيرًا وَقَدْ بَيَّنَّا مَذْهَبَ هَؤُلَاءِ وَغَيْرِهِمْ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ فِي بَابِ دَاوُدَ وَرَبِيعَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْحِينِ الَّذِي لَا تَجُوزُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ فِي الثِّمَارِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُسَاقَى مِنَ النَّخْلِ شَيْءٌ إِذَا كَانَ فِيهَا ثَمَرٌ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ وَطَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَيَجُوزُ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَيَحِلُّ بَيْعُهُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ مَرَّةً يَجُوزُ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ وَقَالَ مَرَّةً لَا يَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْمُسَاقَاةِ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ فِي أَصْلِ الثَّمَرَةِ وَفِيمَا يُخْرِجُهُ

الحديث السادس والعشرون

حَدِيثٌ ثَالِثَ عَشَرَ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مُرْسَلٌ (مُتَّصِلٌ) مِنْ وُجُوهٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي الْجَنِينِ يُقْتَلُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ فَقَالَ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ كَيْفَ أَغْرَمُ مَا لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ وَمِثْلُ ذَلِكَ بطل فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ مُرْسَلًا وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا وَصَلَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا مَا رَوَاهُ أَبُو سَبْرَةَ الْمَدَنِيُّ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ وَأَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فَأَلْقَتْ جَنِينًا وَقَالَ ابْنُ كَامِلٍ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ هُذَيْلٍ فَتَعَايَرَتَا فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا وَقَالَا

فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو قِلَابَةَ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ مَالِكٍ وَإِنَّمَا فِي الْمُوَطَّأِ حَدِيثُ سَعِيدٍ مُرْسَلٌ وَحَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ وَصَلَ حَدِيثَ سَعِيدٍ ثِقَاتٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ حَدِيثٌ اخْتَصَرَهُ مَالِكٌ فَذَكَرَ منه دية الجنين الَّتِي عَلَيْهَا الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ (عِنْدَهُ) وَتَرَكَ قِصَّةَ الْمَرْأَةِ إِذْ ضُرِبَتْ فَأَلْقَتِ الْجَنِينَ الْمَذْكُورَ لِأَنَّ فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ إِثْبَاتُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَإِلْزَامُ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ وَهَذَا شَيْءٌ لَا يَقُولُ بِهِ مَالِكٌ لِأَنَّهُ وَجَدَ الْفَتْوَى وَالْعَمَلَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ فَكَرِهَ أَنْ يَذْكُرَ في موطأه بِمِثْلِ هَذَا الْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ مَا لَا يَقُولُ بِهِ (وَيَقُولُ بِهِ) غَيْرُهُ وَذَكَرَ قِصَّةَ الْجَنِينِ لَا غَيْرَ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْغُرَّةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يُحَدِّثُونَ (بِهِ) عَنْهُ هَكَذَا (وَطَائِفَةٌ يُحَدِّثُونَ بِهِ عَنْهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَذْكُرُونَ أَبَا سَلَمَةَ) وَطَائِفَةٌ يُحَدِّثُونَ بِهِ عَنْهُ عن أبي

سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَذْكُرُونَ سَعِيدًا وَمَالِكٌ أَرْسَلَ عَنْهُ حَدِيثَ سَعِيدٍ هَذَا وَوَصَلَ حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ الْمَرْأَةِ لَا فِي حَدِيثِ سَعِيدٍ (هَذَا) الْمُرْسَلِ وَلَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ وَاقْتَصَرَ مِنْهُمَا عَلَى ذِكْرِ قِصَّةِ الْجَنِينِ وَدِيَتِهِ لَا غَيْرَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْعِلَّةِ وَلِمَا شَاءَ اللَّهُ مِمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ لِأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم من حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ (وَغَيْرِهِ وَلِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ) وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَحَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ إِلَّا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ حَدِيثُهُ فِي الْجَنِينِ لَا غَيْرُ ولسنا نذكر ههنا إِلَّا حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِ مَالِكٌ غَيْرَهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَاخْتَصَمُوا

إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ وَقَضَى أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا قَالَ الْبُخَارِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لَحْيَانَ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عليها بالغرة توفيت فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَيَانٍ وأبي السَّرْحِ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ أَوْ قَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا وَوَرِثَهَا وَلَدُهَا وَمَنْ مَعَهُ فَقَالَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الْهُذَيْلِيِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ

أَغْرَمُ مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ ثُمَّ إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَالْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يَجِبُ مِنَ الْقَوْلِ فِي قِصَّةِ قَتْلِ الْمَرْأَةِ وَالْاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَاخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي دِيَتِهَا وَقَتْلِهَا وَمَا لَهُمْ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ مِنَ الْأَقَاوِيلِ وَالْوُجُوهِ فِي كِتَابِ ((الْأَجْوِبَةِ عَنِ الْمَسَائِلِ الْمُسْتَغْرَبَةِ)) فَمَنْ أَرَادَهُ نَظَرَ إِلَيْهِ وَتَأَمَّلَهُ هناك ولم نذكر ههنا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ ذِكْرُ قَتْلِ الْمَرْأَةِ وَإِنَّمَا فِيهِ قِصَّةُ الْجَنِينِ وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ من الأقوال والوجوه ههنا وَبِاللَّهِ عَوْنُنَا وَتَوْفِيقُنَا فَمِنْ أَحْكَامِ الْجَنِينِ مَا أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ وَمِنْهَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ فَمِمَّا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْجَنِينَ إِذَا ضُرِبَ بَطْنُ أُمِّهِ فَأَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ بِقُرْبِ خُرُوجِهِ وَعُلِمَ أَنَّ مَوْتَهُ

كَانَ مِنْ أَجْلِ الضَّرْبَةِ وَمَا فُعِلَ بِأُمِّهِ وبه في بطنها فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أن الجنين الَّذِي قَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ كَانَتْ قَدْ أَلْقَتْهُ (أُمُّهُ) مَيِّتًا وَمَعَ هَذَا الدَّلِيلِ نَصَّانِ أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَةِ الْإِجْمَاعِ أَنَّ الْغُرَّةَ وَاجِبَةٌ فِي الْجَنِينِ إِذَا رَمَتْهُ مَيِّتًا وَهِيَ حَيَّةٌ وَالنَّصُّ الثَّانِي مَا فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي الْجَنِينِ يُقْتَلُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِغُرَّةٍ وَالْمَقْتُولُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ لَا تَطْرَحُهُ إِلَّا مَيِّتًا لَا مَحَالَةَ وَإِنْ لَمْ تُلْقِهِ وَمَاتَتْ وَهُوَ فِي جَوْفِهَا لَمْ يَخْرُجْ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَلَا حُكْمَ لَهُ وَهَذَا أَيْضًا إِجْمَاعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ فَإِنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا وَهِيَ حَيَّةٌ فَالْحُكْمُ (فِيهِ) مَا ثَبَتَتْ بِهِ السُّنَّةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَقَدْ كَانَ لِلْغُرَّةِ أَصْلٌ مَعْرُوفٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ بِشَرَفِهِ أَنْ يُودِيَ دِيَةً كَامِلَةً قَالَ مُهَلْهِلُ بْنُ رَبِيعَةَ وَاسْمُهُ عَدِيٌّ وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ مُهَلْهِلٌ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَرَقَّ الشِّعْرَ وَقَصَّدَهُ فِيمَا ذَكَرُوا قَالَ فِي قَتْلِ أَخِيهِ كُلَيْبِ بْنِ رَبِيعَةَ ... كُلُّ قَتِيلٍ فِي كُلَيْبٍ غُرَّهْ ... حَتَّى يَنَالَ الْقَتْلُ آلَ مُرَّهْ ... يَعْنِي مُرَّةَ بْنَ هُذَيْلِ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ وَكَانَ جَسَّاسُ بْنُ مُرَّةَ قَتَلَ كُلَيْبَ بْنَ رَبِيعَةَ التَّغْلَبِيَّ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْغُرَّةِ وَقِيمَتِهَا فَقَالَ مالك الغرة تقوم بخمسين دينارا أو ست مائة دِرْهَمٍ نِصْفِ عُشْرِ دِيَةِ

الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الذَّكَرِ وَعُشْرِ دِيَةِ أُمِّهِ الْحُرَّةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَسَائِرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ قِيمَةُ الْغُرَّةِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ وَقَالَ مُغِيرَةُ خَمْسُونَ دِينَارًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ سِنُّ الْغُرَّةِ سَبْعُ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِي سِنِينَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَهَا مَعِيبَةً وَقَالَ دَاوُدُ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ غُرَّةٍ وَاخْتَلَفُوا في صفة الجنين الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ مَا هُوَ فَقَالَ مَالِكٌ مَا طَرَحَتْهُ مِنْ مُضْغَةٍ أَوْ عَلَقَةٍ أَوْ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ وَلَدٌ فَفِيهِ الْغُرَّةُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ قَالَ مَالِكٌ إِذَا سَقَطَ الجنين فَلَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا فَفِيهِ الْغُرَّةُ وَسَوَاءٌ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ فَفِيهِ الْغُرَّةُ أَبَدًا حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا (فَإِنِ اسْتَهَلَّ صَارِخًا) فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ إِذَا عُلِمَتْ حَيَاتُهُ بِحَرَكَةٍ أَوْ بِعُطَاسٍ أَوْ بِاسْتِهْلَالٍ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تُسْتَيْقَنُ بِهِ حَيَاتُهُ ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ (كَامِلَةٌ) وَجَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ يَقُولُونَ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا مَاتَتْ مِنْ ضَرْبِ بَطْنِهَا ثم خرج الجنين مَيِّتًا بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّهُ لَا يُحْكَمُ فِيهِ بِشَيْءٍ وَأَنَّهُ هَدَرٌ إِذَا أَلْقَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهَا إِلَّا اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ وَدَاوُدَ فَإِنَّهُمَا قَالَا إِذَا ضُرِبَ بَطْنُ الْمَرْأَةِ وَهِيَ

حَيَّةٌ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَفِيهِ الْغُرَّةُ وَسَوَاءٌ رَمَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ قَبْلَ مَوْتِهَا اعْتَبَرَا حياة أمه في وقت ضربها لا غير وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَأَمَّا سَائِرُ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمُ اعْتَبَرُوا حَالَهَا فِي وَقْتِ إِلْقَائِهَا لِلْجَنِينِ لا غير فَإِنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا وَهِيَ مَيِّتَةٌ فَلَا شَيْءَ فِيهِ عِنْدَهُمْ وَإِنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا وَهِيَ حَيَّةٌ فَفِيهِ الْغُرَّةُ وَأَمَّا إِذَا أَلْقَتْهُ وَهِيَ حَيَّةٌ فَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُ وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ فِيهِ الدِّيَةَ وَاحْتَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ عَلَى اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ لِسَائِرِ الْفُقَهَاءِ بِأَنْ قَالَ قد أجمعوا والليث مَعَهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ ضُرِبَ بَطْنُهَا وَهِيَ حية فماتت والجنين في بطنها وَلَمْ يَسْقُطْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ مَا لَمْ يَسْقُطْ فَكَذَلِكَ إِذَا أَسْقَطَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَيْضًا أَنَّهُ لو ضرب بطن امرأة ميتة حامل فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ فَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الضَّرْبُ فِي حَيَاتِهَا ثُمَّ مَاتَتْ ثُمَّ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا قَالَ فَبَطَلَ بِذَلِكَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَاخْتَلَفُوا فِي الَّذِي تَجِبُ عَلَيْهِ الْغُرَّةُ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ هِيَ فِي مَالِ الْجَانِي وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِي ذَلِكَ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ كَيْفَ أَغْرَمُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ مُعَيَّنٌ وَأَنَّهُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْجَانِي لَا يُعْطِي ظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ غَيْرَ هَذَا وَلَوْ أَنَّ دِيَةَ الْجَنِينِ قُضِيَ بِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ لَقَالَ فِي الْحَدِيثِ فَقَالَ (الَّذِينَ) قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَفِي القياس إن كان جَانٍ جِنَايَتُهُ عَلَيْهِ إِلَّا مَا قَامَ بِخِلَافِهِ الدَّلِيلُ الَّذِي لَا مُعَارِضَ لَهُ مِثْلُ إِجْمَاعٍ لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ

أَوْ نَصٌّ أَوْ سُنَّةٌ مِنْ جِهَةِ نَقْلِ الْآحَادِ الْعُدُولِ لَا مُعَارِضَ لَهَا فَيَجِبُ الْحُكْمُ بِهَا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي رِمْثَةَ فِي ابْنِهِ إِنَّكَ لَا تَجْنِي عَلَيْهِ وَلَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا الْغُرَّةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَامٍ السَّوَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ هُذَيْلٍ فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِعَمُودٍ فَقَتَلَتْهَا فَاخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَقَالَ (أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ كَيْفَ) نَدِي مَنْ لَا صَاحَ وَلَا اسْتَهَلَّ وَلَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ فَقَالَ أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الْأَعْرَابِ فَقَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ وَجَعَلَهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَرْأَةِ وَهَذَا نَصٌّ ثَابِتٌ صَحِيحٌ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ يُوجِبُ الْحُكْمَ وَلَمَّا كانت دية المضروبة على العاقلة كان الجنين أَحْرَى بِذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ وَأَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْجَنِينَ إِذَا خَرَجَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ وَكَانَتْ فِيهِ الدِّيَةُ أَنَّ فِيهِ الْكَفَّارَةَ مَعَ الدِّيَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَفَّارَةِ إِذَا خَرَجَ مَيِّتًا فَقَالَ مَالِكٌ فِيهِ الْغُرَّةُ وَالْكَفَّارَةُ إِذَا خَرَجَ مَيِّتًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِنْ خَرَجَ حَيًّا فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ وَإِنْ خَرَجَ مَيِّتًا فَفِيهِ الْغُرَّةُ وَلَا كَفَّارَةَ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَهَذَا عَلَى أُصُولِهِمُ الَّتِي قَدَّمْنَا ذكرها أن نلقيه أُمُّهُ وَهِيَ حَيَّةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ مِيرَاثِ الْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا الْغُرَّةُ فِي الْجَنِينِ مَوْرُوثَةٌ عَنِ الْجَنِينِ

لِأَنَّهَا دِيَتُهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ وَلَا اسْتَهَلَّ قَالَ فَالْمَضْمُونُ الْجَنِينُ لِأَنَّ الْعُضْوَ لَا يُعْتَرَضُ فِيهِ بِهَذَا وَكَانَ ابْنُ هُرْمُزٍ يَقُولُ دِيَتُهُ لِأَبَوَيْهِ خَاصَّةً لِأَبِيهِ ثُلُثَاهَا وَلِأُمِّهِ ثُلُثُهَا مَنْ كَانَ مِنْهُمَا حَيًّا كَانَ ذَلِكَ لَهُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ مَاتَ كَانَتْ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا أَبًا كَانَ أَوْ أُمًّا لَا يَرِثُ الْإِخْوَةُ مِنْهَا شَيْئًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْغُرَّةُ لِلْأُمِّ لَيْسَ لِأَحَدٍ مَعَهَا فِيهَا شَيْءٌ وَلَيْسَتْ دِيَةً وَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ جِنَايَةٍ جُنِيَ عَلَيْهَا فَقُطِعَ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهَا (وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) وَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِي أَنَّهَا لَيْسَتْ دِيَةً لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا هَلْ هُوَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى كَمَا يَلْزَمُ فِي الدِّيَاتِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَالْعُضْوِ (وَلِهَذَا كَانَتْ ذَكَاةُ الشَّاةِ ذَكَاةً لِمَا فِي بَطْنِهَا مِنَ الْأَجِنَّةِ وَلَوْلَا ذَلِكَ كَانَتْ مَيِّتَةً) وَقَوْلُ دَاوُدَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ فِي هَذَا كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَاحْتَجَّ دَاوُدُ بِأَنَّ الْغُرَّةَ لَمْ يَمْلِكْهَا الْجَنِينُ فَتُورَثُ عَنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَدْخُلُ عَلَيْهِ دِيَةُ الْمَقْتُولِ خَطَأً هُوَ لَمْ يَمْلِكْهَا وَهِيَ تُورَثُ عَنْهُ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (أَوْلَى) وَبِاللَّهِ العصمة والهدى

وَقَدِ اسْتَدَلَّ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْحَيَاةَ فِيهِ لَا تُعْلَمُ إِلَّا بِمَا ذُكِرَ مِنَ الْمَعَانِي وَهِيَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالِاسْتِهْلَالُ وَالنُّطْقُ لِقَوْلِهِ كَيْفَ أَغْرَمُ مَا لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَزَعَ بِهَذِهِ لِأَنَّهَا أَسْبَابُ الْحَيَاةِ وَعَلَامَاتُهَا فَكُلُّ مَا عُلِمَتْ بِهِ الْحَيَاةُ كَانَ مِثْلَهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَوْلُودِ لَا يَسْتَهِلُّ صَارِخًا إِلَّا أَنَّهُ تَحَرَّكَ حِينَ سَقَطَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَعَطَسَ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْطِقْ وَلَا صَرَخَ مُسْتَهِلًّا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ إِلَّا أَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَقَالَ آخَرُونَ كُلُّ مَا عُرِفَتْ بِهِ حَيَاتُهُ فَهُوَ كَالِاسْتِهْلَالِ وَالصُّرَاخِ وَيُورَثُ وَيَرِثُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ إِذَا اسْتُوقِنَتْ حَيَاتُهُ بِأَيِّ شَيْءٍ صَحَّتْ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّ وَأَصْحَابِهِمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْمَعَانِي إِنْكَارُ الْكَلَامِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَوْضِعِهِ وَكَانَ جَهْلًا مِنْ قَائِلِهِ وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَةِ التَّسْجِيعِ إِنَّمَا كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْجِيعَ الْهُذَلِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ كَلَامٌ اعْتَرَضَ بِهِ قَائِلُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتِرَاضَ مُنْكِرٍ وَهَذَا لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَفْعَلَهُ وَإِنَّمَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ فِي الْإِنْكَارِ لِأَنَّهُ كَانَ أَعْرَابِيًّا لَا عِلْمَ لَهُ بِأَحْكَامِ الدِّينِ فَقَالَ لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا وَتِلْكَ شِيمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَنْتَقِمَ لِنَفْسِهِ وَأَنْ يُعْرِضَ عَنِ الْجَاهِلِينَ

وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكُهَّانَ كَانُوا كُلُّهُمْ يَسْجَعُونَ أَوْ كَانَ الْأَغْلَبَ مِنْهُمُ السَّجْعُ وَهَذَا مَعْرُوفٌ عَنْ كُهَّانِ الْعَرَبِ يُغْنِي عَنِ الْاسْتِشْهَادِ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَا نُقِلَ عَنْ شِقِّ وَسُطَيْحٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُهَّانِ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَلَامٌ مُسَجَّعٌ (كُلُّهُ) وَإِنَّمَا يُنْكَرُ عَلَى الْإِنْسَانِ الْخَطِيبِ أَوْ غَيْرِهِ فِي الْمُتَكَلِّمِينَ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ (كُلُّهُ) تَسْجِيعًا أَوْ أَكْثَرُهُ وَأَمَّا إِذَا كَانَ السَّجْعُ أَقَلَّ كَلَامِهِ فَلَيْسَ بِمَعِيبٍ بَلْ هُوَ مُسْتَحْسَنٌ مَحْمُودٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَّهُ) قَالَ فِي بَعْضِ جِرَاحَاتِهِ ... هَلْ أَنْتِ إِلَّا أُصْبُعٌ دَمِيتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ ... ... وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ ... ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ... وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ... اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشَ الْآخِرَهْ ... ... فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ

وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّجْعَ كَلَامٌ فَحَسَنُهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ وَكَذَلِكَ الشِّعْرُ كَلَامٌ مَنْظُومٌ فَالْحَسَنُ مِنْهُ حَسَنٌ وَحِكْمَةٌ وَالْقَبِيحُ مِنْهُ وَمِنَ الْمَنْثُورِ غَيْرُ جَائِزٍ النُّطْقُ بِهِ عَصَمَنَا اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدُبٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ فَنُكِبَتْ أُصْبُعُهُ فَقَالَ

هَلْ أَنْتِ إِلَّا أُصْبُعٌ دَمِيتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ ... وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم اللهم إني أعوذ بك من عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَدُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ وَقَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَنَفْسٍ لَا تَشْبَعُ أَعُوذُ بِكَ يَا رَبِّ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الْأَرْبَعِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعِ وَأَعُوذُ بك من الخيانة فإنها بيست الْبِطَانَةُ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَسَنَ السَّجْعِ حَسَنٌ وَقَبِيحَهُ قَبِيحٌ كَسَائِرِ الْكَلَامِ الْمَنْظُومِ وَالْمَنْثُورِ وَأَمَّا جَنِينُ الْأَمَةِ فَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ لَا يُشْبِهُ اخْتِلَافَهُمْ فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ فَأَمَّا مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ فَقَالُوا فِي جَنِينِ الْأَمَةِ إِنْ وقع ميتا من ضربة الضَّارِبِ لِأُمِّهِ فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ ذَكَرًا كان الجنين أَوْ أُنْثَى وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ كَانَ جَنِينُ الْأَمَةِ غُلَامًا فَفِيهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ نَفْسِهِ لَا قِيمَةِ أُمِّهِ فَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى فَعُشْرُ قِيمَتِهَا (نَفْسِهَا) لَوْ كَانَتْ حَيَّةً أَوْ كَانَ حَيًّا وَقَالَ دَاوُدُ لَا شَيْءَ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ وَلِلتَّابِعِينَ فِي ذَلِكَ أقاويل

مُتَقَارِبَةٌ سَأَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ (حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَوِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي امْرَأَةٍ عَالَجَتْ نَفْسَهَا حتى أسقطت فقال تعطى أباه غرة) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

تابع لحرف الميم

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ آمِينَ لَا خِلَافَ بَيْنَ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ فِيمَا عَلِمْتُ كُلُّهُمْ يَجْعَلُ قَوْلَهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ آمِينَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ رَوَاهُ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْمَدَنِيُّ عَنْ ملك عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ آمِينَ وَلَمْ يُتَابِعْ حَفْصٌ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَرَوَى إسحاق بن سليمان عن ملك عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَلَمْ يُتَابِعْ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ أَيْضًا فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَإِنَّمَا هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ

سُمَيٍّ وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ورواه الغداني عن ملك عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا سَلَمَةَ وَرَوَاهُ جويرة عن ملك عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ سَعِيدًا وَالصَّوَابُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَمَعْنَاهُ عِنْدَنَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِدَلَائِلَ سَنَذْكُرُهَا فِي بَابِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ فيه دليلا على قرآة فَاتِحَةِ الْكِتَابِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّأْمِينَ هُوَ قَوْلُ الْإِنْسَانِ آمِينَ عِنْدَ دُعَائِهِ أَوْ دُعَاءِ غَيْرِهِ إِذَا سَمِعَهُ وَمَعْنَى آمِينَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لَنَا دُعَاءَنَا وَهُوَ خَارِجٌ على قول القاريء اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ إِلَى قَوْلِهِ وَلَا الضَّالِّينَ فَهَذَا هُوَ الدُّعَاءُ الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ التَّأْمِينُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في حَدِيثُ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضالين فقولوا آمين فكأن القاريء يَقُولُ اللَّهُمَّ اهْدِنَا الصِّرَاطَ

الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ اللَّهُمَّ آمِينَ وَهَذَا بَيِّنٌ وَاضِحٌ يُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ فِيهِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنْ لَا تَأْمِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ إِلَّا عِنْدَ خَاتِمَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا فَنَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْقَوْلِ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْأَذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ خَبَرًا فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ يَعْنِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا الضَّالِّينَ فَأَمِّنُوا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ وَفِي هَذَا مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يَقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الصَّلَاةَ تُجْزِي بِغَيْرِهَا وَسَنَذْكُرُ الِاخْتِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَأْتِي بِالْحُجَّةِ لِاخْتِيَارِنَا مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مَعْنَى آمِينَ أَشْهَدُ لِلَّهِ وَقِيلَ بَلْ مَعْنَاهَا كَذَلِكَ فَعَلَ اللَّهُ

وَفِي آمِينَ لُغَتَانِ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ مِثْلَ أَوَهَ وَآوَهَ قَالَ الشَّاعِرُ ... وَيَرْحَمُ اللَّهُ عَبْدًا قَالَ آمِينَ ... وَقَالَ آخَرُ فَقَصَرَ ... تَبَاعَدَ مِنِّي فَحْطَلٌ إِذْ دَعَوْتُهُ ... أَمِينَ فَزَادَ اللَّهُ مَا بَيْنَنَا بُعْدَا ... وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ آمِينَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَأْمِينَ الْمَأْمُومِ قَوْلُهُ آمِينَ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْإِمَامِ سَوَاءً لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي اللَّفْظِ وَلَمْ يَقُلْ إِذَا دَعَا الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فروى ابن القاسم عن ملك أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ آمِينَ وَإِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ خَلْفَهُ دُونَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ القاسم والمصريين من أصحاب ملك وَحُجَّتُهُمْ ظَاهِرُ حَدِيثِ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي حَدِيثِ سُمَيٍّ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمِثْلُ حَدِيثِ سُمَيٍّ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالُوا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَقْتَصِرُ عَلَى قِرَاءَةِ وَلَا الضَّالِّينَ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمَأْمُومُ يُؤَمِّنُ قَالُوا وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى التَّأْمِينُ دُعَاءً فِي اللُّغَةِ فَكَذَلِكَ يُسَمَّى الدُّعَاءُ تَأْمِينًا وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا

لِمُوسَى وَهَارُونَ وَلَا يَخْتَلِفُ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ مُوسَى كان يدعو وهرون يُؤَمِّنُ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا قَالَ - أَبُو عُمَرَ مَا قَالُوهُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ اللُّغَاتِ أَنَّ الدُّعَاءَ يُسَمَّى تَأْمِينًا وَلَوْ صَحَّ لَهُمْ مَا ادَّعَوْهُ وَسُلِّمَ لَهُمْ مَا تَأَوَّلُوهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا أَنَّ التَّأْمِينَ يُسَمَّى دُعَاءً وَأَمَّا أَنَّ الدُّعَاءَ يُقَالُ لَهُ تَأْمِينٌ فَلَا وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا وَلَمْ يَقُلْ قَدْ أُجِيبَ تَأْمِينُكُمَا فَمَنْ قَالَ الدُّعَاءُ تَأْمِينٌ فَمُغَفَّلٌ لا رؤية لَهُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا إِنَّمَا قِيلَ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ كَانَتْ لَهُمَا وَكَانَ نَفْعُهَا عَائِدًا عَلَيْهِمَا بِالِانْتِقَامِ مِنْ أَعْدَائِهِمَا فَلِذَلِكَ قِيلَ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا وَلَمْ يَقُلْ دَعْوَتَاكُمَا وَلَوْ كَانَ التَّأْمِينُ دُعَاءً لَقَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتَاكُمَا وَجَائِزٌ أَنْ يُسَمَّى الْمُؤْمِنُ دَاعِيًا لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي آمِينَ اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لَنَا عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَهَذَا دُعَاءٌ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُسَمَّى الدُّعَاءُ تَأْمِينًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا لَمْ يَرِدْ بِهِ فَادْعُوَا مِثْلَ دُعَاءِ الْإِمَامِ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ وَهَذَا مَا لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ مِنَ الْمَأْمُومِ قَوْلَ آمِينَ لَا غَيْرَ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَكَذَلِكَ أَرَادَ مِنَ الْإِمَامِ قَوْلَ آمِينَ لَا الدُّعَاءَ بِالتِّلَاوَةِ لِأَنَّهُ قَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي لَفْظِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَالتَّأْمِينُ مِنَ الْإِمَامِ كَهُوَ مِنَ الْمَأْمُومِ سَوَاءً وَهُوَ قَوْلُ آمِينَ هَذَا مَا يُوجِبُهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ فَكَيْفَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ آمِينَ إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَهَذَا نَصٌّ يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ وَيَقْطَعُ الْخِلَافَ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ عُلَمَاءِ المسلمين وممن قال ذلك ملك فِي رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ عَنْهُ مِنْهُمْ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو الْمُصْعَبِ الزُّهْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ وَهُوَ قَوْلُهُمْ قَالُوا يَقُولُ آمِينَ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا وَالثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَالطَّبَرِيِّ وَجَمَاعَةِ أَهْلِ الْأَثَرِ لِصِحَّتِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَبَعْضُ الْمَدَنِيِّينَ لَا يَجْهَرُ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ يُجْهَرُ بِهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ بِشْرِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا تَلَا غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ آمِينَ حَتَّى يَسْمَعَ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرُوسٍ

الْمُعَدَّلُ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زُرَيْقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ رَفَعَ صَوْتَهُ وَقَالَ آمِينَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ حُجْرِ بْنِ الْعَنْبَسِ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ آمِينَ وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ

قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ أَنَّ بِلَالًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ بِلَالٍ مِثْلَهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ آمِينَ وَمَنْ خَلْفَهُ حَتَّى إِنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلُجَّةً قَالَ نَعَمْ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُغْلِظُ عَلَى مَنْ كَرِهَ الْجَهْرَ بِهَا قَالَ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَسَدَنَا الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدُونَا عَلَى آمِينَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ فَفِيهِ أَقْوَالٌ مِنْهَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ فَمَنْ أَخْلَصَ فِي قَوْلِهِ آمِينَ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ وَقَلْبٍ صَافٍ لَيْسَ بِسَاهٍ وَلَا لَاهٍ فَيُوَافِقُ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ الَّذِينَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ وَيَدْعُونَ بِنِيَّاتٍ صَادِقَةٍ لَيْسَ عَنْ قُلُوبٍ لَاهِيَةٍ غُفِرَ لَهُ إِذَا أَخْلَصَ فِي دُعَائِهِ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَهِدْ وَلْيُخْلِصْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ الدُّعَاءَ مِنْ قَلْبٍ

لَاهٍ وَقَالَ اجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يُخْلِصُونَ فِي الدُّعَاءِ غُفِرَ لَهُ وَهَذَا تَأْوِيلٌ فِيهِ بُعْدٌ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ الْحَثَّ عَلَى الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ دَعَا فِي صَلَاتِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ غُفِرَ لَهُ لِأَنَّهُ يَكُونُ دُعَاؤُهُ حِينَئِذٍ مُوَافِقًا لِدُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ الْمُسْتَغْفِرِينَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَفِي قَوْلِهِ (اهْدِنَا) دُعَاءٌ لِلدَّاعِي وَأَهْلِ دِينِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالتَّأْمِينُ عَلَى ذَلِكَ فَلِذَلِكَ نُدِبَ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ مِنَ الْحَفَظَةِ الْكَاتِبِينَ وَالْمَلَائِكَةِ الْمُتَعَاقِبِينَ لِشُهُودِ الصَّلَاةِ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ يُؤَمِّنُونَ عند قول القارىء (وَلَا الضَّالِّينَ) فَمَنْ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِمْ وَأَمَّنَ غُفِرَ لَهُ فَحَضَّهُمْ بِذَلِكَ عَلَى التَّأْمِينِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَاقَبُ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ عِنْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ الْحَدِيثَ

فَإِنْ قِيلَ حَدِيثُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدِ الْمَلَائِكَةَ الْحَافِظِينَ وَلَا الْمُتَعَاقِبِينَ لِأَنَّهُمْ حَاضِرُونَ مَعَهُمْ فِي الْأَرْضِ لَا فِي السَّمَاءِ قِيلَ لَهُ لَسْنَا نَعْرِفُ مَوْقِفَ الْمَلَائِكَةِ مِنْهُمْ وَلَا نُكَيِّفُ ذَلِكَ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونُوا فَوْقَهُمْ وَعَلَيْهِمْ وَعَلَى رؤوسهم فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكُلُّ مَا عَلَاكَ فَهُوَ سَمَاءٌ وَقَدْ تُسَمِّي الْعَرَبُ الْمَطَرَ سَمَاءً لِأَنَّهُ ينزل من السماء ويسمى الرَّبِيعَ سَمَاءً لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَطَرِ السَّمَاءِ وَتُسَمِّي الشَّيْءَ بِاسْمِ مَا قَرُبَ مِنْهُ وَجَاوَرَهُ قَالَ الشَّاعِرُ ... إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ ... ... رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابَا ... فَسَمَّى الْمَاءَ النَّازِلَ مِنَ السَّمَاءِ وَالْمُتَوَلِّدَ مِنْهُ سَمَاءً فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ فِي السَّمَاءِ إِنْ كَانَ قَالَهُ فَإِنَّ أَخْبَارَ الْآحَادِ لَا يُقْطَعُ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ هُوَ الْعَالِمُ لَا شَرِيكَ لَهُ بِمَعْنَى قَوْلِهِ حَقِيقَةً فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَلَا يَدْفَعُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُونَ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَفَّ أَهْلُ الْأَرْضِ صَفَّ أَهْلُ السَّمَاءِ فَإِذَا قَالَ أَهْلُ الْأَرْضِ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ آمِينَ فَإِذَا وَافَقَتْ آمِينَ أَهْلِ الْأَرْضِ آمِينَ أَهْلِ السَّمَاءِ غُفِرَ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا قَدْ قِيلَ فِيمَا وصفنا وفيما

قَالُوهُ مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ وَبِاللَّهِ عِصْمَتُنَا وَتَوْفِيقُنَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ تُغْفَرُ بِهَا الذُّنُوبُ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السيئات كِفَايَةٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هذا فأغنى عن اعادته ههنا

الحديث الخامس عشر

حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ قال ملك وَتَفْسِيرُ الْجُبَارِ أَنَّهُ لَا دِيَةَ فِيهِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الْجُبَارَ الْهَدْرُ الَّذِي لَا أَرْشَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ عَلَى ما قال ملك رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ الشَّاعِرُ ... كَمْ مَلِكٍ نُزِعَ الْمُلْكُ عَنْهُ ... ... وَجُبَارٌ بِهَا دَمُهُ جُبَارُ ... هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جُمْهُورُ الرُّوَاةِ عَنْ ملك كما رواه يحيى ورواه القعنبي عن ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ يَذْكُرْ أَبَا سَلَمَةَ هَكَذَا ذكره إسماعيل القاضي عن الْقَعْنَبِيُّ وَهُوَ عِنْدَنَا فِي الْمُوَطَّأِ لِلْقَعْنَبِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ عَنِ القعنبي

ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا كَمَا رَوَاهُ يحيى وغيره في الموطأ هكذا ذكره القعنبي فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ فِي الْمُوَطَّأِ وَذَكَرَهُ فِي كتاب الزكاة فقال فيه ملك أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ هَكَذَا ذكره القعنبي فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ اخْتَصَرَ إِسْنَادَهُ وَلَفْظَهُ وَذَكَرَهُ يَحْيَى فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مُخْتَصِرًا لِلَّفْظِ وَجَاءَ بإسناده كاملا فقال عن ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ في رواية سحنون فرواه عن ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا هَكَذَا وَأَمَّا اخْتِلَافُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ أَبَا سَلَمَةَ هَكَذَا حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ كما رواه ملك سَوَاءً عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ سَوَاءً وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُرْحُهَا جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُرْحُهُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَالْعَجْمَاءُ عِنْدَ الْعَرَبِ كُلُّ بَهِيمَةٍ وَسَبُعٍ وَحَيَوَانٍ غَيْرِ نَاطِقٍ مُفْصِحٍ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ كَلْبًا

يَكَادُ إِذَا مَا أَبْصَرَ الضَّيْفَ مُقْبِلًا ... يُكَلِّمُهُ مِنْ حُبِّهِ وَهْوَ أَعْجَمُ ... وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ حَمَامَةً ... ... وَلَمْ أَرَ مَحْزُونًا لَهُ مِثْلَ صَوْتِهَا ... ... وَلَا عَرَبِيًّا شَاقَهُ صَوْتُ أَعَجَمَا ... قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَالْجُبَارُ فِي كَلَامِ أَهْلِ تِهَامَةَ الْهَدْرُ وَالرِّكَازُ مَا وُجِدَ فِي مَعْدِنٍ وَمَا اسْتُخْرِجَ مِنْهُ وَمَا وُجِدَ مِنْ مَالٍ مَدْفُونٍ كَانَ قَبْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَقُولُ هُوَ مَغْنَمٌ وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْجُبَارُ الْهَدْرُ الَّذِي لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ وَجُرْحُ الْعَجْمَاءِ جِنَايَتُهَا وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْعَجْمَاءَ إِذَا جَنَتْ جِنَايَةً نَهَارًا أَوْ جَرَحَتْ جُرْحًا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِيهِ سَبَبٌ أَنَّهُ هَدَرٌ لَا دِيَةَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ وَلَا أَرْشَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَوَاشِي يُهْمِلُهَا صَاحِبُهَا وَلَا يُمْسِكُهَا لَيْلًا فَتَخْرُجُ فَتُفْسِدُ زَرْعًا أَوْ كَرْمًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ ثِمَارِ الْحَوَائِطِ وَالْأَجِنَّةِ وَخَضِرِهَا وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَهُمْ فِي ذَلِكَ وَنُوَضِّحُ الْقَوْلَ فِيهِ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ مَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي وَجَنَتْ نَهَارًا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ آدَمِيٍّ أَنَّهُ هَدَرٌ مِنَ الزُّرُوعِ وغيرها إلا ما روى عن ملك وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ فِي الدَّابَّةِ الضَّارِيَةِ الْمُعْتَادَةِ الْفَسَادَ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ وَأَمَّا السَّائِقُ لِلدَّابَّةِ أَوْ رَاكِبُهَا أَوْ قَائِدُهَا فَإِنَّهُمْ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ ضَامِنُونَ لِمَا جَنَتِ الدَّابَّةُ مِنْ أَجْلِهِمْ وَبِسَبَبِهِمْ وَقَالَ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ لَا ضَمَانَ فِي جُرْحِ الْعَجْمَاءِ عَلَى أَحَدٍ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ بِرِجْلٍ أَوْ بِمُقَدَّمٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ جُرْحَهَا جُبَارًا وَلَمْ يَخُصَّ حَالًا مِنْ حَالٍ قَالُوا فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ بِسَبَبِ جِنَايَةِ عَجْمَاءَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَمَلَهَا عَلَى ذَلِكَ وَأَرْسَلَهَا عَلَيْهِ فَتَكُونُ حِينَئِذٍ كالآلة فيضمن

بِجِنَايَةِ نَفْسِهِ وَقَصْدِهِ إِلَى إِفْسَادِ مَالِ غَيْرِهِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ قَالُوا وَكَذَلِكَ إِذَا تَعَدَّى فِي إِرْسَالِهَا أَوْ رَبْطِهَا فِي مَوْضِعٍ لَا يَجِبُ لَهُ رَبْطُهَا فِيهِ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَقْصِدْ إِلَى ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ جِنَايَةَ دَابَّةٍ وَإِنْ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ إِذَا فَعَلَ مِنْ رُكُوبِهَا وسياقتها وقيادتها وإرسالها ماله فِعْلُهُ فَلَا يَضْمَنُ إِلَّا الْفَاعِلُ الْقَاصِدُ إِلَّا أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى غَيْرِهِ فِي مَوْضِعٍ مَا فَيَجِبُ التَّسْلِيمُ لِإِجْمَاعِهِمْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ خَاصَّةً - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ أَنَّ مَا جَنَتْ يَدُ الْإِنْسَانِ خَطَأً أَنَّهُ يَضْمَنُهُ فِي مَالِهِ فَإِنْ كَانَ دَمًا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ تَسْلِيمًا لِلسُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ضَمَانُ السَّائِقِ وَالرَّاكِبِ وَالْقَائِدِ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي قَدَّمْنَا فَافْهَمْهُ وَجَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ ضَمَّنَ الَّذِي أَجْرَى فَرَسَهُ عَقْلَ مَا أَصَابَ الْفَرَسُ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَادَ بَدَنَةً فَأَصَابَتْ طَيْرًا فَقَتَلَتْهُ فَقَالَ إِنْ كَانَ يَقُودُهَا أَوْ يَسُوقُهَا حَتَّى أَصَابَتِ الطَّيْرَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ جَزَاءُ مَا قَتَلَتْ وإن لم يكون يَقُودُهَا وَلَا يَسُوقُهَا فَلَيْسَ يَجِبُ عَلَيْهِ جَزَاءُ مَا أَصَابَتْ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ كَانُوا لَا يَضْمَنُونَ مِنَ النَّفْحَةِ وَيَضْمَنُونَ مِنْ رَدِّ الْعَنَانِ وَقَالَ حَمَّادٌ لَا يَضْمَنُ النَّفْحَةَ إِلَّا أَنْ يَنْخُسَ الْإِنْسَانُ الدَّابَّةَ وَعَنْ شُرَيْحٍ مِثْلَهُ وَقَالَ حماد أيضا إذا ساق المكاري حمار عَلَيْهِ امْرَأَةٌ فَتَخِرُّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ إِذَا سَاقَ الدَّابَّةَ

فَأَتْعَبَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ وَإِنْ كَانَ مُسْتَرْسِلًا لَمْ يَضْمَنْ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا الْهَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ يُضَمِّنُ الْفَارِسَ ما أوطأت دابته بيد أو رجل ويبرىء مِنَ النَّفْحَةِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَقَالَهُ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وذلك لأن الراكب كان سببه وقال ملك إِنْ فَزَعَهَا الرَّاكِبُ أَوْ عَنَّتَهَا ضَمِنَ مَا أَصَابَتْ بِرِجْلِهَا وَإِنْ لَمْ يُفْزِعْهَا وَلَمْ يُعْنِتْهَا لَمْ يَضْمَنْ مَا أَصَابَتْ بِرِجْلِهَا وَيَضْمَنْ مَا أَصَابَتْ بِمُقَدِّمِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي نَفْحَةِ الدَّابَّةِ بِرِجْلِهَا إِذَا كَانَ صَاحِبُهَا يَسِيرُ عَلَيْهَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ أَبْطَلَ النَّفْحَةَ بِالرِّجْلِ - قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنَ الرِّجْلِ وَالذَّنَبِ فَهُوَ جُبَارٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيُمْكِنُهُ التَّحَفُّظُ مِنَ الْيَدِ وَالْفَمِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا ضَمَانَ عَلَى أَصْحَابِ الْبَهَائِمِ فِيمَا تُفْسِدُ وَتَجْنِي عَلَيْهِ لَا فِي اللَّيْلِ وَلَا فِي النَّهَارِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَاكِبًا أَوْ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا أَوْ مُرْسِلًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الضَّمَانُ عَنِ الْبَهَائِمِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا أَصَابَتْ مِنَ الزَّرْعِ بِاللَّيْلِ فَأَفْسَدَتْهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي إِذَا كَانَ الرَّجُلُ رَاكِبًا فَمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ فَمِهَا أَوْ ذَنَبِهَا مِنْ نَفْسٍ أَوْ جُرْحٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَنْعَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ مِنْ كُلِّ مَا تُتْلِفُ بِهِ شَيْئًا قَالَ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ الْمُقَطَّرَةُ بِالْبَعِيرِ لِأَنَّهُ

قائدها قال ولا يجوز في هذا الاضمان كُلِّ مَا أَصَابَتْ بِهِ الدَّابَّةُ تَحْتَ الرَّاكِبِ أولا يَضْمَنُ إِلَّا مَا حَمَلَهَا عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إِلَّا أَحَدُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فَأَمَّا مَنْ ضَمِنَ عَنْ يَدِهَا وَلَمْ يَضْمَنْ عَنْ رِجْلِهَا فَهُوَ تَحَكُّمٌ قَالَ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّ الرِّجْلَ جُبَارٌ فَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ الْحُفَّاظَ لَمْ يَحْفَظُوهُ هَكَذَا قَالَ وَلَوْ أَوْقَفَهَا فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوقِفَهَا فِيهِ ضَمِنَ وَلَوْ أَوْقَفَهَا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ قَالَ وَلَوْ جَعَلَ فِي دَارِهِ كَلْبًا عَقُورًا أَوْ حُبَالَةً فَدَخَلَ إِنْسَانٌ فَقَتَلَهُ الْكَلْبُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ قَالَ الْمُزَنِيُّ سَوَاءٌ عِنْدِي أَذِنَ لِذَلِكَ الْإِنْسَانِ أَنْ يَدْخُلَ الدَّارَ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى يَضْمَنُ مَا أتلفت الدابة برجلها إذا كان عليها أوقادها أَوْ سَاقَهَا كَمَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْ وَهُوَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ رِجْلِهَا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءً وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي هَذَا الْبَابِ كله كقول ملك لَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَتِ الدَّابَّةُ بِرِجْلِهَا مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَيَضْمَنُ مَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا وَمُقَدَّمِهَا إِذَا كَانَ رَاكِبًا عَلَيْهَا أَوْ سَائِقًا لَهَا أَوْ قَائِدًا - قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الرِّجْلِ وَالْمُقَدَّمِ فِي رَاكِبِ الدَّابَّةِ وَسَائِقِهَا وَقَائِدِهَا فَحُجَّتُهُ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّحَفُّظُ مِنْ جِنَايَةِ فَمِهَا وَيَدِهَا إِذَا كَانَ رَاكِبًا عَلَيْهَا أَوْ قَائِدًا لَهَا وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ مِنْ رِجْلِهَا وَمِنْ حُجَّتِهِ أَيْضًا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الرِّجْلُ جُبَارٌ وَهَذَا لَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَلَهُ إِسْنَادَانِ أَحَدُهُمَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي قَيْسٍ الْأَوْدِيِّ عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ

الْبِيرُ جُبَارٌ وَالرِّجْلُ جُبَارٌ وَالْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَهَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ هَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي قَيْسٍ هَذَا وَرَوَاهُ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي قَيْسٍ عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَصَلَهُ وَأَسْنَدَهُ وَلَيْسَ زِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ إِذَا خَالَفَهُ مِثْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَبُو قَيْسٍ أَيْضًا لَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ فِي حُكْمٍ يَنْفَرِدُ بِهِ وَالْإِسْنَادُ الْآخَرُ مَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ الْوَاسِطِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرِّجْلُ جُبَارٌ وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يُوجَدُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ إِلَّا سُفْيَانَ بن

حُسَيْنٍ وَهُوَ عِنْدَهُمْ فِيمَا يَنْفَرِدُ بِهِ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ النَّارُ جُبَارٌ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ أَصْلُهُ الْبِيرُ جُبَارٌ وَلَكِنَّهُ صَحَّفَهُ مَعْمَرٌ - قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ ابْنِ مَعِينٍ هَذَا نَظَرٌ وَلَا يُسَلَّمُ لَهُ حَتَّى يَتَّضِحَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ الْوَاسِطِيُّ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ قَالَ لَنَا ابْنُ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ أَخْبَرَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّارُ جُبَارٌ وَالْبِيرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَقَدْ كَانَ الشَّعْبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يُفْتِي بِأَنَّ الرِّجْلَ جُبَارٌ رَوَاهُ أَبُو فَرْوَةَ وَالشَّيْبَانِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا عَنْ ملك وَأَصْحَابِهِ وَسَائِرِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ أَنَّ مَنْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوقِفَهَا

فِيهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقٍ ضَيِّقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَجَنَتْ جِنَايَةً أَنَّهُ ضَامِنُهَا وَإِنْ أَوْقَفَهَا فِي مَوْضِعٍ يَعْرِفُ النَّاسُ مِثْلَهُ تُوقَفُ فِيهِ الدَّوَابُّ أَوْ يُوقَفُ فِيهِ مِثْلُ دَابَّتِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ نَحْوَ دَارِ نَفْسِهِ أَوْ بَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ دَارِ الْعَالِمِ أَوِ الْقَاضِي أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا جَنَتْ وَكَذَلِكَ إِذَا أَرْسَلَهَا فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْسِلَهَا فِيهِ ضَمِنَ مَا جَنَتْ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالْبِيرُ جُبَارٌ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّ الْبِيرِ وَحَافِرِهَا إِذَا سَقَطَ فِيهَا إِنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَتَلِفَ وَعَطِبَ هَذَا إِذَا كَانَ حَافِرُ الْبِيرِ قَدْ حَفَرَهَا فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْفِرَهَا فِيهِ مِثْلَ أَنْ يَحْفِرَهَا فِي فَنَائِهِ أَوْ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي دَارِهِ أَوْ فِي صَحْرَاءَ لِلْمَاشِيَةِ أَوْ فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ مُحْتَمَلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ ملك وَالشَّافِعِيِّ وَدَاوُدَ وَأَصْحَابِهِمْ وَقَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قال ابن القاسم قال ملك لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَحْفِرَ فِي الطَّرِيقِ بِيرًا يُحْدِثُهَا لِلْمَطَرِ وَلَهُ أَنْ يَحْفِرَ إِلَى جَنْبِ حَائِطِهِ مِرْحَاضًا وَلَهُ أَنْ يُحْدِثَ فِي دَارِهِ مِيزَابًا وَلَا يَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَمَا حَفَرَهُ فِي الطَّرِيقِ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُ لِضِيقِ الطَّرِيقِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ ضَمِنَ مَا عَطِبَ بِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أيضا عن ملك إِنْ حَفَرَ فِي دَارِهِ بِيرًا لِسَارِقٍ يَرْصُدُهُ لِيَقَعَ فِيهِ أَوْ وَضَعَ لَهُ حِبَالَاتٍ أَوْ شَيْئًا يُتْلِفُ بِهِ السَّارِقَ فَدَخَلَ فَعَطِبَ فَهُوَ ضَامِنٌ - قَالَ أَبُو عُمَرَ وَجْهُ قَوْلِهِ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَحْفِرِ الْبِيرَ لِمَنْفَعَتِهِ وَإِنَّمَا حَفَرَهَا قَاصِدًا لِيُعْطِبَ بِهَا غَيْرَهُ فَهُوَ الْجَانِي حِينَئِذٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَهُ فِي هَذَا فِيمَا عَلِمْتُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ فِي الطَّرِيقِ مَا لَا يَضُرُّ بِهِ قَالُوا وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَهُ

- قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْبِيرُ جُبَارٌ يَدْفَعُ الضَّمَانَ عَنْ رَبِّهَا فِي كُلِّ مَا سَقَطَ فِيهَا بِغَيْرِ صَنِيعِ آدَمِيٍّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ فَتَأْوِيلُهُ أَنَّ الْمَعَادِنَ الْمَطْلُوبَ فِيهَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ تَحْتَ الْأَرْضِ إِذَا سَقَطَ شَيْءٌ مِنْهَا وَانْهَارَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْعَامِلِينَ فِيهَا فَمَاتَ أَنَّهُ هَدَرٌ لَا دِيَةَ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ سَقَطَ فِيهَا فَعَطِبَ بَعْدَ حَفْرِهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الرِّكَازِ وَفِي حُكْمِهِ فَقَالَ مَالِكٌ الرِّكَازُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ لِلْوَاجِدِ وَفِيهِ الْخُمُسُ قَالَ وَمَا وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ فَإِنَّهُ لِأَهْلِ تِلْكَ الْبِلَادِ وَلَا شَيْءَ لِلْوَاجِدِ فِيهِ قَالَ وَمَا وُجِدَ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فهو للجماعة الذي افْتَتَحُوهَا وَلَيْسَ لِمَنْ أَصَابَهُ دُونَهُمْ وَيُؤْخَذُ خُمُسُهُ قال ابن القاسم كان ملك يَقُولُ فِي الْعَرُوضِ وَالْجَوْهَرِ وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَنَحْوِهِ يُوجَدُ رِكَازًا أَنَّ فِيهِ الْخُمُسَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا أَرَى فِيهِ شَيْئًا ثُمَّ آخِرُ مَا فَارَقْنَاهُ عَلَيْهِ أَنْ قَالَ فِيهِ الْخُمُسُ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ كُلُّ مَا وَجَدَهُ الْمُسْلِمُونَ فِي خَرِبِ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ الَّتِي يَفْتَتِحُهَا الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ الْجَاهِلِيَّةِ ظَاهِرَةٍ أَوْ مَدْفُونَةٍ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ الرِّكَازُ وَيُجْرَى مَجْرَى الْغَنَائِمِ يَكُونُ لِمَنْ وَجَدَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ وَيَكُونُ سَبِيلُ خُمُسِهِ سَبِيلَ خُمُسِ الْغَنَائِمِ يَجْتَهِدُ فِيهِ الْإِمَامُ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنْ صَرْفِهِ فِي الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ - قَالَ وَإِنَّمَا حَكَمَ لِلرِّكَازِ بِحُكْمِ الْغَنِيمَةِ لِأَنَّهُ مَالُ كَافِرٍ وَجَدَهُ مُسْلِمٌ فَأُنْزِلَ مَنْزِلَةَ مَنْ قَاتَلَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ فَإِنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي الرِّكَازِ

يُوجَدُ فِي الدَّارِ أَنَّهُ لِلْوَاجِدِ دُونَ صَاحِبِ الدَّارِ وَفِيهِ الْخُمُسُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الرِّكَازُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا كَانَ مِنْ دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ أَوِ الْبَدْرَةِ أَوِ الْقِطْعَةِ يَكُونُ تَحْتَ الْأَرْضِ فَيُوجَدُ بِلَا مُؤْنَةٍ وَفِيهِ الْخُمُسُ وَقَوْلُ الطَّبَرِيِّ كَقَوْلِهِمْ سَوَاءً وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ فِي الرِّكَازِ يُوجَدُ فِي الدَّارِ إِنَّهُ لِصَاحِبِ الدَّارِ دُونَ الْوَاجِدِ وَفِيهِ الْخُمُسُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ لِلْوَاجِدِ وَفِيهِ الْخُمُسُ وَإِنْ وُجِدَ فِي فَلَاةٍ فَهُوَ لِلْوَاجِدِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَفِيهِ الْخُمُسُ وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ أَرْضِ الصُّلْحِ وَأَرْضِ الْعَنْوَةِ وَسَوَاءٌ عِنْدَهُمْ أَرْضُ الْعَرَبِ وَغَيْرُهَا وَجَائِزٌ عِنْدَهُمْ لِوَاجِدِهِ أَنْ يَحْبِسَ الْخُمُسَ لِنَفْسِهِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ لِلْمَسَاكِينِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ وَجْهُ هَذَا عِنْدِي مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ أَحَدُ الْمَسَاكِينِ وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ السُّلْطَانَ إِنْ صَرَفَهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعُمَّهُمْ بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الرِّكَازُ دَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ الْعَرُوضَ وَغَيْرَهَا وَفِيهِ الْخُمُسُ وَسَوَاءٌ وَجَدَهُ فِي أَرْضِ عَنْوَةٍ أَوْ صُلْحٍ بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ فِي مِلْكِ أَحَدٍ فَإِنْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَهُوَ لَهُ إِنِ ادَّعَاهُ وَفِيهِ الْخُمُسُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَهُوَ لِلْوَاجِدِ وَفِيهِ الْخُمُسُ قَالَ وَإِنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ أَوْ مَنَازِلِهِمْ فَهُوَ غَنِيمَةٌ لَهُ وَلِلْجَيْشِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْوَاجِدِ مَا لَا يَمْلِكُهُ الْعَدُوُّ مِمَّا لَا يُوجَدُ إِلَّا فِي الْفَيَافِي - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَصْلُ الرِّكَازِ فِي اللُّغَةِ مَا ارْتَكَزَ بِالْأَرْضِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَسَائِرِ الْجَوَاهِرِ وَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَيْضًا كَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي الْبَدْرَةِ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْمَعْدِنِ مُرْتَكِزَةً بِالْأَرْضِ لَا تُنَالُ بِعَمَلٍ وَلَا بِسَعْيٍ وَلَا نَصَبٍ فَفِيهَا الْخُمُسُ لِأَنَّهَا رِكَازٌ وَدَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ لِأَمْوَالِهِمْ عِنْدَ جماعة العلماء

وَكَانَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ إِذَا كَانَ دَفْنُهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مِنَ الْأُمُورِ الْعَادِيَّةِ وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ضَرْبِ الْإِسْلَامِ فَحُكْمُهُ عِنْدَهُمْ حُكْمُ اللُّقَطَةِ لِأَنَّهُ مِلْكُ مُسْلِمٍ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ فَقِفْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي زَكَاةِ الْمَعَادِنِ غَيْرُ الْحُكْمِ فِي الرِّكَازِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَصَلَ بَيْنَ الْمَعَادِنِ وَالرِّكَازِ بِالْوَاوِ الْفَاصِلَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَعْدِنُ وَالرِّكَازُ حُكْمُهُمَا سَوَاءٌ لَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِيهِ الْخُمُسُ فَلَمَّا قَالَ الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ عُلِمَ أَنَّ حُكْمَ الرِّكَازِ غَيْرُ حُكْمِ الْمَعْدِنِ فِيمَا وُجِدَ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ قَوْمٌ بِمَا ذَكَرْنَا وَفِي ذَلِكَ عِنْدِي نَظَرٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمَعَادِنِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِيمَا خَرَجَ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ الْخُمُسُ وَمَا كَانَ فِي الْمَعْدِنِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْخُمُسِ اعْتَبَرَ كُلَّ وَاحِدٍ فِيمَا حَصَلَ بِيَدِهِ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَزَكَّاهُ لِتَمَامِ الْحَوْلِ إِنْ أَتَى عَلَيْهِ وَهُوَ نِصَابٌ عِنْدَهُ الْحَوْلُ هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ضَمَّهُ إِلَى ذَلِكَ وَزَكَّاهُ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ كُلُّ فَائِدَةٍ تُضَمُّ فِي الْحَوْلِ إِلَى النِّصَابِ مِنْ جِنْسِهَا وَتُزَكَّى بحول الأصل وهو قول الثوري قالوا وكلما ارْتَكَزَ بِالْأَرْضِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنَ الْجَوَاهِرِ فَهُوَ رِكَازٌ وَفِيهِ الْخُمُسُ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي ذَهَبِ الْمَعْدِنِ وَفِضَّتِهِ الْخُمْسُ وَلَا شَيْءَ غَيْرُهُمَا وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَا شَيْءَ فِيمَا يَخْرُجُ مِنَ

الْمَعَادِنِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَتَّى يَكُونَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا أَوْ خَمْسَ أَوَاقِي فِضَّةً وَإِذَا بَلَغَتَا هَذَا الْمِقْدَارَ وَجَبَ فِيهِمَا الزَّكَاةُ وما زاد فبحاسب ذَلِكَ مَا دَامَ فِي الْمَعْدِنِ نَيْلٌ فَإِنِ انْقَطَعَ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ نَيْلٌ آخَرُ فَإِنَّهُ يُبْتَدَأُ فِيهِ الزَّكَاةُ مَكَانَهُ وَالْمَعْدِنُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ فِي حِينِهِ وَلَا يَنْتَظِرُ بِهِ حَوْلًا فَإِنِ انْقَطَعَ عَمَلُهُ وَلَمْ يَكْمُلْ فِيمَا خَرَجَ بِذَلِكَ الْعَمَلِ نِصَابٌ ثُمَّ ابْتَدَأَ الْعَمَلَ لَمْ يَضُمَّ مَا خَرَجَ إلى ما حصل بالعمل الأول كزرع ابتدىء حَصَادُهُ قَالَ وَإِنْ وُجِدَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فِي الْمَعْدِنِ مِنْ غَيْرِ كَثِيرِ عَمَلٍ كَالْبَدْرَةِ وَشِبْهِهَا فهو بمنزلة الركاز وفيه الخمس قال ملك وَمَا وُجِدَ فِي الْمَعْدِنِ بِغَيْرِ عَمَلٍ فَهُوَ رِكَازٌ فِيهِ الْخُمُسُ وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ خَاصَّةً فِي بَابِ رَبِيعَةَ وَهَذَا كُلُّهُ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْبَدْرَةِ تَخْرُجُ مِنَ الْمَعْدِنِ أَنَّ فِيهَا الزَّكَاةَ وَإِنَّمَا الْخُمُسُ فِي الرِّكَازِ وَهُوَ دَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا شَيْءَ فِيمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَعَادِنِ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَقَالَ فِي الْمَعْدِنِ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ إِذَا ظَهَرَ فِيهَا فَهُوَ لِأَهْلِهَا وَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا النَّاسَ مِنَ الْعَمَلِ فِيهَا وَأَنْ يَأْذَنُوا لَهُمْ وَلَهُمْ مَا يُصَالِحُونَ عَلَيْهِ مِنْ خُمُسٍ أَوْ غَيْرِهِ - قال ملك وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً فَهُوَ إِلَى السُّلْطَانِ يَفْعَلُ فِيهِ مَا يَشَاءُ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي رَجُلٍ لَهُ مَعَادِنُ أَنَّهُ لَا يَضُمُّ مَا فِي وَاحِدٍ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا وَلَا يُزَكِّي إِلَّا عن مأتي دِرْهَمٍ أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا فِي كُلِّ وَاحِدٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يَضُمُّ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ وَيُزَكِّي الْجَمِيعَ كَالزَّرْعِ وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَأَمَّا الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ فِيهِ فَمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعَادِنِ قَالَ الْمُزَنِيُّ الْأَوْلَى بِهِ عَلَى أَصْلِهِ أَنْ يَكُونَ مَا يَخْرُجُ من

المعدن فائدة تركى لِحَوْلِهِ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ قَالَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ فِي شَيْءٍ أَخْرَجَتْهُ الْمَعَادِنُ زَكَاةٌ غَيْرَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَقَالَ عَنْهُ الرَّبِيعُ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ مَعْدِنٍ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا فَقَدْ قِيلَ هُوَ كَالْفَائِدَةِ يَسْتَقْبِلُ بِهَا الْحَوْلَ وَقِيلَ إِذَا بَلَغَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّاهُ مَكَانَهُ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْفَائِدَةِ تُسْتَأْنَفُ بِهِ حَوْلًا وَلَا تَجْرِي فِيهِ الزَّكَاةُ إِلَّا مَعَ مُرُورِ الْحَوْلِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا حَصَّلَهُ الْمُزَنِيُّ مِنْ مَذْهَبِهِ وَقَوْلُ دَاوُدَ وَأَصْحَابِهِ قَالَ دَاوُدُ وَمَا خَرَجَ مِنَ الْمَعَادِنِ فَلَيْسَ بِرِكَازٍ إِنَّمَا الرِّكَازُ دَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ وَفِيهِ الْخُمُسُ لِغَيْرِ الْوَاجِدِ وَمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعَادِنِ فَهُوَ فَائِدَةٌ إِذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَ مَالِكٍ صَحِيحُ الْمِلْكِ وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ فِي الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ عَلَى مِقْدَارَيْهِمَا وَحُجَّةُ مَالِكٍ فِي إِيجَابِهِ الزَّكَاةَ فِي الْمَعَادِنِ حَدِيثُ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ الْمَعَادِنَ الْقِبْلِيَّةَ فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَى الْيَوْمِ إِلَّا الزَّكَاةُ وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعُ الْإِسْنَادِ لَا يَحْتَجُّ بِمِثْلِهِ أَهْلُ

الْحَدِيثِ وَلَكِنَّهُ عَمَلٌ يُعْمَلُ بِهِ عِنْدَهُمْ فِي الْمَدِينَةِ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى قَوْمًا مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبَهُمْ ذَهَبَةً فِي تُرْبَتِهَا بَعَثَهَا عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ قَالَ وَالْمُؤَلَّفَةُ إِنَّمَا حَقُّهُمْ فِي الزَّكَوَاتِ فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْمَعَادِنَ سُنَّتُهَا سُنَّةُ الزَّكَاةِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَعَثَ بِذَهَبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَسَّمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ بَعَثَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدهبة فِي أُدْمٍ مَقْرُوظٍ وَلَمْ تَحْصُلْ مِنْ تُرْبَتِهَا

فَقَسَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ بَيْنَ زَيْدِ الْخَيْرِ وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَابْنِ عُلَاثَةَ أَوْ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ قَدْ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَؤُلَاءِ مِنْ غَنَائِمِ خَيْبَرَ وَهُمُ الْمُؤَلَّفَةُ قَالَ وَعَلَى أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ عَلَى الصَّدَقَةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَسْتَعْمِلُ عَلَى الصَّدَقَةِ أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْنَاهُ مِنْ دَاوُدَ بْنِ شَابُورَ وَيَعْقُوبَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَنْزٍ وَجَدَهُ رَجُلٌ إِنْ كُنْتَ وَجَدْتَهُ فِي قَرْيَةٍ مَسْكُونَةٍ أَوْ فِي سَبِيلٍ مِيتَاءٍ فَعَرِّفْهُ وَإِنْ كُنْتَ وَجَدْتَهُ فِي قَرْيَةٍ جَاهِلِيَّةٍ أَوْ فِي قَرْيَةٍ غَيْرِ مَسْكُونَةٍ أَوْ فِي غَيْرِ سَبِيلٍ مِيتَاءٍ فَفِيهِ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مطرف قال حدثنا ملك بن أنس عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ

الحديث السادس عشر

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ مُرْسَلٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ بَيْنَهُمْ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ مُرْسَلًا إِلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الماجشون وأبا عصام النبيل ويحيى بن إبرهيم بْنِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي قَبِيلَةَ الْمَدَنِيَّ وَأَبَا يُوسُفَ الْقَاضِيَ وَسَعِيدًا الزُّبَيْرِيَّ فَإِنَّهُمْ رَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مُتَّصِلًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فَرُوِيَ عَنْهُ مُرْسَلًا كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَرُوِيَ عَنْهُ مُسْنَدًا كَرِوَايَةِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمَنْ تَابَعَهُ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مالك

سَوَاءً وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ الْقُدَامِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا سَلَمَةَ وَالْقُدَامِيُّ ضَعِيفٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ فَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ الْحَافِظُ وَأَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عُتْبَةَ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَصْبَغَ بْنَ مَلِيحٍ الْمُرَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ حَمَّادٍ الْمَهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ

فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ زَادَ ابْنُ قَاسِمٍ فِيهِ وَذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ عَلِيٌّ وَثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ رَاشِدٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ عَلِيٌّ وَثَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ قَالَ وَحَدَّثَنَا محمد بن مخلد حدثنا الحسن بن شيبب حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَخِي رِشْدِينَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ قَالُوا كُلُّهُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يحيى

ابن أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قال حدثنا ملك بْنُ عِيسَى الْقَفَصِيُّ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُقَيْلِيُّ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَخِي رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله سَوَاءً وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي عَاصِمٍ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ

قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الشفعة فيما لم يقسم فإذا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قُلْتُ لِأَبِي عَاصِمٍ مِنْ أَيْنَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ مَالِكٍ يَعْنِي حَدِيثَ الشُّفْعَةِ مُسْنَدًا فَقَالَ سَمِعْتُ مِنْهُ بِمِنًى أَيَّامَ أَبِي جَعْفَرٍ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ وَأَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ قَالُوا لِأَبِي عَاصِمٍ إِنَّ النَّاسَ يُخَالِفُونَكَ فِي مَالِكٍ فِي حَدِيثِ الشُّفْعَةِ فَلَا يَذْكُرُونَ فِيهِ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ هَاتُوا مَنْ سَمِعَهُ مِنْ مَالِكٍ فِي الْوَقْتِ الَّذِي سَمِعْتُهُ أَنَا فِيهِ إِنَّمَا كَانَ قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو جَعْفَرٍ مَكَّةَ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَسَأَلُوهُ أَنْ يَأْمُرَ مَالِكًا أَنْ يُحَدِّثَهُمْ فَأَمَرَهُ فَسَمِعْتُهُ مِنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ وَهَذَا فِي حَيَاةِ ابْنِ جُرَيْجٍ لِأَنَّ أَبَا عَاصِمٍ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْبَصْرَةِ حِينَ مَاتَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَلَمْ يَعُدْ وَقَدْ كَانَ أَبُو عَاصِمٍ يَتَهَيَّبُ إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى بَلَغَتْهُ رِوَايَةُ ابْنِ إِسْحَاقَ لَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَرَجَعَ

إِلَى الْحَدِيثِ بِهِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا إبرهيم بْنُ مَرْزُوقٍ وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ زَادَ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ أَبُو عَاصِمٍ ثُمَّ لَقِيتُ مَالِكًا بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ فَحَدَّثَنَاهُ فَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا سَلَمَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ وَجَعَلَهُ عَنْ سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرُوسٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَبَكَّارُ بْنُ قتية وَأَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ تَقَعِ الْحُدُودُ فَإِذَا

وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ وَرَوَاهُ أَبُو قِلَابَةَ الرَّقَاشِيُّ وَعَبْدٌ الدُّورِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَوَّامِ الزِّيَادِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَلَفْظُ أَبِي قِلَابَةَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالشفعة فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا حُدَّتِ الْحُدُودُ وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِي عَنْ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا قَالَ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ وَحَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الدَّارِمِيَّ أَحْمَدَ بْنَ سَعِيدٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَاصِمٍ هَكَذَا حَدَّثَنَا بِهِ مَالِكٌ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ كَأَنَّهُ يَقُولُ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلٌ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ أَبِي قُتَيْلَةَ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو إِبْرَاهِيمَ يَحْيَى بْنُ أبي قتيلة

الْمَدَنِيُّ عَنْ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشفعة فيما لم يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ الْقَاضِي إِمْلَاءً قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ يَحْيَى ابن أَبِي قُتَيْلَةَ الْمَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَا حَدَّثَنَا عبيد الله بن محمد العمري قال حدثنا أبو إبراهيم يحيى ابن أَبِي قُتَيْلَةَ الْمَدَنِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي قُتَيْلَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فَلَا شُفْعَةَ وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَلَى الِاتِّصَالِ فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَأَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ ابن مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِحٍ الْمُفَسِّرُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ

إِسْمَاعِيلَ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سعيد ين المسيب وأبي سلمة ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ وَقَدْ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ قُتَيْبَةَ الْمَهْرِيَّ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَبُو عَاصِمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي وَمُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيِّ وَابْنِ وَهْبٍ وَسَعِيدِ بْنِ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيِّ بِالْأَسَانِيدِ عَنْهُمْ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا سَائِرُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ غَيْرَ مَالِكٍ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَيْهِ أَيْضًا فَرَوَاهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ أَبَا سَلَمَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مُرْسَلًا لَمْ يَذْكُرْ أَبَا سَلَمَةَ وَجَعَلَهُ مُرْسَلًا عَنْ سَعِيدٍ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَوْ عَنْهُمَا جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُسِّمَتِ الْأَرْضُ أَوْ حُدَّتْ فَلَا شُفْعَةَ هَكَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ حَسَنِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَلَمْ يَرْوِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جابر قال إِنَّمَا جَعَلَ رَسُولُ

الله صلى الله عليه وسلم الشفعة فيما لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ لَمْ يَذْكُرْ سَعِيدًا وَجَعَلَهُ عَنْ جَابِرٍ هَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَمُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ وَهِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ الْبَجَلِيُّ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رِوَايَةُ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِ الشُّفْعَةِ حَسَنَةٌ قَالَ وَقَالَ لِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ رِوَايَةُ مَالِكٍ أَحَبُّ إِلَيَّ وَأَصَحُّ فِي نَفْسِي مُرْسَلًا عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ ابْنُ شِهَابٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَكْثَرَ النَّاسِ بَحْثًا عَلَى هَذَا الشَّأْنِ فَكَانَ رُبَّمَا اجْتَمَعَ لَهُ في الحديث جماعة فحدث به مرة عنهم ومرة عن أحدهم ومرة عَنْ بَعْضِهِمْ عَلَى قَدْرِ نَشَاطِهِ فِي حِينِ حَدِيثِهِ وَرُبَّمَا أَدْخَلَ حَدِيثَ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ كَمَا صَنَعَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ وَغَيْرِهِ وَرُبَّمَا لَحِقَهُ الْكَسَلُ فَلَمْ يُسْنِدْهُ وَرُبَّمَا انْشَرَحَ فَوَصَلَ وَأَسْنَدَ عَلَى حَسَبِ مَا تَأْتِي بِهِ الْمُذَاكَرَةُ فَلِهَذَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ عَلَيْهِ اخْتِلَافًا كَبِيرًا فِي أَحَادِيثِهِ وَيُبَيِّنُ لَكَ مَا قُلْنَا رِوَايَتُهُ لِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ فَمَرَّةً يَذْكُرُ فِيهِ وَاحِدًا وَمَرَّةً اثْنَيْنِ وَمَرَّةً جَمَاعَةً وَمَرَّةً جَمَاعَةً غَيْرَهَا وَمَرَّةً يَصِلُ وَمَرَّةً يَقْطَعُ وَحَدِيثُهُ هَذَا فِي الشُّفْعَةِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مَعْرُوفٌ

عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا كُلُّ فِرْقَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ يُوجِبُونَ الشُّفْعَةَ لِلشَّرِيكِ فِي الْمَشَاعِ مِنَ الْأُصُولِ الثَّابِتَةِ الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا صَرْفُ الْحُدُودِ وَتَطْرِيقُ الطُّرُقِ وَأَوْجَبَتْ طَائِفَةٌ الشُّفْعَةَ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ وَهُوَ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ ابْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لَفْظٌ مُشْكَلٌ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالشُّفْعَةِ وَالصَّقَبُ الْقُرْبُ وَهُوَ حَدِيثٌ قَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ وَفِي مَعْنَاهُ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابن عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عِيسَى الْقَفَصِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ هُوَ حِجَازِيٌّ ثِقَةٌ وَهُوَ أَبُو يَعْلَى بْنُ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الشَّرِيدِ يُحَدِّثُ عَنِ الشَّرِيدِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الْمَرْءُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ قُلْتُ لِعَمْرٍو وَمَا صَقَبُهُ قَالَ الشُّفْعَةُ قُلْتُ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ الْجِوَارُ قَالَ إِنَّ النَّاسَ لَيَقُولُونَ ذَلِكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابن

جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ إِنَّمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشفعة في كل شريك رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ ثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أو عن سعيد ابن الْمُسَيَّبِ أَوْ عَنْهُمَا جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُسِّمَتِ الْأَرْضُ وَحُدَّتْ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَأَوْجَبَ آخَرُونَ الشُّفْعَةَ بِالطَّرِيقِ إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا لِحَدِيثٍ يَرْوُونَهُ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ قَالَ الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ يَنْتَظِرُ بِهَا وَإِنْ كَانَ غائبا إذا كان طريقهما واحد وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ يَنْتَظِرُ بِهَا وَإِنْ كَانَ غائبا إذا كان طريقهما واحدة حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْجَارُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ

الشَّرِيكَ فِي الْمَشَاعِ وَالْعَرَبُ قَدْ تُسَمِّي الشَّرِيكَ جَارًا وَالزَّوْجَةَ جَارَةً وَإِذَا حُمِلَ عَلَى هَذَا لَمْ تَتَعَارَضِ الْأَحَادِيثُ عَلَى أَنِّي أَقُولُ إِنَّ حَدِيثَ عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا فِي ذِكْرِ الطَّرِيقِ قَدْ أَنْكَرَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا لَوْ جَاءَ بِآخَرَ مِثْلِهِ تُرِكَ حَدِيثُهُ وَلَيْسَ عَبْدُ الْمَلِكِ هَذَا مِمَّا يُعَارَضُ بِهِ أَبُو سَلَمَةَ وَأَبُو الزُّبَيْرِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ رِوَايَتِهِمَا عَنْ جَابِرٍ مَا يَدْفَعُ رِوَايَةَ عَبْدِ الْمَلِكِ هَذِهِ وَإِيجَابُ الشُّفْعَةِ إِيجَابُ حُكْمٍ وَالْحُكْمُ إِنَّمَا يَجِبُ بِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ وَلَيْسَ فِي الشُّفْعَةِ أَصْلٌ لَا اعْتِرَاضَ فِيهِ وَلَا خِلَافَ إِلَّا فِي الشَّرِيكِ الْمَشَاعِ فَقِفْ عَلَيْهِ وَفِي قَوْلِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إِنَّمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ شِرْكٍ رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ مَا يَنْفِي الشُّفْعَةَ فِي غَيْرِ الْمَشَاعِ مِنَ الْعَقَارِ

وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُسِّمَتِ الْأَرْضُ وَحُدَّتْ فَلَا شُفْعَةَ مَا يَنْفِي شُفْعَةَ الْجَارِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ أَوْجَبَ قَوْمٌ الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ أَوْ غَيْرِهِ وَسَائِرِ الْمَشَاعِ مِنَ الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمَكِّيِّينَ وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا مِنْ أَحَادِيثِ الشُّيُوخِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهَا لِضَعْفِهَا وَنَكَارَتِهَا وَأَبَى أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ مِنَ الشُّفْعَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلًا مَشَاعًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَتَصْلُحُ فِيهِ الْحُدُودُ لِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا لِأَنَّهُ يَنْفِي الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَقْسُومٍ بِقَوْلِهِ فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخطاب قال إذا قمست الْأَرْضُ وَحُدَّتْ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ ميسرة عن عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ إِذَا ضُرِبَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا

ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ قُلْتُ لِطَاوُسٍ إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِذَا ضُرِبَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ قَالَ طَاوُسٌ الْجَارُ أَحَقُّ - قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا لَمْ تَجِبِ الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ إِذَا قَسَّمَ وَضَرَبَ الْحُدُودَ كَانَ الْجَارُ الْمُلَاصِقُ لَمْ يُقْسَمْ وَلَا ضَرَبَ الْحُدُودَ أَبْعَدَ مِنْ أَنْ يَجِبَ ذَلِكَ لَهُ فَالشُّفْعَةُ وَاجِبَةٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي كُلِّ أَصْلٍ مَشَاعٍ مِنْ رَبْعٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ نَخْلٍ أَوْ شَجَرٍ تَمْكُنُ فِيهِ الْقِسْمَةُ وَالْحُدُودُ وَهَذَا فِي الشَّرِيكِ فِي الْمَشَاعِ دُونَ غَيْرِهِ إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَفِي قَضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالشفعة فِي الْمَشَاعِ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمَشَاعِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ! إِذَا عُلِمَ السَّهْمُ وَالْجُزْءُ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ تَمَامِ الْبَيْعِ فِي الْمَشَاعِ أَنَّ الْعُهْدَةَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ دَلِيلٌ عَلَى أن مالا يُقْسَمْ وَلَا يُضْرَبُ فِيهِ حُدُودٌ لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَهَذَا يَنْفِي الشُّفْعَةَ أَيْضًا فِي الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَا يُقْسَمْ وَيُوجِبُهَا فِي الْأَصْلِ الثَّابِتِ فِي الْأَرْضِ الْمَشَاعِ دُونَ مَا عَدَاهُ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْأَحَادِيثَ الْمُوجِبَةَ لِلشُّفْعَةِ لِلْجَارِ وَغَيْرِهِ فِيهَا زِيَادَةُ حُكْمٍ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهَا قِيلَ لَهُ قَدْ عَارَضَهَا حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ لِأَنَّهُ يَنْفِي الشُّفْعَةَ بِقَوْلِهِ الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ لَمْ يُقْسَمْ فَأَوْجَبَ الشُّفْعَةَ فِي الْمَشَاعِ وَأَبْطَلَهَا فِي الْمَقْسُومِ وَإِذَا حَصَلَتِ الْآثَارُ فِي هَذَا الْبَابِ مُتَعَارِضَةً مُتَدَافِعَةً سَقَطَتْ عِنْدَ النَّظَرِ وَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى الْأُصُولِ وَأُصُولُ السُّنَنِ كُلُّهَا وَالْكِتَابُ يَشْهَدُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إِخْرَاجُ مِلْكٍ مِنْ يَدٍ قَدْ مَلَكَتْهُ مِلْكًا صَحِيحًا إِلَّا بِحُجَّةٍ لَا مُعَارِضَ لَهَا وَالْمُشْتَرِي شِرَاءً صَحِيحًا قَدْ

ملك ملكا تما فَكَيْفَ يُؤْخَذُ مَالُهُ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ دُونَ حُجَّةٍ قَاطِعَةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا وَهَذَا الَّذِي احْتَجَجْنَا لَهُ كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَعَامَّةِ أَهْلِ الْأَثَرِ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَ مَالِكٍ اخْتَلَفُوا فِي الشُّفْعَةِ فِي الثَّمَرَةِ إِذَا بِيعَتْ حِصَّةٌ مِنْهَا دُونَ الْأَصْلِ فَأَوْجَبَ الشُّفْعَةَ لِلشَّرِيكِ فِيهَا ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَرَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وعبد الملك ابن الْمَاجِشُونِ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَابْنُ دِينَارٍ لَا شُفْعَةَ فِيهَا وَرَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَأَهْلِ النَّظَرِ وَالْأَثَرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَبْلِي أَوْجَبَ الشُّفْعَةَ فِي الثَّمَرَةِ وَحَسْبُكَ بِهَذَا وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ لَا يُوجِبُونَ الشُّفْعَةَ فِي الثَّمَرَةِ إِذَا بِيعَتْ مَعَ الْأَصْلِ وَاشْتَرَطَهَا مُشْتَرِيهَا وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْأَصْلِ فَكَأَنَّهَا شَيْءٌ مِنْهُ إِذَا بِيعَتْ مَعَهُ وَقَدْ أَبْطَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشُّفْعَةَ فِي الْأَرْضِ دُونَ الرَّحْيِ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ فَأَوْجَبَا الشُّفْعَةَ فِي الرَّحْيِ مَعَ الْأَرْضِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّحْيَ مَعَ أَرْضِهَا أَثْبَتُ وَأَشْبَهُ بِالْأُصُولِ الَّتِي وَرَدَتِ الشُّفْعَةُ فِي مِثْلِهَا مِنَ الثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ دُونَ أَصْلِهَا وَمِنَ الثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ مَعَ الْأَصْلِ الَّتِي لَا تَدْخُلُ فِي الصَّفْقَةِ إِلَّا بِاشْتِرَاطٍ كَسَائِرِ الْعُرُوضِ الْمُبَايِنَةِ وَبِقَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ يَقُولُ سَحْنُونٌ فِي الشُّفْعَةِ فِي الرَّحْيِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الشُّفْعَةِ فِي الْحَمَّامِ وَأَوْجَبَهَا بَعْضُهُمْ وَنَفَاهَا بَعْضُهُمْ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ أَيْضًا فِي الشُّفْعَةِ فِي الْكِرَاءِ وَفِي الْمُسَاقَاةِ وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَذْكُورُ فِي

هذا الباب ينفي الشفعة في كل مالا يَقَعُ فِيهِ الْحُدُودُ مِنَ الْمَشَاعِ وَالْقَوْلُ بِهِ نَجَاةٌ لِمَنِ اتَّبَعَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالرَّشَادُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا شُفْعَةَ إِلَّا فِي الْأَرْضِينَ وَالنَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَلَا شُفْعَةَ فِي ثَمَرَةٍ وَلَا كِتَابَةِ مُكَاتِبٍ وَلَا فِي دَيْنٍ وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ فِي الْأُصُولِ وَالْأَرْضِينَ خَاصَّةً وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا شُفْعَةَ فِي عَيْنٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا بَيَاضٌ وَلَا فِي بِئْرٍ وَلَا فِي عَرْصَةِ دَارٍ وَلَا فَحْلِ نَخْلٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الشُّفْعَةُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنَ الْأُصُولِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَ الشُّفْعَةَ فِيهَا مِنْ جِنْسِ الْأُصُولِ الَّتِي قُصِدَتْ بِإِيجَابِ الشُّفْعَةِ فِيهَا قَالَ وَجَرَى ذِكْرُ الْحُدُودِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ فِيهَا وَمَا لَا تَأْخُذُهُ الْحُدُودُ مِنْهَا فَتَبَعٌ لَهَا حُكْمُهُ حُكْمُهَا وَمَنْ لَمْ يُوجِبِ الشُّفْعَةَ فِي الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ الَّتِي قَدْ قُسِّمَ الْبَيَاضُ الَّذِي يُسْقَى مِنْهَا ثُمَّ نَبَعَتِ الْعَيْنُ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِي فَحْلِ النَّخْلِ فَمِنْ حُجَّتِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِمَّا تَأْخُذُهُ الْحُدُودُ إِلَّا أَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَى قَائِلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ تَنَاقُضٌ فِي إِيجَابِهِ الشُّفْعَةَ فِي الثَّمَرَةِ وَالْكِرَاءِ وَتَنَاقُضٌ آخَرُ فِي نَفْيِ الشُّفْعَةِ عَنْ عَرْصَةِ الدَّارِ وَلِهَذِهِ الْمَسَائِلِ وُجُوهٌ يَدْخُلُ عَلَيْهَا الِاعْتِرَاضَاتُ يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهَا وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ أَيْضًا فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ دَيْنًا لَهُ

عَلَى رَجُلٍ هَلْ يَكُونُ الْمِدْيَانُ أَحَقَّ بِهِ أم لا ورويت بإجازة ذلك آثار بَعْضِ السَّلَفِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَحَقُّ بِهِ وَهَذَا عِنْدِي لَيْسَ مِنْ بَابِ الشُّفْعَةِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي كَالْبَائِعِ فِي حُسْنِ التَّقَاضِي وَالْبُعْدِ مِنَ الْأَذَى وَالْجَوْرِ فَلَا قَوْلَ لِلْمَدِينِ فِي ذَلِكَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ وَذِكْرُ الشُّفْعَةِ فِي الدَّيْنِ مَجَازٌ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ تَجِبَ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَا يُقْسَمْ مِنَ الْأُصُولِ الثَّابِتَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ الْمَذْكُورُ وَهُوَ يَنْفِي الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ الْقِسْمَةُ بِضَرْبِ الْحُدُودِ مِنَ الْأُصُولِ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَى مَا يُضْرَبُ فِيهِ الْحُدُودُ مِنَ الْأُصُولِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ تَجِبُ لِكُلِّ شَرِيكٍ فِي مَشَاعٍ مِنَ الْأُصُولِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي دُخُولِ الْعَصَبَاتِ عَلَى أَصْحَابِ السِّهَامِ فِي الشُّفْعَةِ مِثْلُ رَجُلٌ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ بَنَاتٍ وَعَصَبَةً فَبَاعَ أَحَدُ الْبَنَاتِ حِصَّتَهَا مِنَ الرُّبْعِ الْمَوْرُوثِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الشُّفْعَةَ تَجِبُ فِي نَصِيبِهَا مِنْ ذَلِكَ لِأَخَوَاتِهَا دُونَ الْعَصَبَاتِ وَلَا يَدْخُلُ الْعَصَبَةُ عَلَى أَهْلِ

السِّهَامِ فِي شُفْعَتِهِمْ بَيْنَهُمْ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْعَصَبَةِ حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ دَخَلَ الْبَنَاتُ مَعَ مَنْ بَقِيَ مِنَ الْعَصَبَةِ فِي الشُّفْعَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَدْخُلُ هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَابْنُ دِينَارٍ يَدْخُلُ هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ الشَّرِكَةُ وَدُخُولُ الضَّرَرِ فِي الْأَغْلَبِ وَلَيْسَ لِلْقَرَابَةِ فِي ذَلِكَ مَعْنًى عِنْدَهُمْ وَمَسَائِلُ الشُّفْعَةِ وَفُرُوعُهَا كَثِيرَةٌ جِدًّا لَا يَصْلُحُ بِنَا إِيرَادُهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ لَا شَرِيكَ لَهُ

الحديث السابع عشر

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ مُرْسَلٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِثْلُ ذَلِكَ يَعْنِي مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ ابن أَبِي حَثْمَةَ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَسَنَذْكُرُ حديثه عن أبي بكر ابن سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَنَذْكُرُ هُنَاكَ مِنْ رُوَاتِهِ وَطُرُقِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ خَاصَّةً مَا حَضَرَنَا وَلَمْ يُسْنِدْ هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا عَلِمْتُ أَحَدٌ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَخُو فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرُوسٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بن إبراهيم وأبو محمد الحسن ابن أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ قَالَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَرْوَانَ الْوَزَّانُ بِحَلَبَ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عبد الله ابن

يَزِيدَ الْقَطَّانُ بِالرِّقَّةِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَابُورَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَخُو فُلَيْحٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إِحْدَى صَلَاتَيِ النَّهَارِ فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ قَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ قَالَ أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ قَالُوا نَعَمْ فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَهُوَ جَالِسٌ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مَالِكٍ مُسْنَدًا وَرَوَاهُ أَصْحَابُ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرُوا أَبَا هُرَيْرَةَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا مَعَانِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا مُسْتَوْعَبَةً مُسْتَقْصَاةً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فِي بَابِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا

الحديث الثامن عشر

بَابُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ الْقُرَشِيُّ أَحَدُ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ الْجُلَّةِ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ وَقَدْ ذَكَرْنَا نَسَبَ أَبِيهِ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِي سَلَمَةَ هَذَا فَقِيلَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقِيلَ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ أَبُو سَلَمَةَ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ اسْمُ أَبِي سَلَمَةَ كُنْيَتُهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ كَاتِبُ الْوَاقِدِيِّ اسْمُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ فِي بَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَبْدَ اللَّهِ الْأَكْبَرَ قَالَ أُمُّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَ وَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُرْوَةُ وَسَالِمٌ الْأَصْغَرُ بَنُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِأَفْرِيقِيَّةَ قَالَ وَعَبْدُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ هُوَ أَبُو عُثْمَانَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ وَسَالِمٌ الْأَكْبَرُ مَاتَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ قَالَ وَعَبْدُ اللَّهِ الْأَصْغَرُ أَبُو سَلَمَةَ الْفَقِيهُ رَوَى عَنْهُ النَّاسُ وَأُمُّهُ تُمَاضِرُ بِنْتُ الْأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةُ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ فِي

بَابِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بَنِيهِ وَأُمَّهَاتِهِمْ وَذَكَرَ الْعُقَيْلِيُّ عَنْ شُيُوخِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ هرون قَالَ كَانَ اسْمُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ وَجَدْتُ فِي كِتَابِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ بِخَطِّهِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فُقَهَاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَشَرَةٌ قُلْتُ لِيَحْيَى عِدَّهُمْ قَالَ سَعِيدٌ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعُرْوَةُ بْنُ

الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَسَقَطَ مِنَ الْكِتَابِ الْعَاشِرُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ الْعَاشِرُ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَوْ أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا

قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فِي زَمَانِهِ خَيْرٌ مِنَ ابْنِ عُمَرَ فِي زَمَانِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ قَدِمَ أَبُو سَلَمَةَ الْكُوفَةَ فَكَانَ يَمْشِي بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ فَسُئِلَ مَنْ أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ فَتَمَنَّعَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ بَيْنَكُمَا وَذَكَرَ الْمَدَايِنِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ قَدِمَ أَبُو سَلَمَةَ الْكُوفَةَ فَكَانَ يَمْشِي بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّعْبِيِّ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ أَبُو سَلَمَةَ يُمَارِي ابْنَ عَبَّاسٍ فَحُرِمَ بِذَلِكَ عِلْمًا كَثِيرًا ذَكَرَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ يَهَابَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ فَذَكَرَهُ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْكَشْوَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْحَرَّانِيُّ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَدْرَكْتُ بُحُورًا أَرْبَعَةً سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ

وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ يُمَارِي ابْنَ عَبَّاسٍ فَحُرِمَ عَلِمًا كَثِيرًا وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ أَبُو سَلَمَةَ يَسْأَلُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَكَانَ يُخَزِّنُ عَنْهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ أُمُّ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ تُمَاضِرُ بِنْتُ الْأَصْبَغِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ ضَمْضَمَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَلْبٍ وَهِيَ أَوَّلُ كَلْبِيَّةٌ تَزَوَّجَهَا قُرَشِيٌّ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى كَلْبٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَةَ سَيِّدِهِمْ قَالَ وَأَرْضَعَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ أَبَا سَلَمَةَ فَكَانَ يَتَوَلَّجُ عَلَى عَائِشَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ أَبُو سَلَمَةَ رَجُلًا جَمِيلًا يُخَضِّبُ بِالْوَسْمَةِ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَفِيهَا مَاتَ عُرْوَةُ وَعَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ وَتُعْرَفُ بِسُنَّةِ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَبَا سَلَمَةَ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَابْنَ عُمَرَ وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَجَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَاخْتُلِفَ فِي سَمَاعِهِ مِنْ أَبِيهِ فَذَكَرَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ

رَبِيعَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ رَأَيْتُ أَبِي يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَوَى النَّضْرُ بْنُ شَيْبَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي فَذَكَرَ حَدِيثًا فِي الصِّيَامِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ لَمْ يَسْمَعْ أَبُو سَلَمَةَ مِنْ أَبِيهِ وَلَا مِنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَضَعَّفَ حَدِيثَ النَّضْرِ بْنِ شَيْبَانَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ تُوُفِّيَ أَبُوهُ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ قَبْلَ وَفَاةِ عُثْمَانَ بِأَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ نَحْوِهَا لِمَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ثَمَانِيَةُ أَحَادِيثَ مُتَّصِلَةٍ مُسْنَدَةٍ كُلُّهَا فِي الْمُوَطَّأِ شَرَكَهُ فِيهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرُّ فِي حَدِيثٍ واحد

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مالك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ اخْتِلَافًا فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي لَفْظِهِ عِنْدَ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَائِرُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أَدْرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ لَمْ يَقُلِ الصَّلَاةَ وَالْمَعْنَى الْمُرَادُ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ وَقَدْ رَوَى نَافِعُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَفَضْلَهَا وَهَذِهِ لَفْظَةٌ لَمْ يَقُلْهَا أَحَدٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ غَيْرُ عَبْدِ الْوَهَّابِ هَذَا وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ فِيهَا مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَلَى

أَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ الْهَادِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ لَمْ يَذْكُرْ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدَ الْوَهَّابِ وَلَا جَاءَ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَفَضْلَهَا وَقَدْ رَوَى عَمَّارُ بْنُ مَطَرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَوَقْتَهَا وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ عَنْ ملك أحد غير عَمَّارُ بْنُ مَطَرٍ وَلَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا خُولِفَ فِيهِ وَقَدْ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرُوسٍ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا إبرهم بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَلْزُمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْفَضْلَ لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُ الْحَنَفِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يُتَابِعْ عَلَيْهِ وَهُوَ أَبُو عَلِيٍّ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ وَسَنَذْكُرُ مَا لِلْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِعَوْنِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ صَالِحُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ! زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إبرهيم بْنُ الْحَجَّاجِ الشَّامِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ

أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عُتْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ صَالِحُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبَانٍ الزَّاهِدُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ قال حدثنا إبرهيم بن الحجاج الشام حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ فِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ الْحَدِيثَ فَقَدْ أَخْطَأَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَرَادَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ أَنَّهُ أَدْرَكَ وَقْتَهَا حَكَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ الدَّاوُدِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُوجَزِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِ قَالُوا إِذَا أَدْرَكَ الرَّجُلُ مِنَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ رَكْعَةً وَقَامَ يُصَلِّي الثَّلَاثَ رَكَعَاتٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْوَقْتَ فِي جَمَاعَةٍ وَثَوَابُهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ - قَالَ أَبُو عُمَرَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ جَعَلُوا قَوْلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ

الْعَصْرَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ فَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا لِأَنَّهُمَا حَدِيثَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْنًى وَقَدْ ذَكَرْنَا كُلًّا فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ آخَرُونَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّ صَلَاتَهُ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ فِي فَضْلِهَا وَحُكْمِهَا وَاسْتَدَلُّوا مِنْ أُصُولِهِمْ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مُدْرِكَ رَكْعَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ مُدْرِكٌ لِحُكْمِهَا وَهُوَ كَمَنْ أَدْرَكَ جَمِيعَهَا فِيمَا يَفُوتُهُ مِنْ سَهْوِ الْإِمَامِ وَسُجُودِهِ لِسَهْوِهِ وَلَوْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ مُسَافِرٌ مِنْ صَلَاةِ مُقِيمٍ لَزِمَهُ حُكْمُ صَلَاةِ الْمُقِيمِ وَكَانَ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ وَنَحْوُ هَذَا مِنْ حُكْمِ الصَّلَاةِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ يُوجِبُ الْإِدْرَاكَ التَّامَّ لِلْوَقْتِ وَالْحُكْمِ وَالْفَضْلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِذَا صَلَّى تَمَامَ الصَّلَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَدَخَلَ مَعَهُ وَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ أَنَّهُ مُدْرِكٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ حُكْمَ الرَّكْعَةِ وَأَنَّهُ كَمَنْ رَكَعَهَا مِنْ أَوَّلِ الْإِحْرَامِ مَعَ إِمَامِهِ فَكَذَلِكَ مُدْرِكُ رَكْعَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ مُدْرِكٌ لَهَا وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَا تُجْزِئُهُ وَلَا تُغْنِيهِ عَنْ إِتْمَامِهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا وَهَذَا نَصٌّ يَكْفِي وَيَشْفِي فَدَلَّ إِجْمَاعُهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ فِيهِ مُضْمَرًا بَيَّنَهُ الْإِجْمَاعُ وَالتَّوْقِيفُ وَهُوَ

إِتْمَامُ الصَّلَاةِ وَإِكْمَالُهَا فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ مَعَ إِمَامِهِ ثُمَّ قَامَ بَعْدَ سَلَامِ إِمَامِهِ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ وَحْدَهُ عَلَى حُكْمِهَا فَقَدْ أَدْرَكَهَا كَأَنَّهُ قَدْ صَلَّاهَا مَعَ الْإِمَامِ مِنْ أَوَّلِهَا هَذَا تَقْدِيرُ قَوْلِهِ ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْإِجْمَاعِ وَحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كذلك فغير مُمْتَنِعٌ أَنْ يَكُونَ مُدْرِكًا لِفَضْلِهَا وَحُكْمِهَا وَوَقْتِهَا فالذي عليه مدار هذا الحديث وفقه أَنَّ مُدْرِكَ رَكْعَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ مُدْرِكٌ لِحُكْمِهَا فِي السَّهْوِ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا الْفَضْلُ فَلَا يُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَلَا نَظَرٍ لِأَنَّ الْفَضَائِلَ لَا تُقَاسُ فَرُبَّ جَمَاعَةٍ أَفْضَلُ مِنْ جَمَاعَةٍ وَكَمْ مِنْ صَلَاةٍ غَيْرِ مُتَقَبَّلَةٍ مِنْ صَاحِبِهَا وَإِذَا كَانَتِ الْأَعْمَالُ لَا تَقَعُ الْمُجَازَاةُ عَلَيْهَا إِلَّا عَلَى قَدْرِ النِّيَّاتِ وَهَذَا مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ فَكَيْفَ يُعْرَفُ قَدْرُ الْفَضْلِ مَعَ مَغِيبِ النِّيَّاتِ عَنَّا وَالْمُطَّلِعُ عَلَيْهِمَا الْعَالِمُ بِهَا يُجَازِي كُلًّا بِمَا يَشَاءُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَقَدْ يَقْصِدُ الْإِنْسَانُ الْمَسْجِدَ فَيَجِدُ الْقَوْمَ مُنْصَرِفِينَ مِنَ الصَّلَاةِ فَيُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ مَنْ شَهِدَهَا لِصِحَّةِ نِيَّتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ طَحْلَاءَ عَنْ مُحْصِنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ

تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ رَاحَ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ صَلَّاهَا أَوْ حَضَرَهَا لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْعَوَّافِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ حَضَرَ رَجُلًا مَنَ الْأَنْصَارِ الْمَوْتُ فَقَالَ مَنْ فِي الْبَيْتِ قَالُوا أَهْلُكَ وَإِخْوَانُكَ وَجُلَسَاؤُكَ قَالَ ارْفَعُونِي فَأَسْنَدَهُ ابْنُهُ فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَى الْقَوْمِ فَرَدُّوا عَلَيْهِ وَقَالُوا خَبِّرْنَا قَالَ إِنِّي مُحَدِّثُكُمُ الْيَوْمَ حَدِيثًا مَا حَدَّثْتُ بِهِ أَحَدًا مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما أُحَدِّثُكُمُوهُ الْيَوْمَ إِلَّا احْتِسَابًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِي جَمَاعَةٍ لَمْ يَرْفَعْ رِجْلَهُ الْيُمْنَى إِلَّا كُتِبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةٌ وَلَمْ يَضَعْ رِجْلَهُ الْيُسْرَى إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً حَتَّى يَأْتِيَ الْمَسْجِدَ فَلْيَقْرُبْ أَوْ لِيَبْعُدْ فَإِذَا صَلَّى بِصَلَاةِ الْإِمَامِ انْصَرَفَ وَقَدْ غُفِرَ لَهُ فَإِنْ هُوَ أَدْرَكَ بَعْضَهَا وَفَاتَهُ بَعْضُهَا فَأَتَمَّ مَا فَاتَهُ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنْ هُوَ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَقَدْ صُلِّيَتْ فَصَلَّى صَلَاتَهُ وَأَتَمَّهَا بِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا كَانَ كَذَلِكَ

وَرَوَى شَرِيكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ قَالَ شَرِيكٌ يَعْنِي فَضْلَهَا وَرَوَى ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ شِنْظِيرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هريرة قَالَ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْقَوْمِ وَهُمْ قُعُودٌ فِي آخِرِ صَلَاتِهِمْ فَقَدْ دَخَلَ فِي التَّضْعِيفِ وَإِذَا انْتَهَى إِلَيْهِمْ وَقَدْ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَتَفَرَّقُوا فَقَدْ دَخَلَ فِي التَّضْعِيفِ قَالَ عَطَاءٌ وَكَانَ يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ وَهُوَ يَنْوِيهِمْ فَأَدْرَكَهُمْ أَوْ لَمْ يُدْرِكْهُمْ فَقَدْ دَخَلَ فِي التَّضْعِيفِ وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ إِنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي التَّشَهُّدِ فَقَدْ دَخَلَ فِي التَّضْعِيفِ وَكَانَ أَبُو سلمة وهو راوي الحديث يفتي بِنَحْوِ هَذَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ فَقَدْ أَدْرَكَ فَهَذَا أَبُو سَلَمَةَ يُفْتِي بِمَا يَرَى مِنَ الْفَضْلِ وَهُوَ فَقِيهٌ جَلِيلٌ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ وَعَلِمَ مَخْرَجَهُ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَقْطَعَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْفَضَائِلِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ المبتدىء بِهَا وَالْمُتَفَضِّلُ لَا شَرِيكَ لَهُ إِمَّا عَلَى قَدْرِ النِّيَّاتِ وَإِمَّا لِمَا شَاءَ مِمَّا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ وَإِذَا كَانَ مُنْتَظَرُ الصَّلَاةِ كَالْمُصَلِّي في الفضل ومن نوى الشي كمن عمله في الفضائل فأي مدخل ههنا لِلْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ وَسَنَزِيدُ هَذَا الْبَابَ بَيَانًا فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا من امرىء يَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ بِلَيْلٍ فَيَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ صَلَاتِهِ وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ

وَنُوَضِّحُ ذَلِكَ بِالْأَثَرِ الصَّحِيحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ آرَاءِ الرِّجَالِ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَوْلُ أَبِي سَلَمَةَ لِرِوَايَتِهِمَا لِهَذَا الْمَعْنَى وَمَوْضِعِهِمَا مِنِ الْعِلْمِ وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ تَقَلَّدَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنِ الْفِقْهِ أَيْضًا أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْجُمُعَةِ أَضَافَ إِلَيْهَا أُخْرَى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا رَكْعَةً صَلَّى أَرْبَعًا لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا رَكْعَةً فَلَمْ يُدْرِكْهَا وَمَنْ لَمْ يُدْرِكِ الْجُمُعَةَ صَلَّى أَرْبَعًا وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَزُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْأَشْهَرِ عَنْهُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى أَرْبَعًا وَقَالَ أَحْمَدُ إِذَا فَاتَهُ الرُّكُوعُ صَلَّى أَرْبَعًا وَإِذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً صَلَّى إِلَيْهَا أُخْرَى عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ ذَكَرَهُ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ إِذَا أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً صَلَّى إِلَيْهَا أُخْرَى وَإِذَا أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى أَرْبَعًا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَا أَغْرَبَهُ يَعْنِي أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ غَرِيبٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَإِبْرَاهِيمَ والزهري مثله

- قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَيْضًا مِثْلَهُ وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ وَعُرْوَةَ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ هِيَ السُّنَّةُ ذكر ملك فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ أُخْرَى قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَهِيَ السُّنَّةُ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عن معمر والأوزاعي وملك بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَهَا قَالَ الزُّهْرِيُّ فَنَرَى الْجُمُعَةَ مِنَ الصَّلَاةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِذَا أَحْرَمَ فِي الْجُمُعَةِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ ابْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَحَمَّادٍ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا وَقَدْ رُوِي مَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا قَالُوا وَالَّذِي فَاتَ رَكْعَتَانِ لَا أَرْبَعُ وَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ قَبْلَ سَلَامِهِ فَقَدْ أَدْرَكَ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالدُّخُولِ مَعَهُ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ يُصَلِّي أَرْبَعًا يَقْعُدُ فِي الثِّنْتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِمِقْدَارِ التَّشَهُّدِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَمَرْتُهُ أَنْ يعيد أربعا

- قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا مَعَ قَوْلِ الْجُمْهُورِ فِيمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ قَدْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ رَكْعَةٍ أَنَّهُ يُصَلِّي مَعَهُ السَّجْدَتَيْنِ وَالْجُلُوسَ وَلَا يُعْتَدُّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ حَيْثُ قَالَ إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي التَّشَهُّدِ قَعَدَ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ وَكَبَّرَ وَدَخَلَ فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ قَالَ وَإِنْ قَعَدَ مَعَ الْإِمَامِ بِتَكْبِيرٍ سلم إذا فرغ الإمام وقام فكبر لِلظُّهْرِ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ مَنْ فَاتَتْهُ الْخُطْبَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صَلَّى أَرْبَعًا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَخُصَّ جُمُعَةً مَنْ غَيْرِهَا وَقَدْ قَالَ بِأَنَّ مَنْ فَاتَتْهُ الْخُطْبَةُ صَلَّى أَرْبَعًا جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَمَكْحُولٌ وَقَدْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحُمَيْدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ رَجُلٍ فَاتَتْهُ خُطْبَةُ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَدْرَكَ الصَّلَاةَ فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَدِّ إِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ مَعَ الْإِمَامِ فَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقٍ فِيهِ نَظَرٌ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ الْقَوْمَ رُكُوعًا فلا يعتد

بِهَا وَهَذَا قَوْلٌ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَلَا مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ أَشْهَبَ وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا إِذَا أَحْرَمَ الدَّاخِلُ وَالنَّاسُ رُكُوعٌ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكِ الرُّكُوعَ وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَزُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ قَالُوا إِذَا كَبَّرَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ رَكَعَ كَيْفَ أَمْكَنَهُ وَاتَّبَعَ الْإِمَامَ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ النَّائِمِ وَاعْتَدَّ بِالرَّكْعَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ أبي ليلى والليث بن سعد وزفر بن الْهُذَيْلِ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ إِذَا كَبَّرَ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ اعْتَدَّ بِهَا وَقَالَ الشَّعْبِيُّ إِذَا انتهيت إلى الصف المؤخر ولم يرفعوا رؤوسهم وَقَدْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَرَكَعْتَ فَقَدْ أَدْرَكْتَ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَئِمَّةً بِبَعْضٍ رَوَاهُ دَاوُدُ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ راكعا فكبر وَرَكَعَ وَأَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ فَقَدْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَمَنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ فَقَدْ فَاتَتْهُ السَّجْدَةُ لَا يَعْتَدُّ بِالسُّجُودِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَعْتَدُّ بِهِ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَطَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ذَكَرَ

ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ إِذَا جِئْتَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَوَضَعْتَ يَدَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ فَقَدْ أَدْرَكْتَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ إِذَا أَدْرَكْتَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَرَكَعْتَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ فَقَدْ أَدْرَكْتَ وَإِنْ رَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ فَقَدْ فَاتَتْكَ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَابْنَ عُمَرَ قَالَا فِي الَّذِي يُدْرِكُ الْقَوْمَ رُكُوعًا مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا قَالَا وَإِنْ وَجَدَهُمْ سُجُودًا سَجَدَ مَعَهُمْ وَلَمْ يَعْتَدَّ بِذَلِكَ وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا فَاتَتْكَ الرَّكْعَةُ فَقَدْ فَاتَتْكَ السَّجْدَةُ قَالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ السَّجْدَةَ وَمَنْ فَاتَهُ قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ فَقَدْ فَاتَهُ خَيْرٌ كَثِيرٌ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَا يُعْتَدُّ بِالسُّجُودِ إِذَا لَمْ يُدْرِكُ الرُّكُوعَ قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ وَهُبَيْرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِذَا لَمْ يُدْرِكِ الرُّكُوعَ فَلَا يُعْتَدُّ بِالسُّجُودِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِيمَا يُكَبِّرُ مَنْ أَدْرَكَ الْقَوْمَ مَعَ الْإِمَامِ رُكُوعًا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ تُجْزِئُهُ تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُكَبِّرُ تِلْكَ التَّكْبِيرَةَ وَاقِفًا يُحْرِمُ بِهَا ثُمَّ يَنْحَطُّ وَلَا تُجْزِئْهُ إِنْ كَبَّرَهَا فِي حَالِ الِانْحِطَاطِ لِلرُّكُوعِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إِنَّمَا تُفْتَتَحُ بِالْقِيَامِ لَا بِالرُّكُوعِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنِ ابْتَدَأَهَا وَاقِفًا وَانْحَطَّ بِهَا لِرُكُوعِهِ مُفْتَتِحًا لِصَلَاتِهِ بِنِيَّةِ التَّحْرِيمِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ ذَكَرَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ إذا

أَدْرَكَ الرَّجُلُ الرَّكْعَةَ فَكَبَّرَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً أَجْزَأَتْ عَنْهُ تِلْكَ التَّكْبِيرَةُ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ إِذَا نَوَى بِتِلْكَ التَّكْبِيرَةِ افْتِتَاحَ الصَّلَاةِ هَكَذَا فِي الْمُوَطَّآتِ عَنْ مَالِكٍ وَلِيَحْيَى بْنِ يَحْيَى فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ سَهَا عَنْ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَكَبَّرَ لِلرُّكُوعِ الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِي عَنْهُ إِذَا نَوَى بِهَذَا الِافْتِتَاحَ وَهَذَا يَحْتَمِلُ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ الْمُتَأَخِّرُونَ من أصحاب ملك وَتَحْصِيلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إِذَا افْتَتَحَهَا قَائِمًا وَانْحَطَّ بِهَا مُكَبِّرًا رَاكِعًا أَنَّهَا تُجْزِيهِ مِنْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ إِذَا نَوَاهَا بِذَلِكَ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَا إِذَا أَدْرَكَ الْقَوْمَ رُكُوعًا فَإِنَّهُ تُجْزِيهِ تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ وَإِبْرَاهِيمَ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَمَيْمُونٍ وَجَمَاعَةٍ وَكُلُّهُمْ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَتَيْنِ وَاحِدَةً لِلْإِحْرَامِ وَثَانِيَةً لِلرُّكُوعِ فَإِنْ كَبَّرَ وَاحِدَةً لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَالرَّكْعَةِ أَجْزَأَهُ وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَأَتْبَاعِهِمْ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يُكَبِّرَ تَكْبِيرَتَيْنِ وَاحِدَةً يَفْتَتِحُ بِهَا وَثَانِيَةً يَرْكَعُ بِهَا وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَقَدْ بَيَّنَّا مَا يَجِبُ مِنَ التَّكْبِيرِ وَمَا لَا يَجِبُ مِنْهُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مُرَاعَاةُ الرَّكْعَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مَعَهُ الْمُسَافِرُ يُصَلِّي وَرَاءَ الْمُقِيمِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِذَا لَمْ يُدْرِكِ الْمُسَافِرُ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ رَكْعَةً صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ أَدْرَكَ مَعَ الْمُقِيمِ رَكْعَةً صَلَّى أَرْبَعًا وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ إِذَا دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ صَلَّى صَلَاةَ مُقِيمٍ

أَرْبَعًا وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا قَوْلَانِ آخَرَانِ يَرُدُّهُمَا هَذَا الْحَدِيثُ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ اسْتَجْزَأَ بِهِمَا وَسَلَّمَ بِسَلَامِهِ رُوِيَ هَذَا عَنْ طَاوُسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْآخَرُ أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَنْوِيَ خَلْفَ الْمُقِيمِ صَلَاةَ مُسَافِرٍ فَإِذَا تَشَهَّدَ فِي الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى سَلَّمَ وَخَرَجَ وَإِنْ أَدْرَكَ الْمُقِيمَ جَالِسًا صَلَّى صَلَاةَ مُسَافِرٍ هَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وهذان قولان ضعيفان شاذان والناس علىالقولين الْأَوَّلَيْنِ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا الْمَأْمُومُ لَا يُدْرِكُ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ أَوْ يُدْرِكُهَا وَقَدْ سَهَا الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ هَذَا الدَّاخِلُ هَلْ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً لَزِمَهُ أَنْ يَسْجُدَ مَعَهُ لِسَهْوِهِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ إِنْ كَانَتَا قَبْلَ السَّلَامِ سَجَدَهُمَا مَعَهُ وَإِنْ كَانَتَا بَعْدَ السَّلَامِ لَمْ يَسْجُدْهُمَا مَعَهُ وَسَجَدَهُمَا إِذَا قَضَى باقي صلاته وهو قول الأوزاعي والليث وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ مَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي بَعْضِ سَهْوِهِ لَزِمَهُ وَيَسْجُدُ مَعَهُ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَسْجُدُهُمَا بَعْدَ الْقَضَاءِ أَيْضًا - قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ رَاعَى الرَّكْعَةَ وَإِدْرَاكَهَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ شَهِدَ لَهُ ظَاهِرُ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ لِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِهَا لَزِمَهُ حُكْمُهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْهَا فَقَدْ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدْرِكَ رَكْعَةٍ مِنْهَا

كَمُدْرِكِهَا فَذَلِكَ عِنْدِي عَلَى الْعُمُومِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الرَّجُلُ يُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَلَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ إِذَا أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً تَامَّةً وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ إِلَّا السُّجُودَ أَوِ الْجُلُوسَ فَلَهُ أَنْ يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا الْحُكْمُ فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ هَلْ هِيَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ أَوْ آخِرُهَا فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَا أَدْرَكَ هُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ إِلَّا أَنَّهُ يَقْضِي مَا فَاتَهُ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْضِي مَا فَاتَهُ عَلَى حَسَبِ مَا قَرَأَ إِمَامُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا أَدْرَكَ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ سَوَاءً مَا أَدْرَكَ هُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَيَقْضِي بِالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُورَةٍ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالطَّبَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ إِنْ مَا أَدْرَكَ فَهُوَ آخِرُ صَلَاتِهِ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ بِالْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا يَقُولُونَ يَقْضِي مَا فَاتَهُ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ عَلَى حَسَبِ مَا قَرَأَ إِمَامُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَكْحُولٍ وَعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ أَنَّ مَا أَدْرَكَ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُمْ فِي قَضَاءِ الْقِرَاءَةِ شَيْءٌ مَنْصُوصٌ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَمُجَاهِدٍ وَابْنِ سِيرِينَ أَنَّ مَا أَدْرَكَ فَهُوَ آخِرُ صَلَاتِهِ وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فَلَيْسَ يَجِيءُ عَلَى أَصْلِهِ إِلَّا الْقِرَاءَةُ كَمَا قَرَأَ الْإِمَامُ لَا غير وَقَالَ الْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ مَا أَدْرَكَ فَهُوَ أول

صَلَاتِهِ وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يَقْضِيهِمَا بِالْحَمْدِ وَحْدَهَا - قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الِاخْتِلَافُ كُلُّهُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْقَضَاءِ لِلْقِرَاءَةِ وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ صَلَاتِهِ فَهُوَ بَانٍ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ فَقِفْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ وَالْقِيَاسُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ مَا أَدْرَكَ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ مَا قَالَهُ الْمُزَنِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ مَنْ فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاتِهِ يَتَشَهَّدُ فِي آخِرِهَا وَيُحْرِمُ إِذَا دَخَلَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا أَدْرَكَ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَيَقْضِي آخِرَهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا وَيَحْتَجُّ بِهَذَا كُلُّ مَنْ قَالَ مَا أَدْرَكَ فَهُوَ آخِرُ صَلَاتِهِ وَسَنَذْكُرُ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي بَابِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَبِاللَّهِ توفيقنا وعوننا

الحديث التاسع عشر

حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُصَلِّي لَهُمْ فَيُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْتَلِفْ عَنْ مَالِكٍ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقُرْقُسَانِيُّ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ صَلَّى لَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَكَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ ثُمَّ قَالَ إِنِّي لَأَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا قَالَ كَانَ يُصَلِّي وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ

الْقَاضِي أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُلَاعِبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ لَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ وَإِنَّمَا هُوَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَقَالَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَالِكٍ وَعَبَّادِ بْنِ إِسْحَاقَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُصَلِّي لَهُمْ فَيُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ رُوَاتِهِ وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ حُكْمَ الصَّلَاةِ أَنْ يُكَبِّرَ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ مِنْهَا وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّتُهَا وَهَذَا قَوْلٌ مُجْمَلٌ لِأَنَّ رَفْعَ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ لَيْسَ فِيهِ تَكْبِيرٌ إِنَّمَا هُوَ التَّحْمِيدُ بِإِجْمَاعٍ فَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ إِلَّا فِي رَفْعِهِ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ قَالَ أَنَا أَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَمْعَانَ أَنَّهُ قَالَ ثَلَاثٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُنَّ تَرَكَهُنَّ النَّاسُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا وَكَانَ يَقِفُ قَبْلَ القرآة هُنَيَّةً يَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ وَكَانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ التَّكْبِيرَ إِنَّمَا

هُوَ إِذْنٌ بِحَرَكَاتِ الْإِمَامِ وَشِعَارٌ لِلصَّلَاةِ وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ إِلَّا فِي الْجَمَاعَةِ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُكَبِّرَ وَلِهَذَا مَا ذَكَرَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ فِي الصَّلَاةِ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ صَلَاتَهُ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ وَحَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ أَنَّهُمَا كَانَا يُكَبِّرَانِ كُلَّمَا خَفَضَا وَرَفَعَا فِي الصَّلَاةِ وَكَانَ جَابِرٌ يُعَلِّمُهُمْ ذَلِكَ فَذَكَرَ مَالِكٌ الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا لِيُبَيِّنَ لَكَ أَنَّ التَّكْبِيرَ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ وَقَالَ ابْنُ القاسم فيمن نسي ثلاث تكبيرات فصاعدا مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ أَنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَإِنْ نَسِيَ وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ سَجَدَ أَيْضًا قَبْلَ السَّلَامِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ التَّكْبِيرَةَ الْوَاحِدَةَ لَيْسَ عَلَى من نسيها سجود سهو وَلَا شَيْءٌ وَخَالَفَهُ أَصْبَغُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي رَأْيِهِ فَقَالَا لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ كُلَّهُ فِي صَلَاةٍ إِذَا كَانَ قَدْ كَبَّرَ لِإِحْرَامِهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلَا حَرَجَ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَأَئِمَّةُ الْفَتْوَى وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ الْفَرَائِضُ فِي الصَّلَاةِ خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً أَوَّلُهَا النِّيَّةُ ثُمَّ الطَّهَارَةُ وَسِتْرُ الْعَوْرَةِ وَالْقِيَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَمَعْرِفَةُ دُخُولِ الْوَقْتِ وَالتَّوَجُّهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَقِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ وَالرُّكُوعُ وَرَفْعُ الرَّأْسِ مِنْهُ وَالسُّجُودُ وَرَفْعُ الرَّأْسِ مِنْهُ وَالْقُعُودُ الْآخِرُ وَالسَّلَامُ وَقَطْعُ الْكَلَامِ

- قَالَ أَبُو عُمَرَ فَذَكَرَ الْأَبْهَرِيُّ فِي فَرَائِضِ الصَّلَاةِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَحْدَهَا دُونَ سَائِرِ التَّكْبِيرِ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَالسُّنَنُ فِي الصَّلَاةِ خَمْسَ عَشْرَةَ سُنَّةً أَوَّلُهَا الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ وَالسُّورَةُ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَالتَّكْبِيرُ كُلُّهُ سِوَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَالِاسْتِوَاءُ مِنَ الرُّكُوعِ وَالِاسْتِوَاءُ مِنَ السُّجُودِ وَالتَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَالتَّسْبِيحُ فِي السُّجُودِ وَالتَّشَهُّدُ وَالْجَهْرُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالسِّرُّ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ وَأَخْذُ الرِّدَاءِ وَرَدُّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ فَذَكَرَ فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرَ كُلَّهُ سوى تكبيرة الْإِحْرَامِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا اخْتَلَفَتِ الْأَئِمَّةُ في تكبيرة الْإِحْرَامِ وَأَمَّا فِيمَا سِوَاهَا مِنَ التَّكْبِيرِ فَلَا أعلم فيه خلافا غير ما ذكرت وسنذكر اختلاف العلماء في تكبيرة الْإِحْرَامِ وَغَيْرِهَا مِنْ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُتِمُّونَ التَّكْبِيرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحُمَيْدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكَبِّرُ هَذَا التَّكْبِيرَ الَّذِي تَرَكَ النَّاسُ فَقُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا هَذَا التَّكْبِيرُ فَقَالَ إِنَّهَا لَصَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ

التَّكْبِيرَ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ كَانَ النَّاسُ قَدْ تَرَكُوهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا إِلَى عَهْدِ أَبِي سَلَمَةَ وَفِي تَرْكِ النَّاسِ لَهُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ عِنْدَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَأَنَّ تَرْكَ التَّكْبِيرِ لَا تَفْسُدُ بِهِ الصَّلَاةُ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ لِكُلِّ شَيْءٍ زِينَةٌ وَزِينَةُ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرُ وَرَفْعُ الْأَيْدِي فِيهَا وَهَذَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ لَيْسَ مِنْ صُلْبِ الصَّلَاةِ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ لِأَنَّهُ شَبَّهَهُ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ وَقَالَ هُوَ مِنْ زِينَةِ الصَّلَاةِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا أَنَّهُ سُنَّةٌ وَفَضْلٌ وَزِينَةٌ لِلصَّلَاةِ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ وَكَذَلِكَ يَقُولُ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنِ اتَّبَعَهُ وَالشَّافِعِيُّ فِيمَنْ سَلَكَ مَذْهَبَهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَسَائِرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ كُلُّهُمْ يَأْمُرُونَ بِهِ وَيَفْعَلُونَهُ فَإِنْ تَرَكَهُ تَارِكٌ عِنْدَهُمْ بَعْدَ أَنْ يُحْرِمَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُكَبِّرُ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُكَبِّرُ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ قَالَ أَحْمَدُ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُكَبِّرَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فِي الْفَرَائِضِ وَأَمَّا فِي التَّطَوُّعِ فَلَا

- قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَحْكِي أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِلَّا مَا صَحَّ عِنْدَهُ وَأَمَّا رِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الصَّلَاةِ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ فَيَدُلُّ ظَاهِرُهَا عَلَى أَنَّهُ كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ إِمَامًا أَوْ غَيْرَ إِمَامٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ إِسْحَاقُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مَا الَّذِي نَقَصُوا مِنَ التَّكْبِيرِ قَالَ إِذَا انْحَطَّ إِلَى السُّجُودِ مِنَ الرُّكُوعِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ حَدَّثَنِيهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ فَذَكَرَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِمْرَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبَزَى يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَكُنْ يُتِمُّ التَّكْبِيرَ كَانَ لَا يُكَبِّرُ إِذَا خَفَضَ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ

سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ الْمُخْتَارِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الدَّانَاجِ قَالَ حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ فَكَانَ يُكَبِّرُ إِذَا رَفَعَ وَإِذَا وَضَعَ (فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ) فَقَالَ لَا أُمَّ لَكَ أو ليست تِلْكَ سُنَّةَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ وَسَنَذْكُرُ بَعْضَهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ شَافِيَةٌ لِمَنْ سَاعَدَهُ الْفَهْمُ وَالتَّوْفِيقُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ وَاجِبٌ إِلَّا التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ جَمِيعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَرَجَعَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ قَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَجْهَدْتُ نَفْسِي فَعَلِّمْنِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَتَوَضَّأْ وَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ ثُمَّ كَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى

تَطْمَئِنَّ رَافِعًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا حَتَّى تُتِمَّهَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ أَنْبَأَنَا يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هريرة وَأَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْقَصْدُ إِلَى فَرَائِضِ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ فِيهَا وَقَدْ جَاءَ فِيهِ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى لِلْإِحْرَامِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ التَّكْبِيرِ فَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَدُلُّ أَنَّ التَّكْبِيرَ كُلَّهُ ما عدا تكبيرة الْإِحْرَامَ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ التَّسْلِيمَ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنْتُمْ تُوجِبُونَهُ لِقِيَامِهِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَقُومَ وُجُوبُ جُمْلَةِ التَّكْبِيرِ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَدِيثِ

رِفَاعَةَ هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلُهُ قِيلَ لَهُ إِنَّ التَّسْلِيمَ قَدْ قَامَ دَلِيلُهُ وَثَبَتَ النَّصُّ فِيهِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ وَبِأَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ مِنْ صَلَاتِهِ طُولَ حَيَاتِهِ فَثَبَتَ التَّسْلِيمُ قَوْلًا وَعَمَلًا وَأَمَّا التَّكْبِيرُ فِيمَا عَدَا الْإِحْرَامَ فَقَدْ كَانَ تَرَكَهُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ فَلِذَلِكَ قَالَ لَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَا أَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَعِبْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ تَرْكَهُ بَلْ جَعَلُوهُ مِنْ بَابِ الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ فَلِذَلِكَ قُلْنَا إِنَّ التَّكْبِيرَ فِيمَا عَدَا الْإِحْرَامَ سُنَّةٌ يَحْسُنُ الْعَمَلُ بِهَا وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْجَلْسَةَ الْوُسْطَى سُنَّةٌ وَمَنْ تَرَكَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَكَذَلِكَ مَنْ تَرَكَ جُمْلَةَ التَّكْبِيرِ الْمَسْنُونِ قِيلَ لِقَائِلِ ذَلِكَ وَضَعْتَ التَّمْثِيلَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ لِأَنَّ مَنْ تَرَكَ الْجَلْسَةَ الْوُسْطَى عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَأَنْتَ تَرَى السَّلَفَ وَالْعَمَلَ الْأَوَّلَ وَالْأَمْرَ الْقَدِيمَ قَدْ تُرِكَ فِيهِ التَّكْبِيرُ وَلَمْ يَعِبْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ يُجِزْ

وَاحِدٌ مِنْهُمْ تَرْكَ الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى عَامِدًا وَلَا تَرَكَهَا وَحَسَبُكَ بِهَذَا فَرْقًا يَخُصُّ بِهِ الْجَلْسَةَ الْوُسْطَى مِنْ بَيْنِ سَائِرِ السُّنَنِ وَسَائِرُ أَعْمَالِ الْبَدَنِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّكْبِيرِ فِيمَا عَدَا تَكْبِيرَ الْإِحْرَامِ الْمَخْصُوصَ بِالْوُجُوبِ أَشْبَهُ بِالتَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَسُورَةً مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَرَفْعَ الْيَدَيْنِ مِنْهُ بِالْجَلْسَةِ الْوُسْطَى وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَلَوْ كَانَ التَّكْبِيرُ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ الَّتِي تُعَادُ مِنْهُ إذا سها عنه لكانت كل تكبيرة فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِهَا وَلَمَّا افْتَرَقَ حُكْمُ الْوَاحِدَةِ وَالِاثْنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ وَالْأَكْثَرُ فِي ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ السَّجْدَةَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لَا تَنُوبُ عَنْ غَيْرِهَا وَأَنَّهَا فَرْضٌ فِي نَفْسِهَا فَلَوْ كَانَتِ التَّكْبِيرَاتُ وَاجِبَاتٍ كَانَتْ كَذَلِكَ وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَفِي مَعَانِي مِنْ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث العشرون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَ الشَّيْطَانُ فَلَبَسَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ - فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الشَّيْطَانَ يُوَسْوِسُ لِلْإِنْسَانِ وَأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَأَنَّهُ سَاعٍ عَلَى الْمَرْءِ فِيمَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ جَاهِدًا وَاللَّهُ يَعْصِمُ مِنْهُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَقَوْلُهُ فَلَبَسَ عَلَيْهِ يَعْنِي خَلَطَ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى فِعْلٍ مُخَفَّفٍ وَالْمُسْتَقْبَلُ يَلْبِسُ مِثْلُ ضَرَبَ يَضْرِبُ وَأَمَّا إِذَا كَانَ مِنَ اللِّبَاسِ فَالْمَاضِي مِنْهُ لَبِسَ مِثْلُ سَمِعَ وَالْمُسْتَقْبَلُ مِنْهُ يَلْبَسُ مِثْلُ يَسْمَعُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمْ مَعْنَاهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى يَقِينِهِ وَعَلَى أَكْثَرِ ظَنِّهِ ثُمَّ يَسْجُدَ قَالُوا وَهُوَ حَدِيثٌ نَاقِصٌ

يُفَسِّرُهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثْلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ قَالُوا

وَالْأَحَادِيثُ كُلُّهَا فِي السَّهْوِ عَلَى خِلَافِ هَذَا إِنَّمَا هِيَ أَنْ يَعْتَمِدَ الْإِنْسَانُ عَلَى أَكْثَرِ ظَنِّهِ كَمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَوْ يَبْنِيَ عَلَى يَقِينِهِ كَمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَالُوا وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَحَدِيثٌ مُجْمَلٌ مُضْمَرٌ قَدْ ظَهَرَ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ قَالُوا فَلَا يُجْزِي أَحَدًا أَبَدًا إِذَا شَكَّ فِي صَلَاتِهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا إِلَّا حَتَّى يَسْتَيْقِنَ تَمَامَهَا وَسَوَاءٌ اعْتَرَاهُ هَذَا مَرَّةً أَوْ أَلْفَ مَرَّةٍ وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا فِي الَّذِي يَسْتَنْكِحُهُ السَّهْوُ وَيَكْثُرُ عَلَيْهِ وَالْأَغْلَبُ فِي ظَنِّهِ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ لَكِنَّ الشَّيْطَانَ يُوَسْوِسُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ كَمَا يُوَسْوِسُ إِلَى قَوْمٍ فِي كَمَالِ طَهَارَتِهِمْ قَالُوا فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ أَبَدًا أَجْزَأَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ سَجْدَتَيْنِ دُونَ أَنْ يَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ هَذَا بِمَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ أَزَادَ أَمْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ فَإِذَا أَتَاهُ الشَّيْطَانُ فقال له

أَحْدَثْتَ فَلْيَقُلْ كَذَبْتَ إِلَّا أَنْ يَجِدَ رِيحًا بِأَنْفِهِ أَوْ صَوْتًا بِأُذُنِهِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْأَوْزَاعِيُّ وَهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ كُلُّهُمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ قَالُوا فَهَذَا أَبُو سَعِيدٍ قَدْ رَوَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَحَصَلَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ حَدِيثَانِ وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا بَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضِعٌ وَهُوَ مِثْلُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ هَذَا فِي الَّذِي يَعْتَرِيهِ الشَّكُّ دَائِمًا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ قَدِ اسْتَنْكَحَهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ أَتَمَّ فِي أَغْلَبِ ظَنِّهِ عِنْدَ نَفْسِهِ وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ عَلَى مَنْ لَمْ يَدْرِ أَزَادَ أَمْ نَقَصَ فَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا بِيَقِينٍ مِنْ تَمَامِهِ وَهَكَذَا فَسَّرَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَكَى ذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ أَيْضًا وَقَوْلُ مَالِكٍ فِيمَا ذَكَرَهُ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ فَإِذَا كَثُرَ السَّهْوُ عَلَى الرَّجُلِ وَلَزِمَهُ ذَلِكَ وَلَا يَدْرِي أَسَهَا أَمْ لَا سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ ثُمَّ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا سَهَا فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ نَسِيَ سَهْوَهُ فَلَا يَدْرِي أَقْبَلَ السَّلَامِ أَمْ بَعْدَهُ قَالَ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ مَنِ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ فَلْيَلْهَ عَنْهُ وَلْيَدَعْهُ وَلَوْ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ كَانَ حَسَنًا وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ الْقَوْلَ الْآخَرَ فِي سُجُودِ هَذَا الْمُسْتَنْكِحِ الَّذِي هُوَ فِي أَكْثَرِ ظَنِّهِ قَدْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ مَتَى يَكُونُ سُجُودُهُ فَقَالَ مِنْهُمْ قَوْمٌ يَكُونُ سُجُودُهُ قَبْلَ السَّلَامِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَلَا حَرَجَ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إِنْ فَعَلَهُ قَبْلَ السلام

وَالَّذِي يَسْتَحِبُّونَهُ بَعْدَ السَّلَامِ فِي ذَلِكَ وَاحْتَجَّ قائلوا هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ ذَلِكَ مَنْصُوصٌ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا كَذَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا فِيهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ وَهُوَ قَوْلٌ مُجْمَلٌ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ لَكِنَّهُ قَدْ يَتَبَيَّنُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَابْنِ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالُوا هَذَا عَلَى أَنَّ الْأَغْلَبَ فِي ظَاهِرِ حَدِيثِ مَالِكٍ أَنَّهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ ومعمر والليث كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ لَمْ يَقُولُوا قَبْلَ التَّسْلِيمِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَالَ آخَرُونَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بَلْ يَسْجُدْهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَافِعٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عبد الله

ابن جَعْفَرٍ قَالُوا فَهَذَا الْحَدِيثُ أَوْلَى لِأَنَّهُ مُفَسِّرٌ قَالُوا وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يَذْكُرُوهُ وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا قَدْ قَالَتْهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَالْقَوْلُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ هَذَا كَالْقَوْلِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا سَوَاءٌ وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَإِسْنَادُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَثَبَتُ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ وَهُوَ أَوْلَى مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْأَمْرُ فِيهِ مُتَقَارِبٌ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

الحديث الحادى والعشرون

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُتَّصِلٌ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ فَيَقُولُ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَتُوُفِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فَأَمَّا يَحْيَى فَرَوَاهُ هَكَذَا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَمُتَّصِلًا وَتَابَعَهُ ابْنُ بُكَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْهُ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ وَعَلَى اتِّصَالِهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَاثِقِ بِاللَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكَرَجِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا مَعْنٌ (عَنْ مَالِكٍ) عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ فَذَكَرَهُ مِثْلَ رِوَايَةِ يَحْيَى سَوَاءً إِلَى آخِرِ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاهِرٍ حدثنا أحمد

ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ سَوَّارٍ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ فَيَقُولُ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ ابْنِ شِهَابٍ وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ وَأَبُو مُصْعَبٍ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ رَافِعٍ وَابْنُ وَهْبٍ وَأَكْثَرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَجُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءٍ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا لَمْ يَذْكُرُوا أَبَا هُرَيْرَةَ وَسَاقُوا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ حَدِيثِ يَحْيَى هَذَا سَوَاءً وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي الْمُصْعَبِ فِي الْمُوَطَّأِ مُسْنَدًا كَرِوَايَةِ يَحْيَى وَابْنِ بُكَيْرٍ سَوَاءً وَهُوَ أَصَحُّ عَنْ أَبِي الْمُصْعَبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعِنْدَ الْقَعْنَبِيِّ وَمُطَرِّفٍ وَالشَّافِعِيِّ وَابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ بُكَيْرٍ وَأَبِي مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ حَدِيثُهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ هَكَذَا رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ الْآخَرَ فِي الْمُوَطَّأِ بِهَذَا اللَّفْظِ مُتَّصِلًا مُسْنَدًا لَيْسَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ

بِعَزِيمَةٍ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ وَلَيْسَ عِنْدَ يَحْيَى فِي الْمُوَطَّأِ حَدِيثُ حُمَيْدٍ هَذَا أَصْلًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَنْ مَالِكٍ حَدِيثُ حُمَيْدٍ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ حَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ فَيَقُولُ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ قَالَ ابن شهاب فَتُوُفِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى آخِرِ كلام ابن شهاب هكذا ذكره إسماعيل ابن أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ الَّذِي فِي الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ إِنَّمَا هُوَ حَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ مَنْ أَرْسَلَهُ مِنْهُمْ وَمَنْ وَصَلَهُ وَفِي آخِرِهِ سَاقَ جَمِيعُهُمْ كَلَامَ ابْنِ شِهَابٍ فَتُوُفِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَغَّبَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَلَا فِي آخِرِهِ كَلَامُ ابْنِ شِهَابٍ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَهُوَ عِنْدِي تَخْلِيطٌ وَغَلَطٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ إِسْنَادَ حَدِيثٍ فِي مَتْنٍ آخَرَ وَلَمْ يُتَابِعْ عَلَى ذَلِكَ ذَكَرَهُ إِسْمَاعِيلُ عَنْهُ وَقَدْ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَعَلِيُّ بْنُ

إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ سَوَاءً وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ تَفَرَّدَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي هذا الإسناد وروى جويرية ابن أَسْمَاءٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وحميد ابني عبد الرحمن ابن عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ فَجَمَعَ جُوَيْرِيَةُ الْإِسْنَادَيْنِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْمَعْنَى وَأَسْنَدَ الْحَدِيثَيْنِ وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي رِوَايَةَ يَحْيَى وَابْنِ بُكَيْرٍ فِي تَوْصِيلِهِمَا حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَذَكَرَ النَّسَائِيُّ أَيْضًا حَدِيثَ

جُوَيْرِيَةَ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْ جُوَيْرِيَةَ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مُرْسَلًا وَحَدِيثَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَحَدِيثَ حُمَيْدٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا قَالَ حَدَّثَنَاهُ عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ وَأَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابن أسماء حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَتُوُفِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ عَلَى ذَلِكَ فَرِوَايَةُ جُوَيْرِيَةَ هَذِهِ مُهَذَّبَةٌ

مُجَوَّدَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَاهُ عَبَّادُ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ مَالِكٍ بِنَحْوِ رِوَايَةِ جُوَيْرِيَةَ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ أَبَا سَلَمَةَ وَحُمَيْدًا وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ إِحْدَاهَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُرْسَلًا وَالثَّانِيَةُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالثَّالِثَةُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَحُمَيْدٍ كَرِوَايَةِ جُوَيْرِيَةَ وَرَوَاهُ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ مَالِكٍ وَيُونُسَ وَابْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ رِوَايَةِ يَحْيَى وَسَاقَ كَلَامَ الزُّهْرِيِّ فِي آخِرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا سَلَمَةَ وَلَا حُمَيْدًا وَرَوَاهُ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ وهب مثل رواية جويرية سواء وأحمد ابن صَالِحٍ أَثَبَتُ النَّاسِ فِي ابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ ابن مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ

الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله سَوَاءً لَمْ يَذْكُرْ حُمَيْدًا فَهَذَا مَا بَلَغَهُ عِلْمِي مِنَ اخْتِلَافِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكُلُّهُمْ قَدْ أَجْمَعَ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ بِالْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ أَدْخَلَهُ مَالِكٌ فِي بَابِ قِيَامِ رَمَضَانَ وَيُصَحِّحُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَأَمَّا أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي اللَّفْظِ فَأَمَّا ابْنُ عُيَيْنَةَ فَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ قَالَ حدثنا مخلد ابن خَالِدٍ وَابْنُ أَبِي خَلَفٍ الْمَعْنِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هريرة يَبْلُغْ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَكَذَلِكَ رواه محمد ابن عُمَرَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ صَامَ مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ سَوَاءً قَالَ وَقَالَ عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ حَدِيثَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ أنبأنا معمر وملك عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ ثُمَّ يَقُولُ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ فَتُوُفِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ هَذِهِ تُصَحِّحُ رِوَايَةَ يَحْيَى وَتَشْهَدُ لَهَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عُقَيْلٌ وَيُونُسُ وأبو أويس من قام رمضان إلا عقيل قَالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَاهُ أَبُو أُوَيْسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ وَحُمَيْدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ بِلَفْظِ يَحْيَى - قَالَ أَبُو عُمَرَ حَمَلَ عَلَى تَوْصِيلِ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ فَمِمَّنْ وَصَلَهُ مَعْمَرٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَعُقَيْلٌ وَأَبُو أُوَيْسٍ وَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ صِحَّةُ مَا رَوَاهُ يَحْيَى وَابْنُ بُكَيْرٍ دُونَ مَا رواه القعنبي ومن تابعه من أصحاب ملك وَتَبَيَّنَ لَنَا أَنَّ الْقَعْنَبِيَّ وَمَنْ تَابَعَهُ لَمْ يُقِيمُوا الْحَدِيثَ وَلَمْ يُتْقِنُوهُ إِذْ أَرْسَلُوهُ وَهُوَ مُتَّصِلٌ صَحِيحُ الِاتِّصَالِ وَمِمَّا يَزِيدُ فِي ذَلِكَ صِحَّةً أَنَّ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو رَوَيَاهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذَا كُلُّهُ يَشُدُّ مَا رَوَاهُ يَحْيَى وَلَعَمْرِي لَقَدْ حَصَّلْتُ

نَقْلَهُ عَنْ مَالِكٍ وَأَلْفَيْتُهُ مِنْ أَحْسَنِ أَصْحَابِهِ نَقْلًا وَمِنْ أَشَدِّهِمْ تَخَلُّصًا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ إِلَّا أَنَّ لَهُ وَهْمًا وَتَصْحِيفًا فِي مَوَاضِعَ فِيهَا سَمَاجَةٌ - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو فَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هشام ابن عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ هَكَذَا فِي كِتَابِي قَامَ رَمَضَانَ وَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أبي هريرة وهذا مما يصفح رِوَايَةَ يَحْيَى حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ

- قَالَ أَبُو عُمَرَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ يَقُولُونَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم من صَامَ رَمَضَانَ وَابْنُ شِهَابٍ يَقُولُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ كَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَيُونُسُ وَأَبُو أُوَيْسٍ وَعُقَيْلٌ إِلَّا أَنَّ عُقَيْلًا قَالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَحْدَهُ يَقُولُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَمَنْ قَامَهُ وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ عَلَى أَنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَ عَلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي ذَلِكَ فَرَوَى عَنْهُ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ كَسَائِرِ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَالصَّحِيحُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إبرهيم الْفَرْضِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ الطَّائِيُّ قَالُوا كُلُّهُمْ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ هَكَذَا قَالَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَرَوَاهُ عَنْهُ حَامِدُ بْنُ يَحْيَى فَقَالَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ

سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ هَكَذَا قَالَ حَامِدُ بْنُ يَحْيَى عَنْهُ قَامَ رَمَضَانَ وَلَمْ يَقُلْ صَامَ وَزَادَ مَا تَأَخَّرَ وَهِيَ زِيَادَةٌ مُنْكَرَةٌ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ حديث حامد من رواية ملك مُتَّصِلًا مُسْنَدًا وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ بِلَفْظِ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ فَهَذَا مَا بَلَغَنَا مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَلْفَاظُهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ خَاصَّةً وَقَدْ هَذَّبْنَا ذَلِكَ وَمَهَّدْنَاهُ بِمَبْلَغِ وُسْعِنَا وَطَاقَتِنَا وَاللَّهُ الْمُعِينُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ فَضْلُ قِيَامِ رَمَضَانَ وَظَاهِرُهُ يُبِيحُ فِيهِ الْجَمَاعَةَ وَالِانْفِرَادَ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ فِعْلُ خَيْرٍ وَقَدْ نَدَبَ اللَّهُ إِلَى فِعْلِ الْخَيْرِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا أَمَرَ بِهِ عُمَرُ وَفَعَلَهُ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ قَدْ كَانَ سَبَقَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ التَّرْغِيبُ وَالْحَضُّ فَصَارَ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا لِأَنَّهُ مَوْضِعُهُ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ إِنَّمَا يَقَعُ بِهَا غُفْرَانُ الذُّنُوبِ وَتَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ مَعَ صِدْقِ النِّيَّاتِ يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَقَوْلُهُ لِسَعْدٍ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ فِيهَا وَمُحَالٌ أَنْ يَزْكُوَ مِنَ الْأَعْمَالِ شَيْءٌ لَا يُرَادُ بِهِ اللَّهُ وَفَّقَنَا اللَّهُ لِمَا يَرْضَاهُ وَأَصْلَحَ سَرَائِرَنَا وَعَلَانِيَتَنَا بِرَحْمَتِهِ آمِينَ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ فَقَالَ قَوْمٌ يَدْخُلُ فِيهِ الْكَبَائِرُ وَقَالَ قَوْمٌ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْكَبَائِرُ إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ صَاحِبُهَا بِالتَّوْبَةِ إِلَيْهَا وَالنَّدَمِ عَلَيْهَا ذَاكِرًا لَهَا وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَتَفَضَّلُ بِمَا يَشَاءُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ

الحديث الثاني والعشرون

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغرة عبد أو وليدة هكذا روى ملك هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَيْضًا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَتِهِ لَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَى مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي مُوَطَّئِهِ قِصَّةَ قَتْلِ الْمَرْأَةِ الَّتِي طَرَحَتْ جَنِينَهَا لِمَا فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَالِاضْطِرَابِ بَيْنَ أَهْلِ النَّقْلِ وَأَهْلِ الْفِقْهِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ قِصَّةَ الْجَنِينِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ الْجَنِينِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّنَازُعِ وَالْمَعْنَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِنْ كِتَابِنَا فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا وَذَكَرْنَا حُكْمَ قَتْلِ الْمَرْأَةِ وَمَا رُوِيَ فِيهِ وَفِي حُكْمِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنِ الْعُلَمَاءِ بَعْدَهُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ بِمَا يَكْفِي وَيَشْفِي فِي كِتَابِ الْأَجْوِبَةِ عَنِ الْمَسَائِلِ الْمُسْتَغْرَبَةِ وَلَمْ نَذْكُرْهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا لِأَنَّ مَالِكًا لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْهَا فِي حَدِيثِهِ فِي مُوَطَّئِهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ لِحَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ هَذَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِ يَذْكُرُونَ مَا رَمَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ صَاحِبَتَهَا إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا في

ذَلِكَ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ بِحَجَرٍ وَطَائِفَةٌ تَقُولُ بِمُسَطَّحٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ وَلِمَنْ أَثْبَتَ شِبْهَ الْعَمْدِ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْحَجَرِ وَصِغَرِهِ وَعِظَمِهِ وَالْعَمُودِ وَثِقَلِهِ وَيَزْدَادُ الضَّرْبُ بِذَلِكَ كله أو بعضه مذاهب مختلفة وأحكام غير مُؤْتَلِفَةً وَالْآثَارُ بِذَلِكَ أَيْضًا مُضْطَرِبَةٌ وَلِهَذَا الِاضْطِرَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَصَدَ إِلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِالْحُكْمِ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ فِي مَذْهَبِهِ بَيْنَ الْحَجَرِ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ الْعَمْدِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْهُ فِرَارٌ عَنْ إِثْبَاتِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَنَفْيٌ لَهُ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ بَاطِلٌ فَلَمْ يَذْكُرْ فِي مُوَطَّئِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا شَيْئًا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى قِصَّةِ الْجَنِينِ لَا غَيْرَ وَغَيْرُهُ قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصة الجنين هَذِهِ فِي الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَبُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ وَحَمَلَ

ابْنُ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ عَنْ عُمَرَ عَنْ حَمَلِ بْنِ مَالِكٍ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ عُوَيْمِرُ بْنُ أَشْقَرَ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَذْكُرُ قَتْلَ الْمَرْأَةِ وَالْحُكْمَ فِي دِيَتِهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ حُكْمِ الْجَنِينِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى حُكْمِ الْجَنِينِ لَا غَيْرَ وَلَمْ نَرَ أَنْ نَذْكُرَ فِي كِتَابِنَا شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ غَيْرَ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِ مَالِكٌ غَيْرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ رَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

مِثْلَ إِسْنَادِ مَالِكٍ هَذَا وَاقْتَصَرَ فِيهِ أَيْضًا على قصة الجنين لا غير كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ سَوَاءً قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِيَ اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِيَ ابْنُ مُسَافِرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَضَى فِي امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ اقْتَتَلَتَا فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَأَصَابَتْ بَطْنَهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَقَتَلَتْ وَلَدَهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ دِيَةَ مَا فِي بَطْنِهَا غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فَقَالَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ الَّتِي غَرِمَتْ كَيْفَ أَغْرَمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَا شَرِبَ وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا رَمَتْهَا بِحَجَرٍ وَمَحْفُوظٌ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا رَمَتْهَا بِمُسَطَّحٍ وَالْمُسَطَّحُ الْخَشَبَةُ وَقَالَ النضر بن شميل المسطح العود يرقق به الخبز وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْمُسَطَّحُ عُودٌ مِنَ الْعِيدَانِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَرْأَتَانِ الْهُذَلِيَّتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِحْدَاهُمَا يُقَالُ لَهَا أُمُّ عَفِيفٍ بِنْتُ مَسْرُوحٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ هُذَيْلٍ وَالْأُخْرَى مُلَيْكَةُ أُخْتُ عُوَيْمِرِ بْنِ الْأَشْقَرِ وَهَذَا مَوْجُودٌ مِنْ حَدِيثِ عُوَيْمِرِ بْنِ أَشْقَرَ

وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَانَ اسْمُ إِحْدَاهُمَا مُلَيْكَةَ وَالْأُخْرَى أُمَّ غَطِيفٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا فِي الصَّحَابِيَّاتِ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بما يغني عن ذكرهما هَاهُنَا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ قصة الجنين لا غير بمثال رواية ملك وَمَعْنَاهُ سَوَاءً وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَخَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجنين بغرة عبد أَوْ أَمَةٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ وَلَمْ يقل ذلك غير عِيسَى بْنَ يُونُسَ فِيمَا عَلِمْتُ وَعِيسَى ثِقَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ وَمَا لَهُمْ فِيهِ مِنَ الْمَعَانِي وَالْأَحْكَامِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَاقْتَصَرْنَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَقَاوِيلِ أَهْلِ الْفَتْوَى مِنْ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ دُونَ مَا عَدُّوهُ شُذُوذًا وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ

الحديث الثالث والعشرون

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُسْنَدٌ وَهُوَ حَدِيثُ الْعُمَرِيِّ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْمَرَ عُمَرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيهَا لَا يَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ هَكَذَا هُوَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ كُلِّ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ فَأَمَّا إِذَا قَالَ هِيَ لَكَ مَا عِشْتَ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِهَا قَالَ مَعْمَرٌ وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يُفْتِي بِذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ هَذَا إِنَّمَا مُنْتَهَاهُ إِلَى قَوْلِهِ هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ وَمَا بَعْدَهُ عِنْدَنَا مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ قَالَ وَمَا رَوَاهُ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ يُوهِنُ حَدِيثَ مَعْمَرٍ هَذَا قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أبي ذئب وملك وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَلَيْثٌ عَلَى خِلَافِ مَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فَرَوَاهُ فِي مُوَطَّئِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَضَى فِيمَنْ أَعْمَرَ

عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَهِيَ لَهُ بَتْلَةٌ لَا يَجُوزُ لِلْمُعْطِي فِيهَا شَرْطٌ وَلَا مَثْنَوِيَّةٌ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ فَقَطَعَتِ الْمَوَارِيثُ شَرْطَهُ وَهَذَا خِلَافَ مَا قَالَهُ الذُّهْلِيُّ وَقَدْ جَوَّدَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فَبَيَّنَ فِيهِ مَوْضِعَ الرَّفْعِ وَجَعَلَ سَائِرَهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي سَلَمَةَ لَا مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعُمْرَى لِمَنْ أَعْمَرَهَا هِيَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَغَيْرُهُ عَنْهُ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ قَالَ مَنْ أَعْمَرَ رَجُلًا عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَقَدْ قَطَعَ قَوْلُهُ حَقَّهُ فِيهَا وَهِيَ لِمَنْ أَعْمَرَهَا وَلِعَقِبِهِ حَدَّثَنَا بِحَدِيثِ اللَّيْثِ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فَذَكَرَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ - قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ متقارب يشد بعضه بعضا لكن مالك رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يَقُلْ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ لِمَا رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ سَمِعَ مَكْحُولًا الدِّمَشْقِيَّ يَسْأَلُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ الْعُمْرَى وَمَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهَا فَقَالَ الْقَاسِمُ مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِلَّا عَلَى شُرُوطِهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وفيما أعطوا

وَالْقَاسِمُ قَدْ أَدْرَكَ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَكِبَارِ التابعين وقال ملك الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْعُمْرَى تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْمَرَهَا إِذَا لَمْ يَقُلْ لَكَ وَلِعَقِبِكَ إِذَا مَاتَ الْمُعْمِرُ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ تَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِهَا أَيْضًا بَعْدَ انْقِرَاضِ عَقِبِ الْمُعْمِرِ لِأَنَّهُ عَلَى شَرْطِهِ فِي عَقِبِ الْمُعْمِرِ كَمَا هُوَ عَلَى شَرْطِهِ فِي الْمُعْمِرِ وَرَقَبَتُهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا أَبَدًا تَرْجِعُ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ حَيًّا أَوْ إِلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَهُ وَضَمَانُهَا مِنْهُمْ وَلَا يَمْلِكُ بِلَفْظِ الْعُمْرَى وَالْأَعْمَارُ عِنْدَ مَالِكٍ رَقَبَةُ شَيْءٍ مِنَ الْعَطَايَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَهُ كَلَفْظِ السُّكْنَى وَالْإِسْكَانِ سَوَاءً لَا يَمْلِكُ بِذَلِكَ إِلَّا الْمَنَافِعَ دُونَ الرِّقَابِ وَهِيَ أَلْفَاظٌ عِنْدَهُمْ لَا يُمْلَكُ بِهَا الرِّقَابُ وَإِنَّمَا يُمْلَكُ بِهَا الْمَنَافِعُ مِنْهَا الْعُمْرَى وَالسُّكْنَى وَالْعَارِيَةُ وَالْأَطْرَاقُ وَالْمِنْحَةُ وَالْأَحْبَالُ وَالْأَفْقَارُ وَمَا كَانَ مِثْلُهَا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ سَمِعْتُ ابْنَ الْأَعْرَابِيِّ يَقُولُ لَمْ تَخْتَلِفِ الْعَرَبُ فِي أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ عَلَى مِلْكِ أَرْبَابِهَا وَمَنَافِعِهَا لِمَنْ جُعِلَتْ لَهُ الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى وَالْأَفْقَارُ وَالْأَحْبَالُ وَالْعَرِيَّةُ وَالسُّكْنَى وَالْأَطْرَاقُ وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ أصحاب ملك فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ رَدِّ حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا بِأَنْ قَالُوا هُوَ حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ وَلَمْ يصحبه

الْعَمَلُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَعَلَّ حَامِلَهُ وَهِمَ وَمِثْلُ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ الْأَحَادِيثُ الثَّابِتَةُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا بِأَنْ يَتَبَيَّنَ النَّسْخُ بِمَا لَا مِدْفَعَ فِيهِ وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ أَيْضًا مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا وَعَبْدَ اللَّهِ ابْنَيْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يُعَاتِبُ محمدا ومحمد يومئذ قاض فيقول له مالك لَا تَقْضِي بِالْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعُمْرَى حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرٍ فَيَقُولُ لَهُ مُحَمَّدٌ يَا أَخِي لَمْ أَجِدِ النَّاسَ عَلَى هَذَا وَأَبَاهُ النَّاسُ فَهُوَ يُكَلِّمُهُ وَمُحَمَّدٌ يَأْبَاهُ قَالَ مالك ليس عليه العمل ولوددت أني مُحِيَ وَمِنْ أَحْسَنِ مَا احْتَجُّوا بِهِ أَنْ قَالُوا مِلْكُ الْمُعْمِرُ الْمُعْطِي ثَابِتٌ بِإِجْمَاعٍ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ الْعُمْرَى فَلَمَّا أَحْدَثَهَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ أَزَالَ لَفْظُهُ ذَلِكَ مِلْكَهُ عَنْ رَقَبَةِ مَا أَعْمَرَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْ رَقَبَةِ مَالِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَالْوَاجِبُ بِحَقِّ النَّظَرِ أَنْ لَا يَزُولَ مِلْكُهُ إِلَّا بِيَقِينٍ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ لَا يَثْبُتُ بِهِ يَقِينٌ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ وَهَذَا الرَّجُلُ لَمْ يَنْوِ بِلَفْظِهِ ذَلِكَ إِخْرَاجَ شَيْءٍ عَنْ مِلْكِهِ وَقَدِ اشْتَرَطَ فِيهِ شَرْطًا فَهُوَ عَلَى شَرْطِهِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ

- قَالَ أَبُو عُمَرَ نَحْنُ نَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى شَرْطِنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ لِنُبَيِّنَ بِذَلِكَ مَوْضِعَ الصَّوَابِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ فَأَمَّا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْعُمْرَى وَالسُّكْنَى عِنْدَهُ سَوَاءٌ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَقَوْلُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَيَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ قَالَ مَالِكٌ فَإِذَا أَعْمَرَهُ حَيَاتَهُ وَأَسْكَنَهُ حَيَاتَهُ فَهُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَإِنْ أَرَادَ الْمُعْمِرُ أَنْ يَكْرِيَهَا فَإِنَّهُ يَكْرِيهَا قَلِيلًا قَلِيلًا وَلَا يَبْعُدُ الْكِرَاءُ قَالَ وَلِلْمُعْمِرِ أَنْ يَبِيعَ مَنَافِعَ الدَّارِ وَسُكْنَاهُ فِيهَا مِنَ الَّذِي أَعْمَرَهُ وَلَا يَبِيعَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ الْعُمَرِيِّ بِهَذَا اللَّفْظِ هِبَةٌ مَبْتُوتَةٌ يُمَلِّكُهَا الْمُعْمِرُ مِلْكًا تَامًّا رَقَبْتَهَا وَمَنَافِعَهَا وَاشْتَرَطُوا فِيهَا الْقَبْضَ عَلَى أُصُولِهِمْ فِي الْهِبَاتِ قَالُوا وَمَنْ أَعْمَرَ رَجُلًا شَيْئًا فِي حَيَاتِهِ فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ لِوَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَ رَقَبَتَهَا وَشَرْطُ الْمُعْطِي وَذِكْرُهُ الْعُمْرَى وَالْحَيَاةَ بَاطِلٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْطَلَ شَرْطَهُ وَجَعَلَهَا بَتْلَةً لِلْمُعْطَى وَسَوَاءٌ قَالَ هِيَ مِلْكُ حَيَاتِكَ وَهِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ بَعْدَكَ عُمْرَى حَيَاتِهِمْ أَوْ مَا عِشْتَ وَعَاشُوا كُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْطَلَ الشَّرْطَ فِي ذَلِكَ وَإِذَا بَطَلَ شَرْطُهُ لِنَفْسِهِ فِي حَيَاةِ الْمُعْمَرِ فَكَذَلِكَ حَيَاةُ عَقِبِهِ الشَّرْطُ أَيْضًا بَاطِلٌ وَكُلُّ شَرْطٍ أَبْطَلَهُ

اللَّهُ أَوْ رَسُولُهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ فِي إِنْفَاذِهِ تَحْلِيلَ الْحَرَامِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا وَقَالَ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ يَعْنِي لَيْسَ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَفِيمَا أَبَاحَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنَّهُ مَنْ أَعْطَى شَيْئًا حَيَاتَهُ فَهُوَ لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ فَأَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ قَالُوا وَالسُّكْنَى عَارِيَةٌ لَا يَمْلِكُ بِهَا رَقَبَةً إِنَّمَا يَمْلِكُ بِهَا الْمَنَافِعَ عَلَى شُرُوطِ الْمَسْكَنِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِي الْعُمْرَى مَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَالثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَعْمَرَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ (حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ) قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى ابن هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعُمْرَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ فَجَعَلَهَا هِبَةً وَالْفَائِدَةُ فِي هَذَا الْخِطَابِ فِي تَمَلُّكِهِ الرَّقَبَةَ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى أَنْ تُعْرَفَ لِمَنْ هِيَ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إبرهيم بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

أَيُّهَا النَّاسُ أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَلَا تُعْمِرُوا أَحَدًا شَيْئًا فَإِنَّ مَنْ أَعْمَرَ أَحَدًا شَيْئًا حَيَاتَهُ فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَمَاتَهُ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَلَا تُعْمِرُوا أَحَدًا شَيْئًا فَإِنَّ مَنْ أَعْمَرَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَهُوَ لِمَنْ أَعْمَرَهُ حَيَاتَهُ وَمَمَاتَهُ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ سَوَاءً وَهُوَ قَوْلُ جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ وَسَأَلَهُ أَعْرَابِيٌّ أَعْطَى ابْنَهُ نَاقَةً لَهُ حَيَاتَهُ فَأَنْتَجَهَا فَكَانَتْ إِبِلًا فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ هِيَ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَمَاتَهُ قَالَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ قَالَ فَذَلِكَ أَبْعَدُ لَهُ وَهَذَا الْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ عُمَرَ فِي الْعُمْرَى أَنَّهَا خِلَافُ السُّكْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ وَرَّثَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ دَارَهَا قَالَ وَكَانَتْ حَفْصَةُ قَدْ أَسْكَنَتْ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ مَا عَاشَتْ فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ ابْنَةُ زَيْدٍ قَبَضَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْمَسْكَنَ ورأى أنه

لَهُ وَقَوْلُهُ وَرَّثَ حَفْصَةَ دَارَهَا يُرِيدُ مِنْ حَفْصَةَ دَارَهَا وَمِنْ هَذَا قَوْلُ أَبِي الْحَجْنَاءِ ... أَضْحَتْ جِيَادُ ابْنِ قَعْقَاعٍ مُقَسَّمَةً ... فِي الْأَقْرَبِينَ بِلَا مَنٍّ وَلَا ثَمَنِ ... ... وَرَّثْتَهُمْ فَتَسَلَّوْا عَنْكَ إِذْ وَرِثُوا ... ... وَمَا وَرَثْتُكَ غَيْرَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ ... أي ما ورثت منك غير الْهَمُّ وَقَالَتْ زَيْنَبُ الطَّبَرِيَّةُ تَرْثَى أَخَاهَا إِدْرِيسَ ... مَضَى وَوَرِثْنَاهُ دَرِيسَ مُفَاضَةٍ ... وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْفَتْوَى فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْعُمْرَى وَالسُّكْنَى وَقَالُوا لَا تَنْصَرِفُ إِلَى صَاحِبِهَا أَبَدًا وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ إِذَا قَالَ هُوَ لَكَ سُكْنَى حَتَّى تَمُوتَ فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ وَإِذَا قَالَ دَارِي هَذِهِ اسْكُنْهَا حَتَّى تَمُوتَ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِهَا وَأَمَّا قَوْلُ جَابِرٍ فَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَعَمَرَتِ امْرَأَةٌ بِالْمَدِينَةِ حَائِطًا لَهَا ابْنًا لَهَا ثُمَّ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ وَلَدًا وَتُوُفِّيَتْ بَعْدَهُ وَتَرَكَتْ وَلَدَيْنِ أَخَوَيْنِ سِوَى الْمُعْمَرِ أَظُنُّهُ قَالَ فَقَالَ وَلَدُ الْمُعْمِرَةِ يُرْجِعُ الْحَائِطَ إِلَيْنَا وَقَالَ وَلَدُ الْمُعْمَرِ بَلْ كَانَ لِأَبِينَا حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ فَاخْتَصَمُوا إِلَى طَارِقٍ مَوْلَى عُثْمَانَ فَدَخَلَ جَابِرٌ فَشَهِدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَى لِصَاحِبِهَا فَقَضَى بِذَلِكَ طَارِقٌ ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ وَأَخْبَرَهُ بِشَهَادَةِ جَابِرٍ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ صَدَقَ جَابِرٌ وَأَمْضَى ذَلِكَ طَارِقٌ وَقَالَ ذَلِكَ الْحَائِطُ لِبَنِي الْمُعْمَرِ حَتَّى الْيَوْمِ وَرَوَى يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَا تَحِلُّ الْعُمْرَى وَلَا الرُّقْبَى فَمَنْ أَعْمَرَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَبِهِ كَانَ يَقْضِي شُرَيْحٌ وَقَالَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ إِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ الْعَمَلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَدِينَةِ فِيهَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى ذِكْرِهِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعُمْرَى جَائِزَةٌ لِأَهْلِهَا أَوْ مِيرَاثٌ لِأَهْلِهَا وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عن محمد بن الْحَنَفِيَّةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ العمرى جَائِزَةٌ لِأَهْلِهَا وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ

عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعُمْرَى مِيرَاثٌ لِأَهْلِهَا وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قَضَى طَارِقٌ بِالْمَدِينَةِ الْعُمْرَى لِلْوَارِثِ عَلَى قَوْلِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِيهَا وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إبرهيم بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي الطَّفَاوِيَّ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى الْأَنْصَارِ جَعَلَ الْأَنْصَارُ يُعْمِرُونَهُمْ دُورَهُمْ حَيَاتَهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِلْأَنْصَارِ أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ لَا تُعْمِرُوهَا فَإِنَّهُ مَنْ أَعْمَرَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ إِذَا مَاتَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ طَارِقًا يُحَدِّثُ عَنْ حُجْرٍ الْمَدَرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْعُمْرَى لِلْوَارِثِ

وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنِ شِهَابٍ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ قَالُوا إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَذِهِ الدَّارُ وَهَذَا الشَّيْءُ لَكَ عُمْرِي أَوْ عُمْرَكَ أَوْ حَيَاتِي أَوْ حَيَاتَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْصَرِفُ إِلَى الْمُعْطِي إِذَا مَاتَ الْمُعْطِي وَانْقَضَى الشَّرْطُ فَإِنْ مَاتَ الْمُعْطِي قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّرْطِ انْصَرَفَ إِلَى وَرَثَتِهِ وَلَيْسَ فِي هَذَا تَمْلِيكُ شَيْءٍ مِنَ الرِّقَابِ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ ذِكْرُ الْعَقِبِ وَإِذَا قَالَ الْمُعْطِي هُوَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ زَالَ مَلِكُ الْمُعْطِي عَنْهَا وَصَارَتْ مِلْكًا لِلْمُعْطَى يُورَثُ عَنْهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ مِنْ رواية ملك وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَالُوا فَهَذَا هُوَ الثَّابِتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ الْفُقَهَاءِ الْأَثْبَاتِ قَالُوا وَلَيْسَ حَدِيثُ أَبِي الزُّبَيْرِ مِمَّا يُعَارَضُ بِهِ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ وَلَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَمُعَاوِيَةَ بَيَانٌ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ وَحَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ حَدِيثٌ مُفَسِّرٌ يَرْتَفِعُ مَعَهُ الْأَشْكَالُ لِأَنَّهُ جَعَلَ لِذِكْرِ الْعَقِبِ حُكْمًا وَلِلسُّكُوتِ عَنْهُ حُكْمًا يُخَالِفُهُ وَبِهِ أَفْتَى أَبُو سَلَمَةَ وَإِلَيْهِ كَانَ يَذْهَبُ ابْنُ شِهَابٍ وَهُمْ رُوَاةُ الْحَدِيثِ وَإِلَيْهِمْ يَنْصَرِفُ فِي تَأْوِيلِهِ مَعَ مَوْضِعِهِمْ مِنَ الْفِقْهِ وَالْجَلَالَةِ وَلَيْسَ مَنْ خَالَفَهُمْ مِمَّنْ يُقَاسُ بِهِمْ قَالُوا وَحَدِيثُ مَعْمَرٍ حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ لِأَنَّ مَعْمَرًا مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ فِي ابْنِ شِهَابٍ وَأَحْسَنِهِمْ نَقْلًا عَنْهُ لَا سِيَّمَا ما حدث به باليمن مِنْ كُتُبِهِ وَإِنَّمَا وَجَدَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الغلط فيما حدث به من حفظه بِالْعِرَاقِ وَحَدِيثُهُ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ عَنْهُ صَحِيحٌ هَذَا كُلُّهُ

مَعْنَى مَا احْتَجَّ بِهِ الْقَوْمُ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُمْ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ كَاتِبُ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ الرَّجُلُ يَقُولُ لِلرَّجُلِ جَارِيَتِي هَذِهِ لَكَ حَيَاتَكَ أَيَحِلُّ لَهُ فَرْجُهَا قَالَ لَا فَقَالَ فَإِنْ قَالَ هِيَ لَكَ عُمْرَى أَيَحِلُّ لَهُ فَرْجُهَا قَالَ لَا حَتَّى يَبُتَّهَا لَهُ إِنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي لَا يَكُونُ لِلْمُعْطَى فِيهَا شَيْءٌ أَنْ يُعْطِيَهَا لِلرَّجُلِ وَلِعَقِبِهِ لَيْسَ لِلْمُعْطَى فِيهَا مَثْنَوِيَّةٌ

الحديث الرابع والعشرون

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبِتْعِ فَقَالَ كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حرام لا أعلم عن ملك خِلَافًا فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّ إبرهيم بْنَ طَهْمَانَ فِي ذَلِكَ وَعِنْدَهُ أَيْضًا حَدِيثُ ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ والمشهور فيه عن ملك حَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَثْبَتُ شَيْءٍ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ وَقَدْ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ أَصَحِّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ فَقَالَ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْبِتْعِ فَقَالَ كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ قَالَ وَأَنَا أَقِفُ عِنْدَهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الطُّوسِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَحَدَّثَنَا خلف بن إبرهيم بْنِ مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ الطُّوسِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بن إبرهيم بن محمد الدبيلي حدثنا موسى بن هرون

الْجَمَّالُ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَحَدَّثَنَاهُ خَلَفٌ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّيَّاتُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا بِشْرُ بن عمر الزهراني قالوا حدثنا ملك بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْبِتْعِ فَقَالَ كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ - قَالَ أَبُو عُمَرَ وَالْبِتْعُ شَرَابُ الْعَسَلِ لَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الْفِقْهِ وَلَا بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَإِذَا خَرَجَ الْخَبَرُ بِتَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ عَلَى شَرَابِ الْعَسَلِ فَكُلُّ مُسْكِرٍ مِثْلُهُ فِي الْحُكْمِ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عبد اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ أَبَا مُوسَى وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ لَهُمَا يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا وَتَطَاوَعَا وَلَا تُنَفِّرَا فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَنَا شَرَابًا يُصْنَعُ بِأَرْضِنَا مِنَ الْعَسَلِ يُقَالُ لَهُ الْبِتْعُ وَمِنَ الشَّعِيرِ يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ قَالَ وَقَالَ مُعَاذٌ لِأَبِي مُوسَى كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ أَقْرَأُهُ فِي صَلَاتِي وَعَلَى رَاحِلَتِي وَقَائِمًا وَقَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا وَأَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا فَقَالَ مُعَاذٌ لَكِنِّي أَنَامُ ثُمَّ أَقُومُ فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي قَالَ فَكَأَنَّ مُعَاذًا فُضِّلَ عَلَيْهِ قَالَ - أَبُو عُمَرَ وَقَدْ أَتَيْنَا مِنَ الْقَوْلِ فِي تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ يَأْخُذُ ذَلِكَ كَافَّتُهُمْ عَنْ كَافَّتِهِمْ وَمَا لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ إِجْمَاعُ كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ وَسَائِرُ أَبْوَابِ الْعِلْمِ قَلَّ مَا تَجِدُ فِيهِ قَوْلًا لِعِرَاقِيٍّ أَوْ لِشَامِيٍّ إِلَّا وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِهِ قَائِلٌ إِلَّا تَحْرِيمَ الْمُسْكِرِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَلَا يَصِحُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَهُوَ الْحَقُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يُجْمِعْ أَهْلُ الْعِرَاقِ عَلَى تَحْلِيلِ الْمُسْكِرِ مَا لَمْ يُسْكِرْ شَارِبَهُ لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْهُمْ يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحِجَازِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حدثنا سليم حدثنا قاسم حدثنا أحمد

ابن عِيسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بن الصباح حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ مَخْلَدَ بْنَ حَسَنٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ وَعِيسَى بْنَ يُونُسَ وَأَبَا إِسْحَاقَ الْفَزَارِيَّ وَهَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مَنْ بَقِيَ يَوْمَئِذٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَشْرِقِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ الْحَدِيثِ فِي تَحْلِيلِ النَّبِيذِ واظهار الرواية في تحريمه حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَهْلٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ إِذَا رَأَيْتَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ عَلَى شَيْءٍ فَاعْلَمْ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شك فيه

الحديث الخامس والعشرون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ يُشَارِكُ فِيهِ أَبَا سَلَمَةَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرُّ وَاسْمُهُ سَلْمَانُ ثِقَةٌ رِضًى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي صِحَّتِهِ رَوَاهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ هَكَذَا كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى وَمِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ مَنْ يَرْوِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ لَا يَذْكُرُ أَبَا سَلَمَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ مَنْقُولٌ مِنْ طُرُقٍ مُتَوَاتِرَةٍ وَوُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مِنْ أَخْبَارِ الْعُدُولِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحُنَيْنِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَصِحُّ هَذَا الْإِسْنَادُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ عِنْدِي وَهْمٌ وَإِنَّمَا هُوَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ فِيهِ رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مَالِكٍ

عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَصَوَابُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْأَعْرَجِ وَأَبِي سَلَمَةَ جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ مِنْ فوق سبع سموات كَمَا قَالَتِ الْجَمَاعَةُ وَهُوَ مِنْ حُجَّتِهِمْ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَلَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالُوهُ أَهْلُ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ وَقَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ وَقَوْلُهُ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ وَقَالَ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَذَا مِنَ العلو

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ وَالْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ وَرَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ وَيَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَالْجَهْمِيُّ يَزْعُمُ أَنَّهُ أَسْفَلَ وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ وَقَوْلُهُ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ وَقَالَ لِعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَقَالَ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَقَالَ فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَقَالَ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ وَقَالَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ وَالْعُرُوجُ هُوَ الصُّعُودُ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ فَمَعْنَاهُ مَنْ عَلَى السَّمَاءِ يَعْنِي عَلَى الْعَرْشِ وَقَدْ يَكُونُ فِي بِمَعْنَى عَلَى أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أشهر أي على الأرض وكذلك قوله لأصلبنكم فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَهَذَا كُلُّهُ يُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِمَّا تَلَوْنَا مِنَ الْآيَاتِ فِي هَذَا الباب

وَهَذِهِ الْآيَاتُ كُلُّهَا وَاضِحَاتٌ فِي إِبْطَالِ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَمَّا ادِّعَاؤُهُمُ الْمَجَازَ فِي الِاسْتِوَاءِ وَقَوْلُهُمْ فِي تَأْوِيلِ اسْتَوَى اسْتَوْلَى فَلَا مَعْنَى لَهُ لأنه غير ظَاهِرٌ فِي اللُّغَةِ وَمَعْنَى الِاسْتِيلَاءِ فِي اللُّغَةِ الْمُغَالَبَةُ وَاللَّهُ لَا يُغَالِبُهُ وَلَا يَعْلُوهُ أَحَدٌ وَهُوَ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ وَمِنْ حَقِّ الْكَلَامِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ حَتَّى تَتَّفِقَ الْأُمَّةُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْمَجَازُ إِذْ لَا سَبِيلَ إِلَى اتِّبَاعِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا إِلَّا عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُوَجَّهُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْأَشْهَرِ وَالْأَظْهَرِ مِنْ وُجُوهِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِبُ لَهُ التَّسْلِيمُ وَلَوْ سَاغَ ادِّعَاءُ الْمَجَازِ لِكُلِّ مُدَّعٍ مَا ثَبَتَ شَيْءٌ مِنَ الْعِبَارَاتِ وَجَلَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَنْ يُخَاطِبَ إِلَّا بِمَا تَفْهَمُهُ الْعَرَبُ فِي مَعْهُودٍ مُخَاطَبَاتِهَا مِمَّا يَصِحُّ مَعْنَاهُ عِنْدَ السَّامِعِينَ وَالِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ فِي اللُّغَةِ وَمَفْهُومٌ وَهُوَ الْعُلُوُّ وَالِارْتِفَاعُ عَلَى الشَّيْءِ وَالِاسْتِقْرَارُ وَالتَّمَكُّنُ فِيهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى اسْتَوَى قَالَ عَلَا قَالَ وَتَقُولُ الْعَرَبُ اسْتَوَيْتُ فَوْقَ الدَّابَّةِ وَاسْتَوَيْتُ فَوْقَ الْبَيْتِ وَقَالَ غَيْرُهُ اسْتَوَى أَيِ انْتَهَى شَبَابُهُ وَاسْتَقَرَّ فَلَمْ يَكُنْ فِي شَبَابِهِ مَزِيدٌ - قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاسْتِوَاءُ الِاسْتِقْرَارُ فِي الْعُلُوِّ وَبِهَذَا خَاطَبَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَقَالَ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقَالَ فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ وَقَالَ الشَّاعِرُ ... فَأَوْرَدْتُهُمْ مَاءً بِفَيْفَاءَ قَفْرَةٍ ... ... وَقَدْ حَلَّقَ النَّجْمُ الْيَمَانِيُّ فاستوى

وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَأَوَّلَ فِيهِ أَحَدٌ اسْتَوْلَى لِأَنَّ النَّجْمَ لَا يَسْتَوْلِي وَقَدْ ذَكَرَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا جَلِيلًا فِي عِلْمِ الدِّيَانَةِ وَاللُّغَةِ قَالَ حَدَّثَنِي الْخَلِيلُ وَحَسْبُكَ بِالْخَلِيلِ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا رَبِيعَةَ الْأَعْرَابِيَّ وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ مَنْ رَأَيْتُ فَإِذَا هُوَ عَلَى سَطْحٍ فَسَلَّمْنَا فَرَدَّ عَلَيْنَا السَّلَامَ وَقَالَ لَنَا اسْتَوُوا فَبَقِينَا مُتَحَيِّرِينَ وَلَمْ نَدْرِ مَا قَالَ قَالَ فَقَالَ لَنَا أَعْرَابِيٌّ إِلَى جَنْبِهِ إِنَّهُ أَمَرَكُمْ أَنْ تَرْتَفِعُوا قَالَ الْخَلِيلُ هُوَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَصَعِدْنَا إِلَيْهِ فَقَالَ هَلْ لَكُمْ فِي خُبْزٍ فَطَيْرٍ وَلَبَنٍ هَجِيرٍ وَمَاءٍ نَمِيرٍ فَقُلْنَا السَّاعَةَ فَارَقْنَاهُ فَقَالَ سَلَامًا فَلَمْ نَدْرِ مَا قَالَ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ إِنَّهُ سَالَمَكُمْ مُتَارَكَةً لَا خَيْرَ فِيهَا وَلَا شَرَّ قَالَ الْخَلِيلُ هُوَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا وَأَمَّا نَزْعُ مَنْ نَزَعَ مِنْهُمْ بِحَدِيثٍ يَرْوِيهِ عَبْدُ الله بن واقد الواسطي عن إبرهيم بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى عَلَى جَمِيعِ بَرِيَّتِهِ فَلَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنَّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَنَقَلَتُهُ مَجْهُولُونَ ضُعَفَاءُ فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْوَاسِطِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مجاهد فضعيفان وإبرهيم بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ وَهُمْ لَا يَقْبَلُونَ أَخْبَارَ الْآحَادِ الْعُدُولَ فَكَيْفَ يَسُوغُ لَهُمُ الِاحْتِجَاجُ بِمِثْلِ هَذَا مِنَ

الْحَدِيثِ لَوْ عَقِلُوا أَوْ أَنْصَفُوا أَمَا سَمِعُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ يَقُولُ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يا هامان ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقُولُ إِلَهِي فِي السَّمَاءِ وَفِرْعَوْنُ يَظُنُّهُ كَاذِبًا ... فَسُبْحَانَ مَنْ لَا يُقَدِّرُ الْخَلْقُ قَدْرَهُ ... وَمَنْ هُوَ فَوْقَ الْعَرْشِ فَرْدٌ مُوَحَّدُ ... ... مَلِيكٌ عَلَى عَرْشِ السَّمَاءِ مُهَيْمِنُ ... ... لِعِزَّتِهِ تَعْنُو الْوُجُوهُ وَتَسْجُدُ ... وَهَذَا الشِّعْرُ لِأُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ وفيه يقول في وصف الملائكة ... ... فمن حامل إِحْدَى قَوَائِمِ عَرْشِهِ ... وَلَوْلَا إِلَهُ الْخَلْقِ كَلُّوا وأبلدوا ... ... ... قيام على الأقدام عانون تحته ... ... فرائضهم مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ تَرْعَدُ ... - قَالَ أَبُو عُمَرَ فَإِنِ احْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وبقوله وهو الله في السموات وَفِي الْأَرْضِ وَبِقَوْلِهِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ

الْآيَةَ وَزَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كُلِّ مَكَانٍ بِنَفْسِهِ وَذَاتِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قِيلَ لَهُمْ لَا خِلَافَ بَيْنِنَا وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ سَائِرِ الْأُمَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ دُونَ السَّمَاءِ بِذَاتِهِ فَوَجَبَ حَمْلُ هَذِهِ الْآيَاتِ عَلَى الْمَعْنَى الصَّحِيحِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ مَعْبُودٌ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ مَعْبُودٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ فَظَاهِرُ التَّنْزِيلِ يَشْهَدُ أَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ وَالِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ بَيْنَنَا فَقَطْ وَأَسْعَدُ النَّاسِ بِهِ مَنْ سَاعَدَهُ الظَّاهِرُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ فَالْإِجْمَاعُ وَالِاتِّفَاقُ قَدْ بَيَّنَ الْمُرَادَ بِأَنَّهُ مَعْبُودٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَتَدَبَّرْ هَذَا فَإِنَّهُ قَاطِعٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا فِي أنه عز وجل على العرش فوق السموات السَّبْعِ أَنَّ الْمُوَحِّدِينَ أَجْمَعِينَ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ إِذَا كَرَبَهُمْ أَمْرٌ أَوْ نَزَلَتْ بِهِمْ شِدَّةٌ رَفَعُوا وُجُوهَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ يَسْتَغِيثُونَ رَبَّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهَذَا أَشْهَرُ وَأَعْرَفُ عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ فِيهِ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ حِكَايَتِهِ لِأَنَّهُ اضْطِرَارٌ لَمْ يُؤَنِّبْهُمْ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَلَا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ مُسْلِمٌ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَمَةِ الَّتِي أَرَادَ مَوْلَاهَا عِتْقَهَا إِنْ كَانَتْ مُؤْمِنَةً فَاخْتَبَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ قَالَ لَهَا أَيْنَ اللَّهُ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ لَهَا مَنْ أَنَا قَالَتْ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ فَاكْتَفَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا بِرَفْعِهَا رَأَسَهَا إِلَى السَّمَاءِ وَاسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَمَّا سِوَاهُ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ

أَطْلَقْتُ غَنِيمَةً لِي تَرْعَاهَا جَارِيَةٌ لِي فِي نَاحِيَةِ أُحُدٍ فَوَجَدْتُ الذِّئْبَ قَدْ أَصَابَ شَاةً مِنْهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ فَصَكَكْتُهَا صَكَّةً ثُمَّ انْصَرَفْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَعَظُمَ عَلَيَّ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلَّا أَعْتِقُهَا قَالَ فَأْتِنِي بِهَا قَالَ فَجِئْتُ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا أَيْنَ اللَّهُ فَقَالَتْ فِي السَّمَاءِ فَقَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ إِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ فَأَعْتِقْهَا مُخْتَصَرٌ أَنَا اخْتَصَرْتُهُ مِنْ حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ وَهُوَ مِنْ حديث ملك أَيْضًا وَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ لَوْ كَانَ فِي مَكَانٍ لَأَشْبَهَ الْمَخْلُوقَاتِ لَأَنَّ مَا أَحَاطَتْ بِهِ الْأَمْكِنَةُ وَاحْتَوَتْهُ مَخْلُوقٌ فَشَيْءٌ لَا يَلْزَمُ وَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ وَلَا يُقَاسُ بِشَيْءٍ مِنْ بَرِيَّتِهِ لَا يُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَلَا يُقَاسُ بِالنَّاسِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كَانَ قَبْلَ كُلِّ شيء ثم خلق الأمكنة والسموات وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ وَخَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا شَرِيكَ لَهُ وَقَدْ قَالَ الْمُسْلِمُونَ وَكُلُّ ذِي عَقْلٍ أَنَّهُ لَا يَعْقِلُ كَائِنٌ لَا فِي مَكَانٍ مِنَّا وَمَا لَيْسَ فِي مَكَانٍ فَهُوَ عَدَمٌ وَقَدْ صح في

الْمَعْقُولِ وَثَبَتَ بِالْوَاضِحِ مِنَ الدَّلِيلِ أَنَّهُ كَانَ فِي الْأَزَلِ لَا فِي مَكَانٍ وَلَيْسَ بِمَعْدُومٍ فَكَيْفَ يُقَاسُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ أَوْ يَجْرِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ تَمْثِيلٌ أَوْ تَشْبِيهٌ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا الَّذِي لَا يَبْلُغُ مِنْ وَصْفِهِ إِلَّا إِلَى مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ وَصَفَهُ بِهِ نَبِيُّهُ وَرَسُولُهُ أَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ الْحَنِيفِيَّةُ عَنْهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنَّا وَصَفْنَا رَبَّنَا أَنَّهُ كَانَ لَا فِي مَكَانٍ ثُمَّ خَلَقَ الْأَمَاكِنَ فَصَارَ فِي مَكَانٍ وَفِي ذَلِكَ إِقْرَارٌ مِنَّا بِالتَّغْيِيرِ وَالِانْتِقَالِ إِذْ زَالَ عَنْ صِفَتِهِ فِي الْأَزَلِ وَصَارَ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ قِيلَ لَهُ وَكَذَلِكَ زَعَمْتَ أَنْتَ أَنَّهُ كَانَ لَا فِي مَكَانٍ وَانْتَقَلَ إِلَى صِفَةٍ هِيَ الْكَوْنُ فِي كُلِّ مَكَانٍ فَقَدْ تَغَيَّرَ عِنْدَكَ مَعْبُودُكَ وَانْتَقَلَ مَنْ لَا مَكَانَ إِلَى كُلِّ مَكَانٍ وَهَذَا لَا يَنْفَكُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ إِنْ زَعَمَ أَنَّهُ فِي الْأَزَلِ فِي كُلِّ مَكَانٍ كَمَا هُوَ الْآنَ فَقَدْ أَوْجَبَ الْأَمَاكِنَ وَالْأَشْيَاءَ مَوْجُودَةً مَعَهُ فِي أَزَلِهِ وَهَذَا فَاسِدٌ فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ يَجُوزُ عِنْدَكَ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ لَا مَكَانَ فِي الْأَزَلِ إِلَى مَكَانٍ قِيلَ لَهُ أَمَّا الِانْتِقَالُ وَتَغَيُّرُ الْحَالِ فَلَا سَبِيلَ إِلَى إِطْلَاقِ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّ كَوْنَهُ فِي الْأَزَلِ لَا يُوجِبُ مَكَانًا وَكَذَلِكَ نَقْلُهُ لَا يُوجِبُ مَكَانًا وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ كَالْخَلْقِ لِأَنَّ كَوْنَ مَا كَوْنُهُ يُوجِبُ مَكَانًا مِنَ الْخَلْقِ وَنَقْلَتُهُ تُوجِبُ مَكَانًا وَيَصِيرُ مُنْتَقِلًا مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ كَذَلِكَ لأنه في الأزل غير كَائِنٍ فِي مَكَانٍ وَكَذَلِكَ نَقْلَتُهُ لَا تُوجِبُ مَكَانًا وَهَذَا مَا لَا تَقْدِرُ الْعُقُولُ عَلَى دَفْعِهِ وَلَكِنَّا نَقُولُ اسْتَوَى مِنْ لَا مَكَانَ إِلَى مَكَانٍ وَلَا نَقُولُ انْتَقَلَ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ وَاحِدًا أَلَا تَرَى أَنَّا نقول له العرش وَلَا نَقُولُ لَهُ سَرِيرٌ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَنَقُولُ هُوَ الْحَكِيمُ وَلَا نَقُولُ هُوَ الْعَاقِلُ وَنَقُولُ خَلِيلُ إِبْرَاهِيمَ وَلَا

نَقُولُ صَدِيقُ إِبْرَاهِيمَ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاحِدًا لَا نُسَمِّيهِ وَلَا نَصِفُهُ وَلَا نُطْلِقُ عَلَيْهِ إِلَّا مَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ مِنْ وَصْفِهِ لِنَفْسِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا نَدْفَعُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ دَفْعٌ لِلْقُرْآنِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَلَيْسَ مَجِيئُهُ حَرَكَةً وَلَا زَوَالًا وَلَا انْتِقَالًا لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ الْجَائِي جِسْمًا أَوْ جَوْهَرًا فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا جَوْهَرٍ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ مَجِيئُهُ حَرَكَةً وَلَا نَقْلَةً وَلَوِ اعْتَبَرْتَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ جَاءَتْ فُلَانًا قِيَامَتُهُ وَجَاءَهُ الْمَوْتُ وَجَاءَهُ الْمَرَضُ وَشِبْهُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَوْجُودٌ نَازِلٌ بِهِ وَلَا مَجِيءَ لَبَانَ لَكَ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ فَإِنْ قَالَ إِنَّهُ لَا يَكُونُ مُسْتَوِيًا عَلَى مَكَانٍ إِلَّا مَقْرُونًا بِالتَّكْيِيفِ قِيلَ قَدْ يَكُونُ الِاسْتِوَاءُ وَاجِبًا وَالتَّكْيِيفُ مُرْتَفِعٌ وَلَيْسَ رَفْعُ التَّكْيِيفِ يُوجِبُ رَفْعَ الِاسْتِوَاءِ وَلَوْ لَزِمَ هَذَا لَزِمَ التَّكْيِيفُ فِي الْأَزَلِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ كَائِنٌ فِي لَا مَكَانٍ إِلَّا مَقْرُونًا بِالتَّكْيِيفِ وَقَدْ عَقِلْنَا وَأَدْرَكْنَا بِحَوَاسِّنَا أَنَّ لَنَا أَرْوَاحًا فِي أَبْدَانِنَا وَلَا نَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ وَلَيْسَ جَهْلُنَا بِكَيْفِيَّةِ الْأَرْوَاحِ يُوجِبُ أَنْ لَيْسَ لَنَا أَرْوَاحٌ وَكَذَلِكَ لَيْسَ جَهْلُنَا بِكَيْفِيَّةٍ عَلَى عَرْشِهِ يُوجِبُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى عَرْشِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عن وكيع ابن حَرَسٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ قَالَ كَانَ مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ ثُمَّ خَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ غَيْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَانَ فِي عَمَاءٍ فَوْقَهُ هَوَاءٌ وَتَحْتَهُ هَوَاءٌ وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ فَوْقَهُ وَتَحْتَهُ رَاجِعَةٌ إِلَى الْعَمَاءِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعَمَاءُ هُوَ الْغَمَامُ وَهُوَ مَمْدُودٌ وَقَالَ ثَعْلَبٌ هُوَ عَمَا مَقْصُورٌ أَيْ فِي عَمًا عَنْ خَلْقِهِ وَالْمَقْصُودُ الظُّلْمُ وَمَنْ عَمِيَ عَنْ شَيْءٍ فَقَدْ أَظْلَمَ عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابن جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ قَالَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يخلو منه مكان قال وقيل لملك الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كَيْفَ اسْتَوَى فَقَالَ ملك رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتِوَاؤُهُ مَعْقُولٌ وَكَيْفِيَّتُهُ مَجْهُولَةٌ وَسُؤَالُكَ عَنْ هَذَا بِدْعَةٌ وَأَرَاكَ رَجُلَ سُوءٍ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا سَوَاءً وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ معهم أينما كَانُوا فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي ظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ لِأَنَّ عُلَمَاءَ

الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ الَّذِينَ حَمَلْتُ عَنْهُمُ التَّأْوِيلَ فِي الْقُرْآنِ قَالُوا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ عَلَى الْعَرْشِ وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَمَا خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ يُحْتَجُّ بِقَوْلِهِ ذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ فِي قَوْلِهِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ الْآيَةَ قَالَ هُوَ عَلَى عَرْشِهِ وَعِلْمُهُ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا قَالَ وَبَلَغَنِي عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ مِثْلُهُ قَالَ سُنَيْدٌ وَحَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ اللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِكُمْ قَالَ سُنَيْدٌ وَحَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ إِنَّ بَيْنَ الْعَرْشِ وَبَيْنَ الْمَلَائِكَةِ سَبْعِينَ حِجَابًا حِجَابٌ مِنْ نُورٍ وَحِجَابٌ مِنْ ظُلْمَةٍ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن هرون عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَمَا بَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى الْأُخْرَى مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى الْكُرْسِيِّ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةٍ وَالْعَرْشُ عَلَى الْمَاءِ وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ قَالَ - أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا إِلَّا حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ رَوَاهُ عَنْ سِمَاكٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أبو خالد الدالاني وعمر وبن أَبِي عَمْرِو بْنِ أَبِي قَيْسٍ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ وَابْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَالْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ وَهُوَ حَدِيثٌ

كُوفِيٌّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَأَنْبَأْنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولَابِيُّ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرَةَ عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى سَحَابَةٍ مَرَّتْ فَقَالَ مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ قَالُوا السَّحَابُ قَالَ وَالْمُزْنُ قَالُوا وَالْمُزْنُ قَالَ وَالْعَنَانُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ كَمْ تَرَوْنَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ قَالُوا لَا نَدْرِي قال بينكم وبينها إما واحدة أو اثنتين أو ثلاث وسبعون سَنَةً وَالسَّمَاءُ فَوْقَهَا كَذَلِكَ بَيْنَهُمَا مِثْلُ ذَلِكَ حتى عد سبع سموات ثُمَّ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَعْلَاهُ وأسفله كا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثمانية أو عال بَيْنَ أَظْلَافِهِمْ وَرُكَبِهِمْ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ اللَّهُ فَوْقَ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ فَرْوَةَ بْنِ أَبِي الْمِغْرَاءِ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ قَالَ فِي الأوعال ما بين رؤوسهم إِلَى أَظْلَافِهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ

يَعْنِي مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ فَوْقَهُمُ الْعَرْشُ مَا بَيْنَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ اللَّهُ فَوْقَ ذَلِكَ وَفِيهِ حَدِيثُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ مَرْفُوعًا أَيْضًا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ جُهِدَتِ الْأَنْفُسُ وَضَاعَ الْعِيَالُ وَنُهِكَتِ الْأَمْوَالُ فَاسْتَسْقِ اللَّهَ لَنَا فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى اللَّهِ وَنَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْحَكَ أَتَدْرِي مَا تَقُولُ وَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ وَيْحَكَ إِنَّهُ لَا يُسْتَشْفَعُ بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَيْحَكَ وَتَدْرِي مَا الله إن الله على عرشه على سمواته وَأَرْضِهِ لَهَكَذَا وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الْخَمْسِ مِثْلِ الْقُبَّةِ وَأَشَارَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ بِأَصَابِعِهِ كَهَيْئَةِ الْقُبَّةِ وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ أَطِيطَ الرَّحْلِ

بِالرَّاكِبِ أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ وَاضِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الضَّبِّيُّ قَالَ سَأَلْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وهو معكم أينما كُنْتُمْ قَالَ عِلْمُهُ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ وَسَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ إِنْ كَانَ بِخُرَاسَانَ أَحَدٌ مِنَ الْأَبْدَالِ فَهُوَ مَعْدَانُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى وَعَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى الْعَرْشِ قِيلَ لَهُ بِحَدِّ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ هُوَ على العرش فوق سبع سموات قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْكِلَابِيُّ قَالَ

سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ كَفَرَ بِشْرُ بْنُ الْمَرِّيسِيِّ فِي صِفَتِهِ هَذِهِ قَالَ هُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ قِيلَ لَهُ وَفِي قَلَنْسُوَتِكَ هَذِهِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ لَهُ وَفِي جَوْفِ حِمَارٍ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ إِنَّا لَنَحْكِي كَلَامَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَحْكِيَ كَلَامَ الْجَهْمِيَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَنْزِلُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ التَّنَازُعَ فِيهِ وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ يَنْزِلُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُصَدِّقُونَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يُكَيِّفُونَ وَالْقَوْلُ فِي كَيْفِيَّةِ النُّزُولِ كَالْقَوْلِ فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِوَاءِ وَالْمَجِيءِ وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ وَاحِدَةٌ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْأَثَرِ أَيْضًا إِنَّهُ يَنْزِلُ أَمْرُهُ وَتَنْزِلُ رَحْمَتُهُ وروى ذلك عن حبيب كاتب ملك وَغَيْرِهِ وَأَنْكَرَهُ مِنْهُمْ آخَرُونَ وَقَالُوا هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ أَمْرَهُ وَرَحْمَتَهُ لَا يَزَالَانِ يَنْزِلَانِ أَبَدًا فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَتَعَالَى الْمَلِكُ الْجَبَّارُ الَّذِي إِذَا أَرَادَ أَمْرًا قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَيَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ مَتَى شَاءَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالُ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَبَلِيُّ وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ الْمُسْلِمِينَ بِالْقَيْرَوَانِ قَالَ حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ سَوَادَةَ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْحَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِي اللَّيْلِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَقَالَ مَالِكٌ يَتَنَزَّلُ أَمْرُهُ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ

عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ تَتَنَزَّلُ رَحْمَتُهُ وَقَضَاؤُهُ بِالْعَفْوِ وَالِاسْتِجَابَةِ وَذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ أَيْ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلِذَلِكَ مَا جَاءَ فِيهِ التَّرْغِيبُ فِي الدُّعَاءِ وَقَدْ رَوَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ قَالَ جَوْفُ اللَّيْلِ الْغَابِرُ يَعْنِي الْآخِرَ وَهَذَا عَلَى مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا وَيَكُونُ ذَلِكَ الْوَقْتُ مَنْدُوبًا فِيهِ إِلَى الدُّعَاءِ كَمَا نُدِبَ إِلَى الدُّعَاءِ عِنْدَ الزَّوَالِ وَعِنْدَ النِّدَاءِ وَعِنْدَ نُزُولِ غَيْثِ السَّمَاءِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِنَ السَّاعَاتِ الْمُسْتَجَابِ فِيهَا الدُّعَاءُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ آخَرُونَ يَنْزِلُ بِذَاتِهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ بِمِصْرَ قَالَ سَمِعْتُ نُعَيْمَ بْنَ حَمَّادٍ يَقُولُ حَدِيثُ النُّزُولِ يَرُدُّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ قَوْلَهُمْ قَالَ وَقَالَ نُعَيْمٌ يَنْزِلُ بِذَاتِهِ وَهُوَ عَلَى كُرْسِيِّهِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ عِنْدَ أَهْلِ الْفَهْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ لِأَنَّ هَذَا كَيْفِيَّةٌ وَهُمْ

يَفْزَعُونَ مِنْهَا لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ إِلَّا فِيمَا يُحَاطُ بِهِ عِيَانًا وَقَدْ جَلَّ اللَّهُ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ وَمَا غَابَ عَنِ الْعُيُونِ فَلَا يَصِفُهُ ذَوُو الْعُقُولِ إِلَّا بِخَبَرٍ وَلَا خَبَرَ فِي صِفَاتِ اللَّهِ إِلَّا مَا وَصَفَ نَفْسَهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا نَتَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى تَشْبِيهٍ أَوْ قِيَاسٍ أَوْ تَمْثِيلٍ أَوْ تَنْظِيرٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البصير قال أبو عمر أهل السنة مجموعون عَلَى الْإِقْرَارِ بِالصِّفَاتِ الْوَارِدَةِ كُلِّهَا فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِيمَانِ بِهَا وَحَمْلِهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا عَلَى الْمَجَازِ إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يُكَيِّفُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَحُدُّونَ فِيهِ صِفَةً مَحْصُورَةً وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ وَالْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ كُلُّهَا وَالْخَوَارِجُ فَكُلُّهُمْ يُنْكِرُهَا وَلَا يَحْمِلُ شَيْئًا مِنْهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِهَا مُشَبِّهٌ وَهُمْ عِنْدَ مَنْ أَثْبَتَهَا نَافُونَ لِلْمَعْبُودِ وَالْحَقُّ فِيمَا قَالَهُ الْقَائِلُونَ بِمَا نَطَقَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ وَهُمْ أَئِمَّةُ الْجَمَاعَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَوَى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ مَنْ وَصَفَ شَيْئًا مِنْ ذَاتِ اللَّهِ مِثْلَ قَوْلِهِ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عُنُقِهِ وَمِثْلَ قَوْلِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ فَأَشَارَ إِلَى عَيْنَيْهِ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ قُطِعَ ذَلِكَ مِنْهُ لِأَنَّهُ شَبَّهَ اللَّهَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الْبَرَاءِ حِينَ حَدَّثَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا يضحى بأربع من الضحايا وأشر الْبَرَاءُ بِيَدِهِ كَمَا أَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ قَالَ الْبَرَاءُ وَيَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَرِهَ الْبَرَاءُ أَنْ يَصِفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِجْلَالًا لَهُ وَهُوَ مَخْلُوقٌ فَكَيْفَ الْخَالِقُ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا هرون بْنُ مَعْرُوفٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَالُ الناس يتسائلون حَتَّى يَقُولُوا هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقُولُوا اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ثُمَّ لْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَيَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرجيم وروي عن محمد بن الْحَنَفِيَّةَ أَنَّهُ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ خُصُومَةُ النَّاسِ فِي رَبِّهِمْ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ سَحْنُونٌ مِنَ الْعِلْمِ بِاللَّهِ الْجَهْلُ بِمَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَهَذَا الْكَلَامُ أَخَذَهُ سَحْنُونٌ عَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَ أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ عَنِ الثِّقَةِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ لَقَدْ تَكَلَّمَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

الشِّخِّيرِ عَلَى هَذِهِ الْأَعْوَادِ بِكَلَامٍ مَا قِيلَ قَبْلَهُ وَلَا يُقَالُ بَعْدَهُ قَالُوا وَمَا هُوَ يَا أَبَا سَعِيدٍ قَالَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ الْجَهْلُ بِغَيْرِ مَا وَصَفَ مِنْ نَفْسِهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا أَلَيْسَ تَقُولُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَيَرَى أَهْلُ الْجَنَّةِ رَبَّهُمْ وَبِحَدِيثِ لَا تُقَبِّحُوا الْوُجُوهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ وَاشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ فِيهَا

قَدَمَهُ وَأَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَطَمَ مَلَكَ الْمَوْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ أَحْمَدُ كُلُّ هَذَا صَحِيحٌ وَقَالَ إِسْحَاقُ كُلُّ هَذَا صَحِيحٌ وَلَا يَدَعُهُ إِلَّا مُبْتَدِعٌ أَوْ ضَعِيفُ الرَّأْيِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَأَئِمَّةُ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا الْإِيمَانُ بِمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا وَالتَّصْدِيقُ بِذَلِكَ وَتَرْكُ التَّحْدِيدِ وَالْكَيْفِيَّةِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ أَنَّهُ سَأَلَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَجْعَلُ السَّمَاءَ عَلَى أُصْبُعٍ وَحَدِيثُ إِنَّ قلوب بني

آدَمَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ وَإِنَّ اللَّهَ يَعْجَبُ أَوْ يَضْحَكُ مِمَّنْ يَذْكُرُهُ فِي الْأَسْوَاقِ وَأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ وَنَحْوُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَقَالَ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ نَرْوِيهَا وَنُقِرُّ بِهَا كَمَا جَاءَتْ بِلَا كَيْفٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ الْهَيْثَمَ بْنَ خَارِجَةَ قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ وَسُفْيَانَ الثوري وملك بْنَ أَنَسٍ وَاللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الصِّفَاتِ فَقَالُوا أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلَا كَيْفٍ وَذَكَرَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ شَهِدْتُ زَكَرِيَّا بْنَ عَدِيٍّ سَأَلَ وَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَقَالَ يَا أَبَا سُفْيَانَ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ يَعْنِي مِثْلَ الْكُرْسِيُّ مَوْضِعَ الْقَدَمَيْنِ وَنَحْوِ هَذَا فَقَالَ أَدْرَكْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ وَسُفْيَانَ وَمِسْعَرًا يُحَدِّثُونَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَلَا يُفَسِّرُونَ شَيْئًا قَالَ عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ وَسَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ وَذَكَرَ لَهُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تُرْوَى فِي الرُّؤْيَةِ وَالْكُرْسِيِّ مَوْضِعَ الْقَدَمَيْنِ وَضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ

عباده وأن جهنم لتمتلىء وَأَشْبَاهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَقَالُوا إِنَّ فُلَانًا يَقُولُ يَقَعُ فِي قُلُوبِنَا أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ حَقٌّ فَقَالَ ضَعَّفْتُمْ عِنْدِي أَمْرَهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهَا رَوَاهَا الثِّقَاتُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ إِلَّا أَنَّا إِذَا سُئِلْنَا عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَمْ نُفَسِّرْهَا وَلَمْ نَذْكُرْ أَحَدًا يُفَسِّرُهَا وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يُنْكِرُ عَلَى مَنْ حَدَّثَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ذَكَرَهُ أَصْبَغُ وَعِيسَى عن ابن القاسم قال سألت ملكا عَمَّنْ يُحَدِّثُ الْحَدِيثَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ على وصورته وَالْحَدِيثَ إِنَّ اللَّهَ يَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنَّهُ يُدْخِلُ فِي النَّارِ يَدَهُ حَتَّى يُخْرِجَ مَنْ أَرَادَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ إِنْكَارًا شَدِيدًا وَنَهَى أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ أَحَدًا وَإِنَّمَا كَرِهَ ذلك ملك خَشْيَةَ الْخَوْضِ فِي التَّشْبِيهِ بِكَيْفٍ هَاهُنَا وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ

سَمِعْتُ ابْنَ وَضَّاحٍ سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنِ التَّنَزُّلِ فَقَالَ أَقِرَّ بِهِ وَلَا تُحِدَّ فِيهِ بِقَوْلٍ كُلُّ مَنْ لَقِيتُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ يُصَدِّقُ بِحَدِيثِ التَّنَزُّلِ قَالَ وَقَالَ لِيَ ابْنُ مَعِينٍ صَدِّقْ بِهِ وَلَا تَصِفْهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنِ التَّنَزُّلِ فَقَالَ أَقِرَّ بِهِ وَلَا تُحِدَّ فِيهِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ القرشي قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كَيْفَ اسْتَوَى قَالَ فَأَطْرَقَ مَالِكٌ ثُمَّ قَالَ اسْتِوَاؤُهُ مَجْهُولٌ وَالْفِعْلُ مِنْهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَالْمَسْأَلَةُ عَنْ هَذَا بِدَعَةٌ قَالَ بَقِيٌّ وَحَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ صَلَاحٍ الْمَخْزُومِيُّ بِالرَّمْلَةِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ إِذْ جَاءَهُ عِرَاقِيٌّ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَسْأَلَةٌ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهَا فَطَأْطَأَ مَالِكٌ رَأْسَهُ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كَيْفَ استوى قال سألت عن غير مجهول وتكلمت في غير مَعْقُولٌ إِنَّكَ امْرُؤُ سَوْءٍ أَخْرِجُوهُ فَأَخَذُوا بِضَبْعَيْهِ فأخرجوه وقال يحيى بن إبرهيم بن مزين إنما كره ملك أَنْ يَتَحَدَّثَ بِتِلْكَ الْأَحَادِيثِ لِأَنَّ فِيهَا حَدًّا وَصِفَةً وَتَشْبِيهًا وَالنَّجَاةُ فِي هَذَا الِانْتِهَاءُ إِلَى مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَوَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ بِوَجْهٍ وَيَدَيْنِ وَبَسْطٍ وَاسْتِوَاءٍ وَكَلَامٍ فَقَالَ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ وَقَالَ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ وَقَالَ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة

والسموات مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ وَقَالَ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى فَلْيَقُلْ قَائِلٌ بِمَا قَالَ اللَّهُ وَلْيَنْتَهِ إِلَيْهِ وَلَا يَعْدُوهُ وَلَا يُفَسِّرُهُ وَلَا يَقُلْ كَيْفَ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ الْهَلَاكَ لِأَنَّ اللَّهَ كَلَّفَ عَبِيدَهُ الْإِيمَانَ بِالتَّنْزِيلِ وَلَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْخَوْضَ فِي التَّأْوِيلِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ وَقَدْ بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بَأْسًا بِرِوَايَةِ الْحَدِيثِ أَنَّ اللَّهَ ضَحِكَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الضَّحِكَ مِنَ اللَّهِ وَالتَّنَزُّلَ وَالْمَلَالَةَ وَالتَّعَجُّبَ مِنْهُ لَيْسَ عَلَى جِهَةِ مَا يَكُونُ مِنْ عِبَادِهِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي أَقُولُ أَنَّهُ مَنْ نَظَرَ إِلَى إِسْلَامِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَسَعْدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَائِرِ الْمُهَاجِرِينَ والأنصار وجميع الْوُفُودِ الَّذِينَ دَخَلُوا فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا علم أن الله عز وجل لم يعرفه وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِلَّا بِتَصْدِيقِ النَّبِيِّينَ بِأَعْلَامِ النُّبُوَّةِ وَدَلَائِلِ الرِّسَالَةِ لَا مِنْ قِبَلِ حَرَكَةٍ وَلَا مِنْ بَابِ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ وَلَا مِنْ بَابِ كَانَ وَيَكُونُ وَلَوْ كَانَ النَّظَرُ فِي الْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ عَلَيْهِمْ وَاجِبًا وَفِي الْجِسْمِ وَنَفْيِهِ وَالتَّشْبِيهِ وَنَفْيِهِ لَازِمًا مَا أَضَاعُوهُ وَلَوْ أَضَاعُوا الْوَاجِبَ مَا نَطَقَ الْقُرْآنُ بِتَزْكِيَتِهِمْ وَتَقْدِيمِهِمْ وَلَا أَطْنَبَ فِي مَدْحِهِمْ وَتَعْظِيمِهِمْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِهِمْ مَشْهُورًا أَوْ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ مَعْرُوفًا لَاسْتَفَاضَ عَنْهُمْ وَلَشَهَّرُوا بِهِ كَمَا شَهَّرُوا بِالْقُرْآنِ وَالرِّوَايَاتِ

وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْزِلُ رَبُّنَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا عِنْدَهُمْ مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ وَمِثْلُ قَوْلِهِ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا كُلُّهُمْ يَقُولُ يَنْزِلُ وَيَتَجَلَّى وَيَجِيءُ بِلَا كَيْفٍ لَا يَقُولُونَ كَيْفَ يَجِيءُ وَكَيْفَ يَتَجَلَّى وَكَيْفَ يَنْزِلُ وَلَا مِنْ أَيْنَ جَاءَ وَلَا مِنْ أَيْنَ تَجَلَّى وَلَا مِنْ أَيْنَ يَنْزِلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ وَتَعَالَى عَنِ الْأَشْيَاءِ وَلَا شَرِيكَ لَهُ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتَجَلِّيًا لِلْجَبَلِ وَفِي ذَلِكَ مَا يُفَسِّرُ مَعْنَى حَدِيثِ التَّنْزِيلِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقِفَ عَلَى أَقَاوِيلِ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ فَلْيَنْظُرْ فِي تَفْسِيرِ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ وَلِيَقِفْ عَلَى مَا ذَكَرَا مِنْ ذَاكَ فَفِيمَا ذَكَرَا مِنْهُ كِفَايَةٌ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهُ هُدَاهُ أَنَّهُ يَرَى إِذَا شَاءَ وَلَمْ يَشَأْ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا بِقَوْلِهِ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَقَدْ شَاءَ ذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ بِقَوْلِهِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَلَوْ كَانَ لَا يَرَاهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ لَمَا قَالَ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي وَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّهُ لَا يُرَى فِي الدُّنْيَا لِأَنَّ أَبْصَارَ الْخَلَائِقِ لَمْ تُعْطَ فِي الدُّنْيَا تِلْكَ الْقُوَّةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مُمْكِنٌ أَنْ يُرَى فِي الْآخِرَةِ بِشَرْطِهِ فِي الرُّؤْيَةِ مَا يُمَكِنُ مِنِ اسْتِقْرَارِ الْجَبَلِ وَلَا يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهُ وَلَوْ كَانَ مُحَالًا كَوْنُ الرُّؤْيَةِ لَقَيَّدَهَا بِمَا يَسْتَحِيلُ وُجُودُهُ كَمَا فَعَلَ بِدُخُولِ الْكَافِرِينَ الْجَنَّةَ قَيَّدَ قَبْلَ ذَلِكَ بِمَا

يَسْتَحِيلُ مِنْ دُخُولِ الْجَمَلِ سَمَّ الْخِيَاطِ وَلَا يَشُكُّ مُسْلِمٌ أَنَّ مُوسَى كَانَ عَارِفًا بِرَبِّهِ وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مُسْتَحِيلًا لم يسأله ذَلِكَ وَلَكَانَ بِسُؤَالِهِ إِيَّاهُ كَافِرًا كَمَا لَوْ سَأَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَ شَرِيكًا أَوْ صَاحِبَةً وَإِذَا امْتَنَعَ أَنْ يُرَى فِي الدُّنْيَا بِمَا ذَكَرْنَا لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَجْهٌ إِلَّا النَّظَرُ إِلَيْهِ فِي الْقِيَامَةِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْآثَارِ الصِّحَاحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَأَهْلِ اللِّسَانِ وَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الرُّؤْيَةَ لِأَوْلِيَائِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنَعَهَا مِنْ أَعْدَائِهِ أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ وَإِنَّمَا يَحْتَجِبُ اللَّهُ عَنْ أَعْدَائِهِ الْمُكَذِّبِينَ وَيَتَجَلَّى لِأَوْلِيَائِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ فَإِنَّ أَشْهَبَ رَوَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ قَالَ يَنْظُرُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ مُوسَى رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ جَمَاعَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالرَّأْيِ ذَكَرَ أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ قَالَ مِنَ النِّعْمَةِ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ قَالَ تَنْظُرُ إِلَى اللَّهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَلَّى بِنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَكَانَ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ

وَقَدْ جَاءَ أَنَّ مُوسَى قَالَ لَهُ رَبُّهُ حِينَئِذٍ لَنْ تَرَانِي عَيْنٌ إِلَّا مَاتَتْ إِنَّمَا يَرَانِي أَهْلُ الْجَنَّةِ الَّذِينَ لَا تَمُوتُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَبْلَى أَجْسَادُهُمْ وَجَاءَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا كَلَّمَ مُوسَى رَبَّهُ دَخَلَ قَلْبَهُ مِنَ السُّرُورِ بِكَلَامِهِ مَا لَمْ يَدْخُلْ قَلْبَهُ مِثْلُهُ فَدَعَتْهُ نَفْسُهُ إِلَى أَنْ يُرِيَهُ نَفْسَهُ وَعَنْ قَتَادَةَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَجَمَاعَةٍ مِثْلِ ذَلِكَ وَذَكَرَ سَنِيدٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِكَ أَنَّهُ لَا يَرَاكَ أَحَدٌ إِلَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَوْ كَانَ فِيهَا عَهْدٌ إِلَى مُوسَى قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَرَى لَمْ يَسْأَلْ رَبَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُعْطِيهِ إِيَّاهُ وَلَوْ كَانَ ذلك عنده غير مُمْكِنٌ لَمَا سَأَلَهُ مَا لَا يُمْكِنُ عِنْدَهُ وَأَهْلُ الْبِدَعِ الْمُخَالِفُونَ لَنَا فِي هَذَا التَّأْوِيلِ يَقُولُونَ إِنَّ مَنْ جَوَّزَ مِثْلَ هَذَا وَأَمْكَنَ عِنْدَهُ فَقَدْ كَفَرَ فَيَلْزَمُهُمْ تَكْفِيرُ مُوسَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَفَى بِتَكْفِيرِهِ كُفْرًا وَجَهْلًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ

مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ أَمَا إِنَّكُمْ سَتُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّكُمْ فَتَرَوْنَهُ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى قَالَ الْجَنَّةُ (وَزِيَادَةٌ) قَالَ هُوَ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَمَانٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حدثنا قاسم حدثنا إبرهيم بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ عَنْ صُهَيْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إذا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ

الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ نَادَى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدٌ يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ فَيَقُولُونَ وَمَا هُوَ أَلَمْ يُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَيُثَقِّلْ مَوَازِينَنَا وَيُجِرْنَا مِنَ النَّارِ وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ الْآخَرُ فَيَنْظُرُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ فَوَاللَّهِ مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ شَيْئًا أَقَرَّ لِأَعْيُنِهِمْ ولا أحب إليه مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ وَالْآثَارُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ جِدًّا فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ قَالَ حَسَنَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ قَالَ تَنْظُرُ الثَّوَابَ ذَكَرَهُ وَكِيعٌ وَغَيْرُهُ عَنْ سُفْيَانَ فَالْجَوَابُ أَنَّا لَمْ نَدَعِ الْإِجْمَاعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَوْ كَانَتْ إِجْمَاعًا مَا احْتَجْنَا فِيهَا إِلَى قَوْلٍ وَلَكِنَّ قَوْلَ مُجَاهِدٍ هَذَا مَرْدُودٌ بِالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ وَجُمْهُورِ السَّلَفِ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ مَهْجُورٌ وَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَتُهُمْ مَا ثَبَتَ فِي ذَلِكَ عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُجَاهِدٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدَ الْمُقَدَّمِينَ فِي الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ فَإِنَّ لَهُ قَوْلَيْنِ فِي تَأْوِيلِ اثْنَيْنِ هُمَا مَهْجُورَانِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مَرْغُوبٌ عَنْهُمَا أَحَدُهُمَا هَذَا وَالْآخَرُ قَوْلُهُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ

الطَّرَسُوسِيُّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا قَالَ يُوسِعَ لَهُ عَلَى الْعَرْشِ فَيُجْلِسَهُ مَعَهُ وَهَذَا قَوْلٌ مُخَالِفٌ لِلْجَمَاعَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فَالَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ المقام المحمود الشفاعة والكلام في هذه المسألة من جهة النظر يطول وله موضع غير كِتَابُنَا هَذَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَأَلْتُ الأوزاعي وسفيان الثوري وملك بن أنس وليث بن سعد غير مُرَّةَ عَنِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الرُّؤْيَةِ فَقَالَ أَمِرُّوهَا كَيْفَ جَاءَتْ بِلَا كَيْفٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى غُفْرَانِ الذُّنُوبِ وَإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنْ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ وَقْتًا يُجَابُ فِيهِ الدُّعَاءُ وَلَكِنْ مِنْ مِقْدَارِ ثُلُثِ اللَّيْلِ الْآخِرِ وَقَدْ قِيلَ مِنْ مِقْدَارِ نِصْفِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ وَكُلُّ هَذَا قَدْ رُوِيَ فِي أَحَادِيثَ صِحَاحٍ وَلَمْ يَزَلِ الصَّالِحُونَ يَرْغَبُونَ فِي الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ بِالْأَسْحَارِ لِهَذَا الحديث ولقوله عز وجل والمستغفرون بِالْأَسْحَارِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا سُنَيْدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرحمن بن إسحق عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ كنت آتي

الْمَسْجِدَ فِي السَّحَرِ فَأَمُرُّ بِدَارِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنِي فَأَطَعْتُ وَدَعَوْتَنِي فَأَجَبْتُ وَهَذَا سَحَرٌ فَاغْفِرْ لِي فَلَقِيتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ كَلِمَاتٍ أَسْمَعُكَ تَقُولُهُنَّ فِي السَّحَرِ فَقَالَ إِنَّ يَعْقُوبَ أَخَّرَ بَنِيهِ إِلَى السَّحَرِ وَعَنْ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةَ بْنُ جُنَادَةَ السُّدِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ إِسْحَاقَ يَذْكُرُ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ قَالَ كَانَ عَمِّي يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَيَسْمَعُ أَنَسًا يَقُولُ اللَّهُمَّ دَعَوْتَنِي فَأَجَبْتُ وَأَمَرْتَنِي فَأَطَعْتُ وَهَذَا سَحَرٌ فَاغْفِرْ لِي قَالَ فَأَسْتَمِعُ الصَّوْتَ فَإِذَا هُوَ مِنْ دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخَّرَ بَنِيهِ إِلَى السَّحَرِ بِقَوْلِهِ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ الْجَرِيرِيِّ أَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَأَلَ جِبْرِيلَ فَقَالَ أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ قَالَ لَا أَدْرِي غَيْرَ أَنَّ الْعَرْشَ يَهْتَزُّ في السحر

الحديث السادس والعشرون

ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الْقُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا سِتَّةٌ مُسْنَدَةٌ شَرَكَهُ فِي أَحَدِهَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَاحِدٌ مُرْسَلٌ وَآخَرُ مَوْقُوفٌ لَا يُدْرَكُ مِثْلُهُ بِالرَّأْيِ وَهُوَ مَحْفُوظٌ مُسْنَدٌ مِنْ وُجُوهٍ وَأُمُّ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وهو شقيق إبرهيم بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَلَيْسَ أَبُو سَلَمَةَ شَقِيقًا لَهُمَا وَحُمَيْدٌ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ حُجَّةٌ فِيمَا نُقِلَ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ وَلَدِهِ أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ تُوُفِّيَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ رَوَى عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَنْ أَبِيهِ وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَمُعَاوِيَةَ وَيُخْتَلَفُ فِي سَمَاعِهِ مِنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَمِنْ أَبِيهِ وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ قَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ قَالَ وَهَذَا غَلَطٌ وَلَيْسَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ لَا فِي سِنِّهِ وَلَا فِي رِوَايَتِهِ قَالَ وَالصَّوَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ يَعْنِي سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ

حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا فَقَالَ لَا أَجِدُ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقِ تَمْرٍ قَالَ خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَجِدُ أَحْوَجَ مِنِّي فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ كُلْهُ - هَكَذَا رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ ملك لَمْ يَخْتَلِفْ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ عَلَيْهِ فِيهِ بِلَفْظِ التَّخْيِيرِ فِي الْعِتْقِ وَالصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْفِطْرَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ هَلْ كَانَ بِجِمَاعٍ أَوْ بِأَكْلٍ بَلْ أَبْهَمَ ذَلِكَ وَتَابَعَهُ عَلَى رِوَايَتِهِ هَذِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَبُو أُوَيْسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ مثله ورواه أشهب عن ملك والليث جَمِيعًا وَالْمَعْرُوفُ فِيهِ عَنِ اللَّيْثِ كَرِوَايَةِ ابْنِ عيينة ومعمر وإبرهيم بْنِ سَعْدٍ وَمَنْ تَابَعَهُمْ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا فَذَكَرُوهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَرْتِيبِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَعْتِقَ رَقَبَةً قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ

شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا ثُمَّ ذَكَرُوا الْإِطْعَامَ إلى آخر الحديث وكذله رواه الوليد بن مسلم عن ملك ذَكَرَهُ صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مسلم قال قلت للأوزاعي رجل واقع امْرَأَتَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَهَارًا ثُمَّ جَاءَ تَائِبًا قَالَ يُؤْمَرُ بِالْكَفَّارَةِ بِمَا أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الَّذِي وَاقَعَ امْرَأَتَهُ فِي يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ قَالَ لَا أَجِدُ قَالَ فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لَا أجد قال الوليد وأخبرني ملك بْنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ هَكَذَا قَالَ الْوَلِيدُ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ على ملك والصواب عن ملك مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فَخَيَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْتِقَ أو يصوم أو يطعم فذهب ملك رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى أَنَّ الْمُفْطِرَ عَامِدًا فِي رَمَضَانَ بِأَكْلٍ أَوْ بِشُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ فِطْرٌ مَخْصُوصٌ بِشَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ فَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ فَطَرَ مُتَعَمِّدًا فَالْكَفَّارَةُ لَازِمَةٌ لِفَاعِلِهِ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي الْمُفْطِرِ عَامِدًا فِي رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ عِتْقَ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا أَوْ صِيَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مَعَ قَضَاءِ الْيَوْمِ وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا يَخْتَارُ الْإِطْعَامَ لِأَنَّهُ شِبْهُ الْبَدَلِ مِنَ الصِّيَامِ أَلَا تَرَى إِلَى أَنَّ الْحَامِلَ وَالْمُرْضِعَ وَالشَّيْخَ الْكَبِيرَ وَالْمُفَرِّطَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ لَا يُؤْمَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِعِتْقٍ وَلَا صِيَامٍ مَعَ الْقَضَاءِ وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْإِطْعَامِ فَصَارَ الْإِطْعَامُ لَهُ مَدْخَلٌ فِي الصِّيَامِ وَنَظَائِرِهِ من الأصول

فهذا ما اختاره ملك وأصحابه وقال ابن وهب عن ملك الْإِطْعَامُ أَحَبُّ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنَ الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يعرف إلا الإطعام ولا يؤخذ بِالْعِتْقِ وَلَا بِالصِّيَامِ وَقَدْ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ قِصَّةَ الْوَاقِعِ عَلَى أَهْلِهِ فِي رَمَضَانَ بِهَذَا الْخَبَرِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ إِلَّا الْإِطْعَامَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قال أَنْبَأَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ احْتَرَقْتُ ثُمَّ قَالَ وَطِئْتُ امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ نَهَارًا قَالَ تَصَدَّقْ تَصَدَّقْ فَقَالَ مَا عِنْدِي شَيْءٌ وَأَمَرَهُ أَنْ يَمْكُثَ فَجَاءَهُ عَرَقُ تَمْرٍ فِيهِ طَعَامٌ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَرَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ كُلُّهُمْ يَقُولُ فِيهِ إِنَّهُ وطىء امْرَأَتَهُ فِي رَمَضَانَ وَرَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ أَفْطَرْتُ في رمضان لم يذكر الوطىء وَذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ

أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبَّادَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ أَتَى رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ احْتَرَقْتُ فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَأْنُهُ قَالَ أَصَبْتُ أَهْلِي قَالَ تَصَدَّقْ قَالَ وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا لِي شَيْءٌ وَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ قَالَ اجْلِسْ فَجَلَسَ فَبَيْنَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ يَسُوقُ حِمَارًا عَلَيْهِ طَعَامٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ آنِفًا فَقَامَ الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ تَصَدَّقْ بِهَذَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَى غَيْرِنَا فَوَاللَّهِ إِنَّا لَجِيَاعٌ قَالَ كُلُوهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ مَا ذهب إليه ملك رَحِمَهُ اللَّهُ فِي اخْتِيَارِهِ الْإِطْعَامَ دُونَ غَيْرِهِ وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ عُلَيَّةَ يَقُولَانِ إِنَّ مَالِكًا تَرَكَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا رَوَاهُ إِلَى رَأْيِهِ وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّا وَالْأَغْلَبُ أَنَّ مَالِكًا سَمِعَ الْحَدِيثَ لِأَنَّهُ مَدَنِيٌّ فَذَهَبَ إِلَيْهِ فِي اخْتِيَارِهِ الْإِطْعَامَ مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ شُهُودِ الْأُصُولِ لَهُ بِدُخُولِ الْإِطْعَامِ فِي الْبَدَلِ مِنَ الصِّيَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ فِي الَّذِي يَأْتِي أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ نَهَارًا هُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَطْعَمَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ لَا سَبِيلَ إِلَى الْإِطْعَامِ إِلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ وَأَبُو ثَوْرٍ فِي الْمُجَامِعِ أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ نَهَارًا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَالْكَفَّارَةُ عِنْدَهُمْ مِثْلُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ

صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَلَا سَبِيلَ عِنْدَهُمْ فِي هَذِهِ الْكَفَّارَةِ إِلَى الصِّيَامِ إِلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْعِتْقِ وَكَذَلِكَ لَا سَبِيلَ عِنْدَهُمْ فِيهَا إِلَى الْإِطْعَامِ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الصِّيَامِ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ فِي الرُّتْبَةِ سَوَاءٌ وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٌ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ والليث بن سعد وإبرهيم بْنُ سَعْدٍ وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِلَّذِي اسْتَفْتَاهُ حِينَ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا قَالَ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَنْصُورُ بْنُ المعتمر وعراك بن ملك عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فِي رَجُلٍ وَاقَعَ امْرَأَتَهُ فِي رَمَضَانَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَذَكَرَ التَّتَابُعَ فِي الشَّهْرَيْنِ وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْخَبَرِ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُ الشَّهْرَانِ فِي صيام الكفارة متتابعان وَالْحُجَّةُ فِي قَوْلِ مَنْ حَفِظَ الشَّيْءَ وَشَهِدَ بِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ

حَدَّثَنِي بَكْرٌ يَعْنِي ابْنَ مَنْصُورٍ عَنْ جَعْفَرِ بن زمعة عن عراك بن ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره أنه وطىء امْرَأَتَهُ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً قَالَ لَا أَجِدُ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمْرًا فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ قَالَ فَذَكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَتَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ هُوَ رَوَاهُ أَبُو الْأَسْوَدِ وَإِسْحَاقُ بْنُ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ذَكَرُهُ النَّسَائِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْهُمَا وَأَخْبَرَنِي عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ رَجُلٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ قَالَ أَتَجِدُ عِتْقَ رَقَبَةٍ قَالَ لَا قَالَ أَتَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا قال

أَفَتَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لَا قَالَ فَأُتِيَ بِعَرَقِ تَمْرٍ فَقَالَ تَصَدَّقْ بِهِ قَالَ عَلَى أَفْقَرِ مِنَّا مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَحَدٌ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا قَالَ أَطْعِمْهُ عِيَالَكَ وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءٌ بِمَعْنَاهُ وَزَادَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا رُخْصَةً لَهُ خَاصَّةً وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فَعَلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنَ التَّكْفِيرِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَضَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مَعَ الْكَفَّارَةِ فَقَالَ مَالِكٌ الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَصِيَامُ ذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَ وَلَيْسَ الْعِتْقُ وَالصَّوْمُ مِنْ كَفَّارَةِ رَمَضَانَ فِي شَيْءٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ كَفَّرَ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالطَّعَامِ صَامَ يَوْمًا مَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي أَفْطَرَهُ وَإِنْ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ دَخَلَ فِيهِمَا قَضَاءُ يَوْمِهِ ذَلِكَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يَقْضِي الْيَوْمَ وَيُكَفِّرُ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَحْتَمِلُ إِنْ كَفَّرَ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ بَدَلًا مِنَ الصِّيَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الصِّيَامُ مَعَ الكفارة ولكل وَجْهٌ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُكَفِّرَ وَيَصُومَ مَعَ الْكَفَّارَةِ هَذِهِ رِوَايَةُ الرَّبِيعِ عَنْهُ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ عنه من وطىء امْرَأَتَهُ فَأَوْلَجَ عَامِدًا كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ وَيُكَفِّرُ مِثْلَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي يُجَامِعُ فِي رَمَضَانَ فَكَفَّرَ أَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا مَكَانَهُ قَالَ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا

مَكَانَهُ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يَرَ مَعَ الْكَفَّارَةِ قَضَاءً أَنَّهُ لَيْسَ فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا خَبَرِ عَائِشَةَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي لَا عِلَّةَ فِيهَا ذِكْرُ الْقَضَاءِ وَإِنَّمَا فِيهِ الْكَفَّارَةُ فَقَطْ وَلَوْ كَانَ الْقَضَاءُ وَاجِبًا لَذَكَرَهُ مَعَ الْكَفَّارَةِ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى الْقَضَاءَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ يَنْتِفُ شَعْرَهُ وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَادَ وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْضِيَ يَوْمًا مَكَانَهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَجَّاجٍ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَذَكَرَهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فَأُتِيَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ قَدْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَقَالَ فِيهِ كُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ وَصُمْ يَوْمًا وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَالْقِيَاسِ لَا يَسْقُطُ الْقَضَاءُ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ

عُقُوبَةُ الذَّنْبِ الَّذِي رَكِبَهُ وَالْقَضَاءُ بَدَلٌ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي أَفْسَدَهُ وَكَمَا لَا يَسْقُطُ عَنِ المفسد حجه بالوطىء إِذَا أَهْدَى الْقَضَاءُ لِلْبَدَلِ بِالْهَدْيِ فَكَذَلِكَ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِيمَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ بِأَكْلٍ أَوْ بِشُرْبٍ مُتَعَمِّدًا فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ عَلَيْهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ مَا عَلَى الْمُجَامِعِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى أَصْلِهِ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ فِي رِوَايَةٍ وَعَنِ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ والشعبي وقتادة وروى مغيرة عن إبرهيم مثله وقال الشافعي عليه مع القضاء العقوبة لِانْتِهَاكِهِ حُرْمَةَ الشَّهْرِ وَسَائِرُ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ مِنَ التَّابِعِينَ قَالَ يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إِلَيْهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَصْنَعُ مَعْرُوفًا وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْهُمْ عُقُوبَةٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا أَقُولُ بِالْكَفَّارَةِ إِلَّا فِي الْغَشَيَانِ ذَكَرَهُ عَنْهُ الْأَثْرَمُ قَالَ وَقِيلَ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى رَجُلٌ أَكَلَ مُتَعَمِّدًا فِي رَمَضَانَ فَقَالَ هَذَا الَّذِي أَتَهَيَّبُهُ أَنْ أُفْتِيَ بِكَفَّارَةٍ أَقُولُ يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ وَإِنْ كَفَّرَ لَمْ يَضُرَّهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَيْضًا أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ كَانَ عَلَيْهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ يُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ صَوْمُ شَهْرٍ أَوْ إِطْعَامُ ثَلَاثِينَ مسكينا حدثنا محمد بن إبرهيم حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي حَرِيزٍ أَنَّ أَيْفَعَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَمَّنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ صَوْمُ شَهْرٍ أَوْ إِطْعَامُ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا قَالَ قُلْتُ وَمَنْ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ سَمِعَ أَذَانَ الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَجْمَعْ وَلَيْسَ لَهُ عُذْرٌ قَالَ كَذَلِكَ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ وَعَنْهُ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا وَكَانَ رَبِيعَةُ يَحْتَجُّ لِقَوْلِهِ هَذَا بِأَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ فُضِّلَ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فَمَنْ أَفْطَرَ فِيهِ يَوْمًا كَانَ عَلَيْهِ اثْنَا عَشَرَ يَوْمًا وَكَانَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَعْجَبُ مِنْ هَذَا وَيَتَنَقَّصُ فِيهِ رَبِيعَةَ وَيَهْجُنُهُ وَكَانَ لَا يَرْضَى عَنْهُ وَلِرَبِيعَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ شُذُوذٌ كَثِيرٌ مِنْهَا فِي الْمُحْرِمِ يَقْتُلُ جَرَادَةً قَالَ عَلَيْهِ صَاعٌ مِنْ قَمْحٍ قَالَ لِأَنَّهُ أَدْنَى الصَّيْدِ وَمِنْهَا فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ الْأَرْبَعِ وَجَهِلَهَا بِعَيْنِهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِنَّ شَيْءٌ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهِنَّ إِلَى أَشْيَاءَ يَطُولُ ذِكْرُهَا لَيْسَ بِنَا حَاجَةٌ إِلَى الْإِتْيَانِ بِهَا وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ أَكَلَ فِي رَمَضَانَ عَامِدًا قَالَ عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ قَالَ قُلْتُ يَوْمَيْنِ

قَالَ صِيَامُ شَهْرٍ قَالَ فَعَدَدْتُ أَيَّامًا فَقَالَ صِيَامُ شَهْرٍ هَكَذَا قَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ وَهِيَ رِوَايَةٌ مُفَسِّرَةٌ وَأَظُنُّهُ ذَهَبَ إِلَى التَّتَابُعِ فِي الشَّهْرِ لَا يَخْلِطُهُ بِفِطْرٍ كَأَنَّهُ يَقُولُ مَنْ أَفْسَدَهُ بِفِطْرِ يَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ قَضَاهُ كُلَّهُ نَسَقًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي الرَّجُلِ يُفْطِرُ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا قَالَ يَصُومُ شَهْرًا وَلَمْ يَزِدْ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ وَأَبِي عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي الَّذِي يُفْطِرُ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا قَالَ يَصُومُ شَهْرًا وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدَةَ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ أَرْسَلَ أَبُو قِلَابَةَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي رَجُلٍ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا فَقَالَ سَعِيدٌ يَصُومُ عَنْ مَكَانِ كُلِّ يَوْمٍ أَفْطَرَ شَهْرًا وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عِنْدِي وَهْمٌ عَنْ سَعِيدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالصَّحِيحُ عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ وَذَكَرَ مَعْمَرٌ أَيْضًا عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ يَقْضِي يَوْمًا وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَرُوِيَ عن إبرهيم النَّخَعِيِّ رَوَى بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبرهيم فِي رَجُلٍ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ قَالَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَا يَعُدْ وَيَصُومُ يَوْمًا مَكَانَهُ وروى حماد بن أبي سليمان عن إبرهيم أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ

مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ آلَافِ يَوْمٍ وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامًا خَرَجَ عَلَى التَّغْلِيظِ وَالْغَضَبِ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلِيٍّ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ عَامِدًا لَمْ يُكَفِّرْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ إبرهيم مِنْ رِوَايَةِ مُغِيرَةَ وَغَيْرِهِ مَا يُوَضِّحُ لَكَ هَذَا عَلَى أَنَّ أَقَاوِيلَ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا تَرَى لَا وَجْهَ لَهَا عِنْدَ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالنَّظَرِ وَجَمَاعَةِ أَهْلِ الْأَثَرِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهَا لِمُخَالَفَتِهَا لِلسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا قَوْلُ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ وَالْحُجَّةُ لَهُمْ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ الْآكِلَ وَالشَّارِبَ فِي الْقِيَاسِ كَالْمُجَامِعِ سَوَاءٌ لِأَنَّ الصَّوْمَ فِي الشَّرِيعَةِ فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَسَبِيلُ نَظِيرِهِ فِي الْحُكْمِ سَبِيلُهُ وَالنُّكْتَةُ الْجَامِعَةُ بَيْنَهُمَا انْتِهَاكُ حُرْمَةِ الشَّهْرِ بِمَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ عَمْدًا وقد تقدم أن لفظ حديث ملك فِي هَذَا الْبَابِ يَجْمَعُ كُلَّ فِطْرٍ وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ وَالْحُجَّةُ لَهُمْ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي الْمُجَامِعِ أَهْلَهُ وَلَيْسَ الْآكِلُ مِثْلَهُ بِدَلِيلِ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَقِيءَ عَمْدًا إِنَّمَا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَهُوَ مُفْطِرٌ عَمْدًا وَكَذَلِكَ مُزْدَرِدُ الْحَصَاةِ عَمْدًا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ مُفْطِرٌ مُتَعَمِّدًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ لِأَنَّ الذِّمَّةَ بَرِيئَةٌ فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا بِيَقِينٍ وَالْآكِلُ عَمْدًا لَا يُرْجَمُ وَلَا يُجْلَدُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غُسْلٌ فَلَيْسَ كَالْمُجَامِعِ وَالْكَلَامُ فِي

هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَطُولُ وَفِيمَا لَوَّحْنَا بِهِ كِفَايَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رَوَى أَبُو الْمُطَوِّسِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا لَمْ يُجْزِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَوْ صَحَّ عَلَى التَّغْلِيظِ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ وَقَدْ جَاءَتِ الْكَفَّارَةُ بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ وَالْكَفَّارَةُ تَغْطِيَةُ الذَّنْبِ وَغُفْرَانُهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِيمَا يُجْزِي مِنَ الْإِطْعَامِ عَمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ بِهِ عَنْ فساد يوم من شهر رمضان فقال ملك وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالْأَوْزَاعِيُّ يُطْعِمُ سِتِّينَ مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسِتِّينَ مِسْكِينًا مُدًّا لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَالْحُجَّةُ لِمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيُّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِقْلٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ

حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ هَلَكْتُ قَالَ وَيَحَكَ وَمَا صَنَعْتَ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي قَالَ أَعْتِقْ رَقَبَةً قَالَ مَا أَجِدُهَا قَالَ فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ مَا أَجِدُ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَفِي حَدِيثِ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ بِمِكْتَلٍ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَقَالَ أَيْنَ السَّائِلُ فَقَالَ هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ خُذْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَى غَيْرِ أَهْلِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ أَحْوَجَ مِنِّي فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ وَقَالَ خُذْهُ وَاسْتَغْفِرْ رَبَّكَ وَإِذَا أَطْعَمَ خَمْسَةَ عَشَرَ سِتِّينَ أَصَابَ كُلُّ مِسْكِينٍ مِنْهُمْ رُبُعَ صَاعٍ وَذَلِكَ مُدٌّ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا قَاطِعٌ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يُجْزِيهِ أَقَلُّ مِنْ مُدَّيْنِ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ نِصْفُ صَاعٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ تَتِمَّةُ ثَلَاثِينَ صَاعًا قِيَاسًا مِنْهُمْ عَلَى إِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمِقْدَارُ الَّذِي لَا يُجْزِي أَقَلُّ مِنْهُ فِي فِدْيَةِ الْأَدَاءِ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ نَصٌّ لَا قِيَاسٌ وَقَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِنَّمَا هُوَ لِحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ لَيِّنٌ

ضَعِيفٌ سِيَّمَا فِي ابْنِ شِهَابٍ وَأَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو بَكْرٍ الْأُوَيْسِيُّ! ضَعِيفَانِ وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ لِتَقِفَ عَلَيْهِ وَتَعْرِفَهُ وَتَعْرِفَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَا يَصِحُّ لِابْنِ شِهَابٍ إِلَّا عَنْ حُمَيْدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ قَالَ أَعْتِقْ رَقَبَةً قَالَ لَا أَجِدُهَا قَالَ صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لَا أَجِدُ قَالَ فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تمر قدر خمسة عشر صاعا قال خذا هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ قَالَ مَا أَحَدٌ أَحْوَجَ مِنِّي وَمِنْ أَهْلِ بَيْتِي قَالَ كُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أيضا في الواطيء أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّكْفِيرُ بِالْإِطْعَامِ دُونَ غَيْرِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَا يُطْعِمُ وكان في حكم الرجل الذي ورد هذاالحديث فِيهِ فَأَمَّا مَالِكٌ فَلَمْ أَجِدْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا مَنْصُوصًا وَكَانَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ يَقُولُ إِنَّهَا عَلَى الْمُعْسِرِ وَاجِبَةٌ فَإِذَا أَيْسَرَ أَدَّاهَا وَقَدْ يُخَرَّجُ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ عَلَى هَذَا لِأَنَّهُ جَعَلَ إِبَاحَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَكْلَ الْكَفَّارَةِ رُخْصَةً لَهُ وَخُصُوصًا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فَعَلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنَ التَّكْفِيرِ

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا فَلَمْ يَجِدْ كَفَّارَةَ الْمُفْطِرِ ولم يقدر على الصيام أيسئل فِي الْكَفَّارَةِ فَقَالَ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَّارَةَ الْمُفْطِرِ عَلَى أَهْلِهِ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَلَا يَعُدْ وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ شَيْئًا إِذَا كَانَ فِي وَقْتِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ مُعْسِرًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلْهُ وَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ يحتمل معانيا مِنْهَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أَصَابَ فِيهِ أَهْلَهُ لَيْسَ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنَ الْكَفَّارَاتِ تَطَوَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ قَالَ لَهُ فِي شَيْءٍ أُتِيَ بِهِ كَفِّرْ بِهِ فَلَمَّا ذَكَرَ الْحَاجَةَ وَلَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ قَبَضَهُ قَالَ لَهُ كله وأطعمه أهلك وجعل التمليك له حنيئذ مَعَ الْقَبْضِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَمَّا مَلَكَهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ وَكَانَ إِنَّمَا تَكُونُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ فَضْلٌ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فَضْلٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ هُوَ وَأَهْلُهُ لِحَاجَتِهِ وَيَحْتَمِلَ فِي هَذَا أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ دَيْنًا عَلَيْهِ مَتَى أَطَاقَهَا أَدَّاهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ وَكَانَ هَذَا أَحَبَّ إِلَيْنَا وَأَقْرَبَ مِنَ الِاحْتِيَاطِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ إِذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْكَفَّارَاتِ وَكَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ وَأَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ إِذَا كانوا محتاجين بتلك الْكَفَّارَةَ وَتُجْزِي عَنْهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ فِي حَالِهِ تِلْكَ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ سَاقِطَةً عَنْهُ إِذَا كَانَ مَغْلُوبًا كَمَا سَقَطَتِ الصَّلَاةُ عَنِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مَغْلُوبًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَطْعِمْ عِيَالَكَ أَتَقُولُ بِهِ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا وَلَكِنْ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَفَّارَاتِ إِلَّا فِي هَذَا بِعَيْنِهِ فِي الْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ لَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَلَا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَلَا فِي غَيْرِهَا إِلَّا فِي الْجِمَاعِ وَحْدَهُ قِيلَ لَهُ أَلَيْسَ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ حِينَ ظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ وَوَقَعَ عَلَيْهَا نَحْوُ هَذَا فَقَالَ وَلِمَنْ تَقُولُ هَذَا إِنَّمَا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ تَصَدَّقْ بِكَذَا وَاسْتَعِنْ بِسَائِرِهِ عَلَى أَهْلِكَ فَإِنَّمَا أَمَرَ لَهُ بِمَا يَبْقَى قُلْتُ لَهُ فَإِنْ كَانَ الْمُجَامِعُ فِي رَمَضَانَ مُحْتَاجًا فَأَطْعَمَهُ عِيَالَهُ فَقَدَ أَجْزَأَ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ أَجْزَأَ عَنْهُ قُلْتُ وَلَا يُكَفِّرُ مَرَّةً أُخْرَى إِذَا وَجَدَ قَالَ لَا قَدْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ إِلَّا أَنَّهُ خَاصٌّ فِي الْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ وَحْدَهُ وَزَعَمَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ قِيَاسَ قَوْلِ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي ثَوْرٍ أَنَّ الْكَفَّارَةَ دَيْنٌ عَلَيْهِ لَا يُسْقِطُهَا عَنْهُ إِعْسَارُهُ بِهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا إِذَا قَدَرَ عَلَيْهَا وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي كُلِّ كَفَّارَةٍ لَزِمَتْ إِنْسَانًا فَسَبِيلُهَا عِنْدَهُمُ الْوُجُوبُ فِي ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ يُؤَدِّيهَا إِذَا أَيْسَرَ فَكَذَلِكَ سَبِيلُ كَفَّارَةِ الْمُفْطِرِ فِي رَمَضَانَ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِمْ - قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ فِي إِسْقَاطِ الْكَفَّارَةِ عَنِ الْمُعْسِرِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ لَهُ كُلْهُ أَنْتَ وَعِيَالُكَ لَمْ يَقُلْ لَهُ وَتُؤَدِّيهَا إِذَا

أَيْسَرْتَ وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَمْ يَسْكُتْ عَنْهُ حَتَّى يُبَيِّنَ ذَلِكَ لَهُ قِيلَ لَهُ وَلَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا سَاقِطَةٌ عَنْكَ لِعُسْرَتِكَ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَهُ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ وَكُلُّ مَا وَجَبَ أَدَاؤُهُ فِي الْيَسَارِ لَزِمَ الذِّمَّةَ إِلَى الْمَيْسَرَةِ عَلَى وَجْهِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا وَطِئَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ طَائِعَةٌ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا طَاوَعَتْهُ زَوْجَتُهُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ وَإِنْ أَكْرَهَهَا فَعَلَيْهِ كفارتان عنه وعنها وكذلك إذا وطىء أَمَتَهُ كَفَّرَ كَفَّارَتَيْنِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ سَوَاءٌ طَاوَعَتْهُ أَوْ أَكْرَهَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِمَا إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إِنْ كَفَّرَ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالْإِطْعَامِ فَإِنْ كَفَّرَ بِالصِّيَامِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْعِتْقُ وَالْإِطْعَامُ سَوَاءٌ لَيْسَ عَلَيْهِمَا إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَسَوَاءٌ طَاوَعَتْهُ أَوْ أَكْرَهَهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَجَابَ السَّائِلَ بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَسْأَلْهُ أَطَاوَعَتْهُ امْرَأَتُهُ أَوْ أَكْرَهَهَا وَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفًا لَمَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبْيِينَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَقَدْ أجمعوا أن كفارة المظاهر واحدة وان وطيء وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ طَاوَعَتْهُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ وَإِنْ أَكْرَهَهَا فَعَلَيْهِ كفارة واحدة لا غير وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى الْكَفَّارَةَ لَازِمَةً عَلَيْهَا إِنْ طَاوَعَتْهُ الْقِيَاسُ عَلَى قَضَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَمَّا وَجَبَ عَلَيْهَا قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَجَبَ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ عَنْهُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ جَامَعَ نَاسِيًا لِصَوْمِهِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ في رواة الْأَشْجَعِيِّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ

رَاهَوَيْهِ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَا قَضَاءَ وَلَا كَفَّارَةَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا عِنْدَهُمْ وَهُوَ قول الحسن وعطاء ومجاهد وإبرهيم وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ فِي رِوَايَةِ الْمُعَافَى عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ رَأَى عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ مَعَ الْقَضَاءِ وَقَالَ مِثْلُ هَذَا لَا يُنْسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ أَهْلَهُ نَاسِيًا لَا يَجْعَلُ لَهُ عُذْرًا وَيَقُولُ لَا يَنْسَى هَذَا وَلَا يَجْهَلُهُ وقال قوم من أهل الظاهر سواء وطىء نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْمُوجِبَ لِلْكَفَّارَةِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ النَّاسِي وَالْعَامِدِ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِيمَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا فَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ وَأَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَدَاوُدُ لَا شي عَلَيْهِ وَيُتِمُّ صَوْمَهُ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ التَّابِعِينَ وقال ربيعة وملك عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَمَّنْ أَكَلَ نَاسِيًا فِي رَمَضَانَ فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَالِكٌ زَعَمُوا أَنَّهُ يَقُولُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَضَحِكَ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ أَحْسَنُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الله

ابن مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَامِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ وَحَبِيبٍ وَهِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ صَائِمًا فَأَكَلْتُ وَشَرِبْتُ نَاسِيًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ أَطْعَمَكَ وَسَقَاكَ أَتِمَّ صَوْمَكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا فَلْيَمْضِ فِي صَوْمِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ فِي الْمُفْطِرِ نَاسِيًا بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَابْنُ عُمَرَ وَعَلْقَمَةُ وإبرهيم وَابْنُ سِيرِينَ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ الْأَثْرَمُ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَجُلٌ نَسِيَ

فَجَامَعَ فَقَالَ لَيْسَ الْجِمَاعُ مِثْلُ الْأَكْلِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ نَاسِيًا كَانَ أَوْ عَامِدًا لِأَنَّ الَّذِي جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وقعت على امرأتي ولم يسئله النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَسِيتَ أَمْ تَعَمَّدْتَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَظَاهِرُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَعْتُ على امرأتي النسيان والجهالة فلم يسئله أَنَسِيتَ أَمْ تَعَمَّدْتَ وَأَفْتَاهُ عَلَى ظَاهِرِ الْفِعْلِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُجَامِعَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ عَامِدًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ حَاشَا قَتَادَةَ وَحْدَهُ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُفْطِرَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ لَا يَقْضِيهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانَ عليه من رمضان لا غير إِلَّا ابْنَ وَهْبٍ فَإِنَّهُ جَعَلَ عَلَيْهِ يَوْمَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الْحَجِّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ وطيء فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَفْطَرَ مَرَّتَيْنِ أَوْ مِرَارًا فِي أَيَّامٍ مِنْ أيام رمضان فقال مالك والليث وَالشَّافِعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ كفارة وسواء وطيء الْمَرَّةَ الْأُخْرَى قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ أَوْ بَعْدَ أَنْ يُكَفِّرَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا جَامَعَ أَيَّامًا فِي رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يُكَفِّرْ ثُمَّ يَعُودُ وَكَذَلِكَ الْآكِلُ وَالشَّارِبُ عِنْدَهُمْ فَإِنْ كَفَّرَ ثُمَّ عَادَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى قَالُوا وَإِنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَرَوَى آخَرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا أَفْطَرَ وَكَفَّرَ ثُمَّ عَادَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِإِفْطَارِهِ الثَّانِي إِذَا كَانَ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ وَاخْتَلَفَ عَنِ الثَّوْرِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ وَرُوِيَ عنه غير ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ فَأُتِيَ بِعَرَقِ تَمْرٍ فَأَكْثَرُهُمْ يَرْوِيهِ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَالصَّوَابُ عِنْدَ أَهْلِ الْإِتْقَانِ فِيهِ فَتْحُ الرَّاءِ وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَقَدْ زَعَمَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا رَوَاهُ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا بِتَحْرِيكِ الرَّاءِ وَبِالْفَتْحِ قَالَ وَالْعَرَقُ بِتَسْكِينِ الرَّاءِ هُوَ العظم

قَالَ وَتَأْوِيلُ الْعَرَقِ بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمِكْتَلُ الْعَظِيمُ الَّذِي يَسَعُ قَدْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَهُوَ سِتُّونَ مُدًّا كَذَلِكَ سَمِعْتُ مُطَرِّفًا وَابْنَ الْمَاجِشُونِ يَقُولَانِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْعَرَقَ لِضَفْرِهِ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مَضْفُورٍ فَهُوَ عَرَقٌ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْمِكْتَلُ عَرَقًا لِأَنَّهُ مَضْفُورٌ بِالْخُوصِ قَالَ أَبُو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ ... نَغْزُو فَنَتْرُكُ فِي الْمَزَاحِفِ مَنْ ثَوَى ... ... وَنُمِرُّ فِي الْعَرَقَاتِ مَنْ لَمْ نَقْتُلِ ... يَقُولُ نَأْسِرُهُمْ فَنَشُدُّهُمْ فِي الْعَرَقَاتِ يَعْنِي النُّسُوعَ لِأَنَّهَا مَضْفُورَةٌ قَالَ وَكُلُّ شَيْءٍ مُصْطَفٍّ مِثْلُ الطَّيْرِ إِذَا صَفَّتْ فِي السَّمَاءِ فَهِيَ عَرَقَةٌ لِأَنَّهَا شُبِّهَتْ بِالشَّيْءِ الْمَضْفُورِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ الْأَخْفَشُ الْمِكْتَلُ الْعَظِيمُ فَإِنَّمَا سُمَّيَ عَرَقًا لِأَنَّهُ يُعْمَلُ عَرَقَةً عَرَقَةً ثُمَّ يُضَمُّ وَالْعَرَقُ الطَّرِيقَةُ الْعَرِيضَةُ لِذَلِكَ سُمِّيَتْ طُرَّةُ الْكِتَابِ عَرَقَةً لِعِرَضِهَا وَاصْطِفَافِهَا وَكَذَلِكَ إِذَا مَرَّتِ الطَّيْرُ مُصْطَفَّةً يُقَالُ مَرَّتْ بِنَا عَرَقَةٌ مِنْ طَيْرٍ وَكَذَلِكَ إِذَا جَاءَتِ الْخَيْلُ صَفًّا قِيلَ قَدْ جَاءَتِ الْخَيْلُ عَلَى عَرَقَةٍ واحدة وقال غير الْأَخْفَشُ يُقَالُ عَرَقَةٌ وَعَرَقٌ كَمَا يُقَالُ عَلَقَةٌ وَعَلَقٌ - قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمَسَائِلِ وَالتَّوْجِيهَاتِ فِي هَذَا الْبَابِ مَوْجُودَةُ الْمَعْنَى فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلِذَلِكَ ذَكَرْنَاهَا وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِيهَا لِتَكْمُلَ الْفَائِدَةُ وَيُبَيَّنُ الْحَقُّ عَلَى شَرْطِنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا

الحديث السابع والعشرون

حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ نُودِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ يُدْعَى مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا قَالَ نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ - تَابَعَ يَحْيَى عَلَى تَوْصِيلِ هَذَا جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ إِلَّا ابْنَ بُكَيْرٍ فَإِنَّهُ أَرْسَلَهُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ مُرْسَلًا وَقَدْ أَسْنَدَهُ جِلَّةٌ عَنْ مَالِكٍ مِنْهُمْ مَعْنٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ محمد الفريابي

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا مِنْ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا قَالَ نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَرْبِيُّ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي اللَّهِ نُودِيَ إِلَى الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ وَذَكَرَ الحديث وليس هو عند القعنبي لَا مُرْسَلًا وَلَا مُسْنَدًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ وَالْفَضَائِلِ الْحَضُّ عَلَى الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ وَالْحِرْصِ عَلَى الصَّوْمِ وَفِيهِ أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ لَا يُفْتَحُ فِي الْأَغْلَبِ لِلْإِنْسَانِ الواحد في جميعها وَأَنَّ مَنْ فُتِحَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حرم غيرها

في الأغلب وأنه قد تفتح في جميعها لِلْقَلِيلِ مِنَ النَّاسِ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ الْقَلِيلِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَيْءٍ عُرِفَ بِهِ وَنُسِبَ إِلَيْهِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ يُرِيدُ مَنْ أَكْثَرَ مِنْهَا فَنُسِبَ إِلَيْهَا لِأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ مَنْ أَكْثَرَ مِنَ الْجِهَادِ وَمِنَ الصِّيَامِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَنُسِبَ إِلَيْهِ دُعِيَ مِنْ بَابِهِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِمَّا يُشْبِهُ مَا ذَكَرْنَا مَا جَاوَبَ بِهِ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ الْعُمَرِيَّ الْعَابِدَ وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيَّ الْعَابِدَ كَتَبَ إِلَى مَالِكٍ يَحُضُّهُ إِلَى الِانْفِرَادِ وَالْعَمَلِ وَيَرْغَبُ بِهِ عَنِ الِاجْتِمَاعِ إِلَيْهِ فِي الْعِلْمِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَسَّمَ الْأَعْمَالَ كَمَا قَسَّمَ الْأَرْزَاقَ فَرُبَّ رَجُلٍ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي الصَّوْمِ وَآخَرَ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي الصِّيَامِ وَآخَرَ فُتِحَ لَهُ فِي الْجِهَادِ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي الصَّلَاةِ وَنَشْرُ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمُهُ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَقَدْ رَضِيتُ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ لِي فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَمَا أَظُنُّ مَا أَنَا فِيهِ بِدُونِ مَا أَنْتَ فِيهِ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ كِلَانَا عَلَى خَيْرٍ وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أَنْ يَرْضَى بِمَا قُسِّمَ لَهُ وَالسَّلَامُ هَذَا مَعْنَى كَلَامِ مَالِكٍ لِأَنِّي كَتَبْتُهُ مِنْ حِفْظِي وَسَقَطَ عَنِّي فِي حِينِ كِتَابَتِي أَصْلِي مِنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ أَنْفَقَ شَيْئَيْنِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ نَحْوَ دِرْهَمَيْنِ أَوْ دِينَارَيْنِ أَوْ فَرَسَيْنِ أَوْ قَمِيصَيْنِ وَكَذَلِكَ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَمَشَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ خُطْوَتَيْنِ أَوْ صَامَ يَوْمَيْنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَقَلَّ التَّكْرَارِ وَأَقَلَّ وُجُوهِ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ أَقَلُّ الْجَمْعِ وَمِنْ أَعْلَى مَنْ رُوِّينَا عَنْهُ هَذَا التَّفْسِيرَ فِي زَوْجَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رحمه الله

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّا النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي أَبُو زَكَرِيَّاءُ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَنْبَأَنَا هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنِي صَعْصَعَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ لقيت أبا ذر وهو يقود بعيرا لَهُ فِي عُنُقِهِ قِرْبَةٌ فَقُلْتُ يَا أَبَا ذَرٍّ مَالَكَ قَالَ لِي عَمَلٌ قُلْتُ حَدِّثْنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَمُوتُ لَهُمَا ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا أَدْخَلَهُمَا اللَّهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمُ الْجَنَّةَ وَمَا مِنْ مُسْلِمٍ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا ابْتَدَرَتْهُ حَجَبَةُ الْجَنَّةِ قَالَ فَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ زَوْجَيْنِ دِرْهَمَيْنِ دِينَارَيْنِ عَبْدَيْنِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ اثْنَانِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْجَنَّةِ أَبْوَابًا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةٌ وَأَبْوَابُ جهنم سبعة

أَجَارَنَا اللَّهُ مِنْ جَهَنَّمَ وَأَدْخَلَنَا الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ آمِينَ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ وَاللُّغَةِ إِنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حتى إذا جاؤوها وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا فَذَكَرَ ذَلِكَ بِالْوَاوِ وَقَالَ فِي جَهَنَّمَ فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا بِلَا وَاوٍ قَالَ فَالْوَاوُ فِي ذِكْرِ الْجَنَّةِ هِيَ وَاوُ الثَّمَانِيَةِ لِأَنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ فَمِنْ هُنَاكَ ذُكِرَتِ الْوَاوُ فِي ذَلِكَ وَوَاوُ الثَّمَانِيَةِ عِنْدَهُمْ مَعْرُوفَةٌ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَأَدْخَلَ الْوَاوَ فِي الصِّفَةِ الثَّامِنَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا فَأَدْخَلَ الْوَاوَ فِي الصِّفَةِ الثامنة

فسموا هذه الواو واو الماننية وَمِنْهَا عِنْدَهُمْ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ وَمَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ عِنْدِي حَسَنٌ وَقَدْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ إِنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا لَيْسَتْ وَاوَ الثَّمَانِيَةِ وَلَا وَجْهَ لِمَا أُنْكِرَ مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ قَالَ حدثني إبرهيم بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ وُضُوءَهُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَادِقًا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ قَلْبِهِ شَكَّ أَيَّهُمَا قَالَ فُتِحَ لَهُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ هَكَذَا قَالَ فُتِحَ لَهُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَسْطَامِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمَقَّرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ عَمِّهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ

الْخَطَّابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ مِنَ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ رُوَاةِ مُصَنِّفِ أَبِي دَاوُدَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبرهيم قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ وَأَبِي عُثْمَانَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ مِنَ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ هَكَذَا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ كُلِّهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَسَانِيدِ فِي خَبَرِ عُمَرَ هَذَا فُتِحَ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ مِنْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ جُبَيْرٍ وَرَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ جَمِيعًا عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ فَعَلَى هَذَا اللَّفْظِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةٌ كَمَا قَالُوا وَكَذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ رَجُلٍ يتوضأ

فَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ وَقَدْ رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا غَرِيبًا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحِيرِ بْنِ يَسَارٍ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ أَحَدٍ يُنْفِقُ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ إِلَّا دُعِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الريان لا يصح هذا الإسناد عن ملك وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحِيرٍ وَأَبُوهُ يُتَّهَمَانِ بِوَضْعِ الْأَحَادِيثِ وَالْأَسَانِيدِ وَقَدْ ذَكَرَ الْبَزَّارُ عَنْ حَاجِبِ بْنِ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلْجَنَّةِ بَابًا يُدْعَى الرَّيَّانَ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ فَإِذَا أُدْخِلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ وَالرَّيَّانُ فَعْلَانُ مِنَ الرِّيِّ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ صَامَ يَوْمَيْنِ مُحْتَسِبًا بِهِمَا وَجْهَ اللَّهِ

يُعَطِّشُ فِيهِمَا نَفْسَهُ سَقَاهُ اللَّهُ وَأَرْوَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا يَوْمَيْنِ وَلَمْ نَقُلْ يَوْمًا واحدا وإن كان جاء في غير هَذَا الْحَدِيثُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ وَمَنْ أَرْوَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ يَظْمَأْ وَلَمْ يَنَلْ بُؤْسًا وَتِلْكَ حَالُ مَنْ غُفِرَ لَهُ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ لَا حَرَمَنَا اللَّهُ ذَلِكَ بِرَحْمَتِهِ آمِينَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِلْجَنَّةِ بَابٌ يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ لِلْجَنَّةِ أَبْوَابًا وَفِي حَدِيثِنَا هَذَا أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَنَّهُ مِمَّنْ جُمِعَ لَهُ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَأَنَّهُ يُنَادَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ جَمِيعِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ لِتَقَدُّمِهِ فِي أَعْمَالِ الْبِرِّ وَرَجَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقِينٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَعْنَى الدُّعَاءِ مِنْ تِلْكَ الأبواب اعطاؤه

ثَوَابَ الْعَامِلِينَ وَنَيْلُهُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ مَنْ صَامَ الْيَوْمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا قَالَ مَنْ تَصَدَّقَ الْيَوْمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا قَالَ مَنْ عَادَ الْيَوْمَ مَرِيضًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا قَالَ فَمَنْ شَهِدَ الْيَوْمَ جِنَازَةً قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا فَقَالَ وَجَبَتْ لَكَ وَجَبَتْ لَكَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي الْجَنَّةَ فَهَنِيئًا لَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْجَنَّةَ وَعَنْ جماعة الصحابة

الحديث الثامن والعشرون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ يُسْنَدُ مِنْ وُجُوهٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِهِ لَأَمَرَهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ هَذَا الْحَدِيثُ يَدْخُلُ فِي الْمُسْنَدِ لِاتِّصَالِهِ مِنْ غَيْرِ مَا وَجْهٍ وَلِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَمِمَّنْ رَوَاهُ كَذَلِكَ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى أَبُو الْمُصْعَبِ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَالْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ نَافِعٍ وَرَوَاهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى وأيوب بن

صَالِحٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَحَوْثَرَةُ وَأَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيُّ الْأَصَمُّ وَبِشْرُ ابْنُ عُمَرَ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ وَسَحْنُونُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لولا أن يشق عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ وَالصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ فِي الْمُوَطَّأِ مَا ذَكَرْنَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَقَرَأْتُهُ عَلَى ابْنِ نَافِعٍ قَالُوا حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بالسواك مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ وَلَمْ

يَرْفَعْهُ ابْنُ وَهْبٍ وَلَا ابْنُ نَافِعٍ وَحَدَّثَنَا محمد بن إبرهيم قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى الْمُقْرِي قَالَ حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْحَاقَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وإبرهيم بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَا حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ

فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ السِّوَاكِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ لِقَوْلِهِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ وَمَعَ كُلِّ صَلَاةٍ وَالصَّلَاةُ قَدْ تَجِبُ فِي أَكْثَرِ السَّاعَاتِ بالعشيء وَالْهَجِيرِ وَالْغَدْوَاتِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ وَعَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَكَرِهَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى السِّوَاكُ الرَّطْبُ لِلصَّائِمِ وَأَجَازُوا الْيَابِسَ مِنْهُ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ لِلصَّائِمِ وَقَالَ

الثوري وأبو حنيفة والليث لَا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ لِلصَّائِمِ وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ أَكْرَهَهُ بِالْعَشِيِّ لِلْخَلُوفِ وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ السِّوَاكُ سُنَّةٌ لِلصَّائِمِ وَالْمُفْطِرِ وَالرَّطْبُ وَالْيَابِسُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَأْكُولٍ وَلَا مَشْرُوبٍ حَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عوف عن أبي هرييرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ حَيُّوَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَدَلُّ الدَّلَائِلِ عَلَى فَضْلِ السِّوَاكِ وَالرَّغْبَةِ فِيهِ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ التَّيْسِيرِ فِي أُمُورِ الدِّيَانَةِ وَأَنَّ مَا يَشُقُّ مِنْهَا مَكْرُوهٌ

قَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لَمْ يُخَيَّرْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَفَضْلُ السِّوَاكِ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَالصَّلَاةُ عِنْدَ الْجَمِيعِ بَعْدَ السِّوَاكِ أَفْضَلُ مِنْهَا قَبْلَهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يُحَافِظُونَ عَلَى السِّوَاكِ مَعَ وُضُوءِ الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَهُ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ وَكَانُوا أَشَدَّ مُحَافَظَةً عَلَيْهِ عِنْدَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ السِّوَاكُ شَطْرُ الْوُضُوءِ وَقَالَ وَرَكْعَةٌ عَلَى أَثَرِ سِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ لَا يَصِحُّ حَدِيثُ الصَّلَاةُ بِأَثَرِ السِّوَاكِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ سِوَاكٍ وَهُوَ بَاطِلٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أُحِبُّ السِّوَاكَ

لِلصَّلَاةِ عِنْدَ كُلِّ حَالٍ تَغَيَّرَ فِيهَا الْفَمُ نَحْوَ الِاسْتِيقَاظِ مِنَ النَّوْمِ وَالْأَزْمِ وَكُلِّ مَا يُغَيِّرُ الْفَمَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَمَرَهُمْ شَقَّ أَوْ لَمْ يَشُقَّ وَرُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ وَقَدْ كَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ السِّوَاكَ الَّذِي يُغَيِّرُ الْفَمَ وَيَصْبُغُهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الشَّبَهِ بِزِينَةِ النِّسَاءِ وَالسِّوَاكُ الْمَنْدُوبُ إِلَيْهِ هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَرَبِ وَفِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ الْأَرَاكُ وَالْبَشَامُ

وَكُلُّ مَا يَجْلُو الْأَسْنَانَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ صِبْغٌ وَلَوْنٌ فَهُوَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا خَلَا الرَّيْحَانَ وَالْقَصَبَ فَإِنَّهُمَا يُكْرَهَانِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِنَّ الْأَصْبُعَ تُغْنِي مِنَ السِّوَاكِ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ أَنَّهُ كَانَ يُدَلِّكُ أَسْنَانَهُ بِأُصْبُعِهِ وَيَسْتَجْزِي بِذَلِكَ مِنَ السِّوَاكِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الحديث التاسع والعشرون

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ مُسْنَدٌ ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِهَذَا الْيَوْمِ هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَيْسَ بِفَرْضٍ صِيَامُهُ وَلَا فَرْضَ إِلَّا صَوْمُ رَمَضَانَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ صَوْمِ عَاشُورَاءَ لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّهُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا صَائِمٌ إِلَّا لِفَضْلٍ فِيهِ وَفِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ ثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قال حدثنا حامد ابن يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ يَوْمًا يَتَحَرَّى فَضْلَهُ عَلَى

الْأَيَّامِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْهُ فَإِنَّ هَذِهِ إِبَاحَةٌ وَرَدَتْ بَعْدَ وُجُوبٍ وَذَلِكَ أَنَّ طَائِفَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ قَالُوا إِنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَانَ فَرْضًا ثُمَّ نُسِخَ بِشَهْرِ رَمَضَانَ فَلِهَذَا مَا أَخْبَرَهُمْ بِهَذَا الْكَلَامِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ صِيَامُ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ الْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَجَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي بَابِ حَدِيثِهِ عَنْ عُرْوَةَ فِي الْمَوَاقِيتِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ فَرَضَ الصِّيَامَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ بَدْرٍ يَعْنِي صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ رَمَضَانَ قَالَ رَسُولُ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ

فَلْيَتْرُكْهُ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَقَالَ فِيهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَيَأْمُرُ بِصِيَامِهِ وَقَدْ رَوَى شَيْخٌ يُسَمَّى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُوهِيٍّ عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ عَاشُورَاءَ وَيَأْمُرُ بِصِيَامِهِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَيْضًا عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ وهو غير مَحْفُوظٌ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَمَحْفُوظٌ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ إِلَّا إِسْنَادُ الْمُوَطَّأِ وَسَائِرُ ذَلِكَ عَنْهُ خَطَأٌ وَلَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ عَنْ عُرْوَةَ ابْنِ شِهَابٍ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ

- قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ صَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على وَجْهِ التَّبَرُّكِ وَالتَّبَرُّرِ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ عَلَى ذَلِكَ وَأَخْبَرَ بِفَضْلِ صَوْمِهِ وَفَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَهُ أَصْحَابُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ غَدًا يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَصُمْ وَأْمُرْ أَهْلَكَ أَنْ يَصُومُوا وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِثْلُ ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِصَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَقَدْ رَوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مِثْلَ رِوَايَةِ عَائِشَةَ رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي صَوْمِ عَاشُورَاءَ صَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَصُومُهُ مِنْ أَجْلِ حَدِيثِهِ هَذَا وَخَفِيَ عَلَيْهِ مَا نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صِيَامِهِ وَصَوْمِهِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ عَاشُورَاءُ يَوْمًا تَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَصُومُهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ عَلَى صَوْمِهِ يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَانَ طَاوُسٌ لَا يَصُومُهُ لِأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَمْ يَبْلُغْهُ مَا جَاءَ فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ وَلَيْسَ فِيمَا خَفِيَ عَلَيْهِ عَلَى مَا عَلِمَهُ غَيْرُهُ حُجَّةٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ لَا تَدْفَعُ هَذِهِ الْإِبَاحَةُ فَضْلَ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَعَمَلِهَا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ تَخْيِيرَهُ إِنَّمَا كَانَ لِسُقُوطِ وُجُوبِ صِيَامِهِ لَا أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِصَوْمِهِ وَلَمَّا سَقَطَ وُجُوبُهُ صِيمَ عَلَى جِهَةِ الْفَضْلِ وَالْآثَارُ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا عِنْدِي مِثْلَ قِيَامِ اللَّيْلِ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ فَرِيضَةً حَوْلًا كَامِلًا فَلَمَّا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ الْخَمْسُ صَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ فَضِيلَةً بَعْدَ فَرِيضَةٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَا أَنْبَأَ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَنْبَأَ

أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ فَقَالُوا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَظْهَرَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لم يَصُمْهُ أَيْضًا إِلَّا تَعْظِيمًا لَهُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ لِأَهْلِ يَثْرِبَ يَلْبَسُ فِيهِ النِّسَاءُ شَارَتَهُنَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِفُوهُمْ فَصُومُوهُ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالُوا كُنَّا نُؤْمَرُ بِصَوْمِ

عَاشُورَاءَ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ لَمْ نُؤْمَرْ بِهِ وَلَمْ نُنْهَ عَنْهُ وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ وَقَالَ عَلْقَمَةُ أَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فِيمَا بَيْنَ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ مَا مِنْ يَوْمٍ إِلَّا أَتَيْتُهُ فِيهِ فَمَا رَأَيْتُهُ فِي يَوْمٍ صَائِمًا إِلَّا يَوْمَ عَاشُورَاءَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يَفْرِضِ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ وَأَنَا صَائِمٌ الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَهُ فَضْلًا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وَقَدْ جَاءَ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ وَأَنَا صَائِمٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْحُفَّاظِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ ثُمَّ مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنِ التَّابِعِينَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى مَعَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ قَالَ صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً مَاضِيَةً رَوَاهُ أَبُو قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ

ابن إِسْمَاعِيلَ وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ شَابُورَ عَنْ أَبِي قَزَعَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ هَذِهِ السَّنَةَ وَالَّتِي تَلِيهَا وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ وَقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَسَعِيدٌ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ الْمِعْوَلِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِهِ وَالتَّرْغِيبِ فِي صِيَامِهِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ قَوْمًا قَدْ طَعِمُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ أَنْ يَكُفُّوا عَنِ الطَّعَامِ وَيَصُومُوا بَاقِيَ يَوْمِهِمْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ وَقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ أَذِّنْ فِي قَوْمِكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مَنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلْيُتِمَّ صِيَامَهُ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بْنِ حَارِثَةَ وَغَيْرِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَمِمَّنْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ مِنْهُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ قَالَ أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ اعْدُدْ فَإِذَا أَصْبَحْتَ يَوْمَ التَّاسِعِ فَأَصْبِحْ صَائِمًا قُلْتُ كَذَلِكَ كَانَ مُحَمَّدٌ يَصُومُ قَالَ نَعَمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ أَحَبَّ صَوْمَ عَاشُورَاءَ صَامَ يَوْمَيْنِ التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ وَأَظُنُّ ذَلِكَ احْتِيَاطًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَأَبُو رَافِعٍ صَاحِبُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنُ سِيرِينَ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَرَوَى يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ شُعْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَصُومُ عَاشُورَاءَ فِي السَّفَرِ وَيُوَالِي بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ مَخَافَةَ أَنْ يَفُوتَهُ وَرَوَى ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الْعَاشِرَ فَبَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَصُومُ التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَصُومُ التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ خَالِفُوا الْيَهُودَ وَصُومُوا التَّاسِعَ وَفِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ

واهْتِبَالِهِمْ بِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سَالِمٍ الطَّوِيلُ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ وَلَكِنَّ اسْمَهُ الْعَاشُورَاءُ وَرَوَى وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ 027) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لِأَصُومَنَّ الْيَوْمَ التَّاسِعَ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ وَكِيعٍ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا غَطَفَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يوم يعظمه اليهود والنصارى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ صُمْنَا التَّاسِعَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمَهْرِيِّ

عَنِ ابْنِ وَهْبٍ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الْعَاشِرَ إِلَى أَنْ مَاتَ وَلَمْ يَزَلْ يَصُومُهُ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَذَلِكَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي مُوَاظَبَتِهِ عَلَى صِيَامِهِ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْآثَارُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْبَابِ مُضْطَرِبَةٌ مُخْتَلِفَةٌ وَلَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَوَكِيعٌ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ وَمِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَنْ صَامَ يَوْمَيْنِ كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ صِيَامِ عَاشُورَاءَ وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ عَاشُورَاءُ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ قَالَ وَيُقَالُ التَّاسِعُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مِقْلَاصٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ ابْنِ شِهَابٍ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي سَفَرٍ وَكَانَ يَأْمُرُ بِفِطْرِ رمضان في السفر قال فرأيته صائما فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقُلْتُ يَا أَبَا بَكْرٍ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي السَّفَرِ وَأَنْتَ تُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ فَقَالَ إِنَّ رَمَضَانَ لَهُ عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَاشُورَاءُ يَفُوتُ

الحديث والثلاثون

حديث خامس لابن شهاب عن حميد ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجٍّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَتَنَاوَلَ قَصَّةً مِنْ شَعْرٍ كَانَتْ فِي يَدِ حَرَسِيٍّ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مِثْلِ هَذِهِ وَيَقُولُ إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ صُعُودُ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ لِلْخُطْبَةِ وَتَنَاوُلُهُ فِي الْخُطْبَةِ الشَّيْءَ يَرَاهُ إِذَا كَانَ فِي تَنَاوُلِهِ ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ لِيُعَلِّمَهُ مَنْ جَهِلَهُ وَفِيهِ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخُطْبَةِ وَتَعْلِيمُ مَا جَهِلُوهُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ فِي الْخُطْبَةِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْخُطْبَةِ وَغَيْرِهَا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الِاعْتِبَارِ وَالتَّنْظِيرِ وَالْحُكْمِ بِالْقِيَاسِ أَلَا تَرَاهُ خَافَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ الْهَلَاكَ إِنْ ظَهَرَ فِيهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ الْعَمَلِ الَّذِي كَانَ ظَاهِرًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ أُهْلِكُوا فَفِي هَذَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَهْلَكَ قَوْمَا بِعَمَلٍ وَجَبَ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ اجْتِنَابُ ذَلِكَ الْعَمَلِ دَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار

يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ فِعْلَهُمُ اسْتَحَقَّ أَنْ يَنَالَهُ مَا نَالَهُمْ أَوْ يَعْفُوَ اللَّهُ كَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ أَنَّهُ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي لَمْ يَفْشُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يَشْتَهِرْ فِي نِسَائِهِمْ إِلَّا فِي حِينِ ارْتِكَابِهِمُ الْكَبَائِرَ وَإِعْلَانِهِمُ الْمَنَاكِرَ فَكَأَنَّهَا عَلَامَةٌ لَا تَكَادُ تَظْهَرُ إِلَّا فِي أَهْلِ الْفُسُوقِ وَالْمَعَاصِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَا أَنَّهَا فِعْلَةٌ يَسْتَحِقُّ مَنْ فَعَلَهَا الْهَلَاكَ عَلَيْهَا دُونَ أَنْ يُجَامِعَهَا غَيْرُهَا وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَنُو إِسْرَائِيلَ نُهُوا عَنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِمْ نَهْيًا مُحَرِّمًا فَفَعَلُوا ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِمْ تَحْرِيمَ ذَلِكَ اسْتِخْفَافًا فاستحقوا العقوبة وَالَّذِي مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ جَاءَ عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ مِنْ كَرَاهِيَةِ اتِّخَاذِ النِّسَاءِ الشُّعُورَ الْمُسْتَعَارَةَ وَوَصْلِهِنَّ بِذَلِكَ شُعُورَهُنَّ وَفِيهِ وُرُودُ الْحَدِيثِ بَلَعْنِ الْوَاصِلَةِ وَالْمُسْتَوْصِلَةِ وَالْوَاصِلَةُ هِيَ الْفَاعِلَةُ لِذَلِكَ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ الطَّالِبَةُ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ بِهَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ يُحَدِّثُ عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ تَزَوَّجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَمَرِضَتْ وَتَمَرَّطَ شَعْرُهَا فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوا فِيهِ فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَلَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ فَقَالَتْ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَلَغَنِي أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ فَقَالَ وَمَالِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَتْ إِنِّي لَأَقْرَأُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا أَجِدُهُ قَالَ إِنْ كُنْتِ قَرَأْتِهِ لَقَدْ وَجَدْتِهِ أَمَا قَرَأْتِ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا قَالَتْ بَلَى قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ إِنِّي لِأَظُنُّ أَهْلَكَ يَفْعَلُونَ بَعْضَ ذَلِكَ قَالَ فَاذْهَبِي فَانْظُرِي قَالَ فَدَخَلَتْ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لو كانت

كَذَلِكَ لَمْ تُجَامِعْنَا وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ لِرَجُلٍ سَأَلَهُ فَقَالَ إِنْ أُمِّي كَانَتْ تَمْشُطُ النِّسَاءَ أَتُرَى لِي أَنْ آكُلَ مِنْ مَالِهَا وَأَرِثَهُ عَنْهَا فَقَالَ إِنْ كَانَتْ لَا تَصِلُ فَلَا بَأْسَ هَذَا مِنْ وَرَعِ ابْنِ سِيرِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شَعْرَ بَنِي آدَمَ طَاهِرٌ أَلَا تَرَى إِلَى تَنَاوُلِ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ فِي الْخُطْبَةِ قَصَّةَ الشَّعْرِ وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ إِنَّ شَعْرَ بَنِي آدَمَ نَجِسٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قُطِعَ مِنْ

حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَشْبَاهِهِ وَلِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى الصُّوفِ مِنَ الْحَيِّ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَأَمَّا الصُّوفُ مِنَ الْمَيْتَةِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي الْخُطْبَةِ بِالْمَوَاعِظِ وَالسُّنَنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَمُبَاحٌ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي سَائِرِ الْكَلَامِ فِي الْخُطْبَةِ لِلْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ نَحْوَ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَرَدِّ السَّلَامِ وَلِلْكَلَامِ فِي ذَلِكَ مَوْضِعٌ من كتابنا غير هَذَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَنْ زَعَمَ أَنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا حُجَّةَ فِيهِ وَقَالَ أَلَا تَرَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ يُرِيدُ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ عَنْ تَغْيِيرِ مِثْلِ هَذَا وَالْحِفْظِ لَهُ وَالْعَمَلِ بِهِ وَنَشْرِهِ يُرِيدُ

أَنَّ الْمَدِينَةَ قَدْ يَظْهَرُ فِيهَا وَيَعْمَلُ بَيْنَ ظهراني أهلها بما ليس بسنة وَإِنَّمَا هُوَ بِدْعَةٌ وَاحْتَجَّ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ برواية ملك عن عمه أبي سهيل ابن ملك عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ أَنَّهُ قَالَ مَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ النَّاسَ عَلَيْهِ إِلَّا النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ وَقَدْ حَكَى إِسْمَاعِيلُ بن أبي أويس عن ملك أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا يَصْنَعُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ مِنْ إِخْرَاجِ إِمَائِهِمْ عُرَاةً مُتَّزِرَاتٍ وَأَبْدَانُهُنَّ ظَاهِرَةٌ وَصُدُورُهُنَّ وَعَمَّا يَصْنَعُ تُجَّارُهُمْ مِنْ عَرْضِ جَوَارِيهِمْ لِلْبَيْعِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَكَرِهَهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً وَنَهَى عَنْهُ وَقَالَ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْخَيْرِ وَلَا أَمْرِ مَنْ يُفْتِي مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْخَيْرِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ عَمَلِ مَنْ لَا وَرَعَ لَهُ مِنَ النَّاسِ وَقَالَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ يَقُولُ لَمَّا اتَّخَذَ عُرْوَةُ قَصْرَهُ بِالْعَقِيقِ عُوتِبَ فِي ذَلِكَ وَقِيلَ لَهُ جَفَوْتَ عَنْ مَسْجِدِ رَسُولِ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ مَسَاجِدَكُمْ لَاهِيَةً وَأَسْوَاقَكُمْ لَاغِيَةً وَالْفَاحِشَةَ فِي فِجَاجِكُمْ عَالِيَةً فَكَانَ فِيمَا هُنَالِكَ عَمَّا أَنْتُمْ فِيهِ عَافِيَةٌ ثُمَّ قَالَ وَمَنْ بَقِيَ إِنَّمَا بَقِيَ شَامِتٌ بِنَكْبَةٍ أَوْ حَاسِدٌ عَلَى نِعْمَةٍ قَالُوا فَهَذَا عُرْوَةُ يُخْبِرُ عَنِ الْمَدِينَةِ بِمَا ذَكَرْنَا فَكَيْفَ يُحْتَجُّ بِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِ أَهْلِهَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَالَّذِي أَقُولُ بِهِ أَنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ إِنَّمَا يَحْتَجُّ فِي مُوَطَّئِهِ وَغَيْرِهِ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ بِذَلِكَ عَمَلَ الْعُلَمَاءِ وَالْخِيَارِ وَالْفُضَلَاءِ لَا عَمَلَ الْعَامَّةِ السَّوْدَاءِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ وَمِثْلَهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا كِتَابِ الْعِلْمِ بِإِسْنَادِهِ فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذنبه ليس عند يحيى عن ملك وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

الحديث الحادى والثلاثون

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ! شَرَكَهُ فيه محمد بن النعمان بن بشير ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ يُحَدِّثَانِهِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا قَالَ لَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارْجِعْهُ - قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الْعَيْنِ النَّحْلُ وَالنِّحْلَةُ الْعَطَاءُ بِلَا اسْتِعَاضَةٍ وَنَحَلَ الْمَرْأَةَ مَهْرَهَا وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ صَدَقَاتُهُنَّ مهورهن عن طيب نفس منك وَقَالَ غَيْرُهُ نِحْلَةٌ أَيْ هِبَةٌ مِنَ اللَّهِ يَعْنِي أَنَّ الْمُهُورَ هِبَةٌ مِنَ اللَّهِ لِلنِّسَاءِ وَفَرِيضَةٌ عَلَيْكُمْ وَهَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهَذَا الْمَعْنَى كُلُّهُمْ يَقُولُ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ فَارْجِعْهُ وَرُبَّمَا قَالَ بَعْضُهُمْ فَارْدُدْهُ وَلَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا قَوْلُهُ فَارْجِعْهُ قَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ هِشَامُ بن عروة عن أبيه عن النعمان

ابن بَشِيرٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْ هِشَامٍ فِي ذَلِكَ وَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مِنْهُمُ الشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ تُوجِبُ أَحْكَامًا سَنَذْكُرُهَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَمَّا حَدِيثُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ التَّمَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ أَعْطَاهُ أَبُوهُ غُلَامًا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذَا الْغُلَامُ قَالَ غُلَامٌ أَعْطَانِيهِ أَبِي قَالَ أَفَكُلَّ إِخْوَتِكَ أَعْطَاهُمْ كَمَا أَعْطَاكَ قَالَ لَا قَالَ فَارْدُدْهُ فَفِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّهُ خَاطَبَ بِهَذَا الْقَوْلِ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ خَاطَبَ بِذَلِكَ أَبَاهُ بَشِيرًا الْمُعْطَى وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَالْأَشْهَرُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ (بْنُ مُحَمَّدِ) بْنِ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدٌ أَنَّ ابْنَ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ أَبَاهُ نَحَلَهُ نُحْلًا فَقَالَتْ أُمُّهُ أَشْهِدْ عَلَيْهِ لِابْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ أَكُلَّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَهُ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَ هَذَا قَالَ لَا قَالَ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ وَرَوَاهُ سعد بن إبرهيم فَخَالَفَهُ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ

الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبرهيم عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ أَبَاهُ نَحَلَهُ نِحْلَةً فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ فَقَالَ أَكُلَّ بَنِيكَ أَعْطَيْتَ مِثْلَ هَذَا قَالَ لَا فَأَبَى أَنْ يَشْهَدَ لَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ جَوَازُ الْعَطِيَّةِ مِنَ الْآبَاءِ لِلْأَبْنَاءِ (وَهَذَا فِي صِحَّةِ الْآبَاءِ) لِأَنَّ فِعْلَ الْمَرِيضِ فِي مَالِهِ وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ يُسْتَغْنَى عَنِ الْقَوْلِ فِيهِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ وَفِيهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَبْنَاءِ فِي الْعَطَاءِ لِقَوْلِهِ أَكُلَّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَ مِثْلَ هَذَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى هَلْ هُوَ عَلَى الْإِيجَابِ أَوْ عَلَى النَّدْبِ فأما ملك والليث وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَأَجَازُوا أَنْ يَخُصَّ بَعْضَ وَلَدِهِ دُونَ بَعْضٍ بِالنِّحْلَةِ وَالْعَطِيَّةِ عَلَى كَرَاهِيَةٍ مِنْ بَعْضِهِمْ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ وَالتَّسْوِيَةُ أَحَبُّ إلى جميعهم وكان ملك يَقُولُ إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ فِيمَنْ نَحَلَ بَعْضَ وَلَدِهِ مَالَهُ كُلَّهُ قَالَ وَقَدْ نَحَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَائِشَةَ دُونَ سَائِرِ وَلَدِهِ حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (وَأَشْهَبُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَرْكُ التَّفْضِيلِ فِي عَطِيَّةِ الْأَبْنَاءِ فِيهِ حُسْنُ الْأَدَبِ ويجوز له

ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ قَالَ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَ لِابْنِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارْجِعْهُ وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى النَّدْبِ بِنَحْوِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ ملك رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ عَطِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ عَائِشَةَ وَبِمَا رَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ نَحَلَنِي أَبِي نُحْلًا وَانْطَلَقَ بِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ لَا قَالَ أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا لَكَ فِي الْبِرِّ كُلُّهُمْ سَوَاءً قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي قَالَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْهِبَةِ لِأَنَّهُ لَمْ

يَأْمُرْهُ بِرَدِّهَا وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِتَأْكِيدِهَا بِإِشْهَادِ غَيْرِهِ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ السَّلَامُ (عَلَيْهَا) لِتَقْصِيرِهِ عَنْ أَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِهِ وَتَرْكِهِ الْأَفْضَلَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يَخُصَّ الرَّجُلُ بَعْضَ وَلَدِهِ بِمَا شَاءَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا لَمْ يَرِدِ الْإِضْرَارُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَوِّي بَيْنَهُمُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ وَقَدْ رَوَى عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُفَضِّلَ الرَّجُلُ بَعْضَ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ فِي الْعَطِيَّةِ وَكَرِهَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ فِي الْعَطَايَا وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِثْلِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَحَدٌ نَفَذَ وَلَمْ يُرَدَّ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَصَحُّ شَيْءٍ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ عَنْهُ قَالَ وَإِذَا فَاضَلَ بَيْنَ وَلَدِهِ فِي الْعَطِيَّةِ أُمِرَ بِرَدِّهِ كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ فَاتَ وَلَمْ يَرْدُدْهُ فَقَدْ ثَبَتَ لِمَنْ وَهَبَ لَهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ وَقَالَ طَاوُسٌ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُنَفَّذْ وَفُسِخَ وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ مِنْهُمْ دَاوُدُ وَغَيْرُهُ وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مِثْلُهُ

وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ (مَالِكٍ عَنِ) ابْنِ شِهَابٍ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ فَارْجِعْهُ حَمَلُوهُ عَلَى الْوُجُوبِ وَأَبْطَلُوا عَطِيَّةَ الْأَبِ لِبَعْضِ وَلَدِهِ دُونَ بَعْضٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارْجِعْهُ وَلِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ هَذَا لَا يَصْلُحُ وَلَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ قَالُوا وَمَا لَمْ يَكُنْ حَقًّا فَهُوَ بَاطِلٌ وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ النُّعْمَانِ هَذَا جَوْرٌ وَلَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ وَنَحْوُ هَذَا مِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الظَّاهِرِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حُبَابٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يا بشير ألك ابن غير هَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَوَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ الَّذِي وَهَبْتَ لِهَذَا قَالَ لَا قَالَ فَلَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ قَالَ أَحْمَدُ وَثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ حَاجِبِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ الْمُهَلَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ

بْنَ بَشِيرٍ يَخْطُبُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ حَمَلُوا هَذَا عَلَى الْوُجُوبِ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ كَانَ إِذَا سَأَلُوهُ عَنِ الرَّجُلِ يُفَضِّلُ بَعْضَ وَلَدِهِ يَقْرَأُ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ قَالَ سُفْيَانُ وَنَقَلْتُ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَ وَلَدِهِ وَلَوْ كَانَ رَغِيفًا محترقا وبهذا الإسناد عن سفيان عن

ملك بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ الْكُوفِيِّ قَالَ قال إبرهيم كَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يُسَوُّوا بَيْنَهُمْ حَتَّى فِي الْقُبْلَةِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ النَّدْبُ إِلَى الْخَيْرِ وَالْبِرِّ وَالْفَضْلِ لَا أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ فَرْضًا أَنْ لَا يُعْطِيَ الرَّجُلُ بَعْضَ وَلَدِهِ دُونَ بَعْضٍ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ (كَذَلِكَ) عَلَى النَّدْبِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ مِمَّا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ عَطِيَّةِ الرَّجُلِ مَالَهُ لِغَيْرِ وَلَدِهِ فَإِذَا جَازَ أَنْ يُخْرِجَ (جَمِيعَ (24) وَلَدِهِ عَنْ مَالِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ) عَنْ ذَلِكَ بَعْضَهُمْ وَأَمَّا قِصَّةُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ هَذِهِ فَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِهِ أَلْفَاظٌ مُخْتَلِفَةٌ أَكْثَرُهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى النَّدْبِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ مِنْهَا مَا رَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي

هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْهُ مِمَّا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَرِوَايَةُ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَحْوُ ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن رشاد قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ رَوَاحَةَ أَعْطَيْتُهُ فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا قَالَ لَا قَالَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ فَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَطِيَّتِهِ وَإِنَّمَا فِيهِ رَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ التَّمَّارُ الْبَصْرِيُّ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ وَمُغِيرَةُ وَدَاوُدُ وَمُجَالِدٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ نَحَلَنِي أَبِي نُحْلًا قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ نِحْلَةً غُلَامًا لَهُ قَالَ فَقَالَتْ لَهُ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشْهِدْهُ قَالَ فَأَتَى

النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي النُّعْمَانَ نُحْلًا وَإِنَّ عَمْرَةَ سَأَلَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَهُ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَ النُّعْمَانَ قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ هُشَيْمٌ قَالَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ هَذَا جَوْرٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ تَلْجِئَةٌ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي وَقَالَ الْمُغِيرَةُ فِي حَدِيثِهِ أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا فِي الْبِرِّ واللطف سواءا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي وَذَكَرَ مُجَالِدٌ فِي حَدِيثِهِ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ كَمَا أَنَّ لَكَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَقِّ أَنْ يَبَرُّوكَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ حَمْدَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُجَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَامِرٌ قَالَ سَمَّعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِبَنِيكَ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ فَلَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا مَعَ قَوْلِهِ أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى جَوَازِ الْعَطِيَّةِ وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَكُلَّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَهُ قَالَ لَا قَالَ فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ هَذِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ لِاحْتِمَالِهِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْحَقَّ الَّذِي لَا تَقْصِيرَ فِيهِ عَنْ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مَا دُونَهُ حَقًّا

فصح بهذا كله مذهب ملك وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ فِي اسْتِحْبَابِ تَرْكِ التَّفْضِيلِ بَيْنَ الْأَبْنَاءِ فِي الْعَطِيَّةِ وَإِمْضَائِهِ إِذَا وَقَعَ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِي ذَلِكَ تَرْكُ الْأَفْضَلِ كَمَا لَوْ أَعْطَى لِغَيْرِ رَحِمِهِ وَتَرَكَ رَحِمَهُ كَانَ مُقَصِّرًا عَنِ الْحَقِّ وَتَارِكًا لِلْأَفْضَلِ وَنَفَذَ مَعَ ذَلِكَ فِعْلُهُ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُشَاوَرَةَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ إِنَّمَا كَانَتْ قَبْلَ الْهِبَةِ فَدَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَوْلَى بِهِ وَالْأَوْكَدِ عَلَيْهِ وَمَا فِيهِ الْفَضْلُ لَهُ وَحَدِيثُ جَابِرٍ هَذَا حَدَّثَنِيهِ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَتِ امْرَأَةُ بَشِيرٍ انْحَلِ ابْنَكَ غُلَامًا وَأَشْهِدْ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ ابْنَةَ فُلَانٍ سَأَلَتْنِي أَنْ أَنْحَلَ ابْنَهَا غُلَامًا وَقَالَتْ أَشْهِدْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَهُ إِخْوَةٌ قال نعم وَكُلُّهُمْ أَعْطَيْتَهُ فَقَالَ لَا فَقَالَ لَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا وَإِنِّي لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ هَذَا الْخَبَرَ ثُمَّ قَالَ حَدِيثُ جَابِرٍ أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ لِأَنَّ جَابِرًا أَحْفَظُ لِهَذَا الْمَعْنَى وَأَضْبَطُ لَهُ لِأَنَّ النُّعْمَانَ كَانَ صَغِيرًا قَالَ

وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ ذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَهَبَ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَجْمَلِ الْأُمُورِ وَأَوْلَاهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِنَا الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّسْوِيَةِ فِي الْعَطِيَّةِ بَيْنَ الْأَبْنَاءِ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ مِنْ إِيجَابِ ذَلِكَ وَمَعَ إِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنِ اسْتِحْبَابِهِمْ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْأَبْنَاءِ فِي الْعَطِيَّةِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ أَنْ يُعْطِيَ الذَّكَرَ مِثْلَ مَا يُعْطِي الْأُنْثَى وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَلَا تَرَى الْحَدِيثَ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَوُّوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فَلَوْ كُنْتُ مُؤْثِرًا أَحَدًا آثَرْتُ النِّسَاءَ عَلَى الرِّجَالِ وَقَالَ آخَرُونَ التَّسْوِيَةُ أَنْ يُعْطَى الذَّكَرُ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ قِيَاسًا عَلَى قَسْمِ اللَّهِ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمْ فَإِذَا قَسَّمَ فِي الْحَيَاةِ قَسَّمَ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَإِلَيْهِ

ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ ولا أحفظ لملك فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلًا وَأَمَّا قَوْلُهُ فَارْجِعْهُ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَ لِابْنِهِ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِ وَهَذَا الْمَعْنَى قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الفقهاء فذهب ملك وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَعْتَصِرَ مَا وَهَبَ لِابْنِهِ وَمَعْنَى الِاعْتِصَارِ عِنْدَهُمُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْأَبِ عِنْدَهُمْ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْأَبِ وَحْدَهُ وَلِلْأُمِّ أَيْضًا إِنْ وَهَبَتْ لِابْنِهَا شَيْئًا وَأَبُوهُ حَيٌّ أَنْ تَرْجِعَ فَإِنْ كَانَ يَتِيمًا لَمْ يَكُنْ لَهَا الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَتْ لَهُ لِأَنَّ الْهِبَةَ لِلْيَتِيمِ كَالصَّدَقَةِ الَّتِي لَا رُجُوعَ فِيهَا لِأَحَدٍ فَإِنْ وَهَبَتْ لِابْنِهَا وَأَبُوهُ حَيٌّ ثُمَّ مَاتَ وَأَرَادَتْ أَنْ تَرْجِعَ في هبتها تلك فقد اختلف أصحاب ملك فِي ذَلِكَ وَالْمَشْهُورُ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ وَأَمَّا الْأَبُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ أَبَدًا فِي هِبَتِهِ لِابْنِهِ هَذَا إِذَا كَانَ الْوَلَدُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَسْتَحْدِثْ دَيْنًا يُدَايِنُهُ النَّاسُ وَيَأْمَنُونَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ تِلْكَ الْهِبَةِ أَوْ يَنْكِحْ فَإِذَا تَدَايَنَ أَوْ نَكَحَ لَمْ يَكُنْ للأب حنيئذ الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَ لَهُ وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْهِبَةِ فَإِنْ كَانَتْ صَدَقَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا رُجُوعٌ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدٍ فِيهَا أبا كان أو غيره وقول ملك فِي الْهِبَةِ لِلثَّوَابِ أَنَّ الْوَاهِبَ عَلَى هِبَتِهِ إِذَا أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ حَتَّى يُثَابَ مِنْهَا أَبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ إِلَّا أَنْ تَتَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ تهلك فإن كان ذلك وطلب الواهب الثَّوَابُ فَإِنَّمَا لَهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبَضَهَا وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا وَكَانَ ملك يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِهِ فِي هَذَا الْبَابِ فَارْجِعْهُ أَمْرُ إِيجَابٍ لَا نَدْبٍ وَكَانَ يَقُولُ إِنَّمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ نَحَلَهُ

مِنْ بَيْنِ سَائِرِ بَنِيهِ مَالَهُ كُلَّهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ ذَلِكَ الْعَبْدِ حَكَى ذلك أشهب عن ملك قال أشهب فقيل لملك فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلنَّاحِلِ مَالٌ غَيْرُهُ أَيَرْتَجِعُهُ بَعْدَ النِّحْلَةِ فَقَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَيُقَالَ وَقَدْ قضى به عندنا بالمدينة وقال غير ملك لا يعرف ما ذكره ملك مِنْ أَنَّ بَشِيرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ ذَلِكَ الْعَبْدِ قَالَ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّ تِلْكَ الْعَطِيَّةِ مِنْ أَجْلِ مَا يُوَلِّدُ ذَلِكَ مِنَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْبَنِينَ وَرُبَّمَا أَبْغَضُوا أَبَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَكَرِهَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مِنْ جِهَةِ التَّحْرِيمِ قَالَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا مَا نَحَلَ أَبُو بَكْرٍ عَائِشَةَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ وَلَدِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَأَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِذِي رَحِمٍ وَلَدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهَا لِأَنَّهَا وَالصَّدَقَةَ سَوَاءٌ إِذَا أَرَادَ بِهَا صِلَةَ الرَّحِمِ وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ فِي مُرَاعَاةِ الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ وَأَنَّهُ لَا يُعْتَصَرُ وَلَا يَرْجِعُ مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ وَإِنَّهَا كَالصَّدَقَةِ لِلَّهِ لَا يَرْجِعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَجُمْلَةُ قَوْلِ الْكُوفِيِّينَ أَنَّهُمْ قَالُوا مَنْ وَهَبَ لِوَلَدِهِ هِبَةً مَقْسُومَةً مَعْلُومَةً فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً فَالْهِبَةُ لَهُ جَائِزَةٌ وَلَيْسَ

لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَعْتَصِرَهُ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا لَمْ تَجُزِ الْهِبَةُ حَتَّى يَقْبِضَهَا الْوَلَدُ فَإِذَا قَبَضَهَا فَهِيَ لَهُ جَائِزَةٌ وَلَيْسَ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَلَا يَعْتَصِرَهَا قَالُوا وَكَذَلِكَ النَّحْلُ وَالصَّدَقَةُ وَالزَّوْجَانِ عِنْدَهُمْ فِيمَا يَهَبُ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ كَذِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرْجِعَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَعْطَى صَاحِبَهُ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِيمَا ذَهَبُوا إليه من ذلك ما رواه ملك عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ بْنِ طَرِيفٍ الْمُرِّيِّ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إِذَا لَمْ يَرْضَ مِنْهَا وَرَوَى الْأَسْوَدُ عَنْ عُمَرَ نَحْوَ حَدِيثِ مَرْوَانَ هَذَا فِيمَنْ وَهَبَ لِصِلَةِ رَحِمٍ أَوْ قَرَابَةٍ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ ذِكْرُ الزَّوْجَيْنِ وَقَوْلُهُمْ فِي الْهِبَةِ لِلثَّوَابِ أَنَّهَا جَائِزَةٌ عَلَى نحو ما قاله ملك إِلَّا أَنَّهَا إِنْ زَادَتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِلثَّوَابِ أَوْ نَقَصَتْ أَوْ هَلَكَتْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا رُجُوعٌ عِنْدَهُمْ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَهِبَةُ الْمَشَاعِ عِنْدَهُمْ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِالْقَبْضِ وَلَا سَبِيلَ إِلَى قَبْضِ الْمَشَاعِ فِيمَا زَعَمُوا وَلَوْ قَبَضَ الْجَمِيعَ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا عِنْدَهُمْ وَإِنَّمَا

الْقَبْضُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُقْبَضَ مَفْرُوزًا مَقْسُومًا وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا يَنْقَسِمُ فَلَمْ يُقَسَّمْ وَمَا لَمْ يَكُنْ قَبْضٌ فَهِيَ عِنْدُهُمْ عِدَةٌ لَا تَلْزَمُ الواهب وأما ملك فَإِنَّهُ يُجِيزُ هِبَةَ الْمَشَاعِ إِذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ جَمِيعَ الشَّيْءِ الْمَشَاعِ وَبَانَ بِهِ وَتَصِحُّ الهبة عنده بالقول وَتَتِمُّ بِالْقَبْضِ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْوَاهِبَ بِهَا وَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَقُومُوا فِي ذَلِكَ مَقَامَهُ بعده فإن مات الواهب قبل قبض الهبة فهي باطلة حنيئذ لِأَنَّهُمْ أَنْزَلُوهَا حِينَ وَهَبَ وَلَمْ يُسَلِّمْ مَا وَهَبَ حَتَّى مَاتَ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ لَمْ تَكُنْ فِي الْبَاطِنِ صَحِيحَةً وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ تَكَلَّمَ بِهِ الْوَاهِبُ لِتَكُونَ الْهِبَةُ بِيَدِهِ كَمَا كَانَتْ حَتَّى إِذَا مَاتَ خَرَجَتْ عَنْ وَرَثَتِهِ فَالْهِبَةُ عَلَى هَذَا بَاطِلٌ وَهُوَ مَعْنَى حَدِيثِ عمر عندهم الذي رواه ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَنْحَلُونَ أَبْنَاءَهُمْ نُحْلًا ثُمَّ يُمْسِكُونَهَا فَإِنْ مَاتَ ابْنُ أَحَدِهِمْ قَالَ مَالِي بِيَدِي لَمْ أُعْطِهِ أَحَدًا وَإِنْ مَاتَ هُوَ قَالَ هُوَ لِابْنِي قَدْ كُنْتُ أُعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ مَنْ نَحَلَ نِحْلَةً فَلَمْ يَحُزْهَا الَّذِي نُحِلَهَا حَتَّى يَكُونَ إِنْ مَاتَ لِوَرَثَتِهِ فَهِيَ بَاطِلٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ لأحد أن يرجع في هبته إلا الوالد فِيمَا وَهَبَ لِبَنِيهِ وَلَيْسَ فِي الصَّدَقَةِ رُجُوعٌ لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهِبَةُ الْمَشَاعِ عِنْدَهُ جَائِزَةٌ وَالْقَبْضُ فِيهَا كَالْقَبْضِ فِي الْبُيُوعِ وَالْهِبَةُ لِلثَّوَابِ عِنْدَهُ بَاطِلٌ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ وَذَلِكَ بَيْعٌ لَا يَجُوزُ وَلَا مَعْنَى عِنْدَهُ لِلْهِبَةِ عَلَى الثَّوَابِ وَهِيَ مَرْدُودَةٌ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ وَحُجَّتُهُ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ تَخْصِيصِ الْوَلَدِ بِالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ حَدِيثُ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ جَمِيعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ

أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ إِلَّا الْوَالِدَ وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَمِنْ مَرَاسِيلِ طَاوُسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِكُلِّ أَجْنَبِيٍّ وَلِكُلِّ ابْنٍ بَالِغٍ إِلَّا بِالْقَبْضِ عَلَى نَحْوِ قَوْلِ الْعِرَاقِيِّينَ سَوَاءٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ وَقَدِ اتَّفَقَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَجُوزُ إِلَّا مَقْبُوضَةً - قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلِلْأَبِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَ لِبَنِيهِ وَسَوَاءٌ اسْتَحْدَثَ الِابْنُ دَيْنًا أَوْ نَكَحَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَإِشْهَادُ أَبِيهِ وَإِعْلَانُهُ بِمَا يُعْطِيهِ حِيَازَةً لَهُ لَا يُشْرِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ وَرَثَةِ أَبِيهِ إِنْ مَاتَ وَهِيَ لِلصَّغِيرِ أَبَدًا وَإِنْ كَبُرَ وَبَلَغَ رَشِيدًا وَلَا يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى قَبْضٍ آخَرَ وَمَا لَمْ يَرْجِعْ فيها أبوه بإشهاد يبين به رجوعه فِي تِلْكَ الْهِبَةِ فَهِيَ لِلِابْنِ وَعَلَى مِلْكِهِ فَإِنْ رَجَعَ فِيهَا الْأَبُ بِالْقَوْلِ وَالْإِعْلَانِ وَعُرِفَ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَإِلَّا فَهِيَ لِلِابْنِ وَعَلَى مِلْكِهِ عَلَى أَصْلِ إِشْهَادِهِ بِالْهِبَةِ لَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ وَلَا يَضُرُّهُ مَوْتُهُ وَهِيَ بِيَدِهِ لِأَنَّهَا قَدْ نَفَذَتْ لَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ فَمَا لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا الْأَبُ بِالْقَوْلِ فَهِيَ عَلَى

ذَلِكَ الْأَصْلِ فِي مَذْهَبِهِ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وسنذكر قول ملك فِي ذَلِكَ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ تَصِحُّ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْهِبَةُ مَشَاعًا أَوْ غَيْرَ مَشَاعٍ وَالْقَبْضُ فِيهِمَا عِنْدَهُمَا كَالْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ وَتَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تُقْبَضْ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ لَا نَحْتَجُّ بِمِثْلِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ فِي ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِهِ وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَأَصَحُّ شَيْءٍ فِي ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا بِالْقَبْضِ وَمَا عَدَا الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ جَائِزَةٌ بِالْقَوْلِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ وَذَلِكَ كُلُّهُ إِذَا قَبِلَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَالْمَشَاعُ وَغَيْرُ الْمَشَاعِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ كَالْبَيْعِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ كُلُّ مَنْ عَدَا الْأَبَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ سَوَاءً أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ أَوْ لَمْ يُرِدْ وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ كَحُجَّةِ الشَّافِعِيِّ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ إِلَّا الْوَالِدَ وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَالْحَسَنِ وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ لَا يَحِلُّ لِوَاهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ وَلَا لِمُهْدٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هَدِيَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يُثَبْ عَلَيْهَا وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ قَالَ قَتَادَةُ لَا أَعْلَمُ الْقَيْءَ إِلَّا حَرَامًا وَالْجَدُّ عِنْدَ أَبِي ثَوْرٍ كَالْأَبِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَرْجِعُ

الْوَالِدَانِ وَالْجَدُّ فِيمَا وَهَبُوا وَلَا يَرْجِعُ غَيْرُهُمْ وَقَالَ إِسْحَاقُ مَا وَهَبَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ وَمَا وَهَبَتِ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ وَغَيْرِهِ مِنَ التَّابِعِينَ وَيَحْتَجُّ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِحَدِيثِ مَرْوَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ إِنَّ النِّسَاءَ يُعْطِينَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً وَأَجَازَ إِسْحَاقُ الْهِبَةَ لِلثَّوَابِ عَلَى نَحْوِ قَوْلِ ملك وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ تَابَعَهُمْ وَأَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ عَطِيَّةَ الْأَبِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي حِجْرِهِ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى قَبْضٍ وَأَنَّ الْإِشْهَادَ فِيهَا يُغْنِي عَنِ الْقَبْضِ وَأَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَإِنْ وَلِيَهَا أبوه لخصوصه بذلك ما دام صغيرا عَلَى حَدِيثِ عُثْمَانَ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي هِبَةِ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ فَقَالَ قَوْمٌ إِنَّ الْإِشْهَادَ يُغْنِي فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ وَقَالَ آخَرُونَ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ فِي ذَلِكَ إِلَّا بِأَنْ يَعْزِلَهَا وَيُعَيِّنَهَا قال ملك الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ مِنْ نَحَلَ ابْنًا لَهُ صغيرا ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا ثُمَّ هَلَكَ وَهُوَ يَلِيَهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلِابْنِ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَزَلَهَا بِعَيْنِهَا أَوْ دَفَعَهَا إِلَى رَجُلٍ وَضَعَهَا لِابْنِهِ عِنْدَ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ لِلِابْنِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ الَّذِي هُوَ أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَهُمْ اشْتِرَاطُ الْإِشْهَادِ فِي هِبَةِ الرَّجُلِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَذَلِكَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى الشَّيْءِ يُعَيِّنُهُ شُهُودًا يَقِفُونَ عَلَيْهِ وَيُعَيِّنُونَهُ إِذَا احْتِيجَ إِلَى شَهَادَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يُطْبَعُ

عَلَيْهِ طَبَعَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ دُونَ (الْأَبِ (41) وَمَا لَمْ يَقِفِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ) فِي حِينِ الْإِشْهَادِ فليس بشيء وحديث عثمان رواه ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ مَنْ نَحَلَ ولدا له صغيرا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَحُوزَ نُحْلَهُ فَأَعْلَنَ ذَلِكَ وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا فَهِيَ جَائِزَةٌ وَإِنْ وَلِيَهَا أَبُوهُ وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّهُ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِدَارٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ سَائِرِ الْعُرُوضِ أَنَّ إِعْلَانَ ذَلِكَ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ يُدْخِلُهُ فِي مِلْكِ الِابْنِ الصَّغِيرِ وَيُخْرِجُهُ عَنْ مِلْكِ الْأَبِ وَتَصِحُّ بِذَلِكَ الْعَطِيَّةُ لِلِابْنِ الصَّغِيرِ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُحْلَةٍ إِلَّا أَنْ يَبْلُغَ الْقَبْضُ لِنَفْسِهِ بِبُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ فَلَا يَقْبِضُ تلك لهبة بِمَا يَقْبِضُ بِهِ مِثْلَهَا وَتَتَمَادَى فِي يَدِ الْأَبِ كَمَا كَانَتْ حَتَّى يَمُوتَ فَإِنْ كَانَ كذلك بطلت حنيئذ الهبة عند ملك وَأَصْحَابِهِ فَإِنْ بَلَغَ الِابْنُ رُشْدًا وَمَنَعَهُ الْأَبُ مِنْهَا كَانَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهَا عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْبِضَهَا وَيَحُوزَهَا لِنَفْسِهِ فَإِنِ ادَّعَى الْأَبُ أَنَّهُ رَجَعَ فِيهَا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الِابْنِ دَيْنٌ يَمْنَعُ مِنْ رُجُوعِهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْهِبَةِ إِذَا لَمْ يَقُلْ فِيهَا إِنَّهَا لِلَّهِ فَإِنْ قَالَ إِنَّهَا لِلَّهِ كَانَتْ كَالصَّدَقَةِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهَا وَأُجْبِرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا إِلَى ابْنِهِ إِذَا بَلَغَ رُشْدًا هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ ملك وَأَصْحَابِهِ وَقَدْ مَضَى قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فِي ذلك قال ملك وَإِذَا وَهَبَ لِابْنِهِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِيمَ فَأَخْرَجَهَا عَنْ نَفْسِهِ إِلَى غَيْرِهِ وَعَيَّنَهَا وَجَعَلَهَا لِابْنِهِ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ فَهِيَ جَائِزَةٌ نَافِذَةٌ إِذَا مَاتَ الْأَبُ وَفِي حَيَاتِهِ بِحِيَازَةِ الْقَابِضِ لَهَا لِلِابْنِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ إِذَا وَهَبَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَجَعَلَهَا فِي ظَرْفٍ مَعْلُومٍ وَخَتَمَ عَلَيْهَا وَتُوجَدُ عِنْدَهُ مَخْتُومًا عَلَيْهَا فروى ابن القاسم عن ملك أَنَّهَا لَا تَجُوزُ إِلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ يده إلى

غيره وسواء طبع عليها ولم يَطْبَعْ لَا تَجُوزُ حَتَّى يُخْرِجَهَا إِلَى غَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٌ هِيَ عَطِيَّةٌ جَائِزَةٌ إِذَا وُجِدَتْ بِعَيْنِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ عُثْمَانَ وظاهر قول ملك فِي مُوَطَّئِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ الْأَمْرُ عِنْدَنَا وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ بَدَيْنٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ اقْتَضَاهُ أَنَّهُ لِلِابْنِ وَأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى ابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ ثُمَّ يَبِيعُهُ فَالثَّمَنُ لِلِابْنِ وَأَجْمَعُوا أن الوالد لَا يَعْتَصِرَ الْفَرْجَ إِذَا وَهَبَهُ لِابْنِهِ فَوَطِئَهُ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ إِنَّ الْوَلَدَ يَعْتَصِرُ أَيْضًا مَا وَهَبَ لِوَالِدِهِ إِلَّا رَبِيعَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْهُ فَهَذَا مَا يَقُومُ مِنْ مَعَانِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يُجِزِ الْهِبَةَ إِلَّا مَقْبُوضَةً حَدِيثُ أُمِّ كُلْثُومٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى لِلنَّجَاشِيِّ مِسْكًا وَقَالَ لِأَهْلِهِ أَحْسَبُهُ مَاتَ فَإِنْ رَجَعَ إِلَيَّ أَعْطَيْتُكُمْ مِنْهُ فَكَانَ كَذَلِكَ وَوُجِدَ قَدْ مَاتَ فَرَجَعَ الْمِسْكُ إِلَيْهِ فَأَعْطَاهُنَّ مِنْهُ وَلَوْ كَانَتِ الْهِبَةُ وَالْعَطِيَّةُ تُحْتَازُ بِالْكَلَامِ

لَمَا رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِبَتِهِ وَلَا هَدِيَّتِهِ وَكَيْفَ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ الْقَائِلُ لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ وَجَاءَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ وَعَائِشَةَ مثل هذا المعنى من حديث ملك وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ عُمَرَ مِثْلُهُ أَيْضًا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهِبَاتِ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْقَبْضِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى ثُبُوتِ مِلْكِ الْوَاهِبِ (وَاخْتَلَفُوا فِي (45) زَوَالِهِ مِنْ جِهَةِ الْهِبَةِ بِالْقَوْلِ وَحْدَهُ فَهُوَ عَلَى أَصْلِ مِلْكِ الْوَاهِبِ) حَتَّى يُجْمِعُوا وَلَمْ يُجْمِعُوا إِلَّا مَعَ الْقَبْضِ وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ إِلَّا مَعْلُومَةً وَإِنْ كَانَتْ مُشَاعَةً فَيَكُونُ الْجُزْءُ مَعْلُومًا وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ قَالَ وَإِنَّمَا بَطَلَتْ عَطِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِعَائِشَةَ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً وَلَا سَهْمًا مِنْ سِهَامٍ مَعْلُومَةٍ قَالَ وَكُلُّ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ عَلَى هَذَا فَغَيْرُ جَائِزَةٍ فَهَذَا كُلُّهُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَحِيحًا وَالنَّاسُ عَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى يَثْبُتَ المرض الطارىء وللقول في هبات المريض موضع غير هَذَا مِنْ كِتَابِنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا

الحديث الثاني والثلاثون

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ مُرْسَلٌ ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي كَلِمَاتٍ أَعِيشُ بِهِنَّ وَلَا تُكْثِرْ عَلَيَّ فَأَنْسَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَغْضَبْ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرواة عن ملك فِي الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا وَهُوَ الصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ ملك وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ سَبْرَةَ الْمَدَنِيُّ عَنْ مُطَرِّفٍ عن ملك عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ بَشِيرٍ الكاهلي عن ملك عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ وَكِلَاهُمَا خَطَأٌ وَالصَّوَابُ فِيهِ عَنْ ملك مُرْسَلٌ كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ فَوَصَلَهُ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غير طريق ملك وَمِنْ (غَيْرِ) طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ مُسْنَدًا مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ عَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي بِكَلِمَاتٍ قَلِيلَةٍ لِئَلَّا أَنْسَى إِنْ أَكْثَرْتَ عَلَيَّ فَأَجَابَهُ بِلَفْظٍ يَسِيرٍ جَامِعٍ لِمَعَانٍ كَثِيرَةٍ خَطِيرَةٍ وَلَوْ أَرَادَ عَلِّمْنِي كَلِمَاتٍ مِنَ الذِّكْرِ مَا أَجَابَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْجَوَابِ وَإِنَّمَا أَرَادَ عَلِّمْنِي بِكَلِمَاتٍ (يَسِيرَةٍ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَمِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ مُتَّصِلًا مَا حَدَّثَنِي بِهِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ شُعْبَةُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْفِهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ لِي قَوْلًا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ وَأَقْلِلْ لَعَلِّي أَعْقِلُهُ قَالَ لَا تَغْضَبْ فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِرَارًا كُلُّهَا يُرْجِعُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تَغْضَبْ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَحْنَفِ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا وَأَقْلِلْ لَعَلِّي أَعْقِلُهُ قَالَ لَا تَغْضَبْ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَذَكَرَهُ سَوَاءً وَرَوَاهُ ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَمِّهِ جَارِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ لِي ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَا تَغْضَبْ فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِرَارًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا تَغْضَبْ وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ قُدَامَةَ

مِثْلَ لَفْظِ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَرَوَاهُ وَهْبٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ بَعْضِ عُمُومَتِهِ قَالَ قَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ ابْنَ عَمٍّ لَهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَ الحديث مثله سواء بمعناه هَكَذَا قَالَ اللَّيْثُ وَالْمُفَضَّلُ عَنِ ابْنِ عَمٍّ وَقَالَ مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الْحُفَّاظِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْأَحْنَفِ عَنْ عَمِّهِ وَبَعْضُهُمْ سَمَّاهُ كَمَا تَرَاهُ جَارِيَةَ بْنِ قدامة وهو جارية ابن قدامة بن ملك بْنِ زُهَيْرٍ تَمِيمِيٌّ سَعْدِيٌّ لَهُ صُحْبَةٌ (صَحِيحَةٌ) وَرِوَايَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ قِيلَ اسْمُهُ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَقِيلَ صَخْرُ بْنُ قَيْسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُصَيْنِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدٍ تَمِيمِيٌّ سَعْدِيٌّ أَيْضًا مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ وَمُمْكِنٌ أَنْ (يَكُونَ) ابْنَ عَمِّهِ فِي نَسَبِهِ وَعَمُّهُ أَخُو أَبِيهِ لِأُمِّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ

بِإِسْنَادِهِ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جَارِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْمَقْدِسِيُّ (بِبَيْتِ (9) الْمَقْدِسِ) قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصِنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ قَالَ لَا تَغْضَبْ وَحَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ أَخُو حَجَّاجِ بن منهال حدثنا عبد الواحد ابن زِيَادٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ أَعْمَلُهُ وَأَقْلِلْ لَعَلِّي أَحْفَظُهُ قَالَ لَا تَغْضَبْ قَالَ مُضَرُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ الْحَدِيثُ حَدِيثُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَدِيثُ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ مَعِينٍ عَلَى مَا رَوَاهُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَقَدْ تابعه

عَلَى ذَلِكَ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ عَنِ الْأَعْمَشِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَكَرَهُ الْبَزَّارُ عَنِ ابْنِ شَبُّوَيْهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ رَافِعٍ وَذَكَرَهُ أَيْضًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَفْصٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ دُلَّنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ قَالَ لَا تغضب

- قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ الْقَلِيلِ الْأَلْفَاظِ الْجَامِعِ لِلْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ وَالْفَوَائِدِ الْجَلِيلَةِ وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَرَدَّ غَضَبَهُ أَخْزَى شَيْطَانَهُ وَسَلِمَتْ مُرُوءَتُهُ وَدِينُهُ وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ ... لَا يُعْرَفُ الْحِلْمُ إِلَّا سَاعَةَ الْغَضَبِ ... وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ ... الْعَقْلُ آفَتُهُ الْإِعْجَابُ وَالْغَضَبُ ... ... وَالْمَالُ آفَتُهُ التَّبْذِيرُ وَالنَّهْبُ ... وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ ... وَلَمْ أَرَ فِي الْأَعْدَاءِ حِينَ خَبَرْتُهُمْ ... عَدُوًّا لِعَقْلِ الْمَرْءِ أَعْدَى مِنَ الْغَضَبِ ... وَكُلُّ هَؤُلَاءِ إِنَّمَا حَاوَلُوا وَدَنْدَنُوا حَوْلَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُبْعِدُنِي مِنْ غَضَبِ اللَّهِ قَالَ لَا تَغْضَبْ (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ قَالَ حَدَّثَنَا ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ أَبُو سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُذَيْلِ قَالَ لَمَّا رَأَى يَحْيَى أَنَّ عِيسَى مُفَارِقُهُ قَالَ لَهُ أَوْصِنِي قَالَ لَا تَغْضَبْ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ لَا تَقْنِي مَالًا قَالَ عَسَى)

الحديث الثالث والثلاثون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ لَا يجوز أن يكون مثله رأيا ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَأَنَّ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ تُجَادِلُ عَنْ صَاحِبِهَا أَدْخَلْنَا هَذَا فِي كِتَابِنَا لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُقَالُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ تَوْقِيفًا لِأَنَّ هَذَا لَا يُدْرَكُ بِنَظَرٍ وَإِنَّمَا فِيهِ التَّسْلِيمُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من وُجُوهٍ وَمِنْ شَرْطِنَا أَنَّ كُلَّ مَا يُمْكِنُ إِضَافَتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما قد ذكره ملك فِي مُوَطَّئِهِ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا وَبِاللَّهِ عَوْنُنَا وَتَوْفِيقُنَا لَا شَرِيكَ لَهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَهُ وَوَصَلَهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَالَ ثُلُثُ الْقُرْآنِ أَوْ تَعْدِلُهُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمُّ حُمَيْدٍ هَذِهِ هِيَ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَكَانَتْ مِنَ

الْمُبَايِعَاتِ وَمِنْ جِلَّةِ الصَّحَابِيَّاتِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا وَذَكَرْنَا خَبَرَهَا وَنَسَبَهَا فِي كِتَابِ النِّسَاءِ مِنْ كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ فأغنى عن ذكرها ها هنا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُمَحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْغَنِيِّ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بنت عقبة ابن أَبِي مُعَيْطٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَالَ ثُلُثُ الْقُرْآنِ أَوْ تَعْدِلُهُ وَمِنْ أصح المسندات في هذا الباب حديث ملك عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَسَيَأْتِي فِي

مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُنَاكَ يَأْتِي الْقَوْلُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ هَذَا الباب إن شاء الله تعالى وحديث ملك أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالصَّوَابُ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إِلَى آخِرِهَا فَقَالَ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مِنْ وُجُوهٍ وَرُوِيَ مَرْفُوعًا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسِ بْنِ ملك وقَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ أَخْبَرَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ

إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ كُلَّ لَيْلَةٍ قَالُوا وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ قَالَ بَلَى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَغْلِبُ أَحَدَكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ قَالُوا وَمَا ذَاكَ قَالَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو قَيْسٍ الْأَوْدِيُّ هُنَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْهُ أَيْضًا كَمَا رَوَاهُ شُعْبَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ وَرَوَاهُ وَكِيعٌ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُمْ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي قَيْسٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا مِثْلَهُ وَهُوَ عِنْدِي خَطَأٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالصَّوَابُ عِنْدِي فِيهِ حَدِيثُ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ جَمِيعًا عَنْ زَائِدَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ أَتَاهَا فَقَالَ أَلَا تَرَيْنَ مَا أَتَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ رُبَّ خَيْرٍ أَتَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا هُوَ قَالَ قَالَ لَنَا أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ قَالَ فَأَشْفَقْنَا أَنْ يُرِيدَنَا عَلَى أَمْرٍ نَعْجِزُ عَنْهُ فَلَمْ نَرْجِعْ إِلَيْهِ شَيْئًا حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ أَمَا يَسْتَطِيعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ أَنْبَأَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ قَالَ يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مسلم بن إبرهيم قالا حَدَّثَنَا أَبَانٌ الْعَطَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ كُلَّ لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ قَالُوا نَحْنُ أَعْجَزُ مِنْ ذَلِكَ وَأَضْعَفُ قَالَ

إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَزَّأَ الْقُرْآنَ ثَلَاثَ أجزاء فجعل قل هو الله أحد جزأ مِنْ أَجْزَاءِ الْقُرْآنِ وَوَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ هِلَالٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ مُوسَى الصَّغِيرِ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ قَالَ الْبَزَّارُ مُوسَى النَّخَعِيُّ رَجُلٌ كُوفِيٌّ حَدَّثَ عَنْهُ النَّاسُ قَالَ وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بن أَخِي عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ الْوَاسِطِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ نِعْمَ السُّورَتَانِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ تَعْدِلُ رُبُعَ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو تُمَيْلَةَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَأَنَا أَجْمَعُهُمَا جميعا

- قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا الْإِسْنَادُ بِالْقَوِيِّ وَأَخْبَرَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ التَّمْتَامُ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَرَأَ إِذَا زُلْزِلَتْ فَنِصْفُ الْقُرْآنِ وَمَنْ قَرَأَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ فَرُبُعُ الْقُرْآنِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُلُثُ الْقُرْآنِ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حدثنا ملك بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مِنْدَلٌ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي

جَعْفَرٍ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ فِي سَفَرٍ فَقَرَأَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ قَالَ قَدْ قَرَأْتُ لَكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَرُبُعَهُ وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَطِيَّةَ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن المسور بن إبرهيم بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ سَمِعْتُ سعد بن إبرهيم يُحَدِّثُ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَرَأَ بَعْدَ الصُّبْحِ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) اثْنَا عَشَرَ مَرَّةً فَكَأَنَّمَا خَتَمَ الْقُرْآنَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَكَانَ خَيْرَ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِذَا اتَّقَى

- قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي قَبْلَهُ مِنْ أَحَادِيثِ الشُّيُوخِ لَيْسَتْ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَئِمَّةِ وَقَدْ صَحَّتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) أَحَادِيثُ عِدَّةٌ مِنْ جِهَةِ نَقْلِ الْآحَادِ لَا نَقْطَعُ عَلَى عَيْنِهَا وَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نُنَاظِرُ فِيهَا وَالْقُرْآنُ عِنْدَنَا صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ فَسُبْحَانَ الْمُحِيطِ عِلْمًا بِمَا أَرَادَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ هَذَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّبَّاحِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرِ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا سَدُوسُ بْنُ عَلْقَمَةَ حَدَّثَنِي وَالِدِي قَالَ كُنْتُ عند أنس بن ملك فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ سُورَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ تَشْفَعُ لِصَاحِبِهَا

فَتُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ قَالَ وَهِيَ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبَّاسٍ الْجُشَمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِصَاحِبِهَا حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنْ عَبَّاسٍ الْجُشَمِيِّ! أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

الحديث الرابع والثلاثون

ابن شهاب عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ التَّيْمِيِّ قَدْ ذَكَرْنَا أَبَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ هَاهُنَا وَعِيسَى ابْنُ طَلْحَةَ هَذَا مَدَنِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ وَغَيْرِهِمْ وَأُمُّهُ سُعْدَى ابْنَةُ ابْنِ خَارِجَةَ بْنِ سِنَانِ بْنِ أَبِي خَارِجَةَ وَهُوَ شَقِيقُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ وَتُوُفِّيَ عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ سَنَةَ مِائَةٍ قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ كَانَ عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ صَدِيقًا لِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَذَكَرَ خَبَرَهُ فِي تَعْزِيَتِهِ لَهُ فِي رِجْلِهِ قَالَ وَأَخْبَرَنِي مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ قِيلَ لِعِيسَى بْنِ طَلْحَةَ مَا الْحِلْمُ قَالَ الذُّلُّ

لِمَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ هَذَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ مسند في الموطأ ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى يَسْأَلُونَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ فَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ قَالَ فَمَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ قَدَّمَ وَلَا أَخَرَّ إِلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَا يُخْتَلَفُ فِي إِسْنَادِهِ وَلَا أعلم عن ملك اخْتِلَافًا فِي أَلْفَاظِهِ إِلَّا مَا رَوَاهُ يَحْيَى بن سلام عن ملك ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَشِيقٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ الْأَحَدِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ شعيب عن أبي سلام عن ملك عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ لِلنَّاسِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ قَالَ آخَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ قَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ قَالَ آخَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ طُفْتُ بِالْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ قَالَ اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ

قَالَ فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قَدَّمَ وَلَا أَخَرَّ إِلَّا قَالَ لَا حَرَجَ لَا حَرَجَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ طُفْتُ بِالْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ إِلَّا يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ وَهَكَذَا رَوَاهُ جُمْهُورُ أصحاب ابن شهاب كما رواه ملك فِي مُوَطَّئِهِ وَزَادَ فِيهِ صَالِحَ بْنَ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَتِهِ وَلِهَذَا مع ما

روي عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَا اسْتَحَبَّ الْعُلَمَاءُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَرْمِيَ الرَّجُلُ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ رَاكِبًا وَمِمَّنِ استحب ذلك ملك والشافعي وجماعة قال ملك رَحِمَهُ اللَّهُ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ رَاكِبًا وَفِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ مَاشِيًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ وُجُوهٌ كَثِيرَةٌ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجِّ مِنْهَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَمِنْهَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ فَأَمَّا قَوْلُهُ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ كَافَّةً عَنْ كَافَّةٍ أَنَّ وَاجِبًا عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ شَعْرِهِ شَيْئًا مِنْ حِينِ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ إِلَى أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فِي وَقْتِ رَمْيِهَا فَإِنِ اضْطُرَّ إِلَى حَلْقِ شَعْرِهِ لِضَرُورَةٍ لَازِمَةٍ فَالْحُكْمُ فِيهِ مَا نَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَقَدْ شَرَحْنَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَأَجْمَعُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّتِهِ بَعْدَ مَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ أَنْ نَحَرَ وَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ

التَّقْصِيرَ يُجْزِي عَنِ الْحَلْقِ لِمَنْ لَمْ يُلَبِّدْ وَلَمْ يَعْقِصْ وَلَمْ يُضَفِّرْ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْحِلَاقَ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ وَأَنْ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ وَأَنَّ سُنَّتَهُنَّ التَّقْصِيرُ وَرَوَى أَنَسُ بْنُ ملك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَنَحَرَ بَدَنَةً أَوْ أَمَرَ بِهَا فَنُحِرَتْ وَقَالَ لِلْحَلَّاقِ دُونَكَ فَحَلَقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ ثُمَّ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ وَنَاوَلَ شَعْرَ أَحَدِ الشِّقَّيْنِ أَبَا طَلْحَةَ وَقَسَمَ الْآخَرَ بَيْنَ مَنْ يَلِيهِ الشَّعْرَةَ وَالشَّعْرَتَيْنِ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عن أنس بن ملك وَعَلَى الْعَمَلِ بِهِ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ قَسْمِ الشَّعْرِ فَإِنَّ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً تَبَرُّكًا بِهِ وَجَعَلَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَوْضِعَ أَبِي طَلْحَةَ أُمُّ سُلَيْمٍ زَوْجَتَهُ وَسَائِرُ مَنْ رَوَاهُ يَقُولُونَ إِنَّهُ حَلَقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ وَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ وَرُبَّمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الَّذِي حَلَقَ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ الْأَيْسَرِ هُوَ الَّذِي أَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ سُنَّةَ الْحَاجِّ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَنْحَرَ هَدْيًا إِنْ كَانَ مَعَهُ ثُمَّ يَحْلِقَ رَأْسَهُ فَمَنْ قَدَّمَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَنْ مَوْضِعِهِ أَوْ أَخَّرَهُ فَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مَا نَذْكُرُهُ بِعَوْنِ اللَّهِ وَحَوْلِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَوَقْتُ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى بَعْدَ

طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى الْغُرُوبِ وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا رَمَاهَا ضُحَى ذَلِكَ الْيَوْمِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لَمْ يَرْمِ مِنَ الْجَمَرَاتِ يَوْمَ النَّحْرِ غَيْرَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ رَمَاهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى الزَّوَالِ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَهَا وَوَقْتَهَا الْمُخْتَارَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ رَمَاهَا يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الْمَغِيبِ فَقَدْ رَمَاهَا فِي وَقْتٍ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسْتَحْسَنًا لَهُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَخَّرَ رَمْيَهَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَذَكَرَ ابن القاسم أن ملكا رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ يَقُولُ مَرَّةً عَلَيْهِ دَمٌ وَمَرَّةً لَا يَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا قَالَ وَقَدْ تَأَخَّرَتْ صَفِيَّةُ امْرَأَةُ ابْنِ عُمَرَ عَلَى ابْنَةِ أَخِيهَا حَتَّى أَتَتْ مِنًى بَعْدَ مَا غَابَتِ الشَّمْسُ فَرَمَتْ يَوْمَ النَّحْرِ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَمَرَهَا بِشَيْءٍ ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ مَنْ أَخَّرَهَا عَامِدًا إِلَى اللَّيْلِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ يَرْمِيهَا مِنَ الْغَدِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ تَرَكَهَا عَامِدًا وَالنَّاسِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ قِيلَ عَلَى الْعَامِدِ لِذَلِكَ دَمٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا قَبْلُ أَوْ بَعْدُ فَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِيمَنْ رَمَاهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لا يجزيء وعلى من

فعله الإعادة وهو قول ملك وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ بن حنبل وإسحاق قال ملك فِي الْمُوَطَّأِ إِنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ رَمْيَ الْجَمْرَةِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ قَالَ فَإِنْ رَمَى قَبْلَ الْفَجْرِ فقد حل له النحر قال ملك وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ لِأَحَدٍ بِرَمْيٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَمَنْ رَمَاهَا فَقَدْ حَلَّ لَهُ الْحَلْقُ وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ وَجَمَاعَةُ الْمَكِّيِّينَ فِي الَّذِي يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِنَّ ذلك يجزيء وَلَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ إِذَا كَانَ الرَّمْيُ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَكَذَلِكَ إِنْ نَحَرَ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُ وَرُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا كَانَتْ تَرْمِي الْجِمَارَ بِاللَّيْلِ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَالَ أَنْبَأَ دَاوُدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَوْمَ النَّحْرِ وَأَمَرَهَا أَنْ تُعَجِّلَ الْإِفَاضَةَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تَرْمِيَ الْجَمْرَةَ وَتُوَافِيَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِمَكَّةَ وَكَانَ يَوْمَهَا وَأُحِبُّ أَنْ تُوَافِيَهِ قَالَ وَأَنْبَأَ الثِّقَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا وَقَدْ رَمَتِ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِسَاعَةٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يدفع حديث أم سلمة هذا ويضعفه وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّ أَكْثَرَ الفقهاء يجيزون ذلك وممن أجازها ملك والشافعي وأبو حنيفة ومن قال بقولهم وقال أبو ثور إن اختلفوا في رميها قبل طلوع الشمس لم تجز من رَمَاهَا وَكَانَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَإِنْ أَجْمَعُوا سَلَّمْنَا لِلْإِجْمَاعِ وَحُجَّتُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَاهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَمَنْ رَمَاهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ كَانَ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ وَلَزِمَهُ إِعَادَتُهَا فِي وَقْتِهَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لَهَا وَقْتًا فَمَنْ تَقَدَّمَهُ لَمْ يُجْزِهِ وَزَعَمَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ خِلَافًا فِيمَنْ رَمَاهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَبَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَنَّهُ يُجْزِيهِ قَالَ وَلَوْ عَلِمْتُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لَأَوْجَبْتُ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ الْإِعَادَةَ وَلَمْ يَعْرِفْ قَوْلَ أَبِي ثَوْرٍ الَّذِي حَكَيْنَاهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَذَكَرَهُ ابْنُ خُوَازْ مَنْدَادَ أَيْضًا فَهَذَا حُكْمُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ الَّتِي تُرْمَى يَوْمَ النَّحْرِ وَلَا يُرْمَى مِنَ الْجِمَارِ يَوْمَ النَّحْرِ غَيْرُهَا وَهِيَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ لَوْ وطىء المحرم قبل رميها لفسد حجه عند ملك وأصحابه فإن وطىء بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقَبْلَ الْإِفَاضَةِ فَعَلَيْهِ عِنْدَهُمْ أَنْ يَعْتَمِرَ وَيَهْدِيَ وَإِنَّمَا أَمَرُوهُ بِالْعُمْرَةِ لِيَكُونَ طَوَافُهُ لِلْإِفَاضَةِ فِي إِحْرَامٍ صَحِيحٍ وَهَذَا هو المشهور من مذهب ملك عند

أصحابه وذكر ابن أبي حازم أن ملكا رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ إِلَى أَنْ قَالَ من وطىء بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقَبْلَ الْإِفَاضَةِ فَعَلَيْهِ هدي بدنة لا غير ومن وطىء قَبْلَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَبَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ اعْتَمَرَ وَأَهْدَى وَأَجْزَأَ عَنْهُ هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي حازم عن ملك وَهِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيِّينَ لَا يَعْرِفُونَهَا وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَهُمْ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَعَلَى رِوَايَةِ ابن أبي حازم عن ملك جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ والثوري وقد روى ملك عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الَّذِي يَطَأُ أَهْلَهُ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقَبْلَ أَنْ يُفِيضَ أَنَّهُ يَنْحَرُ بَدَنَةً وَيُجْزِيهِ وَرُوِيَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَظُنُّهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَعْتَمِرُ وَيُهْدِي وَرِوَايَةُ ثَوْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي هذا ضعيفة لِأَنَّ أَيُّوبَ رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ مَا أَفْتَيْتُ بِرَأْيٍ قَطُّ إِلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ إِحْدَاهُنَّ فِي الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ قَبْلَ أن يطوف للإفاضة يعتمر ويهدي وقال ملك وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ فِي الَّذِي يَطَأُ أَهْلَهُ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ قَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَنَّهُ يَرْمِي الْجَمْرَةَ وَيَطُوفُ لِلْإِفَاضَةِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَعْتَمِرَ ويهدي ليس عليه غير ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَفْسُدُ حَجُّهُ عِنْدَهُمْ إِذَا وَطِئَهَا يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ وَأَمَّا إِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فَإِنَّ عَلَيْهِ أن

يَعْتَمِرَ وَيُهْدِيَ وَسَوَاءً وَطِئَهَا قَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ بَعْدُ إِذَا كَانَ قَدْ وَقَفَ لَيْلًا بِعَرَفَةَ وَكَانَ وَطْؤُهُ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وقد ذكر ابن حبيب عن ملك وأصحابه فيمن وطيء قَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَنَّهُ يَفْسُدُ حَجُّهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَهَذَا غَيْرُ معروف في مذهب ملك وَأَصْحَابِهِ وَالْمَعْرُوفُ مَا ذَكَرْتُ لَكَ فَهَذِهِ أَحْكَامُ جمرة يوم النحر فيمن وطىء قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا وَلَيْسَ لِشَيْءٍ مِنَ الْجِمَارِ حُكْمُهَا وَأَمَّا الْجِمَارُ الَّتِي تُرْمَى فِي أَيَّامِ مِنًى بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أن وقت الرمي في غير يوم النحر بعد زوال الشمس وقال ملك والثوري والأوزاعي والشافعي وأبو يوسف لا يجزىء الرمي في غير يَوْمَ النَّحْرِ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ فَعَلَهُ أَحَدٌ قَبْلَ الزَّوَالِ أَجْزَأَهُ وَعَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَعِكْرِمَةَ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَّا أَنَّ طَاوُسًا قَالَ إِنْ شَاءَ رَمَى مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَنَفَرَ وَقَالَ عِكْرِمَةُ إِنْ رَمَى أَوَّلَ النَّهَارِ لَمْ يَنْفِرْ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَعَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عمر وجماعة التابعين مثل قول ملك فِي ذَلِكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى فَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَبَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَكَانَ يَرْمِيهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ وَيَقُولُ لَنَا خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَلَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حجتي هذه وقال ملك فِي الْمُوَطَّأِ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا

أَنَّ أَحَدًا لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ شِعْرِهِ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيًا إِنْ كَانَ مَعَهُ وَذَلِكَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله وقال ملك الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ مَنْ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شِعْرِهِ شَيْئًا حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيًا إِنْ كَانَ مَعَهُ وَلَا يُحِلُّ مِنْ شَيْءٍ كَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحِلَّ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى وسئل ملك عَنِ الرَّجُلِ يَنْسَى الْحِلَاقَ فِي الْحَجِّ بِمِنًى أَوَاسِعٌ لَهُ أَنْ يَحْلِقَ بِمَكَّةَ قَالَ ذَلِكَ وَاسِعٌ وَالْحِلَاقُ بِمِنًى أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ أَبُو ثابت قلت لابن القاسم ما قول ملك فِيمَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فقال قال ملك عليه الفدية قيل له فما قول ملك فِيمَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ قَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُجْزِئُهُ قِيلَ لَهُ فَمَا قول ملك إِنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ قَالَ يُجْزِئُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يختلف قول ملك وَأَصْحَابُهُ فِيمَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ أَنَّ عَلَيْهِ الْفِدْيَةَ وَيَمُرُّ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِيمَنْ طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ أَنَّهُ يَرْمِي ثُمَّ يَحْلِقُ رَأْسَهُ ثُمَّ يُعِيدُ الطَّوَافَ لِلْإِفَاضَةِ قَالَ وَمَنْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ قَبْلَ الْحِلَاقِ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِقُ رَأْسَهُ ثُمَّ يُعِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَإِنْ لَمْ يُعِدِ الطَّوَافَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ طَافَ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ثُمَّ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَذْبَحَ ثُمَّ يَحْلِقَ بَعْدَ الذَّبْحِ فَلَمَّا بَدَأَ بِالْحِلَاقِ كَانَ قَدْ أَخْطَأَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الرَّمْيَ يَحِلُّ بِهِ

الْحَلْقُ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ ثُمَّ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ حَلَّ لَهُ الْحَلْقُ وَلُبْسُ الثِّيَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلِهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَكُنْ عَلَى مَنْ بَدَأَ بِالْحَلْقِ قَبْلَ الذَّبْحِ شَيْءٌ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَإِذَا نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ لَمْ يَكُنْ أَيْضًا عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْهَدْيَ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ أَلَا تَرَى أَنَّ مُعْتَمِرًا لَوْ سَاقَ مَعَهُ هَدْيًا فَنَحَرَهُ حِينَ بَلَغَ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى لَكَانَ قَدْ أَخْطَأَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِبْدَالُ الْهَدْيِ وَإِنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي له أن لا ينحر الهدي حتى يفرغ مِنْ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ فَيَنْحَرَ الْهَدْيَ ثُمَّ يَحْلِقَ فَلَمَّا أَخْطَأَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْإِبْدَالُ لِأَنَّ الْهَدْيَ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ انْتِقَاصٌ لِعُمْرَتِهِ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَعْتَمِرُ وَلَا يَسُوقُ هَدْيًا فَتَكُونُ عُمْرَتُهُ تَامَّةً وَلَوْ نَحَرَ هَدْيَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ محله في الحج لم يكن عليه غير إِبْدَالُ الْهَدْيِ خَاصَّةً وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ انْتِقَاصٌ لِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَهَاتَانِ الْخَلَّتَانِ هُمَا الْمُبْتَغَتَانِ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَالَّذِي رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى وَالَّذِي رَوَاهُ وُهَيْبٌ عن ابن طاوس مجمل غير أَنَّهُ لَا يُبَيِّنُ فِيهِ خِلَافَ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَالَّذِي رَوَاهُ خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ رَمَى بَعْدَمَا أَمْسَى وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ فِيهِ انْتِقَاصٌ لِلْحَجِّ وَإِنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَلَمَّا أَخْطَأَ وَأَخَّرَهَا إِلَى بَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ

يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ فِي بَقِيَّةِ النَّهَارِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ أَخَّرَهَا إِلَى اللَّيْلِ فَإِنَّ أَبَا ثَابِتٍ حَكَى عَنِ ابن القاسم قال كان ملك مَرَّةً يَقُولُ عَلَيْهِ دَمٌ وَمَرَّةً لَا يَرَاهُ عَلَيْهِ قَالَ وَقَدْ تَأَخَّرَتْ صَفِيَّةُ امْرَأَةُ ابْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنَةِ أَخِيهَا حَتَّى أَتَتْ مِنًى بَعْدَ مَا غَابَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ النَّحْرِ فَرَمَتْ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَمَرَهَا بِشَيْءٍ - قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى سَحْنُونُ عَنِ ابن القاسم أن ملكا لَمْ يَأْخُذْ بِرُخْصَةِ ابْنِ عُمَرَ لِصَفِيَّةَ فِي ذلك ورأى أَنَّ مَنْ أَخَّرَ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ حَتَّى اللَّيْلِ وَرَمَاهَا بِاللَّيْلِ عَلَيْهِ لِذَلِكَ دَمٌ وَالَّذِي رَوَاهُ أَبُو ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَتَمُّ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ دم وقد ذكرنا هذه المسئلة وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا مِنَ الْأَقْوَالِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَدِيثُ عِكْرِمَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ رَمَى بِالْعَشِيِّ لِأَنَّهُ حَكَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ يَوْمَئِذٍ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ كَانَتْ فِي الْيَوْمِ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ بَعْدَمَا أَمْسَيْتُ يَدُلُّ عَلَى الْعَشِيِّ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فِي كَلَامِ النَّاسِ فَهَذَا هُوَ النَّصُّ الْقَوِيُّ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا مَا يُزَادُ فِي الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ فَهُوَ شَيْءٌ لَا يُدْرَى كَيْفَ صِحَّتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ اللَّفْظُ الَّذِي أَنْكَرَهُ إِسْمَاعِيلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ وَزَادَهُ وَأَتَى بِهِ هُوَ قَوْلُهُ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ وَهُوَ مَحْفُوظٌ فِي الْأَحَادِيثِ ثُمَّ

ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ فَقَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسئل يَوْمَئِذٍ فَيَقُولُ لَا حَرَجَ فَسَأَلُهُ رَجُلٌ فَقَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ فَقَالَ لَا حَرَجَ فَقَالَ رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ قَالَ لَا حَرَجَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ مِثْلَهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا إبرهيم بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ يَوْمَ النَّحْرِ وَهُوَ بِمِنًى فِي الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَقَالَ لَا حَرَجَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ يَوْمَ النَّحْرِ عَنْ رَجُلٍ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ أَوْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ وَأَشْبَاهِ هَذَا فَأَكْثَرُوا فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَمَا سَأَلَهُ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ مِنْ هَذَا النَّحْوِ إِلَّا قَالَ لَا حَرَجَ وَقَالَ أَبُو ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ القاسم قال ملك إِنْ ذَبَحَ الْمُحْرِمُ ذَبِيحَتَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَعَادَ ذَبِيحَتَهُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ هَذَا مَعْنَاهُ عِنْدِي عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الذَّبْحَ بِاللَّيْلِ لَا يجزىء فِي الْهَدْيِ وَالضَّحَايَا وَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدِي غَيْرَ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِهِ أَلَا تَرَى إِلَى ما قدماه مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ مَنْ رَمَى قَبْلَ الْفَجْرِ وَإِنْ كَانَ لَا يُجْزِئُهُ رَمْيُهُ أَنَّ النَّحْرَ قَدْ حَلَّ لَهُ وَقَوْلِهِ إِنَّ مَنْ قَدَّمَ نَحْرَهُ قَبْلَ رَمْيِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ وَلَا يُنْتَقَصُ مِنْ حَجِّهِ شَيْءٌ لِأَنَّ هَدْيَهُ قَدْ بَلَغَ

مَحِلَّهُ فَإِذَا لَمْ يُفْسِدْ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ نَحْرِهِ قَبْلَ رَمْيِهِ شَيْئًا مِنْ حَجِّهِ وَلَا أَوجَبَ عَلَيْهِ شَيْئًا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ مَا نَحَرَهُ مِنْ هَدْيِهِ إِلَّا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ ذَبَحَهُ بِاللَّيْلِ وَذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ عِنْدَهُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَذَكَرَ الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِيَ وَعِنْدَ غَيْرِهِ اللَّيَالِيَ تَبَعٌ لِلْأَيَّامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ قَدَّمَ نُسُكًا قَبْلَ نُسُكٍ أَوْ أَخَّرَهُ مِمَّا يَصْنَعُهُ الْحَاجُّ يَوْمَ النَّحْرِ خَاصَّةً مِثْلُ تَقْدِيمِ النَّحْرِ قَبْلَ الرَّمْيِ أَوِ الْحَلْقِ قَبْلَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَ الرَّمْيِ فَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِيمَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يرمي فإن ملكا قَالَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فِي إِيجَابِ الْفِدْيَةِ فِي ذَلِكَ قَالَ وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ أَوْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَدَّمَ مِنْ حجه شَيْئًا أَوْ أَخَّرَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَا يَصِحُّ ذلك عنه وعن إبرهيم وجابر بن زيد مثل قول ملك فِي إِيجَابِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ وَلَا عَلَى مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا أَوْ أَخَّرَهُ سَاهِيًا مِمَّا يُفْعَلُ يَوْمَ النَّحْرِ وَرَوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَطَاوُسٍ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أبي

رَبَاحٍ مَنْ قَدَّمَ نُسُكًا قَبْلَ نُسُكٍ فَلَا حَرَجَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وقَتَادَةَ وَذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ حَفِظَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ خَطَأٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي كُتُبِهِ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ كُلِّهَا شَيْئًا إِذَا كَانَ سَاهِيًا وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِيمَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وقتادة وهو قول ملك وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وداود ومحمد بن جرير وقال إبرهيم النَّخَعِيُّ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ أَهْرَاقَ دَمًا وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَيْهِ دَمٌ قَالَ وَإِنْ كَانَ قَارِنًا فَعَلَيْهِ دَمَانِ دَمٌ لِلْقِرَانِ وَدَمٌ لِلْحَلْقِ وَقَالَ زُفَرُ عَلَى الْقَارِنِ إِذَا حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ ثَلَاثَةُ دِمَاءٍ دَمٌ لِلْقِرَانِ وَدَمَانِ لِلْحَلْقِ قَبْلَ النَّحْرِ وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِيمَنْ نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْهَدْيَ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ مَعَ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ أَوْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ لَا حَرَجَ وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يُوجِبْ عَلَى مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا مِنْ نُسُكِ يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ أَخَّرَهُ سَاهِيًا الْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي بَعْضِهَا مَنْ قَدَّمَ نُسُكًا قَبْلَ نُسُكٍ لَا حَرَجَ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّ الْقَائِلَ قَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ وَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ وَذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ

أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ قَالَ اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ وَقَالَ آخَرُ ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ قَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ قَالَ فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قَدَّمَهُ رَجُلٌ قَبْلَ شَيْءٍ إِلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ فَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قَدَّمَ وَلَا أَخَرَّ إِلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حرج من رواية ملك وَغَيْرِهِ بِهِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ أُسَامَةِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجًّا فَكَانَ النَّاسُ يسئلونه فَمَنْ قَالَ سَعَيْتُ قَبْلَ أَنْ أَطُوفَ أَوْ أَخَّرْتُ شَيْئًا أَوْ قَدَّمْتُ شَيْئًا فَكَانَ يَقُولُ لَا حَرَجَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ بَعْدَ الرَّمْيِ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ يَرْجِعُ فَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الْبَيْتِ فَيُفِيضُ وَقَالَ عَطَاءٌ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ تُجْزِئُهُ الْإِفَاضَةُ وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَمَّنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ أَوْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ فَجَعَلَ يَقُولُ لَا حَرَجَ لَا حَرَجَ وَرَوَاهُ قيس بن سعد عن عطاء عن جابر مَرْفُوعًا مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ وَقَالَ آخَرُ طُفْتُ بِالْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ قَالَ اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ وَحَدِيثُ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَيْسٍ هَكَذَا كَمَا ذَكَرْنَا وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى فِي النَّحْرِ وَالْحَلْقِ والرمي والتقديم والتأخير فقال لا حرج التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

تابع لحرف الميم

ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيثًا مِنْهَا وَاحِدٌ مُرْسَلٌ هُوَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ القرشي الْأَسَدِيُّ قَدْ ذَكَرْنَا نَسَبَ أَبِيهِ فِي الصَّحَابَةِ أُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ أَحَدَ الْعَشَرَةِ الْفُقَهَاءِ مِنْ تَابِعِيِّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُمْ سَعِيدٌ وَأَبُو سَلَمَةَ وَعُرْوَةُ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَسُلَيْمَانُ وَخَارِجَةُ وَقَبِيصَةُ وَكَانَ عُرْوَةُ أَحْفَظَهُمْ كُلِّهِمْ وَأَغْزَرَهُمْ حَدِيثًا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَدْرَكْتُ حِصَارَ عُثْمَانَ (بْنِ عَفَّانَ) وَكَانَ يَوْمَ الْجَمَلِ ابْنَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَوُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ بُشِّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بِأَخِيهِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ مَقْدِمَهُ مِنْ إِفْرِيقِيَّةِ وَذَلِكَ سَنَةَ ست وعشرين (من الهجرة) واستغفر حِينَ خَرَجُوا يَوْمَ الْجَمَلِ فَرُدَّ مِنَ الطَّرِيقِ هُوَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَاتَ عُرْوَةُ سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً وَقِيلَ (بَلْ) مَاتَ عُرْوَةُ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ

حكى هذه الجملة! الوافذي وَمُصْعَبٌ (الزُّبَيْرِيُّ) وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ اسْتُصْغِرْنَا يَوْمَ الْجَمَلِ فَرُدِدْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَجَدْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ بَحْرًا لَا تُكَدِّرُهُ الدِّلَاءُ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِنَّ ابْنَ شِهَابٍ قَالَ وَجَدْتُ عُرْوَةَ بَحْرًا لَا تُكَدِّرُهُ الدِّلَاءُ فَقَالَ يَحْيَى أَمَّا أَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَنِ وَأَقْضِيَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَابْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَمَّا أَكْثَرُهُمْ حَدِيثًا فَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ تَزَوَّجَ عُرْوَةُ فَأَرَادُوهُ عَلَى أَنْ يُفْطِرَ فَأَبَى وَكَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ فَأَرَادُوهُ عَلَى الْخَلُوقِ فَأَبَى فَلَمَّا نَامَ خَلَّقُوهُ وَهُوَ نَائِمٌ قَالَ أَيُّوبُ وَكَانَ عُرْوَةُ إِذَا دَخَلَ أَرْضَهُ قَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَرُوِّينَا أَنَّ عُرْوَةَ قَدِمَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الشَّامِ فَأَصَابَتْهُ الْأَكَلَةُ فِي رِجْلِهِ فَقَطَعَهَا وَهُوَ عِنْدَ الْوَلِيدِ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ وَلَا نَطَقَ وَلَمْ يَشْعُرِ الْوَلِيدُ بِهَا حِينَ قُطِعَتْ حَتَّى كُوِيَتْ فَوَجَدَ رَائِحَةَ الْكَيِّ وَبَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِيَ سِنِينَ وَاحْتَفَرَ بِالْمَدِينَةِ بِئْرًا يُقَالُ لَهَا بِئْرُ عروة

لَيْسَ بِالْمَدِينَةِ بِئْرٌ أَعْذَبَ مِنْهَا وَذَكَرَ عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْأَصْمَعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ صُعَيْرٍ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْفِقْهِ وَكُنْتُ أَتَعَلَّمُ مِنْهُ النَّسَبَ فَقَالَ أَلَكَ بِذَا حَاجَةٌ عَلَيْكَ بِهَذَا الشَّيْخِ وَأَشَارَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَجَالَسْتُهُ سَبْعَ سِنِينَ لَا أَحْسَبُ أَنَّ عَالِمًا غَيْرَهُ ثُمَّ تَحَوَّلْتُ إِلَى عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فَفَجَّرْتُ بِهِ بَحْرًا وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أَطْلُبُ الْعِلْمَ مِنْ ثَلَاثَةٍ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَكَانَ أَفْقَهَ النَّاسِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَكَانَ بَحْرًا لَا تُكَدِّرُهُ الدِّلَاءُ وَكُنْتَ لَا تَشَاءُ أَنْ تَجِدَ عِنْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ طَرِيقَةً مِنْ عِلْمٍ لَا تَجِدُهَا عِنْدَ غَيْرِهِ إِلَّا وَجَدْتَهَا وَذَكَرَ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ قُلْتُ لِعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ مَنْ أَفْقَهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ أَمَّا أَفْقَهُهُمْ فِقْهًا وَأَعْلَمُهُمْ بِقَضَايَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَضَايَا أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَأَعْلَمُهُمْ بِمَا مَضَى عَلَيْهِ النَّاسِ فَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَمَّا أَغْزَرُهُمْ حَدِيثًا فَعُرْوَةُ وَلَا تَشَاءُ أَنْ تُفَجِّرَ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بَحْرًا إِلَّا فَجَّرْتَهُ وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ قَالَ كُنْتُ إِذَا حَدَّثَنِي عُرْوَةُ ثُمَّ حَدَّثَتْنِي عَمْرَةُ

زَادَ ذَلِكَ عِنْدِي صِدْقًا حَدِيثَ عُرْوَةَ بِحَدِيثِ عَمْرَةَ فَلَمَّا تَبَحَّرْتُهُمَا إِذَا عُرْوَةُ بَحْرٌ لَا يَنْزِفُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ كَانَ أَبِي يَقُولُ سَلُونِي إِذَا خَلَوْتُ وَكَانَ يَعْجَبُ مِنْ حفظي والله ما تعلمنا منه جزأ مِنْ أَلْفَيْ جُزْءٍ مِنْ حَدِيثِهِ قَالَ هُشَامٌ وَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ يَذْكُرُ أَبِي إِلَّا بِخَيْرٍ - قَالَ أَبُو عُمَرَ خَرَجَ عُرْوَةُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَتَرَكَ سُكْنَاهَا فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ مَا ذَكَرْنَاهُ (عَنْهُ) فِي كِتَابِ (بيان) العلم

قال! الوافذي تُوُفِّيَ فِي أَمْوَالِهِ بِمَجَّاجَ بِنَاحِيَةِ الْفُرْعِ وَدُفِنَ هُنَاكَ (وَقَالَ غَيْرُهُ تُوُفِّيَ بِقَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ (2)) وَقَالَ (عَبْدُ اللَّهِ (3)) بْنُ نُمَيْرٍ تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ قَالَ الْوَاقِدِيُّ فَكَانَ يُقَالُ سَنَةُ الْفُقَهَاءِ وَكَانَ عَالِمًا عَابِدًا يَسْرُدُ الصَّوْمَ حَافِظًا حَرِيصًا عَلَى نَشْرِ الْعِلْمِ

حَدِيثُ أَوَّلٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا وَهُوَ بِالْكُوفَةِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ (الْأَنْصَارِيُّ) فَقَالَ مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ أَلَيْسَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ بِهَذَا أُمِرْتُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَعْلَمُ مَا تُحَدِّثُ بِهِ يَا عُرْوَةُ أَوْ أَنَّ جِبْرِيلَ هُوَ الَّذِي أَقَامَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقْتَ الصَّلَاةِ قَالَ عُرْوَةُ كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عُرْوَةُ وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ

هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْهُ فِيمَا بَلَغَنِي وَظَاهَرُ مَسَاقِهِ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ يَدُلُّ عَلَى الِانْقِطَاعِ لِقَوْلِهِ إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ سَمَاعًا لِابْنِ شِهَابٍ مِنْ عُرْوَةَ وَلَا سَمَاعًا لِعُرْوَةَ مِنْ بَشِيرِ بْنِ أَبِي مَسْعُودٍ وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ أَعْنِي إِنَّ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِانْقِطَاعِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ السَّمَاعُ وَاللِّقَاءُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا وَيَحْمِلُ الْأَمْرَ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ مُجَالَسَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَمُشَاهَدَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَأَخْذِهِمْ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْرُوفًا لَمْ يُسْأَلْ عَنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَكَانَ الْحَدِيثُ عِنْدَهُ عَلَى الِاتِّصَالِ وَهَذَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ فِي مُوَطَّئِهِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُتَّصِلٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ لِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ مُجَالَسَةَ بَعْضِ الْمَذْكُورِينَ فِيهِ لِبَعْضٍ مَعْلُومَةٌ مَشْهُورَةٌ وَمِنْهَا أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ قَدْ صَحَّ شُهُودُ ابْنِ شِهَابٍ لِمَا جَرَى فِيهَا بَيْنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بِالْمَدِينَةِ وَذَلِكَ فِي أَيَّامِ إِمَارَةِ عُمَرَ عَلَيْهَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِهِ الْوَلِيدِ وَهَذَا مَحْفُوظٌ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَنَحْنُ

نَذْكُرُ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ لِنُبَيِّنَ لَكَ مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ نَذْكُرُ الْآثَارَ فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ لِيُسْتَدَلَّ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ فَإِنَّ الْعِلْمَ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا (وَيَفْتَحُ بَعْضُهُ بَعْضًا (1) ثُمَّ نَقْصِدُ لِلْقَوْلِ فِيمَا يُوجِبُهُ الْحَدِيثُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْمَعَانِي وَبِاللَّهِ الْعَوْنِ لَا شَرِيكَ لَهُ (تُوُفِّيَ) عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ رَحِمَهُ اللَّهُ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ فِي رَجَبٍ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْهُ بِحِمْصَ وَدُفِنَ بِدَيْرِ سَمْعَانَ مِنْ حِمْصَ وَهُوَ يَوْمَ مَاتَ ابْنُ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ سَنَتَيْنِ وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعَةَ أَيَّامٍ) وَمِمَّنْ ذَكَرَ مُشَاهَدَةَ ابْنِ شِهَابٍ لِلْقِصَّةِ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَعَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ مَعْمَرٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ فَأَمَّا رِوَايَةُ اللَّيْثِ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَبَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا عَلَى مَنَابِرِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي إِمَارَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأَخَّرَ عُمَرُ الْعَصْرَ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ أَمَا إِنَّ جِبْرِيلَ قَدْ نَزَلَ فَصَلَّى أَمَامَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لَهُ عُمَرُ اعْلَمْ مَا

تَقُولُ يَا عُرْوَةُ فَقَالَ سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ (سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ) سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (يَقُولُ) نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ (ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ) يَحْسِبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ (وَأَمَّا حَدِيثُ مَعْمَرٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ فَحَدَّثَنِي خَلَفُ) بْنُ سَعِيدٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ

مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كُنَّا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَخَّرَ صَلَاةَ الْعَصْرِ مَرَّةً فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ (بْنُ الزُّبَيْرِ (2)) حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ مَرَّةً يَعْنِي الْعَصْرَ فَقَالَ لَهُ أَبُو مَسْعُودٍ أَمَا وَاللَّهِ يَا مُغِيرَةُ لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى النَّاسُ مَعَهُ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى (فَصَلَّى) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّى النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى عَدَّ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ انْظُرْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ أَوَ إِنَّ جِبْرِيلَ هُوَ يُبَيِّنُ وَقْتَ الصَّلَاةِ فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ كَذَلِكَ حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ فَمَا زَالَ (عُمَرُ) يَعْتَلِمُ وَقْتَ الصَّلَاةِ بِعَلَامَةٍ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ (فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزبير (5)) مسى المغيرة بن شعبة بصلاة العصر وَهُوَ عَلَى الْكُوفَةِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ (لَهُ) مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتَ لَقَدْ نَزَلَ جِبْرِيلُ فَصَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى النَّاسُ (مَعَهُ (7) ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّى النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى عَدَّ) خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ انْظُرْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ أَوَ إِنَّ جِبْرِيلَ هُوَ أَقَامَ وَقْتَ الصَّلَاةِ فَقَالَ عُرْوَةُ كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ (وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عِنْدَنَا مُصَنَّفُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَلَنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فِيهِ إِسْنَادَانِ غَيْرَ هَذَا مَذْكُورَانِ فِي مَوْضِعِهِمَا (4)) فَقَدْ بَانَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ اتِّصَالُهُ وَسَمَاعُ ابْنُ شِهَابٍ لَهُ مِنْ عُرْوَةَ وَسَمَاعُ عُرْوَةُ مِنْ بَشِيرٍ وَبَانَ بِذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي أَخَّرَهَا عُمَرُ هِيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَأَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي أَخَّرَهَا الْمُغِيرَةُ (هِيَ) تِلْكَ أَيْضًا وَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَا أَيْضًا أَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم الخمس صلوات فِي أَوْقَاتِهِنَّ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتَيْنِ وَظَاهِرُ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ مَرَّةً وَاحِدَةً لَا مَرَّتَيْنِ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ مَا وَجْهٍ فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى بِهِ مَرَّتَيْنِ كُلَّ صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي وَقْتَيْنِ وَسَنَذْكُرُ الْآثَارَ وَالرِّوَايَةَ فِي ذَلِكَ لِنُبَيِّنَ مَا ذَكَرْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرِوَايَةُ ابْنِ عُيَيْنَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِمِثْلِ مَعْنَى حَدِيثِ اللَّيْثِ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ (فِي ذَلِكَ) وَفِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ النَّاسَ صَلَّوْا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِهِمَا فَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا (سُفْيَانُ قَالَ) حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخَّرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ نَزَلَ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ نَزَلَ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ (ثُمَّ نَزَلَ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ) (ثُمَّ نَزَلَ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ) حَتَّى عَدَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ قَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ اتَّقِ اللَّهَ يَا عُرْوَةُ وَانْظُرْ مَا تَقُولُ فَقَالَ عُرْوَةُ أَخْبَرَنِيهِ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا يُوَضِّحُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ إِنَّمَا صَلَّى بِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَأُسَامَةَ

بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى بِهِ مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَ غَيْرُ ابْنِ شِهَابٍ فِي حَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيلٍ فَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ لَهُ فَإِنَّ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ ذَكَرَهُ فِي مُوَطَّئِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ (ابْنِ) أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ فَقَالَ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى وَصَلَّى وَصَلَّى وَصَلَّى (وَصَلَّى) ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ صَلَّى (ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ صَلَّى (4)) ثُمَّ قَالَ هَكَذَا أُمِرْتُ أَخْبَرَنَا بِمُوَطَّأِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ إِجَازَةً أَبُو عُمَرَ يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بن عمروس الاستجي قال حدثنا أبو الطاهر مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّعِيدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّاءَ! يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ فَذَكَرَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ (عَنِ ابْنِ (5) شِهَابٍ فِي ذَلِكَ

فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُومِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامَةَ الْمُرَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ) اللَّيْثِيِّ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ قَاعِدًا عَلَى الْمِنْبَرِ فَأَخَّرَ الْعَصْرَ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَمَا إِنَّ جِبْرِيلَ (قَدْ) أَخْبَرَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ اعْلَمْ مَا تَقُولُ فَقَالَ عُرْوَةُ سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ نَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَنِي بِوَقْتِ الصَّلَاةِ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ (ثم صليت (2) معه) يحسب بأصبعه خمس صلوات فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ وَرُبَّمَا أَخَّرَهَا حِينَ يَشْتَدُّ الْحَرُّ وَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَهَا الصُّفْرَةُ يَنْصَرِفُ الرَّجُلُ مِنَ الصَّلَاةِ فَيَأْتِي ذَا الْحُلَيْفَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ حِينَ تَسْقُطُ الشَّمْسُ وَيُصَلِّي الْعِشَاءَ حِينَ يَسْوَدُّ الْأُفُقُ وَرُبَّمَا أَخَّرَهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ وَصَلَّى الصُّبْحَ مَرَّةً بِغَلَسٍ ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أُخْرَى فَأَسْفَرَ بِهَا ثُمَّ كَانَتْ صِلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّغْلِيسَ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَعُدْ (بَعْدُ) إِلَى أَنْ يُسْفِرَ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مَعْمَرٌ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ

وَغَيْرُهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا الْوَقْتَ الَّذِي صَلَّى فِيهِ لَمْ يُفَسِّرُوهُ وَكَذَلِكَ أَيْضًا رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ عَنْ عُرْوَةَ نَحْوَ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ (وَأَصْحَابِهِ إِلَّا أَنَّ حَبِيبًا لَمْ يَذْكُرْ بَشِيرًا - قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كَلَامُ أَبِي دَاوُدَ وَلَمْ يَسُقْ فِي كِتَابِهِ رِوَايَةَ مَعْمَرٍ وَلَا مَنْ ذُكِرَ مَعَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ رِوَايَةَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ هَذِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَحْدَهَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ ثُمَّ أَرْدَفَهَا بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ كَلَامِهِ وَصَدَقَ فِيمَا حَكَى إِلَّا أَنَّ حَدِيثَ أُسَامَةَ لَيْسَ فِيهِ مِنَ الْبَيَانِ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مِنْ تَكْرِيرِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مَرَّتَيْنِ (وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ مَعْمَرٍ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَمَنْ تَابَعَهُمْ ظَاهِرُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَقْطَعُ بِهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا (2)) رِوَايَةَ مَعْمَرٍ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَغَيْرِهِمْ فِي كِتَابِنَا هَذَا لِيَقِفَ النَّاظِرُ فِيهِ عَلَى سِيَاقِهِمْ لِلْحَدِيثِ وَاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهِمْ فِيهِ فَلَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ وَقَدْ رَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا الْحَدِيثَ بِمِثْلِ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ (3) سَوَاءً)

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ مَا يُقَوِّي رِوَايَةَ أُسَامَةَ لِأَنَّ رِوَايَةَ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ شَبِيهَةٌ بِرِوَايَةِ أُسَامَةَ أَنَّهُ صَلَّى الْوَقْتَيْنِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُسْنِدْهُ عَنْهُ إِلَّا أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ فَقَدْ رَوَى مَعْنَاهُ عَنْهُ مُرْسَلًا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الثِّقَاتِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ مِنْهُمْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَغَيْرُهُمْ فَأَمَّا رِوَايَةُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ لِهَذَا (الْحَدِيثِ) فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ

زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخَّرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الصلاة يوما (فدخلت عَلَيْهِ فَقُلْتُ إِنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا) فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ كَذَلِكَ سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا لَمْ تَظْهَرْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَانَ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ جِبْرِيلُ صَلِّ صَلَاةَ كَذَا فِي سَاعَةِ كَذَا حَتَّى عَدَّ الصَّلَوَاتِ قَالَ بَلَى قَالَ فَأَشْهَدُ أَنَّا كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ ثُمَّ نَأْتِي بَنِي عَمْرِو (بْنِ عَوْفٍ) وَإِنَّهَا لَمُرْتَفِعَةٌ وَهِيَ عَلَى رَأْسِ ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَمَّا رِوَايَةُ حَبِيبِ بْنِ (أَبِي) مَرْزُوقٍ فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ

حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مَسْعُودٍ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1)) حَتَّى أَنْصَفَا خَمْسًا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ انْظُرْ (يَا عُرْوَةُ) مَا تَقُولُ إِنَّ جِبْرِيلَ هُوَ الَّذِي وَقَّتَ مَوَاقِيتَ الصَّلَوَاتِ قَالَ كَذَلِكَ حَدَّثَنِي أَبُو مَسْعُودٍ (فَبَحَثَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى وَجَدَ ثَبْتَهُ (1) فَمَا زَالَ عُمَرُ عِنْدَهُ عَلَامَاتُ السَّاعَاتِ يَنْظُرُ فِيهَا حَتَّى قُبِضَ رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَحْسَنَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ فِي سِيَاقَةِ هَذَا الحديث على ما ساقه أصحاب بن شهاب في الخمس صلوات لِوَقْتٍ وَاحِدٍ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ عَنْ عُرْوَةَ) حَدَّثَنِي أَبُو مَسْعُودٍ وَالْحُفَّاظُ يَقُولُونَ (عَنْ عُرْوَةَ (5)) عَنْ بَشِيرِ بْنِ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ وَبَشِيرٌ هَذَا وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُوهُ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ اسْمُهُ عَقَبَةُ بْنُ عَمْرٍو وَيُعْرَفُ بِالْبَدْرِيِّ لِأَنَّهُ كَانَ يَسْكُنُ بَدْرًا واختلف في

شُهُودِهِ بَدْرًا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ هَاهُنَا وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَمِثْلُ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي أَنَّهُ صَلَّى الصَّلَوَاتَ الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ (مَرَّتَيْنِ) لِوَقْتَيْنِ وَحَدِيثُهُ أَبْيَنُ فِي ذَلِكَ وَأَوْضَحُ وَفِيهِ مَا يُعَارِضُ قَوْلَ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مَرْزُوقٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَامِعٍ السُّكَّرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ وَالْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَانَ ذَلِكَ زَمَانًا يُؤَخِّرُونَ فِيهِ الصَّلَاةَ فَحَدَّثَ عُرْوَةُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ أَوْ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ كِلَاهُمَا قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَلَكَتِ الشَّمْسُ قَالَ أَيُّوبُ فَقُلْتُ وَمَا دُلُوكُهَا قَالَ حِينَ زَالَتْ قَالَ فَقَالَ

يَا مُحَمَّدُ صَلِّ الظُّهْرَ قَالَ فَصَلَّى (قَالَ) ثُمَّ جَاءَهُ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ صَلِّ الْعَصْرَ قَالَ فَصَلَّى (قَالَ) ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ صَلِّ الْمَغْرِبَ قَالَ فَصَلَّى قَالَ ثُمَّ جَاءَهُ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ صَلِّ الْعِشَاءَ (قَالَ) فَصَلَّى ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ صَلِّ الصُّبْحَ قَالَ (فَصَلَّى) ثُمَّ أَتَاهُ الْغَدَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ صَلِّ الظُّهْرَ قَالَ فَصَلَّى قَالَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ صَلِّ الْعَصْرَ قَالَ فَصَلَّى قَالَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ صَلِّ الْمَغْرِبَ قَالَ فَصَلَّى قَالَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ صَلِّ الْعِشَاءَ قَالَ فَصَلَّى (قَالَ) ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ أَضَاءَ الْفَجْرَ وَأَسْفَرَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ صَلِّ الصُّبْحَ قَالَ فَصَلَّى قَالَ ثُمَّ (قَالَ) مَا بَيْنَ هَذَيْنَ وَقْتٌ يَعْنِي أَمْسِ وَالْيَوْمَ قَالَ عُمَرُ لِعُرْوَةَ أَجِبْرِيلُ أَتَاهُ قَالَ نَعَمْ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ عُرْوَةَ بَيَانٌ وَاضِحٌ أن صلاة جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم في

حِينِ تَعْلِيمِهِ لَهُ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ وَقْتٍ فَرَضَهَا كَانَتْ فِي يَوْمَيْنِ لِوَقْتَيْنِ وَقْتَيْنِ لِكُلِّ صلاة (! حشا الْمَغْرِبِ فَلَهَا وَقْتٌ وَاحِدٌ (2)) وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ مِثْلَهُ سَوَاءٌ أَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ لِوَقْتَيْنِ وَمَرَاسِيلُ مِثْلِ هَؤُلَاءِ عِنْدَ مَالِكٍ حُجَّةٌ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ وَحَدِيثُ هَؤُلَاءِ بِالصَّوَابِ أَوْلَى لِأَنَّهُمْ زَادُوا وَأَوْضَحُوا وَفَسَّرُوا مَا أَجْمَلَهُ غَيْرُهُمْ وَأَهْمَلَهُ وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ مَا جَاءُوا بِهِ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَمَنْ تَابَعَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَعَامَّةُ الْأَحَادِيثِ فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ عَلَى ذَلِكَ جَاءَتْ مُفَسِّرَةً لِوَقْتَيْنِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِ فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ وَرَدَ فَرِوَايَةُ مَنْ زَادَ وَتَمَّ وَفَسَّرَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ أَجْمَلَ وَقَصَّرَ وَقَدْ رُوِّيتُ إِمَامَةَ جِبْرِيلَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثِ جَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو

نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ عَلَى مِثْلِ قَدْرِ الشِّرَاكِ ثُمَّ صَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ قَدْرَ ظِلِّهِ ثُمَّ صَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ثُمَّ صَلَّى بِيَ الْعِشَاءِ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ صَلَّى بِيَ الْفَجْرَ مِنَ الْغَدِ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ ثُمَّ صَلَّى بِيَ الظُّهْرَ مِنَ الْغَدِ حِينَ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ قَدْرَ ظِلِّهِ ثُمَّ صَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ مِثْلَيْ ظِلِّهِ ثُمَّ صَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ لِوَقْتٍ وَاحِدٍ ثُمَّ صَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ ذَهَبَ ثُلْثُ اللَّيْلِ ثُمَّ صَلَّى بِيَ الْفَجْرَ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ لَا أَدْرِي مَا قَالَ فِي الْفَجْرِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ

يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُكَ وَوَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَكَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يُوجَدُ هَذَا اللَّفْظُ وَوَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَكَ إِلَّا فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حَنِيفٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ أَسْفَرَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ وَذَكَرَ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سعد بن عبد الحميد بن

جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَ جِدًّا ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنَ الْوَقْتَيْنِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ تَكَلَّمَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا بِكَلَامٍ لَا وَجْهَ لَهُ وَهُوَ وَاللَّهِ كُلُّهُمْ مَعْرُوفُو النَّسَبِ مَشْهُورُونَ بِالْعِلْمِ وَقَدْ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَ رِوَايَةِ وَكِيعٍ وَأَبِي نُعَيْمٍ وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا (أَحْمَدُ (5) بْنُ الْحَجَّاجِ

وحدثنا محمد بن إبرهيم قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا) أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُوِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ أَخْبَرَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَالَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ قُمْ يَا مُحَمَّدُ فَصَلِّ الظُّهْرَ فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ مَالَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ مَكَثَ حَتَّى إِذَا كَانَ فَيْءُ الرَّجُلِ مِثْلَهُ جَاءَهُ لِلْعَصْرِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ قُمْ فَصَلِّ الْعَصْرَ فَصْلَاهَا فَمَكَثَ حَتَّى إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ جَاءَ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّ الْمَغْرِبَ فَقَامَ فَصَلَّاهَا حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ مَكَثَ حَتَّى إِذَا غَابَ الشَّفَقُ جَاءَهُ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّ الْعِشَاءَ فَقَامَ فَصَلَّاهَا ثُمَّ جَاءَهُ حِينَ سَطَعَ الْفَجْرُ بِالصُّبْحِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ قُمْ فَصَلِّ الصُّبْحِ فَقَامَ فَصَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ جَاءَهُ مِنَ الْغَدِ حِينَ كَانَ فَيْءُ الرَّجُلِ مِثْلَهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ قُمْ فَصَلِّ الظُّهْرَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَهُ حِينَ كَانَ فَيْءُ الرَّجُلِ مِثْلَيْهِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ قُمْ فَصَلِّ الْعَصْرَ ثُمَّ جَاءَهُ لِلْمَغْرِبِ حِينَ غَابَتِ

الشَّمْسُ وَقْتًا وَاحِدًا لَمْ يَغِبْ عَنْهُ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ جَاءَهُ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّ الْعِشَاءَ ثُمَّ جَاءَهُ لِلصُّبْحِ حِينَ ابْيَضَّ جِدًّا فَقَالَ قُمْ فَصَلِّ (فَصَلَّى) ثُمَّ قَالَ لَهُ الصَّلَاةُ مَا بَيْنَ هَذَيْنَ الْوَقْتَيْنِ وَقَالَ سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ فِي حَدِيثِهِ مَا بَيْنَ هَذَيْنَ وَقْتٌ كُلُّهُ وحدثنا محمد بن إبرهيم بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ وَاضِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا قُدَامَةُ بْنُ شِهَابٍ عَنْ بُرْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُ مَوَاقِيتَ الصَّلَوَاتِ فَتَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ والناس خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَأَتَاهُ حِينَ كَانَ الظِّلُّ مِثْلَ شَخْصِهِ فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ فَتَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ والناس خلف

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ فَتَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ والناس خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ فَتَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ والناس خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَصَلَّى الْعِشَاءَ) ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ فَتَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ والناس خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى الْغَدَاةَ ثُمَّ أَتَاهُ الْيَوْمَ الثَّانِي حِينَ كَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ مِثْلَ شَخْصِهِ فَصَنَعَ (مِثْلَ) مَا صَنَعَ بِالْأَمْسِ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ كَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ مِثْلَ شَخْصَيْهِ فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ بِالْأَمْسِ فَصَلَّى (الْعَصْرَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ بِالْأَمْسِ فَصَلَّى (5)) الْمَغْرِبَ فَنِمْنَا ثُمَّ قُمْنَا ثُمَّ نِمْنَا ثُمَّ قُمْنَا فَأَتَاهُ فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ بِالْأَمْسِ فَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ امْتَدَّ الْفَجْرُ وَأَصْبَحَ وَالنُّجُومُ بَادِيَةٌ مُشْتَبِكَةٌ فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ بِالْأَمْسِ فَصَلَّى الْغَدَاةَ ثُمَّ قَالَ مَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَقْتٌ

وَرَوَاهُ أَبُو الرَّدَّادِ عَنْ بُرْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فِي الْمَغْرِبِ ثُمَّ جَاءَهُ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ لِوَقْتٍ وَاحِدٍ فَذَكَرَهُ قَالَ ثُمَّ جَاءَ نَحْوَ ثُلُثِ اللَّيْلِ لِلْعَشَاءِ فَذَكَرَهُ قَالَ ثُمَّ جَاءَ حِينَ أَضَاءَ الصُّبْحُ وَلَمْ يَقُلْ وَالنُّجُومُ بَادِيَةٌ مُشْتَبِكَةٌ أَخْبَرَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّحْوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمِ بْنِ خَلِيلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إسحاق بن إبرهيم الصَّوَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّدَّادِ عَمْرُو بْنُ بِشْرٍ الْحَارِثِيُّ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَحَدَّثَنَاهُ عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنْجِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ بْنِ سُوَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّنِي جِبْرِيلُ فِي الصَّلَاةِ فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ وَصَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَتِ الشمس قامة وَصَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ وَصَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ وَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ جَاءَ يَوْمًا ثَانِيًا فَصَلَّى

الظهر وظل كان إِنْسَانٍ مِثْلُهُ وَصَلَّى الْعَصْرَ وَالْفَيْءُ قَامَتَانِ وَصَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُلُثَ اللَّيْلِ وَصَلَّى الصُّبْحَ حِينَ كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ ثُمَّ قَالَ الصَّلَاةُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنَ الْوَقْتَيْنِ فَهَذَا مَا فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ (مِنْ صَحِيحِ الْآثَارِ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَجَمَاعَةِ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّ الصَّلَاةَ إِنَّمَا فُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ فِي حِينِ الْإِسْرَاءِ حِينَ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ) ولكنهم اختلفوا في هيأتها حِينَ فُرِضَتِ فَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ فأكلمت أَرْبَعًا وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَبِذَلِكَ قَالَ الشَّعْبِيُّ وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا فُرِضَتْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ وَكَانَ أَحَدَ عُلَمَاءِ قُرَيْشٍ بِالنَّسَبِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ وَالْفِقْهِ وَهُوَ رَاوِيَةُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ

إِنَّهَا فُرِضَتْ فِي أَوَّلِ مَا فُرِضَتْ أَرْبَعًا إِلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنَّهَا فُرِضَتْ ثَلَاثًا وَالصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ جُرَيْجٍ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْقُشَيْرِيِّ وَغَيْرِهِ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ جِبْرِيلَ هَبَطَ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ عِنْدَ الزَّوَالِ فَعَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة ومواقيتها (وهيأتها) وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ بِمَكَّةَ فَرَكْعَتَانِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَرَكْعَتَانِ فِي آخِرِهِ وَذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ قَالَتْ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهَا فِي الْحَضَرِ هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ الْحَرْبِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ الْحَدِيثَ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ (إِنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَرَكْعَتَيْنِ فِي آخِرِهِ وَلَيْسَ يُوجَدُ هَذَا فِي أَثَرٍ صَحِيحٍ بَلْ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ دَلِيلٌ عَلَى (2)) أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ هِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ ثُمَّ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ إِلَى الصَّلَاةِ

فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَعْهُودَةِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمَعْرُوفُ فِي الْكَلَامِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ إِنَّمَا فُرِضَتْ فِي الْإِسْرَاءِ وَالظَّاهِرُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَرَادَتْ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا محمد بن إبرهيم قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ الْبَعْلَبَكِّيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عُمَرَ وَيَعْنِي الْأَوْزَاعِيَّ أَنَّهُ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ عَنْ صَلَاةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِهِ أَوَّلَ مَا فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أُتِمَّتْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الْأُولَى فَهَذَا وَمِثْلُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا الصَّلَاةُ الْمَعْهُودَةُ وَهِيَ الْخَمْسُ الْمُفْتَرَضَةُ فِي الْإِسْرَاءِ لَا صَلَاتَانِ ومن ادعى غير ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ وَلَا سَبِيلَ (لَهُ) إِلَيْهِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ مَفْرُوضَةٌ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ إِلَّا مَا كَانَ أَمَرَ بِهِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ عَلَى نَحْوِ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ وَلَا تَحْدِيدٍ لَا لِرَكَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ وَلَا لِوَقْتٍ مَحْصُورٍ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ

وَنِصْفِهِ وَثُلُثِهِ وَقَامَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ نَحْوًا مِنْ حَوْلٍ حَتَّى شَقَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التَّوْبَةَ عَلَيْهِمْ وَالتَّخْفِيفَ فِي ذَلِكَ وَنَسَخَهُ (وَحَطَّهُ) (بِقَوْلِهِ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فتاب عليكم فاقرأوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ فَنَسَخَ آخِرُ السُّورَةِ أولها) فضلا منه ورحمة فَلَمْ تَبْقَ فِي الصَّلَاةِ فَرِيضَةٌ إِلَّا لِخَمْسٍ أَلَا تَرَوْا إِلَى حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي الْأَعْرَابِيِّ النَّجْدِيِّ إِذْ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا عَلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ فَقَالَ لَهُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا وَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سِمَاكٍ الْحَنَفِيِّ قَالَ سَمِعْتُ ابن عباس يقول لما أنزلت يا أيها الْمُزَّمِّلُ كَانُوا يَقُومُونَ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى نَزَلَتْ آخِرُهَا وَكَانَ بَيْنَ آخِرِهَا وَأَوَّلِهَا حَوْلٌ

وَعَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ وَقَالَتْ فَجُعِلَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ وَعَنِ الْحَسَنِ مِثْلَهُ قَالَ أُنْزِلَتِ الرُّخْصَةُ بَعْدَ حَوْلٍ - قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُعْرَجُ بِهِ مِنَ الْأَرْوَاحِ فَيُقْبَضُ مِنْهَا وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُهْبَطُ بِهِ مِنْ فَوْقِهَا فَيُقْبَضُ مِنْهَا قَالَ وَأُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَخَوَاتِمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَغُفِرَ لِمَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِهِ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَّا حَدِيثُ الْإِسْرَاءِ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا

قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ أَخْبَرَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالُوا جَمِيعًا حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أنس بن مالك (عن مالك (1)) بن صعصعة قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ قَالَا حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ (عَنْ مَالِكِ) بْنِ صَعْصَعَةَ وَقَالَ بَقِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (عَنْ مَالِكِ (3)) بْنِ صَعْصَعَةَ وَالْأَلْفَاظُ مُتَقَارِبَةٌ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ وَرُبَّمَا قَالَ فِي الْحِجْرِ عِنْدَ الْبَيْتِ مُضْطَجِعًا بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقِظَانِ إِذْ أَتَى آتٍ فَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ (بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ) فَأَخَذَنِي فَشَقَّ مِنْ نَحْرِي إِلَى مَرَاقِّ بَطْنِي وَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي ثم أتيت بطست من ذهب مملؤة حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَغَسَلَ قَلْبِي وَأُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ وَهُوَ الْبُرَاقُ فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَيْتُ سَمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ وَسَاقُوا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ إِلَى قَوْلِهِ ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَاةُ خَمْسُونَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ فَأَقْبَلْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ بِمَ أُمِرْتُ قُلْتُ أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ وَإِنِّي قَدْ

أخبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائل أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا فَجَعَلَهَا أَرْبَعِينَ ثُمَّ مِثْلَهُ ثُمَّ ثَلَاثِينَ ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَهَا عِشْرِينَ ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَهَا عَشْرًا فَأَتَيْتُ مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ فَجَعَلَهَا خَمْسًا فَأَتَيْتُ مُوسَى فَقَالَ مَا صَنَعْتُ قُلْتُ (جَعَلَهَا) خَمْسًا فَقَالَ مِثْلَهُ فَقُلْتُ سَلِمْتَ وَسَاقَ بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ الْأَلْفَاظَ بِتَمَامِهَا وَتَرْدَادِ الْمَسْأَلَةِ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ ثُمَّ مِثْلَهُ (ثُمَّ (4) مِثْلَهُ) ثُمَّ قَالَ هَاهُنَا قَدْ سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فنودي ثم اتفقا أَنْ قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي وَرَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَقَتَادَةُ أَحْسَنُ سِيَاقَةً لِهَذَا الْحَدِيثِ وَرَوَاهُ أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُبَيٍّ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ أُبَيٍّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

- قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ مَرَّةً وَاحِدَةً الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا لَا (مَرَّتَيْنِ) عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ (بِمَا) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ فَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ نُودِيَ أَنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ فَفَزِعَ النَّاسُ فَاجْتَمَعُوا إِلَى نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهِمُ الظَّهْرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَؤُمُّ جِبْرِيلُ مُحَمَّدًا وَيَؤُمُّ مُحَمَّدٌ النَّاسَ يَقْتَدِي النَّاسُ بِمُحَمَّدٍ لَا يُسْمِعُهُمْ فِيهِنَّ قِرَاءَةً ثُمَّ سَلَّمَ جِبْرِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ مُحَمَّدٌ عَلَى النَّاسِ فَلَمَّا سَقَطَتِ الشَّمْسُ نُودِيَ (أَنَّ) الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ فَفَزِعَ النَّاسُ وَاجْتَمَعُوا إِلَى نَبِيِّهِمْ فَصَلَّى بِهِمُ الْعَصْرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لَا يُسْمِعُهُمْ فِيهِنَّ قِرَاءَةً وَهِيَ أَخَفُّ يَؤُمُّ جِبْرِيلُ مُحَمَّدًا وَيَؤُمُّ مُحَمَّدٌ النَّاسَ يَقْتَدِي مُحَمَّدٌ بِجِبْرِيلَ وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِمُحَمَّدٍ ثُمَّ سَلَّمَ جِبْرِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ مُحَمَّدٌ عَلَى النَّاسِ فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ نُودِيَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فَفَزِعَ النَّاسُ وَاجْتَمَعُوا إِلَى نَبِيِّهِمْ فَصَلَّى بِهِمْ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ أَسْمَعَهُمُ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَتَيْنِ وَسَبَّحَ فِي الثَّالِثَةِ يَعْنِي بِهِ قَامَ (وَلَمْ) يُظْهِرِ الْقِرَاءَةَ يَؤُمُّ جِبْرِيلُ مُحَمَّدًا وَيَؤُمُّ مُحَمَّدٌ النَّاسَ وَيَقْتَدِي مُحَمَّدٌ بِجِبْرِيلَ وَيَقْتَدِي النَّاسُ

بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَلَّمَ جِبْرِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ مُحَمَّدٌ عَلَى النَّاسِ فَلَمَّا بَدَتِ النُّجُومُ نُودِيَ أَنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ فَفَزِعَ النَّاسُ وَاجْتَمَعُوا إِلَى نَبِيِّهِمْ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَسْمَعَهُمُ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَتَيْنِ وَسَبَّحَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ يَؤُمُّ جِبْرِيلُ مُحَمَّدًا وَيَؤُمُّ مُحَمَّدٌ النَّاسَ يَقْتَدِي مُحَمَّدٌ بِجِبْرِيلَ وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِمُحَمَّدٍ ثُمَّ سَلَّمَ جِبْرِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ مُحَمَّدٌ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ رَقَدُوا وَلَا يَدْرُونَ أَيُزَادُونَ أَمْ لَا حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ نُودِيَ أَنَّ الصلاة جامعة ففزع الناس واجتمعوا إلى نبيهم فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ أَسْمَعُهُمْ فِيهَا الْقِرَاءَةَ يَؤُمُّ جِبْرِيلُ مُحَمَّدًا وَيَؤُمُّ مُحَمَّدٌ النَّاسَ (يَقْتَدِي مُحَمَّدٌ بِجِبْرِيلَ وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِمُحَمَّدٍ (5)) ثُمَّ سَلَّمَ جِبْرِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ مُحَمَّدٌ عَلَى النَّاسِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ (تَسْلِيمًا) كَثِيرًا فَفِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ جِبْرِيلَ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَإِنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ مُهَذَّبٌ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير

وَعُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ مَوْلَى تَيْمٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ وَكَانَ نَافِعٌ كَثِيرَ الرِّوَايَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ وَأَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ لَمَّا أَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْرِيَ بِهِ فِيهَا لَمْ يَرُعْهُ إِلَّا جِبْرِيلُ (يَنْزِلُ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْأَوْلَى فَأَمَرَ فَصِيحَ بِأَصْحَابِهِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فَاجْتَمَعُوا فَصَلَّى جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالناس طول الركعتين الأوليين ثُمَّ قَصَرَ الْبَاقِيَتَيْنِ سَلَّمَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمَ النَّبِيُّ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ نَزَلَ فِي الْعَصْرِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَفَعَلُوا كَمَا فَعَلُوا فِي الظُّهْرِ ثُمَّ نَزَلَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فَصِيحَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فَصَلَّى جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَصَلَّى النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالنَّاسِ

طَوَّلَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَصَرَ فِي الثَّالِثَةِ ثُمَّ سَلَّمَ (جِبْرِيلُ) عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ لَمَّا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ نَزَلَ فَصِيحَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فَاجْتَمَعُوا فَصَلَّى جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فَقَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ فَطَوَّلَ وَجَهَرَ وَقَصَرَ فِي الثَّانِيَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَسَلَّمَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى النَّاسِ فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ صِيحَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فَصَلَّى جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فَقَرَأَ فِيهِمَا فَجَهَرَ وَطَوَّلَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَسَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَلَى النَّاسِ (6)) - قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلَةُ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ أَذَانٌ وَإِنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِعَامٍّ أَوْ نَحْوِهِ حِينَ أُرِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فِي النَّوْمِ فَقَالَ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ حَدِيثُ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ هَذَا مِثْلُ حَدِيثِ الْحَسَنِ فِي أَنَّ جِبْرِيلَ لَمْ يُصَلِّ فِي وَقْتِ فَرْضِ الصَّلَاةِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ مَالِكٍ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ ذَكَرْنَا لَهُ مِنَ الْآثَارِ الصِّحَاحِ الْمُتَّصِلَةِ فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ لِوَقْتَيْنِ وَقَوْلُهُ مَا بَيْنَ هَذَيْنَ وَقْتٌ وَفِيهَا زِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا وَالْعَمَلُ بِهَا لِنَقْلِ الْعُدُولِ لَهَا وَلَيْسَ تَقْصِيرُ مَنْ قَصَّرَ عَنْ حِفْظِ ذَلِكَ وَإِتْقَانِهِ وَالْإِتْيَانِ بِهِ بِحُجَّةٍ وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ فِي شَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ لَا فِي قَوْلِ مَنْ قَصَّرَ (عَنْ حِفْظِ ذَلِكَ (3)) وَأَجْمَلَ وَاخْتَصَرَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآثَارَ مُنْقَطِعَةٌ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا لِمَا وَصَفْنَا وَلِأَنَّ فِيهَا (أَنَّ) الصَّلَاةَ فُرِضَتْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا لَا رَكْعَتَيْنِ عَلَى خِلَافِ مَا زَعَمَتْ عَائِشَةُ وَقَالَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ وَرَدُّوا حَدِيثَ عَائِشَةَ وَإِنْ كَانَ إِسْنَادُهُ صَحِيحًا بِضُرُوبٍ مِنَ الِاعْتِلَالِ سَنَذْكُرُ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فِي بَابِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَعَنْهُ رَوَى مَالِكٌ حَدِيثَ عَائِشَةَ أَنَّ الصلاة فرضت ركعتين ثم زيد في صلاة الْحَضَرِ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ أَرْبَعًا فِي الْحَضَرِ وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَزِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ولا نقص ما حدثنا محمد بن إبرهيم قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ

قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ عَلَى (لِسَانِ) النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً - قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ يُتِمُّونَ بِرَكْعَةٍ أُخْرَى والله أعلم وقد قيل أن ركعة تجزىء فِي الْخَوْفِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِ اخْتِلَافِهِمْ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ عَلَى حَسَبِ مَا (قَدِ) اسْتُقِرَّ عَلَيْهِ فِي إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَقَصْرُ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ رُخْصَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وصدقة) وتوسعة ورحمة قَالُوا وَلَمْ يَقْصُرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمِنًا بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ الْقَصْرِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَكَانَ نُزُولُهَا بِالْمَدِينَةِ وَفُرِضَتِ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ وَاحْتَجُّوا بِآثَارٍ سَنَذْكُرُهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آل خالد

ابن أُسَيْدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ مَوْضِعُهَا وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ البغدادي بمصر قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ (الْقَاضِي) قَالَ حدثنا مسلم بن إبرهيم قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَوَادَةَ الْقُشَيْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَتَى الْمَدِينَةَ وَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَغَدَّى فَقَالَ هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ قَالُوا وَوَضَعَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ فَرْضٍ مُتَقَدِّمٍ والله أعلم

وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيُّوبُ وَأَبُو قِلَابَةَ وَأَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْبَصْرَةِ مِثْلَهُ وَلَكِنَّهُ حَدِيثٌ فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ (وَأَبِي هِلَالٍ (2)) اضْطِرَابٌ كَثِيرٌ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَابْنِ إِسْحَاقَ الصَّلَاةُ فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ فَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ أَوَّلَ مَا (فُرِضَتِ الصَّلَاةُ (4)) فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ زَادَ مَعَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْمَغْرِبَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ هَذَا أَصْلُهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَأْخُذَهُ عَنِ الْأَسْوَدِ (أَوْ) مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ فَأَكْثَرُ مَا عِنْدَهُ عَنْ عَائِشَةَ هُوَ عَنْهُمَا وَرَوَى يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي الْمُهَاجِرِ قَالَ سَمِعْتُ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ يَقُولُ كَانَ أَوَّلُ الصَّلَاةِ مُثَنَّى ثُمَّ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعًا فَصَارَتْ سُنَّةً وَأُقِرَّتِ الرَّكْعَتَانِ لِلْمُسَافِرِ وَهِيَ تَمَامٌ وَهَذَا إِسْنَادٌ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ

وَقَوْلُهُ فَصَارَتْ سُنَّةً قَوْلٌ مُنْكَرٌ وَكَذَلِكَ اسْتِثْنَاءُ الشَّعْبِيِّ الْمَغْرِبَ وَحْدَهَا وَلَمْ يَذْكُرِ الصُّبْحَ قَوْلٌ لَا مَعْنًى لَهُ وَمَنْ قَالَ بِهَذَا مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ قَالَ إِنَّ الصَّلَاةَ أُتِمَّتْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِشَهْرٍ وَأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعٌ إلا المغرب والصبح ولا يعرفون غير ذَلِكَ عَمَلًا وَنَقْلًا مُسْتَفِيضًا وَلَا يَضُرُّهُمُ الِاخْتِلَافُ فِيمَا كَانَ أَصْلُ فَرْضِهَا وَإِنَّمَا فَائِدَةُ قَوْلِ عَائِشَةَ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِنْ صَحَّ قَوْلُهَا إِيجَابُ فَرْضِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ وَسَنُبَيِّنُ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَوَجْهُ الصَّوَابِ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي بَابِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا بِحَوْلِ اللَّهِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ إِنَّمَا كَانَ فِي حِينِ الْإِسْرَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَارِيخِ الْإِسْرَاءِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ (بْنِ الْقَاسِمِ) الذَّهَبِيُّ فِي تَارِيخِهِ ثُمَّ أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَعُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ بَعْدَ مَبْعَثِهِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ قَالَ مَا حَكَاهُ الذَّهَبِيُّ وَلَمْ يُسْنِدْ قَوْلَهُ إِلَى أَحَدٍ مِمَّنْ يُضَافُ إِلَيْهِ هَذَا الْعِلْمُ مِنْهُمْ وَلَا رَفَعَهُ إِلَى مَنْ يَحْتَجُّ بِهِ عَلَيْهِمْ

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفُرِضَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ صَلَاةً ثُمَّ نَقَصَتْ إلى خمس صلوات فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَأَمَّهُ عِنْدَ الْبَيْتِ فَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَالْعَصْرَ أَرْبَعًا وَالْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَالْعِشَاءَ أَرْبَعًا وَالْفَجْرَ رَكْعَتَيْنِ كُلُّ ذَلِكَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَمَّا كَانَ الْمَوْسِمُ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ لَقِيَهُ الْأَنْصَارُ فَبَايَعُوهُ ثُمَّ انْصَرَفُوا وَذَكَرَ (قِصَّةَ) الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ وَصِلَاتَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَحْدَهُ دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدُونَ النَّاسِ وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ وَالْأَثَرِ وَهَكَذَا قَالَ (إِنَّ صَلَاةَ جِبْرِيلَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ بِمَكَّةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَهَذَا مَوْضِعٌ قَدْ خَالَفَهُ (4) فِيهِ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُوسَى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لما قَدِمَ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ فِي صَلَاتِهِ بِمَكَّةَ اخْتِلَافًا قِيلَ كَانَتْ صِلَاتُهُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَقِيلَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ

وَرَوَى هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ كَانُوا يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَبَعْدَ مَا هَاجَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا وَهَكَذَا قَالَ) فِي الْإِسْرَاءِ إِنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَهُوَ قَوْلُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير قال حدثنا إبرهيم بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ثُمَّ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ بِسَنَةٍ وَفَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةَ قَالَ (ابْنُ شِهَابٍ (2)) وَزَعَمَ نَاسٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ (وَيَجْعَلُ) وَرَاءَ ظَهْرِهِ الْكَعْبَةَ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَيَزْعُمُ نَاسٌ أنه لم يزل مستقبل الْكَعْبَةَ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ اسْتَقْبَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاخْتِلَافُ كَمَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فِي صَلَاتِهِ بِمَكَّةَ هَلْ كَانَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ أَوْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ الْإِسْرَاءَ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ

- قَالَ أَبُو عُمَرَ وَذَلِكَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ بِسَبْعِ سِنِينَ أَوْ بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي مَقَامِهِ بِمَكَّةَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي بَابِ رَبِيعَةَ وَرَوَى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَذَلِكَ بَعْدَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعَةِ أَعْوَامٍ وَخَالَفَهُ الْوَقَّاصِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَقَالَ أُسْرِيَ بِهِ بَعْدَ مَبْعَثِهِ بِخَمْسِ سِنِينَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَنَّ (مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ) مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ بَعْدَ مَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

بِخَمْسِ سِنِينَ وَفُرِضَ الصِّيَامُ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ بَدْرٍ وَفُرِضَتِ الزَّكَاةُ وَالْحَجُّ بِالْمَدِينَةِ وَحُرِّمَتِ الْخَمْرُ بَعْدَ أُحُدٍ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ أُسْرِيَ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَهُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ وَقَدْ فَشَا الْإِسْلَامُ بِمَكَّةَ وَفِي الْقَبَائِلِ كُلِّهَا قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ثُمَّ إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ يَعْنِي فِي الْإِسْرَاءِ فَهَمَزَ لَهُ بِعَقِبِهِ فِي الْوَادِي فَانْفَجَرَتْ عَيْنُ مَاءِ مُزْنٍ فَتَوَضَّأَ جِبْرِيلُ وَمُحَمَّدٌ يَنْظُرُ فَوَضَّأَ وَجْهَهُ وَاسْتَنْشَقَ وَمَضْمَضَ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَنَضَحَ فَرْجَهُ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ وَطَابَتْ نَفْسُهُ وَجَاءَهُ مَا يُحِبُّ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَخَذَ بِيَدِ خَدِيجَةَ ثُمَّ أَتَى بِهَا الْعَيْنَ فَتَوَضَّأَ كَمَا تَوَضَّأَ جِبْرِيلُ ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجْدَاتِ هُوَ وَخَدِيجَةُ ثُمَّ كَانَ هُوَ وَخَدِيجَةُ يُصَلِّيَانِ سَوَاءً - قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْإِسْرَاءَ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ (بِأَعْوَامٍ) لِأَنَّ خَدِيجَةَ تُوُفِّيَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقَدْ قِيلَ بِثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ وَقِيلَ بِأَرْبَعِ سِنِينَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ فِي بَابِ خَدِيجَةَ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ

وَقَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ فِي الْإِسْرَاءِ عَلَى أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ قَدِ اخْتُلِفَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُقْبَةَ وَرِوَايَةِ يُونُسَ وَرِوَايَةِ الْوَقَّاصِيِّ وَهِيَ رِوَايَاتٌ مُخْتَلِفَاتٌ عَلَى مَا نَرَى وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فَتَزَوَّجَنِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ متوفى خَدِيجَةُ وَبَعْدَ تَحْوِيلِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ بِسَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ وَأَمَّا صَلَاتُهُ إِلَى الْكَعْبَةِ فَإِنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ ذَكَرَ فِي تَفْسِيرِهِ رَوَاهُ عَنْهُ حَجَّاجٌ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَهُ سُنَيْدٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَا صَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ ثُمَّ صَرَفَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَصَلَّتِ الْأَنْصَارُ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ قُدُومِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِثَلَاثِ حِجَجٍ وَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ قُدُومِهِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ وَجَّهَهُ اللَّهُ إِلَى الْكَعْبَةِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ هَكَذَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ إِنَّ أَوَّلَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ وَهَذَا أَمْرٌ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ وَأَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ وَجِيهُ بْنُ الْحَسَنِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قتيبة أبو

بَكْرَةَ الْقَاضِي سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَالْكَعْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَبَعْدَ مَا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ صُرِفَ إِلَى الْكَعْبَةِ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ أَوَّلُ مَا نُسِخَ مِنَ الْقُرْآنِ الْقِبْلَةَ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَ أَكْثَرُ أَهْلِهَا الْيَهُودَ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَفَرِحَتِ الْيَهُودُ فَاسْتَقْبَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْكَعْبَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْخَبَرَ بِهَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَالْحَمْدُ لله

فَفِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَمْ يُنْسَخْ مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ الْقِبْلَةِ وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ إِلَى الْكَعْبَةِ وَهُوَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ وَسَنَذْكُرُ الْآثَارَ فِي صِلَاتِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ (وَتَحْوِيلِهِ بَعْدُ إِلَى الْكَعْبَةِ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَصَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ تَمَامَ سَنَةِ) إِحْدَى (عَشْرَةَ) وَصَلَّى مِنْ سَنَةِ ثِنْتَيْنِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ فِي رَجَبٍ وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ إِنَّ الْقِبْلَةَ صُرِفَتْ فِي جُمَادَى وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ إِنَّمَا صُرِفَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ صَلَّى حِينَئِذٍ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ فَأَظُنُّهُ أَخَذَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ رَسُولَ الله توضأ

حِينَئِذٍ وَأَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ بِالْوُضُوءِ فَإِنَّمَا أَخَذَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الله (ابن) لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَقِيلُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَعَلَّمَهُ الْوُضُوءَ (فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْوُضُوءِ (2)) أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَنَضَحَ بِهَا فَرْجَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَمَعْنَاهُ (وَاللَّهُ أَعْلَمُ) أَنَّهُ أَخَّرَهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ الْمَرْغُوبُ فِيهِ وَلَمْ يُؤَخِّرْهَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَقَوْلُهُ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا الْأَغْلَبُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَثِيرًا مِنْهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا مَا قِيلَ يَوْمًا وَإِنْ كَانَتْ مُلُوكُ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ كَانَ ذَلِكَ شَأْنَهُمْ قَدِيمًا مِنْ زَمَنِ عُثْمَانَ وَقَدْ كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ يُؤَخِّرُهَا فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَمِنْ أَجْلِهِ حَدَّثَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِالْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ وَكَانَتْ وَفَاةُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ الْهَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ (قَالَ زِرٌّ) قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّكُمْ تُدْرِكُونَ أَقْوَامًا يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ فَإِنْ أَدْرَكْتُمُوهُمْ فَصَلُّوا فِي بُيُوتِكُمُ الْوَقْتَ الَّذِي تَعْرِفُونَ وَصَلُّوا مَعَهُمْ وَاجْعَلُوهَا سُبْحَةً وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رَفِيعٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عُبَيْدَةَ يَعْنِي ابْنَ مُعَتِّبٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ الْحَجَّاجِ الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ فَنُبَادِرُ مَسْجِدَ سِمَاكٍ نُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ (عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ (6))

عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْعُودِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَخَّرَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ الصَّلَاةَ مَرَّةً فَأَمَرَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْمُؤَذِّنَ فَثَوَّبَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْوَلِيدُ مَا صَنَعْتَ أَجَاءَكَ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَدَثٌ أَمِ ابْتَدَعْتَ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنْ أَبَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَنْ نَنْتَظِرَكَ بِصَلَاتِنَا وَأَنْتَ فِي حَاجَتِكَ وَذَكَرَ معمر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ كَيْفَ بِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُطْفُونَ السُّنَّةَ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مِيقَاتِهَا قَالَ فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْأَلُنِي ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ كَيْفَ يَفْعَلُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُؤَخِّرُونَهَا حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ كُلُّهُ وَلِهَذَا اسْتَحَقُّوا اسْمَ الْعِصْيَانِ لِلَّهِ قِيلَ لَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ خَرَجَ عَلَى جُمْلَةِ طَاعَةِ اللَّهِ وَعِصْيَانِهِ فِي سَائِرِ الْأُمُورِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَى مَنْ كَانَ شَأْنُهُ تَأْخِيرَهَا أَبَدًا أَنْ يَفُوتَهُ الْوَقْتُ

وَأَمَّا الْآثَارُ عَنْهُمْ فَتَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ لِأَصْحَابِهِ يَوْمًا إِنِّي لَا آلُوكُمْ عَنِ الْوَقْتِ فَصَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ حَسِبْتُهُ قَالَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ سَيَكُونُ عَلَيْهِمْ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكَتْكُمْ مَعَهُمْ فَصَلُّوا وَمَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ قَلِيلٌ خُطَبَاؤُهُ كَثِيرٌ عُلَمَاؤُهُ يُطِيلُونَ الصَّلَاةَ وَيَقْصُرُونَ الْخُطْبَةَ وَإِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ كَثِيرٌ خُطَبَاؤُهُ قَلِيلٌ عُلَمَاؤُهُ يُطِيلُونَ الْخُطْبَةَ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ حَتَّى يُقَالَ هَذَا شَرْقُ الْمَوْتَى قَالَ لَهُ مَا شَرْقُ الْمَوْتَى قَالَ إِذَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ جِدًّا فَمَنْ أَدْرَكَ (ذَلِكَ) فَلْيُصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنِ احْتَبَسَ فَلْيُصَلِّ مَعَهُمْ وَلِيَجْعَلْ صَلَاتَهُ وَحْدَهُ الْفَرِيضَةَ وَصَلَاتَهُ معهم تطوعا

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَهُمْ وَيَأْمُرُونَ بِذَلِكَ رَوَى مَعْمَرٌ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْحَسَنِ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَ الْأُمَرَاءِ وَإِنْ أَخَّرُوا وَمَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ خَطَبَ الْحَجَّاجُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ فَجَعَلَ إِنْسَانٌ يُرِيدُ أَنْ يَثِبَ إِلَيْهِ وَيَحْبِسَهُ النَّاسُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَرَأَيْتَ إِمَامًا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مفرطا فيها فقال صل معهم الجماعة أحب إلي قلت (له) فمالك لَا تَنْتَهِي إِلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ قَالَ الْجَمَاعَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مَا لَمْ تُفْتِ قُلْتُ وَإِنِ اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ وَلَحِقَتْ برؤوس الْجِبَالِ قَالَ نَعَمْ مَا لَمْ تُفْتِ وَعَنِ الثوري عن الأعمش وعن النَّخَعِيِّ وَخَيْثَمَةَ أَنَّهُمَا كَانَا يُصَلِّيَانِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ مَعَ الْحَجَّاجِ وَكَانَ يُمْسِي وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ أَخَّرَ الْوَلِيدُ مَرَّةً الْجُمُعَةَ حَتَّى أَمْسَى قَالَ فَصَلَّيْتُ الظُّهْرَ قَبْلَ أَنْ أَجْلِسَ ثُمَّ صَلَّيْتُ الْعَصْرَ وَأَنَا جَالِسٌ وَهُوَ يخطب قال اضع يدي على ركبتي وأومىء بِرَأْسِي وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَأَخَّرَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الصَّلَاةَ فَرَأَيْتُهُمَا يُومِئَانِ إِيمَاءً وَهُمَا قَاعِدَانِ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ

عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُمَا كَانَا يُصَلِّيَانِ الظُّهْرَ إِذَا حَانَتِ (الظُّهْرِ) وَإِذَا حَانَتِ الْعَصْرِ صَلَّيَا الْعَصْرَ فِي الْمَسْجِدِ مَكَانَهُمَا وَكَانَ ابْنُ زِيَادٍ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَعَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ فِي بُيُوتِنَا ثُمَّ نَأْتِي الْمَسْجِدَ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّاجَ كَانَ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ وَذَكَرَ سُنَيْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ أَبِي الضُّحَى قَالَ رَأَيْتُ مَسْرُوقًا وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ مَعَ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ وَأَخَّرَ الْوَقْتَ فَأَوْمَيَا فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ ثُمَّ جَلَسَا حَتَّى صَلَّيَا مَعَهُ تِلْكَ الصَّلَاةَ قَالَ فَرَأَيْتُهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ مِرَارًا قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ (أَبِي) إِسْمَاعِيلَ قَالَ رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَأَخَّرَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا فَرَأَيْتُهُمَا يُومِئَانِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ ثُمَّ جَلَسَا حَتَّى صَلَّيَا مَعَهُ

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ أَبِي فَرْوَةَ عُرْوَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ إِيَاسٍ قَالَ تَذَاكَرْنَا الْجُمُعَةَ وَاجْتَمَعَ قُرَّاءُ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنْ يَدَعُوا الصَّلَاةَ مَعَ الْحَجَّاجِ لِأَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُهَا حَتَّى تَكَادَ تَغِيبُ الشَّمْسُ فَتَذَاكَرُوا ذَلِكَ وَهَمُّوا أَنْ يَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَقَالَ شَابٌّ مِنْهُمْ مَا أَرَى مَا تَفْعَلُونَ شَيْئًا مَا لِلْحَجَّاجِ تُصَلُّونَ إِنَّمَا تُصَلُّونَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يُصَلُّوا مَعَهُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا صَلَّى مَنْ صَلَّى إِيمَاءً وَقَاعِدًا لِخَوْفِ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَلِلْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ الْقَتْلَ وَالضَّرْبَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَنْ كَانَ شَأْنُهُ التَّأْخِيرَ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ فَوَاتُ الْوَقْتِ وَخُرُوجُهُ عَصَمَنَا اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ فِي أَيَّامِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَيَسْتَحْلِفُونَ النَّاسَ أَنَّهُمَا مَا صَلَّوْا فَأَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي

زَكَرِيَّاءَ فَاسْتَحْلَفَ أَنَّهُ مَا صَلَّى فَحَلَفَ أَنَّهُ ما صلى وقد كان صلى وأتى مكحول فقال (فلم) جئنا إذن فَتُرِكَ وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأُمَرَاءِ الْمَذْكُورِينَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَيُقَالُ إِنَّ أَبَا ذَرٍّ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ إِلَّا عَلَى إِنْكَارِهِ عَلَيْهِمْ تأخير الصلاة ولا يصح عندي إخراجه مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ (3)) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةَ قَالَ أَخَّرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ الصَّلَاةَ (فَسَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الصَّامِتِ فَضَرَبَ فَخِذِي ثُمَّ قَالَ سَأَلْتُ خَلِيلِي أَبَا ذَرٍّ فَضَرَبَ فَخِذِي ثُمَّ قَالَ سَأَلْتُ خَلِيلِي يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَرَبَ فَخِذِي ثُمَّ قَالَ صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكَتْكَ (5) فَصَلِّ مَعَهُمْ وَلَا تَقُولَنَّ إِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فَلَا أُصَلِّي وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ

حَدَّثَنَا وَهِيبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَاءِ قَالَ أُخِّرَتِ الصَّلَاةُ عَلَى عَهْدِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَمَرَّ بِي عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ الصَّامِتِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بن أصبغ حدثتهم قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجُوَيْنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا ذَرٍّ كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُمْسُونَ الصَّلَاةَ أَوْ قَالَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنِي قَالَ صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِذَا أَدْرَكْتَهَا (3) مَعَهُمْ فَصَلِّهَا فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَقَبِيصَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ كَمَا رَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَهِيَ (أَيْضًا) آثَارٌ صِحَاحٌ كُلُّهَا ثَابِتَةٌ وَإِنَّمَا حَمَلَ الْعُلَمَاءُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى الصَّلَاةِ مَعَهُمْ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَحَضُّهُ عَلَى لُزُومِ الْجَمَاعَةِ

وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَيُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِهَا فَصَلُّوا مَعَهُمْ (فَإِنْ صَلَّوْهَا لِوَقْتِهَا وَصَلَّيْتُمُوهَا مَعَهُمْ فَلَكُمْ وَلَهُمْ فَإِنْ أَخَّرُوهَا عَنْ وَقْتِهَا فَصَلُّوهَا مَعَهُمْ) فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ نَكَثَ الْعَهْدَ وَمَاتَ نَاكِثًا لِلْعَهْدِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ الزَّعْفَرَانِيُّ عَمَّارُ بْنُ عِمَارَةَ قَالَ حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ بَعْدِي يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ فَهِيَ لَكُمْ

وَعَلَيْهِمْ فَصَلُّوهَا مَعَهُمْ مَا صَلَّوْا بِكُمُ الْقِبْلَةَ وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لِأَبِي ذَرٍّ) كَيْفَ بِكَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ وَقَوْلُهُ لِكِبَارِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا قَدْ كَانَ قَبْلَ زَمَانِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّ أَبَا ذَرٍّ تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بِالرَّبَذَةِ وَدُفِنَ بِهَا عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ مُنْصَرَفَهُ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَاتَ ابْنُ مَسْعُودٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَسِيرٍ بِالْمَدِينَةِ وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا وَلَمْ يَقُلْ خُلَفَاءُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ وَلَا يُظَنُّ ذَلِكَ بِهِ مسلم يعرفه وَيَعْرِفُ اللَّهَ لِأَنَّ عُثْمَانَ مِنَ الْخُلَفَاءِ لَا مِنَ الْأُمَرَاءِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ بَعْدِي وَهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ

وَعَلِيٌّ فَسَمَّاهُمْ خُلَفَاءَ وَقَالَ الْخِلَافَةُ بَعْدِي ثَلَاثُونَ (سَنَةً) ثُمَّ تَكُونُ إِمْرَةً وَمُلْكًا وَجَبَرُوتًا فَتَضَمَّنَتْ مُدَّةُ الْخِلَافَةِ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورِينَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَلَعَلَّ جَاهِلًا بِأَخْبَارِ النَّاسِ يَقُولُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ مِنَ الْفَضْلِ وَالدِّينِ وَالتَّقَدُّمِ (فِي الْعِلْمِ) وَالْخَيْرِ بِحَيْثُ لَا يَظُنُّ بِهِ أَحَدٌ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ عَنْ أَفْضَلِ وَقْتِهَا كَمَا كَانَ يَصْنَعُ بَنُو عَمِّهِ فَإِنْ قِيلَ ذَلِكَ فَإِنَّ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ كَمَا ذَكَرْنَا وَفَوْقَ مَا ذَكَرْنَا إِذْ وَلِيَ الْخِلَافَةَ وَأَمَّا وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ أَيَّامَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَالْوَلِيدِ فَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَهَذَا أَشْهَرُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ فِيهِ إِلَى إِكْثَارٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا (مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ (8) قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي) ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ

الْمُنْذِرِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَأَنْكَرْتُ حَالَهُ فِي الْعَصْرِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا كَانَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ مِنْ صُحْبَةٍ لِلْأُمَرَاءِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهِمْ وَإِذَا كَانَ الْأَمِيرُ أَوِ الْخَلِيفَةُ يَسْتَدِيمُ صُحْبَةَ الْعُلَمَاءِ فَأَجْدَرُ بِهِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا مَأْمُونًا وَكَانَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ يَصْحَبُ جَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ كَابْنِ شِهَابٍ وَمَيْمُونَ بْنِ مِهْرَانَ وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَصْحَبُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَعُرْوَةَ وَطَبَقَتَهُمَا ذَكَرُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَسَأَلَنِي عَنِ الْحَسَنِ كَمَا يَسْأَلُ الرَّجُلُ عَنْ وَلَدِهِ فَقَالَ كَيْفَ طُعْمُهُ وَهَلْ رَأَيْتَهُ يَدْخُلُ عَلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ وَأَيْنَ مَجْلِسُهُ منه وهل رأيته يطعم عند عَدِيٍّ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ وَلَيْسَ بِنَكِيرٍ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ خَفِيَ عَلَيْهِ حَدِيثُ نُزُولِ جِبْرِيلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَقَدْ خَفِيَ ذَلِكَ عَنِ الْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ وَلَهُ صُحْبَةٌ وَأَخْبَارُ الْآحَادِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مِنْ عِلْمِ الْخَاصَّةِ لَا يُنْكَرُ عَلَى أَحَدٍ جَهِلَ بَعْضَهَا وَالْإِحَاطَةُ بِهَا مُمْتَنِعَةٌ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ مَعَ بَحْثِهِمْ وَجَمْعِهِمْ

إِلَّا وَقَدْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنَ السُّنَنِ الْمَرْوِيَّةِ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ وَحَسْبُكَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَدْ فَاتَهُ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ أَحَادِيثُ فِيهَا سُنَنٌ ذَوَاتُ عَدَدٍ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَمِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ أَيْضًا وَلَيْسَ ذَلِكَ بِضَارٍّ لَهُ وَلَا نَاقِصٍ مِنْ مَنْزِلَتِهِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَئِمَّةِ لَا يَقْدَحُ فِي أَمَانَتِهِمْ مَا فَاتَهُمْ مِنْ إِحْصَاءِ السُّنَنِ إِذْ ذَاكَ يَسِيرٌ فِي جَنْبِ كَثِيرٍ وَلَوْ لَمْ يَجُزْ لِلْعَالَمِ أَنْ يُفْتِيَ وَلَا أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الْعِلْمِ حَتَّى يُحِيطَ بِجَمِيعِ السُّنَنِ مَا جَازَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ أَبَدًا وَإِذَا عَلِمَ الْعَالِمُ أَعْظَمَ السُّنَنِ وَكَانَ ذَا فَهْمٍ وَمَعْرِفَةٍ بِالْقُرْآنِ وَاخْتِلَافِ مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ جَازَ لَهُ الْقَوْلُ بِالْفَتْوَى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ جَهْلَ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ لَا يَسَعُ أَحَدًا فَكَيْفَ جَازَ عَلَى عُمَرَ قِيلَ لَهُ لَيْسَ فِي جَهْلِهِ بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ لِعِلْمِ الْمَوَاقِيتِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَهْلِهِ بِالْمَوَاقِيتِ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَهُ عَمَلًا وَاتِّفَاقًا وَأَخْذًا عَنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ وَلَا يُعْرَفُ أَصْلُ ذَلِكَ كَيْفَ كَانَ النُّزُولُ مِنْ جِبْرِيلَ بِهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ بِمَا سَنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَنَّ غَيْرَ مَا شَيْءٍ وَفَرَضَهُ فِي الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ مِمَّا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ كُلُّ ذِي عِلْمٍ إِنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَالْأَمْرُ فِي هَذَا وَاضِحٌ يُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الصَّلَاةِ مِنْ فَرَائِضِهَا وَأَنَّهَا لا

تجزىء قَبْلَ وَقْتِهَا وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَعَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى خِلَافِهِ فَلَمْ أَرَ لِذِكْرِهِ وَجْهًا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْهُمْ وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي مُوسَى خِلَافُهُ مِمَّا وَافَقَ الْجَمَاعَةَ فَصَارَ اتِّفَاقًا صَحِيحًا وَهَذَا حِينَ آلَ بِنَا الْقَوْلُ إِلَى ذِكْرِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهُوَ أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِذَلِكَ فِي كِتَابِنَا هَذَا - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَفِي كُلِّ مِصْرٍ بَلَغَنَا عَنْهُمْ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ زَوَالُ الشَّمْسِ عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ وَوَسَطِ الْفَلَكِ إِذَا اسْتُوقِنَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ بِالتَّفَقُّدِ وَالتَّأَمُّلِ وَذَلِكَ ابْتِدَاءُ زِيَادَةِ الظِّلِّ بَعْدَ تَنَاهِي نُقْصَانِهِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ الظِّلُّ مُخَالِفًا فِي الصَّيْفِ لَهُ فِي الشِّتَاءِ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ فَإِذَا تَبَيَّنَ زَوَالُ الشَّمْسِ بِمَا ذَكَرْنَا أَوْ بِغَيْرِهِ فَقَدْ حَلَّ وَقْتُ

الظهر وذلك ما لَا خِلَافَ فِيهِ وَذَلِكَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ وَدُلُوكُهَا (مَيْلُهَا) عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ دُلُوكُهَا غُرُوبُهَا وَاللُّغَةُ مُحْتَمِلَةٌ لِلْقَوْلَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ وَكَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ لِمَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ أَنْ يُؤَخِّرُوا بَعْدَ الزَّوَالِ حَتَّى يَكُونَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا عَلَى مَا كَتَبَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى عُمَّالِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَقْتُ الْجُمُعَةِ وَقْتُ الظُّهْرِ لَا تُجِبْ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ وَتُصَلَّى إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ صَلَّى مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً ثُمَّ غَرَبَتِ الشَّمْسُ صَلَّى الرَّكْعَةَ الْأُخْرَى بَعْدَ الْمَغِيبِ جُمُعَةً وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَقْتُ الْجُمُعَةِ وَقْتُ الظُّهْرِ فَإِنْ فَاتَ وَقْتُ الظُّهْرِ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ (لَمْ تُصَلَّ الْجُمُعَةُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ (7)) وَقَدْ بَقِيَ مِنَ

الْجُمُعَةِ سَجْدَةٌ أَوْ قَعْدَةٌ فَسَدَتِ الْجُمُعَةُ وَيَسْتَقْبِلُ الظُّهْرَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ أَتَمَّهَا ظُهْرًا وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُ لَا تَجُوزُ الْجُمُعَةُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَا يُخْطَبُ لَهَا إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَأَئِمَّةُ الْفَتْوَى وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ مَنْ صَلَّاهَا قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ أَعِبْهُ وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا تَرَى فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَقَالَ فِيهَا مِنَ الِاخْتِلَافِ مَا قَدْ عَلِمْتَ (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بكر بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَرْجِعُ فَنُقِيلُ (4)) وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَهُوَ حَدِيثٌ يَدُورُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيدَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيدَانَ شَامِيٌّ أَوْ

جُزُرِيٌّ رَوَى عَنْهُ ثَابِتُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَحَدِيثُهُ هَذَا إِنَّمَا يَرْوِيهِ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ أَيْضًا حَدِيثَ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ كُنَّا نُبَكِّرُ بِالْجُمُعَةِ وَنَقِيلُ بَعْدَهَا وَحَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ كُنَّا نُبَكِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَتَغَدَّى وَنَقِيلُ وَهُوَ حَدِيثٌ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَذَكَرَ حَدِيثَ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُصَلِّي بِنَا الْجُمُعَةَ ضُحًى وَيَقُولُ إِنَّمَا عَجَّلْتُ بِكُمْ خَشْيَةَ الْحَرِّ عَلَيْكُمْ وَعَنْ مُجَاهِدٍ إِنَّمَا هِيَ صَلَاةُ عِيدٍ - قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ بِدَلِيلِ غَشَيَانِ الظِّلِّ طِنْفِسَةَ عَقِيلٍ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ لَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ تَمْنَعُ مِنَ الظُّهْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ (دَلَّ) عَلَى أَنَّ وَقْتَهَا وَقْتُ الظُّهْرِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّاهَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فَقَدْ صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ كَصَلَاةِ الْعِيدِ لِأَنَّ الْعِيدَ لَا يُصَلَّى بَعْدَ الزَّوَالِ وَاخْتَلَفُوا فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ بَعْدَ الْقَدْرِ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ

وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ بِلَا فَصْلٍ وَبِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَجَمَاعَةٌ وَيَسْتَحِبُّ مَالِكٌ لِمَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ أَنْ يُؤَخِّرُوا الْعَصْرَ بَعْدَ هَذَا الْمِقْدَارِ قَلِيلًا (مَا دَامَتِ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً (1)) وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ في أمامة جبريل وأنه صَلَّى بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْعَصْرَ بِالْأَمْسِ (مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ (2)) بِلَا فَصْلٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَأَصْحَابُهُمْ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ إِذَا كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَبَيْنَ آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأَوَّلِ الْعَصْرِ فَاصِلَةٌ وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ الظِّلُّ أَدْنَى زِيَادَةٍ عَلَى الْمِثْلِ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ التَّفْرِيطُ فِي النَّوْمِ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ عَلَى مَنْ (لَمْ) يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتَ الْأُخْرَى وَهَذَا عِنْدَهُمْ فِيمَا عَدَا صَلَاةَ الصُّبْحِ لِلْإِجْمَاعِ فِي الصُّبْحِ أَنَّهَا تَفُوتُ وَيَخْرُجُ وَقْتُهَا بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَحُجَّتُهُمْ أَيْضًا حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ تَحْضُرِ الْعَصْرُ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ فَقَرَأْتُهُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ وَلَكِنَّ التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى تجيىء الصَّلَاةُ الْأُخْرَى وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسَرَّةَ قَالَا حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيُّ بمصر قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ صَلَاةً إِلَى (وَقْتِ) أُخْرَى وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي مَوْضِعِهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ إِذَا كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ ثُمَّ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ لَمْ يَذْكُرُوا فَاصِلَةً إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُمْ ثُمَّ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ يَدُلُّ عَلَى فَاصِلَةٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ إِذَا كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ فَخَالَفَ الْآثَارَ وَالنَّاسَ لِقَوْلِهِ بِالْمِثْلَيْنِ فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَخَالَفَهُ

أَصْحَابُهُ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ رِوَايَةً أُخْرَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ زَعَمَ أَنَّهُ قَالَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ إِذَا كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ عَلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَدْخُلُ فِي وَقْتُ الْعَصْرِ حَتَّى يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ فَتَرَكَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَقْتًا مُفْرَدًا لَا يَصْلُحُ لِأَحَدِهِمَا وَأَمَّا أَوَّلُ وَقْتِ (الْعَصْرِ) فَقَدْ تَبَيَّنَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا وَمِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ مَا وَصَفْنَا وَمِنْ قَوْلِ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا مِنْ مُرَاعَاةِ الْمِثْلِ مَا قَدْ بَيَّنَا وَهُوَ كُلُّهُ أَمْرٌ مُتَقَارِبٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ مِنْ حِينِ يَصِيرُ الظِّلُّ مِثْلَيْنِ وَهُوَ خِلَافُ الْآثَارِ وَخِلَافُ الْجُمْهُورِ وَاخْتَلَفُوا فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ فَقَالَ مَالِكٌ آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ أَنْ يَكُونَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ بَعْدَ الْمِثْلِ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَنَا مِنْ قَوْلِهِ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَمَا دَامَتِ الشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ فَهُوَ وَقْتٌ مُخْتَارٌ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ والشمس بيضاء نقية لم تدخلها صغرة فَقَدْ صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُرَاعَاةَ الْمِثْلَيْنِ عِنْدَهُمُ اسْتِحْبَابٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا فِي وَقْتِ الْعَصْرِ فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَغَيْرِهِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ

فَنَذْكُرُ هَاهُنَا أَقَاوِيلَهُمْ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ فَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِنْ صَلَّاهَا وَلَمْ تَتَغَيَّرِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَجْزَأَهُ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مِثْلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَوَّلُ وَقْتِهَا فِي الصَّيْفِ إِذَا جَاوَزَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ بِشَيْءٍ مَا كَانَ وَمَنْ أَخَّرَ الْعَصْرَ حَتَّى يُجَاوِزَ ظِلُّ كل شيء مثليه في الصيف أو قد ذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ فَقَدْ فَاتَهُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فَاتَهُ وَقْتُ الْعَصْرِ مُطْلَقًا كَمَا جَازَ عَلَى الَّذِي أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى أَنْ جَاوَزَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ قَالَ وَإِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا - قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا جَعَلَ الشَّافِعِيُّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ لِحَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ وَحَدِيثِ الْعَلَاءِ عَنْ أَنَسٍ تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْآثَارِ وَلَمْ يَقْطَعْ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرَهُ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ نَحْوُ هَذَا وَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ الشَّافِعِيُّ أَنْ لَا يُشْرِكَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

فِي الْوَقْتِ لِأَصْحَابِ الضَّرُورَاتِ لِخُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ عِنْدَهُ بِكَمَالِ الْمِثْلِ وَلَكِنَّ وَقْتَ الْحَضَرِ عِنْدَهُ وَقْتُ رَفَاهِيَةٍ (وَمُقَامٍ) لَا يُتَعَدَّى مَا جَاءَ فِيهِ وَأَمَّا أَصْحَابُ الضَّرُورَاتِ فَأَوْقَاتُهُمْ كَأَوْقَاتِ الْمُسَافِرِ لِعُذْرِ السَّفَرِ وَضَرُورَتِهِ وَالسَّفَرُ عِنْدَهُ تَشْتَرِكُ فِيهِ صَلَاتَا النَّهَارِ وَصَلَاتَا اللَّيْلِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي بَابِ أَبِي الزُّبَيْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَصْحَابُ الضَّرُورَاتِ الْحَائِضِ تَطْهُرُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقُ وَالْكَافِرِ يُسْلِمُ وَالْغُلَامُ يَحْتَلِمُ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحْكَامَهُمْ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ آخِرُ وَقْتِهِمَا غُرُوبُ الشَّمْسِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ مُطْلَقًا وَرِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لِذَلِكَ مَحْمُولَةٌ عِنْدَ أَصْحَابِهِ لِأَهْلِ الضَّرُورَاتِ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَمَنْ أَشْبَهَ عَلَى مَا قَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ اصْفِرَارُ الشَّمْسِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَقْتُ الْعَصْرِ إِذَا كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ (قَامَتَهُ فَيَزِيدُ عَلَى الْقَامَةِ إِلَى أَنْ تَتَغَيَّرَ الشَّمْسُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ أَوَّلُ وَقْتِهَا إِذَا كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ (5) مِثْلَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَزَادَ عَلَى الظِّلِّ زِيَادَةً تَبِينُ إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ

الشَّمْسُ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا (الْقَوْلِ) حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَزْدِيِّ عَنْهُ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ أَنْ يُدْرِكَ الْمُصَلِّي مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ الْغُرُوبِ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ لِكُلِّ النَّاسِ مَعْذُورٍ وَغَيْرِ مَعْذُورٍ صَاحِبِ ضَرُورَةٍ وَصَاحِبِ رَفَاهِيَةٍ إِلَّا أَنَّ الْأَفْضَلَ عِنْدَهُ وَعِنْدَ إِسْحَاقَ أَيْضًا أَوَّلُ الْوَقْتِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ رَكَعَ رَكْعَةً قَبْلَ غُرُوبِهَا وَرَكْعَةً بَعْدَ غُرُوبِهَا فَقَدْ أَدْرَكَهَا وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَاخْتَلَفُوا فِي آخِرِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهَا غُرُوبُ الشَّمْسِ وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ وَقْتَهَا وَقْتٌ وَاحِدٌ عِنْدَ مَغِيبِ (الشَّمْسِ وَبِهَذَا تَوَاتَرَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُوَطَّأِ فَإِذَا غَابَ (6) الشَّفَقُ فَقَدْ خَرَجَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ وَدَخَلَ وَقْتُ الْعِشَاءِ وَبِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وداود والطبري

وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا (الْقَوْلِ) وَجَعَلَ لِلْمَغْرِبِ وَقْتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ (حَدَّثَنَا بَدْرُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ بِالْفَجْرِ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ وَالنَّاسُ لَا يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَالْقَائِلُ يَقُولُ انْتَصَفَ النَّهَارُ أَوْ لَمْ فَكَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ أَخَّرَ الْفَجْرَ مِنَ الْغَدِ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ (طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ ثُمَّ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْعَصْرِ ثُمَّ أَخَّرَ الْعَصْرَ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ) احْمَرَّتِ الشَّمْسُ وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى كَانَ سُقُوطُ الشَّفَقِ ثُمَّ أَخَّرَ الْعِشَاءَ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا بِالسَّائِلِ فَقَالَ الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنَ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الصلاة فقال أقم معنا هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ

عِنْدَ الْفَجْرِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي مُوسَى سَوَاءً فِي الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهَا وَقْتَيْنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قال حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَذَكَرَهُ) قَالُوا وَهَذِهِ الْآثَارُ أَوْلَى مِنْ أَخْبَارِ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ لِأَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ بِالْمَدِينَةِ وَإِمَامَةُ جِبْرِيلَ (كَانَتْ) بِمَكَّةَ وَالْمُتَأَخِّرُ أَوْلَى مِنْ فِعْلِهِ وَأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ نَاسِخٌ لِمَا قَبِلَهُ قَالُوا وَقَدْ رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَغْرِبِ أَيْضًا مِثْلَ رِوَايَةِ أَبِي مُوسَى وَبُرَيْدَةَ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي الْمَغْرِبِ مِثْلَ ذَلِكَ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ إِنَّمَا صَحِبَهُ بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّهَا مُتَقَدِّمَةٌ بِمَكَّةَ وَالْمَصِيرُ إِلَى مَا رَوَوْهُ أَوْلَى مِنَ الْمَصِيرِ إِلَى أَحَادِيثِ إِمَامَةِ جبريل

وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ شُعْبَةُ حَدَّثَنِي بِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَرَّتَيْنِ لَمْ يَرْفَعْهُ وَمَرَّةً رَفَعَهُ قَالَ وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ تَحْضُرِ الْعَصْرُ وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ وَوَقْتُ الْعِشَاءِ مَا لَمْ يَنْتَصِفِ اللَّيْلُ وَوَقْتُ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤا بِالْعَشَاءِ وَبِقَوْلِهِ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُ الْأَخْبَثَيْنِ يَعْنِي الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ وَبِالصَّافَّاتِ وَقَدْ رُوِيَ بِالْأَعْرَافِ وَهَذَا كُلُّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لَهُ سَعَةٌ وَأَوَّلُ وَآخِرُ كُلُّ هَذَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ

(أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُرِّبَ العشاء ونودي بالصلاة فابدأوا بِالْعَشَاءِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا قرب العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤا بِالْعَشَاءِ وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمَّا صَلَّى الْعَصْرَ فِي حَدِيثٍ ذكره قال لا صلاة بعدها حتى يطلع الشَّاهِدِ وَالشَّاهِدُ النَّجْمُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَمْدُودٌ إِلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ وَالْآخَرُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّ وَقْتَهَا وَقْتٌ وَاحِدٌ لَا وَقْتَ لَهَا إِلَّا حِينَ تَجِبُ الشَّمْسُ قَالَ وَذَلِكَ بُيِّنَ فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ قَالَ وَلَوْ جَازَ أَنْ تُقَاسَ الْمَوَاقِيتُ قِيلَ لَا تَفُوتُ حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعِشَاءِ قَبْلَ أَنْ تُصَلِّيَ مِنْهَا رَكْعَةً كَمَا قيل في العصر ولكن المواقيت لا توخذ

قِيَاسًا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ (وَقْتُ) الْمَغْرِبِ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَإِنْ حَبَسَكَ عُذْرٌ فَأَخَّرْتَهَا إِلَى أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ فِي السَّفَرِ فَلَا بَأْسَ وَكَانُوا يَكْرَهُونَ تَأْخِيرَهَا - قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ وَالْحُجَّةُ لَهُمْ كُلُّ حَدِيثٍ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ عَلَى تَوَاتُرِهَا لَمْ تَخْتَلِفْ فِي أَنَّ لِلْمَغْرِبِ وَقْتًا وَاحِدًا وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَكُلُّهُمْ صَحِبَهُ بِالْمَدِينَةِ وَحَكَى عَنْهُ صَلَاتَهُ بِهَا كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ مِثْلَ هَذَا يُؤْخَذُ عَمَلًا لَا يَنْفَكُّ مِنْهُ وَلَا يَجُوزُ جَهْلُهُ وَلَا نِسْيَانُهُ وَقَدْ حَكَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بن خواز بنداد الْبَصْرِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي الْخِلَافِ أَنَّ الْأَمْصَارَ كُلَّهَا بِأَسْرِهَا لَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ فِيهَا عَلَى تَعْجِيلِ الْمَغْرِبِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَيْهَا فِي حِينِ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَأَخَّرَ بِإِقَامَةِ الْمَغْرِبِ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ عَنْ وَقْتِ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَفِي هَذَا مَا يَكْفِي مَعَ الْعَمَلِ بِالْمَدِينَةِ فِي تَعْجِيلِهَا - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَوْ كَانَ وَقْتُهَا وَاسِعًا لَعَمِلَ الْمُسْلِمُونَ فِيهَا كَعَمَلِهِمْ فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ

وَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ مِنْ أَذَانِ وَاحِدٍ مِنَ الْمُؤَذِّنِينَ بَعْدَ وَاحِدٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الِاتِّسَاعِ فِي ذَلِكَ وَفِي هَذَا لَهُ دَلِيلٌ وَاضِحٌ (عَلِيٍّ) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّيهَا وَقْتًا وَاحِدًا إِلَى أَنْ مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ وَسَّعَ عَلَيْهِمْ لَتَوَسَّعُوا لِأَنَّ شَأْنَ الْعُلَمَاءِ الْأَخْذُ بِالتَّوْسِعَةِ إِلَا أَنَّ ضِيقَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ لَيْسَ كَالشَّيْءِ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ بَلْ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ عُرْفِ النَّاسِ مِنْ إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْمَشْيِ إِلَى مَا لَا يَبْعُدُ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ فَمِنْهَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعْلِّمُكُمْ دِينَكُمْ فَصَلَّى لَهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ صَلَّى (لَهُ) الظُّهْرَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى لَهُ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ الظِّلُّ مِثْلَهُ ثُمَّ صَلَّى لَهُ الْمَغْرِبَ حِينَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَحَلَّ فِطْرُ الصَّائِمِ ثُمَّ صَلَّى لِلْعَشَاءِ حِينَ ذَهَبَ شَفَقُ النَّهَارِ (ثُمَّ صَلَّى لَهُ مِنَ الْغَدِ فَصَلَّى لَهُ الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَ قَلِيلًا (6)) ثُمَّ صَلَّى لَهُ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ الظِّلُّ مِثْلَهُ ثُمَّ صَلَّى لَهُ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ

الظِّلُّ مِثْلَيْهِ ثُمَّ صَلَّى لَهُ الْمَغْرِبَ لِوَقْتٍ وَاحِدٍ حِينَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَحَلَّ فِطْرُ الصَّائِمِ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ ذَهَبَ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ قَالَ الصَّلَاةُ مَا بَيْنَ صَلَاتِكَ أَمْسِ وَصِلَاتِكَ الْيَوْمَ فَهَذَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِنَّمَا صَحِبَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ عَامِ خَيْبَرَ بِالْمَدِينَةِ مُتَأَخِّرًا وَفِيهِ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا نَرَى مِنْ تَعْجِيلِهِ فِي الْيَوْمَيْنِ جَمِيعًا فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْأَعْمَشَ رَوَى عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم) حديث الْمَوَاقِيتِ وَفِيهِ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ وَآخِرَهَا حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ قِيلَ لَهُ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْحَدِيثِ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَهُوَ خَطَأٌ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَقَدْ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ قَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ

هَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمَوَاقِيتِ خَطَأٌ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ وَقَالَ عَبَّاسٌ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ حَدِيثُ الْأَعْمَشِ (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا رَوَاهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْأَعْمَشِ فَأَخْطَأَ فِيهِ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ إِنَّمَا هُوَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلٌ وَأَمَّا رِوَايَةُ سليمان بن موسى عن عطاء عن جابر فَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى وَقَدْ رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ وَبُرْدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ لَيْسَ فِيهِ لِلْمَغْرِبِ إِلَّا وَقْتٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ كُلُّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ جَابِرٍ مِنْهُمْ وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ وَبَشِيرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَغَيْرُهُمْ وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ جَابِرًا سُئِلَ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ وَعَنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَذْكُرْ لِلْمَغْرِبِ إِلَّا وَقْتًا وَاحِدًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ الرَّقَاشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ قَالَ كَانَ الْحَجَّاجُ يُؤَخِّرُ

الصَّلَاةَ فَسَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ وَالْمَغْرِبَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَالْعِشَاءَ إِنْ رَأَى فِي النَّاسِ قِلَّةً أَخَّرَ وَإِنْ رَأَى فِيهِمْ كَثْرَةً عَجَّلَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَسَنٍ قَالَ سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ (فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ وَالْمَغْرِبَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَالْعِشَاءَ إِنْ رَأَى فِي النَّاسِ قِلَّةً أَخَّرَ وَإِنْ رَأَى فِي النَّاسِ كَثْرَةً عَجَّلَ (2)) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَسَنٍ قَالَ سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ (وَزَادَ (3)) وَالصُّبْحَ بِغَلَسٍ وَفِي لَفْظِ حَدِيثِ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ ثُمَّ ذَكَرَهُ سَوَاءً وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ شُعْبَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَكَانَ أَوْ كَانُوا يُصَلُّونَ الصُّبْحَ بِغَلَسٍ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ

حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ فَذَكَرَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَزْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَقَدْ جَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَهُ وَهُوَ مَا رَوَاهُ حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ فِي الْمَغْرِبِ وَقْتًا وَاحِدًا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ (قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ) بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي الْمَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَرْمِي فَيَرَى أَحَدُنَا مَوَاقِعَ نَبْلِهِ وَهَذَا عَلَى الْمُدَاوَمَةِ وَالتَّكْرَارِ وَمِثْلُهُ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ

أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ إِلَى أَهْلِنَا فِي بَنِي سَلَمَةَ فَنُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِنَا وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ هذاالحديث عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ فِي آخِرِهِ قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ وَكَمْ كَانَتْ مَنَازِلُهُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ عَلَى ثُلُثَيْ مَيْلٍ وَهَذَا غَايَةٌ فِي تَعْجِيلِ الْمَغْرِبِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ (قَالَ حَدَّثَنَا (4)) أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالُوا جَمِيعًا حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ سَاعَةَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ إِذَا سَقَطَ حَاجِبُهَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو أَيُّوبَ غَازِيًا وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ يَوْمَئِذٍ عَلَى مِصْرَ فَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو أَيُّوبَ فَقَالَ مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ يَا عُقْبَةُ فَقَالَ شُغِلْنَا فَقَالَ أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ أَوْ قَالَ عَلَى الْفِطْرَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إِلَى أَنْ تَشْتَبِكَ النُّجُومُ وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله قَالَ لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ بِخَيْرٍ مَا صَلَّوْا (صَلَاةَ) الْمَغْرِبِ قَبْلَ اشْتِبَاكِ النُّجُومِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الْقِرَاءَةِ بِالْأَعْرَافِ وَشِبْهِهَا فِي الْمَغْرِبِ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ فِي سَعَةِ وَقْتِهَا لِأَنَّ الْمُرَاعَاةَ فِي ذَلِكَ وَقْتَ الدُّخُولِ فِيهَا فَإِذَا دَخَلَ الْمُصَلِّي فِيهَا عَلَى مَا أُمِرَ فَلَهُ أَنْ يَمْتَدَّ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتَ صَلَاةٍ أُخْرَى (كَمَا أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْتَدَّ فِي الثَّانِيَةِ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْمُتَعَارَفِ مِنْ سُنَنِ الصَّلَوَاتِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ (2)) (وَكَمَا (3) فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذْ قَرَأَ بِالْبَقَرَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَكَانَ يُغَلِّسُ فَلَمَّا سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ قِيلَ لَهُ كَادَتِ الشمس أن تَطْلُعَ فَقَالَ لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَمَدَّ قِرَاءَتَهَا) وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ لِلْمُقِيمِ مَغِيبُ الشَّفَقِ وَالشَّفَقُ الْحُمْرَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمَغْرِبِ تَبْقَى فِي الْأُفُقِ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ هَذَا

قَوْلُ (مَالِكٍ وَ) الشَّافِعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ وَعُبَادَةُ وَابْنُ عُمَرَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ دَاوُدُ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ الشفق البياض وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمُزَنِيُّ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَمَّا فِي الْحَضَرِ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا تصلى حتى يذهب البياض احتياطا وأما في السفر فيجزيه أَنْ يُصَلِّيَ إِذَا ذَهَبَتِ الْحُمْرَةُ وَاخْتَلَفُوا فِي آخِرِ وَقْتِهَا فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ لِغَيْرِ أَصْحَابِ الضَّرُورَاتِ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ وَيُسْتَحَبُّ لِأَهْلِ مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ أَلَّا يُعَجِّلُوا بِهَا فِي أَوَّلِ وقتها إذا كان ذلك غير مضر بِالنَّاسِ وَتَأْخِيرُهَا قَلِيلًا أَفْضَلُ (عِنْدَهُ) وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَقْتُهَا مِنْ حِينِ يَغِيبُ الشَّفَقُ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ أَوَّلُ وَقْتِ الْعِشَاءِ مَغِيبُ الشَّفَقِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَالنِّصْفُ بَعْدَهُ آخِرَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْمُسْتَحَبُّ فِي وَقْتِهَا إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا إِلَى بَعْدِ نِصْفِ اللَّيْلِ وَلَا تَفُوتُ إِلَّا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ آخِرُ وَقْتِهَا إِلَى أَنْ يَمْضِيَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَإِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ فَلَا أَرَاهَا إِلَّا فَائِتَةً وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَقْتُهَا مِنْ مَغِيبِ الشَّفَقِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي أَحَادِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وجابر ثلث

اللَّيْلِ وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَفِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو نِصْفُ اللَّيْلِ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ مِثْلُهُ وَحَدِيثُ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا سَقَمُ السَّقِيمِ وَضَعْفُ الضَّعِيفِ وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْتُهَا إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ لِوَقْتِهَا لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي وَقَالَ جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ بْنُ أَبِي بِشْرٍ (عَنْ بَشِيرِ بْنِ ثَابِتٍ) عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ أَنَا أَعْلَمُ (النَّاسِ) بِوَقْتِ هَذِهِ الصَّلَاةِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ كان رسول

اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهَا لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتَ الْأُخْرَى وَقِيَاسٌ عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ حَاشَا الصُّبْحَ فَإِنَّهَا مُنْفَرِدَةٌ بِوَقْتِهَا وَمَنْ أَشْرَكَ بَيْنَ وَقْتَيْ صَلَاتَيِ النَّهَارِ وَصَلَاتَيِ اللَّيْلِ لِمَنْ كَانَتْ بِهِ ضَرُورَةُ حَيْضٍ أَوْ إِغْمَاءٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الْمَصِيرُ إِلَى قَوْلِ مَالِكٍ إِلَّا أَنْ يَجْعَلُوا وَقْتَ الضَّرُورَةِ قِيَاسًا عَلَى السَّفَرِ فَإِنَّ الْوَقْتَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي السَّفَرِ لَهُ حُكْمٌ غَيْرُ حُكْمِ الْحَضَرِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ إِشْرَاكُ الْوَقْتِ فِي الْحَضَرِ لِغَيْرِ أَصْحَابِ الضَّرُورَاتِ أَلْبَتَّةَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَانْصِدَاعُهُ وهو البياض الْمُعْتَرِضُ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ وَهُوَ الْفَجْرُ الثَّانِي الَّذِي يَنْتَشِرُ وَيَطِيرُ وَأَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ إِلَّا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ رَوَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا الْإِسْفَارُ وَكَذَلِكَ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا الْإِسْفَارُ الْأَعْلَى وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ آخِرُ وَقْتِهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالنَّاسِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَفُوتُ صَلَاةُ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يُدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً بِسُجُودِهَا فَمَنْ لَمْ تَكْمُلْ لَهُ رَكْعَةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَدْ فَاتَتْهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدِ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَدَاوُدَ وَالطَّبَرَيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فإنهم

يُفْسِدُونَ صَلَاةَ مَنْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ يُصَلِّيهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ وَحُجَّتَهُمْ فِي ذَلِكَ وَالْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا وَأَمَّا اخْتِيَارُهُمْ مِنَ الْأَوْقَاتِ فَإِنَّ مَالِكًا وَاللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيَّ وَالْأَوْزَاعِيَّ وَأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانُوا يَقُولُونَ بِالتَّغْلِيسِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَذَلِكَ أَفْضَلُ عِنْدَهُمْ أَنْ تُصَلَّى وَالنُّجُومُ (بَادِيَةٌ) مُشْتَبِكَةٌ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ بِالْإِسْفَارِ فِي الْفَجْرِ فِي كُلِّ الْأَزْمَانِ فِي الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ وَذَلِكَ عِنْدَهُمْ أَفْضَلُ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُجَّةَ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا (فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا) وَقَالَ مَالِكٌ يُصَلِّي الظُّهْرَ إِذَا فَاءَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ فِي الْجَمَاعَةِ وَغَيْرِهَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّ هَذَا مَعْنَاهُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ الَّذِي لَا جَمَاعَةَ مَعَهُ يَنْتَظِرُهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقَالَ اللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ يُصَلِّيهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي تُنْتَابُ مِنْ بَعِيدٍ فَإِنَّهَا يُبْرَدُ فِيهَا بِالظُّهْرِ وَالصَّلَوَاتِ كُلِّهَا عِنْدَ اللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ أَوَائِلُ أَوْقَاتِهَا أَفْضَلُ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا الْإِبْرَادَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي تُقْصَدُ مِنَ الْمَوَاضِعِ النَّائِيَةِ وَزَعَمَ أَبُو الْفَرَجِ أَنَّ مَذْهَبَ

مَالِكٍ أَنَّ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا أَوَائِلَ أَوْقَاتِهَا أَفْضَلُ إِلَّا الظُّهْرَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِنَّهَا تُؤَخَّرُ قَلِيلًا فِي الْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ تُعَجَّلُ الظُّهْرُ فِي الشِّتَاءِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتُؤَخَّرُ فِي الْحَرِّ حَتَّى يَبْرُدَ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ أَوَّلُ الْأَوْقَاتِ أَعْجَبُ إِلَيَّ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا إِلَّا فِي صَلَاتَيْنِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الْحَرِّ يُبْرَدُ بِهَا وَتُؤَخَّرُ حَتَّى يُبْرَدَ وَأَمَّا فِي الشِّتَاءِ فَيُعَجَّلُ بِهَا (قَالَ) وَتُؤَخَّرُ الْعِشَاءُ (أَبَدًا) مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى النَّاسِ وَهَذَا كُلُّهُ حِكَايَةُ مَعْنَى رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ عَنْهُ وَكُلُّهُمْ قَالَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ إِلَّا مَا قَالَ جَرِيرٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ وَغَيْرُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ كَمَا ذَكَرْنَا وَكُلُّهُمْ يَسْتَحِبُّ تَعْجِيلَ الْمَغْرِبِ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ لَا بَأْسَ لِلْمُسَافِرِ يَمُدُّ الْمَيْلَ وَنَحْوَهُ ثُمَّ يَنْزِلُ وَيُصَلِّي وَاسْتَحَبَّ الْعِرَاقِيُّونَ تَأْخِيرَ الْعِشَاءِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ أَوَّلُ وَقْتِهَا أَفْضَلُ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ مَا مِنْهُ قَالَ كُلُّ فَرِيقٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُصَلِّي الظُّهْرَ فِي السَّاعَةِ الثَّامِنَةِ وَالْعَصْرَ فِي السَّاعَةِ الْعَاشِرَةِ حِينَ تَدْخُلُ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ عَاصِمُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ أبيه عنه

- قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرْنَا قَوْلَ عُمَرَ هَذَا وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا حَدَّثَهُ عُرْوَةُ بْنُ بَشِيرِ بْنِ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ يَزَلْ يَرْتَقِبُ الْأَوْقَاتَ وَتَكُونُ عِنْدَهُ عَلَامَاتُ السَّاعَاتِ وَحَسْبُكَ بِهِ اجْتِهَادًا فِي خِلَافَتِهِ وَعَنْ حَالِهِ تِلْكَ حَكَى رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَشْبَعْنَا الْقَوْلَ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ عَظِيمٌ وَأَصْلٌ كَبِيرٌ وَحَدِيثُ مَالِكٍ فِيهِ مُسْتَغْلَقٌ جِدًّا فَبَسَطْنَاهُ وَمَهَّدْنَاهُ بِالْآثَارِ وَأَقَاوِيلِ الْعُلَمَاءِ لِيَكُونَ كِتَابُنَا مُغْنِيًا عَمَّا سِوَاهُ كَافِيًا شَافِيًا فِيمَا قَصَدْنَاهُ وَأَمَّا قَوْلُ عُرْوَةَ وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ فَمَعْنَاهُ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ الظِّلُّ عَلَى الْجِدَارِ يُرِيدُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَفِعَ ظِلُّ حُجْرَتِهَا عَلَى جُدُرِهَا وَكُلُّ شَيْءٍ عَلَا شَيْئًا فَقَدْ ظَهَرَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا أَيْ يَعْلُوا عَلَيْهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ يَخْرُجَ الظِّلُّ مِنْ قَاعَةِ حُجْرَتِهَا وَكُلُّ شَيْءٍ خَرَجَ فَقَدْ ظَهَرَ وَالْحُجْرَةُ الدَّارُ وكل ما أحاط به حائط فَهُوَ حُجْرَةٌ وَأَصْلُ الْحُجْرَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ التَّحْجِيرِ تَقُولُ حَجَرْتُ عَلَى نَفْسِي إِذَا أَحَطْتَ عَلَيْهَا بحائط

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى قِصَرِ بُنْيَانِهِمْ وَاخْتِصَارِهِمْ فِيهِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا قُصِدَ بِهِ تَعْجِيلُ الْعَصْرِ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ قِصَرِ الحيطان وإنما أرد بِذَلِكَ عُرْوَةُ لِيَعْلَمَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي أَخَّرَهَا إِلَيْهِ عُمَرُ ذَكَرُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا حُرَيْثُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ كُنْتُ أَدْخُلُ بُيُوتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُحْتَلِمٌ وَأَنَالُ سَقْفَهَا بِيَدِي وَذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ زَبَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا لَمْ يَظْهَرِ الْفَيْءُ مِنْ حُجْرَتِهَا وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ والشمس بيضاء نقية في حجرتي لَمْ يَظْهَرِ الْفَيْءُ بَعْدُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَنْ ذَكَرَ الْحَدِيثَ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ إِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ تَعْجِيلِ الْعَصْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ وَغَيْرِهَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ لِمَنْ تَدَبَّرَ وَفَهِمَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ عُمَرَ قَبِلَ قَوْلَ عُرْوَةَ (وَحْدَهُ) فِيمَا جَهِلَهُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَهَذَا مِنَّا عَلَى التَّنْبِيهِ بِأَنَّ قَبُولَ خَبْرِ الْوَاحِدِ مُسْتَفِيضٌ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَعْمَلٌ لَا عَلَى سَبِيلِ الْحُجَّةِ لِأَنَّا لَا نَقُولُ خَبَرُ الْوَاحِدِ حُجَّةٌ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ عَلَى مَنْ أَنْكَرَهُ

حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ هُوَ الْفَرَقُ مِنَ الْجَنَابَةِ هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَتَابَعَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَلَى إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ إِلَّا أَنَّهُمَا زَادَا فِيهِ وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَهَذَا اللَّفْظُ عِنْدَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مَعْمَرٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ بِمِثْلِ إِسْنَادِ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ هُوَ الْفَرَقُ فَأَتَيَا بِلَفْظِ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَذَكَرَا فِيهِ الْفَرَقَ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ هِشَامٍ ذِكْرُ الْفَرَقِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ فِي الْقَدَحِ وَهُوَ الْفَرَقُ وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَهُوَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فَأَتَى بِحَدِيثَيْ مَالِكٍ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَهِشَامٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَكَذَلِكَ رواه الليث

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ فِي الْقَدَحِ وَهُوَ الْفَرَقُ وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَهُوَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ قَدْرُ الْفَرَقِ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَخَالَفَ جَمِيعَهُمْ فِي إِسْنَادِهِ وَجَعَلَهُ عَنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ عَنْ عُرْوَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ هُوَ الْفَرَقُ قَالَتْ عَائِشَةُ وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ مَعَهُ فِي الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَظُنُّ الْفَرَقَ يَوْمَئِذٍ خَمْسَةَ أَقْسَاطٍ

- قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَدْرِي مَا أَرَادَ ابْنُ شِهَابٍ بِالْقِسْطِ وَلَا مَا كَانَ مِقْدَارُهُ عِنْدَهُمْ وَأَمَّا الْعَرَبُ فَالْقِسْطُ عِنْدَهَا الْحِصَّةُ وَالْمِقْدَارُ كَذَلِكَ قَالَ الْخَلِيلُ وَقَالَ الْخَلِيلُ الْفَرَقُ مِكْيَالٌ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ الْفَرَقُ مِكْيَالٌ مِنْ خَشَبٍ كَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَقُولُ إِنَّهُ يَسَعُ خَمْسَةَ أَقْسَاطٍ بِأَقْسَاطِ بَنِي أُمَيَّةَ وَفَسَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْأَعْشَى عَنِ ابْنِ كِنَانَةَ الْفَرَقَ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ أَصْوُعٍ قَالَ الْأَعْشَى وَالثَّلَاثَةُ أَصْوُعٍ خَمْسَةُ أَقْسَاطٍ وَفِي الْخَمْسَةِ أَقْسَاطٍ اثْنَا عَشَرَ مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ قَالَ لِي عِيسَى بْنُ دِينَارٍ قَالَ لِي ابْنُ الْقَاسِمِ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي الْفَرَقِ إِنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ ثَلَاثَةَ أَصْوُعٍ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ الْفَرَقُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا وَقَالَ مُوسَى الْجُهَنِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ أَتَى بِقَدَحٍ حَزَرْتُهُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ فَقَالَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ بِمِثْلِ هَذَا وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنِ الْفَرَقِ كَمْ هُوَ قَالَ ثَلَاثَةُ أَصْوُعٍ - قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَعْشَى قَرِيبٌ مِنْ قَرِيبٍ فِي مِقْدَارِ الْفَرَقِ وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَمَّا قَوْلُ مُجَاهِدٍ فَبَعِيدٌ وَقَوْلُ أُولَئِكَ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَرَوَى فِي الْمُوَطَّأِ الْفَرَقَ (وَالْفَرْقَ) بِتَسْكِينِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَحَرَكَتِهَا وَرِوَايَةُ يَحْيَى بِالْإِسْكَانِ وَتَابَعَهُ قَوْمٌ وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فَرَوَاهُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ (عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ (3)) وَغَيْرِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ (4)) وَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِيهِ عَلَى ابْنِ شِهَابٍ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ تَرْكُ التَّحْدِيدِ فِيمَا يَكْفِي مِنَ الْمَاءِ وَأَنَّ فَضْلَ الْمَرْأَةِ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ وَسَنَذْكُرُ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ وَوَجْهَ الصَّوَابِ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِنْ كان الرجال والنساء ليتوضؤن جَمِيعًا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ هَذَا لَيْسَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَإِذَا تَوَضَّأَ الِاثْنَانِ وَأَكْثَرُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تَحْدِيدَ ولا توقيف فيما يكفي المغتسل والمتوضىء مِنَ الْمَاءِ وَحَسْبُهُ الْإِتْيَانُ بِالْمَاءِ عَلَى مَا يَغْسِلُ مِنَ الْأَعْضَاءِ غَسْلًا وَعَلَى مَا يَمْسَحُ مَسْحًا وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ فَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلِّ مَا يَكْفِي مِنَ الْمَاءِ وَأَنَّ الْإِسْرَافَ فِيهِ مَذْمُومٌ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى الْإِبَاضِيَّةِ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُمْ فِي الْإِكْثَارِ مِنَ الْمَاءِ وهذا ما

سِيقَ هَذَا الْحَدِيثُ (لَهُ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِنْكَارًا عَلَى أُولَئِكَ (الطَّائِفَةِ) لِأَنَّهُ مَذْهَبٌ ظَهَرَ فِي زَمَنِ التَّابِعِينَ وَسُئِلَ عَنْهُ الصَّحَابَةُ وَنُقِلَ (فِي) ذَلِكَ مِنَ الْحَدِيثِ مَا تَرَى وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ جَبْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِمَكُّوكٍ وَيَغْتَسِلُ بِخَمْسِ مَكَاكِيكَ وَقَالَ الْخَلِيلُ الصَّاعُ طَاسٌ يُشْرَبُ بِهِ وَالْمَكُّوكُ مِكْيَالٌ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ تَمَارَيْنَا فِي الْغُسْلِ عِنْدَ جَابِرٍ فَقَالَ جَابِرٌ يَكْفِي لِلْغُسْلِ صَاعٌ مِنْ مَاءٍ قُلْنَا مَا يَكْفِي صَاعٌ وَلَا صَاعَانِ فَقَالَ جَابِرٌ قَدْ كَانَ يَكْفِي مَنْ كَانَ خَيْرًا مِنْكُمْ وأكثر شعرا

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَهِيَ آثَارٌ مَشْهُورَةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ عِنْدَ قَوْمٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَلَيْسَتْ أَسَانِيدُهَا مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ وَالَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ فِي بَابِ مَا يَكْفِي الْجُنُبَ مِنَ الْمَاءِ حَدِيثُ الْفَرَقِ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا إِنَّمَا رُوِيَتْ إِنْكَارًا عَلَى الْإِبَاضِيَّةِ وَجُمْلَتُهَا تَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا تَوْقِيتَ فِيمَا يَكْفِي مِنَ الْمَاءِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْمَاءَ لَا يُكَالُ لِلْوُضُوءِ وَلَا لِلْغُسْلِ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ بِحَدِيثِ الْمُدِّ وَالصَّاعِ وَمَنْ قَالَ بِحَدِيثِ الْفَرَقِ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّهُ لَا يُكَالُ (الْمَاءُ) لِوُضُوءٍ وَلَا لِغُسْلٍ لَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَلَوْ كَانَتِ الْآثَارُ فِي ذَلِكَ عَلَى التَّحْدِيدِ الَّذِي لَا يُتَجَاوَزُ اسْتِحْبَابًا أَوْ وُجُوبًا مَا كَرِهُوا الْكَيْلَ بَلْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَهُ اقْتِدَاءً وَتَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَكْرَهُونَهُ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ يَقُولُ صَاعٌ لِلْغُسْلِ مِنْ (غَيْرِ) أَنْ يُكَالَ قَالَ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ كَمْ بَلَغَكَ أَنَّهُ يَكْفِي الْجُنُبَ قَالَ صَاعٌ مِنْ مَاءٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُكَالَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ ورجلا مَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَسْأَلُهُ عَمَّا يَكْفِي الْإِنْسَانَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ إِنَّ لِي تَوْرًا يَسَعُ مُدَّيْنِ مِنْ مَاءٍ أَوْ نَحْوَهُمَا وَأَغْتَسِلُ بِهِ فَيَكْفِينِي وَيَفْضَلُ مِنْهُ فَضْلٌ فَقَالَ الرَّجُلُ وَاللَّهِ (إِنِّي) لَأَسْتَنْثِرُ بِمُدَّيْنِ مِنْ مَاءٍ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَلْعَبُ بِكَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ وَإِنْ لَمْ يَكْفِنِي فَإِنِّي رَجُلٌ كَمَا تَرَى عَظِيمٌ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ ثَلَاثَةُ (أَمْدَادٍ) فَقَالَ إِنَّ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ قَلِيلٌ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ فَصَاعٌ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَقَالَ لِي سَعِيدٌ إِنَّ لِي لَرَكْوَةً أَوْ قَدَحًا مَا يَسَعُ إِلَّا نِصْفَ الْمُدِّ وَنَحْوَهُ وَإِنِّي لَأَتَوَضَّأُ مِنْهُ وَرُبَّمَا فَضَلَ (مِنْهُ) فَضْلٌ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ لِسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فَقَالَ (لِي) سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَأَنَا يَكْفِينِي مِثْلُ ذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي عبيدة (بن

مُحَمَّدِ) بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ هَكَذَا سَمِعْنَا عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْأَثْرَمُ وَحَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَأُتِيَ بِقَدْرِ نِصْفِ مُدٍّ وَزِيَادَةِ قَلِيلٍ فَتَوَضَّأَ بِهِ قَالَ وَسَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ أيجزىء فِي الْوُضُوءِ مُدٌّ قَالَ نَعَمْ إِذَا أَحْسَنَ أَنْ يَتَوَضَّأَ (بِهِ) قُلْتُ فَإِنَّ النَّاسَ فِي الأسفار ربما ضاق عليهم الماء أفيجزىء الرَّجُلُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِأَقَلَّ مِنَ الْمُدِّ قَالَ إذا أحسن أن يتوضأ به فإنه يجزيه ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَا يَمْسَحُ إِنَّمَا هُوَ الْغَسْلُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ فَإِنَّمَا هُوَ الْغَسْلُ لَيْسَ هُوَ الْمَسْحُ فَإِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِهِ غَسْلًا فَإِنَّ مُدًّا أَوْ أَقَلَّ أَجْزَأَهُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَلَا يُخَالِفُ (فِي) هَذَا إِلَّا مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ (ذَاتَ لَيْلَةٍ) فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ ثُمَّ صَلَّى مِنَ (اللَّيْلَةِ) الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْكُمْ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي إِسْنَادِهِ وَلَا فِي مَتْنِهِ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ الِاجْتِمَاعُ فِي النَّافِلَةِ وَأَنَّ النَّوَافِلَ إِذَا اجْتُمِعَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى سُنَّتِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَذَانٌ وَلَا إِقَامَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْأَذَانَ فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ لِذُكِرَ وَنُقِلَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنْ لَا أَذَانَ وَلَا إِقَامَةَ فِي النَّافِلَةِ فَأَغْنَى عَنِ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ قِيَامَ رَمَضَانَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا مَرْغُوبٌ فِيهَا وَلَمْ يَسُنَّ مِنْهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذْ

أَحْيَاهَا إِلَّا مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنَ الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهِ إِلَّا خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ على أمته وكان بالمؤمنين رؤفا رَحِيمًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا عَلِمَ ذَلِكَ عُمَرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِمَ أَنَّ الْفَرَائِضَ لَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَقَامَهَا لِلنَّاسِ وَأَحْيَاهَا وَأَمَرَ بِهَا وَذَلِكَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَذَلِكَ شَيْءٌ ادَّخَرَهُ اللَّهُ لَهُ وَفَضَّلَهُ بِهِ وَلَمْ يُلْهِمْ إِلَيْهِ أَبَا بَكْرٍ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ عُمَرَ وَأَشَدَّ سَبْقًا إِلَى كُلِّ خَيْرٍ بِالْجُمْلَةِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَضَائِلُ خُصَّ بِهَا لَيْسَتْ لِصَاحِبِهِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ وَأَقْوَاهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ وَأَقْضَاهُمْ عَلِيُّ بْنُ أبي طالب وأقرأهم أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَصْلَةً أَفْرَدَهُ بِهَا لَمْ يَلْحَقْهُ فِيهَا صَاحِبُهُ وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَسْتَحْسِنُ مَا فَعَلَ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ وَيُفَضِّلُهُ وَيَقُولُ نُورُ شَهْرِ الصَّوْمِ وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْعَلَّافُ وَعَمْرُو بْنُ أَحْمَدَ بن عمرو

وَأَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ زُغْبَةُ قَالُوا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ الْقَارِي عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ (عَنْ مَالِكٍ) عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ (مِثْلَهُ) عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3)) مِثْلَهُ وَرَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ عَلَيْكُمْ صِيَامَ (شَهْرِ) رَمَضَانَ وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ (وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ (5)) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَمْ يَذْكُرْهُ إِلَّا أَبُو قِلَابَةَ عَنْ

بِشْرِ بْنِ عُمَرَ وَكَذَلِكَ (قَوْلُهُ) وَمَنْ قَامَ ليلة القدر إيمانا واحتسابا غير محفوظ لمالك عَنِ الزُّهْرِيِّ - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو قِلَابَةَ ثِقَةٌ وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ ثِقَةٌ وَالْحَدِيثُ غَرِيبٌ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قِيَامَ رَمَضَانَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا النَّاسُ فِي رَمَضَانَ يُصَلُّونَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ فَقِيلَ هَؤُلَاءِ نَاسٌ لَيْسَ مَعَهُمْ قُرْآنٌ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يُصَلِّي بِهِمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابُوا وَنِعْمَ مَا صَنَعُوا فَقَدْ أَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَمَا أَقَرَّ عَلَيْهِ فَقَدْ رَضِيَهُ وَذَلِكَ سُنَّةٌ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ عَائِشَةَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَدَعُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَا جَمِيعًا حدثنا

مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نَفِيرٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ صُمْنَا يَعْنِي رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا يَعْنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ قَالَ فَقَالَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ جَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ قَالَ قُلْتُ وَمَا الْفَلَاحُ قَالَ السُّحُورُ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا بَقِيَّةَ الشَّهْرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا زيد

ابن حُبَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ عَلَى مِنْبَرِ حِمْصَ يَقُولُ قُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ لَا نُدْرِكَ الْفَلَاحَ وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ السُّحُورَ فَهَذِهِ الْآثَارُ فِي مَعْنَى حَدِيثُ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيهَا تَفْسِيرٌ لَهُ وَعِبَارَةٌ عَنْ مَعْنَى اللَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ وَاللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ المذكرات فِيهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عَدَدِ قِيَامِ رَمَضَانَ فَقَالَ مَالِكٌ تِسْعُ وَثَلَاثُونَ بِالْوِتْرِ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ وَالْوِتْرُ ثَلَاثٌ وَزَعَمَ أَنَّهُ الْأَمْرُ الْقَدِيمُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَدَاوُدُ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ عِشْرُونَ رَكْعَةً سِوَى الْوِتْرِ لَا يُقَامُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا اسْتِحْبَابًا وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ وَغَيْرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَمَعَ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَلَى تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَلَى إحدى

وعشرين ركعة يقرؤون بِالْمِئِينَ وَيَنْصَرِفُونَ فِي فُرُوعِ الْفَجْرِ رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً قَالَ وَكَانَ القارىء يَقْرَأُ بِالْمِئِينَ حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ عَلَى الْعِصِيِّ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَّا فِي فُرُوعِ الْفَجْرِ هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَغَيْرُهُ يَقُولُ فِيهِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَقَدْ رَوَى الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كُنَّا نَنْصَرِفُ مِنَ الْقِيَامِ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ (بْنِ الْخَطَّابِ) وَقَدْ دَنَا فَرُوعُ الْفَجْرِ وَكَانَ الْقِيَامُ عَلَى عَهْدِهِ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ لِلْوِتْرِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى أَنَّ يَزِيدَ بْنَ خُصَيْفَةَ أَخْبَرَهُمْ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُمَرَ قَالَ جَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ

فكان أبي (بن كعب) يوتر بثلاث رَكَعَاتٍ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ قال كان أبي بن كعب يوتر بثلاث لَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي الثَّالِثَةِ مِثْلَ الْمَغْرِبِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحْكَامَ الْوِتْرِ فِي بَابِ نَافِعٍ وما للعلماء فيه من المذاهب مُمَهَّدًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (فِي رَمَضَانَ) بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً (وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَالْوِتْرَ إِلَّا أَنَّهُ حَدِيثٌ يَدُورُ عَلَى أَبِي شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُثْمَانَ جَدِّ بَنِي أَبِي شَيْبَةَ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم كان يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَالْوِتْرَ (4)) وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِهِمْ فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَهَذَا أَيْضًا سِوَى الْوِتْرِ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْأَفْضَلِ مِنَ الْقِيَامِ مَعَ النَّاسِ أَوِ الِانْفِرَادِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ فِي بَيْتِهِ (فِي رَمَضَانَ)

أَفْضَلُ قَالَ مَالِكٌ وَكَانَ رَبِيعَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا يَنْصَرِفُونَ وَلَا يَقُومُونَ مَعَ النَّاسِ قَالَ مَالِكٌ وَأَنَا أَفْعَلُ ذَلِكَ وَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا فِي بَيْتِهِ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ أَيُّهَا النَّاسُ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) وَلَا سِيَّمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِهِ عَلَى مَا كَانَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الْفَضْلِ وَحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ هَذَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ (بْنِ إِبْرَاهِيمَ (3)) الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي النَّضِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسَالِمٍ وَالْقَاسِمِ وَإِبْرَاهِيمَ وَنَافِعٍ أَنَّهُمْ كَانُوا

يَنْصَرِفُونَ وَلَا يَقُومُونَ مَعَ النَّاسِ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَوْ أَنَّ النَّاسَ قَامُوا فِي رَمَضَانَ لِأَنْفُسِهِمْ وَلِأَهْلِيهِمْ (كُلِّهِمْ) حَتَّى يُتْرَكَ الْمَسْجِدُ لَا يَقُومُ فِيهِ أَحَدٌ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ بُيُوتِهِمْ إِلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى يَقُومُوا فِيهِ لِأَنَّ قِيَامَ النَّاسِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ وَهُوَ مِمَّا بَيَّنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلْمُسْلِمِينَ وَجَمَعَهُمْ عَلَيْهِ قَالَ اللَّيْثُ فَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْجَمَاعَةُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ فِي بَيْتِهِ وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ اللَّيْثِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ بَعْدِي وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ عُمَرَ مِنْهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فَمِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ وَبَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ وَمِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ كُلُّهُمْ قَالُوا الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ أَحَبُّ إِلَيْنَا وَأَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُصَلِّي مَعَ

النَّاسِ التَّرَاوِيحَ كُلَّهَا يَعْنِي الْأَشْفَاعَ إِلَى آخِرِهَا وَيُوتِرُ مَعَهُمْ وَيَحْتَجُّ بِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ كَانَ جَابِرٌ وَعَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ يُصَلُّونَهَا فِي جَمَاعَةٍ قَالَ الْأَثْرَمُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ لَأَنْ أُصَلِّيَ مَعَ إِمَامٍ يَقْرَأُ بهل أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَقْرَأَ مِائَةَ آيَةٍ فِي صَلَاتِي وَحْدِي - قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عِنْدِي لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ قَالَ الْأَثْرَمُ وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنِ الصَّلَاةِ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ فَكَرِهَهَا فَذَكَرَ لَهُ فِي ذَلِكَ رُخْصَةً عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ فَقَالَ هَذَا بَاطِلٌ وَإِنَّمَا فِيهِ رُخْصَةٌ عَنِ الْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمَ قَالَ أَحْمَدُ وَفِيهِ عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ كَرَاهِيَتُهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ قَالَ (أَبُو بَكْرٍ) الْأَثْرَمُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُبَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ أَبْصَرَ قَوْمًا يُصَلُّونَ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ فَقَالَ مَا هَذِهِ

الصَّلَاةُ أَتُصَلِّي وَإِمَامُكَ قَاعِدٌ بَيْنَ يَدَيْكَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ رَغِبَ عَنَّا وَقَالَ مِنْ قِلَّةِ فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يَرَى أَنَّهُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ فِي صَلَاةٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَذَكَرَ سَائِرَ كَلَامِ أَحْمَدَ وَكُلُّ مَا فِي كِتَابِي هَذَا عَنِ الْأَثْرَمِ عَنْ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ فَبِهَذَا الْإِسْنَادِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صُبَيْحٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زِيَادٍ قَالَ مَرَّ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمَسَاجِدِ وَفِيهَا الْقَنَادِيلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ نَوَّرَ اللَّهُ عَلَى عُمَرَ قَبْرَهُ كَمَا نَوَّرَ عَلَيْنَا مَسَاجِدَنَا وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قِيَامُ رَمَضَانَ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلنَّاسِ تَعْطِيلُ الْمَسَاجِدِ عَنْ قِيَامِ رَمَضَانَ فَمَنْ فَعَلَهُ كَانَ أَفْضَلَ مِمَّنِ انْفَرَدَ كَسَائِرِ الْفُرُوضِ الَّتِي هِيَ عَلَى الْكِفَايَةِ قَالَ وَكُلُّ مَنِ اخْتَارَ التَّفَرُّدَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يُقْطَعَ مَعَهُ الْقِيَامُ فِي الْمَسَاجِدِ فَأَمَّا التَّفَرُّدُ الَّذِي يُقْطَعُ مَعَهُ الْقِيَامُ فِي المساجد فلا

- قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقِيَامُ فِي رَمَضَانَ تَطَوُّعٌ وَكَذَلِكَ قِيَامُ اللَّيْلِ كُلِّهِ وَقَدْ خَشِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَى أُمَّتِهِ فَمَنْ أَوْجَبَهُ فَرْضًا أَوْقَعَ مَا خَشِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَافَهُ وَكَرِهَهُ عَلَى أُمَّتِهِ وَإِذَا صَحَّ أَنَّهُ تطوع فقد علمنا (بالسنة الثابت) أَنَّ التَّطَوُّعَ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ إِلَّا أَنَّ قِيَامَ رَمَضَانَ (لَا بُدَّ أَنْ يُقَامَ) اتِّبَاعًا لِعُمَرَ وَاسْتِدْلَالًا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَإِذَا قَامَتِ الصَّلَاةُ فِي الْمَسَاجِدِ فَالْأَفْضَلُ عِنْدِي حِينَئِذٍ حَيْثُ تُصْلِحُ لِلْمُصَلِّي نِيَّتَهُ وَخُشُوعَهُ وَإِخْبَاتَهُ وَتَدَبُّرَ مَا يَتْلُوهُ فِي صِلَاتِهِ فَحَيْثُ كَانَ ذَلِكَ مَعَ قِيَامِ سُنَّةِ عُمَرَ فَهُوَ أَفْضَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وبالله التوفيق

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ إِلَى هَاهُنَا انْتَهَتْ رِوَايَةُ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَتَابَعَهُ الْقَعْنَبِيُّ وَجَمَاعَةُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ وَأَمَّا أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ فَرَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا فَجَعَلُوا الِاضْطِجَاعَ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ لَا بَعْدَ الْوِتْرِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فِي الْإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَكُلُّهُمْ ذَكَرَ اضْطِجَاعَهُ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَزَعَمَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُ أَنَّ مَا ذَكَرُوا مِنْ ذَلِكَ هُوَ الصَّوَابُ دُونَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يُدْفَعُ مَا قَالَهُ (مَالِكٌ) مِنْ ذَلِكَ لِمَوْضِعِهِ مِنَ الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ وَثُبُوتِهِ فِي ابن شهاب (وعلمه بحديثه) وقد وجدنا (معنى) ما قاله ملك فِي هَذَا الْحَدِيثِ (مَنْصُوصًا) فِي حَدِيثِهِ عَنِ

مخرمة بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حِينَ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ خَالَتَهُ قَالَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثم رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً قال ثم أوتر ثم اضجطع حَتَّى أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ اضْطِجَاعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَعْدَ الْوِتْرِ وَقَبْلَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ عَلَى مَا ذَكَرَ مَالِكٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ (هَذَا) فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً فَإِذَا انْفَجَرَ الصُّبْحُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَالَ هَكَذَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَعَقِيلٌ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ لَمْ يَقُولُوا (فِي حَدِيثِهِمْ) يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَلَا ذَكَرُوا يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ قَالَ وَذَكَرَ فِيهِ يُونُسُ الْأَيْلِيُّ وَابْنُ

أَبِي ذِئْبٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ وَذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي فيما بين أن يفرغ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ يَنْصَدِعَ الْفَجْرُ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ اثْنَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ وَيَمْكُثُ فِي سُجُودِهِ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ بِالْأَوَّلِ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عَقِيلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

يُصَلِّي إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً فِيمَا بَيْنَ أَنْ يفرغ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ بِاللَّيْلِ سِوَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَيَسْجُدُ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ بِالْأَوَّلِ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ وَوَاظَبَ عَلَيْهِ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى مُدَاوَمَتِهِ عَلَى ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ مَحْفُوظٌ يُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ فِيهِ وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَقُومُ حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالَ أَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا وَالْوِتْرُ سُنَّةٌ وَهُوَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ لِأَنَّهُ بِهَا سُمِّيَ وِتْرًا وَإِنَّمَا هُوَ وِتْرٌ لَهَا وَقَدْ أَوْجَبَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْفِقْهِ فَرْضًا وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْخَمْسِ إِلَّا أَنْ يَطَّوَعَ مَا يَرُدُّ قَوْلَهُ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ بِحُجَّتِهِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَوْجَبَ بَعْضُ التَّابِعِينَ قِيَامَ اللَّيْلِ فَرْضًا وَلَوْ كَقَدْرِ حَلْبِ شَاةٍ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ

مَتْرُوكٌ لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ (عَلَى) أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ مَنْسُوخٌ عَنِ النَّاسِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلِمَ أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْفَرَائِضُ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِتَقْدِيرٍ وَتَحْصِيلٍ وَلِلْكَلَامِ فِي ذَلِكَ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَأَمَّا الْإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَمَحْمَلُهَا عِنْدَنَا أَنَّهَا كَانَتْ مثنى مثنى حاشى رَكْعَةِ الْوِتْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَأَنَّ ذَلِكَ قَدْ ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْهُمُ الْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَهَذَا مَوْضِعٌ فِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ وَسَنَذْكُرُ مَا قَالُوهُ فِيهِ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَيَأْتِي مِنْهُ ذِكْرٌ فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ بِاللَّيْلِ إِذَا رَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَزَعَمُوا أَنَّ الِاضْطِجَاعَ سُنَّةً فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كان إِذَا رَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ هَكَذَا قَالَ كُلُّ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فَإِنَّهُ جَعَلَ الِاضْطِجَاعَ (فِي هَذَا الْحَدِيثِ (4)) بَعْدَ الْوِتْرِ وَاحْتَجَّ أَيْضًا مَنْ ذَهَبَ إِلَى الِاضْطِجَاعِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مَعَ مَا ذَكَرْنَا بِحَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى يَمِينِهِ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ سَوَاءً وَأَبَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَلِكَ وَقَالُوا لَيْسَ الِاضْطِجَاعُ بِسُنَّةٍ وَإِنَّمَا كَانَ (ذَلِكَ) رَاحَةً لِطُولِ قِيَامِهِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَإِنْ كُنْتُ نَائِمَةً اضْطَجَعَ وَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي (وَفِي لَفْظِ بَعْضِ النَّاقِلِينَ لِهَذَا الْحَدِيثِ إِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي) وَإِلَّا اضْطَجَعَ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالضَّجْعَةِ بَيْنَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ إِنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ الأثرم سمعت أحمد بن حنبل يسئل عَنِ الِاضْطِجَاعِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَقَالَ مَا أَفْعَلُهُ أَنَا فَإِنْ فَعَلَهُ رَجُلٌ ثُمَّ سَكَتَ كَأَنَّهُ لَمْ يَعِبْهُ إِنْ فَعَلَهُ قِيلَ لَهُ لِمَ لَمْ تَأْخُذْ بِهِ فَقَالَ لَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ يَثْبُتُ قُلْتُ لَهُ حَدِيثُ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ مُرْسَلًا وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ مِنْ وُجُوهٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَنْكَرَهُ وَقَالَ إِنَّهَا بِدْعَةٌ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ

وفي هذا الحديث أيضا من الفقه في غير رِوَايَةُ مَالِكٍ مِمَّا رَوَاهُ أَصْحَابُ ابْنُ شِهَابٍ عَنْهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنِ اتِّخَاذِ مُؤَذِّنٍ رَاتِبٍ لِلْأَذَانِ وَفِيهِ إِشْعَارُ الْمُؤَذِّنِ لِلْإِمَامِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَإِعْلَامُهُ بِذَلِكَ وَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمُؤَذِّنِينَ ارْتِقَابُ الْأَوْقَاتِ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ لَا يُجِيزُ الْأَذَانَ لِلصُّبْحِ قَبْلَ الْفَجْرِ بِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ فِيهِ فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَالُوا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ فِي حِينِ يَجُوزُ فِيهِ رُكُوعُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ لِقَوْلِهِ الْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ وَهَذَا التَّأْوِيلُ قَدْ عَارَضَهُ نَصُّ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ أَنَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ خَفِيفَتَانِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَتْرُكُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَأَنَّهُ كَانَ يُوَاظِبُ عَلَيْهِمَا كَمَا يُوَاظِبُ عَلَى الْوِتْرِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَوْكَدِ مِنْهُمَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ الْوِتْرُ أَوْكَدُ وَكِلَاهُمَا سُنَّةٌ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ (رَكْعَتَا الْفَجْرِ) لَيْسَتَا بِسُنَّةٍ (وَهُمَا مِنَ الرَّغَائِبِ (3)) وَالْوِتْرُ سُنَّةٌ مؤكدة

وَقَالَ آخَرُونَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ (كَالْوِتْرِ وَقَالَ آخَرُونَ هُمَا أَوْكَدُ مِنَ الْوِتْرِ لِأَنَّ) الْوِتْرَ لَيْسَ بِسُنَّةٍ إِلَّا عَلَى أَهْلِ الْقُرْآنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الطَّوَائِفِ حُجَّةٌ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ سَنَذْكُرُهَا فِي أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِهَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَفَاتَتَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ فَأَعْتَقَ رَقَبَةً وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ أَوْكَدُ مِنَ الْوِتْرِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَاهُمَا (حِينَ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي سَفَرِهِ كَمَا قَضَى الْفَرِيضَةَ وَأَنَّ الْوِتْرَ لَا يُقْضَى بعد صلاة الصبح) وأنه لا يقضي شيى مِنَ (السُّنَنِ) وَالنَّوَافِلِ غَيْرَهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ قَالَتْ فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَنَا أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا هَكَذَا فِي رِوَايَتِنَا لِيَحْيَى وَأَمْسَحُ عَلَيْهِ وَتَابَعَهُ قُتَيْبَةُ وَغَيْرُهُمَا يَقُولُ فِيهِ وَأَمْسَحُ عَنْهُ وَفِيهِ إِثْبَاتُ الرُّقَى وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَهُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَفِيهِ الرُّقَى بِالْقُرْآنِ وَفِي مَعْنَاهُ كُلُّ ذِكْرٍ لِلَّهِ جَائِزٌ الرُّقْيَةُ بِهِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ النَّفْثِ فِي الرُّقَى وَالتَّبَرُّكِ بِهِ وَالنَّفْثُ شِبْهُ الْبَصْقِ وَلَا يُلْقِي النَّافِثُ شَيْئًا (مِنَ الْبُصَاقِ) وَقِيلَ كَمَا يَنْفُثُ آكِلُ الزَّبِيبِ وَفِيهِ الْمَسْحُ بِالْيَدِ عِنْدَ الرُّقْيَةِ وَفِي مَعْنَاهُ الْمَسْحُ بِالْيَدِ عَلَى كُلِّ مَا تُرْجَى بَرَكَتُهُ وَشِفَاؤُهُ وَخَيْرُهُ مِثْلَ الْمَسْحِ عَلَى رَأْسِ الْيَتِيمِ وَشِبْهِهِ وَفِيهِ التَّبَرُّكُ بِإِيمَانِ الصَّالِحِينَ قِيَاسًا عَلَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ بِيَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ التَّبَرُّكُ بِالْيُمْنَى دُونَ الشِّمَالِ وَتَفْضِيلُهَا عَلَيْهَا وَفِي ذَلِكَ مَعْنَى الْفَأْلِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْأَلْفَاظِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُطْرُبُلِيُّ بِمَكَّةَ

حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبُو الْحَسَنِ الْحَدَّادُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّوِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى قَرَأَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَتَفَلَ أَوْ قَالَ نَفَثَ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ النَّصِيبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ هَارُونَ الْأَنْمَاطِيُّ بِمَكَّةَ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ (بْنُ عَلَّانَ وَأَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ مُسَدَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ) بْنُ فَارِسِ (بْنِ (2) طَرْخَانَ وَثَوَّابَةُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَوَّابَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى (قَالَ) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ (قَالَ) حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّسْتُرِيُّ قَالَا أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ أَنْبَأَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَكَى قَرَأَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْوَزِيرِ

حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْقِي نَفْسَهُ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَيَنْفُثُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ (قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ (1)) قَالَ أَنْبَأَنَا مَالِكٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَاتَهُ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا كَانَ يقرأ على نفسه بقل أعوذ برب الفلق وقل أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ وَيَمْسَحُ بِيَدِهِ عَلَى جَسَدِهِ فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ بِهِمَا وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَةِ يَدِهِ وَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْحَرَّانِيُّ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ (بْنُ أَنَسٍ) عَنِ ابْنِ شهاب عن عروة (ابن الزُّبَيْرِ (4)) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى قَرَأَ عَلَى نفسه بقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ فَزَادَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ ذِكْرَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِمَعْنَى (رِوَايَةِ يَحْيَى (5)) بِالْمُعَوِّذَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ

سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا مَرِضَ يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ مَالِكٍ فَاخْتَصَرَهُ وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَخْتَصِرُ الْأَحَادِيثَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْفُثُ فِي الرُّقْيَةِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ (وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَا) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا يُوسُفُ (بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ يُوسُفَ) الْمَيَانَجِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَاهَوَيْهِ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْفُثُ (وَكَذَلِكَ رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا بِلَفْظِ وَكِيعٍ سَوَاءً أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْفُثُ فِي الرُّقْيَةِ) ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عِيسَى عَنْ زَيْدٍ (حَدَّثَنَاهُ خَلَفٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْخَضِرِ عَنْهُ) وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ بُكَيْرٍ وَالْقَعْنَبِيِّ وَقُتَيْبَةَ وَالتِّنِّيسِيِّ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَبِي الْمُصْعَبِ وَسَائِرِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فَأَلْفَاظُهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِثْلُ لَفْظِ يَحْيَى سَوَاءٌ إِلَى آخِرِهِ (- قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجَازَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ النَّفْثَ عِنْدَ الرُّقَى أَخْذًا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَكَرِهَتْهُ طَائِفَةٌ فِيهِمُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ رَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ النَّفْثَ وَلَا يَرَى بِالنَّفْخِ بَأْسًا وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِذَا دَعَوْتَ بِمَا فِي الْقُرْآنِ فَلَا تَنْفُثُ وَهَذَا شَيْءٌ لَا يُجِبِ الِالْتِفَاتُ إِلَيْهِ إِلَّا أَنَّ مَنْ جَهِلَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَسْمَعْ بِهِ وَسَبَقَ إِلَيْهِ مِنَ الْأُصُولِ مَا نَزَعَ بِهِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ مَعَ السُّنَّةِ إِلَيْهِ وَأَظُنُّ الشُّبْهَةَ الَّتِي لَهَا كَرِهَ النَّفْثَ مَنْ كرهه ظاهر قوله اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَهَذَا نَفْثُ سِحْرٍ وَالسِّحْرُ بَاطِلٌ مُحَرَّمٌ وَمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِيهِ الْخَيْرُ وَالْبَرَكَةُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ (4))

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَدَعُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ (النَّاسُ) فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ أَمَّا قَوْلُهَا (مَا) سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى فَمَعْنَاهُ (مَا) صَلَّى صَلَاةَ الضُّحَى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ مِنَ الْمُصَلِّينَ إِلَّا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ لَا يُوقِعُونَ اسْمَ سُبْحَةٍ إِلَّا عَلَى النَّافِلَةِ دُونَ الْفَرِيضَةِ (لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً أَيْ نَافِلَةً (5)) وَفِي هَذَا (الْحَدِيثِ (6)) مِنَ الْفِقْهِ (معرفة (7))

رَأْفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمَّتِهِ وَرَحِمَتِهُ بِهِمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ (كَمَا) قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رَحِيمٌ وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ مَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ فَهُوَ مِمَّا قُلْتُ لَكَ إِنَّ مِنْ عِلْمِ السُّنَنِ عِلْمًا (خَاصًّا (2)) يُوجَدُ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ دُونَ بَعْضٍ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا وَقَدْ فَاتَهُ مِنَ الْحَدِيثِ مَا أَحْصَاهُ غَيْرُهُ وَالْإِحَاطَةُ مُمْتَنِعَةٌ وَهَذَا مَا لَا يَجْهَلُهُ إِلَّا مَنْ لَا عِنَايَةَ لَهُ بِالْعِلْمِ وَإِنَّمَا حَصَلَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى عِلْمِ ذَلِكَ مُذْ صَارَ الْعِلْمُ فِي الْكُتُبِ لَكِنَّهُمْ بِذَلِكَ دَخَلَتْ حِفْظَهُمْ دَاخِلَةٌ فَلَيْسُوا فِي الْحِفْظِ كَالْمُتَقَدِّمِينَ وَإِنْ كَانَ قَدْ حَصَلَ فِي كُتُبِ الْمُقِلِّ مِنْهُمْ عِلْمُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَاللَّهِ يُنَوِّرُ بِالْعِلْمِ قَلْبَ مَنْ يَشَاءُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آثَارٌ (كَثِيرَةٌ) حِسَانٌ في صلاة الضحى منها حديث أم هانىء وغيرها فحديث أم هانىء مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا غَيْرُ رواية مالك في حديث أم هانىء وَغَيْرِ إِسْنَادِهِ فَقَرَأَتْ عَلَى سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ

قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عكرمة بن خالد عن أم هانىء ابْنَةِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهَا قَالَتْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ فَنَزَلَ بِأَعْلَى مَكَّةَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الصلاة قال صلاة الضحى (فحفظت أم هانىء ما جهلت عائشة) (وأين أم) هانىء فِي الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ مَنْ عَائِشَةَ فَبِالْأَغْلَبِ! مِنَ الْأُمُورِ يُقْضَى وَعَلَيْهِ الْمَدَارُ وَهُوَ الْأَصْلُ وَقَدْ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي صالح عن أم هانىء قَالَتْ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ اغْتَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ صَلَّاهُنَّ بَعْدَ هَذِهِ أم هانىء لَمْ تَعْلَمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّاهُنَّ بَعْدُ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ مَا خَبَّرَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى (صلاة) الضحى غير أم هانىء فَإِنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اغْتَسَلَ فِي بَيْتِهَا وَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ

صَلَّاهُنَّ بَعْدُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ حَفْصٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَأَلْتُ وَحَرِصْتُ عَلَى أَحَدٍ يُحَدِّثُنِي أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي (صَلَاةَ) الضُّحَى فَلَمْ أجد غير أم هانىء (بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ) فَإِنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَأَمَرَ بِمَاءٍ فَوُضِعَ لَهُ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ صَلَّى فِي بَيْتِهَا ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ تقول أم هانىء لَا أَدْرِي أَقِيَامُهُ أَطْوَلُ أَمْ رُكُوعُهُ وَلَا أَدْرِي أَرُكُوعُهُ أَطْوَلُ أَمْ سُجُودُهُ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ مُقَارِبٌ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ سَأَلْتُ عَنْ صَلَاةِ الضُّحَى (فِي إِمَارَةِ عُثْمَانَ) وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متوافرون فلم أحد أَحَدًا أَثْبَتَ لِي صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم

الضحى إلا أم هانىء فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنْ كُنْتُ لَأَمُرُّ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ فَهَذِهِ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِيهِ هُوَ الصَّوَابُ لَا مَا قَالَ عَبْدُ الْكَرِيمِ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا حُجَّةٌ لِعَائِشَةَ فِي قَوْلِهَا مَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الصَّحَابَةِ قَدْ شَرِكَهَا فِي جَهْلِ ذَلِكَ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَكُنْتُ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ كَثِيرًا كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْغَدَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتْ قَامَ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ جَمَاعَةٌ عَنْ سِمَاكٍ وَأَمَّا الْآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ فِي صَلَاةِ الضُّحَى فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ (بْنُ سُفْيَانَ) قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ (بْنُ أَصْبَغَ) قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ

حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ ابْنُ آدَمَ وَعَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْهُ صَدَقَةٌ فِإِمَاطَتُهُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ وَتَسْلِيمُهُ عَلَى مَنْ لَقِيَ صَدَقَةٌ وَأَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيُهُ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَمُجَامَعَتُهُ أَهْلَهُ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدُنَا يَضَعُ شَهْوَتَهُ فَتَكُونُ لَهُ صَدَقَةً قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِ حِلٍّ أَلَمْ يَكُنْ يَأْثَمُ (ثُمَّ) قَالَ وَرَكَعَتَا الضُّحَى يُجْزِيَانِ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ (عَنْ (4)) وَاصِلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَفِيهِ ذِكْرُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ كُلُّ ذَلِكَ صَدَقَةٌ وَقَالَ فَعَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الصالحة ثم قال يجزىء أَحَدَكُمْ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَا الضُّحَى

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنِ عَلِيٍّ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَا أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ أَوْصَانِي حِبِّي بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَبَدًا أَوْصَانِي بِصَلَاةِ الضُّحَى وَبِالْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ وَبِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَوَى أَبُو الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَدَّادِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيُّ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ صَالِحِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عُوَيْمِرُ لَا تَبِتْ إِلَّا عَلَى وِتْرٍ وَصَلِّ رَكْعَتَيِ الضُّحَى مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ تَسْتَكْمِلِ الزَّمَانَ كُلَّهُ أَوْ قَالَ الدَّهْرَ كُلَّهُ وروى أبو

هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَأَنْ لَا أَنَامَ إِلَّا عَلَى وِتْرٍ وَبِرَكْعَتَيِ الضُّحَى وَرُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وُجُوهٍ فَهَذَا أَبُو ذَرٍّ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ قَدْ رَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَوْصَاهُمْ بِرَكْعَتَيِ الضُّحَى أَوْ صَلَاةِ الضُّحَى ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ ثَلَاثٌ لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَلْقَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَبِيتَ عَلَى وِتْرٍ وَأَنْ أَصُومَ (مِنْ) كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَصَلَاةُ الضُّحَى قَالَ وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعًا وَسِتًّا وَثَمَانِيًا وَهَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ يُصَلِّيَانِ الضُّحَى وَيَرْغَبَانِ فِيهَا وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ زَبَّانَ

ابن فَائِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَعَدَ فِي مُصَلَّاهُ حِينَ يَنْصَرِفُ مِنَ الصُّبْحِ حَتَّى يُسَبِّحَ رَكْعَتَيِ الضُّحَى لَا يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا غُفِرَ لَهُ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ وَهَذَا الْإِسْنَادُ عِنْدَهُمْ لَيِّنٌ ضَعِيفٌ (إِلَّا أَنَّ الْفَضَائِلَ يَرْوُونَهَا عَنْ كُلِّ مَنْ رَوَاهَا وَلَا يَرُدُّونَهَا) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ! قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ لَا تُعْجِزْنِي عَنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ قَدْ عَرَفُوا مِنْ صَلَاةِ الضُّحَى مَا جَهِلَهُ غَيْرُهُمْ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بن عثمان وسعيد

ابن حِمْيَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم صلى فِي بَيْتِهِ سُبْحَةَ الضُّحَى فَقَامُوا وَرَاءَهُ فَصَلُّوا وَهَذَا حَدِيثٌ إِنَّمَا حَدَّثَ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ أَوْ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَلَى الْمَعْنَى بِتَأْوِيلٍ تَأَوَّلَهُ وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ عَلَى حَسَبِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَلَى مَا مَضَى فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرَ (صَلَاةِ) الضُّحَى إِنْكَارُ ابْنِ شِهَابٍ لِصَلَاةِ الضُّحَى فَقَدْ كَانَ الزُّهْرِيُّ يُفْتِي بِحَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا وَيَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ الضُّحَى قَطُّ (قَالَ) وَإِنَّمَا كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلُّونَهَا بِالْهَوَاجِرِ أَوْ قَالَ بِالْهَجِيرِ وَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُصَلُّونَ الضُّحَى وَلَا يَعْرِفُونَهَا وَرَوَى الْقَاسِمُ بْنُ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ (زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ إِذَا رَمِضَتِ) الْفِصَالُ وَرَوَى مَطَرٌ الْأَعْنَقُ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا أَنَسُ وَصَلِّ صَلَاةَ الضُّحَى فَإِنَّهَا صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ رَوَاهُ مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَوْفٍ وَقَالَ طَاوُسٌ أَوَّلُ مَنْ صَلَّاهَا الْأَعْرَابُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ مَا صَلَّيْتُ الضُّحَى مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَقَدْ قُتِلَ عُثْمَانُ وَمَا أَحَدٌ يُسَبِّحُهَا وَمَا أَحْدَثَ النَّاسُ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهَا وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِ عَائِشَةَ إِنِّي لَأُسَبِّحُهَا وَقَوْلُهَا لَوْ نُشِرَ لِي أَبَوَايَ مَا تَرَكْتُهَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنِ ابْنِ رُمَيْثَةَ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَصَلَّتْ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مِنَ الضُّحَى فَسَأَلَتْهَا أُمِّي أَخْبِرِينِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ) بِشَيْءٍ (قَالَتْ مَا أَنَا بِمُخْبِرَتِكِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فِيهَا بِشَيْءٍ) وَلَكِنْ لَوْ نُشِرَ لِي أبي على أَدَعَهُنَّ مَا تَرَكَتْهُنَّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِي صَلَاةِ الضُّحَى حَدِيثٌ مُنْكَرٌ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي (صَلَاةَ) الضُّحَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَيَزِيدُ مَا شَاءَ وَهَذَا عِنْدِي غَيْرُ صَحِيحٍ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الباب

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرَيْنِ (قَطُّ) إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةٌ لِلَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ يَنْبَغِي لَهُ تَرْكُ مَا عَسُرَ عَلَيْهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَتَرْكُ الْإِلْحَاحِ فِيهِ إِذَا لَمْ يَضْطَرَّ إِلَيْهِ وَالْمَيْلُ إِلَى الْيُسْرِ أَبَدًا فَإِنَّ الْيُسْرَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ قَالَ تَعَالَى يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَفِي مَعْنَى هَذَا الْأَخْذُ بِرُخَصِ اللَّهِ تَعَالَى وَرُخَصِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَخْذُ بِرُخَصِ الْعُلَمَاءِ مَا لَمْ يَكُنِ الْقَوْلُ خَطَأً بَيِّنًا وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنَ

الْقَوْلِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ فِي حَدِيثِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَفِي بَابِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ رَوَيْنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى الرُّخْصَةِ وَالسَّعَةِ مَا لَمْ يَخَفِ الْمَأْثَمَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ وَأَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ أَنْ تَسْمَعَ بِالرُّخْصَةِ مِنْ ثِقَةٍ فَأَمَّا التَّشْدِيدُ فَيُحَسِّنُهُ كُلُّ وَاحِدٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَلَى الْعَالِمِ أَنْ يَتَجَافَى عَنِ الِانْتِقَامِ لِنَفْسِهِ وَيَعْفُوَ وَيَأْخُذَ بِالْفَضْلِ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَأَسَّى بِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنْ لَمْ يُطِقْ كُلًّا فَبَعْضًا وَكَذَلِكَ السُّلْطَانُ قَالَ اللَّهُ عِزَّ

وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ كَانَ خُلُقُهُ مَا قَالَ اللَّهُ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ وَعَلَى الْعَالَمِ أَنْ يَغْضَبَ عِنْدَ الْمُنْكَرِ وَيُغَيِّرَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِنَفْسِهِ وَفِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ لَا يَقْضِيَ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَحْكُمَ لَهَا وَلَا لِمَنْ فِي وِلَايَتِهِ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا الْحَدِيثُ مما رواه منصور بن المعتمر عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا موسى بن هرون قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منتصرا من ضلامة ظَلَمَهَا قَطُّ إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَإِذَا انْتُهِكَ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ شَيْءٌ كَانَ أَشَدَّهُمْ فِي ذَلِكَ وَمَا خُيِّرَ بين أمرين أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ

عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْتَصِرًا مِنْ مَظْلَمَةٍ قَطُّ مَا لَمْ يُنْتَهَكْ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ شَيْءٌ فَإِذَا انْتُهِكَ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ شَيْءٌ كَانَ أَشَدَّهُمْ فِي ذَلِكَ غَضَبًا وَمَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَصِرُ لِنَفْسِهِ مِنْ مَظْلَمَةٍ ظُلِمَهَا إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ مَحَارِمُ اللَّهِ فَيَكُونَ لِلَّهِ يَنْتَصِرُ وَمَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ إِسْحَاقَ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ (قَطُّ) إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ حَرَامًا فَإِنْ كَانَ حَرَامًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ مِنْ شَيْءٍ يُصَابُ بِهِ إِلَّا أَنْ تُصَابَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ (بِهَا (4))

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَيَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ لَهُنَّ عَائِشَةُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا (فَهُوَ) صَدَقَةٌ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَلْهُ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلُّ أَصْحَابِ مَالِكٍ رَوَوْهُ عَنْهُ كَذَلِكَ إِلَّا إِسْحَاقَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْفَوْرِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّوَابُ عَنْ مَالِكٍ مَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ

عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ فَجَعَلَهُ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِوَايَةِ مَالِكٍ سَوَاءً إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ قَالَتْ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ حَتَّى كُنْتُ أَنَا الَّتِي أَرُدُّهُنَّ عَنْ ذَلِكَ فَقَلْتُ لَهُنَّ أَلَا تَتَّقِينَ اللَّهَ أَلَمْ تَسْمَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ هَذَا (لَفْظُ) يُونُسَ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أرسل وساق الحديث ورواه مع مَعْمَرٌ وَعَبِيدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَقِيلٌ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَدِيثُ لِأَبِي بَكْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ

الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكَنَا صَدَقَةٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَقِيلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي (عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكٍ وَخُمْسِ خَيْبَرَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد فِي هَذَا الْمَالِ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَفِي رِوَايَةِ عَقِيلٍ هَذِهِ أَنَّ فَاطِمَةَ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَيُونُسَ إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فَعَلْنَ ذَلِكَ وَالْقَلْبُ إِلَى رِوَايَةِ مَالِكٍ أَمِيلُ لِأَنَّهُ أَثْبَتُ فِي الزُّهْرِيِّ وَقَدْ تَابَعَهُ يُونُسُ وَإِنْ كَانَ عَقِيلٌ قَدْ جَوَّدَ هَذَا الْحَدِيثَ وَسُؤَالُ فَاطِمَةَ أَبَا بَكْرٍ ذَلِكَ مَشْهُورٌ مَعْلُومٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَكُنَّ كُلُّهُنَّ يَسْأَلْنَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُنَّ عِلْمٌ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فَلَمَّا أَعْلَمَهُنَّ أَبُو بَكْرٍ سَكَتْنَ وَسَلَّمْنَ وَهَذَا مِمَّا أَخْبَرْتُكَ أَنَّ هَذَا مِنْ عِلْمِ الْخَاصَّةِ لَا يُنْكَرُ جَهْلُ مِثْلِهِ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ عَلَى أَحَدٍ أَلَا تَرَيْنَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ (قَدْ جَهِلَ) مِنْ هذا الباب ما علمه حمل ابن مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ رَجُلٌ مِنَ الْأَعْرَابِ مِنْ هذيل في دية الجنين (وَجَهِلَ) مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا

عَلِمَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيُّ فِي مِيرَاثِ الْمَرْأَةِ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا (وَجَهِلَ) مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا عَلِمَهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فِي الِاسْتِئْذَانِ وَمَوْضِعُ عُمَرَ مِنَ الْعِلْمِ الْمَوْضِعُ الَّذِي لَا يَجْهَلُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ لَوْ أَنَّ عِلْمَ أَهْلِ الْأَرْضِ جُعِلَ فِي كِفَّةٍ وَجُعِلَ عِلْمُ عُمَرَ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَ عِلْمُ عُمَرَ وَإِذَا جَازَ مِثْلُ هَذَا عَلَى عُمَرَ فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَجْهَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنَتُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا عَلِمَهُ أَبُو بَكْرٍ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ وَقَدْ عَلِمَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ وَسَيُذْكَرُ بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) وَقَدْ جَهِلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مَا عَلِمَ الْمُغِيرَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مِنْ تَوْرِيثِ الْجَدَّةِ وَجَهِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ مَا عَلِمَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ مِنْ صَدَاقِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يُسَمَّ لَهَا وَقَدْ جَهِلَ الْأَنْصَارُ وَأَبُو مُوسَى

حَدِيثَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَعَلِمَتْهُ عَائِشَةُ وَجَهِلَ ابْنُ عُمَرَ حَدِيثَ الْقُنُوتِ وَعَلِمَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ عَنِ الصَّحَابَةِ يَطُولُ ذِكْرُهُ فَمِثْلُهُ حَدِيثُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ غير نَكِيرٍ أَنْ يَجْهَلْنَهُ وَيَجْهَلَهُ أَيْضًا عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ حَتَّى عَلِمُوهُ عَلَى لِسَانِ مَنْ حَفِظَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرُدُّوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ قَوْلَهُ وَلَا رَدَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ قَوْلَهَا ذَلِكَ وَحِكَايَتُهَا لَهُنَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بل قَبِلُوا ذَلِكَ وَسَلَّمُوهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ مَالِكٍ إِسْنَادٌ آخَرُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ هَكَذَا

حَدَّثَنَاهُ وَقَدْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ الْقَطْرَانِيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوَفِّيَ أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لَهُنَّ عَائِشَةُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَعْمُرَ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ غَزْوَانَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ وَلَمْ يَذْكُرْ مَعْمَرٌ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَجَعَلَ الْحَدِيثَ لِعُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ

رَوَاهُ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ (وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ ثِقَةٌ) حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ النَّحْوِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ أَبُو خَالِدٍ قَالَا حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ وَقَدْ حَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ بْنِ حَيَّوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَعْيَنَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ قَالَ ابْنُ أَعْيَنَ وَهَذَا الْحَدِيثُ كَتَبْتُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَوَهْبُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عبيد أبو عبد الرحمن بن أَخِي جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ (حَدَّثَنِي جُوَيْرِيَةُ (5)) عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ مَالِكَ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ حَدَّثَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَنْ عُمَرَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَإِنْ كَانَ مَعْمَرٌ قَدْ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَجَعَلَهُ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ وَالصَّحِيحُ فِيهِ عِنْدِي عَنْ عُمَرَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ غَيْرِهِمَا مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ هُوَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّوَاسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سليمان الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ اخْتَصَمَ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فِي مِيرَاثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا كُنْتُ لِأُحَوِّلُهُ عَنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَهَذَا الْحَدِيثُ مُخْتَصَرٌ وَتَمَامُهُ كَمَا (3) ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ إسماعيل بن رجاء عن عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) قَالَ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ خَاصَمَ الْعَبَّاسُ عَلِيًّا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فِي أَشْيَاءَ تَرَكَهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أَبُو بَكْرٍ شَيْءٌ تَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحَرِّكْهُ لَا أُحَرِّكُهُ فلما

اسْتُخْلِفَ عُمَرُ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ شَيْءٌ تَرَكَهُ أَبُو بَكْرٍ إِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ أُحَرِّكَهُ فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ قَالَ فَسَكَتَ عُثْمَانُ وَنَكَّسَ رَأْسَهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَخَشِيتُ أَنْ يَأْخُذَهُ فَضَرَبْتُ بِيَدِي عَلَى مَنْكِبَيِ الْعَبَّاسِ وَقُلْتُ يَا أَبَتَاهُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا سَلَّمْتَ لِعَلِيٍّ قَالَ فَسَلَّمَهُ لِعَلِيٍّ) فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ لَوْ سَلَّمَتْ فَاطِمَةُ وَعَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ ذَلِكَ لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ مَا أَتَى عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ فِي ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَتِهِ يَسْأَلَانَهُ ذَلِكَ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُمَا أَتَيَا عُمَرَ يَسْأَلَانِهِ ذَلِكَ (ثُمَّ أَتَيَا عُثْمَانَ بَعْدُ (2)) وَذَلِكَ مَعْلُومٌ قِيلَ لَهُ أَمَّا تَشَاجُرُ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ وَإِقْبَالُهُمَا إِلَى عُمَرَ فَمَشْهُورٌ لَكِنَّهُمَا لَمْ يَسْأَلَا ذَلِكَ مِيرَاثًا وَإِنَّمَا سَأَلَا! ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ لِيَكُونَ بِأَيْدِيهِمَا مِنْهُ مَا كَانَ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ حَيَاتِهِ لِيَعْمَلَا فِي ذَلِكَ بِالَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ مِنْهُ قُوتَ عَامِهِ ثُمَّ يَجْعَلُ مَا فَضَلَ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَكَذَلِكَ صَنَعَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَرَادَا عُمَرَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ يَسُوغُ فِيهِ الِاخْتِلَافُ وَأَمَّا الْمِيرَاثُ وَالتَّمْلِيكُ فَلَا يَقُولُهُ أَحَدٌ إِلَّا الرَّوَافِضُ وَأَمَّا عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يُورَثُ وَمَا تَرَكَهُ صَدَقَةٌ وَالْآخَرُ أَنَّ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُورَثْ لِأَنَّهُ خَصَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَنْ جَعَلَ مَالَهُ كُلَّهُ صَدَقَةً زِيَادَةً فِي فَضِيلَتِهِ كَمَا خَصَّهُ فِي النِّكَاحِ بِأَشْيَاءَ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ

وَأَبَاحَهَا لِغَيْرِهِ وَأَشْيَاءَ أَبَاحَهَا لَهُ وَحَرَّمَهَا عَلَى غَيْرِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْهُمُ ابْنُ عُلَيَّةَ وَسَائِرُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا الرَّوَافِضُ فَلَيْسَ قَوْلُهُمْ مِمَّا يُشْتَغَلُ بِهِ وَلَا يُحْكَى مِثْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الطَّعْنِ عَلَى السَّلَفِ وَالْمُخَالَفَةِ لِسَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا مِنْ قِصَّةِ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ فِي ذَلِكَ مَعَ عُمَرَ فَمَحْفُوظٌ فِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِ الثِّقَاتِ مِنْهَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ حَدَّثَنِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَعَدَّ سِتَّةً أَبُو سَبْعَةٍ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمْ كَانُوا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَوْمًا فَجَاءَ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَقَدِ ارْتَفَعَتْ أصواتهما

يَكَادُ أَنْ يَتَلَاحَيَانِ فَقَالَ مَهْ مَهْ لَا تَفْعَلَا قَدْ عَلِمْتُ مَا تَقُولُ يَا عَبَّاسُ تَقُولُ ابْنُ أَخِي وَلِي شَطْرُ الْمَالِ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا تَقُولُ يَا عَلِيُّ تَقُولُ ابْنَتُهُ امْرَأَتِي وَلَهَا شَطْرُ الْمَالِ وَهَذَا مَا كَانَ فِي يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَأَيْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ وَقَالَ عُمَرُ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ وَأَحْلِفُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَالَ لَا يَمُوتُ نَبِيٌّ حَتَّى يَؤُمَّهُ بَعْضُ أُمَّتِهِ وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ وَأَحْلِفُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ (3)) أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُورَثُ إِنَّمَا مِيرَاثُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ هَذَا مَا كَانَ فِي يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَأَيْنَا كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ فَوَلِيَهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ كَانَ يَعْمَلُ فِيهِ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَلِيتُهُ بَعْدَهُ وَأَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ جَهَدْتُ أَنْ أَعْمَلَ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ وَمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ شِئْتُمَا وَطَابَتْ نَفْسُ أَحَدِكُمَا لِلْآخَرِ دَفَعْتُهُ إِلَيْهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَنِي لِيَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال فخلوا أخذ عَلِيٌّ بِيَدِ الْعَبَّاسِ فَخَلَا بِهِ فَجَاءَ عَبَّاسٌ فَقَالَ قَدْ طَابَتْ نَفْسِي لِابْنِ أَخِي فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ الْحَوْلُ جَاءَا عَلَى مِثْلِ حَالِهِمَا الْأُخْرَى مُرْتَفِعَةٌ أَصْوَاتُهُمَا فَقَالَ عُمَرُ إِنَّكُمَا أَتَيْتُمَانِي عَامَ أَوَّلَ فَقُلْتُمَا

كَذَا وَكَذَا وَعَدَّدَ عَلَيْهِمَا كُلَّ شَيْءٍ قَالَهُ لَهُمَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَأَمَرْتُكُمَا أَنْ تَطِيبَ نَفْسُ أَحَدِكُمَا لِلْآخَرِ فَأَدْفَعُهُ إِلَيْهِ فَخَلَوْتُمَا فَأَتَيْتَنِي يَا عَبَّاسُ قَدْ طَابَتْ نَفْسُكَ لِعَلِيٍّ فَجِئْتُمَا إِلَيَّ الْآنَ وَأَدْرَكَ مَا أَدْرَكَ النَّاسُ فَجِئْتُمَا إِلَيَّ لِتَرُدَّاهُ إِلَيَّ فَلَا وَاللَّهِ أَجْعَلُهُ فِي عُنُقِي حَتَّى أَجْتَمِعَ أَنَا وَأَنْتُمَا عِنْدَ اللَّهِ (وَهَذَا خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (2)) فَقَدْ بَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمَعْنَى الْمَطْلُوبِ أَنَّهَا وِلَايَةُ ذَلِكَ الْمَالِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَا مِيرَاثَ وَلَا مِلْكَ وَالْآثَارُ بِمِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَوَهْبُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ أَرْسَلَ إلي عمر بعدما تَعَالَى النَّهَارُ قَالَ فَذَهَبْتُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى سَرِيرٍ مُفْضٍ إِلَى رِمَالِهِ قَالَ فَقَالَ لِي حِينَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ يَا مَالِكُ إِنَّهُ قَدْ دَفَّ عَلَيَّ نَاسٌ مِنْ قَوْمِكَ وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخِ فَخْذِهِ فَاقْسِمْهُ فِيهِمْ قُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ أَمَرْتَ غَيْرِي بِذَلِكَ قَالَ

فَقَالَ خُذْهُ فَجَاءَ يَرْفَأُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ المؤنين هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعْدٍ والزبير قال نعم ايذن لَهُمْ (قَالَ فَأَذِنَ لَهُمْ) فَدَخَلُوا عَلَيْهِ ثُمَّ جَاءَ يَرْفَأُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ قَالَ نَعَمْ فَأَذِنَ لَهُمَا فَدَخَلَا عَلَيْهِ قَالَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا يَعْنِي عَلِّيًا قَالَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَجَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَاقْضِ بَيْنَهُمَا وَارْحَمْهُمَا قَالَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّهُمَا قَدَّمَا أُولَئِكَ النَّفَرَ لِذَلِكَ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ إِيهٍ قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَى أُولَئِكَ الرَّهْطِ فَقَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ قَالُوا نَعَمْ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ هَلْ تَعْلَمَانِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ قَالَا نَعَمْ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَصَّ رَسُولَهُ بِخَاصِّيَّةٍ لَمْ يَخُصَّ بِهَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ فَقَالَ وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ

الْآيَةَ وَكَانَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ بَنُو النَّضِيرِ فَوَاللَّهِ مَا اسْتَأْثَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَلَيْكُمْ) وَلَا أَخَذَهَا دُونَكُمْ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ مِنْهَا نَفَقَتَهُ سَنَةً أَوْ نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ أَهْلِهِ سَنَةً وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ أُسْوَةَ الْمَالِ فَقَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أُولَئِكَ الرَّهْطِ فَقَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي (بِإِذْنِهِ) تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ قَالُوا نَعَمْ (قَالَ) ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ قَالَا نَعَمْ (قَالَ) فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجِئْتُ أَنْتَ وَهَذَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَطْلُبُ (أَنْتَ) مِيرَاثَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ وَيَطْلُبُ هَذَا مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فَقَالَ (لَهُ) أَبُو بَكْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا (فَهُوَ) صَدَقَةٌ فَوَلِيَهَا أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَلِيُّ أَبِي بَكْرٍ فَوَلِيتُهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَلِيَهَا ثُمَّ جِئْتَ أَنْتَ وَهَذَا جَمِيعًا وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ فَسَأَلْتُمَانِيهَا فَقُلْتُ إِنْ شِئْتُمَا أَدْفَعُهَا لَكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ أَنْ تَلِيَاهَا بِالَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلِيهَا بِهِ فَأَخَذْتُمَاهَا مِنِّي عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ جِئْتُمَانِي لِأَقْضِيَ بَيْنَكُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ وَاللَّهِ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَرُدَّاهَا إِلَيَّ ورواه بشر

ابن عُمَرَ عَنْ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ مِثْلَهُ بِتَمَامِهِ إِلَى آخِرِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتَطْلُبُ أَنْتَ مِيرَاثَ امْرَأَتِكَ مِنْ أَبِيهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ فَرَأَيْتُمَاهُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ فَوَلِيَهَا أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ وَوَلِيُّ أَبِي بَكْرٍ فَرَأَيْتُمَانِي وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ فَوَلِيتُهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَلِيَهَا وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ ذَكَرُهُ ابْنُ الْجَارُورِدِ! عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى وَأَبِي أُمَيَّةَ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ وَحَدَّثَنَا وَهْبٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَقَالَ قَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخِ فَخْذِهِ وَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ وَقَالَ فِيهِ (فَقَالَ) أَبُو بَكْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا

نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ ثُمَّ ذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ إِلَى آخِرِهِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الَّذِي تَنَازَعَا فِيهِ عِنْدَ عُمَرَ لَيْسَ هُوَ الْمِيرَاثُ لِأَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُورَثُ وَإِنَّمَا تَنَازَعَا فِي وِلَايَةِ الصَّدَقَةِ وَتَصْرِيفِهَا لِأَنَّ الْمِيرَاثَ قَدْ (كَانَ) انْقَطَعَ الْعِلْمُ بِهِ فِي حَيَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَأَمَّا تَسْلِيمُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ أَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أبي بكر فقالت مالك يَا خَلِيفَةَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتِ وَرِثْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ أَهْلُهُ قَالَ لَا بَلْ أَهْلُهُ قَالَتْ فَمَا بَالُ سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إُنَّ اللَّهَ إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً ثُمَّ قَبَضَهُ جَعَلَهُ لِلَّذِي يَقُومُ بَعْدَهُ أَنَا أَرُدُّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقَالَتْ أَنْتَ وَمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَجَدْتُ فِي (أَصْلِ) سَمَاعِ أَبِي بِخَطِّهِ رَحِمَهُ

اللَّهُ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمٍ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن سلمة عن الكلبي عن أبي صالح عن أم هانىء أَنَّ فَاطِمَةَ قَالَتْ لِأَبِي بَكْرٍ مَنْ يَرِثُكَ إذا مت قال ولدي وأهلي فقالت مالك تَرِثُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَنَا فَقَالَ يَا بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا وَرِثْتُ أَبَاكِ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً فَقَالَتْ بَلَى سَهْمُ اللَّهِ الَّذِي جَعَلَهُ لَنَا وَصَفَايَا النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَكَ وَغَيْرُهَا بِيَدِكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمْنِيهَا اللَّهُ فَإِذَا مِتُّ كَانَتْ بِيَدِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ لِفَاطِمَةَ بَلْ وَرِثَهُ أَهْلُهُ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ قِيلَ (لَهُ) مَعْنَاهُ عَلَى تَصْحِيحِ الحديثين أنه لو تَخَلَّفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا يُورَثُ (لَوَرِثَهُ أَهْلُهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ بَلْ وَرِثَهُ أَهْلُهُ إِنَّ كَانَ خَلَّفَ شَيْئًا (8)) وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَخَلَّفْ شَيْئًا يُورَثُ لِأَنَّ مَا تَخَلَّفَهُ صَدَقَةٌ رَاجِعَةٌ فِي مَنَافِعِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ وَغَيْرِهَا فَأَيُّ شَيْءٍ يَرِثُ عَنْهُ أَهْلُهُ وَهُوَ لَمْ يُخَلِّفْ شَيْئًا فَإِنْ قِيلَ فَمَا معنى قول

أَبِي بَكْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَطْعَمَ اللَّهُ نَبِيًّا طُعْمَةً ثُمَّ قَبَضَهُ جَعَلَهُ لِلَّذِي يَقُومُ بَعْدَهُ قِيلَ لَهُ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِلَّذِي لَيْسَتْ لَامَ الْمِلْكِ وَإِنَّمَا هِيَ بِمَعْنَى إِلَى كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا أَيْ هَدَانَا إِلَى هَذَا أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا مَعْنَاهُ أَوْحَى إِلَيْهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ جَعَلَهُ إِلَى الَّذِي بَعْدَهُ يَقُومُ فِيهِ بِمَا يَجِبُ عَلَى حسب ما قدمناه ذِكْرَهُ وَالْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ وَلِسَانُ الْعَرَبِ كُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَمَعْمَرٍ جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بَخِيلٍ وَلَا رِكَابٍ وَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ خَاصَّةً فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ وَمَا بَقِيَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ لَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَمَعَ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ

النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَهُ خَاصَّةَ فَدَكٍ فَكَانَ يَأْكُلُ مِنْهَا وَيُنْفِقُ مِنْهَا وَيَعُودُ عَلَى فُقَرَاءِ بَنِي هَاشِمٍ وَيُزَوِّجُ مِنْهَا أَيِّمَهُمْ وَإِنَّ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَأَلَتْهُ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهَا فَأَبَى فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَيَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قُبِضَ ثُمَّ وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَتْ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ يَعْمَلُ فِيهَا كَمَا عَمِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (حَيَاتَهُ) حَتَّى قُبِضَ لِسَبِيلِهِ ثُمَّ وَلِيَ عُمَرُ فَعَمِلَ فِيهَا مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ وَلِيَ عُثْمَانُ فَأَقْطَعَهَا مَرْوَانَ فَجَعَلَ مَرْوَانُ ثُلُثَيْهَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَثُلُثَهَا لِعَبْدِ الْعَزِيزِ فَجَعَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ ثُلُثَيْهِ (ثُلُثًا) لِلْوَلِيدِ وَثُلُثًا لِسُلَيْمَانَ وَجَعَلَ عَبْدُ الْعَزِيزِ ثُلُثَهُ لِي فَلَمَّا وَلِيَ الْوَلِيدُ جَعَلَ ثُلُثَهُ لِي فَلَمْ يَكُنْ لِي مَالٌ أَعْوَدَ عَلَيَّ مِنْهُ وَلَا أَسَدَّ لِحَاجَاتِي ثُمَّ وَلِيتُ أَنَا فَرَأَيْتُ أَنَّ أَمْرًا مَنَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِي بِحَقٍّ وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ رَدَدْتُهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا كان له

خَاصَّةً مِنْ صَفَايَاهُ وَمَا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ بَخِيلٍ وَلَا رِكَابٍ فَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَمَذْهَبُهَا فِي ذَلِكَ مَا قَدْ تَكَرَّرَ (ذِكْرُهُ) فِي كِتَابِنَا هَذَا مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ وَذَلِكَ الْأَخْذُ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ وَفَدَكٍ وَخَيْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ يُسْبَلُ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْبِلُهُ فِي حَيَاتِهِ كَانَ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى عِيَالِهِ وَعَامِلِهِ سَنَةً ثُمَّ يَجْعَلُ بَاقِيَهِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَعَلَى مَذْهَبِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (فِي ذَلِكَ) جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالرَّأْيِ وَأَمَّا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَكَانَ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ لِلْقَائِمِ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ يَصْرِفُهُ فِيمَا رَأَى مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَلِذَلِكَ أَقْطَعَهُ مَرْوَانَ وَفَعَلَ عُثْمَانُ هَذَا وَمَذْهَبُهُ هُوَ قَوْلِ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ كَانَا يَقُولَانِ فِي سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى وَسَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَايَاهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ طُعْمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ حَيًّا فَلَمَّا تُوَفِّي صَارَ لِأُولِي الْأَمْرِ بَعْدَهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ حَدِيثُ أَبِي الطُّفَيْلِ وَمِثْلُهُ إِذَا أَطْعَمَ اللَّهُ نَبِيًّا طُعْمَةً فَقُبِضَ فَهِيَ لِلَّذِي يَلِي الْأَمْرَ بَعْدَهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا تَأْوِيلَ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَذْهَبَ رَاوِيهِ وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَيْفَ يَسُوغُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَظُنَّ بِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْعَ فَاطِمَةَ مِيرَاثَهَا مِنْ أَبِيهَا وَهُوَ يَعْلَمُ بِنَقْلِ الْكَافَّةِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُعْطِي الْأَحْمَرَ وَالْأَسْوَدَ حُقُوقَهُمْ وَلَمْ يَسْتَأْثِرْ مِنْ مَالِ اللَّهِ لِنَفْسِهِ وَلَا

لِبَنِيهِ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ عَشِيرَتِهِ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا أَجْرَاهُ مَجْرَى الصَّدَقَةِ أَلَيْسَ يَسْتَحِيلُ فِي الْعُقُولِ أَنْ يَمْنَعَ فَاطِمَةَ وَيَرُدَّهُ عَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ أَمَرَ بَنِيهِ أَنْ يَرُدُّوا مَا زَادَ فِي مَالِهِ مُنْذُ وَلِيَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ لَنَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا أَكَلْنَا (مِنْ طَعَامِهِمْ) وَلَبِسْنَا عَلَى ظُهُورِنَا مِنْ ثِيَابِهِمْ وَرَوَى أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِعَائِشَةَ لَيْسَ عِنْدَ آلِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ اللُّقْمَةَ وَالْغُلَامُ الصَّيْقَلُ كَانَ يَعْمَلُ سُيُوفَ الْمُسْلِمِينَ وَيَخْدِمُنَا فَإِذَا مِتُّ فَادْفَعِيهِ إِلَى عُمَرَ فَلَمَّا مَاتَ دَفَعْتُهُ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ (رَحِمَهُ اللَّهُ) رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ سَكَنَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي مَسَاكِنِهِنَّ اللَّاتِي تَرَكْنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا إِنْ كُنَّ لَمْ يَرِثْنَهُ وَكَيْفَ لَمْ يَخْرُجْنَ عَنْهَا قِيلَ إِنَّمَا تُرِكْنَ فِي الْمَسَاكِنِ الَّتِي كُنَّ يَسْكُنَّهَا فِي حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ مُؤْنَتِهِنَّ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

اسْتَثْنَاهَا لَهُنَّ كَمَا اسْتَثْنَى لَهُنَّ نَفَقَتَهُنَّ حِينَ قَالَ لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا ما تركت بعد نفقة أهلي ومؤمنة عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ (أَنَّهُ) قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا نُورَثُ وَلَكِنِّي أَعْوُلُ مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُولُ وَأُنْفِقُ عَلَى مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَمَا تَرَكْتُ بَعْدَ نفقة نسائي ومؤمنة عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ هَذَا (الْحَدِيثَ) مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ فَمَسَاكِنُهُنَّ كَانَتْ فِي مَعْنَى نَفَقَاتِهِنَّ فِي أَنَّهَا كَانَتْ مُسْتَثْنَاةً لَهُنَّ بَعْدَ وَفَاتِهِ مِمَّا كَانَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ قَالُوا وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنَّ مَسَاكِنَهُنَّ لَمْ يَرِثْهَا عَنْهُنَّ وَرَثَتُهُنَّ قَالُوا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُنَّ كَانَ لَا شَكَّ قَدْ وَرِثَهُ عَنْهُنَّ وَرَثَتُهُنَّ قَالُوا وَفِي تَرْكِ وَرَثَتِهِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ لَهُنَّ مِلْكًا وَإِنَّمَا كَانَ لَهُمْ سُكْنَاهَا حَيَاتَهُنَّ

فَلَمَّا تُوُفِّينَ جُعِلَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يَعُمُّ الْمُسْلِمِينَ نَفْعُهُ كَمَا فُعِلَ ذَلِكَ فِي الَّذِي كَانَ لَهُنَّ مِنَ النَّفَقَاتِ فِي تَرَكَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَضَيْنَ لِسَبِيلِهِنَّ زِيدَ إِلَى أَصْلِ الْمَالِ فَصُرِفَ فِي مَنَافِعِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا يَعُمُّ جَمِيعَهُمْ نَفْعُهُ وَفِي حَدِيثِنَا الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مِنَ الْفِقْهِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَعِبَارَةٌ عَنْ قَوْلِ الله عز وجل حاكيا عن زكريا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَتَخْصِيصٌ لِلْعُمُومِ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ سُلَيْمَانَ لَمْ يَرِثْ مِنْ دَاوُدَ مَالًا خَلَّفَهُ دَاوُدُ بَعْدَهُ وَإِنَّمَا وَرِثَ مِنْهُ الْحِكْمَةَ وَالْعِلْمَ وَكَذَلِكَ وَرِثَ يَحْيَى مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَهَكَذَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَاسْتَدَلُّوا مَعَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ يَعْنِي عِلْمَ التَّوْرَاةِ وَالزَّبُورِ وَالْفِقْهَ فِي الدِّينِ وَفَصْلَ الْقَضَاءِ وَعِلْمَ كَلَامِ الطير والدواب وقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عباده المؤمنين وورث سليمان داود وقال يا أيها النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فَوَرِثَ سُلَيْمَانُ مِنْ دَاوُدَ النُّبُوَّةَ وَالْعِلْمَ وَالْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْقَضَاءِ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ أَهْلِ العلم وسائر

الْمُسْلِمِينَ إِلَّا الرَّوَافِضَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ يَرِثُنِي مَالِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ النُّبُوَّةَ وَالْحِكْمَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي تَأْوِيلِ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّا مُعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ وَكُلُّ قَوْلٍ يُخَالِفُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدْفَعُهُ فَهُوَ مَدْفُوعٌ مَهْجُورٌ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أمية النحاس قال قرىء عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول إنا معاشر الأنبياء مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا مُعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي وَمِمَّا يَدُلُّكَ (عَلَى) أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ النُّبُوَّةَ وَالْعِلْمَ وَالسِّيَاسَةَ وَلَمْ يُرِدِ الْمَالَ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْمَالَ لَمْ

يَقْتَضِ الْخَبَرُ عَنْ ذَلِكَ فَائِدَةً لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الْأَبْنَاءَ يَرِثُونَ الْآبَاءَ أَمْوَالَهُمْ وَلَيْسَ مَعْلُومًا أَنَّ كُلَّ ابْنٍ يَقُومُ مَقَامَ أَبِيهِ فِي الْمُلْكِ وَالْعِلْمِ وَالنُّبُوَّةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فُقَهَاءُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْ تَجْوِيزِ الْأَوْقَافِ فِي الصَّدَقَاتِ الْمُحَبَّسَاتِ وَأَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَحْبِسَ مَالَهُ وَيُوقِفَهُ عَلَى سَبِيلٍ مِنْ سُبِلِ الْخَيْرِ يَجْرِي عَلَيْهِ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِ (وَفِيهِ جَوَازُ الصَّدَقَةِ بِالشَّيْءِ الَّذِي لَا يَقِفُ الْمُتَصَدِّقُ عَلَى مَبْلَغِهِ لِأَنَّ تَرْكَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقِفْ عَلَى مَبْلَغِ مَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ وَسَنُوَضِّحُ ذَلِكَ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (2) وَفِيهِ أَيْضًا دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى اتِّخَاذِ الْأَمْوَالِ وَاكْتِسَابِ الضِّيَاعِ وَمَا يَسَعُ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ وَعُمَّالِهِ وَأَهْلِيهِمْ وَنَوَائِبِهِمْ وَمَا يَفْضَلُ عَلَى الْكِفَايَةِ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى الصُّوفِيَّةِ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُمْ فِي قَطْعِ الِاكْتِسَابِ وَقَدِ اسْتَدَلَّ (بِهَذَا الْحَدِيثِ) قَوْمٌ فِي أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِهِ كَمَا قَضَى أَبُو بَكْرٍ فِي ذَلِكَ بِمَا (كَانَ) عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ وَهَذَا عِنْدِي مَحْمَلُهُ إِذَا كَانَتِ الْجَمَاعَةُ حَوْلَ الْقَاضِي وَالْحَاكِمِ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ أَوْ يَعْلَمُهُ مِنْهُمْ مَنْ (إِنِ) احْتِيجَ إِلَى شَهَادَتِهِ عِنْدَ الْإِنْكَارِ كَانَ فِي

شَهَادَتِهِ بَرَاءَةٌ وَثُبُوتُ حُجَّةٍ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْحَدِيثِ بَلْ سَمِعَهُ مَعَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ غَيْرُهُ وَلَوِ انْفَرَدَ بِهِ مَا كَانَ ذَلِكَ بِضَائِرٍ لَهُ وَلَا قَادِحٍ فِي مَعْنَى مَا جَاءَ بِهِ لِأَنَّهُ عِلْمٌ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ الْقَاضِي إِلَى شَهَادَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَاضِيَ إِذَا قَضَى بِمَا عَلِمَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لَيْسَ يَحْتَاجُ (فِيهِ) إِلَى شَاهِدٍ وَلَا بَيِّنَةٍ (أَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ) وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِنَا أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلَالَةً عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ العدل

حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ قَالَتْ فَلَمَّا كَانَ الْفَتْحُ أَخَذَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَقَالَ ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ فَقَالَ عَبْدُ بن زمعة أخي وابن وليدة أبي ولد عَلَى فِرَاشِهِ (فَتُسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ) فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ (بِنْتِ زَمْعَةَ) احْتَجِبِي مِنْهُ لَمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ

هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ لَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ عَنْهُ فِي إِسْنَادِهِ وَلَا فِي لَفْظِهِ إِلَّا أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ وَأَبَا جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيَّ وَالْقَعْنَبِيَّ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ رَوَوْهُ مُخْتَصَرًا عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ لَمْ يَذْكُرُوا قِصَّةَ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ وَعُتْبَةَ رَوَاهُ هَكَذَا عَنِ ابْنِ وَهْبٍ ابْنُ أَخِيهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَبَحْرُ بْنُ نَصْرٍ وَيُقَالُ إِنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ يُونُسَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ وَعِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ وَالْقَعْنَبِيِّ أَيْضًا فِي الْمُوَطَّأِ الْحَدِيثُ بِتَمَامِهِ وَهُوَ أَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي بَعْضِ لَفْظِهِ لَمْ يَقُلْ فِيهِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَدْ أَتْقَنَهُ وَجَوَّدَهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ عتبة بن أبي وقاص عهد

إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ (بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ) أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ هُوَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ فَلَمَّا فَتَحُوا مَكَّةَ أَخَذَهُ سَعْدٌ فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ هَذَا أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي قَالَ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ لِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ وَقَالَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَأَمَرَ سَوْدَةَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْهُ فَمَا رَآهَا حَتَّى مَاتَتْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَقَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ اخْتَصَمَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي ابْنِ أَمَةٍ لِزَمْعَةَ فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَخِي عُتْبَةَ أَوْصَانِي فَقَالَ إِذَا قَدِمْتَ مَكَّةَ فَانْظُرِ ابْنَ أَمَةِ زِمْعَةَ فَاقْبِضْهُ فَإِنَّهُ ابْنِي وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخِي وَابْنُ (أَمَةِ) أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ فَقَالَ هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ قِيلَ لِسُفْيَانَ فَإِنَّ مَالِكًا يَقُولُ فِيهِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ فَقَالَ سُفْيَانُ لَكِنَّا لَمْ نَحْفَظْهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ مِنْ أَصَحِّ

مَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَخْبَارِ (الْآحَادِ) الْعُدُولِ وَهَذَا اللَّفْظُ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَرْضِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرٍ النَّاقِدُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عِنْدَ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدٍ (ابْنِ الْمُسَيَّبِ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ ذَكَرَهُ (عَنْ مَعْمَرٍ) عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ويونس بن يزيد والليث بْنِ سَعْدٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ

أَخْبَرَهُمْ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قام رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ فُلَانًا ابْنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا دَعْوَةَ فِي الْإِسْلَامِ ذَهَبَ أَمْرُ الْجَاهِلِيَّةِ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْأَثْلَبُ قَالُوا وَمَا الْأَثْلَبُ قَالَ الْحَجَرُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وُجُوهٌ مِنَ الْفِقْهِ وَأُصُولٌ جِسَامٌ مِنْهَا الْحُكْمُ بِالظَّاهِرِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ عَلَى ظَاهِرِ حُكْمِهِ وَسُنَنِهِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الشَّبَهِ وَكَذَلِكَ حَكَمَ فِي اللَّعَّانِ بِظَاهِرِ الْحُكْمِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى مَا جَاءَتْ بِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ إِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا فَهُوَ لِلَّذِي رُمِيَتْ بِهِ فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنِ اسْتِلْحَاقِ أَوْلَادِ الزِّنَا وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ

ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ (ذَكَرَهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا) إِذَا لَمْ يَكُنْ هناك فراش لأنهم كانوا في جاهلتهم يُسَافِحُونَ وَيُنَاكِحُونَ وَأَكْثَرُ نِكَاحَاتِهِمْ عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ غَيْرُ جَائِزَةٍ وَقَدْ أَمْضَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَبْطَلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حكم الزنى (لِتَحْرِيمِ اللَّهِ إِيَّاهُ) وَقَالَ لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ فَنَفَى أن يلحق في الإسلام ولد الزنى وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى ذَلِكَ نَقْلًا عَنْ نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ وَلَدٍ يُولَدُ عَلَى فِرَاشٍ لِرَجُلٍ لَاحِقًا بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِلَى أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ عَلَى حُكْمِ اللِّعَانِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَأَجْمَعَتِ الْجَمَاعَةُ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْحُرَّةَ فِرَاشٌ بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا مَعَ إِمْكَانِ الْوَطْءِ (وَإِمْكَانِ) الْحَمْلِ فَإِذَا كَانَ عَقْدُ النِّكَاحِ يُمْكِنُ مَعَهُ الْوَطْءُ وَالْحَمْلُ فَالْوَلَدُ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ أَبَدًا بِدَعْوَى (غَيْرِهِ) وَلَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلَّا بِاللِّعَانِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا فِي حِينِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ أَوِ الشُّهُودِ فَتَأْتِي بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فصاعد مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ عَقِيبَ الْعَقْدِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَلْحَقُ بِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ

بِفِرَاشٍ لَهُ إِذْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْوَطْءُ فِي الْعِصْمَةِ وَهُوَ كَالصَّغِيرِ (أَوِ الصَّغِيرَةِ اللَّذَيْنِ (3) لَا يُمْكِنُ مِنْهُمَا الْوَلَدُ) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هِيَ فَرَاشٌ لَهُ وَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْأَمَةِ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا أَقَرَّ بِوَطْئِهَا صَارَتْ فِرَاشًا فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءً لَحِقَ به ولدها وإن ادعى استبراء حلف وبرىء مِنْ وَلَدِهَا (يَمِينًا وَاحِدًا) وَاحْتَجَّ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي قَوْلِهِ لَا تَأْتِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا إِلَّا أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا فَأَرْسَلُوهُنَّ بَعْدُ أَوْ أَمْسَكُوهُنَّ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ لَا تَكُونُ الْأَمَةُ فِرَاشًا بِالْوَطْءِ حَتَّى يَدَّعِي سَيِّدُهَا وَلَدَهَا وَأَمَّا إِنْ نَفَاهُ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ (سَوَاءٌ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا أَمْ لَمْ يقر) وسواء استبرأ أو لم يستبرىء وَأَجْمَعُ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنْ لَا لِعَانَ بَيْنَ الْأَمَةِ وَسَيِّدِهَا وَأَجْمَعَ (جُمْهُورُ) الْفُقَهَاءِ أَيْضًا (عَلَى) أَنْ لَا يَسْتَلْحِقَ أَحَدٌ غَيْرَ الْأَبِ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يُقِرُّ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَوْ قُبِلَ اسْتِلْحَاقُ غَيْرِ الْأَبِ كَانَ فِيهِ إِثْبَاتُ حُقُوقٍ عَلَى

الْأَبِ بِغَيْرِ إِقْرَارِهِ (وَلَا بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِ) وَقَدْ أَبَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي رِمْثَةَ فِي ابْنِهِ إِنَّكَ لَا تَجْنِي عَلَيْهِ وَلَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَفِي هَذَا كُلِّهِ مَا يَدُلُّكَ (عَلَى) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إنما حَكَمَ (بِالْوَلَدِ) (لِزَمْعَةَ) لِأَنَّ فِرَاشَهُ قَدْ كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَا أَنَّهُ قَضَى بِهِ لِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ بِدَعْوَاهُ عَلَى أَبِيهِ (هَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ فِيهِ قَوْلَ عَبْدِ بْنِ زمعة أخي وابن وليدة أبي ولد على فِرَاشِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ بِوَطْءِ زَمْعَةَ لِوَلِيدَتِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُنْكِرِ الْفِرَاشَ وَكَانَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَخْفَى مِنْ أَفْعَالِ الصِّهْرِ عَلَى صِهْرِهِ فَلَمَّا لَمَّ يُنْكِرْ قَوْلَ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ عَلِمَ بِأَنَّهَا كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ بِمَسِّهِ إِيَّاهَا فَقَضَى بِمَا عَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يُلْحِقِ الْوَلَدَ بِزَمْعَةَ بِدَعْوَى أَخِيهِ لِأَنَّ سُنَّتَهُ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ أَحَدٌ بِإِقْرَارِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ) إِلَّا أَنَّ هَذَا فِي التَّأْوِيلِ مَا يُوجِبُ قَضَاءَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ وَهُوَ مِمَّا يَأْبَاهُ مَالِكٌ (وَأَكْثَرُ) أَصْحَابِهِ

وَأَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ فَقَدْ أَشْكَلَ مَعْنَاهُ قَدِيمًا عَلَى الْعُلَمَاءِ فَذَهَبَ أَكْثَرُ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْحَرَامَ لَا يُحَرِّمُ الحلال وأن الزنى لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي التَّحْرِيمِ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ وَالتَّنَزُّهِ فَإِنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمْنَعَ امْرَأَتَهُ مِنْ رُؤْيَةِ أَخِيهَا هَذَا قَوْلُ (أَصْحَابِ) الشَّافِعِيِّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ لِقَطْعِ الذَّرِيعَةِ بَعْدَ حُكْمِهِ بِالظَّاهِرِ فَكَأَنَّهُ حَكَمَ بِحُكْمَيْنِ حُكْمٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَحُكْمٌ بَاطِنٌ وَهُوَ الِاحْتِجَابُ مِنْ أَجْلِ الشُّبْهَةِ كَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ بِأَخٍ لَكِ يَا سَوْدَةُ إِلَّا فِي حُكْمِ اللَّهِ بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ (فَاحْتَجِبِي مِنْهُ لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ لِعُتْبَةَ) قَالَ ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَضَارَعَ فِي ذَلِكَ قَوْلَ الْعِرَاقِيِّينَ وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فذهبوا إلى أن الزنى يُحَرِّمُ وَأَنَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ حُكْمًا بَاطِنًا أَوْجَبَ الْحِجَابَ وَالْحُكْمُ الظَّاهِرُ لِحَاقُ ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ بِالْفِرَاشِ وَقَدْ وَافَقَهُمُ ابْنُ الْقَاسِمِ في (أن) الزنى يُحَرِّمُ مِنْ نِكَاحِ الْأُمِّ وَالِابْنَةِ مَا يُحَرِّمُ النِّكَاحُ خِلَافَ الْمُوَطَّأِ وَقَدْ قَالَ الْمُزَنِيُّ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سُئِلَ الْمُزَنِيُّ عَنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ حِينَ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ فَقَالَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي

تَأْوِيلِ مَا حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ قَائِلُونَ وَهُمْ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ أَنَّهُ مَنَعَهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمْنَعَ امْرَأَتَهُ مِنْ أَخِيهَا وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ أَخُوهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْحَقَهُ بِفِرَاشِ زَمْعَةَ وَمَا حَكَمَ بِهِ فَهُوَ الْحَقُّ (الَّذِي) لَا شَكَّ فِيهِ قَالَ وَقَالَ آخَرُونَ وَهُمُ الْكُوفِيُّونَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ للزنى حُكْمَ التَّحْرِيمِ بِقَوْلِهِ احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ فَمَنَعَهَا مِنْ أَخِيهَا فِي الْحُكْمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَخِيهَا فِي غَيْرِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ مَنْ زَنَى فِي الْبَاطِنِ إِذْ كَانَ شَبِيهًا بِعُتْبَةَ (فِي غَيْرِ الْحُكْمِ) فَجَعَلُوهُ كَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ وَلَا يَرَاهَا لحكم الزنى وَجَعَلُوهُ أَخَاهَا بِالْفِرَاشِ وَزَعَمَ الْكُوفِيُّونَ أَنَّ مَا حَرَّمَهُ الْحَلَالُ فَالْحَرَامُ لَهُ أَشَدُّ تَحْرِيمًا قَالَ الْمُزَنِيُّ وَأَمَّا أَنَا فَيَحْتَمِلُ تَأْوِيلُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَابَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ فَأَعْلَمَهُمْ بِالْحُكْمِ أَنَّ هَذَا يَكُونُ إِذَا ادَّعَى صَاحِبُ فَرَاشٍ وصاحب زنى لَا أَنَّهُ قَبِلَ عَلَى عُتْبَةَ قَوْلَ أَخِيهِ سَعْدٍ وَعَلَى زَمْعَةَ (قَوْلَ ابْنِهِ) أَنَّهُ أَوْلَدَهَا الْوَلَدَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَخْبَرَ عَنْ غَيْرِهِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُ أَحَدٍ عَلَى غَيْرِهِ وَفِي ذَلِكَ عِنْدِي دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ حُكْمٌ خَرَجَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ

لِيُعَرِّفَهُمْ كَيْفَ الْحُكْمُ فِي مِثْلِهَا إِذَا نَزَلَ وَلِذَلِكَ قَالَ لِسَوْدَةَ احْتَجِبِي مِنْهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ حَكَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ مِثْلَ ذَلِكَ فِي قِصَّةِ دَاوُدَ وَالْمَلَائِكَةِ إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ الْآيَةَ وَلَمْ يَكُونَا خَصْمَيْنِ وَلَا كَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلَكِنَّهُمْ كَلَّمُوهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ لِيَعْرِفَ بِهَا مَا أردوا تعرفه فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُؤْنِسُنِي عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ (أَوْ كَانَ) فَإِنَّهُ عِنْدِي صَحِيحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْمُزَنِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّ رُؤْيَةَ ابْنِ زَمْعَةَ سَوْدَةَ مُبَاحٌ فِي الْحُكْمِ وَلَكِنَّهُ كَرِهَهُ لِشُبْهَةٍ وَأَمَرَ بِالتَّنَزُّهِ اخْتِيَارًا (قَالَ الْمُزَنِيُّ لما لم يصح دَعْوَى سَعْدٍ لِأَخِيهِ (9) وَلَا دَعْوَى عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ وَلَا أَقَرَّتْ سَوْدَةُ أَنَّهُ ابْنُ أَبِيهَا فَيَكُونُ أَخَاهَا مَنَعَهُ مِنْ رُؤْيَتِهَا وَأَمَرَهَا بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَخُوهَا مَا أَمَرَهَا أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْهُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ بِصِلَةِ الْأَرْحَامِ وَقَدْ قَالَ لِعَائِشَةَ فِي عَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ إِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَأْمُرَ زَوْجَهُ أَنْ

لَا تَحْتَجِبَ مِنْ عَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ وَيَأْمُرَ زَوْجَةً لَهُ أُخْرَى تَحْتَجِبُ مِنْ أَخِيهَا لِأَبِيهَا قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ سَوْدَةُ جَهِلَتْ مَا عَلِمَ أَخُوهَا عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَسَكَتَتْ - قَالَ الْمُزَنِيُّ فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ أَنَّهُ أَخٌ لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ أَوِ الْإِقْرَارِ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ إِقْرَارُهُ وَزَادَهُ بُعْدًا فِي الْقُلُوبِ شَبَهُهُ بِعُتْبَةَ أَمَرَهَا بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ وَكَانَ جَوَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على السؤال لا على تحقيق زنى عُتْبَةَ بِقَوْلِ أَخِيهِ وَلَا بِالْوَلَدِ أَنَّهُ لِزَمْعَةَ بِقَوْلِ ابْنِهِ بَلْ قَالَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ عَلَى قَوْلِكَ يَا عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ لَا عَلَى مَا قَالَ سَعْدٌ ثُمَّ أَخْبَرَ بِالَّذِي يَكُونُ إِذَا ثَبَتَ مِثْلُ هَذَا - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَصْنَعِ الْمُزَنِيُّ شَيْئًا لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ مُجْمِعُونَ أَنَّ حُكْمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ حُكْمٌ صَحِيحٌ نَافِذٌ فِي تِلْكَ الْقِصَّةِ بِعَيْنِهَا وَفِي كُلِّ مَا يَكُونُ مِثْلَهَا وَلَيْسَ قِصَّةُ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع الملكين كذلك لأنهما إنما أراد تَعْرِيفَهُ لَا الْحُكْمَ عَلَيْهِ وَكَانَ أَمْرًا قَدْ نَفَذَ فَعَرَفَاهُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَحَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ حُكْمٌ اسْتَأْنَفَهُ وَقَضَى بِهِ لِيُتَمَثَّلَ فِي ذَلِكَ وَفِي غَيْرِهِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (مَعْنَى) قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ أَيْ هُوَ لَكَ عَبْدٌ مِلْكًا لِأَنَّهُ ابْنُ وَلِيدَةِ أَبِيكَ وَكُلُّ أَمَةٍ تَلِدُ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا فَوَلَدُهَا عَبْدٌ يُرِيدُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَنْقُلْ فِي الْحَدِيثِ اعْتِرَافَ سَيِّدِهَا بِوَطْئِهَا وَلَا شَهِدَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ

وَكَانَتِ الْأُصُولُ تَدْفَعُ قَبُولَ قَوْلِ ابْنِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْقَضَاءُ بِأَنَّهُ عَبْدٌ تَبَعٌ لِأُمِّهِ وَأَمَرَ سَوْدَةَ بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْ مِنْهُ إِلَّا شِقْصًا وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الطَّبَرَيِّ تَحَكُّمٌ خِلَافَ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَمَنْ قَالَ لَهُ إِنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا وَهُوَ يَرَى فِي الْحَدِيثِ قَوْلَ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه فَلَمْ يُنْكِرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ وَقَضَى بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ وَقَدْ قَدَّمْتُ لَكَ مِنَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ لَاحِقٌ بِالْفِرَاشِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْمَعٌ عَلَيْهِ وَمِنْ أن ولد الزنى في الإسل لَا يَلْحَقُ بِإِجْمَاعِ مَا يَقْطَعُ الْعُذْرَ وَتَسْكُنُ إِلَيْهِ النَّفْسُ لِأَنَّهُ أَصْلٌ وَإِجْمَاعٌ وَنَصٌّ وَلَيْسَ التَّأْوِيلُ كَالنَّصِّ - وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ لَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ دَعْوَى سَعْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَالدَّعْوَى بِشَيْءٍ لِأَنَّ سَعْدًا إِنَّمَا ادَّعَى مَا كَانَ مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ لحوق ولد الزنى بِمَنِ ادَّعَاهُ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ يَقْضِي بِذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ فَادَّعَى سَعْدٌ وَصِيَّةَ أَخِيهِ بِمَا كَانَ يَحْكُمُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِهِ فَكَانَتْ دَعْوَاهُ لِأَخِيهِ كَدَعْوَى أَخِيهِ لِنَفْسِهِ غَيْرَ أَنَّ عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ قَابَلَهُ بِدَعْوَى تُوجِبُ عِتْقًا لِلْمُدَّعِي لِأَنَّ مُدَّعِيَهُ كَانَ يَمْلِكُ بَعْضَهُ حِينَ ادَّعَى فِيهِ مَا ادَّعَى وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ مَا كَانَ يَمْلِكُ فِيهِ فَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي أَبْطَلَ دَعْوَى سَعْدٍ وَلَمَّا كَانَ لِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ شَرِيكٌ فِيمَا ادَّعَاهُ وَهُوَ أُخْتُهُ سَوْدَةُ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهَا فِي ذَلِكَ تَصْدِيقٌ لَهُ أَلْزَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ مَا أَقَرَّ بِهِ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَى أُخْتِهِ إِذْ لَمْ تُصَدِّقْهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ أَخَاهَا وَأَمَرَهَا بِالْحِجَابِ مِنْهُ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ فَمَعْنَاهُ هُوَ لَكَ يَدُكَ عَلَيْهِ لَا أَنَّكَ تَمْلِكُهُ وَلَكِنْ تَمْنَعُ بِيَدِكَ عَلَيْهِ كُلَّ مَنْ سِوَاكَ مِنْهُ كَمَا

قَالَ فِي اللُّقَطَةِ هِيَ لَكَ فَيَدُكَ عَلَيْهَا تَدْفَعُ غَيْرَكَ عَنْهَا حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُهَا لَيْسَ عَلَى أَنَّهَا مِلْكٌ لَهُ قَالَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنًا لِزَمْعَةَ ثُمَّ يَأْمُرُ أُخْتَهُ تَحْتَجِبُ مِنْهُ هَذَا مُحَالٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُضَافَ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي نِكَاحِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ من زنى أو أخته بنت أبيه من زنى فَحَرَّمَ ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْهُمُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَجَازَ ذَلِكَ (قَوْمٌ) آخَرُونَ مِنْهُمْ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ عَلَى كَرَاهَةٍ (قَالَ) وَأَحَبُّ (إِلَيَّ) التَّنَزُّهُ عَنْهُ لِقَوْلِهِ احْتَجِبِي مِنْهُ (يَا سَوْدَةُ) وَهُوَ لَا يَفْسَخُهُ إِذَا نَزَلَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَحُجَّتُهُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ فَنَفَى أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ لِغَيْرِ فِرَاشٍ وَأَبْعَدَ أَنْ يَكُونَ

لِلزَّانِي شَيْءٌ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَزْنِي بِالْمَرْأَةِ فَتُرْضِعُ بِلَبَنِهِ صَبِيَّةً هَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَمَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ لَبَنِ الْفَحْلِ مِنَ (الْعِرَاقِيِّينَ) وَالْكُوفِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ! قَالَ حَدَّثَنَا (أَبُو سَعِيدٍ) ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ أَعْطَانِي جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ صَحِيفَةً فِيهَا مَسَائِلَ أَسْأَلُ عَنْهَا عِكْرِمَةَ (فَكَأَنِّي تَبَطَّأْتُ فَانْتَزَعَهَا مِنْ يَدِي وَقَالَ هَذَا عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا أَعْلَمُ النَّاسِ قَالَ (3)) وَكَانَ فِيهَا رَجُلٌ فَجَرَ بِامْرَأَةٍ فَرَآهَا تُرْضِعُ جَارِيَةً أَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَالَ لَا وَقَالَهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجَازَ نِكَاحَهَا طائفتان من الحجازيين أحدهما تَقُولُ إِنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا والأخرى تقول أن الزنى لَا يُؤَثِّرُ تَحْرِيمًا وَلَا حُكْمَ لَهُ وَإِنَّمَا الْحُكْمُ لِلْوَطْءِ الْحَلَالِ فِي الْفِرَاشِ الصَّحِيحِ وَسَنَذْكُرُ

اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي التَّحْرِيمِ بِلَبَنِ الْفَحْلِ فِي هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ ظَنَّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ كَانَ هُنَاكَ فِرَاشٌ أَمْ لَا وَذَلِكَ جَهْلٌ وَغَبَاوَةٌ وَغَفْلَةٌ مُفْرِطَةٌ وَإِنَّمَا الَّذِي كَانَ عُمَرُ يَقْضِي بِهِ أَنْ يُلِيطَ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فِرَاشٌ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ مَا يَكْفِي وَيُغْنِي وَنَحْنُ نَزِيدُ ذَلِكَ بَيَانًا بِالنُّصُوصِ عَنْ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِيلًا أَنْ يَظُنَّ بِهِ (أَحَدٌ) أَنَّهُ خَالَفَ بِحُكْمِهِ حُكْمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ إِلَّا جَاهِلٌ لَا سِيَّمَا مَعَ اسْتِفَاضَةِ هَذَا الْخَبَرِ عِنْدَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى شَيْخٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا فَذَهَبْتُ مَعَ الشَّيْخِ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ فِي الْحِجْرِ فَسَأَلَهُ عَنْ وِلَادٍ مِنْ وِلَادِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا نَكَحَتْ بِغَيْرِ عِدَّةٍ فَقَالَ الرَّجُلُ أَمَّا النُّطْفَةُ فَمِنْ فُلَانٍ وَأَمَّا الْوَلَدُ فَعَلَى فِرَاشِ فُلَانٍ فَقَالَ عُمْرُ صَدَقْتَ وَلَكِنْ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ (فَلَمَّا لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى قَوْلِ الْقَائِفِ مَعَ الْفِرَاشِ كَانَ أَحْرَى أَنْ لَا يَلْتَفِتَ مَعَهُ إِلَى الدَّعْوَى (3) وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الرَّدَّادِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ السَّلَامِ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنِ هِشَامٍ النَّحْوِيَّ يَقُولُ هُوَ زَمْعَةُ بِالْفَتْحِ) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا

سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ (أَنَّهُ) سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ نَرَى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قَضَى بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ مِنْ أَجْلِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَوَّلُ قَضَاءٍ عَلِمْتُهُ مِنْ قَضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدُّ دَعْوَةِ زِيَادٍ (يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ إِيجَابُ الرَّجْمِ عَلَى الزاني لأن (العاهر الزاني) (والعهر الزنى) وَهَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَهْلُ الْفِقْهِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ الْعَاهِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمَقْصُودَ إِلَيْهِ بِالْحَجَرِ هُوَ الْمُحْصَنُ دُونَ الْبِكْرِ وَهَذَا أَيْضًا إِجْمَاعٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْبِكْرَ لَا رَجْمَ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحْكَامَ الرَّجْمِ وَالْإِحْصَانِ وَمَا فِي ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَنَازِعِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ قَوْلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ

الحجر والزاني لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ ادَّعَاهُ أَوْ لم يدعه وأنه لصاحب الفراش دُونَهُ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ أَبَدًا إِلَّا بِلِعَانٍ (فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ اللِّعَانُ) (وَهَذَا إِجْمَاعٌ أَيْضًا مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الزَّانِيَ لا يلحقه ولد من زنى ادَّعَاهُ أَوْ نَفَاهُ) قَالُوا فَقَوْلُهُ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ كَقَوْلِهِمْ بِفِيكَ الْحَجَرُ أَيْ لَا شَيْءَ لَكَ قَالُوا وَلَمْ يَقْصِدْ بِقَوْلِهِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ الرَّجْمَ إِنَّمَا قَصَدَ بِهِ إِلَى نَفْيِ الْوَلَدِ عَنْهُ وَاللَّفْظُ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلَيْنِ جَمِيعًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يَطَأُ أَمَتَهُ وَقَدْ زَوَّجَهَا عَبْدَهُ فَتَحْمِلُ مِنْهُ فَقَالَ مَالِكٌ يُعَاقَبُ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَإِنَّمَا الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى إِنْ كَانَ الْعَبْدُ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً ثُمَّ وَطِئَهَا السَّيِّدُ فَالْوَلَدُ لَهُ (قَالَ مَالِكٌ فِي

الرَّجُلِ يَدَّعِي الْوَلَدَ مِنَ الْمَرْأَةِ وَيَقُولُ قَدْ نَكَحْتُهَا وَهِيَ امْرَأَةٌ (أَوْ كَانَتِ امْرَأَتِي (1)) وَهَذَا وَلَدِي مِنْهَا وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لا يجوز هذا في حياته ولا عند مَمَاتِهِ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ) وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَدَّعِي الْوَلَدَ الْمَنْبُوذَ بَعْدَ أَنْ يُوجَدَ فَيَقُولُ هَذَا ابْنِي قَالَ مَالِكٌ لَا يَلْحَقُ بِهِ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْفِرَاشَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

حديث عاشر لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلَّ مِنْهُمَا حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا قَالَتْ فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ قُلْتُ فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْتُ الْحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حَلُّوا ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا أَهَّلُوا بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَحْيَى فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ (هَكَذَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ حَرْفًا بِحَرْفٍ) ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِحَدِيثِ

مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ (وَلَمْ يَذْكُرْ فِي إِسْنَادِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَكْثَرَ مِنْ قَوْلِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَطْفًا عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ (كَمَا ذَكَرْنَا لَفْظَهُ وَسِيَاقَتَهُ هُنَا) وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يُتَابِعْ يَحْيَى عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ (فِيمَا عَلِمْتُ (5)) وَلَا غَيْرِهِمْ عَنْ مَالِكٍ أَعْنِي إِسْنَادَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذَا الْمَتْنِ وَإِنَّمَا رَوَاهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ كُلُّهُمْ كَمَا ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ إِلَى قَوْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا أَهَّلُوا بِالْحَجِّ فَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَقَالُوا وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَرَوَوْا كُلُّهُمْ وَيَحْيَى مَعَهُمْ عَنْ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ

(وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَنَذْكُرُ الِاخْتِلَافَ فِي أَلْفَاظِهِ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَحَصَلَ لِيَحْيَى حَدِيثُ هَذَا الْبَابِ بِإِسْنَادَيْنِ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَحَدٌ غَيْرُهُ وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ الْمَعْرُوفُ عَنْ مَالِكٍ وَسَائِرِ رُوَاةِ ابْنِ شِهَابٍ وَمِنَ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ طَائِفَةٌ اخْتَصَرَتْ هَذَا الحديث

عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَجَاءَتْ بِبَعْضِهِ وَقَصَّرَتْ عَنْ تَمَامِهِ وَلَمْ تَقُمْ بِسِيَاقَتِهِ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ) وَأَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْوَزِيرِ أَبُو الْمُطَرِّفِ وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ (ذَكَرَ ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ (1)) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَأَلْفَاظُهُمْ أَيْضًا مَعَ اخْتِصَارِهِمْ لِلْحَدِيثِ مُخْتَلِفَةٌ فَلَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ مَهْدِيٍّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الذين أهلوا بالعمرة طَافُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا من منى لِحَجِّهِمْ وَالَّذِينَ قَرَنُوا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا وَلَفْظُ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ لَبُّوا مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَطُوفُوا حَتَّى رَجَعُوا مِنْ مِنًى ولفظ (حديث) موسى بن داود (عن ملك) بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَةَ (قَالَتْ) إِنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ لَمْ يَطُوفُوا حَتَّى رَمَوُا الْجَمْرَةَ وَلَفْظُ ابْنِ وَهْبٍ حِينَ اخْتَصَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ (فَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ الْمُخْتَصَرَةُ لِهَذَا الْحَدِيثِ) وَقَدْ رَوَاهُ بِتَمَامِهِ كَمَا رَوَاهُ سَائِرُ (رُوَاةِ (2) الْمُوَطَّإِ وَكُلُّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ بِتَمَامِهِ أَوْ مُخْتَصَرًا لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ إِلَّا بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ إِلَّا يَحْيَى (صَاحِبَنَا) فَإِنَّهُ رَوَاهُ بِإِسْنَادَيْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَأُعْضِلَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ هذا عن القعنبي عَنْ مَالِكٍ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كتابه عن القعنبي عَنْ مَالِكٍ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ التِّنِّيسِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَرِوَايَةُ الْقَعْنَبِيِّ أَتَمُّ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ يَحْيَى أَيْضًا مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ وَأَمَّا الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا وَإِنَّمَا فِي رِوَايَتِهِمْ كُلِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ

فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا وَلَمْ يَذْكُرُوا الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ وَذَكَرَهُ يَحْيَى بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرْنَا ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ مَا وَصَفْنَا وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِأَثَرِ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَمَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرَا طَوَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ وَذَكَرَا طَوَافَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ فَأَمَّا حَدِيثُ مَعْمَرٍ فَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ (حَجَّةِ) الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ أَكُنْ سُقْتُ الْهَدْيَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِحَجٍّ مَعَ عُمْرَةٍ ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَحِضْتُ فَلَمَّا دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي كُنْتُ (قَدْ) أَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِحَجَّتِي فَقَالَ انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَمْسِكِي عَنِ الْعُمْرَةِ وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ فَلَمَّا قَضَيْتُ الْحَجَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَعْمَرَنِي مِنَ التَّنْعِيمِ مَكَانَ عُمْرَتِي الَّتِي سَكَتُّ عَنْهَا (هَكَذَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ طَوَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِعُمْرَةٍ (5) وَلَا طَوَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ)

وَأَمَّا حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ فَحَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا (سُلَيْمَانُ) بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمن حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِعُمْرَةٍ وَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ فَقَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا يَوْمُ عَرَفَةَ وَلَمْ أَطْهُرْ بَعْدُ وَكُنْتُ تَمَتَّعْتُ بِالْعُمْرَةِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَأَمْسِكِي عَنِ الْعُمْرَةِ قَالَتْ فَفَعَلْتُ حَتَّى إِذَا قَضَيْتُ حَجَّتِي وَنَفَرَ النَّاسُ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ فَأَعْمَرَنِي مِنَ التَّنْعِيمِ مَكَانَ عُمْرَتِي الَّتِي سَكَتُّ عَنْهَا (وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ فَاخْتَصَرَهُ وَلَكِنَّهُ جَوَّدَهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ أَخْبَرَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ وَأَهَلَّ نَاسٌ بِالْعُمْرَةِ وَكُنْتُ فِيمَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يُفَسِّرُ رِوَايَةَ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا

مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ أَنَّهَا إِنَّمَا أَرَادَتْ نَفْسَهَا لَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَذَلِكَ رَوَى عَنْهَا الْقَاسِمُ وَغَيْرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ) - قَالَ أَبُو عُمَرَ مَالِكٌ أَحْسَنُ (النَّاسِ) سِيَاقَةً لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَفِي حَدِيثِهِ مَعَانٍ قَصُرَ عَنْهَا غَيْرُهُ وَكَانَ أَثْبَتَ النَّاسِ فِي ابْنِ شِهَابٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِي حَدِيثِهِ هَذَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ التَّمَتُّعَ جَائِزٌ وَأَنَّ الْإِفْرَادَ جَائِزٌ وَأَنَّ الْقِرَانَ جَائِزٌ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضِيَ كُلًّا وَلَمْ يُنْكِرْهُ فِي حَجَّتِهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بَلْ أَجَازَهُ لَهُمْ وَرَضِيَهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بِهِ مُحْرِمًا) يَوْمَئِذٍ وَفِي الْأَفْضَلِ مِنَ الثَّلَاثَةِ لا وجه فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ مِنْهُمْ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ مُفْرِدًا وَالْإِفْرَادُ أَفْضَلُ مِنَ (الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ قَالَ وَالْقِرَانُ أَفْضَلُ مِنَ التَّمَتُّعِ) وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ وَاحْتَجَّ أَيْضًا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ مَالِكٍ (فِي ذَلِكَ (6)) بِمَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ

أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ (بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ) بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَهَلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ مَعَهُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ سَوَاءً وَقَالُوا فِيهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا أَنَا فَأَهِلُّ بِالْحَجِّ وَهَذَا نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَهُوَ حُجَّةُ مَنْ قَالَ بِالْإِفْرَادِ وَفَضَّلَهُ وَقَدْ رَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ (عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ) عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ بِالْحَجِّ وَرَوَى اللَّيْثُ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَقْبَلْنَا مُهِلِّينَ بِحَجٍّ (مُفْرَدًا) وَرَوَى الْحُمَيْدِيُّ أَيْضًا عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا بِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّإِ كَذَلِكَ وَرَوَى عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَهْلَلْنَا مَعَ

رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مُفْرِدًا وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ (سَوَاءً وَحَكَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ إِذَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ عَمِلَا بِأَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ وَتَرَكَا الْآخَرَ كَانَ فِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِيمَا عَمِلَا بِهِ) وَاسْتَحَبَّ أَبُو ثَوْرٍ الْإِفْرَادَ أَيْضًا وَفَضَّلَهُ عَلَى التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ وَهُوَ أَشْهَرُ قَوْلَيْهِ عَنْهُ وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَائِشَةَ وَجَابِرٍ وَاسْتَحَبَّ آخَرُونَ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَقَالُوا ذَلِكَ أَفْضَلُ وَهُوَ مَذْهَبُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَائِشَةَ أَيْضًا وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ الْإِفْرَادُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ التَّمَتُّعِ (ثُمَّ الْقِرَانُ) وَقَالَ فِي الْبُوَيْطِيِّ التَّمَتُّعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْإِفْرَادِ وَمِنَ الْقِرَانِ وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِتَفْضِيلِ التَّمَتُّعِ بِحَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ قَالَ عُرْوَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ

تُرَخِّصُ فِي الْمُتْعَةِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَلْ أُمَّكَ يَا عُرَيَّةُ فَقَالَ عُرْوَةُ أَمَّا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَلَمْ يَفْعَلَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاللَّهِ مَا أَرَاكُمْ مُنْتَهِينَ حَتَّى يُعَذِّبَكُمُ اللَّهُ نُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُونَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَبِحَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَأَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مَعَهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ قَالَ عُقَيْلٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِ خَبَرِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ فِي تَمَتُّعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْمُتْعَةِ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ وَبِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتْعَةَ الْحَجِّ وَبِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدٍ وَرَوَاهُ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدٍ وَبِحَدِيثِ مَالِكٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا (بِعُمْرَةٍ) وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ فَقَالَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ

وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ هَذَا فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ قَالَ إِنِّي لَجَالِسٌ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَسَأَلَهُ عَنِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ حَسَنٌ جَمِيلٌ قَالَ فَإِنَّ أَبَاكَ كَانَ يَنْهَى عَنْهَا فَقَالَ وَيْلُكَ فَإِنْ كَانَ أَبِي يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ فَقَدْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِهِ أَفَبِقَوْلِ أَبِي آخُذُ أَمْ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قُمْ عَنِّي) وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَرِيكٍ تَمَتَّعْتُ فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالُوا لَسُنَّةُ نَبِيِّكَ وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ تَمَتَّعْتُ فَنَهَانِي عَنْهَا أُنَاسٌ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ سُنَّةَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي التَّمَتُّعَ وَاحْتَجُّوا بِآثَارٍ كَثِيرَةٍ يَطُولُ ذِكْرُهَا مِنْهَا حَدِيثُ الثَّوْرِيِّ (عَنْ لَيْثٍ) عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى مَاتَ وَعُمَرُ حَتَّى مَاتَ وَعُثْمَانُ حَتَّى مَاتَ وَأَوَّلُ مَنْ نَهَى عَنْهَا مُعَاوِيَةُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ لَيْثٍ هَذَا مُنْكَرٌ وَهُوَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ ضَعِيفٌ وَالْمَشْهُورُ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُمَا كَانَا يَنْهَيَانِ عَنِ التَّمَتُّعِ وَإِنْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ زَعَمُوا أَنَّ الْمُتْعَةَ الَّتِي نَهَى عَنْهَا عُمَرُ وَضَرَبَ عَلَيْهَا فَسْخُ الْحَجِّ فِي عُمْرَةٍ فَأَمَّا التَّمَتُّعُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَلَا وَزَعَمَ مَنْ صَحَّحَ نَهْيَ عُمَرَ عَنِ التَّمَتُّعِ أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْهُ لِيُنْتَجَعَ الْبَيْتُ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي الْعَامِ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا عُمَرُ لِأَنَّهُ رَأَى النَّاسَ مَالُوا إِلَى التَّمَتُّعِ لِيَسَارَتِهِ وَخِفَّتِهِ فَخَشِيَ أَنْ يَضِيعَ الْإِفْرَادُ وَالْقِرَانُ وَهُمَا سُنَّتَانِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ قَالَ سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ فَأَمَرَ بِهَا فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ لَتُخَالِفُ أَبَاكَ فَقَالَ إِنَّ عُمَرَ لَمْ يَقُلِ الَّذِي تَقُولُونَ إِنَّمَا قَالَ عُمَرُ أَفْرِدُوا الْحَجَّ مِنَ الْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ أَتَمُّ لِلْعُمْرَةِ أَيْ أَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَتِمُّ فِي شُهُورِ الْحَجِّ إِلَّا بِهَدْيٍ وَأَرَادَ أَنْ يُزَارَ الْبَيْتُ فِي غَيْرِ شُهُورِ الْحَجِّ فَجَعَلْتُمُوهَا أَنْتُمْ حَرَامًا وَعَاقَبْتُمُ النَّاسَ عَلَيْهَا وَقَدْ أَحَلَّهَا اللَّهُ وَعَمِلَهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ كِتَابُ اللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ عمر

وَاحْتَجَّ (أَحْمَدُ) بْنُ حَنْبَلٍ فِي اخْتِيَارِ التَّمَتُّعِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً وَالْأَحَادِيثُ فِي التَّمَتُّعِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَقَالَ آخَرُونَ الْقِرَانُ أَفْضَلُ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ (قَالَ) لِأَنَّهُ يَكُونُ مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضَيْنِ جَمِيعًا وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ (قَالَ إِسْحَاقُ) كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَارِنًا وَهُوَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (الْقِرَانُ أَفْضَلُ ثُمَّ التَّمَتُّعُ ثُمَّ الْإِفْرَادُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ) الْقِرَانُ وَالتَّمَتُّعُ سَوَاءٌ وَهُمَا أَفْضَلُ مِنَ الْإِفْرَادِ وَاحْتَجَّ مَنِ اسْتَحَبَّ الْقِرَانَ وَفَضَّلَهُ بِآثَارٍ مِنْهَا حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ بِوَادِي الْعَقِيقِ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ عُمَرَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك وَحَدَّثَنَا (الصُّبَيُّ) بْنُ مَعْبَدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ الصُّبَيُّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

جَمِيعًا فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَدِيثٌ كُوفِيٌّ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ وَرَوَاهُ الثِّقَاتُ الْأَثْبَاتُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ الصُّبَيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عُمَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عُمَرَ رَوَاهُ هَكَذَا عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عُمَرَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ وَعَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ وَسَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ وَرَوَاهُ الْأَعْمَشُ وَمَنْصُورٌ وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ الصُّبَيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عُمَرَ وَهَؤُلَاءِ جَوَّدُوهُ وَهُمْ أَحْفَظُ وَرَوَاهُ عَنِ الصُّبَيِّ مَسْرُوقٌ وَأَبُو وَائِلٍ وَمِنْهَا حَدِيثُ حَفْصَةَ الَّذِي قدمناه ذِكْرَهُ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا وَرَوَاهُ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَحَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ عَنْ بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا قَالَ بَكْرٌ فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ لِي بِالْحَجِّ وَحْدَهُ فَلَقِيتُ أنسا فحدثته فقال ما تعودننا إِلَّا صِبْيَانًا أَنَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعَارِضُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَمَتَّعَ) وَفِيهِمَا نَظَرٌ وَيَخْرُجُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ عُمَرَ فِي التَّمَتُّعِ أَنَّهُ لَبَّى بِالْحَجِّ وَحْدَهُ مِنْ مَكَّةَ وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ عن أيوب

عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ مِنْ وُجُوهٍ وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ (عِمْرَانَ) بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ قَالَ (لَهُ) إِنِّي أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا لَعَلَّ اللَّهَ يَنْفَعُكَ بِهِ أَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَدْ جَمَعَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَلَمْ يَنْزِلْ فِيهِمَا كِتَابٌ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِيهِمَا رَجُلٌ بِرَأْيِهِ وَهَذَا قَدْ تَأَوَّلَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى التَّمَتُّعِ وَقَالُوا إِنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ بِقَوْلِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ أَيْ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي سَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ وَحَجَّةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ رُوِيَ (عَنْ عِمْرَانَ) مَا يُعَضِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ رَوَى الْحَسَنُ وَأَبُو رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْزِلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ قَالَ رَجُلٌ (بَعْدُ) بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ وَمِنْهَا رِوَايَةُ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ شَهِدْتُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَعُثْمَانُ يَنْهَى أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (قَالَ) فَلَمَّا

رَأَى ذَلِكَ عَلَيٌّ لَبَّى بِهِمَا جَمِيعًا فَقَالَ لَبَّيْكَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ تَرَانِي أَنْهَى عَنْهُمَا وَتَفْعَلُهَا فَقَالَ عَلِيٌّ لَمْ أَكُنْ لِأَدَعَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ ذَلِكَ فَصَارَ سُنَّةً - قَالَ أَبُو عُمَرَ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ (وَالْإِفْرَادُ) كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى نَهْيِ عُمَرَ عَنِ التَّمَتُّعِ بِمَا فِيهِ بَيَانٌ لِمَنْ فَهِمَ وَلَمْ يَكُنْ تَمَتُّعٌ وَلَا قِرَانٌ فِي شَيْءٍ مِنْ حَجِّ الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنَّمَا كَانُوا عَلَى الْإِفْرَادِ وَكَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ لَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالسِّيَرِ فِي ذَلِكَ وَالْإِفْرَادُ أَفْضَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان مُفْرِدًا فَلِذَلِكَ قُلْتُ إِنَّهُ أَفْضَلُ لِأَنَّ آثَارَهُ أَصَحُّ عَنْهُ فِي إِفْرَادِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّ الْإِفْرَادَ أَكْثَرُ عَمَلًا ثُمَّ الْعُمْرَةَ عَمَلٌ آخَرٌ وَذَلِكَ كُلُّهُ طَاعَةٌ وَالْأَكْثَرُ مِنْهَا أَفْضَلُ وَأَمَّا قَوْلِ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِهَا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا قَالَتْ فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَلَمْ أَطُفْ

بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَفِيهِ بَيَانٌ أَنَّ الْحَائِضَ لَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَأَنَّ الطَّوَافَ لَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَذَلِكَ حُجَّةٌ على أبي حنيفة وأصحابه الذين يجيزون لغير الطاهر الطَّوَافَ وَيَرَوْنَ عَلَى مَنْ طَافَ غَيْرَ طَاهِرٍ مِنْ جُنُبٍ أَوْ حَائِضٍ دَمًا وَيَجْزِيهِ طَوَافُهُ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لَا يُجْزِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إِعَادَتِهِ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ حَاضَتْ اصْنَعِي كُلَّ مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَأَنَّهُ قَالَ فِي صَفِيَّةَ أَحَابِسَتَنَا هِيَ قِيلَ إِنَّهَا قَدْ طَافَتْ قَالَ فَلَا إِذَنْ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَلَّ فِيهَا النُّطْقَ وَقَالَ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ وَمِنْ حُجَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْإِحْرَامَ وَهُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ يَجُوزُ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ فَكَذَلِكَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَأَمَّا قَوْلُهَا فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ فَإِنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِنَا تَأَوَّلُوا قَوْلَهُ وَدَعِي الْعُمْرَةَ وَدَعِي عَمَلَ الْعُمْرَةِ

يَعْنِي الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَكَذَلِكَ تَأَوَّلُوا فِي رِوَايَةِ مَنْ رَوَى وَاسْكُتِي عَنِ الْعُمْرَةِ وَرِوَايَةِ مَنْ رَوَى امْسِكِي عَنِ الْعُمْرَةِ أَيِ امْسِكِي عَنْ عَمَلِ الْعُمْرَةِ لَا أَنَّهُ أَمْرٌ بِرَفْضِهَا وَابْتِدَاءِ الْحَجِّ وَإِنْشَائِهِ كَمَا زَعَمَ الْعِرَاقِيُّونَ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي يَدْفَعُ تَأْوِيلَ مَنْ تَأَوَّلَ مَا ذَكَرْنَا - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ المعتمر لَا يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَأَمَّا الْمُعْتَمِرَةُ يَأْتِيهَا حَيْضُهَا قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيُدْرِكَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ وَهِيَ حَائِضٌ لم تطف أو المعتمر يَقْدَمُ مَكَّةَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ فَيَخَافُ فَوَاتَ عَرَفَةَ إِنْ طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي هَؤُلَاءِ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْحَائِضِ الْمُعْتَمِرَةِ تَخْشَى فَوَاتَ عَرَفَةَ أَنَّهَا تُهِلُّ بِالْحَجِّ وَتَكُونُ كَمَنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ابْتِدَاءً وَعَلَيْهَا هَدْيٌ وَلَا يَعْرِفُ مَالِكٌ رَفْضَ الْحَجِّ وَلَا رَفْضَ الْعُمْرَةِ لِمَنْ أَحْرَمَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ إِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ الْإِحْرَامَ فَلَا يَحِلُّ مِنْهُ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ وَيُتِمَّهُ وَبِقَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ) (وَالشَّافِعِيُّ) وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عُلَيَّةَ فِي الْحَائِضِ وَفِي الْمُعْتَمِرِ يَخَافُ فَوَاتَ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ قَالُوا وَلَا يَكُونُ إِحْلَالُهُ بِالْحَجِّ نَقْضًا لِلْعُمْرَةِ وَيَكُونُ قَارِنًا وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ودفعوا

حَدِيثَ عُرْوَةَ هَذَا وَقَالُوا هُوَ غَلَطٌ وَوَهْمٌ لَمْ يُتَابِعْ عُرْوَةَ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ عَائِشَةَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا كَانَتْ عَائِشَةُ يَوْمَئِذٍ مُهِلَّةً بِالْحَجِّ وَلَمْ تَكُنْ مُهِلَّةً بِعُمْرَةٍ كَمَا قَالَ عُرْوَةُ قَالُوا وَإِذَا كَانَتْ مُهِلَّةً بالحج سقط القول عنا فِي رَفْضِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُهِلَّةً (بالعمرة) قَالُوا وَقَدْ رَوَتْ عَمْرَةُ عَنْ عَائِشَةَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عن عائشة ما يدل (على) أنها كانت محرمة بِحَجَّةٍ لَا بِعُمْرَةِ وَذَكَرُوا حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ لَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ أَوْ لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سعيد وكذلك (روى) منصور عن إبرهيم عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَرَى إِلَّا (أَنَّهُ) الْحَجُّ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ

فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي فَقَالَ مَا يُبْكِيكِ يَا عَائِشَةُ فَقُلْتُ حِضْتُ لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ حَجَجْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ انْسُكِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ فَلَمَّا دَخَلْنَا مَكَّةَ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَذَكَرَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا حِينَ شَكَتْ إِلَيْهِ حَيْضَتَهَا انْسُكِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ الطَّوَافِ وَهَذَا وَاضِحٌ أَنَّهَا كَانَتْ حَاجَةً مُهِلَّةً بِالْحَجِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو ثَابِتٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ حَاتِمٍ وَهُوَ أَتَمُّ مَعْنًى وَبَعْضُ حَدِيثِهِمَا دَخَلَ فِي بَعْضٍ أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَيَّامِ الْحَجِّ حَتَّى قَدِمْنَا سَرِفَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ سَاقَ هَدْيًا فَأَحَبَّ

أَنْ يَحِلَّ مِنْ حَجِّهِ بِعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ قَالَتْ عَائِشَةُ فَالْآخِذُ بِذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَالتَّارِكُ وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ وَكَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الْهَدْيُ فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ عُمْرَةٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ حَاتِمٍ قَالَ فَلَمْ يَحِلُّوا (قَالَتْ) فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي وَقَدْ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ فَقَالَ مَا يُبْكِيكِ فَقُلْتُ حُرِمْتُ الْعُمْرَةَ لَسْتُ أُصَلِّي قَالَ إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ فَكُونِي عَلَى حَجِّكِ وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِهَا وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ وَقَوْلِهِ فَكُونِي عَلَى حَجِّكِ وَقَوْلِهَا فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهَا فِي رِوَايَةِ الْحُفَّاظِ أَيْضًا خَرَجْنَا لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَمِرَةً وَلَا مُهِلَّةً بِعُمْرَةٍ كَمَا زَعَمَ عُرْوَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَأْمُرُهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَفْضِ عُمْرَةٍ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ بِحَجَّةٍ لَا بِعُمْرَةٍ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَدِ اجْتَمَعَ

هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْقَاسِمَ وَعَمْرَةَ وَالْأَسْوَدَ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ عُرْوَةَ غَلَطٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْغَلَطُ إِنَّمَا وَقَعَ فِيهِ أَنَّهَا لَمْ يُمْكِنْهَا الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَأَنْ تَحِلَّ بِعُمْرَةٍ كَمَا فَعَلَ مَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَتْرُكَ الطَّوَافَ وَتَمْضِيَ عَلَى الْحَجِّ فَتَوَهَّمُوا بِهَذَا الْمَعْنَى أَنَّهَا كَانَتْ مُعْتَمِرَةً وَأَنَّهَا تَرَكَتْ عُمْرَتَهَا وَابْتَدَأَتِ الْحَجَّ قَالَ وَكَيْفَ يَجُوزُ لِإِنْسَانٍ أَنْ يَتْرُكَ عُمْرَتَهُ أَوْ حَجَّهُ وَاللَّهُ يَقُولُ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَأَمَرَ بِإِتْمَامِ مَا دَخَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَإِذَا حَاضَتِ الْمُعْتَمِرَةُ وَحَضَرَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَخَافَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ أَدْخَلَتِ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَصَارَتْ قَارِنَةً وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إِذَا أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ خَافَ فَوَاتَ عَرَفَةَ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَأَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَصَارَ قَارِنًا كَمَا يَفْعَلُ مَنْ لَا يَخَافُ فَوَاتَ عَرَفَةَ سَوَاءً وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ لِلْقِرَانِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَالَ أَيْضًا بَعْضُ مَنْ يَأْبَى رَفْضَ الْعُمْرَةِ لِلْحَائِضِ مُحْتَجًّا لِمَذْهَبِهِ قَدْ رَوَى ابْنُ شِهَابٍ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ (عَنْ عُرْوَةَ) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ يَوْمَئِذٍ كُنْتُ مُهِلَّةً بِعُمْرَةٍ وَهَؤُلَاءِ حُفَّاظٌ لَا يدفع

حفظهم وإتقانهم وَقَدْ صَرَّحُوا عَنْهَا بِأَنَّهَا كَانَتْ مُهِلَّةً بِعُمْرَةٍ وَوَافَقَهُمْ جَابِرٌ عَلَى ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ عَنْهُ وَذَكَرَ فِي حَدِيثِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ بِالْحَجِّ فَتَكُونَ قَارِنَةً مُدْخِلَةً لِلْحَجِّ عَلَى عُمْرَتِهَا إِذْ لَمْ يُمْكِنْهَا الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ لِحَيْضِهَا وَخَشِيَتْ فَوَاتَ عَرَفَةَ قَالُوا وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ مَنْ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ كُنَّا مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ وَخَرَجْنَا لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ بَيَانٌ لِأَنَّهَا كَانَتْ هِيَ مُهِلَّةً بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْلَالٌ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا خَرَجْنَا تَعْنِي خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ تُرِيدُ بَعْضَ أَصْحَابِهِ أَوْ أَكْثَرَ أَصْحَابِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَيْسَ الِاسْتِدْلَالُ الْمُحْتَمِلُ لِلتَّأْوِيلِ كَالصَّرِيحِ وَقَدْ صَرَّحَ جَابِرٌ بِأَنَّهَا كَانَتْ مُهِلَّةً يَوْمَئِذَ بِعُمْرَةٍ كَمَا قَالَ عُرْوَةُ عَنْهَا قَالُوا وَالْوَهْمُ الَّذِي دَخَلَ عَلَى عُرْوَةَ (وَاللَّهُ أَعْلَمُ) إِنَّمَا كَانَ فِي قَوْلِهِ انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَدَعِي الْعُمْرَةَ وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ فَلْيُهِلَّ وَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ قَالَتْ عَائِشَةُ وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ مَعَهُ وَأَهَلَّ نَاسٌ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَأَهَلَّ نَاسٌ بِالْعُمْرَةِ وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ قَالَ سُفْيَانُ ثُمَّ غَلَبَنِي الْحَدِيثُ فَهَذَا الَّذِي حَفِظْتُ مِنْهُ

فَهَذَا وَاضِحٌ فِي أَنَّهَا كَانَتْ مُهِلَّةً بِعُمْرَةٍ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ فَقَالَ لَنَا مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ فَلْيُهِلَّ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ قَالَتْ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فأظللني يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال ارْفُضِي عُمْرَتِكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذي الحج فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ فَإِنِّي لَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ قَالَتْ عائشة فأهل

بَعْضُ أَصْحَابِهِ بِعُمْرَةٍ وَبَعْضُهُمْ بِحَجَّةٍ وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ قَالَتْ فَأَدْرَكَتْنِي عَرَفَةُ وَأَنَا حَائِضٌ (فَذَكَرَ الْحَدِيثَ) وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة مِثْلَهُ وَقَالَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ وَقَالَ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ) وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِعُمْرَةٍ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثُ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عَائِشَةَ أَقْبَلَتْ مُهِلَّةً بِعُمْرَةٍ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بِسَرِفَ عَرَكَتْ فَدَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَهَا تَبْكِي فَقَالَ مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ حِضْتُ وَلَمْ أَحْلِلْ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَالنَّاسُ يَذْهَبُونَ الْآنَ إِلَى الْحَجِّ قَالَ فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَاغْتَسِلِي ثُمَّ أَهِلِّي بِالْحَجِّ فَفَعَلْتُ وَوَقَفْتُ الْمَوَاقِفَ كُلَّهَا حَتَّى إِذَا طَهُرْتُ طُفْتُ

بِالْكَعْبَةِ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ قَالَ قَدْ حَلَلْتِ مِنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ هَكَذَا قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِي أَنِّي لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى حَجَجْتُ فَقَالَ اذْهَبْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ وَذَلِكَ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ هَكَذَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عَائِشَةَ أَقْبَلَتْ مُهِلَّةً بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ فِيهِ قَدْ حَلَلْتِ مِنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَقْبَلْنَا مُهِلِّينَ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ وَأَقْبَلَتْ عَائِشَةُ مُهِلَّةً بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِسَرِفَ عَرَكَتْ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَاغْتَسِلِي ثُمَّ أَهِلِّي بِحَجٍّ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَدَعِي الْعُمْرَةَ وَلَا انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي قَالُوا فَالْوَجْهُ عِنْدَنَا فِي حَدِيثِهَا أَنَّهَا كَانَتْ مُهِلَّةً بِعُمْرَةٍ فَلَمَّا حَاضَتْ وَخَافَتْ فَوْتَ عَرَفَةَ أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُهِلَّ بِالْحَجِّ مُدْخِلَةً لَهُ عَلَى الْعُمْرَةِ وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُخَالِفُ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ لِأَنَّهَا تَكُونُ قَارِنَةً

وَيَكُونُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ دَمٌ لِقِرَانِهَا وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ فَالْوَهْمُ الدَّاخِلُ عَلَى عُرْوَةَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي قَوْلِهِ انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَمْ يَسْمَعْهُ عُرْوَةُ فِي حَدِيثِهِ ذَلِكَ مِنْ عَائِشَةَ فَبَيَّنَ مَوْضِعَ الْوَهْمِ فِيهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَا أَخْبَرَنَا (مُحَمَّدُ بْنُ (3) أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ) قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِينَ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَمِنَّا من أهل

بِعُمْرَةٍ حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِسَرِفَ حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَأَنَا أَبْكِي فَقَالَ مَا شَأْنُكِ فَقُلْتُ وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَخْرُجِ الْعَامَ وَذَكَرَتْ لَهُ مَحِيضَهَا قَالَ عُرْوَةُ فَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا دَعِي عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ الْمُسْلِمُونَ فِي حَجِّهِمْ قَالَتْ فَأَطَعْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الصَّدْرِ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَخْرَجَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهَلَّتْ (مِنْهُ) بِعُمْرَةٍ فَفِي رِوَايَةِ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِلَّةُ اللَّفْظِ الَّذِي عَلَيْهِ مَدَارُ الْمُخَالِفِ فِي النُّكْتَةِ الَّتِي بِهَا يَسْتَجِيزُ رَفْضَ الْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ كَلَامٌ لَمْ يَسْمَعْهُ عُرْوَةُ مِنْ عَائِشَةَ وَإِنْ كَانَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَدِ انْفَرَدَ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ فِيمَا نَقَلَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاضْطِرَابُ عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِهَا (هَذَا) فِي الْحَجِّ عَظِيمٌ وَقَدْ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءَ فِي تَوْجِيهِ الرِّوَايَاتِ فِيهِ وَدَفَعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِبَعْضٍ وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا الْجَمْعَ بَيْنَهَا وَرَامَ قَوْمٌ الْجَمْعَ بَيْنَهَا فِي بَعْضِ مَعَانِيهَا وَكَذَلِكَ أَحَادِيثُهَا فِي الرَّضَاعِ مُضْطَرِبَةٌ أَيْضًا (وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي أَحَادِيثِهَا

فِي الْحَجِّ وَالرَّضَاعِ إِنَّمَا جَاءَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الرُّوَاةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ جَاءَ ذَلِكَ مِنْهَا فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ أَلَا تَعْجَبُ مِنَ اخْتِلَافِ عُرْوَةَ وَالْقَاسِمِ قَالَ الْقَاسِمُ أَهَلَّتْ عَائِشَةُ بِالْحَجِّ وَقَالَ عُرْوَةُ أَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ وَذَكَرَ الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي الْحَجِّ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا وَلَا نَدْرِي أَذَلِكَ كَانَ مِمَّنْ حَدَّثَهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَجِدْ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ أَفْتَى بِهَذَا - قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ مَالِكٌ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي رَفْضِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ عِنْدَهُ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا أَنَّهُ جَائِزٌ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ وَيَتَمَتَّعَ بِهَا وَمِنْهَا أَنَّ الْقَارِنَ يَطُوفُ طَوَافًا وَاحِدًا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ مَا نَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْمُعْتَمِرَةُ الْحَائِضُ إِذَا خَافَتْ فَوْتَ عَرَفَةَ رَفَضَتْ عُمْرَتَهَا وَأَلْغَتْهَا وَأَهَلَّتْ بِالْحَجِّ وَعَلَيْهَا لِرَفْضِ عُمْرَتِهَا دَمٌ ثُمَّ تَقْضِي عُمْرَةً بَعْدُ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَحَدِيثُ هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا فِي حَدِيثِهَا الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ دَعِي عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ قَالُوا وَلَا يُقَاسُ بِالزُّهْرِيِّ وَعُرْوَةَ أَحَدٌ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ فَقَالُوا وَكَذَلِكَ رَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَزِيَادَةُ مِثْلِ الزُّهْرِيِّ وَهَؤُلَاءِ مَقْبُولَةٌ وَقَدْ زَادُوا وَذَكَرُوا مَا قَصُرَ عَنْهُ غَيْرُهُمْ وَحَذَفَهُ وَلَيْسَ مَنْ قَصُرَ عَنْ ذِكْرِ شَيْءٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ بِحُجَّةٍ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ذَكَرْتُ لِلثَّوْرِيِّ مَا حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا خَشِيَ الْمُتَمَتِّعُ فَوْتًا أَهَلَّ بِحَجٍّ فِي عُمْرَتِهِ وَكَذَلِكَ الْحَائِضُ الْمُعْتَمِرَةُ تُهِلُّ بِحَجٍّ فِي عُمْرَتِهَا قَالَ وَحَدَّثَنَا هِشَامٌ عن الحسن مثله وعن طاووس (مِثْلَهُ) فَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا نَقُولُ بِهَذَا وَلَا نَأْخُذُ بِهِ وَنَأْخُذُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَنَقُولُ عَلَيْهَا لِرَفْضِ عُمْرَتِهَا دَمٌ - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ الَّذِي أَخَذَ بِهِ الثَّوْرِيُّ ذِكْرُ دَمٍ لَا مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَلَا مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ بَلْ قَالَ فِيهِ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ (مِنْ ذَلِكَ دَمٌ ذَكَرَ ذَلِكَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَغَيْرُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا) وَمِنْ حُجَّةِ الثَّوْرِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي رَفْضِ الْعُمْرَةِ قَوْلُ عَائِشَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (حِينَئِذٍ) يَا رَسُولَ اللَّهِ يَرْجِعُ صَوَاحِبِي بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَأَرْجِعُ أَنَا بِالْحَجِّ وَلَوْ كَانَتْ قَارِنَةً قَدْ أَدْخَلَتْ عَلَى عُمْرَتِهَا حَجًّا لَمْ تَقُلْ ذلك

وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلِذَلِكَ أَمَرَ أَخَاهَا أَنْ يَخْرُجَ بِهَا إِلَى التَّنْعِيمِ فَتَعْتَمِرَ مِنْهُ مَكَانَ الْعُمْرَةِ الَّتِي رَفَضَتْهَا وَهَذَا الْقَوْلُ قَدْ دَفَعْنَاهُ فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا الْبَابِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَوَاهُ أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ عَنْهُ وَالْقَاسِمُ يَقُولُ عَنْهَا أَنَّهَا أَهَلَّتْ بِحَجٍّ لَا بِعُمْرَةٍ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِ رَفْضُ عُمْرَةٍ وَقَدْ يُوجَدُ مَعْنَى حَدِيثِ الْقَاسِمِ هَذَا عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مَنْ صَحَّحَ هَذَا أَنْ يُصَحِّحَ أَنَّهَا كَانَتْ مُهِلَّةً بِحَجٍّ مُفْرَدٍ فَيُبْطِلُ عَلَيْهِ أَصْلَهُ فِي رَفْضِ الْعُمْرَةِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِي مِنْ عُمْرَتِي أَنْ لَمْ أَكُنْ طُفْتُ قَالَ فَاذْهَبْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ أَدْخَلَتِ الْحَجَّ عَلَى عُمْرَتِهَا وَلَمْ تَطُفْ لِذَلِكَ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا فَأَحَبَّتْ أَنْ تَطُوفَ طَوَافَيْنِ كَمَا طَافَ مِنْ صَوَاحِبِهَا مَنْ تَمَتَّعَ وَسَلِمَ مِنَ الْحَيْضِ حَتَّى طَافَ بِالْبَيْتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي حَدِيثِنَا الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَمِنْ دَفْعِ رَفْضِ الْعُمْرَةِ إِدْخَالُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَهُوَ شَيْءٌ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مَا لَمْ يَطُفِ الْمُعْتَمِرُ بِالْبَيْتِ أَوْ يأخذ في

الطَّوَافِ وَاخْتَلَفُوا فِي إِدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ فَقَالَ مَالِكٌ يُضَافُ الْحَجُّ إِلَى الْعُمْرَةِ وَلَا تُضَافُ الْعُمْرَةُ إِلَى الْحَجِّ قَالَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَيْسَتِ الْعُمْرَةُ بِشَيْءٍ وَلَا يَلْزَمُهُ لِذَلِكَ شَيْءٌ وَهُوَ حَاجٌّ مُفْرِدٌ وَكَذَلِكَ مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ فَأَدْخَلَ عَلَيْهَا حَجَّةً أُخْرَى أَوْ أَهَلَّ بِحَجَّتَيْنِ لَمْ تَلْزَمْهُ إِلَّا وَاحِدَةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَقَالَ بِبَغْدَادَ إِذَا بَدَأَ فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يُدْخِلُ الْعُمْرَةَ عَلَيْهِ وَالْقِيَاسُ أَنَّ أَحَدَهُمَا إِذَا جَازَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى الْآخَرِ فَهُمَا سَوَاءٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مَنْ أَضَافَ إِلَى حَجٍّ عُمْرَتَهُ لَزِمَتْهُ وَصَارَ قَارِنًا وَقَدْ أَسَاءَ فِيمَا فَعَلَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ لَزِمَتَاهُ وَصَارَ رَافِضًا لِإِحْدَاهُمَا (حِينَ يَتَوَجَّهُ إِلَى مَكَّةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَلْزَمُهُ الْحَجَّتَانِ وَيَصِيرُ رَافِضًا لِإِحْدَاهُمَا (3) سَاعَتَئِذٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ تَلْزَمُهُ الْوَاحِدَةُ إِذَا أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِذَا أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضُمَّ إِلَيْهَا عُمْرَةً وَلَا يُدْخِلَ إِحْرَامًا عَلَى إِحْرَامٍ كَمَا لَا يُدْخِلُ صَلَاةً عَلَى صَلَاةٍ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْقَارِنَ يُجْزِيهِ طَوَافٌ وَاحِدٌ (وَسَعْيٌ وَاحِدٌ) وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ مَذْهَبُ

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَقَوْلِ الْحَسَنِ ومجاهد وطاووس وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ مَالِكٍ هَذَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَفِيهِ قَالَتْ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الذين جمعواالحج وَالْعُمْرَةَ إِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا فَإِنْ قِيلَ إِنَّ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ لَمْ يَذْكُرْ (هَذَا فِيهِ) مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ قِيلَ لَهُ إِنَّ تَقْصِيرَ مَنْ قَصُرَ عَنْهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى مَنْ حَفِظَهُ وَمَالِكٌ أَثْبَتُ النَّاسِ عِنْدَ النَّاسِ فِي ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ ذَكَرَهُ مَالِكٌ وَحَسْبُكَ بِهِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا حَدِيثُ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال من جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ كَفَاهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ فَإِنْ قِيلَ الدَّرَاوَرْدِيُّ غَلِطَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَفَعَهُ وَإِنَّمَا هُوَ حَدِيثٌ مَوْقُوفٌ كَذَلِكَ رَوَاهُ كُلُّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا قِيلَ لَهُمْ قَدْ رَوَى أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا مَخَافَةَ حَصْرٍ قَالَ مَا شَأْنُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ إِلَى عُمْرَتِي حَجَّةً ثُمَّ تَقَدَّمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا وَقَالَ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الطُّرُقَ عَنْ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ نَافِعٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لها إذا رجعت إِلَى مَكَّةَ فَإِنَّ طَوَافَكِ يُجْزِيكِ لِحَجَّتِكِ وَعُمْرَتِكِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رَوَاهُ اللَّيْثُ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَةَ طُوفِي بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ قَدْ حَلَلْتِ مِنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ وَرَوَى رَبَاحُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى طَوَافٍ وَاحِدٍ وَرَوَى مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بِالْبَيْتِ طَوَافًا وَاحِدًا لِحَجَّتِهِ وَعُمْرَتِهِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ خَطَأٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عَنْ عَطَاءٍ إِلَّا أَنَّهُ يُشْبِهُ مَذْهَبَ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي التمتع

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَلَى الْقَارِنِ طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنُ مسعود وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ زِيَادِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ قَالَا فِي الْقَارِنِ يَطُوفُ طَوَافَيْنِ ويسعى سعيين وروى منصور عن إبرهيم وَمَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي نَصْرٍ السُّلَمِيِّ قَالَ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ فَأَدْرَكْتُ عَلِيًّا فَقُلْتُ لَهُ إِنِّي أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ أَفَأَسْتَطِيعُ أَنْ أُضِيفَ إِلَيْهِ عُمْرَةً قَالَ لَا لَوْ كُنْتَ أَهْلَلْتَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَرَدْتَ أَنْ تُضِيفَ إِلَيْهَا حَجًّا ضَمَمْتَهُ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ إِذَا أَرَدْتُ ذَلِكَ قَالَ تَصُبُّ عَلَيْكَ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ ثُمَّ تُحْرِمُ بِهِمَا جَمِيعًا وَتَطُوفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَوَافًا وَرَوَاهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ وَرَوَى الْأَعْمَشُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمَالِكِ بْنِ الحارث عن عبد الرحمن بن أذنية قَالَ سَأَلْتُ عَلِيًّا فَذَكَرَهُ وَرَدُّوا حَدِيثَ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَوَافُكِ يُجْزِيكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ بِأَنَّ عُرْوَةَ رَوَى عَنْهَا انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَدَعِي الْعُمْرَةَ وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ قَالُوا فَكَيْفَ

يَكُونُ طَوَافُهَا فِي حَجَّتِهَا الَّتِي أَحْرَمَتْ بِهَا بعد ذلك يجزىء عَنْهَا مِنْ حَجَّتِهَا تِلْكَ وَمِنْ عُمْرَتِهَا الَّتِي رَفَضَتْهَا وَتَرَكَتْهَا هَذَا مُحَالٌ وَزَعَمُوا أَنَّ حَدِيثَ عطاء عن عائشة لم يتابع عليه بن أَبِي نَجِيحٍ وَأَنَّ حَدِيثَ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ رَوَاهُ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ فَجَعَلَهُ فِي السَّعْيِ قَالَ لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا وَسَنَزِيدُ الْقَوْلَ فِي إِدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ وَفِي طَوَافِ الْقَارِنِ بَيَانًا فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي قَوْلِ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَأَمَّا الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَاجَّ يُجْزِيهِ فِي حَجِّهِ إِنْ كَانَ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا طَوَافٌ وَاحِدٌ وَيَقْضِي بِذَلِكَ فَرْضَهُ فَإِنْ جَعَلَ الطَّوَافَ يَوْمَ النَّحْرِ وَوَصَلَهُ بِالسَّعْيِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي تَرْكِ طَوَافِ الْقُدُومِ غَيْرَ الدَّمِ وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا فِي تَرْكِهِ لَمْ يَأْثَمْ وَالطَّوَافُ الْمَوْصُولُ بِالسَّعْيِ فِي حِينِ دُخُولِ مَكَّةَ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي نِيَابَتِهِ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ مَذْهَبٌ نَذْكُرُهُ فِي بَابِ نَافِعٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

حَدِيثٌ حَادِي عَشَرَ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْحِجَابُ قَالَتْ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ (عَلَيَّ (1) - قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ احْتِجَابَ النِّسَاءِ مِنَ الرِّجَالِ لَمْ يَكُنْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ النِّسَاءَ وَلَا يَسْتَتِرُ نِسَاؤُهُمْ عَنْ رِجَالِهِمْ إِلَّا بِمِثْلِ مَا كَانَ يَسْتَتِرُ رِجَالُهُمْ عَنْ رِجَالِهِمْ حَتَّى نَزَلَتْ آيَاتُ الْحِجَابِ وَكَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا فِيمَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ وَالسِّيَرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ طَعَامًا وَدَعَا إِلَيْهِ أَصْحَابَهُ (فِي هِدَاءِ زَيْنَبَ) وَذَلِكَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَلَمَّا أَكَلُوا أَطَالُوا الْحَدِيثَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَسْتَحِي مِنْهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ يَقُولُ غَيْرَ مُنْتَظِرِينَ وَمُتَحَيِّنِينَ وَقْتَهَ يَعْنِي

وَقْتَ الطَّعَامِ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلك كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهم مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا وَقُرِئَتْ حَتَّى تستأذنوا ثم نزلت يا أيها النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ فَأُمِرَ النِّسَاءُ بِالْحِجَابِ ثُمَّ أُمِرْنَ عِنْدَ الْخُرُوجِ أَنْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ وَهُوَ الْقِنَاعُ وَهُوَ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ فِي الْحَرَائِرِ دُونَ الْإِمَاءِ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ ذوي المحارم من النسب والرضاع لا يحتج مِنْهُمْ وَلَا يُسْتَتَرُ عَنْهُمْ إِلَّا الْعَوْرَاتُ وَالْمَرْأَةُ فِي مَا عَدَا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا عَوْرَةٌ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا يَجُوزُ لَهَا كَشْفُهُ فِي الصَّلَاةِ وَقُبُلُ الرَّجُلِ وَدُبُرُهُ عَوْرَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ النَّاسِ فِي الْفَخِذِ مِنَ الرَّجُلِ (فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ (4)) وَبَيَّنَّا مَعَانِيَ الْعَوْرَةِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَفِي بَابِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مَنْ يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ الِاسْتِتَارُ عَنْهُ وَزِدْنَا ذَلِكَ بَيَانًا فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَجَرَى مِنْ هَذَا الْمَعْنَى ذِكْرٌ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا لِابْنِ شِهَابٍ وَأَوْضَحْنَا فِي بَابِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ الْمَعْنَى فِي الِاحْتِجَابِ وَالِاسْتِئْذَانِ عَلَى ذَوَاتِ

الْمَحَارِمِ جُمْلَةً وَمَا يَحِلُّ لِذِي الْمَحْرَمِ أَنْ يَرَاهُ مِنْ ذَاتِ مَحَارِمِهِ وَمَا يَحِلُّ مِنْ ذَلِكَ لِلْعَبِيدِ الذُّكُورِ وَالْإِمَاءِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ عَنْ نَبْهَانَ أَنَّهُ كَانَ يَقُودُ بِأُمِّ سَلَمَةَ بَعِيرَهَا فَسَأَلَتْهُ كَمْ بَقِيَ عَلَيْكَ مِنْ كِتَابَتِكَ فَقَالَ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَالَتْ فَهِيَ عِنْدَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَتْ فَأَعْطِهَا فُلَانًا قَالَ عَلَيٌّ قَدْ سَمَّاهُ سُفْيَانُ فَذَهَبَ مِنْ كِتَابِي وَأَلْقَتِ الْحِجَابَ وَقَالَتْ عَلَيْكَ السَّلَامُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مَكَاتِبُ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ) وَفِيهِ أَنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَفُقَهَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَمَعْنَى لَبَنِ الْفَحْلِ تَحْرِيمُ الرَّضَاعِ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ مِثَالُ ذَلِكَ المرأة ترضع الطفل فَيَكُونُ ابْنُهَا ابْنَ رَضَاعَةٍ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ وَيَكُونُ كُلُّ وَلَدٍ لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ إِخْوَتَهُ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَبِهِ نَزَلَ الْقُرْآنُ فَقَالَ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ رَضَاعُهُمْ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ مِنَ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ هُمْ كُلُّهُمْ إِخْوَةُ رَضَاعٍ

بِإِجْمَاعٍ وَاخْتَلَفُوا فِي زَوْجِ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعَةِ هَلْ يَكُونُ أَبًا لِلطِّفْلِ بِأَنَّهُ كَانَ سَبَبَ اللَّبَنِ الَّذِي بِهِ أُرْضِعَ وَهَلْ يَكُونُ وَلَدُهُ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ إِخْوَةَ الرَّضِيعِ أَمْ لَا فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ زَوْجَ تلك المرأة أب لذلك الطفل لِأَنَّ اللَّبَنَ لَهُ وَبِسَبَبِهِ وَمِنْهُ وَكُلُّ وَلَدٍ لِذَلِكَ الرَّجُلِ مِنْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَمِنْ غَيْرِهَا فَهُمْ إِخْوَةُ الصَّبِيِّ الْمُرْضَعِ وَهَذَا مَوْضِعُ التَّنَازُعِ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا بَيَانُ تَحْرِيمِ الرَّضَاعِ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ لِأَنَّ أَفْلَحَ الْمُسْتَأْذِنَ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضَاعٌ وَلَوْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ رَضَعَ مَعَ أَفْلَحَ هَذَا امْرَأَةً وَاحِدَةً لَمْ تَحْجُبْهُ عَائِشَةُ وَمَا كَانَتْ عَائِشَةُ وَلَا مِثْلُهَا مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ هَذَا وَلَكِنْ لَمَّا عَلِمَتْ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَخٍ لِأَبِيهَا مِنَ الرَّضَاعِ حَجَبَتْهُ وَكَانَتِ امْرَأَةُ أَخِيهِ أَبِي الْقُعَيْسِ قَدْ أَرْضَعَتْهَا فَصَارَتْ أُمَّهَا مِنَ الرَّضَاعِ وَزَوْجُهَا أَبُو الْقُعَيْسِ أَبًا لَهَا فَلِهَذَا مَا صَارَ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ عَمَّهَا وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الرِّجَالَ يَكُونُ الرَّضَاعُ وَاللَّبَنُ مِنْ قِبَلِهِمْ أَيْضًا فَحَجَبَتْهُ حَتَّى أَعْلَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَرَى مُرَاجَعَتَهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا إِذْ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ تَقُولُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَيْسَ أَخًا لِلْمَرْأَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْنِي وَإِنَّمَا هُوَ أَخُو زَوْجِهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ عَمُّكِ وَمَنِ ادَّعَى أَنَّ أَبَا الْقُعَيْسِ كَانَ رَضِيعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَدْ كَابَرَ وَدَفَعَ الْآثَارَ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهَا قَالَتْ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ بَعْدَمَا نَزَلَ الْحِجَابُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ الَّذِي أَرْضَعَنِي وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ قَالَ عُرْوَةُ فَلِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا تُحَرِّمُونَ مِنَ النَّسَبِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَنَرَى ذَلِكَ يَحْرُمُ مِنْهُ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ وَوَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ (عَمْرٍو) قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ (عَنْ عَائِشَةَ) قَالَتْ جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ بَعْدَ مَا ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا آذَنُ لَهُ حَتَّى اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ قَالَ فَلْيَلِجْ فَقُلْتُ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ فَقَالَ

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ وَكَانَتْ تَقُولُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ أَفْلَحُ بْنُ أَبِي الْقُعَيْسِ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيَّ بَعْدَ مَا ضُرِبَ الْحِجَابُ فَلَمْ آذَنْ لَهُ فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ فَقَالَ إِنَّهُ عَمُّكِ فَأْذَنِي لَهُ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم (مثله) وَزَادَ فِيهِ أَنَّهَا قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ لَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرِبَتْ يَمِينُكِ هُوَ عَمُّكِ فَأْذَنِي لَهُ وَقَدْ ذَكَرَ مَعْمَرٌ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن عروة عن عائشة قَالَتْ جَاءَ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا فَقَالَ إِنِّي

عَمُّكِ فَأَبَتْ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَفَلَا أَذِنْتِ لِعَمِّكِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ قَالَ فَأْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ (وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلَ رواية معمر) قال وكان أبو القيس أَخَا زَوْجِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْ عَائِشَةَ وَقَالَ مَعْمَرٌ وَأَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ وَقَدْ رَوَاهُ عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ فَأَوْضَحَ الْمَعْنَى فِيهِ وَبَيَّنَ الْمُرَادَ مِنْهُ أَيْضًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حُبَابَةَ قَالَا حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ

ابن أَبِي قُعَيْسٍ فَلَمْ آذَنْ لَهُ فَقَالَ لِي إِنِّي عَمُّكِ أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي (بِلَبَنِ أَخِي) قَالَتْ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَدَقَ هُوَ عَمُّكِ فَأْذَنِي لَهُ وَمِمَّنْ قَالَ لَبَنُ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ وَالرَّضَاعُ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ كَهُوَ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ شِهَابٍ وَطَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ قَالَ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ فَأَرْضَعَتْ إِحْدَاهُمَا جَارِيَةً وَأَرْضَعَتِ الْأُخْرَى غُلَامًا هَلْ يَتَزَوَّجُ الْغُلَامُ الْجَارِيَةَ فَقَالَ لَا اللِّقَاحُ وَاحِدٌ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُحَرِّمُ لَبَنَ الْفَحْلِ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكُ (بْنُ أَنَسٍ) وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَحُجَّتُهُمْ مَا قَدَّمْنَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ أَبِي الْقُعَيْسِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ (عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهَا) وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي عَنِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ قَالَ مَالِكٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أَمْرِ الرَّضَاعَةِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَنَزَلَ بِرِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي أَزْوَاجِهِمْ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ فَاسْتُفْتُوا فِي ذَلِكَ

فَاخْتَلَفَ النَّاسُ عَلَيْهِمْ (فَأَمَّا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ وَابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ) فَفَارَقُوا نِسَاءَهُمْ وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَثْلَهُ وَزَادَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ اخْتِلَافًا شَدِيدًا - قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمِمَّنْ قَالَ أَنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَا يُحَرِّمُ شَيْئًا سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَأَخُوهُ عَطَاءُ بْنُ يسار ومكحول وإبرهيم النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَأَبُو قِلَابَةَ وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَابْنِ عُلَيَّةَ وَقَضَى بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَكَانَ يَقُولُ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الرَّضَاعَةِ فِي شَيْءٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُ لَا بَأْسَ بِلَبَنِ الْفَحْلِ وَلَا يُحَرِّمُ شَيْئًا وَلَا تَكُونُ الرَّضَاعَةُ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ (بِحَالٍ) وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُفْتِي بِخِلَافِ حَدِيثِ أَبِي الْقُعَيْسِ رَوَى ذَلِكَ عَنْهَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْقَاسِمَ قَالَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَأْذَنُ لِمَنْ أَرْضَعَتْهُ أَخَوَاتُهَا وَبَنَاتُ أَخِيهَا وَلَا تَأْذَنُ لِمَنْ أُرْضِعُهُ نِسَاءُ إِخْوَتِهَا وَنِسَاءُ بَنِي أَخِيهَا وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُدْخِلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَتْهُ أَخَوَاتُهَا وَبَنَاتُ أَخِيهَا وَلَا تُدْخِلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَهُ نِسَاءُ إِخْوَتِهَا وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ اللَّيْثِيُّ قَالَ قَدِمَ الزُّهْرِيُّ الْمَدِينَةَ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ هِشَامٍ فَذَكَرَ أَنَّ عُرْوَةَ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ

عَلَى عَائِشَةَ وَقَدْ أَرْضَعَتْهَا امْرَأَةُ أَخِيهِ فَأَبَتْ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ فَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فَهَلَّا أَذِنْتِ لَهُ فَإِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ فَفَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لِذَلِكَ فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو أَنَّهُ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ لَكَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَأْذَنُ لِمَنْ أَرْضَعَ أَخَوَاتِهَا وَبَنَاتِ أَخِيهَا (عَلَيْهَا) وَلَا تَأْذَنُ لِمَنْ أَرْضَعَ نِسَاءَ أَخِيهَا وَبَنِي أَخِيهَا (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا (3) ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ مِنْ أَهْلِ الْقَيْرَوَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَرُّوخَ عَنْ هَاشِمِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ لَبَنِ الْفَحْلِ فَقَالَ يَكْرَهُهُ نَاسٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَلَا يَكْرَهُهُ آخَرُونَ وَكَانَ مَنْ كَرِهَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّنْ لَمْ يَكْرَهْهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ مَاهَانَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لَبَنَ الْفَحْلِ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُمْ كَرِهُوا لَبَنَ الْفَحْلِ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لَبَنَ الفحل)

وَوَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يزيد بن هرون عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وَعَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ لَبَنِ الْفَحْلِ فَقَالُوا مَا كَانَ مِنَ الرَّضَاعِ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ فَإِنَّهُ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ قَالَ أَوَّلُ مَا سَمِعْتُ بِلَبَنِ الْفَحْلِ وَأَنَا بِمَكَّةَ فَجَعَلَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ وَمَا بَأْسُ هَذَا وَمَنْ يَكْرَهُ هَذَا قَالَ فَلَمَّا قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فَقَالَ نُبِّئْتُ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكْرَهْهُ وَمَنْ كَرِهَهُ فِي أَنْفُسِنَا أَفْضَلُ مِمَّنْ لَمْ يَكْرَهْهُ وَمِمَّنْ كَرِهَهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ (ابْنُ وَضَّاحٍ) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَرُّوخَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ فَقَالَ مَنْ كَرِهَهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّنْ لَمْ يَكْرَهْهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ وَاقِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ لَهُ أَخٌ مِنْ مُزَيْنَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَأَرْضَعَتِ امْرَأَةُ الْمُزَنِيِّ ابْنَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَتَزَوَّجَهَا وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِذْ ذَاكَ حَيَّانِ (لَا

يُنْكِرَانِ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِلَبَنِ الْفَحْلِ بَأْسًا قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ لَا بَأْسَ بِلَبَنِ الْفَحْلِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ حَدِيثُ أَبِي الْقُعَيْسِ مُضْطَرِبٌ يَقُولُ فِيهِ الزُّهْرِيُّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ وَهُوَ الْمُسْتَأْذِنُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو إِنَّ أَبَا الْقُعَيْسِ كَانَ ذَلِكَ وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ أَفْلَحُ بْنُ أَبِي الْقُعَيْسِ وَهَذَا اضْطِرَابٌ قِيلَ لَهُ هَذَا اضْطِرَابٌ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْقَوْلِ بِالْحَدِيثِ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ بِالْحَدِيثِ وَالْمُرَادَ مِنْهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْأَثَرِ وَهُوَ أَنَّ الْمُسْتَأْذِنَ مَنْ كَانَ مِنْهُمَا فَزَوْجَةُ أَخِيهِ الْمُرْضِعَةُ لِعَائِشَةَ وَصَيَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ عَمًّا لَهَا وَسَوَاءٌ سُمِّيَ أَوْ لَمْ يُسَمَّ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ أَفْلَحُ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ وَابْنُ أَبِي الْقُعَيْسِ لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ أَبُو الْقُعَيْسِ بْنُ أَبِي الْقُعَيْسِ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ وَعِرَاكِ (بن ملك) مَا يَتَدَافَعُ وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ أَبَا الْقُعَيْسِ فَأَظُنُّهُ وَهْمًا وَابْنُ شِهَابٍ فِيمَا نَقَلَ مِنْ ذَلِكَ لَا يُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ فِي حِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ فَلَا حُجَّةَ فِيمَا

نَزَعَ بِهِ هَذَا الْقَائِلُ وَكَذَلِكَ لَا حُجَّةَ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ لِأَنَّ لَهَا أَنَّ تَأْذَنَ لِمَنْ شَاءَتْ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهَا وَتَحْجُبُ مَنْ شَاءَتْ وَلَوْ صَحَّ عَنْهَا هَذَا وَذَاكَ لَكَانَ الْمَصِيرُ إِلَى السُّنَّةِ أَوْلَى لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا يَضُرُّهَا مَنْ خَالَفَهَا وَالْمَصِيرُ إِلَيْهَا أَوْلَى كَمَا صَارَ مَنْ خَالَفَهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى مَا رَوَتْهُ فِي فَرْضِ الصَّلَاةِ وَقَصْرِهَا وَلَمْ يَصِرْ إِلَى إِتْمَامِهَا (هِيَ) فِي السَّفَرِ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ أَنَّ عَائِشَةَ حَجَبَتْ مَنْ حَجَبَتْ مِمَّنْ جَرَى ذِكْرُهُ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ إِلَّا بِخَبَرِ وَاحِدٍ (عَنْ وَاحِدٍ) وَبِمِثْلِ ذَلِكَ عَلِمْنَا حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ أَبِي الْقُعَيْسِ فَوَجَبَ عَلَيْنَا الْعَمَلُ بِالسُّنَّةِ إِذَا نَقَلَهَا الْعُدُولُ وَلَمْ يَجُزْ لَنَا تَرْكُهَا بِغَيْرِ سُنَّةٍ فَافْهَمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُوَافِقُ حَدِيثَ أَبِي الْقُعَيْسِ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ (4) وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ) وَرَوَاهُ أَيْضًا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ كُلُّ مَنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ بِشُبْهَةٍ فِي وَطْءٍ أَوْ نِكَاحٍ (صَحِيحٌ) فَاللَّبَنُ (لَهُ) يُحَرَّمُ مِنْ قِبَلِهِ وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ وَلَمْ يَقَعْ لَهُ دَرْؤُهُ بِشُبْهَةٍ فَلَيْسَ بِأَبٍ وَلَا فَحْلٍ مُرَاعًى لَبَنُهُ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعَى لَهُ نَسَبٌ فَكَيْفَ رَضَاعٌ قَالَ وَسَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ يَقُولُ ذَلِكَ يَعْنِي ابْنَ الْمَاجِشُونِ قَالَ وَلَوْ كَانَتْ جَارِيَةً مَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ فَقَطَعَ النَّسَبَ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ لَبَنِ الَّذِي يَطَأُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ فِي بَابِ أَبِي الْأَسْوَدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

حَدِيثُ ثَانِي عَشَرَ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ فَقَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا كَانَ تَبَنَّى سَالِمًا الَّذِي يُقَالُ لَهُ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَأَنْكَحَ أَبُو حُذَيْفَةَ سَالِمًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ ابْنُهُ (وَأَنْكَحَهُ) بِنْتَ أَخِيهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَهِيَ (يَوْمَئِذٍ) مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَفْضَلِ أَيَامَى قُرَيْشٍ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَا أَنْزَلَ فَقَالَ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ رُدَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أُولَئِكَ إِلَى أَبِيهِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أبوه رد إلى مواليه فجاءت سهلة بنت سُهَيْلٍ وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ وَهِيَ مِنْ بَنِي عَامِرٍ مِنْ لُؤَيٍّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَأَنَا فُضُلٌ وَلَيْسَ لَنَا إِلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ فَمَاذَا تَرَى فِي شَأْنِهِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَيَحْرُمُ بِلَبَنِهَا وَكَانَتْ تَرَاهُ ابْنًا مِنَ الرَّضَاعَةِ فَأَخَذَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَنْ كَانَتْ تُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَبَنَاتِ أَخِيهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ وَأَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَقُلْنَ لَا وَاللَّهِ مَا نَرَى الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ إِلَّا رُخْصَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَضَاعَةِ سَالِمٍ وَحْدَهُ لَا وَاللَّهِ لَا يَدْخُلُ عَلَيْنَا بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ فَعَلَى هَذَا كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ هَذَا حَدِيثٌ يَدْخُلُ فِي الْمُسْنَدِ لِلِقَاءِ عُرْوَةَ عَائِشَةَ وَسَائِرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلِقَائِهِ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ وَقَدْ رَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ مُخْتَصَرَ اللَّفْظِ مُتَّصِلَ الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَسْكَرِيُّ حدثنا يزيد بن سنان حدثنا عثمان بن عُمَرَ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ حَدَّثْنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أمر امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ أَنْ

تُرْضِعَ سَالِمًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ وَسَائِرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْبَيْنَ ذَلِكَ وَيَقُلْنَ إِنَّمَا كَانَتِ الرُّخْصَةُ فِي سَالِمٍ وَحْدَهُ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ حَدِيثَ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ رَوْحٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى وَقِيلَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَذَكَرُوا فِي إِسْنَادِهِ عَائِشَةَ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ حَدَّثْنَاهُ أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ طَالِبٍ الْحَافِظُ مِنْ كِتَابِهِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ بِصَنْعَاءَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَكَانَ بَدْرِيًّا وَسَاقَ الْحَدِيثَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ بِلَفْظِ حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا وَمَعْنَاهُ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ سَوَاءً حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ كَانَ قَدْ تَبَنَّى سَالِمًا وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ

قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ عبد الله بن ربيعة عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ شمس كان من شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَنَّى سَالِمًا وَهُوَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ كَمَا تَبَنَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَأَنْكَحَ أَبُو حُذَيْفَةَ بن عتبة سالما بنت أخيه ند بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَكَانَتْ هند بنت الوليد بن عتبة (بن ربيعة) مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَفْضَلِ أَيَامَى قُرَيْشٍ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَا أَنْزَلَ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ رُدَّ كُلُّ أَحَدٍ يَنْتَمِي مِنْ أُولَئِكَ إِلَى أَبِيهِ فَإِنْ لَمْ يعلم أبوه رد إلى مواليه فجاءت سهلة بِنْتُ سُهَيْلٍ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ فَقَالَتْ لَهُ فِيمَا بَلَغَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا وَكَانَ يَدْخُلُ (عَلِيَّ) وَأَنَا فُضُلٌ لَيْسَ لَنَا إِلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ فَمَاذَا تَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَهَا فِيمَا بَلَغَنَا أَرْضِعِيهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ فَتَحْرُمُ بِلَبَنِهَا

فكانت تراه ابنا من الرضاعة فأخذت بتلك الرَّضَاعَةَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ كَانَتْ تُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَبَنَاتَ أَخِيهَا أَنْ يُرْضِعْنَ لَهَا مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ وَأَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ (أَحَدٌ) وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ (وَاللَّهِ) مَا نَرَى الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنْتَ سُهَيْلٍ مِنْ رَضَاعَةِ سَالِمٍ إِلَّا رُخْصَةً فِي رَضَاعَةِ سَالِمٍ وَحْدَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ النَّاسِ فَوَاللَّهِ لَا يَدْخُلُ عَلَيْنَا أَحَدٌ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ فَعَلَى هَذَا الْأَمْرِ كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ وَابْنُ عبد الله بن ربيعة عن عائشة وأم سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ وَقَالَ اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ مُسَافِرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَهَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا عِنْدَنَا مَحْفُوظَةٌ غَيْرَ أَنِّي لَا أَعْرِفُ مَنِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ وَابْنُ عَائِذِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ وَأَظُنُّهُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَهُوَ ابْنُ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ حَدِيثَيْنِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ إِلَّا أَنَّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ هِنْدَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ فَاطِمَةَ ابْنَةَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَذَكَرْنَا أَيْضًا سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ وَأَبَاهَا وَذَكَرْنَا أَيْضًا هُنَاكَ فِي أَبِي حُذَيْفَةَ وَسَالِمٍ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ (وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَشْرَ رَضَعَاتٍ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ كُلَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ وَسَاقَ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَى قَوْلِ سَهْلَةَ فَمَا تَرَى فِي شَأْنِهِ وَوَصَلَهُ أَيْضًا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ مِنْهُمْ مَعْمَرٌ وَعُقَيْلٌ وَيُونُسُ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِمَعْنَاهُ

(وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِمَعْنَاهُ) أَيْضًا مُخْتَصَرًا وَقَدْ رَوَى مَعْنَاهُ فِي رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ الْقَاسِمُ وَعَمْرَةُ (عَنْ سَهْلَةَ) بِنْتِ سُهَيْلٍ مُخْتَصَرًا وَأَبُو حُذَيْفَةَ اسْمُهُ قَيْسُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَأُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ بْنِ أمية من بني ثعلبة بن الحرث بْنِ مَالِكٍ هَكَذَا قَالَ ابْنُ الْبَرْقِيِّ فِي اسْمِ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ قَيْسُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَأَنَا فُضُلٌ فَإِنَّ الْخَلِيلَ ذَكَرَ قَالَ رَجُلٌ مُتَفَضِّلٌ وَفُضُلٌ إِذَا تَوَشَّحَ بِثَوْبٍ فَخَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ (قَالَ) وَيُقَالُ امْرَأَةٌ فُضُلٌ وَثَوْبٌ فُضُلٌ فَمَعْنَى الْحَدِيثِ عِنْدِي أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَهِيَ مُتَكَشِّفَةٌ بَعْضُهَا مِثْلُ الشَّعْرِ وَالْيَدِ وَالْوَجْهِ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَهِيَ كَيْفَ أَمْكَنَهَا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فُضُلٌ مَكْشُوفَةُ الرَّأْسِ وَالصَّدْرِ وَقِيلَ الْفُضُلُ الَّذِي عَلَيْهِ ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَلَا إِزَارَ تَحْتَهُ وَهَذَا أَصَحُّ لِأَنَّ انْكِشَافَ الصَّدْرِ مِنَ الْحُرَّةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُضَافَ إِلَى أَهْلِ الدِّينِ عِنْدَ ذِي مَحْرَمٍ فَضْلًا عَنْ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ لِأَنَّ الْحُرَّةَ عَوْرَةٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى ذَلِكَ مِنْهَا إِلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَا لِذِي الْمَحْرَمِ أَنْ يَرَاهُ مِنْ نِسَائِهِ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ فِي بَابِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ ... تَقُولُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَا ... لَدَى السِّتْرِ إِلَّا لُبْسَةَ الْمُتَفَضِّلِ

هَكَذَا أَنْشَدَهُ أَبُو حَاتِمٍ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ نَضَتْ بِتَخْفِيفِ الضَّادِ وَيُقَالُ نَضَوْتُ الثَّوْبَ انْضُوهُ إِذَا نَزَعَتْهُ وَلَا يُقَالُ أنْضَيْتُهُ وَالَّذِي عَلَيْهِ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ رَضَاعَةُ الْكَبِيرِ وَالتَّحْرِيمُ بِهَا وَهُوَ مَذْهَبُ عَائِشَةَ مِنْ بَيْنِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَلَتْ عَائِشَةَ حَدِيثَهَا هَذَا فِي سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ عَلَى الْعُمُومِ فكانت تأمر أختها أُمَّ كُلْثُومٍ وَبَنَاتِ أَخِيهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا وَصَنَعَتْ عَائِشَةُ ذَلِكَ بِسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَمَرَتْ أُمَّ كُلْثُومٍ فَأَرْضَعَتْهُ فَلَمْ تُتِمَّ رَضَاعَهُ فَلَمْ يدخل عليها ورأى غَيْرُهَا هَذَا الْحَدِيثَ خُصُوصًا فِي سَالِمٍ وَسَهْلَةَ بِنْتِ سُهَيْلٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ كَاخْتِلَافِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَذَهَبَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِلَى أَنَّ رَضَاعَةَ الْكَبِيرِ تُحَرِّمُ كَمَا تُحَرِّمُ رَضَاعَةُ الصَّغِيرِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَرَوَى عَنْ عَلِيٍّ وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ وَالصَّحِيحُ (عَنْهُ أَنْ) لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ وَكَانَ أَبُو مُوسَى يُفْتِي بِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ إِلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَمَّا قَوْلُ عَطَاءٍ فَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عطاء يسئل قَالَ لَهُ رَجُلٌ سَقَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ لَبَنِهَا بَعْدَ مَا كُنْتُ رَجُلًا كَبِيرًا أَفَأَنْكِحُهَا قَالَ لَا قُلْتُ وَذَلِكَ رَأْيُكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ عَطَاءٌ كَانَتْ عَائِشَةُ تَأْمُرُ (بِهِ) بَنَاتِ أَخِيهَا

- قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا إِرْضَاعُ الْكَبِيرِ كَمَا ذَكَرَ يُحْلَبُ لَهُ اللَّبَنُ وَيُسْقَاهُ وَأَمَّا أَنْ تُلْقِمَهُ الْمَرْأَةُ ثَدْيَهَا كَمَا تَصْنَعُ بِالطِّفْلِ فَلَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ أَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى التَّحْرِيمِ بِمَا يَشْرَبُهُ الْغُلَامُ الرَّضِيعُ مِنْ (لَبَنِ) الْمَرْأَةِ وَإِنْ لَمْ يَمُصَّهُ مِنْ ثَدْيِهَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي السَّعُوطِ بِهِ وَفِي الْحُقْنَةِ وَالْوُجُورِ وَفِي حِينِ يَصْنَعُ لَهُ مِنْهُ بِمَا لَا حَاجَةَ بِنَا إلى ذكره هاهنا وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ أَنَّهُ قَالَ أَنَا أَكْرَهُ رَضَاعَ الْكَبِيرِ أَنْ أُحِلَّ مِنْهُ شَيْئًا وَرَوَى عَنْهُ كَاتِبُهُ أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْهُ فَقَالَتْ إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَلَيْسَ لِي مَحْرَمٌ فَقَالَ اذْهَبِي إِلَى امْرَأَةِ (رَجُلٍ) تُرْضِعُكِ فَيَكُونُ زَوْجُهَا أَبًا لَكِ فَتَحُجِّينَ مَعَهُ وَقَالَ بِقَوْلِ اللَّيْثِ قَوْمٌ مِنْهُمُ ابْنُ عُلَيَّةَ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ سَالِمٍ وَسَهْلَةَ وَفَتْوَاهَا بِذَلِكَ وَعَمَلُهَا بِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا

مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي لَأَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ عَلَيَّ كَرَاهِيَةً قَالَ فَأَرْضِعِيهِ قَالَتْ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم أولست فاعلم أَنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَأَرْضِعِيهِ ثُمَّ أَتَتْهُ بَعْدُ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ شَيْئًا أَكْرَهُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلَةَ امْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَهُوَ ذُو اللِّحْيَةِ فَقَالَ لَهَا أَرْضِعِيهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي

اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ امْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَالِمًا) مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَدُخُولَهُ عَلَيْهَا فَزَعَمَتْ عَمْرَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ فَأَرْضَعَتْهُ وَهُوَ رَجُلٌ بَعْدُ مَا شَهِدَ بَدْرًا - قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ عَنْ عَائِشَةَ لَا عَنْ سَهْلَةَ كَمَا قَالَ (ابْنُ عُيَيْنَةَ لَا كَمَا قَالَ) حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ (ابْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ) بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِو جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ سَالِمًا لِسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مَعَنَا فِي الْبَيْتِ وَقَدْ بَلَغَ مَا بَلَغَ الرِّجَالُ وَعَلِمَ مَا يَعْلَمُ الرِّجَالُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ فَمَكَثْتُ سَنَةً

أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا لَا أُحَدِّثُ بِهِ رَهْبَةً لَهُ ثُمَّ لَقِيتُ الْقَاسِمَ فَقُلْتُ لَهُ لَقَدْ حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا مَا حَدَّثْتُهُ بَعْدُ قَالَ مَا هُوَ فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ حَدِّثْ بِهِ عَنِّي أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِيهِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ تُرِكَ قَدِيمًا وَلَمْ يُعْمَلْ بِهِ وَلَمْ يَتَلَقَّهُ الْجُمْهُورُ بِالْقَبُولِ عَلَى عُمُومِهِ بَلْ تَلَقَّوْهُ عَلَى أَنَّهُ خُصُوصٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِمَّنْ قَالَ رَضَاعُ الْكَبِيرِ لَيْسَ بِشَيْءٍ (مِمَّنْ رَوَيْنَاهُ لَكَ عَنْهُ وَصَحَّ لَدَيْنَا) عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَسَائِرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرَ عَائِشَةَ وَجُمْهُورُ التَّابِعِينَ وَجَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْهُمُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالطَّبَرِيُّ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ وَلَا رَضَاعَ إِلَّا مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأحوص قال حدثنا أشعث عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي رَجُلٌ قَاعِدٌ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ أَخِي مَنِ الرَّضَاعَةِ فَقَالَ انْظُرْنَ

إِخْوَانَكُنَّ مِنَ الرَّضَاعَةِ إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ وَرَوَاهُ عَنْ أَشْعَثَ هَذَا وَهُوَ ابْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ بِمِثْلِ رِوَايَةِ أَبِي الْأَحْوَصِ سَوَاءً وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ مُسْنَدًا غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ هَذَا الْإِسْنَادِ وَهُوَ خِلَافُ رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ عَائِشَةَ وَلَكِنَّ الْعَمَلَ بِالْأَمْصَارِ عَلَى هَذَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْهِلَالِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا شَدَّ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ (أَوْ قَالَ مَا أَنْشَزَ الْعَظْمَ) وَبِهَذَا احْتَجَّ مَنْ قَالَ أَنَّ الرَّضَاعَةَ الْوَاحِدَةَ وَالْمَصَّةَ الْوَاحِدَةَ لَا تُحَرِّمُ لِأَنَّهَا لَا تَشُدُّ عَظْمًا وَلَا تُنْبِتُ لَحْمًا فِي الْحَوْلَيْنِ وَلَا فِي غَيْرِهِمَا) وَحَدِيثُ وَكِيعٍ هَذَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ (بْنِ عَبْدِ الْمُومِنِ قَالَ) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ (قَالَ) حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَذَكَرَهُ وَمِنْ أَصْحَابِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ مَنْ يُوقِفُهُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَوَكِيعٌ حافظ حجة

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مُدَّةِ الْفِطَامِ (فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَلِيلُ الرَّضَاعِ وَكَثِيرُهُ يُحَرِّمُ فِي الْحَوْلَيْنِ) وَمَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُحَرِّمُ قَلِيلُهُ وَلَا كَثِيرُهُ وَهَذَا لَفْظُهُ في موطأه وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَا يُعْتَبَرُ عِنْدَهُمُ الْفِطَامُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْوَقْتُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ الرَّضَاعُ حَوْلَانِ وَشَهْرٌ أَوْ شَهْرَانِ لَا يُنْظَرُ إِلَى رَضَاعِ أُمِّهِ إِيَّاهُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ إِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى الْحَوْلَيْنِ وَشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ تَفْصِلْهُ أُمُّهُ وَأَرْضَعَتْهُ ثَلَاثَ سِنِينَ فَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ وَالْأُمُّ تُرْضِعُهُ لَمْ تَفْطِمْهُ قَالَ مَالِكٌ لَا يَكُونُ هَذَا رَضَاعًا وَلَا يُلْتَفَتُ فِيهِ إِلَى رَضَاعِ أُمِّهِ إِنَّمَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إِلَى الْحَوْلَيْنِ وَالشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ فَصَلَتْهُ أُمُّهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ مِثْلُ أَنْ تُرْضِعَهُ لِسَنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَتَفْطِمُهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَيَنْقَطِعُ رَضَاعُهُ وَيَسْتَغْنِي عَنِ الرَّضَاعِ فَتُرْضِعُهُ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ رَضَاعًا إِذَا فُطِمَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ وَاسْتَغْنَى عَنِ الرَّضَاعِ وَالْحُجَّةُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَوْلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ مَعَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ حَوْلَيْنِ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ بَعْدَهُمَا سَوَاءٌ فُطِمَ أَوْ لَمْ يُفْطَمْ

وَقَالَ زُفَرُ مَا دَامَ يَجْتَزِي بِاللَّبَنِ وَلَمْ يَطْعَمْ فَهُوَ رَضَاعٌ وَإِنْ أَتَى عَلَيْهِ ثَلَاثُ سِنِينَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا فُطِمَ لِسَنَةٍ أَوْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَا رَضَعَ بَعْدَهُ لَا يَكُونُ رَضَاعًا وَلَوْ أُرْضِعَ ثَلَاثَ سِنِينَ لَمْ يُفْطَمْ كَانَ رَضَاعًا وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ لَا يَكُونُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ رَضَاعٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ لَا رَضَاعَ إِلَّا فِي الْحَوْلَيْنِ وَمَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ وَلَوْ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فِي حُكْمِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ تَمَامَ الرَّضَاعَةِ حَوْلَيْنِ فَلَا سَبِيلَ إِلَى أَنْ يُزَادَ عَلَيْهِمَا إِلَّا بِنَصٍّ أَوْ تَوْقِيفٍ مِمَّنْ يَجِبُ لَهُ التَّسْلِيمُ وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ لِسَهْلَةَ فِي سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ لِتَحْرُمَ عَلَيْهِ بِلَبَنِهَا هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ مَالِكٍ وَتَابَعَهُ يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَإِنَّهُ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ الشَّافِعِيُّ فِي أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ أَقَلُّ مِنْ خَمْسِ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ وَأَمَّا مَعْمَرٌ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَرْضِعِي سَالِمًا تَحْرُمِي عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ خَمْسَ

رَضَعَاتٍ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَأَرْضِعِيهِ لَمْ يَقُلْ خَمْسًا وَلَا عَشْرًا وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ (أَرْضِعِيهِ) لَمْ يَقُلْ خَمْسًا وَلَا عَشْرًا) وَلَيْسَ مَنْ أَجْمَلَ كَمَنْ أَوْضَحَ وَفَصَّلَ مَعَ حِفْظِ مَالِكٍ وَيُونُسَ وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَفْتَتْ بِذَلِكَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ وَالصَّوَابُ فِيهِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ أَقَلُّ مِنْ سَبْعِ رَضَعَاتٍ (وَالصَّحِيحُ عَنْهَا خَمْسُ رَضَعَاتٍ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا يُصَحِّحُونَ عَنْ عَائِشَةَ فِي مَذْهَبِهَا الْعَشْرَ رَضَعَاتٍ لِأَنَّهُ تُرِكَ لِحَدِيثِهَا الْمَرْفُوعِ فِي الْخَمْسِ رَضَعَاتٍ) وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عائشة أرسلت به وهو يرضع إلى أختها أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَتْ أَرْضِعِيهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيَّ قَالَ سَالِمٌ فَأَرْضَعَتْنِي أُمُّ كُلْثُومٍ ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ مَرِضَتْ فَلَمْ تُرْضِعْنِي غَيْرَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَلَمْ أَكُنْ أَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ لَمْ تُتِمَّ لِي عَشْرَ رَضَعَاتٍ فَلِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَصْحَابُنَا إِنَّهَا تَرَكَتْ حَدِيثَهَا حَيْثُ قَالَتْ نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ

عَشْرُ رَضَعَاتٍ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ وَفِعْلُهَا هَذَا يَدُلُّ عَلَى وَهْيِ ذَلِكَ الْقَوْلِ إِذْ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَدَعَ النَّاسِخَ وَتَأْخُذَ بِالْمَنْسُوخِ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَذَهَبَ إِلَى أَنْ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ وَلَا يُحَرِّمُ مَا دُونَهَا وَالرَّضْعَةُ عِنْدَهُ مَا وَصَلَ إِلَى الْجَوْفِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَهِيَ رَضْعَةٌ إِذَا قَطَّعَ فَإِنْ لَمْ يُقَطِّعْ وَلَمْ يُخْرِجِ الثَّدْيَ مِنْ فَمِهِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ قَالَ وَإِنِ الْتَقَمَ الثَّدْيَ قَلِيلًا قَلِيلًا ثُمَّ أَرْسَلَهُ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ كَانَ رَضْعَةً وَاحِدَةً كَمَا لَوْ حَلَفَ الرَّجُلُ أَلَّا يَأْكُلَ إِلَّا مَرَّةً فَأَكْلَ وَتَنَفَّسَ بَعْدَ الِازْدِرَادِ وَيَعُودُ فَيَأْكُلُ ذَلِكَ أَكْلُ مَرَّةٍ وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ وَانْقَطَعَ قَطْعًا بَيِّنًا بَعْدَ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ ثُمَّ أَكَلَ كَانَتْ أَكْلَتَيْنِ قَالَ وَلَوِ أَنْفَدَ مَا فِي أَحَدِ الثَّدْيَيْنِ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى الْآخَرِ فَأَنْفَدَ مَا فِيهِ كَانَتْ رَضْعَةً وَاحِدَةً وَحُجَّتُهُ فِي الْخَمْسِ رَضَعَاتٍ حَدِيثُ مَالِكٍ وَيُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَحَدِيثُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ مِمَّا يُقْرَأُ فِي الْقُرْآنِ وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ وَرَوَى

مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ دُونَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُهَا وَبِهِ كَانَتْ تُفْتِي وَتَعْمَلُ فِيمَنْ أَرَادَتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا قَالَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا عَشْرٌ وَسَبْعٌ وَلَا يَصِحُّ وَرُدَّ حَدِيثُ نَافِعٍ بِأَنَّ أَصْحَابَ عَائِشَةَ وَهُمْ عُرْوَةُ وَالْقَاسِمُ وَعَمْرَةُ يَرْوُونَ عَنْهَا خَمْسَ رَضَعَاتٍ لَا يَقُولُونَ عَشْرَ رَضَعَاتٍ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا بِحَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ وَلَا الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَجَعَلَهُ كَلَامًا خَرَجَ عَلَى جَوَابِ سَائِلٍ عَنِ الرَّضْعَةِ وَالرَّضْعَتَيْنِ فَأَجَابَهُ لَا يُحَرِّمَانِ كَمَا لَوْ سَأَلَ هَلْ يُقْطَعُ فِي دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ كَانَ الْجَوَابُ لَا قَطْعَ فِي دِرْهَمٍ وَلَا دِرْهَمَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَقَلَّ زِيَادَةٍ عَلَى الدِّرْهَمَيْنِ يُقْطَعُ فِيهَا لِمَا جَاءَ مِنْ تَحْدِيدِ الْقَطْعِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَكَذَلِكَ تَحْدِيدُ الْخَمْسِ رَضَعَاتٍ (مَعَ ذِكْرِ الرَّضْعَةِ وَالرَّضْعَتَيْنِ) وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِأَنْ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ) لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ

- قَالَ أَبُو عُمَرَ رَفَعَ هَذَا الْحَدِيثَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ وَتَوْقِيفُهُ أَصَحُّ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا كُلِّهِ وَجَعَلَ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي الْخَمْسِ رَضَعَاتٍ مُفَسِّرًا لَهُ وَيُحَمِّلُهُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَاعْتِبَارًا بِقَطْعِ السِّرَاقِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا قَالَ فَبَانَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَحْرِيمِ الرَّضَاعِ بَعْضُ الْمُرْضِعَيْنِ دُونَ بَعْضٍ لَا مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ رَضَاعٍ كَمَا كَانَ الْمُرَادُ بَعْضَ السَّارِقِينَ دُونَ بَعْضٍ وَبَعْضَ الزُّنَاةِ دُونَ بَعْضٍ وَاحْتَجَّ (بَعْضُ) مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِعَشْرِ رَضَعَاتٍ ثُمَّ صَارَ إِلَى خَمْسٍ فَلَيْسَ يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ دُونَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ (فَهَذَا مَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ فِي الْعَشْرِ رَضَعَاتٍ فِي قِصَّةِ سَالِمٍ لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ أَعْلَمُ مِنْ نَافِعٍ وَأَحْفَظُ لِمَا يَسْمَعُ وَوَعَى مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ لَا يُحَرِّمُ إِلَّا ثَلَاثُ رَضَعَاتٍ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ وَحَدِيثُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ ولا

الْإِمْلَاجَتَانِ قِيلَ الْإِمْلَاجَةُ الرَّضْعَةُ وَقِيلَ الْمَصَّةُ وَقَدْ رُوِيَ لَا تُحَرِّمِ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ قَالُوا فَأَقَلُّ زِيَادَةٍ عَلَى الرَّضْعَتَيْنِ تُحَرِّمُ وَهِيَ الثَّلَاثُ وَقَالَتْ حَفْصَةُ لَا يُحَرِّمَ دُونَ عَشْرِ رَضَعَاتٍ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ صَفِيَّةَ ابْنَةَ أَبِي عُبَيْدٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرْسَلَتْ بِعَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ إِلَى أُخْتِهَا فَاطِمَةَ بِنْتِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ تُرْضِعُهُ عَشْرَ رَضَعَاتٍ لِيَدْخُلَ عَلَيْهَا وَهُوَ صَغِيرٌ يَرْضَعُ فَفَعَلَتْ فَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ (وَالطَّبَرِيُّ) وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ فِيمَا عَلِمْتُ قَلِيلُ الرَّضَاعِ وَكَثِيرُهُ يُحَرِّمُ فِي وَقْتِ الرَّضَاعِ وَقَالَ اللَّيْثُ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ قَلِيلَ الرَّضَاعِ وَكَثِيرَهُ يُحَرِّمُ فِيمَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الْخَمْسِ رَضَعَاتٍ فَرَدَّهُ أَصْحَابُنَا وغيرهم ممن

ذَهَبَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَذْهَبَنَا وَدَفَعُوهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ قُرْآنًا وَهِيَ قَدْ أَضَافَتْهُ إِلَى الْقُرْآنِ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْهَا فِي الْعَمَلِ بِهِ فَلَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَا قُرْآنٍ وَرَدُّوا حَدِيثَ الْمَصَّةِ وَالْمَصَّتَانِ بِأَنَّهُ مَرَّةٌ يَرْوِيهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَرَّةً عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَرَّةً عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَمِثْلُ هَذَا الِاضْطِرَابِ يُسْقِطُهُ عِنْدَهُمْ وَحَدِيثُ أُمِّ الْفَضْلِ وَأُمِّ سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ أَضْعَفُ وَرَدُّوا حَدِيثَ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي الخمس رضعات أيضا بأن عروة كان يفتي بِخِلَافِهِ وَلَوْ صَحَّ عِنْدَهُ مَا خَالَفَهُ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ الرَّضَاعَةِ فَقَالَ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ قَطْرَةً وَاحِدَةً فَهِيَ تُحَرِّمُ قَالَ ثُمَّ سَأَلْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ أَتَيْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ صَبِيٍّ شَرِبَ قَلِيلًا مِنْ لَبَنِ امْرَأَةٍ فَقَالَ لِي عُرْوَةُ كَانَتْ عَائِشَةُ لَا تُحَرِّمُ بِدُونِ سَبْعِ رَضَعَاتٍ أَوْ خَمْسٍ قَالَ فَأَتَيْتُ ابْنَ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ أَقُولُ بِقَوْلِ عَائِشَةَ وَلَكِنْ لَوْ دَخَلَتْ بَطْنَهُ قَطْرَةٌ بَعْدَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا دَخَلَتْ بَطْنَهُ حُرِّمَ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ

عُمَرَ يُسْأَلُ عَنِ الْمَصَّةِ وَالْمَصَّتَيْنِ فَقَالَ لَا يَصْلُحُ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَا يَرَى بِهِمَا بَأْسًا فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ مِنْ قَضَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ يَقُولُ اللَّهُ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَرَوَى حَمَّادٌ أَيْضًا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ أَمَرَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الرَّضْعَةِ وَالرَّضْعَتَيْنِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لَا يَصْلُحُ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَذَكَرَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ التَّبَنِّي وَأَنَّ مَنْ تَبَنَّى صَبِيًّا كَانَ يَنْتَسِبُ إِلَيْهِ حَتَّى نَزَلَتِ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ فَنُسِخَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ الْيَوْمَ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الِابْنِ الصَّحِيحِ وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدِي أَنْ يَقُولَ الْمَوْلَى أَنَا ابْنُ فُلَانٍ أَوْ يَكْتُبَ بِهَا شَهَادَتَهُ وَلَكِنَّهُ يَقُولُ مَوْلَى فُلَانٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قال

65 - دثنا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلَّا زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ ادعوهم لآبائهم

حَدِيثٌ ثَالِثَ عَشَرَ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الفرقان على غير ما أقرأها وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقرأنيها فكدت أن أَعْجَلُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأَتَنِيهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَأْ فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هكذا أنزلت ثم قال لي اقْرَأْ فَقَرَأْتُ فَقَالَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ إِنَّ هَذَا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤا مَا يَتَيَسَّرُ مِنْهُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ الْقَارِيُّ قِيلَ إِنَّهُ مَسَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ صَغِيرٌ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ وَالْقَارَّةُ فَخِذٌ مِنْ كِنَانَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْقَبَائِلِ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عن المسور بن مخرمة وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ جَمِيعًا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ مَرَرْتُ بِهِشَامِ بْنِ حَكِيمِ (بْنِ حِزَامٍ) وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ

فِي حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَمَعْتُ قِرَاءَتَهُ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فَنَظَرْتُ حَتَّى سَلَّمَ فَلَمَّا سَلَّمَ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي أَسْمَعُكَ تَقْرَؤُهَا قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ قُلْتُ لَهُ كَذَبْتَ فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُوَ أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ قَالَ فَانْطَلَقْتُ أَقُودُهُ إِلَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا وَأَنْتَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الْفُرْقَانِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ اقْرَأْ يَا هِشَامُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَؤُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ) هَكَذَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ اقْرَأْ يَا عُمَرُ فَقَرَأْتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما يتيسر مِنْهُ وَهَكَذَا رَوَاهُ يُونُسُ (وَعُقَيْلٌ) وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ جَمِيعًا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ الْحَدِيثَ فَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ تَفْسِيرٌ لِرِوَايَةِ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ السُّورَةُ كُلُّهَا أَوْ جُلُّهَا فَبَانَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ أَنَّ ذَلِكَ فِي حُرُوفٍ مِنْهَا بِقَوْلِهِ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ وَقَوْلِهِ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا وَهَذَا مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَجُوزُ فِي حُرُوفِهِ وَكَلِمَاتِهِ وَآيَاتِهِ

كُلِّهَا أَنْ يُقْرَأَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِيهَا بَلْ لَا يُوجَدُ فِي الْقُرْآنِ كَلِمَةٌ تَحْتَمِلُ أَنْ تُقْرَأَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ إِلَّا قَلِيلًا مِثْلُ عبد الطاغوت وتشابه علينا وعذاب بيس وَنَحْوُ ذَلِكَ وَذَلِكَ يَسِيرٌ جِدًّا وَهَذَا بَيِّنٌ وَاضِحٌ يُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ فِيهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِلَافًا كَبِيرًا فَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ مَعْنَى قَوْلِهِ سَبْعَةَ أحرف سبع قراءات والحرف هاهنا الْقِرَاءَةُ وَقَالَ غَيْرُهُ هِيَ سَبْعَةُ أَنْحَاءٍ كُلُّ نَحْوٍ مِنْهَا جُزْءٌ مِنْ (أَجْزَاءِ) الْقُرْآنِ خِلَافٌ لِلْأَنْحَاءِ غَيْرِهِ وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنْهَا هُوَ صِنْفٌ مِنَ الْأَصْنَافِ (نَحْوُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ الْآيَةَ وَكَانَ مَعْنَى الْحَرْفِ الَّذِي يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَيْهِ (هُوَ) صِنْفٌ مِنَ الْأَصْنَافِ) وَنَوْعٌ مِنَ الْأَنْوَاعِ الَّتِي يُعْبَدُ اللَّهُ عَلَيْهَا فَمِنْهَا مَا هُوَ مَحْمُودٌ عِنْدَهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَمِنْهَا مَا هُوَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَذَهَبَ هَؤُلَاءِ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ (أَحْرُفٍ إِلَى أَنَّهَا سَبْعَةُ) أَنْحَاءٍ وَأَصْنَافٍ فَمِنْهَا زَاجِرٌ وَمِنْهَا آمِرٌ وَمِنْهَا حَلَالٌ وَمِنْهَا (حَرَامٌ وَمِنْهَا) مُحْكَمٌ وَمِنْهَا مُتَشَابِهٌ وَمِنْهَا أَمْثَالٌ وَاحْتَجُّوا

بِحَدِيثٍ يَرْوِيهِ سَلَمَةُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْمِصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ الْكِتَابُ الْأَوَّلُ نَزَلَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ عَلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ زَاجِرٌ وَآمِرٌ وَحَلَالٌ وَحَرَامٌ وَمُحْكَمٌ وَمُتَشَابِهٌ وَأَمْثَالٌ فَأَحِلُّوا حَلَالَهُ وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ وَاعْتَبِرُوا بِأَمْثَالِهِ وَآمِنُوا بِتَشَابُهِهِ وَقُولُوا آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَهَذَا حَدِيثٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَثْبُتُ لِأَنَّهُ يَرْوِيهِ حَيْوَةُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ سَلَمَةَ هَكَذَا وَيَرْوِيهِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَأَبُو سَلَمَةَ لَمْ يَلْقَ ابْنَ مَسْعُودٍ وَابْنُهُ سَلَمَةُ لَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ

وَهَذَا الْحَدِيثُ مُجْتَمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ مِنْ جِهَةِ إِسْنَادِهِ وَقَدْ رَدَّهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ مَنْ قَالَ فِي تَأْوِيلِ السَّبْعَةِ الْأَحْرُفِ هَذَا الْقَوْلَ فَتَأْوِيلُهُ فَاسِدٌ مُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الْحَرْفُ مِنْهَا حَرَامًا لَا مَا سِوَاهُ أَوْ يَكُونَ حَلَالًا لَا مَا سِوَاهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ يُقْرَأُ عَلَى أَنَّهُ حَلَالٌ كُلُّهُ أَوْ حَرَامٌ كُلُّهُ أَوْ أَمْثَالٌ كُلُّهُ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ سَمِعَهُ مِنْهُ وَقَالَ هُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ وَاحْتَجَّ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ بِحَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اقْرَإِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ فَاسْتَزَادَهُ حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ الْحَدِيثَ وَقَالَ قَوْمٌ هِيَ سَبْعُ لُغَاتٍ فِي الْقُرْآنِ مُفْتَرِقَاتٍ عَلَى لُغَاتِ (الْعَرَبِ) كُلِّهَا يَمَنِهَا وَنِزَارِهَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْهَلْ شَيْئًا مِنْهَا) وَكَانَ قَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يُقْرَأَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ هَذَا شَيْءٌ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَلَكِنَّهُ عِنْدَنَا أَنَّهُ نَزَلَ عَلَى سَبْعِ لُغَاتٍ مُفْتَرِقَةٍ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ فَيَكُونُ الْحَرْفُ مِنْهَا بِلُغَةِ قَبِيلَةٍ وَالثَّانِي بِلُغَةِ

قَبِيلَةٍ أُخْرَى سِوَى الْأُولَى وَالثَّالِثُ بِلُغَةِ أُخْرَى سِوَاهُمَا كَذَلِكَ إِلَى السَّبْعَةِ قَالَ وَبَعْضُ الْأَحْيَاءِ أَسْعَدُ بِهَا وَأَكْثَرُ حَظًّا فِيهَا مِنْ بَعْضٍ وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لَهُمْ حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَكْتُبُوا الْمَصَاحِفَ مَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدٌ (فِيهِ) فَاكْتُبُوا بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّهُ نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَةِ الْكَعْبِيِّينَ كَعْبِ قُرَيْشٍ وَكَعْبِ خُزَاعَةَ قِيلَ (وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّ) الدَّارَ وَاحِدَةٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يَعْنِي أَنَّ خُزَاعَةَ جِيرَانُ قُرَيْشٍ فَأَخَذُوا بِلُغَتِهِمْ وَذَكَرَ أَخْبَارًا قَدْ ذَكَرْنَا أَكْثَرَهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ آخَرُونَ هَذِهِ اللُّغَاتُ كُلُّهَا السَّبْعَةُ إِنَّمَا تَكُونُ فِي مُضَرَ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ عُثْمَانَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ مُضَرَ وَقَالُوا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ (مِنْهَا) لِقُرَيْشٍ وَمِنْهَا لِكِنَانَةَ وَمِنْهَا لِأَسَدٍ وَمِنْهَا لُهَذَيْلٍ وَمِنْهَا لِتَمِيمٍ وَمِنْهَا لِضَبَّةَ وَمِنْهَا لِقَيْسٍ فَهَذِهِ قَبَائِلُ مُضَرَ تَسْتَوْعِبُ سَبْعَ لُغَاتٍ عَلَى هَذِهِ الْمَرَاتِبِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْمَصَاحِفَ مِنْ مُضَرَ وَأَنْكَرَ آخَرُونَ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا فِي مُضَرَ وَقَالُوا فِي مُضَرَ شَوَاذٌّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ الْقُرْآنُ عَلَيْهَا مِثْلُ كَشْكَشَةِ قَيْسٍ وَعَنْعَنَةِ تَمِيمٍ فَأَمَّا كَشْكَشَةُ قَيْسٍ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ كَافَ المؤنث شينا

(فَيَقُولُونَ) فِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا جَعَلَ رَبُّشِ تَحْتَشِ سَرِيًّا وَأَمَّا عَنْعَنَةُ تَمِيمٍ فَيَقُولُونَ فِي أَنْ عَنْ فَيَقُولُونَ عَسَى اللَّهُ عن يأتي بالفتح وبعضهم يبدل السين تا فَيَقُولُ فِي النَّاسِ النَّاتِ وَفِي أَكْيَاسٍ أَكْيَاتٍ وَهَذِهِ لُغَاتٌ يُرْغَبُ بِالْقُرْآنِ عَنْهَا وَلَا يُحْفَظُ عَنِ السَّلَفِ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا وَقَالَ آخَرُونَ أَمَّا بَدَلُ الْهَمْزَةِ عَيْنًا وَبَدَلُ حُرُوفِ الْحَلْقِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ فَمَشْهُورٌ عَنِ الْفُصَحَاءِ وَقَدْ قَرَأَ بِهِ الْجُلَّةُ وَقَدِ احْتَجُّوا بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَيَسْجُنَّهُ عَتَّى حِينٍ وَبِقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ ... فَعَيْنَاكِ عَيْنَاهَا وَجِيدُكِ جِيدُهَا ... وَلَوْنُكِ إِلَّا عَنَّهَا غَيْرُ عَاطِلِ ... يُرِيدُ إِلَّا أَنَّهَا غَيْرُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ (قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ) بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَرَأَ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنَّهُ عَتَّى حِينٍ (فَقَالَ عُمَرُ مَنْ أَقْرَأَكَهَا قَالَ أَقْرَأَنِيهَا ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ حَتَّى حِينٍ) وَكَتَبَ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِذَا أتاك كتابي هذا فأقرىء النَّاسَ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ وَلَا تُقْرِئْهُمْ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ والسلام

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ عُمَرَ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ لَا أَنَّ مَا قَرَأَ بِهِ ابْنُ مَسْعُودٍ لَا يَجُوزُ وَإِذَا أُبِيحَ لَنَا قِرَاءَتُهُ عَلَى كُلِّ مَا أُنْزِلَ فَجَائِزٌ الِاخْتِيَارُ فِيمَا أُنْزِلَ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مِثْلُ قَوْلِ عُمَرَ هَذَا أَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَهَذَا أَثْبَتُ عَنْهُ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ ثِقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمُ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ (قَالَ) ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ حُذَيْفَةَ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي فَتْحِ أَرْمِينِيَّةَ وَأَذْرَبِيجَانَ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ لِعُثْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ كَمَا اخْتَلَفَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ (أَنْ) أَرْسِلِي إِلَيَّ بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا عَلَيْكِ فَأَرْسَلَتْ بِهَا إِلَيْهِ فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ العاصي وعبد الرحمن بن الحرث بْنِ هِشَامٍ أَنِ اكْتُبُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ وَإِنِ اخْتَلَفْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ فَإِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ مُصْحَفًا

- قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ مَعْنَاهُ عِنْدِي فِي الْأَغْلَبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ غَيْرَ لُغَةِ قُرَيْشٍ موجودة في صحيح القراآت مِنْ تَحْقِيقِ الْهَمَزَاتِ وَنَحْوِهَا وَقُرَيْشٌ لَا تَهْمِزُ وَقَدْ رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ صَارَ فِي عَجُزِ هَوَازِنَ مِنْهَا خَمْسَةٌ (عَجُزُ هَوَازِنَ ثَقِيفٌ وَبَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَبَنُو جُشَمَ وَبَنُو نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ) خَصَّ هَؤُلَاءِ دُونَ رَبِيعَةَ وَسَائِرِ الْعَرَبِ لِقُرْبِ جِوَارِهِمْ مِنْ مَوْلِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْزِلِ الْوَحْيِ وَإِنَّمَا رَبِيعَةُ وَمُضَرُ إِخْوَانٌ قَالُوا وَأَحَبُّ الْأَلْفَاظِ وَاللُّغَاتِ إِلَيْنَا أَنْ يُقْرَأَ بِهَا لُغَاتُ قُرَيْشٍ ثُمَّ أَدْنَاهُمْ مِنْ بُطُونِ مُضَرَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ) وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى لُغَةِ هَذَا الْحَيِّ مِنْ وَلَدِ هَوَازِنَ وَثَقِيفٍ (وَإِسْنَادُ حَدِيثِ سَعِيدٍ هَذَا أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ) وَقَالَ الْكَلْبِيُّ فِي قَوْلِهِ أنزل القرآن على سبع أَحْرُفٍ قَالَ خَمْسَةٌ مِنْهَا لِهَوَازِنَ وَحَرْفَانِ لِسَائِرِ النَّاسِ وَأَنْكَرَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَكُونَ معنى

حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ سَبْعَ لُغَاتٍ وَقَالُوا هَذَا لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يُنْكِرِ الْقَوْمُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّهُ مَنْ كَانَتْ لُغَتُهُ شَيْئًا قَدْ جُبِلَ وَطُبِعَ عَلَيْهِ وَفُطِرَ بِهِ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ وَفِي حَدِيثُ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ رَدُّ قَوْلِ مَنْ قَالَ سَبْعُ لُغَاتٍ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قُرَشِيٌّ عَدَوِيٌّ وَهِشَامُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قُرَشِيٌّ أَسَدِيٌّ وَمُحَالٌ أَنْ يُنْكِرَ عليه عمر لغته كما محال أن يقرىء رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِغَيْرِ مَا يَعْرِفُهُ مِنْ لُغَتِهِ وَالْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ الْمَرْفُوعَةُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى نَحْوِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عُمَرَ هَذَا وَقَالُوا إِنَّمَا مَعْنَى السَّبْعَةِ الْأَحْرُفِ سَبْعَةُ أَوْجَهٍ مِنَ الْمَعَانِي الْمُتَّفِقَةِ الْمُتَقَارِبَةِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ نَحْوُ أَقْبِلْ وَتَعَالَ وَهَلُمَّ وَعَلَى هَذَا الْكَثِيرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَمَّا الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ فَمِنْهَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ تَمِيمٌ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ

مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنْ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا جُهَيْمٍ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فِي آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا تَلَقَّيْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الْآخَرُ تَلَقَّيْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فَقَالَ إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَلَا تَمَارَوْا فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّ الْمِرَاءَ فِيهِ كُفْرٌ وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ لِكُلِّ آيَةٍ (مِنْهَا) ظَهْرٌ وَبَطْنٌ وَلِكُلٍّ حَدٌّ وَمَطْلَعٌ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ وَرَوَى هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَرَأَ أُبَيٌّ آيَةً

وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ (آيَةً) خِلَافَهَا وَقَرَأَ رَجُلٌ آخَرُ خِلَافَهُمَا فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ أَلَمْ تَقْرَأْ آيَةَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَلَمْ تَقْرَأَ آيَةَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّكُمْ مُحْسِنٌ مُجْمِلٌ قَالَ قُلْتُ مَا كُلُّنَا أَحْسَنَ وَلَا أَجْمَلَ قَالَ فَضَرَبَ صَدْرِي وَقَالَ يَا أُبَيُّ إِنِّي أُقْرِئْتُ الْقُرْآنَ فَقُلْتُ عَلَى حَرْفٍ أَوْ حَرْفَيْنِ فَقَالَ لِي الْمَلَكُ الَّذِي عِنْدِي عَلَى حَرْفَيْنِ فَقُلْتُ عَلَى حَرْفَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعِي عَلَى ثَلَاثَةٍ فَقُلْتُ عَلَى ثَلَاثَةٍ هَكَذَا حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ لَيْسَ مِنْهَا إِلَّا شَافٍ كَافٍ قُلْتَ غَفُورًا رَحِيمًا أَوْ قُلْتَ سَمِيعًا حَكِيمًا أَوْ قُلْتَ عَلِيمًا حَكِيمًا (أَوْ عَزِيزًا حَكِيمًا) أَيُّ ذَلِكَ (قُلْتَ فَإِنَّهُ كَمَا قُلْتَ) وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا لَمْ تَخْتِمْ عَذَابًا بِرَحْمَةٍ أَوْ رَحْمَةً بِعَذَابٍ - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (قُلْتَ) سَمِيعًا عَلِيمًا وَغَفُورًا رَحِيمًا وَعَلِيمًا حَكِيمًا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ ضَرْبَ الْمَثَلِ لِلْحُرُوفِ الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهَا أَنَّهَا مَعَانٍ مُتَّفِقٌ مَفْهُومُهَا مُخْتَلِفٌ مَسْمُوعُهَا لَا تَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مَعْنَى وَضِدُّهُ وَلَا وَجْهٌ يُخَالِفُ وَجْهًا خِلَافًا يَنْفِيهِ

أَوْ يُضَادُّهُ كَالرَّحْمَةِ الَّتِي هِيَ خِلَافُ الْعَذَابِ وَضِدُّهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ يُعَضِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ (مَعْنَى) السَّبْعَةِ الْأَحْرُفِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ سَبْعَةُ أَوْجَهٍ مِنَ الْكَلَامِ الْمُتَّفِقِ مَعْنَاهُ الْمُخْتَلِفِ لَفْظُهُ نَحْوُ هَلُمَّ وَتَعَالَ وَعَجِّلْ وَأَسْرِعْ وَانْظُرْ وَأَخِّرْ (وَنَحْوُ ذَلِكَ) وَسَنُورِدُ مِنَ الْآثَارِ وَأَقْوَالِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَتَبَيَّنُ لَكَ بِهِ أَنَّ مَا اخْتَرْنَاهُ هُوَ الصَّوَابُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ أَصَحُّ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ سَبْعُ لُغَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ لِمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَلِمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ بِإِجْمَاعٍ مِنْ كَثْرَةِ اللُّغَاتِ الْمُفْتَرِقَاتِ فِيهِ حَتَّى لَوْ تُقُصِّيَتْ لَكَثُرَ عَدَدُهَا وَلِلْعُلَمَاءِ فِي لُغَاتِ الْقُرْآنِ مُؤَلَّفَاتٌ تَشْهَدُ لِمَا قُلْنَا (وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ غَفُورًا رَحِيمًا عَزِيزًا حَكِيمًا عَلِيمًا حَكِيمًا وَرُبَّمَا قَالَ سَمِيعًا بَصِيرًا وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ

ابن مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ شُقَيْرٍ الْعَبْدِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا يَقْرَأُ فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت انْطَلِقْ إِلَيْهِ فَانْطَلَقْنَا إِلَيْهِ فَقُلْتُ اسْتَقْرِئْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اقْرَأْ فَقَرَأَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنْتَ فَقُلْتُ أَوَ لَمْ تُقْرِئْنِي كَذَا وَكَذَا قَالَ بَلَى وَأَنْتَ قَدْ أَحْسَنْتَ فَقُلْتُ بِيَدِي قَدْ أَحْسَنْتَ قَدْ أَحْسَنْتَ قَالَ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْ أُبَيٍّ الشَّكَّ قَالَ فَفَضَضْتُ عَرَقًا وَامْتَلَأَ جَوْفِي فَرَقًا قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أُبَيُّ إِنَّ مَلَكَيْنِ أَتَيَانِي فَقَالَ أَحَدُهُمَا اقْرَأْ عَلَى (حَرْفٍ قَالَ الْآخَرُ زِدْهُ قُلْتُ زِدْنِي قَالَ اقْرَأْ عَلَى حَرْفَيْنِ قَالَ الْآخَرُ زِدْهُ قُلْتُ زِدْنِي قَالَ اقْرَأْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ قَالَ الْآخَرُ زِدْهُ قُلْتُ زِدْنِي قَالَ اقْرَأْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ قَالَ الْآخَرُ زِدْهُ قُلْتُ زِدْنِي قَالَ اقْرَأْ عَلَى خَمْسَةِ أَحْرُفٍ قَالَ الْآخَرُ زِدْهُ قُلْتُ زِدْنِي قَالَ اقْرَأْ عَلَى سِتَّةِ أَحْرُفٍ قَالَ الْآخَرُ زِدْهُ قُلْتُ زِدْنِي) قَالَ اقْرَأْ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَالْقُرْآنُ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ خَلَفِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَبَا الطَّاهِرِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بحير القاضي بمصر أَمْلَى عَلَيْهِمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْفِرْيَابِيُّ الْقَاضِي قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَعْقِلِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خالد عن عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةً فَبَيْنَمَا أنا في المسجد إذ سمعت رجلا يقرأها بِخِلَافِ قِرَاءَتِي فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَا تُفَارِقْنِي حَتَّى

أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْنَاهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا قَدْ خَالَفَ قِرَاءَتِي فِي هَذِهِ السُّورَةِ الَّتِي عَلَّمْتَنِي قَالَ اقْرَأْ يَا أُبَيُّ فَقَرَأْتُ فَقَالَ أَحْسَنْتَ فَقَالَ لِلْآخَرِ اقْرَأْ فَقَرَأَ بِخِلَافِ قِرَاءَتِي فَقَالَ لَهُ أَحْسَنْتَ ثُمَّ قَالَ يَا أُبَيُّ إِنَّهُ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ كُلُّهَا شَافٍ كَافٍ قَالَ فَمَا اخْتَلَجَ فِي صَدْرِي شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ (بَعْدُ) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَهُوَ بِأَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يأمرك أن تقرىء أُمَّتَكَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ قَالَ فَقَالَ اسْأَلِ الله مغفرته ومعافاته أو قال معافاته ومغفرته سَلْ لَهُمُ التَّخْفِيفَ فَإِنَّهُمْ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ فَانْطَلَقَ حَتَّى رَجَعَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أن تقرىء أُمَّتَكَ (الْقُرْآنَ) عَلَى حَرْفَيْنِ قَالَ أَسْأَلُ اللَّهَ مَغْفِرَتَهَ وَمُعَافَاتَهَ أَوْ قَالَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ إِنَّهُمْ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ (فَاسْأَلْ لَهُمُ

التَّخْفِيفَ فَانْطَلَقَ) ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ يأمرك أن تقرىء أُمَّتَكَ الْقُرْآنَ عَلَى (ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ قَالَ اسْأَلِ اللَّهَ مَغْفِرَتَهُ وَمُعَافَاتَهُ أَوْ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ إِنَّهُمْ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ فَسَلْ لَهُمُ التَّخْفِيفَ فَانْطَلَقَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تقرىء الْقُرْآنَ عَلَى (2)) سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَمَنْ قَرَأَ مِنْهَا حَرْفًا فَهُوَ كَمَا قَرَأَ وَرُوِيَ حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ هَذَا مِنْ وُجُوهٍ وَالسُّورَةُ الَّتِي أَنْكَرَ فِيهَا أُبَيٌّ الْقِرَاءَةَ سُورَةُ النَّحْلِ ذَكَرَ ذَلِكَ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى (عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ وَأَمَّا حَدِيثُ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ أُبَيٍّ فَاخْتُلِفَ عَلَى عَاصِمٍ فِيهِ (فَلَمْ أَرَ لِذِكْرِهِ وَجْهًا) وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِجْلَانَ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ولا حرج ولكن لاتختموا ذِكْرَ (آيَةِ) رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ وَلَا ذِكْرَ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ وَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِهِ سَبْعَ لُغَاتٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ أَوْجُهٌ تَتَّفِقُ مَعَانِيهَا وَتَتَّسِعُ ضُرُوبُ الْأَلْفَاظِ فِيهَا إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا مَا يُحِيلُ مَعْنًى إِلَى ضِدِّهِ كَالرَّحْمَةِ بِالْعَذَابِ وَشِبْهِهِ (وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَيْتُ الْمَسْجِدَ فَجَلَسْتُ إِلَى نَاسٍ وَجَلَسُوا إِلَيَّ فَاسْتَقْرَأْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ سُورَةً مَا هِيَ إِلَّا ثَلَاثُونَ آيَةً وَهِيَ حم الْأَحْقَافِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ فيها حروفا لا أقرأها فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَقْرَأْتُ آخَرَ فَإِذَا هُوَ يقرأ حروفا لا أقرأها أَنَا وَلَا صَاحِبُهُ فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ قَالَ أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ (2) وَأَنَا أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أَنَا بِمُفَارِقِكُمَا حَتَّى أَذْهَبَ بِكُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقْتُ بِهِمَا حَتَّى أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ عَلَيٌّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا اخْتَلَفْنَا فِي قِرَاءَتِنَا فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ حِينَ ذَكَرْتُ الِاخْتِلَافَ وَقَالَ إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الِاخْتِلَافُ وَقَالَ عَلَيٌّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَأْمُرُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ كَمَا عَلِمَ فَلَا أَدْرِي أَسَرَّ (إِلَيْهِ) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ مَا لَمْ نَسْمَعْ أَوْ عَلِمَ الَّذِي كَانَ فِي نَفْسِهِ فَتَكَلَّمَ بِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَعْمَشُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَإِسْرَائِيلُ وَحَمَّادُ بن سلمة وأبان العطاء عَنْ عَاصِمٍ بِإِسْنَادِهِ

وَمَعْنَاهُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْبَصْرِيَّانِ حَمَّادٌ وَأَبَانٌ عَلِيًّا وقالا رجل وَقَالَ الْأَعْمَشُ فِي حَدِيثِهِ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ لَنَا عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يأمركم أن تقرأوا كَمَا عَلِمْتُمْ) وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي حَدِيثِ عُمَرَ وَهِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَى صَاحِبِهِ أَلْفَاظًا قَرَأَ بِهَا الْآخَرُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ وَلَا زَجْرٌ وَلَا أَمْرٌ وَعِلْمَنَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ أَنَّ السَّبْعَةَ الْأَحْرُفَ الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ بِهَا لَا تَخْتَلِفُ فِي أَمْرٍ وَلَا نَهْيٍ ولا حلال ولا حرام وإنما هي كمثل قَوْلُ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ أَقْبِلْ وَتَعَالَ وَهَلُمَّ وَادْنُ وَنَحْوَهَا وَذَكَرَ أَكْثَرَ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ حُجَّةً لهذا المذهب وبين مَا ذَكَرَ فِي ذَلِكَ أَنْ قَالَ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ) قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إلى النبي عليهما السلام فقال اقرأ علي حرف قال فقال ميكائيل استزده فقال اقرأ عَلَى حَرْفَيْنِ فَقَالَ مِيكَائِيلُ اسْتَزِدْهُ حَتَّى بَلَغَ إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَقَالَ اقْرَأْهُ فَكُلٌّ شَافٍ كَافٍ إِلَّا أَنْ تَخْلِطَ آيَةَ رَحْمَةٍ بِآيَةِ عَذَابٍ أَوْ آيَةَ عَذَابٍ بِآيَةِ رَحْمَةٍ عَلَى نَحْوِ هَلُمَّ وَتَعَالَ وَأَقْبِلْ

وَاذْهَبْ وَأَسْرِعْ وَعَجِّلْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ (بْنُ بَكْرِ) بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ قَالَ الزُّهْرِيُّ إِنَّمَا هَذِهِ الْأَحْرُفُ فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ لَيْسَ تَخْتَلِفُ فِي حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ وَيُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ هِيَ فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال إني سمعت القرأة فرأيتهم متقاربين فاقرأوا كَمَا عَلِمْتُمْ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَطُّعَ (وَالِاخْتِلَافَ) فَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أَحَدِكُمْ هَلُمَّ وَتَعَالَ وَرَوَى وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَمْهِلُونَا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَخِّرُونَا لِلَّذِينَ آمَنُوا ارْقُبُونَا وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا (فِيهِ) مَرُّوا فِيهِ سَعَوْا فِيهِ كُلُّ هَذِهِ الْأَحْرُفِ كَانَ يَقْرَؤُهَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَهَذَا مَعْنَى الْحُرُوفِ الْمُرَادُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّ مُصْحَفَ عُثْمَانَ الَّذِي بِأَيْدِي النَّاسِ الْيَوْمَ هُوَ مِنْهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ وَعَلَى هَذَا أَهْلُ الْعِلْمِ فاعلم

وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ فِي كِتَابِ التَّرْغِيبِ مِنْ جامعه قال قيل لمالك أَتَرَى أَنْ يُقْرَأَ بِمِثْلِ مَا قَرَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ فَقَالَ ذَلِكَ جَائِزٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فاقرأوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ وَمِثْلَ مَا تَعْلَمُونَ وَيَعْلَمُونَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى بِاخْتِلَافِهِمْ فِي مِثْلِ هَذَا بَأْسًا قَالَ وَقَدْ كَانَ النَّاسُ وَلَهُمْ مَصَاحِفُ وَالسِّتَّةُ الَّذِينَ أَوْصَى إِلَيْهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانَتْ لَهُمْ مَصَاحِفُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ لِي ذَهَبَ قَالَ وَأَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ أَقْرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَجُلًا إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَقُولُ طَعَامُ الْيَتِيمِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ طَعَامُ الْفَاجِرِ فَقُلْتُ لِمَالِكٍ أَتَرَى أَنْ يُقْرَأَ كَذَلِكَ قَالَ نَعَمْ أَرَى ذَلِكَ وَاسِعًا - قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَاهُ عِنْدِي أَنْ يُقْرَأَ بِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ تَفْسِيرًا لِمَعْنَى الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجُزِ الْقِرَاءَةُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ مَا عَدَا مُصْحَفَ عُثْمَانَ فَلَا يُقْطَعُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَجْرِي مَجْرَى السُّنَنِ الَّتِي نَقَلَهَا الْآحَادُ لَكِنْ لَا يُقْدِمُ أَحَدٌ عَلَى الْقَطْعِ فِي رَدِّهِ وَقَدْ رَوَى عِيسَى

عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَصَاحِفِ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَرَى أَنْ يَمْنَعَ الْإِمَامُ مِنْ بَيْعِهِ وَيَضْرِبَ مَنْ قَرَأَ بِهِ وَيَمْنَعَ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ مَنْ قَرَأَ فِي صَلَاتِهِ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّا يُخَالِفُ الْمُصْحَفَ لَمْ يُصَلَّ وَرَاءَهُ وَعُلَمَاءُ المسلمين مجمعون على ذلك إلا قوم شَذُّوا لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمُ الْأَعْمَشُ سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ السَّبْعَةَ الْأَحْرُفَ الَّتِي أُشِيرُ إِلَيْهَا فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ بِأَيْدِي النَّاسِ مِنْهَا إِلَّا حَرْفُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الَّذِي جَمَعَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ الْمُصْحَفَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ وَخَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ أَنْبَأَنَا محمد بن عبد الله الأصبهاني المقرىء قال حدثنا أبو علي الأصبهاني المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَافِي الصَّفَّارُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سُلَيْمَانَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ قَالَ سَأَلْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ عَنِ اخْتِلَافِ قِرَاءَةِ الْمَدَنِيِّينَ وَالْعِرَاقِيِّينَ هَلْ تَدَخَّلَ فِي السَّبْعَةِ الْأَحْرُفِ فَقَالَ لَا وإنما السبعة الأحرف كقولهم هلم أقبل تعالى أي ذلك قلت أجزاك قال أبو الطاهر وَقَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بن عبد الله الأصبهاني المقرىء وَمَعْنَى قَوْلِ سُفْيَانَ هَذَا أَنَّ

اخْتِلَافَ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ رَاجِعٌ إِلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ مِنَ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ كَانَتْ هَذِهِ السَّبْعَةُ لِلنَّاسِ فِي الْحُرُوفِ لِعَجْزِهِمْ عَنْ أَخْذِ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِهَا لِأَنَّهُمْ كَانُوا أُمِّيِّينَ لا يكتبون إلا القليل منهم فكان يشق عَلَى كُلِّ ذِي لُغَةٍ مِنْهُمْ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى غَيْرِهَا مِنَ اللُّغَاتِ وَلَوْ رَامَ ذَلِكَ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ فَوُسِّعَ لَهُمْ فِي اخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ إِذَا كَانَ الْمَعْنَى مُتَّفَقًا فَكَانُوا كَذَلِكَ حَتَّى كَثُرَ مَنْ يَكْتُبُ مِنْهُمْ وَحَتَّى عَادَتْ لُغَاتُهُمْ إِلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقرؤا بِذَلِكَ عَلَى تَحَفُّظِ أَلْفَاظِهِ فَلَمْ يَسَعْهُمْ حِينَئِذٍ أن يقرأوا بِخِلَافِهَا وَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ تِلْكَ السَّبْعَةَ الْأَحْرُفَ (إِنَّمَا كَانَتْ فِي وَقْتٍ خَاصٍّ لِضَرُورَةٍ دَعَتْ إِلَى ذَلِكَ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ تِلْكَ الضَّرُورَةُ فَارْتَفَعَ حُكْمُ هَذِهِ السَّبْعَةِ الْأَحْرُفِ) وَعَادَ مَا يُقْرَأُ بِهِ الْقُرْآنُ إِلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْهُ قَوْلُهُ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فِي الْحَرْفِ وَالْحَرْفَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ حَتَّى بَلَغَ السَّبْعَةَ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَعَ هِشَامِ (بْنِ حَكِيمٍ) وَاحْتَجَّ بِجَمْعِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ لِلْقُرْآنِ فِي جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ ثُمَّ كِتَابِ عُثْمَانَ كَذَلِكَ وَكِلَاهُمَا عَوَّلَ فِيهِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتِ فَأَمَّا أَبُو بكر فأمر زيدا بالنظر فِيمَا جَمَعَ مِنْهُ وَأَمَّا عُثْمَانُ فَأَمَرَهُ بِإِمْلَائِهِ مِنْ تِلْكَ الصُّحُفِ الَّتِي كَتَبَهَا أَبُو بَكْرٍ وَكَانَتْ عِنْدَ حَفْصَةَ

وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ تَدَبَّرْتُ وُجُوهَ الِاخْتِلَافِ فِي الْقِرَاءَةِ فَوَجَدْتُهَا سَبْعَةً مِنْهَا مَا تَتَغَيَّرُ حَرَكَتُهُ وَلَا يَزُولُ مَعْنَاهُ وَلَا صُورَتُهُ مِثْلُ هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ وَأَطْهَرَ لَكُمْ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَيَضِيقَ وَنَحْوُ هَذَا وَمِنْهَا مَا يَتَغَيَّرُ مَعْنَاهُ وَيَزُولُ بِالْإِعْرَابِ وَلَا تَتَغَيَّرُ صُورَتُهُ مِثْلُ قَوْلِهِ رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَبَاعَدَ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَمِنْهَا مَا يَتَغَيَّرُ مَعْنَاهُ بالحروف واختلافها (بالأعراب) ولا تغير صورته مثل قوله إلى العظام كيف ننشرها! وَنَنْشُرُهَا وَمِنْهَا مَا تَتَغَيَّرُ صُورَتُهُ وَلَا يَتَغَيَّرُ مَعْنَاهُ كَقَوْلِهِ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (وَالصُّوفِ الْمَنْفُوشِ) وَمِنْهَا مَا تَتَغَيَّرُ صُورَتُهُ وَمَعْنَاهُ مِثْلُ قَوْلِهِ وَطَلْعٍ مَنْضُودٍ (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) وَمِنْهَا بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ مِثْلُ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْحَقِّ بِالْمَوْتِ وَمِنْهَا الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ مِثْلُ (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَمِنْهَا قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ) لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً أُنْثَى - قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا وَجْهٌ حَسَنٌ مِنْ وُجُوهِ مَعْنَى الْحَدِيثِ وَفِي كُلِّ وَجْهٍ مِنْهَا حُرُوفٌ كَثِيرَةٌ لَا تُحْصَى عَدَدًا فَمِثْلُ قَوْلِهِ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ وَالصُّوفِ

الْمَنْفُوشِ قِرَاءَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَهُوَ كَثِيرٌ وَمِثْلُ قَوْلِهِ نَعْجَةً أُنْثَى قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ (وَغَيْرِهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ) أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَقِرَاءَةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ وَمَا أَهْلَكْنَاهَا إِلَّا بِذُنُوبِ أَهْلِهَا وَهَذَا كَثِيرٌ أَيْضًا وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى قَوْلِ الْعُلَمَاءِ أَنْ لَيْسَ بِأَيْدِي النَّاسِ مِنَ الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهَا إِلَّا حَرْفٌ وَاحِدٌ وَهُوَ صُورَةُ مُصْحَفِ عُثْمَانَ وَمَا دَخَلَ فِيهِ مَا يُوَافِقُ صُورَتَهُ مِنَ الْحَرَكَاتِ وَاخْتِلَافُ النُّقَطِ مِنْ سَائِرِ الْحُرُوفِ وَأَمَّا قَوْلُهُ كَالصُّوفِ الْمَنْفُوشِ فَقِرَاءَةُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَشْهُورٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى مِنْهَا مَا رَوَاهُ بُنْدَارٌ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقْرَأُ كَالصُّوفِ الْمَنْفُوشِ وَذَكَرَ ابْنُ مُجَاهِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ زِيَادٍ يَقُولُ أَدْرَكْتُ السلف وهم يقرؤون فِي هَذَا الْحَرْفِ فِي الْقَارِعَةِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كالصوف المنفوش

وأخبرنا عيسى بن (سعيد بن) سعدان المقرىء سنة ثمان وثمانين وثلاث ماية قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الخرقي المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا (أَبُو الْحُسَيْنِ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ الْقِيرَاطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ قَالَ) حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بن أبي عثمان قال سمعت سعيد بن جُبَيْرٍ يَقْرَؤُهَا كَالصُّوفِ الْمَنْفُوشِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْحَقِّ بِالْمَوْتِ فَقَرَأَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَمَّا وَطَلْعٌ مَنْضُودٌ فَقَرَأَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ مُتَوَاتِرَةٍ مِنْهَا مَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ أَنْبَأَنَا (يَحْيَى بْنُ أَبِي) زَائِدَةَ عَنْ مَجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ عَمُّ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَجُلًا قَرَأَ عَلَيْهِ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ فَقَالَ عَلِيٌّ إِنَّمَا هُوَ وَطَلْعٍ مَنْضُودٍ قَالَ فَقَالَ الرَّجُلُ أَفَلَا تُغَيِّرُهَا فَقَالَ عَلِيٌّ لَا يَنْبَغِي لِلْقُرْآنِ أَنْ يُهَاجَ وَهَذَا عِنْدِي مَعْنَاهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُبْدَلَ وَهُوَ جَائِزٌ مِمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيٌّ كَانَ يَسْتَحِبُّ غَيْرَهُ مِمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ أَيْضًا وَأَمَّا قَوْلُهُ نَعْجَةً أُنْثَى فَقَرَأَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مسعود أخبرنا عبد الله

ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ النَّجَّادُ الْفَقِيهُ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ قَالَ سُفْيَانُ كَانَ صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ يَعْنِي أَهْلَ الْكُوفَةِ يَقْرَأُ قِرَاءَةَ عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ مَسْعُودٍ) قَالَ وَكَانَ الْحَجَّاجُ يُعَاقِبُ عَلَيْهَا قَالَ وَقَالَ الحجاج بن مَسْعُودٍ يَقْرَأُ إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً أُنْثَى كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَرَى أَنَّ النَّعْجَةَ يَكُونُ ذَكَرًا وَكَسَرَ الْحَسَنُ وَالْأَعْرَجُ النُّونَ مِنْ نَعْجَةٍ وَفَتَحَهَا سَائِرُ النَّاسِ وَفَتَحَ الْحَسَنُ وَحْدَهُ التَّاءَ مِنْ تِسْعٍ وَتِسْعُونَ وَكَسَرَهَا سَائِرُ النَّاسِ وَأَمَّا فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ فَقَرَأَ بِهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَمَسْرُوقٌ وَطَاوُسٌ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَمِثْلُ قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ نَعْجَةً أُنْثَى فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَشَاوِرْهُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَقِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ مِنْ بَأْسِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى

وَهَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ يَقْرَؤُهَا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ مِنْ بَأْسِ الَّذِينَ كَفَرُوا (قَالَ سُفْيَانُ) وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَقِيمُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ وَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ الْقِرَاءَةَ بِهَذَا وَمِثْلِهِ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَذَلِكَ مَحْمُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ الْيَوْمَ عَلَى الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ وَالْوُقُوفِ عَلَى مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِنْ عِلْمِ الْخَاصَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا حَرْفُ زَيْدِ (بْنِ ثَابِتٍ) فَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ فِي مَصَاحِفِهِمُ الْيَوْمَ وَقِرَاءَتِهِمْ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْحُرُوفِ لِأَنَّ عُثْمَانَ جَمَعَ الْمَصَاحِفَ (عَلَيْهِ) بِمَحْضَرِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حديث الدراوردي عن (عمارة بن) غزبة عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ أَتَمُّ مَا رُوِيَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي جَمْعِ أَبِي بَكْرٍ لِلْقُرْآنِ ثُمَّ أَمَرَ عُثْمَانُ بِكِتَابَةِ الْمَصَاحِفِ بِإِمْلَاءِ زَيْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُثْمَانَ عَوَّلَا عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ

فِي ذَلِكَ وَأَنَّ الْأَمْرَ عَادَ فِيمَا يُقْرَأُ بِهِ الْقُرْآنَ إِلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ بِمَا لَا وَجْهَ لِتَكْرِيرِهِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ فِيمَا يُقْطَعُ عَلَيْهِ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَخَارِجَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي قَرَاطِيسَ وَكَانَ قَدْ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ فَأَبَى عَلَيْهِ حَتَّى اسْتَعَانَ عَلَيْهِ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَفَعَلَ وَكَانَتْ تِلْكَ الْكُتُبُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تُوُفِّيَ ثُمَّ كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تُوُفِّيَ ثُمَّ كَانَتْ عِنْدَ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا عُثْمَانُ فَأَبَتْ أَنْ تَدْفَعَهَا إِلَيْهِ حَتَّى عَاهَدَهَا لَيَرُدَّنَّهَا إِلَيْهَا فَبَعَثَتْ بِهَا إِلَيْهِ فَنَسَخَهَا عُثْمَانُ هَذِهِ الْمَصَاحِفَ ثُمَّ رَدَّهَا إِلَيْهَا فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهَا حَتَّى أَرْسَلَ مَرْوَانُ فَأَخَذَهَا فَحَرَقَهَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ (أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ) أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَخَارِجَةَ فَذَكَرَهُ سَوَاءً (وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيُّ بمصر قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ رِشْدِينَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الجعفي قال حدثنا إسماعيل ابن عُلَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ لَمَّا بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ أبطأ علي عن بيعته فجلس في بيته

فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ مَا بَطَّأَكَ عَنِّي أَكَرِهْتَ إِمْرَتِي فَقَالَ عَلِيٌّ مَا كَرِهْتُ إِمَارَتَكَ وَلَكِنِّي آلَيْتُ أَنْ لَا أَرْتَدِيَ رِدَائِي إِلَّا إِلَى صَلَاةٍ حَتَّى أَجْمَعَ الْمُصْحَفَ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَتَبَهُ عَلَى تَنْزِيلِهِ وَلَوْ أُصِيبَ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَوُجِدَ فِيهِ عِلْمٌ كَثِيرٌ - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ أَصَحُّ التَّابِعِينَ مَرَاسِلَ وَأَنَّهُ كَانَ لَا يَرْوِي وَلَا يَأْخُذُ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ وَأَنَّ مَرَاسِلَهُ صِحَاحٌ كُلُّهَا لَيْسَ كَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) وَلِجَمْعِ الْمَصَاحِفِ مَوْضِعٌ مِنَ الْقَوْلِ غَيْرُ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْنُ نَذْكُرُ جَمِيعَ مَا انْتَهَى إِلَيْنَا من القراآت عَنِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ لِمَا فِي حَدِيثِنَا الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأَنِيهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ غَيْرَ مَا أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُ ذِكْرَ حُرُوفِ سُورَةِ الْفُرْقَانِ لِيَقِفَ النَّاظِرُ فِي كِتَابِي هَذَا عَلَى مَا فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ مِنَ الْحُرُوفِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلِيَكُونَ أَتَمَّ وَأَوْعَبَ

فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ وَأَكْمَلَ (فَائِدَةً) إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الْعَوْنُ (لَا شَرِيكَ لَهُ) ذِكْرُ ما في سورة الفرقان من اختلاف القراآت عَلَى اسْتِيعَابِ الْحُرُوفِ وَحَذْفِ الْأَسَانِيدِ فَأَوَّلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عِبَادِهِ وَقَرَأَ سَائِرُ النَّاسِ عَبْدِهِ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتَتَبَهَا قَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ اكْتُتِبَهَا وَقَرَأَ سَائِرُ النَّاسِ اكْتَتَبَهَا وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ يأكل منها قرآتان الْيَاءُ وَالنُّونُ فَقَرَأَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ وَشَيْبَةُ بْنُ نَصَّاحٍ وَنَافِعٌ وَالزُّهْرِيُّ وَابْنُ كَثِيرٍ وَعَاصِمٌ وَقَتَادَةُ وَأَبُو عَمْرٍو وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يزيد المقرىء يَأْكُلُ بِالْيَاءِ وَقَرَأَ نَأْكُلُ بِالنُّونِ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ وَعِيسَى وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ إدريس وخلف بن هشام وطلحة بن سلميان وَنُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى

وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا ثلاث قراآت الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ وَالْجَزْمُ فَقَرَأَ بِالرَّفْعِ وَيَجْعَلُ لَكِ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْأَعْمَشُ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عَاصِمٍ فَرَوَى عَنْهُ الرَّفْعَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَشَيْبَانُ وَقَرَأَ وَيَجْعَلْ لَكَ مَجْزُومًا أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَالزُّهْرِيُّ وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ وَالْأَعْمَشُ أَيْضًا وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ وَنُعَيْمٌ وَمَيْسَرَةُ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وقرأ ويجعل لك بالنصب عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وفي قوله مكانا ضيقا قرآتان بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ فَقَرَأَ بِتَخْفِيفِهَا ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عمرو وفي رواية عقبة بن سيار عَنْهُ وَعَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ وَمُسْلِمُ بْنُ مُحَارِبٍ وَالْأَعْمَشُ وَقَرَأَ بِالتَّشْدِيدِ ضَيِّقًا الْأَعْرَجُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَعَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَخَلَفٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَسَالِمٌ وَيَعْقُوبُ وَأَبُو شَيْبَةَ الْمَهْرِيُّ وَفِي قوله عز وجل ويوم نحشرهم وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ ثَلَاثُ قراآت الياءين فِيهِمَا جَمِيعًا وَالنُّونِ فِيهَا جَمِيعًا وَالنُّونِ فِي نَحْشُرُهُمْ وَالْيَاءِ فِي فَيَقُولُ فَقَرَأَ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ فَيَقُولُ جَمِيعًا بِالْيَاءِ ابْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ كَثِيرٍ وَالْحَسَنُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَأَبُو عَمْرٍو عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَعَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ

وَقَتَادَةُ وَالْأَعْمَشُ وَعَاصِمٌ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمَا (وَقَرَأَ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ فَنَقُولُ جَمِيعًا بِالنُّونِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَقَتَادَةُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَعِيسَى وَالْحَسَنُ وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ) وَقَرَأَ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ بِالنُّونِ فَيَقُولُ بِالْيَاءِ عَلْقَمَةُ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَالزُّهْرِيُّ وَالْحَسَنُ وَأَبُو عَمْرٍو عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمَا وَيَعْقُوبُ وَعَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَخَلَفٌ وَعَمْرُو بْنُ ميمون وقرأ نحشرهم بكسر الشين عبد الرحمان بْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ وَفِي قَوْلِهِ أَنْ نَتَّخِذَ قِرَاءَتَانِ ضَمُّ النُّونِ وَفَتْحُ الْخَاءِ وَفَتْحُ النُّونِ وَكَسْرُ الْخَاءِ فَقَرَأَ (نُتَّخَذَ) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْخَاءِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَمُجَاهِدٌ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَنَصْرُ بْنُ عَلْقَمَةَ! وَمَكْحُولٌ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو رَجَاءٍ وَالْحَسَنُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمْ وَحَفْصُ بْنُ حُمَيْدٍ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَقَرَأَ نَتَّخِذَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْخَاءِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَلْقَمَةُ وَإِبْرَاهِيمُ (وَعَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَطَلْحَةُ وَعِيسَى وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ إِدْرِيسَ) وَخَلَفٌ وَالْأَعْرَجُ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَالزُّهْرِيُّ وَمُجَاهِدٌ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَابْنُ كَثِيرٍ وَعَاصِمٌ الْجَحْدَرَيُّ وَحَكِيمُ بْنُ عِقَالٍ وَأَبُو عَمْرِو بْنُ

الْعَلَاءِ وَقَتَادَةُ وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَاخْتُلِفَ عَنِ الْحَسَنِ وَأَبِي رَجَاءٍ وَمَكْحُولٍ فَرُوِيَ عَنْهُمُ الْوَجْهَانِ جَمِيعًا وَفِي قَوْلِهِ فقد كذبوكم بما تقولون فما يستطيعون صَرْفًا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا جَمِيعًا بِالتَّاءِ وَالثَّانِي جَمِيعًا بِالْيَاءِ وَالثَّالِثُ يَقُولُونَ بِالْيَاءِ وَتَسْتَطِيعُونَ بِالتَّاءِ وَالرَّابِعُ تَقُولُونَ بِالتَّاءِ وَيَسْتَطِيعُونَ بِالْيَاءِ فَقَرَأَهُمَا جَمِيعًا بِالتَّاءِ وَالثَّانِي جَمِيعًا بِالتَّاءِ تَقُولُونَ وَتَسْتَطِيعُونَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ عَنْهُ وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَقَرَأَهُمَا بِالْيَاءِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَالْأَعْمَشُ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَقَرَأَهُمَا بِمَا تَقُولُونَ بِالتَّاءِ فَمَا يَسْتَطِيعُونَ بِالْيَاءِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ جَمِيعًا الْأَعْرَجُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَالزُّهْرِيُّ وَنَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ طَلْحَةُ وَعِيسَى الْكُوفِيُّ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَخَلَفٌ وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمَا وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَأَبُو عَمْرٍو وَعِيسَى وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَقَرَأَ بِمَا يَقُولُونَ بِالْيَاءِ وَتَسْتَطِيعُونَ بِالتَّاءِ أَبُو حَيْوَةَ

وَفِي قَوْلِهِ وَيَمْشُونَ قِرَاءَتَانِ تَخْفِيفُ الشِّينِ وَتَشْدِيدُهَا فَمَنْ خَفَّفَ فَتَحَ الْيَاءَ وَسَكَّنَ الْمِيمَ وَمَنْ شَدَّدَ ضَمَّ الْيَاءَ وَفَتَحَ الْمِيمَ وَقَرَأَ يُمَشُّونَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقَرَأَ سَائِرُ النَّاسِ يَمْشُونَ وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ حِجْرًا مَحْجُورًا قِرَاءَتَانِ ضَمُّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا فَقَرَأَ بِضَمِّهَا حُجْرًا مَحْجُورًا الْحَسَنُ وَأَبُو رَجَاءٍ وَقَتَادَةُ وَالْأَعْمَشُ وَكَذَلِكَ (فِي قَوْلِهِ بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا وَقَرَأَ سَائِرُ النَّاسِ بِكَسْرِهَا وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ حَرَامًا مُحَرَّمًا (2) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ قِرَاءَتَانِ بِتَشْدِيدِ الشِّينِ وَتَخْفِيفِهَا فَقَرَأَ بِتَشْدِيدِهَا الْأَعْرَجُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْحَسَنُ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ وَأَبُو عُمَرَ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَقَرَأَ تَشَقَّقُ بِتَخْفِيفِ الشِّينِ الزُّهْرِيُّ وَعَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَخَلَفٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَنُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَفِي قَوْلِهِ وَنُزِّلَ الملائكة تنزيلا أربع قراءات ونزل الملائكة ونزل الملائكة ننزل الملائكة وأنزل الْمَلَائِكَةَ قَرَأَ بِالْأُولَى الْأَعْرَجُ وَنَافِعٌ وَالزُّهْرِيُّ وَعَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ وَعِيسَى وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ إِدْرِيسَ

وَخَلَفٌ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَأَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ الْجَحْدَرَيُّ وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ وَابْنُ عَامِرٍ وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَقَرَأَ بِالثَّانِيَةِ وَنَزَّلَ الْمَلَائِكَةَ أَبُو رَجَاءٍ وَقَرَأَ بِالثَّالِثَةِ نُنْزِلُ الْمَلَائِكَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَأَبُو عَمْرٍو عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَقَرَأَ بِالرَّابِعَةِ وَأَنْزَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَالْأَعْمَشُ وَفِي قوله يا ويلتا قِرَاءَتَانِ كَسْرُ التَّاءِ عَلَى الْإِضَافَةِ وَفَتْحُهَا عَلَى النُّدْبَةِ قَرَأَ بِكَسْرِهَا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَقَرَأَ سَائِرُ النَّاسِ فِيمَا عَلِمْتُ بِفَتْحِهَا وَفِي قَوْلِهِ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا قِرَاءَتَانِ تَسْكِينُ الْيَاءِ وَحَذْفُهَا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَفَتْحُهَا قَرَأَ بِكِلَا الْوَجْهَيْنِ جَمَاعَةٌ وَفِي قَوْلِهِ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ قِرَاءَتَانِ بِالْيَاءِ وَالنُّونِ (قَرَأَ بِالْيَاءِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَقَرَأَ سَائِرُ النَّاسِ بِالنُّونِ) وَفِي قَوْلِهِ فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا قِرَاءَتَانِ فَدَمَّرْنَاهُمْ فَدَمِّرَانِّهِمْ قَرَأَ فَدَمِّرَانِّهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمَسْلَمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ وَقَرَأَ سَائِرُ النَّاسِ فَدَمَّرْنَاهُمْ وَقَرَأَ جَمَاعَةٌ بِصَرْفِ ثَمُودَ وَجَمَاعَةٌ بِتَرْكِ صَرْفِهَا وَفِي قَوْلِهِ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلاهه هواه قراءتان ألاهه وَإِلَهَةً فَقَرَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَةً هَوَاهُ وَقَرَأَ سَائِرُ

الناس ألاهه إِلَّا أَنَّ أَبَا عَمْرٍو فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ يُدْغِمُ الْهَاءَ (فِي الْهَاءِ) بَعْدَ تَسْكِينِ الْمَفْتُوحَةِ مِنْهُمَا وَفِي قَوْلِهِ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا قِرَاءَتَانِ فِي الرِّيحِ الْجَمْعُ وَالتَّوْحِيدُ وفي نشرا سِتُّ قِرَاءَاتٍ نُشرًا بِالنُّونِ مُثْقَلٌ وَمُخَفَّفٌ وَبُشرًا بالباء مثقل وخفف وَالْخَامِسَةُ نَشْرًا بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ وَالسَّادِسَةُ بُشْرَى مِثْلَ حُبْلَى فَقَرَأَ الرِّيَاحَ جَمْعًا نُشُرًا بِالنُّونِ وَبِضَمَّتَيْنِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَالزُّهْرِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ وَيَعْقُوبُ وَسَلَّامٌ وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ وَقَرَأَ الرِّيَاحَ جَمْعًا أَيْضًا وَنُشْرًا بِالنُّونِ أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ خَفَّفَ الشِّينَ ابْنُ عَامِرٍ وَقَتَادَةُ وَأَبُو رَجَاءٍ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَسَهْلٌ وَشُعَيْبٌ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِي عَمْرٍو رَوَاهَا هَارُونُ الْأَعْوَرُ وَخَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَقَرَأَ الرِّيحَ وَاحِدَةً نُشُرًا بِالنُّونِ وَضَمَّتَيْنِ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَالْحَسَنُ وَقَرَأَ الرِّيَاحَ جَمَاعَةً بُشْرًا بِالْبَاءِ خَفِيفَةَ الشِّينِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَاصِمٌ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ الْفَرَّاءُ كَأَنَّهُ بَشِيرٌ وَبِشْرٌ وَقَرَأَ الرِّيَاحَ جَمَاعَةً نَشْرًا بِالنُّونِ وَفَتْحِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَزِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ وَمَسْرُوقٌ وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَعِيسَى الْكُوفِيُّ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (وَابْنُ) إِدْرِيسَ وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ جعفر بن محمد والعلاء بن سيابة وَقَرَأَ الرِّيحَ وَاحِدَةً نَشْرًا بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الشِّينِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَطَلْحَةُ (وَعِيسَى)

الْهَمْدَانِيُّ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمَا وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَقَرَأَ بُشْرَى بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ مِثْلَ حُبْلَى مُحَمَّدُ بْنُ السَّمَيْفَعِ الْيَمَنِيُّ مِنَ الْبِشَارَةِ وَفِي قَوْلِهِ وَنُسْقِيَهُ قِرَاءَتَانِ ضَمُّ النُّونِ وَفَتْحُهَا فَقَرَأَ بِضَمِّ النُّونِ مِنْ أَسْقَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَالزُّهْرِيُّ وَالْأَعْرَجُ وَمِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ابْنُ كَثِيرٍ وَمِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ عَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَعِيسَى الْهَمْدَانِيُّ وَمِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ الْحَسَنُ وَأَبُو عَمْرٍو وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ وَمِنْ أَهْلِ الشَّامِ ابْنُ عَامِرٍ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَقَرَأَ نَسْقِيَهُ بِفَتْحِ النُّونِ مِنْ سَقَىَ عَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمَا وَفِي لِيَذَّكَّرُوا قِرَاءَتَانِ التَّخْفِيفُ وَالتَّثْقِيلُ فَقَرَأَ بِالتَّخْفِيفِ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمْ وَقَرَأَ بِالتَّشْدِيدِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ وَأَهْلُ الشَّامِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمْ قَبْلُ وَفِي قَوْلِهِ مِلْحٌ قِرَاءَتَانِ فَتْحُ الميم وكسرها (فَقَرَأَ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَلْحٌ أُجَاجٌ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَقَرَأَ سَائِرُ النَّاسِ بِكَسْرِ الْمِيمِ) وَفِي قَوْلِهِ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا قِرَاءَتَانِ الْيَاءُ وَالتَّاءُ فَقَرَأَ بِالتَّاءِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْأَعْرَجُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَالزُّهْرِيُّ وَابْنُ كَثِيرٍ وَعَاصِمٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ والحسن

وَعِيسَى وَأَبُو عَمْرٍو وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ وَقَرَأَ بِالْيَاءِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَالْأَسْوَدُ وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ وَعِيسَى الْكُوفِيُّ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَخَلَفٌ وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَنُعَيْمُ بْنُ ميسرة وفي قوله سراجا ثلاث قرأت سِرَاجًا وَسُرُجًا وَسُرْجًا فَقَرَأَ سِرَاجًا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ (وَأَبُو الدَّرْدَاءِ) وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ جَمِيعًا ابْنُ هُرْمُزَ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَالزُّهْرِيُّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَهْلُ مَكَّةَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ الْحَسَنُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَأَبُو رَجَاءٍ وَقَتَادَةُ وَأَبُو عَمْرٍو وَعِيسَى وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ وَأَهْلُ الشَّامِ ابْنُ عَامِرٍ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ وَقَرَأَهَا أَيْضًا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَبُو جَعْفَرٍ وَقَرَأَ سُرُجًا بِضَمَّتَيْنِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابُهُ وَإِبْرَاهِيمُ وَيَحْيَى وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ وَعِيسَى وَأَبَانُ بْنُ تغلب ومنصور بن المعتمر وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَخَلَفٌ وَنُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ كُوفِيُّونَ وَعَنْ بَعْضِهِمْ رُوِيَ سُرْجًا مُخَفَّفٌ وَهُوَ أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ قِرَاءَتَانِ التَّخْفِيفُ

وَالتَّثْقِيلُ فَقَرَأَ يَذَّكَّرَ مُثَقَّلَةً مُشَدَّدَةً مَفْتُوحَةَ الْكَافِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَالزُّهْرِيُّ وَأَهْلُ مَكَّةَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَصْحَابُهُ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ الْحَسَنُ وَأَبُو رَجَاءٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَعِيسَى وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ وَأَهْلُ الشَّامِ ابْنُ عَامِرٍ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَقَرَأَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَقَرَأَ يَذْكُرَ مُخَفَّفَةً عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْهُ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى رَوَاهَا الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ وَنَاجِيَةُ بْنُ كَعْبٍ عَنْهُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَإِبْرَاهِيمُ وَيَحْيَى وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ وَعِيسَى وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ وَابْنُ إِدْرِيسَ ونعيم بن ميسرة وفي قوله لم يقتروا ثلاث قرآت مِنْهَا فِي الثُّلَاثِيِّ قِرَاءَتَانِ مِنْ قَتَرَ يَقْتِرُ وَيَقْتُرُ فَقَرَأَ يَقْتِرُوا بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ التَّاءِ مِنْ قَتَرَ يَقْتِرُ مُجَاهِدٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَالزُّهْرِيُّ وَأَبُو عُمَرَ وَعِيسَى وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَعَبَدُ اللَّهَ بْنُ يَزِيدَ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ (وَقَرَأَ) يَقْتُرُوا بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ قَتَرَ أَيْضًا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي رِوَايَةِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ

وَنَاجِيَةُ وَعَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ وَعِيسَى وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَخَلَفٌ وَأَبُو رَجَاءٍ وَأَبُو عَمْرٍو عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَقَرَأَ مِنَ الرُّبَاعِيِّ يُقْتِرُوا بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ التَّاءِ مِنْ أَقْتَرَ يُقْتِرُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَالْأَعْرَجُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ وَأَبِي رَجَاءٍ وبن عَامِرٍ وَنُعَيْمِ بْنِ مَيْسَرَةَ وَفِي قَوْلِهِ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا قِرَاءَتَانِ كَسْرُ الْقَافِ وَفَتْحُهَا قَرَأَ بِكَسْرِهَا حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ صَاحِبُ عَائِشَةَ وَهُوَ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ قَتَادَةُ كَانَ يَقْرَأُ قِوَامًا وَيُنْكِرُ قَوَامًا وَيَقُولُ الْقَوَامُ قَوَامُ الدَّابَّةِ وَالْقِوَامُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَعَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ وَعَلَى الْفَرَسِ وَالْجَارِيَةِ وَقَرَأَ سَائِرُ النَّاسِ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ قَوَامًا بِفَتْحِ الْقَافِ وَفِي قَوْلِهِ يضاعف ويخلد قراآت فِي إِعْرَابِهِمَا وَفِي تَشْدِيدِ الْعَيْنِ فَأَمَّا الْإِعْرَابُ فَالْجَزْمُ فِي الْفَاءِ وَالدَّالِ مِنْ يُضَاعِفْ وَيَخْلُدْ وَالرَّفْعُ فِيهِمَا فَقَرَأَ يُضَاعَفُ وَيَخْلُدُ فِيهِ مَرْفُوعَيْنِ عَاصِمٌ عَلَى اخْتِلَافٍ كَثِيرٍ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وقرأ يُضَاعَفْ وَيَخْلُدْ بِالْجَزْمِ فِيهِمَا ابْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ وَنَافِعٌ وَالزُّهْرِيُّ مَدَنِيُّونَ وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَخَلَفٌ كُوفِيُّونَ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَعَاصِمٌ الْجَحْدَرَيُّ وَأَبُو عَمْرٍو وَسَلَّامٌ بَصْرِيُّونَ وَنَعِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونَ وَقَرَأَ يُضَعَّفُ وَيُخَلَّدُ بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ مِنْ يُضَعَّفُ وَالرَّفْعِ فِيهِمَا ابْنُ عَامِرٍ وَالْأَعْمَشُ وَقَرَأَ يُضَعَّفْ وَيُخَلَّدْ بِالْجَزْمِ

فِيهِمَا وَتَشْدِيدِ يُضَعَّفْ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَيَعْقُوبُ وَعِيسَى الثَّقَفِيُّ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَقَرَأَ نَضْعُفَ بِالنُّونِ لَهُ الْعَذَابَ نَصْبًا وَيَخْلُدْ فِيهِ بِالْيَاءِ جَزْمًا طَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَفِي قَوْلِهِ ذُرِّيَّاتِنَا قِرَاءَاتَانِ الْجَمْعُ وَالتَّوْحِيدُ فَقَرَأَ ذُرِّيَّتَنَا وَاحِدَةً مُجَاهِدٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَخَلَفٌ وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَقَرَأَ وَذُرِّيَّاتِنَا جَمَاعَةٌ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَالزُّهْرِيُّ وَابْنُ كَثِيرٍ وَعَاصِمٌ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَالْحَسَنُ وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ وَابْنُ عَامِرٍ وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ وَنُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ وَفِي قَوْلِهِ وَيُلَقَّوْنَ قِرَاءَتَانِ إِحْدَاهُمَا ضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحُ اللَّامِ وَتَشْدِيدُ الْقَافِ وَالثَّانِيَةُ فَتْحُ الْيَاءِ وَتَسْكِينُ اللَّامِ وَتَخْفِيفُ الْقَافِ فَقَرَأَ بِالتَّرْجَمَةِ الْأُولَى ابْنُ هُرْمُزَ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَالزُّهْرِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَالْحَسَنُ وَأَبُو عَمْرٍو وَعِيسَى وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَاخْتُلِفَ عَنْ عَاصِمٍ وَالْأَعْمَشِ وَقَرَأَ بِالتَّرْجَمَةِ الثَّانِيَةِ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ

وعيسى الكوفي وحمزة والكسائي وابن إدريس وخلف وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ السَّمَيْفَعِ الْيَمَانِيُّ وَعَاصِمٌ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ فَقَدْ كَذَّبَ الْكَافِرُونَ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا وَكَذَلِكَ فِيِ حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَأَ سَائِرُ النَّاسِ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا فَهَذَا مَا فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ مِنَ الْحُرُوفِ الَّتِي بِأَيْدِي أَهْلِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا أَنْكَرَ مِنْهَا عُمَرُ عَلَى هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ وَمَا قَرَأَ بِهِ عُمَرُ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ حُرُوفٌ لَمْ تَصِلْ إِلَيْنَا وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ قَرَأَ بِحَرْفٍ نُقِلَ عَنْهُ وَذُكِرَ وَلَكِنْ إِنْ فَاتَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَهُوَ الْيَسِيرُ النَّزْرُ وَأَمَّا عِظَمُ الشَّيْءِ وَمِنَّتُهُ وَجُمْلَتُهُ فَمَنْقُولٌ مَحْكِيٌّ عَنْهُمْ فَجَزَاهُمُ اللَّهُ عَنْ حِفْظِهِمْ عَلَيْنَا الْحُرُوفَ وَالسُّنَنَ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ وَأَكْرَمَهُ عِنْدَهُ بِرَحْمَتِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي جِبِلَّةِ الْإِنْسَانِ وَطَبْعِهِ أَنْ يُنْكِرَ مَا عَرَفَ ضِدَّهُ وَخِلَافَهَ وَجَهِلَهُ وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ لِمَنْ عَلِمَ وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ عُمَرُ مِنَ الْغَضَبِ فِي ذَاتِ اللَّهِ فَإِنَّهُ كَانَ لَا يُبَالِي قَرِيبًا وَلَا بَعِيدًا فِيهِ وَقَدْ كَانَ كَثِيرَ التَّفْضِيلِ لِهِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ

وَلَكِنْ إِذْ سَمِعَ مِنْهُ مَا أَنْكَرَهُ لَمْ يُسَامِحْهُ حَتَّى عَرَفَ مَوْقِعَ الصَّوَابِ فِيهِ وَهَذَا يَجِبُ عَلَى الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ فِي رِفْقٍ وَسُكُونٍ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى مَوْضِعِ هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ عِنْدَ عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ (وَهْبٍ) وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا خَشِيَ وُقُوعَ أَمْرٍ قَالَ أَمَّا مَا بَقِيتُ أَنَا وَهِشَامُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ فلا

حَدِيثٌ رَابِعَ عَشَرَ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ هكذا قال ملك فِي الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَذَلِكَ رَوَاهُ عَنْهُ جُمْهُورُ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ وَمِمَّنْ رَوَاهُ كَذَلِكَ فِيمَا ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَالْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَابْنُ كَثِيرٍ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى (يَعْنِي) النَّيْسَابُورِيَّ وَإِسْحَاقُ بْنُ الطَّبَّاعِ وَأَبُو سَلَمَةَ مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مِهْرَانَ السَّرَّاجُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي وَأَبِي قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الإنسان

وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ مثله وذكره ابن وهب في موطأه فَقَالَ وَأَخْبَرَنِي مَالِكٌ وَيُونُسُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا اعتكفت في المسجد فدخلت بَيْتِهَا لَمْ تَسْأَلْ عَنِ الْمَرِيضِ إِلَّا وَهِيَ مَارَّةٌ وَقَالَتْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ فَأَدْخَلَ حَدِيثَ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ جَمْعُ عُرْوَةَ وَعَائِشَةَ لِيُونُسَ وَاللَّيْثِ لَا لِمَالِكٍ وَالْمَحْفُوظُ لِمَالِكٍ عَنْ أَكْثَرِ رُوَاتِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عُرْوَةَ وَأَمَّا سَائِرُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ غَيْرَ مَالِكٍ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ فِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْهُمْ مَعْمَرٌ وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ بُنْدَارٌ وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ لَمْ تُذْكَرْ عَمْرَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَتَابَعَ ابْنَ مَهْدِيٍّ

عَلَى ذَلِكَ إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ وَأَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمَا أَيْضًا وَالْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ الْحِمْصِيُّ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَعْتَكِفُ وَتَمُرُّ بِالْمَرِيضِ وَتَسْأَلُ بِهِ وَهِيَ تَمْشِي قَالَ عَبْدُ الرحمن فقلت لمالك عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ وَأَعَدْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ أَوِ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَمْرَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (الْخُشَنِيُّ) قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَعْتَكِفُ وَذَكَرَهُ إِلَى آخِرِهِ وَهَذَانِ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا فِي تَرْجِيلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ فِي مُرُورِ عَائِشَةَ بِالْمَرِيضِ وَقَوْلِهَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ اخْتَلَفَ فِيهِمَا أَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ عَلَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحُمَيْدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِينِي وَهُوَ يَعْتَكِفُ فِي المسجد حتى يتكىء عَلَى عَتَبَةِ بَابِ حُجْرَتِي فَأَغْسِلُ رَأْسَهُ وَأَنَا فِي حُجْرَتِي وَسَائِرُهُ فِي الْمَسْجِدِ

قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ وَعَمْرَةُ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ إِذَا اعْتَكَفَتْ فِي الْمَسْجِدِ تَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ وَلَا تَدْخُلُ بَيْتَهَا إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا وَكَانَتْ تَمُرُّ بِالْمَرِيضِ مِنْ أَهْلِهَا فَتَسْأَلُ عَنْهُ وَهِيَ تَمْشِي لَا تَقِفُ فَجَعَلَ الْأَوْزَاعِيُّ الْمَعْنَيَيْنِ بِإِسْنَادَيْنِ أَحَدُهُمَا عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ وَالْآخَرُ عُرْوَةُ وَعَمْرَةُ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَى مَالِكٌ حَدِيثَ عَائِشَةَ هَذَا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْهَا كَذَلِكَ هُوَ فِي الْمُوَطَّإِ عِنْدَ جُمْهُورِ الرُّوَاةِ وَقَالَ فِيهِ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ إِذَا اعْتَكَفَتْ لَا تَسْأَلُ عَنِ الْمَرِيضِ إِلَّا وَهِيَ تَمْشِي لَا تَقِفُ وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ فَذَكَرَهُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَخَالِدُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ

مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَقَالَ الْقَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَخَالَفَ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا الْمَرْفُوعِ وَالْمَوْقُوفِ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي عِلَلِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مُرُورَ عَائِشَةَ وَتَرْجِيلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمَا يَعْتَكِفَانِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ مِنْهُمْ يُونُسُ والأوزاعي والليث وَمَعْمَرٌ وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ وَالزُّبَيْدِيُّ ثُمَّ قَالَ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ عَلَى خِلَافِ مَالِكٍ فِي تَرْجِيلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُجَامِعْهُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَأَمَّا يُونُسُ وَاللَّيْثُ فَجَمَعَا عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَمَّا مَعْمَرٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ فَاجْتَمَعُوا عَلَى عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ (قَالَ) وَالْمَحْفُوظُ عِنْدَنَا حَدِيثُ هَؤُلَاءِ قَالَ وَأَمَّا الْقِصَّةُ الْأُخْرَى فِي مُرُورِ عَائِشَةَ عَلَى الْمَرِيضِ فَاجْتَمَعَ مَعْمَرٌ وَمَالِكٌ وَهُشَيْمٌ عَلَى عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَقَالَ يُونُسُ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ مَرَّةً عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَمَرَّةً مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ عَنْ عُرْوَةَ وَعُمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَوْلَى بِالْحَدِيثِ لِأَنَّ اللَّيْثَ قَدِ اضْطَرَبَ فِيهِ فَقَالَ مَرَّةً عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ (وَمَرَّةً عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ) وَثَبَتَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْهُمَا جَمِيعًا وَقَدْ وَاطَأَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ فِي الْحَدِيثَيْنِ

جَمِيعًا فَصَارَتْ رِوَايَتُهُ عَنْ يُونُسَ أَوْلَى وَأَثْبَتَ وَأَمَّا شَبِيبُ بْنُ سَعِيدٍ فَإِنَّهُ تَابَعَ اللَّيْثَ عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ يُونُسَ فِي الْقِصَّةِ الْأَخِيرَةِ فَقَالَ عُرْوَةُ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ فَقَدْ صَحَّ الْخَبَرُ الْآخَرُ عِنْدَنَا عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِاجْتِمَاعِ يُونُسَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَالْأَوْزَاعِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَبِاجْتِمَاعِ مَعْمَرٍ وَمَالِكٍ وَهُشَيْمٍ عَلَى عَمْرَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَبُو نُعَيْمٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُجَاوِرُ فَتَمُرُّ بِالْمَرِيضِ مِنْ أَهْلِهَا فَلَا تَعْرِضُ لَهُ فَالْحَدِيثَانِ عِنْدَنَا مَحْفُوظَانِ بِالْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا إِلَّا مَا كَانَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي تَرْجِيلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَطْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَبِيبٍ مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو صَالِحٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَعْتَكِفُ فَيَمُرُّ بِالْمَرِيضِ فِي الْبَيْتِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَلَا يَقِفُ قَالَ وَهَذَا مُعْضِلٌ لَا وَجْهَ لَهُ إِنَّمَا هُوَ فِعْلُ عَائِشَةَ لَيْسَ ذِكْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي شَيْءٍ وَهَذَا الْوَهْمُ مِنِ ابْنِ لَهِيعَةَ فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ

- قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي أَنْكَرُوا عَلَى مَالِكٍ ذِكْرَهُ عَمْرَةَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ هَذَا مَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ لَا غَيْرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ تَرْجِيلَ عَائِشَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مُعْتَكِفٌ لَا يُوجَدُ إِلَّا حَدِيثُ عُرْوَةَ وَحْدَهُ عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرُ هَذَا قَدْ جُومِعَ مَالِكٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مُرُورِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَلْفَاظِ حَدِيثِ مَالِكٍ وَإِسْنَادِهِ وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ التَّرْجِيلِ هَذَا عَنْ عُرْوَةَ تَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ وَيَعْلَى عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا حَائِضٌ وَهُوَ عَاكِفٌ وَقَالَ يَعْلَى فِي حَدِيثِهِ هَذَا كُنْتُ أَغْسِلُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ مُجَاوِرٌ وَأَنَا فِي حُجْرَتِي فَأَغْسِلُهُ وَأُرَجِّلُهُ بِالْمَاءِ وَأَنَا حَائِضٌ وَقَدْ رَوَاهُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَ رِوَايَةِ عُرْوَةَ سَوَاءً إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ الْأَسْوَدِ يُخْرِجُ إِلَيَّ رَأْسَهُ وَفِي حَدِيثِ عُرْوَةَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ يُدْخِلُ إِلَيَّ رَأْسَهُ وَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ

إِدْخَالِ الْمُعْتَكِفِ رَأْسَهُ الْبَيْتَ لِيُغْسَلَ وَيُرَجَّلَ وَقَدْ يُحْتَمَلُ قَوْلُ الْأَسْوَدِ يُخْرِجُ إِلَيَّ رَأْسَهُ أَيْ يُخْرِجُهُ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَيَّ فِي الْبَيْتِ فَأُرَجِّلُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ جَمِيعًا عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ سُفْيَانَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْرِجُ إِلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ زَائِدَةَ ذِكْرُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ حَدِيثُ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ (عَنْ عُرْوَةَ) عَنْ عَائِشَةَ وَحَدِيثُ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَنَا حَائِضٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ عَنْ عَائِشَةَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ فَالتَّرْجِيلُ أَنَّ يُبَلَّ الشَّعْرُ ثُمَّ يُمَشَّطُ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى وَمَا فِيهِ مِنِ اخْتِلَافِ الْآثَارِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لله

وَفِي تَرْجِيلِ عَائِشَةَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْيَدَيْنِ مِنَ الْمَرْأَةِ لَيْسَتَا بِعَوْرَةٍ وَلَوْ كَانَتَا عَوْرَةً مَا بَاشَرَتْهُ بِهِمَا فِي اعْتِكَافِهِ وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهَا تَنْهَى فِي الْإِحْرَامِ عَنْ لِبَاسِ الْقُفَّازَيْنِ وَتُؤْمَرُ بِسَتْرِ مَا عَدَا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَتُؤْمَرُ بِكَشْفِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فِي الصَّلَاةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا غَيْرُ عَوْرَةٍ مِنْهَا وَهُوَ عِنْدَنَا أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى الْعَوْرَةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ طَاهِرَةٌ غَيْرُ نَجِسَةٍ إِلَّا مَوْضِعَ النَّجَاسَةِ مِنْهَا وَيُوَضِّحُ (لَكَ) ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ فَقَالَتْ إِنِّي حَائِضٌ فَقَالَ إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ فَدَلَّ قَوْلُهُ هَذَا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ مِنْهَا لَيْسَ فِيهِ الْحَيْضَةُ فَهُوَ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْحَيْضَةِ وَأَنَّهَا مُتَعَبِّدَةٌ فِي اجْتِنَابِ مَا أُمِرَتْ بِاجْتِنَابِهِ وَفِي تَرْجِيلِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخِدْمَتِهَا لَهُ وَهِيَ حَائِضٌ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَفِي هَذَا كُلِّهِ إِبْطَالُ قَوْلِ مَنْ كَرِهَ سُؤْرَ الْحَايِضِ والجنب وفي حديث شريح بن هانىء عَنْ عَائِشَةَ كُنْتُ أَشْرَبُ وَأَنَا حَايِضُ وَأُنَاوِلُهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فَمِي وَآخُذُ الْعَرَقَ (فَأَعَضُّهُ) فَيَضَعُ فَمَهُ عَلَى مَوْضِعِ فَمِي

- قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى الِاعْتِكَافِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْإِقَامَةُ عَلَى الشَّيْءِ وَالْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهِ وَالْمُلَازَمَةُ لَهُ هَذَا مَعْنَى الْعُكُوفِ وَالِاعْتِكَافِ فِي اللِّسَانِ وَأَمَّا فِي الشَّرِيعَةِ فَمَعْنَاهُ الْإِقَامَةُ عَلَى الطَّاعَةِ وَعَمَلُ الْبِرِّ عَلَى حَسَبِ مَا وَرَدَ مِنْ سُنَنِ الِاعْتِكَافِ فَمِمَّا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ (فِي الْمَسَاجِدِ) إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِذِكْرِ الْمَسَاجِدِ فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْآيَةَ خَرَجَتْ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُهَا الْعُمُومَ فَقَالُوا لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدِ نَبِيٍّ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدِ الرَّسُولِ أَوْ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا غَيْرَ وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي مَسْجِدِهِ فَكَانَ الْمَقْصِدُ وَالْإِشَارَةُ إِلَى نَوْعِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ فِي مَا بَنَاهُ نَبِيٌّ وَقَالَ الْآخَرُونَ لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ تُجْمَعُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ فِي الْآيَةِ عِنْدَهُمْ إِلَى ذَلِكَ الْجِنْسِ مِنَ الْمَسَاجِدِ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ

وَقَالَ آخَرُونَ الِاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ جَائِزٌ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وأبي قلابة وإبرهيم النَّخَعِيِّ وَهَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي الْأَحْوَصِ وَالشَّعْبِيِّ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا (وَالثَّوْرِيِّ) وَحُجَّتُهُمْ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى عُمُومِهَا فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ عُلَيَّةَ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرَيُّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُعْتَكَفُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ إِلَّا مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ قَالَ وَاعْتِكَافُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَيَعْتَكِفُ الْمُسَافِرُ وَالْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ حَيْثُ شَاءُوا وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِنَا هَذَا مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ تَعْنِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ اعْتِكَافُهُ فِي بَيْتِهِ وَأَنَّهُ كَانَ فِي مَسْجِدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَا يَشْتَغِلُ بِغَيْرِ لُزُومِهِ الْمَسْجِدَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ لُزُومَ الْمَسْجِدِ إِنَّمَا هُوَ لِلصَّلَوَاتِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَأَنَّ الْمُعْتَكِفَ إِذَا لَمْ يَدْخُلْ بَيْتَ نَفْسِهِ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَدْخُلَ بَيْتَ غَيْرِهِ وَفِي اجْتِنَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ذَلِكَ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ دُخُولُ الْبَيْتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَعْصِيَةٌ (فَكُلُّ شُغْلٍ يَشْغَلُهُ عَنِ اعْتِكَافِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ معصية)

وَفِي مَعْنَى دُخُولِ الْبَيْتِ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ كُلُّ مَا لَا غِنَى بِالْإِنْسَانِ عَنْهُ مِنْ مَنَافِعِهِ وَمَصَالِحِهِ وَمَا لَا يَقْضِيهِ عَنْهُ غَيْرُهُ وَفِي مَعْنَى تَرْجِيلِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ كُلُّ مَا (كَانَ) فِيهِ صَلَاحُ بَدَنِهِ مِنَ الْغِذَاءِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ الْمُعْتَكِفُ نَاذِرٌ جَاعِلٌ عَلَى نَفْسِهِ الْمُقَامَ فِي الْمَسْجِدِ لِطَاعَةِ اللَّهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ فَإِنْ خَرَجَ لِضَرُورَةٍ وَرَجَعَ فِي فَوْرِ زَوَالِ الضَّرُورَةِ بَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنِ اعْتِكَافِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمِنَ الضَّرُورَةِ الْمَرَضُ الْبَيِّنُ وَالْحَيْضُ وَهَذَا عِنْدِي فِي مَعْنَى خُرُوجِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ فِي الْمُعْتَكِفِ يَخْرُجُ لِعُذْرٍ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مِثْلُ أَنْ يَمُوتَ أَبُوهُ أَوِ ابْنُهُ وَلَا يَكُونُ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ أَوْ شِرَاءُ طَعَامٍ يُفْطِرُ عَلَيْهِ أَوْ غَسْلُ نَجَاسَةٍ مِنْ ثَوْبِهِ لَا يَجِدُ مَنْ يَكْفِيهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنْهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا كُلَّهُ أَوْ مَا كَانَ مثله يبتدىء وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَبْنِي وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ خُوَازِ بِنْدَادَ وَغَيْرِهِ قِيَاسًا عَلَى حَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَالْحَيْضِ وَالْمَرَضِ اللَّذَيْنِ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ ملك فيهما

(أَنَّهُ يَبْنِي) وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اشْتِغَالِ الْمُعْتَكِفِ بِالْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَعْرِضُ الْمُعْتَكِفُ لِتِجَارَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَ بِصَنْعَتِهِ وَمَصْلَحَةِ أَهْلِهِ وَيَبِيعَ مَالَهُ وَيَصْنَعَ كُلَّ مَا (لَا) يَشْغَلُهُ إِذَا كَانَ خَفِيفًا قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَكُونُ مُعْتَكِفًا حَتَّى يَجْتَنِبَ مَا يَجْتَنِبُ الْمُعْتَكِفُ (قَالَ) وَلَا بَأْسَ بِنِكَاحِ (الْمُعْتَكِفِ) مَا لَمْ يَكُنِ الْوِقَاعُ وَالْمَرْأَةُ الْمُعْتَكِفَةُ تُنْكَحُ نِكَاحَ الْخِطْبَةِ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُهُ فِي الْمُوَطَآتِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَقُومُ الْمُعْتَكِفُ إِلَى رَجُلٍ يُعَزِّيهِ بِمُصِيبَةٍ وَلَا يَشْهَدُ نِكَاحًا يُعْقَدُ فِي الْمَسْجِدِ يَقُومُ إِلَيْهِ وَلَكِنْ لَوْ غَشِيَهُ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا وَلَا يَقُومُ لِنَاكِحٍ فَيُهَنِّئُهُ وَلَا يَكْتُبُ الْعِلْمَ وَلَا يَشْتَغِلُ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ قَالَ وَيَشْتَرِي وَيَبِيعُ إِذَا كَانَ خَفِيفًا وَلَا يَشْهَدُ الْجَنَائِزَ وَلَا يَعُودُ الْمَرْضَى وَجُمْلَةُ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَا يَشْتَغِلُ بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا إِلَّا الْيَسِيرَ الَّذِي لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ فِي مَصَالِحِهِ مِثْلُ الْكِتَابِ الْخَفِيفِ يَكْتُبُهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَوْ (يَأْمُرُ) مَنْ يَخْدِمُهُ وَمِثْلُ هَذَا مِنْ مُرَاعَاةِ أَحْوَالِهِ إِذَا كَانَ يَسِيرًا خَفِيفًا وَمِنْ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّ

الْمُعْتَكِفَ إِذَا أَتَى كَبِيرَةً (مِنَ الْكَبَائِرِ) فَسَدَ اعْتِكَافُهُ لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ ضِدُّ الْعِبَادَةِ كَمَا الْحَدَثُ ضِدُّ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَتَرْكُ مَا حَرُمَ عَلَيْهِ أَعْلَى مَنَازِلِ الِاعْتِكَافِ فِي الْعِبَادَةِ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ (ابْنِ) خُوَازِ بِنْدَادَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ الْمُعْتَكِفُ يَعُودُ الْمَرِيضَ وَيَشْهَدُ الْجُمُعَةَ وَمَا لَا يَحْسُنُ أَنْ يُضَيِّعَهُ لَا يَدْخُلُ سَقْفًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَمَرُّهُ فِيهِ وَلَا يَجْلِسُ عِنْدَ أَهْلِهِ وَلَا يُوصِيهِمْ بِحَاجَتِهِ إِلَّا وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ مَاشٍ وَلَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي وَإِنْ دَخَلَ سَقْفًا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِنْ دَخَلَ الْمُعْتَكِفُ بَيْتًا لَيْسَ في طريقه أو في غير جَامَعَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَيَحْضُرُ الْجِنَازَةَ وَيَعُودُ الْمَرِيضَ وَيَشْهَدُ الْجُمُعَةَ وَيَخْرُجُ لِلْوُضُوءِ وَيَدْخُلُ بَيْتَ الْمَرِيضِ لِلْعِيَادَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ لِجِنَازَةٍ وَلَا لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَلَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ وَيَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَتَشَاغَلَ بِمَا لَا يَأَثَمُ فِيهِ وَيُزَوِّجُ وَيَتَزَوَّجُ وَيُشْهِدُ فِي النِّكَاحِ وَيَتَطَيَّبُ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَعُودُ الْمُعْتَكِفُ مَرِيضًا وَلَا يَشْهَدُ جِنَازَةً وَلَا يُفَارِقُ مَوْضِعَ اعْتِكَافِهِ بَعِيدًا إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَكُلُّمَا يَفْعَلُهُ غَيْرُ الْمُعْتَكِفِ فِي الْمَسْجِدِ فَعَلَهُ الْمُعْتَكِفُ وَلَا يَقْعُدُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ أَكْلِهِ فِي بَيْتِهِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعَانِي الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَاحِدَةٌ وَمَعَانِي مَالِكٍ مُتَقَارِبَةٌ وَالْحُجَّةُ لِمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُمْ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ لَا تَعُودُ الْمَرِيضَ مِنْ أَهْلِهَا وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ الْإِمَارَةَ وَقَدْ رَوَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا وَلَا يَشْهَدَ جِنَازَةً وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلَا يُبَاشِرَهَا وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلَّا مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا السُّنَّةُ إِلَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ وَلَا يَصِحُّ هَذَا الْكَلَامُ كُلُّهُ عِنْدَهُمْ إِلَّا مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ فِي صَوْمِ الْمُعْتَكِفِ وَمُبَاشَرَتِهِ وَسَائِرِ الْحَدِيثِ وَالْحُجَّةُ لِمَذْهَبِ الثَّوْرِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ إِذَا اعْتَكَفَ الرَّجُلُ فَلْيَشْهَدِ الْجُمُعَةَ وَلْيَعُدِ الْمَرِيضَ وَلْيَحْضُرِ الْجِنَازَةَ وَلْيَأْتِ أَهْلَهُ وَلْيَأْمُرْهُمْ بِالْحَاجَةِ وَهُوَ قَائِمٌ وَأَجَازَ عَلِيٌّ الْبَيْعَ والشراء للمعتكف

وَذَكَرَ الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ اعْتَكَفْتُ فِي مَسْجِدِ الْحَيِّ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ (يَدْعُونِي) وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْكُوفَةِ فَلَمْ آتِهِ فَعَادَ ثُمَّ عَادَ فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَنَا قُلْتُ إِنِّي كُنْتُ مُعْتَكِفًا قَالَ وَمَا عَلَيْكَ إِنَّ الْمُعْتَكِفَ يَشْهَدُ الْجُمُعَةَ وَيَعُودُ الْمَرِيضَ وَيَمْشِي مَعَ الْجِنَازَةِ وَيُجِيبُ الْإِمَامَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَا يُبَاشِرُ وَلَا يُقَبِّلُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَلَيْهِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَقَالَ (الشَّافِعِيُّ) فِي مَوْضِعٍ (آخَرَ) مِنْ مَسَائِلِ الِاعْتِكَافِ لَا يَفْسُدُ الِاعْتِكَافُ من الوطىء إِلَّا مَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ قِيَاسًا عَلَى أَصْلِهِ فِي الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ فَعَلَ فَأَنْزَلَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا وَلَا يَسْتَظِلُّ بِسَقْفٍ إِلَّا (فِي) الْمَسْجِدِ الَّذِي يَعْتَكِفُ فِيهِ أَوْ يَدْخُلُ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ أَوْ مَا كَانَ مِثْلَ تَرْجِيلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَمَسَائِلُ الِاعْتِكَافِ وَنَوَازِلُهُ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَيَقْصُرُ الْكِتَابُ عَنْ تَقَصِّي أَقَاوِيلِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا وَالِاعْتِلَالِ لَهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا فِي مَعْنَى حَدِيثِنَا وَذَكَرْنَا الْأُصُولَ الَّتِي عَلَيْهَا مَدَارُ الِاعْتِكَافِ وَسَنَذْكُرُ حُكْمَ الِاعْتِكَافِ بِصَوْمٍ وَبِغَيْرِ صَوْمٍ وَاخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ عَلَى مَا رَوَاهُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

حَدِيثٌ خَامِسَ عَشَرَ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْأَةُ تَرَى فِي الْمَنَامِ مِثْلَ مَا يَرَى الرَّجُلُ أَتَغْتَسِلُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ فَلْتَغْتَسِلْ فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ أُفٍّ لَكِ وَهَلْ تَرَى ذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرِبَتْ يَمِينُكِ وَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَقَالَ فِيهِ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ (عَنْ أَبِي شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ وَكُلُّ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ) لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا ابْنَ أَبِي الْوَزِيرِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَافِعٍ أَيْضًا فَإِنَّهُمَا رَوَيَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْوَزِيرِ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمَرْأَةُ تَرَى فِي الْمَنَامِ مَا يَرَى الرَّجُلُ وَذَكَرَ الحديث

وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْأَةُ تَرَى فِي الْمَنَامِ مَا يَرَى الرَّجُلُ أَتَغْتَسِلُ فَقَالَ لَهَا نَعَمْ فَلْتَغْتَسِلْ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَابَعَ ابْنَ أَبِي الْوَزِيرِ عَلَى إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ حَبَّابُ بْنُ جَبَلَةَ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رِشِيدِينَ فِي غَرَائِبِ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ عَنْ مَعْنٍ وَلَمْ يَذْكُرِ الدَّارَقُطْنِيُّ ابْنَ نَافِعٍ وَرِوَايَةُ عَبْدِ الْأَعْلَى الشَّامِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَعْمَرٍ كَرِوَايَةِ يَحْيَى وَجُمْهُورِ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ (لَهُ) عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ لَمْ يَذْكُرُوا عَائِشَةَ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ (عَنْ عَائِشَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ عُرْوَةَ وَرَوَاهُ يُونُسُ وَعُقَيْلٌ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ) وَالزُّبَيْدِيُّ وَابْنُ أَخِي

الزُّهْرِيِّ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ (وَالْحَدِيثُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ صَحِيحٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ) قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَقَدْ تَابَعَ ابْنَ شِهَابٍ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مُسَافِعٌ الْحَجَبِيُّ فَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ كَذَا رَوَى مُسَافِعٌ الْحَجَبِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ إِلَّا أَنَّهُ خَالَفَ فِي لَفْظِهِ وَقَالَ فِيهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ أَشْبَهَ أَخْوَالَهُ وَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ أَشْبَهَهُ وَلَدُهُ وَهَذَا اللَّفْظُ فِي حَدِيثِ ثَوْبَانُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي علا ماء الرجل وعلا مَاءُ الْمَرْأَةِ إِلَّا أَنَّ الْمَعْنَى الْمَذْكُورَ فِيمَا يُوجِبُ الشَّبَهَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَحَدِيثُ ثَوْبَانَ رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ أَخِيهِ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ الْحَبَشِيَّ يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ أَنَّ ثَوْبَانَ مَوْلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدَّثَهُ أَنَّ حَبْرًا مِنْ أَحْبَارِ يَهُودَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُكَ عَنِ الْوَلَدِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ فَإِذَا اجْتَمَعَا وَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بِإِذْنِ اللَّهِ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ صَدَقْتَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَذَهَبَ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ

وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ مُرَاعَاةُ سَبْقِ الْمَنِيِّ لَا مُرَاعَاةُ عُلُوِّهِ فِي مَعْنَى الشبه لا الاذكار ولا الإناث ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذَئِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ امْرَأَةَ أَبِي طَلْحَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ تَرَى زَوْجَهَا فِي الْمَنَامِ يَقَعُ عَلَيْهَا غُسْلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَتْ بَلَلًا فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَتَفْعَلُ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَقَالَ تَرِبَ جَبِينُكِ وَأَنَّى يَكُونُ شَبَهُ الخؤلة! إِلَّا مِنْ ذَلِكَ أَيُّ النُّطْفَتَيْنِ سَبَقَ إِلَى الرَّحِمِ غَلَبَ عَلَى الشَّبَهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ فِيهِ سَبْقَ النُّطْفَةِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ (قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَغَطَّتْ وَجْهَهَا أَوْ تَفْعَلُهُ الْمَرْأَةُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) تَرِبَتْ يَدَاكِ فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا - قَالَ أَبُو عُمَرَ الْإِسْنَادُ فِي ذِكْرِ سَبْقِ النُّطْفَةِ أَثْبَتُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فَرَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعناه مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنْ هِشَامٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَهُمَا حَدِيثَانِ عِنْدَنَا

- قَالَ أَبُو عُمَرَ أَكْثَرُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ يَقُولُونَ فِيهِ نَعَمْ إِذَا وَجَدَتِ الْمَاءَ وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَأَنَسٍ فِي قِصَّةِ أُمِّ سُلَيْمٍ هَذِهِ وَكَذَلِكَ رَوَتْهُ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي إِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُحْتَلِمَ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً إِذَا لم ينزل ولم يجد بللا ولا أثر لِلْإِنْزَالِ أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ وَإِنْ رَأَى الْوَطْءَ وَالْجِمَاعَ الصَّحِيحَ فِي نَوْمِهِ وَأَنَّهُ إِذَا أَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ امْرَأَةً كَانَ أَوْ رَجُلًا وَأَنَّ الْغُسْلَ لَا يَجِبُ فِي الِاحْتِلَامِ إِلَّا بِالْإِنْزَالِ مَا يُغْنِي عَنْ كُلِّ تَأْوِيلٍ وَتَفْسِيرٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ مَا يُوَافِقُ الْإِجْمَاعَ وَيَرْفَعُ الْإِشْكَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ الْبَلَلَ وَلَا يَذْكُرُ احْتِلَامًا قَالَ يَغْتَسِلُ وَعَنِ الرَّجُلِ يَرَى قَدِ احْتَلَمَ وَلَا يَجِدُ الْبَلَلَ قَالَ لَا يَغْتَسِلُ فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ الْمَرْأَةُ تَرَى ذَلِكَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ قَالَ نَعَمْ إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَايِقُ الرِّجَالِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هرون عن سعيد

ابن أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَتْ فَعَلَيْهَا الْغُسْلُ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ كَيْفَ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ مَاءُ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ فَأَيُّهُمَا سَبَقَ وَعَلَا أَشْبَهَ الْوَلَدُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ نِسَاءُ ذَلِكَ الزَّمَانِ مِنْ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ دِينِهِمْ وَالسُّؤَالِ عَنْهُ وَهَذَا يلزم كل مومن ومومنة إِذَا جَهِلَ شَيْئًا مِنْ دِينِهِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِفَاءُ الْعَيِّ السُّؤَالُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَحِمَ اللَّهُ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَسْأَلْنَ عَنْ أَمْرِ دِينِهِنَّ وَأُمُّ سُلَيْمٍ مِنْ فَاضِلَاتِ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِهَا هَاهُنَا وَكُلُّ امْرَأَةٍ عَلَيْهَا فَرْضًا أَنْ تَسْأَلَ عَنْ حكم حيضتها وغسلها وضوئها وَمَا لَا غَنَاءَ بِهَا (عَنْهُ) مِنْ أَمْرِ دِينِهَا وَهِيَ وَالرَّجُلُ فِيمَا يَلْزَمُهَا مِنْ فَرَائِضِهِمَا سَوَاءٌ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَيْسَ كُلُّ النِّسَاءِ يَحْتَلِمْنَ وَلِهَذَا مَا أَنْكَرَتْ عَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ سُؤَالَ أُمِّ سُلَيْمٍ وَقَدْ يُوجَدُ عَدَمُ الِاحْتِلَامِ فِي بَعْضِ الرِّجَالِ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ فِي النِّسَاءِ أَوْجَدُ وَأَكْثَرُ مِنْهُ فِي الرِّجَالِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ

إِنْكَارَ عَائِشَةَ لِذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ لِصِغَرِ سِنِّهَا وَكَوْنِهَا مَعَ زَوْجِهَا فَلِذَلِكَ لَمْ تَعْرِفْ الِاحْتِلَامَ لِأَنَّ الِاحْتِلَامَ لَا تَعْرِفُهُ النِّسَاءُ وَلَا أَكْثَرُ الرِّجَالِ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْجِمَاعِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ (بِهِ) فَإِذَا فَقَدَ النِّسَاءُ أَزْوَاجَهُنَّ رُبَّمَا احْتَلَمْنَ وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ عِنْدِي أَصَحُّ لِأَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَدْ فَقَدَتْ زَوْجَهَا وَكَانَتْ كَبِيرَةً عَالِمَةً بِذَلِكَ فَأَنْكَرَتْ مِنْهُ مَا أَنْكَرَتْ عَائِشَةُ عَلَى مَا مَضَى فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَإِذَا كَانَ فِي الرِّجَالِ مَنْ لَا يَحْتَلِمُ فَالنِّسَاءُ أَحْرَى بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ جَوَازُ الْإِنْكَارِ وَالدُّعَاءُ بِالسُّوءِ عَلَى الْمُعْتَرِضِ فِيمَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ وَفِيهِ أَنَّ الشَّبَهَ فِي بَنِي آدَمَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ غَلَبَةِ الْمَاءِ وَسَبْقِهِ وَنُزُولِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْ هاهنا قَالُوا إِذَا غَلَبَ مَاءُ الْمَرْأَةِ أَشْبَهَ الرَّجُلُ أَخْوَالَهُ وَأُمَّهُ وَإِنْ غَلَبَ مَاءُ الرَّجُلِ أَشْبَهَ الْوَلَدُ أَبَاهُ وَأَعْمَامَهُ وَأَجْدَادَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أُفٍّ لَكِ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ تُجَرُّ وَتُرْفَعُ وَتُنْصَبُّ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَهُوَ مَا غَلُظَ مِنَ الْكَلَامِ وَقَبُحَ وَقَالَ غَيْرُهُ يَجُوزُ صَرْفُهَا (وَتَرْكُ صَرْفِهَا) وَمَعْنَاهَا أَنْ تُقَالَ جَوَابًا لِمَا يُسْتَثْقَلُ مِنَ الْكَلَامِ وَيُضْجَرُ مِنْهُ قَالَ وَالْأُفُّ وَالْتُفُّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَالَ غَيْرُهُ الْأُفُّ وَسَخُ الْأُذُنِ وَالْتُّفُّ وَسَخُ الْأَظْفَارِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ اسْتَغْنَتْ يَمِينُكِ كَأَنَّهُ تَعَرَّضَ لَهَا بِالْجَهْلِ لِمَا أَنْكَرَتْ وَأَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَاجُ أَنْ تَسْأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالضِّدِّ تَنْبِيهًا كَمَا تَقُولُ لِمَنْ كَفَّ عَنِ السُّؤَالِ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَمَّا أَنْتَ فَاسْتَغْنَيْتَ عَنْ أَنْ تَسْأَلَ أَيْ لَوْ أَنْصَفْتَ نَفْسَكَ وَنَصَحْتَهَا لَسَأَلْتَ وَقَالَ غَيْرُهُ (هُوَ) كَمَا يُقَالُ لِلشَّاعِرِ إِذَا أَجَادَ قَاتَلَهُ اللَّهُ وَأَخْزَاهُ لَقَدْ أَجَادَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ وَيْلُ أُمِّهِ (مُسَعِّرُ حَرْبٍ) وَهُوَ يُرِيدُ مَدْحَهُ وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فِرَارًا مِنَ الدُّعَاءِ عَلَى عَائِشَةَ وَأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْكَرَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ وَالْمَعَانِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ بِمَعْنَى الِاسْتِغْنَاءِ وَقَالُوا لَوْ كَانَ بِمَعْنَى الِاسْتِغْنَاءِ لَكَانَتْ أُتْرِبَتْ يَمِينُكِ لِأَنَّ الْفِعْلَ مِنْهُ رُبَاعِيٌّ تَقُولُ أَتْرَبَ الرَّجُلُ إِذَا اسْتَغْنَى وَتَرِبَ إِذَا افْتَقَرَ وَقَالُوا مَعْنَى هَذَا افْتَقَرَتْ يَمِينُكِ مِنَ الْعِلْمِ بِمَا سَأَلَتْ عَنْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ وَنَحْوَ هَذَا - قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَمِنْ دُعَاءِ الْعَرَبِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ مَعْلُومٌ مِثْلُ قَاتَلَهُ اللَّهُ وَهَوَتْ أُمُّهُ وَثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَعَقْرَى حَلْقَى وَنَحْوُ ذَلِكَ وَأَمَّا الشَّبَهُ فَفِيهِ لُغَتَانِ إِحْدَاهُمَا كَسْرُ الشِّينِ وَتَسْكِينُ الْبَاءِ وَالثَّانِيَةُ فَتْحُ الشِّينِ وَالْبَاءِ جَمِيعًا مِثْلُ الْمِثْلِ وَالْمَثَلِ والقتب والقتب

ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ مَعْرُوفُ النَّسَبِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ فَلَا أَعْرِفُهُ إِلَّا بِرِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ وَأَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ يُلَقَّبُ بِبَّةُ مَشْهُورٌ نَزَلَ الْبَصْرَةَ وَتَرَاضَى بِهِ أَهْلُهَا فِي الْفِتْنَةِ عِنْدَ مَوْتِ يَزِيدَ (بْنِ مُعَاوِيَةَ) فَوَلِيَ أَمْرَهُمْ وَكَانَتْ فِيهِ غَفْلَةٌ وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَهْلِ النَّسَبِ رَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ وَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْهُ حَدِيثَ الطَّاعُونِ (مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ صَالِحٍ قَالَ رَوَى الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ إِخْوَةٌ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِمْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ شَيْئًا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ ثَلَاثَةُ بَنِينَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَمُحَمَّدٌ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ وَأَمَّا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ فَمَوْضِعُ ذِكْرِهِمَا كِتَابِ الصَّحَابَةِ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عَامَ حَجِّ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي

سُفْيَانَ وَهُمَا يَذْكُرَانِ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَقَالَ الضَّحَّاكُ لَا يَصْنَعُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ جَهِلَ أَمْرَ اللَّهِ فَقَالَ سَعْدٌ (بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أَخِي فَقَالَ الضَّحَّاكُ فَإِنَّ عُمَرَ قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ سَعْدٌ) قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي (إِسْنَادِ) هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِيمَا عَلِمْتُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِ مَالِكٍ وَمَعْنَاهُ وَلَمْ يُقِمْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ اللَّيْثُ عَنْ (عُقَيْلٍ عَنِ) ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ نَهْيَ (عُمَرَ) عَنِ التَّمَتُّعِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ اخْتِلَافَ الْآثَارِ فِي مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ فِي خَاصَّتِهِ مُحْرِمًا فِي حَجَّتِهِ وَذَكَرْنَا مَذَاهِبَ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي جَوَازِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَذَلِكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ مِنْهَا مَا اجْتُمِعَ عَلَى أَنَّهُ تَمَتُّعٌ وَمِنْهَا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ فَأَمَّا الْوَجْهُ الْمُجْتَمَعُ عَلَى أَنَّهُ التَّمَتُّعُ الْمُرَادُ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَهُوَ الرَّجُلُ يُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ فِي

أَشْهُرِ الْحَجِّ وَهِيَ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَقَدْ قِيلَ ذُو الْحِجَّةِ (كُلُّهُ) فَإِذَا أَحْرَمَ أَحَدٌ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَكَانَ مَسْكَنُهُ مِنْ وَرَاءِ الْمِيقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ (الْحَرَامِ) وَالْحَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ هُمْ أَهْلُ مَكَّةَ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا خَاصَّةً وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ هُمْ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ تَقْصِيرُ الصَّلَاةِ مِنْ مَوْضِعِهِ إِلَى مَكَّةَ وَذَلِكَ أَقْرَبُ الْمَوَاقِيتِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ هُمْ أَهْلُ الْمَوَاقِيتِ وَمَنْ وَرَاءَهَا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَوَاقِيتِ أَوْ مِنْ أَهْلِ مَا وَرَاءَهَا فَهُمْ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَعِنْدَ غَيْرِ هَؤُلَاءِ (هُمْ) أَهْلُ الْحَرَمِ وَعَلَى هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ الْأَرْبَعَةِ مَذَاهِبُ السَّلَفِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَلَيْسَ لَهُ التَّمَتُّعُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَلَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا أَبَدًا أَعْنِي التَّمَتُّعَ الْمُوجِبَ لِلْهَدْيِ مَا كَانَ هُوَ وَأَهْلُهُ كَذَلِكَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَخَرَجَ مِنْ مَوْضِعِهِ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ أَحْرَمَ بها من ميقاته وقدم مكة محرما بالعمرة فَطَافَ لَهَا وَسَعَى وَحَلَّ بِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ حَلَالًا بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ أَنْشَأَ الْحَجَّ مِنْهَا فِي عَامِهِ ذَلِكَ قَبْلَ رُجُوعِهِ إِلَى بَلَدِهِ وَقَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى مِيقَاتِ أَهْلِ نَاحِيَتِهِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَعَلَيْهِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ

وَذَلِكَ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ يَذْبَحُهُ لِلَّهِ وَيُعْطِيهِ الْمَسَاكِينَ بِمِنًى أَوْ بِمَكَّةَ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ وَالثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ فِي الْحَجِّ آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ فَإِنْ صَامَهَا مِنْ حِينِ يُحْرِمُ بِحَجِّهِ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ صِيَامِ أَيَّامِ الْحَجِّ وَإِنْ فَاتَهُ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ صِيَامُ يَوْمِ النَّحْرِ بِإِجْمَاعٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ نَقْلًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتُلِفَ فِي صِيَامِهِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ إِذْ هِيَ مِنْ أَيَّامِ الْحَجِّ فَرَخَّصَ لَهُ خَاصَّةً فِي ذَلِكَ قَوْمٌ وَأَبَى مِنْ ذَلِكَ آخَرُونَ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي الْمُتْعَةِ وَالتَّمَتُّعِ الْمُرَادِ بِقَوْلِ اللَّهِ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَالْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ تَمَتَّعَ بِحِلِّهِ كُلِّهِ فَحَلَّ لَهُ النِّسَاءُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَسَقَطَ عَنْهُ السَّفَرُ لِحَجِّهِ مِنْ بَلَدِهِ وَسَقَطَ عَنْهُ الْإِحْرَامُ مِنْ مِيقَاتِهِ (فِي الْحَجِّ) وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّمَا ذَلِكَ لِسُقُوطِ السَّفَرِ خَاصَّةً لَا لِتَمَتُّعِهِ بِالْحِلِّ لِأَنَّ الْقَارِنَ لَمْ يَتَمَتَّعْ بِحِلٍّ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَالْوَجْهُ الْعَامُّ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ تَمَتُّعِهِ بِحِلِّهِ وَسُقُوطِ سَفَرِهِ وَسُقُوطِ الْإِحْرَامِ مِنْ مِيقَاتِهِ فَلِذَلِكَ كُلِّهِ وَجَبَ الدَّمُ عَلَيْهِ إِذْ حَصَلَ حَاجًّا وَلَمْ يَحْرِمْ بِحَجِّهِ ذَلِكَ مِنْ مِيقَاتِ أَهْلِهِ وَلَا شَخَصَ لِذَلِكَ الْحَجِّ مِنْ مَوْضِعِهِ بَعْدَ أَنْ حَصَلَ مُحْرِمًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَزَمَانِهِ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَهَذِهِ الْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ عَلَيْهِ الدم والله

أَعْلَمُ فَإِنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ وَمَنْزِلِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَلَا صِيَامَ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا إِلَّا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ هَدْيٌ حَجَّ أَوْ لَمْ يَحُجَّ قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ يُقَالُ عُمْرَةٌ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مُتْعَةٌ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَمِرُونَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ يَرْجِعُونَ وَلَا يُهْدُونَ فَقِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَإِنْ حَجَّ مِنْ عَامِهِ قَالَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ قَالَ قَتَادَةُ وَقَالَ الْحَسَنُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ حَجَّ أَوْ لَمْ يَحُجَّ وَهُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ حَجَّ أَوْ لَمْ يَحُجَّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَالصَّحِيحُ عَنِ الْحَسَنِ مَا ذَكَرْنَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ عَنْبَسَةَ عَنْ أَشْعَثَ النَّجَّارِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ إِنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ (ثُمَّ حَجَّ) مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ لِأَنَّهُ كَانَ يُقَالُ عُمْرَةٌ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مُتْعَةٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلٌ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ مَنِ اعْتَمَرَ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فَهِيَ مُتْعَةٌ وَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ مَا ذَكَرْتُ لَكَ قَبْلَ هَذَا

رَوَى هُشَيْمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ حَتَّى يَحُجَّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى مِصْرِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا النَّاسُ فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ شَوَّالٍ أَوْ ذِي الْقَعْدَةِ أَوْ ذِي الْحِجَّةِ قَبْلَ الْحَجِّ فَقَدِ اسْتَمْتَعَ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ (أَوِ الصِّيَامُ إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا كَمَعْنَى مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ فِي إِيجَابِ الْهَدْيِ) عَلَى مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ فَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ عُمَرَ وَفِي قَوْلِهِ (فِي) هَذَا الْحَدِيثِ قَبْلَ الْحَجِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ حج ولذلك فسره مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ فَقَالَ بِأَثَرِ حَدِيثِهِ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ إِذَا أَقَامَ حَتَّى الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ شَوَّالٍ أَوْ ذِي الْقَعْدَةِ أَوْ ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ أَقَامَ حَتَّى يَحُجَّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ عَلَيْهِ الْهَدْيُ أَوِ الصِّيَامُ إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ إِذَا اعْتَمَرَ الرَّجُلُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ العلماء على قدمنا

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ فِي التَّمَتُّعِ قَوْلَانِ هُمَا أَشَدُّ شُذُوذًا مِمَّا ذَكَرْنَا عَنِ الْحَسَنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ مَنِ اعْتَمَرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ حَتَّى الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ وَهَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ (فِيمَا عَلِمْتُ) غَيْرُهُ وَلَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ شُهُورَ الْحَجِّ أَحَقُّ بِالْحَجِّ مِنَ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ جَائِزَةٌ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا وَالْحَجُّ إِنَّمَا مَوْضِعُهُ شُهُورٌ مَعْلُومَةٌ فَإِذَا جَعَلَ أَحَدٌ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ (وَلَمْ يَأْتِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ بِحَجٍّ) فَقَدْ جَعَلَهَا فِي مَوْضِعٍ كَانَ الْحَجُّ أَوْلَى بِهِ (ثُمَّ رَخَّصَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ فِي عَمَلِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِلْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ لِلْحَجِّ مَعَهَا وَلِمَنْ شَاءَ أَنْ يُفْرِدَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَالْآخَرُ قَالَهُ فِي الْمَكِّيِّ إِذَا تَمَتَّعَ مِنْ مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَهَذَا لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ لِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالتَّمَتُّعُ عَلَى مَا قَدْ أَوْضَحْنَا عَنْ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ بِالشَّرَائِطِ الَّتِي وَصَفْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَنْشَأَ عُمْرَةً فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ عَمِلَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ عُمْرَتُهُ فِي الشَّهْرِ الَّذِي حَلَّ فِيهِ

يريد أن كان حل منها في غَيْرَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ وَإِنْ كَانَ حَلَّ مِنْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِنْ حَجَّ مِنْ عَامِهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا قَدِمَ الرَّجُلُ مُعْتَمِرًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهُ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ فَلَمْ يَطُفْ لِعُمْرَتِهِ حَتَّى رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ فَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُ هُوَ مُتَمَتِّعٌ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُهَرِيقَ دَمًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ طَافَ لِلْعُمْرَةِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ فِي رَمَضَانَ وَأَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ فِي شَوَّالٍ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَإِنْ طَافَ لَهَا أَرْبَعَةً فِي رَمَضَانَ وَثَلَاثَةً فِي شَوَّالٍ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِلْعُمْرَةِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِنْ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ الْعُمْرَةَ إِنَّمَا تَكْمُلُ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى إِكْمَالِهَا وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِذَا دَخَلَ فِي الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَسَوَاءٌ طَافَ لَهَا فِي رَمَضَانَ أَوْ فِي شَوَّالٍ لَا يَكُونُ بِهَذِهِ الْعُمْرَةِ مُتَمَتِّعًا وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ وُجُوبِ الْهَدْيِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ فَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمُتَمَتِّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ يَمُوتُ بَعْدَمَا يُحْرِمُ بِالْحَجِّ بِعَرَفَةَ أَوْ غَيْرِهَا أَتَرَى عَلَيْهِ هَدْيًا قَالَ مَنْ مَاتَ مِنْ أُولَئِكَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ هَدْيًا وَمَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ قِيلَ لَهُ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِنَ الثُّلُثِ قَالَ بَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ إِذَا كَانَ

وَاجِدًا لِذَلِكَ ذَكَرَهُ الزَّعْفَرَانِيُّ عَنْهُ وَقَالَ عَنْهُ الرَّبِيعُ إِذَا أَهَلَّ الْمُتَمَتِّعُ بِالْحَجِّ ثُمَّ مَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ أَوْ بَعْدُ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ عَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَامَ عَنْهُ وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ فِيهِ الصَّوْمُ قَدْ زَالَ وَغُلِبَ عَلَيْهِ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا صَامَ الثَّلَاثَةَ أَيَّامٍ إِذَا أَحْرَمَ وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ إِلَى آخِرِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ عَطَاءٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَصُومَ الْمُتَمَتِّعُ فِي الْعَشْرِ وَهُوَ حَلَالٌ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ إِذَا صَامَهُنَّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَجْزَأَهُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ لَا سَبِيلَ لِلْمُتَمَتِّعِ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ يَجِدُ الْهَدْيَ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِذَا كَانَ غَيْرَ وَاجِدٍ لِلْهَدْيِ فَصَامَ ثُمَّ وَجَدَ الْهَدْيَ قَبْلَ إِكْمَالِ صَوْمِهِ فَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ وَجَدَ هَدْيًا فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَهْدِيَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَجَزْأَهُ الصِّيَامُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَمْضِي فِي صَوْمِهِ وَهُوَ فَرْضُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا أَيْسَرَ الْمُتَمَتِّعُ في اليوم الثالث من صومه بطل الصوم ووجب عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَإِنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ ثُمَّ أَيْسَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَصُومَ السَّبْعَةَ الْأَيَّامَ وَلَا يَرْجِعَ إِلَى الْهَدْيِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ إِذَا وَجَدَ مَا يَذْبَحُ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ فَلْيَذْبَحْ وَإِنْ كَانَ قَدْ صَامَ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَذْبَحُ حَتَّى يَحِلَّ فَقَدْ أَجْزَأَهُ (الصَّوْمُ) وَقَالَ عَطَاءٌ إِنْ صَامَ ثُمَّ وَجَدَ مَا يَذْبَحُ فَلْيَذْبَحْ حَلَّ أَمْ لَمْ يَحِلَّ مَا كَانَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَلَى مَنْ

فَاتَهُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ مَنْ نَسِيَ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فِي الْحَجِّ أَوْ مَرِضَ فِيهَا فَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَلْيَصُمْ (الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ بِمَكَّةَ وَقَالَ إِنْ لَمْ يَصُمْ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ فَلْيَصُمْ) أَيَّامَ مِنًى الثَّلَاثَةَ وَلْيَصُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ سَبْعَةً وَإِنْ كَانَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَلْيُهْدِ إِنْ قَدَرَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي بَلَدِهِ وَسَبْعَةً بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ إِذَا قَدِمَ بَلَدَهُ وَلَمْ يَصُمْ ثُمَّ وَجَدَ الْهَدْيَ لَمْ يُجْزِهِ الصَّوْمُ وَلَا يَصُومُ إِلَّا إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنِ انْقَضَى يَوْمُ عَرَفَةَ وَلَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ أَيَّامٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِالْعِرَاقِ يَصُومُ أَيَّامَ مِنًى إِنْ لَمْ يَكُنْ صَامَ قبل يوم النحر وقال بمصر لَا يَصُومُهَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَيَصُومُهَا كُلَّهَا إِذَا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ أُطْعِمَ عَنْهُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ رَجُلًا مِنْ (غَيْرِ) أَهْلِ مَكَّةَ لَوْ قَدِمَ (مَكَّةَ) مُعْتَمِرًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ عَازِمًا عَلَى الْإِقَامَةِ بِهَا ثُمَّ أَنْشَأَ الْحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ (فَحَجَّ) أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَكِّيًّا لَوْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَقَضَاهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ أَنَّهُ مَنْ حاضر الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِينَ لَا مُتْعَةَ لَهُمْ وَأَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ

وَأَجْمَعُوا فِي الْمَكِّيِّ يَجِيءُ مِنْ وَرَاءِ الْمِيقَاتِ محرما بعمرة ثم ينشىء الْحَجَّ مِنْ مَكَّةَ وَأَهْلُهُ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَسْكُنْ سِوَاهَا أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِذَا سَكَنَ غَيْرَهَا وَسَكَنَهَا وَكَانَ لَهُ أَهْلٌ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوِ انْتَقَلَ عَنْ مَكَّةَ بِأَهْلِهِ وَسَكَنَ غَيْرَهَا ثُمَّ قَدِمَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مُعْتَمِرًا فَأَقَامَ (بِهَا حَتَّى حَجَّ مِنْ عَامِهِ) أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ كَسَائِرِ أَهْلِ الْآفَاقِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَسْأَلَةَ طَاوُسٍ فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا الْبَابِ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ عَلَى أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَطُوفُ لِعُمْرَتِهِ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَعَلَيْهِ بَعْدُ (أَيْضًا) طَوَافٌ آخَرُ لِحَجِّهِ وَسَعْيٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُ يَكْفِيهِ سَعْيٌ وَاحِدٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَمَّا طَوَافُ الْقَارِنِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي يَسُوقُ الْهَدْيَ فَقَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا حَلَّ إِذَا طَافَ وَسَعَى وَلَا يَنْحَرُ هَدْيَهُ (إِلَّا بِمِنًى) إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُفْرِدًا لِلْعُمْرَةِ فَإِنْ كَانَ مُفْرِدًا لِلْعُمْرَةِ نَحَرَ هَدْيَهُ بِمَكَّةَ وَإِنْ كَانَ قَارِنًا نَحَرَهُ بِمِنًى ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ أَهْدَى هَدْيًا لِلْعُمْرَةِ وَهُوَ متمتع لم يجزه ذَلِكَ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ آخَرُ لِلْمُتْعَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا إِذَا أَنْشَأَ الْحَجَّ بَعْدَ أَنْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ لَا يَنْحَرُ الْمُتَمَتِّعُ هَدْيَهُ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ وَقَالَ أَحْمَدُ إِنْ قَدِمَ الْمُتَمَتِّعُ قَبْلَ الْعَشْرِ طَافَ وَسَعَى وَنَحَرَ هَدْيَهُ وَإِنْ قَدِمَ فِي الْعَشْرِ لَمْ يَنْحَرْ إِلَّا يَوْمَ النَّحْرِ وَقَالَهُ عَطَاءٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَحِلُّ مِنْ عُمْرَتِهِ إِذَا طَافَ وَسَعَى سَاقَ هَدْيًا أَوْ لَمْ يَسُقْ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يَحِلُّ وَلَكِنْ لَا يَنْحَرُ هَدْيَهُ حَتَّى يُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَيَنْحَرَهُ يَوْمَ النَّحْرِ وَقَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي التَّمَتُّعِ وَمَسَائِلِهِ المذكورة هاهنا كُلِّهَا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءً وَلَهُ قَوْلَانِ أَيْضًا فِي صِيَامِ الْمُتَمَتِّعِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ إِنْ لَمْ يَصُمْ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا لَمْ يَسُقِ الْمُتَمَتِّعُ هَدْيًا فَإِذَا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ صَارَ حَلَالًا فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فَيَصِيرُ حَرَامًا وَلَوْ (كان) ساق هَدْيًا لِمُتْعَتِهِ لَمْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ حَتَّى يحل من حجته لأنه ساق الْهَدْيُ عَلَى حَدِيثِ حَفْصَةَ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ فِي جَوَازِ إِحْلَالِهِ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ إِنَّمَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا إِذَا اسْتَمْتَعَ بِإِحْلَالِهِ إِلَى أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَحِلَّ مِنَ الْمُعْتَمِرِينَ فَإِنَّمَا هُوَ قَارِنٌ لَا مُتَمَتِّعٌ وَالْقِرَانُ قَدْ أَبَاحَ التمتع

فهذه جملة أصول أحكام التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الْمَشْهُورُ فِي التَّمَتُّعِ وَقَدْ قِيلَ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ هُوَ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ كَرَاهِيَتُهُ وَقَالَا أو إحداهما يَأْتِي أَحَدُهُمْ مِنًى وَذَكَرُهُ يَقْطُرُ مَنِيًّا وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى جَوَازِ هَذَا وَعَلَى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَبَاحَهُ وَأَذِنَ فِيهِ وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِنَّمَا كَرِهَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّ أَهْلَ الْحَرَمِ كَانُوا قَدْ أَصَابَتْهُمْ يَوْمَئِذٍ مَجَاعَةٌ فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَنْتَدِبَ النَّاسَ إِلَيْهِمْ لِيُنْعَشُوا بِمَا يُجْلَبُ مِنَ الْمِيرِ وَقَالَ آخَرُونَ أَحَبَّ أَنْ يُزَارَ الْبَيْتُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ (مرة) للحج ومرة للعمرة ورأى أَنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ فَكَانَ يَمِيلُ إِلَيْهِ وَيَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْ غَيْرِهِ اسْتِحْبَابًا وَلِذَلِكَ قَالَ افْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ فَإِنَّهُ أَتَمُّ لِحَجِّ أَحَدِكُمْ وَلِعُمْرَتِهِ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حدثنا صدقة بن موسى عن ملك بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَأَلْتُ بِالْحِجَازِ عَطَاءَ بْنَ

أبي رباح وطاووسا وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَأَلْتُ بِالْبَصْرَةِ الْحَسَنَ وَجَابِرَ بْنَ زَيْدٍ وَمَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ وَأَبَا الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيَّ كُلُّهُمْ أَمَرَنِي بِمُتْعَةِ الْحَجِّ وَالْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ وُجُوهِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ هُوَ أَنْ يَجْمَعَ الرَّجُلُ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فَيُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ غَيْرِهَا يَقُولُ لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ مَعًا فَإِذَا قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ لِحَجَّتِهِ وَعُمْرَتِهِ طَوَافًا وَاحِدًا وَسَعَى سَعْيًا وَاحِدًا أَوْ طَافَ طَوَافَيْنِ وَسَعَى سَعْيَيْنِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَأَى ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْقَائِلِينَ بِالْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَحُجَّةَ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَإِنَّمَا جُعِلَ الْقِرَانُ مِنْ بَابِ التَّمَتُّعِ لِأَنَّ الْقَارِنَ مُتَمَتِّعٌ بِتَرْكِ النَّصَبِ فِي السَّفَرِ إِلَى الْعُمْرَةِ مَرَّةً وَإِلَى الْحَجِّ أُخْرَى وَتَمَتَّعَ بِجَمْعِهِمَا لَمْ يُحْرِمْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ مِيقَاتِهِ وَضَمَّ إِلَى الْحَجِّ فَدَخَلَ تَحْتَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَهَذَا وَجْهٌ مِنَ التَّمَتُّعِ لَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِهِ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ لَا يُجِيزُونَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلَّا بِسِيَاقِ الْهَدْيِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ بدنة لَا يَجُوزُ دُونَهَا وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَخْتَارُونَ الْبَدَنَةَ ويستحبونها وتجزى عندهم عن القارون شَاةٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ قَالَ فِي بعض كتبه القارون أخف

حَالًا مِنَ الْمُتَمَتِّعِ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْقَارِنُ الْهَدْيَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمُتَمَتِّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْقِرَانَ تَمَتُّعٌ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ إِنَّمَا جُعِلَ الْقِرَانُ لِأَهْلِ الْآفَاقِ وَتَلَا ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَنْ كَانَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَتَمَتَّعَ أَوْ قَرَنَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَمُ قِرَانٍ وَلَا تَمَتُّعٍ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ يَقُولُ إِذَا قَرَنَ الْمَكِّيُّ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ كَانَ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَسْقَطَ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ الدَّمَ وَالصِّيَامَ فِي التَّمَتُّعِ لَا فِي الْقِرَانِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا أُحِبُّ لِمَكِّيٍّ أَنْ يَقْرِنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا سَمِعْتُ أَنَّ مَكِّيًّا قَرَنَ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَمٌ وَلَا صِيَامٌ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنَ التَّمَتُّعِ هُوَ الَّذِي تَوَاعَدَ عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ وَقَالَ مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَنْهَى عَنْهُمَا مُتْعَةُ النِّسَاءِ وَمُتْعَةُ الْحَجِّ وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَهُ فِي جَوَازِ هَذَا الْوَجْهِ هَلُمَّ جَرَّا وَذَلِكَ أَنْ يُهِلَّ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ حَتَّى إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ فَسَخَ حَجَّهُ فِي عُمْرَةٍ ثُمَّ حَلَّ وَأَقَامَ حَلَالًا حَتَّى يُهِلَّ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ أَنَّهُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فِي

حَجَّتِهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْهُمْ هَدْيٌ وَلَمْ يَسُقْهُ وَكَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَصْحِيحِ الْآثَارِ بِذَلِكَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَدْفَعُوا شَيْئًا مِنْهَا إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْقَوْلِ بِهَا وَالْعَمَلِ لِعِلَلٍ نَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهَا لِأَنَّهَا عِنْدَهُ خُصُوصٌ خُصَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَصْحَابَهُ) فِي حَجَّتِهِ تِلْكَ لِعِلَّةٍ قَالَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَأَ الدَّبَرْ وَعَفَا الْأَثَرْ وَانْسَلَخَ صَفَرْ أَوْ قَالُوا دَخَلَ صَفَرْ حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ وُهَيْبٍ عَنِ ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ (3) وكانوا يسمون المحرم صفر وَكَانُوا يَقُولُونَ إِذَا بَرَأَ الدَّبَرْ وَعَفَا الْأَثَرْ وَانْسَلَخَ صَفَرْ حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْحِلِّ قَالَ الْحِلُّ كُلُّهُ)

فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا فَسَخَ الْحَجَّ فِي الْعُمْرَةِ لِيُرِيَهُمْ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الحج لا بأس بها فكان ذلك له ولمن مَعَهُ خَاصَّةً لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَ بِإِتْمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كُلَّ مَنْ دَخَلَ فِيهِمَا أَمْرًا مُطْلَقًا وَلَا يَجِبُ أَنْ يُخَالَفَ ظَاهِرُ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا إِلَى مَا لَا إِشْكَالَ فِيهِ مِنْ كِتَابٍ (نَاسِخٍ) أَوْ سُنَّةٍ مُبَيِّنَةٍ وَاحْتَجُّوا مِنَ الْحَدِيثِ بِمَا حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إبرهيم قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبرهيم عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسْخُ الْحَجِّ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً فَقَالَ بَلْ لَنَا خَاصَّةً وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَذْكُرُ عَنِ الْحَارِثِ (بْنِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ) الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ افسخ الْحَجِّ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِمَنْ بَعْدَنَا قَالَ بَلْ لَنَا خَاصَّةً وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ

إِسْحَاقَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سُئِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ فَقَالَ كَانَتْ لَنَا لَيْسَتْ لَكُمْ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ ذَرٍّ قَالَ إِنَّمَا كَانَتِ الْمُتْعَةُ بِالْحَجِّ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ يَعْنِي أَنْ يُجْعَلَ الْحَجُّ عُمْرَةً وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْمُرَقَّعُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ مَا كَانَتْ لِأَحَدٍ بَعْدَنَا أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ يَفْسَخُهَا بِعُمْرَةٍ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ فُقَهَاءَ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ كَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمْ وَأَكْثَرِ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ وَجُمْهُورِ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا شَيْءٌ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا أَرُدُّ تِلْكَ الْآثَارَ الْمُتَوَاتِرَةَ الصِّحَاحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَسْخِ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ بِحَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَبِيهِ وَبِقَوْلِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ وَلَمْ يُجْمِعُوا عَلَى مَا قَالَ أَبُو ذَرٍّ وَلَوْ أَجْمَعُوا كَانَ حُجَّةً وَقَدْ خَالَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَبَا ذَرٍّ وَلَمْ يَجْعَلْهُ خُصُوصًا وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنِ الْأَجْلَحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي

الْهُذَيْلِ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ مُهِلٌّ بِالْحَجِّ وَأَنَّهُ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنْتَ مُعْتَمِرٌ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ لَمْ أُرِدْ عُمْرَةً فَقَالَ أَنْتَ مُعْتَمِرٌ وَرَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَضْلَلْتَ النَّاسَ قَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ تُفْتِي النَّاسَ إِذَا طَافُوا بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلُّوا وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يَزَلْ مُحْرِمًا إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُونِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ عُرْوَةُ كَانَا أَعْلَمَ بِرَسُولِ اللَّهِ مِنْكَ وَذَكَرَ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الْحَسَنِ جَوَازَ فَسْخِ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ وَمَنْ قَالَهُ بِهَذَا الْقَوْلِ بِقَوْلِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ مُتْعَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا أَمْ لِلْأَبَدِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ لِلْأَبَدِ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ وُجُوبَ ذَلِكَ مَرَّةً فِي الدَّهْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ مِنَ الْمُتْعَةِ مُتْعَةُ الْمُحْصَرِ وَمَنْ صُدَّ عَنِ الْبَيْتِ ذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ أَنْبَأَنَا أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ (قَالَ) سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَخْطُبُ وَيَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ وَاللَّهِ لَيْسَ التَّمَتُّعُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ كَمَا تَصْنَعُونَ وَلَكِنَّ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ حَاجًّا فَيَحْبِسَهُ عَدُوٌّ

أَوْ أَمْرٌ يُعْذَرُ بِهِ حَتَّى تَذْهَبَ أَيَّامُ الْحَجِّ فَيَأْتِي الْبَيْتَ فَيَطُوفُ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ يَتَمَتَّعُ بِحِلِّهِ إِلَى الْعَامِ الْمُسْتَقْبَلِ ثُمَّ يَحُجُّ وَيُهْدِي وَسَنَذْكُرُ وُجُوهَ ذَلِكَ فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُ سَعْدٍ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ لِأَنَّ عَائِشَةَ وَجَابِرًا يَقُولَانِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ وَيَقُولُ أَنَسٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ قَرَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أَنَسٌ سَمِعْتُهُ يُلَبِّي بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ مَعًا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى أَذِنَ فِيهَا وَأَبَاحَهَا وَإِذَا أَمَرَ الرَّئِيسُ بِالشَّيْءِ جَازَ أَنْ يُضَافَ فِعْلُهُ إِلَيْهِ كَمَا يُقَالُ رَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الزِّنَا وَقَطَعَ فِي السَّرِقَةِ وَنَحْوُ هَذَا وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ أَيْ أَمَرَ فَنُودِيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الحديث السادس والثلاثون

ابن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن القرشي الْعَدَوِيِّ الْأَعْرَجِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الخطاب بْنِ نُفَيْلٍ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ وَلِيَ الْكُوفَةَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَمَّا وَلَّاهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْكُوفَةَ (ضَمَّ إِلَيْهِ أَبَا الزِّنَادِ يَسْتَكْتِبُهُ) وَاسْتَقْضَى (عَبْدُ الْحَمِيدِ عَلَى الْكُوفَةِ) الشَّعْبِيَّ أَيَّامَ إِمَارَتِهِ وَكَانَ فَاضِلًا نَاسِكًا رَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَابْنُهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَكَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَعْرَجَ وَصَاحِبُ شُرْطَتِهِ أَعْرَجَ فَقَالَ فِيهِ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدَلٍ الشَّاعِرُ أَبْيَاتًا مِنْهَا قَوْلُهُ ... وَأَمِيرُنَا وَأَمِيرُ شُرْطَتِنَا مَعًا ... لِكِلَيْهِمَا يَا قَوْمَنَا (رِجْلَانِ) ... مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عَبْدِ

اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ عُمَرُ ادْعُ لِي الْمُهَاجِرِينَ فَدَعَاهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ خَرَجْتَ لِأَمْرٍ وَلَا نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَابُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ فقال ارتفعوا عني ثم قال ادع لي الْأَنْصَارَ فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ فَسَلَكُوا سَبِيلَ الْمُهَاجِرِينَ وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلَافِهِمْ فَقَالَ ارْتَفَعُوا عَنِّي ثُمَّ قَالَ ادْعُ لي من كان هاهنا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ فَدَعَوْتُهُمْ لَهُ فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلَانِ فَقَالُوا نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَلَا تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ فَنَادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ إِنِّي مُصْبِحٌ عَلَى ظَهْرٍ فَأَصْبِحُوا (عَلَيْهِ) فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِرَارًا مَنْ قَدَرِ اللَّهِ فَقَالَ عُمَرُ لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ نَعَمْ نَفِرُّ مَنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَتْ لَكَ إِبِلٌ فَهَبَطْتَ (بِهَا) وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ إِحْدَاهُمَا خِصْبَةٌ

وَالْأُخْرَى جَدْبَةٌ أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخِصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ وَإِنْ رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ قَالَ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَكَانَ غَائِبًا فِي بَعْضِ حَاجَاتِهِ فَقَالَ إِنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا عِلْمًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّإِ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْوَزِيرِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ أَبِيهِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ يَقُلْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالَّذِي فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ وَرِوَايَةُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ كَمَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَظُنُّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ لَفْظُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ وَرِوَايَةُ صَالِحِ بْنِ نَصْرٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ كَمَا رَوَى ابْنُ وهب

وَأَمَّا عَبْدُ الْحَمِيدِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ فَمَشْهُورٌ رَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ أَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُ الصَّدَقَةِ الْحَدِيثُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِيهِ إِنَّمَا الصَّدَقَةُ أَوْسَاخُ النَّاسِ يَرْوِيهِ مَالِكٌ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ هَذَا عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَيَرْوِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا أَيْضًا عَنْ أَبِيهِ الْمَعْرُوفِ بِبَبَّةَ قَالَ سَأَلْتُ فِي إِمَارَةِ عُثْمَانَ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ عَنْ صَلَاةِ الضُّحَى رَوَى هَذَا الْخَبَرَ أَيْضًا الزُّهْرِيُّ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَقِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ وَقِيلَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ وَالصَّوَابُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَكَذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْهُ فِي حَدِيثِ صَلَاةِ الضُّحَى فَابْنُ شِهَابٍ يَرْوِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ الحارث نَفْسِهِ وَيَرْوِي عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ فَاعْلَمْ وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا فَقَدَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا وَأَمَّا أَخُوهُمَا عُبَيْدُ اللَّهِ فَمَعْرُوفٌ أَيْضًا عِنْدَ أَهْلِ الْأَثَرِ وَأَهْلِ النَّسَبِ وَلَهُ ابْنٌ يُسَمَّى الْعَبَّاسَ وَلَهُمْ عِنْدَ أَهْلِ النَّسَبِ أَخَوَانِ أَحَدُهُمَا الصَّلْتُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ كَانَ مِنْ رِجَالِ قُرَيْشٍ وَكَانَ عِنْدَهُ بِنْتَانِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ الْعَدَوِيُّ وَكَانَ فَقِيهًا

- قَالَ أَبُو عُمَرَ أَظُنُّهُ كَانَ لَهُ حَظٌّ مِنَ الْعِلْمِ وَلَا أَحْفَظُ لَهُ رِوَايَةً وَعَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ وَابْنُهُ الْحَارِثُ بْنُ عَوْنٍ كَانَ جَوَادًا وَفِيهِ يَقُولُ الشَّاعِرُ ... لولا ندى الحارث مات الندى ... وانقطع المسؤول وَالسَّائِلُ ... فَأَمَّا قَوْلُ الذُّهْلِيِّ بِأَنَّهُ بَبَّةُ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ فَإِنَّمَا أَخَذَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَلَمْ يُطَالِعْ مَا قَالَهُ أَهْلُ النَّسَبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْمَعَانِي خُرُوجُ الْخَلِيفَةِ إِلَى أَعْمَالِهِ يُطَالِعُهَا وَيَنْظُرُ إِلَيْهَا وَيَعْرِفُ أَحْوَالَ أَهْلِهَا وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ مَرَّتَيْنِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَمْ يَخْرُجْ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ هَذِهِ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَيْهَا مَرَّتَيْنِ ذَكَرَ خَلِيفَةُ عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ لَمَّا صَالَحَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَهْلَ حَلَبَ شَخَصَ وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَحَاصَرَا أَهْلَ إِيلِيَا فَسَأَلُوهُ الصُّلْحَ عَلَى أَنْ يَكُونَ عُمَرُ هُوَ يُعْطِيهِمْ ذَلِكَ وَيَكْتُبُ لَهُمْ أَمَانًا فَكَتَبَ أَبُو

عُبَيْدَةَ إِلَى عُمَرَ فَقَدِمَ عُمَرُ فَصَالَحَهُمْ فَأَقَامَ أَيَّامًا ثُمَّ شَخَصَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَانَ خُرُوجُهُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ فِيهَا خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الشَّامِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَانْصَرَفَ مِنْ سَرْغَ وَبِهَا الطَّاعُونُ (وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ رَبِيعَةَ فِي ذِكْرِ سَرْغَ وَمَعْنَى الطَّاعُونِ وَأَخْبَارٍ فِي الْفِرَارِ مِنْهُ مَا يُغْنِي عَنْ تَكْرَارِهِ هاهنا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا بَقِيٌّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنِ رُوَيْمٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ جِئْتُ عُمَرَ حِينَ قَدِمَ الشَّامِ فَوَجَدْتُهُ قَائِلًا فِي خِبَائِهِ فَانْتَظَرْتُهُ فِي فَيْءِ الْخِبَاء فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَضَوَّرَ مِنْ نَوْمِهِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رُجُوعِي مِنْ غَزْوَةِ سَرْغَ يَعْنِي حِينَ رَجَعَ مِنْ أَجْلِ الْوَبَاءِ) وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْخَلِيفَةِ أُمَرَاءَ عَدَدًا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ لِوُجُوهٍ يُصَرِّفُهُمْ فِيهَا وَكَانَ عُمَرُ قَدْ قَسَّمَ الشَّامَ عَلَى أَرْبَعَةِ أُمَرَاءَ تَحْتَ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جُنْدٌ وَنَاحِيَةٌ مِنَ الشَّامِ مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ (بْنُ الْجَرَّاحِ) وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَأَحْسَبُ الرَّابِعَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى نَاحِيَةٍ مِنَ (الشَّامِ) ثُمَّ لَمْ يَمُتْ عُمَرُ حَتَّى جَمَعَ الشَّامَ

لِمُعَاوِيَةَ وَقَدِ اسْتَخْلَفَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ مَرَّاتٍ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي خُرُوجِهِ إِلَى الْحَجِّ وَمَا أَظُنُّهُ اسْتَخْلَفَ غَيْرَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَطُّ فِي خُرُوجِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ أَنَّ عُمَرَ اسْتَخْلَفَ خَالًا لَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً عَلَى الْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَأَمَّا عُمَّالُهُ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ فَكَثِيرٌ وَكَانَ يَعْزِلُ وَيُوَلِّي كَثِيرًا لَا حَاجَةَ بنا إلى ذكرهم هاهنا وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَا لِمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ مِنْ ذِكْرِ أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَصْحَابُهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْعَمَلِ وَالْوِلَايَةِ وَأَنْ لَا بَأْسَ لِلصَّالِحِينَ وَالْعُلَمَاءِ إِذَا كَانَ الْخَلِيفَةُ فَاضِلًا عَالِمًا يَأْمُرُ بِالْحَقِّ وَيَعْدِلُ (وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ مَشُورَةِ مَنْ يُوثَقُ بِفَهْمِهِ وَعَقْلِهِ عِنْدَ نُزُولِ الْأَمْرِ الْمُعْضِلِ) وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ إِذَا كَانَ سَبِيلُهَا الِاجْتِهَادَ وَوَقَعَ فِيهَا الِاخْتِلَافُ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِ الْقَائِلِينَ فِيهَا عَيْبُ مُخَالِفِهِ وَلَا الطَّعْنُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا وَهُمُ الْقُدْوَةُ فَلَمْ يَعِبْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ اجْتِهَادَهُ وَلَا وَجَدَ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ إِلَى اللَّهِ الشَّكْوَى وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ عَلَى أُمَّةٍ نَحْنُ بَيْنَ أَظْهُرِهَا تَسْتَحِلُّ الْأَعْرَاضَ وَالدِّمَاءَ إِذَا خُولِفَتْ فِيمَا تَجِيءُ

بِهِ مِنَ الْخَطَإِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُجْتَهِدَ إِذَا قَادَهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى شَيْءٍ خَالَفَهُ فِيهِ صَاحِبُهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمَيْلُ إِلَى قَوْلِ صَاحِبِهِ إِذَا لَمْ يُبِنْ مَوْقِعَ الصَّوَابِ فِيهِ وَلَا قَامَ لَهُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ وَالْحَاكِمَ إِذَا نَزَلَتْ بِهِ نَازِلَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي السُّنَّةِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْمَعَ الْعُلَمَاءَ وَذَوِي الرَّأْيِ وَيُشَاوِرَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِدَلِيلِ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ غَيْرِ اجْتِهَادِهِ كَانَ عَلَيْهِ الْمَيْلُ إِلَى الْأَصْلَحِ وَالْأَخْذُ بِمَا يَرَاهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ لَا يُوجِبُ حُكْمًا وَإِنَّمَا يُوجِبُهُ النَّظَرُ وَأَنَّ الْإِجْمَاعَ يُوجِبُ الْحُكْمَ وَالْعَمَلَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إِثْبَاتِ الْمُنَاظَرَةِ وَالْمُجَادَلَةِ عِنْدَ الْخِلَافِ فِي النَّوَازِلِ وَالْأَحْكَامِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ لِعُمَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى تَفِرُّ مَنْ قَدَرِ اللَّهَ فَقَالَ نَعَمْ أَفِرُّ مَنْ قَدَرِ اللَّهَ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ (لَهُ) أَرَأَيْتَ فقايسه وناظره بما يشبه في مسألته وفي دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ إِذَا نَزَلَ وَقَامَ الْحِجَاجُ (فَالْحُجَّةُ) وَالْفَلْجُ بِيَدِ مَنْ أَدْلَى بِالسُّنَّةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنَ الْكِتَابِ نَصٌّ لَا يُخْتَلَفُ فِي تَأْوِيلِهِ وَبِهَذَا أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ عِنْدَ التَّنَازُعِ أَنْ يَرُدُّوا مَا تَنَازَعُوا فِيهِ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ عِلْمٌ وَجَبَ الِانْقِيَادُ إِلَيْهِ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ يُسَمَّى عِلْمًا وَيُطْلَقُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عِنْدِي مِنْ هَذَا عِلْمٌ وَفِيهِ (دَلِيلٌ عَلَى) أَنَّ الْخَلْقَ يَجْرُونَ فِي قَدَرِ اللَّهِ وَعِلْمِهِ وَأَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ أَوْ شَيْئًا لَا يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِهِ وَإِرَادَتِهِ ومشيئته لا شريك له وفيه أن العالم قَدْ يُوجَدُ عِنْدَ مَنْ هُوَ فِي الْعِلْمِ دُونَهُ مَا لَا يُوجَدُ مِنْهُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ مَوْضِعَ عُمَرَ مِنَ الْعِلْمِ وَمَكَانَهُ مِنَ الْفَهْمِ وَدُنُوَّهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَدْخَلِ وَالْمَخْرَجِ فَوْقَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَقَدْ كَانَ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا جَهِلَهُ عُمَرُ وَهَذَا وَاضِحٌ يُغْنِي عَنِ الْقَوْلِ فِيهِ وَقَدْ جَهِلَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ حَدِيثَ رُجُوعِ عُمَرَ مِنْ أَجْلِ الطَّاعُونِ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ ذُكِرَ لَهُ أَنَّ عُمَرَ رَجَعَ مِنَ الشَّامِ حين سمع بها وباء فلم يعرفه وَقَالَ إِنَّمَا أُخْبِرَ أَنَّ الصَّائِفَةَ لَا تَخْرُجُ الْعَامَ فَرَجَعَ وَفِيهِ أَنَّ الْقَاضِيَ وَالْإِمَامَ وَالْحَاكِمَ لَا يُنَفِّذُ قَضَاءً وَلَا يَفْصِلُهُ إِلَّا عَنْ

مَشُورَةِ مَنْ بِحَضْرَتِهِ وَيَصِلُ إِلَيْهِ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ عُلَمَاءِ مَوْضِعِهِ وَهَذَا مَشْهُورٌ مِنْ مَذْهَبِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذِكْرُ سَيْفِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُسْتَوْرِدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ عَهِدَ عُمَرُ إِلَى الْقُضَاةِ أَنْ لَا يَصْرِمُوا الْقَضَاءَ إِلَّا عَنْ مَشُورَةٍ وَعَنْ مِلًا وَتَشَاوُرٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ من علم عالم أن يجتزىء بِهِ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَ عِلْمِهِ وَعِلْمِ غَيْرِهِ ... وَتَمَثَّلَ خَلِيلَيَّ لَيْسَ الرَّأْيُ فِي صَدْرٍ ... وَاحِدٍ أَثِيرًا عَلَيَّ الْيَوْمَ مَا يُرِيَانِي ... قَالَ سَيْفٌ وَحَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ سَهْلِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ صَخْرِ بْنِ لَوْذَانَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ مُعَلِّمًا لِأَهْلِ الْيَمَنِ وَحَضْرَمَوْتَ قَالَ يَا مُعَاذُ إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى أَهْلِ كِتَابٍ وَإِنَّهُمْ سَائِلُوكَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَلَا تَقْضِيَنَّ إِلَّا بِعِلْمٍ وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ أَمْرٌ فَسَلْ وَاسْتَشِرْ فَإِنَّ الْمُسْتَشِيرَ مُعَانٌ وَالْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ وَإِنِ الْتَبَسَ عَلَيْكَ فَقِفْ حَتَّى تَتَبَيَّنَ أَوْ تَكْتُبَ إِلَيَّ وَلَا تَصْرِمَنَّ قَضَاءً فِيمَا لَمْ تَجِدْهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّتِي إِلَّا عَنْ مِلًا وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ) وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَظِيمِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ مِنَ الْإِنْصَافِ لِلْعِلْمِ وَالِانْقِيَادِ إِلَيْهِ وَكَيْفَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَهُمْ خَيْرُ الْأُمَمِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَقَبُولِهِ وَإِيجَابِ الْعَمَلِ بِهِ وَهَذَا هُوَ أَوْضَحُ وَأَقْوَى مَا نَرَى مِنْ جِهَةِ الْآثَارِ فِي قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ وَبِمَحْضَرِهِمْ فِي أَمْرٍ قَدْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ

يَقُلْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنْتَ وَاحِدٌ وَالْوَاحِدُ لَا يَجِبُ قَبُولُ خَبَرِهِ إِنَّمَا يَجِبُ قَبُولُ خَبَرِ الْكَافَّةِ مَا أَعْظَمَ ضَلَالَ مَنْ قَالَ بِهَذَا وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا وَقُرِئَتْ فَتَثَبَّتُوا فَلَوْ كَانَ الْعَدْلُ إِذَا جَاءَ بِنَبَإٍ يُتَثَبَّتُ فِي خَبَرِهِ وَلَمْ يُنَفَّذْ لَاسْتَوَى الْفَاسِقُ وَالْعَدْلُ وَهَذَا خِلَافُ الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ وَالْقَوْلُ فِي خَبَرِ الْعَدْلِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ لَهُ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَمَا التَّوْفِيقُ إِلَّا بِاللَّهِ وَقَدْ مَضَى فِي (مَعْنَى) الطَّاعُونِ أَخْبَارٌ وَتَفْسِيرٌ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ) لَا معنى لتكرارها هاهنا وَالْعَرَبُ تَزْعُمُ أَنَّ الطَّاعُونَ طَعْنٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وَتُسَمِّيهِ أَيْضًا رِمَاحَ الْجِنِّ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ أَشْعَارٌ لَمْ أَذْكُرْهَا لِأَنِّي عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ مِنْهَا وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَامَ فِي النَّاسِ فِي طَاعُونِ عَمْوَاسَ بِالشَّامِ وَقَالَ إِنَّ هَذَا الطَّاعُونَ قَدْ ظَهَرَ وَإِنَّمَا هُوَ رِجْزٌ مِنَ الشَّيْطَانِ فَفِرُّوا مِنْهُ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ (بْنُ مُسْلِمٍ) عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَصَابَ النَّاسَ طَاعُونٌ بِالْجَابِيَةِ فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَقَالَ تَفَرَّقُوا عَنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ نَارٍ فَقَامَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَقَالَ لَقَدْ كُنْتَ فِينَا وَلَأَنْتَ أَضَلُّ مِنْ

حِمَارِ أَهْلِكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هُوَ رَحْمَةٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ اللَّهُمَّ فَاذْكُرْ مُعَاذًا وَآلَ مُعَاذٍ فِيمَنْ تَذْكُرُ بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ قَالَ دُحَيْمٌ حَدَّثَنَا عَفَّانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ شُرَحْبِيلَ بْنَ شُفْعَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِالشَّامِ فَقَالَ عَمْرٌو إِنَّهُ رِجْسٌ فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ فَقَالَ شُرَحْبِيلُ سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنها رحمة بكم وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ أَظُنُّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فَنَاءَ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَرُوِينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ الطَّاعُونُ فِتْنَةٌ عَلَى الْمُقِيمِ وَالْفَارِّ أَمَّا الْفَارُّ فَيَقُولُ فَرَرْتُ فَنَجَوْتُ وَأَمَّا الْمُقِيمُ فَيَقُولُ أَقَمْتُ فَمِتُّ وَكَذَبَا فر من لم يجىء أَجَلُهُ وَأَقَامَ مَنْ جَاءَ أَجَلُهُ) (وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْفِرَارِ مِنَ الطَّاعُونِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عامر بْنِ رَبِيعَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ)

ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَاسْمُ أَبِي وَقَّاصٍ مَالِكُ بْنُ أُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زهرة القرشي الزُّهْرِيُّ (وَقَدْ) ذَكَرْنَا أَبَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَعَامِرٌ هَذَا أَحَدُ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ وَهُمْ خَمْسَةُ إِخْوَةٍ كُلُّهُمْ رَوَى الْحَدِيثَ عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ هَذَا سَكَنَ الْمَدِينَةَ وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ وَقِيلَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ سَكَنَ الْكُوفَةَ وَمَاتَ بِهَا وَرَوَى عَنْهُ أَهْلُهَا وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَمِائَةٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ خَرَجَ مَعَ ابْنِ الْأَشْعَثِ وَقَتَلَهُ الْحَجَّاجُ وَابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ رَوَى عَنْهُ الْعِلْمَ (رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ) وَمُوسَى بْنُ سَعْدٍ رَوَى عَنْهُ (الْحَدِيثَ) وَعَنِ ابْنِهِ مُجَاهِدِ بْنِ مُوسَى وَعُمَرُ بْنُ سَعْدٍ وَلِيَ قَتْلَ الْحُسَيْنِ ثُمَّ قَتَلَهُ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ (وَقَتَلَ) مَعَهُ ابْنَهُ حَفْصَ بْنَ عُمَرَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ أَحَدُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ (وَثِقَاتِهِمْ (8) وَفُقَهَائِهِمْ وَأَهْلِ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ وَالْخَبَرِ مِنْهُمْ وَكُلُّ بَنِي سَعْدٍ مِنْ حَمَلَةِ الْعِلْمِ مِنَ التَّابِعَيْنِ)

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَيَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ وَلَا تَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي (أَوْ إِلَّا ابْنَتِي عَلَى مَا رُوِيَ مِنَ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ نَقَلَةِ حَدِيثِهِ هُنَا وَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ وَلَهُ بَنَاتُ وَمَرَضُهُ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِيمَا ذَكَرَ أَكْثَرُ أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ فِيهِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْهُ عَامَ الْفَتْحِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ قَالَ ذَلِكَ فِيهِ عنه غير ابْنُ عُيَيْنَةَ وَسَنَذْكُرُ رِوَايَتَهُ فِي ذَلِكَ وَقَوْلَ مَنْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ رُوَاةِ ابْنِ شِهَابٍ بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (1) مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عن أبيه قَالَ جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَبِي وَجَعٌ قَدِ اشْتَدَّ بِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَلَغَ مِنِّي الْوَجَعُ مَا تَرَى وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا تَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي قَالَ لَا

قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ لَا قُلْتُ الثُّلُثُ قَالَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ إِنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ فِيهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي قَالَ إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ رِفْعَةً وَدَرَجَةً وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن مَاتَ بِمَكَّةَ هَذَا حَدِيثٌ قَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى صِحَّةِ إِسْنَادِهِ وَجَعَلَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَصْلًا فِي مِقْدَارِ الْوَصِيَّةِ وَإِنَّهُ لَا يَتَجَاوَزُ بِهَا الثُّلُثَ إِلَّا أَنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ اخْتِلَافًا عِنْدَ نَقَلَتِهِ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ قَالَ فِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ مَرِضْتُ عَامَ الْفَتْحِ انْفَرَدَ بِذَلِكَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ رَوَيْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَابْنِ

أَبِي عَتِيقٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ فَكُلُّهُمْ قَالَ فِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أبيه قَالَ مَرِضْتُ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ مَرَضًا أَشَفَيْتُ مِنْهُ فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالًا كَثِيرًا وَلَيْسَ لِي مَنْ يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَتِي أَفَأَتَصَدَّقُ بِمَالِي كُلِّهِ قَالَ لَا قَالَ قُلْتُ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي قَالَ لَا قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ لَا قُلْتُ فَالثُّلُثُ قَالَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ قَالَ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ وَمَالِكٌ حَجَّةَ الْوَدَاعِ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَامَ الْفَتْحِ قَالَ وَالَّذِينَ قَالُوا حَجَّةَ الْوَدَاعِ أَصْوَبُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ أَجِدْ ذِكْرَ عَامِ الْفَتْحِ إِلَّا فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَفِي حَدِيثِ عَمْرٍو الْقَارِيِّ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ عَفَّانُ بْنُ

مُسْلِمٍ عَنْ وُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عن عَمْرٍو الْقَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَمْرٍو الْقَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فَخَلَّفَ سَعْدًا مَرِيضًا حِينَ خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ فَلَمَّا قَدِمَ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ مُعْتَمِرًا دَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَجِعٌ مَغْلُوبٌ فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالًا وَإِنِّي أُورَثُ كَلَالَةً أَفَأُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ أَوْ أَتَصَدَّقُ بِمَالِي كُلِّهِ قَالَ لَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ هَكَذَا فِي حَدِيثِ عَمْرٍو الْقَارِيِّ أَفَأُوصِي عَلَى الشَّكِّ أَيْضًا وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنْهُ أَصْحَابُهُ لَا ابْنُ عيينة ولا غيره أنه قال فيه أفأتصق بِمَالِي كُلِّهِ أَوْ بِثُلُثَيْ مَالِي وَلَمْ يَقُلْ أَفَأُوصِي فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ قَوْلُهُ أَفَأَتَصَدَّقُ كَانَ فِي ذَلِكَ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هِبَاتِ الْمَرِيضِ وَصَدَقَاتِهِ وَعِتْقِهِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِهِ لَا مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَدَ وَعَامَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالرَّأْيِ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي الَّذِي أَعْتَقَ سِتَّةَ

أَعْبُدٍ لَهُ فِي مَرَضِهِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَأَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً وَقَالَتْ فِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ (وَأَهْلِ الظَّاهِرِ) مِنْهُمْ دَاوُدُ فِي هِبَةِ الْمَرِيضِ أَنَّهَا مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ شُذُوذُهُمْ عَنِ السَّلَفِ وَمُخَالَفَةِ الْجُمْهُورِ وَمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ هُوَ الَّذِي قَالَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي أَوْ بِمَالِي وَأَمَّا مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ فَإِنَّمَا قَالَ أَفَأُوصِي وَلَمْ يَقُلْ أَفَأَتَصَدَّقُ وَالَّذِي أَقُولُهُ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ هُوَ الَّذِي قَالَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَفَأَتَصَدَّقُ لِأَنَّ غَيْرَ ابْنِ شِهَابٍ رَوَاهُ عَنْ عَامِرٍ فَقَالَ فِيهِ أَفَأُوصِي كَمَا قَالَ مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ رَوَى شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ سَعْدَ بْنَ عَفْرَاءَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَأُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ قَالَ لَا قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ لَا قُلْتُ فَالثُّلُثُ قَالَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَادَنِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ قَالَ لَا قُلْتُ فَالنِّصْفُ قَالَ لَا قُلْتُ فَالثُّلُثُ قَالَ نَعَمْ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ فَهَذِهِ الْآثَارُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُوصِيَ بِأَكْثَرِ مِنْ ثُلُثِهِ إِذَا تَرَكَ وَرَثَةً مِنْ بَنِينَ أَوْ عَصَبَةٍ وَاخْتَلَفُوا إِذَا لَمْ يَتْرُكْ بَنِينَ وَلَا عَصَبَةً وَلَا وَارِثًا بِنَسَبٍ أَوْ نِكَاحٍ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِمَالِهِ كُلِّهِ (وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ مِثْلَهُ) وَقَالَ بِقَوْلِهِمَا قَوْمٌ مِنْهُمْ مَسْرُوقٌ وَعَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ) وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ أَحْمَدَ

وَذَهَبَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِمَّنْ يَقُولُ بِقَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الثُّلُثِ (فِي الْوَصِيَّةِ) إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَدَعَ وَرَثَتَهُ أَغْنِيَاءَ وَهَذَا لَا وَرَثَةَ لَهُ فَلَيْسَ مِمَّنْ عُنِيَ بِالْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ أَبَا مُوسَى أَجَازَ وَصِيَّةَ امْرَأَةٍ بِمَالِهَا كُلِّهِ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ مَسْعُودٍ إِنَّكُمْ مِنْ أَحْرَى حَيٍّ بِالْكُوفَةِ أَنْ يَمُوتَ وَلَا يَدَعُ عصبة ولا رحما فما يمنعه إِذَا كَانَ ذَلِكَ أَنْ يَضَعَ مَالَهُ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَعَنْ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَقْدٌ لِأَحَدٍ وَلَا عَصَبَةٌ يَرِثُونَهُ فَإِنَّهُ يُوصِي بِمَالِهِ كُلِّهِ حَيْثُ شَاءَ وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ مِثْلَهُ) وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لَا يَجُوزُ (لِأَحَدٍ أَنْ بوصي بِأَكْثَرِ مِنْ ثُلُثِهِ كَانَ لَهُ بَنُونَ أَوْ وُرِثَ كَلَالَةً أَوْ وَرِثَهُ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ بَيْتَ مَالِهِمْ عَصَبَةُ مَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ وَبِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا عَنْ طَوَائِفَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَخْصِيصٌ لِلْقُرْآنِ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ

وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِمِقْدَارٍ لَا يُتَعَدَّى وَكَانَ مُرَادُهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ كَلَامِهِ مَا بَيَّنَهُ عَنْهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ يَعْنِي لِتُبَيِّنَ لَهُمْ مُرَادَ رَبِّهِمْ فِيمَا احْتَمَلَهُ التَّأْوِيلُ مِنْ كِتَابِهِمُ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِمْ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فِي بَابِ نَافِعٍ وَبَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِأَكْثَرِ مِنَ الثُّلُثِ إِذَا أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ جَازَتْ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ لَمْ يَجُزْ مِنْهَا إِلَّا الثُّلُثُ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِنَّ الْوَصِيَّةَ بِأَكْثَرِ مِنَ الثُّلُثِ لَا تَجُوزُ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ أَوْ لَمْ يُجِيزُوهَا وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَيْسَانَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمُزَنِيُّ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْدٍ حِينَ قَالَ لَهُ أُوصِي بِشَطْرِ مَالِي قَالَ لَا وَلَمْ يَقُلْ لَهُ إِنْ أَجَازَهُ وَرَثَتُكَ جَازَ وَكَذَلِكَ قَالُوا إِنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ أَوْ لَمْ يُجِيزُوهَا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ يُجِيزُونَ ذَلِكَ إِذَا أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ وَيَجْعَلُونَهَا هِبَةً مُسْتَأْنَفَةً (مِنْ قِبَلِ الْوَرَثَةِ) فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا مِنْهُمْ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الثُّلُثُ كَثِيرٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ الْغَايَةُ الَّتِي إِلَيْهَا تَنْتَهِي الْوَصِيَّةُ وَإِنَّ ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الْوَصِيَّةِ وَأَنَّ التَّقْصِيرَ عَنْهُ أَفْضَلُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَقِبِ قَوْلِهِ الثُّلُثُ كَثِيرٌ وَلَأَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فَاسْتَحَبَّ لَهُ الْإِبْقَاءَ لِوَرَثَتِهِ وَكَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْوَصِيَّةَ بِجَمِيعِ الثُّلُثِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ إِذَا كَانَ وَرَثَتُهُ قَلِيلًا وَمَالُهُ كَثِيرًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْلُغَ الثُّلُثَ فِي وَصِيَّتِهِ وَاسْتَحَبَّ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الْوَصِيَّةَ بِالرُّبُعِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ السُّنَّةُ فِي الْوَصِيَّةِ الرُّبُعُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثُّلُثُ كَثِيرٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ يُعْرَفُ فِي مَالِهِ شُبُهَاتٌ فَيَجُوزُ لَهُ الثُّلُثُ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ لِإِسْحَاقَ حُجَّةً فِي قَوْلِهِ السُّنَّةُ فِي الْوَصِيَّةِ الرُّبْعُ وَهَذَا الَّذِي نَزَعَ بِهِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي تَسْمِيَةِ ذَلِكَ سُنَّةً وَقَدْ رُوِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ كَانَ يُفَضِّلُ الْوَصِيَّةَ بِالْخُمُسِ وَبِذَلِكَ أَوْصَى وَقَالَ رَضِيتُ لِنَفْسِي مَا رِضَى اللَّهُ لِنَفْسِهِ (كَأَنَّهُ) يَعْنِي خُمُسَ الغنائم واستحب جماعة الوصية بالثلث وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثٍ ضَعِيفٍ

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ فِي الْوَصِيَّةِ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ وَهُوَ حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَطَلْحَةُ ضَعِيفٌ رَوَى عَنْهُ هَذَا الْخَبَرَ وَكِيعٌ (وَابْنُ وَهْبٍ) وَغَيْرُهُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ لَا تَجُوزُ عَلَى حَسَبِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ (وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ الثُّلُثُ وَسَطٌ لَا غَبْنَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ وَهَذَا لَا نَدْرِي مَا هُوَ لِأَنَّ الْغَايَةَ لَيْسَتْ بِوَسَطٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ حُكْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَسَطٌ أَيْ عَدْلٌ وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ) وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنَ الثُّلُثِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ فَلَيْتَهُمْ نَقَصُوا إِلَى الرُّبُعِ وَقَالَ قَتَادَةُ الثُّلُثُ كَثِيرٌ وَالْقُضَاةُ يُجِيزُونَهُ وَالرُّبُعُ قَصْدٌ وَأَوْصَى أَبُو بَكْرٍ بِالْخُمُسِ (وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ الثُّلُثُ جَهْدٌ وَهُوَ جَائِزٌ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ أَوْصَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالرُّبُعِ وَأَوْصَى أَبُو بَكْرٍ بِالْخُمُسِ وَهُوَ أحب إلي

وعن الثوري عن الأعمش عن إبرهيم قَالَ كَانَ الْخُمُسُ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنَ الرُّبُعِ وَالرُّبُعِ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنَ الثُّلُثِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الْحَسَنَ وَأَبَا قِلَابَةَ يَقُولَانِ أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ بِالْخُمُسِ) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ أَوْصَانِي أَبِي أَنْ أَسْأَلَ الْعُلَمَاءَ أَيُّ الْوَصِيَّةِ أَعْدَلُ فَمَا تَتَابَعُوا عَلَيْهِ فَهِيَ وَصِيَّتُهُ فَسَأَلْتُ فَتَتَابَعُوا عَلَى الْخُمُسِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كَانُوا يَقُولُونَ صَاحِبُ الرُّبُعِ أَفْضَلُ مَنْ صَاحِبِ الثُّلُثِ وَصَاحِبُ الْخُمُسِ أَفْضَلُ مَنْ صَاحِبِ الرُّبُعِ يَعْنِي فِي الْوَصِيَّةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ إِلَّا عَلَى مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ حُقُوقٌ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ بِغَيْرِ شَهَادَةٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ فَرْضًا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَقَدْ أَشْهَدَ بِذَلِكَ وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُوصِيَ بِهِ إِلَّا فِرْقَةً شَذَّتْ فَأَوْجَبَتْ ذَلِكَ وَالْآيَةُ بِإِيجَابِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ مَنْسُوخَةٌ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ كِتَابِنَا (هَذَا) إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يُوصِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَتْ الوصية واجابة كَانَ أَبْدَرَ النَّاسِ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ قَالَ عَلَيْهِ

الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ تُعْطِيَ وَأَنْتَ صحيح شحيح تأمل الغنى وَتَخْشَى الْفَقْرَ وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ النَّفْسُ الْحُلْقُومَ قُلْتَ هَذَا لِفُلَانٍ وَهَذَا لِفُلَانٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ أَنَّ الزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ كَانَا يُشَدِّدَانِ عَلَى الرَّجُلِ فِي الْوَصِيَّةِ فَقَالَ مَا كَانَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَفْعَلَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا أَوْصَى وَأَوْصَى أَبُو بَكْرٍ فَإِنْ أَوْصَى فَحَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يُوصِ فَلَا بَأْسَ - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ هَذَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ مَا يوصي فيه لأنه مخصوص بأن يكون كلما يَتْرُكُهُ صَدَقَةً قَالَ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَوْنٍ يَقُولُ إِنَّمَا الْوَصِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ فَأَحَبُّ إِلَيَّ إِذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ غَنِيًّا عَنْهَا أَنْ يَدَعَهَا

وَأَمَّا قَوْلُ سَعْدٍ فِي الْحَدِيثِ وَأَنَا ذُو مَالٍ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَا مَالٍ مَا أَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ لَأَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَقَدْ مَنَعَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَوِ ابْنُ عُمَرَ مَوْلًى لَهُمْ من أن يوصي وكان له سبع مائة دِرْهَمٍ وَقَالَ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنْ تَرَكَ خَيْرًا وَلَيْسَ لَكَ كَبِيرُ مَالٍ وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَا يَجُوزُ لِمَنْ كَانَ وَرَثَتُهُ كَثِيرًا وَمَالُهُ قَلِيلًا أَنْ يُوصِيَ بِثُلُثِ مَالِهِ قَالَ وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ قَلِيلٌ وَسُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ رَجُلٍ لَهُ أربع مائة دِرْهَمٍ وَلَهُ عِدَّةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَقَالَتْ مَا فِي هَذَا فَضْلٌ عَنْ وَلَدِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عِيَادَةُ الْعَالِمِ وَالْخَلِيفَةِ وَسَائِرِ الْجُلَّةِ لِلْمَرِيضِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ لَا تَزْكُو عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِالنِّيَّاتِ لِقَوْلِهِ وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ فِيهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْجَرُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ إِلَّا مَا ابْتَغَى بِهِ وَجْهَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْبَنِينَ وَالزَّوْجَاتِ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ وَإِنْ تَرَكَ الْمَالَ لِلْوَرَثَةِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ بِهِ إِلَّا لِمَنْ كَانَ وَاسِعَ الْمَالِ وَالْأُصُولُ تُعَضِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَرْضٌ وَأَدَاءُ الْفَرَائِضِ أَفْضَلُ مِنَ التَّطَوُّعِ

وَلَوِ اسْتَدَلَّ مُسْتَدِلٌّ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَكَانَ مَذْهَبًا لِقَوْلِهِ حَتَّى مَا تجعل في أخرى امْرَأَتِكَ وَأَمَّا قَوْلُ سَعْدٍ أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي فَمَعْنَاهُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أُخَلَّفُ بِمَكَّةَ بَعْدَ أَصْحَابِي الْمُهَاجِرِينَ الْمُنْصَرِفِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَمَّا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ وَتُنْفِقُ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ أَيْقَنَ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ فَاسْتَفْهَمَهُ هَلْ يَبْقَى بَعْدَ أَصْحَابِهِ فَأَجَابَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَرْبٍ مِنْ قَوْلِهِ لَنْ تُنْفِقَ (نَفَقَةً) تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ وَهُوَ قَوْلُهُ إِنَّكَ إِنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ رِفْعَةً وَدَرَجَةً وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِتَصْرِيحٍ وَلَكِنَّهُ قَدْ كَانَ كَمَا قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَقَ فِي ذَلِكَ ظَنُّهُ وَعَاشَ سَعْدٌ حَتَّى انْتَفَعَ بِهِ أَقْوَامٌ وَاسْتَضَرَّ بِهِ آخَرُونَ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ قَالَ سَأَلْتُ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِيهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ فَقَالَ أُمِّرَ سَعْدٌ عَلَى الْعِرَاقِ فَقَتَلَ قَوْمًا عَلَى رِدَّةٍ فَأَضَرَّ بِهِمْ وَاسْتَتَابَ قَوْمًا سَجَعُوا سَجْعَ مُسَيْلِمَةَ فَتَابُوا فانتفعوا

- قَالَ أَبُو عُمَرَ مِمَّا يُشْبِهُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لِسَعْدٍ) هَذَا الْكَلَامُ قَوْلُهُ لِلرَّجُلِ الشَّعِثِ الرَّأْسِ مَالَهُ ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ فَقَالَ الرَّجُلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) فَقُتِلَ الرَّجُلُ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ أَمِيرُكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَإِنْ قُتِلَ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَإِنْ قُتِلَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ نَعَى إِلَيْهِمْ أَنْفُسَهُمْ فَقُتِلُوا ثَلَاثَتُهُمْ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا قِصَّةُ عَامِرِ بْنِ سِنَانٍ حِينَ ارْتَجَزَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَيْرِهِ إِلَى خَيْبَرَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ يَا عَامِرُ فَقَالَ (لَهُ) عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْتَعْتَنَا بِهِ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّهُ مَا اسْتَغْفَرَ لِإِنْسَانٍ قَطُّ يَخُصُّهُ بِذَلِكَ إِلَّا اسْتُشْهِدَ فَاسْتُشْهِدَ (عَامِرٌ) يَوْمَ خَيْبَرَ وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِتَصْرِيحٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الْقَوْلِ وَلَا تَبْيِينٍ فِي الْمُرَادِ وَالْمَعْنَى وَلَكِنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ كُلُّهُ كَمَا تَرَى وَقَدْ خُلِّفَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ نَحْوَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَخْبَارَهُ وَسَيْرَهُ وَطَرَفًا مِنْ فَضَائِلِهِ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ هاهنا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُهَاجِرَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمُقَامُ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا وُقِتَ لَهُ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَذَلِكَ محفوظ في حديث العلاء

ابن الْحَضْرَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لِلْمُهَاجِرِينَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الصَّدْرِ وَهَذِهِ الْهِجْرَةُ هِيَ الَّتِي كَانَ يَحْرُمُ بِهَا عَلَى الْمُهَاجِرِ الرُّجُوعُ إِلَى الدَّارِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا وَقَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّمَا كَانَتِ الْهِجْرَةُ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بِالْمَدِينَةِ لِيَفِرَّ الرَّجُلُ بِدِينِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا رَوَاهُ مُجَاهِدٌ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ ظَاهِرُهَا فِي الْهِجْرَةِ عَلَى خِلَافِ هَذِهِ مِنْهَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَقْدَانَ الْقُرَشِيِّ وَكَانَ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ وَرَوَى ابْنُ مُحَيْرِيزٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَمِنْهَا حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ هَذِهِ الْهِجْرَةُ هِجْرَةُ الْمَعَاصِي غَيْرُ الْهِجْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ كَمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ صَالِحِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ فُدَيْكٍ قَالَ خَرَجَ فُدَيْكٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال يا

رَسُولُ اللَّهِ إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا فُدَيْكُ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَآتِ الزَّكَاةَ وَاهْجُرِ السُّوءَ وَاسْكُنْ مِنْ أَرْضِ قَوْمِكَ حَيْثُ شِئْتَ تَكُنْ مُهَاجِرًا وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ أَفْضَلُ الْجِهَادِ وَالْهِجْرَةِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ تَكُنْ هِجْرَةٌ مُفْتَرَضَةٌ بِالْجُمْلَةِ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ عَلَيْهِمِ الْهِجْرَةَ إِلَى نَبِيِّهِمْ حَتَّى فَتَحَ عَلَيْهِ مَكَّةَ فَقَالَ حِينَئِذٍ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ فَمَضَتِ الْهِجْرَةُ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ مَنْ كَانَ مُهَاجِرًا لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ إِلَى مَكَّةَ وَاسْتِيطَانُهَا وَتَرْكُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمُ الْمُقَامَ مَعَهُ فَلَمَّا مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَرَقُوا فِي الْبُلْدَانِ وَقَدْ كَانُوا يَعُدُّونَ مِنَ الْكَبَائِرِ أَنْ يَرْجِعَ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ هِجْرَتِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى قَوْلِهِ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ أَيْ لَا هِجْرَةَ مُبْتَدَاةً يَهْجُرُ بِهَا الْمَرْءُ وَطَنَهُ هِجْرَانًا لَا يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ مَنْ أَهْلِ مَكَّةَ قُرَيْشٍ خَاصَّةً بَعْدَ الْفَتْحِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مُهَاجِرًا مِنْهُمْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ إِلَيْهَا عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَيَدَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا بَيِّنٌ مِمَّا ذَكَرْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الْهِجْرَةِ بَابٌ بَاقٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إِذَا أَطَاقَتْ أُسْرَتُهُ أَوْ كَانَ كَافِرًا فَأَسْلَمَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْمُقَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَكَانَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ عَنْهَا فَرْضًا وَاجِبًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ وَكَيْفَ يجوز لمسلم

الْمُقَامُ فِي دَارٍ تَجْرِي عَلَيْهِ فِيهَا أَحْكَامُ الْكُفْرِ وَتَكُونُ كَلِمَتُهُ فِيهَا سُفْلَى وَيَدُهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ هَذَا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى قَطْعِ الذَّرَائِعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ لِأَنَّ سَعْدًا وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَرُبَّمَا حَمَلَ غَيْرَهُ حُبُّ الْوَطَنِ عَلَى دَعْوَةِ الْمَرَضِ فَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ وَلَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ وَقَوْلُهُ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن مَاتَ بِمَكَّةَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْعَوَّامِ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَادَهُ فِي مَرَضِهِ بِمَكَّةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَدَعُ مَالًا كَثِيرًا وَلَيْسَ يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي أَفَأُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ قَالَ لَا قَالَ فَنِصْفَهُ قَالَ لَا قَالَ فَبِثُلُثِهِ قَالَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ سَعْدُ إِنَّكَ إِنْ تَدَعَ (2) وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَإِنَّكَ تُوجَرُ فِي نَفَقَتِكَ كُلِّهَا حَتَّى فِيمَا تَجْعَلُ فِي امْرَأَتِكَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرْهَبُ أَنْ أَمُوتَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرْتُ مِنْهَا فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا اشْفِ سَعْدًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ

أَأُخَلَّفُ عَنْ هِجْرَتِي قَالَ إِنَّكَ عَسَى أَنْ تُخَلَّفَ وَلَعَلَّكَ أَنْ تَعِيشَ بَعْدِي حَتَّى يُضَرَّ بِكَ قَوْمٌ وَيَنْتَفِعَ بِكَ آخَرُونَ اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ وَفِي قَوْلِ سَعْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَرْهَبُ أَنْ أَمُوتَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرْتُ وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَحْزَنُ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ لِأَنَّهُ مَاتَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا لَا أَنَّهُ لَمْ يُهَاجِرْ كَمَا ظَنَّ بَعْضُ مَنْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ لِأَنَّ سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالسِّيَرِ وَالْخَبَرُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا نَصًّا) وَقَدْ رَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي جَرِيرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَرِضْتُ بِمَكَّةَ فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمُوتُ بِأَرْضِي الَّتِي هَاجَرْتُ مِنْهَا ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا وَفِي آخِرِهِ لَكِنْ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ الْبَائِسُ قَدْ مَاتَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ قَالَ خَلَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَعْدٍ رَجُلًا فَقَالَ إِنْ مَاتَ بِمَكَّةَ فَلَا تَدْفِنْهُ بِهَا

(قَالَ سُفْيَانُ لِأَنَّهُ كَانَ مُهَاجِرًا) وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمُوتَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا قَالَ نَعَمْ وَقَالَ فُضَيْلُ بْنُ مرزوق سألت إبرهيم عَنِ الْجِوَارِ بِمَكَّةَ فَرَخَّصَ فِيهِ وَقَالَ إِنَّمَا كُرِهَ لِئَلَّا يَغْلُوَ السِّعْرُ وَكُرِهَ لِمَنْ هَاجَرَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا (حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَسِّرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ) حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ مَنَايَانَا بِهَا (حَتَّى تُخْرِجَنَا مِنْهَا) لِأَنَّهُ كَانَ مُهَاجِرًا وَأَمَّا سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ فَرَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ حَلِيفٌ لَهُمْ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُلَيَّةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَابِرٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ فِي حجة الوداع

الحديث السابع والثلاثون

ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا مُرْسَلٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ بْنِ الْمُغِيرَةِ قُرَشِيٌّ مَخْزُومِيٌّ ذَكَرْنَا نَسَبَهُ عِنْدَ ذِكْرِ الْحَارِثِ ابن هِشَامٍ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ هاهنا وَأَبُو بَكْرٍ هَذَا أَحَدُ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ الْعَشْرَةِ الَّذِينَ كَانَ عَلَيْهِمْ مَدَارُ الْفَتْوَى فِي زَمَانِهِمْ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمْ وُلِدَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأُمُّهُ فَاخِتَةُ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو قُرَشِيَّةٌ عَامِرِيَّةٌ وَاسْمُهُ كُنْيَتُهُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ اسْمَهُ الْمُغِيرَةُ وَلَا يَصِحُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّ اسْمَهُ كُنْيَتُهُ وَاسْتُصْغِرَ يَوْمَ الْجَمَلِ فَرُدَّ مِنَ الطَّرِيقِ هُوَ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ رَاهِبُ قُرَيْشٍ لِكَثْرَةِ صَلَاتِهِ وَعِبَادَتِهِ وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا بَلَغَنِي أَنَّ أَحَدًا مِنَ التَّابِعِينَ اعْتَكَفَ إِلَّا أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَذَلِكَ لِشِدَّةِ الِاعْتِكَافِ (فِيمَا أَرَى) وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ مُكْرِمًا لِأَبِي بَكْرٍ هَذَا مُجِلًّا لَهُ وَأَوْصَى الْوَلِيدُ وَسُلَيْمَانُ بِإِكْرَامِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِّي لَأَهُمُّ بِالشَّيْءِ أَفْعَلُهُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ لِسُوءِ أَثَرِهِمْ عِنْدَنَا فَأَذْكُرُ أَبَا بَكْرٍ فَأَسْتَحِي مِنْهُ وَأَدَعُ ذَلِكَ الْأَمْرَ

وَكَانَ مَوْتُهُ فَجْأَةً وَيَقُولُونَ إِنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُغْتَسَلَهُ فَسَقَطَ وَكَانَ قَدْ كُفَّ بَصَرُهُ فَجَعَلَ يَقُولُ وَاللَّهُ مَا أَحْدَثْتُ فِي صَدْرِ نَهَارِي شَيْئًا فَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ حَتَّى مَاتَ وَذَلِكَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ذَكَرَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ خَبَرِهِ الْوَاقِدَيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَذَكَرَ الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَسْتَوْدِعُ أَبَا بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَأَنَّهُ اسْتَوْدَعَهُ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ فَسُرِقَتْ فَاتَّهَمَ بِهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ امْرَأَةً مِنَ الْعَرَبِ كَانَتْ عِنْدَهُمْ فَحَذَّرَهَا وَاشْتَدَّ عَلَيْهَا وَخَوَّفَهَا فَاعْتَرَفَتْ بِأَنَّهَا أَخَذَتْهَا وَأَنَّهَا عِنْدَهَا وَأَنَّهَا تُؤَدِّيهَا فَأَرْسَلَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى مَشَايِخَ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَشْهَدَهُمْ عَلَى اعْتِرَافِهَا وَفِيهِ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا فَخَلَّى سَبِيلَهَا فَلَمَّا خَرَجَتْ مِنْ دَارِهِ وَأَمِنَتْ قَالَتْ مَا أَخَذْتُ مِنْ ذَلِكَ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا فَخَاصَمَهَا إِلَى أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَسَأَلَ الشُّهُودَ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَشَهِدُوا أَنَّهَا اعْتَرَفَتْ بِعِشْرِينَ

أَلْفَ دِينَارٍ وَأَنَّهَا مُؤَدِّيَتُهَا فَسَأَلَهُمْ رَجُلًا رَجُلًا حَتَّى بَلَغَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ مَاذَا تَشْهَدُ بِهِ يَا قَاسِمُ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَعَانَا لِنَشْهَدَ عَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ فِي الْحَدِيدِ ظَاهِرًا عَلَيْهَا الضَّرْبُ فَاعْتَرَفَتْ بِأَنَّهَا أَخَذَتِ الْعِشْرِينَ أَلْفًا فَأَقْبَلَ أَبَانٌ عَلَى الْمَشَايِخِ فَقَالَ أَكَانَ أَمْرُهَا عَلَى مَا ذَكَرَ الْقَاسِمُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَمَا مَنَعَكُمْ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ فَلَوْلَا مَكَانُهُ لَقَضَيْتُ عَلَيْهَا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ يَا قَاسِمُ جِئْتَ وَاللَّهِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَارْتَفَعَ أَمْرُ الْقَاسِمِ مِنْ يَوْمِئِذٍ عَلَى النَّاسِ وَفَطِنُوا لِفَضْلِهِ وَكَانَ الْمَالُ لِوَلَدِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَبَاعَ أَبُو بَكْرٍ مَالَهُ بِعِشْرِينَ أَلْفًا حَتَّى أَدَّاهَا إِلَى عُرْوَةَ فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ وَاللَّهِ مَا عَلَيْكَ مِنْهَا شَيْءٌ إِنَّمَا أَنْتَ مُسْتَوْدَعٌ فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ إِلَّا أَنْ يَغْرَمَهَا وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَخَاهُ أَبَا بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ كَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا يُفْطِرُ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رُدِدْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ مِنَ الطَّرِيقِ (يَوْمَ الْجَمَلِ) اسْتَصْغَرَنَا وَإِيَّاهُ عَنَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ شَهِيدِي أَبُو بَكْرٍ فَنِعْمَ شَهِيدُ

فِي أَبْيَاتٍ أَذْكُرُهَا فِي بَابِ عُبَيْدِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حَدِيثٌ أَوَّلُ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ مُوَطَّإِ يَحْيَى وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ وَهَذَا مِنَ الْوَهْمِ الْبَيِّنِ وَالْغَلَطِ الْوَاضِحِ الَّذِي لَا يُعَرَّجُ عَلَى مِثْلِهِ وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ فِي جَمِيعِ الْمُوَطَّآتِ وَعِنْدَ رُوَاةِ ابْنِ شِهَابٍ كُلِّهِمْ لِأَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ وَأَمَّا لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مِثْلِ هَذَا لِأَنَّهُ مِنْ خَطَإِ الْيَدِ وَسُوءِ النَّقْلِ وَأَبُو مَسْعُودٍ هَذَا اسْمُهُ عُقْبَةُ بن

عَمْرٍو وَيُكَنَّى أَبَا مَسْعُودٍ (أَنْصَارِيٌّ) يُعْرَفُ بِالْبَدْرِيِّ لِأَنَّهُ كَانَ يَسْكُنُ بَدْرًا وَاخْتُلِفَ فِي شُهُودِهِ بَدْرًا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَامِلٍ وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ وَفِيهِ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ فَأَمَّا مَهْرُ الْبَغِيِّ وَالْبَغِيُّ الزَّانِيَةُ وَمَهْرُهَا مَا تَأْخُذُ عَلَى زِنَاهَا فَمُجْتَمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ تَقُولُ الْعَرَبُ بَغَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا زَنَتْ تَبْغِي بِغَاءً فَهِيَ بَغِيٌّ وَهُنَّ الْبَغَايَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا يَعْنِي زَانِيَةً وَقَالَ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ يَعْنِي الزِّنَا وَهُوَ مَصْدَرٌ

وأما حلوان الكاهن فمجتمع أيضا على تحريمه قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ مَا يُعْطَى الْكَاهِنُ عَلَى كَهَانَتِهِ وَالْحُلْوَانُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الرِّشْوَةُ وَالْعَطِيَّةُ تَقُولُ مِنْهُ حَلَوْتُ الرَّجُلَ حُلْوَانًا إِذَا رَشَوْتَهُ بِشَيْءٍ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ ... كَأَنِّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ يَوْمَ مَدَحْتُهُ ... صَفَا صَخْرَةٍ صَمَّاءَ يَبِسٍ بِلَالُهَا ... وَقَالَ غَيْرُهُ ... فَمَنْ رَجُلٌ أَحْلُوهُ رَحْلِي وَنَاقَتِي ... يُبَلِّغُ عَنِّي الشِّعْرَ إِذْ مَاتَ قَائِلُهُ ... وَأَمَّا ثَمَنُ الْكَلْبِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ فَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يَشْهَدُ لِصِحَّةِ قَوْلِ مَنْ نَهَى عَنْهُ وَحَرَّمَهُ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مالك في موطأه أَكْرَهُ ثَمَنَ الْكَلْبِ الضَّارِي وَغَيْرِ الضَّارِي لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ثَمَنِ الْكَلْبِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَامِرٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنَ الْكِلَابِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْتَنَى كَلْبُ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِجَازَةُ بَيْعِ كَلْبِ الصَّيْدِ وَالزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ (فَوَجْهُ إِجَازَةِ بَيْعِ كَلْبِ الصَّيْدِ وَمَا أُبِيحَ اتِّخَاذُهُ مِنَ الْكِلَابِ أَنَّهُ لَمَّا قُرِنَ ثَمَنُهَا فِي الْحَدِيثِ مَعَ مَهْرِ الْبَغِيِّ

وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَهَذَا لَا إِبَاحَةَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْكَلْبَ الَّذِي نُهِيَ عَنْ ثَمَنِهِ مَا لَمْ يُبَحِ اتِّخَاذُهُ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ مَا أُبِيحَ اتِّخَاذُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَوَجْهُ النَّهْيِ عَنْ ثَمَنِ الضَّارِي وَغَيْرِ الضَّارِي مِنَ الْكِلَابِ عُمُومُ وُرُودِ النَّهْيِ عَنْ ثَمَنِهَا وَأَنَّ مَا أُمِرَ بِقَتْلِهِ مَعْدُومٌ وُجُودُهُ مِنْهَا) وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ قَتَلَ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ (وَأَنَّ مَنْ قَتَلَ كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ وَلَا مَاشِيَةٍ وَلَا زَرْعٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (3)) قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا لَمْ يَسْرَحْ كَلْبُ الدَّارِ مَعَ الْمَاشِيَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ بَيْعُ الْكِلَابِ جَائِزٌ إِذَا كَانَتْ لِصَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْهِرِّ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَسَدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ قَتَلَ كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ وَلَا ماشية قال عليه قيمته وكذلك السباع كلها إذا استأنست وَانْتُفِعَ بِهَا وَكَذَلِكَ كَلُّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْكِلَابِ كُلِّهَا وَلَا شَيْءَ مِنْهَا عَلَى حَالٍ كَانَ لِصَيْدٍ أَوْ لِغَيْرِ صَيْدٍ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ قَتَلَ كَلْبًا مِنْ قِيمَةٍ وَلَا ثَمَنٍ وَسَوَاءٌ كَانَ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ

وَحُجَّتُهُ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ قَالَ وَمَا لَا ثَمَنَ لَهُ فَلَا قِيمَةَ فِيهِ إِذَا قُتِلَ وَاحْتَجَّ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهَا (وَقَالَ وَلَوْ كَانَتِ الْكِلَابُ مِمَّا يَجُوزُ تَمَوُّلُهُ وَمِلْكُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ لَمْ يَأْمُرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهَا) لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إِضَاعَةُ الْأَمْوَالِ وَتَلَفُهَا وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَأَرْسَلَ فِي أَقْطَارِ الْمَدِينَةِ لِتُقْتَلَ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (وَرَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ حَتَّى إِنَّ الْمَرْأَةَ لَتَدْخُلُ بِالْكَلْبِ فَمَا تَخْرُجُ حَتَّى يُقْتَلَ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ قَيْسِ بْنِ (حَبْتَرٍ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ قَالَ إِنْ جَاءَ يَطْلُبُ ثَمَنَ الْكَلْبِ فَامْلَأْ كَفَّهُ تُرَابًا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ (حَدَّثَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ (حَدَّثَنَا) أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْرُوفُ الْجُذَامِيُّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ رَبَاحٍ اللَّخْمِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ ثَمَنُ الْكَلْبِ وَلَا مَهْرُ الْبَغِيِّ وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ وَهَذَا لم روه عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَرَوَى الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ

الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ وَحَدِيثُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا صَحِيفَةٌ وَرِوَايَةُ الْأَعْمَشِ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ ضَعِيفَةٌ كُلَّمَا أُبِيحَ اتِّخَاذُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ فَثَمَنُهُ جَائِزٌ فِي النَّظَرِ إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ مِمَّا لَا مُعَارِضَ (لَهُ) فِيهِ وَلَيْسَ فِي السِّنَّوْرِ شَيْءٌ صَحِيحٌ وَهُوَ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَجَازَ الشَّافِعِيُّ بَيْعَ كُلِّ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ فِي حَيَاتِهِ نَحْوَ الْفَهْدِ وَالْجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةِ حَاشَا الْكَلْبِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ بَيْعُ الْفُهُودِ وَالنُّمُورِ وَالذِّئَابِ إِذَا كَانَتْ تُذَكَّى لِجُلُودِهَا لِأَنَّ مَالِكًا يُجِيزُ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا إِذَا ذُكِّيَتْ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ مَنْ قَتَلَ كَلْبًا أَوْ بَازِيًا فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ (رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ جَعَلَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ الْقِيمَةَ) وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلَهُ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَوْجَبَ فِيهِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَأَوْجَبَ فِي كَلْبِ مَاشِيَةٍ فَرَقًا مِنْ طَعَامٍ وَعَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ أَجَازَ الْكَلْبَ الضَّارِيَ فِي الْمَهْرِ وَجَعَلَ عَلَى قَاتِلِهِ عَشْرًا من الإبل

- قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ أَجَازَ بَيْعَ الْكَلْبِ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ ثُمَّ قَالَ مَا لِي وَلِلْكِلَابِ ثُمَّ رَخَّصَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَكَلْبٍ آخَرَ فَجَعَلُوا نَهْيَهُ فِي ذَلِكَ مَنْسُوخًا بِإِبَاحَتِهِ وَقَالُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ كَلْبَ الصَّيْدِ وَغَيْرَهُ كَانَ مِمَّا أُمِرَ بِقَتْلِهِ فَكَانَ بَيْعُهُ (ذَلِكَ الْوَقْتَ) وَالِانْتِفَاعُ بِهِ حَرَامًا وَكَانَ قَاتِلُهُ مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضِ عَلَيْهِ فَلَمَّا نُسِخَ ذَلِكَ وَأُبِيحُ الِاصْطِيَادُ بِهِ كَانَ كَسَائِرِ الْجَوَارِحِ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ وَزَعَمُوا أَنَّ مِنْ هَذَا الْبَابِ نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كسب الْحَجَّامِ وَقَوْلُهُ إِنَّهُ خَبِيثٌ ثُمَّ لَمَّا أَعْطَى (الْحَجَّامَ) أَجْرَهُ كَانَ نَاسِخًا لِمَنْعِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا القول في كسب الْحَجَّامِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ كِتَابُنَا هَذَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَرَخَّصَ فِي كَلْبِ الزَّرْعِ وَكَلْبِ الصَّيْدِ وَقَالَ إِذَا وَلَغَ (الْكَلْبُ) فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ

وَاعْفُرُوهُ الثَّانِيَةَ بِالتُّرَابِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَافِعًا صَوْتَهُ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ فَكَانَتِ الْكِلَابُ تُقْتَلُ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكِلَابَ الَّتِي أَذِنَ فِي اتِّخَاذِهَا لَمْ يُؤْذَنْ فِي قَتْلِهَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ قَتْلَ الْكِلَابِ (كُلِّهَا) مَنْسُوخٌ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُرْسَلٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ فِيهِ أسوة الغرماء

هكذا هو في جميع الموطئات الَّتِي رَأَيْنَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمِيعُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْنَا مُرْسَلًا إِلَّا عَبْدَ الرَّزَّاقِ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ (عَنْ أَبِي بَكْرٍ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَهُ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ (عَنْ) عَبْدِ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَكَةَ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الْمُبْتَاعُ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنَ الثَّمَنِ شَيْئًا فَإِنْ وَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَوًى الصَّنْعَانِيَّانِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مُسْنَدًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْحُذَامِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبِيرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ

مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا كَمَا فِي الْمُوَطَّإِ لِيَحْيَى وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ قَدْ تَابَعَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ عَلَى إِسْنَادِهِ عَنْ مَالِكٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَيْبَةَ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمُوَطَّإِ مُرْسَلٌ - قَالَ أَبُو عُمَرَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا نَحْوَ الِاخْتِلَافِ عَلَى مَالِكٍ فَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مُرْسَلًا كَمَا) فِي الْمُوَطَّإِ وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا حَدَّثَ بِهِ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بن عياش عن موسى بن عقبة عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ سِلْعَةً فَوَجَدَهَا بِعَيْنِهَا عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ وَلَمْ يَكُنْ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَهِيَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ ذَكَرَهُ بَقِيُّ (بْنُ مَخْلَدٍ) وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ هِشَامٍ هَكَذَا وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ فِيمَا رَوَى عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَرَوَاهُ الزُّبَيْدِيُّ وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ حِمْصِيٌّ يُكَنَّى أَبَا الْهُذَيْلِ عَنِ

الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا كَمَا رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْخَبَائِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْخَبَائِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ فَذَكَرَهُ وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَارُودِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ سِلْعَةً وَأَدْرَكَ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا عِنْدَ رَجُلٍ أَفْلَسَ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا (فَهِيَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَضَاهُ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا) فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فَجَمَعَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدِيثَ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَحَدِيثَ الزُّبَيْدِيِّ جَمِيعًا وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ رِوَايَتَهُ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ بلده وحديثه عنهم مقبول عِنْدَ (أَكْثَرِ) أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَحَدِيثُهُ عَنْ غَيْرِ أَهْلِ بَلَدِهِ فِيهِ تَخْلِيطٌ كَثِيرٌ فَهُمْ لَا يَقْبَلُونَهُ وَفِي رِوَايَةِ الزُّبَيْدِيِّ

بَعْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ قَضَاهُ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ قَالَ وأيما امرىء هلك وعنده متاع امرىء بِعَيْنِهِ اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَقْتَضِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ قَالَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ خَطَأٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنَّمَا يُحْفَظُ لِلزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوبَةَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا الْيَمَانُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا رجل أفلس وعنده مال امرىء بِعَيْنِهِ اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَقْتَضِ مِنْهُ شَيْئًا فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مَحْفُوظًا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ وَإِنَّمَا هُوَ مَعْرُوفٌ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَدْ تَكُونُ رِوَايَةُ مَنْ أَسْنَدَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحِيحَةً لِأَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَرْوِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ

أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ (بْنِ هِشَامٍ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّفْلِيسِ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْمَوْتَ وَلَا حُكْمَهُ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ الْغَرِيمَ فِي الْمَوْتِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ وَجَدَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ وَرَوَى بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ فِي التَّفْلِيسِ وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْمَوْتِ وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ لِأَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَرْوِيهِ غَيْرُهُ فِيمَا عَلِمْتُ وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنِ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ فَوَجَدَ غَرِيمُهُ مَتَاعَهَ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَرَوَى أَيُّوبُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال إذا أَفْلَسَ الرَّجُلُ فَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا دُونَ الْغُرَمَاءِ وَحَدِيثُ التَّفْلِيسِ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ الْحِجَازِيِّينَ (وَالْبَصْرِيِّينَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ ثَابِتٌ وَأَجْمَعَ فُقَهَاءُ

الْحِجَازِيِّينَ) وَأَهْلُ الْأَثَرِ عَلَى الْقَوْلِ بِجُمْلَتِهِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي أَشْيَاءَ مِنْ فُرُوعِهِ وَدَفَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ وَرَدُّوهُ وَهُوَ مِمَّا يُعَدُّ عَلَيْهِمْ مِنَ السُّنَنِ الَّتِي رَدُّوهَا بِغَيْرِ سُنَّةٍ صَارُوا إِلَيْهَا وَأَدْخَلُوا النَّظَرَ حَيْثُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِيهِ وَلَا مَدْخَلَ لِلنَّظَرِ مَعَ صَحِيحِ الْأَثَرِ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ السِّلْعَةَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي وَثَمَنَهَا فِي ذِمَّتِهِ فَغُرَمَاؤُهُ أَحَقُّ بِهَا كَسَائِرِ مَالِهِ وَهَذَا مَا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ لَوْلَا أَنَّ صَاحِبَ الشَّرِيعَةِ جَعَلَ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ إِذَا وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا أَخَذَهَا وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله ورسوله أمرا أن تكون لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا وَلَوْ جَازَ أَنْ تُرَدَّ مِثْلُ هَذِهِ السُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّ الْوَهْمَ وَالْغَلَطَ مُمْكِنٌ فِيهَا لِجَازَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ السُّنَنِ حَتَّى لَا تَبْقَى بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ سُنَّةٌ إِلَّا قَلِيلٌ مِمَّا اجْتُمِعَ عَلَيْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ (ذَكَرَ الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ) قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ كَثِيرًا إِذَا حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ فَيُقَالُ لَهُ وَمَا تَقُولُ أَنْتَ أَوْ رَأْيُكَ فَيَقُولُ مَالِكٌ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (- قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ أَقْبَحِ مَا جَاءَ بِهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ دَعْوَاهُمْ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْوَدَائِعِ وَالْأَمَانَاتِ وَهَذَا تَجْلِيحٌ وَتَصْرِيحٌ بِرَدِّ

السُّنَّةِ بِالرَّأْيِ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابَ قَوْلَهُ مَنْ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الْمُبْتَاعُ فَذَكَرَ البيع من وجوه كثيرة بألفاظ البيع والابتاع لَا بِوَدِيعَةٍ وَلَا بِشَيْءٍ مِنَ الْأَمَانَاتِ وَهَذَا لَا خَفَاءَ بِهِ عَلَى مَنِ اسْتَحْيَى وَنَصَحَ نَفْسَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ (لَا بِأَحَدٍ سِوَاهُ) وَهَذِهِ السُّنَّةُ أَصْلٌ فِي نَفْسِهَا فَلَا سَبِيلَ أَنْ تُرَدَّ إِلَى غَيْرِهَا لِأَنَّ الْأُصُولَ لَا تَنْقَاسُ وَإِنَّمَا تَنْقَاسُ الْفُرُوعُ رَدًّا عَلَى أُصُولِهَا وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَاسْتَعْمَلَهُ وَأَفْتَى بِهِ فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ وَفُقَهَاءُ الشَّامِ وَفُقَهَاءُ الْبَصْرَةِ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَلَا أَعْلَمُ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ سَلَفًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَّا مَا رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيٍّ قَالَ هُوَ فِيهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ إِذَا وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ هُوَ وَالْغُرَمَاءُ فِيهِ شَرْعٌ سَوَاءٌ وَأَحَادِيثُ خِلَاسٍ (عَنْ عَلِيٍّ) يُضَعِّفُونَهَا وَالْوَاجِبُ (كَانَ) عَلَى إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ الرُّجُوعُ إِلَى مَا عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ فَكَيْفَ أَنْ يَتَّبِعَ وَيُقَلِّدَ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْمُفْلِسِ يَأْبَى غُرَمَاؤُهُ دَفْعَ السِّلْعَةِ إِلَى صَاحِبِهَا وَقَدْ وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا وَيُرِيدُونَ دَفْعَ الثَّمَنِ إِلَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ لِمَا لَهُمْ فِي قَبْضِ السِّلْعَةِ مِنَ الْفَضْلِ فَقَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ لَهُمْ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ أَخَذَهَا إِذَا دَفَعَ إِلَيْهِ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ فِي هَذَا مَقَالٌ قَالَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُفْلِسِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ أَخَذَ السِّلْعَةَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ صَاحِبَهَا أَحَقَّ بِهَا مِنْهُمْ فَالْغُرَمَاءُ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْخِيَارُ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ إِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا وَضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِثَمَنِهَا وَبِهَذَا قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ أَيْضًا إِذَا اقْتَضَى صَاحِبُ السِّلْعَةِ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ إِنْ أَحَبَّ صَاحِبُ السِّلْعَةِ أَنْ يَرُدَّ مَا قَبَضَ مِنَ الثَّمَنِ وَيَقْبِضَ سِلْعَتَهُ كَانَ ذلك له وإن أحب أن يخلص الْغُرَمَاءَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ عَبْدَيْنِ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَانْتَقَدَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسِينَ وَبَقِيَتْ على الغريم خمسون ثم أفلس غريمه فوجده عِنْدَهُ بَائِعُ الْعَبْدَيْنِ مِنْهُ أَحَدَ عَبْدَيْهِ بِعَيْنِهِ وفات الآخر فأراد أخذه بالخمسين التي بقيت لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ وَقَالَ الْخَمْسُونَ الَّتِي أَخَذْتُ ثَمَنُ (الْعَبْدِ الذَّاهِبِ وَقَالَ الْغُرَمَاءُ بَلِ الْخَمْسُونَ الَّتِي أَخَذْتَ ثَمَنُ (1)) هَذَا فَقَالَ مَالِكٌ إِنْ كانت قيمة العبدين سواء رد نصف ما اقتضى وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا وَأَخَذَ الْعَبْدَ وَذَلِكَ أنه إنما اقتضى مِنْ ثَمَنِ كُلِّ عَبْدٍ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ إِلَّا مَا اقْتَضَى قَالَ وَلَوْ كَانَ بَاعَهُ عَبْدًا وَاحِدًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَاقْتَضَى مِنْ ثَمَنِهِ خَمْسِينَ دِينَارٍ رَدَّ الْخَمْسِينَ إِنْ أَحَبَّ وَأَخَذَ الْعَبْدَ وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ فِي رَوَايَا الزَّيْتِ وَغَيْرِهَا عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ

وقال الشافعي لو كانت السعلة عَبْدًا فَأَخَذَ نِصْفَ ثَمَنِهِ ثُمَّ أَفْلَسَ الْغَرِيمُ كَانَ لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ بِعَيْنِهِ وَبَيْعُ النِّصْفِ الثَّانِي الَّذِي بَقِيَ لِلْغَرِيمِ لِغُرَمَائِهِ وَلَا يَرُدُّ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ لِأَنَّهُ مُسْتَوْفٍ لِمَا أَخَذَ وَلَوْ زَعَمْتَ أَنَّهُ يَرُدُّ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ جَعَلْتَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ كُلَّهُ لَوْ أَخَذَهُ وَيَأْخُذُ سِلْعَتَهُ وَمَنْ قَالَ هَذَا فَقَدَ خَالَفَ السُّنَّةَ وَالْقِيَاسَ وَقَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ صَاحِبَ الْعَبْدِ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ إِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ سَوَاءً مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ بِعَيْنِهِ عِنْدَ مُعْدَمٍ وَالَّذِي قَبَضَ مِنَ الثَّمَنِ إِنَّمَا هُوَ بَدَلٌ لِمَا فَاتَ إِذَا كَانَتِ الْقِيمَةُ سَوَاءً ثُمَّ يَأْخُذُ عَيْنَ مَالِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِذَا اقْتَضَى مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَسَوَاءٌ كَانَتِ السِّلْعَةُ شَيْئًا وَاحِدًا أَوْ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَحُجَّتُهُ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ فَلَمْ يَقْبِضِ الْبَائِعُ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فَجَعَلَ شَرْطَ كَوْنِهِ أَحَقَّ بِهَا إِذَا لَمْ يَقْبِضْ مِنْ ثَمَنِهَا (شَيْئًا) فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ إِذَا قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا بِخِلَافِ ذَلِكَ وَمَسَائِلُ التَّفْلِيسِ كَثِيرَةٌ وَفُرُوعُهَا جَمَّةٌ نَحْوُ تَغَيُّرِ السِّلْعَةِ عِنْدَهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ وِلَادَةِ الْحَيَوَانِ أَوْ خَلْطِهَا بِغَيْرِهَا أَوِ اخْتِلَافِ سُوقِهَا وَلَيْسَ يَصْلُحُ (بِنَا) فِي

هَذَا الْمَوْضِعِ ذِكْرُهَا وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي الْمُفْلِسِ يَمُوتُ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَقَبْلَ تَوْقِيفِهِ فَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ (حُكْمُ الْفَلَسِ) كَحُكْمِ الْمَوْتِ وَبَائِعُ السِّلْعَةِ إِذَا وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْفَلَسِ وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيهِ النَّصُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَهُوَ قَاطِعٌ لِمَوْضِعِ الْخِلَافِ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ آخَرُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُفْلِسَ يُمْكِنُ أَنْ تَطْرَأَ لَهُ ذِمَّةٌ وَلَيْسَ الْمَيِّتُ كَذَلِكَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمَوْتُ وَالْفَلَسُ سَوَاءٌ وَصَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِهَا إِذَا وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا رواه ابن أبي ذئب (عن) أبي المعتمر عَنْ عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ الزُّرَقِيِّ قَالَ أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فِي صَاحِبٍ لَنَا أَفْلَسَ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ إِذَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَجَعَلَ الشَّافِعِيُّ ذِكْرَ الْمَوْتِ زِيَادَةً مَقْبُولَةً فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ لَا يَقْبَلُهَا لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ذَكَرَ حُكْمَ الْمَوْتِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْفَلَسِ وَزَعَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ هَذَا مُتَّصِلٌ وَذَلِكَ مرسل والمتصل أولى وزعم غيره أن أبا المعتمر الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ بِحَمْلِ الْعِلْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى حَدِيثَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ وغيره

تابع لحرف الميم

ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن عتبة بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيِّ مِنْ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ أَحَدَ عَشَرَ حَدِيثًا مِنْهَا وَاحِدٌ مُرْسَلٌ وَعَشَرَةٌ مُتَّصِلَةٌ مُسْنَدَةٌ قَدْ ذَكَرْنَا نَسَبَ عُبَيْدِ اللَّهِ هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ نَسَبِ جَدِّهِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ ههنا وَعُبَيْدُ اللَّهِ هَذَا يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَانَ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ الْعَشَرَةِ ثُمَّ السَّبْعَةِ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ كَانَتِ الْفَتْوَى تَدُورُ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ عَالِمًا فَاضِلًا مُقَدَّمًا فِي الْفِقْهِ شَاعِرًا مُحْسِنًا لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا فِيمَا عَلِمْتُ فَقِيهٌ أَشْعَرُ مِنْهُ وَلَا شَاعِرٌ أَفْقَهُ مِنْهُ فِي الَّذِينَ لَا عِلْمَ لَهُمْ غَيْرَ الشِّعْرِ وَصِنَاعَتِهِ مَنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ فِيهِ وَلِلزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ الْقَاضِي فِي أَشْعَارِهِ كِتَابٌ مُفْرَدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بن أصبغ حدثنا أحمد ابن زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بن عيينة عن ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ مِنَ الْعِلْمِ شَيْئًا كَثِيرًا حَتَّى ظَنَنْتُ أَنِّي قَدِ اكْتَفَيْتُ فَلَمَّا لَقِيتُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ فَإِذَا لَيْسَ فِي يَدَيَّ مِنَ الْعِلْمِ شَيْءٌ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ مَالِكٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أحمد ابن حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَلْطُفُ بِابْنِ عَبَّاسٍ فَكَانَ يُعِزُّهُ عِزًّا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ قَالَ مُغِيرَةُ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ لَوْ كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ حَيًّا لَهَانَ عَلَيَّ مَا أَنَا فِيهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ أَدْرَكْتُ أَرْبَعَةَ بُحُورٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَحَدُهُمْ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ لَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ

تَفَرَّسَ فِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَكَانَ يُحَدِّثُهُ الْحَدِيثَ وَيَقُولُ لَهُ أَنَا أُحَدِّثُكَ لَعَلَّ اللَّهَ يَنْفَعُكَ بِهِ يَوْمًا (مَا) فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ الْخِلَافَةَ كَانَ يَقُولُ وَدِدْتُ أَنَّ لِي مَجْلِسًا مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بِدِيَةٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن زيد ابن جُدْعَانَ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ مَا أَصَبْتُ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مِثْلَ مَا أَصَبْتُ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ فَلَيْتَ لِي الْيَوْمَ مَجْلِسًا مِنْهُ بِدِيَةٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ ابن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ مَا سَمِعْتُ بِحَدِيثٍ قَطُّ فَأَشَاءُ أَنْ أَعِيَهُ إِلَّا وَعَيْتُهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ وَزَادَ قَالَ يَعْقُوبُ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَوْ كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ حَيًّا مَا صَدَرْتُ إِلَّا عَنْ رَأْيِهِ وَلَوَدِدْتُ أَنَّ عَلَيَّ بِيَوْمٍ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ غُرْمًا قَالَ ذَلِكَ فِي خِلَافَتِهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ صَحِبْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَمَا رَأَيْتُ أَعْرَبَ حَدِيثًا مِنْهُ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ قِيلَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ تَقُولُ الشِّعْرَ وَأَنْتَ فَقِيهٌ قَالَ هَلْ يَسْتَطِيعُ الَّذِي بِهِ الصَّدْرُ إِلَّا أَنْ يَنْفُثَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيُّ حدثنا أبو عبد الرحمان الْقَاسِمُ بْنُ حُبَيْشِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرْدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْفِهْرِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَعْقُوبَ التيمي عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمَتِ امْرَأَةٌ مِنْ هُذَيْلٍ مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ الْمَدِينَةَ وَكَانَتْ جَمِيلَةً فَخَطَبَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ وَكَانَ مَعَهَا بُنَيٌّ لَهَا فَبَلَغَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ امْتِنَاعُهَا فَعَرَّضَ لِلْقَوْمِ فَقَالَ أُحِبُّكِ حُبًّا لَا يُحِبُّكِ مِثْلَهُ ... قَرِيبٌ وَلَا فِي الْعَاشِقِينَ بِعِيدُ ... أُحِبُّكِ حُبًّا لَوْ شَعَرْتِ بِبَعْضِهِ ... ... لَجُدْتِ وَلَمْ يَصْعُبْ عَلَيْكِ شَدِيدُ ... وَحُبُّكِ يَا أُمَّ الصَّبِيِّ مُدَلِّهِي ... ... شَهِيدِي أَبُو بَكْرٍ فَنِعْمَ شهيد

وَيَعْلَمُ مَا أَخْفَى سُلَيْمَانُ عِلْمَهُ ... وَخَارِجَةُ يُبْدِي بِنَا وَيُعِيدُ ... ... مَتَى تَسْأَلِي عَمَّا أَقُولُ فَتُخْبَرِي ... ... فَلِلْحُبِّ عِنْدِي طَارِفٌ وَتَلِيدُ ... وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَعْقُوبَ التيمي عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمَتِ امْرَأَةٌ الْمَدِينَةَ مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ وَكَانَتْ مِنْ هُذَيْلٍ وَكَانَتْ جَمِيلَةً فَرَغِبَ النَّاسُ فِيهَا فَخَطَبُوهَا وَكَادَتْ تُذْهِبُ بِعُقُولِ أَكْثَرِهِمْ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِيهَا أُحِبُّكِ حُبًّا فَذَكَرَ الْأَبْيَاتَ سَوَاءً إِلَى آخِرِهَا وَزَادَ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ أَمِنْتَ أَنْ تَسْأَلَنَا وَمَا رَجَوْتَ إِنْ سَأَلَتْنَا أَنْ نَشْهَدَ لَكَ بِزُورٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ أَبَا بكر بن عبد الرحمان بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وَخَارِجَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَهَؤُلَاءِ السِّتَّةُ هُمْ فُقَهَاءُ وَقْتِهِمْ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ سَابِعُهُمْ

وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْمَعْرُوفُ بِوَكِيعٍ صَاحِبُ التَّارِيخِ وَالْأَخْبَارِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَيَّانَ الطَّائِيُّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيسَ يَقُولُ كَانَ عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ يَتَجَالَسُونَ بِالْمَدِينَةِ زَمَانًا ثُمَّ إِنَّ ابْنَ حَزْمٍ صَارَ إِلَى الإمارة فمرا بعبيد الله ولم يسلما يَقِفَا بِهِ وَكَانَ ضَرِيرًا فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ فَأَنْشَأَ يَقُولُ ... أَلَا أَبْلِغَا عَنِّي عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ ... وَلَا تَدَعَا أَنْ تُثَنِّيَا بِأَبِي بَكْرِ ... ... لَقَدْ جَعَلَتْ تَبْدُو شَوَاكِلُ مِنْكُمَا ... كَأَنَّكُمَا بِي مُوقَرَانِ مِنَ الصَّخْرِ ... ... فَكَيْفَ تُرِيدَانِ ابْنَ سِتِّينَ حِجَّةً ... عَلَى مَا أَتَى وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ أَوْ عشر ... ... فما تُرَابَ الْأَرْضِ مِنْهَا خُلِقْتُمَا ... وَفِيهَا الْمَعَادُ وَالْمَصِيرُ إِلَى الْحَشْرِ ... ... وَلَا تَعْجَبَا أَنْ تُؤْتَيَا وَتُكَلَّمَا ... فَمَا خَشِيَ الْأَقْوَامُ شَرًّا مِنَ الْكِبْرِ ... ... لَقَدْ علقت دلوا كما دَلْوَ حُوِّلَ ... مِنَ الْقَوْمِ لَا وَغْلَ الْمِرَاسِ وَلَا مُزْرِ ... ... فَطَاوَعْتُمَا بِي عَاذِلًا ذَا مُعَاكَسَةٍ ... لَعَمْرِي لَقَدْ أَوْرَى وَمَا مِثْلُهُ يُورِي ... ... فَلَوْلَا اتِّقَاءُ اللَّهِ مِنْ قِيلٍ فِيكُمَا ... لَلُمْتُكُمَا لَوْمًا أَحَرَّ مِنَ الْجَمْرِ ... يُقَالُ أَوَرَى عَلَيْهِ صَدْرُهُ بِالْحِقْدِ وَهِيَ أَبْيَاتٌ أَكْثَرُ مِنْ هَذِهِ مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا كُلَّهَا لَهُ فِي أَبِي بَكْرِ بن حزم وعراك بن ملك ومنهم من

يجعل منهما أَرْبَعَةَ أَبْيَاتٍ أَوْ خَمْسَةً فِي عُمَرَ بْنِ عبد العزيز وعبد الله ابن عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ كَذَلِكَ ذَكَرَهَا أَبُو زَيْدٍ عمر بن شبة عن إبراهيم ابن الْمُنْذِرِ وَقَالَ إِنَّمَا أُدْخِلَتْ مَعَهَا لِاتِّفَاقِ الْقَافِيَةِ وَإِنَّهَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَتَيْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَوْمًا فَوَجَدْتُهُ يَنْفُخُ وَهُوَ مُغْتَاظٌ فقلت مالك فقال جئت أميركم انفك! يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وعلى عبد الله ابن عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ فَلَمْ يَرُدَّا عَلَيَّ فَقُلْتُ ... ! فَمُسَّا تُرَابَ الْأَرْضِ مِنْهَا خُلِقْتُمَا ... وَفِيهَا الْمَعَادُ وَالْمَصِيرُ إِلَى الْحَشْرِ ... وَلَا تَأْنَفَا أَنْ تُؤْتَيَا فَتُكَلَّمَا ... ... فَمَا خَشِيَ الْأَقْوَامُ شَرًّا مِنَ الْكِبْرِ ... فَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَلْقَى عَدُوًّا وَطَاعِنًا ... ... لَلَاقَيْتُهُ أو قال عندي في السر ... فإن أنا لَمْ آمُرْ وَلَمْ أَنْهَ عَنْكُمَا ... ضَحِكْتُ لَهُ حَتَّى يَلِجَّ وَيَسْتَشْرِي ... قَالَ فَقُلْتُ لَهُ تَقُولُ الشِّعْرَ فِي فَضْلِكَ وَنُسُكِكَ فَقَالَ إِنَّ الْمَصْدُورَ إذا نفث برأ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا فِي خَبَرِ وَكِيعٍ أَبُو بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَهُوَ غَلَطٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ لَمْ تَكُنْ إِلَّا فِي إِمَارَةِ عُمَرَ لَا فِي خِلَافَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ فِي قَوْلِهِ وَلَا تَدَعَا أَنْ تُثَنِّيَا بِأَبِي بَكْرِ هُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ

وَمَا ذَكَرَهُ أَيْضًا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي خَبَرِهِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ مَرَّ بِعُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمَا فَلَمْ يَرُدَّا عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابن زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدِ بن جارست عن عبد الرحمان بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أنه جاء إلى عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ فِي إِمْرَتِهِ قَالَ وكان عمر يجله إجلالا شديدا فرده الحاحب وَكَانَ عِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ مُخْتَلِيًا بِهِ قَالَ فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللَّهِ غَضْبَانَ وَكَانَ فِي صَلَاحِهِ رُبَّمَا قَالَ الْأَبْيَاتَ فَأُخْبِرَ عُمَرُ بِأَبْيَاتِهِ فَبَعَثَ أَبَا بَكْرِ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَعِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ يَعْذُرَانِهِ عِنْدَهُ وَيَقُولَانِ إِنَّ عُمَرَ يُقْسِمُ بِاللَّهِ مَا عَلِمَ بِإِتْيَانِكَ وَلَا بِرَدِّ الْحَاجِبِ إِيَّاكَ فَقَالَ لِعَمْرٍو وَصَاحِبِهِ ... أَلَا أَبْلِغَا عَنِّي عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ ... وَلَا تَدَعَا أَنْ تُثَنِّيَا بِأَبِي بَكْرِ ... قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ فَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ أَنْشَدَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ وَابْنُ أَبِي الزناد لعبيد الله ابن عَبْدِ اللَّهِ يُعَاتِبُ رَجُلَيْنِ مَرَّا بِهِ ... أَلَا أَبْلِغَا عَنِّي عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ ... وَلَا تَدَعَا أَنْ تُثَنِّيَا بِأَبِي بَكْرِ ... فَذَكَرَ الْأَبْيَاتَ كَمَا تَقَدَّمَ نَسَقًا حَرْفًا بِحَرْفٍ وَزَادَ

وَلَوْ شِئْتُ أَدْلَى فِيكُمَا غَيْرُ وَاحِدٍ ... عَلَانِيَةً أو قال عندي في السر ... فإن أنا لَمْ آمُرْ وَلَمْ أَنْهَ عَنْكُمَا ... ... ضَحِكْتُ لَهُ حتى! يلح وَيَسْتَشْرِي ... قَالَ أَبُو عُمَرَ أَشْعَارُهُ كَثِيرَةٌ جِدًّا فِي غَيْرِ مَا مَعْنًى مِنْهَا فِي الْغَزَلِ بِزَوْجَتِهِ عَثْمَةَ أَظُنُّ أَكْثَرَهُ بَعْدَ طَلَاقِهِ إِيَّاهَا ذَكَرَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَ أَبْيَاتُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الَّتِي أَوَّلُهَا ... لَعَمْرِي لَئِنْ شَطَّتْ بِعَثْمَةَ دَارُهَا ... لَقَدْ كِدْتُ مِنْ وَشْكِ الْفِرَاقِ أُلِيحُ ... أَرُوحُ بِهَمٍّ ثُمَّ أَغْدُو بِمِثْلِهِ ... ... وَيُحْسَبُ أَنِّي فِي الثِّيَابِ صَحِيحُ ... ... قَالَهَا فِي زَوْجَةٍ كَانَتْ لَهُ تُسَمَّى عَثْمَةَ عَتَبَ عَلَيْهَا فِي بَعْضِ الْأَمْرِ فَطَلَّقَهَا وَلَهُ فِيهَا أَشْعَارٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا قَوْلُهُ ... ... كَتَمْتَ الْهَوَى حَتَّى أَضَرَّ بِكَ الْكَتْمُ ... ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ قَالَ أَنْشَدَنِي خَالِيَ يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عتبة

كتمت الهوى حتى أضربك الْكَتْمُ ... وَلَامَكَ أَقْوَامٌ وَلَوْمُهُمُ ظُلْمُ ... وَنَمَّ عَلَيْكَ الْكَاشِحُونَ وَقَبْلَهُمْ ... ... عَلَيْكَ الْهَوَى قَدْ نَمَّ لَوْ يَنْفَعُ النَّمُّ ... وَزَادَكَ إِغْرَاءً بِهَا طُولُ هَجْرِهَا ... ... قَدِيمًا وَأَبْلَى لَحْمَ أَعْظُمِكَ الْهَمُّ ... وَأَصْبَحْتَ كَالْهِنْدِيِّ إِذْ مَاتَ حَسْرَةً ... ... عَلَى إِثْرِ هِنْدٍ أَوْ كَمَنْ سُقِيَ السُّمُّ ... أَلَا مَنْ لِنَفْسٍ لَا تَمُوتُ فَيَنْقَضِي ... ... عَنَاهَا وَلَا تَحْيَا حَيَاةً لَهَا طَعْمُ ... تَجَنَّيْتَ إِتْيَانَ الْحَبِيبِ تَأَثُّمًا ... ... أَلَا إِنَّ هِجْرَانَ الْحَبِيبِ هُوَ الْإِثْمُ ... فَذُقْ هَجْرَهَا قَدْ كنت تزعم أنه ... ... رشاد ألا يازاعما كَذَبَ الزَّعْمُ ... وَمِنْ أَشْعَارِهِ فِي عَثْمَةَ ... ... عَفَتْ أَطْلَالُ عَثْمَةَ بِالْغَمِيمِ ... فَأَضْحَتْ وَهْيَ مُوحِشَةُ الرُّسُومِ ... ... وَهِيَ أَبْيَاتٌ ذَوَاتُ عَدَدٍ وَفِيهَا يَقُولُ أَيْضًا ... تَغَلْغَلَ حُبُّ عَثْمَةَ فِي فُؤَادِي ... ... فَبَادِيهِ مَعَ الْخَافِي يَسِيرُ ... تَغَلْغَلَ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ سَرَابٌ ... ... وَلَا حُزْنٌ وَلَمْ يَبْلُغْ سُرُورُ ... أَكَادُ إِذَا ذَكَرْتُ الْعَهْدَ مِنْهَا ... أَطِيرُ لَوَ انَّ إِنْسَانًا يَطِيرُ ... وَهِيَ أَبْيَاتٌ أَيْضًا ذَوَاتُ عَدَدٍ أَنْشَدَهَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ لَهُ تَقُولُ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ فِي اللَّدُودِ رَاحَةُ الْمَفْئُودِ

وَهُوَ الْقَائِلُ أَيْضًا فِي قِصَّةٍ جَرَتْ بَيْنَ عمر بن عبد العزيز وعروة ابن الزُّبَيْرِ وَهِيَ أَبْيَاتٌ مِنْهَا ... وَمَا الْحَقُّ أَنْ تَهْوَى فَتُسْعَفَ فِي الَّذِي ... هَوِيتَ إِذَا مَا كَانَ لَيْسَ بِأَعْدَلِ ... أَبَى اللَّهُ وَالْأَحْسَابُ أَنْ يَحْمِلَ الْقَذَى ... ... جُفُونُ عُيُونٍ بِالْقَذَى لَمْ تُوَكَّلِ ... وَمِنْ شِعْرِهِ أَيْضًا يُخَاطِبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ... ... أَبِنْ لِي فَكُنْ مِثْلِي أَوِ ابْتَغِ صَاحِبًا ... كَمِثْلِكَ إِنِّي مُبْتَغٍ صَاحِبًا مِثْلِي ... ... عَزِيزٌ إِخَائِي مَا يَنَالُ مَوَدَّتِي مِنَ النَّاسِ إِلَّا مُسْلِمٌ كَامِلُ الْعَقْلِ ... وَمَا يَلْبَثُ الْإِخْوَانُ أَنْ يَتَفَرَّقُوا ... إِذَا لَمْ يُؤَلَّفْ رُوحُ شَكْلٍ إِلَى شَكْلِ ... وَهِيَ أَبْيَاتٌ كَثِيرَةٌ وَمِنْ قَوْلِهِ أَيْضًا يُخَاطِبُ ابْنَ شِهَابٍ ... إِذَا شِئْتَ أَنْ تَلْقَى خَلِيلًا مُصَافِيًا ... لَقِيتَ وَإِخْوَانُ الثِّقَاتِ قَلِيلُ ... وَمِنْ جَيِّدِ شِعْرِهِ أَيْضًا قَوْلُهُ ... ... أَعَاذِلُ عَاجِلُ مَا أَشْتَهِي ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الرَّائِثِ ... ... سَأُنْفِقُ مَالِيَ فِي حَقِّهِ ... وَأُوثِرُ نَفْسِي عَلَى الْوَارِثِ

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَيْضًا ... إِذَا كَانَ لِي سِرٌّ فَحَدَّثْتُهُ الْعِدَا ... ... وَضَاقَ بِهِ صَدْرِي فَلَلنَّاسُ أَعْذَرُ ... ... هُوَ السِّرُّ مَا اسْتَوْدَعْتُهُ وَكَتَمْتُهُ ... وَلَيْسَ! حين! يشو! الطير حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حَمْزَةَ أَبِي عِمَارَةَ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله مالك وَلِلشِّعْرِ فَقَالَ وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَصْدُورُ إِلَّا أَنْ يَنْفُثَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ مَاتَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ ومائة ويقال سنة تسع وتسعين وقال أَبُو عُمَرَ وَقَدْ قِيلَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ قاله الواقدي

الحديث الأول

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلَامَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْتُ وَأَرْسَلْتُ الْأَتَانَ تَرْتَعُ وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَالَ فِيهِ الْوَاقِدِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَنَا قَدْ رَاهَقْتُ الِاحْتِلَامَ وَقَالَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَلَمْ يَقُلْ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ جِئْتُ أَنَا وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ يَوْمَ عَرَفَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي

بِالنَّاسِ وَنَحْنُ عَلَى أَتَانٍ لَنَا فَمَرَرْنَا بِبَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْنَا عَنْهَا وَتَرَكْنَاهَا تَرْتَعُ فَلَمْ يَقُلْ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي إِذَا كَانَ وَرَاءَ الْإِمَامِ لَا يَضُرُّ الْمُصَلِّيَ وَلَا حَرَجَ فِيهِ عَلَى المار أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ حُكْمِ السُّتْرَةِ وَحُكْمِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي وَأَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَقْطَعُهَا شَيْءٌ وَمَضَى هُنَاكَ مِنَ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ مَا فِيهِ غِنًى وَكِفَايَةٌ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هَاهُنَا وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ فَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ مَرَّ وَرَاءَهُ بَيْنَ أَيْدِي الصُّفُوفِ وَقَدِ اسْتَدَلَّ قَوْمٌ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحِمَارَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ مُرُورُهُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي وَرَدُّوا بِهِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْحِمَارَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَانْفَصَلَ مِنْهُمْ مُخَالِفُهُمْ بِأَنَّ مُرُورَ الْأَتَانِ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ بَيْنَ يَدَيِ الصَّفِّ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ هَذِهِ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا بِلَفْظٍ هُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ أَخْبَرَنَا إبراهيم بن شاكر حدثنا محمد ابن أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَتَيْتُ أَنَا وَالْفَضْلُ عَلَى أَتَانٍ فَمَرَرْنَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ وَفِيهِ إِجَازَةُ شَهَادَةِ مَنْ عَلِمَ الشَّيْءَ صَغِيرًا وَأَدَّاهُ كَبِيرًا وَهُوَ أَمْرٌ لَا خِلَافَ فِيهِ وَقِيَاسُهُ الْعَبْدُ يَشْهَدُ فِي عُبُودِيَّتِهِ عَلَى مَا يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ فِيهِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ وَالْفَاسِقُ إِذَا أَدَّاهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي حَالٍ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ وَهَذَا كُلُّهُ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي هَؤُلَاءِ لَوْ شَهِدُوا بِهَا فَرُدَّتْ لِأَحْوَالِهِمُ النَّاقِصَةِ ثُمَّ شَهِدُوا بِهَا فِي حَالِ تَمَامِ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا قَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا فَقَالَتْ يَا بني لقد أذكرتني بقرائتك هَذِهِ السُّورَةَ إِنَّهَا لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ أُمُّ الْفَضْلِ هَذِهِ هِيَ أُمُّ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاسْمُهَا لُبَابَةُ تُكْنَى أُمَّ الفضل بابنها الفضل ابن عَبَّاسٍ وَهِيَ أُخْتُ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَتَيْنَا مِنْ نَسَبِهَا وَأَحْوَالِهَا فِي كِتَابِ النِّسَاءِ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ فِيهَا تَوْقِيتٌ وَأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالْمُرْسَلَاتِ وَمِثْلِهَا جَائِزٌ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَمَا يَجِبُ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهَا فِي أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِذَلِكَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

حدثني خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْإِمَامُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتْ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ فِي مَرَضِهِ مُتَوَشِّحًا فِي ثوب المغرب فقرا بالمرسلات عُرْفًا فَلَمْ يُصَلِّ صَلَاةً بَعْدَهَا حَتَّى قُبِضَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ لَمْ تَقْضِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْضِهِ عَنْهَا لَيْسَ عَنْ مَالِكٍ وَلَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ اخْتِلَافٌ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَاثِقِ بِاللَّهِ حدثنا عبد الله ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ سَعْدًا

قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَنْفَعُ أُمِّي أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا وَقَدْ مَاتَتْ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا تَأْمُرُنِي قَالَ اسْقِ الْمَاءَ قَالَ ابْنُ مَنِيعٍ الصَّحِيحُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ حَدِيثُ النَّذْرِ وحماد ابن خَالِدٍ ثِقَةٌ وَلَكِنَّهُ كَانَ أُمِّيًّا قَالَ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ لَا أَعْلَمُ رَوَى هَذَا غَيْرَ شُجَاعِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَ بِهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أُمِّي هَلَكَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ لَمْ تَقْضِهِ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ وَرَوَى عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ بكر ابن وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي النَّذْرِ وَفِي حُكْمِهِ فَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ كُلُّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ وَتُوُفِّيَ وَلَمْ يَقْضِهِ كَانَ عَلَى أَقْعَدِ أَوْلِيَائِهِ قَضَاؤُهُ عَنْهُ وَاجِبًا بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي بَدَنٍ أَوْ مَالٍ وَقَالَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى وَلِيِّهِ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهِ وَمَحْمَلُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ عَلَى النَّدْبِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ وَاخْتَلَفُوا فِي النذر الذي كان على أم سعد بن عُبَادَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ كَانَ ذَلِكَ صِيَامًا نَذَرَتْهُ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْهَا وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ بِحَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمٌ أَفَأَصُومُ عَنْهَا فَقَالَ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْتَ تَقْضِيهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْأَعْمَشِ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ فَقَالَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاتِهِ عَنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ أُخْتِي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صِيَامٌ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا إِنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمٌ وَفِي هَذَا ما

يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ وَأَنَّ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ فِيهِ لَيْسَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُضْطَرِبٌ وَقَدْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُفْتِي بِخِلَافِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ عَنْهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا احمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الْأَحْوَلُ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَكِنْ يُطْعِمُ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ مِنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ نَذْرِهِ وَقَدْ كَانَ قَادِرًا عَلَى صِيَامِهِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَلَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْإِطْعَامَ فِي ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى الْمَيِّتِ وَغَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْوَرَثَةِ وَإِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ الْمَيِّتُ كَانَ فِي ثُلُثِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ أَمْكَنَهُ الْقَضَاءُ فَلَمْ يَفْعَلْ أَطْعَمَ عَنْهُ وَرَثَتُهُ فِي النَّذْرِ وَفِي قَضَاءِ رَمَضَانَ جَمِيعًا وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يُطْعِمُ عَنْهُ صَامَ عَنْهُ

وَلِيُّهُ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمُ الْإِطْعَامُ دُونَ الصِّيَامِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَابْنُ عُلَيَّةَ (أَنْ لَا يَصُومَ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَالْإِطْعَامُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ) وَابْنِ عُلَيَّةَ وَاجِبٌ فِي رَأْسِ مَالِهِ أَوْصَى بِهِ أو لم يوص وقال الليث ابن سَعْدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ فِي النَّذْرِ وَيُطْعِمُ عَنْهُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ وَالْإِطْعَامُ عِنْدَهُمْ وَاجِبٌ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَفِي النَّذْرِ جَمِيعًا وَحُجَّةُ أَبِي ثَوْرٍ حَدِيثِ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ (بْنِ جَعْفَرِ (بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مثله لَمْ يَخُصَّ نَذْرًا مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ

وَاحْتَجَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ النَّذْرِ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ بِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ يُطْعَمُ عَنْهُ وَفِي النَّذْرِ يُصَامُ عَنْهُ وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ وَهُوَ أعمل بِتَأْوِيلِهِ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ لَا يُصَامُ عَنْهُ فِي وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ بِمَا قَدَّمْنَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ مُطْلَقًا وَبِمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرحمان بْنِ ثَوْبَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِمَا جَمِيعًا الْإِطْعَامُ وَفِي فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسٍ بِخِلَافِهِ مَا يُوهِنُهُ عِنْدَ الْكُوفِيِّ وَالْمَدَنِيِّ قَالُوا لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ عَنْهُ أَوْ عِنْدَهُ لَمْ يُخَالِفْهُ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَائِشَةَ سَوَاءً لِأَنَّهَا أَفَتَتْ بِخِلَافِهِ رَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رَفِيعٍ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا عَمْرَةُ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ قَوْلِهَا يُطْعَمُ عَنْهُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَلَا يُصَامُ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنْ لَا يُصَلِّيَ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَالصَّوْمُ فِي الْقِيَاسِ مِثْلُهُ فَإِنِ ادَّعَوْا فِيهِ أَثَرًا عُورِضُوا بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ عِلَلِ الْأَثَرِ فِي ذَلِكَ وَلَا أَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ هذين الوجهين والله أعمل وَأَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ فِي مِثْلِ هَذَا الْأَصْلِ فَالْمَصِيرُ إِلَى الْمُسْنَدِ عِنْدَهُمْ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الصَّاحِبِ وَفَتْوَاهُ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ مَا رَوَاهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ وَهَذَا الْأَصْلُ قَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ النَّذْرَ الَّذِي كَانَ عَلَى أُمِّ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَانَ عِتْقًا وَكُلُّ مَا كَانَ فِي مَالِ الْإِنْسَانِ وَاجِبًا فَجَائِزٌ أَنْ يُؤَدِّيَهُ عَنْهُ

غَيْرُهُ وَاسْتَدَلَّ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ بِحَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أُمِّي هَلَكَتْ فَهَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا فقال رسول الله صلى الله نَعَمْ قَالَ فَهَذَا تَفْسِيرُ النَّذْرِ الْمُجْمَلِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِهِ وَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ إِنَّ النَّذْرَ الَّذِي كَانَ عَلَى أُمِّ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَانَ صَدَقَةً وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ آثَارًا قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا وَأَكْثَرُهَا فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَفِي بَابِ عبد الرحمان ابن أَبِي عَمْرَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ كَانَ نَذْرًا مُطْلَقًا عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ نَذْرًا هَكَذَا مُجْمَلًا مُبْهَمًا فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ وابن عباس وجابر ابن عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لَيْسَ لِلنَّذْرِ إِلَّا الْوَفَاءُ بِهِ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِثْلُ ذَلِكَ وَهَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا قَدْ سُمِّيَ مِنَ النَّذْرِ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي معشر عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ النَّذْرِ فَقَالَ أَفْضَلُ الْأَيْمَانِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَالَّتِي تَلِيهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَالَّتِي تَلِيهَا يَقُولُ الرَّقَبَةُ وَالْكُسْوَةُ فَالطَّعَامُ

وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ النَّذْرُ إِذَا لَمْ يُسَمِّهِ صَاحِبُهُ فَهُوَ أَغْلَظُ الْأَيْمَانِ وَلَهُ أَغْلَظُ الْكَفَّارَةِ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَمْ يَقُلْ مُغَلَّظَةٌ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَائِشَةَ مِثْلُهُ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ الْيَمِينُ الْمُغَلَّظَةُ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ إِنِّي لَأَعْجَبُ مِمَّنْ يَقُولُ إِنَّ النَّذْرَ يَمِينٌ مُغَلَّظَةٌ قَالَ الشَّعْبِيُّ يَجْزِيهِ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ وَقَالَهُ الْحَسَنُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ فِي النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وقال قال إِبْرَاهِيمُ يُجْزِئُهُ مِنَ النَّذْرِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَوَاءٌ قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ هِيَ يَمِينٌ

وَعَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ النَّذْرُ يَمِينٌ وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ مَا قَوْلُ النَّاسِ عَلَيَّ نَذْرٌ لِلَّهِ قَالَ يَمِينٌ فَإِنْ سَمَّى نَذْرًا فَهُوَ مَا سَمَّى قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الشَّعْثَاءِ يَقُولُ إِنْ نَذَرَ الرَّجُلُ لَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا فَهُوَ يَمِينٌ مَا لَمْ يُسَمِّ النَّذْرَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ والفقهاء

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ فَقَالَ انْزِعُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ فَجَوَّدَ إِسْنَادَهُ وَأَتْقَنَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ من الحفاظ منهم عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَزَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ وَأَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَزِيَادُ بْنُ يُونُسَ وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وسعيد بن داود الزبيري وإسحاق ين عِيسَى الطَّبَّاعُ وَعُبَيْدُ بْنُ حَيَّانَ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَرْوُونَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ مَيْمُونَةَ لَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عَبَّاسٍ

هَكَذَا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى وَأَبُو الطَّاهِرِ وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ وَالتِّنِّيسِيُّ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَمَعْنُ ابن عِيسَى وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَأَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ كُلُّ هَؤُلَاءِ رَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرُوا مَيْمُونَةَ وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَجُوَيْرِيَّةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ اسْتَفْتَتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْطُوعًا وَهَذَا اضْطِرَابٌ شَدِيدٌ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالصَّوَابُ فِيهِ مَا قَالَهُ يَحْيَى وَمَنْ تَابَعَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ فَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ كَمَا رَوَى يَحْيَى وَعَنْهُ مَعْمَرٌ خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادٌ آخَرُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ إِنْ كَانَ جَامِدًا فَخُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَأَلْقُوهُ

قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ وَقَالَ عَنْهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ يَزِيدَ وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا أَوْ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ أَوْ قَالَ انْتَفِعُوا بِهِ وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ مَيْمُونَةَ بِنَحْوِ حَدِيثِ مَالِكٍ وَتَابَعَهُ على هذا الإسناد عبد الرحمان ابن إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ يَذْكُرْ مَيْمُونَةَ وَرَوَاهُ عقيل عن ابن شهاب عن عبيد اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم اسْتُفْتِيَ فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ مَقْطُوعًا لَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عَبَّاسٍ وَلَا مَيْمُونَةَ وَالصَّحِيحُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى وَمَنْ تَابَعَهُ كَمَا ذَكَرْنَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ وَحَدِيثُ مَعْمَرٍ أيضا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْفُوظٌ قَالَ وَالطَّرِيقَانِ عِنْدَنَا مَحْفُوظَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ وَصَوَابُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَرَوَاهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي وَدَكٍ لَهُمْ قَالَ وَهَذَا الْإِسْنَادُ عِنْدَنَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَهُوَ خَطَأٌ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ سَالِمٍ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ ضَعِيفٌ جِدًّا قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ ابْنُ عُمَرَ هَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ عن عبد الجبار ابن عُمَرَ بِإِسْنَادِهِ هَذَا فَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنُ عُيَيْنَةَ لهذا الحديث فحدثنا سعيد ابن نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْديُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوا هَذَا مِثْلُ إِسْنَادِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الحديث سواء

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ الْبُرُلُّسِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَسُفْيَانَ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابن عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا يونس ابن عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ حَدَّثَنِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَأَلْقُوهُ وَأَمَّا رِوَايَةُ مَعْمَرٍ فَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ إِنْ كَانَ جَامِدًا فَخُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَأَلْقُوهُ وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُومِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَهَذَا لَفْظُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ فَإِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهُ وَمَا حَوْلَهَا وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ قَالَ الْحَسَنُ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَرُبَّمَا حَدَّثَ بِهِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال حدثنا عبد الرحمان بْنُ بُوذَوَيْهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ هَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ وَقَالَ فِيهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَعْمَرٍ أَيْضًا بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا أَوْ قَالَ مَائِعًا لَمْ يُؤْكَلْ هَذِهِ رِوَايَةُ مُسَدَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا بَكْرٌ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن

فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ إِنْ كَانَ جَامِدًا أُلْقِيَتْ وَمَا حَوْلَهَا وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا أَوْ مَائِعًا لَمْ يُؤْكَلْ وَغَيْرُ مُسَدَّدٍ يَقُولُ فِيهِ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ مَعْمَرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَانْتَفِعُوا بِهِ وَاسْتَصْبِحُوا وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ فِي ذَلِكَ سَوَاءً وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ لَمْ يُؤْكَلْ فِي رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ عَلَى تَخْصِيصِ الْأَكْلِ كَأَنَّهُ قَالَ لَمْ يُؤْكَلْ وَلَكِنَّهُ يُسْتَصْبَحُ بِهِ وَيُنْتَفَعُ فَلَا تَتَعَارَضُ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا عَبْدُ الْأَعْلَى فَرَوَاهُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ في سمن فأمر بها أن تؤخد وَمَا حَوْلَهَا فَتُطْرَحَ هَكَذَا قَالَ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْمَائِعِ بِشَيْءٍ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ لَيْسَ عِنْدَهُ عَنْ مَعْمَرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا هَذَا الإسناد عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال أخبرنا عبد الرحمان بْنُ بَوْذَوَيْهِ وَكَانَ مِنْ مُثْبِتِيهِمْ أَنَّ مَعْمَرًا كَانَ يَرْوِيهِ أَيْضًا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَمِمَّا يُصَحِّحُ حَدِيثَ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَالِحٍ حَدَّثَنِي

قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَقَدْ وَجَدْنَا ذِكْرَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فَالْحَدِيثَانِ مَحْفُوظَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَانٍ مِنَ الْفِقْهِ مِنْهَا مَا اجْتُمِعَ عَلَيْهِ وَمِنْهَا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ فَأَمَّا مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْفَأْرَةَ وَمِثْلَهَا مِنَ الْحَيَوَانِ كُلِّهِ يَمُوتُ فِي سَمْنٍ جَامِدٍ أَوْ مَا كَانَ مِثْلَهُ مِنَ الْجَامِدَاتِ أَنَّهَا تُطْرَحُ وَمَا حَوْلَهَا مِنْ ذَلِكَ الْجَامِدِ وَيُؤْكَلُ سَائِرُهُ إِذَا اسْتُيْقِنَ أَنَّهُ لَمْ تَصِلِ الْمَيْتَةُ إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّ السَّمْنَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ إِذَا كَانَ مَائِعًا ذَائِبًا فَمَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ أَوْ وَقَعَتْ وَهِيَ ميتة أنه قد نجس كُلُّهُ وَسَوَاءٌ وَقَعَتْ فِيهِ مَيِّتَةً أَوْ حَيَّةً فَمَاتَتْ يَتَنَجَّسُ بِذَلِكَ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَجَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ شَذَّ قَوْمٌ فَجَعَلُوا الْمَائِعَ كُلَّهُ كَالْمَاءِ وَلَا وَجْهَ لِلِاشْتِغَالِ بِشُذُوذِهِمْ فِي ذَلِكَ وَلَا هُمْ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ يُعَدُّ خِلَافًا وَسَلَكَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ سَبِيلَهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَّا فِي السَّمْنِ الْجَامِدِ وَالذَّائِبِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ بِظَاهِرِ حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ وَخَالَفَ مَعْنَاهُ فِي الْعَسَلِ وَالْخَلِّ وَالْمُرِّيِّ وَالزَّيْتِ

وَسَائِرِ الْمَائِعَاتِ فَجَعَلَهَا كَالْمَاءِ فِي لُحُوقِ النَّجَاسَةِ إِيَّاهَا بِمَا ظَهَرَ مِنْهَا فِيهَا فَشَذَّ أَيْضًا وَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَتَعَدَّى الْفَأْرَةَ كَمَا لَمْ يَتَعَدَّ السَّمْنَ وَالْحَيَّةَ قَوْلُهُ وَقَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِهِ وَيَلْزَمُهُمْ أَيْضًا أَلَّا يَعْتَبِرُوا إِلْقَاءَهَا فِي السَّمْنِ حَتَّى تَكُونَ هِيَ تَقَعُ بِنَفْسِهَا وَكَفَى بِقَوْلٍ يَؤُولُ إِلَى هَذَا قَوْدُ أَصْلِهِ قُبْحًا وَفَسَادًا وَأَمَّا سَائِرُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ فِي الْفَتْوَى فَالْفَأْرَةُ وَالْوَزَعَةُ وَالدَّجَاجَةُ وَمَا يُؤْكَلُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ إِذَا مَاتَ فِي السَّمْنِ أَوِ الزَّيْتِ أَوْ وَقَعَ فِيهِ وَهُوَ مَيِّتٌ إِذَا كَانَ لَهُ دَمٌ وَلَمْ يَكُنْ كَالْبَعُوضِ الَّذِي لَا دَمَ لَهُ وَالدُّودِ وَشِبْهِ ذَلِكَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمَائِعَاتِ كُلَّهَا مِنَ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ مَا خَلَا الْمَاءَ سَوَاءٌ إِذَا وَقَعَتْ فِيهَا الْمَيْتَةُ نَجَّسَتِ الْمَائِعَ كُلَّهُ وَلَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ وَلَا شُرْبُهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ إِلَّا فِرْقَةً شَذَّتْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْهُمْ دَاوُدُ وَاخْتَلَفُوا فِي الزَّيْتِ تَقَعُ فِيهِ الْمَيْتَةُ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى نَجَاسَتِهِ هَلْ يُسْتَصْبَحُ بِهِ وَهَلْ يُبَاعُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا يُسْتَصْبَحُ بِهِ وَلَا يُبَاعُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّمْنِ تَقَعُ فيه

الْفَأْرَةُ خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَأَلْقُوهُ وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ قَالُوا فَلَمَّا أَمَرَ بِإِلْقَاءِ الْجَامِدِ وَحَكَمَ لَهُ بِحُكْمِ الْفَأْرَةِ الْمَيِّتَةِ وَجَبَ أَنْ يُلْقَى أَبَدًا وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي شَيْءٍ كَمَا لَا يُنْتَفَعُ بِالْفَأْرَةِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ لَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمَا أَمَرَ بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ قَالُوا وَكَذَلِكَ الْمَائِعُ يُلْقَى أَيْضًا كُلُّهُ وَلَا يُقْرَبُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَائِعِ نَصٌّ فَكَيْفَ وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِعُمُومِ تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ قَالَ عَطَاءُ بن أبي رباح سمعت جابر ابن عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ بِمَكَّةَ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُدْهَنُ بِهَا السُّفُنُ وَالْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ فَقَالَ لَا هِيَ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ لَمَّا حُرِّمَ عَلَيْهِمُ الشَّحْمَ جَمَلُوهُ فَبَاعُوهُ وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ فَحَذَّرَ أُمَّتَهُ أَنْ يَفْعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ حدثنا

قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ وَقَالَ آخَرُونَ يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِالزَّيْتِ تَقَعُ فِيهِ الْمَيْتَةُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ فِي الصَّابُونِ وَشِبْهِهِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ مَا لَمْ يُبَعْ وَلَمْ يُؤْكَلْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا أَكْلُهُ بِحَالٍ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ قال أبو عمر أما أكله فمجمتع عَلَى تَحْرِيمِهِ إِلَّا الشُّذُوذَ الَّذِي ذَكَرْنَا وَأَمَّا الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِجَازَةُ ذَلِكَ رَوَى الْحَارِثُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ اسْتَنْفِعْ بِهِ لِلسِّرَاجِ وَلَا تَأْكُلْهُ وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عيينة عن أيوب ابن مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي أَفْرَانِ زَيْتٍ لِآلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَأَمَرَهُمُ ابْنُ عُمَرَ أَنْ يَسْتَصْبِحُوا بِهِ وَيَدْهُنُوا بِهِ الْأُدُمَ وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَمَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ وَرَوَى ابْنُ وَهَبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ جَرَّةٌ ضَخْمَةٌ مَلْأَى

سَمْنًا فَوَجَدَ فِيهَا فَأْرَةً مَيِّتَةً فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَمَنَعَ أَهْلَهُ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَصْبِحُوا بِهِ وَأَنْ يَدْهُنُوا بِهِ أُدُمًا كَانَ لَهُمْ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عن عبد الله بن محمد ابن أَبِي مَرْيَمَ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ جَرَّتَيْنِ وَقَعَتْ فِيهِمَا فَأْرَتَانِ فَأَمَّا الْوَاحِدَةُ فَأَخْرَجْنَا مِنْهَا الْفَأْرَةَ حَيَّةً فَقَالَ سَعِيدٌ لَا بَأْسَ بِزَيْتِهَا فَكُلُوهُ وَأَمَّا الْأُخْرَى فَعَالَجْنَا بِالْفَأْرَةِ الَّتِي فِيهَا حَتَّى مَاتَتْ فَقَالَ لَا تَأْكُلُوا مَا خَرَجَ رُوحُهَا فِيهَا وَمِنْ حُجَّةِ هَؤُلَاءِ فِي تَحْرِيمِ بَيْعِهِ مَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي الْحَذَّاءَ عَنْ بَرَكَةَ أَبِي الْوَلِيدِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ ثَمَنَهُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَوْلُهُ فِي الْخَمْرِ إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا وَقَدْ مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ بِطُرُقِهِ فِي بَابِ زَيْدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا والحمد لله

قَالُوا فَهَذِهِ نُصُوصٌ صِحَاحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَقَالَ آخَرُونَ يُنْتَفَعُ بِالزَّيْتِ الَّذِي تَقَعُ فِيهِ الْمَيْتَةُ بِالْبَيْعِ وَبِكُلِّ شَيْءٍ مَا عَدَا الْأَكْلَ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ قَالُوا وَجَائِزٌ أَنْ يَبِيعَهُ وَيُبَيِّنَ لَهُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ لَا تَأْكُلُوهُ وَبِيعُوهُ وَبَيِّنُوا لِمَنْ تَبِيعُونَهُ مِنْهُ وَلَا تَبِيعُوهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَعَنِ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ يَبِيعُونَهُ وَيُبَيِّنُونَ لَهُ وَلَا يُؤَكَلُ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَحَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْتُ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا عَنِ الزَّيْتِ تَمُوتُ فِيهِ الْفَأْرَةُ هَلْ يَصْلُحُ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ فَقَالَا لَا قُلْتُ أَفَيَبِيعُهُ قَالَا نَعَمْ ثُمَّ كُلُوا ثَمَنَهُ وَبَيِّنُوا لِمَنْ يَشْتَرِيهِ مَا وَقَعَ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ قَالَ إِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ وَانْتَفِعُوا قَالُوا وَالْبَيْعُ مِنْ بَابِ الِانْتِفَاعِ قَالُوا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ إِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ لَا تَقْرَبُوهُ لِلْأَكْلِ قَالُوا وَقَدْ أَجْرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّحْرِيمَ فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ فِي كُلِّ وَجْهٍ وَمَنَعَ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِشَيْءٍ مِنْهَا

وَذَكَرُوا حَدِيثَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ الْمَذْكُورَ قَالُوا وَأَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّمْنِ تَقَعُ فِيهِ الْمَيْتَةُ الِانْتِفَاعَ بِهِ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ وُجُوهِ سَائِرِ الِانْتِفَاعِ غَيْرَ الْأَكْلِ قَالُوا وَالْبَيْعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ قَالُوا وَالنَّظَرُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ شُحُومَ الْمَيْتَةِ مُحَرَّمَةُ الْعَيْنِ وَالذَّاتِ وَأَمَّا الزَّيْتُ تَقَعُ فِيهِ الْمَيْتَةُ فَإِنَّمَا تَنَجَّسَ بِالْمُجَاوَرَةِ وَمَا تَنَجَّسَ بِالْمُجَاوَرَةِ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ كَالثَّوْبِ تُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ مِنَ الدَّمِ وَغَيْرِهِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بِأَنَّ الزَّيْتَ النَّجِسَ تَجُوزُ هِبَتُهُ وَالصَّدَقَةُ بِهِ وَلَيْسَ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ قَالُوا وَمَا جَازَ تَمْلِيكُهُ جَازَ الْبَيْعُ فِيهِ قَالُوا وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ ثَمَنَهُ فَإِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى شُحُومِ الْمَيْتَةِ الَّتِي حُرِّمَ أَكْلُهَا وَلَمْ يُبَحِ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَكَذَلِكَ الْخَمْرُ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا حَرَّمَ أَكْلَ شَيْءٍ وَلَمْ يُبِحْ الِانْتِفَاعَ بِهِ حَرَّمَ ثَمَنَهُ وَأَمَّا مَا أَبَاحَ الِانْتِفَاعَ بِهِ فَلَيْسَ مِمَّا عَنَى بِقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ ثَمَنَهُ بِدَلِيلِ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى بَيْعِ الْهِرِّ وَالسِّبَاعِ وَالْفُهُودِ الْمُتَّخَذَةِ لِلصَّيْدِ وَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ قَالُوا وَكُلُّ مَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ يَجُوزُ بيعه

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجَازَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ غَسْلَ الْبَانِ تَقَعُ فِيهِ الْمَيْتَةُ وَمِثْلُهُ الزَّيْتُ تَقَعُ فِيهِ الْمَيْتَةُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا مِثْلُ ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنْ يَعْمِدَ إِلَى قِصَاعٍ ثَلَاثٍ أَوْ أَكْثَرَ فَيَجْعَلَ الزَّيْتَ النَّجِسَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا حَتَّى يَكُونَ نِصْفَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ حَتَّى يمتلىء ثُمَّ يُؤْخَذُ الزَّيْتُ مِنْ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يُجْعَلُ فِي أُخْرَى وَيُعْمَلُ بِهِ كَذَلِكَ ثُمَّ فِي ثَالِثَةٍ وَيُعْمَلُ بِهِ كَذَلِكَ حُكِيَتْ لَنَا هَذِهِ الصِّفَةُ فِي غَسْلِ الزَّيْتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعُتْبِيِّ وَهُوَ قَوْلٌ لَيْسَ لِقَائِلِهِ سَلَفٌ وَلَا تَسْكُنُ إِلَيْهِ النَّفْسُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَائِزًا مَا خَفِيَ عَلَى الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَعَمِلُوا به مع أنه لا يصح غسل مالا يُرَى عِنْدَ أُولِي النُّهَى وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ قَوْلٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ غيره فيما علمت ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قَالَ ذَكَرُوا أَنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِشُحُومِ الْمَيْتَةِ وَيَدْهُنُ بِهِ السُّفُنَ وَلَا يُمَسُّ وَلَكِنْ يُؤْخَذُ بِعُودٍ فَقُلْتُ فَيُدْهَنُ بِهِ غَيْرُ السُّفُنِ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ قُلْتُ وَأَيْنَ يُدْهَنُ بِهِ مِنَ السُّفُنِ قَالَ ظُهُورُهَا وَلَا يُدْهَنُ بُطُونُهَا قُلْتُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَمَسَّ وَدَكُهَا بِالْمِصْبَاحِ فَتَنَالَهُ الْيَدُ قَالَ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ إِذَا مَسَّهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ عَطَاءٍ هَذَا شُذُوذٌ وَخُرُوجٌ عَنْ تَأْوِيلِ الْعُلَمَاءِ لَا يَصِحُّ بِهِ أَثَرٌ وَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي النَّظَرِ لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ تَحْرِيمًا مُطْلَقًا فَصَارَتْ نَجِسَةَ الذَّاتِ مُحَرَّمَةَ الْعَيْنِ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا مَا خَصَّتِ السُّنَّةُ مِنَ الْإِهَابِ بَعْدَ الدِّبَاغِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّحْمِ وَاللَّحْمِ فِي قِيَاسٍ وَلَا أَثَرٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُ قَوْلِ عطاء نصا مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ جَابِرٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَا أَدْرِي كَيْفَ جَازَ لَهُ الْفَتْوَى بِخِلَافِ مَا رَوَى إِلَّا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ لَمْ يَسْمَعْ حَدِيثَهُ ذَلِكَ مِنْ عَطَاءٍ وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فَجَاءَهُ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَعْمَلُ فِي الْبَحْرِ وَلَنَا سَفِينَةٌ قَدِ احْتَاجَتْ إِلَى الدَّهْنِ وَقَدْ وَجَدْنَا نَاقَةً مَيْتَةً كَثِيرَةَ الشَّحْمِ وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ نَدْهُنَ بِهِ سَفِينَتَنَا فَإِنَّمَا هُوَ عُودٌ وَإِنَّمَا تَجْرِي فِي الْبَحْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَنْتَفِعُوا بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ أَوْ قَالَ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَيْتَةِ

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَيْتَةٍ كَانَ أَعْطَاهَا مَوْلًى لِمَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا مَيِّتَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ فَجَوَّدَ إِسْنَادَهُ أَيْضًا وَأَتْقَنَهُ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ والشافعي ورواه القعنبي وَابْنُ بُكَيْرٍ وَجُوَيْرِيَّةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَالصَّحِيحُ فِيهِ اتِّصَالُهُ وَإِسْنَادُهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ وَالزُّبَيْدِيُّ وَعُقَيْلٌ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ رِوَايَةِ يَحْيَى وَمَنْ تَابَعَهُ عَنْ مَالِكٍ سَوَاءً وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ مِرَارًا كَذَلِكَ وَمِرَارًا يَقُولُ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ

الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ أَعْطَيْتُ مَوْلَاةً لِي مِنَ الصَّدَقَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَزَادَ وَدِبَاغُ إِهَابِهَا طَهُورُهَا وَاتَّفَقَ مَعْمَرٌ وَمَالِكٌ وَيُونُسُ عَلَى قَوْلِهِ إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا إِلَّا أَنَّ مَعْمَرًا قَالَ لَحْمُهَا وَذَلِكَ سَوَاءٌ وَلَمْ يَذْكُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمُ الدِّبَاغَ وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَقُولُ إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا إِلَّا الزُّهْرِيَّ وَاتَّفَقَ الزُّبَيْدِيُّ وَعُقَيْلٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَلَى ذِكْرِ الدِّبَاغِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَرَّةً يَذْكُرُهُ فِيهِ وَمَرَّةً لَا يَذْكُرُهُ وَمَرَّةً يَجْعَلُ الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ وَمَرَّةً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَطْ قال محمد ابن يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ لَسْتُ أَعْتَمِدُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ لِاضْطِرَابِهِ فِيهِ قَالَ وَأَمَّا ذِكْرُ الدِّبَاغِ فِيهِ فَلَا يُوجَدُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عُقَيْلٍ وَمِنْ رِوَايَةِ بَقِيَّةَ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ وَيَحْيَى وَبَقِيَّةُ لَيْسَا بِالْقَوِيَّيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ وَلَا مَعْمَرٌ وَلَا يُونُسُ الدِّبَاغَ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وبه كان يفتي قال وأما من غير رواية الزُّهْرِيِّ فَذَلِكَ مَحْفُوظٌ صَحِيحٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ رِوَايَةَ ابْنِ وَعْلَةَ وَعَطَاءٍ وَابْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِبَاغُ الْإِهَابِ

طَهُورُهُ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَوُجُوهِ اخْتِلَافِهِمْ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ بِأَبْسَطِ مَا يَكُونُ مِنَ الْقَوْلِ وَأَعْظَمِهِ فَائِدَةً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَكُلُّ مَا يَجِبُ مِنَ الْقَوْلِ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَدْ مَضَى مُمَهَّدًا بِمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي بَابِ زَيْدِ بن اسلم عن ابن وعلة فلا معنى لإعادة ذلك ههنا وَالْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ النَّيْسَابُورِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مِنِ اضْطِرَابِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ قَالَهُ غَيْرُهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَاضْطِرَابُ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي حَدِيثِ ذي اليدين كثير جادا وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ أَصَحُّ وَثُبُوتُ الدِّبَاغِ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ صِحَاحٍ ثَابِتَةٍ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَبَيَّنَا الْحُجَّةَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الدِّبَاغَ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَالْأَثَرِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَفِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا فِي قِصَّةِ الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ مَا يَدْخُلُ فِي مَعْنَى هذا الباب ويفسر المنع من بيع مالا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَيَقْضِي عَلَى أَنَّ الْمَأْكُولَ كُلَّهُ مِنَ الْمَيْتَةِ حَرَامٌ وَفِي ذَلِكَ كَشْفُ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَظْمَ حُكْمُهُ حُكْمُ اللَّحْمِ لِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ وَلَا يُنْزَعُ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ كَمَا يُصْنَعُ بِالصُّوفِ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ بِالْمَوْتِ مَا حَرُمَ قَطْعُهُ مِنَ الْحَيِّ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيْتَةٌ

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ جَزَّ الصُّوفِ عَنِ الشَّاةِ وَهِيَ حَيَّةٌ حَلَالٌ وَفِي هَذَا بَيَانُ مَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ فَإِنَّ مَعْنَاهُ حَتَّى يُدْبَغَ بِدَلِيلِ أَحَادِيثِ الدِّبَاغِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هذا في باب زيد ابن أَسْلَمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمَنْ أَجَازَ عَظْمَ الْمَيْتَةِ كَالْعَاجِ وَشِبْهِهِ فِي الْأَمْشَاطِ وَغَيْرِهَا زَعَمَ أَنَّ الْمَيْتَةَ مَا جَرَى فِيهِ الدَّمُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْعَظْمُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا وَلَيْسَ الْعَظْمُ مِمَّا يُؤْكَلُ قَالُوا فَكُلُّ مَا لَا يُؤْكَلُ مِنَ الْمَيْتَةِ جَائِزٌ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِقَوْلِهِ إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي أَمْشَاطِ الْعَاجِ وَمَا يُصْنَعُ مِنْ أَنْيَابِ الْفِيَلَةِ وَعِظَامِ الْمَيْتَةِ ابْنُ سِيرِينَ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ قَالُوا تُغْسَلُ وَيُنْتَفَعُ بِهَا وَتُبَاعُ وَتُشْتَرَى وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ تُغْلَى بِالْمَاءِ وَالنَّارِ حَتَّى يَذْهَبَ مَا فِيهَا مِنَ الدَّسَمِ وَمِمَّنْ كَرِهَ الْعَاجَ وَسَائِرَ عِظَامِ الْمَيْتَةِ وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي بَيْعِهَا وَلَا الِانْتِفَاعِ بِهَا عَطَاءٌ وطاوس وعمر بن عبد العزيز ومالك ابن أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ وَاخْتُلِفَ فِيهَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ

وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْمَيْتَةَ مُحَرَّمَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِمَا وَالْعَظْمُ مَيْتَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ وَأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَيِّ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ مَا يطول ذكره

الحديث السادس

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارَ وَحْشٍ وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ قَالَ فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي وَجْهِي قَالَ إِنَّا لَمْ نَرُدُّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ هَذَا حَدِيثٌ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي إِسْنَادِهِ عَلَى مَالِكٍ وَلَا عَلَى ابْنِ شِهَابٍ وَكُلُّ مَنْ فِي إِسْنَادِهِ فَقَدْ سَمِعَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ سَمَاعًا كَذَلِكَ فِي الْإِمْلَاءِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ وَقَدْ قُلْنَا فِي السَّنَدِ الْمُعَنْعَنِ فِي أَوَّلِ كِتَابِنَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ مَعْمَرٌ وابن جريج وعبد الرحمان بن الحرث وصالح بن كيسان وابن أخي ابن

شِهَابٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ كُلُّهُمْ قَالُوا فِيهِ أَهْدَيْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارَ وَحْشٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَخَالَفَهُمْ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَقَالَا فِيهِ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحْمَ حِمَارِ وَحْشٍ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي حديثه قلت لابن شهاب الحمار عقير قلت لا ادري فقد بين أبي جُرَيْجٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ هَلْ كَانَ عَقِيرًا أَمْ لَا إِلَّا أَنَّ فِي مَسَاقِ حَدِيثِهِ أَهْدَيْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارَ وَحْشٍ فَرَدَّهُ عَلَيَّ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِقُدَيْدٍ أُهْدِيَ إِلَيْهِ بَعْضُ حِمَارٍ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَقَالَ إِنَّا حُرُمٌ لَا نَأْكُلُ الصَّيْدَ هكذا قال حماد ابن زَيْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ لَمْ يَذْكُرِ ابْنَ شِهَابٍ وَقَالَ بَعْضُ حِمَارٍ ذَكَرَهُ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ ابن زَيْدٍ وَعِنْدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فِي هَذَا أَيْضًا إِسْنَادٌ آخَرُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِمَارِ وَحْشٍ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَقَالَ إِنَّا حُرُمٌ لَا نَأْكُلُ الصَّيْدَ هَكَذَا قَالَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِحِمَارِ وَحْشٍ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ كَمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَهُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَهَذَا مَا فِي حَدِيثِ

ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمِقْسَمٍ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ أَنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحم حمار وَحْشٍ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ عَجُزَ حِمَارِ وَحْشٍ فَرَدَّهُ يَقْطُرُ دَمًا رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَالَ مِقْسَمٌ فِي حَدِيثِهِ رِجْلَ حِمَارِ وَحْشٍ رَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ ذَكَرَهُ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَرَوِيِّ عَنْ هُشَيْمٍ وَقَالَ عَطَاءٌ فِي حَدِيثِهِ أَهْدَى لَهُ عَضُدَ صَيْدٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَقَالَ إِنَّا حُرُمٌ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عَطَاءٍ وَقَالَ طَاوُسٌ فِي حَدِيثِهِ عُضْوًا مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ حَدَّثَ بِهِ إِسْمَاعِيلُ عَنْ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عن زيد بن أرقم أخبرناه عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أبي إسرائيل حدثنا هشام ابن يُوسُفَ الْقَاضِي عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَدِمَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَذْكِرُهُ كَيْفَ أَخْبَرْتَنِي عَنْ لَحْمٍ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حراما قال نعم أهدى له رجلا عُضْوًا مِنْ لَحْمٍ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَقَالَ إِنَّا لا

نَأْكُلُهُ إِنَّا حُرُمٌ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا مِثْلَهُ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَمَا عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَ لَهُ عُضْوٌ مِنْ صَيْدٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَمْ يَقْبَلْهُ قَالَ بَلَى قَالَ إِسْمَاعِيلُ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ يَتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ صِيدَ مِنْ أَجْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْلَا ذَلِكَ كَانَ أَكْلُهُ جَائِزًا قَالَ سُلَيْمَانُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ قَوْلُهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَدَّهُ يَقْطُرُ دَمًا كَأَنَّهُ صِيدَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَإِنَّمَا تَأَوَّلَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُ أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحْمُ حِمَارٍ وَهُوَ مَوْضِعٌ يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ وَأَمَّا رِوَايَةُ مَالِكٍ أَنَّ الَّذِي أُهْدِيَ إِلَيْهِ حِمَارُ وَحْشٍ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ صَيْدًا حَيًّا وَلَا يُذَكِّيَهُ وَإِنَّمَا يحتاج إلى التأويل قول إِنَّ الَّذِي أُهْدِيَ هُوَ بَعْضُ الْحِمَارِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَعَلَى تَأْوِيلِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ تَكُونُ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا الْمَرْفُوعَةُ غَيْرَ مُخْتَلِفَةٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَحَادِيثُ الْمَرْفُوعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْهَا حَدِيثُ عُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ فِي قِصَّةِ الْبَهْزِيِّ وَحِمَارِهِ الْعَقِيرِ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يحيى ابن سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عُمَيْرٍ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ وَمِمَّنْ رَوَى قِصَّةَ أَبِي قَتَادَةَ جَابِرٌ وَأَبُو سَعِيدٍ وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ أَبِي قَتَادَةَ فِي بَابِ النَّضْرِ بْنِ سَالِمٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنْهَا حَدِيثُ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى تَوَاتُرِ طُرُقِهِ وَاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهِ وَمِنْهَا حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ بي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَ إِلَيْهِ رَجُلٌ حِمَارَ وَحْشٍ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُ وَحَدِيثُ الْمُطَّلِبِ عَنْ جَابِرٍ يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَيْدُ الْبَرِّ لكم حلال مالم تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَادُ لَكُمْ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَبُولُ صَيْدٍ وُهِبَ لَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاؤُهُ وَلَا اصْطِيَادُهُ وَلَا اسْتِحْدَاثُ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ لَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ لِعُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البر مادمتم حُرُمًا وَلِحَدِيثِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ فِي

قِصَّةِ الْحِمَارِ وَلِأَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلَانِ فِي الْمُحْرِمِ يَشْتَرِي الصَّيْدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الشِّرَاءَ فَاسِدٌ وَالثَّانِي صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ أَحْرَمَ وَفِي يَدِهِ صَيْدٌ أَوْ فِي بَيْتِهِ عند أهل فَقَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ إِرْسَالُهُ وَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي يَدِهِ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ فَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ ضَمِنَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ أبو فِي أَهْلِهِ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِيمَا صِيدَ لِلْمُحْرِمِينَ أَوْ مِنْ أَجْلِهِمْ فَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ إِذَا لَمْ يُصَدْ لَهُ وَلَا مِنْ أَجْلِهِ فَإِنْ صِيدَ لَهُ أَوْ مِنْ أَجْلِهِ لَمْ يَأْكُلْهُ فَإِنْ أَكَلَ مُحْرِمٌ مِنْ صَيْدٍ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ فَدَاهُ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا مَا ذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ فَهُوَ مَيْتَةٌ لَا يَحِلُّ لِمُحْرِمٍ وَلَا لِحَلَالٍ وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيمَا صِيدَ لِمُحْرِمٍ بِعَيْنِهِ كَالْأَمِيرِ وَشِبْهِهِ هَلْ لِغَيْرِ ذَلِكَ الَّذِي صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ أَنْ يَأْكُلَهُ هُوَ وَسَائِرُ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُحْرِمِينَ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَأْكُلُ مَا صِيدَ لِمُحْرِمٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَأْخُذْ بِقَوْلِ عُثْمَانَ لِأَصْحَابِهِ حِينَ أُتِيَ بِلَحْمِ صَيْدٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ كُلُوا فَلَسْتُمْ مِثْلِي لِأَنَّهُ صِيدَ مِنْ

أَجْلِي وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا ذَبَحَهُ الْحَلَالُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ ذَبَحَهُ مُحْرِمٌ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَكْلُهُ وَرُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ كَرَاهِيَةُ أَكْلِهِ إِذَا ذُبِحَ مِنْ أَجْلِ المحرمين وروي عن إِبَاحَتُهُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا إِبَاحَةُ مَا ذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ لِلْحَلَالِ وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُ مَا صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ إِنْ أَكَلَهُ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَوْلٌ آخَرُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَمَا ذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ لَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ لِأَحَدٍ إِلَّا لِمَنْ تَحِلُّ لَهُ الْمَيْتَةُ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُ لَحْمٍ صِيدَ عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ سَوَاءٌ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ أَوْ لَمْ يُصَدْ لِعُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ مُبْهَمَةٌ وَبِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ طَاوُسٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الشَّعْثَاءِ وَرَوَى ذَلِكَ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَرَوْنَ لِلْمُحْرِمِ أَكْلَ الصيد على

كُلِّ حَالٍ إِذَا اصْطَادَهُ الْحَلَالُ سَوَاءٌ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ أَوْ لَمْ يُصَدْ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ فَحَرَّمَ صَيْدَهُ وَقَتْلَهُ عَلَى الْمُحْرِمِينَ دُونَ مَا صَادَ غَيْرُهُمْ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ إِلَى أَنَّ مَا صِيدَ مِنْ أَجْلِ الْمُحْرِمِ لَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ وَمَا لَمْ يُصَدْ مِنْ أَجْلِهِ جَازَ لَهُ أَكْلُهُ وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ فِي رِوَايَةٍ وَإِسْحَاقُ فِي رِوَايَةٍ وقد روي عن عطاء وعن أبي عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُمَا قَالَا مَا ذُبِحَ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ لَمْ يَحِلَّ لَكَ أَكْلُهُ وَهُوَ عَلَيْكَ حَرَامٌ وَمَا ذُبِحَ مِنَ الصَّيْدِ قَبْلَ أَنْ تُحْرِمَ فَلَا شَيْءَ فِي أَكْلِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ أَجَازَ أَكْلَ لَحْمِ صِيدَ لِلْمُحْرِمِ إِذَا اصْطَادَهُ الْحَلَالُ فَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ الْبَهْزِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِمَارِ الْوَحْشِ الْعَقِيرِ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ أَبَا بَكْرٍ فَقَسَّمَهُ بَيْنَ الرِّفَاقِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَحَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إنما هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يُجِزْهُ حَدِيثُ الصَّعْبِ بن جثامة

الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحُجَّةُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ حَدِيثُ الْمُطَّلِبِ عَنْ جَابِرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ الْمُطَّلِبِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ صَيْدُ الْبَرِّ لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصطاد لَكُمْ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ وَهُوَ إِمَامٌ فِي الْحَدِيثِ ثِقَةٌ جَلِيلٌ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَحَادِيثَ فِي نسق واحد حدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ أَخْبَرَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَسُئِلَ عَنِ الْقَوْمِ يَبِيتُونَ فَيُصِيبُونَ الْوِلْدَانَ قَالَ هُمْ مِنْهُمْ وَأُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْوَاءِ حِمَارٌ فَرَدَّهُ

أَمَّا قِصَّةُ الْحِمَارِ بِالْأَبْوَاءِ فَفِي الْمُوَطَّأِ وَأَمَّا حَدِيثُ التَّبْيِيتِ وَقَوْلُهُ لَا حِمَى فَصَحِيحٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ غَرِيبٌ عَنْ مَالِكٍ

الحديث السابع

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ فَأَفْطَرَ النَّاسُ وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ إِنَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ شِهَابٍ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسِخًا وَمَنْسُوخًا وَهَذَا أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ بِأَنَّ آخِرَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفِطْرُ فِي السَّفَرِ وَبِقَوْلِهِ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذلك ههنا وَرِوَايَةُ ابْنِ جُرَيْجٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ كَرِوَايَةِ مَالِكٍ سَوَاءً وَقَالَ فِيهِ مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَكَانَ الْفِطْرُ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِبَاحَةُ السَّفَرِ فِي رَمَضَانَ وَفِي ذَلِكَ رَدُّ قَوْلِ مَنْ قَالَ لَيْسَ لِمَنِ ابْتَدَأَ صِيَامَ رَمَضَانَ فِي الْحَضَرِ أَنْ يُسَافِرَ فَيُفْطِرَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَرَدُّ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُسَافِرَ فِي رَمَضَانَ إِنْ صَامَ بَعْضَهُ فِي الْحَضَرِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفِطْرُ فِي سَفَرِهِ

رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ سَافَرَ بَعْدُ لَزِمَهُ الصَّوْمُ لأن الله تعالى يقول من شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَهُوَ قَوْلُ عُبَيْدَةَ وَطَائِفَةٍ مَعَهُ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدَةَ قَوْلُهُ وَتَأَوَّلَ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ هَؤُلَاءِ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَلَى سَفَرٍ مَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ وَهُوَ مُسَافِرٌ فَفِي الْحَدِيثِ مَا يُبْطِلُ هَذَا الْقَوْلَ كُلَّهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ بَعْدَ أَنْ صَامَ بَعْضَهُ فِي الْحَضَرِ مُقِيمًا وَكَانَ خُرُوجُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنْهُ قَدْ ذَكَرْنَاهَا وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْآثَارِ فِيهَا فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ جَوَازُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَجَوَازُ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ لَا يَجُوزُ وَأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ وَزَعَمَ أَنَّ الْفِطْرَ عَزْمَةٌ مِنَ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَهُوَ قَوْلٌ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافَهُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ إِنْ صَامَ في السفر

قضى في الحضر وعن عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ قَالَ الصَّائِمُ فِي السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَرِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْحَدِيثِ وَشِبْهِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي بَابِ حُمَيْدٍ مِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ فَلَمْ يَعِبْ هَذَا عَلَى هَذَا وَلَا هَذَا عَلَى هَذَا وَحَدِيثُ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ فِي السَّفَرِ إِنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَذَكَرْنَا فِي بَابِ سُمَيٍّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ وَالْآثَارُ بِهَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا وَأَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْمُسَافِرَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْفِطْرِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ قَوْمٌ مَعْنَاهُ إِنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا نَوَى الْفِطْرَ فَتَمَادَى عَلَيْهِ فِي أيام سفره واحتجوا بحديث العلاء بن المسيبب عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى أَتَى

قُدَيْدًا ثُمَّ أَفْطَرَ حَتَّى أَتَى إِلَى مَكَّةَ وَهَذَا لَا بَيَانَ فِيهِ لِمَا تَأَوَّلُوهُ وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَفْطَرَ فِي نَهَارِهِ بَعْدَ مَا مَضَى مِنْهُ صَدْرٌ وَأَنَّ الصَّائِمَ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي سَفَرِهِ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ بِحَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ وَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ وَهُمْ مُشَاةٌ وَرُكْبَانٌ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصَّوْمُ وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ إِلَى مَا فَعَلْتَ فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهِ النَّاسُ ثُمَّ شَرِبَ فَأَفْطَرَ بَعْضُ النَّاسِ وَصَامَ بَعْضٌ فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ صَامَ قَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ فَذَكَرَ الحديث

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا يحيى ابن آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُفَضَّلٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ فَشَرِبَ نَهَارًا لِيَرَاهُ النَّاسُ ثُمَّ أَفْطَرَ حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ وَافْتَتَحَ مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ وَأَفْطَرَ فَمَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُسَافِرِ يُفْطِرُ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّوْمِ فَقَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ كَانَ مُخَيَّرًا فِي الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فَلَمَّا اخْتَارَ الصَّوْمَ صَارَ مِنْ أَهْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَخْزُومِيِّ وَأَشْهَبَ وَابْنِ كِنَانَةَ وَمُطَرِّفٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إِنْ أَفْطَرَ بِجِمَاعٍ كَفَّرَ لِأَنَّهُ لَا يَقْوَى بِذَلِكَ عَلَى سَفَرِهِ وَلَا عُذْرَ لَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَكُلُّهُمْ يَقُولُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ إِلَّا الْبُوَيْطِيَّ حَكَى عَنِ الشافعي

مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي الْحَضَرِ ثُمَّ سَافَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَكَذَلِكَ مَنْ صَامَ فِي سَفَرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَفْطَرَ يَوْمَ الْكَدِيدِ فَإِنْ ثَبَتَ كَانَ لَهُمَا جَمِيعًا أَنْ يُفْطِرَا وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الَّذِي يَخْرُجُ فِي سَفَرِهِ وَقَدْ يُبَيِّتُ الصَّوْمَ فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ أَصْبَحَ فِي رمضان مقيما صائما ثُمَّ سَافَرَ فَأَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ إِنْ جَامَعَ وَكَرِهَ مَالِكٌ لِلَّذِي يُصْبِحُ صَائِمًا فِي الْحَضَرِ ثُمَّ يُسَافِرُ أَنْ يُفْطِرَ وَلَمْ يَرَهُ إِثْمًا إِنْ أَفْطَرَ وَكَذَلِكَ قَالَ دَاوُدُ وَالْمُزَنِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ كِنَانَةَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَقَوْلُهُمَا شُذُوذٌ فِي ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ يُفْطِرُ إِذَا بَرَزَ مُسَافِرًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَالشَّعْبِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَسَتَأْتِي مَسَائِلُ هَذَا الْبَابِ بِأَسَدَّ اسْتِيعَابٍ فِي بَابِ سُمَيٍّ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الثامن

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَقَالَ الْآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُهُمَا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وائذن لِي فِي أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ تَكَلَّمْ قَالَ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ عَلَى ابْنِيَ الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيَةٍ لِي ثُمَّ إِنِّي سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتعريب عَامٍ وَأَخْبَرُونِي إِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أما وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا

وَأَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الْآخَرِ فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا قَالَ مَالِكٌ وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فَأَخْبَرَنِي أَنَّ عَلَى ابْنِيَ الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِيَ الرَّجْمَ وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّ أَبَا عَاصِمٍ النَّبِيلَ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ لَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ وَالصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ ذِكْرُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعَ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ كَذَلِكَ عَنْهُ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ مِنْهُمُ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو مُصْعَبٍ وَابْنُ عُفَيْرٍ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي عَاصِمٍ فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبِ بْنِ سُلَيْمَانَ الرَّمْلِيُّ وَأَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْكِسِّيُّ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا

أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَابَعَ أَبَا عَاصِمٍ عَلَى إِفْرَادِ زَيْدٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ طَائِفَةٌ عَنْ مَالِكٍ ذَكَرَهُمُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ فَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِ مَالِكٍ سَوَاءً عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ وَسَاقُوا الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَاللَّيْثِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَا إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَسَاقَا الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ وَرَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخبرني عبيد الله ابن عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَعْرَابِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فقام خصمه فقال صدق يا رسول الله اقض له بكتاب الله وائذن لِي فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ فَقَالَ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً وَرَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَاللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قال

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ بِجَلْدِ مِائَةٍ وَتَغْرِيبِ عَامٍ هَكَذَا مُخْتَصَرًا لَمْ يَزِيدُوا حَرْفًا وَلَمْ يَذْكُرُوا أَبَا هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمَعْمَرٌ وَمَالِكٌ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِكَمَالِهِ إِلَّا أَنَّ شُعَيْبًا لَمْ يَذْكُرْ زَيْدَ بْنِ خَالِدٍ اخْتَصَرَهُ وَمَنْ ضَمَّ إِلَيْهِ أَبَا هُرَيْرَةَ اسْتَقْصَى الْحَدِيثَ وَسَاقَهُ كَمَا سَاقَهُ مَالِكٌ سَوَاءً وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ ابن خَالِدٍ وَشِبْلٍ قَالُوا كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ وَذِكْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شِبْلًا خَطَأٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَلَا مَدْخَلَ لِشِبْلٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ذِكْرُ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شِبْلًا خَطَأٌ لَمْ يَسْمَعْ شِبْلٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا وَقَالَ محمد بن

يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ وَهِمَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي ذِكْرِ شِبْلٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا ذُكِرَ شِبْلٌ فِي حَدِيثِ خَالِدٍ الْأَمَةُ إِذَا زَنَتْ قَالَ وَلَمْ يُقِمِ ابْنُ عُيَيْنَةَ إِسْنَادَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ أَيْضًا وَقَدْ أَخْطَأَ فِيهِمَا جَمِيعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ سَنَذْكُرُ مَا صَنَعَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ فِي حَدِيثِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ بَعْدَ إِكْمَالِنَا الْقَوْلَ فِي حَدِيثِنَا هَذَا بِعَوْنِ اللَّهِ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ الْعَسِيفُ الأجير فإنه ههنا كَمَا قَالَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ فِي نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ الْعُسَفَاءِ وَالْوُصَفَاءِ إِذْ بَعَثَ السَّرِيَّةَ قَالَ الْعُسَفَاءُ الْأُجَرَاءُ وَقَدْ يَكُونُ الْعَسِيفُ الْعَبْدَ وَيَكُونُ السَّائِلَ قَالَ الْمَرَّارُ الْجَلِّيُّ يَصِفُ كَلْبًا ... أَلِفَ النَّاسَ فَمَا يُنْجِهِمْ ... ... ... مِنْ عَسِيفٍ يَبْتَغِي الْخَيْرَ وَحُرِّ

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَدْ يَكُونُ الْأَسِيفَ الْحَزِينَ وَيَكُونُ الْعَبْدَ وَأَمَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَالْعَسِيفُ الْمَذْكُورُ فِيهِ الْأَجِيرُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ضُرُوبٌ مِنَ الْعِلْمِ مِنْهَا أَنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالْقَضَاءِ الْخَلِيفَةُ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِوُجُوهِ الْقَضَاءِ وَمِنْهَا أَنَّ المدعى أولى بالقول والطالب أحق أن بتقدم بِالْكَلَامِ وَإِنْ بَدَأَ الْمَطْلُوبُ وَمِنْهَا أَنَّ الْبَاطِلَ مِنَ الْقَضَايَا مَرْدُودٌ وَمَا خَالَفَ السُّنَّةَ الْوَاضِحَةَ مِنْ ذَلِكَ فَبَاطِلٌ وَمِنْهَا أَنَّ قَبْضَ مَنْ قُضِيَ لَهُ مَا قُضِيَ لَهُ بِهِ إِذَا كَانَ خَطَأً وَجَوْرًا وَخِلَافًا لِلسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ لَا يُدْخِلُهُ قَبْضُهُ فِي مُلْكِهِ وَلَا يُصَحِّحُ ذَلِكَ لَهُ وَعَلَيْهِ رَدُّهُ وَمِنْهَا أَنَّ لِلْعَالِمِ أَنْ يُفْتِيَ فِي مِصْرٍ فِيهِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ إِذَا أَفْتَى بِعِلْمٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُفْتُونَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَى عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ كَانَ يُفْتِي فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَلَا أَعْلَمُ غَيْرَهُمَا وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ يُفْتُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى مُوسَى بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ ابن سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ الَّذِينَ يُفْتُونَ عَلَى عَهْدِ

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَثَلَاثَةً مِنَ الْأَنْصَارِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَفِيهِ أَنَّ يَمِينَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَلِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ إِنَّ مِنَ الْقُرْآنِ مَا نُسِخَ خَطُّهُ وَثَبَتَ حُكْمُهُ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مِنَ الْقُرْآنِ مَا نُسِخَ حُكْمُهُ وَثَبَتَ خَطُّهُ وَهَذَا فِي الْقِيَاسِ مِثْلُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا وُجُوهَ نَسْخِ الْقُرْآنِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ ذِكْرِهِ ههنا وَمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ احْتَجَّ بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا أَحْصَنَ وَقَوْلِهِ لَوْلَا أَنْ يُقَالَ إِنَّ عُمَرَ زَادَ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُهَا الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ فَإِنَّا قَدْ قَرَأْنَاهَا وَسَنُبَيِّنُ مَا لِأَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ التَّأْوِيلِ فِي قَوْلِ عُمَرَ هَذَا بِمَا يَجِبُ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شاء الله

وَمِنْ حُجَّتِهِ أَيْضًا ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ لِأُنَيْسٍ الْأَسْلَمِيِّ إِنِ اعْتَرَفَتِ امْرَأَةُ هَذَا فَارْجُمْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الرَّجْمَ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَنْ أَحْصَنَ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَيْ لَأَحْكُمَنَّ بَيْنَكُمَا بِحُكْمِ اللَّهِ وَلَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَهَذَا جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَيْ حُكْمُهُ فِيكُمْ وَقَضَاؤُهُ عَلَيْكُمْ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ حُكْمُ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَقَالَ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ أَنَّ مِنَ الْوَحْيِ قُرْآنًا وَغَيْرَ قُرْآنٍ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي شُرَاحَةَ الْهَمْدَانِيَّةِ جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَفِيهِ أَنَّ الزَّانِيَ إِذَا لَمْ يُحْصِنْ حَدُّهُ الْجَلْدُ دُونَ الرَّجْمِ وَهَذَا لَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه

قَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ فَأَجْمَعُوا أَنَّ الْأَبْكَارَ دَاخِلُونَ فِي هَذَا الْخِطَابِ وَأَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَاؤُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ مِنْ لَدُنِ الصَّحَابَةِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا أَنَّ الْمُحْصِنَ حَدُّهُ الرَّجْمُ وَاخْتَلَفُوا هَلْ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ جَلْدٌ أَمْ لَا فَقَالَ جُمْهُورُهُمْ لَا جَلْدَ عَلَى الْمُحْصِنِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الرَّجْمُ فَقَطْ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيُّ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ لَا يَجْتَمِعُ جَلْدٌ وَرَجْمٌ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الزَّانِي الْمُحْصَنُ يُجْلَدُ ثُمَّ يُرْجَمُ وَحُجَّتُهُمْ عُمُومُ الْآيَةِ فِي الزِّنَا بِقَوْلِهِ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ فَعَمَّ الزُّنَاةَ وَلَمْ يَخُصَّ مُحْصَنًا مِنْ غَيْرِ مُحْصَنٍ وَحَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ بالحجارة وروى

أَبُو حَصِينٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ وَعَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ وَغَيْرُهُمْ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ أُتِيَ عَلِيٌّ بِزَانِيَةٍ فَجَلَدَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَرَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ قَالَ الرَّجْمُ رَجْمَانِ رَجْمُ سِرٍّ وَرَجْمُ عَلَانِيَةٍ فَأَمَّا رَجْمُ الْعَلَانِيَةِ فَالشُّهُودُ ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ وَأَمَّا رَجْمُ السِّرِّ فَالِاعْتِرَافُ فَالْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ مَاعِزًا الْأَسْلَمِيَّ وَرَجَمَ يَهُودِيًّا وَرَجَمَ امْرَأَةً وَلَمْ يَجْلِدْ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَقِيلَ امْرَأَتَيْنِ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ سَمِعَهُ يَقُولُ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ وَرَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ وَامْرَأَةً فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ قُصِدَ بِهَا مَنْ لَمْ يُحْصَنْ مِنَ الزُّنَاةِ وَرَجَمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَلَمْ يَجْلِدَا رَوَى الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّ عُمَرَ رَجَمَ فِي الزِّنَا رَجُلًا وَلَمْ يَجْلِدْهُ وَحَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ إِذْ بَعَثَهُ عُمَرُ إِلَى امْرَأَةِ الرَّجُلِ الَّتِي زَعَمَ أَنَّهُ وَجَدَ

مَعَهَا رَجُلًا فَاعْتَرَفَتْ وَأَبَتْ أَنْ تَنْزِعَ وَتَمَادَتْ عَلَى الِاعْتِرَافِ فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ فَرُجِمَتْ وَلَمْ يَذْكُرْ جَلْدًا وَرَوَاهُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ عُمَرَ مَقْدِمَهُ الشَّامَ بِالْجَابِيَةِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابن عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَجَمَ امْرَأَةً وَلَمْ يَجْلِدْهَا بِالشَّامِ وَرَوَى مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولَانِ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ إِنَّ آيَةَ الرَّجْمِ نَزَلَتْ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ فَقَالَ عُمَرُ عِنْدَ ذَلِكَ ارْجُمُوا الثَّيِّبَ وَاجْلِدُوا الْبِكْرَ وَسَيَأْتِي مِنْ مَعَانِي الرَّجْمِ ذِكْرٌ صَالِحٌ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ شُرَاحَةَ فَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ الشَّعْبِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَهُوَ مَشْهُورٌ قَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَغَيْرُهُ عَنْهُ وَمِنْ أَوْضَحِ شَيْءٍ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ لِأُنَيْسٍ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الْآخَرِ فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا وَلَمْ يَذْكُرُوا جَلْدًا وَأَمَّا حَدِيثُ عُبَادَةَ بن الصمت عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ فَإِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ نُزُولِ آيَةِ

الْجَلْدِ وَذَلِكَ أَنَّ الزُّنَاةَ كَانَتْ عُقُوبَتُهُمْ إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْعُدُولِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ أَنْ يُمْسَكُوا فِي الْبُيُوتِ إِلَى الْمَوْتِ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُمْ سَبِيلًا فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْجَلْدِ الَّتِي فِي سُورَةِ النُّورِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ الْآيَةَ قَامَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ بِالْحِجَارَةِ فَكَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ رَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةً وَلَمْ يَجْلِدْهُمْ فَعَلِمْنَا أَنَّ هَذَا حُكْمٌ أَحْدَثَهُ اللَّهُ نَسَخَ بِهِ مَا قَبْلَهُ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي أَحْكَامِهِ وَأَحْكَامِ رَسُولِهِ لِيَبْتَلِيَ عِبَادَهُ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ الْجَلْدَ مَعَ الرَّجْمِ وَيَقُولُ رَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَجْلِدْ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمَرْجُومِ جَلْدٌ بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ رَجَمَ وَلَمْ يَجْلِدْ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ الشيب من الزناة كَانَ شَابًّا رُجِمَ وَإِنْ كَانَ شَيْخًا جُلِدَ ورجم

رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَسْرُوقٍ وَقَالَتْ بِهِ فِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ الْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ سَنَةً وَالثَّيِّبَانِ يُرْجَمَانِ وَالشَّيْخَانِ يُجْلَدَانِ وَيُرْجَمَانِ فَهَذَا مَا لِأَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ الْأَقَاوِيلِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ فَأَكْثَرُهُمْ يُنْكِرُ الرَّجْمَ وَيَدْفَعُهُ وَلَا يَقُولُ بِهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الزُّنَاةِ ثَيِّبًا وَلَا غَيْرَ ثَيِّبٍ عَصَمَنَا اللَّهُ مِنَ الْخِذْلَانِ بِرَحْمَتِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ فَلَا تُخْدَعُنَّ عَنْهُ فَإِنَّ آيَةَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَجَمَ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ رَجَمَ وَأَنَّا قَدْ رَجَمْنَا بَعْدَهُمَا وَسَيَكُونُ قَوْمٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَيُكَذِّبُونَ بِالدَّجَّالِ وَيُكَذِّبُونَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَيُكَذِّبُونَ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَيُكَذِّبُونَ بِالشَّفَاعَةِ وَيُكَذِّبُونَ بِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا امْتُحِشُوا

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْخَوَارِجُ وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ يُكَذِّبُونَ بِهَذَا كُلِّهِ وَلَيْسَ كِتَابُنَا هَذَا مَوْضِعًا لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانَا مِمَّا ابْتَلَاهُمْ بِهِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَالْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ وَأَشْعَبَ وَهِشَامٍ كُلِّهِمْ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ كُنَّا نُشَبِّهُ حِفْظَ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ بِحِفْظِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْإِحْصَانِ الْمُوجِبِ لِلرَّجْمِ فَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ وَمَذْهَبُهُ أَنْ يَكُونَ الزَّانِي حُرًّا مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا قَدْ وطىء وَطْئًا مُبَاحًا فِي عَقْدِ نِكَاحٍ ثُمَّ زَنَى بَعْدَ هَذَا وَالْكَافِرُ عِنْدَهُ وَالْعَبْدُ لَا يَثْبُتُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إِحْصَانٌ فِي نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ لَا يَثْبُتُ بِهِ إِحْصَانٌ وَكَذَلِكَ الْوَطْءُ الْمَحْظُورُ كَالْوَطْءِ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ فِي الصِّيَامِ أَوْ فِي الِاعْتِكَافِ أَوْ فِي الْحَيْضِ لَا يَثْبُتُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِحْصَانٌ إِلَّا أَنَّ الْأَمَةَ وَالْكَافِرَةَ وَالصَّغِيرَةَ يُحْصِنَّ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ عِنْدَهُ وَلَا يُحْصِنُهُنَّ هَذَا كُلُّهُ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَحَدُّ الْحَصَانَةِ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدِهِمَا إِحْصَانٌ يُوجِبُ الرَّجْمَ يَتَعَلَّقُ بِسَبْعِ شَرَائِطَ الْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْإِسْلَامُ وَالنِّكَاحُ الصَّحِيحُ وَالدُّخُولُ وَالْآخَرِ إِحْصَانٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ لَهُ خَمْسُ شَرَائِطَ فِي الْمَقْذُوفِ الْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْإِسْلَامُ وَالْعِفَّةُ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْإِمْلَاءِ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُحْصِنُ النَّصْرَانِيَّةَ وَلَا تُحْصِنُهُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّ النَّصْرَانِيَّ إِذَا دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَا أَنَّهُمَا مُحْصَنَانِ بِذَلِكَ الدُّخُولِ وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إِذَا زَنَى الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ بَعْدَمَا أَحْصَنَا فَعَلَيْهِمَا الرَّجْمُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَبِهِ نَأْخُذُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ وَهُمَا حُرَّانِ وَوَطِئَهَا فَهَذَا إِحْصَانٌ كَافِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُسْلِمَيْنِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ أَوِ الصَّبِيُّ وَوَطِئَا فَذَلِكَ إِحْصَانٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُحْصَنًا كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا تَزَوَّجَ الصَّبِيُّ احصن إذا وطىء فإن بلغ وزنى كان عليهما الرَّجْمُ وَالْعَبْدُ لَا يُحْصَنُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا تَزَوَّجَ الصَّبِيُّ لَا يُحْصَنُ وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ أُحْصِنَ وَقَالُوا جَمِيعًا الْوَطْءُ الْفَاسِدُ لَا يَقَعُ بِهِ إِحْصَانٌ وَقَالَ مَالِكٌ تُحْصِنُ الْأَمَةُ الْحُرَّ وَيُحْصِنُ الْعَبْدُ الْحُرَّةَ وَلَا تُحْصِنُ الْحُرَّةُ الْعَبْدَ وَلَا الْحُرُّ الْأَمَةَ وَتُحْصِنُ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ الْمُسْلِمَ وَتُحْصِنُ الصَّبِيَّةُ الرَّجُلَ وَتُحْصِنُ الْمَجْنُونَةُ الْعَاقِلَ وَلَا يُحْصِنُ الصَّبِيُّ الْمَرْأَةَ وَلَا يُحْصِنُ الْعَبْدُ الْأَمَةَ وَلَا تُحْصِنُهُ إِذَا جَامَعَهَا فِي حَالِ الرِّقِّ قَالَ وَإِذَا تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ خَصِيًّا وَهِيَ لَا تَعْلَمُ أَنَّهُ خَصِيٌّ فَوَطِئَهَا ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّهُ خَصِيٌّ فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ فِرَاقَهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْوَطْءُ إِحْصَانًا

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يُحْصَنُ بِالنَّصْرَانِيَّةِ وَلَا بِالْمَمْلُوكَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ زَادَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَتُحْصَنُ الْمُشْرِكَةُ بِالْمُسْلِمِ وَيُحْصَنُ الْمُشْرِكَانِ كل واحد منها بِصَاحِبِهِ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي الزَّوْجَيْنِ الْمَمْلُوكَيْنِ لَا يَكُونَانِ مُحْصَنَيْنِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِيَّانِ لَا يَكُونَانِ مُحْصَنَيْنِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا بَعْدَ إِسْلَامِهِمَا قَالَ وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا فَوَطِئَهَا ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ إِحْصَانٌ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْعَبْدِ تَحْتَهُ الْحُرَّةُ إِذَا زَنَى فَعَلَيْهِ الرَّجْمُ وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ أَمَةٌ وَأَعْتَقَ ثُمَّ زَنَى فَلَيْسَ عَلَيْهِ الرَّجْمُ حَتَّى يَنْكِحَ غَيْرَهَا وَقَالَ فِي الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ تُحْصَنْ إِنَّهَا تُحْصِنُ الرَّجُلَ وَالْغُلَامُ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ لَا يُحْصِنُ الْمَرْأَةَ قَالَ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَإِذَا هِيَ أُخْتُهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَهَذَا إِحْصَانٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِيجَابُ الْأَوْزَاعِيِّ الرَّجْمَ عَلَى الْمَمْلُوكَةِ تَحْتَ الْحُرِّ وَعَلَى الْعَبْدِ تَحْتَ الْحُرَّةِ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ وَالرَّجْمُ لَا يَتَنَصَّفُ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا وَقَالَ مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ ذَلِكَ وَلَمْ يُحْصَنْ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ الْقَوْلِ في هذا

الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَغَرَّبَهُ عَامًا فَلَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ ابْنَهُ ذَلِكَ كَانَ بِكْرًا وَأَنَّ الْجَلْدَ جَلْدَ الْبِكْرِ مائة جلدة واختلفوا في التغريب فَقَالَ مَالِكٌ يُنْفَى الرَّجُلُ وَلَا تُنْفَى الْمَرْأَةُ وَلَا الْعَبْدُ وَمَنْ نُفِيَ حُبِسَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُنْفَى إِلَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُنْفَى الرَّجُلُ وَلَا تُنْفَى الْمَرْأَةُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا نَفْيَ عَلَى زَانٍ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْحَدُّ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يُنْفَى الزَّانِي إِذَا جُلِدَ امْرَأَةً كَانَ أَوْ رَجُلًا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي نَفْيِ الْعَبْدِ فَقَالَ مَرَّةً أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِي تَغْرِيبِ الْعَبِيدِ وَقَالَ مَرَّةً يُنْفَى الْعَبْدُ نِصْفَ سَنَةٍ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى سَنَةً إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ وَبِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ غَرَّبَ الزُّنَاةَ مَعَ حَدِيثِنَا هَذَا حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ لَمْ يَخُصَّ عَبْدًا مِنْ حُرٍّ وَلَا أُنْثَى مِنْ ذَكَرٍ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حدثنا الحرث بن أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عُرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَحَدَّثَنَا

عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَبَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبِي وَقَالَ بَكْرٌ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الثَّيِّبُ جَلْدُ مِائَةٍ وَرَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ وَالْبِكْرُ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ نَفْيُ سَنَةٍ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا ما حدثناه عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ضَرَبَ وَغَرَّبَ وَأَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يَرَ النَّفْيَ عَلَى الْعَبِيدِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْأَمَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ فِيهِ الْحَدَّ دُونَ النَّفْيِ وَمَنْ رَأَى نَفْيَ الْعَبِيدِ زَعَمَ أَنَّ حَدِيثَ الْأَمَةِ مَعْنَاهُ التَّأْدِيبُ لَا الْحَدُّ وَسَنُوَضِّحُ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يَرَ نَفْيَ النِّسَاءِ مَا يُخْشَى عَلَيْهِنَّ مِنَ الْفِتْنَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ تَغْرِيبُ الْمَرْأَةِ الْبِكْرِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ لَمْ يَرَ

نَفْيَ النِّسَاءِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فِي الْبِكْرِ يَزْنِي بِالْبِكْرِ يُجْلَدَانِ مِائَةً وَيُنْفَيَانِ سَنَةً قَالَ وَقَالَ عَلِيٌّ حَسْبُهُمَا مِنَ الْفِتْنَةِ أَنْ يُنْفَيَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ غَرَّبَ عُمَرُ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ فِي الْخَمْرِ إِلَى خَيْبَرَ فَلَحِقَ بِهِرَقْلَ فَتَنَصَّرَ فَقَالَ عُمَرُ لَا أُغَرِّبُ مُسْلِمًا بَعْدَ هَذَا أَبَدًا قَالُوا وَلَوْ كَانَ النَّفْيُ حَدًّا لِلَّهِ مَا تَرَكَهُ عُمَرُ بَعْدُ وَلَا كَانَ عَلِيٌّ يَكْرَهُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ وَأَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ قَالَ مَعْمَرٌ وَسَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ وَسُئِلَ إِلَى كَمْ يُنْفَى الزَّانِي قَالَ نَفَاهُ عُمَرُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ وَمِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى خَيْبَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ وَسُئِلَ بِمِثْلِهِ سَوَاءً أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ نَفَى إِلَى فَدَكَ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ نَفَى إِلَى فَدَكَ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ عَلِيًّا

نَفَى مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ نَفَى مِنْ مَكَّةَ إِلَى الطَّائِفِ قَالَ حَسْبُهُ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُ الرَّجُلِ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ مَعَ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَغَرَّبَهُ عَامًا فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْنَ الرَّجُلِ الْمُتَكَلِّمِ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا لا يؤخذ أَبُوهُ أَوْ صَدَّقَهُ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدَّ لِأَنَّ مِنْ شَرِيعَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يُؤْخَذَ أَحَدٌ بِإِقْرَارِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا (لَا عَلَى غَيْرِهَا) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي رِمْثَةَ فِي ابْنِهِ إِنَّكَ لَا تَجْنِي عَلَيْهِ وَلَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَهَذَا كُلُّهُ يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّهُ إِنَّمَا جَلَدَهُ بِإِقْرَارِهِ وَكَسْبِهِ عَلَى نَفْسِهِ لَا بِإِقْرَارِ أَبِيهِ عَلَيْهِ وَلَوْلَا إقراره بذلك عَلَى نَفْسِهِ لَا بِإِقْرَارِ أَبِيهِ عَلَيْهِ وَلَوْلَا إِقْرَارُهُ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ لَكَانَ أَبُوهُ قَاذِفًا لَهُ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

واختلفوا فيمن أقر بالزنى بِامْرَأَةٍ بِعَيْنِهَا وَجَحَدَتْ هِيَ فَقَالَ مَالِكٌ يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا وَلَوْ طَلَبَتْ حَدَّ الْقَذْفِ لَأُقِيمَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ زَنَى بِي فُلَانٌ وَأَنْكَرَ حُدَّتْ لِلْقَذْفِ ثُمَّ لِلزِّنَا وَبِهَذَا قَالَ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لأحد عَلَيْهِ لِلزِّنَا وَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَعَلَيْهَا مِثْلُ ذَلِكَ إِنْ قَالَتْ لَهُ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ يُحَدُّ مَنْ أَقَرَّ مِنْهُمَا للزنا فقط لأنا قد أحطنا علما أنهلا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدَّانِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ زَانِيًا فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ فَإِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُحَدُّ لِلْقَذْفِ وَلَا يُحَدُّ لِلزِّنَا وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إِذَا أَقَرَّ هُوَ وَجَحَدَتْ هِيَ جُلِدَ وَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا ولم يرجم وفيه رد ما قصى بِهِ مِنَ الْجَهَالَاتِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ وَقَالَ عُمَرُ رُدُّوا الْجَهَالَاتِ إِلَى السُّنَّةِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْجَوْرَ الْبَيِّنَ وَالْخَطَأَ الْوَاضِحَ الْمُخَالِفَ لِلْإِجْمَاعِ وَالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الْمَشْهُورَةِ الَّتِي لَا مُعَارِضَ لَهَا مَرْدُودٌ عَلَى كُلِّ مَنْ قَضَى به ذكر

مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَقُولُ مَا من طيبة أهون على من مِنَّا وَلَا كِتَابٍ أَهْوَنُ عَلَيَّ رَدًّا مِنْ كِتَابٍ قَضَيْتُ بِهِ ثُمَّ أَبْصَرْتُ أَنَّ الْحَقَّ فِي خِلَافِهِ أَوْ قَالَ فِي غَيْرِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ اعْتِرَافَ الزَّانِي مَرَّةً وَاحِدَةً بِالزِّنَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْحَدَّ مَا لَمْ يَرْجِعْ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا وَلَمْ يَقُلْ إِنِ اعْتَرَفَتْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَسَنُبَيِّنُ هَذَا فِي بَابِ مُرْسَلِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا إِثْبَاتُ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَإِيجَابُ الْعَمَلِ بِهِ فِي الْحُدُودِ وَإِذَا وَجَبَ ذَلِكَ فِي الْحُدُودِ فَسَائِرُ الْأَحْكَامِ أَحْرَى بِذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْأَلَ الْمَقْذُوفَ فَإِنِ اعْتَرَفَ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْوَاجِبِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ وَطَالَبَ الْقَاذِفَ أَخَذَ لَهُ بِحَدِّهِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَحُدُّ الْإِمَامُ الْقَاذِفَ حَتَّى يُطَالِبَهُ الْمَقْذُوفُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ سَمِعَهُ فَيَجْلِدُهُ إِنْ كَانَ مَعَهُ شُهُودٌ عُدُولٌ قَالَ وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ شَهِدَ عِنْدَهُ شُهُودٌ عُدُولٌ عَلَى قَاذِفٍ لَمْ يُقِمِ الْحَدَّ حَتَّى يُرْسِلَ إِلَى الْمَقْذُوفِ وَيَنْظُرَ مَا يَقُولُ لَعَلَّهُ يُرِيدُ سَتْرًا عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَحُدُّ إِلَّا بِمُطَالَبَةِ الْمَقْذُوفِ

وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَحُدُّهُ الْإِمَامُ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمَقْذُوفُ وَفِيهِ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ فِي حُكْمِ الدِّينِ وَاحِدًا كَمَا أَنَّ الْحَكَمَ وَاحِدٌ وَذَلِكَ كُلُّهُ قُوَّةٌ فِي الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الحاكم يقضي بما يقر به عنه الْمُقِرُّ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ لَهُ احْمِلْ مَعَكَ مَنْ يَسْمَعُ اعْتِرَافَهَا وَفِي ذَلِكَ إِيجَابُ الْقَضَاءِ بِمَا عَلِمَ الْقَاضِي وَهُوَ حَاكِمٌ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَوُجُوهِ أَقْوَالِهِمْ وَمَا نَزَعُوا بِهِ فِي بَابِ حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

الحديث التاسع

حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ فَقَالَ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ لَا أَدْرِي أَبَعْدَ الثَّالِثَةِ أَمِ الرَّابِعَةِ هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَتَابَعَهُ عَلَى إِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَرَوَاهُ عُقَيْلٌ وَالزُّبَيْدِيُّ وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ شِبْلًا أَوْ شِبْلَ بْنَ خَالِدٍ الْمُزَنِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَالِكٍ الْأَوْسِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ وَذَكَرُوا الْحَدِيثَ إِلَّا أَنَّ عُقَيْلًا وَحْدَهُ قَالَ مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْسِيُّ وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ وَابْنُ أَخِي الزهري عبد الله ابن مَالِكٍ وَكَذَلِكَ قَالَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ شِبْلٍ عَنْ حَامِدٍ الْمُزَنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْأَوْسِيِّ فَجَمَعَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ

الْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَانْفَرَدَ مَالِكٌ فِيهِ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدٍ وَعِنْدَ عُقَيْلٍ وَالزُّبَيْدِيِّ وَابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ فِيهِ أَيْضًا إِسْنَادٌ وَاحِدٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ شِبْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ وَجَمَعَ يُونُسُ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَشِبْلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ فَقَالَ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ هَكَذَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَجَعَلَ شِبْلًا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فَأَخْطَأَ وَأَدْخَلَ إِسْنَادَ حَدِيثٍ فِي آخَرَ وَلَمْ يُقِمْ حَدِيثَ شِبْلٍ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ شِبْلٌ هَذَا لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا وَقَالَ عَبَّاسٌ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ لَيْسَ لِشِبْلٍ صُحْبَةٌ يُقَالُ إِنَّهُ شِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ وَيُقَالُ شِبْلُ بْنُ حَامِدٍ قَالَ وَأَهْلُ مِصْرَ يَقُولُونَ شِبْلُ بْنُ حَامِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْأَوْسِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَهَذَا عِنْدِي أَشْبَهُ لِأَنَّ شِبْلًا لَيْسَ لَهُ صُحْبَةٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ جَمَعَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَشِبْلًا وَأَخْطَأَ فِي ضَمِّهِ شِبْلًا إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَإِنْ كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ جَمَعَهُمْ فِي حَدِيثِ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ أَبِي

هُرَيْرَةَ وَزَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ شِبْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْأَوْسِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فترك ابن عيينة عبد الله ابن مَالِكٍ وَضَمَّ شِبْلًا إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدٍ فَجَعَلَهُ حَدِيثًا وَاحِدًا وَإِنَّمَا هَذَا حَدِيثٌ وَذَاكَ حَدِيثٌ قَدْ مَيَّزَهُمَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ وَتَفَرَّدَ مَعْمَرٌ وَمَالِكٌ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ وَرَوَى الزُّبَيْدِيُّ وَعُقَيْلٌ وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ حَدِيثَ شِبْلٍ فَاجْتَمَعُوا عَلَى خِلَافِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَنَّ مَعْمَرًا وَمَالِكًا انْفَرَدَا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَأَقُولُ أَنْ قَدْ تَابَعَهُمَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْسِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ قَالَ يَحْيَى وَأَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وهو يسئل عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَزَعَمَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يحصن إِلَّا مَالِكٌ وَلَيْسَ كَمَا ذَكَرَ لِأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ قَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذلك

وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ عَلَى مَا قَدَّمْنَا بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَسَائِرُ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِالْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِيهِ وَلَمْ تُحْصَنْ غَيْرُ مَالِكٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ وَلَمْ تُحْصَنْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ فِيهِ وَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الرحمان بْنُ إِسْحَاقَ وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُعَيِّرْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ عَادَتْ فِي الرَّابِعَةِ فَلْيَجْلِدْهَا وَلْيَبِعْهَا بِضَفِيرٍ أَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ وَفِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ إِذَا زَنَتْ وَلِيدَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى

فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَ فِيهِ الْحَدَّ غَيْرَهُ وَكُلُّهُمْ قَالَ فِيهِ وَلَا يُعَيِّرْهَا وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابن شهاب عمارة ابن أَبِي فَرْوَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ فَأَخْطَأَ فِيهِ قَالَ فِيهِ عِمَارَةُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِذَا زَنَتِ الْأَمَةُ فَاجْلِدُوهَا وَقَالَ فِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالطَّرِيقَانِ جَمِيعًا خَطَأٌ وَرَوَى حديث عمارة اللَّيْثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِمَارَةَ وَمِنْ أَصْحَابِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ مَنْ يَقُولُ فِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا تَزَوَّجَتْ فَزَنَتْ أَنَّ عَلَيْهَا نِصْفَ مَا عَلَى الْحُرَّةِ الْبِكْرِ مِنَ الْجَلْدِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْإِحْصَانُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا الْإِسْلَامُ ومنها العفة ومنها التزويج ومنها الحربة إلا أنه في الأماء ههنا عَلَى وَجْهَيْنِ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ فَإِذَا أُحْصِنَّ زُوِّجْنَ أَوْ تَزَوَّجْنَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِحْصَانُهَا إِسْلَامُهَا فَمَنْ قَرَأَ أَحْصَنَّ بِفَتْحِ الْأَلِفِ فَمَعْنَاهُ تَزَوَّجْنَ أَوْ أَسْلَمْنَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ بِضَمِّ الْأَلِفِ فَمَعْنَاهُ زُوِّجْنَ أَيْ أُحْصِنَّ بِالْأَزْوَاجِ

يُرِيدُ أَحْصَنَهُنَّ غَيْرُهُنَّ يَعْنِي الْأَزْوَاجَ بِالنِّكَاحِ وَقَدْ قِيلَ أُحْصِنَّ بِالْإِسْلَامِ فَالزَّوْجُ يُحْصِنُهَا وَالْإِسْلَامُ يُحْصِنُهَا وَالْمَعْنَيَانِ مُتَدَاخِلَانِ فِي الْقَوْلَيْنِ فَمِمَّنْ قَرَأَ بِضَمِّ الْأَلِفِ وَكَسْرِ الصَّادِ فِي أُحْصِنَّ ابْنُ عَبَّاسٍ وأبو الدراداء وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ وَابْنُ كَثِيرٍ وَالْأَعْرَجُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ وَسَلَّامٌ وَالْقَاسِمُ وأبو عبد الرحمان السُّلَمِيُّ وَأَبُو رَجَاءَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَأَبُو عَمْرٍو وَقَتَادَةُ وَعِيسَى وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ وَأَيُّوبُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو عبد الرحمان الْمُقْرِئُ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ وَعَاصِمٍ فَرُوِيَ عَنْهُمَا الْوَجْهَانِ جَمِيعًا وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِذَا أُحْصِنَّ بِالْأَزْوَاجِ وَكَانَ يَقُولُ لَيْسَ عَلَى الْأَمَةِ حَدٌّ حَتَّى تُحْصَنَ بِزَوْجٍ وَرَوَى عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مِثْلَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ كُلِّ مَنْ قَرَأَ بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَرَوَى أَهْلُ مَكَّةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَا يُضَارِعُ هَذَا الْمَذْهَبَ رَوَى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رباح عن الحرث بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْأَمَةِ كَمْ حَدُّهَا فَقَالَ أَلْقَتْ فَرْوَتَهَا وَرَاءَ الدَّارِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَمْ يُرِدْ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ هَذَا الْفَرْوَةَ

بِعَيْنِهَا لِأَنَّ الْفَرْوَةَ جِلْدَةُ الرَّأْسِ كَذَا قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَكَيْفَ تُلْقِي جِلْدَةَ رَأْسِهَا مِنْ وَرَاءِ الدَّارِ وَلَكِنْ إِنَّمَا أَرَادَ بِالْفَرْوَةِ الْقِنَاعَ يَقُولُ لَيْسَ عَلَيْهَا قِنَاعٌ وَلَا حِجَابٌ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ إِلَى كُلِّ مَوْضِعٍ يُرْسِلُهَا أَهْلُهَا إِلَيْهِ لَا تَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ لَا تَكَادُ تَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنَ الْفُجُورِ فَكَأَنَّهُ رَأَى أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا إِذَا فَجَرَتْ بِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ وَقَدْ رُوِيَ تَصْدِيقُ هَذَا فِي حَدِيثٍ مُفَسَّرٍ حَدَّثَنَاهُ يَزِيدُ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ قَالَ تَذَاكَرْنَا يَوْمًا قَوْلَ عُمَرَ هَذَا فَقَالَ سَعِيدُ ابن حَرْمَلَةَ إِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ فِي الرَّعَايَا فَأَمَّا اللَّوَاتِي قَدْ أَحْصَنَهُنَّ مَوَالِيهِنَّ فَإِنَّهُنَّ إِذَا أَحْدَثْنَ جُرِّدْنَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَمَّا الْحَدِيثُ فَرَعَايَا وَأَمَّا الْعَرَبِيَّةُ فَرَوَاعِي قَالَ أَبُو عُمَرَ ظَاهِرُ حَدِيثِ عُمَرَ أَنْ لَا حَدَّ عَلَى الْأَمَةِ إِلَّا أَنْ تُحْصَنَ بِالتَّزْوِيجِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مَعْنَاهُ أَنْ لَا حَدَّ عَلَى الْأَمَةِ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ لَمْ تَكُنْ لِأَنَّهَا لَا حِجَابَ عَلَيْهَا وَلَا قِنَاعَ وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ لَا حَدَّ عَلَى عَبْدٍ وَلَا ذِمِّيٍّ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ يحتمل التأويل ورى عَنْهُ أَيْضًا أَنْ لَيْسَ عَلَى الْأَمَةِ حَدٌّ حَتَّى تُحْصَنَ بِحُرٍّ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى عَلَى الْعَبْدِ حَدًّا إِلَّا أَنْ يَنْكِحَ الْأَمَةَ حُرٌّ فَيُحْصِنُهَا فَيَجِبُ عَلَيْهَا شَطْرُ الْجَلْدِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ فَزَنَى عَبْدٌ وَلَمْ يُحْصَنْ قَالَ جَلْدٌ غَيْرُ حَدٍّ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَذْهَبُ كُلِّ مَنْ لَا يَرَى عَلَى الْأَمَةِ حَدًّا حَتَّى تُنْكَحَ أَنَّهَا تُؤَدَّبُ وَتُجْلَدُ دُونَ الْحَدِّ إِذَا زَنَتْ وَتَأَوَّلُوا حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَمِمَّنْ قَرَأَ بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَالصَّادِ أَحْصَنَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَشَيْبَةُ بْنُ نَصَّاحٍ وَمُسْلِمُ بْنُ جُنْدُبٍ وَالزُّهْرِيُّ وَعَطَاءٌ والشعبي وزر بن حبيش والأسود ابن يَزِيدَ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَعِيسَى الْكُوفِيُّ وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبَانُ بْنُ ثَعْلَبٍ وَعَاصِمٌ الْحَجْدَرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ إِدْرِيسَ

واختلف في ذلك عن عاصم والحسين وَابْنِ سِيرِينَ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَرَوْنَ الْحَدَّ عَلَى الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَهِيَ مُسْلِمَةٌ ذَاتَ زَوْجٍ كانت أو غير ذات زوج خميسن جَلْدَةً وَتَأْوِيلُ أَحْصَنَّ عِنْدَ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَسْلَمْنَ وَالثَّانِي عَفَفْنَ وليس عففن لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ عَفَفْنَ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ يَعْنِي الزِّنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ هَارُونُ أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ تُقْرَأُ أَحْصَنَّ مَفْتُوحَةَ الْأَلِفِ وَتَفْسِيرُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ عَلَى أَسْلَمْنَ وَعَفَفْنَ وَرَوَاهُ وُهَيْبٌ عَنْ هَارُونَ فَجَعَلَ التَّفْسِيرَ مِنْ قَوْلِ هَارُونَ قَالَ وُهَيْبٌ أَخْبَرَنَا هَارُونُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَإِذَا أَحْصَنَّ مَنْصُوبَةً قَالَ هَارُونُ وَتَفْسِيرُ هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ بَعْضُهُمْ يَقُولُ إِذَا أَسْلَمْنَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ إِذَا عَفَفْنَ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيَّ جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ إِنَّ جَارِيَةً لِي زَنَتْ قَالَ اجْلِدْهَا خَمْسِينَ قَالَ لَيْسَ لَهَا زَوْجٌ قَالَ إِسْلَامُهَا إِحْصَانُهَا وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فَإِذَا أَحْصَنَّ يَقُولُ فَإِذَا أَسْلَمْنَ

وَرَوَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَا وَافَقَ هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ أَصَحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ أَحْدَثَ وَلَائِدُ مِنْ رَقِيقِ الْإِمَارَةِ فَأَمَرَ بِهِنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَمَرَ شَبَابًا مِنْ شَبَابِ قُرَيْشٍ فَجَلَدُوهُنَّ الْحَدَّ قَالَ فَكُنْتُ فِيمَنْ جَلَدُوهُنَّ رواه عن يحيى ابن سَعِيدٍ مَالِكٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَلَدَ وَلَائِدَ مِنَ الْخُمْسِ أَبْكَارًا فِي الزِّنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا خِلَافُ حَدِيثِ أَلْقَتْ فَرْوَتَهَا مِنْ وَرَاءِ الدَّارِ عَنْ عُمَرَ وَهُوَ أَثْبَتُ وَاخْتُلِفَ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرَوَى سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَرِيزٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي أَمَةٍ لَهُ لَا تَجْلِدُوهَا وَمَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ ذَنْبٍ فَعَلَيَّ وَرَوَى هُشَيْمٌ عَنْ دَاوُدَ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ شَهِدْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَضْرِبُ إِمَاءَهُ الْحَدَّ إِذَا زَنَيْنَ تَزَوَّجْنَ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْنَ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ قَالَ إِذَا

كَانَتْ لَيْسَتْ ذَاتَ زَوْجٍ جَلَدَهَا سَيِّدُهَا نِصْفَ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ رَفَعَ أَمْرَهَا إِلَى السُّلْطَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَقْضِي أَنْ لَا حَدَّ عَلَى الْأَمَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً إِلَّا بَعْدَ التَّزْوِيجِ ثُمَّ جَاءَتِ السُّنَّةُ بِجَلْدِهَا وَإِنْ لَمْ تُحْصَنْ فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةَ بَيَانٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ فَوَصَفَهُنَّ بِالْإِيمَانِ ثُمَّ قَالَ فَإِذَا أُحْصِنَّ فإن أتين بفاحشة والإحصان التزويج ههنا لِأَنَّ ذِكْرَ الْإِيمَانِ قَدْ تَقَدَّمَ ثُمَّ جَاءَتِ السُّنَّةُ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ فَقِيلَ جَلْدٌ دُونَ الْحَدِّ وَقِيلَ بَلِ الْحَدُّ وَيَكُونُ زِيَادَةَ بَيَانٍ كَنِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَقَدْ مَضَى مُكَرَّرًا هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ يَحُدَّ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ أَهْلُوهُمْ فِي الزِّنَا إِلَّا أَنْ يُرْفَعَ أَمْرُهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْتَاتَ عَلَيْهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مَيْسَرَةَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ مَالِكٌ يَحُدُّ الْمَوْلَى عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ فِي الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْقَذْفِ إِذَا شَهِدَ عِنْدَهُ الشُّهُودُ وَلَا يَقْطَعُهُ فِي السَّرِقَةِ وَإِنَّمَا يَقْطَعُهُ الْإِمَامُ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُقِيمُ الْحُدُودَ عَلَى الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ السُّلْطَانُ دُونَ الْمَوْلَى فِي الزِّنَا وَفِي سَائِرِ الْحُدُودِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي رِوَايَةِ الْأَشْجَعِيِّ عَنْهُ يَحُدُّهُ الْمَوْلَى فِي الزِّنَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَحُدُّهُ الْمَوْلَى فِي كُلِّ حَدٍّ وَيَقْطَعُهُ وَحُجَّتُهُ قَوْلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ أَقَامُوا الْحُدُودَ عَلَى عَبِيدِهِمْ مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَنَسٌ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ أَدْرَكْتُ بَقَايَا الْأَنْصَارِ يَضْرِبُونَ الْوَلِيدَةَ مَنْ وَلَائِدِهِمْ إِذَا زَنَتْ فِي مَجَالِسِهِمْ وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وعبد الله ابن مُحَيْرِيزٍ وَمُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمْ قَالُوا الْجُمُعَةُ وَالزَّكَاةُ وَالْحُدُودُ وَالْفَيْءُ وَالْحُكْمُ إِلَى السُّلْطَانِ وَرُوِيَ عَنِ الْأَعْمَشِ أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ إِقَامَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ حَدًّا بِالشَّامِ فَقَالَ الْأَعْمَشُ هُمْ أُمَرَاءُ حَيْثُمَا كَانُوا

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِنَا الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ لِيَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ وَالْحَضِّ عَلَى مُبَاعَدَةِ الزَّانِيَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الِاطِّلَاعِ رُبَّمَا عَلَى الْمُنْكَرِ وَالْمَكْرُوهِ وَمِنَ الْعَوْنِ عَلَى الْخَبَثِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ وَتَفْسِيرُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْلَادُ الزِّنَا وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لَمْ يَرَ نَفْيَ الْإِمَاءِ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِنَّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَمْ يَقُلْ فَانْفُوهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي نَفْيِ الزُّنَاةِ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْأَمَةَ الزَّانِيَةَ لَيْسَ بَيْعُهَا بِوَاجِبٍ لَازِمٍ عَلَى رَبِّهَا وَإِنِ اخْتَارُوا لَهُ ذَلِكَ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ بِوُجُوبِ بَيْعِهَا إِذَا زَنَتْ فِي الرَّابِعَةِ مِنْهُمْ دَاوُدُ وَغَيْرُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّغَابُنَ فِي الْبَيْعِ وَأَنَّ الْمَالِكَ الصَّحِيحَ الْمِلْكِ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يبيع ما له القدر الكبير بالتافه اليسر وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إِذَا عَرَفَ قَدْرَ ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَ ذَلِكَ فَقَالَ قَوْمٌ إِذَا عَرَفَ قَدْرَ ذَلِكَ جَازَ كَمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ لَوْ وَهَبَ وَقَالَ آخَرُونَ عَرَفَ قَدْرَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ فَهُوَ جَائِزٌ إِذَا كَانَ رَشِيدًا حرا بالغا

وَالْحُجَّةُ لِمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لَبَادٍ وَسَنُوَضِّحُ هَذَا الْمَعْنَى فِي أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالضَّفِيرُ الْحَبْلُ قِيلَ مِنْ سَعَفِ النَّخِيلِ وَقِيلَ حَبْلُ الشَّعْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

الحديث العاشر

حَدِيثٌ عَاشِرٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ قَيْسِ بِنْتِ مِحْصَنٍ أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ أُمُّ قَيْسٍ هَذِهِ اسْمُهَا جُذَامَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ مِحْصَنٍ أُخْتُ عُكَّاشَةَ بْنِ وَهْبِ بْنِ مِحْصَنٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي الصَّحَابِيَّاتِ مِنْ كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ النَّضْحُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ صَبُّ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ عَرْكٍ وَفِي قوله ولم يغسله دليل على ذلك عن شَاءَ اللَّهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَاءَ إِذَا غَلَبَ عَلَى النَّجَاسَاتِ وَغَمَرَهَا طَهَّرَهَا وَكَانَ الْحُكْمُ لَهُ لَا لَهَا وَلَوْ كَانَ إِذَا اخْتَلَطَ بِالنَّجَاسَاتِ لَحِقَتْهُ النَّجَاسَةُ مَا كَانَ طَهُورًا وَلَا وَصَلَ بِهِ أَحَدٌ إِلَى الطَّهَارَةِ وَهَذَا مَرْدُودٌ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَمَّاهُ طَهُورًا وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ فِي كَثِيرِهِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي مَعَانٍ مِنْ قَلِيلِهِ وَقَدْ مَضَى القول

وَاضِحًا فِي الْمَاءِ فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ وُلُوغِ الْهِرَّةِ في الإناء فأغنى ذلك عن إعادته ههنا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ بَوْلَ كُلِّ آدَمِيٍّ يَأْكُلُ الطَّعَامَ نَجِسٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ إِذَا كَانَا مُرْضَعَيْنِ لَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا بَوْلُ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ كَبَوْلِ الرَّجُلِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا بَأْسَ بِبَوْلِ الصَّبِيِّ مَا دَامَ يَشْرَبُ اللَّبَنَ وَلَا يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ صَاحِبِ مَالِكٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بَوْلُ الصَّبِيِّ لَيْسَ بِنَجِسٍ حَتَّى يَأْكُلَ الطعام ولا يبين فَرْقُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّبِيَّةِ وَلَوْ غُسِلَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ بَوْلُ الصَّبِيِّ يُتْبَعُ مَاءً وَبَوْلُ الصَّبِيَّةِ يُغْسَلُ غَسْلًا وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ الرَّشُّ بِالرَّشِّ وَالصَّبُّ بِالصَّبِّ مِنَ الْأَبْوَالِ كُلِّهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ النَّضْحَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ صَبَّ الْمَاءِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الرَّشَّ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ لِأَنَّ الرَّشَّ لَا يَزِيدُ النَّجَاسَةَ إِلَّا شَرًّا وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّضْحَ قَدْ يَكُونُ صَبَّ الْمَاءِ وَالْغَسْلَ مِنْ غَيْرِ عَرْكٍ قَوْلُ الْعَرَبِ غَسَلَتْنِي السَّمَاءُ وَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه

قَالَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَرْضًا يُقَالُ لَهَا عُمَانُ يَنْضَحُ بِنَاحِيَتِهَا الْبَحْرُ بِهَا حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ لَوْ أَتَاهُمْ رَسُولِي مَا رَمَوْهُ بِسَهْمٍ وَلَا حَجَرٍ وَقَدْ جَاءَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثُ فِيهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ بَوْلِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ مِنْهَا مَا رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ وَيُنْضَحُ عَلَى بَوْلِ الْغُلَامِ قَالَ قَتَادَةُ مَا لَمْ يُطْعَمَا الطَّعَامَ فَإِذَا أُطْعِمَا الطَّعَامَ غُسِلَا جَمِيعًا وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ قَابُوسِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ عَنْ لُبَابَةَ بِنْتِ الحرث أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ بَالَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ أَعْطِنِي ثَوْبَكَ أَغْسِلْهُ فَقَالَ إِنَّمَا يُغْسَلُ مِنَ الْأُنْثَى وَيُنْضَحُ مِنْ بَوْلِ الذَّكَرِ وَهَذَا عِنْدَ جَمِيعِهِمْ مَا لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ بَوْلِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ مَا لَمْ يَأْكُلَا الطَّعَامَ عَلَى هَذِهِ الْآثَارِ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا وَالنَّضْحُ عَلَى بَوْلِ الْغُلَامِ عِنْدَهُمْ الرش ومن حجتهم ما رواه عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْوَلِيدِ

قَالَ حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو السَّمْحِ خَادِمُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِحَسَنٍ أو حسن فَبَالَ عَلَيْهِ قَالَ فَجِئْتُ لِأَغْسِلَهُ فَقَالَ يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ بَوْلِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ بَوْلِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الْآثَارَ إِنْ صَحَّتْ وَلَمْ يُعَارِضْهَا عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهَا وَجَبَ الْقَوْلُ بِهَا إِلَّا أَنَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى الصَّبَّ عَلَى بَوْلِ الصَّبِيِّ وَإِتْبَاعَهُ الْمَاءَ أَصَحُّ وَأَوْلَى وَأَحْسَنُ شَيْءٍ عِنْدِي فِي هَذَا الْبَابِ مَا قَالَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنِي الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنِي الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ بَوْلُ الْغُلَامِ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ صَبًّا وَبَوْلُ الْجَارِيَةِ يُغْسَلُ طَعِمَتْ أَوْ لَمْ تَطْعَمْ

وَهَذَا حَدِيثٌ مُفَسِّرٌ لِلْأَحَادِيثِ كُلِّهَا مُسْتَعْمِلٌ لَهَا حَاشَا حَدِيثِ الْمُحِلِّ بْنِ خَلِيفَةَ الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ الرَّشَّ وَهُوَ حَدِيثٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ وَالْمُحِلُّ ضَعِيفٌ وَإِذَا صُبَّ عَلَى بَوْلِ الْغُلَامِ وَغُسِلَ بَوْلُ الْجَارِيَةِ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الصَّبَّ قَدْ يُسَمَّى نَضْحًا كَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ بَوْلِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ الرَّضِيعَيْنِ مَا بَيْنَ الصَّبِّ وَالْعَرْكِ تَعَبُّدًا كَانَ وَجْهًا حَسَنًا وَهُوَ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لِصِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَهُ وَهُوَ رِوَايَتُهُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ وَيُفْتِي بِهِ رَوَى حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ فِي بَوْلِ الصَّبِيَّةِ يُغْسَلُ غَسْلًا وَبَوْلُ الصَّبِيِّ يُتْبَعُ بِالْمَاءِ وَهُوَ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

الحديث الحادي عشر

حَدِيثٌ حَادِي عَشَرَ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بجارية لَهُ سَوْدَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَإِنْ كُنْتَ تَرَاهَا مُؤْمِنَةً أُعْتِقُهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَتَشْهَدِينَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَتُوقِنِينَ بِالْبَعْثِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتِقْهَا هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ فَجَوَّدَ لَفَظَهُ وَرَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا فَإِنْ كُنْتَ تَرَاهَا مُؤْمِنَةً قَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَيَّ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ أَفَأُعْتِقُ هَذِهِ وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَحَذَفَ مِنْهُ أَنَّ عَلَيَّ رقبة مؤمنة وقال أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ فقال يا رسول الله أأعتقها فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْهَدِينَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

وَفَائِدَةُ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْقَعْنَبِيُّ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ومالك بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَفَأُعْتِقُ هَذِهِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ بُكَيْرٍ سَوَاءً لَمْ يَقُلْ فَإِنْ كُنْتَ تَرَاهَا مُؤْمِنَةً أُعْتِقُهَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ وَرَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظِ حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ سَوَاءً وَجَعَلَهُ مُتَّصِلًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا وَرَوَاهُ الْحُسَيْنُ هَذَا أَيْضًا عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ زَادَ فِي حَدِيثِ الْمَسْعُودِيِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ وإن كان ظاهره الانقطاع فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاتِّصَالِ لِلِقَاءِ عُبَيْدِ اللَّهِ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ

وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ جَاءَ بِأَمَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَإِنْ كُنْتَ تَرَى هَذِهِ مُؤْمِنَةً أَعْتَقْتُهَا وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ رِوَايَةِ يَحْيَى إِلَى آخِرِهَا وَرِوَايَةُ مَعْمَرٍ ظَاهِرُهَا الِاتِّصَالُ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخُوهُ فَجَعَلَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَخَالَفَ فِي لَفْظِهِ وَفِي مَعْنَاهُ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ عن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَوَّامِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ أَعْجَمِيَّةٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَفَأُعْتِقُ هَذِهِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ اللَّهُ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ لَهَا فَمَنْ أَنَا فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ وَإِلَى السَّمَاءِ أَيْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ

وَهَذَا الْمَعْنَى رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيهِ فِي بَابِ هِلَالٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الشَّهَادَةِ الَّتِي بِهَا يُخْرَجُ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ مَعَ الْإِقْرَارِ بِأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ الْإِقْرَارُ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ الْبَعْثَ فَلَا إِيمَانَ لَهُ وَلَا شَهَادَةَ وَفِي ذلك مايغنى وَيَكْفِي مَعَ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ تَأْكِيدِ الْإِقْرَارِ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا وَجْهَ لِلْإِنْكَارِ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ جَعَلَ عَلَى نفسه مؤمنة رقبة نَذَرَ أَنْ يُعْتِقَهَا أَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ مِنْ كَفَّارَةِ قَتْلٍ لَمْ يُجْزِهِ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ وَإِنَّمَا قُلْنَا مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةِ قَتْلٍ لِأَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَالْأَيْمَانِ قَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ إِنَّهُ يُجْزِي فِيهَا غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ وَلِلْكَلَامِ فِي ذَلِكَ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ قَدْ صَامَ وَصَلَّى وَعَقَلَ وَإِذَا قَالَ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَا شَاءَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ إِذَا كَانَ قَلْبُهُ مُصَدِّقًا لِمَا يَنْطِقُ بِهِ لِسَانُهُ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ شَهِدَ بِهَذِهِ الشهادة جاز عقته عَمَّنْ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صام وصلى وكذلك الطفل بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يسئل الجارية عن غير الشهادة لما فِي الْحَدِيثِ وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَإِقْرَارٌ دُونَ عَمَلٍ وظاهره فيه دليل على ذلك لكن ههنا دَلَائِلُ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَأْتِي ذِكْرُهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ مِنْ كَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهِ إِلَّا مَنْ صَامَ وَصَلَّى وَعَقَلَ الْإِيمَانَ فَمَحْمَلُ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مُدَافَعَةُ جَوَازِ عِتْقِ الطِّفْلِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ إِلَّا مَنْ صَامَ وَصَلَّى وَعَقَلَ الْإِيمَانَ وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الطِّفْلُ وَإِنْ كَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ كُلُّ رَقَبَةٍ وُلِدَتْ فِي الْإِسْلَامِ فَهِيَ تُجْزِئُ وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ فِيمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ أَيُجْزِئُ عِتْقُ الصَّبِيِّ الْمُرْضَعِ فِي كَفَّارَةِ الدَّمِ قَالَ نَعَمْ لِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُؤْمِنًا جَازَ عِتْقُهُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَسْتَحِبُّ أَنْ لَا يُعْتَقَ إِلَّا مَنْ يَتَكَلَّمُ بِالْإِيمَانِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ

مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا يُرَاعِي إِسْلَامَ الْأَبِ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى الْأُمِّ وَأَمَّا الصَّبِيُّ مِنَ السَّبْيِ فَسَنَذْكُرُ حُكْمَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إِذَا مَاتَ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِيمَا رَوَى عَنْهُ الْأَشْجَعِيُّ قَالَ لَا يُجْزِي فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ الصَّبِيُّ وَلَا يُجْزِي إِلَّا رَقَبَةٌ مُسْلِمَةٌ مَنْ صَامَ وَصَلَّى قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَنْ وُلِدَ بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الِاخْتِيَارِ وَالتَّمْيِيزِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْإِيمَانِ فِي الْمُوَارَثَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إِنْ مَاتَ وَمَا يَجِبُ لَهُ وَعَلَيْهِ فِي الْجِنَايَاتِ وَالْمُنَاكَحَاتِ وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ قَالَ مَنْ قَدْ عَقَلَ الْإِيمَانَ وَصَامَ وَصَلَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَلَا يُجْزِئُ إِلَّا مَنْ صَامَ وَصَلَّى وَمَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ رَقَبَةٌ لَيْسَتْ مُؤْمِنَةً فَالصَّبِيُّ يُجْزِئُ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ قَدْ صَلَّى وَمَا لَمْ تَكُنْ مُؤْمِنَةً فَيُجْزِئُ مَا لَمْ يُصَلِّ لَمْ يَذْكُرِ الصِّيَامَ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ أَنَّ عِتْقَ الصَّبِيِّ الَّذِي أَبَوَاهُ مُؤْمِنَانِ يُجْزِئُ وَإِنِ اسْتَحَبُّوا الْبَالِغَ

الحديث الثاني عشر

ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا مُرْسَلٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ يُكْنَى أَبَا عبد الرحمان مَوْلَى مَيْمُونَةَ الْهِلَالِيَّةِ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَتْهُ وَأَعْتَقَتْ إِخْوَتَهُ عَطَاءً وَعَبْدَ الْمَلِكِ وَعَبْدَ اللَّهِ بَنِي يَسَارٍ مَوَالِيَهَا فَوَلَاؤُهُمْ لَهَا وَكَانَ سُلَيْمَانُ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ مَدَارُ الْفَتْوَى بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ يُكْنَى أَبَا أَيُّوبَ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو عبد الرحمان وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ مُقَدَّمًا فِي الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ وَكَانَ نَظِيرًا لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَكَانَ مُكَاتِبًا لميمونة بنت الحرث بْنِ حَزْنٍ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدَّى فَعُتِقَ وَوَهَبَتْ مَيْمُونَةُ وَلَاءَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَتْ خَالَتَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ وَهَبَتْ وَلَاءَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَهَذَا مَشْهُورٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مِنْ فِعْلِهَا لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ عِنْدَهُمْ بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الولاء وَعَنْ هِبَتِهِ وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْوَلَاءُ كَالنَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَوَلِيَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ سُوقَ الْمَدِينَةِ

لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَنَةً وَاحِدَةً فِي زَمَانِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَرُوِيَ عَنِ الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب أنه قال سليمان بن ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَرَوَى أَشْهَبُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا إِسْرَافٌ وَإِفْرَاطٌ وَلَيْسَ سُلَيْمَانُ كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي الْفِقْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْفِقْهِ وَالسِّيَرِ وَلَمْ يَقُلْ هَذَا الْقَوْلَ غَيْرُ الْحَسَنِ بن محمد وأصح من هذا القول مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْقَهِ أَهْلِهَا فَقِيلَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَقِيلَ لِلزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٌ مَنْ أَفْقَهُ مَنْ أَدْرَكْتُمَا فَقَالَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَقَدْ كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ يسار يسأل سعيد بن المسيب وروى الحرث بْنُ مِسْكِينٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ عِنْدَنَا بَعْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَفْقَهَ رَجُلٍ كَانَ مُلْزِمًا بعد سعيد بن المسيب وكثيرا ما كان يَتَّفِقَانِ فِي الْقَوْلِ وَكَانَ إِذَا ارْتَفَعَ الصَّوْتُ في مجلسه أو سمع فيه سواء قَامَ عَنْهُ ذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَارِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ قَالَ اخْتَلَفَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وعلي بن حسين في بيع الثمرة فَقَالَ لِي قُمْ فَسَلْ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْهَا فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ

أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ يَسْأَلُكَ مَتَى تُبَاعُ الثَّمَرَةُ قَالَ إِذَا بَدَا صَلَاحُهَا فَأَتَيْتُ سُلَيْمَانَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ائْتِهِ فَاسْأَلْهُ مَتَى يَتَبَيَّنُ صَلَاحُهَا فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ قَالَ سُلَيْمَانُ مَتَى يَتَبَيَّنُ صَلَاحُهَا قَالَ إِذَا سَنْبَلَ الزَّرْعُ وَاحْمَرَّ الزَّهْرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَسُلَيْمَانُ فَقِيهٌ عَالِمٌ وَرِعٌ نَبِيلٌ كَانَتْ لَهُ جَلَالَةٌ وَقَدْرٌ بِالْمَدِينَةِ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ أَدْرَكْتُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ غَيْرُ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ وَسَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ مَاتَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ وَقَالَ غَيْرُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ قَالَ وَأَخْبَرَنِي مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ مَاتَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً وسئل يحيى ين مَعِينٍ عَنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمان عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الَّذِي يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ يَشْتَرِيهَا قَالَ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَقَالَ يُقَالُ أبو عبد الرحمان هَذَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَ غَيْرُهُ إِنَّهُ طَاوُسٌ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ

الحديث الثالث عشر

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ تَسْتَفْتِيهِ فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي إِسْنَادِهِ وَقَدْ سَمِعَهُ سُلَيْمَانُ ابن يَسَارٍ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عن الزهري عن سليمان ابن يَسَارٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مسدد قالا جمعيا

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ النَّحْرِ وَالْفَضْلُ رِدْفُهُ فَقَالَتْ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَمَسَّكَ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَهَلْ تَرَى أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ حَدَّثَنَاهُ أَوَّلًا عَنِ الزُّهُرِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَادَ فيه فقالت يا رسول الله أو ينفعه ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى أَحَدِكُمْ دَيْنٌ فَقَضَاهُ فَلَمَّا جَاءَنَا الزُّهْرِيُّ تَفَقَّدْتُ هَذَا فَلَمْ يَقُلْهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ وَنَحْنُ نَذْكُرُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنُبَيِّنُهُ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ إِبَاحَةُ رُكُوبِ نَفْسَيْنِ عَلَى دَابَّةٍ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ إِذَا أَطَاقَتِ الدَّابَّةُ ذَلِكَ وَفِيهِ إِبَاحَةُ الِارْتِدَافِ وَذَلِكَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَالْجَلِيلُ مِنَ الرِّجَالِ جَمِيلٌ بِهِ الِارْتِدَافُ وَالْأَنَفَةُ مِنْهُ تَجَبُّرٌ وَتَكَبُّرٌ حَبَّبَ اللَّهُ إِلَيْنَا الطَّاعَةَ بِرَحْمَتِهِ وَفِيهِ بَيَانُ مَا رُكِّبَ فِي الْآدَمِيِّينَ مِنْ شَهَوَاتِ النِّسَاءِ وَمَا يُخَافُ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِنَّ وَكَانَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ مِنْ شُبَّانِ بَنِي هَاشِمٍ بَلْ كَانَ أجمل أهله زَمَانِهِ فِيمَا ذَكَرُوا

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحُولَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي التَّأَمُّلِ وَالنَّظَرِ وَفِي مَعْنَى هَذَا مَنْعُ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِنَّ وَمِنْهُنَّ الْفِتْنَةُ مِنَ الْخُرُوجِ وَالْمَشْيِ فِي الْحَوَاضِرِ وَالْأَسْوَاقِ وَحَيْثُ يَنْظُرْنَ إِلَى الرِّجَالِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ الْآيَةَ مَا يَكْفِي لِمَنْ تَدَبَّرَ كِتَابَ اللَّهِ وَوُفِّقَ لِلْعَمَلِ بِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُكَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْفَضْلَ كَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَجَعَلَ يَلْحَظُ إِلَى امْرَأَةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْ يَا غُلَامُ فَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ مَنْ حَفِظَ فِيهِ بَصَرَهُ غُفِرَ لَهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ على أن إحرام المرأة في وجهها وَهَذَا مَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ الْفُقَهَاءُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَحُجُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْخَثْعَمِيَّةِ حُجِّي عَنْ أَبِيكِ وَلَمْ يَقُلْ إِنْ كَانَ مَعَكِ ذُو مَحْرَمٍ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَحْرَمَ لَيْسَ مِنَ السَّبِيلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِيهَا فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا اخْتِلَافُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّ جَمَاعَةً مِنْهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَخْصُوصٌ بِهِ أَبُو الْخَثْعَمِيَّةِ لَا يجوز أن

يُتَعَدَّى بِهِ إِلَى غَيْرِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَكَانَ أَبُو الْخَثْعَمِيَّةِ مِمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْحَجُّ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ كَانَتِ ابْنَتُهُ مَخْصُوصَةً بِذَلِكَ الْجَوَابِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَصْحَابُهُ وَجَعَلُوا أَبَا الْخَثْعَمِيَّةِ مَخْصُوصًا بِالْحَجِّ عَنْهُ كَمَا كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَخْصُوصًا بِرَضَاعِهِ فِي حَالِ الْكِبَرِ مَعَ اشْتِرَاطِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تَمَامَ الرَّضَاعَةِ فِي الْحَوْلَيْنِ فَكَذَلِكَ أَبُو الْخَثْعَمِيَّةِ مَعَ شَرْطِ اللَّهِ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ الِاسْتِطَاعَةَ وَهِيَ الْقُدْرَةُ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ تَكُونُ بِالْبَدَنِ وَالْقُدْرَةِ وَتَكُونُ أَيْضًا فِي الْمَالِ لِمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِبَدَنِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمِثْلِهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الِاسْتِطَاعَةِ الَّتِي عَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ السَّبِيلُ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ فَرْضُ الْحَجِّ فِي الْمَالِ وَالْبَدَنِ نَصًّا كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ وَلَكِنَّهُ حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ الْخُوزِيُّ

وَهُوَ ضَعِيفٌ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنِ الْحَاجُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الشَّعِثُ التَّفِلُ فَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْعَجُّ وَالثَّجُّ فَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ مَا السَّبِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا السَّبِيلُ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قَالَ السَّبِيلُ أَنْ يَصِحَّ بَدَنُ الْعَبْدِ وَيَكُونُ لَهُ ثم زَادٍ وَرَاحِلَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجْحِفَ بِهِ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجِبُ الْحَجُّ إِلَّا عَلَى مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً مِنَ الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَدَ وَطَائِفَةٍ ذُو الْمَحْرَمِ فِي الْمَرْأَةِ مِنَ السَّبِيلِ وَسَنُبَيِّنُ هَذَا فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ إِنْ شاء

اللَّهُ وَالَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْخَثْعَمِيَّةِ وَبِهِ اسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّ الْحَجَّ فَرْضٌ وَاجِبٌ فِي الْمَالِ قَالُوا وَأَمَّا الْبَدَنُ فَمُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَالنُّكْتَةُ الَّتِي بِهَا اسْتَدَلُّوا وَعَلَيْهَا عَوَّلُوا قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الراحلة فأخبرته أن الحج إذا فُرِضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَانَ أَبُوهَا فِي حَالٍ لَا يَسْتَطِيعُهُ بِبَدَنِهِ فَأَخْبَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ أَنْ تَحُجَّ عَنْهُ وَأَعْلَمَهَا أَنَّ ذَلِكَ كَالدَّيْنِ تَقْضِيهِ عَنْهُ فَكَانَ فِي هَذَا الْكَلَامِ مَعَانٍ مِنْهَا أَنَّ الْحَجَّ وَجَبَ عَلَيْهِ كَوُجُوبِ الدَّيْنِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّيْنَ وَاجِبٌ فِي الْمَالِ لَا فِي الْبَدَنِ وَمِنْهَا أَنَّ عَمَلَهَا فِي ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ كَالصَّلَاةِ الَّتِي لَا يَعْمَلُهَا أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَمِنْهَا أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ تَكُونُ بِالْمَالِ كَمَا تَكُونُ بِالْبَدَنِ وَاحْتَجُّوا مِنَ الْآثَارِ بِكُلِّ مَا ذُكِرَ فِيهِ تَشْبِيهُ الْحَجِّ بِالدَّيْنِ وَسَنَذْكُرُهَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْحَجَّ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَقَالَ دَاوُدُ الْحَجُّ عَلَى الْعَبْدِ وَاجِبٌ وَقَالَ سَائِرُ الْفُقَهَاءِ لَا حَجَّ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الِاسْتِطَاعَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مُسْتَطِيعًا بِبَدَنِهِ وَاجِدًا مِنْ مَالِهِ مَا يُبَلِّغُهُ الْحَجَّ بِزَادٍ وَرَاحِلَةٍ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَذْكُورِ قَالَ الْوَجْهُ الآخر أن

يَكُونُ مَعْضُوبًا بِبَدَنِهِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى رَكْبٍ بِحَالٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَنْ يُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَهُ أَنَّ يَحُجَّ عَنْهُ بِطَاعَتِهِ لَهُ أَوْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ فَيَكُونُ هَذَا مِمَّنْ لَزِمَهُ فَرْضُ الْحَجِّ لِأَنَّهُ قَادِرٌ بِهَذَا الْوَجْهِ قَالَ وَمَعْرُوفٌ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ أَنْ يَقُولَ الرجال أَنَا مُسْتَطِيعٌ أَنْ أَبْنِيَ دَارًا أَوْ أَخِيطَ ثَوْبًا يَعْنِي بِالْإِجَارَةِ أَوْ بِمَنْ أَطَاعَهُ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ الْخَثْعَمِيَّةِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَالَ مَالِكٌ كُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَى التَّوَصُّلِ إِلَى الْبَيْتِ وَإِقَامَةِ الْمَنَاسِكِ بِأَيِّ وَجْهٍ قَدَرَ بِزَادٍ وَرَاحِلَةٍ أَوْ مَاشِيًا عَلَى رِجْلَيْهِ فَقَدْ لَزِمَهُ فَرْضُ الْحَجِّ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ فَلَيْسَ بِمُخَاطَبٍ فِي الْحَجِّ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَعْضُوبَ الَّذِي لَا يَتَمَسَّكُ عَلَى الرَّاحِلَةِ لَيْسَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ عِكْرِمَةُ والضحاك بن مزاحم والمعضوب الضَّعِيفُ الْهَرِمُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّهُوضِ وَقَالَ الْخَلِيلُ رَجُلٌ مَعْضُوبٌ كَأَنَّمَا لُوِيَ لَيًّا وَالْمَعْضُوبُ الَّذِي كَادَتْ أَعْضَاؤُهُ تَنْتَشِرُ جَزَعًا أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُقْرِئِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ وَابْنُ لَهِيعَةَ

قَالَا حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ شَرِيكٍ قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قَالَ السَّبِيلُ الصِّحَّةُ وَقَالَ الضَّحَّاكُ إِذَا كَانَ شابا فليواجر نَفْسَهُ بِأَكْلَةٍ وَعُقْبَةٍ حَتَّى يَقْضِيَ نُسُكَهُ وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ أَيْضًا وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ عُمُومُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فبأي وجه استطاع فذلك بِنَفْسِهِ وَقَدَرَ فَقَدْ لَزِمَهُ الْحَجُّ وَلَيْسَ اسْتِطَاعَةُ غَيْرِهِ اسْتِطَاعَةً لَهُ وَالْحَجُّ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ مِنْ عَمَلِ الْأَبْدَانِ فَلَا يَنُوبُ فِيهِ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ الْخَثْعَمِيَّةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِمَنْ شَاءَ لَا عَلَى أَدَاءِ وَاجِبٍ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحُجُّ عَنْ أَبِي قَالَ نَعَمْ إِنْ لَمْ تَزِدْهُ خَيْرًا لَمْ تَزِدْهُ شَرًّا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ فَقَدْ حَمَلُوا فِيهِ عَلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ لِانْفِرَادِهِ بِهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ أَصْحَابِهِ وَقَالُوا هَذَا حَدِيثٌ لَا يُوجَدُ فِي الدُّنْيَا عِنْدَ أَحَدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا فِي كِتَابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَوْ فِي كِتَابِ مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ كِتَابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ غَيْرُهُ وَقَدْ خَطَّأُوهُ فِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ خَطَأٌ فَقَالُوا هَذَا لَفْظٌ مُنْكَرٌ لَا تُشْبِهُهُ أَلْفَاظُ النَّبِيِّ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُرَ بِمَا لَا يَدْرِي هَلْ يَنْفَعُ أَمْ لَا يَنْفَعُ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِشْوَرِيُّ قَالَ لَمْ يَرْوِ حَدِيثَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَحَدٌ غَيْرُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَلَمْ يَرْوِهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ لَا كُوفِيٌّ وَلَا بَصْرِيٌّ وَلَا أَحَدٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا ظَاهِرُ إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فَظَاهِرٌ جَمِيلٌ لِأَنَّ الشَّيْبَانِيَّ ثِقَةٌ وَهُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَرَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وهشيم وكذلك يزيد ابن الْأَصَمِّ ثِقَةٌ وَلَكِنَّهُ حَدِيثٌ لَا يُوجَدُ عِنْدَ أَصْحَابِ الثَّوْرِيِّ الَّذِينَ هُمْ أَعْلَمُ بِالثَّوْرِيِّ مَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِثْلِ الْقَطَّانِ وَابْنِ مَهْدِيٍّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٍ وَأَبِي نُعَيْمٍ وَهَؤُلَاءِ جِلَّةُ أَصْحَابِ الثَّوْرِيِّ فِي الْحَدِيثِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ ثِقَةٌ فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ فَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَا تَأَوَّلُوهُ فِي حَدِيثِ الْخَثْعَمِيَّةِ وَيُدْخَلُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوهُ أَصْلًا يَقِيسُونَ عَلَيْهِ ولا يجيزون صلاة أحد من أَحَدٍ وَلَا يَقُولُونَ فِيهَا إِنَّهَا إِنْ لَمْ تَزِدِ الْمُصَلَّى عَنْهُ خَيْرًا لَمْ تَزِدْهُ شَرًّا كَمَا فِي هَذَا الْخَبَرِ فِي الْحَجِّ

وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَيْضًا الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ إِذَا وَصَلَ إِلَى الْبَيْتِ بِخِدْمَةِ النَّاسِ أَوْ بِالسُّؤَالِ أَوْ بِأَيِّ وَجْهٍ وَصَلَ إليه فقد تعين عليه الفرض ووجب عَلَيْهِ الْحَجُّ وَأَنَّهُ إِذَا أَيْسَرَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَمِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَيْضًا أَنَّ الَّذِي لَا زَادَ لَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْمَشْيِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَتِهِ السُّؤَالُ وَالتَّبَذُّلُ فَإِنْ حَجَّ أَجَزَأَهُ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْفَقِيرَ إِذَا وَصَلَ إِلَى الْبَيْتِ فَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْفَرْضُ وَلَزِمَهُ لِأَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ حِينَئِذٍ قِيلَ لَهُ لَوْ كَانَ الْحَجُّ لَا يَجِبُ فَرْضًا إِلَّا عَلَى مَنْ مَلَكَ زَادًا أَوْ رَاحِلَةً لَمَا تَعَيَّنَ فَرْضُهُ عَلَى الْفَقِيرِ بِدُخُولِهِ مَكَّةَ كَمَا لَا يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ عَلَى الْعَبْدِ بِدُخُولِهِ مَكَّةَ وَلَوْ كَانَ الزاد والراحلة من شرائط الوجوب لا ستوى فِيهِ حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَغَيْرُهُمْ كَمَا اسْتَوَوْا فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْبُلُوغِ الَّذِي لَا يَجُوزُ الْحَجُّ إِلَّا بِهِمَا وَيَدْخُلُ عَلَى قَائِلِي هَذَا الْقَوْلِ إِنَّ الْعِلَّةَ فِي الْعَبِيدِ بَاقِيَةٌ لَمْ تَزُلْ وَهِيَ الرِّقُّ وَعِلَّةُ الَّذِي لَمْ يَسْتَطِعْ ثُمَّ اسْتَطَاعَ قَدْ زَالَتْ وَمِنْ حُجَّةِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ حَدِيثُ شُعْبَةَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعَامِرِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ

اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ قَالَ احْجُجْ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ أَبِي مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنْ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الرُّكُوبَ وَأَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ الْحَجِّ فَهَلْ يُجْزِئُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ قَالَ أَنْتَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَكُنْتَ تَقْضِيهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَحُجَّ عَنْهُ

وَرَوَى هُشَيْمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ مِثْلُ حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ هَذَا سَوَاءً وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ هُشَيْمِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَتَى رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ وَإِنَّهَا مَاتَتْ قَالَ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَاقْضُوا اللَّهَ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ قَالُوا وَتَشْبِيهُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِالدَّيْنِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى مَنْ بِبَدَنِهِ عَنِ الِامْتِسَاكِ عَلَى الدُّؤْبَةِ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَسْتَأْجِرُ بِهِ قَالُوا وَكَذَلِكَ هُوَ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَهُ إِذَا اسْتَطَاعَ ذَلِكَ بِبَدَنِهِ أَوْ بِمَالِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي تَشْبِيهِهِ الْحَجَّ بِالدَّيْنِ أَنَّ ذَلِكَ أَيْضًا خُصُوصٌ لِلْخَثْعَمِيَّةِ كَمَا خُصَّ أَبُوهَا بِأَنْ يُعْمَلَ عَنْهُ مَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ خُصَّتْ بِالْعَمَلِ عَنْهُ لِتُؤْجَرَ وَيَلْحَقَهُ ثَوَابُ عَمَلِهَا بِدَلِيلِ الْقُرْآنِ فِي الِاسْتِطَاعَةِ وَبِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ فَرْضًا وَجَبَ عَلَيْهِ وَقَدْ يَعْمَلُ عَنْهُ مَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَيُشْرِكُهُ فِي ثَوَابِهِ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ

وَجَعَلُوا حَجَّ الْخَثْعَمِيَّةِ عَنْ أَبِيهَا كَالْحَجِّ بِالصَّبِيِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ التَّبَرُّكُ لَا الْفَرْضُ وَأَدْخَلَ بَعْضُ مَنْ يَحْتَجُّ لِمَالِكٍ عَلَى أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنْ قَالَ لَوْ ثَبَتَ تَشْبِيهُ الْحَجِّ بِالدَّيْنِ لَكُنْتَ مُخَالِفًا لَهُ لِأَنَّكَ زَعَمْتَ أَنَّ مَنْ حُجَّ عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَ قُوَّةً أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَلَيْسَ الدَّيْنُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا أُدِّيَ لَمْ يَحْتَجْ أَنْ يُؤَدَّى ثَانِيَةً وَانْفَصَلَ مِنْ ذَلِكَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ بِالْحَجِّ عَنْهُ لِعَدَمِهِ الِاسْتِطَاعَةَ بِبَدَنِهِ فَلَمَّا صَحَّ كَانَ حِينَئِذٍ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ فَرْضُ الْحَجِّ وَلَزِمَهُ قَضَاؤُهُ عَنْ نَفْسِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ بِبَدَنِهِ فَأَشَارَ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ بِالشُّهُورِ يَطْرَأُ عَلَيْهَا الْحَيْضُ فَتَعُودُ إِلَيْهِ وَأَدْخَلَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَالِكًا يُجِيزُ أَنْ يَحُجَّ الرَّجُلُ عَنِ الْمَيِّتِ إِذَا أَوْصَى بِذَلِكَ وَلَا يُجِيزُ الصَّلَاةَ وَلَا الصِّيَامَ أَنْ يَعْمَلَهُمَا أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ غَيْرِهِ مَيِّتٍ وَلَا حَيٍّ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ الْحَجِّ لِلصَّلَاةِ وَأَعْمَالِ الْبَدَنِ وَلِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ تَشْغِيبٌ يَطُولُ ذِكْرُهُ وَلَا يَجْمُلُ اجْتِلَابُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ حَجِّ الرَّجُلِ عَنْ غَيْرِهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ إِلَّا عَنْ مَيِّتٍ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّيْثُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لِلصَّحِيحِ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ تَطَوُّعًا وَقَالَ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ مَاتَ

كَانَ ذَلِكَ مُسْقِطًا لِفَرْضِهِ وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ كَانَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ وَإِنْ تَطَوَّعَ رَجُلٌ بِالْحَجِّ عَنْهُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَجَزَأَهُ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ أَنْ يُوَاجِرَ أَحَدٌ نَفْسَهُ فِي الْحَجِّ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ نَحْوَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ قَالَ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَلَمْ يَحُجَّ فَلْيُوصِ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَإِنْ هُوَ لَمْ يُوصِ فَحَجَّ عَنْهُ وَلَدُهُ فَحَسَنٌ إِنَّمَا هُوَ دَيْنٌ يَقْضِيهِ وَقَدْ كَانَ يُسْتَحَبُّ لِذِي الْقَرَابَةِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ قَرَابَتِهِ فَإِنْ كَانَ لَا قَرَابَةَ لَهُ فَمَوَالِيهِ إِنْ كَانَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ فَإِنْ أَحَجُّوا عَنْهُ رَجُلًا تَطَوُّعًا فَلَا بَأْسَ قَالَ وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَلْيَحُجَّ عَنْهُ مَنْ قَدْ حَجَّ وَلَا يَنْبَغِي لِرَجُلٍ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ إِذَا لَمْ يَحُجَّ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَحُجُّ بِهِ قَالَ وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَحُجَّ فَلْيَبْدَأْ بِدَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلٌ يَحُجُّ بِهِ حَجَّ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ قَدْرَ مَا إِنْ حَجَّ بِهِ أَضَرَّ بِعِيَالِهِ فَلْيُنْفِقْ عَلَى عِيَالِهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَحُجَّ الرَّجُلُ بِدَيْنٍ إِذَا كَانَ لَهُ عُرُوضٌ إِنْ مَاتَ تَرَكَ وَفَاءً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ شَيْءٌ وَلَمْ يَحُجَّ فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَسْتَقْرِضَ وَيَسْأَلَ النَّاسَ فَيَحُجَّ بِهِ فَإِنْ فَعَلَ أَوْ آجَرَ نَفْسَهُ أَجْزَأَهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَالَ وَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ مَا يَحُجُّ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَأَرَادَ أن يتزوج

وَخَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيَحُجَّ بَعْدَ أَنْ يُوسِرَ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يَنْبَغِي لِلْأَعْزَبِ إِذَا أَفَادَ مَالًا أَنْ يَحُجَّ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَ قَالَ وَحَجُّهُ أَوْلَى مِنْ قَضَائِهِ دَيْنًا عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ وَلْتَخْرُجِ الْمَرْأَةُ مَعَ وَلِيِّهَا فَإِنْ أَبَى وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ وَوَجَدَتْ مَنْ يَخْرُجُ مَعَهَا مِنَ الرِّجَالِ أَوْ نِسَاءٍ مَأْمُونِينَ فَلْتَخْرُجْ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَسَنَذْكُرُ مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنْ المذاهب فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا مَحْرَمَ لَهَا يَخْرُجُ مَعَهَا عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ يُحَجُّ عَنِ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ وَيُجْزِيهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَقَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنِ الْمَيِّتِ مَنْ لَمْ يَحُجَّ قَطُّ وَلَكِنَّ الِاخْتِيَارَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَوَّلًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ لَا يَحُجُّ عَنِ الْمَيِّتِ إِلَّا مَنْ قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ وَيُكْرَهُ أَنْ تَحُجَّ الْمَرْأَةُ عَنِ الرَّجُلِ وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَحُجَّ الرَّجُلُ عَنِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُلْبَسُ وَالرَّجُلَ لَا يُلْبَسُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَحُجُّ عَنِ الْمَيِّتِ إِلَّا مَنْ قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ حَجَّ عَنِ الْمَيِّتِ صَرُورَةٌ كَانَتْ نِيَّتُهُ لِلنَّفْلِ لَغْوًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ جَائِزٌ أَنْ يُوَاجِرَ نَفْسَهُ فِي الْحَجِّ وَلَسْتُ أَكْرَهُهُ

وَقَالَ مَالِكٌ أَكْرَهُ أَنْ يُوَاجِرَ نَفْسَهُ فِي الْحَجِّ فَإِنْ فَعَلَ جَازَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي رِوَايَةٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنَّ الْحَجَّ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَعْمَلَهُ غَيْرُ الْمُتَقَرِّبِ بِهِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِإِجْمَاعٍ أَنْ يُسْتَأْجَرَ الذِّمِّيُّ أن يحج عن مسلم وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ لِلْمُسْلِمِ وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ والشافعي على جواز ذلك إِجْمَاعُهُمْ عَلَى كِتَابِ الْمُصْحَفِ وَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَحَفْرِ الْقُبُورِ وَصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ فَكَذَلِكَ عَمَلُ الْحَجِّ عَنِ الْغَيْرِ وَالصَّدَقَاتُ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ أَبَاحَ لِلْعَامِلِ عَلَيْهَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِ وَلَا مَعْنًى لِاعْتِبَارِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يَحُجُّ عَنِ الْمُسْلِمِ تَطَوُّعًا وَأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْمُسْلِمِ وَفِي حَدِيثِ الْخَثْعَمِيَّةِ هَذَا رَدٌّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ فِي قَوْلِهِ إِنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَحُجَّ عَنِ الرَّجُلِ وَحُجَّةٌ لِمَنْ أَجَازَ ذَلِكَ وَأَمَّا حُجَّةُ مَنْ أَبَى جَوَازَ حَجِّ الرَّجُلِ عَنِ الرَّجُلِ وَهُوَ صَرُورَةٌ لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ فَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالْقَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ

النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ فَقَالَ مَنْ شُبْرُمَةُ قَالَ أَخٌ لِي أَوْ قَرِيبٌ لِي فَقَالَ حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ قَالَ لَا قَالَ فَحُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ وَمَنْ أَبَى الْقَوْلَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ لَا يَذْكُرُ عَزْرَةَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ عِلَلًا يَجِبُ بِهَا التَّوَقُّفُ عَنِ الْقَوْلِ بِالْحَدِيثِ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْحَافِظِ مَقْبُولَةٌ حُكْمُهَا حُكْمُ الْحَدِيثِ نفسه لو لم يجيء بِهِ غَيْرُهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الرابع عشر

حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ يَخْرُصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهُودِ خَيْبَرَ قَالَ فَجَمَعُوا لَهُ حَلْيًا مِنْ حَلْيِ نِسَائِهِمْ فَقَالُوا هذا لك فخفف عنا وَتَجَاوَزْ فِي الْقَسْمِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَمِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيَّ وَمَا ذَلِكَ بِحَامِلِي على أن أحيف عنكم فَأَمَّا مَا عَرَضْتُمْ مِنَ الرِّشْوَةِ فَإِنَّهَا سُحْتٌ وَإِنَّا لَا نَأْكُلُهَا فَقَالُوا بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ فِي جَمِيعِ الْمُوَطَّآتِ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَاهُ مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ حَدِيثِ ابْنِ شهاب عن سعيد ابن الْمُسَيَّبِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ يَسْتَنِدُ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَغَيْرِهِمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمَاعُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحٌ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَمَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَا لِأَصْحَابِهِ عُمَّالٌ يَعْمَلُونَهَا وَيَزْرَعُونَهَا فَدَعَا يَهُودَ خَيْبَرَ وَقَدْ كَانُوا أُخْرِجُوا مِنْهَا فَدَفَعَ إِلَيْهِمْ خَيْبَرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا عَلَى النِّصْفِ يُؤَدُّونَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُمْ أُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ بما أَقَرَّكُمُ اللَّهُ فَكَانَ يَبْعَثُ إِلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بن

رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ النَّخْلَ حِينَ يَطِيبُ أَوَّلُهُ ثُمَّ يخير يهود يأخدونها بِذَلِكَ أَوْ يَدْفَعُونَهَا بِذَلِكَ الْخَرْصِ وَإِنَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بِالْخَرْصِ فِي ذَلِكَ لِكَيْ تُحْصَى الزَّكَاةُ فِي ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُؤْكَلَ الثَّمَرَةُ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ إِثْبَاتُ خَبَرِ الْوَاحِدِ أَلَا تَرَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ قَدِمَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ وَهُوَ وَاحِدٌ فَأَخْبَرَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُكْمٍ كَبِيرٍ فِي الشَّرِيعَةِ فَلَمْ يَقُولُوا لَهُ إِنَّكَ وَاحِدٌ لَا نُصَدِّقُكَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وَلَوْ كَانَ خَبَرُهُ وَاحِدًا لَا يَجِبُ بِهِ الْحُكْمُ مَا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ وَفِيهِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ وَإِنْ أَبْغَضَ فِي اللَّهِ لَا يَحْمِلُهُ بُغْضُهُ عَلَى ظُلْمِ مَنْ أَبْغَضَهُ وَالظَّالِمُ نَفْسَهُ يَظْلِمُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا أَخَذَهُ الْحَاكِمُ وَالشَّاهِدُ عَلَى الْحُكْمِ بِالْحَقِّ أَوِ الشَّهَادَةِ بِالْحَقِّ سُحْتٌ وَكُلُّ رُشْوَةٍ سُحْتٌ وَكُلُّ سُحْتٍ حَرَامٌ وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَكْلُهُ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ جَمَاعَةُ أَهْلِ

التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَكَّالُونَ للسحت قالوا السحت الرشوة في الحكم وفي السحت كُلُّ مَا لَا يَحِلُّ كَسْبُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّحْتَ وَهُوَ الرُّشْوَةُ عِنْدَ الْيَهُودِ حَرَامٌ وَلَا يَحِلُّ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِمْ بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَلَوْلَا أَنَّ السُّحْتَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِمْ فِي كِتَابِهِمْ مَا عَيَّرَهُمُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ بِأَكْلِهِ فَالسُّحْتُ مُحَرَّمٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَتِهِ آمِينَ أَنْشَدَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ لِمَنْصُورٍ الْفَقِيهِ رَحِمَهُ اللَّهُ ... إِذَا رُشْوَةٌ مِنْ بَابِ بَيْتٍ تَقَمَّحَتْ ... ... لِتَدْخُلَ فِيهِ وَالْأَمَانَةُ ... ... فِيهِ سَعَتْ هَرَبًا مِنْهَا وَوَلَّتْ كَأَنَّهَا ... ... حَلِيمٌ تَنَحَّى عَنْ جِوَارِ سَفِيهِ ... حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَالِكُ بْنُ عِيسَى بْنِ نَصْرٍ الْقَفْصِيُّ الْحَافِظُ بِقَفْصَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد ابن بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مِقْسَمِ ابن أَبِي الْقَاسِمِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنَّ لَهُ الْأَرْضَ وَكُلَّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فَقَالَ لَهُ أَهْلُ خَيْبَرَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِالْأَرْضِ فَأَعْطِنَاهَا عَلَى أَنْ نَعْمَلَ وَلَنَا نِصْفُ الثَّمَرَةِ وَلَكُمُ النِّصْفُ فَزَعَمَ أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ حِينَ تَصَرَّمَ النَّخْلُ بَعَثَ إِلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَحَزَرَ النَّخْلَ وَهُوَ الَّذِي يَدْعُوهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْخَرْصَ فَقَالَ هِيَ كَذَا وَكَذَا فقالوا أكثر علينا وفي حدثنا الْمُعَافَى فَقَالَ فِي ذَا كَذَا وَكَذَا فَقَالُوا أكثرت يا بن رَوَاحَةَ قَالَ فَأَنَا أُعْطِيكُمُ النِّصْفَ الَّذِي قُلْتُ قَالُوا هَذَا الْحَقُّ وَبِهِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَقَدْ رَضِينَا أَنْ نَأْخُذَهُ بِالَّذِي قُلْتَ وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ أَكْثَرْتَ عَلَيْنَا يا بن رَوَاحَةَ قَالَ فَأَنَا أَلِي جُذَاذَ النَّخْلِ وَأُعْطِيكُمْ نِصْفَ الَّذِي قُلْتُ قَالُوا هَذَا الْحَقُّ وَبِهِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَقَدْ رَضِينَا أَنْ نَأْخُذَهُ بِالَّذِي قُلْتَ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ رَبِيعَةَ من

الْقَوْلِ فِي ذِكْرِ الْأَرْضِ وَفِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ مَعَانِيَ الْخَرْصِ وَمَعَانِي أَرْضِ خَيْبَرَ مَا فِيهِ إِشْرَافٌ عَلَى مَعَانِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ عَبْدُ الرحمان بْنُ كَيْسَانَ كَانَ أَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ عَلَى النِّصْفِ مِمَّا تُخْرِجُ أَرْضُهَا وَثَمَرُهَا خُصُوصًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا لَهُ كَالْعَبِيدِ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ عَبْدِهِ كَيْفَ شَاءَ وبيبع مِنْهُ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ فَرَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم في دفع الأرض إلى اليهود بالنظر لِتِلْكَ الْعِلَّةِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ لِمَا ثَبَتَ مِنْ تَنْبِيهٍ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ وَفِي بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَلِمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ أَنَّ الْمَجْهُولَ لَا يَكُونُ بِمِثْلٍ لِشَيْءٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَقَرَأْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ أَفَاءَ اللَّهُ خَيْبَرَ عَلَى رَسُولِهِ فَأَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَبَعَثَ عبد الله ابن رَوَاحَةَ فَخَرَصَهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ أَنْتُمْ أَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَيَّ قَتَلْتُمْ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ وَكَذَبْتُمْ عَلَى اللَّهِ وَلَيْسَ يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ قَدْ خَرَصْتُ عِشْرِينَ أَلْفَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ فَإِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي فَقَالُوا بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ قَدْ أَخَذْنَا فَاَخْرُجُوا عَنَّا فَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِنَّمَا أَخْرَجَهُمْ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُقِرُّوا فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ مَنْ لَيْسَ مِنَّا أَوْ قَالَ مَنْ لَيْسَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

الحديث الخامس عشر

ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مُطْعِمٍ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا مُرْسَلٌ عِنْدَ أَكْثَرِ رُوَاةِ الموطأ وهو محمد بن جبيز بْنِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عبد مناف ابن قُصَيٍّ الْقُرَشِيُّ النَّوْفَلِيُّ يُكْنَى أَبَا سَعِيدٍ قَدْ ذَكَرْنَا أَبَاهُ وَشَيْئًا مِنْ أَخْبَارِهِ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ مِنْ أَعْلَمِ أَهْلِ وَقْتِهِ بِالنَّسَبِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ دَخَلَ يَوْمًا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَلَمْ نَكُنْ نَحْنُ وَأَنْتُمْ يَعْنِي عَبْدَ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ فِي حِلْفِ الْفُضُولِ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لَتُخْبِرَنِّي يَا أَبَا سَعِيدٍ فَقَالَ لا والله يأمير الْمُؤْمِنِينَ لَقَدْ خَرَجْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ مِنْهُمْ قَالَ صَدَقْتَ وَتُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ سنة مائة في خلافة عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ وَتُوُفِّيَ أَخُوهُ أَبُو مُحَمَّدٍ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَقِيلَ فِي خِلَافَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الملك

الحديث السادس عشر

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ محمد بن جبير بن مطعم عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِ وَالطُّورِ هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَجَمَاعَةُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه ورواه محمد بن عمرو عن ابْنِ شِهَابٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالصَّوَابُ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ سَعَةً وَأَنَّهُ لَيْسَ يَضِيقُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مُسْتَوْعَبًا وَفِي سَائِرِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ المص مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ مروان بن الحكم عن زيد ابن ثَابِتٍ وَقَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَ ذَلِكَ وَالْإِسْنَادُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى سَعَةِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ كَمَا ذَكَرْنَا وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ بِ الصَّافَّاتِ في المغرب وأنه قرأ فيها بحم الدُّخَانِ وَأَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِ سَبِّحِ اسْمَ ربك الأعلى وأنه قرأ فيها ب التين وَالزَّيْتُونِ وَأَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ

وَأَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِ الْمُرْسَلَاتِ وَأَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِيهَا بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَهِيَ آثَارٌ صِحَاحٌ مَشْهُورَةٌ لَمْ أَرَ لِذِكْرِهَا وَجْهًا خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ وَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا تَوْقِيتَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا بِدَلَائِلَ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ فيها قراء السُّوَرِ الْقِصَارِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ يَكُونَ إِبَاحَةً وَتَخْيِيرًا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ دَلِيلُ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ مَا اسْتَحَبُّوا مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُقَصِّرْ وَلْيُخَفِّفْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي دِينِنَا سَعَةً وَيُسْرًا وَتَخْفِيفًا لَا شَرِيكَ لَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ شَيْءٌ سَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِنْ رُوَاتِهِ عَنْهُ فِيهِ وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ ابْنِ شِهَابٍ وَهُوَ مَعْنًى بَدِيعٌ حَسَنٌ مِنَ الْفِقْهِ وَذَلِكَ أَنَّ جُبَيْرَ بْنِ مُطْعِمٍ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ كَافِرٌ وَحَدَّثَ بِهِ عَنْهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَقَدْ رَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَلِيُّ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ الرُّكَيْنِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ الْمَقْرَئِيُّ جَمِيعًا عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مطعم عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِدَاءِ أُسَارَى بَدْرٍ فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِ الطُّورِ وَلَمْ أُسْلِمْ يَوْمَئِذٍ فَكَأَنَّمَا صَدَعَ

قَلْبِي وَقَالَ لَوْ كَانَ مُطْعِمٌ حَيًّا وَكَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّفَرِ لَأَعْتَقْتُهُمْ هَذَا لَفْظُ عَلِيِّ بْنِ الرَّبِيعِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ وَلَمْ يُتَابَعْ هَذَانِ عَلَى سِيَاقَةِ هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ رَوَاهُ كَذَلِكَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَمِمَّنْ رَوَى ذِكْرَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عن محمد بن جبير بن مطعم عن أَبِيهِ أَنَّهُ جَاءَ فِي فِدَاءِ أُسَارَى أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ فَوَافَقْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِ والطور وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فَأَخَذَنِي مِنْ قِرَاءَتِهِ كَالْكَرْبِ فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَمْرِ الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ عَامَ الْفَتْحِ وَيُقَالُ عَامَ خَيْبَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ خَبَرِهِ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ قَالَ حدثنا

سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عن محمد بن جبير بن مطعم عن أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ قَالَ سُفْيَانُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ قَالَ فَكَادَ يَطِيرُ قَلْبِي وحدثني سعيد بن النصر قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ محمد بن جبير بن مطعم عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ قَالَ سُفْيَانُ فقالوا في هذا الحديث ان جبير قَالَ سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنَا مُشْرِكٌ فَكَادَ قَلْبِي يَطِيرُ حِينَ قَرَأَ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ وَلَمْ يَقُلْهُ لَنَا الزُّهْرِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بن عثمان ابْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ وَالطُّورِ فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هم المصيطرون كَادَ قَلْبِي يَطِيرُ قَالَ سُفْيَانُ فَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِ

وَالطُّورِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ زَادَ الَّذِي قَالُوا لِي وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَجَعَلَ فِي مَوْضِعِ الْمَغْرِبِ الْعَتَمَةَ إِلَّا أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي بِخَطِّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حدثنا لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَتَبَ إِلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنِي محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قَالَ قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِدَاءِ أُسَارَى بَدْرٍ فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ في العتمة بـ والطور ورواه سفيان ابن حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَلَى الشَّكِّ فِي الْعَتَمَةِ أَوِ الْمَغْرِبِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَجَازَهُ لَنَا أبو محمد ابن أَسَدٍ عَنِ ابْنِ جَامِعٍ عَنْ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ هُشَيْمٌ وَلَا أَظُنُّنِي إِلَّا وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُكَلِّمَهُ فِي أُسَارَى بَدْرٍ فَوَافَقْتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ أَوِ الْعَتَمَةَ فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ وَيَقْرَأُ وَقَدْ خَرَجَ صَوْتُهُ مِنَ الْمَسْجِدِ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ قَالَ فَكَأَنَّمَا صَدَعَ قَلْبِي فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ كَلَّمْتُهُ فِي أُسَارَى

بَدْرٍ فَقَالَ شَيْخُكَ أَوِ الشَّيْخُ لَوْ كَانَ أَتَانَا فِيهِمْ شَفَّعْنَاهُ يَعْنِي أَبَاهُ الْمُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ هُشَيْمٌ وَغَيْرُهُ وَكَانَتْ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَتْ يَدُ الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيَامَهُ فِي شَأْنِ الصحيفة التي كتبها قُرَيْشٌ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَهُوَ أَيْضًا أَجَارَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ مِنَ الطَّائِفِ مِنْ دُعَاءِ ثَقِيفٍ أَجَارَهُ هُوَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ وَخَبَرُهُ بِكَمَالِهِ فِي الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ

الحديث السابع عشر

حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ مُرْسَلٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شهاب عن محمد بن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي وَأَنَا الْعَاقِبُ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَحْيَى مُرْسَلًا لَمْ يَقُلْ عَنْ أبِيهِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ وَمِمَّنْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَأَسْنَدَهُ عَنْ مَالِكٍ مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ وَابْنُ شَرُوسٍ الصَّنْعَانِيُّ (وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ) الدِّمَشْقِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَحَبِيبٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو حُذَافَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ وَأَبُو الْمُصْعَبِ كُلُّ هَؤُلَاءِ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ مُسْنَدًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عن أبيه

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الطَّحَّانُ بِمِصْرَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَحَدَّثَكَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بن مطعم عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِي خمسة أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الْمَاحِي وَأَنَا الْحَاشِرُ وَأَنَا الْعَاقِبُ قَالَ نَعَمْ وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال إن لي خمسة أسماء أنا محمد وأنا أحمد وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي وَأَنَا الْعَاقِبُ وَالْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَدٌ هَكَذَا قَالَ فِي تَفْسِيرِ الْعَاقِبِ فِي نَسَقِ الْحَدِيثِ وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ وَالْحَسَنِ بْنِ خَضِرٍ وَالْحَسَنِ بْنِ رَشِيقٍ كُلُّهُمْ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ مِثْلَهُ سَوَاءً

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنٌ عَنْ مَالِكٍ عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي وَأَنَا الْعَاقِبُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ مُسْنَدًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ (حَدَّثَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي أَحْشُرُ النَّاسَ وَأَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ لَمْ يَقُلْ خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ وَالْأَسْمَاءُ هُنَا الصفات سَوَاءٌ فَمُحَمَّدٌ مُفَعَّلٌ مِنَ الْحَمْدِ وَكَذَلِكَ أَحْمَدُ أَفْعَلُ مِنَ الْحَمْدِ قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ ... وَشَقَّ له من اسمه ليجعله ... ... فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ ... حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو رَجَاءٍ الْمِعْلَالِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ قَالَ أَحْسَنُ بَيْتٍ قِيلَ فِيمَا قَالُوا قَوْلُ عَبْدِ الْمَطَّلِبِ أَوْ قَوْلُ أَبِي طَالِبٍ الشَّكُّ مِنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ ... وَشَقَّ لَهُ مِنَ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ ... ... فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ ... وَالْقَوْلُ فِي الِاسْمِ وَالْمُسَمَّى لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَسَائِرُ فِرَقِ الْإِسْلَامِ وَأَكْثَرُوا مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ بِمَا لَمْ أَرَ فِي ذِكْرِهِ هَهُنَا وَجْهًا وَمَعْنَى قَوْلِهِ يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي أَيْ قُدَّامِي وَأَمَامِي أَيْ إِنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ وَيَنْضَمُّونَ حَوْلَهُ وَيَكُونُونَ أَمَامَهُ يَوْمَ

الْقِيَامَةِ وَرَوَى الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ حَشَرَتْهُمُ السَّنَةُ إِذَا ضَمَّتْهُمْ مِنَ النَّوَاحِي وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا مُطَابِقٌ لِكِتَابِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ولكن رسول الله وخاتم النبيئين وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ خَتَمَ اللَّهُ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ وَخَتَمَ بِمَسْجِدِهِ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ يَعْنِي مَالِكٌ بِذَلِكَ مَسَاجِدَ الْأَنْبِيَاءِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ سَأَلْتُ سُفْيَانَ يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ عَنِ الْعَاقِبِ فَقَالَ لِي آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ خَلَفَ بَعْدَ شَيْءٍ فَهُوَ عَاقِبٌ وَقَدْ عَقَّبَ يُعَقِّبُ عُقْبًا وَلِهَذَا قِيلَ لِوَلَدِ الرَّجُلِ بَعْدَهُ عَقِبَهُ وَكَذَلِكَ آخِرُ كُلِّ شَيْءٍ عَقِبَهُ

الحديث الثامن عشر

ابن شهاب عن علي بن حسين بن عَلِيٍّ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا مُسْنَدٌ وَالْآخَرَانِ مُرْسَلَانِ يستندان من وجوه من غير رِوَايَةِ مَالِكٍ وَهُوَ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَيُكَنَّى أَبَا الْحَسَنِ أُمُّهُ غَزَالَةُ أُمُّ وَلَدٍ وَهُوَ عَلِيٌّ الْأَصْغَرُ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَكَانَ لِحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ابْنَانِ يُسَمَّيَانِ بِعَلِيٍّ فعلي بن حسين الأكبر قُتِلَ بِكَرْبَلَاءَ مَعَ أَبِيهِ وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ ويقال أمه لَيْلَى بِنْتُ أَبِي مُرَّةَ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ هَذَا فكان أفضل بَنِي هَاشِمٍ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ مَا رَأَيْتُ هَاشِمِيًّا أَفْضَلَ مِنْهُ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ وَكَانَ أَفْضَلَ هَاشِمِيٍّ أَدْرَكْتُهُ وَقِيلَ بَلْ كَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَقَالَ أَهْلُ النَّسَبِ إِنَّهُ لَيْسَ لِحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَقِبٌ إِلَّا مِنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ هَذَا الْأَصْغَرِ وَأَمَّا أَخُوهُ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ الْأَكْبَرُ الْمَقْتُولُ مَعَ أَبِيهِ بِكَرْبَلَاءَ فَلَا عَقِبَ لَهُ وَشَهِدَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ هَذَا الْأَصْغَرُ مَعَ أَبِيهِ كَرْبَلَاءَ وَاخْتُلِفَ فِي سِنِّهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَقَالَ قَوْمٌ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ لَمْ يَنْبُتْ وَقَالَ آخَرُونَ كَانَ ابْنَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَقَالَ آخَرُونَ كَانَ ابْنَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ ليس قول من قال أنه كان صغيرا لَمْ يَنْبُتْ بِشَيْءٍ قَالَ وَكَيْفَ يَكُونُ

ذَلِكَ وَقَدْ وُلِدَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَبُو جَعْفَرٍ وَسَمِعَ مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ وَرَوَى عَنْهُ عِلْمًا كَثِيرًا وَمَاتَ جَابِرٌ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ قَالَ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَاتِلْ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ هَذَا يَوْمَئِذٍ مَعَ أَبِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ مَرِيضًا عَلَى فِرَاشٍ لَا أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ وَالسِّيَرِ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَئِذٍ مَرِيضًا مُضْطَجِعًا عَلَى فِرَاشٍ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ قَالَ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ اقْتُلُوا هَذَا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ أَنَقْتُلُ حَدَثًا مَرِيضًا لَمْ يُقَاتِلْ وَجَاءَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فَقَالَ لَا تَعْرِضُوا لِهَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ وَلَا لِهَذَا الْمَرِيضِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ فَلَمَّا أُدْخِلْتُ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ قَالَ مَا اسْمُكَ قلت علي بن حسين قال أو لم يَقْتُلِ اللَّهُ عَلِيًّا قَالَ قُلْتُ كَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ عَلِيٌّ أَكْبَرُ مِنِّي قَتَلَهُ النَّاسُ قَالَ بَلِ اللَّهُ قَتَلَهُ قُلْتُ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَصَاحَتْ زَيْنَبُ ابْنَةُ عَلِيٍّ يَا ابْنَ زِيَادٍ حَسْبُكَ مِنْ دِمَائِنَا أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ إِنْ قَتَلْتَهُ إِلَّا قَتَلْتَنِي مَعَهُ وَيُقَالُ إِنَّ قُرَيْشًا رَغِبَتْ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَاتِّخَاذِهِنَّ حِينَ وُلِدَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَكُلُّهُمْ لِأُمِّ وَلَدٍ وَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ وَفَاةِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ هَذَا فَالْأَكْثَرُ يَقُولُونَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ

قال ابن نميرك مَاتَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرحمان سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَكَانَ يُقَالُ سَنَةُ الْفُقَهَاءِ وَقِيلَ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيُّ تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ سَنَةَ مِائَةٍ قَالَ الْمَدَائِنِيُّ وَيُقَالُ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّهُ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ مَاتَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَهُوَ الْقَائِلُ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِنَصِيبِي مِنَ الذُّلِّ حُمْرَ النَّعَمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَانَ ذَا عَقْلٍ وَفَهْمٍ (وَعِلْمٍ) وَدِينٍ وَلَهُ أَخْبَارٌ صَالِحَةٌ حِسَانٌ تَرَكْتُهَا خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ مِنْهَا مَا رَوَى جَرِيرٌ عَنْ شَيْبَةَ بْنِ نَعَامَةَ قَالَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ يَبْخَلُ فَلَمَّا مَاتَ وَجَدُوهُ يَعُولُ مِائَةَ بَيْتٍ بِالْمَدِينَةِ فِي السِّرِّ وَمِنْهَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ

كَانَ يَلْبَسُ كِسَاءَ خَزٍّ بِخَمْسِينَ دِينَارًا يَلْبَسُهُ فِي الشِّتَاءِ فَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ بَاعَهُ فَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ قَالَ وَكَانَ يَلْبَسُ فِي الصَّيْفِ ثَوْبَيْنِ مِنْ مَتَاعِ مِصْرَ مُمَشَقَيْنِ وَيَلْبَسُ مَا دُونَ ذَلِكَ مِنَ الثِّيَابِ وَيَقُولُ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ إِلَى آخَرِ الْآيَةِ

الحديث التاسع عشر

حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ يَزِيدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ وَسَائِرُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ يَقُولُونَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَلَى الشَّكِّ فَقَالَ فِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ أَوْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ وَالثَّابِتُ عَنْ مَالِكٍ عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ كَمَا رَوَى يَحْيَى وَتَابَعَهُ الْقَعْنَبِيُّ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ وذكر ابن معين عن عبد الرحمان بْنِ مَهْدِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ قَالَ لِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ تَرَانِي لَا أَعْرِفُ عُمَرَ مِنْ عَمْرٍو هَذِهِ دَارُ عُمَرَ وَهَذِهِ دَارُ عَمْرٍو قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا أَهْلُ النَّسَبِ فَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ابْنًا يسمى عمر وله أيضا ابن يُسَمَّى عَمْرًا وَلَهُ أَيْضًا أَبَانٌ وَالْوَلِيدُ وَسَعِيدٌ وَكُلُّهُمْ بَنُو عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ

وَقَدْ رُوِيَ الْحَدِيثُ عَنْ عُمَرَ وَعَمْرٍو وَأَبَانٍ وَكَانَ سَعِيدٌ قَدْ وُلِّيَ خُرَاسَانَ وَهُوَ الَّذِي عنى مالك (ابن) الرَّيْبِ فِي قَوْلِهِ ... أَلَمْ تَرْنِي بِعْتُ الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى ... ... وَأَصْبَحْتُ فِي جَيْشِ ابْنِ عَفَّانَ غَازِيَا ... وَكَانَ الْوَلِيدُ بْنُ عُثْمَانَ أَحَدَ رِجَالِ قُرَيْشٍ وَكَانَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ جَلِيلًا أَيْضًا فِي قُرَيْشٍ وُلِّيَ الْمَدِينَةَ مَرَّةً وَرَوَى عَنِ أبِيهِ فَلَيْسَ الِاخْتِلَافُ فِي أَنَّ لِعُثْمَانَ ابْنًا يُسَمَّى عمران وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَلْ هُوَ لِعُمَرَ أَوْ عَمْرٍو فَأَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ غَيْرَ مَالِكٍ يَقُولُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَمَالِكٌ يَقُولُ فِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عن عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ وَقَدْ وَافَقَهُ الشَّافِعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ هُوَ عُمَرَ وَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ وَقَالَ قد كان لعثمان ابن يُقَالُ لَهُ عُمَرُ وَهَذِهِ دَارُهُ وَمَالِكٌ لَا يَكَادُ يُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ حِفْظًا وَإِتْقَانًا لَكِنَّ الْغَلَطَ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ يَأْبَوْنَ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا عمرو

بِالْوَاوِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ إِنَّ مَالِكًا يَقُولُ فِي حَدِيثِ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ فَقَالَ سُفْيَانُ لَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ كَذَا وَكَذَا مَرَّةً وَتَفَقَّدْتُهُ مِنْهُ فَمَا قَالَ إِلَّا عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمِمَّنْ تَابَعَ ابْنَ عُيَيْنَةَ عَلَى قَوْلِهِ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ مَعْمَرٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَعُقَيْلٌ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ والْأَوْزَاعِيُّ وَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى أَنْ يُسَلَّمَ لَهَا وَكُلُّهُمْ يَقُولُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَلَقَدْ أَحْسَنَ ابْنُ وَهْبٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ عَنْ يُونُسَ وَمَالِكٍ جَمِيعًا وَقَالَ قَالَ مَالِكٌ عُمَرُ وَقَالَ يُونُسُ عَمْرٌو حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ خَالَفَ مَالِكٌ النَّاسَ فِي هَذَا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا زِيَادَةُ مَنْ زَادَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ فَلَا مَدْخَلَ لِلْقَوْلِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِجْمَاعٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَافَّةً عَنْ كَافَّةٍ أَنَّ الْكَافِرَ لَا

يَرِثُ الْمُسْلِمَ وَهِيَ الْحُجَّةُ الْقَاطِعَةُ الرَّافِعَةُ لِلشُّبْهَةِ وَأَمَّا اقْتِصَارُ مَالِكٍ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ فَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ فكأن مالك رَحِمَهُ اللَّهُ قَصَدَ إِلَى النُّكْتَةِ الَّتِي لِلْقَوْلِ فِيهَا مَدْخَلٌ فَقَطَعَ ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مِنْ صَحِيحِ الْأَثَرِ فِيهِ وَذَلِكَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَمُعَاوِيَةَ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَيَحْيَى بْنَ بِشْرٍ وَمَسْرُوقَ بْنَ الْأَجْدَعِ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَأَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ نُفَيْلٍ وَفِرْقَةً قَالَتْ بِقَوْلِهِمْ مِنْهُمْ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ فِي ذَلِكَ كُلُّ هَؤُلَاءِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يَرِثُ الْكَافِرَ بِقَرَابَتِهِ وَأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ وَقَالُوا نَرِثُهُمْ وَلَا يَرِثُونَنَا وَنَنْكِحُ نِسَاءَهُمْ وَلَا يَنْكِحُونَ نِسَاءَنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ أَهْلُ الشِّرْكِ نَرِثُهُمْ وَلَا يَرِثُونَنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلُ قَوْلِ الْجُمْهُورِ لَا نَرْثِهِمْ وَلَا يَرِثُونَنَا ذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لَا نَرِثُ أَهْلَ الْمِلَلِ وَلَا يَرِثُونَنَا وَقَوْلُهُ فِي عمة

الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا مَشْهُورٌ فِيهِ أَيْضًا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ أَيْضًا عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْعُرْسِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي عَمَّةِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسِ يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا وَالْحُجَّةُ فِيمَا تَنَازَعَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ كِتَابُ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ بَيَانُ ذَلِكَ فَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ مِنْ نَقْلِ الْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ الثِّقَاتِ فَكُلُّ مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ مَحْجُوجٌ بِهِ وَالَّذِي عَلَيْهِ سَائِرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِثْلِ مالك والليث وَالثَّوْرِيِّ والْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْفِقْهِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرْثُ الْكَافِرَ كَمَا أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرْثُ الْمُسْلِمَ اتِّبَاعًا لِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَخْذًا بِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ إِلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ فِي رِوَايَةٍ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرِثُ الْمُرْتَدُّ أَحَدًا

وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ فِي الْمُرْتَدِّ قَالَ إِذَا قُتِلَ فَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ وَإِذَا لَحِقَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ فَمَالُهُ لِلْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَارِثٌ عَلَى دِينِهِ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَقَالَ قَتَادَةُ وَجَمَاعَةٌ مِيرَاثُهُ لِأَهْلِ دِينِهِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ النَّاسُ فَرِيقَانِ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَقُولُ مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ سَاعَةَ يَكْفُرُ تُوقَفُ عَنْهُ فَلَا يَقْدِرُ مَنْ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى يَنْتَظِرَ أَيُسْلِمُ أَمْ يَكْفُرُ مِنْهُمْ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَفَرِيقٌ يَقُولُ لِأَهْلِ دِينِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِ الْحُكْمِ فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ وَغَرَضُنَا الْقَوْلُ فِي مِيرَاثِهِ فَقَطْ وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي أَنَّهُ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ لِأَنَّ قَرَابَةَ الْمُرْتَدِّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ جَمَعُوا سَبَبَيْنِ الْقَرَابَةَ وَالْإِسْلَامَ وَسَائِرُ الْمُسْلِمِينَ انْفَرَدُوا بِالْإِسْلَامِ وَالْأَصْلُ فِي الْمَوَارِيثِ أَنَّ مَنْ أَدْلَى بِسَبَبَيْنِ كَانَ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَتَلَ الْمُسْتَوْرِدَ الْعَجَلِيَّ عَلَى الرِّدَّةِ وَوَرَّثَ وَرَثَتَهُ مَالَهُ حَدِيثُهُ هَذَا عِنْدَ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ الثِّقَاتِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو

الشَّيْبَانِيِّ قَالَ أَتَى عَلِيٌّ الْمُسْتَوْرِدَ الْعَجَلِيَّ وَقَدِ ارْتَدَّ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَبَى فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَجَعَلَ مِيرَاثَهُ لِوَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُ قَوْلِ عَلِيٍّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي غَيْرِ الْمُسْتَوْرِدِ مِثْلُ ذَلِكَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ أُتِيَ عَلِيٌّ بِشَيْخٍ كَانَ نَصْرَانِيًّا فَأسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ لَعَلَّكَ إِنَّمَا ارْتَدَدْتَ لِأَنْ تُصِيبَ مِيرَاثًا ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَى الْإِسْلَامِ قَالَ لَا قَالَ لَعَلَّكَ خَطَبْتَ امْرَأَةً فَأَبَوْا أَنْ يُنْكِحُوكَهَا فَأَرَدْتَ أَنْ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ تَعُودُ إِلَى الْإِسْلَامِ قَالَ لَا قَالَ فَارْجِعْ إِلَى الْإِسْلَامِ قَالَ أَمَّا حَتَّى أَلْقَى الْمَسِيحَ فَلَا فَأَمَرَ بِهِ عَلِيٌّ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَدَفَعَ مَالَهُ إِلَى وَلَدِهِ الْمُسْلِمِينَ وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ سُئِلَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنِ الْمُرْتَدِّ فَقَالَ نَرِثُهُمْ وَلَا يَرِثُونَا وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أُسِرَ فَتَنَصَّرَ إِذَا عُلِمَ ذَلِكَ بَرِئَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ وَاعْتَدَّتْ مِنْهُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَدُفِعَ مَالُهُ إِلَى وَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ مَالُ الْمُرْتَدِّ لِوَرَثَتِهِ المسلمين

وَمَا أَصَابَ فِي ارْتِدَادِهِ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ وَإِنْ وُلِدَ لَهُ وُلَدٌ فِي ارْتِدَادِهِ لَمْ يَرِثْهُ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ الْمُرْتَدُّونَ لَا يَرِثُونَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَلَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَرِثُهُمْ أَوْلَادُهُمْ أَوْ وَرَثَتُهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَتَأَوَّلَ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ أَنَّهُ أَرَادَ الْكَافِرَ الَّذِي يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ وَيَكُونُ دِينُهُ مِلَّةً يُقَرُّ عَلَيْهَا وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ (وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَيْسَ كَذَلِكَ) وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ الْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ وَلَا يُوَرَّثُ فَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَمَالُهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي مجر الْفَيْءِ وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَرَبِيعَةَ وَالْحُجَّةُ لِمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ فِي قَطْعِ وِلَايَةِ الْكُفَّارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَمَّمُوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ فَلَمْ يَخُصَّ كَافِرًا مُسْتَقِرَّ الدِّينِ أَوْ مُرْتَدًّا وَلَيْسَ يَصِيرُ مِيرَاثُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ جِهَةِ الْمِيرَاثِ وَلَكِنْ سَلَكَ بِهِ سَبِيلَ كُلِّ مَالٍ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ وَهُوَ فَيْءٌ لِأَنَّهُ كَافِرٌ لَا عَهْدَ لَهُ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي قَوْلِ عَلِيٍّ لِأَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ يُخَالِفُهُ وَإِذَا وُجِدَ الْخِلَافُ وَجَبَ النَّظَرُ وَطَلَبُ الْحُجَّةِ وَالْحُجَّةُ قَائِمَةٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ قَوْلًا عَامًّا مُطْلَقًا وَالْمُرْتَدُّ كَافِرٌ لَا مَحَالَةَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَرَفَ مَالَ ذَلِكَ الْمُرْتَدِّ إِلَى وَرَثَتِهِ لِمَا رَأَى

فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ لِأَنَّ مَا صُرِفَ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ مِنَ الْأَمْوَالِ فَسَبِيلُهُ أَنْ يُصْرَفَ فِي الْمَصَالِحِ وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ قَالَ فِي الْمُرْتَدِّ مِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَدْ كَانُوا يُطَيِّبُونَهُ لِوَرَثَتِهِ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُطَيِّبُونَ لِوَرَثَةِ الْمُرْتَدِّ مِيرَاثَهُ وَقَدْ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لَهُ فَيَرِثَهُ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عن مولى بن أَبِي كَثِيرٍ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ الْمُرْتَدِّ كَمْ تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ قَالَ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ قُلْتُ إِنَّهُ قُتِلَ قَالَ فَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قُلْتُ أَيُوَصَّلُ مِيرَاثُهُ قَالَ مَا يُوَصَّلُ مِيرَاثُهُ قُلْتُ يَرِثُهُ بَنُوهُ قَالَ نَرِثُهُمْ وَلَا يَرِثُونَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ فَقَالَ نَرِثُهُمْ وَلَا يَرِثُونَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ سَعِيدٍ هَذَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ الْمَالَ فِي أَمْرِهِ كَالْمِيرَاثِ وَفِي مَالِ الْمُرْتَدِّ قَوْلٌ ثَالِثٌ إِنَّ مَا اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَلِوَرَثَتِهِ وَمَا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ رِدَّتِهِ فَهُوَ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْمُرْتَدِّ مِيرَاثُهُ لِأَهْلِ دِينِهِ الَّذِي تَوَلَّى وَرَوَى مَطَرٌ الْوَرَّاقُ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ وَالْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّ وَتَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ وَتَوْقِيفِهِ عَنْهُ وَحُكْمِ امْرَأَتِهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَاسْتِتَابَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهِ يَطُولُ ذِكْرُهُ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ هَهُنَا مَا كَانَ فِي مَعْنَى لَفْظِ حَدِيثِنَا عَلَى مَا شَرَطْنَا وَقَدْ مَضَى حُكْمُ مَنِ ارْتَدَّ فِي اسْتِتَابَتِهِ وَقَتْلِهِ مُجَوَّدًا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ وَفِي مَعْنَى حَدِيثِنَا هَذَا مِيرَاثُ الْكَافِرِ مِنَ الْكَافِرِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَوْرِيثِ الْيَهُودِيِّ مِنَ النَّصْرَانِيِّ وَمِنَ الْمَجُوسِيِّ عَلَى قَوْلَيْنِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ الْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَجَائِزٌ أَنْ يَرِثَ الْكَافِرُ الْكَافِرَ كَانَ عَلَى شَرِيعَتِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما مَنَعَ مِنْ مِيرَاثِ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَ وَلَمْ

يَمْنَعْ مِيرَاثَ الْكَافِرِ الْكَافِرَ وَتَأَوَّلَ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى قَالَ الْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَالْإِسْلَامُ مِلَّةٌ وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَأَكْثَرُ الْكُوفِيِّينَ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ الْإِسْلَامُ مِلَّةٌ وَالْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ وَالْمَجُوسِيُّ وَالصَّابِئُ وَعَبَدَةُ النِّيرَانِ وَعَبَدَةُ الْأَوْثَانِ كُلُّ ذَلِكَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ يَعْنِي فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرِثَ الْيَهُودِيُّ النَّصْرَانِيَّ وَلَا النَّصْرَانِيُّ الْيَهُودِيَّ وَلَا الْمَجُوسِيَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَفُقَهَاءُ الْبَصْرِيِّينَ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَالْحَسَنِ وَشَرِيكٍ وَرُوَاتُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالُوا الْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَلٌ مُفْتَرِقَةٌ لَا يَرِثُ أَهْلُ مِلَّةٍ أَهْلَ مِلَّةٍ أُخْرَى وَقَالَ شُرَيْحٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى الْكُفْرُ ثَلَاثُ مِلَلٍ فَالْيَهُودُ مِلَّةٌ وَالنَّصَارَى مِلَّةٌ وَسَائِرُ مِلَلِ الْكُفْرِ مِنَ الْمَجُوسِ وَغَيْرِهِمْ مِلَّةٌ واحدة لنهم لَا كِتَابَ لَهُمْ

قال أبو عمر إن توفي النصراني الذِّمِّيُّ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا حَرْبِيٌّ وَالْآخَرُ ذِمِّيٌّ فَإِنَّ الشَّافِعِيُّ قَالَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا بِنِصْفَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ حَرْبِيًّا وَتَرَكَ ابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا حَرْبِيٌّ وَالْآخَرُ ذِمِّيٌّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَبَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ إِنْ كَانَ ذِمِّيًّا وَرِثَهُ الذِّمِّيُّ دُونَ الْحَرْبِيِّ وَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا وَرِثَهُ الْحَرْبِيُّ دُونَ الذِّمِّيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ فَصَحِيحٌ عَنْهُ ثَابِتٌ لَا مَدْفَعَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ وَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ وَرَوَاهُ هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ الْوَاسِطِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ فِيهِ فَقَالَ فِيهِ لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ وَهُشَيْمٌ لَيْسَ فِي ابْنِ شِهَابٍ بِحُجَّةٍ وَحَدِيثُهُ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ وَلَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَرَوَاهُ عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ هُشَيْمٍ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو

عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ زِيَادِ بْنِ الْعَلَاءِ الْمِهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ أَخْبَرَنَا مالك عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ وَهَكَذَا قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِمَالِكٍ وَرَوَى مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى وَلَيْسَ دُونَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَبِاللَّهِ التوفيق

الحديث العشرون

حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ مُرْسَلٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ فِي الصَّلَاةِ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ صَلَاتَهُ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ خِلَافًا فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ مالك عن ابن شهاب عن علي بن الحسين عن أبيه ورواه عبد الرحمان بْنُ خَالِدِ بْنِ نَجِيحٍ عَنِ أبِيهِ عَنْ مالك عن ابن شهاب عن علي بن الْحُسَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ إِلَّا مَا فِي الْمُوَطَّأِ مُرْسَلٌ وَقَدْ أَخْطَأَ فِيهِ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقَرْقَسَانِيُّ فَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أبِيهِ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ هَذَا الْإِسْنَادُ وَالصَّوَابُ عِنْدَهُمْ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَمَّا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَأَمَّا الْآثَارُ الَّتِي رُوِيَتْ مُسْنَدَةً فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَكَثِيرَةٌ وَنَحْنُ نَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَقَفُ (بِهِ) النَّاظِرُ فِي كِتَابِنَا هَذَا عَلَى الْمُرَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُوِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ اسْتَخْلَفَهُ مَرْوَانُ عَلَى الْمَدِينَةِ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَبَّرَ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثُمَّ يَرْفَعُ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الِاثْنَتَيْنِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى يَقْضِيَ صِلَاتَهُ فَإِذَا قَضَى صِلَاتَهُ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عبد الرحمان بن الحرث بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي وَبَقِيَّةُ عَنْ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بن عبد الرحمان وَأَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ وَغَيْرِهَا فَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ ثُمَّ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثُمَّ يَقُولُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ

قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الْجُلُوسِ فِي اثْنَتَيْنِ فَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كل ركعة حتى يفرغ مِنَ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَقُولُ حِينَ يَنْصَرِفُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَقْرَبُكُمْ شَبَهًا بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ لَصَلَاتُهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْكَلَامُ الْأَخِيرُ يَجْعَلُهُ مَالِكٌ وَالزُّبَيْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَوَافَقَ عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ شُعَيْبَ بْنَ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ صَلَّى بِنَا عَلِيٌّ يَوْمَ الْجَمَلِ صَلَاةً أَذْكَرَنَا بِهَا صَلَاةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ قَالَ أَبُو مُوسَى فَإِمَّا نَسِينَاهَا وَإِمَّا تَرَكْنَاهَا عَمْدًا خَالَفَ سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْرَائِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ

أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ لَقَدْ ذَكَّرَنَا عَلِيٌّ صَلَاةً كُنَّا نُصَلِّيهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَّا نَسِينَاهَا وَإِمَّا تَرَكْنَاهَا عَمْدًا فَكَانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَفَعَ وَكُلَّمَا وَضَعَ وَكُلَّمَا سَجَدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ مُسَدَّدٌ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ صَلَّيْتُ أَنَا وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَكَانَ إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ وَانْصَرَفْنَا أَخْذَ عِمْرَانُ بِيَدِي فَقَالَ لَقَدْ ذَكَّرَنِي هَذَا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَقَدْ صَلَّى بِنَا هَذَا مِثْلَ صَلَاةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عبد الرحمان بْنِ غَنْمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ جَمَعَ قَوْمَهُ فَقَالَ اجْتَمَعُوا حَتَّى أُصَلِّيَ لَكُمْ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فَاجْتَمَعُوا فَصَلَّى لَهُمْ صَلَاةَ الظُّهْرِ فَكَبَّرَ بِهِمُ اثنتين وعشرين تكبيرة سوى تكبيرة الافتتاح

يُكَبِّرُ إِذَا سَجَدَ وَإِذَا رَفَعَ رَأَسَهُ وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَوْ قَالَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَأَسْمَعَ مَنْ يَلِيهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ شَيْخٍ بِمَكَّةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّهُ أَحْمَقُ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ سُنَّةَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَحَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَكَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ يُكَبِّرُ وَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ عبد الرحمان يعني الأصم عَنْ أَنَسِ بْنِ

مَالِكٌ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكُلُّهُمْ يُكَبِّرُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ وَإِذَا خَفَضَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ لِأَنَّهُ مُعَارِضٌ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ لَا يُتِمُّ التَّكْبِيرَ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَا يُتِمُّونَ التَّكْبِيرَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ الْبَجَلِيُّ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُتِمَّ التَّكْبِيرَ وَهَذَا عَامِلُكَ عبد الحميد بن عبد الرحمان يُتِمُّهُ قَالَ تِلْكَ الصَّلَاةُ الْأُولَى وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنِّي وَمِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِمْرَانَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبْزَى عَنِ أبِيهِ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ لَا يُتِمُّ التَّكْبِيرَ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ وَرَوَاهُ مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِمْرَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بن عبد الرحمان بْنَ أَبَزَى يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ لَا يُكَبِّرُ إِذَا خَفَضَ يَعْنِي بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ وَعَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شعبة عن

الْحَسَنِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ أَبْزَى عَنِ أبِيهِ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَكُنْ يُتِمُّ التَّكْبِيرَ هَذَا لَفَظُ أَبِي عَاصِمٍ وَاتَّفَقَا على عبد الله بن عبد الرحمان وَأَمَّا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ فقالا فيه سعيد بن عبد الرحمان وَعَبْدُ اللَّهِ وَسَعِيدٌ أَخَوَانِ وَكِلَاهُمَا يَرْوِي عَنِ أبيه عبد الرحمان بْنِ أَبْزَى وَرَوَى هَذَا الْخَبَرَ بُنْدَارٌ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَسَنِ بن عمران عن ابن عبد الرحمان بْنِ أَبْزَى عَنِ أبِيهِ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُتِمَّ التَّكْبِيرَ وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلَمْ يُتِمَّ التَّكْبِيرَ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَوَّلُ مَنْ نَقَّصَ التَّكْبِيرَ زِيَادٌ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْمُعَلَّى حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْجَارُودِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُكَبِّرُ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ قَالَ وَكَانَ قَتَادَةُ يُكَبِّرُ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ قَالَ أَحْمَدُ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُكَبِّرَ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي الْفَرْضِ فَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا

قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قُلْتُ لِأَحْمَدَ مَا الَّذِي نَقَصُوا مِنَ التَّكْبِيرِ قَالَ إِذَا انْحَطَّ إِلَى السُّجُودِ مِنَ الرُّكُوعِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ وَقَالَ لِي إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ نُقْصَانُ التَّكْبِيرِ هُوَ إِذَا انْحَطَّ إِلَى السُّجُودِ فَقَطْ وَقَدْ ذَكَرْنَا نُقْصَانَ التَّكْبِيرِ وَمَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ أَبِي سَلَمَةَ بِمَا فِيهِ شِفَاءٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَرَأْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عبد الرحمان الْأَسْوَدِ عَنِ أبِيهِ وَعَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَرَفْعٍ وَوَضْعٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَيُسَلِّمُونَ عَلَى أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ يَخْفِضُ بِذَلِكَ صَوْتَهُ انْفَرَدَ بِهِ أَشْهَبُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مَوْقُوفًا وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيِّ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مُسْنَدًا مَا يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يُتِمُّ التَّكْبِيرَ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَيْءٌ وَيُخَالِفُهُ وَلَوْ كَانَ مُبَاحًا وَلَا سِيَّمَا ابْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال اللَّهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا وَضَعَ وَكُلَّمَا رَفَعَ ثُمَّ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَنْ يَمِينِهِ وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلِلْقَوْلِ فِي أَحَادِيثِ التَّسْلِيمَتَيْنِ والتَّسْلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَالتَّكْبِيرُ كُلُّهُ فِي الصَّلَاةِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ فِي ذَلِكَ قَالَ وَالسُّنَنُ فِي الصَّلَاةِ خَمْسَ عَشْرَةَ سُنَّةً أَوَّلُهَا الْإِقَامَةُ وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ وَالسُّورَةُ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَالتَّكْبِيرُ كله سوى تكبيرة الْإِحْرَامِ وَذَكَرَ سَائِرَهَا كَمَا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فَإِنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ تَارِكٌ وكبر تكبيرة الْإِحْرَامَ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ فَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لا شيء عليه إذا كبر تكبيرة الْإِحْرَامَ إِلَّا أَنَّهُ عِنْدَهُمْ مُسِيءٌ لَا يُحْمَدُ لَهُ فِعْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلَا يَتَعَمَّدُهُ فَإِنْ فَعَلَهُ سَاهِيًا سَجَدَ لِسَهْوِهِ عِنْدَ غَيْرِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَرَى السُّجُودَ إِلَّا فِي السَّهْوِ عَنْ عَمَلِ الْبَدَنِ لَا عَنِ الذِّكْرِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي تَرْكِهِمُ التَّكْبِيرَ المذكور دون أن يعيب

بعضهم على بضع ذَلِكَ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ تُعَدُّ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَرَكَ فِيهَا مَالِكٌ الْعَمَلَ لِلْحَدِيثِ وَأَمَّا وُجُوبُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ التَّكْبِيرِ فَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَأَثْبَتُ شَيْءٍ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَيْضًا مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى الزُّرَقِيِّ عَنِ أبِيهِ عَنْ عَمِّهِ وَكَانَ بَدْرِيًّا قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ دَخَلَ رجل فقام ناحية المسجد فصلى رسول اللَّهِ يَرْمُقُهُ وَلَا يَشْعُرُ ثُمَّ انْصَرَفَ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ قَالَ لَا أَدْرِي فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَقَدْ جَهَدْتُ وَحَرَصْتُ فَعَلِّمْنِي وَأَرِنِي فقال إذا أردت أن تصلي فتوضأ فأحسن الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ ثُمَّ كَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا (ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَاعِدًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا فَإِذَا صَنَعْتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَكَ وَمَا انْتَقَصْتَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا انْتَقَصْتَهُ مِنْ صَلَاتِكَ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حماد قال حدثنا مسدد قال حدثا يَحْيَى عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ عَنِ أبِيهِ عَنْ عَمِّهِ وَكَانَ بَدْرِيًّا قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُهُ فصلى ثم جاء فسلم فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدِ اجْتَهَدْتُ فِي نَفْسِي فَعَلِّمْنِي وَأَرِنِي فقال إذا أردت أن تصلي فتوضأ فأحسن وُضُوءَكَ ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ ثُمَّ كَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا) ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ قُمْ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَذَكَرَ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَائِضَ الصَّلَاةِ دُونَ سُنَنِهَا وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ تَكْبِيرٍ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَفِي ذَلِكَ

أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى وُجُوبِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَسُقُوطِ مَا سِوَاهَا مِنَ التَّكْبِيرِ مِنْ جِهَةِ الْفَرْضِ وَهِيَ تَشْهَدُ لِصِحَّةِ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَهُوَ حَدِيثٌ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَحْسَنُهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ مَنْ أَسْقَطَ مِنَ التَّكْبِيرِ (فِي الصَّلَاةِ) ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ فَمَا فَوْقَهَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِظَمَ التَّكْبِيرِ عِنْدَهُ وَجُمْلَتَهُ فَرْضٌ وَأَنَّ الْيَسِيرَ مِنْهُ مُتَجَاوَزٌ عَنْهُ نَحْوَ التَّكْبِيرَةِ وَالتَّكْبِيرَتَيْنِ وَقَالَ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ مِنْ رَأْيِهِ لَيْسَ عَلَى مَنْ لَمْ يُكَبِّرْ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا شَيْءٌ إِذَا كَبَّرَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَحَدٌ سَاهِيًا اسْتُحِبَّ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ فَإِذَا لَمْ يَسْجُدْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَا وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ التَّكْبِيرَ عَامِدًا لِأَنَّهُ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ أَسَاءَ وَصَلَاتُهُ مَاضِيَةٌ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنَ الشَّافِعِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ وَأَهْلِ الحديث واختلف الفقهاء في تكبيرة الإحرام

فَذَهَبَ مَالِكٌ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ إِلَى أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَرْضٌ وَاجِبٌ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ وَحُجَّتُهُمْ عِنْدِي الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ جَمِيعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَدْتَ الصَّلَاةَ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ ثُمَّ كَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ ثُمَّ ارْكَعْ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَعَلَّمَهُ مَا كَانَ وَاجِبًا وَسَكَتَ لَهُ عَنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ وَعَنْ سَائِرِ الذِّكْرِ الْمَسْنُونِ وَالْمُسْتَحَبِّ فَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَاجِبٌ فِعْلُهَا فِي الصَّلَاةِ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا (هِشَامُ) بْنُ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ لَا يُقِيمُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَأَيَّ شَيْءٍ ترجو منه وقال عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ وَلَوِ افْتَتَحَ الرَّجُلُ صَلَاتَهُ بِسَبْعِينَ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يكبر تكبيرة الإحرام لم يجزه وَإِنْ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ لَمْ يُجْزِهِ وهذا تصحيح من عبد الرحمان بْنِ مَهْدِيٍّ لِحَدِيثِ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ وَتَدِينُ مِنْهُ بِهِ وَهُوَ إِمَامٌ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَالْأوْزَاعِيُّ وَطَائِفَةٌ أَيْضًا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَأْمُومِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْإِمَامَ إِذَا لَمْ يُكَبِّرْهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ فَرْضًا وَهَذَا يَقْضِي عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمَأْمُومِ فافهم والصحيح عندي قول من أوجب تكبيرة الْإِحْرَامَ بِمَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَالِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ في الإحرام فذكر ابن خواز بنداد قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ بَعْدَهُ وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُكَبِّرَ فِي حَالِ تَكْبِيرِهِ وَإِنْ كَبَّرَ فِي حَالِ تَكْبِيرِهِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَبَّرَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ قَالَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدٌ وَالثَّوْرِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ يُكَبِّرُ مَعَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَإِنْ فَرَغَ الْمَأْمُومُ مِنَ التَّكْبِيرِ قَبْلَ الْإِمَامِ لَمْ يُجْزِهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يُجْزِيهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ فِي أشهر قوليه لا يكبر المأموم حتى يفرغ الْإِمَامُ مِنَ التَّكْبِيرِ وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ إِنْ كَبَّرَ قَبْلَ الْإِمَامِ أَجْزَأَهُ وَعِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَوِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ دَاوُدَ وَغَيْرِهِمْ إِنْ تَقَدَّمَ جُزْءٌ مِنْ تَكْبِيرِ الْمَأْمُومِ فِي الْإِحْرَامِ تَكْبِيرَةَ الْإِمَامِ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنَّمَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَكُونَ تَكْبِيرُهُ فِي الْإِحْرَامِ بَعْدَ إِمَامِهِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الطَّحَاوِيُّ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْمَأْمُومَ إِنَّمَا أُمِرَ أَنْ يَدْخُلَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ بِالتَّكْبِيرَةِ وَالْإِمَامُ إِنَّمَا يَصِيرُ دَاخِلًا فيها بعد الفراغ مِنَ التَّكْبِيرِ فَكَيْفَ يَصِحُّ دُخُولُ الْمَأْمُومِ فِي صَلَاةٍ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا إِمَامُهُ بَعْدُ وَاحْتَجَّ أيضا لمن

أَجَازَ مِنْ أَصْحَابِهِ تَكْبِيرَهُمَا مَعًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَغَيْرِهِ إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ فَكَبِّرُوا قَالَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ يُكَبِّرُونَ مَعًا لِقَوْلِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَهُمْ يَرْكَعُونَ مَعًا وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عِنْدَهُ أَصَحُّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَاخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُكَبِّرُ فِيهِ الْإِمَامُ لِلْإِحْرَامِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا يُكَبِّرُ حَتَّى يفرغ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْإِقَامَةِ وَبَعْدَ أَنْ تَعْتَدِلَ الصُّفُوفُ وَيَقُومَ النَّاسُ مَقَامَاتِهِمْ وَالْحُجَّةُ لَهُمْ حَدِيثُ أَنَسٍ أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي وَعَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ مِثْلُ هَذَا فِي تَأْخِيرِ التَّكْبِيرِ لِلْإِحْرَامِ حَتَّى تَفْرُغَ الْإِقَامَةُ وَتَسْتَوِيَ الصُّفُوفُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَزُفَرُ لَا يُكَبِّرُ الْإِمَامُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ مِنَ الْإِقَامَةِ وَيَسْتَحْسِنُونَ أَنْ يَكُونَ تَكْبِيرُ الْإِمَامِ فِي الْإِحْرَامِ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَحُجَّتُهُمْ حديث الثوري عن عاصم الحول الأحول

عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ بِلَالٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ قَالُوا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ قبل فراغ مِنَ الْإِقَامَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي حِينِ قِيَامِ الْمَأْمُومِ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَانَ مَالِكٌ لَا يَحِدُّ فِي ذَلِكَ حَدًّا وَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِحَدٍّ وَأَرَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ طَاقَةِ النَّاسِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي أَحْوَالِهِمْ فَمِنْهُمُ الْخَفِيفُ وَالثَّقِيلُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْإِمَامُ مَعَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَّهُمْ لَا يَقُومُونَ حَتَّى يَرَوُا الْإِمَامَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَدَاوُدَ وَحَجَّتُهُمْ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَالْحَجَّاجُ الصَّوَّافُ وَمَعْمَرُ بن راشد

وَشَيْبَانُ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ شَيْبَانَ وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ وَحَدَّثَ بِهِ مُسَدَّدٌ وَغَيْرُهُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَالْحَجَّاجِ جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ مَعَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُمْ يَقُومُونَ فِي الصَّفِّ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَدَاوُدُ الْبِدَارُ فِي الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ أَوْلَى فِي أَوَّلِ أَخْذِ الْمُؤَذِّنِ فِي الْإِقَامَةِ لِأَنَّهُ بِدَارٌ إِلَى فِعْلِ بِرٍّ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مَحْدُودٌ عِنْدَهُمْ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ سَأَلْتُ أَبِي عَنِ الْإِمَامِ أَيُكَبِّرُ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ أَوْ حَيْثُ يَفْرُغُ مِنَ الْإِقَامَةِ فَقَالَ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَبْعَثُ إِلَى الصُّفُوفِ فَإِذَا اسْتَوَتْ كَبَّرَ وَحَدِيثُ لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ وَأَرْجُو أَنْ لَا يُضَيِّقَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي فَقَالَ أَنَا أَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي

هُرَيْرَةَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصُّفُوفُ فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى أَتَى مَقَامَهُ فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِلْ وَلَا أَدْفَعُ حَدِيثَ أَبِي قَتَادَةَ وَقَالَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ فِي الْجُنُبِ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ وَهُوَ نَاسٍ كَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ الزُّبَيْدِيُّ وَيُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكَمٍ وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَا قِلَابَةَ وَعِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ الْغِفَارِيَّ وَمُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيَّ وَسُلَيْمَانَ بْنَ حَبِيبٍ يَقُومُونَ إِلَى الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ بَدْءٍ مِنَ الْإِقَامَةِ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ إِذَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ بِالْإِقَامَةِ فَكُنْ أَوَّلَ مَنْ أَجَابَ قَالَ وَرَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَا قِلَابَةَ وَعِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ الْغِفَارِيَّ وَمُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ وَالزُّهْرِيَّ يَقُومُونَ إِلَى الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ بَدْءٍ مِنَ الْإِقَامَةِ قَالَ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ عَدَّلَ الصُّفُوفَ بِيَدِهِ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ فَإِذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ كَبَّرَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِخُنَاصِرَةَ يَقُولُ حِينَ يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قُومُوا قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَالَ وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابن المبارك عن عبد

الرحمان بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ مَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ يَقُولُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ حَتَّى تَعْتَدِلَ الصُّفُوفُ قَالَ وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي يَعْلَى قَالَ رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ إِذَا قِيلَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَامَ فَوَثَبَ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمَا كَانَا يَكْرَهَانِ أَنْ يَقُومَا حَتَّى يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ سَمِعْتُ فرقد السَّبَخِيَّ قَالَ لِلْحَسَنِ وَأَنَا عِنْدَهُ أَرَأَيْتَ إِذَا أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ أَأَقُومُ أَمْ حَتَّى يَقُولَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَقَالَ الْحَسَنُ أَيُّ ذَلِكَ شِئْتَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا كُلْثُومُ بْنُ زِيَادٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَجَبَ الْقِيَامُ وَإِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ اعْتَدَلَتِ الصُّفُوفُ وَإِذَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَبَّرَ الْإِمَامُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي التَّكْبِيرِ فِيمَا عَدَا الْإِحْرَامَ هَلْ يَكُونُ مَعَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ يَكُونُ فِي حَالِ الرفع

وَالْخَفْضِ حِينَ يَنْحَطُّ إِلَى الرُّكُوعِ وَإِلَى السُّجُودِ وَحِينَ يَرْفَعُ مِنْهُمَا إِلَّا فِي الْقِيَامِ مِنَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْجَلْسَةِ الْأُولَى فَإِنَّ الْإِمَامَ وَغَيْرَهُ لَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَائِمًا فَإِذَا اعْتَدَلَ فَإِنَّمَا كَبَّرَ وَلَا يُكَبِّرُ إِلَّا وَاقِفًا كَمَا لَا يُكَبِّرُ فِي الْإِحْرَامِ إِلَّا وَاقِفًا مَا لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةً وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ التَّكْبِيرُ فِي الْقِيَامِ مِنَ اثْنَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا سَوَاءٌ يُكَبِّرُ فِي حَالِ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ وَفِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ قَالَ سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ تَكْبِيرَةِ السَّجْدَةِ الَّتِي بَعْدَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقَالَ كَانَ مَكْحُولٌ يُكَبِّرُهَا وَهُوَ قَائِمٌ ثُمَّ يَهْوِي إِلَى السُّجُودِ وَكَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُكَبِّرُهَا وَهُوَ يَهْوِي إِلَى السُّجُودِ فَقِيلَ لِلْقَاسِمِ إِنَّ مَكْحُولًا يُكَبِّرُهَا وَهُوَ قَائِمٌ قَالَ وَمَا يَدْرِي مَكْحُولٌ مَا هذا

الحديث الحادي والعشرون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حسن إسلام المرء تركه مَا لَا يَعْنِيهِ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا خَالِدَ بن عبد الرحمان الْخُرَاسَانِيَّ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ أبِيهِ وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سُفْيَانَ يُثْنِي عَلَى خَالِدِ بن عبد الرحمان الْخُرَاسَانِيِّ خَيْرًا وَقَدْ تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ دَاوُدَ الضَّبِّيُّ قَاضِي طَرْسُوسَ فَقَالَ فِيهِ أَيْضًا عَنِ أبِيهِ وَهُمَا جَمِيعًا لَا بَأْسَ بِهِمَا إِلَّا أَنَّهُمَا لَيْسَ بِالْحُجَّةِ عَلَى جَمَاعَةِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ الَّذِينَ لَمْ يَقُولُوا فِيهِ عَنِ أبِيهِ فَأَمَّا رواية خالد بن عبد الرحمان فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ

إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا خالد بن عبد الرحمان الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ وَأَبُو جُمُعَةَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو (هُرَيْرَةَ) مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ الْأَنْطَاكِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ حدثنا خالد بن عبد الرحمان الْخُرَاسَانِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ وَسَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بْنِ أَعْيَنَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ حدثنا خالد بن عبد الرحمان الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ زَادَ سَعْدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه

وَأَمَّا رِوَايَةُ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ فَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدِ بْنِ حَفْصٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانِ بْنِ كِنَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا أوتي فيه خالد بن عبد الرحمان وَمُوسَى بْنُ دَاوُدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُمَا حَمَلَا حَدِيثَ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ عَلَى حَدِيثِ الْعُمَرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِيهِ وَرَوَاهُ زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَاخْتَلَفَ فِي حَدِيثِهِ عَلِيُّ بْنُ المقري حدثني عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمَقْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْنِ إسلام المرء تركه ما لا يعنيه حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَقْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ مُرْسَلًا وَأَمَّا عَبْدُ الْجَبَّارِ فَقَدْ أَخْطَأَ فِيهِ وَأَعْضَلَ وَلَا مَدْخَلَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ إِلَّا إسْنَادَانِ أَحَدُهُمَا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ وَهُمْ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ مُرْسَلًا وَالْآخَرُ مَا رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ قُرَّةَ بْنِ حَيْوَئِيلَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا وَالْمُرْسَلُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَمَا عَدَا هَذَيْنِ الِإسْنَادَيْنِ فَخَطَأٌ لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ وَأَمَّا حَدِيثُ قُرَّةَ بْنِ حيونيل فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ أَبُو الْجَهْمِ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْجَوَارِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمَاعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ قُرَّةَ بْنِ حَيْوَئِيلَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ وَحَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ لُؤْلُؤٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ قُرَّةَ بْنِ حَيْوَئِيلَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا النَّحَّاسُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّافِقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا

الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنِي أبي قال حدثني الوزاعي قال حدثني قرة بن عبد الرحمان بْنِ حَيْوَئِيلَ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يَعْنِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَلَامُهُ هَذَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْكَلَامِ الْجَامِعِ لِلْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ الْجَلِيلَةِ فِي الْأَلْفَاظِ الْقَلِيلَةِ وَهُوَ مِمَّا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ فِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ مَنْ عَدَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي (أَبِي عَنْ) جَدِّي عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ كَانَتْ أَمْثَالًا كُلُّهَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ وَكَانَ فِيهَا وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا بِزَمَانِهِ مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ حَافِظًا لِلِسَانِهِ وَمَنْ حَسَبَ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ

وَقَفَ رَجُلٌ عَلَى لُقْمَانَ الْحَكِيمِ وَهُوَ فِي حَلْقَةٍ عَظِيمَةٍ فَقَالَ أَلَسْتَ عَبْدَ بَنِي الْحَسْحَاسِ فَقَالَ بَلَى قَالَ فَأَنَّى بَلَغْتَ مَا أَرَى قَالَ قَدَرُ اللَّهِ وَصِدْقُ الْحَدِيثِ وَتَرْكِي مَا لَا يَعْنِينِي وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ قِيلَ لِلُقْمَانَ مَا بَلَغَ بِكَ مَا نَرَى يُرِيدُونَ الْفَضْلَ فَقَالَ لُقْمَانُ صِدْقُ الْحَدِيثِ وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَتَرْكُ مَا لَا يَعْنِينِي وَرَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ مِنْ عَلَامَةِ إِعْرَاضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَجْعَلَ شُغْلَهُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ وَقَالَ سَابِقٌ ... وَالنَّفْسُ إِنْ طَلَبَتْ مَا لَيْسَ يَعْنِيهَا ... ... جَهْلًا وَسَخْفًا تَقَعُ فِيمَا يَعْنِيهَا ... وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حُمَيْدٍ ... إِذَا عَقَلَ الْفَتَى اسْتَحْيَا وَاتَّقَى ... ... وَقَلَّتْ مِنْ مَقَالَتِهِ الْفُضُولُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِّينَا عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ أَصُولُ السُّنَنِ فِي كُلِّ فَنٍّ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى وَالثَّانِي حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ الْحَدِيثَ وَالثَّالِثُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يَعْنِيهِ وَالرَّابِعُ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبُّكَ اللَّهُ وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّكَ النَّاسُ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَحْبَلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَجْلَانَ يَقُولُ إِنَّمَا الْكَلَامُ أَرْبَعَةٌ أَنْ تَذْكُرَ اللَّهَ أَوْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ أَوْ تَسْأَلَ عَنْ عِلْمٍ فَتُخْبَرَ بِهِ أَوْ تَتَكَلَّمَ فِيمَا يَعْنِيكَ مِنْ أمر دنياك

الحديث الثاني والعشرون

ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ الْأَنْصَارِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ عَبَّادُ بْنُ تَمِيمِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ قَدْ ذَكَرْنَا أَبَاهُ وَعَمَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا أَغْنَى عَنْ ذِكْرِ نَسَبِهِ هَهُنَا وَعَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ أَحَدُ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ رَوَى عَنْ عَمِّهِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَسَائِرُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ وَوَهِمَ فِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ

مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَتُهُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلْقِي ثُمَّ يَنْصِبُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ وَيَعْرِضُ عَلَيْهَا الْأُخْرَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى الْمَقْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَذَكَرَهُ وَلَا وَجْهَ لِذِكْرِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَهُوَ مِنَ الْوَهْمِ الْبَيِّنِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَظُنُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِإِدْخَالِ مَالِكٍ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُوَطَّئِهِ مَا بِأَيْدِي الْعُلَمَاءِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى وَذَلِكَ أَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ وَابْنَ جُرَيْجٍ وَحَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ رَوَوْا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَيَسْتَلْقِيَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السَّبِيعِيُّ الْحَلَبِيُّ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ فَذَكَرَهُ فَنَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مَالِكًا بَلَغَهُ هَذَا الْحَدِيثَ وَكَانَ عِنْدَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حديث عبد بْنِ تَمِيمٍ هَذَا يُحَدِّثُ بِهِ عَلَى وَجْهِ

الدَّفْعِ لِذَلِكَ ثُمَّ أَرْدَفَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُوَطَّئِهِ بِمَا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ بِفِعْلِهِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى نَسْخِهِ بِعَمَلِ الْخَلِيفَتَيْنِ بَعْدَهُ وَهُمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِمَا النَّسْخُ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَنْسُوخِ مِنْ سَائِرِ سُنَنِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمِنْ أَوْضَحِ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ الْمُتَأَخِّرَ مِنْ ذَلِكَ عَمَلُ الْخُلَفَاءِ وَالْعُلَمَاءِ بِمَا عَمِلُوا بِهِ فِيهِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ يَتَبَيَّنُ النَّاسِخُ مِنْهُ مِنَ الْمَنْسُوخِ لَكَانَ النَّظَرُ يَشْهَدُ لِحَدِيثِ مَالِكٍ لِأَنَّ الْأُمُورَ أَصْلُهَا الْإِبَاحَةُ حَتَّى يَثْبُتَ الْحَظْرُ وَلَا يَثْبُتُ حُكْمٌ عَلَى مُسْلِمٍ إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أخبرنا عبد الرحمان حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عى الْأُخْرَى قَالَ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ

شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِثْلَ ذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرَهُ (ابْنُ وَهْبٍ) فِي جَامِعِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ إِسْنَادِهِ وَفِي ذِكْرِ مَوْضِعِ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ نَوْفَلٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ وَأَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ

الحديث الثالث والعشرون

ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ تِسْعَةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ مُرْسَلَةٌ وَغَيْرُهَا مُتَّصِلَةٌ مُسْنَدَةٌ وَمِنْهَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ شَرَكَ سَالِمًا فِيهِ أَخُوهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَسَالِمٌ يُكَنَّى أَبَا عَمْرٍو كَانَ أَشْبَهَ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ كَانَ أَشْبَهَ وَلَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَكَانَ أَشْبَهَ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِهِ سَالِمٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُحِبًّا فِي سَالِمٍ فِيمَا ذَكَرُوا وَكَانَ يُفْرِطُ فِي حُبِّهِ فَيُلَامُ أَحْيَانًا فِي ذَلِكَ فَكَانَ يَقُولُ ... يَلُومُونَنِي فِي سَالِمٍ وَأَلُومُهُمْ ... وَجِلْدَةٌ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْأَنْفِ سَالِمُ ... وَيُرْوَى ... يُدِيرُوْنَنِي فِي سَالِمٍ وأُدِيرُهُمْ ... وَجِلْدَةٌ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْأَنْفِ سَالِمُ ... وَكَانَ سَالِمٌ نَاسِكًا يَلْبَسُ الصُّوفَ وَكَانَ فَقِيهَا جَلِيلًا أَحَدَ الْفُقَهَاءِ الْعَشْرَةِ مِنَ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ حَسَنَ الْخُلُقِ مُدَاعِبًا لَهُ أَخْبَارٌ ظَرِيفَةٌ مَعَ أَشْعَبَ الطَّمَّاعِ وَكَانَ أَسْمَرَ شَدِيدَ السُّمْرَةِ يُخَضِّبُ بالحناء

أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ رَوَى عَنْهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ذَكَرَ الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ عَنِ الْقَاسِمِ أن سالما بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَوْ فَاتَنِي مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةٌ مَا زِدْتُ عَلَى أَنْ أَرْكَعَ إِلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى وَكَانَ سَالِمٌ سَرِيعَ الْكَلَامِ وَذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمًا يُسْئَلُ عَنِ التَّيَمُّمِ فَقَالَ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمَرْفِقَيْنِ وَكَانَ سَرِيعَ الْكَلَامِ قَالَ الْحُلْوَانِيُّ وَحَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ هَلْ تَدْرِي لِمَا سَمَّيْتُ ابْنِي سَالِمًا قُلْتُ لَا قَالَ بِاسِمِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَهَلْ تَدْرِي لِمَ سَمَّيْتُ ابْنِي وَاقِدًا قُلْتُ لَا قَالَ بِاسِمِ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَرْبُوْعِيِّ وَهَلْ تَدْرِي لِمَ سَمَّيْتُ ابْنِي عَبْدَ اللَّهِ قُلْتُ لَا قَالَ بِاسِمِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رواحة حدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ قَرَأَ عَلَيَّ الْحَرْثُ بْنُ مِسْكِينٍ

وَأَنَا شَاهِدٌ أَخْبَرَكُمُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ قَالَ إِنَّ فُتْيَا ابْنِ شِهَابٍ وَوَجْهَ مَا كَانَ يَأْخُذُ بِهِ إِلَى قَوْلِ سَالِمٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَتُوُفِّيَ سَالِمٌ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ بِالْمَدِينَةِ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ فِيهَا وَصَلَّى عَلَيْهِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ كَانَ حَجَّ تِلْكَ السَّنَةِ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ زَائِرًا فَوَافَقَ مَوْتَ سَالِمٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِي مَوْضِعِ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ فَقَالَ قَوْمٌ صَلَّى عَلَيْهِ بِالْبَقِيعِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ وَخَالِدِ بْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ آخَرُونَ صَلَّى عَلَيْهِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ صَلَّيْنَا عَلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي سَائِرِ مَا ذَكَرْتُ لَكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّ وَهْبَ بْنَ جَرِيرٍ قَالَ تُوُفِّيَ سَالِمٌ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ وَقَالَ غَيْرُهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ وَكَذَلِكَ قَالَ ضَمْرَةُ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ شَهِدْتُ جِنَازَةَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ قَالَ حَمْزَةُ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ حَجَّ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ فَمَرَّ بِالْمَدِينَةِ فَعَادَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ مَرِيضًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَجَدَهُ قَدْ مَاتَ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَذَلِكَ سَنَةَ ست ومائة

الحديث الرابع والعشرون

حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (عَنْ أَبِيهِ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ وَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الرَّفْعَ عِنْدَ الِانْحِطَاطِ إِلَى الرُّكُوعِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ مِنْهُمْ الْقَعْنَبِيُّ وَأَبُو مُصْعَبٍ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى وَالشَّافِعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ الطِّبَاعِ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الزُّبَيْرِيُّ وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيُّ وَأَبُو حُذَافَةَ أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَابْنُ وَهْبٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَخِيهِ عَنْهُ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وعبد الرحمان بْنُ مَهْدِيِّ وَجُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التَّنِّيسِيُّ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ

وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ وَخَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ زِيَادٍ النَّصِيبِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ وَأَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ رَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ فَذَكَرُوا فِيهِ الرَّفْعَ عِنْدَ الِانْحِطَاطِ إِلَى الرُّكُوعِ قَالُوا فِيهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الطُّرُقَ عَنْ أَكْثَرِهِمْ عَنْ مَالِكٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ الصَّوَابُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَائِرُ مَنْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَمِمَّنْ رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّبَيْدِيُّ وَمَعْمَرٌ والْأَوْزَاعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كُلُّهُمْ رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ هَذَا الْخَبَرِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَتَرَكْنَا الْأَسَانِيدَ عَنْ هَؤُلَاءِ فِي ذَلِكَ هَهُنَا خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ إِسْقَاطَ ذِكْرِ الرَّفْعِ عِنْدَ الِانْحِطَاطِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِمَّا أَتَى مِنْ مَالِكٍ

وَهُوَ الَّذِي كَانَ رُبَّمَا وَهِمَ فِيهِ لِأَنَّ جَمَاعَةً حُفَّاظًا رَوَوْا عَنْهُ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي رَفَعَهَا سَالِمٌ عَنِ أبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَوْقَفَهَا نَافِعٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَمِنْهَا مَا جَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَفِعْلِهِ وَمِنْهَا مَا جَعَلَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ وَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ سَالِمٍ وَلَمْ يَلْتَفِتِ النَّاسُ فِيهَا إِلَى نَافِعٍ فَهَذَا أَحَدُهَا وَالثَّانِي مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ جَعَلَهُ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَوْلُهُ وَالْحَدِيثُ الثَّالِثُ النَّاسُ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً وَالرَّابِعُ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ تَعْظِيمٌ لِلَّهِ وَابْتِهَالٌ إِلَيْهِ وَاسْتِسْلَامٌ لَهُ وَخُضُوعٌ لِلْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاتِّبَاعٌ لِسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَرَى رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ ضَعِيفًا إِلَّا فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَحْدَهَا وَتَعَلَّقَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ مَالِكٍ أَكْثَرُ الْمَالِكِيِّينَ وَهُوَ قَوْلُ

الْكُوفِيِّينَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَسَائِرِ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ مِنَ الْكِتَابِ الْكَبِيرِ لَا نَعْلَمُ مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ يُنْسَبُ إِلَى أَهْلِهِ الْعِلْمُ قَدِيمًا تَرَكُوا بِإِجْمَاعِهِمْ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا أَهْلَ الْكُوفَةِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَأَشْهَبُ وَأَبُو الْمُصْعَبِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا إِلَى أَنْ مَاتَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَقَالَ دُوَادُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّفْعُ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَاجِبٌ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الرَّفْعُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَالرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ وَاجِبٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجِبُ الرَّفْعُ إِلَّا عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجِبُ لَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ كُلُّهُ وَاجِبٌ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي

وذكر ابن خواز بنداد قَالَ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ يَرْفَعُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ قَالَ لَا يَرْفَعُ إِلَّا فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَهَذَا قَالَ لَا يَرْفَعُ أَصْلًا قَالَ وَالَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا الرَّفْعُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ لَا غَيْرَ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتَهُ عَنْ مَالِكٍ وَمَذْهَبَ الْكُوفِيِّينَ الْمُوَافِقِينَ لَهُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ ثُمَّ لَا يَرْفَعُ بَعْدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فكبر فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَى أُذُنَيْهِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ فَقَالَ لَيْسَ بِذَاكَ

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى تُحَاذِيَ أُذُنَيْهِ ثُمَّ لَا يَعُودُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ لَمْ يَكُنْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ بِالْحَافِظِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عن عبد الرحمان بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَلَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَصَلَّى فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَّا مَرَّةً وَهَذَانِ حَدِيثَانِ مَعْلُولَانِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مَرْفُوعَانِ عِنْدَ أَهْلِ الصِّحَّةِ عِنْدَهُمْ وَسَنَذْكُرُ الْعِلَّةَ فِيهِمَا عَنْهُمْ فِيمَا بَعْدُ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَحُجَّتُهُمْ أَيْضًا مَا رَوَاهُ نُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْقَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَيُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ وَيَقُولُ أَنَا أَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَحُجَّةُ مَنْ رَأَى الرَّفْعَ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَرَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْهُمْ أَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمْ وَأَفْرَدَ لِذَلِكَ بَابًا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْبَزَّارُ وَصَنَّفَ فِيهِ كِتَابًا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ سَنَذْكُرُ مِنْهُمْ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ عِنْدَهُمْ وَلَمْ يُرْوَ عَنِ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ تَرْكُ الرَّفْعِ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ مِمَّنْ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ فِيهِ إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَحْدَهُ وَرَوَى الْكُوفِيُّونَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ عَنْهُ الرَّفْعَ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْهُ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَرَوَى عَنْهُ نُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْقَارِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ الرحمان بْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَرِوَايَةُ الْأَعْرَجِ مُفَسَّرَةٌ وَرِوَايَةُ نُعَيْمٍ مُجْمَلَةٌ مُحْتَمِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَقَوْلُهُ أَنَا أَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا حَكَاهُ عَنْهُ أَبُو سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ فِي التَّكْبِيرِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَلَا يُقَاسُ نُعَيْمٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِأَبِي سَلَمَةَ

وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ فِيمَا مَرَّ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَرُوِيَ الرَّفْعُ عِنْدَ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ أَيْضًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهِمْ فَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ أَكْثَرَهُمْ وَذَكَرَ بَعْضَهُمْ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ مِنْ ذَلِكَ مَا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَانِئٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا إسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْأَعْرَجِ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ كَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ وَزَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ الزُّبَيْرِ يَرْفَعَانِ أَيْدِيَهُمَا إِذَا رَكَعَا وَإِذَا رَفَعَا قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَغُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الصَّلَاةِ إِذَا رَكَعُوا وَإِذَا رَفَعُوا كَأَنَّهَا الْمَرَاوِحُ

قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ رَأَيْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَرْفَعَانِ أَيْدِيَهُمَا إِذَا رَكَعَا وإذا رفعا رؤوسهما قال وحدثنا سليمان بن حرث حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمَا كَانَا يَرْفَعَانِ أيديهما إذا كبرا وإذا رَكَعَا وَإِذَا رَفَعَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ هُوَ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو النَّصْرِ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صَبِيحٍ قَالَ رَأَيْتُ عَطَاءً وَطَاوُسًا وَمُجَاهِدًا وَالْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ وَنَافِعًا وَابْنَ أَبِي نَجِيحٍ وَالْحَسَنَ بْنَ مُسْلِمٍ وَقَتَادَةَ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ رَأَيْتُ مُعَمَّرَ بْنَ سُلَيْمَانَ وَيَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ وَعَبْدَ الرحمان بن مهدي وإسماعيل بن عُلَيَّةَ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَإِذَا رَفَعُوا رؤوسهم قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّكَ مِنْ نَقْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْبَصْرَةِ يَرْفَعُونَ وَيَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مِصْرًا مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَرْفَعُونَ أيديهم في الصلاة في غَيْرَ الِافْتِتَاحِ إِلَّا أَهْلَ الْكُوفَةِ

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَأَنَسٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرْفَعُونَ وَحَسْبُكَ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ تَرْكُ الرَّفْعِ مِمَّنْ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ فِيهِ إِلَّا ابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ الْبَجَلِيُّ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زَرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ العلا بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ إِنْ كُنَّا لَنُؤَدَّبُ عَلَيْهَا بِالْمَدِينَةِ يَعْنِي إِذَا لَمْ يَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي ذَلِكَ سَالِمٌ قَدْ حَفِظَ عَنِ أبِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا مَرَّةً فِي أَوَّلِ شَيْءٍ فَهُوَ حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي أَلْفَاظِهِ وَقَدْ ضَعَّفَ الْحَدِيثَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَعَلَّلَهُ وَرَمَى بِهِ وَقَالَ وَكِيعٌ يَقُولُ فِيهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ ثُمَّ لَا يَعُودُ وَمَرَّةً يَقُولُ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَّا مَرَّةً وَإِنَّمَا يَقُولُهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لِأَنَّ ابْنَ إِدْرِيسَ رَوَاهُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ قَالَ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ رَكَعَ وَلَفْظُهُ غَيْرُ لَفْظِ وَكِيعٍ وَضَعَّفَ أَحْمَدُ الْحَدِيثَ ذَكَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أبِيهِ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ قَاسِمٍ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَذَكَرَهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ انْفَرَدَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عن

عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ فَرَوَاهُ عَنْهُ الثِّقَاتُ الْحُفَّاظُ مِنْهُمْ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَهُشَيْمٌ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ لَمْ يَذْكُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْهُ فِيهِ قَوْلَهُ ثُمَّ لَا يَعُودُ وَإِنَّمَا قَالَهُ فِيهِ عَنْهُ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَحَكَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْهُ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ بِهِ قَدِيمًا وَلَيْسَ فِيهِ ثُمَّ لَا يَعُودُ ثُمَّ حَدَّثَهُمْ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَذَكَرَ فِيهِ ثُمَّ لَا يَعُودُ قَالَ فَنَظَرْتُهُ فَإِذَا مُلْحَقٌ بَيْنَ سَطْرَيْنِ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْحُمَيْدِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَحْفُوظُ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ فِيهِ ثُمَّ لَا يَعُودُ فَخَطَأٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي حَدِيثِ عاصم بن كليب عن عبد الرحمان بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَلَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً هَذَا حَدِيثٌ يُخْتَصَرُ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْبَزَّارُ وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ وَلَا يُحْتَجُّ به

قَالَ أَبُو بَكْرٍ سَمِعْتُ الْبَزَّارَ يَقُولُهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ وَضَّاحٍ يَقُولُ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رفع اليدين ثم لا يعود ضعيفة كُلُّهَا وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِلْكُوفِيِّينَ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُمْ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ بِمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بن عُلَيَّةَ الْقَاضِي بِدِمَشْقَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مالي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيَكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلِ شَمْسٍ اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ الَّذِي نَهَاهُمْ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَمَّا سَنَّ لَهُمْ وَإِنَّمَا رَأَى أَقْوَامًا يَعْبَثُونَ بِأَيْدِيهِمْ وَيَرْفَعُونَهَا فِي غَيْرِ مَوَاضِعِ الرَّفْعِ فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَكَانَ فِي الْعَرَبِ الْقَادِمِينَ وَالْأَعْرَابِ مَنْ لَا يَعْرِفُ حُدُودَ دِينِهِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَبَعَثَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَلِّمًا فَلَمَّا رَآهُمْ يَعْبَثُونَ

بِأَيْدِيهِمْ فِي الصَّلَاةِ نَهَاهُمْ وَأَمَرَهُمْ بِالسُّكُونِ فِيهَا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي شَيْءٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ مِمَّا يُخَالِفُ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ صَحِبْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ فَمَا مَاتَ إِلَّا وَهُوَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فَقِيلَ لِيُونُسَ وَصَفَ أَشْهَبُ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ سُئِلَ أَشْهَبُ عَنْهُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَكَانَ يَقُولُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا أَحْرَمَ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ وَإِذَا قال سمع الله لمن حمده قَالَ يُونُسُ وَحَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ صَحِبْتُ مالك فِي طَرِيقِ الْحَجِّ فَلَمَّا كَانَ بِمَوْضِعٍ ذَكَرَهُ يونس دنت ناقتي من ناقته فقلت يأبا عَبْدِ اللَّهِ كَيْفَ يَرْفَعُ الْمُصَلِّي يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ وَعَنْ هَذَا تَسْأَلُنِي مَا أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ ثُمَّ قَالَ إِذَا أَحْرَمَ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ يُونُسَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ من سماع أشهب وابن نافع عن مَالِكٍ قَالَ يَرْفَعُ الْمُصَلِّي يَدَيْهِ إِذَا رَفَعَ رَأَسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ وَلَيْسَ الرَّفْعُ بِلَازِمٍ وَفِي ذَلِكَ سَعَةٌ وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلَ ذَلِكَ وَيَرْفَعُ مَنْ وَرَاءَ الْإِمَامِ لِرَفْعِهِ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ وَلَيْسَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ بِاللَّازِمِ وَفِي ذَلِكَ سَعَةً

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ رَأَيْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ أَوْ قَالَ كُلَّمَا خَفَضَ وَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ صَلَاتُهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّهُمَا سَمِعَا يَحْيَى بْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْمُصْعَبِ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ رَأَيْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ وَكَانَ عِنْدَنَا جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَائِنَا يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٌ لَا يَرْفَعُونَ إِلَّا فِي الْإِحْرَامِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَمَا عَابَ هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا أَبَا عُمَرَ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَاشِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ كَانَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ شَيْخُنَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمُوَطَّأِ وَكَانَ أَفْضَلُ مَنْ رَأَيْتُ وَأَفْقَهُهُمْ وَأصَحُّهُمْ عِلْمًا وَدِينًا فَقَلَتْ لَهُ فَلِمَ لَا تَرْفَعُ أَنْتَ فَنَقْتَدِي بِكَ قَالَ لِي لَا أُخَالِفُ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَدَيْنَا الْيَوْمَ عَلَيْهَا وَمُخَالَفَةُ الْجَمَاعَةِ فِيمَا قَدْ أُبِيحَ لَنَا ليس من شيم الأيمة وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ أَنْ أَرْفَعَ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ عَنْ مَالِكٍ مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ حَدَّثَنَا الْأَثْرَمُ قَالَ حَضَرْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ غَرِيبٌ رَأَيْتُكَ تَرْفَعُ يَدَيْكَ إِذَا أَرَدْتَ الرُّكُوعَ وَنَحْنُ عِنْدَنَا لَا نَفْعَلُ ذَلِكَ أَفَتَرَاهُ يُنْقِصُ مِنَ الصَّلَاةِ إِذَا لَمْ نَفْعَلْ فَقَالَ مَا أَدْرِي أَمَّا نَحْنُ فَنَفْعَلُهُ وَهُوَ الْأَكْثَرُ عِنْدَنَا وَأَثْبَتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ لَهُ بِكُلِّ إِشَارَةٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ بِكُلِّ أُصْبُعٍ حَسَنَةٌ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ نَذْهَبُ لِرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْقِيَامِ مِنَ اثْنَتَيْنِ أَيْضًا قَالَ لَا أَنَا أَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ سَالِمٍ عَنِ أبِيهِ وَلَا أَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي أَلْفَاظِهِ حَدِيثُ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ خِلَافُ حَدِيثِ عمرو بن مرة قال الأثرم وسمعته غيره مر يَسْأَلُ عَنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ وَمَنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَأَى مَنْ لَا يَرْفَعُ حَصَبَهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَاقِدٍ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَأَى رَجُلًا لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَصَبَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْفَعَ

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ لَهُ بِكُلِّ إِشَارَةٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ قَالَ إِلَّا أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ قَالَ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ مِشْرَحٍ عَنْ عُقْبَةَ لَيْسَ بَيْنَ ابْنِ لَهِيعَةَ وَمِشْرَحٍ أَحَدٌ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَؤُلَاءِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ كَالْمُغْتَاظِ يَعْنِي أَصْحَابَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْبَاهِلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ لِكُلِّ شَيْءٍ زِينَةٌ وَزِينَةُ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرُ وَرَفْعُ الْأَيْدِي فِيهَا قَالَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ قَالَ كَانَ يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ زِينَةٌ وَزِينَةُ الصَّلَاةِ رَفْعُ الْأَيْدِيَ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَحِينَ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَعَ وَحِينَ يُرِيدُ أَنْ يَرْفَعَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ لَيْسَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَلَا مِنَ الْوَاجِبِ فِيهَا وَأَنَّهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ خُضُوعٌ وَاسْتِكَانَةٌ وَاسْتِسْلَامٌ وَزِينَةُ الصَّلَاةِ كَمَا وَصَفْنَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الْحُمَيْدِيُّ فِيمَنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الصَّلَاةَ فَاسِدَةٌ أَوْ نَاقِصَةٌ

وَرَأَى بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ عِنْدَنَا لِمَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ إِيجَابَ الْإِعَادَةِ إِيجَابُ فَرْضٍ وَالْفَرَائِضُ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِحُجَّةٍ أَوْ سُنَّةٍ لَا مُعَارِضَ لَهَا أَوْ إِجْمَاعٍ مِنَ الْأُمَّةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فَرَائِضَ الصَّلَاةِ وَسُنَنَهَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَدَلَّلَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ بِمَا أَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ هَهُنَا وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أبِيهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ فِيمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْحِجَازِ وَالْبَصْرَةِ وَالشَّامِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ لِاسْتِفْتَاحِ الصَّلَاةِ وَحِينَ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ وَيَهْوِي سَاجِدًا وَحِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ إِلَّا أَهْلَ الْكُوفَةِ فَإِنَّهُمْ خَالَفُوا فِي ذَلِكَ أُمَّتَهُمْ قِيلَ لِلْأَوْزَاعِيِّ فَإِنْ نَقَّصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا قَالَ ذَلِكَ نَقَّصَ مِنْ صِلَاتِهِ وَفِيمَا أَجَازَ لَنَا قَاسِمُ بْنُ أَحْمَدَ وَعَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ مَنْ رَفْعِ يَدَيْهِ فَهُوَ أَفْضَلُ قَالَ وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ يَرْفَعُونَ قَالَ وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ رُبَّمَا فَعَلَهُ وَرُبَّمَا لَمْ يَفْعَلْهُ قَالَ وَيَنْبَغِي لِكُلِّ مَصَلٍّ أَنْ يَفْعَلَهُ فَإِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْحَسَنُ عَنِ الصَّحَابَةِ أَنَّ مَنْ رَفَعَ مِنْهُمْ لَمْ يَعِبْ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ الْقَاضِي بِبَغْدَادَ حَدَّثَنَا أَبُو مُنْعِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ كُنْتُ غُلَامًا لَا أَعْقِلُ صَلَاةَ أَبِي فَحَدَّثَنِي وَائِلُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ الْتَحَفَ وَأَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي ثَوْبِهِ فَأَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ ثَوْبِهِ ثُمَّ رَفَعَهُمَا وَكَبَّرَ وَسَجَدَ وَوَضَعَ وَجْهَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ رَفْعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُهُ كَذَلِكَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صِلَاتِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُجَادَّةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ فَقَالَ هِيَ صَلَاةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ مَنْ فَعَلَهُ وَتَرَكَهُ مَنْ تَرَكَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ تَرَكَهُ وَلَمْ يَعِبْ عَلَيْهِ مَنْ فَعَلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ زِيَادَةُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ فِي حَدِيثِهِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَدْ عَارَضَهُ فِي ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ بِقَوْلِهِ وَكَانَ لَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالسُّنَنُ لَا تَثْبُتُ إِذَا تَعَارَضَتْ وَتَدَافَعَتْ وَوَائِلُ بْنُ حُجْرٍ إِنَّمَا رَآهُ أَيَّامًا قَلِيلَةً فِي قُدُومِهِ عَلَيْهِ وَابْنُ عُمَرَ صَحِبَهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَصَحُّ عِنْدَهُمْ وَأَوْلَى أَنْ يُعْمَلَ بِهِ مِنْ حديث وائل بن حجر وعليه العمل عند جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ الْقَائِلِينَ بِالرَّفْعِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَفْعُ الْيَدَيْنِ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ فَذَكَرَ حَدِيثَ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ نَحْنُ نَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ كُلُّ تَكْبِيرٍ كَانَ فِي افْتِتَاحٍ أَوْ فِي قِيَامٍ فَفِيهِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا جَدِّي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَدِّي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالُوا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ رَأَيْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ إِذَا كَبَّرَ وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ وَكَانَ طَاوُسٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَمَا فَعَلَهُ مَالِكٌ أَصَحُّ عَنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ أَكْثَرَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْكَلَامِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَفَرَطَ بَعْضُهُمْ فِي عَيْبِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ وَلَا وَجْهَ لِلْإِكْثَارِ فِيهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الرِّفَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ

يَحْيَى بْنِ يَمَانٍ الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ سُفْيَانَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَرْفَعَ يَدَيَّ إِذَا رَكَعْتُ وَإِذَا رَفَعْتُ فَهَمَمْتُ بِتَرْكِهِ وَقُلْتُ يَنْهَانِي سُفْيَانُ ثُمَّ قُلْتُ شَيْءٌ أَدِينُ اللَّهَ بِهِ لَا أَدَعُهُ فَفَعَلْتُ فَلَمْ يَنْهَنِي وَرُوِي عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي حَنِيفَةَ فَرَفَعْتُ يَدَيَّ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ فَلَمَّا انْقَضَتْ صَلَاتِي قَالَ لِي أَرَدْتَ أَنْ تَطِيرَ فَقُلْتُ لَهُ وَهَلْ مَنْ رَفَعَ فِي الْأُولَى يُرِيدُ أَنْ يَطِيرَ فَسَكَتَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ بِعَمَلٍ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ وَأَنْتَ تَرَى غَيْرَهُ فَلَا تَنْهَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَتِ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي كَيْفِيَّةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ فَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَدًّا فَوْقَ أُذُنَيْهِ مَعَ رَأْسِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ أُذُنَيْهِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُهُمَا إِلَى صَدْرِهِ وَكُلُّهَا آثَارٌ مَحْفُوظَةٌ مَشْهُورَةٌ وَأَثْبَتُ شَيْءٍ فِي ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا وَفِيهِ الرَّفْعُ حَذْوَ الْمَنْكِبَينِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِالْأَمْصَارِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْإِحْرَامِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَفِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ دُونَ ذَلِكَ قَلِيلًا وَكُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ حَسَنٌ وَابْنُ عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهِ وَمَخْرَجِهِ

وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ رَأَيْتُ سَالِمًا وَالْقَاسِمَ وَطَاوُسًا وَعَطَاءً وَنَافِعًا وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَمَكْحُولًا يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي اسْتِفْتَاحِ الصَّلَاةِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَخْتَارُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ وَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي الْإِمَامِ هَلْ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ أَمْ يَقْتَصِرُ عَلَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقَطْ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا إِلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِنَّمَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَا غَيْرَ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ فِي الْإِمَامِ إِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَرَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَقْتَصِرُ عَلَى قَوْلِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَالْمَأْمُومَ يَقْتَصِرُ عَلَى رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَقُولُ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وقال مالك يقولها المنفرد

وحدتهم فِي ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلُهُ وَمِمَّنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ الْحَرْثِ بْنِ هِشَامٍ وَأَبِي سَلَمَةَ وَعَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى كُلُّهُمْ رَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ لَا يَقُولُ الْمَأْمُومُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَإِنَّمَا يَقُولُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ فَقَطْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ الْمَأْمُومُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَقُولُهَا الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ تَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتِّبَاعًا لِفِعْلِ إِمَامِهِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حجة لمالك فِي ذَلِكَ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَهُنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الخامس والعشرون

حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ كُلُّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا رِوَايَةً جَاءَتْ عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ التَّنِّيسِيِّ مُرْسَلَةً وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا مَا فِي إِسْنَادِهِ الْإِيصَالُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَأَخْطَأَ فِيهِ جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ فَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ وَهُمْ جُوَيْرِيَةُ وَأَظُنُّهُ أَرَادَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يعنيه

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَصِحُّ فِيهِ إِلَّا إِسْنَادُ الْمُوَطَّأِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَتْحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الَأزْدِيُّ إِمْلَاءً قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَهُوَ الْقِطَّانُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ وَهَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمُخْتَصَّةِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ كُلِّ مَنْ رَأَيْنَا رِوَايَتَهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ عن مالك

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ زَادَ فِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَلْفَاظًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ فَارِسِ بْنِ شُجَاعٍ الْبَغْدَادِيُّ أَبُو الْعَبَّاسِ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ يَقُولُ إِنَّكَ لِتَسْتَحِي حَتَّى إِنَّهُ قَدْ أَضَرَّ بِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْحَيَاءَ يَمْنَعُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْفُحْشِ وَالْفَوَاحِشِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَبِهَذَا صَارَ جُزْءًا وَشُعْبَةً مِنَ الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ غَرِيزَةً مُرَكَّبَةً فِي الْمَرْءِ فَإِنَّ الْمُسْتَحِيَ يَنْدَفِعُ بِالْحَيَاءِ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمَعَاصِي كَمَا يَنْدَفِعُ بِالْإِيمَانِ عَنْهَا إِذَا عَصَمَهُ اللَّهُ فَكَأَنَّهُ شُعْبَةٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَهُ فَلَمَّا صَارَ الْحَيَاءُ وَالْإِيمَانُ يَعْمَلَانِ عَمَلًا وَاحِدًا جُعِلَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ الْإِيمَانُ اكْتِسَابًا وَالْحَيَاءُ غَرِيزَةً وَالْإِيمَانُ شُعَبٌ كَثِيرَةٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ

ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ الْجُرْجَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ (دُكَيْنٍ) قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَعْظَمُهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال الإيمان بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَفْضَلُهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَجْلَانِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنِ ابْنِ الْعَجْلَانَ قَالَا جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ

اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْإِيمَانُ سِتُّونَ أَوْ بِضْعَةٌ أَوْ أَحَدُ الْعَدَدَيْنِ بَابًا أَعْلَاهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ وَلَمَّا كَانَ مَنْ لَا يَسْتَحِي رَاكِبًا الْفَوَاحِشَ مُرْتَكِبًا لِلْقَبِيحِ لَا يَحْجِزُهُ عَنْ ذَلِكَ حَيَاءٌ وَلَا دِينٌ كَمَا قَالَ فِي النُّبُوَّةِ الْأُولَى مَكْتُوبٌ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ قِلَّةُ الْحَيَاءِ كُفْرٌ وَبَعْضُهُمْ يَرْفَعُهُ عَنْهُ وَهَذَا صَحِيحُ الْمَعْنَى عَلَى الضِّدِّ لِأَنَّ مَنْ لَا يَسْتَحْيِ لَا يُبَالِي مِنَ الْعَارِ وَالْمَعَاصِي مَا يَأْتِي كَانَ الْمُسْتَحِي مِنْ أَجْلِ حَيَائِهِ مُرْتَدِعًا عَنِ الْفَوَاحِشِ وَالْعَارِ وَالْكَبَائِرِ فَصَارَ الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ عِنْدَنَا مَعَ التَّصْدِيقِ الطَّاعَاتُ وَأَعْمَالُ الْبِرِّ وَلِذَلِكَ صَارَ الْخُلُقُ الْحَسَنُ مِنْ كَمَالِ الْإِيمَانِ وَتَمَامِهِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَصْبِرُ فَلَا يَشْفِي غَيْظَهُ بِمَا يُسْخِطُ رَبَّهُ وَيَحْلُمُ فَلَا يُفْحِشُ وَلَا يَنْتَصِرُ بِلِسَانٍ وَلَا يَدٍ وَنَحْوِ هَذَا مِمَّا لَا يَخْرُجُ عَنْ مَعْنَى مَا وَصَفْنَا

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَكْمَلَكُمْ إيمانا أحاسنكم خلاقا إِذَا فَقِهُوا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاك حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ عَنْ أَمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أَثْقَلَ شَيْءٍ فِي الْمِيزَانِ خُلُقٌ حَسَنٌ وَاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ

سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ أَبِي بَزَّةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَطَاءٍ الْكَيْخَارَانِيِّ عَنْ أَمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَوْ عَنْ أَمِّ الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنَ الْخُلُقِ الْحَسَنِ وَرَوَاهُ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ عَنْ أَمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَ لَهَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ فِي الْإِيمَانِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَهُمْ أَهْلُ الْأَثَرِ مِنَ الْمُتَفَقِّهَةِ وَالنَّقَلَةِ وَعِنْدَ مَنْ خَالَفَهُمْ مَنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فِي الْعِبَارَةِ عَنْهُ اخْتِلَافٌ وَسَنَذْكُرُ مِنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا فِيهِ مَقْنَعٌ وَهِدَايَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَلَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ وَالْإِيمَانُ عِنْدَهُمْ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ وَالطَّاعَاتُ كُلُّهَا عِنْدَهُمْ إِيمَانٌ إِلَّا مَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الطَّاعَاتِ لَا تُسَمَّى إِيمَانًا قَالُوا إِنَّمَا الْإِيمَانُ التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ وَالْمَعْرِفَةُ قَالُوا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ وَمِنْ أَلْسِنَةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَاكِيًا عَنْ بَنِي يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ أَيْ

بِمُصَدِّقٍ لَنَا قَالُوا وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْخَلْقِ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَلَهُمُ الْجَنَّةُ عَلَى ذَلِكَ فَدَعَاهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ يَقُولُونَ ذَلِكَ وَيُقِرُّونَ بِهِ وَيُصَدِّقُونَهُ فِيمَا جَاءَ بِهِ فَكَانَ كُلُّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَصَدَّقَ بِهِ مُؤْمِنًا مُسْتَكْمِلَ الْإِيمَانِ ثُمَّ نَزَلَتِ الْفَرَائِضُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ وَقَبْلَ عَمَلِهَا كَانَ مُؤْمِنًا لَا مَحَالَةَ كَامِلَ الْإِيمَانِ قَالُوا فَالطَّاعَاتُ لَا تُسَمَّى إِيمَانًا كَمَا أَنَّ الْمَعَاصِيَ لَا تُسَمَّى كُفْرًا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ سُئِلَ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَاحْتَجُّوا مِنَ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ بِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إبراهيم بن سعد عن ابن شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ أَنَّهُ سَمِعَ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ مَالِكِ بْنِ الدُّخْشُمِ بِطُولِهِ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

قَالَ أَلَا تَرَاهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ فَقَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ أَمَّا نَحْنُ فَوَاللَّهِ مَا نَرَى (وَجْهَهُ (11) وَحَدِيثَهُ) إِلَّا إِلَى الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَكِنَّا أَدْرَكْنَا الْفُقَهَاءَ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ مُوجِبَاتُ الْفَرَائِضِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ النَّجَاةَ بِهَا فَرَائِضَ فِي كِتَابِهِ فَنَحْنُ نَخْشَى أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ قَدْ صَارَ إِلَيْهَا فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يُغَيِّرَ فَلَا يُغَيِّرْ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنْ يُوَافِيَ عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ قَالَ الزُّهْرِيُّ ثُمَّ نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَائِضُ وَأُمُورٌ نَرَى الْآخِرَ انْتَهَى إِلَيْهَا فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يُغَيِّرَ فَلَا يُغَيِّرْهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ بِمَعْنَاهُ وَهُوَ فِي رِوَايَةِ الصَّحَابَةِ عَنِ التَّابِعِينَ وَالْكِبَارِ عَنِ الصِّغَارِ وَهَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا رَوَاهُ أنس بن مالك عن معاذ بن جبل حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ بْنِ

مَالِكٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَهَا ثَلَاثًا قَالَ بَشِّرِ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَرَوَاهُ عَنْ مُعَاذٍ أَيْضًا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ الله وعبد الرحمان بْنُ سَمُرَةَ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَغَيْرُهُمْ وَرَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ فَقَالَا جَمِيعًا فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي الْبِرْتِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَدْبِيُّ قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الْحَسَنِ الْمُعَلِّمِ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ حَدَّثَهُ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ وَلَمْ يَقُلِ الْحَدْبِيُّ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْبَزَّارُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن

نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا نُعَيمُ بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْيَمَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ مَا مِنْ رَجُلٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَمَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ أَوْ لَمْ يَدْخُلِ النَّارَ قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَاحْتَجُّوا أيضا بقول الله عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ قَالَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ امْتِحَانَهُمْ إِيَّاهُنَّ إِنَّمَا هُوَ مُطَالَبَةٌ لَهُنَّ بِالْإِقْرَارِ بِالشَّهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي جَاءَهُ بِالْأَمَةِ السَّوْدَاءِ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَإِنْ كُنْتَ تَرَى هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مُؤْمِنَةً أَعْتِقْهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ أَتُشْهِدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَعْتِقْهَا فإنها

مُؤْمِنَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا قَالُوا فَهَذَا هُوَ الْإِيمَانُ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ وَصَرِيحِ السُّنَّةِ الْإِقْرَارُ وَالتَّصْدِيقُ وأما فرائض العمال فَلَا تُسَمَّى إِيمَانًا كَمَا لَا تُسَمَّى الذُّنُوبُ كُفْرًا قَالُوا وَلَمَّا لَمْ تَكُنِ الْمَعْصِيَةُ كُفْرًا لَمْ تَكُنِ الطَّاعَةُ إِيمَانًا هَذَا يَحْمِلُهُ مَا عَوَّلُوا عَلَيْهِ فِيمَا ذَهَبُوا مِنْ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَأَمَّا سَائِرُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْآثَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو عُبَيْدِ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ فَقَالُوا الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَهُوَ الْإِقْرَارُ اعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ مَعَ الْإِخْلَاصِ بِالنِّيَّةِ الصَّادِقَةِ قَالُوا وَكُلُّ مَا يُطَاعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِنْ فَرِيضَةٍ وَنَافِلَةٍ فَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْإِيمَانُ يَزِيدُ بِالطَّاعَاتِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعَاصِي وَأَهْلُ الذُّنُوبِ عِنْدَهُمْ مُؤْمِنُونَ غَيْرُ مُسْتَكْمِلِي الْإِيمَانِ مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّمَا صَارُوا نَاقِصِي الْإِيمَانِ بِارْتِكَابِهِمُ الْكَبَائِرَ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ يُرِيدُ مُسْتَكْمِلَ الْإِيمَانِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ نَفْيَ جَمِيعِ الْإِيمَانِ عَنْ فَاعِلِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَوْرِيثِ الزَّانِي وَالسَّارِقِ وَشَارِبِ الْخَمْرِ إِذَا صَلَّوْا لِلْقِبْلَةِ وَانْتَحَلُوا دَعْوَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ قَرَابَتِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ آمَنُوا بِتِلْكَ الْأَحْوَالِ وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ مع

إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا إِنَّ مُرْتَكِبَ الذُّنُوبِ نَاقِصُ الْإِيمَانِ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِكَافِرٍ كَمَا زَعَمَتِ الْخَوَارِجُ فِي تَكْفِيرِهِمُ الْمُذْنِبِينَ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ فِي ارْتِكَابِ الْكَبَائِرِ حُدُودًا جَعَلَهَا كَفَّارَةً وَتَطْهِيرًا كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ وَاقَعَ مِنْهَا شَيْئًا يَعْنِي مِنَ الْكَبَائِرِ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَهُوَ لَهُ كَفَّارَةٌ وَمَنْ لَا فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَلَيْسَ هَذَا حُكْمُ الْكَافِرِ لِأَنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرَ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَالْإِيمَانُ مَرَاتِبُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ فَلَيْسَ النَّاقِصَ فِيهَا كَالْكَامِلِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا أَيْ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُ حَقَّ الْإِيمَانِ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتُهُ وَلِذَلِكَ قَالَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا وَمِثْلُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنِ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ إِنْ هُوَ الْمُؤْمِنُ الْمُسْلِمُ حَقًّا وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ومعلوم

مَعْمُولٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ هَذَا أَكْمَلَ حَتَّى يَكُونَ غَيْرُهُ أَنْقُصَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ وَقَوْلُهُ لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ وَلَا مَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ كُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِإِيمَانٍ كَامِلٍ وَأَنَّ بَعْضَ الْإِيمَانِ أَوْثَقُ عُرْوَةً وَأَكْمَلُ مِنْ بَعْضِ كَمَا قَالَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ عَلَيْكُمُ الْحَدِيثَ يُرِيدُ لَيْسَ الطَّوَّافُ بِالْمِسْكِينِ حَقًّا لِأَنَّ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مَسْكَنَةً مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ وَيَتَعَفَّفُ وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ عَائِشَةُ إِنَّ الْمِسْكِينَ لَيَقِفُ عَلَى بَابِي الْحَدِيثَ وَرَوَى مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَمْرَةَ عَنْ كَعْبٍ قَالَ مَنْ أَحَبَّ فِي اللَّهِ وَأَبْغَضَ فِي اللَّهِ وَأَعْطَى فِي اللَّهِ وَمَنَحَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ وَمِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ كَمَا قَالَتِ الْجَمَاعَةُ وَالْجُمْهُورُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ لَمْ يَخْتَلِفِ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّهُ أَرَادَ صَلَاتَكُمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَسَمَّى الصَّلَاةَ إِيمَانًا وَمِثْلُ هَذَا قوله ليس

الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ وَأَمَّا مِنَ السُّنَّةِ فَكَثِيرٌ جِدًّا مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَالْحَجُّ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَقَدْ كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ تَعَالَوْا بِنَا سَاعَةً نُؤْمِنُ أَنْ نَذْكُرَ اللَّهَ فَجَعَلَ ذِكْرَ اللَّهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَمِثْلُ هَذَا حَدِيثُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ الْحَدِيثَ وَيَأْتِي فِي بَابِ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ أَسْلِمْ قَالَ وَمَا الْإِسْلَامُ قَالَ أَنْ تُسَلِّمَ قَلْبَكَ لِلَّهِ وَأَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ قَالَ فَأَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ قَالَ الْإِيمَانُ قَالَ وَمَا الْإِيمَانُ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرَسُولِهِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ فأي

الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ الْهِجْرَةُ قَالَ وَمَا الْهِجْرَةُ قَالَ أَنْ تَهْجُرَ السُّوءَ قَالَ فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ قَالَ أَنْ تُجَاهِدَ الْمُشْرِكِينَ إِذَا لَقِيتَهُمْ ثُمَّ لَا تَغُلَّ وَلَا تَجْبُنَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ كَمَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ سَوَاءً بِالشَّهَادَةِ وَرَوَاهُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ وَمُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَغَيْرُهُمْ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ مُؤَمَّلٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ كَلَّمْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فِي الْإِرْجَاءِ فَجَعَلَ يَقُولُ وَأَقُولُ فَقُلْتُ لَهُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلٍ الشَّامِ عَنِ أبِيهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ قَالَ حَمَّادٌ فَقُلْتُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ قَالَ وَالْإِيمَانُ ثُمَّ جَعَلَ الْهِجْرَةَ وَالْجِهَادَ مِنَ الْإِيمَانِ قَالَ فَسَكَتَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ أَلَا تُجِيبُهُ يَا أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ لَا أُجِيبُهُ وَهُوَ يُحَدِّثُنِي بِهَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ مُؤَمَّلٍ وَغَيْرِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ كُنْتُ بِمَكَّةَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنِ الْإِيمَانِ وَعَنِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ الْإِسْلَامُ وَالْإِيمَانُ وَاحِدٌ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا حَنِيفَةَ حَدَّثَنَا أَيُّوبٌ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ شَيْءٌ وَاحِدٌ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ بُكَيْرٍ فِي الْأَحْكَامِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وجدنا فيها غير بيت من المسلمين أَيْ غَيْرَ بَيْتٍ مِنْهُمْ

قَالُوا وَأَمَّا قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا فَأَسْلَمْنَا هُنَا بِمَعْنَى اسْتَسْلَمْنَا مَخَافَةَ السِّنَانِ وَالْقَتْلِ كَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآيَةِ قَوْلُهُ وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ قَالَ قَتَادَةُ لَيْسَ كُلُّ الْأَعْرَابِ كَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ الْآيَةَ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ الْمَذْكُورُ فِي أن الإسلام وصف بغير ما وصفه بِهِ الْإِيمَانُ فَكَثِيرَةٌ جِدًّا مِنْهَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَهُ إِلَى رُكْبَتِهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخْذَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ قَالَ الْإِسْلَامُ أَنَّ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قَالَ صَدَقْتَ فَعَجِبْنَا أَنَّهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ

بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ صَدَقْتَ فَعَجِبْنَا أَنَّهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ وَأَنَا اخْتَصَرْتُ مِنْهُ صَدْرًا لَيْسَ فِي مَعْنَى هَذَا الْبَابِ وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ كَمَا رَوَاهُ كَهَمْسٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ وَعُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ وَالْجَرِيرِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعْنَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ ابْنِ عُمَرَ لَمْ يَذْكُرْ عُمَرَ رَوَاهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَلْقَمَةُ بْنُ مِرْبَدٍ وَغَيْرُهُ وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ مَعْنَاهُ لم يذكرا عمر وقد روى المطالب بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً مَسْنَدًا بِتَمَامِهِ لَمْ يَذْكُرْ عُمَرَ وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِلَى أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ مَعْنَيَانِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَبِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَّمَ قِسْمًا فَأَعْطَى قَوْمًا وَمَنَعَ بَعْضَهُمْ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا وَمَنَعْتَ فُلَانًا وَاللَّهِ إِنِّي لَا أَرَاهُ مُؤْمِنًا فَقَالَ لَا تَقُلْ مُؤْمِنًا وَلَكِنْ قُلْ مُسْلِمًا

رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَعْمَرٌ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَصَالِحُ بْنُ كِيسَانَ وَابْنُ أَخِي ابْنُ شِهَابٍ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَمَعْنًى وَاحِدٍ قَالَ وَقَالَ مَعْمَرٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَيَرَى أَنَّ الْإِسْلَامَ الْكَلِمَةُ وَالْإِيمَانَ الْعَمَلُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ الْإِسْلَامَ الْكَلِمَةُ وَالْإِيمَانَ الْعَمَلُ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَمَا بُنِيَ عَلَيْهِ عَلَى مَا مَضَى فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ الْعَمَلُ وَالْإِيمَانَ الْكَلِمَةُ إِلَّا أَنَّ فِي تِلْكَ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا فِي الْإِسْلَامِ شهادة أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَعَلَى هَذَا خَرَّجَ الْكَلَامَ ابن شهاب والله أعلم على إيقام الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُتَقَارِبٌ إِلَّا أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالنَّظَرِ أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ سَوَاءٌ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَوْلَهَ فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْإِسْلَامُ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الشَّافِعِيِّينَ وَالْمَالِكِيِّينَ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَأَصْحَابِهِ وَأَكْثَرُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالنَّظَرِ الْمُتَّبِعِينَ لِلسَّلَفِ وَالْأَثَرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُ قَالَ هَذَا الْإِيمَانُ وَدَوَّرَ دَارَةً وَهَذَا الْإِسْلَامُ وَدَوَّرَ دَارَةً خَلْفَ الدَّارَةِ الْأُولَى قَالَ فَإِذَا أَذْنَبْنَا خَرَجْنَا مِنَ الدَّارَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ وَإِذَا أَحْسَنَّا رَجَعْنَا إِلَى الْإِيمَانِ فَلَا نَخْرُجُ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَى الشِّرْكِ وَقَالَ بِهَذَا طَوَائِفُ مِنْ عَوَامِّ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُ الشِّيعَةِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا مَا

ذَكَرْتُ لَكَ وَهُوَ كُلُّهُ مُتَقَارِبُ الْمَعْنَى مُتَّفِقُ الْأَصْلِ وَرُبَّمَا يَخْتَلِفُونَ فِي التَّسْمِيَةِ وَالْأَلْقَابِ وَلَا يُكَفِّرُونَ أَحَدًا بِذَنْبٍ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهَا فَكَفَّرَهُ مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ بُسْرِ بْنِ مِحْجَنٍ وَأَبَى الْجُمْهُورِ أَنْ يُكَفِّرُوهُ إِلَّا بِالْجَحْدِ وَالْإِنْكَارِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ التَّصْدِيقِ وَالْإِقْرَارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا هُنَاكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فَهَذَا مَا بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الْإِيمَانِ وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَالْإِيمَانُ عِنْدَهُمْ جِمَاعُ الطَّاعَاتِ وَمَنْ قَصَّرَ مِنْهَا عَنْ شَيْءٍ فهو فاسق لا مؤمن ولا كافر وسواهم الْمُتَحَقِّقُونَ بِالِاعْتِزَالِ أَصْحَابَ الْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ وَمِنْهُمْ من قال في ذلك يقول الْخَوَارِجِ الْمُذْنِبُ كَافِرٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ إِلَّا أَنَّ الصُّفْرِيَّةَ تَجْعَلُهُ كَالْمُشْرِكِ وَتَجْعَلُ دَارَ الْمُذْنِبِ الْمُخَالِفِ لَهُمْ دَارَ حَرْبٍ وَأَمَّا الْإبَاضِيَّةُ فَتَجْعَلُهُ كَافِرَ نِعْمَةٍ وَلَكِنَّهُمْ يُخَلِّدُونَهُ فِي النَّارِ إِنْ لَمْ يَتُبْ مِنَ الْكَبِيرَةِ وَلَا يَسْتَحِلُّونَ مَالَهُ كَمَا يَسْتَحِلُّهُ الصِّفْرِيَّةُ وَلَهُمْ ظَوَاهِرُ آيَاتٍ يُبَرْهِنُونَ بِهَا قَدْ فَسَّرَتْهَا السُّنَّةُ وَقَدْ مَضَى عَلَى مَا فَسَّرَتِ السُّنَّةَ فِي ذَلِكَ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ رُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ أَكُنْتُمْ تَعُدُّونَ شَيْئًا مِنَ الذُّنُوبِ كُفْرًا أَوْ شِرْكًا أَوْ نِفَاقًا قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ وَلَكِنَّا نَقُولُ مُؤْمِنِينَ مُذْنِبِينَ وَلَوْلَا أَنَّ كِتَابَنَا هَذَا كِتَابُ شَرْحِ مَعَانِي السُّنَنِ الثَّابِتَةِ فِي الْمُوَطَّأِ لَحَدَدْنَا الرَّدَّ عَلَيْهِمْ هُنَا وَقَدْ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءُ مِنَ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَكَسْرِ أَقْوَالِهِمْ وَكَذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ الْآثَارِ فِي الْإِيمَانِ وَمَدَارِ الْبَابِ كُلِّهِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْهِ أَنَبْنَا

وأما الآيات التي نزع بها العماء فِي أَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَمِنْهَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَقَوْلُهُ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَقَوْلُهُ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ وَعَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْآثَارِ وَالْفُقَهَاءُ أَهْلُ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ وَوَقَفَ فِي نُقْصَانِهِ وَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَمَعْمَرُ بْنُ عِيسَى وَابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ الْجَمَاعَةِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَشْوَرِيُّ بِصَنْعَاءَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُولُ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثوري ومعمر وَابْنَ جُرَيْجٍ وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُونَ الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَقُلْنَا لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ فَمَا تَقُولُ أَنْتَ قَالَ أَقُولُ الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَإِنْ لَمْ أَقُلْ هَذَا فَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ وَحَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَشْوَرِيُّ

قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ وَسُئِلَ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ أَدْرَكْتُ أَصْحَابَنَا سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَابْنَ جُرَيْجٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَمَعْمَرَ (بْنَ رَاشِدٍ) وَالَأَوزَاعِيَّ وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُونَ الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ فَمَا تَقُولُ أَنْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ قَالَ إِنْ خَالَفْتَهُمْ فَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ قَالَ أَحْمَدُ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ كَانَ مَعْمَرٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَكْرَهُونَ أَنْ يَقُولُوا أَنَا مُسْتَكْمِلُ الْإِيمَانِ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِلَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا عَبْدُوسُ بْنُ ذِي رَقِيبَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ حَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ سَأَلْتُ عَشَرَةً مِنَ الْفُقَهَاءِ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالُوا قَوْلٌ وَعَمَلٌ سَأَلْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَابْنَ جُرَيْجٍ وَهِشَامَ بْنَ حَسَّانٍ وَمُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ وَفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ سَالِمٍ الطَّائِفِيَّ وَالْمُثَنَّى بْنَ الصَّبَّاحِ وَنَافِعَ بْنَ عُمَرَ الْجُمَحِيَّ فَكُلُّهُمْ قَالَ لِي الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ

قَالَ الْحُمَيْدِيُّ وَسَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ لَا تَقُلْ يَنْقُصُ فَغَضِبَ وَقَالَ اسْكُتْ يَا صَبِيَّ بَلْ يَنْقُصُ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءً وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ نَحْنُ نَقُولُ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَالْمُرْجِئَةٌ تَقُولُ الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَجَعَلُوا تَرْكَ الْفَرَائِضِ ذَنْبًا بِمَنْزِلَةِ رُكُوبِ الْمَحَارِمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّ تَرْكَ الْفَرَائِضِ مِنْ غَيْرِ جَهْلٍ وَلَا عُذْرٍ كُفْرٌ وَرُكُوبُ المحارم عمدا من غير اسْتِحْلَالُ مَعْصِيَةٍ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَمْرُ آدَمَ وَإِبْلِيسَ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى آدَمَ الشَّجَرَةَ وَنَهَاهُ عَنِ الْأَكْلِ مِنْهَا فَأَكَلَ مِنْهَا فَسَمَّاهُ عَاصِيًا وَأَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ فَأَبَى وَاسْتَكْبَرَ فَسُمِّيَ كَافِرًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ سَأَلَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الزُّهْرِيَّ فَقَالَ حَدِّثْنَا بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ أَيْنَ يَذْهَبُ بِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ هَذَا قَبْلَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَفِيمَا أَجَازَنَا عَبْدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيُّ وَأَذِنَ لِي فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ وَكَتَبَهُ إِلَيَّ بِخَطِّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا (أَبُو) يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا مُبَارَكُ بْنُ حَسَّانٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ

أن في المسجد عمر بن ذر ومسلم التحات وسالم الْأَفْطَسَ قَالَ وَمَا يَقُولُونَ قُلْتُ يَقُولُونَ مَنْ زَنَا وَسَرَقَ وَشَرِبَ الْخَمْرَ وَقَذَفَ الْمُحْصَنَاتِ وَأَكْلَ الرِّبَا وَعَمِلَ بِكُلِّ مَعْصِيَةٍ إِنَّهُ مُؤْمِنٌ كَإِيمَانِ الْبَرِّ التَّقِيِّ الَّذِي لَمْ يَعْصِ اللَّهَ فَقَالَ أَبْلَغَهُمْ مَا حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لا يَقْتُلُ الْقَاتِلُ حِينَ يَقْتُلُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَخْتَلِسُ خِلْسَةً يُشْتَهَرُ بِهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ عَطَاءٌ يُخْلَعُ مِنْهُ الْإِيمَانُ كَمَا يَخْلَعُ الْمَرْءُ سِرْبَالَهُ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى الْإِيمَانِ تَائِبًا رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَالِمٍ الْأَفْطَسِ وَأَصْحَابِهِ فَقَالُوا وَأَيْنَ حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ فَرَجَعْتُ إِلَى عَطَاءٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ قل لهم أو ليس قَدْ قَالَ اللَّهُ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا فَدَخَلَ فِيهِ السَّارِقُ وَغَيْرُهُ ثُمَّ نَزَلَتِ الْأَحْكَامُ وَالْحُدُودُ بَعْدُ فَلَزِمَتْهُ وَلَمْ يُعَذَرْ فِي تَرْكِهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا إيمان لمن لاأمانة لَهُ وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ

وَقَالَ الْإِيمَانُ قَيْدُ الْفَتْكِ لَا يَفْتِكُ مُؤْمِنٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي الْحَيَاءِ أَحَادِيثُ مَرْفُوعَةٌ حِسَانٌ نَذْكُرُ مِنْهَا هَهُنَا مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ حدثني أحمد بن قاسم بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو نَعَامَةَ الْعَدَوِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ قَالَ بَشِيرٌ فَقُلْتُ إِنَّ مِنْهُ ضَعْفًا وَإِنَّ مِنْهُ عَجْزًا فَقَالَ أَخْبَرْتُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُجِيبُنِي بِالْمَعَارِيضِ لَا أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ مَا عَرَفْتُكَ فَقَالُوا يَا أَبَا بُجَيْدٍ إِنَّهُ طَيِّبُ الْقِرَاءَةِ وَإِنَّهُ وَإِنَّهُ فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى سَكَنَ وَحَدَّثَ وَحَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ رَبَاحٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ إِنَّهُ يُقَالُ فِي الْحِكْمَةِ إِنَّ مِنْهُ ضَعْفًا فَقَالَ عُمَرُ أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَتُحَدِّثُنِي عن الصحف

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا هشيم ن مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ يَحْيَى بْنِ يَعْقُوبَ الْمَقْدِسِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطَّهْرَانِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ وَمَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا شَانَهُ وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ عَنِ أبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَخُلُقُ هَذَا الدِّينِ الْحَيَاءُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا وَكِيعٌ وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ الله

حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ عَذْرَاءَ فِي خِدْرِهَا

الحديث السادس والعشرون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعًا هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو الْغَزِّيَّ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِعَرَفَةَ وَزَادَ أَلْفَاظًا لَيْسَتْ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الرُّوَاةِ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ لَمْ يُنَادِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلَّا بِالْإِقَامَةِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا تَطَوُّعًا وَلَا إِثْرَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قُلْتُ فَمَا بَالُ الْأَذَانِ قَالَ إِنَّمَا الْأَذَانُ دَاعٍ يدعو الناس

إِلَى الصَّلَاةِ فَمَنْ يَدْعُو وَهُمْ مَعَهُ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ عَنْ مَالِكٍ وَزَادَ فِيهِ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ أَلْفَاظًا سَنَذْكُرُهَا وَنُوَضِّحُ الْقَوْلَ فِي مَعَانِيهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ أَنَّ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ لَيْلَةَ النَّحْرِ بِالْمُزْدَلِفَةِ لِإِمَامِ الْحَاجِّ وَالنَّاسِ مَعَهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ لَمْ يَدْفَعْ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْمُزْدَلِفَةُ هِيَ الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ وَهِيَ جَمْعُ ثَلَاثَةِ أَسْمَاءَ لِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِإِمَامِ الْحَاجِّ وَالنَّاسِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ الصَّلَاةُ أَمَامَكُ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ وَوَجْهُ الْقَوْلِ فِيهِ فِي بَابِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَيْئَةِ الجمع بين الصلاتين بِالْمُزْدَلِفَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ وَالْآخَرُ هَلْ يَكُونُ جَمْعُهُمَا مُتَّصِلًا لَا يُفْصَلُ بَيْنَهُمَا بِعَمَلٍ أَمْ يَجُوزُ الْعَمَلُ بَيْنَهُمَا بِعَمَلٍ مِثْلِ الْعَشَاءِ وَحَطِّ الرَّحَّالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَإِنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ يَقُولُونَ يُؤَذَّنُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَيُقَامُ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ أَيْضًا إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ بِإِجْمَاعٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ

قَالَ لِي مَالِكٌ فِي جَمْعِ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَبِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ قَالَ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ وَقَالَ مَالِكٌ كُلُّ شَيْءٍ إِلَى الْأَئِمَّةِ فَلِكُلِّ صَلَاةٍ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ فِيمَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَلَكِنَّهُ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ حُمَيْدٍ أَبِي قُدَامَةَ أَنَّهُ صَلَّاهَا مَعَ عُمَرَ بِالْمُزْدَلِفَةِ كَذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَيْسَ بِقَوِيِّ الْحَدِيثِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ عن عبد الرحمان بْنِ يَزِيدَ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ إِلَى مَكَّةَ فَلَمَّا أَتَى جَمْعًا صَلَّى الصَّلَاتَيْنِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَجَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَالَّذِي يَحْضُرُنِي مِنَ الحجة لمالك فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ فِي الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ أَنَّ الْوَقْتَ لَهُمَا جَمِيعًا وَقْتٌ وَاحِدٌ وَإِذَا كَانَ وَقْتُهُمَا وَاحِدًا وَكَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ تُصَلَّى فِي وَقْتِهَا لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْلَى بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مِنَ الْأُخْرَى لِأَنْ لَيْسَ

وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَائِتَةٌ تُقْضَى وَإِنَّمَا هِيَ صَلَاةٌ تُصَلَّى فِي وَقْتِهَا وَكُلُّ صَلَاةٍ صُلِّيَتْ فِي وَقْتِهَا فَسَنَّتُهَا أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا وَيُقَامُ فِي الْجَمَاعَةِ وَهَذَا بَيِّنٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ آخَرُونَ أَمَّا الْأُولَى مِنْهُمَا فَتُصَلَّى بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَتُصَلَّى بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ قَالُوا وَإِنَّمَا أَمَرَ عُمَرُ بِالتَّأْذِينِ لِلثَّانِيَةِ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا قَدْ تَفَرَّقُوا لِعَشَائِهِمْ فَأَذَّنَ لِيَجْمَعَهُمْ قَالُوا وَكَذَلِكَ نَقُولُ نَحْنُ إِذَا تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنِ الْإِمَامِ لِعَشَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ أَمَرَ الْمُؤَذِّنِينَ فَأَذَّنُوا لِجَمْعِهِمْ وَإِذَا أَذَّنَ أَقَامَ قَالُوا فَهَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالُوا وَالَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا وَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عبد الرحمان بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَجْعَلُ الْعَشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال أخبرنا أبو بكر بن عياش أبي إسحاق عن عبد الرحمان بْنِ يَزِيدَ قَالَ كُنْتُ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ بِجَمْعٍ فَجَعَلَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْعَشَاءَ وَصَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ

حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ صَلَّى الصَّلَاتَيْنِ مَرَّتَيْنِ بِجَمْعِ كَلِّ صَلَاةٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَالْعِشَاءُ بَيْنَهُمَا وَقَالَ آخَرُونَ تُصَلَّى الصَّلَاتَانِ جَمِيعًا بِالْمُزْدَلِفَةِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يُؤَذَّنُ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَا صَلَّى بِنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ بِإِقَامَةٍ الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتِي الْعِشَاءَ ثُمَّ حَدَّثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صَنَعَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مِثْلَ ذَلِكَ وَحَدَّثَ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مِثْلَ ذَلِكَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ ثَلَاثًا وَالْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَا أَيْضًا عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَالْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ مَالِكُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ

هُوَ الْحَارِثِيُّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ هُوَ الْمُحَارِبِيُّ ما هذه الصلاة يا أبا عبد الرحمان قَالَ صَلَّيْتُهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَكَانِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ قال أبو عمر الصواب الحارثي وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الحرث عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَرَوَاهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مَالِكِ بن الحرث عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ ثِقَةٌ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَلِيٌّ الْأَزْدِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ وَقَدْ حَمَلَ قَوْمٌ حَدِيثَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعًا لَمْ يُنَادِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلَّا بِالْإِقَامَةِ عَلَى هَذَا أَيْضًا أَيْ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ وَحَمَلَهُ غَيْرُهُمْ عَلَى الْإِقَامَةِ لِكُلِّ صَلَاةِ مِنْهُمَا دُونَ أَذَانٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ مَحْفُوظٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مِنْ رِوَايَةِ الْحُفَّاظِ الثِّقَاتِ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِجَمْعٍ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ فِيهِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ مَالِكًا وَغَيْرَهُ مِنَ الْحُفَّاظِ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ فِيهِ وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ خَطَأٌ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي بَابِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ آخَرُونَ تُصَلَّى الصَّلَاتَانِ جَمِيعًا بِالْمُزْدَلِفَةِ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَهُوَ أَكْمَلُ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي الْحَجِّ وَأَتَمُّهُ وَأَحْسَنُهُ مَسَاقًا رَوَاهُ بِتَمَامِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَجَمَاعَةٌ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ وَاخْتَارَهُ وَزَعَمَ أَنَّ النَّظَرَ يَشْهَدُ لَهُ لِأَنَّ الْآثَارَ لَمْ تَخْتَلِفْ أَنَّ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ صَلَّاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأذان واحد

وَإِقَامَتَيْنِ فَكَذَلِكَ صَلَاتَا الْمُزْدَلِفَةِ فِي الْقِيَاسِ لِأَنَّهُمَا فِي حُرْمَةِ الْحَجِّ وَالْآثَارُ مُخْتَلِفَةٌ فِي ذَلِكَ بالمزدلفة وغير مختلفة في ذلك بعرفة وخالف الطَّحَاوِيُّ فِي ذَلِكَ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهَ لِأَنَّهُمْ يقولون إن الصلاتين تُصَلَّيَانِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَهَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى مَا رَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا قَالُوا فَكَانَ مُحَالًا أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ أَدْخَلَ بَيْنَهُمَا أَذَانًا إِلَّا وَقَدْ عَلِمَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ مِثْلُ هَذَا مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَدْ حَكَى الْجُوزَجَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُمَا تُصَلَّيَانِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ يُؤَذَّنُ لِلْمَغْرِبِ وَيُقَامُ لِلْعِشَاءِ فَقَطْ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الطَّحَاوِيُّ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ أبِيهِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعْتَلُّوا بِنَحْوِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ أَنَّ عُمَرَ وَابْنَ مَسْعُودٍ إِنَّمَا أَذَّنَا لِلثَّانِيَةِ مِنْ أَجْلِ تَأْخِيرِهِمَا الْعِشَاءَ وَقَالَ آخَرُونَ تُصَلَّى الصَّلَاتَانِ جَمِيعًا بِإِقَامَتَيْنِ دُونَ أَذَانٍ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ

عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَالْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ بِإِقَامَةٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مثله وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذِهِ الزِّيَادَةُ وَهَؤُلَاءِ حُفَّاظٌ زِيَادَتُهُمْ مَقْبُولَةٌ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ مثله غير أَنَّهُ قَالَ لَمْ يُنَادِ بَيْنَهُمَا وَلَا عَلَى إِثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلَّا بِإِقَامَةٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِجَمْعٍ بِإِقَامَةٍ إِقَامَةٍ لَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا وَلَا عَلَى إِثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا بِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعَبِ نَزَلَ فَبَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ فَقُلْتُ لَهُ الصَّلَاةُ فَقَالَ الصَّلَاةُ أَمَامَكَ فَرَكِبَ حَتَّى جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ فَنَزَلَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ

فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بِعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْآثَارُ ثَابِتَةٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهِيَ مِنْ أَثْبَتِ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْهُ وَلَكِنَّهَا مُحْتَمِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ لَمْ يُخْتَلَفْ عليه فيه أخبرني عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ خَالِدٍ يَعْجَبُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ إِذْ أَخَذَ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَمْ يَرْوِهِ وَتَرَكَ الْأَحَادِيثَ الَّتِي روى

قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا اخْتِصَارُ مَا بَلَغَنَا مِنَ الْآثَارِ وَاخْتِلَافِهَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَتَهْذِيبِ ذَلِكَ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ بِالنَّاسِ بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ عَرَفَةَ فَأَفَاضَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ وَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخَّرَ حِينَئِذٍ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فَلَمْ يُصَلِّهَا حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا بِالنَّاسِ بِالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمِيعًا بَعْدَمَا غَابَ الشَّفَقُ وَدَخَلَ وَقْتُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةُ الْحَاجِّ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَيْفِيَّةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي حِينِ جَمْعِهِ لِلصَّلَاتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ مَالِكًا ذَهَبَ إِلَى أَنَّ كُلَّ صَلَاةِ مِنْهُمَا يُؤَذَّنُ لَهَا وَيُقَامُ وَاحِدَةٌ بِإِثْرِ أُخْرَى وَعَلَى ذَلِكَ أَصْحَابُهُ وَذَهَبَ الثَّوْرِيُّ إِلَى أَنَّهُمَا جَمِيعًا تُصَلَّيَانِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يُفْصَلُ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تُصَلَّى بِإِقَامَةٍ إقامة ولا يؤذن لواحدة منهما به قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَالِمٍ وَالْقَاسِمِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّهُمَا يُصَلَّيَانِ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ أبِيهِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُجَّةَ كُلُّ واحد

مِنْهُمْ مَنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَلَا مَدْخَلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلنَّظَرِ وَإِنَّمَا فِيهَا الِاتِّبَاعُ وَاخْتَلَفُوا فيمن صلى الصلاتي الْمَذْكُورَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلِّيهِمَا أَحَدٌ قَبْلَ جَمْعٍ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ فَإِنْ صَلَّاهُمَا مِنْ عُذْرٍ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يُصَلِّيهِمَا حَتَّى يَأْتِيَ جَمْعًا وَلَهُ السَّعَةُ فِي ذَلِكَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِنْ صَلَّاهُمَا دُونَ جَمْعٍ أَعَادَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ صَلَّاهُمَا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُزْدَلِفَةَ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَسَوَاءٌ صَلَّاهُمَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُمَا إِذَا أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَرُوِيَ عَنْهُمَا مِثْلُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْهُمَا إِنْ صَلَّاهُمَا بِعَرَفَاتٍ أَجْزَأَهُ وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَهُمَا قَبْلَ جَمْعٍ فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَعُرْوَةَ وَسَالِمٍ وَالْقَاسِمِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِجَمْعٍ وَمِنَ الْحُجَّةِ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَصَلَاهُمَا جَمِيعًا بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ بِجَمْعٍ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا إِلَّا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَذَلِكَ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقَدْ ذَكَرْنَا أَقْوَالَ الْفُقَهَاءِ فِيمَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ هَلْ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ الصلاتين أم لا في كتابنا هذا عند ذَكَرَ الصَّلَاةَ بِعَرَفَةَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَمْ يَمُرَّ بِالْمُزْدَلِفَةِ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَلَمْ يَأْتِهَا وَلَمْ يَبِتْ بِهَا غَدَاةَ النَّحْرِ فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ لَمْ يُنِخْ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَلَمْ يَنْزِلْ بِهَا وَتَقَدَّمَ إِلَى مِنًى فَرَمَى الْجَمْرَةَ فَإِنَّهُ يُهَرِيقُ دَمًا فَإِنْ نَزَلَ بِهَا ثُمَّ دَفَعَ مِنْهَا فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ وَتَرَكَ الْوُقُوفَ مَعَ الْإِمَامِ فَقَدْ أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ مَنْ لَمْ يَقِفْ بِجَمْعٍ وَلَمْ يَقِفْ بِهَا لَيْلَةَ النَّحْرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ فِي رِوَايَةٍ وَقَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا تَرَكَ الْوُقُوفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَلَمْ يَقِفْ بِهَا وَلِمَ يَمُرَّ بِهَا وَلَمْ يَبِتْ فِيهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالُوا فَإِنْ بَاتَ وَتَعَجَّلَ فِي اللَّيْلِ رَجَعَ إِذَا كان خروجه من غير عذر حَتَّى يَقِفَ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ يُصْبِحَ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالُوا وَإِنْ كان رجل مريض أو ضعيف أو غلام صغير فَتَقَدَّمُوا مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ بِاللَّيْلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ نَزَلَ وَخَرَجَ مِنْهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَلَمْ يَعُدْ إِلَيْهَا لِيَقِفَ بِهَا مَعَ الْإِمَامِ وَيُصْبِحَ فَعَلَيْهِ شَاةٌ قَالَ وَإِنَّمَا حَدَّدْنَا نِصْفَ اللَّيْلِ لِأَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِضَعَفَةِ أَهْلِهِ أَنْ يَرْتَحِلُوا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَرَخَّصَ

لَهُمْ فِي أَنْ لَا يُصْبِحُوا بِهَا وَلَا يَقِفُوا مَعَ الْإِمَامِ وَالْفَرْضُ عَلَى الضَّعِيفِ وَالْقَوِيِّ سَوَاءٌ وَلَكِنَّهُ تَأَخَّرَ لِمَوَاضِعِ الْفَضْلِ وَتَعْلِيمِ النَّاسِ قَالَ وَمَا كَانَ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَهُوَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنْزِلْ بِجَمْعٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنَّ نَزَلَ بِهَا ثُمَّ ارْتَحَلَ بِلَيْلٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَقُولُ إنما جمع منزل تُدْلِجُ مِنْهُ إِذَا شِئْتَ وَقَالَ عَلْقَمَةُ وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مَنْ لَمْ يَنْزِلْ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَفَاتَهُ الْوُقُوفُ بِهَا فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَيَجْعَلُهَا عُمْرَةً وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنَّ الْوُقُوفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَرْضٌ وَاجِبٌ يَفُوتُ الْحَجُّ بِفَوَاتِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ وَالْأَصَحُّ عَنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَرُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ فَاتَتْهُ الْإِفَاضَةُ مِنْ جَمْعٍ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَلْيَحِلَّ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ يَحُجُّ قَابِلًا وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أَدْرَكَ جَمْعًا مَعَ النَّاسِ حَتَّى يُفِيضَ فَقَدْ أَدْرَكَ وَهَذَا الْمَعْنَى رَوَاهُ عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لَامٍ أَنَّهُ حَجَّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُدْرِكِ النَّاسَ إِلَّا لَيْلًا وَهُمْ بِجَمْعٍ فَانْطَلَقَ إِلَى عَرَفَاتٍ لَيْلًا فَأَفَاضَ مِنْهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى جَمْعٍ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتْعَبْتُ نَفْسِي وَأَنْصَبْتُ رَاحِلَتِي فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ فَقَالَ مَنْ صَلَّى مَعَنَا الْغَدَاةَ بِجَمْعٍ وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نُفِيضَ وَقَدْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَاتٍ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجَّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ رَوَاهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ وكان سفيان بن عيينة يقول زكرياءأحفظهم لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ مُعْنَاهُمْ كُلُّهُ وَاحِدٌ مُتَقَارِبٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إسماعيل حدثنا عامر أخبرنا عروة بن مضردس الطَّائِيُّ قَالَ أَتَيْتُ

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَوْقِفِ يَعْنِي بِجَمْعٍ فَقُلْتُ جِئْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ من جبلي طيء أكللت مطيتي وأتبعت نَفْسِي وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ حَبْلٍ إِلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أَدْرَكَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَأَتَى عَرَفَاتٍ قَبْلَ ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وَقَضَى تَفَثَهُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ إِنْ كَانَ صَحِيحًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ سَأَلَهُ عَمَّا فَاتَهُ مِنَ الْوُقُوفِ بِالنَّهَارِ بِعَرَفَةَ فَأَعْلَمَهُ أَنَّ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ فَدَارَ الْأَمْرُ عَلَى أَنَّ الْوُقُوفَ بِالنَّهَارِ لَا يَضُرُّهُ إِنْ فَاتَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَالسَّائِلُ يَعْلَمُ أَنَّهُ (إِذَا وَقَفَ بِاللَّيْلِ وَقَدْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِالنَّهَارِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ وَأَنَّهُ قَدْ تَمَّ حَجُّهُ لِأَنَّهُ رَأَى لَهُ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنْ يَقِفَ بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ) وَعُلِمَ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ إِذَا وَقَفَ بِاللَّيْلِ وَقَدْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِالنَّهَارِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ قَالَ وَلَوْ حُمِلَ هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عَلَى مَا يَحْتَجُّ بِهِ مَنِ احْتَجَّ بِهِ لَوَجَبَ عَلَى مَنْ لَمْ يُدْرِكِ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ بِجَمْعٍ أَنْ يَكُونَ حَجُّهُ فَاسِدًا وَلَكِنَّ الْكَلَامَ يُحْمَلُ عَلَى صِحَّتِهِ وَصِحَّةِ هَذَا الْمَعْنَى فِيهِ لِأَنَّ

الرَّجُلَ إِنَّمَا سَأَلَ وَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ بِجَمْعٍ وَقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا فَأُعْلِمَ أَنَّ حَجَّهُ تام وقال أبوالفرج مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ وَقَدْ أَفَاضَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَلَيْلًا فَسَكَتَ عَنْ أَنْ يَقُولَ لَيْلًا لِعِلْمِهِ بِمَا قَدَّمَ مِنْ فِعْلِهِ لِأَنَّ مَنْ وَقَفَ نَهَارًا فَقَدْ أَدْرَكَ اللَّيْلَ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِذِكْرِ النَّهَارِ اتِّصَالَ اللَّيْلِ بِهِ قَالَ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا بِمَعْنَى لَيْلًا وَنَهَارًا فَتَكُونُ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا أَيْ آثِمًا وَكَفُورًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَوْ كَانَ كَمَا ذَكَرَ كَانَ الْوُقُوفُ وَاجِبًا لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَمْ يُغْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا يُجْزِئُ عَنِ الْوُقُوفِ بِالنَّهَارِ إِلَّا أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُرَاهِقًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فَهُوَ مُسِيءٌ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ رَأَى عَلَيْهِ دَمًا وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ شَيْئًا وَجَمَاعَةٌ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ إِنَّ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ أَنَّهُ مُدْرِكٌ لِلْحَجِّ إِلَّا مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ الْفَرْضَ عِنْدَهُ اللَّيْلُ دُونَ النَّهَارِ وَعِنْدَ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي الْفَرْضِ إِلَّا أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَقِفَ كَمَا وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَارًا يَتَّصِلُ

لَهُ بِاللَّيْلِ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ فَرْضٌ لَا حَجَّ لِمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِهَا يَوْمَ عَرَفَةَ كَمَا ذَكَرْنَا أَوْ لَيْلَةَ النَّحْرِ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَسَنَذْكُرُ مَا يَجِبُ مِنَ الْقَوْلِ فِي أَحْكَامِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالصَّلَاةِ بِهَا فِي أُولَى الْمَوَاضِعِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ فِي قِصَّةِ ابْنِ عُمَرَ مَعَ الْحَجَّاجِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بَعْضُ مَنْ لَمْ يَرَ الْوُقُوفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَرْضًا مِنْ غَيْرِ أَصْحَابِنَا بِأَنْ قَالَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرَ لِمَنْ أَوْجَبَ الْوُقُوفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَرْضًا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ فِيهِ مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا هَذِهِ وَكَانَ قَدْ أَتَى قَبْلَ ذَلِكَ عَرَفَةَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَقَدْ قَضَى حَجَّهُ وَتَمَّ تَفَثَهُ فَذَكَرَ الصَّلَاةَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَكَانَ أَجْمَعَ أَنَّهُ لَوْ بَاتَ بِهَا وَوَقَفَ وَنَامَ عَنِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَصِلِّهَا مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى فَاتَتْهُ أَنَّ حَجَّهُ تَامٌّ فَلَمَّا كَانَ حُضُورُ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ الْمَذْكُورِ فِي هذا الباب ليس من صلب الْحَجِّ كَانَ الْوُقُوفُ بِالْمَوْطِنِ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ الصَّلَاةُ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ قَالُوا فَلَمْ يَتَحَقَّقْ بِهَذَا الْحَدِيثِ ذَلِكَ الْفَرْضُ إِلَّا بِعَرَفَةَ خَاصَّةً قَالُوا فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَقَالَ قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ كَمَا ذَكَرَ عَرَفَاتٍ وَذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُنَّتِهِ فَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ لَا يُجْزِئُ الْحَجُّ إِلَّا بِإِصَابَتِهِمَا قِيلَ لَهُ لَيْسَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ فِي الْوُقُوفِ وَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ أَنَّ حَجَّهُ تَامٌّ فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الذِّكْرُ الْمَأْمُورُ بِهِ مِنْ صُلْبِ الْحَجِّ فَشُهُودُ الْمَوْطِنِ أَوْلَى بِأَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ

قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ لَمْ يَرِدْ بِذِكْرِهَا إِيجَابُهَا هَذَا مَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَزْدِيُّ وذكر حديث عبد الرحمان بْنِ يَعْمَرَ الدَّيْلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْحَجُّ عَرَفَاتٌ وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ الْحَجُّ يَوْمَ عَرَفَةَ فَمَنْ أَدْرَكَ جَمْعَا قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَدْ أدرك

الحديث السابع والعشرون

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مُسْنَدٌ شَرَكَ فِيهِ سَالِمًا أَخُوهُ حَمْزَةَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ أبِيهِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشُّؤْمُ فِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ الشُّؤْمُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ النَّحْسُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ قَالُوا مَشَائِيمُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ نَحِسَاتٌ ذَوَاتُ نُحُوسٍ مَشَائِيمُ وَقَدْ فَسَّرَ مَعْمَرٌ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ الشُّؤْمَ تَفْسِيرًا حَسَنًا أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ أَوْ عَنْ حَمْزَةَ أَوْ كِلَيْهِمَا شَكَّ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّؤْمُ فِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ قَالَ وَقَالَتْ أَمُّ سَلَمَةَ وَالسَّيْفِ

قَالَ مَعْمَرٌ سَمِعْتُ مَنْ يُفَسِّرُ هَذَا الْحَدِيثَ يَقُولُ شُؤْمُ الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ غَيْرَ وَلُودٍ وَشُؤْمُ الْفَرَسِ إِذَا لَمْ يُغْزَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَشُؤْمُ الدَّارِ جَارُ السُّوءِ وَقَدْ رَوَى جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَمَّ سَلَمَةَ كَانَتْ تَزِيدُ السَّيْفَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ أَعْنِي ابْنَ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ أَمَّا الْمَتْنُ فَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَوَى مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنْ كَانَ فَفِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ يَعْنِي الشُّؤْمَ فَلَمْ يَقْطَعْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِالشُّؤْمِ وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا شُؤْمَ وَالْيُمْنُ فِي الدَّارِ وَالدَّابَّةِ وَالْخَادِمِ وَرُبَّمَا قَالَ الْمَرْأَةِ وَهَذَا أَشْبَهُ فِي الْأُصُولِ لِأَنَّ الْآثَارَ ثَابِتَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا طِيَرَةَ وَلَا شُؤْمَ وَلَا عَدْوَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ الطَّائِيِّ عَنْ يَحْيَى بن

جَابِرٍ الطَّائِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَمِّهِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شُؤْمَ وَقَدْ يَكُونُ الْيُمْنُ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ وحدثنا عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ هَذَا أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ فِي الْإِسْنَادِ وَالْمَعْنَى وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَطَيَّرْتُمْ فَامْضُوا وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عبد الرحمان عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُمُورٌ كُنَّا نَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كُنَّا نَأْتِي الْكُهَّانَ قَالَ فَلَا تَأْتُوا الْكُهَّانَ قَالَ وَكُنَّا نَتَطَيَّرُ قَالَ ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ

قَالَ الدَّارَقُطْنِي تَفَرَّدَ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِذِكْرِ الْكُهَّانِ وَالنَّهْيِ عَنْ إِيتَائِهِمْ قَالَ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَعْدُ بْنُ عُفَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطِّبَاعُ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الْأُوَيْسِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ ذَكَرُوا سُؤَالَهُ عَنِ الطِّيَرَةِ لَا غَيْرَ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطِّيَرَةِ فَقَالَ ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ حَدِيثَ ابْنَ شِهَابٍ هَذَا فَقَالَ فِيهِ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ وَمَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَمْزَةَ وَسَالِمٍ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَإِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَلَا يُرْوَى فِي إِسْنَادِهِ حَمْزَةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَالَ الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ فَقِيلَ لِسُفْيَانَ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِيهِ عَنْ حَمْزَةَ قَالَ مَا سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَمْزَةَ (قَطُّ) وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الرحمان عَنِ الزُّهْرِيِّ بِمِثْلِ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ سَوَاءً

وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ أبِيهِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ حَمْزَةَ وَرَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ بِمِثْلِ إِسْنَادِ ابْنِ عُيَيْنَةَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ حَمْزَةَ (أَيْضًا) إِلَّا أَنَّهُ جَاءَ بِهِ عَلَى لَفْظِ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ الْهَرَوِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ بِهِ إِجَازَةً قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّقَّاشُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ وَالشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَصْلُ التَّطَيُّرِ وَاشْتِقَاقُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ وَالسِّيَرِ وَالْأَخْبَارِ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ زَجْرِ الطَّيْرِ وَمُرُورِهِ سَانِحًا أَوْ بَارِحًا مِنْهُ اشْتَقُّوا التَّطَيُّرَ ثُمَّ اسْتَعْمَلُوا ذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِ الْحَيَوَانِ فَتَطَيَّرُوا مِنَ الْأَعْوَرِ وَالْأَعْضَبِ وَالْأَبْتَرِ وَكَذَلِكَ إِذَا رَأَوُا الْغُرَابَ أَوْ غيره من

الطَّيْرِ يَتَفَلَّى أَوْ يَنْتِفُ وَلِإِيمَانِ الْعَرَبِ بِالطِّيَرَةِ عَقَدُوا الرَّتَائِمَ وَاسْتَعْمَلُوا الْقِدَاحَ بِالْآمِرِ وَالنَّاهِي وَالْمُتَرَبِّصِ وَهِيَ غَيْرُ قِدَاحِ الْأَيْسَارِ وَكَانُوا يَشْتَقُّونَ الْأَسْمَاءَ الْكَرِيهَةَ مِمَّا يَكْرَهُونَ وَرُبَّمَا قَلَبُوا ذَلِكَ إِلَى الْفَأْلِ الْحَسَنِ فِرَارًا مِنَ الطِّيَرَةِ وَلِذَلِكَ سَمَّوُا اللَّدِيغَ سَلِيمًا وَالْقَفْرَ مَفَازَةً وَكَنَّوُا الْأَعْمَى أَبَا الْبَصِيرِ وَنَحْوَ هَذَا فَمَنْ تَطَيَّرَ جَعَلَ الْغُرَابَ مِنَ الِاغْتِرَابِ وَالْغُرْبَةِ وَجَعَلَ غُصْنَ الْبَانِ مِنَ الْبَيْنُونَةِ وَالْحَمَامَ مِنَ الْحُمَامِ وَمِنَ الْحَمِيمِ وَمِنَ الْحُمَّى وَرُبَّمَا جَعَلُوا الْحَبْلَ مِنَ الْوِصَالِ وَالْهُدْهُدَ مِنَ الْهُدَى وَغُصْنَ الْبَانِ مِنْ بَيَانِ الطَّرِيقِ وَالْعُقَابَ مِنْ عُقْبَى خَيْرٍ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ عَنْهُمْ إِذَا غَلَبَ عَلَيْهِمُ الْإِشْفَاقُ تَطَيَّرُوا وَتَشَاءَمُوا وَإِذَا غَلَبَ عَلَيْهِمُ الرَّجَاءُ وَالسُّرُورُ تَفَاءَلُوا وَذَلِكَ مستعمل عندهم فيما يرون مِنَ الْأَشْخَاصِ وَيَسْمَعُونَ مِنَ الْكَلَامِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا طِيَرَةَ وَلَا شُؤْمَ فَعَرَّفَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ مِنْ طَرِيقِ الِاتِّفَاقِ لِيَرْفَعَ عَنِ الْمُتَوَقِّعِ مَا يَتَوَقَّعُهُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَيُعَلِّمُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ يَنَالُهُ مِنْهُ إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الشُّؤْمُ فِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ فَهُوَ عِنْدُنَا على غير ظَاهِرُهُ وَسَنَقُولُ فِيهِ بِحَوَلِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَهُوَ فِيمَا بَيْنُ اللِّحْيَيْنِ يَعْنِي اللِّسَانَ وَمَا شَيْءٌ أَحْوَجَ إِلَيَّ سجن طويل من لسان

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَنَقُولُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ بِمَا نَرَاهُ يُوَافِقُ الصَّوَابَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا طِيَرَةَ نَفْيٌ عَنِ التَّشَاؤُمِ وَالتَّطَيُّرِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِأُصُولِ شَرِيعَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ الشُّؤْمِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَدْ رَوَى زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا طِيَرَةَ وَالطِّيَرَةُ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ وَإِنْ تَكُنْ فِي شَيْءٍ فَفِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ وَقَالَ هَذَا يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ الطِّيَرَةُ فِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ لِمَنْ تَطَيَّرَ قِيلَ لَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ لَوْ كَانَ كَمَا ظَنَنْتَ لَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ يَنْفِي بَعْضُهُ بَعْضًا لَأَنَّ قَوْلَهُ لَا طِيَرَةَ نَفْيٌ لَهَا وَقَوْلَهُ وَالطِّيَرَةُ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ إِيجَابٌ لَهَا وَهَذَا مُحَالٌ أَنْ يُظَنُّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ هَذَا مِنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَوَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَكِنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ نَفْيُ الطِّيَرَةِ بِقَوْلِهِ لَا طِيَرَةَ وَأَمَّا قَوْلُهُ الطِّيَرَةُ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ فَمَعْنَاهُ إِثْمُ الطِّيَرَةُ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطِّيَرَةِ

وَقَوْلُهُ فِيهَا إِنَّهَا شِرْكٌ وَمَا مَنَّا إِلَّا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ فَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مِنْ تَطَيَّرَ فَقَدْ أَثِمَ وَإِثْمُهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي تَطَيُّرِهِ لِتَرْكِ التَّوَكُّلِ وَصَرِيحِ الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ يَكُونُ مَا تَطَيَّرَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّهُ لَا طِيَرَةَ حَقِيقَةً وَلَا شَيْءَ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ وَالَّذِي أَقُولُ (بِهِ) فِي هَذَا الْبَابِ تَسْلِيمُ الْأَمْرِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَرْكُ الْقَطْعِ عَلَى اللَّهِ بِالشُّؤْمِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ أَخْبَارَ الْآحَادِ لَا يُقْطَعُ عَلَى عَيْنِهَا وَإِنَّمَا تُوجِبُ الْعَمَلَ فَقَطْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ وَقَالَ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ فَمَا قَدْ خُطَّ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ بُدٌّ وَلَيْسَتِ الْبِقَاعُ وَلَا الْأَنْفُسُ بِصَانِعَةٍ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِيَّاهُ أَسْأَلُ

السَّلَامَةَ مِنَ الزَّلَلِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ بِرَحْمَتِهِ وَقَدْ كَانَ مِنَ الْعَرَبِ قَوْمٌ لَا يَتَطَيَّرُونَ ولَا يَرَوْنَ الطِّيَرَةَ شَيْئًا ذَكَرَ الْأَصْمَعِيُّ أَنَّ النَّابِغَةَ خَرَجَ مَعَ زَيَّانَ بْنِ سَيَّارٍ يُرِيدَانِ الْغَزْوَ فَبَيْنَمَا هُمَا فِي مَنْهَلٍ يُرِيدَانِ الرِّحْلَةَ إِذْ نَظَرَ النَّابِغَةُ فَإِذَا عَلَى ثَوْبِهِ جَرَادَةٌ فَقَالَ جَرَادَةٌ تُجَرِّدُ وَذَاتُ أَلْوَانٍ فَتَطَيَّرَ وَقَالَ لَا أَذْهَبُ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَنَهَضَ زَيَّانُ فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ تِلْكَ الْغَزْوَةِ سَالِمًا غَانِمًا أَنْشَأَ يَقُولُ ... تَخَبَّرَ طَيْرَةً فِيهَا زِيَادٌ ... لِتُخْبِرَهُ وَمَا فِيهَا خَبِيرُ ... ... أَقَامَ كَأَنَّ لُقْمَانَ بْنَ عَادٍ ... أَشَارَ لَهُ بِحِكْمَتِهِ مُشِيرُ ... ... تَعَلَّمْ أَنَّهُ لَا طَيْرَ إِلَّا ... عَلَى مُتَطَيِّرٍ وَهُوَ الثُّبُورُ ... ... بَلَى شَيْءٌ يُوَافِقُ بَعْضَ شَيْءٍ ... أحَايِينًا وَبَاطِلُهُ كَثِيرُ ... هَذَا زَيَّانُ بْنُ سَيَّارٍ وَهُوَ أَحَدُ دُهَاةِ الْعَرَبِ وَسَادَاتِهِمْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ شَيْئًا وَقَالَ إِنَّهُ اتِّفَاقٌ وَبَاطِلُهُ كَثِيرٌ وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى الطِّيَرَةَ شَيْئًا مِنَ الْعَرَبِ وَيُوصِي بتركها الحرث بْنُ حِلِّزَةَ وَذَلِكَ مِنْ صَحِيحِ قَوْلِهِ وَيَقُولُونَ إِنَّ مَا عَدَا هَذِهِ الْأَبْيَاتِ مِنْ شِعْرِهِ (هَذَا) فَهُوَ مَصْنُوعٌ ... يَا أَيُّهَا الْمُزْمِعُ ثُمَّ انْثَنَى ... لَا يُثْنِكَ الْحَازِي وَلَا السَّاحِجُ ... ... وَلَا قَعِيدٌ أَعْضَبَ قَرْنَهُ ... هَاجَ لَهُ مِنْ مَرْتَعٍ هَائِجُ ... ... بَيْنَا الْفَتَى يَسْعَى وَيُسْعَى لَهُ ... تَاحَ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ خَالِجُ

يَتْرُكُ مَا رَقَّحَ مِنْ عَيْشِهِ ... يَعْبَثُ فِيهِ هَمَجٌ هَامِجُ ... ... لَا تَكْسَعِ الشَّوْلَ بِأَغْبَارِهَا ... إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَنِ النَّاتِجُ ... أَمَّا قَوْلُهُ الْحَازِي فَهُوَ الْكَاهِنُ وَالسَّاحِجُ الْغُرَابُ وَالْخَالِجُ مَا يَعْتَرِي الْمَرْءَ مِنَ الشَّكِّ وَتَرْكِ الْيَقِينِ وَالْعِلْمِ وَرَقَّحَ مَعِيشَتَهُ (أَيْ) أَصْلَحَهَا وَالشَّوْلُ النُّوقُ الَّتِي جَفَّتْ أَلْبَانُهَا وَكَسَعَتِ النَّاقَةُ إِذَا بَرَكَتْ وَفِي ضَرْعِهَا بقية من اللبن والأغبار هاهنا بَقَايَا اللَّبَنِ وَالنَّاتِجُ الَّذِي يَلِي النَّاقَةَ فِي حِينِ نَتَاجِهَا وَالْمُرَقِّشُ السَّدُوسِيُّ كَانَ أَيْضًا مِمَّنْ لَا يَتَطَيَّرُ وَهُوَ الْقَائِلُ ... وَلَقَدْ غَدَوْتُ وَكُنْتُ لَا ... أَغْدُو عَلَى وَاقٍ وَحَاتِمْ ... ... فَإِذَا الْأَشَائِمُ كَالْأَيَا ... مِنِ وَالْأَيَامِنُ كَالْأَشَائِمْ ... ... وَكَذَاكَ لَا خَيْرَ وَلَا ... شَرَّ عَلَى أَحَدٍ بِدَائِمْ ... الْوَاقِ الصَّرْدُ وَالْحَاتِمُ الْغُرَابُ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورٍ وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَلَا تَعْجِزْ فَإِنْ غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ قَدَّرَ اللَّهُ وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ فَإِنَّ اللَّوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُمَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ فَذَكَرَهُ سَوَاءً هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ كَذَلِكَ الْفُضَيْلُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ) عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُنْكِرُ حَدِيثَ الشُّؤْمِ وَتَقُولُ إِنَّمَا حَكَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَقْوَالِهِمْ وَكَانَتْ تَنْفِي الطِّيَرَةَ وَلَا تَعْتَقِدُ شَيْئًا مِنْهَا حَتَّى قَالَتْ لِنِسْوَةٍ كُنَّ يَكْرَهْنَ الِابْتِنَاءَ بِأَزْوَاجِهِنَّ فِي شَوَّالٍ مَا تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا فِي شَوَّالٍ وَمَا دَخَلَ بِي إِلَّا فِي شَوَّالٍ فَمَنْ كَانَ أَحْظَى مِنِّي (عِنْدَهُ) وَكَانَتْ تَسْتَحِبُّ أَنْ يَدْخُلْنَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فِي شَوَّالٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانَ أَنَّ رَجُلَيْنِ دَخَلَا عَلَى عَائِشَةَ وَقَالَا إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ

النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا الطِّيَرَةُ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ فَطَارَتْ شُقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ وَشُقَّةٌ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَتْ كَذَبَ وَالَّذِي أَنْزَلَ الْفَرْقَانَ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ بِهَذَا وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ الطِّيَرَةُ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ ثُمَّ قَرَأَتْ عَائِشَةُ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ كَذَبَ وَالَّذِي أَنْزَلَ الْفُرْقَانَ فَإِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ كَذَبْتَ بِمَعْنَى غَلِطْتَ فِيمَا قَدَّرْتَ وَأَوْهَمْتَ فِيمَا قُلْتَ وَلَمْ تَظُنَّ حَقًّا وَنَحْوَ هَذَا وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ مِنْ كَلَامِهِمْ مَوْجُودٌ فِي أَشْعَارِهِمْ كَثِيرًا قَالَ أَبُو طَالِبٍ ... كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ نَتْرُكُ مَكَّةً ... وَنَظْعَنُ إِلَّا أَمْرَكُمْ فِي بَلَابِلِ ... ... كَذَبْتُمْ وبيت الله نبرا مُحَمَّدًا ... وَلَمَّا نُطَاعِنْ دُونَهُ وَنُنَاضِلِ ... ... وَنُسْلِمُهُ حَتَّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ ... وَنَذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلَائِلِ ... وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ هَمْدَانَ ... كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ لَا تَأْخُذُونَهَا ... مُرَاغَمَةً مَا دَامَ لِلسَّيْفِ قَائِمُ

وقال زفر بن الحرث الْعَبْسِيُّ ... أَفِي الْحَقِّ إِمَّا بِجْدَلٌ وَابْنُ بِجْدَلٍ ... فَيَحْيَا وَإِمَّا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَيُقْتَلُ ... ... كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ لَا تَقْتُلُونَهُ ... وَلَمَّا يَكُنْ يَوْمٌ أَغَرُّ مُحَجَّلُ ... أَلَا تَرَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْكَذِبِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الصِّدْقِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْغَلَطِ وَظَنِّ مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا زَعَمُوا أَنَّهُمْ يُخْرِجُونَ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ مَكَّةَ إِنْ لَمْ يَتْرُكُوا جِوَارَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ أَبُو طَالِبٍ كَذَبْتُمْ أَيْ غَلِطْتُمْ فِيمَا قُلْتُمْ وَظَنَنْتُمْ وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ الْهَمْدَانِيِّ وَالْعَبْسِيِّ وَهَذَا مَشْهُورٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَمِنْ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَارِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ الرَّجُلِ يَأْذَنُ لِعَبْدِهِ فِي التَّزْوِيجِ بِيَدٍ مِنَ الطَّلَاقِ قَالَ بِيَدِ الْعَبْدِ قُلْتُ إِنَّ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ بِيَدِ السَّيِّدِ قَالَ كَذَبَ جَابِرٌ يُرِيدُ غَلِطَ وَأَخْطَأَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ خَبَرًا عَمَّا كَانَتْ تَعْتَقِدُهُ الْعَرَبُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا عَلَى مَا قَالَتْ (عَائِشَةُ) ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَأَبْطَلَهُ الْقُرْآنُ وَالسُّنَنُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْقَوْمِ فِي قِصَّةِ الدَّارِ اتْرُكُوهَا ذَمِيمَةً فَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا رَآهُ مِنْهُمْ وَأَنَّهُ قَدْ كَانَ رَسَخَ فِي قُلُوبِهِمْ مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

رَؤُوفًا بِالْمُؤْمِنِينَ يَأْخُذُ عَفْوَهُمْ شَيْئًا شَيْئًا وَهَكَذَا كَانَ نُزُولُ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ حَتَّى اسْتَحْكَمَ الْإِسْلَامُ وَكَمُلَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ اتْرُكُوهَا ذَمِيمَةً وَلِغَيْرِهِمْ وَلِسَائِرِ أُمَّتِهِ الصَّحِيحَ بِقَوْلِهِ لَا طِيَرَةَ وَلَا عَدْوَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ

تابع حرف الميم

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ يَجْرِي مَجْرَى الْمُسْنَدِ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ أَنْ لَا تُخَالِفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فِي أَمْرِ الْحَجِّ قَالَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ جَاءَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ وَأَنَا مَعَهُ فَصَاحَ بِهِ عِنْدَ سُرَادِقِهِ أَيْنَ هَذَا فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ وعليه ملحفة معصفرة فقال مالك يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَقَالَ أَهَذِهِ السَّاعَةَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَنْظِرْنِي حَتَّى أُفِيضَ عَلَيَّ مَاءً ثُمَّ أَخْرُجُ فَنَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ فَصَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي فَقُلْتُ لَهُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُصِيبَ السُّنَّةَ فَاقْصِرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الصَّلَاةَ قَالَ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَيْمَا يَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ صدق

قَدْ ذَكَرْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْوَانَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا وَأَمَّا الْحَجَّاجُ فَهُوَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي عَقِيلٍ الثَّقَفِيُّ أُمُّهُ فَارِعَةُ بِنْتُ هَمَّامِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ كَانَتْ قَبْلَ أَبِيهِ تَحْتَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ كَانَ الْحَجَّاجُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَهْلًا أَنْ لَا يُرْوَى عَنْهُ وَلَا يُؤْثَرُ حَدِيثُهُ وَلَا يُذَكَرُ بِخَيْرٍ لِسُوءِ سِرِّهِ وَإِفْرَاطِهِ فِي الظُّلْمِ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ طَائِفَةٌ تُكَفِّرُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَخْبَارَهُمْ فِيهِ بِذَلِكَ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ لَهُ وَلِيَ الْحِجَازَ ثَلَاثَ سِنِينَ وَوَلِيَ الْعِرَاقَ عِشْرِينَ سَنَةً قَدِمَ عَلَيْهِمْ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ قَالَ لَمَّا أَتَى الْحَجَّاجُ بِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ إِنَّهُ شَقِيُّ بْنُ كَسِيرٍ فَقَالَ مَا أَنَا إِلَّا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ بِذَلِكَ سَمَّانِي أَبَوَايَ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِذًا أَكُونُ كَمَا سَمَّانِي أَبِي سَعِيدًا وَقَالَ دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ الْحَجَّاجُ وَجِّهُوهُ إِلَى قِبْلَةِ النَّصَارَى فَقَالَ سَعِيدٌ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ قَالَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ

قَالَ سُفْيَانُ فَلَمْ يَقْتُلْ بَعْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يُخْرَّجُ فِي الْمُسْنَدِ لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِلْحَجَّاجِ الرَّوَاحُ هَذِهِ السَّاعَةُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ وَلِقَوْلِ سَالِمٍ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُصِيبَ السُّنَّةَ فَاقْصِرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الصَّلَاةَ وَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ صَدَقَ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ شَاهِدًا مَعَ سَالِمٍ وَأَبِيهِ هَذِهِ الْقِصَّةَ مَعَ الْحَجَّاجِ وَذَكَرَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهْمٌ مِنْ مَعْمَرٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَهِمَ فِي ذَلِكَ مَعْمَرٌ وَابْنُ شِهَابٍ لَمْ يَرَ ابْنَ عُمَرَ وَلَا سَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مِمَّا لَا يُصَحِّحُهُ أَحَدٌ سَمَاعًا وَلَيْسَ لِابْنِ شِهَابٍ سَمَاعٌ مِنَ ابْنِ عُمَرَ غَيْرُ حَدِيثِ مَعْمَرٍ هَذَا إِنْ صَحَّ عَنْهُ وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ فَقَالَ مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ الزُّهْرِيُّ قَدْ شَاهَدَ ابْنَ عُمَرَ مَعَ سَالِمٍ فِي قِصَّةِ الْحَجَّاجِ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَفِيهَا فَرَكِبَ هُوَ وَسَالِمٌ وَأَنَا مَعَهُمَا حِينَ زَاغَتِ الشمس

وَفِيهَا قَالَ الزُّهْرِيُّ وَكُنْتُ يَوْمَئِذٍ صَائِمًا فَلَقِيتُ مِنَ الْحَرِّ شِدَّةً قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ نَحْوَ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فِي حَدِيثِهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَصَابَ النَّاسُ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ مِنَ الْحَرِّ شَيْءٌ لَمْ يُصِبْنَا مِثْلُهُ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِأَنَّ عَنْبَسَةَ رَوَى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَفَدْتُ إِلَى مَرْوَانَ وَأَنَا مُحْتَلِمٌ قَالَ وَمَرْوَانُ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمَاتَ ابْنُ عُمَرَ (فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ) سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ (قَالَ) وَأَظُنُّ مَوْلِدَ الزُّهْرِيِّ سَنَةَ خَمْسِينَ أَوْ نَحْوَ هَذَا وَمَوْتُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ شَاهَدَ ابْنَ عُمَرَ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ فَلَسْتُ أَدْفَعُ رِوَايَةَ مَعْمَرٍ هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ الذهلي وذكر الحلواني قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ صَالِحٍ يَقُولُ قَدْ أدرك الزهري الحرة وهو بالغ وَعَقَلَهَا أَظُنُّهُ قَالَ وَشَهِدَهَا وَكَانَتِ الْحَرَّةُ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَذَلِكَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا رِوَايَةُ مَعْمَرٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنِ اقْتَدِ بِابْنِ عُمَرَ فِي مَنَاسِكِ الْحَجِّ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ يَوْمَ عَرَفَةَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَرُوحَ فَآذِنَّا فَرَاحَ هُوَ وَسَالِمٌ وَأَنَا مَعَهُمَا حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَوَقَفَ بِفَنَاءِ الْحَجَّاجِ فَقَالَ مَا يَحْبِسُهُ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ خَرَجَ الْحَجَّاجُ فَقَالَ إِنَّ أَمِيرَ

الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أَقْتَدِيَ بِكَ وَأَنْ آخُذَ عَنْكَ فَقَالَ لَهُ سَالِمٌ إِنْ أَرَدْتَ السُّنَّةَ فَأَوْجِزِ الْخُطْبَةَ وَالصَّلَاةَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَكُنْتُ يَوْمَئِذٍ صَائِمًا فَلَقِيتُ مِنَ الْحَرِّ شِدَّةً وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنِ اقْتَدِ بِابْنِ عُمَرَ فِي مَنَاسِكِ الْحَجِّ قَالَ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بَيْنَهُمَا وَكُنْتُ صَائِمًا فَلَقِيتُ مِنَ الْحَرِّ شِدَّةً وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حدثنا عبد الزاق قَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ اقْتَدِ بِابْنِ عُمَرَ فِي مَنَاسِكِ الْحَجِّ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ قَالَ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بَيْنَهُمَا وَكُنْتُ صَائِمًا فَلَقِيتُ مِنَ الْحَرِّ شِدَّةً قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فَقُلْتُ لِمَعْمَرٍ فَرَأَى الزُّهْرِيُّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ نَعَمْ وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثَيْنِ فَسَلْنِي عَنْهُمَا أُحَدِّثْكَهُمَا قَالَ فَجَعَلْتُ أَتَحَيَّنُ خَلْوَتَهُ لِأَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُمَا وَلَا يَكُونُ مَعَنَا أَحَدٌ قَالَ فَلَمْ يُمَكِّنِّي ذَلِكَ حَتَّى أُنْسِيتَهُ فَمَا ذَكَرْتُ حَتَّى نَفَضْتُ يَدِي مِنْ قَبْرِهِ فَنَدِمْتُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقُلْتُ وَمَا ضَرَّنِي لَوْ سَمِعْتُهُمَا وَسَمِعَ مَعِي غَيْرِي فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ الثَّانِيَ لَمْ يُسْمَعْ مِنْ مَعْمَرٍ وَلَا أَنَّهُ ذَكَرَ فِيمَا عَلِمْتُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّ الْحَدِيثَ الْآخَرَ فِي الْحَجِّ وَهَذَا لَا يُوجَدُ وَلَا يُعْرَفُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْحُلْوَانِيُّ وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ عَنْ خَالِدِ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَمْشِي

أَمَامَ الْجِنَازَةِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدِ بْنِ أَخِي يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ وَفَدْتُ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَأَنَا مُحْتَلِمٌ قَالَ الْحَسَنُ وَمَاتَ ابْنُ مَرْوَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ فِي أَوَّلِهَا إِلَّا أَنَّهُ حَجَّ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمَاتَ بَعْدَ الْحَجِّ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فِقْهٌ وَآدَابٌ وَعِلْمٌ مِنْ أُمُورِ الْحَجِّ كَثِيرٌ فَمِنْ ذَلِكَ مَشْيُ الرَّجُلِ الْفَاضِلِ مَعَ السُّلْطَانِ الْجَائِرِ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا نَقِيصَةَ عَلَيْهِ فِيهِ وَفِيهِ تَعْلِيمُ الرَّجُلِ الْفَاجِرِ السُّنَنَ إِذَا كَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ وَلَعَلَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا وَتَصْرِفُهُ عَنْ غَيِّهِ وَفِيهِ الصَّلَاةُ خَلْفَ الْفَاجِرِ مِنَ السَّلَاطِينِ مَا كَانَ إِلَيْهِمْ إِقَامَتَهُ مِثْلَ الْحَجِّ وَالْجُمُعَةِ وَالْأَعْيَادِ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْحَجَّ يُقِيمُهُ السُّلْطَانُ لِلنَّاسِ وَيَسْتَخْلِفُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ يُقِيمُهُ لَهُمْ عَلَى شَرَائِعِهِ وَسُنَنِهِ وَيُصَلِّي خَلْفَهُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا أَوْ مُبْتَدِعًا مَا لَمْ تُخْرِجْهُ بِدْعَتُهُ مِنَ الْإِسْلَامِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَوَاحَ الْإِمَامِ مِنْ مَوْضِعِ نُزُولِهِ بِعَرَفَةَ إلى مسجدها حين نزول الشَّمْسُ وَأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الْمَسْجِدِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ سُنَّةٌ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ

أَهْلِ الْعِلْمِ وَكَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَلْزَمُ كُلُّ مَنْ بَعُدَ عَنِ الْمَسْجِدِ بِعَرَفَةَ أَوْ قُرُبَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا مَوْضِعَ نُزُولِهِ بِالصُّفُوفِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَصَلَّى بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَفَهِمَهَا فَلَا حَرَجَ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَزَلَ بِنَمِرَةَ مِنْ عَرَفَةَ وَحَيْثُمَا نَزَلَ مِنْ عَرَفَةَ فَجَائِزَةٌ وَكَذَلِكَ وُقُوفُهُ مِنْهَا حَيْثُمَا وقف فجائز إلا بطن عرفة فَإِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ بِعَرَفَةَ فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا مَعَ الْإِمَامِ عَلَى مَا قُلْنَا فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَمَّا قَتَلَ الْحَجَّاجُ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ أَيَّةُ سَاعَةٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُوحُ فِي هَذَا الْيَوْمِ قَالَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ رُحْنَا فَلَمَّا أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ أَنْ يَرُوحَ قَالَ أَزَاغَتِ الشَّمْسُ قَالُوا لَمْ تَزُغْ ثُمَّ قَالَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَلَمَّا قَالُوا قَدْ زَاغَتْ ارْتَحَلَ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقُصْوَى فَرَحَلَتْ لَهُ وَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي وَخَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى لعصر وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ثُمَّ رَاحَ إِلَى الموقف

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ مَا لَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ وَأَمَّا وَقْتُ الرَّوَاحِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ فَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ عرفة وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ وَنُوَضِّحُ الْقَوْلَ فِيهِ بِمَوْضِعِهِ مِنْ كتابنا هذا وذلك عند ذكر مراسل مَالِكٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَقْتِ أَذَانِ الْمُؤَذِّنِ بِعَرَفَةَ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَفِي جُلُوسِ الْإِمَامِ لِلْخُطْبَةِ قَبْلَهَا فَقَالَ مَالِكٌ يَخْطُبُ الْإِمَامُ طَوِيلًا ثُمَّ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ وَهُوَ يَخْطُبُ ثُمَّ يُصَلِّي ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ وَهَذَا مَعْنَاهُ أَنْ يَخْطُبَ الْإِمَامُ صَدْرًا مِنْ خُطْبَتِهِ ثُمَّ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ فَيَكُونُ فَرَاغُهُ مَعَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُقِيمُ وَحَكَى عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ الْأَذَانُ بِعَرَفَةَ بَعْدَ جُلُوسِ الْإِمَامِ لِلْخُطْبَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا صَعِدَ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ فَإِذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ قَامَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ ثُمَّ يَنْزِلُ وَيُقِيمُ الْمُؤَذِّنُ لِلصَّلَاةِ وَبِمِثْلِ ذَلِكَ سَوَاءً قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَأْخُذُ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ إِذَا قَامَ الْإِمَامُ لِلْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ فَيَكُونُ فَرَاغُهُ مِنَ الْأَذَانِ بِفَرَاغِ الْإِمَامِ مِنَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ ثُمَّ يُقِيمُ الْمُؤَذِّنُ (الصَّلَاةَ) وَقَالَ مَالِكٌ وَسُئِلَ عَنِ الْإِمَامِ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ يَوْمَ عَرَفَةَ أَيَجْلِسُ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ طَوِيلًا ثُمَّ يؤذن

الْمُؤَذِّنُ وَهُوَ يَخْطُبُ ثُمَّ يُصَلِّي ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مِمَّا قَدَّمْنَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَجْلِسُ فَإِذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ قَامَ فَخَطَبَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَتَى الْإِمَامُ الْمَسْجِدَ خَطَبَ الْخُطْبَةَ الْأُولَى وَلَمْ يَذْكُرْ جُلُوسًا عِنْدَ الصُّعُودِ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْأُولَى جَلَسَ جِلْسَةً خَفِيفَةً قَدْرَ (قِرَاءَةِ) قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ خِطْبَةً أُخْرَى وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ (بِعَرَفَةَ) لَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَا غَيْرِهَا (وَأَجْمَعُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَعَلَ لَمْ يَجْهَرْ) وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ إِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا رَكْعَتَيْنِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمَئِذٍ مُسَافِرًا وَلَمْ يَنْوِ إِقَامَةً لِأَنَّهُ أَكْمَلَ عَمَلَ حَجِّهِ وَعَجَّلَ الِانْصِرَافَ وَاخْتُلِفَ فِي قَصْرِ الْإِمَامِ إِذَا كَانَ مَكِّيًّا أَوْ مِنْ أَهْلِ مِنًى بِعَرَفَةَ فَقَالَ مَالِكٌ يُصَلِّي أَهْلُ مَكَّةَ وَمِنًى بِعَرَفَةَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ مَا أَقَامُوا يَقْصُرُونَ بِالصَّلَاةِ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ وَأَمِيرُ الْحَاجِّ أَيْضًا كَذَلِكَ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَصَرَ الصَّلَاةَ بِعَرَفَةَ وَأَيَّامِ مِنًى قَالَ وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ سَاكِنًا بِمِنًى مُقِيمًا أَتَمَّ الصَّلَاةَ إِذَا كَانَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ أَيْضًا كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ مَكَّةَ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ بِمِنًى وَأَهْلُ مِنًى يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ بِعَرَفَةَ وَأَهْلُ عَرَفَةَ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ بِمِنًى وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ سَوَاءً

وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ يُصَلُّوا فِي تِلْكَ الْمَشَاهِدِ كُلِّهَا إِلَّا رَكْعَتَيْنِ (وَسَائِرُ الْأُمَرَاءِ هَكَذَا لَا يُصَلُّونَ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ) فَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةُ الْمَوْضِعِ لِأَنَّ مِنَ الْأُمَرَاءِ مَكِّيًّا وَغَيْرَ مَكِّيٍّ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ عَتَّابَ بْنَ أُسَيْدٍ عَلَى مَكَّةَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِأَهْلِ مَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ وَهَذَا خَبَرٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مُنْكَرٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِضَعْفِهِ وَنَكَارَتِهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ صَلَّى بِمِنًى وَعَرَفَةَ أَرْبَعًا لَا يَجُوزُ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ مَنْ كَانَ مُقِيمًا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَفَرُهُ سَفَرًا تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُقِيمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا أَنَّ السُّنَّةَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ مَعَ الإمام (واختلف الفقهاء فيمن فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ يَوْمَ عَرَفَةَ مَعَ الْإِمَامِ) هَلْ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ (بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

إِذَا فَاتَهُ ذَلِكَ مَعَ الْإِمَامِ وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ يَجْمَعُ) بَيْنَهُمَا بِالْمُزْدَلِفَةِ قَالَ فَإِنِ احْتُبِسَ إِنْسَانٌ دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ لِمَوْضِعِ عُذْرٍ جَمَعَ بَيْنَهُمَا أَيْضًا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَلَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ صَلِّ مَعَ الْإِمَامِ (بِعَرَفَاتٍ) الصَّلَاتَيْنِ إِنِ اسْتَطَعْتَ وَإِنْ صَلَّيْتَ فِي رَحْلِكَ فَصَلِّ كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إِلَّا مَنْ صَلَّاهُمَا مَعَ الْإِمَامِ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَا يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ مِنْهُمَا إِلَّا لِوَقْتِهَا وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ جَائِزٌ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُسَافِرِينَ مَنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ وَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ إِذَا كَانَ مُسَافِرًا وَعِلَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ (جَمَعَ) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما كَانَ مِنْ أَجْلِ السَّفَرِ وَلِكُلِّ مُسَافِرٍ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِذَلِكَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَجْهَرُ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَلَا الْعَصْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا جُمُعَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ بن الحسن

واختلف العلماء في الأذان للجمع بين الصلاتين بِعَرَفَةَ فَقَالَ مَالِكٌ يُصَلِّيهِمَا بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ قَوْلِهِ فِي صَلَاتَيِ الْمُزْدَلِفَةِ وَالْحُجَّةُ لَهُ قَدْ تَقَدَّمَتْ هُنَاكَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالطَّبَرِيُّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ إِقَامَةٌ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَاخْتُلِفَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَرَوَى عَنْهُ الْكَوْسَجُ وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ راهويه (أيضا) الجمع بين الصلاتين بِعَرَفَةَ بِإِقَامَةِ إِقَامَةً وَقَالَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ شَاءَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ بِإِقَامَةِ إِقَامَةً وَفِي لُبْسِ الْحَجَّاجِ الْمُعَصْفَرَ وَتَرْكِ ابْنِ عُمَرَ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ مَعَ أَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِيَّاهُ أَنْ لَا يُخَالِفَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي (شَيْءٍ مِنْ) أَمْرِ الْحَجِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُبَاحٌ وَإِنْ (كَانَ) أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهُ مُبَاحٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَإِنَّمَا كَرِهُوهُ لِأَنَّهُ يَنْتَفِضُ وَذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ إِنَّمَا كُرِهَ لُبْسِ الْمُصَبَّغَاتِ لِأَنَّهَا تَنْتَفِضُ وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَ الْقَعْنَبِيِّ وَلَا يَحْيَى وَلَا مُطَرِّفٍ وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لُبْسَ الْمُصَبَّغَاتِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ

أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَكْرَهُ الْمُثْرَدَ بِالْعُصْفُرِ وَمِمَّنْ كَانَ يَكْرَهُ لُبْسَ الْمُصَبَّغَاتِ بِالْعُصْفُرِ فِي الْإِحْرَامِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَرَخَّصَ فِيهِ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أَبْصَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ثَوْبَيْنِ مُضَرَّجَيْنِ يَعْنِي مُعَصْفَرَيْنِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مَا أَخَالُ أَحَدًا يعملنا السُّنَّةَ فَسَكَتَ عُمَرُ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُزَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أَخْرُجُ وَعَلَيَّ ثَوْبَانِ مُضَرَّجَانِ فِي الْحَرَمِ (مَعَ ابْنِ عُمَرَ) فَلَا يُنْكِرُ عَلَيَّ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ فِيمَا ذَكَرَ عَنْهُ وَهْبٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَسْتَحِبُّ إِيجَابَ الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ لَبِسَ الْمُعَصْفَرِ الْمُصَبَّغِ فِي الْإِحْرَامِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الطِّيبَ لِلْمُحْرِمِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَا يَحِلُّ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْمُحْرِمَ) عَنِ الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ وَمَا صُبِغَ بِهِمَا مِنَ الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَاتِ فِي الْإِحْرَامِ

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ خَوْفًا مِنَ التَّطَرُّقِ إِلَى مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الصَّبْغِ مِثْلَ الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِمَّا يُعَدُّ طِيبًا وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا كَانَ (ذَلِكَ) مِنْ عُمَرَ إِلَى طَلْحَةَ لِمَوْضِعِهِ مِنَ الْإِمَامَةِ وَلِأَنَّهُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ تَرْكُ الشُّبْهَةِ لِئَلَّا يَظُنُّ (بِهِ) ظَانٌّ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَظُنَّ بِمِثْلِهِ وَيَتَأَوَّلَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ قَلِيلًا لِعَمَلٍ يَكُونُ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ مِثْلَ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَفِيهِ الْغُسْلُ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لِأَنَّ قَوْلَ الْحَجَّاجِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنْظِرْنِي حَتَّى أُفِيضَ عَلَيَّ مَاءً كَذَلِكَ كَانَ وَهُوَ مَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَهُ ذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِدُخُولِهِ مَكَّةَ وَلِوُقُوفِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَفِيهِ إِبَاحَةُ فَتْوَى الصَّغِيرِ بَيْنَ يَدَيِ الْكَبِيرِ أَلَا تَرَى أَنَّ سَالِمًا عَلَّمَ الْحَجَّاجَ السُّنَّةَ فِي قَصْرِ الْخُطْبَةِ وَتَعْجِيلِ الصَّلَاةِ وَابْنُ عُمَرَ أَبُوهُ إِلَى جَانِبِهِ وَقَصْرُ الْخُطْبَةِ فِي ذَلِكَ (وَفِي غَيْرِهِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ وَتَعْجِيلُ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ) سُنَّةٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا فِي

أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ ثُمَّ تُصَلِّي الْعَصْرَ بِإِثْرِ السَّلَامِ مِنَ الظُّهْرِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ رُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُنَا بِكَلِمَاتٍ قَلِيلَةٍ طَيِّبَاتٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ أَنْبَأَنَا الْعَلَاءُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بِإِقْصَارِ الخطب (1) وأنبأنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سعيد بن عبد الرحمان الْمَخْزُومِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن نَقْصُرَ الْخُطْبَةَ وَنُطِيلَ الصَّلَاةَ وَبِهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ قَصْرُ الْخُطْبَةِ وَطُولُ الصَّلَاةِ وَأَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ جَمِيعًا عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ صَلَّى بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِغَيْرِ خُطْبَةٍ أَنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ وَأَنَّهُ يُقْصِرُ الصَّلَاةَ إِذَا كَانَ مُسَافِرًا وَإِنْ لَمْ يَخْطُبْ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ

وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِيهَا فَأَسَرَّ الْقِرَاءَةَ إِنَّمَا هِيَ ظُهْرٌ وَلَكِنَّهَا قُصِرَتْ مِنْ أَجْلِ السَّفَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَعَجِّلِ الصَّلَاةَ فَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٌ وَقَالَ فِيهِ الْقَعْنَبِيُّ وَأَشْهَبُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْوُقُوفَ وَهُوَ عِنْدِي غَلَطٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ عَلَى خِلَافِهِ وَتَعْجِيلِ الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَقَدْ يَحْتَمِلُ مَا قَالَهُ الْقَعْنَبِيُّ أَيْضًا لِأَنَّ تَعْجِيلَ الْوُقُوفِ بَعْدَ تَعْجِيلِ الصَّلَاةِ وَالْفَرَاغِ مِنْهَا سُنَّةٌ أَيْضًا وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحْكَامَ الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ وَذَكَرْنَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْهَا وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَبِكُلِّ مِصْرَ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّهُ فَرْضٌ لَا يَنُوبُ عَنْهُ شَيْءٌ وَأَنَّهُ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فِي وَقْتِهِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فَلَا حَجَّ لَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَحَصْرِهِ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَهُوَ فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يَقِفْ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ اللَّيْلُ هُوَ الْمُفْتَرَضُ وَالْوُقُوفُ بَعْدَ الزَّوَالِ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سُنَّةٌ دَلَّ عَلَى ما أضفنا إليه من ذلك مذهبه جوابه فِي مَسَائِلِهِ فِي ذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْهُ أَنَّ مَنْ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ ثُمَّ لَمْ يَنْصَرِفْ إِلَيْهَا فِي لَيْلَةِ النَّحْرِ (فَيَقِفُ بِهَا) أَنَّ حَجَّهُ قَدْ فَاتَهُ

وَعَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ وَالْهَدْيُ يَنْحَرُهُ فِي حَجٍّ قَابِلٍ وَهُوَ كَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَا ذَكَرَهُ أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْهُ أَنَّ مَنْ دَفَعَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَ الْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ قَالَ بِقَوْلِ مَالِكٍ إِنَّ مَنْ دَفَعَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَلَا حَجَّ لَهُ وَهُوَ قَدْ وَقَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَبَعْدَ الصَّلَاةِ وَلَا رُوِّينَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ كُلُّ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ فِي لَيْلَةِ النَّحْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ فَإِنْ دَفَعَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ عَرَفَةَ فَعَلَيْهِ دَمٌ عِنْدَهُمْ وَحَجُّهُ تَامٌّ قَالَ الْكُوفِيُّونَ فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ ذَلِكَ الدَّمُ الَّذِي كَانَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ إِنْ عَادَ إِلَى عَرَفَةَ حَتَّى يَدْفَعَ بَعْدَ الْمَغِيبِ فَلَا شيء عليه وإن لم يرجع حتى يطلع الْفَجْرَ أَجْزَأَتْ عَنْهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حَجَّتُهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ سَوَاءً إِلَّا مَا ذَكَرْنَا مِنَ الدَّمِ حَدِيثُ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي بَابِ (حَدِيثِ) الصَّلَاةِ بِالْمُزْدَلِفَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَقَدْ ذَكَرْنَا هُنَاكَ مِنْ قَوْلِ إِسْمَاعِيلَ مَا فِيهِ بَيَانٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ

وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْوُقُوفَ لَيْلًا هُوَ الْفَرْضُ دُونَ النَّهَارِ حُكْمُ الْجَمِيعِ لِمَنْ أَدْرَكَ بَعْضَ اللَّيْلِ بِتَمَامِ الْحَجِّ وَإِنَّ إِدْرَاكَ أَوَّلِهِ كَإِدْرَاكِ آخِرِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كُلَّهُ وَقْتٌ لِلْوُقُوفِ ثُمَّ اتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا حَجَّ لِمَنْ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَوَجَبَ أَنْ يُسَوَّى كَمَا يُسَوَّى بَيْنَ حُكْمِ سَائِرِ اللَّيْلِ لِأَنَّهُ مَا انْتَفَى فِي بَعْضِ الْجِنْسِ فَهُوَ مُنْتَفٍ فِي سَائِرِهِ وَذَكَرُوا كَلَامًا كَثِيرًا لَمْ أَرَ لِذِكْرِهِ وَجْهًا وَمَا قَدَّمْنَا مِنْ قَوْلِ إِسْمَاعِيلَ وَأَبِي الْفَرَجِ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ والله أعلم وأجمعوا أن الوقوف ببطن عرفة (مِنْ عَرَفَةَ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ عرفة وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ وَقَفَ بِهَا وَلَمْ يَقِفْ مِنْ عَرَفَةَ بِغَيْرِهَا فَقَالَ مَالِكٌ يُهَرِيقُ دَمًا وَحَجُّهُ تَامٌّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجْزِيهِ وَحَجُّهُ فَائِتٌ وَبِهِ قَالَ أَبُو الْمَصَبِّ الَّذِي قَالَ عَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ وَالْهَدْيُ كَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ (1) أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ عبد

الرحمان بْنِ يَعْمُرَ الدَّيْلِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْحَجُّ عَرَفَاتٌ فَمَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فقد أَدْرَكَ وَأَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ أَهْلُ السِّيَرِ وَالْمَعْرِفَةِ بِأَيَّامِ النَّاسِ مِنْهُمُ الزُّبَيْرُ وَغَيْرُهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ مَاتَ بِعَقِبِ هَذِهِ الْحَجَّةِ بِمَكَّةَ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَهُ مَوْقِفٌ مَعْرُوفٌ بِعَرَفَةَ كَانَ قَدْ وَقَفَ فِيهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ وَقَفَ بِهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَبَرَّكُ بِالْمَوْقِفِ فِيهِ وَكَانَ لَا يَدْعُ الْحَجَّ كُلَّ عَامٍ مُنْذُ قَتْلِ عُثْمَانَ إِلَى أَنْ مَاتَ بَعْدَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَكَانَ يَلْزَمُ ذَلِكَ الْمَوْقِفَ فَانْطَلَقَ مَعَ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ يَوْمَئِذٍ حَتَّى وَقَفَ فِي مَوْقِفِهِ الَّذِي كَانَ يَقِفُ فِيهِ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَوْقِفُ بَيْنَ يَدِي الْحَجَّاجِ فَأَمَرَ مَنْ نَخَسَ بِابْنِ عُمَرَ حَتَّى نَفَرَتْ بِهِ نَاقَتُهُ فَسَكَّنَهَا ابْنُ عُمَرَ ثُمَّ رَدَّهَا إِلَى ذَلِكَ الْمَوْقِفِ فَأَمَرَ الْحَجَّاجُ أَيْضًا بِنَاقَتِهِ فَنُخِسَتْ فَنَظَرَتْ

فَسَكَّنَهَا ابْنُ عُمَرَ حَتَّى سَكَنَتْ ثُمَّ رَدَّهَا إِلَى ذَلِكَ الْمَوْقِفِ فَثَقُلَ عَلَى الْحَجَّاجِ أَمْرُهُ فَأَمَرَ رَجُلًا مَعَهُ حَرْبَةً يُقَالُ أَنَّهَا كَانَتْ مَسْمُومَةً فَلَمَّا دَفَعَ النَّاسُ مِنْ عَرَفَةَ لَصِقَ بِهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَأَمَرَ الْحَرْبَةَ عَلَى قَدَمِهِ وَنَخَسَهُ بِهَا فَمَرِضَ مِنْهَا أَيَّامًا ثُمَّ مَاتَ بِمَكَّةَ وَصَلَّى عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ يَوْمَئِذٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَهُ بِأَكْثَرِ مِنْ هَذَا فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجُّ عَرَفَاتٌ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ شُهُودَ عَرَفَةَ بِهِ يَنْعَقِدُ الْحَجُّ وَهُوَ الرُّكْنُ الَّذِي عَلَيْهِ مَدَارُ الْحَجِّ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ وَطِئَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَنَّهُ يَجْبُرُ فِعْلَهُ ذَلِكَ بِالدَّمِ وَمَنْ أَصَابَ أَهْلَهُ قَبْلَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ فَسَدَ حَجُّهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَعَلَى هَذَا إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ وَطِئَ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ عَلَى اختلاف عنه على حسبما أَوْرَدْنَاهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ مَا فِيهِ شِفَاءٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَسْأَلَةَ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِهَا حَتَّى انْصَدَعَ الْفَجْرُ فِي بَابِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ بِعَرَفَةَ فَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَشْهَدْهَا مَعَ الْإِمَامِ وَأَدْرَكَ الوقوف على حسبما تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ أَنَّ حَجَّهُ

تَامٌّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ في الوقت المذكور على حسبما ذَكَرْنَا هُوَ الْمُفْتَرَضُ وَجَمْعُ الصَّلَاتَيْنِ بِهَا سُنَّةٌ مَعَ الْإِمَامِ وَقَدْ جَاءَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ خَالَفَهُ الْإِجْمَاعُ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ قَلْتُ لِلثَّوْرِيِّ أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنِي عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ سُوُيْدِ بْنِ غَفَلَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَلَا حَجَّ لَهُ فَقَالَ لِي إِنَّهَا قَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ لَا يُؤْخَذُ بِهَا وَقَدْ تَرَكْتُ هَذَا مِنْهَا وَمَا يَضُرُّهُ أَنْ لَا يَشْهَدُهَا مَعَ الْإِمَامِ (بِعَرَفَةَ) قَالَ الْكِشْوَرِيُّ قُلْتُ لِابْنِ أَبِي عُمَرَ أَتَعْرِفُ هَذَا الْحَدِيثَ (لِابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ لَا أَعْرِفُهُ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ الْقَعْنَبِيِّ وَأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ) وَعَجِّلِ الْوُقُوفَ فَإِنَّ السُّنَّةَ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا أَنَّ الْإِمَامَ إذا فرغ من الصلاتين رَكِبَ مُعَجِّلًا وَرَاحَ إِلَى الْمَوْقِفِ وَكَذَلِكَ يَصْنَعُ كل من معه ما يركب لأن الوقف بِعَرَفَةَ رَاكِبًا أَفْضَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِبًا وَمَنْ وَقَفَ رَاجِلًا فَلَا شيء عليه

الحديث التاسع والعشرون

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ (بْنَ مُحَمَّدِ) بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ أَلَمْ تَرَيْ إِلَى قَوْمِكِ حِينَ بَنَوُا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَفَعَلْتُ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَرَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ إِلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يَتِمَّ عَلَى قَوَاعِدِ إبراهيم

فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْعِلْمِ أَنَّ قُرَيْشًا بَنَتِ الْكَعْبَةَ وَلَمْ تُتِمَّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ أَلَمْ تَرَيْ إِلَى قَوْمِكِ وَلَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ قُرَيْشًا لِبُنْيَانِهِمُ الْكَعْبَةَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَقَالَ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ يَعْنِي قُرَيْشًا وَالْقَوَاعِدُ أَسَاسُ الْبَيْتِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْوَاحِدَةُ مِنْهَا قَاعِدَةٌ قَالُوا وَالْوَاحِدُ مِنَ النِّسَاءِ قَاعِدٌ وَفِيهِ حَدِيثُ الرَّجُلِ مَعَ أَهْلِهِ فِي بَابِ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَيَّامِ النَّاسِ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَلِمِ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَذَلِكَ فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُمَا كَسَائِرِ الْبَيْتِ الَّذِي لَا يُسْتَلَمُ وَلِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِرُكْنَيْنِ عَلَى حَقِيقَةٍ لِمَا لَمْ يَكُونَا تَامَّيْنِ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ وَسَنَذْكُرُ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَقَاوِيلِ بَعْدَ ذِكْرِ جُمْلَةٍ كَافِيَةٍ مِنْ خَبَرِ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ يَشْفِي النَّاظِرَ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجَدْرِ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَلِمَ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي الْبَيْتِ قَالَ إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ قُلْتُ فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا قَالَ فَعَلَ ذَلِكَ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا ويمنعوا من شاءوا ولولا أن قومك حديث عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ لَنَظَرْتُ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ وَأُلْصِقَ بَابَهُ بِالْأَرْضِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْجَدْرُ لُغَةً فِي الْجِدَارِ وَالْجَدْرُ أَيْضًا وَالْجَدِيرُ مَكَانٌ بُنِيَ حَوْلَهُ جِدَارٌ قَالَهُ الْخَلِيلُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ الْفِجَارِ وَبُنْيَانِ الْكَعْبَةِ خَمْسَةَ عَشْرَةَ سَنَةً قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ بَيْنَ الفيل

وَالْفِجَارِ أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا عَلَى رَأْسِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ فَكَانَ بَيْنَ مَبْعَثِهِ وَبَيْنَ الْفِيلِ سَبْعُونَ سَنَةً قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا وَهْمٌ لَا يَشُكُّ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَائِنَا وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ عَامَ الْفِيلِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَنُبِّئَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنَ الْفِيلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ محمد بن عبد الرحمان قَالَ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ وَكَانَ بَيْنَ غَزْوَةِ (أَصْحَابِ) الْفِيلِ وَبَيْنَ الْفِجَارِ أَرْبَعُونَ سَنَةً أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ بُنِيَ الْبَيْتُ عَلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً مِنَ الْفِيلِ كَذَا قَالَ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مجاهد قال

كَانَ يَعْنِي الْبَيْتَ عَرِيشًا تَقْتَحِمُهُ الْعِتَرُ حَتَّى إِذَا كَانَ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بَنَتْهُ قُرَيْشٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْآثَارُ فِي بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ وَابْتِدَاءِ أَمْرِهَا كَثِيرَةٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَأَنَا أَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَكْتَفِي بِهِ النَّاظِرُ فِي كِتَابِنَا هَذَا بِحَوَلِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ (وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ) فِي قَوْلِهِ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا قَالَ أَوَّلُ بَيْتٍ وَضَعَهُ (اللَّهُ) فِي الْأَرْضِ فَطَافَ بِهِ آدَمُ فَمَنْ بَعْدَهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَابْنِ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْحَى إِلَى آدَمَ إِذْ أُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ ابْنِ لِي بَيْتًا ثُمَّ احْفُفْ بِهِ كَمَا رَأَيْتَ الْمَلَائِكَةَ تَحُفُّ بِبَيْتِي الَّذِي فِي السَّمَاءِ قَالَ عَطَاءٌ فَزَعَمَ النَّاسُ أَنَّهُ بَنَاهُ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ مِنْ

حِرَاءٍ وَمِنْ طُورِ سَيْنَاءَ وَمِنْ لُبْنَانَ وَمِنَ الجودي ومن طور زيت وَكَانَ رَبَضُهُ مِنْ حِرَاءٍ فَكَانَ (هَذَا) بِنَاءُ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ثُمَّ بَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقَالَ نَاسٌ أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ سَحَابَةً فِيهَا رَأْسٌ فَقَالَ الرَّأْسُ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْخُذَ بِقَدْرِ هَذِهِ السَّحَابَةِ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَيَخُطُّ قَدْرَهَا ثُمَّ قَالَ الرَّأْسُ أَقَدْ فَعَلْتَ قَالَ نَعَمْ فَارْتَفَعَتْ فَحَفَرَ فَأَبْرَزَ عَنْ أَسَاسٍ ثَابِتٍ فِي الْأَرْضِ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ بُنِيَتِ الْكَعْبَةُ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ لُبْنَانَ وَطُورَ زَيْتَا وَطُورَ سَيْنَاءَ وَحِرَاءٍ وَمِنَ الْجُودِيِّ وَكَانَ رَبَضُهُ مِنْ حِرَاءٍ

قال أبو عمر الربض ههنا الْأَسَاسُ الْمُسْتَدِيرُ بِالْبَيْتِ مِنَ الصَّخْرِ وَمِنْهُ يُقَالُ لِمَا حَوْلَ الْمَدِينَةِ رَبَضٌ هَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ الْخَلِيلُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ وَالْخَبَرِ مِنْهُمْ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَغَيْرُهُ إن شئت ابن آدَمَ هُوَ الَّذِي بَنَى الْكَعْبَةَ وَزَعَمَ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ وَكَانَ شِئْتُ وَصِيَّ أَبِيهِ آدَمَ وَهُوَ الَّذِي وَلَدَ الْبَشَرَ كُلَّهُمْ وَهُوَ الَّذِي بَنَى الْكَعْبَةَ بِالطِّينِ وَالْحِجَارَةِ وَكَانَتْ هُنَاكَ خَيْمَةً لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَضَعَهَا اللَّهُ عَزَّ وجل0 له من الجنة أخبرنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ اللَّهِ أَقْبَلَ مِنْ أَرْمِينْيَا وَمَعَهُ السَّكِينَةُ تَدُلُّهُ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ فَجَاءَتْ حَتَّى تَبَوَّأَتِ الْبَيْتَ كَمَا تَبَوَّأَ الْعَنْكَبُوتُ قَالَ فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَحْجَارٍ يُطِيقُهَا ثَلَاثُونَ رَجُلًا أَوْ قَالَ لَا يُطِيقُهَا

ثَلَاثُونَ رَجُلًا قَالَ بِشْرُ بْنُ عَاصِمٍ فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ قَالَ إِنَّمَا كَانَ هَذَا بَعْدُ قَالَ وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) السَّكِينَةُ لَهَا وَجْهٌ كَوَجْهِ الْإِنْسَانِ ثُمَّ هِيَ بَعْدُ رِيحٌ هَفَّافَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَذْهَبُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَى أَنَّ آدَمَ لَمْ يَبْنِ الْكَعْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا عَلِيٌّ فَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُ الْكَوَّاءِ فَقَالَ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ أَهْوَ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ قَالَ فَأَيْنَ كَانَ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٍ وَلَكِنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ مُبَارَكًا فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ وَحَدَّثَنَا (مُوسَى) بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ عَنْ عَلِيٍّ

مِثْلَهُ قَالَ إِنَّهُ لَيْسَ أَوَّلُ بَيْتٍ كَانَ نُوحٌ قَبْلَهُ فَكَانَ فِي الْبُيُوتِ وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ قَبْلَهُ فَكَانَ فِي الْبُيُوتِ وَلَكِنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا (قَالَ أَبُو عُمَرَ) يَحْتَجُّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا بِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلًا قَالَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى قُلْتُ كَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً فَفِي هذا الحديث أنه ليس بين المسجد والحرام وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إِلَّا أَرْبَعُونَ سَنَةً حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ مَا يُخَالِفُ قَوْلَ عَلِيٍّ هَذَا وَيُوَافِقُ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ وَذَلِكَ أَنَّهُمَا قَالَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَبْنِيَ هُوَ وَإِسْمَاعِيلُ الْبَيْتَ فَقَامَا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَأَخَذَا الْمَعَاوِلَ لَا يَدْرِيَانِ أَيْنَ الْبَيْتُ فَبَعَثَ اللَّهِ رِيحًا يُقَالُ لَهُ الْخَجُوجُ لَهَا جَنَاحَانِ وَرَأْسٌ فِي صُورَةِ

حَيَّةٍ فَكَشَفَتْ لِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَنْ أَسَاسِ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَهَذَا يُوَافِقُ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا بُنْيَانُ قُرَيْشٍ الْبَيْتَ فَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ كَانَتِ الْكَعْبَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَبْنِيَّةٌ بِالرَّضْمِ لَيْسَ فِيهَا مَدَرٌ وَكَانَتْ قدر ما تقتحمها العناق وكانت! تُوضَعُ عَلَيْهَا تُسْدَلُ سَدْلًا عَلَيْهَا وَكَانَ الرُّكْنُ الْأَسْوَدُ مَوْضُوعًا عَلَى سُورِهَا بَادِيًا وَكَانَتْ ذَاتَ رُكْنَيْنِ هَيْئَةَ هَذِهِ الْحَلْقَةِ فَأَقْبَلَتْ سَفِينَةٌ مِنَ الرُّومِ حَتَّى إِذَا كَانُوا قَرِيبًا مِنْ جُدَّةَ انْكَسَرَتِ السَّفِينَةُ فَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ لِيَأْخُذُوا خَشَبَهَا فَوَجَدُوا رُومِيًّا عِنْدَهَا فَأَخَذُوا الْخَشَبَ فَأَعْطَاهُمْ إِيَّاهَا وَكَانَتِ السَّفِينَةُ تُرِيدُ الْحَبَشَةَ كَانَ الرُّومِيُّ الَّذِي فِي السَّفِينَةِ نَجَّارًا فَقَدِمُوا بِالْخَشَبِ وَقَدِمُوا بِالرُّومِيِّ وَقَالَتْ قُرَيْشٌ نَبْنِي بِهَذَا الْخَشَبِ بَيْتَ رَبِّنَا فَلَمَّا أَرَادُوا هَدْمَهُ إِذَا هُمْ بِحَيَّةٍ عَلَى سُورِ الْبَيْتِ مِثْلَ قِطْعَةِ الْجَائِزِ سَوْدَاءَ الظَّهْرِ بَيْضَاءَ الْبَطْنِ فَجَعَلَتْ كُلَّمَا أَتَى أَحَدٌ إِلَى الْبَيْتِ لِيَهْدِمَهُ أَوْ يَأْخُذَ مِنْ أَحْجَارِهِ سَعَتْ إِلَيْهِ فاتحة فاها فاجتمعت قريش عند المقام فعجوا إلى الله فقالوا ربنا لم ترع أَرَدْنَا تَشْرِيفَ بَيْتِكَ وَتَزْيِينِهِ فَإِنْ كُنْتَ

تَرْضَى بِذَلِكَ وَإِلَّا فَمَا بَدَا لَكَ فَافْعَلْ فَسَمِعُوا خَوَاتًا فِي السَّمَاءِ فَإِذَا هُمْ بِطَائِرٍ أَعْظَمُ مِنَ النِّسْرِ أَسُودُ الظَّهْرِ أَبْيَضَ الْبَطْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَغَرَزَ مَخَالِبَهُ فِي قَفَا الْحَيَّةِ ثُمَّ انْطَلَقَ بِهَا تَجُرُّ ذَنَبَهَا (أَعْظَمُ) مِنْ كَذَا وَكَذَا حَتَّى انْطَلَقَ بِهَا نَحْوَ أَجْيَادٍ فَهَدَمَتْهَا قُرَيْشٌ وَجَعَلُوا يَبْنُونَهَا بِحِجَارَةِ الْوَادِي تَحْمِلُهَا قُرَيْشٌ عَلَى رِقَابِهَا فَرَفَعُوهَا فِي السَّمَاءِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا فَبَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُ حِجَارَةً مِنْ أَجْيَادٍ وَعَلَيْهِ نَمِرَةٌ فَضَاقَتْ عَلَيْهِ النَّمِرَةُ فَذَهَبَ يَضَعُ النَّمِرَةَ عَلَى عَاتِقِهِ فَتُرَى عَوْرَتُهُ مِنْ صِغَرِ النَّمِرَةِ فَنُودِيَ يَا مُحَمَّدُ خَمِّرْ عَوْرَتَكَ فَلَمْ يُرَ عُرْيَانَا بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَ بَيْنَ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ وَبَيْنَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَمْسُ سِنِينَ وَبَيْنَ مُخْرِجِهِ وَبُنْيَانِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمَّا كَانَ جَيْشُ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ فَذَكَرَ حَرِيقَهَا فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَوْلَا حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا مِنْهَا سَبْعَةَ أَذْرُعٍ (فِي الْحِجْرِ) ضَاقَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ وَالْخَشَبُ قَالَ ابْنُ خُثَيْمٍ فَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَقَالَ

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ شَرْقِيًّا وَغَرْبِيًّا يَدْخُلُونَ مِنْ هَذَا وَيَخْرُجُونَ مِنْ هَذَا فَفَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ جَعَلَتْ لَهَا دُرْجًا يَرْقَى الَّذِي يَأْتِيهَا عَلَيْهَا فَجَعَلَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ لَاصِقَةً بِالْأَرْضِ قَالَ ابْنُ خُثَيْمٍ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ سَابِطٍ أَنَّ زَيْدًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا بَنَاهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ كَشَفُوا عَنِ الْقَوَاعِدِ فَإِذِ الْحَجَرُ مِثْلَ الْخِلْفَةِ فَرَأَى الْحِجَارَةَ مُشْتَبِكَةً بَعْضُهَا بِبَعْضٍ إِذَا حُرِّكَتْ بِالْعَتَلَةِ تَحَرَّكَ الَّذِي مِنَ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى قَالَ ابْنُ سَابِطٍ فَأَرَانِيهِ زَيْدٌ لَيْلًا بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ فَرَأَيْتُهَا أَمْثَالَ الْخِلْفِ مُشْتَبِكًا أَطْرَافُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ قَالَ مَعْمَرٌ وَأَنْبَأَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ لَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُلَمَ أَجْمَرَتِ امْرَأَةٌ الْكَعْبَةَ (فَطَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ مِجْمَرِهَا فِي ثِيَابِ الْكَعْبَةِ) فَاحْتَرَقَتْ فَتَشَاوَرَتْ قُرَيْشٌ فِي هَدْمِهَا وَهَابُوا هَدْمَهَا فَقَالَ لَهُمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ مَا تُرِيدُونَ بِهَذَا الْإِصْلَاحُ (تُرِيدُونَ) أَمِ الْفَسَادُ فَقَالُوا بَلْ نُرِيدُ الْإِصْلَاحَ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُهْلِكُ الْمُصْلِحَ قَالُوا فَمَنِ الَّذِي يَعْلُوهَا قَالَ

الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ أَنَا أَعْلُوهَا وَأَهْدِمُهَا فَارْتَقَى الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ وَمَعَهُ الْفَأْسُ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ ثُمَّ هَدَمَ فَلَمَّا رَأَتْهُ قُرَيْشٌ قَدْ هَدَمَ مِنْهَا وَلَمْ يَأْتِهِمْ مَا خَافُوا مِنَ الْعَذَابِ هَدَمُوا مَعَهُ حَتَّى إِذَا بَنَوْهَا فَبَلَغُوا مَوْضِعَ الرُّكْنِ اخْتَصَمَتْ قُرَيْشٌ فِي الرُّكْنِ أَيُّ الْقَبَائِلِ تَلِي رَفْعَهُ حَتَّى كَادَ يَشْجُرُ بَيْنَهُمْ فَقَالُوا تَعَالَوْا نُحَكِّمُ أَوَّلَ مَنْ يَطْلُعُ عَلَيْنَا مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ فَاصْطَلَحُوا عَلَى ذَلِكَ فَاطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غُلَامٌ عَلَيْهِ وِشَاحًا نَمِرَةً فَحَكَّمُوهُ فَأَمَرَ بِالرُّكْنِ فَوُضِعَ فِي ثَوْبٍ ثُمَّ أَمَرَ سَيِّدَ كُلِّ قَبِيلَةٍ فَأَعْطَاهُ نَاحِيَةً مِنَ الثَّوْبِ ثُمَّ ارْتَقَى هُوَ فَرَفَعُوا إِلَيْهِ الرُّكْنَ فَكَانَ هُوَ يَضَعُهُ وَذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ وَمَعْنَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ هَذَا وَحَدِيثُهُمَا أَكْمَلُ وَأَتَمُّ وَفِي هَذَا الباب حديث تفرد بن إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَهْدِمَ الْكَعْبَةَ وَأَبْنِيَهَا عَلَى قَوَاعِدَ إِبْرَاهِيمَ وَأَجْعَلَ لَهَا بَابَيْنِ وَأُسَوِّيَهَا بِالْأَرْضِ فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا رَفَعُوهَا أَنْ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا مَنْ أَحَبُّوا

أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا سعيد بن عبد الرحمان أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ اسْمُ الَّذِي بنى الكعبة لقريش يا قوم وَكَانَ رُومِيًّا وَكَانَ فِي سَفِينَةٍ فَحَمَتْهَا الرِّيحُ يَقُولُ حَبَسَتْهَا فَخَرَجَتْ إِلَيْهَا قُرَيْشٌ فَأَخَذُوا خَشَبَهَا وَقَالُوا لَهُ ابْنِهَا عَلَى بُنْيَانِ الْكَنَائِسِ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ لَمَّا أَرَادَتْ قُرَيْشٌ أَنْ يَبْنُوا الْكَعْبَةَ خَرَجَتْ مِنْهَا حَيَّةٌ فَحَالَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا وَكَانَتْ تَشْرُفُ عَلَى الْجِدَارِ قَالَ عَمْرٌو وَسَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ فَجَاءَ طَائِرٌ أَبْيَضُ فَأَخَذَ بِأَنْيَابِهَا فَذَهَبَ بِهَا نَحْوَ أَجْيَادٍ فِيمَا أَحْسَبُ وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِيمَا كَانَ مِنْ شَأْنِ الْحَيَّةِ الَّتِي كَانَتْ قُرَيْشٌ تَهَابُ بُنْيَانَ الْكَعْبَةِ لَهَا ... عَجِبْتُ لَمَّا تَصَوَّبَتِ الْعِقَابُ ... إِلَى الثُّعْبَانِ وَهِيَ لَهَا اضْطِرَابُ ... ... وَقَدْ كَانَتْ يَكُونُ لَهَا كَشِيشٌ ... وَأَحْيَانًا يَكُونُ لَهَا وِثَابُ ... ... إِذَا قُمْنَا إِلَى التَّأْسِيسِ شَدَّتْ ... تُهَيِّبْنَا الْبِنَّاءَ وَقَدْ تُهَابُ

فَلَمَّا أَنْ خَشِينَا الرِّجْزَ جَاءَتْ ... عِقَابٌ تَتْلَئِبُّ لَهَا انْصِبَابُ ... ... فَضَمَّتْهَا إِلَيْهَا ثُمَّ خَلَّتْ ... لَنَا الْبُنْيَانَ لَيْسَ لَهُ حِجَابُ ... ... فَقُمْنَا حَاشِدِينَ إِلَى بِنَاءٍ ... لَنَا مِنْهُ الْقَوَاعِدُ وَالتُّرَابُ ... ... غَدَاةَ نَرْفَعُ التَّأْسِيسَ مِنْهُ ... وَلَيْسَ عَلَى مُسَوِّينَا ثِيَابُ ... ... أَعَزَّ بِهِ الْمَلِيكُ بَنِي لُؤَيٍّ ... فَلَيْسَ لِأَصْلِهِ مِنْهُمْ ذَهَابُ ... ... وَقَدْ حَشَدَتْ هُنَاكَ بَنُو عَدِيٍّ ... وَمَرَّةً قَدْ تَعَمَّدَهَا كِلَابُ ... ... فَبَوَّأَنَا الْمَلِيكُ بِذَاكَ عِزًّا ... وَعِنْدَ اللَّهِ يُلْتَمَسُ الثَّوَابُ ... قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَذَلِكَ بَعْدَ الْفِجَارِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ لِبُنْيَانِ الْكَعْبَةِ وَكَانُوا يَهُمُّونَ بِذَلِكَ لِيَسْقُفُوهَا وَيَهَابُونَ هَدْمَهَا وَأَنَّهَا (كَانَتْ) رَضْمًا فَوْقَ الْقَامَةِ فَأَرَادُوا رَفْعَهَا وَتَسْقِيفَهَا وَذَلِكَ أَنَّ نَفَرًا سَرَقُوا كَنْزَ الْكَعْبَةِ وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ فِي بِئْرٍ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ وَكَانَ الَّذِي وُجِدَ عِنْدَهُ الْكَنْزُ دُوَيْكٌ مَوْلًى لِبَنِي مَلِيحِ بْنِ عَمْرِو بْنِ خُزَاعَةَ فَقَطَعَتْ

قُرَيْشٌ يَدَهُ وَتَزْعُمُ قُرَيْشٌ أَنَّ الَّذِينَ سَرَقُوهُ وَضَعُوهُ عِنْدَ دُوَيْكٍ وَكَانَ الْبَحْرُ قَدْ رَمَى سَفِينَةً إِلَى جُدَّةَ لِرَجُلٍ مِنْ تُجَّارِ الرُّومِ فتحطمت فأخدوا خَشَبَهَا وَأَعَدُّوهُ لِتَسْقِيفِهَا وَكَانَ بِمَكَّةَ رَجُلٌ قِبْطِيٌّ نَجَّارٌ فَتَهَيَّأَ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ بَعْضَ مَا يُصْلِحُهَا وَكَانَتْ حَيَّةٌ تَخْرُجُ مِنْ بِئْرِ الْكَعْبَةِ الَّتِي كَانَ يُطْرَحُ فِيهَا مَا يُهْدَى لَهَا (فَتَتَشَرَّفُ) كُلَّ يَوْمٍ عَلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ وَكَانَتْ مِمَّا يَهَابُونَ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَدْنُو مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا احْزَأَلَّتْ وَكَشَّتْ وَفَتَحَتْ فَاهَا فَكَانُوا يَهَابُونَهَا فَبَيْنَمَا هِيَ يَوْمًا تَشْرُفُ عَلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ كَمَا كَانَتْ تَصْنَعُ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا طَائِرًا فَاخْتَطَفَهَا فَذَهَبَ بِهَا فَقَالَتْ قُرَيْشٌ إِنَّا لَنَرْجُوَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ رَضِيَ مَا أَرَدْنَا عِنْدَنَا عَامِلٌ رَفِيقٌ وَعِنْدَنَا خَشَبٌ وَقَدْ كَفَانَا اللَّهُ الْحَيَّةَ فَلَمَّا أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ فِي هَدْمِهَا وَبُنْيَانِهَا قَامَ أَبُو وَهْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ فَتَنَاوَلَ مِنَ الْكَعْبَةِ حَجَرًا فَوَثَبَ مِنْ يَدِهِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى مَوْضِعِهِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَا تُدْخِلُوا فِي بُنْيَانِهَا مِنْ كَسْبِكُمْ إِلَّا طَيِّبًا لَا يَدْخُلُ فِيهَا مَهْرُ بَغِيٍّ وَلَا بَيْعُ رِبَا وَلَا

مَظْلَمَةُ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَالنَّاسُ يَنْحَلُونَ هَذَا الْكَلَامَ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وحدثي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ (أَنَّهُ حَدَّثَ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ أَنَّهُ قَالَ حين نظر إلىابن الْجَعْدِ بْنِ هُبَيْرَةَ بْنِ أَبِي وَهْبٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ جَدُّ هَذَا يَعْنِي أَبَا وَهْبٍ هُوَ الَّذِي أَخَذَ حَجَرًا مِنَ الْكَعْبَةِ فَذَكَرَ الْخَبَرَ سَوَاءً0 إِلَى قَوْلِهِ مَظْلَمَةُ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا تَجَزَّأَتِ الْكَعْبَةَ فَكَانَ شَقُّ الْبَابِ لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَبَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ لَبَنِي مَخْزُومٍ وَقَبَائِلُ قُرَيْشٍ انْضَمُّوا إِلَيْهِمْ وَكَانَ ظَهْرُ الْكَعْبَةِ لِبَنِي جُمَعٍ وَبَنِي سَهْمٍ ابْنَيْ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ شَقُّ الْحَجَرِ لِبَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ وَلِبَنِي أَسَدِ بْنِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَلِبَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ وَهُوَ الْحَطِيمُ قَالَ ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ هَابُوا هَدْمَهَا وَفَرَقُوا مِنْهُ فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ أَنَا أَبْدَؤُكُمْ فِي هَدْمِهَا فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ ثُمَّ قام

عليها وهو يقول اللهم لم ترع قَالَ ابْنُ هِشَامْ وَيُقَالُ لَمْ نَزَغْ (2 اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نُرِيدُ إِلَّا الْخَيْرَ ثُمَّ هَدَمَ مِنْ نَاحِيَةِ الرُّكْنِ فَتَرَبَّصَ النَّاسُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَقَالُوا نَنْظُرُ فَإِنْ أُصِيبَ لَمْ نَهْدِمْ مِنْهَا شَيْئًا وَرَدَدْنَاهَا كَمَا كَانَتْ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ فَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ مَا صَنَعْنَا بِهَدْمِهَا فَأَصْبَحَ الْوَلِيدُ مِنْ لَيْلَتِهِ غَادِيًا عَلَى عَمَلِهِ فَهَدَمَ وَهَدَمَ النَّاسُ (مَعَهُ) حَتَّى إِذَا انْتَهَى الْهَدْمُ بِهِمْ إِلَى الْأَسَاسِ أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ أَفْضَوْا إِلَى حِجَارَةٍ خُضْرٍ كَالْأَسِنَّةِ أَخَذَ بَعْضُهَا بَعْضًا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَحَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ رَوَى (هَذَا) الْحَدِيثَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ مِمَّنْ كَانَ يَهْدِمُهَا أَدْخَلَ عَتَلَةً بَيْنَ حَجَرَيْنِ لِيَقْلَعَ بِهَا أَحَدَهُمَا فَلَمَّا تَحَرَّكَ الْحَجَرُ تَنَقَّضَتْ مَكَّةُ بِأَسْرِهَا فَانْتَهَوْا عَنْ ذَلِكَ الْأَسَاسِ

قَالَ وَحُدِّثْتُ أَنَّ قُرَيْشًا وَجَدُوا فِي الرُّكْنِ كِتَابًا بِالسُّرْيَانِيَّةِ فَلَمْ يَدْرُوا مَا هُوَ حَتَّى قَرَأَهُ لَهُمْ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَإِذَا هُوَ أَنَا اللَّهُ ذُو بَكَّةَ خَلَقْتُهَا يَوْمَ خَلَقْتُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَصَوَّرْتُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَحَفَفْتُهَا بِسَبْعَةِ أَمْلَاكٍ حُنَفَاءَ لَا تَزُولُ حَتَّى يَزُولَ أَخْشَبَاهَا مُبَارَكٌ لِأَهْلِهَا فِي الْمَاءِ وَاللَّبَنِ قَالَ وَحُدِّثْتُ أَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي الْمَقَامِ كِتَابًا فِيهِ مَكَّةُ بَيْتُ اللَّهِ الْحَرَامُ يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ ثَلَاثَةِ سُبُلٍ لَا يَحِلُّهَا أَوَّلُ مَنْ أَهَلَّهَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ ثُمَّ إِنَّ الْقَبَائِلَ مِنْ قُرَيْشٍ جَمَعَتِ الْحِجَارَةَ لِبِنَائِهَا كُلُّ قَبِيلَةٍ تَجْمَعُ عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ بَنَوْهَا حَتَّى بَلَغَ الْبُنْيَانُ مَوْضِعَ الرُّكْنِ فَاخْتَصَمُوا فِيهِ كُلُّ قَبِيلَةٍ تُرِيدُ أَنْ تَرْفَعَهُ إِلَى مَوْضِعِهِ دُونَ الْأُخْرَى حَتَّى تَحَاوَرُوا وَتَخَالَفُوا وَاعْتَدُّوا لِلْقِتَالِ فَقَرَّبَتْ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ جَفْنَةً مَمْلُوءَةً دَمًا ثُمَّ تَعَاهَدُوا هُمْ وَبَنُو عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ

لُؤَيٍّ عَلَى الْمَوْتِ وَأَدْخَلُوا أَيْدِيَهُمْ فِي ذَلِكَ الدَّمِ فِي تِلْكَ الْجَفْنَةِ فَسُمُّوا لَعَقَةُ الدَّمِ فَمَكَثَتْ قُرَيْشٌ عَلَى ذَلِكَ أَرْبَعَ لَيَالٍ أَوْ خَمْسًا ثُمَّ إِنَّهُمُ اجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ فَتَشَاوَرُوا وَتَنَاصَفُوا فَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الرِّوَايَةِ أَنَّ أَبَا أُمَيْنَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ وَكَانَ يَوْمَئِذٍ أَسَنَّ قُرَيْشٍ كُلِّهَا فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ فِيمَا تَخْتَلِفُونَ فِيهِ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَابِ هَذَا الْمَسْجِدِ يَقْضِي بَيْنَكُمْ فِيهِ فَفَعَلُوا فَكَانَ أَوَّلُ دَاخِلٍ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا هَذَا الْأَمِينُ رَضِينَا هَذَا مُحَمَّدٌ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِمْ أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلُمَّ إِلَيَّ ثَوْبًا فَأُتِيَ بِهِ فَأَخَذَ الرُّكْنَ فَوَضَعَهُ فِيهِ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لِتَأْخُذْ كُلُّ قَبِيلَةٍ بِنَاحِيَةٍ مِنَ الثَّوْبِ ثُمَّ ارْفَعُوهُ جَمِيعًا فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا بَلَغُوا بِهِ مَوْضِعَهُ وَضَعَهُ هُوَ بِيَدِهِ ثُمَّ بُنِيَ عَلَيْهِ قَالَ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُسَمِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ الْأَمِينُ قَالَ وَكَانَتِ الْكَعْبَةُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ ذِرَاعًا كَانَتْ تُكْسَى الْقَبَاطِيَّ ثُمَّ كُسِيَتِ الْبُرُودَ وأول من كساها الديباج الحجاج (ابن يوسف)

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ مَوْلَاهُ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَنَى الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ وَلِي حَجَرٌ أَنَا نَحَتُّهُ بِيَدِي أَعْبُدُهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَجِيءُ بِاللَّبَنِ الْخَاثِرِ الَّذِي أُنَفِّسُهُ عَلَى نَفْسِي وَعَلَى وَلَدِي فَأَصُبُّهُ عَلَيْهِ فَيَجِيءُ الْكَلْبُ حَتَّى يَلْحَسَهُ ثُمَّ يَشْغَرُ فَيَبُولُ عَلَيْهِ قَالَ فَبَنَيْنَا حَتَّى بَلَغْنَا مَوْضِعَ الْحَجَرِ وَمَا يَرَى الْحَجَرَ أَحَدٌ فَإِذَا هُوَ وَسْطُ حِجَارَةٍ تَكَادُ أَنْ تَتَرَايَا فِيهَا وُجُوهُنَا فَقَالَ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ نَحْنُ نَضَعُهُ وَقَالَ آخَرُونَ نَحْنُ فَقَالُوا اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ حَكَمًا قَالُوا أَوَّلُ مَنْ يَجِيءُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا أَتَاكُمُ الْأَمِينُ فَقَالُوا لَهُ فَوَضَعَهُ فِي ثَوْبٍ ثُمَّ دَعَا بُطُونَهُمْ فَأَخَذُوا بِنَوَاحِيهِ فَمَشَى مَعَهُمْ حَتَّى وَضَعَهُ هُوَ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ كَانَ بَابُ الْكَعْبَةِ

عَلَى عَهْدِ الْعَمَالِيقِ وَجُرْهُمَ وَإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْأَرْضِ حَتَّى بَنَتْهُ قُرَيْشٌ وَرَدَمُوا الرَّدْمَ الْأَعْلَى وَصَرَفُوا السَّيْلَ عَنِ الْكَعْبَةِ وَكَسَوْا يَوْمَئِذٍ الْبَيْتَ الْوَصَائِلَ قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَحَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن سَبِّ أَسْعَدَ الْحِمْيَرِيِّ وَهُوَ تَبَعٌ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَسَا الْبَيْتَ وَهُوَ تَبَعُ الْآخَرِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سعيد بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَدِمَ مَكَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَى شَيْخٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ قَالَ أَبِي فَذَهَبْتُ مَعَهُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جَالِسٌ فِي الْحِجْرِ فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ إن قريشا تقربت لبناء الكعبة فعجزت واستقصرت فَتَرَكُوا بَعْضَ الْبَيْتِ فِي الْحِجْرِ فَقَالَ عُمَرُ صَدَقْتَ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ شَابُورَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لَمَّا أَرَادَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ يَهْدِمَ الْبَيْتَ وَيَبْنِيَهُ قَالَ

لِلنَّاسِ اهْدِمُوا فَأَبَوْا أَنْ يَهْدِمُوا وَخَافُوا أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ قَالَ مُجَاهِدٌ فَخَرَجْنَا إِلَى مِنًى فَأَقَمْنَا بِهَا ثَلَاثًا نَنْتَظِرُ الْعَذَابَ قَالَ وَارْتَقَى ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ هُوَ بِنَفْسِهِ فَهَدَمَ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ اجْتَرَءُوا عَلَى ذَلِكَ قَالَ فَهَدَمُوا قَالَ فَلَمَّا بَنَاهَا جَعَلَ لَهَا بَابَيْنِ وَأَوْطَأَهُمَا بِالْأَرْضِ بَابًا يَدْخُلُونَ مِنْهُ وَبَابًا يَخْرُجُونَ مِنْهُ وَزَادَ فِيهَا مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَزَادَ فِي طُولِهَا تِسْعَةَ أَذْرُعٍ قَالَ فَلَمَّا ظَهَرَ الْحَجَّاجُ رَدَّ الَّذِي كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَدْخَلَ مِنَ الْحِجْرِ فِيهَا فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَدِدْنَا أَنَّا كُنَّا تَرَكْنَا أَبَا خُبَيْبٍ وَمَا تَوَلَّى مِنْ ذَلِكَ (يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ) وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ مَرْثَدَ بْنَ شَرَاحِيلَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ حَضَرَ ذَلِكَ قَالَ أَدْخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى عَائِشَةَ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ خِيَارِ قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَتْهُمْ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لَهَا لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِ قَوْمِكِ بِالشِّرْكِ لَبَنَيْتُ الْبَيْتَ عَلَى قَوَاعِدِ إِسْمَاعِيلَ وَإِبْرَاهِيمَ وَتَدْرِي لِمَ قَصَّرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ قَالَتْ قُلْتُ لَا قَالَ قَصَّرَتْ بِهِمْ

النَّفَقَةُ قَالَ وَكَانَتِ الْكَعْبَةُ قَدْ وَهَتْ مِنْ حَرِيقِ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ فَهَدَمَهَا وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ فَكَشَفَ عَنْ رَبَضِ الْحَجَرِ أَخَذَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَتَرَكَهُ مَكْشُوفًا ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ يَتَشَهَّدُ عَلَيْهِ قَالَ فَرَأَيْتُ رَبَضَهُ ذَلِكَ كَخَلْفِ الْإِبِلِ خَمْسَ حُجَارَاتٍ وَجْهٌ حَجَرٌ وَوَجْهٌ حَجَرٌ وَوَجْهٌ حَجَرَانِ قَالَ وَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَأْخُذُ الْعَتَلَةَ فَيَهُزُّهَا مِنْ نَاحِيَةِ الرُّكْنِ الْآخَرِ فَيَهْتَزُّ الرُّكْنُ الْآخَرُ قَالَ ثُمَّ بَنَاهُ عَلَى ذَلِكَ الرَّبَضِ وَصَنَعَ لَهُ بَابَيْنِ لَاصِقَيْنِ بِالْأَرْضِ شَرْقِيًّا وَغَرْبِيًّا فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ هَدَمَهُ الْحَجَّاجُ مِنْ نَاحِيَةِ الْحِجْرِ ثُمَّ أَعَادَهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ وَدِدْتُ أَنَّكَ تَرَكْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَا تَحْمِلُ قَالَ مَرْثَدٌ وَسَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَوْ وُلِّيتُ مِنْهُ مَا كَانَ وَلِيَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لَأَدْخَلْتُ الْحِجْرَ كُلَّهُ فِي الْبَيْتِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلِمَ يُطَافُ بِالْحِجْرِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْبَيْتِ وَرُوِّينَا أَنَّ الرَّشِيدَ هَارُونَ ذَكَرَ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ يُرِيدُ هَدْمَ مَا بَنَى الْحَجَّاجُ مِنَ الْكَعْبَةِ وَأَنْ يَرُدَّهُ إِلَى بُنْيَانِ ابْنِ الزُّبَيْرِ لِمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَامْتَثَلَهُ ابْنُ

الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ نَاشَدْتُكَ اللَّهَ يَا أمير المؤمنين أن تَجْعَلَ هَذَا الْبَيْتَ مَلْعَبَةً لِلْمُلُوكِ لَا يَشَاءُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا نَقَضَ الْبَيْتَ وَبَنَاهُ فَتَذْهَبُ هَيْبَتُهُ مِنْ صُدُورِ النَّاسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحِجْرَ مِنَ الْبَيْتِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ وَإِذَا صَحَّ أَنَّ الْحِجْرَ مِنَ الْبَيْتِ فَوَاجِبٌ إِدْخَالُهُ فِي الطَّوَافِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ كُلَّ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ لَزِمَهُ أَنْ يُدْخِلَ الْحِجْرَ فِي طَوَافِهِ وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ مَا يَكْفِي وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَمْ يَطُفْ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ وَلَمْ يُدْخِلِ الْحِجْرَ فِي طَوَافِهِ فَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ وَأَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يَطُفْ فَمَنْ لَمْ يَطُفِ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ كَامِلًا رَجَعَ مِنْ بِلَادِهِ حَتَّى يَطُوفَ وَيُكْمِلَهُ فَهُوَ فَرْضٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَمِمَّنْ قَالَ مَا ذَكَرْنَا فِي الطَّوَافِ وَرَاءَ الْحِجْرِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْحِجْرُ مِنَ الْبَيْتِ وَيَتْلُو قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَيَقُولُ

طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ مَنْ لَمْ يُدْخِلِ الْحِجْرَ فِي طَوَافِهِ وَلَمْ يَطُفْ مِنْ وَرَائِهِ فِي شَوْطٍ أَوْ شَوْطَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَلْغَى ذَلِكَ وَبَنَى عَلَى مَا كَانَ طَافَ طَوَافًا كَامِلًا قَبْلَ أَنْ يَسَلُكَ فِي الْحِجْرِ وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا سَلَكَ فِي الْحِجْرِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ سَلَكَ فِي الْحِجْرِ وَلَمْ يَطُفْ مِنْ وَرَائِهِ وَذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَعَادَ الطَّوَافَ وَإِنْ كَانَ شَوْطًا قَضَاهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ قَضَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ خَرَجَ عَنْ مَكَّةَ وَانْصَرَفَ إِلَى الْكُوفَةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَحَجُّهُ تَامٌّ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ نَحْوَ ذَلِكَ قَالَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فَإِنْ حَلَّ أَهْرَاقَ دَمًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَلِمْ مِنَ الْأَرْكَانِ إِلَّا رُكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّ وَالْأَسْوَدَ وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَفُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْحَدِيثِ وَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا إِلَّا فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَلِمُونَ الْأَرْكَانَ (كُلَّهَا) وَرُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ وَأَبِي الشَّعْثَاءِ مِثْلَ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْهُمَا خلافه

وَاخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ فِي ذَلِكَ فَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ فَطَافَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَلَمَ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا فَقَالَ مُعَاوِيَةُ إِنَّمَا اسْتَلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ أَرْكَانِهِ مَهْجُورًا وَرَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أبي الطُّفَيْلِ فَقَلَّبَ الْقِصَّةَ فِيهِ وَجَعَلَ مَكَانَ ابْنِ عَبَّاسٍ مُعَاوِيَةَ وَمَكَانَ مُعَاوِيَةَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَرِيكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عن أبي الطفيل قَالَ طَافَ مُعَاوِيَةُ بِالْبَيْتِ وَمَعَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا فَإِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْحِجْرِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَسْتَلِمُ هَذَيْنِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْبَيْتِ شَيْءٌ مَهْجُورٌ (وَجَعَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَتَخَافَتُهَا كُلَّمَا اسْتَلَمَ وَيَقُولُ

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَلِمْ هَذَيْنِ وَيَقُولُ لَهُ مُعَاوِيَةُ أَنْ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ شَيْءٌ مَهْجُورٌ) قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَثْبَتُ مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ لِأَنَّ مُجَاهِدًا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَلِمْ إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ وأنه أنكر على معاوية استلامه الركنين الآخرين فَلَمَّا قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ لَيْسَ مِنَ الْبَيْتِ شَيْءٌ مَهْجُورٌ قَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْآثَارِ اسْتِلَامُ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ وَذَلِكَ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَهُوَ حَدِيثٌ لَا مَطْعَنَ لِأَحَدٍ فِيهِ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ سَالِمٌ وَنَافِعٌ وَعُبَيْدُ بْنُ جُرَيْجٍ وَيُوسُفُ بْنُ مَاهِكٍ وَغَيْرُهُمْ وَالرُّكْنَانِ اللَّذَانِ لَا يَسْتَلِمَانِ هُمَا الرُّكْنُ الشَّامِيُّ الَّذِي يَلِي الرُّكْنُ الْأَسْوَدُ وَالرُّكْنُ الْغَرْبِيُّ الَّذِي يُقَابِلُ الْيَمَانِيُّ وَهُمَا اللَّذَانِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ وَقَدْ نَهَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ عَنِ اسْتِلَامِ الرُّكْنَيْنِ الْغَرْبِيَّيْنِ وَهُمَا هَذَانِ الْمَذْكُورَانِ وَقَالَ عُمَرُ لِيَعْلَى لَنَا فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حسنة

فَحَصَلَتِ الرِّوَايَةُ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ مَعَ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَ بِقَوْلِ عَائِشَةَ إِنَّ الْحِجْرَ بَعْضُهُ مِنَ الْبَيْتِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَاللَّهِ (إِنِّي) لَأَظُنُّ عَائِشَةَ إِنَّ كَانَتْ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَتْرُكِ اسْتِلَامَهُمَا إِلَّا أَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى قَوَاعِدِ الْبَيْتِ وَلَا طَافَ النَّاسُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ إِلَّا لِذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَالِكٌ أَحْسَنُ إِقَامَةً لِإِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَعْمَرٍ وَأَحْسَنُ سِيَاقَةً لَهُ مِنْهُ وَمَالِكٌ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الزُّهْرِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرحمان قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِمَا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي دُلَيْمٍ حَدَّثَهُمَا قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا أُبَالِي صَلَّيْتُ فِي الْحِجْرِ أَوْ فِي الْبَيْتِ وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَجَمَاعَةٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ

الحديث الثلاثون

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مُرْسَلٌ عِنْدَ يَحْيَى وَأَكْثَرِ الرُّوَاةِ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ قَالَ وكان رجلا أعمى لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى مُرْسَلًا وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَوَصَلَهُ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو قُرَّةَ)

(مُوسَى بْنُ طَارِقٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصَمُّ وَابْنُ أَبِي أويس والحنيني ومحمد بن عمرالواقدي وَأَبُو قَتَادَةَ الْحَرَّانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْأَحْرَشُ وَزُهَيْرُ بْنُ عَبَّادٍ الرَّوَاسِيُّ وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ كُلُّ هَؤُلَاءِ وَصَلُوهُ فَقَالُوا فِيهِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَسَائِرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ أَرْسَلُوهُ وَمِمَّنْ أَرْسَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو الْمُصْعَبِ الزُّهْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى وَجَمَاعَةٌ يَطُولُ ذِكْرُهُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ مُتَّصِلًا وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ إِلَّا مُرْسَلًا كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ لَهُ وَأَمَّا أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ فَرَوَوْهُ مُتَّصِلًا مُسْنَدًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْهُمُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ والأوزاعي والليث وَمَعْمَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَعِنْدَ مَعْمَرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي هَذَا حديث آخر)

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْعَقَبِ الدِّمَشْقِيُّ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله والحديث صحيح اللزهري عَنْ () حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سلمة الماجشون عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ قَالَ وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رجلا أعمى لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ فَأَذِّنْ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَذَكَرَهُ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ الْأَذَانُ بِاللَّيْلِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ إِذْ لَا أَذَانَ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِلنَّافِلَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَلَا غَيْرِهَا وَلَا أَذَانَ إِلَّا لِلْفَرَائِضِ الْمَكْتُوبَاتِ وَأَوْكَدُ مَا يَكُونُ فَلِلْجَمَاعَاتِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي وُجُوبِ الْأَذَانِ وَسُنَّتِهِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَفِي كَيْفِيَّةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَبَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَى مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الْأَذَانِ بِاللَّيْلِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَمِمَّنْ أَجَازَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْقَاضِي الْكُوفِيِّ وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ وَفِي قَوْلِهِ هَذَا إِخْبَارٌ مِنْهُ أَنَّ شَأْنَ بِلَالٌ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلصُّبْحِ بِلَيْلٍ يَقُولُ فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانَ فَلَا يَمْنَعُكُمْ أَذَانُهُ مِنْ سُحُورِكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُقَارِبَ الصَّبَاحُ بأذانه

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لا يجوز الأذان لصلاة الفجر حتى يطلع الْفَجْرَ وَمَنْ أَذَّنَ لَهَا قَبْلَ الْفَجْرِ لَزِمَهُ إِعَادَةُ الْأَذَانِ وَحُجَّةُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا مَا رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ شَدَّادٍ مَوْلَى عِيَاضِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ بِلَالٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُؤَذِّنْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الْفَجْرَ هَكَذَا وَمَدَّ يَدَهُ عَرَضًا وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ شَدَّادٌ مَوْلَى عَيَّاشٍ وهذا حديث لا تقوم بن حُجَّةٌ وَلَا بِمِثْلِهِ لِضَعْفِهِ وَانْقِطَاعِهِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْجِعَ فَيُنَادِي أَلَا إِنَّ الْعَبْدَ نَامَ أَلَا إِنَّ الْعَبْدَ نَامَ فَرَجَعَ فَقَالَهَا وَهَذَا حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ دُونَ أَصْحَابِ أَيُّوبَ وَأَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ

وخطؤوه فِيهِ لِأَنَّ سَائِرَ أَصْحَابِ أَيُّوبَ يَرْوُونَهُ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ أَذَّنَ بِلَالٌ مَرَّةً بِلَيْلٍ فَذَكَرَهُ مَقْطُوعًا وَهَكَذَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ أَذَّنَ بِلَالٌ مَرَّةً بِلَيْلٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْرُجْ فَنَادِ إِنَّ الْعَبْدَ نَامَ فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ لَيْتَ بِلَالًا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ وَابْتَلَّ مِنْ نَضْحِ دَمِ جَبِينِهِ ثُمَّ نَادَى إِنَّ الْعَبْدَ نَامَ وَرَوَى زُبَيْدٌ الْإِيَامِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كَانُوا إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ أَتَوْهُ فَقَالُوا لَهُ اتَّقِ اللَّهَ وَأَعِدْ أَذَانَكَ وَاحْتَجُّوا (أَيْضًا) بما رواه شريك عن محلل عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ شَيَّعْنَا عَلْقَمَةُ إِلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ بِلَيْلٍ فَسَمِعَ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَقَالَ أَمَّا هَذَا فَقَدَ خَالَفَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ نَائِمًا كَانَ خَيْرًا لَهُ فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرَ أَذَّنَ وَمُحِلٌّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ مُؤَذِّنٍ لِعُمَرَ يُقَالُ لَهُ مَسْرُوحٌ أَذَّنَ الصُّبْحَ فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَرْجِعَ يُنَادِي أَلَا إِنَّ الْعَبْدَ نَامَ أَلَا إِنَّ الْعَبْدَ نَامَ وَهَذَا إِسْنَادٌ غَيْرُ مُتَّصِلٍ لِأَنَّ نَافِعًا لَمْ يَلْقَ عُمَرَ وَلَكِنَّ الدَّرَاوَرْدِيَّ وَحَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ قَدْ روويا هَذَا الْخَبَرَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ إِلَّا أن

الدَّرَاوَرْدِيَّ قَالَ يُقَالُ لَهُ مَسْعُودٌ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ عُمَرَ قَالَ ذَلِكَ لِمُؤَذِّنِهِ لَا مَا ذَكَرَ أَيُّوبُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ لِبِلَالٍ وَإِذَا كَانَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحًا قَوْلُهُ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ مَعَ السُّنَّةِ وَلَوْ لَمْ يَجُزِ الْأَذَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا عَنْ ذَلِكَ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ أَنَّ عُمَرَ قَالَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا بِخَبَرٍ وَاحِدٍ عَنْ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْمَصِيرُ إِلَى الْمُسْنَدِ أَوْلَى مِنْ طَرِيقِ الْحُجَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالَّذِي أُحِبُّهُ أَنْ يَكُونَ مُؤَذِّنٌ آخَرُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَفِيهِ اتِّخَاذُ مُؤَذِّنَيْنِ وَإِذَا جَازَ اتِّخَاذُ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ جَازَ أَكْثَرُ إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ مَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَفِيهِ جَوَازُ أَذَانِ الْأَعْمَى وَذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا كَانَ مَعَهُ مُؤَذِّنٌ آخَرُ يَهْدِيهِ لِلْأَوْقَاتِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى (جَوَازِ) شَهَادَةِ الْأَعْمَى عَلَى مَا اسْتَيْقَنَهُ مِنَ الْأَصْوَاتِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ كَانَ إِذَا قِيلَ لَهُ أَصْبَحْتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَشَهِدَ عَلَيْهِ (وَعَمِلَ بِهِ) وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ (وَنَسَبْنَاهُ فِي كِتَابِنَا في

! وَذَكَرْنَا) الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ هُنَاكَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَكْلِ السَّحُورِ وَعَلَى أَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ مَوْضِعُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ لِمَنْ شَاءَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّحُورَ لَا يَكُونُ إِلَّا قَبْلَ الْفَجْرِ لِقَوْلِهِ إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ ثُمَّ مَنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ أَذَانِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ إِجْمَاعٌ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا الْأَعْمَشَ فَشَذَّ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى قَوْلِهِ وَالنَّهَارُ الَّذِي يَجِبُ صِيَامُهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ عَلَى هَذَا إِجْمَاعُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا وَجْهَ لِلْكَلَامِ فِيهِ وَأَمَّا قَوْلُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ ... وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ ... حَمْرَاءَ يُصْبِحُ لَوْنُهَا يَتَوَرَّدُ ... فَهَذَا عَلَى الْقُرْبِ لَا عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الشَّيْءَ بِاسْمِ مَا قَرُبَ مِنْهُ 0وَمِنْ هَذَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ الْآيَةَ وَهَذَا عَلَى الْقُرْبِ عند الجميع لا على القرب الْحَقِيقِيِّ وَلَيْسَتِ الْأَشْعَارُ وَاللُّغَاتُ مِمَّا يَثْبُتُ بِهَا شَرِيعَةٌ وَلَا دِينٌ وَلَكِنَّهَا يُسْتَشْهَدُ بِهَا عَلَى أَصْلِ الْمَعْنَى الْمُسْتَغْلَقِ إِنِ احْتِيجَ إِلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ

وَقَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رجلا أعمى لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ مَعْنَاهُ أَيْضًا الْمُقَارَبَةُ أَيْ قَارَبَتِ الصَّبَاحَ (وَهَذَا) عَلَى مَا فَسَّرَ الْعُلَمَاءُ مِمَّا ذَكَرْنَا قَوْلَهُ فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن يريد بالبلوغ ههنا مُقَارَبَةُ الْبُلُوغِ لَا انْقِضَاءَ الْأَجَلِ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَوِ انْقَضَى وَهُوَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ لَمْ يَجُزْ (لَهُمْ) إِمْسَاكُهُنَّ وَهَذَا إِجْمَاعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قُرْبَ الشَّيْءِ قَدْ يُعَبِّرُ بِهِ عَنْهُ وَالْمُرَادُ مَفْهُومٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَأْمُرُ أَصْحَابَهُ أَنْ يَأْكُلُوا وَيَشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ مَنْ لَا يُؤَذِّنَ إِلَّا وَقَدْ أَصْبَحَ وَإِذَا كَانَ هَذَا مَعْلُومًا صَحَّ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ مَا ذَكَرْنَا مِنْ مُقَارَبَةِ الصَّبَاحِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَيْقَنَ الصَّبَاحَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَكْلُ وَلَا الشُّرْبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ مَا يُوَضِّحُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَكَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَيْلٌ أَوْ أَكَلَ وَهُوَ شَاكٍ فِي الْفَجْرِ فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ تَسَحَّرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ أَكَلَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا مَضَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُلَيَّةَ فِي الْوَاجِبِ خَاصَّةً قَالَ هُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ مَنْ

صَلَّى قَبْلَ الْوَقْتِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي الَّذِي يَأْكُلُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَيْلٌ ثُمَّ يَعْلَمُ أَنَّهُ نَهَارٌ وَأَمَّا الَّذِي يَأْكُلُ وَهُوَ شَاكٌّ فِي الْفَجْرِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْضِيَ إِذَا كَانَ أَكْثَرْ رَأْيِهِ أَنَّهُ أَكَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ كُلُّ مَا شَكَكْتَ حَتَّى تَسْتَيْقِنَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مِنْ بَيْنِ هَؤُلَاءِ مَنْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ التَّطَوُّعُ عَامِدًا أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلِمَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ أَحَادِيثُ فِي السُّحُورِ حِسَانٌ سَيَأْتِي مَوْضِعِهَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الواحد والثلاثون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مَقْطُوعٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِنَّمَا رجع بالناس عن حديث عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى حَدِيثِ عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ فِي الطَّاعُونِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ فَرَجَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ سَرْغَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَذَكَرْنَا مَا فِيهِ مِنَ الْمَعَانِي فِي حَدِيثِ ابن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمان ورواية سالم لهذا الحديث عن عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ أَوْ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَا تَتَّصِلُ وَالْحَدِيثُ ثَابِتٌ مُتَّصِلٌ (صَحِيحٌ مِنْ وُجُوهٍ) مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَهَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ كَمَا ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا بِشْرَ بْنَ عُمَرَ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ إِنَّمَا رَجَعَ بِالنَّاسِ مِنْ سَرْغَ عَنْ حَدِيثِ عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فِي أَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ فَجَمَعَ بِشْرٌ عَنْ مَالِكٍ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا وَرَفَعَهُمَا وَلَيْسَ حَدِيثُ سَالِمٍ مُصَرَّحًا بِمَا وَقَعَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُوَطَّآتِ وَقَدْ رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ جَمِيعًا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِنَّمَا رَجَعَ بِالنَّاسِ من سرغ عن حديث عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ هَكَذَا قَالَا لَمْ يَذْكُرَاهُ مَرْفُوعًا وَلَا سَاقَا لَهُ مَتْنًا عَلَى نَحْوِ مَا قَالَ مَالِكٌ فِي حَدِيثِ سَالِمٍ هَذَا سَوَاءً وَقَدْ وَهِمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ لَمْ يُتَابِعْ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ (بْنِ رَبِيعَةَ) جَمِيعًا لِأَنَّ سَالِمًا رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَقَوْلُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ (ذَلِكَ وَهْمٌ وَغَلَطٌ إِنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ)

وَقَدْ جَوَّدَ مَالِكٌ لَفْظَ حَدِيثَيِ ابْنِ شِهَابٍ جَمِيعًا عَنْ سَالِمِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ وَعِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ فِي الطَّاعُونِ أَحَادِيثُ مِنْهَا حَدِيثُهُ عَنْ سَالِمٍ هَذَا وَحَدِيثُهُ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَحَدِيثُهُ عَنْ عبد الحميد بن عبد الرحمان وَقَدْ جَاءَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْهُ أَيْضًا وَمِنْهَا حَدِيثُهُ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَهُوَ عِنْدَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَبِي النَّضْرِ وَهَذِهِ كُلُّهَا أَحَادِيثُ مُتَّصِلَةٌ صِحَاحٌ ثَابِتَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الثاني والثلاثون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مُرْسَلٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ فَقَالَ عُمَرُ أَيَّةُ ساعة هذه قال ياأمير الْمُؤْمِنِينَ انْقَلَبْتُ مِنَ السُّوقِ فَسَمِعْتُ النِّدَاءَ فَمَا زِدْتُ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ فَقَالَ عُمَرُ الْوُضُوءُ أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ مُرْسَلًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ لَمْ يَقُولُوا عَنْ أَبِيهِ وَوَصَلَهُ عَنْ مَالِكٍ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَجُوَيْرِيَّةُ بْنُ أَسْمَاءَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَعُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْجُذَامِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ الضَّحَّاكُ بْنُ مُخَلَّدٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ويحيى بن مالك بن أنس وعبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيُّ وَالْقَعْنَبِيُّ فِي رِوَايَةِ

إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْهُ فَرَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ فَأَمَّا (حَدِيثُ) رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَائِمٌ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَأَمَّا حَدِيثُ جُوَيْرَةَ عَنْ مَالِكٍ (فَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرَةُ بْنُ أَسْمَاءٍ عَنْ مَالِكٍ) عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَا هُوَ قَائِمٌ لِلْخُطْبَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ فَنَادَاهُ عُمَرُ أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ عَنْ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ مُسْنَدًا

حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا كَمَا ذَكَرْنَاهُ سَوَاءً وَقَدْ (رُوِّينَا) حَدِيثَ جُوَيْرَةَ (هَذَا) عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ مَالِكٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ سَمَاعَ جُوَيْرِيَّةَ مِنْ نَافِعٍ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ رَوَى أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَحَادِيثَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَيَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ إِمْلَاءً مِنْ كِتَابِهِ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَمَا عُمَرُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ الْحَدِيثَ سَوَاءً مِنْهُمْ مَعْمَرٌ وَأَبُو أُوَيْسٍ وَغَيْرُهُمَا وَيَقُولُونَ إِنَّ سَمَاعَ أَبِي أُوَيْسٍ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ مَعَ مَالِكٍ وَاحِدٌ وَأَنَّ عَرْضَهُمَا كَانَ عَلَى ابْنِ شِهَابٍ وَاحِدًا فَأَمَّا حَدِيثُ مَعْمَرٍ فَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُوَيْسٍ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا

ابْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ الشَّامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ لِلْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَعِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْهُمْ مَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَرَوَاهُ الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْسِلْ وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهُوَ عِنْدَهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عِنْدَ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ وَلَيْسَ عِنْدَهُ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كُلُّهُ حَدِيثًا وَاحِدًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَعِنْدَ الْأَوْزَاعِيِّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَدَخَلَ (عُثْمَانُ) بْنُ عَفَّانَ الْمَسْجِدَ فَعَرَّضَ بِهِ عُمَرُ فَقَالَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَتَأَخَّرُونَ بَعْدَ النِّدَاءِ فَقَالَ عُثْمَانُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا زِدْتُ حِينَ سَمِعْتُ النِّدَاءَ أَنْ تَوَضَّأْتُ ثُمَّ أَقْبَلْتُ فَقَالَ عُمَرُ والوضوء أيضا أو لم تَسْمَعُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الرَّجُلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَالسِّيَرِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَا هُوَ قَائِمٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَادَاهُ عُمَرُ أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ فَقَالَ (إِنِّي) شُغِلْتُ الْيَوْمَ فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ النِّدَاءَ فَلَمْ

أَزِدْ أَنْ تَوَضَّأْتُ فَقَالَ عُمَرُ وَالْوُضُوءُ أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ قَالَ مَعْمَرٌ الرَّجُلُ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ (قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الوارث) عن حسين وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو (تَوْبَةَ) الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَقَالَ عُمَرُ أَتَحْتَبِسُونَ عَنِ الصَّلَاةِ فَقَالَ الرَّجُلُ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ النِّدَاءَ فَتَوَضَّأْتُ فَقَالَ عُمَرُ وَالْوُضُوءُ أَيْضًا أَلَمْ تَسْمَعُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ

وَقَرَأْتُ عَلَى سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْغَضَائِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْوَلِيدِ الشَّنِّيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) قَالَ جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْهُو أَحَدُكُمْ حَتَّى إِذَا كَادَتِ الْجُمُعَةُ تَفُوتُهُ جَاءَ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يُؤْذِيهِمْ فَقَالَ مَا فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنْ كُنْتُ رَاقِدًا ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ فَقُمْتُ وَتَوَضَّأْتُ ثُمَّ أَقْبَلْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ يوم الْجُمُعَةِ وُضُوءٌ هَكَذَا حُدِّثْتُ بِهِ مَرْفُوعًا وَهُوَ عِنْدِي وَهْمٌ لَا أَدْرِي (مِمَّنْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) وَإِنَّمَا الْقِصَّةُ مَحْفُوظَةٌ لِعُمَرَ لَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ جَاءَ وَعُمَرُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَيْنِ كَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ فَلَمْ يُرِدِ الِاسْتِفْهَامَ وَإِنَّمَا هُوَ تَوْبِيخٌ فِي لَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ مَعْرُوفٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ تَقُولُ إِذَا أَنْكَرَتِ الْقَوْلَ أَوِ الْفِعْلَ أَيُّ شَيْءٍ هَذَا وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ أَيْضًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ أَنْتَ قَائِلٌ لَمَكَّةُ خَيْرٌ مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ انْقَلَبْتُ مِنَ السُّوقِ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوَّلُ مَنْ دُعِيَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّمَا كَانَ يُقَالُ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ وَكَانَ يُقَالُ لِعُمَرَ خَلِيفَةُ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تُسُمِّيَ بِهَذَا الِاسْمِ وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الحسين بن جعفر الزيات بمصر قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّاءَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بادي العلاف وحدثنا

إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خالد قال حدثنا يعقوب بن عبد الرحمان عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَأَلَ أَبَا بَكْرِ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ (أَبِي) حَثْمَةَ لِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَكْتُبُ مِنْ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ عُمَرُ يَكْتُبُ مِنْ خَلِيفَةِ أَبِي بَكْرٍ وَمَنْ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ حَدَّثَتْنِي الشِّفَاءُ وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى عَامِلِ الْعِرَاقِ ابْعَثْ إِلَيَّ بِرَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ نَبِيلَيْنِ أَسْأَلْهُمَا عَنِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَامِلُ الْعِرَاقِ بِلَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فَلَمَّا قَدِمَا الْمَدِينَةَ أَنَاخَا رَاحِلَتَيْهِمَا بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ دَخَلَا المسجد

فَإِذَا هُمَا بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَا لَهُ اسْتَأْذِنْ لَنَا يَا عَمْرُو عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عَمْرٌو أَنْتُمَا أَصَبْتُمَا اسْمَهُ نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ وَهُوَ أَمِيرُنَا فَوَثَبَ عَمْرٌو (فَدَخَلَ) فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عُمَرُ وَمَا بَدَا لَكَ يَا ابْنَ الْعَاصِي فِي هَذَا الِاسْمِ رَبِّي يَعْلَمُ لَتَخْرُجَنَّ مِمَّا قُلْتَ فَقَالَ إِنَّ لَبِيدَ بْنَ رَبِيعَةَ وَعَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ قَدِمَا فَأَنَاخَا رَاحِلَتَيْهِمَا بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ دَخَلَا الْمَسْجِدَ فَقَالَا لِي اسْتَأْذِنْ لَنَا يَا عَمْرُو عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَهُمَا وَاللَّهِ أَصَابَا اسْمَكَ أَنْتَ الْأَمِيرُ وَنَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ قَالَ فَجَرَى الْكِتَابُ مِنْ يَوْمِئِذٍ قَالَ يَعْقُوبُ وَكَانَتِ الشِّفَاءُ جَدَّةَ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَفِي الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ (أَيْضًا) شُهُودُ الْخِيَارِ وَالْفُضَلَاءِ السُّوقَ وَمَعْنَاهُ التَّجْرُ فِيهِ وَهَكَذَا كَانَ الْمُهَاجِرُونَ يُعَانُونَ الْمُتَاجِرَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حِيطَانٌ وَلَا غَلَّاتٌ يَعْتَمِرُونَهَا إِلَّا بَعْدَ حِينٍ وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ يَنْظُرُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَيَعْتَمِرُونَهَا وَفِي هَذَا كُلِّهِ دَلِيلٌ عَلَى طَلَبِ الرِّزْقِ وَالتَّعَرُّضِ لَهُ وَالتَّحَرُّفِ وَفِيهِ أَنَّ السُّوقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَمْ يَكُنِ النَّاسُ يَمْنَعُونَهُ وَمَنْ تَجَرَ فِيهِ إِلَى وَقْتِ النِّدَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَمَرَ بِتَرْكِ الْبَيْعِ وَبُطْلَانِ الْمَتَاجِرِ بَعْدَ سَمَاعِ النِّدَاءِ لِلسَّعْيِ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى أَنْ يَمْنَعَ أَحَدٌ الْأَسْوَاقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ قَائِمَةً فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَالَ وَالذَّاهِبُ إِلَى السُّوقِ عُثْمَانُ قِيلَ لَهُ أَيُمْنَعُ النَّاسُ السُّوقَ قَبْلَ الْأَذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ لَا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنْ أَوَامِرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم ما يكون على غير الْوُجُوبُ فَرْضًا وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِي أَوَامِرِ اللَّهِ وَأَوَامِرِ رَسُولِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ من إيضاح ذلك فكرهت ذكره ههنا وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَاجِبٍ أَنَّ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَأْمُرْ عُثْمَانَ بِالِانْصِرَافِ لِلْغُسْلِ وَلَا انْصَرَفَ عُثْمَانُ حِينَ ذَكَّرَهُ عُمَرُ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْغُسْلُ وَاجِبًا فَرْضًا لِلْجُمُعَةِ مَا أَجْزَأَتِ الْجُمُعَةُ إِلَّا بِهِ كَمَا لَا تُجْزِئُ الصَّلَاةُ إِلَّا بِوُضُوءٍ لِلْمُحْدِثِ أَوْ بِالْغُسْلِ لِلْجُنُبِ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا جَهِلَهُ عُمَرُ وَلَا عُثْمَانُ وَفِي هَذَا كُلِّهِ مَا يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَتَفْسِيرُهُ

أَنَّهُ وُجُوبُ سُنَّةٍ وَاسْتِحْبَابٍ وَفَضِيلَةٍ وَأَنَّ قَوْلَهُ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ أَرَادَ بِهِ الْهَيْئَةَ وَالْحَالَ وَالْكَيْفِيَّةَ فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَعَ التَّشْبِيهُ بِغُسْلِ الْجَنَابَةِ لَا مِنْ جِهَةِ الْوُجُوبِ فَافْهَمْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ هُدْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ لِلْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ وَقَدْ ذَكَرْنَا شَرْحَ (لَفْظِ) هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي بَابِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَاجِبٍ وَفِي ذَلِكَ مَا يَكْفِي وَيُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْأُمَّةِ بأسرها جعل مَعْنَى السُّنَّةِ وَمَعْنَى الْكِتَابِ وَهَذَا مَفْهُومٌ عِنْدَ ذَوِي الْأَلْبَابِ إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَاجِبٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ لِلْأُمَّةِ أَمْ هُوَ اسْتِحْبَابٌ وَفَضْلٌ أَوْ كَانَ لِعِلَّةٍ فَارْتَفَعَتْ وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ

سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِأَنَّهَا قَدْ عَمِلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ وَالْمُسْلِمُونَ فَاسْتَحَبُّوهَا وَنَدَبُوا إِلَيْهَا وَهَذَا سَبِيلُ السُّنَنِ الْمَذْكُورَةِ فَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ رَوَاهُ سَالِمٌ وَنَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَهُمْ عَلَى النَّدْبِ كَمَا ذَكَرْنَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى النَّدْبِ حَدِيثِ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَفِي مَعْنَى حَدِيثِ سُمَيٍّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثُ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي وَآثَارٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى فَضْلِهِ وَتَنْدُبُ إِلَيْهِ وَمِثْلُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع وهو على المنبر يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ فَاغْتَسِلُوا وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طِيبٌ فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ فَقَدْ أَمَرَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ

بِالْغُسْلِ وَأَخْذِ الطِّيبِ وَالسِّوَاكِ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَاجِبًا فِعْلُهُ فَرْضًا وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ مَعْرُوفٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةَ مَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ وَبُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عمرو بن سليم عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ وَالسِّوَاكُ وَيَمَسُّ مِنَ الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الْمُرَادِيِّ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ وَمِثْلُهُ أَيْضًا حديث بُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ رَوَاحٌ إِلَى الْجُمُعَةِ وَعَلَى مَنْ رَاحَ إِلَى الْجُمُعَةِ الغسل ذكر أَبُو دَاوُدَ وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا رَوَاهُ مُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْرُورٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ رَاحَ إِلَى الْجُمُعَةِ الْغُسْلُ كَمَا يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ

حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا فَضَالَةُ بْنُ مُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي فَذَكَرَهُ وَحَدِيثُ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ أَيْضًا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ وَهُوَ ابْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ غُسْلُ يَوْمٍ وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ سُنَّةٍ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ دَلِيلِ حَدِيثِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْنَا وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَأَلْتُ عَطَاءً فَقُلْتُ لَهُ الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ قَالَ نَعَمْ وَمَنْ تَرَكَهُ فَلَيْسَ بِآثِمٍ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وُجُوبَ سُنَّةٍ وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ وَأَنَّ الطِّيبَ يُغْنِي عَنْهُ وَأَنَّ الْأَمْرَ بِهِ إِنَّمَا كَانَ لِعِلَّةٍ قَدْ زَالَتْ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْأَمْرِ بِغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَفَسَّرَهُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ التَّمْتَامُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَوْصِلِيُّ بِالْمَوْصِلِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ النَّاسُ يَغْدُونَ فِي أَعْمَالِهِمْ فَإِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ جَاءُوا وَعَلَيْهِمْ ثِيَابٌ رَدِيئَةٌ وَأَلْوَانُهَا مُتَغَيِّرَةٌ قَالَ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ وَلْيَتَّخِذْ ثَوْبَيْنِ سِوَى ثَوْبَيْ مَهْنَتِهِ وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرُوحُ إِلَى الْجُمُعَةِ إِلَّا ادَّهَنَ وَتَطَيَّبَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَرَامًا وَلَمْ يَذْكُرِ الْغُسْلَ وَهَذِهِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا رَوَتْ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا عَنْهَا وَرُوِيَ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهَا قَالَتْ يُغْتَسَلُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنَ الْجَنَابَةِ وَالْجُمُعَةِ وَالْحِجَامَةِ وَغَسْلِ الْمَيِّتِ وَهُوَ حَدِيثٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَكَانَتْ تَذْهَبُ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَتَذْكُرُ فِي الْعِلَّةِ مَا ذَكَرَ ابْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ

النَّاسُ مُهَّانَ أَنْفُسِهِمْ فَيَرُوحُونَ إِلَى الْجُمُعَةِ بِهَيْئَتِهِمْ قِيلَ لَهُمْ لَوِ اغْتَسَلْتُمْ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنَّمَا كَانَ النَّاسُ عُمَّالَ أَنْفُسِهِمْ وَكَانُوا يَرُوحُونَ بِهَيْئَتِهِمْ فَقِيلَ لَهُمْ لَوِ اغْتَسَلْتُمْ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا غُسْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ إِنَّمَا كَانَ النَّاسُ يَسْكُنُونَ الْعَالِيَةَ فَيَحْضُرُونَ الْجُمُعَةَ وَبِهِمْ وَسَخٌ فَإِذَا أَصَابَهُمُ الرَّوْحُ سَطَعَتْ أَرْوَاحُهُمْ فَتَأَذَّى بِهِمُ النَّاسُ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَوَلَا يَغْتَسِلُونَ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهَا غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ النَّاسُ يَسْكُنُونَ الْعَالِيَةَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَجَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ كَالَّذِي جَاءَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ (أَبِي) عَمْرٍو وَعَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ جَاءُوا فَقَالُوا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ قَالَ لَا وَلَكِنَّهُ أَطْهَرُ وَخَيْرٌ لِمَنِ اغْتَسَلَ وَمَنْ لَمْ يَغْتَسِلْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ بِوَاجِبٍ وَسَأُخْبِرُكَ كَيْفَ كَانَ (بَدْءُ) الْغُسْلِ كَانَ النَّاسُ مَجْهُودِينَ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَيَعْمَلُونَ عَلَى ظُهُورِهِمْ وَكَانَ مَسْجِدُهُمْ ضَيِّقًا مُتَقَارِبَ السَّقْفِ إِنَّمَا هُوَ عَرِيشٌ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمٍ حَارٍّ

وَعَرَقَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الصُّوفِ حَتَّى ثَارَتْ مِنْهُمْ رِيَاحٌ آذَى بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَلَمَّا وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الرِّيحَ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِذَا كَانَ هَذَا الْيَوْمُ فَاغْتَسِلُوا ثُمَّ جَاءَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ وَلَبِسُوا غَيْرَ الصُّوفِ وَكَفَّوُا الْعَمَلَ وَوَسِعَ مَسْجِدُهُمْ وَذَهَبَ (بَعْضُ) الَّذِي كَانَ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنَ الْعَرَقِ وَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن سنجر قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مُخَلَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال الغسل يوم الجمعة ليس بواجب ومن اغْتَسَلَ فَهُوَ خَيْرٌ وَأَطْهَرُ ثُمَّ قَالَ كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَكَانَ الْمَسْجِدُ ضَيِّقًا مُتَقَارِبَ السَّقْفِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي يَوْمٍ صَائِفٍ شَدِيدِ الْحَرِّ وَمِنْبَرُهُ صَغِيرٌ إِنَّمَا هُوَ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ فَخَطَبَ النَّاسَ فَعَرَقَ النَّاسُ فِي الصُّوفِ فَصَارَ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى بَلَغَتْ أَرْوَاحُهُمْ رَسُولَ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِذَا كَانَ هَذَا الْيَوْمُ فَاغْتَسِلُوا وَلْيَمَسَّ أَحَدُكُمْ أَطْيَبَ مَا يَجِدُ مِنْ طِيبِهِ أَوْ دُهْنِهِ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَوَى وُجُوبَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي سَعِيدٍ يَقُولُ ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْغُسْلُ وَالسِّوَاكُ وَيَمَسُّ طِيبًا إِنْ وَجَدَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطِّيبَ وَالسِّوَاكَ لَيْسَا بِوَاجِبَيْنِ فَكَذَلِكَ الْغُسْلُ وَرُوِّينَا عَنْهُ مَرْفُوعًا أَيْضًا مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فتوضأ فيها وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ وَهَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

وَقَدْ رَوَى يَزِيدُ بْنُ أَبَانَ الرَّقَاشِيُّ عَنْ أَنَسٍ (عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مِثْلَهُ وَرَوَاهُ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَإِنْ كَانَ الْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَمُرَةَ فِيمَا يَقُولُونَ إِلَّا حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ (أَحْسَنُهَا) إِسْنَادًا وَقَدْ نُقِلَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ سَمُرَةَ غَيْرَ حَدِيثِ الْعَقِيقَةِ) وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْبُخَارِيُّ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ بَيَانٌ وَاضِحٌ عَلَى سُقُوطِ وُجُوبِهِ وَأَنَّهُ فَضِيلَةٌ وَسُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ إِنَّهُ سُنَّةٌ وَيَحْتَجُّ بِحَدِيثِ سَمُرَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَفْسِيرِ وُجُوبِهِ وَبِقَوْلِ عَائِشَةَ وَمَا أَشْبَهَهُ وَمَنْ أَثْبَتِ حَدِيثٍ (فِي) سُقُوطِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ حَدِيثٌ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي صِحَّةِ إِسْنَادِهِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ وَاسْتَمَعَ وأنصت

غفر له ما بين الجمعةإلى الجمعة وزيادة ثلاث أَيَّامٍ وَمَنْ مَسَّ الْحَصَا فَقَدْ لَغَا وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ مَا كَانُوا يَرَوْنَ غُسْلًا وَاجِبًا إِلَّا غُسْلَ الْجَنَابَةِ وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ غُسْلَ الْجُمْعَةِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَنْ يَسْتَنَّ وَأَنْ يُصِيبَ مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَهُوَ أَحَبُّ الْقَوْلَيْنِ إِلَى سُفْيَانَ يَقُولُ هُوَ وَاجِبٌ يَعْنِي وُجُوبَ سُنَّةٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ وَبْرَةَ عَنْ همام بن الحرث عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ وَهَذَا أَوْلَى مَا قِيلَ (بِهِ) فِي هَذَا الْبَابِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَهُوَ الْمُسْتَعَان

الحديث الثالث والثلاثون

ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ هُمَا عَبْدُ اللَّهِ وَالْحَسَنُ ابْنَا مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ كَانَا جَلِيلَيْنِ عَالِمَيْنِ ثِقَتَيْنِ إِلَّا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ هَذَا تَنْتَحِلُهُ الشِّيعَةُ بِأَسْرِهَا وَالْحَسَنُ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْإِرْجَاءِ وَعَبْدُ اللَّهِ يُكَنَّى أَبَا هَاشِمٍ وَكَانَ عَالِمًا بِالْحَدَثَانِ قَالَ الْعَدَوِيُّ فِي كِتَابِ النَّسَبِ أَبُو هَاشِمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ كَانَ عَالِمًا أَدِيبًا وَهُوَ الَّذِي أَخْبَرَ عَنْ دَوْلَةِ الْمُسَوَّدَةِ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْحَدِيثَ الزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ يُكَنَّى أَبَا هَاشِمٍ وَكَانَ صَاحِبُ الشِّيعَةِ فَأَوْصَى إِلَى مُحَمَّدِ (بْنِ عَلِيِّ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عباس

وَدَفَعَ إِلَيْهِ كُتُبَهُ وَمَاتَ عِنْدَهُ وَقَدِ انْقَرَضَ وَلَدُهُ إِلَّا مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ قَالَ كَانَ أَبُو هَاشِمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَوْصَى إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَدَفَعَ إِلَيْهِ كُتُبَهُ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَصِيَّ أَبِي هَاشِمٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو هَاشِمٍ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ إِنَّمَا هُوَ فِي وَلَدِكَ وَكَانَتِ الشِّيعَةُ الَّذِينَ يَأْتُونَ أَبَا هَاشِمٍ وَيَخْتَلِفُونَ إِلَيْهِ قَدْ صَارُوا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ وَكَانَ أَبُو هَاشِمٍ عَالِمًا قَدْ سَمِعَ وَقَرَأَ الْكُتُبَ قَالَ الْوَاقِدِيُّ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَبُو هَاشِمٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ سُقِيَ سُمًّا فِي لَبَنٍ فَمَاتَ مِنْهُ وَقَالَ الْعَدَوِيُّ وَأَمَّا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَكَانَ مِنْ أَظْرَفِ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ وَضَعَ الرَّسَائِلَ وَكَانَ رَأْسَ الْمُرْجِئَةِ الْأُولَى وَأَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْإِرْجَاءِ وَكَانَ دَاعِيَةَ

أَبِيهِ إِذْ كَانَ أَبُوهُ فِي الشِّعْبِ وَلَمَّا خَرَجَ الْحَسَنُ دَاعِيَةً لِأَبِيهِ أَخَذَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ بِنَصِيبِينَ (فَبَعَثَ بِهِ إِلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ عَامِلَ مُصْعَبٍ عَلَى نَصِيبِينَ) فَبَعَثَ بِهِ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَحَبَسَهُ فِي السِّجْنِ ثُمَّ أَفْلَتَ مِنْهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ فَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعْدٍ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ وَاسِطٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ كَيْفَ أَفْلَتَّ مِنْ سِجْنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَفْلَتُّ لَيْلًا فَأَخَذْتُ عَلَى أَطْرَافِ الْجِبَالِ حَتَّى أَتَيْتُ أَبِي قَالَ الْعَدَوِيُّ وَكَانَ السِّجْنُ الَّذِي حَبَسَهُ فِيهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُعْرَفُ بِسِجْنِ عَارِمٍ وَهُوَ الَّذِي عَنَى كُثَيِّرُ عَزَّةَ فِي قَوْلِهِ ... بَلِ الْعَائِذُ الْمَظْلُومُ فِي سِجْنِ عَارِمٍ

قَالَ وَكَانَ فَقِيهًا قَدْ رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ فَأَكْثَرَا قَالَ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِنُونٍ عَبْدُ اللَّهِ أَبُو هَاشِمٍ وَالْحَسَنُ وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُمَا وَجَعْفَرُ بن محمد بن علي بن أبي طالب قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى أَبُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ الحنفية وإبراهيم بن محمد وهو الذي يقلب شَعْرَةً وَكَانَ شَدِيدَ الْعَارِضَةِ وَقَالَ مُصْعَبٌ الْحَسَنُ بن محمد بن علي بن أبي طالب أَمُّهُ جَمَالُ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ قَالَ وَالْحَسَنُ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْإِرْجَاءِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُجْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ قَالَ مَاتَ أَبُو هَاشِمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ فِي عَسْكَرِ الْوَلِيدِ بِدِمَشْقَ وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ مَاتَ بِالْحِجْرِ مِنْ بِلَادِ ثَمُودَ قَالَ مُصْعَبٌ وَتُوُفِّيَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُقَالُ سَنَةُ مِائَةٍ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا

أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَنْزِلُ عَلَيْهِ إِذَا قَدِمَ مَنْ كَانَ يَأْتِيهِ قَالَ عَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالزُّبَيْرُ بْنُ مُوسَى وَغَيْرُهُمْ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَنْ أَبِيهِمَا) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لَمْ يَخْتَلِفْ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ فِيمَا عَلِمْتُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي مَتْنِهِ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمِصْرِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَأَبُو زُبَيْدٍ عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَالِكٍ فَذَكَرَ فِيهِ مُخَاطَبَةَ عَلِيٍّ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمُتْعَةِ قَوْلَهُ لَهُ دَعْ عَنْكَ هَذَا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ وَفِي رِوَايَةِ عَبْثَرَ إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِهٌ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَسُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَوَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ فَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ مُخَاطَبَةَ عَلِيٍّ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ سَاقَهُ كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَهَكَذَا قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نُهِيَ عَنْ متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَلَمْ يَسْمَعْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مِنَ ابْنِ شِهَابٍ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَسُفْيَانِ بْنِ حُسَيْنٍ كُلُّهُمِ اتَّفَقُوا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَجَعَلُوا النَّهْيَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَخَالَفَهُمُ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِيمَا ذَكَرَ الْحُمَيْدِيُّ عَنْهُ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ الْحُمَيْدِيِّ لَيْسَ بِمُخَالَفَةٍ لَهُمْ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَقُولُ يَحْتَمِلُ حَدِيثُ مَالِكٍ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ كَأَنَّهُ أَرَادَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ فَيَكُونُ الشَّيْءُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ يَوْمَ خَيْبَرَ أَكْلَ لُحُومِ الْحُمُرِ خَاصَّةً وَيَكُونُ النَّهْيُ عَنِ الْمُتْعَةِ خَارِجًا عَنْ ذَلِكَ مَوْقُوفًا عَلَى وَقْتِهِ بِدَلِيلِهِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ فيه بعد

وقد روى ابن بكير هذا عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ فِيهِ نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَسَكَتَ عَنْ قِصَّةِ الْمُتْعَةِ لِمَا فِيهَا مِنَ الِاخْتِلَافِ فَأَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِحٍ الْمُفَسِّرُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْقَاضِي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ عَلِيًّا مَرَّ بِابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ يُفْتِي فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَا فَقَالَ لَهُ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نهى عَنْهَا وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَإِنَّمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْحَرَّانِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ أخبرني مالك

بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَالْحَسَنَ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَخْبَرَاهُ أَنَّ أَبَاهُمَا أَخْبَرَهُمَا أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا رِوَايَةُ هُشَيْمٍ وَأَظُنُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ لَهُ فِي حِينِ خُرُوجِهِ إِلَى الْعِرَاقِ اكْتُبْ لِي فِي الْأَقْضِيَةِ أَحَادِيثَ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ مَالِكٌ فَفَعَلْتُ وَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ الْجُعْفِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ قَالَ حَمَّادٌ وَسَمِعْتُهُ

مِنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ (بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى السِّجْزِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ (ح) وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا) عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الرحمان بْنِ كَامِلٍ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ حَدَّثَنَا عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ تَكَلَّمَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِهٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ أَمَّا رِوَايَةُ مَعْمَرٍ فَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ أَنَّ الْحَسَنَ وَعَبْدَ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِيهِمَا مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَبَلَغَهُ أَنَّهُ يُرَخِّصُ فِي الْمُتْعَةِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِهٌ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأهلية

وَأَمَّا رِوَايَةُ يُونُسَ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ يَعِظُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فِي فُتْيَاهُ فِي الْمُتْعَةِ وَيَقُولُ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّكَ رَجُلٌ تَائِهٌ إِنَّمَا كَانَتْ رُخْصَتُهُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نَهَى عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ خَيْبَرَ حِينَ نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَقَدْ بَانَ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَمَعْمَرٍ وَيُونُسَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا كَانَ يَوْمَ خَيْبَرَ فَإِنَّ ذِكْرَ النَّهْيِ عَنِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ غَلَطٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ غَلَطِ ابْنِ شِهَابٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَوْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ ثُمَّ أَرْخَصَ فِيهَا يَوْمَ الْفَتْحِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ حَرَّمَهَا أَيْضًا وَفِي حَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

وَأَمَّا إِسْقَاطُ يُونُسَ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِعِ عَامِ خَيْبَرَ عَامَ تَبُوكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنِ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ قَالَ إِسْحَاقُ قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ فَهَلَا عَنِ الْحَسَنِ ذَكَرْتَ الْحَدِيثَ فَقَالَ لَوْ أَنَّ الْحَسَنَ حَدَّثَنِي لَمْ أَشُكَّ وَذِكْرُ الْحَسَنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صَحِيحٌ ذَكَرَهُ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَغَيْرُهُمْ وَلَيْسَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ مِمَّنْ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ مَعَ هَؤُلَاءِ وَلَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَعْمَرٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لَمْ يَذْكُرِ الْحَسَنَ وَمَنْ زَادَ ذِكْرَ الْحَسَنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَزِيَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَحَسَنٍ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ عَنْ أَبِيهِمَا أَنَّهُ حَدَّثَهُمَا أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يُرَخِّصُ فِي الْمُتْعَةِ بِالنِّسَاءِ قَالَ دَعْ هَذَا عَنْكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْهَا وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ وَالْقَوَادِيرِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَسَنٍ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ

قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَكَانَ الْحَسَنُ أَرْضَاهُمَا عَنْ أَبِيهِمَا أَنَّ عَلِيًّا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي أَنَّهُ نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ يَعْنِي نِكَاحَ الْمُتْعَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعِنْدَ الزُّهْرِيِّ (فِي هَذَا الْبَابِ) حَدِيثٌ آخَرُ رَوَاهُ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ الْفَتْحِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ

الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُتْعَةِ عَامَ الْفَتْحِ ثُمَّ نَهَى عَنْهَا وَقَالَ هِيَ حَرَامٌ مِنْ حَرَامِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ عَامَ الْفَتْحِ وَلَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ الْفَتْحِ فَقُلْتُ مِمَّنْ سَمِعْتَهُ فَقَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَزَعَمَ (مَعْمَرٌ) أَنَّهُ الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ وَحَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ هَذَا عَنْ أَيُّوبَ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَمُسَدَّدٌ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فَذَكَرَهُ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ

وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ التَّمَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَتَذَاكَرْنَا مُتْعَةَ النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ رَبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَذَهَبَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى أَصَحِّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا عَبْدُ الرَّزَّاقِ فَذَكَرَ فِي كِتَابِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ هَكَذَا قَالَ لَمْ يَقُلْ وَقْتَ كَذَا وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ رَبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ لَمْ يَزِدْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ هَكَذَا مُخْتَصَرًا رَوَتْهُ طَائِفَةٌ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهَا عَنْ مَالِكٍ وَلَيْسَ يَصِحُّ فِيهِ لِمَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ غَيْرَ (حَدِيثِ) هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدِ الْعَزِيزِ (بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ) عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ بِأَتَمِّ أَلْفَاظٍ وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في حجة الوداع وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ قَالَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجاجا وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ

دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ قَالَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِعُسْفَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ فَقَامَ إِلَيْهِ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْشَمَ الْمُدْلِجِيُّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنَا تَعْلِيمَ قَوْمٍ كَأَنَّمَا وُلِدُوا الْيَوْمَ أَرَأَيْتَ عُمْرَتَنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ فَقَالَ بَلْ لِلْأَبَدِ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَدِمَ (مِنْكُمْ) مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَدْ حَلَّ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ قَالَ فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى حَلَلْنَا ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعُوا مِنْ هَذِهِ النِّسْوَانِ وَفِي حَدِيثِ وَرْقَاءَ الِاسْتِمْتَاعُ عِنْدَنَا التَّزْوِيجُ وَفِي حَدِيثِ عَبْدَةَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْعُزْبَةَ قَدْ شُقَّتْ عَلَيْنَا قَالَ فَاسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ قال فأتيناهن فأبين أن ينحكنا! إِلَّا أَنْ نَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُنَّ أَجَلًا (فَذَكَرُوا ذَلِكَ) قَالَ فَخَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي وَفِي حَدِيثِ وَرْقَاءَ وَهُوَ ابْنُ عَمٍّ لِي وَهُوَ أَسَنُّ مِنِّي وَأَنَا أَشِبُّ مِنْهُ وَعَلَيَّ بُرْدٌ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ وَبَرْدُهُ أَمْثَلُ مِنْ بُرْدِي قَالَ فَأَتَيْنَا امْرَأَةً مِنْ بَنِي عَامِرٍ فَعَرَضَنَا عَلَيْهَا

النِّكَاحَ فَنَظَرَتْ إِلَيَّ وَإِلَيْهِ فَقَالَتْ بُرْدٌ كَبُرْدٍ وَالشَّابُّ أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنْهُ قَالَ فَتَزَوَّجْتُهَا فَكَانَ الْأَجَلُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا عَشْرًا وَفِيِ حَدِيثِ مَعْمَرٍ فَاخْتَارَتْنِي فَتَزَوَّجْتُهَا ثَلَاثًا بِبُرْدِي ثُمَّ اتَّفَقُوا فَبِتُّ مَعَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ ثُمَّ غَدَوْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَوَرْقَاءُ قَائِمٌ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ وَهُوَ يَقُولُ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّا كُنَّا أَذِنَّا لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ فَمَنْ كَانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إِلَى أَجَلٍ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا وَلْيُعْطِهَا مَا سَمَّى لَهَا وَلِيُفَارِقْهَا وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَهَا عَلَيْكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَفِي حَدِيثِ وَرْقَاءَ فَإِنَّهُنَّ حَرَامٌ مِنْ حَرَامِ اللَّهِ وَقَدْ حَرَّمْتُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ إِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَمْرٍو عَنِ الْحَسَنِ قَالَ مَا حَلَّتِ الْمُتْعَةُ قَطُّ إِلَّا ثَلَاثًا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ مَا حَلَّتْ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ أَجِدْ هَذَا فِي حَدِيثٍ مُسْنَدٍ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعِنْدَهُ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ فقال

لِي كَيْفَ كَانَ أَمْرُ أَبِيكَ فِي الْمُتْعَةِ قَالَ (قُلْتُ) سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ اعْتَمَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةً فَأَذِنَ لَنَا فِي الْمُتْعَةِ فَخَرَجْتُ أَنَا وَابْنُ عَمِّي إِلَى مَكَّةَ فَرَأَيْنَا امْرَأَةً كَأَنَّهَا بَكْرَةٌ عَيْطَاءُ فَعَرَضْنَا عَلَيْهَا أَنْفُسَنَا بِبُرْدَيْنَا وَكُنْتُ أَشَبَّ مِنَ ابْنِ عَمِّي وَكَانَ بُرْدُ ابْنِ عَمِّي خَيْرًا مِنْ بُرْدِي فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيَّ فَقَالَ ابْنُ عَمِّي إِنَّ بُرْدِي خَيْرٌ مِنْ بُرْدِهِ فَقَالَتْ قَدْ رَضِينَاهُ عَلَى مَا كَانَ مِنْ بُرْدِهِ فَتَمَتَّعْنَا بِهِنَّ ثَلَاثَ لَيَالٍ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَجَرَنَا عَنْهُنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ (قَالَ) فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُتْعَةِ بِحَدِيثٍ هُوَ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُتْعَةِ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ إِلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ كَأَنَّهَا بَكْرَةٌ عَيْطَاءُ فَعَرَضْنَا عَلَيْهَا أَنْفُسَنَا فَقَالَتْ مَا تُعْطِي فَقُلْتُ رِدَائِي وَقَالَ صَاحِبِي رِدَائِي وَكُنْتُ أَشَبَّ مِنْهُ فَإِذَا نَظَرَتْ إِلَى رِدَاءِ صَاحِبِي أَعْجَبَهَا وَإِذَا نَظَرَتْ إِلَيَّ أَعْجَبْتُهَا فَقَالَتْ أَنْتَ وَرِدَاؤُكَ يَكْفِينِي فَمَكَثْتُ مَعَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ إِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى مَنْ كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي يتمتع

بِهِنَّ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ الْوَقْتَ لَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَلَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ فَذَكَرَهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي الْمُتْعَةِ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ بَعْدَ ثَالِثَةٍ فَإِذَا هُوَ يُحَرِّمُهَا أَشَدَّ التَّحْرِيمِ وَيَقُولُ فِيهَا أَشَدَّ الْقَوْلِ وَعِنْدَ عَقِيلٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادٌ لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لهيعة حدثناه خلف بن القاسم قال حدثا بكر بن عبد الرحمان الْمِصْرِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَقِيلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ثُمَّ الْعَجْلَانِيِّ قَالَ إِنَّمَا رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُتْعَةِ لِعُزْبَةٍ كَانَتْ بِالنَّاسِ شَدِيدَةٍ ثُمَّ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَّا سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام أَوْطَاسٍ فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ نَهَى عَنْهَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ أَبُو الْعُمَيْسِ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا (مُحَمَّدُ! بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا رَجُلٍ تَمَتَّعَ فَعِشْرَةُ مَا بَيْنَهُمَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَإِنْ أَحَبَّا أَنْ يَزْدَادَا ازْدَادَا وَإِنْ أَحَبَّا أَنْ يَتَتَارَكَا تَتَارَكَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَا خَرَجَ عَلَيْنَا يَعْنِي رَسُولَ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَذِنَ لَكُمْ فَاسْتَمْتِعُوا يَعْنِي مُتْعَةَ النِّسَاءِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا وَنَحْنُ شَبَابٌ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَسْتَخْصِي قَالَ لَا ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ فَنَهَانَا أَنْ نَخْتَصِيَ وَأَمَرَنَا أَنْ نَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ بِالشَّيْءِ عَمَّا نَهَانَا عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الانسة فَهَذَا مَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْمُسْنَدِ وَأَمَّا الصَّحَابَةُ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ فَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى إِجَازَتِهَا فَتَحْلِيلُهَا لَا خِلَافَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَسَعِيدُ بْنُ جبير وطاووس وَرُوِيَ تَحْلِيلُهَا أَيْضًا وَإِجَازَتُهَا

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ شِئْتَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ لَقَدْ كَانَ أَحَدُنَا يَسْتَمْتِعُ بِمِثْلِ الْقَدَحِ سُوَيْقًا وَأَخْبَرَنِي ابْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ كُنَّا نَسْتَمْتِعُ بِالْقَبْضَةِ مِنَ التَّمْرِ وَالدَّقِيقِ الْأَيَّامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ حَتَّى نَهَى عُمَرُ النَّاسَ عَنْهَا فِي شَأْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ تَمَتَّعْنَا إِلَى النِّصْفِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ يَعْنِي مُتْعَةَ النِّسَاءِ وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ دخلت على بن الْخَطَّابِ وَقَالَتْ إِنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ مُوَلَّدَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَزِعًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ فَقَالَ هَذِهِ الْمُتْعَةُ وَلَوْ كُنْتَ تَقَدَّمْتَ فِيهَا لَرُجِمْتَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ

إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ عُمَرُ مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَنْهِي عَنْهُمَا وَأُعَاقِبُ عَلَيْهِمَا مُتْعَةُ النِّسَاءِ وَمُتْعَةُ الْحَجِّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَرَاهَا حَلَالًا حَتَّى الْآنَ وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَرْفِ أُبَيٍّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَرَأَهَا أَيْضًا هَكَذَا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ وَابْنُهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَابْنُهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ هكذا كانوا يقرأون وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ الْمُتْعَةَ صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى قَالَ أَخْبَرَنِي يَعْلَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ بِالطَّائِفِ فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَدَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ لَهُ بَعْضُنَا ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ فَلَمْ تَقِرُّ بِي نَفْسِي حَتَّى قَدِمَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فَجِئْنَاهُ فِي مَنْزِلِهِ

فَسَأَلَهُ الْقَوْمُ عَنْ أَشْيَاءَ ثُمَّ ذَكَرُوا لَهُ الْمُتْعَةَ فَقَالَ نَعَمِ اسْتَمْتَعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ اسْتَمْتَعَ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ بِامْرَأَةٍ سَمَّاهَا جَابِرٌ وَنَسِيتُ اسْمَهَا فَحَمَلَتِ الْمَرْأَةُ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَدَعَاهَا فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ لَهُ نَعَمْ قَالَ مَنْ أُشْهِدَ قَالَ عَطَاءٌ فَلَا أَدْرِي قَالَتْ أُمِّي وَابْنُهَا أَوْ أَخَاهَا وَابْنُهَا قَالَ فَهَلَّا غَيْرُهُمَا فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ وَسَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ مَا كَانَتِ الْمُتْعَةُ إِلَّا رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ رَحِمَ بِهَا أَمَّةَ مُحَمَّدٍ وَلَوْلَا نَهْيُهُ عَنْهَا مَا احتاج إلى الزنى إِلَّا شَقِيٌّ قَالَ عَطَاءٌ فَهِيَ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى كَذَا وَكَذَا مِنَ الْأَجَلِ عَلَى كَذَا وَكَذَا لَيْسَ بِتَشَاوُرٍ فَإِنْ بَدَا لَهُمَا أَنْ يَتَرَاضَيَا بَعْدَ الْأَجَلِ وَأَنْ يَتَفَرَّقَا فَنِعْمَ وَلَيْسَ بِنِكَاحٍ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَسَأَلْتُ عَطَاءً أَيَسْتَمْتِعُ الرَّجُلُ بِأَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ جَمِيعًا وَهَلِ الِاسْتِمْتَاعُ إِحْصَانٌ وَهَلْ يَحِلُّ اسْتِمْتَاعُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا الَّذِي مَضَى قَالَ مَا سَمِعْتُ فِيهِ بِشَيْءٍ وَمَا رَاجَعْتُ فِيهِ أَصْحَابِي وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ قَالَ كَانَتْ بِمَكَّةَ امْرَأَةٌ عِرَاقِيَّةٌ تَتَنَسَّكُ جَمِيلَةٌ لَهَا ابْنٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَيَّةَ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يُكْثِرُ الدُّخُولَ عَلَيْهَا قَالَ

قُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا أَكْثَرَ مَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ قَالَ إِنَّا قَدْ أَنْكَحْنَاهَا ذَلِكَ النِّكَاحَ لِلْمُتْعَةِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأُخْبِرْتُ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ هِيَ أَحَلُّ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ يَعْنِي الْمُتْعَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ آثَارٌ مَكِّيَّةٌ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافُهَا وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يُحَذِّرُونَ النَّاسَ مِنْ مَذْهَبِ الْمَكِّيِّينَ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ فِي الْمُتْعَةِ وَالصَّرْفِ وَيُحَذِّرُونَ النَّاسَ مِنْ مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ فِي النَّبِيذِ الشَّدِيدِ وَيُحَذِّرُونَ النَّاسَ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي الْغِنَاءِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مَا فِيهِ شِفَاءٌ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إِلَّا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى الشَّرِيدِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْمُتْعَةِ أَسِفَاحٌ هِيَ أَمْ نِكَاحٌ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا سِفَاحَ

وَلَا نِكَاحَ قُلْتُ فَمَا هِيَ قَالَ هِيَ الْمُتْعَةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ قُلْتُ هَلْ لَهَا من عدة قال نعم عدتها حيضة قُلْتُ يَتَوَارَثَانِ قَالَ لَا وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُتْعَةَ نِكَاحٌ لَا إِشْهَادَ فِيهِ وَلَا وَلِيَّ وَأَنَّهُ نِكَاحٌ إِلَى أَجَلٍ تَقَعُ فِيهِ الْفُرْقَةُ بِلَا طَلَاقٍ وَلَا مِيرَاثٍ بَيْنَهُمَا وَهَذَا لَيْسَ حُكْمُ الزَّوْجَاتِ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قاسم بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ أَخْبَرَنَا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ إِذَا سُئِلَتْ عَنِ الْمُتْعَةِ قَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ قَالَتْ فَمَنِ ابْتَغَى غَيْرَ مَا زَوَّجَهُ اللَّهُ أَوْ مَا مَلَكَّهُ فَقَدْ عَدَا وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن القاسم بن! إِنِّي لَأَرَى تَحْرِيمُهَا فِي الْقُرْآنِ قَالَ قُلْتُ فَأَيْنَ قَالَ فَقَرَأَ عَلَيَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ ما

مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ الْآيَةَ قَالَ مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِيُّ ازْدَادَتِ الْعُلَمَاءُ لَهَا مَقْتًا حَتَّى قَالَ الشَّاعِرُ ... (يَا صَاحِ هَلْ لَكَ فِي فُتْيَا ابْنِ عَبَّاسٍ) ... قَالَ أَبُو عُمَرَ هُمَا بَيْتَانِ ... قَالَ الْمُحَدِّثُ لَمَّا طَالَ مَجْلِسُهُ ... يَا صَاحِ هَلْ لَكَ فِي فُتْيَا ابْنِ عَبَّاسٍ ... فِي بَضَّةٍ رَخْصَةِ الْأَطْرَافِ آنِسَةٍ ... تَكُونُ مَثْوَاكَ حَتَّى مَرْجِعِ النَّاسِ ... وَقَدْ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عبد الرحمان بْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ وَمَالِكُ (بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَامَ بِمَكَّةَ فَقَالَ) إِنَّ نَاسًا أَعْمَى اللَّهُ قُلُوبَهُمْ كَمَا أَعْمَى أَبْصَارَهُمْ يُفْتُونَ بِالْمُتْعَةِ يُعَرِّضُ بِرَجُلٍ فَنَادَاهُ فَقَالَ (إِنَّكَ) جِلْفٌ جَافٌّ لَعَمْرِي لَقَدْ كَانَتِ الْمُتْعَةُ تُعْمَلُ فِي عَهْدِ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ابْنُ

الزُّبَيْرِ فَجَرِّبْ بِنَفْسِكَ وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتَهَا لَأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مَا سَمِعْنَاهُ إِلَّا مِنَ النَّيْسَابُورِيِّ فَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَلِلْعُلَمَاءِ فِي تَأْوِيلِهَا قَوْلَانِ خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ حَجَّاجٍ (عَنِ الْحَكَمِ) عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ الْمُتْعَةُ مَنْسُوخَةٌ نَسَخَهَا الطَّلَاقُ وَالصَّدَاقُ وَالْعِدَّةُ والميراث وروى أبو إسحاق عن الحرث عَنْ عَلِيٍّ قَالَ نَسَخَ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلَّ صَوْمٍ وَنَسَخَتِ الزَّكَاةُ كُلَّ صَدَقَةٍ وَنَسَخَ الطَّلَاقُ وَالْعِدَّةُ وَالْمِيرَاثُ الْمُتْعَةَ وَنَسَخَتِ الضَّحِيَّةُ كُلَّ ذَبْحٍ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ نَسَخَهَا الْمِيرَاثُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَالْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُمَا كَانَا يَتَأَوَّلَانِ قَوْلَهُ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ

أَنَّهُ إِذَا تَمَتَّعَ بِالْعُقْدَةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَهَا (نِصْفُ الصَّدَاقِ وَإِنْ وَطِئَ فَلَهَا) الصَّدَاقُ كُلُّهُ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا تَرَاضَيَا بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ فَتَرْكُ الْمَرْأَةِ لِلزَّوْجِ الصَّدَاقَ وَهُوَ قَوْلُهُ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا فَتَعْفُو الْمَرْأَةُ عَنْ صَدَاقِهَا أَوْ يَعْفُو الزَّوْجُ عَنِ النِّصْفِ إِنْ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا فَيَتِمُّ لَهَا الصَّدَاقُ وَذَهَبَ إِلَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ بِالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَهُوَ الصَّدَاقُ كَامِلًا وَإِنِ اسْتَمْتَعْتُمْ بِالنِّكَاحِ وَلَمْ تَطَئُوا فَنِصْفُ الصَّدَاقِ فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمَّيْتُمْ ذَلِكَ فَرِيضَةً (يَقُولُ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) مِنَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ مِثْلَ قَوْلِهِ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ فَهَذَانِ الْقَوْلَانِ عَلَيْهِمَا أَهْلُ الْعِلْمِ إِلَى الْيَوْمِ فِي جَمِيعِ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ مُخَالِفِينَ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ

عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ يَقُولُ إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ ثُمَّ نَكَحَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَدْ وَجَبَ صَدَاقُهَا كُلُّهُ وَالِاسْتِمْتَاعُ هُوَ النِّكَاحُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً وَقَوْلُهُ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ قَالَ الْمُتَرَاضِي أَنْ يُوَفِّيَهَا صَدَاقَهَا ثُمَّ يُخَيِّرَهَا وَرَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَعُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ (عَنْ عَطَاءٍ) الْخُرَسَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ منهن قال نسختها يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ

وَرَوَى الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ هَلْ (تَرَى) مَا صَنَعْتَ وَبِمَا أَفْتَيْتَ سَارَتْ بِفُتْيَاكَ الرُّكْبَانُ وَقَالَتْ فِيهِ الشُّعَرَاءُ فَقَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ لَا وَاللَّهِ مَا بِهَذَا أَفْتَيْتُ وَلَا هَذَا أَرَدْتُ وَلَا أَحْلَلْتُ مِنْهَا إِلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ مِنَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعْلُولَةٌ لَا تَجِبُ بِهَا حُجَّةٌ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَلَكِنَّ عَلَيْهَا الْعُلَمَاءُ وَالْآثَارُ الَّتِي رَوَاهَا الْمَكِّيُّونَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ صِحَاحُ الْأَسَانِيدِ (عَنْهُ) وَعَلَيْهَا أَصْحَابُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمَّا سَائِرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ وَفُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَى تَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ مِنْهُمْ مَالِكٌ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالشَّافِعِيُّ فِيمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالنَّظَرِ بِالِاتِّفَاقِ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي أَهْلِ الشَّامِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي أَهْلِ مِصْرَ وَسَائِرُ أَصْحَابِ الْآثَارِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَصْحَابُ الْفَضْلِ بْنِ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ

إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ قَالَ النِّكَاحُ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لَا أُوتِيَ بِرَجُلٍ تَمَتَّعَ وَهُوَ مُحْصَنٌ إِلَّا رَجَمْتُهُ وَلَا أُوتِيَ بِرَجُلٍ تَمَتَّعَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَنٍ إِلَّا جَلَدْتُهُ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمُتْعَةِ فَقَالَ هُوَ السِّفَاحُ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ قَالَ قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يقول هذا قالوا بَلَى وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَقُولَهُ أَمَا وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَإِنْ كَانَ عُمَرُ لَيُنَكِّلُ فِي مِثْلِ هَذَا وَمَا أَظُنُّهُ إِلَّا السِّفَاحُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى الْمُتْعَةِ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَوْ نَحْوَهَا إِلَى أَجَلٍ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ أَتَزَوَّجُهَا شَهْرًا أَوْ يَقُولُ تُمَتِّعِينِي بِنَفْسِكِ بِهَذَا الدِّينَارِ شَهْرًا فَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ كُلُّهُمْ يَقُولُ هَذَا نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَهَذِهِ الْمُتْعَةُ الْمَحْظُورَةُ الْمُحَرَّمَةُ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَالَ زُفَرُ إِذَا تَزَوَّجَهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَوْ شَهْرًا فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَقَالُوا كُلُّهُمْ مَا خَلَا الْأَوْزَاعِيَّ إِنَّهُ إِذَا نَكَحَ الْمَرْأَةَ نِكَاحًا صَحِيحًا بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَكِنَّهُ نَوَى أَنْ لَا يَحْبِسَهَا إِلَّا شَهْرًا أَوْ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا تَضُرُّهُ نِيَّتُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ نِكَاحِهِ

قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ إِذَا نَكَحَ أَنْ يَنْوِيَ حَبْسَ امْرَأَتِهِ وَحَبْسُهُ إِنْ وَافَقَتْهُ وَإِلَّا طَلَّقَهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَوْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَكِنَّهُ يَنْوِي أَنْ لَا يَحْبِسَهَا إِلَّا شَهْرًا أَوْ نَحْوَهُ وَيُطْلِقُهَا فَهُوَ مُتْعَةٌ وَلَا خَيْرَ فِيهِ وَأَمَّا (لَحْمُ) الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ فَلَا خِلَافَ بَيْنِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ فِي تَحْرِيمِهَا وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ السَّلَفِ إِلَّا ابْنَ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ فَإِنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بِأَكْلِهَا بَأْسًا وَيَتَأَوَّلَانِ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لَا أَجِدُ فيما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ الْآيَةَ) عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالصَّحِيحُ فِيهِ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (يوم خَيْبَرَ) عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَعَنِ السَّبَايَا الْحَبَالَى أَنْ يُوطَأْنَ حَتَّى يَضَعْنَ مَا فِي بطونهن وعن كل ذي ناب من السباع وَعَنْ بَيْعِ الْخُمْسِ حَتَّى يُقْسَمَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ

جِبِّيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَعَنْ أَكْلِ كل ذي ناب من السباع وَهَذَانِ الْإِسْنَادَانِ عَنْ (ابْنِ عَبَّاسٍ) يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْهُ مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ فِي عُمُومِ الْآيَةِ قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ وَقَدْ مضىالقول فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ مِنْ كتابنا هذا عند ذَكَرَ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فأغنى عن إعادته ههنا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَشْعَثَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِصِّيصِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نَأْكُلَ لُحُومَ الْحُمُرِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَأْكُلَ لُحُومَ الْخَيْلِ قَالَ عَمْرٌو أَخْبَرْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا الشعشاء

فَقَالَ قَدْ كَانَ الْحَكَمُ الْغِفَارِيُّ فِينَا يَقُولُ هَذَا وَأَبَى ذَلِكَ الْبَحْرُ يُرِيدُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الرَّجُلُ الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَمْرٌو هَذَا الْحَدِيثَ هُوَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ وَرَخَّصَ فِي الْخَيْلِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَزَاهِرٌ الْأَسْلَمِيُّ كُلُّهُمْ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمَهَا بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ حَسَنٍ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَخَّصَ فِيهَا وَقَالَ إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ جَوَّالِ القربة مِنْ حَدِيثِ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ

وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ وَلَا يُعَرَجُ عَلَى مِثْلِهِ مَعَ مَا عَارَضَهُ مِنَ الْأَسَانِيدِ الصِّحَاحِ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَبِهِ عَنْ مُسَدَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ وَبِهِ عَنْ مُسَدَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ أَكَلْنَا زَمَنَ خَيْبَرَ لُحُومَ الْخَيْلِ وَلُحُومَ الْوَحْشِ وَنَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَفِي إِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَكْلِ الْخَيْلِ وَإِبَاحَتِهِ لِذَلِكَ يَوْمَ خَيْبَرَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ يَوْمَئِذٍ عِبَادَةٌ لِغَيْرِ عِلَّةٍ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الْخَيْلَ أَرْفَعُ مِنَ الْحَمِيرِ وَأَنَّ الْخَوْفَ عَلَى الْخَيْلِ وَعَلَى فَنَائِهَا فَوْقَ الْخَوْفِ عَلَى الْحَمِيرِ وَأَنَّ الْحَاجَةَ فِي الْغَزْوِ وَغَيْرِهِ إِلَى الْخَيْلِ أَعْظَمُ من

الْحَاجَةِ إِلَى الْحَمِيرِ وَبِهَذَا يَبِينُ لَكَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةٍ وَضَرُورَةٍ إِلَى الظَّهْرِ وَالْحَمْلِ وَإِنَّمَا كَانَ عِبَادَةً وَشَرِيعَةً أَلَا تَرَى إِلَى حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادَى يَوْمَ خَيْبَرَ أَنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ وَرَسُولَهُ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ عَنْ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَهُ وَأَمَّا مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ فَلَا خِيَارَ فِيهِ لِأَحَدٍ وَكُلُّ قَوْلٍ خَالَفَ السُّنَّةَ فَمَرْدُودٌ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَنْ تَابَعَهُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَرَ فِي كِتَابِهِ عِنْدَ تَنَازُعِ الْعُلَمَاءِ وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ بِالرَّدِّ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَيْسَ فِي جَهْلِ السُّنَّةِ فِي شَيْءٍ قَدْ عَلِمَهَا فِيهِ غَيْرُهُ حُجَّةٌ وَقَدْ تكررالقول فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِنَا هَذَا بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ أَكْلَهَا مَكْرُوهٌ وَبِذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ وَذَكَرَ الْأَنْعَامَ فَقَالَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ

وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ فِي هَذَا بِالْقِيَاسِ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْحَوَافِرِ كَالْحِمَارِ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ ذُو ظِلْفٍ وَقَدْ بَايَنَ ذَوَاتَ الْأَظْلَافِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا حَدِيثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَعَنْ كُلِّ ذي ناب من السباع وَهَذَا حَدِيثٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِضَعْفِ إِسْنَادِهِ وَحَدِيثُ الْإِبَاحَةِ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ جَابِرٍ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يوم خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَذَبَحَ لَنَا الْخَيْلَ وَأَطْعَمَنَا لَحْمَهَا وَحَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فأكلناه حدثنا أحمد بن القاسم حدثنا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ فَأَكَلْنَاهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي رُمَيْكٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ هُودٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ أَكَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحْمَ فَرَسٍ وَزَعَمَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي السُّكُوتِ عَنْ ذِكْرِ الْإِذْنِ فِي الْخَيْلِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا عَدَا الرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ لَا يَجُوزُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْبَيْعَ وَالتَّصَرُّفَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الرُّكُوبَ والزينة لا غير وَجَائِزٌ بَيْعُهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا وَفِي ثَمَنِهَا بِإِجْمَاعٍ وَالْأَشْيَاءُ عَلَى الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَثْبُتَ الْحَظْرُ وَالْمَنْعُ فَلَمَّا ثَبَتَ الْمَنْعُ مِنَ الْحِمَارِ وَالْبَغْلُ ابْنُ الْحِمَارِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحِمَارِ بِإِجْمَاعٍ وَالدَّلِيلِ الْوَاضِحِ وَبَقِيَ الْفَرَسُ عَلَى أَصْلِ إِبَاحَتِهِ هَذَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ نَصٌّ فَكَيْفَ وَالنَّصُّ فِيهِ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا مُرْسَلٌ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ هَذَا قِيلَ إِنَّهُ مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ وَقِيلَ إِنَّهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَيُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ وَقِيلَ أَبَا يَزِيدَ قَالَ الْوَاقِدِيُّ تُوُفِّيَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَكَانَ مِنْ سَاكِنِي الْمَدِينَةِ وَبِهَا كَانَتْ وَفَاتُهُ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الشَّامِ لِأَنَّهُ دَخَلَهَا يَرْوِي عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ

الحديث الرابع والثلاثون

حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ مَالِكٌ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى إِذَا نَفَذَ مَا عِنْدَهُ قَالَ مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفِّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ

هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ فِيمَا عَلِمْتُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَامِلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ قَالُوا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا عِنْدَهُ قَالَ مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفِّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَصْبِرْ يُصَبِّرُهُ اللَّهُ وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً هُوَ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَلَنْ أَدَّخِرَ عَنْكُمْ فَإِنَّهُ يُرِيدُ لَنْ أَسْتُرَهُ عَنْكُمْ وَأَمْنَعَكُمُوهُ وَأَنْفَرِدَ بِهِ دُونَكُمْ وَنَحْوَ هَذَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السَّخَاءِ وَالْكَرَمِ هَذَا إِنْ كَانَ عَطَاؤُهُ ذَلِكَ مِنْ سَهْمٍ وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْ مَالِ اللَّهِ فَحَسْبُكَ وَمَا

عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنْفَاذِ أَمْرِ اللَّهِ وَإِيثَارِ طَاعَتِهِ وَقِسْمَةِ مَالِ اللَّهِ بَيْنَ عِبَادِهِ وَقَدْ فَازَ مَنِ اقْتَدَى بِهِ فَوْزًا عَظِيمًا وَفِيهِ إِعْطَاءُ السَّائِلِ مَرَّتَيْنِ وَفِيهِ الِاعْتِذَارُ إِلَى السَّائِلِ وَفِيهِ الْحَضُّ عَلَى التَّعَفُّفِ وَالِاسْتِغْنَاءِ بِاللَّهِ عَنْ عِبَادِهِ وَالتَّصَبُّرِ وَأَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ مَا أُعْطِيَهُ الْإِنْسَانُ وَفِي هَذَا كُلِّهِ نَهْيٌ عَنِ السُّؤَالِ وَأَمْرٌ بِالْقَنَاعَةِ وَالصَّبْرِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي السُّؤَالِ وَمَا يَجُوزُ مِنْهُ وما لا يجوز ولمن يَجُوزُ وَمَتَى يَجُوزُ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحدبث الخامس والثلاثون

حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا الْمُغِيرَةَ بْنَ سِقْلَابٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ جَمِيعًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ سَعِيدًا فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ خَطَأٌ مِنْ كُلِّ مَنْ رواه بهذا الإسناد عن مسدد! غَيْرِهِ وَلَا يُعْرَفُ فِيهِ وَيُحْفَظُ إِلَّا حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى صِحَّتِهِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الَّذِي يَسْمَعُ يَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ مِنْ أَوَّلِ الْأَذَانِ إِلَى آخِرِهِ وَحُجَّتُهُمْ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَعُمُومُهُ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ أَبِي الْمُلَيْحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا كَانَ عِنْدِي فَسَمِعَ الْمُؤَذِّنَ قَالَ كَمَا يَقُولُ حَتَّى يَسْكُتَ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ حُيَيٍّ عن أبي عبد الرحمان الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ كَمَا يَقُولُونَ فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَاسْأَلْهُ تعط

وروى كعب بن علقمة عن عبد الرحمان بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مثله بمعناه وَزَادَ صَلُّوا عَلَيْهِ عَشْرًا الْحَدِيثَ وَقَالَ آخَرُونَ يَقُولُونَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَفِي قَوْلِهِ (حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ) فَإِنَّهُ يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يُنَادِي بِذَلِكَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ يُتِمَّ الْأَذَانَ مَعَهُ إِلَخْ وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن جهضم وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَرَوِيُّ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عِمَارَةَ بْنِ غزية عن حبيب بن عبد الرحمان بْنِ يَسَافٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ أَحَدُكُمْ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَإِذَا قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله

ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَّاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ (اللَّهُ أَكْبَرُ) قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ (اللَّهُ أَكْبَرُ) ثُمَّ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَا حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى أَنَّ عِيسَى بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ إِنِّي عِنْدَ مُعَاوِيَةَ إِذْ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ كَمَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ حَتَّى إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَلَمَّا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَّاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول ذلك

وَقَالَ آخَرُونَ يَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ حَتَّى يَبْلُغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَّاحِ فَيَقُولُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ بَدَلَ كَلِمَةٍ مِنْهَا مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ عَلَى حسبما يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ ثُمَّ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْتِمَ الْأَذَانَ وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ مِثْلَ قَوْلِهِ وَإِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ قَالَ حدثنا يزيد بن هرون قَالَ أَنْبَأَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي الْمُؤَذِّنِ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَحْيَى فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا هَذَا الْحَدِيثَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ

وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا يَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ المؤذن في التكبير والشهادتين لا غير وَلَا يَقُولُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَلَا مَا بَعْدَهَا وَحُجَّتُهُمْ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُجَمِّعُ بْنُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ إِذَا كَبَّرَ الْمُؤَذِّنُ اثْنَتَيْنِ (كَبَّرَ اثْنَتَيْنِ فَإِذَا شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ اثْنَتَيْنِ شَهِدَ اثْنَتَيْنِ) وَإِذَا شَهِدَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ شَهِدَ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ الْأَذَانِ وَرَوَاهُ الزُّبَيْرِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بِمَعْنَاهُ) قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ فِي هَذَا الْبَابِ مُضْطَرِبُ الْأَلْفَاظِ) وَأَظُنُّ أَبَا دَاوُدَ (إِنَّمَا) تَرَكَهُ لِذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وَذَكَرَهُ النَّسَوِيُّ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا يَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ فِي التَّشَهُّدِ دُونَ التَّكْبِيرِ وَدُونَ سَائِرِ الأذان

وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمان عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ يَتَشَهَّدُ فَقُولُوا مِثْلَ قَوْلِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ الْحَكِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ (عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ هَكَذَا رَوَاهُ قُتَيْبَةُ عَنِ اللَّيْثِ عَنِ الْحَكِيمِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ اللَّيْثِ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْحَكِيمِ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَالَ فِيهِ أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ عَنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ حَبِيبٍ عَنِ الْحَكِيمِ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ عثمان

وَمُطَلِّبُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنِ الْحَكِيمِ ثُمَّ سَمِعْتُهُ مِنَ الْحَكِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَرَوَاهُ عَنْهُ وَمَنْ قَالَ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَقُولُ لَا يَلْزَمُ مَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَأْتِيَ بِأَلْفَاظِهِ إِذَا أَتَى بِمَعْنَاهُ مِنَ التَّشَهُّدِ وَالْإِخْلَاصِ وَالتَّوْحِيدِ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَيْضًا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ التَّمَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَشْهَدُ قَالَ وَأَنَا وَأَنَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُصَلِّي يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ وَهُوَ فِي نَافِلَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَأَنْتَ فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَلَا تَقُلْ مِثْلَ مَا يَقُولُ وَإِذَا كُنْتَ فِي نَافِلَةٍ فَقُلْ مِثْلَ مَا يَقُولُ التَّكْبِيرُ وَالتَّشَهُّدُ فَإِنَّهُ الَّذِي يَقَعُ فِي نَفْسِي أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْحَدِيثِ هَذَا رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَذْهَبُهُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ رَأْيِهِ يَقُولُ الْمُصَلِّي مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَالنَّافِلَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَقُولُ ذَلِكَ فِي نَافِلَةٍ وَلَا مَكْتُوبَةٍ

وَقَالَ اللَّيْثُ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَيَقُولُ فِي مَوْضِعِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَّاحِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَقُولُ الْمُصَلِّي فِي نَافِلَةٍ وَلَا مَكْتُوبَةٍ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ إِذَا سَمِعَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَكِنْ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَهُ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ لَمْ أَجِدْ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي هَذَا شَيْئًا مَنْصُوصًا وَقَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَنْ أَذَّنَ فِي صِلَاتِهِ إِلَى قَوْلِهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ أَنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ إِنْ أَرَادَ الْأَذَانَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ يعيد إذا أراد الإذن قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ يَقُولُ فِيمَنْ يُجِيبُ إِنْسَانًا وَهُوَ يُصَلِّي بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّ مَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَقُولُهُ وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ الله محمد بن إسحاق بن خواز بنداد الْبَصْرِيُّ الْمَالِكِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَلِّي فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ مِنَ التَّكْبِيرِ وَالشَّهَادَتَيْنِ فَإِنْ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَّاحِ الْأَذَانَ كُلَّهُ كَانَ

مُسِيئًا وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَكَرِهَ أَنْ يَقُولَ فِي الْفَرِيضَةِ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ فَإِنْ قَالَ الْأَذَانَ كُلَّهُ فِي الْفَرِيضَةِ أَيْضًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَلَكِنَّ الْكَرَاهِيَةَ فِي الْفَرِيضَةِ أَشَدُّ وَذُكِرَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَقُولُ فِي النَّافِلَةِ الشَّهَادَتَيْنِ وَإِنْ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ نَافِلَةً كَانَتْ أَوْ فَرِيضَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا تَقَدَّمَ عَنِ الشَّافِعِيِّ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ النَّافِلَةِ وَالْمَكْتُوبَةِ أَصَحُّ عَنْهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ وَالنَّافِلَةِ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَّاحِ قَدِ اضْطَرَبَتْ فِي ذَلِكَ الْآثَارُ وَهُوَ كَلَامٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي نَافِلَةٍ وَلَا فَرِيضَةٍ وَأَمَّا سَائِرُ الْأَذَانِ فَمِنَ الذِّكْرِ الَّذِي يَصْلُحُ فِي الصَّلَاةِ أَلَا تَرَى إِلَى حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصِحُّ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إِنَّمَا (هُوَ) التَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ وَالتَّكْبِيرُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ وَلَمْ يَخُصَّ صَلَاةً مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ فَمَا كَانَ مِنَ الذِّكْرِ الَّذِي مِثْلُهُ يَصْلُحُ فِي الصَّلَاةِ جَازَ فِيهَا قِيَاسًا وَنَظَرًا وَاتِّبَاعًا لِلْأَثَرِ

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي كَرَاهِيَةِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ إِذَا كَانَ سَامِعُهُ فِي صَلَاةِ نَافِلَةٍ أَوْ مَكْتُوبَةٍ فَإِنَّهُمْ شَبَّهُوهُ بِرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِهِمَا وَذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْمُصَلِّي وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي قَالُوا فَكَذَلِكَ الْأَذَانُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُوِيدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ قَالَ أَبُو قَنَانٍ لِامْرَأَتِهِ وَكَانَ مِنَ الْعُبَّادِ إِذَا مِتُّ فَتَزَوَّجِي فُلَانًا فَتَزَوَّجَتْهُ فَكَانَتْ تَقُولُ لَهُ قُمْ فَصْلِ بِاللَّيْلِ فَإِنَّ أَخَاكَ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فَكَانَتْ تُؤْذِيهِ بِذَلِكَ فَأُتِيَتْ فِي مَنَامِهَا فَقِيلَ لَهَا إِنَّ زَوْجَكِ هَذَا أَرْفَعُ مِنْ أَبِي قَنَانٍ بِدَرَجَةٍ قَالَتْ وَكَيْفَ وَأَبُو قَنَانٍ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فَقِيلَ لَهَا إِنَّ هَذَا يَقُولُ كَمَا يقول المؤذن

الحديث السادس والثلاثون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ أَمَّا قَوْلُهُ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا فَمَعْنَاهُ يُدِيرُ هَذَا عَنْ هَذَا بِوَجْهِهِ وَذَلِكَ عَنْهُ أَيْضًا كَذَلِكَ وَلِهَذَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّدَابُرِ وَالْإِعْرَاضِ قَالَ الشَّاعِرُ ... إِذَا أَبْصَرْتَنِي أَعْرَضْتَ عَنِّي ... كَأَنَّ الشَّمْسَ مِنْ قِبَلِي تَدُورُ

وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ أَبِي خَالِدٍ وَهْبِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الْحِمْصِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ السَّرْخَسِيُّ أَنَّ أَبَا عَامِرٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَهْجُرَ مُؤْمِنًا فَوْقَ ثَلَاثٍ فَإِنْ مَرَّتْ بِهِ ثَلَاثٌ فَلَقِيَهِ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ فَقَدِ اشْتَرَكَا فِي الْأَجْرِ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فَقَدْ بَاءَ بِالْإِثْمِ زَادَ أَحْمَدُ وَخَرَجَ الْمُسْلِمُ مِنَ الْهِجْرَةِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بكر بن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَجْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عن القاسم

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ بَدَأَ بِالسَّلَامِ فَهُوَ أَوْلَى بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى بْنِ سُلَيْمٍ الْبَصرِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ أَبُو حَفْصٍ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِهِ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ كَانَ أَحَبَّهُمَا إِلَى اللَّهِ أَحْسَنُهُمَا بِشْرًا لِصَاحِبِهِ فَإِذَا تَصَافَحَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا مِائَةَ رَحْمَةٍ مِنْهَا تِسْعُونَ لِلَّذِي بَدَأَ بِالْمُصَافَحَةِ وَعَشَرٌ لِصَاحِبِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْمُصَافَحَةَ وَفَضْلَهَا فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهِجْرَةِ آثَارٌ شِدَادٌ فِيهَا تَغْلِيظٌ مِنْهَا

حَدِيثُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ دَخَلَ النَّارَ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي خِرَاشٍ السَّلَمِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ وَحَسْبُكَ بِحَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يَغْفِرُ فِي كُلِّ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيَقُولُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا وَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا قَدْ وَرَدَتْ فِي التَّحَابِّ وَالْمُؤَاخَاةِ وَالتَّآلُفِ وَالْعَفْوِ (وَالتَّجَاوُزِ) وَبِهَذَا بُعِثَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَّقَنَا اللَّهُ لِمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى بِرَحْمَتِهِ وَلُطْفِ صُنْعِهِ

الحديث السابع والثلاثون

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّهُ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ فَلَمْ يُدْرَ مَا سَارَّهُ حَتَّى جَهَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَسْتَأْذِنُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَهَرَ أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ الرَّجُلُ بَلَى وَلَا شَهَادَةَ لَهُ قَالَ أَلَيْسَ يُصَلِّي قَالَ بَلَى وَلَا صَلَاةَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي الله عنهم

هَكَذَا رَوَاهُ سَائِرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا رَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ مُتَّصِلًا مُسْنَدًا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ السَّمَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلَ رِوَايَةِ (رَوْحِ) بْنِ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ سَوَاءٌ وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَأَبُو أَوَيْسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّ نَفَرًا مِنَ الْأَنْصَارِ (حَدَّثُوهُ) وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى وَالْجَمَاعَةُ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ فَسَمَّى الرَّجُلَ الَّذِي لَمْ يُسَمِّهِ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَسَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَسَنَذْكُرُ مَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِنْ رِوَايَاتِ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

(وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي سَارَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ) الرَّجُلُ الْمُتَّهَمُ بِالنِّفَاقِ وَالَّذِي جَرَى فِيهِ هَذَا الكلام هومالك بْنُ الدُّخْشُمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ دَاوُدَ الْبُرُلُّسِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْغُدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ يَسَافٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا أُصِيبَ عُثْمَانُ بْنُ مَالِكٍ فِي بَصَرِهِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَكَانَ عَقَبِيًّا بَدْرِيًّا بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ جِئْتَ فَصَلَّيْتَ فِي بَيْتِي أَوْ بُقْعَةٍ مِنْ دَارِي وَدَعَوْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَنَا بِالْبَرَكَةِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ فَصَلَّى فِي بَيْتِهِ وَخَرَجَ فَصَلَّى فِي بُقْعَةٍ مِنْ دَارِهِ ثُمَّ قَعَدَ الْقَوْمُ يَتَحَدَّثُونَ فَذَكَرَ بَعْضُهُمُ ابْنَ الدُّخْشُمِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَلِكَ كَهْفُ المنافقين ومأواهم

وَأَكْثَرُوا فِيهِ حَتَّى رَخَّصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ هَلْ يُصَلِّي قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَاةً لَا خَيْرَ فِيهَا أَحْيَانًا وَيُلَبِّي أَحْيَانًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ إِنَّهُ مَنْ يَشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا بِهَا يَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ حَرَّمُهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ قَالَ سَعِيدٌ قَالَ قَتَادَةُ قَالَ النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ أَمَرَنَا أَبُونَا أَنْ نَكْتُبَ هَذَا الْحَدِيثَ وَمَا أَمَرَنَا أَنْ نَكْتُبَ حَدِيثًا غَيْرَهُ وَقَالَ احْفَظُوهُ يَا بَنِيَّ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِبَاحَةُ الْمُنَاجَاةِ وَالتَّسَارِّ مَعَ الْوَاحِدِ دُونَ الْجَمَاعَةِ وَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ أَنْ يَتَنَاجَى الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا دُونَ الْوَاحِدِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ وَأَنَّ مُنَاجَاةَ الِاثْنَيْنِ دُونَ الْجَمَاعَةِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ الرَّئِيسَ الْمُحْتَاجَ إِلَى رَأْيِهِ وَنَفْعِهِ جَائِزٌ أَنْ يُنَاجِيَهُ كُلُّ مَنْ جَاءَهُ فِي حَاجَتِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعِينُوا عَلَى حَوَائِجِكُمْ بِالْكِتْمَانِ وَفِيهِ أَنَّهُ جَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يُظْهِرَ الْحَدِيثَ الَّذِي يُنَاجِيهِ بِهِ صَاحِبُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْمُنَاجِي أَوْ كَانَ مِمَّا يَحْتَاجُ أَهْلُ الْمَجْلِسِ إِلَى عِلْمِهِ

وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَظْهَرَ الشَّهَادَةَ بِأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حقنت دَمُهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ مَا يُوجِبُ إِرَاقَتَهُ مِمَّا فُرِضَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ الْمُبِيحِ لِقَتْلِ النَّفْسِ الْمُحَرَّمَةِ وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَيْسَ يُصَلِّي بَعْدَ قَوْلِهِ أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ مِنَ الْإِيمَانِ وَأَنَّهُ لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْهُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَمْ يَنْهَهُ اللَّهُ عَنْ قَتْلِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ أَلَيْسَ يُصَلِّي دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُ مَنْ صَلَّى وَإِذَا لَمْ يَجُزْ قَتْلُ مَنْ صَلَّى جَازَ قَتْلُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ بُسْرِ بْنِ مِحْجَنٍ فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْهُمْ رَدٌّ لِقَوْلِ صَاحِبِهِ الْقَائِلِ لَهُ بَلَى وَلَا صَلَاةَ لَهُ بَلَى وَلَا شَهَادَةَ لَهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثْبَتَ لَهُ الشَّهَادَةَ وَالصَّلَاةَ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ نَهَاهُ عَنْ قَتْلِهِمْ يَعْنِي عَنْ قَتْلِ مَنْ أَقَرَّ ظَاهَرًا وَصَلَّى ظَاهِرًا

وَأَمَّا قَوْلُنَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثْبَتَ لَهُ الشَّهَادَةَ وَالصَّلَاةَ فَمَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ وَنَحْنُ نَذْكُرُهُ هُوَ وَغَيْرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَسُئِلَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ الزَّنْدَقَةِ فَقَالَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْمُنَافِقُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من إِظْهَارِ الْإِيمَانِ وَكِتْمَانِ الْكُفْرِ هُوَ الزَّنْدَقَةُ عِنْدَنَا اليوم قيل لمالك فَلِمَ يُقْتَلُ الزِّنْدِيقُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْتُلِ الْمُنَافِقِينَ وَقَدْ عَرَفَهُمْ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قَتَلَهُ بِعِلْمِهِ فِيهِمْ وَهُمْ يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ لَكَانَ ذَرِيعَةً إِلَى أَنْ يَقُولَ النَّاسُ يَقْتُلُهُمْ لِلضَّغَائِنِ أَوْ لِمَا شَاءَ اللَّهُ غَيْرَ ذَلِكَ فَيَتَمَنَّعُ النَّاسُ مِنَ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عُوتِبَ فِي الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي وَقَدِ احْتَجَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ فِي قَتْلِ الزِّنْدِيقِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا

يَقُولُ إِنَّ الشَّأْنَ فِيهِمْ أَنْ يُقَتَّلُوا تَقْتِيلًا حَيْثُ وُجِدُوا وَلَمْ يَذْكُرِ اسْتِتَابَةً فَمَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الْمُنَافِقُونَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُتِلَ حَيْثُ وُجِدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ كُلُّهُمْ إِلَّا ابْنَ نَافِعٍ يَجْعَلُونَ مَالَ الزِّنْدِيقِ إِذَا قَتَلُوهُ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ لَا يَقْتُلُونَهُ لِفَسَادٍ فِي الْأَرْضِ كَالْمُحَارِبِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَلَا يَقْتُلُونَهُ حَدًّا وَإِنَّمَا يَقْتُلُونَهُ عَلَى الْكُفْرِ فَكَيْفَ يَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَأَمَّا ابْنُ نَافِعٍ فَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ مِيرَاثُهُ فَيْءٌ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَهَذَا أَبْيَنُ لِأَنَّ الدَّمَ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنَ الْمَالِ وَالْمَالَ تَبَعٌ لَهُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اسْتِتَابَةِ الزِّنْدِيقِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ وَالتَّعْطِيلِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْإِيمَانِ مُظْهِرٌ لَهُ جَاحِدٌ لِمَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ لَهُ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يُقْتَلُ الزَّنَادِقَةُ وَلَا يُسْتَتَابُونَ قَالَ مَالِكٌ وَيُسْتَتَابُ الْقَدَرِيَّةُ كَمَا يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقِيلَ لِمَالِكٍ فِي الْقَدَرِيَّةِ كَيْفَ يُسْتَتَابُونَ قَالَ يُقَالُ لَهُمْ اتْرُكُوا مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلُوا وَإِلَّا قتلوا

وَاخْتَلَفَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي الزنديق فقالا مرة يستتاب ومرة فَلَا يُسْتَتَابُ وَيُقْتَلُ دُونَ اسْتِتَابَةٍ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ (عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ) عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ اقْتُلِ الزِّنْدِيقَ فَإِنَّ تَوْبَتَهُ لَا تُعْرَفُ قَالَ وَلَمْ يَحْكِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ) يستتاب الزنديق كما يستتاب المترد ظاهرا فإن لم يتب قتل قال ولوشهد شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالرِّدَّةِ فَأَنْكَرَ قُتِلَ فَإِنْ أَقَرَّ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ خَالَفَ الْإِسْلَامَ لَمْ يُكْشَفْ عَنْ غَيْرِهِ وَمِنْ حُجَّةِ الشَّافِعِيِّ فِي الزِّنْدِيقِ أَنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ أَقَرَّ وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ لَمْ يُقْتَلْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْتُلِ الْمُنَافِقِينَ لِإِظْهَارِهِمُ الْإِسْلَامَ وَلَوْ شَاءَ لَقَتَلَهُمْ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ دُونَ الْعِلْمِ وَالْقَضَاءُ بِالْعِلْمِ لِلْحَاكِمِ (عِنْدَ الشَّافِعِيِّ) جَائِزٌ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهَا وَإِنَّمَا أَتَيْنَا بِمَا يُطَابِقُ بَعْضَ مَعَانِي الْحَدِيثِ وَيُجَانِسُهُ عَلَى شَرْطِ الِاخْتِصَارِ وَتَرْكِ الْإِكْثَارِ

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يُسْتَتَابُ الزِّنْدِيقُ قَالَ مَا أَدْرِي قُلْتُ إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ يُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ فَقَالَ نَعَمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ يُسْتَتَابُ وَهُوَ لَا يُظْهِرُ الْكُفْرَ هُوَ يُظْهِرُ الْإِيمَانَ فَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يُسْتَتَابُ قُلْتُ فَيُسْتَتَابُ عِنْدَكَ قَالَ مَا أَدْرِي وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا لِمَنْ أَبَى مِنْ قَتْلِ الزِّنْدِيقِ مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ قَالَهَا مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُهَا غَيْرَ مُخْلِصٍ بِهَا وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ أَحْكَامَ الدُّنْيَا عَلَى الظَّاهِرِ وَأَنَّ السَّرَائِرَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا الْآثَارُ الْمُتَّصِلَةُ الثَّابِتَةُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا فَمِنْهَا مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ

قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ أَنَّ مَحْمُودَ بْنَ الرَّبِيعِ حَدَّثَهُ وَزَعَمَ أَنَّهُ (كَانَ) قَدْ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ أَحَدُ بَنِي سَالِمٍ قَالَ كُنْتُ أُصَلِّي لِقَوْمِي فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا سَاءَ بَصَرِي وَبَيْنِي وَبَيْنَ قَوْمِي وَادٍ طَفِقْتُ يَشُقُّ عَلَيَّ إِجَازَةُ الْوَادِي إِذَا كَانَتِ الْأَمْطَارُ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وددت أنك تأتيني فتصلي في بيتي فِي مَكَانٍ أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَفْعَلُ قَالَ عِتْبَانُ فَغَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتَكَ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي نُرِيدُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَبَّرَ وَصَلَّى ثُمَّ سَلَّمَ فَجَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ وَحَبَسْنَاهُ لِخَزِيرٍ يُصْنَعُ لَهُ فَسَمِعَ رِجَالٌ أَهْلَ الدَّارِ وَهُمْ يَدْعُونَ وَالدُّورُ قُرْبَهُمْ فَلَمْ أَشْعُرْ حَتَّى كَثُرَ الرِّجَالُ في بيتي فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَأَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ لَا أَرَاهُ أَتَى فَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ مِنْهُمْ ذَلِكَ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَلَا رَسُولَهُ فقال رسول

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُلْ ذَلِكَ أَلَا تَرَاهُ قَدْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ فَقَالَ الرَّجُلُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ أَمَّا نَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا نَرَى مَوَدَّتَهُ وَنَصِيحَتَهُ وَوَجْهَهُ إِلَّا إِلَى الْمُنَافِقِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ ضَرِيرًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَعَالَ فَصَلِّ فِي دَارِي حَتَّى أَتَّخِذَ مُصَلَّاكَ مَسْجِدًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ فَتَخَلَّفَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ فَوَقَعُوا فِيهِ وَقَالُوا إِنَّهُ وَإِنَّهُ هُوَ مُنَافِقٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ

يَقُولُهَا تَعَوُّذًا فَقَالَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ صَادِقًا بِهَا إِلَّا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ النَّارُ وَعِنْدَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا حَدِيثٌ آخَرُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ وَأَبُو أَحْمَدَ الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّيَّاتُ قَالَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ خُطَّ لِي فِي دَارِي مَسْجِدًا فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجْتَمَعَ قَوْمُهُ وَتَغَيَّبَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ فُلَانٌ فَغَمَزَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ إِنَّهُ وَإِنَّهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَيْسَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا قَالُوا بَلَى قَالَ فَلَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سرية فصبحنا

الحزقات مِنْ جُهَيْنَةَ فَأَدْرَكْتُ رَجُلًا فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ فَذَكَرْتُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا فَرَقًا مِنَ السِّلَاحِ قَالَ أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ قَالَ فَقَالَ سَعِيدٌ وَأَنَا وَاللَّهِ لَا أقتل مسلما حتى يقتله دو الْبَطْنَيْنِ يَعْنِي أُسَامَةَ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ وَأَمَّا طُرُقُ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ فَقَدْ ذَكَرَهَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي مُسْتَقْصَاةً مُجَوَّدَةً وَنَحْنُ نَذْكُرُهَا عَنْهُ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ جَبْرُونَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ الزُّهُرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ عُبَيْدِ

اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي مَجْلِسٍ فَسَارَّهُ يَسْتَأْذِنُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَجَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنْ لَا شَهَادَةَ لَهُ قَالَ أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا شَهَادَةَ لَهُ قَالَ أَلَيْسَ يُصَلِّي قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنْ لَا صَلَاةَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولئك الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ الْقَاضِي هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ مُرْسَلًا وَوَافَقَهُ فِي إِرْسَالِهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ فَلَمَّا وُجِّهَ لِيُقْتَلَ قَالَ أَيَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالُوا نَعَمْ وَلَا شَهَادَةَ لَهُ قَالَ أَيَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَالُوا نَعَمْ وَلَا شَهَادَةَ لَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ سَمِعْتُهُ مِنْ سُفْيَانَ مِرَارًا لَمْ أَسْمَعْهُ يَذْكُرُ فِيهِ سَمَاعًا وَهُوَ مِنْ قَدِيمِ حَدِيثِ سُفْيَانَ

قَالَ الْقَاضِي قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَلَيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَمَعْمَرٌ وَأَبُو أُوَيْسٍ وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ (فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي حَدِيثِهِ أَنَّ الرَّجُلَ وُجِّهَ لِيُقْتَلَ إِلَّا ابْنَ عُيَيْنَةَ) وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ كَانَ رُبَّمَا لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْكَلَامَ فِيهِ وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ أَنَّ رَجُلًا سَارَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْذِنُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَلَيْسَ فِيهِ فَوُجِّهَ الرَّجُلُ لِيُقْتَلَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَسْقَطَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَلَيْسَ يُصَلِّي قَالُوا بَلَى وَلَا صَلَاةَ لَهُ وَهُوَ كَلَامٌ مَحْفُوظٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وُجُوهِهِ كُلِّهَا وَلَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ جَسِيمٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيمَا أَوْرَدْنَا مِنَ الْأَحَادِيثِ (مَا يَدُلُّ عَلَى غَلَطِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَخَطَئِهِ فِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ) فَلَمَّا وُجِّهَ الرَّجُلُ لِيُقْتَلَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ (الزُّهْرِيُّ) قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالَسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ (إِذْ) جَاءَ رَجُلٌ

فَسَارَّهُ فَلَمْ يُدْرَ مَا سَارَّهُ بِهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ رِوَايَةِ يَحْيَى حَرْفًا بِحَرْفٍ قَالَ الْقَاضِي هَكَذَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو مُصْعَبٍ عَنِ (الزُّهْرِيِّ) عَنْ مَالِكٍ مُرْسَلًا قَالَ وَرَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ مُسْنَدًا زَادَ فِي إِسْنَادِهِ رَجُلًا وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ قَدْ أَصَابَ فِي زِيَادَتِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فَلَمْ يُدْرَ مَا سَارَّ بِهِ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ إِلَّا رَجُلٌ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عن ابْنِ أَبِي أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ لَهُ هَلْ أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُلْتُ لَا وَلَكِنْ قَدْ خَلَصَ إِلَيَّ مِنْهُ مَا خَلَصَ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا مِنَ الْيَقِينِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّ رَجُلًا أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ بين ظهراني الناس جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ فَلَمْ يُدْرَ مَا سَارَّهُ بِهِ حَتَّى جَهَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَسْتَأْذِنُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ (فَقَالَ) بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا شَهَادَةَ لَهُ قَالَ أَلَيْسَ يُصَلِّي قَالَ بَلَى وَلَا صَلَاةَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولئك الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْذِنُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ بَلَى وَلَا شَهَادَةَ لَهُ أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله قال بلى ولا شهادة له قال أليس يصلي قال بلى ولا صلاةله فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ الَّذِينَ نُهِيتُ عَنْهُمْ (قَالَ الْقَاضِي زَادَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ الرَّجُلَ سَارَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْذِنُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ قَالَ فَجَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) قَالَ الْقَاضِي وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي

أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ الْجَنْدَعِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ حَدَّثَهُ أَنَّ نَفَرًا مِنَ الْأَنْصَارِ حَدَّثُوهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم بينما هو جالس بين ظَهْرَانَيِ النَّاسِ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ فَلَمْ يُدْرَ مَا الَّذِي سَارَّهُ بِهِ حَتَّى جَهَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَسْتَأْذِنُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَهَرَ أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ الرَّجُلُ وَهُوَ أَنْصَارِيٌّ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا شَهَادَةَ لَهُ قَالَ أَلَيْسَ يُصَلِّي قَالَ بَلَى وَلَا صَلَاةَ لَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ الْقَاضِي قَدْ أَسْنَدَ هَذَا الْحَدِيثَ عَدَدٌ اتَّفَقُوا فِيهِ أَنَّهُ عَنْ رَجُلٍ وَجَعَلَهُ أَبُو أُوَيْسٍ عَنْ نَفَرٍ وَالَّذِينَ اتَّفَقُوا فِيهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَلَيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ وَسَمَّى مَعْمَرٌ الرَّجُلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيَّ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مَضْبُوطًا عَنْهُ حَدَّثَنَا بِهِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ جَاءَهُ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يَسَارَّهُ فَأَذِنَ لَهُ فَسَارَّهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَسْتَأْذِنُهُ فِيهِ فَجَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (أَلَيْسَ) يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ بَلَى وَلَا شَهَادَةَ لَهُ قَالَ (أَلَيْسَ) يَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَالَ بَلَى وَلَا شَهَادَةَ لَهُ قَالَ أَلَيْسَ يُصَلِّي قَالَ بَلَى وَلَا صَلَاةَ لَهُ قَالَ أُولَئِكَ الَّذِينَ نُهِيتُ عَنْهُمْ قَالَ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالَسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَسَارَّهُ يَسْتَأْذِنُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَلَمْ يُدْرَ مَا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ يَجْهَرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو ليس يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا شَهَادَةَ لَهُ قال أو ليس يَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَلَى يَا رسول الله ولا شهادة له قال أو ليس يُصَلِّي قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا صَلَاةَ لَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ الْقَاضِي هَكَذَا فِي كِتَابِنَا عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَإِنَّمَا هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ فَقَدِ اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَلَيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَأَبُو أُوَيْسٍ وَهُمْ سَبْعَةٌ بِابْنِ أَخِي (الزُّهْرِيِّ) هَؤُلَاءِ النَّفَرُ السَّبْعَةُ وَلَيْسَ فِيهِمْ أجود من رِوَايَةً مِنْ مَعْمَرٍ إِنْ كَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ضَبَطَ عَنْ مَعْمَرٍ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ هَذَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَلَيْسَ هُوَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ (الَّذِي رَوَى حَدِيثَهُ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ) أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ وَاللَّهِ إِنَّكِ خَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ الْأَرْضِ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ

قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ وَلَيْسَ هُوَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيٍّ الَّذِي رَوَى حَدِيثَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتُؤْذِنَ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنِ اخْتَلَفْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ضَرْبَتَيْنِ (يَضْرِبُنِي) فَقَطَعَ يَدِي فَذَهَبْتُ لِأَضْرِبَهُ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَفَأَقْتُلُهُ أَمْ أَدَعُهُ قَالَ دَعْهُ قُلْتُ إِنَّهُ قَطَعَ يَدِي قَالَ وَإِنْ فَعَلَ فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ مِرَارًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ قَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فهو مثلك قبل أن نقتله وَأَنْتَ مِثْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا قَالَ الْقَاضِي هَكَذَا رَوَاهُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ عَنِ الْمِقْدَادِ اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ سَبْعَةُ نفر ابن جريج ومعمر والليث وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وعبد الحميد بن جعفر وعبد الرحمان بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ بِالْبَصْرَةِ وَكَانَ مَعْمَرٌ يُحَدِّثُهُمْ

بِالْبَصْرَةِ مِنْ حِفْظِهِ فَوَهِمَ فِي أَسَانِيدَ وَسَمَاعُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ أَصَحُّ لِأَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَهْلَ الْيَمَنِ وَمَعَهُ كُتُبُهُ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ كَمَا رَوَاهُ أَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ لَمْ يُخَالِفْهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ إِسْنَادِهِ وَحَدَّثَنَا بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَحَدَّثَنَا بِهِ (أَبُو) الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَحَدَّثَنَا بِهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَحَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَحَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ عَنِ الْمِقْدَادِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي مُسْنَدِ الْمِقْدَادِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ الْمِقْدَادِ هَذَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهُرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ ثُمَّ الْجَنْدَعِيُّ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِيَّ وَكَانَ حَلِيفًا لِبَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتَ رَجُلًا مِنَ الْكَفَّارِ فاقتتلنا فضرب إحدى يدي السيف فَقَطَعَهَا ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ فَقَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ أَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقْتُلْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَطَعَ إِحْدَى يَدَيَّ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقْتُلْهُ فَإِنَّ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ

كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمِقْدَادِ إِذَا كَانَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ يُخْفِي إِيمَانَهُ سَمِعَ قَوْلَ كَافِرٍ فَأَظْهَرَ إِيمَانَهُ فَقَتَلَهُ وَلِذَلِكَ كُنْتَ لَا تُخْفِي أَنْتَ إِيمَانَكَ بِمَكَّةَ قَبْلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْأَوَّلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْخُزَاعِيِّ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ لِلْإِسْلَامِ مُنْتَهًى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ قَالَ ثُمَّ مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ثُمَّ تَقَعُ الْفِتَنُ كَأَنَّهَا الظُّلَلُ قَالَ الرَّجُلُ كَلَّا وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قال

بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبًّا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ أَسَاوِدَ صُبًّا يَعْنِي الْحَيَّةَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْهَشَ ارْتَفَعَ ثُمَّ انْصَبَّ

الحديث الثامن والثلاثون

ابن شهاب عن عبد الرحمن بن هرمز الْقَارِئِ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ مُسْنَدَةٍ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ مَوْلَى مُحَمَّدِ (بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ) بْنِ عَبَدَ الْمُطَّلِبِ يُكَنَّى أَبَا دَاوُدَ كَانَ مِنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِالْقِرَاءَةِ وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا حجة فينا نَقَلَ رَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ وَأَبُو الزِّنَادِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَغَيْرُهُمْ (وَقَرَأَ عَلَيْهِ نَافِعٌ وتوفي بالأسكندرية سنة سبع عشرة ومائة فميا قَالَ مُصْعَبٌ (1) وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ مَاتَ أَبُو دَاوُدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْمَسَاكِينُ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ هَذَا حَدِيثٌ مُسْنَدٌ عِنْدَهُمْ لِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَهُوَ مِثْلُ حَدِيثِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ فَقَالَ أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي هَذَا وَذَاكَ أَنَّهُمَا مُسْنَدَانِ مَرْفُوعَانِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ

حَدَّثَنَا ابْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ دَاوُدَ الصَّوَّافُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ حدثني مالك عن الزهري عن عبد الرحمان الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوليمة يدعى إليها الأغنياء يترك الْفُقَرَاءُ وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَتَابِعَ رَوْحَ بْنَ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَلَى ذَلِكَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سَيْفٍ التُّجِيبِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى إِلَيْهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُمْنَعُ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ لَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ هَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ مِنْ كَلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْأَعْرَجِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى الْغَنِيُّ وَيُمْنَعُ الْمِسْكِينُ وَهِيَ حَقٌّ مَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ عَصَى ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهَذَا اللَّفْظُ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَرُبَّمَا قَالَ مَعْمَرٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِمِثْلِ إِسْنَادِ مَالِكٍ وَلَفْظِهِ سَوَاءً وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَجَعَلَهُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنِي يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ عن الزهري عن عبد الرحمان الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَ الطَّعَامُ الْوَلِيمَةُ يُدْعَى لَهُ الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مَرْفُوعًا أَيْضًا

فَأَمَّا قَوْلُهُ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ فَلَمْ يُرِدْ ذَمَّ الطَّعَامِ فِي ذَاتِهِ وَحَالِهِ وَإِنَّمَا ذَمَّ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ الدُّعَاءُ لِلْأَغْنِيَاءِ إِلَيْهِ دُونَ الْفُقَرَاءِ فَإِلَى فَاعِلِ ذَلِكَ تَوَجَّهَ الذَّمُّ لَا إِلَى الطَّعَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي وُجُوبِ إِتْيَانِ الدَّعْوَةِ فِي بَابِ إِسْحَاقَ وَمَضَى هُنَاكَ مِنَ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَجِبُ إِتْيَانُهُ مِنَ الدَّعَوَاتِ إِلَى الطَّعَامِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ يَجِبُ إِجَابَةُ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَلَا يَجِبُ غَيْرُهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِجَابَةُ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَاجِبَةٌ وَلَا أُرَخِّصُ فِي تَرْكِ غَيْرِهَا مِنَ الدَّعَوَاتِ الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْوَلِيمَةِ كَالْإِمْلَاكِ وَالنِّفَاسِ وَالْخِتَانِ وَحَادِثِ سُرُورٍ وَمَنْ تَرَكَهَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لِي أَنَّهُ عَاصٍ كَمَا تَبَيَّنَ فِي وَلِيمَةِ العرس وقال عبيد الله بن الحسن العنبري الْقَاضِي الْبَصْرِيُّ إِجَابَةُ كُلِّ دَعْوَةٍ اتَّخَذَهَا صَاحِبُهَا لِلْمَدْعُوِّ فِيهَا طَعَامًا وَاجِبَةٌ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمْ نَجِدْ عَنْ أَصْحَابِنَا يَعْنِي أَبَا حَنَفِيَّةَ وَأَصْحَابَهُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا فِي إِجَابَةِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ الْوَلِيمَةُ طَعَامُ الْعُرْسِ وَقَدْ أَوْلَمَ أَيْ أَطْعَمَ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ دُعِيَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِي إِلَى خِتَانٍ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَ قَالَ وَقَدْ كُنَّا على

عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَأْتِي الْخِتَانَ وَلَا نُدْعَى لَهُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ قَالَ إِذَا دُعِيتُمْ فَأَجِيبُوا وَإِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا دَعَا وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا أَكَلَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ دُعِيَ إِلَى وَلِيمَةٍ فَلْيَأْتِهَا وَلَا (أَعْلَمُ) خِلَافًا فِي وُجُوبِ إِتْيَانِ الْوَلِيمَةِ لِمَنْ دُعِيَ إِلَيْهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُنْكَرٌ وَلَهْوٌ وَفِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ مَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ وَيُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ وَأَمَّا غَيْرُ الْوَلِيمَةِ مِنَ الطَّعَامِ الْمَدْعُوِّ إِلَيْهِ فَمَنْ أَوْجَبَ الْإِجَابَةَ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَحُجَّتُهُ ظَاهِرُ الْآثَارِ الَّتِي أَوْرَدْنَاهَا فِي بَابِ إِسْحَاقَ (بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَمَنْ أَبَى حَقَّ ذَلِكَ ذهب إلى أن المراد بها وليمةالعرس وَفِي بَابِ إِسْحَاقَ) بَيَانُ مَا اخْتَرْنَا مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مِنَ الْمُنْكَرِ وَاللَّهْوِ مَا يَمْنَعُ مِنَ الْإِجَابَةِ

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا فَقَالَ مَالِكٌ إِنَّ اللَّهْوَ الْخَفِيفَ مِثْلُ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ فَلَا يَرْجِعُ فَإِنِّي أَرَاهُ خَفِيفًا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَصْبَغُ أَرَى أَنْ يَرْجِعَ قَالَ وَقَدْ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَنْبَغِي لِذِي الْهَيْئَةِ أَنْ يَحْضُرَ مَوْضِعًا فِيهِ لَعِبٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا كَانَ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ مُسْكِرٌ أَوْ خَمْرٌ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْمَعَاصِي الظَّاهِرَةِ نَهَاهُمْ فَإِنْ نَحَوْا ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ أُحِبَّ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ لَمْ أُحِبَّ لَهُ أَنْ يُجِيبَ قَالَ وَضَرْبُ الدُّفِّ فِي الْعُرْسِ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَدْ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا حَضَرَ الْوَلِيمَةَ فَوَجَدَ فِيهَا لَعِبًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْعُدَ وَيَأْكُلَ وَقَالَ هِشَامٌ الدَّارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَخْرُجَ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِنْ كَانَ (فِيهَا) الضَّرْبُ بِالْعُودِ وَاللَّهْوِ فَلَا يَشْهَدْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ

أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَفِينَةُ أبو عبد الرحمان أَنَّ رَجُلًا أَضَافَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَقَالَتْ فَاطِمَةُ لَوْ دَعَوْنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل معنا فَدَعَوْهُ فَجَاءَهُ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى عِضَادَتَيِ الْبَابِ فَرَأَى قِرَامًا فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَرَجَعَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ لِعَلِيٍّ أَلْحِقْهُ فَقَالَ لَهُ مَا رَجَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ لِي أَنْ أَدْخُلَ بَيْتًا مُزَوَّقًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَرِهَ دُخُولَ بَيْتٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ وَلِتَقُدُّمِ نَهْيِهِ وَقَوْلُهُ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ أَوْ تَمَاثِيلُ وَكَذَلِكَ كَلُّ مُنْكَرٍ إِذَا كَانَ فِي الْبَيْتِ فَلَا يَنْبَغِي دُخُولُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِرُجُوعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ طَعَامٍ دُعِيَ إِلَيْهِ لَمَّا رَأَى فِي الْبَيْتِ مِمَّا يُنْكِرُهُ وَمَا تَقَدَّمَ نَهْيُهُ عَنْهُ

قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ هُوَ طَعَامُ الْعُرْسِ وَالْإِمْلَاكِ خَاصَّةً قَالُوا وَيُقَالُ لِلطَّعَامِ الَّذِي يُصْنَعُ لِلنُّفَسَاءِ الْخُرْسُ وَالْخُرْسَةُ وَلِلطَّعَامِ الَّذِي يُصْنَعُ عِنْدَ الْخِتَانِ الْإِعْذَارُ وَلِلطَّعَامِ الَّذِي يُصْنَعُ لِلْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ النَّقِيعَةُ وَلِلطَّعَامِ الَّذِي يُعْمَلُ عِنْدَ بِنَاءِ الدَّارِ الْوَكِيرَةُ وَأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ ... كُلُّ طَعَامٍ تَشْتَهِي رَبِيعَةُ ... الْخُرْسُ وَالْإِعْذَارُ وَالنَّقِيعَةُ ... وَقَالَ ثَعْلَبٌ وَالْمَأْدُبَةُ كُلُّ مَا دُعِيَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّعَامِ قَالَ وَيُقَالُ طَعَامٌ أُكِلَ عَلَى ضَفَفٍ إِذَا كَثُرَتْ عَلَيْهِ الْأَيْدِي وَكَانَ قَلِيلًا

الحديث التاسع والثلاثون

حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ مَالِكٌ عن ابن شهاب عن عبد الرحمان الْأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِسْ فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ فَانْتَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ ثُمَّ سَلَّمَ قَدْ ذَكَرْنَا ابْنَ بُحَيْنَةَ فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ هَهُنَا

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ الْوَهْمَ وَالنِّسْيَانَ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ وَقَدْ يَكُونُ مَا نَزَلَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ مِثْلِهِ لَيْسَ لِأُمَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَنْسَى أَوْ أُنَسَّى لِأَسُنَّ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَاعْتَدَلَ قَائِمًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَإِنَّمَا قُلْنَا وَاعْتَدَلَ قَائِمًا لِأَنَّ النَّاهِضَ لَا يُسَمَّى قَائِمًا حَتَّى يَعْتَدِلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا الْقَائِمُ الْمُعْتَدِلُ وَفِي حَدِيثِنَا هَذَا ثُمَّ قَامَ وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا يَنْبَغِي لَهُ إِذَا اعْتَدَلَ قَائِمًا أَنَّ يَرْجِعَ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ مَنِ اعْتَدَلَ قَائِمًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَذْكُرَ بِنَفْسِهِ أَوْ يُذَكِّرَهُ مَنْ خَلْفَهُ بِالتَّسْبِيحِ وَلَا سِيَّمَا قَوْمٌ قِيلَ لَهُمْ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صلاته فليسبح

وَهُمْ أَهْلُ النُّهَى وَأَوْلَى مَنْ عَمِلَ بِمَا حَفِظَ وَوَعَى وَأَيُّ الْحَالَيْنِ كَانَتْ فَلَمْ يَنْصَرِفْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْجُلُوسِ بَعْدَ قِيَامِهِ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ أَنْ لَا يَرْجِعَ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى الْجُلُوسِ بَعْدَ قِيَامِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي سُجُودِ سَهْوِهِ وَحَالِ رُجُوعِهِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَا فَعَلَهُ وَتَرْكُ الرُّجُوعِ رُخْصَةٌ وَتَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْجَلْسَةَ لَمْ يكن فَرْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ تَمَادَى وَلَمْ يَجْلِسْ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ هَذَا فَإِنْ عَادَ إِلَى الْجُلُوسِ بَعْدَ قِيَامِهِ هَذَا فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَتُجْزِيهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يسجدهما بعد

السَّلَامِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ يَسْجُدُهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي حِينِ قِيَامِهِ وَرُجُوعِهِ إِلَى الْجُلُوسِ زِيَادَةٌ فَكَأَنَّهُ زَادَ ونقص وقال الشافعي (إذا ذكروا لم يَسْتَتِمَّ قَائِمًا جَلَسَ فَإِنِ اسْتَتَمَّ قَائِمًا لَمْ يَرْجِعْ) وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ (وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ بن مزاحم والأوزاعي وفي قول الشافعي إِذَا رَجَعَ إِلَى الْجُلُوسِ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وفي قول الأسود) وَعَلْقَمَةَ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بِأَنْ رَجَعَ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ إِذَا ذَكَرَ سَاعَةَ يَقُومُ جَلَسَ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يَقْعُدُ مَا لَمْ يَسْتَفْتِحِ الْقِرَاءَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا فَارَقَتِ الْأَرْضَ أَلْيَتُهُ وَهَمَّ بِالْقِيَامِ مَضَى كَمَا هُوَ وَلَا يَرْجِعُ وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ

إِذَا تَجَافَتْ رُكْبَتَاهُ عَنِ الْأَرْضِ مَضَى وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَنْصَرِفُ وَيَقْعُدُ وَإِنْ قَرَأَ مَا لَمْ يَرْكَعْ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ وَهُوَ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ فَإِنَّهُ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْفَتْوَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الله بن الوليد وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ مَاهَانَ جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُبَيْلٍ أَحْمَسُ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ

ابن شُعْبَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا (فَلْيَجْلِسْ وَإِنِ اسْتَوَى قَائِمًا) فَلَا يَجْلِسْ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَلَيْسَ فِي كِتَابِي عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ وَغَيْرِهِ مَنْ تَرَكَ الرُّجُوعَ لِمَنْ قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَصْحَابُنَا وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ الْوُسْطَى سُنَّةٌ لَيْسَتْ بِفَرِيضَةٍ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ لَرَجَعَ السَّاهِي إِلَيْهَا مَتَى ذَكَرَهَا فَقَضَاهَا ثُمَّ سَجَدَ لِسَهْوِهِ كَمَا يَصْنَعُ مَنْ تَرَكَ رَكْعَةً أَوْ سَجْدَةً وَكَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ وَلَرُوعِيَ

فِيهَا مَا يُرَاعَى فِي السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ مِنَ الْوَلَاءِ وَالرُّتْبَةِ وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الْإِتْيَانِ بِهَا فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حُكْمَهَا وَكَانَتْ سَجْدَتَا السَّهْوِ تَنُوبُ عَنْهَا وَلَمْ تَنُبْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الْبَدَنِ غَيْرُهَا عُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِفَرِيضَةٍ وَأَنَّهَا سُنَّةٌ وَلَوْ كَانَتْ فَرِيضَةً مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّجُوعَ إِلَيْهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ أَمَرَ بِالْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ كُلَّ مَنْ سَهَا فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ لِيُكْمِلَ فَرِيضَتَهُ عَلَى يَقِينٍ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ وَالْقِيَامَ وَالْجَلْسَةَ الْأَخِيرَةَ فِي الصَّلَاةِ فَرْضٌ كُلُّهُ وَأَنَّ مَنْ سَهَا عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَذَكَرَهُ رَجَعَ إِلَيْهِ فَأَتَّمَّهُ وَبَنَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَمَادَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُجْبِرُهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ لَكَ وُجُوبُ فَرْضِهِ وَالدَّلِيلُ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَأَمَرَ بِالْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ولا خلاف

بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ صَلَّى جَالِسًا فَرِيضَةً وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِيهِ وَأَنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَتَهَيَّأُ رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ إِلَّا بِقِيَامٍ وَجُلُوسٍ أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدًا لَا يَقْدِرُ عَلَى السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ إِلَّا بِجُلُوسٍ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَرْضٌ (لَا خِلَافَ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْجَلْسَةُ الْآخِرَةُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فَرْضٌ) وَاجِبٌ (أَيْضًا) وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِيهَا إِلَّا بَعْضَ الْبَصْرِيِّينَ بِحَدِيثٍ ضَعِيفٍ انْفَرَدَ بِهِ مَنْ لَا حُجَّةَ فِي نَقْلِهِ فَكَيْفَ بِانْفِرَادِهِ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى وَحْدَهَا مِنْ حَرَكَاتِ الْبَدَنِ كُلِّهَا فِي الصَّلَاةِ فَذَهَبَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ إِلَى مَا ذَكَرْنَا وَحُجَّتُهُمْ مَا وَصَفْنَا وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهَا فَرْضٌ وَاجِبٌ قَالُوا وَلَكِنَّهَا مَخْصُوصَةٌ بِأَنْ لَا يَنْصَرِفَ إِلَيْهَا وَأَنْ تُجْبَرَ بِسَجْدَتَيِ السَّهْوِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَقَالُوا هِيَ أَصْلٌ فِي نَفْسِهَا مَخْصُوصَةٌ بِحُكْمٍ كَالْعَرَايَا مِنَ الْمُزَابَنَةِ وَالْقِرَاضِ مِنَ الْإِجَارَاتِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُقَاسُ عَمَلُ الْبَدَنِ فِي السَّهْوِ عَلَيْهَا إِلَّا فِرْقَةً شَذَّتْ وَغَلِطَتْ وَاعْتَلُّوا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَمَا فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ تَرَكَهَا عَامِدًا لَأَنَّ السُّنَنَ حُكْمُهَا عِنْدَهُمْ أَنَّ مَنْ تَرَكَ مِنْهَا عَامِدًا فَقَدْ قَصَّرَ عَنْ حِفْظِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْكَمَالِ وَلَا يَجِبْ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ إِعَادَةٌ وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ

عِنْدَ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُمَا فَرْضًا مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا يَفْسُدُ بِتَرْكِهِمَا صَلَاةُ مَنْ تَرَكَهُمَا عَامِدًا وَهُمَا عِنْدَ مَنْ لَمْ يُوجِبْهُمَا فَرْضًا مِنْ أَوْكَدِ السُّنَنِ وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ السُّورَةِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَهِيَ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ وَكَذَلِكَ التَّشَهُّدُ عِنْدَ مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ فَرْضًا هُوَ سُنَّةٌ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ وَقَالُوا خَرَجَتِ الْجَلْسَةُ الْوُسْطَى بِدَلِيلِهَا مِنْ بَيْنِ فُرُوضِ الصَّلَاةِ وَانْفَرَدَتْ بِحُكْمِهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصَّهَا بِذَلِكَ كَمَا خَصَّ الْمَأْمُومَ إِذَا أَحْرَمَ وَرَاءَ إِمَامِهِ وَهُوَ رَاكِعٌ أَنْ يَنْحَطَّ إِلَى رُكُوعِهِ بِإِثْرِ إِحْرَامِهِ دُونَ أَنْ يَقِفَ هَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالْوُقُوفُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا فَرْضٌ قَالُوا وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ يَمْنَعُ الْمَأْمُومَ مِنْ أَنْ يَقِفَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَمِنْ أَنْ (يَجْلِسَ فِي) ثَانِيَةٍ لَهُ وَأَنْ يَقُومَ بَعْدَ أُولَى لَهُ كَانَ دَلِيلُهُ عَلَى (مُخَالَفَةِ رُتْبَةِ الصَّلَاةِ اتِّبَاعَ إِمَامِهِ وَجَازَ لَهُ فِي اتِّبَاعِهِ مَا لَوْ

فَعَلَهَ عَامِدًا هُوَ وَحْدَهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ أَوْ فَعَلَهُ سَاهِيًا لَمْ تُجْزِهِ وَكَانَ دَلِيلُهُ عَلَى (ذَلِكَ كُلِّهِ) قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ مَعَ إِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ وَخَصَّ بِهَذَا الدَّلِيلِ تِلْكَ الْجُمَلَ (الْعِظَامَ) والأصول الجسام فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ انْصِرَافِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ خَصَّهَا مِنْ بَيْنِ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ (بِحُكْمٍ تُجْبَرُ فِيهِ بِسَجْدَتَيِ السَّهْوِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْفَرَائِضِ فِي الصَّلَاةِ) وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ فَرْضٌ كَسَائِرِ حَرَكَاتِ الْبَدَنِ إِذْ لَيْسَ مِنْ حَرَكَاتِ الْبَدَنِ (فِي الصَّلَاةِ) شَيْءٌ غَيْرَ فَرْضٍ قَالُوا فَالْجَلْسَةُ الْوُسْطَى (أَصْلٌ فِي نَفْسِهَا) لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا لِأَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ وَقَدْ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ في باب قوله عز وجل يا بني آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ الْآيَةَ بَعْدَ كَلَامٍ كَثِيرٍ يَحْتَجُّ فِيهِ عَلَى

مَنْ جَعَلَ السُّتْرَةَ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ (قَالَ) وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ لُبْسَ الثَّوْبِ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْمُفْتَرَضَ فِي الصَّلَاةِ حَرَكَاتُ الْبَدَنِ مِنْ حِينِ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ إِلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا فِي تَكْبِيرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَلُبْسُ الثَّوْبِ إِنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ يَبْقَى فِي الصَّلَاةِ كَمَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ وَإِنَّمَا هُوَ زِينَةٌ لِلْإِنْسَانِ وَسِتْرٌ لَهُ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا قَالَ وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ لَوَجَبَ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الصَّلَاةَ عِنْدَ اللُّبْسِ كَمَا يَنْوِي بِتَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ (الدُّخُولَ) فِي الصَّلَاةِ (هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ إِسْمَاعِيلَ وَإِنَّمَا جَلَبْنَاهُ لِقَوْلِهِ إِنَّ حَرَكَاتِ الْبَدَنِ مُفْتَرَضَاتٌ فِي الصَّلَاةِ) وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِيهَا شَيْئًا

وَقَدْ ذَهَبَتْ فِرْقَةٌ إِلَى إِيجَابِ الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى فَرْضًا وَرَأَتِ الِانْصِرَافَ إِلَيْهَا مَا لَمْ يَعْمَلِ الْمُصَلِّي بَعْدَهَا مِنَ الْعَمَلِ مَا يَمْنَعُهُ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَيْهَا وَشَذَّتْ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهَا عِنْدِي مَرْدُودٌ بِدَلِيلِ السُّنَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَذَهَبَ ابْنُ عُلَيَّةَ إِلَى أَنَّ الْجَلْسَةَ الْآخِرَةَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ بِفَرْضٍ قِيَاسًا عَلَى الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى وَاحْتَجَّ فِي الْوُسْطَى بِحَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ وَفِي الْآخِرَةِ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ إِذَا رَفَعَ أَحَدُكُمْ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ الْآخَرِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَحْدَثَ فَقَدْ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ من جهة النقل الناس عَلَى خِلَافِهِ وَالْجَلْسَةُ الْوُسْطَى لَا تَخْلُو (مِنْ) أَنْ تَكُونَ مَخْصُوصَةً فَلَا يَجُوزُ الْقِيَاسُ (عَلَيْهَا) أو يكون سُنَّةً فَذَلِكَ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهَا الْفَرْضُ قَدْ قَامَتْ

الدَّلَائِلُ عَلَى فَرْضِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مِنَ القرآن والسنة والإجماع وقد ذكرناها كل أَعْمَالِ الْبَدَنِ قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ إِلَّا مَا خَصَّتْهُ السُّنَّةُ مِنَ الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ ابْنِ عُلَيَّةَ مَعَ شُذُوذِهِ أَيْضًا فِيهِ (وَالْقَوْلُ) بِأَنَّ الْجَلْسَةَ الْوُسْطَى لَيْسَتْ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنِّي رَأَيْتُ الْفَرَائِضَ يَسْتَوِي فِي تَرْكِهَا السَّهْوُ وَالْعَمْدُ إِلَّا فِي الْمَأْثَمِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ سَهَا عَنْ مَسْحِ رَأْسِهِ وَمَنْ تَعَمَّدَ ذلك ومن سها عن سجدة من تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَسَائِرُ الْفَرَائِضِ فِي الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ عَلَى هَذَا إِلَّا أَنَّ الْمُتَعَمِّدَ آثِمٌ وَالسَّاهِيَ قَدْ رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ الْإِثْمَ فَلَوْ كَانَتِ الجلسة الوسطى فرضا للزم الساعي عَنْهَا (الِانْصِرَافُ إِلَيْهَا) وَالْإِتْيَانُ بِهَا وَلَفَسَدَتْ صَلَاتُهُ بِتَرْكِ الرُّجُوعِ إِلَيْهَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سُبِّحَ بِهِ لَهَا فَمَا انْصَرَفَ إِلَيْهَا وَحَسْبُكَ بِهَذَا حُجَّةً لِمَنْ يُعَانِدُ وَاللَّهُ نَسْأَلُهُ الْعِصْمَةَ وَالتَّوْفِيقَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجُشَمِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَّامٍ السُّوَيْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَسَبَّحَ بِهِ مَنْ خَلْفَهُ فَأَشَارَ أَنْ قُومُوا فَلَمَّا أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ فَنَهَضَ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ فَقُلْنَا سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَمَضَى فَلَمَّا أَتَمَّ صَلَاتَهُ وَسَلَّمَ سَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ كَمَا صَنَعْتُ

قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ (يَرْفَعُهُ وَرَوَاهُ أَبُو الْعُمَيْسِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدِ قَالَ) (صَلَّى بِنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مِثْلَ حَدِيثِ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ أَبُو عُمَيْسٍ نَضْرٌ الْمَسْعُودِيُّ وَفَعَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَاصٍّ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمُغِيرَةُ) وَعِمْرَانُ بْنُ حَصِينٍ وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَأَفْتَى بِذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي دَاوُدَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ قَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَسَبَّحُوا بِهِ فَمَضَى فِي صَلَاتِهِ فَلَمَّا سَجَدَ

سَجْدَتَيِ السَّهْوِ ثُمَّ حَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ فَصَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَالِكٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ سَهَا فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَسَبَّحُوا بِهِ فَمَضَى فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ نَهَضَ فِي الركعتين

فَسَبَّحُوا بِهِ فَاسْتَتَمَّ قَائِمًا ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ حِينَ انْصَرَفَ ثُمَّ قَالَ كُنْتُمْ تُرَوْنِي أَجْلِسُ إِنَّمَا صَنَعْتُ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَحَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ سَعْدٍ مَوْقُوفٌ وَقَدْ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ سَعْدٍ فِي الْقِيَامِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ قَالَ يَحْيَى خَطَأٌ لَيْسَ يَرْفَعُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسٍ قَالَ أَمَّنَا سَعْدٌ فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَسَبَّحَ بِهِ مَنْ خَلْفَهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مَوْقُوفًا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن الحنبل قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ

عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ عَبْدَ الرحمان بْنَ شَمَاسَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قَامَ فِي صَلَاتِهِ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ فَقَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ (سُبْحَانَ اللَّهِ) فَعَرَفَ الَّذِي يُرِيدُونَ فَلَمَّا أَتَمَّ صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ قَوْلَكُمْ وَهَذِهِ السُّنَّةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْآثَارَ لِمَا فِيهَا مِنَ التَّسْبِيحِ بِالسَّاهِي الْقَائِمِ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَإِعْلَامِهِ بِسَهْوِهِ ذَلِكَ وَإِبَايَتِهِ مِنَ الِانْصِرَافِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَلْسَةَ الْوُسْطَى لَيْسَتْ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ وَهَذِهِ الْآثَارُ مُوَافِقَةٌ لِحَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ مِنْ وَجْهٍ مُخَالِفَةٌ لَهُ مِنْ آخَرَ لِأَنَّ فِيهَا السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ وَبِهَذِهِ الْآثَارِ يَحْتَجُّ مَنْ رَأَى السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ فقال ابن شهاب للزهري وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عبد الرحمان وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ السُّجُودُ كُلُّهُ قَبْلَ السَّلَامِ وَرُوِيَ هَذَا

الْقَوْلُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ أَبِي السَّائِبِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمُعَاوِيَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهِ قَالَ مَكْحُولٌ وَالْحُجَّةُ لِقَائِلِهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنِ ابْنِ أَبِي بُحَيْنَةَ وَهُوَ أَقْوَى إِسْنَادًا مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ وَأَثْبَتُ وَحُجَّتُهُمْ فِي الزِّيَادَةِ حَدِيثُ أبي سعيد الخدري وابن عباس وعبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَالسُّجُودِ (فِي ذَلِكَ قَبْلَ السَّلَامِ) وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحَدِيثَ (فِي ذَلِكَ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ (1)) حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ الْبَجَلِيُّ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ أَخِيهِ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ أَنَّ الزُّهْرِيَّ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ السَّجْدَتَانِ قَبْلَ

السَّلَامِ فَقَالَ عُمَرُ أَبَى ذَلِكَ أَبُو سَلَمَةَ بن عبد الرحمان يَا زُهْرِيُّ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَيْمُونٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ صَلَّى لِلنَّاسِ الْمَغْرِبَ فَسَهَا فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَقَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ فَلَمْ يَجْلِسْ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَسَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ فَقَالَ أَصَبْتَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالسُّنَّةُ عَلَى غَيْرِ الَّذِي صَنَعْتَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَكَيْفَ قَالَ تَجْعَلُهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ قَالَ عُمَرُ إِنِّي قُلْتُ إِنَّهُ دَخَلَ عَلَيَّ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ مَا دَخَلَ عَلَيْكَ دَخَلَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ

السُّجُودُ كُلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وعبد الله بن مسعود وسعيد بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَالضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَبِهِ قَالَ الحسن البصري وأبو سلمة بن عبد الرحمان وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَيُجْزِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنْ يَسْجُدَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ كُلُّ سَهْوٍ كَانَ نُقْصَانًا فِي الصَّلَاةِ فَسُجُودُهُ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ وَكُلُّ سَهْوٍ هُوَ زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَالسُّجُودُ فِيهِ بَعْدَ السَّلَامِ) (عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو ثَوْرٍ

وَقَالَ إِسْحَاقُ كُلُّ مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ فِيهِ فِي الزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ وَفِي النُّقْصَانِ قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ السَّهْوَ إِذَا اجْتَمَعَ فِيهِ زِيَادَةٌ وَنُقْصَانٌ أَنَّ السُّجُودَ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ سُجُودُ السَّهْوِ عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ إِذَا نَهَضَ مِنِ اثْنَتَيْنِ سَجَدَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَصَحُّ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَهُوَ إِمَامُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِذَا شَكَّ فَرَجَعَ إِلَى الْيَقِينِ سَجَدَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ أَيْضًا عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ وَإِذَا سَلَّمَ مِنِ اثْنَتَيْنِ سَجَدَهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ قَالَ وَإِذَا شك فكان

مِمَّنْ يَرْجِعُ إِلَى التَّحَرِّي سَجَدَهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ وَكُلُّ سَهْوٍ يَدْخُلُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ مَا ذَكَرْنَا يَسْجُدُ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ وَبِهَذَا كُلِّهِ مِنْ قَوْلِ أَحْمَدَ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَأَبُو خَيْثَمَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى خُصَيْفٌ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي يَشُكُّ فَلَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى أَكْثَرِ ظَنِّهِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ خُصَيْفٍ وَهُوَ خِلَافٌ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْقَوْلُ فِي التَّحَرِّي وَفِي الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَهُمَا عِنْدَنَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

وَقَالَ دَاوُدُ لَا يَسْجُدُ أَحَدٌ لِلسَّهْوِ إِلَّا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي سَجَدَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسُّجُودُ عِنْدَهُ فِي القيام من اثنين بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَزَعَمَ أَنَّهُ زَادَ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ زِيَادَةً يَجِبُ قَبُولُهَا وَحَجَّتُهُ حَدِيثُ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَإِذَا سَلَّمَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا الْحُجَّةَ لِهَذِهِ الْأَقْوَالِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّشَهُّدِ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَالسَّلَامِ مِنْهُمَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا تَشَهُّدَ فِيهِمَا وَلَا تَسْلِيمَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ عَطَاءٍ وَهُوَ قَوْلُ الأوزاعي

وَالشَّافِعِيِّ لِأَنَّ السُّجُودَ كُلَّهُ عِنْدَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ التَّشَهُّدِ عِنْدَهُمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ إِنْ شَاءَ تَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ وَقَالَ آخَرُونَ يَتَشَهَّدُ فِيهِمَا لَا يُسَلِّمُ قَالَهُ يَزِيدُ بْنُ قُسَيْطٍ وَرِوَايَةٌ عَنِ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَالنَّخَعِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ (وَالثَّوْرِيُّ) وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِنْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَتَشَهَّدْ وَإِنْ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ تَشَهَّدَ وَبِهَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ يُسَلِّمُ مِنْهُمَا وَلَا يَتَشَهَّدُ فِيهِمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ رَأَى السَّلَامَ فِيهِمَا فَعَلَى أَصْلِهِ فِي التَّسْلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ وَالتَّسْلِيمَتَيْنِ وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَلَّمَ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَهُوَ

حَدِيثٌ ثَابِتٌ فِي السُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ وَمَنْ رَأَى السُّجُودَ كُلَّهُ قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى هَذَا لِأَنَّ السَّلَامَ مِنَ الصَّلَاةِ هُوَ السَّلَامُ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ هَذَا وَأَمَّا التَّشَهُّدُ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فَلَا أَحْفَظُهُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا التَّكْبِيرُ فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فَمَحْفُوظٌ ثَابِتٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ وَغَيْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ويونس بن يزيد والليث أن ابن شهاب أخبرهم عن عبد الرحمان الْأَعْرَجِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُحَيْنَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَامَ فِي اثْنَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ فَلَمْ يَجْلِسْ فلما قضى صلاته سجد

سجدتين فكبر فِي كُلِّ سَجْدَةٍ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ وَسَجَدَهُمَا النَّاسُ مَعَهُ لِمَكَانِ مَا نَسِيَ مِنَ الْجُلُوسِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي وَبَقِيَّةُ قَالَا حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عن الزهري عن عبد الرحمان الْأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ وَزَادَ فَكَانَ مِنَّا التَّشَهُّدُ فِي قِيَامِهِ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَتَشَهَّدَ وَهُوَ جَالِسٌ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا هِقْلٌ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ هُرْمُزَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُحَيْنَةَ

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سَهَى عَنْ قُعُودٍ قَامَ مِنْهُ فَلَمَّا فَرَغَ وَانْتُظِرَ سَلَامُهُ كَبَّرَ فَسَجَدَ ثُمَّ كَبَّرَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ ثُمَّ كَبَّرَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ سَلَّمَ لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ عُيَيْنَةَ كَبَّرَ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ فِي الصَّلَاةِ فَأَمَّا الْفَرْضُ فِي ذَلِكَ فَعَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْجَلْسَةَ الْأَخِيرَةَ فَرْضٌ وَالسَّلَامَ فَرْضٌ وَحَكَى مِثْلَ هَذَا الصَّعْبُ فِي مُخْتَصَرِهِ عَنْ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةٍ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ بَيَانَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضٌ لِأَنَّ أَصْلَ فَرْضِهَا مُجْمَلٌ يَفْتَقِرُ إِلَى الْبَيَانِ فَكُلُّ عَمَلِهِ فِيهَا فَرْضٌ إِلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلِ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَبِأَشْيَاءَ يَطُولُ ذِكْرُهَا مِنْهَا حَدِيثُ عَلِيِّ

ابْنِ طَلْقٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ قَالُوا وَمَا لَمْ يُسَلِّمْ فَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا بِغَيْرِ السَّلَامِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْجُلُوسَ فِيهَا فَرْضٌ وَالسَّلَامَ فَرْضٌ وَلَيْسَ التَّشَهُّدُ بِوَاجِبٍ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ عَمَلَ الْبَدَنِ كُلَّهُ فَرْضٌ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى فَرْضِ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَكَذَلِكَ كَلُّ عَمَلِ الْبَدَنِ إِلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ وَهِيَ الْجَلْسَةُ الْوُسْطَى وَحُجَّتُهُمْ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لم يخرج قط من صلاته إلا بالتسليم قال تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ وَقَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ فَسَقَطَ التَّشَهُّدُ لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَلَا شَيْءَ مِنَ الذِّكْرِ وَاجِبٌ غَيْرَ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّ الْجُلُوسَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَرْضٌ وَلَيْسَ التَّشَهُّدُ وَلَا السَّلَامُ بِوَاجِبٍ فَرْضًا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ

وَاحْتَجُّوا لَهُ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ فِي بَيَانِ مجمل الصلاة وعمل البدن بحديث عبد الرحمان بْنِ زِيَادِ بْنِ الْأَنْعُمِ وَهُوَ الْإِفْرِيقِيُّ أَنَّ عبد الرحمان بْنَ رَافِعٍ وَبَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَاهُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَحْدَثَ الرَّجُلُ وَقَدْ جَلَسَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الْإِفْرِيقِيِّ

وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ أَنَّ الْجُلُوسَ وَالتَّشَهُّدَ وَاجِبَانِ وَلَيْسَ السَّلَامُ بِوَاجِبٍ قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ حِينَ عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّشَهُّدَ وَقَالَ إِذَا فَرَغْتَ مِنْ هَذَا فَقَدَ تَمَّتْ صَلَاتُكَ وَقَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ أَنْ لَيْسَ الْجُلُوسُ مِنْهَا وَلَا التَّشَهُّدُ وَلَا السَّلَامُ بِوَاجِبٍ إِنَّمَا ذَلِكَ كُلُّهُ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ هَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ عُلَيَّةَ وَصَرَّحَ بِقِيَاسِ الْجَلْسَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى الْأُولَى فَخَالَفَ الْجُمْهُورَ وَشَذَّ إِلَّا أَنَّهُ يَرَى الْإِعَادَةَ عَلَى مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى فِي حَدِيثِ الْإِفْرِيقِيِّ الْمَذْكُورِ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَحْدَثَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ جُلُوسًا وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ لِضَعْفِ سَنَدِهِ وَاخْتِلَافِهِمْ فِي لَفْظِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي كَيْفِيَّةِ السَّلَامِ وَوُجُوبِهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ

الحديث الأربعون

حديث ثالث لابن شهاب عن عبد الرحمان الْأَعْرَجِ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جداره ثم يقول ابو هريرة مالي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ (عَنْ مَالِكٍ) بِهَذَا الْإِسْنَادِ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى وَرَوَاهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ

أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ مَالِكٍ بِالْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا وَلَكِنَّهُ فِي الْمُوَطَّأِ كَمَا ذَكَرْتُ لَكَ وَرَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ عَنْ عبد الرحمان الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ إِلَّا مَعْمَرًا فَإِنَّ عِنْدَهُ فِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً عَلَى حَائِطِهِ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عُقَيْلٍ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ (عَنِ الزُّهُرِيِّ) عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ حَدِيثَ الْأَعْرَجِ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ (وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ الصِّنْهَاجِيُّ عَنْ مَعْمَرٌ وَمَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَوَهِمَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَيْسَ يَصِحُّ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ وَلَا عَنْ مَعْمَرٍ ذِكْرُ أَبِي سَلَمَةَ فِيمَا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ (وَقَدْ) رُوِيَ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ (عَنْ مَالِكٍ) عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَالصَّوَابُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) وَقَالَ يَعْقُوبُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ قَالَ لِي مَعْنُ بْنُ عِيسَى أَتُنْكِرُ الزُّهْرِيَّ وَهُوَ يَتَمَرَّغُ فِي أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنْ يَرْوِيَ الْحَدِيثَ عَنْ عِدَّةٍ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ

الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن عبد الرحمان الْأَعْرَجِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدَكُمْ جَارُهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ فَلَا يَمْنَعْهُ فَلَمَّا حَدَّثَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ نكسوا رؤوسهم فقال مالي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ أَمَا وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ هَكَذَا يَقُولُ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا اسْتَأْذَنَ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي حَفْصَةَ وَعُقَيْلٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ إِذَا سَأَلَ أَحَدَكُمْ جَارُهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ فَلَا يَمْنَعْهُ هَكَذَا رَوَى هَؤُلَاءِ (هَذَا) الْحَدِيثَ عَلَى سُؤَالِ الْجَارِ (جَارَهُ) وَاسْتِئْذَانِهِ إِيَّاهُ أَنْ يَجْعَلَ خَشَبَةً عَلَى جِدَارِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ معمر

وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَيُونُسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ السُّؤَالَ وَالْمَعْنَى عِنْدِي فِيهِ وَاحِدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَفِي سَائِرِ مَعْنَى الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ فِيهِ مَنْ سَأَلَهُ جَارُهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا هارون بن كامل وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عبد الرحمان بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَأَلَهُ جَارُهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ فَلَا يَمْنَعْهُ

(قال الليث هذا إن شاء الله مالنا عَنْ مَالِكٍ وَآخِرُهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَجَّاجٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ زِيَادٍ الْعَامِرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عبد الرحمان الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ سَأَلَهُ جَارُهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ فَلَا يَمْنَعْهُ) وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ سَأَلَهُ جَارُهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ فَلَا يَمْنَعْهُ قَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ سَمِعْتُهُ مِنَ اللَّيْثِ عَنْ مَالِكٍ وَمَالِكٌ حَيٌّ ثُمَّ سَمِعْتُهُ مِنْ مَالِكٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لِذَلِكَ جَاءَ بِهِ عَلَى لَفْظِ اللَّيْثِ لَا عَلَى لَفْظِ الْمُوَطَّأِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى يَقُولُ سَأَلْتُ ابْنَ وَهْبٍ عَنْ خَشَبَةٍ أَوْ خَشَبِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ سَمِعْتُ مِنْ جَمَاعَةٍ خَشَبَةً (يَعْنِي) عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ اللَّفْظَانِ جَمِيعًا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وَقَدِ اخْتَلَفَ عَلَيْنَا فِيهِمَا الشُّيُوخُ فِي مُوَطَّأِ يَحْيَى عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ لِأَنَّ الْوَاحِدَ يَقُومُ مَقَامَ الْجَمْعِ فِي هَذَا الْمَعْنَى إِذَا أَتَى بِلَفْظِ النَّكِرَةِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْعَرَبِيَّةِ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا عَلَيْنَا فِي أَكْتَافِكُمْ وَأَكْنَافِكُمْ وَالصَّوَابُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ الْأَكْثَرُ التَّاءُ

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَوْمٌ مَعْنَاهُ النَّدْبُ إِلَى بِرِّ الْجَارِ وَالتَّجَاوُزِ لَهُ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إبراهيم بن جامع بمصر قَالَ حَدَّثَنَا الْمِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَيْسَ يُقْضَى عَلَى رَجُلٍ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ لِجَارِهِ وَإِنَّمَا نَرَى أَنَّ ذَلِكَ (كَانَ) مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوَصَاةِ بِالْجَارِ قَالَ وَمَنْ أَعَارَ صَاحِبَهُ خَشَبَةً يَغْرِزُهَا فِي جِدَارِهِ ثُمَّ أَغْضَبَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَأَمَّا إِنِ احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ لِأَمْرٍ

نَزَلَ بِهِ فَذَلِكَ لَهُ قَالَ وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِهِ فَقَالَ انْزِعْ خَشَبَكَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عِنْدَنَا الِاخْتِيَارُ وَالنَّدْبُ فِي إِسْعَافِ الْجَارِ وَبِرِّهِ إِذَا سَأَلَهُ ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ وَلَمْ يَخْتَلِفْ عُلَمَاءُ السَّلَفِ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى النَّدْبِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ فَكَذَلِكَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ وَحَمَلُوهُ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمُ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا وَهَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ الْحَضُّ وَالنَّدْبُ عَلَى حَسْبَمَا يَرَاهُ الزَّوْجُ مِنَ الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ فِي ذلك

وَقَالَ أَصْبَغُ بْنُ الْقَاسِمِ لَا يُؤْخَذُ بِمَا قَضَى بِهِ عُمَرُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِي الْخَلِيجِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَحَقَّ بِمَالِ أَخِيهِ مِنْهُ إِلَّا بِرِضَاهُ قَالَ وَأَمَّا ما حكم به لعبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ بِتَحْوِيلِ الرَّبِيعِ مِنْ مَوْضِعِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنَ الْحَائِطِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِ وَيُعْمَلُ بِمِثْلِهِ لِأَنَّ مَجْرَى ذَلِكَ الرَّبِيعِ كَانَ لعبد الرحمان ثابتا فِي الْحَائِطِ وَإِنَّمَا أَرَادَ تَحْوِيلَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ هِيَ أَقْرَبُ عَلَيْهِ وَأَرْفَقُ بِصَاحِبِ الْحَائِطِ فَلِذَلِكَ حَكَمَ لَهُ عُمَرُ بِتَحْوِيلِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ فَقَالَ مَالِكٌ مَا أَرَى أَنْ يُقْضَى بِهِ وَمَا أَرَاهُ إِلَّا مِنْ وَجْهِ الْمَعْرُوفِ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ كَانَ لَهُ حَائِطٌ فَأَرَادَ جَارُهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ سُتْرَةً يَسْتَتِرُ بِهَا مِنْهُ قَالَ لَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ صَاحِبُهُ

وَقَالَ آخَرُونَ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي ذَلِكَ مَضَرَّةٌ عَلَى صَاحِبِ الْجِدَارِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ وَأَبُو هُرَيْرَةَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى مَا سَمِعَ وَمَا كَانَ لِيُوجِبَ عَلَيْهِمْ غَيْرَ وَاجِبٍ وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَحَكَى مَالِكٌ عَنِ الْمُطَّلِبِ قَاضٍ كَانَ بِالْمَدِينَةِ كَانَ يَقْضِي بِهِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا أَنْ قَالُوا هَذَا قَضَاءٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمِرْفَقِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى التَّمْلِيكِ وَالِاسْتِهْلَاكِ وَلَيْسَ الْمِرْفَقُ مِنْ ذَلِكَ وكيف يكون منه والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ فَأَوْجَبَ أَحَدَهُمَا وَمَنَعَ (مِنَ) الْآخَرِ

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى بِذَلِكَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ لِلضَّحَّاكِ بْنِ خَلِيفَةَ فِي سَاقِيَةٍ يَسُوقُهَا الضَّحَّاكُ فِي أَرْضِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَقَالَ لَهُ وَاللَّهِ لَيَمُرَّنَ بِهَا وَلَوْ عَلَى بَطْنِكَ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَاجِبًا عِنْدَ عُمَرَ مَا أَجْبَرَهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مِنْ باب لا يحل مال امرئ مسلم إلاعن طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ عَلَى رَغْمِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَكَذَلِكَ قَضَى عمر لعبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيِّ جَدِّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ مِثْلَ مَا قَضَى بِهِ لِلضَّحَّاكِ بْنِ خَلِيفَةَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَضَاءِ عُمَرَ مُسْتَفِيضٌ مُتَرَدِّدٌ رَوَى مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ خَلِيفَةَ سَاقَ خَلِيجًا لَهُ مِنَ الْعَرِيضِ فَأَرَادَ أَنْ يمر

بِهِ فِي أَرْضِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَأَبَى مُحَمَّدٌ فَقَالَ لَهُ الضَّحَّاكُ لِمَ تَمْنَعُنِي وَهُوَ لَكَ مَنْفَعَةٌ تَشْرَبُ مِنْهُ أَوَّلًا وَآخِرًا وَلَا يَضُرُّكَ فَأَبَى مُحَمَّدٌ فَكَلَّمَ فِيهِ الضَّحَّاكُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ (فَأَمَرَهُ) أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا فَقَالَ عُمَرُ لِمَ تَمْنَعُ أَخَاكَ مَا يَنْفَعُ وَهُوَ لَكَ نَافِعٌ تَسْقِي بِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا وَهُوَ لَا يَضُرُّكَ فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا وَاللَّهِ فَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ لَيَمُرَّنَ بِهِ وَلَوْ عَلَى بَطْنِكَ فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَمُرَّ بِهِ فَفَعَلَ الضَّحَّاكُ وَرَوَى مَالِكٌ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كان في حائط جده ربيع لعبد الرحمان بن عوف فأراد عبد الرحمان (بْنُ عَوْفٍ) أَنْ يُحَوِّلَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْحَائِطِ هِيَ أَقْرَبُ إِلَى أَرْضِهِ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الحائط فكلم عبد الرحمان

عمر بن الخطاب فقضى لعبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ بِتَحْوِيلِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالرَّبِيعُ السَّاقِيَةُ وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَيْضًا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ يُرْوَى عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ اسْتُشْهِدَ مِنَّا غُلَامٌ يَوْمَ أُحُدٍ فَجَعَلَتْ أُمُّهُ تَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ وَتَقُولُ أَبْشِرْ هَنِيئًا لَكَ الْجَنَّةُ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُدْرِيكِ لَعَلَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ وَيَمْنَعُ مَا لَا يَضُرُّهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ لِأَنَّ الْأَعْمَشَ لَا يَصِحُّ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ أَنَسٍ وَكَانَ مُدَلِّسًا عَنِ الضُّعَفَاءِ وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَيْضًا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ مَا وَجَدْتُهُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ

قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ ابْتَنَى فَلْيَدْعُمْ جُذُوعَهُ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ قَالَ أَسَدٌ وَحَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ دِينَارٍ عن أبي عكرمة المخرومي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ (مُسْلِمٍ) أَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ خَشَبَاتٍ يَضَعُهَا عَلَى جِدَارِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ لَأَضْرِبَنَّ بِهَا بَيْنَ أَعْيُنِكُمْ وَإِنْ كَرِهْتُمْ قَالَ أَسَدٌ وَحَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَمْنَعَ الرَّجُلُ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَةً عَلَى جِدَارِهِ وَزَعَمَ الشافعي أنه لم يرو عن أحد من الصَّحَابَةِ خِلَافُ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَنْكَرَ عَلَى مَالِكٍ تَرْكَهُ لِكُلِّ مَا أَدْخَلَ

فِي مُوَطَّئِهِ مِنَ الْآثَارِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِالْمِرْفَقِ وَقَالَ جَعَلَ فِي أَوَّلِ بَابِ الْقَضَاءِ بِالْمِرْفَقِ مِنْ مُوَطَّئِهِ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ ثُمَّ أَرْدَفَ ذَلِكَ بِحَدِيثَيْ عُمَرَ الْمَذْكُورَيْنِ فِي قِصَّةِ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَقِصَّةِ الْمَازِنِيِّ مع الضحاك وعبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَكَأَنَّهُ جَعَلَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ مُفَسِّرَةً لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ قَالَ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ (إِنَّهُ) لَمْ يُرْوَ عَنْ (أَحَدٍ مِنَ) الصَّحَابَةِ خِلَافُ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي هَذَا الْبَابِ فَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَجُلَّةِ الْأَنْصَارِ وَمِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا قَدْ خَالَفَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ وَأَبَى مِمَّا

رَآهُ وَقَالَ وَاللَّهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لَوْ كَانَ رَأْيُهُ وَمَذْهَبُهُ فِي ذَلِكَ كَمَذْهَبِ عُمَرَ مَا امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ أَوْ مِنْ قَضَاءِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِيجَابِ لِلْجَارِ لَمَا خَالَفَهُ وَلَكِنْ رَآهُ عَلَى النَّدْبِ خِلَافًا لِمَذْهَبِ عُمَرَ وَإِذَا وُجِدَ الْخِلَافُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ وَجَبَ النَّظَرُ (وَالنَّظَرُ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَمَنْ قَالَ بُقُولِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ يَعْنِي أَمْوَالَ بعضهكم عَلَى بَعْضٍ وَدِمَاءَ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ وَأَعْرَاضَ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ (حَرَامٌ) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مِنَ الْمُؤْمِنِ دَمَهُ وَمَالَهُ وَعِرْضَهُ وَأَنْ لَا يُظَنَّ بِهِ إِلَّا الْخَيْرُ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ

والأصول في هذا كثير جِدًّا وَلِهَذِهِ الْأُصُولِ الْجِسَامِ وَلِمِثْلِهَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ حَمَلَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى النَّدْبِ وَالْفَضْلِ وَالْإِحْسَانِ لَا عَلَى الْوُجُوبِ لِتُسْتَعْمَلَ أَخْبَارُهُ وَسُنَّتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهَا وَهَكَذَا يَجِبُ عَلَى الْعَالَمِ مَا وَجَدَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ أَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ وَنَهَى أَنْ يَمْنَعَ الرَّجُلُ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ فَلَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِنَقْلِهِ عَلَى مِثْلِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَا يَحِلُّ فِي حُقُوقِ الْجَارِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ مَنْعَ مَا لَا يَضُرُّ لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ (الْكِرَامِ مِنَ) الْمُؤْمِنِينَ وَمِنَ الدَّلِيلِ (أَيْضًا) عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَعَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَزَلْ مِنْ زَمَنِ عُمَرَ قول أبي هريرة مالي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَذَلِكَ فِي زَمَنِ الْأَعْرَجِ

وَالتَّابِعِينَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّاسَ لَمْ يَتَلَقَّوْا حَدِيثَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ إِيجَابِ ذَلِكَ وَمَذْهَبُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا كَمَذْهَبِ عُمَرَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ لِمَنْ خَالَفَنَا وَعَلَيْهِمْ لَمْ أَذْكُرْهُ مَخَافَةَ التَّطْوِيلِ وَأَمَّا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ فَاضْطَرَبَ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَلَا مَذْهَبِ الْعِرَاقِيِّينَ وَلَا مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَتَنَاقَضَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يُحْسِنِ الِاخْتِيَارَ قَالَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ لَازِمٌ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ عَلَى مَنْ أَبَاهُ وَأَنْ يُجْبِرَهُ عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ حَقٌّ قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُ أَيْضًا مِنَ الضِّرَارِ أَنْ يَدْفَعَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَ بَيْتِهِ فِي جِدَارِهِ فَيَمْنَعُهُ بِذَلِكَ الْمَنْفَعَةُ وَصَاحِبُ الْجِدَارِ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَالَ وَيَدْخُلُهُ أَيْضًا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ

وَقَوْلُ عُمَرَ لِمَ تَمْنَعُ أَخَاكَ مَا لَا يَضُرُّكَ قَالَ وَقَدْ قَضَى مَالِكٌ لِلْجَارِ إِذَا تغورت بيده أَنْ يَسْقِيَ نَخْلَهُ وَزَرْعَهُ بِبِئْرِ جَارِهِ حَتَّى يُصْلِحَ بِئْرَهُ وَهَذَا أَبْعَدُ مِنْ غَرْزِ الْخَشَبَةِ فِي جِدَارِ الْجَارِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ بِالْجِدَارِ إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يُوهِنَ الْجِدَارَ وَيَضُرَّ بِهِ لَمْ يُجْبَرْ صَاحِبُ الْجِدَارِ وَقِيلَ لِصَاحِبِ الْخَشَبِ احْتَلْ لِخَشَبِكَ وَمِثْلُهُ حَدِيثُ ربيع عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ فِي حَائِطِ الْمَازِنِيِّ قَالَ وَالرَّبِيعُ الساقية فأراد عبد الرحمان بْنُ عَوْفٍ أَنْ يُحَوِّلَهُ إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْحَائِطِ هُوَ أَقْرَبُ إِلَى أَرْضِهِ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الحائط فقضى عمر لعبد الرحمان بِتَحْوِيلِهِ قَالَ وَهَذَا أَيْضًا يُجْبَرُ عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ مَجْرَى ذَلِكَ الرَّبِيعِ كَانَ ثابتا في الحائط لعبد الرحمان وَقَدِ اسْتَحَقَّهُ فَأَرَادَ تَحْوِيلَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى هِيَ أَقْرَبُ عَلَيْهِ وَأَرْفَقُ بِصَاحِبِ الْحَائِطِ قَالَ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّالِثُ فِي قِصَّةِ الضَّحَّاكِ بْنِ خَلِيفَةَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ

مَسْلَمَةَ فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ يَرَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَازِمًا فِي الْحُكْمِ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ تَشْدِيدًا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَحَقَّ بِمَالِ أَخِيهِ مِنْهُ إِلَّا بِرِضَاهُ (قَالَ) وَلَيْسَ مِثْلَ هَذَا حكم عمر في ربيع عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي حَائِطِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ طَرِيقٌ وَلَا رَبِيعٌ (قَالَ) وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ (ابْنِ) حَبِيبٍ وَالْخَطَأُ فِيهِ وَالتَّنَاقُضُ أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الواحد والاربعون

ابن شهاب عن أبي عبيد مولىابن أَزْهَرَ حَدِيثَانِ وَاسْمُ أَبِي عُبَيْدٍ هَذَا سَعْدُ بن عبيد مولى عبد الرحمان بْنِ أَزْهَرَ بْنِ عَوْفٍ ابْنِ أَخِي عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ قَالَ الْوَاقِدِيُّ يُنْسَبُ وَلَاؤُهُ إِلَى عبد الرحمان بن أزهر وأحيانا ينسب إلى عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ هُوَ مولى عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مولى عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَذَلِكَ قَالَ مَعْمَرٌ عَنْهُ فِيهِ وَكَذَلِكَ قَالَ فِيهِ جُوَيْرِيَّةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عبيد مولى عبد الرحمان بن عوف

وَقَالَ فِيهِ سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عبيد مولى عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَقَدْ كَانَ يُقَالُ لَهُ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ وَكَذَلِكَ قَالَ فِيهِ مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَالِكٍ سَوَاءً وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا أَنَّ سَعِيدَ بْنَ خَالِدٍ رَفَعَ النَّهْيَ عَنْ صِيَامِ الْيَوْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَيَرْفَعُهُ ابْنُ شِهَابٍ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ أَوْلَى عِنْدَهُمْ بِالصَّوَابِ وَحَدِيثُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى بَنِي أَزْهَرَ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ فَكَانَا يُصَلِّيَانِ ثُمَّ يَنْصَرِفَانِ فَيُذَكِّرَانِ الناس

فَسَمِعْتُهُمَا يَقُولَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خَطَأٌ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنْهُ عَلَى مَا تَرَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ هَذَا ثِقَةً مَأْمُونًا قَالَ الطَّبَرِيُّ كَانَ مِنْ سَاكِنِي الْمَدِينَةِ وَبِهَا تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَكَانَ مِنْ قُدَمَاءِ مَنْ كَانَ يَتَفَقَّهُ بِالْمَدِينَةِ مِنْ أَهْلِهَا وَمِنْ كِبَارِ تَابِعِيهَا

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مالك عن ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ إِنَّ هَذَيْنِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِمَا يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ وَالْآخَرُ يَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ ثُمَّ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَجَاءَ فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ وَقَالَ إِنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ فَمَنْ أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فَلْيَنْتَظِرْهَا وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ ثُمَّ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيِّ (بْنِ أَبِي طَالِبٍ) وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ فَجَاءَ فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ

لَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي الْمُوَطَّأِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي مَتْنِهِ وَرَوَاهُ جُوَيْرِيَّةُ عَنْ مَالِكٍ فَجَعَلَ لَفْظَهُ مُخْتَصَرًا مَرْفُوعًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي النَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ مَنِ النُّسُكِ فَوْقَ ثَلَاثٍ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ نُسُكِكِمْ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَقَالَ فِيهِ سَعِيدٌ الزُّبَيْرِيُّ وَمَكِّيٌّ جَمِيعًا عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ فَصَلَّى قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاكُمْ أَنْ تُمْسِكُوا لَحْمَ نُسُكِكُمْ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَلَا يُصْبِحَنَّ فِي بَيْتِ أَحَدٍ مِنْكُمْ لَحَمٌ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَزَادَ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقامة

ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) عن أبي عبيد مولى عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَصَلَّى قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ وَعِيدِكُمْ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ قَالَ ثُمَّ شَهِدْتُ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ فَصَلَّى قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا يَوْمٌ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِي فَقَدْ أَذِنَّا لَهُ فَلْيَرْجِعْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَشْهَدِ الصَّلَاةَ قَالَ ثُمَّ شَهِدْتُ مَعَ عَلِيٍّ فَصَلَّى قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ نُسُكِكُمْ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَلَا تَأْكُلُوهَا بَعْدُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَظُنُّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ إِنَّمَا قَصَّرَ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ ذِكْرِ النَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ مِنَ النُّسُكِ بَعْدَ ثَلَاثٍ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ هَذِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ مَنْسُوخٌ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ (بِهِ) فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حِينَ سَمِعَهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَمَلٌ وَالْعَمَلُ بِالْمَنْسُوخِ لَا يَجُوزُ فَلِذَلِكَ أَنْكَرَهُ وَتَرَكَ ذِكْرَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى وَذَكَرْنَا النَّسْخَ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ وَأَسَانِيدَ مُخْتَلِفَةٍ وَمَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرحمان مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَأَمَّا تَقْصِيرُ مَالِكٍ فِي ذِكْرِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا فَلَا أَدْرِي مَا وَجْهُهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ قَطُّ فِي أَنْ لَا أَذَانَ فِي الْعِيدَيْنِ وَلَا إِقَامَةَ وَذَكَرَ فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّهُ سمع غير

وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ يَقُولُونَ لَمْ يَكُنْ فِي الْفِطَرِ وَلَا الْأَضْحَى نِدَاءٌ وَلَا إِقَامَةٌ مُنْذُ زَمَنِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَوْمِ قَالَ مَالِكٌ وَتِلْكَ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى صِحَاحٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ (لَهُ) وَلَا يُقَامُ فِي الْعِيدَيْنِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَسَعْدٍ وَهِيَ كُلُّهَا ثَابِتَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى الْعِيدَ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَهُوَ أَمْرٌ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَجَمَاعَةِ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ لِأَنَّهَا نَافِلَةٌ وَسُنَّةٌ غَيْرُ فَرِيضَةٍ وَإِنَّمَا أَحْدَثَ فِيهِمَا الْأَذَانَ بَنُو أُمَيَّةَ وَاخْتَلَفَ فِي أَوَّلِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الأذان في

الْعِيدَيْنِ مُعَاوِيَةُ قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ لِلْعِيدِ الْأَذَانَ فِي الْعِيدَيْنِ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ أَخْرَجَ الْمِنْبَرَ فِي الْعِيدَيْنِ بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ وَأَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ فِي الْعِيدَيْنِ زِيَادٌ قَالَ وَحَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ أَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَ الْعُودَيْنِ وَخَطَبَ جَالِسًا وَأُذِّنَ فِي الْعِيدَيْنِ قُدَّامَهُ زِيَادٌ قَالَ وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْعِيدَيْنِ وَأَذَّنَ فِيهِمَا زِيَادٌ الَّذِي يُقَالُ لَهُ ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَرْسَلَ إِلَيَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَوَّلَ مَا بُويِعَ لَهُ فَقُلْتُ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ لِلصَّلَاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ فَلَا تُؤَذِّنْ لَهَا قَالَ فَلَمْ يُؤَذِّنْ لَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ إِنَّمَا الْخُطْبَةُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَأَنَّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ قَالَ فَصَلَّى ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَسَأَلَهُ ابْنُ صَفْوَانَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا هَلَّا أَذَنْتَنَا وَفَاتَتْهُمُ الصَّلَاةُ يَوْمَئِذٍ فَلَمَّا سَاءَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ يَعُدِ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِأَمْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ فِي تَقْدِيمِ الْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِي الْعِيدَيْنِ يَأْتِي فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدَ تَمَامِ (الْقَوْلِ فِي) الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِيهِمَا بِعَوْنِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فِي أَوَّلِ مَنْ أَحْدَثَ الْأَذَانَ فِي الْعِيدَيْنِ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الْأَذَانَ فِي الْفِطَرِ وَالْأَضْحَى بَنُو مَرْوَانَ فَهَذَا مَا رُوِيَ فِي أَوَّلِ مَنْ أَذَّنَ فِي الْعِيدَيْنِ وَأَقَامَ وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا مُعَاوِيَةُ وَالثَّانِي ابْنُ الزُّبَيْرِ وَالثَّالِثُ زِيَادٌ وَالرَّابِعُ بَنُو مَرْوَانَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ أَوَّلُ مَنْ أُذِّنَ لَهُ فِي الْعِيدَيْنِ عَلَى مَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ زِيَادٌ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِثْلُهُ أَيْضًا لِأَنَّ زِيَادًا عَامِلُهُ وَأَمَّا مَنْ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَبَنُو مَرْوَانَ فَقَدْ قَصَّرُوا عَمَّا عَلِمَهُ غَيْرُهُمْ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى مَنْ عَلِمَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

وَأَمَّا الْأَذَانُ الْأَوَّلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ عُثْمَانَ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَأَمَرَ بِهِ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حدثنا هشيم عن أشعث عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الْأَذَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عُثْمَانُ لِيُؤْذِنَ أَهْلَ الْأَسْوَاقِ قَالَ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ بُرْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ الْأَذَانُ عِنْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ فَأَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ التَّأْذِينَةَ الثَّانِيَةَ عَلَى الزَّوْرَاءِ لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَرَى أَنْ يُتْرَكَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ الَّذِي أَحْدَثَهُ عُثْمَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن أبي بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ

شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ الْأَذَانَ (كَانَ أَوَّلُهُ) حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمَّا كَانَ خِلَافَةُ عُثْمَانَ (وَكَثُرَ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) أَمَرَ عُثْمَانَ بِالْأَذَانِ الثَّالِثِ فَأُذِّنَ بِهِ عَلَى الزَّوْرَاءِ فَثَبَتَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ (إِنَّ) الَّذِي أَحْدَثَهُ عُثْمَانُ هُوَ الْأَذَانُ الثَّالِثُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ بُرْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهَا التَّأْذِينَةُ الثَّانِيَةُ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ الَّذِي أَحْدَثَهُ عُثْمَانُ وَهَذَا اضْطِرَابٌ شَدِيدٌ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى وَجْهٍ مِنَ التَّأْوِيلِ

وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي ثَابِتٍ عَنِ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عُثْمَانَ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الزَّوْرَاءِ لِيُسْمِعَ النَّاسَ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ يُؤَذَّنُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ النُّفَيْلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ثُمَّ سَاقَ (نَحْوَ) حَدِيثِ يُونُسَ الَّذِي تَقَدَّمَ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ هَذَا مَعَ حَدِيثِ مَالِكٍ وَيُونُسَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ كَانَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَالثَّالِثُ أَحْدَثَهُ عُثْمَانُ عَلَى الزَّوْرَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الِاضْطِرَابَ فِي ذَلِكَ

كَثِيرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ رَوَى صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ وَهَذَا يُصَحِّحُ رِوَايَةَ بُرْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عُثْمَانَ أَحْدَثَ التَّأْذِينَةَ الثَّانِيَةَ وَفِي كَيْفِيَّةِ أَوَّلِ الْأَذَانِ فِي الْجُمُعَةِ عِنْدِي نَظَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْمَرْفُوعَةُ فِي أَذَانِ الْعِيدِ فَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا قتيبة بْنُ سَعِيدٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عِيدٍ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ

قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ شَهِدَ الصَّلَاةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْعِيدِ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِلَا أَذَانٍ ولا إقامة وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ الْعِيدَ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ) قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ ابْنِ جريج عن الحسن بن مسلم عن طاووس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِيدَ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ شَكَّ يَحْيَى فِي عُثْمَانَ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طاووس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْعِيدِ ثُمَّ خطب وصلى أبوبكر ثُمَّ خَطَبَ وَصَلَّى عُمَرُ ثُمَّ خَطَبَ وَصَلَّى عُثْمَانُ ثُمَّ خَطَبَ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَطِيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عِيدٍ فَبَدَأَ فَصَلَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ ثُمَّ خَطَبَ قَالَ وَحَدَّثَنِي عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عن عبد الرحمان بن عابس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ عبد الرحمان بْنِ عَابِسٍ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ أَشْهِدْتَ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ وَلَوْلَا مَنْزِلَتِي مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ مِنَ الصِّغَرِ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَلَمَ الَّذِي كَانَ عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلَا إِقَامَةً ثُمَّ أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدَيْنِ فَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْحَدِيثِ وَهُوَ الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَعَلَى ذَلِكَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ جَعَلَ الْخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ مِنْهُمْ فَقِيلَ عُثْمَانُ وَقِيلَ مُعَاوِيَةُ وَقِيلَ مَرْوَانُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَنْ قَالَ مَرْوَانُ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَيْهَا لِمُعَاوِيَةَ وَلَمْ يَكُنْ مَرْوَانُ لِيُحْدِثَ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ أَمْرٍ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَمَنْ قَالَ عُثْمَانُ احْتَجَّ بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ كَانَتِ الصَّلَاةُ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ

فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ كَثُرَ النَّاسُ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ لَا يَفْتَرِقَ النَّاسُ وَأَنْ يَجْتَمِعُوا وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ وَمَا أَظُنُّ مَالِكًا ذَكَرَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا إِنْكَارًا لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ عُثْمَانَ أَوَّلُ مَنْ جَعَلَ الْخُطْبَةَ فِي الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فَلَيْسَ فِيهِ نَفْيٌ لِرِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ لِأَنَّ عُثْمَانَ قَصَرَ الصَّلَاةَ فِي سَفَرٍ سِنِينَ ثُمَّ أَتَمَّهَا بَعْدُ وَكَذَلِكَ قَدَّمَ الصَّلَاةَ فِي الْعِيدَيْنِ سِنِينَ ثُمَّ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ فَحَكَى كُلٌّ مَا عَلِمَ وَرَأَى وَالْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهِمَ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ سَلَامٍ) قَالَ أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهَذَا خَطَأٌ بَيِّنٌ لَمْ تَخْتَلِفِ الْآثَارُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمَا صَلَّيَا فِي الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ عَلَى مَا كَانَ يَصْنَعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ لِأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَكَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ الْعِيدَيْنِ فَكُلُّهُمْ صَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْهُمْ أَصَحُّ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ وَأَمَّا حَدِيثُ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ فَخَطَبَ لَا يَثْبُتُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَتَدْرِي أَوَّلَ مَنْ خَطَبَ يَوْمَ الْفِطْرِ ثُمَّ صَلَّى قَالَ لَا أَدْرِي أَدْرَكْتُ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مُعَاوِيَةُ

(قَالَ) وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ أَوَّلَ مَنْ خَطَبَ ثُمَّ صَلَّى مُعَاوِيَةُ قَالَ وَقَدْ بَلَغَنِي أَيْضًا أَنَّ عُثْمَانَ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ لَا يُدْرِكُ عَامَّتُهُمُ الصَّلَاةَ فَبَدَأَ بِالْخُطْبَةِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَصِحُّ عَنْ عُثْمَانَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذِهِ أَحَادِيثُ مَقْطُوعَةٌ لا يحتج بمثلها وليس فيه حَدِيثٌ يُحْتَجُّ بِهِ إِلَّا حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ فَكُلُّهُمْ صَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فِي العيدين هذا هوالصحيح عَنْهُمْ وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ الَّذِي يُمْكِنُ فَفِي مُعَاوِيَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَمَرْوَانَ فَهُوَ عِنْدِي مِثْلُ قَوْلِ مَنْ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِأَنَّهُ كَانَ عَامِلًا لِمُعَاوِيَةَ بِالْمَدِينَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَهَا بِالْمَدِينَةِ مَرْوَانُ وَفِي الْخَبَرِ الَّذِي قَدَّمْنَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يُصَلِّي (فِي) الْعِيدَيْنِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ لِقَوْلِ طارق بن

شِهَابٍ (وَقَوْلُ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ) ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْعِيدِ مَرْوَانُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا مَرْوَانُ خَالَفْتَ السُّنَّةَ فَقَالَ مَرْوَانُ يَا فُلَانُ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَمَّا هَذَا فَقَدَ قَضَى الَّذِي عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَاسْتَطَاعَ تَغْيِيرَهُ بِيَدِهِ فَلْيَفْعَلْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَرْوَانَ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَهُ مَنْ تَرَكَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا

أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ (عَنْ أَبِيهِ) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (وَعَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ) قَالَ أَخْرَجَ مَرْوَانُ الْمِنْبَرَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَبَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا مَرْوَانُ خَالَفْتَ السُّنَّةَ أَخْرَجْتَ الْمِنْبَرَ فِي يَوْمِ العيد وَلَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ فِيهِ وَبَدَأْتَ الْخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ مَنْ هَذَا فَقَالُوا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَقَالَ أَمَّا هَذَا فَقَدَ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَاسْتَطَاعَ أَنْ يُغَيِّرَهُ فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ

حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْرَجَ مَرْوَانُ الْمِنْبَرَ وَبَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا مَرْوَانُ خَالَفْتَ السُّنَّةَ أَخْرَجْتَ الْمِنْبَرَ وَلَمْ يَكُنْ يُخْرَجُ وَبَدَأْتَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ مَنْ هَذَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ إِلَى آخِرِهِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَرْوَانُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَقَالَ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَمَّا هَذَا فَقَدَ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ فِي يَوْمِ عِيدِ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى وَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ مَسْعُودٍ حَتَّى أَفْضَيْنَا إِلَى الْمُصَلَّى فَإِذَا كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ الْكِنْدِيُّ قَدْ بَنَى لِمَرْوَانَ مِنْبَرًا مِنْ لَبِنٍ وَطِينٍ فَعَدَلَ مَرْوَانُ إِلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى حَاذَاهُ فَجَذَبْتُهُ لِيَبْدَأَ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ تُرِكَ مَا تَعْلَمُ فَقُلْتُ كَلَّا وَرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا تُؤْتَوْنَ بخبر مِمَّا أَعْلَمُ قَالَ ثُمَّ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَرْوَانَ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ وترك مَا تَعْلَمُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَرْكَهُ قَدْ كَانَ تَقَدَّمَ وَأَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِي الْعِيدَيْنِ مُعَاوِيَةُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ يَوْمًا إِلَى الْمُصَلَّى وَيَدُ مَرْوَانَ فِي يَدِي فَأَرَادَ أَنْ يَرْقَى الْمِنْبَرَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَجَذَبْتُ بِيَدِهِ فَقُلْتُ صَلَاةُ الْعِيدِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَقَالَ مَرْوَانُ هَذَا أَمْرٌ قَدْ تُرِكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَمَا لَوْ فَعَلْنَا مَا تَقُولُ ذَهَبَ النَّاسُ وَتَرَكُونَا وَقَدْ تُرِكَ مَا تَعْلَمُ فَقُلْتُ إِذًا لا تجدون خبرا مِمَّا أَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَإِذَا فَرَغُوا مِنَ الصَّلَاةِ قَامَ فَوَعَظَ النَّاسَ وَأَمْرَهُمْ بِبَعْثٍ إِنْ كَانَ أَوْ أَمْرٍ ثم انصرف

قَالَ أَبُو عُمَرَ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى فِي الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَالْبَرَاءِ وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ لَيْسَ عِنْدَ مَالِكٍ فِيهِمَا حَدِيثٌ مُسْنَدٌ مَسْأَلَةُ الْأَذَانِ فِي (صَلَاةِ) الْعِيدَيْنِ وَمَسْأَلَةُ تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ عَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِيمَا ذَكَرَ لَهُ مِنَ السُّنَنِ الَّتِي لَيْسَتْ عِنْدَهُ رَحِمَهُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ ثُمَّ خَطَبَ وَهَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ الْعِيدِ ثُمَّ خَطَبَ فَجَعَلَ مَوْضِعَ عَطَاءٍ عِكْرِمَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ

عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كانوا يصلون في العيدين قبل الخطبة حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمَ الْعِيدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ شَهِدْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ يوم

عِيدٍ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ (ثُمَّ شَهِدْتُهُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ) فَهَذَا مَا صَحَّ عِنْدَنَا فِي الْأَذَانِ لِلْعِيدَيْنِ وَفِي مَوْضِعِ الْخُطْبَةِ فِيهِمَا وَأَمَّا التَّكْبِيرُ فِيهِمَا فَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي آخِرِ بَابِ نَافِعٍ وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ (فِيهِمَا) فَسَيَأْتِي ذِكْرُهَا أَيْضًا فِي بَابِ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ وَأَمَّا الِاغْتِسَالُ لَهُمَا فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قِيَاسًا عَلَى غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ فِي حَدِيثِنَا فِي هَذَا الْبَابِ فِي خُطْبَتِهِ إن هذين يومان نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِمَا يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ وَالْآخَرُ يَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ فَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّةِ هذا الحديث

وَاسْتِعْمَالِهِ وَكُلُّهُمْ مُجْمِعٌ عَلَى أَنَّ صِيَامَ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى لَا يَجُوزُ بِوَجْهٍ مِنَ الوجوه لا للمتطوع ولا لنادر (صَوْمِهِ) وَلَا أَنْ يَقْضِيَ فِيهِمَا رَمَضَانَ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْصِيَةٌ وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِيَامِ أَيَّامِ التشريق للمتمتع والنادر صَوْمَهَا وَقَضَاءِ رَمَضَانَ فِيهَا وَالتَّطَوُّعِ بِآخِرِ يَوْمٍ مِنْهَا وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْأَكْلِ مِنَ الضَّحَايَا وَسَائِرِ النُّسُكِ وَإِنْ كَانَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ مَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِ كُلِّ قَائِلٍ إِلَّا أَنِّي أَقُولُ الْأَكْلُ مِنَ الْهَدْيِ بِالْقُرْآنِ وَمِنَ الضَّحِيَّةِ بِالسُّنَّةِ وَأَمَّا إِذْنُ عُثْمَانَ لِأَهْلِ الْعَوَالِي وَقَوْلُهُ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ يَعْنِي الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَ

قَالَ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ فَلْيَنْتَظِرْهَا وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تأويل قول عثمان هذا واختلف الْآثَارُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِهَا وَالْأَخْذِ بِهَا فَذَهَبَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ إِلَى أَنَّ شُهُودَ الْعِيدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُجْزِئُ عَنِ الْجُمُعَةِ إِذَا صَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ عَلَى طَرِيقِ الْجَمْعِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يُجْزِيهِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ غَيْرَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ حَتَّى الْعَصْرَ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهَذَا الْقَوْلُ مَهْجُورٌ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مَنْ فِي الْأَمْصَارِ مِنَ الْبَالِغِينَ الذُّكُورِ الْأَحْرَارِ فَمَنْ لَمْ يكن بهذه الصفات فَفَرْضُهُ الظُّهْرُ فِي وَقْتِهَا فَرْضًا مُطْلَقًا لَمْ يَخْتَصَّ بِهِ يَوْمُ عِيدٍ مِنْ غَيْرِهِ وَقَوْلُ عَطَاءٍ هَذَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ عطاء

ابن أَبِي رَبَاحٍ إِنِ اجْتَمَعَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَيَوْمُ الْفِطْرِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلْيَجْمَعْهُمَا وَلْيُصَلِّهِمَا رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ حِينَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْفِطْرِ ثُمَّ هِيَ هِيَ حَتَّى الْعَصْرِ ثُمَّ أَخْبَرَنَا عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اجْتَمَعَا يَوْمُ فِطْرٍ وَيَوْمُ جُمُعَةٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا جَعَلَهُمَا وَاحِدًا فَصَلَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ بِكُرَةَ صَلَاةِ الْفِطْرِ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ قَالَ فَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَلَمْ يَقُولُوا فِي ذَلِكَ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَفْقَهْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ وَلَقَدْ أَنْكَرْتُ أَنَا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَصَلَّيْتُ الظُّهْرَ يَوْمَئِذٍ قَالَ حَتَّى بَلَغَنَا بَعْدُ أَنَّ الْعِيدَيْنِ كَانَا إِذَا اجْتَمَعَا صُلِّيَا كَذَلِكَ وَاحِدًا وَذَكَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمَا كَانَا يُجْمَعَانِ إِذَا اجْتَمَعَا وَرَأَى أَنَّهُ وَجَدَهُ فِي كِتَابٍ لِعَلِيٍّ زَعَمَ قَالَ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ فِي جَمْعِ ابْنِ

الزُّبَيْرِ بَيْنَهُمَا يَوْمَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا قَالَ سَمِعْنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَصَابَ عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بَيَانٌ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ صَلَاةِ الْعِيدِ رَكْعَتَيْنِ لِلْجُمُعَةِ وَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مَتْرُوكٌ مَهْجُورٌ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُصَلِّ مَعَ صَلَاةِ الْعِيدِ غَيْرَهَا حَتَّى الْعَصْرِ فَإِنَّ الْأُصُولَ كُلَّهَا تَشْهَدُ بِفَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّ الْفَرْضَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَا فِي فَرْضٍ وَاحِدٍ لَمْ يَسْقُطْ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَكَيْفَ أَنْ يَسْقُطَ فَرْضٌ لِسُنَّةٍ حَضَرَتْ فِي يَوْمِهِ هَذَا مَا لَا يَشُكُّ فِي فَسَادِهِ ذُو فَهْمٍ وَإِنْ كَانَ صَلَّى مَعَ صَلَاةِ الْفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لِلْجُمُعَةِ فَقَدْ صَلَّى الْجُمُعَةَ في غير وَقْتَهَا عِنْدَ أَكْثَرِ النَّاسِ إِلَّا أَنَّ هَذَا مَوْضِعٌ قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ وَقْتَ الْجُمُعَةِ صَدْرُ النَّهَارِ وَأَنَّهَا صَلَاةُ عِيدٍ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ عُرْوَةَ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ وَقْتَ الْجُمُعَةِ وَقْتُ الظُّهْرِ وَعَلَى هَذَا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَأَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ إِنَّ الْجُمُعَةَ تَسْقُطُ بِالْعِيدِ وَلَا

تُصَلَّى ظُهْرًا وَلَا جُمُعَةً فَقَوْلٌ بَيِّنُ الْفَسَادِ وَظَاهِرُ الْخَطَأِ مَتْرُوكٌ مَهْجُورٌ لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَخُصَّ يَوْمَ عِيدٍ مِنْ غَيْرِهِ وَأَمَّا الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ فِيهَا بَيَانُ سُقُوطِ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ وَلَكِنْ فِيهَا الرُّخْصَةُ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ شُهُودِ الْجُمُعَةِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ تَسْقُطَ الْجُمُعَةُ عَنْ أَهْلِ الْمِصْرِ وَغَيْرِهِمْ وَيُصَلُّونَ ظُهْرًا وَالْآخَرُ أَنَّ الرُّخْصَةَ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ النَّاسِ في ذلك وفيمن تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى وَعُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الرُّصَافِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا بقية قال حدثنا شعبة

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُصَفَّى قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ الْبَصْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَّهُ) قَالَ قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَتْهُ الْجُمُعَةُ وَإِنَّا مُجْمِعُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ عَطَاءٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِمَا فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ شِئْتُمْ أَجْزَأَكُمْ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَتْهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَرْوِهِ فِيمَا عَلِمْتُ عَنْ شُعْبَةَ أَحَدٌ مِنْ ثِقَاتِ أَصْحَابِهِ الْحُفَّاظِ وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنْهُ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ فِي شُعْبَةَ أَصْلًا وَرِوَايَتُهُ عَنْ أَهْلِ بَلَدِهِ أَهْلِ الشَّامِ فِيهَا كَلَامٌ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُضَعِّفُونَ بَقِيَّةَ عَنِ الشَّامِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ وَلَهُ مَنَاكِيرُ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ

وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ مُرْسَلًا قَالَ اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّا مُجْمِعُونَ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَجْمَعَ فَلْيَجْمَعْ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ فَاقْتَصَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ذِكْرِ إِبَاحَةِ الرُّجُوعِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْإِجْزَاءَ وَرَوَاهُ زِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ بِمَعْنَى حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ إِلَّا أَنَّهُ أَسْنَدَهُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ الْبَكَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ اجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ عِيدٍ وَيَوْمِ جُمُعَةٍ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْعِيدِ هَذَا يَوْمٌ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ عِيدُكُمْ هَذَا وَالْجُمُعَةُ وَإِنِّي مُجْمِعٌ إِذَا رَجَعْتُ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَشْهَدَ الْجُمُعَةَ فَلْيَشْهَدْهَا قَالَ فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بِالنَّاسِ

فَقَدْ بَانَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَرِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِالنَّاسِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ لازم وأنها غير سَاقِطَةٌ وَأَنَّ الرُّخْصَةُ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهَا مَنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ مِمَّنْ شَهِدَ الْعِيدَ مَنْ أَهْلَ الْبَوَادِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا تَأْوِيلٌ تُعَضِّدُهُ الْأُصُولُ وَتَقُومُ عَلَيْهِ الدَّلَائِلُ وَمَنْ خَالَفَهُ فَلَا دَلِيلَ مَعَهُ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَصَلَّى الْعِيدَ وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى الْجُمُعَةِ قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ مَا أَمَاطَ عَنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ هَكَذَا صَنَعَ بِنَا عُمَرُ قِيلَ لَهُ هَذَا حَدِيثٌ اضْطَرَبَ فِي إِسْنَادِهِ فَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي

وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ اجْتَمَعَ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عِيدَانِ فَأَخَّرَ الْخُرُوجَ حَتَّى تَعَالَى النَّهَارُ ثُمَّ خَرَجَ فَخَطَبَ فَأَطَالَ الْخُطْبَةَ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يُصَلِّ لِلنَّاسِ يَوْمَئِذٍ الْجُمُعَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ أَصَابَ السُّنَّةَ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَوِيُّ عَنْ سَوَّارٍ عَنِ الْقَطَّانِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ وَأَنَّهُ أَطَالَ الْخُطْبَةَ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الزَّوَالِ وَسَقَطَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ وَاسْتَجْزَى بِمَا صَلَّى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ النَّاسَ جَمَعُوا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ فَلَمَّا قَدِمَ ذَكَرْنَا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ

أَصَابَ السُّنَّةَ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى الظُّهْرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي بَيْتِهِ وَأَنَّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ فِي تَرْكِ الِاجْتِمَاعَيْنِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَشَقَّةِ لَا أَنَّ الظُّهْرَ تَسْقُطُ وَأَمَّا حَدِيثُ إِسْرَائِيلَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيِّ عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ قَالَ شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ هَلْ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَكَيْفَ صَنَعَ قَالَ صَلَّى الْعِيدَ ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ فَقَالَ مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ وَذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ

عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ إِسْرَائِيلَ وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى سُقُوطِ الْجُمُعَةِ وَإِنَّمَا فِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي شُهُودِهَا وَأَحْسَنُ مَا يُتَأَوَّلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَذَانَ رُخِّصَ بِهِ مَنْ لَمْ تَجِبِ الْجُمُعَةُ عَلَيْهِ مِمَّنْ شَهِدَ ذَلِكَ الْعِيدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِذَا احْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآثَارُ مِنَ التَّأْوِيلِ مَا ذَكَرْنَا لَمْ يَجُزْ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى سُقُوطِ فَرْضِ الْجُمُعَةِ عَمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَلَمْ يَخُصَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ يَوْمَ عِيدٍ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ وَجْهٍ تَجِبُ حُجَّتُهُ فَكَيْفَ بِمَنْ ذَهَبَ إِلَى سُقُوطِ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ بِأَحَادِيثَ لَيْسَ مِنْهَا حَدِيثٌ إِلَّا وَفِيهِ مَطْعَنٌ لِأَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ

وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ وَلَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ مِنْهَا حَدِيثًا وَاحِدًا وَحَسْبُكَ بِذَلِكَ ضَعْفًا لَهَا وَسَنَذْكُرُ الْآثَارَ فِي فَرْضِ الْجُمُعَةِ فِي بَابِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ الْإِجْمَاعُ فِي فَرْضِهَا يُغْنِي عَمَّا سِوَاهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ مِنَ الأحرار البالغين الذكور غير الْمُسَافِرِينَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنَسٌ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ بِالْمِصْرِ وَخَارِجًا عَنْهُ مِمَّنْ إِذَا شَهِدَ الْجُمُعَةَ أَمْكَنَهُ الِانْصِرَافُ إِلَى أَهْلِهِ فَآوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى أَهْلِهِ وَبِهَذَا قَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ رَبِيعَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كَانَ يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِهِ يَا أَهْلَ فَرْدَا وَيَا أَهْلَ دَامِرَةَ قَرْيَتَيْنِ مِنْ قُرَى دِمَشْقَ إِحْدَاهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ وَالْأُخْرَى عَلَى خَمْسَةٍ إِنَّ الْجُمُعَةَ لَزِمَتْكُمْ وَإِنَّهُ لَا جُمُعَةَ إِلَّا مَعَنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دِمَشْقَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِيلًا بِشُهُودِ الْجُمُعَةِ وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَتْ كَانَ أَبِي مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ فَكَانَ رُبَّمَا شَهِدَ الْجُمُعَةَ بِالْمَدِينَةِ وَرُبَّمَا لم يشهدها

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ يَنْزِلُ إِلَيْهَا مِنْ سِتَّةِ أَمْيَالٍ وَرُوِيَ عَنْ رَبِيعَةَ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ وَخَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَقَالَ مَالِكٌ والليث تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ بِالْمِصْرِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مِمَّنْ يَسْكُنُ خَارِجَ الْمِصْرِ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ بِالْمِصْرِ وَلَيْسَ عَلَى مَنْ كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ جُمُعَةٌ سَمِعَ النِّدَاءَ أَوْ لم يسمع

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ إِلَّا عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ كَانَ بِالْمِصْرِ أَوْ خَارِجًا عَنْهُ يُرِيدُ أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَسْمَعُ مِنْهُ وَمِنْ مِثْلِهِ النِّدَاءَ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ لَا يَتَبَيَّنُ عِنْدِي أَنْ يَخْرُجَ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ إِلَّا مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ قَالَ ويشبه أن يخرج أَهْلَ الْمِصْرِ وَإِنْ عَظُمَ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وأصحابه والليث فِي مُرَاعَاةِ الثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ لِأَنَّ الصَّوْتَ النَّدِيَّ فِي اللَّيْلِ عِنْدَ هُدُوءِ الْأَصْوَاتِ يُمْكِنُ أَنْ يُسْمَعَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالِ وَاللَّهُ

أَعْلَمُ فَلَا يَكُونُ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي هَذَا التَّأْوِيلِ مُخَالِفًا لِمَنْ قَالَ لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ إِلَّا عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَهُوَ قَوْلُ أكثر فقهاء الأمصار وقد ذكر ابن عبدوس فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ عَزِيمَةُ الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يَسْمَعُ مِنْهُ النِّدَاءَ وَذَلِكَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَمَنْ كَانَ أَبْعَدَ فَهُوَ فِي سَعَةٍ إِلَّا أَنْ يَرْغَبَ فِي شُهُودِهَا فَهُوَ أَحْسَنُ فَهَذِهِ رِوَايَةٌ مُفَسِّرَةٌ وَعَلَى هَذَا قَالَ مَالِكٌ فِيمَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ أَنْ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى مَا صَنَعَ عُثْمَانُ فِي إِذْنِهِ لِأَهْلِ الْعَوَالِي لِأَنَّ الْجُمُعَةَ كَانَتْ عِنْدَهُ وَاجِبَةً عَلَى أَهْلِ الْعَوَالِي لِأَنَّ الْعَوَالِي مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَنَحْوِهَا وَذَهَبَ غَيْرُ مَالِكٍ إِلَى أَنْ إِذْنَ عُثْمَانَ لِأَهْلِ

الْعَوَالِي إِنَّمَا كَانَ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَى أَهْلِ الْعَوَالِي عِنْدَهُ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ عِنْدَهُ هَذَا قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ سُفْيَانَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَقْوَالَهُمْ فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهَا وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى أَهْلِ الْعَمُودِ وَالْقُرَى الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ وَفِي عَدَدِ رِجَالِ الْمَوْضِعِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْجُمُعَةُ فَسَنَذْكُرُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ فِي مُرَاعَاةِ الثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم على أَحَدَكُمْ أَنْ يَتَّخِذَ الصَّبَّةَ مِنَ الْغَنَمِ فَيَنْزِلَ بِهَا عَلَى رَأْسِ مِيلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ فَتَأْتِيَ الْجُمُعَةُ فَلَا يَجْمَعَ فَيُطْبَعَ عَلَى قَلْبِهِ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ شَرَطَ سَمَاعَ النِّدَاءِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمان عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَارُونَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ سُئِلَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ وَأَنَا أَسْمَعُ مِنْ أَيْنَ تُؤْتَى الْجُمُعَةُ فَقَالَ مِنْ مَدَى الصَّوْتِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا يَحْضُرُنِي مِنَ الِاحْتِجَاجِ عَلَى مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ عَطَاءٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَنَّ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَلَا النُّزُولُ إِلَيْهَا لِبُعْدِ مَوْضِعِهِ عَنْ مَوْضِعِ إِقَامَتِهَا عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُجْمَعٌ أَنَّ الظُّهْرَ وَاجِبَةٌ لَازِمَةٌ عَلَى مَنْ كَانَ هَذِهِ حَالَهُ وَعَطَاءٌ وَابْنُ الزُّبَيْرِ مُوَافِقَانِ لِلْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ يَوْمِ عِيدٍ فَكَذَلِكَ يَوْمُ الْعِيدِ فِي الْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ الصَّحِيحِ هَذَا لَوْ كَانَ قَوْلُهُمَا اخْتِلَافًا يُوجِبُ النَّظَرَ فَكَيْفَ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ وَتَأْوِيلُهُ بَعِيدٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ فِي حَدِيثِنَا الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ شَهِدْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ فَجَاءَ فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أن

الْجُمُعَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ وَأَنَّ أَهْلَهُ إِذَا أَقَامُوهَا وَلَا سُلْطَانَ عَلَيْهِمْ أَجْزَأَتْهُمْ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ مِثْلُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّ صَلَاةَ عَلِيٍّ بِالنَّاسِ الْعِيدَ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ أَصْلٌ فِي كُلِّ سَبَبِ تَخَلُّفِ الْإِمَامِ عَنْ حُضُورِهِ أَوْ خَلِيفَتِهِ أَنَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِقَامَةَ رَجُلٍ يَقُومُ بِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَالطَّبَرِيِّ كُلُّهُمْ يَقُولُ تَجُوزُ الْجُمُعَةُ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدٌ لَا تُجْزِئُ الْجُمُعَةُ إِذَا لَمْ يَكُنْ سُلْطَانٌ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ أَهْلَ مِصْرَ لَوْ مَاتَ وَالِيهُمْ جَازَ لَهُمْ أَنْ يُقَدِّمُوا رَجُلًا يُصَلِّي بِهِمُ الْجُمُعَةَ حَتَّى يَقْدُمَ عَلَيْهِمْ وَالٍ

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُصَلُّونَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَقَالَ دَاوُدُ الْجُمُعَةُ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى وَالٍ وَلَا إِمَامٍ وَلَا إِلَى خُطْبَةٍ وَلَا إِلَى مَكَانٍ وَيَجُوزُ لِلْمُنْفَرِدِ عِنْدَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَتَكُونُ جُمُعَةً قَالَ وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَوْلُ دَاوُدَ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ جَمِيعِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا بِإِمَامٍ وَجَمَاعَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَكَانِ وَالْوَالِي وَالْخُطْبَةِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ حَيْثُمَا كَانَ أَمِيرٌ فَإِنَّهُ يَعِظُ أَصْحَابَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ذَكَرْنَا قَوْلَ الزُّهْرِيِّ هَذَا لِأَنَّهُ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ عَلِيٍّ حِينَ صَلَّى بِالنَّاسِ الْعِيدَ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَنَّ الْحُدُودَ وَالْجُمُعَةَ إِلَى السُّلْطَانِ وَلَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الَّذِي يُقِيمُ الْجُمُعَةَ السُّلْطَانُ وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا عِنْدَ نُزُولِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَوْتِ الْإِمَامِ أَوْ قَتْلِهِ أَوْ عَزْلِهِ وَالْجُمُعَةُ قَدْ جَاءَتْ فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ ظُهْرًا أَرْبَعًا وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ (وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ) يُصَلِّي بِهِمْ بَعْضُهُمْ بِخُطْبَةٍ وَيُجْزِيهِمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْخَوَارِجِ وَالْفُسَّاقِ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالسَّلَاطِينِ فَقَالَ أَمَّا الجمعة فينبغي

شُهُودُهَا فَإِنْ كَانَ الَّذِي يُصَلِّي مِنْهُمْ أَوْ مِثْلَهُمْ يَعْنِي فِي الْفِسْقِ وَالْمَذْهَبِ أَعَادَ الصَّلَاةَ بَعْدَ شُهُودِهَا مَعَهُمْ فَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَنَّهُ يَقُولُ بِقَوْلِهِمْ وَلَا هُوَ مِثْلُهُمْ فَلَا يُعِيدُ قَالَ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ يُقَالُ إِنَّهُ قَالَ بِقَوْلِهِمْ فَقَالَ (حَتَّى) تَعْلَمَ ذَلِكَ وَتَسْتَيْقِنَ قَالَ فَقُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِمَامٌ أَتَرَى أَنْ نُصَلِّيَ وَرَاءَ مَنْ جَمَّعَ بِالنَّاسِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ صَلَّى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِالنَّاسِ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ حَدِيثَ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ أَصْلٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا فَعَلَهُ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ مُؤْتَةَ لَمَّا قُتِلَ الْأُمَرَاءُ وَأَجْمَعُوا عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَأَمَّرُوهُ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمُتَغَلِّبَ

وَالْخَارِجَ عَلَى الْإِمَامِ تَجُوزُ الْجُمُعَةُ خَلْفَهُ فَمَنْ كَانَ فِي طَاعَةِ الْإِمَامِ أَحْرَى بِجَوَازِهَا خَلْفَهُ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الْخَوَارِجِ إِذَا قَدَّمُوا رَجُلًا لَا يَقُولُ بِقَوْلِهِمْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ قَالَ صَلِّ خَلْفَهُ فَذَكَرْتُ لَهُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ إِذَا كَانَ الَّذِي قَدَّمَهُ لَا تَحِلُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ فَسَدَتِ الصَّلَاةُ خَلْفَ هَذَا الْمُقَدَّمِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِقَوْلِهِمْ فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ أَقُولُ بِهَذَا وَقَالَ الْأَثْرَمُ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سِنَانٍ ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي

الْهُذَيْلِ قَالَ تَذَاكَرْنَا الْجُمُعَةَ لَيَالِيَ الْمُخْتَارِ الْكَذَّابِ فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يَأْتُوهُ فَإِنَّمَا كَذِبُهُ عَلَيْهِ وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ إِنَّهُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ إِمَامُ فِتْنَةٍ وَأَنَا أَتَحَرَّجُ مِنَ الصَّلَاةِ مَعَهُ فَقَالَ إِنَّ الصَّلَاةَ أَحْسَنُ مَا صَنَعَ النَّاسُ فَإِذَا أَحْسَنُوا فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ وإذا ساءوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَعْمَرٌ مَرَّةً عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ وَمَرَّةً عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ دَخَلَ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ وَرَجُلٌ آخَرُ مَعَهُ عَلَى عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ فَقَالَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ إِمَامُ الْعَامَّةِ وَيُصَلِّي بِنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ فَقَالَ صَلِّيَا خَلْفَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْقِصَّةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ لِأَنَّ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي بِهِمُ الْجُمُعَةَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ أَوِ ابْنُهُ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ وَصَلَّى بِهِمُ الْعِيدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ذَكَرَ أَهْلُ السِّيَرِ مِنْهُمُ الْوَاقِدَيُّ وَالزُّبَيْرِيُّ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي حَصْرِ عُثْمَانَ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ بَعْدُ

وَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ حَضَرْتُ الصَّلَاةَ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ يُؤْذِنُ عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ فَقَالَ اذْهَبْ إِلَى أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ أَوْ إِلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَقُلْ لَهُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ صَلَّى أَبُو أُمَامَةَ أَوْ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَلَّى بِالنَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ قَالَ الْمَدَائِنِيُّ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جَعْدَةَ قَالَ صَلَّى سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ وَصَلَّى يَوْمَ الْعِيدِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ وَقَالَ جُوَيْرِيَّةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ جَاءَ عَلِيٌّ فَصَلَّى بِالنَّاسِ وعثمان محصور

وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَيَّانُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ قَالَ سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ الْمَدَنِيِّ أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ قَالَ يَحْيَى وَلَعَلَّهُ قَدْ صَلَّى بِهِمْ رَجُلٌ بَعْدَ رَجُلٍ فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ تُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ قَوْلَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ لِعُثْمَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ إِمَامُ فِتْنَةٍ لَمْ يُرِدْ بِهِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَلَا سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَحَدَ الْخَارِجِينَ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ مَا صَلَّى (عَلِيٌّ) بِالنَّاسِ حِينَ حُصِرَ عُثْمَانُ إِلَّا صَلَاةَ الْعِيدِ وَحْدَهَا وَكَانَ ابْنُ وَضَّاحٍ وَغَيْرُهُ يَقُولُونَ إِنَّ الَّذِي عنى عثمان بقوله إمام فتنة عبد الرحمان بْنُ عُدَيْسٍ الْبَلَوِيُّ وَهُوَ الَّذِي أَجْلَبَ عَلَى عُثْمَانَ بِأَهْلِ مِصْرَ

وَالْوَجْهُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي قَوْلِهِ إِمَامُ فِتْنَةٍ أَيْ إِمَامَةٌ فِي فِتْنَةٍ لِأَنَّ الْجُمُعَاتِ والأعياد والجماعات نظامها وتمامها الإمامة فيها تَكُونُ الْجَمَاعَةُ الْمَحْمُودَةُ وَبِبَقَاءِ النَّاسِ بِلَا إِمَامٍ تَكُونُ الْفِرْقَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْجَمَاعَةِ وَالِاعْتِصَامِ بِالْإِمَامَةِ وَالتَّحْذِيرِ مِنَ الْفُرْقَةِ مِنْ أَقَاوِيلِ السَّلَفِ وَصَحِيحِ الْأَثَرِ فِي بَابِ سُهَيْلٍ عِنْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ لَكُمْ ثَلَاثًا الْحَدِيثَ مِنْهَا أَنَّ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ وَأَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى هُنَاكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الثاني والأربعون

حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مالك عن ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ فَيَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى خُصُوصِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ وَأَنَّ الْآيَةَ لَيْسَتْ عَلَى عُمُومِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ خَصَّتْ مِنْهَا الدَّاعِيَ إِذَا عَجَّلَ فَقَالَ قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَلَكِنْ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الإجابة

وَمَعْنَاهَا مَا فِيهِ غِنًى عَنْ قَوْلِ كُلِّ قَائِلٍ وَهُوَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ فَإِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ وَإِمَّا أَنْ يُؤَخِّرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنَّ يُكَفِّرَ عَنْهُ أَوْ يَكُفَّ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ فِي آخِرِ بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا بد من الإجابة على إحدى هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ تَأْوِيلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ أَنَّهُ يَشَاءُ وَأَنَّهُ لَا مُكْرِهَ لَهُ وَيَكُونُ قَوْلُهُ عَزَّ وجل أجيب دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعُمُومِهِ بِتَأْوِيلِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ

الْمَذْكُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَبِمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالدُّعَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ وَعِبَادَةٌ وَحُسْنُ عَمَلٍ وَاللَّهُ لَا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا أَخَافُ أَنْ أُحْرَمَ الْإِجَابَةَ وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ أُحْرَمَ الدُّعَاءَ وَهَذَا عِنْدِي عَلَى أَنَّهُ حَمَلَ آيَةَ الْإِجَابَةِ عَلَى الْعُمُومِ وَالْوَعْدِ وَاللَّهُ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الدَّاعِي بِلَا عَمَلٍ كَالرَّامِي بِلَا وَتَرٍ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ دُعَاءً مِنْ قَلْبِ لَاهٍ فَادْعُوهُ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنْ لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ تُجَابُ دَعْوَتُهُ وَلَا فِي كُلِّ وَقْتٍ

تُجَابُ دَعْوَةُ الْفَاضِلِ وَأَنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ لَا تَكَادُ تُرَدُّ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورُ الَّذِي هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ قَوْلِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ وَاحْتُمِلَ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي الدُّعَاءِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ يَسْتَعْجِلْ قَالُوا وَمَا الِاسْتِعْجَالُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يَقُولُ (قَدْ دَعَوْتُكَ يَا رَبُّ) فَلَا أَرَاكَ تَسْتَجِيبُ لِي

وَهَذَا أَكْمَلُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَوْضَحُ مَعْنًى وَهُوَ يُفَسِّرُهُ وَيُعَضِّدُهُ وَقَدْ رَوَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ ثُمَّ تَلَا وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي الْآيَةَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ كُلِّهَا الدُّعَاءُ وَرَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى حِزْبِهِ مِنَ الدُّعَاءِ كَمَا يُوَاظِبُ عَلَى حِزْبِهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِكُلِّ شَيْءٍ ثَمَرَةٌ وَثَمَرَةُ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَقَالَ أَيْضًا لَا يَسْمَعُ اللَّهُ دُعَاءَ مُسَمِّعٍ وَلَا مُرَاءٍ وَلَا لَاعِبٍ

وقال يزيد الرقاشي الدعاء المستجاب الذي لا تُخْرِجُهُ الْأَحْزَانُ وَمِفْتَاحُ الرَّحْمَةِ التَّفَرُّغُ وَقَدْ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ وَلِذَلِكَ أَمَرَ عِبَادَهُ أَنْ يَسْأَلُوهُ مِنْ فَضْلِهِ وَقَالُوا لَا يَصْلُحُ الْإِلْحَاحُ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَى اللَّهِ (عز وجل) وقال مروق الْعِجْلِيُّ دَعَوْتُ رَبِّي فِي حَاجَةٍ عِشْرِينَ سَنَةً فَلَمْ يَقْضِهَا لِي وَلَمْ أَيْأَسْ مِنْهَا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُمَا قَالَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ سَنَةً وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ يُقَالُ إِنَّ فِرْعَوْنَ مَلَكَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً

تابع لحرف الميم

(ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ حَدِيثَانِ) وَاسْمُ أَبِي إِدْرِيسَ هَذَا عَائِذُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ سَاكِنِي دِمَشْقَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ بِهَا قَالَ ابْنُ مُسْهِرٍ كَانَ مِنْ أَرْفَعِ التَّابِعِينَ فِي الْعِلْمِ بِدِمَشْقَ وَمِمَّنْ صَحِبَ أَبَا الدَّرْدَاءِ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ قَالَ وَكَانَ عَالِمَ أَهْلِ الشَّامِ بَعْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَائِذِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيِّ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ أَدْرَكْتُ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ وَفَاتَنِي مُعَاذٌ وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ القاسم قال حدثنا عبد الرحمان بْنُ عُمَرَ الدِّمَشْقِيُّ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَبِي إِدْرِيسَ وقال أبو زرعة قلت لأبي عبد الرحمان بْنِ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي دُحَيْمًا أَيُّ الرَّجُلَيْنِ عِنْدَكَ أعلم

جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ أَمْ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ قَالَ أَبُو إِدْرِيسَ عِنْدِي الْمُقَدَّمُ وَرَفَعَ مِنْ شَأْنِ جُبَيْرٍ لِإِسْنَادِهِ وَأَحَادِيثِهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا إِدْرِيسَ فَقَالَ لَهُ مِنَ الْحَدِيثِ مَا لَهُ وَمِنَ اللِّقَاءِ وَاسْتِعْمَالِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِيَّاهُ عَلَى الْقَضَاءِ بِدِمَشْقَ (حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِابْنِ شِهَابٍ عن أبي إدريس الخولاني) ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَى هَذَا أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ خَاصَّةً وَإِنَّمَا لَفْظُ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَأَمَّا اللَّفْظُ الَّذِي جَاءَ بِهِ يَحْيَى فِي هَذَا الْإِسْنَادِ فَإِنَّمَا هُوَ لَفْظُ حَدِيثِ مَالِكٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَذَكَرْنَا الْحُكْمَ فِي التَّحْرِيمِ وَالنَّهْيِ وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنَ افْتِرَاقِ الْمَعَانِي وَاجْتِمَاعِهَا وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ هُنَاكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ (*) وَأَبُو ثَعْلَبَةَ الخشني

قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذكره ههنا وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ فِيمَا عَلِمْتُ بِمِثْلِ رِوَايَةِ مَالِكٍ سَوَاءً فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ إِلَّا أَبَا أَوْسٍ فَإِنَّهُ وَافَقَهُمْ فِي الْإِسْنَادِ وَخَالَفَهُمْ فِي الْمَتْنِ فَزَادَ فِيهِ أَلْفَاظًا سَنَذْكُرُهَا هَاهُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ كَرِوَايَةِ مَالِكٍ سَوَاءً مَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيُونُسُ وَعُقَيْلٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَشُعَيْبُ بْنُ أبي حمزة والليث بْنِ سَعْدٍ وَزَادَ فِيهِ صَالِحَ بْنَ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَطْءَ الْحَبَالَى وَلُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ بِإِسْنَادِهِ سَوَاءٌ وَسَنَذْكُرُ أَيْضًا حَدِيثَ صَالِحٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سعيد بن سليمن قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو ثَعْلَبَةَ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعَ مِنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ (أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَائِرُ

مَنْ ذَكَرْنَا غَيْرَ أَبِي أُوَيْسٍ وَصَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُوَيْسٍ فَحَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحق قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عَنِ الْخَطْفَةِ وَالنُّهْبَةِ وَالْمُجَثَّمَةِ) وَعَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَهَذَا اللَّفْظُ إِنَّمَا يُحْفَظُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَهُوَ حَدِيثٌ لَيِّنُ الْإِسْنَادِ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْإِفْرِيقِيِّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَكْلِ الْمُجَثَّمَةِ وَالنُّهْبَةِ وَالْخَطْفَةِ وَعَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ قَالَ وَالْمُجَثَّمَةُ الَّتِي تُصَيَّدُ بِالنَّبْلِ وَقَدْ رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ أَرْسَلُونِي إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَسْأَلُهُ عَنْ لُحُومِ السِّبَاعِ فَكَرِهَهَا فَقَالَ شَيْخٌ عِنْدَهُ سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي خَطْفَةٍ وَعَنْ كُلِّ مُجَثَّمَةٍ وَعَنْ كُلِّ نُهْبَةٍ وَعَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَقَالَ سَعِيدٌ صَدَقَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا أَدْرِي كَيْفَ مَخْرَجُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ لِأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَانَ يَقُولُ لَمْ أَسْمَعْ بِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معوية قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَاحِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا حَتَّى أَتَيْتُ الشَّامَ وَحَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَامَةُ بن روح عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ وَهُوَ عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ عُلَمَائِنَا بِالْحِجَازِ حَتَّى حَدَّثَنِي بِهِ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ وَكَانَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الشَّامِ وَحَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُغِيثٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن معوية بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْتَفَاضِ الفريابي قال حدثنا إسحق بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ

قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَلْبَانِ الْأُتُنِ وَأَبْوَالِ الْإِبِلِ وَمَرَارَةِ السَّبُعِ فَقَالَ أَمَّا أَبْوَالُ الْإِبِلِ فَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَدَاوَوْنَ بِهَا وَلَا يَرَوْنَ بِهَا بَأْسًا وَأَمَّا أَلْبَانُ الْأُتُنِ فَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نهى عَنْ لُحُومِهَا وَلَا أَدْرِي أَلْبَانَهَا الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ لُحُومِهَا وَدِمَائِهَا إِلَّا نَحْوَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَرَارَةُ السَّبُعِ فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَلَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا فَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا فَلَا خَيْرَ فِي مَرَارَتِهَا وَحَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ صَالِحٍ وَهُوَ ابْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنِ الْمُتْعَةِ وَأَنْ تُوطَأَ الْحَبَالَى وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَعَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَرَوَاهُ صالح بن كيسان (عن ابن شهاب عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذلك

وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ وَلَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ فِي الزُّهْرِيِّ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً فَإِنَّهُ أَخْطَأَ فِي هَذَا لأن أصحاب الزهري الثقات مالك وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٍ وَيُونُسَ وَعُقَيْلٍ لَمْ يَذْكُرُوا فِي هَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ) النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي النَّابِ مِنَ السِّبَاعِ وَأَمَّا تَحْرِيمُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَإِسْنَادُهُ قَدْ تَقَدَّمَ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيٍّ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ عَنْهُ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا هُنَاكَ وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ مِنَ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ دُونَ ذِكْرِ تَحْرِيمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَإِنَّمَا يُوجَدُ لَفْظُ حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ مِنْ مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمِنْ مُرْسَلِ مَكْحُولٍ وَلَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ حَدِيثَ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ هَذَا خَطَأٌ مَقْلُوبُ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ مُنْكَرٌ لِأَنَّهُ جَمَعَ فِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَحَادِيثَ ثَلَاثَةً وَلَا يَصِحُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي تَحْرِيمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ إِسْنَادٌ إِلَّا إِسْنَادُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا مَضَى مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا هَذَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحُفَّاظُ الْأَثْبَاتُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ وَعِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ حديث

الرَّبِيعِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَيُونُسُ وَعُقَيْلٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ حتى دخل الشام فصحيح ثابت مقبول عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَهَذَا تَهْذِيبُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَالْأَلْفَاظِ وَتَمْهِيدُهُ وَأَمَّا الْقَوْلُ فِي مَعَانِيهِ فَقَدْ مَضَى مُسْتَوْعَبًا مَبْسُوطًا مُمَهَّدًا فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَكِيمٍ والحمد لله (حديث ثان لابن شهاب عن أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ) مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال من توضأ فليستنثر ومن استجمر فليوتر قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ وَلَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ هَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدْ وَهِمَ فِيهِ عُثْمَانُ الطَّرَايِفِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرحمن حدثنا

مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوَتِرْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ هَذَا وَهْمٌ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ وَلَا عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرُ حَدِيثِ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ وَقَدْ رَوَاهُ أُسَيْدُ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ أَيْضًا خَطَأٌ وَالصَّوَابُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الِاسْتِنْثَارِ وَحُكْمِهِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ فِي بَابِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الصَّنَابِحِيِّ وَأَمَّا الِاسْتِجْمَارُ فَهُوَ الِاسْتِطَابَةُ بِالْأَحْجَارِ وَمَعْنَاهُ إِزَالَةُ الْأَذَى مِنَ الْمَخْرَجِ بِالْأَحْجَارِ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ مَعْنَى الاستجمار التمسح بالأحجار والجمار عندالعرب الحجارةالصغار وَبِهِ سُمِّيَتْ جِمَارُ مَكَّةَ قَالَ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْثُرْ وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا اللَّفْظُ يَرْوِيهِ مَنْصُورٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَمَعْنَى الْوِتْرِ عندهم أن يؤتر مِنَ الْجِمَارِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ

الصِّغَارُ يُقَالُ قَدْ جَمَّرَ الرَّجُلُ يُجَمِّرُ تَجْمِيرًا إِذَا رَمَى جِمَارَ مَكَّةَ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ ... فَلَمْ أُرَ كَالتَّجْمِيرِ مَنْظَرَ نَاظِرٍ ... وَلَا كَلَيَالِي الْحَجِّ أَفْلَتْنَ ذَا هَوَى ... أَفْلَتْنَ يني أَهْلَكْنَ وَالْفَلَتُ بِفَتْحِ اللَّامِ الْهَلَاكُ وَمِنْهُ قِيلَ الْمُسَافِرُ عَلَى فَلَتٍ إِلَّا مَا وَقَى اللَّهُ مِنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَيُرْوَى أُفْتِنَّ ذَا هَوًى وَيُفْتِنَّ ذَا هَوًى وَهَذَا شِعْرٌ عَرَضَتْ فِيهِ قِصَّةٌ طَرِيفَةٌ لِعُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ مَعَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهِيَ حِكَايَةٌ عَجِيبَةٌ حَدَّثَنِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْعَانِدِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْفَرْغَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَمَّارٍ الثَّقَفِيُّ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ عَنْ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ حَجَّ فِي خِلَافَتِهِ فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ الْقَائِلُ ... وَكَمْ مِنْ قَتِيلٍ لَا يُبَاءُ بِهِ دَمٌ ... وَمِنْ غِلْقٍ رَهْنًا إِذَا ضَمَّهُ مِنَى ... ... وَمِنْ مَالِئٍ عَيْنَيْهِ مِنْ شَيْءِ غَيْرِهِ ... إِذَا رَاحَ نَحْوَ الْجَمْرَةِ الْبِيضُ كَالدُّمَا ... ... يُسَحِّبْنَ أَذْيَالَ الْمُرُوطِ بأسوق ... (خوال إذا أولين أعجازها روا) ... ... أونس يسلين الْحَلِيمَ فُؤَادَهُ ... فَيَا طُولَ مَا شَوْقٍ وَيَا حُسْنَ مُجْتَلَا ... ... فَلَمْ أُرِ كَالتَّجْمِيرِ مَنْظَرَ نَاظِرٍ ... وَلَا كَلَيَالِي الْحَجِّ أَفْلَتْنَ ذَا هَوَى

(قَالَ نَعَمْ قَالَ لَا جَرَمَ وَاللَّهِ لَا تَشْهَدِ الْحَجَّ مَعَ النَّاسِ الْعَامَ وَأَخْرَجَهُ إِلَى الطَّائِفِ) وَذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ أَنْبَأَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَجَّ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ فَقَالَ لَهُ أَلَسْتَ الْقَائِلَ ... فَكَمْ مِنْ قَتِيلٍ لَا يباء به دم ... ومن غلق رهنا إذا ضَمَّهُ مِنَى ... فَذَكَرَ الْأَبْيَاتَ وَالْخَبَرَ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ قَالَ ... يَسْجُنَ أَذْيَالَ الْمُرُوطِ بِأَسْوُقٍ ... (خِدَالٍ وَأَعْجَازٍ مَئَاكِمُهَا رِوًى) ... وَلَمْ يَذْكُرِ الضَّحَّاكَ بْنَ عُثْمَانَ وَعَرِضَتْ لَهُ فِيهِ أَيْضًا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قِصَّةٌ يَلِيقُ بِأَهْلِ الدِّينِ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ هَذَا الشِّعْرَ فِي أُمِّ عُمَرَ بِنْتِ مَرْوَانَ فِي خَبَرٍ ذَكَرَهُ قَالَ الزُّبَيْرُ وَحَدَّثَنِي مصعب بن عثمان أن عمر بن الْعَزِيزِ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ هَمٌّ إِلَّا عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْأَحْوَصُ فَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ بِالْمَدِينَةِ إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ عُمَرَ وَالْأَحْوَصَ بِالْخُبْثِ وَالشَّرِّ فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَاشَدُدْهُمَا وَاحْمِلْهُمَا إِلَيَّ فَلَمَّا أَتَاهُ الْكِتَابُ حَمَلَهُمَا إِلَيْهِ فَأَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ ثُمَّ قَالَ هِيهِ ... فَلَمْ أُرَ كَالتَّجْمِيرِ مَنْظَرَ نَاظِرٍ ... وَلَا كَلَيَالِي الْحَجِّ أَفْلَتْنَ ذَا هَوَى ... ... وَمِنْ مَالِئٍ عَيْنَيْهِ مِنْ شَيْءِ غَيْرِهِ ... إِذَا رَاحَ نَحْوَ الْجَمْرَةِ الْبَيْضُ كَالدُّمَا

أَمَا وَاللَّهِ لَوِ اهْتَمَمْتَ بِحَجِّكَ لَمْ تَنْظُرْ إِلَى شَيْءِ غَيْرِكَ فَإِذَا لَمْ يَفْلِتِ النَّاسُ مِنْكَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَمَتَى يَفْلِتُونَ ثُمَّ أمر بنفيه فقال يا أمير المؤمنين أو خير مِنْ ذَلِكَ قَالَ مَا هُوَ قَالَ أُعَاهِدُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَنْ لَا أَعُودَ لِمِثْلِ هَذَا الشِّعْرِ وَلَا أَذْكُرَ النِّسَاءَ فِي شِعْرٍ أَبَدًا وَأُجَدِّدُ تَوْبَةً عَلَى يَدَيْكَ قَالَ أو تفعل قَالَ نَعَمْ فَعَاهَدَ اللَّهَ عَلَى تَوْبَتِهِ وَخَلَّاهُ ثُمَّ دَعَا الْأَحْوَصَ فَقَالَ هِيهِ ... اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَ قَيِّمِهَا ... يَهْرُبُ مِنِّي بِهَا وَأَتَّبِعُ ... بَلِ اللَّهُ بَيْنَ قَيِّمِهَا وَبَيْنَكَ ثُمَّ أَمَرَ بِنَفْيِهِ فَكَلَّمَهُ فِيهِ رِجَالٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَبَى وَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَرُدُّهُ مَا دَامَ لِي سُلْطَانٌ فَإِنَّهُ فَاسِقٌ مُجَاهِرٌ وَالتَّجْمِيرُ أَيْضًا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَنْ يُرْمَى بِالْجُنْدِ فِي ثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فِي الرُّجُوعِ قَالَ حُمَيْدٌ الْأَرْقَطُ ... فَالْيَوْمَ لَا ظُلْمٌ وَلَا تَجْمِيرُ ... وَلَا لِغَازٍ إِنْ غَزَا تَجْمِيرُ ... وَقَالَ بَعْضُ الْغُزَاةِ الْمُجَمَّرِينَ ... مُعَاوِيُ إِمَّا أَنْ تُجَمِّرَ أَهْلَنَا ... إِلَيْنَا وَإِمَّا أَنْ نَؤُبَ مُعَاوِيَا ... ... أَجَمَّرْتَنَا إِجْمَارَ كِسْرَى جُنُودَهُ ... وَمَنَّيْتَنَا حَتَّى مَلَلْنَا الْأَمَانِيَا ... وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إِزَالَةِ الْأَذَى مِنَ الْمَخْرَجِ بِالْمَاءِ أَوْ بِالْأَحْجَارِ هَلْ هُوَ فَرْضٌ وَاجِبٌ أَمْ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَرْضًا وَإِنَّهُ سُنَّةٌ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا وَتَارِكُهُمَا عَمْدًا مُسِيءٌ فَإِنْ صَلَّى كَذَلِكَ فَلَا إِعَادَةَ

عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا يَسْتَحِبُّ لَهُ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ وَعَلَى ذَلِكَ أَصْحَابُهُ وَالْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عِنْدَهُ وَلَا عِنْدَ كُلِّ مَنْ قَالَ كَقَوْلِهِ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاكٌ لِمَا فَاتَهُ مِنَ السُّنَّةِ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ وَجَبَ فِي السُّنَنِ أَنْ تُعَادَ بَعْدَ الْوَقْتِ لَكَانَتْ كَالْفَرَائِضِ فِي وُجُوبِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيُّ الِاسْتِنْجَاءُ وَاجِبٌ لَا تُجْزِئُ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى دُونَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِالْأَحْجَارِ أَوْ بِالْمَاءِ وَمَوْضِعُ الْمَخْرَجِ مَخْصُوصٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ بِالْأَحْجَارِ وَأَمَّا سَائِرُ الْبَدَنِ وَالثِّيَابُ فَلَا مَدْخَلَ لِلْأَحْجَارِ فِيهَا وَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ الِاسْتِنْجَاءُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ إِذَا ذَهَبَ النَّجَسُ لِأَنَّ الْوِتْرَ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ فَمَا فَوْقَهُ وَالْوِتْرُ عِنْدَهُمْ مُسْتَحَبٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِذَا كَانَ الِاسْتِنْجَاءُ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَالْوِتْرُ فِيهِ أَحْرَى بِأَنْ لَا يَكُونَ وَاجِبًا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْحُصَيْنِ الْحِرَابِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ

اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ الْحَدِيثَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَى أَقَلِّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو الْفَرَجِ الْمَالِكِيُّ وَمِنَ الْحُجَّةِ لِهَذَا الْقَوْلِ مَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حدثنا محمد بن معوية قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا أبو معوية عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ إِنَّ صَاحِبَكُمْ لَيُعَلِّمُكُمْ حَتَّى الْخِرَاءَةِ قَالَ أَجَلْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ نَسْتَنْجِيَ بِأَيْمَانِنَا وَنَكْتَفِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْقَعْقَاعُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ فَإِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْخَلَاءِ فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا وَلَا يَسْتَنْجِي بِيَمِينِهِ وَكَانَ يَأْمُرُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَيَنْهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ كُلُّ مَا قَامَ مَقَامَ الْأَحْجَارِ مِنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ فَجَائِزٌ أَنْ يُسْتَنْجَى بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا وَقَالَ الطَّبَرِيُّ كُلُّ طَاهِرٍ وَكُلُّ نَجِسٍ أَزَالَ النَّجَسَ أَجَزَأَ وَقَالَ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِغَيْرِ الأحجار الطاهرة

وَالْأَحْجَارُ عِنْدَهُمْ مَخْصُوصَةٌ بِتَطْهِيرِ الْمَخْرَجِ كَمَا أَنَّ الْمَخْرَجَ مَخْصُوصٌ بِأَنْ يُطَهَّرَ بِالْأَحْجَارِ فَيُجْزِئُ فِيهِ عَنِ الْمَاءِ دُونَ مَا عَدَاهُ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا إِنِ اسْتَنْجَى بِعَظْمٍ أَجْزَأَهُ وَبِئْسَ مَا صَنَعَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُجْزِئُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ وَنَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ وَالرِّمَّةُ الْعِظَامُ فَلَمَّا طَابَقَ النَّهْيَ لَمْ يَجُزْ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَمَسَّحَ بِعَظْمٍ أَوْ بَعْرٍ وَلَا فَرْقَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا فِي مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ بَيْنَ الْمُعْتَادَاتِ وَغَيْرِ الْمُعْتَادَاتِ أَنَّ الْحِجَارَةَ تُجْزِئُ فِيهَا فِي السَّبِيلَيْنِ جَمِيعًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيمَا عَدَا الْغَائِطَ وَالْبَوْلَ إِلَّا الْمَاءُ قَالَ وَكَذَلِكَ مَا عَدَا الْمَخْرَجَ وَمَا حَوْلَهُ مِمَّا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهِ الْأَحْجَارُ وَلَا يُجْزِئُ فِيهِ إِلَّا الْمَاءُ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي الْمَذْيِ وَحُكْمِ غَسْلِ الذَّكَرِ مِنْهُ فِي بَابِ أَبِي النَّضْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَعِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ مَا حَوْلَ الْمَخْرَجِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْأَغْلَبِ وَالْعَادَةِ لَا يُجْزِئُ فِيهِ إِلَّا الْمَاءُ وَهَكَذَا حَكَى ابن خواز بنداد عَنْهُمْ وَقَدْ قَالَتْ طَائِفَةٌ إِنَّ الْأَحْجَارَ تُجْزِئُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِأَنَّ مَالَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ مِنَ الشَّرَجِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَخْرَجِ قَالَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فَقَالُوا مَرَّةً يُجْزِئُ فِيهِ الأحجار ومرة مِثْلَ قَوْلِنَا وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَعَلَى أَصْلِهِمْ أَنَّ النَّجَاسَةَ إِذَا لَمْ تَكُنْ رَطْبَةً تَزُولُ بِكُلِّ مَا أَزَالَ عَيْنَهَا وَأَذْهَبَهَا غَيْرَ الْمَاءِ وَقَدْرُ الدِّرْهَمِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ أَصْلًا عِنْدَ جَمِيعِ الْعِرَاقِيِّينَ وَقَالَ دَاوُدُ النَّجَاسَةُ لَا يُزِيلُهَا غير الْمَاءُ وَإِذَا زَالَتْ بِأَيِّ وَجْهٍ زَالَتْ أَجْزَأَ وَلَا يُحَدُّ قَدْرُ الدِّرْهَمِ قَالَ مَالِكٌ تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِالِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ وَالْمَاءُ أَحَبُّ إِلَيْهِ وَيَغْسِلُ مَا هُنَالِكَ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَسْتَنْجِي بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَإِنْ لَمْ تُنْقِ زَادَ حَتَّى يَنْقَى وَإِنْ أَنْقَاهُ حَجَرٌ وَاحِدٌ أَجْزَأَهُ وَكَذَلِكَ غَسْلُهُ بِالْمَاءِ إِنْ أَنْقَاهُ بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ فِي الْمَخْرَجِ وَمَا عَدَا الْمَخْرَجَ فَإِنَّمَا يُغْسَلُ بِالْمَاءِ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَجُوزُ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ وَالْمَاءُ أطهر

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ بِالْأَحْجَارِ مَا لَمْ يَعْدُ الْمَخْرَجَ فَإِنْ عَدَا الْمَخْرَجَ لَمْ يَجُزْ إِلَّا الْمَاءُ وَالْمُهَاجِرُونَ كَانُوا لَا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَرُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ فَقَالَ إِذًا لَا تَزَالُ يَدِي فِي نَتْنٍ وَأَمَّا الْأَنْصَارُ فَكَانُوا يُتْبِعُونَ الْأَحْجَارَ بِالْمَاءِ وَأَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَهْلِ قُبَاءٍ وَالْمَاءُ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَالْأَحْجَارُ رُخْصَةٌ تُجْزِئُ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ جَعَلَ الِاسْتِنْجَاءَ وَاجِبًا وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ يَسْتَحِبُّونَ الْوِتْرَ وَقَدْ رَوَى ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ الشَّامِيُّ عَنِ الْحُصَيْنِ الْجَوَّانِيِّ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنِ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ من فعل فقد أحنس وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوَتِرْ وَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَهُوَ حَدِيثٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ لِأَنَّ إِسْنَادَهُ لَيْسَ بِالْقَائِمِ فِيهِ مَجْهُولُونَ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى الرَّازِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ ثَوْرٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ

الحديث التاسع والثلاثون

قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ التَّمَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العلاء قال حدثنا معوية بْنُ هِشَامٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أهل قبا فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ قَالَ وَكَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ (ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُكَيْمَةَ (35) اللَّيْثِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ) اخْتُلِفَ فِي اسْمِ ابْنِ أُكَيْمَةَ هَذَا فَقِيلَ عِمَارَةُ بْنُ أُكَيْمَةَ وَقِيلَ عُمَرُ بْنُ أُكَيْمَةَ وَقِيلَ عَمْرٌو وَقِيلَ عَامِرٌ وَقِيلَ عَمَّارٌ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ وَهُوَ مِنْ بَنِي لَيْثٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يُكْنَى أَبَا الْوَلِيدِ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَمِئَةٍ وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً فِيمَا ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ حَسْبُكَ بِرِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ زَعَمَ مَالِكٌ أَنَّ ابْنَ أُكَيْمَةَ اسْمُهُ عُمَرُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ أُكَيْمَةَ رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ حَدِيثًا وَاحِدًا قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَغَيْرُهُ وَقَدْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا عَبَّادُ بْنُ أُكَيْمَةَ فَإِنْ صَحَّ فَحَسْبُكَ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الدَّلِيلُ عَلَى جَلَالَتِهِ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ فِي مَجْلِسِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدٌ يُصْغِي إِلَى حَدِيثِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَعِيدٌ أَجَلُّ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي حَدِيثِهِ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ

عُيَيْنَةَ وَغَيْرِهِ وَإِلَى حَدِيثِهِ ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَذَلِكَ كُلُّهُ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى جَلَالَتِهِ عِنْدَهُمْ وَثِقَتِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ هَلْ قَرَأَ مَعِي أَحَدٌ مِنْكُمْ آنِفًا فَقَالَ رَجُلٌ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِنِّي أَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ قَالَ فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَوَاتِ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَدْ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاثِقُ بِاللَّهِ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْمَقَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزعفراني حدثنا عدالوهاب الْخَفَّافُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ أُكَيْمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ قال أبو الحسن لا أعلم أحد أسماه فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَا فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَرَوَاهُ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ عَنِ ابْنِ أُكَيْمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم

قَالَ أَبُو عُمَرَ (لَمْ يَخْتَلِفْ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ فِيمَا عَلِمْتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَزَادَ فِيهِ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ لَا قِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ) وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الأوزاعي عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ فِي مَوْضِعِ ابْنِ أُكَيْمَةَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَذَلِكَ وَهْمٌ وَغَلَطٌ عِنْدَ جميع أهل العلم بالحديث والحاديث مَحْفُوظٌ لِابْنِ أُكَيْمَةَ وَإِنَّمَا دَخَلَ الْوَهْمُ فِيهِ عَلَيْهِ لِأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَانَ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سَمِعْتُ ابْنَ أُكَيْمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَتَوَهَّمَ أَنَّهُ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لِابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ أُكَيْمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَّ ذِكْرَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ خَطَأٌ لَا شَكَّ عِنْدَهُمْ فِيهِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَهَذَا وَجْهُ ذِكْرِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ لَا أَنَّهُ فِي الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أُكَيْمَةَ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ

صِلَاتِهِ قَالَ هَلْ قَرَأَ مِنْكُمْ مَعِي أَحَدٌ قَالَ رَجُلٌ نَعَمْ أَنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَقُولُ مَا بَالِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ وَابْنُ السَّرَّاجِ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ سمعت ابن أكيمة يحدث سَعِيدِ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةً نَظُنُّ أَنَّهَا الصُّبْحُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَى قَوْلِهِ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ مُسَدَّدٌ فِي حَدِيثِهِ هَذَا قَالَ سُفْيَانُ قَالَ مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال ابْنُ السَّرَّاجِ فِي حَدِيثِهِ قَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَانْتَهَى النَّاسُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ بَيْنِهِمْ قَالَ سُفْيَانُ وَتَكَلَّمَ الزُّهْرِيُّ بِكَلِمَةٍ لَمْ أَسْمَعْهَا فَقَالَ مَعْمَرٌ إِنَّهُ قَالَ فَانْتَهَى النَّاسُ قَالَ أَبُو داود ورواه عبد الرحمن بن إسحق عَنِ الزُّهْرِيِّ وَانْتَهَى حَدِيثُهُ إِلَى قَوْلِهِ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ قَالَ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ فِيهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَاتَّعَظَ المسلمون فلم يكونوا يقرأون مَعَهُ فِيمَا جَهَرَ بِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ قَالَ قَوْلُهُ فَانْتَهَى النَّاسُ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أُكَيْمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً إِلَى قَوْلِهِ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَأَبُو أُوَيْسٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ أُكَيْمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى مَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ فَانْتَهَى النَّاسُ إِلَى آخِرِ الْكَلَامِ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّازِقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أُكَيْمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم صلى صَلَاةً جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ هَلْ قَرَأَ مَعِي أَحَدٌ مِنْكُمْ آنِفًا قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنِّي أَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقِرَاءَةَ فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَجْهَرُ بِهِ مِنَ الْقُرْآنِ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ أُكَيْمَةَ الْكِنَانِيِّ ثُمَّ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ

بَعْدَ مَا سَلَّمَ فَقَالَ هَلْ قَرَأَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعِي آنِفًا قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ فَانْتَهَى النَّاسُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَهَرَ بِهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَقُولُونَ إِنَّ سَمَاعَ أَبِي أُوَيْسٍ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ كَانَ وَاحِدًا بِعَرْضٍ وَاحِدٍ كَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ وَغَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِقْهُ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ نُقِلَ وَجَاءَ النَّاسُ بِهِ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ مَعَ الْإِمَامِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ يَجْهَرُ فِيهَا الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ إِمَامُهُ بِالْقِرَاءَةِ مِنَ الصَّلَوَاتِ أَنْ يَقْرَأَ مَعَهُ لَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَلَا بِغَيْرِهَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَثْنِ فِيهِ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ وَهَذَا مَوْضُوعٌ اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واختلف فِيهِ الْعُلَمَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ (نَذْكُرُهَا وَنُبَيِّنُ وُجُوهَهَا بِعَوْنِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ)

فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ لَا يَقْرَأُ لَا فِيمَا أَسَرَّ وَلَا فِيمَا جَهَرَ وَقَالَ آخَرُونَ يَقْرَأُ مَعَهُ فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ وَلَا يَقْرَأُ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهَا وَسَنُبَيِّنُ أَقْوَالَهُمْ وَاعْتِلَالَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنُبَيِّنُ الْحُجَّةَ لِكِلَا الْفَرِيقَيْنِ وَعَلَيْهِمْ بِمَا يَحْضُرُنَا ذِكْرُهُ بِعَوْنِ اللَّهِ وَقَالَ آخَرُونَ يَقْرَأُ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ وَلَا يَقْرَأُ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله وسالم بن عبد الله بن عمر وابن شهاب وقتادة قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالطَّبَرِيُّ إِلَّا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ إِنْ سَمِعَ لَمْ يَقْرَأْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ قَرَأَ وَمِنْ أَصْحَابِ دَاوُدَ مَنْ قَالَ لَا يَقْرَأُ فِيمَا قَرَأَ إِمَامُهُ وَجَهَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَقْرَأُ وَأَوْجَبُوا كُلُّهُمُ الْقِرَاءَةَ فِيمَا إِذَا أَسَرَّ الْإِمَامُ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمُ الْقِرَاءَةُ فِي مَا أَسَرَّ الْإِمَامُ دُوَنَ مَا جَهَرَ وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ كَانَ يَقُولُهُ بِالْعِرَاقِ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا فمن الحجة لِمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وإذا قرئ القرآن فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَهَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ فَأَوْجَبَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الِاسْتِمَاعَ وَالْإِنْصَاتَ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ جَهَرَ إِمَامُهُ بِالْقِرَاءَةِ لِيَسْمَعَ الْقِرَاءَةَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ دُونَ صَلَاةِ السر لأنه

مُسْتَحِيلٌ أَنْ يُرِيدَ بِالْإِنْصَاتِ وَالِاسْتِمَاعِ مَنْ لَا يَجْهَرُ إِمَامُهُ وَكَذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ أَنْ تَكُونَ مُنَازَعَةُ الْقُرْآنِ فِي صَلَاةِ السِّرِّ لِأَنَّ الْمُسِرَّ إِنَّمَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ دُونَ غَيْرِهِ فَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لِي أُنَازَعُ الْقِرَاءَةَ يُضَاهِي وَيُطَابِقُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مَعْنٍ ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمٍ (قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ) قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمٍ الْهَنْجَرْسِيِّ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْلِمٍ فَقُلْتُ لِأَبِي عِيَاضٍ لَقَدْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ لَا ينبغي لأحد يسمع القرآن ألا يستمع قالا لَا إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَأَمَّا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَإِنْ شِئْتَ اسْتَمَعْتَ وَأَنْصَتَّ وَإِنْ شِئْتَ مَضَيْتَ وَلَمْ تَسْمَعْ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا بَعْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَفْقَهَ مِنْ أَبِي عِيَاضٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ إسحق قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سليمان بن حياني الْأَحْمَرُ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ جَابِرٍ قال قال عبد الله بن مسعود أتقرأون خَلْفَ الْإِمَامِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَلَا تَفْقَهُونَ مالك لا تعقلون

وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا قَالَ إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ قَالَ أَنْصِتْ لِلْقُرْآنِ فَإِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا وَسَيَكْفِيكَ ذَلِكَ الْإِمَامُ قَوْلُهُ أَنْصِتْ لِلْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي الْجَهْرِ دُونَ الَسِّرِّ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي قَوْلِهِ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا قَالَ فِي الصَّلَاةِ وَذُكِرَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَالزُّهْرِيِّ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمُجَاهِدٍ مِثْلُهُ إِلَّا أَنَّ مُجَاهِدًا زَادَ فِي الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ وَجَبَ الْإِنْصَاتُ فِي اثْنَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَالْإِمَامُ يَقْرَأُ وَفِي الْخُطْبَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَسُفْيَانُ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا قَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَأَمَّا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَلَا وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ سَوَاءً وَذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ هُشَيْمٍ قَالَ أَنْبَأَنَا مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَحَدَّثَنَا جُبَيْرٌ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا قَالَا فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ قَالَ قَتَادَةُ الْإِنْصَاتُ بِاللِّسَانِ وَالِاسْتِمَاعُ بِالْأُذُنَيْنِ عَلِمَ أَنْ لَنْ يَفْقَهُوهُ حَتَّى يُنْصِتُوا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا مَعَ إِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ فِي

الصَّلَوَاتُ الْمَكْتُوبَةِ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ إِذَا جَهَرَ إِمَامُهُ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ مَعَهُ بِشَيْءٍ وَأَنْ يَسْتَمِعَ لَهُ وَيُنْصِتَ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ مَخْصُوصٌ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ وَحْدَهُ إِذَا جَهَرَ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا وَمَا عَدَا هَذَا الْمَوْضُوعَ وَحْدَهُ فَعَلَى عُمُومِ الْحَدِيثِ وَتَقْدِيرِهِ لَا صَلَاةَ يَعْنِي لَا رَكْعَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِلَّا لِمَنْ صَلَّى خَلَفَ إِمَامٍ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَمِعُ وَيُنْصِتُ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ وَعُقَيْلٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَشُعَيْبٌ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَلَيْسَ عِنْدَ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَسَنَذْكُرُ الدَّلَائِلَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا رَكْعَةَ فِي بَابِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الْعَوْنُ لَا شَرِيكَ لَهُ

وَالدَّلِيلُ أَيْضًا عَلَى خُصُوصِ الْآيَةِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ وَقَوْلُهُ إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا رَوَاهُ أَبُو مُوسَى وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ لِقَوْمٍ جَهَرُوا بِالْقِرَاءَةِ وَهُوَ يَقْرَأُ خَلَطْتُمْ عَلَيَّ الْقِرَاءَةَ أَنْصِتُوا لِلْقِرَاءَةِ وَقَوْلُهُ أَنْصِتُوا لِلْقِرَاءَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَالِ الْجَهْرِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الله الأسدي قال حدثنا يونس بن إسحق عن أبي إسحق عن عبد الله قال كنا نقرأ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال النبي صلى الله عليه وسلم خلطتم علي القراءة وحدثنا عبد الوارث بن سفيان وسعدي بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن معوية قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَارُودُ عَنْ مُعَاذٍ التِّرْمِذِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا زاد الجارود وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَأَنْبَأْنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ ابْنَ عَجْلَانَ عَلَى قَوْلِهِ وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا قَالَ أَبُو عُمَرَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ انْفَرَدَ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ إِنَّ ابْنَ عَجْلَانَ انْفَرَدَ بِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ (قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ) بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْأَشْهَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي غَلَّابٍ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ حِطَّانَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ قَوْلَهُ وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرُ ابْنِ عَجْلَانَ وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى غَيْرُ جَرِيرٍ عَنِ التَّيْمِيِّ قِيلَ لَهُ لَمْ يُخَالِفْهُمَا مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُمَا فَوَجَبَ قَبُولُ زِيَادَتِهِمَا وَقَدْ صَحَّحَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَحَسْبُكَ بِهِ إِمَامَةً وَعِلْمًا بِهَذَا الشَّأْنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مَنْ يَقُولُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا فَقَالَ حَدِيثُ ابْنِ عَجْلَانَ الَّذِي يَرْوِيهِ أَبُو خَالِدٍ وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ جَرِيرٌ عَنِ التَّيْمِيِّ وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ الْمُعْتَمِرَ رواه قلت نعم قد رواه المعتمر قَالَ فَأَيُّ شَيْءٍ تُرِيدُ فَقَدْ صَحَّحَ أَحْمَدُ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثَ أَبِي مُوسَى قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا فَأَيْنَ الْمَذْهَبُ عَنْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِرَاءَةِ حِينَ سَمِعُوا مِنْهُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ وَقَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يُقْرَأُ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ هَذَا عَمَلٌ مَوْرُوثٌ بِالْمَدِينَةِ

ذكر عبد الرزاق عن الثوري عن سليمن الشَّيْبَانِيِّ عَنْ جَوَّابٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ أَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَإِنْ قَرَأْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ نَعَمْ وَإِنْ قَرَأْتُ وَعَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ عَنْ لَيْثٍ عَنِ الْأَشْعَثِ عَنْ أَبِي يَزِيدَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ وَيَزِيدَ التَّيْمِيِّ قَالَا أَمَرَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ نَقْرَأَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَهَذَا مَحَلُّهُ عِنْدَنَا فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ الْإِمَامُ لِأَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ رَوَى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ عَهِدَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ لَا نَقْرَأَ مَعَ الْإِمَامِ وَهَذَا عِنْدَنَا عَلَى الْجَهْرِ لِئَلَّا يَتَضَادَّ الْخَبَرُ عَنْهُ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ يَثْبُتُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ عَنْ عُمَرَ وَعَنْهُ فِيهِ اضْطِرَابٌ وَأَمَّا عَلِيٌّ فَأَصَحُّ شَيْءٍ عَنْهُ مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ يَقْرَأُ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ فِي الْأُولَيَيْنِ من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة سورة وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَيَقْرَأُ الْإِمَامُ فِي الْمَغْرِبِ فِي الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ وَيُنْصِتُ مَنْ خَلْفَهُ وَيَقْرَأُ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ فِي الثَّالِثَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَيَقْرَأُ الْإِمَامُ فِي الْعِشَاءِ في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة سورة وَيُنْصِتُ مَنْ خَلْفَهُ وَيَقْرَأُ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُنْصِتُوا في الفجر

ذكر إسحق بن راهويه عن يزيد بن هرون عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَهَذَا يَدْفَعُ مَا رَوَى عَنْهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَمَّا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَذَكَرَ عَبْدُ الرَّازِقِ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ كَانَ يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَفِي تَخْصِيصِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْرَأُ (فِيمَا جُهِرَ فِيهِ مِنَ الصَّلَوَاتِ وَيَقْرَأُ) فِي غَيْرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَفِي ذَلِكَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ مَعَ الْإِمَامِ فَسَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لَا تَقْرَأْ إِلَّا أَنْ تَتَّهِمَ الْإِمَامَ وَسَأَلْتُ مُجَاهِدًا فقال قد سمعت عبد الله بن عمر ويقرأ (وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ سمعت عبد الله بن عمرؤ يَقْرَأُ) خَلَفَ الْإِمَامِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَأَصَحُّ شَيْءٍ عَنْهُ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُنْصِتُ لِلْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ لَا يَقْرَأُ مَعَهُ وَكُلَّمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ فَهَذَا يفسرها

ولهذا والله أعلم أدخل ملك قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ الْمُجْمَلَ فِي بَابِ تَرْكِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ وَقَيَّدَهُ بترجمة الباب ثم قال ملك عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُئِلَ هَلْ يَقْرَأُ أَحَدٌ خَلْفَ الْإِمَامِ قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ خَلْفَ الْإِمَامِ فَحَسْبُهُ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ وَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيَقْرَأْ قَالَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْهُ وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا جَعَلَ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ هَذَا فِي بَابِ تَرْكِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِقَوْلِهِ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنْ يَقْرَأَ الرَّجُلُ وَرَاءَ الْإِمَامِ فِيمَا لَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ وَيَتْرُكَ الْقِرَاءَةَ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ أَرْدَفَ قَوْلَهُ هَذَا بِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ ابْنِ أُكَيْمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قوله مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ قَالَ تَكْفِيكَ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ بِهِ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ وَجَهَرَ فَلَا يَقْرَأْ شَيْئًا فَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَمَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ خَلْفَ الْإِمَامِ إِذَا جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ وَسَوَاءً سَمِعَ الْمَأْمُومُ قِرَاءَتَهُ أَوْ لَمْ يَسْمَعْ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ جَهَرَ فِيهَا الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا لِمَنْ خَلْفَهُ الْقِرَاءَةُ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا وَاحِدٌ كَالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا وَشَهِدَهَا أَنْ يَتَكَلَّمَ كَمَا لَا يجوز أن يتكلم من سمعها سوا

وسوءا عِنْدَهُمْ أُمُّ الْقُرْآنِ وَغَيْرُهَا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَشَاغَلَ عَنِ الِاسْتِمَاعِ لِقِرَاءَةِ إِمَامِهِ وَالْإِنْصَاتِ لَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَلَا بِغَيْرِهَا وَلَوْ جَازَ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَقْرَأَ مَعَ الْإِمَامِ إِذَا جَهَرَ لَمْ يَكُنْ لِجَهْرِ الْإِمَامِ بِالْقِرَاءَةِ مَعْنًى لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَجْهَرُ لِيُسْتَمَعَ لَهُ وَيُنْصَتَ وَأُمُّ الْقُرْآنِ وَغَيْرُهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ جَازَ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ وَكَانَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَسْمَعْ أَنْ يَقْرَأَ وَلَوْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْإِنْصَاتِ وَالِاسْتِمَاعِ هُوَ مَنْ سَمِعَ دُونَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَقَالَ بِقَوْلِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ (وَقَالَ بعض أصحاب ملك لَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَنْ لَا يَسْمَعُ الْخَطِيبَ بِمَا شَاءَ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا بِهِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ وَكَرِهَ مَالِكٌ لَهُ ذلك وقد ذكرنا هذه المسئلة فِي مَوْضِعِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ) ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الصَّلْتِ الرَّبَعِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ إِذَا لَمْ يَسْمَعْكَ الْإِمَامُ فَاقْرَأْ وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إِذَا لَمْ تَفْهَمْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ فَاقْرَأْ إِنْ شِئْتَ وَسَبِّحْ وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَتْرُكُ أَحَدٌ مِنَ الْمَأْمُومِينَ قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ خَلْفَ إِمَامِهِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ لِأَنَّ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَامٌّ لَا يَخُصُّهُ شَيْءٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخُصَّ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ مُصَلِيًا مِنْ مُصَلٍ

قَالُوا وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا خَاصٌّ وَاقِعٌ عَلَى مَا سِوَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ وَقَوْلُهُ وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا أَرَادَ بَعْدَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ قول الشافعي بمصر وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ مِنْهُمُ الْمُزَنِيُّ وَالْبُوَيْطِيُّ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمَكْحُولٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ يَا أَبَا الْوَلِيدِ لَمْ أَسْمَعْكَ قَرَأْتَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ أَجَلْ إِنَّهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا هرون بْنُ مَعْرُوفٍ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ أَخَذْتُ الْقِرَاءَةَ مَعَ الْإِمَامِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَمَكْحُولٍ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إذا كُنْتَ مَعَ الْإِمَامِ فَاقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ قَبْلَهُ وإذا

سكت وهذا الحديث يَصِحُّ بِهَذَا اللَّفْظِ مَرْفُوعًا وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ ضَعِيفٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يُوَقِفُ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ بن الْمُثَنَّى عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَا بُدَّ أَنْ يُقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَفِيمَا لَا يَجْهَرُ (وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ ضَعِيفٌ لَيْسَ بِحُجَّةٍ) وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يَجْهَرُ فَلْيُبَادِرْ بِالْقِرَاءَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ لِيَقْرَأْهَا بَعْدَ مَا يَسْكُتُ فَإِذَا فَرَغَ فَلْيُنْصِتْ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٍ قَالَا أَنْبَأَنَا ابْنُ خَيْثَمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ لَا بُدَّ أَنْ يُقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ مَعَ الْإِمَامِ وَلَكِنَّ مَنْ مَضَى كَانُوا إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ سَكَتَ سَكْتَةً لَا يُقْرَأُ قَدْرَ مَا يُقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ يَقُولُ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ جَهَرَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَجْهَرْ فَإِذَا جَهَرَ فَفَرَغَ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ فَاقْرَأْ بِهَا أَنْتَ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَبَعْدَ مَا يَفْرَغُ مِنَ السُّورَةِ الَّتِي بَعْدَهَا (وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ هَذَا هُوَ ابْنُ أَبِي يَحْيَى قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ حَدِيثِهِ وَرَمَوْهُ بِالْكَذِبِ وَكَانَ مَالِكٌ يُسِيءُ الْقَوْلَ فِيهِ وَابْنُ خَيْثَمٍ فِيهِ لَيِّنٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ) حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ حدثنا

خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ اقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ خَلْفَ الْإِمَامِ جَهَرَ أَوْ لَمْ يَجْهَرْ وَقَالَ الْبُوَيْطِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ إِنَّ الْمَأْمُومَ يَقْرَأُ فِيمَا أَسَرَّ فيه الإمام بأم القرآن وسورة في الأوليين وَبِأُمِّ الْقُرْآنِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ لَا يَقْرَأُ مَنْ خَلْفَهُ إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ قَالَ الْبُوَيْطِيُّ وَكَذَلِكَ يَقُولُ اللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَرَوَى الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيمَا أَسَرَّ وَفِيمَا جَهَرَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ يُقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا أَسَرَّ وَفِيمَا جَهَرَ وَقَالَ فَإِذَا جَهَرَ فَأَنْصِتْ وَإِذَا سَكَتَ فَاقْرَأْ يَعْنِي فِي سَكَتَاتِهِ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَهُ سَكَتَاتٌ حِينَ يُكَبِّرُ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ وَحِينَ يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ حَفِظْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكْتَتَيْنِ فِي صَلَاتِهِ سَكْتَةً إِذَا كَبَّرَ وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ

عليه عمر ان بْنُ حُصَيْنٍ فَكَتَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَى أُبَيٍّ فَقَالَ صَدَقَ سَمُرَةُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أشعث عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَسْكُتُ سَكْتَتَيْنِ إِذَا اسْتَفْتَحَ وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ كُلِّهَا (ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ وَرَوَى قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مِثْلَهُ) وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَسْكُتَ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ السُّورَةِ لِئَلَّا يَصِلَ التَّكْبِيرَ بِالْقِرَاءَةِ وَرَوَى أَبُو زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ بَيْنَ التَّكْبِيرَةِ وَالْقِرَاءَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَذَهَبَ هَؤُلَاءِ إِلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَسْكُتُ سَكَتَاتٍ عَلَى مَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ وَيَتَحَيَّنُ الْمَأْمُومُ تِلْكَ السَّكَتَاتِ مِنْ إِمَامِهِ فِي إِمَامَتِهِ فَيَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ حَقٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَسْكُتَ سَكْتَةً بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَيَسْكُتَ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ لِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ لِيَقْرَأَ مَنْ خَلْفَهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فاقرأ

مَعَهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَسْرِعِ الْقِرَاءَةَ هَذَا لَفْظُ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ مِثْلُهُ وَأَمَّا ملك فَأَنْكَرَ السَّكْتَتَيْنِ وَلَمْ يَعْرِفْهُمَا وَقَالَ لَا يُقْرَأُ احد مَعَ الْإِمَامِ إِذَا جَهَرَ قَبْلَ قِرَاءَتِهِ وَلَا بَعْدَهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَسْكُتَ إِذَا كَبَّرَ وَلَا إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ وَلَا يَقْرَأُ أَحَدٌ خَلَفَ إِمَامِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْأَوْزَاعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ مَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مَحْمُودَ بالربيع يُحَدِّثُ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالُوا بِهَذَا عَلَى عُمُومِهِ فِي الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ إِمَامًا مِنْ مَأْمُومٍ وَلَا مُنْفَرِدٍ قَالُوا وَلَمَّا لَمْ يَنُبْ رُكُوعُ الْإِمَامِ وَلَا قِيَامُهُ ولا بإحرامه وَلَا سُجُودُهُ وَلَا تَسْلِيمُهُ عَنْ رُكُوعِ الْمَأْمُومِ وَلَا عَنْ قِيَامِهِ وَلَا عَنْ إِحْرَامِهِ وَلَا عَنْ تَسْلِيمِهِ فَكَذَلِكَ لَا تَنُوبُ قِرَاءَتُهُ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ عَنْ قِرَاءَتِهِ وَقَالُوا إِنْ كَانَ الزُّهْرِيُّ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُجْمَلًا مُحْتَمِلًا لِلتَّأْوِيلِ فَقَدْ رَوَاهُ مَكْحُولٌ مُفَسَّرًا وَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قالا حدثنا قاسم بن أصبع قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن اسحق عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ فَثَقُلَتْ عليه القراءة فلما انصرف قال لعلكم تقرأون خَلْفَ إِمَامِكُمْ قَالَ قُلْنَا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَفْعَلُ قَالَ لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِهَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْإِمَامِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله المدني حدثنا يزيد بن هرون حدثنا محمد بن اسحق عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنِّي لأراكم تقرأون وَرَاءَ الْإِمَامِ قُلْنَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَلَا إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اسحق عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نحو

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا يُنَادِي فِي النَّاسِ أَنْ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَمَا زَادَ وَحَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي أَلَا لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالُوا وَهَذَا عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ أَحَدٍ مَأْمُومًا كَانَ أَوْ إِمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا وَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا خالد الخذاء عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَمَّنْ شَهِدَ ذَلِكَ قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قال أتقرأون والإمام يقرأ فسكتوا قال أتقرأون وَالْإِمَامُ يَقْرَأُ قَالُوا إِنَّا لَنَفْعَلُ قَالَ فَلَا تَفْعَلُوا إِلَّا أَنْ يَقْرَأَ أَحَدُكُمْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ في نفسه

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فلما انصرف قال لنا هل تقرأون الْقُرْآنَ إِذَا كُنْتُمْ مَعِي فِي الصَّلَاةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ فَلَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَرَوَاهُ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ مَحْمُودٍ عَنْ عُبَادَةَ وَنَافِعٌ هَذَا مَجْهُولٌ وَمِثْلُ هَذَا الِاضْطِرَابِ لَا يَثْبُتُ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ شَيْءٌ وَلَيْسَ فِي هذا الباب مالا مَطْعَنَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ غَيْرُ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ وَأَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ فَإِنَّمَا فِيهِ إِلَّا أَنْ يَقْرَأَ أَحَدُكُمْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فِي نَفْسِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي النَّفْسِ مَا لَمْ يُحَرَّكْ بِهَا اللِّسَانُ فَلَيْسَتْ بِقِرَاءَةٍ وَإِنَّمَا هِيَ حَدِيثُ النَّفْسِ بِالذِّكْرِ وَحَدِيثُ النَّفْسِ مُتَجَاوَزٌ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَمَلٍ يُؤَاخَذُ عَلَيْهِ فِيمَا نُهِيَ أَنْ يَعْمَلَهُ أَوْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ فَرْضًا فِيمَا أُمِرَ بِعَمَلِهِ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي إِنْ كَانَتْ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ بِغَيْرِ أُمِّ الْقُرْآنِ قِرَاءَةً لِمَنْ خَلْفَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أُمُّ الْقُرْآنِ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَكُونُ قِرَاءَةً لِمَنْ خَلْفَهُ فَقَدْ نَقَصَ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ عَمَّا سُنَّ مِنَ الْقِرَاءَةِ لِلْمُصَلِّينَ وَحُرِمَ مِنْ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ بِغَيْرِ أُمِّ الْكِتَابِ مَا لَا يَعْلَمُ مَبْلَغَهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ وَالَّذِي يُصَلِّي

خلف الإمام حكمه في القراءة يحكم مَنْ قَرَأَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أشرك بين القارىء وَبَيْنَ الْمُسْتَمِعِ الْمُنْصِتِ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْأَجْرِ وكذلك الذي يخطب يوم الجمعة والمستمع قَالَ وَكَذَلِكَ جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ أَبِي ليلى وأبو حنيفة وأصحابه والحسن بن حيي لَا يُقْرَأُ مَعَ الْإِمَامِ لَا فِيمَا أَسَرَّ وَلَا فِيمَا جَهَرَ وَهُوَ قَوْلُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ بِالْعِرَاقِ وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَلِيٍّ وَسَعْدٍ هَؤُلَاءِ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُمْ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِأَنْ قَالَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ خَاصٌّ وَوَاقِعٌ عَلَى مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ كَانَ إِمَامًا فَأَمَّا مَنْ صَلَّى وَرَاءَ إِمَامٍ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِمْ بِأَنَّ الْجُمْهُورَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا لَمْ يَقْرَأْ مَنْ خَلْفَهُ لَمْ تَنْفَعْهُمْ قِرَاءَتُهُمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ قِرَاءَةٌ لَهُمْ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لا صلاة لمن يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَصَاعِدًا قَالَ سُفْيَانُ لِمَنْ يُصَلِّي وَحْدَهُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ

قَالَ مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ وَهَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ مَذْمُومُ الْمَذْهَبِ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عائشة عن عبد الله بن شداد ابن الْهَادِي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُ أَبِي حنيفة وهو سيء الْحِفْظِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَدْ خَالَفَهُ الْحُفَّاظُ فِيهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَجَرِيرٌ فَرَوَوْهُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ مُرْسَلًا وَهُوَ الصَّحِيحُ فِيهِ الْإِرْسَالُ وَلَيْسَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَأَدْخَلَ بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ وَبَيْنَ جَابِرٍ أَبَا الْوَلِيدِ هَذَا وَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ وَحَدِيثُهُ هَذَا لَا يَصِحُّ فَإِنْ قِيلَ قَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عبد الله عبن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ رَكْعَةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَلَا تُصَلَّى إِلَّا وَرَاءَ الْإِمَامِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ مَرْفُوعًا وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ مَوْقُوفٌ عَلَى جَابِرٍ مِنْ قَوْلِهِ وَانْفَرَدَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ بِرَفْعِهِ عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يُتَابَعْ على ذلك

وَالصَّحِيحُ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ وَلَسْنَا نَذْكُرُ الْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَلَكِنَّ الْحُجَّةَ عِنْدَ التَّنَازُعِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ لَا مَا سِوَاهُمَا وَاحْتَجَّ أَيْضًا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْكُوفِيِّينَ فِي هَذَا الْبَابِ بِمَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا أبو أحمد قال حدثنا يونس بن اسحق عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كانوا يقرأون خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ خَلَطْتُمْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُمْ لَا يَخْلِطُونَ إِلَّا بِرَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِلْكُوفِيِّينَ وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ إِنَّمَا نَهَاهُمْ عَمَّا عَدَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ بَعِيدٌ قَوْلُهُ وَغَيْرُ ظَاهِرٍ مَعْنَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاحْتَجَّ أَيْضًا مِنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْكُوفِيِّينَ فِي تَرْكِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ بِمَا رَوَاهُ وكيع عن علي بن صالح بعن الْأَصْبَهَانِيِّ عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ مَنْ قَرَأَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَقَدْ أَخْطَأَ الْفِطْرَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْخَبَرُ لَوْ صَحَّ كَانَ مَعْنَاهُ مَنْ قَرَأَ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا

جَهَرَ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ فَقَدْ أَخْطَأَ الْفِطْرَةَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَكَيْفَ وَهُوَ خَبَرٌ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْمُخْتَارَ وَأَبَاهُ مَجْهُولَانِ وَقَدْ عَارَضَ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ عَلِيٍّ مَا هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَهُوَ خَبَرُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيٍّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ مَنْ قَرَأَ مَعَ الْإِمَامِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ قَرَأَ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ مَنْ قَرَأَ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى فَسَادِ ظَاهِرِ حَدِيثِ زَيْدٍ هَذَا وروى الثوري عن أبي الزيناد عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَقْرَآنِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ دُونَ مَا أَسَرَّ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا مِنْ أَصَحِّ الطُّرُقِ عَنْهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَالَ وَدِدْتُ أَنَّ الَّذِي يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي فِيهِ حَجَرٌ فَمُنْقَطِعٌ لَا يَصِحُّ وَلَا نَقَلَهُ ثِقَةٌ

وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي هَذَا الْبَابِ فَمُنْقَطِعٌ لَا يَثْبُتُ وَلَا يَتَّصِلُ وَلَيْسَ عَنْهُ فِيهِ حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ غَيْرُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ مَجْهُولٌ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَلَا يَصِحُّ حَدِيثُهُ وَلَا أَعْلَمُ في هذا الباب صاحب صَحَّ عَنْهُ بِلَا اخْتِلَافٍ أَنَّهُ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ الْكُوفِيُّونَ إِلَّا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ قَالَ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَتَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ لَا وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ والأسود قَالَا وَدِدْنَا أَنَّ الَّذِي يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ مليء فُوُهُ تُرَابًا فَهُوَ صَحِيحٌ عَنْهُمَا لَكِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا أَرَادَا فِي الْجَهْرِ دُونَ السِّرِّ فَإِنْ صَحَّ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا أَرَادَا السِّرَّ وَالْجَهْرَ فَقَدْ خَالَفَهُمَا فِي ذَلِكَ مَنْ هُوَ فَوْقَهُمَا وَمِثْلُهُمَا وَعِنْدَ الِاخْتِلَافِ يَجِبُ الرَّدُّ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا وَأَوْضَحْنَا مَا صَحَّ مِنَ السُّنَّةِ وَمَا وَرَدَ بِهِ الْكِتَابُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاحْتَجَّ أَيْضًا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْكُوفِيِّينَ فِي هَذَا الْبَابِ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بِأَصْحَابِهِ الظُّهْرَ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ أَيُّكُمْ قَرَأَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالُوا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَنَّ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يُسِرُّ بِهِ تُكْرَهُ وَلَا تَجُوزُ

(وَمَعْنَى قَوْلِهِ خَالَجَنِيهَا أَيْ نَازَعَنِيهَا وَالْمُخَالَجَةُ هُنَا عندهم كالمنازعة فحديث عمران هذا كحديث بن أُكَيْمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا تَكُونُ الْمُنَازَعَةُ إِلَّا فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْمَأْمُومُ وَرَاءَ الْإِمَامِ وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ رواي الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ يَا فَارِسِيُّ قَالَهُ فِي حَدِيثِ الْعَلَاءِ) (*) قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَرِهَهُ لَنَهَى عَنْهُ وَإِنَّمَا كَرِهَ رَفْعَ صَوْتِ الرَّجُلِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فِي صَلَاةٍ سُنَّتُهَا الْإِسْرَارُ بِالْقِرَاءَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَرَأَ خلفه بسبح اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ أَيُّكُمْ قَرَأَ قَالُوا رَجُلٌ قَالَ قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ فِي حَدِيثِهِ قَالَ شُعْبَةُ قُلْتُ لِقَتَادَةَ أَلَيْسَ يَقُولُ سَعْدٌ أَنْصِتْ لِلْقُرْآنِ قَالَ ذَلِكَ إِذَا جَهَرَ بِهِ وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي حَدِيثِهِ قَالَ شُعْبَةُ قُلْتُ لِقَتَادَةَ كَأَنَّهُ كَرِهَهُ قَالَ لَوْ كَرِهَهُ نهى عنه

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ أُكَيْمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ إِذَا أَسَرَّ الْإِمَامُ فِي صَلَاتِهِ بِالْقِرَاءَةِ جَائِزَةٌ لِأَنَّ الْمُنَازَعَةَ فِي الْقُرْآنِ إِنَّمَا تَكُونُ مَعَ الْجَهْرِ لَا مَعَ السِّرِّ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يُسِرُّ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ فَكَرِهَهَا الْكُوفِيُّونَ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَحُجَّتُهُمْ مَا ذَكَرْنَا وَقَالَ سَائِرُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ والشافعي وأحمد واسحق وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ يُقْرَأُ مَعَ الْإِمَامِ فِي كُلِّ مَا يُسِرُّ فِيهِ وَحُجَّتُهُمْ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ اختلف هؤلاء في وجوب القراءة ههنا إِذَا أَسَرَّ الْإِمَامُ فَذَهَبَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ إِلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ عِنْدَهُمْ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا أَسَرَّ بِهِ الْإِمَامُ سُنَّةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَرَكَهَا إِلَّا أَنَّهُ قَدْ أَسَاءَ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ الْقِرَاءَةُ فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ الْإِمَامُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ تَرَكَهَا وَقَدْ أَسَاءَ ذَكَرَ ابْنُ خواز مَنْدَادَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ خَلَفَ الإمام فيما أسر فيه بالقراءة مستحبة غير وَاجِبَةٌ وَكَذَلِكَ قَالَ

الأبهري وإليه أشار اسماعيل بن اسحق وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا لَمْ يَجْهَرْ فِيهِ فَقَالَ إِنْ قَرَأْتَ فَلَكَ فِي رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَةٌ (وَإِنْ لَمْ تَقْرَأْ فَلَكَ فِي رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَةٌ) قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَشْغَلَ نَفْسِي بِالْقِرَاءَةِ فِيمَا لَا يَجْهَرُ بِهِ الْإِمَامُ عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالثَّالِثَةِ مِنَ الْمَغْرِبِ وَالْأُخْرَيَيْنِ مِنَ الْعَتَمَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ والأوزاعي وأبو ثور وأحمد واسحق وَدَاوُدُ الْقِرَاءَةُ فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ الْإِمَامُ وَاجِبَةٌ وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَقَلُّ شَيْءٍ إِذَا أَسَرَّ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ لِأَنَّ الْإِنْصَاتَ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ لِقَوْلِهِ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ وَقَدِ ارْتَفَعَتْ هَاتِهِ الْعِلَّةُ فِي صَلَاةِ السِّرِّ فَوَجَبَ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ أَنْ يَقْرَأَ لِنَفْسِهِ فِي صَلَاتِهِ وَلَا يَنُوبُ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ عَنْ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ وَلَا تُجْزِيهِ كَمَا لَا يَنُوبُ وَلَا يُجْزِي عَنْهُ عِنْدَهُمْ إِحْرَامُهُ وَرُكُوعُهُ وَسُجُودُهُ عَنْ إِحْرَامِ الْمَأْمُومِ وَرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ

الحديث الأربعون

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ الْحُجَّةُ لَهُمْ فأغني عن إعادتها ها هنا قَالَ أَبُو عُمَرَ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنْ يَقْرَأَ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا أَسَرَّ وَفِيمَا جَهَرَ وَالثَّانِي يَقْرَأُ مَعَهُ فِيمَا جَهَرَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَتَّبِعُ سَكَتَاتِ الْإِمَامِ قَبْلُ وَبَعْدُ وَالثَّالِثُ لَا يَقْرَأُ مَعَهُ فِيمَا جَهَرَ وَيَقْرَأُ مَعَهُ فِيمَا أَسَرَّ وذكر ابن خوازمنداد قَوْلًا رَابِعًا مِثْلَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَقْرَأُ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا أَسَرَّ وَلَا فِيمَا جَهَرَ وَهَذَا الْقَوْلُ الرَّابِعُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ غَيْرُ مشهور وأصحابه اليوم لا يذكرون في المسئلة إِلَّا قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا بُدَّ لِلْمَأْمُومِ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِيمَا أَسَرَّ وَفِيمَا جَهَرَ (وَالثَّانِي يَقْرَأُ مَعَهُ فِيمَا أَسَرَّ وَلَا يَقْرَأُ مَعَهُ فِيمَا جَهَرَ) وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ عِنْدَنَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ (ابْنُ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ حَدِيثَانِ) أَحَدُهُمَا مُرْسَلٌ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُمَا جَمِيعًا مُرْسَلَانِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ وَلَدُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَفَضَالَةُ وَوَهْبٌ وَمَعْبَدٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَسَمِعْتُ علي بن

الْمَدِينِيِّ يَقُولُ هُمْ خَمْسَةٌ عَبِيدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ وَمَعْبَدُ بْنُ كَعْبٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَسَمِعَ الزُّهْرِيُّ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ وَكَانَ قَائِدَ أَبِيهِ حِينَ عَمِيَ وَسَمِعَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ وَسَمِعَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ قَائِدِ كَعْبٍ وَرَوَى عَنْ بَشِيرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ وَلَا أَرَاهُ سَمِعَ مِنْهُ (حَدِيثٌ أَوَّلُ لِابْنِ شهاب عن ابن كعب بن ملك) ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ أَبَاهُ كعب بن ملك كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمِنْ أَفْضَلِ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ علي الصبي حدثنا المعافي بن عمرا حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ وفي رواية ملك هَذِهِ بَيَانُ سَمَاعِ الزُّهْرِيِّ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرحمن بن كعب بن ملك يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن كعب ورواه محمد بن إسحق عَنِ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ بن ملك (عَنْ أَبِيهِ فَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَارِثُ بْنُ فُضَيْلٍ عَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ) وَرَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كعب بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فَاتَّفَقَ هَؤُلَاءِ عَلَى أَنْ جَعَلُوا الْحَدِيثَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ ملك عن جده كعب بن ملك ذَكَرَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أن كعب بن ملك كَانَ يُحَدِّثُ وَذَكَرَ أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مثل حديث ملك سواء

وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَعُقَيْلٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ كَعْبٍ لَمْ يَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَلَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَذَكَرَهُ اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ وَذَكَرَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي حَدِيثِ نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ كُلُّ هَذَا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَحْفُوظُ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا وَهُوَ الَّذِي يُشْبِهُ حَدِيثَ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَشُعَيْبٍ وَابْنِ أَخِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا وَجْهَ عِنْدِي لِمَا قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا دَلِيلَ عليه واتفاق ملك وَيُونُسَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ وَالنَّفْسُ إِلَى قَوْلِهِمْ وَرِوَايَتِهِمْ أَمْيَلُ وَأَسْكَنُ وَهُمْ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ بِحَيْثُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ خَالَفَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَبِاللَّهِ التوفيق وأما قوله نسمة المؤمن والنسمة ههنا الرُّوحُ يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ النَّسَمَةُ النَّفْسُ وَالرُّوحُ وَالْبَدَنُ وَأَصْلُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ أَعْنِي النَّسَمَةَ الْإِنْسَانُ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْإِنْسَانِ نَسَمَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ حَيَاةَ الْإِنْسَانِ بِرُوحِهِ فَإِذَا فَارَقَتْهُ عُدِمَ أَوْ صَارَ كَالْمُعْدَمِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّسَمَةَ الْإِنْسَانُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعْتَقَ نَسَمَةً مُؤْمِنَةً وَقَوْلُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ قَالَ الشَّاعِرُ ... بِأَعْظَمِ مِنْكَ يَقِي فِي الْحِسَابِ ... إِذَا النَّسَمَاتُ نَفَضْنَ الْغُبَارَا

يَعْنِي إِذَا بُعِثَ النَّاسُ مِنْ قُبُورِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ النَّسَمَةُ الْإِنْسَانُ قَالَ وَالنَّسَمُ نَفْسُ الرُّوحِ وَالنَّسِيمُ هُبُوبُ الرِّيحِ وَقَوْلُهُ تَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ يُرْوَى بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَيُرْوَى بِضَمِّ اللَّامِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَهُوَ الْأَكْلُ وَالرَّعْيُ يَقُولُ تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ وَتَرْعَى وَتَسْرَحُ بَيْنَ أَشْجَارِهَا وَالْعَلُوقَةُ وَالْعَلَاقُ وَالْعَلُوقُ الْأَكْلُ وَالرَّعْيُ وَتَقُولُ الْعَرَبُ مَا ذَاقَ الْيَوْمَ عَلُوقًا أَيْ طَعَامًا قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ يَصِفُ الْخَيْلَ ... (وَمُجَنَّبَاتٍ لَا يَذُقْنَ عَلُوقَةً ... يَمْصَعْنَ بِالْمَهَرَاتِ وَالْأَمْهَارِ) ... يَعْنِي مَا يَرْعَيْنَ وَلَا يَذُقْنَ شَيْئًا قَالَ الْأَعْشَى ... وَفَلَاةٍ كَأَنَّهَا ظهر ترسن لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الرَّبِيعَ عَلَاقُ ... وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ اللَّهِ فِي الْجَنَّةِ شُهَدَاءً كَانُوا أَمْ غَيْرَ شُهَدَاءٍ إِذَا لَمْ يَحْبِسْهُمْ عَنِ الْجَنَّةِ كَبِيرَةٌ وَلَا دَيْنٌ وَتَلَقَّاهُمْ رَبُّهُمْ بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ وَبِالرَّحْمَةِ لَهُمْ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَخُصَّ فِيهِ مُؤْمِنًا شَهِيدًا مِنْ غَيْرِ شَهِيدٍ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَرْوَاحَ الْأَبْرَارِ فِي عِلِّيِّينَ وَأَرْوَاحَ الْفُجَّارِ فِي سِجِّينٍ

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ وَهَذَا قَوْلٌ يُعَارِضُهُ مِنَ السُّنَّةِ مَا لَا مَدْفَعَ فِي صِحَّةِ نَقْلِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ يُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ صَحِيحِ الْأَثَرِ فِي بَابِ نَافِعٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الشُّهَدَاءِ دُونَ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ لَا يَدُلَّانِ إِلَّا عَلَى ذَلِكَ أَمَّا الْقُرْآنُ فَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الْآيَةَ وَأَمَّا الْآثَارُ فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الثِّقَاتُ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ فِي طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ وَمِنْهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشهداء

يَغْدُونَ وَيَرُوحُونَ إِلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ ثُمَّ يَكُونُ مَأْوَاهُمْ إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَلْ تَعْلَمُونَ كَرَامَةً أَفْضَلَ مِنْ كرامة أكرمتموها فيقولون لا غير إِنَّا وَدِدْنَا أَنَّكَ أَعَدْتَ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقَاتِلَ مَرَّةً أُخْرَى فِي سَبِيلِكَ وَذَكَرَ بَقِيُّ بْنُ مُخَلَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ بَقِيُّ وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن إدريس عن محمد بن إسحق عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ يَوْمَ أُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ وَتَأْكُلُ مِنْ ثَمَرِهَا وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُذَلَّلَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ قَالُوا مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الجنة نرزق ليلا يَنْكُلُوا عَنِ الْحَرْبِ وَلَا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ قال فقال الله عز وجل انا أبغلهم عَنْكُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (قَالَ بَقِيٌّ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْنَاهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ

قَالَ أَمَا إِنَّا فَقَدَ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ أَرْوَاحُهُمْ كَطَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ فِي أيها شاءت قالوا فلما رأوانهم لَا يُتْرَكُونَ قَالُوا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُمْ لَا يَسْأَلُونَ إِلَّا هَذَا تَرَكَهُمْ)) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْنَا عَبْدَ اللَّهِ عَنْ أَرْوَاحِ الشُّهَدَاءِ وَلَوْلَا عَبْدُ اللَّهِ مَا أَخْبَرَنَا أَحَدٌ قَالَ أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي طَيْرٍ خُضْرٍ فِي قَنَادِيلَ تَحْتَ الْعَرْشِ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَى قَنَادِيلِهَا فَيَطَّلِعُ عَلَيْهَا رَبُّهَا فَيَقُولُ مَاذَا تُرِيدُونَ فَيَقُولُونَ نُرِيدُ أَنْ نَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَنُقْتَلُ مَرَّةً أُخْرَى ورواه ابن إسحق عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْنَا عَبْدَ اللَّهِ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ إِلَى آخِرِهِ وَالصَّوَابُ فِيهِ مَا قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَشُعْبَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِإِسْنَادِهِ مثله

وَذِكْرُ أَبِي الضُّحَى فِي هَذَا الْإِسْنَادِ عِنْدِي خطأ وأظن الوهم فيه من ابن إسحق وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ بَقِيٌّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ تَجُولُ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَجَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لَيْسَ هِيَ فِي الْجَنَّةِ وَلَكِنْ يَأْكُلُونَ مِنْ ثِمَارِهَا فَيَجِدُونَ رِيحَهَا قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ قَالُوا يُرْزَقُونَ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ فَيَجِدُونَ رِيحَهَا قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ أَرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ فِي صُورَةِ طَيْرٍ بِيضٍ يَأْكُلُونَ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ ((85) (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَالِكِ بْنِ عَائِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الشَّرِيفِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ

سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَالَ الْجَنَّةُ مُعَلَّقَةٌ بِقُرُونِ الشَّمْسِ تَنْشُرُهَا فِي كُلِّ عام مر وَأَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ فِي طَيْرٍ كَالزَّرَازِيرِ يَتَعَارَفُونَ وَيُرْزَقُونَ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ) قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ عَنِ السَّلَفِ مَا فِي مَعْنَى حَدِيثِنَا فِي هَذَا الْبَابِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ وَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمُ الشُّهَدَاءُ دُونَ غَيْرِهِمْ وَفِي بَعْضِهَا فِي صُورَةِ طَيْرٍ وَفِي بَعْضِهَا فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ وَفِي بَعْضِهَا كَطَيْرٍ وَالَّذِي يُشْبِهُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ قَالَ كَطَيْرٍ أَوْ كَصُوَرِ طَيْرٍ لِمُطَابَقَتِهِ لِحَدِيثِنَا الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ نَظَرٍ وَلَا قِيَاسٍ لِأَنَّ الْقِيَاسَ إِنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يُسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَلَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِي هَذَا الْبَابِ وَإِنَّمَا نُسَلِّمُ فِيهِ لِمَا صَحَّ مِنَ الْخَبَرِ عَمَّنْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ (رَوَى عِيسَى بْنُ يُونُسَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ أَرْوَاحُهُمْ كَطَيْرٍ خُضْرٍ وَكَذَلِكَ قَالَ فِيهِ رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ كَطَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ تَحْتَ العرش

وَثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الشُّهَدَاءِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَجَابِرٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ) وَلِلنَّاسِ أَقَاوِيلُ فِي مُسْتَقَرِّ الْأَرْوَاحِ غَيْرُ مَا ذُكِرَ سَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ كَأَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ مِنَ الشُّهَدَاءِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ وَجَاءَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ فِي صِفَةِ أَحْوَالِ الشُّهَدَاءِ وَطَعَامِهِمْ فِي الْجَنَّةِ أَقَاوِيلُ غَيْرُ هَذِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا فِي مَعْنَى حَدِيثِنَا وَمَا يُطَابِقُهُ وَيُضَاهِيهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَ آخَرُونَ أرواح المؤمنين على أفينة قُبُورِهِمْ وَكَانَ ابْنُ وَضَّاحٍ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا وَيَحْتَجُّ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ إِلَى الْمَقْبَرَةِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَرْوَاحَ بِأَفْنِيَةِ الْقُبُورِ وَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ فَمَالَ إِلَى الْحَدِيثِ (اذْهَبُوا بِرُوحِهِ يَعْنِي الْمُؤْمِنَ إِلَى عِلِّيِّينَ وَقَالَ فِي الْكَافِرِ اذْهَبُوا بِرُوحِهِ إِلَى سِجِّينٍ مِنْ أَسْفَلِ الْأَرْضِ) وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ نَافِعٍ وَبَابِ الْعَلَاءِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الواحد والأربعون

(حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ مُرْسَلٌ) حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ قَتَلُوا ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ قَالَ فَكَانَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَقُولُ بَرَّحَتْ بِنَا امْرَأَةُ أَبِي الْحُقَيْقِ بِالصِّيَاحِ فَأَرْفَعُ عَلَيْهَا السَّيْفَ ثُمَّ أَذْكُرُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكُفُّ وَلَوْلَا ذَاكَ اسْتَرَحْنَا مِنْهَا هَكَذَا قَالَ يَحْيَى حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ وَتَابَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ كعب بن مالك لَمْ يَقُلْ عَبْدَ اللَّهِ وَلَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَلَا حَسِبْتُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَاتَّفَقَ هَؤُلَاءِ كلهم وجماعة رواة الموطأ على رواة هَذَا الْحَدِيثِ مُرْسَلًا عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا مِنِ اخْتِلَافِهِمْ لَمْ يُسْنِدْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَا عَلِمْتُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ عَنْ مَالِكٍ فِي كُلِّ رواة عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ رُوَاتِهِ إِلَّا الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قال

حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا مالك عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نهى الَّذِينَ قَتَلُوا ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ حِينَ خَرَجُوا إِلَيْهِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ اللَّوَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نهى الَّذِينَ قَتَلُوا ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ حِينَ خَرَجُوا إِلَيْهِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ وَكَانَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَقُولُ بَرَّحَتْ بِنَا امْرَأَةُ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ بِالصِّيَاحِ فَأَرْفَعُ السَّيْفَ ثُمَّ أَذْكُرُ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكُفُّ وَلَوْلَا ذَلِكَ اسْتَرَحْنَا مِنْهَا فَهَذَا مَا بَلَغَنَا مِنَ الِاخْتِلَافِ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ فِيهِ فَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَجَعَ ابْنُ عَتِيكٍ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوا ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ بخيبر قال

اللَّيْثُ وَحَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ السُّلَمِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نهى النَّفَرَ الَّذِينَ قَتَلُوا ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ فَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَعَنْ عُقَيْلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ) قَالَ كَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ مُرْسَلًا هَكَذَا قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ عن ابن إسحق وقال يزيد بن هرون عن محمد بن إسحق عن الزهري عن عبد الله بن كعب بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ النَّفَرَ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ بِخَيْبَرَ لِيَقْتُلُوهُ قَالَ لَهُمْ لَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَلَا امْرَأَةً كَمَا رواه يزيد بن هرون عن ابن إسحق مختصر وَقَالَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ وَقَالَ عَنْهُ ابْنُ إِدْرِيسَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَرَوَاهُ إسحق بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ وَنَهَى أَنْ يُقْتَلَ وَلِيدٌ صَغِيرٌ أَوِ امْرَأَةٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يحيى وقد أعضل إسحق بْنُ رَاشِدٍ وَقَلَبَ الْإِسْنَادَ وَالْمَتْنَ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ حَدِيثَ عَلِيٍّ فِي الْمُتْعَةِ فَقَدْ أَخْطَأَ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ حَدِيثَ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ فَقَدْ أَخْطَأَ أَيْضًا فِي قَتْلِ

النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ وَأَصَابَ بَعْضَ الْإِسْنَادِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَعَثَ إِلَى ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ نَهَاهُمْ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى هَكَذَا حَدَّثَنَا بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مُخْتَصَرًا فِي عَقِبِ حَدِيثِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ وَحَدَّثَنَا مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ إِنَّ كَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ أَنَّ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ كَانَا يَتَصَاوَلَانِ فِي الْإِسْلَامِ كَتَصَاوُلِ الْفَحْلَيْنِ وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَذْكُرْ عَمَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْمُدَّبِرِيُّ فَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَرِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ بِإِسْنَادِهِ سَوَاءً وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَرَوَاهُ ابن عيينة عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ كَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَقَالَ فِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ

عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ إِلَى ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عن الزهري عن عبد الله بن كعب بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى زَمَنَ خَيْبَرَ عَنْ أَنْ يُقْتَلَ وَلِيدٌ صَغِيرٌ أَوِ امْرَأَةٌ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ الرَّهْطَ هَكَذَا مُرْسَلًا وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نهى الرَّهْطَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ إِلَى ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ لِيَقْتُلُوهُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ فَاتَّفَقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُجَمِّعٍ عَنِ ابْنِ شهاب عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ إِلَّا أَنَّ ابْنَ مُجَمِّعٍ قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَالْحَدِيثُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ عِنْدَنَا لِأَنَّ مَعْمَرًا وَابْنَ عُيَيْنَةَ لَمْ

يُسَمِّيَاهُ وَابْنُ إِسْحَاقَ قَدِ اخْتُلِفَ عَنْهُ فِيهِ وَشَكَّ مَالِكٌ فِي اسْمِهِ فَقَالَ أَحْسَبُ وَقَالَ يونس عبد الرحمن بن كعب من غير شَكَّ وَقَالَ عُقَيْلٌ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ وَاتَّفَقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ عِنْدَنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ هَذَا رَجُلٌ مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ يُسَمَّى سَلَّامٌ وَيُكْنَى أَبَا رَافِعٍ وَكَانَ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ عَلَى نَحْوِ قِصَّةِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَفِي قِصَّتِهِ وَقِصَّةِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ إِبَاحَةُ الْفَتْكِ بِأَعْدَاءِ اللَّهِ وَأَنَّ مَنْ يُؤْذِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا ذِمَّةَ لَهُ وَدَمُهُ هَدَرٌ وَلِهَذَا رَأَى مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ قَتْلَ الذِّمِّيِّ إِذَا سَبَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآذَاهُ وَمَنْ لَمْ يَرَ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَتْلَ الذِّمِّيِّ بِذَلِكَ يَقُولُ إِنَّ ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ وَكَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ كَانَا حَرْبًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا ذِمَّةٌ وَأَمَّا قِصَّةٌ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ إسحق وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن إسحق وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ

بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ وَوَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي بِخَطِّهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسحق قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قال حدثنا إسحق بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ إِنَّ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ كَانَا يَتَصَاوَلَانِ فِي الْإِسْلَامِ كَتَصَاوُلِ الْفَحْلَيْنِ لَا تَصْنَعُ الْأَوْسُ شَيْئًا إِلَّا قَالَتِ الْخَزْرَجُ وَاللَّهِ لَا تَذْهَبُونَ بِهِ أَبَدًا فَضْلًا عَلَيْنَا فِي الْإِسْلَامِ (زَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَإِذَا صَنَعَتِ الْخَزْرَجُ شَيْئًا قَالَتِ الْأَوْسُ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا أَصَابَتِ الْأَوْسُ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ زَادَ ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ فِي عَدَاوَتِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتِ الْخَزْرَجُ وَاللَّهِ لَا نَنْتَهِي حَتَّى نُجْزِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل الذي أجزأوا فتذاكروا رجلا من اليهود

وقال ابن إسحق مَنْ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَدَاوَةِ كَابْنِ الْأَشْرَفِ فَذَكَرُوا ابْنَ أبي الحقيق وهو بخيبر ثم اتفقا فَاسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلِهِ فَأَذِنَ لَهُمْ وَفِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ وَهُوَ سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ الْأَعْوَرُ أَبُو رَافِعٍ بِخَيْبَرَ فَأَذِنَ لَهُمْ فِي قَتْلِهِ وَقَالَ لَهُمْ لَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَلَا امْرَأَةً فَخَرَجَ إِلَيْهِ مِنَ الْخَزْرَجِ رَهْطٌ مِنْ بَنِيَ سَلِمَةَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَتِيكٍ أَحَدُ بَنِيَ سَلِمَةَ وَكَانَ أَمِيرَ الْقَوْمِ أَمَّرَهُ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ وَمَسْعُودُ بْنُ سِنَانٍ وَأَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ وَخُزَاعِيُّ بْنُ أَسْوَدٍ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ حَلِيفٌ لَهُمْ يَعْنِي الْخَزْرَجَ حَتَّى أَتَوْا خَيْبَرَ فَلَمَّا دَخَلُوا الدَّارَ عَمَدُوا إِلَى كُلِّ بَيْتٍ مِنْهَا فَغَلَّقُوهُ مِنْ خَارِجٍ عَلَى أَهْلِهِ ثُمَّ اشْتَدُّوا هَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ معمر وقال ابن إسحق فَخَرَجُوا حَتَّى إِذَا قَدِمُوا خَيْبَرَ أَتَوْا دَارَ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ لَيْلًا فَلَمْ يَدَعُوا بَيْتًا فِي الدَّارِ إِلَّا أَغْلَقُوهُ مِنْ خَارِجٍ عَلَى أَهْلِهِ قَالَ وَكَانَ فِي عُلِّيَّةٍ لَهُ إِلَيْهَا عَجَلَةٌ قَالَ فَاشْتَدُّوا فِيهَا حَتَّى قَامُوا عَلَى بَابِهِ فَاسْتَأْذَنُوا فَخَرَجَتْ إِلَيْهِمُ امْرَأَتُهُ فَقَالَتْ مَنْ أنتم قالوا

نَاسٌ أَوْ نَفَرٌ مِنَ الْعَرَبِ أَرَدْنَا الْمِيرَةَ فَقَالَتْ هَذَا الرَّجُلُ صَاحِبُكُمْ فَادْخُلُوا عَلَيْهِ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ أَغْلَقُوا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ الْبَابَ ثُمَّ ابتروه بِأَسْيَافِهِمْ قَالَ يَقُولُ قَائِلُهُمْ وَاللَّهِ مَا دَلَّنَا عَلَيْهِ إِلَّا بَيَاضُهُ عَلَى الْفِرَاشِ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ كَأَنَّهُ قِبْطِيَّةٌ مُلْقَاةٌ قَالَ وَصَاحَتْ بِنَا امْرَأَتُهُ قَالَ فَرَفَعَ رَجُلٌ مِنَّا السَّيْفَ لِيَضْرِبَهَا ثُمَّ يَذْكُرُ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُفُّ يَدَهُ قَالَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَفَرَغْنَا مِنْهَا بِلَيْلٍ قَالَ فَلَمَّا ضَرَبْنَاهُ بِأَسْيَافِنَا تَحَامَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ بِسَيْفِهِ فِي بَطْنِهِ حَتَّى أَبْقَرَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ قِطِّي قِطِّي أي حسبي حسبي هكذا قال ابن إسحق وَقَالَ مَعْمَرٌ فَجَعَلَ يَقُولُ بَطْنِي بَطْنِي ثَلَاثًا ثم اتفقا قَالَ ثُمَّ خَرَجْنَا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عتيك سيء البصر فوقع من فوق العجلة فوثبت رجله وثبا مُنْكَرًا فَنَزَلْنَا وَاحْتَمَلْنَاهُ هَكَذَا قَالَ مَعْمَرٌ وَقَالَ ابن إسحاق سيء البصر فوثبت يده وثبا شديدا فاحتملناه ثم اتفقا بِمَعْنَى وَاحِدٍ فَانْطَلَقْنَا بِهِ حَتَّى أَتَيْنَا مَنْهَرَ عَيْنٍ مِنْ عُيُونِهِمْ فَدَخَلْنَا فِيهِ قَالَ وَأَوْقَدُوا النِّيرَانَ وَأَشْعَلُوهَا فِي السَّعَفِ وَجَعَلُوا يَلْتَمِسُونَ وَيَشْتَدُّونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ وَيَطْلُبُونَ وَأَخْفَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَكَانَنَا فَلَمَّا يَئِسُوا رَجَعُوا إِلَى صَاحِبِهِمْ فَاكْتَنَفُوهُ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَذْهَبُ وَلَا نَدْرِي أَمَاتَ عَدُوُّ اللَّهِ أَمْ لَا فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنَّا فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ فِي النَّاسِ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ تَبْكِيهِ وَفِي يَدِهَا الْمِصْبَاحُ وَحَوْلَهُ رِجَالٌ يَهُودٌ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ ابْنِ عَتِيكٍ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَفِي يدها المصباح

تَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ وَتُحَدِّثُهُمْ وَتَقُولُ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ ابْنِ عَتِيكٍ ثُمَّ اتَّفَقَا ثُمَّ أَكْذَبْتُ نَفْسِي وَقُلْتُ وَأَيْنَ ابْنُ عَتِيكٍ بِهَذِهِ الْبِلَادِ ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِ تَنْظُرُ فِي وجهه ثم قالت فاظ والد يَهُودَ قَالَ فَمَا سَمِعْتُ كَلِمَةً كَانَتْ أَلَذَّ إِلَى نَفْسِي مِنْهَا قَالَ مَعْمَرٌ فِي حَدِيثِهِ ثُمَّ جِئْتُ فَأَخْبَرْتُ أَصْحَابِي أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَاحْتَمَلْنَا صَاحِبَنَا فَجِئْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْنَاهُ بِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ ثُمَّ جَاءَنَا فَأَخْبَرَنَا الْخَبَرَ فَاحْتَمَلْنَا صَاحِبَنَا فَقَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَتْلِ عَدُوِّ اللَّهِ وَاخْتَلَفْنَا عِنْدَهُ فِي قَتْلِهِ كُلُّنَا يَدَّعِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَاتُوا أَسْيَافَكُمْ قَالَ فَجِئْنَاهُ بِهَا فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ لِسَيْفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ هَذَا قَتَلَهُ رَأَى فِيهِ أَثَرَ الطَّعَامِ قال معمر جاؤوه يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ أَفْلَحَتِ الْوُجُوهُ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَذْكُرُ قَتْلَ ابْنَ الْأَشْرَفِ وَقَتْلَ سَلَّامِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ ... لِلَّهِ دُرُّ عِصَابَةٍ لَاقَيْتَهُمْ ... يَا ابْنَ الْحُقَيْقِ وَأَنْتَ يَا ابْنَ الْأَشْرَفِ ... ... يَسْرُونَ بِالْبِيضِ الْخِفَافِ إِلَيْكُمُ ... مَرَحًا كَأُسْدٍ فِي عرين معرف

حَتَّى أَتَوْكُمْ فِي مَحَلِّ بِلَادِكُمْ ... فَسَقَوْكُمْ حَتْفًا بِبَيْضٍ دُفَّفِ ... ... مُسْتَنْصِرِينَ لِنَصْرِ دِينِ مُحَمَّدٍ ... مُسْتَصْغِرِينَ لِكُلِّ أَمْرٍ مُجْحِفِ ... قَالَ ابْنُ هِشَامٍ عَنْ غير ابن إسحق وَالدُّفَفُ الْخِفَافُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بُكَيْرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ الرَّازِّيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي مُنِيبٍ الْجُرَشِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي وَجُعِلَ الصَّغَارُ وَالذِّلَّةُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي أَبُو الْمُنِيبِ الْجُرَشِيُّ يُعَدُّ فِي الشَّامِيِّينَ وَأَصْلُهُ مِنَ الْمَدِينَةِ يَرْوِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رَوَى عَنْهُ زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ الشَّامِيُّ وَحَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ وَأَبُو الْيَمَانِ وَمُجَاهِدُ بْنُ فَرْقَدٍ الصَّنْعَانِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذِهِ قِصَّةُ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ وَأَخَّرْنَا الْقَوْلَ فِي حُكْمِ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُمْ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَالِاتِّفَاقِ إِلَى آخِرِ بَابِ حَدِيثِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى

الحديث الثاني والأربعون

((ابْنُ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ مُحَيِّصَةَ حَدِيثَانِ مُرْسَلَانِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ)) وَاسْمُهُ حَرَامُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيُّ مَنْ بَنِي حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ لِجَدِّهِ مُحَيِّصَةَ بْنِ مَسْعُودٍ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الصَّحَابَةِ وَحَرَامٌ هَذَا يُكْنَى أَبَا سَعْدٍ مِنْ سَاكِنِي الْمَدِينَةِ قَلِيلُ الرِّوَايَةِ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً وَهُوَ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ (حَدِيثٌ أَوَّلُ لِابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ مُحَيِّصَةَ) مالك عن ابن شهاب عن ابن محيصة الْأَنْصَارِيِّ أَحَدِ بَنِي حَارِثَةَ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِجَارَةِ الْحَجَّامِ فَنَهَاهُ عَنْهَا فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ وَيَسْتَأْذِنُهُ حَتَّى قَالَ لَهُ اعْلِفْهُ نُضَّاحَكَ يَعْنِي رَقِيقَكَ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي عَنِ ابْنِ مُحَيِّصَةَ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَابَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ مِنَ الْغَلَطِ الَّذِي لَا إِشْكَالَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَيْسَ لِسَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ صُحْبَةٌ فَكَيْفَ لِابْنِهِ حَرَامٍ وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ وَحَدِيثَ نَاقَةِ الْبَرَاءِ هُوَ حَرَامُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٌ وابن بكير

وَابْنُ نَافِعٍ وَالْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ مُحَيِّصَةَ عَنْ أَبِيهِ وَالْحَدِيثُ مَعَ هَذَا كُلِّهِ مُرْسَلٌ قَالَ يَحْيَى نُضَّاحُكُ يَعْنِي رَقِيقَكَ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ نَاضِحُكَ رَقِيقُكَ وَهُوَ مَعْنَى حَدِيثِ يَحْيَى سَوَاءً وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ نُضَّاحُكَ وَرِقِيقُكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ النُّضَّاحُ الرَّقِيقُ وَيَكُونُ فِي الْإِبِلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْخَلِيلُ فَقَالَ النَّاضِحُ الْجَمَلُ يُسْقَى عَلَيْهِ وَأَمَّا أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ فَاتَّفَقَ مَعْمَرٌ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةِ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَلَى أَنْ قَالُوا فِيهِ عَنْ أَبِيهِ لَمْ يَزِيدُوا وَقَالَ اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ مُحَيِّصَةَ أَنَّ أَبَاهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَرَاجِ الْحَجَّامِ فَأَبَى أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى قَالَ لَهُ أَطْعِمْهُ رَقِيقَكَ وَاعْلِفْهُ نَاضِحَكَ (هَكَذَا رَوَاهُ اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ عَنْ مُحَيِّصَةَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ كَانَ لَهُ غُلَامٌ حَجَّامٌ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِهِ فَنَهَاهُ أَنْ يَأْكُلَ كَسْبَهُ ثُمَّ عَادَ فَنَهَاهُ ثُمَّ عَادَ فَنَهَاهُ فَلَمْ يَزَلْ

يُرَاجِعُهُ حَتَّى قَالَ لَهُ اعْلِفْ كَسْبَهُ نَاضِحَكَ وَأَطْعِمْهُ رَقِيقَكَ) وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مُحَيِّصَةَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وُجَوَّدَ إسناده وقال فيه ابن إسحق عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مُحَيِّصَةَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ غُلَامٌ حَجَّامٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو ظَبْيَةَ لَمْ يُسَمِّهِ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ غَيْرُهُ وَلَا يَتَّصِلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ شهاب إلا من رواية ابن إسحق هَذِهِ وَرِوَايَةُ ابْنِ عُيَيْنَةَ مِثْلُهَا وَسَائِرُهَا مُرْسَلَاتٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ مُتَّصِلًا مُسْنَدًا حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِيَ اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ مُحَيِّصَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَهُ غُلَامٌ حَجَّامٌ يُقَالُ لَهُ نَافِعٌ أَبُو ظَبْيَةَ فَانْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عَنْ خَرَاجِهِ فَقَالَ لَا تَقْرَبْهُ فَرَدَّدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اعْلِفْ بِهِ النَّاضِحَ اجْعَلْهُ فِي كِرْشِهِ

عِنْدَ اللَّيْثِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثَةُ أَسَانِيدَ) قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي أُجْرَةِ الْحَجَّامِ مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَهُنَا وَمَعْنَى حَدِيثِ مُحَيِّصَةَ هَذَا التَّنَزُّهُ لَا التَّحْرِيمُ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ عَمِلَ عَلَى ثَوَابٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ قَبْلَ الْعَمَلِ فَأَشْبَهَ الْإِجَارَةَ الْمَجْهُولَةَ مِنْ نَاحِيَةٍ لِمَا عَسَى أَنْ لَا تَطِيبَ به نفس أحدهما من العوض ومن ههنا كَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الصَّالِحِينَ يُرْضُونَ الْحَجَّامِينَ بِأَكْثَرَ مِنَ الْمُتَعَارَفِ عِنْدَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي بَابِ حُمَيْدٍ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ محمد أن ابن عباس سئل عن كسب الْحَجَّامِ فَقَالَ لَقَدِ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَهُ وَلَوْ كَانَ حراما ثم يُعْطِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إسحق قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه سئل عن كسب الْحَجَّامِ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنَّ لِي غُلَامًا حَجَّامًا وَإِنَّ أَهَّلَ الْعِرَاقِ يَزْعُمُونَ أَنِّي آكُلُ ثَمَنَ الدَّمِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَذَبُوا إِنَّمَا تَأْكُلِينَ خَرَاجَ غلامك

الحديث الثالث والأربعون

وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ كَانَ لِلْحَجَّامِينَ سُوقٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ اللَّيْثُ قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ يُقِرُّونَ بِأُجْرَةِ الْحَجَّامِ وَلَا يُنْكِرُونَهَا) (حَدِيثٌ ثَانٍ لِابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابن محيصة) مالك عن ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ وَأَنَّ مَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا هَكَذَا رَوَاهُ جَمِيعُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِيمَا عَلِمْتُ مُرْسَلًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَيْضًا هَكَذَا مُرْسَلًا إِلَّا أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَحَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ دَخَلَتْ حَائِطَ قَوْمٍ فَذَكَرَ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ وَجَعَلَ مَعَ حَرَامِ بْنِ سَعْدٍ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَ قَوْمٍ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً وَلَمْ يَصْنَعِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ شَيْئًا لِأَنَّهُ أَفَسَدَ إِسْنَادَهُ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُتَابَعْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ التَّمَّارُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ لَمْ يُتَابِعْ أَحَدٌ عَبْدَ الرَّزَّاقِ عَلَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أبيه

هَكَذَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ لَمْ يُتَابَعْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ لَمْ يُتَابَعْ مَعْمَرٌ عَلَى ذَلِكَ فَجَعَلَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْخَطَأَ فِيهِ مِنْ مَعْمَرٍ وَجَعَلَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَلَى أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى لَمْ يَرْوِ حَدِيثَ مَعْمَرٍ هَذَا وَلَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ فِي عِلَلِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ إِلَّا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ لَا غَيْرَ ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اجْتَمَعَ مَالِكٌ الأوزاعي ومحمد بن إسحق وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامٍ لَمْ يَقُولُوا عَنْ أَبِيهِ إِلَّا مَعْمَرًا فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ فِيمَا حَدَّثَنَا عَنْهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ إِلَّا أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ جَمَعَ إِلَى حَرَامٍ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ وَأَمَّا حَدِيثُ كَسْبِ الْحَجَّامِ فَمَحْفُوظٌ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ فيه محمد بن إسحق عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ أَرْسَلَهُ الْأَئِمَّةُ وَحَدَّثَ بِهِ الثِّقَاتُ وَاسْتَعْمَلَهُ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ وَتَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ وَجَرَى فِي الْمَدِينَةِ بِهِ الْعَمَلُ وَقَدْ زَعَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ تَتَبَّعَ مَرَاسِيلَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَأَلْفَاهَا صِحَاحًا وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ يَحْتَجُّونَ بِهَا وَحَسْبُكَ بِاسْتِعْمَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَسَائِرِ أَهْلِ الْحِجَازِ لِهَذَا الْحَدِيثِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَامِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ قَالَ مَالِكٌ وَمَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي وَالدَّوَابُّ مِنَ الزُّرُوعِ وَالْحَوَائِطِ بِاللَّيْلِ فَضَمَانُ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِهَا وَمَا كَانَ بِالنَّهَارِ فَلَا شَيْءَ عَلَى أَصْحَابِ الدَّوَابِّ وَيُقَوَّمُ الزَّرْعُ الَّذِي أَفْسَدَتْ بِاللَّيْلِ

عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ قَالَ وَالْحَوَائِطُ الَّتِي تُحْرَسُ وَالَّتِي لَا تُحْرَسُ سَوَاءٌ وَالْمُحَظَّرُ عَلَيْهِ وَغَيْرُ الْمُحَظَّرِ سَوَاءٌ يُغَرَّمُ أَهْلُهَا مَا أَصَابَتْ بِاللَّيْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا قَالَ مَالِكٌ فَإِذَا انْفَلَتَتْ دَابَّةٌ بِاللَّيْلِ فَوَطِئَتْ عَلَى رَجُلٍ نَائِمٍ لَمْ يُغَرَّمْ صَاحِبُهَا شَيْئًا وَإِنَّمَا هَذَا فِي الْحَوَائِطِ وَالزَّرْعِ وَالْحَرْثِ قَالَ وَإِذَا تَقَدَّمَ إِلَى صَاحِبِ الْكَلْبِ الضَّارِي أَوِ الْبَعِيرِ أَوِ الدَّابَّةِ فَمَا أَفْسَدَتْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَعَلَيْهِمْ غُرْمُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا أَفْسَدَتِ الْمَاشِيَةُ بِاللَّيْلِ فَهُوَ فِي مَالِ رَبِّهَا وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَ قِيمَتِهَا لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْ قِبَلِهِ إِذْ لَمْ يَرْبِطْهَا وَلَيْسَتِ الْمَاشِيَةُ كَالْعَبِيدِ حَكَاهُ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ وَأَبُو زَيْدٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَسْلَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُزَنِيُّ قَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالضَّمَانُ عَنِ الْبَهَائِمِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا أَفْسَدَتْ مِنَ الزَّرْعِ بِاللَّيْلِ ضَمِنَهُ أَهْلُهَا وَمَا أَفْسَدَتْ بِالنَّهَارِ لَمْ يَضْمَنُوا وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِحَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِيهِ عَلَى حَسَبِ مَا أَوْرَدْنَاهُ عَنْهُ قَالَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي إِذَا كَانَ الرَّجُلُ رَاكِبًا فَأَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ بِرِجْلِهَا أَوْ فِيهَا أَوْ ذَنَبِهَا مِنْ كَسْرٍ وَجُرْحٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَنْعَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ مِنْ كُلِّ مَا تُتْلِفُ بِهِ أَحَدًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ضَمَانِ مَا جَنَتْهُ الْبَهَائِمُ مُسْتَوْعَبًا كَافِيًا مُهَذَّبًا فِي بَابِ مَا رَوَاهُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِنْ هذا

الْكِتَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جرح العجماء جبار فأغنى عن إعادته ههنا فَأَمَّا فَسَادُ الزُّرُوعِ وَالْحَوَائِطِ وَالْكُرُومِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَهْلُ الْحِجَازِ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ الْمَذْكُورُ فِيهِ مَعَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي قِصَّةِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنْ النَّفْشَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِاللَّيْلِ وَكَذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم عند ذَكَرَ مَنْ ذَكَرَ مِنْ أَنْبِيَائِهِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ فَجَازَ الِاقْتِدَاءُ بِكُلِّ مَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ شَرَائِعِ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ مِنْ نَسْخٍ فِي الْكِتَابِ أَوْ سُنَّةٍ وَارِدَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ ذَلِكَ (تُبَيِّنُ مُرَادَ اللَّهِ) فَيُعْلَمُ حِينَئِذٍ أَنَّ شَرِيعَتَنَا مُخَالِفَةٌ لشريعتهم فتحمل على ما يجب الاحتمال عليه من ذلك وبالله التوفيق وهذه مسئلة مِنْ مَسَائِلِ الْأُصُولِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي مَوْضِعِهَا وَأَوْرَدْنَا الِاخْتِلَافَ فِيهَا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَقَدْ قَالَ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ بِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَالَ الليث بن سعد يضمن رب الماشية كلما أَفْسَدَتْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَلَا يَضْمَنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَاشِيَةِ وَلَا أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ

قَالَ اللَّيْثُ هَذَا إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ قِيَاسًا عَلَى الْعَبْدِ الْجَانِي أَنَّهُ لَا يُفْتَكُّ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَلَا يَلْزَمُ سَيِّدَهُ جِنَايَتُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَهَذَا ضَعِيفُ الْوَجْهِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ فَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْهُ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْمَاشِيَةِ وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْهُ فِي شَاةٍ وَقَعَتْ فِي غَزْلِ حَائِكٍ بِالنَّهَارِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ تَصْحِيحُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ إِذَا أَرْسَلَهَا سَائِبَةً ضَمِنَ وَإِذَا أَرْسَلَهَا مَحْفُوظَةً لَمْ يَضْمَنْ بِاللَّيْلِ وَلَا بِالنَّهَارِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ دَاوُدَ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّ الْمَاشِيَةِ وَالدَّابَّةِ لَا فِي لَيْلٍ وَلَا فِي نَهَارٍ وَلَا عَلَى الرَّاكِبِ وَالسَّائِقِ وَالْقَائِدِ إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى فِي إِرْسَالِهَا وَرَبْطِهَا فِي مَوْضِعٍ لَا يَجِبُ لَهُ رَبْطُهَا فِيهِ أَوْ يُعَنِّفُ عَلَيْهَا فِي السِّيَاقِ فَيَضْمَنُ بِجِنَايَةِ نَفْسِهِ وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ذَلِكَ سَبَبٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ إِنَّمَا مَعْنَاهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا فِي بَعْضِ الْمَتْلَفَاتِ دُونَ بَعْضٍ لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ وَصَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ الْأَئِمَّةِ الثِّقَاتِ مَعَ عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِهِ وَسَائِرِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَهُمْ يَرْوُونَ حَدِيثَ (الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ) وَعَنْهُمْ نُقِلَ وَلَيْسَ لَهُ مَخْرَجٌ إِلَّا عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَكَيْفَ يَجْهَلُونَ مَعْنَاهُ وَهُمْ رُوَاتُهُ مَعَ عِلْمِهِمْ وَمَوْضِعِهِمْ مِنَ الْفِقْهِ وَالْفَهْمِ هَذَا مَا لَا يَظُنُّهُ ذُو فَهْمٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا ضَمَانَ عَلَى أَرْبَابِ الْبَهَائِمِ فِيمَا تُفْسِدُهُ أَوْ تَجْنِي عَلَيْهِ لَا فِي لَيْلٍ وَلَا فِي نَهَارٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَاكِبًا

أَوْ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا أَنَّ الذِّمَّةَ بَرِيئَةٌ لَا يَثْبُتُ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا بِمَا لَا مِدْفَعَ فِيهِ وَجَعَلُوا حَدِيثَ جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ مُعَارِضًا لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَلَيْسَ كَمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ لِأَنَّ التَّعَارُضَ فِي الْآثَارِ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اسْتِعْمَالُ أَحَدِهِمَا إِلَّا بِنَفْيِ الْآخَرِ وَحَدِيثُ الْعَجْمَاءِ جُرْحُهَا جُبَارٌ مَعْنَاهُ عَلَى الْجُمْلَةِ لَمْ يَخُصَّ حَدِيثَ الْبَرَاءِ وَتَبْقَى لَهُ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَاهَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ جَاءَ عَنْهُ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ نَهَارًا لَا لَيْلًا وَفِي الزَّرْعِ وَالْحَوَائِطِ وَالْحَرْثِ دُونَ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ هَذَا مُسْتَحِيلًا مِنَ الْقَوْلِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي هَذَا مُتَعَارِضٌ وَإِنَّمَا الْمُتَعَارِضُ وَالْمُتَضَادُّ الْمُتَنَافِي الَّذِي لَا يَثْبُتُ بَعْضُهُ إِلَّا بِنَفْيِ بَعْضٍ وَإِنَّمَا هَذَا مِنْ بَابِ الْمُجْمَلِ وَالْمُفَسَّرِ وَمِنْ بَابِ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأُصُولِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَالْفَرْقُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْعَجْمَاءِ وَبَيْنَ مَا تُتْلِفُهُ الْعَجْمَاءُ لَيْلًا مِنَ الزَّرْعِ وَالْحَرْثِ وَبَيْنَ مَا تُتْلِفُهُ نَهَارًا أَنَّ أَهْلَ الْمَوَاشِي بِهِمْ ضَرُورَةٌ إِلَى إِرْسَالِ مَوَاشِيهِمْ لِتَرْعَى بِالنَّهَارِ وَلِأَهْلِ الزَّرْعِ حُقُوقٌ فِي أَنْ لَا تُتْلِفَ عَلَيْهِمْ زُرُوعَهُمْ وَالْأَغْلَبُ عِنْدَهُمْ أَنَّ مَنْ لَهُ الزَّرْعُ يَتَعَاهَدُهُ بِالنَّهَارِ وَيَحْفَظُهُ عَمَّنْ أَرَادَهُ لِانْتِشَارِ الْبَهَائِمِ لِلرَّعْيِ وَغَيْرِهِ فَجُعِلَ حِفْظُ ذَلِكَ بِالنَّهَارِ عَلَى أَهْلِ الزَّرْعِ لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَعَاشِ وَالرَّعْيِ وَحِفْظِ الْأَمْوَالِ وَإِرْسَالِ الدَّوَابِّ وَالْمَوَاشِي وَإِذَا أَتْلَفَتْ بِالنَّهَارِ مِنَ الزَّرْعِ شَيْئًا فَصَاحِبُ الزَّرْعِ إِنَّمَا أُوتِيَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ حَيْثُ لَمْ يَحْفَظْهُ فِي

الْوَقْتِ الَّذِي الْأَغْلَبُ مِنَ النَّاسِ أَنَّهُمْ يَحْفَظُونَهُ فِيهِ مِمَّنْ أَرَادَهُ إِذْ لَوْ مُنِعَ النَّاسُ مِنْ تَرْكِ مَوَاشِيهِمْ لِلرَّعْيِ مِنْ أَجْلِ الزَّرْعِ للحقتها فِي ذَلِكَ مَضَرَّةٌ وَمَشَقَّةٌ فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ فَقَدْ جَاءَ الْوَقْتُ الَّذِي يَرْجِعُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَى مَوْضِعِهِ وَيَرْجِعُ أَهْلُ الزَّرْعِ إِلَى مَنَازِلِهِمْ وَيَرُدُّ أَهْلُ الْمَاشِيَةِ مَاشِيَتَهُمْ إِلَى مَوَاضِعِهِمْ لِيَحْفَظُوهَا فِيهَا فَإِذَا تَرَكُوهَا لَيْلًا حَتَّى أَفْسَدَتْ فَالْجِنَايَةُ مِنْ أَهْلِ الْمَوَاشِيَ لَا مِنْ أَهْلِ الزَّرْعِ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّ النَّاسَ لَا يَحْفَظُونَ زُرُوعَهُمْ بِاللَّيْلِ لِاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ ذَلِكَ وَعِلْمِهِمْ أَنَّ الْمَوَاشِيَ بِاللَّيْلِ تُرَدُّ إِلَى أَمَاكِنِهَا فَإِذَا فَرَّطَ صَاحِبُ الْمَاشِيَةِ فِي رَدِّهَا إِلَى مَنْزِلِهِ أَوْ فَرَّطَ فِي ضَبْطِهَا وَحَبْسِهَا عَنِ الِانْتِشَارِ بِاللَّيْلِ حَتَّى أتلفت شيئا فعليه ضمان ذلك غلا أَنْ تَكُونَ الْمَاشِيَةُ ضَالَّةً أَوْ نَافِرَةً فَلَا يَتَهَيَّأُ لِصَاحِبِهَا ضَمُّهَا وَلَا رَدُّهَا إِلَى مَكَانِهَا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُ مَا أَتَلَفَتْ بِاللَّيْلِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ مَا أَتَلَفَتْ بِالنَّهَارِ وَأَمَّا السَّائِقُ وَالرَّاكِبُ وَالْقَائِدُ فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ مَا أَصَابَتِ الدَّابَّةُ اسْتِدْلَالًا بِحَدِيثِ الْبَرَاءِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى مَا أَتَلَفَتْ بِاللَّيْلِ لِأَنَّ الرَّاكِبَ يَتَهَيَّأُ لَهُ حِفْظُ الدَّابَّةِ فَعَلَيْهِ حِفْظُهَا وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ سَائِقُهَا وَقَائِدُهَا وَالْأَغْلَبُ أَنَّ النَّاسَ إِذَا رَكِبُوا أَوْ سَاقُوا أَوْ قَادُوا مَنَعُوا الدَّابَّةَ مِمَّا أَرَادَتْ مِنْ إِتْلَافٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فَإِنَّمَا أُوتُوا مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ فَعَلَيْهِمُ الضَّمَانُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ قَدْ غَلَبَتِ الرَّاكِبَ أَوِ الْقَائِدَ أَوِ السَّائِقَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَنْ حِفْظِ مَا أُمِرَ بِحِفْظِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الدَّفْعُ وَخَبَرُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ هَذَا فِي طَرْحِ الضَّمَانِ عَنْ أَهْلِ الْمَوَاشِي فِيمَا أَتْلَفَتْ مَاشِيَتُهُمْ مِنْ زُرُوعِ النَّاسِ نَهَارًا إِنَّمَا مَعْنَاهُ

عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا أُطْلِقَتْ لِلرَّعْيِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا صَاحِبُهَا وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ تَرْعَى وَمَعَهَا صَاحِبُهَا فَلَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ زَرْعِ غَيْرِهِ وَقَدْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ حَتَّى أَتْلَفَتْهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي مَنْعِهَا وَهُوَ فِي مَعْنَى الرَّاكِبِ وَالسَّائِقِ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قال حدثنا إسحق بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ فَقَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ وَعَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي حِفْظَهَا بِاللَّيْلِ وَبِهِ عَنْ عبد الرزاق قال أنبأنا ابن جريج عن ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ نَاقَةً دَخَلَتْ فِي حَائِطِ قَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ فَذَهَبَ أَصْحَابُ الْحَائِطِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظُ أَمْوَالِهِمْ نَهَارًا (بِمَا مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ حِفْظُ أَمْوَالِهِمْ (108) بِالنَّهَارِ) وَعَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ حِفْظُ مَاشِيَتِهِمْ بِاللَّيْلِ وَعَلَيْهِمْ مَا أَفْسَدَتْهُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ شَاةً وَقَعَتْ فِي غَزْلِ حَائِكٍ فَاخْتَصَمُوا إِلَى شُرَيْحٍ فَقَالَ الشَّعْبِيُّ انْظُرُوهُ فَإِنَّهُ سَيَسْأَلُهُمْ لَيْلًا وَقَعَتْ فِيهِ أَمْ نَهَارًا فَفَعَلَ ثُمَّ قَالَ إِنْ كَانَ بِاللَّيْلِ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ بِالنَّهَارِ لَمْ يَضْمَنْ ثُمَّ قَرَأَ شُرَيْحٌ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ قَالَ فَالنَّفْشُ بِاللَّيْلِ وَالْهَمَلُ بِالنَّهَارِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ

الزُّهْرِيِّ قَالَ النَّفْشُ بِاللَّيْلِ وَالْهَمَلُ بِالنَّهَارِ وَقَالَ مَعْمَرٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ بَلَغَنَا أَنَّ حَرْثَهُمْ كَانَ عِنَبًا قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدَّثَكُمُ الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ نَعَمْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَحَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَ قَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَ أَمْوَالِهِمْ بِالنَّهَارِ وَعَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ مَا أَفْسَدَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ أَوْ قَالَ مَا أَصَابَتْ مَوَاشِيهِمْ بِاللَّيْلِ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد المؤمن قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كَانَتْ لنا ناقة ضارية فدخلت حَائِطَ قَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ فَكُلِّمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى أَنَّ حِفْظَ الْحَوَائِطِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَهْلِهَا وَأَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ مَا أَصَابَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْوَلِيدُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَلَمْ يُتَابِعْ أَحَدٌ عَبْدَ الرَّزَّاقِ عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ عَنْ أَبِيهِ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِهِ الْمُفْرَدِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي

الحديث الرابع والأربعون

هَذَا الْحَدِيثُ كَانَتْ لَنَا نَاقَةٌ ضَارِيَةٌ وَلَا أَعْلَمُ وَجْهًا لِمَنْ فَرَّقَ مِنْ أَصْحَابِنَا بَيْنَ الضَّارِيَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَلَا صَحِيحِ النَّظَرِ وَأَمَّا مَنْ تُقُدِّمَ إِلَيْهِ بِالنَّهْيِ فَلَمْ يَنْتَهِ عَنْ كَفِّ عَادِيَةٍ ضَارِيَةٍ فَمِنْ قِبَلِهِ أُتِيَ لَا مِنْ قِبَلِ ضَارِيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (ابن شهاب عن عثمان بن إسحق بْنِ خَرَشَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُرْسَلٌ) وَعُثْمَانُ هَذَا لَا أَعْرِفُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ حَدِيثَ الْجَدَّةِ هَذَا عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَأَقُولُ فِيهِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَعِينٍ فِي ابْنِ أُكَيْمَةَ إِذْ سُئِلَ عَنْهُ وَقَالَ حَسْبُكَ بِرِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ هَذَا عِلْمِي فِيهِ مِنْ جِهَةِ الرِّوَايَةِ وَأَمَّا أَهْلُ النِّسَبِ فَيَنْسُبُونَهُ عُثْمَانَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي خَرَشَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ جُذَيْمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَسَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ هَكَذَا ذَكَرَهُ (الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي خَرَشَةَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ فِي النَّسَبِ وَقَالَ فَوَلَدَ إسحق بن عبد الله عثمان بن إسحق بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي خَرَشَةَ) وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ قَبِيصَةَ حَدِيثَ الْجَدَّةِ هَذَا لَفْظُ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ أنبأنا مصعب قال عثمان بن إسحق بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي خَرَشَةَ رَوَى عَنْهُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ حديث الجدة

ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عثمان بن إسحق بْنِ خَرَشَةَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَتِ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ وَقَالَ كَذَا قَالَ مَالِكٌ عن الزهري عن عثمان بن إسحق بْنِ خَرَشَةَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَى هَذَا وَقَالَ مُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ سَأَلْتُ مُصْعَبًا الزُّبَيْرِيَّ عن عثمان بن إسحق بْنِ خَرَشَةَ فَقَالَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَهُوَ ابْنُ أَخِي أَرَوَى الَّذِي يُقَالُ (عُمِّيتَ عَمَى أَرَوَى) قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَثَلٌ قَدْ ذَكَرْنَا الْخَبَرَ بِذَلِكَ فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ فِي الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُ هُوَ الذي دعا على أروى بنت أوس فِي قِصَّةٍ عَرَضَتْ لَهُ مَعَهَا قَالَ الزُّبَيْرُ وَالْعَامَّةُ تُصَحِّفُ الْمَثَلَ فَتَقُولُ أَعْمَاكَ اللَّهُ عَمَى الْأَرْوَى يُرِيدُونَ الْأَرْوَى الَّتِي فِي الْجَبَلِ يَظُنُّونَهَا شَدِيدَةَ الْعَمَى قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّهُ ابْنُ خَرَشَةَ لَا ابْنُ أَبِي خَرَشَةَ وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَنْسُبُهُ إِلَى جَدِّهِ يَقُولُ عُثْمَانُ بن إسحق بْنِ خَرَشَةَ وَلَمْ يَرْوِ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عثمان هذا غير هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا عَلِمْتُ وَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ سَمَاعٌ لِقَبِيصَةَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَا شُهُودٌ لِتِلْكَ الْقِصَّةِ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ مُتَّصِلٌ لِأَنَّ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ أَدْرَكَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَلَهُ سِنٌّ لَا يُنْكَرُ مَعَهَا سماعه

مِنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَنَذْكُرُ بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ خَبَرَ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خَرَشَةَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ جَاءَتِ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تسأله ميراثها فقال مالك فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ فَسَأَلَ النَّاسَ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهَا السُّدُسَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ جَاءَتِ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إِلَى عُمَرَ تسأله ميراثها فقال لها مالك فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ الَّذِي قُضِيَ بِهِ إِلَّا لِغَيْرِكِ وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنَّ هُوَ السُّدُسُ فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَأَيُّكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي عثمان بن إسحق بْنِ خَرَشَةَ وَأَمَّا قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ فَقِيلَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَلَهُ سِتٌّ وَثَمَانُونَ سَنَةً كَانَ مَوْلِدُهُ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَهُوَ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ ذَكَرَ وَكِيعٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ أَدْرَكْتُ الْفُقَهَاءَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعَةً أَحَدُهُمْ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ وَقَالَ الْأَعْمَشُ

مَرَّةً أُخْرَى أَرْبَعَةً سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وقبيصة بن ذؤيب وعبد الملك بْنُ مَرْوَانَ وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَحْمِلُ عَلَى قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ لِمُخَالَطَةِ السُّلْطَانِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ يَقُولُ فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةٌ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ وَقَبِيصَةُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ ذَكْوَانَ أَوِ ابْنِ ذَكْوَانَ قَالَ أَدْرَكْتُ فُقَهَاءَ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةً سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وقبيصة بْنَ ذُؤَيْبٍ وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ هَكَذَا يَقُولُ الْأَعْمَشُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذَكْوَانُ أَوِ ابْنُ ذَكْوَانَ وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ أَبُو الزِّنَادِ وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ فِي علم عن أي الزِّنَادِ أَنَّ فُقَهَاءَ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةٌ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا غَيْرَ الْأَعْمَشِ وَالْمَعْرُوفُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ فِي كِتَابِ السَّبْعَةِ وَغَيْرِهِ أَنَّ فُقَهَاءَ الْمَدِينَةِ فِي وَقْتِهِ مِنْ شُيُوخِهِ سَبْعَةٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعَةٍ وَلَعَلَّ الْأَعْمَشَ إِنَّمَا حَكَى مَا حَكَاهُ عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ فَهُوَ شَيْخُهُ وَلَكِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّمَا أَرَادَ أَبَا الزِّنَادِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ذَكْوَانَ

وَكَيْفَ كَانَتِ الْحَالُ فَقَدْ أَدْرَكَ أَبُو الزِّنَادِ بِالْمَدِينَةِ جَمَاعَةً كُلُّهُمْ أَفْقَهُ مِنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا جَعَلَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ فِي الْفِقْهِ كَسَعِيدٍ وَعُرْوَةَ إِلَّا مَا جَاءَ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَبُو صَالِحٍ ذَكْوَانُ لَا يَصْلُحُ أَيْضًا أَنَّ يُضَافَ لَهُ هَذَا الْخَبَرُ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَغَيْرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَكِبَارِ التَّابِعِينَ وَمِنْ هَاهُنَا قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّ الْأَعْمَشَ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ إِلَّا أَبَا الزِّنَادِ فَلَمْ يَقِفْ عَلَى اسْمِهِ فَقَالَ ذَكْوَانُ أَوِ ابْنُ ذَكْوَانَ وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ خُزَاعِيٌّ وَهُوَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبِ بْنِ حَلْحَلَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كُلَيْبِ بْنِ أَصْرَمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ حَبَشِيَّةَ بْنِ سَلُولِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو خُزَاعَةَ وَلِأَبِيهِ ذُؤَيْبٍ صُحْبَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِي خُزَاعَةَ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَالْقَبَائِلِ الرُّوَاةِ وَمَاتَ قَبِيصَةُ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ فِيمَا قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ مَاتَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ سَنَةَ سِتَّةٍ وَثَمَانِينَ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَكَانَ قَبِيصَةُ مِمَّنْ قَاتَلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ حَتَّى ذَهَبَتْ عَيْنُهُ وَيُكْنَى قَبِيصَةُ أَبَا إسحاق كان من ساكني المدينة وان مُعَلِّمَ كُتَّابٍ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى الشَّامِ فَصَحِبَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ وَكَانَ عَلَى خَاتَمِهِ إِلَيْهِ الْبَرِيدُ وَعَرْضُ الْكُتُبِ الْوَارِدَةِ عَلَى عَبْدِ الملك عليه

وَأَمَّا رِوَايَةُ مَالِكٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خَرَشَةَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ فَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا أَبُو أُوَيْسٍ وَلَمْ يُجَوِّدْهُ وَجَاءَ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ غَيْرُهُمَا مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ الْوَرَّاقُ حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ أن عثمان بن إسحق بن حرشة حَدَّثَهُ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّ الْجَدَّةَ جَاءَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ (وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِيمَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ جَاءَتِ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ) تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا مِنِ ابْنِ ابْنِهَا أَوِ ابْنِ ابْنَتِهَا لَمْ يُدْخِلُوا بَيْنَ ابْنِ شِهَابٍ وَبَيْنَ قَبِيصَةَ أَحَدًا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ قَبِيصَةَ وَمَرَّةً قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّ الْجَدَّةَ جَاءَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَذَكَرَهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَالْحَدِيثُ حَدِيثُ مَالِكٍ وَأَبِي أُوَيْسٍ لِإِدْخَالِهِمَا بَيْنَ ابْنِ شِهَابٍ وَقَبِيصَةَ عُثْمَانَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خَرَشَةَ قَالَ وَقَدْ حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شهاب عن عثمان بن إسحق بْنِ خَرَشَةَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ أَوَّلَ مَنْ وَرَّثَ الْجَدَّتَيْنِ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْمِيرَاثِ قَالَ وَهَذَا مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ وَمَالِكٍ وَأَبِي أُوَيْسٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ مَعْمَرٍ فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قال حدثنا إسحق بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذؤيب قال جاءت الجدة إلى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا مِنِ ابْنِ ابْنِهَا أَوِ ابْنِ ابْنَتِهَا لَا أَدْرِي أَيَّتُهُمَا هِيَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا أَجِدُ لَكِ فِي الْكِتَابِ شَيْئًا وَمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي لَكِ بِشَيْءٍ وَسَأَسْأَلُ النَّاسَ الْعَشِيَّةَ فَلَمَّا صَلَّى الظُّهْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ إِنَّ الْجَدَّةَ أَتَتْنِي تَسْأَلُنِي مِيرَاثَهَا مِنِ ابْنِ ابْنِهَا أَوِ ابْنِ ابْنَتِهَا وَإِنِّي لَمْ أَجِدْ لَهَا فِي الْكِتَابِ شَيْئًا وَلَمْ أَسْمَعِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي لَهَا بِشَيْءٍ فَهَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها شَيْئًا فَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقضي لَهَا بِالسُّدُسِ فَقَالَ هَلْ سَمِعَ ذَلِكَ مَعَكَ أَحَدٌ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقضي لَهَا بِالسُّدُسِ فَأَعْطَاهَا أَبُو بَكْرٍ السُّدُسَ فَلَمَّا كَانَتْ خِلَافَةُ عُمَرَ جَاءَتِ الْجَدَّةُ الَّتِي تُخَالِفُهَا فَقَالَ عُمَرُ إِنَّمَا كَانَ الْقَضَاءُ فِي غَيْرِكِ وَلَكِنْ إِذَا اجْتَمَعْتُمَا فَالسُّدُسُ بَيْنَكُمَا وَأَيُّكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ قَبِيصَةَ وَابْنُ الْمُبَارَكِ أَيْضًا عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ قَبِيصَةَ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ الْكَعْبِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْقَضَاءَ إِلَى الْخُلَفَاءِ أَوْ إِلَى مَنِ اسْتَخْلَفُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَجَعَلُوهُ إِلَيْهِ وَعِنْدَهُمْ تُطْلَبُ الْحُقُوقُ حَتَّى يُوصَلَ إِلَيْهَا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَاضٍ وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنِ اسْتَقْضَى فَذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ إِلَى أَنَّ أَوَّلَ مَنِ اسْتَقْضَى عُمَرُ وَأَنَّهُ بَعَثَ شُرَيْحًا إِلَى الكوفة قاضيا وبعث بْنَ سَوَّارٍ إِلَى الْبَصْرَةِ قَاضِيًا قَالَ مَالِكٌ أَوَّلُ مَنِ اسْتَقْضَى مُعَاوِيَةُ وَالْكَلَامُ فِي هَذَا طَوِيلٌ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْفَرَائِضَ فِي الْمَوَارِيثِ لَا يَثْبُتُ مِنْهَا إِلَّا مَا كَانَ نَصًّا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَوِ اسْتَدَلَّ مُسْتَدِلٌّ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ هَذَا عَلَى أَنْ لَا عِلْمَ إِلَّا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ لَجَازَ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ لِلْعُلَمَاءِ فِي الْقِيَاسِ كَلَامٌ قَدْ ذَكَرْتُ مِنْهُ مَا يَكْفِي فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَالِاسْتِدْلَالُ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بكر وعمر للجدة مالك فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ عَلَى أَنَّ الْفَرَائِضَ وَالسِّهَامَ فِي الْمَوَارِيثِ لَا تُؤْخَذُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ نَصِّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ اسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ

وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَأَغْنَى عَنِ الْكَلَامِ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ فَرْضَ الْجَدَّةِ وَالْجَدَّاتِ السُّدُسُ لَا مَزِيدَ فِيهِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفَرَائِضُ وَالسِّهَامُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وجل نصا مَا عَدَا الْجَدَّةَ فَإِنَّ فَرْضَهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقْلِ الْآحَادِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَمِنْ إِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِذَلِكَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي فَرْضٍ فَرْضَهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي تَوْرِيثِ الْجَدَّاتِ عَلَى مَا أَصِفُ لَكَ فَكَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَقُولُ سَوَاءً كَانَتِ الْجَدَّةُ لِأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ مِيرَاثُهَا السُّدُسُ فَإِنِ اجْتَمَعَتَا فَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ إِنْ كَثُرَتْ لَا يَزِدْنَ عَلَى السُّدُسِ إِذَا تَسَاوَيْنَ فِي القعدد فَإِنْ قَرُبَتِ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ كَانَ السُّدُسُ لَهَا دُونَ غَيْرِهَا وَإِنْ قَرُبَتِ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ كَانَ السُّدُسُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَإِنْ بَعُدَتْ وَلَا تَرِثُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ إِلَّا جَدَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا تَرِثُ الْجَدَّةُ أُمُّ أَبِ الْأُمِّ عَلَى حَالٍ وَلَا يَرِثُ مَعَ الْأَبِ أَحَدٌ مِنْ جَدَّاتِهِ وَلَا تَرِثُ جَدَّةٌ وَابْنُهَا حَيٌّ يَعْنِي الِابْنَ الَّذِي جَرَّهَا إِلَى الْمِيرَاثِ فَأَمَّا أَنْ تَكُونَ جَدَّةٌ أُمَّ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَلَا يَحْجُبُهَا هَذَا الِابْنُ عَنِ الْمِيرَاثِ وَلَا يَرِثُ أَحَدٌ مِنَ الْجَدَّاتِ مَعَ الْأُمِّ فَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا

لَا يُورِّثُ إِلَّا جَدَّتَيْنِ أُمَّ أُمٍّ وَأُمَّ أَبٍ وَأُمَّهَاتِهِمَا وَكَذَلِكَ رَوَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَابْنِ شِهَابٍ وَطَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ وَرَبِيعَةَ وَابْنِ هُرْمُزَ وَابْنِ أَبِي ذُؤَيْبٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ فَعَابَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ أَتَعِيبُنِي أَنْ أُوتِرَ بِرَكْعَةٍ وَأَنْتَ تُوَرِّثُ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ قَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ اللَّتَيْنِ تَرِثَانِ وَالثَّالِثَةِ الَّتِي تُطْرَحُ وَأُمَّهَاتِهَا فَقَالَ اللَّتَانِ تَرِثَانِ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمَّهَاتُهُمَا إِذَا لَمْ يَكُونَا وَالثَّالِثَةُ الَّتِي تُطْرَحُ أُمِّ الْجَدِّ أَبِ الْأَبِ وَأُمَّهَاتُهَا قَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ فَأَمَّا أُمُّ أَبِ الْأُمِّ فَلَا تَرِثُ شَيْئًا وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ جَدَّاتٍ وَاحِدَةٍ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَالِاثْنَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ وَرَّثَ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ مَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَّثَ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ ثِنْتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَوَاحِدَةً مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَكَانَ قَوْلُهُ فِي الْجَدَّاتِ كَقَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يُوَرِّثُ الدُّنْيَا مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَلَا يُشْرِكُ مَعَهَا مَنْ لَيْسَ فِي قُعْدُدِهَا وَبِهِ يَقُولُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ فَكَانَا يُوَرِّثَانِ الْجَدَّاتِ الْأَرْبَعَ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَجَابِرِ بْنِ زيد

وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ تَرِثُ الْجَدَّاتُ الْأَرْبَعُ قَرُبْنَ أَوْ بَعُدْنَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تَرِثُ الْجَدَّاتُ الْأَرْبَعُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ أَنَّهُمَا كَانَ يُورِّثَانِ أَرْبَعَ جَدَّاتٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُشْرِكُ بَيْنَ الْجَدَّاتِ فِي السُّدُسِ دُنْيَاهُنَّ وَقُصْوَاهُنَّ مَا لَمْ تَكُنْ جَدَّةً أُمَّ جَدَّةٍ أَوْ جَدَّتَهَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَرَّثَ بَيْنَهُمَا مَعَ سَائِرِ الْجَدَّاتِ وَأَسْقَطَ أُمَّهَا أَوْ جَدَّتَهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُسْقِطُ الْقُصْوَى بِالدُّنْيَا إِذَا كَانَتَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ أُمَّ أَبٍ وَأُمَّ أَبِ أَبٍ فَيُورِّثُ أُمَّ الْأَبِ وَيُسْقِطُ أُمَّ أَبِ الْأَبِ وَكَانَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ يَخْتَارُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَيُقَوِّيهَا وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَكَانَ يُورِّثُ الْجَدَّةَ أُمَّ أَبِ الْأُمِّ مَعَ مَنْ يُحَاذِيهَا مِنَ الْجَدَّاتِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ سِيرِينَ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْجَدَّةِ أَيْضًا قَوْلٌ شَاذٌّ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَرْكِهِ وَهُوَ مَا رواه إسرائيل عن أبي إسحق أَنَّهُ سَمِعَ مَنْ يَحْكِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ جَدٍّ لَيْسَ دُونَهُ مَنْ هو أقرب

مِنْهُ فَهُوَ أَبٌ وَكُلُّ جَدَّةٍ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ لَيْسَ دُونَهَا أَقْرَبُ مِنْهَا فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ وَلَا نَعْرِفُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَرَّثَ جَدَّةً ثُلُثًا وَلَوْ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ لَوُرِّثَتِ الثُّلُثَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْجَدِّ أَنَّهُ كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ فَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَعَائِشَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ وَالْحَسَنُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُقْبَةَ وجابر بن زيد وفقهاء البصرة عثمان البني وَغَيْرُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ والمزني وإسحق بْنِ رَاهَوَيْهِ وَالطَّبَرِيِّ وَدَاوُدَ وَنُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ وَاخْتُلِفَ فِي الْجَدِّ عَنْ عُمَرَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ احْفَظُوا عَنِّي ثَلَاثًا لَمْ أَقُلْ فِي الْجَدِّ شَيْئًا وَلَمْ أَقُلْ فِي الْكَلَالَةِ شَيْئًا وَلَمْ أَسْتَخْلِفْ أَحَدًا وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ أَدْرَكْتُ الْخَلِيفَتَيْنِ يَعْنِي عُمَرَ وَعُثْمَانَ يَقُولَانِ فِي الْجَدِّ بِقَوْلِي وَهَذَا أَصَحُّ عَنْهُ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَرْوُونَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْجَدِّ بِقَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ

وَرَوَى أَهِلُ الْعِرَاقِ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُقَاسِمُ الْجَدَّ بِالْإِخْوَةِ إِلَى السُّدُسِ ثُمَّ يُقَاسِمُ بَيْنَهُمْ إِلَى الثُّلُثِ وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ جَعَلَ الْجَدَّ أَبًا وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ بِقَوْلِ زَيْدٍ إِلَّا فِي الْخَرْقَاءِ وَأَمَّا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَإِنَّهُمْ يُقَاسِمُونَ الْجَدَّ بِالْإِخْوَةِ وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةٍ مُقَاسَمَةِ الجد الأخوة فإنهم مجمعون على أن لاجد لَيْسَ بِأَبٍ وَلَا يُحْجَبُ بِهِ الْإِخْوَةُ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِ أَقَاوِيلِهِمْ فِي الْجَدِّ وَقَالَ كَقَوْلِ زَيْدٍ فِي الْجَدِّ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ وَقَفَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ فِي الْجَدِّ فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ بِقَوْلِ أَحَدٍ وَقَالَ بِقَوْلِهِ فِي الْجَدِّ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ وَالْمُغِيرَةُ صَاحِبُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَهُشَيْمٌ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْجَدِّ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الْجَدِّ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْجَدَّةِ أَنَّهَا أُمٌّ عِنْدَ عَدَمِ الْأُمِّ فَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَهُوَ شَاذٌّ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ جَاءَتْ جَدَّاتٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِيقِ

فَأَعْطَى الْمِيرَاثَ أُمَّ الْأُمِّ دُونَ أُمِّ الْأَبِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ أَعْطَيْتَ الْمِيرَاثَ الَّتِي لَوْ أَنَّهَا مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا فَجَعَلَ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمَا وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ أَنَّ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ إِذَا كَانَتِ الْجَدَّةُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ هِيَ أَقْعَدُ فَشَرِّكْ بَيْنَهُمَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ أَدْرَكْتُ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ وَطَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُونَ إِذَا كَانَتِ الْجَدَّةُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَقْرَبَ فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ أَبْعَدَ فَهُمَا سَوَاءٌ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَذَكَرْنَا مَذْهَبَ زَيْدٍ فِي أَحْكَامِ الْجَدَّاتِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَدَاوُدَ كُلُّهُمْ يَذْهَبُ فِي الْجَدَّاتِ إِذَا اجْتَمَعَتْ أُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ الْأُمِّ وَلَيْسَ لِلْمَيِّتِ أُمٌّ وَلَا أَبٌ أَنَّ أُمَّ الْأُمِّ إِنْ كَانَتْ أَقْعَدَهُمَا (كَانَ لَهَا السُّدُسُ دُونَ أُمِّ الْأَبِ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ الْأَبِ أَقْعَدَهُمَا) وَكَانَتَا مُشْتَرِكَتَيْنِ فِي الْقُعْدُدِ فَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ

وَإِنَّمَا كَانَتِ الْجَدَّةُ أُمُّ الْأُمِّ إِذَا كَانَتْ أَقْعَدَ أَوْلَى بِالسُّدُسِ مِنْ أُمِّ الْأَبِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا أَقْرَبُ لِلْمَيِّتِ أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَتَهَا وَهِيَ الْأُمُّ تَمْنَعُ الْجَدَّاتِ الْمِيرَاثَ مِنْ أَجْلِ قُرْبِهَا فَكَذَلِكَ أُمُّهَا تَمَنَعُ الْجَدَّاتِ إِذَا لَمْ يَكُنَّ فِي دَرَجَتِهَا فَأَمَّا إِذَا بَعُدَتْ وَقَرُبَتِ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ عِنْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَقَالَ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ أُمَّ الْأُمِّ هِيَ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا النَّصُّ مِنَ السُّنَّةِ وَمِثَالُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ تَرَكَ جَدَّتَهُ أُمَّ أُمِّهِ وَجَدَّتَهُ أُمَّ أَبِيهِ فالسدس ههنا لِأُمِّ أُمِّهِ وَإِنْ تَرَكَ أُمَّ أَبِيهِ وَأُمَّ أُمِّ أُمِّهِ فَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا سَوَاءً وَلَا يَرِثُ عِنْدَ مَالِكٍ مِنَ الْجَدَّاتِ غَيْرُهُمَا وَمِنَ الْحُجَّةِ فِي تَقْوِيَةِ أُمِّ الْأُمِّ أَنَّ الْأُمَّ لَمَّا مَنَعَتِ الْجَدَّاتِ وَلَمْ يَمْنَعِ الْأَبُ أُمَّ الْأُمِّ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْجَدَّةَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَقْوَى لِأَنَّهَا تُدْلِي بِهَا وَهِيَ تَمْنَعُ الْجَدَّاتِ وَلَا يَمْنَعُهَا الْأَبُ وَالْأُخْرَى تُدْلِي بِالْأَبِ وَالْأَبُ لَا يَحْجُبُ أُمَّ الْأُمِّ فَكَيْفَ تَحْجُبُهَا أُمُّهُ أَوْ تَسْتَوِي مَعَهَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَوْرِيثِ الْجَدَّةِ وَابْنُهَا حَيٌّ فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بن وثلة أَنَّهُمْ كَانُوا يُوَرِّثُونَ الْجَدَّةَ مَعَ ابْنِهَا وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَطَاءٌ وَابْنُ سِيرِينَ وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْبَصْرِيِّينَ وَبِهِ يقول شريك والنخعي وأحمد بن حنبل وإسحق بْنُ رَاهَوَيْهِ وَالطَّبَرِيُّ

وَاخْتُلِفَ عَنِ الثَّوْرِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُورِّثُهَا مَعَ مَنْ يُحَاذِيهَا مِنَ الْجَدَّاتِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يُوَرِّثُهَا وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فيها عن الحسن وروى يزيد بن هرون قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْجَدَّةِ قَالَ إِنَّهَا أَوَّلُ جَدَّةٍ أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّدُسَ مَعَ ابْنِهَا وابنها حي وروى يزيد بن هرون أَيْضًا قَالَ أَنْبَأَنَا شُعَيْبُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْجَدَّةَ أُمَّ الْأُمَّ وَابْنُهَا حَيٌّ وَهُوَ خَالُ الْمَيِّتِ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْجَدَّةِ حَتَّى سَأَلَ فَأَخْبَرَهُ الْمُغِيرَةُ وَأَرَادَ أَنْ لَا يُعْطِي الْأُخْرَى شَيْئًا وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا إِسْمَاعِيلُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ وَرَّثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جَدَّةً مَعَ ابْنِهَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ بلال بن أبي بردة أنا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ كَانَ يُوَرِّثُ الْجَدَّةَ مَعَ ابْنِهَا وَقَضَى بِذَلِكَ بِلَالٌ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْبَصْرَةِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ لَا يَحْجُبُ الْجَدَّاتِ إِلَّا الْأُمُّ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ مَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عن أشعث عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ أَوَّلُ جَدَّةٍ أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم أَبٍ مَعَ ابْنِهَا وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ لَا يَجُوزُ حَجْبُهَا بِالذُّكُورِ قِيَاسًا عَلَى الْأُمِّ وَأُمِّ الْأُمِّ وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ عَدَمَ الْأَبِ لَا يَزِيدُهَا فِي فَرْضِهَا وَإِنَّمَا لَهَا السُّدُسُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَكَيْفَ يَحْجُبُهَا وَوَجْهٌ آخَرُ لَمَّا كَانَ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِلْأُمِّ يُدْلُونَ بِالْأُمِّ وَيَرِثُونَ مَعَهَا كَانَتِ الْجَدَّةُ كَذَلِكَ تَرِثُ مَعَ الْأَبِ وَإِنْ كَانَتْ تُدْلِي بِهِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لَا تَرِثُ الْجَدَّةُ مَعَ ابْنِهَا يَعْنُونَ أَنَّهَا لَا تَرِثُ أُمُّ الْأَبِ مَعَ الْأَبِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَدَاوُدُ وَأَصْحَابُهُمْ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْجَدَّ لَمَّا كَانَ مَحْجُوبًا بِالْأَبِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْجَدَّةُ أَوْلَى أَنْ تَكُونَ بِهِ مَحْجُوبَةً وَلِأَنَّهَا أَحَدُ أَبَوَيِ الْأَبِ فَوَجَبَ أَنْ يَحْجُبَهَا الْأَبُ وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ أُمَّ أُمٍّ لَمْ تَرِثْ مَعَ الْأُمِّ فَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ أُمَّ أَبٍ لَا تَرِثُ مَعَ الْأَبِ وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ وَابْنَ الْأَخِ لَا يَرِثُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَعَ أَبِيهِ الَّذِي يُدْلِي بِهِ إِلَى الْمَيِّتِ فَكَذَلِكَ الْجَدَّةُ أُمُّ الْأَبِ لَا تَرِثُ مَعَ الْأَبِ لِأَنَّهَا بِهِ تُدْلِي

ذكر يزيد بن هرون قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَمْ يَجْعَلْ لِلْجَدَّةِ شَيْئًا مَعَ ابْنِهَا وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قال حدثنا إسحق بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ أَشْعَثَ وَأَبِي سَهْلٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ عَلِيٌّ وَزَيْدٌ لَا يُورِّثَانِ الْجَدَّةَ مَعَ ابْنِهَا وَمَا قَرُبَ مِنَ الْجَدَّاتِ وَمَا بَعُدَ مِنْهُنَّ جَعَلَ لَهُنَّ السُّدُسَ إِذَا كُنَّ مِنْ مَكَانَيْنِ شَتَّى وَإِذَا كُنَّ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ وَرَّثَ الْقُرْبَى قَالَ وَأَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عُثْمَانَ لَمْ يُوَرِّثِ الْجَدَّةَ إِذَا كَانَ ابْنُهَا حَيًّا وَالنَّاسُ عَلَيْهِ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ لَمْ يُوَرِّثْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَدَّةَ مَعَ ابْنِهَا إِلَّا ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ وَكِيعٌ وَالنَّاسُ عَلَى ذَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ بَسَّامِ بْنِ فَضْلٍ قَالَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لَا تَرِثُ الْجَدَّةُ مَعَ ابْنِهَا فِي قَوْلِ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُتَّصِلٌ وَهُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ثِقَةٌ شَرِيفٌ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ غَيْرَ هَذَا الحديث

الْوَاحِدِ (وَمَا أَحْسَبُهُ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ ابْنِ شِهَابٍ (122)) وَأَبُو بَكْرٍ هَذَا هُوَ وَالِدُ خَالِدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ النَّسَّابَةِ الْمُحَدِّثِ الْمَدَنِيِّ شَيْخِ ابْنِ وَهَبٍ وَيُقَالُ إِنَّ اسْمَ أَبِي بَكْرٍ هَذَا الْقَاسِمُ وَقِيلَ بَلِ الْقَاسِمُ أَخُوهُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ (فَإِنْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا هُوَ الْقَاسِمَ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بن زيد بن عبد الله بن عمر أَيْضًا فَاللَّهُ أَعْلَمُ) وَقَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ أَيْضًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالِدِ أَبِي بَكْرٍ هَذَا وَرَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بَنُونَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُمُ الزُّهْرِيُّ مِنْهُمْ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَوَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهَؤُلَاءِ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَأُمُّ سَالِمٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ وَحَمْزَةَ وَاحِدَةٌ أُمُّ وَلَدٍ وَأُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ وَإِلَى عَبْدِ اللَّهِ هَذَا أَوْصَى أَبُوهُ ابْنُ عُمَرَ وَلَمْ يُوصِ إِلَى سَالِمٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُدَارُ عَلَى أَنْ لَا يُوصِيَ إِلَيْهِ فَقَالَ ... يُدِيرُونَنِي فِي سَالِمٍ وَأُدِيرُهُمْ ... وَجِلْدَةُ بَيْنَ الْأَنْفِ وَالْعَيْنِ سَالِمُ ... وَلِأَبِي بَكْرٍ شَيْخِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا أَخٌ يُقَالُ لَهُ الْقَاسِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ وَأَخٌ ثَانٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَوَى عَنْهُ الْحَدِيثَ أَيْضًا وَفِي وَلَدِ أَبِي سَلَمَةَ هَذَا قُضَاةٌ وَأُمَرَاءُ بِالْمَدِينَةِ

الحديث الخامس والأربعون

وَأَخٌ ثَالِثٌ يُسَمَّى عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَالَ الْعَدَوِيُّ شَرَفُ بَيْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَذِكْرُهُمْ فِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَوَلَدِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالِدِ أَبِي بَكْرٍ هَذَا عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثُ الْقُلَّتَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِ عَنْهُ وَمِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالِدِ أَبِي بَكْرٍ هَذَا عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ أَيْضًا مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ) هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ وَهْمٌ وَغَلَطٌ لَا شَكَّ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْآثَارِ وَالْأَنْسَابِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَلَى حَسَبِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَجَمَاعَةُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْهُمُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ

وعبد الرحمن بن إسحق وَمَنْ قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَدْ أَخْطَأَ وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عن أبيه عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا عَلِمْتُ وَإِنَّمَا يَجْعَلُونَ الْحَدِيثَ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ جَدِّهِ لَا يَقُولُونَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ كَمَا قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم إذا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَذَكَرَهُ سَوَاءً قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَقَالَ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ لَهُ وَجْهٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَيْضًا بَعْضَ الِاخْتِلَافِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ جَدِّهِ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِ مَالِكٍ يَقُولُونَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عُبَيْدُ الله بن عمر وغير مستنكران يَرْوِيَهُ أَبُو بَكْرٍ هَذَا عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَدْ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِنْ حَفَدَتِهِ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَرَوَى عَنْهُ مَنْ دُونَ هَؤُلَاءِ فِي السن

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ خَطَأً عَنْ مَعْمَرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ وَلَا يُحْفَظَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ وَلَوْ كَانَ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ مَا حَدَّثَ بِهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ مِمَّا حَدَّثَ بِهِ مَعْمَرٌ بِالْيَمَنِ وَبِالْبَصْرَةِ لِأَنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ الْأَعْلَى وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ) وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَعْمَرٌ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّوَابُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ والله أعلم

وَإِنْ صَحَّ حَدِيثُ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ فَهُوَ إِسْنَادٌ آخَرُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حدثنا إسحق بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ الْعُثْمَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ ويشرب بشماله وكذلك رواه علي بن الْمَدِينِيِّ وَالْحُمَيْدِيُّ وَمُسَدَّدٌ وَابْنُ الْمُقْرِئِ وَغَيْرُهُمْ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَأْكُلْ أَحَدُكُمْ بِشِمَالِهِ وَلَا يَشْرَبْ بِشِمَالِهِ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُسَدَّدٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن إسحق عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوا بِأَيْمَانِكُمْ وَاشْرَبُوا بِأَيْمَانِكُمْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بشماله

(وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَدَبُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْكُلَ بِشِمَالِهِ وَلَا أَنْ يَشْرَبَ بِشِمَالِهِ) لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَفِي أَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْأَكْلِ بِالْيَمِينِ وَالشُّرْبِ بِهَا نَهْيٌ عَنِ الْأَكْلِ بِالشِّمَالِ وَالشُّرْبِ بِهَا لِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ جَمِيعِ أَضْدَادِهِ فَمَنْ أَكَلَ بِشِمَالِهِ أَوْ شَرِبَ بِشِمَالِهِ وَهُوَ بِالنَّهْيِ عَالِمٌ فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ طَعَامُهُ ذَلِكَ وَلَا شَرَابُهُ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ نَهْيُ أَدَبٍ لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ وَالْأَصْلُ فِي النَّهْيِ أَنَّ مَا كَانَ لِي مِلْكًا فَنُهِيتُ عَنْهُ فَإِنَّمَا النَّهْيُ عَنْهُ تَأَدُّبٌ وَنَدْبٌ إِلَى الْفَضْلِ وَالْبِرِّ وَإِرْشَادٌ إِلَى مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْفَضْلُ فِي الدِّينِ وَمَا كَانَ لِغَيْرِي فَنُهِيتُ عَنْهُ فَالنَّهْيُ عَنْهُ نَهْيُ تَحْرِيمٍ وَتَحْظِيرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهَا أَنَّ الْيَمِينَ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالشِّمَالَ لِلِاسْتِنْجَاءِ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْتَنْجَى بِالْيَمِينِ كَمَا نَهَى أَنْ يُؤْكَلَ أَوْ يُشْرَبَ بِالشِّمَالِ وَمَا عَدَى الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالِاسْتِنْجَاءَ فَبِأَيِّ يَدَيْهِ فَعَلَ الْإِنْسَانُ ذَلِكَ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّ التَّيَامُنَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّهُ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُحِبَّ ذَلِكَ وَيَرْغَبَ فِيهِ فَفِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ عَلَى كُلِّ حال

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاسِمُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِقْلُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ وَلِيَأْخُذْ بِيَمِينِهِ وَلْيُعْطِ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ وَيُعْطِي بِشِمَالِهِ وَيَأْخُذُ بِشِمَالِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّيَاطِينَ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَالشَّيْطَانُ الْمَقْصُودُ إِلَى ذِكْرِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْجِنِّ جِنْسٌ مِنْ أَجْنَاسِهِمْ نَحْوَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ وَقَدْ يَكُونُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْإِنْسِ عَلَى طَرِيقِ اتِّسَاعِ اللُّغَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَإِنَّمَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ شَيَاطِينُ لِبُعْدِهِمْ مِنَ الْخَيْرِ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ نَوَى شَطُونٌ أَيْ بَعِيدَةٌ قَالَ جَرِيرٌ ... أَيَّامَ يَدْعُونَنِي الشَّيْطَانَ مِنْ غَزَلِي ... وَكُنَّ يَهْوِينَنِي إِذْ كُنْتُ شَيْطَانًا ... وَقَالَ مَنْظُورُ بْنُ رَوَاحَةَ ... فَلَمَّا أَتَانِي مَا تَقُولُ تَرَقَّصَتْ ... شَيَاطِينُ رَأْسِي وَانْتَشَيْنَ مِنَ الْخَمْرِ ... وَقَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ ... فَلَمَّا أَتَانِي مَا تَقُولُ مُحَارِبٌ ... بَعَثْتُ شَيَاطِينِي وَجُنَّ جنونها

وَقَالَ أَبُو النَّجْمِ ... إِنِّي وَكُلُّ شَاعِرٍ مِنَ الْبَشَرْ ... شَيْطَانُهُ أُنْثَى وَشَيْطَانِي ذَكَرْ ... وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لِشَيَاطِينِ الْجِنِّ أَوْ مِنَ الْجِنِّ اسْمٌ لَازِمٌ لَهُمْ مِنْ أَسْمَائِهِمْ لِلصَّالِحِ مِنْهُمْ وَالطَّالِحِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنِ الْإِكْثَارِ وَالْأَسْمَاءُ لَا تُؤْخَذُ قِيَاسًا فَإِنَّمَا هِيَ عَلَى حِسَابِ مَا عَلَّمَهَا اللَّهُ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاءُ عَلَامَاتٍ لِلْمُسَمَّيَاتِ وَقَدْ حَمَلَ قَوْمٌ هَذَا الْحَدِيثَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ عَلَى الْمَجَازِ فَقَالُوا فِي قَوْلِهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ إِنَّ الْأَكْلَ بِالشِّمَالِ أَكْلٌ يُحِبُّهُ الشَّيْطَانُ كَمَا قَالَ فِي الْخَمْرَةِ زِينَةُ الشَّيْطَانِ وَفِي الِاقْتِعَاطِ بِالْعِمَامَةِ عِمَامَةُ الشَّيْطَانِ أَيْ إِنَّ الْخَمْرَةَ وَمِثْلَ تِلْكَ الْعِمَّةِ يُزَيِّنُهَا الشَّيْطَانُ وَيَدْعُو إِلَيْهَا وَكَذَلِكَ يَدْعُو إِلَى الْأَكْلِ بِالشِّمَالِ وَيُزَيِّنُهُ وَهَذَا عِنْدِي لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَا مَعْنَى لِحَمْلِ شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى الْمَجَازِ إِذَا أَمْكَنَتْ فِيهِ الْحَقِيقَةُ بِوَجْهٍ مَا وَقَالَ آخَرُونَ أَكْلُ الشَّيْطَانِ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ تَشَمُّمٌ وَاسْتِرْوَاحٌ لَا مَضْغٌ وَلَا بَلْعٌ وَإِنَّمَا الْمَضْغُ وَالْبَلْعُ لِذَوِي الْجُثَثِ وَيَكُونُ اسْتِرْوَاحُهُ وَشَمُّهُ مِنْ جِهَةِ شِمَالِهِ وَيَكُونُ بِذَلِكَ مُشَارِكًا فِي الْمَالِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّأْوِيلِ يَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ قَالُوا الْإِنْفَاقُ فِي الْحَرَامِ وَالْأَوْلَادِ قَالُوا الزِّنَا وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الشَّيَاطِينَ مِنَ الْجِنِّ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ فِي حَدِيثِ الِاسْتِنْجَاءِ هِيَ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَفِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ طَعَامَهُمْ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَمَا لَمْ يُغْسَلْ مِنَ الْأَيْدِي وَالصِّحَافِ وَشَرَابُهُمُ الْجَدَفُ وَهِيَ الرغوة والزبد وهذا أَشْيَاءُ لَا تُدْرَكُ بِعَقْلٍ وَلَا تُقَاسُ عَلَى أَصْلٍ وَإِنَّمَا فِيهِ التَّسْلِيمُ لِمَنْ آتَاهُ اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يُؤْتِنَا وَهُوَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حديث ابن عمر المذكور في هذا الباب مَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ قَوْلُهُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْجِنُّ كُلُّهُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ بَعْضُهُمْ جِنْسٌ مِنْهُمْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ السُّلَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّفَوِيُّ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ وَسُئِلَ عَنِ الْجِنِّ مَا هُمْ وَهَلْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَمُوتُونَ

وَيَتَنَاكَحُونَ قَالَ هُمْ أَجْنَاسٌ فَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ خَالِصُ الْجِنِّ فَهُمْ رِيحٌ لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ وَلَا يَتَوَالَدُونَ وَمِنْهُمْ أَجْنَاسٌ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَنَاكَحُونَ وَيَتَوَالَدُونَ وَيَمُوتُونَ وَمِنْهُمُ السَّعَالِي وَالْغُولُ وَالْقَطُوبُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ فَهَذَا وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ قَدْ قَالَ مَا تَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلِأَهْلِ الْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ أَقَاوِيلُ فِي إِدْرَاكِ الْجِنِّ بِالْأَبْصَارِ وَفِي دُخُولِهِمْ فِي الْإِنْسَانِ هَلْ هُمْ مُكَلَّفُونَ أَوْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ لَيْسَ بِنَا حَاجَةٌ إِلَى ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا هَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعِ ذَلِكَ وَهُمْ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ مُكَلَّفُونَ مخاطبون لقوله تعالى يا معشر الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ وَقَوْلِهِ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ وَقَوْلِهِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولٌ إِلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ هَذَا مِمَّا فُضِّلَ بِهِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُ بُعِثَ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَغَيْرُهُ لَمْ يُرْسَلْ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَلِيلُ ذَلِكَ مَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ دُعَائِهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِقَوْلِهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْجِنُّ عِنْدَ أَهْلِ الْكَلَامِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ بِاللِّسَانِ يَنْزِلُونَ عَلَى مَرَاتِبَ فَإِذَا ذَكَرُوا الْوَاحِدَ مِنَ الْجِنِّ خَالِصًا قَالُوا جِنِّيٌّ فَإِنْ أَرَادُوا أَنَّهُ مِمَّنْ يَسْكُنُ مَعَ النَّاسِ قَالُوا عَامِرٌ وَالْجَمْعُ عُمَّارٌ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْرِضُ لِلصِّبْيَانِ قَالُوا أَرْوَاحٌ فَإِنْ خَبُثَ وَتَعَرَّمَ فَهُوَ شَيْطَانٌ فَإِنْ زَادَ على

الحديث السادس والأربعون

ذَلِكَ فَهُوَ مَارِدٌ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَقَوِيَ أَمْرُهُ قَالُوا عِفْرِيتٌ وَالْجُمَعُ عَفَارِيتٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنِي بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَتَلَتْ جَانًّا فَأُوتِيَتْ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ فَقِيلَ لَهَا أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ قَتَلْتِ مُسْلِمًا قَالَ فَقَالَتْ إِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَلِمَ يَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهَا مَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ إِلَّا وَعَلَيْكِ ثِيَابُكِ فَأَصْبَحَتْ فَزِعَةً فَأَمَرَتْ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَجُعِلَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ صَيْفِيٍّ عَنْ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا فَإِنْ رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا وَسَيَأْتِي مِنْ هَذَا الْمَعْنَى بَيَانٌ أَيْضًا وَشِفَاءٌ فِي بَابِ صَيْفِيٍّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ * (* (ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ) *) * عَبَّادُ بْنُ زِيَادٍ هَذَا أَظُنُّهُ مِنْ ثَقِيفٍ مِنْ وَلَدِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَارِثَةَ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي بِعِلْمِ حَقِيقَةٍ وَقَدْ

قِيلَ إِنَّهُ عَبَّادُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَيَقُولُونَ (138) إِنَّ زِيَادًا اسْتَلْحَقَ عَبَّادًا أَيْضًا فَعَبَّادُ بن زياد مستلحق من مستلحق) ولا أقف لَهُ عَلَى وَفَاةٍ وَلَا أَعْرِفُ لَهُ خَبَرًا إِلَّا أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ رَوَى عَنْهُ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْآخَرُ فِيمَنْ يَنْصَرِفُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ فَأَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَرَوَاهُ مَالِكٌ وَلَمْ يُقِمْهُ وَأَفْسَدَ إِسْنَادَهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَيْسَ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا فِي رِوَايَتِهِ وَحَدِيثُ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ قَالَ الْمُغِيرَةُ فَذَهَبْتُ مَعَهُ بِمَاءٍ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَكَبْتُ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ ذَهَبَ لِيُخْرِجَ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْ جُبَّتِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنْ ضِيقِ كُمَّيِ الْجُبَّةِ فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وعبد الرحمان بْنُ عَوْفٍ يَؤُمُّهُمْ وَقَدْ صَلَّى بِهِمُ

الَّتِي بَقِيَتْ فَفَزِعَ النَّاسُ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ أَحْسَنْتُمْ هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ وَهُوَ مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ لَمْ يَخْتَلِفْ رُوَاةُ الموطأ عنه في ذلك وهو وهم غلط مِنْهُ وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ ابْنِ شِهَابٍ وَلَا غَيْرِهِمْ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَزَادَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى فِي ذَلِكَ أَيْضًا شَيْئًا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْتُ فِي إسناد هذا الحديث عن أبيه المغيرة غَيْرُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَسَائِرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ يَقُولُونَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ وَهُوَ مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ لَا يَقُولُونَ عَنْ أَبِيهِ الْمُغِيرَةِ كَمَا قَالَ يَحْيَى وَلَمْ يُتَابِعْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ كَتَبْتُ هَذَا وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى وَهِمَ فِي قَوْلِهِ عَنْ أَبِيهِ حَتَّى وَجَدْتُهُ لعبد الرحمان بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ كَمَا قَالَ يَحْيَى ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ

وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ كَمَا قَالَ يَحْيَى قَالَ وَهُوَ وَهْمٌ قَالَ وَرَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ فَإِنْ كَانَ رَوْحٌ حَفِظَ فَقَدْ أَتَى بِالصَّوَابِ لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ يَرْوِيهِ عَنْ عَبَّادٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ وَإِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ إِسْنَادٌ لَيْسَ بِالْقَائِمِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَرْوِيهِ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عُرْوَةَ وَحَمْزَةَ ابْنَيِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَرُبَّمَا حَدَّثَ بِهِ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ وَلَا يَذْكُرُ حَمْزَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ وَرُبَّمَا جَمَعَ حَمْزَةَ وَعُرْوَةَ ابْنَيِ الْمُغِيرَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِيهِمَا الْمُغِيرَةِ وَرِوَايَةُ مَالِكٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ مَقْطُوعَةٌ وَعَبَّادُ بْنُ زِيَادٍ لَمْ يَرَ الْمُغِيرَةَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شهاب عن عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ (أَنَّ رَسُولَ (145) اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ إِلَى حَاجَتِهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ) فَذَكَرَهُ سَوَاءً كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ

قَالَ مُصْعَبٌ وَأَخْطَأَ فِيهِ مَالِكٌ خَطَأً قَبِيحًا أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَتَبْتُهُ مِنْ أَصْلِ سَمَاعِهِ عَنِ ابْنِ حَمْدَانَ وَحَدَّثَنَا أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أبي قال قرأت على عبد الرحمان يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَذَكَرَهُ سَوَاءً كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ) وَكَتَبْتُهُ أَيْضًا مِنَ الْأَصْلِ الصَّحِيحِ لِأَبِي مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ أَصْلِ سَمَاعِهِ وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ مَعْمَرٍ فِي كِتَابِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ هَكَذَا مَقْطُوعًا وَأَظُنُّ هَذَا إِنَّمَا أُوتِيَ مِنْ قِبَلِ الزُّهْرِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ علي حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زياد عن عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ تَخَلَّفَ وَتَخَلَّفْتُ مَعَهُ بِالْإِدَاوَةِ فَتَبَرَّزَ ثُمَّ أَتَانِي فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ وَذَلِكَ عِنْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا غَسَلَ وَجْهَهُ وَأَرَادَ غَسْلَ ذِرَاعَيْهِ ضَاقَ كُمَّا جُبَّتِهِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ قَالَ فَأَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ

الْجُبَّةِ فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ قَالَ ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ وَقَدْ صلى بهم عبد الرحمان بْنُ عَوْفٍ رَكْعَةً قَالَ فَذَهَبْتُ أُوذِنُهُ فَقَالَ دَعْهُ فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَةً فَفَزِعَ النَّاسُ لِذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَرَغَ أَصَبْتُمْ أَوْ قَالَ أَحْسَنْتُمْ وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عُرْوَةَ وَحَمْزَةَ ابْنَيِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُمَا سَمِعَا الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثُمَّ صَلَّى فِيهِمَا وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ وَابْنِ سَمْعَانَ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُمْ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ سَكَبْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَوَضَّأَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ سَمْعَانَ عَبَّادًا هَكَذَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ جَمَعَهُمْ فِي إِسْنَادٍ وَاحِدٍ وَلَفْظٍ وَاحِدٍ كَمَا تَرَى إِلَّا مَا خَصَّ مِنْ ذِكْرِ مَالِكٍ فِي عُرْوَةَ وَذِكْرِ

ابْنِ سَمْعَانَ فِي عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ هَذِهِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ هَذَا لِمَالِكٍ وَأَظُنُّ ابْنَ وَهْبٍ حَمَلَ لَفْظَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَكَانَ يَتَسَاهَلُ فِي مِثْلِ هَذَا كَثِيرًا وَقَدْ كَانَ ابْنُ شِهَابٍ رُبَّمَا أَرْسَلَ الْحَدِيثَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَلَا يَذْكُرُ عَبَّادَ بْنَ زِيَادٍ فِي ذَلِكَ فَمِنْ هُنَالِكَ لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ سَمْعَانَ عَبَّادَ بْنَ زِيَادٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ عُرْوَةَ وَحَمْزَةَ ابْنَيِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُمَا سَمِعَا الْمُغِيرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ (عَنْ عَبَّادِ (148) بْنِ زِيَادٍ وَذَكَرَهُ فِي حَدِيثِهِ عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ) وَأَمَّا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ فَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَأَتْقَنَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدٌ وَيَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَيْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ الْمُغِيرَةِ

بْنِ شُعْبَةَ قَالَ تَخَلَّفْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَتَبَرَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ دَفَعَ إِلَيَّ الْإِدَاوَةَ أَوْ قَالَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ وَمَعِي الْإِدَاوَةُ قَالَ فَصَبَبْتُ عَلَى يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اسْتَنْثَرَ قَالَ يَعْقُوبُ ثُمَّ تَمَضْمَضَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ فَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَهُمَا مِنْ كُمَّيْ جُبَّتِهِ فَضَاقَ عَنْهُ كُمَّاهَا فَأَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ فَغَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَدَهُ الْيُسْرَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَمَسَحَ بِخُفَّيْهِ وَلَمْ يَنْزِعْهُمَا ثُمَّ عَمَدَ إِلَى النَّاسِ فوجدهم قد قدموا عبد الرحمان بْنَ عَوْفٍ يُصَلِّي بِهِمْ فَأَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ فَصَلَّى مع الناس الركعة الأخرى بصلاة عبد الرحمان فلما سلم عبد الرحمان قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُتِمُّ صَلَاتَهُ فَأَفْزَعَ الْمُسْلِمِينَ فَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ أَحْسَنْتُمْ وَأَصَبْتُمْ يَغْبِطُهُمْ أَنْ صَلَّوُا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَا أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ إِنْ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ غَزَا مَعَ

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ قَالَ الْمُغِيرَةُ فَتَبَرَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ بِمِثْلِ رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَعِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ هَذَا إِسْنَادٌ آخَرُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَكَانَ لَا يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ هَذَا لِصِغَرِ سِنِّهِ إِلَّا عَبَّادًا وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَ ابْنِ جُرَيْجٍ الْحَدِيثَانِ جَمِيعًا أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ إِنْ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ قَالَ فَتَبَرَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْغَائِطِ فَحَمَلْتُ مَعَهُ إِدَاوَةً قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَخَذْتُ أُهْرِقُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْإِدَاوَةِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ ذَهَبَ يُخْرِجُ ذِرَاعَيْهِ مِنْ جُبَّتِهِ فَضَاقَ كُمَّا جُبَّتِهِ فَأَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي الْجُبَّةِ حَتَّى أَخْرَجَ ذِرَاعَيْهِ مِنْ أَسْفَلِ الْجُبَّةِ فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ

تَوَضَّأَ عَلَى خُفَّيْهِ قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَقْبَلْتُ معه حتى نجدهم قد قدموا عبد الرحمان بْنَ عَوْفٍ يُصَلِّي بِهِمْ فَأَدْرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ وَصَلَّى مَعَ الناس الركعة الآخرة فلما سلم عبد الرحمان بْنُ عَوْفٍ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُتِمُّ صَلَاتَهُ وَأَفْزَعَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ فَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ أَحْسَنْتُمْ أَوْ قَالَ أَصَبْتُمْ يَغْبِطُهُمْ أَنْ صَلَّوُا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَحَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بن محمد بن سعد عن حمزة بن الْمُغِيرَةِ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ وَزَادَ المغيرة فأردت تأخير عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ نَحْوَ حَدِيثِ عباد قال المغيرة فأردت تأخير عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ فَهَذَا حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ خَاصَّةً وَتَمْهِيدُهُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَأَمَّا طُرُقُ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ عَلَى الِاسْتِيعَابِ فَلَا سَبِيلَ لَنَا إِلَيْهَا وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ الْمُغِيرَةِ مِنْ نَحْوِ سِتِّينَ طَرِيقًا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ الشَّعْبِيُّ فَزَادَ فِيهِ حُكْمًا جَلِيلًا حَسَنًا وَذَلِكَ اشْتِرَاطُ طَهَارَةِ

الْقَدَمَيْنِ بِطُهْرِ الْوُضُوءِ عِنْدَ إِدْخَالِهِمَا الْخُفَّيْنِ لِمَنْ أَرَادَ الْمَسْحَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ الْحَدَثِ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ يَذْكُرُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكْبٍ وَمَعِي إِدَاوَةٌ فَخَرَجَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ فَتَلَقَّيْتُهُ بِالْإِدَاوَةِ فَأَفْرَغْتُ عَلَيْهِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ ذِرَاعَيْهِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ مِنْ جِبَابِ الرُّومِ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ فَضَاقَتْ فَادَّرَعَهَا ادِّرَاعًا ثُمَّ أَهَوَيْتُ إِلَى الْخُفَّيْنِ لِأَنْزِعَهُمَا فَقَالَ دَعِ الْخُفَّيْنِ فَإِنِّي أَدْخَلْتُ الْقَدَمَيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا قَالَ أَبِي قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ شَهِدَ لِي عُرْوَةُ عَلَى أَبِيهِ وَشَهِدَ أَبُوهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الشَّعْبِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُجَالِدٌ وَزَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَغَيْرُهُمْ عَنِ الشَّعْبِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ قَالَ لَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِلَّا مَنْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِيهِمَا طاهرتين

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيَتَوَضَّأُ أَحَدُنَا وَرِجْلَاهُ فِي الْخُفَّيْنِ قَالَ نَعَمْ إِذَا أَدْخَلَهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَّامٍ السُّوَيْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مَطْعَمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ يُحَدِّثُ عَنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَأَنَّهُ ذَهَبَ فِي حَاجَتِهِ وَأَنَّ الْمُغِيرَةَ جَعَلَ يَصُبُّ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجَهَهُ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ ثُمَّ جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ ذَهَبَ يَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ فَضَاقَ عَنْهُمَا كُمَّا الْجُبَّةِ قَالَ فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ

ذَكَرْتُ هَذَا الْإِسْنَادَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَرَوَاهُ بَكْرٌ الْمُزَنِيُّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَنْ حَمْزَةَ أَيْضًا عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ وَعَمْرُو بْنُ وَهْبٍ الثَّقَفِيُّ وَرَوَاهُ ابْنُ سِيرِينَ عَنْ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شعبة عبد الرحمان بْنُ أَبِي يَعْمَرَ وَمَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ وَقَبِيصَةُ بْنُ بُرْمَةَ وَأَبُو السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ وَغَيْرُهُمْ وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ الثَّقَفِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَمَسَحَ عَلَى عِمَامَتِهِ وَعَلَى خُفَّيْهِ وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ وَبَكْرٍ الْمُزَنِيِّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ أَيْضًا وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ الثَّقَفِيِّ صَحِيحٌ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ يَزِيدَ وَابْنِ عُلَيَّةَ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَلِكَ حَدِيثُ بَكْرٍ وَغَيْرِهِ صِحَاحٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَكُلُّهُمْ يَصِفُ ضِيِقَ الجبة ويصف إمامة عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَالْقِصَّةُ عَلَى وَجْهِهَا بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ وَمَعْنًى وَاحِدٍ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ مِمَّنِ اخْتَصَرَ الْقِصَّةَ وَقَصَدَ إِلَى الْحُكْمِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَعَلَى النَّاصِيَةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ ضُرُوبٌ مِنْ مَعَانِي الْعِلْمِ مِنْهَا خُرُوجُ الْإِمَامِ بِنَفْسِهِ فِي الْغَزْوِ لِجِهَادِ عَدِوِّهِ وكانت عزوة تبوك آخر عزوة غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِغَزَاةِ الْعُسْرَةِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى تَبُوكَ فَصَالَحَهُ أَهْلُ أَيْلَةَ وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا قَالَ خَلِيفَةُ وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ كَانَ خُرُوجُهُ إِلَيْهَا فِي غُرَّةِ رَجَبٍ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ ذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَفِيهِ آدَابُ الْخَلَاءِ وَالْبُعْدُ عَنِ النَّاسِ عِنْدَ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَفِيهِ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ تَرْكُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ اسْتَنْجَى بِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ سَكَبَ عَلَيْهِ فَغَسَلَ وَجْهَهَ يَعْنِي لِوُضُوئِهِ وَفِي غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ فَتَبَرَّزَ ثُمَّ جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْإِدَاوَةِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ وَتَوَضَّأَ وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ فَخَرَجَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ فَتَلَقَّيْتُهُ بِالْإِدَاوَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهَا إِلَيْهِ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْإِدَاوَةَ كَانَتْ مَعَ الْمُغِيرَةِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآثَارِ أَنَّهُ نَاوَلَهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبَ بِهَا ثُمَّ لَمَّا جَاءَ رَدَّهَا إِلَيْهِ فَسَكَبَ مِنْهَا الْمَاءَ عَلَيْهِ بَلْ فِي قَوْلِهِ فَتَلَقَّيْتُهُ بِالْإِدَاوَةِ تَصْرِيحٌ أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ الْمُغِيرَةِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَرَّزَ لِحَاجَتِهِ دُونَهَا وَفِي ذَلِكَ ما يوضح لك أنه استنجا بِالْأَحْجَارِ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَتَبَرَّزَ لحاجته قبل الغائط لحملت مَعَهُ إِدَاوَةً وَقَالَ مَعْمَرٌ فَتَخَلَّفَ وَتَخَلَّفْتُ مَعَهُ بِإِدَاوَةٍ فَإِنْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ يَوْمَئِذٍ فِي نَقْلِ مَنْ يُقْبَلُ نَقْلُهُ وَإِلَّا فَالِاسْتِدْلَالُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ صَحِيحٌ فَإِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَرْكَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ وَالْعُدُولَ عَنْهُ إِلَى الْأَحْجَارِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَقَدْ نَزَعَ بِنَحْوِ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَزَعَمَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ بِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَلْفَاظِ بَعْضِ النَّاقِلِينَ لَهُ بِذَلِكَ وَذَلِكَ اسْتِدْلَالٌ أَيْضًا لَا نَصٌّ وَأَيَّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ الْيَوْمَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَأَنَّ الْأَحْجَارَ رُخْصَةٌ وَتَوْسِعَةٌ وَأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِهَا جَائِزٌ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ لُبْسِ الضَّيِّقِ مِنَ الثِّيَابِ بَلْ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَبًّا مُسْتَحْسَنًا فِي الْغَزْوِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّأَهُّبِ وَالِانْشِمَارِ وَالتَّأَسِّي بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِبَاسُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْحَضَرِ عِنْدِي لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ

وَفِيهِ أَنَّ الْعَمَلَ الْخَفِيفَ فِي الْغَسْلِ وَالْوُضُوءِ لَا يُوجِبُ اسْتِينَافَهُ وَكَذَلِكَ كَلُّ عَمَلٍ إِذَا كَانَ صَاحِبُهُ آخِذًا فِي طَهَارَتِهِ وَلَمْ يَتْرُكْهَا انْصِرَافًا عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا كَاسْتِقَاءِ الْمَاءِ وَغَسْلِ الْإِنَاءِ وَشِبْهِ ذَلِكَ فَإِنْ أَخَذَ الْمُتَوَضِّئُ فِي غَيْرِ عَمَلِ الْوُضُوءِ وَتَرَكَهُ اسْتَأْنَفَ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا خَفِيفًا جِدًّا فَإِنْ كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا فَهُوَ مُتَجَاوَزٌ عَنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُدْخِلَ عَلَى نَفْسِهِ شُغْلًا وَإِنْ قَلَّ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ وَفِيهِ أَنْ لَا بَأْسَ بِالْفَاضِلِ مِنَ الرِّجَالِ وَالْعَالِمِ وَالْإِمَامِ أَنْ يُخْدَمَ وَيُعَانَ عَلَى حَوَائِجِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُصَبَّ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ فَيَتَوَضَّأَ وَذَلِكَ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِذَا كَانَ الْإِنَاءُ لَا يَتَهَيَّأُ أَنْ يُدْخِلَ الْمُتَوَضِّئُ يَدَهُ فِيهِ وَفِيهِ إِذَا خِيفَ فَوْتُ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ فَوْتُ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ مِنْهَا لَمْ يُنْتَظَرِ الْإِمَامُ لَهَا وَلَا غَيْرُهُ فَاضِلًا كَانَ أَوْ عَالِمًا أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَدِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَفْضَلُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ مَعْلُومٌ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ لِيَشْتَغِلَ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ كُلُّهُ وَقَالَ لَوْ أُخِّرَتِ الصَّلَاةُ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا لَأُخِّرَتْ لِإِقَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وفضل الصلاة معه إذ قدموا عبد الرحمان بْنَ عَوْفٍ فِي السَّفَرِ وَفِيمَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ عِنْدِي نَظَرٌ وَفِيهِ أَنَّ تَحَرِّي الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ يُقَدِّمُوا إِمَامًا بِغَيْرِ إِذْنِ الْوَالِي وَمِنْهَا أَنْ يَأْتَمَّ الْإِمَامُ وَالْوَالِي مَنْ كَانَ بِرَجُلٍ مِنْ رَعِيَّتِهِ وَمِنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم صلى مع عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ رَكْعَةً وَجَلَسَ مَعَهُ فِي الْأُولَى ثم قام فقضى وفيه فضل عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ إِذْ قَدَّمَهُ جَمَاعَةُ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِصَلَاتِهِمْ بَدَلًا مِنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ صَلَاةُ الْفَاضِلِ خَلْفَ الْمَفْضُولِ وَفِيهِ حَمْدُ مَنْ بَدَّرَ إِلَى أَدَاءِ فَرْضِهِ وَشُكْرُهُ عَلَى ذَلِكَ وَتَحْسِينُ فِعْلِهِ وَفِيهِ الْحُكْمُ الْجَلِيلُ الَّذِي فَرَّقَ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَهُوَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لَا يُنْكِرُهُ إِلَّا مَخْذُولٌ أَوْ مُبْتَدِعٌ خَارِجٌ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَسَائِرِ الْبُلْدَانِ إِلَّا قَوْمًا ابْتَدَعُوا فَأَنْكَرُوا الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَالُوا إِنَّهُ خِلَافُ الْقُرْآنِ وَعَسَى الْقُرْآنُ نَسَخَهُ وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يُخَالِفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابَ اللَّهِ بَلْ بَيَّنَ مُرَادَ اللَّهِ مِنْهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَوْلِهِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بينهم الآية

وَالْقَائِلُونَ بِالْمَسْحِ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَفُقَهَاءُ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَؤُلَاءِ جَازَ عَلَيْهِمْ جَهْلُ مَعْنَى الْقُرْآنِ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنَ الْخِذْلَانِ رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ رَأَيْتُ جَرِيرًا يَتَوَضَّأُ مِنْ مِطْهَرَةٍ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَقِيلَ لَهُ أَتَفْعَلُ هَذَا فَقَالَ وَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَفْعَلَهُ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَكَانُوا يَعْنِي أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرَهُمْ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِهِ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ وَضَّأْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ بَعْدَ مَا أُنْزِلَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُسَدَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عن همام بن الحارث قَالَ رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَوَضَّأُ مِنْ مِطْهَرَةٍ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَقَالُوا أَتَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْكَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى

اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ وَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ يُعْجِبُ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُونَ إِنَّمَا كَانَ إِسْلَامُهُ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ بَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَقِيلَ لَهُ أَتَفْعَلُ هَذَا وَقَدْ بُلْتَ فَقَالَ نَعَمْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَانَ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّهُ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ هَذَا وَكَانَ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَجْلِ أَنْ جَرِيرًا كَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الدِّرْهَمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ أَنَّ جَرِيرًا بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فقال ما

يَمْنَعُنِي أَنْ أَمْسَحَ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ قَالُوا إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ قَالَ مَا أَسْلَمْتُ إِلَّا بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ نَحْوُ أَرْبَعِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَاسْتَفَاضَ وَتَوَاتَرَ وَأَتَتْ بِهِ الْفِرَقُ إِلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ وَهَذِهِ دَعْوَى لَا وَجْهَ لَهَا وَلَا مَعْنًى وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ وَعَمِلَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَسَائِرُ أَهْلِ بَدْرٍ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَجْمَعِينَ وَفُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَجَمَاعَةِ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ كُلُّهُمْ يُجِيزُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْخِيَارِ الْحِمْصِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ قَالَ مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَقَيْسُ بْنُ

سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ وَخُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَصَفْوَانُ بْنُ عَسَّالٍ وَفَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَأَمَرَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهِمَا فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ بِالطُّرُقِ الْحِسَانِ مِنْ مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وعبد الرحمان بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنُ مسعود وابن عمر وابن عباس وابن مسعود وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَالْمُغِيرَةُ وَسُلَيْمَانُ وَبِلَالٌ وَخُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَمْرُو بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جَرِيرٍ الزُّبَيْرِيُّ وَأَبُو أَيُّوبَ وَجَرِيرٌ وَأَبُو مُوسَى وَعَمَّارٌ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنْهُمْ خِلَافٌ إِلَّا شَيْءٌ لَا يَثْبُتُ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ

مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ يَعْنِي عَبْدَ الله بن إدريس الأزدي عن قطر قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ إِنَّ عِكْرِمَةَ يَقُولُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَبَقَ الْكِتَابُ الْخُفَّيْنِ قَالَ عَطَاءٌ كَذِبَ عِكْرِمَةُ أَنَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا وَرَوَى أَبُو زُرْعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ وَيَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَدْخَلَ أَحَدُكُمْ رِجْلَيْهِ فِي خُفَّيْهِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ فِيمَنْ تَأَوَّلَ إِنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلَّى خَلْفَهُ إِذَا كَانَ لِتَأْوِيلِهِ وَجْهٌ فِي السُّنَّةِ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَمْ يَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَدْ كَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي الْحَضَرِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى خَلْفَهُ قَالَ بَلَى ثُمَّ قَالَ لَوْ أَنَّكَ لَمْ تَرَ أَنَّ تَمْسَحَ وَصَلَّى بِكَ رَجُلٌ يَرَى الْمَسْحَ أَلَمْ تَكُنْ تُصَلِّي خَلْفَهُ ثُمَّ قَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَمْ يَرَ الْوُضُوءَ مِنَ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنَ الْجَسَدِ ثُمَّ صَلَّى أَلَمْ تُصَلِّ خَلْفَهُ ثُمَّ قَالَ نَحْنُ نَرَى الْوُضُوءَ مِنَ الدَّمِ أَفَلَا نُصَلِّي خَلْفَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَمَالِكٍ مِمَّنْ سَهَّلَ الْوُضُوءَ مِنَ الدَّمِ قَالَ بَلَى نُصَلِّي ثُمَّ قَالَ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وأبي أيوب

قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَإِنْ قَالَ رَجُلٌ أَنَا أَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ حُبِّبَ إِلَيَّ الْغَسْلُ قَالَ نَحْنُ لَا نَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ أَبِي أَيُّوبَ وَلَكِنْ لَوْ ذَهَبَ إِلَيْهِ ذَاهِبٌ صَلَّيْنَا خَلْفَهُ قَالَ إِلَّا أَنْ يَتْرُكَ رَجُلٌ الْمَسْحَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ مَنَ الرَّافِضَةِ الَّذِينَ لَا يَمْسَحُونَ وَمَا أَشْبَهَهُ فَهَذَا لَا نُصَلِّي خَلْفَهُ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَأَى سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ سَعْدٌ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَنْكَرَ عَلَيَّ أَنْ أَمْسَحَ عَلَى خُفَّيَّ فَقَالَ عُمَرُ لَا يَخْتَلِجَنَّ فِي نَفْسِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَنْ يَتَوَضَّأَ عَلَى خُفَّيْهِ وَإِنْ جَاءَ مِنَ الْغَائِطِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَمُّكَ أَعْلَمُ مِنْكَ يَعْنِي سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ إِذَا أَدْخَلْتَ رِجْلَيْكَ فِي الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَامْسَحْ عَلَيْهِمَا وَإِنْ جِئْتَ مِنَ الْغَائِطِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَنْكَرْتُ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ أَمِيرٌ بِالْكُوفَةِ الْمَسْحَ على الخفين فقال أو على فِي ذَلِكَ بَأْسٌ وَهُوَ مُقِيمٌ بِالْكُوفَةِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ عَرَفْتُ أَنَّهُ يَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا أَعْلَمُ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْهِ شَيْئًا فَلَمَّا الْتَقَيْنَا عِنْدَ عُمَرَ قَالَ سَعْدٌ اسْتَفْتِ أَبَاكَ

فِيمَا أَنْكَرْتَ عَلَيَّ فِي شَأْنِ الْخُفَّيْنِ فَقُلْتُ لَهُ أَرَأَيْتَ أَحَدَنَا إِذَا تَوَضَّأَ وَفِي رِجْلَيْهِ الْخُفَّانِ فِي ذَلِكَ بَأْسٌ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا (فَقَالَ (161) عُمَرُ لَا فَقُلْتُ وَإِنْ ذَهَبَ أَحَدُنَا إِلَى الْغَائِطِ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بَأْسٌ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا) قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ بِمِثْلِ حَدِيثِ نَافِعٍ إِيَّايَ وَزَادَ عَنْ عُمَرَ إِذَا أَدْخَلْتَ رِجْلَيْكَ فِيهِمَا وَأَنْتَ طَاهِرٌ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُفْتِي بِذَلِكَ وَيَعْمَلُ بِهِ إِلَى أَنْ مَاتَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ وَمِنْ رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْهُ وَلَا أَعْلَمُ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا إِلَّا شَيْءٌ لَا يَصِحُّ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ مِنْ وُجُوهٍ خِلَافُهُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَكَذَلِكَ لَا أَعْلَمُ فِي التَّابِعِينَ أَحَدًا يُنْكِرُ ذَلِكَ وَلَا فِي فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا رِوَايَةَ جَابِرٍ عَنْ مَالِكٍ وَالرِّوَايَاتُ الصِّحَاحُ عَنْهُ بِخِلَافِهِ وَهِيَ مُنْكَرَةٌ يَدْفَعُهَا مُوَطَّؤُهُ وَأُصُولُ مَذْهَبِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ عَامِرِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَضَى حَاجَتَهُ وَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ قَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَسِيتَ قَالَ بَلْ أَنْتَ نَسِيتَ بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي وَحَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ

قال حدثنا بكير بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَنَّهُ سَافَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ نَسِيتَ لَمْ تَخْلَعْ خُفَّيْكَ قَالَ كَلَّا بَلْ أَنْتَ نَسِيتَ بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَرَ الْمَسْحَ فِي الْحَضَرِ بِحَدِيثِ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَتْ لَهُ سَلْ عَلِيًّا فَإِنَّهُ كَانَ يَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْعِمِ النَّظَرَ مَنِ احْتَجَّ بِهَذَا أَوْ سَامَحَ نَفْسَهُ فِي احْتِجَاجِهِ بِبَعْضِ الْحَدِيثِ وَتَرْكِ بَعْضِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمَسْحُ بِالْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَالتَّوْقِيتُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَكَيْفَ يَسُوغُ لِعَاقِلٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِحَدِيثٍ مَوْضِعُ الْحُجَّةِ مِنْهُ عَلَيْهِ لَا لَهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بِالسَّعْيِ حَدَّثَنَا قَاسِمُ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَتْ اسْأَلُوا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثة أَيَّامٍ بِلَيَالِيهِنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْحَكَمِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مَرْفُوعًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْمِقْدَامُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا وَمَنْ رَفَعَهُ أَحْفَظُ وَأَثْبَتُ وَأَرْفَعُ مِمَّنْ وَقَفَهُ عَلَى أَنَّ تَوْقِيفَهُ عِنْدِي فُتْيَا بِهِ وَاسْتِعْمَالٌ لَهُ فَكَيْفَ يَكُونُ قَدْحًا فِيهِ وَحَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لَا يُحِيكَنَّ فِي صَدْرِ امْرِئٍ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَإِنْ جَاءَ مِنَ الْغَائِطِ فَإِنِّي كُنْتُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ فِي الْمَسْحِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ قُلْتُ لِأَبِي عَلِيٍّ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مِقْلَاصٍ أَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خُفَّيْهِ فِي الْحَضَرِ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الشَّافِعِيِّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ بِإِسْنَادٍ مِثْلِهِ

قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ وَقَالَ لِي أَبُو مُصْعَبٍ دَارُ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ وَقَالَ لِي زَيْدُ بْنُ بِشْرٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَدْ مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّفَرِ وَالْحَضَرِ هـ قال أبو عمر حديث بن نَافِعٍ هَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمِصْرَ رَوَاهُ ثِقَاتُ الْفُقَهَاءِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَخَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أنبأنا داوود بْنُ قَيْسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَسْوَافَ فَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ خَرَجَ قَالَ أُسَامَةُ فَسَأَلْتُ بِلَالًا مَا صَنَعَ قَالَ ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ هَذَا صَحِيحٌ فِي الْمَسْحِ بِالْحَضَرِ وَالْأَسْوَافُ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَنِ ابْنِ نَافِعٍ عن

دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَيَعِيشُ بْنِ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مِرْدَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِلَالٌ بِالْأَسْوَافِ قَالَ فَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ خَرَجَا قَالَ أُسَامَةُ فَسَأَلْتُ بِلَالًا مَا صَنَعَ فَقَالَ بِلَالٌ ذَهَبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَمَسَحَ الْخُفَّيْنِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا فَتَنَحَّيْتُ فَدَعَانِي فَجِئْتُ فَأَتَى بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ هَكَذَا قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ بِالْمَدِينَةِ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُ الْأَعْمَشِ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ وَسُفْيَانُ وَجَرِيرٌ لَا يَقُولُونَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ وَالسُّبَاطَةُ الْمَزْبَلَةُ وَالْمَزَابِلُ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْحَضَرِ والله أعلم

قَالَ أَبُو عُمَرَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ ثِقَةٌ حَافِظٌ لَيْسَ يَرْوِيهِ غَيْرُهُ وَقَدْ زَادَ مَا حَذَفَهُ غَيْرُهُ وَزِيَادَةُ مِثْلِهِ وَاجِبٌ قَبُولُهَا وَلَيْسَ فِي الْأُصُولِ مَا يَدْفَعُ مَا جَاءَ بِهِ بل الناس عليه هـ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يَمْسَحُ ظُهُورَهُمَا وَبُطُونَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ شِهَابٍ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ لِي نَافِعٌ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَمْسَحُ عَلَى ظُهُورِهِمَا وَبُطُونِهِمَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ عَلَى خُفَّيْهِ يَضَعُ إِحْدَى يَدَيْهِ فَوْقَ الْخُفِّ وَالْأُخْرَى تَحْتَ الْخُفِّ وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ كَيْفِيَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَأَجَابَهُ بِنَحْوِ مَا حَكَاهُ عَنْهُ مَعْمَرٌ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِنْ مَسَحَ ظُهُورَهُمَا دُونَ بُطُونِهِمَا أَجَزَأَهُ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ قَالَ وَمَنْ مَسَحَ بَاطِنَ الْخُفَّيْنِ دُونَ ظَاهِرِهِمَا لَمْ يُجْزِهُ وَكَانَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ قَالَ بَاطِنُ الْخُفَّيْنِ وَظَاهِرُهُمَا سَوَاءٌ (وَمَنْ مَسَحَ بَاطِنَهُمَا دُونَ ظَاهِرِهِمَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ كَمَنْ مَسَحَ ظُهُورَهُمَا سَوَاءً) وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ مَنْ مَسَحَ ظُهُورَهُمَا وَلَمْ يَمْسَحْ بُطُونَهُمَا أَعَادَ فِي الوقت وبعده

وَالْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَنْ مَسَحَ ظُهُورَهُمَا وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ أَجَزَأَهُ وَمَنْ مَسَحَ بَاطِنَهُمَا دُونَ ظَاهِرِهِمَا لَمْ يُجْزِهُ وَلَيْسَ بِمَاسِحٍ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ مِثْلُ قَوْلِ أَشْهَبَ إِنْ مَسَحَ بُطُونَهُمَا وَلَمْ يَمْسَحْ ظُهُورَهُمَا أَجَزَأَهُ وَالصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِهِ أَنَّ أَعْلَى الْخُفِّ يُجْزِئُ عَنْ أَسْفَلِهِ وَلَا يُجْزِئُ مَسْحُ أَسْفَلِهِ وَتَمَامُ الْمَسْحِ عِنْدَهُ أَنْ يُمْسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلُهُ وَحُجَّةُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي مَسْحِ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلِهِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ثَوْرٌ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عن هذا الحديث فقال ذكرته لعبد الرحمان بْنِ مَهْدِيٍّ فَذَكَرَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ ثَوْرٍ قَالَ حَدَّثْتُ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ وَلَيْسَ فِيهِ الْمُغِيرَةُ وَهَذَا إِفْسَادٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الْإِخْلَالِ فِي إِسْنَادِهِ وَقَدْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ كَاتِبِ

الْمُغِيرَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ أَعْلَى الْخُفَّيْنِ وَأَسْفَلَهُمَا وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ أَعْلَاهُمَا وَأَسْفَلَهُمَا وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ عَنْ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ يَعْنِي الزُّبَيْرِيَّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ إِنَّمَا هُمَا بِمَنْزِلَةِ رِجْلَيْكَ مَا لَمْ تَخْلَعْهُمَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مُصْعَبٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ ظُهُورَ خُفَّيْهِ وَبُطُونَهُمَا وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ أَخِيهِ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ تَضَعُ يَدَكَ الْيُمْنَى عَلَى ظَاهِرِ الْخُفِّ وَالْيُسْرَى عَلَى بَاطِنِهِ قِيلَ لِابْنِ وَضَّاحٍ مِنْ كِلْتَا رِجْلَيْهِ قَالَ نَعَمْ تَكُونُ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِ الْخُفِّ فِي كِلْتَيْهِمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ يَمْسَحُ ظَاهِرَ الْخُفَّيْنِ دُونَ بَاطِنِهِمَا وقد قال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَجَمَاعَةٌ وَهُوَ قَوْلُ قَيْسِ بْنِ سَعِيدٍ وَابْنِ عُبَادَةَ وَقَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رباح وغيرهم

وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو السَّوْدَاءِ عُمَرُ النَّهْدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَمْسَحُ عَلَى ظُهُورِ قَدَمَيْهِ وَيَقُولُ لَوْلَا إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ ظُهُورَهُمَا لَظَنَنْتُ أَنَّ بُطُونَهُمَا أَحَقُّ قَالَ الْحُمَيدِيُّ هَذَا مَنْسُوخٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَحْمِلُ هَذَا عَلَى الْمَسْحِ عَلَى ظُهُورِ الْخُفَّيْنِ وَيَقُولُ مَعْنَى ذكر القدمين ههنا أَنْ يَكُونَا مُغَيَّبَيْنِ فِي الْخُفَّيْنِ فَهَذَا هُوَ الْمَسْحُ الَّذِي ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلُهُ وَأَمَّا الْمَسْحُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ فَلَا يَصِحُّ عَنْهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَمَنْ قَالَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ جَعَلَهُ مَنْسُوخًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النار هـ وَسَنَذْكُرُ أَقَاوِيلَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَالْحُجَّةَ لِهَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ ذِكْرِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ فِي مُرْسَلَاتِ مَالِكٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالَّذِي تَأَوَّلْتُهُ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا أَنَّهُ أَرَادَ بِذِكْرِ الْقَدَمَيْنِ إِذَا كَانَا فِي الْخُفَّيْنِ قَدْ جَاءَ مَنْصُوصًا مِنْ طَرِيقٍ جَيِّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ

قَالَ لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ هَكَذَا مِنْ وُجُوهٍ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِمَسْحِ أَعَلَا الْخُفَّيْنِ دُونَ أَسْفَلِهِمَا أَيْضًا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أبي العباس قال حدثنا عبد الرحمان بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح ظَهْرَيِ الْخُفَّيْنِ وَهَذَا أَيْضًا مُنْقَطِعٌ لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَوْقِيتِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا وَقْتَ لِلْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَمَنْ لَبِسَ خُفَّيْهِ وَهُوَ طَاهِرٌ مَسَحَ مَا بَدَا لَهُ قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ الْمُقِيمُ وَالْمُسَافِرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا إِنْ شَاءَ وَلَا يَخْلَعْهُمَا إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ

قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ لَا يَجْعَلُ لِلْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقْتًا ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عن أبي لهيعة وعمرو بن الحارث والليث بْنِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ الْبَلَوِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ رَبَاحٍ يُخْبِرُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِفَتْحٍ مِنَ الشَّامِ وَعَلَيَّ خُفَّانِ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا ثُمَّ قَالَ كَمْ لَكَ مُنْذُ لَمْ تَنْزِعْهُمَا قَالَ فَقُلْتُ لَبِسْتُهُمَا يَوْمَ الْجُمْعَةِ وَالْيَوْمُ الْجُمْعَةُ ثَمَانٍ قَالَ أَصَبْتَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَحَدَّثَنَا عبدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ شِهَابٍ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهِنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَدْ طَلَبْنَا ذَلِكَ فَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا يُوَقِّتُ لهما وقتا هـ وقال ابن وهب وحدثنا عبد الرحمان بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَا أَعْلَمُ لِلْمُقِيمِ أَجَلًا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ يَقُولُ لَيْسَ لِمَسْحِ الْخُفَّيْنِ عِنْدَنَا وَقْتٌ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ لَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ بِلَادِنَا فِي ذَلِكَ وَقْتٌ قَالَ مَالِكٌ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَنْزِعْهُمَا قَالَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وهذا رأيي الذي آخذ به هـ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ امْسَحْ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَا لَمْ تَخْلَعْهُمَا لَا توقت

وَقْتًا قَالَ وَأَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحُسْنُ بْنُ حَيٍّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ لِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ وَقَدْ رُوِيَ عن مالك في رسالته إلى هرون أَوْ بَعْضِ الْخُلَفَاءِ التَّوْقِيتُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ وَرُوِيَ التَّوْقِيتُ فِي الْمَسْحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا مَا رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهَا حَدِيثُ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَصَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ وَأَبِي بَكْرَةَ وَغَيْرِهِمْ وَرَوَى مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ كُنَّا بِأَذْرَبِيجَانَ فَكَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ نَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَلَاثًا إِذَا نَحْنُ سَافَرْنَا وَلَيْلَةً إِذَا نَحْنُ أَقَمْنَا وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ نُبَاتَةَ الْجَعْفِيِّ عَنْ عُمَرَ قَالَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَشْعَبَ عَنْ سُوِيدِ بْنِ غَفَلَةَ عَنْ عُمَرَ قَالَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وليلة

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِثْلُهُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ غَيْرِ هَذِهِ فِيهَا ضِعْفٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ حَضَرْتُ سَعْدًا وَابْنَ عُمَرَ يَخْتَصِمَانِ إِلَى عُمَرَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ عُمَرُ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا إِلَى مِثْلِ سَاعَتِهِ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَثَبَتَ التَّوْقِيتُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ وُجُوهٍ وَأَكْثَرُ التَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ عِنْدِي لِأَنَّ الْمَسْحَ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَاطْمَأَنَّتِ النَّفْسُ إِلَى اتِّفَاقِهِمْ فَلَمَّا قَالَ أَكْثَرُهُمْ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ لِلْمُقِيمِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ صَلَاةً ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا فَالْوَاجِبُ عَلَى الْعَالِمِ أَنْ يُؤَدِّيَ صَلَاتَهُ بِيَقِينٍ وَالْيَقِينُ الْغَسْلُ حَتَّى يُجْمِعُوا عَلَى الْمَسْحِ وَلَمْ يُجْمِعُوا فَوْقَ الثَّلَاثِ لِلْمُسَافِرِ وَلَا فَوْقَ الْيَوْمِ لِلْمُقِيمِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّوْقِيتِ فِي شَيْءٍ مِنْ حُدُودِ التَّوْقِيتِ وَمُرَاعَاةِ الْحَدَثِ وَعَدَدِ الصَّلَوَاتِ وَالَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ أَوْلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ هـ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي الْقَطَّانَ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَتْ سَلْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فَسَأَلْتُ عَلِيًّا فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِلْمُقِيمِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ لِلْمُسَافِرِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مخيمر عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ مِثْلَهُ سَوَاءً عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ جَمَاعَةٌ وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حبيش قال أتيت صفوان من عَسَّالٍ الْمُرَادِيَّ فَقَالَ مَا حَاجَتُكَ قُلْتُ جِئْتُ ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ خَارِجٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضى بِمَا يَصْنَعُ قَالَ قُلْتُ جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ نَعَمْ كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنَا أَنْ نَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِذَا نَحْنُ أَدْخَلْنَاهُمَا عَلَى طُهُورٍ ثَلَاثًا إِذَا سَافَرْنَا وَلَيْلَةً إِذَا أَقَمْنَا وَلَا نَخْلَعَهُمَا مِنْ غَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ وَلَا نَوْمٍ وَلَا نَخْلَعَهُمَا إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَرْفُوعًا وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ وَابْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُهَاجِرُ مَوْلَى أبي بكرة عن

عبد الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ ثَلَاثًا لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ أَبُو يَحْيَى السَّاجِيُّ مُهَاجِرٌ أَبُو مَخْلَدٍ هَذَا صَدُوقٌ وَمَعْرُوفٌ وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ فِيهِ مَجْهُولٌ بِشَيْءٍ رَوَى عَنْهُ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ وَعَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَاحْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ فِي تَوْقِيتِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُهَاجِرُ وَهُوَ أَبُو مَخْلَدٍ مَوْلَى أَبِي بكرة عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَرْخَصَ لِلْمُسَافِرِ ثلاثة أيام وللمقيم يوم وَلَيْلَةً إِذَا تَطَهَّرَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا وَقَرَأْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ عَنْ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ رَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامِ ولياليهن للمسافر ويوم وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ وَلَوِ اسْتَزَدْنَاهُ زَادَنَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْخُفِّ الْمُخَرَّقِ هَلْ يُمْسَحُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يُمْسَحُ إِذَا كَانَ الْخَرْقُ يَسِيرًا وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ الْقَدَمُ وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ الْقَدَمُ لَمْ يُمْسَحْ

وَقَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مِنْدَادَ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ الْخَرْقُ لَا يَمْنَعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَمِنْ لُبْسِهِ وَيَكُونُ مِثْلُهُ يُمْشَى فِيهِ وَيُنْتَفَعُ بِهِ وَبِمِثْلِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ والليث وَالشَّافِعِيُّ وَالطَّبَرِيُّ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَالطَّبَرِيِّ إِجَازَةُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الْمُخَرَّقِ جُلُّهُ وَأَمَّا الْيَسِيرُ مِنَ الْخَرْقِ فَمُتَجَاوَزٌ عَنْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْهُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ تَشْدِيدٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ بمصر إِذَا كَانَ الْخَرْقُ فِي مُقَدَّمِ الرِّجْلِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِ إِذَا بَدَا مِنْهُ شَيْءٌ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفِّ وَعَلَى مَا ظَهَرَ مِنَ الْقَدَمِ وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا كَانَ مَا ظَهَرَ مِنَ الرِّجْلِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ مَسَحَ وَلَا يَمْسَحُ إِذَا ظَهَرَتْ ثَلَاثٌ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفِّ إِذَا كَانَ مَا ظَهَرَ مِنْهُ يُغَطِّيهِ الْجَوْرَبُ فَإِنْ ظهر شيء من القدم لم يمسح هـ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عَلَى مَذْهَبِهِمْ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ إِذَا كَانَا ثَخِينَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَا مُجَلَّدَيْنِ

وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَلِمَالِكٍ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَإِنْ كَانَا مُجَلَّدَيْنِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ نَزَعَ خُفَّيْهِ وَقَدْ مَسَحَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ غَسَلَ قَدَمَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ والليث مِثْلَ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا إِنْ غَسَلَهُمَا مَكَانَهُ أَجَزَأَهُ وَإِنْ أَخَّرَ غَسْلَهُمَا اسْتَأْنَفَ الْوُضُوءَ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِذَا خَلَعَ خُفَّيْهِ أَعَادَ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ تَرَاخِي الْغَسْلِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إِذَا نَزَعَ خُفَّيْهِ بَعْدَ الْمَسْحِ صَلَّى كَمَا هُوَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُ رِجْلَيْهِ وَلَا اسْتِينَافُ الْوُضُوءِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ خَاصَّةً وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي ذَلِكَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ إِحْدَاهَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَالثَّالِثَةُ أَنَّهُ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فيما إذا غسل إحدى رجليه ثم لُبْسِ خُفِّهِ ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى وَلَبِسَ الْخُفَّ الْآخَرَ هَلْ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا إِنْ أَحْدَثَ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا وَبِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأحمد وإسحق وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ حِينَ أَهْوَى لِيَنْزِعَ خُفَّيْهِ دَعِ الْخُفَّيْنِ فَإِنِّي أَدْخَلْتُ الْقَدَمَيْنِ فِيهِمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ

وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِذَا أَدْخَلْتَ رِجْلَيْكَ فِي الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَامْسَحْ عَلَيْهِمَا وَإِنْ جِئْتَ مِنَ الْغَائِطِ قَالُوا فَلَا يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ إِلَّا مَنْ لَبِسَهُمَا بَعْدَ تَمَامِ طِهَارَتِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْمُزَنِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَدَاوُدُ يُجْزِيهِ أَنْ يَمْسَحَ قَالُوا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ لَا يَمْسَحَ لَابِسُ خُفَّيْهِ حَتَّى يُتِمَّ غَسْلَ رِجْلَيْهِ وَبَيْنَ أَنْ يَغْسِلَ رِجْلًا وَيَلْبَسَ فِيهَا خُفًّا ثُمَّ يَغْسِلَ رِجْلَهُ الْأُخْرَى وَيَلْبَسَ الْخُفَّ الثَّانِيَةَ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ قَالُوا وَقَدْ يُقَاسُ بِأَبْعَدَ مِنْ هَذَا وَحَسْبُ كُلِّ رِجْلٍ أَنَّهَا لَمْ تَلْبَسِ الْخُفَّ إِلَّا وَهِيَ طَاهِرَةٌ بِطُهْرِ الْوُضُوءِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ نَزَعَ خُفَّهُ ثُمَّ أَعَادَهَا كَانَ له أن يمسح هـ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ بَقِيَتْ أَشْيَاءُ مِنْ مَسَائِلِ الْمَسْحِ لَوْ تَقَصَّيْنَاهَا خَرَجْنَا عَنْ شَرْطِنَا فِي تَأْلِيفِنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى مَعَهُ مَا أَدْرَكَ وَقَضَى مَا فَاتَهُ وَهَذَا أَمْرٌ مُجْمَعٌ عليه

وَفِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ الْعَالِمَ الْخَيِّرَ الْفَاضِلَ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَأْتَمَّ فِي صَلَاتِهِ بِمَنْ هُوَ دُونَهُ وَأَنَّ إِمَامَةَ الْمَفْضُولِ جَائِزَةٌ بِحَضْرَةِ الْفَاضِلِ إِذَا كَانَ الْمَفْضُولُ أَهْلًا لِذَلِكَ وَلَا أَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم صَلَّى خَلْفَ أَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ إِلَّا خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَاخْتُلِفَ فِي صَلَاتِهِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ كُنَّا مَعَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَسُئِلَ هَلْ أَمَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ نَعَمْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَلَمَّا كَانَ مِنَ السَّحَرِ ضَرَبَ عُنُقَ رَاحِلَتِي فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ حَاجَةً فَعَدَلْتُ مَعَهُ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا بَرَزْنَا عَنِ النَّاسِ فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ فَتَغَيَّبَ عَنِّي حَتَّى مَا أَرَاهُ فَمَكَثَ طَوِيلًا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ حَاجَتُكَ يَا مُغِيرَةُ قُلْتُ مَا لِي حَاجَةٌ فَقَالَ هَلْ مَعَكَ مَاءٌ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقُمْتُ إِلَى قِرْبَةٍ أَوْ سَطْحِيَّةٍ مُعَلَّقَةٍ فِي آخِرِ الرَّحْلِ فَأَتَيْتُ بِمَاءٍ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ فَأَحْسَنَ غَسْلَهُمَا قَالَ وَأَشُكُّ أَقَالَ أَدَلَّكَهُمَا بِتُرَابٍ أَمْ لَا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ ذَهَبَ يَحْسِرُ عَنْ يَدَيْهِ وعليه جبة

شَامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ فَضَاقَتْ فَأَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِهَا إِخْرَاجًا فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ قَالَ فَيَجِيءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَسْلُ الْوَجْهِ مَرَّتَيْنِ فَلَا أَدْرِي أَهَكَذَا أَمْ لَا ثُمَّ مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَمَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَأَدْرَكْنَا النَّاسَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَتَقَدَّمَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَقَدْ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً وَهُمْ فِي الثَّانِيَةِ فَذَهَبْتُ أُوذِنُهُ فَنَهَانِي فَصَلَّيْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي أَدْرَكْنَا وَقَضَيْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي سَبَقَتْنَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الْأَصْمَعِيُّ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ كَانَ أَبِي لَا يُخْتَلَفُ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الدِّينِ إِلَّا أَخَذَ بِأَشَدِّهِ إِلَّا الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ هُوَ السُّنَّةُ وَاتِّبَاعُهَا أَفْضَلُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَسَّانٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ قَالَ مَنْ تَرَكَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَدْ تَرَكَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنِّي لَأَحْسَبُ تَرْكَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الشَّيْطَانِ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ أَنْبَأَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ مَسَحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الحديث السابع والأربعون

عَلَى الْخُفَّيْنِ فَمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ رَغْبَةً عَنْهُمْ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَأَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغَيرَةَ قَالَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ فِي سَفَرٍ فَأَتَى عَلَيْهِمْ يَوْمٌ حَارٌّ فَقَالَ لَوْلَا خِلَافُ السُّنَّةِ لَتَرَكْتُ الْخُفَّيْنِ ((ابْنُ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ حديث واحد)) ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَصَلَاةَ الْحَضَرِ فِي الْقُرْآنِ وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ السَّفَرِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَعْلَمُ شَيْئًا فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يُقِمْ مَالِكٌ إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ الرَّجُلَ الَّذِي سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ وَأَسْقَطَ مِنَ الْإِسْنَادِ رَجُلًا وَالرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُسَمِّهِ هُوَ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيهِ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

كذلك رواه معمر والليث بْنُ سَعْدٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ فَجَعَلَ مَوْضِعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَغَلِطَ وَوَهِمَ وَلِابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ رُوِيَ عَنْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْلُهُ إِنِّي لَأُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَإِنَّ ثِيَابِي لَعَلَى الْمِشْجَبِ وَرِوَايَةُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِيهِمَا لَا تُجْهَلُ فَأَمَّا حَدِيثُ مَعْمَرٍ فَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الرحمن بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ هَذِهِ صَلَاةُ الْخَوْفِ وَصَلَاةُ الْحَضَرِ فِي الْقُرْآنِ وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَنَحْنُ أَجَفَا النَّاسِ نَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا فِي كِتَابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الرحمن بن أُمَيَّةَ وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ مِنْ غَلَطِ الْكَاتِبِ وَاللَّهُ أعلم

وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ لِأَنَّا وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِ الدَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْهُ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الذُّهْلِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَقَالَ لَا أَدْرِي هَذَا الْوَهْمُ أَمِنْ مَعْمَرٍ جَاءَ أَمْ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ عِنْدِي مِنْ كِتَابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَبَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عبد الرحمن عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أُسَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الْحَضَرِ وَصَلَاةَ الْخَوْفِ فِي الْقُرْآنِ وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ السَّفَرِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ شَيْئًا فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَذَكَرَهُ

وَذَكَرَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ مَوْلَى الْحِطَّةِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَيَّةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بِهَذَا الْخَبَرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ كَانَ عَامِلًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ عَلَى خُرَاسَانَ وَلَهُ إِخْوَةٌ كَثِيرَةٌ ذَكَرَهُمْ أَهْلُ النَّسَبِ وَمِنْ أَعْمَامِهِ مَنْ يُسَمَّى أُمَيَّةَ بْنَ خَالِدٍ وَلِخَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ جَدِّهِ بِنُونَ كَثِيرٌ أَيْضًا أَسَنُّهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ سُنَّةٌ لَا فَرِيضَةٌ لِأَنَّهَا لَا ذِكْرَ لَهَا فِي الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا الْقَصْرُ الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ إِذَا كَانَ سَفَرًا وَخَوْفًا وَاجْتَمَعَا جَمِيعًا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمْ يُبَحِ الْقَصْرُ إِلَّا مَعَ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ المؤمنات يعني الحرائر فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ إِلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ فَلَمْ يُبَحْ نِكَاحُ الْإِمَاءِ إِلَّا بِعَدَمِ

الطَّوْلِ إِلَى الْحُرَّةِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ جَمِيعًا ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ أَيْ فَأَتِمُّوا الصَّلَاةَ فَهَذِهِ صَلَاةُ الْحَضَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ مَعَ السَّفَرِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا الْقُرْآنُ وَقَصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ مِنْ أَرْبَعٍ إِلَى اثْنَتَيْنِ إِلَّا الْمَغْرِبَ فِي أَسْفَارِهِ كُلِّهَا آمِنًا لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى فَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ سُنَّةً مَسْنُونَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زِيَادَةً مِنْهُ فِي أَحْكَامِ اللَّهِ كَسَائِرِ مَا سَنَّهُ وَبَيَّنَهُ مِمَّا لَيْسَ لَهُ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرٌ مِمَّا لَوْ ذَكَرْنَا بَعْضَهُ لَطَالَ الْكِتَابُ بِذِكْرِهِ وَهُوَ ثَابِتٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ فِيهِ إِلَى الْقَوْلِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ إِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ مَعَ حَدِيثِ عُمَرَ حَيْثُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ فَقَالَ لَهُ تِلْكَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يُبِيحُ فِي كِتَابِهِ الشَّيْءَ بِشَرْطٍ ثُمَّ يُبِيحُ ذَلِكَ الشَّيْءَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ ذَلِكَ الشَّرْطِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقُرْآنَ إِنَّمَا أَبَاحَ الْقَصْرَ لِمَنْ كَانَ خَائِفًا ضَارِبًا فِي الْأَرْضِ وَأَبَاحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمِنًا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ

محمد بن أبي بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُسَدَّدٌ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِقْصَارُ النَّاسِ الصَّلَاةَ الْيَوْمَ وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَقَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ فَقَالَ عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَابَيْهِ مَكِّيَّانِ ثِقَتَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ عَلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي اسْمِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ فَرَوَى عَنْهُ خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ كَمَا قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ فِيمَا ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ وَلِذَلِكَ قَالَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَاتِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عَمَّارٍ وَقَالَ فِيهِ ابْنُ إِدْرِيسَ وأبو إسحق الْفَزَارِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ لَمْ يَقُلْ عَبْدَ اللَّهِ وَلَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ

وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عمار كَمَا قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا شَكَّ فِيهِ فَرُوِيَ عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارِ بْنِ جُرَيْجٍ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا أَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ فَرَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ وَيُوسُفُ بْنُ مَاهِرٍ وَيُرْوَى هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَابَيْهِ وَيُقَالُ ابْنُ بَابَاهُ وَيُقَالُ ابْنُ بَابِي فَرَجُلٌ مَكِّيٌّ أَيْضًا مَوْلَى آلِ حُجَيْرِ بْنِ أَبِي إِهَابٍ يَرْوِي عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مَطْعِمٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَوَى عَنْهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَأَبُو الزُّبَيْرِ وَابْنُ نَجِيحٍ وَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ أَبُو إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي حَنْظَلَةَ قَالَ سَأَلْتُ ابن عمر عن صلاة السفر فقال ركعتين فَقُلْتُ وَأَيْنَ قَوْلُهُ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَنَحْنُ آمِنُونَ فَقَالَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ قَدْ أَطْلَقَ عَلَيْهَا سُنَّةً وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَينَ الْمَذْهَبُ عَنْهُمَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا

هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ قُلْتُ أَكُونُ بِمَكَّةَ فَكَيْفَ أُصَلِّي قَالَ رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قال حدثنا إسحق بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَأَلَ حُمَيْدٌ الضَّمْرِيُّ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنِّي أُسَافِرُ أَفَأَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ أَمْ أُتِمُّهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَيْسَ بِقَصْرِهَا وَلَكِنَّهُ تَمَامُهَا وَسُنَّةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمِنًا لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ ثُمَّ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ آمِنًا لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ ثُمَّ خَرَجَ عُمَرُ آمِنًا لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ عُثْمَانُ ثُلُثَيْ إِمَارَتِهِ أَوْ شَطْرَهَا ثُمَّ صَلَّاهَا أَرْبَعًا ثم أخذ بها بنوا أُمَيَّةَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَبَلَغَنِي أَنَّهُ إِنَّمَا أَوْفَاهَا عُثْمَانُ أَرْبَعًا بِمِنًى فَقَطْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا نَادَاهُ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ بِمِنَى فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا زِلْتُ أُصَلِّيهِمَا رَكْعَتَيْنِ مُنْذُ رَأَيْتُكَ عَامَ الْأَوَّلِ فَخَشِيَ عُثْمَانُ أَنْ يَظُنَّ جُهَّالُ النَّاسِ إنما الصلاة ركعتان قال ابن جريج وإنما أوفاها بمنى فقط قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

بِمِنَى رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ ثُمَّ صَلَّاهَا أَرْبَعًا قَالَ الزُّهْرِيُّ فَبَلَغَنِي أَنَّ عُثْمَانَ إِنَّمَا صَلَّاهَا أَرْبَعًا لِأَنَّهُ أَزْمَعَ أَنْ يَعْتَمِرَ بَعْدَ الْحَجِّ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَافِرُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَقَالَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ زَعَمُوا أَنَّ عُثْمَانَ إِنَّمَا أَتَمَّ فِي سَفَرِهِ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ بِمِنَى فَصَلَّى أَرْبَعًا قَالَ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِذَا قَدِمْتَ عَلَى أَهْلِكَ أَوْ مَاشِيَةٍ لَكَ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَا إِنَّمَا صَلَّى خَلْفَهُ أَعْرَابِيٌّ رَكْعَتَيْنِ فَجَعَلَ يُصَلِّي أَبَدًا رَكْعَتَيْنِ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَصَلَّى أَرْبَعًا لِيَعْرِفَ النَّاسُ كَيْفَ الصَّلَاةُ قَالَ الْأَثْرَمُ وَحَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عُثْمَانَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ لِأَنَّ الْأَعْرَابَ حَجُّوا فَأَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ أَنَّ الصَّلَاةَ أَرْبَعٌ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن سنجر قال حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ قَالَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا تَمَامٌ وَقَالَا الْوِتْرُ فِي السَّفَرِ مِنَ السُّنَّةِ

قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ قُلْتُ لَهُ فِيمَا جُعِلَ الْقَصْرُ وَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ يَعْنِي فَمَا لَهُمْ يَقْصُرُونَ آمِنِينَ قَالَ السُّنَّةُ قُلْتُ رُخْصَةٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَقَالَ لِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَمَّا قَوْلُهُ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَإِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا خَافُوا وَسَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ الرَّكْعَتَيْنِ فَهُمَا وَفَاءٌ وَلَيْسَ بِقَصْرٍ فَهَذَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّهُمَا سُنَّةٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مِثْلُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثْنَا سَحْنُونٌ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ عَجِبْتُ مِنْ عَائِشَةَ حِينَ كَانَتْ تُصَلِّي أَرْبَعًا فِي السَّفَرِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَيْكَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يُعَابُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ الْقَاسِمِ هَذَا فِي عَائِشَةَ يُشْبِهُ قَوْلَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ حَيْثُ قَالَ لَيْسَ مِنْ عَالِمٍ وَلَا شَرِيفٍ وَلَا ذُو فَضْلٍ إِلَّا وَفِيهِ عَيْبٌ وَلَكِنْ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُذْكَرَ عُيُوبُهُ وَمَنْ كَانَ فَضْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ نَقْصِهِ ذَهَبَ نَقْصُهُ لِفَضْلِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ فِي إِتْمَامِ عَائِشَةَ أَقَاوِيلَ لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ يُرْوَى عَنْهَا وَإِنَّمَا هِيَ ظُنُونٌ وَتَأْوِيلَاتٌ لَا يَصْحَبُهَا دَلِيلٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ تَأَوَّلَتْ مَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ وَهَذَا لَيْسَ بِجَوَابٍ مُوعِبٍ وَأَضْعَفُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ إِنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّ النَّاسَ حَيْثُ كَانُوا بَنُوهَا وَكَانَ مَنَازِلُهُمْ مَنَازِلَهَا وَهَذَا أَبْعَدُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ مِنَ الصَّوَابِ وَهَلْ كَانَتْ أُمًّا لِلْمُؤْمِنِينَ إِلَّا أَنَّهَا زَوْجُ أَبِي الْمُؤْمِنِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي سَنَّ الْغَزْوَ فِي أَسْفَارِهِ فِي غَزَوَاتِهِ وَحَجِّهِ وَعُمَرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَمُصْحَفِهِ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ أَخْبَرَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عُمَرَ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُنَادِي حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ الدُّورِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُصْعَبٍ أَبُو يَزِيدَ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي قَالَ كُلُّ نَبِيٍّ أَبُو أُمَّتِهِ وَذَكَرَ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ قَالَ لَمْ يَكُنَّ بَنَاتِهِ وَلَكِنْ نِسَاءُ أُمَّتِهِ وَكُلُّ نَبِيٍّ هُوَ أَبُو أُمَّتِهِ

وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي قَصْرِ عَائِشَةَ وَإِتْمَامِهَا أَنَّهَا أَخَذَتْ بِرُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتُرِيَ النَّاسَ أَنَّ الْإِتْمَامَ لَيْسَ فِيهِ حَرَجٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْضَلَ (فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ) وَلَعَلَّهَا كَانَتْ تَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ رُخْصَةٌ وَإِبَاحَةٌ وَأَنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ فَكَانَتْ تَفْعَلُ ذَلِكَ وَهِيَ الَّتِي رَوَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يُخَيَّرْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَلَعَلَّهَا ذَهَبَتْ إِلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْتَرِ الْقَصْرَ فِي أَسْفَارِهِ إِلَّا تَوْسِعَةً عَلَى أُمَّتِهِ وَأَخْذًا بِأَيْسَرِ أَمْرِ اللَّهِ وَبِنَحْوِ هَذَا الْقَوْلِ ذَكَرْنَا جَوَابَ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِيمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ أَنَّ الْقَصْرَ سُنَّةٌ وَرُخْصَةٌ وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ عَائِشَةَ مَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُتِمُّ فِي سَفَرِهِ وَيَقْصُرُ وَقَدْ أَتَمَّ جَمَاعَةٌ فِي السَّفَرِ مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعَائِشَةُ وَقَدْ عَابَ ابْنُ مَسْعُودٍ عُثْمَانَ بِالْإِتْمَامِ وَهُوَ بِمِنَى ثُمَّ لَمَّا أَقَامَ الصَّلَاةَ عُثْمَانُ مَرَّ ابْنُ مَسْعُودٍ فَصَلَّى خَلْفَهُ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الْخِلَافُ شَرٌّ وَلَوْ أَنَّ الْقَصْرَ عِنْدَهُ فَرْضٌ مَا صَلَّى خَلْفَ عُثْمَانَ أَرْبَعًا

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ قَدْ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَامَ وَأَفْطَرَ وَأَتَمَّ وَقَصَرَ فِي السَّفَرِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أَنْبَأَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كُلُّ ذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ وَأَفْطَرَ وَقَصَرَ الصَّلَاةَ وَأَتَمَّ وَقَدْ رَوَى زَيْدٌ الْعَمِّيُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ فَإِنَّهُ مِمَّنْ يُسْتَظْهَرُ بِهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُسَافِرُ فَيُتِمُّ بَعْضُنَا وَيَقْصُرُ بَعْضُنَا وَيَصُومُ بَعْضُنَا وَيُفْطِرُ بَعْضُنَا فَلَا يَعِيبُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ الْعَمِّيُّ وَطَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو مِمَّنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِمَا فَإِنَّ الْأَحَادِيثَ الثَّابِتَةَ وَالِاعْتِبَارَ بِالْأُصُولِ تُصَحِّحُ مَا جَاءَ بِهِ مَعَ فِعْلِ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا مَعْنَى قَوْلِ عَائِشَةَ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الْأُولَى قِيلَ لَهُ أَمَّا ظَاهِرُ هَذَا الْقَوْلِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ فَرْضٌ وَلَكِنَّ الْآثَارَ وَالنَّظَرَ وَالِاعْتِبَارَ كُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ على غير مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي بَابِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

وَقَدْ أَوْرَدْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا فِيهِ بَيَانٌ لِمَنْ تَدَبَّرَ وَحَسْبُكَ بِتَوْهِينِ ظَاهِرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَخُرُوجِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ مُخَالَفَتُهَا لَهُ وَإِجْمَاعُ جُمْهُورِ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَصْلٍ يُعْتَبَرُ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ خَلْفَ الْمُقِيمِ وَمِنَ الدَّلِيلِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ وَتَوْسِعَةٌ وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ كَافِيًا حَدِيثُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ سَأَلْتُ عمر بن الخطاب قلت ليس عليكم أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقَدْ آمَنَ النَّاسُ فَقَالَ عَجِبْتُ مِمَّا تَعْجَبُ مِنْهُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ سُنَّةٌ وَتَوْسِعَةٌ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ كُلُّهمْ قَالَ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ وَلَمْ يَقُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ عَنْهُمْ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَتَدَبَّرْهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّلَاةَ رَكْنٌ عَظِيمٌ مِنْ أَرْكَانِ الدِّينِ بَلْ أَعْظَمُ أَرْكَانِهِ بَعْدَ التَّوْحِيدِ وَمُحَالٌ أَنْ يُضَافَ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ أَتَمُّوا فِي أَسْفَارِهِمْ وَإِلَى سَائِرِ السَّلَفِ الَّذِينَ فَعَلُوا فِعْلَهُمْ أَنَّهُمْ زَادُوا فِي فَرْضِهِمْ عَامِدِينَ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِمْ بِهِ فَرْضَهُمْ

هَذَا مَا لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَتَأَوَّلَهُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَنْسُبَهُ إِلَيْهِمْ وَقَدْ حَكَى أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي مُخْتَصَرِهِ قَالَ الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَحَسْبُكَ بِهَذَا فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ أَنَّ مَنْ أَتَمَّ فِي السَّفَرِ يُعِيدُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ وَذَلِكَ اسْتِحْبَابٌ عِنْدَ مَنْ فَهِمَ لَا إِيجَابٌ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْقَصْرُ فِي الْخَوْفِ مَعَ السَّفَرِ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْقَصْرُ فِي السَّفَرِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ بِالسُّنَّةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي الْأَثْرَمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْقَارِّيِّ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ رَكْعَتَانِ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ فَقَدْ كَفَرَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ صَلَاةِ السَّفَرِ فَقَالَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ كَفَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الكفر ههنا كُفْرُ النِّعْمَةِ وَلَيْسَ بِكُفْرٍ يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ كَأَنَّهُ قَالَ كَفَرَ لِنِعْمَةِ التَّأَسِّي الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ بِالنَّبِيِّ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِيهِ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ فِي قَبُولِ رُخْصَتِهِ كَمَا فِي امْتِثَالِ عَزِيمَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْكَلَامُ فِي هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ يَطُولُ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ لِخُرُوجِنَا عَمَّا لَهُ قَصَدْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ صَلَّى أَرْبَعًا فِي السَّفَرِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ صَلَّى فِي سَفَرٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ أَرْبَعًا أَعَادَ في الوقت صلاة سفر ولم يفرق عَامِدٍ وَنَاسٍ هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ فِي الْوَقْتِ لَأَعَادَهَا أَرْبَعًا قَالَ وَلَوْ أَحْرَمَ مُسَافِرٌ وَهُوَ يَنْوِي أَرْبَعًا ثُمَّ بَدَا لَهُ فَسَلَّمَ مِنَ اثْنَتَيْنِ لَمْ يُجْزِهُ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عن مالك في مسافر أم قوما فهيم مُسَافِرٌ وَمُقِيمٌ فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ بِهِمْ جَاهِلًا قَالَ أَرَى أَنْ يُعِيدُوا الصَّلَاةَ جَمِيعًا وَهَذَا قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا نَاسِيًا لِسَفَرِهِ أَوْ لِإِقْصَارِهِ أَوْ ذَاكِرًا لِذَلِكَ وَقَالَ سَحْنُونٌ أَوْ جَاهِلًا فَلْيُعِدْ فِي الْوَقْتِ وَلَوِ افْتَتَحَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فَأَتَمَّهَا أَرْبَعًا تَعَمُّدًا أَعَادَهَا أَبَدًا وَإِنْ كَانَ سَهْوًا سَجَدَ لِسَهْوِهِ وَأَجْزَأَتْهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ بَلْ يُعِيدُ لِكَثْرَةِ سَهْوِهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ هُوَ سَهْوٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ قَعَدَ فِي اثْنَتَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ مَضَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا قَعَدَ فِي اثْنَتَيْنِ لم يعد

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ إِذَا صَلَّى أَرْبَعًا مُتَعَمِّدًا أَعَادَ وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا لَمْ يُعِدْ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِذَا صَلَّى أَرْبَعًا مُتَعَمِّدًا أَعَادَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ فَإِذَا طَالَ ذَلِكَ فِي سَفَرِهِ وَكَثُرَ لَمْ يُعِدْ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الصَّلَاةُ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَانِ حَتْمٌ لَا يَصْلُحُ غَيْرُهُمَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ قَامَ الْمُسَافِرُ لثالثة وصلاها ثم ذِكْرٍ فَإِنَّهُ يُلْغِيهَا وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِيمَنْ صَلَّى فِي سِفْرٍ أَرْبَعًا مُتَعَمِّدًا بِئْسَ مَا صَنَعَ وَقَضَتْ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ لِلسَّائِلِ لَا أَبَا لَكَ تَرَى أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ تَرَكُوهَا لِأَنَّهَا ثَقُلَتْ عَلَيْهِمْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْقَصْرُ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ سُنَّةٌ وَأَمَّا فِي الْخَوْفِ مَعَ السَّفَرِ فَبِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَمَنْ صَلَّى أَرْبَعًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُتِمَّ فِي السَّفَرِ رَغْبَةً عَنِ السُّنَّةِ كَمَا لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ نَزْعَ خُفَّيْهِ رَغْبَةً عَنِ السُّنَّةِ وَلَيْسَ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْقَصْرَ مَعَ الْإِحْرَامِ فَإِنْ أَحْرَمَ وَلَمْ يَنْوِ الْقَصْرَ كَانَ عَلَى أَصْلِ فَرْضِهِ أَرْبَعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ أَعْدَلُ الْأَقَاوِيلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَوْلُ مَالِكٍ قَرِيبٌ مِنْهُ نَحْوُهُ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ اسْتِحْبَابٌ

وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا قَالَ لَا يُعْجِبُنِي ثُمَّ قَالَ السُّنَّةُ رَكْعَتَانِ وَأَمَّا قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ فَضَعِيفٌ لَا أَصْلَ لَهُ إِلَّا أَصْلٌ لَا يَثْبُتُ وَقَدْ أَوْضَحْنَا فَسَادَ أَصْلِهِمْ وَاعْتِبَارَهُمُ الْقُعُودَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ إِتْمَامُ مَنْ أَتَمَّ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَمَا لَمْ يُنْكِرُوهُ وَأَقَرُّوهُ فَحَقٌّ وَصَوَابٌ وَقُلْنَا إِنَّ الْقَصْرَ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرِهِ وَهُوَ فِعْلُ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَإِنْ تَكُنْ رخصة ويسر وَتَوْسِعَةً فَلَا وَجْهَ لِلرَّغْبَةِ عَنْهَا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ أَنْ تُقْبَلَ رُخْصَتُهُ وَصَدَقَتُهُ وَنَأْتِيَهَا وَإِنْ تَكُنْ فَضِيلَةً فَهُوَ الَّذِي ظَنَنَّا وَكَيْفَ كَانَتِ الْحَالُ فَامْتِثَالُ فِعْلِهِ فِي كُلِّ مَا أُبِيحَ لَنَا أَفْضَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَعَلَى هَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ الْمَسْحَ أَفْضَلُ مِنَ الْغَسْلِ لِأَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خُفَّيْهِ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ لِعِبَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُرَادَ اللَّهِ مِنْ كِتَابِهِ وَهُوَ الْهَادِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن خالد قال حدثنا إسحق بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يوف الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ إِلَّا سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَائِشَةَ فَإِنَّهُمَا كَانَا يُوَفِّيَانِ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ وَيَصُومَانِ قَالَ وَسَافَرَ سَعْدٌ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَوْفَى سَعْدٌ الصَّلَاةَ وَصَامَ وَقَصَرَ الْقَوْمُ وَأَفْطَرُوا فَقَالُوا لِسَعْدٍ كَيْفَ نُفْطِرُ وَنَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَأَنْتَ تُتِمُّهَا وَتَصُومُ فَقَالَ دُونَكُمْ أَمْرَكُمْ فَإِنِّي أَعْلَمُ شَأْنِي قَالَ فَلَمْ يُحَرِّمْهُ سَعْدٌ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَنْهَهُمْ عَنْهُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ فَأَيُّ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ قَصْرُهَا وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ فَعَلَهُ الصَّالِحُونَ وَالْأَخْيَارُ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ قَالَ وَأَنْبَأْنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنْ صَلَّيْتَ فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا فَقَدْ صَلَّى مَنْ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ فَقَدْ صَلَّى مَنْ لَا بَأْسَ بِهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي مِقْدَارِ السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ

عباس وابن عمر قال ملك ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا وَمَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا بِالْهَاشِمِيِّ أَوْ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الْيَوْمُ التَّامُّ وَهَذِهِ كُلُّهَا أَقَاوِيلُ مُتَقَارِبَةٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لَا يَقْصُرُ أَحَدٌ فِي أَقَلَّ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا وَقَالَ دَاوُدُ مَنْ سَافَرَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَزْوٍ قَصَرَ فِي قَصِيرِ السَّفَرِ وَطَوِيلِهِ وَمِنْ حُجَّتِهِ حَدِيثُ شُعْبَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ إِلَى قَرْيَةٍ لَهُ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ رَأَيتُ عُمَرَ صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ إِنَّمَا أَفْعَلُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فَيَمَنْ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ فقال ملك مَنْ خَرَجَ إِلَى الصَّيْدِ مُتَلَذِّذًا لَمْ أُحِبَّ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ وَمَنْ خَرَجَ فِي مَعْصِيَةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ وَمَنْ كَانَ الصَّيْدُ مَعَاشَهُ قَصَرَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ سَافَرَ فِي مَعْصِيَةٍ فَلَا يَقْصُرُ وَلَا يَمْسَحُ مَسْحَ المسافر وهو قول داود الطبريي وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يَقْصُرُ مُسَافِرٌ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَزْوٍ

وَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ إِلَّا أَنَّ دَاوُدَ قَالَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَزْوٍ وَلِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَوْلٌ آخَرُ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ مَنْ سَافَرَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ قَصَرَ وَمَسَحَ وَقَصَرَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خُرُوجِهِ إِلَى صِفِّينَ وَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى مَالِهِ بِالطَّائِفِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُطَالِعُ مَالَهُ بِخَيْبَرَ فَيَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى إِبَاحَةِ الْقَصْرِ لِلْمُسَافِرِ تَاجِرًا وَفِي أَمْرٍ أُبِيحَ لَهُ الْخُرُوجُ إِلَيْهِ وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي رَجُلٍ خَرَجَ فِي بَعْثٍ إِلَى بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ يَقْصُرُ وَيُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ فِي مُسَيرِهِ ذَلِكَ وَافَقَ ذَلِكَ طَاعَةً أَوْ مَعْصِيَةً وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ دَاوُدَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ لَا قَصْرَ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ جِهَادٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِلْعَاصِي أَنْ يَقْصُرَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ عَاصِيًا كَانَ أَوْ مُطِيعًا وَاخْتَلَفُوا فِي مُدَّةِ الْإِقَامَةِ فقال مالك والشافعي والليث وَالطَّبَرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ إِذَا نَوَى إِقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَتَمَّ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْهُ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ إِذَا نَوَى إِقَامَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ يَوْمًا أَتَمَّ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ قَصَرَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَقَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ هِنْدٍ عَنْهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ نَوَى إِقَامَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَتَمَّ وَإِنْ نَوَى أَقَلَّ قَصَرَ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَوْلٌ ثَالِثٌ إِذَا أَقَامَ ثَلَاثًا أَتَمَّ وَعَنِ السَّلَفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَقَاوِيلُ مُتَبَايِنَةٌ مِنْهَا إِذَا أَزْمَعَ الْمُسَافِرُ عَلَى مُقَامِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ رَوَاهُ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ نَافِعٌ وَهُوَ آخِرُ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ وَقَوْلِهِ وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ عَشْرَةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تسعى عَشَرَ قَصَرْنَا وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ أَقَامَ عَشْرَ لَيَالٍ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَالطُّرُقُ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ ضَعِيفَةٌ وَبِذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ مَنْ أَقَامَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ أَتَمَّ وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ الْمُسَافِرَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ أَبَدًا حَتَّى يَدْخُلَ مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِذَا أَجْمَعَ الْمُسَافِرُ مُقَامَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً قَصَرَ وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ أَتَمَّ فَهَذِهِ تِسْعَةُ أَقْوَالٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِيهَا قَوْلٌ عَاشِرٌ أَنَّ الْمُسَافِرَ يَقْصُرُ أَبَدًا حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى وَطَنِهِ أَوْ يَنْزِلَ وَطَنًا لَهُ وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ أَقَامَ سَنَتَيْنِ بِنَيْسَابُورَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ آتِي الْمَدِينَةَ فَأُقِيمُ بِهَا السَّبْعَةَ أَشْهُرٍ وَالثَّمَانِيَةَ طَالِبًا حَاجَةً فقال صل ركعتين وقال أبو اسحق السبعي أَقَمْنَا بِسِجِسْتَانَ وَمَعَنَا رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ سَنَتَيْنِ نُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَأَقَامَ ابْنُ عُمَرَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ الثَّلْجُ حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُفُولِ وَأَقَامَ مَسْرُوقٌ بِالسِّلْسِلَةِ سَنَتَيْنِ وَهُوَ عَامِلٌ عَلَيْهَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْصَرَفَ يَلْتَمِسُ بِذَلِكَ السُّنَّةَ وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ مَسْرُوقٍ إِلَى السِّلْسِلَةِ حِينَ اسْتُعْمِلَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَزَلْ يَقْصُرُ حَتَّى بَلَغَ وَلَمْ يَزَلْ يَقْصُرُ فِي السِّلْسِلَةِ حَتَّى رَجَعَ فَقُلْتُ يَا أَبَا عَائِشَةَ مَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا قَالَ أتباع السنة

وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّا نُطِيلُ الْمُقَامَ بِالْغَزْوِ بِخُرَاسَانَ فَكَيْفَ تَرَى قَالَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ أَقَمْتَ عَشْرَ سِنِينَ مَحْمَلُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عِنْدَنَا عَلَى مَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ فِي الْإِقَامَةِ لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُقِيمِينَ هَذِهِ الْمُدَدَ الْمُتَقَارِبَةَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَخْرُجُ الْيَوْمَ أَخْرُجُ غدا وإذا كان هكذا فلا عزيمة ههنا عَلَى الْإِقَامَةِ وَقَالَ الْأَثْرَمُ سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ عَشْرًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فَقَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ قَالَ فَرَابِعَةٍ وَخَامِسَةٍ وَسَادِسَةٍ وَسَابِعَةٍ وَثَامِنَةِ التَّرْوِيَةِ وَتَاسِعَةٍ وَعَاشِرَةٍ قَالَ فَإِنَّمَا حَسِبَ أَنَسٌ مُقَامَهُ بِمَكَّةَ وَمِنَى لَا وَجْهَ لِحَدِيثِ أَنَسٍ غَيْرُ هَذَا قَالَ أَحْمَدُ فَإِذَا قَدِمَ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ قَصَرَ وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ يُتِمُّ قَالَ أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ الرَّابِعَ وَالْخَامِسَ وَالسَّادِسَ وَالسَّابِعَ وَصَلَّى الصُّبْحَ بِالْأَبْطَحِ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ فَهَذِهِ إِحْدَى وَعِشْرُونَ صَلَاةً قَصَرَ فِيهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَتِهَا فَمَنْ أَجْمَعَ أَنْ يُقِيمَ كَمَا أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَرَ فَإِنْ أَجْمَعَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَتَمَّ قُلْتُ لَهُ فَلِمَ لَا تَقْصُرُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فَنَأْخُذُ بِالِاحْتِيَاطِ وَنُتِمُّ

قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَإِذَا قَالَ أَخْرَجُ الْيَوْمَ أَخْرَجُ غَدًا يَقْصُرُ قَالَ هَذَا شَيْءٌ آخَرُ هَذَا لَمْ يَعْزِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ أصح شيء في هذه المسألة قول ملك وَمَنْ تَابَعَهُ وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَعَلَ لِلْمُهَاجِرِ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَصْدُرُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْهِجْرَةَ إِذَا كَانَتْ مُفْتَرَضَةً قَبْلَ الْفَتْحِ كَانَ الْمُقَامُ بِمَكَّةَ لَا يَجُوزُ وَلَا يَحِلُّ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُهَاجِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِتَقْضِيَةِ حَوَائِجِهِ وَتَهْذِيبِ أَسْبَابِهِ وَلَمْ يَحْكُمْ لَهَا بِحُكْمِ الْمُقَامِ وَلَا جَعَلَهَا فِي حَيِّزِ الْإِقَامَةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ دَارَ مُقَامٍ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ إِقَامَةٌ لِمَنْ نَوَاهَا وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَمَنْ نَوَى إِقَامَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا فَلَيْسَ بِمُقِيمٍ وَإِنْ نَوَى ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَوْ نَوَى إِقَامَةَ سَاعَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لم يكن بساعته تلك داخل فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ وَلَا فِي أَحْوَالِهِ وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا فِي ذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ أَجْلَى الْيَهُودَ جَعَلَ لَهُمْ إِقَامَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي قَضَاءِ أُمُورِهِمْ وَإِنَّمَا نَفَاهُمْ عُمَرُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبْقَى دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُمْ بِأَرْضِ الْعَرَبِ مُقِيمِينَ بِهَا فَحِينَ نَفَاهُمْ عُمَرُ وَأَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ الثَّلَاثَةُ أَيَّامٍ إِقَامَةً

وَهَذَا بَيِّنٌ لِمَنْ لَمْ يُعَانِدْ وَيَصُدُّهُ عَنِ الْحَقِّ هَوَاهُ وَعَمَاهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بن عبد المجيد قال حدثنا سفين بْنُ عُيَيْنَةَ وَحَفْصُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول يقيم المهاجر قال سفين بَعْدَ نُسُكِهِ ثَلَاثًا قَالَ حَفْصٌ بَعْدَ الصَّدْرِ ثَلَاثًا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ إِنْ شَاءَ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَمْكُثُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَبِي مَا كَانَ أَشَدَّ عَلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ أَنْ يَقُولَ حَدَّثَنَا وَاحْتَجَّ أَبُو ثَوْرٍ لِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ قَالَ لَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى مَا دُونَ الْأَرْبَعِ أَنَّهُ يَقْصُرُ فِيهَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَرْبَعِ فَمَا فَوْقَهَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ وَذَلِكَ أَنَّ فَرْضَ التَّمَامِ لَا يَزُولُ بِاخْتِلَافٍ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي

فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً صَلَّى صَلَاةَ الْمُقِيمِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَقَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ يُصَلِّي صَلَاةَ مُقِيمٍ وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَمَكْحُولٍ وَهُوَ قَوْلُ مَعْمَرِ بن راشد وبه قال أحمد وإسحق وَأَبُو ثَوْرٍ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي مُسَافِرٍ صَلَّى بِمُقِيمِينَ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا سَلَّمَ الْمُسَافِرُ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُقَدِّمُوا رَجُلًا يُتِمُّ بِهِمْ وَفِي ذَلِكَ سِعَةٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ يُصَلُّونَ فُرَادَى وَلَا يُقَدِّمُونَ أَحَدًا وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لِأَهْلِ مَكَّةَ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفَرٌ وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ وَلَمْ يَأْمُرْ أَنْ يُتِمَّ أَحَدُهُمْ بِهِمْ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْمُسَافِرِ يَؤُمُّ قَوْمًا فِيهِمْ مُسَافِرُونَ وَمُقِيمُونَ فَيُحْدِثُ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَيُقَدِّمُ مُقِيمًا فَقَالَ مَالِكٌ يُصَلِّي الْمُقِيمُ تَمَامَ صَلَاةِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يُشِيرُ إِلَى مَنْ خَلْفَهُ بِالْجُلُوسِ ثُمَّ يَقُومُ وَحْدَهُ فَيُتِمُّ صَلَاتَهُ أَرْبَعًا ثُمَّ يَقْعُدُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ مَنْ خَلْفَهُ مِنَ الْمُسَافِرِينَ وَيَقُومُ مَنْ خَلْفَهُ مِنَ الْمُقِيمِينَ فَيُتِمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ

الحديث الثامن والأربعون

وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ يُتِمُّ الْمُسْتَخْلَفُ صَلَاةَ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ وَيُقَدِّمُ مُسَافِرًا يُسَلِّمُ بِهِمْ فَيُسَلِّمُ مَعَهُ الْمُسَافِرُونَ وَيَقُومُ الْمُقِيمُونَ فَيَقْضُونَ وُحْدَانًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يُتِمُّونَ كُلُّهُمْ صَلَاةَ مُقِيمٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَسَائِلُ السَّفَرِ تَكْثُرُ جِدًّا وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا مَا كَانَ فِي مَعْنَى حَدِيثِنَا وَمَا يُعِينُ عَلَى فَتْحِ مَا انْغَلَقَ مِنْهَا مِنْ مَعْنَاهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ (ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُرْسَلٌ فِي الْمُوَطَّأِ لِيَحْيَى وَحْدَهُ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ) وَهِي عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيِّ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ وَجَدَ أَخْبِيَةً خِبَاءَ عَائِشَةَ وَخِبَاءَ حَفْصَةَ وَخِبَاءَ زَيْنَبَ فَلَمَّا رَآهَا سَأَلَ عَنْهَا فَقِيلَ لَهُ هَذَا خِبَاءُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ

هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ لِيَحْيَى فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَهُوَ غَلَطٌ وَخَطَأٌ مُفْرِطٌ لَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ لِمَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِلَّا أَنَّ رُوَاةَ الْمُوَطَّأِ اخْتَلَفُوا فِي قَطْعِهِ وَإِسْنَادِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِلَّا أَنَّ رُوَاةَ الْمُوَطَّأِ اخْتَلَفُوا فِي قَطْعِهِ وَإِسْنَادِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَذْكُرُ عَمْرَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ لَا يَذْكُرُ عائشة ومنهم من يرويه عن ملك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ يَصِلُهُ بِسَنَدِهِ وَأَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا هَذَا الْحَدِيثُ لِمَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَمْرَةَ لَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ كَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ وَجَمَاعَةٌ عَنْهُ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا الحديث لابن شهاب لا من حديث ملك وَلَا مِنْ حَدِيثِ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مَحْفُوظٌ صَحِيحٌ سَنَدُهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا فَاتَ يَحْيَى سَمَاعُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ فَرَوَاهُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعْرُوفِ بِشَبْطُونٍ وكان ثقة عن ملك وَكَانَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَدْ سَمِعَ الْمُوَطَّأَ منه بالأندلس وملك

يَوْمَئِذٍ حَيٌّ ثُمَّ رَحَلَ فَسَمِعَهُ مِنْ مَالِكٍ حَاشَى وَرَقَةً فِي الِاعْتِكَافِ لَمْ يَسْمَعْهَا أَوْ شك في سماعها من ملك فَرَوَاهَا عَنْ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ وَفِيهَا هَذَا الْحَدِيثُ فَلَا أَدْرِي مِمَّنْ جَاءَ هَذَا الْغَلَطُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَمِنْ يَحْيَى أَمْ مِنْ زِيَادٍ وَمِنْ أَيِّهِمَا كَانَ ذَلِكَ فَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ وَهُوَ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عبد الله بن يوسف عن ملك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مُسْنَدًا قَالَ الْبُخَارِيُّ وَأَخْبَرَنَا النُّعْمَانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَكُنْتُ أَضْرِبُ لَهُ خِبَاءً فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَضْرِبَ خِبَاءً فَأَذِنَتْ لَهَا فَضَرَبَتْ خِبَاءً فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى الْأَخْبِيَةَ فَقَالَ مَا هَذَا فأخبر فَقَالَ آلْبِرَّ تُرِدْنَ بِهِنَّ فَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ قَالَتْ فَإِنَّهُ أَرَادَ مَرَّةً أَنْ يَعْتَكِفَ فِي العشر

الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ فَأَمَرَ بِبِنَائِهِ فَضُرِبَ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ أَمَرْتُ بِبِنَائِي فَضُرِبَ قَالَتْ وَأَمَرَ غَيْرِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَائِهَا فَضُرِبَ فَلَمَّا صَلَّى الْفَجْرَ نَظَرَ إِلَى الْأَبْنِيَةِ فَقَالَ مَا هَذَا آلْبِرَّ تُرِدْنَ قَالَتْ فَأَمَرَ بِبِنَائِهِ فَقُوِّضَ وَأَمَرَ أَزْوَاجُهُ بِأَبْنِيَتِهِنَّ فَقُوِّضَتْ ثُمَّ أَخَّرَ الِاعْتِكَافَ إِلَى الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ شَوَّالٍ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إسحق عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ فَسَمِعْتُ بِذَلِكَ فَاسْتَأْذَنْتُهُ فَأَذِنَ لِي ثُمَّ اسْتَأْذَنَتْهُ حَفْصَةُ فَأَذِنَ لَهَا ثُمَّ اسْتَأْذَنَتْهُ زَيْنَبُ فَأَذِنَ لَهَا قَالَتْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ رَأَى فِي الْمَسْجِدِ أَرْبَعَةَ أَبْنِيَةٍ فَقَالَ لِمَنْ هَذِهِ قَالُوا لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلْبِرَّ تُرِدْنَ بِهَذَا فَلَمْ يَعْتَكِفْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْعَشْرَةَ وَاعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ بِنَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الرَّابِعُ وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عائشة

مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَى قَوْلِهِ فَلَمَّا صَلَّى إِذَا هُوَ بِأَرْبَعَةِ أَبْنِيَةٍ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَزَيْنَبُ قَالَ آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهَذَا فَرَفَعَ بِنَاءَهُ قَالَتْ فَلَمْ يَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ وَاعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ وَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ دخل االمكان الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ فَأَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ فَضُرِبَ لَهُ خِبَاءٌ وَأَمَرَتْ عَائِشَةُ فَضُرِبَ لَهَا خِبَاءٌ وَأَمَرَتْ حَفْصَةُ فَضُرِبَ لَهَا خِبَاءٌ فَلَمَّا رَأَتْ زَيْنَبُ خِبَاءَهُمَا أَمَرَتْ فَضُرِبَ لَهَا خِبَاءٌ فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك قَالَ آلْبِرَّ تُرِدْنَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ وَاعْتَكَفَ عَشْرًا فِي شَوَّالٍ هَذَا الْحَدِيثُ أَدْخَلَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي بَابِ قَضَاءِ الِاعْتِكَافِ وَهُوَ أَعْظَمُ مَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ مِنْ فِقْهِهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ نَوَى اعْتِكَافَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَلَمَّا رَأَى مَا كَرِهَهُ مِنْ تَنَافُسِ زَيْنَبَ وَحَفْصَةَ وَعَائِشَةَ فِي ذَلِكَ وَخَشِيَ عَلَيْهِنَّ أَنْ تَدْخُلَ نِيَّتَهُنَّ دَاخِلَةٌ وَمَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ فَانْصَرَفَ ثُمَّ وَفَى اللَّهَ بِمَا نَوَاهُ مِنْ فِعْلِ الْبِرِّ فَاعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ وَفِي ذَلِكَ جَوَازُ الِاعْتِكَافِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ آلْبِرَّ يَقُولُونَ بِهِنَّ فَيُحْتَمَلُ أَيْ أَيَظُنُّونَ بِهِنَّ الْبَرَّ فَأَنَا أَخْشَى عَلَيْهِنَّ أَنْ يُرِدْنَ الْكَوْنَ مَعِي وَلَا يُرِدْنَ الْبِرَّ خَالِصًا فَكَرِهَ لَهُنَّ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ قَوْلُهُ فِي غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ آلْبِرَّ يُرِدْنَ أَوْ تُرِدْنَ كَأَنَّهُ تَقْرِيرٌ وَتَوْبِيخٌ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ أَيْ مَا أَظُنُّهُنَّ يُرِدْنَ الْبِرَّ أَوْ لَيْسَ يُرِدْنَ الْبِرَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ لِأَزْوَاجِهِ الِاعْتِكَافَ لِشِدَّةِ مُؤْنَتِهِ لِأَنَّ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ سَوَاءٌ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ وَلَا ابْنَ الْمُسَيَّبِ وَلَا أَحَدًا مِنْ سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ اعْتَكَفَ إِلَّا أَبَا بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِشِدَّةِ الِاعْتِكَافِ وَلَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إِلَى أَنَّ الِاعْتِكَافَ لِلنِّسَاءِ مَكْرُوهٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ كَانَ مَذْهَبًا وَلَوْلَا أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُنَّ اسْتَأْذَنَّهُ فِي الِاعْتِكَافِ لَقَطَعْتُ بِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لِلنِّسَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ غَيْرُ جَائِزٍ وَمَا أَظُنُّ اسْتِيذَانَهُنَّ مَحْفُوظًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَكِنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ حَافِظٌ وَقَدْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الِاعْتِكَافَ يُلْزَمُ بِالنِّيَّةِ مَعَ الدُّخُولِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ ذِكْرُ دُخُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الِاعْتِكَافِ الذي قال لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَغَيْرِهِ لِهَذَا الحديث أن

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ يَعْنِي فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ مَوْضِعُ اعْتِكَافِهِ نَظَرَ فَرَأَى الْأَخْبِيَةَ وَالِاعْتِكَافُ إِنَّمَا هُوَ الْإِقَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ فَكَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَانَ قَدْ شَرَعَ فِي اعْتِكَافِهِ لِكَوْنِهِ فِي مَوْضِعِ اعْتِكَافِهِ مَعَ عَقْدِ نِيَّتِهِ عَلَى ذَلِكَ وَالنِّيَّةُ هِيَ الْأَصْلُ فِي الْأَعْمَالِ وَعَلَيْهَا تَقَعُ الْمَجَازَاتُ فَمِنْ هُنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَضَى اعْتِكَافَهُ ذَلِكَ فِي شَوَّالٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرَ سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ كَهْمَسٍ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي قَوْلِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ الْآيَةَ قَالَ إِنَّمَا كَانَ شَيْئًا نَوَوْهُ فِي أَنْفُسِهِمْ وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ رَكِبْتُ الْبَحْرَ فَأَصَابَتْنَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَنَذَرَ قَوْمٌ مَعَنَا نُذُورًا وَنَوَيْتُ أَنَا شَيْئًا لَمْ أَتَكَلَّمْ بِهِ فَلَمَّا قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ سَأَلْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ فَقَالَ يَا بُنَيَّ فِءْ بِهِ فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى الِاعْتِكَافَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ نَوَى أَنْ يَعْمَلَهُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ أَوْفَى النَّاسِ لِرَبِّهِ بِمَا عَاهَدَهُ عَلَيْهِ وَأَبْدَرَهُمْ إِلَى طَاعَتِهِ فَإِنْ كَانَ دَخَلَ فِيهِ فَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لَا يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ فَالْقَضَاءُ مُسْتَحَبٌّ لِمَنْ هَذِهِ حَالُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ أَيْضًا مَرْغُوبٌ فِيهِ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَوْجَبَ قَضَاءَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ عَقَدَ عَلَيْهِ نِيَّتَهُ وَالْوَجْهُ عِنْدَنَا مَا ذَكَرْنَا

وَمَنْ جَعَلَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ قَضَاءَ مَا قَطَعَهُ مِنَ اعْتِكَافِهِ قَاسَهُ عَلَى الْحَجِّ التَّطَوُّعِ يَقْطَعُهُ صَاحِبُهُ عَمْدًا أَوْ مَغْلُوبًا وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي حُكْمِ قَطْعِ الصَّلَاةِ التَّطَوُّعِ وَالصِّيَامِ التَّطَوُّعِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي بَابِ مُرْسَلِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُ مَنْ كَرِهَ لِلنِّسَاءِ الِاعْتِكَافَ فِي الْمَسْجِدِ ذَكَرَ الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنْ النِّسَاءِ يَعْتَكِفْنَ قَالَ نَعَمْ قَدِ اعْتَكَفَ النِّسَاءُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَكَانِ اعْتِكَافِ النِّسَاءِ فَقَالَ مَالِكٌ تَعْتَكِفُ الْمَرْأَةُ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ وَلَا يُعْجِبُهُ أَنْ تعتكف في مسجد بيتها وقال أبو حنيفةلا تَعْتَكِفُ الْمَرْأَةُ إِلَّا فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وَلَا تَعْتَكِفُ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّ صَلَاتَهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَالْمُسَافِرُ يَعْتَكِفُونَ حيث شاؤوا لِأَنَّهُ لَا جُمْعَةَ عَلَيْهِمْ قَالَ مَنْصُورٌ يَعْنِي مِنَ الْمَسَاجِدِ لِأَنَّهُ لَا اعْتِكَافَ عِنْدَهُ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ أَجَازَ اعْتِكَافَ الْمَرْأَةِ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ هَذَا لِأَنَّ فِيهِ أَنَّهُنَّ اسْتَأْذَنَّهُ فِي الِاعْتِكَافِ فَأَذِنَ لَهُنَّ فَضَرَبْنَ أخبيتهن في

الْمَسْجِدِ ثُمَّ مَنَعَهُنَّ بَعْدُ لِغَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي أَذِنَ لَهُنَّ مِنْ أَجْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ إِنَّمَا جَازَ لَهُنَّ ضَرْبُ أَخْبِيَتِهِنَّ فِي الْمَسْجِدِ لِلِاعْتِكَافِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُنَّ كُنَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلنِّسَاءِ أَنْ يَعْتَكِفْنَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ وَكَمَا أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُسَافِرَ مَعَ زَوْجِهَا كَذَلِكَ لَهَا أَنْ تَعْتَكِفَ مَعَهُ وَقَالَ مَنْ لَمْ يُجِزِ اعْتِكَافَهُنَّ فِي الْمَسْجِدِ أَصْلًا إِنَّمَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاعْتِكَافَ إِنْكَارًا عَلَيْهِنَّ قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ آلْبِرَّ يُرِدْنَ قَالَ وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ لَوْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدَهُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ صَلَاةَ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي الْمَسْجِدِ فَكَذَلِكَ الِاعْتِكَافُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي هَذَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ دَخَلَ فِي مُعْتَكَفِهِ فَلَا أَعْلَمُ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مَنْ قَالَ بِهِ إِلَّا الْأَوْزَاعِيَّ وَقَدْ قَالَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَهُوَ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنْ الْمُعْتَكِفِ فِي أَيِّ وَقْتٍ يَدْخُلُ مُعْتَكَفَهُ فَقَالَ يَدْخُلُهُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَيَكُونُ يَبْتَدِئُ لَيْلَتَهُ

فَقِيلَ لَهُ قَدْ رَوَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْفَجْرَ ثُمَّ يَدْخُلُ مُعْتَكَفَهُ فَسَكَتَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ لَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنْهَا فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَرُوِيَ عَنْهُمَا الْقَوْلَانِ جَمِيعًا وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ لَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ وَاخْتَلَفَ عَنِ النَّخَعِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُ الْوَجْهَانِ أَيْضًا جَمِيعًا وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ أَجَازَهُ بِغَيْرِ صَوْمٍ أَنَّ اعْتِكَافَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي رَمَضَانَ وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ صَوْمُ رَمَضَانَ لِغَيْرِ رَمَضَانَ وَلَوْ نَوَى الْمُعْتَكِفُ فِي رَمَضَانَ بِصَوْمِهِ التَّطَوُّعَ وَالْفَرْضَ فَسَدَ صَوْمُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ لَيْلَ الْمُعْتَكِفِ يَلْزَمُهُ فِيهِ مِنَ اجْتِنَابِ مُبَاشَرَةِ النِّسَاءِ مَا يَلْزَمُهُ وَأَنَّ لَيْلَهُ دَاخِلٌ فِي اعْتِكَافِهِ وَلَيْسَ اللَّيْلُ بِمَوْضِعِ صَوْمٍ فَكَذَلِكَ نَهَارُهُ وَلَيْسَ بِمُفْتَقَرٍ إِلَى الصَّوْمِ فَإِنْ صَامَ فَحَسَنٌ قَالَ وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى يُسْأَلُ عَنِ الْمُعْتَكِفِ فِي أَيِّ وَقْتٍ يَدْخُلُ مُعْتَكَفَهُ فَقَالَ قَدْ كُنْتُ أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ مُعْتَكَفَهُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يَبِيتَ فِيهِ وَيَبْتَدِئَ وَلَكِنَّ حَدِيثَ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْخُلُ مُعْتَكَفَهُ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ قِيلَ لَهُ فَمَتَى يَخْرُجُ قَالَ يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَى الْمُصَلَّى

وقد اتفق مالك والشافعي وأبو حنيفة والليث عَلَى خِلَافِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا في وقت دخول المعتكف لمسجد لَيْلًا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ إِذَا وَجَبَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافُ شَهْرٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ دَخَلَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَخَرَجَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ خِلَافَ قَوْلِهِ فِي الشَّهْرِ وَقَالَ زفر بن الهذيل والليث بْنِ سَعْدٍ يَدْخُلُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالشَّهْرُ وَالْيَوْمُ سَوَاءٌ عِنْدَهُمْ لَا يَدْخُلُ إِلَّا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ أَبُو عُمَرَ اللَّيَالِي تَبَعٌ لِلْأَيَّامِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ بِظَاهِرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا قَالَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الصُّبْحَ ثُمَّ يَقُومُ إِلَى مُعْتَكَفِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُوَطَّئِهِ فِي حَدِيثِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ وَمَا أَظُنُّهُ تَرَكَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ رَأَى النَّاسَ عَلَى خِلَافِهِ وَأَجْمَعَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا نَذَرَتِ اعْتِكَافَ شَهْرٍ فَمَرِضَتْهُ أَنَّهَا لَا تَقْضِيهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَاخْتَلَفُوا إِذَا حَاضَتْهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَقْضِيهِ وَتَصِلُ قَضَاءَهَا بِمَا اعْتَكَفَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلِ اسْتَأْنَفَتْ

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسٍ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرَضِ وَالْحَيْضِ أَنَّ الْمَرِيضَةَ تَمْرَضُ الشَّهْرَ كُلَّهُ وَالْحَائِضَ لَا تَحِيضُ الشَّهْرَ كُلَّهُ وَأَقْصَى مَا تَحِيضُ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهَا بَعْضُهُ وَجَبَ كُلُّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ حُجَّةُ مَنْ يُسَامِحُ نَفْسَهُ وَيُكَلِّمُ مَنْ يُقَلِّدُهُ وَفَسَادُهَا أَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى الْكَلَامِ عَلَيْهَا وَقَدْ سَوَّى سَحْنُونٌ بَيْنَ حُكْمِ الْحَيْضِ وَالْمَرَضِ وَقَالَ إِنَّمَا عَلَيْهَا إِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا اعْتِكَافُ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ إِنْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ فِي الْمَرَضِ وَالْحَيْضِ جَمِيعًا وَمَا مَضَى فَلَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاؤُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ نَذَرَتْ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ إِنَّهَا إِنْ مَرِضَتْ أَوْ حَاضَتْ فَأَفْطَرَتْ لِذَلِكَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا فَإِنْ أَفْطَرَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَهِيَ تَقْوَى عَلَى الصِّيَامِ فَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ فَحُكْمُ الِاعْتِكَافِ عِنْدِي مِثْلُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَزُفَرَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ فَفِيهِ أَنَّ الِاعْتِكَافَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ جَائِزٌ كَمَا هُوَ فِي رَمَضَانَ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي صَوْمِ الْمُعْتَكِفِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ

وَقَالَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَابْنُ عُلَيَّةَ الِاعْتِكَافُ جَائِزٌ بِغَيْرِ صَوْمٍ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كُلُّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صَوْمٌ إِلَّا أَنْ يُوجِبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلَةً فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَفِيَ بِنَذْرِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّيْلَ لَا صَوْمَ فِيهِ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَيْلَةً أَوْ يَوْمًا فَسَأَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ اعْتَكِفْ وَصُمْ وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ نَقْلًا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ الصَّوْمُ يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ فَعَاوَدَهُ السَّائِلُ فَقَالَ يَصُومُ وَهُوَ أَكْثَرُ مَا رُوِيَ فِيهِ وَقَدْ مَضَى مَعْنَى الِاعْتِكَافِ وَسُنَنُهُ وَكَثِيرٌ مِنْ أُصُولِ مَسَائِلِهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَاللَّهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا وَقْتُ خُرُوجِ الْمُعْتَكِفِ مِنَ اعْتِكَافِهِ فَسَنَذْكُرُهُ وَنَذْكُرُ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ مِنَ الْأَقَاوِيلِ فِي بَابِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

الحديث التاسع والأربعون

وقد روي في هذا الباب لمالك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ الرَّكِينِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عَسَلَةَ الْفَزَارِيِّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عن علي بن حسين عن صفية بنت حي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُجَاوِرُ فِي الْمَسْجِدِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ لَمْ يَكْتُبْهُ مَالِكٌ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ (ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُرْسَلٌ) يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ وَلَا يُوقَفُ عَلَى اسْمِ أَبِي بَكْرٍ هَذَا وَهُوَ قُرَشِيٌّ عَدَوِيٌّ يُقَالُ فِي نَسَبِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ بْنِ غَانِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُوَيْجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ مِمَّنْ لَهُ قَدْرٌ وَعِلْمٌ بِالْأَنْسَابِ وَأَيَّامِ النَّاسِ وَحَدِيثُ مَالِكٍ عَنِ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ إِحْدَى صَلَاتَيِ النَّهَارِ الظَّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ فَسَلَّمَ مِنَ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ نَسِيتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما قصرة وَمَا نَسِيتُ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالُوا نَعَمْ فَأَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ ثُمَّ سَلَّمَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِثْلُ ذَلِكَ هَكَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ خَاصَّةً مُنْقَطِعٌ وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ مُسْنَدٌ مُتَّصِلٌ مِنْ طَرِيقٍ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ فَقَدْ وَصَلَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ فَقَامَ ابْنُ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ فَضِيلَةَ مِنْ خُزَاعَةَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ فَقَالَ

أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ نَسِيتَ فَقَالَ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على النَّاسِ فَقَالَ أَصَدَقَ ذُو الشِّمَالَيْنِ قَالُوا نَعَمْ فَأَتَمَّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ وَقَالَ فِيهِ فَأَتَمَّ مَا بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ لَمْ يَسْجُدِ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يُسْجَدَانِ فِي وَهْمِ الصَّلَاةِ حِينَ ثَبَّتَهُ النَّاسُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَأَتَمَّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَمْ يَسْجُدِ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يُسْجَدَانِ إِذَا شَكَّ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ حِينَ لَقَّنَهُ النَّاسُ قَالَ صَالِحٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي هَذَا الْخَبَرَ سَعِيدُ بْنُ الْمَسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخْبَرَنِيهِ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَرَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ

كُلٌّ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ فَسَلَّمَ مِنَ اثْنَتَيْنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ قَالَ الزُّهُرِيُّ وَلَمْ يُخْبِرْنِي رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَقُولُ إِذَا عَرَفَ الرَّجُلُ مَا نَسِيَ مِنْ صَلَاتِهِ فَأَتَمَّهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَمَّنْ يَقْتَنِعَانِ بِحَدِيثِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ أَوْ صَلَاةِ الظُّهْرِ ثُمَّ سَلَّمَ فَقَالَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ ابْنُ عَبْدِ عَمْرٍو يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تُقْصَرْ وَلَمْ أَنْسَ فَقَالَ ذُو الشِّمَالَيْنِ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ قَالُوا نَعَمْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ حِينَ اسْتَيْقَنَ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ سِلْمِيانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عن أبي

هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر أوالعصر فسها في كرعتين فَانْصَرَفَ فَقَالَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ بْنُ عَبْدِ عَمْرٍو وَكَانَ حَلِيفًا لِبَنِي زُهْرَةَ أَخَفَّتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالُوا صَدَقَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَأَتَمَّ بِهِمُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ نَقَصَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ بَدْرٍ ثُمَّ اسْتَحْكَمَتِ الْأُمُورُ بَعْدُ هَكَذَا يَقُولُ ابْنُ شِهَابٍ إِنَّ ذَلِكَ قَبْلَ بَدْرٍ وَإِنَّهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ غَيْرُ مَا ذُكِرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ وَشَرَحْنَاهُ وَبَسَطْنَاهُ فِي بَابِ أَيُّوبَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَهُنَا وَلَمْ نَذْكُرْ فِي بَابِ أَيُّوبَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي كَيْفِيَّةِ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ وَنَذْكُرُهُ هُنَا لِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَسَلَّمَ مِنَ اثْنَتَيْنِ وَلِقَوْلِهِ فِي آخِرِهِ فَأَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ ثُمَّ سَلَّمَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي كَيْفِيَّةِ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ وَاخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَاخْتَلَفَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ فِي وُجُوهِ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ وَهَلْ هُوَ مِنْ فُرُوضِهَا أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يُسَلِّمُ الْمُصَلِّي مِنَ الصَّلَاةِ نَافِلَةً كَانَتْ أَوْ فَرِيضَةً تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَلَا يَقُلْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَقَالَ سَائِرُ أَهْلِ

الْعِلْمِ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ الْأُولَى عَنْ يَمِينِهِ يَقُولُ فِيهَا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا كُلِّهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ يُسَلِّمُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ فَقَالَ يُسَلِّمُ وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ فَقِيلَ لَهُ وَعَنْ يَسَارِهِ فَقَالَ مَا كَانُوا يُسَلِّمُونَ إِلَّا وَاحِدَةً وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَفْعَلُهُ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى إِنَّمَا حَدَثَتِ التَّسْلِيمَتَانِ مِنْ زَمَنِ بَنِي هَاشِمٍ فَقَالَ مَالِكٌ وَالْمَأْمُومُ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً عَنْ يَمِينِهِ وَأُخْرَى عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِثْلُهُ وَقَالَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ وَقَالَ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ يَتَيَامَنُ بِهَا قَلِيلًا وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي مَوْضِعِ رَدِّ الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِمَامِ فَمَرَّةً قَالَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ وَمَرَّةً قَالَ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَ عَنْ يَمِينِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي تَحَصَّلَ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْإِمَامَ يُسَلِّمُ وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَيَتَيَامَنُ بِهَا قَلِيلًا وَالْمُصَلِّي لِنَفْسِهِ يُسَلِّمُ اثْنَتَيْنِ وَالْمَأْمُومُ يُسَلِّمُ ثَلَاثًا إِنْ كَانَ عَنْ يَسَارِهِ أَحَدٌ

وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَدْرَكْتُ الْأَئِمَّةَ وَالنَّاسُ يُسَلِّمُونَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وُجُوهِهِمُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَكَانَ اللَّيْثُ يَبْدَأُ بِالرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً السلام عليكم وقد وهم فيه الدراودري وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ لِمُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ حَتَّى يرى بياض خديه من هنا وهنا هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ بِإِسْنَادِهِ وَأَمَّا حَدِيثِ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً فَلَا يَصِحُّ مَرْفُوعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَّا وَهْبُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ وَفِي التَّسْلِيمَتَيْنِ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ ثَابِتٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ وَعَلَّقَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَأَبُو بَكْرٍ يُسَلِّمُونَ عَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ فِي الصَّلَاةِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ السَّلَامُ عليكم ورحمة الله ورواها وَأَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالتَّسْلِيمَتَيْنِ فِي وُجُوبِهِمَا فَرْضًا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ كِلَا التَّسْلِيمَتَيْنِ سُنَّةٌ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِالسَّلَامِ بَعْدَ أَنْ يَقْعُدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ قَالُوا وَإِنَّمَا السَّلَامُ إِعْلَامٌ بِانْقِضَاءِ الصَّلَاةِ وَتَمَامِهَا وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ السَّلَامَ إِذَا وُضِعَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ كَالْكَلَامِ فَكَذَلِكَ هُوَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَّا الْحَسَنَ بْنَ حَيٍّ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ التَّسْلِيمَتَيْنِ جَمِيعًا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ ثُمَّ بَيَّنَ بِفِعْلِهِ كَيْفَ التَّسْلِيمُ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ التَّسْلِيمَةُ الْأُولَى يَخْرُجُ بِهَا مِنْ صَلَاتِهِ وَاجِبَةٌ وَالْأُخْرَى سُنَّةٌ وَمِنْ حُجَّتِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ والتَّسْلِيمَةُ الْوَاحِدَةُ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ تَسْلِيمٍ وَهَذِهِ أَيْضًا حُجَّةُ مَنْ قَالَ بالتَّسْلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا كُنْتَ إِمَامًا فَسَلِّمْ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ يَسَارِكَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَإِنْ كُنْتَ غَيْرَ إِمَامٍ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَسَلِّمْ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ يَسَارِكَ تَنْوِي بِهِ الْمَلَائِكَةَ وَمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

الحديث الخمسون

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ نَأْمُرُ كُلَّ مُصَلٍّ أَنْ يُسَلِّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ إِمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا أَوْ مَأْمُومًا وَيَقُولُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَيَنْوِي بِالْأُولَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَبِالثَّانِيَةِ مَنْ عَنْ يَسَارِهِ وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ بالتَّسْلِيمَةِ الَّتِي إِلَى نَاحِيَتِهِ فِي الْيَمِينِ أَوْ فِي الْيَسَارِ قَالَ وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ (ابْنُ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ السَّبَّاقِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُرْسَلٌ) ابْنُ السَّبَّاقِ هَذَا عُبَيْدٌ رَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ وَابْنُهُ سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَمِنْ أَشْرَافِهِمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَهْلُ النَّسَبِ وَلِلسَّبَّاقِ بْنِ عبد الدار بن قصي عوفا وَعُبَيْدٌ وَعُمَيْلَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ قَالَ الزُّبَيْرُ بَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَهَلَكُوا وَانْقَرَضُوا قَالَ وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ بَغَى بِمَكَّةَ فَتَفَانَوْا فِي الْبَغْيِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ قَالَ وَصَارَ بَعْضُ بَنِي السَّبَّاقِ فِي عَكٍّ وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ شِهَابٍ هَذَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال في جمعة من الْجُمَعِ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ فَاغْتَسِلُوا وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طِيبٌ فَلَا يَضِيرُهُ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ وعليكم بالسواك

هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ السباق مرسلا كما روى وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ بَيْنَ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ اخْتِلَافًا وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرُّعَيْنِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَحُمَيْدٍ ابْنَيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعَنْ أَحَدِهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال في جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا (فَاغْتَسِلُوا وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ) رَوَاهُ عَنْ حَجَّاجٍ هَذَا وَهُوَ حَجَّاجُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَفْلَحَ الرُّعَيْنِيُّ أَبَا الْأَزْهَرِ جَمَاعَةٌ هَكَذَا وَلَا يَصِحُّ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا فِي الْمُوَطَّأِ وَقَدْ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ سَعِيدٍ الصَّبَّاحُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ مِنَ الرُّوَاةِ عَلَى ذَلِكَ وَيَزِيدُ بْنُ سَعِيدٍ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ ضَعِيفٌ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ زكريا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَعْيَنَ الْمَقْدِسِيِّ بِهَا قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ أَبُو عَلِيٍّ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سَعِيدٍ الصَّبَّاحِيُّ قَالَ حَضَرْتُ مَالِكًا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ يُسْأَلُ عَنْ غُسْلِ الْجُمْعَةِ قَالَ حَدَّثَنِي صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في جُمْعَةٍ مِنَ الْجُمَعِ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا فَاغْتَسِلُوا وَعَلَيْكُمْ بالسواك

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَى الْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَمِمَّا أَجَازَ لَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ رَحْمُونَ الْإِفْرِيقِيُّ وَحَدَّثَنَا بِهِ عَنْهُ أَيْضًا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَيْسَرَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ قُرَادٍ الْجُهَيْنِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سَعِيدٍ الصَّبَّاحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي جمعة من الْجُمَعِ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا فَاغْتَسِلُوا وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ وَحَدَّثَنَا خلف بن قاس حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عُمَرَ الْمُقْرِيُّ بِالرَّمْلَةِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو رِفَاعَةَ عِمَارَةُ بْنُ وَثِيمَةَ بْنِ مُوسَى وَأَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالُوا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سَعِيدٍ الصَّبَّاحِيُّ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جُمْعَةٍ مِنَ الْجُمَعِ

يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا فَاغْتَسِلُوا وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ وَهَذَا اضْطِرَابٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ سَعِيدٍ وَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ رِوَايَتِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ أَيْضًا فَرَوَاهُ مَالِكٌ كَمَا رَأَيتَ فِي هَذَا وَرَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ في جمعة من الجمع يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا فَاغْتَسِلُوا وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ أَنْبَأَنَا أَبِي أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال فِي جُمْعَةٍ مِنَ الْجُمَعِ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا) لِلْمُسْلِمِينَ وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طِيبٌ فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُمْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جُمْعَةٍ مِنَ الْجُمَعِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ جَعَلَهُ الله عيدا

لِلْمُسْلِمِينَ فَاغْتَسِلُوا فِيهِ بِالْمَاءِ وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طِيبٌ فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ الْأَمْرُ بِغُسْلِ الْجُمْعَةِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ فَأَغْنَى عَنْ إعادته ههنا وَفِيهِ الْغُسْلُ لِلْعِيدَيْنِ لِقَوْلِهِ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا فَاغْتَسِلُوا وَفِيهِ أَخْذُ الطِّيبِ فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ وَأَخْذُهُ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ حَسَنٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَفُ بِرَائِحَةِ الطِّيبِ إِذَا مَشَى وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَرُدُّوا الطِّيبَ فَإِنَّهُ طَيِّبُ الرِّيحِ خَفِيفُ الْمَحْمَلِ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى السِّوَاكِ وَالْآثَارُ فِي السِّوَاكِ كَثِيرَةٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي سِوَاكِ الْقَوْمِ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا أَنَّهُ كَانَ الْأَرَاكَ وَالْبَشَامَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكُلُّ مَا جَلَا الْأَسْنَانَ وَلَمْ يُؤْذِهَا وَلَا كَانَ مِنْ زِينَةِ النِّسَاءِ فَجَائِزٌ الِاسْتِنَانُ بِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ يَحْمِلُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ

رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يَخْطُبُ فِي الْجُمْعَةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَأْتِيَ فِي خُطْبَتِهِ بِكُلِّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ مِنْ فُصُولِ الْأَعْيَادِ وَغَيْرِهَا تَعْلِيمًا لَهُمْ وَتَنْبِيهًا عَلَى مَا يُصْلِحُهُمْ فِي دِينِهِمْ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنَّ يَوْمَ الْجُمْعَةِ يَوْمُ عِيدٍ لَمْ يَحْنِثْ وَكَذَلِكَ إِنْ قَالَ وَاللَّهِ لَأُعْطِيَنَّكَ كَذَا وَلَأَفْعَلَنَّ كَذَا يَوْمَ عِيدٍ وَلَمْ يَنْوِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلَا الْأَضْحَى وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَلَا نَوَى شَيْئًا أَنَّهُ يَبِرُّ بِأَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ يَوْمَ جُمْعَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن سنجر قال حدثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابن عباس قال الغسل يوم الجمعة ليس بواجب ومن اغتسل فهو خير وَأَطْهَرُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَكَانَ الْمَسْجِدُ ضَيِّقًا مُتَقَارِبَ السَّقْفِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ شَدِيدِ الْحَرِّ وَمِنْبَرُهُ صَغِيرٌ إِنَّمَا هُوَ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ فَخَطَبَ النَّاسَ فَعَرِقَ النَّاسُ فِي الصُّوفِ فَصَارُوا يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى بَلَغَتْ أَرْوَاحُهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِذَا كَانَ هَذَا الْيَوْمُ فَاغْتَسِلُوا وَلْيَمَسَّ أَحَدُكُمْ مَا يَجِدُ مِنْ طِيبِهِ أَوْ دُهْنِهِ

الحديث الواحد والخمسون

(ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية الجحمي حَدِيثٌ وَاحِدٌ)) وَقَدْ ذَكَرْنَا نَسَبَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَذَكَرْنَا أَشْيَاءَ مِنْ أَخْبَارِهِ هُنَاكَ وَصَفْوَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ هَذَا حَفِيدُهُ أَحَدُ الثِّقَاتِ رَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخُوهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ وَكَانَ أطْعَمَ النَّاسَ الطَّعَامَ فِي دَهْرِهِ وَفِيهِ يَقُولُ الْفَرَزْدَقُ إِذْ نَظَرَ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ وَهُوَ يَخْطِرُ حَوْلَ الْبَيْتِ ... تَظَلُّ تَخْطِرُ حَوْلَ الْبَيْتِ مُنْتَحِيًا ... لَوْ كُنْتَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ تَزِدِ ... وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فَأَحَدُ الْأَشْرَافِ الْجِلَّةِ قُتِلَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ عَدُوًّا لِبَنِي أُمَيَّةَ وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالنَّسَبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ قِيلَ لَهُ إِنَّهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ فَقَدِمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ الْمَدِينَةَ فَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ فَجَاءَهُ سَارِقٌ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَخَذَ صَفْوَانُ السَّارِقَ فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ فَقَالَ صَفْوَانُ إِنِّي لَمْ أُرِدْ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلَّا

قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جُمْهُورُ أَصْحَابِ مَالِكٍ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ أَبُو عاصر النَّبِيلُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قِيلَ لِصَفْوَانَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ عَلَى مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ جَدِّهِ غَيْرُ أَبِي عَاصِمٍ وَرَوَاهُ شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ صَفْوَانَ إِلَخْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ صَفْوَانَ قِيلَ لَهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ فَدَعَا بِرَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَدْ قِيلَ لِي مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَتِ الْهِجْرَةُ فَارْجِعْ إِلَى بَطْحَاءِ مَكَّةَ فَنَامَ صَفْوَانُ فِي الْمَسْجِدِ وَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ فَأُخِذَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ فَجَاءَ بِسَارِقِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُقْطَعَ فَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ أُرِدْ هَذَا ردائي عليه صدقة يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ أُرِدْ هَذَا رِدَائِي عَلَيْهِ صَدَقَةٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَلَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ وَرَوَاهُ أَبُو عَلْقَمَةَ الْفَرَوِيُّ عَنْ مَالِكٍ كَمَا رَوَاهُ شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْهُ بِإِسْنَادِهِ سَوَاءً حَدَّثَنَا بِحَدِيثِ شَبَابَةَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ مَالِكٍ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو عِيسَى الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْأَزْدِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الحسن

بْنُ رَشِيقٍ وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَزَّارُ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْمَدَائِنِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَذَكَرَهُ وَقَدْ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ حَدِيثَ شَبَابَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ شَبَابَةَ عَنْ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَهُ هَكَذَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ جَائِزٌ أَنْ يَسْمَعَ ابْنُ شِهَابٍ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ وَمِنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَدِّهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ لِابْنِ شِهَابٍ فِي أَحَادِيثِهِ عَنْ غَيْرِ هاذين مِمَّنْ يُحَدِّثُ عَنْهُ وَغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ سَمَاعُهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ قُتِلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ قَالَ وَالزُّهْرِيُّ يَوْمَئِذٍ سِنُّهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً لِأَنَّ مَوْلِدَهُ كَانَ فِي السَّنَةِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهِيَ سَنَةُ إِحْدَى وَسِتِّينَ قَالَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ مَا نَعْلَمُ لِصَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ الله ابنا أخذ عنه شيء مِنَ الْعِلْمِ وَإِنَّمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أمية

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عطاء وطاووس عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَحَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ وَحُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ كُلُّهُمْ عَنْ عَطَاءٍ وَرَوَاهُ حَمَّادٌ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ جَمِيعًا عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ كَانَ نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ تَحْتَ رَأْسِهِ خَمِيصَةٌ فَجَاءَ لِصٌّ فَانْتَزَعَهَا مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَسْمَعْهُ عَطَاءٌ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ لِأَنَّ شُعْبَةَ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ رَوَيَاهُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ الْمُرَقَّعِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ رَجُلًا سَرَقَ بُرْدَهُ فَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْهُ قَالَ أَفَلَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ أَبَا وَهْبٍ فَقَطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ الْمُرَقَّعِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فَذَكَرَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً

وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا محد بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ طاووس عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفْوَانَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ قَدْ هَاجَرَ فَقَالَ لَا أَتْرُكُ مَنْزِلِي حَتَّى آتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ بِرَجُلٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا سَرَقَ خَمِيصَةً لِي وَالرَّجُلُ مَعَهُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ وَهَبْتُهَا لَهُ قَالَ فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلا من قدها هَاجَرَ فَقَالَ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا وَطَاوُسٌ سَمَاعُهُ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ مُمْكِنٌ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ زَمَنَ عُثْمَانَ وَذَكَرَ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ شَيْخًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وقد قيل إن طاوس تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً فِي سَنَةِ سِتٍّ وَمِائَةٍ قَالَ فَإِذَا كَانَ سِنُّهُ هَذَا فَغَيْرُ مُمْكِنٍ سَمَاعُهُ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ لِأَنَّ صَفْوَانَ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَقِيلَ كَانَتْ وَفَاتُهُ بِمَكَّةَ عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الجمل

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ طَاوُسٍ وَعِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرَهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ الْأَشْعَثِ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ حَدِيثِ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الْأَشْعَثِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ فَاتَّبَعَهُ فَأَدْرَكَهُ فَأَتَى بِهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَذَا سَرَقَ رِدَائِي مِنْ تَحْتِ رَأْسِي فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُقْطَعَ فَقَالَ إِنَّ رِدَائِي لَمْ يَبْلِغْ أَنْ يُقْطَعَ فِيهِ هَذَا قَالَ أَفَلَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ قَالَ الْبَزَّارُ وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ حدثنا أسباط عن سماك عن حميد بن أُخْتِ صَفْوَانَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ كُنْتُ نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى خَمِيصَةٍ لِي ثَمَنُهَا ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فَجَاءَ رَجُلٌ فَاخْتَلَسَهَا مِنِّي فَأُخِذَ الرَّجُلَ فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُقْطَعَ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ تَقْطَعُهُ مِنْ أَجْلِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا أَنَا أُمَتِّعُهُ ثَمَنَهَا قَالَ فَهَلَّا كَانَ قَبْلَ أَنْ تأتيني به

وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ مِنَ الْفِقْهِ وَالْمَعَانِي أَنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ قَبْلَ الْفَتْحِ مُفْتَرَضَةً وَفِيهِ إِبَاحَةُ النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ وَفِيهِ تَوَطِّي الثِّيَابِ وَتَوَسُّدُهَا وَفِيهِ أَنَّ مَا جَعَلَهُ الْإِنْسَانُ تَحْتَ رَأْسِهِ فَهُوَ حِرْزٌ لَهُ وَمَا سُرِقَ مِنْ حِرْزٍ فِيهِ الْقَطْعُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي السَّارِقِ مِنْ غير حِرْزٍ فَأَمَّا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ فَإِنَّهُمُ اعْتَبَرُوا جَمِيعًا الْحِرْزَ فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ بِاتِّفَاقٍ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَقَالُوا مَنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ بَلَغَ الْمِقْدَارَ أَوْ زَادَ وَالْحُجَّةُ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قَطْعَ فِي حَرِيسَةِ جَبَلٍ حَتَّى يَأْوِيَهَا الْمُرَاحُ وَأَجْمَعُوا أَنَّ السَّارِقَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَالْوَدِيعَةِ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قَطْعَ عَلَى خَائِنٍ وَلَا مُخْتَلِسٍ وَأَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنْ لَا قَطْعَ عَلَى خَائِنٍ وَلَا مُخْتَلِسٍ دَلِيلٌ عَلَى مُرَاعَاةِ الْحِرْزِ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ كُلُّ سَارِقٍ يُقْطَعُ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ وَغَيْرِ حِرْزٍ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِقَطْعِ السَّارِقِ أَمْرًا مُطْلَقًا وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِقْدَارَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْحِرْزَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَبْوَابٍ مِنْ مَعَانِي الْحِرْزِ يَطُولُ ذِكْرُهَا فَجُمْلَةُ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَصْحَابِهِمْ أَنَّ السَّارِقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْحِرْزِ أَنَّ الْحِرْزَ كُلُّ مَا يُحْرِزُ بِهِ النَّاسُ أَمْوَالَهُمْ إِذَا أَرَادُوا التَّحَفُّظَ بِهَا وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الشَّيْءِ الْمَحْرُوزِ وَاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ فَإِذَا ضُمَّ الْمَتَاعُ فِي السُّوقِ إِلَى مَوْضِعٍ وَقَعَدَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ فَهُوَ حِرْزٌ وَكَذَلِكَ إِذَا جُعِلَ فِي ظَرْفٍ فَأُخْرِجَ مِنْهُ وَعَلَيْهِ مَنْ يُحْرِزُهُ أَوْ كَانَتْ إِبِلَ قُطْرٍ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ أَوْ أُنِيخَتْ فِي صَحْرَاءَ حَيْثُ يُنْظَرُ إِلَيْهَا أَوْ كَانَتْ غَنَمًا فِي مُرَاحِهَا أَوْ مَتَاعًا فِي فُسْطَاطٍ أَوْ بَيْتًا مُغْلَقًا عَلَى شَيْءٍ أَوْ مَقْفُولًا عَلَيْهِ وَكُلُّ مَا تَنْسُبُهُ الْعَامَّةُ إِلَى أَنَّهُ حِرْزٌ عَلَى اخْتِلَافِ أَزْمَانِهَا وَأَحْوَالِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَرِدَاءُ صَفْوَانَ كَانَ مُحْرَزًا بِاضْطِجَاعِهِ عَلَيْهِ فَقَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَارِقَهُ قَالَ وَيُقْطَعُ النَّبَّاشُ إِذَا أَخْرَجَ الْكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ الْقَبْرِ لِأَنَّ هَذَا حِرْزُ مِثْلِهِ مَذْهَبُ الْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ فِي هَذَا الْبَابِ مُتَقَارِبٌ جِدًّا وَلَا سَبِيلَ إِلَى إِيرَادِ مَسَائِلِ السَّرِقَةِ عَلَى اخْتِلَافِ أنواع الحرز وقد ذكرناها هنا جُمَلًا تَكْفِي وَمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَى الْفُرُوعِ نَظَرَ فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ وَبَانَ لَهُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي السَّارِقِ يَرْفَعُ إِلَى الْحَاكِمِ سَرِقَتَهُ بِيَدِهِ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ لِثُبُوتِ سَرِقَتِهِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةِ عُدُولٍ قَامَتْ عَلَيْهِ فَيَهَبُ لَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مَا سَرَقَهُ هَلْ يُقْطَعُ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَهْلُ الْحِجَازِ يُقْطَعُ لِأَنَّ الْهِبَةَ إِنَّمَا وَقَعَتْ بَعْدَ وُجُوبِ الْحَدِّ فَلَا يَسْقُطُ مَا قَدْ وَجَبَ لِلَّهِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ جَارِيَةً ثُمَّ نَكَحَهَا قَبْلَ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لَمْ يُسْقِطْ ذَلِكَ الْحَدَّ عَنْهُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَيَخْتَلِفُونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ كَانَتِ الْهِبَةُ قَبْلَ أَنْ يُؤْتَى بِالسَّارِقِ إِلَى الْإِمَامِ فَقَالَ أَهْلُ الْحِجَازِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يُقْطَعُ وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي هَذَا لَا يُقْطَعُ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَقَالَا لَا يُقْطَعُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَعَ وُقُوعِ مَالِكِهِ عَلَى السَّرِقَةِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ إِلَى الْإِمَامِ وَبَعْدَ أَنْ يُرْفَعَ إِلَيْهِ وَحُجَّةُ أَبِي يُوسُفَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لِلسَّارِقِ رِدَاءَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ بِهِ لَمَا قُطِعَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ قَائِمَةٌ لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ يَدَ السَّارِقِ الَّذِي سَرَقَ ثَوْبَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بَعْدَ أَنْ وَهَبَهُ لَهُ وَقَالَ هَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ

وَمَعْنَى قَوْلِهِ عِنْدَهُمْ فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ هَلَّا كَانَ مَا أَرَدْتَ مِنَ الْعَفْوِ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ فَإِنَّ الْحُدُودَ إِذَا لَمْ أُوتَ بِهَا وَلَمْ أَعْرِفْهَا لَمْ أُقِمْهَا وَإِذَا أَتَتْنِي لَمْ يَجُزِ الْعَفْوُ عَنْهَا وَلَا لِغَيْرِي هَذَا مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِالزَّانِي تُوهَبُ لَهُ الْأَمَةُ الَّتِي زَنَى بِهَا أَوْ يَشْتَرِيهَا أَنَّ مِلْكَهُ الطَّارِئَ لَا يُزِيلُ الْحَدَّ عَنْهُ فَكَذَلِكَ السَّرِقَةُ وَمِنْ حُجَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ مَتَى وَهَبَ السَّرِقَةَ صَاحِبُهَا لِلسَّارِقِ سَقَطَ الْحَدُّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَافَوْا عَنِ الْحُدُودِ بَيْنَكُمْ فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ قَالَ فَهَذَا الْحَدُّ قَدْ عُفِيَ عَنْهُ بِالْهِبَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ مِلْكًا لِلسَّارِقِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ السُّلْطَانَ فَلَمْ يَبْلُغِ الْحَدُّ السُّلْطَانَ إِلَّا وَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ قَالَ وَمَا حَصَلَ مِلْكًا لِلسَّارِقِ اسْتَحَالَ أَنْ يُقْطَعَ فِيهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقْطَعُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ لَا فِي مَلْكِ نَفْسِهِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا أَنَّ الطَّارِئَ مِنَ الشُّبْهَةِ فِي الْحُدُودِ بِمَنْزِلَةِ مَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْحَالِ قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَاتِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا فِي الْحُدُودِ إِذَا بَلَغَتْ إِلَى السُّلْطَانِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَفْوٌ لَا لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ وَجَائِزٌ لِلنَّاسِ أَنْ يَتَعَافَوُا الْحُدُودَ مَا بَيْنَهُمْ مَا لَمْ يَبْلُغِ السُّلْطَانَ وَذَلِكَ مَحْمُودٌ عِنْدَهُمْ

وَفِي هَذَا كُلِّهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِصَاحِبِ السَّرِقَةِ فِي ذَلِكَ مَا لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ وَذَلِكَ مَا لَمْ يَبْلُغِ السُّلْطَانَ فَإِذَا بَلَغَ السَّارِقُ إِلَى السُّلْطَانِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ حُكْمِهِ فِي عَفْوٍ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يُتْبِعُهُ بِمَا سَرَقَ مِنْهُ إِذَا وَهَبَهُ لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ السَّارِقَ لَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ يَجِبُ فِي مِثْلِهَا الْقَطْعُ سَرَقَهَا مِنْ رَجُلٍ غَائِبٍ أَنَّهُ يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ رَبُّ السَّرِقَةِ وَلَوْ كَانَ لِرَبِّ السَّرِقَةِ فِي ذَلِكَ مَقَالٌ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى يَحْضُرَ فَيَعْرِفَ مَا عِنْدَهُ فِيهِ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي السَّارِقِ تُدَّعَى عَلَيْهِ السَّرِقَةُ فِي ثَوْبٍ هُوَ بِيَدِهِ يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ وَصَاحِبُ السَّرِقَةِ غَائِبٌ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يُخَاصِمُهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ إِلَّا رَبُّ الثَّوْبِ وَلَا يُسْمَعُ مِنْ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَلَا خُصُومَةَ فِي ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ رَبُّ الثَّوْبِ أَوْ وَكِيلُهُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَمَالِكٌ كُلُّ مَنْ خَاصَمَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ النَّاسِ كَانَ خَصْمًا لَهُ وَسُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ فَإِنْ قُبِلَتْ قُطِعَ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَدْفَعٍ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ كُلُّهَا فِي مَعْنَى الحديث فلذلك ذكرناها التوفيق

تابع لحرف الميم

مَرَاسِيلُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ نَفْسِهِ حَدِيثٌ أَوَّلٌ مِنْ مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى قَبْلَ الْخُطْبَةِ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى فِي الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَحَدِيثُ جَابِرٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحُكْمَ

فِي ذَلِكَ وَذَكَرْنَا أَوَّلَ مَنْ نُسِبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِي الْعِيدَيْنِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنِ ذكره ههنا وَجَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْعَمَلِ بِهَذَا وَالْقَوْلِ بِهِ وَالْفَتْوَى وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ تَقْدِيمُ الْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِي الْعِيدَيْنِ فَلَا وَجْهَ لِلْكَلَامِ فِي هَذَا وَأَمَّا أَهْلُ بَلَدِنَا فَجَرَى بَعْضُهُمْ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ السُّلْطَانِ لِأَنَّهُ شَيْءٌ صَنَعَهُ بَنُو أُمَيَّةَ قَدِيمًا يُنْسَبُ ذَلِكَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَإِلَى مَرْوَانَ (وَقَدْ نُسِبَ) إِلَى عُثْمَانَ وَلَا يَصِحُّ وَحَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ فَكُلُّهُمْ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْخُطْبَةِ أَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عُثْمَانَ وَغَيْرِهِ فَأَمَّا الْآثَارُ الْمُتَّصِلَةُ وَالْمَرْفُوعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ فَمِنْهَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الحزامي وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي تَمَّامٍ قَالَ حدثنا محمد

ابن عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَا حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَرَوَى أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُصَلُّونَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عِيدٍ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَا أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ

قَالَا أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَهُ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنِّي شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ فَأَتَاهُنَّ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ وَمَعَهُ بِلَالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي الْخُرْصَ وَالْخَاتَمَ وَالثَّوْبَ وَالشَّيْءَ وَرَوَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ وَشُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الْعِيدَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثَ الْبَرَاءِ وَغَيْرَهُمَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مولى ابن أَزْهَرَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا بِأَسَانِيدِهَا فَأَغْنَى عَنْ ذكرها ههنا

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ (عَنْ طَاوُسٍ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ شَهِدْتُ صَلَاةَ الْفِطْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدُ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِثْلُ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَا يَرُدُّ قَوْلَ الْقَائِلِ إِنَّ عُثْمَانَ أَوَّلُ مَنْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَأَصَحُّ مَا فِيهِ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ فَعَلَ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ نَسَبَ ذَلِكَ إِلَيْهِ بِالْأَسَانِيدِ عَمَّنْ قَالَ ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنْجِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الْحَسَنِ بن مسلم عن طاوس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ يُصَلُّونَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَهَذَا عَمَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّتُهُ وَسُنَّةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ وَبِاللَّهِ التوفيق

الحديث الثالث والخمسون

حَدِيثٌ ثَانٍ مِنْ مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَجْتَمِعُ دِينَانِ في جزيرةالعرب قَالَ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَفَحَصَ عَنْ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى أَتَاهُ الثَّلْجُ وَالْيَقِينُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَجْتَمِعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَأَجْلَى يَهُودَ خَيْبَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهَا وَذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَرَوَى مَعْمَرٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجْتَمِعُ بِأَرْضِ

الْعَرَبِ أَوْ قَالَ بِأَرْضِ الْحِجَازِ دِينَانِ قَالَ فَفَحَصَ عَنْ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى وَجَدَ الثَّبْتَ عَلَيْهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَلِذَلِكَ أَجْلَاهُمْ عُمَرُ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ فَجَعَلَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لَا أَدَعُ فِيهَا إِلَّا مُسْلِمًا وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حدثنا أبو يعقوب الأبلي قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَالَ أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ مُخْتَصَرًا مِنْ حَدِيثٍ فِيهِ كَلَامٌ غَيْرُ هَذَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ قَالَ سَمِعْتُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ مَنْبَتُ الْعَرَبِ

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرحمان جَزِيرَةُ الْعَرَبِ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَنُ وَقُرَيَّاتُهَا قَالَ يَعْقُوبُ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَالْيَمَنُ وَذَكَرْنَا مِقْدَارَ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ لِأَهْلِ اللُّغَةِ وَأَهْلِ الْفِقْهِ فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبي حكيم بأكثر مما ذكرناه ههنا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ (بْنُ مَيْمُونٍ) مَوْلَى آلِ سَمُرَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ أَبِيهِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَخْرِجُوا يَهُودَ الْحِجَازِ

وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَرَوَى أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ الزَّنْبَرِيُّ عَنْ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ أَجْلَى يَهُودَ خَيْبَرَ قَالَ لَهُ يَهُودِيٌّ أَتُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَتُرَانِي نَسِيتُ قَوْلَهُ كَأَنِّي بِكَ وَقَدْ قَلَصَتْ بِكَ نَاقَتُكَ لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ إِنَّمَا كَانَتْ هَزِيلَةً مِنْ أَبِي الْقَاسِمِ قَالَ عُمَرُ كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَخْرُجُنَّ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَلَّ مَنْ يَرْوِيهِ عَنْ مَالِكٍ

حَدِيثٌ ثَالِثٌ مِنْ مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ نِسَاءً كُنَّ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْلِمْنَ بِأَرْضِهِنَّ وَهُنَّ غَيْرُ مُهَاجِرَاتٍ وَأَزْوَاجُهُنَّ حِينَ أَسْلَمْنَ كُفَّارٌ مِنْهُنَّ بِنْتُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَكَانَتْ تَحْتَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ وَهَرَبَ زَوْجُهَا صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ مِنَ الْإِسْلَامِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ عَمِّهِ وَهْبَ بْنَ عُمَيْرٍ بِرِدَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَانًا لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَضِيَ أَمْرًا قَبِلَهُ وَإِلَّا سَيَّرَهُ شَهْرَيْنِ فَلَمَّا قَدِمَ صَفْوَانُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه ناداه على رؤوس النَّاسِ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ هَذَا وَهْبُ بْنُ عُمَيْرٍ جَاءَنِي بِرِدَائِكَ وَزَعَمَ أَنَّكَ دَعَوْتَنِي إِلَى الْقُدُومِ عَلَيْكَ فَإِنْ رَضِيتُ أَمْرًا قَبِلْتُهُ وَإِلَّا سَيَّرْتَنِي شَهْرَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

انْزِلْ أَبَا وَهْبٍ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ حَتَّى تُبَيِّنَ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ لَكَ تَسْيِيرُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ فَأَرْسَلَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يَسْتَعِيرُهُ أَدَاةً وَسِلَاحًا عِنْدَهُ فَقَالَ صَفْوَانُ طَوْعًا أَمْ كَرْهًا فَقَالَ بَلْ طَوْعًا فَأَعَارَهُ الْأَدَاةَ وَالسِّلَاحَ الَّتِي عِنْدَهُ ثُمَّ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو كَافِرٌ فَشَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ وَهُوَ كَافِرٌ وَامْرَأَتُهُ مُسْلِمَةٌ وَلَمْ يُفَرِّقْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ حَتَّى أَسْلَمَ صَفْوَانُ وَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ النِّكَاحِ

مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ إِسْلَامِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَبَيْنَ إِسْلَامِ امْرَأَتِهِ نَحْوٌ مِنْ شَهْرٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ امْرَأَةً هَاجَرَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وزجها كَافِرٌ وَمُقِيمٌ بِدَارِ الْكُفْرِ إِلَّا فَرَّقَتْ هِجْرَتُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ مُهَاجِرًا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا هَذَا الْحَدِيثُ لَا أَعْلَمُهُ يَتَّصِلُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ وَابْنُ شِهَابٍ إِمَامُ أَهْلِ السِّيَرِ وَعَالِمُهُمْ وَكَذَلِكَ الشَّعْبِيُّ وَشُهْرَةُ هذا لحديث أَقْوَى مِنْ إِسْنَادِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْمُسْنَدِ الْحَسَنِ الْإِسْنَادِ إِلَّا حَدِيثٌ رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ مُسْلِمًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَاءَتِ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً بَعْدَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا

قَدْ كَانَتْ أَسْلَمَتْ مَعِي فَرَدَّهَا عَلَيْهِ وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ فَانْتَزَعَهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم من زَوْجِهَا الْآخَرِ وَرَدَّهَا إِلَى الْأَوَّلِ وَقَدْ حَدَّثَ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا بَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ وَبَعْضُهُمْ لَا يَقُولُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا الْخَبَرُ وَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مَتْرُوكٌ مَنْسُوخٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِأَنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ رُجُوعَهُ إِلَيْهَا بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ عَادَتِهَا وَإِسْلَامُ زَيْنَبَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ كَثِيرٌ مِنَ الْفَرَائِضِ وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ سُورَةُ بَرَاءَةٌ بِقَطْعِ الْعُهُودِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْفَرَائِضُ وَرَوَى عَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ وَفِي هَذَا أَنَّهُ رَدَّهَا عَلَيْهِ وَهُوَ كَافِرٌ فَمِنْ هُنَاكَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْفَرَائِضُ وَقَالَ آخَرُونَ قِصَّةُ أَبِي الْعَاصِ هَذِهِ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قِصَّةَ أَبِي الْعَاصِ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ يا ايها الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ إِلَى قَوْلِهِ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ كَانَ كَافِرًا وَأَنَّ الْمُسْلِمَةَ لَا يُحِلُّ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لِكَافِرٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُلَاعِنِ لَا سَبِيلَ لك عليها

رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ عَنْ أَبِي عَبَّاسٍ قَالَ لَا يَعْلُو مُسْلِمَةً مُشْرِكٌ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَظْهَرُ وَلَا يُظْهَرُ عَلَيْهِ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ مَا يُغْنِي وَيَكْفِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الْمَذْكُورَةَ نَزَلَتْ فِي الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ فَلَمَّا هَاجَرْنَ أَبَى اللَّهُ أَنْ يُرْدَدْنَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ إذا امتحن بمحنة الإسلام وعرف أنهم جِئْنَ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَنَّ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ كَانَ قَدْ أَذِنَ لِامْرَأَتِهِ زَيْنَبَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ أَنْ تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَتَكُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَتَى كَانَ خُرُوجُهُ إِلَى الشَّامِ وَذَكَرَ أَنَّهُ فِي رُجُوعِهِ مِنَ الشَّامِ مَرَّ بِأَبِي جَنْدَلٍ وَأَبِي بَصِيرٍ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَخَذُوهُمْ وَمَنْ مَعَهُمْ وَلَمْ يَقْتُلُوا مِنْهُمْ أَحَدًا لِصِهْرِ أَبِي الْعَاصِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى امْرَأَتِهِ زَيْنَبَ

فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إِذَا أَسْلَمَا مَعًا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ أَنَّ لَهُمَا الْمُقَامَ عَلَى نِكَاحِهِمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ أَوْ رَضَاعٌ يُوجِبُ التَّحْرِيمَ وَأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا فِي الشِّرْكِ كَانَ لَهُ الْمُقَامُ مَعَهَا إِذَا أَسْلَمَا مَعًا وَأَصْلُ الْعَقْدِ مَعْفِيٌّ عَنْهُ لِأَنَّ عَامَّةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا كُفَّارًا فَأَسْلَمُوا بَعْدَ التَّزْوِيجِ وَأُقِرُّوا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي أَصْلِ نِكَاحِهِمْ شُرُوطُ الْإِسْلَامِ وَهَذَا إِجْمَاعٌ وَتَوْقِيفٌ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَقَدُّمِ إِسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ ههنا إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْكَافِرَةَ إِذَا أَسْلَمَتْ ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لِزَوْجِهَا إِلَيْهَا إِذَا كَانَ لَمْ يُسْلِمْ فِي عِدَّتِهَا إِلَّا شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ شَذَّ فِيهِ عَنْ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ وَلَمْ يَتْبَعْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِلَّا بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ لِتَقَدُّمِ إِسْلَامِ الزَّوْجَةِ إِلَّا بِمُضِيِّ مُدَّةٍ يَتَّفِقُ الْجَمِيعُ عَلَى نَسْخِهِ لِصِحَّةِ وُقُوعِهِ فِي أَصْلِهِ وَوُجُودِ التَّنَازُعِ فِي حَقِّهِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَتَيْنِ لِهِجْرَتِهَا وَأَظُنُّهُ مَالَ فِيهِ إِلَى قِصَّةِ أَبِي الْعَاصِ وَقِصَّةُ أَبِي الْعَاصِ لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ أَبُو الْعَاصِ كَافِرًا إِذْ رَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ابْنَتِهِ زَيْنَبَ عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ أَوْ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَهَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ نزول الفرائض

وَأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فِي النِّكَاحِ إِذْ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ تَحْرِيمُ فُرُوجِ الْمُسْلِمَاتِ عَلَى الْكُفَّارِ فلا وجه ههنا لِلْإِكْثَارِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ كَانَتْ حَامِلًا فَتَمَادَى حَمْلُهَا وَلَمْ تَضَعْهُ حَتَّى أَسْلَمَ زَوْجُهَا فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا فِي عِدَّتِهَا وَهَذَا مَا لَمْ يُنْقَلْ فِي خَبَرٍ أَوْ تَكُونَ قَدْ خَرَجَتْ مِنَ الْعِدَّةِ فَيَكُونَ أَيْضًا ذَلِكَ مَنْسُوخًا بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ فَكَيْفَ كَانَ ذَلِكَ فَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَدِّ أَبِي الْعَاصِ إِلَى زَيْنَبَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ مَتْرُوكٌ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ عِنْدَ الْجَمِيعِ فَاسْتُغْنِيَ عَنِ الْقَوْلِ فِيهِ وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ يُرِيدُ عَلَى مِثْلِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِنَ الصَّدَاقِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رَوَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ زَيْنَبَ إِلَى أَبِي الْعَاصِ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَكَذَلِكَ يَقُولُ الشَّعْبِيُّ عَلَى عَمَلِهِ بِالْمَغَازِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرُدَّ أَبَا الْعَاصِ إِلَى ابْنَتِهِ زَيْنَبَ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَهَذَا يعضده الأصول

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم رد ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي الْحَرْبِيَّةِ تَخْرُجُ إِلَيْنَا مُسْلِمَةً فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ إِنْ أسلم الزوج قبل أن تتحيض ثَلَاثَ حِيَضٍ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَقَدْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ دَارِ الْإِسْلَامِ وَدَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ وَلَا حُكْمَ لِلدَّارِ عِنْدَهُ وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ اعْتَبَرَ الْعِدَّةَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْحَرْبِيَّةِ تَخْرُجُ إِلَيْنَا مُسْلِمَةً وَلَهَا زَوْجٌ كَافِرٌ بِدَارِ الْحَرْبِ فَقَدْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا (وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ أَمَّا الْفُرْقَةُ فَقَدْ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا) وَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَلَكِنَّ الْعِدَّةَ عَلَيْهَا وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الذِّمِّيَّيْنِ إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ فَقَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَاللَّيْثِ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَالْأَوْزَاعِيِّ اعْتِبَارُ الْعِدَّةِ فِي وُقُوعِ الْفُرْقَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِي الْحَرْبِيَّةِ

إِلَّا أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ إِذَا أَسْلَمَتِ الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُسْلِمْ زَوْجُهَا إِلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهِيَ طَلِيقَةٌ وَهُوَ خَاطِبٌ وَفِي قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَاللَّيْثِ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا وَلَيْسَتِ الْفُرْقَةُ عِنْدَهُمْ طَلَاقًا وَإِنَّمَا هُوَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَإِذَا أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَاللَّيْثِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْمَرْأَةُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً زَوْجُهَا أَحَقُّ بِهَا أَبَدًا إِنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا فَإِنْ كَانَا مَجُوسِيَّيْنِ وَأَسْلَمَ الرَّجُلُ قَبْلُ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ يَعْرِضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ وَإِلَّا وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ إِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ وَزَوْجَتُهُ مَجُوسِيَّةٌ غَائِبَةٌ فَإِنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بَيْنَهُمَا حِينَ يُسْلِمُ وَلَا يَنْتَظِرُ بِهَا (لِأَنَّهُ لَوِ انْتَظَرَ بِهَا) كَانَ مُتَمَسِّكًا بِعِصْمَتِهَا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ قَالَ وَالْحَاضِرَةُ إِذَا عُرِضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ فَلَيْسَ الرَّجُلُ مُمْسِكًا بِعِصْمَتِهَا لِأَنَّهُ لَا يَنْتَظِرُ بِهَا شَيْئًا غَيْرَ حَاضِرٍ إِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ وَجَوَابٌ فَكَأَنَّهَا إِذَا أَسْلَمَتْ فِي هَذِهِ الْحَالِ قَدْ أَسْلَمَتْ مَعَ إِسْلَامِهِ إِذَا كَانَ إِنَّمَا يَنْتَظِرُ جَوَابَهَا أَلَا تَرَى الْآيَةَ لَمَّا نَزَلَتْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا بِالْمَدِينَةِ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِمُ اللَّاتِي كُنَّ بِمَكَّةَ وَلَمْ يُنْتَظَرْ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِنَّ

الْإِسْلَامُ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِلْهُدْنَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ إِلَى أَنْ نَقَضُوا الْعَهْدَ بَعْدَ سِنِينَ مِنَ الصُّلْحِ قَالَ وَالْكَوَافِرُ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِنَّ هَذَا هُنَّ الْمُشْرِكَاتُ مِنَ الْعَرَبِ فَكَانَ سَبِيلُ المجوسيان سَبِيلَهُنَّ فَلَيْسَ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُمْسِكَ بِعِصْمَةِ كَافِرَةٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ كَانَتْ مَعَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي غَيْرِ دَارِ الْإِسْلَامِ قَالَ وَالْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ لِأَنَّهُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَى الْفَسْخِ وَلَيْسَ يُرَاجِعُهَا فِي الْعِدَّةِ إِنْ أَسْلَمَتْ بِخِلَافِهِ إِذَا كَانَ هُوَ الْمُتَقَدِّمَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ إِسْلَامَهُ قَبْلَهَا أَشْبَهُ بِالْمُفَارِقِ يَرْتَجِعُ وَالِارْتِجَاعُ إِنَّمَا هُوَ بِالرِّجَالِ لَا بِالنِّسَاءِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ وَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ قَبْلُ ثُمَّ أَسْلَمَ صَاحِبُهُ فِي الْعِدَّةِ كَانَا عَلَى نِكَاحِهِمَا وَسَوَاءٌ عِنْدَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فِي ذَلِكَ أَوْ غَيْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَكَذَلِكَ سَوَاءٌ عِنْدَهُمْ تَقَدَّمَ إِسْلَامُ الرَّجُلِ أَوْ تَقَدَّمَ إِسْلَامُ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَحَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَسْلَمَا قَبْلُ ثُمَّ أَسْلَمَتِ امْرَأَتَاهُمَا فَاسْتَقَرَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِنْدَ زَوْجِهَا بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ إِذْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ وَأَسْلَمَتِ امْرَأَةُ صَفْوَانَ وَامْرَأَةُ عِكْرِمَةَ فَاسْتَقَرَّتَا بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ

قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ وَذَلِكَ التَّمَادِي فِي الْإِمْسَاكِ بَعْدَ الْعِدَّةِ عَلَى مَا بَيَّنْتُ وَأَحْكَمْتُ فِي ذَلِكَ السُّنَّةُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي الذِّمِّيَّيْنِ إِذَا أَسْلَمَتِ الْمَرْأَةُ عُرِضَ عَلَى الزَّوْجِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَالُوا وَلَوْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ وَأَسْلَمَتْ هُنَاكَ كَانَتِ امْرَأَتَهُ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَفَرَّقُوا بَيْنَ حُكْمِ دَارِ الْإِسْلَامِ وَدَارِ الْحَرْبِ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ فِي النَّصْرَانِيِّ تُسْلِمُ امْرَأَتُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَلَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَجُوسِيَّةً وَأَسْلَمَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ لَمْ تُسْلِمِ الْمَرْأَةُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَى الزَّوْجِ إِذَا أَسْلَمَتِ امْرَأَتُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ فِي الْمَهْرِ إِنْ أَسْلَمَتْ وَأَبَى فَلَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ إِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا النِّصْفُ وَإِنْ أَسْلَمَ وَأَبَتْ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ فَلَا مَهْرَ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا

وقال مالك في النصرانية تكون تحت النصراني فَيَخْرُجُ إِلَى بَعْضِ الْأَسْفَارِ فَتُسْلِمُ امْرَأَتُهُ وَهُوَ غَائِبٌ فَإِنَّهَا تُؤْمَرُ بِالنِّكَاحِ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَلَا يَنْتَظِرُ بِهَا وَلَيْسَ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ إِنْ قَدِمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ نَكَحَتْ أَوْ لَمْ تَنْكِحْ هَذَا إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِي غَيْبَتِهِ فَإِنْ نَكَحَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ زَوْجُهَا أَوْ يَبْلُغَهَا إِسْلَامُهُ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا وَإِنْ أَدْرَكَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا قَالَ وَإِنْ كَانَتِ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً اسْتُؤْنِيَ بِتَزْوِيجِهَا وَكُتِبَ لِلسُّلْطَانِ فَلَعَلَّهُ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً فَلَا وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي صَدَاقِ الْكِتَابِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ إِذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا وَلَا شَيْءَ مِنْهُ مُعَجَّلٌ وَلَا مُؤَجَّلٌ فَإِنْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ لِأَنَّ الْفِرَاقَ مِنْ قِبَلِهَا وَلَوْ بَنَى بِهَا كَانَ لَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدَّةُ فِي الصَّدَاقِ

ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمَرْأَةِ تُسْلِمُ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَيَمَسَّهَا أَنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا سُمِّيَ لَهَا أَوْ لَمْ يُسَمَّ وَلَيْسَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا رَجْعَةٌ لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَوْ دَخَلَ بِهَا كَانَ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا وَكَانَ لَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا فَإِنْ بَقِيَ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَهْرِهَا فَلَهَا بَقِيَّتُهُ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا أَوْ لَمْ يُسْلِمْ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجُوسِيَّةِ يَتَزَوَّجُهَا الْمَجُوسِيُّ ثُمَّ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَرَضَ لَهَا أَوْ لَمْ يَفْرِضْ أَنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا إِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ وَأَبَى هُوَ أَنْ يُسْلِمَ أَوْ أَسْلَمَ قبلها فأبت في أَنْ تُسْلِمَ فِي الْوَجْهَيْنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَزَوَّجَتْ فَجَاءَ زَوْجُهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَعَلِمَتْ بِإِسْلَامِي فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ زَوْجِهَا الْآخَرِ وَرَدَّهَا إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَرَوَاهُ حَفْصُ بْنُ جُمَيْعٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ وَهَذَا لَفْظُهُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَاجَرَتْ وَتَزَوَّجَتْ وَكَانَ زَوْجُهَا قَدْ أَسْلَمَ فَرَدَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى زَوْجِهَا ذَكَرَهُ الْبَزَّارُ وَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجَتْ فَجَاءَ زَوْجُهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ مَعَهَا وَعَلِمَتْ بِإِسْلَامِي فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ زَوْجِهَا الْآخَرِ وَرَدَّهَا إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ بِأَنْ قَالَ خَبَرُ ابْنِ شِهَابٍ مُنْقَطِعٌ وَفِي الْأُصُولِ أَنَّ العدة إذا

وجهت على سبب غير الطَّلَاقِ فَإِنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ وَأَمَّا مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ فَلَا عِدَّةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَوِ ارْتَفَعَ النِّكَاحُ مَا كَانَ يُعْرَضُ الْإِسْلَامُ عَلَى الثَّانِي مِنْهُمَا مَعًا وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ فِي الْفَوْرِ رُوِيَ (عَنْ) عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِذَا أَسْلَمَتِ الْمَرْأَةُ الذِّمِّيَّةُ وَأَبَى زَوْجُهَا أَنْ يُسْلِمَ وَلَمْ يَعْتَبِرِ الْعِدَّةَ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَا فِي النَّصْرَانِيَّةِ تُسْلِمُ تَحْتَ زَوْجِهَا أَخْرَجَهَا عَنْهُ الْإِسْلَامُ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ زِيَادٍ الْأَعْلَمِ عَنِ الْحَسَنِ فِي النَّصْرَانِيَّةِ تَكُونُ تَحْتَ النَّصْرَانِيِّ فَتُسْلِمُ قَبْلَ الدُّخُولِ قَالَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْإِسْلَامُ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَحَسْبُكَ بِقَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ غَيْرُ مَا حَكَى فِي حَدِيثِهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا إِنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ امْرَأَةَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ وَامْرَأَةَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو أَسْلَمَتَا فِي عِدَّتِهِمَا فَأَقَامَا على نكاحهما

وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ امْرَأَةَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَرُدَّتْ إِلَيْهِ وَذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ ابْنَةَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَكَانَتْ تَحْتَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ بِذَلِكَ النِّكَاحِ وَكَانَ بَيْنَ إِسْلَامِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَبَيْنَ إِسْلَامِ امْرَأَتِهِ نَحْوٌ من شهر وأن أم حكيم بنت الحرث بْنِ هِشَامٍ كَانَتْ تَحْتَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ ثُمَّ أَسْلَمَ عِكْرِمَةُ فَثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا (ذَلِكَ) وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ امْرَأَةً هَاجَرَتْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ بِدَارِ الْحَرْبِ إِلَّا فَرَّقَتْ هِجْرَتُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ زَوْجُهَا مُهَاجِرًا قَبْلَ أَنْ تنقضي عدتها

وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ إِذَا أَسْلَمَ وَهِيَ فِي عدتها فهي امرأته يعني إذا كان أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إِنْ أَسْلَمَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ هُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ إِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ فِي عِدَّةِ امْرَأَتِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَفِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ الْمَذْكُورِ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ مِنِ الْفِقْهِ إِثْبَاتُ الْأَمَانِ لِلْكَافِرِ وَدُعَاؤُهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ لَهُ شَوْكَةٌ وَكَانَتْ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ الْعَالِيَةَ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا طُمِعَ بِإِسْلَامِهِ وَفِيهِ التَّأْمِينُ عَلَى شُرُوطٍ تَجُوزُ وَعَلَى الْخِيَارِ فِيهَا

وَفِيهِ جَوَازُ تَصْحِيحِ الْأَمَارَاتِ فِي الْعُقُودِ وَأَنَّ مَنْ صَحَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا أَوْ صَحَّ عِنْدَهُ لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِهَا وَجَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَلَا تَرَى إِلَى إِرْسَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِدَائِهِ أَمَارَةً لِأَمَانِهِ وَفِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الِاجْتِهَادِ وَالْحِرْصِ عَلَى دُخُولِ النَّاسِ فِي الْإِسْلَامِ وَفِيهِ إِجَازَةُ تنكية الْكَافِرِ إِذَا كَانَ وَجْهًا ذَا شَرَفٍ وَطَمَعٍ بِإِسْلَامِهِ وَقَدْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُطْمَعْ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّ الطَّمَعَ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ تُوجِبُ عَمَلًا وقد قال صلى الله عليه وسلم إذ أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ أَوْ كَرِيمَةُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ وَلَمْ يَقُلْ إِنْ طَمِعْتُمْ بِإِسْلَامِهِ وَمِنِ الْإِكْرَامِ دعاؤه بالتكنية وقد كان الكلبي يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا قَالَ كَنِّيَاهُ وَأَمَّا شُهُودُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ وَهُوَ كَافِرٌ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال مالك ولا

أَرَى أَنْ يُسْتَعَانَ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا خَدَمًا أَوْ نَوَاتِيَّةً وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ أَتَاهُ فَقَالَ جِئْتُ لِأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ فِي حِينِ خُرُوجِهِ إِلَى بَدْرٍ إِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ وَهَذَا حَدِيثٌ قَدِ اخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِهِ وَهَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَقَدْ رَوَى أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ لَا بَأْسَ بِالِاسْتِعَانَةِ بِأَهْلِ الشِّرْكِ عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا كَانَ حُكْمُ الْإِسْلَامِ هُوَ الْغَالِبُ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا تُكْرَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ إِذَا كَانَ حُكْمُ الشِّرْكِ هُوَ الظَّاهِرُ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ أَبِي سُفْيَانَ لِلْخُرُوجِ إِلَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ انْطَلَقَ وَبَعَثَ إِلَى بَنِي

النَّضِيرِ وَهُمْ يَهُودُ فَقَالَ لَهُمْ إِمَّا قَاتَلْتُمْ مَعَنَا وَإِمَّا أَعَرْتُمُونَا سِلَاحًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِضَرُورَةٍ دَعَتْهُ إِلَى ذَلِكَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِذَا اسْتُعِينَ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ أُسْهِمَ لَهُمْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يُسْهَمُ لَهُمْ وَلَكِنْ يُرْضَخُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَسْتَأْجِرُهُمُ الْإِمَامُ مِنْ مَالٍ لَا مَالِكَ لَهُ بِعَيْنِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَعْطَاهُمْ مِنْ سَهْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِي مَوْضُوعٍ آخَرَ يُرْضَخُ لِلْمُشْرِكِينَ إِذَا قَاتَلُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اتَّفَقُوا أَنَّ الْعَبْدَ وَهُوَ مِمَّنْ يَجُوزُ أَمَانُهُ إِذَا قَاتَلَ لَمْ يُسْهَمْ لَهُ وَلَكِنْ يُرْضَخُ لَهُ فالكافر أول بِذَلِكَ أَنْ لَا يُسْهَمُ لَهُ وَفِيهِ جَوَازُ الْعَارِيَةِ وَالِاسْتِعَارَةِ وَجَوَازُ الِاسْتِمْتَاعِ بِمَا اسْتُعِيرَ إِذَا كَانَ عَلَى الْمَعْهُودِ مِمَّا يُسْتَعَارُ مِثْلُهُ وَحَدِيثُ صَفْوَانَ هَذَا فِي الْعَارِيَةِ أَصْلٌ فِي هَذَا الباب

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ضَمَانِ الْعَارِيَةِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ الْعَارِيَةَ أَمَانَةٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إِذَا كَانَتْ حَيَوَانًا أَوْ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَتَعَدَّ الْمُسْتَعِيرُ فِيهِ وَلَا ضَيَّعَ وَكَذَلِكَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمَانَةٌ أَيْضًا إِذَا ظَهَرَ هَلَاكُهُ وَصَحَّ مِنْ غَيْرِ تَضْيِيعٍ وَلَا تَعَدٍّ فَإِنْ خَفِيَ هَلَاكُهُ ضُمِنَ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِيهِ إِذَا ادَّعَى هَلَاكَهُ وَذَهَابَهُ وَلَمْ يُقِمْ عَلَى مَا قَالَ بَيِّنَةً وَتَضَمَّنَ أَبَدًا إِذَا كَانَ هَكَذَا وَلَا يَضْمَنُ إِذَا كَانَ هَلَاكُهُ ظَاهِرًا مَعْرُوفًا أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ بِلَا تَضْيِيعٍ وَلَا تَفْرِيطٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَضْمَنُ كُلَّ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ أَوْ لَمْ تَقُمْ وَسَوَاءٌ هَلَكَ بِسَبَبِهِ أَوْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ يَضْمَنُ أَبَدًا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِصَفْوَانَ حِينَ اسْتَعَارَ مِنْهُ السِّلَاحَ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ مُؤَدَّاةٌ قَالَ وَأَمَّا الْحَيَوَانُ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ لِمَا اسْتَعَارَهُ إِلَّا الْحَيَوَانَ وَالْعَقَارَ وَيَضْمَنُ الْحُلِيَّ وَالثِّيَابَ وَغَيْرَهَا قَالَ وَإِنِ اشْتُرِطَ ضَمَانُ الْحَيَوَانِ ضَمِنَهُ

وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا ضَمَانَ فِي الْعَارِيَةِ وَلَكِنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ كَتَبَ بِأَنْ يَضْمَنَهَا فَالْقَضَاءُ الْيَوْمَ عَلَى الضَّمَانِ وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي العارية غير مَضْمُونَةٌ وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِنْهَا إِلَّا بِالتَّعَدِّي وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ عَارِيَةٍ مَضْمُونَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْعَارِيَةَ مَضْمُونَةٌ بِمَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ (مُحَمَّدِ) بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحُوَيْطِيُّ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْعَارِيَةُ مُؤَادَّةٌ والمتحة مَرْدُودَةٌ وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ وَمَنْ قَالَ إِنَّ الْعَارِيَةَ لَا تُضْمَنُ قَالَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا أَمَانَةٌ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا فَجَعَلَ الْأَمَانَاتِ مُؤَدَّاةً

قَالَ وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ الْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ إِذَا وُجِدَتْ قَائِمَةَ الْعَيْنِ وَهَذَا مَا لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ وَإِنَّمَا التَّنَازُعُ فِيهَا إِذَا تَلِفَتْ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ضَمَانُهَا وَاحْتَجَّ أَيْضًا مَنْ قَالَ إِنَّ الْعَارِيَةَ مَضْمُونَةٌ بِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَارَ مِنْهُ دُرُوعًا يَوْمَ خَيْبَرَ فَقَالَ أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذِهِ رِوَايَةُ يَزِيدَ بِبَغْدَادَ وَفِي رِوَايَتِهِ بِوَاسِطٍ غَيْرُ هَذَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَانَ أَعَارَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ ثُمَّ أَسْلَمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ صَفْوَانَ هَذَا اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ اخْتِلَافًا يَطُولُ ذِكْرُهُ فَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُ فِيهِ الضَّمَانَ وَبَعْضُهُمْ لَا يذكره وبعضهم يقول فيه عن عبد العزيز

ابن رفيع عن ابن أبي مليكية عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ (عَنْ أَبِيهِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ) عَنِ ابْنِ صَفْوَانَ قَالَ اسْتَعَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقُولُ عَنْ أَبِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أُنَاسٍ مِنْ آلِ صَفْوَانَ أَوْ مِنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ مُرْسَلًا أَيْضًا وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ نَاسٍ مِنْ آلِ صَفْوَانَ وَلَا يَذْكُرُ فِيهِ الضَّمَانَ وَلَا يَقُولُ مُؤَدَّاةً بَلْ عَارِيَةً فَقَطْ وَالِاضْطِرَابُ فِيهِ كَثِيرٌ وَلَا يَجِبُ عِنْدِي بِحَدِيثِ صَفْوَانَ هَذَا حُجَّةٌ فِي تَضْمِينِ الْعَارِيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ نَاسٍ مِنْ آلِ صَفْوَانَ قَالُوا اسْتَعَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ سِلَاحًا فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ أَعَارِيَةٌ أَمْ غَصْبٌ فَقَالَ بَلْ عَارِيَةٌ فَأَعَارَهُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ إِلَى الْأَرْبَعِينَ دِرْعًا فَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا فَلَمَّا هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)

اجْمَعُوا أَدْرَاعَ صَفْوَانَ فَفَقَدُوا مِنْ أَدْرَاعِهِ أَدْرَاعًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ شِئْتَ غَرِمْنَاهَا لَكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فِي قَلْبِي الْيَوْمَ مِنِ الْإِيمَانِ مَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أُنَاسٍ مِنْ آلِ صَفْوَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا صَفْوَانُ هَلْ عِنْدَكَ مِنْ سِلَاحٍ قَالَ عَارِيَةٌ أَمْ غَصْبٌ قَالَ بَلْ عَارِيَةٌ فَأَعَارَهُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ إِلَى الْأَرْبَعِينَ ثُمَّ سَاقَ مِثْلَ حديث أبي الأحوص سواء إلى آخره بِمَعْنَاهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ فَذَكَرَهُ وَاحْتَجَّ أَيْضًا مَنْ ضَمَّنَ الْعَارِيَةَ بِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو داود قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ هُوَ أَمِينُكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ ثُمَّ إِنَّ الْحَسَنَ نَسِيَ قَالَ هُوَ أَمِينُكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ قَالَ قَتَادَةُ ثُمَّ إِنَّ الْحَسَنَ نَسِيَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ أَمِينُكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتُلِفَ فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنْ لَا ضَمَانَ فِي الْعَارِيَةِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ وَاللَّهُ الموفق للصواب

الحديث الرابع والخمسون

(حَدِيثٌ رَابِعٌ مِنْ مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) أَنَّهُ قَالَ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ نَالَنَا وَبَاءٌ مِنْ وَعْكِهَا شَدِيدٌ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يُصَلُّونَ فِي سُبْحَتِهِمْ قُعُودًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الْقَاعِدِ مِثْلُ نِصْفِ صَلَاةِ الْقَائِمِ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ فِيمَا عَلِمْتُ بِهَذَا الإسناد مرسلا

وَرَوَى فِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أبيه وَلَا يَصِحُّ وَرَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَى ذَلِكَ (أَحَدٌ) مِنْ رُوَاةِ مَالِكٍ وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ هَكَذَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ابْنُ عُيَيْنَةَ وَحْدَهُ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَمِنَ اخْتِلَافِ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ صَالِحَ بْنَ أَبِي الْأَخْضَرِ وَابْنَ جُرَيْجٍ رَوَيَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ وَرَوَاهُ صَالِحُ بن عمر عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ

وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ بِمِثْلِ رِوَايَةِ مَالِكٍ سَوَاءً فِي الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ هَذِهِ رِوَايَةُ الدَّبَرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ رَوَاهُ خُشَيْشٌ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ مَنِيعٍ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُرَّةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ عُمَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَكُلُّ هَذَا خَطَأٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

فَأَمَّا رِوَايَةُ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ فَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ بْنِ خَلِيلٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ الشَّعْرَانِيُّ بِتِنِّيسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا خَلَّادٌ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّاسُ الْمَدِينَةَ أَصَابَهُمْ وَعْكٌ (مِنْ وَبَاءِ الْمَدِينَةِ) فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ فِي سُبْحَتِهِمْ قُعُودًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى نِصْفِ صَلَاةِ الْقَائِمِ وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ جُرَيْجٍ فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلَّانُ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ قَالَا حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهِيَ مُحَمَّةٌ فَحُمَّ النَّاسُ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالنَّاسُ قُعُودٌ فَقَالَ صَلَاةُ الْقَاعِدِ نِصْفُ صَلَاةِ الْقَائِمِ فَتَجَشَّمَ النَّاسُ الْقِيَامَ

وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَحَدَّثْنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَذَكَرَهُ وَأَمَّا رِوَايَةُ صَالِحِ بْنِ عُمَرَ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنِ الْحَسَنِ عَلَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا صالح بن أبي الأخضر عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْمُطَّلِبِ قَالَ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُصَلِّي قَاعِدًا فَقَالَ صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ قَالَ فَتَجَشَّمَ النَّاسُ الْقِيَامَ وَهَذَا عِنْدِي خَطَأٌ مِنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ أَوْ مِمَّنْ دُونَهُ فِي الْإِسْنَادِ وَأَمَّا حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ عَنْ حَفْصَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي فِي سُبْحَتِهِ قَاعِدًا قَبْلَ وَفَاتِهِ بِعَامٍ وَيَقْرَأُ بِالسُّورَةِ وَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ الْحُفَّاظُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَمِنْهُمْ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ

وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي جَالِسًا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ حُدِّثْتُ أَنَّكَ قُلْتَ صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ وَأَنْتَ تُصَلِّي جَالِسًا قَالَ أَجَلْ وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُصَلِّيَ قَاعِدًا فَقَالَ أَمَا إِنَّ لِلْقَاعِدِ نِصْفَ صَلَاةِ الْقَائِمِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْقَوْلِ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِهِ مَا بَلَغَهُ عِلْمُنَا مُخْتَصَرًا مُهَذَّبًا وَلَمْ نَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ مَعَانِيهِ لِتَقَدُّمِ الْقَوْلِ فِيهَا مُمَهَّدَةً فِي بَابِ الْأَلِفِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا الْوَبَاءُ فَمَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ وَهُوَ الطَّاعُونُ يُقَالُ أَرْضٌ وَبِيئَةٌ أَيْ ذَاتُ وَبَاءٍ وَأَمْرَاضٍ وَأَمَّا الْوَعْكُ فَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْحُمَّى دُونَ سَائِرِ الْأَمْرَاضِ وَأَمَّا السُّبْحَةُ فَهِيَ النَّافِلَةُ مِنَ الصَّلَاةِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ كُلَّ صَلَاةٍ سُبْحَةٌ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَيَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ إِلَّا النَّافِلَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الدِّيوَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لَا شَرِيكَ لَهُ

الحديث الخامس والخمسون

(حَدِيثٌ خَامِسٌ مِنْ مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أُمَّ حَكِيمٍ بِنْتَ الحرث بْنِ هِشَامٍ) وَكَانَتْ تَحْتَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ وَهَرَبَ زَوْجُهَا عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ مِنَ الْإِسْلَامِ حَتَّى قَدِمَ الْيَمَنَ فَارْتَحَلَتْ أُمُّ حَكِيمٍ حَتَّى قَدِمَتْ عَلَيْهِ باليمن فَدَعَتْهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَبَ إِلَيْهِ فَرِحًا وَمَا عَلَيْهِ رِدَاءٌ حتى بايعه فثبتا على نكاحهما في هذ الْحَدِيثِ مِنَ الْمَعَانِي وُثُوبُ الرَّجُلِ الْجَلِيلِ إِلَى مَا يَفْرَحُ بِهِ فِي دِينِهِ وَكَذَلِكَ عِنْدِي وُثُوبُهُ لِمَا يُسَرُّ بِهِ فِي دُنْيَاهُ إِذَا لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي دِينِهِ وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ بِإِسْلَامِ قُرَيْشٍ وَأَشْرَافِ النَّاسِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَنْ أَسْلَمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِبَاسَ الرِّدَاءِ كَانَ مِنْ شَأْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا الْقَوْلُ فِي ثُبُوتِ نِكَاحِهِمَا فَقَدْ تَقَدَّمَ مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ لَا يَفْتَرِقَانِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ وَكَيْفَ كَانَ إِسْلَامُهُ وَشَيْئًا كَافِيًا مِنْ خَبَرِهِ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسماعيل وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ جِئْتُهُ مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَا أَدَعُ نَفَقَةً أَنْفَقْتُهَا عَلَيْكَ إِلَّا أَنْفَقْتُ مِثْلَهَا فِي سَبِيلِ الله

الحديث السادس والخمسون

حَدِيثٌ سَادِسٌ مِنْ مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال لِرَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ حِينَ أَسْلَمَ أَمْسِكْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَأَكْثَرُ رُوَاةِ ابْنِ شِهَابٍ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِغَيْلَانَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الثَّقَفِيِّ حِينَ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ خُذْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ عَنْ مَالِكٍ وَمَعْمَرٍ وَبَحْرٍ السَّقَّاءِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ مُسْنَدًا فَأَخْطَأَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ عَلَى مَالِكٍ وَلَمْ يُتَابَعْ عَنْهُ عَلَى ذَلِكَ وَوَصَلَهُ مَعْمَرٌ فَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ مِنْ خَطَأِ مَعْمَرٍ وَمِمَّا حَدَّثَ بِهِ بِالْعِرَاقِ مِنْ حِفْظِهِ وَصَحِيحُ حديثه ما حدث به باليمن مِنْ كُتُبِهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ

قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عن أبيه أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ الثَّقَفِيَّ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبُّوَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ لَمْ يُسْنِدْ لَنَا مَعْمَرٌ حَدِيثَ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ وَقَدْ روي عن قيس بن الحرث وبعضهم يقول فيه الحرث بن قيس الأسدي والأكثر قيس بن الحرث قَالَ أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي ثَمَانِي نِسْوَةٍ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اخْتَرْ منهن أربعا

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَوَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ قَالَا أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عن حميضة بن الشمرذل عن الحرث بْنِ قَيْسٍ قَالَ مُسَدَّدٌ ابْنِ عُمَيْرَةَ قَالَ وَهْبٌ الْأَسَدِيُّ قَالَ أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي ثَمَانِي نِسْوَةٍ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ بهذا الحديث فقال قيس بن الحرث مكان الحرث بْنِ قَيْسٍ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هَذَا هو الصواب يعني قيس بن الحرث قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قال حدثنا بكر بن عبد الرحمان قَاضِي الْكُوفَةِ عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُخْتَارِ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ حُمَيْضَةَ بْنِ الشَّمَرْذَلِ عن قيس بن الحرث بمعناه

قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ عَنْ هُشَيْمٍ فِي هذا الإسناد الحرث بْنُ قَيْسٍ وَعَنْ غَيْرِ هُشَيْمٍ قَيْسُ بْنُ الحرث وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّ عِيسَى بْنَ الْمُخْتَارِ وَالْكَلْبِيَّ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ هَكَذَا يقول الثوري عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ حُمَيْضَةَ بْنِ الشَّمَرْذَلِ عَنِ قيس بن الحرث بْنِ حُذَافٍ الْأَسَدِيِّ قَالَ أَسْلَمْتُ وَكَانَ عِنْدِي ثَمَانِي نِسْوَةٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَاتْرُكْ أَرْبَعًا وَرَوَاهُ شَرِيكٌ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ حُمَيْضَةَ بْنِ الشمرذل عن الحرث بْنِ قَيْسٍ قَالَ أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي ثَمَانِي نِسْوَةٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنِي أَنْ أَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ فَذَكَرَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عن الكلبي عن ابن شمرذل عن قيس بن الحرث الْأَسَدِيِّ قَالَ أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي ثَمَانِي نِسْوَةٍ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ كَذَا قَالَ ابْنُ الشَّمَرْذَلِ بِالذَّالِ وَإِنَّمَا هُوَ الشَّمَرْدَلِ وَهُوَ الرَّجُلُ الطَّوِيلُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حدثنا بكر بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ عَنِ ابْنِ أبي ليلى عن حميضة بن الشمرذل عن قيس بن الحرث الأسدي أنه أسلم وتحته ثاني نِسْوَةٍ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَحَادِيثُ الْمَرْوِيَّةُ فِي هَذَا الْبَابِ كُلُّهَا مَعْلُولَةٌ وَلَيْسَتْ أَسَانِيدُهَا بِالْقَوِيَّةِ وَلَكِنَّهَا لَمْ يُرْوَ شَيْءٌ يُخَالِفُهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأُصُولُ تُعَضِّدُهَا وَالْقَوْلُ بِهَا وَالْمَصِيرُ إِلَيْهَا أَوْلَى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذلك قفال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ كِتَابِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ أَوْ خَمْسُ نِسْوَةٍ أَوْ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَلَا يُبَالِي كُنَّ الْأَوَائِلَ أَوِ الْأَوَاخِرَ عَلَى مَا رُوِيَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ إِذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ اخْتَارَ أَيَّتَهُمَا شَاءَ إِلَّا أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ رُوِيَ عَنْهُ فِي الْأُخْتَيْنِ أَنَّ الْأُولَى امْرَأَتُهُ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ يَخْتَارُ الْأَوَائِلَ فَإِنْ تَزَوَّجْنَ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَخْتَارُ الْأَرْبَعَ الْأَوَائِلَ فَإِنْ لَمْ يَدْرِ أَيَّتَهُنَّ أَوَّلَ طَلَّقَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تَطْلِيقَةً حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُنَّ ثُمَّ يَتَزَوَّجُ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا إِنْ شَاءَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ سُئِلَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ رَجُلٍ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ قَالَ يُفَارِقُ سِتًّا وَيُقِيمُ عَلَى أَرْبَعٍ وَتِلْكَ السُّنَّةُ الَّتِي أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّقَفِيَّ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَإِنْ وَجَدَ الِاثْنَتَيْنِ مِنَ الْأَرْبَعِ أُخْتَيْهِ قَالَ يَكُونُ لَهُ مِنَ السِّتِّ اثْنَتَانِ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ إِنَّمَا ظَنَّ السُّلْطَانُ أَنَّهُ قَدْ أَبْقَى لَهُ أَرْبَعًا فَفَسَخَ مَا سِوَى ذَلِكَ بِتَخْيِيرِهِ إِيَّاهُ ثُمَّ انْكَشَفَ أَنَّ مِنْهُنَّ أُخْتَيْنِ لَهُ فَيَنْبَغِي أن يرد إلي بخييره كَمَا لَوْ كُنَّ عِنْدَهُ أَمْسَكَ أَرْبَعًا وَفَسَخَ مَا سِوَى ذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ يَعْنِي تَخْيِيرَهُ مِنَ السِّتِّ اثْنَتَيْنِ لِأَنَّهُ رَجُلٌ كَانَ عِنْدَهُ ثَمَانِي نِسْوَةٍ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَ أَرْبَعًا فغلط

عليه السطان فَنَزَعَ مِنْهُ سِتًّا لِأَنَّ أُخْتَيْهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ لَمْ يَكُونَا زَوْجَتَيْهِ قِيلَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ فَلِمَ تَزَوَّجْنَ قَالَ إِذْ لَا يَكُونُ لَهُ إِلَيْهِنَّ سَبِيلٌ لِأَنَّهُ أَحَلَّهُنَّ لِمَنْ نَكَحَهُنَّ قَالَ وَإِنْ كَانَ خَفِيَ عَلَى الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ قَدْ فَاتَ وَقِيلَ النِّكَاحُ لَمْ يَفُتْ فَمَنْ هُنَاكَ رَدَّ عَلَيْهِ قَالَ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ فَهِيَ مِثْلُ الْمُطَلَّقَةِ لَمْ تَبْلُغْهَا الرَّجْعَةُ فَتَزَوَّجَتْ وَهِيَ زَوْجَةٌ لِلْأَوَّلِ فَفَاتَتْ وَمَضَى ذَلِكَ قَالَ وَلَوْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ أُخْتَانِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوِ امْرَأَةٌ وَعَمَّتُهَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ كَأَنَّمَا عَقَدَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ عَقْدًا وَاحِدًا وَقَالَ أَبُو ثَابِتٍ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْتَ الْحَرْبِيَّ أَوِ الذِّمِّيَّ يُسْلِمُ وَقَدْ تَزَوَّجَ الْأُمَّ وَالِابْنَةَ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ عُقْدَتَيْنِ فَلَمْ يَبْنِ بِهِمَا أَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ أَيَّتَهُمَا شَاءَ وَيُفَارِقَ الْأُخْرَى قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَسَّهُمَا جَمِيعًا فَإِنْ مَسَّهُمَا جَمِيعًا فَارَقَهُمَا جَمِيعًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ مَسَّ وَاحِدَةً وَلَمْ يَمَسَّ الْأُخْرَى لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الَّتِي لَمْ يمس وامرأته ههنا الَّتِي قَدْ مَسَّ قَالَ وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَجُوسِيِّ يُسْلِمُ وَتَحْتَهُ الْأُمُّ وَابْنَتُهَا أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَصَابَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا

اخْتَارَ أَيَّتَهُمَا شَاءَ وَإِنْ وَطِئَ إِحْدَاهُمَا أَقَامَ عَلَى الَّتِي وَطِئَ وَفَارَقَ الْأُخْرَى وَإِنْ مَسَّهُمَا جَمِيعًا فَارَقَهُمَا جَمِيعًا وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَبَدًا وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَنْكِحُ الْمَرْأَةَ الْمُشْرِكَةَ وَابْنَتَهَا فَدَخَلَ بِهِمَا ثُمَّ أَسْلَمَ وَيُسْلِمَانِ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ وَلَا يَنْكِحُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَبَدًا قَالَ إِسْمَاعِيلُ كُلُّ مِلْكٍ لَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَسْتَأْنِفَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلَّذِي أَسْلَمَ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ قَالَ وَحَدَّثَنِي أَبُو ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ مَجُوسِيًّا أَسْلَمَ وَكَانَ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ وَابْنَتُهَا فَكَتَبَ فِيهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ لَهُ فِي النِّسَاءِ سَعَةً فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ ثُمَّ لَا يَرْتَجِعُ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ أَنَّ عَدِيَّ بْنَ أَرْطَاةَ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عبد العزيز يسأله عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْمَجُوسِ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ وَابْنَتُهَا أَسْلَمَتَا مَعَهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنْ يُطَلِّقَهُمَا جَمِيعًا وَقَالَ لَا أُحِبُّ أَنْ يُمْسِكَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَقَدِ اطَّلَعَ ذَلِكَ الْمُطَّلَعَ مِنْهُمَا

وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُشْرِكِ يُسْلِمُ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَنَّهُ يَخْتَارُ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَلَا يُبَالِي أَوَائِلَ كُنَّ أَوْ أَوَاخِرَ هُوَ فِي ذَلِكَ بِالْخِيَارِ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ مِنَ الْأَوَائِلِ أَرْبَعٌ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ جَازَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ مِنَ الْأَوَاخِرِ أَرْبَعًا وَلَوْ كَانَ كَمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَحْبِسَ الْأَوَاخِرَ إِذَا مَاتَ الْأَوَائِلُ لِأَنَّ نِكَاحَهُنَّ فَاسِدٌ فِي قَوْلِهِمْ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَكَانَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ يَقُولُ يَحْبِسُ الْأَوَائِلَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو داود وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيْشَانِيِّ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ قال طلق أيتهما شئت ورواه وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيْشَانِيِّ سَمِعَ الضَّحَّاكَ بْنَ فَيْرُوزٍ عَنْ أَبِيهِ مثله سواء

الحديث السابع والخمسون

حَدِيثٌ سَابِعٌ مِنْ مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ وَأَنَّ عُمَرَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ فَارِسَ وَأَنَّ عُثْمَانَ أَخَذَهَا مِنَ الْبَرْبَرِ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَرَوَاهُ عبد الرحمان بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَجَّ مَعَهُ وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم تِسْعِ سِنِينَ وَأَشْهُرٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ هَكَذَا حَدَّثَنَا بِهِ خَلَفٌ وَكَتَبْتُهُ مِنْ كتابه وحدثنا محمد بن عبدوس قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ الْيَحْمَدِيُّ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ وَأَخَذَهَا عُمَرُ مِنْ فَارِسَ وَأَخَذَهَا عُثْمَانُ مِنَ الْبَرْبَرِ قَالَ عَلِيٌّ وَحَدَّثَنَا بِهِ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق بن خزيمةن حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ تَفَرَّدَ بِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ السَّائِبَ غَيْرَهُ

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ صَاحِبُ عَبْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ أَبُو عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ وَأَخَذَهَا عُمَرُ مِنْ فَارِسَ وَأَخَذَهَا عُثْمَانُ مِنْ بَرْبَرٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ سُئِلَ أَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ نَعَمْ أَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ وَعُمَرُ مِنْ أَهْلِ السواد وَعُثْمَانُ مِنْ بَرْبَرٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَأَنَّ عُمَرَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ السَّوَادِ وَأَنَّ عُثْمَانَ أَخَذَهَا مِنْ بَرْبَرٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ إِنَّ أَهْلُ السَّوَادِ لَيْسَ لَهُمْ عَهْدٌ فَلَمَّا أَخَذَ مِنْهُمُ الْخَرَاجُ كَانَ لَهُمْ عَهْدٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْجِزْيَةِ وَأَحْكَامِهَا مُجَوَّدًا فِي بَابِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثامن والخمسون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ مِنْ مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْبَحَتَا صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ فَأُهْدِيَ لَهُمَا طَعَامٌ فَأَفْطَرَتَا عَلَيْهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَالَتْ حَفْصَةُ وَبَدَرَتْنِي بِالْكَلَامِ وَكَانَتْ بِنْتَ أَبِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصْبَحْتُ أَنَا وَعَائِشَةُ صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ فَأُهْدِيَ لَنَا طَعَامٌ فَأَفْطَرْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْضِيَا يَوْمًا مَكَانَهُ آخَرَ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مُسْنَدًا وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَعِيدٍ حَدَّثَنَا

عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ (عَنْ) عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ أَصْبَحَتَا صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ فَأُهْدِيَ لَهُمَا شَيْءٌ مِنْ طَعَامٍ فَأَفْطَرَتَا عَلَيْهِ فَدَخَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ حَفْصَةُ وَبَدَرَتْنِي بِالْكَلَامِ وَكَانَتِ ابْنَةَ أَبِيهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصْبَحْتُ أَنَا وَعَائِشَةُ صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ فَأُهْدِيَ لَنَا شَيْءٌ مِنْ طَعَامٍ فَأَفْطَرْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُومَا يَوْمًا مَكَانَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُطَرِّفٍ وَرَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ كَذَلِكَ مُسْنَدًا عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْقُدَامِيُّ وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ حَدِيثٌ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ابْنِ شِهَابٍ فَرَوَاهُ مَالِكٌ كَمَا تَرَى وَرَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ وَسُفْيَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ سَوَاءً بِمَعْنَاهُ مُسْنَدًا قَالَ أَبُو عُمَرَ مَدَارُ حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَلَى يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ وَهُوَ صَالِحٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ وَجَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ فِي الزُّهْرِيِّ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ فِي حَدِيثِهِمَا عَنِ

الزُّهْرِيِّ خَطَأٌ كَثِيرٌ وَحُفَّاظُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ يَرْوُونَهُ مُرْسَلًا مِنْهُمْ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ هَكَذَا رَوَى حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ الدُّورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ أَصْبَحَتَا صَائِمَتَيْنِ فَأُهْدِيَ لَهُمَا هَدِيَّةٌ فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَفْطَرَتَا فَأَمَرَهُمَا أَنْ يَقْضِيَا يَوْمًا مَكَانَهُ وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَحْكِي عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ هُوَ عَنْ عُرْوَةَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْنَاهُ مِنْ صَالِحِ (بْنِ أَبِي) الْأَخْضَرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَصْبَحْتُ أَنَا وحفصة

صَائِمَتَيْنِ فَأُهْدِيَ لَنَا طَعَامٌ مَحْرُوصٌ عَلَيْهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ سُفْيَانُ فَسَأَلُوا (الزُّهْرِيَّ) وَأَنَا شَاهِدٌ أَهْوَ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ لَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَظُنُّ السَّائِلَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ بِالذِّكْرِ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ ابْنُ جُرَيْجٍ لِأَنَّهُ قَدْ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيَّنَ الْعِلَّةَ فِيهِ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ وَعَبْدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا (حَدَّثَنَا) أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ شِهَابٍ أَحَدَّثَكَ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَفْطَرَ فِي التَّطَوُّعِ فَلْيَصُمْهُ قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَلَكِنْ حَدَّثَنِي فِي خِلَافَةِ سُلَيْمَانَ إِنْسَانٌ عَنْ بَعْضِ مَنْ كَانَ يَسْأَلُ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ أَصْبَحْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ فَقُرِّبَ إِلَيْنَا طَعَامٌ فَابْتَدَرْنَاهُ فَأَكَلْنَا فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَدَرَتْنِي حَفْصَةُ وَكَانَتْ بِنْتَ أَبِيهَا فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُومَا يَوْمًا مَكَانَهُ

وَهَكَذَا هُوَ فِي الْمُصَنَّفِ فِي رِوَايَةِ الدَّبَرِيِّ سَوَاءٌ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ يَعْنِي ابْنَ شِهَابٍ أَسَمِعْتَهُ مِنْ عُرْوَةَ بن الزبير قال لا إنما أخبرنيه بِبَابِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَوْ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عائشة حديث إلا يَصِحُّ فِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُومَا يَوْمًا مَكَانَهُ وَرُوِيَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا بِمِثْلِ ذَلِكَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَأَحْسَنُ حَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ إِسْنَادًا حَدِيثُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ حَيْوَةَ عَنِ ابْنِ الْهَادِي عَنْ زميل مولى عروة عن عروة عن عائشة وَحَدِيثُ ابْنِ وَهْبٍ أَيْضًا عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عائشة غلا أَنَّ غَيْرَ جَرِيرٍ إِنَّمَا يَرْوِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ عِلَلُ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ ذِكْرُ مُتَطَوِّعَتَيْنِ وَلَكِنَّهُ

مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُمَا لَوْ كان صيامهما واجبا أَفْطَرَتَا وَلَوْ أَفْطَرَتَا مَا احْتَاجَتَا إِلَى نَقْلِ الْقَضَاءِ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ ابْنِ الْهَادِي عَنْ زُمَيْلٍ مَوْلَى عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أُهْدِيَ لِي وَلِحَفْصَةَ طَعَامٌ وَكُنَّا صَائِمَتَيْنِ فَأَفْطَرْنَا ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ فَاشْتَهَيْنَاهَا فَأَفْطَرْنَا فَقَالَ لَا عَلَيْكُمَا صُومَا يَوْمًا مَكَانَهُ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنِ ابْنِ الْهَادِي قَالَ حَدَّثَنِي زُمَيْلٌ مَوْلَى عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَهُ سَوَاءً حَرْفًا بِحَرْفٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَصْبَحْتُ صَائِمَةً أَنَا وَحَفْصَةُ وَأُهْدِيَ لَنَا طعام

فَأَعْجَبَنَا فَأَفْطَرْنَا فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَادَرَتْنِي حَفْصَةُ فَسَأَلَتْهُ فَقَالَ صُومَا يَوْمًا مَكَانَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا مُتَطَوِّعًا فَأَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَحُجَّتُهُمْ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْآثَارِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ أَسْتَحِبُّ لَهُ أَنْ لَا يُفْطِرَ فَإِنْ أَفْطَرَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْضِيَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ صَاحِبِهِمْ وَالْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْأَثَرِ يَقُولُونَ إِنَّ الْمُتَطَوِّعَ إِذَا أَفْطَرَ نَاسِيًا أَوْ غَلَبَهُ شَيْءٌ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ الْمُتَطَوِّعُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إِذَا أَفْطَرَ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا قِيَاسًا عَلَى الْحَجِّ قَالَ الْأَثْرَمُ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ رَجُلٍ أَصْبَحَ صَائِمًا مُتَطَوِّعًا فَبَدَا لَهُ فَأَفْطَرَ أَيَقْضِيهِ

فقال إن قضاه فحسن وأوجو أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ قِيلَ لَهُ فَالرَّجُلُ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ مُتَطَوِّعًا أَلَهُ أَنْ يَقْطَعَهَا فَقَالَ الصَّلَاةُ أَشَدُّ فَلَا يَقْطَعْهَا قِيلَ لَهُ فَإِنْ قَطَعَهَا أَيَقْضِيهَا فَقَالَ إِنْ قَضَاهَا خَرَجَ مِنَ الِاخْتِلَافِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُتَطَوِّعَ إِذَا أَفْطَرَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قَضَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد المؤمن قال حدثنا محمد بن بكر بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الحرث عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَجَلَسَتْ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمُّ هَانِئٍ عَنْ يَمِينِهِ قَالَ فَجَاءَتِ الْوَلِيدَةُ بِإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ فَنَاوَلْتُهُ فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ نَاوَلَهُ أُمَّ هَانِئٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَفْطَرْتُ وَكُنْتُ صَائِمَةً قَالَ لَهَا أَكُنْتِ تَقْضِينَ شَيْئًا قَالَتْ لَا قَالَ فَلَا يَضُرُّكِ إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ أُمِّ هَانِئٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وأنا صَائِمَةٌ فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي فَشَرِبْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ صَائِمَةً وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَرُدَّ سُؤْرَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَ مِنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ فَاقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ فَإِنْ شِئْتِ فَاقْضِي وَإِنْ شِئْتِ فَلَا تَقْضِي اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى سِمَاكٍ وَغَيْرِهِ وَهَذَا الْإِسْنَادُ أَصَحُّ إِسْنَادٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا خَالَفَهُ فَلَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ كَذَلِكَ عَنْ سِمَاكٍ قَالَ شُعْبَةُ وَكَانَ سِمَاكٌ يَقُولُ حَدَّثَنِي ابْنَا أُمِّ هَانِئٍ فَرَوَيْتُهُ عَنْ أَفْضَلِهِمَا وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا لِجَوَازِ الْفِطْرِ فِي التَّطَوُّعِ بِأَنْ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَمَّتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنَّا خَبَّأْنَا لَكَ حَيْسًا فَقَالَ أَمَا إِنِّي كُنْتُ أُرِيدُ الصوم ولكن قريبه قَالَ وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ وَهُوَ صَائِمٌ رَفَعَ إِنَاءً فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ وَهُوَ عَلَى الرَّحْلِ فَشَرِبَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ قَالَ وَهَذَا لِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَأَنْ لَا يَدْخُلُ وَكَانَ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ كَانَ لَهُ إِذَا دَخَلَ فِيهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ فَالتَّطَوُّعُ بِهَذَا أَوْلَى قَالَ وَأَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَعَبْدُ الْمَجِيدِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ لَا يَرَى بِالْإِفْطَارِ فِي صِيَامِ التَّطَوُّعِ بَأْسًا قَالَ وَأَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ وَعَبْدُ الْمَجِيدِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُفْطِرَ الْإِنْسَانُ فِي صِيَامِ التَّطَوُّعِ وَيَضْرِبُ لِذَلِكَ أَمْثَالًا رَجُلٌ طَافَ سَبْعًا وَلَمْ يُوفِهِ فَلَهُ مَا احْتَسَبَ أَوْ صلى ركعة

ثُمَّ لَمْ يُصِلِّ أُخْرَى فَلَهُ مَا احْتَسَبَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ وَعَبْدُ الْمَجِيدِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِالْإِفْطَارِ فِي صِيَامِ التَّطَوُّعِ بَأْسًا قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مِثْلَهُ وَذَكَرَ هَذِهِ الْآثَارَ كُلَّهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ سَوَاءً وَذَكَرَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ الصَّوْمُ كَالصَّدَقَةِ أَرَدْتَ أَنْ تَصُومَ فَبَدَا لَكَ أَوْ أَرَدْتَ أَنْ تَصَدَّقَ فَبَدَا لَكَ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا مُتَطَوِّعًا إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَلَا قَضَاءَ وَهُوَ قَوْلُ سُلَيْمَانَ

وأبي الدرداء ومجاهد وطاووس وَعَطَاءٍ وَاخْتُلِفَ فِيهَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْهِ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ عَنْ شَرِيكٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ سَالِمٍ يَعْنِي الْأَفْطَسَ أَنَّهُ صَنَعَ طَعَامًا فَأَرْسَلَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ إِنِّي صَائِمٌ فَحَدَّثَهُ بِحَدِيثِ سَلْمَانَ أَنَّهُ فَطَّرَ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَأَفْطَرَ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَنْ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْحُجَّةَ بِالْإِجْمَاعِ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ وَالْعُمْرَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ الْخُرُوجُ مِنْهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِمَا وَإِنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْهُمَا قَضَاهُمَا وَأَنَّ الصِّيَامَ قِيَاسٌ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ أَوْ صِيَامَهُ أَوْ طَوَافَهُ كَانَ عَاصِيًا لَوْ تَمَادَى فِي ذَلِكَ فَاسِدًا وَهُوَ بِالْحَجِّ مَأْمُورٌ بِالتَّمَادِي فِيهِ فَاسِدًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ حَتَّى يُتِمَّهُ عَلَى فَسَادِهِ ثُمَّ يَقْضِيَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَيَّ قَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ طَعَامٍ فَإِذَا قُلْنَا لَا قَالَ إِنِّي صَائِمٌ

فَدَخَلَ عَلَيْنَا يَوْمًا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَحَبَسْنَاهُ لَكَ فَقَالَ أَدْنِيهِ فَأَصْبَحَ صَائِمًا وَأَفْطَرَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِيهَا وَهُوَ صَائِمٌ فيقول أصبح عندك شَيْءٌ نَطْعَمُهُ فَتَقُولُ لَا فَيَقُولُ إِنِّي صَائِمٌ ثُمَّ جَاءَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَتْ أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ فَقَالَ مَا هِيَ قَالَتْ حَيْسٌ قَالَ قَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فَأَكَلَ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَيْضًا عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى (عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو الْأَحْوَصِ وَشَرِيكٌ وَالْحَدِيثُ لِطَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى) عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ وَمُجَاهِدٍ جَمِيعًا عَنْ عَائِشَةَ قَدْ جَمَعَهُمَا فِي هَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ وَالثَّوْرِيُّ

وَقَالَ النَّسَائِيُّ مَنْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى كُنْتُ أَرَدْتُ الصَّوْمَ وَلَكِنْ أَصُومُ يَوْمًا مَكَانَهُ فَقَدْ أَخْطَأَ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى فَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَلَكِنْ أَصُومُ يَوْمًا مَكَانَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى انْفَرَدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا انْفَرَدَ بِهِ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ لِضَعْفِهِ وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي إِيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُتَطَوِّعِ إِذَا أَفْسَدَ صَوْمَهُ عَامِدًا مَعَ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَيْسَ مَنْ أَفْطَرَ عَامِدًا بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّوْمِ بِمُعَظِّمٍ لِحُرْمَةِ الصَّوْمِ وَقَدْ أَبْطَلَ عَمَلَهُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِتَمَامِهِ وَنَهَاهُ عَنْ إِبْطَالِهِ وَالنَّهْيُ عَنِ الشَّيْءِ يَقْتَضِي الْأَمْرَ بِضِدِّهِ وَقَدْ قَالَ الله عِزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَهَذَا يَقْتَضِي عُمُومُهُ الْفَرْضَ وَالنَّفْلَ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ

وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُفْسِدَ لِحَجَّةِ التَّطَوُّعِ أَوْ عُمْرَتِهِ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ فَالْقِيَاسُ عَلَى هَذَا الْإِجْمَاعِ إِيجَابُ الْقَضَاءِ عَلَى مُفْسِدِ صَوْمِهِ عَامِدًا قِيَاسٌ صَحِيحٌ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَأْكُلْ وَرُوِيَ فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدْعُ وَرُوِيَ فَلْيُصَلِّ يُرِيدُ فَلْيَدْعُ وَرُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلَا يَأْكُلْ فَلَوْ كَانَ الْفِطْرُ فِي التَّطَوُّعِ حَسَنًا لَكَانَ أَفْضَلُ ذَلِكَ وَأَحْسَنُهُ فِي إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ الَّتِي هِيَ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْفِطْرَ فِي التَّطَوُّعِ لَا يَجُوزُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لا تصوم امرأة زوجها شَاهِدٌ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُتَطَوِّعَ لَا يُفْطِرُ وَلَا يُفَطِّرُ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيْهَا مَا احْتَاجَتْ إِلَى إِذْنِهِ وَلَوْ كَانَ مُبَاحًا كَانَ ذَلِكَ لَا مَعْنَى لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ قَدِمَ إِلَيْهِ سَمْنٌ وَتَمْرٌ وَهُوَ صَائِمٌ فَقَالَ رُدُّوا تَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ وَرُدُّوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ فَإِنِّي صَائِمٌ وَلَمْ يُفْطِرْ بَلْ أَتَمَّ صَوْمَهُ إِلَى

اللَّيْلِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَمْ يَخُصَّ فَرْضًا مِنْ نَافِلَةٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمُفْطِرِ مُتَعَمِّدًا فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ اللَّاعِبُ بِدِينِهِ أَوْ قَالَ بِصَوْمِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَقَالَ لَأَنْ تَخْتَلِفَ الْأَسِنَّةُ فِي جَوْفِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ قَالَ وَحَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا قَزَعَةُ بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَعْرُوفُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ أَنَّ عَطَاءً صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا بِذِي طُوًى فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ وَعَطَاءٌ صَائِمٌ وَمُجَاهِدٌ صَائِمٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ صَائِمٌ فَأَفْطَرَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَقَالَ سَعِيدٌ لَأَنْ تَخْتَلِفَ الشِّفَارُ فِي جَوْفِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ خِلَافُ ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاحْتِيَاطُ فِي أَعْمَالِ الْبِرِّ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي ذَلِكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبراهيم عقال إِنْ أَفْطَرَ الْمُتَطَوِّعُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ وَبِهِ قَالَ الحسن البصري ومكحول وهو قول ملك وأصحابه وإليه ذهب أبو ثور

اللَّيْلِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَمْ يَخُصَّ فَرْضًا مِنْ نَافِلَةٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمُفْطِرِ مُتَعَمِّدًا فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ اللَّاعِبُ بِدِينِهِ أَوْ قَالَ بِصَوْمِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَقَالَ لَأَنْ تَخْتَلِفَ الْأَسِنَّةُ فِي جَوْفِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ قَالَ وَحَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا قَزَعَةُ بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَعْرُوفُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ أَنَّ عَطَاءً صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا بِذِي طُوًى فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ وَعَطَاءٌ صَائِمٌ وَمُجَاهِدٌ صَائِمٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ صَائِمٌ فَأَفْطَرَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَقَالَ سَعِيدٌ لَأَنْ تَخْتَلِفَ الشِّفَارُ فِي جَوْفِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ خِلَافُ ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاحْتِيَاطُ فِي أَعْمَالِ الْبِرِّ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي ذَلِكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبراهيم عقال إِنْ أَفْطَرَ الْمُتَطَوِّعُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ وَبِهِ قَالَ الحسن البصري ومكحول وهو قول ملك وَأَصْحَابِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ

الحديث التاسع والخمسون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ مِنْ مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ مُرْسَلٌ عِنْدَ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ لِلْمُوَطَّأِ وَقَدْ وَصَلَهُ عَنْ مَالِكٍ قَوْمٌ مِنْهُمْ يَحْيَى بن صالح الوحاظي وعبد الله بن عوف الْخَرَّازُ وَحَاتِمُ بْنُ سَالِمٍ الْقَزَّازُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي التَّمَّامِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَارِسِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قاسم وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَا أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَأَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّقَطِيُّ وَقَدْ أَجَازَهُ لَنَا قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُؤَمَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ الْخَرَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أمام الجنازة

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عُثْمَانُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ الْخَرَّازُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ بْنِ عَبْدِ الله عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ الْإِرْسَالُ وَلَكِنَّهُ قَدْ وَصَلَهُ جَمَاعَةٌ ثِقَاتٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْهُمُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبَّاسُ بْنُ الْحَسَنِ الْجَزَرِيُّ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْ بَعْضِهِمْ حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

الْعُثْمَانِيُّ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يمشون أمام الجنازة وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَثْرَمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ وَالْقَعْنَبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ) حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ

وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَحَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ شَعْبَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْجَهْضَمِيُّ الْخَيَّاطُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنِيهِ وَسَمِعْتُهُ مِنْ فِيهِ يُعِيدُهُ وَيُبْدِيهِ سَمِعْتُهُ مَا لَا أُحْصِيهِ يَقُولُ حَدَّثَنِي سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ فَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَأَمَّا غَيْرُ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَيْضًا فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِيِّ عَنْ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشَى أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ

قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَقَالَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي بِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الْجِنَازَةِ قَالَ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَقَالَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ظَاهِرُهُ مُرْسَلٌ عَنْ سَالِمٍ أَوْ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ عَنْ سالم أن عبد الله بن عمر كان يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ قَالَ وَقَدْ

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَمْشُونَ أَمَامَهَا فَالْأَغْلَبُ الظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ سَالِمًا يَقُولُ ذَلِكَ وَابْنُ شِهَابٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ قَالَ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ فَيَكُونُ مُسْنَدًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرِوَايَةُ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَعُقَيْلٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ هَكَذَا عَنْ سَالِمٍ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سعد حدثناه عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنِ غَالِبٍ التَّمَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الْجِنَازَةِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَهَذَا أَيْضًا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ شِهَابٍ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَالِمٌ يُرْسِلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُسْنَدًا وَرَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْأَنْطَاكِيُّ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ

عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ فَأَسْنَدَهُ وَوَصَلَهُ كَرِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ وَرَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ زِيَادَ بْنَ سَعْدٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُ حَجَّاجٍ وَهُوَ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ فِي ابْنِ جُرَيْجٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ مِنَ ابْنِ شِهَابٍ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْهُ كَمَا قَالَ حَجَّاجٌ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رشيق وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ حدثنا الحسن بن الصباح الْبَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَذَكَرَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الجنازة وهذاأيضا يَحْتَمِلُ مَا ذَكَرْنَا وَرِوَايَةُ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ كَرِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ سَوَاءٌ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَهْدِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَقَدْ رَوَاهُ هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَبَانَ بِرِوَايَتِهِ أَنَّ رِوَايَةَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَزِيَادِ بْنِ سَعْدٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ كُلَّهَا مُسْنَدَةٌ متصلة عن سالم عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رشيق

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَيَقُولُ مَشَى أَمَامَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَقَدْ رَوَى وَهْبُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا حَدِيثًا أَخْطَأَ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الشَّرِيفِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن إسماعيل الغافقي قال حدثنا عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أنس عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَخَلْفَهَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَهَذَا خَطَأٌ لَا شَكَّ فِيهِ لَا أَدْرِي مِمَّنْ جَاءَ وَإِنَّمَا رِوَايَةُ يُونُسَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ مُرْسَلًا

وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ عَنْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ مُسْنَدًا وَالَّذِينَ يَرْوُونَهُ عَنْهُ مُرْسَلًا أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَخَلْفَهَا فَلَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ لَفْظَةٌ مُنْكَرَةٌ فِيهِ لَا يَقُولُهَا أَحَدٌ مِنْ رُوَاتِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ وأن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَهَا قَالَ ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى آخِرِهِ قَالَ وَكَذَلِكَ يَقُولُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَعُقَيْلٌ وَمَالِكٌ وَهُوَ قَوْلُهُمْ إِلَّا يُونُسَ وَابْنَ عُيَيْنَةَ فَإِنَّهُمَا يَقُولَانِ فِيهِ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا مِنَ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْبَابِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَقَدْ رَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى خِلَافِ مَا رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَ حَدِيثِهِ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ أَثْبَتُ مِنْ سُلَيْمَانَ

هَذَا وَرِوَايَةُ الدَّرَاوَرْدِيِّ تُوَافِقُ رِوَايَةَ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ وَتُصَحِّحُ مَا قَالَ ابْنُ أَبِي السَّرِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَمِّهِ عَنْ سَالِمٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا كَانَا يَمْشِيَانِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ قَالَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ فِي اتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوبَةَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَرَّانِيُّ حدثنا محمد بن الحرث الْبَزَّازُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَشْيِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَخَلْفَهَا وَفِي أَيِّ ذَلِكَ أَفْضَلُ فَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ السُّنَّةُ الْمَشْيُ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا بَأْسَ بِالْمَشْيِ خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا وَالْفَضْلُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْمَشْيُ خَلْفَهَا أَفْضَلُ وَلَا بَأْسَ عِنْدَهُمْ بِالْمَشْيِ أَمَامَهَا وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الْفَضْلُ عِنْدَنَا الْمَشْيُ خَلْفَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَأَبِي قَتَادَةَ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَشُرَيْحٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَيَأْمُرُونَ بِذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ الْمَدَنِيِّينَ وَأَكْثَرِ الْحِجَازِيِّينَ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ الْمَشْيُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ مِنْ خَطَأِ السُّنَّةِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الْمَشْيُ أَمَامَهَا أَفْضَلُ وَاحْتَجَّ بِتَقْدِيمِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ النَّاسَ فِي جِنَازَةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَضَعَّفَ أَحْمَدُ حَدِيثَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ فَضْلُ الْمَشْيِ خَلْفَهَا عَلَى الْمَشْيِ أَمَامَهَا كَفَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الحرث عن زائدة بن أوس الكندي عن سعيد بن عبد الرحمان بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي جِنَازَةٍ وَعَلِيٌّ آخِذٌ بِيَدِي وَنَحْنُ خَلْفَهَا وَأَبُو

بَكْرٍ وَعُمَرُ يَمْشِيَانِ أَمَامَهَا فَقَالَ إِنَّ فَضْلَ الْمَاشِي خَلْفَهَا عَلَى الَّذِي يَمْشِي أَمَامَهَا كَفَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ وَإِنَّهُمَا لَيَعْلَمَانِ مِنْ ذَلِكَ مَا أَعْلَمُ وَلَكِنَّهُمَا سَهْلَانِ يُسَهِّلَانِ عَلَى النَّاسِ وَبِهِ يَأْخُذُ الثَّوْرِيُّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ فِيهِ لِينٌ مِنْ حَدِيثِ الشَّامِيِّينَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ أَبْزَى عَنْ عَلِيٍّ فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ وَفِيهِ وَقَالَ لِي عَلِيٌّ يَا أَبَا سَعِيدٍ إِذَا أَنْتَ شَهِدْتَ جِنَازَةً فَقَدِّمْهَا بَيْنَ يَدَيْكَ وَاجْعَلْهَا نُصْبَ عَيْنَيْكَ فَإِنَّمَا هِيَ مَوْعِظَةٌ وَتَذْكِرَةٌ وَعِبْرَةٌ وَذَلِكَ تَمَامُ الْحَدِيثِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصباح الزَّعْفَرَانِيُّ وَسَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُرَيْرٍ أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُقَدِّمُ النَّاسَ أَمَامَ جِنَازَةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ

وَقَالَ الطَّبَرِيُّ إِنْ كَانَ الْمُشَيِّعُ لَهَا رَاكِبًا مَشَى خَلْفَهَا وَإِنْ كَانَ مَاشِيًا فَحَيْثُ شَاءَ وَرَوَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا وَحَيْثُ شَاءَ إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْهَا وَالطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ يُونُسَ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ وَأَحْسَبُ أَنَّ أَهْلَ زِيَادٍ أَخْبَرُونِي أَنَّهُ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الرَّاكِبُ (يَسِيرُ) خَلَفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي يَمْشِي خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا قَرِيبًا مِنْهَا وَالسَّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ

عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي يَمْشِي مِنْهَا حَيْثُ شَاءَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُخَرِّجْ أَبُو دَاوُدَ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا حَدِيثَ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَحْدَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَخَرَّجَ حَدِيثَ الْمُغِيرَةِ لِلْمُخَالِفِ لَا غَيْرَ وَقَدْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ قُرِئَ عَلَى سُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى الْجَابِرَ عَنْ أَبِي مَاجِدٍ الْحَنَفِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّيْرِ بِالْجِنَازَةِ فَقَالَ الْجِنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ وَلَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ فِيهِ أَحْيَانًا وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ تَقَدَّمَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ لِأَنَّ أَبَا مَاجِدٍ وَيَحْيَى الْجَابِرَ ضَعِيفَانِ وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ حَمْدَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ أَبُو الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ أَنَّ

أَبَا مَاجِدٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ سَأَلْنَا نَبِيَّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنِ السَّيْرِ بِالْجِنَازَةِ فَقَالَ السَّيْرُ مَا دُونَ الْخَبَبِ فَإِنْ يَكُنْ خَيْرًا تَعَجَّلَ إِلَيْهِ وَإِنْ يَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ فَبُعْدًا لِأَهْلِ النَّارِ الْجِنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ وَلَا تَتْبَعُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَقَدَّمَهَا وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى الْجَابِرُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَاجِدٍ الْحَنَفِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ سَأَلْنَا نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّيْرِ بِالْجِنَازَةِ فَقَالَ مَا دُونَ الْخَبَبِ الْجِنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ وَلَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ تَقَدَّمَهَا قَالَ سُفْيَانُ وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَقَدَّمَهَا لَا أَدْرِي أَمَرْفُوعَةٌ أَوْ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ يَحْيَى الْجَابِرِ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَالَ فِيهِ لَيْسَ مَعَهَا مَنْ تَقَدَّمَهَا مَرْفُوعًا وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ هُوَ عِنْدَهُمْ مُنْكَرٌ مِنْ حَدِيثِ جُرَيْجِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَخِي زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ كِنَانَةَ مَوْلَى صَفِيَّةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ

امْشُوا خَلْفَ الْجِنَازَةِ فَهَذَا مَا جَاءَ مِنَ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَمْشُونَ خَلْفَهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قُلْتُ كَيْفَ الْمَشْيُ فِي الْجِنَازَةِ فَقَالَ أَمَا تَرَانِي أَمْشِي خَلْفَهَا وَهَذَا عِنْدِي لَا يَثْبُتُ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ الْمَشْيُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ مِنْ خَطَأِ السُّنَّةِ أَذَلِكَ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ لِلرِّجَالِ وَكَرِهَ أَنْ يَتَقَدَّمَ النِّسَاءُ أَمَامَ النَّعْشِ وَأَمَامَ الرِّجَالِ وَقَالَ الْأَثْرَمُ ذَكَرْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَدِيثَ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ مَشَى خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ أَمَامَهَا وَقَالَ إِنَّهُمَا لَيَعْلَمَانِ أَنَّ الْمَشْيَ خَلْفَهَا أَفْضَلُ فَتَكَلَّمَ فِي إِسْنَادِهِ وَقَالَ ذَلِكَ عَنْ زَائِدَةَ بْنِ خِرَاشٍ قُلْتُ لَهُ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَقَالَ نَعَمْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ زَائِدَةُ بْنُ خِرَاشٍ هَذَا هُوَ كُوفِيٌّ مِنَ الْمَشَايِخِ الَّذِينَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُمْ غَيْرُ أَبِي إِسْحَاقَ وَلَيْسَ الْحَدِيثُ الَّذِي

ذكر لزائدة بن خراش وإنماهو لِزَائِدَةَ بْنِ أَوْسٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ مِمَّنْ جَاءَ الْوَهْمُ فِي ذَلِكَ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ بِالْأَسَانِيدِ الْحِسَانِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي أُسَيْدٍ وَأَبِي قَتَادَةَ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَشُرَيْحٍ وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَالْقَاسِمِ وَعُرْوَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَبُسْرِ بْنِ سَعْدٍ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ كُلُّهُمْ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِمَّنْ أَدْرَكْتُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَهُمْ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيُنَادِي بَعْضًا لِيَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ قَالَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى الْجُهَنِيُّ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ الرحمان بْنَ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْمَشْيِ بَيْنَ يَدَيِ الْجِنَازَةِ فَقَالَ كُنَّا نَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ

الْجِنَازَةِ مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ بِذَلِكَ بَأْسًا قَالَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِي وَائِلٍ وَأَنَا أَسْمَعُ أَكَانَ أَصْحَابُكَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ سَمِعْتُ الْعَيْزَارَ يَسْأَلُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الْمَشْيِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ فَقَالَ أَنَسٌ إِنَّمَا أَنْتَ مُشَيِّعٌ فَامْشِ إِنْ شِئْتَ أَمَامَهَا وَإِنْ شِئْتَ خَلْفَهَا وَإِنْ شِئْتَ عَنْ يَمِينِهَا وَإِنْ شِئْتَ عَنْ يَسَارِهَا

الحديث الستون

حَدِيثٌ عَاشِرٌ مِنْ مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَ هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مُسْنَدًا عُقَيْلٌ وَغَيْرِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عَقِيلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى ثَنَّى ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبِكَ جُنُونٌ فَقَالَ لَا قَالَ فَهَلْ أَحْصَنْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ هَرَبَ فَأَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ هَكَذَا قَالَ عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَبَعْضُهُ عَنْ جَابِرٍ وَقَدْ جَوَّدَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قال حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ

وَابْنُ (أَبِي) السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ اعْتَرَفَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ فَقَالَ (لَهُ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبِكَ جُنُونٌ قَالَ لَا قَالَ أَحْصَنْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَ فِي الْمُصَلَّى فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ فَرَّ فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا وَلَمْ يُصَلِّ عليه وأخبرنا عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ

عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمان عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ وَحَدَّثَهُ أَنَّهُ زَنَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَنَحَّى لِشِقِّهِ الَّذِي أَعْرَضَ قِبَلَهُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ زَنَا وَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلْ بِكَ جُنُونٌ فَقَالَ لَا قَالَ فَهَلْ أَحْصَنْتَ قَالَ نَعَمْ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرْجَمَ بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ جَمَزَ حَتَّى أُدْرِكَ بِالْحِجَارَةِ فَقُتِلَ بِهَا رَجْمًا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ فِي رَجْمِ الْأَسْلَمِيِّ وَهُوَ مَاعِزٌ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ رواه عنه ابن عمه عبد الرحمان بْنُ الصَّامِتِ وَأَبُو سَلَمَةَ وَمِنْهُمْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى وَابْنُ عَبَّاسٍ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَنُعَيْمُ بْنُ هَزَّالٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَبُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ وَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُ إِنَّهُ اعْتَرَفَ

أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَفِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّهُ اعْتَرَفَ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ هَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عَدَدِ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا فَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ إِذَا أَقَرَّ مَرَّةً وَاحِدَةً حُدَّ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَالطَّبَرِيِّ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ مَا رُوِيَ مِنَ الْآثَارِ الْمَذْكُورِ فِيهَا الرَّجْمُ بِإِقْرَارٍ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا وَهُوَ دُونَ الْأَرْبَعِ وَحَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاغَدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا وَلَمْ يُقَلْ إِنِ اعْتَرَفَتْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَكُلُّ اعْتِرَافٍ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ يُوجِبُ الرَّجْمَ مَرَّةً كَانَ أَوْ أَكْثَرَ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الْحُقُوقِ يَجِبُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ وَكَذَلِكَ الْحُدُودُ فِي الْقِيَاسِ وَلَيْسَ الشَّهَادَاتُ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ

فِي (شَيْءٍ) لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الْحُقُوقِ لَا يَجِبُ تَكْرَارُهُ مَرَّتَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ الْإِقْرَارُ فِي الزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قِيَاسًا عَلَى الشُّهُودِ الْأَرْبَعَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَجِبُ الرَّجْمُ بِالْإِقْرَارِ حَتَّى يُقِرَّ بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي مَجَالِسَ مُفْتَرِقَةٍ وَهُوَ أَنْ يَغِيبَ عَنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي حَتَّى لَا يَرَاهُ ثُمَّ يَعُودَ فَيُقِرَّ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يُقِرُّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَلَمْ يَذْكُرْ مَجَالِسَ مُفْتَرِقَةً وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُحَدُّ فِي الْخَمْرِ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَقَالَ زُفَرُ لَا يُحَدُّ حَتَّى يُقِرَّ مَرَّتَيْنِ فِي مَوْطِنَيْنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا أَقَرَّ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي السَّرِقَةِ صَحَّ إِقْرَارُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَصِحُّ حَتَّى يُقِرَّ مَرَّتَيْنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ

أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ الْأَسْلَمِيَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَزَنَيْتُ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي فَرَدَّهُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَاهُ أَيْضًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَرَدَّهُ الثَّانِيَةَ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ أَتَعْلَمُونَ بِعَقْلِهِ بَأْسًا أَتُنْكِرُونَ مِنْهُ شَيْئًا قَالُوا لَا نَعْلَمُهُ إِلَّا وَفِيَّ الْعَقْلِ مِنْ صَالِحِينَا فِيمَا نَرَى قَالَ فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَيْضًا فَسَأَلَ عَنْهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا بِعَقْلِهِ فَلَمَّا كَانَ الرَّابِعَةُ حَفَرَ لَهُ حُفْرَةً ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ زَنَا فَقَالَ أَمَا لِهَذَا أَحَدٌ فَرَدُّوهُ ثُمَّ جَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ أَمَا لِهَذَا أَحَدٌ فَرَدُّوهُ فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ قَالَ

ارْجُمُوهُ فَرَمَاهُ وَرَمَيْنَاهُ وَفَرَّ وَاتَّبَعْنَاهُ قَالَ عَامِرٌ فقال لي جابر فههنا قتلناه حدثنا عبد الرحمان بن يحيى قال حدثنا أحمد بن سيد قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبْجَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ مَاعِزًا حَتَّى شَهِدَ وَأَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَمَرَ بِرَجْمِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ سِمَاكٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَشْعَرُ قَصِيرٌ لَهُ عَضَلَاتٌ فَأَقَرَّ أَنَّهُ قَدْ زَنَا فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ أَمَرَ بِرَجْمِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا نَفَرْنَا غَازِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَخَلَّفَ أَحَدُهُمْ لَهُ نَبِيبٌ كنبيب التيس

يَمْنَحُ إِحْدَاهُنَّ الْكُثْبَةَ لَا أُوتَى بِأَحَدٍ مِنْهُمْ إِلَّا جَعَلْتُهُ نَكَالًا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إِقْرَارَهُ كَانَ فِي مَجَالِسَ مُفْتَرِقَةٍ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَعْرَضَ (عَنْهُ) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا فِي الثَّلَاثِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ طُرُقُهَا جِدًّا قَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُونَ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا كِفَايَةٌ وَإِنَّمَا غَرَضُنَا أَنْ نَذْكُرَ حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ مُتَّصِلًا لَا غَيْرَ وَلَكِنَّا ذَكَرْنَا غَيْرَهُ لِأَنَّهُ مِنْ حُجَّةِ الْمُخَالِفِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْحُجَّةِ لِمَذْهَبِنَا شِفَاءٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي رُجُوعِ الْمُقِرِّ بِالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَمَا لَيْسَ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ

(وَالثَّوْرِيُّ) وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُقْبَلُ رُجُوعُ الْمُقِرِّ بِالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي رَجُلٍ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَهُوَ مُحْصَنٌ ثُمَّ نَدِمَ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَتَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُضْرَبُ حَدَّ الْفِرْيَةِ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنِ اعْتَرَفَ بِسَرِقَةٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ قَتْلٍ ثُمَّ أَنْكَرَ عَاقَبَهُ السُّلْطَانُ دُونَ الْحَدِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِسَرِقَةٍ مِنْ مَالِ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ الرَّجُلُ الْمُقَرُّ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَدَّعِهِ وَكَذَّبَ السَّارِقَ أَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ مِنْ مَالِ غَائِبٍ ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ لَا حق لآدمي ههنا وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُقِرِّ بِالزِّنَا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُقِرِّ بِالزِّنَا أَوْ شُرْبِ الْخَمْرِ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَيَرْجِعُ تَحْتَ الْعَذَابِ فَمَرَّةً قَالَ إِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْحَدِّ أُتِمَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ رُجُوعَهُ نَدَمٌ مِنْهُ وَمَرَّةً قَالَ يُقْبَلُ مِنْهُ رُجُوعُهُ أَبَدًا وَلَا يُضْرَبُ بَعْدَ رُجُوعِهِ وَيُرْفَعُ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ

ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ النَّاسُ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُقَامَ حَدٌّ بِغَيْرِ إِقْرَارٍ وَلَا بَيِّنَةٍ وَإِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَدِّ فَمَا بَقِيَ مِنَ الْحَدِّ لَا يُتَمُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُضْرَبُ بِغَيْرِ إِقْرَارٍ وَلَا بَيِّنَةٍ وَظُهُورُ الْمُسْلِمِينَ وَدِمَاؤُهُمْ حِمًى إِلَّا بِيَقِينٍ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ جَعَلَ رُجُوعَهُ نَدَمًا لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ رُجُوعَهُ قَبْلَ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لَيْسَ بِنَدَمٍ وَلَا فَرْقَ فِي الْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ بَيْنَ أَوَّلِ الْحَدِّ وَآخِرِهِ وَإِذَا جَازَ أَنْ يُقْبَلَ رجوعه بَعْدَ سَوْطٍ وَاحِدٍ جَازَ أَنْ يُقْبَلَ بَعْدَ سَبْعِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ وَنُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ وَنَصْرِ بْنِ دَهْرٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ لَمَّا رُجِمَ وَمَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ هَرَبَ فَأَتْبَعُوهُ فَقَالَ لَهُمْ رُدُّونِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلُوهُ رَجْمًا وَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَفِي هَذَا أَوْضَحُ الدلائل على أنه يقبل رجوعه إِذَا رَجَعَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُرُوبَهُ رُجُوعًا وَقَالَ فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ

وَقَالَ إِنَّهُ لَفِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ يَنْغَمِسُ فِيهَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ نَصْرِ بْنِ دَهْرٍ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ يَعْنِي مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ جَزِعَ جَزَعًا شَدِيدًا قَالَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ قَالَ رُدُّونِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الحديث الواحد والستون

(حَدِيثٌ حَادِي عَشَرَ مِنْ مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ) مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ نَشَدَ النَّاسَ بِمِنًى مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الدِّيَةِ أَنْ يُخْبِرَنِي فَقَامَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْكِلَابِيُّ فَقَالَ كَتَبَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو أَوْرِثِ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ ادْخُلِ الْخِبَاءَ حَتَّى آتِيَكَ فَلَمَّا نَزَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخْبَرَهُ الضَّحَّاكُ فَقَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ قَتْلُ ابْنِ أَشْيَمَ خَطَأً

هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ وَرَوَاهُ أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَهُوَ صَحِيحٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَرِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ قَدْ تَكَلَّمْنَا فِيهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْمُتَّصِلِ وَجَائِزٌ الِاحْتِجَاجُ بِهَا عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ قَدْ رَآهُ وَقَدْ صَحَّحَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ سَمَاعَهُ مِنْهُ وَوُلِدَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ وَقَالَ سَعِيدٌ مَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَضِيَّةٍ وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ إِلَّا وَأَنَا أَحْفَظُهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ غَيْرُ مُخْتَلَفٍ فِيهِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ عِنْدَهُمْ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنِ الْإِكْثَارِ وَالْبَيَانِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حدثنا الحميدي وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ الدِّيَةُ لِلْعَاقِلَةِ وَلَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا حَتَّى كَتَبَ إِلَيْهِ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنٍ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَا أَرَى الدِّيَةَ إِلَّا لِلْعَصَبَةِ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ فَهَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا فَقَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيُّ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْأَعْرَابِ كَتَبَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَوْرِثِ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا فَأَخَذَ بِذَلِكَ عُمَرُ

وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَزَادَ فِيهِ وَكَانَ قَتْلُ أَشْيَمَ خَطَأً وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَكَانَ قَتْلُ أَشْيَمَ خَطَأً مِنْ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَيْضًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنَ ابْنِ شِهَابٍ إِدْخَالُهُ كَلَامَهُ فِي الْأَحَادِيثِ كَثِيرًا وَهُوَ الَّذِي يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ لَا مِنْ قَوْلِ سَعِيدٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ قَتْلُ أَشْيَمَ خَطَأً وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ جِدًّا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَيَّوْنَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ مُشْكُدَانَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ قَتْلُ أَشْيَمَ خَطَأً هَكَذَا رَوَاهُ مُشْكُدَانَةَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ

وَرَوَاهُ حِبَّانُ بْنُ مُوسَى عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَوْلَهُ كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عُمَرَ تَسْأَلُهُ أَنْ يُوَرِّثَهَا مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا فَقَالَ مَا أَعْلَمُ لَكِ شَيْئًا فَنَشَدَ النَّاسَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمٌ فَلْيَقُمْ فَقَامَ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيُّ فَقَالَ كَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَلَمْ يَسْمَعْهُ هُشَيْمٌ مِنَ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ سُفْيَانَ أَخْبَرَ بِهَذَا الْخَبَرِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهَذَا بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَهُشَيْمٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَغَيْرِهِمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ حَتَّى كَتَبَ إِلَيْهِ الضَّحَّاكُ وَهُوَ عِنْدِي وَهْمٌ وَإِنَّمَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى الضَّحَّاكِ لَا أَنَّ الضَّحَّاكَ كَتَبَ (بِذَلِكَ) إِلَى عُمَرَ أَلَا تَرَى إِلَى حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فَقَالَ الضَّحَّاكُ حِينَ نَشَدَهُمْ عُمَرُ وَأَخْبَرَ

بِهِ عُمَرَ وَقَالَ لَهُ ادْخُلِ الْخِبَاءَ حَتَّى آتِيَكَ فَلَمَّا نَزَلَ عُمَرُ أَخْبَرَهُ الضَّحَّاكُ وَفِي حَدِيثِ غَيْرِهِ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَلْيَقُمْ فَقَامَ الضَّحَّاكُ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ وَهِمَ فِي قَوْلِهِ حَتَّى كَتَبَ إِلَيْهِ الضَّحَّاكُ وَأَنَّ الصَّحِيحَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وغيره وقد روى زفر بن وئيمة عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ الَّذِي أَخْبَرَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عُمَرَ زُرَارَةُ بْنُ جَزِيٍّ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ الْأَنْطَاكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشُّعَيْثِيُّ عَنْ زُفَرَ بن وئيمة عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ زُرَارَةَ بْنَ جَزِيٍّ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ أَنْ يُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ من ديته

وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ وَلَيْسَ مِمَّا يُعَارَضُ بِهِ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ وَأَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الرَّجُلَ الْعَالِمَ الْخَيِّرَ الْجَلِيلَ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنَ السُّنَنِ وَالْعِلْمِ مَا يَكُونُ عِنْدَ غَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْعِلْمِ وَأَخْبَارُ الْآحَادِ عِلْمُ خَاصَّةٍ لَا يُنْكَرُ أَنْ يَخْفَى مِنْهُ الشَّيْءُ عَلَى الْعَالِمِ وَهُوَ عِنْدَ غَيْرِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْقِيَاسَ لَا يُسْتَعْمَلُ مَعَ وُجُودِ الْخَبَرِ وَصِحَّتِهِ وَأَنَّ الرَّأْيَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْعِلْمِ مَعَ ثُبُوتِ السُّنَّةِ بِخِلَافِهِ أَلَا تَرَى عُمَرَ قَدْ كَانَ عِنْدَهُ فِي رَأْيِهِ أَنَّ مَنْ يَعْقِلُ يَرِثُ الدِّيَةَ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ الضَّحَّاكُ بِمَا أَخْبَرَهُ رَجَعَ إِلَيْهِ وَقَضَى بِهِ وَاطَّرَحَ رَأْيَهُ وَفِيهِ إِثْبَاتُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَفِيهِ مَا يُبَيِّنُ مَذْهَبَ عُمَرَ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ عِنْدَهُ مَقْبُولٌ مَعْمُولٌ بِهِ وَأَنَّ مُرَاجَعَتَهُ لِأَبِي مُوسَى فِي حَدِيثِ الِاسْتِئْذَانِ لَمْ يَكُنْ إِلَّا لِلِاسْتِظْهَارِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي قَدْ بَيَّنَّاهَا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ فأغنى ذلك

عن ذكرها ههنا وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَالْفُرَّاضِ فِي هَذَا الْبَابِ وَجَاءَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَحْدَهُ أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ وَالْمَرْأَةَ وَالزَّوْجَ لَا يَرِثُونَ مِنَ الدِّيَةِ شَيْئًا وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ قَدْ ظَلَمَ مَنْ لَمْ يُوَرِّثْ بَنِي الْأُمِّ مِنَ الدِّيَةِ

الحديث الثاني والستون

حَدِيثٌ ثَانِي عَشَرَ مِنْ مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ أَيَّامَ مِنًى يَطُوفُ يَقُولُ إِنَّمَا هِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ أَيَّامَ مِنًى يُرِيدُ الْأَيَّامَ الَّتِي يُقِيمُ النَّاسُ فِيهَا بِمِنًى فِي حَجِّهِمْ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَّا لِمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ مِنْهَا وَهِيَ أَيَّامُ التشريق وهي أيام الْمَعْدُودَاتُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِذِكْرِ اللَّهِ فِيهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ذِكْرُ اللَّهِ مَعَ رَمْيِ الْجِمَارِ هُنَاكَ وَفِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ تَكْبِيرٌ أَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ (كُلَّهُ) فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَيُقَالُ سُمِّيَتْ مِنًى لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ بِهَا وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ مَكَانٍ يَجْتَمِعُ النَّاسُ فِيهِ مِنًى لِمَا يُمْنَى فِيهِ من الدماء

هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ عَنْ مَالِكٍ وَاخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ عليه فروه مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ أَنْ يَرْكَبَ رَاحِلَتَهُ أَيَّامَ مِنًى فَيَصِيحُ فِي النَّاسِ لَا يَصُومَنَّ أَحَدٌ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ يُنَادِي بِذَلِكَ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ يَطُوفُ فِي مِنًى لَا تَصُومُوا هَذِهِ الْأَيَّامَ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بعث عبد الله بن حُذَافَةَ مُرْسَلًا هَكَذَا كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ سَوَاءً وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا والله أعلم

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيُ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ مِنًى مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَمِنْ حَدِيثِ بِشْرِ بْنِ سُحَيْمٍ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَجَمَاعَةٍ وَإِنَّمَا ذكرنا ههنا حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ خَاصَّةً فَرُبَّمَا أَرْدَفْنَاهُ بِمَا خَفَّ عَلَيْنَا وَنَشَطْنَا إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ طُعْمٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ وَمَرْزُوقٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ عن أنس

ابن مَالِكٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ يوم النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ عِنْدَنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ فِي جَمْعِ يَوْمِ عَرَفَةَ مَعَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِهَا لَا يَأْتِي إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنِ السَّلَفِ فِي بَابِ أَبِي النَّضْرِ وَهُوَ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ لِمَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ فِي كِتَابِنَا هذا ويأتي لمالك فِي الْحَدِيثِ الْخَامِسِ عَشَرَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى أَيَّامِ مِنًى لِأَنَّ مَالِكًا رَوَى عَنْ أَبِي النَّضْرِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ مِنًى فَذَكَرْنَا هُنَالِكَ الْآثَارَ أَيْضًا فِي ذَلِكَ وَذَكَرْنَا ثَمَّ مَا بلغنا

عَنِ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ فِي تَعْيِينِ أَيَّامِ مِنًى وَعَدَدِهَا وَاشْتِقَاقِ مَعْنَاهَا وَذَكَرْنَا مَعْنَى أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي بَابِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي كُلُّ ذَلِكَ مُمَهَّدًا مَبْسُوطًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَذْكُرُ ههنا فِي بَابِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي أَيْضًا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَبِاللَّهِ الْعَوْنُ وَالتَّوْفِيقُ وَأَمَّا صِيَامُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ صَوْمُهَا تَطَوُّعًا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ عُمَرَ وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي طَلْحَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَصُومُونَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ تَطَوُّعًا وَفِي أَسَانِيدِ أَخْبَارِهِمْ تِلْكَ ضَعْفٌ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكِيمِ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِسَرْدِ الصَّوْمِ إِذَا أَفْطَرَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَا يَتَطَوَّعُ أَحَدٌ بِصِيَامِ أَيَّامِ مِنًى لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صِيَامِ أَيَّامِ مِنًى وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ وَلَمْ يَكُنْ صَامَ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ فِي الْحَجِّ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَالَ الشافعي والكوفيون

لَا يَصُومُ الْمُتَمَتِّعُ وَلَا غَيْرُهُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَلَا يَصُومُهَا أَحَدٌ بِحَالٍ مُتَطَوِّعٌ وَلَا غَيْرَ مُتَطَوِّعٍ وَإِنْ صَامَهَا الْمُتَمَتِّعُ لَمْ تُجْزِ عَنْهُ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ قَالَ مَرَّةً إِنْ صَامَهَا الْمُتَمَتِّعُ أَجْزَأَتْ عَنْهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ بِالْعِرَاقِ إِنَّ الْمُتَمَتِّعَ لَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ مَا بَيْنَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ صَامَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَعُرْوَةَ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَالزُّهْرِيِّ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ أَنْ يَصُومَهَا الْمُتَمَتِّعُ إِذَا لَمْ يَكُنْ صَامَ قَبْلَهَا قَالَ وَرُبَّمَا جَبُنَتْ عَنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ لَا يَصُومُ أَحَدٌ أَيَّامَ مِنًى لَا مُتَمَتِّعٌ وَلَا غَيْرُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ عَلِيٌّ يَصُومُ بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِذَا فَاتَ الْمُتَمَتِّعَ الصَّوْمُ فِي الْعَشْرِ لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا الْهَدْيُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَصُومَ أَيَّامَ الذَّبْحِ الثَّلَاثَةَ وَلَا يَقْضِيَ فِيهَا صِيَامًا وَاجِبًا مِنْ نَذْرٍ وَلَا قَضَاءِ

رَمَضَانَ وَلَا يَصُومُهَا إِلَّا الْمُتَمَتِّعُ وَحْدَهُ الَّذِي لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ قَالَ وَأَمَّا آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيُصَامُ إِنْ نَذَرَهُ رَجُلٌ أَوْ نَذَرَ صِيَامَ ذِي الْحِجَّةِ فَأَمَّا قَضَاءُ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرُهُ فَلَا يَفْعَلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ صَامَ قَبْلَ ذَلِكَ صِيَامًا مُتَتَابِعًا فَمَرِضَ ثُمَّ صَحَّ وَقَوِيَ عَلَى الصِّيَامِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَيَبْنِي عَلَى الصِّيَامِ الَّذِي كَانَ صَامَهُ فِي الظِّهَارِ أَوْ قَتْلِ النَّفْسِ وَأَمَّا قَضَاءُ رَمَضَانَ خَاصَّةً فَإِنَّهُ لَا يَصُومُهُ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فَرَّقُوا بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي الصِّيَامِ خَاصَّةً وَبَيْنَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْهَا وَجُمْهُورُ عُلَمَاءٍ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْأَثَرِ لَا يُجِيزُونَ صَوْمَ يَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَلَا فِي نَذْرٍ وَلَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الصِّيَامِ إِلَّا لِلْمُتَمَتِّعِ وَحْدَهُ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيمَا ذَكَرْتُ لَكَ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ مِنًى وَعَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَهِيَ أَيَّامُ مِنًى وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ أَيَّامٌ ثَلَاثَةٌ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ذِكْرِ صِيَامِ أَيَّامِ الذَّبْحِ إِنَّمَا ذَلِكَ النَّهْيُ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ هِيَ الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ وَهِيَ أَيَّامُ مِنًى وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ كُلُّ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَاقِعَةٌ عَلَى هَذِهِ الْأَيَّامِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ هِيَ يَوْمُ (النَّحْرِ) وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ وَهِيَ أَيَّامُ الذَّبْحِ عِنْدَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ رَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ الْمَعْلُومَاتُ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ الثَّلَاثَةُ لَيْسَ مِنْهَا يَوْمُ النَّحْرِ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ سَوَاءٌ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إِلَى هَذَا أَذْهَبُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَهِيَ أَيَّامُ الذَّبْحِ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ أَيَّامُ الْعَشْرِ وَالْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الطَّبَرِيُّ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي أَيَّامِ الذَّبْحِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَصْحَابُهُمْ أَيَّامُ الذَّبْحِ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ كُلُّهَا الثَّلَاثَةُ أَيَّامُ أَضْحًى وَالْأَضْحَى عِنْدَهُمَا أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامِ

التَّشْرِيقِ بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ مَنْحَرٌ وَكُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ وَهُوَ حَدِيثٌ فِي إِسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ وَسَنَزِيدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي أَيَّامِ الذَّبْحِ خَاصَّةً بَيَانًا فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الثالث والستون

حَدِيثُ ثَالِثَ عَشَرَ مِنْ مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ مَا نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ وعن أهل بيته إلا بدنة وَاحِدَةً أَوْ بَقَرَةً وَاحِدَةً قَالَ مَالِكٌ لَا أَدْرِي أَيَّتُهُمَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ إِلَّا جُوَيْرِيَةُ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ مَا نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أهله إلا بدنة وَاحِدَةً أَوْ بَقَرَةً وَاحِدَةً لَا أَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالَتْ حَدَّثَنَاهُ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ فذكره

أَمَّا سَائِرُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ فَاخْتَلَفُوا فِي إِسْنَادِهِ عَنْهُ فَجَعَلَهُ أَكْثَرُهُمْ عَنْهُ عَنْ عَمْرَةَ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَأَمَّا مَعْمَرٌ فَرَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِلَّا بَقَرَةً وَاحِدَةً هَكَذَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَرَوَاهُ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنْ حَجَّ مِنْ أَهْلِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً وَاحِدَةً وَأَمَّا يُونُسُ فَذَكَرَ حَدِيثَهُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ بنت عبد الرحمان عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً وَاحِدَةً وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً وَكَانَتْ عَمْرَةُ تُحَدِّثُ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ وَرِوَايَةُ اللَّيْثِ عَنْ يُونُسَ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَمْرَةَ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحِمْصِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ أَبُو أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى عَمَّنْ حَجَّ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ بِبَقَرَةٍ قَالَ أَبُو أَيُّوبَ قُلْتُ لِبَقِيَّةَ كَمْ كَانُوا قَالَ عَدَدٌ كَثِيرٌ هَكَذَا قَالَ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَالزُّبَيْدِيُّ بَقَرَةً لَمْ يَشُكُّوا كَمَا شَكَّ مَالِكٌ فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ وَكُلُّهُمْ جَعَلَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ عَنْ أَزْوَاجِهِ بَقَرَةً فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِي فِي مَوْضِعَيْنِ فِي مَوْضِعٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَفِي مَوْضِعٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَدِيثُ لِعَمْرَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنْ كَانَ اللَّيْثُ قَدْ بَيَّنَ فِيهِ عَنْ يُونُسَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ شِهَابٍ مِنْ عَمْرَةَ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ صَرَّحَتْ بِذَلِكَ أَيْضًا وَظَاهِرُ حَدِيثِ يُونُسَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَمْرَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ موسى البغدادي بمصر قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنِ اعْتَمَرَ مِنْ نِسَائِهِ بَقَرَةً هَكَذَا حَدَّثَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرُهُ يَقُولُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَعِنْدَ الْأَوْزَاعِيِّ فِي هَذَا حَدِيثٌ آخَرُ حَدَّثَنَاهُ عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ الْأَبْهَرَيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الدِّمَشْقِيُّ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ

قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ذَبَحَ بَقَرَةً عَنْ نِسَائِهِ وَكُنَّ مُتَمَتِّعَاتٍ لَمْ يُسَمِّ عِدَّتَهُنَّ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنِ اعْتَمَرَ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً بَيْنَهُنَّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو داود قال حدثنا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَبِمَعْنَاهُ سَوَاءً قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا صَحِيحٌ ثَابِتٌ وَمِثْلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَكِلَاهُمَا يَشْهَدُ بِصِحَّةِ رِوَايَةِ ابْنِ شهاب هذه

وَيُعَضِّدُهَا فِي قَوْلِهِ بَقَرَةً وَاحِدَةً وَيُعَارِضُ ظَاهِرَ حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَبَحَ عَنْ نِسَائِهِ يَوْمَئِذٍ الْبَقَرَ وَظَاهِرُ حديث عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ كَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَشُعْبَةُ وحماد بن سلمة كلهم عن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَمَّا ابْنُ جُرَيْجٍ فأرسله قال فيه عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ أَهْدَى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نِسَائِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً بَقَرَةً عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ هُوَ عِنْدِي حَدِيثُ مَالِكٍ وَرَوَى مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بنت عبد الرحمان أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَمْسِ (لَيَالٍ) بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقَالُوا نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ

قَالَ يَحْيَى فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ أَتَتْكَ وَاللَّهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَئِذٍ يَعْنِي فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا ذُكِرَ الْبَقَرُ عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ بَقَرَةً وَاحِدَةً عَنْ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ عِنْدِي تَفْسِيرُ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِذِكْرِ الْبَقَرِ الْجِنْسَ تَقُولُ دُخِلَ عَلَيْنَا بِلَحْمِ بَقَرٍ أَيْ لَمْ يَكُنْ لَحْمَ إِبِلٍ وَلَا غَنَمٍ كَمَا تَقُولُ لَحْمُ بَقَرٍ تَنْفِي أَنْ يَكُونَ غَيْرَ بَقَرِيٍّ وَهُوَ مِنْ بَقَرَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِذَا حُمِلَ الْخَبَرَانِ عَلَى هَذَا لَمْ يَتَدَافَعَا وَصَحَّ بِذَلِكَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي إِجَازَتِهِ أَنْ يُضَحِّيَ الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ بِالْبَقَرَةِ الْوَاحِدَةِ وَفِي مَعْنَاهَا عِنْدَهُ الشَّاةُ الْوَاحِدَةُ

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ وَالضَّحَايَا فَقَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَذْبَحَ الشَّاةَ أَوِ الْبَقَرَةَ أَوِ الْبَدَنَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَسَوَاءٌ كَانُوا سَبْعَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ يُشْرِكُهُمْ فِيهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرُوهَا بَيْنَهُمْ بِالشَّرِكَةِ فَيَذْبَحُوهَا إِنَّمَا يُجْزِئُ إِذَا تَطَوَّعَ عَنْهُمْ وَلَا يُجْزِئُ عَنِ الْأَجْنَبِيِّينَ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مِثْلَهُ فِي الْبَقَرِ وَأَجَازَ مَالِكٌ الِاشْتِرَاكَ فِي الْهَدْيِ التَّطَوُّعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ بِحَالٍ لَا فِي بَدَنَةٍ وَلَا فِي بَقَرَةٍ وَالْحُجَّةُ لَهُ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَحَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أَشْرَكَ عَلِيًّا فِي هَدْيِهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ ضَحَايَاهُ هَذِهِ عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي وَهَذَا كُلُّهُ تَطَوُّعٌ لَيْسَ بِاشْتِرَاكٍ لَازِمٍ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ التَّطَوُّعِ وَفِي الْوَاجِبِ وفي الضحايا

الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيِّ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمُ اشْتِرَاكُ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَةٍ وَلَا بَقَرَةٍ وَأَجْمَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الشَّاةِ لِمَنْ لَزِمَهُ دَمٌ وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ حَدِيثُ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا نَتَمَتَّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَوِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا نَتَمَتَّعُ فَذَكَرَهُ وَسَنَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا فِي بَابِ أَبِي الزُّبَيْرِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا فِيهِ شفاء لأنه أولى بذلك من ذكره ههنا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا جَوَازُ نَحْرِ الْبَقَرِ وَذَبْحِهَا لِأَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ ذَبْحٌ وَفِي بَعْضِهَا نَحْرٌ وَهُوَ لَفْظُ حَدِيثِ مَالِكٍ وَكَانَ مَالِكٌ يُجِيزُ (نَحْرَ) الْبَقَرِ وَيَسْتَحِبُّ فِيهَا الذَّبْحَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِنْ نُحِرَتِ الْبَقَرَةُ كُرِهَ ذَلِكَ وَجَازَ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ إِنْ ذُبِحَ الْجَزُورُ وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ ذُبِحَ الْجَزُورُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ أَوْ نُحِرَتِ الشَّاةُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لَمْ تُؤْكَلْ وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَسْتَحِبُّ نَحْرَ الْبَقَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا حَدِيثُ أَسْمَاءَ انْتَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَّتْ أَحَادِيثُ ابْنِ شِهَابٍ والحمد لله

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِنْ نُحِرَتِ الْبَقَرَةُ كُرِهَ ذَلِكَ وَجَازَ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ إِنْ ذُبِحَ الْجَزُورُ وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ ذُبِحَ الْجَزُورُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ أَوْ نُحِرَتِ الشَّاةُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لَمْ تُؤْكَلْ وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَسْتَحِبُّ نَحْرَ الْبَقَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا حَدِيثُ أَسْمَاءَ انْتَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَّتْ أَحَادِيثُ ابْنِ شِهَابٍ والحمد لله

مالك عن أبي الزبير المكي

(مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ وَاسْمُ أَبِي الزُّبَيْرِ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ تَدْرُسَ) مَوْلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَقِيلَ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ سَكَنَ مَكَّةَ وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِي خِلَافَةِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً هَذَا قَوْلُ الْوَاقِدِيِّ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ مَاتَ أَبُو الزُّبَيْرِ قَبْلَ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِسَنَةٍ وَمَاتَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ أَبُو الزُّبَيْرِ ثِقَةً حَافِظًا رَوَى عَنْهُ مالك والثوري وابن جريج والليث بن سعيد وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَكَانَ شُعْبَةُ يَتَكَلَّمُ فِيهِ وَلَا يُحَدِّثُ عَنْهُ وَنَسَبَهُ مَرَّةً إِلَى أَنَّهُ كَانَ يُسِيءُ صَلَاتَهُ وَمَرَّةً إِلَى أنه وزن فأرجح

وهو عند أهل العلم مقبول الْحَدِيثِ حَافِظٌ مُتْقِنٌ لَا يُلْتَفَتُ فِيهِ إِلَى قَوْلِ شُعْبَةَ قَالَ مَعْمَرٌ لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ رَأَيْتُ شُعْبَةَ جَعَلَنِي أَنِّي لَا أَكْتُبُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَلَا أَحْمِلُ عَنْهُ وَخَدَعَنِي وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ أَبُو الزُّبَيْرِ ثِقَةٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَبُو الزُّبَيْرِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَرَوَى هُشَيْمٌ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ قَالَ كُنَّا نَكُونُ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَيُحَدِّثُنَا فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ تَذَاكَرْنَا حَدِيثَهُ فَكَانَ أَبُو الزُّبَيْرِ مِنْ أَحْفَظِنَا لِلْحَدِيثِ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ قَالَا قَالَ عَطَاءٌ فَذَكَرَهُ وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ قَالَ كَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَأَصْحَابُهُ إِذَا قَدِمَ جَابِرٌ قَدَّمُوا أَبَا الزُّبَيْرِ أَمَامَهُمْ لِيَحْفَظَ لَهُمْ

أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ عُمَرَ الْبَجَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ مَا نَازَعَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ فِي حَدِيثٍ (قَطُّ) إِلَّا زَادَ عَلَيْهِ أَبُو الزُّبَيْرِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الحسن بن الصباح قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ كَانَ عَطَاءٌ يُقَدِّمُنِي إِلَى جَابِرٍ فَأَتَحَفَّظُ لَهُمُ الْحَدِيثَ وَكَانَ عَطَاءٌ رُبَّمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَيَقُولُ لِلسَّائِلِ (سَلْ) أَبَا الزُّبَيْرِ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ثمانية أحاديث متصلة مسندة

أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ عُمَرَ الْبَجَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ مَا نَازَعَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ فِي حَدِيثٍ (قَطُّ) إِلَّا زَادَ عَلَيْهِ أَبُو الزُّبَيْرِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الحسن بن الصباح قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ كَانَ عَطَاءٌ يُقَدِّمُنِي إِلَى جَابِرٍ فَأَتَحَفَّظُ لَهُمُ الْحَدِيثَ وَكَانَ عَطَاءٌ رُبَّمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَيَقُولُ لِلسَّائِلِ (سَلْ) أَبَا الزُّبَيْرِ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيَةُ أَحَادِيثَ مُتَّصِلَةٍ مُسْنَدَةٍ

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِأَبِي الزُّبَيْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحُدَيْبِيَةُ مَوْضِعٌ مِنَ الْأَرْضِ فِي أَوَّلِ الْحَرَمِ مِنْهُ حِلٌّ وَمِنْهُ حَرَمٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَكَّةَ نَحْوُ عَشَرَةِ أَمْيَالٍ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ مِيلًا وَهُوَ وَادٍ قَرِيبٌ مِنْ بَلْدَحَ عَلَى طَرِيقِ جِدَّةَ وَمَنْزِلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا مَعْرُوفٌ وَمَشْهُورٌ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ نَزَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضْطَرَبَ بِهِ بِنَاؤُهُ حِينَ صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ عَنِ الْبَيْتِ وَذَلِكَ سَنَةَ سِتًّ مِنَ الْهِجْرَةِ وَنَزَلَ مَعَهُ أَصْحَابُهُ فَعَسْكَرَتْ قُرَيْشٌ لِصَدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي طُوًى وَأَتَاهُ الْحُلَيْسُ بن

عَلْقَمَةَ أَوِ ابْنُ زَبَّانَ أَحَدُ بَنِي الْحَرْثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةِ بْنِ كِنَانَةَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ قَدْ عَسْكَرُوا بِذِي طُوًى وَحَلَفُوا أَنْ لَا يَدْخُلَهَا عَلَيْهِمْ عَنْوَةً أَبَدًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَصَدَ مَكَّةَ زَائِرًا لِلْبَيْتِ وَمُعَظِّمًا لَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ لِقِتَالِ قُرَيْشٍ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا لِصَدِّهِ عَنِ الْبَيْتِ بَعَثَ إِلَيْهِمْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يُخْبِرُهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْتِ لِحَرْبٍ وَإِنَّمَا جَاءَ زَائِرًا لِلْبَيْتِ وَمُعَظِّمًا لِحُرْمَتِهِ فَخَرَجَ عُثْمَانُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ فَقَالُوا لَهُ إِنْ شِئْتَ أَنْتَ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَطُفْ وَأَمَّا مُحَمَّدٌ فَلَا فِي عَامِهِ هَذَا فَقَالَ عُثْمَانُ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ حَتَّى يَطُوفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحْتَبَسَتْهُ قُرَيْشٌ عِنْدَهَا فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (حين بَلَغَهُ ذَلِكَ) لَا نَبْرَحُ حَتَّى نُنَاجِزَ الْقَوْمَ وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْبَيْعَةِ فَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَكَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ بَايَعَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ وَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ

اللَّهِ يَقُولُ لَمْ يُبَايِعْنَا عَلَى الْمَوْتِ وَإِنَّمَا بَايَعَنَا عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ ثُمَّ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن الَّذِي قِيلَ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ وَذُكِرَ مِنْ قَتْلِهِ بَاطِلٌ ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو الْعَامِرِيَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَالَحَهُ عَنْهُمْ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَامَهُ ذَلِكَ وَلَا يَدْخُلَ عَلَيْهِمْ (مَكَّةَ) وَأَنَّهُ إِذَا كَانَ عَامُ قَابِلٍ خَرَجَتْ قُرَيْشٌ عَنْ (مَكَّةَ) فَدَخَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فَأَقَامُوا بِهَا ثَلَاثًا إِلَى سَائِرِ مَا قَاضَوْهُ وَصَالَحُوهُ عَلَيْهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرَهُ أَهْلُ السِّيَرِ فَسُمِّيَ عَامَ الْقَضِيَّةِ وَهُوَ عَامُ الْحُدَيْبِيَةِ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصُّلْحِ قَامَ إِلَى هَدْيِهِ فَنَحَرَهُ وَحَلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يحلوا فنحر ونحروا وحلقوا رؤوسهم وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ فَدَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ وَاحِدَةً وَحَلُّوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَحْرَمَ يَوْمَئِذٍ بِعُمْرَةٍ لِيَأْمَنَ النَّاسُ مِنْ حَرْبِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّهُ خَرَجَ زَائِرًا لِلْبَيْتِ وَمُعَظِّمًا لَهُ وَاخْتُلِفَ فِي مَوْضِعِ نَحْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيَهُ فَقَالَ قَوْمٌ نَحَرَ فِي الْحِلِّ وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ نَحَرَ فِي الْحَرَمِ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا

أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَقَالُوا كَانَ بِنَاءُ رَسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحِلِّ وَكَانَ يُصَلِّي فِي الْحَرَمِ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ بِنَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَضْرُوبًا فِي الْحِلِّ وَكَانَ يُصَلِّي فِي الْحَرَمِ وَقَالَ عَطَاءٌ فِي الْحَرَمِ نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيَهُ يَوْمَئِذٍ وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ إِذَا بَلَغَ الْهَدْيُ الْحَرَمَ فَقَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ يَرُدُّ قَوْلَ عَطَاءٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ فَقَالَ مَالِكٌ الْمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ يَنْحَرُ هَدْيَهُ حَيْثُ حُصِرَ فِي الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وداود بنعلي وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَنْحَرَ هَدْيَهُ إِلَّا في الحرم

وَقَالَ عَطَاءٌ لَا يَحِلُّ الْمُحْصَرُ إِلَّا أَنْ يَنْحَرَ هَدْيَهُ فِي الْحَرَمِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ إِجَازَةُ نَحْرِ الْهَدْيِ لِلْمُحْصَرِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْحُجَّةُ لِذَلِكَ أَنَّ الْهَدْيَ تَابِعٌ لِلتَّحَلُّلِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ تَمَّ حَجُّهُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ تَمَّ حَجُّهُ نَحَرَ بِمِنًى وَمَنْ تَمَّتْ عُمْرَتُهُ نَحَرَ بِمَكَّةَ فَكَذَلِكَ الْمُحْصَرُ يَنْحَرُ حَيْثُ يَحِلُّ وَكُلُّ مُتَحَلِّلٍ فَهَدْيُهُ مَنْحُورٌ حَيْثُ يَحِلُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ حَصَرَهُ الْمَرَضُ فَلَا يُحِلُّهُ إِلَّا الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ فَإِنْ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ فَإِنَّهُ يَنْحَرُ هَدْيَهُ حَيْثُ حُصِرَ وَيَتَحَلَّلُ وَيَنْصَرِفُ وَلَا قَضَاءَ عليه إلا أن يكون صرورة وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْمُحْصَرُ بِالْعَدُوِّ وَالْمَرَضِ سَوَاءٌ يَذْبَحُ هَدْيَهُ فِي الْحَرَمِ وَيَحِلُّ يَوْمَ النَّحْرِ إِنْ شَاءَ وَعَلَيْهِ حُجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الطبري وقال أبو يوسف ومحمد ليس ذلك لَهُ وَلَا يَتَحَلَّلُ دُونَ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ

وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ حَيْثُ حُبِسَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ قَالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَّ هُوَ وأصحابه بالحديبية فنحروا الهدي وحلقوا رؤوسهم وَحَلُّوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ وَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ الْهَدْيُ ثُمَّ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ وَلَا أَحَدًا مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ أَنْ يَقْضُوا شَيْئًا وَلَا يُعِيدُوا الشَّيْءَ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى هَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ حُصِرَ بِالْعَدُوِّ كَمَا حُصِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فَأَمَّا مَنْ حُصِرَ بِغَيْرِ عَدُوٍّ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ دُونَ الْبَيْتِ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ وَاخْتَلَفُوا إِذَا حَصَرَهُ الْعَدُوُّ بِمَكَّةَ فَقَالَ مَالِكٌ يَتَحَلَّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ كَمَا لَوْ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ فِي الْحِلِّ إِلَّا أَنْ يكون مكيا فيخرج إلى الحل ثم يتحلل بِعُمْرَةٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْإِحْصَارُ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا أَتَى مَكَّةَ مُحْرِمًا (بِالْحَجِّ) فَلَا يَكُونُ مُحْصَرًا

وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَلَيْسَ بِمُحْصَرٍ وَيُقِيمُ عَلَى إِحْرَامِهِ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَهْدِيَ وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَكُونُ مُحْصَرًا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابَلٍ وَالْهَدْيُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابَلٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَعْمَلُ مَا أَدْرَكَ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ وَيَقْضِي وَاخْتَلَفَ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي لَفْظِ الْإِحْصَارِ وَالْحَصْرِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَحْصَرَهُ الْمَرَضُ وَحَصَرَهُ الْعَدُوُّ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا حَصْرَ إِلَّا حَصْرُ الْعَدُوِّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُقَالُ فِيهِمَا جَمِيعًا أَحْصَرَهُ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ وَأَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَالْحِلَاقُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ نُسُكٌ وَاجِبٌ عَلَى الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ وَعَلَى الْمُحْصَرِ بِعَدُوٍّ أَوْ بِمَرَضٍ

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَيْسَ عَلَى الْمُحْصَرِ تَقْصِيرٌ وَلَا حِلَاقٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ الْحِلَاقَ نُسُكٌ وَالْآخَرِ لَيْسَ الْحِلَاقُ مِنْ نُسُكٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي وُجُوبِ الْهَدْيِ عَلَى الْمُحْصَرِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا هَدْيَ عَلَى الْمُحْصَرِ بِعَدُوٍّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَشْهَبَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ هَلْ تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ مُحْصَرِينِ أَوْ مُتَمَتِّعِينَ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ لَا تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ وَلَا الْبَقَرَةُ عَمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ إِلَّا عَنْ وَاحِدٍ قَالَ وَلَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَلَا فِي الضَّحَايَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ إِلَّا رِوَايَةٌ شَذَّتْ عِنْدَ أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ الِاشْتِرَاكُ فِي الضَّحَايَا إِلَّا عَلَى مَا نَصِفُهُ عَنْهُ ههنا وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ فَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ الْمَوَّازِ

قَالَ مَالِكٌ تَفْسِيرُ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي التَّطَوُّعِ وَلَا (يُشْتَرَكُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْوَاجِبِ قَالَ وَأَمَّا فِي الْعُمْرَةِ تَطَوُّعًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُشْتَرَكُ فِي وَاجِبٍ وَلَا فِي التَّطَوُّعِ قَالَ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا فِي التَّطَوُّعِ) وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُهُ لَا يُشْتَرَكُ فِي هَدْيٍ تَطَوُّعٍ أَوْ وَاجِبٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ جَزَاءٍ أَوْ فِدْيَةٍ قَالَ وَأَمَّا الضَّحَايَا فَجَائِزٌ أَنْ يَذْبَحَ الرَّجُلُ الْبَدَنَةَ أَوِ الْبَقَرَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ يُشْرِكُهُمْ فِيهَا وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ أَنْ يَشْتَرُوهَا بَيْنَهُمْ بِالشَّرِكَةِ فَيَذْبَحُوهَا إِنَّمَا يُجْزِئُ إِذَا تَطَوَّعَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَا يُجْزِئُ عَنِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَقَالَ فِي مُوَطَّئِهِ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ أَنَّ الرَّجُلَ يَنْحَرُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ بدنة أَوْ يَذْبَحُ بَقَرَةً أَوْ شَاةً وَهُوَ يَمْلِكُهَا وَيُشْرِكُهُمْ فِيهَا فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِكَ فِيهَا نَاسٌ فِي نُسُكٍ أَوْ ضَحِيَّةٍ وَيُخْرِجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ مِنْ ثَمَنِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُكْرَهُ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مِثْلَهُ فِي الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ وَعُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ عَنْ نِسَائِهِ بَقَرَةً وَاحِدَةً فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَيْنَهُنَّ يَعْنِي أَنَّهُ تَطَوَّعَ بِذَلِكَ عَنْهُنَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَأَشْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا فِي هديه عام حجة الوداع تطوع عَنْهُ بِذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ حَدِيثِهِ فِي بَابِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَهُنَا واحتج له ابن خواز بنداد بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْكَبْشِ الْوَاحِدِ قَالَ وَكَذَلِكَ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ لِأَنَّهُ دَمٌ أُرِيقَ بِوَاجِبٍ وَمَا زَادَ مَنِ احْتَجَّ بِهَذَا عَلَى أَنْ جَمَعَ بَيْنَ مَا فَرَّقَتِ السُّنَّةُ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ الِاشْتِرَاكُ فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا يُوجِبُ الْقِسْمَةَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ قَالَ الْقِسْمَةُ بَيْعٌ مِنَ الْبُيُوعِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ النُّسُكُ بِإِجْمَاعٍ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا قَالَ أَبُو عُمَرَ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْهَدْيِ التَّطَوُّعِ لَا يَجُوزُ مَعَ إِجَازَتِهِمُ الِاشْتِرَاكَ فِيهِ يُبْطِلُ مَا اعْتَلَّ بِهِ الأبهري

رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَدُلُّكَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْبُيُوعِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ بِالْمُشَاعِ فَكَيْفَ وَقَدْ وَرَدَ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ مَا وَرَدَ عَنِ السَّلَفِ الَّذِي لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ تَحْرِيفُ التَّأْوِيلِ وَلَا الْجَهْلُ بِهِ وَيَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ لِمَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي أَنَّ الْهَدْيَ الَّذِي سَاقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ كَانَ تَطَوُّعًا فَأَشْرَكَهُمْ فِي ثَوَابِهِ (لَا) فِي الْمِلْكِ بِالثَّمَنِ كَمَا صَنَعَ بِعَلِيٍّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِذْ أَشْرَكَهُ فِي الْهَدْيِ الَّذِي سَاقَهُ تَطَوُّعًا أَيْضًا عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ كَانَ مِفْرِدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ ضُرُوبٌ مِنَ النَّظَرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ كُلِّهِمْ وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ مِنْ تَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ أَوْ حَصْرِ عَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ وَكُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَذَلِكَ شَاةٌ أجزأه شرك في بقرة أو بدنة إِذَا كَانَ ذَلِكَ الشِّرْكُ سُبْعَهَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سُبْعِهَا وَلَا تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ وَلَا الْبَقَرَةُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَالطَّبَرِيِّ وَعَامَّةِ

الْفُقَهَاءِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَكَانَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ يَقُولُ إِنْ كَانَ الْهَدْيُ الْوَاجِبُ عَلَى السَّبْعَةِ نَفَرٍ وَجَبَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ مِثْلَ أَنْ يَكُونُوا مُتَمَتِّعِينَ أَوْ قَارِنِينَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ جَازَ لَهُمُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْبَدَنَةِ أَوِ الْبَقَرَةِ إِذَا كَانُوا سَبْعَةً فَأَدْنَى قَالَ فَإِنِ اخْتَلَفَ الْوَجْهُ الَّذِي مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِمُ الدَّمُ لَمْ يُجْزِهِمْ ذَلِكَ وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ إِنْ شَارَكَهُمْ ذمي أو من لا الْهَدْيَ وَأَرَادَ حِصَّتَهُ مِنَ اللَّحْمِ أَجْزَأَهُ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمُ الْهَدْيَ حِصَّتُهُ يَعْنِي إِذَا كَانَتْ سُبُعَ الْبَدَنَةِ فَمَا فَوْقَهُ وَيَأْخُذُ الْبَاقُونَ حِصَصَهُمْ مِنَ اللَّحْمِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا كَانَ فِيهِمْ ذِمِّيٌّ أَوْ مَنْ لَا يُرِيدُ أَنْ يَهْدِيَ فَلَا يُجْزِيهِمْ مِنَ الْهَدْيِ وَمِنْ حُجَّةِ هَؤُلَاءِ فِي تَجْوِيزِهِمُ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ قَدْ وَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دَمٌ حَدِيثُ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ جَابِرٍ غَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عن سبعة

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ قَالَ حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ الْجَزُورَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا نَتَمَتَّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ نَشْتَرِكُ فِيهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ قُلْتُ الْجَزُورُ وَالْبَقَرَةُ تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ قَالَ فَقَالَ يَا شَعْبِيُّ وَلَهَا سَبْعَةُ أَنْفُسٍ قَالَ

قُلْتُ إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ الْجَزُورَ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ قَالَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِرَجُلٍ أَكَذَلِكَ يَا فُلَانُ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا سَمِعْتُ بِهَذَا وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرِ بن مخرمة وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَدَنَةُ عَنْ عَشَرَةٍ وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عن عروة بن مروان والمسور بن مخرمة أَنَّهُمْ كَانُوا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةَ بِضْعَ عَشْرَ مِائَةً وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُمْ كَانُوا سَبْعَمِائَةٍ وَنَحَرَ عَنْهُمْ سَبْعِينَ بَدَنَةً وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ اجْتَمَعَتِ الْحُجَّةُ عَلَى أَنَّ الْبَقَرَةَ وَالْبَدَنَةَ لَا تُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ قَالَ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ خَطَأٌ وَوَهْمٌ أَوْ مَنْسُوخٌ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِهَا عَنْ سَبْعَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ فَلَا تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ وَاتِّفَاقٍ

قَالَ الْأَثْرَمُ قِيلَ لِأَحْمَدَ ضَحَّى ثَمَانِيَةٌ بِبَقَرَةٍ قال لا يجزئ حدثنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْمُطَرِّزُ أَبُو عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ دَعُونِي فَأَنْطَلِقَ بِالْهَدْيِ فَأَنْحَرَهُ فَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ لَا وَاللَّهِ لَا نَكُونُ كَالْمَلَأِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ قَالُوا لِمُوسَى اذْهَبْ أَنْتَ وربك فقاتلا إنا ههنا قَاعِدُونَ وَلَكِنَّا نَقُولُ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمْ مُقَاتِلُونَ قَالَ فَنَحَرَ الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَةِ قَالَ قَتَادَةُ كَانَتْ مَعَهُمْ يَوْمَئِذٍ سَبْعُونَ بَدَنَةً بين كل سبعة بدنة حدثنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْقَلْزُمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ اشْتَرَكْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَجِّ والعمرة كل سبعة في بدنة

قَالَ الْأَثْرَمُ قِيلَ لِأَحْمَدَ ضَحَّى ثَمَانِيَةٌ بِبَقَرَةٍ قال لا يجزئ حدثنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْمُطَرِّزُ أَبُو عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ دَعُونِي فَأَنْطَلِقَ بِالْهَدْيِ فَأَنْحَرَهُ فَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ لَا وَاللَّهِ لَا نَكُونُ كَالْمَلَأِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ قَالُوا لِمُوسَى اذْهَبْ أَنْتَ وربك فقاتلا إنا ههنا قَاعِدُونَ وَلَكِنَّا نَقُولُ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمْ مُقَاتِلُونَ قَالَ فَنَحَرَ الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَةِ قَالَ قَتَادَةُ كَانَتْ مَعَهُمْ يَوْمَئِذٍ سَبْعُونَ بَدَنَةً بين كل سبعة بدنة حدثنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْقَلْزُمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ اشْتَرَكْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَةٍ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِأَبِي الزُّبَيْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ ثُمَّ قَالَ كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْعَبًا فِي باب ربيعة بن أبي عبد الرحمان وَهُوَ الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ حَدِيثِهِ فِي كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِتَكْرَارِ الْقَوْلِ فِيهِ ههنا

حَدِيثٌ ثَانٍ لِأَبِي الزُّبَيْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ ثُمَّ قَالَ كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْعَبًا فِي باب ربيعة بن أبي عبد الرحمان وَهُوَ الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ حَدِيثِهِ فِي كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِتَكْرَارِ الْقَوْلِ فِيهِ ههنا

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِأَبِي الزُّبَيْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ بِشِمَالِهِ أَوْ يَمْشِيَ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ وَأَنْ يَتَحَبَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ كَاشِفًا عَنْ فَرْجِهِ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْأَكْلِ بِالشِّمَالِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَلَيْسَ فِي الْأَكْلِ بِالشِّمَالِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرٍ لِأَنَّ كُلَّ سَامِعٍ لَهُ يَسْتَوُونَ فِي فَهْمِهِ وَكَذَلِكَ النَّهْيُ عَنِ الْمَشْيِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ يَسْتَوِي أَيْضًا لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ فِي الْفَهْمِ وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَالِمًا بِالنَّهْيِ مُسْتَخِفًّا بِهِ فَهُوَ لِلَّهِ عَاصٍ وَأَمْرُهُ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ فَلَا يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَمْشِيَ فِي نَعْلٍ واحدة

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تُنْكِرُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثَهُ بِهَذَا وَلَيْسَ فِي إِنْكَارِ مَنْ أَنْكَرَ حُجَّةً عَلَى مَنْ عَلِمَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا رَأَتْهُ يَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يَصِحُّ حَدِيثُهَا ذَلِكَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَعَ جَابِرٍ أَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ فَلَا يَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُصْلِحَ شِسْعَهُ وَلَا يَمْشِ فِي خُفٍّ وَاحِدَةٍ وَلَا يَأْكُلْ بِشِمَالِهِ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ فَلِلْعُلَمَاءِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ وَقَدْ جَاءَ فِي الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ مَا هُوَ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِيهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ أَنْ يَرْمِيَ بِطَرَفَيِ الثَّوْبِ جَمِيعًا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ وَقَدْ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَجَازَهَا عَلَى ثَوْبٍ ثُمَّ كَرِهَهَا وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الصَّمَّاءِ كَيْفَ هِيَ قَالَ يَشْتَمِلُ الرَّجُلُ ثُمَّ يُلْقِي الثَّوْبَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَيُخْرِجُ يَدَهُ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِزَارٌ قِيلَ لَهُ أَرَأَيْتَ إِنْ لُبِسَ هَكَذَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِزَارٌ قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ كَرِهَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ إِزَارٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ لِلْحَدِيثِ وَلَسْتُ أَرَاهُ ضِيِّقًا إِذَا كَانَ عَلَيْهِ إِزَارٌ قَالَ مَالِكٌ وَالِاضْطِبَاعُ أَنْ يَرْتَدِيَ الرَّجُلُ فَيُخْرِجَ ثَوْبَهُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُمْنَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَرَاهُ مِنْ نَاحِيَةِ الصَّمَّاءِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ عِنْدَ الْعَرَبِ أَنْ يَشْتَمِلَ الرَّجُلُ بِثَوْبِهِ فَيُجَلِّلَ بِهِ جَسَدَهُ كُلَّهُ وَلَا يَرْفَعَ مِنْهُ جَانِبًا فَيُخْرِجَ مِنْهُ يَدَهُ وَرُبَّمَا اضْطَجَعَ فِيهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ قَالَ

أَبُو عُبَيْدٍ كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يُصِيبُهُ شَيْءٌ يُرِيدُ الِاحْتِرَاسَ مِنْهُ وَأَنْ يَقِيَهُ بِيَدِهِ فَلَا يَقْدِرَ عَلَى ذَلِكَ لِإِدْخَالِهِ إِيَّاهَا فِي ثِيَابِهِ فَهَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ قَالَ وَأَمَّا تَفْسِيرُ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ هُوَ أَنْ يَشْتَمِلَ الرَّجُلُ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ثُمَّ يَرْفَعَهُ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ فَيَضَعَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ فَيَبْدُوَ مِنْهُ فَرْجُهُ قَالَ أَبُو عَبِيدٍ وَالْفُقَهَاءُ أَعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ فِي هَذَا وَذَلِكَ أَصَحُّ مَعْنًى فِي الْكَلَامِ وَقَالَ الْأَخْفَشُ الِاشْتِمَالُ أَنْ يَلْتَفَّ الرَّجُلُ بِرِدَائِهِ أَوْ بِكِسَائِهِ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى قَدَمَيْهِ يَرُدُّ طَرَفَ الثَّوْبِ الْأَيْمَنِ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ هَذَا هُوَ الِاشْتِمَالُ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ طَرَفَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ وَتَرَكَهُ مُرْسَلًا إِلَى الْأَرْضِ فَذَلِكَ السَّدْلُ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِرَجُلٍ وَقَدْ سَدَلَ ثَوْبَهُ فَعَطَفَهُ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ مُشْتَمِلًا قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الرَّجُلِ إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ فَاشْتَمَلَ بِهِ ثُمَّ رَفَعَ الثَّوْبَ عَنْ يَسَارِهِ حَتَّى أَلْقَاهُ عَنْ مَنْكِبِهِ فَقَدِ انْكَشَفَ شِقُّهُ الْأَيْسَرُ كُلُّهُ وَهَذَا هُوَ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ فَإِنْ هُوَ أَخَذَ طَرَفَ الثَّوْبِ الْأَيْسَرِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُسْرَى فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَأَلْقَى طَرَفَ الثَّوْبِ الْأَيْمَنِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ فَهَذَا التَّوَشُّحُ الَّذِي جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ متوشحا به

قَالَ وَأَمَّا الِاضْطِبَاعُ فَإِنَّهُ لِلْمُحْرِمِ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَكُونُ مُرْتَدِيًا بِالرِّدَاءِ أَوْ مُشْتَمِلًا فَيَكْشِفُ مَنْكِبَهُ الْأَيْمَنَ حَتَّى يَصِيرَ الثَّوْبُ تَحْتَ إِبِطَيْهِ وَهَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ طَافَ وَسَعَى مُضْطَبِعًا بِبُرْدٍ أَخْضَرَ وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِثْلُهُ قَالَ وَالِارْتِدَاءُ أَنْ تَأْخُذَ بِطَرَفَيِ الثَّوْبِ فَتُلْقِيَهُمَا عَلَى صَدْرِكَ وَمَنْكِبَيْكَ وَسَائِرُ الثَّوْبِ خَلْفَكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي جَعَلَهُ أَبُو دَاوُدَ تَفْسِيرَ اللُّبْسَةِ الصَّمَّاءِ حَدِيثُ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عَنْ لُبْسَتَيْنِ أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ مُفْضِيًا بِفَرْجِهِ إِلَى السَّمَاءِ وَيَلْبَسَ ثَوْبًا وَاحِدًا جَانِبُهُ خَارِجٌ وَيُلْقِيَ ثَوْبَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ذَكَرَهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ وَقَدْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عَنْ لُبْسَتَيْنِ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ

وَالصَّمَّاءُ أَنْ يَجْعَلَ طَرَفَيْ ثَوْبِهِ عَلَى أَحَدِ عَاتِقَيْهِ وَيَبْدُوَ أَحَدُ شِقَّيْهِ لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ وَاللُّبْسَةُ الْأُخْرَى احْتِبَاؤُهُ بِثَوْبٍ وَهُوَ جَالِسٌ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن لبستين اشتمال الصَّمَّاءِ وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى عَوْرَتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قاسم بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسَتَيْنِ الصَّمَّاءُ وَهُوَ أَنْ يَلْتَحِفَ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ ثُمَّ يَرْفَعَ جَانِبَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ غَيْرُهُ أَوْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ بَيْنَ فَرْجِهِ وَبَيْنَ السَّمَاءِ شَيْءٌ يَعْنِي سَتْرًا وَعَنْ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشْتَمِلَ الرَّجُلُ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ وَبِهَذَا فَسَّرَ ابْنُ وَهْبٍ الصَّمَّاءَ

وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ وَسَيَأْتِي مِنْ هَذَا الْمَعْنَى ذِكْرٌ كَافٍ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ مُسْتَوْعَبًا فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا كَشْفُ الْفَرْجِ فَحَرَامٌ فِي هَذِهِ اللُّبْسَةِ وَفِي غَيْرِهَا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُبْدِيَ عَوْرَتَهُ وَيَكْشِفَ فَرْجَهُ إِلَى آدَمِيٍّ يَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ إِلَّا مَنْ كَانَتْ حَلِيلَتَهُ امْرَأَتَهُ أَوْ سَرِيَّتَهُ وَهَذَا مَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَحَسْبُكَ قَوْلُ الله عز وجل يا بني آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ سَتْرَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَطُوفُونَ عُرَاةً فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ فُرِضَ عَنْ عُيُونِ الْآدَمِيِّينَ وَاخْتَلَفُوا أَهِيَ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ أَمْ لَا وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ لَا يَكْشِفَ أَحَدٌ عَوْرَتَهُ فِي الْخَلَاءِ وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ فِي بَعْضِ مَا أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُرِيَ الْأَرْضَ عَوْرَتَكَ فَافْعَلْ فَاتَّخَذَ السَّرَاوِيلَ وَهُوَ أَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَهَا وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ملة أبيكم إبراهيم

وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ وَسَيَأْتِي مِنْ هَذَا الْمَعْنَى ذِكْرٌ كَافٍ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ مُسْتَوْعَبًا فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا كَشْفُ الْفَرْجِ فَحَرَامٌ فِي هَذِهِ اللُّبْسَةِ وَفِي غَيْرِهَا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُبْدِيَ عَوْرَتَهُ وَيَكْشِفَ فَرْجَهُ إِلَى آدَمِيٍّ يَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ إِلَّا مَنْ كَانَتْ حَلِيلَتَهُ امْرَأَتَهُ أَوْ سَرِيَّتَهُ وَهَذَا مَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَحَسْبُكَ قَوْلُ الله عز وجل يا بني آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ سَتْرَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَطُوفُونَ عُرَاةً فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ فُرِضَ عَنْ عُيُونِ الْآدَمِيِّينَ وَاخْتَلَفُوا أَهِيَ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ أَمْ لَا وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ لَا يَكْشِفَ أَحَدٌ عَوْرَتَهُ فِي الْخَلَاءِ وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ فِي بَعْضِ مَا أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُرِيَ الْأَرْضَ عَوْرَتَكَ فَافْعَلْ فَاتَّخَذَ السَّرَاوِيلَ وَهُوَ أَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَهَا وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِأَبِي الزُّبَيْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَغْلِقُوا الْبَابَ وَأَوْكِئُوا السِّقَاءَ وَخَمِّرُوا الْإِنَاءَ وَأَكْفِئُوا الْإِنَاءَ وَأَطْفِئُوا الْمِصْبَاحَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ غُلُقًا وَلَا يَحِلُّ وِكَاءً وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً وَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى النَّاسِ بَيْتَهُمْ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ تُضْرِمُ عَلَى النَّاسِ بَيْتَهُمْ (وَتَابَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ بُيُوتَهُمْ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ بَيْتَهُمْ) أَوْ بُيُوتَهُمْ عَلَى الشَّكِّ وَالْفُوَيْسِقَةُ الْفَأْرَةُ سَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسِقَةً فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسُ فَوَاسِقَ تُقْتَلُ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فَذَكَرَ

منهن الفأرة ومن كل مَنْ آذَى مُسْلِمًا إِذَا تَابَعَ ذَلِكَ وَكَثُرَ مِنْهُ وَعُرِفَ بِهِ فَهُوَ فَاسِقٌ وَالْفَأْرَةُ أَذَاهَا كَثِيرٌ وَأَصْلُ الْفِسْقِ الْخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَمِنَ الْخُرُوجِ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ أَذَى الْمُسْلِمِ وَالْفَأْرَةُ مُؤْذِيَةٌ فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ فَاسِقَةً وَفُوَيْسِقَةً وَالرَّجُلُ الظَّالِمُ الْفَاجِرُ فَاسِقٌ وَالْمُؤْذِي بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ وَفِعْلِهِ وَسَعْيِهِ فَاسِقٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا وَقَوْلُهُ تُضْرِمُ أَيْ تُشْعِلُ وَتُحْرِقُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَمَّا قَوْلُهُ الْفُوَيْسِقَةُ تُضْرِمُ عَلَى النَّاسِ بَيْتَهُمْ فَإِنَّمَا تَحْمِلُ الْفَتِيلَةَ وَهِيَ تَتَّقِدُ حَتَّى تَجْعَلَهَا فِي السَّقْفِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ الْأَخْفَشُ الْفُوَيْسِقَةُ الْفَأْرَةُ وَقَوْلُهُ تُضْرِمُ عَلَى النَّاسِ بَيْتَهُمْ تُشْعِلُ الْبَيْتَ عَلَيْهِمْ بِالنَّارِ وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذَا تَنَاوَلَتْ طَرَفَ الْفَتِيلَةِ وَفِيهَا النَّارُ فَلَعَلَّهَا تَمُرُّ بِثِيَابٍ أَوْ بِحَطَبٍ فَتُشْعِلُ النَّارَ فِيهَا فَيَلْتَهِبُ الْبَيْتُ عَلَى أَهْلِهِ وَقَدْ أَصَابَ ذَلِكَ أَهْلَ بَيْتٍ بِالْمَدِينَةِ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ النَّارُ عَدُوٌّ لَكُمْ فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ قَالَ حدثنا بذلك أبو أُسَامَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(قَالَ أَبُو عُمَرَ) ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ لَا تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفًا رَحِيمًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ) ابن بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حنبل وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْفَأْرَةُ فُوَيْسِقَةٌ قِيلَ لَهُ لِمَ قِيلَ لَهَا الْفُوَيْسِقَةُ قَالَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ وَقَدْ أَخَذَتْ فَتِيلَةً لِتَحْرِقَ بِهَا الْبَيْتَ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بن عبد الرحمان حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي طَلْحَةَ حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ فَجَاءَتْ بِهَا فَأَلْقَتْهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخِمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا فَأَحْرَقَتْ مِنْهَا مِثْلَ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ فقال إذ نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ عَلَى هَذَا فَتَحْرِقُكُمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَوْكِئُوا السِّقَاءَ فَالسِّقَاءُ الْقِرْبَةُ وَشِبْهُهَا وَالْوِكَاءُ الْخَيْطُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ارْبُطُوا فَمَ الْإِنَاءِ إِذَا كَانَ مِمَّا يُرْبَطُ مِثْلُهُ وَشُدُّوهُ بِالْخَيْطِ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَكْفِئُوا الْإِنَاءَ فَإِنَّهُ يُرِيدُ اقْلِبُوهُ وَكُبُّوهُ وَحَوِّلُوهُ إِذَا كَانَ فَارِغًا لَا تَدَعُوهُ مَفْتُوحًا ضَاحِيًا يُقَالُ كَفَأْتُ الْإِنَاءَ إِذَا قَلَبْتَهُ وَهِيَ كَلِمَةٌ مَهْمُوزَةٌ وَأَنَا أَكْفَؤُهُ قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ ... عِنْدِي لِهَذَا الزَّمَانِ آنِيَةٌ ... أَمْلَؤُهَا مَرَّةً وَأَكْفَؤُهَا

وكذلك قوله أطفؤوا الْمِصْبَاحَ مَهْمُوزٌ أَيْضًا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَقَالَ الشَّاعِرُ ... بَرَزْتُ فِي غَايَتِي وَشَايَعَنِي ... مَوْقِدُ نَارِ الْوَغَى وَمُطْفِؤُهَا ... وَقَالَ غَيْرُهُ ... وَعَادِلَةٌ هَبَّتْ تَلُومُ وَلَوْمُهَا ... لِنِيرَانِ شَوْقِي مُوقِدٌ غَيْرُ مُطْفِئٍ ... وَأَمَّا قوله وخمروا الإناء فالتخمير ههنا التَّغْطِيَةُ وَمَا خَمَّرْتَهُ فَقَدْ غَطَّيْتَهُ وَإِنَّمَا يُكْفَأُ مِنَ الْأَوَانِي مَا لَا يُمْكِنُ تَغْطِيَتُهُ وَتَخْمِيرُهُ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ خَمِّرُوا الْإِنَاءَ أَوْ أَكْفِئُوا الْإِنَاءَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّخْيِيرُ فِي تَخْمِيرِ الْإِنَاءِ وَتَحْوِيلِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ شَكًّا مِنَ الْمُحَدِّثِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْعِلْمِ أَيْضًا أَنَّ الشَّيْطَانَ لَمْ يُعْطَ مَعَ مَا بِهِ مِنَ الْقُوَّةِ أَنْ يَفْتَحَ غُلُقًا وَلَا يحل ركاء وَلَا يَكْشِفَ إِنَاءً رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بعباده ورفقا بهم

حدثنا عبد الرحمان حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابن وهب قال أخبرني ابن لهيعة والليث عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحِ لَبَنٍ مِنَ الْبَقِيعِ لَمْ يُخَمِّرْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلَّا خَمَّرْتَهُ وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرِضُهُ عَلَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَطْفِئْ مِصْبَاحَكِ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرِضُهُ عَلَيْهِ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَأَوْكِ سِقَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَبِهِ عَنْ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكُمْ وَالسَّمَرَ بَعْدَ هَدْأَةِ الرِّجْلِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ

لَا يَدْرِي مَا يَبُثُّ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ وَأَوْكِئُوا السِّقَاءَ وَخَمِّرُوا الْإِنَاءَ وَالْآنِيَةَ وَأَطْفِئُوا الْمِصْبَاحَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَدْأَةُ الرِّجْلِ مَهْمُوزَةٌ قَالَ الشَّاعِرُ ... يُؤَرِّقُنِي ذِكْرَاكِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ... كَأَنِّيَ قَدْ أَقْسَمْتُ فِي تَرْكِ مَهْدَئِي ... ... أُعَاذِلُ إِنَّ الْعَذْلَ مِمَّا يَزِيدُنِي ... وُلُوعًا بِشَوْقِي فاترك العذل واهدئي ... وأنشد أبو يزيد ... ونانر قَدْ حَضَأْتُ بُعَيْدَ هَدْئِي ... بِدَارٍ مَا أُرِيدَ بِهَا مُقَامَا ... ... سِوَى تَرْحِيلِ رَاحِلَةٍ وَعَيْنٍ ... أُكَالِئُهَا مَخَافَةَ أَنْ تَنَامَا ... وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَرِمَةَ ... خَوْدٌ تُعَاطِيكَ بَعْدَ رَقْدَتِهَا ... إِذَا تُلَاقِي الْعُيُونَ مَهْدَؤُهَا ... حدثنا عبد الرحمان حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ وَأَحَدُكُمْ عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ أَيْنَمَا كَانَ فَاهْدَءُوا فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ إِذَا سَمِعَتِ النِّدَاءَ اجْتَمَعُوا وَعَشَّوْا

قَالَ وَحَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا جَنَحَ اللَّيْلُ فَاحْبِسُوا أَوْلَادَكُمْ فَإِنَّهُ يُبَثُّ فِي اللَّيْلِ مَا لَا يُبَثُّ فِي النَّهَارِ وَقَالَ عُقَيْلٌ يُتَّقَى عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَتَوَضَّأَ عِنْدَ ذَلِكَ وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِي عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ غَطُّوُا الْإِنَاءَ وَأَوْكِئُوا السِّقَاءَ فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ إِلَّا نَزَلَ فِيهِ ذَلِكَ الْوَبَاءُ وَوَقَعَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّاءِ قَالَ اللَّيْثُ وَالْأَعَاجِمُ يَتَّقُونَ ذَلِكَ فِي كَانُونَ الْأَوَّلِ وَرَوَى أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ عَنْ شَبِيبُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَخْرَجَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا بِتَوْرٍ مُغَطًّى فَقَالَ مَنْ صَنَعَ هَذَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ تَأْوِيلَ الْقُرْآنِ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَضَعُ الْوُضُوءَ بِاللَّيْلِ غَيْرَ مُخَمَّرٍ فَقَالَ لَا يُعْجِبُنِي إِلَّا أَنْ يُخَمَّرَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَمِّرُوا الْآنِيَةَ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ الْمَاءُ الْمَكْشُوفُ يُتَوَضَّأُ بِهِ قَالَ إِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُغَطَّى الْإِنَاءُ وَلَمْ يَقُلْ لَا تَتَوَضَّئُوا بِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَرْثِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ أَوْ نُهَاقَ الْحَمِيرِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيَاطِينِ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ مَا لَا تَرَوْنَ وَأَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ فَإِنَّ اللَّهَ يَبُثُّ مِنْ خَلْقِهِ فِي لَيْلِهِ مَا شَاءَ وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا أُجِيفَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَغَطُّوا الْجِرَارَ وأكفؤا الْآنِيَةَ وَأَوْكِئُوا الْقِرَبَ

وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ) عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذِهِ النَّارَ عَدُوٌّ لَكُمْ فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَدْرٍ بْنِ النَّفَّاحِ أَبُو الْحَسَنِ الْبَاهِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ شِنْظِيرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمِّرُوا الْآنِيَةَ وَأَوْكِئُوا الْأَسْقِيَةَ وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ وَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ الْمَسَاءِ فَإِنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وَخَطْفَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ هَذَا وَخَطْفَةً مَا قَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا خالد بن الحرث الْهُجَيْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضِرَةَ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ

رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ خَرَجَ لِيُصَلِّيَ مَعَ قَوْمِهِ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فَفُقِدَ فَانْطَلَقَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (فَحَدَّثَتْهُ بِذَلِكَ) فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ قَوْمَهَا فَصَدَّقُوهَا فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ فَتَرَبَّصَتْ ثُمَّ أَتَتْ عُمَرَ فَأَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ قَوْمَهَا فَصَدَّقُوهَا فَأَمَرُوهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ ثُمَّ إِنَّ زَوْجَهَا الْأَوَّلَ قَدِمَ فَارْتَفَعُوا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ عُمَرُ يَغِيبُ أَحَدُكُمُ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ لَا يَعْلَمُ أَهْلُهُ حَيَاتَهُ قَالَ إِنَّ لِي عُذْرًا قَالَ فَمَا عُذْرُكَ قَالَ خَرَجْتُ أُصَلِّي مَعَ قَوْمِي صَلَاةَ الْعِشَاءِ فَسَبَتْنِي الْجِنُّ أَوْ قَالَ أَصَابَتْنِي الْجِنُّ فَكُنْتُ فِيهِمْ زَمَانًا فَغَزَاهُمْ جِنٌّ مُؤْمِنُونَ فَقَاتَلُوهُمْ فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ وَأَصَابُوا لَهُمْ سَبَايَا فَكُنْتُ فِيمَنْ أَصَابُوا فَقَالُوا مَا دِينُكَ قُلْتُ مُسْلِمٌ قَالُوا أَنْتَ عَلَى دِينِنَا لَا يَحِلُّ لَنَا سَبْيُكَ فَخَيَّرُونِي بَيْنَ الْمُقَامِ وَبَيْنَ الْقُفُولِ (فَاخْتَرْتُ الْقُفُولَ) فَأَقْبَلُوا مَعِي بِاللَّيْلِ يَسِيرُ يَحْدُو بِي وَبِالنَّهَارِ إِعْصَارُ رِيحٍ أَتَّبِعُهَا قَالَ فَمَا كَانَ طَعَامُكَ قَالَ الْفُولُ وَمَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ فَمَا كَانَ شَرَابُكَ قَالَ الْجَدَفُ قَالَ قَتَادَةُ الْجَدَفُ مَا لَمْ يُخَمَّرْ مِنَ الشَّرَابِ قَالَ فَخَيَّرَهُ عُمَرُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالصَّدَاقِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ مِنْ رِوَايَةِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْمَكِّيِّينَ مَشْهُورٌ وَقَدْ رَوَى مَعْنَاهُ الْمَدَنِيُّونَ فِي الْمَفْقُودِ إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا مَعْنَى اخْتِطَافِ الْجِنِّ لِلرَّجُلِ وَلَا ذَكَرُوا تَخْيِيرَ المفقود بين المرأة والصداق وإنما ذكرناه ههنا مِنْ أَجْلِ تَخْمِيرِ أَوَانِي الشَّرَابِ وَالطَّعَامِ وَهِيَ لَفْظَةٌ لَمْ أَرَهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي غَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ بِإِسْنَادِهِ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ قَتَادَةَ فِي بَابِ صَيْفِيٍّ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرْوَى هَذَا الْجَدَفُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْجَدَفُ بِالدَّالِ وَقَالَ أَبُو عَبِيدٍ هُوَ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَا لَا يُغَطَّى مِنَ الشَّرَابِ (قَالَ) وَقَدْ قِيلَ هُوَ نَبَاتٌ بِالْيَمَنِ لَا يَحْتَاجُ أَكْلُهُ إِلَى شُرْبِ الْمَاءِ وَأَنْكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ هَذَا وَزَعَمَ أَنَّهُ زَبَدُ الشَّرَابِ وَرَغْوَةُ اللَّبَنِ قَالَ وَسُمِّيَ جَدَفًا لِأَنَّهُ يُقْطَعُ وَيُرْمَى عَنِ الشَّرَابِ قَالَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِمَا لَا يُغَطَّى مِنَ الشَّرَابِ جَدَفٌ كَأَنَّ غَطَاهُ جُدِفَ أَيْ قُطِعَ

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِأَبِي الزُّبَيْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ طَاوُسَ الْيَمَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ الدُّعَاءَ فَيَحُضُّهُمْ عَلَيْهِ وَيَأْمُرُهُمْ بِهِ وَيَقُولُ إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ وَيَتْلُو وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخرين

وَقَدْ قَالُوا إِنَّ الدُّعَاءَ مَعَ الْعِبَادَةِ لِأَنَّ فِيهَا الْإِخْلَاصَ وَالضَّرَاعَةَ وَالْإِيمَانَ وَالْخُضُوعَ وَاللَّهُ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ وَلِذَلِكَ أَمَرَ عِبَادَهُ أَنْ يَسْأَلُوهُ مِنْ فَضْلِهِ وَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْوَاعٌ مِنَ الدُّعَاءِ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ وَيَدْعُو بِهِ لَا يَقُومُ بِهِ كِتَابٌ لِكَثْرَتِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْإِقْرَارُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي جَوَازِ تَصْحِيحِهِ وَاعْتِقَادِ ذَلِكَ وَالْإِيمَانِ بِهِ وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ بِالدَّجَّالِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَغَيْرِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَذَكَرْنَا أَخْبَارَ الدَّجَّالِ فِي بَابِ نَافِعٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا فِتَنُ الْمَحْيَا فَكَثِيرَةٌ جِدًّا فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالدِّينِ (وَالدُّنْيَا) أَجَارَنَا اللَّهُ مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ وَأَمَّا فِتَنُ الْمَمَاتِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِذَا احْتُضِرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْقَبْرِ أَيْضًا وَمِمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ مِنَ الدُّعَاءِ مَا أَخْبَرَنَاهُ خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ

الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول فِي دُعَائِهِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ لَمْ يَدَعْهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا وَمَاتَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي قَالَ جُبَيْرٌ وَهُوَ الْخَسْفُ قَالَ عُبَادَةُ فَلَا أَدْرِي أَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَوْلُ جبير

الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول فِي دُعَائِهِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ لَمْ يَدَعْهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا وَمَاتَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي قَالَ جُبَيْرٌ وَهُوَ الْخَسْفُ قَالَ عُبَادَةُ فَلَا أَدْرِي أَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَوْلُ جبير

الحديث السادس

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِأَبِي الزُّبَيْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَقُولُ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أُنِيبُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ وَالْإِخْبَاتِ عِنْدَ قِيَامِهِ

وَالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالْإِخْلَاصِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَالْإِقْرَارِ بِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ وَالتَّسْلِيمِ وَالِابْتِهَالِ وَفِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ فَطُوبَى لِمَنْ وُفِّقَ وَأُعِينَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بَعْضُ مَنْ جَمَعَ حَدِيثَ مَالِكٍ فَذَكَرَهُ عَنْ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَلِكَ خَطَأٌ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ لِمَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى وَسَائِرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ فِيمَا عَلِمْتُ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى يُشْكَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَقَيَّامُ وَقَيُّومُ وَقَيِّمُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الدَّائِمُ الَّذِي لَا يَزُولُ وَقَيَّامُ فَيْعَالُ وَقَيُّومُ فَيْعُولُ وَقَيِّمُ فَيْعِلُ وَأَمَّا الرَّبُّ فَمَعْلُومٌ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّهُ الْمَالِكُ سُبْحَانَ مَلِكِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَلِكِهِمَا وَنُورِهِمَا قَوْلُهُ الْحَقُّ لِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ وَقَدْ قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَوَاجِبٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُكْتَبُ فِي صُدُورِ الْوَصَايَا مَعَ الشَّهَادَةِ بِالتَّوْحِيدِ وَبِالنَّبِيِّ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قُرِئَتِ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَالْحَيُّ الْقَيَّامُ وَفِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْقَيِّمُ وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ فَالْإِنَابَةُ الرُّجُوعُ إِلَى الْخَيْرِ وَلَا يَكُونُ الرُّجُوعُ إِلَى الشَّرِّ إِنَابَةً قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ أَيْ عُودُوا إِلَى مَا يَرْضَى بِهِ عَنْكُمْ مِنَ التَّوْبَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ فَمَعْنَاهُ اسْتَسْلَمْتُ لِحُكْمِكَ وَأَمْرِكَ وَسَلَّمْتُ وَرَضِيتُ وَآمَنْتُ وَصَدَّقْتُ وَاسْتَيْقَنْتُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ مَضَى مَعْنَى الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ عَنِ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مثله وَطَاوُسُ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ مِنْ جُلَّةِ التَّابِعِينَ دِينًا وَوَرَعًا وَفَضْلًا وَعِلْمًا وَهُوَ طاوس بن كيسان ويقال طاووس بْنُ أَبِي حَنِيفَةَ مَوْلَى يَحْيَى بْنِ رِيسَانَ الحميري اليماني يقال إنه لم ينفرد أحاد بِابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ غَيْرُ طَاوُسَ كَانَ لَهُ مِنْهُ مَجْلِسٌ خَاصٌّ وَكَانَ يُوَاظِبُ مَجْلِسَهُ مَعَ الْعَامَّةِ وَمَاتَ طَاوُسُ بِمَكَّةَ

قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً وَصَلَّى عَلَيْهِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ كَانَ حَجَّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الدِّينَوَرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْهَرَوِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى الْأَسَدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ يُعْرَفُ بِابْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ شَهِدْتُ جِنَازَةَ طَاوُسَ بِمَكَّةَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ فَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ يَرْحَمُ الله ابا عبد الرحمان حَجَّ أَرْبَعِينَ حِجَّةً

الحديث السابع

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِأَبِي الزُّبَيْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ قَالَ فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ جَمِيعًا ثُمَّ قَالَ إِنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَيْنَ تَبُوكَ وَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يَضْحَى النَّهَارُ فَمَنْ جَاءَهَا مِنْكُمْ فَلَا يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا حَتَّى آتِيَ قَالَ فَجِئْنَاهَا وَقَدْ سَبَقَنَا إِلَيْهَا رَجُلَانِ وَالْعَيْنُ تَبُضُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ مَسَسْتُمَا

مِنْ مَائِهَا شَيْئًا فَقَالَا نَعَمْ فَسَبَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُمَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ غَرَفُوا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعَيْنِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى اجْتَمَعَ فِي شَيْءٍ ثُمَّ غَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا فَجَرَتِ الْعَيْنُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ فَاسْتَقَى النَّاسُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوشِكُ يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بك حياة أن ترى ما ههنا قَدْ مُلِئَ جِنَانًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ وَأَبُو الطُّفَيْلِ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَجُلَّتِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ مِمَّنْ وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وقد ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ عَلَى شَرْطِنَا فيه فأغنى عن ذكره ههنا وَقَدْ ذَكَرْنَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ هُنَاكَ ذِكْرًا مُجَوَّدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَكَانَ أَبُو الطُّفَيْلِ مُحِبًّا فِي عَلِيٍّ غَيْرَ مُتَنَقِّصٍ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَجَهِلَ أَمْرَهُ مَنْ جَعَلَهُ مِنَ الشِّيعَةِ الغالية

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ غَزْوُ الْإِمَامِ بِنَفَسِهِ الْعَدُوَّ مَعَ عَسْكَرِهِ وَفِيهِ غَزْوُ الرُّومِ لِأَنَّ غَزْوَةَ تَبُوكَ كَانَتْ إِلَى الرُّومِ بِأَرْضِ الشَّامِ وَهِيَ غَزَاةٌ لَمْ يَلْقَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْدًا وَلَا قِتَالًا وَانْصَرَفَ لِمَا قَدْ ذَكَرَهُ أَهْلُ السِّيَرِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ غَزْوَ الرُّومِ وَسَائِرِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ سَلَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فَرَحِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ عَبْدِ الْخَبِيرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهَا أَمُّ خَلَّادٍ وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ تَسْأَلُ عَنِ ابْنِهَا وَهُوَ مَقْتُولٌ فَقَالَ لَهَا بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم تَسْأَلِينَ عَنِ ابْنِكِ وَأَنْتِ مُنْتَقِبَةٌ فَقَالَتْ إِنْ أُرْزَأَ ابْنِي فَلَنْ أُرْزَأَ حَيَاتِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُكِ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ قَالَتْ وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فَلِفَضْلِ غَزْوِ الرُّومِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ غَزَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ أَهْلُ السِّيَرِ إِنَّ غَزْوَةَ تَبُوكَ إِلَى الرُّومِ كَانَتْ فِي رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَفِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ صَلَاتَيِ النَّهَارِ وَبَيْنَ صَلَاتَيِ اللَّيْلِ لِلْمُسَافِرِ وَإِنْ لَمْ يَجُدَّ بِهِ السَّيْرُ وَفِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ جَمِيعًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَهُوَ نَازِلٌ غَيْرُ سَائِرٍ مَاكِثٌ فِي خِبَائِهِ وَفُسْطَاطِهِ يَخْرُجُ فَيُقِيمُ الصَّلَاةَ ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى خِبَائِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُقِيمُهَا وَيَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجِدَّ بِهِ السَّيْرُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ وَأَقْوَى الْحُجَجِ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَجْمَعُ الْمُسَافِرُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِلَّا إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ رَأْيُهُ قَالَ لَا يَجْمَعُ الْمُسَافِرُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إِلَّا أَنْ يَجِدَّ بِهِ السَّيْرُ وَيَخَافَ فَوَاتَ أَمْرٍ فَيَجْمَعَ فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَكَذَلِكَ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ إِلَّا أَنْ يَرْتَحِلَ عِنْدَ

الزَّوَالِ فَلْيَجْمَعْ حِينَئِذٍ فِي الْمَرْحَلَةِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْعِشَاءَيْنِ الْجَمْعَ عِنْدَ الرَّحِيلِ أَوَّلَ الْوَقْتِ قَالَ سَحْنُونٌ وَهُمَا كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَمَنْ أَرَادَ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا إِنْ شَاءَ فِي آخِرِ وَقْتِ الْأُولَى مِنْهُمَا وَإِنْ شَاءَ فِي وَقْتِ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ الْأُولَى فَصَلَّاهَا فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَصَلَّى الثَّانِيَةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا قَالَ وَذَلِكَ كَجَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ وَالْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَافَرَ فَقَصَرَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ وَالْجَمْعُ أَيْسَرُ خَطْبًا مِنَ التَّقْصِيرِ فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ سَحْنُونُ وَأَحَبُّ مَا فِيهِ إِلَيَّ وَالَّذِي سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ أَنْ يَجْمَعَ الْمُسَافِرُ فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَإِنْ جَمَعَ بَعْدَ الزَّوَالِ بَيْنَهُمَا أَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلِلْمُسَافِرِ أَنْ يَجْمَعَ لِيَقْطَعَ سَفَرَهُ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ شَيْئًا وَلَمْ يُبَادِرْهُ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا يَجْمَعُ إِلَّا مَنْ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِلَّا مَنْ عُذِرَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمْعَ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ نَحْوَ هَذَا وَعَنْهُ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى إِجَازَةِ جَمْعِ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا لِلْمُسَافِرِ وَإِنْ لَمْ يَجِدَّ السَّيْرُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وأصحابه لا يجمع أحد بين الصلاتين في سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ لَا صَحِيحٌ وَلَا مَرِيضٌ فِي صَحْوٍ وَلَا فِي مَطَرٍ إِلَّا أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُؤَخِّرَ الظُّهْرَ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا ثُمَّ يَنْزِلَ فَيُصَلِّيَهَا فِي آخِرِ وَقْتِهَا ثُمَّ يَمْكُثَ قَلِيلًا وَيُصَلِّيَ الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ قَالُوا فَأَمَّا أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً فِي وَقْتِ أُخْرَى فَلَا إِلَّا بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ لا غير وَحُجَّتُهُمْ مَا رَوَاهُ الْأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عمير عن عبد الرحمان بْنِ يَزِيدَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة قَطُّ إِلَّا لِوَقْتِهَا إِلَّا صَلَاتَيْنِ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَجَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ والعشاء بجمع

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ (فِي) هَذَا حُجَّةٌ لِأَنَّ غَيْرَ ابْنِ مَسْعُودٍ حَفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ بِغَيْرِ عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ وَلَمْ يَشْهَدْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ مَنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ فَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا إِنْ شَاءَ فِي وَقْتِ الْأُولَى وَإِنْ شَاءَ فِي وَقْتِ الْآخِرَةِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَجُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَيُّوبَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا حَمْزَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بن أَخِي رُزَيْقِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ مَرَّ بِنَا بِأَيْلَةَ رَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ فِي أَشْيَاخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ لِيَسْأَلَهُمْ عَنْ يَمِينٍ كَانَ حَلَفَ بِهَا قَالَ فَأَتَيْنَاهُمْ فِي مَنْزِلِهِمْ وَقَدْ أَخَذُوا فِي الرَّحِيلِ فَصَلَّوُا الظهر

وَالْعَصْرَ جَمِيعًا حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَرَكِبُوا ثُمَّ أَتَيْنَا الْمَسْجِدَ فَإِذَا رُزَيْقُ بْنُ حَكِيمٍ يُصَلِّي لِلنَّاسِ الظُّهَرَ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عمر بن ريان الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ الْأَيْلِيُّ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الْأَيْلِيِّ قَالَ مَرَّ بِنَا الْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ زيد بْنُ أَسْلَمَ وَأَبُو حَازِمٍ وَأَبُو الزِّنَادِ وَرَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ خَارِجِينَ إِلَى الرِّبَاطِ فَنَزَلُوا وآتيناهم فسلم عَلَيْهِمْ فَوَجَدْنَاهُمْ قَدْ شَدُّوا مَحَامِلَهُمْ وَسَوَّوْا وِطَاءَهُمْ فَصَلُّوا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ ثُمَّ رَكِبُوا وَمَشَيْنَا مَعَهُمْ إِلَى خَلْفِ بُسْتَانِ ابْنِ وَهْبٍ ثُمَّ وَدَّعْنَاهُمْ وَانْصَرَفْنَا وَأَتَيْنَا الْمَسْجِدَ وَرُزَيْقُ بْنُ حَكِيمٍ يُصَلِّي لِلنَّاسِ الظُّهْرَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قُلْتُ لِعُمَرَ إِلَى أَيِّ رِبَاطٍ ذَهَبُوا قَالَ إِلَى عَسْقَلَانَ قَالَ وَحَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ زيان قال حدثنا عُمَرُ بْنُ زَيَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ صَحِبْتُ ابْنَ شِهَابٍ إِلَى مَكَّةَ ثَمَانِيَ سِنِينَ فَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ جَمِيعًا وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَدَاوُدُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَدَاوُدُ لَيْسَ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَلَا يُؤَخِّرَ صَلَاةً عَنْ وَقْتِهَا إِلَّا بِنِيَّةِ الْجَمْعِ

وَقَالَ الطَّبَرِيُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ مَا بَيْنَ الزَّوَالِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ مَا بَيْنَ مَغِيبِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ وَالْجَمْعُ فِي الْمَطَرِ كَذَلِكَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجْهُ الْجَمْعِ أَنْ يُؤَخِّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْعَصْرِ ثُمَّ يَنْزِلَ فَيَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَيُؤَخِّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ ثُمَّ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ قَالَ فَإِنْ قَدَّمَ الْعَصْرَ إِلَى الظُّهْرِ وَالْعَشَاءَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ قَالَ إِسْحَاقُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ بِلَا رَجَاءٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَقْطَعُ الِالْتِبَاسَ فِي أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَجِدَّ بِهِ السَّيْرُ وَلَيْسَ فِيمَا رُوِيَ مِنَ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ مَا يُعَارِضُ حَدِيثَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا كَانَ لَهُ فِي السُّنَّةَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ نَازِلًا غَيْرَ سَائِرٍ فَالَّذِي يَجِدُّ بِهِ السَّيْرُ أَحْرَى بِذَلِكَ وَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ مَا يَعْتَرِضُ عَلَى الثَّانِي بِهِ وَهُمَا حَالَانِ وَإِنَّمَا كَانَا يَكُونَانِ مُتَعَارِضَيْنَ لَوْ كَانَ فِي أَحَدِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَجْمَعُ الْمُسَافِرُ بين

الصَّلَاتَيْنِ إِلَّا أَنْ يَجِدَّ بِهِ السَّيْرُ وَفِي الْآخَرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي سَفَرِهِ إِلَى تَبُوكَ نَازِلًا غَيْرَ سَائِرٍ فَأَمَّا أَنْ يَجْمَعَ وَقَدْ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ وَيَجْمَعَ وَهُوَ نَازِلٌ لَمْ يَجِدَّ بِهِ السَّيْرُ فَلَيْسَ هَذَا بِمُتَعَارِضٍ عِنْدَ أَحَدٍ لَهُ فَهْمٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِحَدِيثِ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتَصْرَخَ عَلَى صَفِيَّةَ فِي مَسِيرِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَخَرَّ الْمَغْرِبَ عَنْ وَقْتِهَا الَّذِي كَانَ يُصَلِّيهَا فِيهِ كُلَّ لَيْلَةٍ حَتَّى كَادَ الشَّفَقُ أَنْ يَغِيبَ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّاهَا وَغَابَ الشَّفَقُ وَصَلَّى الْعِشَاءَ وَأَخْبَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ قِيلَ لَهُ قَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتَصْرَخَ عَلَى صَفِيَّةَ فَسَارَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَبَدَتِ النُّجُومُ وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا عَجَّلَ بِهِ السَّيْرُ فِي سَفَرِهِ جَمَعَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ فَسَارَ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا وَهَذَا

الْإِسْنَادُ وَاضِحٌ وَمَعْنَاهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَوْضَحُ وَلَوْ صَحَا جَمِيعًا كَانَا دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ كَيْفَ شَاءَ الْمُسَافِرُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ فِي وَقْتِ الْعَشَاءِ وَذَلِكَ سِفْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا فِيهِ فَكُلُّ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ مِثْلِهِ فَمَرْدُودٌ إِلَيْهِ رَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ هَلْ يُجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ أَلَمْ تَرَ إِلَى صَلَاةِ النَّاسِ بِعَرَفَةَ فَهَذَا سَالِمٌ قَدْ نَزَعَ بِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ أَصْلٌ صَحِيحٌ لِمَنْ أُلْهِمَ رُشْدَهُ وَلَمْ تَمِلْ بِهِ الْعَصَبِيَّةُ إِلَى الْمُعَانَدَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِلْمُسَافِرِ رُخْصَةٌ وَتَوْسِعَةٌ وَلَوْ كَانَ الْجَمْعُ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْعِرَاقِيُّونَ مِنْ مُرَاعَاةِ آخَرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ لَكَانَ ذَلِكَ أَشَدَّ ضِيقًا وَأَكْثَرَ حَرَجًا مِنَ الْإِتْيَانِ بِكُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا لِأَنَّ وَقْتَ كُلِّ صَلَاةٍ أَوْسَعُ وَمُرَاعَاتَهُ أَمْكَنُ مِنْ مُرَاعَاةِ طرفي الوقتين ومن تدبير هَذَا وَجَدَهُ كَمَا وَصَفْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا

وَلَوْ كَانَ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ أَيْضًا لَجَازَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ عَلَى ذَلِكَ الْمَذْهَبِ وَبَيْنَ الْعَشَاءِ وَالْفَجْرِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ صَلَاتَيِ النَّهَارِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ صَلَاتَيِ اللَّيْلِ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ لِلرُّخْصَةِ فِي اشْتِرَاكِ وَقْتَيْهِمَا فِي السَّفَرِ لِأَنَّهُ عُذْرٌ وَكَذَلِكَ عُذْرُ الْمَطَرِ وَلَيْسَ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي كَيْفِيَّةِ الْجَمْعِ جَمِيعًا إِذَا كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الصَّلَاتَيْنِ يُؤْتَى بِهَا فِي وَقْتِهَا وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ (بَيْنَهُمَا) مُسَافِرًا فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَإِنِ

ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حتى يزل لِلْعَصْرِ وَفِي الْمَغْرِبِ مِثْلُ ذَلِكَ إِنْ غَابَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَإِنِ ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعِشَاءِ ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بِإِسْنَادِهِ هَذَا عَنْ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ قَالَ وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ حَدِيثِ الْمُفَضَّلِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ) قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي

غَزْوَةِ تَبُوكَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَجْمَعَهَا إِلَى الْعَصْرِ فَيُصَلِّيَهُمَا جَمِيعًا وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ سَارَ وَكَذَلِكَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْعَشَاءِ وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ عَجَّلَ الْعَشَاءَ فَصَلَّاهَا مَعَ الْمَغْرِبِ وَلِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ حَدِيثٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ لَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ حَدِيثٌ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مسرة قال حدثنا يحيى بن محمد المحارمي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَرَبَتْ لَهُ الشَّمْسُ بِمَكَّةَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا يَعْنِي الْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ بِسَرِفَ

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَابَعَهُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ قُدَامَةُ بْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ الْقَاضِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا قُدَامَةُ بْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَرَبَتْ لَهُ الشَّمْسُ بِمَكَّةَ فَصَلَّاهَا بِسَرِفَ وَذَلِكَ تِسْعَةٌ أَمْيَالٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا تَقَدُّمُ الْإِمَامِ إِلَى أَهْلِ الْعَسْكَرِ بِالنَّهْيِ عَمَّا يُرِيدُ وَإِنْ خَالَفَهُ مُخَالِفٌ كَانَ لَهُ مُعَاقَبَتَهُ (بِمَا) يَكُونُ تَأْدِيبًا لِمِثْلِهِ وَرَدْعًا عَنْ مِثْلِ فِعْلِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ حِلْمِهِ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْخُلُقِ الْعَظِيمِ كَيْفَ سَبَّ الرَّجُلَيْنِ فَقَالَ لَهُمَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ إِذْ خَالَفَاهُ وَأَتَيَا مَا نَهَى عَنْهُ وَفِيهِ عَلَمٌ عَظِيمٌ مِنْ أَعْلَامَ نُبُوَّتِهِ إِذْ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ بِقَلِيلِ مَاءِ تِلْكَ الْعَيْنِ ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا فَجَرَتِ الْعَيْنُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ عَمَّهُمْ وَفَضَلَ عَنْهُمْ وَتَمَادَى إِلَى الْآنِ وَيَتَمَادَى إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهَكَذَا النُّبُوَّةُ وَأَمَّا السِّحْرُ فَلَا يَبْقَى بَعْدَ مُفَارَقَةِ عَيْنِ صَاحِبِهِ أَلْبَتَّةَ وَهَذَا مَا لَا يَدْفَعُهُ مُسْلِمٌ

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالُوا حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مسرة قال حدثنا بن وَضَّاحٍ قَالَ أَنَا رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ كُلَّهُ حَوَالَيْ تِلْكَ الْعَيْنِ جِنَانًا خَضِرَةً نَضِرَةً وَفِيهِ إِخْبَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْبٍ كَانَ بَعْدَهُ وَهَذَا غَيْرُ عَجِيبٍ مِنْهُ وَلَا مَجْهُولٍ مِنْ شَأْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْلَى ذِكْرَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ وَالْعَيْنُ تَبِضُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَسِيلُ بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ ضَعِيفٍ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ ... مُنَعَّمَةٌ لَوْ يُصْبِحُ الذَّرُّ سَارِيًا ... عَلَى جِلْدِهَا بَضَّتْ مَدَارِجُهُ دَمًا ... وَتَقُولُ الْعَرَبُ لِلْمَوْضِعِ حِينَ يَنْدَى قَدْ بَضَّ وَتَقُولُ مَاءٌ بَضٌّ بِقَطْرَةٍ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمُوَطَّأِ تَبِضُّ بِالضَّادِ الْمَنْقُوطَةِ وَمَنْ رَوَاهُ بِالصَّادِ وَضَمِّ الْبَاءِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ يُضِيءُ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْمَاءِ وَيَبْرُقُ وَيُرَى لَهُ بَصِيصٌ أَوْ شَيْءٌ مِنْ بَصِيصٍ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى النَّاسُ

الحديث الثامن

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِأَبِي الزُّبَيْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ جَمِيعًا فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ قَالَ مَالِكٌ أَرَى ذَلِكَ كَانَ فِي مَطَرٍ أَمَّا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَأَحَدُ الْعُلَمَاءِ الْفُضَلَاءِ (مِنَ التَّابِعِينَ) قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ صَبْرًا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَهُوَ مَوْلَى لِبَنِي أَسَدٍ وَلَهُ أَخْبَارٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَكَانَ فَقِيهًا فَاضِلًا شَدِيدًا عَلَى السُّلْطَانِ فِي تَغْيِيرِ الْمُنْكِرِ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ إِسْنَادُهُ ثَابِتٌ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ كَمَا

رَوَاهُ مَالِكٌ مِنْهُمْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ وَلِمَ يَتَأَوَّلُوا فِيهِ الْمَطَرَ وَرَوَاهُ قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ فَقَالَ فِيهِ فِي سَفْرَةٍ سَافَرَهَا إِلَى تَبُوكَ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي جَمْعِ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ وَأَمَّا فِي الْحَضَرِ فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ لِغَيْرِ عُذْرٍ عَلَى حَالٍ أَلْبَتَّةَ إِلَّا طَائِفَةٌ شَذَّتْ سَنُورِدُ مَا إِلَيْهِ ذَهَبَتْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ لِغَيْرِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِرِ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَاخْتَلَفُوا فِي عُذْرِ الْمَرَضِ وَالْمَطَرِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ جَائِزٌ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ (قَالَ) وَلَا يُجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي حَالِ الْمَطَرِ قَالَ وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَطَرٌ إِذَا كَانَ طِينًا وَظُلْمَةً هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ فِي الْحَضَرِ وَمَا يَنْتَابُ مِنْهَا مِنَ الْمَوَاضِعِ الْبَعِيدَةِ الَّتِي فِي سُلُوكِهَا مَشَقَّةٌ وَقَالَ مَرَّةً يَنْصَرِفُونَ مَعَ مَغِيبِ الشَّفَقِ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يُؤَذِّنَ لَهَا

وَيُقَامُ فَتُصَلَّى ثُمَّ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْعَشَاءِ وَيُقِيمُونَهَا وَتُصَلَّى ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ مَعَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى يَنْصَرِفُونَ وَعَلَيْهِمْ إِسْفَارٌ وروى زياد بن عبد الرحمان الْمَعْرُوفُ بِشَبْطُونَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ لِفَضْلِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَسْجِدٌ غَيْرُهُ وَهُوَ يُقْصَدُ مِنْ بُعْدٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سلمة بن عبد الرحمان وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَرْوَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ راهويه وروى عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ رَأَيْتُ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ فَيُصَلِّيهَا مَعَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وأبو سلمة بن عبد الرحمان وأبو بكر بن عبد الرحمان لا ينكرونه

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَأَيْتُ سَالِمًا وَالْقَاسِمَ يُصَلِّيَانِ مَعَهُمْ يَعْنِي الْأُمَرَاءَ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَرَوَى أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ إِذَا كَانَ يَوْمٌ مَطِيرٌ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ قَالَ وَكَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَمْكُثُ هُنَيْئَةً ثُمَّ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ أَيُجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْمَطَرِ قَالَ نَعَمْ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ قُلْتُ لَهُ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ قَالَ لَا إِلَّا قَبْلُ كَمَا صَنَعَ ابْنُ عُمَرَ وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الْمَطَرِ قَالَ مَا سَمِعْتُ قُلْتُ لَهُ فَالْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ لَهُ فَسُنَّةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ عِنْدَكَ مَغِيبُ الشَّفَقِ قَالَ نَعَمْ وَفِي السَّفَرِ يُؤَخَّرُ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ وَقَالَ (الشَّافِعِيُّ) يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْمَطَرِ إِذَا كَانَ الْمَطَرُ قَائِمًا دَائِمًا وَلَا يُجْمَعُ فِي غَيْرِ حَالِ الْمَطَرِ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيُّ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ وَتَأَوَّلُوا ذَلِكَ فِي الْمَطَرِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَجْمَعُ أَحَدُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْمَطَرِ لَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَلَا الْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ دَاوُدَ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا لَيْسَ فِيهِ صِفَةُ الْجَمْعِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَجَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَصَنَعَ كَذَلِكَ بِالْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ وَهَذَا قَدْ يُسَمَّى جَمْعًا قَالُوا وَلَسْنَا نُحِيلُ أَوْقَاتَ الْحَضَرِ إِلَّا بِيَقِينٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مُبَاحٌ فِي الْحَضَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَطَرٌ إِذَا كَانَ عُذْرٌ يُحْرَجُ بِهِ صَاحِبُهُ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ وَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا

أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا أَرَادَ (إِلَى) ذَلِكَ قَالَ أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجُ أُمَّتَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا يَقُولُ الْأَعْمَشُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ وَحَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِسْنَادُ حَدِيثِ مَالِكٍ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ أَقْوَى وَأَوْلَى وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ مِنْهُمُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ إِلَّا أَنَّ الثَّوْرِيَّ لَمْ يَتَأَوَّلْ فِيهِ الْمَطَرَ وَقَالَ فِيهِ لِئَلَّا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ

قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ قَالَ قُلْتُ فَلِمَ فَعَلَ ذلك قال أن لا يحرج أحدا مِنْ أُمَّتِهِ (وَرَوَاهُ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ) وَصَالِحٌ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِذَا كَانَتْ حَاجَةٌ أَوْ شَيْءٌ مَا لَمْ يَتَّخِذْهُ عَادَةً وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ لِمُسَافِرٍ وَلَا مَرِيضٍ وَلَا فِي حَالِ الْمَطَرِ يُجْمَعُ بَيْنَ الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ وَلَا بَيْنَ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَلَا بَيْنَ الْعَشَاءِ وَالصُّبْحِ وَإِنَّمَا الْجَمْعُ بَيْنَ صَلَاتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ صَلَاتَيِ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ صَلَاتَيِ النَّهَارِ وَصَلَاتَيِ اللَّيْلِ لِأَنَّ الصَّلَاتَيْنِ مِنْهُمَا مُشْتَرِكَتَانِ فِي الْوَقْتِ لِلْمُسَافِرِ وَصَاحِبِ الْعُذْرِ أَلَا تَرَى اشْتِرَاكَهُمَا لِلْحَائِضِ تَطْهُرُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقُ وَنَحْوِهُمَا وَأَجْمَعُوا أَنَّ الصُّبْحَ لَا يُجْمَعُ مَعَ غَيْرِهَا أَبَدًا فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ

وَقَالَ أَشْهَبُ مِنْ رَأْيِهِ لَا بَأْسَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ وَإِنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَفْضَلَ وَهَذَا يَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ فِي الْجَمْعِ فِي تَأْخِيرِ الْأُولَى وَتَقْدِيمِ الثَّانِيَةِ وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ مَا وَجْهُ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِئَلَّا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ إِنْ قَدَّمَ (رَجُلٌ) أَوْ أَخَّرَ نَحْوَ هَذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ هَذِهِ عِنْدِي رُخْصَةٌ لِلْمَرِيضِ وَالْمُرْضِعِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ صَلَّى الْأُولَى فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَصَلَّى الثَّانِيَةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا فَكَانَتْ رُخْصَةً فِي التَّأْخِيرِ بِغَيْرِ عُذْرٍ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ لِلسَّعَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقَدْ رُوِّينَا نَحْوَ هَذَا خَبَرًا وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ يَحْيَى الْأُشْنَانِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا عِلَّةٍ لِلرُّخْصَةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ (قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ) بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا سليمان بْنُ حَرْبٍ وَمُسَدَّدٌ وَعَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالُوا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ ثَمَانِيًا وَسَبْعًا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ وَلَمْ يَقُلْ سُلَيْمَانُ وَمُسَدَّدٌ بِنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَهُوَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَزَادَ قَالَ عَمْرٌو قُلْتُ لِأَبِي الشَّعْثَاءِ أَظُنُّ أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَعَجَّلَ الْعَشَاءَ قَالَ وَأَنَا أَظُنُّ ذَلِكَ فَهَذَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَمَنْ رَوَى حَدِيثًا كَانَ أَعْلَمَ بِمُخْرِجِهِ وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي جَمْعِ الْمَرِيضِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا خَافَ الْمَرِيضُ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ عِنْدَ الزَّوَالِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ عِنْدَ الْغُرُوبِ قَالَ فَأَمَّا إِنْ كَانَ الْجَمْعُ أَرْفَقَ بِهِ لِشِدَّةِ مَرَضٍ أَوْ بَطَنٍ يَعْنِي وَلَمْ يَخْشَ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ فَلْيَجْمَعْ بَيْنَهُمَا فِي وَسَطِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَعِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ قَالَ مَالِكٌ وَالْمَرِيضُ أَوْلَى بِالْجَمْعِ مِنَ الْمُسَافِرِ وَغَيْرِهِ لِشِدَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ جَمَعَ الْمَرِيضُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَلَيْسَ بِمُضْطَرٍّ إِلَى ذَلِكَ أَعَادَ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَجْمَعُ الْمَرِيضُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (وَكَانَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَرَى أَنْ يَجْمَعَ الْمَرِيضُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) وَقَالَ اللَّيْثُ يَجْمَعُ الْمَرِيضُ وَالْمَبْطُونُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجْمَعُ الْمَرِيضُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ كَجَمْعِ الْمُسَافِرِ عِنْدَهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ قَبْلَ هَذَا عَنْهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَالْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا لَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لِلْمُسَافِرِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ غَيْرُ هَذَا وَأَمَّا فِي الْمَطَرِ فَلَا يُجْمَعُ عِنْدَهُمْ على حال

وَمِنْ حُجَّتِهِمْ مَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيًا جَمِيعًا وَسَبْعًا جَمِيعًا قَالَ عَمْرٌو قُلْتُ يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ أظنه أخر الظهر وعجل العصر وآخر الْعَصْرَ وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَعَجَّلَ الْعَشَاءَ قَالَ أَنَا أَظُنُّ ذَلِكَ رَوَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَأَقْحَمَ فِي الْحَدِيثِ قَوْلَ أَبِي الشَّعْثَاءِ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ ثَمَانِيًا جَمِيعًا وَسَبْعًا جَمِيعًا أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَعَجَّلَ الْعَشَاءَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ هَذَا غَيْرَ مَا قَالَ قُتَيْبَةُ حِينَ جَعَلَ التَّأْخِيرَ وَالتَّعْجِيلَ فِي الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا هُوَ ظَنُّ عَمْرٍو وَأَبِي الشَّعْثَاءِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ

قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ ثَمَانِيًا جَمِيعًا وَسَبْعًا جَمِيعًا قُلْتُ لَهُ يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَعَجَّلَ الْعَشَاءَ قَالَ وَأَنَا أَظُنُّ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا جَمْعٌ مُبَاحٌ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ إِذَا صَلَّى الْأُولَى فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَصَلَّى الثَّانِيَةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَلَّى بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَصَلَّى هُوَ بِالنَّاسِ فِي الْمَدِينَةِ عِنْدَ سُؤَالِ السَّائِلِ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَصَلَّى فِي آخِرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى فِي أَوَّلِهِ وَقَالَ لِلسَّائِلِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ وَعَلَى هَذَا تَصِحُّ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى لِئَلَّا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى لِلرُّخْصَةِ وَهَذَا جَمْعٌ جَائِزٌ فِي الْحَضَرِ وَغَيْرِ الْحَضَرِ وَإِنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا أَفْضَلَ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمْ يَتَأَوَّلْ فِيهِ الْمَطَرَ وَتَأَوَّلَ مَا قَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

مالك عن محمد بن المنكدر

(مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ) مَدَّنِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ فَاضِلٌ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ ابْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَيُقَالُ الْهُدَيْرُ بْنُ مُحْرِزِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ سعد بن تيم بن مرة القرشي التَّيْمِيُّ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ يُكَنَّى أَبَا بَكْرٍ وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ وَكَانَ مِنْ فُضَلَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَعُبَّادِهَا وَفُقَهَائِهَا وَخِيَارِهَا كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ إِنَّهُ (كَانَ) مُجَابَ الدَّعْوَةِ وَكَانَ مُقِلًّا وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ جَوَادًا

تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ أَوْ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَذَكَرَ الْأُوَيْسِيُّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ سَيِّدَ الْقُرَّاءِ وَكَانَ كَثِيرَ الْبُكَاءِ عِنْدَ الْحَدِيثِ وَكُنْتُ إِذَا وَجَدْتُ مِنْ نَفْسِي قَسْوَةً آتِيهِ فَأَنْظُرُ إِلَيْهِ فَأَتَّعِظُ بِهِ وَأَنْتَفِعُ بِنَفْسِي أَيَّامًا وَكَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ أَمِينًا عَلَى مَا رَوَى وَنَقَلَ مِنْ أَثَرٍ فِي الدِّينِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ مُسْنَدَةٌ وَوَاحِدٌ مرسل

حديث أول لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَصَابَ الْأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا

هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ إِنَّهَا طَيِّبَةٌ تَنْفِي الْخَبَثَ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ طَيِّبَةٌ غَرِيبٌ لَمْ يَقُلْهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى حُدُودِ الْإِسْلَامِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُبَايِعُهُمْ عَلَى شُرُوطِ الْإِسْلَامِ وَمَعَالِمِهِ وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ وَكَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ مِنْ حُدُودِ الْإِسْلَامِ وَفَرَائِضِهِ الْبَيْعَةَ عَلَى هِجْرَةِ الْأَوْطَانِ وَالْبَقَاءِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِذَلِكَ كَانَ قَطَعَ اللَّهُ وِلَايَةَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُهَاجِرِينَ مِمَّنْ لَمْ يُهَاجِرْ مِنْهُمْ فَقَالَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يهاجروا مالكم مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ بَاقٍ مَعَ مُشْرِكٍ

وَكَانَ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِمُ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ إِلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ كَانَ يَشْتَرِطُهَا قَدْ وَرَدَ فِي الْآثَارِ ذِكْرُهَا كَبَيْعَتِهِ لِلنِّسَاءِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ وَرَدَ بِالنَّصِّ بَيْعَتُهُ لِلنِّسَاءِ (الْمُهَاجِرَاتِ) وَسَكَتَ عَنِ الرِّجَالِ لِدُخُولِهِمْ فِي الْمَعْنَى كَدُخُولِ مَنْ أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ فِي قَوْلِهِ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ وَقَدْ ذَكَرَ جَرِيرٌ أَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمُ النُّصْحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَمَعْنَى هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْإِعْلَامُ بِحُدُودِ الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعِهِ وَآدَابِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَمَّا بَيْعَةُ النِّسَاءِ فَلَمْ يَشْتَرِطْ فِيهَا السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ لِأَنَّهُنَّ لَيْسَ عَلَيْهِنَّ جِهَادُ كَافِرٍ وَلَا بَاغٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ بَيْعَتُهُنَّ عَلَى الْإِسْلَامِ وَحُدُودِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ كَانَتِ الْبَيْعَةُ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ أَوَّلًا عَلَى الْقِتَالِ وَعَلَى أَنْ يَمْنَعُوهُ مِمَّا يَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَعَلَى نَحْوِ ذَلِكَ كَانَتْ بيعة العقبة

الثَّانِيَةُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ ثُمَّ لَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَايَعَ النَّاسَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَقَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ فَكَانَ عَلَى النَّاسِ فَرْضًا أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ إِذْ لَمْ يَكُنْ لِلْإِسْلَامِ دَارٌ ذَلِكَ الْوَقْتِ غَيْرَهَا ويدعو دَارَ الْكُفْرِ وَعَلَى هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَانَتْ بَيْعَةُ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ فَلَمَّا لَحِقَهُ مِنَ الْوَعْكِ ما لحقه تشاء بِالْمَدِينَةِ وَخَرَجَ عَنْهَا مُنْصَرِفًا إِلَى وَطَنِهِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ رَسَخَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمُ الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ لَمْ يُبَايِعْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا عَلَى الْهِجْرَةِ وَإِنَّمَا كَانَتِ الْبَيْعَةُ عَلَى الْإِقَامَةِ بِدَارِ الْهِجْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مَكَّةَ وَكَانَ الْمَعْنَى فِي الْبَيْعَةِ عَلَى الْهِجْرَةِ الْإِقَامَةُ بِدَارِ الْهِجْرَةِ وَهِيَ الْمَدِينَةُ عَنْ رَسُولِ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ حَتَّى يَصْرِفَهُمْ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ غَزْوِ الْكُفَّارِ وَحِفْظِ الْمَدِينَةِ وَسَائِرِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ وَكَانَ خُرُوجُهُمْ رَاجِعِينَ إِلَى دَارِ أَعْرَابِيَّتِهِمْ حَرَامًا عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكُونُونَ بِذَلِكَ مُرْتَدِّينَ إِلَى الْأَعْرَابِيَّةِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ مَلْعُونًا عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَرَى إِلَى حَدِيثِ شُعْبَةَ وَالثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ آكِلُ الرِّبَا وَمُوَكِّلُهُ وَكَاتِبُهُ وَشَاهِدَاهُ إِذَا عَلِمُوا بِهِ وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ لِلْحُسْنِ وَلَاوِي الصَّدَقَةِ وَالْمُرْتَدُّ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ هجرته معلونون عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَرُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ بَلَغَنِي قُدُومُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَأَنَا فِي غَنِيمَةٍ لِي فرفضتها

ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ جِئْتُ أُبَايِعُكَ فَقَالَ بَيْعَةً أَعْرَابِيَّةً أَوْ بَيْعَةَ هِجْرَةٍ قُلْتُ بَيْعَةَ هِجْرَةٍ قَالَ فَبَايَعْتُهُ وَأَقَمْتُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَفِي قَوْلِ عُقْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَبَايَعْتُهُ وَأَقَمْتُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَةَ عَلَى الْهِجْرَةِ تُوجِبُ الْإِقَامَةَ بِالْمَدِينَةِ وَأَنَّ الْبَيْعَةَ الْأَعْرَابِيَّةَ تَخَالِفُهَا لَا تُوجِبُ الْإِقَامَةَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهَا وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ وَغَيْرَهُ مِنَ الْأَعْرَابِ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَامُوا عِنْدَهُ أَيَّامًا ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَهَذَا الْأَعْرَابِيُّ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ كَانَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُقَامِ بِدَارِ الْهِجْرَةِ فَمِنْ هُنَا أَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِقَالَةِ بَيْعَتِهِ وَفِي إِبَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِقَالَةِ الْبَيْعَةِ دليل على أن الْعُقُودِ عُقُودًا إِلَى الْمَرْءِ عَقْدُهَا وَلَيْسَ لَهُ حَلُّهَا وَلَا نَقْضُهَا وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ عَقَدَ عَقْدًا يَجِبُ عَقْدُهُ وَلَا يَحِلُّ نَقْضُهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ وَلَمْ يَحِلَّ لَهُ فَسْخُهُ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَانَ إِلَيْهِ فِي الْعَقْدِ فَلَيْسَ إِلَيْهِ ذَلِكَ فِي النَّقْضِ

وَلَيْسَ كُلُّ مَا لِلْإِنْسَانِ عَقْدُهُ لَهُ فَسْخُهُ وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يَقْبَلَهُ بَيْعَتَهُ لِأَنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ مُفْتَرَضَةً يَوْمَئِذٍ كَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُبِيحَ لَهُ شَيْئًا حَظَرَتْهُ عَلَيْهِ الشَّرِيعَةُ إِذَا دَخَلَ فِيهَا وَلَزِمَتْهُ أَحْكَامُهَا إِلَّا بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ وَأَمَّا مَنْ بَعْدَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ حُكْمَهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ لِأَنَّ الْوَحْيَ بَعْدَهُ قَدِ انْقَطَعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ وَأَنَّهَا بُقْعَةٌ مُبَارَكَةٌ لَا يَسْتَوْطِنُهَا إِلَّا الْمَرْضِيُّ مِنَ النَّاسِ وَهَذَا عِنْدِي إِنَّمَا كَانَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ نَزَلَهَا وَقَدْ كَانَتْ قَبْلَهُ كَسَائِرِ دِيَارِ الْكُفْرِ وَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَقِيَ فَضْلُ قَبْرِهِ وَمَسْجِدِهِ وَالْمَدِينَةُ لَا يُنْكَرُ فَضْلُهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا تَنْفِي حُثَالَةَ الناس ورذالتهم وَلَا يَبْقَى فِيهَا إِلَّا الطَّيِّبُ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَبَثُ رَذَالَةُ الْحَدِيدِ وَوَسَخُهُ الَّذِي لَا يَثْبُتُ عِنْدَ النَّارِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيَنْصَعُ فَإِنَّهُ يَعْنِي يَبْقَى وَيَثْبُتُ وَيَظْهَرُ وَأَصْلُ النُّصُوعِ فِي الْأَلْوَانِ الْبَيَاضُ يُقَالُ أَبْيَضُ نَاصِعٌ وَيَقُقْ كما يقال

أَحْمَرُ قَانِئٌ وَأَسْوَدُ حَالِكٌ وَأَصْفَرُ فَاقِعٌ وَالْمُرَادُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ الثُّبُوتُ وَالصِّحَّةُ وَالنَّاصِعُ الْخَالِصُ السَّالِمُ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ ... أَتَاكَ بِقَوْلٍ هَلْهَلِ النَسْجِ كَاذِبٍ ... وَلَمْ يَأْتِ بِالْحَقِّ الَّذِي هُوَ نَاصِعُ ... أَيْ خَالِصٌ سَالِمٌ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَأَمَّا الْخَبَثُ فَلَا يَثْبُتُ وَمَا لَا يَثْبُتُ فَلَيْسَ ظُهُورُهُ بِظُهُورٍ وَشَبَّهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِالْكِيرِ وَالنَّارِ الَّذِي لَا يَبْقَى عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا طَيِّبُهُ وَيَدْفَعُ الْخَبَثَ وَكَذَلِكَ كَانَتِ الْمَدِينَةُ لَا يَبْقَى فِيهَا وَلَا يَثْبُتُ إِلَّا الطَّيِّبُ مِنَ النَّاسِ لِصُحْبَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْفَهْمِ عَنْهُ فَلَمَّا مَاتَ خَرَجَ عَنْهَا كَثِيرٌ مِنْ جُلَّةِ أَصْحَابِهِ لِنَشْرِ عِلْمِهِ وَالتَّبْلِيغِ لِدِينِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَدْ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ نَفَتِ الْمَدِينَةُ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي ذكرت من

صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَخْذِ عَنْهُ بَلْ ذَلِكَ لِفَضْلِ الْمَدِينَةِ الْبَاقِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قِيلَ لَهُ لَا يُنْكِرُ فَضْلَ الْمَدِينَةِ عَالَمٌ وَلَكِنَّ قَوْلَهُ تَنْفِي خَبَثَهَا وينصع طيبها ليس الأعلى مَا قُلْنَا بِدَلِيلِ خُرُوجِ الْفُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ الطَّيِّبِينَ مِنْهَا إِلَى الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا خُبَثَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَدْ يَقُولُ الْعَالِمُ الْقَوْلَ عَلَى الْإِشْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ خُرُوجُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْمَدِينَةِ حِينَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فِيمَا ذَكَرَ أَهْلُ السِّيَرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّاجَ كَتَبَ إِلَى الْوَلِيدِ فِيمَا ذَكَرُوا أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالْمَدِينَةِ كَهْفٌ لِلْمُنَافِقِينَ فَجَاوَبَهُ الْوَلِيدُ إِنِّي أَعْزِلُهُ فَعَزَلَهُ وَوَلَّى عُثْمَانَ بْنَ حَيَّانَ الْمُرِّيَّ وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ الْمَذْكُورِ فَلَمَّا صَارَ عُمَرُ بِالسُّوَيْدَاءِ قَالَ لِمُزَاحِمٍ يَا مُزَاحِمُ أَتَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ نَفَتِ الْمَدِينَةُ وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ مَا رَأَيْتُ ثَلَاثَةً فِي بَيْتٍ خَيْرًا مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَوْلَاهُ مُزَاحِمٍ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي شِهَابٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عبد الرحمان بْنِ أُمَيَّةَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ قَالَ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي أُمَيَّةَ يَوْمَ فَتَحَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْ أَبِي عَلَى الْهِجْرَةِ فَقَالَ أُبَايِعُهُ عَلَى الْجِهَادِ وَقَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ قَالَ قَدْ مَضَتِ الْهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا وَلَكِنْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ وَالْخَيْرِ

وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فَسَأَلْتُهَا عَنِ الْهِجْرَةِ فَقَالَتْ لَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ كَانَ الْمُؤْمِنُ يَفِرُّ بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فَالْمُؤْمِنُ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ

وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فَسَأَلْتُهَا عَنِ الْهِجْرَةِ فَقَالَتْ لَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ كَانَ الْمُؤْمِنُ يَفِرُّ بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فَالْمُؤْمِنُ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مَالِكٌ عَنْ محمد بن المنكدر عن أمية بِنْتِ رُقَيْقَةَ قَالَتْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ بَايَعْنَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا نَسْرِقَ وَلَا نَزْنِي وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا وَلَا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا وَلَا نَعْصِيَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ قَالَتْ فَقُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا هَلُمَّ نبايعك

يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ إِنَّمَا قَوْلِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ كَقَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مِثْلِ قَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ رُوَاتِهِ عَنْهُ فِيمَا عَلِمْتُ وَهَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ محمد بن المنكدر سمع أمية بِنْتَ رُقَيْقَةَ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ (هَذَا) سَوَاءٌ إِلَى آخِرِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ (اللَّهُ) أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا قَالَتْ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تُصَافِحُنَا فَقَالَ إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ ثُمَّ ذَكَرَهُ سَوَاءً وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مُخْتَصَرًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَشُرُوطِهِ وَشَرَائِعِهِ وَمَعَالِمِهِ عَلَى حسبما ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا وَهَذِهِ الْبَيْعَةُ على حسبما نَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَأَنَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَكُلُّ مَا كَلَّفَهُمْ وَافْتَرَضَ عَلَيْهِمْ فَفِي وُسْعِهِمْ وَطَاقَتِهِمْ ذَلِكَ كُلُّهُ وَأَكْثَرُ مِنْهُ وَأَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ فَإِنَّمَا ذَلِكَ مَرْدُودٌ إِلَى قَوْلِهَا وَلَا نَعْصِيَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَكُلُّ مَعْرُوفٍ يَأْمُرُ بِهِ يَلْزَمُهُنَّ إِذَا أَطَقْنَ الْقِيَامَ بِهِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَخُذُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَهَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَأَمَّا الْمَعْرُوفُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَجَاءَ بِلَفْظِ النَّكِرَةِ فَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ مَعْرُوفٍ لَزِمَهُمْ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِمَعْرُوفٍ وَقَدْ قِيلَ إن المعروف ههنا أَنْ لَا يَنُحْنَ عَلَى مَوْتَاهُنَّ وَلَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ ذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ أَخَذَ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يَنُحْنَ وَلَا يَخْلُوَنَّ بِحَدِيثِ الرِّجَالِ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سالم

فِي قَوْلِهِ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ قَالَ النَّوْحُ قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الصَّهْبَاءِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ النَّوْحُ قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ قَالَ لَا يَنْشُرْنَ شَعْرًا وَلَا يَخْدِشْنَ وَجْهًا وَلَا يَدْعُونَ وَيْلًا قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ قَالَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَافَقَ طَاعَةً (وَلَمْ يَرَ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُطَاعَ فِي معصية (5)

وَقَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُنَيْدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَافَقَ الطَّاعَةَ) فَلَمْ يَرْضَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُطَاعَ فِي مَعْصِيَةٍ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ قَالَ سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَطَ عَلَيْهِنَّ فِيمَا يَمْتَحِنُهُنَّ بِهِ نِيَاحَةَ الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ لَا يَنُحْنَ بِهَا وَلَا يَخْلُوَنَّ بِالرِّجَالِ فِي الْبُيُوتِ قَالَ وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ قَالَ لَا يَخْلُو الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ المؤمنات إِذَا هَاجَرْنَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمتحنهن بهذه الآية يا أيها النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ

الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا وَلَا وَلَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَنْ أقر من المؤمنات بِهَذَا فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمَحْنَةِ فَإِذَا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ قَالَ لَهُنَّ انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعَتُكُنَّ قَالَتْ عَائِشَةُ لَا وَاللَّهِ مَا مَسَّتِ امْرَأَةٌ قَطُّ يَدَهُ غَيْرَ أَنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ بِالْكَلَامِ قَالَ وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَيْمَةَ بِنْتَ رُقَيْقَةَ تَزْعُمُ أَنَّهَا بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاشْتَرَطَ عَلَيْهَا ما اشترط على المؤمنات فِي كِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ فِيمَا أَطَقْتِ يَا رُقَيْقَةُ قَالَ وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ قَالَ كَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَلِدُ الْجَارِيَةَ فَتَأْخُذُ الْغُلَامَ فَتَجْعَلُهُ فِي مَكَانِهَا وَتَقُولُ لِزَوْجِهَا هُوَ وَلَدُكَ قَالَ وَحَدَّثَنَا سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ أَخَذَ عَلَيْنَا

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ وَمِنَ الْمَعْرُوفِ أَنْ لَا يَنُحْنَ قَالَتْ فَلَمَّا وَفَّتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَتَيْنِ أَمَّ سَلِيمٍ وَابْنَةَ الرَّبِيعِ قَالَ وَحَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ كَانَ فِيمَا أُخِذَ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يَتَحَدَّثْنَ مَعَ الرِّجَالِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَحْرَمًا فَإِنَّ الرَّجُلَ قَدْ تُلَاطِفُهُ الْمَرْأَةُ فِي الْكَلَامِ فَيُمْنِي فِي فَخْذِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ لَمَّا نَزَلَتْ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ إِلَى قَوْلِهِ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ قَالَتْ وَكَانَتْ مِنْهُ النِّيَاحَةُ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا آلَ فُلَانٍ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَسْعَدُونِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَا بُدَّ أَنْ أُسْعِدَهُمْ فَقَالَ إِلَّا آلَ فُلَانٍ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِمِائَةٍ

قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ لَنْ يَزَلْنَ فِي أُمَّتِيَ التَّفَاخُرُ فِي الْأَحْسَابِ وَالنِّيَاحَةُ وَالْأَنْوَاءُ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى هَذَا ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ لَا نَنُوحَ فَمَا وَفَّى مِنَّا إِلَّا خَمْسٌ سَمَّاهُنَّ هِشَامٌ مِنْهُنَّ أُمُّ سُلَيْمٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَفِي حَدِيثِنَا (الْمَذْكُورِ) فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثِ مالك عن محمد بن المنكدر عن أميمة عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فِي قَوْلِهِ إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ وَلَا يَمَسَّهَا بِيَدِهِ وَلَا يُصَافِحَهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمْ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُصَافِحُ الرِّجَالَ عِنْدَ الْبَيْعَةِ وَغَيْرِهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ لَا يَرَى الْمُصَافَحَةَ لَقَالَ إِنِّي لَا أُصَافِحُ أَحَدًا أَلَا تَرَى إِلَى الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ عَنْ عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ مَا تَغَنَّيْتُ وَلَا تَمَنَّيْتُ وَلَا مَسَسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا دُخُولَ الْمُصَافَحَةِ فِي الْمُبَايَعَةِ عِنْدَ ذِكْرِنَا حَدِيثَ الْبَيْعَةِ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مِنَ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ مَا يَكْفِي وَقَدْ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عُمَرَ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُنَادِي حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ شَاكِرٍ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَافِحُ النِّسَاءَ قَالَ وَقَدْ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ الْمَنْصُورِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَافِحُ النِّسَاءَ وَعَلَى يَدِهِ ثوب

قَالَ وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا بَايَعَ لَا يُصَافِحُ النِّسَاءَ إِلَّا وَعَلَى يَدِهِ ثَوْبٌ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَابْنَةُ عَمٍّ (لِي) لِنُبَايِعَهُ فَقَالَ إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ وَحَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ أَبِي خِرَاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مِقْدَامِ بْنِ ثَابِتٍ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَابْنَةُ عَمٍّ لِي نُبَايِعُهُ فَقَالَ إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ مِقْدَامُ بْنُ ثَابِتٍ أَخُو عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبُوهُمَا ثَابِتُ بْنُ هُرْمُزَ يُكَنَّى أَبَا الْمِقْدَامِ حَدَّثَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرِهِ رَوَى عَنْهُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَشُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَلَهُ أَخٌ يُكَنَّى أَبَا عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أبي بردة

ابن أَبِي مُوسَى وَرَى عَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ وَمِقْدَامُ بْنُ ثَابِتٍ هَذَا غَرِيبُ الْحَدِيثِ يُحَدِّثُ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَأَبِي هارون العبدي ولم يرو عنه هذا الحديث غير عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَسَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيُّ (جَمِيعًا) عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي بَيْعَةِ النِّسَاءِ قَالَتْ مَا مَسَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا فَإِذَا أَخَذَ عَلَيْهَا فَأَعْطَتْهُ قَالَ اذْهَبِي فَقَدْ بَايَعْتُكِ وَهَذَا لَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمْ يُصَافِحْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً قَطُّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ الْمُفَسِّرِ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فَذَكَرَهُ وَهَذَا حَدِيثٌ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا حَدَّثَ بن غَيْرَ ابْنِ مَعِينٍ وَقَدْ وَهِمَ فِي إِسْنَادِهِ وَغَلِطَ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فَذَكَرَهُ وَالصَّوَابُ فِي الْحَدِيثِ مَا فِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ عَنِ الْأَجْلَحِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا وَرَوَى أَبُو الْحَكَمِ الْعَنْزِيُّ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَتَصَافَحَا وَحَمِدَا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَاهُ غَفَرَ لَهُمَا وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ (ثَابِتٍ) عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَاءَكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ جَاءَ بِالْمُصَافَحَةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ نُوحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ

قَالَ تَرَوْنَ يَدِي هَذِهِ صَافَحْتُ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَمُبَايَعَةُ الرِّجَالِ كَانَتْ كَمُبَايَعَةِ النِّسَاءِ عَلَى مَا في حديث عبادة ذكر االبخاري قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوفِيَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهُشَيْمِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عبد الرحمان الدمشقي قال حدثنا إسماعيل

ابن عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُمَا بَايَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمَا ابْنَا سَبْعِ سِنِينَ فَلَمَّا رَآهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَسَّمَ وَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُمَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ بَيْعَةِ النِّسَاءِ قَالَتْ مَا مَسَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدٌ امْرَأَةٍ قَطُّ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا فَإِذَا أَخَذَ عَلَيْهَا فَأَعْطَتْهُ قَالَ اذْهَبِي فَقَدْ بَايَعْتُكِ وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فِي الْبَيْعَةِ مَا فِيهِ زِيَادَةُ بَيَانٍ وَكِفَايَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ (وَعَنْ) سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَسْأَلُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّاعُونِ فَقَالَ أُسَامَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّاعُونُ رِجْزٌ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ قَالَ أَبُو النَّضْرِ لَا يُخْرِجُكُمْ إِلَّا فِرَارٌ مِنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَسْأَلُ أُسَامَةَ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مطرف وأبو مصعب ويحيى

ابن يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ وَلَا وَجْهَ لِذِكْرِ أَبِيهِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا هُوَ لِعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ سَمِعَهُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَابْنُ بُكَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُمْ عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يَقُولُوا عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ جَوَّدَهُ الْقَعْنَبِيُّ فَرَوَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنْ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ الطَّاعُونُ رِجْزٌ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ لِعَامِرٍ عَنْ أُسَامَةَ لَمْ يَقُلْ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ وَلَا ذَكَرَ أَبَا النَّضْرِ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَسَائِرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ يُجْمِعُونَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ أَبَا النَّضْرِ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرَ (جَمِيعًا) كَمَا روى يحيى

وَقَدْ رَوَى قَوْمٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عِنْدِي وَهَمٌ لَا يَصِحُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِمَّنْ رَوَاهُ كَذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ الطَّاعُونَ فَقَالَ وَجَعٌ أُرْسِلَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْحَدِيثَ وَهَذَا مِمَّا حَدَّثَ بِهِ مَعْمَرٌ بِالْعِرَاقِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ يَقُولُونَ إِنَّ مَا حَدَّثَ بِهِ مَعْمَرٌ بِالْعِرَاقِ مِنْ حِفْظِهِ لَمْ يُقِمْهُ وَأَخْطَأَ فِي كَثِيرٍ مِنْهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا مِمَّا أَخْطَأَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْعَقِبِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَهُوَ يُحَدِّثُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ هَذَا الْوَجَعَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ

وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِيهِ لِعَامِرٍ عَنْ أُسَامَةَ لَا عَنْ أَبِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أُسَامَةَ لَا عَنْ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الصَّيْدَلَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بن أبي خازم عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذُكِرَ الطَّاعُونُ عِنْدَهُ فَقَالَ إِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ رِجْزٌ عذبت به أمة من الأمم وقد بقيت مِنْهُ بَقَايَا فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ فِيهِ فَلَا تَفِرُّوا مِنْهُ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ فَحَدَّثْتُ هَذَا الْحَدِيثَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ هَكَذَا حَدَّثَنِيهِ عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَقَعَ الطَّاعُونُ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا وَإِذَا كَانَ بِغَيْرِهَا وَلَسْتُمْ بِهَا فَلَا تَدْخُلُوهَا وَهَذَا الْإِسْنَادُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لِمُخَالَفَةِ الْحُفَّاظِ لِدَاوُدَ بْنِ عَامِرٍ فِي ذَلِكَ وَمِمَّنْ خَالَفَهُ فِيهِ ابْنُ شِهَابٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَهَؤُلَاءِ لَا نَظِيرَ لَهُمْ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ وَلَيْسَ دَاوُدُ بْنُ عَامِرٍ مِمَّنْ يُلْحَقُ بِهِمْ

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سَعْدٍ فَسَأَلَهُ عَنِ الطَّاعُونِ فَقَالَ أُسَامَةُ أَنَا أُخْبِرُكَ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا هَجَمَ الطَّاعُونُ وَأَنْتُمْ بِأَرْضٍ فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا فَإِنْ قِيلَ قَدْ رَوَاهُ أَبُو حُذَيْفَةَ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ نَعَمْ وَهُوَ عِنْدُنَا مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنِ مَسْعُودٍ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهُ خَطَأٌ وَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ كَثِيرَ الْوَهَمِ وَالْخَطَأِ فِي حَدِيثِهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا الطَّاعُونَ رِجْزٌ سُلِّطَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْحَدِيثَ وَهَذَا يَشْهَدُ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ خَطَأِ أَبِي حُذَيْفَةَ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ أَسَدَ بْنَ مُوسَى حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ سَعْدًا كَانَ إِذَا جَاءَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ لَمْ يَقْرَبْهُمَا أَحَدٌ فَجَاءَ عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ فَقَعَدَ إِلَيْهِمَا

فَقَالَ أُسَامَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تدخلوها وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا فِرَارًا فَقَالَ سَعْدٌ لِأُسَامَةَ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا قَالَ نَعَمْ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ سَعْدٌ وأنا قد سمعته قبل هَذَا حَدِيثٌ لَا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ مَيَّزَ أَقَلَّ شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْأَحَادِيثِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ مُنْقَطِعٌ ضَعِيفٌ وَابْنُ لَهِيعَةَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَقْبَلُونَ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُ مَا حَدَّثَ بِهِ قَبْلَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ فِيمَا ذَكَرُوا قَبْلَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ إِلَّا ابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ وَهْبٍ لِبَعْضِ سَمَاعِهِ وَأَمَّا أَسَدٌ وَمِثْلُهُ فَإِنَّمَا سَمِعُوا مِنْهُ بَعْدَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ وَكَانَ يُمْلِي مِنْ حِفْظِهِ فَيُخْطِئُ وَيَخْلِطُ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَحَدِيثُهُ هَذَا أَيْضًا مَعَ ضَعْفِهِ مُنْقَطِعٌ وَأَحَادِيثُ الْحُفَّاظِ الثِّقَاتِ بِخِلَافِهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سَعْدٍ فَسَأَلَهُ عَنِ الطَّاعُونِ وَعِنْدَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَقَالَ أُسَامَةُ أَنَا أُخْبِرُكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ

هَذَا الطَّاعُونَ رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ أُرْسِلَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَوْ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا وَإِذَا وَقَعَ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا فِرَارًا وَرِوَايَةُ أَسَدٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِخِلَافِ رِوَايَتِهِ لَهُ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ دَلِيلٌ عَلَى ضَبْطِ أَسَدٍ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ أَبَا خَالِدٍ الْأَحْمَرَ رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الطَّاعُونُ رِجْزٌ أُصِيبَ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ سَمَاعُ سَعْدٍ لَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ وَهَذَا أَيْضًا حَدِيثٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ تَرُدُّهُ أَحَادِيثُ الْحُفَّاظِ لِأَنَّ سَعْدًا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ فِيهِ سَمَاعٌ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا احْتَاجَ أَنْ يَسْأَلَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَنْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَسْأَلُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّاعُونِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عن عمرو بن دنيار عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ لِأَبِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي حَدِيثِ الطَّاعُونِ أَنَا أُخْبِرُكَ بِذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ وَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ رَوَى عَنْ سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ

سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَحُذَيْفَةَ قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا الطَّاعُونَ رِجْزٌ الْحَدِيثَ قِيلَ لِقَائِلِ ذَلِكَ هَذَا إِسْنَادٌ آخَرُ غَيْرُ إِسْنَادِ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ وَهَذَا الْإِسْنَادُ أَيْضًا الصَّحِيحُ فِيهِ أَنَّ الْحَدِيثَ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَحْدَهُ كَذَلِكَ رَوَى شُعْبَةُ وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَقَدِ اضْطَرَبَ فِيهِ وَكِيعٌ فَمَرَّةً رواه هكذا ومرة جَعَلَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ وَأُسَامَةَ وَحُذَيْفَةَ بْنِ ثَابِتٍ مَكَانَ حُذَيْفَةَ وَأَصْحَابُ الثَّوْرِيِّ يُخَالِفُونَهُ فِي ذَلِكَ فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِرِوَايَتِهِ فِيهِ وَأَمَّا حَدِيثُ شُعْبَةَ فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ سَعْدًا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تدخلوها وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا قَالَ حَبِيبٌ قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ أَنْتَ سَمِعْتَ أُسَامَةَ يُحَدِّثُ سَعْدًا وَهُوَ جَالِسٌ لَا يُنْكِرُهُ قَالَ نَعَمْ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَامِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أُسَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن هَذَا الْوَجَعَ رِجْزٌ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ هَذَا مَا يَجِيءُ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي تَهْذِيبِ إِسْنَادِ هَذَا الْخَبَرِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سَعْدٌ قَدْ سَمِعَ مَا سَمِعَ أُسَامَةُ مِنْهُ وَلَكِنَّ الْحُكْمَ مَا ذَكَرْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الطَّاعُونِ رِجْزٌ فَالطَّاعُونُ مَعْلُومٌ وَقَدْ مَضَى فِي تَفْسِيرِ مَعْنَاهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَمَضَتْ هُنَاكَ أَخْبَارٌ فِي الطَّاعُونِ حِسَانٌ لَا معنى لذكر شيء منها معادا ههنا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ أَبِي ذَكَوَيْهِ الْمَعْرُوفُ بِالدَّعَّاثِ قَالَ حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمِعْزَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مِسْهَرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ

مَيْمُونٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ قُلْتُ الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُونُ قَالَ غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ تَخْرُجُ فِي الْمَرَاقِ وَالْآبَاطِ مَنْ مَاتَ مِنْهُ مَاتَ شَهِيدًا وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ وَأَمَّا الرِّجْزُ فَالْعَذَابُ لَا يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِاللِّسَانِ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ وَهُوَ كَثِيرٌ وَقَدْ يَكُونُ الرِّجْسُ وَالرِّجْزُ سَوَاءً وَالرِّجْزُ النَّجَاسَةُ وَالرُّجْزُ أَيْضًا عِبَادَةُ الْأَوْثَانِ دَلِيلُ (ذَلِكَ) قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا وَجْهَ لِذِكْرِ الرِّجْزِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا الْعَذَابَ وَكُلُّ مَا ابْتُلِيَ بِهِ الْإِنْسَانُ مِنَ الْأَوْجَاعِ وَالْمِحَنِ وَالشَّيْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الْعَذَابِ وَقَدْ قِيلَ فِي الْأَدْنَى يَوْمَ بَدْرٍ وَقَالَ وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لعذبهم من الدُّنْيَا هَذَا كُلُّهُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْعَذَابِ والله أعلم

وَأَمَّا قَوْلُهُ أُرْسِلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَالشَّكُّ مِنَ الْمُحَدِّثِ هَلْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ قَالَ أُرْسِلَ عَلَى مَنْ قَبَلْكُمْ وَالْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الطَّاعُونَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ فِي الْأَرْضِ فَعَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَبْلَنَا وَأَمَّا نَهْيُهُ عَنِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ وَعَنِ الْفِرَارِ مِنْهُ فَلِئَلَّا يَلُومَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ نَفْسَهُ إِنْ مَرِضَ مِنْهُ فَمَاتَ أَوْ يَقُولَ غَيْرُهُ لَوْ لَمْ يَقَدَمْ عَلَيْهِ أَوْ فَرَّ مِنْهُ لَنَجَا وَنَحْوَ هَذَا فَيَلُومُونَ أَنْفُسَهُمْ فِيمَا لَا لَوْمَ عَلَيْهِمْ فِيهِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ وَالنَّاهِضَ لَا يَتَجَاوَزُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَجْلَهُ وَلَا يَسْتَأْخِرُ عَنْهُ وَفِيهِ جَاءَ النَّهْيُ عَنِ اللَّوْمِ مُطْلَقًا يَعْنِي قَوْلَهُمْ لَوْ كَانَ كَذَا لَمْ يَكُنْ كَذَا وَيُقَالُ إِنَّهُ مَا فَرَّ أَحَدٌ مِنَ الطَّاعُونِ فَنَجَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ حَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرَ حَدَّثَنَا عَارِمٌ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ فَأَخْبَرَهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ بِأَرْضٍ فَيَثْبُتُ وَلَا يَخْرُجُ

وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَخْبَارًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ فِي الفرار عن الطاعون لا وجه لتكريرها ههنا وَفِيهِ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ النَّهْيُ عَنْ رُكُوبِ الْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ بِالنَّفْسِ وَالْمُهْجَةِ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ فِي الظَّاهِرِ أَنَّ الْأَرْضَ الْوَبِيئَةَ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ صَاحِبُهَا مِنَ الْوَبَاءِ فِيهَا إِذَا نَزَلَ بِهَا فَنُهُوا عَنْ هَذَا الظَّاهِرِ إِذِ الْآجَالُ وَالْآلَامُ مَسْتُورَةٌ عَنْهُمْ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا قَوْلُهُ لَا يَحِلُّ الْمُمَرَّضُ عَلَى الْمُصَحِّ ثُمَّ قَالَ عِنْدَ حَقِيقَةِ الْأَمْرِ فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي النَّضْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا يُخْرِجُكُمْ إِلَّا فِرَارًا مِنْهُ وَكَذَا قَالَ يَحْيَى وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ فَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيهِ فِي بَابِ أَبِي النَّضْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ رَجُلٍ عِنْدَهُ رَضِيٍّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنِ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ بِلَيْلٍ يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ صَلَاتِهِ وَكَانَ نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَةً هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ وَالرَّجُلُ الرَّضِيُّ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قِيلَ إِنَّهُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا

مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي دَاوُدَ قَالَ كَانَ يُقَالُ لَهُ بُومَةُ لَيْسَ بِهِ بِأُسٌّ وَأَبُوهُ لَيْسَ بِثِقَةٍ وَلَا مَأْمُونٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ صَلَّاهَا مِنَ اللَّيْلِ فَنَامَ عَنْهَا كَانَ ذَلِكَ صَدَقَةً تَصَدَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَكَتَبَ لَهُ أَجْرَ صَلَاتِهِ وَأَمَّا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَهُوَ مَوْلًى لِبَنِي وَالِبَةَ مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَانَ شَدِيدَ السُّمْرَةِ وَكَتَبَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ثُمَّ كَتَبَ لِأَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ عَلَى الْقَضَاءِ وَقَدْ كَانَ الْحَجَّاجُ وَلَّاهُ قَضَاءَ الْكُوفَةِ فَضَجَّ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَقَالُوا لَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ مَوْلًى وَلَا يَصْلُحُ إِلَّا رَجُلٌ عَرَبِيٌّ فَاسْتَقْضَى الْحَجَّاجُ حِينَئِذٍ أَبَا بُرْدَةَ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَقْطَعَ أَمْرًا دُونَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَكَانَ أَبُو بُرْدَةَ عَلَى الْقَضَاءِ وَبَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ سَعِيدٌ يَكْتُبُ لَهُ ثُمَّ خَرَجَ مَعَ ابْنِ الْأَشْعَثِ وَكَانَ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ عَلَى الْحَجَّاجِ حَتَّى كَفَرَ فَلَمَّا انْهَزَمَ أَصْحَابُ ابْنِ الْأَشْعَثِ بِدَيْرِ الْجَمَاجِمِ هَرَبَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِلَى

مَكَّةَ فَأَخَذَهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ وَكَانَ وَالِيًا لِلْوَلِيدِ عَلَى مَكَّةَ فَبَعَثَ بِهِ إِلَى الْحَجَّاجِ فَقَتَلَهُ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَمَاتَ الحجاج بعده بيسير قيل شهر وقيل شهرين وَقِيلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَقْتُلْ بَعْدَهُ فِيمَا قَالَ ضَمْرَةُ أَحَدًا وَأَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ النخعي فيكنى أبا عبد الرحمان بابنه عبد الرحمان مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَكَانَ فَاضِلًا عَابِدًا مُجْتَهِدًا حَجَّ مِنْ بَيْنِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ سِتِّينَ وَقِيلَ ثَمَانِينَ وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ مَا بِالْعِرَاقِ أَحَدٌ أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنَ الْأَسْوَدِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا مِثْلُ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا رَوَى حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ سُوُيْدِ بْنِ غَفْلَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ حَتَّى يُصْبِحَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مَا نَوَى وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ من ربه

وَذَكَرَ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ سُوُيْدِ بن غَفْلَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ حَتَّى يُصْبِحَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مَا نَوَى وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً رَوَى الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عيينة عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ سُوُيْدِ بْنِ غَفْلَةَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ جَمِيعًا مَوْقُوفًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ يُجَازَى عَلَى مَا نَوَى مِنَ الْخَيْرِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهُ كَمَا لَوْ أَنَّهُ عَمِلَهُ وَأَنَّ النِّيَّةَ يُعْطَى عَلَيْهَا كَالَّذِي يُعْطَى عَلَى الْعَمَلِ إِذَا حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَكَانَتْ نِيَّتُهُ أَنْ يَعْمَلَهُ وَلَمْ تَنْصَرِفْ نِيَّتُهُ حَتَّى غُلِبَ عَلَيْهِ بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْمَوَانِعِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهُ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةً جَازَى عَلَى الْعَمَلِ ثُمَّ عَلَى النِّيَّةِ إِنْ حَالَ دُونَ الْعَمَلِ حَائِلٌ وَفِي مِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ جَاءَ الْحَدِيثُ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مُقَاتِلِ بْنِ صَالِحٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ وَنِيَّةُ الْفَاجِرِ شَرٌّ مِنْ عَمَلِهِ وَكُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى نِيَّتِهِ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ النِّيَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ بِلَا نِيَّةٍ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَمَلَ بِلَا نِيَّةٍ لَا يُرْفَعُ وَلَا يَصْعَدُ فَالنِّيَّةُ بِغَيْرِ عَمَلٍ خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لِأَنَّ النِّيَّةَ تَنْفَعُ بِلَا عَمَلٍ وَالْعَمَلُ بِلَا نِيَّةٍ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فيه نِيَّةَ الْمُؤْمِنِ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ أَكْثَرُ مِمَّا يَقْوَى عَلَيْهِ مِنْهُ وَنِيَّةَ الْفَاجِرِ فِي الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ أَكْثَرُ مِمَّا يَعْمَلُهُ مِنْهَا وَلَوْ أَنَّهُ يَعْمَلُ مَا نَوَى فِي الشَّرِّ أَهْلَكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَنَحْوَ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ قَدْ يَقَعُ مِنْهُ عَمَلٌ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فَيَكُونُ لَغْوًا وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُؤْمِنٌ وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ قَدْ يَنْوِي مِنَ الْأَعْمَالِ مَا لَا يُعَانُ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْفَاجِرَ قَدْ يَنْوِي مِنَ الْأَعْمَالِ مَا يُعْصَمُ مِنْهُ وَلَا يَصِلُ إِلَيْهِ وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُعَارِضُ ظَاهِرُهُ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَيْسَ بِمُعَارِضٍ لَهُ إِذَا حُمِلَ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا كُرَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً وَمِنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَعَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا إِلَى سَبْعِمِائَةٍ) وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الدِّينَوَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال من هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً وَاحِدَةً وَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً قَالَ قُلْتُ أَنْتَ سَمِعْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً قَالَ نَعَمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَتَرَكَهَا خَوْفَ اللَّهِ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ومجاهد

وإبراهيم في قول الله عز وجل ولمن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ هُوَ الرَّجُلُ يَهُمُّ بِالْمَعْصِيَةِ ثُمَّ يَتْرُكُهَا لِخَوْفِ الْمَقَامِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ حِينَ دَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ قَالُوا وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ نَعَمْ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ هَذَا أَبْيَنُ شَيْءٍ فِيمَا قُلْنَا لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَمَّا نَوَوُا الْجِهَادَ وَأَرَادُوهُ وَحَبَسَهُمُ الْعُذْرُ كَانُوا فِي الْأَجْرِ كَمَنْ قَطَعَ الْأَوْدِيَةَ وَالشِّعَابَ مُجَاهِدًا بِنَفْسِهِ وَهَذَا أَشْبَهُ الْأَسْبَابِ بِالَّذِي عَلَيْهِ النَّوْمُ فَمَنَعَهُ مِنْ صَلَاةٍ كَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَيْهَا وَنَوَى القيام إليها

وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَسْمَعْهُ حُمَيْدٌ مِنْ أَنَسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَقَدْ تَرَكْتُمْ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ وَلَا قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ إِلَّا وَهُمْ مَعَكُمْ قالوا يا رسول الله وكيف يكونون معنا وَهُمْ فِي الْمَدِينَةِ قَالَ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرٌ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حوشب قال حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمان السَّكْسَكِيُّ أَبُو إِسْمَاعِيلَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى سَمِعَ أَبَا مُوسَى يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ مَنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ يَعْمَلُهُ فَشَغَلَهُ عَنْهُ مَرَضٌ أَوْ سَفَرٌ فَإِنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ كَصَالِحِ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمَا فِي بَعْضٍ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَرِيضِ إِنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ فِي صِحَّتِهِ مَا دَامَ فِي وِثَاقِ مَرَضِهِ وَذَكَرَ سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي رَزِينٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قَالَ إِذَا كَبِرَ وَلَمْ يُطِقِ الْعَمَلَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بِمِثْلِهِ قَالَ إِذَا كَبِرَ وَلَمْ يُطِقِ الْعَمَلَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي قُوَّتِهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ دَاوُدَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ إِذَا كَبِرَ وَعَجَزَ يَجْرَى عَلَيْهِ أَجْرُ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي شبيبته غير ممنون هذا توضيح أيضا

ما قُلْنَا وَقَدْ يَدْخُلُ مِمَّا فِي الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنِ الْأَعْرَجِ عن عبد الرحمان بْنِ عَبْدِ الْبَارِي عَنْ عُمَرَ قَالَ مَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَرَأَهُ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَفُتْهُ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ عَمَلٌ فَمَعْلُومٌ أَنَّ صلاة الليل والقيام بالأسمار أَفْضَلُ مِنَ النَّافِلَةِ بِالنَّهَارِ فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى يَدْخُلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ وَهَذَا الْمَعْنَى قَدْ تَقَصَّيْنَاهُ أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ وَأَتَيْنَا هُنَاكَ مِنَ الْبَيَانِ مَا لَا مَعْنًى لتكريره ههنا وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ دَاوُدَ عَنِ الْأَعْرَجِ عن عبد الرحمان بْنِ عَبْدِ الْبَارِي عَنْ عُمَرَ فَإِنَّ قَوْلَهُ فِيهِ فَقَرَأَهُ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ وَهَمٌ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا أَدْرِي أَمِنْ دَاوُدَ جَاءَ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَحْفُوظَ فِيهِ عَنْ عُمَرَ مِنْ حَدِيثِ

ابْنِ شِهَابٍ مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ حِزْبِهِ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ وَرَفْعِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَرَوَى يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَعُبَيْدِ الله بن عبد الله عن عبد الرحمان بْنِ عَبْدِ الْبَارِي عَنْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ وَعَنْ شَيْءٍ مِنْ حِزْبِهِ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَأَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ مَرْفُوعًا وَاسْمُ أَبِي صَفْوَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ مَكِّيٌّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ الْحُمَيْدِيُّ وَكِبَارُ النَّاسِ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عروة عن عبد الرحمان بْنِ عَبْدِ الْبَارِي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي غَرَائِبِ حَدِيثِ مَالِكٍ فَقَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ الْمُقْرِئُ النَّقَاشُ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا جَدِّي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن وهب أخبرنا مالك بن أنيس عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَبْدِ الْبَارِي

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ غَرِيبٌ عَنْ مَالِكٍ وَمَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ وَعُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ وَأَحْمَدُ بْنُ طَاهِرٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا الْوَقْتُ فِيهِ مِنَ السَّعَةِ مَا يَنُوبُ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَيَتَفَضَّلُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ عَلَى مَنِ اسْتَدْرَكَ مِنْ ذَلِكَ مَا فَاتَهُ وَلَيْسَ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ مَا يَسْتَدْرِكُ فِيهِ كُلُّ أَحَدٍ حِزْبَهُ وَهَذَا بَيِّنٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُعِيَ (لِطَعَامٍ) فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَلَحْمٌ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ تَوَضَّأَ ثُمَّ أُتِيَ بِفَضْلِ ذَلِكَ الطَّعَامِ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ فِيمَا عَلِمْتُ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكُرْدِيُّ وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْعُمَرِيُّ وَالْقُدَامِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مُسْنَدًا وَكُلُّهُمْ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ لِضَعْفِهِمْ وَالصَّوَابُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ مَا فِي الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا وَقَدْ رَوَاهُ ثِقَاتٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ مُسْنَدًا وَسَنَذْكُرُ مَا حَضَرَنَا ذِكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنْ لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ أَكَلَ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِنَّمَا كَانَ لِحَدَثٍ عِنْدُهُ أَوْ لِلْفَضْلِ فَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ فِي الْأَغْلَبِ مِنْ أَمْرِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ أُتِيَ بِفَضْلِ ذَلِكَ الطَّعَامِ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ فَلَوْ كَانَ وُضُوؤُهُ مِنْ أَجْلِ الطَّعَامِ أَوَّلًا لَكَانَ قَدْ تَوَضَّأَ آخِرًا مِنْ بَقِيَّةِ ذَلِكَ الطَّعَامِ إِذِ الْحُكْمُ فِيهِ وَاحِدٌ هَذَا مَا لَا يَشُكُّ فِيهِ ذُو لُبٍّ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتَوَضَّأُ أَحْيَانًا لِكُلِّ صَلَاةٍ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْكُلُ فِي الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ وَرُبَّمَا أَكْثَرَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ وَالْآثَارُ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ التَّنَازُعِ وَمَا رُوِيَ فِيهِ عَنِ السَّلَفِ مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى عن إعادته ههنا وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مُسْنَدًا مُتَّصِلًا فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ يحيى

قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ الْحَسَنِ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَانِئٍ الْأَثْرَمُ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ فَأَكَلَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِثْلَ ذَلِكَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْخَثْعَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قُرِّبَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزٌ وَلَحْمٌ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ طَعَامِهِ فَأَكَلَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى أَبُو عِمْرَانَ الرَّمْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلَيُّ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ

جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهَذَا اخْتِصَارٌ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلَيُّ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ (وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله قَالَ دَخَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَذَبَحَتْ لَهُ شَاةً فَأَكَلَ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

وَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ شَاتُكُمُ الْوَالِدُ تُطْبَخُ لَنَا فَأَكَلَ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَدَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي بَكْرٍ فَأَكَلَ خُبْزًا وَلَحْمًا ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرُهُمَا وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ خَاصَّةً مُسْنَدًا تَوْصِيلًا لِمُرْسَلَاتِ مَالِكٍ وَتِبْيَانًا لِصِحَّتِهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ لَحْمًا فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَكَلَ كَتِفًا فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَكَلَ لَحْمًا فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذِهِ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ وَعَمَلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَلَا وَجْهَ عِنْدِي لِمَا خَالَفَ ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ وَالْأَقْوَالِ وَاللَّهُ المستعان

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَيَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ البيروتي معافري عن الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ كَانَ مَكْحُولٌ يَتَوَضَّأُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ حَتَّى لَقِيَ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ فَأَخْبَرَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَكَلَ ذِرَاعًا أَوْ كَتِفًا ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ فَقِيلَ لَهُ أَتَرَكْتَ الْوُضُوءَ فَقَالَ لَأَنْ يَقَعَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ السَّمَاءِ فَيَتَقَطَّعَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُخَالِفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ بِعَمَلِ الْخُلَفَاءِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هَذَا الْبَابِ يُوقَفُ عَلَى النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ (فَافْهَمْ) وَقَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَصَفْوَانَ

ابن سُلَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُمْ كانوا لا يتوضؤون مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَبَلَغَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مَا يَشْفِي النَّاظِرَ وَيَكْفِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

تابع لحرف الميم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ لِمَالِكٍ عَنْهُ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ (مُسْنَدَةٌ1) صِحَاحٌ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا (جَدَّهُ هَذَا) فِي الصحابة بما يغني عن ذكره ها هنا وَيُكَنَّى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا عَلَى مَا جَاءَ بِهِ حُجَّةً فِيمَا نَقَلَ سَكَنَ الْمَدِينَةَ وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ كَانَتْ لِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ حَلْقَةٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وكان يفتي وَكَانَ مَالِكٌ يُثْنِي عَلَيْهِ وَيَصِفُهُ بِالْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَقَدْ سَمِعَ (ابْنَ) عمر

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ (قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدْ رَوَى فِيهِ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ مَالِكٍ إِسْنَادًا آخَرَ (مَحْفُوظًا أَيْضًا) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ لِمَالِكٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عُتْبَةَ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحِ بْنِ صَفْوَانَ السَّهْمِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَزِيَادٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَالْمُلَامَسَةُ لَمْسُ الرَّجُلِ الثَّوْبَ

لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلَا يُخْبِرُ عَنْهُ وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَطْرَحَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ إِلَى الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ وَيَنْظُرَ إِلَيْهِ هَكَذَا جَاءَ هَذَا التفسير في درج هذا الحديث وقد فسره مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الرَّازِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ وَزِيَادٌ وَابْنُ زِيَادٍ وَقَالَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ سَمْعَانَ الْمُزَنِيُّ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ وَهَذَا وَهْمٌ وَغَلَطٌ وَظَنٌّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا وَلَيْسَ ذِكْرُ ابْنِ زِيَادٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَهُ وَجْهٌ وَإِنَّمَا هُوَ زِيَادٌ لَا ابْنُ زِيَادٍ وَهُوَ زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ الْخُرَاسَانِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ مَالِكٌ بِأَثَرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْمُلَامَسَةُ أَنْ يَلْمَسَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ وَلَا يَنْشُرَهُ وَلَا يَتَبَيَّنَ مَا فِيهِ أَوْ يَبْتَاعَهُ لَيْلًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مَا فِيهِ قَالَ وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ثَوْبَهُ وَيَنْبِذَ الرَّجُلُ الْآخَرُ (إِلَيْهِ) ثَوْبَهُ عَلَى غَيْرِ تَأَمُّلٍ مِنْهُمَا وَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ هَذَا بِهَذَا فَهَذَا الَّذِي نَهَى عَنْهُ مِنَ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ) قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي فَسَّرَهُ مَالِكٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْعَ مَنْ بَاعَ مَا لَا يَقِفُ عَلَى عَيْنِهِ وَلَا يَعْرِفُ مَبْلَغَهُ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ فرع أَوْ عَدَدٍ أَوْ شِرَاءِ مَنِ اشْتَرَى

مَا لَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ وَلَا عَيْنَهُ وَلَا وَقَفَ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلَهُ وَلَا اشْتَرَاهُ عَلَى صِفَةٍ بَاطِلٌ وَهُوَ عِنْدِي دَاخِلٌ تَحْتَ جُمْلَةِ مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَالْمُلَامَسَةِ وَقَدْ جَاءَ نَحْوُ هَذَا التَّفْسِيرِ مَرْفُوعًا فِي الْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسَتَيْنِ وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ نَهَى عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ فِي الْبَيْعِ وَالْمُلَامَسَةُ لَمْسُ الرَّجُلِ ثَوْبَ الْآخَرِ بِيَدِهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَلَا يُقَلِّبُهُ إِلَّا بِذَلِكَ وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ثَوْبَهُ وَيَنْبِذَ الْآخَرُ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعَهُمَا عَلَى غَيْرِ نَظَرٍ وَلَا تَرَاضٍ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ وعَنْبَسَةُ وَاللَّيْثُ وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْضُهُمْ فِيهِ هَذَا التَّفْسِيرَ وَقَدْ يمكمن أَنْ يَكُونَ التَّفْسِيرُ قَوْلَ اللَّيْثِ أَوْ لِابْنِ شِهَابٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سعيدالخدري وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِمَا التَّفْسِيرُ الَّذِي فِي حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ يُونُسَ وَهُوَ تَفْسِيرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا تَدَافُعَ وَلَا تَنَازُعَ فِيهِ وَالْمُلَامَسَةُ وَالْمُنَابَذَةُ بُيُوعٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَهَا وَهِيَ مَا تَقَدَّمَ وَصْفُهُ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا وَهِيَ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْغَرَرِ (وَالْقِمَارِ) فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْهَا بِحَالٍ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ فَأَخْطَأَ فِي إِسْنَادِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَفَسَّرَهُ أيضا تفسيرا حسنا بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حدثنا قاسم ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حدثنا كثير

ابن هِشَامٍ قَالَ نَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بَيْعَتَيْنِ عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَهِيَ بُيُوعٌ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ كَثِيرٌ فَقُلْتُ لِجَعْفَرٍ مَا الْمُنَابَذَةُ وَمَا الْمُلَامَسَةُ قَالَ الْمُنَابَذَةُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ إِذَا نَبَذْتُهُ إِلَيْكَ فَهُوَ لَكَ بِكَذَا وَكَذَا وَالْمُلَامَسَةُ أَنْ يُعْطَى لِلرَّجُلِ الشَّيْءُ ثُمَّ يَلْمِسَهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ مُغَطًّى لَا يَرَاهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ النَّهْيُ عَنِ الْقِمَارِ وَالْمُخَاطَرَةِ وَذَلِكَ الْمَيْسِرُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَعَ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَعَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَمَعْنَى بَيْعِ الْحَصَاةِ أَنَّهُمْ (كَانُوا) يَقُولُونَ إِذَا تَبَايَعُوا بَيْعَ الْحَصَاةِ فِي أَشْيَاءَ حَاضِرَةِ الْعَيْنِ أَيُّ شَيْءٍ مِنْهَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ حَصَاتِي هَذِهِ فَهُوَ لَكَ بِكَذَا ثُمَّ يَرْمِي الْحَصَاةَ هَذَا كُلُّهُ (كَانَ) مِنْ بُيُوعِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا وَقَالَ مَالِكٌ فِي السَّاجِ الْمُدْرَجِ فِي جِرَابِهِ وَالثَّوْبِ الْقِبْطِيِّ الْمُدَرَّجِ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا حَتَّى يُنْشُرَ أَوْ يُنْظُرَ إِلَى مَا فِي أَجْوَافِهِمَا وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَهُمَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَهُوَ مِنَ الْمُلَامَسَةِ قَالَ وَفَرْقٌ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ بَيْعِ الْبَزِّ وَغَيْرِهِ فِي الْأَعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ الْأَمْرُ الْمَعْمُولُ بِهِ مِنْ عَمَلِ الْمَاضِينَ

(وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مِنَ الْمُلَامَسَةِ الْبَيْعُ مِنَ الْأَعْمَى عَلَى اللَّمْسِ بِيَدِهِ وَبَيْعُ الْبَزِّ وَسَائِرِ السِّلَعِ لَيْلًا دُونَ صِفَةٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ) قَالَ الشَّافِعِيُّ مَعْنَى الْمُلَامَسَةِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِالثَّوْبِ مَطْوِيًّا فَيَلْمِسَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ يَأْتِيَهُ بِهِ فِي ظُلْمَةٍ فَيَقُولَ رَبُّ الثَّوْبِ أَبِيعُكَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ إِذَا وَجَبَ الْبَيْعُ فَنَظَرْتَ إِلَيْهِ فَلَا خِيَارَ لَكَ وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَقُولَ أَنْبِذُ إِلَيْكَ ثَوْبِي هَذَا وَتَنْبِذُ إِلَيَّ ثَوْبَكَ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ وَلَا خِيَارَ إِذَا عَرَفْنَا الطُّولَ وَالْعَرْضَ فَهَذَا يَدُلُّ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُلَامَسَةَ وَالْمُنَابَذَةَ لَوْ كَانَ فِيهِمَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالنَّظَرِ لَمْ يَبْطُلْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْمُلَامَسَةُ وَالْمُنَابَذَةُ بَيْعَانِ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ إِذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَا سَاوَمَ بِهِ مَلَّكَهُ بِذَلِكَ صَاحِبُهُ وَإِذَا نَبَذَهُ إليه ملكه أيضا ووجب ثَمَنَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ فَكَانَ ذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى الْقِمَارِ لَا عَلَى جِهَةِ التَّبَايُعِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ الْمُلَامَسَةُ أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ السِّلَعَ وَلَا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا وَلَا يُخْبِرُونَ عَنْهَا وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَتَنَابَذَ الْقَوْمُ السِّلَعَ وَلَا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا وَلَا يُخْبِرُونَ عَنْهَا فَهَذَا مِنْ أبواب القمار

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ الزُّهْرِيِّ هَذَا إِجَازَةٌ لِلْبَيْعِ عَلَى الصِّفَةِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ وَلَا يُخْبِرُونَ (عَنْهَا) وَقَالَ رَبِيعَةُ الْمُلَامَسَةُ وَالْمُنَابَذَةُ مِنْ أَبْوَابِ الْقِمَارِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ أَخْذِ الشيء على وجه القمار وإباحه بِالتَّرَاضِي وَبِذَلِكَ نَطَقَ الْقُرْآنُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجل يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بُيُوعٍ كَثِيرَةٍ وَإِنْ تَرَاضَى بِهَا الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا مَذْكُورَةٌ فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي مَوَاضِعِهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ (وَالْحُكْمُ فِي بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ كُلِّهِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ إِنْ أُدْرِكَ فُسِخَ وَإِنْ فَاتَ رُدَّ إِلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ قُبِضَ بَالِغًا مَا بَلَغَ (3)) وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ وَهُوَ بَيْعُ ثِيَابٍ أَوْ سِلَعٍ غَيْرِهَا عَلَى صِفَةٍ مَوْصُوفَةٍ وَالثِّيَابُ حَاضِرَةٌ لَا يُوقَفُ عَلَى عَيْنِهَا لِغَيْبَتِهَا فِي عَدْلِهَا وَلَا يُنْظَرُ إِلَيْهَا فَأَجَازَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِذَا كَانَ فِيهِ الذَّرْعُ وَالصِّفَةُ فَإِنْ وَافَقَتِ الثِّيَابُ الصِّفَةَ لَزِمَتْ الْمُبْتَاعَ عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ وَهَذَا (عِنْدَهُ) مِنْ بَابِ بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ لِمَغِيبِ الثِّيَابِ

وَالْمَتَاعِ فِي الْأَعْدَالِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ عَلَى الْبَرْنَامَجِ الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ بَيْعُ عَيْنٍ حَاضِرَةٍ غَيْرِ مَرْئِيَّةٍ (وَالْوُصُولُ إِلَى رُؤْيَتِهَا مُمْكِنٌ) فَدَخَلَ بَيْعُهَا فِي بَابِ الْمُلَامَسَةِ وَالْغَرَرِ وَالْقِمَارِ عِنْدَهُمْ وَأَمَّا مَالِكٌ فَالصِّفَةُ عِنْدَهُ تَقُومُ مَقَامَ الْمُعَايَنَةِ (وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تَصْفُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ لِزَوْجِهَا حَتَّى كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا فَأَقَامَ هُنَا الصِّفَةَ مَقَامَ الْمُعَايَنَةِ) وَقَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ بَيْعُ السِّلَعِ كُلِّهَا وَإِنْ لَمْ يَرَهَا الْمُشْتَرِي إِذَا وَصَفَهَا لَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطِ النَّقْدَ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَصِفْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَائِبِ عِنْدَهُ الْبَتَّةَ إِلَّا بِالصِّفَةِ أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ تَقَدَّمَتْ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْأَعْيَانِ الْغَائِبَةِ عَلَى الصِّفَةِ وَإِنْ لَمْ يَرَهَا الْبَائِعُ وَلَا الْمُشْتَرِي إِذَا وَصَفُوهَا فَإِذَا جَاءَتْ عَلَى الصِّفَةِ لَزِمَهُمَا الْبَيْعُ وَلَا يَكُونُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ فَإِنِ اشْتَرَطَهُ كَانَ ذَلِكَ (لَهُ) وَبِقُولِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بن حنبل واسحق بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ والْأَوْزَاعِيُّ جَائِزٌ بَيْعُ الغائب على الصفة وعلى غيرالصفة وُصِفَ أَوْ لَمْ يُوصَفْ وَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إِذَا رَآهُ وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ أَنَّهُ جَائِزٌ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِي إِذَا وَافَقَ

الصِّفَةَ وَلَا خِيَارَ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً وَإِنْ لَمْ يُوَافِقِ الصِّفَةَ فَلَهُ الْخِيَارُ إِلَّا أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ فِيمَا رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ يَجْعَلُ الْمُصِيبَةَ مِنَ الْمُشْتَرِي إِذَا كَانَ عَلَى الصِّفَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ عُمَرَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَمَرَّةً قَالَ الْمُصِيبَةُ مِنَ الْمُشْتَرِي إِذَا خَرَجَ الْبَيْعُ عَلَى الصِّفَةِ وَأَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ عَلَى ذَلِكَ حَيًّا سَالِمًا قَبَضَهُ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَمَرَّةً قَالَ الْمُصِيبَةُ مِنَ الْبَائِعِ أَبَدًا حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُبْتَاعُ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ ابن الْمُسَيَّبِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ جَعَلَ النَّمَاءَ وَالنُّقْصَانَ وَالْمَوْتَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْبَائِعِ (أَبَدًا) حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُبْتَاعُ وَتَحْصِيلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (فِي بَيْعِ الْغَائِبِ) خَاصَّةً عَلَى الصِّفَةِ أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ كَانَتْ أَنَّ الْبَيْعَ إِذَا انْعَقَدَ فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ فَهَلَكَ الْمَبِيعُ بَعْدَ الصَّفْقَةِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ أَنَّ مُصِيبَتَهُ مِنَ الْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي قَدِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُصِيبَةَ مِنْكَ إِنْ أَدْرَكْتَهُ حَيًّا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ إِنَّ الْمُصِيبَةَ مِنَ الْمُبْتَاعِ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ أَنَّهَا مِنَ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهَا مُبْتَاعُهَا وَالشَّرْطُ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ لِمَنِ اشْتَرَطَهُ نَافِعٌ لَازِمٌ

وذكر اسماعيل ابن إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ بَيْعَ الصِّفَةِ مَا يَحْدُثُ فِيهِ بَعْدَ الصَّفْقَةِ لَيْسَ فِيهِ عُهْدَةٌ وَأَنَّهُ كَبَيْعِ الْبَرَاءَةِ وَمُصِيبَتُهُ أَبَدًا قَبْلَ الْقَبْضِ مِنَ الْمُبْتَاعِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ النَّقْدُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ مِنَ الْعُرُوضِ كُلِّهَا حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ إِذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً فَإِذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً مِثْلَ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ جَازَ النَّقْدُ فِيهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ عَنْهُ وَاخْتَلَفَتْ أَقْوَالُهُمْ فِي حَدِّ الْمَغِيبِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ فِي الطَّعَامِ وَالْحَيَوَانِ مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَلَا خِلَافَ عَنْهُمْ أَنَّ النَّقْدَ فِي الْعَقَارِ الْمَأْمُونِ كُلِّهِ جَائِزٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْعَ خِيَارٍ وَلِلشَّافِعِيِّ فِي بَيْعِ الغائب ثلاثة أقوال أحدهما كَقَوْلِ مَالِكٍ وَالثَّانِي كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّالِثُ الَّذِي حَكَاهُ عَنْهُ الرَّبِيعُ والْبُوَيْطِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأَعْيَانِ الْغَائِبَةِ بِحَالٍ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ الْبُوَيْطِيُّ عَنْهُ إِلَّا بَيْعُ عَيْنٍ مَرْئِيَّةٍ قَدْ أَحَاطَ الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ عِلْمًا بِهَا أَوْ بَيْعٌ مَضْمُونٌ فِي الذِّمَّةِ مَوْصُوفٌ وَهُوَ السَّلَمُ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ شِرَاءَ الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ وُصِفَ أَوْ لَمْ يُوصَفْ ذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ الْقَزْوِينِيُّ الْقَاضِي قَالَ الصَّحِيحُ عَنِ الشَّافِعِيِّ إِجَازَةُ بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى خِيَارِ الرؤية

إِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ وَافَقَ الصِّفَةَ أَوْ لَمْ يُوَافِقْهَا مِثْلَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ سَوَاءً قَالَ هَذَا فِي كُتُبِهِ الْمِصْرِيَّةِ وَقَالَ بِالْعِرَاقِ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ إِذَا وَافَقَ الصِّفَةَ حَكَاهُ عَنْهُ أَبُو ثَوْرٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي الْمُشْتَرِي يَرَى الدَّارَ مِنْ خَارِجِهَا وَيَرَى الثِّيَابَ مَطْوِيَّةً مِنْ ظُهُورِهَا فَيَرَى مَوَاضِعَ طَيِّهَا ثُمَّ يَشْتَرِيهَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا هَلَاكُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ غَائِبًا كَانَ أَوْ حَاضِرًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ فَمِنَ الْبَائِعِ أَبَدًا وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْغَائِبِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَتَبَايَعُونَهُ وَيُجِيزُونَ بَيْعَهُ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ عُثْمَانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَبَايَعَا فَرَسًا غَائِبًا عَنْهُمَا وَتَبَايَعَ عُثْمَانُ أَيْضًا وَطَلْحَةُ دَارًا لِعُثْمَانَ بِالْكُوفَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْهَا عُثْمَانُ وَلَا طَلْحَةُ وَقَضَى جُبَيْرُ بْن مُطْعِمٍ لِطَلْحَةَ فِيهَا بِالْخِيَارِ وَهُوَ الْمُبْتَاعُ فَحَمَلَهُ الْعِرَاقِيُّونَ عَلَى خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَحَمَلَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَلَى أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَطَ الْخِيَارَ فَكَأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ إِجْمَاعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ إِذْ لَا يُعْلَمُ لِهَؤُلَاءِ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ وَدَخَلَ فِي مَعْنَى الْمُلَامَسَةِ وَالْغَرَرِ أَشْيَاءُ بِالِاسْتِدْلَالِ يَطُولُ ذِكْرُهَا إِنْ ذَكَرْنَاهَا خَرَجْنَا عَنْ شَرْطِنَا وَعُمَالَةِ قَصْدِنَا وَبِاللَّهِ عصمتنا وتوفيقنا

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وُجُوهٍ وَرَوَاهُ أَيْضًا ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَعْنَى فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ الْخَاطِبَ إِذَا رُكِنَ إِلَيْهِ وَقَرُبَ أَمْرُهُ وَمَالَتِ النُّفُوسُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فِي ذَلِكَ وَذُكِرَ الصَّدَاقُ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ حِينَئِذٍ الْخِطْبَةُ عَلَى رَجُلٍ قَدْ تَنَاهَتْ حَالُهُ وَبَلَغَتْ مَا وَصَفْنَا وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَطَبَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ إِذْ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا وَلَمْ يُنْكِرْ أَيْضًا خِطْبَةَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَخَطَبَهَا عَلَى خِطْبَتِهِمَا إِذْ لَمْ يَكُنْ مِنْ فَاطِمَةَ رُكُونٌ وَمَيْلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا الْبَابُ يَجْرِي مَجْرَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ على بيع بعض ولا يسوم أَحَدُكُمْ عَلَى سَوْمِ

أَخِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تُرِكَ الْبَائِعُ مَعَ أَوَّلَ مُسَاوِمٍ لَأَخَذَ السِّلْعَةَ بِمَا شَاءَ وَلَكَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ دَاخِلٌ عَلَى النَّاسِ وَقَدْ فَسَّرَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَالَ الَّتِي أَجَازَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخِطْبَةَ لِأُسَامَةَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ غَيْرُ الْحَالِ الَّتِي نَهَى أَنْ يَخْطُبَ فِيهَا الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالْوَجْهُ فِيهِ مَا وَصَفْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ عَنْ طَلَاقِ جَدِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ فَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَانْتَقَلَتْ إِلَى ابْنِ أم مكتوم حتى خلت فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَغُلَامٌ مِنْ غِلْمَانِ قُرَيْشٍ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَأَمَّا أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكِ عَصَاهُ وَلَكِنْ إِنْ شِئْتِ دَلَلْتُكِ عَلَى رَجُلٍ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَتْ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَزَوَّجَهَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْضَحُ الدَّلَالَةِ عَلَى مَعْنَى النَّهْيِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَأَنَّ الْوَجْهَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سعد عن الحارث بن أبي ذياب أَنَّ جَرِيرًا الْبَجَلِيَّ أَمَرَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يَخْطُبَ امْرَأَةً مِنْ دَوْسٍ ثُمَّ أَمَرَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ أَنْ يَخْطُبَهَا (عَلَيْهِ) ثُمَّ أَمَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَأَخْبَرَهَا بِهِمْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ ثُمَّ خَطَبَهَا لِنَفْسِهِ فَقَالَتْ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَتَلْعَبُ أَمْ أَنْتَ جَادٌّ قَالَ بَلْ جَادٌّ فَنَكَحَتْهُ وَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدَيْنِ وَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ أَنَّهُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِنَّ ذَلِكَ أَنْ تَرْكَنَ إِلَيْهِ وَيَتَرَاضَيَا وَيَتَّفِقَا عَلَى صَدَاقٍ مَعْلُومٍ وَهِيَ تَشْتَرِطُ لِنَفْسِهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا تُعْلَمُ بِهِ الْمُوَافَقَةُ وَالرُّكُونُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ (بْنُ) أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ خَطَبَ امْرَأَةً وَرَكَنَتْ إِلَيْهِ وَاتَّفَقَا عَلَى صَدَاقٍ مَعْرُوفٍ حَتَّى صَارَتْ من (اللواتي)

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْطُبِ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ (هَكَذَا) فَمَلَكَهَا رَجُلٌ آخَرُ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بينهما وان دخل بها مضى (النكاح) وبينما صَنَعَ حِينَ خَطَبَ امْرَأَةً نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُخْطَبَ عَلَى (تِلْكَ) الْحَالِ قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ أَكْرَهُ إِذَا بَعَثَ الرَّجُلُ رَجُلًا يَخْطُبُ لَهُ امْرَأَةً أَنْ يَخْطُبَ الرَّسُولُ لِنَفْسِهِ وَأَرَاهَا خِيَانَةً قَالَ وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا أَرْخَصَ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَلِكَ عِنْدِي عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الرَّجُلَ الْمُرْسِلَ لَهُ وَلَوْ ذَكَرَهُ وَذَكَرَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ عَلَى حَدِيثِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ رُكُونٌ وَلَا رِضًى أَنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ وَاخْتَلَفُوا إِذَا وَقَعَ النِّكَاحُ مَعَ الثَّانِي بَعْدَ الرُّكُونِ إِلَى الْأَوَّلِ وَالرِّضَى بِهِ فَقَوْلُ مَالِكٍ مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ أَصْلًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ وَاخْتَلَفَ عَنْهُ هَلْ هُوَ عَاصٍ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ أَمْ لَا

وَقَالَ دَاوُدُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ بَعْدَ أَنْ رَكَنَتْ إِلَى غَيْرِهِ فَدَخَلَ بِهَا (فَإِنَّهُ) يَتَحَلَّلُ الَّذِي خَطَبَهَا عَلَيْهِ وَيُعَرِّفُهُ بِمَا صَنَعَ فَإِنْ حَلَّلَهُ وَإِلَّا فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ يَلْزَمُهُ طَلَاقُهَا وَقَدْ أَثِمَ فِيمَا فَعَلَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ الْأَوَّلُ فِي حِلٍّ مِمَّا صَنَعَ فَلْيُطَلِّقْهَا فَإِنْ رغب فيها الأول وتزوجها فقد برىء هَذَا مِنَ الْإِثْمِ وَإِنْ كَرِهَ تَزْوِيجَهَا فَلْيُرَاجِعْهَا الَّذِي فَارَقَهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَلَيْسَ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْفِرَاقِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّمَا مَعْنَى النَّهْيِ فِي أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ فِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ وَأَمَّا إِذَا كَانَ الَّذِي خَطَبَهَا أَوَّلًا فَرَكَنَتْ إِلَيْهِ رَجُلَ سُوءٍ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ أَنْ يَحُضَّهَا عَلَى تَزْوِيجِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ الَّذِي يُعَلِّمُهَا الْخَيْرَ وَيُعِينُهَا عَلَيْهِ (قَالَ أَبُو عُمَرَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي نِكَاحِ مَنْ خَطَبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ فِي الْحَالِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ فِيهَا أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ (بِهَا) فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ دَخَلَ مَضَى النِّكَاحُ وَبِئْسَ ما صنع)

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ مُصِيبَةٌ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهَا وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَهُوَ مَعَ هَذَا مَكْرُوهٌ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يفعله وبمثل ما قال الشافعي بقول أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَوْ كَانَ فَاسِدًا مُحَرَّمًا غَيْرَ مُنْعَقِدٍ لَمْ يَصِحَّ بِالدُّخُولِ وَعَلَى أَصْلِ مَالِكٍ إِنَّمَا يَصِحُّ بِالدُّخُولِ مِنَ النِّكَاحِ مَا كَانَ فَسَادُهُ فِي الصَّدَاقِ وَأَمَّا مَا كَانَ فَسَادُهُ فِي الْعَقْدِ فَمُحَالٌ أَنْ يَصِحَّ بِالدُّخُولِ وَالنِّكَاحُ مُفْتَقِرٌ إِلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ وَقَدْ يَنْعَقِدُ مَعَ السُّكُوتِ عَنِ الصَّدَاقِ فَافْهَمْ (وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا فِي النَّهْيِ عَنْ (1) أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ أَلْفَاظٌ زَائِدَةٌ وَهِيَ فِي مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا لَا تُخَالِفُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا المغيرة ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْطُبِ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَسْتَامُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ حَتَّى يَشْتَرِيَ أَوْ يَتْرُكَ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ وَقَدْ رُوِيَتْ أَيْضًا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ أَلْفَاظٌ سَنَذْكُرُهَا فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ يومين يوم الفقر وَيَوْمِ الْأَضْحَى (قَالَ أَبُو عُمَرَ) قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ وَصِيَامُ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ لَا لِمُتَطَوِّعٍ وَلَا لِنَاذِرٍ وَلَا لِقَاضٍ فَرْضًا وَلَا لِمُتَمَتِّعٍ لَا يَجِدُ هَدْيًا وَلَا لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ أَنْ يُصُومَهُمَا (وَهُوَ) إِجْمَاعٌ لَا تَنَازُعَ فِيهِ فَارْتَفَعَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ وَهُمَا يَوْمَانِ حَرَامٌ صِيَامُهُمَا فَمَنْ نَذَرَ صِيَامَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَدْ نَذَرَ مَعْصِيَةً وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ وَلَوْ نَذَرَ نَاذِرٌ صِيَامَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ أَوْ (صِيَامًا بِعَيْنِهِ) مِثْلَ صِيَامِ سِتَةٍ بِعَيْنِهَا وَمَا كَانَ مِثْلَ ذلك فوافق

ذَلِكَ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى فَأَجْمَعُوا أَنْ لَا يَصُومَهُمَا وَاخْتَلَفُوا فِي قَضَائِهِمَا فَفِي (أَحَدِ) قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَزُفَرَ بْنِ الْهُذَيْلِ وَجَمَاعَةٍ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُمَا (وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ صَاحِبِ مَالِكٍ) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يقضيهما وهو قول الحسن بن حيي والْأَوْزَاعِيِّ وَآخِرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ يَقْضِيهُمَا إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يَقْضِيَهُمَا وَلَا يَصُومَهُمَا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ يَقْضِيهُمَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ يَقْضِيهُمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ لَا يَقْضِيَهُمَا وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يَقْضِيهُمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ يَصُومَهُمَا رَوَى الرِّوَايَةَ الْأُولَى عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ وَالرِّوَايَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ ذَا الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ وَيَقْضِي وَأَمَّا آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنَّهُ يَصُومُهُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ نَذَرَ صِيَامَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا أَنَّهُ يُفْطِرُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَأَيَّامَ النَّحْرِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ يَصُومَهَا قَالَ ثُمَّ سُئِلَ بَعْدَ ذَلِكَ عَمَّنْ أَوْجَبَ صِيَامَ ذِي الْحِجَّةِ فَقَالَ يَقْضِي أَيَّامَ الذَّبْحِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ لَا قَضَاءَ لَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قوله الأول حب إِلَيَّ أَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يَقْضِيَهُ فَأَمَّا آخِرُ

أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ دَمٌ فَإِنَّهُ يَصُومُهُ وَلَا يَدَعُهُ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِيمَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ صِيَامَ سَنَةٍ أَنَّهُ يَصُومُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَهْرًا لِمَكَانِ رَمَضَانَ وَيَوْمَيْنِ لِمَكَانِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَيَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَقَالَ الْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلِ وَتَقْضِي أَيَّامَ الْحَيْضِ وَرُوِيَ عَنْهُ فِيمَنْ نَذَرَ صِيَامَ الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ يُوَافِقُ ذَلِكَ الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى أَنَّهُ يُفْطِرُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَهَذَا خِلَافُ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنِّي أَحْسَبُ أَنَّهُ جَعَلَ الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ كَمَنْ نَذَرَ صِيَامَ سِنَةٍ بِعَيْنِهَا وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ فِي سِنَةٍ بِعَيْنِهَا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا قَضَاءَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ أَبَدًا لَا يَخْلُو أَنْ يَدْخُلَ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى فِي نَذْرِهِ أَوْ لَا يَدْخُلَ فَإِنْ دَخَلَ فِي نَذْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ مَنْ قَصَدَ إِلَى نَذْرِ صَوْمِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَنَذْرُ ذَلِكَ بَاطِلٌ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي نَذْرِهِ فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا يَسْقُطُ الِاعْتِكَافُ عَمَّنْ نَذَرَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ لَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ إن اعتكف يجزئه له وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَعْتَكِفُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى أَصْلِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ

نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ اعْتَكَفَ وَلَمْ يَصُمْ وَأَجْزَأَهُ وَهُوَ قَوْلُ كُلِّ مَنْ يَرَى الِاعْتِكَافَ جَائِزًا بِغَيْرِ صَوْمٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ ابن الْحَسَنِ يَعْتَكِفُ يَوْمًا مَكَانَهُ إِذَا جَعَلَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ وَيُكَفِّرُ (مَكَانَهُ) عَنْ يَمِينِهِ إِنْ أَرَادَ يَمِينًا وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي بَابِ مُرْسَلِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الرابع

(حَدِيثٌ رَابِعٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ) مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَعَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ لَا يُخْتَلَفُ فِي ثُبُوتِهِ وَصِحَّةِ إِسْنَادِهِ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ فِيهِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ لَا بَأْسَ بِالتَّطَوُّعِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ لِأَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا قُصِدَ بِهِ إِلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَاحْتَجُّوا مِنَ الْآثَارِ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَرَوَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا أَنْ تُصَلُّوا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ

وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا وَبِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الطُّلُوعِ وَعِنْدَ الْغُرُوبِ قَالُوا فَالنَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ هَذَا مَعْنَاهُ وَحَقِيقَتُهُ قَالُوا وَمَخْرَجُهُ عَلَى قَطْعِ الذَّرِيعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ أُبِيحَتِ الصَّلَاةُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ لَمْ يُؤْمَنِ التَّمَادِي فِيهَا إِلَى الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَهِيَ حِينَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْهَى أَحَدًا يُصَلِّي مِنْ لَيْلٍ أو نهار غير أَنْ لَا يَتَحَرَّى طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَعْنَاهُ وهو قول عطاء وطاووس وَعُمَرَ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ خِلَافُ مَذْهَبِ أَبِيهِ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَمَلَ الْحَدِيثَ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى الْعُمُومِ فَكَانَ يَضْرِبُ بِالدِّرَّةِ مَنْ رَآهُ يُصَلِّي نَافِلَةً بَعْدَ الصُّبْحِ أَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ وَحَدِيثُهُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ مِنْهُمْ عُمَرُ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ

ابن أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِي نَاسٌ أَعْجَبَهُمْ إِلَيَّ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَعَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَمَذْهَبُ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَذْهَبِ ابْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ الصَّفَّارُ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَا حَدَّثَنَا وهيب عن ابن طاووس عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَوْهَمَ عُمَرُ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ أَنْ يُتَحَرَّى بِهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ أَوْ غُرُوبُهَا وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ وَتَحْرُمُ فِي سَاعَتَيْنِ تُكْرَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَنِصْفَ النهار في شدة الحر وتحرم حين يطلع قَرْنِ الشَّمْسِ حَتَّى يَسْتَوِيَ طُلُوعُهَا وَحِينَ تَصْفَرُّ حَتَّى يَسْتَوِيَ غُرُوبُهَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْأَعْمَى يُخْبِرُ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ السَّائِبُ مَوْلَى الْفَارِسِيِّينَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ رَآهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ رَكَعَ بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ فَمَشَى إِلَيْهِ وَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اضْرِبْ فَوَاللَّهِ لَا أَدَعُهُمَا إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا قَالَ

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا زَيْدُ بْنَ خَالِدٍ لَوْلَا أَنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّخِذَهُمَا النَّاسُ سُلَّمًا إِلَى الصَّلَاةِ حَتَّى اللَّيْلِ لَمْ أَضْرِبْ فِيهِمَا وَقَالَ آخَرُونَ أَمَّا الصَّلَاةُ بَعْدَ الصُّبْحِ إِذَا كَانَتْ تَطَوُّعًا أَوْ صَلَاةَ سُنَّةٍ وَلَمْ تَكُنْ قَضَاءَ فَرْضٍ فَلَا تَجُوزُ الْبَتَّةَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطَلُعَ الشَّمْسُ نَهْيًا مُطْلَقًا وَمَعْنَى نَهْيِهِ فِي ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ الْفَرْضِ (الْمُعَيَّنِ وَالَّذِي يَجِبُ مِنْهُ عَلَى الْكِفَايَةِ كَالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ) بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى عن إعادته ها هنا (وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا ابْنُ عُمَرَ فِيمَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا (4) أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ مَاتَتْ عَمَّتِي وَقَدْ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَجِئْتُهُ حِينَ صَلَّيْنَا الصُّبْحَ فَأَعْلَمْتُهُ فَقَالَ اجْلِسْ فَجَلَسْتُ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَصَفَتْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ فِي

حَدِيثِهِ وَبَلَغَتِ الْكِبَاشَ الَّذِي فِي غَرْبِيِّ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قَامَ يُصَلِّي عَلَيْهَا قَالُوا فَبُلُوغُ الشَّمْسِ الْكِبَاشَ الَّذِي فِي غَرْبِيِّ الْمَسْجِدِ عَلَمٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِصَلَاةِ السُّبْحَةِ قَالُوا فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ يُبِيحُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ قَدْ كَرِهَهَا بَعْدَ الصُّبْحِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا مَذَاهِبَ الْعُلَمَاءِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ حَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ قَالُوا فَالصَّلَاةُ بَعْدَ الْعَصْرِ لَا بَأْسَ بِهَا مَا دَامَتِ الشَّمْسُ مُرْتَفِعَةً بَيْضَاءَ لَمْ تَدْنُ لِلْغُرُوبِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي النَّافِلَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ أَحَدٌ أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَ الصُّبْحِ نَافِلَةً وَلَا تَطَوُّعًا وَلَا صَلَاةَ سُنَّةٍ بِحَالٍ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلٍ عَائِشَةَ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي بَيْتِي قَطُّ وَبِنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ الَّتِي أَبَاحَتِ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ (وَلَمْ يَأْتِ شَيْءٌ مِنْهَا فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا

جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ الْأَجْدَعِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لَا يُصَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الشَّمْسُ مُرْتَفِعَةً زَادَ إِسْحَاقُ فِي حَدِيثِهِ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ بعد العصر في بيتي وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ (وَجَمَاعَةٌ) عَنْ هِشَامٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إسحاق بْنِ أَبِي الْعَنْبَسِ قَاضِي الْكُوفَةِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي الصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ حَبِيبَةُ حَبِيبِ اللَّهِ الْمُبَرَّأَةُ أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَمْ أُكَذِّبْهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أُمِّ مُوسَى قَالَتْ

بعثتني فاختة ابنة فرظة إِلَى عَائِشَةَ تَسْأَلُهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَأَتَيْتُهَا (وَمَا أُبَالِي) مَا قَالَتْ بَعْدَ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ عَلِيٍّ فَقَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسماعيل الترميذي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو تَمِيمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا يَسْأَلُهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَتْ وَالَّذِي هُوَ ذَهَبَ بِنَفْسِهِ تَعْنِي النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عَائِشَةَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ رَوَاهُ الْأَسْوَدُ وَغَيْرُهُ عَنْهَا قَالُوا وَالْآثَارُ قَدْ تَعَارَضَتْ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصَّلَاةُ فِعْلُ خَيْرٍ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمْتَنَعَ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَصْرِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرُ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ أُمَّا الْمُؤْمِنِينَ وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدٍ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَمَسْرُوقٌ وَشُرَيْحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ وَأَبُو بردة وعبد الرحمان بن الأسود وعبد الرحمان بن إسحاق

وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ خِلَافَةِ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ تَرَكَهُمَا فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ رَكَعَهُمَا فَقِيلَ لَهُ مَا هَذَا فَقَالَ إِنَّ عُمَرَ كَانَ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَيْهِمَا وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا نَفْعَلُهُ وَلَا نَعِيبُ مَنْ فَعَلَهُ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا الْمَعْنَى فِي نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ عَلَى التَّطَوُّعِ الْمُبْتَدَأِ وَالنَّافِلَةِ وَأَمَّا الصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَاتُ أَوِ الصَّلَوَاتُ الْمَسْنُونَاتُ أَوْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ مِنَ النَّوَافِلِ فَلَا وَاحْتَجُّوا بِالْإِجْمَاعِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الطُّلُوعِ وَلَا عِنْدَ الْغُرُوبِ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ الْحَدِيثَ وَبِقَوْلِهِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَبِمَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَقَالَ عُثْمَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُصَلِّي بَعْدَ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

صَلَاةُ الصُّبْحِ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ الرَّجُلُ لَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَهَا فَصَلَّيْتُهُمَا الْآنَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ فَغَلَطَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَإِنَّمَا هُوَ قَيْسُ بْنُ عَمْرٍو وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الصَّحَابَةِ وَنَسَبْنَاهُ هُنَاكَ وَهُوَ جَدُّ سَعِيدٍ وَعَبْدِ رَبِّهِ وَيَحْيَى بَنِي سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ (وَرَوَى) هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ رَبِّهِ وَيَحْيَى ابْنَا سَعِيدٍ مُرْسَلًا أَنَّ جَدَّهُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ كَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ رَوَاهُ عُمَرُ بن بْنُ قَيْسٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعِيدٍ فَخَالَفَ فِي إِسْنَادِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ سَلَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعِيدٍ أَخِي يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ

عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ يَقُولُ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ أكن صليت الركعتين فدخلت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ وَقُمْتُ أُصَلِّي (الرَّكْعَتَيْنِ) فَقَالَ أَلَمْ تَكُنْ صَلَّيْتَ مَعَنَا قُلْتُ بَلَى وَلَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ الرَّكْعَتَيْنِ فَصَلَّيْتُ الْآنَ فَسَكَتَ وَكَانَ إِذَا رَضِيَ شَيْئًا سَكَتَ وَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ أَبُو عُمَرَ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ بِسَنَدٍ وَهُوَ أَخُو حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ وَمِنْ حُجَّةِ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمان عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ صَلَاةً قَطُّ إِلَّا مَرَّةً جَاءَهُ نَاسٌ بَعْدَ الظُّهْرِ فَشَغَلُوهُ فِي شَيْءٍ فَلَمْ يُصَلِّ بَعْدَ الظُّهْرِ شَيْئًا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ فَلَمَّا صَلَّى الْعَصْرَ دَخَلَ بَيْتِي فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ لِذِكْرِ عَائِشَةَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا لِمَا ثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَحَدِيثُ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا

قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ (التِّرْمِذِيُّ) قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي لَبِيدٍ وَكَانَ مِنْ عُبَّادِ (أَهْلِ) الْمَدِينَةِ أَنَّهُ سمع أبا سلمة بن عبد الرحمان يَقُولُ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْمَدِينَةَ فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذْ قَالَ يَا كَثِيرُ بْنَ الصَّلْتِ اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَسَلْهَا عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَذَهَبْتُ مَعَهُ وَأَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ مَعَنَا فَقَالَ اذْهَبْ فَاسْمَعْ مَا تَقُولُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَجَاءَهَا فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ لَا عِلْمَ لِي وَلَكِنِ اذْهَبْ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَدَخَلَ وَسَأَلَهَا فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَصَلَّى عِنْدِي رَكْعَتَيْنِ لَمْ أَكُنْ أَرَاهُ يُصَلِّيهِمَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتَ صَلَاةً لَمْ أَكُنْ أَرَاكَ تُصَلِيهَا فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بَعْدَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَإِنَّهُ قَدِمَ عَلَيَّ وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ فَشَغَلُونِي عَنْهُمَا فَهُمَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ قَالُوا فَفِي قَضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتِي الْفَجْرِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَقَضَائِهِ (الرَّكْعَتَيْنِ) بَعْدَ الظُّهْرِ وَهُمَا مِنْ سُنَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُغِلَ عَنْهُمَا فَقَضَاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَهْيِهِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ إِنَّمَا هُوَ (عَنْ) غَيْرِ الصلاة الْمَسْنُونَاتِ وَالْمُفْتَرَضَاتِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ نَهْيَهُ إِنَّمَا

يَصِحُّ (عَنْ) غَيْرِ مَا أَبَاحَهُ وَلَا سَبِيلَ إِلَى اسْتِعْمَالِ الْأَحَادِيثِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِمَا ذَكَرْنَا قَالَ وَفِي صَلَاةِ النَّاسِ بِكُلِّ مِصْرٍ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْتُ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَذَلِكَ رَوَى الْمُزَنِيُّ عَنْهُ فِيمَنْ لَمْ يَرْكَعْ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ أَنَّهُ يَرْكَعُهُمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ أَحَدٌ بَعْدَ الْعَصْرِ وَلَا بَعْدَ الصُّبْحِ شَيْئًا مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَسْنُونَاتِ وَلَا التَّطَوُّعِ كُلِّهِ الْمَعْهُودِ مِنْهُ وَغَيْرِ الْمَعْهُودِ إِلَّا أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الصُّبْحِ و (بَعْدَ) الْعَصْرِ مَا لَمْ يَكُنِ الطُّلُوعُ وَالْغُرُوبُ فَإِنْ خُشِيَ عَلَيْهَا التَّغَيُّرُ صَلَّى عَلَيْهَا عِنْدَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَلَا لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَهُوَ نَهْيٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ لَا يَجِبُ أَنْ يُعَارَضَ بِمِثْلِ الْآثَارِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ وَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ فِيمَا عَدَا الْفَرَائِضَ وَالصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَائِزِ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا لَا مُعَارِضَ لَهُ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَصْحَابُهُ وَنَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ مَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا يُصَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا صَلَاةً فَائِتَةً أَوْ عَلَى جِنَازَةٍ إِلَى أَنْ تَطْفُلَ الشَّمْسُ لِلْغَيْبُوبَةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَمُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ وَغَيْرِهِمْ وَهِيَ أَحَادِيثُ صِحَاحٌ لَا مَدْفَعَ فِيهَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِهَا وَخُصُوصِهَا وَعُمُومِهَا لَا غَيْرَ وَالْقَوْلُ بِعُمُومِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الصِّحَاحِ عَلَى حَسَبِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ أَوْلَى مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَسَعْدٍ وَمُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَحَسْبُكَ بِضَرْبِ عُمَرَ عَلَى ذَلِكَ بِالدِّرَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَجِيزُ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَّا بِصِحَّةِ ذَلِكَ عِنْدَهُ رَوَى الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ الْمُنْكَدِرَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَرَوَى الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَرَوَى عَبْدُ الْمَالِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي غَادِيَةَ مِثْلَهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ مُصْعَبٍ أَنَّ طَاوُسًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَنَهَاهُ عَنْهُمَا قَالَ فَقُلْتُ لَا أَدَعُهُمَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ

إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخبرة مِنْ أَمْرِهِمْ إِلَى مُبِينًا فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ مَعَ سِعَةِ عَلْمِهِ قَدْ حَمَلَ النَّهْيَ الَّذِي رَوَاهُ فِي ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ وَقَالَ آخَرُونَ لَا يُصَلَّى بَعْدَ الصُّبْحِ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَتَرْتَفِعَ وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ وَلَا عِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ صَلَاةُ فَرِيضَةٍ نَامَ عَنْهَا صَاحِبُهَا أَوْ نَسِيَهَا وَلَا صَلَاةُ تَطَوُّعٍ وَلَا صَلَاةٌ مِنَ الصَّلَوَاتِ عَلَى حَالٍ لِعُمُومِ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ وَفِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَهْيَهُ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ لَيْسَ عَنِ الْفَرَائِضِ وَالْفَوَائِتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَنْ تَدَبَّرَ مَا أَوْرَدْنَا فِي ذَلِكَ الْبَابِ اكْتَفَى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالْهُدَى وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ تَطَوُّعًا بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلَا إِذَا قَامَتِ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ إِلَّا صلاة فائتة

أَوْ عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ عَلَى أَثَرِ طَوَافٍ أَوْ صَلَاةً لِبَعْضِ الْآيَاتِ أَوْ مَا يَلْزَمُ مِنَ الصَّلَوَاتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ عَنْبَسَةَ وَحَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ وَحَدِيثُ الصُّنَابِحِيِّ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى وَيَخُصُّهَا بِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحَادِيثَ عَمْرِو بْنِ عَنْبَسَةَ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا فِي بَابِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي حَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِهَا هُنَا وَمِمَّا يَخُصُّ بِهِ أَيْضًا هَذِهِ الْآثَارَ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي ثَوْرٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى لي سَاعَةٍ شَاءَ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَابَاهَ يُحَدِّثُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ عَنْ حُمَيْدٍ مَوْلَى عَفْرَاءَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ أَخَذَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ أَتَعْرِفُونَنِي مَنْ عَرَفَنِي فَأَنَا الَّذِي عَرَفَنِي وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا أَبُو ذَرٍّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَتْ أُذُنَايَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ إِلَّا بِمَكَّةَ إِلَّا بِمَكَّةَ إِلَّا بِمَكَّةَ وَهَذَا حَدِيثٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْقَوِيِّ لِضَعْفِ حُمَيْدٍ مَوْلَى عَفْرَاءَ وَلِأَنَّ مُجَاهِدًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي ذَرٍّ فَفِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ مَا يُقَوِّيهِ مَعَ قَوْلِ جُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِهِ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ وَابْنَ الزبير والحسن والحسين وعطاء وطاوس وَمُجَاهِدًا وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانُوا يَطُوفُونَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْضُهُمْ بَعْدَ الصُّبْحِ أَيْضًا وَيُصَلُّونَ بِأَثَرِ فَرَاغِهِمْ مِنْ طَوَافِهِمْ رَكْعَتَيْنِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَخَّرَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَكَذَلِكَ مَنْ طَافَ بَعْدَ الصُّبْحِ لَمْ يَرْكَعْهُمَا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَتَرْتَفِعَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَرْكَعُهُمَا إِلَّا عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِهَا وَاسْتِوَائِهَا وَبَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ يَرَى الرُّكُوعَ لِلطَّوَافِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَا يَرَاهُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَهَذَا

لَا وَجْهَ لَهُ فِي النَّظَرِ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنْ خَبَرٍ ثَابِتٍ وَلَا قِيَاسٍ (صَحِيحٍ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحُكْمُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ كَحُكْمِ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أُصُولِهِمُ الَّتِي ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بن حبان عبد الرحمان الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسَتَيْنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَالِاحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ كَاشِفًا عَنْ فَرْجِهِ وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ فِيمَا عَلِمْتُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا مَوْقُوفٌ يُسْنَدُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ مِنْ سَاكِنِي الْمَدِينَةِ وَبِهَا كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فِي خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ وكان

كَثِيرَ الْحَدِيثِ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِلَّا أَنَّهُ يُخَالَفُ فِي أَحَادِيثَ فَإِذَا خَالَفَهُ فِي أَبِي سَلَمَةَ الزُّهْرِيُّ أَوْ يَحْيَى بنُ كَثِيرٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ أَعْلَى مِنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ ابْنِ حَرْمَلَةَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ أَوْثَقُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ لَمْ يَكُونُوا يَكْتُبُونَ حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو حَتَّى اشْتَهَاهَا أَصْحَابُ الْإِسْنَادِ فَكَتَبُوهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ثِقَةٌ مُحَدِّثٌ رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ وَوَثَّقُوهُ وَلَا مَقَالَ فِيهِ إِلَّا كَمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يُخَالَفُ فِي أَحَادِيثَ وَأَنَّهُ لَا يَجْرِي مَجْرَى الزُّهْرِيِّ وَشَبَهِهِ وَكَانَ شُعْبَةُ مَعَ تَعَسُّفِهِ وَانْتِقَادِهِ الرِّجَالَ يُثْنِي عَلَيْهِ ذَكَرَ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الشَّاشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْوَاسِطِيُّ قَالَ سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ قَالَ شُعْبَةُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأنصاري في الحديث قال أبوعمر حَسْبُكَ بِهَذَا وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْجِلَّةِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ خَالِهِ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ

قَالَ أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُحَدِّثَنِي فَقَالَ لَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي وَلَكِنْ إِنْ أَرَدْتَ الْحَدِيثَ فَعَلَيْكَ بِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ (وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ أَكْثَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ ثِقَةٌ) قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُخَرِّجْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ فِي مُوَطَّئِهِ حُكْمًا وَاسْتَغْنَى عَنْهُ فِي الْأَحْكَامِ بِالزُّهْرِيِّ وَمِثْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلَّا فِي عِدَادِ الشُّيُوخِ الثِّقَاتِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ عَنْهُ فِي مُوَطَّئِهِ مِنَ الْمُسْنَدِ حَدِيثًا وَاحِدًا وَهُوَ

محمد بن عمرو بن علقمة

مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يلقاه وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط اللَّهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ (قَالَ أَبُو عُمَرَ) هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ وَغَيْرُ مَالِكٍ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ فَهُوَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ غَيْرُ مُتَّصِلٍ وَفِي رِوَايَةِ مَنْ قَالَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى مِثْلِ رِوَايَتِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عن أبيه (الليث بن سعيد وَابْنُ لَهِيعَةَ رَوَيَاهُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ محمد بن عمر عَنْ أَبِيهِ) عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ لَمْ يَقُولَا عَنْ جَدِّهِ وَرَوَاهُ الدَّارَوَرْدِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَمُعَاذُ بْنُ (مُعَاذٍ) وَأَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بن بشر وعبد الرحمان المحاربي

وَمُحَمَّدٌ وَيَعْلَى ابْنَا عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ (وَتَابَعَهُمْ حَيُّوَيْهُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ) وَتَابَعَهُمْ أَيْضًا شَيْخٌ يُكَنَّى أبا سفيان عبد الرحمان بْنَ عَبْدِ رَبِّهِ الْيَشْكُرِيَّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ جَدِّهِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ لَمْ يَقُولَا عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ وَالْقَوْلُ عِنْدِي فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُ مَنْ قَالَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَإِلَيْهِ مَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهِ) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ لَهُ شَرَفٌ فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَةُ إِنَّ لَكَ رَحِمًا وَإِنَّ لَكَ لَحَقًا وَإِنِّي رَأَيْتُكَ تَدْخُلُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ وَتَكَلَّمُ عِنْدَهُمْ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكَلَّمَ وَإِنِّي سَمِعْتُ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ

بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ قَالَ عَلْقَمَةُ فَانْظُرْ وَيْحَكَ مَاذَا تَقُولُ وَمَاذَا تَكَلَّمُ فَرُبَّ كَلَامٍ قَدْ مَنَعَنِي (أَنْ) أَتَكَلَّمَ بِهِ مَا سَمِعْتُ مِنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ إِنَّهَا الْكَلِمَةُ عِنْدَ السُّلْطَانِ الْجَائِرِ الظَّالِمِ لِيُرْضِيَهُ بِهَا فِيمَا يُسْخِطُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيُزَيِّنَ لَهُ بَاطِلًا يُرِيدُهُ مِنْ إِرَاقَةِ دَمٍ أَوْ ظُلْمِ مُسْلِم وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَنْحَطُّ بِهِ فِي حَبْلِ هَوَاهُ فَيَبْعُدُ مِنَ اللَّهِ وَيَنَالُ سَخَطَهُ وَكَذَلِكَ الْكَلِمَةُ الَّتِي يُرْضِي بِهَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ السُّلْطَانِ لِيَصْرِفَهُ عَنْ هَوَاهُ وَبِكَفِّهِ عَنْ مَعْصِيَةٍ يُرِيدُهَا يَبْلُغُ بِهَا أَيْضًا مِنَ اللَّهِ رِضْوَانًا لَا يَحْسَبُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَكَذَا فَسَّرَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَغَيْرِهَا وَجَدْتُ فِي سَمَاعِ أَبِي بِخَطِّهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ هِلَالٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِيهِ

عَنْ جَدِّهِ عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ إِنَّكُمْ تَدْخُلُونَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ وَبِهِ عَنْ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سملة عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ كَانَ عَلْقَمَةُ يَدْخُلُ عَلَى الْأُمَرَاءِ ثُمَّ جَلَسَ عَنْهُمْ فَقِيلَ لَهُ مَا يُجْلِسُكَ عَنْهُمْ قَالَ حَدَّثَنِي بِلَالُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ وَإِنَّ الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ هَكَذَا قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَهُوَ عِنْدِي وَهْمٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَتْهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَيْشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الْجِهَادِ مَنْ قَالَ كَلِمَةَ حَقٍّ عِنْدَ ذِي سُلْطَانٍ جَائِرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ رُؤَيْمٍ اللَّخْمِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ وُصْلَةً لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ فِي مَبْلَغِ بِرٍّ أَوْ قَالَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا أَوْ إِقَالَةِ عَثْرَةٍ أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَى جَوَازِ الصِّرَاطِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ دَحْضِ الْأَقْدَامِ وَبِهِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَبُو مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُخْتَارُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِي حيان

عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ تَرَكَهُ الْحَقُّ لَيْسَ لَهُ صَدِيقٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ كَانَ الرَّجُلُ يَفِرُّ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ جَهْدَهُ فَإِذَا أُخِذَ لَمْ يَجِدْ بُدًّا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ مَخَافَةُ النَّاسِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْحَقِّ إِذَا علمه وأخبرنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ (بْنُ) مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْقُلْزُمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ حَاتِمُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّاشِيُّ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ أَحْمَدُ بْنُ زَرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُقَاتِلٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْرَمُ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ رَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ (وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ مِثْلُهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ أَوْ نَهَاهُ فَقَتَلَهُ) (وَرَوَى ابْنُ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ وَفْدُ الشَّيْطَانِ قَوْمٌ يَأْتُونَ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءَ فَيَمْشُونَ إِلَيْهِمْ بِالنَّمِيمَةِ وَالْكَذِبِ فَيُعْطَوْنَ عَلَى ذَلِكَ الْعَطَايَا وَيُجَازَوْنَ الْجَوَائِزَ) قَرَأْتُ عَلَى قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الرُّصَافِيُّ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَخٌ لَهُ صَاحِبُ سُلْطَانٍ يَكْتُبُ مَا يَدْخُلُ (وَيَخْرُجُ) أَمِينٌ عَلَى ذَلِكَ إِنْ تَرَكَ قَلَمَهُ صَارَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِنْ أَخَذَ بِقَلَمِهِ كَانَ لَهُ غِنًى وَلِعِيَالِهِ قَالَ الرَّأْسُ مَنْ قُلْتُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَوَ مَا تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ صَاحِبُ الْقَلَمِ عَوْنٌ لَهُمْ وَمَنْ أَقَلُّ مِنْ صَاحِبِ قَلَمٍ (عَوْنٌ لَهُمْ) لِيَرْمِ بِقَلَمِهِ فَإِنَّ اللَّهَ آتِيهِ

بِغِنًى أَوْ رِزْقٍ وَرُوِّينَا عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ كُنْتُ وَاقِفًا بِبَابِ سُلَيْمَانَ بْنِ عبد المالك فَأَتَانِي آتٍ لَمْ أَرَهُ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ فَقَالَ يَا رَجَاءُ إِنَّكَ قَدْ بُلِيتَ بِهَذَا (أَوْ بُلِيَ) بِكَ وَفِي دُنُوِّكَ مِنْهُ فَسَادُ دِينِكَ يَا رَجَاءُ فَعَلَيْكَ بِالْمَعْرُوفِ وَعَوْنِ الضَّعِيفِ يَا رَجَاءُ إِنَّهُ مَنْ رَفَعَ حَاجَةً لِضَعِيفٍ إِلَى سُلْطَانٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهَا ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ وَهَذَا فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عُمَرَ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو بَكْرٍ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ رَبَاحٍ الذِّمَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي نِمْرَانُ بْنُ عُبَيْدٍ الذِّمَارِيُّ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

مَنْ رَفَعَ حَاجَةَ ضَعِيفٍ إِلَى سُلْطَانٍ لَا يَسْتَطِيعُ رَفْعَهَا (إِلَيْهِ) ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ أَوْ قَالَ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ (حَدَّثَنَا (3) عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عُمَارَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ إِيَّاكُمْ وَمَوَاقِفَ الْفِتَنِ قِيلَ وَمَا مَوَاقِفُ الْفِتَنِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَبْوَابُ الْأُمَرَاءِ يَدْخُلُ أَحَدُكُمْ عَلَى الْأَمِيرِ فَيُصَدِّقُهُ بِالْكَذِبِ وَيَقُولُ لَهُ مَا لَيْسَ فِيهِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ (قَالَ) إِنَّ عَلَى أَبْوَابِ السُّلْطَانِ فِتَنًا كَمَبَارِكِ الْإِبِلِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تُصِيبُونَ مِنْ دُنْيَاهُمْ شَيْئًا إِلَّا أَصَابُوا مِنْ دِينِكُمْ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ بِشْرٍ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرحمان بْنِ خَلَفٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَيْزَارِ قَالَ كَانَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ

أَنْ أَقُولَ شَيْئًا مِنَ الْحَقِّ أُرِيدُ بِهِ سِوَاكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ ضُرٍّ يَنْزِلُ بِي يَضْطَرُّنِي إِلَى مَعْصِيَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ تُزَيِّنَ لِي شَيْئًا مِنْ شَأْنِي يَشِينُنِي عِنْدَكَ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَكُونَ غَيْرِي أَسْعَدَ بِمَا أَعْطَيْتَنِي مِنِّي وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَكُونَ عِبْرَةً لِلنَّاسِ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ مُلَيْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَخْفِضُهُ قَبْلَ الْإِمَامِ فَإِنَّمَا نَاصِيَتُهُ بِيَدِ شَيْطَانٍ (قَالَ أَبُو عُمَرَ) هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ مَوْقُوفًا لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ فِيهِ وَرَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مُلَيْحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرْفُوعًا وَلَا يَصِحُّ إِلَّا مَوْقُوفًا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَرَوَاهُ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَاءً وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ عَنْ مَالِكٍ) وَأَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ فَحَدِيثٌ صَحِيحٌ مَرْفُوعٌ رَوَاهُ شُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ (فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَلَا خِلَافَ فِي مَعْنَاهُمَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَأَمَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ فَيَجِبُ عَلَى أُصُولِهِمْ إِيجَابُ الْإِعَادَةِ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا نُهِيَ عَنْهُ (وَكَانَ عَمَلٌ عِنْدَهُمْ بِطَالِقَةِ النَّهْيِ سَهْلٌ) وَحُجَّتُهُمْ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فارفعوا)

محمد بن عمرو بن حلحلة

(مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ حَدِيثَانِ) حَدِيثٌ أَوَّلُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَمَا الْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ قَالَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ (قَالَ أَبُو عُمَرَ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ الْمُوَطَّآتِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ (وَأَخْطَأَ فِيهِ عَلَى مَالِكٍ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ فَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ

عَنْ مَعْبَدِ (بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ) وَرَوَاهُ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُلَيْحٍ الدِّيلِيِّ قَالَ كُنَّا فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ وَمَعَنَا مَعْبَدُ بْنُ كَعْبٍ السُّلَمِيُّ قَالَ مَعْبَدُ بْنُ كَعْبٍ سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجِنَازَةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ فَلَا أَدْرِي سَمِعَهُ مِنْهُ أَمْ لَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ قَالَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسًا أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاتَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَقَالَ عَبْدَ اللَّهِ دُعِيَ فَأَجَابَ مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مُسْتَرِيحٌ مِمَّاذَا قَالَ عَبْدَ اللَّهِ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ اسْتَرَاحَ مِنَ الدُّنْيَا وَنَصَبِهَا وَهُمُومِهَا وَأَحْزَانِهَا وَأَفْضَى إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ قُلْنَا وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ مَاذَا قَالَ الرَّجُلُ السُّوءُ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ عَبْدَ اللَّهِ الرَّجُلُ السُّوءُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَهَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ فِيهِ مَعْنًى يُشْكِلُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ عَدَلَ إِلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَا نَازِلٌ تَحْتَ سَرْحَةٍ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَقَالَ مَا أَنْزَلَكَ تَحْتَ هَذِهِ السَّرْحَةِ فَقُلْتُ أَرَدْتُ ظِلَّهَا فَقَالَ هَلْ غَيْرُ ذَلِكَ فَقُلْتُ لَا مَا أَنْزَلَنِي إِلَّا ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنْتَ بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ مِنْ مِنًى وَنَفَخَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ فَإِنَّ هُنَاكَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ السُّرَرُ بِهِ شَجَرَةٌ سُرَّ تَحْتَهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا (قَالَ أَبُو عُمَرَ) لَا أَعْرِفُ مُحَمَّدَ بْنَ عِمْرَانَ هَذَا إِلَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبُوهُ عِمْرَانَ بْنَ حِبَّانَ الْأَنْصَارِيَّ أَوْ عِمْرَانَ بْنَ سَوَادَةَ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُوَ وَحَدِيثُهُ هَذَا مَدَنِيٌّ وَحَسْبُكَ بِذِكْرِ مَالِكٍ لَهُ فِي كِتَابِهِ أَمَّا قَوْلُهُ وَأَنَا نَازِلٌ تَحْتَ سَرْحَةٍ فَالسَّرْحَةُ الشَّجَرَةُ قَالَ الْخَلِيلُ السَّرْحُ الشَّجَرُ الطِّوَالُ الَّذِي لَهُ شُعَبٌ وَظِلٌّ وَاحِدَتُهَا سَرْحَةٌ (قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ

أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنَّ سَرْحَةَ مَالِكٍ عَلَى كُلِّ أَفْنَانِ الْعِضَاهِ تَرُوقُ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ فِي شِعْرِهِ فَقَالَ ... أَلِكْنِي إِلَيْهَا وخيرا لرسو ... ل أَعْلَمُهُمْ بِنَوَاحِي الْخَبَرِ ... ... بِآيَةِ مَا وَقَفَتْ وَالرِّكَا ... بُ بَيْنَ الْحَجُونِ وَبَيْنَ السُّرَرِ ... ... فَقَالَ تَبَرَّرَتَ فِي أَمْرِنَا ... وَمَا كُنْتَ فِينَا حَدِيثًا بِبَرِّ ... قَالَ الْأَصْمَعِيُّ السُّرَرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ مَكَّةَ عَنْ يَمِينِ الْجَبَلِ كَانَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ قَدْ بَنَى عَلَيْهِ مَسْجِدًا) وَأَمَّا قوله نفخ بيده فالنفخ ها هنا الْإِشَارَةُ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ رَمَى بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ أَيْ مَدَّهَا وَأَشَارَ بِهَا وَالسُّرَرُ اسْمُ الْوَادِي وَالْأَخْشَبَانِ الْجَبَلَانِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي قَوْلِهِ إِذَا كُنْتَ بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ مِنْ مِنًى قَالَ يَعْنِي الْجَبَلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَحْتَ الْعَقَبَةِ بِمِنًى فوق المسجد

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَخَاشِبُ الْجِبَالُ أَنْشَدَ ابْنُ هِشَامٍ لِأَبِي قَيْسَرِ بْنِ الْأَسْلَتِ ... فَقُومُوا فَصِلُوا رَبَّكُمْ وَتَمَسَّحُوا ... بِأَرْكَانِ هَذَا الْبَيْتِ بَيْنَ الْأَخَاشِبِ ... (وَيُقَالُ إِنَّ الْأَخَاشِبَ اسْمٌ لِجِبَالِ مَكَّةَ وَمِنًى خَاصَّةً) (قَالَ الْخَلِيلُ) قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَسَارٍ النَّسَائِيُّ ... وَلَعَمْرُ مَنْ حُبِسَ الْهَدْيُ لَهُ ... بِالْأَخْشَبَيْنِ صَبِيحَةَ النَّحْرِ ... وَقَالَ الْعَامِرِيُّ فِي بَيْعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ... يُبَايِعُ بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ وَإِنَّمَا ... يَدُ اللَّهِ بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ تُبَايِعُ) ... وَأَمَّا قَوْلُهُ سُرَّ تَحْتَهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ بُشِّرُوا تَحْتَهَا بِمَا سَرَّهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ أَوْ مُجْتَمِعِينَ أَوْ نُبِّئُوا تَحْتَهَا فَسُرُّوا مِنَ السُّرُورِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهَا قُطِعَتْ

تَحْتَهَا سُرَرُهُمْ يَعْنِي وُلِدُوا تَحْتَهَا يُقَالُ قَدْ سر الطفل إِذَا قُطِعَتْ سُرَّتُهُ وَفِي (هَذَا) الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى التَّبَرُّكِ بِمَوَاضِعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَمَقَامَاتِهِمْ وَمَسَاكِنِهِمْ وَإِلَى هَذَا قَصَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِحَدِيثِهِ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُكْمٌ مِنَ الْأَحْكَامِ وَفِيهِ الْحَدِيثُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْخَبَرُ عَنِ الْمَاضِينَ وَإِبَاحَةُ الْخَوْضِ فِي أَخْبَارِهِمْ وَالتَّحَدُّثِ بِهَا

محمد بن أبي امامة

مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفِ بْنِ وَهْبٍ الْأَنْصَارِيُّ وُلِدَ أَبُوهُ أَبُو أُمَامَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْعَدَ بَاسِمِ جَدِّهِ (أَبِي أُمِّهِ) أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ وَأَبُو سَهْلِ بْنُ حُنَيْفٍ جَدُّ مُحَمَّدٍ هَذَا مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ أَيْضًا وَقَدْ ذَكَرْنَا أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ (وَأَبَاهُ سَهْلَ) بْنَ حُنَيْفٍ وَذَكَرنَا أَبَا أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ جَدَّ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ لِأُمِّهِ كُلُّ هَؤُلَاءِ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مِنْ أَخْبَارِهِمْ مَا يُوقَفُ بِهِ عَلَى مَوَاضِعِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ هَذَا مِنْ ثِقَاتِ شُيُوخِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ

مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ اغْتَسَلَ أَبِي سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ بِالْخَرَّارِ فَنَزَعَ جُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ يَنْظُرُ قَالَ وَكَانَ سَهْلٌ رَجُلًا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِلْدِ قَالَ فَقَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ عَذْرَاءَ قَالَ فَوُعِكَ سَهْلٌ مَكَانَهُ وَاشْتَدَّ وَعْكُهُ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبر أَنَّ سَهْلًا وُعِكَ وَأَنَّهُ غَيْرُ رَائِحٍ مَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَتَاهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ سَهْلٌ بِالَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِ عَامِرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على م يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ ألَا بَرَّكْتَ إِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ تَوَضَّأْ لَهُ فَتَوَضَّأَ عَامِرٌ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ وَفِيهِ أَنَّ الْعَيْنَ إِنَّمَا تَكُونُ مَعَ الْإِعْجَابِ وَرُبَّمَا مَعَ الْحَسَدِ وَفِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ الصَّالِحَ قَدْ يَكُونُ عَائِنًا وَأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الصَّلَاحِ وَلَا مِنْ بَابِ الْفِسْقِ فِي شَيْءٍ وَفِيهِ أَنَّ الْعَائِنَ لَا يَنْفِي كَمَا زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ وَفِيهِ أَنَّ التَّبْرِيكَ لَا تَضُرُّ مَعَهُ عَيْنُ الْعَائِنِ وَالتَّبْرِيكُ قَوْلُ الْقَائِلِ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَنَحْوُ هَذَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ التَّبْرِيكَ

(أَنْ يَقُولَ) تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَفِيهِ جَوَازُ الِاغْتِسَالِ بِالْعَرَاءِ وَالْخَرَّارُ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ وَقِيلَ وَادٍ مِنْ أَوْدِيَتِهَا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَائِنَ يُجْبَرُ عَلَى الِاغْتِسَالِ لِلْمَعِينِ وَفِيهِ أَنَّ النُّشْرَةَ وَشَبَهَهَا لَا بَأْسَ بِهَا وَقَدْ يُنْتَفَعُ بِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْمَعَانِي مُسْتَوْعَبَةً وَذَكَرَنَا حكم الاغتسال وهيأته وَمَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُهَذَّبًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ من كتابنا هذا فأغنى عن الإعادة ها هنا (وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْعَيْنِ إِذَا أَعْجَبَهُ شَيْءٌ كَانَ مِنْهُ بِقَدَرِ اللَّهِ مَا قَضَاهُ وَأَنَّ الْعَيْنَ رُبَّمَا قَتَلَتْ كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم على م يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ مَا رُوِّينَاهُ (2) عَنِ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلًا عَيُونًا سَمِعَ بِقَرَةً تُحْلَبُ فَأَعْجَبَهُ صَوْتُ شَخْبِهَا فَقَالَ أَيَّتُهُنَّ هَذِهِ قَالُوا الْفُلَانِيَّةُ لِبَقَرَةٍ أُخْرَى يُوَرُّونَ عَنْهَا فَهَلَكَتَا جَمِيعًا الْمُوَرَّى بِهَا وَالْمُوَرَّى عَنْهَا قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ إِذَا رَأَيْتُ الشَّيْءَ يُعْجِبُنِي وَجَدْتُ حَرَارَةً تَخْرُجُ مِنْ عَيْنِي

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَكَانَ عِنْدَنَا رَجُلَانِ يَعِينَانِ النَّاسَ فَمَرَّ أَحَدُهُمَا بِحَوْضٍ مِنْ حِجَارَةٍ فَقَالَ تَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ فَتَطَايَرَ الْحَوْضُ فِرْقَتَيْنِ فَأَخَذَهُ أَهْلُهُ فَضَبَّبُوهُ بِالْحَدِيدِ فَمَرَّ عَلَيْهِ ثَانِيَةً فَقَالَ وَأَبِيكَ لَعَلَّ مَا أَضْرَرْتُ أَهْلَكَ فِيكَ فتطاير أربع فرق قال وأما الآخر فسع صَوْتَ بَوْلٍ مِنْ وَرَاءِ حَائِطٍ فَقَالَ إِنَّهُ لَبَنُ الشَّخْبِ فَقَالُوا إِنَّهُ فُلَانٌ ابْنُكَ فَقَالَ وَانْقِطَاعُ ظَهْرَاهُ قَالُوا إِنَّهُ لَا بَأْسَ عَلَيْهِ قَالَ لَا يَبُولُ بَعْدَهَا أَبَدًا قَالَ فَمَا بَالَ حَتَّى مَاتَ وَيُقَالُ مِنْ هَذَا عِنْتُ فَلَانًا أَعِينُهُ إِذَا أَصَبْتَهُ بِعَيْنٍ وَرَجُلٌ مَعِينٌ ومَعْيُونٌ إِذَا أُصِيبَ بِالْعَيْنِ قَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ ... قَدْ كَانَ قَوْمُكَ يَحْسَبُونَكَ سَيِّدًا ... وَإِخَالُ أَنَّكَ سَيِّدٌ مَعْيُونُ

محمد بن أبي بكر الثقفي

(مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ) وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بْنِ عَوْفِ بْنِ الرَّبَاحِ الثَّقَفِيُّ مَدَنِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ يُهِلُّ الْمُهِلُّ مِنَّا فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ فَلَا ينكر عليه

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَفِيهِ أَنَّ الْحَاجَّ جَائِزٌ لَهُ قَطْعُ التَّلْبِيَةِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَقَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهُوَ مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فَرَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مَا ذَكَرْنَا وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ مَرْفُوعًا وَهُوَ فِعْلُ ابْنِ عُمَرَ وَقَوْلُهُ فِي ذَلِكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ غَدَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ فَمِنَّا الْمُلَبِّي وَمِنَّا الْمُكَبِّرُ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ

عُمَيْرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ سَأَلْتُ أَبَاكَ عَنِ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي التَّلْبِيَةِ فَقَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُ غَدَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مِنًى غَدَاةَ عَرَفَةَ حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ قَالَ فَلَمْ تَكُنْ لِي هِمَّةٌ إِلَّا أَنْ أَرْمُقَ الَّذِي أراه يصنع فسمعته يهلل ويكبر والناس كهيأته يُهَلِّلُونَ وَيُكَبِّرُونَ وَيُلَبُّونَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ فَلَمْ أَرَهُ يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَزِمَ التَّهْلِيلَ وَالتَّكْبِيرَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ وَعِلَاجٍ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَفْتُرْ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ حِينَ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وذكر الحديث

وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ غَدَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ فَمِنَّا الْمُلَبِّي وَمِنَّا الْمُكَبِّرُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَدَّثَنَا بِهِ عَلِيٌّ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَذَكَرَهُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ الْمَاجِشُونُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ غَدَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَرَفَةَ فَمِنَّا الْمُلَبِّي وَمِنَّا الْمُكَبِّرُ فَلَا يُعَابُ عَلَى الْمُلَبِّي تَلْبِيَتُهُ وَلَا عَلَى الْمُكَبِّرِ تَكْبِيرُهُ قَالَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ قَالُوا جَائِزٌ قَطْعُ التَّلْبِيَةِ لِلْحَاجِّ إِذَا رَاحَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ فَيُهَلِّلُ وَيُكَبِّرُ وَلَا يُلَبِّي وَاسْتَحَبُّوا ذَلِكَ قَالُوا وَإِنْ أَخَّرَ قَطْعَ التَّلْبِيَةِ إِلَى زَوَالِ الشَّمْسِ بِعَرَفَةَ فَحَسَنٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَكَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ فِي رَوَاحِهِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا غَدَا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنه كَانَ يُلَبِّي حِينَ يَغْدُو مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ وَرَوَى ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ إِذَا أَصْبَحْتَ غَادِيًا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ فَأَمْسِكْ عَنِ التَّلْبِيَةِ فَإِنَّمَا هُوَ التَّكْبِيرُ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ

حَازِمٍ قَالَ غَدَوْنَا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ مَعَ نَافِعٍ فَكَانَ يُكَبِّرُ أَحْيَانًا وَيُلَبِّي أَحْيَانًا قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَدِمَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَرَأَى الْحَرَمَ تَرَكَ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ يَعُودُ فِي التَّلْبِيَةِ إِلَى صَبِيحَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَإِذَا غَدَا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ وَأَخَذَ فِي التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ (ذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ فِي الْحَجِّ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْحَرَمِ (1) حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ يُلَبِّي حِينَ يَغْدُو مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ فَإِذَا غَدَا تَرَكَ التَّلْبِيَةَ وَكَانَ يَتْرُكُ التَّلْبِيَةَ فِي الْعُمْرَةِ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ وَبِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُ يَقُولُونَ ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ (الْقَاضِي) قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ فِي الَّذِي يُهِلُّ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ قَالَ يُلَبِّي حَتَّى يَغْدُوَ النَّاسُ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ

وَحَدَّثَنَا نَصْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ أَحْسَبُهُ مِثْلَ ذَلِكَ (وَحَدَّثَنَا نَصْرٌ) قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَصِيحُ بِالنَّاسِ بَعْدَ مَا صَلَّى الصُّبْحَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِمِنًى أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ التَّهْلِيلُ وَالتَّكْبِيرُ وَقَدِ انْقَطَعَتِ التَّلْبِيَةُ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ يَحْيَى بن سلم سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَقُولُ إِذَا رَجَعْتَ إِلَى عَرَفَةَ فَاقْطَعِ التَّلْبِيَةَ وَهَلِّلْ وَكَبِّرْ فَهَذَا كُلُّهُ وَجْهٌ وَاحِدٌ وَقَوْلٌ وَاحِدٌ وَكَانَتْ جَمَاعَةٌ آخَرُونَ لَا يَقْطَعُونَ التَّلْبِيَةَ إِلَّا عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ بِعَرَفَةَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ كَانَتِ الْأَئِمَّةُ يَقْطَعُونَ التَّلْبِيَةَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَسَمَّى ابْنُ شِهَابٍ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَائِشَةَ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا عُثْمَانُ وَعَائِشَةُ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمَا غَيْرُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَسَنَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا حَكَى عَنْهُمُ ابْنُ شهاب

وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فِيمَا عَلِمْتُ رَوَى مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يُلَبِّي فِي الْحَجِّ حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا وَكَذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ كَانَتْ تَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ مِنْ عَرَفَةَ رَوَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيِّ عَنْ عَمَّتِهِ عَنْهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى عَنْهُ أَثْبَتُ رَوَى علي بن الْمَدِينِيِّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكٍ قَالَ حَجَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ثَلَاثَ حِجَجٍ فَخَرَجْنَا مَعَهُ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى صَلَّى بِنَا الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِمِنًى ثُمَّ غَدَا إِلَى عَرَفَةَ وَغَدَوْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى نَمِرَةَ فَلَمَّا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ وَهُوَ قَوْلُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَابْنِ شِهَابٍ ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ التَّلْبِيَةَ لَا يَقْطَعُهَا الْحَاجُّ حَتَّى يَرُوحَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمَوْقِفِ وَذَلِكَ بَعْدَ جُمْعَةٍ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَهَذَا الْقَوْلُ قَرِيبٌ مِنَ

الْقَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ مِنْهُمْ عُثْمَانُ وَعَائِشَةُ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرُهُمْ وَرَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ حَتَّى مَتَى أُلَبِّي فِي الْحَجِّ قَالَ حَتَّى تَرُوحَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمَوْقِفِ والدَّرَاوَرْدِيُّ أَيْضًا عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَنْزِلُ عَرَفَةَ فِي الْحَجِّ وَكَانَتْ تُهِلُّ فِي الْمَنْزِلِ وَيُهِلُّ مَنْ كَانَ مَعَهَا وَتُصَلِّي الصَّلَاتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي مَنْزِلِهَا ثُمَّ تَرُوحُ إِلَى الْمَوْقِفِ فَإِذَا اسْتَوَتْ عَلَى دَابَّتِهَا قَطَعَتِ التَّلْبِيَةَ ذَكَرَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ وَحَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ وروى مالك عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَتْرُكُ التَّلْبِيَةَ إِذَا رَاحَتْ إِلَى الْمَوْقِفِ وَمَالِكٌ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ بِمَعْنَاه وَحَمَّادُ بْنُ زيد وغيره عَنْ هِشَامِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ وَالْمُغِيرَةُ بن عبد الرحمان كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا راح إلى الموقف

وروى علي بن الْمَدِينِيِّ عَنْ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الصُّبْحَ بِمِنًى ثُمَّ غَدَا وَغَدَوْنَا مَعَهُ فَرَأَى النَّاسَ مُكَبِّرِينَ لَا يُلَبِّي أَحَدٌ فَأَمَرَ صَاحِبَ شُرْطَتِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ فَرَكِبَ بَغْلَهُ فَأَمْرَهُ أَنْ يَطُوفَ فِي النَّاسِ فَيُنَادِيَ أَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّ الْأَمِيرَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُلَبُّوا فَإِنَّمَا هِيَ التَّلْبِيَةُ حَتَّى تَرُوحُوا إِلَى الْمَوْقِفِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَصَحُّ مِنَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَرُوِيَ عَنْ سَالِمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مَا يَدْخُلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ كُنَّا بِعَرَفَةَ فَجَعَلَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُكَبِّرُ وَصَلَّى ابْنُ الْمُنْكَدِرِ الظُّهْرَ بِعَرَفَةَ فَلَمَّا سَلَّمَ لَبَّى ابْنُهُ فَحَصَبَهُ وَفِيهَا قَوْلٌ رَابِعٌ أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ يُلَبِّي أَبَدًا حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَمَيْمُونَةَ وَبِهِ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَطَاوُسٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحُسْنُ بْنُ حَيٍّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ

عَلِيٍّ وَالطَّبَرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ إِلَّا أَنَّ هَؤُلَاءِ اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَأَبُو ثَوْرٍ يَقْطَعُهَا فِي أَوَّلِ حَصَاةٍ يَرْمِي بِهَا مِنْ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالْأَثَرِ لَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِأَسْرِهَا قَالُوا وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ (هَذَا) الْحَدِيثِ حَتَّى رَمَى بَعْضَهَا حَتَّى إِنَّهُ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ثُمَّ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ فِي آخِرِ حَصَاةٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّى حَتَّى (رَمَى) جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا بَكْرٌ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْدَفَ الْفَضْلَ مِنْ جَمْعٍ وَأَنَّ الْفَضْلَ حَدَّثَهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي

حَرْمَلَةَ أَخْبَرَنَا كُرَيْبٌ (عَنِ) ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُزْدَلِفَةِ حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ قَالَ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي حَتَّى الْجَمْرَةِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعْتُ عُمَرَ يُهِلُّ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَ الْإِهْلَالُ قَالَ هَلْ قَضَيْنَا نُسُكَنَا بَعْدُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُقْرِي عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمَقْرِيُّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنِ اعْتَبَرَ الْآثَارَ الْمَرْفُوعَةَ فِي هَذَا الْبَابِ مِثْلَ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَحَدِيثِ عُمَرَ وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهَا اسْتَدَلَّ عَلَى الْإِبَاحَةِ فِي ذَلِكَ وَلِهَذَا مَا اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيهِ هَذَا الِاخْتِلَافَ وَلَمْ يُنْكِرْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ مُبَاحًا اسْتَحَبَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ وَمَالَ إِلَيْهِ اسْتِحْبَابًا لَا إِيجَابًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ وَسَعِيدُ بْنُ حِمْيَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا إسماعيل بن

خَلِيلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ أَفَاضَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ عَرَفَاتٍ وَهُوَ يُلَبِّي فَسَمِعَهُ رَجُلٌ فَقَالَ مَنْ هَذَا الْمُلَبِّي وَلَيْسَ بِحِينِ التَّلْبِيَةِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ فَانْدَسَّ بَيْنَ النَّاسِ وَذَهَبَ فَذَكَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ فَجَعَلَ يُلَبِّي لَبَّيْكَ عَدَدَ التُّرَابِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَبْرَةُ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ التَّلْبِيَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَقَالَ التَّكْبِيرُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ يُهِلُّ مَا دُون عَرَفَةَ وَيُكَبِّرُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ حَجَجْتُ زَمَنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَسَمِعْتُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ يَقُولُ أَلَا وَإِنَّ أَفْضَلَ الدُّعَاءِ الْيَوْمَ التَّكْبِيرُ وَهَذَا عَلَى الْأَفْضَلِ عِنْدَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْ حُجَّةِ مَنِ اخْتَارَ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَرْمِيَ فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَعَلَ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ وَهِيَ زِيَادَةٌ فِي الرِّوَايَةِ يَجِبُ قَبُولُهَا

وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ مِنْ إِحْرَامِهِ وَلَا يُلْقِي عَنْهُ شَيْئًا مِنْ شَعَثِهِ حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَإِذَا رَمَاهَا فَقَدْ حَلَّتْ لَهُ أَشْيَاءُ كَانَتْ مَحْظُورَةً عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَوَّلُ إِحْلَالِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ تَلْبِيَتُهُ بِالْحَجِّ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ حِينِ أَحْرَمَ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَعْنَى التَّلْبِيَةِ إِجَابَةُ إِبْرَاهِيمَ فِيمَا ذَكَرُوا قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ لَمَّا أُمِرَ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ قَامَ عَلَى الْمَقَامِ فَقَالَ يَا عِبَادَ اللَّهِ أَجِيبُوا اللَّهَ فَقَالُوا رَبَّنَا لَبَّيْكَ رَبَّنَا لَبَّيْكَ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ فَهُوَ مِمَّنْ أَجَابَ دَعْوَتَهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عن الفضل بن عباس أن لنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَطْعِ التَّلْبِيَةِ فِي الْعُمْرَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ فِي الْعُمْرَةِ إِذَا افْتَتَحَ الطَّوَافَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَقْطَعُ الْمُحْرِمُ التَّلْبِيَةَ فِي الْعُمْرَةِ إِذَا أَحْرَمَ مِنَ التَّنْعِيمِ حَتَّى يَرَى الْبَيْتَ وَأَمَّا مَنْ أَحْرَمَ مِنَ الْمَوَاقِيتِ بِعُمْرَةٍ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ وَانْتَهَى إِلَيْهِ قَالَ وَبَلَغَنِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ (وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الطَّوَافِ (فِي التَّلْبِيَةِ (3)) لِلْحَاجِّ

فكان ربيعة بن أبي عبد الرحمان يُلَبِّي إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَلَا يَرَى بِهِ بَأْسًا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ سَالِمٌ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يُقْتَدَى بِهِ يُلَبِّي حَوْلَ الْبَيْتِ إِلَّا عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ لَا يَزَالُ الرَّجُلُ مُلَبِّيًا حَتَّى يَبْلُغَ الْغَايَةَ الَّتِي إِلَيْهَا يَكُونُ اسْتِجَابَتُهُ وَهُوَ الْمَوْقِفُ بِعَرَفَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَاخْتَارَ مَالِكٌ لِذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ)

محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري

مُحَمَّدُ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيُّ أُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ عمارة بن عمرو بن محزوم وَيُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَانَ قَاضِيًا بِالْمَدِينَةِ قَالَ الْوَاقِدِيُّ تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَتُوُفِّيَ أَبُوهُ أَبُو بَكْرٍ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَيْضًا قَاضِيًا عَلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ صَارَ أَمِيرًا عَلَيْهَا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مَقْطُوعٌ عِنْدَهُمْ لَيْسَ يَتَّصِلُ مِنْ وَجْهِهِ هَذَا وَلَكِنَّهُ يَتَّصِلُ مَعْنَاهُ مِنْ وُجُوهٍ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ السُّلَمِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ من

الْوَلَدِ فَيَحْتَسِبُهُمْ إِلَّا كَانُوا لَهُ جُنَّةً مِنَ النَّارِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوِ اثْنَانِ قَالَ أَوِ اثْنَانِ (أَبُو النَّضْرِ هَذَا مَجْهُولٌ فِي الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَاخْتَلَفَ الرُّوَاةُ لِلْمُوَطَّأِ فِيهِ فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ السُّلَمِيِّ هَكَذَا قَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَغَيْرُهُمَا وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَالْأَشْهَرُ وَكَذَلِكَ رَوَى يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَإِنْ كَانَتِ النُّسَخُ أَيْضًا قَدْ اخْتَلَفَتْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يُعَرَفُ إِلَّا بِهَذَا الْخَبَرِ (وَقَدْ (5) قِيلَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ النَّضْرِ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ وَلَا يَصِحُّ (وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيهِ إِنَّهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ وَهَذَا جَهْلٌ لِأَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ لَيْسَ بِسُلَمِيٍّ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ وَزَعَمَ قَائِلُ هَذَا أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُكَنَّى أَبَا النَّضْرِ وَهَذَا مِمَّا لَا يُعْلَمُ وَلَا يُعَرَفُ وَكُنْيَةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَبُو حَمْزَةَ بِالْإِجْمَاعِ)

وَأَمَّا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْمَعَانِي فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهَا مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ (وَالَّذِي لَهُ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ وَلَهُ أَوْرَدَهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ الِاحْتِسَابُ فِي الْمُصِيبَةِ وَالصَّبْرُ لَهَا وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ الصَّبْرُ عَلَى الْمُصِيبَاتِ أن لا تبث)

محمد بن عبد الرحمان أبو الاسود

(محمد بن عبد الرحمان أَبُو الْأَسْوَدِ لِمَالِكٍ عَنْهُ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ مُسْنَدَةٌ وواحد مرسل) وهو محمد بن عبد الرحمان بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ الْقُرَشِيُّ (الْأَسَدِيُّ) يُكَنَّى أَبَا الْأَسْوَدِ يُعْرَفُ بِيَتِيمِ عُرْوَةَ لِأَنَّهُ كَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِهِ سَكَنَ الْمَدِينَةَ (ثُمَّ سَكَنَ مِصْرَ فِي آخِرِ أَيَّامِ بَنِي أُمَيَّةَ) وَهُوَ مِنْ جِلَّةِ الْمُحَدِّثِينَ بِهَا ثِقَةٌ حُجَّةٌ فِيمَا نَقَلَ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ (هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ مَالِكٍ كَانَ أبو الأسود محمد بن عبد الرحمان صَاحِبَ عُزْلَةٍ وَحَجٍّ وَغَزْوٍ قَالَ وَكَانَ النَّاسُ أصحاب عزلة

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِأَبِي الْأَسْوَدِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الأسود محمد بن عبد الرحمان بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ جُذَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّةِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ (قَالَ أَبُو عُمَرَ) (هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ إِلَّا أَبَا عَامِرٍ الْعَقَدِيَّ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ جُذَامَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ فِي سَمَاعِهِ مِنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ وَرَوَاهُ فِي الْمُوَطَّأِ كَمَا رَوَاهُ سَائِرُ الرُّوَاةِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ جذامة)

وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ وَفِيهِ رِوَايَةُ الصَّاحِبِ عَنِ الصَّاحِبِ وَرِوَايَةُ الْمَرْءِ عَمَّنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْعِلْمِ وَجُذَامَةُ هَذِهِ هِيَ أُمُّ قَيْسٍ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ مِحْصَنٍ أَخِي عُكَاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيِّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ (حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الْإِمَامُ حَدَّثَنَا خلف به هِشَامٍ الْبَزَّارُ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ) بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ البَالِسِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُفَيْلٍ النُّفَيْلِيُّ الْحَرَّانِيُّ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ محمد بن عبد الرحمان بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ جُذَامَةَ الْأَسَدِيَّةِ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَقَدْ) هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ حَتَّى بَلَغَنِي أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ تَفْعَلُهُ قَالَ النُّفَيْلِيُّ فَلَا يَضُرُّهُمْ وَقَالَ خَلَفٌ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ) ذَلِكَ وَأَمَّا الْغِيلَةُ فَقَدْ فسرها مالك في موطأه إِثْرَ هَذَا الْحَدِيثِ ذَكَرَهُ الْقَعْنَبِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَالْغِيلَةُ أَنْ يَمَسَّ الرِّجْلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ حَمَلَتْ أَوْ تَحْمِلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ وَأَهْلُ اللُّغَةِ فِي مَعْنَى الْغِيلَةِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ مَعْنَاهَا أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ

وَهِيَ تُرْضِعُ وَقَالَ الْأَخْفَشُ الْغِيلَةُ وَالْغَيْلُ سَوَاءٌ وَهُوَ أَنْ تَلِدَ الْمَرْأَةُ فَيَغْشَاهَا زَوْجُهَا وَهِيَ تُرْضِعُ فَتَحْمِلُ فَإِذَا حَمَلَتْ فَسَدَ اللَّبَنُ عَلَى الصَّبِيِّ وَيَفْسُدُ بِهِ جَسَدُهُ وَتَضْعُفُ قُوَّتُهُ حَتَّى رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي عَقْلِهِ قَالَ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِيهِ) أَنَّهُ لَيُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ عَنْ سَرْجِهِ أَيْ يَضْعُفُ فَيَسْقُطُ عَنِ السَّرْجِ قَالَ الشَّاعِرُ ... فَوَارِسُ لَمْ يُغَالُوا فِي رِضَاعٍ ... فَتَنْبُوَ فِي أَكُفِّهِمُ السُّيُوفُ ... يُقَالُ قَدْ أَغَالَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ وَأُغِيلَ الصَّبِيُّ وَصَبِيٌّ مُغَالٌ وَمُغْيَلٌ إِذَا وَطِئَ أَبُوهُ أُمَّهُ فِي رِضَاعِهِ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ ... فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِي تَمَائِمِ مُغْيَلِ ... وَقَالَ أَبُو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ ... وَمُبَرَّأً مِنْ كُلِّ غَيْرِ حَيْضَةٍ ... وَفَسَادِ مُرْضِعَةٍ وَدَاءٍ مُغِيلِ ... وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَخْفَشُ فَهُوَ حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ (وَالْغَيْلُ لَبَنُ الْفَحْلِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ)

ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا فَإِنَّ الْغَيْلَ يُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ عَنْ ظَهْرِ فَرَسِهِ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُهَاجِرٍ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ أَسْمَاءَ تَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاتقتلوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا فَذَكَرَ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الْغَيْلَ رُبَّمَا أَدْرَكَ الْفَارِسَ أَوْ أَنَّهُ لَيُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ الْغَيْلُ أَنْ تُرْضِعَ الْمَرْأَةُ وَلَدَهَا وَهِيَ حَامِلٌ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَيْضًا الْغَيْلُ نَفْسُهُ الرِّضَاعُ وَجَمْعُهُ مَغَايِلُ (وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ الْغَيْلُ لَبَنُ الْحَامِلِ وَيُقَالُ الْغَيْلُ الْمَاءُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَيُقَالُ الْغَيْلُ نِيلُ مِصْرَ الَّذِي تَنْبُتُ عَلَيْهِ زُرُوعُهُمْ) وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ الْحَدِيثِ عَنِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ بِمَا يَفْعَلُونَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنْ نَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا يَكُونُ أَدَبًا وَرِفْقًا وَإِحْسَانًا إِلَى أُمَّتِهِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الدِّيَانَةِ وَلَوْ نَهَى عَنِ الْغِيلَةِ كَانَ ذَلِكَ وَجْهَ نَهْيِهِ عَنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ ابْنُ القاسم

وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَحَكَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وهي ترضع فَيُصِيبُهَا وَهِيَ تُرْضِعُ أَنَّ ذَلِكَ اللَّبَنَ لَهُ وَلِلزَّوْجِ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْمَاءَ يُغَيِّرُ اللَّبَنَ وَيَكُونُ مِنْهُ الْغِذَاءُ وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ إِذَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ فَاللَّبَنُ مِنْهُ بَعْدَ الْفِصَالِ وَقَبْلَهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَتْ وَحَمَلَتْ مِنَ الثَّانِي فَاللَّبَنُ مِنْهُمَا جَمِيعًا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ انْقِطَاعُهُ مِنَ الْأَوَّلِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ اللَّبَنُ مِنَ الْأَوَّلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَتَّى تَضَعَ فَيَكُونَ مِنَ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مِنْهُمَا حَتَّى تَضَعَ فَيَكُونَ مِنَ الثَّانِي وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِأَبِي الْأَسْوَدِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الأسود محمد بن عبد الرحمان عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ خَرَجَ إِلَى الْحَجِّ فَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَلَمْ يَحِلَّ وَأَمَّا مَنْ كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ

وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمُرْسَلُ دَاخِلٌ فِي مُسْنَدِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ هَذَا وَفِيهِ خُرُوجُ النِّسَاءِ فِي سَفَرِ الْحَجِّ مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ لَا يَكُونُ لَهَا زَوْجٌ وَلَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا هَلْ تَخْرُجُ إِلَى الْحَجِّ دُونَ ذَلِكَ مَعَ النِّسَاءِ أَمْ لَا وَهَلِ الْمَحْرَمُ مِنَ الِاسْتِطَاعَةِ أَمْ لَا وَسَنَذْكُرُ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ (إِنْ شَاءَ اللَّهُ) فِي بَابِ سَعِيدِ (بْنِ أَبِي سَعِيدٍ) الْمَقْبُرِيِّ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَعْنِي الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ إِبَاحَةُ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَإِبَاحَةُ الْقِرَانِ وَهُوَ جَمْعُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِيمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ مُحْرِمًا (فِي خَاصَّتِهِ) عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ وَذَكَرْنَا الْآثَارَ الْمُوجِبَةَ لِاخْتِلَافِهِمْ فِيهِ وَأَوْضَحْنَا ذَلِكَ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي بَابِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ

عَنْ عُرْوَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَفِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ بْن نَوْفَلٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ كَانَ قَارِنَا أَوْ مُفْرِدًا لَا يَحِلُّ دُونَ يَوْمِ النَّحْرِ وَهَذَا مَعْنَاهُ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَهُوَ الْحِلُّ كُلُّهُ لِمَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ ذَلِكَ يَوْمَ النَّحْرِ ضَحَّى ثُمَّ طَافَ الطَّوَافَ الْمَذْكُورَ وَهَذَا أَيْضًا لَا خِلَافَ فِيهِ

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِأَبِي الْأَسْوَدِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الأسود محمد بن عبد الرحمان عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُسْتَخْرَجٌ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ حُجَّةً لَهُ فِي مَذْهَبِهِ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي حَجِّهِ مُفْرِدًا وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِأَبِي الْأَسْوَدِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الأسود محمد بن عبد الرحمان عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَشْتَكِي فَقَالَ طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ قَالَتْ فَطُفْتُ رَاكِبَةً بَعِيرِي وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ وَهُوَ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (قَالَ أَبُو عُمَرَ) هَذَا (مَا) لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ كُلِّهِمْ يَقُولُ إِنَّ مَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ أَوِ اشْتَكَى مَرَضًا أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ الرُّكُوبُ فِي طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ وَفِي سَعْيِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الطَّوَافِ رَاكِبًا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ أَوْ مَرَضٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِي بَابِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِنْ

كِتَابِنَا هَذَا فَلَا حَاجَةَ لِإِعَادَتِهِ هَاهُنَا وَكُلُّهُمْ يَكْرَهُ الطَّوَافَ رَاكِبًا لِلصَّحِيحِ الَّذِي لَا عُذْرَ لَهُ وَفِي ذَلِكَ مَا يُبَيِّنُ أَنَّ طَوَافِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِبًا فِي حَجَّتِهِ إِنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُ كَانَ لِعُذْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ وَمَضَى الْقَوْلُ فِيهِ هُنَاكَ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ النِّسَاءَ في الطواف يكن خلف الرجال كهيأة الصَّلَاةِ وَفِيهِ الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي التَّطَوُّعِ بِالنَّهَارِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ طَوَافَ أُمِّ سَلَمَةَ كَانَ سَحَرًا وَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِي رَمْيِهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَطَوَافِهَا بَعْدَهُ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ دُخُولِ الْبَعِيرِ الْمَسْجِدَ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ بَوْلَهُ طَاهِرٌ وَلَوْ كَانَ بَوْلُهُ نَجِسًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ أَنْ يَبُولَ وَقِيلَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا صَلَّى إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَقَامَ كَانَ حِينَئِذٍ مُلْصَقًا بِالْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ بِهِ الْيَوْمَ مِنْ صَحْنِ الْمَسْجِدِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا أَدْرِي (مَا) وَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا طَافَ فِي حَجَّتِهِ أَتَى الْمَقَامَ فَصَلَّى عِنْدَهُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أتى الحجر فاستسلمه ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا فَبَدَأَ مِنْهَا بِالسَّعْيِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طُرُقٍ فِي بَابِ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْوَجْهُ عِنْدِي فِي صَلَاتِهِ إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ لِأَنَّ الْبَيْتَ كُلَّهُ قِبْلَةٌ وَحَيْثُمَا صَلَّى الْمُصَلِّي مِنْهُ إذا جعله أمامه كان حسنا جائزا والله أعلم

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا أَدْرِي (مَا) وَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا طَافَ فِي حَجَّتِهِ أَتَى الْمَقَامَ فَصَلَّى عِنْدَهُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أتى الحجر فاستسلمه ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا فَبَدَأَ مِنْهَا بِالسَّعْيِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طُرُقٍ فِي بَابِ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْوَجْهُ عِنْدِي فِي صَلَاتِهِ إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ لِأَنَّ الْبَيْتَ كُلَّهُ قِبْلَةٌ وَحَيْثُمَا صَلَّى الْمُصَلِّي مِنْهُ إذا جعله أمامه كان حسنا جَائِزًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

محمد بن عمارة الحزمي الأنصاري

مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْحَزْمِيُّ الْأَنْصَارِيُّ لِمَالِكٍ عَنْهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مِنَ الْمُسْنَدِ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيُّ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ (قَالَ أَبُو عُمَرَ) (هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ رَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ

مَالِكٍ فَأَخْطَأَ فِيهِ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ ابن الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حُمَيْدَةَ أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ فَقَالَتْ إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمُرُّ بِالْمَكَانِ الْقَذِرِ فَقَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذَلِكَ فَقَالَ يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ هَذَا خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ لِأُمِّ سَلَمَةَ لَا لِعَائِشَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحُفَّاظُ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ عَنْ مالك (عن محمد بن عمارة) عن محمد بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِهُودِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَهَذَا خَطَأٌ وَالصَّوَابُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى الْمَقْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ حُبَابَةَ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ قِيلَ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَنَا أَسْمَعُ أَحَدَّثَكَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمْشِي فِي الْقَذِرِ فَقَالَتْ قَالَ رَسُولُ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ قَالَ خَلَفٌ قَالَ مَالِكٌ نَعَمْ (فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْمَرْأَةِ فِي لُبْسَتِهَا (1) أَنْ تُطِيلَ ذَيْلَهَا فَلَا تَنْكَشِفَ قَدَمَاهَا لِأَنَّهُنَّ كُنَّ لَا يَلْبَسْنَ الْخُفَّيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ أَخْبَرَتْ بِأَنَّهَا تُطِيلُ ذَيْلَهَا فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ذِرَاعٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي قَدَمِ الْمَرْأَةِ هَلْ هِيَ عَوْرَةٌ أَمْ لَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَجَرُّ الْمَرْأَةِ ذَيْلَهَا مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ ... كُتِبَ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ عَلَيْنَا ... ... وَعَلَى الْغَانِيَاتِ جَرُّ الذُّيُولِ) ... اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي طَهَارَةِ الذَّيْلِ عَلَى الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ مَالِكٌ مَعْنَاهُ فِي الْقَشْبِ الْيَابِسِ وَالْقَذِرِ الْجَافِّ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ مِنْهُ بِالثَّوْبِ شَيْءٌ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا كَانَ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْمَوَاضِعِ الطَّاهِرَةِ حِينَئِذٍ تَطْهِيرًا لَهُ وَهَذَا عِنْدَهُ لَيْسَ تَطْهِيرًا مِنْ نَجَاسَةٍ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ عِنْدَهُ لَا يُطَهِّرُهَا إِلَّا الْمَاءُ وَإِنَّمَا هُوَ تَنْظِيفٌ لِأَنَّ الْقَشْبَ الْيَابِسَ لَيْسَ يُنَجِّسُ مَا مَسَّهُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ مَا سَفَّتِ الرِّيحُ مِنْ يَابِسِ الْقَشْبِ وَالْعَذِرَاتِ الَّتِي قَدْ صَارَتْ غُبَارًا عَلَى ثِيَابِ النَّاسِ وَوُجُوهِهِمْ لَا يُرَاعُونَ ذَلِكَ وَلَا يَأْمُرُونَ بِغَسْلِهِ وَلَا يَغْسِلُونَهُ لِأَنَّهُ يَابِسٌ وَإِنَّمَا النَّجَاسَةُ الْوَاجِبُ غَسْلُهَا مَا لَصِقَ مِنْهَا وَتَعَلَّقَ بِالثَّوْبِ وَبِالْبَدَنِ

فَعَلَى هَذَا الْمَحْمَلِ حَمَلَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ حَدِيثَ طَهَارَةِ ذَيْلِ الْمَرْأَةِ وَأَصْلُهُمْ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا يُزِيلُهَا إِلَّا الْمَاءُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ بْنِ الْهُذَيْلِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا يُطَهِّرُهَا إِلَّا الْمَاءُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهُ طَهُورًا وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يعلي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ قَالَ لَيْسَ هَذَا عِنْدِي عَلَى أَنَّهُ أَصَابَهُ بَوْلٌ فَمَرَّ بَعْدَهُ على الأرض أنها تطهره ولكنه يمر بِالْمَكَانِ يَتَقَذَّرُهُ فَيَمُرُّ بِمَكَانٍ أَطْيَبَ مِنْهُ فَيُطَهِّرُهُ هَذَا ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى أَنَّهُ يُصِيبُهُ شَيْءٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ غَسْلُ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمَاءِ وَكُلُّ مَا زَالَ بِهِ عَيْنُهَا فَقَدْ طَهَّرَهَا وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَمِنْ حُجَّتِهِمُ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي ذَيْلِ الْمَرْأَةِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ اللفيلي وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَا حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَنَا طَرِيقًا إِلَى الْمَسْجِدِ مُنْتِنَةً فَكَيْفَ نَفْعَلُ إِذَا مُطِرْنَا أَوَ تَطَهَّرْنَا قَالَ أَلَيْسَ بَعْدَهَا طَرِيقٌ أَطْيَبُ مِنْهَا قَالَتْ قُلْتُ بَلَى قَالَ فَهَذِهِ بِهَذِهِ

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ طَرِيقًا قَذِرًا قَالَ فَبَعْدَهَا طَرِيقٌ أَنْظَفُ مِنْهَا قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَهَذِهِ بِهَذِهِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أذا وطىء أَحَدُكُمْ بِخُفَّيْهِ أَوْ قَالَ بِنَعْلَيْهِ فِي الْأَذَى فَطَهُورُهُمَا التُّرَابُ أَوْ قَالَ التُّرَابُ لَهُمَا طَهُورٌ وَهُوَ حَدِيثٌ مُضْطَرِبُ الْإِسْنَادِ لَا يَثْبُتُ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ عَلَى الْأَوْزَاعِيِّ وَعَلَى سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ اخْتِلَافًا يُسْقِطُ الِاحْتِجَاجَ بِهِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا نتوضأ من موطىء وَهَذَا أَيْضًا مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ وَيَلْزَمُ دَاوُدَ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ النَّجَاسَةَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهَا لَا يُحْكَمُ بِزَوَالِهَا وَلَا بِطَهَارَةِ مَوْضِعِهَا إِلَّا بِإِجْمَاعٍ وَلَا إِجْمَاعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَّا بِمَا قَالَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ طَهُورًا وَخَصَّهُ بِذَلِكَ

فَهَذَا وَجْهُ النَّظَرِ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا الْأَرْضُ تُصِيبُهَا النَّجَاسَةُ هَلْ يُتَيَمَّمُ عَلَيْهَا أَوْ يُصَلَّى إِذَا ذَهَبَ أَثَرُ النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُطَهَّرَ بِالْمَاءِ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لَا يُطَهِّرُهَا إِلَّا الْمَاءُ إِذَا عُلِمَ بِنَجَاسَتِهَا وَهِيَ عِنْدَهُمْ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى يُسْتَيْقَنَ بِنَجَاسَتِهَا فَإِذَا اسْتَوْقَفَتِ النَّجَاسَةُ فِيهَا لَنْ يُطَهِّرَهَا إِلَّا الْمَاءُ وَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا وَلَا التَّيَمُّمُ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ مَنْ تَيَمَّمَ عَلَيْهَا أَوْ صَلَّى أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وقد قال بعيد أَبَدًا وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُعِيدُ أَبَدًا مَنْ تَيَمَّمَ عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ لَا غَيْرَ (هَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي نَجَاسَةٍ لَمْ تَظْهَرْ فِي التُّرَابِ وَفِيمَا لَمْ تُغَيِّرْهُ النَّجَاسَةُ وَأَمَّا مَنْ تَيَمَّمَ عَلَى نَجَاسَةٍ يَرَاهَا أَوْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ تَغَيَّرَتْ أَوْصَافُهُ أَوْ بَعْضُهَا بِنَجَاسَةٍ فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا وَكَذَلِكَ عِنْدَ جُمْهُورِ أَصْحَابِ مَالِكٍ مَنْ تَعَمَّدَ الصَّلَاةَ بِالثَّوْبِ النَّجِسِ أَبَدًا) وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ سَاهِيًا أَنَّهُ يُعِيدُ صَلَاتَهُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ صَلَّى عَامِدًا عَلَى ثَوْبٍ نَجِسٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعِيدُ أَبَدًا وَقَالَ أَشْهَبُ

لَا يُعِيدُ إِلَّا فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ وُجُوبَ غَسْلِ النَّجَاسَةِ عِنْدَهُمْ بِالسُّنَّةِ لِحَدِيثِ (أَسْمَاءَ) وَمِثْلِهِ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ لِيَسْتَدْرِكَ فَضْلَ السُّنَّةِ فِي الْوَقْتِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُمْ فِيمَنْ تَيَمَّمَ عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا يَعْنِي طَاهِرًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِلَّا فِي الْوَقْتِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ قِيَاسًا عَلَى مَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ) لِيَسْتَدْرِكَ فَضْلَ السُّنَّةِ فِي الْوَقْتِ فَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ يَسْتَدْرِكْ (بِذَلِكَ) أَلَا تَرَى أَنَّ إِعَادَةَ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ سُنَّةٌ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا صَلَّى وَحْدَهُ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ تِلْكَ الصَّلَاةَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَمْ يُؤْمَرْ بِالدُّخُولِ مَعَهُمْ وَلَوْ كَانُوا يَجْمَعُونَ فِي وَقْتِ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ لَأُمِرَ بِالدُّخُولِ مَعَهُمْ لِيَسْتَدْرِكَ فَضْلَ السُّنَّةِ فِي الْوَقْتِ وَلَا يُومَرُ بِذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَزُفَرُ وَالطَّبَرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ مَنْ تَيَمَّمَ عَلَى نَجِسٍ أَوْ صَلَّى عَلَيْهِ أَوْ بِثَوْبٍ نَجِسٍ وَأَكْثَرُ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا لَا يَرَوْنَ إِعَادَةً عَلَى مَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ وَقَدْ

ذَكَرْنَاهُمْ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ) وَقَوْلُ رَبِيعَةَ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا يَبِسَتِ الْأَرْضُ وَذَهَبَ مِنْهَا أَثَرُ النَّجَاسَةِ جَازَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا وَأَمَّا التَّيَمُّمُ فَلَا يُتَيَمَّمُ عَلَيْهَا أَلْبَتَّةَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا جَفَّ فَلَا بأس بالصلاة عليه وقال الحسن ابن حيي لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ وَإِنْ صَلَّى قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا بَالَ الرَّجُلُ فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْأَرْضِ صُبَّ عَلَيْهِ ذَنُوبٌ مِنَ الْمَاءِ وَإِنْ بَالَ اثْنَانِ لَمْ يُطَهِّرْهُ إِلَّا ذَنُوبَانِ قَالَ وَلَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْمَوْضِعُ النَّجِسُ مِنَ الْأَرْضِ تَيَمَّمَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّى قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتِلَافُهُمْ فِي قَدْرِ النَّجَاسَةِ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ مِنَ الْأَرْضِ أَوِ الثَّوْبِ وَفِي الْخُفِّ يُصِيبُهُ الرَّوْثُ أَوِ الْبَوْلُ وَفِي إِعَادَةِ الصَّلَاةِ لِمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ وَفِي الثَّوْبِ تُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ يَخْفَى مَكَانُهَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى الْأَرْضَ تَطْهُرُ إِذَا يَبِسَتْ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ كُنْتُ أَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ

عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُنْتُ فَتًى شَابًّا عَزَبًا وَكَانَتِ الْكِلَابُ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَبِيتَهُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ إِقْبَالَ الْكِلَابِ وَلَا إِدْبَارَهَا وَبَوْلَهَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَذْكُرْ إِلَّا مَبِيتَهُ خَاصَّةً وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْأَرْضَ لَا يُطَهِّرُهَا إِلَّا الْمَاءُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِصَبِّ ذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ وَلَوْ طَهَّرَهَا يَبَسُهَا لَتَرَكَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَتَّى تَيْبَسَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّوْبَ (يُنَجَّسُ) إِذَا بَاشَرَ النَّجَاسَةَ الرَّطْبَةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاءَ بِغَسْلِ دَمِ الْمَحِيضِ مِنْ ثَوْبِهَا وَسَيَأْتِي حَدِيثُهَا فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَذَلِكَ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَنَذْكُرُ هُنَاكَ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالْأَقْوَالِ وَالْآثَارِ وَالِاعْتِلَالِ (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى)

مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيُّ الْمَازِنِيُّ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ لِمَالِكٍ عَنْهُ حديثان

محمد بن عبد الله بن عبد الرحمان بن أبي صعصعة

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الْمَازِنِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فِي التَّمْرِ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ (قَالَ أَبُو عُمَرَ) هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَيْضًا لِمَالِكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ

يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ سَوَاءٌ وَهَذَا الْإِسْنَادُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَصَحُّ مِنَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ فِي حَدِيثِهِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ على عمرو بن يحيى (ابن عُمَارَةَ) الْحَدِيثُ لِيَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ وَالِدِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَحْفُوظٌ وَلَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ غَيْرُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثُهُ الصَّحِيحُ عَنْهُ مَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَمَّا محمد بن عبد الله بن عبد الرحمان بن أبي صعصعة وأبوه وأخوه عبد الرحمان فَلَيْسُوا بِالْمَشَاهِيرِ وَلَمْ يُخَرِّجْ أَبُو دَاوُدَ وَلَا الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ هَذَا فِي الزَّكَاةِ لِلِاخْتِلَافِ عَلَيْهِ فِيهِ وَخَرَّجَا حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مِنْ رِوَايَةِ مالك وغيره

وَمِنِ اضْطِرَابِ هَذَا الْحَدِيثِ وَاخْتِلَافِ إِسْنَادِهِ مَا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ وَكَانَا ثِقَةً عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَسَنٍ وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ وَكَانَا ثِقَةً عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ (ذَوْدٍ) مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ (مِنَ التَّمْرِ) صَدَقَةٌ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هرون بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الْوَلِيدِ بنِ كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا صَدَقَةَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسٍ من الإبل قال أبوعمر اتفق أبوإسحاق وَالْوَلِيدُ بنُ كَثِيرٍ عَلَى مُخَالَفَةِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَجَعَلَهُ عَنْ مُحَمَّدٍ هَذَا عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَجَعَلَهُ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدٍ

عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَهْمٌ مِنْ مَالِكٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي (هَذَا) الْحَدِيثِ مَعَانٍ مِنَ الْفِقْهِ جَلِيلَةٌ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا وَسَنَذْكُرُهَا عَلَى مَا يَجِبُ مِنْ ذِكْرِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا (وَنَذْكُرُ هُنَاكَ أَيْضًا مَا فِيهِ مِنْ شَرْحِ غَرِيبٍ أَوْ مَعْنًى مُسْتَغْلَقٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَسَدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَمْزَةَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْحَافِظَ يَقُولُ لَا تَصِحُّ هَذِهِ السُّنَّةُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَيْسَا بِصَحِيحَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ

قَالَ كَانَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَدَقَةَ فِي شَيْءٍ مِنَ الزَّرْعِ أَوِ النَّخْلِ أَوِ الْكَرْمِ حَتَّى يَكُونَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَفِي الرِّقَّةِ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ انْفَرَدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَمَا انْفَرَدَ بِهِ فَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَأَمَّا حَدِيثُ مَعْمَرٍ فَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ

قَالَ كَانَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَدَقَةَ فِي شَيْءٍ مِنَ الزَّرْعِ أَوِ النَّخْلِ أَوِ الْكَرْمِ حَتَّى يَكُونَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَفِي الرِّقَّةِ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ انْفَرَدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَمَا انْفَرَدَ بِهِ فَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَأَمَّا حَدِيثُ مَعْمَرٍ فَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحُبَابِ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ يقول سعت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَمَعْنَاهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاضِحٌ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا وَخَيْرُ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ رَحْمَتُهُ ابْتَلَاهُ بِمَرَضٍ فِي جِسْمِهِ وَبِمَوْتِ وَلَدٍ يُحْزِنُهُ أَوْ بِذَهَابِ مَالٍ يَشُقُّ عَلَيْهِ فَيَأْجُرُهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَيَكْتُبُ لَهُ إِذَا صَبَرَ وَاحْتَسَبَ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ حَسَنَاتٍ يَجِدُهَا فِي مِيزَانِهِ لَمْ يَعْمَلْهَا أَوْ يَجِدُهَا كَفَّارَةً لِذُنُوبٍ قَدْ عَمِلَهَا فَذَلِكَ الْخَيْرُ الْمُرَادُ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ بَكَى وَحَزِنَ لِذَلِكَ وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُجَازَى بِكُلِّ مَا نَعْمَلُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْتَ تَمْرَضُ أَلَسْتَ تَنْصَبُ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللَّأْوَاءُ قَالَ بَلَى قَالَ فَذَلِكَ مَا تُجْزَوْنَ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَرُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا صَرَفَ الْمُصِيبَةَ عَنْ نَفْسِهِ إِلَى مَالِهِ لِيَأْجُرَهُ فَسُبْحَانَ الْمُتَفَضِّلِ الْمُنْعِمِ لَا شَرِيكَ لَهُ وَالْآثَارُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كثيرة جدا لأوجه لِاجْتِلَابِهَا وَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِلَّهِ فَالْقَلِيلُ يَكْفِيهِ وَمَنْ طَلَبَهُ لِلنَّاسِ فَحَوَائِجُ النَّاسِ كَثِيرَةٌ

محمد بن عبد الرحمان أبو الرجال

(محمد بن عبد الرحمان أبو الرجال) يكنى أبا عبد الرحمان وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ أَبُو الرِّجَالِ وَغَلَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِوَلَدِهِ كَانُوا عَشْرَةً رِجَالًا ذُكُورًا فَكُنِّيَ أبا الرجال وهو محمد بن عبد الرحمان بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَارِثَةَ بْنَ النُّعْمَانِ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذكره ها هنا وأم محمد هذا عمرة بنت عبد الرحمان بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ بْنِ عُدُسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ أَنْصَارِيَّةٌ أَيْضًا تَابِعِيَّةٌ ثِقَةٌ وَابْنُهَا أَبُو الرِّجَالِ هَذَا مَدَّنِيٌّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمْ (وَرَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ) وَلِأَبِي الرِّجَالِ ابْنٌ مُحَدِّثٌ أَيْضًا يُسَمَّى حَارِثَةَ

ابن أبي الرجال وهو ضعيف فما نَقَلَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ غَيْرِهِ وَأَمَّا أَبُو الرِّجَالِ فَثِقَةٌ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ أَرْبَعَةُ أحاديث مراسيل كلها من تتصل من وجوه

حديث أول لمالك عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ محمد بن عبد الرحمان عن أمه عمرة بنت عبد الرحمان أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ (قَالَ أَبُو عُمَرَ) زَادَ بَعْضُهُمْ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ يَعْنِي فَضْلَ مَائِهَا وَهُوَ تَفْسِيرٌ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي جُمْلَتِهِ وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ أَسْنَدَ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ وَهُوَ مُرْسَلٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فِيمَا عَلِمْتُ هَكَذَا (وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي صَاعِدٍ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْجَرْمِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدِ بن عبد الرحمان الْجُمَحِيِّ (3) عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الرجال محمد بن عبد الرحمان بْنِ حَارِثَةَ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرحمان عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُمْنَعَ نَقْعُ بِئْرٍ وَهَذَا الْإِسْنَادُ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا عَنْ مَالِكٍ فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا

كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ فِي الْمُوَطَّأِ مُرْسَلٌ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) وَقَدْ أَسْنَدَهُ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ (وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ هُوَ مَا تَبَقَّى فِيهَا مِنَ الْمَاءِ بَعْدَ مَنْفَعَةِ صَاحِبِهَا) وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَمْرٍو وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُمْنَعَ نَقْعُ بِئْرٍ يَعْنِي فَضْلَ مَائِهَا هَكَذَا جَاءَ هَذَا التَّفْسِيرُ فِي نَسَقِ الْحَدِيثِ مُسْنَدًا وَهُوَ كَمَا جَاءَ فِيهِ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا عَلِمْتُ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ وَفِيمَا أَذِنَ لَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْعَبَّاسِ الْإِخْمِيمِيُّ أَنْ نَرْوِيَهُ عَنْهُ وَأَجَازَ لَنَا ذَلِكَ وَأَخْبَرَنَا بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا أبو الحسن محمد بن موسى

ابن أَبِي مَالِكٍ الْمَعَافِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أبي داود البرنسي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُمْنَعَ نَقْعُ (بِئْرٍ) يَعْنِي فَضْلَ مَائِهَا أَخْبَرَنَا عبد العزيز بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ (قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن هرون عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ينهى أَنْ يُمْنَعَ نَقْعُ بِئْرٍ يَعْنِي فَضْلَ الْمَاءِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ (حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُمْنَعَ نَقْعُ ماء بئر

(قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ هُوَ أَنْ لَا يُمْنَعَ الْمَاءُ قَبْلَ أَنْ يُسْقَى وَقَالَ ابْن وَهْبٍ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ هُوَ مَا بَقِيَ فِيهَا مِنَ الْمَاءِ بَعْدَ مَنْفَعَةِ صَاحِبِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ فِي وُجُوهٍ أَيْضًا صِحَاحٍ وَالْمَعْنَى فِيهَا كُلِّهَا مُتَقَارِبٌ فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ يُمْنَعُ بِهِ الْكَلَأُ وَمِنْهَا حَدِيثُ جَابِرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ وَمِنْهَا حَدِيثُ دَاوُدَ الْعَطَّارِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ هَكَذَا قَالَ دَاوُدُ الْعَطَّارُ وَخَالَفَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ الْعَطَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْمِنْهَالِ عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدٍ قَالَ لِرَجُلٍ لَا تَبِعِ الْمَاءَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو أَخْبَرَهُ أَبُو الْمِنْهَالِ أَنَّ إِيَاسَ بْنَ عَبْدٍ قَالَ لِرَجُلٍ لَا تَبِعِ الْمَاءَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ (وَأَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيُّ أَنْبَأَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَنْبَأَنَا الشَّافِعِيُّ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدٍ أَنَّهُ قَالَ لَا تَبِيعُوا الْمَاءَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ) قَالَ سُفْيَانُ لَا يَدْرِي عَمْرٌو أَيَّ مَاءٍ هُوَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زياد عن

الْأَعْمَشِ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ فَمَنَعَهُ ابْنَ السَّبِيلِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَسْعُودٍ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ قَالَ مَعْنَى حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ وَعَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ وَأَنَّهُ نَهَى عَنْ مَنْعِ فَضْلِ الْمَاءِ هُوَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يُبَاعَ الْمَاءُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي جَعَلَهُ اللَّهُ فِيهَا وَذَلِكَ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ لَهُ الْبِئْرُ أَوِ الْعَيْنُ أَوِ النَّهْرُ لِيَشْرَبَ مِنْ مَائِهِ ذَلِكَ وَلِيَسْقِيَ دَابَّتَهُ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا فَيَمْنَعُهُ ذَلِكَ فَهَذَا هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ (وَأَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ) لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ فَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ بِدَابَّتِهِ وَمَاشِيَتِهِ إِلَى الرَّجُلِ لَهُ الْبِئْرُ وَفِيهَا فَضْلٌ عَنْ سَقْيِ مَاشِيَتِهِ فَيَمْنَعُهُ صَاحِبُ الْبِئْرِ السَّقْيَ يُرِيدُ بَيْعَ فَضْلِ مَائِهِ مِنْهُ فَذَلِكَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ مِنْ (بَيْعِ) فَضْلِ الْمَاءِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُبِيحَ غَيْرُهُ فَضْلَ مَائِهِ لِيَسْقِيَ مَاشِيَتَهُ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَاشِيَةِ إِذَا مُنِعَ أَنْ يَسْقِيَ مَاشِيَتَهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمُقَامِ بِبَلَدٍ لَا يَسْقِي فِيهِ مَاشِيَتَهُ فَيَكُونُ مَنْعُهُ الْمَاءَ الَّذِي يَمْلِكُ مَنْعًا لِلْكَلَأِ الَّذِي لَا يَمْلِكُ وَدَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ مَالِكَ الْمَاءِ أَحَقُّ بِالتَّقَدُّمِ فِي السَّقْيِ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِأَنْ لَا يُمْنَعَ الْفَضْلُ وَالْفَضْلُ هُوَ الْفَضْلُ عَنِ الْكَفَافِ وَالْكِفَايَةِ وَدَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ الَّذِي وَرَدَ فِي فَضْلِ الْمَاءِ هُوَ مَنْعُ شِفَاهِ النَّاسِ وَالْمَوَاشِي أَنْ يَشْرَبُوا فَضْلًا عَنْ حَاجَةِ صَاحِبِ الْمِلْكِ مِنَ الْمَاءِ وَأَنْ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَاءِ مَنْعُهُمْ وَأَحَادِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مُتَّفِقَةٌ تُفَسِّرُهَا السُّنَّةُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتِ الْأَحَادِيثُ بِأَلْفَاظٍ شَتَّى قَالَ وَإِنْ كَانَ هَذَا فِي مَاءِ الْبِئْرِ كَانَ فِيمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ مَاءِ الْبِئْرِ أَوْلَى أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنَ الشَّفَةِ قَالَ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ مِنْ رَجُلٍ لَهُ بِئْرٌ فَضْلَ مَائِهِ مِنْ تِلْكَ الْبِئْرِ لِيَسْقِيَ بِذَلِكَ زَرْعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَ لِمَالِكِ الْبِئْرِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ لأن النبي

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَبَاحَهُ فِي الشِّفَاهِ الَّتِي يُخَافُ مَعَ مَنْعِ الْمَاءِ مِنْهَا التَّلَفُ عَلَيْهَا وَلَا تَلَفَ عَلَى الْأَرْضِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِرُوحٍ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَسْقِيَ إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَاءِ قَالَ وَإِذَا حَمَلَ الرَّجُلُ الْمَاءَ عَلَى ظَهْرِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا حَمَلَ مِنْهُ وَإِنَّمَا يَبِيعُ تَصَرُّفَهُ بِحَمْلِهِ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى شَفِيرِ بِئْرٍ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أن ينزع بنفسه لم يكن بأسا أَنْ يُعْطِيَ رَجُلًا أَجْرًا وَيَنْزِعَ لَهُ لِأَنَّ نَزْعَهُ إِنَّمَا هُوَ إِجَارَةٌ لَيْسَتْ عَلَيْهِ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا جُمْلَةُ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي هَذَا الْبَابِ فَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ حَفَرَ فِي أَرْضِهِ أَوْ دَارِهِ بِئْرًا فَلَهُ بَيْعُهَا وَبَيْعُ مَائِهَا كُلِّهِ وَلَهُ مَنْعُ المارة من مائها إلا بثمن إلا قوم لَا ثَمَنَ مَعَهُمْ وَإِنْ تُرِكُوا إِلَى أَنْ يَرِدُوا مَاءَ غَيْرِهِ هَلَكُوا فَإِنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ وَلَهُمْ جِهَادُهُ إِنْ مَنْعَهُمْ ذَلِكَ وَأَمَّا مَنْ حَفَرَ مِنَ الْآبَارِ فِي غَيْرِ مِلْكٍ مُعَيَّنٍ لِمَاشِيَةٍ أَوْ شَفَةٍ وَمَا حُفِرَ فِي الصَّحَارِي كَمَوَاجِلِ الْمَغْرِبِ وأَنْطَابُلُسَ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَلَا يُمْنَعُ أَحَدٌ فَضْلَهَا وَإِنْ مَنَعُوهُ حَلَّ لَهُ قِتَالُهُمْ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرِ الْمُسَافِرُونَ عَلَى دَفْعِهِمْ حَتَّى مَاتُوا عَطَشًا فَدِيَاتُهُمْ عَلَى عَوَاقِلِ الْمَانِعِينَ وَالْكَفَّارَةُ مِنْ كُلِّ نَفْسٍ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ الْمَانِعِينَ مَعَ وَجِيعِ الْأَدَبِ

وَكَرِهَ مَالِكٌ بَيْعَ فَضْلِ مَاءِ مِثْلِ هَذِهِ الْآبَارِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ فَضْلِ مَاءِ الزَّرْعِ مِنْ بِئْرٍ أَوْ عَيْنٍ وَبَيْعِ رِقَابِهِمَا قَالَ وَلَا يُبَاعُ أَصْلُ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ وَلَا مَاؤُهَا وَلَا فَضْلُهُ يَعْنِي الْآبَارَ الَّتِي تُحْفَرُ فِي الْفَلَاةِ لِلْمَاشِيَةِ وَالشِّفَاهِ وَأَهْلُهَا أَحَقُّ بِرَيِّهِمْ ثُمَّ النَّاسُ سَوَاءٌ فِي فَضْلِهَا إِلَّا الْمَارَّةَ أَوِ الشَّفَةَ أَوِ الدَّوَابَّ فَإِنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْبِئْرُ تَنْهَارُ لِلرَّجُلِ وَلَهُ عَلَيْهَا زَرْعٌ أَوْ نَحْوُهُ مِنَ النَّبَاتِ الَّذِي يَهْلِكُ بِعَدَمِ الْمَاءِ الَّذِي اعْتَادَهُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَإِلَى جَنْبِهِ بِئْرٌ لِجَارِهِ يُمْكِنُ أَنْ يَسْقِيَ مِنْهَا زَرْعَهُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِنَّ صَاحِبَ تِلْكَ الْبِئْرِ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَسْقِيَ جَارُهُ بِفَضْلِ مَائِهِ زَرْعَهُ الَّذِي يَخَافُ هَلَاكَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى صَاحِبِ الْمَاءِ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى تَأَوَّلَ مَالِكٌ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ يَعْنِي بِئْرَ الزَّرْعِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ بِثَمَنٍ أَوْ بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَقَالَ بضعهم يُجْبَرُ وَيُعْطَى الثَّمَنَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُجْبَرُ وَلَا ثَمَنَ لَهُ وَجَعَلُوهُ كَالشِّفَاهِ مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَالْمَوَاشِي فَتَدَبَّرْ مَا أَوْرَدْتُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ تَقِفْ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي اخْتَلَفَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي هَذَا الْبَابِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءً وَقَالُوا لِكُلِّ مَنْ لَهُ بِئْرٌ فِي أَرْضِهِ الْمَنْعُ مِنَ الدُّخُولِ

إِلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلشِّفَاهِ وَالْحَيَوَانِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَاءٌ فَيَسْقِيهِمْ قَالُوا وَلَيْسَ عَلَيْهِ سَقْيُ (زَرْعِ) جَارِهِ (وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِنَّمَا جَاءَ الْحَدِيثُ فِي مَنْعِ الْمَاءِ لِشِفَاهِ الْحَيَوَانِ وَأَمَّا الْأَرْضُونَ فَلَيْسَ يَجِبُ ذَلِكَ عَلَى الْجَارِ فِي فَضْلِ مَائِهِ) وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي مَعْنَى لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ وَلَا يُمْنَعُ وَهُوَ بِئْرٌ الْبِئْرُ تَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ يَسْقِي مِنْهَا هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ فَيَسْقِي أَحَدُهُمَا يَوْمَهُ فَيَرْوِي نَخْلَهُ أَوْ زَرْعَهُ فِي بَعْضِ يَوْمِهِ وَيَسْتَغْنِي عَنِ السَّقْيِ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ أَوْ يَسْتَغْنِي فِي يَوْمِهِ كُلِّهِ عَنِ السَّقْيِ فَيُرِيدُ صَاحِبُهُ أَنْ يَسْقِيَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ قَالَ ذَلِكَ لَهُ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْيَوْمِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِمَّا لَا يَنْفَعُهُ حَبْسُهُ وَلَا يَضُرُّهُ تَرْكُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا حَسَنٌ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ مِنَ التَّنَازُعِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْبِئْرُ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ فِي حَائِطِهِ فَيَحْتَاجُ جَارُهُ وَهُوَ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِي البئر

إِلَى أَنْ يَسْقِيَ حَائِطَهُ بِفَضْلِ مَائِهَا فَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ بِئْرُهُ تَهَوَّرَتْ فَيَكُونَ لَهُ أَنْ يَسْقِيَ بِفَضْلِ مَاءِ جَارِهِ إِلَى أَنْ يُصْلِحَ بِئْرَهُ وَيَقْضِيَ لَهُ بِذَلِكَ وَتَدْخُلُ حِينَئِذٍ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ لَا يُمْنَعُ نَقْعُ الْبِئْرِ قَالَ وَلَيْسَ لِلَّذِي تَهَوَّرَتْ بِئْرُهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إِصْلَاحَ بِئْرِهِ وَلَا يُتْرَكُ وَالتَّأْخِيرَ وَذَلِكَ فِي الزَّرْعِ الَّذِي يَخَافُ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ إِنْ مُنِعَ السَّقْيُ إِلَى أَنْ يُصْلِحَ الْبِئْرَ قَالَ فَأَمَّا أَنْ يُحْدِثَ عَلَى الْبِئْرِ عَمَلًا مِنْ غَرْسٍ أَوْ زَرْعٍ لِيَسْقِيَهُ بِفَضْلِ مَاءِ جَارِهِ إِلَى أَنْ يُصْلِحَ بِئْرَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ له قَالَ وَهَكَذَا فَسَّرَهُ لِي مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ وَفَسَّرَهُ لِي أَيْضًا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ وَأَخْبَرَنِي أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَرِوَايَتُهُمْ عَنْ مَالِكٍ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي التَّفَاضُلِ فِي الْمَاءِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْمَاءِ مُتَفَاضِلًا وَإِلَى أَجَلٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ هُوَ مِمَّا يُكَالُ وَيُوزَنُ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَلَا النَّسَا وَذَلِكَ عِنْدَهُ فِيهِ رِبًا لِأَنَّ عِلَّتَهُ فِي الرِّبَا الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَاءِ مُتَفَاضِلًا وَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْأَجَلُ وَعِلَّتُهُ فِي الرِّبَا أَنْ يَكُونَ مَأْكُولًا جِنْسًا وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي أُصُولِهِمْ فِي عِلَلِ الرِّبَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وجه لإعادته ها هنا

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِأَبِي الرِّجَالِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الرجال محمد بن عبد الرحمان بْنِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بنت عبد الرحمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنَ الْعَاهَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ رُوِيَ مُسْنَدًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَغَيْرِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَنْجُوَ مِنَ الْعَاهَةِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُنِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ

يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنَ الْعَاهَةِ قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ فَسَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مَتَّى ذَلِكَ قَالَ طُلُوعَ الثُّرَيَّا وَقَدْ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَذْهَبَ عَاهَتُهَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ كُلُّهَا صِحَاحٌ ثَابِتَةٌ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَحَتَّى تُزْهِيَ وَحَتَّى تَحْمَرَّ وَحَتَّى تُطْعَمَ وَحَتَّى تَخْرُجَ مِنَ الْعَاهَةِ أَلْفَاظٌ كُلُّهَا مَحْفُوظَةٌ وَمَعْنَاهَا وَاحِدٌ وَالْمَعْنَى فِيهَا أَنْ تَنْجُوَ مِنَ الْعَاهَةِ وهي الحائجة فِي الْأَغْلَبِ لِأَنَّ الثِّمَارَ إِذَا بَدَا صَلَاحُهَا نَجَتْ مِنَ الْعَاهَةِ جُمْلَةً وَاحِدَةً

وَلَكِنَّهَا إِذَا بَدَا طِيبُهَا كَانَ أَقْرَبَ إِلَى سَلَامَتِهَا وَقَلَّمَا يَكُونُ سُقُوطُ مَا يَسْقُطُ مِنْهَا إِلَّا قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ مَا اعْتَرَاهَا مِنْ جَائِحَةٍ مِنَ السَّمَاءِ أَوْ غَيْرِهَا فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فلا حاجة إلى إعادته ها هنا وَقَدْ رَوَى وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عِسْلِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طَلَعَتِ الثُّرَيَّا صَبَاحًا رُفِعَتِ الْعَاهَةُ عَنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ وَمَضَى الْقَوْلُ فِيهِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَطُلُوعُ الثُّرَيَّا صَبَاحًا لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً تَمْضِي مِنْ شَهْرِ أَيَّارَ وَهُوَ شَهْرُ مَايَهَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فِيمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الثِّمَارِ كُلِّهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى الْقَطْعِ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّهَا إِذَا قُطِعَتْ فِي الْوَقْتِ أُمِنَتْ فِيهَا الْعَاهَةُ وَلَمْ يَمْنَعِ اللَّهُ الْمُشْتَرِيَ شَيْئًا أَرَادَهُ وَمِنْ هَذَا جَوَازُ بَيْعِ الْقَصِيلِ وَشَبَهِهِ عَلَى الْقَطْعِ وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا إِلَّا

عَلَى الْقَطْعِ وَكَذَلِكَ الْقَصِيلُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أبي ليلى والثوري والأوزاعي والليث وَالشَّافِعِيِّ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فَإِذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَسَوَاءٌ اشْتَرَطَ تَبْقِيَتَهَا أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْبَيْعُ صَحِيحٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَجُوزُ بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَبَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطِ التَّبْقِيَةَ وَالْقَطْعَ وَلَكِنْ بَاعَهَا وَسَكَتَ وَإِنِ اشْتَرَطَ تَبْقِيَتَهَا فَسَدَ الْعَقْدُ سَوَاءٌ بَاعَهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا تَنَاهَى عِظَمُهُ فَشَرَطَ تَرْكَهُ جَازَ اسْتِحْسَانًا قَالَ أَبُو عُمَرَ جَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَنْجُوَ مِنَ الْعَاهَةِ رَدًّا لِقَوْلِهِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَقَالَ مَا ذَكَرْنَا وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَجَعَلَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ ذَلِكَ كُلَّهُ مَعْنًى وَاحِدًا وَحَمَلُوهُ عَلَى الْأَغْلَبِ فِي أَنَّهَا تَسْلَمُ حِينَئِذٍ (فِي الْأَغْلَبِ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْحُجَّةُ لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا عُمُومُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا مَعَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَحَتَّى غَايَةٌ يَقْتَضِي هَذَا الْقَوْلُ أَنَّهُ إِذَا بَدَا صَلَاحُهَا جَازَ بَيْعُهَا جَوَازًا مُطْلَقًا سَوَاءٌ شَرَطَ التَّبْقِيَةَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ سُئِلَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يُزْهِيَ فَقَالَ لَوْلَا مَا قَالَ النَّاسُ فِيهِ مَا رَأَيْتُ به بأسا

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِأَبِي الرِّجَالِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة بنت عبد الرحمان أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ الْمُخْتَفِيَ وَالْمُخْتَفِيَةَ يَعْنِي نَبَّاشَ الْقُبُورِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا التَّفْسِيرُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ الظُّهُورُ وَالْكَشْفُ لِأَنَّ النَّبَّاشَ يَكْشِفُ الْمَيِّتَ عَنْ ثِيَابِهِ وَيُظْهِرُهُ وَيَقْلَعُهَا عَنْهُ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّاعَةِ أَكَادُ أَخْفِيهَا عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ قَالَ أَبُو عُبَيْدةَ يُقَالُ خَفَيْتُ خبزتي أخرجتها من النار وَأَنْشَدَ لِامْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَابِسٍ الْكِنْدِيِّ ... فَإِنْ تَكْتُمُوا الدَّاءَ لَا نَخْفِهِ ... وَإِنْ تَبْعَثُوا الْحَرْبَ لَا نَقْعُدُ ... قَالَ وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْسِ بْنُ حُجْرٍ ... خَفَاهُنَّ مِنْ أَنْفَاقِهِنَّ كَأَنَّمَا ... خَفَاهُنَّ وَدْقٌ مِنْ عَشِيٍّ مُجَلَّبِ

وقال الأصمعي مجلب بالجيم يعني صوت الرَّعْدُ قَالَ أَبُو عُبَيْدةَ وَالْغَالِبُ عَلَى هَذَا النَّحْوِ أَنْ يَكُونَ خَفَيْتُ بِغَيْرِ أَلْفٍ وَقَدْ يَكُونُ أَيْضًا بِالْأَلْفِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَخْفَاهَا أَظْهَرَهَا وَيَكُونُ مِنَ الْأَضْدَادِ (وَيُقَالُ خَفَيْتُ الشَّيْءَ أَظْهَرْتُهُ وَأَخْفَيْتُهُ سَتَرْتُهُ (وَمِمَّنْ قَرَأَ أَخْفِيهَا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ وَمُجَاهِدٌ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ) وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ وَغَيْرُهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عبد الله ابن مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ الْبُرُلُّسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُخْتَفِيَ وَالْمُخْتَفِيَةَ (رِوَايَةُ (3) الْوُحَاظِيِّ مَشْهُورَةٌ عَنْهُ فِي تَوْصِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ قِيلَ لَهُ حَدَّثَكَ أَبُو الرجال محمد بن عبد الرحمان عن

أُمِّهِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ الْمُخْتَفِيَ وَالْمُخْتَفِيَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِاللَّعْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ النَّبَّاشُ الَّذِي يَحْفُرُ عَلَى الْمَيِّتِ فيتبشه وَيُخْرِجُهُ وَيُجَرِّدُهُ مِنْ ثِيَابِهِ وَيَأْخُذُهَا وَأَمَّا مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِوَلِيِّهِ مِنَ الْمَوْتَى لِعُذْرٍ مَا ووجه غَيْرُ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَقَدْ أَخْرَجَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبَاهُ مِنْ قَبْرِهِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ وَدَفَنَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَفَعَلَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ بِشُهَدَاءِ أُحُدٍ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُجْرِيَ الْعَيْنَ وَذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا أَنْكَرَهُ يَوْمَئِذٍ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي النَّبَّاشِ هَلْ عَلَيْهِ الْقَطْعُ إِذَا نَزَعَ مِنَ الْمَيِّتِ مِنَ الثِّيَابِ مَا يَحِقُّ فِيهِ الْقَطْعُ أَمْ لَا فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَبْرَ لَيْسَ بِحِرْزٍ وَلِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَمْلِكُ وَقَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ الْقَطْعُ لِأَنَّ الْقَبْرَ كَالْبَيْتِ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ قال حدثنا عبد الرحمان قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ الْقَبْرُ حِرْزُ الْمَيِّتِ كَمَا أَنَّ الْبَيْتَ حِرْزٌ لِلْحَيِّ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ سَمَّى الْقَبْرَ بَيْتًا فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا وَقَدِ اسْتَدَلَّ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي قَطْعِ النَّبَّاشِ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَأَمَّا نَبْشُ الْمَوْتَى وَإِخْرَاجُهُمْ لِمَعْنًى غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَعَانِي أَبِي وَقَدْ حَضَرَ قِتَالَ أُحُدٍ فَقَالَ لِي يَا جَابِرُ لَا أُرَانِي إِلَّا أَوَّلَ مَقْتُولٍ يُقْتَلُ غَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنِّي لَنْ أَدَعَ أَحَدًا أَعَزَّ مِنْكَ غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ لَكَ أَخَوَاتٍ فَاسْتَوْصِ بِهِنَّ خَيْرًا وَإِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا فَاقْضِ عَنِّي فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَدَفَنْتُهُ هُوَ وَآخَرُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فَكَانَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَيَوْمِ دَفَنْتُهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ فِي قَبْرٍ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى حَوَّلْتُهُ وَحَدَّثَنَا

عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ إِنِّي مُعَرِّضُ نَفْسِي لِلْقَتْلِ وَلَا أُرَانِي إِلَّا مَقْتُولًا وَإِنِّي لَا أَدَعُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكَ وَأَوْصَاهُ بِبَنَاتِهِ وَدَيْنٍ عَلَيْهِ فَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَدُفِنُوا بِأُحُدٍ قَالَ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسُنَا فَاسْتَخْرَجْنَاهُمْ بَعْدَ سِتَّةِ أَوْ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ فَوَجَدْنَاهُمْ لَمْ يَتَغَيَّرُوا غَيْرَ أَنْ طَرَفَ أُذُنِ أَحَدِهِمْ قَدْ تَغَيَّرَ وَأَخْبَرَنَا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُجْرِيَ الْعَيْنَ الَّتِي فِي أَسْفَلِ أُحُدٍ عِنْدَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ بِالْمَدِينَةِ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ مَيِّتٌ فَلْيَأْتِهِ فَلْيُخْرِجْهُ قَالَ جَابِرٌ فَذَهَبْتُ إِلَى أَبِي فأخرجناهم رطابا يتثنون قال أبو سعيد لا أنكر بَعْدَ هَذَا مُنْكِراً أَبَدًا قَالَ جَابِرٌ فَأَصَابَتِ المسحات أصبغ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَقَطَرَ الدَّمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ رَآهُ بَعْدَ قَتْلِهِ وَدَفْنِهِ مَوْلًى لَهُ فِي النَّوْمِ فَشَكَا إِلَيْهِ أَنَّ الْمَاءَ يُؤْذِيهِ فَنَبَشَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ جَنْبِ سَاقِيَةٍ كَانَ دُفِنَ إِلَيْهَا وَوَجَدَ جَنْبَهُ قَدِ اخْضَرَّ فَدَفَنَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي كتاب

الصَّحَابَةِ فِي بَابِ طَلْحَةَ عَلَى وَجْهِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا مِنْ قَوْلِهَا كَسْرُ عَظْمِ الْمُؤْمِنِ مَيِّتًا كَكَسْرِهِ وَهُوَ حَيٌّ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ يَقُولُونَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ كَسْرُ عَظْمِ الْمُؤْمِنِ مَيِّتًا كَكَسْرِهِ وَهُوَ حَيٌّ تَعْنِي فِي الْإِثْمِ وَهُوَ حَدِيثٌ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَمِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَفَعَهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ عمرة وغيرها فرأيت ذكره ها هنا لِأَنَّ أَصْلَهُ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ حَفْرِ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَةَ تَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كَسْرُ عَظْمِ الْمُؤْمِنِ مَيِّتًا كَكَسْرِهِ حَيًّا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عن شعبة عن محمد بن عبد الرحمان قَالَ قَالَتْ عَمْرَةُ أَعْطِنِي قِطْعَةً مِنْ

أَرْضِكَ أُدْفَنُ فِيهَا فَإِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ وَهُوَ حَيٌّ قَالَ مُحَمَّدٌ وَكَانَ مَوْلًى بِالْمَدِينَةِ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ قال حدثنا زهير يعني بن مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَسْرُ عَظْمِ الْمُؤْمِنِ مَيِّتًا كَكَسْرِهِ حَيًّا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كَلَامٌ عَامٌّ يُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ كَسْرَ عَظْمِ الْمَيِّتِ لَا دِيَةَ فِيهِ وَلَا قَوْدَ فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمَعْنَى كَكَسْرِهِ حَيًّا فِي الْإِثْمِ لَا فِي الْقَوْدِ وَلَا الدِّيَةِ لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ (وَفِي لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّبَّاشِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ أَتَى الْمُحَرَّمَاتِ وَارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ الْمَحْظُورَاتِ فِي أَذَى الْمُسْلِمِينَ وَظُلْمِهِمْ جَائِزٌ لَعْنُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَالْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْخَمْرَ وَشَارِبَهَا الْحَدِيثَ وَكَثِيرًا مِمَّنْ يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهِمْ وَتَفَرَّدَ حَبِيبٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ خِفَافِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ رَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ غِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اللَّهُمَّ الْعَنْ بَنِي لِحْيَانَ ورعنا وَذَكْوَانَ قَالَ خِفَافٌ فَجَعَلَ لَعْنَ الْكُفْرِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ حَبِيبٌ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ صَحِيحٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو) وَفِي قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي هَذَا الحديث كسر عظم المؤمن دليل على أن غير المؤمن بِخِلَافِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَبْشِ قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ طَلَبًا لِلْمَالِ فَقَالَ مَالِكٌ أَكْرَهُهُ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ بِنَبْشِ قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ طَلَبًا لِلْمَالِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يُفْعَلُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَرَّ بِالْحِجْرِ سَجَّى ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَاسْتَحَثَّ عَلَى رَاحِلَتِهِ ثُمَّ قَالَ لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ الَّذِينَ ظَلَمُوا إِلَّا أَنْ تَدْخُلُوهَا وَأَنْتُمْ بَاكُونَ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ يَرْوِيهِ ابْنُ شِهَابٍ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْقَعْنَبِيِّ وَرُوِىَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَمَّا أَتَى ذَلِكَ الْوَادِيَ أَمَرَ النَّاسَ فَأَسْرَعُوا وَقَالَ إِنَّ هَذَا وَادٍ مَلْعُونٌ وَرَوِيٌّ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْعَجِينِ فَطُرِحَ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجْنَا إِلَى الطَّائِفِ فَمَرَرْنَا بِقَبْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ وَهُوَ أَبُو الطَّائِفِ وَكَانَ مِنْ ثَمُودَ وَكَانَ بِهَذَا الْحَرَمِ يَدْفَعُ عَنْهُ فَلَمَّا خَرَجَ أَصَابَتْهُ النِّقْمَةُ بِهَذَا الْمَكَانِ وَدُفِنَ فِيهِ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ دُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ إِنْ أَنْتُمْ نَبَشْتُمْ عَنْهُ أَصَبْتُمُوهُ مَعَهُ فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ فَاسْتَخْرَجُوا مَعَهُ الْغُصْنَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ نَبْشِ قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ لِأَخْذِ الْمَالِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ (قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو رِغَالٍ هَذَا هُوَ الَّذِي يَرْجُمُ قَبْرَهُ أَبَدًا كُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ وَاخْتُلِفَ فِي قِصَّتِهِ فَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ مِنْ ثمود واستحق من العقوبة مَا اسْتَحَقَّتْ ثَمُودُ فَصَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ فِي الْحَرَمِ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهُ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ فَمَاتَ فَدُفِنَ هُنَاكَ وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ وَجَّهَهُ صَالِحٌ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى

نَفَقَاتِ الْأَمْوَالِ فَخَالَفَ أَمْرَهُ وَأَسَاءَ السِّيرَةَ فَوَثَبَ عَلَيْهِ ثَقِيفٌ وَهُوَ قَسِيُّ بْنُ مُنَبِّهٍ فَقَتَلَهُ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِسُوءِ سِيرَتِهِ فِي أَهْلِ الْحَرَمِ فَقَالَ غَيْلَانُ بْنُ سَلَمَةَ الثَّقَفِيُّ وَذَكَرَ قَسْوَةَ اللَّهِ عَلَى أَبِي رِغَالٍ ... نَحْنُ قَسِيٌّ وَقَسِيٌّ أَبُونَا ... وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ ... نَفَوْا عَنْ أَرْضِهِمْ عَدْنَانَ طُرًّا ... وَكَانُوا لِلْقَبَائِلِ قَاهِرِينَا ... ... وَهُمْ قَتَلُوا الرَّئِيسَ أَبَا رِغَالٍ ... بِنَخْلَةَ إِذْ يَسُوقُ بِهَا الْوَضِينَا ... وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دَارِكٍ الْعَبْدِيُّ يَذْكُرُ فُجُورَ أَبِي رِغَالٍ وَخُبْثَهُ فَقَالَ ... وَإِنِّي إِنْ قَطَعْتُ حِبَالَ قَيْسٍ ... وَحَالَفْتُ الْحَرُونَ عَلَى تَمِيمِ ... ... لَأَعْظَمُ فَجَرَةً مِنْ أَبِي رِغَالٍ ... وَأَجْوَرُ فِي الْحُكُومَةِ مِنْ سَدُومِ ... وَقَالَ مِسْكِينٌ الدَّارِمِيُّ ... وَأَرْجُمُ قَبْرَهُ فِي كُلِّ عَامٍ ... كَرَجْمِ النَّاسِ قَبْرَ أَبِي رِغَالِ) ... وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ مَوْضِعُ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبُورَ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ فِيهِ حَرْثٌ وَنَخْلٌ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ وَبِالْحَرْثِ فَسُوِّيَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قاسم بن عبد

الرحمان حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ بَكْرَ بْنَ الْعَلَاءِ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الشَّامِيُّ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ لِأَصْحَابِ الْحِجْرِ لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعْتَدِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ أَجَازَ الدُّخُولَ عَلَيْهِمْ فِي حَالِ الْبُكَاءِ وَحَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الرِّيَاحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَهُوَ ابْنُ أُمَيَّةَ عَنْ يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَمَرَرْنَا بِقَبْرٍ فَقَالَ هَذَا قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ وَهُوَ امْرُؤٌ مِنْ ثَمُودَ وَكَانَ مَسْكَنُهُ الْحَرَمَ فَلَمَّا أَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمَهُ بِمَا أَهْلَكَهُمْ بِهِ مَنَعَهُ لِمَكَانِهِ مِنَ الْحَرَمِ فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا بَلَغَ هَاهُنَا مَاتَ فَدُفِنَ وَدُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ فَابْتَدَرْنَاهُ فَاسْتَخْرَجْنَاهُ

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِأَبِي الرِّجَالِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الرجال محمد بن عبد الرحمان عن أمه عمرة بنت عبد الرحمان أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ ابْتَاعَ رَجُلٌ ثَمَرَ حَائِطٍ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَالَجَهُ وَقَامَ فِيهِ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ النُّقْصَانُ فَسَأَلَ رَبَّ الْحَائِطِ أَنْ يَضَعَ لَهُ أَوْ أَنْ يُقِيلَهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ فَذَهَبَتْ أُمُّ الْمُشْتَرِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأَلَّى أَنْ لَا يَفْعَلَ خَيْرًا فَسَمِعَ ذَلِكَ رَبُّ الْحَائِطِ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ لَهُ (قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ يُسْنَدُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ مُتَّصِلٍ (إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَكَانَ مَالِكٌ يَرْضَى سُلَيْمَانَ بْنَ بِلَالٍ

وَيُثْنِي عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الرجال محمد بن عبد الرحمان عن أمه عمرة بنت عبد الرحمان قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُمَا وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الْآخَرَ وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَيْءٍ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ الْمُتَأَلِّي عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ الْمَعْرُوفَ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ الله فليفعل لي ذَلِكَ أَحَبَّ) وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا جَائِحَةَ يُقَامُ بِهَا وَيُحْكَمُ بِإِلْزَامِهَا الْبَائِعَ فِي الثِّمَارِ إِذَا بِيعَتْ قَلَّتِ الْجَائِحَةُ أَوْ كَثُرَتْ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ مِقْدَارُ النُّقْصَانِ كَثِيرًا كَانَ أَمْ قَلِيلًا وَلَوْ لَزِمَتِ الْجَائِحَةُ فِي شَيْءٍ مِنَ الثِّمَارِ الْبَائِعَ بَعْدَ بَيْعِهِ لَبَيَّنَ ذلك

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَبَيَّنَ الْمِقْدَارَ وَهَذَا مَعْنًى اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ وَمَا احْتَجُّوا بِهِ مِنَ الْآثَارِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا النَّدْبُ إِلَى حَطِّ مَا أُجِيحَ (بِهِ) الْمُبْتَاعُ فِي الثِّمَارِ إِذَا ابْتَاعَهَا نَدَبَ الْبَائِعَ لِذَلِكَ وَحَضَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُلْزِمْهُ وَلَا قَضَى عَلَيْهِ بِهِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَأَلَّى (عَلَى اللَّهِ) أَنْ لَا يَفْعَلَ خَيْرًا وَمَنْ قَالَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِي الثِّمَارِ وَإِلْزَامِهَا الْبَائِعَ احْتَجَّ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ وَبِحَدِيثِهِ أَيْضًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ وَأَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي هذه الآثر من التأويل والتحريج وَالْوُجُوهِ وَالْمَعَانِي فِي بَابِ حُمَيْدٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَى حَدِيثِ عَمْرَةَ هَذَا دُونَ لَفْظِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الخدري وهو حديث صحيح

أخبرنا عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرٍ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ أُصِيبَ رَجُلٌ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا وَكَثُرَ دَيْنُهُ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ وَفَاءَ دَيْنِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ وَكَانَ أَبُو عَبْدِ الرحمان النَّسَائِيُّ يَقُولُ هَذَا الْحَدِيثُ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا عبد العزيز بن يحيى وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ أُصِيبَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا بِدَيْنٍ فَكَثُرَ دَيْنُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لغرمائه

خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ يَحْيَى تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَحَدِيثُ عَمْرَةَ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْضِ بِوَضْعِ الْجَائِحَةِ (فِي قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ وَالَّذِينَ) قَالُوا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ لَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ يَعْنِي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حَتَّى الْمَيْسَرَةِ (لِأَنَّهُ كَانَ مُفْلِسًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ كَانَ دُونَ الثُّلُثِ فَقَالَ لَيْسَ لَكُمْ غَيْرُ ذَلِكَ) وَخَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ فَقَالُوا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَبُيِّنَ فِي الْحَدِيثِ وَهَذِهِ دَعْوَى وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ إِنَّ مَعْنَى الْأَمْرِ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ إِنَّمَا هُوَ فِي وَضْعِ خَرَاجِ الْأَرْضِ وَكِرَائِهَا عَمَّنْ أَصَابَ زَرْعَهُ أَوْ ثَمَرَهُ آفَةٌ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّمَا هَذَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِذَا قَبَضَ الْمُبْتَاعُ مَا ابْتَاعَهُ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْأَمْرُ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ إِنَّمَا كَانَ عَلَى النَّدْبِ إِلَى الْخَيْرِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ عَمْرَةَ هَذَا (وَقَوْلُهُ فِيهِ تَأَلَّى أَلَّا يَفْعَلَ خَيْرًا) لَا أَنَّهُ شَيْءٌ يَجِبُ الْقَضَاءُ بِهِ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ قَبَضَ مَا يَبْتَاعُ بِمَا يَجِبُ

بِهِ قَبْضُهُ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ تَسْلِيمٍ وَصَارَ فِي يَدِ الْمُبْتَاعِ كَمَا كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَنَّ الْمُصِيبَةَ وَالْجَائِحَةَ فِيهِ مِنَ الْمُبْتَاعِ إِلَّا الثِّمَارَ إِذَا بِيعَتْ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَوَاجِبٌ رَدُّ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ إِلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ نَظِيرٍ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَرٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذْهَبَ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِيهَا وَمَذْهَبَ غَيْرِهِمْ أَيْضًا وَحُجَّةَ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هَاهُنَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

موسى بن عقبة

مَالِكٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ تَابِعِيٌّ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ وَهُوَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ مَوْلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ كَانَ الزُّبَيْرُ قَدْ أَعْتَقَ جَدَّهُ أَبَا عَيَّاشٍ هَكَذَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ مَوْلَى أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ (خَالِدِ بْنِ) سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا هَذَا فِي نَسَبِهِ وَوَلَائِهِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا وَسَمِعَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ مِنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ (خَالِدِ بْنِ) سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَرَأَى ابْنَ عُمَرَ وَسَهْلَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ حَجَجْتُ وَابْنُ عُمَرَ بِمَكَّةَ عَامَ حَجَّ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ وَرَأَيْتُ سَهْلَ بن سعد يتخطا حَتَّى تَوَكَّأَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَسَارَّ الْإِمَامَ بِشَيْءٍ وَكَانَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ مِنْ سَاكِنِي الْمَدِينَةِ وَبِهَا تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ قَبْلَ خُرُوجِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ وَكَانَ مَالِكٌ يُثْنِي عَلَى مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَكَانَ لِمُوسَى عِلْمٌ بِالْمَغَازِي وَالسِّيرَةِ وَهُوَ ثِقَةٌ فِيمَا نَقَلَ عَنْ أَثَرٍ فِي الدِّينِ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا رَحِمَهُ اللَّهُ لِمَالِكٍ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُوَطَّأِ حَدِيثَانِ مُسْنَدَانِ

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى عَبْدِ الله بن عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعَبِ نَزَلَ فَبَالَ فَتَوَضَّأَ فَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ فَقُلْتُ لَهُ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ الصَّلَاةُ أَمَامَكَ فَرَكِبَ فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ أُنَاسٍ بِعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا (قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ الْحُفَّاظِ الْأَثْبَاتِ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا أَشْهَبَ وَابْنَ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّهُمَا رَوَيَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْهَبُ وَكَذَلِكَ حَدَّثَ بِهِ الْمُعَافَى عَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا الحديث طرح

ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ إِسْنَادِهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِكُرَيْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ) وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ أُسَامَةَ مِثْلَ رِوَايَةِ مَالِكٍ سَوَاءً وَلَمْ يُخَالَفْ فِيهِ عَلَى مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فِيمَا عَلِمْتُ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ جَمِيعًا عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ مثله بمعناه أَدْخَلَا بَيْنَ كُرَيْبٍ وَبَيْنَ أُسَامَةَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ أُسَامَةَ وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ أُسَامَةَ لَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عَبَّاسٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ مِثْلَ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَدَلَّ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى ضَعْفِ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَصِحَّةِ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ وَأَنْ لَيْسَ لِابْنِ عَبَّاسٍ ذِكْرٌ صَحِيحٌ (فِي هَذَا الْحَدِيثِ (3) وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ ثُمَّ الدَّفْعُ مِنْهَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ عَلَى يَقِينٍ مِنْ مَغِيبِهَا لَيْلَةَ النَّحْرِ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَالْوُقُوفُ الْمَعْرُوفُ بِعَرَفَةَ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي مَسْجِدِ عَرَفَةَ جَمِيعًا فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ

إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَالْمَسْجِدُ مَعْرُوفٌ وَمَوْضِعُ الْوُقُوفِ بِجِبَالِ الرَّحْمَةِ مَعْرُوفٌ وَلَيْسَ الْمَسْجِدُ مَوْضِعَ وُقُوفٍ لِأَنَّهُ فِيمَا أَحْسَبُ مِنْ بَطْنِ عُرَنَةَ الَّذِي أُمِرَ الْوَاقِفُ بِعَرَفَةَ أَنْ يَرْتَفِعَ عَنْهُ وَهَذَا كُلُّهُ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا مَوْضِعَ لِلْقَوْلِ فِيهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَزَلَ فَبَالَ فَتَوَضَّأَ فَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ فَهَذَا عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ أَوِ اغْتَسَلَ بِهِ مِنْ بَوْلِهِ وَذَلِكَ يُسَمَّى وُضُوءًا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ لِأَنَّهُ مِنَ الْوَضَاءَةِ الَّتِي هِيَ النَّظَافَةُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ أَيْ لَمْ يُكْمِلْ وُضُوءَ الصَّلَاةِ لَمْ يَتَوَضَّأْ لِلصَّلَاةِ وَالْإِسْبَاغُ الْإِكْمَالُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَمْ يَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَلَكِنَّهُ تَوَضَّأَ مِنَ الْبَوْلِ هَذَا وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ تَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا لَيْسَ بِالْبَالِغِ وُضُوءًا بَيْنَ وُضُوءَيْنِ لِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَلَيْسَ هَذَا اللَّفْظُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَمَالِكٌ أَثْبَتُ مَنْ رَوَاهُ فَلَا وَجْهَ لِلِاحْتِجَاجِ بِرِوَايَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَقَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ إِنَّهُ تَوَضَّأَ عَلَى (بَعْضِ) أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ (وَلَمْ) يُكْمِلِ الْوُضُوءَ

لِلصَّلَاةِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَجْنَبَ لَيْلًا وَأَرَادَ النَّوْمَ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَرُبَّمَا مَسَحَ برأسه ونام وهو لم يكمل وضوءه لِلصَّلَاةِ وَهَذَا عِنْدِي وَجْهٌ ضَعِيفٌ لَا مَعْنَى لَهُ وَلَا يَجِبُ أَنْ يُضَافَ مِثْلُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَعَلَّ الَّذِي حَكَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لَمْ يَضْبِطْ وَالْوُضُوءُ عَلَى الْجُنُبِ عِنْدَ النَّوْمِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَإِنَّمَا هُوَ نَدْبٌ (لِأَنَّهُ) لَا يَرْفَعُ فِيهِ حَدَثَهُ وَفِعْلُهُ سُنَّةٌ وَخَيْرٌ وَلَيْسَ مَنْ دَفَعَ من عرفة إلى المزدلفة يجد من الفراغ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ وُضُوءًا يَشْتَغِلُ بِهِ عَنِ النُّهُوضِ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ وَالنُّهُوضُ إِلَيْهَا مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ فَكَيْفَ يَشْتَغِلُ عَنْهَا بِمَا لَا مَعْنًى لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا حَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ فِي مَوْضِعِهَا نَزَلَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ لَهَا أَيْ تَوَضَّأَ لَهَا كَمَا يَجِبُ فَالْوُضُوءُ الأول عندي الاستنجاء بالماء لا غير (لِأَنَّهُ لَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ قَطُّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ لِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ الصَّلَاةُ أَيْ تَوَضَّأْ لَهَا إِذْ رَآهُ اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ بَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّبَعَهُ عُمَرُ بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إني لَمْ أُومَرُ أَنْ

أَتَوَضَّأَ كُلَّمَا بُلْتُ وَلَوْ فَعَلْتُ لَكَانَتْ سُنَّةً وَهَذَا عَلَى مَا قُلْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ عَلَى (حَسَبِ) مَا ذَكَرْنَاهُ (وَمِنْ بَيْنِ مَا يُرْوَى فِي اسْتِنْجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَاءِ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُعَاذٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِنِسْوَةٍ عِنْدَهَا مُرْنَ أَزْوَاجَكُنَّ أَنْ يَغْسِلُوا عَنْهُمْ أَثَرَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ فَإِنِّي أَسْتَحِيهُمْ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهُ ذَكَرَهُ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ سَعِيدٍ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الْحُوَيْرِثِ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ مِنَ الْغَائِطِ (فَأَتَى بِطَعَامِهِ) فَقِيلَ لَهُ أَلَا تَتَوَضَّأُ فَقَالَ مَا أُصَلِّي فَأَتَوَضَّأُ وَهَذَا بَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَتَوَضَّأُ وُضُوءَ الصَّلَاةِ إِلَّا لِلصَّلَاةِ وَأَنَّهُ لَا يَتَوَضَّأُ كُلَّمَا بَالَ وُضُوءَ الصلاة)

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا دَفَعَ بِالْحَاجِّ وَالنَّاسُ مَعَهُ لَا يُصَلُّونَ الْمَغْرِبَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلَّا مَعَ الْعِشَاءِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ لَمْ يَدْفَعْ مَعَ الْإِمَامِ لِعِلَّةٍ وَعُذْرٍ وَدَفَعَ وَحْدَهُ بَعْدَ دَفْعِ الْإِمَامِ بِالنَّاسِ هَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ تِلْكَ (الصَّلَاتَيْنِ) فِي الْمُزْدَلِفَةِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلِّيهِمَا أَحَدٌ قَبْلَ جَمْعٍ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ فَإِنْ صَلَّاهُمَا مِنْ عُذْرٍ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يُصَلِّيهِمَا حَتَّى يَأْتِيَ جَمْعًا وَلَهُ السَّعَةُ فِي ذَلِكَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِنْ صَلَّاهُمَا دُونَ جَمْعٍ أَعَادَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ صَلَّاهُمَا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُزْدَلِفَةَ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَسَوَاءٌ صَلَّاهُمَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُمَا إِذَا أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِأُسَامَةَ أَمَامَكَ يَعْنِي بِالْمُزْدَلِفَةِ وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَرُوِيَ عَنْهُمَا مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَرُوِيَ عَنْهُمَا إِنْ صَلَّى بِعَرَفَاتٍ أَجْزَأَهُ وَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَهُمَا قَبْلَ جَمْعٍ فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَعُرْوَةَ وَسَالِمٍ وَالْقَاسِمِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِجَمْعٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ فِيمَا عَلِمْتُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّلَاةُ أَمَامَكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا إِلَّا هُنَاكَ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ) وَلَمْ يُصَلِّهِمَا إِلَّا بِالْمُزْدَلِفَةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْذُرَهُ وَأَمَّا مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ فَوَاجِبٌ أَنْ لَا تُجْزِئَهُ صِلَاتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَنْ أَجَازَ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْمُزْدَلِفَةِ أَوْ بَعْدَهَا فِي غَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ سَفَرٌ وَلِلْمُسَافِرِ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَحْكَامِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ فِي كَيْفِيَّةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِلْمُسَافِرِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَلَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ لِلْمُسَافِرِ بِغَيْرِ عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ قَالَ مَالِكٌ يَجْمَعُ الرَّجُلُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِذَا فَاتَهُ ذَلِكَ مَعَ الْإِمَامِ قَالَ وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعَشَاءُ يَجْمَعُ أَيْضًا بَيْنَهُمَا بِالْمُزْدَلِفَةِ مَنْ فَاتَهُ ذَلِكَ مَعَ الْإِمَامِ قَالَ وَإِنِ احْتُبِسَ إِنْسَانٌ دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ لِمَوْضِعِ عُذْرٍ جَمَعَ بَيْنَهُمَا أَيْضًا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُزْدَلِفَةَ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إِلَّا مَنْ صَلَّاهُمَا مَعَ الْإِمَامِ يَعْنِي صَلَاتَيْ عَرَفَةَ وَصَلَاتَيِ الْمُزْدَلِفَةِ قَالَ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ

فَلَا يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ مِنْهُمَا إِلَّا لِوَقْتِهَا وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ قَالَ إِنْ صَلَّيْتَ فِي رَحْلِكَ فَصَلِّ كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ جَائِزٌ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُسَافِرِينَ مَنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ وَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ إِذَا كَانَ مُسَافِرًا وَعِلَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا مِنْ أَجْلِ السَّفَرِ فَلِكُلِّ مُسَافِرٍ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَحْدَهُ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَحُكْمَ الْأَذَانِ بَيْنَهُمَا وَالْإِقَامَةِ وَمَنْ أَجَازَ أَنْ تُنَاخَ الْإِبِلُ وَغَيْرُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا وَمَنْ لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالِاعْتِلَالِ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلِذَلِكَ لَمْ نَذْكُرْهُ هَاهُنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ فِي ذَلِكَ تَوْقِيفٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَامَةَ حِينَ قَالَ لَهُ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ الصَّلَاةُ أَمَامَكَ يُرِيدُ مَوْضِعُ الصَّلَاةِ أَمَامَكَ وَهَذَا بَيِّنٌ لَا إِشْكَالَ فِيهِ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ لِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَنْ لَا يَتَنَفَّلَ بَيْنَهُمَا (رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ اتَّخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتَّخَذْتُمُوهُ مُصَلًّى يَعْنِي الشعب (1)

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مَالِكٌ عَنْ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ بَيْدَاؤُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ عِنْدِ المسجد يعني مسجد ذي الحجة قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ (عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ) وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ سَوَاءً بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ فِيهِ سَمِعْتُ مُوسَى سَمِعَ سَالِمًا سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَخَالَفَهُمَا فِي مَعْنَاهُ (وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيْدَاؤُكُمْ فَإِنَّهُ أَرَادَ مَوْضِعَكُمُ الَّذِي

تَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُهِلَّ إِلَّا مِنْهُ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ مُنْكِرًا لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إنما أَهَلَّ فِي حَجَّتِهِ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى الْبَيْدَاءِ وَالْبَيْدَاءُ الصَّحْرَاءُ يُرِيدُ بَيْدَاءَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْإِهْلَالُ فِي الشَّرِيعَةِ هُوَ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ وَهُوَ التَّلْبِيَةُ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ وَهُوَ قَوْلُ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَيَنْوِي مَا شَاءَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ يَقُولُونَ إِنَّ الْإِحْرَامَ فَرْضٌ مِنْ فَرَائِضِ الْحَجِّ وَرُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِ إِمَّا بِالْقَوْلِ وَالنِّيَّةِ جَمِيعًا وَإِمَّا بِالنِّيَّةِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ نَافِعٍ عِنْدَ ذِكْرِ (حَدِيثِ) التَّلْبِيَةِ فِي كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ (وَاتَّفَقَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ) عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْإِحْرَامِ تُجْزِئُ عَنِ الْكَلَامِ) وَنَاقَضَ (فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ إِنَّ الْإِحْرَامَ عِنْدَهُ مِنْ شَرْطِ التَّلْبِيَةِ وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِالنِّيَّةِ كَمَا لَا يَصِحُّ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ ثُمَّ قَالَ

فِيمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَحْرَمَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُفِقْ حَتَّى (فَاتَهُ) الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ أَنَّهُ يَجْزِيهِ إِحْرَامُ أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مَنْ عَرَضَ لَهُ هَذَا فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَلَا يَنْفَعُهُ إِحْرَامُ أَصْحَابِهِ عَنْهُ قَالُوا وَنَاقَضَ مَالِكٌ فَقَالَ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُحْرِمْ فَلَا حَجَّ لَهُ وَمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ مُغْمًى عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَيْسَ بِتَنَاقُضٍ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَفُوتُ إِلَّا بِفَوْتِ عَرَفَةَ وَحَسْبُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ إِذَا أَفَاقَ قَبْلَ عَرَفَةَ فَإِذَا أَحْرَمَ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَوَقَفَ بِهِ مُغْمًى عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ عَلَى إِحْرَامِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي يَدْخُلُ عَلَيْنَا فِي هَذَا أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ فَرْضٌ فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَتَأَدَّى مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَى أَدَائِهِ كَالْإِحْرَامِ سَوَاءً وَكَسَائِرِ الْفُرُوضِ لَا تَسْقُطُ إِلَّا بِالْقَصْدِ إِلَى أَدَائِهَا بِالنِّيَّةِ وَالْعَمَلِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَوَافَقَ أَبُو حَنِيفَةَ مَالِكًا فَيمَنْ شَهِدَ عَرَفَةَ مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْوِ حَتَّى انْصَدَعَ الْفَجْرُ وَخَالَفَهُمَا الشَّافِعِيُّ فَلَمْ يُجِزْ لِلْمُغْمَى عَلَيْهِ وُقُوفَهُ بِعَرَفَةَ حَتَّى يَصِحَّ وَيُفِيقَ عَالِمًا بِذَلِكَ قَاصِدًا إِلَيْهِ وَبِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَأَكْثَرُ النَّاسِ وَسَنَذْكُرُ التَّلْبِيَةَ وَحُكْمَهَا فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ

اللَّهُ وَأَصْلُ الْإِهْلَالِ فِي اللُّغَةِ رَفْعُ الصَّوْتِ وَكُلُّ رَافِعٍ صَوْتَهُ فَهُوَ مُهِلٌّ وَمِنْهُ قِيلَ لِلطِّفْلِ إِذَا سَقَطَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ فَصَاحَ قَدِ اسْتَهَلَّ صَارِخًا وَالِاسْتِهْلَالُ وَالْإِهْلَالُ سَوَاءٌ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ لِأَنَّ الذَّابِحَ مِنْهُمْ كَانَ إِذَا ذَبَحَ لِآلِهَةٍ سَمَّاهَا وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِذِكْرِهَا وَقَالَ النَّابِغَةُ ... أَوْ دُرَّةٍ صَدَفِيَّةٍ غَوَّاصُهَا ... بَهِجٌ مَتَى يَرَهَا يُهِلَّ وَيَسْجُدِ ... يَعْنِي بِإِهْلَالِهِ رَفْعَهُ صَوْتَهُ بِالْحَمْدِ وَالدُّعَاءِ إِذَا رَآهَا وَقَالَ ابْنُ أَحْمَرَ ... يُهِلُّ بِالْغَرْقَدِ رُكْبَانُهَا ... كَمَا يُهِلُّ الرَّاكِبُ الْمُعْتَمِرُ ... وَاخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَحْرَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ لِحَجَّتِهِ مِنْ أَقْطَارِ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ مِيقَاتَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذُو الْحُلَيْفَةِ وَسَنَذْكُرُ الْمَوَاقِيتَ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِهَا فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ قَوْمٌ أَحْرَمَ مِنْ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى فِيهِ وَقَالَ آخَرُونَ لَمْ يُحْرِمْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنِ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا أَحْرَمَ حِينَ أَظَلَّ عَلَى الْبَيْدَاءِ فَأَشْرَفَ عَلَيْهَا

وَقَدْ أَوْضَحَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمَعْنَى فِي اخْتِلَافِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَمَّا الْآثَارُ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا أَنَّهُ أَهَلَّ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى الْبَيْدَاءِ فَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ بِالْبَيْدَاءِ ثُمَّ رَكِبَ وَصَعِدَ جَبَلَ الْبَيْدَاءِ وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَلَمَّا عَلَا عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمَ مِنَ الْبَيْدَاءِ وَرُبَّمَا قَالَ مِنَ الْمَسْجِدِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَرِوَايَةُ شُعْبَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ

وَرَوَى مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ طَرِيقَ الْفَرَعِ أَهَلَّ إِذَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَإِذَا أَخَذَ طَرِيقَ أُحُدٍ أَهَلَّ إِذَا أَشْرَفَ عَلَى الْبَيْدَاءِ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ كُلِّهَا الْإِهْلَالُ بِالْبَيْدَاءِ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِحَدِيثِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْآثَارَ كُلَّهَا أَبُو دَاوُدَ وَهِيَ آثَارٌ ثَابِتَةٌ صِحَاحٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ يُفَسِّرُ مَا أَوْهَمَ الِاخْتِلَافُ مِنْهَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي خُصَيْفُ بن عبد الرحمان الْجَزَرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ

قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ يَا أَبَا عَبَّاسٍ عَجِبْتُ لِاخْتِلَافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِهْلَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَوْجَبَ فَقَالَ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجًّا فَلَمَّا صَلَّى بِمَسْجِدِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ أَوْجَبَهُ مَجْلِسُهُ فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ فَسَمِعَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَحَفِظَ عَنْهُ ثُمَّ رَكِبَ فَلَمَّا اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ أَهَلَّ وَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَأْتُونَ أَرْسَالًا فَسَمِعُوهُ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ يُهِلُّ فَقَالُوا إِنَّمَا أَهَلَّ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا وَقَفَ عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ (بِهَا وَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَقَالُوا إِنَّمَا أَهَلَّ حِينَ عَلَا عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ) فَمَنْ أَخَذَ بِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَهَلَّ فِي مُصَلَّاهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ بَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَعْنَى اخْتِلَافِ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيهِ تَهْذِيبٌ لَهَا وَتَلْخِيصٌ وَتَفْسِيرٌ لِمَا كَانَ ظَاهِرُهُ الِاخْتِلَافُ مِنْهَا وَالْأَمْرُ في هذا الباب واسع عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

موسى بن ميسرة

(مَالِكٌ عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ) حَدِيثَانِ مُتَّصِلَانِ وَكَانَ مُوسَى بْنُ مَيْسَرَةَ مِنْ فُضَلَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ مَالِكٌ يُثْنِي عَلَيْهِ وَيَصِفُهُ بِالْفَضْلِ وَتُوُفِّيَ مُوسَى بْنُ مَيْسَرَةَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ ومائة

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِمُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ مَالِكٌ عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال من لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ (قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ لِلْمُوَطَّأِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ) (وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشَيْرِ ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ) (وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَعِبَ بِالشَّطْرَنْجِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَهَذَا إِسْنَادٌ عَنْ مَالِكٍ مُظْلِمٌ وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ بَاطِلٌ وَأَمَّا حَدِيثُ الْمُوَطَّأِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى) هَذَا فَحَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَيْسَ يَأْتِي إِلَّا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ

وَسَعِيدٌ هَذَا مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ مَوْلًى لِفَزَارَةَ وَابْنُهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ مُحَدِّثٌ ثِقَةٌ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ الْهَادِي عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ سَعِيدٍ) عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي موسى قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَذُكِرَ عِنْدَهُ النَّرْدُ فَقَالَ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ مَنْ ضَرَبَ بِكِعَابِهَا يَلْعَبُ بِهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهَبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَرَأْتُهُ عَلَى عَبْدِ الرحمان بْنِ يَحْيَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ مَالِكٍ (عَنْ مَالِكٍ) وَالضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى قَالَ مَنْ

لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُوقِفُهُ عَلَى أَبِي مُوسَى وَالَّذِينَ رَفَعُوهُ ثِقَاتٌ يَجِبُ قَبُولُ زِيَادَتِهِمْ وَفِي قَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ مَا يَدُلُّ عَلَى رَفْعِهِ وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَنْبَأَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يَعْنِي اللَّيْثِيَّ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ فِيمَا أَعْلَمُ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ (وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَعِبَ بِالْكِعَابِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) وَهَذَا الْحَدِيثُ يُحَرِّمُ اللَّعِبَ بِالنَّرْدِ جُمْلَةً وَاحِدَةً لَمْ يَسْتَثْنِ وَقْتًا مِنَ الْأَوْقَاتِ وَلَا حَالًا مِنْ حَالٍ فَسَوَاءٌ شَغَلَ النَّرْدُ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يَشْغَلْ أَوْ أَلْهَى عَنْ ذَلِكَ وَمِثْلِهِ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَالنَّرْدُ قِطَعٌ مُلَوَّنَةٌ تَكُونُ مِنْ خَشَبِ الْبَقْسِ وَمِنْ عَظْمِ الْفِيلِ وَمِنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ الَّذِي يُعْرَفُ بِالطَّبْلِ وَيُعْرَفُ بِالْكِعَابِ وَيُعْرَفُ أَيْضًا بِالْأَرَنِّ وَيَعْرِفُ أيضا بالنردشير

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشَيْرِ فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ قَالَ مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشَيْرِ فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا وَجَدَ أَحَدًا يَلْعَبُ بِالنَّرْدِ ضَرَبَهُ وَكَسَّرَهَا زَادَ يُونُسُ وَغَيْرُهُ وَأَمَرَ بِهَا فَأُحْرِقَتْ بِالنَّارِ قَالَ وَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ دَارَهُ فَإِذَا أُنَاسٌ يَلْعَبُونَ فِيهَا بِالنَّرْدِ قَالَ فَصَاحَ ابْنُ عُمَرَ وَقَالَ مَا لِدَارِي يُلْعَبُ فِيهَا بِالْأَرَنِّ قَالَ وَكَانَتِ النَّرْدُ تُدْعَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِالْأَرَنِّ قَالَ وَحَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ عَنْ مَسْرُوقِ

ابن الْأَجْدَعِ قَالَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الْكِعَابِ الْمَوْشُومَاتِ اللَّاتِي يُزَحْزَحْنَ فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْمَيْسِرِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَسَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَكْرَهُ مَا يُلْعَبُ بِهِ مِنَ الطَّبْلِ وَالْأَرْبَعَةَ عَشَرَ قَالَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مَرَّ بِصِبْيَانٍ يلعبون (بالكجة) وهي حفر فيها حصا يَلْعَبُونَ بِهَا قَالَ فَسَدَّهَا ابْنُ عُمَرَ وَنَهَاهُمْ عَنْهَا قَالَ وَحَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ قَالَ لَا يَلْعَبُ بِالشَّطْرَنْجِ إِلَّا خَاطِئٌ وَذَكَرَ (أَبُو زَيْدٍ (2) عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عبد الرحمان بن المسور بن محزمة قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَوْنٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ يَقُولُ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ بِالنَّرْدِ إِلَى مَكَّةَ أَبُو قَيْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ فَوَضَعَهَا بِفَنَاءِ الْكَعْبَةِ فَلَعِبَ بِهَا وَعَلَّمَهَا (وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شبة في

فِي كِتَابِهِ فِي سِيَرِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بلال عن الجعيد بن عبد الرحمان عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي سَهْلٍ عَنْ زُبَيْدِ بْنِ الصَّلْتِ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْمَيْسِرَ يُرِيدُ النَّرْدَ فَإِنَّهُ ذُكِرَ لِي أَنَّهَا فِي بُيُوتِ أُنَاسٍ مِنْكُمْ فَمَنْ كَانَتْ فِي بَيْتِهِ فَلْيُخْرِجْهَا وَلْيَكْسِرْهَا ثُمَّ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ مَرَّةً أُخْرَى أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ كَلَّمْتُكُمْ فِي هَذِهِ النَّرْدِ فَلَمْ أَرَكَمَ أَخْرَجْتُمُوهَا وَلَقَدْ هَمَمْتُ بِحُزَمِ الْحَطَبِ ثُمَّ أُرْسِلُ إِلَى الَّذِينَ هِيَ فِي بُيُوتِهِمْ فَأُحْرِقُهَا عَلَيْهِمْ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَلَغَهَا أَنَّ أَهْلَ بَيْتٍ فِي دَارِهَا عِنْدَهُمْ نَرْدٌ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ لَئِنْ لَمْ تُخْرِجُوهَا لَأُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ دَارِي وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ) قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ فَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُهُ فِي كَرَاهَةِ اللَّعِبِ بِهَا وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ كَرَاهِيَةَ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَالشَّطْرَنْجِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَالْقَاسِمِ بن محمد وسعيد

ابن الْمُسَيَّبِ وَتَبِيعٍ وَأَكْثَرُهُمْ فِيمَا تَدُلُّ أَلْفَاظُ الْآثَارِ عَنْهُمْ إِنَّمَا كَرِهُوا الْمُقَامَرَةَ بِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَكْرَهُ اللَّعِبَ بِالنَّرْدِ لِلْخَبَرِ وَاللَّاعِبُ بِالشَّطْرَنْجِ وَالْحَمَامِ بِغَيْرِ قِمَارٍ وَإِنْ كَرِهْنَاهُ أَيْضًا أَخَفُّ حَالًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُكْرَهُ اللَّعِبُ بِالشَّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ وَالْأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَكُلُّ اللَّهْوِ (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنَ اللَّاعِبِ بِهَا (1) كَبِيرَةٌ وَكَانَتْ مَحَاسِنُهُ أَكْثَرَ مِنْ مُسَاوِيهِ قُبِلَتْ شَهَادَتَهُ عِنْدَهُمْ) وَقَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مِثْلُ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ مَذْهَبَهُمْ فِي شَهَادَتِهِ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ اللَّاعِبِ بِالنَّرْدِ وَلَا شَهَادَةُ الْمُدْمِنِ عَلَى لَعِبِ الشَّطْرَنْجِ (وَقَالَ بَعْضُهُمْ النَّرْدُ وَالشَّطْرَنْجُ سَوَاءٌ لَا يُكْرَهُ إِلَّا الْإِدْمَانُ عَلَيْهِمَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ الشَّطْرَنْجُ شَرٌّ مِنَ النَّرْدِ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ اللَّاعِبِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدْمِنًا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ قَالَ اللَّعِبُ بِالشَّطْرَنْجِ لَا خَيْرَ فِيهِ وَهِيَ شَرٌّ مِنَ النَّرْدِ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ هِيَ مِنَ الْبَاطِلِ وَلَا أُحِبُّهَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْهُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَا تَسْقُطُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ فِي مَذْهَبِهِ شَهَادَةُ اللَّاعِبِ بِالنَّرْدِ وَلَا بِالشَّطْرَنْجِ إِذَا كَانَ عَدْلًا فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَلَمْ

يَظْهَرْ مِنْهُ سَفَهٌ وَلَا رِيبَةٌ (وَلَا كَبِيرَةٌ) إِلَّا أَنْ يَلْعَبَ بِهَا قِمَارًا فَإِنْ لَعِبَ بِهَا قِمَارًا أَوْ كَانَ بِذَلِكَ مَعْرُوفًا سَقَطَتْ عدالته وسفه نفسه لأكله المال بالباطل وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْقِمَارَ مِنَ الْمَيْسِرِ الْمُحَرَّمِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى كَرَاهَةِ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قِمَارًا أَوْ غَيْرَ قِمَارٍ لِلْخَبَرِ الْوَارِدِ فِيهَا وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَرْخَصَ فِي اللَّعِبِ بِهَا إِلَّا مَا جَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ (وَعِكْرِمَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ) فَإِنَّ شُعْبَةَ رَوَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ وَهُوَ يُلَاعِبُ امْرَأَتَهُ الْخُضَيْرَاءَ بِالْقِصَابِ يَعْنِي النَّرْدَشَيْرِ وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَالشَّعْبِيِّ أَنَّهُمَا كَانَا يَلْعَبَانِ بِالنَّرْدِ وَذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ إسحاق بن رَاهَوَيْهِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَسُئِلَ عَنِ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ فَقَالَ إِذَا لَمْ يَكُنْ قِمَارًا فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ إِسْحَاقُ إِذَا لَعِبَهُ عَلَى غَيْرِ مَعْنَى الْقِمَارِ يُرِيدُ بِهِ التَّعْلِيمَ وَالْمُكَايَدَةَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَلَا يَبْلُغُ ذَلِكَ إِسْقَاطَ شَهَادَتِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ فَأَخْبَرَ أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ عَاصٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَلَا مَعْنَى لِمَا خَالَفَ ذَلِكَ وَكُلُّ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ فَمَحْجُوجٌ بِهَا وَالْحَقُّ فِي اتِّبَاعِهَا وَالضَّلَالُ فِيمَا خَالَفَهَا إِلَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ عَلَى وَجْهِ الْقِمَارِ وَحَمْلُ ذَلِكَ عَلَى الْعُمُومِ قِمَارًا أَوْ غَيْرَ قِمَارٍ أَوْلَى وَأَحْوَطُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دَلْهَمٍ قَالَ كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ النَّرْدُ مَيْسِرُ الْعَجَمِ) وَأَمَّا الشَّطْرَنْجُ فَاخْتِلَافُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي اللَّعِبِ بِهَا عَلَى غَيْرِ اخْتِلَافِهِمْ فِي اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ لأن كثيرا منهم أجاز اللَّعِبِ بِالشَّطْرَنْجِ مَا لَمْ يَكُنْ قِمَارًا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُهُ هِشَامٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبُو وَائِلٍ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَابْنُ شِهَابٍ وَرَبِيعَةُ وَعَطَاءٌ كُلُّ هَؤُلَاءِ يُجِيزُ اللَّعِبَ بِهَا عَلَى غَيْرِ قِمَارٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي الشَّطْرَنْجِ أَنَّهَا مَيْسِرٌ وَهَذَا مَحْمُولٌ

عِنْدَنَا عَلَى الْقِمَارِ لِئَلَّا تَتَعَارَضِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ وَلَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ الْمُقَامَرَةَ عَلَيْهَا وَأَكْلَ الْخَطَرِ بِهَا لَا يَحِلُّ وَإِنَّهُ مِنَ الْمَيْسِرِ الْمُحَرَّمِ وَفَاعِلُ ذَلِكَ الْمَشْهُورُ بِهِ سَفِيهٌ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أَقَامِرُكَ فَلْيَتَصَدَّقْ قَالَ الْوَلِيدُ سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ إِذَا تَقَامَرَا بِمَالَيْنِ فَهُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِمَا فَلْيَتَصَدَّقَا بِهِ فَإِنْ كَانَ فِي قِمَارِهِمَا عِتْقُ مَمْلُوكٍ نُفِّذَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ (قَالَ) حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى بَأْسًا بِلَعِبِ الشَّطْرَنْجِ إِذَا لَمْ يَكُنْ قِمَارًا أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هرون الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ رِشْدِينَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ لَا بَأْسَ بِلَعِبِ الشَّطْرَنْجِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِمَارٌ وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ قَالُوا

كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْقِمَارِ فَهُوَ مِنَ الْمَيْسِرِ حتى لعب الصبيان بِالْجَوْزِ وَوَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ (وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ فِي الشَّطْرَنْجِ أَنَّ مَنْ لَمْ يُقَامِرْ بِهَا وَلَعِبَ مَعَ أَهْلِهِ فِي بَيْتِهِ مُسْتَتِرًا بِهِ مرة في الشهر أو العام لا يطلع عَلَيْهِ وَلَا يَعْلَمْ (بِهِ) أَنَّهُ مَعْفُوٌ عَنْهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ وَلَا مَكْرُوهَ لَهُ وَأَنَّهُ إِنْ تَخَلَّعَ بِهِ وَاسْتَهْتَرَ فِيهِ سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ وَعَدَالَتُهُ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَهُوَ يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ لِنَفْسِهِ وَعَيْنِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كذلك لاستوى قليله وكثيره في تحريمه وَلَيْسَ بِمُضْطَرٍّ إِلَيْهِ وَلَا مِمَّا لَا يَنْفَكُّ عنه فيعفي عن اليسير منه)

الحديث الثاني

حديثان لِمُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ مَالِكٌ عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ أَمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَامَ الْفَتْحِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو مُرَّةَ هَذَا قِيلَ اسْمُهُ يَزِيدُ وَيُقَالُ هُوَ مَوْلَى أَمِّ هَانِئٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ وَمُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ وَأَمَّا أَمُّ هَانِئٍ فَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهَا هَاهُنَا وَذَكَرَ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي أَنَّ صَلَاةَ النَّهَارِ جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ أَرْبَعًا وَسِتًّا وَثَمَانِيًا وَأَكْثَرَ لَا يُسَلَّمُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ أَنَّ حَدِيثَ أَمِّ هَانِئٍ هَذَا فِي صَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ صلاة

الضُّحَى يَشْهَدُ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا فِي آخِرِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَيْسَ لَهُ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ مُجْمَلٌ يُفَسِّرُهُ غَيْرُهُ وَقَدْ رَوَى عَلِيٌّ الْأَزْدِيُّ الْبَارِقِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ابْنُ عُمَرَ ذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى وَمَثْنَى وَمَثْنَى يَقْتَضِي الْجُلُوسَ وَالسَّلَامَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ النَّهَارِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ اللَّيْلِ سَوَاءٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ رَكْعَتَيْنِ وَأَنَّهُ كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَاحْتَجَّ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَا وَكَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يُخَالِفُ أَحْمَدَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ وَيُضَعِّفُهُ وَلَا يَحْتَجُّ بِهِ وَيَذْهَبُ مَذْهَبَ الْكُوفِيِّينَ فِي هَذِهِ المسألة

وَيَقُولُ إِنَّ نَافِعًا وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ دِينَارٍ وَجَمَاعَةً رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لم ذكروا فِيهِ وَالنَّهَارِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ مَعَ أَنَّهُ مَذْهَبُ الْحِجَازِيِّينَ أَوْلَى لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ وَفَهِمَ مَخْرَجَهُ وَكَانَ يَقُولُ بِأَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى وَلَمْ يَكُنِ ابْنُ عُمَرَ لِيُخَالِفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ فَهِمَ أَنَّ صَلَاةَ النَّهَارِ بِخِلَافِ صَلَاةِ اللَّيْلِ فِي ذَلِكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ رَوَى اللَّيْثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ العمياء عن ربيعة بن الحارث عن النضل بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى وَلَمْ يَخُصَّ لَيْلًا مِنْ نَهَارٍ وَلَكِنَّهُ إِسْنَادٌ مُضْطَرِبٌ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ (رَوَاهُ شُعْبَةُ عَلَى خِلَافِ مَا رَوَاهُ اللَّيْثُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ نَافِعٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ) وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أَمِّ هَانِئٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الضُّحَى ثَمَانِي رَكَعَاتٍ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ فِي كُلِّ اثْنَتَيْنِ مِنْهَا وَهَذَا إِسْنَادٌ احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْبَلٍ

أَلَيْسَ قَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا فَقَالَ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الضحى ثماني ركعات أفتراه أم لَمْ يُسَلِّمْ فِيهَا (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) هَذَا حَدِيثُ أَمِّ هَانِئٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ثمان رَكَعَاتٍ حَدِيثٌ ثَبَتَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رُوِيَ حَدِيثُ أَمِّ هَانِئٍ مِنْ وُجُوهٍ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا التَّسْلِيمَ ثُمَّ وَجَدْتُهُ مُفَسَّرًا عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْبَاهِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عِيَاضُ يَعْنِي ابن عبد الله الفهري عن مخرمة بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثْنَى مَثْنَى خَرَجَ عَلَى جَوَابِ السَّائِلِ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقِيلَ لَهُ مَثْنَى مَثْنَى وَلَوْ سَأَلَ عَنْ صَلَاةِ النَّهَارِ احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ لَهُ كَذَلِكَ أَيْضًا وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ غَيْرُ مَرْفُوعَةٍ وَحَسْبُكَ بِفَتْوَى ابْنِ عُمَرَ الَّذِي رَوَى الْحَدِيثَ وَمَنْ رَوَى شَيْئًا سُلِّمَ لَهُ فِي تَأْوِيلِهِ لِأَنَّهُ شَهِدَ مَخْرَجَهُ وَفَحْوَاهُ

وَأَمَّا صَلَاةُ الضُّحَى وَاخْتِلَافُ الْآثَارِ فِيهَا وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَقَدْ تَقَصَّيْنَاهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ كِتَابِنَا هذا فلا وجه لإعادته ها هنا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَارِقِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى سَالِمٌ وَنَافِعٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بن دينار وأبوسلمة وَطَاوُسٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى لَمْ يَذْكُرُوا النَّهَارَ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأنصاري عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَطَوَّعُ بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ نَافِعٍ وَهَذَا خِلَافُ مَا ذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْهُ وَمَالِكٌ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ وَبَلَاغَاتُهُ إِذَا تُفُقِّدَتْ لَمْ تُوجَدْ إِلَّا صِحَاحًا فَحَصَلَ ابْنُ عُمَرَ مُخْتَلِفًا عَنْهُ فِي فِعْلِهِ وَفِي حَدِيثِهِ الْمَرْفُوعِ إِلَّا أَنَّ حَمْلَ الْمَرْفُوعِ مِنْ حَدِيثِهِ الَّذِي فِيهِ الْحُجَّةُ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى جَوَابِ السَّائِلِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْأَزْدِيِّ عَنْهُ كَانَ مذهبا حسنا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وبالله التوفيق

موسى بن أبي تميم

مَالِكٌ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي تَمِيمٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ وَمُوسَى هَذَا مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي مُوسَى بْنِ أَبِي تَمِيمٍ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لَا فَضْلَ بَيْنِهِمَا قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَلَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ بِالْآثَارِ فِي الْقَوْلِ (بِهِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ

بيع درهم بدرهمين ولا دينار بدينارين (يدا بِيَدٍ) وَعَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ السَّلَفِ إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ كَانَ يُجِيزُ بَيْعَ الدرهم بالدرهمين والدينار بالدينارين يدا بِيَدٍ وَيَقُولُ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَضَعَهُ أُسَامَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ غَيْرَ مَوْضِعِهِ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ مُخَرَّجٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ عَلَى الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ وَعَلَى جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مِنَ الطَّعَامِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا رِبَا فِيهِ إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ وَالشَّوَاهِدُ فِي هَذَا تَكْثُرُ جِدًّا مِنْهَا حَدِيثُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشْفُوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَمِنْهَا حَدِيثُ عُبَادَةَ بن الصامت وقد ذكرنا كثيرا من طرقه فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ عُبَادَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ مَنِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى

وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ وَالْأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي ذَلِكَ جِدًّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ جَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ إِلَّا ابْنَ عَبَّاسٍ وَمِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُمْ يَطُولُ ذِكْرُهُمْ وَلَيْسَ فِي خِلَافِ السُّنَّةِ عُذْرٌ لِأَحَدٍ (إِلَّا لِمَنْ) جَهِلَهَا وَمَنْ جَهِلَهَا مَرْدُودٌ إِلَيْهَا مَحْجُوجٌ بِهَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ فِي الصَّرْفِ بِمَا حَدَّثَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ (رَوَاهُ) مَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ (وَابْنِ عَبَّاسٍ) وَالثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْوَاسِطِيِّ عَنْ زِيَادٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الطَّائِفِ فَرَجَعَ عَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِسَبْعِينَ يَوْمًا وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ) فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ الْقَوْلِ فِيهِ هَاهُنَا وَمَنْ تَأَمَّلْهُ فِي بَابِ حُمَيْدٍ كَفَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

مسلم بن أبي مريم

(مَالِكٌ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ) وَهُوَ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَكَانَ مَالِكٌ يُثْنِي عَلَيْهِ وَيَقُولُ كَانَ رَجُلًا صالحا وكان يهاب أن يرفع الأحاديث لمالك عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الموطأ ثلاثة أحاديث أحدهما لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي رَفْعِهِ وَالِاثْنَانِ جُمْهُورُ رُوَاتِهِ عَلَى تَوْقِيفِهِمَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُ وَرَفَعَ ابْنُ وَهْبٍ أَحَدَهُمَا وَرَفَعَ ابْنُ نَافِعٍ الْآخَرَ وَهُمَا مَرْفُوعَانِ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ كُلِّهَا

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِمُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ مَالِكٌ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَاوِيِّ أَنَّهُ قَالَ (رَآنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَا أَعْبَثُ بِالْحَصْبَاءِ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا انْصَرَفْتُ نَهَانِي وَقَالَ اصْنَعْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فَقُلْتُ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ قَالَ كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ كَفَّهُ اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أَصَابِعَهُ كُلَّهَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى وَقَالَ هَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ وَلَا تَعْبَثْ بِهِمَا وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي قِيَامِ الصَّلَاةِ فِي بَابِ عَبْدِ الْكَرِيمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ صِفَةِ الْجُلُوسِ وَرُتْبَةِ الْيَدَيْنِ عَلَى مَا وَصَفَ ابْنُ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَفِيهِ الْإِشَارَةُ بالسباحة والسبابة وكلاهما ام لِلْإِصْبَعِ الَّتِي تَلِي

الْإِبْهَامَ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ نُمَيْرٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ يَدْعُو وَيَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى إِصْبَعِهِ الْوُسْطَى وَيُلْقِمُ كَفَّهُ الْيُسْرَى رُكْبَتَهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المؤمن قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ (بْنُ زِيَادٍ) قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا قَعَدَ فِي الصَّلَاةِ جَعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ فَخِذِهِ (وَسَاقَهُ وَفَرَّقَ بَيْنَ قَدَمِهِ الْيُمْنَى وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى وَوَضَعَ

يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى) وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ وَلَا يُحَرِّكُهَا وَرَوَاهُ رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَقَالَ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا لَمْ يَمُدَّهَا وَلَمْ يَعْقُفْهَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِصَامٌ أَبُو قُدَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ نُمَيْرٍ الْخُزَاعِيُّ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا فِي الصَّلَاةِ وَاضِعًا ذِرَاعَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى رَافِعًا إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ قَدْ حَنَاهَا شَيْئًا وَهُوَ يَدْعُو وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ عِصَامٍ أَبِي قُدَامَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ نَذْكُرْ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا وَضْعَ اليدين على الركبتين في الجلوس وهيأتها فِي ذَلِكَ وَالْإِشَارَةَ بِالْإِصْبَعِ لَا غَيْرَ وَسَنَذْكُرُ سُنَّةَ الْجُلُوسِ فِي الصَّلَاةِ وَمَنْ قَالَ يَنْصِبُ الْيُمْنَى وَيَثْنِي الْيُسْرَى وَيُفْضِي بِوَرِكِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ وَنَذْكُرُ

الْآثَارَ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ فِي باب عبد الرحمان ابن الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أخبرني علي بن عبد الرحمان الْمُعَاوِيُّ قَالَ صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ فقلبت الحصا فَلَمَّا انْصَرَفَ وَمَرَّةً قَالَ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قال لا تقلب الحصا فَإِنَّ تَقْلِيبَ الْحَصَا مِنَ الشَّيْطَانِ وَافْعَلْ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَفْعَلُ) فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَضَمَّ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَةَ وَنَصَبَ السَّبَّابَةَ وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى وَبَسَطَهَا قَالَ سُفْيَانُ وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَدْ حَدَّثَنَا عَنْهُ أَوَّلًا ثُمَّ لَقِيتُهُ فَسَمِعْتُهُ مِنْهُ وَزَادَ فِيهِ مُسْلِمٌ وَقَالَ هِيَ مُدْيَةُ الشَّيْطَانِ لَا يَسْهُو أَحَدُكُمْ مَا دَامَ يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ وَيَقُولُ هَكَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلِيٌّ الْمُعَاوِيُّ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي مُعَاوِيَةَ فَخِذٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَبَثُ فِي الصَّلَاةِ بِالْحَصْبَاءِ (وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ (وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْحَصْبَاءِ)

أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَبَثُ فِي الصَّلَاةِ بِالْحَصْبَاءِ) وَلَا غَيْرِهَا وَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ إِذَا كَثُرَ وَطَالَ وَشُغِلَ عَنِ الصَّلَاةِ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْمُرِ ابْنُ عُمَرَ عَلِيًّا هَذَا بِالْإِعَادَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ يَسِيرًا وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ كَرِهَ مَسْحَ الْحَصْبَاءِ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَرَاهِيَةَ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ فَكَيْفَ الْعَبَثُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مثله بمعناه وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُعَيْقِيبٍ وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيمَا يَجُوزُ مِنَ الْعَمَلِ وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَلَى الْيَدَيْنِ عَمَلًا فِي الصَّلَاةِ تَشْتَغِلَانِ بِهِ فِيهَا وَذَلِكَ مَا وَصَفَ ابْنُ عمر في الجلوس وهيأته وَأَمَّا الْقِيَامُ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى كُوعِهِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْمَقْصِدَ فِي وَضْعِهِ الْيُمْنَى عَلَى كُوعِهِ الْأَيْسَرِ تَسْكِينُ يَدَيْهِ لأن أرسالهما لا يومن مَعَهُ الْعَبَثُ بِهِمَا وَذَلِكَ أَيْضًا سُنَّةٌ وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ الْيَدَانِ تَسْجُدَانِ كَمَا يَسْجُدُ الْوَجْهُ فَكَانَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ فِي الْبَرْدِ فَيُبَاشِرُ بِهِمَا مَا يُبَاشِرُ بِوَجْهِهِ فِي سُجُودِهِ فَكَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لَهُ اشْغَلْ يَدَكَ بِمَا فِي السُّنَّةِ مِنَ الْعَمَلِ بِهَا فِي الصَّلَاةِ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِمُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ مَالِكٌ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا عَبْدًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شحناء فيقال اتركوا هذين حتى يفيآ أو اتركوا هذين يفيا (قَالَ أَبُو عُمَرَ) هَكَذَا رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَابَعَهُ عَامَّةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَجُمْهُورُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادِهِ هَذَا وَذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا عَلَى شَرْطِنَا أَنْ نَذْكُرَ فِيهِ كُلَّ مَا يُمْكِنُ إِضَافَتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا وَمِثْلَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْيًا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِنَّمَا هُوَ تَوْقِيفٌ لَا يَشُكُّ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ لَهُ أَقَلُّ فهم

وَأَدْنَى مَنْزِلَةٍ مِنَ الْعِلْمِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ فَكَيْفَ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ مَرْفُوعًا وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْفُوعًا مِنْ وُجُوهٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ومحمد (بن محمد) ابن أَبِي دُلَيْمٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فَذَكَرَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا سحلون قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ مرفوعا

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أحمد بن جعفر الوكيعي حدثنا عمرو ابن سَوَّادٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مكحول حدثنا أحمد بن عبد الرحمان ابن وَهْبٍ حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ مؤمن إلا عبد كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ يَقُولُ اتْرُكُوا هذين حتى يفيآ) (وهكذا رواه أحمد ابن صَالِحٍ وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ مِثْلَهُ مُسْنَدًا) وَقَدْ رَوَى مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شَحْنَاءُ فَالشَّحْنَاءُ الْعَدَاوَةُ وَأَمَّا قَوْلُهُ اتْرُكُوا هَذَيْنِ حتى يفيا فمعناه أخروا هذين حتى يرجعا ويتصرفا إِلَى الصُّحْبَةِ عَلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ تَقُولُ الْعَرَبُ أَخِّرْ هَذَا وَأَرْجِ هَذَا وَأَرْكِ هَذَا كُلُّ ذَلِكَ مَعْنًى وَاحِدٌ أَيِ اتْرُكْهُ

(قال ذلك الأصمعي وغيره) وقوله حتى يفيآ أي يرجعا ويتراجعان وَالْفَيْءُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ الرُّجُوعُ يُقَالُ فَاءَ الطل أَيْ رَجَعَ وَفَاءَ الرَّجُلُ أَيْ رَجَعَ وَمِثْلُهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أَيْ رَجَعُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ وَطْءِ أَزْوَاجِهِمْ وَحَنَّثُوا أَنْفُسَهُمْ وَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ أَيْ تُرَاجِعَ أَمْرَ اللَّهِ وَتَرْجِعَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِمُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ مَالِكٌ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَرِيحُهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَحْيَى مَوْقُوفًا مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ إِلَّا ابْنَ نَافِعٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَأْيِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ وَمُحَالٌ أَنْ يَقُولَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ رَأْيِهِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَيُوجَدُ رِيحُ الْجَنَّةِ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَمِثْلُ هَذَا لَا يُعْلَمُ رَأْيًا وَإِنَّمَا يَكُونُ تَوْقِيفًا مِمَّنْ لَا يُدْفَعُ عَنْ عِلْمِ الْغَيْبِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ مُسْنَدًا وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ لِابْنِ بُكَيْرٍ غَيْرُ ذَلِكَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَرِيحُهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ هَذَا إِسْنَادٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ ابْنِ نَافِعٍ) حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ (وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مُسْنَدًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وُجُوهٍ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسلمة الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ فَإِنَّهُ أَرَادَ اللَّوَاتِي يَلْبَسْنَ مِنَ الثِّيَابِ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ الَّذِي يَصِفُ وَلَا يَسْتُرُ فَهُنَّ كَاسِيَاتٌ بِالِاسْمِ عَارِيَاتٌ فِي الْحَقِيقَةِ مَائِلَاتٌ عَنِ الْحَقِّ مُمِيلَاتٌ لِأَزْوَاجِهِنَّ عَنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ فَهَذَا عِنْدِي مَحْمُولٌ عَلَى الْمَشِيئَةِ وَأَنَّ هَذَا جَزَاؤُهُنَّ فَإِنْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُنَّ فَهُوَ أَهْلُ الْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرَ مَا دُونُ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَنَظَرَ إِلَى أُفُقِ السَّمَاءِ فَقَالَ مَاذَا فُتِحَ مِنَ الْخَزَائِنِ وَمَاذَا وَقَعَ مِنَ الْفِتَنِ رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الْحُجَرِ

(قَوْلُهُ مَاذَا فُتِحَ مِنَ الْخَزَائِنِ يَعْنِي اللَّيْلَةَ يُرِيدُ مَا يُفْتَحُ عَلَى أُمَّتِهِ مِنْ كُنُوزِ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأُمَمِ وَمَا تَلْقَى أُمَّتُهُ مِنَ الْفِتَنِ بَعْدَهُ مِنْ قَتْلِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا إِلَى خُرُوجِ الدَّجَّالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتْنَةِ مَاذَا فُتِحَ مِنَ الْخَزَائِنِ مَنْ يُوقِظْ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

مخرمة بن سليمان

مَالِكٌ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَخْرَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَالِبِيُّ قُتِلَ يَوْمَ قُدَيْدٍ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً وَكَانَ ثِقَةً وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مَالِك عن مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ خَالَتُهُ قَالَ فَاضْطَجَعَتْ فِي عُرْضِ الْوِسَادَةِ وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طُولِهَا فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي وَأَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَوْتَرَ ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فصلى الصبح

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَخْرَمَةَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَرَوَاهُ عَنْ كُرَيْبٍ جَمَاعَةٌ وَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا جَمَاعَةٌ وَفِي أَلْفَاظِ الْأَحَادِيثِ عَنْهُمْ مِنْ طُرُقِهِمِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ جَوَازُ مَبِيتِ الْغُلَامِ عِنْدَ ذِي رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ مِنْهُ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَفِيهِ مُرَاعَاةُ التَّحَرِّي فِي الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي وَالْوِسَادَةُ هُنَا الْفِرَاشُ وَشَبَهُهُ وَكَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ (كَانَ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ مُضْطَجِعًا عِنْدَ رِجْلَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ رَأَسِهِ وَفِيهِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لِأَنَّهُ نَامَ النَّوْمَ الْكَثِيرَ الَّذِي لَا يُخْتَلَفُ فِي مِثْلِهِ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَقَرَأَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ ثُمَّ تَوَضَّأَ بَعْدُ وَصَلَّى وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخَذَ عُمَرُ قَوْلَهُ الَّذِي قَالَ (لَهُ) أَتَقْرَأُ وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَفْتَاكَ بِهَذَا مُسَيْلِمَةُ وَكَانَ الرَّجُلُ فِيمَا زَعَمُوا مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ قَدْ صَحِبَ مُسَيْلِمَةَ الْحَنَفِيَّ الْكَذَّابَ ثُمَّ هَدَاهُ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ بَعْدُ وَأَظُنُّهُ كَانَ يُتَّهَمُ بِأَنَّهُ قَاتِلُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْيَمَامَةِ شَهِيدًا وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ

إِسْمَاعِيلَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو هِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ أَحْدَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا فَذَكَرَ اللَّهَ أَوْ تَلَا آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو مَرْيَمَ الْحَنَفِيُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَقَدْ أَحْدَثْتَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إِنَّهُ لَيْسَ بِدِينِ ابْنِ عَمِّكَ (مُسَيْلِمَةَ) أَوْ قَالَ مَنْ عَلَّمَكَ هَذَا مُسَيْلِمَةُ وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ فِي قَوْمٍ وَهُوَ يَقْرَأُ فَقَامَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ وَهُوَ يَقْرَأُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ لَمْ تَتَوَضَّأْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ فَقَالَ عُمَرُ مَنْ أَنْبَأَكَ بِهَذَا أَمُسَيْلِمَةُ) وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَالنَّوْمِ كَيْفَ أَمْكَنَهُ (وَأَمَّا قَوْلُهُ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقٍ فَالشَّنُّ الْقِرْبَةُ الْخَلَقُ وَالْإِدَاوَةُ الْخَلَقُ يُقَالُ لِكُلٍّ وَاحِدٍ (6) شَنَّةٌ وَشَنٌّ وَجَمْعُهَا شِنَانٌ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فَدَسُّوا لَهُ الْمَاءُ فِي الشِّنَانِ يعني الأداوى

وَالْقِرَابَ وَفِيهِ) قِيَامُهُ بِاللَّيْلِ بِالْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيَامُ اللَّيْلِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا فَطُوبَى لِمَنْ يُسِّرَ لَهَا وَأُعِينَ عَلَيْهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَمِلَ بِهَا وَنَدَبَ إِلَيْهَا رَوَى عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ الْأَعْرَابِيُّ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَكُنْتُ فِيمَنْ خَرَجَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ فَكَانَ أَوَّلُ مَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ فَرْضٌ وَلَوْ كَقَدْرِ حَلْبِ شَاةٍ وَهُوَ قَوْلٌ مَتْرُوكٌ وَالْعُلَمَاءُ عَلَى خِلَافِهِ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ وَفُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ ذَلِكَ فَضِيلَةٌ لَا فَرِيضَةً وَلَوْ كَانَ قِيَامُ اللَّيْلِ فَرْضًا لَكَانَ مِقْدَارًا مُؤَقَّتًا مَعْلُومًا كَسَائِرِ الْفَرَائِضِ وَقَدْ رَوَى قَتَادَةُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ قَالَ لَهَا حَدِّثِينِي عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ فَقَالَتْ أَلَسْتَ تَقْرَأُ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قَالَ فَقُلْتُ بَلَى قَالَتْ فَإِنَّ أَوَّلَ هَذِهِ السُّورَةِ

نَزَلَتْ فَقَامَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ وَحُبِسَ خَاتِمَتُهَا فِي السَّمَاءِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ أُنْزِلَ آخِرُهَا فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثْنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ اللَّيْلُ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ لَمْ يُجِزْ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَؤُمَّ أَحَدًا إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ مَعَ الْإِحْرَامِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْوِ إِمَامَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ قَامَ إِلَى جَنْبِهِ فَأَتَمَّ بِهِ وَسَلَكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِيهِ) سُنَّةَ الْإِمَامَةِ إِذْ نَقَلَهُ عَنْ شِمَالِهِ إِلَى يَمِينِهِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا هَذَا وَقَدْ ذَكَرْنَا فَسَادَهُ وَقَالَ آخَرُونَ أَمَّا الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ إِذَا أَذَّنَ فَدَعَا النَّاسَ إِلَى الصَّلَاةِ ثُمَّ انْتَظَرَ فَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ فَتَقَدَّمَ وَحْدَهُ وَصَلَّى فَدَخَلَ رَجُلٌ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ وَيَكُونَ إِمَامَهُ لِأَنَّهُ قَدْ دَعَا النَّاسَ إِلَى الصَّلَاةِ وَنَوَى الْإِمَامَةَ وَقَالَ آخَرُونَ جَائِزٌ لِكُلِّ مَنِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَحْدَهُ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا لِمَنِ ائْتَمَّ بِهِ

فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ فِعْلُ خَيْرٍ لَمْ يَمْنَعِ اللَّهُ مِنْهُ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ الْحَدِيثَ فَإِنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ فِي كُلِّ اثْنَتَيْنِ وَيُسَلِّمُ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى وَمُحَالٌ أَنْ يَأْمُرَ بِمَا لَا يَفْعَلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ اثْنَتَيْنِ مِنْ صَلَاتِهِ تِلْكَ وَرُوِيَ عَنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى يَقْضِي عَلَى كُلِّ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ أَوْتَرَ ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ فَإِنَّ الْآثَارَ اخْتَلَفَتْ فِي اضْطِجَاعِهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ وِتْرِهِ قَبْلَ رَكْعَتِي الْفَجْرَ وَرُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ رُكُوعِهِ رَكْعَتِي الْفَجْرِ وَرِوَايَةُ مَالِكٍ لِذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَرِوَايَتِهِ لِذَلِكَ أَيْضًا فِي حَدِيثِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ وَفِي الِاضْطِجَاعِ وَمَنْ عَدَّهُ سُنَّةً وَمَنْ أَبَى مِنْ ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ فِيهِ مِنَ الْآثَارِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هَاهُنَا

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَعْنِي قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ قُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي وَأَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ قَامَ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يُقِمْهُ مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ كُرَيْبٍ مِنْ حَدِيثِ مَخْرَمَةَ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْإِمَامَ إِذَا قَامَ مَعَهُ وَاحِدٌ لَمْ يَقُمْ إِلَّا عَنْ يَمِينِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ فَذَكَرَ وُضُوءًا خَفِيفًا يُخَفِّفُهُ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَقُمْتُ وَتَوَضَّأْتُ وَجِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَحَوَّلَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُنَادِي فَقَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ هلال عن مخرمة بْنِ سُلَيْمَانَ فَذَكَرَ ذَلِكَ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هلال عن مخرمة بْنِ سُلَيْمَانَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ شُعَيْبٍ) حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي هِلَالِ عن مخرمة بْنِ سُلَيْمَانَ أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ قَالَ بَتُّ عِنْدَهُ لَيْلَةً وَهُوَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ فَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَيْمُونَةُ عَلَى وِسَادَةٍ مَنْ أَدَمٍ مَحْشُوَّةٍ لِيفًا فَنَامَ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفُهُ اسْتَيْقَظَ فَقَامَ إِلَى شَنِّ فِيهِ مَاءٌ فَتَوَضَّأَ وَتَوَضَّأْتُ مَعَهُ ثُمَّ قَامَ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ عَلَى يَسَارِهِ فَجَعَلَنِي عَلَى يَمِينِهِ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي فَجَعَلَ يَمْسَحُ أُذُنِي كَأَنَّهُ يُوقِظُنِي فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قُلْتُ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ ثُمَّ نَامَ حَتَّى اسْتَثْقَلَ فَرَأَيْتُهُ يَنْفُخُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو دَاوُدَ حَتَّى اسْتَثْقَلَ فَرَأَيْتُهُ ينفخ ثم اتفقا فَأَتَاهُ بِلَالٌ فَقَالَ الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فقام فصلى

رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى لِلنَّاسِ زَادَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبٍ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي بَعْضِ حُجَرِهِ فَيَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ مَنْ كَانَ خَلْفَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبٍ فِيمَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَكْثَرُ مَا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ رُكُوعِهِ فِي صَلَاتِهِ بِاللَّيْلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْخَبَرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ حَدِيثِ كُرَيْبٍ هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلُهُ وَلَيْسَ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ حَدٌّ مَحْدُودٌ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَتَعَدَّى وَإِنَّمَا الصَّلَاةُ خَيْرٌ مَوْضُوعٌ وَفِعْلُ بِرٍّ وَقُرْبَةٌ فَمَنْ شَاءَ اسْتَكْثَرَ وَمَنْ شَاءَ اسْتَقَلَّ وَاللَّهُ يُوَفِّقُ وَيُعِينُ مَنْ يَشَاءُ بِرَحْمَتِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَصِيبِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ وَقُمْتُ أُصَلِّي مَعَهُ فَقُمْتُ عَنْ شِمَالِهِ فَقَالَ هَكَذَا وَأَخَذَ بِرَأْسِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رِشْدِينَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَامَ ثُمَّ قَامَ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ ثُمَّ قَامَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عن كريب نحو مِنْ ثَمَانِيَةٍ لَمْ يَقُولُوا مَا قَالَهُ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَفْسَدَهُ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ وَقَلَبَ مَعْنَاهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ كُرَيْبٍ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ فَذَكَرَ أَنَّ اضْطِجَاعَهُ كَانَ قَبْلَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ كَمَا حَكَى مَالِكٌ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ أَحْمَسِيٌّ كُوفِيٌّ

قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَعَثَنِي أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِبِلٍ أَعْطَاهُ إِيَّاهَا مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَلَمَّا أَتَاهُ وَكَانَتْ لَيْلَةَ مَيْمُونَةَ وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ خَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ جَاءَ فَطَرَحَ ثَوْبَهُ وَدَخَلَ مَعَ امْرَأَتِهِ فِي ثِيَابِهَا فَأَخَذْتُ ثَوْبَهُ فَجَعَلْتُ أَطْوِيهِ تَحْتِي ثُمَّ اضْطَجَعْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ لَا أَنَامُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى مَا يَصْنَعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنام حَتَّى نَفَخَ حَتَّى ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَذْهَبَ ثُمَّ قَامَ فَخَرَجَ فَبَالَ ثُمَّ أَتَى سِقَاءً مُوكًى فَحَلَّ وِكَاءَهُ ثُمَّ صَبَّ عَلَى يَدِهِ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ وَطِئَ عَلَى فَمِ السِّقَاءِ فَجَعَلَ يَغْسِلُ يَدَيْهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ حَتَّى فَرَغَ وَأَرَدْتُ أَنْ أَقْوَمَ فَأَصُبَّ عَلَيْهِ فَخَشِيتُ أَنْ يَدَعَ اللَّيْلَةَ مِنْ أَجْلِي ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَقُمْتُ فَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِي فَعَلَ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَتَنَاوَلَنِي بِيَدِهِ فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ وَصَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَ بِلَالٌ فَأَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ

أَبِي ثَابِتٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فساق الحديث في صلاةالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رُتْبَةِ الْأَلْفَاظِ وَمَعَانِيهَا وَفِي آخِرِهِ دُعَاءٌ كَثِيرٌ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو دَاوُدَ حَدِيثَ ابن فضيل عن الأعمش عن حبيب ابن أَبِي ثَابِتٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ اخْتِلَافٌ فِي أَلْفَاظِهِ كَثِيرٌ يُوجِبُ أَحْكَامًا كَثِيرَةً لَوْ نَحْنُ تَقَصَّيْنَاهَا لَخَرَجْنَا عَمَّا قَصَدْنَا لَهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا وَإِنَّمَا شَرَطْنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ عَلَى أَلْفَاظِ حَدِيثِ مَالِكٍ وَنَقْصِدُ إِلَى مَا يُوجِبُ فِيهَا الْحُكْمَ وَالْغَرَضَ وَمَا مِنْ أَجْلِهِ جَاءَ الْحَدِيثُ فِي الْأَغْلَبِ وَإِلَى مَعَانٍ مِنْهُ بَيِّنَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَكَلُّفُ وَادِّعَاءُ مَا لَا يَثْبُتُ وبالله التوفيق وقد روى الداروردي هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عِبَادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي عَبَّاسٍ بِأَلْفَاظٍ خِلَافِ مَذْهَبِ أَهِلِ الْمَدِينَةِ وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُنَّ وَرَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَرِوَايَتُهُ أَوْلَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ فَصَلَّى (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى أَرْبَعًا ثُمَّ نَامَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى) فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَأَدَارَنِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ فَصَلَّى خَمْسًا ثُمَّ نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ خَطِيطَهُ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْغَدَاةَ

المسور بن رفاعة بن أبي مالك القرظي

مَالِكٌ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ تُوُفِّيَ الْمِسْوَرُ بْنُ رِفَاعَةَ هَذَا سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ مَالِكٌ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ عَنِ الزَّبِيرِ بن عبد الرحمان بن الزبير أن رفاعة بن سموال طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَمِيمَةَ بِنْتِ وَهْبٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا فنكحت عبد الرحمان بْنَ الزَّبِيرِ فَاعْتَرَضَ عَنْهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا فَفَارَقَهَا فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَهُوَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ الَّذِي كَانَ طَلَّقَهَا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَاهُ عَنْ تَزَوُّجِهَا وَقَالَ لَا تَحِلُّ لَكَ حَتَّى تذوق العسيلة

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَوَى (يَحْيَى) هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الْمِسْوَرِ عَنِ الزَّبِيرِ وَهُوَ مُرْسَلٌ فِي رِوَايَتِهِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ (لِلْمُوَطَّأِ) إِلَّا ابْنَ وَهْبٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ (عَنْ مَالِكٍ) عَنِ الْمِسْوَرِ عَنِ الزبير بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ فَزَادَ فِي الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِيهِ فَوَصَلَ الْحَدِيثَ وَابْنُ وَهْبٍ مِنْ أَجَلِّ مَنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ هَذَا الشَّأْنَ وَأَثَبَتِهِمْ فِيهِ وعبد الرحمان بْنُ الزَّبِيرِ هُوَ الَّذِي كَانَ تَزَوَّجَ تَمِيمَةَ هَذِهِ وَاعْتَرَضَ عَنْهَا فَالْحَدِيثُ مُسْنَدٌ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى ثَابِتَةٍ أَيْضًا كُلُّهَا (وَقَدْ تَابَعَ ابْنُ وَهْبٍ عَلَى تَوْصِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِسْنَادِهِ إِبْرَاهِيمْ بْنُ طَهْمَانَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ (5) بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ قَالُوا فِيهِ عن الزبير بن عبد الرحمان بْنِ الزَّبِيرِ (عَنْ أَبِيهِ) ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ طَهْمَانَ النَّسَائِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَارُودِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ

حَدَّثَنَا قَاسِمُ (بْنُ أَصْبَغَ) قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ عَنِ الزَّبِيرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بن الزبير عن أبيه أن رفاعة بن سموال طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا فنكحت عبد الرحمان بْنَ الزَّبِيرِ فَاعْتَرَضَ عَنْهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا فَطَلَّقَهَا وَلَمْ يَمَسَّهَا فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَهُوَ زَوْجُهَا الَّذِي كَانَ طَلَّقَهَا قَالَ عبد الرحمان فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَاهُ عَنْ تَزْوِيجِهَا وَقَالَ لَا تَحِلُّ لَكَ حَتَّى تَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا سَحْنُونٌ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ عَنِ الزَّبِيرِ بن عبد الرحمان بن الزبير عن أبيه أن رفاعة بن سموال طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ عَنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِيهِ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ مُسْنَدٌ وَالزَّبِيرُ بْنُ عبد الرحمان بْنِ الزَّبِيرِ بِفَتْحِ الزَّايِ فِيهِمَا جَمِيعًا كَذَلِكَ رَوَى يَحْيَى وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَعْنَبِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ أَنَّ الأول

مَضْمُومٌ وَرُوِيَ عَنْهُ الْفَتْحُ فِيهِمَا كَسَائِرِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِيهِمَا جَمِيعًا بِفَتْحِ الزَّايِ وَهُمْ زَبِيرِيُّونَ بِالْفَتْحِ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ مَعْرُوفُونَ (وَهُمْ بَنُو الزَّبِيرِ بْنِ بَاطِيَا الْقُرَظِيِّ قُتِلَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ قِصَّةٌ عَجِيبَةٌ مَحْفُوظَةٌ) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِمَا أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمَا قَالَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فنكحها عبد الرحمان بْنُ الزَّبِيرِ فَاعْتَرَضَ عَنْهَا فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ

زَوْجَهَا فَقَالَتْ وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ مَا مَعَهُ إِلَّا مِثْلَ هَذِهِ الْهُدْبَةِ فَقَالَ فَلَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ هَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرحمان بْنُ الزَّبِيرِ بِالْفَتْحِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْديُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَبَتَّ طلاقي فتزوجت عبد الرحمان بْنَ الزَّبِيرِ وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ قَالَ وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ بِالْبَابِ فَنَادَى يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَلَا تَسْمَعْ إِلَى مَا تَجْهَرُ بِهِ هَذِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَذَا أَصَحُّ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي هَذَا الْبَابِ وَأَثْبَتُهُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ)

قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَإِنْ كَانَ إسنادا ثابتا فَإِنَّهُ نَاقِصٌ سَقَطَ مِنْهُ ذِكْرُ طَلَاقِ ابْنِ الزَّبِيرِ لِتَمِيمَةَ بِنْتِ وَهْبٍ وَقَدْ شُبِّهَ بِهِ عَلَى قَوْمٍ مِنْهُمُ ابْنُ عُلَيَّةَ وَدَاوُدُ لِمَا فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ فَاعْتَرَضَ عَنْهَا فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ زَوْجَهَا وَقَالَتْ إِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَظَنُّوا أَنَّهَا (أَتَتْ) شَاكِيَةً بِزَوْجِهَا فَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ ذَلِكَ وَلَا ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا وَخَلَّاهَا مَعَهُ قَالُوا فَلَا يُضْرَبُ لِلْعِنِّينِ أَجَلٌ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَهُوَ كَمَرَضٍ مِنَ الْأَمْرَاضِ فَخَالَفُوا جُمْهُورَ سَلَفِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ (فِي تَأْجِيلِ الْعِنِّينِ) لِمَا تَوَهَّمُوهُ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ وَلَيْسَ فِيهِ مَوْضِعُ شُبْهَةٍ لِأَنَّ مالكا وغيره قد ذكروا طلاق عبد الرحمان بْنِ الزَّبِيِرِ لِلْمَرْأَةِ فَكَيْفَ يُضْرَبُ أَجَلٌ لِمَنْ قَدْ فَارَقَ امْرَأَتَهُ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ (حدثنا) يحيى

ابن أَبِي إِسْحَاقَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يُحَدِّثُ عَنِ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَأَرَادَ الْأَوَّلُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ فَقَدْ بَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَهُوَ حَدِيثٌ لَا مَطْعَنَ لِأَحَدٍ فِي نَاقِلِيهِ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فِيهِ فَاعْتَرَضَ عَنْهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا فَفَارَقَهَا وَإِذَا صَحَّتْ مُفَارَقَتُهُ لَهَا وَطَلَاقُهُ إِيَّاهَا بَطَلَتِ النُّكْتَةُ الَّتِي بِهَا نَزَعَ مَنْ أَبْطَلَ تَأْجِيلَ الْعِنِّينِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ قَضَى بِتَأْجِيلِ الْعِنِّينِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا شَيْءٌ يُرْوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ذَكَرَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَتْ هَلْ لَكَ فِي امْرَأَةٍ لَا أَيِّمَ وَلَا ذَاتَ زَوْجٍ فَقَالَ أَيْنَ زَوْجُهَا فَذَكَرَ الْحَدِيثِ وفيه فقال لها علي (ابن أَبِي طَالِبٍ) اصْبِرِي فَلَوْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَكِ بِأَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ لَابْتَلَاكِ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَبْدٍ عَنْ عَلِيٍّ وَلَيْسَ هَذَا الْإِسْنَادُ مَعَ اضْطِرَابِهِ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِمَارَةَ عَنِ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ يُؤَجَّلُ الْعَنِّينُ سَنَةً فَإِنْ أَصَابَهَا وَإِلَّا فَهِيَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ خَالِدِ بْنِ كَثِيرٍ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ أَنَّ عَلِيًّا أَجَّلَ الْعِنِّينَ سَنَةً وَهَذَانِ الْإِسْنَادَانِ إِنْ لَمْ يَكُونَا مِثْلَ إِسْنَادِ هَانِئٍ وَعُمَارَةَ لَمْ يَكُونَا أَضْعَفَ وَالْأَسَانِيدُ عَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ ثَابِتَةٌ (مِنْ قِبَلِ الْأَئِمَّةِ) وَعَلَيْهَا الْعَمَلُ وَفَتْوَى فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِثْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَجَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ إِلَّا طَائِفَةً مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ النِّسَاءَ أَنْ يُؤَجَّلَ سَنَةً قَالَ مَعْمَرٌ يُؤَجَّلُ سَنَةً مِنْ يَوْمِ تَرَافُعِهِ كَذَلِكَ بَلَغَنِي قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْقَائِلِينَ بِتَأْجِيلٍ الْعِنِّينِ مِنْ يَوْمِ تَرَافُعِهِ بِخِلَافِ أَجَلِ الْمَوْلَى وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْمَوْلَى مَضَارٌّ قادر على الفيء ورفع الضرر والعنين غير عَالِمٌ بِشَكْوَى زَوْجَتِهِ إِيَّاهُ حَتَّى تَشْكُوَهُ فَجُعِلَ لَهُ أَجَلُ سَنَةٍ لِمَا فِي السَّنَةِ مِنِ اخْتِلَافِ الزَّمَنِ بِالْحَرِّ وَالْبَرَدِ لِيُعَالِجَ نَفْسَهُ فِيهَا والله أعلم

وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ اتِّبَاعُ السَّلَفِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِنَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُوجِبُ لِلْعَنِينِ حُكْمًا فَلِذَلِكَ تَرَكْنَا اخْتِلَافَ أَحْكَامِهِ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ إِبَاحَةُ إِيقَاعِ الطَّلَاقِ الْبَاتِّ طَلَاقِ الثَّلَاثِ وَلُزُومُهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى رِفَاعَةَ إِيقَاعَهُ لَهُ كَمَا أَنْكَرَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ طَلَاقَهُ فِي الْحَيْضِ وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي قَوْلِهِ إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا إِنَّهَا كَانَتْ مُجْتَمِعَاتٍ فَعَلَى هَذَا الظَّاهِرِ جَرَى قَوْلُنَا وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ طَلَاقُهُ ذَلِكَ آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ إِلَّا بِبَيَانٍ وَقَدْ نَزَعَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ أَبَاحَ وُقُوعَ الثَّلَاثِ مُجْتَمِعَاتٍ وَجَعَلَ وُقُوعَهَا فِي الطُّهْرِ سُنَّةً لَازِمَةً وَهَذَا مَوْضِعُ اخْتِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَفِي بَابِ نَافِعٍ أَيْضًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةِ رِفَاعَةَ أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِرَادَةَ الْمَرْأَةِ الرُّجُوعَ إِلَى زَوْجِهَا لَا يَضُرُّ الْعَاقِدَ عَلَيْهَا وَأَنَّهَا لَيْسَتْ بِذَلِكَ فِي مَعْنَى التَّحْلِيلِ الْمُسْتَحَقِّ صاحبه اللعنة

(وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى عَلَى مَا نَذْكُرُهُ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَا يُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا الْمُطَلِّقِ لَهَا إِلَّا طَلَاقُ زَوْجٍ قَدْ وَطِئَهَا وَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَطَأْهَا وَطَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لِزَوْجِهَا (أَيِ الْأَوَّلِ) وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَهُوَ يَخْرُجُ فِي التَّفْسِيرِ الْمُسْنَدِ وَذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ النِّكَاحِ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ الْعَقْدُ لَا الْوَطْءُ إِلَّا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنَّهُ أُرِيدَ بِلَفْظِ النِّكَاحِ هَاهُنَا الْعَقْدُ وَالْوَطْءُ جَمِيعًا بِدَلِيلِ السُّنَّةِ الْوَارِدَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَذَلِكَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَذُوقَ العسيلة والعسيلة هاهنا الوط لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَفِي هَذَا حُجَّةٌ وَاضِحَةٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي الْإِيمَانِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ التَّحْلِيلُ مِنْهَا وَالْبِرُّ إِلَّا بِأَكْمَلِ الْأَشْيَاءِ وَأَنَّ التَّحْرِيمَ يَقَعُ بِأَقَلِّ شَيْءٍ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا حَرَّمَ عَلَى الرَّجُلِ (نِكَاحَ) حَلِيلَةِ ابْنِهِ وَامْرَأَةِ أَبِيهِ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا عَقَدَ

عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَى ابْنِهِ وَعَلَى أَبِيهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ فَلَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ قَبَّلَهَا حَرُمَتْ عَلَى ابْنِهِ وَعَلَى أَبِيهِ فهذا يبين لك أن التحريم يقع ويدخل عَلَى الْمَرْءِ بِأَقَلِّ شَيْءٍ وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَ بَعْضَ امْرَأَةٍ طُلِّقَتْ كُلُّهَا وَكَذَلِكَ لَوْ ظَاهَرَ مِنْ بَعْضِهَا لَزِمَهُ الظِّهَارُ الْكَامِلُ وَلَوْ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ بَعْضَ نِكَاحٍ أَوْ عَلَى بَعْضِ امْرَأَةٍ نِكَاحًا لَمْ يَصِحَّ وَكَذَلِكَ الْمَبْتُوتَةُ لَا يُحِلُّهَا عَقْدُ النِّكَاحِ عَلَيْهَا حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا وَيَطَأَهَا وَطْأً صَحِيحًا وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٌ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ إِنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ نِكَاحَ رَغْبَةٍ لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّحْلِيلُ وَيَكُونُ وَطْؤُهُ لَهَا وَطْأً مُبَاحًا لَا تَكُونُ صَائِمَةً ولا محرمة وَلَا فِي حَيْضَتِهَا وَيَكُونُ الزَّوْجُ بَالِغًا مُسْلِمًا (وَقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فِي الْبِرِّ وَالْحِنْثِ (بِأَنَّ) التَّحْرِيمَ لَا يَصِحُّ فِي الرَّبِيبَةِ بِالْعَقْدِ حَتَّى يَنْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ الدُّخُولُ بِالْأُمِّ وَهَذَا إِجْمَاعٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأُمِّ وَلِهَذَا نَظَائِرٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَصَابَهَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَغَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي فَرْجِهَا فَقَدْ ذَاقَ الْعُسَيْلَةَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ قَوِيُّ النِّكَاحِ وَضَعِيفُهُ وَسَوَاءٌ أَدْخَلَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِهَا وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مُرَاهِقٍ أَوْ مَجْبُوبٍ بَقِيَ لَهُ ما (يغيبه) كما يغيب غير الخصي

قَالَ وَإِنْ أَصَابَ الذِّمِّيَّةَ وَقَدْ طَلَّقَهَا مُسْلِمٌ أَوْ زَوْجٌ ذِمِّيٌّ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَحَلَّهَا قَالَ وَلَوْ أَصَابَهَا الزَّوْجُ مُحْرِمَةً أَوْ صَائِمَةً أَحَلَّهَا وَهَذَا كُلُّهُ مَا وَصَفَ الشَّافِعِيُّ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحُسْنُ بْنُ حَيٍّ وَقَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَانْفَرَدَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ بقوله لا يحل المطلقة ثلاثا إلا وطئ يَكُونُ فِيهِ إِنْزَالٌ وَذَلِكَ مَعْنَى ذَوْقُ الْعُسَيْلَةَ عِنْدَهُ وَلَا يُحِلُّهَا عِنْدَهُ الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُ وَانْفَرَدَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِقَوْلِهِ إِنَّ مَنْ تَزَوَّجَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَقَدْ حَلَّتْ بِذَلِكَ النِّكَاحِ وَهُوَ الْعَقْدُ لَا غَيْرَ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ قَالَ فَقَدْ نَكَحَتْ زَوْجًا (يَلْحَقُهُ) وَلَدُهَا وَيَجِبُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَظُنُّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيثُ الْعُسَيْلَةِ هَذَا وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ وَأَمَّا سَائِرُ الْعُلَمَاءِ مُتَقَدِّمُهُمْ وَمُتَأَخِّرُهُمْ فِيمَا عَلِمْتُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا وَصَفْنَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ (قَالَ) حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ

الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ زَوْجَا غَيْرَهُ فَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُوَاقِعَهَا أَتَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ قَالَ لَا حَتَّى تَذُوقَ عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الله

الدَّانَاجُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا أَرَاهَا إِلَّا عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ حَتَّى يَذُوقَ الْآخَرُ عُسَيْلَتَهَا (وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ وَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَقَالَ مَالِكٌ الْمُحَلِّلُ لَا يُقِيمُ عَلَى نِكَاحِهِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ نِكَاحًا جَدِيدًا فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَا تُحِلُّهَا إِصَابَتُهُ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَسَوَاءٌ عَلِمَا أَوْ لَمْ يَعْلَمَا إِذَا تَزَوَّجَهَا لِيُحِلَّهَا وَلَا يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهِ وَيُفْسَخُ وَقَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ (وَرُوِيَ عَنِ اللَّيْثِ فِي نِكَاحِ الْخِيَارِ وَالْمُحَلِّلِ أَنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فِي ذَلِكَ وَفِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَرُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أنه قال في نكاح المحلل بيسما صَنَعَ وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ النِّكَاحُ جَائِزٌ إِذَا دَخَلَ بِهَا وَلَهُ (4) أَنْ يُمْسِكَهَا إِنْ شَاءَ) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَرَّةً لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إِذَا تزوجها الآخر ليحلها وَمَرَّةً قَالُوا تَحِلُّ (لَهُ) بِهَذَا النِّكَاحِ إِذَا جامعها

وَطَلَّقَهَا وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ نِكَاحَ هَذَا الزَّوْجِ صَحِيحٌ وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا قَالَ أَتَزَوَّجُكِ لِأُحِلَّكِ ثُمَّ لَا نِكَاحَ بَيْنَنَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهَذَا ضَرْبٌ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَهُوَ فَاسِدٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ وَيُفْسَخُ وَلَا يَطَأُ إِنْ دَخَلَ بِهَا وَلَوْ وَطِئَ عَلَى هَذَا لَمْ يَكُنْ وَطْؤُهُ تَحْلِيلًا فَإِنْ تَزَوَّجَهَا تَزْوِيجًا مُطْلَقًا لَمْ يَشْتَرِطْ هُوَ وَلَا اشْتُرِطَ عَلَيْهِ التَّحْلِيلُ فَلِلشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِهِ الْقَدِيمِ قَوْلَانِ فِي ذَلِكَ أَحَدُهُمَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ وَالْآخَرُ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي كِتَابِهِ الْجَدِيدِ الْمِصْرِيِّ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ (وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ) وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ زُفَرٍ إِذَا شُرِطَ تَحْلِيلِهَا لِلْأَوَّلِ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَيَكُونَا مُحْصَنَيْنِ بِهَذَا التَّزْوِيجِ مَعَ الْجِمَاعِ وَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ النِّكَاحُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَاسِدٌ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ وَلَا يُحْصِنُهَا هَذَا وَلَا يُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَصْحَابِهِ اضْطِرَابٌ كَثِيرٌ فِي هَذَا الْبَابِ (وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ إِذَا هَمَّ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ فَسَدَ النِّكَاحُ وَقَالَ سَالِمٌ وَالْقَاسِمُ (3)

لَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِيُحِلَّهَا إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الزَّوْجَانِ قَالَا وَهُوَ مَأْجُورٌ وَقَالَ رَبِيعَةُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إِنْ تَزَوَّجَهَا لِيُحِلَّهَا فَهُوَ مَأْجُورٌ وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ لَا أُبْعِدُ أَنْ يَكُونَ مُرِيدُ نِكَاحِ الْمُطَلَّقَةِ لِيُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا مَأْجُورًا إِذَا لَمْ يُظْهِرْ ذَلِكَ فِي اشْتِرَاطِهِ فِي حِينِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ قَصَدَ إِرْفَاقَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَإِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ نَادِمًا مَشْغُوفًا فَيَكُونُ فَاعِلُ ذَلِكَ مَأْجُورًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَلَا بَأْسَ بِالنِّكَاحِ وَتَرْجِعُ إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَقَالَ عَطَاءٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ الْمُحَلِّلُ عَلَى نِكَاحِهِ) قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعُقْبَةُ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ وَقَالَ عُقْبَةُ فِي حَدِيثِهِ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ هُوَ الْمُحَلِّلُ وَلَفْظُ التَّحْلِيلِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الشَّرْطِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِيهِ لِأَنَّ إِرَادَةَ الْمَرْأَةِ إِذَا لَمْ يَقْدَحْ فِي الْعَقْدِ وَلَهَا فِيهِ حَظٌّ فَالنِّكَاحُ كَذَلِكَ وَالْمُطَلِّقُ أَحْرَى أَنْ لَا يُرَاعِي فَلَمْ يَبْقَ (إِلَّا) أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْحَدِيثِ إِظْهَارُ الشَّرْطِ فَيَكُونُ كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَيُبْطَلُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) وَيُحْتَمَلُ

أَنْ يَكُونَ إِذَا نَوَى أَنْ يُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا كَانَ مُحَلِّلًا (لِقَوْلِهِ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ) وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي هَذَا تَغْلِيظٌ شَدِيدٌ قَوْلُهُ لَا أَوُتَى بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إِلَّا رَجَمْتُهُمَا وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ التَّحْلِيلُ سِفَاحٌ (وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ إِذَا هَمَّ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ فَسَدَ النِّكَاحُ وَقَالَ سَالِمٌ وَالْقَاسِمُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِيُحِلَّهَا إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الزَّوْجُ وَإِلَّا فَهُوَ مَأْجُورٌ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَلِّلُ الْمَلْعُونُ عِنْدَهُمَا مَنْ شُرِطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَرُدُّ قَوْلَهُمَا وَقَالَ عَطَاءٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ الْمُحَلِّلُ عَلَى نِكَاحِهِ) (وَلَا يَحْتَمِلُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ إِلَّا التَّغْلِيظَ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ وَضَعَ الْحَدَّ عَنِ الْوَاطِئِ فَرْجًا حَرَامًا جَهِلَ تَحْرِيمَهُ وَعَذَرَهُ بِالْجَهَالَةِ فَالْمُتَأَوِّلُ أَوْلَى بِذَلِكَ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا رَجْمَ عَلَيْهِ) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ (حَدَّثَنَا) إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ الْأَنْمَاطِيُّ قال حدثا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ كَاتِبُ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ كَيْفَ تَرَى فِي التَّحْلِيلِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمر لا أعلم ذلك إلا السفاح

باب النون

باب النون (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) (هُوَ نَافِعُ بْنُ جِرْجِسَ) (قَالَ أَبُو عُمَرَ) يُكَنَّى نَافِعٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ كَانَ دَيْلَمِيًّا وَقَالَ غَيْرُهُ كَانَ من (أهل) أبر شهر وَقِيلَ كَانَ أَصْلُهُ مِنَ الْمَغْرِبِ أَصَابَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي غَزَاتِهِ وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا ثَبْتًا فِيمَا نُقِلَ وَكَانَتْ فِيهِ لُكْنَةٌ وَكَانَ يَلْحَنُ أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ لَحْنًا كَثِيرًا ذَكَرَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ كَانَتْ فِي نَافِعٍ لُكْنَةٌ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ

وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ وَأَبُو مَرْوَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ قَالُوا كَانَ كِتَابُ نَافِعٍ الَّذِي سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي صَحِيفَةٍ فَكُنَّا نَقْرَؤُهَا عَلَيْهِ فَنَقُولُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّا قَدْ قَرَأْنَا عَلَيْكَ فَنَقُولُ حَدَّثَنَا نَافِعٌ فَيَقُولُ نَعَمْ قَالَ وَسَمِعْتُ نَافِعَ بْنَ أَبِي نُعَيْمٍ يَقُولُ مَنْ أَخْبَرَكَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا قَرَأَ عَلَيْهِ نَافِعٌ فَلَا تُصَدِّقْهُ كَانَ أَلْحَنَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِّينَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ رَأَيْتُ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ يُمْلِي عَلَيْهِ وَيَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعَثَ نَافِعًا إِلَى أَهْلِ مِصْرَ يُعَلِّمُهُمُ السُّنَنَ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ نَشَرَ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عِلْمًا جَمًّا وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَيُّ حَدِيثٍ أَوْثَقُ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ أَثْبَتُ أَصْحَابِ نَافِعٍ (فِيهِ) مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَهُوَ عِنْدِي أَثْبَتُ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَيُّوبَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ أَثْبَتُ أَصْحَابِ نَافِعٍ أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمَالِكٌ قَالَ وَابْنُ جُرَيْجٍ أَثْبَتُ فِي نَافِعٍ مِنْ مَالِكٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمَالِكٌ وَأَيُّوبُ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي نَافِعٍ عِنْدَ النَّاسِ وَابْنُ جُرَيْجٍ رابعهم

إِلَّا أَنَّ الْقَطَّانَ يُفَضِّلُهُ وَلَيْسَ يَلْحَقُ بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ (فِي نَافِعٍ عِنْدَهُمْ) إِذَا خَالَفُوهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حرب يقول قال يحيى وعبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ عُبَيْدُ اللَّهِ وَمَالِكٌ أَثْبَتُ مِنْ أَيُّوبَ فِي نَافِعٍ ثُمَّ تَعَجَّبَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ مَنْ أَثْبَتُ فِي نَافِعٍ عُبَيْدُ اللَّهِ أَوْ مَالِكٌ أَوْ أَيُّوبَ فَقَدَّمَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَفَضَّلَهُ بِلِقَاءِ سَالِمٍ (وَالْقَاسِمِ) قُلْتُ لَهُ فَمَالِكٌ بَعْدَهُ قَالَ إِنَّ مَالِكًا أَثْبَتُ قُلْتُ فَإِذَا اخْتَلَفَ مَالِكٌ وَأَيُّوبَ فَتَوَقَّفَ وَقَالَ ما نجتري عَلَى أَيُّوبَ ثُمَّ عَادَ فِي ذِكْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَفَضَّلَهُ وَقَالَ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ جَلِيلٌ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ بَعْدَ مَوْتِ نَافِعٍ بِسَنَةٍ وَلِمَالِكٍ يَوْمَئِذٍ حَلْقَةٌ أَثْبَتُ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ مَاتَ نَافِعٌ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ سَبْعَ عَشَرَ وَمِائَةٍ فِي خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ (وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ قَالَ شَهِدْتُ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ تَقَدَّمْ أَنْتَ أَسَنُّ فَتَدَافَعَا حَتَّى قَدَّمَا نَافِعًا قَالَ وَحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ نَافِعًا يُحَدِّثُ حَدِيثًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ لَمْ أُبَالِ أَلَّا أَسْمَعُهُ مِنْ غَيْرِهِ) لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي مَوَطَّئِهِ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانُونَ حَدِيثًا

حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ على رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكُلُّ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ فِيمَا عَلِمْتُ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِمْ هَكَذَا قَالُوا فِيهِ عَنْهُ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى إِلَّا الْحُنِينِيَّ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ وَالْعُمَرِيِّ جَمِيعًا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى فَزَادَ فِيهِ ذِكْرَ النَّهَارِ وَذَلِكَ خَطَأٌ عَنْ مَالِكٍ لَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَنْهُ عَلَى ذَلِكَ وَالْحُنِينِيُّ ضَعِيفٌ كَثِيرُ الْوَهْمِ وَالْخَطَأِ وَالْعُمَرِيُّ هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ضَعِيفٌ أَيْضًا لَيْسَ بِحُجَّةٍ (عِنْدَهُمْ لِتَخْلِيطِهِ فِي حِفْظِهِ) فَأَمَّا أَخُوهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَثِقَةٌ أَحَدُ الْجِلَّةِ مِنْ أَصْحَابِ نَافِعٍ وَرِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ نَافِعٍ كَرِوَايَةِ مَالِكٍ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى (مَثْنَى) وَلَمْ يَذْكُرِ النَّهَارَ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ لَهُ أَيْضًا عَنْ نَافِعٍ لَمْ يَذْكُرِ النَّهَارَ هَؤُلَاءِ هُمُ الْحُجَّةُ فِي نَافِعٍ فَأَمَّا رِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى وَأَمَّا رِوَايَةُ أَيُّوبَ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُعَلِّمُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ جَمِيعًا عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءٌ لَمْ يَذْكُرِ النَّهَارَ وَلَا يَصِحُّ عَنْ نَافِعٍ فِي هَذَا

الْحَدِيثِ غَيْرُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا قَالَ مَالِكٌ (عَنْهُ) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ كَيْفَ يُصَلِّي أَحَدُنَا بِاللَّيْلِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ تُوتِرُ لَكَ مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِكَ قَالَ سُفْيَانُ وَهَذَا أَجْوَدُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَسَانِيدُ مِنْهَا عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَجْوَدُهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ سَمِعْتُ وَحَدَّثَنَا وَلِأَنَّهُ فِيهِ أَعْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وليس لمالك هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ خَاصَّةً) وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ نَافِعٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَسَالِمٌ وَطَاوُسٌ وَأَبُو سلمة

ابن عبد الرحمان وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ وحميد بن عبد الرحمان وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ كُلُّهُمْ قَالَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى لَمْ يَذْكُرُوا النَّهَارَ وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ الْبَارِقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى فَزَادَ فِيهِ ذِكْرَ النَّهَارِ وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ غَيْرُهُ وَأَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الحسن صلاةالليل وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدِ بْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ صَلِّ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِنْ شِئْتَ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ شِئْتَ أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا أَوْ ثَمَانِيًا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ صَلِّ مَا شِئْتَ بَعْدَ أَنْ تَقْعُدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَصَلَاةُ النَّهَارِ أَرْبَعًا وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَالنَّهَارِ أَرْبَعُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ إِنْ شَاءَ لَا يسلم

إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي النَّافِلَةِ فَقَالَ أَمَّا الَّذِي أَخْتَارُ فَمَثْنَى مَثْنَى وَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا فَلَا بَأْسَ وَأَرْجُو أَنْ لَا يُضَيَّقَ عَلَيْهِ فَذَكَرَ لَهُ حَدِيثَ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ فَقَالَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْحَدِيثُ يَثْبُتُ وَمَعَ هَذَا حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي تَطَوُّعِهِ بِالنَّهَارِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَالْفَجْرِ وَالْأَضْحَى وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا بِالنَّهَارِ وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ قَالَ لِي نَافِعٌ أَمَّا نَحْنُ فَنُصَلِّي بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا قَالَ فَذَكَرْتُهُ لِمُحَمَّدٍ فَقَالَ لَوْ صَلَّى مَثْنَى كَانَ أَجْدَرُ أَنْ يُحْفَظَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْمَقْدِسِيُّ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَقَالَ صَلَاةُ النَّهَارِ أَرْبَعًا لَا يُفْصَلُ بَيْنَهُنَّ وَصَلَاةُ اللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى فَقَالَ بِأَيِّ حَدِيثٍ فَقُلْتُ بِحَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى فَقَالَ وَمَنْ عَلِيٌّ الْأَزْدِيُّ حَتَّى أَقْبَلَ مِنْهُ هَذَا أَدَعُ يَحْيَى بْنَ سعيد الأنصاري عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَطَوَّعُ بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ وَآخُذُ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ لَوْ كَانَ حَدِيثُ عَلِيٍّ الْأَزْدِيُّ صَحِيحًا لَمْ يُخَالِفْهُ ابْنُ عُمَرَ قَالَ يَحْيَى وَقَدْ كَانَ شُعْبَةُ يَنْفِي هَذَا الْحَدِيثَ وَرُبَّمَا لَمْ يَرْفَعْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى (كَلَامٌ) خَرَجَ عَلَى جَوَابِ السَّائِلِ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي بِاللَّيْلِ فَقَالَ مَثْنَى مَثْنَى وَلَوْ قَالَ لَهُ وَبِالنَّهَارِ جَازَ أَنْ يَقُولَ كَذَلِكَ أَيْضًا مَثْنَى مَثْنَى وَمَا خَرَجَ عَلَى جَوَابِ السَّائِلِ فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَا عَدَاهُ وَسَكَتَ عَنْهُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ بِخِلَافِهِ وَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ فَصَلَاةُ النَّهَارِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى دَلَائِلِهَا فَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهَا وَصَلَاةَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى جَمِيعًا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى تَشَهُّدٌ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَخُصَّ لَيْلًا مِنْ نَهَارٍ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُعَاذٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ أبي أنس عن عبد الله بن نافع عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ الْمُطَّلِبِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى يُتَشَهَّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ فَخَالَفَ شُعْبَةَ فِي إِسْنَادِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ اللَّيْثِ فِي بَابِ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ مَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ الْبَارِقِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى فَزَادَ زِيَادَةً لَا تَدْفَعُهَا الْأُصُولُ وَيُعَضِّدُهَا فُتْيَا ابْنِ عُمَرَ الَّذِي رَوَى الْحَدِيثَ وَعَلِمَ مَخْرَجَهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِأَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَغُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ علي الْأَزْدِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ وَقَالَ غُنْدَرٌ مَثْنَى مَثْنَى وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بندار حدثنا محمد وعبد الرحمان قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا الْأَزْدِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى يُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى يُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَهَذِهِ فَتْوَى ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى وَعَلِمَ مَخْرَجَهُ وَفَهِمَ مُرَادَهُ وَحَدِيثُ مَالِكٍ هَذَا وَإِنْ كَانَ مِنْ بَلَاغَاتِهِ فَإِنَّهُ مُتَّصِلٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ أن محمد بن عبد الرحمان بْنِ ثَوْبَانَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى يَعْنِي التَّطَوُّعَ وَمِنَ الدَّلِيلِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ صَلَاةَ النَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى كَصَلَاةِ اللَّيْلِ سَوَاءً أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يصلي

قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ وَرَكْعَتِي الْفَجْرِ وَكَانَ إِذَا قَدِمَ (مِنْ سَفَرٍ) صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ وَصَلَاةُ الْفِطَرِ وَالْأَضْحَى وَالِاسْتِسْقَاءِ وَقَالَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ وَدَلِيلٌ آخَرُ أَنَّ الْعُلَمَاءَ لَمَّا اخْتَلَفُوا فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ بِالنَّهَارِ وَقَامَ الدَّلِيلُ عَلَى حُكْمِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ بِاللَّيْلِ وَجَبَ رَدُّ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ إِلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ قِيَاسًا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ يُجْلَسُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى هَلْ يَقْتَضِي مَعَ الْجُلُوسِ تَسْلِيمًا أَمْ لَا فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ لَا يَقْتَضِي قَوْلُهُ هَذَا إِلَّا الْجُلُوسُ دُونَ التَّسْلِيمِ فَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ وَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ وَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ وَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بِتِسْعٍ وَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بِإِحْدَى عَشَرَ رَكْعَةً لَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وكان إسحاق بن راهويه يقول أما من أوتر بثلاث أَوْ خَمَّسَ أَوْ سَبَّعَ أَوْ تَسَّعَ فَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ بَيْنَهُنَّ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُسَلِّمْ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ وَأَمَّا مَنْ أَوْتَرَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُفْرِدُ الْوِتْرَ بِرَكْعَةٍ

وَحُجَّةُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَإِسْحَاقَ وَمَنْ تَابَعَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ مِنْهَا حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً لَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ وَأَلْفَاظُ الْأَحَادِيثِ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ مُضْطَرِبَةٌ (جِدًّا) وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَسَيَأْتِي مِنْهَا ذِكْرٌ فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ وَبَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا يَقْضِي عَلَى مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَإِنَّمَا اخْتُلِفَ فِي ذِكْرِ صَلَاةِ النَّهَارِ (فِيهِ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى يَقْتَضِي التَّسْلِيمَ وَالْجُلُوسَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الَّذِي لَا يَدُلُّ لَفْظُ مَثْنَى إِلَّا عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ صَلَاةُ الظُّهْرِ مَثْنَى مَثْنَى وَإِنْ كَانَ يَجْلِسُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنْهَا وَأَجَازَ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَكُونَ الْوِتْرُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ لَا زِيَادَةَ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُفْصَلُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَةِ بِتَسْلِيمٍ أَمْ لَا فقال

مِنْهُمْ قَائِلُونَ الْوِتْرُ ثَلَاثٌ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ تَسْلِيمٌ وَلَا يُسَلَّمُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي أُمَامَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَقَالَ الثوري أحب إلي أن يوتر بثلاث لَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ قَالَ وَإِنْ شِئْتَ أَوْتَرْتَ بِرَكْعَةٍ وَإِنْ شِئْتَ بِثَلَاثٍ وَإِنْ شِئْتَ أَوْتَرْتَ بِخَمْسٍ وَإِنْ شِئْتَ أَوْتَرْتَ بِسَبْعٍ وَإِنْ شِئْتَ بِتِسْعٍ وَإِنْ شِئْتَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ لَا تُسَلِّمُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ قَالَ وَالَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ مِنَ الْوِتْرِ أَنَّهُ بِثَلَاثٍ وَقَالَ آخَرُونَ يُفْصَلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ بِتَسْلِيمٍ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْوِتْرِ حَتَّى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِالتَّسْلِيمِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَيْضًا وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَمُعَاوِيَةَ وَعَائِشَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَفَعَلَهُ مُعَاذٌ الْقَارِي مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ فَصَلَ فَحَسَنٌ (وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ فَحَسَنٌ) وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يُجِيزُونَ الْوِتْرَ بِرَكْعَةٍ

غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَالْأَوْزَاعِيَّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَهَا ثُمَّ يُسَلِّمُ ثُمَّ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ وَكَانَ مَالِكٌ مِنْ بَيْنِهِمْ يَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْوِتْرُ رَكْعَةً وَاحِدَةً مُنْفَرِدَةً لَا يَكُونُ قَبْلَهَا شَيْءٌ وَكَانَ يَجِبُ عَلَى أَصْلِهِ فِي (إِجَازَتِهِ) التَّسْلِيمُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ أَنْ لَا يَكْرَهَ الْوِتْرَ بِرَكْعَةٍ مُفْرَدَةٍ وَقَدْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ مُحَمَّدِ) بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ قَالَ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الرَّجُلِ يَنَامُ حَتَّى يُصْبِحَ فَقَالَ لِي إِنْ كَانَ صَلَّى مِنَ اللَّيْلِ شَيْئًا فَلْيُوتِرْهُ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُصَلِّ فِي لَيْلَتِهِ تِلْكَ شيئا فليوتر بثلاث يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمِمَّنْ رَوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ أَجَازَ الْوِتْرَ بِرَكْعَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ كَأَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ أَوْتَرَ مُعَاوِيَةُ بِرَكْعَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا صَلَاةٌ

فَقَالَ أَصَابَ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ أَصَابَ السُّنَّةَ وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ الْوِتْرُ ثَلَاثٌ يُسَلِّمُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَالَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ يُوتِرُ بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ فَلَا يُسَلِّمُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ أَرَى أَنْ يُصَلَّى خَلْفَهُ فَلَا يُخَالِفُ قَالَ مَالِكٌ وَكُنْتُ مَرَّةً أُصَلِّي خَلْفَهُمْ فَإِذَا كَانَ الْوِتْرُ انْصَرَفْتُ وَلَمْ أُوتِرْ مَعَهُمْ وَقَدْ رَدَّ هَذَا عَلَى مَالِكٍ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ الْوِتْرُ مَعَهُمْ أَفْضَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَتْ لَهُ بَقِيَّةُ لَيْلَتِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الَّذِي أَخْتَارُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يُصَلِّيَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ فَإِنْ صَلَّى دُونَ ذَلِكَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَأَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ وَسَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَرَكْعَةِ الْوِتْرِ فَحَسَنٌ وَإِنْ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ فَلَا حَرَجَ قَالَ وَأَحَبُّ الْوِتْرِ إِلَيَّ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ وَيُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا وَيَفْصِلُ بَيْنَ الْوِتْرِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ بِسَلَامٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى يُوجِبُ أَنْ يَجْلِسَ الْمُصَلِّي فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا وَيُسَلِّمَ لَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ صَلَاةُ الظُّهْرِ مَثْنَى (مَثْنَى) وَلَا صَلَاةُ الْعَصْرِ مَثْنَى (مَثْنَى) وَقَوْلُهُ فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ (أَوْتَرْتَ) بِوَاحِدَةٍ تُوتِرُ بِهِ مَا صَلَّيْتَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْوِتْرُ وَاحِدَةً مُنْفَرِدَةً وَإِذَا جَازَتِ الرَّكْعَةُ بَعْدَ صَلَاةٍ جَازَتْ دُونَهَا لِأَنَّهَا مُنْفَصِلَةٌ بِالسَّلَامِ مِنْهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ وَفَعَلَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا كَرَاهِيَةُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْوَتْرَ بِرَكْعَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ فَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَ الرَّكْعَةِ شَيْئًا فَأَيُّ شَيْءٍ تُوتِرُ لَهُ وَالْوَتْرُ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا يَكُونُ لِصَلَاةٍ تَقَدَّمَتْهُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ (ابْنِ) عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ تُوتِرُ (صَلَاةَ) النَّهَارِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا أَجْزَتْ رَكْعَةٌ قَطُّ سَمَّاهَا الْبَتْرَاءَ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ لَوْ تَنَفَّلَ أَحَدٌ بِرَكْعَةٍ لَمْ أُعَنِّفْهُ وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَحَيَّاهُ بِرَكْعَةٍ لَمْ أَعِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَرَكْعَةٌ أَحَبُّ

إِلَيَّ مِنْ أَنْ لَا يُصَلِّيَ شَيْئًا وَلَسْتُ آمر أَحَدًا ابْتِدَاءً أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً وَاحِدَةً يَتَنَفَّلُ بِهَا فِي غَيْرِ الْوِتْرِ فَإِنْ فَعَلَ أُعَنِّفْهُ لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَوْتَرُوا بِرَكْعَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ وَالْوِتْرُ نَافِلَةٌ فَكَذَلِكَ التَّنَفُّلُ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَقَلُّ النَّافِلَةِ رَكْعَتَانِ وَلَا يَتَنَفَّلُ أَحَدٌ بِرَكْعَةٍ لَا فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَلَا فِي الْوِتْرِ أَيْضًا حَتَّى يَكُونَ قَبْلَ ذَلِكَ شَفْعٌ أَقَلُّهُ رَكْعَتَانِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْفَرَجِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ قُبَيْطَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عبد الرحمان حدثنا عبد العزيز بن محمد الداروردي عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْبُتَيْرَاءِ (2) أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ رَكْعَةً وَاحِدَةً يُوتِرُ بِهَا هُوَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ الْعُقَيْلِيُّ الْغَالِبُ عَلَى حَدِيثِهِ الْوَهْمُ)

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي الْوِتْرِ بَعْدَ الْفَجْرِ ما لم يصل الصبح فقال منهم القائلون إِذَا انْفَجَرَ الصُّبْحُ فَقَدْ خَرَجَ وَقْتُ الْوِتْرِ وَلَا يُصَلَّى الْوَتْرُ بَعْدَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وأصحابه وإسحاق بن رَاهَوَيْهِ إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يَقُولُ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَقَدْ خَرَجَ وَقْتُ الْوِتْرِ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عِنْدَهُ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ جَعَلَ وَقْتَ الْوِتْرِ آخِرَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ وَحُجَّتُهُمْ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى اللَّيْلَ فَلْيَجْعَلْ آخِرَ صَلَاتِهِ وَتْرًا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ فَإِذَا كَانَ الْفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالْوَتْرِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَوْتِرُوا قَبْلَ الْفَجْرِ وَقَالَ آخَرُونَ وَقْتُ الْوِتْرِ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ وَمِمَّنْ أَوْتَرَ بَعْدَ الْفَجْرِ عُبَادَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَحُذَيْفَةُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةُ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ كُلُّهُمْ يَقُولُ يُوتِرُ مَا لَمْ يُصَلِّ الصبح

وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِيهَا عَنِ الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُمُ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا وَقَالَ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ وَحُمَيْدٌ إِنَّ أَكْثَرَ وَتْرِنَا لِبُعْدِ الْفَجْرِ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ طَائِفَةٌ رَأَتِ الْوِتْرَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَهُوَ قَوْلٌ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي إِيجَابِ الْوِتْرِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا خَطَأَهُ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عن أبيه وقال الحميدي سمعت الزهري عن سالم عن أبيه ثم اتفقا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ

صلى الله عليه وسلم يقول اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ وَرُبَّمَا قَالَ بِرَكْعَةٍ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ مُحَمَّدَ بْنَ زَكَرِيَّاءَ الْمَقْدِسِيَّ حَدَّثَهُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ (حَدَّثَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بُرْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بن عبد الرحمان وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ صَلَاةُ اللَّيْلِ رَكْعَتَانِ فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ وَمِمَّا يُحْتَجُّ به أيضا لمالك فِي أَنَّ الرَّكْعَةَ فِي الْوِتْرِ لَا تَكُونُ منفردة لا شي قَبْلَهَا مَا أَخْبَرَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ

صلاة المغرب وتر (صلاة) النهار أرسله أشعث عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَوَقَفَهُ) مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَوْلُهُ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ أَجَازَ الْوِتْرَ بِوَاحِدَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ مَا رَوَاهُ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ (شَقِيقٍ) عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ هَكَذَا مَثْنَى مَثْنَى وَالْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَرَوَى وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال الوتر رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَرَوَى الْقَطَّانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال الوتر ركعة من آخر الليل وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ

ابن الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ حَيَّانَ الْعِجْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ وَتَابَعَهُ الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ (أَنْبَأَنَا) الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي أَيُّوبُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ وَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ وَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ مَوْقُوفًا مِنْ قَوْلِهِ وَزَادَ وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ فَلْيُومِئْ إِيمَاءً وَذَهَبَ النَّسَائِيُّ إِلَى أَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَهُ مَوْقُوفٌ وَخَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ مَرْفُوعًا كَمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ وَهُوَ أَوْلَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ شُبِّهَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ مُتَقَدِّمِي الْفُقَهَاءِ مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ وَشَبَهُهُ فَقَالُوا الْوِتْرُ وَاجِبٌ

وَفِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ فِي حَدِيثِ (طَلْحَةَ) بْنِ عبيد الله في الخمس صلوات هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا فَرْضَ إِلَّا الْخَمْسَ وَسَنُوضِحُ هَذَا الْمَعْنَى بِمَا يَجِبُ مِنَ الْقَوْلِ فِيهِ بَعْدَ ذِكْرِ الِاخْتِلَافِ في ذلك وتبين الصَّحِيحِ فِيهِ عِنْدَنَا فِي بَابِ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَيْسَ الْوِتْرُ بِحَتْمٍ مِثْلَ الْمَكْتُوبَةِ وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ أَيْضًا عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ وَالَّذِينَ أَوْجَبُوهُ لَمْ يَخُصُّوا بِوُجُوبِهِ صَاحِبَ الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ الْقُرْآنِ هَاهُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ غَيْرُ ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِ طَلْحَةَ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم خمس صلوات مع قول الله عز وجل والصلاةالوسطى مَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِ كُلِّ قَائِلٍ وَبِاللَّهِ التوفيق

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي قُبَاءً رَاكِبًا وَمَاشِيًا هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ وَتَابَعَهُ الْقَعْنَبِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطِّبَاعُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ وَرَوَاهُ جُلُّ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ لِمَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَلَى مَا رَوَى الْقَعْنَبِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ فَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ عَنْهُمَا جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي قُبَاءً رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لِمَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ وَأَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ كَمَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيَّ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَوَيَاهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

إِلَّا أَنَّ أَيُّوبَ قَالَ فِيهِ مَسْجِدَ قُبَاءٍ وَلَمْ يَقُلْ مَالِكٌ وَلَا عُبَيْدُ اللَّهِ مَسْجِدَ قُبَاءٍ (وَإِنَّمَا قَالَا قُبَاءً) وَقُبَاءٌ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ وَهُوَ مُذَكَّرٌ مَمْدُودٌ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْوَلِيدِ بن عقبةأبو قَطِيفَةَ ... أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَغَيَّرَ بَعْدَنَا ... قُبَاءٌ وَهَلْ زَالَ الْعَتِيقُ وَحَاضِرُهُ ... وَقَالَ ابْنُ الزَّبْعَرِيِّ ... لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا ... جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلْ ... ... حِينَ أَلْقَتْ بِقُبَاءٍ رَحْلَهَا ... وَاسْتَحَرَّ الْقَتْلُ فِي عَبْدِ الْأَشَلْ ... ... سَاعَةً ثُمَّ اسْتَخَفُّوا رُقَّصًا ... رَقْصَ الْخِيفَانِ فِي سَفْحِ الْجَبَلْ ... الْخِيفَانُ اسْمُ الْجَرَادِ أَبْدَانًا) وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقِيلَ كَانَ يَأْتِي قُبَاءً زَائِرًا لِلْأَنْصَارِ وَهُمْ بَنُو عَمْرٍو وَقِيلَ كَانَ يَأْتِي قُبَاءً يَتَفَرَّجُ فِي حِيطَانِهَا وَيَسْتَرِيحُ عِنْدَهُمْ وَقِيلَ كَانَ يَأْتِي قُبَاءً لِلصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهَا تَبَرُّكًا بِهِ لَمَّا نَزَلْ فِيهِ أَنَّهُ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى وَقَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ دَلِيلٌ لَا مَدْفَعَ لَهُ وَمُمْكِنٌ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا وَاللَّهُ أعلم

وَالْأَوْلَى فِي ذَلِكَ حَمْلُ الْحَدِيثِ مُجْمَلِهِ عَلَى مُفَسِّرِهِ فَيَكُونُ قَوْلُ مَنْ قَالَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ مُفَسِّرًا لِمَا أَجْمَلَ غَيْرُهُ وَقَدْ جَاءَتْ آثَارٌ تُصَحِّحُ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَسْجِدَ قُبَاءٍ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ إِعْمَالُ الْمَطِيِّ إِلَى الثَّلَاثَةِ مَسَاجِدَ إِعْمَالُ مَشَقَّةٍ وَكُلْفَةٍ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ في غيرها والرحلة غير إِعْمَالُ الْمَطِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَشْبَهُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ بِأُصُولِ سُنَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ لِلصَّلَاةِ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَهُوَ أَكْثَرُ (3) مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ وَأَعْلَى مَا قِيلَ فِيهِ) وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى فَقِيلَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ وقيل مسجد االنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدِ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ إِنَّ مَسْجِدَ قُبَاءٍ هُوَ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى بِقَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ (هَذِهِ) الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو وَعَنْ

عَطَاءٍ قَالَ أَحْدَثَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ قُبَاءٍ الْوُضُوءَ وَضَوْءَ الِاسْتِنْجَاءِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ وَرَوَى أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي (مَسْجِدَ) قُبَاءٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ (وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ أَبِي تَمَّامٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ) قَالَا حَدَّثَنَا عَارِمٌ أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ (عَنْ نَافِعٍ) قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ فِي كُلِّ سَبْتٍ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ وَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِيهِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي قُبَاءً يُصَلِّي فِي مَسْجِدِهَا وَهُوَ أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ وَأَوْضَحُهُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ إِعْمَالُ الْمَطِيِّ إِلَى الثَّلَاثَةِ مَسَاجِدَ يعني به الرحلة والكلفة والمؤونة وَالْمَشَقَّةَ لِئَلَّا تَتَعَارَضُ الْأَحَادِيثُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ أَنَّ قَصْدَ مَسْجِدَ قُبَاءٍ وَالصَّلَاةَ فِيهِ يَعْدِلُ عُمْرَةً بِإِسْنَادٍ فِيهِ لِينٌ مِنْ حَدِيثِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الْمُوَالِي عَنْ شَيْخٍ قَدِيمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ حَنِيفٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وَضَوْءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى مَسْجِدِ قُبَاءٍ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ فِيهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ عُمْرَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الشَّيْخُ مِنَ الْأَنْصَارِ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكِرْمَانِيُّ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي أُمَامَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَسْوَدِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ جَاءَ مَسْجِدَ قُبَاءٍ فَصَلَّى فِيهِ فَلَهُ أَجْرُ عُمْرَةٍ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ تَعْدِلُ عُمْرَةً مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي الْأَبْرَدَةِ مولى بني

خَطْمَةَ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ حَدِيثٌ لَا تَقُومُ به حجة عن المسور بن مخرمة سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَرَّبَ مِنَّا مَسْجِدَ قُبَاءٍ وَلَوْ كَانَ بِأُفُقٍ مِنَ الْآفَاقِ لَضَرَبْنَا إِلَيْهِ أَكْبَادَ الْإِبِلِ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ إِتْيَانِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ رَاكِبًا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ مَاشِيًا وَفِي أَيِّ يَوْمٍ تَرَى ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لَا أُبَالِي فِي أَيِّ يَوْمٍ جِئْتُ وَلَا أُبَالِي مَشَيْتُ إِلَيْهِ أَوْ رَكِبْتُ وَلَيْسَ إِتْيَانُهُ بِوَاجِبٍ وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ جَاءَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ إِتْيَانَهُ وَقَصْدَهُ فِي سَبْتٍ لِلصَّلَاةِ فِيهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ فِي الْفِئَةِ الَّذِينَ بَنَوْا مَسْجِدَ الضِّرَارِ (بِقُبَاءٍ) وَفِي الَّذِينَ بَنَوُا الْمَسْجِدَ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى (فِيهِ) إِنْ كَانَ هُوَ ذَلِكَ فَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قوله الذين اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا الْآيَةَ قَالَ هُمْ حَيٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو غَنْمٍ قَالَ وَالَّذِينَ بَنَوُا الْمَسْجِدَ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ اسْتَأْذَنُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بُنْيَانِهِ فَأَذِنَ لَهُمْ فَفَرَغُوا مِنْهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَصَّلُوا فِيهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ السَّبْتِ وَيَوْمَ الْأَحَدِ وَانْهَارَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كَلَامُ ابْنِ جُرَيْجٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ وَالَّذِي انْهَارَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ مَسْجِدُ الْمُنَافِقِينَ لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَلَسْتُ أَدْرِي أَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ هُمْ أَمْ بَنُو غَنْمٍ وَقَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَسَعِيدُ بْنِ جُبَيْرٍ أَجَلُّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَسْجِدَ الَّذِي كَانَ يَأْتِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَقِيَا لَيْسَ الْمَسْجِدَ الَّذِي انْهَارَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَإِنَّ أَهْلَ التَّفْسِيرِ قَالُوا إِنَّهُ كَانَ يُحْفَرُ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ الَّذِي انْهَارَ فَيَخْرُجُ مِنْهُ دُخَانٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ الرَّجُلُ يُدْخِلُ فِيهِ سَعْفَةً مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ فيخرجها سوداء محترقة وورى عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ جَهَنَّمُ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ تَلَا فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ مَسْجِدَ الضِّرَارِ بِقُبَاءٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقَوِّي أَنَّهُ مَسْجِدُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ عَنْهُ مِنْ قَوْلِ مَنْ

قَالَ إِنَّهُ مَسْجِدُ قُبَاءٍ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا أُسِّسَا عَلَى تَقْوَى اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ بَلْ مَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ كَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (رَوَى أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَسَّانَ (3) قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ فِي قَوْلِ الله عز وجل في بيوت أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ مَسَاجِدَ لَمْ يَبْنِهِنَّ إِلَّا نَبِيٌّ الْكَعْبَةُ بَنَاهَا إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ وَبَيْتُ أَرِيحَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ بَنَاهُ دَاوُدُ وَسُلَيْمَانُ وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ وَمَسْجِدُ قُبَاءٍ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى بَنَاهُمَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْمُعَلَّى وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنِ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ تَمَارَى رَجُلَانِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ فَقَالَ رَجُلٌ هُوَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ وَقَالَ الْآخَرُ هُوَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ مَسْجِدِي وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ فَقَالَ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ ذَاتُ مَطَرٍ يَقُولُ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ قَالَ أَبُو عُمَرَ (لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي لَفْظِهِ وَقَدْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا (2) مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ قَرَّةٍ وَرِيحٍ فَقَالَ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ ذَاتُ مَطَرٍ يَقُولُ أَلَا صَلُّوا في الرحال)

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ الرُّخْصَةُ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ فِي لَيْلَةِ الْمَطَرِ وَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ وَقِيلَ إِنَّ هَذَا إِنَّمَا كَانَ فِي السَّفَرِ وَعَلَى ذَلِكَ تَدُلُّ تَرْجَمَةُ مَالِكٍ لِلْبَابِ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقِيلَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ (وَإِذَا كَانَ فِي السَّفَرِ فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونُوا ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي رِحَالٍ لَهُمْ وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ رُخْصَةٌ فِي سَفَرِهِمْ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجَمَاعَةِ لِشِدَّةِ الْمَضَرَّةِ فِي السَّفَرِ وَفِي ذِكْرِ الرِّحَالِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمَطَرُ وَالْأَذَى وَالْحَضَرُ وَالسَّفَرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فَيَدْخُلُ السَّفَرُ بِالنَّصِّ وَالْحَضَرُ بِالْمَعْنَى لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ الْمَطَرُ وَقَدْ رَخَّصَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي وَقْتِ الْمَطَرِ الشَّدِيدِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجُمُعَةِ لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَكَيْفَ بِالْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ شُهُودُهَا لِمَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَرِيضَةٌ وَمَنْ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَسَيَتَكَرَّرُ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَاسْتَدَلَّ قَوْمٌ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَذَانِ جَائِزٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ) إِذَا كَانَ الْكَلَامُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ وَزَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَذَانِ بِأَثَرِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ قَالَ أَخْبَرَنَا رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي فِي لَيْلَةِ الْمَطَرِ فِي السَّفَرِ يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي السَّفَرِ وَأَنَّ قَوْلَهُ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَذَانِ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي مَطَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ عن أيوب وعامر الأحوال وَعَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ ذِي رِيحٍ فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ قَالَ فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالَ كَأَنَّكُمْ أَنْكَرْتُمْ هَذَا قَدْ فَعَلَ هَذَا مِنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي

(وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَادَ فِيهِ أَنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُونَ فِي الطِّينِ وَالْمَطَرِ) وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ أَخْبَرَنَا عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ صَاحِبٍ لَهُ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَوَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي بِخَطِّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ هِلَالٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَافِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ حَدَّثَهُ رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ سَمِعَ مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ

فَقَدْ بَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ فِي السَّفَرِ مَعَ الْمَطَرِ وَهَذِهِ رُخْصَةٌ تَخُصُّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَلَا رُخْصَةَ لَكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّأَخُّرِ فِي حِينِ الْمَطَرِ الدَّائِمِ عَنْ شُهُودِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَذَى الْمَطَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِهَذِهِ الْحَالِ وَإِذَا جَازَ لِلْمَطَرِ الدَّائِمِ والماء أَنْ يُصَلِّيَ الْمُسَافِرُ فَيُومِئُ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مِنْ أَجْلِ الْمَاءِ وَالْمَطَرِ وَالطِّينِ وَلَوْلَا الْمَطَرُ الدَّائِمُ وَالطِّينُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَهُ كَانَ الْمُخْتَلِفُ عَنْ شُهُودِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ أَوْلَى بِذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحُكْمَ فِي صَلَاةِ الطِّينِ وَالْمَطَرِ وَحُكْمَ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْمَطَرِ كُلَّ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ شَيْءٍ مِنْهُ هَاهُنَا وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي الْأَذَانِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي إِجَازَتِهِ وَكَرَاهِيَتِهِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ إِذَا كَانَ الْكَلَامُ فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ وَالْأَذَانِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَمَرَ مُؤَذِّنَهُ فِي يَوْمِ الْمَطَرِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ قَالُوا فَإِنْ تَكَلَّمَ بِمَا لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ لِلْأَذَانِ هَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَهُوَ يُشْبِهُ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ تَكَلَّمَ فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ وإصلاحها

أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ الْأَذَانُ قِيَاسًا وَنَظَرًا إِلَّا أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ وَمَذْهَبُهُ فِي كَرَاهِيَةِ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ احْتَجَّ مَنْ أَجَازَ نَحْوَ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ بِأَنْ قَالَ قَدْ ثَبَتَ التَّثْوِيبُ فِي الْفَجْرِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُؤَذِّنِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ فَكُلُّ مَا كَانَ حَضًّا عَلَى الصَّلَاةِ أَوْ مِنْ شَأْنِهَا فَلَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ بِهِ فِي الْأَذَانِ قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ وَاسْتِدْلَالًا بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَكَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا رَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ يَكْرَهُ الْكَلَامَ فِي الْأَذَانِ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا يُقْتَدَى بِهِ فَعَلَ ذَلِكَ وَكَرِهَ رَدَّ السَّلَامِ فِي الْأَذَانِ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ الْمُؤَذِّنُ بِغَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْأَذَانِ وَكَذَلِكَ لَا يُشَمِّتُ عَاطِسًا وَلَكِنَّهُ إِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَتَكَلَّمَ فِي أَذَانِهِ يَبْقَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَنَحْوُ هَذَا كُلِّهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي أَذَانِهِ وَلَا فِي إِقَامَتِهِ وَإِنْ تَكَلَّمَ أَجْزَأَهُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَتَكَلَّمُ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ وَلَا فِي الْإِقَامَةِ فَإِنْ تَكَلَّمَ مَضَى وَيُجْزِيهِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ إِنْ تَكَلَّمَ الرَّجُلُ فِي الْأَذَانِ وَفِي الْإِقَامَةِ

أَعَادَهُمَا وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ مُؤَذِّنًا تَكَلَّمَ فِي أَذَانِهِ أَنْ يُعِيدَ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْهُ بِصَحِيحٍ وَالْإِسْنَادُ (فِيهِ عَنْهُ ضَعِيفٌ) وَكَرِهَ الْكَلَامَ فِي الْأَذَانِ النَّخَعِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَلَمْ يَجِئْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِ إِعَادَةَ الأذان ولا ابتداؤه وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي (الْكَلَامِ فِي) الْأَذَانِ مِنْهُمُ الْحَسَنُ وَعُرْوَةُ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنِ مَزْيَدٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ لَا بَأْسَ أَنْ يَرُدَّ السَّلَامَ فِي أَذَانِهِ وَلَا يَرُدَّ فِي إِقَامَتِهِ قَالَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَا سَمِعْتُ قَطُّ أَنَّ مُؤَذِّنًا أَعَادَ الْأَذَانَ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ مِنْ شَأْنِ الصَّلَاةِ لَا يَدَعُهُ مُسَافِرٌ وَلَا حَاضِرٌ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ مَعَ إِجْمَاعِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤَذَّنُ لَهُ فِي حَيَاتِهِ كُلِّهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ فِي سَفَرٍ وَحَضَرٍ وَأَنَّهُ نَدَبَ الْمُسْلِمِينَ لِذَلِكَ وَسَنَّهُ لَهُمْ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَوَاتِهِ إِذَا سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ وَعَلِمَ أَنَّهَا دَارُ إِيمَانٍ وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْهُ أَغَارَ وَكَانَ يَأْمُرُ سَرَايَاهُ بِذَلِكَ وَقَالَ اللَّهُ

عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا وَقَالَ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْآيَةَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ الْحَدِيثَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ الْأَذَانِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْأَذَانَ إِنَّمَا هُوَ لِلْجَمَاعَاتِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ النَّاسُ لِلْأَئِمَّةِ فَأَمَّا (مَا) سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَإِنَّ الْإِقَامَةَ تُجْزِيهِمْ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي وُجُوبِ الْأَذَانِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَذَانُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَاجِبَةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ فِي الْمِصْرِ خَاصَّةً وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أُحِبُّ (لِأَحَدٍ) أَنْ يُصَلِّيَ إِلَّا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَالْإِقَامَةُ عِنْدَهُ أَوْكَدُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ

وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ إِنْ تَرَكَ أَهْلُ مِصْرٍ الْأَذَانَ عَامِدِينَ أَعَادُوا الصَّلَاةَ وَقَالَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَذَانُ فَرْضٌ وَلَمْ يَقُولُوا عَلَى الْكِفَايَةِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَعَطَاءٌ مَنْ تَرَكَ الْإِقَامَةَ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ الْأَذَانُ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّأْذِينَ حِينَ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِمُزْدَلِفَةَ وَيَوْمَ الْخَنْدَقِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّأْذِينَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَرْضًا وَلَوْ لَمْ تُجْزِئِ الصَّلَاةُ إِلَّا بِأَذَانٍ لَمْ يَدَعْ ذَلِكَ وَهُوَ يُمْكِنُهُ قَالَ وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فِي الْأَذَانِ كَانَتِ الْإِقَامَةُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا غَيْرُ الصَّلَاةِ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي الْأَذَانِ لِلْمُسَافِرِينَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأَذَانَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمِصْرِ لِلْجَمَاعَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ إِنْ تَرَكَ الْأَذَانَ مُسَافِرٌ عَامِدًا فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ أَخْبَرَنَا أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فَذَكَرَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَمَّا الْمُسَافِرُ فَيُصَلِّي بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ قَالُوا وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَأَمَّا فِي الْمِصْرِ فَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ فَإِنِ اسْتَجْزَأَ بِأَذَانِ النَّاسِ وَإِقَامَتِهِمْ أجزأه

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يَسْتَجْزِئُ بِإِقَامَةِ أَهْلِ الْمَصْرِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يُجْزِئُ الْمُسَافِرَ وَلَا الْحَاضِرَ صَلَاةٌ إِذَا تَرَكَ الْإِقَامَةَ وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَذَانُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسَافِرٍ فِي خَاصَّتِهِ وَالْإِقَامَةُ كَذَلِكَ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ وَلِصَاحِبِهِ إِذَا كُنْتُمَا فِي سَفَرِكُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا وَلْيَؤُمَّكُمَا أَحَدُكُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِقَوْلِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَّا مَا رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَمَا رُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فِيمَنْ تَرَكَ الْإِقَامَةَ دُونَ الْأَذَانِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ تُجْزِئُكَ الْإِقَامَةُ فِي السَّفَرِ عَنِ الْأَذَانِ وَإِنْ شِئْتَ أَذَّنْتَ وَأَقَمْتَ وَتَكْفِيكَ الْإِقَامَةُ وَإِنْ صَلَّيْتَ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ أَجَزَتْكَ (صَلَاتُكَ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَالطَّبَرِيِّ إِذَا تَرَكَ الْمُسَافِرُ الْأَذَانَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ الْإِقَامَةَ عِنْدَهُمْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَةُ صَلَاتِهِ وَقَدْ أَسَاءَ إِنْ تَرَكَهَا عَامِدًا وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَيْضًا وَقَدْ رَوَى أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي السَّفَرِ يُصَلِّي بِإِقَامَةٍ إِقَامَةٍ إِلَّا الْغَدَاةَ فَإِنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ لَهَا وَيُقِيمُ يَعْنِي صَلَاةَ الصُّبْحِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ إِذَا أَذَّنَ فِيهِ وَاحِدٌ وَأَقَامَ أنه يجزي أَذَانُهُ وَإِقَامَتُهُ جَمِيعَ أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ وَقَدْ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ مَعَهُ وَلَا يُؤَذِّنُ وَلَا يُقِيمُ فَدَلَّ إِجْمَاعُهُمْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ الْأَذَانَ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ مُسَافِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُسَافِرٍ وَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ غَيْرُ وَاجِبَيْنِ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ لَيْسَتَا مِنَ الصَّلَاةِ فَتَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِمَا وَالَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَذَانَ وَاجِبٌ فَرْضًا عَلَى الدَّارِ أَعْنِي الْمِصْرَ أَوِ الْقَرْيَةَ فَإِذَا قَامَ فِيهَا قَائِمٌ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ بِالْأَذَانِ سَقَطَ فَرْضُهُ عَنْ سَائِرِهِمْ وَمِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ دَارِ الْكُفْرِ وَدَارِ الْإِسْلَامِ لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْهَا الْأَذَانُ الدَّالُّ عَلَى الدَّارِ وَكُلُّ قَرْيَةٍ أَوْ مِصْرٍ لَا يُؤَذَّنُ فِيهِ بِالصَّلَاةِ فَأَهْلُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عُصَاةٌ وَمَنْ صَلَّى مِنْهُمْ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَذَانَ غَيْرُ الصَّلَاةِ وَوُجُوبُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ فَمَنْ قَامَ بِهِ سَقَطَ عَنْ غَيْرِهِ كَسَائِرِ الْفُرُوضِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْكِفَايَةِ وَأَمَّا الْأَذَانُ لِلْمُنْفَرِدِ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ فَسُنَّةٌ عِنْدِي مَسْنُونَةٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا مَأْجُورٌ فَاعِلُهَا عَلَيْهَا (وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ)

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ حَدَّثَنَا السَّائِبُ بْنُ حُبَيْشٍ عَنْ سَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيِّ قَالَ قَالَ لِي أَبُو الدَّرْدَاءِ أَيْنَ مَسْكَنُكَ قَالَ قُلْتُ بِقَرْيَةٍ دُونَ حِمْصَ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بد وَلَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ قَالَ زَائِدَةُ يَعْنِي الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ قَالَ زَائِدَةُ قَالَ السَّائِبُ يَعْنِي الْجَمَاعَةَ وبالله التوفيق

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال من بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ قَالَ أَبُو عُمَرَ (لَمْ يَخْتَلِفْ عَنْ نَافِعٍ فِي رَفْعِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَلَفَ نَافِعٌ وَسَالِمٌ فِي رَفْعِ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ وَهُوَ) (أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي رَفَعَهَا سَالِمٌ وَخَالَفَهُ فِيهَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال علي بن الْمَدِينِيِّ وَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ سَالِمٍ وَقَدْ تُوبِعَ سَالِمٌ عَلَى ذَلِكَ)

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ ثَابِتٍ الصَّيْدَلَانِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا علي بن الْمَدِينِيِّ قَالَ خَالَفَ سَالِمًا نَافِعٌ فِي ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ رَفَعَهَا سَالِمٌ وَرَوَى نَافِعٌ مِنْهَا اثْنَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ وَالثَّالِثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ كَعْبٍ أَحَدُهَا مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ الْحَدِيثَ رَوَاهُ سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَوْلُهُ كَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لَمْ يَتَجَاوَزْهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَيُّوبَ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ سَوَاءٌ وَالثَّانِي وَالنَّاسُ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً رَوَاهُ سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ رَوَى الزُّهْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ وَالَّذِي قَبْلَهُ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلَانَ وَغَيْرُهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ عُمَرُ النَّاسُ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لَا تُوجَدُ فِيهَا رَاحِلَةٌ وَالثَّالِثُ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةِ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ النَّارِ أَنَّهَا تَخْرُجُ فَتَحْشُرُ النَّاسَ وَرَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ عَنْ كَعْبٍ قَالَ تَخْرُجُ نَارٌ الحديث

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ حَدِيثُ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ الْحَدِيثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَإِنَّمَا هُوَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَوْلُهُ كَذَلِكَ رَوَاهُ الْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ نَافِعٍ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أَبَّرَهَا فَإِنَّ ثَمَرَهَا لِلَّذِي بَاعَهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي قَالَ وَقَالَ عُمَرُ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أن يشترط المشتري وكذلك رواه ابن غير وعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْحَدِيثَيْنِ قِصَّةَ النَّخْلِ مَرْفُوعَةً وَقِصَّةَ الْعَبْدِ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ وَالْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ أَيُّمَا امْرِئٍ أَبَّرَ نَخْلًا ثُمَّ بَاعَ أَصْلَهَا فَلِلَّذِي أَبَّرَ ثَمَرَ النَّخْلِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ (بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ) قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ (قَالَ) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ فِي قِصَّةِ النَّخْلِ وَقِصَّةِ الْعَبْدِ جَمِيعًا مَرْفُوعَانِ كَمَا رَوَى ذَلِكَ سَالِمٌ سَوَاءٌ وَهُوَ الصَّوَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَرَأْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَالْمَالُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ

وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سُئِلَ سَعِيدٌ عَنِ الرَّجُلِ يَبِيعُ النَّخْلَ أَوِ الْمَمْلُوكَ فَأَخْبَرَنَا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا يَقُولُ جَمَاعَةُ الْحُفَّاظِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا فِي قِصَّةِ النَّخْلِ وَفِي قِصَّةِ الْعَبْدِ أَيْضًا (يَشْتَرِطُ) بِلَا هَاءٍ لَا يَقُولُونَ يَشْتَرِطُهَا فِي النَّخْلِ وَلَا يَشْتَرِطُهُ فِي الْعَبْدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْهَاءَ لَوْ وَرَدَتْ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ لَكَانَتْ ضَمِيرًا فِي يَشْتَرِطُهَا عَائِدًا عَلَى ثَمَرَةِ النَّخْلِ وَفِي يَشْتَرِطُهُ ضَمِيرًا عَائِدًا عَلَى مَالِ الْعَبْدِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَفِي سُقُوطِ الْهَاءِ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَشْهَبُ فِي قَوْلِهِ جَائِزٌ لِمَنِ ابْتَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ أَنْ يَشْتَرِطَ مِنَ الثَّمَرَةِ نِصْفَهَا أَوْ جُزْءًا مِنْهَا وَكَذَلِكَ فِي مَالِ الْعَبْدِ جَائِزٌ أَنْ يَشْتَرِطَ نِصْفَهُ أَوْ يَشْتَرِطَ مِنْهُ مَا شَاءَ لِأَنَّ مَا جَازَ اشْتِرَاطُ جَمِيعِهِ جَازَ اشْتِرَاطُ بَعْضِهِ وَمَا لَمْ يَدْخُلِ الرِّبَا فِي جَمِيعِهِ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَدْخُلَ فِي بَعْضِهِ هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ وَكُلٌّ عَلَى أَصْلِهِ مَا سَنُوَضِّحُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ لِمُبْتَاعِ النَّخْلِ الْمُؤَبَّرِ أَنْ يَشْتَرِطَ مِنْهَا جُزْءًا وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ جَمِيعَهَا أَوْ لَا يَشْتَرِطَ شَيْئًا مِنْهَا وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ بَاعَ حَائِطًا مِنْ أَصْلِهِ وَفِيهِ ثَمَرَةٌ تُؤَبَّرُ فَثَمَرُهُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَإِنْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُبْتَاعُ ثم أراد شراء الثمر قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ مِنْ بَعْدِ شِرَاءِ الْأَصْلِ بِلَا ثَمَرِهِ فَجَائِزٌ لَهُ ذَلِكَ خَاصَّةً لِأَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ شِرَاؤُهَا مَعَ الْأَصْلِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي شِرَاءِ الثَّمَرَةِ بَعْدَ شِرَاءِ الْأُصُولِ وَقَدْ أُبِّرَتِ الثَّمَرَةُ فَقَالَ لَا يَجُوزُ قَرُبَ ذَلِكَ أَوْ بَعُدَ وَكَذَلِكَ مَالَ الْعَبْدُ وَقَدْ قَالَ فِيهِمَا أَيْضًا إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ قَالَ وَالَّذِي أَخَذَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْمُغِيرَةُ وَابْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِمَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَعَ الْأُصُولِ وَمَعَ الْعَبْدِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيَ مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الثَّمَرَةَ إِذَا اشْتَرَطَهَا مُشْتَرِي الْأَصْلِ أَوِ اشْتَرَاهَا بَعْدُ أَنَّهَا لَا حِصَّةَ لَهَا مِنَ الثَّمَنِ وَلَوْ أُجِيحَتْ كُلُّهَا كَانَتْ مِنَ الْمُشْتَرِي وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ جَائِحَتِهَا عَلَى

الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا جَازَ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الشِّرَاءِ وَالْكِرَاءِ مِنَ الثِّمَارِ لَا جَائِحَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا تَكُونُ الْجَائِحَةُ فِيمَا بِيعَ مُنْفَرِدًا مِنَ الثِّمَارِ دُونَ أَصْلِ هَذَا تَحْصِيلُ الْمَذْهَبِ (وَكُلُّ رَهْنٍ فِيهِ ثَمَرَةٌ قَدْ أُبِّرَتْ فَهِيَ رَهْنٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مَعَ الرِّقَابِ وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تُؤَبَّرْ فَهِيَ لِلرَّاهِنِ) وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَوْلُهُ فِي بَيْعِ النَّخْلِ بَعْدَ الْإِبَارِ وَقَبْلَهُ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُجِيزُ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَشْتَرِيَ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْهَا فِي حِينِ شِرَائِهِ النَّخْلَ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لِعُمُومِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَإِنَّهُمْ رَدُّوا ظَاهِرَ هَذِهِ السُّنَّةِ وَدَلِيلُهَا بِتَأْوِيلِهِمْ وَرَدَّهَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى رَدًّا مُجَرَّدًا جَهْلًا بِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَنَذْكُرُ أَقْوَالَهُمْ وَظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْقَوْلُ بِهَذَا الْحَدِيثِ جُمْلَةً وَلَا يَرُدُّونَهُ وَيَسْتَعْمِلُونَهُ فِيمَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ أَنَّ ثَمَرَهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ قَالُوا وَإِذَا لَمْ تُؤَبَّرِ الثَّمَرَةُ فَقَدْ جَعَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُبْتَاعِ فَإِنِ اشْتَرَطَهَا الْبَائِعُ لَمْ تَجُزْ وَكَأَنَّ الْمُبْتَاعَ بَاعَهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَمَنْ بَاعَ عِنْدَهُمْ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ

صَلَاحُهُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ حَتَّى يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ كَمَأْبُورِ النَّخْلِ وَمَا لَمْ يَظْهَرْ مِنَ الزَّرْعِ فِي الأرض فهو للمتباع بِغَيْرِ شَرْطٍ كَمَا لَمْ يُؤَبَّرْ مِنَ الثَّمَرِ وَلَا بَأْسَ عِنْدِهِمْ بِبَيْعِ الْأَرْضِ بِزَرْعِهَا وَهُوَ أَخْضَرُ كَبَيْعِ الْأُصُولِ بِثَمَرِهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِأَنَّ الثَّمَرَ وَالزَّرْعَ تَبَعٌ لِأَصِلِهِ وَإِذَا أُبِّرَ أَكْثَرُ الْحَائِطِ عِنْدَهُمْ فَهُوَ لِلْبَائِعِ حَتَّى يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَبَّرُ أَقَلَّهُ فَهُوَ كُلُّهُ لِلْمُبْتَاعِ وَاضْطَرَبُوا إِذَا أُبِّرَ نِصْفُهُ وَإِلَّا ظَهَرَ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لِلْمُبْتَاعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ النِّصْفُ مُفَرَّزًا فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَهُوَ لِلْمُبْتَاعِ وَمَنِ ابْتَاعَ أَرْضًا عِنْدَهُمْ وَلَمْ يَذْكُرْ شَجَرَهَا فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْبَيْعِ كَبِنَاءِ الدَّارِ وَكَذَلِكَ فِي صَدَقَتِهَا وَأَمَّا الزَّرْعُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ حَتَّى يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ هَذَا كُلُّهُ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ فَائِدَتَانِ إِحْدَاهُمَا لَا يُشْكِلُ لِأَنَّ الْحَائِطَ إِذَا بِيعَ

وَقَدْ أُبِّرَ نَخْلُهُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ فَتَكُونُ مِمَّا وَقَعَتْ عَلَيْهِ صَفْقَةُ الْبَيْعِ وَيَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنَ الثَّمَنِ وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الْحَائِطَ إِذَا بِيعَ وَلَمْ تُؤَبَّرْ نَخْلُهُ فَثَمَرُهُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ حَدَّ فَقَالَ إِذَا أُبِّرَ فَثَمَرُهُ لِلْبَائِعِ فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ حُكْمَهُ إذا لم يؤبر غير حُكْمُهُ إِذَا أُبِّرَ فَمَنْ بَاعَ حَائِطًا لَمْ يُؤَبَّرْ فَالثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ شَرْطٍ اسْتِدْلَالًا بِالسُّنَّةِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالطَّبَرِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وكل حائط فَلَهُ حُكْمُ نَفْسِهِ لَا حُكْمَ غَيْرِهِ فَمَنْ بَاعَ حَائِطًا لَمْ يُؤَبَّرْ فَثَمَرُهُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ أُبِّرَ غَيْرُهُ وَمَنْ بَاعَ ثَمَرَةً لَمْ يَبْدُ صلاحها في حائط بعنيه لَمْ يَجُزْ وَإِنْ بَدَا الصَّلَاحُ فِي مِثْلِهَا في غيره لأن كل حائط حُكْمَهُ بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ مَنْ بَاعَ نَخْلًا فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ وَسَوَاءٌ أُبِّرَتْ أَوْ لَمْ تُؤَبَّرْ هِيَ لِلْبَائِعِ أَبَدًا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى الثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرَطَهَا أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا كَعَسَفِ النَّخْلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْكُوفِيُّونَ وَالْأَوْزَاعِيُّ فَلَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْمُؤَبَّرِ وَغَيْرِهِ وَيَجْعَلُونَ الثَّمَرَةَ لِلْبَائِعِ إِذَا كَانَتْ قَدْ ظَهَرَتْ قَبْلَ

الْبَيْعِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَنْ شَرَطَ التَّأْبِيرَ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُؤَبَّرْ حَتَّى تَنَاهَتْ وَصَارَتْ بَلَحًا أَوْ بُسْرًا ثُمَّ بِيعَ النَّخْلُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَدْخُلُ فِيهِ قَالُوا فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذِكْرِ التَّأْبِيرِ ظُهُورُ الثَّمَرَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْإِبَارُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي النَّخْلِ التَّلْقِيحُ وَهُوَ أَنْ يُؤْخَذَ شَيْءٌ مِنْ طَلْعِ النَّخْلِ فَيُدْخَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ طَلْعِ الْإِنَاثِ وَمَعْنَى ذَلِكَ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ ظُهُورُ الثَّمَرَةِ مِنَ التِّينِ وَغَيْرِهِ حَتَّى تَكُونَ الثَّمَرَةُ مَرْئِيَّةً مَنْظُورًا إِلَيْهَا وَالْمُعْتَبَرُ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَا يُذَكَّرُ مِنَ الثِّمَارِ التَّذْكِيرُ وَفِيمَا لَا يُذَكَّرُ أَنْ يَثْبُتَ مِنْ نواره ما يثبت ويسقط مَا يَسْقُطُ وَحَدُّ ذَلِكَ فِي الزَّرْعِ ظُهُورُهُ مِنَ الْأَرْضِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ إِبَارَهُ أَنْ يَتَحَبَّبَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الحائط إذا نشق طَلْعُ إِنَاثِهِ فَأُخِّرَ إِبَارُهُ وَقَدْ أُبِّرَ غَيْرُهُ مِمَّنْ حَالُهُ مِثْلُ حَالِهِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا أُبِّرَ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَلَيْهِ وَقْتُ الْإِبَارِ وَظَهَرَتْ ثَمَرَتُهُ بَعْدَ تَغَيُّبِهَا فِي الْجَفِّ فَإِنْ أُبِّرَ بَعْضُ الْحَائِطِ كَانَ مَا لَمْ يؤبر

تَبَعًا لَهُ كَمَا أَنَّ الْحَائِطَ إِذَا بَدَا صَلَاحُهُ كَانَ سَائِرُ الْحَائِطِ تَبَعًا لِذَلِكَ الصَّلَاحِ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ وَأَصْلُ الْإِبَارِ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ الْإِبَارُ فَيَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ أَنَّهُ قَدْ أُبِّرَ كَمَا لَوْ بَدَا صَلَاحُ شَيْءٍ مِنْهُ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْكُرْسُفُ إِذَا بِيعَ أَصْلُهُ كَالنَّخْلِ إِذَا خَرَجَ جَوْزُهُ وَلَمْ يَتَشَقَّقْ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَإِذَا شُقِّقَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ مِثْلُ الطَّلْعِ قَبْلَ الْإِبَارِ وَبَعْدَهُ قَالَ وَمَنْ بَاعَ أرضا فها زَرْعٌ وَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْأَرْضِ فَالزَّرْعُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابُهُ إِذَا ظَهَرَ الزَّرْعُ وَاسْتَقَلَّ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرِ الزَّرْعُ وَلَمْ يَخْرُجْ وَلَمْ يَسْتَقِلَّ لَمْ يَجُزْ لِمُبْتَاعِ الْأَرْضِ اسْتِثْنَاؤُهُ وَاشْتِرَاطُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْمُبْتَاعُ الزَّرْعَ كَانَ لِلْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ مِمَّا يَبْقَى لَهُ أَصُولُ فِي الْأَرْضِ يُفْسِدُهَا فَعَلَى صَاحِبِ الزَّرْعِ نَزْعُهَا عَنْ رَبِّ الْأَرْضِ إِنْ شَاءَ رَبُّ الْأَرْضِ قَالَ وَهَذَا إِذَا بَاعَهُ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ يُحْصَدُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَأَمَّا الْقَصَبُ فَمَنْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا قَصَبٌ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ مِنْهُ

إِلَّا جَزَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُهُ مِنْ أصله لأنه أصل قال وكلما يُجَزُّ مِرَارًا مِنَ الزَّرْعِ فَمِثْلُ الْقَصَبِ فِي الْأَصْلِ وَالثَّمَرَةِ لَا يُخَالِفُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا أَصْحَابُ مَالِكٍ فَإِنَّهُمْ يُجِيزُونَ بَيْعَ الْقَصَبِ وَالْمَوْزِ مِنْ عَامٍ إِلَى عَامٍ إِذَا بَدَا صَلَاحُ أَوَّلِهِ وَأَمَّا الْقُرْطُ فَيُبَاعُ عِنْدَهُمْ إِذَا بَدَا صَلَاحُ أَوَّلِهِ عَلَى آخِرِهِ وَكَذَلِكَ قَصَبُ السُّكَّرِ وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مِنَ الْقُرْطِ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ إِبْقَاءَ خِلْفَتِهِ بَرْسَمًا (وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِيمَنْ حَبَسَ حَائِطًا لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَوْصَى ثُمَّ مَاتَ وَقَدْ أُبِّرَتْ ثَمَرَةُ الْحَائِطِ فَإِنَّ الثمرة المورثة لِأَنَّهَا كَالْوِلَادَةِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَالثَّمَرَةُ تَبَعٌ لِلْحَبْسِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَكَذَلِكَ الشُّفْعَةُ فِيمَا قَدْ أُبِّرَ الثَّمَرَةُ لِلْمُسْتَشْفِعِ مِنْهُ لِأَنَّهُ كَبَيْعٍ حَادِثٍ وَإِنْ لَمْ تُؤَبَّرْ فَالثَّمَرَةُ لِلْآخِذِ (1) بالشفعة وَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِ مَالِكٍ يطول اجتلاب ذلك) قال أبوعمر قَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْفُقَهَاءِ فِي بَيْعِ النَّخْلِ الْمُؤَبَّرِ وَغَيْرِ الْمُؤَبَّرِ وَاخْتِلَافُهُمْ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَالْقَوْلِ بِهِ وَتَصْرِيفِ وُجُوهِهِ وَأَمَّا مَالُ الْعَبْدِ فَلَيْسَ اخْتِلَافُهُمْ فِيهِ مِنْ جِنْسِ اخْتِلَافِهِمْ في اشتراط ثمرة النخل يباع أصله ولكنا نَذْكُرُ مَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ هَاهُنَا فَهُوَ أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِهِ مِنْ كِتَابِنَا هذا (لأن

نَافِعًا جَعَلَ الْحَدِيثَ فِي مَالِ الْعَبْدِ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ فَلِذَلِكَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي مُسْنَدِ هَذَا الْبَابِ) وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُبْتَاعَ إِذَا اشْتَرَطَ مَالَ الْعَبْدِ فَهُوَ لَهُ نَقْدًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ عَرَضًا يُعْلَمُ أَوْ لَا يُعْلَمُ وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مِنَ الْمَالِ أَكْثَرُ مِمَّا اشْتَرَى بِهِ كَانَ ثَمَنُهُ نَقْدًا أَوْ دَيْنًا أَوْ عَرَضًا وَذَلِكَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ لِمُبْتَاعِ الْعَبْدِ أَنْ يَشْتَرِطَ مَالَهُ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ بِمَا شَاءَ مِنْ ثَمَنٍ نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَبْدَ وَمَالَهَ بِدَرَاهِمَ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ عَرُوضًا وَإِنَّ مَالَهُ كُلَّهُ تَبَعٌ كَاللَّغْوِ لَا يُعْتَبَرُ إِذَا اشْتَرَطَ مَا يُعْتَبَرُ فِي الصَّفْقَةِ الْمُفْرَدَةِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِبَغْدَادَ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْكِتَابِ الْبَغْدَادِيِّ أَنَّهُ قَالَ اشْتِرَاطُ مَالِ الْعَبْدِ جَائِزٌ بِالْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ حُكْمُهُ حُكْمُ طُرُقِ الدَّارِ وَمَسَائِلِ مَائِهَا فَيَجُوزُ الْبَيْعُ إِذَا كَانَ إِنَّمَا قُصِدَ بِهِ قَصْدُ الْبَيْعِ لِلْعَبْدِ خَاصَّةً وَيَكُونُ الْمَالُ تَبَعًا فِي الْمَعْنَى لَيْسَ مَعْنَاهُ مَعْنَى عَبْدَيْنِ قُصِدَ قَصْدُهُمَا بِالْبَيْعِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ أَيْضًا قَالَ الشَّافِعِيُّ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ بِالْعَقْدِ مَا لو قصد قصده عَلَى الِانْفِرَادِ لَمْ يَجُزْ فَقَدْ أَجَازُوا بَيْعَ الطُّرُقِ وَالْمَسَابِلِ وَالْآبَارِ وَمَا سَمَّيْنَا مَعَ الدَّارِ ولو قصد قصدهما على الإنفراد لم يجزه وَقَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا قَالَ إِذَا بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ إِنْ كَانَتْ رَغْبَةُ الْمُبْتَاعِ فِي الْعَبْدِ لَا فِي الدَّرَاهِمِ التي له وقال الشافعي بمصر فِي كِتَابِهِ الْمِصْرِيِّ ذَكَرَهُ عَنْهُ الرَّبِيعُ وَالْمُزَنِيُّ وَالْبُوَيْطِيُّ وَغَيْرُهُمْ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَالِ الْعَبْدِ إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فِضَّةٌ فَاشْتَرَاهُ بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ فَاشْتَرَاهُ بِذَهَبٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَالُهُ خِلَافَ الثَّمَنِ أَوْ يَكُونَ عَرُوضًا كَمَا يَكُونُ فِي سَائِرِ الْبُيُوعِ الصَّرْفِ وَغَيْرِهِ وَالْمَالِ والعبد بشيئا بِيعَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَبَيْعُ الْعَبْدِ وَمَالِهِ كَمَنْ بَاعَ شَيْئًا لَا يَجُوزُ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا يَجُوزُ فِي سَائِرِ الْبُيُوعِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ بِيعَ الْعَبْدُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَتَّى يَكُونَ مَعَ الْأَلْفِ زِيَادَةٌ وَيَكُونُ الْأَلْفُ بِالْأَلْفِ وَتَكُونُ

الزِّيَادَةُ ثَمَنًا لِلْعَبْدِ عَلَى أَصْلِهِمْ فِي الصَّرْفِ وَبَيْعُ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ إِذَا كَانَ مَعَ أَحَدِهِمَا عَرَضٌ وَحَجَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ وَذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَلْ مَالَ الْعَبْدِ لِلْمُبْتَاعِ إِلَّا بِالشَّرْطِ فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ كَبَيْعِ دَابَّةٍ وَمَالٍ غَيْرَهَا وَالْعَبْدُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ بِمِصْرَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّسَرِّي فِيمَا بِيَدِهِ أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لَهُ مِلْكُ يَمِينٍ مَا دَامَ مَمْلُوكًا لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا مَمْلُوكًا فِي حَالٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يَمْلِكُ مَالَهُ كَمَا يَمْلِكُ عِصْمَةَ نِكَاحِهِ وَجَائِزٌ لَهُ التَّسَرِّي فِيمَا مَلَكَ وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَأَضَافَ الْمَالَ إِلَيْهِ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَأَضَافَ أُجُورَهُنَّ إِلَيْهِنَّ إِضَافَةَ تَمْلِيكٍ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ دَاوُدَ أَيْضًا وَأَصْحَابِهِ إِلَّا أَنَّ دَاوُدَ يَجْعَلُهُ مَالِكًا مِلْكًا صَحِيحًا وَيُوجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَالزَّكَاةَ فِي مَالِهِ وَمِنَ الْحُجَّةِ لمالك أَيْضًا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْذَنُ لِعَبِيدِهِ فِي التَّسَرِّي فِيمَا بِأَيْدِيهِمْ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمُحَالٌ أَنْ يَتَسَرَّى فِيمَا لَا يَمْلِكُ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُبِحِ الْوَطْءَ إِلَّا فِي

نِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ وَجَعَلَ الشَّافِعِيُّ وَالْعِرَاقِيُّونَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ إِضَافَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالَ الْعَبْدِ إِلَى الْعَبْدِ كَإِضَافَةِ ثَمَرِ النَّخْلِ إِلَى النَّخْلِ وَكَإِضَافَةِ بَابِ الدَّارِ إِلَى الدَّارِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ أَيْ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ حَقِيقَةً قَالُوا وَالْعَرَبُ تَقُولُ هذا سرج الدابة وغنم الراعي ولا توجبه هَذِهِ الْإِضَافَةُ تَمْلِيكًا فَكَذَلِكَ إِضَافَةُ مَالِ الْعَبْدِ إِلَيْهِ عِنْدَهُمْ وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا الْإِجْمَاعُ عَلَى أن للسيد انْتِزَاعَ مَالِ عَبْدِهِ مِنْ يَدِهِ فَلَوْ كَانَ مِلْكًا صَحِيحًا لَمْ يُنْتَزَعْ مِنْهُ وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ مَالَهُ لَا يُورَثُ عَنْهُ وَأَنَّهُ لِسَيِّدِهِ والحجة لكلي الْقَوْلَيْنِ تَكْثُرُ وَتَطُولُ وَقَدْ أَكْثَرَ الْقَوْمُ فِيهَا وَطَوَّلُوا وَفِيمَا ذَكَرْنَا وَلَوَّحْنَا وَأَشَرْنَا إِلَيْهِ كِفَايَةٌ وَلَا يُجِيزُ هَؤُلَاءِ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى وَلَا يَحِلُّ لَهُ عِنْدَهُمْ وَطْءُ فَرْجٍ إِلَّا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَقَالَ الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ مَالُ الْعَبْدِ تَبَعٌ لَهُ أَبَدًا فِي الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ جَمِيعًا لَا يَحْتَاجُ مُشْتَرِيهِ فِيهِ إِلَى اشْتِرَاطٍ وَهَذَا قَوْلٌ مَرْدُودٌ بِالسُّنَّةِ لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ شِهَابٍ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِذَا أُعْتِقَ الْعَبْدُ تَبِعَهُ مَالُهُ وَفِي الْبَيْعِ لَا يَتْبَعُهُ مَالُهُ وَهُوَ لِبَائِعِهِ وَرُوِيَ (بِنَحْوِ) هَذَا الْقَوْلِ في العتق أيضا خبر مَرْفُوعٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَلَكِنَّهُ خَطَأٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ

(وَرَوَى أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ إِذَا وَهَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ لِرَجُلٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَمَالُ الْعَبْدِ لِلْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ قَالَ وَإِذَا أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِرَجُلٍ فَمَالُهُ لِلْمُوصَى لَهُ قَالَ أَصْبَغُ بَلْ كُلُّ ذَلِكَ وَاحِدٌ وَهُوَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقِ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ الْمَالُ للسيد إِلَّا فِي الْبَيْعِ وَحْدَهُ لِأَنَّ الصَّدَقَاتِ تُشْبِهُ الْعِتْقَ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قُرْبَانٌ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الْعَبْدِ يُعْتَقُ بِأَيِّ وَجْهٍ عُتِقَ أَنَّ مَالَهُ تَبَعٌ لَهُ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ بَتْلًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ أَوْ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْ عِتْقٍ بِالْحِنْثِ أَوْ بِالنَّسَبِ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى مَالِكِهِ أَوْ عُتِقَ بِالْمُثْلَةِ كُلُّ ذَلِكَ يَتْبَعُ الْعَبْدَ فِيهِ مَالُهُ وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَاتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ فِي الْعَبْدِ يُمَثِّلُ بِهِ مَوْلَاهُ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ سَفِيهٌ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَا فِي مَالِ ذَلِكَ الْعَبْدُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتْبَعُهُ مَالُهُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَتْبَعُهُ مَالُهُ وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ وَالْكُوفِيُّونَ إِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ أَوْ بِيعَ لَمْ يَتْبَعْهُ مَالُهُ وَلَا مَالَ لَهُ وَلَا مِلْكَ إِلَّا مَجَازًا وَاتِّسَاعًا لَا حَقِيقَةً

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِي قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي فِقْهِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَرَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ فَزَادَ فِيهِ أَلْفَاظًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى تُزْهِيَ وَعَنِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ نَهَى الْبَائِعَ والمشتري

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى تَزْهُوَ وَعَنِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَتَأْمَنَ الْعَاهَةُ نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِي وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ مَرَّةً يَقُولُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَبِّ فِي سُنْبُلِهِ وَإِنَّ اشْتَدَّ وَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَاءِ ثُمَّ بَلَغَهُ هَذَا الْحَدِيثُ فَرَجَعَ إِلَى الْقَوْلِ بِهِ وَأَجَازَ بَيْعَ الْحِنْطَةِ زَرْعًا فِي سُنْبُلِهِ قَائِمًا عَلَى سَاقِهِ إِذَا يَبِسَ وَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَاءِ كَقَوْلِ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ مَا لَا خِلَافَ فِيهِ عَنْ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ أَجَازَ بَيْعَهُ فَرِيكًا قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ وَخَالَفَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ وَمَالُوا إِلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَشْتَدَّ وَيَسْتَغْنِيَ عَنِ الْمَاءِ وَمِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ كُلَّ ثَمَرَةٍ وَزَرْعٍ دُونَهَا حَائِلٌ مِنْ قِشْرٍ أَوْ أَكْمَامٍ وَكَانَتْ إِذَا صَارَتْ إِلَى مَالِكِيهَا أَخْرَجُوهَا مِنْ قِشْرِهَا وَأَكْمَامِهَا وَلَمْ تَفْسُدْ بِإِخْرَاجِهِمْ لَهَا قَالَ فَالَّذِي أَخْتَارُ فِيهَا أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُهَا فِي شَجَرِهَا وَلَا مَوْضُوعَةً بِالْأَرْضِ لِلْحَائِلِ دُونَهَا وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ عَلَى لَحْمِ الشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ غير المسلوخة

أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى تُسْلَخَ وَيُخْرَجَ مِنَ الْجِلْدِ قَالَ وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا مِنْ أهل العلم يجيز أَخَذَ عُشْرَ الْحِنْطَةِ فِي أَكْمَامِهَا وَلَا عُشْرَ الْحُبُوبِ ذَوَاتِ الْأَكْمَامِ وَلَا بَيْعُهَا مَحْصُودَةً مَدْرُوسَةً فِي التِّبْنِ غَيْرَ مُنَقَّاةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى كَرَاهِيَةِ بَيْعِ الشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ قَبْلَ السَّلْخِ لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ يُجِيزُ بَيْعَهَا كَذَلِكَ وَيَرَى السَّلْخَ عَلَى الْبَائِعِ وَأَجَازَ بَيْعَ الطَّعَامِ فِي سُنْبُلِهِ وَجَعَلَ عَلَى الْبَائِعِ تَخْلِيصَهُ مِنْ تِبْنِهِ وَتَمْيِيزَهُ وَالَّذِي حَكَى الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الدَّالِيَةِ تَكُونُ عَلَى ساق وَاحِدَةٍ فَيَطِيبُ مِنْهَا الْعُنْقُودُ وَالْعُنْقُودَانِ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ طِيبُهُ مُتَتَابِعًا فَاشِيًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ وَرُبَّمَا أَزْهَى بَعْضُ الثَّمَرِ وَاسْتَأْخَرَ بَعْضُهُ جِدًّا فَهُوَ الَّذِي يَكْرَهُ قَالَ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْحَائِطَ فِيهِ أَصْنَافٌ مِنَ الثَّمَرِ قَدْ طَابَ بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ لَمْ يَطِبْ فَقَالَ مَا يُعْجِبُنِي قَالَ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ بَيْعِ الْأَعْنَابِ وَالْفَوَاكِهِ مِنَ الثِّمَارِ فَقَالَ إِذَا طَابَ أَوَّلُهَا وَأَمِنَ عَلَيْهَا الْعَاهَةَ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا قَالَ وَسُئِلَ عَنْ الْحَائِطِ الَّذِي تُزْهِي فِيهِ أَرْبَعُ نَخَلَاتٍ أَوْ خَمْسٌ وَقَدْ تَعَجَّلَ زُهُوَّهُ قَبْلَ الْحَوَائِطِ أَتَرَى أَنْ تُبَاعَ ثَمَرَتُهُ قَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ

تَعَجَّلَ قَبْلَ الْحَوَائِطِ قَالَ وَسُئِلَ عَنِ الْحَائِطِ لَيْسَ فِيهِ زُهُوٌّ وَمَا حَوْلَهُ قَدْ أَزْهَى أَتَرَى أَنْ تُبَاعَ ثَمَرُهُ وَلَيْسَ فِيهِ زُهُوٌّ قَالَ نَعَمْ لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا إِذَا كَانَ الزَّمَنُ قَدْ أُمِنَتْ فِيهِ الْعَاهَاتُ فَأَزْهَتِ الْحَوَائِطُ حَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَزْهُ هَذَا لِأَنَّ مِنْهَا مَا يَتَأَخَّرُ قَالَ وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَبِيعُ الثِّمَارَ مِنَ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ بَعْدَ أَنْ تَطِيبَ عَلَى مَنْ سَقْيُهَا فَقَالَ سَقْيُهَا عَلَى الْبَائِعِ قَالَ وَلَوْلَا أَنَّ السَّقْيَ عَلَى الْبَائِعِ مَا اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ تُوضَعُ الْجَائِحَةُ فِي الثَّمَرَةِ إِذَا كَانَتْ مِنْ قِبَلِ الْمَاءِ قَلِيلَةً كَانَتْ أَوْ كَثِيرَةً وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ قَالَ وَلَيْسَ الْمَاءُ كَغَيْرِهِ لِأَنَّ مَا جَاءَ مِنْ قِبَلِ الْمَاءِ فَكَأَنَّهُ جَاءَ مِنْ قِبَلِ الْبَائِعِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ حَائِطٌ آخَرُ فَأَزْهَى حَائِطُ جَارِهِ إِلَى جَنْبِهِ وَبَدَا صَلَاحُهُ حَلَّ بَيْعُهُ وَلَمْ يَحِلَّ بَيْعُ هَذَا الْحَائِطِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُ أَوَّلِهِ قَالَ وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَنْ تُزْهِيَ في شيء منه الحمرة أو الصفرة ويوكل شَيْءٌ مِنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْبَابِ مُسْتَوْعَبًا وَفِي الْجَائِحَةِ فِيهِ وَفِي أَكْثَرِ مَعَانِيهِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَجَرَى مِنْهُ ذِكْرٌ صَالِحٌ فِي بَابِ أَبِي الرِّجَالِ مِنْهُ أَيْضًا وَذَكَرْنَا مِنْهُ هَاهُنَا مَا لَمْ يَقَعْ ذِكْرُهُ فِي ذَيْنَكِ الْبَابَيْنِ

وَأَمَّا الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ فَمُخْتَلِفَةُ الْأَلْفَاظِ مُتَّفِقَةُ الْمَعَانِي مُتَقَارِبَةُ الْحُكْمِ بَعْضُهَا فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَفِي بَعْضِهَا حَتَّى تُطْعَمَ وَفِي بَعْضِهَا حَتَّى تُزْهِيَ وَفِي بَعْضِهَا حَتَّى تَحْمَرَّ وَتَصْفَرَّ وَفِي بَعْضِهَا حَتَّى تُشَقِّحَ ومعنى تشقح عندهم تحمر أو تصفر ويوكل منها وفي بعضها طلوع الثريا وهي كلها آثار ثَابِتَةٌ مَحْفُوظَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ جَمِيعَ الثِّمَارِ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى تَمْرِ النَّخْلِ وَأَنَّهُ إِذَا بَدَا صَلَاحُهُ وَطَابَ أَوَّلُهُ حَلَّ بَيْعُهُ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْحَائِطِ إِذَا أَزْهَى غَيْرُهُ قُرْبَهُ وَلَمْ يُزْهِ هُوَ هَلْ يَحِلُّ بَيْعُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَوَّلُ عَنْهُ أَشْهَرُ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ الزَّمَنَ إِذَا جَاءَ مِنْهُ مَا يُؤْمَنُ مَعَهُ عَلَى الثِّمَارِ الْعَاهَةُ وَبَدَا صَلَاحُ جِنْسٍ وَنَوْعٍ مِنْهَا جَازَ بَيْعُ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ حَيْثُ كَانَ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَكَانَ يَلْزَمُ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحَائِطِ إِذَا تَأَخَّرَ إِبَارُهُ وَأُبِرَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ رَاعَى الْوَقْتَ فِي ذَلِكَ دُونَ الْحَائِطِ وَرَاعَى فِي بَيْعِ الثِّمَارِ الْحَائِطَ بنفسه وهو أمر متقارب ولكل وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَجْهٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ أَلْفَاظُ الْأَحَادِيثِ لِمَنْ تَدَبَّرَهَا وَذَلِكَ وَاضِحٌ يُغْنِي عَنِ الْقَوْلِ فيه

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَصِيبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ بِطَرْطُوسَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ (وَمِائَتَيْنِ) قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ (قَالَ) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ (قَالَ) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ (قَالَ) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حِبَّانَ عَنْ سَعِيدِ (بْنِ) مِينَا قَالَ

سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشَقِّحَ قِيلَ وَمَا تُشَقِّحُ قال تحمار وتصفار ويوكل مِنْهَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى تُطْعَمَ وَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ بَيْعُ الْمُغَيَّبِ فِي الْأَرْضِ نَحْوَ الْفِجْلِ والجزر واللفت حين يبدو صلاحه ويوكل مِنْهُ وَيَكُونُ مَا قَامَ مِنْهُ لَيْسَ بِفَسَادٍ وَكَذَلِكَ الْبُقُولُ يَجُوزُ فِيهَا بَيْعُهَا إِذَا بَدَا صَلَاحُهَا وَأُكِلَ مِنْهَا وَكَانَ مَا قُلِعَ مِنْهَا لَيْسَ بِفَسَادٍ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِيعُ شَيْءٍ مُغَيَّبٍ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يُقْلَعَ وَيُنْظَرَ إِلَيْهِ وَجَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْعُ الْفِجْلِ وَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ وَنَحْوِهِ مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْخِيَارُ إِذَا قَلَعَهُ وَرَآهُ

هَذَا إِذَا قَلَعَهُ الْبَائِعُ فَإِنْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي فَقَلَعَهُ الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَرْضَهْ فَإِنْ كَانَ الْقَلْعُ لَمْ يَنْقُصْهُ فَلَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ نَقَصَهُ الْقَلْعُ بَطَلَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَالْبُقُولِ وَالزَّرْعِ عَلَى الْقَلْعِ وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إِذَا نُظِرَ إِلَى الْمَبِيعِ مِنْهُ وَعُرِفَ قَدْرُهُ

الحديث السادس

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا (قَالَ أَبُو عُمَرَ) هَكَذَا رَوَى يَحْيَى وَجُمْهُورُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا ابْنَ بُكَيْرٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ فَزَادَ ذِكْرَ الْمُحَاقَلَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ ثُمَّ ذَكَرَ تَفْسِيرَ الْمُزَابَنَةِ وَحْدَهَا كَمَا ذَكَرَ يَحْيَى وَغَيْرَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ الرَّطْبِ بِالثَّمَرِ كَيْلًا وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ لِأَنَّ الثمر هو ما دام رطبا في رؤوس الْأَشْجَارِ فَإِذَا يَبَسَ وَجُذَّ فَهُوَ تَمْرٌ وَرَوَى (هذا الحديث)

أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُحَاقَلَةَ وَقَالَ الْمُزَابَنَةُ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ ثَمَرَتَهُ بِكَيْلٍ إِنْ زَادَ فَلِي وَإِنَّ نَقَصَ فَعَلَيَّ وَهَذَا تَفْسِيرُ مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ كُلِّهِ وَقَدْ مَضَى تَمْهِيدُهُ فِي بَابِ دَاوُدَ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ (عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) نَهَى عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ وَعَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا وَعَنْ بَيْعِ الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ كَيْلًا هَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ التَّمْرِ بِالثَّمَرِ كَيْلًا وَاشْتِرَاءُ الْحِنْطَةِ بِالزَّرْعِ كَيْلًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا

قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى فَذَكَرَهُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمُزَابَنَةَ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَفْسِيرُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مَرْفُوعًا وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ فَيُسَلَّمُ لَهُ فَكَيْفَ وَلَا مُخَالِفَ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ فِي مَعْنَى مَا جَرَى ذِكْرُهُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنَ الْجُزَافِ بِالْكَيْلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ الْمَطْعُومِ أَوِ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ مِنْ جِنْسِهِ وَكُلُّ مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضِهِ جُزَافًا بِكَيْلٍ وَلَا جُزَافًا بِجُزَافٍ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي ذَلِكَ وَلِمُوَاقَعَةِ الْقِمَارِ وَهُوَ الزَّبَنُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَابِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّ كُلَّ مَا وَرَدَ الشَّرْعُ أَنْ لَا يُبَاعُ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ إذا بيع منه مجهول بمجهول أو معلوما بِمَجْهُولٍ أَوْ رَطْبٌ بِيَابِسٍ فَقَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ التَّفَاضُلِ وَجُهِلَ الْمُمَاثَلَةُ وَمَا جُهِلَتْ حَقِيقَةُ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ لَمْ يُؤْمَنْ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الرِّبَا لِأَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ زَادَ أَوْ

ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى وَفِي ذَلِكَ قِمَارٌ وَخَطَرٌ أَيْضًا وَهَذَا كُلُّهُ تَقْتَضِيهِ مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ (فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُزَابَنَةِ فُسِخَ إِنْ أُدْرِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ فَإِنْ قُبِضَ وَفَاتَ رَجَعَ صَاحِبُ الثَّمَرَةِ (2) بِمَكِيلَةِ ثَمَرِهِ عَلَى صَاحِبِ الرُّطَبِ وَرَجَعَ صَاحِبُ الرُّطَبِ بِقِيمَةِ رُطَبِهِ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَرِ يَوْمَ قَبْضِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَمَا كَانَ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ صَاحِبِهِ) وَأَمَّا قَوْلُهُ الثَّمَرُ بِالتَّمْرِ فَإِنَّ الرِّوَايَةَ فِيهِ الْكَلِمَةُ الْأَوْلَى بِالثَّاءِ الْمَنْقُوطَةِ بِثَلَاثٍ مع تحريك الميم وهو ما في رؤوس النَّخْلِ رَطْبًا فَإِذَا جُذَّ وَيَبِسَ قِيلَ لَهُ تَمْرًا بِالتَّاءِ الْمَنْقُوطَةِ بِاثْنَتَيْنِ مَعَ تَسْكِينِ الْمِيمِ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى بَيْعُ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ مِنْ جِنْسِهِ وَبَيْعُ الْجُزَافِ بِالْمَكِيلِ وَبَيْعُ مَا جُهِلَ بِمَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ فَقِفْ عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ وَسَيَأْتِي تَمْهِيدُ مَعْنَى بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنْقُصُ الرَّطْبُ إِذَا يَبِسَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ (بْنُ سُفْيَانَ) قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ (بْنُ أَصْبَغَ) قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن فضل عن أبيه عرابي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ يَدٌ بِيَدٍ كَيْلٌ بِكَيْلٍ وَزْنٌ بِوَزْنٍ فَمَنْ زَادَ شَيْئًا أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى إِلَّا مَا اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَصْلُ هَذَا الْبَابِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْمُمَاثَلَةَ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَيَحْرُمُ الِازْدِيَادُ فِيهِ وَأَمَّا النَّسِيئَةُ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ جُمْلَةً فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَا وَهَا فَالْجِنْسُ الْوَاحِدُ مِنَ الْمَأْكُولَاتِ يَدْخُلُهُ الرِّبَا مِنْ وَجْهَيْنِ الزِّيَادَةُ وَالنَّسِيئَةُ وَالْجِنْسَانِ يَدْخُلُهُمَا الرِّبَا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ النَّسِيئَةُ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْأَصْلَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ

ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَبَايَعُوا التَّمْرَ بِالتَّمْرِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَحَدَّثَنِي سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَيْضًا فِي مُوَطَّئِهِ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الصَّبْرَةِ مِنَ التَّمْرِ لَا يُعْلَمُ كَيْلُهَا بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنَ التَّمْرِ وَرَوَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ نَسِيئَةً وَيَدًا بِيَدٍ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا تَفْسِيرٌ لِلْمُزَابَنَةِ وَفِي مَعْنَاهَا وَهِيَ أَصْلٌ وَسُنَّةٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا (والحمد لله)

الحديث السابع

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتِجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تُنْتِجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا قَدْ جَاءَ تَفْسِيرُ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا تَرَى فِي سِيَاقِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَفْسِيرُهُ مَرْفُوعًا فَهُوَ مِنْ قِبَلِ ابْنِ عُمَرَ وَحَسْبُكَ وَبِهَذَا التَّأْوِيلِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَهُوَ الْأَجَلُ الْمَجْهُولُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْبَيْعَ إِلَى مِثْلِ هَذَا مِنَ الْأَجَلِ لَا يَجُوزُ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ الْأَهِلَّةَ مَوَاقِيتَ لِلنَّاسِ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الْبَيْعِ إِلَى مِثْلِ هَذَا مِنَ الْأَجَلِ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ وَكَفَى بِهَذَا عِلْمًا وَقَالَ

آخَرُونَ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنَاهُ بَيْعُ وَلَدِ الْجَنِينِ الَّذِي فِي بَطْنِ النَّاقَةِ هَذَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ هُوَ نِتَاجُ النِّتَاجِ وَبِهَذَا التَّأْوِيلِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَقَدْ فَسَّرَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ هَذَا الْحَدِيثَ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَيْضًا وَهُوَ بَيْعٌ أَيْضًا مُجْتَمَعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا يَحِلُّ لِأَنَّهُ بَيْعُ غَرَرٍ وَمَجْهُولٌ وَبَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي بُيُوعِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَجَرِ وَهُوَ بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ الْإِنَاثِ وَنَهَى عَنْ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ بَيْعٌ لَا يَجُوزُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْمَضَامِينُ مَا فِي الْبُطُونِ وَهِيَ الْأَجِنَّةُ وَالْمَلَاقِيحُ مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ وَهُوَ تَفْسِيرُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَابْنِ شِهَابٍ ذَكَرَ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ وَإِنَّمَا نَهَى مِنَ الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلَاثٍ عَنِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ وَالْمَضَامِينُ مَا فِي بُطُونِ الْإِنَاثِ وَالْمَلَاقِيحُ مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمَضَامِينُ مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ وَالْمَلَاقِيحُ مَا فِي بُطُونِ الْإِنَاثِ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ

مَلْقُوحَةٌ فِي بَطْنِ نَابٍ حَائِلٍ ... وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ شَاهِدًا بِأَنَّ الْمَلَاقِيحَ مَا فِي الْبُطُونِ لِبَعْضِ الْأَعْرَابِ ... مَنَّيْتَنِي مَلَاقِحًا فِي الْأَبْطُنِ ... تُنْتِجُ مَا تُنْتِجُ بَعْدَ أَزْمُنِ ... وَكَيْفَ كَانَ فَإِنْ بَيْعَ هَذَا كُلِّهِ بَاطِلٌ لَا يَجُوزُ عِنْدَ جَمَاعَةِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ فَكَيْفَ بِمِثْلِ هَذَا مِنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ (وَهَذَا كُلُّهُ) يَدْخُلُهُ الْمَجْهُولُ وَالْغَرَرُ وَأَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَفِي حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ تَحْرِيمُ هَذَا كُلِّهِ فَإِنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْبَيْعِ فُسِخَ إِنْ أُدْرِكَ فَإِنْ قُبِضَ وَفَاتَ رُدَّ إِلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ قُبِضَ لَا يَوْمَ تَبَايَعَا بَالِغًا مَا بَلَغَ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ وَإِنْ أُصِيبَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَمُصِيبَتُهُ مِنَ الْبَائِعِ أَبَدًا وَقَدْ مَضَى تَفْسِيرُ الْمُلَامَسَةِ وَغَيْرِهَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الثامن

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ دُونَ زِيَادَةِ شَيْءٍ وَتَابَعَهُ ابْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٌ وَرَوَاهُ قَوْمٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلَا تَلْقَوُا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا الْأَسْوَاقَ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ صَحِيحَةٌ لِابْنِ وَهْبٍ وَالْقَعْنَبِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ بُرْدٍ عَنْ مَالِكٍ وَلَيْسَتْ لِغَيْرِهِمْ وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَأَمَّا سَائِرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ فَإِنَّمَا هَذَا الْمَعْنَى وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ عِنْدَهُمْ فِي حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ مَحْفُوظَةٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا الْأَسْوَاقَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلَا يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يُسِمْ عَلَى سَوْمِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مَعْنًى وَاحِدٌ كُلُّهُ وَهُوَ أَنْ يَسْتَحْسِنَ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ وَيَهْوَاهَا وَيَرْكَنَ إِلَى الْبَائِعِ وَيَمِيلَ إِلَيْهِ وَيَتَذَاكَرَانِ الثَّمَنَ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْعَقْدُ وَالرِّضَى الَّذِي يَتِمُّ بِهِ الْبَيْعُ فَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْتَرِضَهُ فَيَعْرِضَ عَلَى أَحَدِهِمَا مَا بِهِ يُفْسِدُ بِهِ مَا هُمَا عَلَيْهِ مِنَ التَّبَايُعِ فَإِنْ فَعَلَ أحد ذلك فقد أساء وبيسما فَعَلَ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ وَلَا أَقُولُ إِنَّ مَنْ فَعَلَ هَذَا حَرُمَ بَيْعُهُ الثَّانِي وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَهُ إِلَّا رِوَايَةً جَاءَتْ عَنْ مَالِكٍ بِذَلِكَ قَالَ لَا يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فُسِخَ الْبَيْعُ مَا لَمْ يَفُتْ وَفُسِخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْبَيْعِ دُونَ الْخُطْبَةِ وَقَالُوا هُوَ مَكْرُوهٌ لَا يَنْبَغِي وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ (أَنْ يَقُولَ عِنْدِي (مَا هُوَ) خَيْرٌ مِنْهُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ)

مَعْنَاهُ عِنْدَهُ أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ فَيَقْبِضُهَا وَلَمْ يَفْتَرِقَا وَهُوَ مُغْتَبِطٌ بِهَا غَيْرُ نَادِمٍ عَلَيْهَا فَيَأْتِيهِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ مَنْ يَعْرِضُ عَلَيْهِ مِثْلَ سِلْعَتِهِ أَوْ خَيْرًا مِنْهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ فَيُفْسَخُ بَيْعُ صَاحِبِهِ لِأَنَّ لَهُ الْخِيَارَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَيَكُونُ هَذَا فَسَادًا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي تَأْوِيلِ هَذَا اللَّفْظِ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبِعْ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا خِلَافَ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ صَحِيحٌ وَإِنْ كُرِهَ لَهُ مَا فَعَلَ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي كَرَاهِيَةِ بَيْعِ الرَّجُلِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَسَوْمِهِ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَسَخَ بَيْعَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا مَا ذَكَرْتُ لَكَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَمْ يَتِمَّ أَوَّلًا وَقَدْ كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ لَا يُتِمَّهُ إِنْ شَاءَ وَكَذَلِكَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَبِيعَ عَلَى بَيْعِهِ وَلَا يَسُومَ عَلَى سَوْمِهِ وَأَنَّهُ وَالْمُسْلِمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ إِلَّا الْأَوْزَاعِيَّ فَإِنَّهُ قال

لَا بَأْسَ بِدُخُولِ الْمُسْلِمِ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي سَوْمِهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا خَاطَبَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنْ لَا يَبِيعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَخَاطَبَ الْمُسْلِمَ أَنْ لَا يَبِيعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فَلَيْسَ الذِّمِّيُّ كَذَلِكَ وَقَالَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَالْحُجَّةُ لَهُمْ أَنَّهُ كَمَا دَخَلَ الذِّمِّيُّ فِي النَّهْيِ عَنِ النَّجَشِ وَفِي رِبْحِ ما لم يضمن ونحوه كلذلك يَدْخُلُ (فِي) هَذَا وَقَدْ يُقَالُ هَذَا طَرِيقُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ وَيَسْلُكَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى كَرَاهِيَةِ سَوْمِ الذِّمِّيِّ عَلَى الذِّمِّيِّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مُرَادُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا تَلَقِّي السِّلَعِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ أَكْرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدٌ مِنَ الْجَلَبِ فِي نُوَاحِي الْمِصْرِ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إِلَى الْأَسْوَاقِ فَقِيلَ لَهُ فَإِنْ كَانَ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَمِعْنَا مَالِكًا وَسُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَخْرُجُ فِي الأضحى إلى مثل الإسطبل وَهُوَ نَحْوٌ مِنْ مِيلٍ يَشْتَرِي ضَحَايَا وَهُوَ مَوْضِعٌ فِيهِ الْغَنَمُ وَالنَّاسُ يَخْرُجُونَ إِلَيْهِمْ يَشْتَرُونَ مِنْهُمْ هُنَاكَ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ وَقَدْ نُهِيَ عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ فَلَا أَرَى أَنْ يُشْتَرَى شَيْءٌ مِنْهَا حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا (إِلَى) الْأَسْوَاقِ قَالَ مَالِكٌ وَالضَّحَايَا أَفْضَلُ مَا احْتِيطَ فِيهِ لِأَنَّهَا نُسُكٌ يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا أَرَى ذَلِكَ قَالَ وَسَمِعْتُهُ

وَسُئِلَ عَنِ الَّذِي يَتَلَقَّى السِّلْعَةَ فَيَشْتَرِيهَا فَتُوجَدُ مَعَهُ أَتُرَى أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ فَتُبَاعُ لِلنَّاسِ فَقَالَ مَالِكٌ أَرَى أَنْ يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ (فَإِنْ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ) ثُمَّ وُجِدَ قَدْ عَادَ نُكِّلَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ نَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِأَهْلِ الْأَسْوَاقِ شَيْئًا فِي السِّلْعَةِ الْمُتَلَقَّاةِ وَتَحْصِيلُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَلَقِّي السِّلَعِ وَالرُّكْبَانِ وَمَنْ تَلَقَّاهُمْ فاشترى منهم سلعة شَرَكَهُ فِيهَا أَهْلُ سُوقِهَا إِنْ شَاءُوا وَكَانَ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَسَوَاءٌ كَانَتِ السِّلْعَةُ طَعَامًا أَوْ بَزًّا أَوْ غَيْرَهُ وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِيهِ الطَّعَامُ وَالْبَزُّ وَالْغَنَمُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ السِّلَعِ فَإِذَا كَانَ مَسِيرَةَ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ جَاءَهُ خَبَرُ ذَلِكَ وَصِفَتُهُ فَيُخْبِرُ بِذَلِكَ فَيَقُولُ لَهُ رَجُلٌ بعني ما جاءك أتفرى ذَلِكَ جَائِزًا قَالَ لَا أَرَاهُ جَائِزًا وَأَرَى هَذَا مِنَ التَّلَقِّي فَقِيلَ لَهُ وَالْبَزُّ مِنْ هَذَا قَالَ نَعَمِ الْبَزُّ مِثْلُ الطَّعَامِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ بِأَمْرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَأَكْرَهُ ذَلِكَ وَأَرَاهُ مِنْ تَلَقِّي السِّلَعِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُكْرَهُ تَلَقِّي سِلَعِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَمَنْ تَلَقَّاهَا فَقَدْ أَسَاءَ وَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ إِذْ قَدِمَ بِهَا السُّوقَ فِي إِنْفَاذِ الْبَيْعِ أورده وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَهُمْ فَيُخْبِرُونَهُمْ بِانْكِسَارِ سِلْعَتِهِمْ وَكَسَادِ سُوقِهَا وَهُمْ أَهْلُ غِرَّةٍ فَيَبِيعُونَهُمْ عَلَى

ذَلِكَ وَهَذَا ضَرْبٌ فِي الْخَدِيعَةِ حَكَى هَذَا عن الشافعي الزعفراني وَالرَّبِيعُ وَالْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَتَفْسِيرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنْ يَخْرُجَ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ فَيَخْدَعُونَ أَهْلَ الْقَافِلَةِ وَيَشْتَرُونَ مِنْهُمْ شِرَاءً رَخِيصًا فَلَهُمُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُمْ غَرُّوهُمْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا كَانَ التَّلَقِّي فِي أَرْضٍ لَا يَضُرُّ بِأَهْلِهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِذَا كَانَ يَضُرُّ بِأَهْلِهَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا كَانَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ شِبَاعًا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ فَلَا يَقْرَبُونَهُ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا الْأَسْوَاقَ وَلَمْ يَجْعَلِ الْأَوْزَاعِيُّ الْقَاعِدَ عَلَى بَابِهِ فتمر به سلعة لَمْ يَقْصِدْ إِلَيْهَا فَيَشْتَرِيَهَا مُتَلَقِّيًا وَالْمُتَلَقِّي عِنْدَهُ التَّاجِرُ الْقَاصِدُ إِلَى ذَلِكَ الْخَارِجِ إِلَيْهِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لَا يَجُوزُ تَلَقِّي السِّلَعِ ولا شراؤها في الطريق حق يُهْبَطَ بِهَا الْأَسْوَاقَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ لَا بَأْسَ بِتَلَقِّي السِّلَعِ فِي أَوَّلِ الْأَسْوَاقِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ خَارِجَ السُّوقِ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَكْرَهُ تَلَقِّي السِّلَعِ فِي الطَّرِيقِ وَعَلَى بَابِكَ إِذَا قَصَدْتَ إِلَى ذَلِكَ وَأَمَّا مَنْ قَعَدَ عَلَى بَابِهِ وَفِي طَرِيقِهِ فمرت به سلعة يُرِيدُ صَاحِبُهَا السُّوقَ فَاشْتَرَاهَا فَلَيْسَ هَذَا بِالتَّلَقِّي وَإِنَّمَا التَّلَقِّي أَنْ تَعْمَدَ إِلَى ذَلِكَ قَالَ ومن تعمد ذلك

وتلقى سِلْعَةً فَاشْتَرَاهَا ثُمَّ عَلِمَ بِهِ فَإِنْ كَانَ بَائِعُهَا لَمْ يَذْهَبْ رُدَّتْ إِلَيْهِ حَتَّى تُبَاعَ فِي السُّوقِ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَ ارْتُجِعَتْ مِنَ الْمُشْتَرِي وَبِيعَتْ فِي السُّوقِ وَدُفِعَ إِلَيْهِ ثَمَنُهَا وقال ابن خواز بنداد الْبَيْعُ فِي تَلَقِّي السِّلَعِ صَحِيحٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَفُوزُ بِالسِّلْعَةِ وَيُشْرِكُهُ أَهْلُ السُّوقِ وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ أَوْ فِي أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ إِذَا هَبَطَ السُّوقَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ صَاحِبَ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ لِثُبُوتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تَلَقَّوُا الْجَلَبَ فَمَنْ تَلَقَّى مِنْهُ شَيْئًا فَاشْتَرَاهُ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إِذَا أَتَى السُّوقَ وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو

تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الرَّقِّيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ فَإِنْ تَلَقَّاهُ مُتَلَقٍّ فَاشْتَرَاهُ فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ إِذَا وَرَدَتِ السُّوقَ

الحديث التاسع

حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ وَرَوَاهُ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَبِعْ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ وَرَوَى صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خطبةأخيه إلا أن يترك أويأذن لَهُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ بِمَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ مُجَوَّدًا فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هَاهُنَا وَخِطْبَةُ النِّكَاحِ بِالْكَسْرِ وَالْخُطْبَةُ فِي الْجُمُعَةِ وَمَا كَانَ مِثْلُهَا بِالضَّمِّ

الحديث العاشر

حَدِيثٌ عَاشِرٌ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ مُجْتَمَعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِجُمْلَتِهِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ مَعَانِيهِ وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَا اجْتُمِعَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَمَا اخْتُلِفَ فِيهِ هَاهُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وُجُوهٍ فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ فَلَفْظُهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَكَذَلِكَ لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَالْقَبْضُ وَالِاسْتِيفَاءُ سَوَاءٌ وَلَا يَكُونُ مَا بِيعَ مِنَ الطَّعَامِ عَلَى الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ مَقْبُوضًا إِلَّا كَيْلًا أَوْ وَزْنًا وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ بَيْنَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ فِي الطَّعَامِ عَلَى

الْجُزَافِ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَانْتِقَالِهِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ وَنُوَضِّحُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا الْبَابَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يَحْظُرُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ طَعَامٍ إِذَا اشْتُرِي حَتَّى يُسْتَوْفَى وَاسْتِيفَاؤُهُ قَبْضُهُ عَلَى حَسَبِ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ فِيهِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ وقال أوف لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا وَقَالَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا أَوْ شَيْئًا مِنْ جَمِيعِ الْمَأْكُولِ أَوِ الْمَشْرُوبِ مِمَّا يُدَّخَرُ وَمِمَّا لَا يُذْخَرُ مَا كَانَ مِنْهُ أَصْلُ مَعَاشٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ حَاشَا الْمَاءَ وَحْدَهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا مِنَ الْبَائِعِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ ابْتَاعَهُ جُزَافًا صَبْرَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ إِذَا ابْتِيعَ جُزَافًا كَانَ كَالْعُرُوضِ الَّتِي يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالْمِلْحُ وَالْكُزْبَرُ وَالشُّونِيزُ وَالتَّوَابِلُ

وَزَرِّيعَةُ الْفِجْلِ الَّتِي يُؤْكَلُ زَيْتُهَا وَكُلُّ مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ وَيُؤْتَدَمُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ إِذَا ابْتِيعَ عَلَى الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ وَلَمْ يُبَعْ جُزَافًا هَذِهِ جُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ الْمَشْهُورِ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ وَأَمَّا زَرِّيعَةُ السَّلْقِ وَزَرِّيعَةُ الْجَزَرِ وَالْكُرَّاثِ وَالْجِرْجِيرِ وَالْبَصَلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِطَعَامٍ وَيَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَلَيْسَ كَزَرِّيعَةِ الْفِجْلِ الَّذِي مِنْهُ الزَّيْتُ لِأَنَّ هَذَا طَعَامٌ وَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ قَبْلَ الْقَبْضِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمْهَرَ وَلَا يُسْتَأْجَرَ بِهِ وَلَا يُؤْخَذُ عَلَيْهِ بَدَلٌ وَهَذَا فِيمَا اشْتُرِيَ مِنَ الطَّعَامِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامٌ لَمْ يَشْتَرِهِ وَلَكِنَّهُ أَقْرَضَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَلَمْ يَقُلْ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامٌ أَوْ كَانَ لَهُ طَعَامٌ فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَا عَدَا الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ مِنَ الثِّيَابِ وَالْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ وَكُلُّ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا وَلَا مَشْرُوبًا مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا غَيْرِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِمَنِ ابْتَاعَهُ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَاسْتِيفَائِهِ وَحُجَّتُهُ في ما ذَهَبَ إِلَيْهِ مِمَّا

وَصَفْنَا عَنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ خُصُوصُ الطَّعَامِ بِالذِّكْرِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَا عَدَاهُ بِخِلَافِهِ وَفِيهِ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَقْرُوضُ وَغَيْرُ الْمُشْتَرَى بِخِلَافِهِ اسْتِدْلَالًا وَنَظَرًا وَحَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ الحارث

عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ عُبَيْدٍ الْمَدَنِيِّ أَنّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَبِيعَ أَحَدٌ طَعَامًا اشْتَرَاهُ بِكَيْلٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اشْتَرَاهُ بِكَيْلٍ عَلَى أَنَّ الْجُزَافَ بِخِلَافِهِ فَهَذِهِ حُجَّةُ مَالِكٍ مَعَ دَلِيلِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ فأوف لنا الكيل وكالوهم أَوْ وَزَنُوهُمْ أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ وَالْقَبْضَ لَا يَكُونُ إلا بذلك وقال آخرون كلما وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ طَعَامٍ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ وَسَوَاءٌ اشْتَرَى جُزَافًا أَوْ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا وَمَا سِوَى الطَّعَامِ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَحُجَّتُهُمْ عُمُومُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا لَمْ يَقُلْ جُزَافًا وَلَا كَيْلًا بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا جُزَافًا أَنْ لَا يَبِيعَهُ حَتَّى يَنْقُلَهُ وَيَقْبِضَهُ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَضَعَّفُوا زِيَادَةَ الْمُنْذِرِ بْنِ عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ طَعَامًا بِكَيْلٍ وَقَدْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيِّينَ وَحَكَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ الْوَقَّارِ

وقال آخرون كلما بِيعَ عَلَى الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمَا لَيْسَ بِمَكِيلٍ وَلَا مَوْزُونٍ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَحَمَّادِ بن أبي سليمان وبه قال إسحاق بن رَاهَوَيْهِ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ عَنْهُ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَنَّ الطَّعَامَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ أَصْلُهُ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ فَكُلُّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَذَلِكَ حُكْمُهُ قِيَاسًا عِنْدَهُمْ وَنَظَرًا وَقَالَ آخَرُونَ كُلُّ مَا مُلِكَ بِالشِّرَاءِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ إِلَّا الْعَقَارَ وَحْدَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِلَيْهِ رَجَعَ أَبُوُ يُوسُفَ وَجُمْلَةُ قَوْلِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَهْرَ وَالْجُعْلَ وَمَا يُؤْخَذُ فِي الْخُلْعِ جَائِزٌ أَنْ يُبَاعَ مَا مُلِكَ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالَّذِي لَا يُبَاعُ قَبْلَ الْقَبْضِ مَا اشْتُرِيَ أَوِ اسْتُؤْجِرَ بِهِ

وَقَالَ آخَرُونَ كُلُّ مَا مُلِكَ بِالشِّرَاءِ أَوْ بِعِوَضٍ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا عَقَارًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مَأْكُولًا كَانَ أَوْ مَشْرُوبًا مَكِيلًا كَانَ أَوْ مَوْزُونًا أَوْ غَيْرَ مَكِيلٍ وَلَا مَوْزُونٍ وَلَا مَأْكُولٍ وَلَا مَشْرُوبٍ مِنْ كُلِّ مَا يَجْرِي عَلَيْهِ الْبَيْعُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عنهما ومن حجة من ذهب هذاالمذهب أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَوَيَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَأَفْتَيَا جَمِيعًا بِأَنْ لَا يُبَاعَ بَيْعٌ حَتَّى يُقْبَضَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُلُّ شَيْءٍ عِنْدِي مِثْلُ الطَّعَامِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا فَهِمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُرَادَ وَالْمَعْنَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قال أخبرني طاووس قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُسْتَوْفَى وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ حَتَّى يُكَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِرَأْيِهِ وَلَا أَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا مثله وحدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بن

يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى البخلي قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عمرو بن دينار عن طاووس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ فَهُوَ الطَّعَامُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِرَأْيِهِ وَأَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِصْمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ حَدَّثَهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي إِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ وَهَذَا الْإِسْنَادُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَقَالٌ فَفِيهِ لِهَذَا الْمَذْهَبِ اسْتِظْهَارٌ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ فِي هَذَا الْمَذْهَبِ نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِبْحٍ مَا لَمْ يُضَمَّنْ وَبَيْعِ مَا لَمْ يُضَمَّنْ وَمَا لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُمْ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا وَضَاعَ وَهَلَكَ فَمُصِيبَتُهُ عندهم من البائع وضمانه منه وكان ضمانه مِنَ الْبَائِعِ فَلَا يَجُوزُ لِمُشْتَرِيهِ عِنْدَهُمْ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ بِدَلِيلِ نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ

يُضَمَّنْ وَبِنَصِّ قَوْلِهِ مَنِ ابْتَاعَ بَيْعًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَاسْتِدْلَالًا بِالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي الطَّعَامِ أَنْ لَا يُبَاعُ حَتَّى يُقْبَضَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ حَتَّى ذَكَرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لايحل بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَلَا بَيْعُ مَا لَمْ يُضَمَّنْ وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِعُمُومِ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ سَعِيدٍ الطَّائِيِّ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يُعَرِّفْهُ فِي غَيْرِهِ أَوْ إِلَى غَيْرِهِ وَقَالُوا هَذَا كُلُّهُ عَلَى الْعُمُومِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَى أَنَّ نَهْيَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضَمَّنْ إِنَّمَا هُوَ فِي الطَّعَامِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ خُصَّ بِالذِّكْرِ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ وَلَا بَأْسَ عِنْدِهِمْ بِرِبْحِ مَا لَمْ يُضَمَّنَ مَا عَدَا الطَّعَامَ مِنَ الْبُيُوعِ وَالْكِرَاءِ وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ حَمَلُوا النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ عَلَى الطَّعَامِ وَحْدَهُ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الْعِينَةِ

وأصحابنا في أصولهم في الشرائع وَلِتَفْسِيرِ الْعِينَةِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا قَالُوا وَكُلُّ حَدِيثٍ ذُكِرَ فِيهِ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ مَا ابْتَعْتَهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ فَالْمُرَادُ بِهِ الطَّعَامُ لِأَنَّهُ الثَّابِتُ فِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ مِنْ جهةالنقل وَتَخْصِيصُهُ الطَّعَامَ بِالذِّكْرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهُ وَخَالَفَهُ فَحُكْمُهُ بِخِلَافِ حُكْمِهِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا تَخْصِيصٌ مِنْهُ لِلِابْتِيَاعِ دُونَ مَا عَدَّهُ مِنَ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ فِي هَذَا الْبَابِ حُجَجٌ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ تَرَكْتُ ذِكْرَهَا لِأَنَّ أَكْثَرَهَا تَشْغِيبٌ وَمَدَارُ الْبَابِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ توفيقنا وقال عثمان البيتي لَا بَأْسَ أَنْ تَبِيعَ كُلَّ شَيْءٍ قَبْلَ أن تقبضه كان مكيلا أو مأكولا أو غير ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلٌ مَرْدُودٌ بِالسُّنَّةِ وَالْحُجَّةِ الْمُجْمِعَةِ عَلَى الطعام فقد وَأَظُنُّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الحادي عشر

حَدِيثٌ حَادِيَ عَشَرَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبْتَاعُ الطَّعَامَ فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَاهُ فِيهِ إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَمْ يَقُلْ جُزَافًا وَرَوَى غَيْرُهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ فِيهِ كُنَّا نَبْتَاعُ الطَّعَامَ جُزَافًا وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّعَامِ الْمَبِيعِ عَلَى الْكَيْلِ وَالطَّعَامِ الْمَبِيعِ عَلَى الْجُزَافِ وَأَنَّ مَا بِيعَ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ مِنَ الطَّعَامِ جُزَافًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَهُ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَقَبْلَ أَنْ يَنْقُلَهُ وَمَعْنَى نَقْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَبْضُهُ وَمَعْنَى قَبْضِهِ عِنْدَ مَالِكٍ اسْتِيفَاؤُهُ وَذَلِكَ عِنْدَهُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ دُونَ الْجُزَافِ وَجَعَلَ

مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَالِاسْتِيفَاءُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ وَذَلِكَ عِنْدَهُمْ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَى الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ مِمَّا بِيعَ عَلَى ذَلِكَ قَالُوا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي مَعْنَى الِاسْتِيفَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ وَقَوْلِهِ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ (وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ قَالُوا فَمَا بِيعَ مِنَ الطَّعَامِ جُزَافًا لَا يُحْتَاجُ إِلَى كَيْلِهِ فَلَمْ يَبْقَ فِيهِ إِلَّا التَّسْلِيمُ وَبِالتَّسْلِيمِ يُسْتَوْفَى فَأَشْبَهَ الْعَقَارَ وَالْعُرُوضَ فَلَمْ يَكُنْ بِبَيْعِهِ بَأْسٌ قَبْلَ الْقَبْضِ بِعُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ هَذَا جُمْلَةُ مَا احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ لِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ (وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ بَابِ تَلَقِّي السِّلَعِ وَقَالَ إِنَّمَا جَاءَ النَّهْيُ فِي ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَرَابَحُوا فِيهِ بَيْنَهُمْ فَيُغْلُو السِّعْرَ عَلَى أَهْلِ السُّوقِ فَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُمْ حَوِّلُوا عَنْ مَكَانِهِ وَانْقُلُوهُ يَعْنِي إِلَى (2) أَهْلِ السُّوقِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ فَاسِدٌ لَا يُعَضِّدُهُ أَصْلٌ وَلَا يَقُومُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ) وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ مَالِكًا مِنْ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى تَفْرِقَتِهِ بَيْنَ مَا اشْتُرِيَ جُزَافًا مِنَ الطَّعَامِ وَبَيْنَ مَا اشْتُرِيَ مِنْهُ كَيْلًا إِلَّا الْأَوْزَاعِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا جُزَافًا فَهَلَكَ

قَبْلَ الْقَبْضِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَإِنِ اشْتَرَاهُ مُكَايَلَةً فَهُوَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَهُوَ نَصُّ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَدْ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَنِ اشْتَرَى ثَمَرَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهَا قَبْلَ القبض وهذا تناقض وأحسن ما يحتح بِهِ لِمَالِكٍ فِي قَوْلِهِ هَذَا مَا حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَغَيْرُهُ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ عُبَيْدٍ الْمَدَنِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى أَنْ يَبِيعَ أَحَدٌ طَعَامًا اشْتَرَاهُ بِكَيْلٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَقَوْلُهُ بِكَيْلٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا خَالَفَهُ بِخِلَافِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يُفَرِّقْ سَائِرُ الْفُقَهَاءِ بَيْنَ الطَّعَامِ الْمَبِيعِ جُزَافًا وَالطَّعَامِ الْمَبِيعِ كَيْلًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُبْتَاعِهِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَبْضُ مَا بِيعَ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَنْ يُكَالَ عَلَى مُبْتَاعِهِ أَوْ يُوزَنَ عَلَيْهِ وقبض مَا اشْتَرَى جُزَافًا أَنْ يَنْقُلَهُ مُبْتَاعُهُ وَيُحَوِّلَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ وَيُبَيِّنُ بِهِ إِلَى نَفْسِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا لَهُ كَسَائِرِ الْعُرُوضِ وَالْمُصِيبَةُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فِيهِ إِنْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ بَائِعِهِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ والشافعي ومن اتبعه وأحمد

ابن حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالطَّبَرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ عُمُومُ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ربح ما لم يُضَمَّنْ وَقَوْلُهُ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ إِذَا ابْتَعْتَ بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ وَلِمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَغَيْرِهِمَا وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُؤْمَرُونَ إِذَا ابْتَاعُوا الطَّعَامَ جُزَافًا أَنْ لَا يَبِيعُوهُ حَتَّى يَقْبِضُوهُ وَيَنْقُلُوهُ مِنْ مَوْضِعِهِ وَقَدْ ذَكَرَ أَمْرَ الْجُزَافِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ نَافِعٍ حُفَّاظٌ مُتْقِنُونَ وَرَوَاهُ أَيْضًا سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالُوا فَلَا وَجْهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ الطَّعَامَ مُجَازَفَةً يُضْرِبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَخْطَأَ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَمْزَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ لِسَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لَيْسَ لِحَمْزَةَ فيه طريق

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ النَّاسَ يُضْرِبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا اشْتَرَوُا الطَّعَامَ جُزَافًا أَنْ يَبِيعَهُ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَنْقُلَهُ إِلَى رَحْلِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ النَّاسَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ابْتَاعُوا طَعَامًا جُزَافًا يضربون في أن يبيعوه مكانهم حتى يؤووه إِلَى رِحَالِهِمْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ الطَّعَامَ جُزَافًا فِي السُّوقِ فَيَبِيعُونَهُ فِي مَكَانِهِمْ فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِ حَتَّى يَنْقُلُوهُ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ الطَّعَامَ جُزَافًا فِي أَعْلَى السُّوقِ فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يَنْقُلُوهُ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا آوَاهُ إِلَى رَحْلِهِ وَنَقَلَهُ فَقَدْ قَبَضَهُ وَإِنَّمَا كَانُوا يُضْرِبُونَ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يَبِيعُوهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعُ الطَّعَامِ جُزَافًا فِي الصَّبْرَةِ وَنَحْوِهَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى إِجَازَتِهِ وَفِي السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى إِجَازَةِ ذَلِكَ وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ اخْتِلَافًا فَسَقَطَ الْقَوْلُ فِيهِ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا لَمْ يُجِزْ لِمَنْ عَلِمَ مِقْدَارَ صَبْرَتِهِ وَكَدَّسَهُ كَيْلًا أَنْ يَبِيعَهُ جُزَافًا حَتَّى يَعْرِفَ الْمُشْتَرِي مَبْلَغَهُ فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ غَاشٌّ وَمُبْتَاعُ ذَلِكَ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إِذَا عَلِمَ كَالْعَيْبِ سَوَاءٌ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ لَا يَضُرُّهُ عِلْمُهُ بِكَيْلِهِ وَجَائِزٌ لَهُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَإِنْ عُلِمَ كَيْلُهُ وَكَتَمَ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ فَكُلُّ بَيْعٍ حَلَالٌ عَلَى ظَاهِرِ هَذِهِ الآية إلا أن تمنه مِنْهُ سُنَّةٌ وَلَمْ

تَرِدْ سُنَّةٌ فِي الْمَنْعِ مِنْ هَذَا بَلْ قَدْ وَرَدَتِ السُّنَّةُ فِي إِجَازَةِ بَيْعِ الطَّعَامِ جُزَافًا وَلَمْ تَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يُفَرِّقْ أَكْثَرُهُمْ بَيْنَ الْعَالِمِ بِذَلِكَ وَالْجَاهِلِ قَالُوا فَلَا وَجْهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ عِلْمِ كَيْلِ طَعَامِهِ وَبَيْنَ مَنْ جَهِلَهُ فِي ذَلِكَ قَالُوا وَإِنَّمَا الْغِشُّ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ جُزَافًا أَنْ لَا يَكُونَ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ مُسْتَوِيًا وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْغِشِّ الْمَعْرُوفِ فَأَمَّا عِلْمُ الْبَائِعِ بِمِقْدَارِ كَيْلِهِ فَلَيْسَ بِغِشٍّ وَمِمَّنْ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ الْإِنْسَانُ طَعَامًا قَدْ عُلِمَ مِقْدَارُهُ مُجَازَفَةً مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارُهُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وداو وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالطَّبَرِيُّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْبَائِعَ إِذَا عَلِمَ بِكَيْلِ طَعَامِهِ وَكَتَمَ الْمُشْتَرِي كَانَ ذَلِكَ عَيْبًا وَكَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرَّدِّ وَجَمِيعُ الطَّعَامِ وَالْإِدَامُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَعِلْمُ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ هَذَا الْبَابِ فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَقَدْ حَكَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي

يَحْيَى الْوَقَّارُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا بيع مَا اشْتُرِيَ مِنَ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ جُزَافًا قَبْلَ قَبْضِهِ وَنَقْلِهِ وَاخْتَارَهُ الْوَقَّارُ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِثُبُوتِ الْخَبَرِ بِذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَمَلِ أَصْحَابِهِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ابْتَعْتُ زَيْتًا فِي السُّوقِ فَلَمَّا اسْتَوْفَيْتُهُ لَقِيَنِي رَجُلٌ فَأَعْطَانِي بِهِ ربحا حسنا فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي بِذِرَاعِي فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَ لَا تَبِعْهُ حَيْثُ ابْتَعْتَهُ حَتَّى تَحُوزَهُ إِلَى رَحْلِكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُبَاعَ حَيْثُ تُبْتَاعُ السِّلَعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ عَمَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ السِّلَعَ فَظَاهِرُهُ حُجَّةٌ لِمَنْ جَعَلَ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا ولكنه

يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ السِّلَعَ الْمَأْكُولَةَ وَالْمُؤْتَدَمَ بِهَا لِأَنَّ عَلَى الزَّيْتِ خَرَجَ الْخَبَرُ وَجَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمَّا اشْتَرَيْتُهُ لَقِيَنِي رَجُلٌ فَأَعْطَانِي بِهِ رِبْحًا الْحَدِيثَ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ جُزَافًا بِظَرْفِهِ فَحَازَهُ إِلَى نَفْسِهِ كَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ الظَّرْفِ قَبْلَ أَنْ يَكِيلَهُ أَوْ يَنْقِلَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَوِ اسْتَوْفَاهُ بِالْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ إِلَى آخِرِهِ لَجَازَ لَهُ بَيْعُهُ فِي مَوْضِعِهِ وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ مَا يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ قَوْلَهُ فَلَمَّا اسْتَوْفَيْتُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَوْ يَكُونُ لَفْظًا غَيْرَ مَحْفُوظٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَوْ يَكُونُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَآهُ قَدْ بَاعَهُ فِي الْمَوْضُوعِ الَّذِي ابْتَاعَهُ فِيهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِاسْتِيفَائِهِ لَهُ فَنَقَلَ الْحَدِيثَ مِنْ أَجْلِ مَا ذَكَرَهُ زَيْدٌ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَهُ وَقَدِ ابتاعه جزافا وجازه إِلَى رَحْلِهِ وَبَانَ بِهِ وَهُمَا جَمِيعًا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ حِينَئِذٍ بَيْعُهُ عُلِمَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي انْتِقَالِهِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ قَبَضَهُ عَلَى مَا يَعْرِفُ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الْقَبْضُ وَقَلَّمَا يُمْكِنُ قَبْضُهُ إِلَّا بِانْتِقَالِهِ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ بَيِّنٌ لِمَنْ فَهِمَ وَلَمْ يُعَانِدْ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمُجَازَفَةِ فَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ مَا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ (جَمَاعَةٍ مِنَ التابعين)

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي جَمِيلٍ قال سألت مجاهدا وطاووس وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ الرَّجُلِ يَأْتِي الطَّعَامَ فَيَشْتَرِيهِ فِي الْبَيْتِ مِنْ صَاحِبِهِ مُجَازَفَةً لَا يَعْلَمُ كَيْلَهُ وَرَبُّ الطَّعَامِ يَعْلَمُ كَيْلَهُ فَكَرِهُوهُ كُلُّهُمْ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْجَوْزِ إِذَا عَلِمَ صَاحِبُهُ عَدَدَهُ وَلَمْ يَعْلَمْهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَبِعْهُ مُجَازَفَةً قَالَ وَأَمَّا الْقِثَّاءُ وَنَحْوُهُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُجَازَفَةً وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ عَدَدَهُ وَلَمْ يَعْلَمْهُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ وَتَابِعَهُ عَلَى ذَلِكَ اللَّيْثُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ ثم حَمْلِهِ إِلَى بَلَدٍ يُوزَنُ فِيهِ فَهُوَ لَمْ يَبِعْهُ جُزَافًا وَإِنْ كَانَ حَيْثُ حَمَلَهُ لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ جزافا بذلك

وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ بَيْعُ شَيْءٍ لَهُ بَالٌ جُزَافًا نَحْوَ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالْمَوَاشِي وَالْبَزِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِمَا لَهُ قَدْرٌ وَبَالٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُهُ الْخَطَرُ وَالْقِمَارُ وَهَذَا عِنْدَهُمْ خِلَافُ مَا يُعَدُّ وَيُكَالُ وَيُوزَنُ مِنَ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَحْوِيهِ الْعَيْنُ وَيَتَقَارَبُ فِيهِ النَّظَرُ بِالزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ وَالنُّقْصَانِ الْيَسِيرِ وَكَانَ إسماعيل بن إسحاق يحتج لمالك فِي كَرَاهِيَتِهِ لِمَنْ عَلِمَ كَيْلَ طَعَامِهِ أَوْ وَزْنَهُ وَمِقْدَارَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُجَازَفَةً مِمَّنْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ وَيَكْتُمُ عَلَيْهِ فِيهِ بِأَنْ قَالَ الْمُجَازَفَةُ مُفَاعَلَةٌ وَهِيَ مِنِ اثْنَيْنِ وَلَا تَكُونُ مِنْ وَاحِدٍ فَلَا يَصِحُّ حَتَّى يَسْتَوِيَ عِلْمُ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ فِيمَا يَبْتَاعُهُ مُجَازَفَةً وَهَذَا قَوْلٌ لَا يَلْزَمُ وَحَجَّةٌ تَحْتَاجُ إِلَى حُجَّةٍ تُعَضِّدُهَا وَلَيْسَ هَذَا سَبِيلُ الِاحْتِجَاجِ وَالَّذِي كَرِهَهُ لَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عِنْدِهِ فِي بَابِ الْقِمَارِ وَالْمُخَاطَرَةِ وَالْغِشِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى الْعَلَاءُ بْنُ عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ منا

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عيينة عن العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا فَسَأَلَهُ كَيْفَ تَبِيعُ فَأَخْبَرَهُ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ أَنْ أَدْخِلْ يَدَكَ فِيهِ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ فَإِذَا هُوَ مَبْلُولٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَسَعِيدٌ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ منا

الحديث الثاني عشر

حَدِيثٌ ثَانِيَ عَشَرَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ التَّجَشُّرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ وَزَادَ فِيهِ الْقَعْنَبِيُّ وَقَالَ وَأَحْسَبُهُ قَالَ وَأَنْ تُتَلَقَّى السِّلَعُ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إِلَى الْأَسْوَاقِ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ (وَرَوَاهُ أَبُو يَعْقُوبَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَاضِي الْمَدَائِنِ قَالَ أَنْبَأَنَا (4) يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ ابن أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ التَّحْبِيرِ وَالتَّحْبِيرُ أَنْ يَمْدَحَ الرَّجُلُ سِلْعَتَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهَا هَكَذَا قَالَ التَّحْبِيرِ وَفَسَّرَهُ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ النَّجَشُ) وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهَا بِمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا

وَأَمَّا النَّجَشُ فَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا فِي أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ الَّذِي قَدْ دَسَّهُ الْبَائِعُ وَأَمَرَهُ فِي السِّلْعَةِ عَطَاءً لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا بِهِ فَوْقَ ثَمَنِهَا لِيَغْتَرَّ الْمُشْتَرِي فَيَرْغَبُ فِيهَا أَوْ يَمْدَحُهَا بِمَا لَيْسَ فِيهَا فَيَغْتَرُّ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَزِيدَ فِيهَا أَوْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ لِيَغُرَّ النَّاسَ فِي سِلْعَتِهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ رَبُّهَا وَهَذَا مَعْنَى النَّجَشِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ لَفْظِي رُبَّمَا خَالَفَ شَيْئًا مِنْ أَلْفَاظِهِمْ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِشَيْءٍ مِنْ مَعَانِيهِمْ وَهَذَا مِنْ فِعْلِ فَاعِلِهِ مَكْرٌ وَخِدَاعٌ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّجَشِ وَقَوْلِهِ لَا تَنَاجَشُوا وَأَجْمَعُوا أَنَّ فَاعِلَهُ عَاصٍ لِلَّهِ إِذَا كَانَ بِالنَّهْيِ عَالِمًا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْبَيْعِ عَلَى هَذَا إِذَا صَحَّ وَعُلِمَ بِهِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ النجش في البيع فمن اشترى سلعة مَنْجُوشَةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذَا عَلِمَ وَهُوَ عَيْبٌ مِنَ الْعُيُوبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ لِمَالِكٍ فِي قَوْلِهِ هَذَا عِنْدِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لِمُشْتَرِي الْمُصَرَّاةِ الْخِيَارَ إِذَا عَلِمَ بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ وَلَمْ يَقْضِ بِفَسَادِ الْبَيْعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّصْرِيَةَ نَجَشٌ وَمَكْرٌ وَخَدِيعَةٌ فَكَذَلِكَ النَّجَشُ يَصِحُّ فِيهِ الْبَيْعُ وَيَكُونُ الْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قِيَاسًا وَنَظَرًا والله أعلم

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَلَا خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ فِي ذَلِكَ قال أبوعمر لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ كَالْمُصَرَّاةِ الْمُدَلَّسِ بِهَا وَإِنَّمَا هُوَ كَالْمَدْحِ وَشِبْهِهِ وَقَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي التَّحَفُّظُ وَأَنْ يَسْتَعِينَ بِمَنْ يُمَيِّزُ وَنَحْوُ هَذَا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا بَاطِلٌ مَرْدُودٌ عَلَى بَائِعِهِ إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ الْحُنَيْنِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَالْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ النَّجَشِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَنَاجَشُوا

تابع لحرف النون

حَدِيثٌ ثَالِثَ عَشَرَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَرَوَاهُ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ هَكَذَا قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَيُّوبَ بِإِسْنَادِهِ بِلَفْظِ حَدِيثِ مَالِكٍ وَمَعْنَاهُ وَرَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا أَوْ يَكُونَ بَيْعُ خِيَارٍ قَالَ وَرُبَّمَا قَالَ نَافِعٌ أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ وَرَوَاهُ

عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ فِيهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَكُونُ خِيَارٌ ولفظ عبد الله ابن دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كُلُّ بَيِّعَيْنِ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا قَالَ إِلَّا بِيعَ الْخِيَارِ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ وَأَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَغَيْرِهِمْ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ مِنْ أَثْبَتِ مَا نَقَلَ الْآحَادُ الْعُدُولُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَوْلِ بِهِ وَالْعَمَلِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ فَطَائِفَةٌ اسْتَعْمَلَتْهُ وَجَعَلَتْهُ أَصْلًا مِنْ أُصُولِ الدِّينِ فِي الْبُيُوعِ وَطَائِفَةٌ رَدَّتْهُ فَاخْتَلَفَ الَّذِينَ رَدُّوهُ فِي تَأْوِيلِ مَا رَدُّوهُ بِهِ وَفِي الْوُجُوهِ الَّتِي بِهَا دَفَعُوا الْعَمَلَ بِهِ فَأَمَّا الَّذِينَ رَدُّوهُ فَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَدَّهُ غَيْرَ هَؤُلَاءِ إِلَّا شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ

فأما مالك رحمه الله (فإنه) (أ) قَالَ فِي مُوَطَّئِهِ لَمَّا ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَيْسَ لِهَذَا عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ وَلَا أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ فِي تَخْرِيجِ وُجُوهِ قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ دَفَعَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ وَإِجْمَاعُهُمْ حُجَّةٌ فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَمِثْلُ هَذَا يَصِحُّ فِيهِ الْعَمَلُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَقَعُ مُتَوَاتِرًا وَلَا يَقَعُ نَادِرًا فَيُجْهَلَ فَإِذَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ وِرَاثَةً بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا تَوْقِيفٌ أَقْوَى مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْأَقْوَى أَوْلَى أَنْ يُتَّبَعَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَصِحُّ دَعْوَى إِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَابْنَ شِهَابٍ وَهُمَا أَجَلُّ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رُوِيَ عَنْهُمَا مَنْصُوصًا (الْعَمَلُ بِهِ) وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ نَصًّا تَرْكُ الْعَمَلِ بِهِ إِلَّا عَنْ مَالِكٍ وَرَبِيعَةَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ رَبِيعَةَ وَقَدْ كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَهُوَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي عَصْرِ مالك

ينكر على مالك اختباره تَرْكَ الْعَمَلِ بِهِ حَتَّى جَرَى مِنْهُ لِذَلِكَ فِي مَالِكٍ قَوْلٌ خَشِنٌ حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْغَضَبُ وَلَمْ يُسْتَحْسَنْ مِثْلُهُ مِنْهُ فَكَيْفَ يَصِحُّ لِأَحَدٍ أَنَّ يَدَّعِيَ إِجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَذَا مَا لَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِهِ وَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ فِي مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَلَيْسَ لِهَذَا عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ وَلَا أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ إِنَّمَا أَرَادَ الْخِيَارَ لِأَنَّهُ قَالَ ذلك فأثر قَوْلِهِ إِلَّا بِيعَ الْخِيَارِ وَأَرَادَ مَالِكٌ بِقَوْلِهِ هَذَا لَيْسَ عِنْدَنَا فِي الْمَدِينَةِ فِي الْخِيَارِ حَدٌّ مَعْرُوفٌ وَلَا أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِيهِ إِنْكَارًا لِقَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَغَيْرِهِمُ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْخِيَارَ لَا يَكُونُ فِي جَمِيعِ السِّلَعِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْخِيَارُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ يَكُونُ ثَلَاثًا وَأَكْثَرَ وَأَقَلَّ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ حَالِ الْمَبِيعِ وَلَيْسَ الْخِيَارُ عِنْدَهُ فِي الْحَيَوَانِ كَهُوَ فِي الثِّيَابِ وَلَا هُوَ فِي الثِّيَابِ كَهُوَ فِي الْعَقَارِ وَلَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَدٌّ بِالْمَدِينَةِ لَا يُتَجَاوَزُ كَمَا زَعَمَ الْمُخَالِفُ قَالَ فَهَذَا مَعْنَى مَا أَرَادَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ لِهَذَا عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ وَلَا أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ أَيْ لَيْسَ لِلْخِيَارِ وَاشْتِرَاطِهِ عِنْدَنَا حَدٌّ لَا يُتَجَاوَزُ فِي الْعَمَلِ بِهِ سُنَّةٌ كَمَا زَعَمَ مَنْ خَالَفَنَا قَالَ وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنَّمَا رَدَّهُ اعْتِبَارًا وَنَظَرًا وَاخْتِيَارًا مَالَ فِيهِ إِلَى بَعْضِ أَهْلِ بَلَدِهِ كَمَا صَنَعَ فِي سائر مذهبه

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَكْثَرَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ وَالْحَنَفِيِّينَ مِنَ الِاحْتِجَاجِ لِمَذْهَبِهِمَا فِي رَدِّ هَذَا الْحَدِيثِ بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَأَكْثَرُهُ تَشْغِيبٌ لَا يُحْصَلُ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ لَازِمٍ لَا مَدْفَعَ لَهُ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ أَنَّهُمْ نَزَعُوا بِالظَّوَاهِرِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ مَذْهَبِهِمْ فَاحْتَجُّوا بِعُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ قَالُوا وَهَذَانِ قَدْ تَعَاقَدَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبْطَالُ الْوَفَاءِ بِالْعَقْدِ وَبِعُمُومِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ قَالُوا فَقَدْ أَطْلَقَ بَيْعَهُ إِذَا اسْتَوْفَاهُ قَبْلَ التَّفْرِيقِ وَبَعْدَهُ وَبِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِثْلِ هَذَا فِيهَا إِطْلَاقُ الْبَيْعِ دُونَ ذِكْرِ التَّفَرُّقِ وَهَذِهِ ظَوَاهِرُ وَعُمُومٌ لَا يُعْتَرَضُ بِمِثْلِهَا عَلَى الْخُصُوصِ وَالنُّصُوصِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَاحْتَجُّوا أيضا بلقطة رَوَاهَا عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أن يستقبله

قَالُوا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا فِيمَا قَدْ تَمَّ مِنَ الْبُيُوعِ وَقَالُوا قَدْ يَكُونُ التَّفَرُّقُ بِالْكَلَامِ كَعَقْدِ النِّكَاحِ وَشَبَهِهِ وَكَوُقُوعِ الطَّلَاقِ الَّذِي قَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ فراقا والتفرق والكلام فِي لِسَانِ الْعَرَبِ مَعْرُوفٌ أَيْضًا كَمَا هُوَ بِالْأَبْدَانِ وَاعْتَلُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَقَوْلِهِ ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا ويقول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفْتَرِقُ أمتي لم برد بِأَبْدَانِهِمْ قَالُوا وَلَمَّا كَانَ الِاجْتِمَاعُ بِالْأَبْدَانِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْبَيْعِ كَذَلِكَ الِافْتِرَاقُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْبَيْعِ وَقَالُوا إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ الْمُتَسَاوِمَيْنِ قَالَ وَلَا يُقَالُ لَهُمَا مُتَبَايِعَانِ إِلَّا مَا دَامَا فِي حَالِ فِعْلِ التَّبَايُعِ فَإِذَا وَجَبَ الْبَيْعُ لم يسميا متبايعين وإنما يقال كانا (هـ) مُتَبَايِعَيْنِ مِثْلُ ذَلِكَ الْمُصَلِّي

وَالْآكِلُ وَالشَّارِبُ وَالصَّائِمُ فَإِذَا انْقَضَى فِعْلُهُ ذَلِكَ قيل كان صائما وَكَانَ آكِلًا وَمُصَلِّيًا وَشَارِبًا وَلَمْ يُقَلْ إِنَّهُ صَائِمٌ أَوْ مُصَلٍّ أَوْ آكِلٌ أَوْ شَارِبٌ إِلَّا مَجَازًا أَوْ تَقْرِيبًا وَاتِّسَاعًا وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ فِي الْأَحْكَامِ قَالُوا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا وَالْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا المتساومين وعن أبي يوسف القاضي نصا أَنَّهُ قَالَ هُمَا الْمُتَسَاوِمَانِ قَالَ فَإِذَا قَالَ بِعْتُكَ بِعَشَرَةٍ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي الْقَبُولِ فِي المجلس قبل الافتراق والبائع خِيَارُ الرُّجُوعِ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ قَبُولِ الْمُشْتَرِي وَعَنْ عِيسَى بْنِ أَبَانَ نَحْوَهُ أَيْضًا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَنَّ الْبَائِعَ إِذَا قَالَ قَدْ بِعْتُكَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ مَا لَمْ يَقُلِ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبِلْتُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَانَ يَرُدُّ هَذَا الْخَبَرَ بِاعْتِبَارِهِ إِيَّاهُ عَلَى أُصُولِهِ كَسَائِرِ فِعْلِهِ فِي أَخْبَارِ الْآحَادِ كَانَ يَعْرِضُهَا عَلَى الْأُصُولِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا عِنْدَهُ وَيَجْتَهِدُ فِي قَبُولِهَا أَوْ رَدِّهَا فَهَذَا أَصْلُهُ فِي أَخْبَارِ الْآحَادِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي رَدِّ هَذَا الْحَدِيثِ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَا فِي سَفِينَةٍ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَا فِي سِجْنٍ أَوْ قَيْدٍ كَيْفَ يَفْتَرِقَانِ إِذَنْ فَلَا يَصِحُّ بَيْنَ هَؤُلَاءِ بَيْعٌ أَبَدًا وَهَذَا مِمَّا عِيبَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ أَكْبَرُ عُيُوبِهِ وَأَشَدُّ ذُنُوبِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ النَّاقِلِينَ لمثالبه

بِاعْتِرَاضِهِ الْآثَارَ الصِّحَاحَ وَرَدِّهِ لَهَا بِرَأْيهِ وَأَمَّا الْإِرْجَاءُ الْمَنْسُوبُ إِلَيْهِ فَقَدْ كَانَ غَيْرُهُ فِيهِ أَدْخَلَ وَبِهِ أَقُولُ لَمْ يَشْتَغِلْ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِنْ نَقْلِ مَثَالِبِهِ وَرِوَايَةِ سَقَطَاتِهِ مِثْلَ مَا اشْتَغَلُوا بِهِ مِنْ مَثَالِبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ لَا غَيْرَ وَذَلِكَ مَا وَجَدُوا لَهُ مِنْ تَرْكِ السُّنَنِ وَرَدِّهَا بِرَأْيِهِ أَعْنِي السُّنَنَ الْمَنْقُولَةَ بِأَخْبَارِ الْعُدُولِ الْآحَادِ الثِّقَاتِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا خِيَارَ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ إِذَا عُقِدَ الْبَيْعُ بِكَلَامٍ وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا وَذَكَرَ ابْنُ خَوَازَ مَنْدَادَ عَنْ مَالِكٍ فِي مَعْنَى الْبَائِعَيْنِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا نَصَّ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَأَبِي حَنِيفَةَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يَرَى الْبَيْعَ جَائِزًا وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ قَاضِي الْبَصْرَةِ وَسَوَّارٌ الْقَاضِي وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ إِذَا عَقَدَ الْمُتَبَايِعَانِ بَيْعَهُمَا فَهُمَا جَمِيعًا بِالْخِيَارِ فِي إِتْمَامِهِ وَفَسْخِهِ مَا دَامَا فِي مَجْلِسِهِمَا وَلَمْ يَفْتَرِقَا بِأَبْدَانِهِمَا وَالتَّفَرُّقُ فِي ذَلِكَ كَالتَّفَرُّقِ فِي الصَّرْفِ سَوَاءً

وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَالطَّبَرَيِّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسَ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٍ وَمُسْلِمِ بْنِ خالد الزنجي والأوزاعي ويحيى القطان وعبد الرحمان بن مهنى وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ هُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا إِلَّا بُيُوعٌ ثَلَاثَةٌ بَيْعُ السُّلْطَانِ لِلْغَنَائِمِ وَالشَّرِكَةُ فِي الْمِيرَاثِ وَالشَّرِكَةُ فِي التِّجَارَةِ فَإِذَا صَافَقَهُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ وَلَيْسَا فِيهِ بِالْخِيَارِ قَالَ وَحَدُّ الْفُرْقَةِ أَنْ يَتَوَارَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الشَّامِ وَقَالَ اللَّيْثُ التَّفَرُّقُ أَنْ يَقُومَ أَحَدُهُمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَكْثَرَ الشَّافِعِيُّونَ فِي بُطْلَانِ مَا اعْتَلَّ بِهِ الْمَالِكِيُّونَ وَالْحَنَفِيُّونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا لَا حُجَّةَ فِيمَا نَزَعَ بِهِ الْمُخَالِفُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ لِأَنَّ هَذَا عُمُومٌ تَعْتَرِضُهُ ضُرُوبٌ مِنَ التَّخْصِيصِ وَإِنَّ مَا يَجِبُ أَنْ تُوَفِّيَ بِهِ مِنَ الْعُقُودِ مَا كَانَ عَقْدًا صَحِيحًا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَيْسَ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ عَقَدَا بَيْعًا فِي الطَّعَامِ قَبْلَ أن يستوفى أو عقدا بيعا عَلَى شَيْءٍ مِنَ الرِّبَا أَوْ عَلَى شَيْءٍ

مِنَ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا الْمَكْرُوهَةِ الَّتِي وَرَدَتِ السُّنَّةُ بِإِبْطَالِهَا هَلْ كَانَ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ وَلَا طَاعَةَ إِلَّا فِي الْمَعْرُوفِ وَأَمَّا مَا اعتلوا به من طواهر الآثار فَغَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِالِافْتِرَاقِ فَلَا وَجْهَ لِمَا قَالُوهُ وَأَمَّا اعْتِلَالُهُمْ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يَسْتَقِيلَهُ فَإِنَّ هَذَا مَعْنَاهُ إِنْ صَحَّ عَلَى النَّدْبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ وَبِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَحِلُّ لِفَاعِلِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا إِذَا بَايَعَ أَحَدًا وَأَحَبَّ أَنْ يُنْفِذَ الْبَيْعَ مَشَى قَلِيلًا ثُمَّ رَجَعَ وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بَيْعَ بَيْنِهِمَا وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حدثنا قُتَيْبَةُ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةُ خِيَارٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَيِّ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَقَالَ نَادِمًا فِي بَيْعٍ أَوْ قَالَ بَيْعَتَهُ أَقَالَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ

بن وَاسِعٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بِمِثْلِهِ) (أ) فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ نَدْبٌ وَقَوْلُهُ لَا يَحِلُّ لَفْظَةٌ مُنْكَرَةٌ فَإِنْ صَحَّتْ فَلَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ لِيُنْفِذَ بَيْعَهُ وَلَا يُقِيلَهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ وَفِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ رَدٌّ لِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى وَلَا يَحِّلُ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُ هَذَا الْخَبَرِ النَّدْبَ وَإِلَّا فَهُوَ بَاطِلٌ بِإِجْمَاعٍ وَأَمَّا مَا اعْتَلُّوا بِهِ مِنْ أَنَّ الِافْتِرَاقَ قَدْ يَكُونُ بِالْكَلَامِ وَأَنَّهُ جَائِزٌ أن يكون أري بِذِكْرِ الِافْتِرَاقِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الِافْتِرَاقُ بِالْكَلَامِ فَيُقَالُ لَهُمْ خَبِّرُونَا عَنِ الْكَلَامِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الِاجْتِمَاعُ وَتَمَّ بِهِ الْبَيْعُ أَهُوَ الْكَلَامُ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الِافْتِرَاقُ أَمْ غَيْرُهُ فَإِنْ قَالُوا هُوَ غَيْرُهُ فَقَدْ أَحَالُوا وَجَاءُوا بِمَا لا يعقل لأنه ليس ثم كلام غير ذلك وإن قالوا هو ذلك الكلام (هـ) بِعَيْنِهِ قِيلَ لَهُمْ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ الَّذِي بِهِ اجْتَمَعَا وَتَمَّ بَيْعُهُمَا بِهِ افْتَرَقَا وَبِهِ انْفَسَخَ بَيْعُهُمَا هَذَا مَا لَا يُفْهَمُ وَلَا يُعْقَلُ وَالِاجْتِمَاعُ ضِدُّ

الِافْتِرَاقِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ الَّذِي اجتمعا به افتراقا بِهِ نَفْسَهُ هَذَا عَيْنُ الْمُحَالِ وَالْفَاسِدُ مِنَ الْمَقَالِ وَأَمَّا قَوْلُهُمُ الْمُتَسَاوِمَانِ فِي مَعْنَى الْمُتَبَايِعَيْنِ فَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا تَكُونُ حِينَئِذٍ فِي الْكَلَامِ فَائِدَةٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُتَسَاوِمَيْنِ بِالْخِيَارِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَقَعِ الْإِيجَابُ بِالْبَيْعِ وَالْعَقْدِ وَالتَّرَاضِي فَكَيْفَ يَرِدُ الْخَبَرُ بِمَا لَا يُفِيدُ فَائِدَةً وَهَذَا مَا لَا يَظُنُّهُ ذُو لُبٍّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا اعْتِلَالُهُمْ بِتَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ بِفِعْلِهِ الدَّائِمِ مَا دَامَ يَفْعَلُهُ كَالْمُصَلِّي وَالْآكِلِ وَشِبْهِ ذَلِكَ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ إِلَّا فِي الْأَفْعَالِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِوَاحِدٍ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَمَّا الْأَفْعَالُ الَّتِي لَا تَتِمُّ إِلَّا مِنِ اثنين كالمبايعة والمقاتلة وَالْمُبَارَزَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتِمَّ الِاسْمُ إِلَّا وَهُوَ مَوْجُودٌ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا أَنَّ السَّارِقَ وَالزَّانِيَ وَمَا أَشْبَهَهُمَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا الِاسْمُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْفِعْلِ الْمُوجِبِ لِلْحَدِّ وَمَا دَامَ الِاسْمُ مَوْجُودًا فَالْحَدُّ وَاجِبٌ إِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى يُقَامَ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِاجْتِمَاعِ الْأَبْدَانِ تَأْثِيرٌ فِي الْبَيْعِ فَكَذَلِكَ الِافْتِرَاقُ بِالْأَبْدَانِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْبَيْعِ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ أَنَّ

التَّبَايُعَ لِمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ بُدٌّ مِنَ الْكَلَامِ ثُمَّ ذَكَرَ عَقِبَهُ التَّفْرِيقَ عُلِمَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ غَيْرُ الْكَلَامِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِعْلُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي رَوَى الْحَدِيثَ وَعَلِمَ مَخْرَجَهُ وَالْمُرَادَ مِنْ مَعْنَاهُ وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي الصَّرْفِ لَا تُفَارِقْهُ وَلَا إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ مُرَادِهَا فِي مُخَاطَبَاتِهَا بِالِافْتِرَاقِ افْتِرَاقُ الْأَبْدَانِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مَجَازٌ وَتَقْرِيبٌ وَاتِّسَاعٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَكُونُ بَيْعُ خِيَارٍ قَالَ وَرُبَّمَا قَالَ نَافِعٌ أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا اخْتَرْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا

مُسَدَّدٌ قَالَ حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ بَيِّعِينَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَكُونُ خِيَارًا وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ أَيْضًا أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَمْلَى عَلَيَّ نَافِعٌ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا تَبَايَعَ الْمُتَبَايِعَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مِنْ بَيْعِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَكُونُ بَيْعُهُمَا عَنْ خِيَارٍ (فَإِنْ كَانَ بَيْعُهُمَا عَنْ خِيَارٍ) (هـ) فَقَدْ وَجَبَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا تبايع

الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا أَوْ يُخَيِّرْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهَمَا الْآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عبد الرحمان وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ بَيِّعَيْنِ لَا بَيْعَ بَيْنِهِمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ وَأَمَّا حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ فَرَوَاهُ شُعْبَةُ (عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ عبيد (د) اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن بكر قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا فإن

صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتِ الْبَرَكَةُ مَنْ بَيْعِهِمَا وَأَمَّا حَدِيثُ سَمُرَةَ فَرَوَاهُ شُعْبَةُ وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَهَمَّامٌ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ فِيهِ أَوْ يَكُونُ بَيْعُهُمَا عَلَى خِيَارٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ بَيْعُهُمَا عَنْ خِيَارٍ فَقَالَ قَائِلُونَ هَذَا الْخِيَارُ الْمُشْتَرَطُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حَسَبِ مَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ كَالرَّجُلِ يَشْتَرِطُ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ نَحْوَهَا (فَإِنَّ المسلمين على شروطهم) (ج) وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٍ وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ وَقَوْلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْعُهُمَا عَنْ خِيَارٍ وَنَحْوِ هَذَا هُوَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ إِنْفَاذَ الْبَيْعِ أَوْ فَسْخَهُ فَإِنِ اخْتَارَ إِمْضَاءَ الْبَيْعِ تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا هَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ عُيَيْنَةَ

وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الشَّافِعِيِّ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ هُمَا بِالْخِيَارِ أَبَدًا قَالَا هَذَا الْقَوْلَ أَوْ لَمْ يَقُولَاهُ حَتَّى يَفْتَرِقَا بِأَبْدَانِهِمَا مِنْ مَكَانِهِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أبي الوضي قال غزونا غزوة منزلنا مَنْزِلًا فَبَاعَ صَاحِبٌ لَنَا فَرَسًا بِغُلَامٍ ثُمَّ أَقَامَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتِهِمَا فَلَمَّا أَصْبَحَا مِنَ الْغَدِ وَحَضَرَ الرَّجُلُ قَامَ إِلَى فَرَسِهِ لِيُسْرِجَهُ فندم فأتى (هـ) صَاحِبَهُ فَقَالَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَبُو بَرْزَةَ صَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيَا أَبَا بَرْزَةَ فِي نَاحِيَةِ الْعَسْكَرِ فَقَصَّا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ أَتَرْضَيَانِ أَنْ أَقْضِيَ بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ ما لم

يَفْتَرِقَا قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ وَحَدَّثَ جَمِيلٌ أَنَّهُ قَالَ مَا أَرَاكُمَا افْتَرَقْتُمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ جَمِيلُ بْنُ مُرَّةَ يُكَنَّى أَبَا الْوَسْمِيِّ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ رَوَى عَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ وَأَبُو الْوَضِيِّ السَّحْتَنِيُّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ تَابِعِيٌّ بصري ثِقَةٌ سَمِعَ أَبَا بَرْزَةَ وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَغَيْرَهُمَا رَوَى عَنْهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ وَجَمِيلُ بْنُ مُرَّةَ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ حَدِيثُ أَبِي بَرْزَةَ هَذَا قَالَ فِيهِ جَمِيلُ بْنُ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْوَضِيِّ بَاعَ صَاحِبٌ لَنَا فَرَسًا وَقَالَ فِيهِ أَقَمْنَا يَوْمَنَا وَلَيْلَتَنَا فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ أَبِي الْوَضِيِّ أَنَّهُمُ اخْتَصَمُوا إِلَى أَبِي بَرْزَةَ فِي جَارِيَةٍ وَفِيهِ فَبَاتَ الْمُشْتَرِي مَعَ

الْبَائِعِ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لَا أَرْضَاهَا وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ فَقَامَ مَعَهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَلَا شَكَّ إِذَا كَانَا قَدْ أَقَامَا بَعْدَ تَبَايُعِهِمَا يَوْمًا وَلَيْلَةً أَنَّهُمَا قَدْ قَامَا إِلَى غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ قَامَ إِلَى إِسْرَاجِ الْفَرَسِ وَقَدْ قَامَ مَعَهَا فِي قِصَّةِ الْجَارِيَةِ وَهَذَا عِنْدَ الْجَمِيعِ تَفَرُّقٌ قَالَ فمعنى قول أبي برزة في التفرق ههنا التَّفَرُّقُ بِالْبَيْعِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَدَّى الْبَيْعَ وَالْآخَرَ جَحَدَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ فِي حَدِيثِ أبي برزة (عن) (هـ) النبي صلى الله عليه وسلم (أنه) (و) قال البيعان بالخيار مالم يَتَفَرَّقَا وَغَيْرُ ذَلِكَ تَأْوِيلُ أَبِي بَرْزَةَ وَالْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي تَأْوِيلِهِ غَيْرُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ وَابْنُ عُمَرَ أَفْقَهُ مِنْ أَبِي بَرْزَةَ وَرِوَايَتُهُ أَصَحُّ وَحَدِيثُهُ أَثْبَتُ وَهُوَ الَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ كُنَّا إِذَا تَبَايَعْنَا كَانَ

كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقِ الْمُتَبَايِعَانِ قَالَ فَتَبَايَعْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ مَالًا لِي بِالْوَادِي بِمَالٍ كَثِيرٍ (بِخَيْبَرَ) قَالَ فَلَمَّا بَايَعْتُهُ طفقت على عقبي القهقرى خشية أن يرادني عُثْمَانُ الْبَيْعَ قَبْلَ أَنْ أُفَارِقَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ إِلَّا بِيعَ الْخِيَارِ فَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي شَرْطِ الْخِيَارِ وَمُدَّتِهِ فَقَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ هَكَذَا حَكَى ابْنُ خَوَّازَ مِنْدَادَ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَالْأَوْزَاعِيِّ كُلُّهُمْ يَقُولُ بِجَوَازِ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ وَالشَّرْطُ لَازِمٌ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ الْخِيَارُ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَجْنَاسِ الْمَبِيعَاتِ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي بَيْعِ الثوب اليوم واليومين وما أشبه ذلك (هـ) وَمَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَفِي الْجَارِيَةِ يَكُونُ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ قَلِيلًا الْخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَالْجُمُعَةُ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَفِي الدَّابَّةِ الْيَوْمَ وَمَا أَشْبَهَهُ يَرْكَبُهَا لِيَعْرِفَ وَيَخْتَبِرَ ويستشير

فِيهَا وَمَا بَعْدَ مِنْ أَجْلِ الْخِيَارِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَجُوزُ الْخِيَارُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ قَالَ وَمَا بَلَغَنَا فِيهِ وَقْتٌ إِلَّا أَنَّا نُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَرِيبًا إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْأَشْيَاءِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا فِيمَا يَجِبُ تَعْجِيلُهُ فِي الْمَجْلِسِ نَحْوَ الصَّرْفِ وَالسَّلْمِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفْرٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ فَإِنْ فُعِلَ فَسَدَ الْبَيْعُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْلَا الْخَبَرُ مَا جَازَتِ الثَّلَاثَةُ وَلَا غَيْرُهَا فِي الْخِيَارِ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَالثَّوْرِيُّ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ بِحَالٍ قَالَ الثَّوْرِيُّ إِنِ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ قَالَ وَيَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَأَكْثَرَ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الشَّيْءَ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ اذْهَبْ فَأَنْتَ فِيهِ بِالْخِيَارِ فَهُوَ فِيهِ بِالْخِيَارِ أَبَدًا حَتَّى يَقُولَ قَدْ رَضِيتُ وَقَالَ مَا أَدْرِي مَا الثَّلَاثُ إِذَا بَاعَهُ فَقَدْ رَضِيَ وَإِنْ كانت جارية بكر فَوَطِئَهَا فَقَدْ رَضِيَ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الحسن

لَا يُعْجِبُنِي طُولُ الْخِيَارِ وَكَانَ يَقُولُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ مَا رَضِيَ الْبَائِعُ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ النَّقْدُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ فَإِنِ اشْتُرِطَ النَّقْدُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَفِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا لَا يَجِبُ نَقْدُ الثَّمَنِ مَعَ بَقَاءِ الْخِيَارِ فَإِنِ اشْتُرِطَ نَقْدُ الثَّمَنِ مَعَ بَقَاءِ الْخِيَارِ فَالشَّرْطُ فَاسِدٌ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي يزعم الشافعي أنه لولاه ما جاز اشترط الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَصْلًا وَلَا لِلْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا أَجَازَهُ ثَلَاثًا مِنْ أَجْلِهِ فَحَدِيثُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالنَّاسُ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ مُنْقِذًا شُجَّ فِي رَأْسِهِ مأمونة فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَحَبَّلَتْ لِسَانَهُ فَكَانَ مُخْدَعًا فِي الْبَيْعِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعْ وَقُلْ وَلَا خِلَابَةَ ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا مِنْ بَيْعِكَ وَحَدِيثُ أَيُّوبَ وَهِشَامِ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنِ ابْتَاعَ مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَرَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

مِثْلَهُ وَسَنَذْكُرُ الْمُصَرَّاةَ وَالْحُكْمَ فِيهَا وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ يَقُولُونَ إِنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ إِذَا انْقَضَتْ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ تَمَّ الْبَيْعُ وَلَزِمَ وَبِهِ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَيْضًا أَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ إِذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ ثَلَاثًا فَأَتَى بِهِ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَوْ مِنَ الْغَدِ أَوْ قُرْبَ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ وَإِنْ تباع ذَلِكَ لَمْ يَرُدَّ وَهُوَ رَأْيُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ إِنِ اشْتَرَطَ أَنَّهُ إِنْ غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَلَمْ يَأْتِ بِالثَّوْبِ لَزِمَ الْبَيْعُ فَلَا خَبَرَ فِي هَذَا الْبَيْعِ وَهَذَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ أَيْضًا رَحِمَهُ اللَّهُ وَحُجَّةُ مَنْ أَجَازَ الْخِيَارَ وَاشْتَرَطَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا اخْتِلَافُهُمْ فِي لَفْظِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَ بِعْنِي سِلْعَتَكَ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ بِعْتُكَ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَا يَحْتَاجُ الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ قَدْ قَبِلْتُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْبُيُوعِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي النكاح إذا

قَالَ لَهُ قَدْ زَوَّجْتُكَ وَقَالَ قَدْ قَبِلْتُ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يَقُولَ الْمُتَزَوِّجُ زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ وَيَقُولَ الْآخَرُ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا وَيَقُولَ الْمُتَزَوِّجُ قَدْ قَبِلْتُ نِكَاحَهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا قَالَ بِعْنِي سِلْعَتَكَ بِكَذَا فَقَالَ الْآخَرُ قَدْ بِعْتُكَ لَمْ يَصِحَّ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الْأَوَّلُ قَدْ قَبِلْتُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ إِذَا قَالَ زَوِّجْنِي فَقَالَ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا كَانَ تَزْوِيجًا وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى قَبُولِ الزَّوَاجِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ فَرِّقُوا بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْبُيُوعِ أَيْضًا مِثْلُ قَوْلِهِ فِي النِّكَاحِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي النِّكَاحِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِذَا قَالَ أَبِيعُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِثَمَنٍ ذَكَرَهُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبِلْتُ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَلْزَمَهُ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُلْزِمْهُ وَعَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ مَسْأَلَةٌ يُخَالِفُهُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءُ فِيمَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ مَالِكٌ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ إِذَا قَالَ بِكَمْ سِلْعَتُكَ فَيَقُولُ مِائَةُ دِينَارٍ فَيَقُولُ الرَّجُلُ أَخَذْتُهَا فَيَقُولُ

لَا أَبِيعُكَ وَقَدْ كَانَ أَوْقَفَهَا لِلْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا سَاوَمَهُ عَلَى الْإِيجَابِ فِي الْبَيْعِ وَلَا عَلَى الرُّكُونِ وَإِنَّمَا سَاوَمَهُ وَهُوَ يُرِيدُ غَيْرَ الرُّكُونِ فَإِنْ حَلَفَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ مَا ذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ بِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ عَقْدَ بَيْعٍ فِي الْخِطَابِ الَّذِي ظَاهِرُهُ الْبَيْعُ فإنا لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَهُ غَيْرُهُ وَجَازَ الْخِيَارُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ (إِلَى غَيْرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ) إِذَا جَعَلَ الْخِيَارَ بِغَيْرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَيَجْعَلُ السُّلْطَانُ لَهُ فِي ذَلِكَ مِنِ الْخِيَارِ مَا يَكُونُ فِي مِثْلِ تِلْكَ السِّلْعَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا جُعِلَ الْخِيَارُ بِغَيْرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَسَدَ الْبَيْعُ كَالْأَجَلِ الْفَاسِدِ سَوَاءً فَإِنْ أَجَازَهُ فِي الثَّلَاثِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ حَتَّى مَضَتِ الثَّلَاثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُجِيزَ وقال أبو يوسف ومحمد له أن يختار بَعْدَ الثَّلَاثِ وَقِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَلَا يجوز وإن (هـ) أجازه في الثلاث

وقال طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَغَيْرُهُ جَائِزٌ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ بِغَيْرِ مُدَّةٍ وَيَكُونُ الْخِيَارُ أَبَدًا وَقَالَ الطَّبَرِيُّ إِذَا لَمْ يُضْرَبْ لِلْخِيَارِ وَقْتًا مَعْلُومًا كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَالثَّمَنُ حَالًا وَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْوَقْتِ إِنْ شَاءَ أَمْضَى وَإِنْ شَاءَ رَدَّ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ يُوَرَّثُ الْخِيَارُ وَيَقُومُ وَرَثَةُ الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ مَقَامَهُ إِنْ مَاتَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَبْطُلُ الْخِيَارُ بِمَوْتِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَيَتِمُّ الْبَيْعُ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ هَلَاكُ الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ مِنَ الْبَائِعِ مِنْهُ مُصِيبَةٌ وَالْمُشْتَرِي أَمِينٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى إِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ خَاصَّةً وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ الثَّمَنُ وقال أبو حنيفة إن الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَالْمُشْتَرِي ضَامِنٌ لِلْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ الثَّمَنُ وَقَدْ تَمَّ الْبَيْعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِالْهَلَاكِ وَحَكَى الرَّبِيعُ مِثْلَ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا حَكَى الْمَازِنِيُّ عَنْهُ لِأَيِّهِمَا كَانَ الْخِيَارُ فَالْمُشْتَرِي ضَامِنٌ لِلْقِيمَةِ إِذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ

له وهذا كله علىأصولهم فِي هَلَاكِ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْهُمْ ذِكْرُهُ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا فَهَذِهِ أُمَّهَاتُ مَسَائِلِ الْخِيَارِ وَأُصُولِهِ وَأَمَّا الْفُرُوعُ فِي ذَلِكَ فَلَا تَكَادُ تُحْصَى وَلَيْسَ فِي مِثْلِ كِتَابِنَا تُتَقَصَّى

حديث رابع عشر

حَدِيثٌ رَابِعَ عَشَرَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً وَكَانَتْ سهمانهم اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَلَى شَكٍّ فِي أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ مِنْهُمْ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَمُطَرِّفٌ وَغَيْرُهُمْ إِلَّا الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ فِيهِ فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا دُونَ شَكٍّ وَأَظُنُّهُ حَمَلَهُ عَلَى رِوَايَةِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ عِنْدَ الْوَلِيدِ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ نَافِعٍ

عَنِ ابْنِ عُمَرَ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا بِلَا شَكٍّ فَحَمَلَ حَدِيثَ مَالِكٍ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا أَصْحَابُ نَافِعٍ مِنْهُمْ أَيُّوبُ وَعَبْدُ الله والليث وَغَيْرُهُمْ فَإِنَّهُمْ قَالُوا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا بِغَيْرِ شك لم يشك واحد منهم في ذلك غير مَالِكٍ وَحْدَهُ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ حَدِيثَ مَالِكٍ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ فَجَمَعَهُ مَعَ حَدِيثِ اللَّيْثِ ذَكَرَهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَوْهَبٍ عَنِ الليث وعن القعنبي عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثُ جَمِيعًا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا (دُونَ شَكٍّ) (ج) وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا حُمِلَ فِيهِ حَدِيثُ مَالِكٍ عَلَى حَدِيثٍ اللَّيْثِ لِأَنَّ الْقَعْنَبِيَّ رَوَاهُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَلَى الشَّكِّ فِي اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا كَمَا رواه يحيى وغيره فلا أدري أمن القعنبي جَاءَ هَذَا حِينَ خُلِطَ حَدِيثُ اللَّيْثِ بِحَدِيثِ مَالِكٍ أَمْ مِنْ أَبِي دَاوُدَ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَحْمَدَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَدَّثَنَا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ فِي سَرِيَّةٍ قِبَلَ نَجْدٍ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَغَنِمْنَا غَنَائِمَ كَثِيرَةً فكانت سهماننا مِنَ الْجَيْشِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ أَنَّهُ سَمِعَ نَافِعًا يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ نَجْدٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَاتَّبَعْتُ تِلْكَ السَّرِيَّةَ فَكُنْتُ فِيمَنْ خَرَجَ فِيهَا فَبَلَغَتْ سُهْمَانُ

الْجَيْشِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِلَ أَهْلُ السَّرِيَّةَ بَعِيرًا بَعِيرًا قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَحَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ بَلَغَتْ سُهْمَانَ السَّرِيَّةِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا فَلَمْ يُغَيِّرْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بن عبد الرحمان الْأَنْطَاكِيُّ حَدَّثَنَا مُبَشِّرٌ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عوف الطائي حدثنا

الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ كُلُّهُمْ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَيْشٍ قِبَلَ نَجْدٍ وَانْبَعَثَتْ سَرِيَّةٌ مِنَ الْجَيْشِ فَكَانَ سُهْمَانُ الْجَيْشِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِلَ أَهْلُ السَّرِيَّةَ بَعِيرًا بَعِيرًا فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ قَالَ الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ حَدَّثْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ بِهَذَا الْحَدِيثِ قُلْتُ وَكَذَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ نَافِعٍ فَقَالَ لَا يَعْدِلُ مَنْ سَمَّيْتَ بِمَالِكٍ هَكَذَا أَوْ نَحْوَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ هَذَا الْقَوْلَ لِأَنَّ شُعَيْبَ بْنَ أَبِي حَمْزَةَ خَالَفَ مَالِكًا فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ مَالِكًا جَعَلَ الِاثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا مِنْ سُهْمَانِ السَّرِيَّةِ وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهَا وَأَنَّ الْقِسْمَةَ وَالنَّفْلَ كَانَ كُلُّ ذَلِكَ لَهَا لَا يَشْرَكُهَا فِيهِ جَيْشٌ وَلَا غَيْرُهُ وَجَعَلَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ السَّرِيَّةَ مُنْبَعِثَةً مِنْ جَيْشٍ وَأَنَّ قِسْمَةَ مَا غَنِمُوا كَانَ

بَيْنَ أَهْلِ الْعَسْكَرِ وَأَهْلَ السَّرِيَّةِ وَأَنَّ أَهْلَ السَّرِيَّةِ فُضِّلُوا عَلَى الْجَيْشِ بَعِيرًا بَعِيرًا لِمَوْضِعِ شَخْصِهِمْ وَنَصَبِهِمْ وَهَذَا حُكْمٌ آخَرُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ كُلَّ مَا أَصَابَتْهُ السَّرِيَّةُ شَرَكَهُمْ فِيهِ أَهْلُ الْجَيْشِ وَكَذَلِكَ مَا صَارَ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ شَرَكَهُمْ فِيهِ أَهْلُ السَّرِيَّةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَدَّهُ لِصَاحِبِهِ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ النَّفْلِ الْجَائِزِ لأهل العسكر وللسرايا على حسبما بين (من ذلك) (ج) فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَحَدِيثُ اللَّيْثِ وَمَالِكٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا كَانَ سُهْمَانَ السَّرِيَّةِ وَأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ نُفِلُوا مَعَ ذَلِكَ بَعِيرًا بَعِيرًا إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ اللَّيْثِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْأَمِيرَ نفلهم لقوله فَلَمْ يُغَيِّرْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَنَفَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بعيرا

بَعِيرًا وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ نَفَلَنَا بِمَعْنَى أَجَازَ ذَلِكَ لَنَا وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَمِيرَ نَفَلَهَمْ قَبْلَ الْقَسْمِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَّمَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ فَأَصَابَهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سِوَى الْبَعِيرِ الَّذِي نُفِلُوهُ قَبْلُ وَهَذَا نَفْلٌ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ فَأَمَّا رِوَايَةُ اللَّيْثِ فَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَّ سُهْمَانَهُمْ بَلَغَتِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِلُوا سِوَى ذَلِكَ بَعِيرًا بَعِيرًا فَلَمْ يُغَيِّرْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حدثنا القعنبي وَيَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ

قَالَا حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا القعنبي عَنْ مَالِكٍ الْمَعْنَى عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا زَادَ ابْنُ مَوْهَبٍ فَلَمْ يُغَيِّرْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا رِوَايَةُ أَيُّوبَ فَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً وَكُنْتُ فِيهِمْ فَبَلَغَ سُهْمَانُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِّلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا وَأَمَّا رِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ الرحمان بن

خَالِدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ فَبَلَغَتْ سُهْمَانُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا وَنَفَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعِيرًا بَعِيرًا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَا رَوَاهُ بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ نَافِعٍ كَمَا قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَنَفَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعِيرًا بَعِيرًا وَقَالَ أَيُّوبُ نَفَلَنَا وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا وَقَدْ رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ كَمَا قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَّا أَنَّهُ لَفْظٌ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى إِسْمَاعِيلَ أَيْضًا فَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عمر جميعا (عن نافع) (هـ) عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَنَفَلَنَاٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ فَبَلَغَتْ سُهْمَانُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا بَعِيرًا وَحَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ قَالَ نَافِعٌ قَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَحَدَّثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ سُهْمَانَهُمْ كَانَتِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا

اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِلُوا سِوَى ذَلِكَ بَعِيرًا بَعِيرًا وَأَبُو إِسْحَاقَ مَعَ فَضْلِهِ وَأَبُو حُذَيْفَةَ يُخْطِئَانِ كَثِيرًا فِي الْحَدِيثِ فَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَأَوْضَحَ هَذَا الْمَعْنَى إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَ الْقَاسِمَ لِهَذِهِ الْقِسْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ تَنْفِيلِ أَمِيرِهِمْ إِيَّاهُمُ الْبَعِيرَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ فَأَصَبْنَا نِعَمًا كَثِيرَةً فَنُفِلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا فَلَمَّا قَدِمْنَا أَعْطَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُهْمَانَنَا فَأَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا سِوَى الْبَعِيرِ الَّذِي نُفِلَ فَمَا عَابَ (علينا) (ب) رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صَنَعْنَا وَلَا عَلَى الَّذِي أَعْطَانَا

وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابن عُمَرَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً إِلَى نَجْدٍ فَخَرَجْتُ مَعَهَا فَأَصَبْنَا نِعَمًا كَثِيرَةً فَنَفَلَنَا أَمِيرُنَا بَعِيرًا بَعِيرًا لك إِنْسَانٍ قَالَ ثُمَّ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَسَّمَ بَيْنَنَا غَنِيمَتَنَا فَأَصَابَتْ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنَّا اثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا بَعْدَ الْخُمْسِ وَمَا حَاسَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي أَعْطَانَا صَاحِبُنَا وَلَا عَابَ عَلَيْهِ مَا صَنَعَ فَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا بِنَفْلِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ ظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ سُهْمَانَهُمْ وَقِسْمَتَهُمْ وَنَفْلَهُمْ كَانَ مِنْ أَمِيرِهِمْ وَأَنَّهُ نَفَلُهُمْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ النَّفْلُ مِنَ الْخُمْسِ عَلَى هَذَا يَتَّفِقُ ظَاهِرُ مَعْنَى الحديث في رواية مالك والليث وَشُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ وَخَالَفَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَجَعَلَ النَّفْلَ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ ثُمَّ جَعَلَ الْقِسْمَةَ بَعْدُ وَقَوْلُ هَؤُلَاءِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ

محمد بن إسحاق لأنهم جماعة حفاظ وتفق هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ الَّذِي حَصَلَ فِي السُّهْمَانِ لِأَهْلِ السَّرِيَّةِ سِوَى الْبَعِيرِ الَّذِي نُفِلُوا اثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا لَمْ يَشُكَّ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ نَافِعٍ غَيْرَ مَالِكٍ وَحْدَهُ وَكَذَلِكَ اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ السَّرِيَّةَ وَأَنَّ سُهْمَانَ أَهْلِ السَّرِيَّةِ هِيَ السُّهْمَانُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّهُمْ نُفِلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا مَعَ ذَلِكَ حَاشَا شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ انْفَرَدَ بِأَنْ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا قِبَلَ نَجْدٍ فَانْبَعَثَتْ مِنْهُ هَذِهِ السَّرِيَّةُ فَجَعَلَ السَّرِيَّةَ خَارِجَةً مِنَ الْعَسْكَرِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا قَالَ غَيْرُهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً وَبَيَّنَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ شُعَيْبٍ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ نَجْدٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ فَانْبَعَثَتْ مِنْهُ هَذِهِ السَّرِيَّةُ وَقَالَ شُعَيْبٌ أَيْضًا إِنَّ سُهْمَانَ ذَلِكَ الْجَيْشِ كَانَ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِلَ أَهْلُ السَّرِيَّةَ خَاصَّةً بعيرا بعيرا

وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى فِيهِ صَحِيحًا إِلَّا أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ السَّرِيَّةَ إِذَا أُخْرِجَتْ مِنَ الْعَسْكَرِ فَغَنِمَتْ أَنَّ أَهْلَ الْعَسْكَرِ شُرَكَاؤُهُمْ فِيهَا إِلَّا أَنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَحُكْمٌ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ نَافِعٍ إِلَى مَا انْفَرَدَ بِهِ شُعَيْبٌ أَيْضًا مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا فَانْبَعَثَتْ مِنْهُ تِلْكَ السَّرِيَّةُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْإِذْنَ لَهَا وَلِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ لِلْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّ شُعَيْبًا هَذَا وَمَنْ ذُكْرَ مَعَهُ يَعْنِي ابْنَ فَرْوَةَ لَا يُعْدَلُ بِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَصَدَقَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا تَمْهِيدُ نقل هذا الحديث (هـ) وَتَهْذِيبُ إِسْنَادِهِ وَأَلْفَاظِهِ وَأَمَّا مَعَانِيهِ فَإِنَّ فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ بِإِرْسَالِ السَّرَايَا إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ وَذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَرْدُودٌ إِلَى إِذْنِ الْإِمَامِ وَاجْتِهَادِهِ عَلَى قَدْرِ مَا يَعْلَمُ مِنْ قُوَّةِ الْعَدُوِّ وَضَعْفِهِ

وَفِيهِ أَنَّ مَا يَحْصُلُ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَيُفِيدُونَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْعَدُوِّ يُسَمَّى غَنِيمَةً وَفِي هَذَا وَمِثْلِهِ قَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الْآيَةَ وَفِيهِ أَنَّ مَا غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بَعْدَ إِخْرَاجِ خُمُسِهِ سُهْمَانًا وَمَا حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ بِأَيْدِيهِمْ فَهُوَ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِهِمْ إِذَا سَلِمَ من الغلول (وإخراج خمسه) (ب) وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْغَنَائِمِ لِأَهْلِهَا الْغَانِمِينَ لَهَا وَالْمُوجِفِينَ عَلَيْهَا الْخَيْلَ وَالرِّكَابَ وَالرُّجَّلَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا أَضَافَ الْغَنِيمَةَ إِلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ غَنِمْتُمْ وَأَخْبَرَ أَنَّ الْخُمْسَ خَارِجٌ عَنْهُمْ لِمَنْ سَمَّى فِي الْآيَةِ عَلِمَ الْعُلَمَاءُ اسْتِدْلَالًا ونظرا صحيحا أن الأربعة الأخماس (هـ) الْمَسْكُوتِ عَنْهَا لَهُمْ مَقْسُومَةٌ بَيْنَهُمْ وَهَذَا مَالَا خِلَافَ فِيهِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَلَمَّا جَعَلَ الْأَبَوَيْنِ الْوَارِثَيْنِ وَأَخْبَرَ أَنَّ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ اسْتَغْنَى عَنْ أَنْ يَقُولَ وَلِلْأَبِ الثُّلُثَانِ وَفِيهِ

أَنَّ لِلْإِمَامِ وَلِلْأَمِيرِ عَلَى الْجَيْشِ أَنْ يُنْفِلَ مِنَ الْغَنَائِمِ مَا شَاءَ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِهِ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ تَابَعَهُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفْلَ لَمْ يَكُنْ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ وَإِنَّمَا كَانَ مِنَ الْخُمُسِ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ وَتَنَازَعُوا قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَالنَّفْلُ يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يُرِيدَ الْإِمَامُ تَفْضِيلَ بَعْضِ الْجَيْشِ لِشَيْءٍ يَرَاهُ مِنْ غِنَائِهِ وَبَأْسِهِ وَبَلَائِهِ أَوْ لِمَكْرُوهٍ تَحَمَّلَهُ دُونَ سَائِرِ الْجَيْشِ فَيَنْفُلُهُ مِنَ الْخُمُسِ لَا مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ أَوْ يَجْعَلُ لَهُ سَلْبَ قَتِيلِهِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي سَلْبِ الْقَتِيلِ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّ الإمام إذا بعث سرية من العسكر (هـ) فَأَرَادَ أَنْ يَنْفُلَهَا مِمَّا غَنِمَتْ دُونَ أَهْلِ الْعَسْكَرِ فَحَقُّهُ أَنْ يُخَمِّسَ مَا غَنِمَتْ ثُمَّ يُعْطِي السَّرِيَّةَ مِمَّا بَقِيَ بَعْدَ الْخُمُسِ مَا شَاءَ رُبْعًا أَوْ ثُلُثًا وَلَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ لِأَنَّهُ أَقْصَى مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَلَهُ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَ جَمِيعِ

أَهْلِ الْعَسْكَرِ وَبَيْنَ السَّرِيَّةِ عَلَى السَّوِيَّةِ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يُحَرِّضَ الْإِمَامُ أَوْ أَمِيرُ الْجَيْشِ أَهْلَ الْعَسْكَرِ عَلَى الْقِتَالِ قِبَلَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ وَيَنْفُلَ جَمِيعَهُمْ مِمَّا يَصِيرُ بِأَيْدِيهِمْ وَيَفْتَحَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الرُّبُعَ أَوِ الثُّلُثَ قِبْلَ الْقَسْمِ تَحْرِيضًا مِنْهُ عَلَى الْقِتَالِ وَهَذَا الْوَجْهُ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُهُ وَلَا يَرَاهُ وَكَانَ يَقُولُ قِتَالُهُمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إِنَّمَا يَكُونُ لِلدُّنْيَا وَكَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَا يُجِيزُهُ وَأَجَازَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّ جُمْلَةَ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنْ لَا نَفْلَ إِلَّا بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ وَلَا نَفْلَ إِلَّا مِنَ الْخُمُسِ وَالنَّفْلُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلْبُهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَمْ يَقُلْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بَعْدَ بَرْدِ الْقِتَالِ وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُقَاتِلَ أَحَدٌ عَلَى أَنَّ لَهُ كَذَا وَمِنَ (هـ) الحجة لمالك في ذلك ما رواه علي بن الْمَدِينِيِّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ لَا نَفْلَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرد قوي المسلمين

عَلَى ضَعِيفِهِمْ قَالَ رَجَاءٌ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى الدِّمَشْقِيَّ وَهُوَ مَعَنَا جَالِسٌ يَقُولُ سَمِعْتُ مَكْحُولًا يَقُولُ عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَلَ فِي الْبَدَاءَةِ الرُّبُعَ وحين قفل الثلث فقال ععمرو بن شعيب تراني (هـ) أَحَدِّثُكَ عَنْ أَبِي عَنْ جِدِّي وَتُحَدِّثُنِي عَنْ مَكْحُولٍ فَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ هَذَا أَنْ لَا نَفْلَ لِيَرُدَّ قَوِيُّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ضعيفهم وهو

حُجَّةٌ لِمَالِكٍ وَأَمَّا السَّلْبُ بَعْدَ أَنْ يَبْرُدَ الْقِتَالُ فَخُصُوصٌ وَمَعْمُولٌ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَأْيُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَنْفِيلُ السَّلْبِ مِنَ الْخُمُسِ لِأَنَّ الْخُمُسَ مَرْدُودٌ قِسْمَتُهُ عِنْدَهُ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَأَهْلِهِ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ وَلَمْ يَرَ النَّفْلَ مَنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ لِأَنَّ أَهْلَهَا مُعَيَّنُونَ وَهُمُ الْمَوْجُفُونَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ جَائِزٌ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ قَبْلَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ وَبَعْدَهَا عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَيْسَ فِي النَّفْلِ حَدٌّ قَالَ وَقَدْ رَوَى بَعْضُ الشَّامِيِّينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَلَ فِي الْبَدَاءَةِ وَالرَّجْعَةِ الثُّلُثَ فِي وَاحِدَةٍ وَالرُّبُعَ فِي الْأُخْرَى وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَفَلَ نِصْفَ السُّدُسِ قَالَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّفْلِ حَدٌّ لَا يَتَجَاوَزُهُ الْإِمَامُ وَأَكْثَرُ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إِنْفَالٌ قَالَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الِاجْتِهَادِ من الإمام غير محدود

قَالَ الشَّافِعِيُّ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ أُعْطُوا فِي سُهْمَانِهِمْ مَا يَجِبُ لَهُمْ مِمَّا أَصَابُوا ثُمَّ نُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا وَالنَّفْلُ هُوَ شَيْءٌ زِيدُوهُ عَلَى الَّذِي كَانَ لَهُمْ قَالَ وَقَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ كَانَ النَّاسُ يُعْطَوْنَ النَّفْلَ مِنَ الْخُمُسِ كَمَا قَالَ وَذَلِكَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ سَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَأَمَّا السَّلْبُ فَيَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ أَنْ يُخَمِّسَ وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ يَقُولُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا النَّفْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْدَ السِّهَامِ لَيْسَ لَهُ وَجْهٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْخُمُسِ وَقَالَ غَيْرُهُ النَّفْلُ الَّذِي فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّمَا هُوَ تَنْفِيلُ السَّرَايَا كان النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْفُلُ فِي الْبَدَاءَةِ الثُّلُثَ وَالرُّبُعَ الَّذِي كَانَ يَنْفُلُ فِي الْقُفُولِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَخْرُجُ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ نَصًّا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ رُوَاةِ نَافِعٍ وَقَدْ يَخْرُجُ تَأْوِيلًا مِنْ رِوَايَةِ شُعَيْبٍ وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَ هَذَا الْقَائِلُ قد زعم علي بن الْمَدِينِيِّ أَنَّ الصَّحِيحَ فِيهِ أَنَّهُ نَفَلَ فِي الْبَدَاءَةِ الرُّبُعَ وَفِي الْقَفْلَةِ الثُّلُثُ وَضَعَّفَ رِوَايَةَ

مَنْ رَوَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَلَ الثُّلُثَ فِي بِدَايَتِهِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَذَكَرَ نَفْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَدَاءَةِ وَالرُّجُوعِ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا النَّفْلُ قَبْلَ الْخُمُسِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ جَائِزٌ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ فِي الْبَدَاءَةِ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ بَعْدِ الْخُمُسِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَقَالَ النُّخَعِيُّ كَانَ الْإِمَامُ يَنْفُلُ السَّرِيَّةَ الثُّلُثَ وَالرُّبُعَ يُغْرِيهِمْ أَوْ قَالَ يُحَرِّضُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى الْقِتَالِ وَقَالَ مَكْحُولٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا يَنْفِلُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلْثِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا نَفْلَ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلْثِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فَإِنْ زَادَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَلْيَفِ لَهُمْ بِهِ وَيَجْعَلْ ذَلِكَ مِنَ الْخُمُسِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي أَمِيرٍ أَغَارَ فَقَالَ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ كَمَا قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ كَذَا وَمَنْ جَاءَ بِالْيَدِ فَلَهُ كَذَا يُغْرِيهِمْ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا نَفْلَ الْإِمَامُ فَهُوَ جَائِزٌ

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لِجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهَ الْبَجْلِيِّ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ فِي قَوْمِهِ وَهُوَ يُرِيدُ الشَّامَ هَلْ لَكَ أَنْ تَأْتِيَ الْكُوفَةَ وَلَكَ الثُّلُثُ بَعْدَ الْخُمُسِ مِنْ كُلِّ أَرْضٍ وَشَيْءٍ وَقَالَ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الشَّامِ مِنْهُمْ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ وَعُبَادَةُ بْنُ نَسِيٍّ وَعَدِيُّ بْنُ عَدِيٍّ وَمَكْحُولٌ وَالْقَاسِمُ بن عبد الرحمن ويزيد بن أبي مالك وَيَحْيَى بْنُ جَابِرٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ قَالُوا الْخُمُسُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ وَالنَّفْلُ مِنْ بَعْدِ الْخُمُسِ ثُمَّ الْغَنِيمَةُ بَيْنَ أَهْلِ الْعَسْكَرِ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالنَّاسُ الْيَوْمَ على أن لا نفل مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ حَتَّى يُخَمَّسَ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَطَائِفَةٌ إِنْ شَاءَ الْإِمَامُ نَفَلَهُمْ قَبْلَ الْخُمُسِ وَإِنْ شَاءَ بَعْدَ الْخُمُسِ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ لَا تَكُونُ الْأَنْفَالُ إِلَّا فِي الْخُمُسِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ وَقَالَ مَالِكٌ عَنْهُ إِنَّ النَّفْلَ مِنَ الْخُمُسِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ لَا نَفْلَ إِلَّا بَعْدَ إِخْرَاجِ الْخُمُسِ مِنْهُ عَلَى حَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ وَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ غَنِيمَةٍ خُمُسٌ إِلَّا

السَّلْبَ فَإِنَّهُ خَرَجَ بِمَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا مَعَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْلَمَةَ بِحَدِيثِ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ السُّلَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا نَفْلَ إِلَّا بَعْدَ الْخُمُسِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ وَلَا نَفْلَ بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ إِلَّا مِنْ سَهْمِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُنْفَلَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُوجِفِينَ أَوْ مِنْ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ قَالَ وَإِنَّمَا النَّفْلُ قَبْلَ الْغَنِيمَةِ وَذَلِكَ أَنْ يَرَى الْإِمَامُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ضَعْفًا وَمِنَ الْمُشْرِكِينَ نَشَاطًا وَهُوَ مُحَاصِرٌ حِصْنًا فَيُحَرِّضُ مَنْ مَعَهُ عَلَى عَدُوِّهِمْ فَيَقُولُ مَنْ طَلَعَ إِلَى الْحِصْنِ أَوْ يَهْدِمُ هَذَا السُّورَ أَوْ دَخَلَ هَذَا النَّقْبَ أَوْ فَعَلَ كَذَا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا عَلَى مَا كَانَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ وَغَيْرَ بَدْرٍ إِغْرَاءً مِنْهُ بِالْعَدُوِّ وَقَالَ وَالسَّلْبُ غَيْرُ النَّفْلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ سَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي السَّلْبِ وَحُكْمُهُ وَهَلْ يُخَمَّسُ أَمْ لَا فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي النَّفْلِ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ وَفِي النَّفْلِ فِي الْعَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ فَذَهَبَ الشَّامِيُّونَ إِلَى أَنْ لَا نَفْلَ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حيوة وعبادة بن نسي وعدي بن عدي الْكِنْدِيٍّ وَمَكْحُولٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى وَيَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَيَحْيَى بْنِ جَابِرٍ وَالْقَاسِمِ بن عبد الرحمان وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ وَالْمُتَوَكِّلِ بْنِ اللَّيْثِ وَأَبِي عُيَيْنَةَ الْمُحَارِبِيِّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنْ لَا نَفْلَ فِي ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ وَلَا لُؤْلُؤٍ وَلَا فِي سَلْبٍ وَلَا فِي يَوْمِ هَزِيمَةٍ وَلَا فِي وَقْتِ فَتْحٍ وَمِمَّنْ قَالَ لَا نَفْلَ فِي الْعَيْنِ الْمَعْلُومَةِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى وَالْأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عبد العزيز وعبد الرحمان بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى لَا نَفْلَ فِي أَوَّلِ شَيْءٍ يُصَابُ من المغنم وأذكر أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هَذَا وَقَالَ النَّفْلُ يَكُونُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا فَرْقَ عِنْدَ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَهْلِ النَّظَرِ وَالْأَثَرِ بَيْنَ أَوَّلِ مَغْنَمٍ وَغَيْرِهِ وَجَائِزٌ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ مِنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِهِ وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ جَعَلَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ أَوْ نَفَاهُ عَنْ أَوَّلِ مَغْنَمٍ إِلَّا التَّحَكُّمَ وَلَيْسَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ

شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الْآيَةَ فَجَعَلَ الْخُمُسَ لِمَنْ سَمَّى فِيهَا وَجَعَلَ الْأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ لِلْمُوجِفِينَ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيلِ مَعَانِي هَذِهِ الْآيَةِ وَقَسْمِ الْخُمُسِ فِيهَا وَحُكْمِ الْأَنْفَالِ على حسبما ذَكَرْنَا فَإِنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ الْآيَةَ لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا وَأَنَّهَا يَدْخُلُهَا الْخُصُوصُ فَمِمَّا خَصُّوهَا بِهِ بِإِجْمَاعٍ أَنْ قَالُوا سَلْبُ الْمَقْتُولِ لِقَاتِلِهِ إِذَا نَادَى الْإِمَامُ بِذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ السَّلْبَ لِلْقَاتِلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ نَادَى الْإِمَامُ بِهِ أَوْ لَمْ يُنَادِ لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنَ الْمُوجِفِينَ وَلَا يَخْتَصُّ السَّلْبُ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ وَوُجُوهَهُ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ السَّلْبَ مِنَ الْغَنِيمَةِ فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ عِنْدَهُمْ مِنْ جُمْلَةِ مَا غَنِمُوا وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا النَّفْلُ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْآيَةَ مَخْصُوصَةٌ بِمَا فَعَلَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَنْفَالِ فِي غَزَوَاتِهِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فَقَالَ قَائِلُونَ الْأَنْفَالُ مِنَ الْخُمُسِ لِأَنَّ الْمُوجِفِينَ قَدِ اسْتَحَقُّوا الْأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ قَالُوا لَا يَكُونُ النَّفْلُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ وَلَا قَبْلَ الْقِتَالِ لِأَنَّهُ قِتَالٌ عَلَى

الدُّنْيَا قَالُوا وَإِذَا كَانَ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ كَانَ مِنْ مَالِ الْمُوجِفِينَ وَأَهْلِ الْخُمُسِ جَمِيعًا وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَكُونُ النَّفْلُ إِلَّا مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ سَهْمُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْخُمُسَ مَقْسُومٌ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ أَحَدُهَا خُمُسُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ آخَرُونَ لَا نَفْلَ إِلَّا مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ أَنْ تحرز الغنيمة (هـ) فَإِذَا أُحْرِزَتِ اسْتَحَقَّهَا أَهْلُهَا الْمُوجِفُونَ وَأَهْلُ الْخُمُسِ وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ وَجَمَاعَةٍ قَدْ ذَكَرْنَاهُمْ وَقَالَ آخَرُونَ النَّفْلُ جَائِزٌ قَبْلَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ وَبَعْدَهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَأَجَازَهُ لِمَنْ فَعَلَهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الشَّامِيِّينَ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الْأَرْضُ وَاخْتِلَافُهُمْ فِيهَا وَفِي قِسْمَتِهَا وَتَوْقِيفِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا

وجه لإعادته ههنا وَهَذَا كُلُّهُ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ فِيمَا ذَكَرْنَا إِجْمَاعٌ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ مَخْصُوصَةٌ فِيهَا ضَمِيرُ الْأَنْفَالِ وَأَنَّهَا مَرْدُودَةٌ إِلَى الْإِمَامِ عَلَى اجْتِهَادِهِ فَإِنْ شَاءَ نَفَلَ قَبْلُ وَإِنْ شَاءَ بَعْدُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَاهُ مِنَ الِاجْتِهَادِ لِلْمُسْلِمِينَ وَالسَّلْبُ مِنَ النَّفْلِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّفْلَ يَجْتَهِدُ فِيهِ الْإِمَامُ عَلَى حسبما ثَبَتَ مِنْ أَفْعَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ والله أعلم وروى الثوي وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ وَجَمَاعَةٌ عن عبد الرحمان بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى الْأَشْدَقِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ الْبَاهِلِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ فَلَقِيَ الْعَدُوَّ فَلَمَّا هَزَمَهُمُ اللَّهُ تَبِعَتْهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تُقَاتِلُهُمْ وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَوْلَتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَسْكَرِ وَالنَّهْبِ فَلَمَّا نَفَى اللَّهُ الْعَدُوَّ وَرَجَعَ الَّذِينَ طَلَبُوهُمْ قَالُوا لَنَا النَّفْلُ نَحْنُ طَلَبْنَا الْعَدُوَّ وَبِنَا نَفَاهُمُ اللَّهُ وَهَزَمَهُمْ وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَنْتُمْ بِأَحَقَّ مِنَّا بَلْ هُوَ لَنَا نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنَالُ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً وَقَالَ الَّذِينَ اسْتَوْلَوْا عَلَى الْعَسْكَرِ وَالنَّهْبِ وَاللَّهِ مَا أَنْتُمْ بِأَحَقَّ بِهِ مِنَّا بَلْ هُوَ لَنَا نَحْنُ أَخَذْنَاهُ وَاسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَقَسَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ بَعْدَ هذا نزلت وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ الْآيَةَ

فأحكم الله أمر الغنيمة بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُرَادَ بِمَا نَصَّ بِهِ فِي السَّلْبِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا جَاءَ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حسبما رَوَوْا فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عمرالمذكور فِي هَذَا الْبَابِ فَلَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا وَلَا لَهُ إِلَّا وَجْهٌ وَاحِدٌ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ نُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا بَعْدَ سُهْمَانِهِمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذلك من غير سُهْمَانُهُمْ وَلَا مَوْضِعَ لِغَيْرِ السُّهْمَانِ إِلَّا الْخُمُسَ عَلَى رِوَايَةِ أَكْثَرِ أَصْحَابِ نَافِعٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ لَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ مَنْ رَأَى النَّفْلَ مِنَ الْخُمُسِ لَا مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ مَعَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَذَلِكَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا غَزَا عَامَ الْمُضِيفِ فَغَنِمَ أَرْسَلَ إِلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ يَرُدُّونَ مِنَ الْمَغْنَمِ فَرَدَّهُ عُبَادَةُ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ مَا أَنْتَ وَذَاكَ قَالَ عُبَادَةُ إِنَّكَ لَمْ تَكُنْ مَعَنَا فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا إِذْ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي عِقَالًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا طَاقَةَ لَكَ بِعِقَالٍ

مِنْ نَارٍ وَلَكِنْ إِذَا خَمَسْنَا فَتَعَالَ أُعْطِكَ قَالُوا فَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ النَّفْلَ لَا يَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ وَقَالَ غَيْرُهُمْ يُحْتَمَلُ أن يكون من سهمان الْمُوجِفِينَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْخُمُسِ يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ أَيِّهِمَا كَانَ فَمَعْلُومٌ أَهْلُهُ وَإِذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْخُمُسِ وَالْخُمُسُ لِأَهْلِهِ جَازَ أَنْ يَكُونَ مِنْ سِهَامِ الْمُوجِفِينَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَأْسَ الْغَنِيمَةِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ فِي غَزَاةٍ فَأَصَابُوا شَيْئًا فَأَرَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْ يُعْطِيَ أَنَسًا مِنَ الشَّيْءِ قَبْلَ أَنْ يُقَسَّمَ قَالَ أَنَسٌ لَا وَلَكِنِ اقْسِمْ ثُمَّ أَعْطِنِي مِنَ الْخُمُسِ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ لَا إِلَّا مِنْ جَمِيعِ الْغَنَائِمِ فَأَبَى أَنَسٌ أَنْ يَقْبَلَ وَأَبَى عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْ يُعْطِيَهُ من الخمس وهذا من (ب) أَنَسٍ بِحَضْرَةِ جُلَّةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَرُبَّمَا كَانَ هُنَاكَ غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَكِيرٌ لِذَلِكَ فَهَذَا الِاخْتِلَافُ قَدِيمٌ فِي هَذَا الْبَابِ

وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَحَسْبُكَ بِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ كَانَ النَّاسُ يُعْطَوْنَ النَّفْلَ مِنَ الْخُمُسِ وَأَمَّا حَدِيثُ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مَنْ جَعَلَ النَّفْلَ مِنْ غَيْرِ الْخُمُسِ وَجَعَلَهُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ إِحْرَازِهَا فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَلَ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ فِي الْبِدَايَةِ وَنَفَلَ الثُّلُثَ بَعْدِ الْخُمُسِ فِي الرَّجْعَةِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّفْلَ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْخُمُسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ أَعْدَلُ الْأَقَاوِيلِ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ يَكُونَ النَّفْلُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ سَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ وَذَلِكَ أَنْ تُنَزَّلَ تِلْكَ السَّرِيَّةُ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا عَشَرَةً مِثَالًا وَمَعْلُومٌ أَنَّكَ إِذَا عَرَفْتَ مَا لِلْعَشَرَةِ عَرَفْتَ مَا لِلْمِائَةِ وَمَا لِلْأَلْفِ وَأَزْيَدَ فَمِثَالُ ذَلِكَ أَنْ

تَكُونُ السَّرِيَّةُ عَشَرَةً أَصَابُوا فِي غَنِيمَتِهِمْ مِائَةً وَخَمْسِينَ بَعِيرًا خَرَجَ مِنْهَا خُمُسُهَا ثَلَاثُونَ بَعِيرًا وَصَارَ لَهُمْ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ قُسِّمَتْ عَلَى عَشَرَةٍ وَجَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ اثْنَا عَشَرَ اثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا ثُمَّ أُعْطِي الْقَوْمُ مِنَ الْخُمُسِ بَعِيرًا بَعِيرًا فَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ النَّفْلُ مِنْ جُمْلَةِ الْخُمُسِ لِأَنَّ خُمُسَ الثَّلَاثِينِ لَا يَكُونُ فِيهِ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ وَقَدْ يَحْتَجُّ مَنْ قَالَ أَنَّ ذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ بِأَنْ يَقُولَ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ثِيَابٌ وَمَتَاعٌ غَيْرَ الْإِبِلِ فَأَعْطَى مَنْ لم يبلغه البعير قيمة البعير من غير ذلك من العروض ومن حجةالشافعي وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ أَنَّ النَّفْلَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ سَهْمُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يَقُولُ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ لَمَّا قَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ

ذِي الْقُرْبَى بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ أَتَيْتُهُ أَنَا وَعُثْمَانُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلَاءِ بَنُو هَاشِمٍ لَا يُنْكَرُ فَضْلُهُمْ لَمَّا وَضَعَكَ اللَّهُ مِنْهُمْ أَفَرَأَيْتَ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ وَمَنَعْتَنَا وَنَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ فَقَالَ إِنَّ بَنِي الْمُطَّلِبِ لَمْ يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ وَإِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ قَالَ فَقَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ خُمُسَ الْخُمُسِ وَكَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَرَى قِسْمَةَ الْخُمُسِ أَخْمَاسًا وَقَالَ الْخُمُسُ مِنَ الْغَنِيمَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْفَيْءِ الَّذِي لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بَخِيلٍ وَلَا رِكِابٍ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَيُجْعَلُ الْخُمُسُ وَالْفَيْءُ جَمِيعًا فِي بَيْتِ الْمَالِ قَالَ وَيُعْطَى أَقْرِبَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا يَرَى الْإِمَامُ وَيَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ تَكَافَأَ أَهْلُ الْبُلْدَانِ فِي الْحَاجَةِ بُدِئَ بِالَّذِينِ فِيهِمُ الْمَالُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْبُلْدَانِ أَشَدَّ حَاجَةً نُقِلَ إِلَيْهِمْ أَكْثَرُ الْمَالِ وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى التَّفْضِيلَ فِي الْعَطَاءِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَا يَخْرُجُ عِنْدَهُ

مَالٌ مِنْ بَلَدٍ إِلَى غَيْرِهِ حَتَّى يُعْطَى أَهْلُهُ مَا يُغْنِيهِمْ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يُجِيزَ الْوَالِي عَلَى وَجْهِ الدَّيْنِ أَوْ لِأَمْرٍ قَدِ اسْتَحَقَّ بِهِ الْجَائِزَةَ قَالَ وَالْفَيْءُ حَلَّالٌ لِلْأَغْنِيَاءِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُقَسَّمُ الْخُمُسُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَجَمَاعَةٍ قَالُوا سَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخُمُسِ خُمُسُ الْخُمُسِ وَمَا بَقِيَ لِلطَّبَقَاتِ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ وَسَهْمُ ذِي الْقُرْبَى عِنْدَهُمْ بَاقٍ لِقَرَابَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُقَسَّمُ الْخُمُسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَأَسْقَطُوا سَهْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَهْمَ ذِي الْقُرْبَى بَعْدَهُ وَزَعَمُوا أَنَّ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى كَانَ لِإِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَيَاتِهِ وَقَرَابَتِهِ لِأَنَّهُ مُضَمَّنٌ فِيهِ فَلَمَّا مَاتَ ارْتَفَعَ سَهْمُهُ وَسَهْمُ قَرَابَتِهِ وَاحْتَجُّوا بِاتِّفَاقِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْأَرْبَعَةِ عَلَى مَنْعِ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا ذَكَرُوا قَالُوا وَمَا كَانُوا مَعَ فَضْلِهِمْ وَتُقَاهُمْ لِيَمْنَعُوا أَحَدًا حَظًّا وَجَبَ لَهُ فَكَيْفَ وَقَدْ قَاتَلُوا الْعَرَبَ فِيمَا وَجَبَ لِلْمَسَاكِينِ من الزكوات

إِلَى أَشْيَاءَ مِنْ فَضَائِلِهِمْ وَقِيَامِهِمْ بِالْحَقِّ لَا يُحْصَى فَكَيْفَ يَمْنَعُونَ ذَوِي الْقُرْبَى قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا مَا ذَكَرُوا مِنْ فَضْلِهِمْ وَقِيَامِهِمْ بِالْحَقِّ فَصِدْقٌ وَأَمَّا مَنْعُهُمْ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى فَبَاطِلٌ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ يُقَسَّمُ الْخُمُسُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّ سَهْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْدُودٌ عَلَى مَنْ سَمَّى مَعَهُ فِي الْآيَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِيمَنْ عَدِمَ مَنْ أَهْلِ سُهْمَانِ الصَّدَقَاتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِلْكَلَامِ فِي قَسْمِ الْخُمُسِ وَإِيرَادِ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَالْقَوْلُ فِيهِ يَطُولُ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا مِنْهُ ههنا طَرَفًا دَالًّا عَلَى حُكْمِ الْخُمُسِ وَحُكْمِ خُمُسِ الْخُمُسِ لِمَا جَرَى فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَنَّ النَّفْلَ فِيهِ كَانَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ أَوْ مِنْ جُمْلَةِ الْخُمُسِ أَوْ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنِ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ فَبَيَّنَّا وَجْهَ الْخُمُسِ وَخُمُسَهُ وَسَنَذْكُرُ أَحْكَامَهُ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ وَوُجُوهَ الِاحْتِجَاجِ فِي ذَلِكَ وَالِاعْتِلَالِ في (باب) (هـ) يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

حديث خامس عشر

حَدِيثُ خَامِسَ عَشَرَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الشِّغَارِ هَكَذَا رَوَاهُ جُمْلَةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَالَ فِيهِ ابْنُ وَهْبٍ (عَنْ مَالِكٍ) عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ وَكُلُّهُمْ ذَكَرَ عَنْ مَالِكٍ فِي تَفْسِيرِ الشِّغَارِ أَنَّهُ الرَّجُلُ يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ أَوْ وَلِيَّتَهُ مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْهُ ابْنَتَهُ أَيْضًا أَوْ وَلِيَّتَهُ وَيَكُونُ بُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقًا لِلْأُخْرَى دُونَ صَدَاقٍ

وهذا ما لا خلاف بين العلماء فيه أَنَّهُ الشِّغَارُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلِلشِّغَارِ فِي اللُّغَةِ مَعْنًى لَا مَدْخَلَ لَهُ ههنا وَذَلِكَ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ عِنْدَهُمْ مِنْ شَغَرَ الْكَلْبُ إِذَا رَفَعَ رِجْلَهُ لِلْبَوْلِ وَذَلِكَ زَعَمُوا لَا يَكُونُ مِنْهُ إِلَّا بَعْدَ مُفَارَقَةِ حَالِ الصِّغَرِ إلى حال يمكن فيها طلب الوثوب على الأنثى لِلنَّسْلِ وَهُوَ عِنْدُهُمْ لِلْكَلْبِ إِذَا فَعَلَهُ عَلَامَةُ بُلُوغِهِ إِلَى حَالِ الِاحْتِلَامِ مِنَ الرِّجَالِ وَلَا يَرْفَعُ رِجْلَهُ لِلْبَوْلِ إِلَّا وَهُوَ قَدْ بَلَغَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ يُقَالُ مِنْهُ شَغَرَ الْكَلْبُ يَشْغَرُ شَغْرًا إِذَا رَفَعَ رِجْلَهُ فَبَالَ أَوْ لَمْ يُبُلْ وَيُقَالُ شَغَرْتُ بِالْمَرْأَةِ أَشَغَرُهَا شَغْرًا إِذَا رَفَعْتُ رِجْلَيْهَا لِلنِّكَاحِ فَهَذَا مَعْنَى الشِّغَارِ فِي اللُّغَةِ وَأَمَّا مَعْنَاهُ فِي الشَّرِيعَةِ فَأَنْ يُنْكِحَ الرَّجُلُ رَجُلًا وَلِيَّتَهُ عَلَى أَنْ يُنْكِحَهُ الْآخَرُ وَلِيَّتَهُ بِلَا صَدَاقٍ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ خَلِيلٌ فِي كتابه أيضا

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ نِكَاحَ الشِّغَارِ مَكْرُوهٌ لَا يَجُوزُ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِذَا وَقَعَ (هَلْ يصح) (أ) بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ فِي الشِّغَارِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لم يدخل ويفسخ أبدا (قال) (ج) وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أُزَوِّجُكَ ابْنَتِي عَلَى أَنْ تزوجني ابنتك بمائةدينار وَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ فِي هَذَا إِنْ دَخَلَ وَيَثْبُتُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيُفْسَخُ فِي الْأَوَّلِ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا لَمْ يُسَمِّ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مهرا وشرط أن يزوجه ابنته علىأن يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهَ وَهُوَ يَلِي أَمْرَهَا عَلَى أَنَّ صَدَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بُضْعُ الْأُخْرَى وَلَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا فَهَذَا الشِّغَارُ وَلَا يَصِحُّ وَيُفْسَخُ قَالَ وَلَوْ سُمِّيَ لِإِحْدَاهُمَا أَوْ لَهُمَا صَدَاقًا فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمَهْرُ فَاسِدٌ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا إِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَنِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا إِنْ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا قَالَ أُزَوِّجُكَ ابْنَتِي أَوْ أُخْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَكَ فَتَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرَ الْأُخْرَى فَهُوَ الشِّغَارُ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وهو قول ليث بْنِ سَعْدٍ وَبِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ

قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ قَدْ نَهَتْ عَنْ صَدَاقِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْغَرَرِ وَالْمَجْهُولِ وَالنِّكَاحُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالْأَصْلُ عِنْدَهُمْ أَنَّ التَّزْوِيجَ مُضَمَّنٌ بِنَفْسِهِ لَا يُبَدِّلُهُ وَلَيْسَ بِمُفْتَقِرٍ فِي الْعَقْدِ إِلَى الصَّدَاقِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ قَدْ وَرَدَ بِجَوَازِ الْعَقْدِ فِي النِّكَاحِ دُونَ صَدَاقٍ بِقَوْلِهِ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً يُرِيدُ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ وَمَا لَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً يَعْنِي صَدَاقًا فَسَمَّاهُ نِكَاحًا وَجَعْلَ فِيهِ الطَّلَاقَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ ذِكْرُ الصَّدَاقِ وَحُجَّةُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَمَنْ أَبْطَلَ نِكَاحَ الشِّغَارِ أَنَّهُ نِكَاحٌ طَابَقَ النَّهْيَ فَفَسَدَ امْتِثَالًا لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ يَعْنِي مَرْدُودًا

حديث سادس عشر

حَدِيثُ سَادِسَ عَشَرَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَجَدَهُ يُبَاعُ فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك فقالا لَا تَبْتَعْهُ وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ فَهُوَ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ مُسْنَدِ ابْنِ عُمَرَ كَذَلِكَ هُوَ عِنْدَ جُمْهُورِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ إِلَّا مَعْنَ بْنَ عِيسَى فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ عُمَرَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابن عمر مثل رواية

مَعْنٍ وَرَوَاهُ الْقَطَّانُ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ كَمَا فِي الْمُوَطَّآتِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ (أَنَّ عُمَرَ) (ج) كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جُمْهُورِ الرُّوَاةِ غَيْرَ مَعْنٍ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ فِيهِ لَا تَشْتَرِهِ وَلَا شَيْئًا مِنْ نِتَاجِهِ وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ (إذا) (و) أَعْطَى شَيْئًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ إِذَا بَلَغْتَ وَادِيَ الْقُرَى فَشَأْنُكَ بِهِ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا أُعْطِيَ الرَّجُلُ الشَّيْءَ فِي الْغَزْوِ فَبَلَغَ بِهِ رَأْسَ مَغْزَاتِهِ فَهُوَ لَهُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ إِذَا أُعْطِيَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقِيلَ لَهُ هُوَ لَكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ قِيلَ لَهُ هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ رَكِبَهُ وَرَدَّهُ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ من حمل

على فرس في سبيل الله فَلَا أَرَى لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْ ثَمَنِهِ فِي غَيْرِ سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ لَهُ شَأْنُكَ بِهِ فَافْعَلْ فِيهِ مَا أَرَدْتَ فَإِنْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فَأَرَاهُ مَالًا مِنْ مَالِهِ يَعْمَلُ بِهِ فِي غَزْوِهِ إِذَا هو بلغه ما يعمل (به) (أ) فِي مَالِهِ قَالَ كَذَلِكَ لَوْ أُعْطِي ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ فِيمَنْ أُعْطِيَ مَالًا يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَنَّهُ يُنْفِقُهُ فِي الْغَزْوِ فَإِنْ فَضَلَتْ مِنْهُ فَضْلَةٌ بَعْدَ مَا مَرَّ غَزْوُهُ لَمْ يَأْخُذْهَا لِنَفْسِهِ وَأَعْطَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَدَّهَا إِلَى صَاحِبِهَا وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مَنْ أُعْطِيَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى يَبْلُغَ مَغْزَاهُ ثُمَّ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَبْسًا فَلَا يُبَاعُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْفَرَسُ الْمَحْمُولُ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ هِيَ لِمَنْ يَحْمِلُ عَلَيْهَا وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا قَالَ هُوَ لَكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَرَجَعَ بِهِ رَدَّهُ حَتَّى يَجْعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَذْهَبُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مَا أُعْطِيَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَمْلِيكٌ وَلَا يَعْتَبِرُونَ فِي الْفَرَسِ بُلُوغَ الْمَغْزَى

لِأَنَّهُ قَدْ مَلَّكَهُ فِي الْحَالِ عَلَى أَنْ يَغْزُوَ بِهِ فَالْمِلْكُ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ يَتَصَرَّفُ فِيهِ مَالِكُهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالُوا وَلَوْ قَالَ إِذَا بَلَغْتَ مَغْزَاكَ فَهُوَ لَكَ كَانَ تَمْلِيكًا عَلَى مُخَاطَرَةٍ وَلَا يَجُوزُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا بأتم وأبسط من ذكره ههنا وَأَمَّا قَوْلُهُ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْبَحْثِ عَنِ الْعِلْمِ وَالسُّؤَالِ عَنْهُ وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَلِّمًا وَكَانُوا يَسْأَلُونَهُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا خَيْرَ أُمَّةٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ مُجَالَسَةُ الْعُلَمَاءِ إِذَا أَمْكَنَهُ وَالسُّؤَالُ عَنْ دِينِهِ جُهْدَهُ فَإِنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فِي جَهْلِ مَا لَا يَسَعُهُ جَهْلُهُ وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنْ لَا سُؤْدُدَ وَلَا خَيْرَ مع الجهل

حديث سابع عشر

حَدِيثُ سَابِعَ عَشَرَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ مِنَ الْحَفْيَاءِ وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ مِمَّنْ سَابَقَ بِهَا

هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ لَمْ يَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ وَاخْتَلَفُوا عَنْهُ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ فَكَانَ ابْنُ بُكَيْرٍ يَقُولُ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ الَّتِي عِنْدَ مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ وَخَالَفَهُ جُمْهُورُ الرُّوَاةِ مِنْهُمْ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ فَرَوَوْا كَمَا رَوَى يَحْيَى مَنِ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ وَفِي أَلْفَاظِ أَصْحَابِ نَافِعٍ وَأَلْفَاظِ الرُّوَاةِ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِلَافٌ تَرَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُجَاشِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ فِيهِ عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ وَفَضَّلَ الْقُرَّحَ فِي الْغَايَةِ هَذَا لَفْظُ حَدِيثِهِ وَلَمْ يَقُلْ ذلك في هذا الحديث أحد غير عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ هَذَا وَقَدْ وَجَدْتُ لَهُ أَصْلًا فِيمَا رَوَاهُ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَرْبِ بْنِ عَبْدِ الملك عن مجاشع (هـ) بْنِ مَسْعُودٍ السُّلَمِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي وَعَمِّي عَنْ جَدِّي أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ

الْبَصْرَةِ ضَمَرُوا خُيُولَهُمْ فَنَهَاهُمُ الْأَمِيرُ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ أَنْ يَجُرُّوهَا حَتَّى كَتَبَ إِلَى عُمَرَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنْ أَرْسِلِ الْقُرَّحَ مِنْ رَأْسِ مِائَةِ غَلْوَةٍ وَلَا يَرْكَبُهَا إِلَّا أَرْبَابُهَا فَجَاءَ مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ سَابِقًا عَلَى الْغَرَّاءِ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضْمِرُ الْخَيْلَ ثُمَّ يَسْبِقُ فَاخْتَصَرَهُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْأَمَدَ وَالْغَايَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْرَى مَا أُضْمِرَ مِنَ الْخَيْلِ مِنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَأَجْرَى مَا لَمْ يُضْمَرْ مِنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ هَكَذَا قَالَ مِنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ وَمَالِكٌ يَقُولُ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ قَدْ تَابَعَهُ اللَّيْثُ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قال حدثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِدُ عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضْمِرُ الْخَيْلَ يُسَابِقُ بِهَا وَهَذَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مُخْتَصَرُ الْمَعْنَى كَرِوَايَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ سَوَاءً وَرِوَايَةُ الثَّوْرِيِّ عَنْهُ أَكَمُلَ وَأَوْلَى عِنْدَ أهل العلم

وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ يُرْسِلُهَا مِنَ الْحَفْيَاءِ وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ وَكَانَ أَمَدُهَا مِنَ الثَّنِيَةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ وَهَذَا مِثْلُ رِوَايَةِ مَالِكٍ سَوَاءً وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ الْمُسَابَقَةُ بَيْنَ الْخَيْلِ وَذَلِكَ مِمَّا خُصَّ وَخَرَجَ مِنْ بَابِ الْقِمَارِ بِالسُّنَّةِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَالْخَيْلُ الَّتِي يَجِبُ أَنَّ تُضْمَرَ وَيُسَابَقَ عَلَيْهَا وَيُقَامَ هَذِهِ السُّنَّةُ فِيهَا هِيَ الْخَيْلُ الْمُعَدَّةُ لِجِهَادِ الْعَدُوِّ لَا لِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْفِتَنِ فَإِذَا كَانَتْ خيل مُرْتَبِطَةً مُعَدَّةً لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ تَضْمِيرُهَا وَالْمُسَابَقَةُ بِهَا سُّنَّةً مَسْنُونَةً عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْمُسَابَقَةَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَمَدُهَا مَعْلُومًا وَأَنْ تَكُونَ الْخَيْلُ مُتَسَاوِيَةَ الْأَحْوَالِ وَأَنْ لَا يَسْبِقَ المضمر مع غير الْمُضْمَرَ فِي أَمَدٍ وَاحِدٍ وَغَايَةٍ وَاحِدَةٍ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَعَانٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ نَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَفْيَاءُ وَثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ فَمَوَاضِعُ مَعْرُوفَةٌ بِالْمَدِينَةِ فَأَمَّا ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ فَزَعَمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَدَّعَ بِهَا بعض المقيمين (هـ) بِالْمَدِينَةِ فِي بَعْضِ مَخَارِجِهِ وَأَسْفَارِهِ وَانْصَرَفُوا عَنْهُ مِنْهَا وَقِيلَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ شَيَّعَ إِلَيْهَا بَعْضَ سَرَايَاهُ وَوَدَّعَهُ عِنْدَهَا وَقِيلَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ يُشَيَّعُ إِلَيْهَا وَيُتَوَدَّعُ مِنْهُ عِنْدَهَا قَدِيمًا وَأَظُنُّهَا عَلَى طَرِيقِ مَكَّةَ وَمِنْهَا بَدَا رَسُولُ اللَّهِ وَظَهَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي حِينِ إِقْبَالِهِ مَنْ مَكَّةَ فَقَالَ شَاعِرُهُمْ ... طَلَعَ الْبَدْرُ عَلَيْنَا ... مِنْ ثَنِيَّاتِ الْوَدَاعِ ... ... وَجَبَ الشُّكْرُ عَلَيْنَا ... مَا دَعَا لِلَّهِ دَاعٍ

وَبَيْنَ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَبَيْنَ الْحَفْيَاءِ سِتَّةُ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوُهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ مَيْلٌ أَوْ نَحْوُهُ فَكَانَ أَمَدُ الْخَيْلِ الَّتِي ضُمِرَتْ سِتَّةَ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوَهَا وَكَانَ أَمَدُ غَيْرِهَا مِيلًا أَوْ نَحْوَهُ كَذَا قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْفَزَارِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَابَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَيْلَ الَّتِي أُضْمِرَتْ فَأَرْسَلَهَا مِنَ الْحَفْيَاءِ وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ قَالَ فَقُلْتُ لِمُوسَى كَمْ بَيْنَ ذَلِكَ قَالَ سِتَّةُ أَمْيَالٍ أَوْ سَبْعَةٌ وَسَابَقَ مِنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ فَأَرْسَلَهَا مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَكَانَ أَمَدُهَا مَسْجِدَ بَنِي زُرَيْقٍ قُلْتُ وَكَمْ بَيْنَ ذَلِكَ قَالَ مَيْلٌ أَوْ نَحْوَهُ قَالَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ مِمَّنْ سَابَقَ بِهَا حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قالوا حدثنا

مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد العزيز البغوي وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم سبق بَيْنَ الْخَيْلِ وَفَضَّلَ الْقُرَّحَ فِي الْغَايَةِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطاهر مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْحَمَّالُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو خَيْثَمَةَ قَالَا حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سبق بَيْنَ الْخَيْلِ وَفَضَّلَ الْقُرَّحَ فِي الْغَايَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنْ صَحَّ حَدِيثُ عُقْبَةَ هَذَا فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّتِي كَانَتْ قَدْ ضَمُرَتْ مِنَ الْخَيْلِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَانَتْ قُرَّحًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا أَقَاوِيلُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ سَبَقُ الْخَيْلِ أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ سَبَقِ الرَّمْيِ قَالَ وَيَكُونُ السَّبَقُ عَلَى الْخَيْلِ عَلَى نَحْوِ مَا يَسْبِقُ الْإِمَامُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْبَقُ غَيْرَ الْإِمَامِ فَعَلَ كَمَا يَفْعَلُ الْإِمَامُ وَلَا يَجِبُ أَنْ يُرْجَعَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا أَخْرَجَ فِي السَّبَقِ

وَقَالَ اللَّيْثُ قَالَ رَبِيعَةُ فِي الرَّجُلِ سَبَقَ الْقَوْمَ بِشَيْءٍ إِنَّ سَبْقَهُ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ قَالَ اللَّيْثُ وَنَحْنُ نَرَى إِنْ كَانَ سَبَقَ سَبْقًا يَجُوزُ السَّبَقُ فِي مِثْلِهِ أَنَّ سَبْقَهُ جَائِزٌ فَإِنْ سُبِقَ أُخِذَ ذَلِكَ مِنْهُ وَإِنْ سَبَقَ أُحْرِزَ سَبْقُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ أَرَى أَنْ يُخْرِجَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَبَقَ أَوْ لَمْ يَسْبِقْ عَلَى مِثْلِ السُّلْطَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ الأوزاعي في هذا الباب نحول قَوْلِ مَالِكٍ وَرَبِيعَةَ فِي أَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمُخْرِجَةَ فِي السَّبَقِ لَا تَنْصَرِفُ إِلَى مُخْرِجِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْأَسْبَاقُ ثَلَاثَةٌ سَبْقٌ يُعْطِيهِ الْوَالِي أَوْ غَيْرُ الْوَالِي مِنْ مَالِهِ مُتَطَوِّعًا فَيَجْعَلُ لِلسَّابِقِ شَيْئًا مَعْلُومًا مَنْ سَبَقَ أَخَذَ ذَلِكَ السَّبْقَ وَإِنْ شَاءَ الْوَالِي أَوْ غَيْرُهُ جَعَلَ لِلْمُصَلِّي وَلِلثَّالِثِ وَالرَّابِعِ شَيْئًا شَيْئًا فَذَلِكَ كُلُّهُ حَلَالٌ لِمَنْ جُعِلَ لَهُ لَيْسَتْ فِيهِ عِلَّةٌ وَالثَّانِي يَجْتَمِعُ مِنْ وَجْهَيْنِ وَذَلِكَ أَنْ يُرِيدَ الرَّجُلَانِ أَنْ يَسْتَبِقَا بِفَرَسَيْهِمَا وَيُرِيدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَسْبِقَ صَاحِبَهُ وَيَخْرُجَانِ سَبَقَيْنِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ إِلَّا بِمُحَلِّلٍ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَا بَيْنَهُمَا فَرَسًا لَا يَأْمَنَانِ أَنْ يَسْبِقَهُمَا فَإِنْ سَبَقَ المحلل

أَخَذَ السَّبَقَيْنِ وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُ الْمُتَسَابِقِينَ أَحْرَزَ سَبْقَهُ وَأَخَذَ سَبْقَ صَاحِبِهِ فَإِنْ سَبَقَ الِاثْنَانِ الثَّالِثَ كَانَا كَمَنْ لَمْ يَسْبِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وأيهما سبقا صَاحِبَهُ فَلَهُ السَّبْقُ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَكُونَ الْأَمَدُ وَاحِدًا وَالْغَايَةُ وَاحِدَةً قَالَ وَلَوْ كَانُوا مِائَةً فَأَدْخَلُوا بَيْنَهُمْ مُحَلِّلًا فَكَذَلِكَ وَالثَّالِثُ إِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَيُحْرِزُ السَّبْقَ وَحْدَهُ فَإِنْ سَبَقَهُ صَاحِبُهُ أَخَذَ السَّبْقَ وَإِنْ سَبَقَ صَاحِبَهُ أَحْرزَ السَّبْقَ وَهُوَ فِي (هـ) مَعْنَى الْوَالِي قَالَ وَيُخْرِجُ الْمُتَسَابِقَانِ مَا يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهِ وَيَتَوَاضَعَانِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَأَقَلُّ السَّبْقِ أَنْ يَسْبِقَ بِالْهَادِي أَوْ بَعْضِهِ أَوْ بِالْكِفْلِ أَوْ بَعْضِهِ وَالسَّبَقُ بَيْنَ الرُّمَاةِ عَلَى هَذَا النَّحْوِ عِنْدَهُ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِهِ وَقَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي هَذَا الْبَابِ نَحْوَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ إِذَا فَعَلَ السَّبَقَ وَاحِدٌ فَقَالَ إِنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَقُلْ إِنْ سَبَقْتُكَ فَعَلَيْكَ كَذَا فَلَا بَأْسَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ إِنْ سَبَقْتُكَ فَعَلَيْكَ كَذَا وَإِنْ سَبَقْتَنِي فَعَلَيَّ كَذَا هَذَا لَا خَيْرَ فِيهِ

وَإِنْ قَالَ رَجُلٌ غَيْرُهُمَا أَيُّكُمَا سَبَقَ فَلَهُ كَذَا فَلَا بَأْسَ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُحَلِّلٌ إِنْ سَبَقَ لَمْ يَغْرَمْ وَإِنْ سُبِقَ أُخِذَ فَلَا بَأْسَ وَذَلِكَ إِذَا كَانَ سَبَقٌ وَيَسْبِقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ إِلَّا بِالْمُحَلِّلِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا يَعْرِفُ مَالِكٌ الْمُحَلِّلَ وَمَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ فَحُجَّتُهُ حَدِيثُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قال حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ قَالَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يَسْبِقَ فَهُوَ قِمَارٌ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَقَدْ رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ

مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ وَمَعْنَاهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَشُعَيْبٌ وَعُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ مِمَّنْ أَجَازَ الْمُحَلِّلَ علي حسبما ذَكَرْنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَابْنُ شِهَابٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَاتَّفَقَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ عَلَى أَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمُسْبَقَ بِهَا لَا تَرْجِعُ إِلَى الْمُسْبَقِ بِهَا عَلَى حَالٍ وَخَالَفَهُمُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَمِنْ حُجَّةِ هَؤُلَاءِ أَنَّ أُصُولَ الْأَشْيَاءِ الْمُسْبَقِ بِهَا قَدْ كَانَتْ فِي مِلْكِ أَرْبَابِهَا وَإِنَّمَا أَخْرَجَ الشَّيْءَ رَبُّهُ عَلَى شَرْطٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمْلَكَ عَنْهُ إِلَّا بِذَلِكَ الشَّرْطِ أَوْ يَنْصَرِفَ إِلَيْهِ وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ السَّبَقَ لَا يَجُوزُ عَلَى وَجْهِ الرِّهَانِ إِلَّا فِي الْخُفِّ وَالْحَافِرِ وَالنَّصْلِ فَأَمَّا الْخُفُّ فَالْإِبِلُ وَأَمَّا الْحَافِرُ فَالْخَيْلُ وَأَمَّا النَّصْلُ فَكُلُّ سَهْمٍ وَسِنَانٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ مَا عَدَا هَذِهِ الثَّلَاثَ فَالسَّبَقُ فِيهَا قِمَارٌ

وَأَجَازَ الْعُلَمَاءُ فِي غَيْرِ الرِّهَانِ السَّبَقَ عَلَى الْأَقْدَامِ لِمَا فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ الْحَدِيثَ الطَّوِيلَ فِي ذِكْرِ غَارَةِ عُيَيْنَةَ بْنِ حُصَيْنٍ وَابْنِهِ عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ وَلَقَاحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ انْصِرَافَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أَظْفَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ عَدُوِّهِمْ قَالَ وَأَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ صَحْوَةٌ وَفِينَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لَا يَسْبِقُ عَدُوًّا فَقَالَ هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ إِلَى الْمَدِينَةِ ألَا مُسَابِقٌ فَأَعَادَهَا مِرَارًا وَأَنَا سَاكِتٌ فَقُلْتُ لَهُ أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا وَلَا تَهَابُ شَرِيفًا قَالَ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي فَلْأُسَابِقْ هَذَا الرَّجُلَ قَالَ إِنْ شِئْتَ فَنَزَلْتُ وَطَفِقَ يَشْتَدُّ وَحَبَسْتُ نَفْسِي عَنِ الِاشْتِدَادِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ ثُمَّ عَدَوْتُ فَلَحِقْتُهُ فَصَكَكَتُهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَقُلْتُ سَبَقْتُكَ وَاللَّهِ فَنَظَرَ إِلَيَّ وَضَحِكَ فَصِرْنَا حَتَّى وَرَدْنَا الْمَدِينَةَ وَفِي الْحَدِيثِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ فُرْسَانِنَا أَبُو قَتَادَةَ وَخَيْرُ رِجَالِنَا سَلَمَةُ بْنُ الأكوع

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَابَقَ مَعَ عَائِشَةَ عَلَى قَدَمَيْهِ فَمَا كَانَ مِنْ هَذَا وَشَبَهِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِدَادِ وَالدُّرْبَةِ فِي الْعَدْوِ وَالْعُدَّةِ لِلْعَدُوِّ أَوْ عَلَى وَجْهِ اللَّهْوِ لَا عَلَى وَجْهِ الرِّهَانِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُرَاهَنَةِ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يَحِلُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَسَابَقَ مَعَ رَجُلٍ عَلَى أَقْدَامِهِمَا أَوْ تَسَابَقَا فِي سَبْقِ طَائِرٍ أَوْ عَلَى أَنْ يُمْسِكَ شَيْئًا فِي يَدِهِ فَيَقُولَ لَهُ ازْجُرْ أَوْ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَى قَدَمَيْهِ سَاعَةً أَوْ سَاعَاتٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَتَصَارَعَا أوعلى أَنْ يَتَرَامَيَا بِالْحِجَارَةِ فَيَغْلِبُهُ وَيَأْخُذُ سَبْقًا جَعَلَاهُ فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَمَا أُخِذَ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَقَدْ نَفَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنَ السَّبَقِ جَائِزًا إِلَّا فِي الْخُفِّ وَالْحَافِرِ وَالنَّصْلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي مَعْنَى حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ جَاءَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا جَنْبَ وَلَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ فَأَمَّا الشِّغَارُ

فَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَاهُ فِي بَابِهِ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا جَلْبَ وَلَا جَنْبَ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ وَالَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاتِهِ وَقَوْلُهُ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ الْقَعْنَبِيُّ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا جَنْبَ وَلَا جَلْبَ وَمَا تَفْسِيرُ ذَلِكَ فَقَالَ قَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ وَتَفْسِيرُهُ يَجْلِبُ وَرَاءَ الْفَرَسِ حِينَ يَدْنُو يَعْنِي مِنَ الْأَمَدِ أَوْ يُحَرِّكُ وَرَاءَهُ الشَّيْءَ يَسْتَحِثُّ بِهِ لِيَسْبِقَ بِذَلِكَ الْجَلْبِ وَالْجَنْبُ أَنْ يجنب مع الفرس الذي يسابق به فرس آخَرَ حَتَّى إِذَا دَنَا تَحَوَّلَ رَاكِبُهُ عَلَى الْفَرَسِ الْمَجْنُوبِ فَأَخَذَ السَّبْقَ وَهَذَا لَيْسَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى لِلْمُوَطَّأِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَوِيُّ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي قَزْعَةَ عَنِ الْحَسَنِ

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا جَنْبَ وَلَا جَلْبَ وَلَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ وَرَوَاهُ حُمَيْدٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ ... وَإِذَا تَكَاثَرَ فِي الْكَتِيبَةِ أَهْلُهَا ... كُنْتُ الَّذِي يَنْشَقُّ عَنْهُ الْمَوْكِبُ ... ... وَأَتَيْتُ تقدم مَنْ تَقَدَّمَ مِنْهُمُ ... وَوَرَاءَ رَأْيِكَ كُلُّ أَمْرٍ يُجْنَبُ ... رَوَى مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ صَالِحٍ السُّلَمِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ أَبِي الْعَجْفَاءِ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ ضَمَرَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ خُيُولَهُمْ فَنَهَاهُمُ الْأَمِيرُ أَنْ يَجُرُّوهَا حَتَّى كَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ لِيَجُرُّوهَا وَلَا يَرْكَبْهَا إِلَّا أَرْبَابُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ النَّصْلِ وَالْمُسَابَقَةِ بِهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَلَا مِنْ أَحْكَامِ الْإِبِلِ وَإِنْ كَانَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا النَّصْلُ فَلَهُ وُجُوهٌ وَمَعَانٍ ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ لَمْ أَرَ لِذِكْرِ شَيْءٍ منها وجها ههنا إِذْ لَيْسَ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ ذِكْرُ شيء منها

وَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ عَلَى مَعْنَى مَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَبِاللَّهِ الْعَوْنُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا سَفَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حدثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إسمعيل بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَالْقَعْنَبِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا سَبَقَ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إسمعيل بن إسحق قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ نَافِعِ بْنِ أَبِي نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره

وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَهَذَا حَدِيثٌ احْتَاجَ النَّاسُ فِيهِ إِلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فَرَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَةِ وَهُوَ يُبِيحُ السِّبَّاقَ فِي الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَاتِ فِيهِ وَيَنْفِيهِ فِيمَا سِوَاهَا وَقَدْ رَوَى ابْنُ صَالِحٍ السَّمَّانُ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا سَبَقَ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ لَيْسَ فِي حَدِيثِهِمَا ذِكْرُ النَّصْلِ وَقَدْ ثَبَتَ ذِكْرُ النَّصْلِ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَبِهِ يَقُولُ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ زَادَ أَبُو الْبَخْتَرِيُّ الْقَاضِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ جَنَاحٌ وَهِيَ لَفْظَةٌ وَضَعَهَا لِلرَّشِيدِ فَتَرَكَ الْعُلَمَاءُ حَدِيثَهُ لِذَلِكَ وَلِغَيْرِهِ مِنْ مَوْضُوعَاتِهِ فَلَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ بِحَالٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا قِصَّتَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ والتوفيق

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنِي أخي عبد الرحمان بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عبد الله بن عبد الرحمان بن ابي بكر الصديق قَالَ سَابَقَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالْخَيْلِ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ فِيهَا فَرَسٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بن عبد الله بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَفَرَسٌ لِإِنْسَانٍ جَعْدِيٍّ فَتَسَابِقَا وَالْخَيْلُ حَيْثُ جَاءَتْ فَإِذَا فَرَسُ الْجَعْدِيِّ مُتَقَدِّمًا فَجَعَلَ الْجَعْدِيُّ يَرْتَجِزُ بِأَبْعَدَ صَوْتِهِ ... غَايَةُ مَجْدٍ نُصِبَتْ يَا مَنْ لَهَا ... ... نَحْنُ جَرَيْنَا لَهَا وَكُنَّا أَهْلَهَا ... ... لَوْ تُرْسَلُ الطَّيْرُ لَجِئْنَا قَبْلَهَا ... فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ لَحِقَهُ فَرَسُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ وَجَاوَزَهُ فَجَاءَ سَابِقًا فَقَالَ عُمَرُ بن عبد العزيز (للجعدي) (ج) سَبَقَكَ وَاللَّهِ ابْنُ السَّبَّاقِ إِلَى الْخَيِّرَاتِ

حديث ثامن عشر

حَدِيثٌ ثَامِنَ عَشَرَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى اكْتِسَابِ الْخَيْلِ وَتَفْضِيلُهَا عَلَى سَائِرِ الدَّوَابِّ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْتِ عَنْهُ فِي غَيْرِهَا مثل هذا القول وبذلك تَعْظِيمٌ مِنْهُ لِشَأْنِهَا وَحَضٌّ عَلَى اكْتِسَابِهَا وَنَدْبٌ إِلَى ارْتِبَاطِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عُدَّةً لِلِقَاءِ الْعَدُوِّ إِذْ هِيَ أَقْوَى الْآلَاتِ فِي جِهَادِهِ فَهَذِهِ الْخَيْلُ الْمُعَدَّةُ لِلْجِهَادِ هِيَ الَّتِي فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ مُعَدَّةً لِلْفِتَنِ وقتل المسلمين وسلبهم وتفريق جمعهم وتشرديهم عَنْ أَوْطَانِهِمْ فَتِلْكَ خَيْلُ الشَّيْطَانِ وَأَرْبَابُهَا حِزْبُهُ وَفِي مِثْلِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَدَ أَنَّ اكْتِسَابَهَا وِزْرٌ عَلَى صَاحِبِهَا لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْهُ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ وِزْرًا لِمَنْ لَمْ يَرْتَبِطْهَا وَيُجَاهِدْ عَلَيْهَا وَكَانَ قَدِ اتَّخَذَهَا فَخْرًا وَمُنَاوَأَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَأَذًى لَهُمْ وَعَوْنًا عَلَيْهِمْ وَقَدْ مَضَى

ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَمَعْلُومٌ أَنَّ نَدْبَهُ إِلَى اكْتِسَابِهَا مِنْ أَجْلِ جِهَادِ الْعَدُوِّ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ الْجِهَادَ مَاضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ تَحْتَ رَايَةِ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ الذَّمُّ فِيمَنِ ارْتَبَطَهَا وَاحْتَبَسَهَا رِيَاءً وَفَخْرًا وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَاسْتِيعَابُ مَعَانِيهِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لإعادته ههنا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي شَهْرٌ قَالَ حَدَّثَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ معقود أبدا

إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَمَنْ رَبَطَهَا عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَإِنَّ شِبَعَهَا وَجُوعَهَا وَرِيَّهَا وَظَمَأَهَا وَأَرْوَاثَهَا وَأَبْوَالَهَا فِي مَوَازِينِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ رَبَطَهَا فَرَحًا وَمَرَحًا وَسُمْعَةً فَإِنَّ شِبَعَهَا وَجُوعَهَا وَرِيَّهَا وَظَمَأَهَا وَأَرْوَاثَهَا وَأَبْوَالَهَا خُسْرَانٌ فِي مَوَازِينِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ تَقْوِيَةً لِمَنْ رَوَى لَا شُؤْمَ وَقَدْ يَكُونُ الْيُمْنُ فِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَرَدٌّ لِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى الشُّؤْمُ فِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ وَالِاسْتِشْهَادُ عَلَيْهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مِنْ كتابنا هذا فلا وجه لإعادته ههنا وَفِي إِطْلَاقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخَيْلِ بِأَنَّ الْخَيْرَ فِي نَوَاصِيهَا دَلِيلٌ عَلَى تركتها وَأَنَّهَا مُبَارَكَةٌ لَا شُؤْمَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ الْبَرَكَةُ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ وَثَبَتَ أَنَّهُ قَالَ لَا طِيَرَةَ وَلَا شُؤْمَ وَهَذَا تَصْحِيحُ مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَصَفْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِتَارٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ

الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي الْتَّيَّاحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَرَكَةُ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا النَّضْرُ يَعْنِي ابْنَ شُمَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَرَكَةُ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ وَعِنْدَ شُعْبَةَ وَغَيْرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا حَدِيثُ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْبَارِقِيِّ وَبَارِقٌ فِي الْأزْدِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ هَهُنَا وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلِشُعْبَةَ فِيهِ إِسْنَادَانِ أَصَحُّهَمَا مَا أَخْبَرَنَا بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِي حُصَيْنٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرَ أَنَّهُمَا سَمِعَا الشَّعْبِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَجْرُ

وَالْمَغْنَمُ وَهَذَا يُوَضِّحُ لَكَ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ فِي الْجِهَادِ وَإِنَّهُ مَاضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ عَلَى هَذَا الدِّينِ وَأَهْلُهُ يُجَاهِدُونَ الْعَدُوَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَرْضِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْأَزْدِيِّ وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتِلُ نَاصِيَةَ فَرَسٍ بَيْنَ أُصْبُعِهِ وَهُوَ يَقُولُ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ

لَيْسَ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَعْقُودٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْخَيْلِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ لَيْسَتْ من باب حديثنا هذا منها قوله بين الْخَيْلِ فِي شُقْرِهَا وَمِنْهَا خَيْرُ الْخَيْلِ الْأَدْهَمُ الأقرح الأرثم المحجل ثلاث مطلق الْيُمْنَى أَوْ كُمَيْتٌ عَلَى هَذِهِ الشِّيَةِ وَمِنْهَا أَنَّهُ كَرِهَ الشِّكَالَ مِنَ الْخَيْلِ وَأَحَادِيثُ غَيْرُهَا لَيْسَتْ أَسَانِيدُهَا هُنَاكَ وَالشِّكَالُ مِنَ الْخَيْلِ الَّتِي تَكُونُ ثَلَاثُ قَوَائِمَ مِنْهُ مُحَجَّلَةً وَوَاحِدَةٌ

مُطْلَقَةً أَوْ يَكُونُ الثَّلَاثُ مُطْلَقَةً وَوَاحِدَةٌ مُحَجَّلَةً وَتَكُونُ الرِّجْلُ خَاصَّةً هِيَ الْمُطْلَقَةَ وَحْدَهَا أَوِ الْمُحَجَّلَةَ وَحْدَهَا لَا تَكُونُ الْيَدُ وَلَيْسَ يَكُونُ الشِّكَالُ إِلَّا فِي الرِّجِلِ وَلَا يَكُونُ فِي الْيَدِ عِنْدَهُمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْبَزَّازُ هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عَقِيلِ بْنِ شَبِيبٍ عَنْ أَبِي وَهْبٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَمُّوا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَارْتَبِطُوا الْخَيْلَ وَامْسَحُوا بِنَوَاصِيهَا وَأَكْفَالِهَا وَقَلِّدُوهَا وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ وَعَلَيْكُمْ بِكُلِّ كُمَيْتٍ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ أَوْ أَشْقَرَ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ أَوْ أَدْهَمَ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ بَعْدَ النِّسَاءِ مِنَ الخيل

حديث تاسع عشر

حَدِيثُ تَاسِعَ عَشَرَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ يُقَالُ لَهُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ خَارِجُ الْمَعْنَى عَلَى وَجْهِ التَّفْسِيرِ وَالْبَيَانِ لِحَتَى يَبْعَثَكَ اللَّهُ وقال القعنبي حتيى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهَذَا أَبْيَنُ وَأَصَحُّ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ فِيهِ إِلَى قَوْلٍ وَقَالَ فِيهِ ابْنُ الْقَاسِمِ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهَذَا أَيْضًا بَيَّنٌ يُرِيدُ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَقْعَدِ وَإِلَيْهِ تَصِيرُ وهو

عندي أشبه قوله عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ لِأَنَّ مَعْنَى مَقْعَدِهِ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ مُسْتَقَرُّهُ وَمَا يَصِيرُ إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ فِي رِوَايَةِ قَوْمٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَازٍ وَيَحْيَى بْنُ عَامِرٍ وَغَيْرُهُمْ وَرَوَاهُ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ فَقَالَ فِيهِ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ لَمْ يَزِدْ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَرِيبًا مِنْ هَذَا الِاخْتِلَافِ عَلَى مَالِكٍ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَضُ أَحَدُكُمْ إِذَا مَاتَ عَلَى مَقْعَدِهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً هَكَذَا قَالَ أَبُو أُسَامَةَ وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ إِذَا مات أحدكم عض عَلَى مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ حَتَّى يُبْعَثَ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَرِوَايَةُ أَبِي أُسَامَةَ نَحْوُ رِوَايَةِ يَحْيَى وَرِوَايَةُ ابْنِ نُمَيْرٍ نَحْوُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ بُكَيْرٍ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ

نَافِعٍ فَقَالَ فِيهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهَذَا نَحْوُ رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ قَرَأْتُهُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ قَاسِمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ الليث عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَلَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْمَعَانِي فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُتَقَارِبَةٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مَخْلُوقَتَانِ كَمَا يَقُولُ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي آلِ فِرْعَوْنَ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا الْآيَةَ وَقَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا الْحَدِيثَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْمَسَاكِينَ وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ وَقَوْلُهُ

دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَأَخَذْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ حَفَّهَا بِالْمَكَارِهِ وَخَلَقَ النَّارَ فَحَفَّهَا بِالشَّهَوَاتِ الْحَدِيثَ وَهَذَا كَثِيرٌ وَالْآثَارُ فِي خَلْقِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ بِأَنَّهُمَا قَدْ خُلِقَتَا كَثِيرَةٌ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ الْحَدِيثُ الطَّوِيلُ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ عن المنهال بن عمر وعن زادان عَنِ الْبَرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَدِيثٌ فِيهِ طُولٌ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ قَالَ فِيهِ فَيُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا دِينُكَ فيقول ديني الإسلام فيقولان (له) (ب) مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ فَيَقُولَانِ وَمَا عِلْمُكَ فَيَقُولُ قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ وَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ فَيَأْتِيهِ مِنْ طِيبِهَا وروحها

وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى قِصَّةِ الْكَافِرِ فَيُقَالُ لَهُ مَنْ رَبُّكَ وَمَنْ نَبِيُّكَ وَمَا دِينُكَ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي لَا أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ افْرِشُوا لَهُ مِنَ النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ قَالَ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسُمُومِهَا قَالَ وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُفَسِّرُ حديث ابن عمر المذكور فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْلُهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَيُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ فيأتيه

الْمَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا قَالَ قَتَادَةُ وَذَكَرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا فَإِذَا أُدْخِلَ الْمُؤْمِنُ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ أَتَاهُ مَلَكٌ شَدِيدُ الِانْتِهَارِ فَيَقُولُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ كُنْتُ أَقُولُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُهُ فَيَقُولُ الْمَلَكُ اطَّلِعْ إِلَى مَقْعَدِكِ الَّذِي كَانَ لَكَ مِنَ النَّارِ قَدْ أَنْجَاكَ اللَّهُ مِنْهُ وَأَبْدَلَكَ مَكَانَهُ مَقْعَدَكَ الَّذِي تَرَى مِنَ الْجَنَّةِ فَيَرَاهُمَا كِلَيْهِمَا فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ دَعُونِي أُبَشِّرُ أَهْلِي فَيُقَالُ لَهُ اسْكُنْ هَذَا مَقْعَدَكَ أَبَدًا وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ فِي الْمُنَافِقِ

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عُمَرَ عَنْ زَاذَانَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ عَلَى الْقَبْرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّ عَلَى رؤوسنا الطَّيْرُ فَقَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْقَبْرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي إِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا نَزَلَتْ إِلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَإِذَا عَرَجَ بِرُوحِهِ قَالُوا أَيْ رَبِّ عَبْدُكُ فَيُقَالُ أَرْجِعُوهُ فَإِنِّي عَهِدْتُ إِلَيْهِمْ أَنَّ مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَسَاقَ فِي الْكَافِرِ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا وَأَمَّا قَوْلُهُ أَحَدُكُمْ فَإِنَّ الْخِطَابَ تَوَجَّهَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَإِلَى الْمُنَافِقِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَيُعْرَضُ عَلَى الْمُؤْمِنِ مِنْهُمْ مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَعَلَى الْمُنَافِقِ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ عَلَى نَحْوِ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْإِقْرَارُ بِالْمَوْتِ وَالْبَعْثِ بَعْدَهُ وَالْإِقْرَارُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْأَرْوَاحَ عَلَى أَفْنِيَةِ الْقُبُورِ وَهُوَ أَصَحُّ مَا ذُهِبَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى ذَلِكَ ثَابِتَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ وَكَذَلِكَ أَحَادِيثُ السَّلَامِ عَلَى الْقُبُورِ والله أعلم

حديث موفي عشرين

حَدِيثٌ مُوفِي عِشْرِينَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى وَلِيمَةٍ فَلْيَأْتِهَا لَا خلاف (عن مالك) (أ) فِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ سَوَاءً بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجيبوا الدعة إِذَا دُعِيتُمْ لَمْ يَخُصَّ وَلِيمَةً مِنْ غَيْرِهَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَرِوَايَةِ أَيُّوبَ سَوَاءٌ وَرَوَاهُ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ دَعْوَةً وَرَوَاهُ الزُّبَيْدِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ

وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الْإِتْيَانِ إِلَى وَلِيمَةٍ فِي الْعُرْسِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَضَى الْقَوْلُ فيه مستوعبا في باب ابن شهاب عن الْأَعْرَجِ وَفِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ كتابنا هذا فلا وجه لإعادة ذلك ههنا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى وَلِيمَةٍ فَلْيَأْتِهَا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا دُعِيَ أَجَابَ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا تَرَكَ وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا أَكَلَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ دَعْوَةً قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُصَفَّى قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ عَنْ نَافِعٍ بِإِسْنَادِ أَيُّوبَ وَمَعْنَاهُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجِيبُوا الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَجِيبُوا الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ لَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِتْيَانُ الدعوة في غير الوليمة زعم أن قوله ههنا أَجِيبُوا الدَّعْوَةَ مُجْمَلٌ تَفْسِيرُهُ حَدِيثُ مَالِكٍ وَعُبَيْدِ الله إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتيها فَقَالُوا الدَّعْوَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ الدَّعْوَةُ إِلَى الْوَلِيمَةِ بِدَلِيلِ مَا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْوَلِيمَةَ وَغَيْرَهَا فِي إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إِلَيْهَا سَوَاءٌ احْتَجَّ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ أَجِيبُوا الدَّعْوَةَ فَأَخَذَ بِعُمُومِ هَذَا اللَّفْظِ وَجَعَلَ ذِكْرَ الْوَلِيمَةِ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ كَأَنَّهُ خَرَجَ عَلَى جَوَابِ السَّائِلِ عَنْ إِجَابَةِ الْوَلِيمَةِ قَالُوا أَوَ لَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْوَلِيمَةِ دُونَ غَيْرِهَا كَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَمَّنْ دُعِيَ

إِلَى الْوَلِيمَةِ فَقَالَ لِيَأْتِهَا مَنْ دُعِيَ إِلَيْهَا وَلَوْ سُئِلَ عَنْ غَيْرِهَا أَيْضًا لَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ بِدَلِيلِ الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِحَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عن النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ دَعْوَةً قَالُوا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْوَلِيمَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا الْقَائِلِينَ بِهَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ دُعِيَ إِلَى وَلِيمَةٍ فَلْيُجِبْ وَلْيَأْكُلْ إِنْ كَانَ مُفْطِرًا وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدَعْ وَلَا يَدَعِ الْأَكْلَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا إِذَا كَانَ الطَّعَامُ مِمَّا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَأْكُلْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ يَقُولُ وَلْيَدْعُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بكر

ابن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْلُهُ قَالَ أَيُّوبُ وَكَانَ مُحَمَّدٌ يَنْحُو بِأَحَادِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَ الرَّفْعِ وَقَالَ آخَرُونَ إِذَا أَجَابَ فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْكُلْ وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ دُعِيَ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَأَمَّا الطَّعَامُ فِي الْوَلِيمَةِ أَوْ غَيْرِهَا يَكُونُ فِيهِ اللَّهْوُ أَوِ الْخَمْرُ وَالْمَكْرُوهُ مِنَ الْأُمُورِ فقد ذكرنا ما للعلماء فِي ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي طَعَامِ الْوَلِيمَةِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

حديث حاد وعشرون

حَدِيثٌ حَادٍ وَعِشْرُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلُهُ وَمَالَهُ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِإِسْنَادِهِ هَذَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ عَلَى مَالِكٍ وَكَذَلِكَ رواه أيوب وعبيد الله (بن عمر) (ب) عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال الذي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَيَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حدثنا قاسم حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ نُوحٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِنِ الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلُهُ وَمَالَهُ وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ ابْنُ عُيَيْنَةَ ومحمد بن (أبي) (ب) عَتِيقٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ

وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا بِغَيْرِ اللَّفْظِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الزهري عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكَ الصَّلَاةَ وَمَا فَاتَهُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَعِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادٌ آخَرُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الدُّئِلِيِّ رَوَاهُ عَنْهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ إِلَّا أَنَّهُ مَحْفُوظٌ مِنَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَغَيْرُ مَحْفُوظٍ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا مِنْ حَيْثُ خَلَفُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ مَعْنٍ عَنْ مَالِكٍ قال أبو عبد الرحمان النَّسَائِيُّ أَخَافَ أَنْ لَا يَكُونُ مَحْفُوظًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنٌ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ

فَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ فَقَرَأْتُهُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَالِمٍ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَرْثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الدُّئِلِيِّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَخَالَفَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ فَجَعَلَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فِيمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ أَسَدٍ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ قَالَ حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ هَكَذَا قَالَ صَلَاةٌ فِيمَا كَتَبْنَا عَنْهُ وَقَرَأْنَا عليه وذكر أبي سلمة بن عبد الرحمان فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَطَأٌ مِنْ قَائِلِهِ وَإِنَّمَا هو أبو بكر بن عبد الرحمان وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَإِنَّمَا الْخَطَأُ فِيهِ مَنْ أَسَدٍ أَوْ مِمَّنْ دَوَّنَ أسد وَأَمَّا مِنَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فَلَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا

يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الدُّئِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ قُلْتُ مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ قَالَ صَلَاةَ الْعَصْرِ قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلُهُ وَمَالَهُ هَكَذَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَالْحَدِيثُ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَابْنِ عُمَرَ جَمِيعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ سَالِمٍ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِمَّا يُصَحِّحُ ذَلِكَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الدُّئِلِيِّ وَهُوَ جَالِسٌ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِسُوقِ الْمَدِينَةِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول صلاة مَنْ فَاتَتْهُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ هِيَ الْعَصْرُ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي فَوَائِدِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ نَوْفَلَ الدُّئِلِيِّ مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ أَرَادَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ وَمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ سَوَاءً وَتَكُونُ صَلَاةُ الْعَصْرِ مَخْصُوصَةً بِالذِّكْرِ فِي ذَلِكَ غَيْرَهَا بِالْمَعْنَى وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ حَدِيثَ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَعَمُّ وَأَوْلَى بِصَحِيحِ الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَقَالُوا فِيهِ قَوْلُهُ مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ وَقَدْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ يُرِيدُ كُلَّ صَلَاةٍ لِأَنَّ حُرْمَةَ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا سَوَاءٌ قَالَ وَتَخْصِيصُ ابْنِ عُمَرَ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ هُوَ كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى جَوَابِ السَّائِلِ كَأَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَجَابَ مَنْ سَأَلَهُ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ بِأَنْ قَالَ لَهُ الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلُهُ وَمَالَهُ وَلَوْ سُئِلَ عَنِ الصُّبْحِ وَغَيْرِهَا كَانَ كَذَلِكَ جَوَابُهُ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِدَلِيلِ حَدِيثِ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الَّذِي تَفُوتُهُ الصَّلَاةُ أَوْ تَفُوتُهُ صَلَاةٌ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الدُّئِلِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَعْظِيمٌ لِعَمَلِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا وَهِيَ خَيْرُ أَعْمَالِنَا كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعْمَلُوا إِنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ وَقَدْ سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَيِّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ فَقَالَ الصَّلَاةُ فِي وَقْتِهَا وَرُوِيَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَفِيهِ تَحْقِيرٌ لِلدُّنْيَا وَإِنَّ قَلِيلَ عَمَلِ الْبِرِّ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الدُّنْيَا فَالْعَاقِلُ الْعَالِمُ بِمِقْدَارِ هَذَا الْخِطَابِ يَحْزَنُ عَلَى فَوَاتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ قَبْلَ اصْفِرَارِهَا فَوْقَ حُزْنِهِ عَلَى ذِهَابِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالِاعْتِلَالِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وجه لإعادته ههنا وَحُكْمُ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ فِي فَوَاتِهَا كَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ خَرَجَ

عَلَى جَوَابِ السَّائِلِ عَمَّنْ تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَلَا يَكُونُ غَيْرُهَا بِخِلَافِ حُكْمِهَا فِي ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْإِثْمَ فِي تَضْيِيعِهَا أَعْظَمُ وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ أُولَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ فَقَالَ خصها رسول بِالذِّكْرِ مِنْ أَجْلِ أَنِ اللَّهَ خَصَّهَا بِقَوْلِهِ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَجَمَعَهَا فِي قوله الصلوات ثم خصها بالذكر تعظيمها لَهَا كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ فَعَمَّ النَّبِيِّينَ ثُمَّ قَالَ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَخَصَّ هَؤُلَاءِ تَعْظِيمًا لَهُمْ وَهُمْ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّلَاةِ الوسطى على حسبما قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وجه لإعادته ههنا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ فَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَكَأَنَّمَا أُذِيبَ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَكَأَنَّمَا ذَهَبَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ ذَهَابُ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ لِأَنَّ الأهل والمال

بَاقِيَانِ لَكِنَّ ذَهَابَ الْأَجْرِ عَلَى ذِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ كَذَهَابِ الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَأَمَّا أَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنَ اللُّغَةِ فَإِنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْوِتْرِ وَالتِّرَةِ وَهُوَ أَنْ يَجْنِيَ الرَّجُلُ عَلَى الْآخَرِ جِنَايَةً فِي دَمٍ أَوْ مَالٍ فَيَطْلُبُهُ بِهِ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالَ أَوْ مِثْلَهُ وَمِثْلَ ذَلِكَ الدَّمِ وَقَلَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا أَكْثَرَ مِنَ الْجِنَايَةِ الْأَوْلَى فَيَذْهَبُ الْمَالُ وَيُجْحِفُ بِهِ وَبِالْأَهْلِ وَقَدْ يُسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُوتُورًا لِذَهَابِ مَالِهِ وَأَهْلِهِ قَالَ الْأَعْشَى ... عَلْقَمُ مَا أَنْتَ إِلَى عَامِرٍ ... النَّاقِضِ الْأَوْتَارِ وَالْوَاتِرِ ... وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ ... كَأَنَّمَا الذِّئْبُ إِذْ يَعْدُو عَلَى غَنَمِي ... فِي الصُّبْحِ طَالِبُ وِتْرٍ كَانَ فَاتَّأَرَا ... وَقَالَ مُنْقِذٌ الْهِلَالِيُّ ... وَكَذَاكَ يَفْعَلُ فِي تَصَرُّفِهِ ... وَالدَّهْرُ لَيْسَ يَنَالُهُ وَتَرُ

وَإِنَّمَا قَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَلَمْ يَقُلْ مَاتَ أَهْلُهُ لِأَنَّ الْمُوتُورَ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ هَمَّانِ هَمُّ ذَهَابِ أَهْلِهِ وَهَمُّ الطَّلَبِ بِثَأْرِهِ وَوَتْرِهِ فَالَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَمُصِيبَتُهُ لَوْ حَصَّلَ وَفَهِمَ كَمُصِيبَةِ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ حَدِيثٌ أَشَدُّ مِنْ هَذَا فِي ظَاهِرِهِ وَلَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَالْمَعْنَى فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ كَالْمَعْنَى فِي هَذَا سَوَاءً حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان قالا حدثا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قال حَدَّثَنِي أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ كُنَّا مَعَ يَزِيدَ فِي سَفَرٍ فِي يَوْمِ غَيْمٍ فَقَالَ بَكِّرُوا بِالْعَصْرِ وَقَالَ يَحْيَى بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَقَالَ يَزِيدُ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ

وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ عَنْ بُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ جَمِيعًا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَبِطَ عَمَلُهُ أَيْ حَبِطَ عَمَلُهُ فِيهَا فَلَمْ يَحْصُلْ عَلَى أَجْرِ مَنْ صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا يَعْنِي أَنَّهُ إِذَا عَمِلَهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا فَقَدَ أَجْرَ عَمَلِهَا فِي وَقْتِهَا وَفَضْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَا أَنَّهُ حَبِطَ عَمَلُهُ جُمْلَةً فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ أَعُوذُ بِاللَّهِ مَنْ مِثْلِ هَذَا التَّأْوِيلَ فَإِنَّهُ مَذْهَبُ الْخَوَارِجِ وَإِنَّمَا يُحْبِطُ الْأَعْمَالَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَفِي هَذَا النَّصِّ دَلِيلٌ وَاضِحٌ أَنَّ مَنْ لَمْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ لَمْ يُحْبَطْ عَمَلُهُ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ فَقَدَ حَبِطَ عَمَلُهُ بِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الْمُرْتَدِّ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَرْكُ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى فَاتَتْهُ وَقَدْ يَكُونُ الْمَعْنَى فَاتَتْهُ تَرْكُهُ لَهَا فَحَبِطَ عَمَلُهُ فِيهَا فَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ تناقض ولا

يُسَمَّى النَّاسِي لَهَا وَالنَّائِمُ عَنْهَا وَالْمَحْبُوسُ عَنِ الْقِيَامِ إِلَيْهَا تَارِكًا لَهَا لِأَنَّ الْفَاعِلَ مَنْ فَعَلَ التَّرْكَ وَاخْتَارَهُ بِقَصْدٍ مِنْهُ إِلَيْهِ وَارِدَةٍ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَنْ وَصَفْنَا حَالَهُ مِنَ النَّاسِي وَالنَّائِمِ وَالْمَغْلُوبِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحْكَامَ تَارِكِ الصَّلَاةِ عَامِدًا وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ أَوْ غَيْرَهَا جُحُودًا بِهَا فَهُوَ كَافِرٌ قَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

حديث ثان وعشرون

حَدِيثُ ثَانٍ وَعِشْرُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَتَحَرَّى أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَى مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعُسْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ وَأَخْبَرَنَا مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لَا يَتَحَرَّى أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَتَحَرَّى دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَالْمَقْصُودَ بِهِ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ لَا صَلَاةَ الْفَرْضِ وَقَدْ يَجُوزُ

أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ قَصَدَ بِهِ إِلَى أَنْ لَا يَتْرُكَ الْمَرْءُ صَلَاةَ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَلَا يَتْرُكَ صَلَاةَ الصُّبْحِ إِلَى حِينِ طُلُوعِهَا ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي فِي ذَيْنِكَ الْوَقْتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا قَاصِدًا لِذَلِكَ عَامِدًا مُفْرِطًا وَلَيْسَ ذَلِكَ لِمَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ فَانْتَبَهَ أَوْ ذَكَرَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِأَنَّ مَنْ عَرَضَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمُتَحَرٍّ لِلصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَا قَاصِدًا إِلَيْهَا وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ ذَكْرَهَا بَعْدَ نِسْيَانٍ أَوِ انْتَبَهَ إِلَيْهَا وَلَمْ يَتَحَرَّ الْقَصْدَ بِصَلَاتِهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَإِنَّمَا الْمُتَحَرِّي بِصَلَاتِهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ الْمُتَطَوِّعُ بِالصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوِ التَّارِكُ عَامِدًا صَلَاتَهُ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَعَنْ هَذَا جَاءَ النَّهْيُ مُجَرَّدًا وَعَلَيْهِ اجْتَمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا الْفَرْضُ فِي غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي هَذَا الْبَابِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ

وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ الطُّلُوعِ أَوْ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَقَدْ صَلَّى صَلَاتَهُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَدَلِيلٌ آخَرُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَذَلِكَ وَقْتُهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي لَمْ يَخُصَّ وَقْتًا مِنْ وَقْتٍ وَهَذَا كُلُّهُ يُوَضِّحُ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَحَرَّ أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ التَّطَوُّعَ وَالنَّوَافِلَ وَالتَّعَمُّدَ لِتَرْكِ الْفَرَائِضِ فَاعْلَمْهُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ مُسْتَوْعَبًا فِي هَذَا الْمَعْنَى بِمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّنَازُعِ وَوُجُوهُ أَقْوَالِهِمْ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْهُ أَحَدُهُمَا عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَالْأَعْرَجِ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْآخَرُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الصَّنَابِحِيِّ وَمَضَى الْقَوْلُ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ

شيء في ذلك ههنا وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْهُمْ وَالْمُتَأَخِّرِينَ إِنَّ صَلَاةَ التَّطَوُّعِ وَالنَّوَافِلِ كُلِّهَا غَيْرُ جَائِزٌ شَيْءٌ مِنْهَا أَنْ تُصَلَّى عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ الْمُتَعَيِّنَاتِ وَالْمَفْرُوضَاتِ عَلَى كِفَايَةٍ وَالصَّلَوَاتِ الْمَسْنُونَاتِ مِمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ وَيَفْعَلُهُ وَيَنْدُبُ أُمَّتَهُ عليه هل يصلي شيء من ذلك منذ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا أَوِ اصْفِرَارِهَا أَوْ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ أَمْ لَا وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي سَمَّيْنَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

حديث ثالث وعشرون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَعِشْرُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مالك عن نافع عن (عبد الله) (أ) بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّعَاهُدُ لِلْقُرْآنِ وَدَرْسُهُ وَالْقِيَامُ بِهِ وَفِيهِ الْإِخْبَارُ أَنَّهُ يَذْهَبُ عَنْ صَاحِبِهِ وَيَنْسَاهُ إِنْ لَمْ يَتَعَاهَدْ عَلَيْهِ وَيَقْرَأْهُ وَيُدْمِنْ تِلَاوَتَهُ وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِيدٌ شَدِيدٌ فمين حَفِظَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ كُلُّ ذَلِكَ حَضٌّ مِنْهُ عَلَى حِفْظِهِ وَالْقِيَامِ بِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ قَالَ (حَدَّثَنَا) (ب) عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي

زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ يُقَالُ لَهُ عِيسَى يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ أَجْذَمُ مَعْنَاهُ عِنْدِي مُنْقَطِعُ الْحُجَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ فَضْلٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي مَعْنَى حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ إِنَّ ذَلِكَ فِي تَرْكِ الْقُرْآنِ وَتَرْكِ الْعَمَلِ بِمَا فيه وإن النسيان أريد به ههنا التَّرْكُ نَحْوَ قَوْلِهِ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالَ وَلَيْسَ مَنِ اشْتَهَى حِفْظَهُ وَتَفَلَّتَ مِنْهُ بِنَاسٍ لَهُ إِذَا كَانَ يُحِلُّ حَلَالَهُ وَيُحَرِّمُ حَرَامَهُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنَاسٍ لَهُ قَالَ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا نَسِيَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْهُ شَيْئًا وَقَدْ نَسِيَ وَقَالَ ذَكَّرَنِي هَذَا آيَةً نَسِيتُهَا وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ فَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيُنْسِيَ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالنَّاسُ كَمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَذَكَرَهُ وَكَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهُمُ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِهَذَا الْخِطَابِ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ وَيُكْمِلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَكُلُّهُمْ كَانَ يَقِفُ عَلَى مَعَانِيهِ وَمَعَانِي مَا حَفِظَ مِنْهُ وَيَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ وَيَحْفَظُ أَحْكَامَهُ وَرُبَّمَا عَرَفَ الْعَارِفُ مِنْهُمْ أَحْكَامًا مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرَةً وَهُوَ لَمْ يَحْفَظْ سُوَرَهَا قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ تَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَسَيَأْتِي قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ قَبْلَ الْإِيمَانِ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أَيْ يَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ وَيَتَّبِعُونَهُ حَقَّ اتِّبَاعِهِ قَالَ عِكْرِمَةُ أَلَمْ تَسْتَمِعْ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا أَيْ تَبِعَهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَعَاهَدْ علمه ذهب عنه أي مَنْ كَانَ لِأَنَّ عِلْمَهُمْ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتَ الْقُرْآنُ لَا غَيْرَ وَإِذَا كَانَ الْقُرْآنُ الْمُيَسَّرُ لِلذِّكْرِ يَذْهَبُ إِنْ لَمْ يُتَعَاهَدْ فَمَا ظَنُّكُ

بغيره من العلوم المعهودة وخيرالعلوم مَا ضُبِطَ أَصْلُهُ وَاسْتُذْكِرَ فَرْعُهُ وَقَادَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَدَلَّ عَلَى مَا يَرْضَاهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ البررة والذي يقرأه وهو يَشُقُّ عَلَيْهِ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ زِيَادِ بْنِ فَائِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَرَأَ

الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أَلْبَسَ وَالِدَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَاجًا ضَوْؤُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ في بيوت الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيهِ فَمَا ظَنُّكُمْ مَنْ عَمِلَ بِهَذَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ فَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ مِنْ عَقْلِهِ وَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَمَا لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ هُوَ نُسِّيَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قال حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْخَزَّازُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي

حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ أُنْسِيهَا وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يُحْتُجُّ بِهِ لِضَعْفِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

حديث رابع وعشرون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَعِشْرُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْفَضَائِلُ لَا تُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَلَا مَدْخَلَ فِيهَا لِلنَّظَرِ وَإِنَّمَا هُوَ مَا صَحَّ مِنْهَا وَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهَا فَهُوَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسٍ وعشرين درجة

وَكَذَلِكَ رَوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَأَسَانِيدُهَا كُلُّهَا صِحَاحٌ وَاللَّهُ يَتَفَضَّلُ بِمَا يَشَاءُ وَيُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ لَا أَحْفَظُهُ فِي وَقْتِي هَذَا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفُضُلُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ بِأَرْبَعِينَ دَرَجَةً وَأَظُنُّهُ انْفَرَدَ بِهِ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَلَيْسَ حَدِيثُهُ بِالْقَوِيِّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُوَيْطِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ عِيسَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُمَيْرٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ وَقَدِ اسْتَدَلَّ قَوْمٌ عَلَى أَنْ لَا فَضْلَ لِكَثِيرِ الْجَمَاعَةِ عَلَى قَلِيلِهَا وَلَا لِلصَّفِّ الْمُقَدَّمِ مِنْهَا عَلَى غَيْرِهِ بِظَاهِرِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلُهُ وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَزَعَمُوا أَنَّ الْجَمَاعَةَ كُلَّمَا كَثُرَتْ كَانَ أَفْضَلَ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أبي

بَصِيرٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا بِذَلِكَ وَهُوَ حَدِيثٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَزَعَمُوا أَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُ لِمَا جَاءَ فِيهِ مِنَ الِاسْتِهَامِ عَلَيْهِ وَمِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَعَارَضَهُمُ الْأَوَّلُونَ بِأَنْ تَأَوَّلُوا قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَشَرُّ صُفُوفِ النِّسَاءِ أَوَّلُهَا وَخَيْرُهَا آخِرُهَا إِنَّمَا خَرَجَ عَلَى قَوْمٍ كَانُوا يَتَأَخَّرُونَ فِي أَجَلِ النِّسَاءِ حَتَّى أُنْزِلَتْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ فَحِينَئِذٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الْقَوْلَ وَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ إِذَا كَانَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَفِي الْمَسْأَلَةِ نَظَرٌ وَالْفَضَائِلُ إِنَّمَا تُعْرَفُ بِمَا صَحَّ مِنَ التَّوْقِيفِ عَلَيْهَا فَمَا صَحَّ مِنْ ذَلِكَ سَلِمَ لَهُ وَطَمِعَ فِي بِرْكَتِهِ وَالْمَعْنَى فِي فَضْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ التَّبْكِيرُ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ مَنْ تَأَخَّرَ وَصَارَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ كَمَنْ بَكَّرَ وَانْتَظَرَ الصَّلَاةَ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ سُمَيٍّ إِنْ شاء الله

وَفِي فَضْلِ الْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَاةِ أَحَادِيثُ مُتَوَاتِرَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى صِحَّةِ مَجِيئِهَا وَعَلَى اعْتِقَادِهَا وَالْقَوْلِ بِهَا وَفِي ذَلِكَ مَا يُوَضِّحُ بِدْعَةَ الْخَوَارِجِ وَمُخَالَفَتَهُمْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي إِنْكَارِهِمُ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ وَكَرَاهِيَتِهِمْ لِأَنْ يَأْتَمَّ أَحَدٌ بِأَحَدٍ فِي صلاته إلا أن يكون نَبِيًّا أَوْ صِدِّيقًا أَجَارَنَا اللَّهُ مِنَ الضَّلَالِ برحمته وعصمنا (هـ) بِفَضْلِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ

حديث خامس وعشرون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَعِشْرُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا عَجِلَ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الجمع بين الصلاتين فِي السَّفَرِ وَغَيْرِهِ مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ أَبِي الزُّبَيْرِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا

حديث سادس وعشرون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَعِشْرُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ كُلُّهُمْ يُحَدِّثُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ لَمْ يُدْخِلُوا بَيْنَ نَافِعٍ وَبَيْنَ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ أَحَدًا وَكَذَلِكَ لَيْسَ بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَبَيْنَ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ أَحَدٌ وَلَا بَيْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَبَيْنَ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ أَحَدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي هَذَا وَرَوَاهُ زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ عِنْدِي خَطَأٌ مِنْ زَيْدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ هَذَا لَا مِنْ غَيْرِهِ والله أعلم

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ سالم عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى بْنُ عُبَيْدٍ وَإِنَّمَا هُوَ زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نُوحٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ هَذَا دِمَشْقِيٌّ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدُحَيْمٌ وَغَيْرُهُمْ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

حديث سابع وعشرون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَعِشْرُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ هَكَذَا قَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ وَمَنْصُورٍ وَمَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ مَالِكٍ وَمَنْصُورٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ وَالْعَبَّاسُ بْنُ مُطَّرِحٍ الْأَزْدِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ وَإِسْمَاعِيلُ (قال) (ب) وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ قَالُوا حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ نَافِعٍ جَمَاعَةٌ وَرَوَاهُ أَيْضًا سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَاهُ بُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّيَّاتُ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنُ قَعْنَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ وَمِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالِكٌ وَأَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ وَمَنْصُورُ بن المعتمر والليث بْنُ سَعْدٍ وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ وَالضَّحَّاكُ بْنُ عثمان وليث بن سليم وحجاج بْنُ أَرْطَاةَ وَأَشْعَثُ كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجمعة فليغتسل

وَرَوَاهُ الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَجَلَسَ فَقَالَ عُمَرُ لِمَ تَحْتَبِسُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ النِّدَاءَ فَتَوَضَّأْتُ ثُمَّ أَقْبَلْتُ فَقَالَ عُمَرُ الْوُضُوءُ أَيْضًا أَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ وَرَوَى مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ فَذَكَرَ مِثْلَ هَذَا سَوَاءً قَالَ فِي آخِرِهِ وَالْوُضُوءُ أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ كَذَلِكَ مُسْنَدًا وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ فَرَوَاهُ عَنْهُ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ عُمَرَ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ مُتَّصِلًا وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ أَسَانِيدِ هَذِهِ الْآثَارِ هُنَاكَ

وَاسْتَوْعَبْنَا الْقَوْلَ فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَسُقُوطِهِ وَمَنْ رَآهُ سُنَّةً وَكَيْفَ الْوَجْهُ فِيهِ بِمَا للعلماء في ذلك من المذاهب هُنَالِكَ أَيْضًا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ شَيْءٍ مِنْ ذلك ههنا وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ فِي هَذَا الْبَابِ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ الرَّوَاحُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَعَلَى مَنْ رَاحَ إِلَى الْجُمُعَةِ الْغُسْلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ إِنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ الرَّوَاحِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ

الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ وَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ فَلْيَغْتَسِلْ وَهَذَا اللَّفْظُ إِنَّمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ عِنْدَ الرَّوَاحِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ إِلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَكُونُ لِلْجُمُعَةِ إِلَّا عِنْدَ الرَّوَاحِ إِلَيْهَا مُتَّصِلًا بِالرَّوَاحِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ أَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ الْفَجْرِ لِلْجَنَابَةِ وَالْجُمُعَةِ وَذَهَبَ الشافعي وابو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ إِلَى أَنَّ مَنِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُ مِنْ غُسْلِهَا وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ صَاحِبِ مَالِكٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إِذَا اغْتَسَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ شَهِدَ الْجُمُعَةَ لَمْ يَكُنْ كَمَنْ شَهِدَ الْجُمُعَةَ عَلَى غُسْلٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إِنْ كَانَ الْغُسْلُ لِيَوْمٍ فَاغْتَسَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ بِوُضُوءٍ فَغُسْلُهُ تَامٌّ وَإِنْ كَانَ الْغُسْلُ لِلصَّلَاةِ فَإِنَّمَا شَهِدَ الْجُمُعَةَ عَلَى وُضُوءٍ وَقَالَ مَالِكٌ مَنِ اغْتَسَلَ عِنْدَ الرَّوَاحِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَتَوَضَّأَ وَشَهِدَ الْجُمُعَةَ أَجْزأَهُ غُسْلُهُ وَإِنِ اغْتَسَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ وَيُرِيدُ بِهِ الْجُمُعَةَ لَمْ يُجْزِهِ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَجْزَأَهُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ

عِنْدَهُ لِلْيَوْمِ لَا لِلرَّوَاحِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الْغُسْلُ هُوَ الرَّوَاحُ إِلَى الْجُمُعَةِ فَإِنِ اغْتَسَلَ لِغَيْرِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ لَمْ يُجْزِهِ مِنَ الْجُمُعَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْغُسْلُ لِلْجُمُعَةِ سُنَّةٌ فَمَنِ اغْتَسَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ لِلْجَنَابَةِ وَلَهَا أَجْزَأَهُ وَإِنْ غَسَلَ لَهَا دُونَ الْجَنَابَةِ وَهُوَ جُنُبٌ لَمْ يُجْزِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ وَإِذَا اغْتَسَلَ ثُمَّ أَحْدَثَ أَجْزَأَهُ الْغُسْلُ فَهَذَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ مَالِكٍ وَيُشْبِهُ مَذْهَبَ الثَّوْرِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ جَعَلَ الْغُسْلَ لِلرَّوَاحِ مُتَّصِلًا بِهِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا وَحَدِيثُ حَفْصَةَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَحُجَّةُ مَنْ جَعَلَ الْغُسْلَ لِلْيَوْمِ حَدِيثُ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْغُسْلُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ يَوْمًا وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكرَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ فَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي سُقُوطِ وُجُوبِهِ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ

بِالدَّلَائِلِ الْوَاضِحَةِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْأَصْلُ أَنْ لَا فَرْضَ إِلَّا بِيَقِينٍ وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْغُسْلَ لِلْيَوْمِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَوِ اغْتَسَلَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي بَاقِي الْيَوْمِ لَمْ يَكُنْ مُغْتَسِلًا وَأَنَّهُ غَيْرُ مُصِيبٍ فِي فِعْلِهِ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لِلرَّوَاحِ إِلَى الصَّلَاةِ وَإِذَا حُمِلَتِ الْآثَارُ عَلَى هَذَا صَحَّتْ وَلَمْ تَتَعَارَضْ فَهَذَا أَوْلَى مَا فِي هَذَا الْبَابِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ الَّذِي يَغْتَسِلُ سَحَرَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ يُحْدِثُ أَيَغْتَسِلُ أَمْ يُجْزِئُهُ الْوُضُوءُ فَقَالَ يُجْزِئُهُ وَلَا يُعِيدُ الْغُسْلَ ثُمَّ قَالَ مَا سَمِعْتُ فِي هَذَا حَدِيثًا أَعْلَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبْزَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ يُحْدِثُ بَعْدَ الْغُسْلِ فَيَتَوَضَّأُ وَلَا يُعِيدُ غُسْلًا وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ إِلَّا طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ قَالُوا بِوُجُوبِهِ وَشَدَّدُوا فِي ذَلِكَ وَأَمَّا سَائِرُ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ فَإِنَّمَا هُمْ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سُنَّةٌ وَالْآخَرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَأَنَّ الْأَمْرَ بِهِ كَانَ لِعِلَّةٍ فَسَقَطَ والطيب يجزئ

عَنْهُ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْمَعَانِيَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَمْ يَذْكُرْ جَنَابَتَهُ فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْجَنَابَةَ وَكَانَ نَاسِيًا لَهَا وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا ابْنُ كِنَانَةَ وَأَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ نَافِعٍ وَهَؤُلَاءِ مِنْ جُلَّةِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَنْوِيَ غُسْلَ الْجَنَابَةِ وَيَكُونَ ذَاكِرًا لِجَنَابَتِهِ قَاصِدًا إِلَى الْغُسْلِ مِنْهَا وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ مَنِ اغْتَسَلَ لِلْجَنَابَةِ لَا يَنْوِي الْجُمُعَةَ مَعَهَا أَنَّهُ غَيْرُ مُغْتَسِلٍ لِلْجُمُعَةِ وَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ إِلَّا شيء روي عن أشبه بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ يُجْزِيهِ غُسْلُ الْجَنَابَةِ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَشْهَبَ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْبَرْقِيُّ عَنْ أَشْهَبَ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالطَّبَرِيُّ الْمُغْتَسِلُ لِلْجَنَابَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُجْزِئُهُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَمِنَ الْجَنَابَةِ جَمِيعًا إِذَا نَوَى غُسْلَ الْجَنَابَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الجمعة

وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَنِ اغْتَسَلَ يَنْوِي الْغُسْلَ لِلْجَنَابَةِ وَلِلْجُمُعَةِ جَمِيعًا فِي وَقْتِ الرَّوَاحِ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَلَا يَضُرُّهُ اشْتِرَاكُ النِّيَّةِ فِي ذَلِكَ إِلَّا قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ شَذُّوا فَأَفْسَدُوا الْغُسْلَ إِذَا اشْتَرَكَ فِيهِ الْفَرْضُ وَالنَّفْلُ وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ هَذَا فِي رِوَايَةٍ شَذَّتْ عَنْ مَالِكٍ (وَلِلْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ مَوْضِعٌ غَيْرُ هذا) (ج) قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَجُلٌ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ جَنَابَةٍ يَنْوِي بِهِ غُسْلَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَقُلْتُ لَهُ يُرْوَى عَنْ مالك أنه قال (لا) يجزئه عند (هـ) وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَأَنْكَرَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى وَهُوَ ابْنُ أَعْيُنٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ لِلْجُمُعَةِ وَالْجَنَابَةِ غُسْلًا وَاحِدًا

حديث ثامن وعشرون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَعِشْرُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مالك عن نافع عن (عبد الله) (أ) بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ فَحَكَّهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِزَالَةُ مَا يُسْتَقْذَرُ وَمَا يُتَنَزَّهُ عَنْهُ وَيُتَقَزَّزُ مِنْهُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَأَنْ يُنَظَّفَ وَإِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَحُكُّ البصاق من حائط المسجد (من قبلته) (د) فَكَنْسُهُ وَتَنْظِيفُهُ وَكِسْوَتُهُ يَدْخُلُ فِي مَعْنَى ذَلِكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا

دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَبْصُقَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ إِذَا لَمْ يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ وَلَا يَقْطَعُ ذَلِكَ صِلَاتَهُ وَلَا يُفْسِدُ شَيْئًا مِنْهَا إِذَا غَلَبَهُ ذَلِكَ وَاحْتَاجَ إِلَيْهِ وَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ أَلْبَتَّةَ وَلَكِنْ يَبْصُقُ فِي ثَوْبِهِ وَتَحْتَ قَدَمَيْهِ عَلَى مَا ثَبَتَ فِي الْآثَارِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الْقَلِيلَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَضُرُّهَا وَفِي إِبَاحَةِ الْبُصَاقِ فِي الصَّلَاةِ لِمَنْ غَلَبَهُ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّفْخَ فِي الصَّلَاةِ إِذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ صَاحِبُهُ اللَّعِبَ وَالْعَبَثَ وَكَانَ يَسِيرًا لَا يَضُرُّ الْمُصَلِّي فِي صَلَاتِهِ وَلَا يُفْسِدُ شَيْئًا مِنْهَا لِأَنَّهُ قَلَّمَا يَكُونُ بُصَاقٌ إِلَّا وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنَ النَّفْخِ وَالنَّحْنَحَةِ وَالْبُصَاقُ وَالنُّخَامَةُ وَالنُّخَاعَةُ كُلُّ ذَلِكَ مُتَقَارِبٌ وَقَدْ فَسَّرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالتَّنَخُّعُ وَالتَّنَخُّمُ ضَرْبٌ مِنَ التَّنَحْنُحِ وَمَعْلُومٌ (أَنَّ) لِلتَّنَخُّمِ صَوْتًا كَالتَّنَحْنُحِ وَرُبَّمَا كَانَ مَعَهُ ضَرْبٌ مِنَ النَّفْخِ عِنْدَ الْقَذْفِ بِالْبُصَاقِ فَإِنْ قَصَدَ النَّافِخُ أَوِ الْمُتَنَحْنِحُ فِي الصَّلَاةِ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ اللَّعِبَ أَوْ شَيْئًا مِنَ الْعَبَثِ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ وَأَمَّا إِذَا كَانَ نَفْخُهُ تَأَوُّهًا مِنْ ذِكْرِ النَّارِ إِذَا مَرَّ بِهِ ذِكْرُهَا فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ فِي صِلَاتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْ هَذَا الْبَابِ فَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ النَّفْخَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ فَعَلَهُ فَاعِلٌ لَمْ يَقْطَعْ صَلَاتَهُ

ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَذَكَرَ ابْنُ خواز بنداد قَالَ قَالَ مَالِكٌ التَّنَحْنُحُ وَالنَّفْخُ وَالْأَنِينُ فِي الصلاة لا يقطع الصلاة ورواه ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ يَعْنِي النَّفْخَ وَالتَّنَحْنُحَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ مَا كَانَ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ حُرُوفُ الْهِجَاءِ فَلَيْسَ بِكَلَامٍ وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا الْكَلَامُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا الْكَلَامُ الْمَفْهُومُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِنْ كَانَ النَّفْخُ يُسْمَعُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ التَّأْفِيفَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ صِلَاتُهُ تَامَّةٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ نَفَخَ فِي صِلَاتِهِ وَالنَّفْخُ مَعَ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالنُّخَعِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ مِثْلُهُ هُوَ مَكْرُوهٌ وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّفْخَ كَلَامٌ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يقطع عند الصَّلَاةَ إِنْ صَحَّ عَنْهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ النَّفْخُ فِي الصَّلَاةِ كَلَامٌ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّافِخُ عَامِدًا عَابِثًا فَيَكُونُ حِينَئِذٍ مفسدا لصلاته قال أبوعمر أجمع العلماء على كراهيةالنفخ فِي الصَّلَاةِ وَاخْتَلَفُوا فِي إِفْسَادِ الصَّلَاةِ بِهِ وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى كَرَاهِيَةِ الْأَنِينِ وَالتَّأَوُّهِ فِي الصَّلَاةِ وَاخْتَلَفُوا فِي صَلَاةِ مَنْ أَنَّ وَتَأَوَّهَ فِيهَا فَأَفْسَدَهَا بَعْضُهُمْ وَأَوْجَبَ الْإِعَادَةَ وَبَعْضُهُمْ قَالَ لَا إِعَادَةَ فِي ذَلِكَ وَالتَّنَحْنُحُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ أَخَفُّ مِنَ الْأَنِينِ وَالنَّفْخِ وَمِنَ التَّأَوُّهِ وَلَا أَصْلَ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا إِجْمَاعُهُمْ عَلَى تحريم الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ كُلٌّ عَلَى أَصْلِهِ الَّذِي قَدَّمْنَا عَنْهُمْ فِي بَابِ أَيُّوبَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَقَوْلُ مَنْ رَاعَى حُرُوفَ الْهِجَاءِ وَمَا يُفْهَمُ مِنَ الْكَلَامِ أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى فَكَلَامٌ خَرَجَ عَلَى التَّعْظِيمِ لِشَأْنِ الْقِبْلَةِ وَإِكْرَامِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْآثَارُ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَعَ النَّظَرِ وَالِاعْتِبَارِ وَقَدْ نَزَعَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُ مِنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْمُعْتَزِلَةِ فِي إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَلَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ وَهَذَا جَهْلٌ مِنْ قَائِلِهِ

لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ النَّهْيُ عَنِ الْبُزَاقِ فِي الْقِبْلَةِ أَنَّهُ يَبْزُقُ تَحْتَ قَدَمِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَهَذَا يَنْقُضُ مَا أَصَّلُوهُ فِي أَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ جَمِيعًا أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى عَرَفْنَا ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ فَحَكَّهُ وَقَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ أَوْ إِنَّ الْمَرْءَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ فَلْيَبْزُقْ إِذَا بَزَقَ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ أَقْبَلَ عَلَى اللَّهِ

بِوَجْهِهِ فَلَا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ فِي قِبْلَتِهِ وَلَا يَبْزُقَنَّ عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ يَبْزُقُ عَنْ يَسَارِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمًا إِذْ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَتَغَيَّظَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ حَكَّهَا قَالَ وَأَحْسَبُهُ قَالَ وَدَعَا بِزَعْفَرَانٍ فَلَطَّخَهُ بِهِ وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قِبَلَ وَجْهِ أَحَدِكُمْ إِذَا صَلَّى فَلَا يَبْزُقْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرحمان أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ حصاة فحتها ثُمَّ قَالَ إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَخَّمَنَّ قبل

وجهه (ولا عن يمينه (أ)) وَلْيَبْزُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَاللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ لَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ وَرَوَى ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة قَالَتْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَوْدُودٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ دَخَلَ هَذَا الْمَسْجِدَ فَبَزَقَ فِيهِ أَوْ تَنَخَّمَ فَلْيَحْفِرْ وَلِيَدْفِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيَبْزُقْ فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ ليخرج به

وَرَوَى شُعْبَةُ وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَأَبَانُ الْعَطَّارُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْبُزَاقُ يَكْتُبُ بِالزَّايِ وَبِالسِّينِ وَبِالصَّادِّ وَقَدْ مَضَى فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ نَافِعٍ أَيْضًا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي فَرَأَيْتُ فِيهَا حَتَّى الْقَذَاةَ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ أَبَاحَ النَّفْخَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى جِهَةِ التَّأَوُّهِ بِمَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ فَأَطَالَ الْقِيَامَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ لَيْسَ يَرْكَعُ ثُمَّ رَكَعَ فَلَمْ يَكَدْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَلَمْ يَكَدْ يَسْجُدُ ثُمَّ سَجَدَ فَلَمْ

يَكَدْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا فَعَلَ فِي الْأُولَى وَجَعَلَ يَنْفُخُ فِي الْأَرْضِ وَيَبْكِي وَهُوَ سَاجِدٌ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَيَقُولُ رَبِّ لِمَ تُعَذِّبُهُمْ (وَأَنَا فِيهِمْ رب لم تعذبهم) (ب) ونحن نستغفرك ثم رفع رأسه (وقد) (ج) تَجَلَّتِ الشَّمْسُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

حديث تاسع وعشرون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَعِشْرُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنْ كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ لَيَتَوَضَّئُونَ جَمِيعًا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ فِيهِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ رِشْدِينَ قَالُوا حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّئُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ لَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ كَانَ يَتَوَضَّئُونَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى إِبْطَالِ قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا يُتَوَضَّأُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ وَالرَّجُلَ إِذَا اغْتَرَفَا جَمِيعًا مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فِي الْوُضُوءِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَوَضِّئٌ بِفَضْلِ صَاحِبِهِ وَقَدْ وَرَدَتْ آثَارٌ فِي هَذَا الْبَابِ مَرْفُوعَةٌ بِالنَّهْيِ عَنْ أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضِهَا وَلَكِنْ لِيَغْتَرِفَا جَمِيعًا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَغْتَرِفَ الرَّجُلُ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَوَضِّئٌ حِينَئِذٍ بِفَضْلِ صَاحِبِهِ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَنْفَرِدَ الْمَرْأَةُ بِالْإِنَاءِ ثُمَّ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بَعْدَهَا بِفَضْلِهَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَوَى بِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَثَرًا وَلَمْ أَرَ لِذِكْرِ تِلْكَ الْآثَارِ وَجْهًا فِي كِتَابِي هَذَا لأن

الصَّحِيحَ عِنْدِي مَا رُوِيَ مِمَّا يُضَادُّهَا وَيُخَالِفُهَا مِثْلُ حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ هُوَ الْفَرْقُ وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ وَتَتَوَضَّأَ الْمَرْأَةُ بِفَضْلِهِ انْفَرَدَتْ بِالْإِنَاءِ أَوْ لَمْ تَنْفَرِدْ وَفِي مِثْلِ هَذَا آثَارٌ كَثِيرَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِحَاحٌ وَالَّذِي يُذْهَبُ إِلَيْهِ أَنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا ظَهَرَ فِيهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ أَوْ غَلَبَ عَلَيْهَا مِنْهَا فَلَا وَجْهَ لِلِاشْتِغَالِ بِمَا لَا يَصِحُّ مِنَ الْآثَارِ وَالْأَقْوَالِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّئُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِ الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ وَهَذَا عَلَى عُمُومِهِ يَجْمَعُ الِانْفِرَادَ وَغَيْرَ الِانْفِرَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى سُفْيَانُ وَشَرِيكٌ عَنْ سماك (بن حرب) (ج) عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ اغْتَسَلْتُ مِنَ الْجَنَابَةِ

فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَغْتَسِلَ فَقُلْتُ إِنِّي اغْتَسَلْتَ مِنْهُ فَقَالَ لَيْسَ عَلَى الْمَاءِ جَنَابَةٌ الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ وَهَذَا صَحِيحٌ فِي الْأُصُولِ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِنَجِسٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَبِّدٌ بِالْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى طَهَارَةِ سُؤْرِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَإِنَّمَا جَازَ وُضُوُءُ الْجَمَاعَةِ مَعًا رِجَالًا وَنِسَاءً فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تَحْدِيدَ وَلَا تَوْقِيفَ فِيمَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ الْمُغْتَسِلُ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا الْإِتْيَانَ مِنْهُ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ مِنْ غُسْلٍ وَمَسْحٍ وَرُبَ ذِي رِفْقٍ يَكْفِيهِ الْيَسِيرُ وَذِي فَرقٍ لَا يَكْفِيهِ الْكَثِيرُ وَقَدْ مَضَى مَعْنَى هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ أَيْضًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

حديث موفي ثلاثين

حَدِيثٌ مُوفِي ثَلَاثِينَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى لَمْ يَقُلْ فِي بَيْتِهِ إِلَّا فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَقَطْ وَتَابَعَهُ الْقَعْنَبِيُّ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَيْتِهِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَالْآخَرُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي بَيْتِهِ وَابْنُ وَهْبٍ يَقُولُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَبَعْدَ الْعَشَاءِ فِي بَيْتِهِ وَبَعْدَ انْصِرَافِهِ فِي الْجُمُعَةِ وَقَدْ تَابَعَهُ أَيْضًا عَلَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَالِكُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ

وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ سَمْعَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَكَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمْعَةِ فِي الْمَسْجِدِ شَيْئًا حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا أَصْحَابُ ابْنِ نَافِعٍ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسَنَذْكُرُ مَا حَضَرَنَا مِنْ ذلِكَ بِحَوْلِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ النَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى كَصَلَاةِ اللَّيْلِ سَوَاءً وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ صَلَاةِ النَّافِلَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْأَصْلُ فِي النَّافِلَةِ أَنَّهَا صَلَاةُ الْبُيُوتِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ وَاخْتُلِفَ فِي صِلَاتِهِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالْجُمُعَةِ عَلَى مَا نُورِدُهُ إن شاء الله ههنا وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا

أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُطَوِّفِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْفِطْرِيُّ عَنْ سَعْدِ بن إسحق بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم أَتَاهُمْ فِي مَسْجِدِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَصَلَّى فِيهِ الْمَغْرِبَ فَلَمَّا قَضَوْا صَلَاتَهُمْ رَآهُمْ يُسَبِّحُونَ بَعْدَهَا فَقَالَ هَذِهِ صَلَاةُ الْبُيُوتِ فَكَرِهَ قَوْمٌ التَّطَوُّعَ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لَهُمْ لِأَنَّهُ لَوْ كَرِهَهُ لَنَهَى عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ عَارَضَ قَوْمٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَا رَوَاهُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَتَفَرَّقَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا

حسين بن عبد الرحمان الْجَرْجَرَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ قَالَ حدثا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ تَابَعَ طَلْقَ بْنَ غَنَّامٍ عَلَى إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ نصر المجدر عن يعقوب الْقُمِّيِّ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدٍ مرسلا وقد كان يعقوب الْقُمِّيُّ يَقُولُ كُلُّ شَيْءٍ حَدَّثْتُكُمْ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهُوَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّطَوُّعِ فِي الْمَسْجِدِ لِمَنْ شَاءَ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ النَّافِلَةِ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ إِلَّا الْعَشْرَ رَكَعَاتِ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ

وَالِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ فَإِنَّهَا عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ وَيُسَمُّونَهَا صَلَاةَ السُّنَّةِ يَرَوْنَ صَلَاتَهَا فِي الْمَسْجِدِ دُونَ سَائِرِ التَّطَوُّعِ وَمَا عَدَاهَا مِنَ التَّطَوُّعِ كُلِّهَا فَهُوَ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً فَقَالَ مَالِكٌ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الجمعة أن يدخل منزله ولا يركع فِي الْمَسْجِدِ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَنْصَرِفُ بَعْدَ الجمعة ولم يركع فِي الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا كَانَ يَرْكَعُ الرَّكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ أَيْضًا إِذَا سَلَّمُوا فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَنْصَرِفُوا وَلَا يَرْكَعُوا فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ رَكَعُوا فَإِنَّ ذَلِكَ وَاسِعٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَا أَكْثَرَ الْمُصَلِّي مِنَ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ سِتًّا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِنْ صليت أربعا أو ستا (هـ) فحسن

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يُصَلِّي أَرْبَعًا وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُصَلِّي سِتًّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ شَاءَ أَرْبَعًا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَيَقُولُ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءُ تُصَلِّي بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ أَيْضًا وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَيُصَلِّي بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَيُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي مَقَامِهِ وَدَفَعَهُ وَقَالَ أَتُصَلِّي الْجُمُعَةَ أَرْبَعًا قَالَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ ويقول هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا مَا رَوَاهُ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ

أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ عَنْ سُهَيْلٍ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا صَلَّيْتُمُ الْجُمُعَةَ فَصَلُّوا بَعْدَهَا أَرْبَعًا قَالَ سُهَيْلٌ وَقَالَ لِي أَبِي يَا بُنَيَّ إِذَا صَلَّيْتَ فِي الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَتَيْتَ الْمَنْزِلَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَرْبَعًا وَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبُو مُوسَى وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَهَا أَرْبَعًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَجَاءَ عَنِ النُّخَعِيِّ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ إِنْ شِئْتَ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ شِئْتَ أَرْبَعًا وَرَوَى حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَيَنْأَى عن مصلاه الذي صلى فيه قليلا ويصلي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَمْشِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَلِيلًا وَيَرْكَعُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ كَمْ رَأَيْتَ ابْنَ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ مِرَارًا

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ أن نافعا بْنَ جُبَيْرٍ أَرْسَلَهُ إِلَى السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أُخْتِ نَمِرٍ سَلْهُ عَنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ مُعَاوِيَةُ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ صَلَّيْتُ مَعَهُ فِي الْمَقْصُورَةِ فَلَمَّا سَلَّمْنَا قُمْتُ فِي مَقَامِي فَصَلَّيْتُ فَلَمَّا دَخَلَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَقَالَ لَا تَعُدْ لِمَا صَنَعْتَ إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلَا تصِلْهَا بِصَلَاةٍ حَتَّى تكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ فَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ أَنْ لَا تُوصَلَ صَلَاةٌ بِصَلَاةٍ حَتَّى تكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَذُكِرَ الطَّحَاوِيُّ فِي هَذَا الْخَبَرِ فَقَالَ انْصَرَفَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى ذَلِكَ لَمَّا بَلَغَهُ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ هَذَا وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عطاء أنه رأى ابن عمر (هـ) عَلَى حَسِبَمَا ذَكَرْنَاهُ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءٍ

عن ابن عمر قال كَانَ إِذَا كَانَ بِمَكَّةَ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ تَقَدَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَلَّى أَرْبَعًا فَإِذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ صَلَّى الْجُمُعَةَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يُصَلِّ فِي الْمَسْجِدِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْحَنَّانِيُّ الْبَصْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَاضِي قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْوَهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ شَيْئًا فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى خَالُ الْبَزَّارِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ عَنْ مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كان لا يصلي بعد الجمعة حَتَّى يَنْصَرِفَ ثُمَّ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاخْتِلَافُ عَنِ السَّلَفِ فِي هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافُ إِبَاحَةٍ وَاسْتِحْسَانٍ لَا اخْتِلَافَ مَنْعٍ وَحَظْرٍ وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

رَوَى إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ فَكَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا وَقَدِمَ بَعْدَهُ عَلِيٌّ فَكَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعًا وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَرَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي الْمَسْجِدِ وَرَآهُمَا فِي الْبَيْتِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الِاخْتِيَارِ لَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَعَارَضَتْ فِي ذَلِكَ الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ مِنْهَا حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ هَذِهِ صَلَاةُ الْبُيُوتِ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَتَفَرَّقَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ مُرْسَلًا نَحْوَ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ قَالَ صَلُّوا هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي بُيُوتِكُمْ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَسُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَقَالَ يُصَلِّيهَا فِي مَنْزِلِهِ أَعْجَبُ إِلَيَّ قِيلَ لَهُ فَإِنْ بَعُد منزله فقال لا أدري (قال) (ب) وَرَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا لَا أُحْصِي إِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ دَخَلَ قَبْلَ أَنْ يَتَطَوَّعَ قَالَ وَسَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ لَا يُصَلي بَعْدَ صَلَاةٍ مِثْلَهَا قَالَ هُوَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ فَيُصَلِّي أَرْبَعًا بَعْدَهَا لَا يُسَلِّمُ ثُمَّ قَالَ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا سَلَّمَ فِي اثْنَيْنِ فَلَيْسَ مِثْلَهَا ثُمَّ قَالَ أَمَّا أَنَا فَأَذْهَبُ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ إِلَى أَنْ أسلمَ فِي الِاثْنَتَيْنِ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ أَمَّا الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَفِي بَيْتِهِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بيته ثم قال ليس ههنا أَوْكَدُ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ إِسْحَاقَ صَلُّوا هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي بُيُوتِكُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ أَبُو مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْفِطْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُمْ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ فَرَآهُمْ يَتَطَوَّعُونَ بَعْدَهَا فَقَالَ هَذِهِ صلاة

الْبُيُوتِ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الِاخْتِيَارِ فِي التَّطَوُّعِ أَكْثَرَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ وحدثنا الْقَعْنَبِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِذَا انْصَرَفُوا مِنَ الْمَغْرِبِ انْصَرَفُوا جَمِيعًا حَتَّى مَا يَبْقَى فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ كَانُوا لَا يُصَلُّونَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَصِيرُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بُيُوتِهِمْ قَالَ وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ إِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي الْمَسْجِدِ رَجَعَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ

وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ أَبَاهُ سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ كَانَ لَا يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ إِلَّا فِي بَيْتِهِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ رُبَّمَا قَرَأْتُ عَلَى أَبِي جُزْءًا فِي الْحَمَّامِ وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ مَرَّةً فِي الْحَمَّامِ وَمَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ يَعْقُوبُ وَلَمْ أَعْقِلْ أَبِي قَطُّ إِلَّا وَهُوَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ صَلَاةَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ وَأَنَّهُ الْأَمْرُ الْقَدِيمُ وَعَمَلُ صَدْرِ السَّلَفِ وَهُوَ الثَّابِتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهَا فِي بَيْتِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَمِنْ حَدِيثِ غَيْرِهِ أَنَّهَا صَلَاةُ الْبُيُوتِ وَأَمَّا حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ فَلَيْسَ تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ وَلَكِنَّهُ أَمْرٌ لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ أَنَّهُ فِعْلُ بِرٍّ وَخَيْرٍ فَحَيْثُ فَعَلَ فَحَسُنٌ إِلَّا أَنَّ الْأَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ وَمَالَ أَخْيَارُ صَدْرِ السَّلَفِ إِلَيْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ

عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي بَيْتِهِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ فِي بَيْتِهِ وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ وَكَانَتْ سَاعَةً لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ فِيهَا أَنَّهُ كَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ صَلَّى فِي بَيْتِهِ رَكْعَتَيْنِ هَكَذَا وَقَعَ فِي أَصْلِي وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ وَالصَّوَابُ فِيهِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ إِلَّا أَنَّ يَكُونَ اخْتَلِطَ عَلَى أَيُّوبَ حَدِيثُهُ هَذَا عَنْ نَافِعٍ بِحَدِيثِهِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَأَمَّا حَدِيثُ نَافِعٍ فَمَحْفُوظٌ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَلَيْسَ فِيهِ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ إِلَّا فِي رِوَايَتِهِ عَنْ حَفْصَةَ (وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ) (ج) وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَيَقُولُ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ مُخْتَصَرًا

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي الْقَطَّانَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ قَالَا جَمِيعًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَهَا وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعَشَاءِ وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالْعَشَاءُ فَفِي بَيْتِهِ فَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ مُسَدَّدٍ وَلَفْظُ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَمَّا الْمَغْرِبُ والعشاء والجمعة ففي بيته ثم اتفقا قَالَ وَحَدَّثَتْنِي أُخْتِي حَفْصَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَعْدَ مَا يَطْلَعُ الْفَجْرُ وَكَانَتْ سَاعَةً لَا أَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الظُّهْرِ سَجْدَتَيْنِ (وبعدها) (ج)

سَجْدَتَيْنِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ سَجْدَتَيْنِ وَبَعْدَ الْعَشَاءِ سَجْدَتَيْنِ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ سَجْدَتَيْنِ فَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالْعَشَاءُ وَالْجُمُعَةُ ففي رحله حدثنا يحيى بن عبد الرحمان وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِمَا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي دُلَيْمٍ حَدَّثَهُمَا قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْمَغْرِبِ الرَّكْعَتَيْنِ إِلَّا فِي بَيْتِهِ وَهَذَا عِنْدِي نَحْوٌ مَنْ رِوَايَةِ (يَحْيَى) (ب) وَالْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سَيْفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَشَاءِ لَمْ يَقُلِ اللَّيْثُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فِي بَيْتِهِ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ

عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يصلي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعِنْدَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلْمَانَ قَالَ فَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ حَفِظْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ هَذَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ الْفَرِيضَةُ هَكَذَا يَقُولُ الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلْمَانَ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَلَا يَقُولُ رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَلَا يَقُولُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فِي بَيْتِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ

قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَلْمَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَشَاءِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ سَلْمَانَ فِي بَيْتِ مُحَمَّدِ بْنِ سِرِينَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ سِوَى الْفَرِيضَةِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلْمَانَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمر

عَشْرُ رَكَعَاتٍ حَفِظْتُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ حَفِظْتُ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَشْرَ رَكَعَاتٍ وَهُوَ عِنْدِي خَطَأٌ فَلِذَلِكَ لَمْ أَذْكُرْهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَ ابْنِ سِرِينَ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا حَدَّثَ بِهِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَلْمَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الِاثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً فَفِيهَا حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من صَلَّى ثْنتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ

فِي الْجَنَّةِ أَوْ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ قَالَ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَالَ مَا تَرَكْتُهَا بَعْدَهَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ثَابَرَ عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ قال أبو عمر في غير هَذَا الْحَدِيثُ فِي مَوْضِعِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَشَاءِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ وَهُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ الْمُفَسِّرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَزَارِيُّ وَيُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ صَلَاةُ السُّنَّةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ ركعة

حديث حاد وثلاثون

حَدِيثٌ حَادٍ وَثَلَاثُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَرَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مَنْ أُدْمِ الرِّجَالِ لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللِّمَمِ قَدْ رَجَّلَهَا فَهِيَ تَقْطُرُ مَاءً مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ يَطُوفُ بالبيت فسألت من هذا فقيل المسيح بن مَرْيَمَ ثُمَّ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطِطٍ أَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ففي اشتقاق اسمه فيما ذكر ابن الأنباري لِأَهْلِ اللُّغَةِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ قِيلَ لَهُ مَسِيحٌ لِسِيَاحَتِهِ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ فَعِيلٌ من

مَسْحِ الْأَرْضِ أَيْ مِنْ قَطْعِهَا بِالسِّيَاحَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَسِيحٌ عَلَى وَزْنِ مَفْعِلٌ فَأُسْكِنَتِ الْيَاءُ وَنُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلَى السِّينِ لِاسْتِثْقَالِهِمُ الْكَسْرَةَ عَلَى الْيَاءِ وَقِيلَ إِنَّمَا قِيلَ لَهُ مَسِيحٌ لِأَنَّهُ كَانَ مَمْسُوحَ الرِّجْلِ لَيْسَ لِرِجْلِهِ أَخْمَصُ وَالْأَخْمَصُ مَا لَا يَمَسُّ الْأَرْضَ مِنْ بَاطِنِ الرِّجُلِ وَقِيلَ سُمِّيَ مَسِيحًا لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ وَقِيلَ سُمِّيَ مَسِيحًا لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَحُ ذَا عَاهَةٍ إِلَّا بَرِئَ وَقِيلَ الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ وَأَمَّا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ فَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ مَسِيحٌ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ وَقَطْعِهِ لَهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ (وَقَدْ يُحْتَمَلُ أن يكون ممسوح الأخمص أيضا) (ج) قَالَ أَبُو عُمَرَ وَالْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْمَسِيحُ الدَّجَّالُ لَفْظُهُمَا وَاحِدٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ يَقُولُ فِي الدَّجَّالِ الْمِسِيحَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالسِّينِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ بِالْخَاءِ وَذَلِكَ كله عند أهل العلم خطأ (قال (هـ) عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ الرُّقُيَاتِ

وَقَالُوا دَعْ رُقَيَّةَ وَاخْسَئَنْهَا ... فَقُلْتُ لَهُمْ إِذَا خَرَجَ الْمَسِيحُ ... يُرِيدُ إِذَا خَرَجَ الدَّجَّالُ هَكَذَا فَسَرُّوهُ وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي نُزُولُ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّهُمْ بِالدَّجَّالِ شَرَحُوا قَوْلَهُ هَذَا وَلِذَلِكَ ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ لَيْسَ مَعْنَى مَا حَكَيْنَا عَنْهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَوَّلُ هَذَا الشِّعْرِ ... أَتَبْكِي عَنْ رُقَيَّةَ أَمْ تَنُوحُ ... وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قد رأى المسيح بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَأَى الدَّجَّالَ وَوَصَفَهُمَا عَلَى حَسَبِ صُوَرِهِمَا وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحَيٌ عَلَى مَا قدمنا في غير ما مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا (فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ عِيسَى سَيَنْزِلُ عَلَى مَا فِي الْآثَارِ وَسَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ) وَفِيهِ أَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ من سنن النبيئين والمرسلين والآثار في نزول عيسى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحَجُّهُ الْبَيْتَ وَطَوَافُهُ ثَابِتَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ حَجَّ الْبَيْتَ فِيمَا زَعَمُوا آدَمُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الأنبياء بعده قبل رفع إبراهيم قواعده (هـ) وَبَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ رَجُلًا آدَمَ فَالْآدَمُ الْأَسْمَرُ الَّذِي عَلَاهُ شَيْءٌ مِنْ سَوَادٍ

قَلِيلًا وَالْأُدْمَةُ لَوْنُ الْعَرَبِ فِي الرِّجَالِ إِلَّا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ لِلْأَبْيَضِ مِنَ الْإِبِلِ الْآدَمُ وَالْآدَمُ عِنْدَهُمْ مِنَ الظِّبَاءِ الَّذِي هُوَ لَوْنُ التُّرَابِ وَاللِّمَّةُ الْجمَّةُ مِنَ الشَّعْرِ هِيَ أَكْمَلُ مِنَ الْوَفْرَةِ وَالْوَفْرَةُ مَا يَبْلُغُ الْأُذُنَيْنِ وَقَوْلُهُ قَدْ رَجَّلَهَا يَعْنِي قَدْ مَشَّطَهَا بَعْدَ أَنْ بَلَّهَا وَقَوْلُهُ فَهِيَ تَقْطُرُ مَاءً مِنَ الِاسْتِعَارَةِ الْعَجِيبَةِ وَالْكَلَامِ الْبَدِيعِ وَكَانَ قَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ شَكٌّ مِنَ الْمُحَدِّثِ لَا شَكٌّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَى مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا فِي صِفَةِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ أَحْمَرُ جَعْدٌ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ عِيسَى وَمُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فَأَمَّا عِيسَى فَأَحْمَرُ جَعْدٌ عَرِيضُ الصَّدْرِ وَأَمَّا مُوسَى فَآدَمُ جَسِيمٌ سَبْطٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ الزُّطِّ وَذَكَرَ أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عن سعيد

ابْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ قَالَ أُرِيَ إِبْرَاهِيمَ وموسى وعيسى قال فذكر عيسى أبيض نحيف مبطن كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَّهَ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ بِعِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا صِفَةُ الدَّجَّالِ فَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ وَغَيْرُهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَرَوَى جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي قَدْ حَدَّثْتُكُمْ عَنِ الدَّجَّالِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ لَا تَعْقِلُوا أَنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ قَصِيرٌ أَفْحَجُ جَعْدٌ أَعْوَرُ مَطْمُوسُ الْعَيْنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ جُنَادَةَ عَنْ عُبَادَةَ وَهُوَ مِنْ أَصَحِّ (أَحَادِيثِ) الشَّامِيِّينَ وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ حَدِيثُ الْجَسَّاسَةِ فِي

صِفَةِ الدَّجَّالِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ خَلْقًا وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا وَفِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي ذَلِكَ فَإِذَا رَجُلٌ يَجُرُّ شَعْرَهُ مُسَلْسَلٌ فِي الْأَغْلَالِ يَنْزُو فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالْآثَارُ مُخْتَلِفَةٌ فِي نُتُؤِ عَيْنِهِ وَفِي أَيِّ عَيْنَيْهِ هِيَ الْعَوْرَاءُ وَلَمْ تَخْتَلِفِ الْآثَارُ أَنَّهُ أَعْوَرُ وَذَكرَ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعْرِ يُنَطِّفُ أَوْ يَهْرَاقُ رَأْسَهُ مَاءً قُلْتُ مَنْ هُوَ قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ أَحْمَرُ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا الدَّجَّالُ وَإِذَا أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ وَأَمَّا قَوْلُهُ جَعْدٌ قَطَطٌ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ فَالْقَطَطُ هُوَ الْمُتَكَسِّرُ الشَّعْرِ الْمُلْتَوِي الشَّعْرِ الَّذِي لَا يَسْتَرْسِلُ شَعْرُهُ أَلْبَتَّةَ مِثْلُ شَعْرِ الْحَبَشِ وَأَمَّا قَوْلُهُ كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ فَإِنَّهُ يَعْنِي الظَّاهِرَةَ الْمُمْتَلِئَةَ الْمُنْتَفِخَةَ يَقُولُ إِنَّهَا قَدْ طَفَتْ عَلَى وَجْهِهِ كَمَا يَطْفُو الشيء

عَلَى الْمَاءِ أَيْ يَظْهَرُ عَلَيْهِ لِامْتِلَائِهَا وَانْتِفَاخِهَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِنَّ الدَّجَّالَ خَارِجٌ وَهُوَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الشَّمَالِ عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ وَأَنَّهُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى وَيَقُولُ لِلنَّاسِ أَنَا رَبُّكُمْ فَمَنْ قَالَ أَنْتَ رَبِّي فَقَدْ فُتِنَ وَمَنْ قَالَ رَبِّيَ اللَّهُ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ عُصِمَ مِنْ فِتْنَتِهِ وَلَا فِتْنَةَ عَلَيْهِ فَيَلْبَثُ فِي الْأَرْضِ مَا شاء الله ثم يجيء عيسى بن مَرْيَمَ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ مُصَدِّقًا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى مِلَّتِهِ فَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ ثُمَّ إِنَّمَا هُوَ قِيَامُ السَّاعَةِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الشِّمَالِ وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَدِيثُ مَالِكٍ أثبت من جهة الإسناد وحدثني عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عمرو بن الحرث عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ كَانَ سَائِحًا وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْمَسِيحَ قَالَ كَانَ لَيُمْسِيَ بِأَرْضٍ وَيُصْبِحُ بِأَرْضٍ أُخْرَى وَإِنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ وَلَمْ يَرْفَعْ حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ وَلَا لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَإِنَّهُ كَانَ يَجْتَابُ الْعَبَاءَةَ ثُمَّ يَتَدَرَّعُهَا ثُمَّ يَقُولُ أَنَا

الذي أرغمت الدنيا وإنه لما كانت اللَّيْلَةُ الَّتِي رُفِعَ فِيهَا أَتَى بِفِطْرِهِ عِنْدَ اللَّيْلِ خُبْزُ الشَّعِيرِ الْيَابِسِ وَالْمَاءُ الْقِرَاحِ فَقَالُوا افْطِرْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَا أَسْتَطِيعُ إنني مرفوع من بين أظهركم فيما أَدْرِي مَا يَفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُفَارِقُنَا فَأَوْصِنَا قَالَ اعْلَمُوا أَنَّ حُلْوَ الدُّنْيَا مُرَّ الْآخِرَةِ عَلَيْكُمْ بِحَشَرَاتِ الْأَرْضِ وَخُبْزِ الشَّعِيرِ وَثِيَابِ الشَّعْرِ وَالصُّوفِ وَظِلِّ الشَّجَرِ وَفَيْءِ الْجَدَرَاتِ وَاعْلَمُوا أَنَّ حُلْوَ الدُّنْيَا مُرُّ الْآخِرَةِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ انْتَهَى إِلَى قَرْيَةٍ قَدْ خَرِبَتْ حُصُونُهَا وَجَفَّتْ أَنْهَارُهَا وَيَبِسَتْ أَشْجَارُهَا فَنَادَى يَا خراب أين أهلك فلم يجبه أحد ثم نَادَى يَا خَرَابُ أَيْنَ أَهْلُكَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ثُمَّ نَادَى الثَّالِثَةَ فَنُودِيَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ بَادُوا وَتَضَمَّنَتْهُمُ الْأَرْضُ وَعَادَتْ أَعْمَالُهُمْ قَلَائِدَ فِي رِقَابِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ جدٌّ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ أَنَّ يَزِيدَ الرَّقَاشِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا وُلِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَصْبَحَ كُلُّ صَنَمٍ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ خَارًّا عَلَى وَجْهِهِ قَالَ فَأَقْبَلَتِ الشَّيَاطِينُ تَضْرِبُ وُجُوهَهَا وَتَنْتِفُ لِحَاهَا فَقَالُوا يَا أَبَانَا لَقَدْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ حَدَثٌ فَقَالَ وَمَا ذَلِكَ قَالُوا مَا كَانَ مِنْ صَنَمٍ يُضَلُّ بِهِ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ إِلَّا أَصْبَحَ خَارًّا عَلَى وَجْهِهِ قَالَ فَانْظُرُونِي حَتَّى أَنْظُرَ قَالَ فَأَخَذَ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ حَتَّى بلغ المشرق ثم ههنا

حتى بلغ المغرب ثم ههنا حتى لا يرى ثم ههنا حَتَّى لَا يَرَى ثُمَّ هَبَطَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَمَّا الَّذِي تَخَافُونَ مِنَ السَّمَاءِ فَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ بَعْدُ وَلَكِنَّ هَذَا شَيْءٌ حَدَثَ فِي الأرض فانظروني حتى أنظر فأخذ ههنا أيضا حتى بلغ المشرق وههنا حَتَّى بَلَغَ الْمَغْرِبَ وَهَهُنَا حَتَّى لَا يَرَى وههنا حَتَّى لَا يَرَى ثُمَّ احْتَبَسَ عَنْهُمْ هُنَيْهَةً ثُمَّ جَاءَهُمْ فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا حَبَسَنِي عَنْكُمْ قَالُوا لَا قَالَ فَإِنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وُلِدَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَإِنِّي أَرَدْتُ الدُّخُولَ فَوَجَدَتِ الْمَلَائِكَةَ قَدْ حَرَسُوهُ وَحَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ دَعْوَةُ الطَّيِّبَةِ قَوْلُهَا وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا وَضَعْتُ أُصْبُعِي عَلَيْهِ فَالصَّغْوُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ تَحْتَ أُمِّهِ فَتِلْكَ أُصْبُعِي حِينَ أَضَعُهَا عَلَيْهِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَضَعَهَا عَلَى عِيسَى فَحَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ دَعْوَةُ الطَّيِّبَةِ فَوَإِلَهِ عِيسَى لِأُضِلَّنَّ بِهِ النَّاسَ ضَلَالًا لَا أُضِلُّهُمْ بأحد كان قبله أو أحد (هـ) يَكُونُ بَعْدَهُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَبُو صَخْرٍ فَحَدَّثْتُ هَذَا

الحديث محمد بن كعب القرطي فَقَالَ أَيُّ الرَّقَاشِيِّينَ حَدَّثَكَ بِهَذَا فَقُلْتُ يَزِيدُ قَالَ هَلُمَّ حَدِّثْنِيهِ فَلَمَّا حَدَّثْتُهُ قَالَ أَلَا أحدثك عن عيسى بن مَرْيَمَ قُلْتُ بَلَى قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا فِي أُمَّةٍ إِلَّا جَاءَ عَلَى رِجْلِهِ الْبَلَاءُ إِمْسَاكُ الْمَطَرِ وَالشِّدَّةُ حَتَّى كَانَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ فَلَمَّا وُلِدَ جَاءَ عَلَى رِجْلِهِ الرَّخَاءُ فَأَمْطَرَتِ السَّمَاءُ وَأَخْصَبَتِ الْأَرْضُ وَفَتَحَ لَهُ الْبَرَكَاتِ وَأَبْرَأَ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَكَلَّمَ الْمَوْتَى وَأَحْيَاهُمْ وَخَلَقَ مِنَ الطِّينِ طُيُورًا وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا يَأْكُلُونَ وَمَا يَدَّخِرُونَ ثُمَّ عُمِّرَ بَيْنَ أَظْهُرِهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُعَمِّرَ ثُمَّ أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ إِنِّي رَافِعُكَ إِلَيَّ فَدَخَلَ بَيْتًا وَجَمَعَ فِيهِ حَوَارِيَّهُ ثُمَّ قَالَ إِنِ اللَّهَ رَافِعِي إِلَيْهِ فَأَيُّكُمْ يَتَشَبَّهُ بِي فَإِنَّهُ مَقْتُولٌ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَنَا قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَأَنْ تَبَرُّوا مَنْ قَطَعَكُمْ وَأَنْ تُؤَدُّوا الْحَقَّ إِلَى مَنْ مَنَعَهُ مِنْكُمْ وَلَا تُكَافِئُوا النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ فَضُرِبَ الْبَابُ وَرَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَقُتِلَ الرَّجُلُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا فَاجْتَمَعَ بنو

إِسْرَائِيلَ فُقَهَاؤُهُمْ وَأَحْبَارُهُمْ فَقَالُوا أَلَا تَقُومُونَ فَتَنْظُرُونَ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ هَذَا الَّذِي كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ قَالُوا بَلَى فَاخْتَارُوا الْخِيَارَ النَّقَّادَةَ لَا يَأْلُونَ خَمْسِينَ رَجُلًا ثُمَّ اخْتَارُوا مِنَ الْخَمْسِينَ عَشَرَةً ثُمَّ اخْتَارُوا مِنَ الْعَشَرَةِ أَرْبَعَةً فَدَخَلُوا بَيْتًا فَقَالُوا أَنْتُمْ سَادَتُنَا وَخِيَارُنَا فَيَنْظُرُ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِرَأْيِهِ فَإِنَّمَا نَحْنُ تَبَعٌ لَكُمْ فَأَخَذُوا شَيْخًا وَآخَرَ دُونَ الشَّيْخِ فِي السَّنِّ وَآخَرَ دُونَهُ فِي السِّنِّ وَفَتًى شَابًّا حِينَ اسْتَوَى شَبَابُهُ فَبَدَأُوا بِالشَّيْخِ لِسِنِّهِ فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَحَدًا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَيُحْيِي الْمَوْتَى غَيْرُ اللَّهِ أَوْ يُبْرئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ إِلَّا اللَّهُ قَالُوا لَا قَالَ فَإِنَّ هَذَا اللَّهَ كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنَّ يَرْتَفِعَ فَارْتَفَعَ قَالَ الْآخَرُ هَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا قَالَ لَا قَالَ لَا أَقُولُ مِثْلَ مَا قُلْتَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَحَدًا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَيُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيَخْلُقُ إِلَّا اللَّهُ قَالُوا لَا قَالَ هَذَا ابْنُهُ عَلَّمَهُ مِنْ خَلَائِقِهِ مَا شَاءَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إِلَيْهِ فَرَفَعَهُ قَالَ الثَّالِثُ هَلْ عِنْدَكُمَا شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا قَالَا لَا قَالَ فَإِنِّي لَا أَقُولُ كَمَا قُلْتُمَا وَلَكِنْ هَلْ تَعْلَمُونَ أَحَدًا خُلِقَ مِنْ غَيْرِ نُطْفَةٍ إِلَّا آدَمَ قَالُوا لَا قَالَ فَإِنَّهُ لُغَيَّةٌ فَقَامَ الشَّابُّ فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ غَيْرُ هَذَا قَالُوا لَا قَالَ فَإِنِّي لَا أَقُولُ كما

قُلْتُمْ وَأَشْهَدُ مَا هُوَ بِاللَّهِ وَلَا وَلَدِ اللَّهِ وَلَا لُغَيَّةٍ وَلَكِنْ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ فَقَالَ لَهُ كُنْ فَكَانَ (فاستوى) (ج) ثُمَّ خَرَجُوا عَلَى قَوْمِهِمْ وَهُمْ جُلُوسٌ فَقَالُوا مَاذَا قُلْتُمْ فَقَالَ الْكَبِيرُ قُلْتُ هُوَ اللَّهُ فَاتَّبَعَتْهُ فِرْقَةٌ ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ هُوَ وَلَدُ اللَّهِ فَتَبِعَتْهُ فِرْقَةٌ ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ هُوَ لَغَيَّةٌ فَاتَّبَعَتْهُ فِرْقَةٌ وَقَالَ الْآخَرُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ فَاتَّبَعَتْهُ فِرْقَةٌ فَقَالُوا كَيْفَ نَعِيشُ وَهَذَا مَعَنَا فَاقْتُلُوهُ فَقُتِلَ الْفَتَى وَمِنْ مَعَهُ قَالَ فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ وَقَالَ تَعَالَى لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ الله هو المسيح بن مريم (وقال) (ز) وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهون قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ وَقَالَ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ

بُهْتَانًا عَظِيمًا فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالُوا هُوَ لَغَيَّةٌ قال ومنهم أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ فهذا الشاب وأصحابه الأمةالمقتصدة قال أبو صخر وقال لي القرطي أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ مِنَ الْمُقْتَصِدَةِ وَأَمَّا سِنُّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ وفاطمة أن عمره كان مثلي عُمْرِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حديث روي من حديث بألفاظ وَالْمَعْنَى الَّذِي قَصَدْنَاهُ مِنْهُ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَامِرٍ الْأَنْدَلُسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم دَخَلَ عَلَيَّ وَأَنَا وَفَاطِمَةُ فَنَاجَى فَاطِمَةَ فَلَمَّا تُوُفِّيَ سَأَلْتُهَا فَقَالَتْ قَالَ لِي مَا بُعِثَ نَبِيٌّ قَطُّ إِلَّا كَانَ لَهُ مِنَ الْعُمْرِ نِصْفُ عُمْرِ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ بَلَغْتُ نِصْفَ عُمْرِ مَنْ كَانَ قَبْلِي فَبَكَيْتُ وَقَالَ أَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ فَضَحِكْتُ قَالَ وَأَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ نَافِعِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ حُسَيْنٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ فَاطِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ وَأَخْبَرَنِي أَنَّ عِيسَى عَاشَ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ مِنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ الْعُتْبِي قَالَ مَالِكٌ كَانَ عِيسَى بن مَرْيَمَ يَقُولُ يَا ابْنَ الثَّلَاثِينَ مَضَتِ الثَّلَاثُونَ فَمَاذَا تَنْتَظِرُ قَالَ وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ عِيسَى صَلَوَاتُ الله عليه وسلامه مات وأنه توفي موت وَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَاتَ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ

قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَاشَ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ أَيْ عَاشَ فِي قَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ كَانَ لَهُ مِنَ الْعُمُرِ نِصْفُ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ عَاشَ نِصْفَ عُمُرِ الَّذِي قَبْلَهُ أَيْ عَاشَ فِي قَوْمِهِ وَكَانَ فِي قَوْمِهِ أَوْ فِي الْأَرْضِ وَنَحْوَ هَذَا وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نُزُولِهِ وَقَتْلِهِ الدَّجَّالَ وَحَجِّهِ الْبَيْتَ بِأَسَانِيدَ لَا مَطْعَنَ فِيهَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يحيى أظنه عن قتادة عن عبد الرحمان بْنِ آدَمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ عِيسَى نَبِيٌّ وَأَنَّهُ نَازِلٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ وَأَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَتَهْلِكُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلُ كُلُّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ وَيَهْلِكُ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ السَّكَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ لَيْسَ بَيْنِي

وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ وَالْأَنْبِيَاءُ أَوْلَادُ عِلَّاتٍ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ لَيُثَنِّيَنَّهُمَا وَفِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ ذَكَرَ الدَّجَّالَ وَذَكَرَ مُكْثَهُ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ يَنْزِلُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ بِشَرْقِيِّ دِمَشْقَ فَيُدْرِكُهُ عِنْدَ بَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ وَمِنْ صَحِيحِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فيكم ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ الْآيَةَ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ صَاحِبُ مَالِكٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ الْأَسَدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ يدفن عيسى

عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَصَاحِبَيْهِ ثَمَّ مَوْضِعُ قَبْرٍ رَابِعٍ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ في قول الله عز وجل يا عيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ أَرَادَ إِنِّي رَافِعُكَ وَمُتَوَفِّيكَ قَالُوا وَهَذَا جَائِزٌ فِي الواو والمعنى عند هؤلاء أنه توفي مَوْتٍ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ بَعْدُ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَجَمَاعَةٌ مُتَوَفِّيكَ قَابِضُكَ مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ مِثْلُ تَوَفَّيْتُ الْمَالَ وَاسْتَوْفَيْتُهُ أَيْ قَبَضْتُهُ وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ يَعْنِي وَفَاةَ مَنَامٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَهُ فِي مَنَامِهِ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُتَوَفِّيكَ أَيْ مُمِيتُكَ وَقَالَ وَهْبٌ تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ مُتَوَفِّيكَ قَابِضُكَ مِنَ الْأَرْضِ لِمَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ نُزُولِهِ وَإِذَا حُمِلَتْ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ أَيْ رَافِعُكَ وَمُمِيتُكَ لَمْ يَكُنْ بِخِلَافٍ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وإن من

أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي مَالِكٍ وَمُجَاهِدٍ هَذِهِ رِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَى مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَبْلَ مَوْتِهِ قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِ الْكِتَابِ فَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَإِنْ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ فَقَالَ وَإِنْ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ رُفِعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَلَيْهِ مِدْرَعَةٌ وَخُفَّا رَاعٍ وَحَذَّافَةٍ يَحْذِفُ بِهَا الطَّيْرَ وَهَذَا لَا أَدْرِي مَا هُوَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَتْ تِلْكَ هَيْئَتَهُ وَلِبَاسَهُ إِلَى أَنْ رُفِعَ وَرُفِعَ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ بَعْدُ وَفَائِدَةُ هَذَا الْخَبَرِ رَفْعُهُ حَيًّا لَا غَيْرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ سُنَيْدٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ قَالَ صَلَبُوا رَجُلًا شَبَّهُوهُ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَحْسَبُونَهُ إِيَّاهُ وَرَفَعَ اللَّهُ عِيسَى حَيًّا قَالَ سُنَيْدٌ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ قَالَ قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَحَيٌّ الْآنَ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّهُ إِذَا نَزَلَ آمَنُوا بِهِ أَجْمَعُونَ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ الْآيَةُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ خَاصَّةً فِي أَهْلِ زَمَنِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ دُونَ سَائِرِ الْأَزْمِنَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

حديث ثان وثلاثون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَثَلَاثُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فكسر خِزَانَتُهُ فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ فَإِنَّمَا تُخَزِّنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطَعِمَاتِهِمْ فَلَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ أَنْ يَأْكُلَ أَحَدٌ أَوْ يَشْرَبَ أَوْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِهِ وَذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا تَطِيبُ بِهِ نَفْسُ صَاحِبِهِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ وَقَالَ إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ يَعْنِي مِنْ

بَعْضِكِمْ عَلَى بَعْضٍ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ إِسْحَاقَ طَرَفٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَتَفْسِيرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا وَنَزِيدُ ههنا بَيَانًا لِأَخْبَارٍ عَنِ الْعُلَمَاءِ وَتَفْسِيرَ الْمُرَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا الْمَشْرُبَةُ فَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ هِيَ الْغُرْفَةُ وَدَلِيلُ هَذَا الْحَدِيثِ يَقْضِي بِأَنَّ كُلَّ مَا يُخْتَزَنُ فِيهِ الطَّعَامُ فَهِيَ مَشْرُبَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْخِزَانَةَ مَعْرُوفَةٌ وَأَصِلُ الْخَزْنَ الْحِفْظُ وَالسَّتْرُ (وَالْمِلْكُ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ ... إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَخْزُنْ عَلَيْهِ لِسَانَهُ ... فَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ سواه بخزان) (ب) ... وَيُرْوَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ فَيُنْتَثَلَ طَعَامُهُ فَمَنْ رَوَى يُنْتَثَلَ طَعَامُهُ فَمَعْنَاهُ يُسْتَخْرَجُ طَعَامُهُ وَأَصْلُ الِانْتِثَالِ الِاسْتِخْرَاجُ وَمَنْ رَوَاهُ يُنْتَقَلَ فَالِانْتِقَالُ مَعْرُوفٌ وَهُوَ أَبْيَنُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْمَعَانِي أَنَّ اللَّبَنَ يُسَمَّى طَعَامًا وَأَصْلُ ذَلِكَ فِي اللُّغَةِ أَنَّ كُلَّ مَا يُطْعِمُ جَائِزٌ أَنْ يُسَمَّى طعاما

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَاءِ النَّهْرِ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ الْآيَةَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَمِعَ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ الْحَائِطَ فَيَجِدُ الثَّمَرَ سَاقِطًا قَالَ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ طَيِّبُ النَّفْسِ بِذَلِكَ أَوْ يَكُونُ مُحْتَاجًا لِذَلِكَ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمُسَافِرِ يَنْزِلُ بِالذِّمِّيِّ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِهِ وَعَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ فَقِيلَ لِمَالِكٍ أَرَأَيْتَ الضِّيَافَةَ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَيْهِمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ كَانَ يَوْمَئِذٍ يُخَفِّفُ عَنْهُمْ بِذَلِكَ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ كُنْتُ بِالشَّامِ وَكُنْتُ أَتَّقِي أَنْ آكُلَ مِنَ الثِّمَارِ شَيْئًا فَقَالَ لِي رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن عُمَرَ اشْتَرَطَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ يَوْمَهُ غَيْرَ مُفْسِدٍ وَقَدْ فَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ الثَّمَرِ الْمُعَلِّقِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْأَمْوَالِ فَأَجَازُوا أَكْلَ الثِّمَارِ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَصَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَا

أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ أَبِي زَيْنَبَ قَالَ صَحِبْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَأَبَا بَرْزَةَ فِي سَفَرٍ فَكَانُوا يُصِيبُونَ مِنَ الثِّمَارِ قَالَ بَكَّارٌ وَحَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ يَأْكُلُ وَلَا يُفْسِدُ وَلَا يَحْمِلُ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا كُلُّهُ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ حَدَّثَنَا محمد بن زيان حدثنا أبي حدثنا الحرث بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ سَمِعْتُ أَشْهَبَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ خَرَجْنَا مُرَابِطِينَ إِلَى الْأَسْكَنْدَرِيَّةِ فَمَرَرْنَا بِجِنَانِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فَدَخَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنَ الثَّمَرِ فَلَمَّا أَنْ رَجَعْتُ دَعَتْنِي نَفْسِي إِلَى أَنْ أَسْتَحِلَّ مِنَ اللَّيْثِ فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يا أبا الحرث إِنَّا خَرَجْنَا مُرَابِطِينَ وَمَرَرْنَا بِجِنَانِكَ فَأَكَلْنَا مِنَ الثَّمَرِ وَأَحْبَبْنَا أَنْ تَجْعَلَنَا فِي حِلٍّ فَقَالَ لِيَ اللَّيْثُ يَا ابْنَ أَخِي لَقَدْ نَسَكْتَ نُسُكًا أَعْجَمِيًّا أَمَا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ مِنْ مَالِ أَخِيهِ الشَّيْءَ التَّافِهَ الَّذِي يُسِرُّهُ بِذَلِكَ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُسَوِّي بَيْنَ اللَّبَنِ وَبَيْنَ سَائِرِ الطَّعَامِ وَالْمَالِ فِي التَّحْرِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُضْطَرِّ إِنْ شَرِبَ اللَّبَنَ أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الطَّعَامِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَيْتَةَ أَوْ وَجَدَهَا وَوَجَدَ اللَّبَنَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ سَائِرِ مَالِ الْمُسْلِمِ أَوِ الذِّمِّيِّ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُضْطَرُّ فِي اللَّبَنِ

وَغَيْرِهِ مِنْ جَمِيعِ الْمَأْكُولِ كُلِّهِ وَلَا يَحِلُّ شَيْءٌ مِنْهُ إِلَّا عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي بِهَا تَحِلُّ الْأَمْلَاكُ وَلِلْمُضْطَرِّ إِلَى مَالِ الْمُسْلِمِ مَاءً كَانَ أَوْ طَعَامًا حُكْمٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهِ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ وَهُوَ يَجِدُ مَالَ مُسْلِمٍ لَا يَخَافُ فِيهِ قَطْعًا كَالثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ وَحَرِيسَةِ الْجَبَلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْشَى فِيهِ قَطْعًا وَلَا أَذًى وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا تبين عَلَيْهِ رَدُّ مُهْجَةِ الْمُسْلِمِ وَتَوَجَّهَ الْفَرْضُ فِي ذَلِكَ إِلَيْهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ غَيْرُهُ قُضِيَ عَلَيْهِ بِتَرْمِيقِ تِلْكَ الْمُهْجَةِ الْآدَمِيَّةِ وَكَانَ لِلْمَمْنُوعِ مَالُهُ مِنْ ذَلِكَ مُحَارَبَةُ مَنْ مَنَعَهُ وَمُقَاتَلَتُهُ وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ وَذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إِلَّا وَاحِدٌ لَا غَيْرُ فَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْفَرْضُ فَإِنْ كَانُوا كَثِيرًا أَوْ جَمَاعَةً وَعَدَدًا كان ذلك عليهم فرضا على الكفاية والماء فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَرُدُّ نَفْسَ الْمُسْلِمِ وَيُمْسِكُهَا سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ قِيمَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ عَلَى أَنْ رَدَّ بِهِ مُهْجَتَهُ وَرَمَقَ بِهِ نَفْسَهُ فَأَوْجَبَهَا مُوجِبُونَ وَأَبَاهَا آخَرُونَ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ مُتَأَخَّرِيهِمْ وَمُتَقَدِّمِيهِمْ فِي وُجُوبِ رَدِّ مُهْجَةِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ خَوْفِ الذَّهَابِ وَالتَّلَفِ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا مَضَرَّةَ فِيهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَفِيهِ الْبُلْغَةُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ جَوَّدَهَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي الْأَحْكَامِ وَجَوَّدَهَا أَيْضًا غَيْرُهُ

ولها موضع من كتابنا غير هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ نَذْكُرُهَا وَنَذْكُرُ مَا فِيهَا مِنَ الْآثَارِ عَنِ السَّلَفِ وَبِاللَّهِ الْعَوْنُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُحْلَبَ الْمَوَاشِي بِغَيْرِ إِذْنِ أَرْبَابِهَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْأَلُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ فِي حِجْرِي يَتِيمًا وَإِنَّ له إبلا ولي إبل أفقدم إِبِلِي وَأَمْنَحُ مِنْهَا فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْ إِبِلِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنْ كُنْتَ تَرُدُّ نَادَّتَهَا وَتَلُوطُ حَوْضَهَا وَتَهْنَأُ جَرْبَاهَا وَتَسْقِي عَلَيْهَا

فَاشْرَبْ مِنْ لَبَنِهَا فَقَالَ الْقَاسِمُ مَا سَمِعْتُ فُتْيَا بَعْدَ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ حَدِيثٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ مِنْ فُتْيَاهُ هَذِهِ وَرَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنَّ لِي يَتِيمًا أَفَأَشْرَبُ مِنْ لَبَنِ إِبِلِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنْ كُنْتَ تَبْغِي ضَالَّةَ إِبِلِهِ وَتَهْنَأُ جَرْبَاهَا وَتَلُوطُ حَوْضَهَا وَتَسْقِيهَا يَوْمَ وِرْدِهَا فَاشْرَبْ غَيْرَ مُضِرٍّ بِنَسْلٍ وَلَا نَاهِكٍ فِي الْحَلْبِ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ الْقَاسِمِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ حَلَبَ مِنْ ضَرْعِ الشَّاةِ أَوِ الْبَقَرَةِ أَوِ النَّاقَةِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي حِرْزٍ مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَطْعَ لِأَنَّ الْحَدِيثَ قَدْ أَفْصَحَ بِأَنَّ الضُّرُوعَ خَزَائِنُ لِلطَّعَامِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ فَتَحَ خِزَانَةَ غَيْرِهِ أَوْ كَسَرَهَا فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا مِنَ الْمَالِ الطَّعَامَ أَوْ غَيْرَهُ مَا يَبْلُغُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَنَّهُ يُقْطَعُ فَإِذَا كَانَ الْقَطْعُ يَجِبُ عَلَى مَنْ سَرَقَ الشَّاةَ نَفْسَهَا مِنْ مُرَاحِهَا وَحِرْزِهَا وَلَمْ تَكُنْ حَرِيسَةَ جَبَلٍ فَاللَّبَنُ بِذَلِكَ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ مَعَانِي الْحِرْزِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عند ذكر (سرقة) (ج) رِدَاءِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذلك ههنا إِلَّا أَنَّ الشَّاةَ إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي حِرْزٍ فَلَبَنُهَا تَبَعٌ لَهَا

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ بَيْعُ الشَّاةِ اللَّبُونِ بِالطَّعَامِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّمَا تُخَزِّنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطَعِمَاتِهِمْ فَجَعَلَ اللَّبَنَ طَعَامًا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بَيْعِ الشَّاةِ اللَّبُونِ بِاللَّبَنِ وَبِسَائِرِ الطَّعَامِ نَقْدًا وَإِلَى أَجَلٍ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالشَّاةِ اللَّبُونِ بِاللَّبَنِ يَدًا بِيَدٍ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ فَإِذَا كَانَ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ لَمْ يَجُزْ يَدًا بِيَدٍ بِاللَّبَنِ مِنْ أَجْلِ الْمُزَابَنَةِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ لَغْوًا لِأَنَّ الرِّبَا لَا يَجُوزُ قَلِيلُهُ وَلَا كَثِيرُهُ وَلَيْسَ كَالْغَرَرِ الَّذِي يَجُوزُ قَلِيلُهُ وَلَا يَجُوزُ كَثِيرُهُ وَلَا يَجُوزُ عنده بيع الشاة اللبون باللبن إِلَى أَجَلٍ فَإِنْ كَانَتِ الشَّاةُ غَيْرَ لِبَوْنٍ جَازَ فِي ذَلِكَ الْأَجَلُ وَغَيْرُ الْأَجَلِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ بِالشَّاةِ اللَّبُونِ بِالطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّ اللَّبَنَ مِنَ الشَّاةِ وَلَيْسَ الطَّعَامُ مِنْهَا قَالَ وَالشَّاةُ بِالطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ إِذَا لَمْ تَكُنْ شَاةَ لَحْمٍ جَائِزٌ وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الذَّبْحُ فَإِنْ كَانَتْ شَاةَ لَحْمٍ فَلَا قَالَ وَكَذَلِكَ السَّمْنُ إِلَى أَجَلٍ بِشَاةٍ لِبَوْنٍ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا لَبَنٌ جَازَ قَالَ وَيَجُوزُ الْجَمِيعُ يَدًا بِيَدٍ (قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ الْقِيَاسُ أَنَّ الشَّاةَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ وَجَازَ بَيْعُهَا بِاللَّبَنِ يَدًا بِيَدٍ وَإِنْ كَانَتْ لَبَوْنًا أَنْ يَجُوزَ بَيْعُهَا بِاللَّبَنِ إِلَى أَجَلٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ

فِي حِينِ عَقْدِ التَّبَايُعِ وَإِنْ كَانَتِ اللَّبُونُ كَغَيْرِ اللَّبُونِ فَإِنْ كَانَتِ اللَّبُونُ يُرَاعِي أَخْذَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا لَبَنٌ وَيُقَامُ مَقَامَ اللبن فغير جائز أَنْ تُبَاعَ بِاللَّبَنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا لَبَنٌ يَدًا بِيَدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَجُوزُ شِرَاءُ زَيْتُونَةٍ فِيهَا زَيْتُونٌ بِزَيْتُونٍ وَشَاةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ بِلَبَنٍ لِأَنَّ الزَّيْتُونَ فِي شَجَرَةٍ وَاللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ لَغْوٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وأبو حنيفة وأصحابهم لا يجوز بيع الشاةاللبون بِالطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بَيْعُ شَاةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ بِشَيْءٍ مِنَ اللَّبَنِ لَا يَدًا بِيَدٍ وَلَا إِلَى أَجَلٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُجَجٌ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ والاعتبار يطول ذِكْرُهَا وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ الْمُزَابَنَةُ فَمَا لَا يَجُوزُ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ مَعْلُومٌ بِمَجْهُولٍ وَمَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ طَعَامٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ شَيْءٌ بِشَيْءٍ إِلَى أَجَلٍ جَازَ فِيهِ التَّفَاضُلُ أَوْ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الطَّعَامِ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ فَهَذَا الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ لِمَنْ وُفِّقَ وَفَهِمَ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِي شَيْخُهُ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ

الْحَسَنِ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الله ابن الْهَادِي عَنْ مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَحْلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَذَكَرَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عَلَى مَا اسْتَدَلَّ بِهِ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مَا يَرُدُّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ جَائِزٌ لِلْمُرْتَهِنِ الشَّاةُ أَوِ الْبَقَرَةُ أَوِ الدَّابَّةُ أَنْ يَحْلِبَ أَوْ يَرْكَبَ ذَلِكَ الرَّهْنَ وَتَكُونُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الدَّابَّةِ أَوِ البقرة أو رعيها أو رعي الشاة أو نفقتها وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ وَبَعْضُ رُوَاتِهِ يَقُولُ فِيهِ الرَّهْنُ يُرْكَبُ أَوْ يُحْلَبُ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَحْلِبُ نَفَقَتُهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ تَرُدُّهُ أُصُولٌ يُجْتَمَعُ عَلَيْهَا وَآثَارٌ ثَابِتَةٌ لَا يُخْتَلَفُ فِي صِحَّتِهَا وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنْ لَيْسَ الرَّهْنُ وَظَهْرُهُ لِلرَّاهِنِ وَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ احْتِلَابُ الْمُرْتَهِنِ لَهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ

إِلَّا بِإِذْنِهِ مَا يَرُدُّهُ وَيَقْضِي بِنَسْخِهِ مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَحْرِيمِ مَالِ الْمُسْلِمِ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَفِي الْأُصُولِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا فِي تَحْرِيمِ الْمَجْهُولِ وَالْغَرَرِ وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَبَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ مَا يَرُدُّ ذَلِكَ أَيْضًا وَفِيمَا ذَكَرْنَا صِحَّةُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَصْحَابُنَا وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الرَّهْنُ يُرْكَبُ وَيُحْلَبُ بِنَفَقَتِهِ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ تَحْرِيمِ الرِّبَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

حديث ثالث وثلاثون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَثَلَاثُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مَنِ اقْتَنَى إِلَّا كَلْبًا ضَارِيًا أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلُّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى مَنِ اقْتَنَى إِلَّا كَلْبًا وَغَيْرُهُ يَقُولُ مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبًا ضَارِيًا أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ فِيهِ مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ ضَارِيًا وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ كُلُّهُ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ وَيَرْوِيهِ قَوْمٌ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالْحَدِيثُ عِنْدَ مَالِكٍ عَنْهُمَا جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ جَمَعَهُمَا ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْهُ بِالْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ الدَّبَّاغِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مالك عن نافع وعبد الله

ابن دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبًا ضَارِيًا أَوْ صَاحِبَ مَاشِيَةٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ إِلَّا ابْنَ دِينَارٍ قَالَ مِنْ عَمَلِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنِ الْفِقْهِ إِبَاحَةُ اتِّخَاذِ الْكِلَابِ لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَكَرَاهِيَةُ اتِّخَاذِهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ وَسُفْيَانُ بْنُ أَبِي زُهَيْرٍ الشَّنَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَادُوا فِيهِ ذِكْرَ كَلْبِ الْحَرْثِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لَا يَعْنِي بِهِ زَرْعًا وَلَا ضَرْعًا فَزَادُوا فِيهِ الزَّرْعَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنِ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال من اقتنى

كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ وَلَا مَاشِيَةٍ وَلَا أَرْضٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال من اتَّخَذَ كَلْبًا لَيْسَ كَلْبَ صَيْدٍ وَلَا مَاشِيَةٍ وَلَا حَرْثٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ وَقَالَ اقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَفِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ تَدْخُلُ عِنْدِي إِبَاحَةُ اقْتِنَاءِ الْكِلَابِ لِلْمَنَافِعِ كُلِّهَا وَدَفْعِ الْمَضَارِّ إِذَا احْتَاجَ الْإِنْسَانُ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ اقْتِنَاؤُهَا فِي غَيْرِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآثَارِ لِنُقْصَانِ أَجْرِ مُقْتَنِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ اقْتِنَاءَ الْكِلَابِ لِلزَّرْعِ وَالصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَلَمْ يُجِزِ ابْنُ عُمَرَ اقْتِنَاءَهُ لِلزَّرْعِ وَوَقَفَ عِنْدَمَا سَمِعَ وَزِيَادَةُ مَنْ زَادَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَرْثَ وَالزَّرْعَ مَقْبُولَةٌ فَلَا بَأْسَ بِاقْتِنَاءِ الْكِلَابِ لِلزَّرْعِ وَالْكَرْمِ وَإِنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي مَعْنَى الْحَرْثِ وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ كَمَا

يُقْتَنَى لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ اقْتِنَاؤُهَا لِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ وَحَاجَةٍ وَكِيدَةٍ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ فِيهِ تَرْوِيعُ النَّاسِ وَامْتِنَاعُ دُخُولِ الْمَلَائِكَةِ فِي الْبَيْتِ وَالْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الكلب فمن ههنا وَاللَّهُ أَعْلَمُ كُرِهَ اتِّخَاذُهَا وَأَمَّا اتِّخَاذُهَا لِلْمَنَافِعِ فَمَا أَظُنُّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مَكْرُوهًا لِأَنَّ النَّاسَ يَسْتَعْمِلُونَ اتِّخَاذَهَا لِلْمَنَافِعِ وَدَفْعِ الْمَضَرَّةِ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ فِي كُلِّ مِصْرٍ وَبَادِيَةٍ فِيمَا بَلَغَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَبِالْأَمْصَارِ عُلَمَاءُ يُنْكِرُونَ الْمُنْكَرَ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَسْمَعُ السُّلْطَانُ مِنْهُمْ فَمَا بَلَغَنَا عَنْهُمْ تَغْيِيرُ ذَلِكَ إِلَّا عِنْدَ أَذًى يَحْدُثُ مِنْ عَقْرِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ كُنْتُ مَا أَحَبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَّخِذَ كَلْبًا وَلَا يَقْتَنِيَهُ إِلَّا لِصَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ فِي بَادِيَةٍ أَوْ مَا يُجْرِي مَجْرَى الْبَادِيَةِ مِنَ الْمَوَاضِعِ الْمَخُوفِ فِيهَا الطُّرُقُ وَالسَّرَقُ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ اتِّخَاذُ الْكِلَابِ فِيهَا لِلزَّرْعِ وَغَيْرِهِ لِمَا يَخْشَى مِنْ عَادِيةِ الْوَحْشِ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ سُئِلَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنِ الْكَلْبِ يُتَّخَذُ لِلدَّارِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَتِ الدَّارُ مَخَوِّفَةً حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَعَدَ جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَاثَ عَلَيْهِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى

رسول الله صلى الله عليه وسلم فحرج رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيَهُ فَشَكَا إِلَيْهِ مَا وَجَدَ فَقَالَ إِنَّنَا لَا نُدْخِلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ السَّبَّاقِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ قَالَ وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذئب عن الحرث بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ فَلِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَا أَشْبَهَهُ كَرِهَ اتِّخَاذَ الْكِلَابِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقِيلَ هُوَ خُصُوصٌ لِجِبْرِيلَ وَحْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَلِيلِ الْحَفَظَةِ وَقِيلَ بَلِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى عُمُومِ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ أَوْ مِنْ أَجْرِهِ يُرِيدُ مِنْ أَجْرِ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اتِّخَاذَهَا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ لِأَنَّ مَا كَانَ مُحَرَّمًا اتِّخَاذُهُ لَمْ يَجُزِ اتِّخَاذُهُ وَلَا اقْتِنَاؤُهُ عَلَى حَالِ نَقَصَ مِنَ الْأَجْرِ أَوْ لَمْ يَنْقُصْ

وَلَيْسَ هَذَا سَبِيلَ النَّهْيِ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ أَنْ يُقَالَ فِيهَا مَنْ فَعَلَ كَذَا وَلَكِنْ هَذَا اللَّفْظُ يَدُلُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى كَرَاهِيَةٍ لَا عَلَى تَحْرِيمٍ وَوَجْهُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ نُقْصَانِ الْأَجْرِ مَحْمُولٌ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ الْمَعَانِيَ الْمُتَعَبِّدَ بِهَا فِي الْكِلَابِ مِنْ غَسْلِ الْإِنَاءَ سَبْعًا إِذَا وَلَغَتْ فِيهِ لَا يَكَادُ يُقَامُ بِهَا وَلَا يَكَادُ يَتَحَفَّظُ مِنْهَا لِأَنَّ مُتَّخِذَهَا لَا يَسْلَمُ مِنْ وُلُوغِهَا فِي إِنَائِهِ وَلَا يَكَادُ يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ فِي عِبَادَةِ الْغَسْلَاتِ مِنْ ذَلِكَ الْوُلُوغِ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِثْمُ وَالْعِصْيَانُ فَيَكُونُ ذَلِكَ نَقْصًا فِي أَجْرِهِ بِدُخُولِ السَّيِّئَاتِ عَلَيْهِ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنِ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِذَهَابِ أَجْرِهِ فِي إِحْسَانِهِ إِلَى الْكِلَابِ لِأَنَّ مَعْلُومًا أَنَّ فِي الْإِحْسَانِ إِلَى كُلِّ ذِي كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرًا لَكِنَّ الْإِحْسَانَ إِلَى الْكَلْبِ يَنْقُصُ الْأَجْرُ فِيهِ أَوْ يَبْلُغُهُ مَا يَلْحَقُ مُقْتَنِيهِ وَمُتَّخِذَهُ مِنَ السَّيِّئَاتِ بِتَرْكِ أَدَبِهِ لِتِلْكَ الْعِبَادَاتِ فِي التَّحَفُّظِ مِنْ وُلُوغِهِ وَالتَّهَاوُنِ بِالْغَسْلَاتِ مِنْهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِثْلَ تَرْوِيعِ الْمُسْلِمِ وَشِبْهِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ قَالَ سَأَلَ الرَّجُلُ الْحَسَنَ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَرَأَيْتَ مَا ذُكِرَ مِنَ الْكَلْبِ أَنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ

أَجْرِ أَهْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ قَالَ يَذْكُرُ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ مِمَّ ذَلِكَ يَا أَبَا سعيد قال لترويعه المسلم وذكر (هـ) ابْنُ سَعْدَانَ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ لِعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ مَا بَلَغَكَ فِي الْكَلْبِ فَقَالَ بَلَغَنِي أَنَّهُ مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لِغَيْرِ زَرْعٍ وَلَا حِرَاسَةٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ قَالَ وَلِمَ ذَلِكَ قَالَ هَكَذَا جَاءَ الْحَدِيثُ قَالَ خُذْهَا بِحَقِّهَا إِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْبَحُ الْكَلْبُ وَيُرَوِّعُ السَّائِلَ

حديث رابع وثلاثون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَثَلَاثُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ لِأَنَّ مَا يَجُوزُ أَكْلُهُ لَمْ يَحِلَّ قَتْلُهُ إِذَا كَانَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ وَذُبِحَ أَوْ نُحِرَ فَإِنْ كَانَ صَيْدًا مُتَمَنِّعًا حَلَّ بِالتَّسْمِيَةِ رَمْيُهُ وَقَتْلُهُ كَيْفَ أَمْكَنَ مَا دَامَ مُتَمَنِّعًا أَلَا تَرَى إِلَى مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ إِذْ ظَهَرَ فِي الْمَدِينَةِ اللَّعِبُ بِالْحَمَامِ وَالْمُهَارَشَةُ بَيْنَ الْكِلَابِ أَتَى الْحَدِيثُ عَنْهُمَا بِأَنَّهُمَا أَمَرَا بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَذَبْحِ الْحَمَامِ فَرَّقَا بَيْنَ مَا يُؤْكَلُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ غَيْرَ مَرَّةٍ فِي خُطْبَتِهِ اقْتُلُوا الْكِلَابَ وَاذْبَحُوا الْحَمَامَ

وَاخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي قَتْلِ الْكِلَابِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ كُلِّهَا إِلَّا مَا وَرَدَ الْحَدِيثُ بِإِبَاحَةِ اتِّخَاذِهِ مِنْهَا لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَلِلزَّرْعِ أَيْضًا وَقَالُوا وَاجِبٌ قَتْلُ الْكِلَابِ كُلِّهَا إِلَّا مَا كَانَ مِنْهَا مَخْصُوصًا بِالْحَدِيثِ امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلُهُ وَبِحَدِيثِ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَافِعًا صَوْتَهُ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ فَكَانَتِ الْكِلَابُ تُقْتَلُ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ وَبِمَا أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَأَرْسَلَ فِي أَقْطَارِ الْمَدِينَةِ لِتُقْتَلَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ

سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ حَتَّى إِنَّ الْمَرْأَةَ لَتَدْخُلُ بِالْكَلْبِ فَمَا تَخْرُجُ حَتَّى يُقْتَلَ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَكَانَتْ أُمِّي تَحْتَهُ وَكَانَ جَرْوٌ لِي تَحْتَ السَّرِيرِ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبِي وَكَلْبِي أَيْضًا فَقَالَ لَا تقتلوا كلب ابني ثُمَّ أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ أَنْ خُذُوهُ مِنْ تَحْتِ السَّرِيرِ فَأُخِذَ وَأَنَا لَا أَدْرِي فَقُتِلَ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ دَخَلَ أَرْضًا لَهُ فَرَأَى كَلْبًا فَهَمَّ أَنْ يَقَعَ بِقَيِّمِ أَرْضِهِ فَقَالَ إِنَّهُ وَاللَّهِ كَلْبٌ عَابِرٌ دَخَلَ الْآنَ قَالَ فَأَخَذَ الْمِسْحَاةَ وَقَالَ حَرِّشُوهُ عَلَيَّ قَالَ فَشَحَطَهُ قَوْلُهُ فَشَحَطَهُ أَيْ قَتَلَهَ فِي أَعْجَلِ شَيْءٍ فَهَذَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَابْنُ عُمَرَ قَدْ عَمِلَا بِقَتْلِ الْكِلَابِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاءَ نَحْوَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فَصَارَ ذَلِكَ سُنَّةً مَعْمُولًا بِهَا عِنْدَ الْخُلَفَاءِ لَمْ يَنْسَخْهَا عِنْدَ مَنْ عَمِلَ بِهَا شَيْءٌ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي قَتْلِ الْكِلَابِ لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَأْمُرَ الْوَالِي بِقَتْلِهَا

قال أبو عمر ظاهر حديث (ابن) (أ) عُمَرَ وَحَدِيثِ جَابِرٍ يَدُلُّ عَلَى قَتْلِ جَمِيعِ الْكِلَابِ وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ لِمَا قَدْ بَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فَكَانَتِ الْكِلَابُ تُقْتَلُ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ وَمِثْلُهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَرَخَّصَ فِي كَلْبِ الزَّرْعِ وَالصَّيْدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ) (ج) الشِّخِّيرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَرَخَّصَ فِي كَلْبِ الزَّرْعِ وَكَلْبِ الْعَيْنِ هَكَذَا قَالَ وَقَالَ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَعَفِّرُوا الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذَاهِبَ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ قَتَلَ كَلْبَ زَرْعٍ أَوْ صَيْدٍ أَمْ مَاشِيَةٍ عِنْدَ ذِكْرِ بَيْعِ الْكِلَابِ وَذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَالَ آخَرُونَ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ مَنْسُوخٌ بِإِبَاحَتِهِ اتِّخَاذَ مَا كَانَ مِنْهَا لِلْمَاشِيَةِ وَالصَّيْدِ وَالزَّرْعِ واحتج

قائلوا هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِحَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عن مطرف ابن الشِّخِّيرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ ثُمَّ قَالَ مَالِي وَالْكِلَابُ ثُمَّ رَخَّصَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَانَةُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ فَذَكَرَهُ قَالُوا فَفِي هَذَا الْخَبَرِ إِنَّ كَلْبَ الصَّيْدِ قَدْ كَانَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ ثُمَّ أَبَاحَ الِانْتِفَاعَ بِهِ فَارْتَفَعَ الْقَتْلُ عَنْهُ قَالُوا وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ جَائِزٌ اتِّخَاذُهُ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ إِلَّا مَا يُؤْكَلُ فَيُذَكَّى وَلَا يَقْتُلُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الحرث عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ ثُمَّ قَالَ إِنَّهَا أُمَّةٌ وَلَا أُحِبُّ أَنْ أُفْنِيَهَا وَلَكِنِ اقْتُلُوا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ وَقَدْ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ قَالَ فَكُنَّا نَقْتُلُهَا حَتَّى قَالَ إِنَّهَا أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ ثُمَّ نَهَى عَنْ قَتْلِهَا وَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ فِي الْقَرْنَيْنِ أَوْ قَالَ فِي النُّكْتَتَيْنِ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا يُوسُفُ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ جَابِرٍ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ بَلِ الْحُجَّةُ فِيهِ لِمَنْ لَمْ يَرَ قَتْلَهَا عَلَى مَا نَذْكُرُهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالُوا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِبَاحَةَ فِي اتِّخَاذِهَا وَحُبَّهُ أَنْ لَا يُفْنِيَهَا كَانَ بَعْدَ الْأَمْرِ بِقَتْلِهَا قَالُوا وَقَدْ رَخَّصَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَلَمْ يَخُصَّ أَسْوَدَ بَهِيمًا مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ قَالُوا إِنَّ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ مِنِ الْكِلَابِ أَكْثَرُهَا أَذًى وَأَبْعَدُهَا مِنْ تَعْلِيمِ مَا يَنْفَعُ وَلِذَلِكَ رُوِيَ أَنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ شَيْطَانٌ أَيْ بَعِيدٌ مِنَ الْمَنَافِعِ قَرِيبٌ مِنَ الْمَضَرَّةِ وَالْأَذَى وَهَذِهِ أُمُورٌ لَا تُدْرَكُ بِنَظَرٍ وَلَا يُوصَلُ إِلَيْهَا بِقِيَاسٍ وَإِنَّمَا يَنْتَهِي فِيهَا إِلَى مَا جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْكِلَابَ مِنِ الْجِنِّ وَهِيَ بُقْعَةُ الْجِنِّ فَإِذَا غَشِيَتْكُمْ فَأَلْقُوا لَهَا بِشَيْءٍ فَإِنَّ لَهَا أَنْفُسًا يَعْنِي أَعْيُنًا وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ أَنَّهُمَا كَانَا يَكْرَهَانِ صَيْدَ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ اثْنَانِ مِنَ الْجِنِّ مُسِخَا وَهُمَا الْكِلَابُ وَالْحَيَّاتُ وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى بأبين مما جاء ههنا فِي بَابِ صَيْفِيٍّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ اضْطَرَبَتْ أَلْفَاظُ الْأَحَادِيثِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ وَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ بِالْقَتْلِ كَانَ فِيمَا عَدَا الْمُسْتَثْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِ

الْكِلَابِ مَنْسُوخٌ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ حَتَّى إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَقْدُمُ مِنَ الْبَادِيَةِ بِالْكَلْبِ فَنَقْتُلُهُ ثُمَّ نَهَانَا عَنْ قَتْلِهَا وَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ فَهَذَا وَاضِحٌ فِي أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِهَا بَعْدَ أَنْ كَانَ أَمَرَ بِذَلِكَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حدثنا أحمد (ابن عبد الله) (أ) حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا فَاقْتُلُوا مِنْهَا الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ وَمَا مِنْ قَوْمٍ اتَّخَذُوا كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ كَلْبَ حَرْثٍ إِلَّا نَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ الْمَكِّيُّ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ

العطاردي قال سمعت ابن عباس يقول السوء مِنِ الْكِلَابِ الْجِنُّ وَالْبُقَعُ مِنْهَا الْحِنُّ وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ فِي الْجِنِّ وَالْحِنِّ قَوْلَ الشَّاعِرِ ... إِنْ تَكْتُبُوا الزَّمْنَى فَإِنِّي لَزَمِنٌ ... فِي ظَاهِرِي دَاءٌ وداء مستكن ... ... أبيت أهوى في شياطين قرن ... ... مختلف نجاره جِنٌّ وَحِنُّ ... وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ الْحِنُّ حَيٌّ مِنَ الْجِنِّ مِنْهُمُ الْكِلَابُ الْبَهْمُ يُقَالُ مِنْهُ كَلْبٌ حِنِيٌّ فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنْ لَا يُقْتَلَ مِنِ الْكِلَابِ إِلَّا الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ خَاصَّةً مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مُغَفَّلٍ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ شَيْطَانٌ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُ شَيْءٍ مِنِ الْكِلَابِ إِلَّا الْكَلْبَ الْعَقُورَ وَقَالُوا أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ مَنْسُوخٌ بِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَّخَذَ شَيْءٌ فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فَذَكَرَ مِنْهُنَّ الْكَلْبَ الْعَقُورَ فَخَصَّ الْعَقُورَ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّ كُلَّ مَا يَعْقِرُ الْمُؤْمِنَ وَيُؤْذِيهِ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ فَوَاجِبٌ قَتْلُهُ وَقَدْ قِيلَ الْعَقُورُ ههنا الأسد وما أشبه مِنْ عَقَّارَةِ سِبَاعِ الْوَحْشِ قَالُوا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ ضَرَبَ

الْمَثَلَ بِرَجُلٍ وَجَدَ كَلْبًا يَلْهَثُ عَطَشًا عَلَى شَفِيرِ بِئْرٍ فَاسْتَقَى فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ فَغَفَرَ لَهُ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَفِي مِثْلِ هَذَا أَجْرٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ إِلَّا مَا أَضَرَّ بِالْمُسْلِمِ فِي مَالٍ أَوْ نَفْسٍ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَدُوِّ الْمُبَاحِ قَتْلُهُ وَأَمَّا مَا انتفع به المسلم من كل في كَبِدٍ رَطْبَةٍ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ لِأَنَّهُ كَمَا يُؤْجَرُ الْمَرْءُ فِي الْإِحْسَانِ إِلَيْهِ كَذَلِكَ يُؤْزَرُ فِي الْإِسَاءَةِ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حدثنا أبو بكر ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ قَدِ ادَّلَعَ لِسَانُهُ مِنَ الْعَطَشِ فَنَزَعَتْ لَهُ بِمَوْقِهَا فَغُفِرَ لَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ حَسْبُكَ بِهَذَا فَضْلًا فِي الْإِحْسَانِ إِلَى الْكَلْبِ فَأَيْنَ قَتْلُهُ مِنْ هَذَا وَمِمَّا فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا قَدْ قِيلَ فِيمَا وَصَفْنَا وَبِاللَّهِ عِصْمَتُنَا وَتَوْفِيقُنَا وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي بَيْعِ الْكِلَابِ مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بن عبد الرحمان من كتابنا هذا فلا وجه لإعادته ههنا وَالَّذِي اخْتَارَهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ لَا يُقْتَلَ شَيْءٌ مِنَ الْكِلَابِ إِذَا لَمْ تَضُرَّ بِأَحَدٍ وَلَمْ تَعْقِرْ أَحَدًا لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أن يتخذ شيء فيه الروح غَرَضًا وَلِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ مِنْ حُجَّةِ مَنِ اخْتَرْنَا قَوْلَهُ وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا لِمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ فِي أَنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ مَنْسُوخٌ تَرْكُ قَتْلِهَا فِي كُلِّ الْأَمْصَارِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَعْصَارِ بَعْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِيهِمُ الْعُلَمَاءُ وَالْفُضَلَاءُ مِمَّنْ يَذْهَبُ مَذْهَبَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَمَنْ لَا يُسَامِحُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَنَاكِرِ والمعاص الظاهرة إلا ويبدر إلى إنكارها وينب إِلَى تَغْيِيرِهَا وَمَا عَلِمْتُ فَقِيهًا مِنَ الْفُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا قَاضِيًا عَالِمًا قَضَى بِرَدِّ شَهَادَةِ مَنْ لَمْ يَقْتُلِ الْكِلَابَ الَّتِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهَا وَلَا جَعَلَ اتِّخَاذَ الْكِلَابِ فِي الدُّورِ جُرْحَةً يَرُدُّ بِهَا شَهَادَةً وَلَوْلَا عِلْمُهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لِمَعْنًى وَقَدْ نُسِخَ مَا اتَّفَقَتْ جَمَاعَتُهُمْ عَلَى

تَرْكِ امْتِثَالِ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُمْ لَا يَجُوزُ عَلَى جَمِيعِهِمُ الْغَلَطُ وَجَهْلُ السُّنَّةِ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَكْرَهِ اتِّخَاذَ الْكَلْبِ فِي الدُّورِ إِلَّا لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ السَّائِلِ وَتَرْوِيعِ الْمُسْلِمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَتْلِ الْأَسْوَدِ مِنْهَا بِأَنَّهُ شَيْطَانٌ عَلَى مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمَّى مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الشَّرُّ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ شَيْطَانًا بِقَوْلِهِ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَلَمْ يَجِبْ بِذَلِكَ قَتْلُهُ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رجلا يتبع حمامة فقال شيطان يتبع سيطانة وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَسْخًا مِنِ الْجِنِّ وَلَا أَنَّ الْحَمَامَةَ مُسِخَتْ مِنِ الْجِنِّ وَلَا أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ قَتْلُهُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ سُورَةَ الْمَائِدَةِ نَسَخَتِ الْأَمْرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَلْمَى أُمِّ رَافِعٍ قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لَهُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَخَرَجَ فَقَالَ قَدْ أَذِنَّا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنْ لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ

صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ فَنَظَرُوا فَإِذَا فِي بَعْضِ بُيُوتِهِمْ جَرْوٌ فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ لَا يَدَعَ كَلْبًا بِالْمَدِينَةِ إِلَّا قَتَلَهُ فَإِذَا بِامْرَأَةٍ فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ لَهَا كَلْبٌ يَحْرُسُ عَلَيْهَا قَالَ فَرَحِمْتُهَا فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَمَرَنِي بِقَتْلِهِ قَالَ ثُمَّ أَتَاهُ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ فَقَالُوا مَا يَحِلُّ لَنَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ التي أمرت بقتلها فنزلت يسألونك ماذا يحل لهم قال أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ هَكَذَا كَانَ فِي أَصْلِ الشَّيْخِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ الْقَعْقَاعِ وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْقَعْقَاعِ حَدَّثَنِيهِ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ حَدَّثَنَا ابْنُ سِيرِينَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَلْمَى أُمِّ رَافِعٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي إِسْنَادِهِ هَذَا مَا يُوجِبُهُ عِنْدِي النَّظَرُ فِي اسْتِعْمَالِ السُّنَنِ وَتَهْذِيبِ الآثار في ذلك وقود الْأُصُولِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

حديث خامس وثلاثون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَثَلَاثُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ (واجبان) (أ) طَاعَةُ سَيِّدِهِ فِي الْمَعْرُوفِ وَطَاعَةُ رَبِّهِ فَقَامَ بِهِمَا جَمِيعًا كَانَ لَهُ ضِعْفَا أَجْرِ الْحُرِّ الْمُطِيعِ لِرَبِّهِ مِثْلَ طَاعَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ أَطَاعَ اللَّهَ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ طَاعَةِ سَيِّدِهِ وَنُصْحِهِ وَأَطَاعَهُ أَيْضًا فِيمَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَهُمْ أَنَّهُ مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَرْضَانِ فَأَدَّاهُمَا جَمِيعًا وَقَامَ بِهِمَا كَانَ أَفْضَلَ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا فَرْضٌ وَاحِدٌ فَأَدَّاهُ والله

أَعْلَمُ فَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَصَلَاةٌ فَقَامَ بِهِمَا عَلَى حَسْبَمَا يَجِبُ فِيهِمَا كَانَ لَهُ أَجْرَانِ وَمَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَأَدَّى صَلَاتَهُ كَانَ لَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ يُوَفِّقُ مَنْ يَشَاءُ وَيَتَفَضَّلُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَعَلَى حَسَبِ هَذَا يَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى مَنِ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ فُرُوضٌ مِنْ وُجُوهٍ فَلَمْ يُؤَدِّ شَيًّا مِنْهَا وَعِصْيَانُهُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ عِصْيَانِ مَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْضُ تِلْكَ الْفُرُوضِ وَقَدْ سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَجُلٍ كَثِيرِ الْحَسَنَاتِ كَثِيرِ السَّيِّئَاتِ أَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ رَجُلٌ قَلِيلُ الْحَسَنَاتِ قَلِيلُ السَّيِّئَاتِ فَقَالَ مَا أَعْدِلُ بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ الْمُتَّقِيَ لِلَّهِ الْمُؤَدِّيَ لِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ سَيِّدِهِ أَفْضَلُ مِنَ الْحُرِّ وَيُعَضِّدُ هَذَا مَا رُوِيَ عَنِ الْمَسِيحِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ قَوْلُهُ مُرُّ الدُّنْيَا حُلْوُ الْآخِرَةِ وَحُلْوُ الدُّنْيَا مُرُّ الْآخِرَةِ وَلِلْعُبُودِيَّةِ مَضَاضَةٌ وَمَرَارَةٌ لَا تَضِيعُ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي

يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبْدِ الْمُصْلِحِ أَجْرَانِ وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ لَوْلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ قَالَ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ لَوْلَا أَمْرَانِ لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا وَذَلِكَ أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَضَعَ فِي مَالِهِ شَيْئًا وَلَا يُجَاهِدَ وَذَلِكَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَبْدًا يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ عَلَيْهِ وَحَقَّ سَيِّدِهِ إِلَّا وَفَّاهُ اللَّهُ أَجَرَهُ مَرَّتَيْنِ

حديث سادس وثلاثون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَثَلَاثُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةً سيراه تُبَاعُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ الْحُلَّةَ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ فَقَالَ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا حُلَلٌ فَأَعْطَى عُمَرَ مِنْهَا حُلَّةً فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدَ مَا قُلْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يَخْتَلِفُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ نَافِعٍ عَنْ نَافِعٍ فِيهِ أَيْضًا وَبَعْضُ أَصْحَابِ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُونَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ فَيَجْعَلُونَهُ

مِنْ مُسْنَدِ عُمَرَ وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَأَهْلِ الْفِقْهِ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَالْعَمَلِ إِلَّا أَنَّ أَيُّوبَ قَالَ فِيهِ عُطَارِدُ أَوْ لَبِيدٌ عَلَى الشَّكِّ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي مَرَرْتُ بِعُطَارِدَ أَوْ لَبِيدٍ وَهُوَ يَعْرِضُ حُلَّةَ حَرِيرٍ فَلَوِ اشْتَرَيْتَهَا لِلْجُمُعَةِ وَلِلْوُفُودِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الرَّجُلَ عُطَارِدُ أَوْ لَبِيدٌ وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ سَالِمٍ حُلَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَالْإِسْتَبْرَقُ الْحَرِيرُ الْغَلِيظُ وَفِيهِ أَيْضًا ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ بِحُلَّةِ دِيبَاجٍ وَقَالَ فِيهَا تَبِيعُهَا وَتُصِيبُ بِهَا حَاجَتَكَ وَسَالِمٌ أَجَلُّ مَنْ يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنَ التَّابِعِينَ وَأَثْبَتُهُمْ فِيهِ وَنَافِعٌ ثَبَتٌ جِدًّا فَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُلَّةَ سِيَرَاءَ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ إِنَّهَا كَانْتَ حُلَّةً مِنْ حَرِيرٍ وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ الْحَرِيرِ الصَّافِي الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلرِّجَالِ لِبَاسُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُخَالِطُهُ الْحَرِيرُ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا أَهْلُ اللُّغَةِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ الْحُلَّةُ السِّيَرَاءُ هِيَ الَّتِي يُخَالِطُهَا الْحَرِيرُ قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ السِّيَرَاءُ بُرُودٌ يُخَالِطُهَا

حَرِيرٌ وَقَالَ غَيْرُهُ هِيَ ضُرُوبٌ مِنَ الْوَشْيِ وَالْبُرُودِ وَأَمَّا الْحُلَّةُ عِنْدَهُمْ فَثَوْبَانِ اثْنَانِ لَا يَقَعُ اسْمُ الْحُلَّةِ عَلَى وَاحِدٍ وَأَمَّا الْحُلَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَحَرِيرٌ كُلُّهَا بِنَقْلِ الثِّقَاتِ لِذَلِكَ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَعَ مَا فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ وَغَيْرِهِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبِي عَنْ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ خَرَجَ مَنْ بَيْتِهِ يُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّ بِالسُّوقِ فَرَأَى عُطَارِدَ يُقِيمُ حُلَّةً مِنْ حَرِيرٍ وَكَانَ رَجُلًا يَغْشَى الْمُلُوكَ فَأَتَى النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ هَذَا عُطَارِدُ يُقِيمُ حُلَّةً مِنَ الْحَرِيرِ فَلَوِ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا إِذَا أَتَاكَ وُفُودُ النَّاسِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ لِبَاسَ الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ حَلَالٌ وَأَجْمَعُوا أَنَّ النَّهْيَ عَنْ لِبَاسِ الْحَرِيرِ إِنَّمَا خُوطِبَ بِهِ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ وَإِنَّهُ حُظِرَ عَلَى الرِّجَالِ وَأُبِيحَ لِلنَّاسِ وَكَذَلِكَ التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَرَدَتْ بِمِثْلِ مَا أَجْمَعُوا

عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ آثَارٌ صِحَاحٌ مِنْ آثَارِ الْعُدُولِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قلابة قال حدثنا بشر بن ابْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةٌ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ زَيْدٍ عَنْ وَهْبٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةٌ سِيَرَاءُ فَأَعْطَانِيهَا فَلَبِسْتُهَا فَقَالَ إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهَا لِتَلْبَسَهَا قَالَ فَأَمَرَنِي فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْعُ الرِّجَالِ مِنَ الْحَرِيرِ وَإِبَاحَتُهُ لِلنِّسَاءِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا سليمان بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أُهْدِيَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةٌ سِيَرَاءُ فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيَّ فَلَبِسْتُهَا فَأَتَيْتُهُ فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ وَقَالَ إِنِّي لَمْ أُرْسِلْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبِسَهَا فَأَمَرَنِي فَأَطَرْتُهَا بين نسائي ومما يدلك (هـ) عَلَى أَنَّ هَذَا عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيمِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّنَزُّهِ مَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ خليفة

قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ (الآجري) (أ) قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ أَبُو حَفْصٍ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَلَّ لِإِنَاثِ أُمَّتِي الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ وَحَرَّمَهُمَا عَلَى ذُكُورِهَا وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمَّوَيْهِ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ رَشِيقٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بكر يموت من المزرع ابن يَمُوتَ الْبَصْرِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ

أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحِلُّ لِإِنَاثِ أُمَّتِي لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى ذُكُورِهَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَرِيرُ وَالذَّهَبُ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عن أبيه عن رجل عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ سعيد بن أبي هند عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَقَدْ رَوَاهُ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن سعيد بن أَبِي هِنْدَ عَنْ رَجُلٍ مَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّوَابُ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَا رَوَاهُ هَؤُلَاءِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَيُّوبَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ

حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ ليث عن عبد الرحمان بْنِ سَابِطٍ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَتَنَاجَيَانِ بَيْنَهُمَا بِحَدِيثٍ فَقُلْتُ لَهُمَا مَا حَفِظْتُمَا وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَوْصَاهُمَا بِي فَقَالَا مَا أَرَدْنَا أَنْ نَنْتَحِيَ دُونَكَ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَجَعَلَا يَتَذَاكَرَانِهِ قَالَ إِنَّهُ بَدَا هَذَا الْأَمْرُ نُبُوءَةً وَرَحْمَةً ثُمَّ كَائِنٌ خِلَافَةً وَرَحْمَةً ثُمَّ كَائِنٌ مُلْكًا عَضُوضًا ثُمَّ كَائِنٌ عُتُوًّا وَحَرْبَةً وَفَسَادًا فِي الْأُمَّةِ يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيرَ وَالْخُمُورَ وَالْفُرُوجَ يُرْزَقُونَ عَلَى ذَلِكَ وَيُنْصَرُونَ حَتَّى يَلْقَوُا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَوَى تَحْرِيمَ الْحَرِيرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّحَابَةِ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمُعَاوِيَةُ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَحُذَيْفَةُ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَنَسٌ وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَأَبُو أُمَامَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُمْ ذَكَرَ ذَلِكَ الطَّحَاوِيُّ وغيره أخبرنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وهب أخبرنا عمرو بن الحرث أَنَّ هِشَامَ بْنَ أَبِي رُقَيَّةَ اللَّخْمِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ سَمِعْتُ مَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ قَاعِدًا عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ وَهُوَ

يَقُولُ أَمَا لَكُمْ فِي الْعَصَبِ وَالْكَتَّانِ مَا يغنيكم عن الحرير وهذا رجل فيكم يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُمْ يَا عُقْبَةُ فَقَامَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَأَنَا أَسْمَعُ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا حُرِمَهُ فِي الْآخِرَةِ وَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ فِي لِبَاسِ الْحَرِيرِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن (بحر) (ج) بْنِ بَرِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ

أَخْبَرَنِي أَبُو ذُبْيَانَ خَلِيفَةُ بْنُ كَعْبٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَقَالَ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ رَأْيِهِ وَمَنْ لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فذكره ولم يسمعه ابن الزيبر مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عُمَرَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ دَاوُدَ السَّرَّاجِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ وَلَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ يَلْبَسُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَلَا يَلْبَسُهُ هُوَ وَهَذَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الصَّعْبَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي الصَّعْبَةِ عَنْ أَبِي أَفْلَحَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ ابْنِ زُرَيْرٍ أَنَّهُ

سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شَمَالِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بن أرقم على النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءٌ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي الصَّعْبَةِ عَنْ أَبِي أَفْلَحَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ سَمِعَهُ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرِيرًا بِشَمَالِهِ وَذَهَبًا بِيَمِينِهِ ثُمَّ رَفَعَ بِهِمَا يَدَيْهِ فَقَالَ إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي وَرَوَاهُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ كَمَا قال الليث وابن إسحق قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدَنِيِّ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ رِجَالُهُ مَعْرُوفُونَ وَلَا يَجِيءُ عَنْ عَلِيٍّ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَفْظُ عُمُومٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْخُصُوصُ بِإِجْمَاعٍ لِأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ مَالِكَ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَحَبْسَهُمَا لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ سَوَاءٌ حَلَالُ ذَلِكَ كُلِّهِ لَهُمْ أَجْمَعِينَ وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْخِطَابِ لِبَاسُ الْحَرِيرِ وَلِبَاسُ الذَّهَبِ دُونَ الْمِلْكِ وَسَائِرُ التَّصَرُّفِ فَلَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ التَّخَتُّمُ بِالذَّهَبِ وَلَا أَنْ يُحَلِّيَ بِهِ سَيْفًا وَلَا مُصْحَفًا لِنَفْسِهِ وَلَا يَلْبَسُهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ وَكَذَلِكَ الْحَرِيرُ لَا يَلْبَسُهُ الرِّجَالُ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ مُخْتَلِفُونَ فِي الْمِقْدَارِ الْمُحَرَّمِ مِنْهُ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ إِنَّمَا النَّهْيُ وَالتَّحْرِيمُ فِي ذَلِكَ عُنِيَ بِهِ الثَّوْبَ مِنَ الْحَرِيرِ الْخَالِصِ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ غَيْرُهُ وَهَذَا إِجْمَاعٌ عَلَى مَا وَصَفْنَا لِلرِّجَالِ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمُحَرَّمَ مِنَ الْحَرِيرِ هُوَ الصَّافِي مِنْهُ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ شَيْءٌ غَيْرُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَحُجَّتُهُمْ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد المؤمن قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا خُصَيْبٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنَ الْحَرِيرِ فَأَمَّا الْعَلَمُ مِنَ الْحَرِيرِ وَسَدَا الثَّوْبِ فَلَا بَأْسَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن إسحق النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى (الْغَسَّانِيُّ) (أ) قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ خُصَيْبٍ عَنْ عكرمة

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّمَا كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّوْبَ الْمُصْمَتَ مِنَ الْحَرِيرِ فَأَمَّا الْعَلَمُ مِنَ الْحَرِيرِ وَسَدَا الثَّوْبِ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا أَيْضًا حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ (إِلَى) (أ) أَنَّ الْحُلَّةَ السِّيَرَاءَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْبَابِ كَانَتْ حَرِيرًا كُلُّهَا وَلِهَذَا قَالَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ مَا كَانَ سَدَاهُ حَرِيرًا مِنَ الثِّيَابِ لَا يَجُوزُ لِبَاسُهُ لِلرِّجَالِ بِحَالٍ وَذَكَرُوا أَنَّ الْحُلَّةَ السِّيَرَاءَ هَذِهِ صِفَتُهَا عَلَى مَا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ هذا المذاهب بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَخُو سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ أَبِي فَاخِتَةَ عَنْ جَعْدَةَ بْنِ مُغِيرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ أَهْدَى أَمِيرُ أَذْرِعَاتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةً مُسَيَّرَةً بِحَرِيرٍ إِمَّا سَدَاهَا وَإِمَّا لُحْمَتُهَا فَبَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ مَا أَصْنَعُ بِهَا أَلْبَسُهَا فَقَالَ إِنِّي لا

أَرْضَى لَكَ مَا أَكْرَهُ لِنَفْسِي فَاجْعَلْهَا خُمُرًا بَيْنَ الْفَوَاطِمِ فَشَقَقْتُ مِنْهَا أَرْبَعَةَ أَخْمِرَةٍ خِمَارًا لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ وَهِيَ أُمُّ عَلِيٍّ وَخِمَارًا لِفَاطِمَةَ ابْنَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخِمَارًا لِفَاطِمَةَ بِنْتِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَذَكَرَ فَاطِمَةً أُخْرَى فَنَسِيتُهَا وَأَرْخَصَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْحَرِيرِ فِي الْأَعْلَامِ نَحْوِ الْأُصْبُعَيْنِ وَالثَّلَاثِ لَا غَيْرَ وَلَمْ يُجَوِّزُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُجِيزُوا السَّدَا وَلَا اللُّحْمَةَ وَهَذَا كُلُّهُ لِلرِّجَالِ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَأَمَّا النِّسَاءُ فَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ جَائِزٌ لَهُنَّ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ يَقُولُ أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ أَمَّا بَعْدُ فَاتَّزِرُوا وَارْتَدُوا وَانْتَعِلُوا وَأَلْقُوا الْخِفَافَ وَأَلْقُوا السَّرَاوِيلَاتِ وَعَلَيْكُمْ بِلِبَاسِ أَبِيكُمْ إِسْمَاعِيلَ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْعَجَمِ وَعَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ فَإِنَّهَا حَمَّامُ الْعَرَبِ

وَاخْشَوْشِنُوا (وَاخْشَوْشِبُوا) وَاخْلَوْلِقُوا وَاقْطَعُوا الرَّكْبَ وَانْزُوا وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا وَهَكَذَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى يَعْنِي الْأَعْلَامَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ (قَالَ) حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ عُمَرَ نحوه (هـ) وَزَادَ فِيهِ وَتَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّصْرِيَّ يَقُولُ إِنَّ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَتَاهُمْ وَهُمْ بِأَذْرَبِيجَانَ أَمَّا بَعْدُ فَاتَّزِرُوا وَانْتَعِلُوا وَارْتَدُوا وَأَلْقُوا الْخِفَافَ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَإِيَّاكُمْ وَزِيَّ الْعَجَمِ وَعَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ فَإِنَّهَا حَمَّامُ الْعَرَبِ وَاخْشَوْشِنُوا وَاخْشَوْشِبُوا وَاقْطَعُوا الرَّكْبَ وَانْزُوا عَلَى الْخَيْلِ وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن الْحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا وَضَمَّ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ فَعَلِمْنَا أَنَّهَا الْأَعْلَامُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ اخْشَوْشِنُوا وَاخْشَوْشِبُوا بِمَعْنَى وَاحِدٍ مِنَ الْخُشُونَةِ فِي الْمَلْبَسِ وَالْمَطْعَمِ وَكُلُّ شَيْءٍ غَلِيظٍ خَشِنٍ فَهُوَ أَخْشَبُ وَخَشَبٌ وَهُوَ مِنَ الْغِلَظِ وَابْتِذَالِ النَّفْسِ فِي الْعَمَلِ وَامْتِهَانِهَا ليغلظ الجسد ويخشن هذا قول أبي عبيد وأنشد قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ الظَّلِيمَ ... شَخْتُ الْجُزَارَةِ مِثْلُ الْبَيْتِ سَائِرُهُ ... مِنَ الْمُسُوحِ خَدِبٌ شَوْقَبٌ خَشِبُ ... وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ اخْلَوْلَقَ السَّحَابُ إِذَا اسْتَوَى وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِيَّاكُمْ وَالْحَرِيرَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ وَقَالَ لَا تَلْبَسُوا مِنَ الْحَرِيرِ إِلَّا مَا كَانَ هَكَذَا وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصبعيه وأخبرنا عبد الله (بن محمد) (ب) قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْحَرِيرِ إِلَّا مَا كَانَ هَكَذَا وَهَكَذَا أُصْبُعَيْنِ وَثَلَاثَةً وَأَرْبَعَةً وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هرون قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِيَّاكُمْ وَالْحَرِيرَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْهُ وَقَالَ لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ إِلَّا مَا كَانَ هَكَذَا وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي الْعَلَمِ أَيْضًا عَائِشَةُ وَأَسْمَاءُ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ لِبَاسُ شَيْءٍ مِنَ الْحَرِيرِ لَا قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ وَمِمَّنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَهُوَ مِمَّنْ رَوَى حَدِيثَ الْحُلَّةِ السِّيَرَاءِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ مَوْلَى إِسْمَاعِيلَ (قَالَ) (ب) رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ اشْتَرَى عِمَامَةً لَهَا عَلَمٌ فدعا بالجلمين فقصه فدخلت عَلَى أَسْمَاءَ فَذَكَرْتُ لَهَا ذَلِكَ فَقَالَتْ بُؤْسًا لِعَبْدِ اللَّهِ يَا جَارِيَةُ هَاتِي جُبَّةَ

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَتِ بِجُبَّةٍ مَكْفُوفَةِ الْكُمَّيْنِ وَالْجَيْبِ وَالْفُرَجِ بِالدِّيبَاجِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَبُو عُمَرَ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي السُّوقِ اشْتَرَى ثَوْبًا شَامِيًّا فَرَأَى فِيهِ خَيْطًا أَحْمَرَ فَرَدَّهُ فَأَتَيْتُ أَسْمَاءَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثِيَابُنَا هَذِهِ قَدْ خَالَطَهَا الْحَرِيرُ وَهُوَ قَلِيلٌ فَقَالَ اتْرُكُوهُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَأَمَّا حِكَايَةُ أَقَاوِيلِ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ فَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ أَكْرَهُ لُبْسَ الْخَزِّ

لِأَنَّ سَدَاهُ حَرِيرٌ وَأَبَاحَ الشَّافِعِيُّ لُبْسَ قَبَاءٍ مَحْشُوٍّ بِقَزٍّ لِأَنَّ الْقَزَّ مَا بَطَّنَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ مَا كَانَ سَدَاهُ حَرِيرًا وَلُحْمَتُهُ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ وَأَكْرَهُ مَا كَانَ لُحْمَتُهُ حَرِيرًا وَسَدَاهُ غَيْرَ حَرِيرٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ مَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ شُهْرَةٌ فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ شُهْرَةٌ فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى نَهْيِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن لُبْسِ الْحَرِيرِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ فَأَمَّا السَّدَا وَالْعَلَمُ فَلَا يَعْنِي الْحَرِيرَ وَهَذَا يُبَيِّنُ الْمُرَادَ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ رَأَيْتُ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ جُبَّةً شَامِيَّةً قِيَامُهَا خَزٌّ وَرَأَيْتُ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ خَمَائِصَ مُعَلَّمَةً وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي لِبَاسِ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ فِي الْحَرْبِ أَوْ مِنْ جَرَبٍ وَحَكَّةٍ تَكُونُ بِهِمْ فَرَخَّصَ فِيهِ قَوْمٌ وَكَرِهَهُ آخَرُونَ وَمِمَّنْ كَرِهَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَرَخَّصَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ مَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةً مُزَرَّرَةً بِالدِّيبَاجِ فَقَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ هَذِهِ إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ

وحدثنا (سعيد) (أ) وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ رَخَّصَ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ فِيهِمَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ (قَالَ) (ب) حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي قُمُصِ الْحَرِيرِ فِي السَّفَرِ مِنْ حَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الرُّخْصَةُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَرَوَى سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ نُبِّئْتُ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصُ حَرِيرٍ فَقَالَ مَا هَذَا لَا أُمَّ لَكَ فَقَالَ أَلَيْسَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَلْبَسُهُ قَالَ وَأَنْتَ مِثْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ لَا أُمَّ لَكَ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَمُزِّقَ عَلَيْهِ يَعْنِي وَأَنْتَ مِثْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِيمَا نَزَلَ بِهِ مِنْ

الْجَرَبِ وَالْحَكَّةِ وَأَمَّا كَرَاهَةُ لِبَاسِ الْحَرِيرِ فِي الْحَرْبِ فَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ سُوِيدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ شَهِدْتُ بِالْيَرْمُوكِ فَاسْتَقْبَلَنَا عُمَرَ وَعَلَيْنَا الدِّيبَاجُ وَالْحَرِيرُ فَأَنْزَلْنَا فَرُمِينَا بِالْحِجَارَةِ فَقُلْنَا مَا بَلَغَهُ عَنَّا وَقُلْنَا كَرِهَ زِيِّنَا فَنَزَعْنَا فَلَمَّا اسْتَقْبَلَنَا رَحَّبَ بِنَا وَقَالَ إِنَّكُمْ جِئْتُمُونِي فِي زِيِّ الشِّرْكِ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ لِمَنْ قَبْلَكُمُ الدِّيبَاجَ وَلَا الْحَرِيرَ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنِ ابْنِ عَوْفٍ قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ عَنْ لُبْسِ الدِّيبَاجِ فِي الْحَرْبِ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ كَانُوا يَجُرُّونَ الدِّيبَاجَ قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي سَفِينٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَرَّهَهُ فِي الْحَرْبِ وقال أرجى يَكُونُ لِلشَّهَادَةِ وَذَكَرَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ النِّسَاءَ لَيْسَ مِمَّنْ قُصِدَ بِتَحْرِيمِ الْحَرِيرِ وَلَا بِالرُّخْصَةِ لِعِلَّةٍ وَإِنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ لَهُنَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَعَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مَا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ وَكَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحِمْصِيَّانِ قَالَا حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ

أَنَّهُ رَأَى عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُرْدًا سِيَرَاءَ وَالسِّيَرَاءُ الْمُضَلَّعُ بِالْقَزِّ هَكَذَا وَرَدَ هَذَا التَّفْسِيرُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرْنَا عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي تَفْسِيرِ السِّيَرَاءِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ سُئِلَ عَنِ الْحَرِيرِ هَلْ يَلْبَسُهُ النِّسَاءُ فَزَعَمَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ ابْنَةُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّ حَرِيرٍ سِيَرَاءَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نَنْزِعُهُ عَنِ الْغِلْمَانِ وَنَتْرُكُهُ عَلَى الْجَوَارِي يَعْنِي الْحَرِيرَ قَالَ مِسْعَرٌ فَسَأَلْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ عَنْهُ فَلَمْ يَعْرِفْهُ (وَقَدْ رُوِيَ فِي أَنَّ

التَّحَلِّيَ بِالذَّهَبِ مَكْرُوهٌ أَيْضًا خَبَرَانِ مَعْلُولَانِ لَا حُجَّةَ فِيهِمَا لِضَعْفِهِمَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا فِي بَابِ نَافِعٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حُسَيْنٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ) قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا مَا جَاءَ فِي الْحَرِيرِ وَأَمَّا الْخَزُّ فَقَدْ لَبِسَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِي سَدَا ذَلِكَ الْخَزِّ فَقَالَ قَوْمٌ كَانَ سَدَاهُ نَظْمًا وَقَالَ آخَرُونَ حَرِيرًا وَالْمَعْرُوفُ مِنْ خَزِّنَا الْيَوْمَ أَنَّ سَدَاهُ حَرِيرٌ وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَسَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ مُطْرَفَ خَزٍّ كَانَتْ عَائِشَةُ تَلْبَسُهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَلْبَسُ جُبَّةَ خَزٍّ وَكَانَ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَلْبَسُ كِسَاءَ خَزٍّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ دِينَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَبِيعَةُ يَلْبَسُ الْقَلَنْسُوَةَ بِطَانَتُهَا وَظِهَارِتُهُا خَزٌّ وَكَانَ إِمَامًا وَقَالَ

فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ وَذَكَرَ لُبْسَ الْخَزِّ فَقَالَ قَوْمٌ يَكْرَهُونَ لِبَاسَ الْخَزِّ وَيَلْبَسُونَ الْقَلَانِسَ بِالْخَزِّ فَعَجِبْنَا مِنَ اخْتِلَافِ رَأْيِهِمْ قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِبَاسُ الْخَزِّ بِأَنْ سَدَاهُ حَرِيرٌ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَلْبَسُونَ الْخَزَّ وَفِي حَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ أَنَّ سَعْدًا اسْتَأْذَنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلَيْهِ مُطْرَفُ خَزٍّ سَقْوُهُ حَرِيرٌ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا يَلِي جِلْدِي مِنْهُ الْخَزُّ وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ بِخَبَرِ سَعْدٍ هَذَا فِي أَنَّ خَزَّ الْقَوْمِ كَانَ فِيهِ حَرِيرٌ وَأَرْدَفَهُ بِحَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ أَنَّ مَرْوَانَ قَدَمَتْ عَلَيْهِ مَطَارِفُ خَزٍّ فَكَسَاهَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَيْهِ مِنْهَا مُطْرَفٌ أَغْبَرُ وكأني أنظر إل طُرُقِ الْإِبْرَيْسِمِ فِيهِ قَالَ يَدُلُّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْخَزَّ الَّذِي لَبِسُوهُ هُوَ الَّذِي فِيهِ الْحَرِيرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَبِسَ الْخَزَّ جَمَاعَةٌ مِنْ جِلَّةِ الْعُلَمَاءِ لَوْ ذَكَرْنَاهُمْ لَأَطَلْنَا وَأَمْلَلْنَا وَخَرَجْنَا عَمَّا لَهُ قَصْدُنَا وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا هَلْ كَانَ فِيهِ حَرِيرٌ أَمْ لَا وَاجْتِنَابُ ذَلِكَ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ أَوْلَى وَلَا يُقْطَعُ عَلَى تَحْرِيمِ شَيْءٍ إِلَّا بِيَقِينٍ لَكِنَّهُ مِمَّا سُكِتَ عَنْهُ وَعُفِيَ عَنْهُ وَفِي حَدِيثِنَا الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ تُبَاعُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ الْحَدِيثَ فِيهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ

وَفِيهِ مُبَاشَرَةُ الصَّالِحِينَ وَالْفُضَلَاءِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَفِيهِ أَنَّ الْجُمُعَةَ يُلْبَسُ فِيهَا مِنْ أَحْسَنِ الثِّيَابِ وَكَذَلِكَ يُتَجَمَّلُ بِالثِّيَابِ الْحِسَانِ فِي الْأَعْيَادِ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ عِيدٌ وَيُتَجَمَّلُ بِهَا أَيْضًا عَلَى وَجْهِ التَّرْهِيبِ لِلْعَدُوِّ وَالتَّغْلِيظِ عَلَيْهِمْ وَهَذَا كُلُّهُ فِي مَعْنَى حَدِيثِنَا الْمَذْكُورِ وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ اخْتِلَافًا فِي اسْتِحْبَابِ التَّجَمُّلِ بِأَحْسَنِ الثِّيَابِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِمَنْ قَدَرَ وَفِيهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْلِكَ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنَّ يَلْبَسَ وَفِيهِ إِبَاحَةُ الطَّعْنِ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فَمَعْنَاهُ مَنْ لَا نَصِيبَ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ وَفِيهِ قَبُولُ الْخَلِيفَةِ لِلْهَدَايَا مِنْ قِبَلَ الرُّومِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَفِيهِ بَعْضِ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من السَّخَاءِ وَصِلَةِ الْإِخْوَانِ بِالْعَطَاءِ وَفِيهِ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ لِبَاسُهُ إِذَا جَازَ لَهُ مِلْكُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ وَفِيهِ صِلَةُ الْقَرِيبِ الْمُشْرِكِ ذِمِّيًّا كَانَ أَوْ حَرْبِيًّا لِأَنَّ مَكَّةَ لَمْ يَبْقَ فِيهَا بَعْدَ الْفَتْحِ مُشْرِكٌ وَكَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ حَرْبًا وَلَمْ يختلف

الْعُلَمَاءُ فِي الصَّدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَنَّهَا جَائِزَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُشْرِكِ قَرِيبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ والقريب ألوى مِمَّنْ سِوَاهُ وَالْحَسَنَةُ فِيهِ أَتَمُّ وَأَفْضَلُ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ وَأَرُدَّهَا عَلَى فُقَرَائِكُمْ وَكَذَلِكَ كَلَّ مَا يَجِبُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ فَوَاجِبٌ أَنْ يَرُدَّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ لَا تَحِلُّ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ فَسَائِرُ مَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ عَلَيْهِمْ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَكَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ وَالظِّهَارِ فَقِيَاسٌ عَلَى الزَّكَاةِ عِنْدَنَا وَأَمَّا التَّطَوُّعُ بِالصَّدَقَةِ فَجَائِزٌ عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ مِنَ الْقُرُبَاتِ وَغَيْرِهِمْ لَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَرْضَخُوا لِأَنْسَابِهِمْ مِنْ أَجْلِ الْكُفْرِ فَنَزَلَتْ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ الْآيَةَ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لِأَخٍ لَهَا يَهُودِيٍّ أَسْلَمَ تَرِثُنِي فَسَمِعَ ذَلِكَ قَوْمُهُ فَقَالُوا أَتَبِيعُ دِينَكَ بِالدُّنْيَا فَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ فَأَوْصَتْ لَهُ بِالثُّلُثِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ قال حدثنا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ الْمُنْذِرِ عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ أَتَتْنِي أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ فَأُعْطِيهَا قَالَ نَعَمْ فَصِلِيهَا وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ قَالَ قَدَمَتْ عَلَيَّ أُمِّي فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَمُدَّتِهِمُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ وَهِيَ رَاغِبَةٌ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصِلُهَا قَالَ صليها

حديث سابع وثلاثون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَثَلَاثُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَأَعْتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدَ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ وَتَابَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ بُكَيْرٍ فِي بَعْضِ الروايات عنه وقال القعنبي مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ أُقِيمُ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَدْلٍ وَلَمْ يَقُلْ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ وَقَدْ تَابَعَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ وَمَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فَقَدْ حَفِظَ وَجَوَّدَ وَمَنْ لَمْ يَذْكُرْهَا سَقَطَتْ لَهُ وَلَمْ يُقِمِ الْحَدِيثَ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ هَذِهِ

اللَّفْظَةَ مُسْتَعْمَلَةٌ صَحِيحَةٌ وَأَنَّ التَّقْوِيمَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى الْمُوسِرِ الَّذِي لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ فِي الْحَدِيثِ يَحْيَى وَمَنْ تَابَعَهُ وَهَذَا الصَّحِيحُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَقَدْ جَوَّدَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدِيثَهُ هَذَا عَنْ نَافِعٍ وَأَتْقَنَهُ وَبَانَ فِيهِ فَضْلُ حِفْظِهِ وَفَهْمِهِ وَتَابَعَهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ مَعَانِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَمَّا أَيُّوبُ فَلَمْ يُقِمْهُ وَشَكَّ مِنْهُ فِي كَثِيرٍ وَهَذَا حَدِيثٌ فِي أَلْفَاظِهِ أَحْكَامٌ عَجِيبَةٌ مِنْهَا مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ وَمِنْهَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَلْفَاظِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ سَالِمٍ ابْنِهِ وَعَنْ نَافِعٍ مَوْلَاهُ وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَا بَلَغْنَا مِنْ ذَلِكَ وَنَذْكُرُ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي تِلْكَ الْمَعَانِي مِنَ التَّنَازُعِ وَالْوُجُوهِ بِأَخْصَرَ مَا يُمْكِنُنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا لَا شَرِيكَ لَهُ فَأَمَّا رِوَايَةُ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا أَوْ قَالَ شِقْصًا أَوْ قَالَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ بِقِيمَةِ

عَدْلٍ فَهُوَ عَتِيقٌ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ قَالَ أَيُّوبُ وَرُبَّمَا قَالَ نَافِعٌ هَذَا فِي الْحَدِيثِ وَرُبَّمَا لَمَّ يَقُلْهُ فَلَا أدري أهو في الحديث أم (لا) (أ) قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ مِنْ قَبْلِهِ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فَلَا أَدْرِي أَهُوَ فِي الْحَدِيثِ أَمْ شَيْءٌ قَالَهُ نَافِعٌ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا فِي عَبْدٍ أَوْ مَمْلُوكٍ فَهُوَ

عَتِيقٌ قَالَ أَيُّوبُ قَالَ نَافِعٌ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ قَالَ أَيُّوبُ فَلَا أَدْرِي أَهْوَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ قَوْلُ نَافِعٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ أَيُّوبُ يَشُكُّ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَهَذِهِ أَيْضًا كَلِمَةٌ تُوجِبُ حُكْمًا كَثِيرًا وَقَدِ اخْتَلَفَتْ فِيهَا الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَلَفَ فِيهَا عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى مَا سَنُبَيِّنُهُ بعد الفراغ مِنْ تَهْذِيبِ أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ مَنْ يُنْكِرُ قَوْلَهُ فَقَدْ عَتَقَ مَا عَتَقَ يَحْتَجُّ بِمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَمَيْرٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ ضَمِنَ لِأَصْحَابِهِ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَالَ نَافِعٌ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سَعَى الْعَبْدُ قَالَ فَلَوْ كَانَ فِي الْخَبَرِ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ مَا جَعَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى الْعَبْدِ سِعَايَةً قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَقَدْ رَوَى هَذِهِ اللَّفْظَاتِ وَهَذِهِ الْكَلِمَاتِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَهُوَ مَعْنَى مَا جَاءَ بِهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَنْ شَكَّ فَلَيْسَ بِشَاهِدٍ وَمَنْ حَفِظَ وَلَمْ يَشُكَّ فَهُوَ الشَّاهِدُ الَّذِي يَجِبُ

الْعَمَلُ بِمَا جَاءَ بِهِ وَقَدْ كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَقُولُ مَالِكٌ أَثْبُتُ عِنْدِي فِي نَافِعٍ مِنْ أَيُّوبَ وَغَيْرِهِ وَقَدْ تَابَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مَالِكًا عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَإِنْ كَانَ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ فَبَعْضُهُمْ يَسُوقُهَا عَنْهُ وَبَعْضُهُمْ يَقْصُرُ عَنْهَا وَمَنْ قَصَّرَ وَلَمْ يَذْكُرْ فَلَيْسَ بِشَاهِدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ لَهُ شِرْكٌ فِي عَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ فَقَدْ عَتَقَ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَوَّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَهَذَا كَرِوَايَةِ مَالِكٍ سَوَاءٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا مِنْ مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلُّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَهَذَا مِثْلُ رِوَايَةِ مَالِكٍ سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلُّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ قَالَ يُقَوِّمُ قِيمَةَ عَدْلٍ عَلَى الْمُعْتِقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ قَدْ ذَكَرُوا هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا الْمَوْضِعُ هُوَ مَوْضِعُ الْحُكْمِ عَلَى الْمُعْتِقِ الْمُعْسِرِ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَفِيهِ نَفْيُ الِاسْتِسْعَاءِ وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِإِسْنَادِهِ لَمْ يَذْكُرَا فِيهِ الْحُكْمَ فِي الْمُعْتِقِ الْمُعْسِرِ وَإِنَّمَا قَالَا

مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلُّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ لَمْ يَزِيدَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَمِنْ قَصَّرَ عَمَّا جَاءَ بِهِ غَيْرُهُ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَالْحُجَّةُ فِيهِ أَثْبَتَ الْمُثْبِتُ الْحَافِظُ الْعَدْلُ الْمُتْقَنُ لَا فِيمَا قَصَّرَ عَنِ الْمُقَصِّرِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ نَصِيبَهُ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَ أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَخَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ الطَّنَافِسِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِاجْتِمَاعِ الْجَمَاعَةِ الْحُفَّاظِ مِنْ أَصْحَابِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ وَلِمُوَافَقَةِ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَهُ أبو داود وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ قال سول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا فِي إِنْسَانٍ كُلِّفَ عِتْقَ مَا بَقِيَ

مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ جَازَ مَا صَنَعَ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي إِنْسَانٍ كُلِّفَ عِتْقَ مَا بَقِيَ قَالَ نَافِعٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُهُ جَازَ مَا صَنَعَ ذَكَرَهُ النَّسَوِيُّ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى وَجُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَدَاوَدُ الْعَطَّارِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَذَكَرُوا كُلُّهُمُ الْحُكْمَ فِي الْمُوسِرِ أَنَّهُ يُقَوِّمُ وَيُعْتِقُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَسَكَتُوا عَنِ الْحُكْمِ فِي الْمُعْسِرِ فَلَمْ يَقُولُوا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى حُكْمِ الْمُوسِرِ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَتَقَ مَا بَقِيَ فِي مَالِهِ إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أُقِيمَ مَا بَقِيَ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَهَذَا لَفْظٌ يُوجِبُ تَقْوِيمَهُ عَلَى أَنَّهُ مُعْتِقٌ نِصْفَهُ أَوْ مُعْتِقٌ بَعْضَهُ وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا مِنِ اخْتِلَافِ الْآثَارِ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ الْمُوجِبَةِ لِنُفُوذِ عِتْقِ نَصِيبِ الْمُعْتِقِ الْمُعْسِرِ دُونَ شَيْءٍ مِنِ اسْتِسْعَاءٍ وَغَيْرِهِ فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَوَى فِي هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُ

مَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِيثِهِ أَيْضًا فِي ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي هَذَا وَهُوَ حَدِيثٌ يَدُورُ عَلَى قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ قَتَادَةَ عَلَيْهِ فِي الِاسْتِسْعَاءِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُخَالِفُ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ وَيَحْيَى بْنُ صُبَيْحٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا عَبْدٍ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قَوَّمَ عَلَيْهِ وَإِلَّا سَعَى الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْكُدَيْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْمَمْلُوكُ قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ اسْتَسْعَى غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ كَمَا رَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ سَوَاءٌ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَلَمْ يُخْتَلَفْ

عَلَى سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ السِّعَايَةِ فِيهِ عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرْنَا وَتَابَعَهُ أَبَانُ الْعَطَّارُ عَنْ قَتَادَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانٌ يَعْنِي الْعَطَّارَ قَالَ حَدَّثَنِي قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَهُ كُلَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اسْتَسْعَى الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَمُوسَى بْنُ خَلَفٍ عَنْ قَتَادَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَذَكَرَ فِيهِ السِّعَايَةَ رَوَاهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ وَشُعْبَةُ وَهَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ السِّعَايَةَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ مَمْلُوكٍ عَتَقَ مِنْ مَالِهِ

إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ هَكَذَا قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى قَتَادَةُ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ لَمْ يَذْكُرِ النَّضْرَ بْنَ أَنَسٍ وَهُوَ خَطَأٌ مِنْهُ أَوْ مَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ وَرَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ عَنْ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كما رواه (سائر) (أ) أَصْحَابِ قَتَادَةَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَمْلُوكِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيُعْتِقُ (أَحَدُهُمَا) (ب) نَصِيبَهُ قَالَ يَضْمَنُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بن عبد الرزاق بْنِ دَاسَةَ التَّمَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ (بن إسحاق) (ج) قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ

شِقْصًا مِنْ غُلَامٍ فَأَجَازَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتْقَهُ وَغَرَّمَهُ بَقِيَّةَ ثَمَنِهِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ سُوِيدِ بْنِ مَنْجُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَقَالَ رَوْحٌ عَتَقَ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَاتَّفَقَ شُعْبَةُ وَهِشَامٌ وَهَمَّامٌ عَلَى تَرْكِ ذِكْرِ السِّعَايَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ فِي قَتَادَةَ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ إِذَا خَالَفَهُمْ فِي قَتَادَةَ غَيْرُهُمْ وَأَصْحَابُ قَتَادَةَ الَّذِينَ هُمْ حُجَّةٌ فِيهِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ شُعْبَةُ وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ فَإِنِ اتَّفَقُوا لَمْ يُعَرِّجْ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ فِي قَتَادَةَ وَإِنِ اخْتَلَفُوا نُظِرَ فَإِنِ اتَّفَقَ مِنْهُمُ اثْنَانِ وَانْفَرَدَ وَاحِدٌ فَالْقَوْلُ

قَوْلُ الِاثْنَيْنِ لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا شُعْبَةَ وَلَيْسَ أَحَدٌ بِالْجُمْلَةِ فِي قَتَادَةَ مِثْلَ شُعْبَةَ لِأَنَّهُ كَانَ يُوقِفُهُ عَلَى الْإِسْنَادِ وَالسَّمَاعِ وهذا الذي ذكرت لك قول جماعةأهل الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَقَدِ اتَّفَقَ شُعْبَةُ وَهِشَامٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى سُقُوطِ ذِكْرِ الِاسْتِسْعَاءِ فِيهِ وَتَابَعَهُمَا هَمَّامٌ وَفِي هَذَا تَقْوِيَةٌ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ حَدِيثٌ مَدَنِيٌّ صَحِيحٌ لَا يُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ وَهُوَ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ رَوَى شعبة عن خالد الحذاء عن أبي بشر العنبري عَنِ ابْنِ التِّلِبِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ فَلَمْ يَضْمَنْهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهَذَا عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْمُعْسِرِ لِأَنَّ الْمُوسِرَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي تَضْمِينِهِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي الْعِتْقِ إِلَّا مَا لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ مِنْ شُذُوذِ الْقَوْلِ وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِنَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ هُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِثْلُ حَدِيثِ ابْنِ التِّلِبِّ عَنْ أَبِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ قِصَّةُ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ يَقُولُونَ إِذَا أَعْتَقَ الْمَلِيءُ الْمُوسِرُ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُعْتِقَ بِتَلَا وَلَهُ أَنْ يُقَوِّمَ فَإِنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ كَمَا أَعْتَقَ شَرِيكُهُ قَبْلَ التَّقْوِيمِ كَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا كَمَا كان الملك

بَيْنَهُمَا وَمَا لَمْ يُقَوِّمْ وَيَحْكُمْ بِعِتْقِهِ فَهُوَ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ كَالْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ لِنَصِيبِهِ مِنَ الْعَبْدِ عَدِيمًا لَمْ يُعْتِقْ غَيْرَ حِصَّتِهِ وَنَصِيبُ الْآخَرِ رِقٌّ لَهُ وَيَخْدِمُ الْعَبْدُ هَذَا يَوْمًا وَيَكْسِبُ لِنَفْسِهِ يَوْمًا أَوْ يُقَاسِمُهُ كَسْبَهُ وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ مَلِيًّا بِبَعْضِ شَرِيكِهِ قوم عليه قدر ما معه ورق بَقِيَّةَ النَّصِيبِ لِرَبِّهِ وَيُقْضَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كَمَا يُقْضَى فِي سَائِرِ الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ اللَّازِمَةِ والجنايات ويباع عليه شوار بيته وماله بَالٌ مِنْ كُسْوَتِهِ وَالتَّقْوِيمُ أَنْ يُقَوِّمَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ يُعْتِقُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ قَالَ دَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ فِي هَذِهِ المسألة (إلا) (ب) أَنَّهُ لَا يُعْتِقُ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْقِيمَةَ إِلَى شَرِيكِهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قَوَّمَكَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ قَالَ وَهَكَذَا رَوَى ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيُحْتَمَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي عِتْقِ الْمُوسِرِ معنيين أحدهما أنه يعتق بالقول مع دفع القيمة والآخر أنه يعتق بالقول إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا فِي حِينِ الْعِتْقِ وَسَوَاءٌ أَعْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّقْوِيمِ أَمْ لَا وَيَكُونُ الْعَبْدُ حُرًّا كُلُّهُ بِالْعِتْقِ فِي حِينِ الْعِتْقِ فَإِنَّ قَوَّمَ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ أخذ ماله

وَإِنْ تَرَكَهُ حَتَّى أَعْسَرَ اتَّبَعَهُ بِمَا قَدْ ضَمِنَ قَالَ الْمُزَنِيُّ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا وَقَالَ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ يُعْتِقُ كُلُّهُ يَوْمَ تَكَلَّمَ بِالْعِتْقِ وَكَذَلِكَ قال في (كتاب) (أ) اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَقَالَ أَيْضًا إِنْ مَاتَ الْمُعْتِقُ أَخَذَ بِالذِّمَّةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا يَمْنَعُهُ الْمَوْتُ حَقًّا لَزِمَهُ كَمَا لَوْ جَنَى جِنَايَةً وَالْعَبْدُ حُرٌّ فِي شَهَادَتِهِ وَحُدُودِهِ وَمِيرَاثِهِ وَجِنَايَاتِهِ قَبْلَ الْقِيمَةِ وَبَعْدَهَا قَالَ الْمُزَنِيُّ قَدْ قَطَعَ بِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى أَصَحُّ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى أَصْلِهِ وَقَدْ قَالَ لَوْ أَعْتَقَ الثَّانِي كَانَ عِتْقُهُ بَاطِلًا وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى زَوَالِ ملكه لأنه لو كان ملكه ثابتا لَنَفَذَ عِتْقَهُ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مَا قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ لِحِصَّتِهِ مِنَ الْعَبْدِ مُوسِرًا عَتَقَ جَمِيعُهُ حِينَ أَعْتَقَهُ وَهُوَ حُرٌّ مِنْ يَوْمِئِذٍ وَيُورَثُ وَلَهُ وَلَاؤُهُ وَلَا سَبِيلَ لِلشَّرِيكِ عَلَى الْعَبْدِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ وَجَعَلَ عِتْقُهُ إِتْلَافًا هَذَا كُلُّهُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا فِي حِينِ الْعِتْقِ لِلشِّقْصِ وَسَوَاءٌ أَعْطَاهُ الْقَيِّمَةَ أَوْ مَنَعَهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَالشَّرِيكُ عَلَى مِلْكِهِ يُقَاسِمُهُ كَسْبَهُ أَوْ يَخْدِمُهُ يَوْمًا وَيُخْلِي لِنَفْسِهِ يَوْمًا وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ هَذَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ

عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ بِقِيمَةِ عَدْلٍ فَهُوَ عَتِيقٌ وَحَدِيثُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا فِي مَمْلُوكٍ وَكَانَ لِلَّذِي يُعْتِقُ نَصِيبُهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ فَهُوَ يُعْتِقُ كُلُّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ ضَمِنَ لِشَرِيكِهِ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَالُوا فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ يُعْتِقُ كُلُّهُ وَقَوْلُهُ فَهُوَ عَتِيقٌ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ عَتِيقًا كُلُّهُ فِي وَقْتِ وُقُوعِ الْعِتْقِ وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ قَضَاءٌ وَلَا تَقْوِيمٌ إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا لِتَثْبُتَ لَهُ حُرْمَةُ الْحُرِّيَّةِ مِنْ سَاعَتِهِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ التَّقْوِيمَ والحكم (به) (ب) إِنَّمَا هُوَ تَنْفِيذٌ لِمَا قَدْ وَجَبَ بِالْعِتْقِ فِي حِينِهِ وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِهِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتِقُ عَلَى مُعْتِقٍ حِصَّتَهُ مِنْهُ حَتَّى يُقَوَّمَ وَيُحْكَمَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ فَإِذَا تَمَّ ذَلِكَ نَفَذَ عِتْقُهُ حِينَئِذٍ فَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قَوَّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَأَعْتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدَ قَالُوا فَلَمْ يَقْضِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ

إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَأْخُذَ الشُّرَكَاءُ حِصَصَهُمْ فَمَنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَدْ خَالَفَ نَصَّ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ قَالُوا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُعْتِقُ عَلَى الْإِنْسَانِ مَا يَمْلِكُهُ لَا مِلْكَ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ إِلَى شَرِيكِهِ إِذَا طَلَبَ الشَّرِيكُ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِعِتْقٍ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى اسْتِقْرَارِ مِلْكِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقُ بِغَيْرِ عِتْقِ شَرِيكِهِ لِنَصِيبِهِ وَإِذَا كَانَ ملكه ثابتا مُسْتَقِرًّا اسْتَحَالَ أَنْ يُعْتِقَ عَلَى الْآخَرِ مَا لم يملكه فإا قَوَّمَ عَلَيْهِ وَحَكَمَ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ إِلَيْهِ مَلَكَهُ وَنَفَذَ عِتْقُ جَمِيعِهِ بِالسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ وَالسُّنَّةِ فِي هَذَا كَالسُّنَّةِ فِي الشُّفْعَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ كله نقل ملك بعوض على غير تَرَاضٍ أَحْكَمَتْهُ الشَّرِيعَةُ وَخَصَّتْهُ إِذَا طَلَبَ الشَّرِيكُ أَوِ الشَّفِيعُ مَا لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ مَا رَوَاهُ أَيُّوبُ مِنْ قَوْلِهِ فَهُوَ عِتْقٌ مُخَالِفًا لِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ بَلْ هُوَ مُجْمَلٌ فَسَّرَهُ مَالِكٌ فِي رِوَايَتِهِ وَمُبْهَمٌ أُوَضِّحُهُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ قَوْلَهُ فَهُوَ عَتِيقٌ كُلُّهُ أَوْ فَهُوَ مُعْتَقٌ كُلُّهُ أَيْ بَعْدَ دَفْعِ الْقِيمَةِ إِلَى الشُّرَكَاءِ وَأَكْثَرُ أَحْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ أَنْ يَحْتَمِلَهُ الْحَدِيثُ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا فَإِذَا احْتَمَلَهُمَا فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَبْدَ رَقِيقٌ بِيَقِينٍ وَلَا يُعْتِقُ إِلَّا بِيَقِينٍ وَالْيَقِينُ مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مِنْ حُرِّيَّتِهِ بَعْدَ دَفْعِ الْقِيمَةِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيُّ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ إِنَّ الْمُعْتِقَ لِحِصَّتِهِ مِنْ عبد

بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ فِي حِينِ تَكَلَّمَ بِالْعِتْقِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ سِعَايَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَأَنَّهُ لَا يُعْتِقُ مِنْ العبد غير تِلْكَ الْحِصَّةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي عِتْقِ الْمُعْسِرِ وَقَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرِ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَدَاوُدَ وَالطَّبَرِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ مَاتَ الْمُعْتِقُ الْمُوسِرُ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِعِتْقِ الْبَاقِي لَمْ يُحْكَمْ عَلَى وَرَثَتِهِ بِعِتْقِ ذَلِكَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ إِذَا مَاتَ وَلَوْ أَتَى عَلَى تَرِكَتِهِ إِلَّا أَنْ يُعْتِقَ فِي الْمَرَضِ فَيَقُومُ فِي الثُّلُثِ وَقَالَ سُفْيَانُ إِنْ كَانَ لِلْمُعْتِقِ حِصَّتَهُ مِنَ الْعَبْدِ مَالٌ ضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ نَقَصَ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ أَوْ لَمْ يَنْقُصْ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ حِينَئِذٍ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَفِي قَوْلِهِمْ يَكُونُ الْعَبْدُ كُلُّهُ حُرًّا سَاعَةَ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ضَمِنَ لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ نِصْفِ عَبْدِهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا سَعَى الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُعْتَقِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ مَا دَامَ فِي سِعَايَتِهِ مِنْ يَوْمِ أُعْتِقَ يَرِثُ وَيُورَثُ وَعَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى مِثْلُهُ إِلَّا أَنَّهُمَا جَعَلَا لِلْعَبْدِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُعْتِقِ بِمَا سَعَى فِيهِ مَتَى أَيْسَرَ وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ جَعَلَ الْمُعْتَقَ

بَعْضُهُ حُرًّا فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدَهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَإِنَّ الشَّرِيكَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ كَمَا أَعْتَقَ صَاحِبُهُ وَكَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ شَرِيكُهَ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ الشَّرِيكُ بِمَا ضَمِنَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ يَسْتَسْعِيهِ فِيهِ إِنْ شَاءَ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلشَّرِيكِ وَهُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ السِّعَايَةِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَالشَّرِيكُ الْآخَرِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْعَبْدُ نِصْفَ قِيمَتِهِ يَسْعَى فِيهَا وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ كَمَا أَعْتَقَ صَاحِبُهُ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْعَبْدُ الْمُسْتَسْعَى مَا دَامَ عَلَيْهِ سِعَايَةٌ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ فَإِنْ مَاتَ أَدَّى مِنْ مَالِهِ لِسِعَايَتِهِ وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُكَاتَبِ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ قَالَ زُفَرُ يَعْتِقُ الْعَبْدُ كُلُّهُ عَلَى الْمُعْتِقِ حِصَّتَهُ وَيُتْبَعُ بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ زُفَرَ مِثْلُ أَبِي يُوسُفَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَقُلْ زُفَرُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَلَا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يَقُلْ بِوَاحِدٍ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى وَجْهِهِ وَكُلُّ قَوْلٍ خَالَفَ السُّنَّةَ فَمَرْدُودٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

وقد قيل في هذه المسئلة أَقْوَالٌ غَيْرَ مَا قُلْنَا شَاذَّةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَهْلَ الْفُتْيَا الْيَوْمَ مِنْهَا قَوْلُ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ فَمَنْ أَعْتَقَ حِصَّةً لَهُ مِنْ عَبْدٍ إِنَّ الْعِتْقَ بَاطِلٌ مُوسِرًا كَانَ الْمُعْتِقُ أَوْ مُعْسِرًا وَهَذَا تَجْرِيدٌ لِرَدِّ الْحَدِيثِ أَيْضًا وَمَا أَظُنُّهُ عرف الحديث لأنه لا يليق بمثله غير ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ جَعَلَ قِيمَةَ حِصَّةِ الشَّرِيكِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَهَذَا أَيْضًا خِلَافُ السُّنَّةِ وَعَنِ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ أَنَّهُمَا قَالَا الْوَلَاءُ لِلْمُعَتَّقِ ضَمِنَ أَوْ لَمْ يَضْمَنْ وَهَذَا أَيْضًا خِلَافُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنَ فَهَذَا حُكْمُ مَنْ أَعْتَقَ حِصَّةً لَهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَأَمَّا مَنْ أَعْتَقَ حِصَّةً مِنْ عَبْدِهِ الَّذِي لَا شَرِكَةَ فِيهِ لِأَحَدٍ مَعَهُ فَإِنَّ عَامَّةَ الْعُلَمَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ يَقُولُونَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّهُ وَلَا سِعَايَةَ عليه إلا أن ملكا قَالَ إِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَعْتِقُ مِنْهُ ذَلِكَ النَّصِيبُ وَيَسْعَى لِمَوْلَاهُ فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ فَلَمْ يَرَوْا فِي ذَلِكَ سِعَايَةً وَهُوَ الصَّوَابُ وَعَلَيْهِ النَّاسُ وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ لَمَّا وَرَدَتْ بِأَنْ يُعْتِقَ عَلَيْهِ نَصِيبَ شَرِيكِهِ كَانَ أَحْرَى بِأَنْ يَعْتِقَ عَلَيْهِ فِيهِ مِلْكَهُ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ بِهِ مَالِكٌ

لَهُ وَهَذِهِ سُنَّةٌ وَإِجْمَاعٌ وَفِي مِثْلِ هَذَا قَالُوا لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ وَقَدْ جَاءَ عَنِ الْحَسَنِ يُعْتِقُ الرَّجُلُ مِنْ عَبْدِهِ مَا شَاءَ وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ كَمَا يَهَبُ مِنْ عَبْدِهِ مَا شَاءَ وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ خَبَرًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ فَلَمْ يُنْكِرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتْقَهُ ذَكَرُهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ وَعَنِ الشَّعْبِيِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا فِي إِبْطَالِ السِّعَايَةِ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَأَقْرَعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ ثُلْثَهُمْ وَأَرَقَّ الثُّلُثَيْنِ وَلِمَ يَسْتَسْعِهِمْ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ فِي هَذِهِ أَيْضًا يَعْتِقُ الْعَبِيدُ كُلُّهُمْ وَيَسْعَوْنَ فِي ثُلْثَيْ قِيمَتِهِمْ لِلْوَرَثَةِ فَخَالَفُوا السُّنَّةَ أَيْضًا بِرَأْيِهِمْ وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْأَقْوَالِ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (قال أبو عمر) (ب) وَمَنْ مَلَكَ شِقْصًا مِمَّنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ

بِأَيِّ وَجْهٍ مَلَكَهُ سِوَى الْمِيرَاثِ فَإِنَّهُ يُعْتِقُ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا بَعْدَ تَقْوِيمِ حِصَّةٍ مِنْ شِرْكِهِ فِيهِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ فَإِنْ مَلَكَهُ بِمِيرَاثٍ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي عِتْقِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ عَلَيْهِ وَفِي السِّعَايَةِ عَلَى حَسَبِهِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ أُصُولِهِمْ وَفِي تَضْمِينِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُعْتِقَ لِنَصِيبِهِ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ قِيمَةَ بَاقِي الْعَبْدِ دُونَ أَنْ يلزمه الإتيان بِنِصْفِ عَبْدٍ مِثْلِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَهْلَكَ أَوْ أَفْسَدَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ أَوِ الْعُرُوضِ الَّتِي لَا تُكَالُ وَلَا تُوزَنُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا اسْتَهْلَكَ مِنْ ذَلِكَ لَا مِثْلُهُ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ شَيْئًا مِنَ الْعُرُوضِ الَّتِي لَا تُكَالُ وَلَا تُوزَنُ أَوْ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْقِيمَةُ لَا الْمِثْلُ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ مَالِكٌ وَالْقِيمَةُ أَعْدَلُ فِي ذَلِكَ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَدَاوُدُ إِلَى أَنَّ الْقِيمَةَ لَا يُقْضَى بِهَا إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمِثْلِ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَمْ يَقُلْ بِقِيمَةِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَهَذَا عِنْدَهُمْ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ ظَاهِرُ الْآيَةِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا مِنَ الْآثَارِ بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد

ابن بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ جيمعا عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ جَارِيَةً بِقَصْعَةٍ لَهَا فِيهَا طَعَامٌ قَالَ فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا فَكَسَرَتِ الْقَصْعَةَ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى فِي حَدِيثِهِ فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَسْرَتَيْنِ فَضَمَّ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى وَجَعَلَ يَجْمَعُ فِيهِمَا الطَّعَامَ وَيَقُولُ غَارَتْ أُمُّكُمْ كُلُوا فَأَكَلُوا حَتَّى جَاءَتْ قَصْعَتُهَا الَّتِي فِي بَيْتِهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ مُسَدَّدٍ وَقَالَ كُلُوا وَحَبَسَ الرَّسُولُ الْقَصْعَةَ حَتَّى فَرَغُوا فَدَفْعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الرَّسُولِ وَحَبَسَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي فَلَيْتَ الْعَامِرِيَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وهو أفلت بن (هـ) خَلِيفَةَ عَنْ جَسْرَةَ بِنْتِ

دَجَاجَةَ قَالَتْ قَالَتْ عَائِشَةُ مَا رَأَيْتُ صَانِعًا طَعَامًا مِثْلَ صَفِيَّةَ صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فَبَعَثَتْ بِهِ فَأَخَذَنِي أَفْكَلُ فَكَسَرْتُ الْإِنَاءَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْتُ قَالَ إِنَاءٌ مِثْلُ إِنَاءٍ وَطَعَامٌ مِثْلُ طَعَامٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ طَعَامٌ مِثْلُ طَعَامٍ مُجْتَمَعٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ (والقول به) (أ) فِي كُلِّ مَطْعُومٍ مَأْكُولٍ أَوْ مَوْزُونٍ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ إِنَّهُ يَجِبُ عَلَى مُسْتَهْلِكِهِ مِثْلُهُ لَا قِيمَتُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ فَاعْلَمْ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الْمِثْلُ لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ إِلَّا بِالِاجْتِهَادِ كَمَا أَنَّ الْقِيمَةَ تُدْرَكُ بِالِاجْتِهَادِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى الْمِثْلِ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ مَتَّى وُجِدَ الْمِثْلُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعُرُوضِ وَأَصَحُّ حَدِيثٍ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِيمَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ دُونَ أن يكلف الإيتان بِمِثْلِهِ وَقِيمَةُ الْعَدْلِ فِي الْحَقِيقَةِ مِثْلٌ وَقَدْ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ أَنَّ الْقِيمَةَ مِثْلٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَبَى ذَلِكَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَلِلْكَلَامِ فِي ذَلِكَ مَوْضِعٌ غَيْرُ هذا

وَاخْتَلَفَ الَّذِينَ لَمْ يَقُولُوا بِالسِّعَايَةِ فِي تَوْرِيثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ إِنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ وَتَوْرِيثُهُ مِنْهُ فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ يَرِثُ وَيُورَثُ بِقَدْرِ مَا أُعْتِقَ مِنْهُ وعن ابن مسعود مثله وبه قال عثمن الْبَتِّيُّ وَالْمُزَنِيُّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْحَدِيثِ يُورَثُ مِنْهُ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ وَلَا يَرِثُ هُوَ وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْعِرَاقِيِّ وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ فَإِذَا لَمْ يُورَثُ احْتَمَلَ أَنْ يُجْعَلَ مَالُهُ فِي بَيْتِ المال وجعله مالك والشافعي في القديم لمالك بَاقِيَهُ وَقَالَ أَهْلُ النَّظَرِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَالِكِ بَاقِيهِ عَلَى مَا عَتَقَ مِنْهُ وَلَاءٌ وَلَا رَحِمٌ وَلَا مِلْكٌ وَهَذَا صَحِيحٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

حديث ثامن وثلاثون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَثَلَاثُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي إِسْنَادِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَهِشَامُ بْنُ الْغَازِي (وَغَيْرُهُمْ) عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءً لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي إِسْنَادِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ يَبِيتُ ثَلَاثًا إلا وصيته

مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَمَا بِتُّ لَيْلَةً مُذْ سَمِعْتُهَا إِلَّا وَوَصِيَّتِي عِنْدِي وَقَالَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَقُّ امْرِئٍ يُؤْمِنُ بِالْوَصِيَّةِ وَفَسَّرَهُ فَقَالَ يُؤْمِنُ بِأَنَّهَا حَقٌّ وَقَالَ فِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ إِنَّهُ يُحَدِّثُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مَالٌ يُوصِي فِيهِ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهِ ليلتان أو لا عنده وصيته وَكَذَلِكَ قَالَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا حَقٌّ امْرِئٍ يَبِيتُ وَعِنْدَهُ مَالٌ يُوصِي فِيهِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ تَفْسِيرُ الْمَالِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ مَالٌ أَوْلَى عِنْدِي مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ شَيْءٌ لِأَنَّ الشَّيْءَ قَلِيلُ الْمَالِ وَكَثِيرُهُ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلَّا الْيَسِيرُ التَّافِهُ مِنَ الْمَالِ أَنَّهُ لَا يَنْدُبُ إِلَى الْوَصِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ مَالٌ يُوصِي فِيهِ الْحَدِيثَ هَكَذَا قَالَ لَا يَحِلُّ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَالتَّأْكِيدُ على في ذَلِكَ وَهَذَا عَلَى النَّدْبِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ عِنْدَ الْجَمِيعِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ تَكُونُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَوْ أَمَانَةٌ فَيُوصِي بِذَلِكَ وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى هَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي الْوَصِيَّةِ وَقَدْ شَذَّتْ طَائِفَةٌ فَأَوْجَبَتِ الْوَصِيَّةَ لَا يُعَدُّونَ خِلَافًا عَلَى الْجُمْهُورِ وَاحْتَجُّوا بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَقَالُوا الْمَعْرُوفُ وَاجِبٌ كَمَا يَجِبُ تَرْكُ الْمُنْكِرِ قَالُوا وَوَاجِبٌ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُتَّقِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ذِكْرُ الْوَصِيَّةِ إِلَّا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ وَالْمَوَارِيثِ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ حُكْمَ الْوَالِدَيْنِ وَسَائِرِ الْوَارِثِينَ فِي الْقُرْآنِ نَسَخَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الْوَصِيَّةِ وَجَعَلَ لَهُمْ مَوَارِيثَ مَعْلُومَةً عَلَى حَسْبَمَا أَحْكَمَ مِنْ ذَلِكَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ أَنَّ آيَةَ الْمَوَارِيثِ نَسَخَتِ الْوَصِيَّةَ (لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) (أ)

الْوَارِثِينَ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرُ الْمَالِكِيِّينَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَهَذَا بَيَانٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ آيَةَ الْمَوَارِيثِ نَسَخَتِ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِينَ وَأَمَّا مَنْ أَجَازَ نَسْخَ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا هَذَا الْحَدِيثُ نَسَخَ الْوَصِيَّةَ لِلْوَرَثَةِ وَلِلْكَلَامِ فِي نَسْخِ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الْحَضِّ عَلَى الْوَصِيَّةِ نَدْبٌ لَا إِيجَابٌ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يُوصِ مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ إِجْمَاعِ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ السَّهْوُ وَالْغَلَطُ وَلَا الْجَهْلُ بِمَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ جَمِيعًا عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ أَبِي أَوْفَى أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ قَالَا لَا قُلْتُ فَكَيْفَ أَمَرَ النَّاسَ بِالْوَصِيَّةِ فَقَالَ أوصى بكتاب

اللَّهِ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ الْوَصِيَّةِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَجَعَلَهَا مِثْلَ قَوْلِهِ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ قَالَ وَالْمَعْرُوفُ هُوَ التَّطَوُّعُ بِالْإِحْسَانِ وَالْمُتَّقُونَ وَغَيْرُهُمْ فِي الْوَاجِبِ سَوَاءٌ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ الْوَصِيَّةُ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ مَنْ شَاءَ أَوْصَى وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُوصِ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالرَّبِيعِ بْنِ خيثم مِثْلُهُ وَعَلَيْهِ النَّاسُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقِ بْنِ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا تَرْكُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَصِيَّةَ وَنَدْبُهُ أَمَتَّهُ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ كَأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ فِي هَذَا لِأَنَّ ما تخلفه هُوَ فَصَدَقَةٌ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا لَا نُورَثُ

مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ وَإِذَا كَانَ مَا تخلفه صدقة فكيف يوصي مه بِثُلْثٍ أَوْ كَيْفَ يَشَبَّهُ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِهِ وغيره لا تجوز له الوصية إلا بالثلث خاصة وما تخلفه هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ فَصَدَقَةٌ كُلُّهُ عَلَى مَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إن ترك خيرا الوصية للوالدين والخير ههنا الْمَالُ لَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ وَمِثْلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ تَرَكَ خيرا قوله وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ وَقَوْلِهِ إِنِّي أَحْبَبْتُ حب الخير وقوله فكاتبوهم إن علمتم فيه خَيْرًا الْخَيْرُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ كُلِّهَا الْمَالُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ حَاكِيًا عَنْ شُعَيْبٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ يَعْنِي الْغِنَى وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكْ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا بعيرا وَلَا شَاةً وَقَالَ مَا تَرَكْتُ بَعْدِي صَدَقَةٌ وَقَالَ إِنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ

وَقَدْ مَضَى تَفْسِيرُ ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي مِقْدَارِ الْمَالِ الَّذِي تُسْتَحَبُّ فِيهِ الْوَصِيَّةُ أَوْ تَجِبُ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَهَا فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ سِتُّمِائَةِ درهم أو سبع مائة دِرْهَمٍ لَيْسَ بِمَالٍ فِيهِ وَصِيَّةٌ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَالٌ فِيهِ وَصِيَّةٌ وَهَذَا يُحْتَمَلُ لِمَنْ شَاءَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا وَصِيَّةَ فِي ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي امْرَأَةٍ لَهَا أَرْبَعَةٌ مِنَ الْوَلَدِ وَلَهَا ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ لَا وَصِيَّةَ فِي مَالِهَا وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ قَالَ الْخَيْرُ أَلْفٌ فَمَا فَوْقَهَا وَعَنْ عَلِيِّ بن أبي طالب (قال) (أ) مَنْ تَرَكَ مَالًا يَسِيرًا فَلْيَدَعْهُ لِوَرَثَتِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَعَنْ عَائِشَةَ فِيمَنْ تَرَكَ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يَتْرُكْ خَيْرًا فَلَا يُوصِي أَوْ نَحْوَ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْوَصِيَّةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى النَّدْبِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ وَلَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ وَاجِبَةً فِي الْكِتَابِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ كَانَتْ مَنْسُوخَةً بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ ثُمَّ نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ الْوَالِدَيْنِ وَحَضَّ عَلَيْهَا وَقَالَ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ فَاسْتَقَامَ الْأَمْرُ وَبَانَ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ فَالْوَصِيَّةُ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا مَرْغُوبٌ فِيهَا غَيْرُ وَاجِبٍ شَيْءٌ مِنْهَا

وَاتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ فِي كُلِّ مَالٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ وَأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى وَلَا يَتَجَاوَزُ فِي الْوَصِيَّةِ وَمَا اسْتَحَبَّ مِنْ ذَلِكَ وَتَلْخِيصُ وُجُوهِ الْقَوْلِ فِيهِ مُسْتَوْعِبًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فلا وجه لإعادته ههنا قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ بَكْرٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ كَذَلِكَ حَتَّى نَسَخَتْهَا آيَةُ الْمِيرَاثِ وَقَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ وَقَوْلُهُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فَكَانَ لَا يَرِثُ مَعَ الْوَالِدَيْنِ غَيْرُهُمْ إِلَّا وَصِيَّةً إِنْ كَانَ لِلْأَقْرَبِينَ فأنزل

اللَّهُ بَعْدَ هَذَا وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ مِيرَاثَ الْوَالِدَيْنِ وَأَقَرَّ وَصِيَّةَ الْأَقْرَبِينَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ نَسَخَتِ الْوَارِثَيْنِ خَاصَّةً الْوَالِدَيْنِ مِنْهُمْ وَالْأَقْرَبِينَ وَبَقِيَ مِنْهَا مَا كَانَ لِغَيْرِ الْوَارِثِينَ وَالِدَيْنِ كَانُوا أَوْ أَقْرَبِينَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عبد الرحمان الدِّمَشْقِيُّ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إسحق بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ قَالُوا كُلُّهُمْ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقِّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ اللَّفْظُ بِحَدِيثِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ بْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ والحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عُرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ غَنَمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَهُمْ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَسَّمَ لِكُلِّ وَارِثٍ نَصِيبَهُ مِنِ الْمِيرَاثِ فَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ النَّاقِدُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ الْقُطَيْعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إِلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ (هَذَا إِجْمَاعٌ مِنْ عُلَمَاءِ المسلمين فارتفع فيه القول ووجب التسليم) (أ) وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْأَقَارِبِ أَفْضَلُ مِنَ الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِهِمْ إِذَا لَمْ يَكُونُوا وَرَثَةً وَكَانُوا فِي حَاجَةٍ وَكَذَلِكَ لَا خِلَافَ عَلِمَتْهُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ وَصِيَّةِ الْمُسْلِمِ لِقَرَابَتِهِ الْكُفَّارِ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَهُ وَقَدْ أَوْصَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَّيٍ لِأَخٍ لَهَا يَهُودِيٍّ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ قَرَابَتِهِ وَتَرَكَ قَرَابَتَهُ الَّذِينَ لَا يَرْثُونَ فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَوْصَى لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَوْصَتْ لِمَوْلَاةٍ لَهَا بِأَثَاثِ الْبَيْتِ وَرُوِيَ عَنْ سَالِمٍ مِثْلُ ذَلِكَ قَالَ الضَّحَّاكُ إِنْ أَوْصَى لِغَيْرِ قَرَابَتِهِ فَقَدْ خَتَمَ عَمَلَهُ بِمَعْصِيَةٍ وَقَالَ طَاوُسٌ مَنْ أَوْصَى فَسَمَّى غَيْرَ قَرَابَتِهِ وَتَرَكَ قَرَابَتَهُ مُحْتَاجِينَ رُدَّتْ وَصِيَّتُهُ عَلَى قَرَابَتِهِ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ مَشْهُورٌ عَنْ طَاوُسٍ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِثْلَهُ وَقَالَ الْحَسَنُ أَيْضًا وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ إِذَا أَوْصَى لِغَيْرِ قَرَابَتِهِ (وَتَرَكَ قرابته) (ج) فَإِنَّهُ يَرُدُّ إِلَى قَرَابَتِهِ ثُلُثَيِ الثُّلُثِ وَيَمْضِي ثلثه لمن أوصى له أخبرنا محمد

ابن خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ فَذَكَرَهُ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ ذَكَرَهُ إِسْحَاقُ الْكَوْسَجُ عَنْهُ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ وَعُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عن إسحق فَذَكَرَهُ وَقَالَ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ إِذَا أَوْصَى لِغَيْرِ قَرَابَتِهِ وَتَرَكَ قَرَابَتَهُ مُحْتَاجِينَ أَوْ غَيْرَ مُحْتَاجِينَ جَازَ مَا صَنَعَ وَبِئْسَمَا فَعَلَ إِذَا تَرَكَ قَرَابَتَهُ مُحْتَاجِينَ وَأَوْصَى لِغَيْرِهِمْ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ الْأَقَارِبِ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي الَّذِي أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدُ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ فِي مَرَضِهِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فَأَقْرَعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ لَهُمْ فِي ثُلُثِهِ لِأَنَّ أَفْعَالَ الْمَرِيضِ كُلَّهَا وَصِيَّةٌ فِي ثُلُثِهِ وَهُمْ لَا مَحَالَةَ مِنْ غَيْرِ قَرَابَتِهِ وَحَسْبُكَ بِجَمَاعَةِ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ

يُجِيزُونَ الْوَصِيَّةَ لِغَيْرِ الْقَرَابَةِ وَفِي ذَلِكَ مَا يُبَيِّنُ لَكَ الْمُرَادَ مِنْ مَعَانِي الْكِتَابِ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ ذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِثُلُثِهِ فِي غَيْرِ قرابته قال يمضى حين أَوْصَى وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَيْضًا عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَتَبَ إِلَى جَابِرٍ يَسْأَلُهُ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى بِثُلُثِهِ فِي غَيْرِ قَرَابَتِهِ فَكَتَبَ جَابِرٌ أَنْ أَمْضِهِ كَمَا قَالَ وَإِنْ أَمَرَ بِثُلُثِهِ أَنْ يُلْقَى فِي الْبَحْرِ قَالَ حُمَيْدٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَمَّا فِي الْبَحْرِ فَلَا وَلَكِنْ يَمْضِي كَمَا قَالَ وَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ لِلرَّجُلِ ثُلُثُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ يَطْرَحُهُ فِي الْبَحْرِ إِنْ شَاءَ وَوَكِيعٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرِو الْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ وَالْمُبَارَكُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ ابْنَ آدَمَ اثْنَتَانِ لَمْ يَكُنْ لَكَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا جَعَلْتُ لَكَ نَصِيبًا مِنْ مَالِكَ حِينَ أَخَذْتُ بِكَظْمِكَ لِأُطَهِّرَكَ وَأُزَكِّيَكَ وَصَلَاةُ عِبَادِي عَلَيْكَ

وَدُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنْسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاتَ فُلَانٌ قَالَ أَوْ لَيْسَ كَانَ عِنْدَنَا آنِفًا قَالُوا بَلَى قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَخَذَهُ أَسَفٌ عَلَى غَضَبٍ الْمَحْرُومُ مِنْ حُرِمَ وَصِيَّتَهُ وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْنَا بِثُلُثِ أَمْوَالِنَا زِيَادَةً فِي أَعْمَالِنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ تَرَكْتُ الْأَسَانِيدَ بَيْنِي وَبَيْنَ رُوَاةِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَهِيَ أَحَادِيثُ حِسَانٌ وَلَيْسَتْ فِيهَا حُجَّةً مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ لأن في نقلتها ضعفا واضح مِنْهَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ تَأْمُلُ الْبَقَاءَ وَتَخْشَى الْفَقْرَ وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قَلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا زَادَ عَبْدُ الْوَارِثِ وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ يَقْرَأُ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ فَقَالَ يَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالِي مَالِي وَمَا لَكِ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عُرْوَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ سَوَاءً وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ) (أ) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَأَنْ يَتَصَدَّقَ الْمَرْءُ فِي حَيَاتِهِ بِدِرْهَمٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِائَةٍ عِنْدِ مَوْتِهِ وَرَوَى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَشُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ الطَّائِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ مِثْلُ الَّذِي يُعْتِقُ عِنْدَ الْمَوْتِ مِثْلُ الَّذِي يُهْدِي إِذَا شَبِعَ وَرَوَاهُ أَبُو الْأَحْوَصِ وَجَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَالْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدٍ عَنْ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ قَالَ أَنْ تُؤْتِيَهُ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَأْمُلُ الْعَيْشَ وَتَخْشَى الْفَقْرَ وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ مَنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ فَلَمْ يُضَارَّ فيها ولم يجنف كانت بمنزلة مما لَوْ تَصَدَّقَ بِهَا وَهُوَ صَحِيحٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْإِضْرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنِ الْكِبَارِ ثُمَّ قَرَأَ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ إِلَى قَوْلِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ فِي الْوَصِيَّةِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ فِي الْوَصِيَّةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ

الْوَارِثِ قَالَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَدَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ بْنُ جَابِرٍ الْحَدَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ أَوِ الْمَرْأَةَ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ أَوْ سَبْعِينَ سَنَةً ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ وَقَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ (وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ أَنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الشَّرِّ سَبْعِينَ سَنَةً ثُمَّ يَعْدِلُ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ (2) وَلَمْ يَقُلْ مَعْمَرٌ ابْنُ جَابِرٍ الْحَدَّانِيُّ) وَرَوَى الثَّوْرِيُّ وَمَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْجَنَفُ أَنْ يُوصِيَ لِابْنِ ابْنَتِهِ وَهُوَ يُرِيدُ ابْنَتَهُ وَيَقُولُ طَاوُسٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ الْجَنَفِ مِثْلَ قَوْلِ طَاوُسٍ فَقَالَ الْحَسَنُ هُوَ أَنْ يُوصِيَ لِلْأَجَانِبِ وَيَتْرُكَ الْأَقَارِبَ وَأَصْلُ الْجَنَفِ فِي اللُّغَةِ الْمَيْلُ وَمَعْنَاهُ فِي الشَّرِيعَةِ الْإِثْمُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَجُوزُ لِوَارِثٍ عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَإِنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِهَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وأبو ثور وقال ابن خواز بنداد اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ وَصِيَّةٌ صَحِيحَةٌ وَلِلْوَارِثِ الْخِيَارِ فِي إِجَازَتِهَا أو ردها فَإِنْ أَجَازُوا فَإِنَّمَا هُوَ تَنْفِيذٌ لِمَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَتْ وَصِيَّةً صَحِيحَةً فَإِنْ أَجَازُوا فَهِيَ عَطِيَّةٌ مِنْهُمْ مُبْتَدَأَةٌ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ وَدَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ لَا تَجُوزُ وَإِنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ وَحَسْبُهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا شَاءُوا وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ التَّابِعَيْنِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ يُجِيزُونَهَا لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَهَا عَطِيَّةً مِنَ الْوَرَثَةِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فَلِذَلِكَ اعْتَبَرُوا فِيهَا الْجَوَازَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِحُّ مِلْكُهُمْ وَتَصِحُّ عَطِيَّتُهُمْ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ الْوَصِيَّةَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي إِذَا أَوْصَى لِوَرَثَتِهِ أَوْ بِأَكْثَرِ مِنْ ثُلُثِهِ وَاسْتَأْذَنَهُمْ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ مَرِيضًا وَاسْتَأْذِنْ وَرَثَتَهُ في أن

يُوصِيَ لِوَارِثٍ أَوْ يُوصِيَ بِأَكْثَرِ مِنْ ثُلُثِهِ فَأَذِنُوا لَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ مَحْجُورٌ عَنْ أَكْثَرِ مِنْ ثُلُثِهِ لَزِمَهُمْ مَا أَجَازُوا مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَلْزَمُهُمْ حَتَّى يُجِيزُوا بَعْدَ مَوْتِهِ وَسَوَاءٌ أَجَازُوا ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُمْ لَوْ أَجَازُوا ذَلِكَ وَهُوَ صَحِيحٌ لَمْ يَلْزَمْهُمْ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُمْ إِذَا أَجَازُوا مَا أوصى به موروثهم لِوَارِثٍ مِنْهُمْ أَوْ أَجَازُوا وَصِيَّتَهُ بِأَكْثَرِ مِنَ الثُّلُثِ بَعْدِ مَوْتِهِ لَزِمَهُمْ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا فِي شَيْءٍ مِنْهُ قُبِضَ أَوْ لَمْ يُقْبَضْ وَإِنَّ هَذَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى قَبْضٍ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فَهَذِهِ أُصُولُ مَسَائِلِ الْوَصَايَا وَأَمَّا الْفُرُوعُ فَتَتَّسِعُ جِدًّا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وجل فمن بدله بعد ما سَمِعَهُ الْآيَةَ فَمَعْنَاهُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ تَبْدِيلُ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُتَوَفَّى إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ إِمْضَاؤُهُ فَإِنْ أَوْصَى بِمَا لَا يَجُوزُ مِثْلُ أَنْ يُوصِيَ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَعَاصِي فَهَذَا يَجُوزُ تَبْدِيلُهُ وَلَا يَجُوزُ إِمْضَاؤُهُ كَمَا لَا يَجُوزُ إِمْضَاءُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ لِوَارِثٍ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ كَانَ فِي وَصِيَّةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَأَنَّهُ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيَكْفُرُ بِالطَّاغُوتِ عَلَى ذَلِكَ يَحْيَا وَيَمُوتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَوْصَى فِيمَا رَزَقَهُ اللَّهُ بِكَذَا وَكَذَا وَإِنَّ هَذِهِ وَصِيَّتُهُ إِنْ لَمْ يُغَيِّرْهَا قَبْلَ الْمَوْتِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ فِي وَصِيَّتِهِ لَا يُقَرُّ عَامِلٌ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إِلَّا الْأَشْعَرِيَّ يَعْنِي أَبَا مُوسَى فَأَقَرُّوهُ أَرْبَعَ سِنِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ للإنسان أن يغر وَصِيَّتَهُ وَيَرْجِعَ فِيمَا شَاءَ مِنْهَا إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي الْمُدَبَّرِ فَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُغَيِّرَ مِنْ وَصِيَّتِهِ مَا شَاءَ مِنْ عَتَاقَةٍ وَغَيْرِهَا إِلَّا التَّدْبِيرَ وَلَهُ أَنَ

يَنْقُضَ وَصِيَّتَهُ كُلَّهَا وَيُبَدِّلَهَا بِغَيْرِهَا وَيَصْنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ إِلَّا التَّدْبِيرَ فَإِنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ الْمُدَبَّرُ فِي الْعَتَاقَةِ كَالْمُعْتَقِ إِلَى شَهْرٍ لِأَنَّهُ أَجْلٌ آتٍ لَا مَحَالَةَ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْيَمِينِ بِالْعِتْقِ وَالْعِتْقُ إِلَى أَجَلٍ فَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ إِذَا قَالَ الرَّجُلَ إِنْ مُتُّ فَفُلَانٌ حُرٌّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَإِنْ قَالَ إِنْ مُتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَفُلَانٌ حُرٌّ فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَبِيعَهُ بَاعَهُ فَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ فَمَاتَ عَتَقَ فَإِنْ صَحَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَإِنْ قَالَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ فُلَانٌ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَأَرَادَ الْوَصِيَّةَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ فُلَانٌ مُدَبَّرٌ بَعْدَ مَوْتِي لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ وَإِنْ أَرَادَ التَّدْبِيرَ بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَرْجِعْ أَيْضًا عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَاخْتَلَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِيمَنْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَلَمْ يُرِدِ الْوَصِيَّةَ وَلَا التَّدْبِيرَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ وَصِيَّةٌ وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ مُدَبَّرٌ إِنْ لَمْ يُرِدِ الْوَصِيَّةَ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وأحمد وإسحق وَأَبُو ثَوْرٍ فَكُلُّ هَذَا عِنْدَهُمْ وَصِيَّةٌ وَالْمُدَبَّرُ عِنْدَهُمْ وَصِيَّةٌ يَرْجِعُ فِيهَا وَالْمُدَبَّرُ وَغَيْرُ الْمُدَبَّرِ مِنْ سَائِرِ مَا يَنْفُذُ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الثلث

مِنَ الْوَصَايَا عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ يَرْجِعُ صَاحِبُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَفِيمَا شَاءَ مِنْهُ إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ لَا يَكُونُ الرُّجُوعُ فِي الْمُدَبَّرِ إِلَّا بِأَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَلَيْسَ قَوْلُهُ قَدْ رَجَعْتُ رُجُوعًا وَإِنْ لَمْ يُخْرِجِ الْمُدَبَّرُ مِنْ مِلْكِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ يَرْجِعُ فِي الْمُدَبَّرِ بِمَا يَرْجِعُ فِي الْوَصِيَّةِ وَأَجَازَهُ الْمُزَنِيُّ قِيَاسًا عَلَى إِجْمَاعِهِمْ عَلَى الرُّجُوعِ فِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِذَا قَالَ قَدْ رَجَعْتُ فِي مُدَبَّرِي فُلَانٍ فَقَدْ بَطَلَ التدبير فَإِنْ مَاتَ لَمْ يَعْتِقْ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي أَنَّ الْمُدَبَّرَ وَصِيَّةً إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّهُ فِي الثُّلُثِ كَسَائِرِ الْوَصَايَا وَفِي إِجَازَتِهِمْ وَطْءَ الْمُدَبَّرَةِ مَا يَنْقُضُ قِيَاسَهَمْ عَلَى الْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاعَ مُدَبَّرًا وَأَنَّ عَائِشَةَ دَبَّرَتْ جَارِيَةً لَهَا ثُمْ بَاعَتْهَا وَهُوَ قَوْلُ جَابِرٍ وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَمُجَاهِدٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التابعين

حديث تاسع وثلاثون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَثَلَاثُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كل حر أو عبد ذكر أو أنثى مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي مَتْنِهِ وَلَا فِي قَوْلِهِ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وسائرالرواة عَنْ مَالِكٍ قَالُوا عَنْهُ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَقُولُ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ مَالِكٍ وَذَكَرَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ وَضَّاحٍ وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ الظَّانُّ وَقَدْ قَالَهُ غَيْرُ مَالِكٍ جَمَاعَةٌ وَلَوِ انْفَرَدَ بِهِ مَالِكٌ لَكَانَ حُجَّةً يُوجِبُ حُكْمًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَكَيْفَ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ وَقَدْ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

ورواه سعيد بن عبد الرحمان الجمحي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَرَوَاهُ كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَيُونُسُ بن يزيد عن نافع عن ابن عمر كُلُّهُمْ قَالُوا فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ حَدَّثَهُ عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الْقَاضِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ خَطَأٌ عَلَى أَيُّوبَ لَا شَكَّ فِيهِ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ أَيُّوبَ فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ حماد بن زيد وإسماعيل بن عُلَيَّةَ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَسَلَامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ وَعَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ كُلُّهُمْ رَوَاهُ عَنْ أَيُّوبَ لَمْ يَقُلْ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَأَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ رَضِيٌّ وَإِنَّمَا جَاءَ هَذَا مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ الَّذِي حَدَّثَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْتُ أيضا غير سعيد بن عبد الرحمان الْجُمَحِيِّ وَرَوَاهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ لَمْ يَقُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِيهِ عَنْهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ أَبِي رَوَّادٍ (وَغَيْرُهُمْ أَيْضًا) (ج) عَنْ نَافِعٍ فَلَمْ يَقُولُوا فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا حَدِيثُ أَيُّوبَ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ رَمَضَانَ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَعَدَلَ النَّاسُ نِصْفَ صَاعٍ مَنْ بُرٍّ بِصَاعٍ مَنْ تَمْرٍ قَالَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُعْطِي التَّمْرَ فَأَعْوَزَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ التَّمْرُ عَامًا فَأَعْطَى الشَّعِيرَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حدثنا مسدد وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ

عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فَرَضَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ إِلَى آخِرِهِ لَيْسَ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم صدقة الفطر صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَلَمَّا كَانَ مُعَاوِيَةُ عَدَلَ النَّاسُ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ بِصَاعِ شَعِيرٍ قَالَ نَافِعٌ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنِ الصَّغِيرِ مِنْ أَهْلِهِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ فِي الْحَدِيثِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَلَمَّا كَانَ مُعَاوِيَةُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ فِيهِ عَنْ نَافِعٍ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قال (أخبرنا) (أ) عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ رَمَضَانَ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ فَعَدَلَ النَّاسُ

بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مَنْ بُرٍّ وَكُلُّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ أَيُّوبَ لَمْ يَقُلْ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ مِمَّنْ جَاءَ الْوَهْمُ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ أَنَّهُ فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ زَادَ بِشْرٌ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهُوَ صَحِيحٌ فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ سَقَطَ لِقَوْمٍ عَنْ أَيُّوبَ وَلِقَوْمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَلَكِنْ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إسحق بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قال

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَنْبَسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ النَّاسُ يُخْرِجُونَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ سُلْتٍ أَوْ زَبِيبٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ وَكَثُرَتِ الْحِنْطَةُ جَعَلَ عُمَرُ نِصْفَ صَاعِ حِنْطَةٍ مَكَانَ صَاعٍ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ نَافِعٍ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا عَلِمْتُ أَوْ سُلْتٍ أَوْ زَبِيبٍ إِلَّا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ وَقَالَ فِيهِ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ وَكَثُرَتِ الْحِنْطَةُ جَعَلَ

نِصْفَ صَاعٍ مَكَانَ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ فِيهِ فَلَمَّا كَانَ مُعَاوِيَةُ وَقَوْلُ ابْنِ عُيَيْنَةَ عِنْدِي أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ أَحْفَظُ وَأَثْبَتُ مِنَ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ وَأَمَّا مَنْ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرحمان الجمحي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا أَخْبَرَنَا يحيى بن محمد بن السكن قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ

وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ فَقَالَ فِيهِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَرَوَاهُ سَعِيدُ بن عبد الرحمن الجمحي عن عبيد الله عَنْ نَافِعٍ فَقَالَ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَالْمَشْهُورُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ لَيْسَ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَطَاهِرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ الْهِلَالِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ كثير

ابن فَرْقَدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ وَأَمَّا رِوَايَةُ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْخَفَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ الْأَسْيُوطِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةَ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ زَادَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ فِي حَدِيثِهِ قَالَ فَعَدَلَ النَّاسُ إِلَى نِصْفِ صَاعٍ بُرٍّ وَزَادَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي حَدِيثِهِ قَالَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُخْرِجُ عَنْ غِلْمَانٍ لَهُ وَهُمْ غُيَّبٌ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ لَمْ يَقُلْ

فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَزَادَ عَنْهُ أَلْفَاظًا لَمْ يَذْكُرْهَا غَيْرُهُ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَفِعْلِهِ وَأَظُنُّهُ خُلِطَ عَلَيْهِ حَدِيثُ مَالِكٍ بِحَدِيثِ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمَحْفُوظُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ مَعَانٍ اخْتَلَفَتِ الْعُلَمَاءُ فِي بَعْضِهَا وَأَجْمَعُوا عَلَى بَعْضِهَا فَأَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا في زكاةالفطر هَلْ هِيَ فَرْضٌ وَاجِبٌ أَوْ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ أَوْ فِعْلُ خَيْرٍ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ وَاجِبٌ فَرْضَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَقَالَ قَائِلُونَ هِيَ سَنَةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ فِعْلُ خَيْرٍ وَقَدْ كَانَتْ وَاجِبَةً ثُمَّ نُسِخَتْ روي هذا (القول) (أ) عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو

كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كَهْلٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ أَبِي عَمَّارٍ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا نَزَلَتِ الزَّكَاةُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قال أخبرنا إسمعيل بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ كُنَّا نَصُومُ عَاشُورَاءَ وَنُؤَدِّي صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ وَنَزَلَتِ الزَّكَاةُ لَمْ نُؤْمَرْ بِهِ وَلَمْ نُنْهَ عَنْهُ وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ جَمِيعًا لَا اخْتِلَافَ بَيْنِهِمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي نَسْخِهَا فَقَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْمُرُنَا بِهَا قَبْلَ نُزُولِ الزَّكَاةِ فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الزَّكَاةِ لَمْ يَأْمُرْنَا بِهَا وَلَمْ يَنْهَنَا عَنْهَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ قال وقال حل أهل

الْعِلْمِ هِيَ فَرْضٌ لَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ قَالَ الطَّبَرِيُّ حَدَّثَنَا بِقَوْلِ مَالِكٍ يُونُسُ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ هِيَ فَرْضٌ وَفِي سَمَاعِ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ مَالِكٍ قَالَ مَالِكٌ سُئِلَ عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ هِيَ الَّتِي قُرِنَتْ بِالصَّلَاةِ قَالَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ هِيَ زَكَاةُ الْأَمْوَالِ كُلِّهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ وَالْمَوَاشِي وَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَتَلَا خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَذَكَرَ أَبُو التَّمَّامِ قَالَ قَالَ مَالِكٌ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ كُلُّهُمْ إِلَّا بَعْضَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَإِنَّهُ قَالَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ فَرْضٌ وَاجِبٌ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى مَذَاهِبِهِمْ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ فِيهَا أَيْضًا عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا فَرْضٌ وَاجِبٌ وَالْآخِرُ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنُ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ (وَقَدْ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا

مِنْ بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَرَضَ بِمَعْنَى أَوْجَبَ وَالْآخَرُ فَرَضَ بِمَعْنَى قَدَّرَ مِنَ الْمِقْدَارِ كَمَا تَقُولُ فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَةَ الْيَتِيمِ أَيْ قَدْرَهَا وَعَرَّفَ مِقْدَارَهَا وَالَّذِي أَذْهَبُ إِلَيْهِ أَنْ لَا يَزَالَ قَوْلُهُ فَرَضَ عَلَى مَعْنَى الْإِيجَابِ إِلَّا بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ وَذَلِكَ مَعْدُومٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ فَهِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَنَّهُ شَيْءٌ أَوْجَبَهُ وَقَدَّرَهُ وَقَضَى بِهِ وَقَالَ الْجَمِيعُ لِلشَّيْءِ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ هَذَا فَرْضٌ وَمَا أَوْجَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَنِ اللَّهِ أَوْجَبَهُ وَقَدْ فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ وَحَذَّرَ عَنْ مُخَالَفَتِهِ فَفَرْضُ اللَّهِ وَفَرْضُ رَسُولِهِ سَوَاءٌ إِلَّا أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَيُسَلَّمُ حِينَئِذٍ لِلدَّلِيلِ الَّذِي لَا مَدْفَعَ فِيهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا مِنْ جِهَةِ اتِّبَاعِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَاجِبٌ أَيْضًا لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ شُذُوذٌ أَوْ ضَرْبٌ مِنَ الشُّذُوذِ وَلَعَلَّ جَاهِلًا أَنْ يَقُولَ إِنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ لَوْ كَانَتْ فَرِيضَةً لَكَفَرَ مَنْ قَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِفَرْضٍ كَمَا لَوْ قَالَ فِي زَكَاةِ الْمَالِ الْمَفْرُوضَةِ أَوْ فِي الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِفَرْضِ كُفْرٍ فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا وَمِثْلِهِ أَنَّ مَا ثَبَتَ فَرْضُهُ من جهة الإجماع الذي يقطع العذر كفر دافعه

لأنه لا عذر له (فيه) (أ) وَكُلُّ فَرْضٍ ثَبَتَ بِدَلِيلٍ لَمْ يَكْفُرْ صَاحِبُهُ وَلَكِنَّهُ يُجَهَّلُ وَيُخَطَّأُ فَإِنْ تَمَادَى بَعْدَ الْبَيَانِ (له) (ب) هُجِرَ وَإِنْ لَمْ يَبِنْ لَهُ عُذْرٌ بِالتَّأْوِيلِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ قَامَ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ وَلَسْنَا نُكَفِّرُ مَنْ قَالَ بِتَحْلِيلِهِ وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَنِكَاحِ السِّرِّ وَالصَّلَاةِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَبَيْعِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ يَدًا بِيَدٍ إِلَى أَشْيَاءَ يَطُولُ ذِكْرُهَا مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ وَلَسْنَا نُكَفِّرُ مَنْ قَالَ بِتَحْلِيلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الدَّلِيلَ فِي ذَلِكَ يُوجِبُ العمل ولا يقطع العذر وَالْأَمْرُ فِي هَذَا وَاضِحٌ لِمَنْ فَهِمَ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ (أَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ) (هـ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَدْ رُوِيَ مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا رواه موسى

ابن عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ النَّاسُ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُؤَدِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي بِإِدْرَاكِهِ تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مُدْرِكِهِ فَذَكَرَ أَبُو التَّمَّامِ قَالَ تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عِنْدَ مَالِكٍ بِإِدْرَاكِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ قَالَ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ تَجِبُ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ وَأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ قَالَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تُجِبْ حَتَّى يُدْرِكَ جُزْءًا مِنْ آخِرِ نَهَارِ رَمَضَانَ وَجُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا نُصُوصُ أَقْوَالِهِمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِمَا عَنْهُ تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَذَكَرُوا عَنْهُ مسائل إن لم تكن على الاستحباب فَهِيَ تُنَاقِضُ عَلَى أَصْلِهِ هَذَا مِنْهَا أَنَّهُمْ رَوَوْا عَنْهُ فِي الْمَوْلُودِ يُولَدُ ضُحَى يَوْمِ الْفِطْرِ أَنَّهُ يُخْرِجُ عَنْهُ أَبُوهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ رَوَاهُ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ لَوْ أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْفِطْرِ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَوْلُودٌ أَوِ اشْتَرَى عَبْدًا رَأَيْتُ أَنْ يُخْرِجَ عَنِ الْمَوْلُودِ وَالْعَبْدِ زَكَاةَ الْفِطْرِ قَالَ وَهُوَ فِي الْوَلَدِ أَبْيَنُ قَالَ وَمَنْ أَسْلَمَ

يَوْمَ الْفِطْرِ فَعَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْعَبْدِ يُبَاعُ يَوْمَ الْفِطْرِ فَقَالَ مَرَّةً يُزَكِّي عَنْهُ الْمُبْتَاعُ ثُمَّ قَالَ بَلِ الْبَائِعُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ أَنَّ مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ بَعْدَ يَوْمِ الْفِطْرِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنْهُ وَمِنْ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ اللَّيْثُ إِذَا ولد المولود بعد صلاةالفطر فَعَلَى أَبِيهِ عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ قَالَ وَأُحِبُّ ذلك للنصراني يسلم ذلك الوقت ولا أراه وَاجِبًا عَلَيْهِ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُمْ إِنَّهَا تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ فَكُلُّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ عَنْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ عَنْهُ وَمَنْ جَاءَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّمَا تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَمَّنْ كَانَ عِنْدَهُ وَكَانَ حَيًّا فِي شَيْءٍ مِنَ الْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَغَابَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مِنْ لَيْلَةِ شَوَّالٍ فَإِنْ وُلِدَ لَهُ أَوْ مَلَكَ عَبْدًا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ فَلَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَنْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِبَغْدَادَ إِنَّمَا تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَا

ذَكَرْنَا عَنْهُ بِمَصْرَ وَمِثْلُ قَوْلِهِ الْبَغْدَادِيِّ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ بِقَوْلِهِ الْمِصْرِيِّ سَوَاءً وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ فِي الْمَوْلُودِ وَالْعَبْدِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنْ تُصَلَّى صَلَاةُ الْعِيدِ فمن ولد له أو كسب مَمْلُوكًا بَعْدَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي وُجُوبِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ لَهُ عَبْدٌ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ قَالَ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ قَالَ مَالِكٌ وَالَّذِي لَيْسَ لَهُ إِلَّا مَعِيشَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ نَحْوَهَا وَالشَّهْرِ ونحوه عليه زكاة الفطر (قال مالك) (أ) وَإِنَّمَا هِيَ زَكَاةُ الْأَبْدَانِ وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ لَا تَجِبُ عَلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّ عَلَيْهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ مَنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ وَذَكَرَ أَبُو التَّمَّامِ قَالَ مَالِكٌ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَقِيرِ الَّذِي يَفْضُلُ عَنْ قُوَّتِهِ صَاعٌ كَوُجُوبِهَا عَلَى الْغَنِيِّ قَالَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ وَيَحِلُّ عِنْدَهُمْ أَخْذُهَا لِمَنْ لَيْسَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا تَلْزَمُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عِنْدَهُمْ إِلَّا عَلَى

من ملك مائتي درهم فصاعدا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ مَلَكَ قُوتَهُ وَقُوتَ مَنْ يُمَوِّنُهُ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَمَا يُؤَدِّي بِهِ عَنْهُ وَعَنْهُمْ زَكَاةَ الْفِطْرِ أَدَّاهَا عَنْهُ وَعَنْهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بَعْدَ قُوتِ الْيَوْمَ إِلَّا مَا يُؤَدِّي عَنْ بَعْضٍ أَدَّى عَنْ بَعْضٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلَّا قُوتُ يَوْمٍ دُونَ فَضْلٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا أَصَابَ فَضْلًا عَنْ غَدَائِهِ وَعَشَائِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ وَيُعْطِيَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلٌ عَنْ نَفْسِهِ وَعَمَّنْ يُمَوِّنُ مِنْ أَهْلِهِ قَالَ وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَطْفَالِ وَالْكِبَارِ من العبيد والأحرار قال وهي واجبة (هـ) عَلَى الرَّجُلِ فِي كُلِّ مَنْ يُمَوِّنُ مِنْ عِيَالِهِ وَعَبِيدِهِ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صُعَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدقة الفطر صاع من بُرٍّ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ صَاعٌ مَنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ رَأْسٍ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا فَأَمَّا غَنِيُّكُمْ فَيُزَكِّيهِ اللَّهُ وَأَمَّا فَقِيرُكُمْ فَيَرُدُّ اللَّهُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَلَيْسَ دُونَ الزُّهْرِيِّ

فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ أَيْضًا وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْأَعْرَابَ وَأَهْلَ الْبَادِيَةِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ كَأَهْلِ الْحَضَرِ سَوَاءٌ إِلَّا اللَّيْثَ بْنَ سَعِيدٍ فَإِنَّهُ قَالَ لَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْعَمُودِ أَصْحَابِ الْمَظَالِّ وَالْخُصُوصِ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَهَذَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ مِنْ بَيْنِ هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءِ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِثْلُ قَوْلِهِ عَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَؤُلَاءِ فِي الصِّيَامِ كَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونُوا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ كَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَاخْتَلَفُوا فِي زَوْجَةِ الرَّجُلِ هَلْ تُزَكِّي عَنْ نَفْسِهَا أَوْ يُزَكِّي عَنْهَا زَوْجُهَا فقال مالك والشافعي والليث وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهَا كَمَا يُخْرِجُهَا عَنْ نَفْسِهِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ عَنْهَا وَعَنْ كُلِّ مَنْ يُمَوِّنُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُطْعِمَ عَنْ زَوْجَتِهِ وَلَا عَنْ خَادِمِهَا وَعَلَيْهَا أَنْ تُطْعِمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ نَفْسِهَا وَعَنْ خَادِمِهَا قَالُوا وَلَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ أَحَدٍ إِلَّا عَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وعبيده لا غير وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى

الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ عِنْدَهُمْ وَقَدْ نَاقَضُوا فِيهِ وَفِي الصَّغِيرِ وَقَالَ دَاوُدُ هِيَ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَلَا يُؤَدِّيهَا حُرٌّ عَنْ عَبْدٍ وَلَا كَبِيرٌ عَنْ صَغِيرٍ قَالَ مَالِكٌ مَنْ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ عَنْهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ إِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ أَجْبَرْنَاهُ عَلَى نَفَقَتِهِ مِنْ وَلَدِهِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ الزَّمْنَى الْفُقَرَاءِ وَآبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ الزَّمْنَى الْفُقَرَاءِ وَزَوْجَتِهِ وَخَادِمٍ وَاحِدٍ لَهَا فَإِنْ كَانَ لَهَا أَكْثَرُ مِنْ خَادِمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُمْ وَلَزِمَهَا أَنْ تُؤَدِّيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَمَّنْ بَقِيَ مِنْ رَقِيقِهَا وَقَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي هَذَا الْبَابِ نَحْوُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ ذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْإِنْسَانَ عَنْ جَمِيعِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مَنْ وَلَدٍ وَوَالِدٍ وَزَوْجَةٍ وَخَادِمِهَا وَتَلْزَمُهُ فِي عَبِيدِهِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمَرْهُونُ وَالْمُخَدَّمُ وَالْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ مَنْ تُلْزِمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنَّهُ أَرَادَ مَنْ يُجْبَرُ عَلَى نفقته بقضاء قاض من غير أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا وَأَصْلُهُمْ

فِي ذَلِكَ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْكَ عَمَّنْ تَلْزَمُكَ نَفَقَتُهُ بِنَسَبٍ كَالْأَبْنَاءِ الْفُقَرَاءِ أَوِ الْآبَاءِ الْفُقَرَاءِ وَبِنِكَاحٍ وَهُنَّ الزَّوْجَاتُ أَوْ مِلْكِ رَقٍّ وَهُمُ الْعَبِيدُ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلًا لَيْسَ عَلَيْهِ فِي عَبِيدِ عَبِيدِهِ وَلَا فِي أَجِيرِهِ وَلَا فِي رَقِيقِ امْرَأَتِهِ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَخْدِمُهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ الَّذِي تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَهَذَا قَوْلُهُ فِي الْمُوَطَّأِ سَوَاءٌ فَقَدْ نَصَّ فِي الْأَجِيرِ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُ عَنْهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ سَمِعَهُ يَقُولُ يُؤَدِّي الرَّجُلُ عَنْ أَهْلِهِ وَرَقِيقِهِ وَلَا يُؤَدِّي عَنِ الْأَجِيرِ وَلَكِنَّ الْأَجِيرَ الْمُسْلِمَ يُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ قَالَ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ أَنَا أُخْرِجُهَا عَنْ نَفْسِي وَعَنْ وَلَدِي وَخَادِمِي وَلَا أُخْرِجُهَا عَمَّنْ يَتْبَعُنِي وَإِنْ كَانَ مَعِي وَقَالَ اللَّيْثُ إِذَا كَانَتْ إِجَارَةُ الْأَجِيرِ مَعْلُومَةً فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَتْ يَدَهُ مَعَ يَدَيْهِ أَدَّى عَنْهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ الْكَافِرِ وَالْغَائِبِ الْمُسْلِمِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ عَبْدِهِ الْكَافِرِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى مَنْ صَامَ وَصَلَّى وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي

حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ عَبْدِهِ الْكَافِرِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالنَّخَعِيِّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي إِيجَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنِ الْعَبْدِ الْكَافِرِ بِأَنْ قَالَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَعْنِي مَنْ يَلْزَمُهُ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ وَلَا يَكُونُ إِلَّا مُسْلِمًا وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ لَا يِمْلِكُ شَيْئًا وَلَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِالْحَدِيثِ مَالِكُ الْعَبْدِ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي نَفْسِهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَإِنَّمَا تَلْزَمُ مَوْلَاهُ الْمُسْلِمَ عَنْهُ أَلَا تَرَى إِلَى إِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ فِي الْعَبْدِ يَعْتِقُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ مَوْلَاهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِذَا مَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ مَالًا إِخْرَاجُهَا عَنْ نَفْسِهِ كَمَا يَلْزَمُهُ إِخْرَاجُ كَفَارَّةِ مَا حَنِثَ فِيهِ مِنَ الْأَيْمَانِ وَهُوَ عَبْدٌ وَأَنَّهُ لَا يُكَفِّرُهَا بِصِيَامٍ وَلَوْ لَزِمَتْهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ لَأَدَّاهَا عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْضِي لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَهُوَ النَّظَرُ أَيْضًا لِأَنَّهُ طُهْرَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَتَزْكِيَةٌ

وَهَذَا سَبِيلُ الْوَاجِبَاتِ مِنَ الصَّدَقَاتِ وَالْكَافِرُ لَا يَتَزَكَّى فَلَا وَجْهَ لِأَدَائِهَا عَنْهُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يُؤَدِّي الْعَبْدُ عَنْ نَفْسِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالَ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَقَالَ مَالِكٌ يُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ مُكَاتَبِهِ وَحُجَّتُهُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي مُكَاتَبِهِ لِأَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُنْفَرِدٌ فَكَسْبُهُ دُونَ الْمَوْلَى وَجَائِزٌ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُؤَدِّي عَنْ مَمْلُوكِيهِ الْغُيَّبِ وَالْحُضُورِ وَلَا يُؤَدِّي عَنْ مُكَاتَبِيهِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَالَ مَالِكٌ يُؤَدِّي الرَّجُلُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ مَمْلُوكِيهِ وَرَقِيقِهِ كُلِّهِمْ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ لِتِجَارَةٍ أَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ رَهْنًا أَوْ غَيْرَ رَهْنٍ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا وَمَنْ غَابَ مِنْهُمْ أَوْ أَبَقَ فَرَجَا رَجْعَتَهُ وَحَيَاتَهُ زَكَّى عَنْهُ وَإِنْ كَانَ إِبَاقُهُ قَدْ طَالَ وَأَيِسَ مِنْهُ فَلَا أَرَى أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ قَالَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ عَبِيدِ عَبِيدِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ فِي رَقِيقِهِ الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمُ الْحُضُورِ وَالْغُيَّبِ الْإِبَاقِ وَغَيْرِهِمْ لِتِجَارَةٍ أَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ رَجَا رَجْعَةَ الْغَائِبِ مِنْهُمْ أَوْ لَمْ يَرْجَهَا إِذَا عَرَفَ حَيَاتَهُمْ لِأَنَّ كُلًّا فِي مِلْكِهِ فَعَلَيْهِ

الزكاة (عنه) (أ) حَتَّى يَسْتَيْقِنَ مَوْتَهُ قَالَ وَيُزَكِّي عَنْ عَبِيدِ عَبِيدِهِ وَعَبِيدِ عَبِيدِ عَبِيدِهِ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ عَبِيدُهُ وَلَا يُؤَدِّي عَنِ الْمُكَاتَبِ وَلَا عَلَى الْمُكَاتَبِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْكِتَابَةُ فَاسِدَةً فَيُؤَدِّي عَنْهُ السَّيِّدُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ مَلَكَ بَعْضَ عَبْدٍ زَكَّى عَنْ نَصِيبِهِ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ عَبِيدِهِ وَعَبِيدِ عَبِيدِهِ لِأَنَّهُمْ عَبِيدُهُ كُفَّارًا كَانُوا أَوْ مُسْلِمِينَ وَلَا يُؤَدِّي عَنْ مُكَاتَبِهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الصَّدَقَةِ عَنِ الْآبِقِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ لَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ فِيهِ صَدَقَةٌ وَمَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ فِيهِ الصَّدَقَةُ إِنَّ كَانَ مُسْلِمًا حَتَّى يَسْتَيْقِنَ مَوْتَهُ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْقَوْلِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَنِ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعَبِيدِ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا الْحُرُّ الصَّغِيرُ الْمَلِيءُ فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَأَبَا حنيفة وأبا يوسف والليث بْنَ سَعِيدٍ قَالُوا يُؤَدِّي عَنْهُ أَبُوهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنَّ تَطَوَّعَ عَنْهُ أَبُوهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَحَسَنٌ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يُؤَدِّي عَنْهُ الْأَبُ مَنْ مَالَ نَفْسِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَإِنْ أَدَّاهَا مَنْ مَالِ الصَّغِيرُ ضَمِنَ قَالَ وَلَا

يَجِبُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ صَدَقَةٌ يَتِيمًا كَانَ أَوْ غَيْرَ يَتِيمٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ يُؤَدِّي الْوَصِيُّ عَنِ الْيَتِيمِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ الزَّكَاةُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فِي أَمْوَالِهِمْ لَا يُؤَدِّيهَا أَحَدٌ عَنْهُمْ وَالْعَبِيدُ عِنْدَهُمَا مَالِكُونَ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَيْهِمْ وَاجِبَةٌ عَلَى أَنْفُسِهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَلْخِيصُ وُجُوهِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَطُولُ وَفِيمَا ذَكَرْنَا غِنًى وَكِفَايَةٌ فَهَذَا تَمْهِيدُ الْقَوْلِ فِي وُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَعَلَى مَنْ تَجِبُ وَمَتَى تَجِبُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مِكْيَلَةِ زَكَاةِ الْفِطْرِ مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لإعادته ههنا وبالله التوفيق

حديث موفى أربعين

حديث موفي أَرْبَعِينَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ وَقَدْ مَضَى تَفْسِيرُ قَوْلِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ وَمَضَى هُنَاكَ كَثِيرٌ مِنْ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ ممالا يعاد ههنا وَهَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ نَافِعٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالُوا فِيهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سالم عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ لَمْ يَقُلْ فَاقْدِرُوا لَهُ وَالْمَحْفُوظُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَاقْدِرُوا لَهُ وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِهِلَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا ثُمَّ إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطَرُوا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن اللَّهَ جَعَلَ الْأَهِلَّةَ مَوَاقِيتَ لِلنَّاسِ فَصُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ فَهَذَا مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَحُذَيْفَةُ

وَأَبُو بَكْرَةَ وَطَلْقٌ الْحَنَفِيُّ وَغَيْرِهِمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعَدَدَ ثَلَاثِينَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فيما سلف من كتابنا (هذا) (أ) فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَرُوِيَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ وَالْأَعْرَجِ وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ وَغَيْرِهِمْ وَهِيَ ثَابِتَةٌ وَسَائِرُ الطُّرُقِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كُلُّهَا حِسَانٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ هَذَا وَأَرْدَفَهُ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ مَعْنَى حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ فَاقْدُرُوا لَهُ أَنْ يَكْمُلَ شَعْبَانُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا إِذَا غُمَّ الْهِلَالُ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ لَا يُصَامَ رَمَضَانُ إِلَّا بِيَقِينٍ مِنْ خُرُوجِ شَعْبَانَ وَالْيَقِينُ فِي ذَلِكَ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ أَوْ بِإِكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَكَذَلِكَ لَا يُقْضَى بِخُرُوجِ رَمَضَانَ إِلَّا بِمِثْلِ ذَلِكَ أَيْضًا مِنَ الْيَقِينِ وَهَذَا أَصْلٌ مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ لَا تَزُولَ عَنْ أَصْلٍ أَنْتَ عَلَيْهِ إِلَّا بِيَقِينٍ مِثْلِهِ وَأَنْ لَا يترك اليقين

بِالشَّكِّ قَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ عِلْمِ مِنْكُمْ بِدُخُولِ الشَّهْرِ وَالْعِلْمُ فِي ذَلِكَ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا ضَرُورِيٌّ وَالْآخَرُ غَلَبَةُ ظَنٍّ فَالضَّرُورِيُّ أَنْ يَرَى الْإِنْسَانُ الْهِلَالَ بِعَيْنِهِ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ أَوْ وَحْدَهُ أَوْ يَسْتَفِيضَ الْخَبَرُ عِنْدَهُ حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى حَدٍّ يُوجِبُ الْعِلْمَ أَوْ يَتِمَّ شَعْبَانُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَهَذَا كُلُّهُ يَقِينٌ بِعِلْمِ ضَرُورَةٍ وَلَا يُمْكِنُ لِلْمَرْءِ أَنْ يُشَكِّكَ فِي ذَلِكَ نَفْسَهُ وَأَمَّا غَلَبَةُ الظَّنِّ فَأَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ عِنْدَ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ لَا يُصَامَ رَمَضَانُ وَلَا يُفْطَرَ مِنْهُ إِلَّا بِرُؤْيَةٍ صَحِيحَةٍ أَوْ إِكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَإِنَّمَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ كَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّهْرَ مَعْلُومٌ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَيَكُونُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا هَذَا مِمَّا يُعْلَمُ عِيَانًا وَاضْطِرَارًا وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ نَحْنُ أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسَبُ الشَّهْرَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَعِقْدَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ وَالشَّهْرُ

هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي تَمَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ وَمِثْلَهُ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَذَكَرْنَا فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ خَبَرَ ابْنِ مَسْعُودٍ لَمَّا صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرَ مِمَّا صُمْنَا مَعَهُ ثَلَاثِينَ فَلَمَّا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَقَدْ يَكُونُ ثَلَاثِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَنْ يُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَوْ يَرَى الْهِلَالَ قَبْلَ ذَلِكَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِوَايَتُهُمْ تَفْسِيرَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ فَاقْدُرُوا لَهُ فَوَاجِبٌ أَنْ لَا يُصَامَ يَوْمُ الشَّكِّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَأَنْ لَا يُقْضَى بِدُخُولِ شَهْرٍ إِلَّا بِيَقِينِ رُؤْيَتِهِ أَوْ تَمَامِ عَدَدِهِ وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَلَهُ مَذْهَبٌ ذَهَبَ إِلَيْهِ وَتَأَوَّلَهُ فِي مَعْنَى مَا رَوَاهُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاقْدِرُوا لَهُ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ عَلَى خِلَافِهِ وَسَنَذْكُرُ مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ عَنْهُ وَنَذْكُرُ مَنْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ فَاقْدِرُوا لَهُ كَقَوْلِهِ قُدِّرُوا لَهُ يُقَالُ قَدَرْتُ الشَّيْءَ وَقَدَّرْتُهُ وأقدرته

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ تَطَوُّعًا فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ وَأَمَّا صَوْمُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ إِنْ ظَهَرَ الْهِلَالُ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ وَهَلْ يُجْزِئُ ذَلِكَ إِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَمْ لَا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ لَا يُصَامُ عَلَى الِاحْتِيَاطِ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ وَيَجُوزُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا وَمَنْ صَامَهُ تَطَوُّعًا أَوِ احْتِيَاطًا ثُمَّ ثَبَتَ أنه من رمضان لم يجزه وَكَانَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَإِنْ أَصْبَحَ فِيهِ يَنْوِي الْفِطْرَ وَلَمْ يَأْكُلْ أَوْ أَكَلَ ثُمَّ صَحَّ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ كَفَّ عَنِ الْأَكْلِ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِ وَقَضَاهُ وَإِنْ أَكَلَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ إِلَّا أَنْ يقصد لانتهاك مِنْ حُرْمَةِ الْيَوْمِ عَالِمًا بِمَا فِي ذَلِكَ مِنِ الْإِثْمِ فَيَكْفُرُ حِينَئِذٍ إِنْ كَانَ لَمْ يَأْكُلْ فِيهِ شَيْئًا حَتَّى وَرَدَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ أَكَلَ مُتَعَمَّدًا مُنْتَهِكًا لِحُرْمَةِ الشَّهْرِ وَقَدْ مَضَّى الْقَوْلُ فِيمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ عَامِدًا فِي رَمَضَانَ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ بِأَتَمِّ مَا يَكُونُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عن ملك عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صِيَامِ الْيَوْمِ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَ إِذَا كَانَ مُغَيِّمًا يَتَحَرَّى أَنَّهُ مِنْ رمضان فلا يصمه وقال الوليد

ابن مَزِيدٍ قُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ إِنْ صَامَ رَجُلٌ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ تَطَوُّعًا أَوْ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ صَحَّ أَنَّهُ مِنْ رمضان أجزئه قال نعم وقد وفق لِصَوْمِهِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ أَكْرَهُ صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ فَإِنْ صَامَهُ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ رَمَضَانَ بِصَوْمٍ فَإِنْ فَعَلَ ثُمَّ صَحَّ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَ عَنْهُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا أَصْبَحَ الرَّجُلُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ وَلَمْ يَنْوِ الصَّوْمَ ثُمَّ بَلَغَهُ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ يُتِمُّ صَوْمَهُ وَيَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ قَالَ فَإِنْ أَصْبَحَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ يَنْوِي الصَّوْمَ وَقَالَ أَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ صَمْتُ وَإِلَّا لَمْ أَصُمْ فَأَصْبَحَ على ذلك فعلم أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ يُجْزِئُهُ إِذَا نَوَى ذَلِكَ مِنَ اللَّيْلِ وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَعَمَّارٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ النَّهْيُ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الشَّكِّ مُطْلَقًا وَرَوِيُ أَيْضًا مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي وَائِلٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَابْنِ سِيرِينَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ قَالَ

سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ لَأَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ لَا أَتَعَمَّدُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ مِنْ شَعْبَانَ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ خَرَجْتُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَلَمْ أَدْخُلْ عَلَى أَحَدٍ يُؤْخَذُ عَنْهُ الْعِلْمُ إِلَّا وَجَدْتُهُ يَأْكُلُ إِلَّا رَجُلًا كَانَ يَحْسَبُ وَيَأْخُذُ بِالْحِسَابِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ كَانَ خَيْرًا لَهُ وَقَالَ مَالِكٌ كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْ صِيَامِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجِبُ صَوْمُ رَمَضَانَ حَتَّى يُسْتَيْقَنَ بِدُخُولِهِ وَلَا يُصَامُ يَوْمُ الشَّكِّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ أَصْبَحَ يَوْمُ الشَّكِّ لَا يَنْوِي الصَّوْمَ وَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ حَتَّى عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَتَمَّ صَوْمَهُ رَأَيْتُ أَنَّ عَلَيْهِ إِعَادَةَ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ إِذَا أَصْبَحَ لَا يَنْوِي (صِيَامَهُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ أصبح ينوي) (د) صومه متطوعا لم يجزه مِنْ رَمَضَانَ وَلَا أَرَى رَمَضَانَ يُجْزِئُهُ إِلَّا بِإِرَادَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ وَلَا فَرْقَ عِنْدِي بين الصوم والصلاة (هـ) في هذا المعنى وقال أبو حينفة وأبو يوسف ومحمد لو أن رجلا أصبح صائما فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَا يَنْوِي أَنَّهُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَيَنْوِي بِصِيَامِهِ التَّطَوُّعَ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ

ذَلِكَ أَنَّ يَوْمَهُ ذَلِكَ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يجزء عَنْهُ صِيَامُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَقَالُوا لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَصْبَحَ يَنْوِي الْفِطْرَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَيَظُنُّ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ فَاسْتَبَانَ لَهُ قَبْلَ انْتِصَافِ النَّهَارِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ لَهُ وَقَالُوا إِنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَمَا انْتَصَفَ النَّهَارُ فَإِنَّهُ يَصُومُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالُوا وَلَوْ كَانَ هَذَا الصِّيَامُ قَضَاءً مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ صِيَامٍ كَانَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا قَالُوا وَيُجْزِئُهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهِ وَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ شَيْءٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَصْبَحَ يَنْوِي الْفِطْرَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَيَرَى أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ فَاسْتَبَانَ لَهُ أَنَّهُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ قَبْلَ أَنْ يَنْتَصِفَ النَّهَارُ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَ وَلَوْ نَوَى بِصَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ التَّطَوُّعَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ أَيْضًا وَكَانَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أما من ذهب إلى إبطال (صوم) (هـ) مَنْ عَقَدَ نِيَّتَهُ عَلَى تَطَوُّعٍ عَنِ الْوَاجِبِ أو صام يوم الشك على غير يَقِينَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَالْحُجَّةُ لَهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى وَقَدْ صَحَّ أَنَّ التَّطَوُّعَ غَيْرُ الْفَرْضِ فَمُحَالٌ أَنْ يَنْوِيَ التَّطَوُّعَ وَيُجْزِئَهُ عَنِ الْفَرْضِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَيْضًا فَرْضُ رَمَضَانَ قَدْ صَحَّ بِيَقِينٍ فَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهُ بِشَكٍّ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الزَّوَالِ مُتَطَوِّعًا أَوْ شَاكًّا فِي دُخُولِ الْوَقْتِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَكَذَلِكَ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُلَيَّةَ فَحُجَّتُهُمْ أَنَّ رَمَضَانَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ وَلَا يَكُونُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا أَبَدًا كَمَا أَنَّ مَنْ صَامَ شَعْبَانَ يَنْوِي بِهِ رَمَضَانَ لَا يَكُونُ عَنْ رَمَضَانَ وَلَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ صَوْمٌ عَنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ وَقْتٌ لَا تُحِيلُ فِيهِ النِّيَّةُ الْعَمَلَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَ بِكِلَا الْقَوْلَيْنِ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ عَطَاءٌ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَكِنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَصَحُّ وَأَحْوَطُ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ التَّنَازُعِ فِي وُجُوبِ النِّيَّةِ وَالتَّبْيِيتِ

في (صيام (أ) الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ) أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُزَاحِمٌ قَالَ خَطَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خِلَافَتِهِ فَقَالَ انْظُرُوا هِلَالَ رَمَضَانَ فَإِنْ رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا وَإِنْ لَمْ تَرَوْهُ فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا قَالَ وَأَصْبَحَ النَّاسُ مِنْهُمُ الصَّائِمُ وَمِنْهُمُ الْمُفْطِرُ وَلَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ فَجَاءَهُمُ الْخَبَرُ بأن قد ريء الْهِلَالُ قَالَ فَكَلَّمَ النَّاسُ عُمَرَ وَبَعَثَ الْحَرَسَ فِي الْعَسْكَرِ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَقَدْ وُفِّقَ لَهُ وَمَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا لَمْ يَذُقْ شَيْئًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ كَانَ طَعِمَ شَيْئًا فَلْيُتِمَّ مَا بَقِيَ مِنْ يَوْمِهِ وَلْيَقْضِ يَوْمًا مَكَانَهُ وَإِنِّي لَعِقْتُ لَعْقًا مِنْ عَسَلٍ فَأَنَا صَائِمٌ بَقِيَّةَ يَوْمِي ثُمَّ أُبَدِّلُهُ بَعْدُ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي مَعْنَى مَا رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ شَيْءٌ لَمْ يُتَابِعْهُ عَلَى تَأْوِيلِهِ ذَلِكَ فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا طَاوُسٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَرُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ إِذَا لَمْ يُرَ الْهِلَالُ وَلَمْ يَكُنْ فِي السَّمَاءِ غَيْمٌ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَكَانَ صَحْوًا أَفْطَرَ النَّاسُ وَلَمْ يَصُومُوا وَإِنْ كَانَ فِي السَّمَاءِ غَيْمٌ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ

أَصْبَحَ النَّاسُ صَائِمِينَ وَأَجْزَأَهُمْ مِنْ رَمَضَانَ إِنْ ثَبَتَ بَعْدُ أَنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَرُبَّمَا كَانَ شَعْبَانُ حِينَئِذٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَرُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا كَانَتْ تَصُومُ الْيَوْمَ الَّذِي يُغْمَى عَلَى النَّاسِ فِيهِ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَأَنْ أَصُومَ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ بِذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ سَحَابٌ أَصْبَحَ صَائِمًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَحَابٌ أَصْبَحَ مُفْطِرًا قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ صِيَامُ يَوْمِ الشَّكِّ وَاجِبٌ وَهُوَ مُجْزِئٌ مِنْ رَمَضَانَ إِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ قَالَ نَافِعٌ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَبْعَثُ مَسَاءَ ثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ مَنْ ينظر

لَهُ الْهِلَالَ فَإِنْ كَانَ صَحْوًا وَرَآهُ صَامَ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ لَمْ يَصُمْ وَإِنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَتَرٌ أَصْبَحَ صَائِمًا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا مَضَى لِشَعْبَانَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ نظر له الهلال فإن رؤي فَذَاكَ وَإِنْ لَمْ يَرَوْا لَمْ يَحُلْ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ وَلَا قَتَرٌ أَصْبَحَ مُفْطِرًا وَإِنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ أَوْ قَتَرٌ أَصْبَحَ صَائِمًا قَالَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُفْطِرُ مَعَ النَّاسِ وَلَا يَأْخُذُ بِهَذَا الْحِسَابِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْأَصْلُ يَنْتَقِضُ عَلَى مَنْ أَصَّلُهُ لِأَنَّ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ هِلَالُ رَمَضَانَ فَصَامَ عَلَى فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ هِلَالُ شَوَّالٍ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ يُجْزِئُ على

احْتِيَاطِهِ خَوْفًا أَنْ يُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ أَوْ يَتْرُكَ احْتِيَاطَهُ فَإِنْ تَرَكَ احْتِيَاطَهُ نَقَضَ مَا أَصَّلُهُ وَإِنْ جَرَى عَلَى احْتِيَاطِهِ صَامَ وَاحِدًا وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَهَذَا خِلَافُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَلَكِنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَمَا وَصَفْنَا فَإِنَّ لِأَصْحَابِنَا مِثْلَهُ مِنْ الِاحْتِيَاطِ كَثِيرًا فِي الصَّلَاةِ مِثْلَ قَوْلِهِمْ يَتَمَادَى وَيُعِيدُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَهُوَ خِلَافُ مَا أَمَرَ الله به من الخمس صلوات وَهُوَ يُشْبِهُ مَذْهَبَ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ وَيُشْبِهُ أَيْضًا أَعْمَالَ مَالِكٍ فِي مَوَاضِعَ مِنَ الطَّهَارَةِ وَالطَّلَاقِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ جِلَّةِ التَّابِعِينَ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَذْهَبُ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَى اعْتِبَارِهِ بِالنُّجُومِ وَمَنَازِلِ الْقَمَرِ وَطَرِيقِ الْحِسَابِ وَذَهَبَ بَعْضُ فُقَهَاءَ الْبَصْرِيِّينَ إِلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاقْدِرُوا لَهُ ارْتِقَابُ مَنَازِلِ الْقَمَرِ وَهُوَ عَلَمٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ مِنْهُ قَرِيبًا مِنْ عِلْمِ الْعَجَمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ يَقُولُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاقْدِرُوا لَهُ إِنَّ التقدير في ذلك (يكون) (ج) إِذَا غُمَّ عَلَى النَّاسِ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ بِأَنْ يَعْرِفَ مُسْتَهَلَّ الْهِلَالِ فِي شَعْبَانَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَمْكُثُ فِيهَا سِتَّةَ أَسْبَاعِ سَاعَةٍ

ثُمَّ يَغِيبُ وَذَلِكَ فِي أَدْنَى مُفَارَقَتِهِ الشَّمْسَ وَلَا يَزَالُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ يَزِيدُ عَلَى مُكْثِهِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا سِتَّةَ أَسْبَاعِ سَاعَةٍ فَإِذَا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ غَابَ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ وَإِذَا كَانَ لَيْلَةُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ تَأَخَّرَ سِتَّةَ أَسْبَاعِ سَاعَةٍ وَلَا يَزَالُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ يَتَأَخَّرُ طُلُوعُهُ عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي طَلَعَ فِيهِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا سِتَّةَ أَسْبَاعٍ إِلَى أَنْ يَكُونَ طُلُوعُهُ لَيْلَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ مَعَ الْغَدَاةِ فَإِنْ لَمْ يُرَ صُبْحَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ عُلِمَ أَنَّ الشَّهْرَ نَاقِصٌ وأنه من تسع وعشرين وإن ريء عُلِمَ أَنَّهُ تَامٌّ وَإِنَّ عِدَّتَهُ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَقَالَ وَقَدْ يُتَعَرَّفُ أَيْضًا بِمُكْثِ الْهِلَالِ فِي لَيَالِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ وَمَغِيبِهِ مِنَ الليل وأوقات طلوعه ليالي (هـ) النِّصْفِ الْآخَرِ مِنَ الشَّهْرِ وَتَأَخُّرِهِ عَنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ بِضَرْبٍ آخَرَ مِنِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ عِنْدَهُمْ وَيُتَعَرَّفُ أَيْضًا مِنَ الْمَنَازِلِ فَإِنَّ الْهِلَالَ إِذَا طَلَعَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ شَعْبَانَ فِي الشَّرْطَيْنِ فَكَانَ شَعْبَانُ نَاقِصًا طَلَعَ فِي الْبُطَيْنِ وَنَحْوِ هذا

قَالَ أَبُو عُمَرَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ عَلَى التَّقْرِيبِ لِأَنَّ أَهْلَ التَّعْدِيلِ وَالِامْتِحَانِ يُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ هَذَا حَقِيقَةً وَلِذَا لَمْ يَكُنْ حَقِيقَةً وَكَانَتِ الْحَقِيقَةُ عِنْدَهُمْ فِيمَا لَمْ تُوقَفِ الشَّرِيعَةُ عَلَيْهِ وَلَا وَرَدَتْ بِهِ سُنَّةٌ وَجَبَ الْعُدُولُ عَنْهُ إِلَى مَا سُنَّ لَنَا وَهُدِينَا لَهُ وَفِيمَا ذَكَرَ هَذَا الْقَائِلُ مِنَ الضِّيقِ وَالتَّنَازُعِ وَالِاضْطِرَابِ مَا لَا يَلِيقُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ أُولُو الْأَلْبَابِ وَهُوَ مَذْهَبٌ تَرَكَهُ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا لِلْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَتِمُّوا ثَلَاثِينَ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا عَلِمْتُ بِاعْتِبَارِ الْمَنَازِلِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَوْ صَحَّ مَا وَجَبَ اتِّبَاعُهُ عَلَيْهِ لِشُذُوذِهِ وَلِمُخَالِفَةِ الْحُجَّةِ لَهُ وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَاقْدِرُوا لَهُ نَحْوَ ذَلِكَ وَالْقَوْلُ فِيهِ وَاحِدٌ وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي قَوْلِهِ فَاقْدِرُوا لَهُ أَيْ فَقَدِّرُوا السَّيْرَ وَالْمُنَازِلَ وَهُوَ قَوْلٌ قَدْ ذَكَرْنَا شُذُوذَهُ وَمُخَالَفَةَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَهُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ شَأْنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ وَلَا هُوَ مِمَّنْ يُعَرَّجُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ مَنْ كَانَ مَذْهَبُهُ الِاسْتِدْلَالَ بِالنُّجُومِ وَمَنَازِلِ الْقَمَرِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ مِنْ جِهَةِ النُّجُومِ أَنَّ الْهِلَالَ اللَّيْلَةَ وَغُمَّ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ أَنْ يعتقد الصيام

وَيُبَيِّتَهُ وَيُجْزِئَهُ وَالصَّحِيحُ عَنْهُ فِي كُتُبِهِ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اعْتِقَادُ رَمَضَانَ إِلَّا بِرُؤْيَةٍ أَوْ شَهَادَةٍ عَادِلَةٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَفَّظُ مِنْ شَعْبَانَ وَلَا يَتَحَفَّظُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَصُومُ لِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ فَإِنْ غم عليه ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ صَامَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَصُومُوا الشَّهْرَ حَتَّى تُكْمِلُوا الْعَدَدَ أَوْ تَرَوْا الْهِلَالَ ثُمَّ صُومُوا وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تُكْمِلُوا الْعِدَّةَ أَوْ تَرَوْا الْهِلَالَ وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ يَنْتِجَانِ بِبُطْلَانِ تَأْوِيلِ ابْنِ عُمَرَ وَمَذْهَبِهِ وَكَذَلِكَ آثَارُ هَذَا الْبَابِ وَاللَّهِ يُوَفِّقُ مَنْ يشاء للصواب

وَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ فِي شَهَادَةِ شَوَّالٍ فِي الْفِطْرِ إِلَّا رَجُلَانِ عَدْلَانِ وَاخْتَلَفُوا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ فقال مالك والثوري والأوزاعي والليث وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَابْنُ عُلَيَّةَ لَا يُقْبَلُ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ وَلَا شَوَّالٍ إِلَّا شَاهِدَا عَدْلٍ رَجُلَانِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَدْلٍ إِذَا كَانَ فِي السَّمَاءِ عِلَّةٌ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي السَّمَاءِ علة) (ج) لَمْ يَقْبَلْ إِلَّا شَهَادَةَ الْعَامَّةِ وَلَا يَقْبَلُ فِي هِلَالِ شَوَّالٍ وَذِي الْحِجَّةِ إِلَّا شَهَادَةَ عَدْلَيْنِ يُقْبَلُ مِثْلُهُمَا فِي الْحُقُوقِ وَإِنْ كَانَ فِي السَّمَاءِ عِلَّةً وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ هَكَذَا حَكَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ فِي الْخِلَافِ اشْتَرَطَ الْعَدَالَةَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَرْأَةَ وَذُكِرَ عَنْهُ فِي المختصر فِي الشَّهَادَةِ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ مسلم

أَوِ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ لَمْ يَشْتَرِطِ الْعَدَالَةَ وَفِي الشَّهَادَةِ عَلَى هِلَالِ شَوَّالٍ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَحَكَى الْمُزَنِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِنْ شَهِدَ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ رَجُلٌ عَدْلٌ (وَاحِدٌ) (أ) رَأَيْتُ أَنْ أَقْبَلَهُ لِلْأَثَرِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ وَالِاحْتِيَاطُ وَالْقِيَاسُ أَلَّا يُقْبَلَ إِلَّا شَاهِدَانِ قَالَ وَلَا أَقْبَلُ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ الْفِطْرِ إِلَّا عَدْلَيْنِ وَقَالَ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَلَا يُصَامُ رَمَضَانُ وَلَا يُفْطَرُ مِنْهُ بِأَقَلِّ مِنْ شَاهِدَيْنِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ صَامَ فَإِنْ كَانَ عَدْلًا صُوِّمَ النَّاسُ بِقَوْلِهِ وَلَا يُفْطَرُ إِلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَلَا يُفْطِرُ إِذَا رَآهُ وَحْدَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ أَنَّهُ يَصُومُ لِأَنَّهُ مُتَعَبِّدٌ بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ إِلَّا شُذُوذٌ لَا يُشْتَغَلُ بِهِ وَمَنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ أَفْطَرَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ لِلتُّهْمَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ وَمِثْلُهُ قَوْلُ اللَّيْثِ وَأَحْمَدَ لَا يُفْطِرُ مَنْ رَآهُ وَحْدَهُ وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ أَنْ يُخْفِيَ

فِطْرَهُ وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ فَأَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مَعَ الْقَضَاءِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْأَكْلِ فَإِنْ وَطِئَ كَفَرَ عِنْدَهُ وَكَانَ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ يَقُولَانِ لَا يَصُومُ أَحَدٌ إِلَّا مَعَ جَمَاعَةِ النَّاسِ وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ يَفْعَلُ النَّاسُ مَا يَفْعَلُ إِمَامُهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَوْ أَخْطَأَتِ الْهِلَالَ فِي ذِي الْحِجَّةِ فَوَقَفَتْ بِعَرَفَةَ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ إِنْ ذَلِكَ يُجْزِئُهَا فَكَذَلِكَ الْفِطْرُ وَالْأَضْحَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحُكْمِ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ أَهْلُ بَلَدٍ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْبُلْدَانِ فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ قَالُوا لِكُلِّ أَهْلِ بَلَدٍ رُؤْيَتُهُمْ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن بكر بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى

ابن إسماعيل قال حدثنا إسمعيل بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي كُرَيْبٍ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بنت الحرث بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ قَالَ فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا فَاسْتَهَلَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ فَرَأَيْنَا الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَسَأَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ فَقَالَ مَتَى رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ قَالَ قُلْتُ رَأَيْتُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ قَالَ أَنْتَ رَأَيْتُهُ قُلْتُ نَعَمْ وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ قَالَ لَكِنْ رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَوْ نَرَاهُ قُلْتُ (وَلَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ (1) قَالَ لَا هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ رُوِيَ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالُوا إِذَا ثَبَتَ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّ أَهْلَ بَلَدٍ رَأَوْهُ فَعَلَيْهِمْ قَضَاءُ مَا أَفْطَرُوا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَا رُوِيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَدَنِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ الرُّؤْيَةَ لَا تَلْزَمُ غَيْرَ الْبَلَدِ الَّذِي حَصَلَتْ فِيهِ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَّا مَعَ اخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ فَلَا إِلَّا فِي الْبَلَدِ بِعَيْنِهِ وَعَمَلُهُ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ وَقَدْ لَخَّصْنَا مَذَاهِبَهُمْ فِي ذَلِكَ فِي الكتاب الكافي

قَالَ أَبُو عُمَرَ إِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَذْهَبُ لِأَنَّ فِيهِ أَثَرًا مَرْفُوعًا وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ تَلزَمُ بِهِ الْحُجَّةُ وَهُوَ قَوْلُ صَاحِبٍ كَبِيرٍ لا مخالف له (من الصحابة) (ب) وَقَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ وَمَعَ هَذَا إِنَّ النَّظَرَ يَدُلُّ عَلَيْهِ عِنْدِي لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُكَلَّفُونَ عِلْمَ مَا غَابَ عَنْهُمْ فِي غَيْرِ بَلَدِهِمْ وَلَوْ كُلِّفُوا ذَلِكَ لَضَاقَ عَلَيْهِمْ أرأيت لو ريء بِمَكَّةَ أَوْ بِخُرَاسَانَ هِلَالُ رَمَضَانَ أَعْوَامًا بِغَيْرِ مَا كَانَ بِالْأَنْدَلُسِ ثُمَّ ثَبَتَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ عِنْدَ أَهْلِ الْأَنْدَلُسِ أَوْ عِنْدَ بَعْضِهِمْ أَوْ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَكَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ وَهُوَ قَدْ صَامَ بِرُؤْيَةٍ وَأَفْطَرَ بِرُؤْيَةٍ أَوْ بِكَمَالِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا كَمَا أُمِرَ وَمَنْ عَمِلَ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِمَّا أُمِرَ بِهِ فَقَدْ قَضَى اللَّهُ عَنْهُ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدِي صَحِيحٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ مُمَهَّدًا فِي الْهِلَالِ يُرَى قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ أن الهلال من شوال ريء بِمَوْضِعِ اسْتِهْلَالِهِ لَيْلًا وَكَانَ ثُبُوتُ ذَلِكَ وَقَدْ مَضَى مِنَ النَّهَارِ بَعْضُهُ أَنَّ النَّاسَ يُفْطِرُونَ ساعة

جَاءَهُمُ الْخَبَرُ الثَّبَتُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ صَلُّوا الْعِيدَ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَفْطَرُوا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ حِينَئِذٍ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لا تصلى صلاة العيد في غير يَوْمَ الْعِيدِ لَا فِطْرَ وَلَا أَضْحَى وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ إِذَا لَمْ تُصَلَّ فِي يَوْمِ الْعِيدِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ لَمْ تُصَلَّ بَعْدُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُصَلِّي بِهِمْ مِنَ الْغَدِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوَالِ وَلَوْ كَانَ فِي الْأَضْحَى صَلَّى بِهِمْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يَخْرُجُونَ فِي الْفِطْرِ مِنَ الْغَدِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الْغَدِ فِي الْفِطْرِ وَيَخْرُجُونَ فِي الْأَضْحَى وَقَالَ اللَّيْثُ يَخْرُجُونَ فِي الْفِطَرِ وَالْأَضْحَى مِنَ الْغَدِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا لَمْ تَثْبُتِ الشَّهَادَةُ فِي الْفِطْرِ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ تُصَلَّ صَلَاةُ الْعِيدِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَا مِنَ الْغَدِ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ ذَهَبَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى الْخُرُوجِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنَ الْغَدِ فَحُجَّتُهُ حَدِيثُ أَبِي بِشْرٍ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ أَنَّ أَبَا عُمَيْرِ بْنَ أَنَسٍ حَدَّثَهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمُومَةٌ لِي مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا أُغْمِي عَلَيْنَا هِلَالُ شَوَّالٍ فَأَصْبَحْنَا صِيَامًا فَجَاءَ رَكْبٌ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ فَأَمَرَ النَّبِيُّ

عَلَيْهِ السَّلَامُ النَّاسَ بِأَنْ يُفْطِرُوا مِنْ يَوْمِهِمْ وَأَنْ يَخْرُجُوا لِعِيدِهِمْ مِنَ الْغَدِ وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَجِيءُ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ انْفَرَدَ بِهِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ أَبُو بِشْرٍ وَهُوَ ثِقَةٌ وَاسِطِيٌّ رَوَى عَنْهُ أَيُّوبُ وَالْأَعْمَشُ وَشُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَمَّا أَبُو عُمَيْرِ بْنُ أَنَسٍ فَيُقَالُ إِنَّهُ ابْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ أَبِي بِشْرٍ وَمَنْ كَانَ هَكَذَا فَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ لَا تُصَلَّى يَوْمَ الْعِيدِ بَعْدَ الزَّوَالِ فَأَحْرَى أَنْ لَا تُصَلَّى فِي يَوْمٍ آخَرَ قِيَاسًا وَنَظَرًا إِلَّا أَنْ يَصِحَّ بِخِلَافِهِ خَبَرٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

حديث حاد وأربعون

حَدِيثٌ حَادٍ وَأَرْبَعُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْوِصَالِ قَالُوا فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْوِصَالِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوِصَالِ رِفْقًا مِنْهُ بِأُمَّتِهِ وَرَحْمَةً بِهِمْ فَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْوِصَالِ فَلَا حَرَجَ لِأَنَّهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ كان

يُوَاصِلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثَلَاثًا فَقِيلَ لَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ وَمَنْ يَقْوَى يُوَاصِلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَوْمَهُ وَلَيْلَهُ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ مَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قال محمد بن معوية وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن عائشة قالت نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوِصَالِ رَحْمَةً قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُوَاصِلُ قَالَ إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ لَا يَكْرَهَانِ أَنْ يُوَاصَلَ من سحر إلى سحر لا غير وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا أَيْضًا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ بَكْرَ بْنَ مُضَرَ حَدَّثَهُمْ عَنِ ابْنِ الْهَادِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تُوَاصِلُوا فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ قَالُوا فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ قَالَ إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنَّ لِي مُطْعِمًا يُطْعِمُنِي وَسَاقِيًا يَسْقِينِي

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَا حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحٌ قَالَ أَخْبَرَنَا ابن شهاب عن أبي سملة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْوِصَالِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوَاصِلُ فَقَالَ لَسْتُمْ مَثَلِي إِنِّي أَبِيتُ فَيُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَالَ فَقَالَ لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَادَ كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ وَأَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَبِهَذِهِ الْآثَارِ وَشِبْهِهَا يَحْتَجُّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْوِصَالِ إِنَّمَا كَانَ رَحْمَةً بِهِمْ وَشَفَقَةً عَلَيْهِمْ وَرِفْقًا وَكَرِهَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْآثَارِ الْوِصَالَ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ وَلِغَيْرِهِ وَلَمْ يُجِيزُوا الْوِصَالَ لِأَحَدٍ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ مَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصَلَ فِي رَمَضَانَ فَوَاصَلَ النَّاسُ فَنَهَاهُمْ عَنِ الْوِصَالِ فَقَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ قَالَ إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ إِنِّي أطعم

وَأُسْقَى فَقَدْ نَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوِصَالِ وَثَبَتَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَانْتَهُوا عَنْهُ وَإِذَا أَمَرَتْكُمْ بِشَيْءٍ فَخُذُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَحَقِيقَةُ النَّهْيِ الزَّجْرُ وَالْمَنْعُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سُئِلَ سَعِيدٌ عَنِ الْوِصَالِ فَأَخْبَرَنَا عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال (ألا) (أ) لَا تُوَاصِلُوا فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ تُوَاصِلُ فَقَالَ إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ إِنَّ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَيْضًا مَنْ نَهَى عَنِ الْوِصَالِ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن زهير ومحمد بن إسمعيل قَالَا حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ من ههنا وأدبر النهار من ههنا وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ قَالُوا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوِصَالَ للنبي

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُصُوصٌ وَأَنَّ الْوَاصِلَ لَا يَنْتَفِعُ بِوِصَالِهِ لِأَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ بِمَوْضِعٍ لِلصِّيَامِ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَشِبْهِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلُهُ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَإِلَى هُنَا غَايَةٌ لَا تُتَجَاوَزُ هَذَا مَا نَزَعَ بِهِ مَنِ احْتَجَّ لِمَذْهَبِنَا فِي ذَلِكَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ عِنْدِي نَظَرٌ وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُوَاصِلَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

حديث ثان وأربعون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَأَرْبَعُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعْنًى وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَزَادَ قَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ وَلَا عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ حَدِيثًا شَدِيدًا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ

وَرَوَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ وَلَا بِالْأَنْدَادِ وَلَا تَحْلِفُوا إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ إِلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُ وَالْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا فِي حُكْمِ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنِ احتج محتج بحديث يروى عن إسمعيل بْنَ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ ابن أَبِي عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ النَّجْدِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ قِيلَ لَهُ هَذِهِ لَفْظَةٌ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ مَنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ لَمْ يَقُولُوا ذلك فيه وقد روي عن إسمعيل بْنَ جَعْفَرٍ هَذَا الْحَدِيثُ وَفِيهِ أَفْلَحَ وَاللَّهِ إِنْ صَدَقَ أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَاللَّهِ إِنْ صَدَقَ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى وَأَبِيهِ لِأَنَّهَا لَفْظَةٌ مُنْكِرَةٌ تَرُدُّهَا الْآثَارُ الصِّحَاحُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ بِغَيْرِ اللَّهِ مَكْرُوهَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهَا لِأَحَدٍ وَاخْتَلَفُوا في الكفارة

هَلْ تَجِبُ عَلَى مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَحَنِثَ فَأَوْجَبَهَا بَعْضُهُمْ فِي أَشْيَاءَ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَأَبَى بَعْضُهُمْ مِنْ إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ بِغَيْرِ اللَّهِ وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فليس بيمين عند (أهل) (أ) التَّحْصِيلِ وَالنَّظَرِ وَإِنَّمَا هُوَ طَلَاقٌ بِصِفَةٍ أَوْ عتق بصفة إذا أوقعه موقع وَقَعَ عَلَى حَسْبَمَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ كُلٌّ عَلَى أَصْلِهِ وَقَوْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ الْأَيْمَانُ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ إِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى الِاتِّسَاعِ وَالْمَجَازِ وَالتَّقْرِيبِ وَأَمَّا الْحَقِيقَةُ فَإِنَّمَا هُوَ طَلَاقٌ عَلَى صِفَةٍ مَا وَعِتْقٌ عَلَى صِفَةٍ وَلَا يَمِينَ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا مَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَالَّذِي يَلْزَمُ مِنْهُ مَا قَصَدَ بِهِ فَاعِلَهُ إِلَى الْبِرِّ وَالْقُرْبَةِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهَذَا بَابٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَسَنَذْكُرُ مَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالِاعْتِلَالِ فِي بَابِ عُثْمَانَ بْنِ حَفْصِ بْنِ خَلْدَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ قِصَّةِ أَبِي لُبَابَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَذْكُرُ وُجُوهَ الْأَيْمَانِ وَتَقْسِيمَهَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَاللَّغْوَ مِنْهَا وَغَيْرَ اللَّغْوِ وَأَحْكَامَ كَفَّارَتِهَا فِي بَابِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا (أيضا) (د) إن شاء الله ونذكر (هـ) ههنا مَعَانِيَ الْأَيْمَانِ بِاللَّهِ عَزَّ

وَجَلَّ خَاصَّةً لِأَنَّ الْغَرَضَ مِمَّا فِي كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ كِتَابِنَا هَذَا أَنْ يَتَّسِعَ الْقَوْلُ فِي أُصُولِهِ وَنُوَضِّحُهَا وَنَبْسُطُهَا وَنُلَوِّحُ مِنْ فُرُوعِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ فِيهِ إِذِ الْفُرُوعُ لَا تُحْصَى وَلَا تُضْبَطُ إِلَّا بِضَبْطِ الْأُصُولِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ فَالَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ أَنَّهُ مَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ أَوْ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَحَنِثَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى مَا وَصَفَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ حُكْمِ الْكَفَّارَةِ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْفُرُوعِ وَلَيْسُوا فِي هَذَا الْبَابِ بِخِلَافٍ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ تَصْرِيحَ الْيَمِينِ بِاللَّهِ هُوَ قَوْلُ الْحَالِفِ بِاللَّهِ أَوْ وَاللَّهِ أَوْ تَاللَّهَ وَاخْتَلَفُوا فِيْمَنْ قَالَ وَاللَّهِ وَاللَّهِ وَاللَّهِ أَوْ وَاللَّهِ وَالرَّحْمَنِ أَوْ وَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ أَوْ وَاللَّهِ والرحيم الرحمان فَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْبَتِّيِّ أَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ أَبَدًا إِذَا كَرَّرَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ اسْتِثْنَاءَ يَمِينٍ فَيَكُونَ كَذَلِكَ وَسَوَاءٌ كان

ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ مَجَالِسَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ التَّكْرَارَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا قال والله والرحمان فَهُمَا يَمِينَانِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْيَمِينَ الْأُولَى فَتَكُونَ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ وَاللَّهِ الرَّحْمَنِ كَانَتْ يَمِينًا وَاحِدَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ قَالَ وَاللَّهِ الْعَظِيمِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَنَحْوَ هَذَا مِنْ صِفَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا إِذَا أَدْخَلَ الواو وقال زفر إذا قال والله الرحمان كَانَتْ يَمِينًا وَاحِدَةً وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ حَلَفَ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ التَّكْرَارَ فَهِيَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَأَرَادَ التَّغْلِيظَ فَهُمَا يَمِينَانِ وَإِنْ حَلَفَ فِي مَجْلِسَيْنِ فَهُمَا يَمِينَانِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ هِيَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي مَجَالِسَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ يَمِينًا أُخْرَى وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إن قال والله لا أعلم (فلانا) (ب) وَاللَّهَ وَاللَّهَ لَا أُكَلِّمُ فَلَانًا فَيَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ قَالَ وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فَلَانًا ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فَلَانًا فَيَمِينَانِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ بِأَيْمَانٍ كَثِيرَةٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ فَحَنِثَ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ

وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إِذَا أَقْسَمَ بِاللَّهِ أَنَّهَا يَمِينٌ وَاخْتَلَفُوا فِيْمَنْ قَالَ أُقْسِمُ أَوْ أَشْهَدُ أَوْ أَعْزِمُ أَوْ أَحْلِفُ وَلَمْ يَقُلْ بِاللَّهِ وَلَكِنَّهُ أَرَادَ بِاللَّهِ فَقَالَ مَالِكٌ كُلُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ يَمِينٌ إِذَا أَرَادَ بِاللَّهِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِاللَّهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا بِيَمِينٍ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ ضَعَّفَ أَعْزِمُ بِاللَّهِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ يَمِينًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْيَمِينَ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَانَةِ كَأَنَّهُ يَقُولُ أَسْتَعِينُ بِاللَّهِ أَوْ بِحَوْلِ اللَّهِ وَهَذَا لَيْسَ بِيَمِينٍ عِنْدِ أَحَدٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أُقْسِمُ بِاللَّهِ أَوْ أَقْسَمْتُ بِاللَّهِ أَوْ أَشْهَدُ بِاللَّهِ أَوْ أَعْزِمُ بِاللَّهِ يَمِينٌ إِذَا أَرَادَ بِهَا الْيَمِينَ وَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ إِنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا يَمِينًا وَلَيْسَ أُقْسِمُ وَأَشْهَدُ وَأَحْلِفُ يَمِينًا إِذَا لَمْ يَقُلْ بِاللَّهِ هَذِهِ رِوَايَةُ الْمُزَنِيِّ عَنْهُ وَرَوَى عَنْهُ الرَّبِيعُ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ إِذَا قَالَ أُقْسِمُ أَوْ أَشْهَدُ أَوْ أَعْزِمُ فَهُوَ يَمِينٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِاللَّهِ إِذَا أَرَادَ بِاللَّهِ وَأَرَادَ بِهِ الْيَمِينَ قَالَ الرَّبِيعُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ قَالَ أَحْلِفُ بِاللَّهِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْيَمِينَ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ سَأَحْلِفُ بِاللَّهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أُقْسِمُ وَأَشْهَدُ وَأَعْزِمُ وَأَحْلِفُ كُلُّهَا أَيْمَانٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِاللَّهِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَقَوْلُ الْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ وَاخْتَلَفُوا فِيْمَنْ حَلَفَ بِحَقِّ اللَّهِ أَوْ بِعَهْدِ اللَّهِ أَوْ مِيثَاقِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ حَلَفَ بِحَقِّ اللَّهِ فَهِيَ يَمِينٌ قَالَ

وَكَذَلِكَ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَكَفَالَتُهُ وَعِزَّتُهُ وَقُدْرَتُهُ وَسُلَطَانُهُ وَجَمِيعُ صِفَاتِ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ هِيَ أَيْمَانٌ كُلُّهَا فِيهَا الْكَفَّارَةُ وَكَذَلِكَ لَعَمْرُ اللَّهِ وَايْمُ اللَّهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي وَحَقِّ اللَّهِ وَجَلَالِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ يَمِينٌ إِنْ نَوَى بِهَا الْيَمِينَ وَإِنْ لَمْ يُرِدِ الْيَمِينَ فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ وَحَقُّ اللَّهِ وَاجِبٌ وَقُدْرَةُ اللَّهِ مَاضِيَةٌ وَقَالَ فِي أَمَانَةُ اللَّهِ لَيْسَتْ بِيَمِينٍ وَفِي لِعَمْرُ اللَّهِ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا الْيَمِينَ فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَنْ قَالَ لَعَمْرُ اللَّهِ وَايْمُ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا ثُمَّ حَنِثَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ قَالَ وَحَقِّ اللَّهِ فَهِيَ يَمِينٌ فِيهَا كَفَّارَةٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَيْسَتْ بِيَمِينٍ وَلَا فِيهَا كَفَّارَةٌ وَقَالَ الرَّازِيُّ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا مِثْلُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَيْسَتْ بِيَمِينٍ وَكَذَلِكَ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَأَمَانَتُهُ لَيْسَتْ بِيَمِينٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ هِيَ الْأَيْمَانُ وَالشَّرَائِعُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ هِيَ يَمِينٌ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَيْسَتْ بِيَمِينٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ فَحَنِثَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِحَقِّ الْقُرْآنِ فَحَنِثَ لَزِمَتْهُ بِكُلِّ آيَةٍ كَفَّارَةٌ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جَائِزٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ بِغَيْرِ اللَّهِ مِنَ الطلاق والعتق

وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَهُوَ الْحَقُّ وَإِنَّمَا وَرَدَ التَّوْقِيفُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عيينة عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدِ اسْتَثْنَى وَأَيُّوبُ هَذَا هُوَ أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى القرشي الْأُمَوِيُّ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيُّوبُ السِّجِسْتَانِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَمُسَدَّدٌ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَلَفَ فَاسْتَثْنَى فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم من حلف فَقَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَنْ قَالَ وَاللَّهِ ثُمَّ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمِ بْنِ خَلِيلٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سَيَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حَنِثَ عَلَيْهِ جَعَلَهُ مَالِكٌ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إِنْ كَانَ فِي نَسَقِ الْكَلَامِ دُونَ انْقِطَاعٍ بَيِّنٍ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ أَنَّهُ جَائِزٌ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِذَا كَانَ بَعْدَ سُكُوتٍ وَطُولٍ

حديث ثالث واربعون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَأَرْبَعُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ هَذَا أَصَحِّ حَدِيثٍ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ وَالْمِجَنُّ التُّرْسُ وَالدَّرْقُ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ يَسْتَغْنِي عَنِ التَّفْسِيرِ وَالَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ مَالِكٌ وَجَعَلَهُ أَصْلًا يَرُدُّ إِلَيْهِ قِيمَةَ الْعُرُوضِ الْمَسْرُوقَةِ كُلِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ هَذَا الْحَدِيثُ فَمَنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَحُلُّ تَمَلُّكُهَا إِذَا كَانَ لَهَا مَالِكٌ وَكَانَتْ فِي حِرْزٍ فَسَرَقَ السَّارِقُ شَيْئًا مِنْهَا وَأَخْرَجَهُ عَنْ حِرْزِهِ وَبَانَ بِهِ وَبَلَغَ فِي قِيمَتِهِ عِنْدَ التَّقْوِيمِ فِي حِينِ السَّرِقَةِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ كَيْلًا مِنْ وَرِقٍ طَيِّبَةٍ لَا دُلْسَةَ فِيهَا وَجَبَ قَطْعُ يَدِ السَّارِقِ لِذَلِكَ كَانَ حُرًّا أَوْ

عَبْدًا شَرِيفًا كَانَ أَوْ وَضِيعًا إِذَا كَانَ بَالِغًا مُكَلَّفًا تَجْرِي عَلَيْهِ الْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ وَلَمْ يَكُنْ عَبْدًا سَرَقَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ وَلَا خَائِنًا فِيمَا اؤْتُمِنَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ عَنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ لَمْ يَجِبْ قَطْعُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ وَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ أَنْ يُؤَدِّبَهُ بِالدِّرَّةِ أَوْ بِالسَّوْطِ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ أَدَّبَهُ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ ذَهَبًا عَيْنًا أَوْ تِبْرًا مَصُوغًا أَوْ غَيْرَ مَصُوغٍ لَمْ يُنْظَرْ فِيهِ إِلَى قِيمَةِ الثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَرُوعِيَ فِيهِ رُبْعُ دِينَارٍ وَاعْتُبِرَ ذَلِكَ فَإِنْ بَلَغَ رُبْعَ دِينَارٍ وَزْنًا قَطِعُ يَدُ سَارِقِهِ عَلَى الشُّرُوطِ الَّتِي وَصَفْنَا وَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ فِضَّةً اعْتُبِرَ فِيهِ وَزْنُ الثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ الْمَذْكُورَةِ فَإِنْ بَلَغَ ذَلِكَ الْوَزْنَ فَفِيهِ الْقَطْعُ وَمَا عَدَا الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ فَالِاعْتِبَارُ فِي تَقْوِيمِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ لِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ الْمَذْكُورَةِ دُونَ مُرَاعَاةِ رُبْعِ دِينَارٍ فَقِفْ عَلَى هَذَا وَافْهَمْهُ وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَتَقْوِيمِ الْعُرُوضِ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً لَا يُخَالِفُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ إِنْ سَرَقَ مِنَ الذَّهَبِ رُبْعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا قُطِعَتْ يَدُهُ وَإِنْ سَرَقَ مِنَ الدَّرَاهِمِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا قُطِعَتْ يَدُهُ وَإِنْ سَرَقَ عَرَضًا قُوِّمَ فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَتْ يَدُهُ وَهَذَا وَقَوْلُ مَالِكٍ سَوَاءٌ وَالْحُجَّةُ لِمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ

قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عمر أن رجلا سرق حجفة فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهَا فَقُوِّمَتْ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَقَطَعَهُ وَقَالَ ابن جريج أخبرنا إسمعيل بْنُ أُمَيَّةَ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ سَرَقَ تُرْسًا مِنْ صَنْعَةِ النِّسَاءِ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وقال أيوب وعبيد الله (وعبد الله) (ج) ابْنَا عُمَرَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثمن ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَالْمَعْنَى كُلُّهُ واحد (هـ) لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ لِأَنَّ التُّرْسَ وَالْحَجْفَةَ وَالْمِجَنَّ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهِيَ أَسْمَاءٌ مُخْتَلِفَةٌ لِمَعْنًى وَاحِدٍ وَأَمَّا حَدِيثُ الرُّبْعُ دِينَارٍ فَحَدَّثْنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسمعيل قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَرْبَعَةٌ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ لم يرفعوه عبد الله

ابن أَبِي بَكْرٍ وَرُزَيْقُ بْنُ حَكِيمٍ الْأَيْلِيُّ وَعَبْدُ ربه ابن سَعِيدٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ يَحْيَى مَا دَلَّ عَلَى الرَّفْعِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا نَسِيتُ وَلَا طَالَ عَلَيَّ الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا قَالَ وَحَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ وَكَانَ أَحْفَظُهُمْ قَالَ أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْهَا تَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يقطع في ربع دينار فصاعدا فَرَفَعَهُ الزُّهْرِيُّ وَهُوَ أَحْفَظُهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَفْعُ هَذَا الْحَدِيثِ صَحِيحٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شهاب وغيره وسنذكر طرقه فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ حَدِيثٌ مَدَنِيٌّ ثَابِتٌ لَا مَدْفَعَ فِيهِ أَيْضًا وَلَا مَطْعَنَ لأحد وعليه عول ملك وأهل المدينة والشافعي وفقهاء الحجاز وَجَمَاعَةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فِيمَنْ سَرَقَ رُبْعَ دِينَارٍ ذَهَبًا أَنَّهُ يُقْطَعُ لَكِنَّ الشَّافِعِيَّ جَعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ أَصْلًا رَدَّ إِلَيْهِ تَقْوِيمَ الْعُرُوضِ فَمَنْ سرق عنده من ذهب تبر أو عين ربع دينار فصاعدا عَلَى مَا ذَكَرْنَا

مِنْ شُرُوطِ السَّرِقَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَمَنْ سَرَقَ فِضَّةً وَزْنَ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ كَيْلًا فَعَلَيْهِ أَيْضًا الْقَطْعُ إِذَا كَانَتْ رُبْعَ دِينَارٍ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ دَرَاهِمَ الَّتِي قُوِّمَ بِهَا الْمِجَنُّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَقَوَّمَ بِهَا عُثْمَانُ إِلَّا تَرِيجَةً كَانَتْ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَنْ صَرَفَ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ وَمَنْ سَرَقَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ شَيْئًا مِنَ الْعُرُوضِ قُوِّمَ بِالرُّبْعِ دِينَارٍ لَا بِالثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ عَلَى غَلَاءِ الذَّهَبِ وَرُخْصِهِ فَإِنْ بَلَغَ الْعَرْضُ الْمَسْرُوقُ رُبْعَ دِينَارٍ بِالتَّقْوِيمِ قُطِعَ سَارِقُهُ وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ لَا تُقْطَعُ الْيَدُ فِي أَقَلِّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ عَيْنًا مِنَ الذَّهَبِ أَوْ قِيمَةِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَالَ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي تَقْوِيمِ الْمِجَنِّ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ دَرَاهِمَ كَانَتْ يَوْمَئِذٍ قِيمَةَ رُبْعِ دِينَارٍ لِأَنَّ الدِّيَةَ كَانَتْ تُقَوَّمُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِدِينَارٍ قَالَ فَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ خِلَافٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الرُّبْعِ دِينَارٍ وَلَوْ خَالَفَهُ كَانَتِ الْحُجَّةُ فِيمَا رَوَتْهُ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْقَطْعُ في ربع دينار فصاعدا وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال اقطعوا اليد في ثلاثة دراهم فصاعدا وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ قيمة المجن

كَانَتْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ يَوْمَئِذٍ فَاحْتَمَلَ مَا ذَكَرْنَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ يَعْنِي كَيْلًا أَوْ دِينَارٍ ذَهَبًا عَيْنًا أَوْ وَزْنًا وَلَا يُقْطَعُ حَتَّى يَخْرُجَ بِالْمَتَاعِ مَنْ مِلْكَ الرَّجُلِ وَحَجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قِيمَةُ الْمِجَنِّ الَّذِي قَطَعَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَوْمٌ الْمِجَنُّ الَّذِي قَطَعَ فِيهِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ وَقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ وَعَبْدُ الْأَعْلَى قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ فَرَوَى ابْنُ عُمَرَ مَا وَصَفْنَا وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَا ذَكَرْنَا وَكَذَلِكَ رَوَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ثَمَنَهُ كَانَ دِينَارًا أَوْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ هَكَذَا وَرُوِيَ أَنَّ ثَمَنَهُ كَانَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا وَخَالَفَ شُعْبَةُ سَعِيدًا فَرَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ سَرَقَ رَجُلٌ مِجَنًّا عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ فَقُوِّمَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَقُطِعَ وَهَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ سَعِيدٍ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسَانِيدِ الَّتِي وَرَدَتْ بِذِكْرِ الْمِجَنِّ أَصَحُّ مِنْ إِسْنَادِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ وَكَانَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولَانِ تُقْطَعُ الْيَدُ فِي خَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا ذَهَبَا إِلَى حَدِيثٍ يَرْوِيهِ الثَّوْرِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عَزَّةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي قِيمَةِ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَالشَّعْبِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَهُمْ ضَعِيفٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَإِنَّمَا مَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي التَّقْوِيمِ إِلَى حَدِيثِ الرُّبْعِ دِينَارٍ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ مَدَنِيٌّ صَحِيحٌ رَوَاهُ جَمَاعَةُ الْأَئِمَّةِ بِالْمَدِينَةِ وَتَرَكَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ لِمَا رَآهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنِ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي الْمِجَنِّ الَّذِي قَطَعَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن عمر يَقُولُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَقُولَانِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَغَيْرُهُمْ يَقُولُ مَا وَصَفْنَا وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الرُّبْعِ

دِينَارٍ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ إِلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ وَقَفَهُ وَرَفَعَهُ مَنْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ لِحِفْظِهِ وَعَدَالَتِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْطَعُ فِي رُبْعِ دينار فصاعدا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَابْنُ مُسَافِرٍ وَسَائِرُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ مُتَّصِلًا مَرْفُوعًا وَحَسْبُكَ بِابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ مِنْ مَفْصِلِ الْكُوعِ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى فِي أَوَّلِ سَرِقَتِهِ وَتُحْسَمُ بِالنَّارِ إِنْ خُشِيَ عَلَيْهِ التَّلَفُ ثُمَّ إِنْ عَادَ فَسَرَقَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مِنَ الْمَفْصِلِ تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ إِنْ عَادَ فَسَرَقَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مِنَ الْمَفْصِلِ تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ إِنْ عَادَ فَسَرَقَ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ إِنْ عَادَ ضُرِبَ عَشَرَةَ

أَسْوَاطٍ أَوْ أَقَلَّ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ اجْتِهَادًا لِذَنْبِهِ وَرَدْعًا لِلسَّاقِ ثُمَّ حَبَسَهُ وَعَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي قَطْعِ الْيَدِ ثُمَّ الرِّجْلِ ثُمَّ الْيَدِ ثُمَّ الرِّجْلِ عَلَى مَا وَصَفْنَا مَذْهَبُ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرُ وَهُوَ عَمَلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا وَشَذَّ قَوْمٌ عَنِ الْجُمْهُورِ فَلَمْ يَرَوْا قَطْعَ رِجْلِ السَّارِقِ وَلَمْ نُعِدْهُ خِلَافًا فَتَرَكْنَاهُمْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ رَبِيعَةَ وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ دَاوُدَ وَأَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ السَّرِقَةَ إِذَا وَجَدَهَا صَاحِبُهَا بِعَيْنِهَا بِيَدِ السَّارِقِ قَبْلَ أَنْ يُقْطَعَ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ أَخَذَهَا وَإِنَّهَا مَالُهُ لَا يُزِيلُ مِلْكَهَا عَنْهُ قَطْعُ يَدِ السَّارِقِ وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْغُرْمِ عَلَى السَّارِقِ إِذَا قُطِعَ وَفَاتَتِ السَّرِقَةُ عِنْدَهُ فَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ إِذَا قُطِعَ السَّارِقُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ وَحَجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ حَدِيثُ الْمِسْوَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ عَنِ الْمِسْوَرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أُقِيمَ عَلَى السَّارِقِ الْحَدُّ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ وَقَدْ قَالَ الطَّبَرِيُّ الْقِيَاسُ أَنَّ عَلَيْهِ غُرْمَ مَا اسْتَهْلَكَ وَلَكِنْ تَرْكَنَا ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِلْأَثَرِ فِي ذَلِكَ يَعْنِي الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ

قال أبو عمر ترك القياس لضعف الأثر غير جَائِزٌ لِأَنَّ الضَّعْفَ لَا يُوجِبُ حُكْمًا وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا غُرِّمَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يُتْبَعْ بِهِ دَيْنًا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَيُرْوَى مِثْلُ ذَلِكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ يُغَرَّمُ السَّارِقُ قِيمَةَ السَّرِقَةِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَتَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ مَتَى أَيْسَرَ أَدَّاهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أُغَرِّمَ السَّارِقَ مَا سَرَقَ قُطِعَ أَوْ لَمْ يُقْطَعْ وَكَذَلِكَ إِذَا قَطَعَ الطَّرِيقَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا يُسْقِطُ حَدَّ اللَّهِ غُرْمُ مَا أَتْلَفَ لِلْعِبَادِ

حديث رابع وثمانون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَأَرْبَعُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ الْيَهُودَ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا أَنَّ رَجُلًا منهم وامرأة زنيا فقال هلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ ثُمَّ قَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَقَالُوا صَدَقَ يَا محمد فيها آية الرجم (هـ) فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عِنْدَ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ وَكَذَلِكَ قَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ بِالْحَاءِ وَقَدْ قِيلَ عَنْ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجْنِي بِالْجِيمِ وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ يُجَافِي عَنْهَا بِيَدِهِ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ يُجَافِي بِيَدِهِ وَالصَّوَابُ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ يَجْنَأُ عَنِ الْمَرْأَةِ بِالْهَمْزِ أَيْ يَمِيلُ عَلَيْهَا يقال منه جنأ يجنأ جنئا وَجُنُوءًا إِذَا مَالَ وَالْأَجْنَأُ الْمُنْحَنِي وَيَجْنَأُ وَيَتَجَنَّى بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنِ الْفِقْهِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَنْ كِتَابِهِمْ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّوْرَاةَ صَحِيحَةٌ بِأَيْدِيهِمْ وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا سَأَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَنْهَا) (ب) وَلَا دَعَا بِهَا وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَ الَّذِينَ كَانُوا يَكْتُبُونَهُ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هِيَ كُتُبُ أَحْبَارِهِمْ وَفُقَهَائِهِمْ وَرُهْبَانِهِمْ كَانُوا يَصْنَعُونَ لَهُمْ كُتُبًا مِنْ آرَائِهِمْ وَأَهْوَائِهِمْ وَيُضِيفُونَهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِهَذَا وَشِبْهِهِ مِنْ إِشْكَالِ أَمْرِهِمْ نُهِينَا عَنِ التَّصْدِيقِ بِمَا حَدَّثُونَا بِهِ وَعَنِ التَّكْذِيبِ بشيء

مِنْ ذَلِكَ لِئَلَّا نُصَدِّقَ بِبَاطِلٍ أَوْ نُكَذِّبَ بحق وهم قد خلطوا الحق بالباطل وَمَنْ صَحَّ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ التَّوْرَاةِ بِنَقْلٍ مِثْلُ ابْنِ سَلَامٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا جَازَ لَهُ أَنْ يَقْرَأَهُ وَيَعْمَلَ بِمَا فِيهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِمَا فِي شَرِيعَتِنَا مِنْ كِتَابِنَا وَسُنَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ قَالَ لِكَعْبِ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهَا التَّوْرَاةُ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بِطُورِ سَيْنَاءَ فَاقْرَأْهَا آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَقَدْ أَفْرَدَنَا لِهَذَا الْمَعْنَى بَابًا فِي كَرَاهِيَةِ مُطَالَعَةِ كُتُبِ أَهْلِ الكتاب (ذكرناه في آخر) (أ) كِتَابِ الْعِلْمِ يَشْفِي النَّاظِرَ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْذِبُونَ عَلَى تَوْرَاتِهِمْ وَيُضِيفُونَ كَذِبَهُمْ ذَلِكَ إِلَى رَبِّهِمْ وَكِتَابِهِمْ لِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّهُمْ يَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ الزُّنَاةَ يُفْضَحُونَ وَيُجْلَدُونَ مُحْصَنِينَ كَانُوا بِالنِّكَاحِ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنِينَ وَفِي التَّوْرَاةِ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ رَجْمِ الزُّنَاةِ الْمُحْصَنِينَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شَرَائِعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرَائِعُ لَنَا إِلَّا بِمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْخُهُ وَخِلَافُهُ وَإِنَّمَا يَمْنَعُنَا مِنْ مُطَالَعَةِ التَّوْرَاةِ لِأَنَّ الْيَهُودَ الَّذِينَ بِأَيْدِيهِمُ التَّوْرَاةُ غَيْرُ مُؤْتَمَنِينَ عَلَيْهَا إِنَّمَا غَيَّرُوا وَبَدَّلُوا مِنْهَا وَمَنْ عَلِمَ مِنْهَا مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ لِكَعْبِ الْأَحْبَارِ جَازَ لَهُ مُطَالَعَتُهَا

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَا الْيَهُودُ عَلَيْهِ مِنَ الْخُبْثِ وَالْمَكْرِ وَالتَّبْدِيلِ وَفِيهِ إِثْبَاتُ الرَّجْمِ وَالْحُكْمُ بِهِ عَلَى الثَّيِّبِ الزَّانِي وَهُوَ أَمْرٌ أَجْمَعَ أَهْلُ الْحَقِّ وَهُمُ الْجَمَاعَةُ أَهْلُ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ عَلَيْهِ وَلَا يُخَالِفُ فِيهِ مَنْ يَعُدُّهُ أَهْلُ الْعِلْمِ خِلَافًا وَقَدْ ذَكَرْنَا الْمَعْنَى الَّذِي اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَذَلِكَ الْجِلْدُ مَعَ الرَّجْمِ وَجَمْعُهُمَا عَلَى الثَّيِّبِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ شيء من ذلك ههنا وَفِيهِ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ وَسَائِرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا وَرَضُوا بِحُكْمِ حَاكِمِنَا حَكَمَ بَيْنَهُمْ بِمَا فِي شَرِيعَتِنَا كَانَ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِمَا عِنْدَهُمْ أَوْ مُخَالِفًا وَأَنْزَلَهُمْ فِي الْحُكْمِ مَنْزِلَتَنَا وَعَلَى هَذَا عِنْدَنَا كَانَ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّجْمِ عَلَى الْيَهُودِيِّينَ لِأَنَّهُ قَدْ رَجَمَ مَاعِزًا وَغَيْرَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِنَّمَا رَجَمَ مَنْ رَجَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَحُكْمِهِ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى وَلَا يَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِمَا أَرَاهُ اللَّهُ فَوَافَقَ ذَلِكَ مَا فِي التَّوْرَاةِ وَقَدْ كَانَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ عِلْمٌ فَلِذَلِكَ سَأَلَهُمْ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا تَرَافَعُوا إِلَيْنَا فِي خُصُومَاتِهِمْ وَسَائِرِ مَظَالِمِهِمْ وَأَحْكَامِهِمْ هَلْ عَلَيْنَا أَنْ نَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فَرْضًا وَاجِبًا أَمْ نَحْنُ فِي ذَلِكَ مُخَيَّرُونَ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءَ الْحِجَازَ وَالْعِرَاقَ إِنَّ الْإِمَامَ والحاكم مخير

إِنْ شَاءَ حَكَمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ اللَّهِ عَلَيْنَا إِذَا تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمْ إِلَى حَاكِمِهِمْ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَذَكَرَهُ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ وَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ تَرْكَ الْحُكْمِ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَحَبُّ إِلَيْهِ وَيُرَدُّونَ إِلَى أَهْلِ دِينِهِمْ وَإِنْ حَكَمَ بَيْنِهِمْ إِذَا تَحَاكَمُوا إِلَيْهِ حَكَمَ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ نَظَرَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَنْظُرْ وَلَا يَعْرِضُ لَهُمْ فِي تَعَامُلِهِمْ بِالرِّبَا وَلَا فِي فَسَادِ بَيْعٍ وَلَكِنْ مَنِ امْتَنَعَ مِنْهُمْ مِنْ دَفْعِ ثَمَنٍ أَوْ مَثْمُونٍ فِي الْبَيْعِ حَكَمَ بَيْنِهِمْ لِأَنَّ هَذَا مِنَ التَّظَالُمِ قَالَ وَالَّذِينَ حَكَمَ بَيْنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَكُونُوا أَهْلَ ذِمَّةٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إِذَا رَضِيَ الذِّمِّيَّانِ بِحُكْمِهِ أَخْبَرَهُمْ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ فَإِنْ رَضِيَاهُ حَكَمَ وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَا أَهْلَ مِلَّتَيْنِ حَكَمَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَرِهَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا وَقَالَهُ

سَحْنُونُ وَذَكَرَ الْعُتْبِيُّ فِي كِتَابِ السُّلْطَانِ مِنَ الْمُسْتَخْرَجَةِ قَالَ عِيسَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ تَحَاكَمَ أَهْلُ الذِّمَّةِ إِلَى حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ وَرَضِيَا بِهِ جَمِيعًا فَلَا يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ إِلَّا بِرِضًى من أساقفتهم فإن كره ذلك أساقفهم فَلَا يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ وَإِنْ رَضِيَ أَسَاقِفَتُهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَأَبَى ذَلِكَ الْخَصْمَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ لِلْإِمَامِ الْخِيَارُ فِي أَحَدٍ مِنَ الْمُعَاهِدِينَ الَّذِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمُ الْحُكْمُ إِذَا جَاءُوهُ فِي حَدٍّ لِلَّهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَهُ لِقَوْلِ اللَّهِ وَهُمْ صَاغِرُونَ قَالَ الْمُزَنِيُّ هَذَا أَشْبَهُ مِنْ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ لَا يُحَدُّونَ إِذَا جَاءُوا إِلَيْنَا فِي حَدٍّ لِلَّهِ وَأَرْفَعُهُمْ إِلَى أَهْلِ دِينِهِمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَا كَانُوا يَدِينُونَ بِهِ فَلَا يَجُوزُ حُكْمُنَا عَلَيْهِمْ بِإِبْطَالِهِ إِذَا لَمَّ يَرْتَفِعُوا إلينا ولا يكشفوا عما استحلوا مالم يَكُنْ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهِدٍ أَوْ مُسْتَأْمَنِ غَيْرِهِمْ فَإِنْ جَاءَتِ امْرَأَةً مِنْهُمْ تَسْتَعْدِي بِأَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا أَوْ آلَى مِنْهَا حَكَمْتُ عَلَيْهِ حُكْمِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ إِلَى عَلِيٍّ يَسْأَلُهُ عَنْ مُسْلِمٍ زِنَا بِنَصْرَانِيَّةٍ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَقِمِ الْحَدَّ عَلَى الْمُسْلِمِ وَرُدَّ النَّصْرَانِيَّةَ إِلَى أَهْلِ دِينِهَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ وَذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ قَالَ مَضَتْ أَنْ يُرَدُّوا فِي حُقُوقِهِمْ وَدَعَاوِيهِمْ وَمُعَامَلَاتِهِمْ

وَمَوَازِينِهِمْ إِلَى أَهْلِ دِينِهِمْ إِلَّا أَنْ يَأْتُوا رَاغِبِينَ فِي حَدٍّ فَيُحْكَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ بِكِتَابِ الله قال الله عز وجل فإن حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَالَ آخَرُونَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِذَا تَحَاكَمُوا إِلَيْهِ وَزَعَمُوا أَنَّ قَوْلَهُ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ نَاسِخٌ لِلتَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ قَبْلَ هَذَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالسُّدِّيِّ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ إِذَا جَاءَتِ الْمَرْأَةُ وَالزَّوْجُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ فَإِنْ جَاءَتِ الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا وَلَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ لَمْ يَحْكُمْ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ بَلْ يَحْكُمُ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ إِذَا شَكَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الذِّمِّيَّيْنِ وَأَبَى صَاحِبُهُ مِنَ التَّحَاكُمِ بَيْنَهُمَا وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الذِّمِّيِّينَ يَشْكُو أَحَدُهُمَا وَيَأْبَى صَاحِبُهُ مِنَ التَّحَاكُمِ عِنْدَنَا أَنَّا لَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِأَنْ يَتَّفِقَا جَمِيعًا عَلَى الرِّضَا بِحُكْمِنَا فَإِنْ كَانَ ظُلْمًا ظَاهِرًا مُنِعُوا مِنْ أَنْ يَظْلِمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ فِي الذِّمِّيِّ أَوِ الْمَعَاهِدِ أَوِ الْمُسْتَأْمَنِ يَسْرِقُ مَنْ مَالِ ذِمِّيٍّ أَنَّهُ يُقْطَعُ كَمَا يُقْطَعُ لَوْ سَرَقَ مَنْ مَالٍ مُسْلِمٍ لَأَنَّ ذَلِكَ مِنِ الْخِيَانَةِ فَلَا يُقِرُّوا عَلَيْهَا وَلَا عَلَى التلصص

قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ عِنْدِي أَلَّا يَحْكُمَ بِنَسْخِ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا مَا قَامَ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ الَّذِي لَا مَدْفَعَ لَهُ وَلَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا نَاسِخَةً لِلْآيَةِ قَبْلَهَا لِأَنَّهَا يُحْتَمَلُ مَعْنَاهَا أَنْ يَكُونَ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِنْ حَكَمْتَ وَلَا تتبع أهواءهم فتكون الآيتان مستعملتين غير متدافعتين واختلف الفقهاء أيضا في اليهوديين الذميين إذا زَنَيَا هَلْ يَحُدَّانِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا زَنَى أَهْلُ الذِّمَّةِ أَوْ شَرِبُوا الْخَمْرَ فَلَا يَعْرِضُ لَهُمُ الْإِمَامُ إِلَّا أَنْ يُظْهِرُوا ذَلِكَ فِي دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ وَيُدْخِلُوا عَلَيْهِمُ الضَّرَرَ فَيَمْنَعُهُمُ السُّلْطَانُ مِنِ الْإِضْرَارِ بِالْمُسْلِمِينَ قَالَ وَإِنَّمَا رَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودِيَّيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ ذِمَّةٌ وَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَحُدَّانِ إِذَا زَنَيَا كَحَدِّ الْمُسْلِمِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إِنْ تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا فَلَنَا أَنْ نَحْكُمَ أَوْ نَدَعَ فَإِنْ حَكَمْنَا حَدَدْنَا الْمُحْصَنُ بِالرَّجْمِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا وَجَلَدْنَا الْبِكْرَ مِائَةً وَغَرَّبْنَاهُ عَامًا وَقَالَ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ لَا خِيَارَ لِلْإِمَامِ وَلَا لِلْحَاكِمِ إِذَا جَاءُوهُ فِي حَدٍّ لِلَّهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَهُ عَلَيْهِمْ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يُعْطُوا

الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَالصَّغَارُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ الْإِسْلَامِ وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيُّ وَاخْتَارَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ حِينَ ذَكَرَ قَوْلَ مَالِكٍ إِنَّمَا رَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودِيَّيْنِ لِأَنَّهُمْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ ذِمَّةٌ وَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ لَمَا أَقَامَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ وَإِذَا كَانَ مَنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ قَدْ حَدَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الزِّنَا فَمَنْ لَهُ ذِمَّةٌ أَحْرَى بِذَلِكَ قَالَ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الذِّمِّيَّ يُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا سَرَقَ الذِّمِّيُّ مِنْ ذَمِّيٍّ وَلَمْ يَتَرَافَعُوا إِلَيْنَا فَلَا يَعْرِضُ لَهُمْ عِنْدَنَا وَإِنْ تَرَافَعُوا إِلَيْنَا حَكَمْنَا بِحُكْمِ اللَّهِ فِيهِمْ) لِأَنَّ هَذَا مِنْ تَظَالُمِهِمُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْنَا الْمَنْعُ مِنْهُ إِذَا رُفِعَ إِلَيْنَا وَإِذَا سَرَقَ ذِمِّيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ كَانَ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ إِلَيْنَا فَوَجَبَ الْقَطْعُ وَالْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِنَّمَا رَجَمَ الْيَهُودِيَّيْنِ لِأَنَّهُمْ تَحَاكَمُوا إِلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي حَدِّ الْإِحْصَانِ الْمُوجِبِ لِلرَّجْمِ فِي كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ فَلَا وَجْهَ لإعادته

ههنا وَكُلُّهُمْ يَشْتَرِطُ فِي الْإِحْصَانِ الْمُوجِبِ لِلرَّجْمِ الْإِسْلَامَ هَذَا مِنْ شُرُوطِهِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَمَنْ رَأَى رَجَمَ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْهُمْ إِذَا أُحْصِنُوا إِنَّمَا رآه من أجل أنهم (إذا) (أ) تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا لَزِمَنَا أَنْ نَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ اللَّهِ فِينَا وَكَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْيَهُودِيَّيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حِينَ تَحَاكَمُوا إِلَيْهِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِمَّنْ يَرَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ نَاسِخٌ لِلْآيَةِ قَبْلَهَا مَعْنَى قَوْلِهِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ الْآيَةَ قَالُوا عَلَى الْإِمَامِ إِذَا عَلِمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ أَنْ يُقِيمَهُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَمْ يَقُلْ إِنْ تَحَاكَمُوا إِلَيْكَ قَالُوا وَالسُّنَّةُ تُبَيِّنُ ذَلِكَ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الْبَرَاءِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد المؤمن قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ أَبُو كُرَيْبٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا الحسن بن محمد بن الصباح الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ مُرَّ عَلَى رَسُولِ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمٍ مَجْلُودٍ فَدَعَاهُمْ فَقَالَ هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ قَالُوا نَعَمْ فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَا وَلَوْلَا أَنَّكَ نَاشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ نَجِدُ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِنَا الرَّجَمُ وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الرَّجُلَ الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ فَقُلْنَا تَعَالَوْا نَجْتَمِعْ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ فَاجْتَمَعْنَا عَلَى التَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ وَتَرَكْنَا الرَّجَمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذَا أَمَاتُوهُ فَأَمَرَ به فرجم وأنزل الله تعالى يأيها الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِلَى قَوْلِهِ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا يَقُولُ ائْتُوا مُحَمَّدًا فَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ فَخُذُوهُ وَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا إِلَى قَوْلِهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ فِي الْيَهُودِ إِلَى قَوْلِهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فِي الْيَهُودِ إِلَى قوله

وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ قَالَ هِيَ فِي الْكُفَّارِ كُلُّهَا يَعْنِي الْآيَةَ وَاللَّفْظُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ مُتَقَارِبٌ قَالُوا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ حَكَمَ بَيْنَهُمْ وَلَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَوْ تَدَبَّرَ مَنِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْهُ لَمْ يَحْتَجْ بِهِ لِأَنَّهُ فِي دَرْجِ الْحَدِيثِ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا يَقُولُ إِنْ أَفْتَاكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ فَخُذُوهُ وَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ حَكَّمُوهُ لَا أَنَّهُ قَصَرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ أَيْضًا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ الزَّانِيَيْنِ حَكَّمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا رَضِيَا بِحُكْمِهِ قِيلَ لَهُ حَدُّ الزَّانِي حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ عَلَى الْحَاكِمِ إِقَامَتُهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْيَهُودَ كَانَ لَهُمْ حَاكِمٌ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ وَيُقِيمُ حُدُودَهُمْ عَلَيْهِمْ وَهُوَ الَّذِي حَكَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَلَا تَرَى إِلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ اليهود جاؤا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا إِنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا ثُمَّ

حَكَّمُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ مَنْ إِلَيْهِ إِقَامَةُ الْحَدِّ هُوَ الَّذِي حَكَّمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا وَجْهَ لِلِاعْتِبَارِ بِحُكْمِ الزَّانِيَيْنِ فِيمَا لَيْسَ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قال حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَتَى نَفَرٌ مَنْ يَهُودَ فَدَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُمْ فِي بَيْتِ الْمِدْرَاسِ فَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ رَجُلًا مِنَّا زَنَى بِامْرَأَةٍ فَاحْكُمْ فَوَضَعُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَادَةً فَجَلَسَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ ائْتُونِي بِالتَّوْرَاةِ فَأَتَوْهُ بِهَا فَنَزَعَ الْوِسَادَةَ مِنْ تَحْتِهِ وَوَضَعَ التَّوْرَاةَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ آمَنْتُ بِكِ وَبِمَنْ أَنْزَلَكِ ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ الرَّجْمِ نَحْوًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْيَهُودَ دَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَكَّمُوهُ فِي الزَّانِيَيْنِ مِنْهُمْ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِنَحْوِ ذَلِكَ وَحَدِيثُ ابْنِ شِهَابٌ أَيْضًا فِي ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْنَا قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ

أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عَقِيلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مَنْ مُزِيْنَةَ مِمَّنْ يَتَّبِعُ الْعِلْمَ وَيَعِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ الْيَهُودُ وَكَانُوا قَدْ شَاوَرُوا فِي صَاحِبٍ لَهُمْ زَنَى بَعْدَ مَا أُحْصِنَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ قَدْ بُعِثَ وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الرَّجْمَ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ فَقَالَ لَهُمْ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ مَا تَجِدُونَ فِي التوراة من العقوبة عَلَى مَنْ زَنَى وَقَدْ أُحْصِنَ قَالُوا نَجِدُ يُحَمَّمُ وَيُجْلَدُ وَسَكَتَ حَبْرُهُمْ وَهُوَ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَمْتَهُ أَلَظَّ بِهِ يَنْشُدُهُ فَقَالَ حبرهم أما إذ نشدتنا فإنا نَجِدُ عَلَيْهِ الرَّجْمُ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ فَإِنِّي أقضي بما في التوراة فأنزل الله يأيها الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِلَى قَوْلِهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّبِيئِينَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا فَحَكَمُوا بِمَا فِي التَّوْرَاةِ

عَلَى الَّذِينَ هَادُوا وَهَكَذَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ وَنَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي التَّفْسِيرِ وَفِي الْمُصَنَّفِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ مِمَّنْ يَتَّبِعُ الْعِلْمَ وَيَعِيهِ وَنَحْنُ عِنْدَ ابْنِ الْمُسَيَّبِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ وَامْرَأَةٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ اذْهَبُوا بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ فَإِنَّهُ نَبِيٌّ بُعِثَ بِالتَّخْفِيفِ فَإِنْ أَفْتَى بِفُتْيَا دُونَ الرَّجْمِ قَبِلْنَاهَا وَاحْتَجَجْنَا بِهَا عِنْدَ اللَّهِ وَقُلْنَا فُتْيَا نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِكَ قَالَ فَأَتَوُا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا تَرَى فِي رَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ بِكَلِمَةٍ حَتَّى أَتَى بَيْتَ مِدْرَاسِهِمْ فَقَامَ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ قَالُوا يُحَمَّمُ وَيُجَبَّهُ وَيُجْلَدُ وَالتَّجْبِيهُ أَنْ يُحْمَلَ الزانيان على حمار ويقابل أفقيتهما وَيُطَافُ بِهِمَا قَالَ

وَسَكَتَ شَابٌّ مِنْهُمْ فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَظَّ بِهِ يَنْشُدُهُ فَقَالَ اللهم إذ نشدتنا فإنا نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَ ارْتَخَصْتُمْ أَمْرَ اللَّهِ قَالَ زَنَى ذُو قُرَابَةٍ مِنْ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِنَا فَأُخِّرَ عَنْهُ الرَّجْمُ ثُمَّ زَنَى رَجُلٌ فِي أُسْرَةٍ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ رَجْمَهُ فَحَالَ قَوْمُهُ دُونَهُ وَقَالُوا لَا يُرْجَمُ صَاحِبُنَا حَتَّى نَجِيءَ بِصَاحِبِكَ فَتَرْجَمَهُ فَاصْطَلَحُوا عَلَى هَذِهِ الْعُقُوبَةِ بَيْنَهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أَحْكُمُ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى أَبُو الْأَصْبَغِ الْحَرَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ يُحَدِّثُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ زَنَى رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ مِنَ الْيَهُودِ وَقَدْ أُحْصِنَا حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَكَانَ الرَّجْمُ مَكْتُوبًا عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ فَتَرَكُوهُ وَأَخَذُوا بِالتَّجْبِيهِ يُضْرَبُ مِائَةً بِحَبْلٍ مَطْلِيٍّ بِقَارٍ وَيُحْمَلُ عَلَى الْحِمَارِ وَوَجْهُهُ مِمَّا يَلِي دُبُرَ الْحِمَارِ قَالَ فِيهِ وَلَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ دِينِهِ فَخُيِّرَ فِي ذَلِكَ قَالَ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ مُخْتَصَرٌ فَفِي هَذَا الْآثَارِ كُلِّهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا حَكَمَ فِي الْيَهُودِيَّيْنِ بِمَا حَكَمَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ حُكِّمَ وَتْحُوكُمْ إِلَيْهِ وَرُضِيَ بِهِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ حِينَ قَدَمَ الْمَدِينَةَ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْيَهُودَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ ذِمَّةٌ كَمَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَبْدُ ابْنُ شِهَابٍ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَمَرَ بِرَجْمِهِمَا فَلَمَّا رُجِمَا رَأَيْتُهُ يُجَافِي بِيَدِهِ عَنْهَا لِيَقِيَهَا الْحِجَارَةَ رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ عَنْهُ وَالْحُكْمُ كَانَ فِيهِمْ بِشَهَادَةٍ لَا بِاعْتِرَافٍ وَذَلِكَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ مُجَالِدٌ أَخْبَرَنَا عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَتْ يَهُودُ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا فَقَالَ ائْتُونِي بِأَعْلَمِ رَجُلٍ مِنْكُمْ فَأَتَوْهُ بِابْنِيْ صُورِيَا فَنَاشَدَهُمَا كَيْفَ

تَجِدَانِ أَمْرَ هَذَيْنِ فِي التَّوْرَاةِ قَالَا نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِثْلَ الْمَيْلِ فِي الْمُكْحُلَةِ رُجِمَا قَالَ فَمَا مَنَعَكُمَا أَنْ تَرْجُمُوهُمَا قَالَ ذَهَبَ سُلْطَانُنَا فَكَرِهْنَا الْقَتْلَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّهُودِ فَجَاءَ أَرْبَعَةٌ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِثْلَ الْمَيْلِ فِي الْمُكْحُلَةِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهِمَا وَرَوَى شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم رَجَمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً انْفَرَدَ بِهِ عَنْ سِمَاكٍ شَرِيكٌ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ أَعْنِي قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ فَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْحَكَمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نُسِخَ مِنَ الْمَائِدَةِ آيَتَانِ آيَةُ الْقَلَائِدِ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَيَّرًا إِنْ شَاءَ حَكَمَ وَإِنْ شَاءَ أَعْرَضَ عَنْهُمْ وَرَدَّهُمْ إِلَى حُكَّامِهِمْ فَنَزَلَتْ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِمَا في كتابنا

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خَبَرٌ إِنَّمَا يَرْوِيهِ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَرُوِيَ عَنْهُ مَوْقُوفًا عَلَى مُجَاهِدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ مُجَاهِدٍ لَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن هرون قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لَمْ يُنْسَخْ مِنَ الْمَائِدَةِ إِلَّا هَاتَانِ الْآيَتَانِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ نَسَخَتْهَا وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقَوْلُهُ يأيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ (وَلَا الشهر الحرام) ولا الهدي نسختها اقتلوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ قَالَ نَسَخَتْهَا وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَقَدْ

رَوَى يُونُسُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ قَالَ نَزَلَتْ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَهِيَ مُحْكَمَةٌ وَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ قَالَا إِنْ شَاءَ حَكَمَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَحْكُمْ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ فَذَكَرَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ قَالَا إِنْ شَاءَ حَكَمَ وَإِنْ شَاءَ أَعْرَضَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيمَنْ تَابَعَهُمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَمَنْ خَالَفَهُمْ فِيهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ وَالْوَجْهُ عِنْدِي فِيهِ التَّخْيِيرُ لِئَلَّا يَبْطُلَ حُكْمٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ بِغَيْرِ يَقِينٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ يَعْنِي إِنْ حَكَمْتَ وَآيَةُ التَّخْيِيرِ مُحْكَمَة نَصٌّ لَا تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو سُفْيَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ قَالَ مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ يُرَدُّوا فِي حُقُوقِهِمْ وَمَوَارِيثِهِمْ إِلَى أَهْلِ دِينِهِمْ إِلَّا أَنْ يَأْتُوا رَاغِبِينَ فِي حد ليحكم

بَيْنَهُمْ فِيهِ فَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ مَعْمَرٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ إِذَا جَاءَكَ أَهْلُ الْكِتَابِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ هُشَيْمٍ عَنِ الْعَوَّامِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ قَالَ بِالرَّجْمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُصُوصٌ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيئُونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ولقوله أو لم يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ وَلِأَنَّا لَا نَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ مَا عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحْتَمَلُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا حَكَمَ فِي الْيَهُودِيَّيْنِ بِحُكْمِ اللَّهِ فِي شَرِيعَتِهِ وَكَانَ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِمَا فِي التَّوْرَاةِ والحمد لله

باب النون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَأَرْبَعُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَعَلَى أَنَّ شُرْبَهَا مِنَ الْكَبَائِرِ لِأَنَّ هَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ يَدُلُّ عَلَى حِرْمَانِ دُخُولِ الْجَنَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وجل أخبر أن الجنة فيها أنهار مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ شُرْبِ

خَمْرِهَا وَلَا يَخْلُو مَنْ حُرِمَ الْخَمْرَ فِي الْجَنَّةِ وَلَمْ يَشْرَبْهَا فِيهَا وَهُوَ قَدْ دَخَلَهَا مِنْ أَنْ يَكُونَ يَعْلَمُ أَنَّ فِيهَا خَمْرًا لَذَّةً لِلشَّارِبِينَ وَأَنَّهُ حُرِمَهَا عُقُوبَةً أَوْ لَا يكون يعمل بِهَا فَإِنْ يَكُنْ لَا يَعْلَمُ بِهَا فَلَيْسَ فِي هَذَا شَيْءٌ مِنَ الْوَعِيدِ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهَا وَلَمْ يَذْكُرْهَا وَلَا رَآهَا لَمْ يَجِدْ أَلَمَ فَقْدِهَا فَأَيُّ عُقُوبَةٍ فِي هَذَا وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يُخَاطِبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِمَا لَا مَعْنًى لَهُ وَإِنْ يَكُنْ عَالِمًا بِهَا وَبِمَوْضِعِهَا ثُمَّ يُحْرَمُهَا عُقُوبَةً لِشُرْبِهِ لَهَا فِي الدُّنْيَا إِذْ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا قَبْلَ الْمَوْتِ وَعَلَى هَذَا جَاءَ الْحَدِيثُ فَإِنْ كَانَ هَذَا هَكَذَا فَقَدْ لَحِقَهُ حِينَئِذٍ حُزْنٌ وَهَمٌّ وَغَمٌّ لِمَا حُرِمَ مِنْ شُرْبِهَا (هُوَ) وَيَرَى غَيْرَهُ يَشْرَبُهَا وَالْجَنَّةُ دَارٌ لَا حُزْنَ فِيهَا وَلَا غَمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ وَقَالَ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَلِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَ إِنَّ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَمِثْلِهِ

وهذا مذهب غير مرضي عِنْدَنَا إِذَا كَانَ عَلَى الْقَطْعِ فِي إِنْفَاذِ الوعيد ومحمله عندنا أنه لا يدخل الجمة إِلَّا أَنْ يُغْفَرَ لَهُ إِذَا مَاتَ غَيْرَ تَائِبٍ عَنْهَا كَسَائِرِ الْكَبَائِرِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ مَعْنَاهُ عِنْدَنَا إِلَّا أَنْ يُغْفَرَ لَهُ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيَشْرَبُهَا وَهُوَ عِنْدَنَا فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ بِذَنْبِهِ فَإِنْ عَذَّبَهُ بِذَنْبِهِ ثُمَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ لَمْ يُحْرَمْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَنْ غَفَرَ لَهُ فَهُوَ أَحْرَى أَنْ لَا يُحْرَمَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ أَيْ جَزَاؤُهُ وَعُقُوبَتُهُ أَنْ يُحْرَمَهَا فِي الْآخِرَةِ وَلِلَّهِ أَنْ يُجَازِيَ عَبْدَهُ الْمُذْنِبَ عَلَى ذَنْبِهِ وَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ فَهُوَ أَهْلُ الْعَفْوِ وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرَ مَا دون ذلك لمن يَشَاءُ وَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ عَقْدُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ مَا خَلَا الشِّرْكَ وَلَا يُنْفِذُ الْوَعِيدَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَجَائِزٌ أَنْ يَدخُلَ الْجَنَّةَ إِذَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ فَلَا يَشْرَبُ فِيهَا خَمْرًا وَلَا يَذْكُرُهَا وَلَا يَرَاهَا وَلَا تَشْتَهِيهَا نَفْسُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا وَدَخَلَ الْجَنَّةَ لَمْ يَلْبَسْهُ هُوَ فِيهَا مِنْ بَيْنِ سَائِرِ أَهْلِهَا هَذَا وَمَعْنَاهُ رُوِيَ عَنْهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ دَاوُدَ السَّرَّاجِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَبِسَهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَلَمْ يَلْبَسْهُ هُوَ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ هِشَامٍ بِإِسْنَادِهِ مَرْفُوعًا وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ دَاوُدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مِثْلَهُ مَوْقُوفًا وَقَدْ رَوَى جَمَاعَةٌ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حرير

وَهَذَا عِنْدِي عَلَى نَحْوِ الْمَعْنَى الَّذِي نَزَعْنَا بِهِ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَرِيرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ قَالَ الْبَغَوِيُّ كَتَبَ هَذَا الْحَدِيثَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى مَالِكٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ هَذَا الْحَدِيثَ كُلَّهُ عَنْ نَافِعٍ بَعْضَهُ مُسْنَدًا وَبَعْضَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ كُلُّهُ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ عِنْدَ ذِكْرِ تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ

فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ مَا لَمْ يَتُبْ مِنْهَا فَاسِقٌ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ قَالَ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ لِي جَارٌ يَشْرَبُ الْخَمْرَ أَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ سَلِّمْ عَلَيْهِ وَلَا تُجَالِسْهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ قَالَ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِيَّاكُمْ وَالْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ أُتِيَ رَجُلٌ فَقِيلَ لَهُ إِمَّا أَنْ تَحْرِقَ هَذَا الْكِتَابَ وَإِمَّا أَنْ تَقْتُلَ هَذَا الصَّبِيَّ وَإِمَّا أَنْ تَقَعَ عَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَإِمَّا أَنْ تَشْرَبَ هَذِهِ الْكَأْسَ وَإِمَّا أَنْ تَسْجُدَ لِهَذَا الصَّلِيبِ قَالَ فَلَمْ يَرَ فِيهَا شَيْئًا أَهْوَنَ مِنْ شُرْبِ الْكَأْسِ فَلَمَّا شربها سجد للصليب وقتل الصبي وورقع عَلَى الْمَرْأَةِ وَحَرَقَ الْكِتَابَ

وَأَمَّا التَّوْبَةُ مِنَ الْخَمْرِ وَغَيْرِهَا مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ فَمَبْسُوطَةٌ لِلْمُؤْمِنِ مَا لَمْ تَحْضُرْهُ الْوَفَاةُ وَيُعَايِنِ الْمَوْتَ وَيُغَرْغِرْ فَإِذَا بَلَغَ هَذِهِ الْحَالَ فَلَا تَوْبَةَ لَهُ إِنْ تَابَ حِينَئِذٍ وَتَوْبَتُهُ مَرْدُودَةٌ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَتِ التوبة للذين يعملون السيآت حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَالَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ الْآيَةَ يَعْنِي جَمَاعَةَ الْكَافِرِينَ وَهَذِهِ الْآيَةُ تُفَسِّرُ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ يُرِيدُ قَبْلَ حُضُورِ الْمَوْتِ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ لِلْمُذْنِبِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلِلْكُفَّارِ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَاكُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بجهالة

قَالُوا كُلُّ مَا عُصِيَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ جَهَالَةٌ وَمَنْ عَمِلَ السُّوءَ وَعَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ قَالُوا مَا دُونَ الْمَوْتِ فَهُوَ قَرِيبٌ وَهَذَا أَيْضًا إِجْمَاعٌ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ فَقِفْ عَلَيْهِ ذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يَعْلَى بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ التَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ مَا لَمْ يُسَقِ الْعَبْدُ يَقُولُ يَقَعُ فِي السَّوْقِ وَلَقَدْ أَحْسَنَ مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ رَحِمَهُ اللَّهُ حَيْثُ قَالَ ... قَدِّمْ لِنَفْسِكَ تَوْبَةً مَرْجُوَّةً ... قَبْلَ الْمَمَاتِ وَقَبْلَ حَبْسِ الْأَلْسُنِ ... ... بَادِرْنَهَا عَلَقَ النُّفُوسِ فَإِنَّهَا ... ذُخْرٌ وَغُنْمٌ لِلْمُنِيبِ الْمُحْسِنِ ... قَالَ أَبُو عُمَرَ التَّوْبَةُ أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ الْعَمَلَ الْقَبِيحَ بِالنِّيَّةِ وَالْفِعْلِ وَيَعْتَقِدَ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَيْهِ أَبَدًا وَيَنْدَمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فَهَذِهِ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ الْمَقْبُولَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ وَاللَّهُ بِفَضْلِهِ يُوَفِّقُ وَيَعْصِمُ مَنْ يَشَاءُ

الحديث السادس والأربعون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَأَرْبَعُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتَفَلَ مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ هَكَذَا قَالَ وَانْتَفَلَ مِنْ وَلَدِهَا وَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُونَ وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَرُبَّمَا لَمْ يَذْكُرْ بَعْضُهُمْ فِيهِ انْتَفَى وَلَا انْتَفَلَ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْفُرْقَةِ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَإِلْحَاقِ الْوَلَدِ بِأُمِّهِ فَهَذِهِ فَائِدَةُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ الرَّازِيُّ وَأَبُو أَحْمَدَ الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّيَّاتُ قَالَا حدثنا يوسف

ابن يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ إِنَّ الرَّجُلَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَلَيْسَ هَذَا فِي الْمُوَطَّأِ وَلَا يُعْرَفُ مِنْ مَذْهَبِهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا (أَبُو) عَاصِمِ بْنُ مُهَجِّعٍ خَالُ مُسَدَّدٍ حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ وَقَذَفَ امْرَأَتَهُ فَلَاعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا جَدِّي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَالْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ وَقَذَفَ امْرَأَتَهُ فَلَاعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ عِنْدِي مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ صَحِيحٌ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَأَنْكَرُوهُ عَلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَقَدْ كَانَ ابْنُ مَعِينٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ أَخْطَأَ لَيْسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بينهما هكذا ذكره ابن أبي خيثمة فِي التَّارِيخِ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ فَإِنْ صَحَّ هَذَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ وَهْمٌ فَالْوَجْهُ فِيهِ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ ابْنِ مَعِينٍ عَلَى أَنْ لَيْسَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَمَّا ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ مَعِينٍ فَإِنَّهُ يُوجِبُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَهَذَا خَطَأٌ مِنِ ابْنِ

مَعِينٍ إِنْ كَانَ أَرَادَهُ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَيْ أَنَّ اللِّعَانَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ أَرَادَ هَذَا فَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَلًّى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُنْتُ ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قال حدثنا مسدد وَوَهْبُ بْنُ بَيَانٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ وَعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ مُسَدَّدٌ (قَالَ) شَهِدْتُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فَقَالَ الرَّجُلُ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَقُلْ عَلَيْهَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَلَمْ يُتَابِعْ أَحَدٌ ابْنَ عُيَيْنَةَ عَلَى قَوْلِهِ إِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي دَاوُدَ هَذَا عِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحْفُوظٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ وَأَظُنُّ ابْنَ عُيَيْنَةَ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ لَفْظُ حَدِيثِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ بِلَفْظِ حَدِيثِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ وَقَالَ اللَّهُ يَعْلَمُ

أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ يُرَدِّدُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَبَيَا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَالِي قَالَ لَا مَالَ لَكَ إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَهُ مِنْ فَرْجِهَا وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ أَبْعَدُ لَكَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَلًّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ يَعْنِي عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ أَرَأَيْتَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ نَعَمْ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ عَنْ هَذَا فُلَانٌ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ أَرَأَيْتَكَ الَّذِي سَأَلْتُ عَنْهُ فَقَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ فَنَزَلَتْ

عَلَيْهِ الْآيَاتُ فِي سُورَةِ النُّورِ فَتَلَاهَا عَلَيْهِ وَوَعَظَهُ وَذَكَّرَهُ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ فَقَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا كَذَبْتُ ثُمَّ دَعَا الْمَرْأَةَ فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَتْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنَّهُ لِكَاذِبٌ فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ثُمَّ دَعَا بِالْمَرْأَةِ فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ سُئِلْتُ عَنِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ زَمَنَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَلَمْ أَدْرِ مَا أَقُولُ وَأَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ فَقُلْتُ أَرَأَيْتَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ فَهَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ كَمَا رَوَى مَالِكٌ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ مَالِكًا أَيْضًا انْفَرَدَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا بِقَوْلِهِ فِيهِ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ أَوْ أَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ قَالُوا وَهَذَا لا يقوله أحد غير مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَهَكَذَا رَوَاهُ كُلُّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ نَافِعٍ ذَكَرُوا فِيهِ اللِّعَانَ وَالْفُرْقَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ وَقَالَهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ كَمَا رَأَيْتَ وَحَسْبُكَ بِمَالِكٍ حِفْظًا وَإِتْقَانًا وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِنَّ مَالِكًا أَثْبَتُ فِي نَافِعٍ وَابْنِ شِهَابٍ مِنْ غَيْرِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَلًّى قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ هَكَذَا قَالَ بِأُمِّهِ

وَفِي الْمُوَطَّأِ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ وَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ أَوْ بِالْمَرْأَةِ الَّتِي زَعَمُوا أَنَّ مَالِكًا انْفَرَدَ بِهَا وَهِيَ مَحْفُوظَةٌ أَيْضًا مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ ذَكَرَ فِي مُوَطَّئِهِ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ حَضَرْتُ لِعَانَهُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَسَاقَ الْحَدِيثَ قَالَ وَفِيهِ ثُمَّ خَرَجَتْ حَامِلًا فَكَانَ الْوَلَدُ لِأُمِّهِ وَذَكَرَ الْفِرْيَابِيُّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي هَذَا الْخَبَرِ خَبَرَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَقَالَ فِيهِ فَكَانَ الْوَلَدُ يُدْعَى لِأُمِّهِ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ وَذَكَرَ حَدِيثَ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْفِرْيَابِيِّ وَحَسْبُكَ بِحَدِيثِ مَالِكٍ في ذلك

وَمَالِكٌ مَالِكٌ فِي إِتْقَانِهِ وَحِفْظِهِ وَتَوَقِّيهِ وَانْتِقَائِهِ لا يَرْوِيهِ فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ قَدْ لَحِقَ بِأُمِّهِ وَأَنَّهَا عَلَى كُلٍّ أُمُّهُ قِيلَ لَهُ الْمَعْنَى أَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ دُونَ أَبِيهِ وَنَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ بِلِعَانِهِ وَصَيَّرَهُ إِلَى أُمِّهِ وَحْدَهَا وَلِهَذَا مَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مِيرَاثِهِ فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ عَصَبَتَهُ عَصَبَةَ أُمِّهِ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ أُمَّهُ عَصَبَتَهُ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَهُمْ فِي ذَلِكَ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا تَفْرِيقُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فَذَلِكَ عِنْدَنَا إِعْلَامٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ التَّلَاعُنَ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ وَالتَّبَاعُدَ فَأَعْلَمَهُمَا بِذَلِكَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا وَهَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ وَأَخْبَرَ أَنَّ الْخَامِسَةَ مُوجِبَةٌ يَعْنِي أَنَّهَا تُوجِبُ لَعْنَةَ اللَّهِ وَغَضَبَهُ (فَلَمَّا جَهِلَ الْمَلْعُونُ مِنْهُمَا وَصَحَّ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَدْ لَحِقَتْهُ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ) فَرَّقَ وَاللَّهُ

أَعْلَمُ بَيْنَهُمَا لِئَلَّا يَجْتَمِعَ رَجُلٌ مَلْعُونٌ وَامْرَأَةٌ غَيْرُ مَلْعُونَةٍ وَلَسْنَا نَعْرِفُ أَنَّ الْمَرْأَةَ أُفْرِدَتْ بِاللَّعْنَةِ فَنَقِيسُهَا عَلَى الْيَهُودِيَّةِ الْجَائِزِ نِكَاحُهَا وَلَا بِأْسَ أَنْ يَكُونَ الْأَسْفَلُ مَلْعُونًا كَمَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا وَلَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَةِ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ مِنْهُمَا فمن ههنا وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَلَوْ أَيْقَنَّا أَنَّ اللَّعْنَةَ حَقَّتْ عَلَى الْمَرْأَةِ بِكَذِبِهَا لَمْ نُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا هَذَا جُمْلَةُ مَا اعْتَلَّ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ وَالتَّلَاعُنُ يَقْتَضِي التَّبَاعُدَ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا كِفَايَةٌ وَدَلَالَةٌ صَحِيحَةٌ عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ هُوَ الْمُوجِبُ لِلْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ الْحَاكِمَ إِنَّمَا يُنَفِّذُ الْوَاجِبَ فِي ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَلَمْ يَكُنْ تَفْرِيقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ بَعْدَ اللِّعَانِ اسْتِئْنَافَ حُكْمٍ وَإِنَّمَا كَانَ تَنْفِيذًا لِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِاللِّعَانِ بَيْنَهُمَا فَالْوَاجِبُ عَلَى سَائِرِ الْحُكَّامِ تَنْفِيذُ الْحُكْمِ بِذَلِكَ وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ فَعَلَ مَا يَجِبُ وَإِنْ تَرَكَ كَانَ الْحُكْمُ بِالْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا نَافِذًا عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرْنَا وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ لِقَوْلِهِ إِذَا الْتَعَنَا فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ

الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَالُوا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ الْفَاعِلُ لِلْفُرْقَةِ قَالُوا وَهِيَ فُرْقَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى حُضُورِ الْحَاكِمِ فَوَجَبَ أَنْ يُفْتَقَرَ إِلَى تَفْرِيقِهِ قِيَاسًا عَلَى فُرْقَةِ الْعِنِّينِ وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ إِنَّ التَّفَاسُخَ فِي التَّبَايُعِ لَمَّا وَقَعَ بِتَمَامِ التَّحَالُفِ فَكَذَلِكَ اللِّعَانُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ عِنْدَهُ بِالْتِعَانِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا دَفَعَ لِعَانُهُ الْوَلَدَ وَالْحَدَّ وَجَبَ أَنْ يَرْفَعَ الْفِرَاشَ لِأَنَّ لِعَانَ الْمَرْأَةِ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ لِنَفْيِ الْحَدِّ عنها لا غير وَذَهَبَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ أَنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بِالطَّلَاقِ بَعْدَ اللِّعَانِ لِأَنَّ الْعَجْلَانِيَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بَعْدَ اللِّعَانِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ أَيْضًا فِي حُكْمِ فُرْقَةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَهَلْ يَحْتَاجُ الْحَاكِمُ إِلَى أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ اللِّعَانِ أَمْ لَا وَمَا فِي ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ مِنَ التَّنَازُعِ وَوَجْهُ الصَّوَابِ فِيهِ عِنْدَنَا عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي كِتَابِنَا هَذَا ذَكَرْنَا هُنَاكَ أَيْضًا أَحْكَامًا صَالِحَةً مِنْ أَحْكَامِ اللعان لا معنى لإعادته ههنا ونذكر ههنا حُكْمَ الْحَمْلِ وَالْوَلَدِ وَمَا ضَارَعَ ذَلِكَ بِعَوْنِ اللَّهِ لَا شَرِيكَ لَهُ فَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِنَا هَذَا انْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ انْتَفَى مِنْهُ وَهُوَ حَمْلٌ ظَاهِرٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ

انْتَفَى مِنْهُ بَعْدَ أَنْ وَلَدَهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُلَاعَنَةِ عَلَى الْحَمْلِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ لَا سَبِيلَ إِلَى أَنْ يُلَاعِنَ أَحَدٌ عَنْ حَمْلٍ وَلَا لِأَحَدٍ أَنْ يَنْتَفِيَ مِنْ وَلَدٍ لَمْ يُولَدْ بَعْدُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَسِبَ أَنَّ بِالْمَرْأَةِ حَمْلًا وَلَيْسَ بِهَا حَمْلٌ قَالُوا وَكَمْ حَمْلٍ ظَهَرَ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ ثُمَّ انْفَشَّ وَاضْمَحَلَّ قَالُوا فَلَا لِعَانَ عَلَى الْحَمْلِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ قَالُوا وَلَوِ الْتَعَنَ أَحَدٌ عَلَى الْحَمْلِ لَمْ يَنْتَفِ عَنْهُ الْوَلَدُ حَتَّى يَنْفِيَهُ بَعْدَ أَنْ يُولَدَ وَيَلْتَعِنُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَنْفِيَهِ فِي اللِّعَانِ فَحِينَئِذٍ يَنْتَفِي عَنْهُ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَطَائِفَةٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ وَقَالَ آخَرُونَ جَائِزٌ أَنْ يَنْتَفِيَ الرَّجُلُ مِنَ الْحَمْلِ إِذَا كَانَ حَمْلًا ظَاهِرًا هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي لَاعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا كَانَتْ حَامِلًا فَانْتَفَى الْمُلَاعِنُ مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ وَالْآثَارُ الدَّالَّةُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ كَثِيرَةٌ وَسَنَذْكُرُ مِنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَشِفَاءٌ وَهِدَايَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَنْفِي الْحَمْلَ بِدَعْوَى رُؤْيَةِ الزِّنَا وَلَا يَنْفِي الْحَمْلَ إِلَّا بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ وَأَنَّهُ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَالِاسْتِبْرَاءُ عِنْدَهُمْ حَيْضَةٌ كَامِلَةٌ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إِلَّا عَبْدَ الْمَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهُ مَا وَلَدَتْ بَعْدَ لِعَانِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَمْلًا ظَاهِرًا حِينَ لَاعَنَ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَيُلْحَقُ بِهِ وَقَالَ (الْمُغِيرَةُ) الْمَخْزُومِيُّ إِنْ أَقَرَّ بِالْحَمْلِ وَادَّعَى رُؤْيَةً لَاعَنَ فَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ كَانَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَهُوَ اللِّعَانُ فَإِنِ ادَّعَاهُ لَحِقَ بِهِ وَحْدَهُ قَالَ الْمُغِيرَةُ يُلَاعِنُ فِي الرُّؤْيَةِ مَنْ يَدَّعِي الِاسْتِبْرَاءَ (وَإِنْ وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ لَحِقَ بِهِ وَلَا يَنْفَعُهُ إِنْ نَفَاهُ وَلَا يُحَدُّ قَالَ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ الوضع لأقل

مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كُنْتُ اسْتَبْرَيْتُهُ وَنَفَاهُ كَانَ لِلِّعَانِ الْأَوَّلِ قَالَ أَصْبَغُ لَا يَنْتَفِي إِلَّا بِلِعَانٍ ثَانٍ) أَمَّا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُهُمْ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ كُلُّ مَنْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَطَلَبَتِ الْحَدَّ وَلَمْ يَأْتِ زَوْجُهَا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ لَاعَنَ وَسَوَاءً قَالَ لَهَا يَا زَانِيَةُ أَوْ زَنَيْتِ أَوْ رَأَيْتُهَا تَزْنِي يُلَاعِنُ أَبَدًا وَكُلُّ مَنْ نَفَى الْحَمْلَ عِنْدَهُمْ وَقَالَ لَيْسَ مِنِّي وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهِ لَاعَنَ وَلَا مَعْنَى عِنْدَهُمْ لِلِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ قَدْ تَلِدُ مَعَهُ فَلَا مَعْنَى لَهُ مَا كَانَ الْفِرَاشُ قَائِمًا إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنْ لَا لِعَانَ عَلَى حَمْلٍ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى رُؤْيَةً وَأَقَرَّ أَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَهَا حُدَّ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَلَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَادَّعَى الْوَلَدَ لَحِقَ بِهِ وَحْدَهُ إِذْ بِاللِّعَانِ نَفَيْنَاهُ عَنْهُ وَصَارَ قَاذِفًا وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُمَا يُبْدَأُ بِالزَّوْجِ فِي اللِّعَانِ فَيَشْهَدُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ يَقُولُ فِي الرُّؤْيَةِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي

لَمِنَ الصَّادِقِينَ لَرَأَيْتُهَا تَزْنِي وَيَقُولُ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَزَنِيَتْ وَذَكَرَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ) أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي قَالَ أَصْبَغُ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَزِيدَ لَزَنِيَتْ قَالَ أَصْبَغُ يَقُولُ فِي الرُّؤْيَةِ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَيَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَتَقُولُ الْمَرْأَةُ فِي الرُّؤْيَةِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَا رَآنِي أَزْنِي وَفِي الْحَمْلِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَا زَنَيْتُ وَإِنَّ هَذَا الْحَمْلَ مِنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنْ كَانَ وَلَدًا أَوْ حَمْلًا وَنَفَاهُ قَالَ فِي لِعَانِهِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ زَنِيَتْ وَمَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي أَوْ مَا هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي وَتَقُولُ هِيَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَا زَنَيْتُ وَإِنَّ هَذَا الْحَمْلَ مِنْهُ أَوْ هَذَا الْوَلَدَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ مَيِّتًا سَمَّتْهُ وَنَسَبَتْهُ وَقَالَتْ وَإِنَّهُ مِنْ زَوْجِي فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَذَا الْقَوْلَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بِأَرْبَعِ شَهَادَاتٍ (بِاللَّهِ) ثُمَّ

يَقُولُ الزَّوْجُ فِي الْخَامِسَةِ وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَتَقُولُ هِيَ وَعَلَيْهَا غَضَبُ اللَّهِ إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ رُؤْيَةٍ أَوْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ زِنَاهَا وَمِنْ نَفْيِ حَمْلِهَا أَوْ وَلَدِهَا عَلَى حَسْبِمَا فَسَّرْتُ لَكَ فَإِذَا تَمَّ الْتِعَانُ الْمَرْأَةِ بَعْدَ الْتِعَانِ الرَّجُلِ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لم تحل له أبدا وسواء فرق الحكم بَيْنَهُمَا أَوْ لَمْ يُفَرِّقْ وَإِنْ أَكَذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حُدَّ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَلَمْ يَتَرَاجَعَا أَبَدًا وَإِنْ بَقِيَ مِنْ لِعَانِهِ أَوْ لِعَانِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً شَهَادَةٌ وَاحِدَةٌ الْخَامِسَةُ أَوْ غَيْرُهَا فَأَكْذَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ تَمَامِهَا حُدَّ وَبَقِيَتْ مَعَهُ زَوْجَتُهُ إِذَا لَمْ يَتِمَّ لِعَانُهَا هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَلَوْ لَاعَنَ عِنْدَهُمْ مَنْ نَفَى حَمْلًا فَانْفَشَّ لَمْ تُرَدَّ إِلَيْهِ وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ أَبَدًا لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَسْقَطَتْهُ وَكَتَمَتْهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَمَّ الْتِعَانُهُ فَقَدْ زَالَ فِرَاشُهُ وَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ تَمَامَ اللِّعَانَ لَا يُوجِبُ فرقة حتى

يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُجَّةٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا وَغَيْرِهِ مُحْتَمَلَةُ التَّأْوِيلِ وَقَوْلُ مَالِكٍ أَوْلَى بِالصَّوَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَفْرِيقُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ تَفَرُّقُ حُكْمٍ لَيْسَ لِطَلَاقِ الزَّوْجِ فِيهِ مَدْخَلٌ وَإِنَّمَا هُوَ تَفْرِيقٌ أَوْجَبَهُ اللِّعَانُ فَأَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا قَالَ وَإِذَا أَكْمَلَ الزَّوْجُ الشَّهَادَةَ وَالِالْتِعَانَ فَقَدْ زَالَ فِرَاشُ امْرَأَتِهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ الْتَعَنَتْ أَوْ لَمْ تَلْتَعِنْ قَالَ وَإِنَّمَا قُلْتُ هَذَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقُلْ حَتَّى تُكَذِّبَ نَفْسَكَ قَالَ وَكَانَ مَعْقُولًا فِي حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَحِقَ الْوَلَدُ بِأُمِّهِ أَنَّهُ نَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ وَأَنَّ نَفْيَهُ عَنْهُ إِنَّمَا كَانَ بِيَمِينِهِ وَالْتِعَانِهِ لَا بِيَمِينِ الْمَرْأَةِ عَلَى تَكْذِيبِهِ قَالَ وَمَعْقُولٌ فِي إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَجُلِدَ الْحَدَّ وَلَا مَعْنَى لِلْمَرْأَةِ فِي نَفْيِهِ وَإِنَّ الْمَعْنَى لِلزَّوْجِ وَكَيْفَ يَكُونُ لَهَا

مَعْنًى فِي يَمِينِ الزَّوْجِ وَنَفْيُ الْوَلَدِ وَإِلْحَاقُهُ وَالْوَلَدُ بِكُلِّ حَالٍ وَلَدُهَا لَا يَنْتَفِي عَنْهَا أَبَدًا إِنَّمَا يَنْتَفِي عَنِ الرَّجُلِ وَإِلَيْهِ يَنْتَسِبُ قَالَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَنَّ الْأُمَّ لَوْ قَالَتْ لَيْسَ هُوَ مِنْكَ إِنَّمَا اسْتَعَرْتُهُ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهَا شَيْئًا إِذْ عَرَفَ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ عَلَى فِرَاشِهِ وَلَمْ يَنْتَفِ عَنْهُ إِلَّا بِلِعَانٍ لِأَنَّ ذَلِكَ أَحَقُّ لِلْوَلَدِ دُونَ الْأُمِّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هُوَ ابْنِي وَقَالَتْ هِيَ بَلْ زَنَيْتُ وَهُوَ مِنْ زِنًى كَانَ ابْنَهُ وَلَمْ يُنْظَرْ إِلَى قَوْلِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ حُكْمَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ إِلَيْهِ دُونَ أُمِّهِ فَكَذَلِكَ نَفْيُهُ بِالْتِعَانِهِ إِلَيْهِ دُونَ أُمِّهِ قَالَ وَالْتِعَانُ الْمَرْأَةِ إِنَّمَا هُوَ لِدَرْءِ الْحَدِّ عَنْهَا لَا غَيْرُ لَيْسَ مِنْ إِثْبَاتِ الْوَلَدِ وَلَا نَفْيِهِ فِي شَيْءٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِذَا عَلِمَ الزَّوْجُ بِالْوَلَدِ فَأَمْكَنَهُ الْحَاكِمُ إِمْكَانًا بَيِّنًا فَتَرَكَ اللِّعَانَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ بَعْدُ وَقَالَ بِبَغْدَادَ إِذَا لَمْ يَشْهَدْ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ وَقَالَ بِمِصْرَ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ لَهُ نَفْيُهُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِنْ كَانَ حَاضِرًا كَانَ مذهبا

قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَنْ قَالَ إِنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بِاللِّعَانِ دُونَ تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ خَاصَّةً يَقُولُونَ إِنَّ الْفُرْقَةَ لَا تَقَعُ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِتَمَامِ الْتِعَانِهِمَا جَمِيعًا إِلَّا الشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِتَمَامِ الْتِعَانِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ وَكُلُّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَبَتْ أَنْ تَلْتَعِنَ بَعْدَ الْتِعَانِ الزَّوْجِ وَجَبَ عَلَيْهَا الْحَدُّ وَحْدُّهَا إِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا الْجَلْدُ وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا الرَّجْمُ إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا إِنْ أَبَتْ أَنْ تَلْتَعِنَ حُبِسَتْ أَبَدًا حَتَّى تَلْتَعِنَ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ وَالسِّجْنُ لَيْسَ بِعَذَابٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فَجَعَلَ السِّجْنَ غَيْرَ الْعَذَابِ وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ الْحَدَّ عَذَابًا بِقَوْلِهِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَوْلِهِ وَيَدْرَأُ عَنْهَا العذاب

وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عن عطاء والحرث الْعُكْلِيِّ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَخِلَافُ مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ بَكْرٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ وَقَوْلُهُ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ الْآيَةَ قَالَ فَإِذَا حَلَفَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَحْلِفَا أُقِيمَ الْجَلْدُ أَوِ الرَّجْمُ وَهَذَا كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ فِي الْفُرْقَةِ وَإِقَامَةِ الْحَدِّ عِنْدَ نُكُولِ الْمَرْأَةِ وَقَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ قَالَ إِنْ هِيَ أَبَتْ أَنْ تُلَاعِنَ رُجِمَتْ إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَجُلِدَتْ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَأَكْثَرِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَالْعَجَبُ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَقْضِي بِالنُّكُولِ فِي الْحُقُوقِ بَيْنَ النَّاسِ وَلَا يَرَى رَدَّ الْيَمِينِ وَلَمْ يقل بالنكول ههنا وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ حِينَ عَزَّ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهَا بِدَعْوَى زَوْجِهَا وَيَمِينِهِ دُونَ إِقْرَارِهَا أَوْ بَيِّنَةٍ تَقُومُ عليها ولم

يَقْضِ بِالنُّكُولِ لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَمِثْلُ هَذَا كُلِّهِ شُبْهَةٌ دَرَأَ بِهَا الْحَدَّ عَنْهَا وَحَبَسَهَا حَتَّى تَلْتَعِنَ وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ فِي النَّظَرِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ الْجُمْهُورَ وَالْأُصُولَ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّ اللِّعَانَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هِيَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يُلَاعِنَ إِذَا نَفَى الْحَمْلَ وَكَانَ الْحَمْلُ ظَاهِرًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ أَيْضًا وَالْحُجَّةُ لَهُمُ الْآثَارُ الْمُتَوَاتِرَةُ بِذَلِكَ الَّتِي لَا يُعَارِضُهَا وَلَا يُخَالِفُهَا مِثْلُهَا فَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ جَاءَ عُوَيْمِرٌ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ فَقَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَيُقْتَلُ بِهِ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَعَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

عَلَيْهِ الْمَسَائِلَ ثُمَّ لَقِيَهُ عُوَيْمِرٌ فَسَأَلَهُ مَا صَنَعْتَ فَقَالَ صَنَعْتُ إِنَّكَ لَمْ تَأْتِ بِخَيْرٍ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَابَ الْمَسَائِلَ فَقَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لَآتِيَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَوَجَدَهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فِيهَا فَدَعَا بِهِمَا فَتَلَاعَنَا فَقَالَ عُوَيْمِرٌ لَئِنِ انْطَلَقْتُ بِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ كَذَبْتُ عَلَيْهَا قَالَ فَفَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَارَتْ سُنَّةً فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ ثُمَّ قَالَ انْظُرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمَ الْإِلْيَتَيْنِ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا كَاذِبًا قَالَ فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا وَإِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَقَدْ وَقَعَ التَّلَاعُنُ عَلَى الْحَمْلِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَاهُ عَنِ الرَّجُلِ وَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآثَارِ أَنَّ اللِّعَانَ أُعِيدَ فِي ذَلِكَ مَرَّةً ثَانِيَةً بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْهُ وَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَفَاهُ حَمْلًا فَنَفَاهُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ

وَمِمَّا يُصَحِّحُ أَيْضًا مَا قُلْنَاهُ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِنَّا لَيْلَةَ جُمُعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَتَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ وَإِنْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ أَوْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ وَاللَّهِ لَأَسْأَلَنَّ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رجلا فتكلم جلدتموه أو قتل قتلتموه وسكت سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ افْتَحْ وَجَعَلَ يَدْعُو فَنَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانَ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَابْتُلِيَ بِهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ فَجَاءَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلَاعَنَا فَشَهِدَ الرَّجُلُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ثُمَّ الْخَامِسَةَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ قَالَ فَذَهَبَتْ لِتَلْتَعِنَ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَهْ فَأَبَتْ وَفَعَلَتْ فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ لَعَلَّهَا أَنْ تَجِيءَ بِهِ أَسْوَدَ أَجْعَدَ فَجَاءَتْ بِهِ أسود أجعد

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ أَجْعَدَ وَالصَّوَابُ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ جَعْدٌ يُقَالُ رَجُلٌ جَعْدٌ وَامْرَأَةٌ جَعْدَةٌ وَلَا يُقَالُ أَجْعَدُ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَعْرِبُوا الْحَدِيثَ فَإِنَّ الْقَوْمَ كَانُوا عَرَبًا وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي قِيلَ هَذَا فِيهِ إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمَ الْإِلْيَتَيْنِ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا كَاذِبًا قَالَ فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ فَالْأَسْحَمُ الْأَسْوَدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَالسُّحْمَةُ السَّوَادُ وَالدَّعَجُ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ يُقَالُ رَجُلٌ أَدْعَجُ وَامْرَأَةٌ دَعْجَاءُ وَعَيْنٌ دَعْجَاءُ وَلَيْلٌ أَدْعَجُ أَيْ أَسْوَدُ وَأَمَّا قَوْلُهُ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَأَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَأَنَّهُ وَزَغَةٌ قَالَ الْخَلِيلُ وَالْوَحَرَةُ وَزَغَةٌ تَكُونُ فِي الصَّحَارِي قَالَ وَالْمَرْأَةُ وَحَرَةٌ سَوْدَاءُ ذَمِيمَةٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ حُبْلَى وَفِيهِ ضُرُوبٌ مِنَ الْفِقْهِ ظَاهِرَةٌ أَبْيَنُهَا أَنَّ الْقَاذِفَ

لِزَوْجَتِهِ يُجْلَدُ إِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عن أبي حنيفة في هذا الباب وشئ روي على الشعبي والحرث الْعُكْلِيِّ قَالُوا الْمُلَاعِنُ إِذَا كَذَّبَ نَفْسَهُ لَمْ يُضْرَبْ وَهَذَا قَوْلٌ لَا وَجْهَ لَهُ وَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ يَرُدَّانِهِ وَيَقْضِيَانِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَقْذِفُ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِمَّا قَالَهُ بِشُهُودٍ أَرْبَعَةٍ إِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ بِلِعَانٍ إِنْ كَانَ زَوْجًا جُلِدَ الْحَدَّ وَلَا يَصِحُّ عِنْدِي عَنِ الشَّعْبِيِّ وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَنْ غَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ عَنْ عَامِرٍ يَعْنِي الشَّعْبِيَّ قَالَ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ الْحَدَّ وَرُدَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَحَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلَهُ وَهُشَيْمٌ عَنْ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ مِثْلَهُ قَالَ حَمَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ يَكُونُ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ إِذَا جُلِدَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حنيفة

وَأَصْحَابِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَلِلنَّاسِ فِيهَا ثلاثة أقاويل أحدهما أَنَّهُ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ وَرُدَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ دُونَ نِكَاحٍ عَلَى عِصْمَتِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْجَلْدِ خَاطِبًا كَمَا ذَكَرْنَا وَالثَّالِثُ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا يُجْلَدُ فَلَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ وَلَا يُشْتَغَلُ بِهِ وَهُوَ وَهْمٌ وَخَطَأٌ (وَقَدْ (4) مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا وَالْحُجَّةُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مِنْ هذا الكتاب فلا وجه لإعادته ههنا) وَمِمَّا يُوَضِّحُ أَيْضًا التَّلَاعُنَ عَلَى الْحَمْلِ الْبَيِّنِ مَا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى أَبُو الْأَصْبَغِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ

سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ أَمْسِكِ الْمَرْأَةَ عِنْدَكَ حَتَّى تَلِدَ وَمِثلُهُ أَيْضًا حَدِيثُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ فِيهِ ثُمَّ خَرَجَتْ حَامِلًا فَكَانَ الْوَلَدُ إِلَى أُمِّهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو الْأَحْوَصِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَأَتَى النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرَدَّدَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمُلَاعَنَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ نَزَلَ مِنَ اللَّهِ أَمْرٌ عَظِيمٌ فَأَبَى الرَّجُلُ إِلَّا أَنْ يُلَاعِنَهَا فَرَأَيْتُ الْمَرْأَةَ تَدْرَأُ عَنْ نَفْسِهَا الْعَذَابَ فَتَلَاعَنَا فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِمَّا أَنْ تَجِيءَ بِهِ أُصَيْفِرَ أُحَيْمِشَ مَسْلُولَ الْعِظَامِ فَهُوَ لِلْمُتَلَاعِنِ وَإِمَّا أَنْ تَجِيءَ بِهِ أَسْوَدَ كَالْجَمَلِ الْأَوْرَقِ فَهُوَ لِغَيْرِهِ فَجَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ كَالْجَمَلِ الْأَوْرَقِ فَدَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَجَعَلَهُ لِعَصَبَةِ أُمِّهُ وَقَالَ لَوْلَا الْأَيْمَانُ الَّتِي مَضَتْ يَعْنِي اللِّعَانَ لَكَانَ فِيهِ كَذَا وَكَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَأَيْتُ الْمَرْأَةَ تَدْرَأُ عَنْ نَفْسِهَا الْعَذَابَ وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ إِنَّهَا تُسْجَنُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِيهِ أُصَيْفِرَ أُحَيْمِشَ فَالْأُصَيْفِرُ تَصْغِيرُ أَصْفَرَ وَالْأُحَيْمِشُ تَصْغِيرُ أَحْمَشَ وَالْأَحْمَشُ الدَّقِيقُ الْقَوَائِمِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ رِوَايَةِ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَمَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عن أبيه جميعا عن عبد الرحمان بن

الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُلَاعَنَةَ كَانَتْ عَلَى الْحَمْلِ وَحَدِيثُ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عباس حديث طويل فِي اللِّعَانِ ذَكَرَ فِيهِ كَلَامَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَقِصَّةَ تَلَاعُنِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَزَوْجَتِهِ إِذْ رَمَاهَا بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ حَدِيثًا طَوِيلًا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ وَلَمْ يَسُقْهُ بِتَمَامِهِ وَفِيهِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ بَيْنَهُمَا يَعْنِي بَعْدَ تَمَامِ الْتِعَانِهِمَا وَقَضَى أَلَّا يُدْعَى وَلَدُهَا لِأَبٍ وَلَا تُرْمَى هِيَ وَلَا يُرْمَى وَلَدُهَا وَمَنْ رَمَاهَا أَوْ رَمَى وَلَدَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَقَضَى أَنْ لَا بَيْتَ عَلَيْهَا وَلَا قُوتَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا مُفْتَرِقَانِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا هِيَ مُتَوَفًّى عَنْهَا وَقَالَ إِنْ جَاءَتْ بِهِ أُصَيْهِبَ أُثَيْبِجَ أَحْمَشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِهِلَالٍ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أورق جعدا

جُمَالِيًّا خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ سَابِغَ الْإِلْيَتَيْنِ فَهُوَ لِلَّذِي رُمِيَتْ بِهِ فَجَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ جَعْدًا جُمَالِيًّا خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ سَابِغَ الْإِلْيَتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ قَالَ عِكْرِمَةُ فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَمِيرًا عَلَى مِصْرَ وَيُدْعَى لِلْأَبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَضَى أَنَّ مَنْ رَمَاهَا أَوْ رَمَى وَلَدَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وهو حجة لمالك وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ أَنَّ مَنْ قَذَفَ الْمُلَاعَنَةَ أَوْ وَلَدَهَا حُدَّ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ أَيْضًا أَنْ لَا بَيْتَ عَلَيْهَا وَلَا قُوتَ يَعْنِي لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَأَمَّا مَالِكٌ فإنه لم يذهب إلى هذا ورأى أَنَّ السُّكْنَى لِكُلِّ مُطْلَّقَةٍ وَجَبَتْ لَهَا النَّفَقَةُ أَوْ لَمْ تَجِبْ مُخْتَلِعَةً كَانَتْ أَوْ مُلَاعَنَةً أَوْ مَبْتُوتَةً وَلَا نَفَقَةَ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ يملك رجعتها خاصة أو حامل بَعْدَ تَحَمُّلِهَا فَسُقُوطِهَا مِنْ أَجْلِ الْحَمْلِ وَلِلْمَبْتُوتَاتِ وَالْمُخْتَلِعَاتِ كُلِّهِنَّ عِنْدَهُ السُّكْنَى دُونَ النَّفَقَةِ وَهَذَا كُلُّهُ أَيْضًا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَى إِيجَابِ النَّفَقَةِ لِكُلِّ مُعْتَدَّةٍ مَبْتُوتَةٍ وَغَيْرِ مَبْتُوتَةٍ مَعَ السُّكْنَى

وَذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ أَيْضًا إِلَى أَنْ لَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةَ لِمَنْ لَا رَجْعَةَ عَلَيْهَا فَلَا سُكْنَى عِنْدَهُمْ لِلْمُلَاعَنَةِ وَالْمُخْتَلِعَةِ وَلَا لِغَيْرِهَا وَلَا نَفَقَةَ) وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَيْضًا وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي إِيجَابِ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ لِلْمَبْتُوتَةِ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهَا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَنَذْكُرُ وُجُوهَ أَقَاوِيلِهِمْ وَمَعَانِيَهَا هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أُصَيْهِبَ فَهُوَ تَصْغِيرُ أَصْهَبَ وَالصُّهْبَةُ حُمْرَةٌ فِي الشَّعْرِ والأثيبج تصغير أثبج والأثبج العالي اظهر يُقَالُ رَجُلٌ أَثْبَجُ نَاتِئُ الثَّبَجِ وَثَبَجُ كُلِّ شَيْءٍ وَسَطُهُ وَأَعْلَاهُ وَرَجُلٌ مُثَبَّجٌ مُضْطَرِبُ الْخَلْقِ فِي طُولٍ وَالْأَحْمَشُ السَّاقَيْنِ دَقِيقُهُمَا وَالْأَوْرَقُ الرَّمَادِيُّ اللَّوْنِ وَيُقَالُ الْأَوْرَقُ لِلرَّمَادِ أَيْضًا وَمِنْهُ قِيلَ حَمَامَةٌ وَرْقَاءُ وَأَصْلُ الْوَرَقِ سَوَادٌ فِي

غَيْرِهِ وَالْجُمَالِيُّ الْعَظِيمُ الْخَلْقِ يُقَالُ نَاقَةٌ جُمَالِيَّةٌ إِذَا كَانَتْ فِي خَلْقِ الْجَمَلِ وَالْخَدَلَّجُ الضَّخْمُ السَّاقَيْنِ يُقَالُ امْرَأَةٌ خَدَلَّجَةٌ إِذَا كَانَتْ ضَخْمَةَ السَّاقِ وَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُلَاعَنَةَ كَانَتْ فِي حِينِ التَّلَاعُنِ حُبْلَى فَلَمَّا نَفَاهُ فِي لِعَانِهِ نَفَاهُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ أَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ وَهُوَ أَوْلَى وَأَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهُ لِعُصْبَةِ أُمِّهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مِيرَاثِ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ فَقَالَ قَائِلُونَ أُمُّهُ عَصَبَتُهُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَجَمَاعَةٌ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أُمُّهُ عَصَبَتُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَعَصَبَتُهَا وَقَالَ آخَرُونَ عَصَبَتُهُ عَصَبَةُ أُمِّهِ قَالَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ تَرِثُهُ أُمُّهُ وَعَصَبَتُهَا وَالْقَائِلُونَ بِهَذَيْنَ الْقَوْلَيْنِ يَقُولُونَ بِتَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لَا عَصَبَةَ لِابْنِ

الملاعنة وهو عندهما كَمُوَرَّثٍ لَمْ يُخْلَفْ أَبًا وَلَا عَصَبَةً فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ لِأُمٍّ وَرِثُوا فَرْضَهُمْ وَوَرِثَتْ أُمُّهُ سَهْمَهَا وَمَا بَقِيَ فَلِبَيْتِ الْمَالِ هَذِهِ رِوَايَةُ قَتَادَةَ عَنْ جُلَاسٍ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ والمشهور عن عليه أَنَّ عَصَبَتَهُ عَصَبَةُ أُمِّهِ إِلَّا أَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ ذَا السَّهْمِ أَحَقُّ مِمَّنْ لَا سَهْمَ لَهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَصَبَتُهُ عَصَبَةُ أُمِّهِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَحَمَّادٍ وَالْحَكَمِ وَسُفْيَانَ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَشَرِيكٍ وَيَحْيَى بْنِ آدَمَ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ عَصَبَةَ أُمِّهِ عَصَبَتَهُ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ أُمِّهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَعْطَاهَا فَرْضَهَا وَجَعَلَ الْبَاقِيَ لِعَصَبَتِهَا ابْنًا كَانَ لَهَا أَوْ أَخًا لِابْنِهَا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ عَصَبَتِهَا وَالَّذِينَ جَعَلُوا أُمَّهُ عَصَبَتَهُ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ فَعَصَبَتُهَا احْتَجُّوا بِحَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْمَرْأَةُ تُحْرِزُ ثَلَاثَةَ مَوَارِيثَ عَتِيقَهَا وَلَقِيطَهَا وَابْنَهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ وَبِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مِيرَاثُ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ لِأُمِّهِ وَلِوَرَثَتِهَا مِنْ بَعْدِهَا

وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا إِلَى قَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ إِنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا سُئِلَا عَنْ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ وَوَلَدِ الزِّنَا مَنْ يَرِثُهُمَا فَقَالَا تَرِثُ أُمُّهُ حَقَّهَا وإخوته لمه حقوقهم ويرث ما بقي من ماله موال أُمِّهِ إِنْ كَانَتْ مَوْلَاةً وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً وَرِثَتْ حَقَّهَا وَوَرِثَ إِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ وَوَرِثَ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ الْمُسْلِمُونَ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ سَوَاءً وَلِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَالْقَائِلِينَ بِالرَّدِّ وَتَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ ضُرُوبٌ مِنَ التَّنَازُعِ فِي تَوْرِيثِ عَصَبَةِ أُمِّ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ مِنْهُ مَعَ الْأُمِّ وَدُونَهَا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِ ذَلِكَ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمُلَاعِنَ إِذَا أَقَرَّ بِالْوَلَدِ جُلِدَ الْحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ وَوَرِثَهُ وَابْنُ الزَّانِيَةِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ كَابْنِ الْمُلَاعَنَةِ سَوَاءٌ وَكُلٌّ فِيهِ عَلَى أَصْلِهِ

الذي ذكرناه عنهم وأجمعوا في توءمي الزَّانِيَةِ أَنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ عَلَى أَنَّهُمَا لِأُمٍّ وَاخْتَلَفُوا في توءمي الْمُلَاعَنَةِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِلَى أَنَّ تَوَارُثَهُمَا كَتَوَارُثِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَيَحْتَجُّونَ بِأَنَّ الْمُلَاعِنَ إِذَا اسْتَلْحَقَهُمَا جُلِدَ الْحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ النَّسَبُ وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إِلَى أن توءمي الملاعنة كتوءمي الزَّانِيَةِ لَا يَتَوَارَثَانِ إِلَّا عَلَى أَنَّهُمَا لِأُمٍّ وَإِنْ مَاتَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ فَاسْتَلْحَقَهُ الْمُلَاعِنُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُمَا يَقُولُونَ إِنْ خَلَفَ وَلَدًا لَحِقَ بِهِ نَسَبُهُ وَوَرِثَ وَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ وَلَدًا لَمْ يَرِثْهُ وَيُجْلَدُ الْحَدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُجْلَدُ الْحَدَّ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَنَسَبُهُ وَيَرِثُ خَلَّفَ وَلَدًا أَوْ لَمْ يُخْلِّفْ وَإِنْ مَاتَ الْمُلَاعِنُ بَعْدَ أَنِ الْتَعَنَ وَقَبْلَ أَنْ تَلْتَعِنَ الْمَرْأَةُ فَإِنِ الْتَعَنَتْ بَعْدَهُ لَمْ تَرِثْ وَإِنْ نَكَلَتْ عَنْ الِالْتِعَانِ حُدَّتْ وَوَرِثَتْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَتَوَارَثَانِ أَبَدًا إِذَا الْتَعْنَ الرَّجُلُ وَتَمَّ الْتِعَانُهُ لِأَنَّ الْفِرَاشَ قَدْ زَالَ بِالْتِعَانِهِ وَإِنَّمَا الْتِعَانُ الْمَرْأَةِ لِدَفْعِ الْحَدِّ عَنْهَا

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَنْقَطِعُ التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا أَبَدًا حَتَّى يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا فَأَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وِرِثَهُ الْآخَرُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ اعْتِلَالَاتٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَلَوْ تَعَرَّضْنَا لَهَا خَرَجْنَا عَنْ شَرْطِنَا فِي كِتَابِنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَنْقَطِعُ التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا أَبَدًا حَتَّى يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا فَأَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وِرِثَهُ الْآخَرُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ اعْتِلَالَاتٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَلَوْ تَعَرَّضْنَا لَهَا خَرَجْنَا عَنْ شَرْطِنَا فِي كِتَابِنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا

الحديث السابع والأربعون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَأَرْبَعُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكْهَا حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ هَذَا حَدِيثٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ أَيْضًا فِي أَلْفَاظِهِ عَنْ نَافِعٍ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةُ أَصْحَابِهِ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ سَوَاءً قَالُوا فِيهِ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تطهر ثم

إِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَابْنُ جُرَيْجِ والليث بْنُ سَعْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَيْضًا عَلَيْهِ فِيهِ مِثْلَ رِوَايَةِ نَافِعٍ سَوَاءً حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ الْحَدِيثَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ سَوَاءً مِثْلَ رواية نافع والزهري قال أَبُو دَاوُدَ (قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَلْقَمَةُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ) وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ جبير وعبد الرحمان بن أيمن وأنس بن سِيرِينَ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَأَبُو الزُّبَيْرِ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ لَمْ يَذْكُرُوا ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

وكذلك أيضا رواه محمد بن عبد الرحمان عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لَا أَنَّهُ زَادَ ذِكْرَ الْحَامِلِ وَذَهَبَ إِلَى هَذَا طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ قَالُوا إِنَّمَا أُمِرَ الْمُطَلِّقُ فِي الْحَيْضِ بِالْمُرَاجَعَةِ لِأَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا خَطَأً فَأُمِرَ أَنْ يُرَاجِعَهَا لِيُخْرِجَهَا مِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ الْخَطَأِ ثُمَّ يَتْرُكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ تِلْكَ الْحَيْضَةِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا طَلَاقًا صَوَابًا إِنْ شَاءَ طَلَاقَهَا وَلَمْ يَرَوْا لِلْحَيْضَةِ الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ مَعْنًى عَلَى ظَاهِرِ مَا رَوَى هَؤُلَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِلْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ وَالطُّهْرِ الثَّانِي وُجُوهٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهَا أَنَّ الْمُرَاجَعَةَ لَا تَكَادُ تُعْلَمُ صِحَّتُهَا إِلَّا بِالْوَطْءِ لِأَنَّهُ الْمُبْتَغَى مِنَ النِّكَاحِ فِي الْأَغْلَبِ فَكَانَ ذَلِكَ الطُّهْرُ مَوْضِعًا لِلْوَطْءِ (الَّذِي) تُسْتَيْقَنُ بِهِ الْمُرَاجَعَةُ فَإِذَا مَسَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ إِلَى طَلَاقِهَا فِي طُهْرٍ قَدْ مَسَّهَا فِيهِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ وَلِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمُطَلِّقَ فِي طُهْرٍ قَدْ مَسَّ فِيهِ لَيْسَ بِمُطَلِّقٍ لِلْعِدَّةِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَقِيلَ لَهُ دَعْهَا حَتَّى تَحِيضَ أُخْرَى ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ طَلِّقْ إِنْ شِئْتَ قَبْلَ أَنْ تَمَسَّ وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْمَعْنَى

مَنْصُوصًا فِي هَذَا الْحَدِيثُ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حدثنا معلى بن عبد الرحمان الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ فِي دَمِهَا حَائِضٌ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَإِذَا طَهُرَتْ مَسَّهَا حَتَّى إِذَا طَهُرَتْ أُخْرَى فَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّ الَّذِي يَمَسُّ فِي الطُّهْرِ إِنَّمَا نُهِيَ عَنِ الطَّلَاقِ فِيهِ لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي أَعِدَّةَ حَامِلٍ تَعْتَدُّ أَمْ عِدَّةَ حَائِلٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ جَاءَ فِي هَذَا خَبَرٌ كَفَانَا انْتِحَالَ التَّعْلِيلِ وَالنَّظَرِ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَمِّهِ وَهْبِ بْنِ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ الطَّلَاقُ الْحَلَالُ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ أَوْ يُطَلِّقَهَا حَامِلًا مُسْتَبِينٌ حَمْلُهَا وَأَمَّا الطَّلَاقُ الْحَرَامُ فَأَنْ يُطَلِّقَهَا حَائِضًا أَوْ يُطَلِّقَهَا حِينَ يُجَامِعُهَا فَلَا تَدْرِي أَيَشْتَمِلُ الرَّحِمُ عَلَى وَلَدٍ أَمْ لَا وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَقَدْ قِيلَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا وَقِيلَ إِنَّ الْمُطَلِّقَ فِي الْحَيْضِ إِنَّمَا أُمِرَ

بِالْمُرَاجَعَةِ لِيُسْتَبَاحَ بِالرَّجْعَةِ طَلَاقُ السُّنَّةِ فَإِذَا لَمْ يُحَقِّقِ الرَّجْعَةَ بِالْوَطْءِ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَعْنًى وَقِيلَ إِنَّمَا نُهِيَ عَنِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ لِئَلَّا تَطُولَ عِدَّةُ الْمَرْأَةِ وَأَمَرَهُ بِمُرَاجَعَتِهَا لِوُقُوعِ طَلَاقِهِ فَاسِدًا ثُمَّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُبَاحَ لَهُ طَلَاقُهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي تِلْكَ الْحَيْضَةَ لِأَنَّهُ لَوْ أُبِيحَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا إِذَا طَهُرَتْ مِنْ تِلْكَ الْحَيْضَةِ كَانَتْ فِي مَعْنَى الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَانَتْ تَبْنِي عَلَى عِدَّتِهَا الْأُولَى فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَنْقَطِعَ حُكْمُ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ بِالْوَطْءِ فَإِذَا وَطِئَهَا فِي الطُّهْرِ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَأْنَفَتْ عِدَّتُهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَمْ تَبِنْ وَقِيلَ إِنَّهُ لَمَّا طَلَّقَ فِي وَقْتٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ فِيهِ أُدِّبَ بِأَنْ مُنِعَ الطَّلَاقَ فِي وَقْتٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُوقِعَهُ فِيهِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الطُّهْرَ الثَّانِيَ جُعِلَ لِلْإِصْلَاحِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَجِعِ أَنْ لَا يَرْتَجِعَ رَجْعَةَ ضَرَرٍ لِقَوْلِهِ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا

قَالُوا فَالطُّهْرُ الْأَوَّلُ جُعِلَ لِلْإِصْلَاحِ وَهُوَ الْوَطْءُ ثُمَّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُطَلِّقَ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَوْ أُبِيحَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ الطُّهْرِ مِنْ تِلْكَ الْحَيْضَةِ كَانَ كَأَنَّهُ قَدْ أُمِرَ بِأَنْ يُرَاجِعَهَا لِيُطَلِّقَهَا فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ إِلَى أَجَلٍ وَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَطَأَ (هَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ الْحِجَازِيِّينَ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْأَطْهَارُ) وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وجوه كثيرة واعتلالات للمخالفين يطول ذِكْرُهَا وَاسْتَدَلَّ قَوْمٌ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ لِلْعِدَّةِ وَالسُّنَّةُ يَكُونُ ثَلَاثًا مُفْتَرِقَاتٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالُوا طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُلِّ تَطْلِيقَتَيْنِ حَيْضَةٌ لِقَوْلِهِ ثُمَّ تَحِيضُ ثُمَّ تَطْهُرُ ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي كُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً وَسَنَذْكُرُ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي كَيْفِيَّةِ الطَّلَاقِ لِلسُّنَّةِ وَمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الطَّلَاقَ مُبَاحٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَرِهَ لَهُ ذَلِكَ الطَّلَاقَ لِأَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي الْحَيْضِ فَأَمَرَهُ بِمُرَاجَعَتِهَا مِنْ ذلك والمطلق

فِي الْحَيْضِ مُطَلِّقٌ لِغَيْرِ الْعِدَّةِ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَقُرِئَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِقَبْلِ عِدَّتِهِنَّ وَكَذَلِكَ كَانَ يَقْرَأُ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا لِعِدَّتِهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ ذَلِكَ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَهَذَا غَايَةٌ فِي الْإِبَاحَةِ وَالْقُرْآنُ وَرَدَ بِإِبَاحَةِ الطَّلَاقِ وَطَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ نِسَائِهِ وَهُوَ أَمْرٌ لَا خِلَافَ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ مَكْرُوهٌ وَفَاعِلُهُ عَاصٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالنَّهْيِ عَنْهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَا خِلَافَ فِيهِ أَيْضًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَغَيُّظِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ حِينَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لرسول الله

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرُ ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَذَلِكَ الطَّلَاقُ لِلْعِدَّةِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَفِيهِ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ لَازِمٌ لِمَنْ أَوْقَعَهُ وَإِنْ كَانَ فَاعِلُهُ قَدْ فَعَلَ مَا كُرِهَ لَهُ إِذْ تَرَكَ وَجْهَ الطَّلَاقِ وَسُنَّتَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ لَازِمٌ فِي الْحَيْضِ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ عُمَرَ بِمُرَاجَعَةِ امْرَأَتِهِ إِذْ طَلَّقَهَا حَائِضًا وَالْمُرَاجَعَةُ لَا تَكُونُ إلا بعد لزوم الطلاق ولم لَمْ يَكُنِ الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ وَاقِعًا وَلَا لَازِمًا مَا قَالَ لَهُ رَاجِعْهَا لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُطَلِّقْ وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا طَلَاقٌ لَا يُقَالُ فِيهِ رَاجِعْهَا لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُقَالَ لِرَجُلٍ امْرَأَتُهُ فِي عِصْمَتِهِ لَمْ يُفَارِقْهَا رَاجِعْهَا أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمُطَلَّقَاتِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ هَذَا فِي الزَّوْجَاتِ اللَّاتِي لَمْ يَلْحَقْهُنَّ الطَّلَاقُ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَجُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فِي الْحَيْضِ بِدْعَةٌ غَيْرُ سُنَّةٍ فَهُوَ لَازِمٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَلَا مُخَالِفَ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ

وَالضَّلَالِ وَالْجَهْلِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ الطَّلَاقَ لِغَيْرِ السُّنَّةِ غَيْرُ وَاقِعٍ وَلَا لَازِمٍ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ وَهُوَ شُذُوذٌ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ لِمَا ذَكَرْنَا وَلِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ الَّذِي عَرَضَتْ لَهُ الْقَضِيَّةُ احْتَسَبَ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ وَأَفْتَى بِذَلِكَ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُدْفَعُ عِلْمُهُ بِقِصَّةِ نَفْسِهِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا تَقَعُ إِلَّا عَلَى حَسَبِ سُنَّتِهَا وَإِنَّمَا هُوَ زَوَالُ عِصْمَةٍ فِيهَا حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَكَيْفَمَا أَوْقَعَهُ وَقَعَ فَإِنْ أَوْقَعَهُ لِسُنَّةٍ هُدِيَ وَلَمْ يَأْثَمْ وَإِنْ أَوْقَعَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ أَثِمَ وَلَزِمَهُ ذَلِكَ وَمُحَالٌ أَنْ يَلْزَمَ الْمُطِيعَ وَلَا يَلْزَمَ الْعَاصِي وَلَوْ لَزِمَ الْمُطِيعَ الْمُوقِعَ لَهُ إِلَّا عَلَى سُنَّتِهِ وَلَمْ يَلْزَمِ الْعَاصِيَ لَكَانَ الْعَاصِي أَخَفَّ حَالًا مِنَ الْمُطِيعِ وَقَدِ احْتَجَّ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ لَازِمٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ عَصَى رَبَّهُ وَفَارَقَ امْرَأَتَهُ وَحَسْبُكَ بِابْنِ عُمَرَ فَقَدْ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُحْتَسَبُ بِالطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ وَسَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي غَلَّابٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ تَعْرِفُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَإِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا قُلْتُ أَتَحْتَسِبُ بِهَا قَالَ فَمَهْ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ وَمُحَمَّدٌ هَذَا هُوَ محمد بن سِيرِينَ وَأَبُو غَلَّابٍ هَذَا هُوَ يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ سِيرِينَ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ قُلْتُ رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ تَعْرِفُ ابْنَ عُمَرَ فَإِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا قُلْتُ فتعتد بتلك الطَّلْقَةَ قَالَ فَمَهْ أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ هَكَذَا قَالَ مُسَدَّدٌ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ عن محمد بن سِيرِينَ لَمْ يَذْكُرْ سَلَمَةَ بْنَ عَلْقَمَةَ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بن سِيرِينَ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ قُلْتُ رجل طلق امرأته وهي حائض فقال تعرف عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَأَتَى عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيُطْلِّقْهَا فِي قَبْلِ عِدَّتِهَا قَالَ قُلْتُ فَتَعْتَدُّ بِهَا قَالَ فَمَهْ أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شعبة عن أنس بن سِيرِينَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيُطَلِّقْهَا إِنْ شَاءَ فَقَالَ أنس أتعتد بتلك الطَّلْقَةُ قَالَ نَعَمْ وَقَدْ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ أنس بن سيرين من ابن عمر ولم يسمعه منه محمد بن سيرين

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ إِجَازَةً قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَامِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أنس بن سِيرِينَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِيُرَاجِعْهَا فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا قَالَ قُلْتُ أَفَتَحْتِسَبُ بِهَا قَالَ فَمَهْ وَمَعْنَى قَوْلِهِ هَذَا فَمَهْ أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ أَوِ اسْتَحْمَقَ أَيْ فَأَيُّ شَيْءٍ يَكُونُ إِذَا لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا إِنْكَارًا مِنْهُ لِقَوْلِ أَنَسٍ أَفَتَعْتَدُّ بِهَا فَكَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ بُدٌّ أَنْ تَعْتَدَّ بِهَا أَرَأَيْتَ لَوْ عَجَزَ بِمَعْنَى تَعَاجَزَ عَنْ فَرْضٍ آخَرَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ فَلَمْ يُقِمْهُ أَوِ اسْتَحْمَقَ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ أَكَانَ يُعْذَرُ فِيهِ وَنَحْوُ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ وَالْمَعْنَى وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ قَدِ اعْتَدَّ بِهَا وَرَآهَا لَازِمَةً لَهُ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ

ثَلَاثًا فِي الْحَيْضِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ وَلَوْ جَازَ أَنْ تَكُونَ الطَّلْقَةُ الْوَاحِدَةُ فِي الْحَيْضِ لَا يُعْتَدُّ بِهَا لَكَانَتِ الثَّلَاثُ أَيْضًا لَا يُعْتَدُّ بِهَا وَهَذَا مَا لَا إِشْكَالَ فِيهِ عِنْدَ كُلِّ ذِي فَهْمٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَخَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُصَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ عنده حيضة أُخْرَى ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُطْلِّقَهَا فَلْيُطْلِّقْهَا حِينَ تَطْهُرُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُجَامِعَهَا فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ قَالَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ لِأَحَدِهِمْ إِذَا أَنْتَ طَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ وَهِيَ حَائِضٌ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِهَذَا وَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ وَعَصَيْتَ اللَّهَ فِيمَا أَمَرَكَ بِهِ مِنْ طَلَاقِ امْرَأَتِكَ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُمْ أَرْسَلُوا إِلَى نَافِعٍ يَسْأَلُونَهُ هَلْ حُسِبَتْ تَطْلِيقَةُ

ابْنِ عُمَرَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ نَعَمْ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُفَسِّرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْقَاضِي الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَأَتَى عُمَرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ قَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ فَإِنَّهَا الْعِدَّةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقُلْتُ لِنَافِعٍ مَا فَعَلَ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ قَالَ اعْتَدَّ بِهَا فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تُوَضِّحُ لَكَ مَا قُلْنَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا طَلْقَةٌ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِالْمُرَاجَعَةِ إِلَّا لِمَنْ لَزِمَتْهُ الطَّلْقَةُ

وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ لَقَالَ دَعْهُ فَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ أَوْ نَحْوَ هَذَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا خَبَرٌ ظَاهِرُهُ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا وَصَفْنَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سمع عبد الرحمان بْنَ أَيْمَنَ مَوْلَى عُرْوَةَ يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ قَالَ كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا قَالَ طَلَّقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَرَدُّوهَا عَلَيَّ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا قَالَ وَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ لِيُمْسِكْ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَرَأَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قَبْلِ عِدَّتِهِنَّ رَوَى أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا مُنْكَرٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لِمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ أَنَّهُ اعْتَدَّ بِهَا وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ

عَنْهُ غَيْرُ أَبِي الزُّبَيْرِ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ جِلَّةٌ فَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَأَبُو الزُّبَيْرِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا خَالَفَهُ فِيهِ مِثْلُهُ فَكَيْفَ بِخِلَافِ مَنْ هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ مَعْنَاهُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يَرَهَا عَلَى اسْتِقَامَةٍ أَيْ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا مُسْتَقِيمًا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ طَلَاقُهُ لَهَا عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ هَذَا أَوْلَى الْمَعَانِي بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ إِنْ صَحَّتْ وَكُلُّ مَنْ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ مِنَ الْحُفَّاظِ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ وَلَيْسَ مَنْ خَالَفَ الْجَمَاعَةَ الْحُفَّاظَ بِشَيْءٍ فِيمَا جَاءَ بِهِ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ لَا يقع وأن المطلق لا يعتد بتلك التَّطْلِيقَةَ بِمَا رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا فِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا مِنَ الشعبي إنما معناه لا يعتد بتلك الْحَيْضَةَ فِي الْعِدَّةِ وَلَمْ يُرِدْ لَا يَعْتَدُّ بتلك التَّطْلِيقَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ مَنْصُوصًا رَوَاهُ شَرِيكٌ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ يَقَعُ عَلَيْهِ الطلاق ولا يعتد بتلك الْحَيْضَةَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُطْلِّقُ فِي الْحَيْضِ بِالْمُرَاجَعَةِ فَقَالَ قَوْمٌ عُوقِبَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ

تَعَدَّى مَا أُمِرَ بِهِ وَلَمْ يُطَلِّقْ لِلْعِدَّةِ فَعُوقِبَ بِإِمْسَاكِ مَنْ لَمْ يُرِدْ إِمْسَاكَهُ حَتَّى يُطَلِّقَ كَمَا أُمِرَ لِلْعِدَّةِ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا أُمِرَ بِذَلِكَ قَطْعًا لِلضَّرَرِ فِي التَّطْوِيلِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ إِذَا طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ فَقَدْ طَلَّقَهَا فِي وَقْتٍ لَا تَعْتَدُّ بِهِ مِنْ قُرْئِهَا الَّذِي تَعْتَدُّ بِهِ فَتَطُولُ عِدَّتُهَا فَنُهِيَ عَنْ أَنْ يُطَوِّلَ عَلَيْهَا وَأُمِرَ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا إِلَّا عِنْدَ اسْتِقْبَالِ عَدَّتِهَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُطَلِّقِ زَوْجَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى رَجَعَتِهَا أَمْ لَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيُّ يُؤْمَرُ بِرَجْعَتِهَا إِذَا طَلَّقَهَا حَائِضًا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يُجْبَرُ عَلَى مُرَاجَعَتِهَا إِذَا طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ أَوْ فِي دَمِ النِّفَاسِ وَهُوَ أَوْلَى لِمَا يَقْتَضِيهِ الْأَمْرُ مِنْ وُجُوبِ الِائْتِمَارِ وَاسْتِعْمَالُ الْمَأْمُورِ مَا أُمِرَ بِهِ حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْ جَبْرِ الْوُجُوبِ دَلِيلٌ وَلَا دَلِيلَ ههنا عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ كُلُّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا أُجْبِرَ عَلَى رَجَعَتِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا نُفَسَاءَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى رَجَعَتِهَا وَهَذَا إِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ لَا يَجُوزُ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى تَطْهُرَ فَإِنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي دَمِ حَيْضٍ أَوْ دَمِ نفاس

طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ أَبَدًا مَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ عِدَّتِهَا وَسَوَاءً أَدْرَكَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَيْضَةِ الَّتِي طَلَّقَ فِيهَا أَوِ الطُّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ أَوِ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ أَوِ الطُّهْرِ بَعْدَهَا إِذَا كَانَ طَلَاقُهُ فِي الْحَيْضِ يُجْبِرُ عَلَى رَجَعَتِهَا أَبَدًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إِلَّا أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَإِنَّهُ قَالَ يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ مَا لَمْ تَطْهُرْ (وَحَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ) فَإِذَا صَارَتْ فِي الْحَالِ الَّتِي أَبَاحَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَاقَهَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى رَجْعَتِهَا وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَعْنِي مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ أَنَّ الْمُطَلِّقَ فِي الْحَيْضِ إِذَا أُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ وَقُضِيَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ ثُمَّ شَاءَ طَلَاقَهَا أَنَّهُ لَا يُطَلِّقُهَا فِي ذَلِكَ الْحَيْضِ وَلَكِنْ يُمْهِلُ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضُ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ حِينَئِذٍ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ ولا يطلقها بعد طهرها من ذكل الدَّمِ الَّذِي ارْتَجَعَهَا فِيهِ بِالْقَضَاءِ فَإِنْ فَعَلَ لزمه ولا يؤمر ههنا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ قَالَ يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ مَا لَمْ يَخْرُجْ إِلَى الطُّهْرِ الثَّانِي قَالَ كَيْفَ أُجْبِرُهُ عَلَى الرَّجْعَةِ فِي مَوْضِعٍ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ فِيهِ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِذَا أَجْبَرْتُهُ عَلَى

الرَّجْعَةِ فَطَهُرَتْ مِنْ تِلْكَ الْحَيْضَةِ لَمْ أَمْنَعْهُ مِنَ الْوَطْءِ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَيُطَلِّقُ قَبْلَ الْمَسِيسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ كُلُّهُمْ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا طَلَّقَ فِي طُهْرٍ قَدْ مَسَّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَا يُؤْمَرُ بِهَا وَإِنْ كَانَ طَلَاقُهُ قَدْ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ سَبِيلِ السُّنَّةِ وَطَلَاقُ السُّنَّةِ هُوَ الطَّلَاقُ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ لِلْعِدَّةِ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِهِ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ طَاهِرٌ طُهْرًا لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ (بَعْدَ أَنْ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا) طَلْقَةً وَاحِدَةً ثم تركها حتى تنقض عِدَّتُهَا أَوْ رَاجَعَهَا مُرَاجَعَةَ رَغْبَةٍ أَنَّهُ مُطَلِّقٌ لِلسُّنَّةِ وَأَنَّهُ قَدْ طَلَّقَ لِلْعِدَّةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا مُجْتَمِعَاتٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ أَوْ أَرْدَفَهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مِنَ الْأَطْهَارِ الَّتِي يُعْتَدُّ بِهَا فِي عِدَّتِهَا تَطْلِيقَةً بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ هَلْ هُوَ بِهَذَيْنَ الْفِعْلَيْنِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا مُطَلِّقٌ لِلسُّنَّةِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَ طَلْقَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يمس

فِيهِ وَلَوْ كَانَ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْهُ ثُمَّ يَمَسُّهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَذَلِكَ بِظُهُورِ أَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فِي الْحُرَّةِ أَوِ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْأَمَةِ فَيَتِمُّ لِلْحُرَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ وَلِلْأَمَةِ قُرْآنِ وَالْقُرْءُ الطُّهْرُ الْمُتَّصِلُ بِالدَّمِ عِنْدَهُمْ فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مُجْتَمِعَاتٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ فَقَدْ لَزِمَهُ وَلَيْسَ بِمُطَلِّقٍ لِلسُّنَّةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا بَأْسَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً مَا لَمْ يَرْتَجِعْهَا فِي خِلَالِ ذَلِكَ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثانية فلا يسعه ذلك لأنه يطول الْعِدَّةُ عَلَيْهَا فَإِذَا لَمْ يَرْتَجِعْهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى فِي الْمُوَطَّأِ فِي تَفْسِيرِ قِرَاءَةِ ابْنِ عُمَرَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ قَالَ يَحْيَى قَالَ مَالِكٌ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي كُلِّ طُهْرٍ وَهَذَا التَّفْسِيرُ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ عَنْ مالك في الموطأ غير يَحْيَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ إِجْمَاعٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ طَلَاقُ السُّنَّةِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ لِلْعِدَّةِ يُوَافِقُهُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُ وَهُوَ لَا يُوَافِقُ غَيْرَهُ عَلَى أَقْوَالِهِمْ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ وَيُعَضِّدُ قَوْلَهُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ الْمُطَلِّقَ فِي كُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً تَقَعُ بَعْضُ طَلَاقِهِ بِغَيْرِ عِدَّةٍ كَامِلَةٍ بَلْ يَقَعُ طَلَاقُهُ كُلُّهُ بِغَيْرِ عِدَّةٍ كَامِلَةٍ لِأَنَّ كُلَّ طَلْقَةٍ إِنَّمَا تكون بأزائها حيضة وَاحِدَةً وَلَيْسَ شَأْنُ الطَّلَاقِ أَنْ يُعْتَدَّ مِنْهُ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ بَلِ الْوَاجِبُ أَنْ تَكُونَ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ لِكُلِّ طَلْقَةٍ وَأَنْ تُسْتَقْبَلَ الْعِدَّةُ بِالطَّلَاقِ لِقَوْلِهِ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ أَوْ لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ وَكُلُّ طَلَاقٍ يُوجِبُ الْعِدَّةَ الْكَامِلَةَ فَهُوَ بِخِلَافِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الطَّلَاقِ لِلْعِدَّةِ عَلَى ظَاهِرِ الْخِطَابِ فَإِنْ جَعَلْتَ الثَّلَاثَةَ قُرُوءٍ لِلطَّلْقَةِ الْأُولَى كَانَتِ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ بِغَيْرِ أَقْرَاءٍ تَعْتَدُّ بِهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّلْقَةَ الثَّانِيَةَ بِقُرْءَيْنِ وَالطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ بِقُرْءٍ وَاحِدٍ وَهَذَا خِلَافُ حُكْمِ الْعِدَّةِ فِي الْمُطَلَّقَاتِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَاحِدَةً وَيَدَعُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا قَالَ وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ كَانَ أَيْضًا مُطَلِّقًا لِلسُّنَّةِ وَكَانَ

تَارِكًا لِلِاخْتِيَارِ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ طَلَّقَهَا حِينَ تَطْهُرُ مِنْ حَيْضَتِهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَدَعُهَا حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِذَا طَهُرَتْ وطلقها ثالثة حرمن عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَتَبْقَى عَلَيْهَا عِنْدَهُمْ مِنْ عِدَّتِهَا حَيْضَةٌ لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ عِنْدَهُمُ الْحِيَضُ وَمَنْ فَعَلَ هَذَا عِنْدَهُمْ فَهُوَ مُطَلِّقٌ لِلسُّنَّةِ وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ لَيْسَ هَذَا بِمُطَلِّقٍ لِلسُّنَّةِ وَلَيْسَ عِنْدَهُمُ الْمُطَلِّقُ لِلسُّنَّةِ إِلَّا مَنْ طَلَّقَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الَّذِي حَكَيْنَا عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ حَاشَا أَشْهَبَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ لَيْسَ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ وَإِنَّمَا السُّنَّةُ فِي وَقْتِ الطَّلَاقِ فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِلسُّنَّةِ أَمْهَلَهَا حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِذَا طَهُرَتْ طَلَّقَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُجَامِعَهَا كَمَا شَاءَ إِنْ شَاءَ وَاحِدَةً وَإِنْ شَاءَ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ ثَلَاثًا أَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ فَهُوَ مُطَلِّقٌ لِلسُّنَّةِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ طَلَاقَ السُّنَّةِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَلَيْسَ فِي طَلَاقِهَا سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ وَإِنَّ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمُرَادَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّلَاقِ لِلْعِدَّةِ هُوَ طَلَاقُ

الْمَدْخُولِ بِهَا مِنَ النِّسَاءِ فَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهِنَّ وَلَا سُنَّةَ وَلَا بِدْعَةَ فِي طَلَاقِهِنَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا الْآيَةَ وَيُطَلِّقُ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا زَوُجُهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ مَتَى شَاءَ مِنَ الطَّلَاقِ وَاحِدَةً وَأَكْثَرَ إِلَّا أَنَّهُ إِنْ طَلَّقَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلَاثًا لَزِمَهُ وَهُوَ عِنْدَهُمْ عَاصٍ فِي فِعْلِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُطَلِّقُهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا حَائِضًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُطَلِّقُهَا مَتَى شَاءَ وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا وَعَلَيْهِ النَّاسُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ إِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ لِلسُّنَّةِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إِلَّا وَاحِدَةً وَلَا تَكُونُ الثَّلَاثُ الْمُجْتَمِعَاتُ لِلسُّنَّةِ عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ وَمَرَّتَانِ لَا تَكُونَانِ إِلَّا فِي وَقْتَيْنِ وَالثَّلَاثُ فِي ثلاث أوقات

وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ إِلَى قَوْلِهِ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا فَأَيُّ أَمْرٍ يَحْدُثُ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَالْأَمْرُ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ الْمُرَاجَعَةُ وَمِنَ الْأَثَرِ مَا قَرَأْتُهُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ طَلَاقُ الْعِدَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَهِيَ طَاهِرٌ ثُمَّ يَدَعَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا أَوْ يُرَاجِعَهَا إِنْ شَاءَتْ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُطَلِّقُهُ ابْنُ مَسْعُودٍ بِرَأْيِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ تَوْقِيفًا مَعَ دَلَالَةِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا وَهِيَ الرَّجْعَةُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا سَبِيلَ إِلَيْهَا مَعَ الثَّلَاثِ فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ السُّنَّةَ وَمِنْ حُجَّةِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي أَنَّ الثَّلَاثَ إِذَا وَقَعَتْ فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ فَهُوَ أَيْضًا طَلَاقُ السُّنَّةِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ ذِكْرِ مَا أَبَاحَهُ مِنْ طَلَاقِ النِّسَاءِ لِلْعِدَّةِ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَقُرِئَ لِقَبْلِ عِدَّتِهِنَّ أَيْ لِاسْتِقْبَالِ عِدَّتِهِنَّ

وَإِذَا طُلِّقَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ فَهِيَ مُسْتَقْبِلَةٌ عِدَّتَهَا مِنْ يَوْمِئِذٍ وَسَوَاءً طُلِّقَتْ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ لَا يَمْنَعُهَا إِيقَاعُ أَكَثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى جَوَازِ وُقُوعِ أَكَثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَهَذَا فيمن قيل فيهن في أول السورة طلقوهن لِعِدَّتِهِنَّ ثُمَّ قَالَ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْمَبْتُوتَاتِ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَبْتُوتَةِ مِمَّنْ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا حَامِلًا وَغَيْرَ حَامِلٍ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا رَاجِعٌ إِلَى بَعْضِ مَا انْتَظَمَهُ الْكَلَامُ وَهِيَ الَّتِي لَمْ يَبْلُغْ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ قَدْ عَمَّ الْمُطَلَّقَاتِ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ وَقَوْلُهُ فِي نَسَقِ الْآيَةِ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ رَاجِعٌ إِلَى مَنْ لَمْ يُبْلَغْ بِطَلَاقِهَا الثَّلَاثُ وَفِي ذَلِكَ إِبَاحَةُ إِيقَاعِ مَا شَاءَ الْمُطَلِّقُ مِنَ الطَّلَاقِ وَظَاهِرُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ يَشْهَدُ بِهَذَا لِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ

أَقَرَّهُ أَنْ يُرَاجِعَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَلَمْ يَحْظُرْ طَلَاقًا مِنْ طَلَاقٍ وَلَا عَدَدًا مِنْ عَدَدٍ فِي الطَّلَاقِ قَالُوا فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ كَمْ شَاءَ إِذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِنْ كَانَتْ غير مدخول بها طلقها كم شاء ومنى شَاءَ طَاهِرًا وَحَائِضًا لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ أَيْضًا أَنَّ الْعَجْلَانِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ اللِّعَانِ ثَلَاثًا فَلَمْ يُنْكِرْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ سَمَوْأَلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ رُكَانَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ما أَرَدْتُ بِهَا فَلَوْ أَرَادَ ثَلَاثًا لَكَانَتْ ثَلَاثًا وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا كَذَلِكَ ذَكَرَهُ الشَّعْبِيُّ عَنْ فَاطِمَةَ وَشُعْبَةَ وَسُفْيَانَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أي الْجَهْمِ عَنْ فَاطِمَةَ (وَمَنْصُورٍ عَنْ تَمِيمٍ مَوْلَى فَاطِمَةَ عَنْ فَاطِمَةَ) وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ زَوْجِ فَاطِمَةَ كُلُّهُمْ قَالُوا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَكَذَلِكَ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ (ثَلَاثًا وَقَالَ مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ

قَالُوا فَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ) ابْنَةِ قَيْسٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يُنْكِرْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ مَنْ كَانَ لَهُ أَنْ يُوقِعَ وَاحِدَةً كَانَ لَهُ أَنْ يُوقِعَ ثَلَاثًا وَلَيْسَ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ وَهُوَ مُبَاحٌ قَدْ أَبَاحَهُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ عَارَضَ أَصْحَابُنَا احْتِجَاجَهُمْ هَذَا فَقَالُوا أَمَّا حَدِيثُ الْعَجْلَانِيِّ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ طَلَّقَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ طَلَاقٍ فَاسْتَغْنَى عَنِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ وَأَمَّا حَدِيثُ رِفَاعَةَ بْنِ سَمَوْأَلٍ فَقَالُوا مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مُفْتَرِقَاتٍ فِي أَوْقَاتٍ وَأَمَّا حَدِيثُ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ فَقَدْ قَالَ فِيهِ أَبُو سَلَمَةَ عَنْهَا بَعَثَ إِلَيَّ زَوْجِي بِتَطْلِيقِي الثَّالِثَةَ هَذَا مَعْنَى مَا رَدُّوا بِهِ عَلَى مَنِ احْتَجَّ عَلَيْهِمْ مِنَ الشَّافِعِيِّينَ بِمَا ذَكَرْنَا وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ أَيْضًا أَنَّ سُفْيَانَ رَوَى حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ فَلَمْ يَقُلْ وَاحِدَةً وَلَا ثَلَاثًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ

أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ فِيهِ أَوْ يُرَاجِعُهَا إِنْ شَاءَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ طَلَاقٌ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ (وَقَدْ (2) ذَكَرْنَا حَدِيثَ شُعْبَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا حَدِيثُ رِفَاعَةَ بْنِ سَمَوْأَلٍ فِي طَلَاقِهِ لِزَوْجَتِهِ الْبَتَّةَ فَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ فِي بَابِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ ابْنَةُ قَيْسٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا فَاعْتَدَّتْ عِنْدَ ابْنِ عَمِّهَا عَمْرِو بْنِ أُمِّ كُلْثُومٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ

ابن أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ أَنَّ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ سُهَيْمَةَ الْمُزَنِيَّةَ الْبَتَّةَ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي سُهَيْمَةَ الْمُزَنِيَّةَ الْبَتَّةَ وَوَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلَّا وَاحِدَةً فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ آللَّهِ مَا أَرَدْتَ إِلَّا وَاحِدَةً فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلَّا وَاحِدَةً فَرَدَّهَا إِلَيْهِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَطَلَّقَهَا ثَانِيَةً زَمَنَ عُمَرَ وَالثَّالِثَةَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ فِي كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَذْكُرُ هُنَاكَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي الْبَتَّةَ بِمَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ بِعَوْنِ اللَّهِ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدِيثُ الشَّافِعِيِّ هَذَا أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ يَعْنِي فِي الْبَتَّةَ قَالَ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ بَيْتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ وَلَيْسَ فِيمَا احْتَجُّوا مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ مَا يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ طَلَاقِ الثَّلَاثِ

لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ الطَّلَاقَ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ بِقَوْلِهِ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا يَعْنِي الْمُرَاجَعَةَ وَبِقَوْلِهِ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ثُمَّ إِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ الثَّالِثَةَ وَهَذَا مَعْنَاهُ فِي أَوْقَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) فَهَذَا حُكْمُ طَلَاقِ الْحَائِلِ الْمَدْخُولِ بِهَا لِلسُّنَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا الْحَامِلُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ طَلَاقَهَا لِلسُّنَّةِ مِنْ أَوَّلِ الْحَمْلِ إِلَى آخِرِهِ لِأَنَّ عِدَّتَهَا أَنْ تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا وَكَذَلِكَ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا وَلَمْ يَخُصَّ أَوَّلَ الْحَمْلِ مِنْ آخِرِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو

بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عن سفيان عن محمد بن عبد الرحمان مَوْلًى لِطَلْحَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ طَلَاقُ مَنْ لَمْ يَسْتَبِنْ حَمْلَهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ فَإِذَا اسْتَبَانَ حَمْلَهَا طَلَّقَهَا مَتَى شَاءَ عَلَى عُمُومِ هَذَا الْخَبَرِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْحَامِلَ عِدَّتُهَا وَضْعُ حَمْلِهَا وَاخْتَلَفُوا إِذَا كَانَ فِي بَطْنِهَا وَلَدَانِ فَوَضَعَتْ أَحَدَهُمَا هَلْ تَنْقَضِي بِذَلِكَ عِدَّتُهَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا حَتَّى تَضَعَ جَمِيعَ حَمْلِهَا وَإِنْ وَضَعَتْ ولدا وبقي في بطنها آخَرُ فَلِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ إِذَا لَمْ يَبُتَّ طَلَاقَهَا ثَلَاثًا حَتَّى تَضَعَ الْوَلَدَ الثَّانِيَ وَقَالَ آخَرُونَ إِذَا وَضَعَتْ أَحَدَهُمَا فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَقَدْ روي عن

الْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ خِلَافُ ذَلِكَ أَنَّ زَوْجَهَا أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَضَعِ الْآخَرَ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ النَّاسُ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تُنْكَحُ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ فَبَانَ بِإِجْمَاعِهِمْ هَذَا خَطَأُ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ أَحَدِهِمَا وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ إِذَا وَضَعَتْ أَحَدَهُمَا فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قِيلَ لَهُ فَتُزَوَّجُ قَالَ لَا قَالَ قَتَادَةُ خَصْمُ الْعَبْدِ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدَانِ قَالَ هُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا مَا لَمْ تَضَعِ الْآخَرَ وَتَلَا وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَذَكَرَ الْمُعَلَّى حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ (عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَا إِذَا طَلَّقَهَا وَفِي بَطْنِهَا وَلَدَانِ فَوَضَعَتْ أَحَدَهُمَا فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ) أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ قَالُوا هُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تضع الآخر وهذا هو الصواب لظاهر قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ بَقِيَ فِي بَطْنِهَا ولد فل تَضَعْ حَمْلَهَا وَالْأَصْلُ أَنَّهُ أَمْلَكُ بِهَا فَلَا يَزُولُ مَالُهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِيَقِينٍ وَلَا يَقِينَ إِلَّا بِوَضْعِ جَمِيعِ الْحَمْلِ وَمَا وَضَعَتْهُ الْحَامِلُ مِنْ مُضْغَةٍ أَوْ عَلَقَةٍ فَقَدْ حَلَّتْ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا تَحِلُّ إِلَّا بِوَضْعِ مَا يُتَبَيَّنُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِ وَطَلَاقُ السُّنَّةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ في الحامل والصغيرة التي لم تتحض وَالْيَائِسَةِ مِنَ الْمَحِيضِ أَنْ يُطَلَّقْنَ وَاحِدَةً مَتَى شاء وتحل الحامل بآخر ولد في بطنها وَالصَّغِيرَةُ وَالْيَائِسَةُ بِتَمَامِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَمَنْ كَانَتْ فِي عِدَّتِهَا بِالشُّهُورِ كَالْيَائِسَةِ

وَالصَّغِيرَةِ فَطُلِّقَتْ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ لَمْ تَعْتَدَّ بِهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَمَّا سَائِرُ الْعُلَمَاءِ فَتَعْتَدُّ بِهِ عِنْدَهُمْ إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي تَتِمُّ بِهِ عِدَّتُهَا فَإِنْ طُلِّقَتِ الصَّغِيرَةُ أَوِ الْيَائِسَةُ عِنْدَ اسْتِهْلَالِ الْهِلَالِ اعْتَدَّتْ بِالْأَهِلَّةِ تِسْعًا وَعِشْرِينَ كَانَ الْهِلَالُ أَوْ ثَلَاثِينَ وَإِنْ طُلِّقَتْ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ أَتَمَّتْ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ وَاعْتَدَّتْ بِالْأَهِلَّةِ الشَّهْرَيْنِ وَتَبْنِي عَلَى بَقِيَّةِ ذَلِكَ الشَّهْرِ تَمَامَ الثَّلَاثِينَ يَوْمًا وَالْمُسْتَحَاضَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَيْضًا يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا لِلسُّنَّةِ مَتَى شَاءَ وَعِدَّتُهَا سَنَةٌ إِلَّا أَنْ تَرْتَابَ فَتُقِيمَ إِلَى زَوَالِ الرِّيبَةِ وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ لَا تُمَيِّزُ دَمَ حَيْضَتِهَا مِنْ دَمِ اسْتِحَاضَتِهَا فَإِنْ مَيَّزَتْهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا زَوْجُهَا لِلسُّنَّةِ إِلَّا فِي طُهْرِهَا الْمَعْرُوفِ وَتَعْتَدُّ بِهِ قُرْءًا إِذَا كَانَ دَمُ حَيْضَتِهَا بَعْدَهُ مَعْرُوفًا هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ أَيْضًا إِنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ لَا يُبْرِئُهَا إِلَّا السُّنَّةُ أَبَدًا مَيَّزَتْ دَمَهَا أَوْ لَمْ تُمَيِّزْهُ لِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ رِيبَةٌ وَهَذَا أَشْهَرُ فِي مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ إِذَا كَانَتْ مُتَشَبِّهَةَ الدَّمِ لَا تَدْرِي دَمَ حَيْضَتِهَا مِنْ دَمِ اسْتِحَاضَتِهَا وَكَانَ حَيْضُهَا قَبْلَ الِاسْتِحَاضَةِ وَبَعْدَهَا سَوَاءً فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِقَدْرِ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا وَأَمَّا إِذَا مَيَّزَتْ فَهُوَ قُرْؤُهَا لِعِدَّتِهَا وَصلَاتِهَا وَفُرُوعُ هَذَا الْبَابِ تَطُولُ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ

أُصُولِهِ مَا يُشْرِفُ النَّاظِرُ فِيهِ عَلَى الْمُرَادِ مِنْهُ وَسَنَذْكُرُ مَسَائِلَ الْحَيْضِ وَاخْتِلَافَهُمْ فِيهَا فِي بَابِ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ تَطْهُرُ (ثُمَّ تَحِيضُ ثُمَّ تَطْهُرُ) ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ فَفِيهِ دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ الَّتِي تَعْتَدُّ بِهَا الْمُطَلَّقَةُ هِيَ الْأَطْهَارُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ الْمُطَلَّقَاتِ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فَلَمَّا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ وَقَالَ إِنَّ الطَّلَاقَ فِي الطُّهُورِ هُوَ الطَّلَاقُ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ لِلْعِدَّةِ بِقَوْلِهِ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ أَوْ لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ عُلِمَ أَنَّ الْأَقْرَاءَ الَّتِي تَعْتَدُّ بِهَا الْمُطَلَّقَةُ هِيَ الْأَطْهَارُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لِلْعِدَّةِ إِنَّمَا يَكُونُ فِيهَا وَلَيْسَ لِلطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ لِلْعِدَّةِ وَفِي ذَلِكَ بَيَانُ أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْأَطْهَارُ والله أعلم

وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ اشْتِبَاهٍ وَإِشْكَالٍ لِأَنَّ الْحَيْضَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يُسَمَّى قُرْءًا وَالطُّهْرُ أَيْضًا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يُسَمَّى قُرْءًا وَأَصْلُ الْقُرْءِ فِي اللُّغَةِ الْوَقْتُ وَالطُّهُورُ وَالْجَمْعُ وَالْحَمْلُ أَيْضًا فَقَدْ يَكُونُ الْقُرْءُ وَقْتَ جَمْعِ الشَّيْءِ وَقَدْ يَكُونُ وَقْتَ طُهُورِهِ وَوَقْتَ حَبْسِهِ وَالْحَمْلِ بِهِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ الْقُرُوءُ الْأَوْقَاتُ الْوَاحِدُ قُرْءٌ وَهُوَ الْوَقْتُ (قَالَ) وَقَدْ يَكُونُ حَيْضًا وَيَكُونُ طُهْرًا وَقَالَ الْخَلِيلُ أَقَرَأَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا دَنَا حَيْضُهَا وَأَقْرَأَتْ إِذَا اسْتَقَرَّ الْمَاءُ فِي رَحِمِهَا وَقَعَدَتِ الْمَرْأَةُ أَيَّامَ إِقْرَائِهَا أَيْ أَيَّامَ حَيْضَتِهَا وَقَالَ قُطْرُبٌ تَقُولُ الْعَرَبُ مَا أَقَرَأَتْ هَذِهِ النَّاقَةُ سَلًا قَطُّ أَيْ لَمْ تَرْمِ بِهِ وَقَالُوا قَرَأَتِ النَّاقَةُ أَقْرُءًا وَذَلِكَ مُعَاوَدَةُ الْفَحْلِ إِيَّاهَا أَوَانَ كُلِّ ضِرَابٍ وَقَالُوا أَيْضًا قَرَأَتِ الْمَرْأَةُ قُرْءًا إِذَا حَاضَتْ أَوْ طَهُرَتْ وَقَرَأَتْ أَيْضًا إِذَا حَمَلَتْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي الْأَقْرَاءِ شَوَاهِدُ مِنْ أَشْعَارِ الْعَرَبِ الْفُصَحَاءِ مَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ فَمِنْهَا قَوْلُ عمرو بن كلثوم ... ذارعي عيظل إذا ما بِكْرٍ ... هِجَانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأْ جَنِينًا ... وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ ... أَرَاهَا غُلَامَاهَا الْحِمَى فَتَشَذَّرَتْ ... مِرَاحًا وَلَمْ تَقْرَأْ جَنِينًا وَلَا دَمًا ... أَيْ لَمْ تَجْتَمِعْ وَلَمْ تَضُمَّ فِي رَحِمِهَا جَنِينًا فِي وَقْتِ الْجَمْعِ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ ... كَرِهْتُ الْعُقْرَ عُقْرَ بَنِي شَلِيلٍ ... إِذَا هَبَّتْ لِقَارِئِهَا الرِّيَاحُ ... أي لوقتها (والعقر ههنا مَوْقِفُ الْإِبِلِ (1) إِذَا وَرَدَتِ الْمَاءَ) وَقَالَ الْأَعْشَى فَجَعَلَ الْأَقْرَاءَ الْأَطْهَارَ ... أَفِي كُلِّ عَامٍ أَنْتَ جَاشِمُ غَزْوَةٍ ... تَشُدُّ لِأَقْصَاهَا عَزِيمَ عُرَائِكَا ... ... مُوَرِّثَةٌ مَالًا وَفِي الْحَيِّ رِفْعَةٌ ... لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا ... فَالْقُرُوءُ فِي هَذَا الْبَيْتِ الْأَطْهَارُ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ لِأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ إِلَى الْغَزْوِ لَمْ يَقْرَبْ نِسَاءَهُ أَيَّامَ قُرُوئِهِنَّ أي أطهارهن

قَالَ أَبُو عُمَرَ يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ فِي بَيْتِ الْأَعْشَى الْأَطْهَارُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِيهِ بَيِّنًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَوْلُ الْأَخْطَلِ ... قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا شَدُّوا مَآزِرَهُمْ ... دُونَ النِّسَاءِ وَلَوْ بَاتَتْ بِأَطْهَارِ ... وَقَالَ آخَرُ فَجَعَلَ الْقُرْءَ الْحَيْضَ ... يَا رُبَّ ذِي ضَبٍّ عَلَى فَارِضِ ... لَهُ قُرْءٌ كَقُرْءِ الْحَائِضِ ... قَالُوا الْقُرْءُ فِي هَذَا الْبَيْتِ الْحَيْضُ يُرِيدُ أَنَّ عَدَاوَتَهُ تَهِيجُ فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ كَمَا تَحِيضُ الْمَرْأَةُ فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ وَقَالَ الْقُتَبِيُّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ هِيَ الْحِيَضُ وَهِيَ الْأَطْهَارُ أَيْضًا وَاحِدُهَا قُرْءٌ وَتُجْمَعُ أَقْرَاءٌ (قَالَ) وَإِنَّمَا جَعَلَ الْحَيْضَ قُرْءًا وَالطُّهْرَ قُرْءًا لِأَنَّ أَصْلَ الْقُرْءِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْوَقْتُ يُقَالُ رَجَعَ فُلَانٌ لِقُرُوئِهِ وَلِقَارِئِهِ أَيْ لِوَقْتِهِ وَأَنْشَدَ بَيْتَ الْهُذَلِيِّ الْمَذْكُورَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا أَصْلُ الْقُرْءِ فِي اللُّغَةِ وَأَمَّا مَعْنَاهُ فِي الشَّرِيعَةِ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مُرَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ من قوله

وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فَقَالَ مِنْهُمْ قائلون الأقراء الحيض ههنا وَاسْتَدَلُّوا بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ قَالُوا وَالْمُطَلِّقُ فِي الطُّهْرِ إِذَا مَضَى بَعْضُهُ وَاعْتَدَّتْ بِهِ امْرَأَتُهُ فَلَمْ تَعْتَدَّ وَلَمْ تَتَرَبَّصْ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَإِنَّمَا تَرَبَّصَتْ قُرْءَيْنِ وَبَعْضَ الثَّالِثِ إِذَا كَانَتِ الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارَ قَالُوا وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ كَامِلَةً وَفَرَّقُوا بَيْنَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فَلَا تَكُونُ إِلَّا ثَلَاثَةً كَامِلَةً عِنْدَهُمْ وَبَيْنَ قَوْلِهِ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ وَإِنَّمَا هِيَ شَهْرَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ عِنْدَ الْجَمِيعِ فَقَالُوا ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْءِ ثَلَاثَةً عَدَدًا وَلَمْ يَذْكُرْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ عَدَدًا وَمَا ذُكِرَ فِيهِ عَدَدٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إِكْمَالِ ذَلِكَ الْعَدَدِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ اتْرُكِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ أَيْ أَيَّامَ حَيْضِكِ وَبِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُطَّلِبُ بن شعيب ققال حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ

حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَتْ إِلَيْهِ الدَّمَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ فَانْظُرِي إِذَا أَتَاكِ قُرْؤُكِ فَلَا تُصَلِّي وَإِذَا مَرَّ الْقُرْءُ فَتَطَهَّرِي ثُمَّ صَلِّي مَا بَيْنَ الْقُرْءِ إِلَى الْقُرْءِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ عِدَّةَ أُمِّ الْوَلَدِ حَيْضَةٌ وَبِأَشْيَاءَ يَطُولُ ذِكْرُهَا هَذِهِ جُمْلَتُهَا وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ وَأَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِيمَا ذَكَرَ الْخِرَقِيُّ عَنْهُ خِلَافَ مَا حَكَى الْأَثْرَمُ عَنْهُ قَالَ إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَعِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ غَيْرِ الْحَيْضَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا إِنْ طَلَّقَهَا حَائِضًا فَإِذَا اغْتَسَلَتْ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أُبِيحَتْ لِلْأَزْوَاجِ حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ عُمَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْخِرَقِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَهَذَا مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ

عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَقَوْلُهُمْ كُلُّهُمْ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَقَالَ آخَرُونَ الْأَقْرَاءُ الَّتِي عَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَرَادَهَا بِقَوْلِهِ فِي الْمُطَلَّقَاتِ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ هِيَ الْأَطْهَارُ مَا بَيْنَ الْحَيْضَةِ وَالْحَيْضَةِ قُرْءٌ قَالُوا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ فِي هَذَا الْبَابِ قَالُوا وَإِنَّمَا هُوَ جَمْعُ الرَّحِمِ الدَّمَ لَا طُهُورَهُ وَمِنْهُ قَرَأْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ أَيْ جَمَعْتُهُ وَقَرَأْتُ الْقُرْآنَ أَيْ ضَمَمْتُ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ بِلِسَانِكَ قَالُوا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْأَطْهَارَ هِيَ الْأَقْرَاءُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ الْمُطَلَّقَةَ أَنْ تَتَرَبَّصَهَا أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ لِمَنْ شَاءَ أن يطلق

وَقَوْلُهُ فِي الْعِدَّةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ فَبَيَّنَ مُرَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَوْلِهِ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ أَوْ لِقَبْلِ عِدَّتِهِنَّ وَهُوَ الْمُبِيِّنُ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَنَزِيدُ هَذَا الْوَجْهَ حُجَّةً وَبَيَانًا فِيمَا بَعْدُ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِذْ أَتَيْنَا عَلَى نَقْضِ مَا احْتَجَّ به القائلون بالقول الْأُوَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْأَطْهَارُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَصْحَابُهُمْ وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهِ قَالَ الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرحمان وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَابْنُ شِهَابٍ وَرَبِيعَةُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ فَالْمُطَلَّقَةُ عِنْدَهُمْ تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ وَتَخْرُجُ مِنْ عِدَّتِهَا بِدُخُولِهَا فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَسَوَاءٌ بَقِيَ مِنَ الطُّهْرِ الَّذِي طُلِّقَتْ فِيهِ الْمَرْأَةُ يَوْمٌ وَاحِدٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكَثَرُ أَوْ سَاعَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهَا تَحْتَسِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ قُرْءًا لِأَنَّ الْمُبْتَغَى مِنَ الطُّهْرِ

دُخُولُ الدَّمِ عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي يُنْبِئُ عَنْ سَلَامَةِ الرَّحِمِ وَلَيْسَتِ اسْتِدَامَةُ الطُّهْرِ بِشَيْءٍ وَهَذَا كله قول مالك والشافعي وسائر الفهقاء الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْأَقْرَاءَ الْأَطْهَارُ إِلَّا الزُّهْرِيَّ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي امْرَأَةٍ طُلِّقَتْ فِي بَعْضِ طُهْرِهَا أَنَّهَا تَعْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَطْهَارٍ سِوَى بَقِيَّةِ ذَلِكَ الطُّهْرِ فَعَلَى قَوْلِهِ لَا تَحِلُّ الْمُطَلَّقَةُ حَتَّى تَدْخُلَ فِي الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ وَالْحُجَّةُ لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَذِنَ فِي طَلَاقِ الطَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَلَمْ يَقُلْ أَوَّلَ الطُّهْرِ وَلَا آخِرَهُ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ رَأَيْتُ حَدِيثَ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ يُخْتَلَفُ فِي إِسْنَادِهِ إِلَّا الْأَعْمَشُ وَمَنْصُورٌ وَالْحَكَمُ وَحَدِيثَ عَلِيٍّ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَلِيٍّ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدِي سَمَاعٌ أَرْسَلَهُ سَعِيدٌ عَنْ عَلِيٍّ وَحَدِيثُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي مُوسَى وَسَائِرُ الْأَحَادِيثِ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا مُرْسَلَةٌ قَالَ وَالْأَحَادِيثُ عَمَّنْ قَالَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا حَتَّى

تَدْخُلَ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَسَانِيدُهَا صِحَاحٌ قَوِيَّةٌ قَالَ ثُمَّ ذَهَبَ بَعْدَ أَحْمَدَ إِلَى هَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاخْتِلَافُ الَّذِي حَكَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي حَدِيثِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ هُوَ أَنَّ الْأَعْمَشَ يَرْوِيهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمَا قَالَا هُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّادٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ مُرْسَلًا عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ كَمَا رَوَاهُ الْأَعْمَشُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو مَعْشَرٍ أَيْضًا وَرَوَاهُ الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ قالا هو أحق بها مالم تَغْتَسِلْ مِنَ الثَّالِثَةِ فَهَذَا هُوَ الِاخْتِلَافُ الَّذِي عَنَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَنْ خَالَفَنَا يَقُولُ إِنَّ مَرَاسِيلَ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعُمَرَ صِحَاحٌ كُلُّهَا وَمَا أُرْسِلَ مِنْهَا أَقْوَى مِنَ الَّذِي أُسْنِدَ حَكَى هَذَا الْقَوْلَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الدِّيوَانِ مَا يَشْفِي فِي هَذَا الْمَعْنَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَرَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَلِيٍّ وَرَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ الرَّجْعَةُ حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ

وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ أَيْضًا عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عَلِيٍّ ذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنَ الثَّالِثَةِ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدٍ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فَإِنَّمَا يَرْوِيهِ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي مُوسَى وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَيْضًا عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمَّا سَائِرُ الْأَحَادِيثِ عَنِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ رُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ مَرَاسِيلِ مَكْحُولٍ وَالشَّعْبِيِّ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ الْأَقْرَاءُ الْحِيَضُ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ عَنِ الصَّحَابَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْأَقْرَاءَ الْأَطْهَارُ فَأَسَانِيدُهَا صِحَاحٌ رَوَى حَدِيثَ عَائِشَةَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْأَطْهَارُ وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ إِذَا دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا وَلَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا

وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا وَلَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا وَابْنُ عُمَرَ رَوَى الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ وَلَهُ عَرَضْتُ الْقِصَّةَ إِذْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا وَهُوَ أَعْلَمُ بِهَذَا وَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَائِشَةُ وَجُمْهُورُ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَمَعَهُ دَلِيلُ حَدِيثِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ الْحُجَّةُ الْقَاطِعَةُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي مِثْلِ هَذَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافُ مَا رَوَى الْمُخَالِفُونَ عَنْهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ إِذَا حَاضَتِ الثَّالِثَةَ فَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ ثَوْرَ بْنَ زَيْدٍ الْكِنَانِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ عِكْرِمَةَ

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا حَاضَتِ الْمُطَلَّقَةُ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ فَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا إِلَّا أَنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى تَطْهُرَ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ قَوْلُهُ إِلَّا أَنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى تَطْهُرَ ضَعِيفَةٌ فِي النَّظَرِ فَإِنْ صَحَّتِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ اسْتِحْبَابًا مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ لَا يَعْقِدَ عَلَى الْحَائِضِ أَحَدٌ خَوْفَ أَنْ تَدْعُوَهُ الشَّهْوَةُ إِلَى الْوَطْءِ فِي حَيْضِهَا وَهِيَ عِنْدِي زِيَادَةٌ مُنْكَرَةٌ وَحَسْبُهُ أَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَهَا مِنَ الْعِدَّةِ بِقَوْلِهِ فَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا وَإِذَا خَرَجَتْ مِنَ الْعِدَّةِ فَالنِّكَاحُ لَهَا مُبَاحٌ فِي الْأُصُولِ كُلِّهَا وَأَمَّا حُجَّةُ مَنِ احْتَجَّ بِأَنَّ (اللَّهَ) قَالَ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ ثَلَاثَةً كَامِلَةً وَقَالَ فِي قَوْلِهِ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ شَهْرَيْنِ وَبَعْضَ الثَّالِثِ وَفَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْعَدَدِ فَلَا وَجْهَ لِمَا قَالَ لِأَنَّ الْمُبْتَغَى مِنَ الْأَقْرَاءِ مَا يَبْرَأُ بِهِ الرَّحِمُ وَهُوَ خُرُوجُ الْمَرْأَةِ مِنَ الطُّهْرِ إِلَى الدَّمِ فَذَلِكَ الْوَقْتُ هُوَ الْمُبْتَغَى وَالْمُرَاعَى وَقَدْ حَصَلَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ كَامِلَةٍ بِدُخُولِهَا فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الطُّهْرَ مُذَكَّرٌ فَهُوَ أَشْبَهُ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ لِإِدْخَالِهِ الهاء في

ثَلَاثَةَ وَهِيَ لَا تَدْخُلُ إِلَّا فِي الْعَدَدِ الْمُذَكَّرِ وَالْحَيْضَةُ مُؤَنَّثَةٌ فَلَوْ أَرَادَهَا لَقَالَ ثَلَاثَ قُرُوءٍ وَقَدِ احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذَا وَهَذَا عِنْدِي لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ التَّذْكِيرَ فِي الْعَدَدِ إِنَّمَا جَاءَ عَلَى لَفْظِ الْقُرْءِ وَهِيَ مُذَكَّرَةٌ وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ اقْعُدِي أَيَّامَ أَقْرَائِكِ وَانْظُرِي إِذَا أَتَاكَ قُرْؤُكِ فَلَا تُصَلِّي وَنَحْوِ هَذَا فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ الْحَيْضَ قَدْ يُسَمَّى قُرْءًا وَلَسْنَا نُنَازِعُهُمْ فِي ذَلِكَ وَلَكِنَّا نُنَازِعُهُمْ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَرَادَهُ بِقَوْلِهِ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ ضَعَّفَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ وَعَائِشَةُ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهَا فِي أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْأَطْهَارُ فَيَبْعُدُ عَنْ عَائِشَةَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ وَتَقُولَ الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ فَإِنْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ عَائِشَةَ تَكُونُ حِينَئِذٍ أَخْبَرَتْ بِأَنَّ الْقُرْءَ الَّذِي يَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ لَيْسَ هُوَ الْقُرْءُ الَّذِي تَعْتَدُّ بِهِ مِنَ الطَّلَاقِ وَكَفَى بِتَفْرِقَةِ عَائِشَةَ بَيْنَ هذين حجة وأما حَدِيثُ فَاطِمَةَ ابْنَةِ أَبِي حُبَيْشٍ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ الْقُرْءَ إِنَّمَا قَالَ فِيهِ إِذَا

أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ لَمْ يَقُلْ إِذَا أَتَاكِ قُرْؤُكِ وَهِشَامٌ أَحْفَظُ مِنَ الَّذِي خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ صَحَّ كَانَ الْوَجْهُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا عَنْ عَائِشَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ لِلْعِدَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ لَا حَائِضًا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ مُعْتَدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ تُحْسَبُ عِدَّتُهَا مِنْ سَاعَةِ طَلَاقِهَا أَوْ وَفَاةِ زَوْجِهَا وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ الأطهار إلا الْحِيَضُ لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا الْحِيَضُ يَقُولُونَ إِنَّهَا لا تعتد إلا بالحيض الْمُقْبِلَةِ بَعْدَ الطُّهْرِ الَّذِي طُلِّقَتْ فِيهِ فَجَعَلُوا عَلَيْهَا ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَشَيْئًا آخَرَ وَذَلِكَ خِلَافُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقُولُوا إِنَّهَا قَبْلَ الحيضة في غير عدة وحسبك بهذا خلافا لظاهر قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ الله أن يطلق لها النساء وأما حدتهم بأن أم الولد عدتها حَيْضَةٌ بِإِجْمَاعٍ وَأَنَّهَا لَا يَحِلُّ لَهَا النِّكَاحُ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ الْحَيْضَةُ فَلَيْسَ هُوَ كَمَا ظَنُّوا وَجَائِزٌ لَهَا عِنْدَنَا أَنْ تَنْكِحَ إِذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَةِ وَاسْتَيْقَنَتْ أَنَّ دَمَهَا دَمُ حَيْضٍ وقد قال

هَذَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ لِيَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ حِينَ أَدْخَلَ عَلَيْهِ فِي مُنَاظَرَتِهِ إِيَّاهُ مَا أَدْخَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَلَى مُنَاظَرَةٍ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ لَهُ أَتَحِلُّ أُمُّ الْوَلَدِ لِلْأَزْوَاجِ إِذَا دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ نَعَمْ تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ لِأَنَّ ظُهُورَ الدَّمِ بَرَاءَةٌ لِرَحِمِهَا فِي الْأَغْلَبِ الْمَعْمُولِ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِيهِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِ إِذَا طَهُرَتْ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ لَمْ يَخُصَّ أَوَّلَ الطُّهْرِ مِنْ آخِرِهِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ لَبَيَّنَهُ لِأَنَّهُ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ وَقَدْ بَلَّغَ وَمَا كَتَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شاء أمسك

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ وَذَكَرَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ ذَكَرَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ يُغْنِي عَنِ الْكَلَامِ فِيهِ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالْهُدَى وَالتَّوْفِيقُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ وَذَكَرَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ ذَكَرَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ يُغْنِي عَنِ الْكَلَامِ فِيهِ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالْهُدَى وَالتَّوْفِيقُ

الحديث الثامن والأربعون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَأَرْبَعُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَيَلْبَسُ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مِنَ الثِّيَابِ مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الْوَرْسُ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَمُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا يَلْبَسُهُ الْمُحْرِمُ مَا دَامَ مُحْرِمًا وَرَوَاهُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مثله سواء

رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمْ وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَفِي مَعْنَى ما ذكر في هذا الحديث من القمس وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْبَرَانِسِ يَدْخُلُ الْمَخِيطُ كُلُّهُ بِأَسْرِهِ فَلَا يَجُوزُ لِبَاسُ شَيْءٍ مِنْهُ لِلْمُحْرِمِ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْخِطَابِ فِي اللِّبَاسِ الْمَذْكُورِ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْمَرْأَةِ بِلِبَاسِ الْقَمِيصِ وَالدِّرْعِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْخُمُرِ وَالْخِفَافِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الطِّيبَ كُلَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْرَبَهُ مُتَطَيِّبًا بِهِ زَعْفَرَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فَيَمَنْ تَطَيَّبَ قَبْلَ إِحْرَامِهِ هَلْ لَهُ أَنْ يُبْقِيَ الطِّيبَ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَمْ لَا وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ إِحْرَامَ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحْرِمَ عَنْ لُبْسِ الْبَرَانِسِ وَالْعَمَائِمِ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فِيهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ إِحْرَامَ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ نَهَى الْمَرْأَةَ الْحَرَامَ عَنِ النقاب والقفازين

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ فِي الْحَرَمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ نَعْلَانِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مِنَ الثِّيَابِ مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الْوَرْسُ وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْحَرَامُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى مَا قَالَ اللَّيْثُ وَرَوَاهُ أَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ مَوْقُوفًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَفْعُهُ صَحِيحٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا أَيْضًا فَهَذَا يُصَحِّحُ مَا رَوَاهُ اللَّيْثُ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى النِّسَاءَ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنِ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ وَمَا مَسَّهُ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنَ الثِّيَابِ وَلْتَلْبَسْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ مِنْ مُعَصْفَرٍ أَوْ خَزٍّ أَوْ حُلِيٍّ أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ قُمُصٍ أَوْ خُفٍّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَبْدَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ إِلَى قَوْلِهِ وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنَ الثِّيَابِ وَلَمْ يَذْكُرَا مَا بَعْدَهُ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا قَامَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ فِي الْإِحْرَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْخِفَافَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ نَعْلَانِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ وَلَا يَلْبَسُ شَيْئًا مِنَ الثِّيَابِ مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَالْوَرْسُ وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْحَرَامُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ وَعَلَى كَرَاهِيَةِ النِّقَابِ لِلْمَرْأَةِ جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَجْمَعِينَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي كَرَاهِيَةِ الِانْتِقَابِ وَالتَّبَرْقُعِ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ إِلَّا شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا كَانَتْ تغطي وجهها وهي محرمة وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ تُغَطِّي الْمُحْرِمَةُ وَجْهَهَا إِنْ شَاءَتْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا لَا تَفْعَلُ وَعَلَيْهِ النَّاسُ وَأَمَّا الْقُفَّازَانِ فَاخْتَلَفُوا فِيهِمَا أَيْضًا فَرُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ يُلْبِسُ بَنَاتَهُ وَهُنَّ مُحْرِمَاتٌ القفازين ورخصت

فِيهِمَا عَائِشَةُ أَيْضًا وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَالثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبَ ابْنِ عُمَرَ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ لَبِسَتِ الْمَرْأَةُ الْقُفَّازَيْنِ افْتَدَتْ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ فِي ذَلِكَ أَحَدُهُمَا تَفْتَدِي وَالْآخَرُ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّوَابُ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ نَهَى الْمَرْأَةَ عَنِ الْقُفَّازَيْنِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهَا الْفِدْيَةَ لِثُبُوتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ بَعْدَ مَا ذَكَرْنَا فِي أَنَّهُ جَائِزٌ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ لِبَاسُ الْقُمُصِ وَالْخِفَافِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَسَائِرِ الثِّيَابِ الَّتِي لَا طِيبَ فِيهَا وَأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَالرَّجُلِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ إِحْرَامَهَا فِي وَجْهِهَا دُونَ رَأْسِهَا وَأَنَّهَا تُخَمِّرُ رَأَسَهَا وَتَسْتُرُ شعرها وهي محرمة وَأَجْمَعُوا أَنَّ لَهَا أَنْ تُسْدِلَ الثَّوْبَ عَلَى وَجْهِهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا سِدْلًا خَفِيفًا تَسْتَتِرُ بِهِ عَنْ نَظَرِ الرِّجَالِ إِلَيْهَا وَلَمْ يُجِيزُوا لها تغطية وجهها وهي محرمة إِلَّا مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَسْمَاءَ رَوَى مَالِكٌ عَنْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ أَنَّهَا قَالَتْ كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ

وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا رُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ فِي ذَلِكَ كَنَحْوِ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ فَإِذَا مَرَّ بِنَا رَاكِبٌ سَدَلْنَا الثَّوْبَ مِنْ قِبَلِ رؤوسنا وَإِذَا جَاوَزَنَا الرَّاكِبُ رَفَعْنَاهُ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الرَّجُلَ الْمُحْرِمَ لَا يُخَمِّرُ رَأْسَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي تَخْمِيرَةِ وَجْهِهِ فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ مَا فَوْقَ الذَّقْنِ مِنَ الرَّأْسِ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ لَا يُغَطِّيَهُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ وَرُوِيَ عَنْ عثمان بن عفان وعبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُغَطُّونَ وُجُوهَهُمْ وَهُمْ مُحْرِمُونَ ذَكَرَ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْقَرَافِصَةُ بْنُ عُمَيْرٍ الْحَنَفِيُّ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بِالْعَرْجِ يُغَطِّي وَجْهَهُ وَهُوَ محرم

وَعَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بِالْعَرَجِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ قَدْ غَطَّى وَجْهَهُ بِقَطِيفَةِ أُرْجُوَانٍ ثُمَّ أُتِيَ بِلَحْمِ صَيْدٍ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ كُلُوا فَقَالُوا وَلَا تَأْكُلُ فَقَالَ إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنَّمَا صِيدَ مِنْ أَجْلِي وَعَنْ سَعِيدِ بن أبي وقاص وجابر بن عبد الله وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَطَاوُسٍ أَنَّهُمْ أَجَازُوا لِلرَّجُلِ الْمُحْرِمِ أَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كَرِهَ مَالِكٌ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ وَأَنْ يُغَطِّيَ مَا فَوْقَ ذَقْنِهِ لِأَنَّ إِحْرَامَهُ عِنْدَهُ فِي وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ فَعَلَ قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا لِمَا جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فَيَمَنْ غَطَّى وَجْهَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَنَّهُ يَفْتَدِي وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْقَاسِمِ قِيلَ أَرَأَيْتَ مُحْرِمًا غَطَّى وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ

نَزَعَهُ مَكَانَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَرَكَهُ فَلَمْ يَنْزِعْهُ مَكَانَهُ حَتَّى انْتَفَعَ بِذَلِكَ افْتَدَى قُلْتُ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِذَا غَطَّتْ وَجْهَهَا قَالَ نَعَمْ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا كَانَ يُوسِعُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُسْدِلَ رِدَاءَهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا إِذَا أَرَادَتْ سِتْرًا وَإِنْ كَانَتْ لَا تُرِيدُ سِتْرًا فَلَا تُسْدِلُ وَأَجْمَعُوا أَنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَدْخُلَ الْخِبَاءَ وَالْفُسْطَاطَ وَإِنْ نَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ أَنْ يَرْمِيَ عَلَيْهَا ثَوْبًا وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِظْلَالِهِ عَلَى دَابَّتِهِ أَوْ عَلَى الْمَحْمَلِ فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ أَصَحُّ لِمَنْ أَحْرَمَتْ لَهُ وَبَعْضُهُمْ يَرْفَعُهُ عَنْهُ وَكَرِهَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنْ يَسْتَظِلَّ الْمُحْرِمُ عَلَى مَحْمَلِهِ وَبِهِ قال عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَظِلُّ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَأَنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ لِلْمُحْرِمِ وَبِهِ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَقَالَ مَالِكٌ إِنِ اسْتَظَلَّ الْمُحْرِمُ فِي مَحْمَلِهِ افْتَدَى وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا شيء عليه

قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَظِلَّ إِذَا جَافَى ذَلِكَ عَنْ رَأْسِهِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا وَجَدَ إِزَارًا لَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِذَا لَمْ يَجِدْ إِزَارًا هَلْ لَهُ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ وَإِنْ لَبِسَهَا عَلَى ذَلِكَ هَلْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ أَمْ لَا وَفِي الْمُوَطَّأِ سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّا ذُكِرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ مَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ فَقَالَ مَالِكٌ لَمْ أَسْمَعْ بِهَذَا وَلَا أَرَى أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ سَرَاوِيلَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ السَّرَاوِيلَاتِ فِيمَا نَهَى عَنْهُ مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ الَّتِي لَا يَنْبَغِي لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَهَا قَالَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِيهَا كَمَا اسْتَثْنَى فِي الْخُفَّيْنِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَيَرَوْنَ عَلَى مَنْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ وَهُوَ مُحْرِمٌ الْفِدْيَةَ وَسَوَاءً عِنْدَ مَالِكٍ وَجَدَ الْإِزَارَ أَوْ لَمْ يَجِدْ وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُحْرِمُ إِزَارًا لَبِسَ السَّرَاوِيلَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَحُجَّةُ

مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ وَالْخُفُّ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ مَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ

وَرَوَى زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مثله وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ هَلْ يَلْبَسُ الْخُفَّيْنِ وَلَا يَقْطَعُهُمَا فَذَهَبَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ الْقَدَّاحُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرُهُمَا إِلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ وَلَمْ يَقْطَعْهُمَا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ عَطَاءٌ وَفِي قَطْعِهِمَا فَسَادٌ وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُحْرِمُ نَعْلَيْنِ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ وَقَطَعَهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ابْنُ عُمَرَ قَدْ زَادَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ شَيْئًا نَقَصَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَحَفِظَهُ ابْنُ عُمَرَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ وَالْمَصِيرُ إِلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ أَوْلَى وَرَوَى ابن وهب عن مالك والليث أَنَّ مَنْ لَبِسَ خُفَّيْنِ مَقْطُوعَيْنِ أَوْ غَيْرَ مَقْطُوعَيْنِ إِذَا كَانَ وَاجِدًا لِلنَّعْلَيْنِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ إِذَا لَبِسَهُمَا مَقْطُوعَيْنِ وَهُوَ وَاجِدٌ

لِلنَّعْلَيْنِ قَالَ وَمَنْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ افْتَدَى عَلَى كُلِّ حَالٍ وَجَدَ إِزَارًا أَوْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا أَنْ يَفْتُقَ السَّرَاوِيلَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيمَنْ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ مَقْطُوعَيْنِ وَهُوَ وَاجِدٌ لِلنَّعْلَيْنِ فَمَرَّةً قَالَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَمَرَّةً قَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ مَنِ ابْتَاعَ خُفَّيْنِ وهو محرم فجربها وَقَاسَهُمَا فِي رِجْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَرْكَهُمَا حَتَّى مَنَعَهُ ذَلِكَ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ افْتَدَى قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْطَعُ الْخُفَّيْنِ حَتَّى لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ وَهَذَا شَيْءٌ لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا عَلِمْتُ وَلَا بَأْسَ بِلِبَاسِ الْمُحْرِمَةِ الْخِفَافَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ انْصَرَفَ عَنْ ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْطَعُ الْخُفَّيْنِ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ ثُمَّ حَدَّثَتْهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ أَرْخَصَ لِلنِّسَاءِ فِي الْخُفَّيْنِ فَتَرَكَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا إِنَّمَا كَانَ مِنْ وَرَعِ ابْنِ عُمَرَ وَكَثْرَةِ اتِّبَاعِهِ وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهُ اسْتَعْمَلَ مَا حَفِظَ عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى بَلَغَهُ فِيهِ الْخُصُوصُ وَمِمَّا وَصَفْتُ مِنْ وَرَعِهِ وَتَوَقُّفِهِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نفاع عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ وَجَدَ الْقُرَّ فَقَالَ يَا نَافِعُ أَلْقِ عَلَيَّ ثَوْبًا قَالَ فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ بُرْنُسًا فَقَالَ أَتُلْقِي عَلَيَّ هَذَا وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَهُ الْمُحْرِمُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُلْقَى عَلَيْهِ الْبُرْنُسُ وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّمَا يَكْرَهُونَ الدُّخُولَ فِيهِ وَلَكِنَّهُ رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتَعْمَلَ الْعُمُومَ فِي اللِّبَاسِ لِأَنَّ التَّغْطِيَةَ وَالِامْتِهَانَ قَدْ يُسَمَّى لِبَاسًا أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِ أَنَسٌ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ قَالَ أَسَدٌ وَأَبُو ثَابِتٍ وَسَحْنُونٌ وَأَبُو زَيْدٍ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُدْخِلَ منكبه في

الْقَبَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْخِلَ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ وَلَا يَزِرَهُ عَلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَكَانَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَطْرَحَ قَمِيصَهُ عَلَى ظَهْرِهِ يَتَرَدَّى بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ قَالَ لَا قِيلَ لَهُ فَلِمَ كَرِهَ أَنْ يَدْخُلَ مَنْكِبَيْهِ فِي الْقَبَاءِ إِذَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ وَلَمْ يَزِرْهُ قَالَ لِأَنَّ ذَلِكَ دُخُولٌ فِي الْقَبَاءِ وَلِبَاسٌ لَهُ فَلِذَلِكَ كَرِهَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ يَقُولُونَ لَا بَأْسَ أَنْ يُدْخِلَ مَنْكِبَيْهِ فِي الْقَبَاءِ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَكَرِهَ ذَلِكَ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ عَطَاءٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَرَدَّى بِهِ وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا أَدْخَلَ كَتِفَيْهِ فِي قَبَاءٍ افْتَدَى وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ كَتِفَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُدْخِلَ فِيهِ يَدَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ عَقَدَ إِزَارَهُ عَلَى عُنُقِهِ افْتَدَى وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا شَيْءَ عليه

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَرِهَ الْهِمْيَانَ وَالْمِنْطَقَةَ لِلْمُحْرِمِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ لِلْمُحْرِمِ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ أَوْثِقْ عَلَيْكَ نَفَقَتَكَ وَأَجَازَ ذَلِكَ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مُتَقَدِّمُوهُمْ وَمُتَأَخِّرُوهُمْ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مِثْلُ ذَلِكَ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ السُّيُورَ وَلَكِنْ يُدْخِلُ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ وَقَالَ مَالِكٌ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْمِنْطَقَةِ يَلْبَسُهَا الْمُحْرِمُ تَحْتَ ثِيَابِهِ إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا جَعَلَ فِي طَرَفَيْهَا جَمِيعًا سُيُورًا يَعْقِدُ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ الْهِمْيَانَ وَالْإِزَارَ عَلَى وَسَطِهِ وَالْمِنْطَقَةُ مِثْلُ ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُحْرِمِ يَعْصِبُ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ عَنْ ضَرُورَةٍ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ أَحَدٌ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُ الرَّأْسُ والجسد

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ عَصَبَ رَأْسَهُ يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَإِنْ عَصَبَ بَعْضَ جَسَدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ عَصَبَ رَأْسَهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَكَذَلِكَ إِذَا شَدَّ السَّيْرَ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ حَمَلَ خُرْجَهُ عَلَى رَأْسِهِ قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَحْمِلَ الْمُحْرِمُ خُرْجَهُ وَجِرَابَهُ عَلَى رَأْسِهِ إِذَا كَانَ فِيهِ زَادُهُ وَاحْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ كَمَا أُرْخِصَ لَهُ فِي حَلِّ مِنْطَقَةِ نَفْسِهِ قَالَ وَأَمَّا لَوْ تَطَوَّعَ بِحَمْلِهِ أَوْ آجَرَ نَفْسَهُ عَلَى ذَلِكَ لَكَانَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ قَالَ وَالْأَطْبَاقُ وَالْغَرَايِرُ وَالْأَحْرِجَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَوَاءٌ فِي الْمُحْرِمِ لَبِسَ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا أَوْ تَطَيَّبَ أَوْ حَلَقَ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا لِضَرُورَةٍ أَوْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهَا إِنْ شَاءَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ شَاءَ أَطْعَمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَإِنْ شَاءَ ذَبَحَ شَاةً قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا يَكُونُ الصِّيَامُ وَالطَّعَامُ مَكَانَ الْهَدْيِ فِي فدية الأذى وجزاء الصيد لا غير قَالَ وَأَمَّا دَمُ الْمُتْعَةِ أَوِ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ على

مَنْ عَجَزَ عَنِ الْمَشْيِ أَوْ وَطِئَ أَهْلَهُ أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَوْ رَجُلٌ تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الْحَجِّ فَجَبَرَهُ بِالدَّمِ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ الْمَتْرُوكُ مِنْ حَجِّهِ فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ فِيهِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَامَ فَقَطْ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِطْعَامٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالصَّوْمُ فِي هَذَا كُلِّهِ كَصَوْمِ الْمُتَمَتِّعِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ هَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا كُلُّ مَنْ لَبِسَ عَامِدًا أَوْ تَطَيَّبَ عَامِدًا فَلَيْسَ بِمُخَيَّرٍ فِي الْكَفَّارَةِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الدَّمُ لا غير قَالُوا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَةٍ فَهُوَ مُخَيَّرٌ عَلَى حَسْبِمَا تَقَدَّمَ عَنْ مَالِكٍ إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ نَسَكَ بِشَاةٍ وَإِنْ شَاءَ أَطْعَمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ عَلَى حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَلِلشَّافِعِيِّ فِيمَنْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ نَاسِيًا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَالْآخَرُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ النَّاسِي وَالْعَامِدُ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ سَوَاءٌ وَقَالَ دَاوُدُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ إِنْ لَبِسَ مِنْ ضَرُورَةٍ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إِنْ لَبِسَ عَامِدًا وَإِنْ حَلَقَ رَأْسَهُ لِضَرُورَةٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ حَلَقَ شَعْرَ جَسَدِهِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ لِضَرُورَةٍ وَلَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ لَمْ يَرَ عَلَى اللَّابِسِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ شَيْئًا اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ فِي الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي أَحْرَمَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ وَصُفْرَةُ خَلُوقٍ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَزْعِ الْجُبَّةِ وَغَسْلِ الْخَلُوقِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِفِدْيَةٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ وَأَحْكَامَهُ فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَمَنْ أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ عَلَى النَّاسِي وَغَيْرِهِ فَحُجَّتُهُ أَنَّ الْفِدْيَةَ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِيمَنْ فَعَلَهَا مِنْ ضَرُورَةٍ وَذَلِكَ مَحْفُوظٌ فِي قِصَّةِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فَالضَّرُورَةُ وَغَيْرُ الضَّرُورَةِ وَالنِّسْيَانُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ إِذَا وَجَبَتْ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَةٍ فَأَحْرَى أَنْ تَجِبَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَالنَّاسِي قِيَاسٌ عَلَى الْمُضْطَرِّ وَالْعَامِدُ أَحْرَى بِذَلِكَ وَأَوْلَى وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ فِي مَوَاطِنَ فَقَالَ مَالِكٌ إِنْ لَبِسَ الْقَمِيصَ وَالسَّرَاوِيلَ وَالْعِمَامَةَ وَالْقَلَنْسُوَةَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الثِّيَابِ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَكَانَتْ حَاجَتُهُ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ إِنْ تَطَيَّبَ مِرَارًا فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ وَفَوْرٍ وَاحِدٍ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ مَرَّةٍ فِدْيَةٌ فِدْيَةٌ وَبِهِ قَالَ

أبو حنيفة والثوري والليث وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ) أَيْضًا لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يُكَفِّرْ فَإِنْ كَفَّرَ ثُمَّ صَنَعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَا يَلْبَسُ أَوْ يَتَطَيَّبُ فِدْيَةٌ بَعْدَ فِدْيَةٍ أَبَدًا وَأَمَّا الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ لِبَاسَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ عَلَى مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا فَإِنْ غَسَلَ ذَلِكَ الثَّوْبَ حَتَّى تَذْهَبَ رِيحُ الزَّعْفَرَانِ مِنْهُ وَخَرَجَ عَنْهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ أَيْضًا وَكَانَ مَالِكٌ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ يَكْرَهُ الثَّوْبَ الْغَسِيلَ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ إِذَا بَقِيَ فِيهِ مِنْ لَوْنِهِ شَيْءٌ وَقَالَ لَا يَلْبَسُهُ الْمُحْرِمُ وَإِنْ غَسَلَهُ إِذَا بَقِيَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ لَوْنِهِ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ غَيْرَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ صَبَغَهُ بِالْمِشْقِ وَأَحْرَمَ فِيهِ وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ فِيهِ وَلَا تَلْبَسُوا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ إِلَّا أَنْ يكون غسيلا

وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ رَأَيْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ وَهُوَ يَتَعَجَّبُ مِنَ الْحِمَّانِيِّ كَيْفَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ هَذَا عِنْدِي ثُمْ وَثَبَ مِنْ فَوْرِهِ فَجَاءَ بِأَصْلِهِ فَأَخْرَجَ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ كَمَا قَالَ الْحِمَّانِيُّ وَالْوَرْسُ نبات يكون باليمن كَشِبْهِ الْعُصْفُرِ صَبْغُهُ مَا بَيْنَ الصُّفْرَةِ وَالْحُمْرَةِ وَرَائِحَتُهُ طَيِّبَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعُصْفُرِ فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْعُصْفُرَ لَيْسَ بِطِيبٍ وَيَكْرَهُونَ لِلْحَاجِّ اسْتِعْمَالَ الثَّوْبِ الَّذِي يُنْتَفَضُ فِي جِلْدِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ الْعُصْفُرُ طِيبٌ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ عَلَى مَنِ اسْتَعْمَلَ شَيْئًا مِنْهُ فِي اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ إِذَا اسْتَعْمَلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَهَذِهِ جُمَلُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ على عونه لا شريك له

وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ رَأَيْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ وَهُوَ يَتَعَجَّبُ مِنَ الْحِمَّانِيِّ كَيْفَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ هَذَا عِنْدِي ثُمْ وَثَبَ مِنْ فَوْرِهِ فَجَاءَ بِأَصْلِهِ فَأَخْرَجَ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ كَمَا قَالَ الْحِمَّانِيُّ وَالْوَرْسُ نبات يكون باليمن كَشِبْهِ الْعُصْفُرِ صَبْغُهُ مَا بَيْنَ الصُّفْرَةِ وَالْحُمْرَةِ وَرَائِحَتُهُ طَيِّبَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعُصْفُرِ فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْعُصْفُرَ لَيْسَ بِطِيبٍ وَيَكْرَهُونَ لِلْحَاجِّ اسْتِعْمَالَ الثَّوْبِ الَّذِي يُنْتَفَضُ فِي جِلْدِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ الْعُصْفُرُ طِيبٌ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ عَلَى مَنِ اسْتَعْمَلَ شَيْئًا مِنْهُ فِي اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ إِذَا اسْتَعْمَلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَهَذِهِ جُمَلُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى عَوْنِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ

الحديث التاسع والأربعون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَأَرْبَعُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ قَالَ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِيهَا لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ وَالرَّغْبَاءُ وَالْعَمَلُ يُقَالُ إِنَّهُ لَمْ يسمع أبو الربيع الزهراني من مالك غير هَذَا الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الدَّيْنَوَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ العزيز البغوي وحدثنا خلف حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْحَمَّالُ قَالَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ

عُمَرَ قَالَ كَانَتْ تَلْبِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ لَمْ يَذْكُرْ زِيَادَةَ ابْنِ عُمَرَ وَكُلُّ مَنْ رَوَى الْمُوَطَّأَ ذَكَرَهَا فِيهِ وَذَكَرَهَا أَيْضًا جَمَاعَةٌ مِنْ غَيْرِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ وَعَبْدُ الْأَعْلَى بن حماد النرسي قال أبوالربيع حَدَّثَنَا مَالِكٌ وَقَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَزَادَ عَبْدُ الْأَعْلَى وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِيهَا لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَصْحَابُ نَافِعٍ أَيْضًا وَرَوَاهُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ أبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ سَوَاءً

وَرَوَاهُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ بمعناه وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَجَابِرُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا فِي تَلْبِيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَاءً دُونَ زِيَادَةِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ زِيَادَةُ لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحَقِّ وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنَحْنُ إِذَا حَجَجْنَا نَقُولُ ... لَبَّيْكَ تَعْظِيمًا إِلَيْكَ عُذْرًا ... هَذِي زُبَيْدٌ قَدْ أَتَتْكَ قَسْرًا ... ... تَعْدُو بِهَا مُضْمِرَاتٌ شَزْرًا ... يَقْطَعْنَ خَبْتًا وَجِبَالًا وُعْرًا ... ... قَدْ خَلَّفُوا الْأَوْثَانَ خُلْوًا صُفْرًا ... وَنَحْنُ نَقُولُ الْيَوْمَ كَمَا عَلَّمَنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ التَّلْبِيَةَ عَلَى حَسْبِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي فَتْحٍ إِنَّ وكسرها فِي قَوْلِهِ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَأَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ يَخْتَارُونَ فِي ذَلِكَ الْكَسْرَ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِهَذِهِ التَّلْبِيَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الزِّيَادَةِ فيها فقال

مَالِكٌ أَكْرَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُزَادَ فِيهَا مَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَزِيدُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أُحِبُّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى تَلْبِيَةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أَنْ يَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَيَقُولُ لَبَّيْكَ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ لَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ فِي التَّلْبِيَةِ عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِيهَا مَا شَاءَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَهَلَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ التَّلْبِيَةَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قال والناس يزيدون ليك ذَا الْمَعَارِجِ وَنَحْوَهُ مِنَ الْكَلَامِ وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْمَعُ فَلَا يَقُولُ لَهُمْ شَيْئًا

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَزِيدُ فِيهَا مَا ذَكَرَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بَعْدَ التَّلْبِيَةِ لَبَّيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ لَبَّيْكَ مَرْهُونًا مِنْكَ وَمَرْغُوبًا إِلَيْكَ وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي تَلْبِيَتِهِ ... لَبَّيْكَ حَقًّا حَقًّا ... تَعَبُّدًا وَزِقًّا ... وَمَنْ كَرِهَ الزِّيَادَةَ فِي التَّلْبِيَةِ احْتَجَّ بِأَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ يَزِيدُ فِي التَّلْبِيَةِ مَا لَمْ يَعْرِفْهُ وَقَالَ مَا كُنَّا نَقُولُ هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُ سَعْدٍ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ سَعْدًا سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَبَّيْكَ ذَا الْمَعَارِجِ فَقَالَ إِنَّهُ لَذُو الْمَعَارِجِ وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ يَقُولُ هَذَا وَنَحْنُ مَعَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ زَادَ فِي التَّلْبِيَةِ ما يحمل وَيَحْسُنُ مِنَ الذِّكْرِ فَلَا بَأْسَ وَمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

فَهُوَ أَفْضَلُ عِنْدِي وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَسَنَذْكُرُ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَعْنَى التَّلْبِيَةِ إِجَابَةُ اللَّهِ فِيمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ حَجِّ بَيْتِهِ وَالْإِقَامَةِ عَلَى طَاعَتِهِ فَالْمُحْرِمُ بِتَلْبِيَتِهِ مُسْتَجِيبٌ لِدُعَاءِ اللَّهِ إِيَّاهُ فِي إِيجَابِ الْحَجِّ عَلَيْهِ وَمِنْ أَجْلِ الِاسْتِجَابَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَبَّى لِأَنَّ مَنْ دُعِيَ فَقَالَ لَبَّيْكَ فَقَدِ اسْتَجَابَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَصْلَ التَّلْبِيَةِ الْإِقَامَةُ عَلَى الطَّاعَةِ يُقَالُ مِنْهُ أَلَبَّ فُلَانٌ بِالْمَكَانِ إِذَا أَقَامَ بِهِ وَأَنْشَدَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي ذَلِكَ ... مَحَلُّ الْهَجْرِ أَنْتَ بِهِ مُقِيمُ ... مُلِبٌّ مَا تَزُولُ وَلَا تَرِيمُ ... وَقَالَ آخَرُ ... لَبِّ بِأَرْضٍ مَا تَخَطَّاهَا النَّعَمْ ... ... قَالَ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى كَانَ يَذْهَبُ الْخَلِيلُ وَالْأَحْمَرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ مَعْنَى التَّلْبِيَةِ إِجَابَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أَذَّنَ بِالْحَجِّ فِي النَّاسِ ذَكَرَ سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ قَابُوسِ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ قِيلَ لَهُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ قَالَ رَبِّ وَمَا يَبْلُغُ صَوْتِي قَالَ أَذِّنْ وَعَلَيَّ الْبَلَاغُ فَنَادَى إِبْرَاهِيمُ أَيُّهَا النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ قَالَ فَسَمِعَهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَفَلَا تَرَوْنَ النَّاسَ يُجِيبُونَ مِنْ أَقْطَارِ الْبِلَادِ يُلَبُّونَ قَالَ وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ قَالَ قَامَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى مَقَامِهِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا رَبَّكُمْ فَقَالُوا لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ فَمَنْ حَجَّ الْيَوْمَ فَهُوَ مِمَّنْ أَجَابَ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَئِذٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَيْ إِجَابَتِي إِيَّاكَ إِجَابَةٌ بَعْدَ إِجَابَةٍ وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ أَيْ أَسْعِدْنَا سَعَادَةً بَعْدَ سَعَادَةٍ وَإِسْعَادًا بَعْدَ إِسْعَادٍ وَقَدْ قِيلَ مَعْنَى سَعْدَيْكَ مُسَاعَدَةٌ لَكَ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ فَيُرْوَى بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ يَقُولُ الْكَسْرُ

فِي ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ الَّذِي يَكْسِرُهَا يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالَّذِي يَفْتَحُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى لَبَّيْكَ لِأَنَّ الْحَمْدَ لَكَ أَيْ لَبَّيْكَ لِهَذَا السَّبَبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَعْنَى عِنْدِي وَاحِدٌ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ فَتَحَ الْهَمْزَةَ أَرَادَ لَبَّيْكَ لِأَنَّ الْحَمْدَ لَكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالْمُلْكَ لَكَ وَالنِّعْمَةَ وَحْدَكَ دُونَ غَيْرِكَ حَقِيقَةً لَا شَرِيكَ لَكَ وَاسْتَحَبَّ الْجَمِيعُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الْمُحْرِمِ بِالتَّلْبِيَةِ بِإِثْرِ صَلَاةٍ يُصَلِّيهَا نَافِلَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ مِنْ مِيقَاتِهِ إِذَا كَانَتْ صَلَاةً لَا يُتَنَفَّلُ بَعْدَهَا فَإِنْ كَانَ في غير وَقْتَ صَلَاةٍ لَمْ يَبْرَحْ حَتَّى يَحِلَّ وَقْتُ صَلَاةٍ فَيُصَلِّيَ ثُمَّ يُحْرِمَ إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَمْشِي فَإِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ أَحْرَمَ وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ قَالُوا الْفَرْضُ التَّلْبِيَةُ كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَطَاوُسٌ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْفَرْضُ الْإِهْلَالُ وَهُوَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَالْإِهْلَالُ التَّلْبِيَةُ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَعْنَى الْإِهْلَالِ فِي اللُّغَةِ فِي بَابِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ ههنا وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مَسْأَلَةً مِنْ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ يَجِبُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْفَرْضُ الْإِحْرَامُ وَهُوَ ذَلِكَ الْمَعْنَى أَيْضًا وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ لَا إِحْرَامَ إِلَّا لِمَنْ أَهَلَّ وَلَبَّى وَقَالَ الثَّوْرِيُّ الْفَرْضُ الْإِحْرَامُ قَالَ وَالْإِحْرَامُ التَّلْبِيَةُ قَالَ وَالتَّلْبِيَةُ فِي الْحَجِّ مِثْلُ التَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ كَبَّرَ أَوْ هَلَّلَ أَوْ سَبَّحَ يَنْوِي بِذَلِكَ الْإِحْرَامَ فَهُوَ مُحْرِمٌ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ التَّلْبِيَةُ عِنْدَ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْحَجُّ إِلَيْهَا مُفْتَقِرٌ وَلَا يُجْزِئُ مِنْهَا شَيْءٌ عِنْدَهُمْ غَيْرُهَا وَلَمْ أَجِدْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نصا عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأُصُولُهُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّلْبِيَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ عِنْدَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَكْفِي النِّيَّةُ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ أَنْ يُسَمَّى حَجًّا أَوْ عُمْرَةً قَالَ وَإِنْ لَبَّى بِحَجٍّ يُرِيدُ عُمْرَةً فَهِيَ عُمْرَةٌ وَإِنْ لَبَّى بِعُمْرَةٍ يُرِيدُ حَجًّا فَهُوَ حَجٌّ وَإِنْ لَبَّى لَا يُرِيدُ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً فَلَيْسَ بِحَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ وَإِنْ لَبَّى يَنْوِي الْإِحْرَامَ وَلَا يَنْوِي حَجًّا وَلَا عُمْرَةً فَلَهُ الْخِيَارُ يَجْعَلُهُ أَيْنَمَا شَاءَ وَإِنْ لَبَّى

فَقَدْ نَوَى أَحَدَهُمَا فَنَسِيَ فَهُوَ قَارِنٌ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَذَكَرَ ابْنُ خَوَازِ بَنْدَادَ قَالَ قال مالك النية بالإحرام في الاحج تجزئ وإن نسي فذلك واسع قَالَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إِنْ نَوَى فَكَبَّرَ وَلَمْ يُسَمِّ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً أَجْزَتْهُ النِّيَّةُ غَيْرَ أَنَّ الْإِحْرَامَ عِنْدَهُ مِنْ شَرْطِهِ التَّلْبِيَةُ وَلَا يَصِحُّ عِنْدَهُ إِلَّا بِتَلْبِيَةٍ قَالَ وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ قَالَ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَالشَّافِعِيُّ التَّلْبِيَةُ إِنْ فَعَلَهَا فَحَسَنٌ وَإِنْ تَرَكَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْتَ الْمُحْرِمَ مِنْ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ إِذَا تَوَجَّهَ مِنْ فِنَاءِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى فَتَوَجَّهَ وَهُوَ نَاسٍ أَيَكُونُ فِي تَوَجُّهِهِ مُحْرِمًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَرَاهُ مُحْرِمًا فَإِنْ ذَكَرَ مِنْ قَرِيبٍ لَبَّى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى خَرَجَ مِنْ حَجِّهِ رَأَيْتُ أَنْ يُهْرِيقَ دَمًا قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهَذَا يَدُلُّ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْإِهْلَالَ لِلْإِحْرَامِ لَيْسَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ التَّكْبِيرِ لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ

الرَّجُلَ لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ وَيَكُونُ دَاخِلًا فِي الْإِحْرَامِ بِالتَّلْبِيَةِ وَبِغَيْرِ التَّلْبِيَةِ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي تُوجِبُ الْإِحْرَامَ بِهَا عَلَى نَفْسِهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ قَدْ أَحْرَمْتُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوْ يُشْعِرَ الْهَدْيَ وَهُوَ يُرِيدُ بِإِشْعَارِهِ الْإِحْرَامَ أَوْ يَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْبَيْتِ وَهُوَ يُرِيدُ بِتَوَجُّهِهِ الْإِحْرَامَ فَيَكُونَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَمَا أَشْبَهَهُ مُحْرِمًا وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْحِينِ الذي يقطع فيه التلبية الحاج والمتعمر وَإِلَى أَيْنَ تَنْتَهِي تَلْبِيَتُهُ فِي بَابِ مُحَمَّدِ بن ابي بكر والحمد لله

الرَّجُلَ لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ وَيَكُونُ دَاخِلًا فِي الْإِحْرَامِ بِالتَّلْبِيَةِ وَبِغَيْرِ التَّلْبِيَةِ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي تُوجِبُ الْإِحْرَامَ بِهَا عَلَى نَفْسِهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ قَدْ أَحْرَمْتُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوْ يُشْعِرَ الْهَدْيَ وَهُوَ يُرِيدُ بِإِشْعَارِهِ الْإِحْرَامَ أَوْ يَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْبَيْتِ وَهُوَ يُرِيدُ بِتَوَجُّهِهِ الْإِحْرَامَ فَيَكُونَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَمَا أَشْبَهَهُ مُحْرِمًا وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْحِينِ الذي يقطع فيه التلبية الحاج والمتعمر وَإِلَى أَيْنَ تَنْتَهِي تَلْبِيَتُهُ فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الخمسون

حَدِيثٌ مُوَفِّي خَمْسِينَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَهْلُ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنَ قَرْنٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَبَلَغَنِي أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَصْحَابُ نَافِعٍ كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ أبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ سَوَاءً اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْلَهُ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ

وَرَوَاهُ صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ وَقَّتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا قَالَ فَقِيلَ لَهُ وَلِلْعِرَاقِ قَالَ لَا عِرَاقَ يَوْمَئِذٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَيُهِلُّ أَهْلُ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ لَمْ أَفْقَهْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَهْلَ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ وأهل نجد من قَرْنٍ وَذَكَرَ لِي وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّهُ قَالَ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مُرْسَلَ الصَّاحِبِ عَنِ الصَّاحِبِ أَوْ عَنِ الصَّحَابَةِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ صَحِيحٌ حُجَّةٌ وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا كُلِّهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَا وَقَّتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ وَقَالَ هِيَ لَهُمْ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ قَالَ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ قَالَ وَكَذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ فَيُهِلُّونَ منها

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ سواء بمعناه وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا فَهِيَ لَهُمْ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمِنْ أَهْلِهِ حَتَّى أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَسَائِرِ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا عَلِمْتُ عَلَى الْقَوْلِ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَاسْتِعْمَالِهَا لَا يُخَالِفُونَ شَيْئًا مِنْهَا وَاخْتَلَفُوا فِي مِيقَاتِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَفِيمَنْ وَقَّتَهُ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ مِيقَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَنَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ كُلِّهَا ذَاتُ عِرْقٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ إِنْ أَهَلُّوا مِنَ الْعَقِيقِ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا وَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

هُوَ الَّذِي وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ لِأَنَّ الْعِرَاقَ فِي زَمَانِهِ افْتُتِحَتْ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْعِرَاقِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ آخَرُونَ هَذِهِ غَفْلَةٌ مِنْ قَائِلِي هَذَا الْقَوْلِ بَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ وَالْعَقِيقِ كَمَا وَقَّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَالشَّامُ كُلُّهَا يَوْمَئِذٍ دَارُ كُفْرٍ كَمَا كَانَتِ الْعِرَاقُ يَوْمَئِذٍ دَارَ كُفْرٍ فَوَقَّتَ الْمَوَاقِيتَ لِأَهْلِ النَّوَاحِي لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِهِ الشَّامَ وَالْعِرَاقَ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْبُلْدَانِ وَلَمْ تُفْتَحِ الشَّامُ وَلَا الْعِرَاقُ جَمِيعًا إِلَّا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ السِّيَرِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِينَارَهَا وَدِرْهَمَهَا وَمَنَعَتِ الشَّامُ إِرْدَبَّهَا وَمُدْيَهَا وَقَفِيزَهَا بِمَعْنَى سَتَمْنَعُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الدِّينُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ زُوِيَتْ لِيَ الْأَرْضُ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ بَهْرَامٍ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى عَنْ أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ وَقَّتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ وَقَّتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ المدينة ذا الحليفة ولأهل الطائف قرن وَهِيَ نَجْدٌ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ وَلِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا

وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ وَقَّتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ عِرَاقِيٍّ أَوْ مَشْرِقِيٍّ أَحْرَمَ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ فَقَدْ أَحْرَمَ عِنْدَ الْجَمِيعِ مِنْ مِيقَاتِهِ وَالْعَقِيقُ أَحْوَطُ وَأَوْلَى عِنْدَهُمْ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ وَذَاتُ عِرْقٍ مِيقَاتُهُمْ أَيْضًا بِإِجْمَاعٍ وَكَرِهَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يُحْرِمَ أَحَدٌ قَبْلَ الْمِيقَاتِ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ إِحْرَامَهُ مِنَ الْبَصْرَةِ وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ إِحْرَامَهُ قَبْلَ الْمِيقَاتِ وَكَرِهَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ الْإِحْرَامَ مِنَ الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ وَهَذَا مِنْ هَؤُلَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُضَيِّقَ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ مَا قَدْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْ يَتَعَرَّضَ لِمَا لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَحْدُثَ فِي إِحْرَامِهِ وَكُلُّهُمْ أَلْزَمَهُ الْإِحْرَامَ إِذَا فَعَلَ لِأَنَّهُ زَادَ وَلَمْ يَنْقُصْ وَيَدُلُّكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَى الْمَوَاقِيتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَجَازَ الْإِحْرَامَ قَبْلَهَا مِنْ مَوْضِعٍ بَعِيدٍ هَذَا كُلُّهُ

قَوْلُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ وَلَيْسَ الْإِحْرَامُ مِثْلَ عَرَفَاتٍ وَالْمُزْدَلِفَةِ الَّتِي لَا يُجَازُ بِهِمَا مَوْضِعُهُمَا قَالَ وَالَّذِينَ أَحْرَمُوا قَبْلَ الْمِيقَاتِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كَثِيرٌ قَالَ وَحَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى عَلِيًّا فَقَالَ أَرَأَيْتَ قَوْلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ قَالَ عَلِيٌّ أَنْ تُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ قَالَ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَهَلَّ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَقَالَ لَوْلَا أَنْ يَرَى مُعَاوِيَةُ أَنَّ بِي غَيْرَ الَّذِي بِي لَجَعَلْتُ أُهِلُّ مِنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ الْمَوَاقِيتُ رُخْصَةٌ وَتَوْسِعَةٌ يَتَمَتَّعُ الْمَرْءُ بِحِلِّهِ حَتَّى يَبْلُغَهَا وَلَا يَتَجَاوَزُهَا وَالْإِحْرَامُ قَبْلَهَا فِيهِ فَضْلٌ لِمَنْ فَعَلَهُ وَقَوِيَ عَلَيْهِ وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَنْزِلِهِ فَهُوَ حَسَنٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قَوْلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ قَالُوا إِتْمَامُهَا أَنْ تُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُنَادِي قَالَ حَدَّثَنَا جَدِّي قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَسُئِلَ مَا تَمَامُ الْعُمْرَةِ فَقَالَ أَنْ تُحْرِمَ مِنْ أَهْلِكَ وَأَحْرَمَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ مِنَ الشَّامِ وَأَحْرَمَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ مِنَ الْبَصْرَةِ وَأَحْرَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مِنَ الْقَادِسِيَّةِ وَكَانَ الْأَسْوَدُ وَعَلْقَمَةُ وعبد الرحمان بْنُ يَزِيدَ وَأَبُو إِسْحَاقَ يُحْرِمُونَ مِنْ بُيُوتِهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحْرَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ عَامَ الْحَكَمَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّهُ شَهِدَ التَّحْكِيمَ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ فَلَمَّا افْتَرَقَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقٍ نَهَضَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ أَحْرَمَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ وَمِنْ أَقْوَى الْحُجَجِ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُحْرِمْ مِنْ بَيْتِهِ بِحَجَّتِهِ وَأَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتِهِ الَّذِي وَقَّتَهُ لِأُمَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا فَعَلَهُ فَهُوَ الْأَفْضَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَكَذَلِكَ صَنَعَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بَعْدَهُمْ كَانُوا يُحْرِمُونَ مِنْ مَوَاقِيتِهِمْ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى الْإِحْرَامَ مِنْ بَيْتِهِ أَفْضَلَ قَوْلُ عَائِشَةَ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا أَنَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود وَعِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ وَابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ أَحْرَمُوا مِنَ الْمَوَاضِعِ الْبَعِيدَةِ وَهُمْ فُقَهَاءُ الصَّحَابَةِ وَقَدْ شَهِدُوا إِحْرَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ مِنْ مِيقَاتِهِ وَعَرَفُوا مَغْزَاهُ وَمُرَادَهُ وَعَلِمُوا أَنَّ إِحْرَامَهُ مِنْ مِيقَاتِهِ كَانَ تَيْسِيرًا عَلَى أُمَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فديك عن عبد الله بن عبد الرحمان بْنِ يُحَنَّسَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الْأَخْنَسِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ حُكَيْمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أهل

بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ أَوْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ أَيُّهُمَا قَالَ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الرَّجُلِ الْمُرِيدِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ يُجَاوِزُ مِيقَاتَ بَلَدِهِ إِلَى مِيقَاتٍ آخَرَ أَقْرَبَ إِلَى مَكَّةَ مِثْلَ أَنْ يَتْرُكَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْإِحْرَامَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ حَتَّى يُحْرِمُوا مِنَ الْجُحْفَةِ فَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الدَّمَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَسْقَطَهُ وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَلَى إِيجَابِ الدَّمِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَوْ أَحْرَمَ الْمَدَنِيُّ مِنْ مِيقَاتِهِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَأَحْرَمَ مِنَ الْجُحْفَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَكَرِهَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ مُجَاوَزَةَ ذِي الْحُلَيْفَةِ إِلَى الْجُحْفَةِ وَلَمْ يُوجِبِ الدَّمَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا أَرَادَتِ الْحَجَّ أَحْرَمَتْ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَإِذَا أَرَادَتِ الْعُمْرَةَ أَحْرَمَتْ مِنَ الْجُحْفَةِ

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ لِي مَالِكٌ كُلُّ مَنْ مَرَّ بِمِيقَاتٍ لَيْسَ هُوَ لَهُ بِمِيقَاتٍ فَلْيُحْرِمْ مِنْهُ مِثْلَ أَنْ يَمُرَّ أَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ مِصْرَ مِنَ الْعِرَاقِ قَادِمِينَ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُهِلُّوا مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ مِيقَاتِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَكَذَلِكَ إِنْ قَدِمُوا مِنَ الْيَمَنِ أَهَلُّوا مِنْ يَلَمْلَمَ وَإِنْ قَدِمُوا مِنْ نَجْدٍ فَمِنْ قَرْنٍ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَمَنْ مَرَّ مِنْهُمْ بِمِيقَاتٍ لَيْسَ لَهُ فَلْيُهِلَّ مِنْ مِيقَاتِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي غَيْرَ مَرَّةٍ فِي أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ مِصْرَ إِذَا مَرُّوا بِالْمَدِينَةِ فَأَرَادُوا أَنْ يُؤَخِّرُوا إِحْرَامَهُمْ إِلَى الْجُحْفَةِ فَذَلِكَ لَهُمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا طَرِيقُهُمْ قَالَ مَالِكٌ وَالْفَضْلُ لَهُمْ فِي أنْ يُحْرِمُوا مِنْ مِيقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَاخْتَلَفُوا فَيمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ فَأَحْرَمَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَلَمْ يُحْرِمْ مِنْهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَا يَنْفَعُهُ رُجُوعُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ ثُمَّ أَحْرَمَ وَتَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنَ الْمِيقَاتِ فَلْيَمْضِ وَلَا يَرْجِعْ مُرَاهِقًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُرَاهِقٍ وَلْيُهْرِقْ دَمًا قَالَ وَلَيْسَ لِمَنْ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ فَأَحْرَمَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَيَنْقُضُ إِحْرَامَهُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ لِتَعَدِّيهِ مَا أُمِرَ بِهِ فَلَا وَجْهَ لِرُجُوعِهِ

وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مِمَّنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ جَاهِلًا فَلْيَرْجِعْ إِلَى الْمِيقَاتِ إِنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ الْحَجِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ خَافَ فَوَاتَ الْحَجِّ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَكَانَ عَلَيْهِ دَمٌ لِمَا تَرَكَ مِنَ الْإِحْرَامِ مِنَ الْمِيقَاتِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ لَبَّى أَوْ لَمْ يُلَبِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إِنْ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَلَبَّى سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَإِنْ لَمْ يُلَبِّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الدَّمُ وَكُلُّهُمْ يَقُولُ إِنَّهُ إِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَتَمَادَى فَعَلَيْهِ دَمٌ وللتابعين في هذه المسألة أقاويل أيضا غير هَذِهِ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْمِيقَاتَ هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَقَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمِيقَاتِ إِذَا تَرَكَهُ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ فَلَا حَجَّ لَهُ هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمِيقَاتِ كُلُّ مَنْ تَرَكَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى تَمَّ حَجُّهُ رَجَعَ

إِلَى الْمِيقَاتِ وَأَهَلَّ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ رُوِيَ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فَهَذِهِ الْأَقَاوِيلُ الثَّلَاثَةُ شُذُوذٌ ضَعِيفَةٌ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ لِأَنَّهَا لَا أَصْلَ لَهَا فِي الْآثَارِ وَلَا تَصِحُّ فِي النَّظَرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ يُجَاوِزُ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ نِيَّةِ إِحْرَامٍ ثُمَّ يُحْرِمُ فَقَالَ مَالِكٌ أَيُّمَا عَبْدٍ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِحْرَامِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ فَأَحْرَمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ الْمِيقَاتَ وَكَذَلِكَ إِنْ عَتِقَ وَاضْطَرَبَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَمَرَّةً قَالَ فِي الْعَبْدِ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ الْمِيقَاتَ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ فِي الْكَافِرِ يُجَاوِزُ الْمِيقَاتَ ثُمَّ يُسْلِمُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ يُجَاوِزُهُ ثُمَّ يَحْتَلِمُ فَيُحْرِمُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى لَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى الصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ يُسْلِمُ الْفِدْيَةُ إِذَا أَحْرَمَا مِنْ مكة ومرة قَالَ عَلَيْهِمْ ثَلَاثَتِهِمْ دَمٌ وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْطُرْ بِالْمِيقَاتِ مُرِيدًا لِلْحَجِّ

وَإِنَّمَا تَجَاوَزَهُ وَهُوَ غَيْرُ قَاصِدٍ الْحَجَّ ثُمَّ حَدَثَتْ لَهُ حَالٌ بِمَكَّةَ فَأَحْرَمَ مِنْهَا فَصَارَ كَالْمَكِّيِّ الَّذِي لَا دَمَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّتَهُ فَإِنَّهُ يَقْضِيهَا مِنْ حَيْثُ كَانَ أَحْرَمَ بِالْحَجَّةِ الَّتِي أَفْسَدَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَهَذَا عِنْدَ أَصْحَابِهِمَا عَلَى الاختيار واتفق مالك والشافعين وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ عَلَى أَنَّ مَنْ مَرَّ بِالْمِيقَاتِ لَا يُرِيدُ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً ثُمَّ بَدَا لَهُ فِي الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ وَهُوَ قَدْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي بَدَا لَهُ مِنْهُ الْحَجُّ وَلَا يَرْجِعُ إِلَى الْمِيقَاتِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَرْجِعُ إِلَى الْمِيقَاتِ وَيُحْرِمُ مِنْهُ وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَهَلَّ مِنَ الْفُرُعِ مُحْتَمَلَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ مر بميقاتك لَا يُرِيدُ إِحْرَامًا ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَهَلَّ مِنْهُ أَوْ جَاءَ إِلَى الْفُرُعِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ فِي الْإِحْرَامِ هَكَذَا ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَى حَدِيثَ الْمَوَاقِيتِ وَمُحَالٌ أَنْ

يَتَعَدَّى ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ فَيُوجِبَ عَلَى نَفْسِهِ دَمًا هَذَا لَا يَظُنُّهُ عَالِمٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ أَهْلُهُ دُونَ الْمَوَاقِيتِ أَنَّ مِيقَاتَهُ مِنْ أَهْلِهِ حَتَّى يَبْلُغَ مَكَّةَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا قَوْلَانِ شَاذَّانِ أَحَدُهُمَا لِأَبِي حَنِيفَةَ قَالَ يُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا يَدْخُلُ الْحَرَمَ إِلَّا حَرَامًا فَإِنْ دَخَلَهُ غَيْرَ حَرَامٍ فَلْيَخْرُجْ مِنَ الْحَرَمِ وَلْيُهِلَّ مِنْ حَيْثُ شَاءَ مِنَ الْحِلِّ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لِمُجَاهِدٍ قَالَ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ مَنْزِلُهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمِيقَاتِ أَهَلَّ مِنْ مكة

الحديث الواحد والخمسون

حَدِيثٌ حَادٍ وَخَمْسُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَفْظِهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ

وكذلك رواه أيوب وعبيد الله والليث وَغَيْرُهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَرَوَاهُ ابْنُ شِهَابٍ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَوَاهُ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إِسْنَادًا آخَرَ وَرَوَاهُ يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ وَرَوَاهُ زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَتْنِي إِحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُحْرِمَ بِقَتْلِ خَمْسٍ مِنَ الدَّوَابِّ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً فَأَمَّا رِوَايَةُ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لهذا الحديث فمقتصرة على إباحة قتل هذا الْخَمْسِ الْمَذْكُورَاتِ مِنَ الدَّوَابِّ لِلْمُحْرِمِ فِي حَالِ إِحْرَامِهِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ جَمِيعًا وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَفِيهَا لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَهَذَا أَعَمُّ

لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُحْرِمُ وَغَيْرُ الْمُحْرِمِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَا جَازَ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ فَغَيْرُ الْمُحْرِمِ أَحْرَى أَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ لَهُ وَلَكِنْ لِكُلِّ وَجْهٍ مِنْهَا حُكْمٌ سَنَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ وَهُوَ حَرَامٌ الْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْعَقْرَبُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءٌ وَزَادَ قِيلَ لِنَافِعٍ فَالْحَيَّةُ قَالَ الْحَيَّةُ لَا شَكَّ فِي قَتْلِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ أَيُّوبَ قُلْتُ لِنَافِعٍ الْحَيَّةُ قَالَ الْحَيَّةُ لَا يُخْتَلَفُ فِي قَتْلِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ كَمَا قَالَ نَافِعٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ قَتْلِ الْحَيَّةِ لِلْمُحْرِمِ وَلَكِنَّهُ شُذُوذٌ وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلُهَا لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِ الْمُحْرِمِ فِي الْحَرَمِ

وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهٍ سَنَذْكُرُ أَكْثَرَهَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الرُّوَاةِ ذِكْرُ الْحَيَّةِ وَهُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ قَرَأْتُ عَلَى سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا وَاللَّهِ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَا جُنَاحَ فِي قَتْلِهِنَّ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ قِيلَ لِسُفْيَانَ إِنَّ مَعْمَرًا يَرْوِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَقَالَ حَدَّثَنَا وَاللَّهِ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ مَا ذَكَرَ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِجُمْلَةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ تِلْكَ الْجُمْلَةِ وَتَخْصِيصِهَا بِمَعَانٍ نَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

فَأَمَّا ابْنُ عُيَيْنَةَ فَقَالَ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ كُلُّ سَبُعٍ يَعْقِرُ قَالَ وَلَمْ يَخُصَّ بِهِ الْكَلْبَ قَالَ سُفْيَانُ وَفَسَّرَهُ لَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَرَوَى زُهَيْرُ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سِيلَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ الْأَسَدُ وَأَمَّا مَالِكٌ فَذَكَرَ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ قَالَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ الَّذِي أُمِرَ الْمُحْرِمُ بِقَتْلِهِ هُوَ كُلُّ مَا عَقَرَ النَّاسَ وَعَدَا عَلَيْهِمْ وَأَخَافَهُمْ مِثْلَ الْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالذِّئْبِ فَهُوَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ قَالَ فَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ السِّبَاعِ لَا تَعْدُو مِثْلَ الضَّبْعِ وَالثَّعْلَبِ وَمَا أَشْبَهَهُنَّ مِنَ السِّبَاعِ فَلَا يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ وَإِنْ قَتَلَهُ فَدَاهُ قَالَ مَالِكٌ وَأَمَّا مَا ضَرَّ مِنَ الطَّيْرِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ إِلَّا مَا سَمَّى النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَإِنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنَ الطَّيْرِ سِوَاهُمَا وَهُوَ مُحْرِمٌ فعليه جزاؤه

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا الْبَابُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مِنْ بَابِ مَا يُؤْكَلُ عِنْدَهُ مِنَ السِّبَاعِ وَمَا لَا يُؤْكَلُ فِي شَيْءٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذْهَبَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِيمَا يُكْرَهُ أَكْلُهُ مِنَ السِّبَاعِ وَمَا لَا يُكْرَهُ مِنْهَا مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَقْتُلَ الْمُحْرِمُ السِّبَاعَ الَّتِي تَعْدُو عَلَى النَّاسِ وَتَفْتَرِسُ ابْتَدَأَتْهُ أَوِ ابْتَدَأَهَا جَائِزٌ لَهُ قَتْلُهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَأَمَّا صِغَارُ أَوْلَادِهَا الَّتِي لَا تَفْتَرِسُ وَلَا تَعْدُو عَلَى النَّاسِ فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهَا قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَهَلْ يَكْرَهُ مَالِكٌ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَ الْهِرِّ الْوَحْشِيِّ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبْعِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ لَهُ فَإِنِ ابْتَدَأَنِي الضَّبْعُ أَوِ الْهِرُّ أَوِ الثَّعْلَبُ وَأَنَا مُحْرِمٌ فَقَتَلْتُهَا أَعَلَيَّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ شَيْءٌ قَالَ لَا وَهُوَ رَأْيِي أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ عَدَا عَلَى رَجُلٍ فَأَرَادَ قَتْلَهُ فَدَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَقَالَ أَشْهَبُ سَأَلْتُ مَالِكًا أَيَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْغُرَابَ وَالْحِدَأَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضُرَّا بِهِ فَقَالَ لَا إِلَّا أَنْ يَضُرَّا بِهِ إِنَّمَا أُذِنَ في

قَتْلِهِمَا إِذَا أَضَرَّا فِي رَأْيِي فَأَمَّا أَنْ يُصِيبَهُمَا بَدْءًا فَلَا أَرَى ذَلِكَ وَهُمَا صَيْدٌ وَلَيْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَصِيدَ وَلَيْسَا مِثْلَ الْعَقْرَبِ وَالْفَأْرَةِ وَالْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ صَيْدٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتُلَا فِي الْحَرَمِ خَوْفَ الذَّرِيعَةِ إِلَى الِاصْطِيَادِ فَإِنْ أَضَرَّا بِالْمُحْرِمِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْتُلَهُمَا قَالَ فَقُلْتُ لَهُ أَيَصِيدُ الْمُحْرِمُ الثَّعْلَبَ وَالذِّئْبَ قَالَ لَا ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَعَلَى هَذَا أَصْلُ رَأْيِكَ أَمْ تَتَجَاهَلُ قُلْتُ مَا أَتَجَاهَلُ وَلَكِنْ ظَنَنْتُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ السِّبَاعِ قَالَ مَالِكٌ وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَعْدُو مِنَ السِّبَاعِ مِثْلُ الْهِرِّ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبْعِ وَمَا أَشْبَهَهَا فَلَا يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ وَإِنْ قَتَلَهُ وَدَاهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْذَنْ فِي قَتْلِ السِّبَاعِ وَإِنَّمَا أَذِنَ فِي قَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ قَالَ وَصِغَارُ الذِّئَابِ لَا أَرَى أَنْ يَقْتُلَهَا الْمُحْرِمُ فَإِنْ قَتَلَهَا فَدَاهَا وَهِيَ مِثْلُ فِرَاخِ الْغِرْبَانِ أَيَذْهَبُ يَصِيدُهَا وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ فِي أَوْلَادِ السِّبَاعِ الَّتِي لَا تَعْدُو عَلَى النَّاسِ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ إِنَّمَا جَاءَتْ فِي الْكَلْبِ العقور وأولاده لست تَعْقِرُ فَلَا تَدْخُلُ فِي هَذَا النَّعْتِ قَالَ وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ خَمْسٌ فَوَاسَقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ

فَسَمَّاهُنَّ فُسَّاقَا وَوَصَفَهُنَّ بِأَفْعَالِهِنَّ لِأَنَّ الْفَاسِقَ فَاعِلٌ وَالصِّغَارُ لَا فِعْلَ لَهُنَّ قَالَ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ يَعْظُمُ ضَرَرُهُ عَلَى النَّاسِ قَالَ وَمِنْ ذَلِكَ الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ لِأَنَّهُمَا يُخَافُ مِنْهُمَا قَالَ وَكَذَلِكَ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ لِأَنَّهُمَا يَخْتَطِفَانِ اللَّحْمَ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ قَالَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الزُّنْبُورِ فَشَبَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ قَالَ وَلَوْلَا أَنَّ الزُّنْبُورَ لَا يَبْتَدِئُ لَكَانَ أَغْلَظَ عَلَى النَّاسِ مِنَ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ فِي طَبْعِهِ مِنَ الْعَدَاءِ مَا فِي الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ قَالَ إِنَّمَا يَحْمِي الزُّنْبُورُ إِذَا أَذِيَ قَالَ فَإِنْ عَرَضَ الزُّنْبُورُ لِإِنْسَانٍ فَدَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ شَيْءٌ قَالَ وَقَدْ جَاءَ فِي الْفَأْرَةِ أَنَّهَا تُحَرَّقُ عَلَى النَّاسِ بُيُوتَهُمْ قَالَ وَقَدْ رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصْعَدُ بِالْفَتِيلَةِ إِلَى السَّقْفِ فَجَاءَ فيها النص كما جاء في الكب الْعَقُورِ قَالَ وَلَمْ يُعْنِ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ هَذِهِ الْكِلَابَ الْإِنْسِيَّةَ قَالَ وَإِنَّمَا أُرْخِصَ لِلْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ هَذِهِ الدَّوَابِّ الْوَحْشِيَّةِ قَالَ وَإِنَّمَا عَنَى بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا عَدَا عَلَى الناس وعقرهم

قَالَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ فِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ سَيُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَيْهِ أَوِ اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ فَعَدَا عَلَيْهِ الْأَسَدُ فَقَتَلَهُ وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ عَنْ وَبَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الذِّئْبِ وَالْغُرَابِ وَالْفَأْرَةِ قُلْتُ فَالْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ قَالَ قَدْ كَانَ يُقَالُ ذَلِكَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مَحْفُوظًا فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ جَعَلَ الذِّئْبَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَلْبًا عَقُورًا قَالَ وَهَذَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ فِي اللُّغَةِ وَالْمَعْنَى قَالَ وَأَمَّا الْحَيَّةُ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ فِيهَا نَصٌّ لَدَخَلَتْ فِي مَعْنَى الْعَقْرَبِ وَفِي مَعْنَى الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَ فِيهَا النَّصُّ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى لَيْلَةَ عَرَفَةَ فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ فَقَالَ اقْتُلُوا اقْتُلُوا فَسَبَقَتْنَا قَالَ وَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ يَزِيدَ بن أبي زياد عن عبد الرحمان بن أبي

نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْأَفْعَى وَالْأَسْوَدَ وَالْعَقْرَبَ وَالْحِدَأَةَ وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ وَالْفُوَيْسِقَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَسْوَدُ الْمَذْكُورُ هُنَا الْحَيَّةُ هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ذُكِرَ قَتْلُ الْمُحْرِمِ الْأَفْعَى وَالْحَيَّةَ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَإِذَا أَضَفْتَهُمَا إِلَى الْخَمْسِ الْفَوَاسِقِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ صِرْنَ سَبْعًا وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَمْسَ لَسْنَ مَخْصُوصَاتٍ وَأَنَّ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا فَلَهُ حُكْمُهَا (فَتَدَبَّرْ) وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذَا الْبَابِ فِي هَذَا كُلِّهِ وَمَعْنَاهُ وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ كُلَّ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَزَادَ وَلَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْوَزَغَ وَلَا قِرْدًا وَلَا خِنْزِيرًا وَلَا يَقْتُلُ الْحَيَّةَ الصَّغِيرَةَ وَلَا صِغَارَ الدَّوَابِّ وَلَا فِرَاخَ الْغِرْبَانِ فِي وَكْرِهَا فَإِنْ قَتَلَ ثَعْلَبًا أَوْ صَقْرًا أَوْ بَازِيًّا فَدَاهُ

رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ أَمَّا مَا ضَرَّ مِنَ الطَّيْرِ فَلَا يَقْتُلُ مِنْهُ الْمُحْرِمُ إِلَّا الَّذِي سَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغُرَابَ وَالْحِدَأَةَ قَالَ وَلَا أَرَى أَنْ يَقْتُلَ الْمُحْرِمُ غُرَابًا وَلَا حِدَأَةً إِلَّا أَنْ يَضُرَّاهُ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْفَأْرَةِ وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَإِنْ لَمْ تَضُرَّهُ قَالَ وَلَا أَرَى أَنْ يَقْتُلَ الْمُحْرِمُ الْوَزَغَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْخَمْسِ الَّتِي أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم بقتلهن قيل لمالك فَإِنْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ الْوَزَغَ فَقَالَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ وَأَرَى أَنْ يَتَصَدَّقَ إِنْ قَتَلَهُ وَهُوَ مِثْلُ شَحْمَةِ الْأَرْضِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَهَا سِتًّا وَلَا سَبْعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فِي قَتْلِ الْحَيَّةِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَكَذَلِكَ الْأَفْعَى وَذَلِكَ مُسْتَعْمَلٌ بِالنَّصِّ وَبِمَعْنَى النَّصِّ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ فَافْهَمْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إِنْ طَرَحَ الْمُحْرِمُ الْحَلَمَةَ أَوِ الْقُرَادَ أَوِ الْحُمْنَانَ أَوِ الْبُرْغُوثَ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ عليه

شَيْءٌ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْقَمْلَةِ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ قَالَ وَلَمْ أَسْمَعْهُ يَحُدُّ أَقَلَّ مِنْ حَفْنَةِ طَعَامٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَنْزِعَ الْمُحْرِمُ حَلَمَةً أَوْ قُرَادًا مِنْ بَعِيرِهِ أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُقَرِّدُ بِعِيرَهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ مَالِكٌ إِنَّمَا يَطْرَحُ الْمُحْرِمُ عَنْ نَفْسِهِ الْقُرَادَ وَالنَّمْلَةَ وَالذَّرَّةَ وَمَا لَيْسَ مِنْ دَوَابِّ جَسَدِهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ يُؤْذِيهِ قَالَ وَأَمَّا دَوَابُّ جَسَدِهِ فَلَا يُلْقِي مِنْهَا شَيْئًا عَنْ نَفْسِهِ إِلَّا أَنْ يُؤْذِيَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَيَطْرَحُهُ مِنْ مَوْضِعٍ مِنْ جَسَدِهِ إِلَى مَوْضِعٍ غَيْرِهِ وَيَنْقُلُ الْقَمْلَةَ مِنْ مَوْضِعٍ مِنْ جَسَدِهِ إِلَى مَوْضِعٍ مِنْهُ إِنْ شَاءَ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يُؤْذِيهِ الْقَمْلُ فِي إِزَارِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَيَضَعُهُ وَيَلْبَسُ غَيْرَهُ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْبَعُوضِ وَالْبَرَاغِيثِ يَقْتُلُهَا الْمُحْرِمُ أَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ ذَلِكَ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَصْلُحُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْتُلَ قَمْلَةً وَلَا يَطْرَحَهَا مِنْ رَأْسِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَلَا مِنْ جِلْدِهِ وَلَا مِنْ بَدَنِهِ فَإِنْ قَتَلَهَا أَوْ أَلْقَاهَا أَطْعَمَ قَبْضَةً مِنْ طَعَامٍ قَالَ وَقَالَ لِي مَالِكٌ يُلْقِي الْمُحْرِمُ الْقُرَادَ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ وَقَالَ لِي فِي مُحْرِمٍ لَدَغَتْهُ دَبَرَةٌ فَقَتَلَهَا وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

قال أرى أن يطعم شيئا فقلت لمالك أَفَرَأَيْتَ النَّمْلَةَ قَالَ كَذَلِكَ أَيْضًا فَهَذِهِ جُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ فَتَدَبَّرْهَا وَجُمْلَةُ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يُقْرِّدُ بَعِيرَهُ وَلَا يَطْرَحُ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ دَوَابِّهِ فَإِنْ طَرَحَ عَنِ الْبَعِيرِ قُرَادًا أَطْعَمَ وَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْمِيَ عَنْ نَفْسِهِ الْقُرَادَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ دَوَابِّ بَنِي آدَمَ وَلَا يَطْرَحُ عَنْ نَفْسِهِ قَمْلَةً لِأَنَّهَا مِنْهُ وَجَائِزٌ أَنْ يَطْرَحَ عَنْ نَفْسِهِ جَمِيعَ دَوَابِّ الْأَرْضِ مِثْلَ الْحَلَمَةِ وَالْحُمْنَانِ وَالنَّمْلَةِ وَالذَّرَّةِ وَالْبُرْغُوثِ وَلَا يَقْتُلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ قَتَلَ مِنْهُ شَيْئًا أَطْعَمَ وَجَائِزٌ أَنْ يَطْرَحَ الْمُحْرِمُ عَنْ دَابَّتِهِ الْعَلَقَةَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ دَوَابِّهَا الْمُتَعَلِّقَةِ فِيهَا فَهَذَا أَصْلُ مَذْهَبِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ السِّبَاعِ إِلَّا الْكَلْبَ وَالذِّئْبَ خَاصَّةً وَيَقْتُلُهُمَا ابْتَدَآهُ أَوِ ابْتَدَأَهُمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِمَا وَإِنْ قَتَلَ غَيْرَهُمَا مِنَ السِّبَاعِ فَدَاهُ قَالَ وَإِنِ ابْتَدَأَهُ غَيْرُهُمَا مِنَ السِّبَاعِ فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَبْتَدِئْهُ فَدَاهُ إِنْ قَتَلَهُ قَالَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْحِدَأَةِ هَذِهِ جُمْلَةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ إِلَّا زُفَرَ وَقَالَ زُفَرُ لَا يَقْتُلُ

إِلَّا الذِّئْبَ وَحْدَهُ وَمَنْ قَتَلَ غَيْرَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ ابْتَدَأَهُ أَوْ لَمْ يَبْتَدِئْهُ وَقَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ نَحْوُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ الثَّوْرِيُّ الْمُحْرِمُ يَقْتُلُ الْكَلْبَ الْعَقُورَ قَالَ وَمَا عَدَا عَلَيْكَ مِنَ السِّبَاعِ فَاقْتُلْهُ وَلَيْسَ عَلَيْكَ كَفَّارَةٌ قَالَ وَيَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحِدَأَةَ وَالْعَقْرَبَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ إِنْ قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْتَدِئَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَإِنِ ابْتَدَأَهُ الطَّيْرُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالُوا وَإِنْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ الذِّئَابَ وَالْقَمْلَةَ وَالْبَقَّةَ وَالْحَلَمَةَ وَالْقُرَادَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ قَالُوا وَيُكْرَهُ قَتْلُ الْقَمْلَةِ فَإِنْ قَتَلَهَا فَكُلُّ شَيْءٍ يَصَّدَّقُ بِهِ فَهُوَ خَيْرٌ مِنْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ احْتَجَّ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لِنَفْسِهِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي بَعْضِ مَسَائِلِهِ وَاحْتَجَّ لَهُ إِسْمَاعِيلُ أَيْضًا بِمَا ذَكَرْنَا وَجُمْلَةُ الْحُجَّةِ لِمَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ الْعِرَاقِيِّينَ أَيْضًا فِي ذَلِكَ عُمُومُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البر مَا دُمْتُمْ حُرُمًا

فَكُلُّ وَحْشِيٍّ مِنَ الطَّيْرِ أَوِ الدَّوَابِّ عِنْدَهُمْ صَيْدٌ وَقَدْ خَصَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَوَابَّ بِأَعْيَانِهَا وَأَرْخَصَ لِلْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهَا مِنْ أَجْلِ ضَرَرِهَا فَلَا وَجْهَ أَنْ يُزَادَ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى شَيْءٍ فَيَدْخُلَ فِي مَعْنَاهَا وَاسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِقَوْلِهِ وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ جُمْلَةَ السِّبَاعِ لِأَنَّهُ أَبَاحَ أَكْلَ الضَّبْعِ وَجَعَلَهَا مِنَ الصَّيْدِ وَجَعَلَ فِيهَا عَلَى الْمُحْرِمِ إِنْ قَتَلَهَا كَبْشًا وَهِيَ سَبْعٌ وَأَمَّا الْقَمْلَةُ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الْجَسَدِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الصَّيْدِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّفَثِ وَحِلَاقِ الشِّعْرِ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ كُلُّ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَلِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْتُلَهُ قَالَ وَلِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْتُلَ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَالْفَأْرَةَ وَالْحِدَأَةَ وَالْغُرَابَ وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ وَمَا أَشْبَهَ الْكَلْبَ الْعَقُورَ مِثْلَ السَّبْعِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالذِّئْبِ قَالَ وَصِغَارُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَكِبَارُهُ سَوَاءٌ قَالَ وَلَيْسَ فِي الرَّخَمَةِ وَالْخَنَافِسِ وَالْقِرْدَانِ وَالْحَلَمِ وَمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ جَزَاءٌ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنَ الصَّيْدِ قَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا فَدَلَّ

أَنَّ الصَّيْدَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْهِمْ مَا كَانَ لهم قبل لإحرام حَلَالًا لِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُ أَنْ يُحَرَّمَ فِي الْإِحْرَامِ خَاصَّةً إِلَّا مَا كَانَ مُبَاحًا قَتْلُهُ قَالَ وَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ لِأَنَّ مَا عَمِلَتْ (فِيهِ) الذَّكَاةُ بِالِاصْطِيَادِ أَوِ الذَّبْحِ لَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِ حَكَى هَذِهِ الْجُمْلَةَ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ وَحَكَى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ عَنْهُ قَالَ وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا عَدُوٌّ فَلْيَقْتُلْهُ الْمُحْرِمُ وَغَيْرُ الْمُحْرِمِ وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَلِكَ مِثْلُ الْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَكُلِّ مَا يَعْدُو عَلَى النَّاسِ وَعَلَى دَوَابِّهِمْ وَطَائِرِهِمْ مُكَابَرَةً فَيَقْتُلُ ذَلِكَ الْمُحْرِمُ وَغَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْهُ وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَى قَتْلِهِ وَمِنْهَا مَا يَضُرُّ مِنَ الطَّائِرِ مِثْلَ الْعُقَابِ وَالصَّقْرِ وَالْبَازِي فَهُوَ يَعْدُو عَلَى طَائِرِ النَّاسِ فَيَضُرُّ فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ أَيْضًا وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً وَقَدْ يُؤَلَّفُ وَيُتَأْنَسُ فَيَصْطَادُ وَيَسَعُ الْمُحْرِمُ وَغَيْرُهُ تَرْكُهُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَلَمْ يُرْغَبْ فِي قَتْلِهِ لِمَنْفَعَتِهِ وَمِنْهَا مَا يُؤْذِي وَلَا مَنْفَعَةَ فيه بأكل لحمه ولا غير ذَلِكَ فَيُقْتَلُ أَيْضًا مِثْلَ

الزُّنْبُورِ وَمَا أَشْبَهَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إِذَا قَتَلَ الْفَأْرَةَ وَالْغُرَابَ وَالْحِدَأَةَ لِمَعْنَى الضَّرَرِ كَانَ مَا هُوَ أَعْظَمُ ضَرَرًا مِنْهَا أَوْلَى أَنْ يُقْتَلَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَلِمَ تُفْدَى الْقَمْلَةُ وَهِيَ تُؤْذِي وَهِيَ لَا تُؤْكَلُ قِيلَ لَيْسَ تُفْدَى إِلَّا عَلَى مَا يُفْدَى الشَّعْرُ وَالظُّفْرُ وَلُبْسُ مَا لَيْسَ لَهُ لُبْسُهُ لِأَنَّ فِي طَرْحِ الْقَمْلَةِ إِمَاطَةُ أَذًى عَنْ نَفْسِهِ إِذَا كَانَتْ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ وَكَأَنَّهُ أَمَاطَ بَعْضَ شَعْرِهِ فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ ظَاهِرَةً فَقُتِلَتْ فَإِنَّهَا لَا تُودَى وَقَالَ الرَّبِيعُ عَنْهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِ مِنَ الطَّيْرِ كُلَّ مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ وَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ وَهَوَامِّهَا كُلَّ مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ وَالْقَمْلَةُ لَيْسَتْ صَيْدًا وَلَا مَأْكُولَةً فَلَا تُفْدَى بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ يَطْرَحَهَا الْمُحْرِمُ عَنْ نَفْسِهِ فَتَكُونُ كَإِمَاطَةِ الْأَذَى مِنَ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَقَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءً فَهَذِهِ أَقَاوِيلُ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ جَاءَ عَنِ التَّابِعِينَ فِي هَذَا الْبَابِ أَقَاوِيلُ شَاذَّةٌ تُخَالِفُهَا السُّنَّةُ أَوْ يُخَالِفُ بَعْضُهَا دَلِيلًا أَوْ نَصًّا فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ النخعي كره

لِلْمُحْرِمِ قَتْلَ الْفَأْرَةِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَبَاحَ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَهَا وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ عَطَاءٌ فِي الْجُرَذِ الْوَحْشِيِّ لَيْسَ بِصَيْدٍ فَاقْتُلْهُ وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّهُ تَنَاقَضَ فَقَالَ فِي الْكَلْبِ الَّذِي لَيْسَ بِعَقُورٍ إِنْ قَتَلَهُ ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجُرَذَ الْوَحْشِيَّ لَيْسَ بِصَيْدٍ وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ) وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةَ وَلَا الْعَقْرَبَ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْهُمَا وَمِنْ حُجَّتِهِمَا أَنَّ هَذَيْنِ مِنْ هَوَامِّ الْأَرْضِ فَمَنْ قَالَ بِقَتْلِهِمَا لَزِمَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ هَوَامِّ الْأَرْضِ وَهَذَا أَيْضًا لَا وَجْهَ لَهُ وَلَا مَعْنَى لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَبَاحَ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَهُمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال خَمْسٌ قَتْلُهُنَّ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْحِدَأَةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ حَيَّةً بِمِنًى وَرَوَى مُجَاهِدٌ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ مَرْفُوعًا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ حَدَّثَنِي سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الْحَيَّةِ يَقْتُلُهَا الْمُحْرِمُ فَقَالَ هِيَ عَدُوٌّ فَاقْتُلُوهَا حَيْثُ وَجَدْتُمُوهَا وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ مُخَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ اعْتَمَرْتُ فَمَرَرْتُ بِالرِّمَالِ فَرَأَيْتُ حَيَّاتٍ فَجَعَلْتُ أَقْتُلُهُنَّ فَسَأَلْتُ عُمَرَ فَقَالَ هُنَّ عَدُوٌّ فَاقْتُلُوهُنَّ قَالَ سُفْيَانُ وَقَالَ لَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَيْحَكَ أَيُّ كَلْبٍ أعقر من الحية

وقال عبد الرحمان بْنُ حَرْمَلَةَ رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ ضَرَبَ حَيَّةً بِسَوْطِهِ حَتَّى قَتَلَهَا وَقَالَ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى سَأَلْتُ الْحَسَنَ أَيَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةَ قَالَ نَعَمْ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يَقْتُلُ مِنَ الْغِرْبَانِ إِلَّا الْغُرَابَ الْأَبْقَعَ خَاصَّةً وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَمْسٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَبْقَعُ مِنَ الْغِرْبَانِ الَّذِي فِي ظَهْرِهِ أَوْ بَطْنِهِ بَيَاضٌ وَكَذَلِكَ الْكَلْبُ الْأَبْقَعُ أَيْضًا وَالْغُرَابُ الْأَدْرَعُ وَالدِّرْعِيُّ هُوَ الْأَسْوَدُ وَالْغُرَابُ الْأَعْصَمُ هُوَ الْأَبْيَضُ الرِّجْلَيْنِ وَكَذَلِكَ الْوَعْلُ الْأَعْصَمُ عِصْمَتُهُ بَيَاضٌ فِي رِجْلِهِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ تَرْمِي الْغُرَابَ وَلَا

تَقْتُلُهُ وَقَالَ بِهِ قَوْمٌ وَاحْتَجُّوا بِمَا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَمَّا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفُوَيْسِقَةُ وَيَرْمِي الْغُرَابَ وَلَا يَقْتُلُهُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْحِدَأَةُ وَالسَّبُعُ الْعَادِيُّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ هُنَيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَالْغُرَابَ الْأَبْقَعَ وَيَرْمِي الْغُرَابَ وَالْفُوَيْسِقَةَ وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ أَبَاحَ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَ الْغُرَابِ

وَلَمْ يَخُصَّ أَبْقَعَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا وَجْهَ لِمَا خَالَفَهُ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وغيره وأما حديث عبد الرحمان ابْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْغُرَابِ يَرْمِيهِ الْمُحْرِمُ وَلَا يَقْتُلُهُ فَلَيْسَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى مِثْلِ حَدِيثِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالْحَدِيثُ عَنْ عَلِيٍّ فِيهِ أَيْضًا ضَعْفٌ وَلَا يَثْبُتُ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ أَبَاحَ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَ الْحَيَّةِ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا تَقْرِيدُ الْمُحْرِمِ بَعِيرَهُ فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى إِجَازَةِ ذَلِكَ وَتَقْرِيدُهُ رَمْيُ الْقُرَادِ وَنَزْعُهُ عَنْهُ وَقَتْلُهُ رَوَى مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبراهيم بن الحرث عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُقَرِّدُ بَعِيرًا لَهُ فِي الطِّينِ بِالسُّقْيَا يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يُغْرِقُ الْقُرَادَ فِي الطِّينِ وَيَنْزِعُهُ عَنْ بَعِيرِهِ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعَطَاءٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُقَرِّدَ الْمُحْرِمُ

بِعِيرَهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَنْزِعَ الْقُرَادَ عَنْ بَعِيرِهِ وَاتَّبَعَهُ عَلَى ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا كَثُرَ الْقَمْلُ عَلَى الْمُحْرِمِ فَقَتَلَهَا كَفَرَ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الْقَمْلِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَكَذَلِكَ قَالَ دَاوُدُ وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ قَالَ سُئِلَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُحْرِمِ تَسْقُطُ الْقَمْلَةُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَالَ انْبِذْهَا عَنْكَ أَوْ عَنْ وَجْهِكَ مَا حَقُّهَا فِي وَجْهِكَ قَالَ إِذَنْ تَمُوتُ قَالَ مَوْتُهَا وَحَيَاتُهَا بِيَدِ اللَّهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ فِي الْقَمْلَةِ حَفْنَةً مِنْ طَعَامٍ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ

قَالَ وَجَدْتُ قَمْلَةً وَأَنَا مُحْرِمٌ فَطَرَحْتُهَا ثُمَّ ابْتَغَيْتُهَا فَلَمْ أَجِدْهَا فَقَالَ تِلْكَ الضَّالَّةُ لَا تُبْتَغَى وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ الْمُحْرِمُ يَقْتُلُ الْهَوَامَّ كُلَّهَا غَيْرَ الْقَمْلَةِ فَإِنَّهَا مِنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ كَرِهَ أَكْلَ الْغُرَابِ وَغَيْرِهِ مِنَ الطَّيْرِ الَّتِي تَأْكُلُ الْجِيَفَ وَمَنْ كَرِهَ أَكْلَ هَوَامِّ الْأَرْضِ أَيْضًا بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا أَنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِ الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ وَالْفَأْرَةِ قَالَ وَكُلُّ مَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَهَذَا بَابٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي ذَوِي الْأَنْيَابِ مِنَ السِّبَاعِ فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي أَكْلِ ذِي الْمِخْلَبِ مِنَ الطَّيْرِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ سِبَاعِ الطَّيْرِ كُلِّهَا الرَّخْمِ وَالنُّسُورِ وَالْعِقْبَانِ وَغَيْرِهَا مَا أَكَلَ الْجِيَفَ مِنْهَا وَمَا لَمْ يَأْكُلْ قَالَ وَلَا بَأْسَ

بِأَكْلِ لُحُومِ الدَّجَاجِ الْجَلَّالَةِ وَكُلِّ مَا تَأْكُلُ الْجِيَفَ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا تُؤْكَلُ سِبَاعُ الْوَحْشِ كُلُّهَا وَلَا الْهِرُّ الْوَحْشِيُّ وَلَا الْأَهْلِيُّ وَلَا الثَّعْلَبُ وَالضَّبْعُ وَلَا شَيْءَ مِنَ السِّبَاعِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الطَّيْرُ كُلُّهُ حَلَالٌ إِلَّا أَنَّهُمْ يَكْرَهُونَ الرَّخْمَ وَحُجَّةُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ أَكْلَ سِبَاعِ الطَّيْرِ وَأَنْكَرَ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَكْلِ ذِي الْمِخْلَبِ مِنَ الطَّيْرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُلِ الطَّيْرَ كُلَّهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ قَالَ سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ الطَّيْرِ فَقَالَ كُلْهُ كُلَّهُ وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا نَقَلَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْحَيَّةِ إِذَا ذُكِّيَتْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالْأَوْزَاعِيِّ إِلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يَشْتَرِطَا فِيهَا الذَّكَاةَ

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الضِّفْدَعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا بِأْسَ بِأَكْلِ خَشَاشِ الْأَرْضِ وَعَقَارِبِهَا وَدُودِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ قَالَ مَوْتُهُ فِي الْمَاءِ لَا يُفْسِدُهُ وَقَالَ اللَّيْثُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْقُنْفُذِ وَفِرَاخِ النَّحْلِ وَدُودِ الْجُبْنِ وَالتَّمْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ مِلْقَامِ بْنِ التَّلِبِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَحِبْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَمْ أَسْمَعْ لِحَشَرَاتِ الْأَرْضِ تَحْرِيمًا وَيُحْتَجُّ كَذَلِكَ أَيْضًا بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَهُوَ حَلَالٌ وَمَا حَرَّمَ اللَّهُ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يُؤْكَلُ ذُو النَّابِ مِنَ السِّبَاعِ وَلَا يُؤْكَلُ ذُو الْمِخْلَبِ مِنَ الطَّيْرِ وَكَرِهُوا أَكْلَ هَوَامِّ الْأَرْضِ نَحْوِ الْيَرْبُوعِ والقنفذ والفأر والحيات والعقارب وَجَمِيعِ هَوَامِّ الْأَرْضِ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ

عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ وَأَحْسَنُهَا إِسْنَادًا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمُحَرَّمُ مِنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مَا عَدَا عَلَى النَّاسِ كَالنَّمِرِ وَالذِّئْبِ وَالْأَسَدِ وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ قَالَ وَهِيَ السِّبَاعُ الْمَعْرُوفَةُ قَالَ وَالْمُحَرَّمُ مِنْ ذِي الْمِخْلَبِ أَيْضًا كَذَلِكَ مَا عَدَا عَلَى طُيُورِ النَّاسِ فَلَا يُؤْكَلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا كَالشَّاهِينِ وَالْبَازِي وَالْعُقَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ وَأَمَّا الضَّبْعُ وَالثَّعْلَبُ وَالْهِرُّ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا وَيَفْدِيهَا الْمُحْرِمُ إِنْ قَتَلَهَا قَالَ وَكُلُّ مَا لَمْ يَكُنْ أَكْلُهُ إِلَّا الْعَذِرَةَ وَالْجِيَفَ وَالْمَيْتَاتِ مِنَ الدَّوَابِّ وَالطُّيُورِ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَكْلَهُ لِلنَّهْيِ عَنِ الْجَلَّالَةِ قَالَ وَلَوْ قُصِرَتْ أَيَّامًا حَتَّى يَغْلِبَ عَلَيْهَا أَكْلُ الطَّاهِرِ وَخَرَجَتْ عَنْ حُكْمِ الْجَلَّالَةِ جَازَ أَكْلُهَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عِنْدَهُ فِيمَا عَدَا السِّبَاعَ الْعَادِيَةَ وَمَا عَدَا سِبَاعَ الطَّيْرِ الَّتِي تَعْدُو عَلَى الطُّيُورِ فَإِنَّ هَذِهِ عِنْدَهُ لَا تُؤْكَلُ قُصِرَتْ أَمْ لَمْ تُقْصَرْ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ بِالْقَصْدِ إِلَيْهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ الْجَلَّالَةُ الْمَكْرُوهُ أَكْلُهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ أَكْلُهُ غَيْرَ الْعَذِرَةِ أَوْ كَانَتِ الْعَذِرَةُ أَكْثَرَ أَكْلِهِ فَإِنْ كَانَ أكثر أكله وعفه غَيْرَ الْعَذِرَةِ لَمْ أَكْرَهْهُ قَالَ وَكُلُّ مَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَقْذِرُهُ وَتَسْتَخْبِثُهُ فَهُوَ مِنَ الْخَبَائِثِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ كَالذِّئْبِ وَالْأَسَدِ وَالْغُرَابِ وَالْحَيَّةِ وَالْحِدَأَةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْفَأْرَةِ لِأَنَّهَا دَوَابٌّ تَقْصِدُ النَّاسَ بِالْأَذَى فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ مِنَ الْخَبَائِثِ مَأْمُورٌ بِقَتْلِهَا قَالَ وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَأْكُلُ الضَّبْعَ وَالثَّعْلَبَ لِأَنَّهُمَا لَا يَعْدُوَانِ عَلَى النَّاسِ بِنَابِهِمَا فَهُمَا حَلَالٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي السِّبَاعِ الْمَأْكُولَةِ وَغَيْرِ الْمَأْكُولَةِ وَمَا لِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ مِنَ الِائْتِلَافِ وَالِاخْتِلَافِ مَبْسُوطًا مُمَهَّدًا فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ فَلَا معنى لإعادة ذلك ههنا وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ الْكَلْبِيُّ أَبُو ثَوْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ ثُمَيْلَةَ الْفَزَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَسُئِلَ عَنِ الْقُنْفُذِ فَتَلَا قُلْ لَا أَجِدُ فيما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ الْآيَةَ قَالَ فَقَالَ إِنْسَانٌ وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ فَقَالَ شَيْخٌ عِنْدَهُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا هُوَ خَبِيثَةٌ مِنَ الْخَبَائِثِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ إِنْ كَانَ قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كَمَا قَالَ (قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لَا أَجِدُ فيما أُوحِيَ إِلَيَّ الْآيَةَ بِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْوُجُوهِ فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا وَمِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجَلَّالَةِ مِنَ الْإِبِلِ أَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا أَوْ يُشْرَبَ مِنْ أَلْبَانِهَا وَرَوَى جَابِرٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنِ مُغِيرَةَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن الْجَلَّالَةِ أَنْ يُؤْكَلَ لَحْمُهَا أَوْ يُشْرَبَ لَبَنُهَا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو

عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لَبَنِ الْجَلَّالَةِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لَبَنِ الْجَلَّالَةِ وَعَنْ لُحُومِهَا وَعَنْ أَكْلِ الْمُجَثَّمَةِ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمِنْ حُجَّةِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ مَا يَجُوزُ أَكْلُهُ فَلَا يَحِلُّ قَتْلُهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا بِغَيْرِ حَقِّهِ عُذِّبَ أَوْ نَحْوَ هَذَا قِيلَ فَمَا حَقُّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يَذْبَحُهُ وَلَا يَقْطَعُ رَأْسَهُ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنَا صُهَيْبٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزِ بْنِ حبيب

قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاصي يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَتَلَ عُصْفُورَةً فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا سَأَلَهُ اللَّهُ عَنْ قَتْلِهَا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا حَقُّهَا قَالَ أَنْ تَذْبَحَهَا فَتَأْكُلَهَا وَلَا تَقْطَعَ رَأْسَهَا فَتَرْمِيَ بِهِ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ فَقِيلَ لِسُفْيَانَ إِنَّ حَمَّادًا يَقُولُ عَنْ عَمْرٍو أَخْبَرَنِي صُهَيْبٌ الْحَذَّاءُ قَالَ مَا سَمِعْتُ عَمْرًا قَطُّ قَالَ صُهَيْبٌ الْحَذَّاءُ مَا قَالَ إِلَّا مَوْلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالُوا فَفِي هَذَا أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ أَنَّ كُلَّ مَا يَحِلُّ أَكْلُهُ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ قَالُوا وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بِقَتْلِ الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ وَالْفَأْرَةِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا قَالُوا وَكُلُّ مَا لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ وَالْحِلِّ لِمَنْ شَاءَ وَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ فِي الحل والحرم

الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ (بْنُ مُحَمَّدٍ) قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ الْحَيَّةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْحَدِّيَّةُ وَالْفَأْرَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنُ أَبِي تَمَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ يَأْكُلُ الْغُرَابَ وَقَدْ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسِقًا وَاللَّهِ مَا هُوَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَرِهَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَكْلَ الْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ حَيْثُ سَمَّاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَوَاسِقِ الدَّوَابِّ الَّتِي تُقْتَلُ فِي الْحَرَمِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ كَرِهَ أَكْلَ الْغُرَابِ وَالْفَأْرَةِ وَسَائِرِ مَا سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسِقًا جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ أَمْرِهِ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَتَسْمِيَتِهِ لَهُ فُوَيْسِقًا وَالْوَزَغُ مُجْتَمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ قَالَتْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْأَوْزَاغِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ الْحَجَبِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ أَخْبَرَتْنِي أُمُّ شَرِيكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْأَوْزَاغِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ أَخْبَرَنِي الحسن بْنِ الْخَضِرِ الْأَسْيُوطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُصْعَبٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال لِلْوَزَغِ فُوَيْسِقٌ وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَيُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْوَزَغِ الْفُوَيْسِقُ لَمْ يَزِدْ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَمْ أَسْمَعِ الْأَمْرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ بِشَهَادَةٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ شَهِدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْوَزَغَ لَيْسَ بِصَيْدٍ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا أُبِيحُ أَكْلُهُ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ (قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ) قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا وَالْآثَارُ فِي قَتْلِ الْوَزَغِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَأَمَّا الْآثَارُ فِي قَتْلِ الْحَيَّاتِ جُمْلَةً فِي الْحِلِّ وَغَيْرِهِ فَلَهَا مَوَاضِعُ مِنْ كِتَابِنَا فِي حَدِيثِ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ وَسَتَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ جَمِيعًا عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ عَتِيقٍ فَجَعَلَ يُفَتِّشُهُ وَيُخْرِجُ السُّوسَ مِنْهُ وَيُنَقِّيهِ

الحديث الثاني والخمسون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَخَمْسُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي الْفِتْنَةِ إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ نَظَرَ فِي أَمْرِهِ فَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ وَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ نَفَذَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ فَطَافَ بِهِ طَوَافًا واحدا ورأى أَنَّهُ مُجْزِئٌ عَنْهُ وَأَهْدَى

إِلَى هُنَا انْتَهَتْ رِوَايَةُ يَحْيَى وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَهْدَى شَاةً فَزَادَ ذِكْرَ الشَّاةِ وَهُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَعْنَبِيُّ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَذَكَرَهُ يَحْيَى وَابْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُمْ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الشَّاةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَلَطٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ مَذْهَبُهُ فِيمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ بَقَرَةً دُونَ بَقَرَةٍ أَوْ بَدَنَةً دُونَ بَدَنَةٍ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عن نفاع عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ بَدَنَةٌ دُونَ بَدَنَةٍ وَبَقَرَةٌ دُونَ بَقَرَةٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةٌ وَعَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ وَفِي هَذَا

الْحَدِيثِ مَعَانٍ مِنَ الْفِقْهِ مِنْهَا أَنَّهُ جَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْرُجَ حَاجًّا فِي الطَّرِيقِ الْمَخُوفِ إِذَا لَمْ يُوقِنْ بِالسُّوءِ وَرَجَا السَّلَامَةَ وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ يَخَافُ وَيَخْشَى وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ رُكُوبِ الْغَرَرِ وَمِنْهَا إِبَاحَةُ الْإِهْلَالِ وَالدُّخُولِ فِي الْإِحْرَامِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِنْ سَلِمَ وَنَجَا نَفَذَ لِوَجْهِهِ وَإِنْ مُنِعَ وَحُصِرَ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْمُحْصَرِ عَلَى مَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَمِلَ بِهِ حين حصر عام الحديبية ونحن نذكر ههنا مِنْ أَحْكَامِ الْإِحْصَارِ بِالْعَدُوِّ وَبِالْمَرَضِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَوَانِعِ مَا فِيهِ شِفَاءٌ وَكِفَايَةٌ بِحَوْلِ اللَّهِ فَهُوَ أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِذِكْرِ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نَنْصَرِفُ إِلَى بَاقِي مَعَانِي الْحَدِيثِ وَتَوْجِيهِهَا وَالْقَوْلِ فِيهَا وَلَا نَنَالُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِعَوْنِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا وَالثَّوْرِيَّ وَأَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُمْ قَالُوا لَا يَنْفَعُ الْمُحْرِمَ الِاشْتِرَاطُ فِي الْحَجِّ إِذَا خَافَ الْحَصْرَ لِمَرَضٍ أَوْ عَدُوٍّ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَالِاشْتِرَاطُ أَنْ يَقُولَ إِذَا أَهَلَّ فِي الْحَالِ الَّتِي وَصَفْنَا لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَمَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي مِنَ الْأَرْضِ قَالَ مَالِكٌ وَالِاشْتِرَاطُ فِي الْحَجِّ بَاطِلٌ ويمضي على

إِحْرَامِهِ حَتَّى يُتِمَّهُ عَلَى سَائِرِ أَحْكَامِ الْمُحْصَرِ ولا ينفعه قوله محلي حي حَبَسْتَنِي وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ الِاشْتِرَاطَ فِي الْحَجِّ وَيَقُولُ أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ فَإِنْ حَبَسَ أَحَدَكُمْ حَابِسٌ عَنِ الْحَجِّ فَلْيَأْتِ الْبَيْتَ فَلْيَطُفْ بِهِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ ثُمَّ قَدْ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى يَحُجَّ قَابِلًا وَيَهْدِيَ أَوْ يَصُومَ إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ ثَبَتَ حَدِيثُ ضُبَاعَةَ لَمْ أَعُدَّهُ وَكَانَ مَحَلُّهُ حَيْثُ حَبَسَهُ اللَّهُ بِلَا هَدْيٍ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى الْيَوْمِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يَنْفَعُهُ الِاشْتِرَاطُ عَلَى حَدِيثِ ضُبَاعَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ الِاشْتِرَاطُ بَاطِلٌ

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ وَلَهُ شَرْطُهُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ جَوَازُ الِاشْتِرَاطِ فِي الْحَجِّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَبِهِ قَالَ عَلْقَمَةُ وَشُرَيْحٌ وَعُبَيْدَةُ وَالْأَسْوَدُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَعِكْرِمَةُ وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ ضُبَاعَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ ضُبَاعَةَ فِي ذَلِكَ مَا أَخْبَرَنِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ أَأَشْتَرِطُ قَالَ نَعَمْ قَالَتْ وَكَيْفَ أَقُولُ قَالَ قُولِي لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَمَحِلِّي مِنَ الْأَرْضِ حَيْثُ حَبَسْتَنِي

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْإِحْصَارُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا الْحَصْرُ بِالْعَدُوِّ وَمِنْهَا بِالسُّلْطَانِ الْجَائِرِ وَمِنْهَا بِالْمَرَضِ وَشِبْهِهِ وَأَصْلُ الْحَصْرِ فِي اللُّغَةِ الْحَبْسُ وَالْمَنْعُ قَالَ الْخَلِيلُ وَغَيْرُهُ حَصَرْتُ الرَّجُلَ حَصْرًا مَنَعْتُهُ وَحَبَسْتُهُ وَأُحْصِرَ الْحَاجُّ عَنْ بُلُوغِ الْمَنَاسِكِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ هَكَذَا قَالَ جَعَلَ الْأَوَّلَ ثُلَاثِيًّا مِنْ حَصَرْتُ وَجَعَلَ الثَّانِي فِي الْمَرَضِ رُبَاعِيًّا وَعَلَى هَذَا خَرَجَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا حَصْرَ إِلَّا حَصْرَ الْعَدُوِّ وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا إِحْصَارَ الْعَدُوِّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يُقَالُ أُحْصِرَ فِيهِمَا جَمِيعًا مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَقَالَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ حُصِرَ وَأُحْصِرَ بِمَعْنًى فِي الْمَرَضِ وَالْعَدُوِّ جَمِيعًا وَمَعْنَاهُ حُبِسَ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِهَذَا مِنَ الْفُقَهَاءِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ وَإِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَعَلَى نَحْوِ ذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَحْكَامِ الْمَحْبُوسِ بِعَدُوٍّ وَالْمَحْبُوسِ بِمَرَضٍ إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ يَقُولُونَ فِي هَذَا الْفِعْلِ مِنَ الْعَدُوِّ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ فَهُوَ مَحْصُورٌ وَأَحْصَرَهُ الْمَرَضُ فَهُوَ مُحْصَرٌ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا كُلُّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أَحْصَرَهُ الْمَرَضُ فَلَا يُحِلُّهُ إِلَّا

الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَمَنْ حُصِرَ بِعَدُوٍّ فَإِنَّهُ يَنْحَرُ هَدْيَهُ حَيْثُ حُصِرَ وَيَتَحَلَّلُ وَيَنْصَرِفُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ضَرُورَةٌ فَحَجَّ حَجَّةَ الْفَرِيضَةِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ مَالِكٌ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بِقَضَاءِ الْعُمْرَةِ الَّتِي صُدَّ فِيهَا عَنِ الْبَيْتِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ مَنْ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ حَيْثُ حُبِسَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةً قَطُّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ قَالَ وَأَمَّا مَنْ أُحْصِرَ بِغَيْرِ عَدُوٍّ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ دُونَ الْبَيْتِ قَالَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ حُبْسَ عَنِ الْحَجِّ بَعْدَمَا يُحْرِمُ إِمَّا بِمَرَضٍ أَوْ خَطَإٍ مِنَ الْعَدَدِ أَوْ خَفِيَ عَلَيْهِ الْهِلَالُ فَهُوَ مُحْصَرٌ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُحْصَرِ وَكَذَلِكَ مَنْ أَصَابَهُ كَسْرٌ أَوْ بَطْنٌ مُتَحَرِّقٌ وَقَالَ مَالِكٌ أَهْلُ مَكَّةَ فِي ذَلِكَ كَأَهْلِ الْآفَاقِ لِأَنَّ الْإِحْصَارَ عِنْدَهُ فِي الْمَكِّيِّ الْحَبْسُ عَنْ عَرَفَةَ خَاصَّةً قَالَ فَإِنِ احْتَاجَ الْمُحْصَرُ بِمَرَضٍ إِلَى دَوَاءٍ تَدَاوَى بِهِ وَافْتَدَى وَيَبْقَى عَلَى إِحْرَامِهِ

لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ مَرَضِهِ فَإِذَا بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ مَضَى إِلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ سَبْعًا وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَحَلَّ مِنْ حَجِّهِ أَوْ مِنْ عُمْرَتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ وَهَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ حِينَ فَاتَهُمَا الْحَجُّ وَأَتَيَا يَوْمَ النَّحْرِ أَنْ يَحِلَّا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ يَرْجِعَانِ حَلَالَيْنِ ثُمَّ يحجان عاما قابلا ويهديان قال مَالِكٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَصِيَامُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ قَالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بالحديبية فنحروا الهدي وحلقوا رؤوسهم وَحَلُّوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ وَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ الْهَدْيُ قَالَ ثُمَّ لَمْ نَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ أَنْ يَقْضُوا شَيْئًا وَلَا يَعُودُوا لِشَيْءٍ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى هَذَا الْأَمْرِ عِنْدَنَا فِيمَنْ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ كَمَا أُحْصِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فَأَمَّا مَنْ أُحْصِرَ بِغَيْرِ عَدُوٍّ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ دون البيت

قَالَ أَبُو عُمَرَ بِمِثْلِ هَذَا كُلِّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا ذَهَبَا جَمِيعًا فِيمَنْ أَحْصَرَهُ الْعَدُوُّ إِلَى قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ الْهَدْيَ فِي مَكَانِهِ الَّذِي أُحْصِرَ وَحَلَّ وَرَجَعَ وَذَهَبَا فِي الْحَصْرِ بِمَرَضٍ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْمُحْصَرِ بِمَرَضٍ أَوْ خَطَإٍ فِي الْعَدَدِ أَنَّهُ لَا يُحِلُّهُ إِلَّا الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَحُكْمُ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنْ يَكُونَ بِالْخِيَارِ إِذَا خَافَ فَوْتَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لِمَرَضٍ إِنْ شَاءَ مَضَى إِذَا أَفَاقَ إِلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ وَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى قَابِلٍ فَإِنْ تَحَلَّلَ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَيَقْضِي حَجَّهُ مِنْ قَابِلٍ وَإِنْ أَقَامَ عَلَى إِحْرَامِهِ وَلَمْ يُوَاقِعْ شَيْئًا مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ الْحُجَّاجُ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَمِنْ حُجَّتِهِ فِي ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى مَنْ أَخْطَأَ الْعَدَدَ أَنَّهُ هَكَذَا حُكْمُهُ لَا يُحِلُّهُ إِلَّا الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَحَلَّلَ الْمَرِيضُ وَالَّذِي تَفُوتُهُ عَرَفَةُ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ فَعَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ وَإِنْ كَانَا متطوعين وكذلك المعتمر وَالْحَصْرُ عِنْدَ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ إِنَّمَا يَكُونُ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ فَإِذَا عَلِمَ الْمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهُ قَدْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فِي وَقْتٍ أَوِ انْكَشَفَ لَهُ الْعَدُوُّ فِي زَمَنٍ لَا يَصِلُ فِيهِ إِلَى الْبَيْتِ إِلَّا بَعْدَ فَوَاتِ عَرَفَةَ أَوْ غَلَبَ ذَلِكَ عَلَى ظَنِّهِ تَحَلَّلَ مَكَانَهُ وَانْصَرَفَ وَأَمَّا

مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ وَصُدَّ عَنْ مَكَّةَ فَهُوَ عَلَى إِحْرَامِهِ حَتَّى يَنْكَفَّ الْعَدُوُّ ثُمَّ يَطُوفُ وَيُتِمُّ حَجَّهُ فَرْضًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا وَإِنْ خَافَ طُولَ الزَّمَانِ انْصَرَفَ إِلَى بَلَدِهِ فَمَتَى أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ إِلَى الْبَيْتِ عَادَ فَإِنْ كَانَ مَسَّ النِّسَاءَ دَخَلَ مُحْرِمًا وَطَافَ وَأَهْدَى وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ النِّسَاءَ وَلَا الصَّيْدَ طَافَ وَتَمَّ حَجُّهُ وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ لَيْسَ عَلَى مَنْ صُدَّ عَنِ الْبَيْتِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَدْيٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَاقَهُ مَعَهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ إِذَا صُدَّ عَنِ الْبَيْتِ بَعْدَ أَنْ أَحْرَمَ لا بد لَهُ مِنْهُ يَنْحَرُهُ كَمَا نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا نَحَرَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ هَدْيًا قَدْ كَانَ أَشْعَرَهُ وَقَلَّدَهُ حِينَ أَحْرَمَ بِعُمْرَتِهِ فَلَمَّا لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ لِلصَّدِّ أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُحِرَ لِأَنَّهُ كَانَ هَدْيًا قَدْ وَجَبَ بِالْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ وَخَرَجَ لِلَّهِ فَلَمْ يَجُزِ الرُّجُوعُ فِيهِ وَلَمْ يَنْحَرْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ الصَّيْدِ فَلِهَذَا لَا يَجِبُ عِنْدَهُ عَلَى مَنْ صُدَّ عَنِ الْبَيْتِ هَدْيٌ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ أُحْصِرَ مُوسِرٌ لَا يَجِدُ هَدْيًا مَكَانَهُ أَوْ مُعْسِرٌ بِهَدْيٍ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَحِلُّ إِلَّا بِهَدْيٍ وَالْآخَرُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ خَرَجَ مِمَّا عَلَيْهِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ إِذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ لَا يَحِلُّ مَكَانَهُ وَيَذْبَحُ إِذَا قَدَرَ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ بِمَكَّةَ لَمْ يُجْزِهِ أَنْ يَذْبَحَ إِلَّا بِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ ذَبَحَ حَيْثُ قَدَرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَيُقَالُ لَا يُجْزِئُ إِلَّا هَدْيٌ وَيُقَالُ يُجْزِئُهُ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا طَعَامٌ أَوْ صِيَامٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الطَّعَامَ كَانَ كَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَا طَعَامًا وَإِذَا قَدَرَ أَدَّى أَيَّ هَدْيٍ كَانَ عَلَيْهِ فَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ الْهَدْيَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْمُحْصَرِ وَاجِبٌ لِإِحْلَالِهِ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لم يَحِلَّ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَمْ يَحْلِقْ رَأْسَهُ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ إِحْلَالِ الْمُحْصَرِ بِعَدُوٍّ ذَبْحَ هَدْيٍ مَتَى وَجَدَهُ وَقَدَرَ عَلَيْهِ وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَطُولُ وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ وَأَمَّا مَنْ أُحْصِرَ بِغَيْرِ عَدُوٍّ مِنْ مَوَانِعِ الْأَمْرَاضِ وَشِبْهِهَا فَحُكْمُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ

شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَنْ حُبِسَ دُونَ الْبَيْتِ بِمَرَضٍ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَإِنِ اضْطُرَّ إِلَى شَيْءٍ مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ الَّتِي لا بد لَهُ مِنْهَا أَوْ إِلَى الدَّوَاءِ صَنَعَ ذَلِكَ وَافْتَدَى وَمَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَانَ قَدِيمًا قَالَ خَرَجْتُ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ كُسِرَتْ فَخِذِي فَأَرْسَلْتُ إِلَى مَكَّةَ وَبِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالنَّاسُ فَلَمْ يُرَخِّصْ لِي أَحَدٌ فِي أَنْ أَحِلَّ فَأَقَمْتُ عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ حَلَلْتُ بِعُمْرَةٍ وَمَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ ابْنَ حُزَابَةَ الْمَخْزُومِيَّ صُرِعَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ فَسَأَلَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَوُجِدَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَذُكِرَ لَهُمُ الَّذِي عَرَضَ لَهُ فكلهم أمره أن يتداوى بما لا بد مِنْهُ وَيَفْتَدِيَ فَإِذَا صَحَّ اعْتَمَرَ فَحَلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ ثُمَّ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ قَابِلًا وَيَهْدِيَ قال

مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ عِنْدَنَا فِيمَنْ حُبِسَ بِغَيْرِ عَدُوٍّ قَالَ مَالِكٌ وَالْمُحْصَرُ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ هُوَ الْمَرِيضُ قَالَ وَإِنَّمَا جَعَلْنَا لِلْمُحْصَرِ بِالْعَدُوِّ أَنْ يَحِلَّ بِالسُّنَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ فَحَلَّ قَالَ مَالِكٌ وَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ الْإِحْلَالَ بِالْكِتَابِ وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ بِالسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ ذَكَرَ ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قِصَّةَ أَبِي أَيُّوبَ إِذْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَذَكَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قِصَّةَ هَبَّارِ بْنِ الْأَسْوَدِ إِذْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَيْضًا فَأَمَرَهُمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَحِلَّ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ ثُمَّ يَحُجَّ مِنْ قَابِلٍ وَيَهْدِيَ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ فِيمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بَعْدَ أَنْ أَحْرَمَ بِهِ وَلَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ إِلَّا يَوْمَ النَّحْرِ وَالْمُحْصَرُ عَنْ عَرَفَةَ بِمَرَضٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ كَذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ ذَكَرَهُ الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ عَنْهُ قَالَ مَنْ أُحْصِرَ بِمَرَضٍ فَلَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يَحِلَّ بِالْبَيْتِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وَأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بن عمر فلما أتى ذا الحليفة أهل بالعمرة فَسَارَ قَلِيلًا فَخَشِيَ أَنْ يُصَدَّ عَنِ الْبَيْتِ فَقَالَ إِنْ صُدِدْتُ صَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَاللَّهِ مَا سَبِيلُ الْحَجِّ إِلَّا سَبِيلَ الْعُمْرَةِ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ مَعَ عُمْرَتِي حَجًّا فَسَارَ حَتَّى أَتَى قَدِيدًا فَاشْتَرَى مِنْهَا هَدْيًا ثُمَّ قَدِمَ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي رَوَّادٍ يُحَدِّثَانِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ يُرِيدُ الْحَجَّ زَمَانَ نَزَلَ الْحُجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ فَقِيلَ لَهُ إِنْ كَانَ

بَيْنَهُمَا قِتَالٌ خِفْنَا أَنْ نُصَدَّ عَنِ الْبَيْتِ فَقَالَ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ إِذَنْ أَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَهْرِ الْبَيْدَاءِ قَالَ مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلَّا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجًّا مَعَ عُمْرَةٍ وَأَهْدَى هَدْيًا اشْتَرَاهُ بِقَدِيدٍ فَانْطَلَقَ فَقَدِمَ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يُقَصِّرْ وَلَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ كَانَ أَحْرَمَ مِنْهُ حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ نَحَرَ وَحَلَقَ وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَهُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ وَقَالَ هَكَذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَرَادَ أَنْ يَحُجَّ عَامَ نَزَلَ الْحُجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَصُدُّونَا فَقَالَ إِذَنْ نَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجًّا مَعَ عُمْرَتِي قَالَ فَانْطَلَقَ يُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَنْحَرْ وَلَمْ يُقَصِّرْ وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ شَيْءٍ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَنَحَرَ وَحَلَقَ وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ ذَلِكَ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَى هَذَا وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنِ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْآثَارِ مذهب الحجازيين في الإحصار وذكرنا ههنا رِوَايَةَ السَّخْتِيَانِيِّ وَأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ جَمِيعِهِمْ فِيهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهُوَ قَارِنٌ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ وَهِيَ زِيَادَةُ قَوْمٍ حفاظ ثقات وفيها حجة قاطعة لمالك وَمَنْ تَابَعَهُ فِي الْقَارِنِ أَنَّهُ لَا يَطُوفُ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا وَلَا يَسْعَى إِلَّا سَعْيًا وَاحِدًا وَسَنَذْكُرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ المحصر بالعدو والمرض صواء يَذْبَحُ هَدْيَهُ فِي الْحَرَمِ وَيَحِلُّ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ إِنْ سَاقَ هَدْيًا وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وهو قول الطبري وقال أبو يوسف ومحمد لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يَتَحَلَّلُ دُونَ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَاتَّفَقَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي الْمُحْصَرِ بِعُمْرَةٍ يَتَحَلَّلُ مِنْهَا مَتَى شَاءَ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ سَوَاءٌ بَقِيَ الْإِحْصَارُ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ زَالَ عَنْهُ هَكَذَا رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَوَى زُفَرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إِنْ بَقِيَ الْإِحْصَارُ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ أَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ وَكَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَإِنْ صَحَّ قَبْلَ فَوْتِ الْحَجِّ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ وَكَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ عَلَى حَالِهِ قَالَ وَلَوْ صَحَّ فِي الْعُمْرَةِ بَعْدَ أَنْ بَعَثَ بِالْهَدْيِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى إِدْرَاكِ الْهَدْيِ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ مَضَى حَتَّى يَقْضِيَ عُمْرَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ حَلَّ إِذَا نُحِرَ عَنْهُ الْهَدْيُ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِذَا أُحْصِرَ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ بَعَثَ بِهَدْيٍ فَنُحِرَ عَنْهُ يَوْمَ النَّحْرِ وَإِنْ نُحِرَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ

وَجُمْلَةُ قَوْلِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ أَنَّهُ إِذَا أُحْصِرَ الرَّجُلُ بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَوَاعَدَ الْمَبْعُوثَ مَعَهُ يَوْمًا يَذْبَحُ فِيهِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ حَلَقَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَوْ قَصَّرَ وَحَلَّ وَرَجَعَ فَإِنْ كَانَ مُهِلًّا بِحَجٍّ قَضَى حَجَّةً وَعُمْرَةً لِأَنَّ إِحْرَامَهُ بِالْحَجِّ صَارَ عُمْرَةً وَإِنْ كَانَ قَارِنًا قَضَى حَجَّةً وَعُمْرَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ مُهِلًّا بِعُمْرَةٍ قَضَى عُمْرَةً وَسَوَاءٌ عِنْدَهُمُ الْمُحْصَرُ بِالْعَدُوِّ وَالْمَرَضِ وَذَكَرَ الْجَوْزَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَأُحْصِرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ بِثَمَنِ هَدْيٍ فَيُشْتَرَى لَهُ بِمَكَّةَ فَيُذْبَحَ عَنْهُ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَحِلَّ وَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَقْصِيرٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ نُسُكٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مِنَ النُّسُكِ شَيْءٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُقَصِّرُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالُوا إِذَا بَعَثَ بِالْهَدْيِ فَإِنْ شَاءَ أَقَامَ مَكَانَهُ وَإِنْ شَاءَ انْصَرَفَ وَإِنْ كَانَ مُهِلًّا بِعُمْرَةٍ بَعَثَ فَاشْتُرِيَ لَهُ الْهَدْيُ وَيُوَاعِدُهُمْ يَوْمًا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ اليوم حل وكان عَلَيْهِ عُمْرَةٌ مَكَانَهَا

وَقَالُوا إِذَا كَانَ الْمُحْصَرُ قَارِنًا فَإِنَّهُ يَبْعَثُ فَيُشْتَرَى لَهُ هَدْيَانِ فَيُنْحَرَانِ وَيَحِلُّ وَعَلَيْهِ عُمْرَتَانِ وَحَجَّةٌ فَإِنْ شَاءَ قَضَى الْعُمْرَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ وَالْحَجَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّ إِحْدَى الْعُمْرَتَيْنِ إِلَى الْحَجَّةِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلْقَمَةَ نَحْوُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ أُحْصِرَ بِمَرَضٍ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ سَوَاءٌ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِيمَنْ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ سَوَاءً وَقَالَ فِي الْمُحْصَرِ بِالْكَسْرِ أَوِ الْمَرَضِ أَوِ الْعَرَجِ إِنَّهُ يَحِلُّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ فِيهِ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ بِعَدُوٍّ مَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَاضِرٍ الْحِمْيَرِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ قَالَ خَرَجْتُ مُعْتَمِرًا عَامَ حَاصَرَ أَهْلُ الشَّامِ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ وَبَعَثَ مَعِي رِجَالٌ مِنْ

قَوْمِي بِهَدْيٍ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ مَنَعُونَا أَنْ نَدْخُلَ الْحَرَمَ فَنَحَرْتُ الْهَدْيَ مَكَانِي ثُمَّ حَلَلْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ خَرَجْتُ لِأَقْضِيَ عُمْرَتِي فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ أَبْدِلِ الْهَدْيَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُبَدِّلُوا الْهَدْيَ الَّذِي نَحَرُوا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَأَمَّا الْحُجَّةُ لِأَبِي ثَوْرٍ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ فِي الْمُحْصَرِ بِمَرَضٍ يَحِلُّ فِي مَوْضِعِهِ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عكرمة قال سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ قَالَ عِكْرِمَةُ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَا صَدَقَ

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ حُجَّةٌ أُخْرَى فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَا صَدَقَ هَكَذَا رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الصَّوَّافُ وَرَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ وَمَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَا سَأَلْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو عَمَّنْ حُبِسَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ سَوَاءً قَالَ فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَا صَدَقَ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مثله بمعناه إِلَى آخِرِهِ مِنْ قَوْلِ

ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ صَدَقَ فَهَذِهِ حُجَّةُ أَبِي ثَوْرٍ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ فِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا حَبَسَهُ الْمَرَضُ أَوِ الْكَسْرُ عَنِ الْبَيْتِ حَلَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ هَدْيٍ وَلَا غَيْرِهِ إِلَى الْقَضَاءِ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَمِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ لِسَائِرِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ الْهَدْيَ وَلَمْ يُجِيزُوا لَهُ أَنْ يَحِلَّ وَيَحْلِقَ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ الْقِيَاسُ عَلَى حَصْرِ الْعَدُوِّ لِأَنَّهُ كُلَّهُ مَنَعَ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَلَمَّا أَمَرَ اللَّهُ الْمُحْصَرَ بِأَنْ لَا يَحْلِقَ رَأْسَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ عَلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْمُحْصَرُ مِنْ إِحْرَامِهِ إِلَّا إِذَا حَلَّ لَهُ حَلْقُ رَأْسِهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ وَاسْتَدَلُّوا بِفِعْلِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَنَّهُ لَمْ يَحْلِقْ رَأْسَهُ حَتَّى نَحَرَ وَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَيْمُونُ بْنُ يَحْيَى عَنْ

مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا عَرَضَ لِلْمُحْرِمِ عَدُوٌّ فَإِنَّهُ يَحِلُّ حِينَئِذٍ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَبَسَهُ كُفَّارُ قُرَيْشٍ فِي عُمْرَةٍ عَنِ الْبَيْتِ فَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ وَحَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثُمَّ رَجَعُوا حَتَّى اعْتَمَرُوا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ قَالُوا وَمَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ أَيْ فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَحِلَّ بِمَا يَحِلُّ بِهِ الْمُحْصَرُ مِنَ النَّحْرِ أَوِ الذَّبْحِ لَا أَنَّهُ قد حل بذل مِنْ إِحْرَامِهِ قَالُوا وَإِنَّمَا هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِمْ قَدْ حَلَّتْ فُلَانَةُ لِلرِّجَالِ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُمْ بِمَا يَجِبُ أَنْ تَحِلَّ بِهِ مِنَ الصَّدَاقِ وَغَيْرِهِ مِنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ أَنَّهُ يَحِلُّ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِيمَا بِهِ يَحِلُّ فَقَالَ مَالِكٌ إِنَّهُ يَحِلُّ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ لَا يَحِلُّهُ غَيْرُهُ وَمَنْ خَالَفَ مَالِكًا فِي ذَلِكَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ يَقُولُ يَحِلُّ بِالنِّيَّةِ وَفِعْلِ مَا يُتَحَلَّلُ بِهِ عَلَى مَا وَصَفْنَا عَنْهُمْ وَأَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ بِظَاهِرِ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُ بِنَفْسِ الْكَسْرِ يَكُونُ حَلَالًا غَيْرُ أَبِي ثَوْرٍ وَتَابَعَهُ دَاوُدُ وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عَلَى الْمُحْصَرِ بِعُمْرَةٍ قَضَاءَ عُمْرَتِهِ الَّتِي صُدَّ فِيهَا عَنِ الْبَيْتِ بِعَدُوٍّ كَانَ حَصَرَهُ أَوْ بِغَيْرِ عَدُوٍّ زَعَمَ أَنَّ اعْتِمَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ مِنْ عَامِ الْحُدَيْبِيَةِ إِنَّمَا كَانَ قَضَاءً لِتِلْكَ الْعُمْرَةِ قَالُوا وَلِذَلِكَ مَا قِيلَ لَهَا عُمْرَةُ الْقَضَاءِ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى أَوْ عُمْرَةٌ أُخْرَى وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُحْصَرَ بِعَدُوٍّ يَنْحَرُ هَدْيَهُ وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ وَقَدْ حَلَّ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ احْتَجَّ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقال لِأَحَدٍ مِنْهُمْ عَلَيْكُمْ قَضَاءُ هَذِهِ الْعُمْرَةِ وَلَا حُفِظَ ذَلِكَ عَنْهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَلَا قَالَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ إِنَّ عُمْرَتِي هَذِهِ قَضَاءٌ عَنِ الْعُمْرَةِ الَّتِي حُصِرْتُ فِيهَا وَلَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ عَنْهُ أَحَدٌ قَالُوا وَالْعُمْرَةُ الْمُسَمَّاةُ بِعُمْرَةِ الْقَضَاءِ هِيَ عُمْرَةُ الْقَضِيَّةِ عِنْدَنَا قَالُوا وَعُمْرَةُ الْقَضَاءِ وَعُمْرَةُ الْقَضِيَّةِ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاضَى قُرَيْشًا وَصَالَحَهُمْ فِي ذَلِكَ الْعَامِ عَلَى الرُّجُوعِ عَنِ الْبَيْتِ وَقَصْدِهِ مِنْ قَابِلٍ إِنْ شَاءَ فَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا قَدْ قِيلَ فِيمَا وَصَفْنَا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَنِ الْمُحْصَرِ بِعَدُوٍّ عَلَى حَسْبَمَا قَدَّمْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَاجْتَلَبْنَا وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ إِيجَابُ قَضَاءٍ إِيجَابُ فَرْضٍ وَالْفُرُوضُ لَا تَجِبُ أَنْ تَثْبُتَ إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ وَقُتَيْبَةُ قالا حدثنا داود بن عبد الرحمان الْعَطَّارُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أربع عمرة عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ وَالثَّانِيَةُ حَيْثُ تَوَاطَئُوا عَلَى عُمْرَةِ قَابِلٍ وَالثَّالِثَةُ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ وَالرَّابِعَةُ الَّتِي قَرَنَ مَعَ حَجَّتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ حَيْثُ تَوَاطَئُوا عَلَى عُمْرَةِ قَابِلٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا عَلَى جِهَةِ الْقَضَاءِ وَحَسْبُكَ أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ وَهِيَ الَّتِي حُصِرَ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةً مِنْ عُمَرِهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ تِلْكَ عُمْرَةٌ مِنْ عُمَرِهِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْعُمْرَةِ الرَّابِعَةِ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُفْرِدًا يَقُولُ لَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولُ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا ثَلَاثَ عمر عمر الْحُدَيْبِيَةِ وَالْعُمْرَةَ مِنْ قَابِلٍ وَعُمْرَةَ الْجِعِرَّانَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَجَمَاعَةٍ وَسَنَذْكُرُ الْآثَارَ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَفِي بَابِ بَلَاغِ مَالِكٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ أَوْ قَرَنَ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ زَعَمَ أَنَّ عُمَرَهُ كَانَتْ أَرْبَعًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا اعْتَلَّ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَانَ مُفْرِدًا وَمَا اعْتَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ تَمَتَّعَ وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ قَرَنَ كُلُّ ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُحْصَرِ بِعَدُوٍّ أَيْنَ يَنْحَرُ هَدْيَهُ فَقَالَ مَالِكٌ يَنْحَرُ هَدْيَهُ حَيْثُ حُصِرَ فِي الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ وَبِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَنْحَرُهُ إِلَّا فِي الْحَرَمِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُجَوَّدَةً فِي بَابِ أَبِي الزُّبَيْرِ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْحِلَاقِ عَلَى الْمُحْصَرِ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ مَا أَمْرُهُمَا

إِلَّا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّ الْعِبَارَةَ عَنْ تِلْكَ النِّيَّةِ تَكُونُ بِالتَّلْبِيَةِ وَبِغَيْرِ التَّلْبِيَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي حَدِيثِ نَافِعٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ إِدْخَالُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ عَنْهُ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ ولا خلاف بين العلماء في أن للمحرم بالعمرة إِدْخَالَ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ مَا لَمْ يَبْتَدِئِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ لِعُمْرَتِهِ هَذَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْهُمْ وَهُمْ أَكْثَرُ أَهْلِ الْحِجَازِ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ لَا يدخل المحرم الحج على العمرة حتى يفرغ مِنْ عَمَلِهَا وَيَفْصِلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعُمْرَةِ وَلِهَذَا استحبوا العمرة في غير أَشْهُرَ الْحَجِّ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ افْصِلُوا بَيْنَ حَجَّتِكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ أَتَمُّ لِحَجِّ أَحَدِكُمْ وَأَتَمُّ لِعُمْرَتِهِ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا إِفْرَاطٌ مِنْ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي اسْتِحْبَابِ الْإِفْرَادِ فِي الْحَجِّ وَلِذَلِكَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِئَلَّا يتمتع أحد بالعمرة إِلَى الْحَجِّ وَلَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَيُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّ ذَلِكَ أَتَمُّ لَهُمَا عِنْدَهُ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَرِهَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ غَيْرَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَكُنْ عُمَرُهُ كُلُّهَا إِلَّا فِي شَوَّالٍ وَقِيلَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ وَهُمَا جَمِيعًا مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَسَتَأْتِي الْآثَارُ فِي عُمَرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْعُلَمَاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ عَلَى مَا وَصَفْنَا قَبْلَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ قَارِنًا بِذَلِكَ يلزمه الَّذِي أَنْشَأَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَعًا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ إِنَّ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ طَافَ مَا لَمْ يَرْكَعْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ لَهُ بَعْدَ الطَّوَافِ مَا لَمْ يُكْمِلِ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (وَهَذَا كُلُّهُ شُذُوذٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ (2))

وَقَالَ أَشْهَبُ مَنْ طَافَ لِعُمْرَتِهِ وَلَوْ شَوْطًا وَاحِدًا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِدْخَالُ الْحَجِّ عَلَيْهَا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ فَعَلَ وَأَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ أَنْ يَفْتَتِحَ الطَّوَافَ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَصَارَ قَارِنًا وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا قَبْلَ الْأَخْذِ فِي الطَّوَافِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَكُونُ قَارِنًا وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي إِدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ فَقَالَ مَالِكٌ يُضَافُ الْحَجُّ إِلَى الْعُمْرَةِ وَلَا تُضَافُ الْعُمْرَةُ إِلَى الْحَجِّ فَإِنْ أَهَلَّ أَحَدٌ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَضَافَ الْعُمْرَةَ إِلَيْهِ فَلَيْسَتِ الْعُمْرَةُ بِشَيْءٍ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ قَالَهُ بِمِصْرَ قَالَ مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ لَمْ يُدْخِلِ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ حَتَّى يُكْمِلَ عَمَلَ الْحَجِّ وَهُوَ آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إِنْ أَقَامَ إِلَى آخِرِهَا وَإِنْ نَفَرَ النَّفْرَ الْأَوَّلَ وَاعْتَمَرَ يَوْمَئِذٍ لَزِمَتْهُ الْعُمْرَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ لِلْحَجِّ عَمَلٌ قَالَ وَلَوْ أَخَّرَهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ قَالَ وَلَوْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ يَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ كَانَ إِهْلَالُهُ بَاطِلًا

لِأَنَّهُ مَعْكُوفٌ عَلَى عَمَلٍ مِنْ (عَمَلِ) الْحَجِّ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا بِإِكْمَالِهِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ وَقَالَ بِبَغْدَادَ إِذَا بَدَأَ فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يُدْخِلُ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ قَالَ وَالْقِيَاسُ أَنَّ أَحَدَهُمَا إِذَا جَازَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى الْآخَرِ فَهُمَا سَوَاءٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ ثُمَّ أَضَافَ إِلَى الْحَجِّ عُمْرَةً فَهُوَ قَارِنٌ وَيَكُونُ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْقَارِنِ قَالُوا وَلَوْ طَافَ لِحَجَّتِهِ شَوْطًا ثُمَّ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ لَمْ يَكُنْ قَارِنًا (وَلَمْ يَلْزَمْهُ) لِأَنَّهُ قَدْ عَمِلَ فِي الْحَجِّ قَالُوا فَإِنْ كَانَ إِهْلَالُهُ بِعُمْرَةٍ فَطَافَ لَهَا شَوْطًا ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ لَزِمَتْهُ وَكَانَ قَارِنًا إِذَا طَافَ لِعُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَالُوا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَجَّ يَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ وَلَا تَدْخُلُ الْعُمْرَةُ عَلَى الْحَجِّ قَالُوا وَإِنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَقَدْ طَافَ لِلْحَجِّ فَإِنَّهُ يَرْفُضُهَا وَعَلَيْهِ لِرَفْضِهَا دَمٌ وَعُمْرَةٌ مَكَانَهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يُضِيفَ الْعُمْرَةَ إِلَى الْحَجِّ بَعْدَ مَا يُهِلُّ بِالْحَجِّ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِذَا أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضِيفَ إِلَيْهَا عُمْرَةً وَلَا يُدْخِلَ إِحْرَامًا عَلَى إِحْرَامٍ كَمَا لَا يُدْخِلُ صَلَاةً عَلَى صَلَاةٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ لَا يُدْخِلُ إِحْرَامًا عَلَى إِحْرَامٍ كَمَا لَا تَدْخُلُ صَلَاةٌ عَلَى صَلَاةٍ يَنْفِي دُخُولَ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَهَذَا شُذُوذٌ وَفِعْلُ ابْنِ عُمَرَ فِي إِدْخَالِهِ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَمَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ إِلَّا الْقِيَاسُ الْفَاسِدُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافُهُمْ فِيمَنْ أَهَلَّ بِحَجَّتَيْنِ أَوْ بِعُمْرَتَيْنِ أَوْ أَدْخَلَ حَجَّةً عَلَى حَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةً عَلَى عُمْرَةٍ فَقَالَ مَالِكٌ الْإِحْرَامُ بِحَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا وَاحِدَةٌ وَبِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ حَجًّا آخَرَ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ فَهُوَ مُهِلٌّ بِحَجٍّ وَاحِدٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي مِنْ فِدْيَةٍ وَلَا قَضَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تَلْزَمُهُ الْحَجَّتَانِ وَيَصِيرُ رَافِضًا لِأَحَدِهِمَا حِينَ يَتَوَجَّهُ إِلَى مَكَّةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَلْزَمُهُ الْحَجَّتَانِ وَيَصِيرُ رَافِضًا سَاعَتَئِذٍ

وَذَكَرَ الْجَوْزَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّتَيْنِ مَعًا أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ إِذَا تَوَجَّهَ إِلَى مَكَّةَ وَأَخَذَ فِي الْعَمَلِ فَهُوَ رَافِضٌ لَهَا كُلِّهَا إِلَّا وَاحِدَةٍ وَعَلَيْهِ لِكُلِّ حَجَّةٍ رَفَضَهَا دَمٌ وَحَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ نَفَذَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ فطاف به طوافا واحدا ورأى أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ وَأَهْدَى فَفِيهِ حُجَّةٌ لمالك فِي قَوْلِهِ بِأَنَّ طَوَافَ الدُّخُولِ إِذَا وَصَلَ بِالسَّعْيِ يُجْزِئُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَنْ تَرَكَهُ جَاهِلًا أَوْ نَسِيَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ حَتَّى رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ غَيْرَهُ وَغَيْرَ أَصْحَابِهِ وَاللَّهِ أَعْلَمُ وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَوْلُهُ مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ وَانْطَلَقَ يُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يُقَصِّرْ وَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَنَحَرَ وَحَلَقَ وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ ذَلِكَ الْأَوَّلِ فَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ الطَّوَافَ فِي الْحَجِّ وَاحِدٌ وَاجِبٌ لِلْقَارِنِ وَغَيْرِهِ وَأَنَّ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَمْ يُسْقِطْ

فَرْضًا وَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ لِلدُّخُولِ وَطَافَ لِلْإِفَاضَةِ وَسَعَى أَنَّهُ يُجْزِئُهُ الدَّمُ كَانَ بِذَلِكَ مَعَ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا مَعْلُومًا أَنَّ فَرْضَ الْحَجِّ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَيُعْتَبَرُ هَذَا بِالْمَكِّيِّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا طَوَافٌ وَاحِدٌ وَيَنُوبُ أَيْضًا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الْحَجِّ الطَّوَافُ التَّطَوُّعُ عَنِ الْوَاجِبِ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِعَمَلٍ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا سَائِرُ الْفُقَهَاءِ فَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَاجِبٌ عِنْدَهُمْ فَرْضًا لقول الله عز وجل وليقضوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ فَلَمْ يُوجِبِ الطَّوَافَ إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الْبَيْتِ وَذَلِكَ إنما يتم برمي جمرة العقبة وَقَدْ قَالَ فِي الشَّعَائِرِ ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ فَجَعَلَهُ بَعْدَهَا قَالُوا وَأَمَّا طَوَافُ الدُّخُولِ فَسُنَّةٌ سَاقِطَةٌ عَنِ الْمَكِّيِّ وَالْمُرَاهِقِ كَسُقُوطِ طَوَافِ الْوَدَاعِ عَنِ الْحَائِضِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أيضا حجة لمالك وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي الْقَارِنِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ لِحَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَنُعِيدُ مِنْهُ ههنا طَرَفًا كَافِيًا بِعَوْنِ اللَّهِ

قَالَ مَالِكٌ مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ أَوْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ طَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا بِالْبَيْتِ وَسَعَى لَهُمَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَعْيًا وَاحِدًا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْحُجَّةُ لِمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ الْحَدِيثَ قَالَتْ وَأَمَّا الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو معاوية عن حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا وَرَوَى رَبَاحُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى طَوَافٍ وَاحِدٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا مِنْ طُرُقٍ وَرَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ كَفَاهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهَا طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَكْفِيكِ لحجك وعمرتك

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَعَائِشَةَ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَالْأَوْزَاعِيُّ عَلَى الْقَارِنِ طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنْ قَالُوا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَقَوْلُهَا فِيهِ وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا لهما طوافا وحدا قَالُوا أَرَادَتْ جَمْعَ مُتْعَةٍ لَا جَمْعَ قِرَانٍ يَعْنِي أَنَّهُمْ طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا بَعْدَ جَمْعِهِمْ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الَّتِي قَدْ كَانُوا طَافُوا لَهَا لِأَنَّ حَجَّتَهُمْ تِلْكَ كَانَتْ مَكِّيَّةً وَالْحَجَّةُ الْمَكِّيَّةُ لَا يُطَافُ لَهَا قَبْلَ عَرَفَةَ وَإِنَّمَا يُطَافُ لَهَا بَعْدَ عَرَفَةَ طَوَافًا وَاحِدًا وَاحْتَجُّوا بِمَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ لَمْ يَطُوفُوا حَتَّى رَمَوُا الْجَمْرَةَ وَدَفَعُوا حَدِيثَ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بِأَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ وَالْأَوْزَاعِيَّ وَعَمْرَو بْنَ دِينَارٍ وَقَيْسَ بْنَ سَعْدٍ رَوَوْهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ وَهُمْ عَلَى الصَّفَا فِي آخِرِ الطَّوَافِ فَهَذَا تَمَتُّعٌ لَا قِرَانٌ لِأَنَّهُمْ حَجُّوا يَوْمَئِذٍ

بَعْدَ ذَلِكَ وَالطَّوَافُ لِلْحَجِّ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ طَوَافًا وَاحِدًا وَدَفَعُوهُ أَيْضًا بِأَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أَفْرَدَ الْحَجَّ قَالُوا فَكَيْفَ يُقْبَلُ حَدِيثُ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا وَالْحَجَّاجُ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَدَفَعُوا أَيْضًا حَدِيثَ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بِأَنْ قَالُوا رَوَاهُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا قَالُوا وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذَا أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لَا يُصْنَعُ إِلَّا فِي طَوَافِ الْقُدُومِ خَاصَّةً مَرَّةً وَاحِدَةً وَاعْتَلُّوا فِي حَدِيثُ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِأَنْ قَالُوا أَخْطَأَ فِيهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ رَوَوْهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابن عمر قَوْلَهُ وَلَمْ يَرْفَعُوهُ قَالُوا وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ حِينَ طَافَ طَوَافًا وَاحِدًا وَقَالَ هَكَذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَرَادَ هَكَذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ طَافَ طَوَافًا وَاحِدًا بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى وَرَمْيِ الْجَمْرَةِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّتِهِ مُتَمَتِّعًا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ كَانَ طَافَ

لِعُمْرَتِهِ عِنْدَ الدُّخُولِ وَأَمَرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَحِلَّ وَلَمْ يَحِلَّ هُوَ لِأَنَّهُ (كَانَ) سَاقَ الْهَدْيَ قَالُوا فَإِنْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ جَعَلَ طَوَافَ الْقَارِنِ كَطَوَافِ الْمُتَمَتِّعِ فَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حدثنا عبد الرحمان عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عبد الرحمان بْنِ أُذَيْنَةَ أَنَّهُ سَأَلَ عَلِيًّا عَمَّنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَقَالَ إِذَا قَدِمْتَ مَكَّةَ فَطُفْ طَوَافَيْنِ بِالْبَيْتِ وَطَوَافَيْنِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَا تَحِلَّ حَتَّى تَنْحَرَ أَوْ قَالَ حَتَّى يَوْمِ النَّحْرِ وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ طُرُقٍ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا طَافُوا لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا أَرَادَتْ جَمْعَ مُتْعَةٍ لَا جَمْعَ قِرَانٍ فَدَعْوَى لَا بُرْهَانَ عَلَيْهَا وَظَاهِرُ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَسِيَاقُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا أَرَادَتِ الَّذِينَ قَرَنُوا الْحَجَّ

وَالْعُمْرَةَ لِأَنَّهَا فَصَلَتْ بِالْوَاوِ بَيْنَ مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَبَيْنَ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَتَمَتَّعَ بِهَا وَبَيْنَ مَنْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ثُمَّ قَالَتْ فَأَمَّا الَّذِينَ أَهَلُّوا بِعُمْرَةٍ فَإِنَّهُمْ طَافُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حَلُّوا ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى بِحَجِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا أَهَّلُوا بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا وَلَمْ تَقُلْ وَأَمَّا الَّذِينَ أَهَلُّوا بِعُمْرَةٍ تَعْنِي مَنْ تَمَتَّعَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا أَرَادَتْ مَنْ قَرَنَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَفَعَ الْإِشْكَالَ فِي ذَلِكَ مَا أَوْرَدْنَا مِنَ الْآثَارِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ هَكَذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ حَمْلُهُمْ عَلَى الدَّرَاوَرْدِيِّ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ قَدْ تَابَعَ الدَّرَاوَرْدِيَّ يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بِمَعْنَى رِوَايَتِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا رَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ أَنَّ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيَّ وَأَيُّوبَ بْنَ مُوسَى وَمُوسَى بْنَ عُقْبَةَ وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ رَوَوْا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَعْنَى مَا رَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحَادِيثَهُمْ فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ عَائِشَةَ وَابْنَ عُمَرَ أَرَادَا بِقَوْلِهِمَا ذَلِكَ جَمْعَ مُتْعَةٍ لَا جَمْعَ قِرَانٍ

فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَتَأَوَّلُوا ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا لَا مُتَمَتِّعًا فَإِنِ اعْتَلُّوا بِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْتَلِفٌ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ رَوَاهُ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَهَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ رَوَاهُ حُمَيْدٌ عَنْ بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ عَنْهُ قِيلَ لَهُمْ لَمَّا اضْطَرَبَتِ الْآثَارُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ قَضَيَا بِرِوَايَةِ جَابِرٍ وَعَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أفراد الْحَجَّ وَتَرَكْنَا مَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنْ ذَكَرُوا أَنَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ كَانَا يَقُولَانِ الْقَارِنُ يَطُوفُ طَوَافَيْنِ وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ قِيلَ لَهُمْ قَدْ خَالَفَهُمَا ابْنُ عُمَرَ وَجَابِرٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ فَوَجَبَ النَّظَرُ فَإِنْ ذَكَرُوا مَا رَوَاهُ الْحَكَمُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ فَطَافَ بِالْبَيْتِ لِعُمْرَتِهِ ثُمَّ عَادَ فَطَافَ بِحَجَّتِهِ قِيلَ لَهُمْ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ إِنَّمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنِ الْحَكَمِ فَرَفَعَهُ

وَالْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا قَتَلَ الصَّيْدَ فِي الْحَرَمِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِلَّا جَزَاءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حُرْمَتَانِ حُرْمَةُ الْإِحْرَامِ وَحُرْمَةُ الْحَرَمِ فَكَذَلِكَ الطَّوَافُ لِلْقَارِنِ وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّ الْقَارِنَ يَحِلُّ بِحَلْقٍ وَاحِدٍ فَكَذَلِكَ الطَّوَافُ أَيْضًا قِيَاسًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الحج ففي تهذيبها وتلخيصهها وَتَمْهِيدِهَا مَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُفْرَدَ لَهَا كِتَابٌ كبير لا يذكر فيه غير ذَلِكَ وَلَا سَبِيلَ إِلَى اجْتِلَابِهَا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَقَدْ مَضَى مِنْ ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مَا فِيهِ هِدَايَةٌ وَإِنَّمَا الْغَرَضُ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنْ نَذْكُرَ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْوُجُوهِ وَالْأُصُولِ الَّتِي بِهَا نَزَعُوا وَمِنْهَا قَالُوا وَأَمَّا الِاعْتِلَالُ وَالْإِدْخَالُ وَالْمُرَافَعَاتُ فَتَطْوِيلٌ وَتَكْثِيرٌ وَخُرُوجٌ عَنْ تَأْلِيفِنَا وَشَرْطِنَا لَوْ تَعَرَّضْنَا لَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ وَالرَّشَادُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِنَا الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَهْدَى فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِيمَا عَلَى الْقَارِنِ مِنَ الْهَدْيِ وَالصِّيَامِ فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْقَارِنَ وَالْمُتَمَتِّعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

هَدْيٌ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ وَكَانَ يَقُولُ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةٌ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي الْقَارِنِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ هُوَ وَالْمُتَمَتِّعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ يُجْزِئُ الْقَارِنَ شَاةٌ قِيَاسًا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ قَالَ وَهُوَ أَخَفُّ شَأْنًا مِنَ الْمُتَمَتِّعِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ ومحمد تجزيه شاة والبقرة أفضل ولا يتجزئ عِنْدَهُمْ إِلَّا الدَّمُ عَنِ الْمُعْسِرِ وَغَيْرِهِ وَلَا مَدْخَلَ عِنْدَهُمْ لِلصِّيَامِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ قِيَاسًا على من جاوز الميقات غير محرم أَوْ تَرَكَ رَمْيَ الْجِمَارِ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا بَعِيدٌ مِنَ الْقِيَاسِ وَالْقِرَانُ بِالتَّمَتُّعِ أَشْبَهُ وَأَوْلَى أَنْ يُقَاسَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ فِي الْمُتَمَتِّعِ الصِّيَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَالْقَارِنِ مِثْلَهُ وَلَهُ حُكْمُهُ قِيَاسًا وَنَظَرًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ بِمَكَّةَ تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَكِّيًّا فَيَخْرُجُ إِلَى الحل ثم يتحلل بعمرة

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْإِحْصَارُ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا أَتَى مَكَّةَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فَلَا يَكُونُ مُحْصَرًا وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَلَيْسَ بِمُحْصَرٍ وَيُقِيمُ عَلَى إِحْرَامِهِ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَهْدِيَ وَنَحْوُ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يَكُونُ مُحْصَرًا وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا الْمَعْنَى وَمَضَى كَثِيرٌ مِنْ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ والحمد لله

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْإِحْصَارُ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا أَتَى مَكَّةَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فَلَا يَكُونُ مُحْصَرًا وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَلَيْسَ بِمُحْصَرٍ وَيُقِيمُ عَلَى إِحْرَامِهِ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَهْدِيَ وَنَحْوُ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يَكُونُ مُحْصَرًا وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا الْمَعْنَى وَمَضَى كَثِيرٌ مِنْ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الثالث والخمسون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَخَمْسُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَائِرُ أَصْحَابِ نَافِعٍ لَمْ يَذْكُرْ وَاحِدٌ مِنْ رُوَاتِهِ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَهُوَ تَقْصِيرٌ وَحَذْفٌ وَالْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ دُعَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً إِنَّمَا جَرَى يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ صُدَّ عَنِ الْبَيْتِ فَنَحَرَ وَحَلَقَ ودعا للمحلقين

وَهَذَا مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَحَبَشِيِّ بْنِ جُناَدَةَ وَغَيْرِهِمْ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابه حلقوا رؤوسهم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ إِلَّا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَأَبَا قَتَادَةَ وَاسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً وَوَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي بِخَطِّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ هِلَالٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أسد

ابن مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَلَقَ رِجَالٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَصَّرَ آخَرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ (قَالَ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ) قَالَ وَالْمُقَصِّرِينَ قَالُوا (يَا رَسُولَ اللَّهِ) فَمَا بَالُ الْمُحَلِّقِينَ ظَاهَرْتَ لَهُمْ بِالتَّرَحُّمِ قَالَ لَمْ يَشُكُّوا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى (قَالَ حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيَّانَ) قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ

أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم فذكره بمعناه فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ حُصِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُنِعَ مِنَ النُّهُوضِ إِلَى الْبَيْتِ وَصُدَّ عَنْهُ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ إِذَا نَحَرَ الْمُحْصَرُ هَدْيَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ لِأَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ عَنْهُ النُّسُكُ كُلُّهُ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ عَنْهُ بِالْإِحْصَارِ جَمِيعُ الْمَنَاسِكِ كَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَذَلِكَ مِمَّا يَحِلُّ بِهِ الْمُحْرِمُ مِنْ إِحْرَامِهِ لِأَنَّهُ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ حَلَّ لَهُ أَنْ يَحْلِقَ فَيَحِلُّ لَهُ بِذَلِكَ الطِّيبُ وَاللِّبَاسُ فَلَمَّا سَقَطَ عَنْهُ ذَلِكَ كُلُّهُ بِالْإِحْصَارِ سَقَطَ عَنْهُ سَائِرُ مَا يَحِلُّ بِهِ الْمُحْرِمُ من أجل أنه محصر وممن قال بهذاالقول وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ الْحَسَنُ قَالَا لَيْسَ عَلَى الْمُحْصَرِ تَقْصِيرٌ وَلَا حِلَاقٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَحْلِقُ الْمُحْصَرُ فَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَخَالَفَهُمَا آخَرُونَ فَقَالُوا يَحْلِقُ الْمُحْصَرُ رَأْسَهُ بَعْدَ أَنْ يَنْحَرَ هَدْيَهُ وَذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْحَاجِّ والمعتمر سواء

وَمِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ أَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيَ الْجِمَارِ قَدْ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ الْمُحْصَرُ وَقَدْ صُدَّ عَنْهُ فَسَقَطَ عَنْهُ مَا قَدْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَأَمَّا الْحِلَاقُ فَلَمْ يُحَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَفْعَلَهُ وَمَا كَانَ قَادِرًا على أن يفعله فهو غير سَاقِطٌ عَنْهُ وَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَا حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمَلِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَلْقِ بَاقٍ عَلَى الْمُحْصَرِينَ كَمَا هُوَ عَلَى مَنْ قَدْ وَصَلَ إِلَى الْبَيْتِ سَوَاءً لِدُعَائِهِ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ وَاحِدَةً وَهُوَ الْحُجَّةُ الْقَاطِعَةُ (وَالنَّظَرُ الصَّحِيحُ) وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فَالْحِلَاقُ عِنْدَهُمْ نُسُكٌ يَجِبُ عَلَى الْحَاجِّ الَّذِي قَدْ أَتَمَّ حَجَّهُ وَعَلَى مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ (وَعَلَى) الْمُحْصَرِ بِعَدُوٍّ وَالْمُحْصَرِ بِمَرَضٍ وَقَدْ حَكَى ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي نَوَادِرِهِ أَنَّ عَلَيْهِ الْحِلَاقَ أَوِ التَّقْصِيرَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ الْحِلَاقَ لِلْمُحْصَرِ مَنَ النُّسُكِ وَالْآخَرِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُحْصَرِ هَلْ لَهُ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يَحِلَّ بِشَيْءٍ فِي الْحِلِّ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَقَالَ مَالِكٌ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَعْرِهِ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ قَالَ عَزَّ وجل في كتابه ولا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وَمَعْنَى هَذَا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَنْ أَتَمَّ حَجَّهُ لَا فِي الْمُحْصَرِ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ فِي الْمُحْصَرِ أَنَّهُ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَهُ مَعَهُ وَالْحِلَاقُ عِنْدَهُ لِلْحَجِّ وَلِلْمُعْتَمِرِ سُنَّةٌ وَعَلَى تَارِكِهِ الدَّمُ وَالتَّحَلُّلُ فِي مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحِلَاقِ وَإِنَّمَا التَّحَلُّلُ الرَّمْيُ أَوْ ذَهَابُ زَمَانِهِ أَوْ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَمَنْ تَحَلَّلَ فِي الْحِلِّ مِنَ الْمُحْصَرِينَ كَانَ حِلَاقُهُ فِيهِ وَمَنْ تَحَلَّلَ فِي الْحَرَمِ كَانَ حِلَاقُهُ فِيهِ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَكُونَ الْحِلَاقُ بِمِنًى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبِمَكَّةَ وَحَيْثُمَا حَلَقَ أَجْزَأَهُ مِنْ حِلٍّ وَحَرَمٍ وَيَجِبُ حِلَاقُ جَمِيعِ الرَّأْسِ أَوْ تَقْصِيرُ جَمِيعِهِ وَالْحِلَاقُ أَفْضَلُ إِلَّا أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَجُوزُ لَهُنَّ غَيْرُ التَّقْصِيرِ وَحِلَاقُهُنَّ مَعْصِيَةٌ عِنْدَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِضَرُورَةٍ وَيَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَحْلِقَ وَيَفْتَدِيَ وَيَنْقُصُ ذَلِكَ إِحْرَامَهُ وَجَمِيعُ مُحَرَّمَاتِ الْحَجِّ لَا يُفْسِدُهَا إِلَّا الْجِمَاعُ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحْكَامَ الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ مِنْ مَرَضٍ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا حَلَّ الْمُحْصَرُ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ هَدْيَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَيَعُودُ حَرَامًا كَمَا كَانَ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ وَإِنْ أَصَابَ صَيْدًا قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ الْهَدْيَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ قَالُوا وَهُوَ الْمُوسِرُ فِي ذَلِكَ وَالْمُعْسِرُ لَا يَحِلُّ أَبَدًا حَتَّى يَنْحَرَ أَوْ يُنْحَرَ عَنْهُ قَالُوا وَأَقَلُّ مَا يَهْدِيهِ شَاةٌ لَا عَمْيَاءَ وَلَا مَقْطُوعَةَ الْأُذُنَيْنِ وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَهُمْ مَوْضِعَ صِيَامٍ وَلَا إِطْعَامٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُحْصَرِ إِذَا أَعْسَرَ بِالْهَدْيِ فِيهِ قَوْلَانِ (أَحَدُهُمَا) لَا يَحِلُّ أَبَدًا إِلَّا بِهَدْيٍ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَأْتِيَ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ خَرَجَ بِمَا عَلَيْهِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إِذَا قَدَرَ عَلَيْهِ قَالَ وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ يَحِلُّ مَكَانَهُ وَيَذْبَحُ إِذَا قَدَرَ فَإِنْ قَدَرَ على أن يكون الذبح بمكة لم جزه أَنْ يَذْبَحَ إِلَّا بِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ ذَبَحَ حَيْثُ قَدَرَ قَالَ وَيُقَالُ لَا يَجْزِيهِ إِلَّا هَدْيٌ وَيُقَالُ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا كَانَ عَلَيْهِ الْإِطْعَامُ أَوِ الصِّيَامُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ أَتَى بِوَاحِدٍ مِنْهَا إِذَا قَدَرَ

وَقَالَ فِي الْعَبْدِ لَا يَجْزِيهِ إِلَّا الصَّوْمُ إِذَا أُحْصِرَ تُقَوَّمُ لَهُ الشَّاةُ دَرَاهِمَ ثُمَّ الدَّرَاهِمُ طَعَامًا ثُمَّ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا قَالَ وَالْقَوْلُ فِي إِحْلَالِهِ قَبْلَ الصَّوْمِ وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ أَحَدِهِمَا يَحِلُّ وَالْآخَرِ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَصُومَ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُهُمَا بِالْقِيَاسِ لِأَنَّهُ أُمِرَ بِالْإِحْلَالِ لِلْخَوْفِ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْإِقَامَةِ عَلَى خوف والصوم يجزئه هذا كله قوله بمصر رَوَاهُ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ عَنْهُ وَقَالَ بِبَغْدَادَ فِي الْعَبْدِ يُعْطِيهِ سَيِّدُهُ فِي التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ هَدْيًا ذَكَرَ فِيهَا الْوَجْهَيْنِ قَالَ وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ إِنْ أُذِنَ لَهُ بِالتَّمَتُّعِ لَيْسَ يَلْزَمُهُ الدَّمُ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ عَنْهُ وَذَكَرَ الرَّبِيعُ عَنْهُ فِي الْمُحْصَرِ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ وَلَمْ يَحْلِقْ حَتَّى زَالَ خَوْفُ الْعَدُوِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْحِلَاقُ وَكَانَ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى صَارَ غَيْرَ مَحْصُورٍ قَالَ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ لَا يَكْمُلُ إِحْلَالُ الْمُحْرِمِ إِلَّا بِحِلَاقٍ قَالَ وَمَنْ قَالَ يَكْمُلُ إِحْلَالُهُ قَبْلَ الْحِلَاقِ وَالْحِلَاقُ أَوَّلُ الْإِحْلَالِ فَإِنَّهُ يَقُولُ إِذَا ذَبَحَ فَقَدْ حَلَّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ إِلَى وَجْهِهِ إِذَا ذَبَحَ

الحديث الرابع والخمسون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَخَمْسُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الْأَرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا هُوَ عِنْدَ نَافِعٍ وَقَالَ فِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قَفَلَ مِنَ الْجُيُوشِ أَوِ السَّرَايَا أَوِ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَشُكْرِهِ لِلْمُسَافِرِ عَلَى أَوْبَتِهِ وَرَجْعَتِهِ وَشُكْرُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَاجِبٌ وَذِكْرُ اللَّهِ حَسَنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ والحمد لله الكبير المتعال

الحديث الخامس والخمسون

حديث خمس وَخَمْسُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَصَلَّى بِهَا قَالَ نَافِعٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَهَذَا عِنْدَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مُسْتَحَبٌّ مُسْتَحْسَنٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ كَمَا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ لَا يَكُونَ إِهْلَالُ الْمُحْرِمِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَغَيْرِهَا إِلَّا بِإِثْرِ صَلَاةٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ كَانَ إِحْرَامُهُ بِإِثْرِ صَلَاةٍ صَلَّاهَا يَوْمَئِذٍ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ وَمَنَاسِكِهِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا عَلَى تَارِكِهَا فِدْيَةٌ أَوْ دَمٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَكِنَّهُ حَسَنٌ كَمَا ذَكَرْتُ لَكَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ إِلَّا ابْنَ عُمَرَ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ سُنَّةً وَهَذِهِ الْبَطْحَاءُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يُعَرِّفُهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِالْمُعَرَّسِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُجَاوِزَ الْمُعَرَّسَ إِذَا قَفَلَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهِ مَا بَدَا لَهُ لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَّسَ بِهِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ مَرَّ بِالْمُعَرَّسِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ رَاجِعًا مِنْ مَكَّةَ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُعَرِّسَ بِهِ حَتَّى يُصَلِّيَ فَعَلَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مُحْتَجًّا لَهُ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَّسَ بِهِ وَأَنَّ ابْنَ عمر أباخ بِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا مِنَ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ إِنَّمَا هُوَ مِثْلُ الْمَنَازِلِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مَنَازِلِ طَرِيقِ مَكَّةَ وَبَلَغَنَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّبِعُ آثَارَهُ تِلْكَ فَيَنْزِلُ بِهَا فَلِذَلِكَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ بِالْمُعَرَّسِ لَا أَنَّهُ كَانَ يَرَاهُ وَاجِبًا عَلَى النَّاسِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَقَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ لِلنَّاسِ مَا يَقِفُونَ عَلَيْهِ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ لَيْسَ نُزُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُعَرَّسِ كَسَائِرِ مَنَازِلِ طَرِيقِ مَكَّةَ لِأَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ حَيْثُ أَمْكَنَهُ وَالْمُعَرَّسُ إِنَّمَا كَانَ يُصَلِّي نَافِلَةً وَلَا وَجْهَ لِمَنْ زهد الناس في الخير قال وَلَوْ كَانَ الْمُعَرَّسُ كَسَائِرِ الْمَنَازِلِ مَا أَنْكَرَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى نَافِعٍ مَا تَوَهَّمَهُ عَلَيْهِ مِنَ التَّأَخُّرِ عَنْهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سَبَقَهُ إِلَى الْمُعَرَّسِ وَأَبْطَأَ

عَلَيْهِ نَافِعٌ فَقَالَ لَهُ مَا حَبَسَكَ قَالَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَخَذْتَ الطَّرِيقَ الْأُخْرَى لَوْ فَعَلْتَ لَأَوْجَعْتُكَ ضَرْبًا وَرَوَى اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ مِثْلَهُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ عَبْدُ الْعَزِيزُ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَلَ فِي الْمُعَرَّسِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ فِي بَطْنِ الْوَادِي فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا الْمُحَصَّبُ فَمَوْضِعٌ قُرْبَ مَكَّةَ فِي أَعْلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَهُ أَيْضًا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ يَسْتَحِبُّونَ النُّزُولَ بِهِ وَالْمَبِيتَ وَالصَّلَاةَ فِيهِ وَجَعَلَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمَنَاسِكِ الَّتِي يَنْبَغِي لِلْحُجَّاجِ نُزُولُهَا وَالْمَبِيتُ فِيهَا وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَمَشَاعِرِهِ فِي شَيْءٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَالْمُحَصَّبُ يُعْرَفُ بِالْأَبْطَحِ وَالْبَطْحَاءُ أَيْضًا خِيفُ بَنِي كِنَانَةَ وَالْخِيفُ الْوَادِي وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُحَصَّبِ ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنَ اللَّيْلِ وَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ

وَرَوَاهُ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْبَطْحَاءِ ثُمَّ هَجَعَ بِهَا هَجْعَةً ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ وَرَوَى أَيُّوبُ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءً حَرْفًا بِحَرْفٍ ذَكَرَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ وَحُمَيْدٍ جَمِيعًا وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عن الزهري عن أبي سملة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَنْفِرَ مِنْ مِنًى نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخِيفِ بَنِي كِنَانَةَ يَعْنِي الْمُحَصَّبَ وَذَلِكَ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ تَقَاسَمُوا عَلَى بَنِي هاشم وبني المطلب ذكر الْحَدِيثَ وَرَوَى مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا فِي حَجَّتِهِ قَالَ هَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ نَحْنُ نَازِلُونَ بِخِيفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الْكُفْرِ يَعْنِي الْمُحَصَّبَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ المحصب ليس بسنة وإنما هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَكُونَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ فَمَنْ شَاءَ نَزَلَهُ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَنْزِلْهُ

الحديث السادس والخمسون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَخَمْسُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى وَالْيَدُ الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْفِقَةُ وَالسُّفْلَى السَّائِلَةُ لَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَفْظِهِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ فَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ فِيهِ الْيَدُ الْعُلْيَا الْمُتَعَفِّفَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى الْيَدُ الْعُلْيَا الْمُتَعَفِّفَةُ وَالْيَدُ السفلى السائلة

قَالَ أَبُو عُمَرَ رِوَايَةُ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ الْيَدُ الْعُلْيَا الْمُنْفِقَةُ أَوْلَى وَأَشْبَهُ بِالْأُصُولِ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ الْمُتَعَفِّفَةُ بِدَلِيلِ حَدِيثٍ مِنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ وَيَقُولُ يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ ذَكَرَهُ النَّسَوِيُّ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عِيسَى عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ وَفِي قَوْلِهِ الْمُنْفِقَةُ آدَابٌ وَفُرُوضٌ وَسُنَنٌ فَمِنَ الْإِنْفَاقِ فَرْضًا الزَّكَوَاتُ وَالْكَفَّارَاتُ وَنَفَقَةُ الْبَنِينَ وَالْآبَاءِ وَالزَّوْجَاتِ وَمَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ النَّفَقَاتِ وَمِنَ الْإِنْفَاقِ سُنَّةُ الْأَضَاحِيِّ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ عِنْدَ مَنْ رَآهَا سُنَّةً لَا فَرْضًا وَغَيْرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ وَالتَّطَوُّعُ كُلُّهُ أَدَبٌ وَسُنَّةٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأحوص حدثنا أشعث عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ فَسَمِعَهُ يَقُولُ يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ وَأَدْنَاكَ أَدْنَاكَ

وَمِثْلُهُ حَدِيثُ عَطِيَّةَ السَّعْدِيِّ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ السَّعْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَدُ الْعُلْيَا الْمُعْطِيَةُ وَمِثْلُهُ حَدِيثُ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ مَالِكِ بْنِ نَضْلَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَيْدِي ثَلَاثَةٌ يَدُ اللَّهِ الْعُلْيَا وَيَدُ الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا وَيَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى أَعْطِ الْفَضْلَ وَلَا تَعْجِزْ عَنْ نَفْسِكَ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ (حَدَّثَنَا) أَبُو الزَّعْرَاءِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ وَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقَلَ مَالِكٌ مِنْ قَوْلِهِ وَالْيَدُ الْعُلْيَا الْمُنْفِقَةُ (وَلَمْ يَقُلِ الْمُتَعَفِّفَةُ) لِأَنَّ الْعُلُوَّ فِي الْإِعْطَاءِ لَا فِي التَّعَفُّفِ وَقَدْ بَانَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا ذكرنا وبالله التوفيق حدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ قَالَ سَمِعْتُ الْقَعْقَاعَ بن حكيم

يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَيْهِ أَنِ ارْفَعْ إِلَيَّ حَاجَتَكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَإِنِّي لَا أَحْسَبُ الْيَدَ الْعُلْيَا إِلَّا الْمُعْطِيَةَ وَلَا السُّفْلَى إِلَّا السَّائِلَةَ وَإِنِّي غَيْرُ سَائِلِكَ شَيْئًا وَلَا رَادًّا رِزْقًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيَّ مِنْكَ وَالسَّلَامُ وَقَدْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَهِيَ آثَارٌ صِحَاحٌ كُلُّهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِبَاحَةُ الْكَلَامِ لِلْخَطِيبِ بِكُلِّ مَا يَصْلُحُ مِمَّا يَكُونُ مَوْعِظَةً أَوْ عِلْمًا أَوْ قُرْبَةً إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفِيهِ الْحَضُّ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَالْإِنْفَاقِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِنْفَاقَ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ الِاكْتِسَابِ وَهَذَا كله مفيد بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ وَفِيهِ ذَمُّ الْمَسْأَلَةِ وَعَيْبُهَا وَيَقْتَضِي ذَلِكَ حَمْدَ الْيَأْسِ وَذَمَّ الطَّمَعِ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ سَعْدًا قَالَ لِابْنِهِ حِينَ حَضَرَهُ

الْمَوْتُ يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَنْ تَلْقَى أَحَدًا هُوَ لَكَ أَنْصَحُ مِنِّي إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصَلِّيَ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ ثُمَّ صَلِّ صَلَاةً لَا تَرَى أَنَّكَ تُصَلِّي بَعْدَهَا وَإِيَّاكَ وَالطَّمَعَ فَإِنَّهُ فَقْرٌ حَاضِرٌ وَعَلَيْكَ بِالْيَأْسِ فَإِنَّهُ الْغِنَى وَإِيَّاكَ وَمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ مِنَ الْعَمَلِ وَالْقَوْلِ ثُمَّ اعْمَلْ مَا بَدَا لَكَ وَرَوَى الْعَلَاءُ بْنُ عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَفْتَحُ إِنْسَانٌ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ وَلَأَنْ يَأْخُذُ الرَّجُلُ حَبْلًا فَيَعْمِدُ إِلَى الْجَبَلِ فَيَحْتَطِبُ عَلَى ظَهْرِهِ وَيَأْكُلُ مِنْهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ مُعْطًى أَوْ مَمْنُوعًا وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَى قَوْلِ سَعْدٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَاهُ سَلَمَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَهْدِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالدَّارَقُطْنِيِّ الْحَافِظِ إِمْلَاءً بِمِصْرَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَاشِدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي رَاشِدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٍ عَنِ ابْنِ

عُمَرَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حدثني وَاجْعَلْهُ مُذَكِّرًا أَيْ قَالَ صَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ وَعَلَيْكَ بِالْيَأْسِ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ تَعِشْ غَنِيًّا وَإِيَّاكَ وَمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ وَقَدْ مَضَى فِيمَا يَجُوزُ مِنَ السُّؤَالِ وَمَنْ يَجُوزُ لَهُ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَسَيَأْتِي تَمَامُ هَذَا الْبَابِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآثَارِ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث السابع والخمسون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَخَمْسُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ قَالَ مَالِكٌ أَرَى ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى وَالْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ فِي آخِرِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ لَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ يَخَافُ أَنْ يناله العدو

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سليم عن نفع عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ وَكَذَلِكَ قَالَ شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ صَحِيحٌ مَرْفُوعٌ وَأَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ أَنْ لَا يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ فِي السَّرَايَا وَالْعَسْكَرِ الصَّغِيرِ الْمَخُوفِ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ ذَلِكَ فِي الْعَسْكَرِ الْكَبِيرِ الْمَأْمُونِ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُسَافَرُ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْعَسْكَرِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُكْرَهُ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ إِلَّا فِي الْعَسْكَرِ الْعَظِيمِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي تَعْلِيمِ الْكَافِرِ الْقُرْآنَ فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِتَعْلِيمِ الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ الْقُرْآنَ وَالْفِقْهَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَلَا الْكِتَابَ وَكَرِهَ رُقْيَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ رِوَايَتَانِ أَحَدُهُمَا الْكَرَاهَةُ وَالْأُخْرَى الْجَوَازُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ لِمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِنْ تَنْزِيهِ الْقُرْآنِ وَتَعْظِيمِهِ إِبْعَادَهُ عَنِ الْأَقْذَارِ وَالنَّجَاسَاتِ وَفِي كَوْنِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْكُفْرِ تَعْرِيضٌ لَهُ لِذَلِكَ وَإِهَانَةٌ لَهُ وَكُلُّهُمْ أَنْجَاسٌ لَا يَغْتَسِلُونَ مِنْ جَنَابَةٍ وَلَا يَعَافُونَ مَيْتَةً وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ أَنْ يُعْطَى الْكَافِرُ دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا فِيهِ سُورَةٌ أَوْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَمَا أَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا إِذَا كَانَتْ آيَةً تَامَّةً أَوْ سُورَةً وَإِنَّمَا اختلفوا في الدنيار وَالدِّرْهَمِ إِذَا كَانَ فِي أَحَدِهِمَا اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَأَمَّا الدَّرَاهِمُ الَّتِي كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا قُرْآنٌ وَلَا اسْمُ اللَّهِ وَلَا ذِكْرٌ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ ضَرْبِ الرُّومِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَإِنَّمَا ضُرِبَتْ دَرَاهِمُ الْإِسْلَامِ فِي أَيَّامِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَدَّلِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِالْمُصْحَفِ أَرْضَ الْعَدُوِّ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنِ اسْتِذْكَارِ الْقُرْآنِ وَالتَّعْلِيمِ وَلِمَا يَخْشَى أَنْ يَطُولَ بِهِ السَّفَرُ فَيَنْسَى فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُدْخَلُ أَرْضُ الْعَدُوِّ بِالْمَصَاحِفِ لِمَا يُخْشَى مِنَ التَّعَبُّثِ بِالْقُرْآنِ وَالِامْتِهَانِ لَهُ مَعَ أَنَّهُمْ أَنْجَاسٌ

وَمَعَ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنَ النَّهْيِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَعَدَّى فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ أَفَيَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ الْمُسْلِمُ إِلَى الْكَافِرِ كِتَابًا فِيهِ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ أَمَّا إِذَا دُعِيَ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوْ كَانَتْ ضَرُورَةٌ إِلَى ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِمَا رَوَاهُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فَذَكَرَ قِصَّةَ هِرَقْلَ وَحَدِيثَهُ بِطُولِهِ وَفِيهِ قَالَ فَقَرَأَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا فِيهِ بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدَعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فإن توليت فعليك إثم الأريسيين ويا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وبينكم أن لا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا الآية

الحديث الثامن والخمسون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَخَمْسُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ قَالَ يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ بِطَائِفَةٍ مِنَ النَّاسِ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ لَمْ يُصَلُّوا فَإِذَا صَلَّى الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً اسْتَأْخَرُوا مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا وَلَا يُسَلِّمُونَ وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّونَ مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ يَنْصَرِفُ الْإِمَامُ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَيَقُومُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً رَكْعَةً بَعْدَ أَنْ يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ صَلَّوْا رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ كَانَ خَوْفًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا قَالَ مَالِكٌ قَالَ نَافِعٌ لَا أَرَى ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ إِلَّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ نَافِعٍ عَلَى الشَّكِّ فِي رَفْعِهِ وَرَوَاهُ عَنْ نَافِعٍ جَمَاعَةٌ وَلَمْ يَشُكُّوا فِي رَفْعِهِ وَمِمَّنْ رَوَاهُ كَذَلِكَ مَرْفُوعًا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ خَلْفَهُ وَقَامَتْ طَائِفَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِالَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ ثُمَّ انْطَلَقُوا فَقَامُوا فِي مَقَامِ أُولَئِكَ وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ ثُمَّ صَلَّتِ الطَّائِفَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَكْعَةً رَكْعَةً

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَا حدثا مسدد قال حدثا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم صَلَّى بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مُوَاجِهَةٌ الْعَدُوَّ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَقَامُوا فِي مَقَامِ أُولَئِكَ وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً أُخْرَى ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَامَ هَؤُلَاءِ يَقْضُونَ رَكْعَتَهُمْ وَقَامَ هَؤُلَاءِ يَقْضُونَ رَكْعَتَهُمْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ رَوَى نَافِعٌ وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَسْرُوقٍ وَيُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَذَلِكَ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ فَعَلَهُ وَرَوَاهُ أَبُو حُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَرَوَى أَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ أَنَّ أَبَا مُوسَى كَانَ بِالدَّارِ مِنْ أَصْبَهَانَ وَمَا كَانَ بِهَا يَوْمَئِذٍ كَبِيرُ خَوْفٍ وَلَكِنْ أَحَبَّ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ دِينَهُمْ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُمْ صَفَّيْنِ طَائِفَةٌ مَعَهَا السِّلَاحُ مُقْبِلَةٌ عَلَى عَدُوِّهَا وَطَائِفَةٌ مِنْ وَرَائِهِ فَصَلَّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَةً ثُمَّ نَكَصُوا عَلَى أدبارهم حتى قاموا مقام الآخرين يَتَخَلَّلُونَهُمْ وَجَاءَ الْآخَرُونَ حَتَّى قَامُوا وَرَاءَهُ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً أُخْرَى ثُمَّ سَلَّمَ فَقَامَ الَّذِينَ يَلُونَهُ وَالْآخَرُونَ فَصَلَّوْا رَكْعَةً رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَتَمَّتْ لِلْإِمَامِ رَكْعَتَانِ فِي جَمَاعَةٍ وَلِلنَّاسِ رَكْعَةٌ رَكْعَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي مَعَ الْإِمَامِ وَقَضَوْا رَكْعَةً رَكْعَةً وَبِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِثْلُ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى هَذَا وَشِبْهِهِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمُ الْأَوْزَاعِيُّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ صَاحِبُ مَالِكٍ

وَأَمَّا مَالِكٌ وَسَائِرُ أَصْحَابِهِ غَيْرَ أَشْهَبَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَذْهَبُونَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إِلَى حَدِيثِ سهل بن أبي جثمة وَهُوَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي جثمة حَدَّثَهُ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ وَمَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَطَائِفَةٌ مُوَاجِهَةٌ لِلْعَدُوِّ فَيَرْكَعُ الْإِمَامُ رَكْعَةً وَيَسْجُدُ بِالَّذِينَ مَعَهُ ثُمَّ يَقُومُ فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا وَثَبَتَ وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ ثُمَّ سَلَّمُوا وَانْصَرَفُوا وَالْإِمَامُ قَائِمٌ وَكَانُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ ثُمَّ يُقْبِلُ الْآخَرُونَ الَّذِينَ لَمْ يصلوا فيكبرون وراء الإمام يَرْكَعُ بِهِمْ وَيَسْجُدُ ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقُومُونَ فَيَرْكَعُونَ لِأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ وَيُسَلِّمُونَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ فَقِيلَ لَهُ أَيُّ الْحَدِيثَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ حَدِيثُ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ أَوْ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فَقَالَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعْمَلَ بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ يَقُومُونَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَيَقْضُونَ الرَّكْعَةَ الَّتِي عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُسَلِّمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْعَمَلُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ قَالَ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ بِحَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى هَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ الْقَاسِمِ وَحَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ كِلَاهُمَا عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ إِلَّا أَنَّ بَيْنَهُمَا فَصْلًا فِي السَّلَامِ فَفِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْإِمَامَ يُسَلِّمُ بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ يَقُومُونَ فَيَقْضُونَ الرَّكْعَةَ وَفِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ أَنَّهُ يَنْتَظِرُهُمْ وَيُسَلِّمُ بِهِمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ الْقَاسِمِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا حَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ فَذَكَرَهُ أَيْضًا فِي الْمُوَطَّإِ مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ أَنَّ طَائِفَةً صَلَّتْ مَعَهُ وَطَائِفَةً وِجَاهُ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ جَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ وَبِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِلَيْهِ ذهب قال الشافعي حديث صالح

ابن خَوَّاتٍ هَذَا أَشْبَهُ الْأَحَادِيثِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ بِظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِهِ أَقُولُ وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ اسْتِفْتَاحَ الْإِمَامِ بِبَعْضِهِمْ لِقَوْلِهِ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ثُمَّ قَالَ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَذَكَرَ انْصِرَافَ الطَّائِفَتَيْنِ وَالْإِمَامِ مِنَ الصَّلَاةِ مَعًا بِقَوْلِهِ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ وَذَلِكَ لِلْجَمِيعِ لَا لِلْبَعْضِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَضَاءً وَفِي الْآيَةِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بَعْدَ انْصِرَافِ الطَّائِفَةِ الْأُولَى بِقَوْلِهِ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَفِي قَوْلِهِ فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ تَنْصَرِفُ وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهَا مِنَ الصَّلَاةِ شَيْءٌ تَفْعَلُهُ بَعْدَ الْإِمَامِ بِهَذَا كُلِّهِ نَزَعَ بَعْضُ مَنْ يَحْتَجُّ لِلشَّافِعِيِّ لِأَخْذِهِ بِحَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ لِمَا فِيهِ مِنِ انْتِظَارِ الْإِمَامِ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ حَتَّى يُسَلِّمَ بِهِمْ وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ فِي اخْتِيَارِهِ حَدِيثَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي سَلَامِ الْإِمَامِ قَبْلَ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ وَقَضَائِهَا الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ سَلَامِهِ الْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فِي أَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ أَحَدًا

سَبَقَهُ بِشَيْءٍ وَأَنَّ السُّنَّةَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهَا أَنْ يَقْضِيَ الْمَأْمُومُونَ مَا سُبِقُوا بِهِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَقَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فِي رِوَايَةِ الْقَاسِمِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ قَالَ يُسَلِّمُ الْإِمَامُ ثُمَّ تَقُومُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَتَقْضِي رَكْعَتَهَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى ثُمَّ أَتَتْهُ فَرَكَعَ بِهَا حِينَ دَخَلَتْ معه قبل أن يقرأوا شَيْئًا أَنَّهُ يُجْزِيهِمْ إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ إِذَا أَدْرَكُوا مَعَهُ مَا يُمْكِنُهُمْ فِيهِ قِرَاءَةُ أم القرآن فلا يجزيهم إلا أن يقرؤوها وَقَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءً عَلَى حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَكَانَ لَا يَعِيبُ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنَ الْأَوْجُهِ الْمَرْوِيَّةِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ قَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ صَلَاةُ الْخَوْفِ يَقُولُ فِيهَا بِالْأَحَادِيثِ كلها كل حديث في موضعه أم يختار وَاحِدًا مِنْهَا فَقَالَ أَنَا أَقُولُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهَا أَوْ ذَهَبَ إِلَيْهَا كُلِّهَا فحسن

وَأَمَّا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فَأَنَا أَخْتَارُهُ لِأَنَّهُ أَنْكَأُ لِلْعَدُوِّ قُلْتُ لَهُ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ تَسْتَعْمِلُهُ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ كَانَ الْعَدُوُّ أَوْ مُسْتَدْبِرِيهَا قَالَ نَعَمْ هُوَ أنكأ فيهم لأنه يصلي بطائفة ثم يذهبون ويصلي بِطَائِفَةٍ أُخْرَى ثُمَّ يَذْهَبُونَ وَاخْتَارَ دَاوُدُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أيضا في صلاة الخوف وكان عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ يَخْتَارُونَ في صلاةالخوف حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ رَوَاهُ شُعْبَةُ عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ سَوَاءً حَرْفًا بِحَرْفٍ كَذَلِكَ رَوَاهُ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ عَنْ شُعْبَةَ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا أَبَا يُوسُفَ فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى مَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَزَائِدَةُ وَابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ خُصَيْفٌ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم صلاة الْخَوْفِ بِطَائِفَةٍ وَطَائِفَةٌ مُسْتَقْبِلِي الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِالَّذِينَ وَرَاءَهُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ وَانْصَرَفُوا

وَلَمْ يُسَلِّمُوا فَوَقَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ ثُمَّ جَاءَ الآخرون فقاموا مقامهم فصلى بهم ركع ثُمَّ سَلَّمَ فَقَامَ هَؤُلَاءِ فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا وَذَهَبُوا فَقَامُوا مَقَامَ أُولَئِكَ مُسْتَقْبِلِي العدو ورجع أولئك إلى مراتبهم فصلوا لأنفهسم رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا وَرَوَى أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ مَرْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ نَجِدُ صَلَاةَ الْخَوْفِ قَالَ فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ أُخْرَى مُقَابِلَ الْعَدُوِّ وَظُهُورُهُمْ إِلَى الْقِبْلَةِ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَظُهُورُهُمْ إِلَى الْقِبْلَةِ وَلَا مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَالْمَعْنَى عِنْدِي فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاحِدٌ فِي أَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا لَا تَقْضِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَكْعَتَهَا إِلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ مَرَّةً يَقُولُ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ كَقَوْلِ أبي حنيفة ومرة بِحَدِيثِهِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي عياش الرزقي قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَالْعَدُوُّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ قَالَ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذُوا السِّلَاحَ

ثم قاموا خلفه صفين صف بعد صف فكبر رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَبَّرُوا جَمِيعًا ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا جَمِيعًا ثُمَّ رَفَعَ وَرَفَعُوا جَمِيعًا ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الَّذِينَ يَلُونَهُ وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ يَحْرُسُونَهُمْ فَلَمَّا سَجَدُوا سَجْدَتَيْنِ قَامُوا وَسَجَدَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ كَانُوا خَلْفَهُمْ ثُمَّ تَأَخَّرَ الَّذِينَ سَجَدُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَقَامِ الَّذِينَ كَانُوا يَحْرُسُونَهُمْ وَتَقَدَّمَ الْآخَرُونَ فَقَامُوا فِي مَقَامِهِمْ ثُمَّ رَكَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكَعُوا ثُمَّ رَفَعَ فَرَفَعُوا جَمِيعًا ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الَّذِينَ يَلُونَهُ فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ يَحْرُسُونَهُمْ فَلَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ وَجَلَسَ سَجَدَ الْآخَرُونَ ثُمَّ جَلَسُوا جَمِيعًا ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ قَالَ فَصَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً بعسفان ومرة بِأَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّاهَا بِنَخْلَةَ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَاهُ أَيُّوبُ وَجَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ كَمَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ

حُصَيْنٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَذَلِكَ وراه قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أبي موسى فعله وَمِنْ مُرْسَلِ مُجَاهِدٍ وَعُرْوَةَ مِثْلَهُ وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى قَالَ الثَّوْرِيُّ وَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِذِي قَرَدٍ فَصَفَّ خَلْفَهُ صَفًّا وَقَامَ صَفٌّ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِالَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً ثُمَّ انْصَرَفُوا فَقَامُوا مَقَامَ أَصْحَابِهِ وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَكْعَتَانِ وَلِكُلِّ صَفٍّ رَكْعَةٌ قَالَ سُفْيَانُ قَدْ جَاءَ هَذَا وَهَذَا وَأَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ رَجَوْتُ أَنْ يُجْزِئَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَخَيَّرَ الثَّوْرِيُّ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حنيفة والثاني حديث أبي عياش الرزقي وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى جُمْلَةً وَذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ وَالثَّالِثُ الْوَجْهُ الَّذِي بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً بِذِي قَرَدٍ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ أَرْسَلَهُ فِي جَامِعِهِ فَإِنَّهُ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِهِ عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ عن ثعلبة بن بزهدم أنهم كانوا مع سعيد بن العاصي بِطَبَرِسْتَانَ فَسَأَلَ سَعِيدٌ حُذَيْفَةَ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ فقال حذيفة

شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّاهَا بِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَبِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا وَرَوَى الثَّوْرِيُّ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِذِي قَرَدٍ فَبَلَاغُ الثَّوْرِيِّ قَدْ بَانَ أَنَّهُ مُسْنَدٌ عِنْدَهُ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَى سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ وَالْقَاسِمُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّ بَعْضَ رُوَاةِ حَدِيثِ يَزِيدَ الْفَقِيرِ قَالَ فِيهِ إِنَّهُمْ قَضَوْا رَكْعَةً وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ رُوِيَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إِلَّا حَدِيثٌ ثَابِتٌ هِيَ كُلُّهَا ثَابِتَةٌ فَعَلَى أَيِّ حَدِيثٍ صَلَّى الْمُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ أَجْزَأَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَكَذَلِكَ قَالَ الطَّبَرِيُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وُجُوهٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ عَلَى حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ ذِكْرُهُ وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِهِ مِنْ أَئِمَّةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ الْأَوْزَاعِيُّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَشْهَبُ صَاحِبُ مَالِكٍ وَوَجْهٌ ثَانٍ وَهُوَ حَدِيثُ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ مِنْ رِوَايَةِ

مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ وَمِنْ رِوَايَتِهِ أَيْضًا عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَلَى حَسْبَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي انْتِظَارِ الْإِمَامِ الطَّائِفَةَ الْأُخْرَى بِالسَّلَامِ وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ عَلَى اخْتِلَافِ مَا بَيْنَهُمْ فِي السَّلَامِ عَلَى حَسْبَمَا وَصَفْنَاهُ وَوَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْقَائِلِينَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا أَبَا يُوسُفَ وَهُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ الَّتِي خَيَّرَ الثَّوْرِيُّ فِيهَا وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ دَاوُدَ أَيْضًا وَوَجْهٌ رَابِعٌ وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ أَيْضًا فِي تَخَيُّرِهِ وَقَدْ قَالَتْ بِهِ طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ وَوَجْهٌ خَامِسٌ وَهُوَ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ عَلَى مَا قَدْ مَضَى فِي هَذَا الْبَابِ ذِكْرُهُ وَهُوَ أَحَدُ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي خَيَّرَ الثَّوْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْعَمَلِ بِهَا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْوَجْهِ مَا رَوَاهُ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً وَزَعَمَ

بَعْضُ مَنْ قَالَ هَذَا الْوَجْهَ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ لِلْقَصْرِ فِي الْخَوْفِ خُصُوصًا لَيْسَ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ لِقَوْلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا قَالَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ فِي السَّفَرِ بِشَرْطِ الْخَوْفِ خِلَافَ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ فِي حَالِ الْأَمْنِ وَذَكَرُوا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ قَالُوا الصَّلَاةُ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعٌ وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَانِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةٌ قَالُوا وَلَوْ كَانَ الْقَصْرُ فِي حَالِ الْأَمْنِ وَحَالِ الْخَوْفِ سَوَاءً مَا كَانَ لِقَوْلِهِ إِنْ خِفْتُمْ مَعْنًى وَقَدْ جَلَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْقَوْلُ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ يَجُوزُ فِي حُكْمِ لِسَانِ الْعَرَبِ أَنْ يَكُونَ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ فِي مَعْنَى الْمَذْكُورِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِخِلَافِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ السَّفَرِ فِي الْخَوْفِ وَفِي الْأَمْنِ سَوَاءٌ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ حِينَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ آلِ خالد بن أسد يا أبا عبد الرحمان إِنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الْحَضَرِ وَصَلَاةَ الْخَوْفِ

فِي الْقُرْآنِ وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ السَّفَرِ يَعْنِي فِي حَالِ الْأَمْنِ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ شَيْئًا فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ أَيْ رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ فِي حَالِ الْخَوْفِ وَحَالِ الْأَمْنِ فِي السَّفَرِ فِعْلًا وَاحِدًا فَنَحْنُ نَفْعَلُ كَمَا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ وَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ مِنْ عِبَادِهِ وَاحِدٌ بِبَيَانِ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ كَمَا صَارَ قَتْلُ الصَّيْدِ خَطَأً بِالسُّنَّةِ يَجِبُ فِيهِ مِنَ الْجَزَاءِ كَمَا يَجِبُ على من تقله عَمْدًا مَعَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا وَقَدْ عَجِبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَيَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا حِينَ قَالَ يَعْلَى لِعُمَرَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا بَالُنَا نَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَقَدْ أَمِنَّا وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ إِنْ خِفْتُمْ فَقَالَ عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ تِلْكَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ وَهَذَا أَيْضًا بَيِّنٌ فِي أَنَّ صَلَاةَ السَّفَرِ فِي الْأَمْنِ وَفِي الْخَوْفِ سَوَاءٌ وَبِذَلِكَ جَرَى الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ

أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ مَنْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا أَيْ فِي عِلْمِ مَنْ رَوَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ رَوَى غَيْرَهُ أَنَّهُمْ قَضَوْا رَكْعَةً فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِعَيْنِهَا وَشَهَادَةُ مَنْ زَادَ أَوْلَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَقْضُوا أَيْ لَمْ يَقْضُوا إِذْ أَمِنُوا وَتَكُونُ فَائِدَتُهُ أَنَّ الْخَائِفَ إِذَا أَمِنَ لَا يَقْضِي مَا صَلَّى عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي الْخَوْفِ وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ صَلَّوْا فِي الْخَوْفِ رَكْعَةً أَيْ فِي جَمَاعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَكَتَ عَنِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُمْ صَلَّوْهَا أَفْذَاذًا وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ انْفَرَدَ بِهِ بُكَيْرُ بْنُ الْأَخْنَسِ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا يَنْفَرِدُ بِهِ وَالصَّلَاةُ أَوْلَى مَا احْتِيطَ فِيهِ وَمَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي خَوْفِهِ وَسَفَرِهِ خَرَجَ مِنَ الِاخْتِلَافِ إِلَى الْيَقِينِ وَوَجْهٌ سَادِسٌ وَهُوَ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ بِطَائِفَةٍ وَرَكْعَتَيْنِ بِطَائِفَةٍ فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرْبَعٌ وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَانِ رَوَاهُ الْأَشْعَثُ وَغَيْرُهُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ

قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ فِي خَوْفٍ فَصَفَّ بَعْضُهُمْ خَلْفَهُ وَبَعْضُهُمْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَانْطَلَقَ الَّذِينَ صَلَّوْا فَوَقَفُوا مَوْقِفَ أَصْحَابِهِمْ ثُمَّ جَاءَ أُولَئِكَ فَصَفُّوا خَلْفَهُ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع وَلِأَصْحَابِهِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ وَبِذَلِكَ كَانَ يُفْتِي الْحَسَنُ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عن جابر مثله بمعناه حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمان عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ قَالَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَأَخَّرُوا وَصَلَّى بالطائفة الأخرى

رَكْعَتَيْنِ قَالَ فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَنْ أَجَازَ اخْتِلَافَ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الصَّلَاةِ وَأَجَازَ لِمَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ أَنْ يَؤُمَّ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ غَيْرَهُ وَأَجَازَ أَنْ تُصَلَّى الْفَرِيضَةُ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ يُجِيزُ هَذَا الْوَجْهَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَابْنِ عُلَيَّةَ وَأَحْمَدَ بْنِ حنبل وداود وصلاة الخوف إنما وضعت عَلَى أَخَفِّ مَا يُمْكِنُ وَأَحْوَطِهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ وَمَا كَانَ فِي الْحَضَرِ لِأَنَّ فِيهِ سَلَامَهُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا وَغَيْرُ مَحْفُوظٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي الْحَضَرِ وَقَدْ حَكَى الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَلَوْ صَلَّى فِي الْخَوْفِ بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ كَانَ جَائِزًا قَالَ وَهَكَذَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ أَنَّ صَلَاتَهُ هَكَذَا كَانَتْ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يكون صلاها مرتين على الهيئتين هناك

فهده سَبْعَةُ أَوْجُهٍ كُلُّهَا ثَابِتَةٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ قَدْ قَالَ بِكُلِّ وَجْهٍ مِنْهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالطَّبَرِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ بِجَوَازِ كُلِّ وَجْهٍ مِنْهَا وَالْوَجْهُ الْمُخْتَارُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عِنْدِي مَنْ صَلَّى لِغَيْرِهِ مِمَّا قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْوَجْهُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ حَدِيثُ هَذَا الْبَابِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ وَرَدَ بِنَقْلِ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُمُ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ وَلِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْأُصُولِ لِأَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ لَمْ يَقْضُوا الرَّكْعَةَ إِلَّا بَعْدَ خُرُوجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنَ السُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَأَمَّا صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَهَا قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا إِمَامُهَا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَمُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ وَقَدْ رَوَى الثِّقَاتُ حَدِيثَ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَلَى مِثْلِ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَصَارَ حَدِيثُ سَهْلٍ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ إِلَّا مَا جَاءَ مِنْ شَكِّ مَالِكٍ رَحِمَهُ الله في رفعه وقد رفعه من

غير شَكِّ جَمَاعَةٍ عَنْ نَافِعٍ وَرَفَعَهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ وَالشَّكُّ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ وَالْيَقِينُ مَعْمُولٌ عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ السَّكَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سَأَلَهُ هَلْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَقَالَ أَخْبَرَنَا سَالِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ نَجْدٍ فَوَازَيْنَا الْعَدُوَّ فَصَفَفْنَا لَهُمْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي لَنَا فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مَعَهُ وَأَقْبَلَتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَدُوِّ فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْ مَعَهُ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفُوا مَكَانَ الطَّائِفَةِ الَّتِي لَمْ تُصَلِّ فَجَاءُوا فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَرَكَعَ لِنَفْسِهِ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي جَاءَتْ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ بِنَحْوِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَحَدَّثْنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا

مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي الْقَطَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَصَفَّ صَفًّا خَلْفَهُ وَصَفًّا مَصَافِيَ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ قَامُوا فَقَضَوْا رَكْعَةً رَكْعَةً فَإِنْ قِيلَ إِنَّ يَحْيَى الْقَطَّانَ قَدْ خُولِفَ عَنْ شُعْبَةَ فِي ذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي خَالَفَهُ لَا يُقَاسُ بِهِ حِفْظًا وَإِتْقَانًا وَإِمَامَةً فِي الْحَدِيثِ وَمَا اخْتَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَهُوَ اخْتِيَارُ أَشْهَبَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَقَالَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِ دَاوُدَ وَالْحُجَّةُ فِي اخْتِيَارِنَا هَذَا الْوَجْهَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْوُجُوهِ الْمَرْوِيَّةِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنَّهُ أَصَحُّهَا إِسْنَادًا وَأَشْبَهُهَا بِالْأُصُولِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا وَفِي صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَوْفِ بِأَصْحَابِهِ رَكْعَةً رَكْعَةً وَأَتَمَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ لِنَفْسِهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ مُعَاذٍ وَصَلَاتِهِ بِقَوْمِهِ بَعْدَ صَلَاتِهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

تِلْكَ الصَّلَاةَ مَنْسُوخٌ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ تُصَلَّى الْفَرِيضَةُ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ لَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَدِ احْتَجَّ بِهَذَا أَبُو الْفَرَجِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَمِنَ الْكُوفِيِّينَ أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ يَعْتَرِضُ عَلَيْهِمْ حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ وَحَدِيثُ جَابِرٍ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ وَابْنُ عُلَيَّةَ لَا تُصَلَّى صَلَاةُ الْخَوْفِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا تُصَلَّى بِإِمَامَيْنِ يُصَلِّي كُلُّ إِمَامٍ بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ الْآيَةَ قَالُوا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ كَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ يُؤْثِرُ بِنَصِيبِهِ مِنْهُ غَيْرُهُ وَكُلُّهُمْ كان يحب أن يأتم به ويصلي خَلْفَهُ وَلَيْسَ أَحَدٌ بَعْدَهُ يَقُومُ فِي الْفَضْلِ مَقَامَهُ وَالنَّاسُ بَعْدَهُ تَسْتَوِي أَحْوَالُهُمْ أَوْ تَتَقَارَبُ فَلِذَلِكَ يُصَلِّي الْإِمَامُ بِفَرِيقٍ

مِنْهُمْ وَيَأْمُرُ مَنْ يُصَلِّي بِالْفَرِيقِ الْآخَرِ وَلَيْسَ بِالنَّاسِ الْيَوْمَ حَاجَةٌ إِلَى صَلَاةِ الْخَوْفِ إِذَا كَانَ لَهُمْ سَبِيلٌ أَنْ يُصَلُّوا فَوْجًا فَوْجًا وَلَا يَدَعُوا فَرْضَ الْقِبْلَةِ وَلَهُمْ إِلَيْهَا سَبِيلٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ جُمْلَةُ مَا احْتَجَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِأَنْ لَا تُصَلَّى صَلَاةُ الْخَوْفِ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ لِطَائِفَتَيْنِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِسَائِرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً لَا يُوجِبُ الِاقْتِصَارَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ وَأَنَّ مَنْ بَعْدَهُ يَقُومُ فِي ذَلِكَ مَقَامَهُ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ سَوَاءً أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ فِي جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ قَاتَلُوا مَنْ تَأَوَّلَ فِي الزَّكَاةِ مِثْلَ تَأْوِيلِ هَؤُلَاءِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي أَخْذِ الزَّكَاةِ الَّتِي قَدِ اسْتَوَى فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ مَا يُشْبِهُ صَلَاةَ مَنْ صَلَّى خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّى غَيْرُهُ خَلْفَ غَيْرِهِ لِأَنَّ أَخْذَ الزَّكَاةِ فَائِدَتُهَا تَوْصِيلُهَا لِلْمَسَاكِينِ وَلَيْسَ فِي هَذَا فَضْلٌ لِلْمُعْطَى كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَضْلٌ لِلْمُصَلَّى خَلْفَهُ

وَأَمَّا مُرَاعَاةُ الْقِبْلَةِ لِلْخَائِفِ فِي الصَّلَاةِ فَسَاقِطَةٌ عَنْهُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالشَّافِعِيُّ إِذَا اشْتَدَّ خَوْفُهُ كَمَا يَسْقُطُ عِنْدَ النُّزُولِ إِلَى الْأَرْضِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا قَالَ أَبُو عُمَرَ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِمُصَلِّي الْفَرْضِ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَا خُوطِبَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَتْ فِيهِ أُمَّتُهُ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ خُصُوصٌ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ الْآيَةَ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِهِ وَأُمَّتُهُ دَاخِلَةٌ فِي حُكْمِهِ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا فَإِنْ كَانَ خَوْفًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَاسًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا فَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَجَمَاعَةٌ غَيْرُهُمْ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يصلي المسافر

وَالْخَائِفُ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَمُسْتَدْبِرَهَا وَبِذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يُصَلِّي الْخَائِفُ إِلَّا إِلَى الْقِبْلَةِ وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ فِي حَالِ الْمُسَايَفَةِ وَقَوْلُ الثَّوْرِيِّ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ وَمِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا وَيُومِئُ قَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا كُنْتَ خَائِفًا فَكُنْتَ رَاكِبًا أَوْ قَائِمًا أَوْمَأَتْ إِيمَاءً حَيْثُ كَانَ وَجْهُكَ رَكْعَتَيْنِ تَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ وَذَلِكَ عِنْدَ السَّلَّةِ وَالسَّلَّةُ الْمُسَايَفَةُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا كَانَ الْقَوْمُ مُوَاجِهِي الْعَدُوِّ وَصَلَّى بِهِمْ إِمَامُهُمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَإِنْ شَغَلَهُمُ الْقِتَالُ صَلَّوْا فُرَادَى فَإِنِ اشْتَدَّ الْقِتَالُ صَلَّوْا رِجَالًا وَرُكْبَانًا إِيمَاءً حَيْثُ كَانَتْ وُجُوهُهُمْ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا تَرَكُوا الصَّلَاةَ حَتَّى يَأْمَنُوا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يَضْرِبَ فِي الصَّلَاةِ الضَّرْبَةَ وَيَطْعَنَ الطَّعْنَةَ وَإِنْ تَابَعَ الضَّرْبَ أَوِ الطَّعْنَ أَوْ عَمِلَ عَمَلًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَأْخُذَ الْمُصَلِّي سِلَاحَهُ فِي الصَّلَاةِ مَا لَمْ يَكُنْ نَجِسًا أَوْ يَمْنَعُهُ مِنَ الصَّلَاةِ أَوْ يُؤْذِي أَحَدًا قَالَ وَلَا يَأْخُذُ الرُّمْحَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَاشِيَةِ النَّاسِ وَأَكْثَرُ أَهْلِ

الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ لِلْمُصَلِّي أَخْذَ سِلَاحِهِ إِذَا صَلَّى في الخوف ويحملون قوله وخذوا أسلحتكم عَلَى النَّدْبِ لِأَنَّهُ شَيْءٌ لَوْلَا الْخَوْفُ لَمْ يَجِبْ أَخْذُهُ فَكَانَ الْأَمْرُ بِهِ نَدْبًا وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ أَخْذُ السِّلَاحِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَاجِبٌ لِأَمْرِ اللَّهِ بِهِ إِلَّا لِمَنْ كَانَ بِهِ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ مَرَضٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ جَازَ لَهُ وَضْعُ سِلَاحِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَالُ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا لِلْخَائِفِ أَنْ يُصَلِّيَ رَاكِبًا وَرَاجِلًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِهَا هِيَ حَالُ شَدَّةِ الْخَوْفِ وَالْحَالُ الْأُولَى التي وردت الآثار فيها هي غير هَذِهِ الْحَالُ وَأَحْسَنُ النَّاسِ صِفَةً لِلْحَالَيْنِ جَمِيعًا مِنَ الْفُقَهَاءِ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَنَحْنُ نَذْكُرُ هُنَا قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ لِنُبَيِّنَ بِهِ الْمُرَادَ مِنَ الْحَدِيثِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَوْفِ إِلَّا بِأَنْ يُعَايِنَ عَدُوًّا قَرِيبًا غَيْرَ مَأْمُونٍ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ مِنْ مَوْضِعٍ يَرَاهُ أَوْ يَأْتِيَهُ مَنْ يَصْدُقُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ قُرْبِ الْعَدُوِّ مِنْهُ وَمَسِيرِهِمْ جَادِّينَ إِلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَإِنْ صَلَّوْا بِالْخَبَرِ صَلَاةَ الْخَوْفِ ثُمَّ ذَهَبَ لَمْ يُعِيدُوا

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُعِيدُونَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ حَائِلٌ يَأْمَنُونَ وُصُولَ الْعَدُوِّ إِلَيْهِمْ لَمْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ وَإِنْ كَانُوا لَا يَأْمَنُونَهُمْ صَلَّوْا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْخَوْفُ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ رِجَالًا وَرُكْبَانًا إِطْلَالُ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ فَيَتَرَاءَوْنَ صَفًّا وَالْمُسْلِمُونَ فِي غَيْرِ حِصْنٍ حَتَّى تَنَالَهُمُ السِّلَاحُ مِنَ الرَّمْيِ وَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَقْرُبَ الْعَدُوُّ فِيهِ مِنْهُمْ مِنَ الطَّعْنِ وَالضَّرْبِ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا وَالْعَدُوُّ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ أَوْ مُحِيطُونَ بِالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمُونَ كَثِيرٌ وَالْعَدُوُّ قَلِيلٌ تَسْتَقِلُّ كُلُّ طَائِفَةٍ وَلِيَهَا الْعَدُوُّ بِالْكَرِّ وَحَتَّى تَكُونَ مِنْ بَيْنِ الطَّوَائِفِ الَّتِي تَلِيهَا يَلِيهَا الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ شِدَّةِ خَوْفٍ مِنْهُمْ صَلَّى الَّذِينَ لَا يَلُونَهُمْ صَلَاةً غَيْرَ شِدَّةِ الْخَوْفِ لَا يُجْزِئُ غَيْرُ ذَلِكَ وَلِغَيْرِ الشَّافِعِيِّ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ صَلَّى آمِنًا رَكْعَةً ثُمَّ خَافَ رَكِبَ وَبَنَى وَكَذَلِكَ إِنْ صَلَّى رَكْعَةً رَاكِبًا وَهُوَ خَائِفٌ ثُمَّ أَمِنَ نَزَلَ وَبَنَى وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ آمِنًا ثُمَّ خَافَ اسْتَقْبَلَ وَلَمْ يَبْنِ فَإِنْ صَلَّى خَائِفًا ثُمَّ أَمِنَ بَنَى

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَبْنِي النَّازِلُ وَلَا يَبْنِي الرَّاكِبُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَبْنِي فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا كُلِّهِ وَلِلْفُقَهَاءِ اخْتِلَافٌ فِيمَنْ ظَنَّ الْعَدُوَّ أَوْ رَآهُ فَصَلَّى صَلَاةَ خَائِفٍ ثُمَّ انْكَشَفَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَدُوٌّ فِي الْخَوْفِ مِنَ السِّبَاعِ وَغَيْرِهَا وَفِي الصَّلَاةِ فِي حِينِ الْمُسَايَفَةِ وَفِي أَخْذِ السِّلَاحِ فِي الْحَرْبِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ مِنْ فَرْعِ صَلَاةِ الْخَوْفِ لَا يَجْمُلُ بِي إِيرَادُهَا لِخُرُوجِنَا بِذَلِكَ عَنْ تَأْلِيفِنَا وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأُصُولِ الَّتِي فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْفُرُوعِ وَلِلْفُرُوعِ كُتُبٌ غَيْرُ هَذِهِ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمان الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سَابِقٌ الْبَرْبَرِيُّ قَالَ كُنْتُ مَعَ مَكْحُولٍ بِدَانِقَ قَالَ فَكَتَبَ إِلَى الْحَسَنِ يَسْأَلُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَطْلُبُ عَدُوَّهُ فَلَمْ يَبْرَحْ حَتَّى جَاءَ كِتَابُهُ فَقَرَأْتُ كِتَابَ الْحَسَنِ إِنْ كَانَ هُوَ

الطَّالِبَ نَزَلَ فَصَلَّى عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَطْلُوبَ صَلَّى عَلَى ظَهْرٍ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فَوَجَدْنَا الْأَمْرَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ قَالَ شُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ لِأَصْحَابِهِ لَا تُصَلُّوا الصُّبْحَ إِلَّا عَلَى ظَهْرٍ فَنَزَلَ الْأَشْتَرُ فَصَلَّى عَلَى الْأَرْضِ فَمَرَّ بِهِ شُرَحْبِيلُ فَقَالَ مُخَالِفٌ خَالَفَ اللَّهَ بِهِ قَالَ فَخَرَجَ الْأَشْتَرُ فِي الْفِتْنَةِ وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَأْخُذُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَا قَالَ الْحَسَنُ فِي صَلَاةِ الطَّالِبِ وَالْهَارِبِ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِمَا جَاءَ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا الْأَوْزَاعِيَّ وَحْدَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْحَسَنُ وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّ الطَّلَبَ تَطَوُّعٌ وَالصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ فَرْضُهَا أَنْ تُصَلَّى بِالْأَرْضِ حَيْثُمَا أَمْكَنَ ذَلِكَ وَلَا يُصَلِّيهَا رَاكِبًا إِلَّا خَائِفٌ شَدِيدٌ خَوْفُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ حَالُ الطَّالِبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الحديث التاسع والخمسون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَخَمْسُونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ التَّنَاجِي التَّسَارُّ وَذَلِكَ مُكَالَمَةُ الرَّجُلِ أَخَاهُ عِنْدَ أُذُنِهِ بِمَا يُسِرُّهُ مِنْ غَيْرِهِ وَالنَّهْيُ إِنَّمَا وَرَدَ كَمَا تَرَى إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَأَمَّا إِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً فَمَا فَوْقَهُمْ فَلَا بَأْسَ بِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرحمان حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عقيل عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ لَا تَدَعُوا صَاحِبَكُمْ نَجِيًّا لِلشَّيْطَانِ

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ إِلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَهُ وَقَوْلُهُ نَجِيًّا لِلشَّيْطَانِ يُرِيدُ لِأَنَّهُ يُوَسْوِسُ فِي صَدْرِهِ مِنْ جِهَتِهِمَا مَا يُحْزِنُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَتَى فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ إِنَّمَا وَرَدَ لِئَلَّا يَحْزَنَ الثَّالِثُ وَيَسُوءُ ظَنُّهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهَذَا التَّفْسِيرُ مَوْجُودٌ فِي حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قِيلَ إِنَّمَا يُكْرَهُ فِي السَّفَرِ لَا فِي الْحَضَرِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي هَذَا حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا فَقَدَ رَوَاهُ عَنْهُ نَافِعٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَأَبُو صَالِحٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُمْ وَرَوَاهُ عن نافع جماعة منهم مالك والليث وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَأَيُّوبُ وَرِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مُفَسِّرَةٌ لِأَنَّهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عِنْدَ دَارِ عُقْبَةَ بْنِ خَالِدٍ بِالسُّوقِ فَجَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يُنَاجِيَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ غَيْرِي فَدَعَا ابْنُ عُمَرَ رَجُلًا آخَرَ فَصِرْنَا أَرْبَعَةً فَقَالَ لِي وَلِلرَّجُلِ اسْتَأْخِرَا أَوِ انْتَظِرَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْهُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الْآخَرِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى إِذَا كَانَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ أَنْ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ وَعِنْدَ اللَّيْثِ فِي هَذَا إِسْنَادٌ آخَرُ عَنِ ابْنِ الْهَادِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُرْيَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَلَا يتناجى اثنان دون الثالث

وحدثنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَؤُلَاءِ لَا يُبَالُونَ بِسَفْكِ الدِّمَاءِ بَيْنَهُمْ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَظَمِ حُرْمَةِ الْمُؤْمِنِ إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ قَالَ نَافِعٌ فَرُبَّمَا كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ حَاجَةٌ وَمَعَهُ رَجُلَانِ إِلَى أَحَدِهِمَا فَلَا يُكَلِّمُهُ حَتَّى يَأْتِيَ رَابِعٌ فَإِذَا جَاءَ قَالَ شَأْنَكَ وَصَاحِبَكَ فَإِنَّ لِي إِلَى صَاحِبِي هَذَا حَاجَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لِئَلَّا يَظُنَّ بِهِ أَنَّهُ يَنَالُ مِنْهُ أَوْ يَتَكَلَّمُ فِيهِ وَهُوَ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ قَالَ الشَّاعِرُ ... يُرَوِّعُهُ السِّرَارُ بِكُلِّ أَمْرٍ ... مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ بِهِ السِّرَارُ ... وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الحرث قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا فَقُلْنَا لِابْنِ عُمَرَ وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً قَالَ فَلَا يَضُرُّهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو صَالِحٍ فَقُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً قَالَ لَا يَضُرُّكَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابو يعقوب الحبيبي بطرسوس عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ وَالْعُمَرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ جِئْتُ ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ يُنَاجِي رَجُلًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَدَفَعَ فِي صَدْرِي وَقَالَ

مَالِكٌ أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِذَا تَنَاجَى اثْنَانِ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَعْنًى غَيْرُ الْمَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ أَنْ يَتَنَاجَى مِنْهُمَا اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى الْمُتَنَاجِيَيْنِ فِي حَالِ تَنَاجِيهِمَا وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْتَفَاضِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ وَأَبُو الْأَحْوَصِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الْآخَرِ حَتَّى يَخْتَلِطَ بِالنَّاسِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحْزِنَهُ وَلَا تُبَاشِرِ الْمَرْأَةَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَصِفَهَا لِزَوْجِهَا حَتَّى كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَمَعْنَى الْحَدِيثَيْنِ وَاحِدٌ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ وَاسْمُهُ سُفْيَانُ بْنُ هَانِئٍ الْجَيْشَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ يَكُونُونَ بِأَرْضٍ فلاة أن يتناجى اثنان دون صاحبهما

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ وَأَبُو الْأَحْوَصِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الْآخَرِ حَتَّى يَخْتَلِطَ بِالنَّاسِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحْزِنَهُ وَلَا تُبَاشِرِ الْمَرْأَةَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَصِفَهَا لِزَوْجِهَا حَتَّى كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَمَعْنَى الْحَدِيثَيْنِ وَاحِدٌ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ وَاسْمُهُ سُفْيَانُ بْنُ هَانِئٍ الْجَيْشَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ يَكُونُونَ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ أَنْ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا

الحديث الستون

حَدِيثٌ مُوَفِّي سِتِّينَ حَدِيثًا لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَلَى ابْنِ عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ فَرَفَعَهُ وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ مِنْ نَقْلِ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ الْأَثْبَاتِ وَلَا يُقَالُ مِثْلُهُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ نَافِعٍ أَوْقَفَهُ غَيْرَ مَالِكٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سليمان بن

دَاوُدَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى فِي آخَرِينَ قَالُوا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَالْأَحَادِيثُ فِي تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ مِنْ أَثْبَتِ مَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ رَوَاهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمرو بن العاصي وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَجَابِرٌ وَأَنَسٌ وَأَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ مُمَهَّدًا فِي تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَالْحَمْدُ لله

الحديث الحادي والستون

حَدِيثٌ حَادٍ وَسِتُّونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مالك عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَأَنْتَ لَمْ تَحْلِلْ فَقَالَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ كَهَذَا قَالَ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَأَنْتَ لَمْ تَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِكَ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّوَاةِ مِنْهُمْ عَتِيقٌ الزُّبَيْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ وَالْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو مُصْعَبٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ

وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ وَزَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ نَافِعٍ وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ إِلَّا مَالِكٌ وَحْدَهُ وَجَعَلَ هَذَا الْقَوْلَ جَوَابًا لِسَائِلِهِ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَلَا أَدْرِي مِمَّنْ أَتَعَجَّبُ مِنَ الْمَسْئُولِ الَّذِي اسْتَحْيَا أَنْ يَقُولَ لَا أَدْرِي أَوْ مِنَ السَّائِلِ الَّذِي قَنَعَ بِمِثْلِ هَذَا الْجَوَابِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ قَدْ قَالَهَا عَنْ نَافِعٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ وَهَؤُلَاءِ حُفَّاظٌ أَصْحَابُ نَافِعٍ وَالْحُجَّةُ فِيهِ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ فَلَمْ يَقُلْ مِنْ عمرتك أخبرنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْقَلْزُمِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَبْدُ الْمَجِيدِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يَحْلِلْنَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَتْ حَفْصَةُ فَقُلْتُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَحِلَّ قَالَ إِنِّي قَلَّدْتُ هَدْيِي وَلَبَّدْتُ رَأْسِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ هَدْيِي قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ عَلِمَ كُلُّ ذِي عِلْمٍ بِالْحَدِيثِ أَنَّ مَالِكًا فِي نَافِعٍ وَغَيْرِهِ زِيَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ لِمَوْضِعِهِ مِنَ الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ

وَالتَّثَبُّتِ وَلَوْ زَادَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مَالِكٌ وَحْدَهُ لَكَانَتْ زِيَادَتُهُ مَقْبُولَةً لِفِقْهِهِ وَفَهْمِهِ وَحِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ عَدْلٍ حَافِظٍ فَكَيْفَ وَقَدْ تَابَعَهُ مَنْ ذَكَرْنَا وَلَكِنَّ الْمَسْئُولَ لَمَّا رَأَى حَدِيثَ حَفْصَةَ هَذَا يُوجِبُ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كان متمتعا في حجته أو قارنا ولا بد مِنْ إِحْدَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ عَلَى حَدِيثِ حَفْصَةَ هَذَا وَعَرَفَ أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانَ مُفْرِدًا فِي حَجَّتِهِ تِلْكَ لِحَدِيثِهِ عَنْ عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَلِحَدِيثِهِ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ وَابْنِ شِهَابٍ جَمِيعًا عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ دَفَعَ حَدِيثَ حَفْصَةَ بِمَا لَا وَجْهَ لَهُ وَزَعَمَ أَنَّ مَالِكًا انْفَرَدَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا مَالِكٌ وَلَوِ انْفَرَدَ بِهَا مَا نَسَبَ أَحَدٌ إِلَيْهِ الْوَهْمَ فِيهَا لِأَنَّهَا لَفْظَةٌ لَا يَدْفَعُهَا أَصْلٌ وَلَا نَظَرٌ مِنْ أَصْلٍ وَلَوْ جُوِّزَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ حَدِيثَ حَفْصَةَ هَذَا بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ خَطَلِ الْقَوْلِ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِي أَحَادِيثِ التَّمَتُّعِ كُلِّهَا الَّتِي رُوِيَ فِيهَا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي حَجَّتِهِ مُتَمَتِّعًا وَفِي أَحَادِيثِ الْقِرَانِ الَّتِي صَرَّحَتْ أَوْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمَئِذٍ قارنا

وَهِيَ كُلُّهَا آثَارٌ صِحَاحٌ ثَابِتَةٌ قَدْ أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا اخْتَلَفَ مِنَ الْآثَارِ الْمَصِيرُ إِلَى أَقْوَى مَا رَوَوْهُ وَكَانَ أَثْبَتَ عِنْدَهُمْ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَالْمَعْنَى وَأَشْبَهَ بِالْأُصُولِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا هَذَا إِذَا تَعَارَضَتِ الْآثَارُ فِي مَحْظُورٍ وَمُبَاحٍ وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَمْ يُمْكِنْ تَرْتِيبُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فَكَيْفَ وَالْأَحَادِيثُ فِي الْقِرَانِ وَالْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ لَمْ يَخْتَلِفْ إِلَّا فِي وُجُوهٍ مُبَاحَةٍ كُلُّهَا لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَلَا أَحَدٌ مِنَ الْأُمَّةِ بِأَنَّ الْإِفْرَادَ وَالتَّمَتُّعَ وَالْقِرَانَ كُلَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ بِالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ النَّقْلَ وَبِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا كَانَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمًا فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَهَذَا لَا يَضُرُّ جَهْلُهُ لِمَا وَصَفْنَا وَلِمَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ سَبِيلٌ إِلَى الْأَخْذِ بِكُلِّ مَا تَعَارَضَ وَتَدَافَعَ مِنَ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الْمَصِيرِ إِلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ مِنْهَا صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى الْأَصَحِّ عِنْدَهُ بِمَبْلَغِ اجْتِهَادِهِ فَصَارَ مَالِكٌ إِلَى تَفْضِيلِ الْإِفْرَادِ عَلَى التَّمَتُّعِ وَعَلَى الْقِرَانِ لِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّهُ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ مِنْ وُجُوهٍ فَكَانَتْ تِلْكَ الوجوه أولى

عِنْدَهُ مِنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ هَذَا وَمِنْهَا أَنَّهُ الثَّابِتُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهَا أَنَّهُ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَمِنْهَا أَنَّ ذَلِكَ أَتَمُّ وَلِذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ فِيهِ إِلَى جَبْرِ شَيْءٍ بِدَمٍ وَمِنْهَا مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ حُجَجٌ لِمُخَالَفَةِ مُعَارِضِهَا بِمِثْلِهَا مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَيْضًا لَيْسَ بنا حاجة ههنا إِلَى ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْهَا وَذَهَبَ غَيْرُهُ إِلَى أَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ لِآثَارٍ رَوَوْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَمَتَّعَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَذْهَبُ إِلَى التَّمَتُّعِ وَيَزْعُمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ فِي حَجَّتِهِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ أَعْلَمِ الصَّحَابَةِ بِالْحَجِّ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي حَجَّتِهِ لِآثَارٍ رَوَوْهَا صِحَاحٍ عِنْدَهُمْ أَيْضًا بِذَلِكَ وَالْآثَارُ فِي التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَفِي بَابِ نَافِعٍ أَيْضًا مَا فِيهِ شِفَاءٌ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ وَلَا حَدِيثِهِ رَدَّ حَدِيثَ حَفْصَةَ هَذَا بِأَنْ قَالَ إِنَّ مَالِكًا انْفَرَدَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ إِلَّا هَذَا الرَّجُلَ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَهُ بِرَحْمَتِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ

ابن أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَا حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ قَالَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال حدثنا يحيى يعني بن سَعِيدٍ الْقَطَّانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابن عمر عن حفصة قالت قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِكَ قَالَ إِنِّي قَلَّدْتُ هَدْيِي وَلَبَّدْتُ رَأْسِي فَلَا أَحِلُّ مِنَ الْحَجِّ فَهَذَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَهُوَ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ فِي نَافِعٍ قَدْ قَالَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ سَوَاءً وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْقَارِنِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا بِآخِرِ عَمَلِ الْحَجِّ وَزَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ حَدِيثَ حَفْصَةَ هَذَا لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمَئِذٍ مُتَمَتِّعًا وَلَا قَارِنًا وَقَالَ فِي جَوَابِهِ لَهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُفْرِدًا لِقَوْلِهِ لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي وَلَمْ يَعْرِفْ أَنَّ هَدْيَ الْمُفْرِدِ تَطَوُّعٌ لَا يَمْنَعُ مِنْ إِحْلَالٍ لِمَنْ أُمِرَ بِفَسْخِ حَجِّهِ فِي عُمْرَةٍ كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ أَصْحَابَهُ وَسَنُبَيِّنُ هَذَا الْمَعْنَى فِيمَا بَعْدُ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَقْصِيرُ الْبُخَارِيِّ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالُوا حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نافع عن ابن عمر أن حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ قَالَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَحِلَّ مِنَ الْحَجِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد وعبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ

أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابن عمر عن حَفْصَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِكَ فَذَكَرَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ إِلَى آخِرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فِي حَجَّتِهِ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَفْسَخَ حَجَّهُ فِي عُمْرَةٍ وَهَذَا مَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِي نَقْلِهِ وَإِنَّمَا اخْتُلِفَ فِي خُصُوصِهِ وَعِلَّتِهِ وَعَلَى هَذَا خَرَجَ سُؤَالُ حَفْصَةَ وَقَوْلُهَا مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ فَجَاوَبَهَا بِمَا جَرَى ذِكْرُهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ مَكَّةَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحِلُّوا إِلَّا مَنْ كَانَ قَدْ سَاقَ هَدْيًا وَثَبَتَ هُوَ عَلَى إِحْرَامِهِ فَلَمْ يَحِلَّ مِنْهُ إِلَّا وَقْتَ مَا يَحِلُّ الْحَاجُّ مِنْ حَجِّهِ قَالَ وَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَمَنْ كَانَ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً وَهَذَا عِنْدَنَا خُصُوصٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَحُجُّ بَعْدَهَا وَكَانَ قَدْ عَرَفَ مِنْ أَمْرِ جَاهِلِيَّتِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ إِلَّا فُجُورًا وَنَسْخَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ فَأَرَادَ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحِلُّوا بِعُمْرَةٍ يَتَمَتَّعُونَ بِهَا وَمِمَّا اسْتَدَلَّ بِهَا مِنْ فَضْلِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ عَلَى الْإِفْرَادِ أَنْ قَالَ إِنَّ حَدِيثَ حَفْصَةَ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ إِنِّي قَلَّدْتُ هَدْيِي وَلَبَّدْتُ رَأْسِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ الْهَدْيَ يَدُلُّ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ حَتَّى أَحِلَّ مِنَ الْحَجِّ كَذَلِكَ رَوَاهُ الْحُفَّاظُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَقْعَدُ بِنَافِعٍ مِنْ أَيُّوبَ وَمَالِكٍ وَكُلُّهُمْ ثَبْتٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُفْرِدًا لِحَجِّهِ لَكَانَ هَدْيُهُ تَطَوُّعًا وَالْهَدْيُ التَّطَوُّعُ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْإِحْلَالِ الَّذِي يَحِلُّهُ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَلَوْ كَانَ هَدْيُهُ تَطَوُّعًا لَكَانَ حُكْمُهُ كَحُكْمِ مَنْ لَمْ يَسُقْ هَدْيًا وَلَجَعَلَهَا عُمْرَةً عَلَى حِرْصِهِ عَلَى ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَالْهَدْيُ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ هَدْيُ قِرَانٍ أَوْ هَدْيُ مُتْعَةٍ هَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا خَرَجَ يُرِيدُ التَّمَتُّعَ وَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ أَنَّهُ إِذَا طَافَ لَهَا وَسَعَى وَحَلَقَ حَلَّ مِنْهَا بِإِجْمَاعٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ هَدْيٌ لِمُتْعَتِهِ فإن كان

ساق هديا لمتعته لم يحل حتى يرم النَّحْرِ وَلَوْ سَاقَ هَدْيًا تَطَوُّعًا حَلَّ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْعُمْرَةِ قَالُوا فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ هَدْيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ قَدْ مَنَعَهُ مِنَ الْإِحْلَالِ وَأَوْجَبَ ثُبُوتَهُ عَلَى الْإِحْرَامِ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ لَمْ يَكُنْ هَدْيَ تَطَوُّعٍ وَإِنَّمَا كَانَ هَدْيًا لِسَبَبِ عُمْرَةٍ يُرَادُ بِهَا قِرَانٌ أَوْ تَمَتُّعٌ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَنْ نَفَى أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ مُفْرِدًا وَعَوَّلَ عَلَى حَدِيثِ حَفْصَةَ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ قَالُوا وَنَظَرْنَا فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ هَذَا فَإِذَا حَدِيثُهَا قَدْ دَلَّنَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْهُ بَعْدَمَا حَلَّ النَّاسُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ حَفْصَةَ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ وَلَا يَخْلُو النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ قَالَ لِحَفْصَةَ مُجَاوِبًا لَهَا عَنْ قَوْلِهَا إِنِّي قَلَّدْتُ هَدْيِي وَلَبَّدْتُ رَأْسِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ الْهَدْيَ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ أَوْ بَعْدَ الطَّوَافِ فَإِنْ كَانَ قَدْ طَافَ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ بَعْدُ فَإِمَّا كَانَ مُتَمَتِّعًا وَلَمْ يَكُنْ قَارِنًا إِذْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الطَّوَافِ لِلْعُمْرَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ طَوَافِهِ لِلْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا كَانَ قَارِنًا وَهَذَا أَشْبَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَعَلَى أَيِّ الْوَجْهَيْنِ كَانَ فَإِنَّ حَدِيثَ حَفْصَةَ هَذَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُفْرِدًا لِحَجَّةٍ لَمْ تَتَقَدَّمْهَا عُمْرَةٌ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا عُمْرَةٌ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَحُكْمُ حَدِيثِ حَفْصَةَ هَذَا كَحُكْمِ سَائِرِ الْأَحَادِيثِ الْمَأْثُورَةِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَنَ أَوْ كَحُكْمِ الْأَحَادِيثِ عَنْهُ أَنَّهُ تَمَتَّعَ وَمَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُنْكِرُهَا وَلَكِنَّهُ قَالَ إِنَّ الْمَصِيرَ إِلَى رِوَايَةِ مَنْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ أَوْلَى لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْهُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ كَمَا صَحَّتْ تِلْكَ الْوُجُوهُ وَرَجَّحْنَا اخْتِيَارَنَا الْإِفْرَادَ بِأَنَّهُ عَمَلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَحَسْبُكَ بِقَوْلِ عُمَرَ افْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ وَكَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْإِفْرَادِ وَمُحَالٌ أَنْ يَجْهَلَ هَؤُلَاءِ الْخُلَفَاءُ الْأَفْضَلَ وَالْأَصَحَّ مِمَّا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَعَ مَوْضِعِهِمْ مِنَ الْعِلْمِ وَالْجَلَالَةِ وَالْفَهْمِ وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ وُجُوهٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ وَصَحَّ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ جَابِرٍ وَجَابِرٌ سَاقَ الْحَدِيثَ فِي الْحَجِّ سِيَاقَةَ مَنْ حَفِظَهُ مِنْ أَوَّلِ الْإِهْلَالِ بِهِ إِلَى آخِرِهِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ خَالِصًا لَا يُخَالِطُهُ شيء

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَقْبَلْنَا مُهِلِّينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا وَأَقْبَلَتْ عَائِشَةُ مُهِلَّةً بِعُمْرَةٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَالْآثَارُ فِي الْإِفْرَادِ كَثِيرَةٌ أَيْضًا وَكُلُّ ذَلِكَ مُجْتَمَعٌ عَلَى جَوَازِهِ وَبِاللَّهِ الْعَوْنُ وَالتَّوْفِيقُ وَالتَّسْدِيدُ لَا شَرِيكَ لَهُ

الحديث الثاني والستون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَسِتُّونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْأَذَانِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَبَدَا الصُّبْحُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ رِوَايَةِ الصَّاحِبِ عَنِ الصَّاحِبِ وَالْمَثَلِ عَنِ الْمَثَلِ مِنَ الْفِقْهِ الْأَذَانُ لِلصُّبْحِ مَعَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ وَفِيهِ تَخْفِيفُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَكَذَلِكَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّفُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ أَقَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَمْ لَا وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا عند ذِكْرُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فِي كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ لَا أُحْصِي مِنْ أَصْحَابِ نَافِعٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّفُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ يَعْنِي الْجَزَرِيَّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعَ أَذَانَ الصُّبْحِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَحَرَّمَ الطَّعَامَ وَكَانَ لَا يُؤَذَّنُ لَهُ حَتَّى يُصْبِحَ

وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا يُعْرَفُ مِنْهَا مُؤَكَّدُهَا إِلَّا بِمُوَاظَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُوَاظِبُ عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَيَنْدُبُ إِلَيْهِمَا وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّهُمَا مِنَ الرَّغَائِبِ وَلَيْسَتَا مِنَ السُّنَنِ وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مُعَاهَدَةً مِنْهُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَا لَيْسَ بِفَرِيضَةٍ فَهُوَ نَافِلَةٌ وَفَضِيلَةٌ إِذَا سَنَّ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ وَسُنَّتُهُ طَرِيقَتُهُ الَّتِي كان عليها عاملا بها ناديا وإليها

وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا يُعْرَفُ مِنْهَا مُؤَكَّدُهَا إِلَّا بِمُوَاظَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُوَاظِبُ عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَيَنْدُبُ إِلَيْهِمَا وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّهُمَا مِنَ الرَّغَائِبِ وَلَيْسَتَا مِنَ السُّنَنِ وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مُعَاهَدَةً مِنْهُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَا لَيْسَ بِفَرِيضَةٍ فَهُوَ نَافِلَةٌ وَفَضِيلَةٌ إِذَا سَنَّ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ وَسُنَّتُهُ طَرِيقَتُهُ الَّتِي كان عليها عاملا بها ناديا وإليها

الحديث الثالث والستون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَسِتُّونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وعثمان بن طلة الْحَجَبِيُّ وَبِلَالٌ فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ وَمَكَثَ فِيهَا قَالَ عبد الله بن عمر فسألت بلال حِينَ خَرَجَ مَاذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَمُودَيْنِ عَنْ يَسَارِهِ وَثَلَاثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ ثُمَّ صَلَّى هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ قَالُوا فِيهِ عَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَمُودَيْنِ عَنْ يَسَارِهِ مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ عَنْ مَالِكٍ

وَرَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ فِيهِ جَعَلَ عَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَمُودَيْنِ عَنْ يَسَارِهِ وَرَوَى أَبُو قِلَابَةَ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ الطِّبَّاعِ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَجَعَلَ عَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ كَذَلِكَ رَوَاهُ بُنْدَارٌ عَنْهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزَّعْفَرَانِيُّ عَنِ الشافعي عن مالك وكذلك رواه القعنبي وَأَبُو مُصْعَبٍ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَتْ طَائِفَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ عَنْ مَالِكٍ هَذَا الْحَدِيثَ وَانْتَهَى حَدِيثُهُمْ إِلَيَّ ثُمَّ صَلَّى وَزَادَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَرَوَاهُ ابْنُ عُفَيْرٍ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ وَلَمْ يَقُولُوا نَحْوَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق الأذرمي قال حدثنا عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ

نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَذْكُرِ السَّوَارِيَ قَالَ ثُمَّ صَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عِلَالٍ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عِيسَى بْنِ رزين العطار حدثنا إسحاق بن الجرااح حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ حَدَّثَنَا مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَائِطِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ وَرَوَى هُشَيْمٌ هَذَا الْخَبَرَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَزَادَ فِيهِ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْتَ وَمَعَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ وَبِلَالٌ فَأَجَافُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَمَكَثَ فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ خَرَجَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيتُ بِلَالٌ فَقُلْتُ أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَيْنَ الْأُسْطُوَانَتَيْنِ

ورواه خالد بن الحرث عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عمر مثله بمعناه وَلَمْ يَذْكُرِ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ وَقَالَ فِيهِ فَقُلْتُ أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا ههنا وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى وَرَوَى هَذَا الْخَبَرَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فِيهِ فَسَأَلْتُ بِلَالًا هَلْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ فَقَالَ نَعَمْ رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى فِيهِمَا رَكْعَتَيْنِ وَهَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنِ السَّائِبِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا رِوَايَةُ الصَّاحِبِ عَنِ الصَّاحِبِ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَعْبَةَ فَسَبَّحَ أَوْ كَبَّرَ فِي نَوَاحِيهَا وَلَمْ يُصَلِّ فِيهَا ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ قِبَلَ الْكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ هَذِهِ الْقِبْلَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ عَنْ بِلَالٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

لَمْ يُصَلِّ فِيهَا لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ مَقْبُولَةٌ وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَمْ يَفْعَلْ بِشَهَادَةٍ وَهَذَا أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ فِي الشَّهَادَةِ إِذَا تَعَارَضَتْ فِي نَحْوِ هَذَا فَأَثْبَتَ قَوْمٌ شَيْئًا وَنَفَاهُ آخَرُونَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُثْبِتِ دُونَ النَّافِي لِأَنَّ النَّافِيَ لَيْسَ بِشَاهِدٍ هَذَا إِذَا اسْتَوَيَا فِي الْعَدَالَةِ وَالْإِتْقَانِ وَالْقَوْلِ فِي قَبُولِ زِيَادَةِ الزَّائِدِ فِي أَخْبَارٍ عَلَى نَحْوِ هَذَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ كَشَهَادَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ أُوذِنَ ابْنُ عُمَرَ فِي مَنْزِلِهِ فَقِيلَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَخَلَ الْكَعْبَةَ قَالَ فَأَقْبَلْتُ فَأَجِدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ وَأَجِدُ بِلَالًا عَلَى الْبَابِ قَائِمًا فَقُلْتُ يَا بِلَالُ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الْكَعْبَةِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ أَيْنَ قَالَ مَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الْأُسْطُوَانَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ وَعِنْدَ مُجَاهِدٍ فِي هَذَا حَدِيثٌ آخَرُ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ

مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن صفوان قَالَ قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين دخل الكعبة قال صلى ركعتين فهذه آثار تَشْهَدُ لِصِحَّةِ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم صَلَّى فِيهَا الصَّلَاةَ الْمَعْهُودَةَ لَا الدُّعَاءَ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلِّي فِيهَا الْفَرْضَ وَلَا الْوِتْرَ وَلَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَلَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ وَيُصَلَّى فِيهَا التَّطَوُّعُ وَذَكَرَ ابْنُ خُوَازِ بَنْدَادَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ الْفَرِيضَةَ أَوْ صَلَّى عَلَى ظَهْرِهَا أَعَادَ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ يُصَلِّي فِي الْكَعْبَةِ الْفَرْضَ وَالنَّوَافِلَ كُلَّهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ صَلَّى فِي جَوْفِهَا مُسْتَقْبِلًا حَائِطًا مِنْ حِيطَانِهَا فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَإِنْ صَلَّى نَحْوَ الْبَابِ وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ فَصَلَاتُهُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقْبِلْ مِنْهَا شَيْئًا

وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ صَلَّى عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ مَكْتُوبَةً أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ يُعِيدُ أَبَدًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ صَلَّى عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الظَّاهِرِ فِيمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ صَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا صَلَاةَ لَهُ فِي نَافِلَةٍ وَلَا فَرِيضَةٍ لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَدْبَرَ بَعْضَ الْكَعْبَةِ وَاحْتَجَّ قَائِلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يُصَلُّوا إِلَى الْكَعْبَةِ وَلَمْ يُؤْمَرُوا أَنْ يُصَلُّوا فِيهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَصِحُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَّا أَحَدُ قَوْلَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ صَلَاتُهُ تَامَّةٌ فَرِيضَةً كَانَتْ أَوْ نَافِلَةً لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَقْبَلَ بَعْضَهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا ذَلِكَ أَوْ تَكُونُ صَلَاتُهُ فَاسِدَةً فَرِيضَةً كَانَتْ أَوْ نَافِلَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ اسْتِقْبَالُ بَعْضِهَا إِذَا صَلَّى دَاخِلَهَا إِلَّا بِاسْتِدْبَارِ بَعْضِهَا وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ جَمِيعِ أَضْدَادِهِ فِي كُلِّ بَابٍ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ أَجَازَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا فِي الْكَعْبَةِ إِذَا اسْتَقْبَلَ شَيْئًا مِنْهَا لِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ وَلَمْ يَأْتِ مَا نُهِيَ عَنْهُ لِأَنَّ اسْتِدْبَارَهَا ههنا لَيْسَ بِضِدِّ اسْتِقْبَالِهَا لِأَنَّهُ ثَابِتٌ مَعَهُ فِي بَعْضِهَا وَالضِّدُّ لَا

يَثْبُتُ مَعَ ضِدِّهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِاسْتِقْبَالِ الكعبة لم يؤمر باستقبال جميعها وَإِنَّمَا تَوَجَّهَ الْخِطَابُ إِلَيْهِ بِاسْتِقْبَالِ بَعْضِهَا وَالْمُصَلِّي فِي جَوْفِهَا قَدِ اسْتَقْبَلَ جِهَةً مِنْهَا وَقِطْعَةً وَنَاحِيَةً فَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ لَهَا بِذَلِكَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى فِيهَا رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ وَكُلُّ مَوْضِعٍ يَجُوزُ فِيهِ صَلَاةُ النَّافِلَةِ جَازَتْ فِيهِ صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ قِيَاسًا وَنَظَرًا إِلَّا أن ينمنع مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَمَّدَ صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ فِيهَا وَلَوْ صَلَّى فِيهَا رَكْعَتَيْنِ نَافِلَةً لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ فَإِنْ صَلَّى أَحَدٌ فِيهَا فَرِيضَةً فَلَا حَرَجَ وَلَا إِعَادَةَ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ النَّافِلَةَ قَدْ تَجُوزُ عَلَى الدَّابَّةِ لِلْمُسَافِرِ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَا تَجُوزُ كَذَلِكَ الْفَرِيضَةُ فَلِمَ قِيسَتِ النَّافِلَةُ عَلَى الْفَرِيضَةِ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ مَوْضِعُ خُصُوصٍ بِالسُّنَّةِ لِضَرُورَةِ السَّفَرِ كَمَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ لِلْخَائِفِ الْمَطْلُوبِ رَاكِبًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِهَا لِضَرُورَةِ الْخَوْفِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُبِيحٍ لَهُ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ عَلَى الدَّابَّةِ في حال الأمن من غير ضَرُورَةً وَلَا بِمُبِيحِ ذَلِكَ لَهُ تَرْكَ اسْتِقْبَالِ القبلة من غير ضَرُورَةً وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى الدَّابَّةِ لِلْمُتَطَوِّعِ الْمُسَافِرِ لَيْسَ ذَلِكَ بِمُبِيحٍ لَهُ الصَّلَاةَ النَّافِلَةَ وَلَا الْفَرِيضَةَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فِي الْحَضَرِ لِأَنَّهَا فِي السَّفَرِ حَالُ ضَرُورَةٍ خُصَّتْ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا تَنَازَعَ فيه

الْعُلَمَاءُ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يُفَرِّقَ فِيهِ بَيْنَ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَالْفَرِيضَةِ كَمَا أَنَّهَا لَا تَفْتَرِقُ فِي الطَّهَارَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالسَّهْوِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتَ وَأُصَلِّيَ فِيهِ فَأَخَذَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي في الحجر فقال صل فِي الْحِجْرِ إِذَا أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْبَيْتِ فَإِنَّ قَوْمَكِ اقْتَصَرُوا حِينَ بَنَوُا الْكَعْبَةَ فَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْبَيْتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَوْ مِلْتُ إِلَى قَوْلِ أُسَامَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ دَعَا فِيهَا وَلَمْ يُصَلِّ لَمْ أُجِزْ فِيهَا نَافِلَةً وَلَا فَرِيضَةً مِنْ جِهَةِ اسْتِدْبَارِ بَعْضِهَا وَلَكِنَّ الْقَوْلَ بِالزِّيَادَةِ الْمُفَسِّرَةِ لِمَعْنَى الصَّلَاةِ أَوْلَى وَرِوَايَةُ مَنْ أَثْبَتَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ نَفَى وَاللَّهُ أعلم وبه التوفيق لا شريك له

الْعُلَمَاءُ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يُفَرِّقَ فِيهِ بَيْنَ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَالْفَرِيضَةِ كَمَا أَنَّهَا لَا تَفْتَرِقُ فِي الطَّهَارَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالسَّهْوِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتَ وَأُصَلِّيَ فِيهِ فَأَخَذَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي في الحجر فقال صل فِي الْحِجْرِ إِذَا أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْبَيْتِ فَإِنَّ قَوْمَكِ اقْتَصَرُوا حِينَ بَنَوُا الْكَعْبَةَ فَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْبَيْتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَوْ مِلْتُ إِلَى قَوْلِ أُسَامَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ دَعَا فِيهَا وَلَمْ يُصَلِّ لَمْ أُجِزْ فِيهَا نَافِلَةً وَلَا فَرِيضَةً مِنْ جِهَةِ اسْتِدْبَارِ بَعْضِهَا وَلَكِنَّ الْقَوْلَ بِالزِّيَادَةِ الْمُفَسِّرَةِ لِمَعْنَى الصَّلَاةِ أَوْلَى وَرِوَايَةُ مَنْ أَثْبَتَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ نَفَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ لَا شَرِيكَ لَهُ

الحديث الرابع والستون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَسِتُّونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مالك عن نافع عن ابن عمر عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِصَاحِبِ الْعُرْيَةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمُوَطَّإِ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ فِيمَا عَلِمْتُ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا وَعِنْدَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي الْعَرَايَا أَيْضًا حديثه عن بشير بن يسار سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ وَيُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِالرُّطَبِ وَالْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ فِي الْعَرَايَا ذِكْرُ التَّمْرِ لَا ذِكْرُ الرُّطَبِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي حُكْمِ الْعَرَايَا وَمَعَانِيهَا وَمَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْأَقَاوِيلِ فِي ذَلِكَ مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا

الحديث الخامس والستون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَسِتُّونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً تُعْتِقُهَا فَقَالَ أَهْلُهَا نَبِيعُكُهَا عَلَى أَنَّ وَلَاءَهَا لَنَا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا يَمْنَعَنَّكِ ذَلِكَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّإِ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عن عَائِشَةَ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عن عائشة حدثناه عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ فَذَكَرَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي حَدِيثِ بِرِيرَةَ وُجُوهٌ وَمَعَانٍ حِسَانٌ فِي بَابِ رَبِيعَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ مُسْتَقْصًى مُمَهَّدًا مُوعِبًا فِي مَعَانِي حَدِيثِ بِرِيرَةَ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَمْنَعَنَّكِ ذَلِكَ فَمَعْنَاهُ أَلَّا يَمْنَعَكِ مَا ذَكَرُوا مِنَ اشْتِرَاطِ الْوَلَاءِ أَنْ تَحْتَرِمَ شِرَاءَهَا وَقِيلَ لَهُمْ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَلَا سَبِيلَ إِلَى مَا ذَكَرْتُمُوهُ إِنْ أَرَدْتُمْ بَيْعَهَا فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنَ إِذَا أَعْتَقَ وَإِنْ لَمْ يُرِيدُوا بَيْعَهَا عَلَى حُكْمِ السُّنَّةِ فَشَأْنَكُمْ بِهَا هَذَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ هَذَا التَّأْوِيلِ وَمِثْلُهُ عِنْدَ مَنْ عَرَفَ اللَّهَ وَعَرَفَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَرَفَ أَحْكَامَهُمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْمَعْنَى بِالْحُجَّةِ الْوَاضِحَةِ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ لَا يَقْدَحُ فِي الْبَيْعِ وَلَا يُفْسِدُهُ وَلَا يُبْطِلُهُ وَأَنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ مَعَهُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَلَكِنْ قَدْ جَاءَتْ آثَارٌ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ

الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ وَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى إِبْطَالِ الْبَيْعِ مِنْ أَجْلِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلِكُلِّ حَدِيثٍ مِنْهَا وَجْهٌ وَأَصَحُّهَا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا فِي قِصَّةِ بِرِيرَةَ وَقَدْ رَوَتْهُ عَائِشَةُ أَيْضًا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَلِتَلْخِيصِ مَعَانِي الْآثَارِ الْمُتَعَارِضَةِ فِي هَذَا الباب موضع غير هَذَا وَمَنْ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى مَا تَأَوَّلْنَاهُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ وَبُطْلَانِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَعَلَّهُ انْعَقَدَ عَلَى مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ بِتَرْكِ أَهْلِ بِرَيْرَةَ لِذَلِكَ الشَّرْطِ وَإِذَا احْتَمَلَ هَذَا الْإِدْخَالَ ارْتَفَعَ الْقَطْعُ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ مِنْ تِلْكَ الْوُجُوهِ وَرُدَّ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْأَصْلِ وَهُوَ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ وَالْآثَارُ فِي قِصَّةِ بِرِيرَةَ مَرْوِيَّةٌ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَذَكَرْنَا مَا فِيهَا مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْمَعَانِي مُسْتَقْصَاةً مَبْسُوطَةً فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَهُنَاكَ يَتَأَمَّلُهَا مَنِ ابْتَغَاهَا بِحَوْلِ اللَّهِ وَذَكَرْنَا مِنْهَا عُيُونًا وَأُصُولًا فِي بَابِ رَبِيعَةَ أَيْضًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً فَتُعْتِقَهَا فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِيمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ فَذَهَبَ مَالِكٌ

إِلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ إِذَا وَقَعَ فِي شَرْطِ الْبَيْعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ لَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنْ يُدَبِّرَهُ أَوْ يُعْتِقَهُ إِلَى سِنِينَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْغَرَرِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِنْ فَاتَ بِالتَّدْبِيرِ أَوْ بِالْعِتْقِ إِلَى أَجَلٍ كَانَ لِلْبَائِعِ مَا وَضَعَ مِنَ الثَّمَنِ قَالَ وَلَوِ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ فَأَيٌّ مِنْ ذَلِكَ كَانَ لِلْبَائِعِ نَقْضُ الْبَيْعِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا بَلَّغَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ فَإِنَّمَا يَكُونُ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ وَهَذَا أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَبْطَلَ الشَّرْطَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ وَإِنْ قَبَضَهُ وَأَعْتَقَهُ فَعَلَيْهِ الثَّمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إِذَا ابْتَاعَ عَبْدًا وَشَرَطَ أَنْ يُعْتِقَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ الْبَيْعُ فَاسِدٌ

وَذَكَرَ الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ إِنْ بَاعَ الْعَبْدَ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ أَوْ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَهَبَهُ أَوْ عَلَى مَنْعِ شَيْءٍ مِنَ التَّصَرُّفِ فَالْبَيْعُ فِي هَذَا كُلِّهِ فَاسِدٌ وَلَا يَجُوزُ الشَّرْطُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا إِلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْعِتْقُ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ فَإِذَا اشْتَرَاهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْبَيْعَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ كُلُّ شَرْطٍ فِي بَيْعٍ هَدْمُهُ الْبَيْعُ إِلَّا الْعَتَاقَةَ وَكُلُّ شَرْطٍ فِي نِكَاحٍ هَدْمُهُ النِّكَاحُ إِلَّا الطَّلَاقَ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ اللَّيْثُ فِيمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ فَهُوَ حُرٌّ حِينَ اشْتَرَاهُ فَإِنْ أَبَى مَنْ عَتَقَهُ جُبِرَ عَلَى عِتْقِهِ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْصَرِفَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ جَوَازُ بِيعِ الْعَبْدِ عَلَى أَنْ يُعْتَقَ وَالْقَوْلُ بِهِ أَوْلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ في هذا الباب وبالله التوفيق

وَذَكَرَ الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ إِنْ بَاعَ الْعَبْدَ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ أَوْ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَهَبَهُ أَوْ عَلَى مَنْعِ شَيْءٍ مِنَ التَّصَرُّفِ فَالْبَيْعُ فِي هَذَا كُلِّهِ فَاسِدٌ وَلَا يَجُوزُ الشَّرْطُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا إِلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْعِتْقُ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ فَإِذَا اشْتَرَاهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْبَيْعَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ كُلُّ شَرْطٍ فِي بَيْعٍ هَدْمُهُ الْبَيْعُ إِلَّا الْعَتَاقَةَ وَكُلُّ شَرْطٍ فِي نِكَاحٍ هَدْمُهُ النِّكَاحُ إِلَّا الطَّلَاقَ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ اللَّيْثُ فِيمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ فَهُوَ حُرٌّ حِينَ اشْتَرَاهُ فَإِنْ أَبَى مَنْ عَتَقَهُ جُبِرَ عَلَى عِتْقِهِ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْصَرِفَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ جَوَازُ بِيعِ الْعَبْدِ عَلَى أَنْ يُعْتَقَ وَالْقَوْلُ بِهِ أَوْلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث السادس والستون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَسِتُّونَ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَأَقْبَلْتُ نَحْوَهُ فَانْصَرَفَ قَبْلَ أَنْ أَبْلُغَهُ فَسَأَلْتُ مَاذَا قَالَ فَقِيلَ لِي نَهَى أَنْ يُنْبَذَ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَرَى أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الِانْتِبَاذِ فِي الظروف نحو الدباء والمزفت غير مَنْسُوخٌ وَكَانَ مَالِكٌ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا وَتَابَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْبَابِ مُمَهَّدًا مَبْسُوطًا بِمَا فِيهِ مِنِ اخْتِلَافِ الْآثَارِ وَتَنَازُعِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ فِي بَابِ رَبِيعَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فلا وجه لتكرير ذلك هَهُنَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَخْطُبُ رَعِيَّتَهُ وَيُعَلِّمُهُمْ فِي خُطْبَتِهِ مَا بِهِمُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِهِمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ وأما

الدَّبَّاءُ فَهُوَ الْقَرْعُ الْمَعْرُوفُ وَهُوَ إِذَا يَبِسَ وَصُنِعَ مِنْهُ ظَرْفٌ يُسْرِعُ فِيهِ النَّبِيذُ إِلَى الشِّدَّةِ مُزَفَّتًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُزَفَّتٍ وَلِذَلِكَ مَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ ذِكْرُ الدَّبَّاءِ مُطْلَقًا ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ الْمُزَفَّتَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فَضْلٍ عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيذِ فَقَالَ اجْتَنِبْ مُسْكِرَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَاجْتَنِبْ مَا سِوَى ذَلِكَ فِيمَا زُفِّتَ أَوْ فِي قَرْعَةٍ وَهَذَا يُوَضِّحُ مَا قُلْنَا وَيُفَسِّرُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ وَمَذْهَبَهُ وَمَذْهَبَ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقِ لِلصَّوَابِ

وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَدِمَ الْكُوفَةَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ أَمِيرُهَا فَرَآهُ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ سَلْ أَبَاكَ إِذَا قَدِمْتَ عَلَيْهِ فَقَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَنَسِيَ أَنْ يَسْأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ سَعْدٌ فَقَالَ سَأَلْتَ أَبَاكَ فَقَالَ لَا قَالَ فَسَلْهُ فَسَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ إِذَا أَدْخَلْتَ رِجْلَيْكَ فِي الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَامْسَحْ عَلَيْهِمَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَإِنْ جَاءَ أَحَدُنَا مِنَ الْغَائِطِ فَقَالَ عُمَرُ وَإِنْ جَاءَ مِنَ الْغَائِطِ فَهَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى عُمَرَ فِي الْمُوَطَّإِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ رُوَاةُ الْمُوَطَّإِ فِي ذَلِكَ وَلَا عَنْ مَالِكٍ فِيهِ خِلَافٌ وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرفوعا

أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ سَوَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ مِنْ حَدِيثِ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ وَمِنْ حَدِيثِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ وَمِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَمِّهِ عَنْ عُمَرَ وَمِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ عُمَرَ كُلُّهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ أَيْضًا وَإِذَا صَحَّ رَفْعُهُ فَلَا يَضُرُّهُ تَوْقِيفُ مَنْ وَقَفَهُ لِأَنَّهُ أَفْتَى بِمَا عَلِمَ وَقَدْ رُوِيَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَيْضًا عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْقَائِلِينَ بِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

باب النون

نَافِعٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ حَدِيثٌ سَابِعٌ وَسِتُّونَ لِنَافِعٍ وَاسْمُ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا سَعْدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ هَهُنَا مِنَ التَّعْرِيفِ وَالرَّفْعِ فِي النَّسَبِ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تشفوا بعضها عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا شَيْئًا مِنْهُمَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ وَرَوَاهُ ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَحَدَّثَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الصَّرْفِ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ لَيْسَ فِيهِ سَمَاعٌ لِنَافِعٍ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَلَا لِابْنِ عُمَرَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ رَجُلًا حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَالرَّجُلُ قَدْ سَمَّاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ نَافِعٍ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ ثَابِتٍ الْعِتْوَارِيَّ ذَكَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يُجَوِّدْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَلَا ابْنُ عَوْنٍ هَذَا الْحَدِيثَ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمَّا حَدَّثَهُ هَذَا الرَّجُلُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَامَ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ وَمَضَى مَعَهُ نَافِعٌ فَسَمِعَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَقَدْ جَوَّدَ ذَلِكَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَرَوَاهُ خُصَيْفٌ الْجَزَرِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ الْمَكِّيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عمر عن أبي سعيد الخدري وليس بشئ وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ لِنَافِعٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ سَمِعَهُ مَعَهُ ابْنُ عُمَرَ عَلَى مَا قَالَ عُبَيْدُ اللَّهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ قَالَ بَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَأْثُرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّرْفِ فَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ رَجُلٍ فَأَتَيْنَا أَبَا سَعِيدٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ شَيْءٌ تَأْثُرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّرْفِ قَالَ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُفَضِّلُوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ

وَهَذَا مِنْ أَصَحِّ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي الصَّرْفِ هُوَ يُوجِبُ تَحْرِيمَ الِازْدِيَادِ وَالنَّسَأِ جَمِيعًا فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ تِبْرِهِمَا وَعَيْنِهِمَا وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ إِلَّا فِرْقَةٌ شَذَّتْ وَأَبَاحَتْ فِيهِمَا الِازْدِيَادَ وَالتَّفَاضُلَ يَدًا بِيَدٍ وَمَا قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ أحد من الفقهاء الذين تدون عَلَيْهِمُ الْفَتْوَى فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا وَجْهَ لِلِاشْتِغَالِ بِالشُّذُوذِ وَالشِّفُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِالْكَسْرِ الزايدة يُقَالُ الشَّيْءُ يَشِفُّ وَيَسْتَشِفُّ أَيْ يَزِيدُ وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا تَبِيعُوا مِنْهُمَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الصَّرْفِ شَيْءٌ مِنَ التَّأْخِيرِ وَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُحْضِرَ الْعَيْنَ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّ مِنْ مَعْنَى هَذَا الْبَابِ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ الصَّرْفَ عَلَى مَا لَيْسَ عِنْدَ الْمُتَصَارِفَيْنِ أَوْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فِي حِينِ الْعَقْدِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْنَانِ حَاضِرَتَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ لَيْسَتْ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ يَسْتَقْرِضَ فَيَدْفَعَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ زُفَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ حَتَّى تَظْهَرَ إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ وَتُعَيَّنَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتُ صَكَّ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وسواء كان ذَلِكَ عِنْدَهُمَا أَمْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ عُيِّنَ أَحَدُهُمَا جَازَ وَذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ إِذَا دَفَعَهَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُ قَوْلِ زُفَرَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ قَبْضُهُ لِمَا لَمْ يُعَيِّنْهُ قَرِيبًا مُتَّصِلًا بِمَنْزِلَةِ النَّفَقَةِ يَحُلُّهَا مِنْ كِيسِهِ

وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ وَاتَّفَقُوا يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءَ الثَّلَاثَةَ عَلَى جَوَازِ الصَّرْفِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا دَيْنًا وَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ دُونَ كَوْنِهِ عَيْنًا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي تَصَارُفِ الدَّيْنَيْنِ وَتَطَارُحِهِمَا مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَنَانِيرُ وَلِآخَرَ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا مَا عَلَيْهِ بِمَا عَلَى الْآخَرِ وَيَتَطَارِحَانِهِمَا صَرْفًا وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ حَدِيثُ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَبِيعُ الْإِبِلَ أبيع بالدنانير وآخر الدراهم وأبيع بالدراهم وآخر الدَّنَانِيرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الصَّرْفِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا دَيْنًا قَالُوا فَكَذَلِكَ إِذَا كَانَا دَيْنَيْنِ لِأَنَّ الذِّمَّةَ الْحَاضِرَةَ كَالْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ وَصَارَ الطَّرْحُ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ كَالْمَقْبُوضِ مِنَ الْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ وَمَعْنَى الْغَائِبِ عِنْدَهُمْ هُوَ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى قَبْضٍ وَلَا يُمْكِنُ قَبْضُهُ حَتَّى يَفْتَرِقَا بِدَلِيلِ حَدِيثِ عُمَرَ لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ لَا يَجُوزُ تَصَارُفُ الدَّيْنَيْنِ وَلَا تَطَارُحُهُمَا لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ غَائِبٌ بِنَاجِزٍ كَانَ الْغَائِبُ بِالْغَائِبِ أَحْرَى أَنْ لَا يَجُوزَ وَأَجَازَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَضَاءَ الدَّنَانِيرِ عَنِ الدَّرَاهِمِ وَقَضَاءَ الدَّرَاهِمِ عَنِ الدَّنَانِيرِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مَنْ قَرْضٍ إِذَا كَانَ حَالًّا وَتَقَابَضَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا بِأَيِّ سِعْرٍ شَاءَ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا بَطَلَ الصَّرْفُ بَيْنَهُمَا وَرَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى أصل

مَا كَانَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَاتَّفَقَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى كَرَاهَةِ قِصَاصِ الدَّنَانِيرِ مِنَ الدَّرَاهِمِ إذا كانت جَمِيعًا فِي الذِّمَمِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَنَانِيرُ وَلَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَأَرَادَا أَنْ يَجْعَلَا الدَّنَانِيرَ قِصَاصًا بِالدَّرَاهِمِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَكَذَلِكَ لَوْ تَسَلَّفَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ دِينَارًا وَتَسَلَّفَ الْآخَرُ مِنْهُ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَكُونَ هَذَا بِهَذَا لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمْ وَكَانَ عَلَى مَنْ تَسَلَّفَ الدِّينَارَ دِينَارٌ مِثْلُهُ وَعَلَى مَنْ تَسَلَّفَ الدَّرَاهِمَ دَرَاهِمُ مِثْلُهَا وَأَمَّا إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دِينَارٌ فَأَخَذَ مِنْهُ فِيهِ دَرَاهِمَ صَرْفًا نَاجِزًا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا وَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ أَخْذَ الدَّنَانِيرِ عَنِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّرَاهِمِ عَنِ الدَّنَانِيرِ إِذَا تَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ آجِلًا وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ دَيْنِهِ أَحَالٌّ هُوَ أَمْ مُؤَجَّلٌ دَلَّ عَلَى اسْتِوَاءِ الْحَالِ عِنْدَهُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا حَالَّيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ قَبْضَ الْآجِلِ إِلَّا إِلَى أَجَلِهِ صَارَ كَأَنَّهُ صَارِفُهُ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَرَوَى الشَّيْبَانِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ اقْتِضَاءَ الذَّهَبِ مِنَ الْوَرِقِ وَالْوَرِقِ مِنَ الذَّهَبِ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ

قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ دَرَاهِمَ دَنَانِيرَ وَلَا عَنْ دَنَانِيرَ دَرَاهِمَ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مَا أُقْرِضَ وَيَشْهَدُ لِمَذْهَبِ ابْنِ شُبْرُمَةَ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَيَشْهَدُ لِقَوْلِ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ إِلَّا أَنَّ فِيهِ بِسِعْرِ يَوْمِكُمَا وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ يَأْخُذُهَا بِسِعْرِ يَوْمِهِ وَقَالَ دَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَبَاعَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِهَا دِينَارًا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ إِلَّا هَاءً وَهَاءً وَعَنْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ غَائِبًا بِنَاجِزٍ قَالَ وَلَوْ أَخَذَ بِذَلِكَ قِيمَةً لِلْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ كَانَ جَائِزًا لِأَنَّ الْقِيمَةَ غَيْرُ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ الْبَيْعِ لَا عَنِ الْقِيمَةِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَآخُذُ مِنَ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ الْحَدِيثَ عَلَى ما نذكره ههنا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ بِدَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بِهَا دَرَاهِمَ فَقَالَ مَالِكٌ فِي مِثْلِ هَذَا لَا يُلْتَفَتُ إِلَى اللَّفْظِ الْفَاسِدِ إِذَا كَانَ فِعْلُهُمَا حَلَالًا وَكَأَنَّهُ بَاعَهُ السِّلْعَةَ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي ذَكَرَا أَنَّهُ يَأْخُذُهَا فِي الدَّنَانِيرِ وَقَالَ أبو حنيفة والشافعي فيمن باع سلعة بِدَنَانِيرَ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُشْتَرِي بِهَا دَرَاهِمَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَمِنْ بَابِ بَيْعٍ وَصَرْفٍ لَمْ يُقْبَضْ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا الصَّرْفُ يُوجَدُ فِيهِ زُيُوفٌ وَهُوَ مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ أَيْضًا فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا وَجَدَ فِي دَرَاهِمِ الصَّرْفِ دِرْهَمًا

زَائِفًا فَرَضِيَ بِهِ جَازَ وَإِنْ رَدَّهُ انْتَقَضَ صَرْفُ الدَّيْنِ كُلِّهِ وَإِنْ وَجَدَ فِيهَا أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا رَدِيئَةً انْتَقَضَ الصَّرْفُ فِي دِينَارَيْنِ وَكَذَلِكَ مَا زَادَ عَلَى صَرْفِ دِينَارٍ انْتَقَضَ الصَّرْفُ فِي دِينَارٍ آخَرَ وَقَالَ زُفَرُ وَالثَّوْرِيُّ يبطل لاصرف فِيمَا رَدَّ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ إِنْ شَاءَ اسْتَبْدَلَهُ وَإِنْ شَاءَ كَانَ شَرِيكَهُ فِي الدِّينَارِ بِحِسَابٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَسْتَبْدِلُهُ كُلَّهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَقَتَادَةُ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَيَأْخُذُ الْبَدَلَ وَلَا يَنْتَقِضُ مِنَ الصَّرْفِ شَيْءٌ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَهُوَ أَحَدُ أَقَاوِيلِ الشَّافِعِيِّ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ قِيَاسًا عَلَى الْعَيْبِ يُوجَدُ فِي السَّلَمِ أَنَّ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ وَأَقَاوِيلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَحَدُهَا أَنَّهُ قَالَ إِذَا اشْتَرَى ذَهَبًا بِوَرِقٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ وَوَجَدَ أَحَدُهُمَا بِبَعْضِ مَا اشْتَرَى عَيْبًا قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا رَدُّ الْكُلِّ أَوِ التَّمَسُّكُ بِهِ قَالَ وَإِذَا تَبَايَعَا ذَلِكَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَوَجَدَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ بِبَعْضِ مَا اشْتَرَى عَيْبًا فَلَهُ الْبَدَلُ وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَفِيهَا أَقَاوِيلُ مِنْهَا أَنَّهَا كَالْعَيْنِ وَمِنْهَا الْبَدَلُ وَمِنْهَا رَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ قَالَ وَمَتَى افْتَرَقَ الْمُصْطَرِفَانِ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا افْتَرَقَا ثُمَّ وَجَدَ النِّصْفَ زُيُوفًا أَوْ أَكْثَرَ فَرَدَّهُ بَطَلَ الصَّرْفُ فِي الْمَرْدُودِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ اسْتَبْدَلَهُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ مُجَوَّدًا فِي تَحْرِيمِ الِازْدِيَادِ فِي بَيْعِ الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَهُوَ أَمْرٌ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْأَثَرِ وَكَفَى

بِذَلِكَ حُجَّةً مَعَ ثُبُوتِهِ مِنْ جِهَةِ نَقْلِ الْآحَادِ الْعُدُولِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي تَحْرِيمِ النَّسِيئَةِ فِي الصَّرْفِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مُجَوَّدًا أَيْضًا مُمَهَّدًا وَفِي ذَلِكَ الْبَابِ أُصُولٌ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي تَحْرِيمِ النَّسِيئَةِ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ بِالْوَرِقِ وَبَيْعِ الْوَرِقِ بِالذَّهَبِ وَالذَّهَبِ بِالْوَرِقِ وَأَنَّ الصَّرْفَ كُلَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ هَذِهِ جُمْلَةٌ اجْتَمَعُوا عَلَيْهَا وَثَبَتَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ بِنَقْلِ الْآحَادِ الْعُدُولِ أَيْضًا وَمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ فَهُوَ الْحَقُّ وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مَا لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ دَلِيلٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْأَصْلِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي أوردناها في هذا الباب على حسبما ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِيهِ مِمَّا نَزَعُوا بِهِ وَذَهَبُوا إِلَيْهِ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي اقْتِضَاءِ الدَّنَانِيرِ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّرَاهِمِ مِنَ الدَّنَانِيرِ جَعَلَهُ قَوْمٌ مُعَارِضًا لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ لِقَوْلِهِ وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ وَلَيْسَ الْحَدِيثَانِ بِمُتَعَارِضَيْنِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ اسْتِعْمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مُفَسَّرٌ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مُجْمَلٌ فَصَارَ مَعْنَاهُ لَا تَبِيعُوا مِنْهُمَا غَائِبًا لَيْسَ فِي ذِمَّةٍ بِنَاجِزٍ وَإِذَا حُمِلَا عَلَى هَذَا لَمْ يَتَعَارَضَا وَهَذَا الْحَدِيثُ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَآخُذُ مَكَانَ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ وَمَكَانَ

الدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا افْتَرَقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ رُوَيْدًا أَسْأَلُكَ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ فَآخُذُ الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ فَآخُذُ الدَّنَانِيرَ وَآخُذُهُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حدثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ الْمَعْنَى وَاحِدٌ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَذَكَرَهُ سواء بمعناه إِلَى آخِرِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْأَسْوَدِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَالْأَوَّلُ أَتَمُّ لَمْ يَذْكُرْ بِسِعْرِ يَوْمِكُمَا

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَكُنْتُ أَبِيعُ الْبَعِيرَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ بِالدَّنَانِيرِ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ حُجْرَتَهُ فَأَخَذْتُ بِثَوْبِهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَبِيعُ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ الْبَعِيرَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدِّرْهَمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذْتَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فَلَا تُفَارِقْهُ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ بَيْعٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ أحد غَيْرُ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مُسْنَدًا وَسِمَاكٌ ثِقَةٌ عِنْدَ قَوْمٍ مُضَعَّفٌ عِنْدَ آخَرِينَ كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَقُولُ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ وَكَانَ مَذْهَبُ عَلِيٍّ فِيهِ نَحْوَ هَذَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَعْنَاهُ مِنْ قَوْلِهِ وَفَتْوَاهُ وَرَوَى أَبُو الْأَحْوَصِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سِمَاكٍ فَلَمْ يُقِمْهُ قَالَ فِيهِ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ كُنْتُ أَبِيعُ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ وَالْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال إِذَا بَايَعْتَ صَاحِبَكَ فَلَا تُفَارِقْهُ وَبَيْنَكَ

وَبَيْنَهُ لَبْسٌ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا قَالَ أَبُو الْأَحْوَصِ وَلَمْ يُقِمْهُ فَجَوَّدَهُ إِلَّا حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ وَإِسْرَائِيلَ في غير رواية وكيع وهذا الحديث ما فَاتَ شُعْبَةَ عَنْ سِمَاكٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ فَعَزَّ عَلَيْهِ وَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ فِيهِ بَعْضُ الْخُشُونَةِ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْهُ بَعْدَ ذِكْرِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ طَلِيقٍ وَأَبَا الرَّبِيعِ يَسْأَلَانِ شُعْبَةَ وَكَانَ الَّذِي يَسْأَلُهُ خَالِدٌ فَقَالَ يَا أَبَا بِسِطَامٍ حَدِّثْنِي حَدِيثَ سِمَاكٍ فِي اقْتِضَاءِ الذَّهَبِ مِنَ الْوَرِقِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ شُعْبَةُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ يَرْفَعُهُ أَحَدٌ إِلَى سِمَاكٍ وَقَدْ حَدَّثَنِيهِ قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَأَخْبَرَنِيهِ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَرَفَعَهُ سِمَاكٌ وَأَنَا أَفْرَقُ مِنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِسِعْرِ يَوْمِكُمَا فَلَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ يَأْخُذُ الدَّنَانِيرَ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدِّرْهَمَ مِنَ الدَّنَانِيرِ فِي الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ بِالْقِيمَةِ وَقَالَ إِسْحَاقُ يَأْخُذُهَا بِقِيمَةِ سِعْرِ يَوْمِهِ

وَبَيْنَهُ لَبْسٌ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا قَالَ أَبُو الْأَحْوَصِ وَلَمْ يُقِمْهُ فَجَوَّدَهُ إِلَّا حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ وَإِسْرَائِيلَ في غير رواية وكيع وهذا الحديث ما فَاتَ شُعْبَةَ عَنْ سِمَاكٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ فَعَزَّ عَلَيْهِ وَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ فِيهِ بَعْضُ الْخُشُونَةِ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْهُ بَعْدَ ذِكْرِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ طَلِيقٍ وَأَبَا الرَّبِيعِ يَسْأَلَانِ شُعْبَةَ وَكَانَ الَّذِي يَسْأَلُهُ خَالِدٌ فَقَالَ يَا أَبَا بِسِطَامٍ حَدِّثْنِي حَدِيثَ سِمَاكٍ فِي اقْتِضَاءِ الذَّهَبِ مِنَ الْوَرِقِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ شُعْبَةُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ يَرْفَعُهُ أَحَدٌ إِلَى سِمَاكٍ وَقَدْ حَدَّثَنِيهِ قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَأَخْبَرَنِيهِ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَرَفَعَهُ سِمَاكٌ وَأَنَا أَفْرَقُ مِنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِسِعْرِ يَوْمِكُمَا فَلَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ يَأْخُذُ الدَّنَانِيرَ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدِّرْهَمَ مِنَ الدَّنَانِيرِ فِي الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ بِالْقِيمَةِ وَقَالَ إِسْحَاقُ يَأْخُذُهَا بِقِيمَةِ سِعْرِ يَوْمِهِ

الحديث الثامن والستون

نَافِعٌ عَنْ أَبِي لُبَابَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ ثَامِنٌ وَسِتُّونَ اسْمُ أَبِي لُبَابَةَ هَذَا بَشِيرٌ وَيُقَالُ رِفَاعَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الصَّحَابَةِ وَنَسَبْنَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي لُبَابَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي فِي الْبُيُوتِ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي لُبَابَةَ وَتَابَعَهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عن أَبِي لُبَابَةَ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ يَحْيَى وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي لُبَابَةَ لِأَنَّ نَافِعًا سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مَعَ ابْنِ عُمَرَ مِنْ أَبِي لُبَابَةَ وَكَذَلِكَ سَمِعَ حَدِيثَ

الصَّرْفِ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَكَانَ دُخُولُهُ عَلَيْهِ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَحَدَّثَهُمَا بِحَدِيثِ الصَّرْفِ الْمَذْكُورِ وَالْجِنَّانُ الْحَيَّاتُ أَنْشَدَ نِفْطَوَيْهِ لِلْخَطَفِيِّ جَدِّ جَرِيرٍ وَاسْمُهُ حُذَيْفَةُ ... يَرْفَعْنَ لِلَّيْلِ إِذَا مَا أَسْدَفَا ... أَعْنَاقَ جِنَّانٍ وَهَامًا رُجَّفَا ... ... وَعَنَقًا بَاقِي الرَّسِيمِ خَيْطَفَا ... قَالَ نِفْطَوَيْهِ وَبِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ سُمِّيَ الْخَطَفِيَّ قَالَ وَقَالَ قُطْرُبٌ السُّدْفَةُ مِنَ الْأَضْدَادِ تَكُونُ الظُّلْمَةَ وَتَكُونُ الضِّيَاءَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هِيَ الضِّيَاءُ فِي لُغَةِ قَيْسٍ وَالظُّلْمَةُ فِي لُغَةِ تَمِيمٍ وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ هِيَ الظُّلْمَةُ يُخَالِطُهَا الضِّيَاءُ قَالَ وَالْجِنَّانُ ضَرْبٌ مِنَ الْحَيَّاتِ وَقَوْلُهُ رُجَّفًا أَيْ مُحَرَّكَةً وَالْعَنَقُ ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ وَالرَّسِيمُ مِثْلُهُ وَالْخَطَفَا وَالْخَيْطَفَاءُ هِيَ السُّرْعَةُ وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْجِنَّانُ الْحَيَّةُ قَالَ وَالْجِنَّانُ أَيْضًا أَبُو الْجِنِّ وَجَمْعُهُ الْجِنَّةُ وَالْجِنَّانُ ... تَبَدَّلَ حَالٌ بَعْدَ حَالٍ عَهِدْتُهَا ... تُنَاوِحُ جِنَّانٌ بِهِنَّ وَخُيَّلُ ... قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى الْجِنُّ الَّذِينَ لَا يَتَعَرَّضُونَ لِلنَّاسِ وَالْخُيَّلُ الَّذِينَ يَتَخَيَّلُونَ لِلنَّاسِ وَيُؤْذُونَهُمْ وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْجِنَّانُ مَسْخُ الْجِنِّ كَمَا مُسِخَتِ الْقِرَدَةُ مِنْ بَنِي إسرائيل

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهَبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ اللَّيْثِيُّ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ عِنْدَ الْأُطْمِ الَّذِي عِنْدَ دَارِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَرْصُدُ حَيَّةً فَقَالَ أَبُو لُبَابَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم يا أبا عبد الرحمان قَدْ نَهَى عَنْ قَتْلِ عَوَامِرِ الْبُيُوتِ فَانْتَهَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ وَجَدَ بَعْدُ فِي بَيْتِهِ حَيَّةً فَأَمَرَ بِهَا فَطُرِحَتْ بِبُطْحَانَ قَالَ نَافِعٌ ثُمَّ رَأَيْتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَيْتِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَوَامِرُ الْبُيُوتِ تَتَمَثَّلُ فِي صِفَةِ حَيَّةٍ رَقِيقَةٍ فِي البيوت بالمدينة غَيْرِهَا فَفِيهَا جَاءَ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِهَا حَتَّى تُنْذَرَ قَالَ وَأَمَّا الَّتِي فِي الصَّحَارِي فَلَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا لُبَابَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ لَمْ يَقُلِ الْقَطَّانُ الَّتِي فِي الْبُيُوتِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ (عَنْ) أَبِي لُبَابَةَ لَمْ يَزِدْ فِيهِ عَلَى قَوْلِهِ إِنَّ رَسُولَ

الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي فِي الْبُيُوتِ إِلَّا الْقَعْنَبِيَّ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ زَادَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي لُبَابَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَخْطِفَانِ الْبَصَرَ وَيَطْرَحَانِ (مَا فِي) بُطُونِ النِّسَاءِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ إِلَى آخِرِ (الْحَدِيثِ) لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ فِي حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ إِلَّا الْقَعْنَبِيُّ وَحْدَهُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فِي حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ وَهُوَ وَهْمٌ وَإِنَّمَا هَذَا اللَّفْظُ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمِنْ حَدِيثِ سَائِبَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَهُ عَنْ سَائِبَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُرْسَلًا وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي لُبَابَةَ فَلَيْسَ إِلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي فِي الْبُيُوتِ (لَا غَيْرَ) إِلَّا مَا زَادَ الْقَعْنَبِيُّ وَهُوَ غَلَطٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ وَهُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْأَعْجَمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِدُ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي لُبَابَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقْتُلُوا الْجِنَّانَ الَّتِي فِي الْبُيُوتِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ (أَبَاهُ) أَخْبَرَهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثْنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عن نافع عن ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ كُلَّهَا وَيَقُولُ إِنَّ الْجِنَّانَ مَسْخُ الْجِنِّ كَمَا مُسِخَتِ الْقِرَدَةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى حَدَّثَهُ أَبُو لُبَابَةَ الْبَدْرِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ قَالَ فَوَجَدَ ابْنُ عُمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ حَيَّةً فِي دَارِهِ فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ إِلَى الْبَقِيعِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ لَا غَيْرَ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَفِيهِ ذِكْرُ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرِ رَوَى مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يُسْقِطَانِ الْحَبَلَ وَيَطْمِسَانِ الْبَصَرَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَرَآنِي أَبُو لُبَابَةَ أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لِأَقْتُلَهَا فَنَهَانِي فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِهِنَّ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَتْلِ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ فَقَدْ بَانَ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي لُبَابَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُسُ وَاللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنْهُ سَوَاءً وَقَالَ فِيهِ بُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ عَنْ سَالِمٌ عَنِ أبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَمَنْ وَجَدَ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَلَمْ يَقْتُلْهُمَا فَلَيْسَ مِنَّا وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَسْمَعْهُ بُكَيْرٌ مِنْ سَالِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ أن عبد الله بن عبد الرحمان حَدَّثَهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَمَنْ وَجَدَ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَلَمْ يَقْتُلْهُمَا فَلَيْسَ مِنَّا فَإِنَّهُمَا اللَّذَانِ يَخْطِفَانِ الْبَصَرَ وَيُسْقِطَانِ مَا فِي بُطُونِ النساء

قَالَ أَبُو عُمَرَ يُقَالُ إِنَّ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ حَنَشٌ يَكُونُ عَلَى ظَهْرِهِ خَطَّانِ أَبْيَضَانِ وَيُقَالُ إِنَّ الْأَبْتَرَ الْأَفْعَى وَقِيلَ إِنَّهُ حَنَشٌ أَبْتَرُ كَأَنَّهُ مَقْطُوعُ الذَّنَبِ وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ الْأَبْتَرُ مِنَ الْحَيَّاتِ صِنْفٌ أَزْرَقُ مَقْطُوعُ الذَّنَبِ لَا تَنْظُرُ إِلَيْهِ حَامِلٌ إِلَّا أَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَتْلِ الْحَيَّاتِ جُمْلَةً فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ تُقْتَلُ الْحَيَّاتُ كُلُّهَا فِي الْبُيُوتِ وَالصَّحَارِي فِي الْمَدِينَةِ وَغَيْرِ الْمَدِينَةِ لَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْهَا نَوْعًا وَلَا جِنْسًا وَلَا اسْتَثْنَوْا فِي قَتْلِهِنَّ مَوْضِعًا وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَهُمْ فِي إِذْنِهَا بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا فِي بَابِ صَيْفِيٍّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَتَلَ حَيَّةً فَكَأَنَّمَا قَتَلَ كَافِرًا وَلَمْ يَخُصَّ حَيَّةً مِنْ حَيَّةٍ وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ الْجِنَّانَ فَلَمْ يَقْتُلْهُنَّ مَخَافَةَ ثَأْرِهِنَّ فَلَيْسَ مِنَّا وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا مَا مَضَى مِنَ الْأَحَادِيثِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي قَتْلِ الْحَيَّةِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ مَنْ قَتَلَ حَيَّةً

أَوْ عَقْرَبًا قَتَلَ كَافِرًا وَرُوِيَ مِنْ (طَرِيقِ) أَبِي الْأَحْوَصِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرْفُوعًا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَيَّانَ السُّكَّرِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْقَاسِمِ بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ كُلَّهُنَّ فَمَنْ خَافَ ثَأْرَهُنَّ فَلَيْسَ مِنَّا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ فَمَنْ تَرَكَ شيئا منهم خِيفَةً فَلَيْسَ مِنَّا يَعْنِي الْحَيَّاتِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهُنَّ خِيفَةً فَلَيْسَ مِنَّا

أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ وَأَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّاءَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْحَيَّاتِ مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ عَادَيْنَاهُنَّ وَمَنْ تَرَكَ مِنْهُنَّ شَيْئًا خِيفَةً فَلَيْسَ مِنَّا قَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ تَفْسِيرِ مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ عَادَيْنَاهُنَّ فَقِيلَ لَهُ مَتَى كَانْتِ الْعَدَاوَةُ قَالَ حِينَ أُخْرِجَ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجل إهبطوا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ عَمْرٍو الْخُزَاعِيُّ قَالَ قَرَأْنَا عَلَى مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ وَيُسْقِطَانِ الْحَبَالَى وَيُوضِعَانِ الْغَنَمَ قَالُوا فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ قَتْلُ الْحَيَّاتِ جُمْلَةً ذِي الطُّفْيَتَيْنِ وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الَّتِي قَبْلَهَا لَمْ يَخُصَّ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ

وَقَالَ آخَرُونَ لَا يُقْتَلُ مِنَ الْحَيَّاتِ مَا كَانَ فِي الْبُيُوتِ بِالْمَدِينَةِ خَاصَّةً إِلَّا أَنْ يُنْذَرَ ثَلَاثًا وَمَا كَانَ فِي غَيْرِهَا فَيُقْتَلُ فِي الْبُيُوتِ وَغَيْرِ الْبُيُوتِ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مِنْ رِوَايَةِ صَيْفِيٍّ عَنْ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال إن نفر مِنَ الْجِنِّ بِالْمَدِينَةِ أَسْلَمُوا فَإِذَا رَأَيْتُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَحَذِّرُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ إِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ وَرَوَى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ وَمِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوَامِرَ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَتَعَوَّذُوا مِنْهُ فَإِنْ عَادَ فَاقْتُلُوهُ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِشَارَةً إِلَى بُيُوتِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِلَى جِنْسِ الْبُيُوتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي تَخْصِيصِ حَيَّاتِ الْمَدِينَةِ بِالْإِذْنِ فِي بَابِ صَيْفِيٍّ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ آخَرُونَ لَا تُقْتَلُ حَيَّاتُ الْبُيُوتِ بِالْمَدِينَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا حَتَّى تُؤْذَنَ فَإِنْ عَادَتْ قُتِلَتْ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو داود قال حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ

سُلَيْمَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ فَقَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُنَّ شَيْئًا فِي مَسَاكِنِكُمْ فَقُولُوا أَنْشُدُكُمُ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْكُمْ سُلَيْمَانُ أَنْ تُؤْذُونَا فَإِنْ عُدْنَ فَاقْتُلُوهُنَّ فَلَمْ يَخُصَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بُيُوتَ الْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِهَا وَهُوَ عِنْدِي مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ وَالْأَظْهَرُ فِيهِ الْعُمُومُ وَقَالَ آخَرُونَ لَا تُقْتَلُ ذَوَاتُ الْبُيُوتِ مِنَ الْحَيَّاتِ بِالْمَدِينَةِ أَوْ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ وَاحْتَجُّوا بِظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي فِي الْبُيُوتِ لَمْ يَخُصَّ بَيْتًا مِنْ بَيْتٍ وَلَا مَوْضِعًا مِنْ مَوْضِعٍ وَلَمْ يَذْكُرِ الْإِذْنَ فِيهِنَّ وَقَالَ آخَرُونَ يُقْتَلُ مِنْ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ ذُو الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرُ خَاصَّةً بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَوَاضِعِ دُونَ إِذَنٍ وَلَا إِنْذَارٍ وَلَا يُقْتَلُ مِنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ غَيْرُ هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ مِنَ الْحَيَّاتِ وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حدثنا مالك

ابن أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي لُبَابَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَخْطِفَانِ الْبَصَرَ وَيَطْرَحَانِ مَا فِي بُطُونِ النِّسَاءِ وَمِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ عَنْ سَائِبَةَ مِثْلَ هَذَا سَوَاءً وَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المؤمن وعبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ كُلِّهَا فَقَالَ لَهُ أَبُو لُبَابَةَ أَمَا بَلَغَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ وَأَمَرَ بِقَتْلِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا نَصُّ رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ فِي الْمَتْنِ وَرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْإِسْنَادِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ حَيَّاتِ الصَّحَارِي صِغَارًا كُنَّ أَوْ كِبَارًا أَيَّ نَوْعٍ كَانَ الْحَيَّاتُ وَأَمَّا قَتْلُهُنَّ فِي الْحَرَمِ فَقَدْ مَضَى فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ تَرْتِيبُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَتَهْذِيبُهَا اسْتِعْمَالُ حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ وَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فَإِنَّ فِيهِ بَيَانًا لِنَسْخِ قَتْلِ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الْأَمْرِ

بِقَتْلِهَا جُمْلَةً وَفِيهِ اسْتِثْنَاءُ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرِ فَهُوَ حَدِيثٌ مُفَسَّرٌ لَا إِشْكَالَ فِيهِ لِمَنْ فَهِمَ وَعَلِمَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ قَدْ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْأَمْرَ بِقَتْلِ الْجِنَّانِ جُمْلَةً فَكَانَ يَقْتُلُهُنَّ حَيْثُ وَجَدَهُنَّ حَتَّى أَخْبَرَهُ أَبُو لُبَابَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَتْلِ عَوَامِرِ الْبُيُوتِ مِنْهُنَّ فَانْتَهَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَوَقَفَ عِنْدَ الْآخِرِ مِنْ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم على حسبما أَخْبَرَهُ أَبُو لُبَابَةَ وَقَدْ بَانَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَغَيْرِهِ عَنْ نَافِعٍ على حسبما تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ وَيُسْقِطَانِ الْحَبَلَ قَالَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْتُلُ كُلَّ حَيَّةٍ وَجَدَهَا فَأَبْصَرَهُ أَبُو لُبَابَةَ أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ يُطَارِدُ حَيَّةً فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ

قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَهُ سَوَاءً وَزَادَ قَالَ سُفْيَانُ كَانَ الزُّهْرِيُّ يَشُكُّ فِيهِ زَيْدٌ أَوْ أَبُو لُبَابَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ أَبُو لُبَابَةَ صَحِيحٌ لَمْ يَشُكَّ فِيهِ نَافِعٌ وَغَيْرُهُ وَقَدْ رَوَاهُ بَكْرُ بْنُ الْأَشَجِّ عَنْ سَالِمٍ فَاسْتَثْنَى مِنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلِرِوَايَةٍ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ الصَّوَابُ فِي هَذَا الْبَابِ وَعَلَيْهِ يَصِحُّ تَرْتِيبُ الْآثَارِ فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلٌ غَرِيبٌ حَسَنٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ كُلَّهَا إِلَّا الْجَانَّ الْأَبْيَضَ الَّذِي كَأَنَّهُ قَضِيبُ فِضَّةٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث التاسع والستون

وَلِنَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمُوَطَّأِ حَدِيثَانِ مَوْقُوفَانِ يَسْتَنِدَانِ مِنْ غَيْرِ مَا وَجْهٍ أَحَدُهُمَا وَهُوَ حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَسِتُّونَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ فَإِنَّمَا هُوَ خَيْرٌ تُقَدِّمُونَهُ إِلَيْهِ أَوْ شَرٌّ تَطْرَحُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جُمْهُورُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُتَابَعْ عَلَى ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَلَكِنَّهُ مَرْفُوعٌ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ من حديث

نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طُرُقٍ ثَابِتَةٍ وَهُوَ مَحْفُوظٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا فَأَمَّا حَدِيثُ نَافِعٍ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَيَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاضِي الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال أسرعوا بِجَنَائِزِكُمْ إِنْ يَكُنْ خَيْرًا عَجَّلْتُمُوهُ إِلَيْهِ وَإِنْ يَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ قَذَفْتُمُوهُ عَنْ أَعْنَاقِكُمْ وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرْفُوعًا وَلَا سَمَاعَ لِلْأَوْزَاعِيِّ مِنْ نَافِعٍ كَذَلِكَ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَقَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْخَطْمِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ قُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ يَا أَبَا عَمْرٍو نَافِعٌ أَوْ عَنْ رَجُلٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ رَجُلٌ عَنْ نَافِعٍ قُلْتُ فَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ أَوْ رَجُلٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ قُلْتُ فَالْحَسَنُ أَوْ رَجُلٌ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ رَجُلٌ عَنِ الْحَسَنِ وَأَمَّا حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ فَحَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُنْ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ وَإِنْ تَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَأَوَّلَ قَوْمٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجِيلَ الدَّفْنِ لَا الْمَشْيِ وَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا وَفِي قَوْلِهِ شَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ مَا يَرُدُّ قَوْلَهُمْ مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ أبي هريرة وهو رواية الْحَدِيثِ مَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِ كُلِّ قَائِلٍ روى شعبة وعيينة بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ أَسْرَعَ الْمَشْيَ فِي جِنَازَةِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ وَأَمَرَهُمْ بِذَلِكَ وَقَالَ لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَرْمُلُ رَمَلًا وَرَوَى أَبُو مَاجِدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ سَأَلْنَا نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَشْيِ مَعَ الْجِنَازَةِ فَقَالَ دُونَ الْخَبَبِ إِنْ يَكُنْ خَيْرًا يُعَجَّلْ إِلَيْهِ وَإِنْ يَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ فَبُعْدًا لِأَهْلِ النَّارِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَثْبَتُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَمَعْنَاهُمَا مُتَقَارِبٌ وَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ تَرْكُ التَّرَاخِي وَكَرَاهَةُ الْمُطَيْطَى وَالْعَجَلَةُ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنَ الْإِبْطَاءِ وَيُكْرَهُ الْإِسْرَاعُ الَّذِي يَشُقُّ عَلَى ضَعَفَةِ مَنْ يَتْبَعُهَا وَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ بَطِّئُوا بِهَا قَلِيلًا وَلَا تَدُبُّوا دَبِيبَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ أَمَرُوا أَنْ يُسْرِعَ بِهِمْ وَهَذَا عَلَى مَا اسْتَحَبَّهُ الْفُقَهَاءُ وَهُوَ أَمْرٌ خَفِيفٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا يُفَسِّرُ الْإِسْرَاعَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَيُوَافِقُ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَوْلَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْصَرَ جِنَازَةً يُسْرَعُ بِهَا وَهِيَ تَمْخُضُ كَمَا يَمْخُضُ الزِّقِّ قَالَ فَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي جَنَائِزِكُمْ إِذَا مَشَيْتُمْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ لَيْثٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ فَكَأَنَّهُمْ أَسْرَعُوا فِي السَّيْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَهَذِهِ الْآثَارُ تُوَضِّحُ لَكَ معنى الإسراع وأنه على حسبما يُطَاقُ وَمَا لَا يَضُرُّ بِالْمُتَّبِعِ الْمَاشِي مَعَهَا وبالله التوفيق

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ فَكَأَنَّهُمْ أَسْرَعُوا فِي السَّيْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَهَذِهِ الْآثَارُ تُوَضِّحُ لَكَ معنى الإسراع وأنه على حسبما يُطَاقُ وَمَا لَا يَضُرُّ بِالْمُتَّبِعِ الْمَاشِي مَعَهَا وبالله التوفيق

الحديث السبعون

وَالثَّانِي لِنَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْلُهُ وَفِعْلُهُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ يَسْتَنِدُ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى وَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُوَفِّي سَبْعِينَ لِنَافِعٍ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ شَهِدْتُ الْأَضْحَى وَالْفِطْرَ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَكَبَّرَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الْآخِرَةِ خمس تكبيران قَبْلَ الْقِرَاءَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ رَأْيًا وَلَا يَكُونُ إِلَّا تَوْقِيفًا لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ سَبْعٍ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ سَبْعًا فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ حِسَانٍ

مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَوَاهُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَوَاهُ أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ عُقَيْلٌ وَابْنُ مُسَافِرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ رَوَاهُ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي وَاقَدٍ اللَّيْثِيِّ كُلُّهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ (ابْنِ) عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّكْبِيرُ فِي الْفِطْرِ سَبْعٌ فِي الْأُولَى وَخَمْسٌ فِي الْآخِرَةِ وَالْقِرَاءَةُ بَعْدَهَا فِي كِلْتَيْهِمَا وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ سبعا فِي الْأَوْلَى بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ سِوَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَاتَّفَقَا فِي الثَّانِيَةِ عَلَى خَمْسٍ سوى تكبيرة الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَبْعًا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُوَالِي بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَيَجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ ثَنَاءً عَلَى اللَّهِ وَصَلَاةً عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ التَّكْبِيرُ فِي الْعِيدَيْنِ خَمْسٌ فِي الْأُولَى وَأَرْبَعٌ فِي الثَّانِيَةِ بِتَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ يُحْرِمُ فِي الْأُولَى وَيَسْتَفْتِحُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ وَيَرْفَعُ فِيهَا يَدَيْهِ ثُمَّ يَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَسُورَةً ثُمَّ يُكَبِّرُ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَسْجُدُ فَإِذَا قَامَ لِلثَّانِيَةِ كَبَّرَ وَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ وَقَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً ثُمَّ كَبَّرَ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ يَرْفَعُ فِيهَا يَدَيْهِ ثُمَّ يُكَبِّرُ أُخْرَى يَرْكَعُ بِهَا وَلَا يرفع يديه فيها يوالي بين القرائتين قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ وَجْهٍ قَوِيٍّ وَلَا ضَعِيفٍ مِثْلُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ وَأَمَّا الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ اخْتِلَافًا كَبِيرًا وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ التَّابِعِينَ فِي ذَلِكَ وَفِعْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِعْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَوْ خَالَفَ مَا عَرَفُوهُ وَوَرِثُوهُ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ وَعَلِمُوهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَفِعْلِ رَجُلٍ فِي بَلَدٍ كُلُّهُمْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ قَالَ وَالتَّكْبِيرُ فِي كِلْتَا الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ أَشْبَهُ بِسُنَنِ الصَّلَاةِ قَالَ وَكَمَا لَمْ يُدْخِلُوا تَكْبِيرَةَ الْقِيَامِ فِي تَكْبِيرَةِ الْعِيدِ فَكَذَلِكَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ بَلْ هِيَ أَوْلَى بِذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِهَا وَتَكْبِيرَةُ الْقِيَامِ لَوْ تَرَكَهَا لَمْ تُفْسِدْ صَلَاتَهُ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ تَكْبِيرَ الْعِيدِ فِي الْأُولَى قَبْلَ الْقِرَاءَةِ يَقْضِي بِأَنَّ الرَّكْعَةَ فِي الْآخِرَةِ كَذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْقِيَاسِ سَوَاءٌ

حَدَّثَنَا سَعِيدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِمَارَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبراهيم عن حميد بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُخْرَجُ لَهُ الْحَرْبَةُ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا فَيُكَبِّرُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً ثُمَّ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَالْأَئِمَّةُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ

الحديث الواحد والسبعون

نَافِعٌ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ حَدِيثٌ حَادٍ وَسَبْعُونَ لِنَافِعٍ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَحُدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ جَمِيعًا وَتَابَعَهُ أَبُو الْمُصْعَبِ الزُّهْرِيُّ وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْدِيُّ ومحمد بن المبارك الصوري وعبد الرحمان بْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ سَحْنُونٍ وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ فَقَالُوا فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَوْ حَفْصَةَ عَلَى الشَّكِّ وكذلك رواه الحرث بْنُ مِسْكِينٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ فَقَالَ عَنْ عَائِشَةَ أَوْ حَفْصَةَ أَوْ عَنْ كِلْتَيْهِمَا

وَقَالَ فِيهِ أَبُو مُصْعَبٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ غَيْرُهُ وَانْتَهَى الْحَدِيثُ عِنْدَ غَيْرِهِ إِلَى قَوْلِهِ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ حَدَّثَهُمْ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَحُدَّ عَلَى مَيِّتٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ وَأَمَّا سَائِرُ أَصْحَابِ نَافِعٍ غَيْرَ مَالِكٍ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عَنْ نَافِعٍ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَرَوَاهُ صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ الْحَدِيثَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عن صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نافع عن صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهِيَ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ بِإِسْنَادَيْنِ أَحَدُهُمَا كَمَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ وَصَخْرٌ عَنْ نَافِعٍ والآخر

عَنْ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عمثان قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَنَافِعٌ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَوْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْ تَحُدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ أَنَّ صَفِيَّةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ حَفْصَةَ أَوْ عَنْ عَائِشَةَ أَوْ عَنْ كِلْتَيْهِمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ فَذَكَرَهُ قَالَ الْبَغَوِيُّ وَحَدَّثَنَا ابْنُ زَنْجُوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِيَ اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الهادي عن عبد الله

ابن دِينَارٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ حَفْصَةَ أو عن عائشة أو عن كلتيهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ أَوْ حَفْصَةَ أَوْ كِلْتَيْهِمَا وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ فَذَكَرَهُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ وَالْإِحْدَادُ أَلَّا تَمْتَشِطَ وَلَا تَكْتَحِلَ وَلَا تَخْتَضِبَ وَلَا تَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا وَلَا تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةُ عِنْدِي مِنْ قَوْلِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ الْإِحْدَادَ مَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَسَيَأْتِي شَرْحُ الْإِحْدَادِ فِي اللُّغَةِ وَمَا لِلْفُقَهَاءِ فِيهِ مِنَ الْأَقَاوِيلِ وَالْمَعَانِي مَبْسُوطًا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الثاني والسبعون

نَافِعٌ عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ حَدِيثٌ ثَانٍ وَسَبْعُونَ لِنَافِعٍ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ أَخِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرْسَلَ إِلَى أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَأَبَانٌ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْحَاجِّ وَهُمَا مُحْرِمَانِ إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُنْكِحَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَرَدْتُ أَنْ تَحْضُرَ ذَلِكَ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَبَانٌ وَقَالَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطُبُ

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ احْتَجَّ بِهِ وَذَهَبَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحِجَازِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَجَمَاعَةٍ وَقَالَ عَبَّاسٌ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ نُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ ثِقَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ نُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ نَسَبَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فَقَالَ فِيهِ نُبَيْهُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ وَنَسَبَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْقَاضِي فَقَالَ نُبَيْهُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ وَالزُّبَيْرُ أَعْلَمُ بِأَنْسَابِ قُرَيْشٍ وَالْقَلْبُ إِلَى مَا قَالَهُ أَمْيَلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ التَّيْمِيُّ مَشْهُورٌ هُوَ مَوْلَى أَبِي النَّضْرِ مِنْ فَوْقٍ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا عَلِمْتُ ابْنَةُ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ إِلَّا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ وَغَيْرُهُ عَنْ نَافِعٍ فَقَالَ فِيهِ ابْنَةُ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عن نافع عن نبيه ابن وَهْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرَادَ أَنْ يُنْكِحَ ابْنَهُ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ مِنِ ابْنَةِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُنْكِحَ ابْنَهُ طَلْحَةَ ابْنَةَ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي نِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنَ اخْتِلَافِ السَّلَفِ والخلف

وَاخْتِلَافُ الْآثَارِ فِي نِكَاحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيْمُونَةَ فِي بَابِ رَبِيعَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ يَقُولُونَ إِنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُرَاجِعَ امْرَأَتَهُ إِنْ لَمْ تَكُنْ بَائِنَةً مِنْهُ إِلَّا أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فَإِنَّهُ قَالَ الْمُرَاجَعَةُ عِنْدِي تزويج ولا يراجع امرأته

وَاخْتِلَافُ الْآثَارِ فِي نِكَاحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيْمُونَةَ فِي بَابِ رَبِيعَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ يَقُولُونَ إِنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُرَاجِعَ امْرَأَتَهُ إِنْ لَمْ تَكُنْ بَائِنَةً مِنْهُ إِلَّا أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فَإِنَّهُ قَالَ الْمُرَاجَعَةُ عِنْدِي تَزْوِيجٌ وَلَا يُرَاجِعُ امْرَأَتَهُ

الحديث الثالث والسبعون

نَافِعٌ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ ثَالِثٌ وَسَبْعُونَ حَدِيثًا لِنَافِعٍ وَهُوَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ ذَكَرُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْهَلُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ مَاتَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَرْضَى عِنْدَ النَّاسِ مِنْهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ إِنَّهُ لَهَا يَعْنِي الْخِلَافَةَ وَذَكَرَ ابْنُ الْبَرْقِيِّ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ وَهُوَ قَوْلُ الْوَاقِدِيِّ وَيُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ وَكَانَ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ رَأَيْتُ ثَلَاثَةً لَمْ أَرَ مِثْلَهُمْ ابْنَ سِيرِينَ بِالْعِرَاقِ وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ بِالْحِجَازِ وَرَجَاءَ بْنَ حَيْوَةَ بِالشَّامِ وَقَالَ ضَمْرَةُ عَنْ رَجَاءَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ مَاتَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا وَقَالَ لِابْنِهِ سِنَّ التُّرَابَ عَلَيَّ سَنًّا وَسَوِّ عَلَيَّ قَبْرِي وَالْحَقْ بِأَهْلِكَ وَإِيَّاكَ أَنْ يَغُرَّكَ كَانَ فَكَانَ قَالَ ضَمْرَةُ وَتُوُفِّيَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي

سَنَةِ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ فِي خِلَافَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ فَعَرَفَتْ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَاذَا أَذْنَبْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ قَالَتِ اشْتَرَيْتُهَا لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أصحاب

هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ النُّمْرُقَةُ الْوِسَادَةُ وَقَالَ الْخَلِيلُ وَالنُّمْرُوقُ الْوِسَادَةُ أَيْضًا وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ اسْتِعْمَالِ مَا فِيهِ التَّصَاوِيرُ مِنَ الثِّيَابِ وَأَمْثَالِهَا وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي ثَوْبٍ كَانَتْ أَوْ غَيْرِ ثَوْبٍ كَانَ الثَّوْبُ مِمَّا يُوطَأُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ النُّمْرُقَةَ مِمَّا تُوطَأُ وَتُمْتَهَنُ وَقَدْ وَرَدَ فِيهَا مَا رَأَيْتَ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يَخُصَّ بَيْتًا فِيهِ نَوْعُ التَّصَاوِيرِ مِنْ نَوْعٍ مَا وَلَا فِي مَوْضِعٍ مَا وَلَا خَصَّ ثَوْبًا مِنْ ثَوْبٍ وَحُكْمُ كُلِّ ثَوْبٍ حُكْمُ النُّمْرُقَةِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ أَحْسَنُ إِسْنَادًا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَ فِي مَوْضِعِ النُّمْرُقَةِ قِرَامًا وَالْقِرَامُ جَمْعُ قُرَامَةَ قَالَ الْخَلِيلُ الْقُرَامَةُ ثَوْبُ صُوفٍ مُلَوَّنٌ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاحِدٌ لِأَنَّهَا كُلَّهَا ثِيَابٌ تُمْتَهَنُ وَلَمْ يُرَخَّصْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَتِ الرُّخْصَةُ قَدْ وَرَدَتْ فِي غَيْرِهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَإِنَّ ذَلِكَ مُتَعَارِضٌ

وَحَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا مِنْ أَصَحِّ مَا يُرْوَى فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ فَخَالَفَ فِي مَعْنَاهُ وَذَكَرَ فِيهِ الرُّخْصَةَ فِيمَا يُرْتَفَقُ وَيُتَوَسَّدُ وَقَدْ مَضَى فِي الصُّوَرِ وَكَرَاهِيَتِهَا فِي الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا ذِكْرٌ فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي هَذَا الْبَابِ بِمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ مِنَ الْوُجُوهِ وَالْمَذَاهِبِ فِي بَابِ أَبِي النَّضْرِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مُمَهَّدًا مُوعَبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُسْتَتِرَةٌ بِقِرَامٍ فِيهِ صُوَرٌ فَهَتَكَهُ وَقَالَ إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بخلق الله وحدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ

السَّلَامِ السَّرَّاجُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُسْتَتِرَةٌ بِقِرَامٍ فِيهِ صُوَرٌ فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ وَتَنَاوَلَ السِّتْرَ فَهَتَكَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقِرَامَ سِتْرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إِذْ هَتَكَهُ وَخَرَقَهُ فَقَدْ أَبْطَلَ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبَاحَ الِانْتِفَاعَ مِنْهُ بِمَا كَانَ يُوطَأُ وَيُمْتَهَنُ وَكَرِهَ مَا يُنْصَبُ نَصْبًا كَالسِّتْرِ وَشِبْهِهِ وَلِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ مَنْ قَالَ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَا قُطِعَ رَأْسُهُ فَلَيْسَ بِصُورَةٍ وَمَا لَمْ يُنْصَبْ وَيُبْسَطْ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَيَدُلُّ حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الِاحْتِمَالِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْبَيْتِ سِتْرٌ مَنْصُوبٌ عَلَيْهِ تَصَاوِيرُ فَعُرِفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ قَالَتْ فَهَتَكْتُهُ وَأَخَذْتُهُ فَجَعَلْتُهُ مِرْفَقَتَيْنِ فَكَانَ يَرْتَفِقُ بِهِمَا فِي

بَيْتِهِ فَرِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ هَذِهِ عَنِ الْقَاسِمِ مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَنَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ثِقَةٌ حَافِظٌ وَسَمَاعُهُ مِنَ الْقَاسِمِ وَمِنْ سَالِمٍ صَحِيحٌ وَالزَّهْرِيُّ وَنَافِعٌ أَجَلُّ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّحِيحِ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ لَا يَجِبُ أَنْ يَقَعَ الْمَنْعُ وَالْحَظْرُ إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا مُنَازِعَ لَهُ وَحَدِيثُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ مَعَ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ يُعَضِّدُ مَا رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي ذَلِكَ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَأَبِي طَلْحَةَ فِي بَابِ أَبِي النَّضْرِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي حَرْفِ السِّينِ وَقَدْ مَضَى مَا لِلْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَيَأْتِي فِي بَابِ أَبِي النَّضْرِ سَالِمٍ مَا فِيهِ أَيْضًا عَنِ التَّابِعِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عز وجل

الحديث الرابع والسبعون

نَافِعٌ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ حَدِيثٌ رَابِعٌ وَسَبْعُونَ لِنَافِعٍ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ (زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم) أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدِّمَاءَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَفْتَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِتَنْظُرْ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ (قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ) فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَّ لْتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ ثُمَّ لِتُصَلِّي

هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عن نافع سواء ورواه الليث بن سعيد وخصر بْنُ جُوَيْرِيَّةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا أَخْبَرَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَأَدْخَلُوا بَيْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَبَيْنَ أُمِّ سَلَمَةَ رَجُلًا وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّتِي كَانَتْ تُهَرَاقُ الدِّمَاءَ فَاسْتَفْتَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَيْضًا عَنْ أَيُّوبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثُ فَاطِمَةَ ابْنَةِ أَبِي حُبَيْشٍ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِخِلَافِ هَذَا اللفظ وسنذكره ههنا وَفِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ هَذَا فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ اسْتُحِيضَتْ حَتَّى كان المركن

يُنْقَلُ مِنْ تَحْتِهَا وَعَالِيهِ الدَّمُ فَأَمَرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنْ تَسْأَلَ لَهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ تَدَعُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا وَتَغْتَسِلُ وَتَسْتَثْفِرُ وَتُصَلِّي قَالَ أَيُّوبُ فَقُلْتُ لِسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَيَغْشَاهَا زَوْجُهَا قَالَ إِنَّمَا نُحَدِّثُ بِمَا سَمِعْنَا أَوْ لَا نُحَدِّثُ إِلَّا بِمَا سَمِعْنَا وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ أَبِي حُبَيْشٍ تُسْتَحَاضُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ بِالْحَيْضَةِ وَلَكِنَّهُ عِرْقٌ وَأَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ قَدْرَ أَقْرَائِهَا أَوْ قَدْرَ حَيْضَتِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ فَإِنْ غَلَبَهَا الدَّمُ اسْتَثْفَرَتْ بِثَوْبٍ وَصَلَّتْ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلَهُ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ اسْتُحِيضَتْ وَكَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي مِرْكَنٍ لَهَا فَتَخْرُجُ وَهُوَ عَالِيهِ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ وَاسْتَفْتَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ تَنْظُرُ أَيَّامَ قُرُوئِهَا أَوْ أَيَّامَ حَيْضَتِهَا فَتَدَعُ فِيهَا الصَّلَاةَ وَتَغْتَسِلُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ وَتَسْتَثْفِرُ بِثَوْبٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أقْرَائِهَا أَوْ أَيَّامَ حَيْضَتِهَا يُضَارِعُ حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ ابْنَةِ أَبِي حُبَيْشٍ حِينَ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ فَإِذَا ذَهَبَتْ عَنْكِ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي وَيُضَارِعُ حَدِيثَ نَافِعٍ هَذَا فِي قَوْلِهِ لِتَنْظُرْ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كانت تحيضهم مِنَ الشَّهْرِ الْحَدِيثَ وَفِي هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ تَنَازُعٌ بين العلماء سنذكره ههنا فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَلْفَاظِهِ بِعَوْنِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ عَلَى نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّ أَسَدَ بْنَ مُوسَى ذَكَرَهُ فِي مُسْنَدِهِ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ

تُهَرَاقُ الدِّمَاءَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً وَلَمْ يُدْخِلْ فِي إِسْنَادِهِ بَيْنَ سُلَيْمَانَ وَبَيْنَ أُمِّ سَلَمَةَ أَحَدًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَسَدٌ أَيْضًا عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيَّانَ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أم سَلَمَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ سَأَلَتِ امْرَأَةٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بَيْنَ سُلَيْمَانَ وَبَيْنَ أُمِّ سَلَمَةَ فِيهِ أَحَدٌ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وابن نمير جميعا بالإسناد المذكور وخالفهما عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ فَأَدْخَلَ بَيْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَبَيْنَ أُمِّ سَلَمَةَ رَجُلًا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدَّمَ فَاسْتَفْتَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ بِمَعْنَاهُ وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى عَنِ اللَّيْثِ هَذَا الْحَدِيثَ فَأَدْخَلَ فِي إِسْنَادِهِ بَيْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَبَيْنَ أُمِّ سَلَمَةَ رَجُلًا فَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَا حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدَّمَ فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ قَالَ فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْتَغْتَسِلْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَّةَ عَنْ نَافِعٍ بِإِسْنَادِ اللَّيْثِ وَمَعْنَاهُ قَالَ فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ ثُمَّ إِذَا حَضَرَتْ فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ وَتُصَلِّي وَعِنْدَ اللَّيْثِ فِي هَذَا أَيْضًا عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبي حَبِيبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدَّمِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي قَالَتْ عَائِشَةُ رَأَيْتُ مِرْكَنَهَا مَلْآنَ دَمًا وَعِنْدَ اللَّيْثِ أَيْضًا عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ

الزُّبَيْرِ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ وَشَكَتْ إِلَيْهِ الدَّمَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ فَانْظُرِي إِذَا أَتَاكِ قُرْؤُكِ فَلَا تُصَلِّي فَإِذَا مَرَّ قُرْؤُكِ فَتَطَهَّرِي ثُمَّ صَلِّي مَا بَيْنَ الْقُرْءِ إِلَى الْقُرْءِ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ فِي الْحَيْضِ حَدِيثَانِ وَالْآخَرُ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ أَبُو دَاوُدَ يَعْنِي أَنَّ فِي الْحَيْضِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ هِيَ أُصُولُ هَذَا الْبَابِ أَحَدُهَا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَالْآخَرُ حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَالثَّالِثُ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مِنْهُ شَيْءٌ هُوَ حَدِيثُ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ الَّذِي يَرْوِيهِ ابْنُ عُقَيْلٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْبَابِ مُجَوَّدَ الْإِسْنَادِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ ابْنَةِ أَبِي حُبَيْشٍ فَحَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ

عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ الْأَسْدِيَّةَ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي قَالَ اغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي وَهَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ عَنْ هِشَامٍ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهُمْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِيهِ أَلْفَاظًا لَهَا أَحْكَامٌ سَنَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهُ الثَّالِثُ حَدِيثُ حَمْنَةَ فَأَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أُمِّهِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَغَيْرُهُ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أُمِّهِ حَمْنَةَ ابْنَةِ جَحْشٍ بِمَعْنًى

وَاحِدٍ قَالَتْ كُنْتُ أُسْتَحَاضَ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَمَاذَا تَرَى فِيهَا قَدْ مَنَعَتْنِي مِنَ الصَّلَاةِ فَقَالَ أَنْعَتُ لَكِ الْكُرْسُفَ فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ قُلْتُ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَتَلَجَّمِي قُلْتُ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَاتَّخِذِي ثَوْبًا قُلْتُ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَتْ إِنَّمَا أَثُجُّ ثَجًّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَآمُرُكِ أَمْرَيْنِ أَيُّهُمَا فَعَلْتِ أَجْزَأَ عَنْكِ مِنَ الْآخَرِ فَإِنْ قَوَيْتِ عَلَيْهِمَا فَأَنْتِ أَعْلَمُ إِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً فِي عِلْمِ اللَّهِ ثُمَّ اغْتَسِلِي حَتَّى إِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَأْتِ فَصَلِّي أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا وَصُومِي فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِيكِ وَكَذَلِكَ فَافْعَلِي كُلَّ شَهْرٍ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ وَكَمَا يَطْهُرْنَ مِيقَاتَ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ فَإِنْ قَوِيتِ عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَتُؤَخِّرِينَ الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلِينَ العشاء

ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) فَافْعَلِي ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ مَعَ الْفَجْرِ فَافْعَلِي وَصُومِي إِنْ قَدِرْتِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا أَحَبُّ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَمَا عَدَا هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَحَادِيثِ فَفِيهَا اخْتِلَافٌ وَاضْطِرَابٌ قَالَ وَأَمَّا حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَالْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَحَدِيثُ أَيُّوبَ بْنِ الْعَلَاءِ فَهِيَ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ لَا تَصِحُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ أَبِي حُبَيْشٍ أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي فَإِنَّمَا هُوَ عرق

قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ مِنْ كِتَابِهِ هَكَذَا ثُمَّ حَدَّثَنَا بِهِ مِنْ حِفْظِهِ فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ وَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَمَرَّةً يَرْوِيهِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ ومرة عن عروة عَنْ عَائِشَةَ وَمَرَّةً عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَمَرَّةً عَنْ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَقَالَ فِيهِ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ ابْنَةُ أَبِي حُبَيْشٍ أَنَّهَا أَمَرَتْ أَسْمَاءَ أَنْ تَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْمَاءُ حَدَّثَتْنِي أَنَّهَا أَمَرَتْ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ تَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحَيْضِ فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْعُدَ أَيَّامَهَا الَّتِي كَانَتْ تَقْعُدُ ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ يَقُولُونَ فِيهِ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ خَتَنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تحت بعدالرحمان بْنِ عَوْفٍ اسْتُحِيضَتْ هَكَذَا يَقُولُونَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أُمُّ حَبِيبَةَ لَا يَذْكُرُونَ فَاطِمَةَ بِنْتَ (أَبِي) حُبَيْشٍ وَحَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْبَابِ مُضْطَرِبٌ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ اسْتَفْتَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ رَسُولَ اللَّهِ قَالَتْ إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ فَاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَرَوَاهُ عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ بِخِلَافِ رِوَايَةِ هِشَامٍ وَالزُّهْرِيِّ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الدم قالت عائشة لقد رأيت مركنها ملآن دَمًا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْكُثِي قَدْرَ مَا تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَبِإِسْنَادِهِ عَنِ اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَشَكَتْ إِلَيْهِ الدم فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ فَانْظُرِي فَإِذَا أَتَاكِ قُرْؤُكِ فَلَا تُصَلِّي فَإِذَا مَرَّ الْقُرْءُ فَتَطَهَّرِي ثُمَّ صَلِّي بَيْنَ الْقُرْءِ إِلَى الْقُرْءِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لِهَذَا الِاخْتِلَافِ وَمِثْلِهِ عَنْ عُرْوَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ضَعَّفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مَا عَدَا حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِنْ أَحَادِيثِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمَرْفُوعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا أَقَاوِيلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَسَنُورِدُ مِنْهَا ههنا مَا فِيهِ شِفَاءٌ وَاكْتِفَاءٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدِّمَاءَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَعْنَاهُ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا كَانَتِ امْرَأَةً لَا يَنْقَطِعُ دَمُهَا وَلَا تَرَى مِنْهُ طُهْرًا وَلَا نَقَاءً وَقَدْ زَادَهَا ذَلِكَ عَلَى أَيَّامِهَا الْمَعْرُوفَةِ لَهَا وَتَمَادَى بِهَا فَسَأَلَتْ عَنْ ذَلِكَ لِتَعْلَمَ هَلْ حُكْمُ ذَلِكَ الدَّمِ كَحُكْمِ دَمِ الْحَيْضِ أَوْ هَلْ هُوَ حَيْضٌ أَوْ غَيْرُ حَيْضٍ فَأَجَابَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَوَابٍ مَنَعَهَا بِهِ مِنَ الصَّلَاةِ فِي أَيَّامِ حَيْضَتِهَا فَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ الْحَائِضَ لَا تُصَلِّي وَهَذَا إِجْمَاعٌ وَأَمَرَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ إِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ وَاحْتَمَلَتْ أَلْفَاظُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنَ التَّأْوِيلِ مَا أَوْجَبَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ عَنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالَّذِي أَجْمَعُوا عَلَيْهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ فِي رُؤْيَتِهَا الدَّمَ السَّائِلَ مِنْ فَرْجِهَا فَمِنْ ذَلِكَ دَمُ الْحَيْضِ الْمَعْرُوفُ تَتْرُكُ لَهُ الصَّلَاةَ إِذَا كَانَ حَيْضًا وَلِلْحَيْضِ عِنْدَهُمْ مِقْدَارٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَكُلُّهُمْ يَقُولُ إِذَا جَاوَزَ الدَّمُ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ فَلَيْسَ بِحَيْضٍ وَالْحَيْضُ خِلْقَةٌ فِي النِّسَاءِ وَطَبْعٌ مُعْتَادٌ مَعْرُوفٌ مِنْهُنَّ وَحُكْمُهُ أَلَّا تُصَلِّي مَعَهُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَصُومَ فَإِذَا انْقَطَعَ عَنْهَا كَانَ طُهْرُهَا منه الغسل

وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ دَمُ النِّفَاسِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ لَهُ أَيْضًا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ حَدٌّ مَحْدُودٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ عَنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَطُهْرُهَا عِنْدَهُمُ انْقِطَاعُهُ وَالْغُسْلُ مِنْهُ كَالْغُسْلِ مِنَ الْحَيْضِ سَوَاءً وَالْوَجْهُ الثَّانِي دَمٌ لَيْسَ بِعَادَةٍ وَلَا طَبْعٍ مِنْهُنَّ وَلَا خِلْقَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ انْقَطَعَ سَائِلُ دَمِهِ لَا انْقِطَاعَ لَهُ إِلَّا عِنْدَ الْبُرْءِ مِنْهُ فَهَذَا حُكْمُهُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ فِيهِ طَاهِرًا لَا يَمْنَعُهَا مِنْ صَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَاتِّفَاقٍ مِنَ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ إِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ دَمُ الْعِرْقِ لَا دَمَ الْحَيْضِ وَأَمَّا وَطْءُ الزَّوْجِ أَوِ السَّيِّدِ للمرأة هَذِهِ حَالُهَا فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمَاعَةٌ قَالُوا لَا سَبِيلَ لِزَوْجِهَا إِلَى وَطْئِهَا مَا دَامَتْ تِلْكَ حَالَهَا قَالُوا لِأَنَّ كُلَّ دَمٍ أَذًى يَجِبُ غَسْلُهُ مِنَ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَلَا فَرْقَ فِي الْمُبَاشَرَةِ بَيْنَ دَمِ الْحَيْضِ وَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ رِجْسٌ وَإِنْ كَانَ التَّعَبُّدُ مِنْهُ مُخْتَلِفًا كَمَا أَنَّ مَا خَرَجَ مِنَ السَّبِيلَيْنِ سَوَاءٌ فِي النَّجَاسَةِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ عِبَادَاتُهُ فِي الطَّهَارَةِ قَالُوا وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَرُخْصَةٌ وَرَدَتْ بِهَا السُّنَّةُ كَمَا يُصَلِّي أَسْلَسُ الْبَوْلِ وممن قال أن المستحاضة لا يصبها زَوْجُهَا إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَالْحَكَمُ وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَالزُّهْرِيُّ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ أَنَّهُ لَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ وَذُكِرَ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ الْمُسْتَحَاضَةُ تَصُومَ وَتُصَلِّي وَلَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلُهُ

وَعَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ حُرَيْثٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ مِثْلُهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ (لَا) تَصُومُ وَلَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَلَا تَمَسُّ الْمُصْحَفَ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ مِثْلَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَيُصِيبُ الْمُسْتَحَاضَةَ زَوْجُهَا فَقَالَ إِنَّمَا سَمِعْنَا الصَّلَاةَ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مصعب قال سمعت المغيرة بن عبد الرحمان وَكَانَ مِنْ أَعْلَى أَصْحَابِ مَالِكٍ يَقُولُ قَوْلُنَا فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا إِنَّا لَا نَدْرِي هَلْ ذَلِكَ انْتِقَالُ دَمِ حَيْضَتِهَا إِلَى دَمٍ أَكْثَرَ مِنْهَا أَمْ ذَلِكَ اسْتِحَاضَةٌ فَنَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ إِذَا مَضَتْ أَيَّامُ حَيْضَتِهَا وَتُصَلِّي وَتَصُومَ وَلَا يَغْشَاهَا زَوْجُهَا احْتِيَاطًا يَنْظُرُ إِلَى مَا تَصِيرُ إِلَيْهِ حَالُهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ كَانَتْ حَيْضَةً انْتَقَلَتْ مِنْ أَيَّامٍ إِلَى أَكْثَرَ مِنْهَا عَمِلَتْ فِيمَا تَسْتَقْبِلُ عَلَى الْأَيَّامِ الَّتِي انْتَقَلَتْ إِلَيْهَا وَلَمْ يَضُرَّهَا مَا كَانَتِ احْتَاطَتْ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الدَّمُ الَّذِي اسْتَمَرَّ بِهَا اسْتِحَاضَةً كَانَتْ قَدِ احْتَاطَتْ لِلصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ وَهَذَا قَوْلُنَا وَبِهِ نُفْتِي وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ الْمُسْتَحَاضَةُ تَصُومُ وَتُصَلِّي وَتَطُوفُ وَتَقْرَأُ وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا

وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ إِجَازَةُ وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَلَّا يَطَأَهَا إِلَّا أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ بِهَا ذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الْأَجْلَحِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ لَا بَأْسَ أَنْ يُجَامِعَهَا زَوْجُهَا وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ شَرُوسٍ قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُ عَنِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَيُصِيبُهَا زَوْجُهَا قَالَ نَعَمْ وَإِنْ سَالَ الدَّمُ عَلَى عَقِبَيْهَا عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سُمَيٍّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَا فِي الْمُسْتَحَاضَةِ تَصُومُ وَتُصَلِّي وَيُجَامِعُهَا زَوْجُهَا وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَتُجَامِعُ فَقَالَ الصَّلَاةُ أَعْظَمُ مِنَ الْجِمَاعِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب أَنَّهُ قَالَ الْمُسْتَحَاضَةُ تَصُومُ وَتُصَلِّي

وَيَطَؤُهَا زَوْجُهَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ مَالِكٌ أَمْرُ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ دَمُهَا كَثِيرًا وَقَالَ مَالِكٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ حَيْضَةً فَمَا يَمْنَعُهَا أَنْ تُصِيبَهَا وَهِيَ تُصَلِّي وَتَصُومُ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُكْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي دَمِ الْمُسْتَحَاضَةِ بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ وَتَعْبُدُ فِيهِ بِعِبَادَةٍ غَيْرِ عِبَادَةِ الْحَيْضِ أوجب أن لا يحكم له بشئ مِنْ حُكْمِ الْحَيْضِ إِلَّا فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ غُسْلِهِ كَسَائِرِ الدِّمَاءِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَفِي أَقَلِّهِ وَفِي أَقَلِّ الطهر فواجب الوقوف عليه ههنا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاسْتِحَاضَةِ زِيَادَةُ الدَّمِ عَلَى مِقْدَارِ أَمَدِ الْحَيْضِ أَوْ نُقْصَانِ مُدَّةِ الطُّهْرِ عَنْ أَقَلِّهِ فَبِهَذَا تُعْرَفُ الِاسْتِحَاضَةُ فَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَأَقَلِّهِ فَإِنَّ فُقَهَاءَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ إِنَّ الْحَيْضَ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَجَائِزٌ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَمَا دُونَ وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَلَا يَكُونُ حَيْضًا وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِحَاضَةٌ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ

أَنَّهُ قَالَ لَا وَقْتَ لِقَلِيلِ الْحَيْضِ وَلَا لِكَثِيرِهِ وَالدَّفْعَةُ عِنْدَهُ مِنَ الدَّمِ وَإِنْ قَلَّتْ تَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ وَأَكْثَرُ الْحَيْضِ عِنْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا إِلَّا أَنْ يُوجَدَ فِي النِّسَاءِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ تَرَكَ قَوْلَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَرَدَّهُ إِلَى عُرْفِ النِّسَاءِ فِي الْأَكْثَرِ وَأَمَّا الْأَقَلُّ فَقَلِيلُ الدَّمِ عِنْدَهُ حَيْضٌ بِلَا تَوْقِيتٍ يَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْمُطَلَّقَةُ تَعُدُّهُ قُرْءًا هَذِهِ جُمْلَةُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرِ الْمِصْرِيِّينَ عَنْهُ وَرَوَى الْأَنْدَلُسِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ أَقَلُّ الطُّهْرِ عَشْرٌ وَأَقَلُّ الْحَيْضِ خَمْسٌ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ أَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ وَأَقَلُّ الْحَيْضِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَرُوِيَ عَنْهُ يَوْمٌ بِلَا لَيْلَةٍ وَأَكْثَرُهُ عِنْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي عُرْفِ النِّسَاءِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَةٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ قَالَ وَعِنْدَنَا امْرَأَةٌ تَحِيضُ غُدْوَةً وَتَطْهُرُ عَشِيَّةً وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَمَا نَقَصَ عِنْدَهَا وَلَاءً مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ وَمَا زَادَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ وَكَذَلِكَ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ وَمَا زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَمِثْلُ ذَلِكَ

وَكَذَلِكَ مَا نَقَصَ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي أَقَلِّ الطُّهْرِ فَإِنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ اضْطَرَبُوا فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَرُوِيَ عَنْهُ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَالِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ أَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ إلا أن يعمل طُهْرُ امْرَأَةٍ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَحَكَى ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ تِسْعَةَ عَشَرَ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ عَدْلَ كُلِّ حَيْضَةٍ وَطُهْرٍ شَهْرًا وَالْحَيْضُ فِي الْعَادَةِ أَقَلُّ مِنَ الطُّهْرِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْحَيْضُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَشْرَةٌ حَيْضًا وَبَاقِي الشَّهْرِ طُهْرًا وَهُوَ تِسْعَةَ عَشَرَ لِأَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَقَوْلُ أحمد بن حنبل وإسحاق وأبي ثور وأبي عُبَيْدٍ وَالطَّبَرِيِّ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا أَقَلُّ الطُّهْرِ فَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا تَحْدِيدَ فِي ذَلِكَ وَأَنْكَرَا عَلَى مَنْ وَقَّتَ فِي ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَقَالَا باطل

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ أَقَلُّ مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ مِنَ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَذَكَرَ أَبُو ثَوْرٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَحَكَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي أَقَلِّ النِّفَاسِ وَأَكْثَرِهِ فَلَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ أَعْنِي فُقَهَاءَ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ أَنَّ النُّفَسَاءَ إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ وَلَوْ بَعْدَ سَاعَةٍ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ وَاخْتَلَفُوا فِي أَكْثَرِ مُدَّتِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيُّ أَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْمًا ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ يُسْأَلُ النِّسَاءُ عَنْ ذَلِكَ وَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فَذَكَرَ اللَّيْثُ أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ سَبْعِينَ يَوْمًا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ أَكْثَرُهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا زَادَ عِنْدَهُمْ عَلَى أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِ مُدَّةِ النِّفَاسِ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ فَقِفْ عَلَى أُصُولِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ لِتَعْرِفَ الْحُكْمَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ وَتَعْرِفَ مَنْ قَلَّدَ أَصْلَهُ مِنْهُمْ وَمَنْ خَالَفَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَمَّا أَقَاوِيلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي صَلَاةِ الْمُسْتَحَاضَةِ فَإِنَّ ابْنَ سِيرِينَ رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ قَالَ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ الْبَحْرَانِيَّ فَلَا تُصَلِّي وَإِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ وَلَوْ سَاعَةً فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ وَقَالَ مَكْحُولٌ إِنَّ النِّسَاءَ لَا تَخْفَى عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَةُ إِنَّ دَمَهَا أَسْوَدُ غَلِيظٌ فَإِذَا ذَهَبَ ذَلِكَ وَصَارَتْ صُفْرَةً رَقِيقَةً فَإِنَّهَا الِاسْتِحَاضَةُ فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ

وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ تَرَكَتِ الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتِ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ تَجْلِسُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْهُ وَرَوَى يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ الْحَائِضُ إِذَا مَدَّ بِهَا الدَّمُ تُمْسِكُ بَعْدَ حَيْضَتِهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَقَالَ التَّيْمِيُّ عَنْ قَتَادَةَ إِذَا زَادَتْ عَلَى أَيَّامِ حَيْضَتِهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَلْتُصَلِّ قَالَ التَّيْمِيُّ فَجَعَلْتُ أُنْقِصُ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ يَوْمَيْنِ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمَيْنِ فَهُوَ مِنْ حَيْضِهَا وَسُئِلَ ابْنُ سِيرِينَ فَقَالَ النِّسَاءُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذِهِ أَقَاوِيلُ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا أَقَاوِيلُ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا ابْتَدَأَهَا حَيْضُهَا فَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ أَوْ كَانَتْ مِمَّنْ قَدْ حَاضَتْ فَاسْتَمَرَّ الدَّمُ بِهَا قَالَ فِي الْمُبْتَدَأَةِ تَقْعُدُ مَا تَقْعُدُ نَحْوُهَا مِنَ النِّسَاءِ مِنْ أَسْنَانِهَا وَأَتْرَابِهَا وَلِدَاتِهَا ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ بُلُوغِهَا مِنَ الدَّمِ فَهُوَ حَيْضٌ تَتْرُكُ لَهُ الصَّلَاةَ فَإِنْ تَمَادَى بِهَا قَعَدَتْ عَنِ الصَّلَاةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ اغْتَسَلَتْ وَكَانَتْ مُسْتَحَاضَةً تُصَلِّي وَتَصُومُ وَتُوطَأُ إِلَّا أَنْ تَرَى دَمًا لَا تَشُكُّ أنه

دَمُ حَيْضٍ فَتَدَعُ لَهُ الصَّلَاةَ فَقَالَ وَالنِّسَاءُ يَعْرِفْنَ ذَلِكَ بِرِيحِهِ وَلَوْنِهِ وَقَالَ إِذَا عَرَفَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ إِقْبَالَ الْحَيْضَةِ وَإِدْبَارَهَا وَمَيَّزَتْ دَمَهَا اعْتَدَّتْ بِهِ مِنَ الطَّلَاقِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ عِدَّتُهَا سَنَةٌ وَإِنْ رَأَتْ دَمًا تُنْكِرُهُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَا تَرَى غَيْرَهَا فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِنَّ ذَلِكَ حَيْضٌ تَكُفُّ لَهُ عَنِ الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَيْرُ تِلْكَ الدَّفْعَةِ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَلَا تَعْتَدُّ بِتِلْكَ الدَّفْعَةِ مِنْ طَلَاقٍ وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ وَفِي غَيْرِهَا حَيْضٌ وَقَالَ مَالِكٌ الْمُسْتَحَاضَةُ إِذَا مَيَّزَتْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ عَمِلَتْ عَلَى التَّمْيِيزِ فِي إِقْبَالِ الْحَيْضَةِ وَإِدْبَارِهَا وَلَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى عَدَدِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ وَكَفَّتْ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ إِقْبَالِ حَيْضَتِهَا وَاغْتَسَلَتْ عِنْدَ إِدْبَارِهَا وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ يَزِيدُ دَمُهَا عَلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا إِنَّهَا تُمْسِكُ عَنِ الصَّلَاةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنِ انْقَطَعَ وَإِلَّا صَنَعَتْ مَا تَصْنَعُ الْمُسْتَحَاضَةُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ تَسْتَظْهِرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا الْمُعْتَادَةِ ثُمَّ تُصَلِّي وَتَرَكَ قَوْلَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَخَذَ بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ الْمَدَنِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَأَخَذَ بِقَوْلِهِ الْآخَرِ الْمِصْرِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كُلِّهَا مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ الْأَخِيرِ وَلِمَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْمَرْأَةِ يَنْقَطِعُ دَمُ حَيْضِهَا فَتَرَى دَمًا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَطُهْرًا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ مَذَاهِبُ سَنَذْكُرُهَا فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَقْصَى مَا تَحِيضُ النِّسَاءُ عِنْدَ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ الدَّمَ أَمْسَكَتْ عَنِ الصَّلَاةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنِ انْقَطَعَ عَنْهَا عِنْدَ انْقِضَاءِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَفِيمَا دُونَهَا عَلِمْنَا أَنَّهُ حَيْضٌ وَاغْتَسَلَتْ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ وَصَلَّتْ وَلَيْسَتْ مُسْتَحَاضَةً فَإِنْ تَمَادَى بِهَا الدَّمُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا اغْتَسَلَتْ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَعَلِمْنَا أَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ فَأَمَرْنَاهَا بِالْغُسْلِ لِأَنَّهَا طَاهِرٌ وَتُصَلِّي مِنْ يَوْمِهَا ذَلِكَ وَلَا تُصَلِّي مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا تَرَكَتِ الصَّلَاةَ بِاجْتِهَادٍ فِي أَمْرٍ يُخْتَلَفُ فِيهِ وَقَدْ ذَهَبَ وَقْتُ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَقُلْنَا أَقِيمِي طَاهِرَةً حَتَّى تُقْبِلَ الْحَيْضَةُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ أَنْ تَأْتِيَهَا دَفْعَةٌ مِنْ دَمٍ تُنْكِرُهُ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ يَوْمِ غُسْلِهَا لِأَنَّهُ أَقَلُّ الطُّهْرِ عِنْدَنَا فَإِذَا رَأَتِ الدَّفْعَةَ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الطُّهْرِ كَفَّتْ عَنِ الصَّلَاةِ مَا دَامَتْ تَرَى الدَّمَ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ فِيمَا تَسْتَقْبِلُ كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بين الدفعة وبين الطهر قدر بخمسة عشر يوما فهي امرأة حاضت فِي الشَّهْرِ أَكْثَرَ مِمَّا تَحِيضُ النِّسَاءُ فَلَا تَعْتَدُّ بِهِ وَلَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ لِتِلْكَ الدَّفْعَةِ وَلَا تَزَالُ تُصَلِّي حَتَّى يَأْتِيَهَا وَلَوْ دَفْعَةٌ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الطُّهْرِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ

مَسْلَمَةَ إِنَّمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْتَحَاضَةَ أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَقَدْرُهَا عِنْدَنَا عَلَى مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ لِتَنْظُرْ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ فَإِنْ جَاوَزَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ وَلْتُصَلِّي وَإِنَّمَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ وَحَيْضُهَا مُسْتَقِيمٌ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ لَا تَزِيدُ عَلَيْهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَهِيَ طَاهِرٌ حَتَّى تَرَى دَفْعَةً فَتَكُفَّ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ فَإِنْ زَادَتْ دَفْعَةٌ قَبْلَ وَقْتِ حَيْضِهَا لَمْ تَكُفَّ عَنِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا لَوْ كَفَّتْ عَنِ الصَّلَاةِ بِتِلْكَ الدَّفْعَةِ قَبْلَ وَقْتِ حَيْضِهَا كَانَتْ قَدْ خَالَفَتْ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَعَدَتْ عَنِ الصَّلَاةِ أَكْثَرَ مِنْ أَيَّامِ حَيْضِهَا وَالدَّفْعَةُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ عِرْقٌ لَنْ تُقْبَلَ مَعَهُ حَيْضَةٌ وَإِنَّمَا أُمِرَتْ أَنْ تَكُفَّ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ إقبال الحيضة فرأينا إقبالها في غير مَوْضِعَهَا مُخَالِفًا لِلْحَدِيثِ فِي عَدَدِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ فَجَعَلْنَا ذَلِكَ اسْتِحَاضَةً قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَكَانَ الْمُغِيرَةُ يَأْخُذُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ عَدَدُ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ وَكَانَ مَالِكٌ يَحْتَاطُ بَعْدَ ذَلِكَ بِثَلَاثٍ قَالَ وَقَوْلُ الْمُغِيرَةِ فِي ذَلِكَ أَحْسَنُ وَأَحَبُّ إِلَيَّ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي لَمْ تَحِضْ قَطُّ ثُمَّ حَاضَتْ فَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَإِنَّهَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ إِلَى

أَنْ تُتِمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنِ انْقَطَعَ عَنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّهُ حَيْضٌ وَاغْتَسَلَتْ وَإِنِ انْقَطَعَ عَنْهَا لِخَمْسَ عَشْرَةَ فَكَذَلِكَ أَيْضًا وَهِيَ حَيْضَةٌ قَائِمَةٌ تَصِيرُ قُرْءًا لَهَا وَإِنْ زَادَ الدَّمُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ اغْتَسَلَتْ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْخَمْسَ عَشْرَةَ وَتَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَصَلَّتْ وَكَانَ مَا بَلَغَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ دَمِهَا اسْتِحَاضَةً يَغْشَاهَا فِيهِ زَوْجُهَا وَتُصَلِّي فِيهِ وَتَصُومُ وَلَا تَزَالُ بِمَنْزِلَةِ الطَّاهِرِ حَتَّى تَرَى دَمًا قَدْ أَقْبَلَ غَيْرَ الدَّمِ الَّذِي كَانَ بِهَا وَهِيَ تُصَلِّي فَإِنْ رَأَتْهُ بَعْدَ خَمْسِ لَيَالٍ مِنْ يَوْمِ اغْتَسَلَتْ فَهُوَ حَيْضٌ مُقْبِلٌ تَتْرُكُ لَهُ الصَّلَاةَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ كَانَ لَهَا حَيْضٌ مَعْرُوفٌ تَرْجِعُ إِلَيْهِ وَتَتْرُكُ الصَّلَاةَ قَدْرَ أَيَّامِهَا إِنَّمَا وَقْتُهَا أَكْثَرُ الْحَيْضِ وَهِيَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ الْمُقْبِلَ بَعْدَمَا اغْتَسَلَتْ بِأَقَلَّ مِنْ خَمْسِ لَيَالٍ لَمْ تَتْرُكْ لَهُ الصَّلَاةَ وَكَانَتِ اسْتِحَاضَةً لِأَنَّهَا لَمْ تُتِمَّ مِنَ الطُّهْرِ أَيَّامَهَا فَيَكُونُ الَّذِي يُقْبِلُ حَيْضًا مُسْتَأْنَفًا فَهَذَا حُكْمُ الَّتِي ابْتُدِئَتْ فِي أَوَّلِ مَا حَاضَتْ بِالِاسْتِحَاضَةِ قَالَ وَأَمَّا الَّتِي لَهَا حَيْضٌ مَعْرُوفٌ مُسْتَقِيمٌ وَزَادَهَا الدَّمُ عَلَى أَيَّامِهَا فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ إِلَى تَمَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ فَإِنِ انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ قَبْلَ ذَلِكَ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَكَانَ حَيْضُهَا مُسْتَقِيمًا وَإِنِ انْقَطَعَ الدَّمُ مَعَ تَمَامِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَكَذَلِكَ أَيْضًا وَإِنَّمَا هِيَ امْرَأَةٌ انْتَقَلَ حَيْضُهَا إِلَى أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ وَكُلُّ ذَلِكَ حَيْضٌ لِأَنَّ حَيْضَ الْمَرْأَةِ مُخْتَلِفٌ أَحْيَانًا فَيَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَإِنْ زَادَهَا الدَّمُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ اغْتَسَلَتْ عِنْدَ تَمَامِهَا فَصَلَّتْ وَكَانَتْ مُسْتَحَاضَةً وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَرَى دَمًا قَدْ أَقْبَلَ سِوَى الَّذِي تصلي

فِيهِ فَإِنْ رَأَتْهُ قَبْلَ خَمْسِ لَيَالٍ مِنْ حِينِ اغْتَسَلَتْ مَضَتْ عَلَى حَالِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ وَإِنْ رَأَتْهُ بَعْدَ خَمْسِ لَيَالٍ فَأَكْثَرَ فَهُوَ دَمُ حَيْضٍ مُسْتَأْنَفٌ تَتْرُكُ لَهُ الصَّلَاةَ أَيَّامَهَا الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهَا قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ عَلَيْهَا أَمْرُهَا وَتَزِيدُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى مَا كَانَتْ تَعْرِفُ مِنْ أَيَّامِهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَيَّامُهَا وَالثَّلَاثَةُ الَّتِي تَحْتَاطُ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تُجَاوِزْ خَمْسَ عَشْرَةَ وَاغْتَسَلَتْ عِنْدَ تَمَامِهَا وَصَلَّتْ فَهَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأَةِ بِالِاسْتِحَاضَةِ وَبَيْنَ الَّتِي كَانَ لَهَا وَقْتٌ مَعْلُومٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْجِلَّةُ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْقَدِيمِ أَنَّ الْحَيْضَ يَكُونُ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا تُجَاوِزُ ذَلِكَ وَمَا جَاوَزَهُ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ قَالَ وَعَلَى هَذَا كَانَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْقَدِيمُ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ حَتَّى رَجَعَ عَنْهُ أَبُو حَنِيفَةَ لِحَدِيثٍ بَلَغَهُ عَنِ الْجَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ تَنْتَظِرُ عَشْرًا لَا تُجَاوِزُ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَمْ أَزَلْ أَرَى أَنْ يَكُونَ أَقَلُّ الطُّهْرِ أَكْثَرَ مِنْ أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَكُنْتُ أَكْرَهُ خِلَافَهُمْ يَعْنِي فُقَهَاءَ الْكُوفَةِ حَتَّى سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَنَسٍ فَأَنَا آخُذُ بِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ أَصْحَابِهِ فِي عَدَدِ الْحَيْضِ وَانْقِطَاعِهِ وَعَوْدَتِهِ اخْتِلَافًا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَأْخُذُوهُ عَنْ أَثَرٍ قَوِيٍّ وَلَا إِجْمَاعٍ قَالَ وَاخْتَلَفَ أَيْضًا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي عَدَدِ الْحَيْضِ رَجَعَ فِيهَا مِنْ قَوْلٍ إِلَى قَوْلٍ وَثَبَتَ هو وأهل

بَلَدِهِ عَلَى أَصْلِ قَوْلِهِمْ فِي الْحَيْضِ أَنَّهُ خَمْسَ عَشْرَةَ قَالَ وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ لَكَ اخْتِلَافَ أَمْرِ الْحَيْضِ وَاخْتِلَاطَهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ لِتَعْلَمَ أَنَّهُ أَمْرٌ أُخِذَ أَكْثَرُهُ بِالِاجْتِهَادِ فَلَا يَكُونُ عِنْدَكَ سُنَّةُ قَوْلِ أَحَدٍ مِنَ الْمُخْتَلِفِينَ فَيُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ خِلَافَهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ احْتَجَّ الطحاوي المذهب الْكُوفِيِّينَ فِي تَحْدِيدِ الثَّلَاثِ وَالْعَشْرِ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ إِذْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تُهَرَاقُ الدَّمَ فَقَالَ لِتَنْظُرْ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تحيضهن في الشَّهْرِ فَلْتَتْرُكْ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ ثُمَّ تَغْتَسِلْ وَتُصَلِّي قَالَ فَأَجَابَهَا بِذِكْرِ عَدَدِ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ لَهَا عَلَى مِقْدَارِ حَيْضِهَا قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ وَأَكْثَرُ مَا يَتَنَاوَلُهُ أَيَّامٌ عَشَرَةٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا عِنْدِي حُجَّةً تَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْحَيْضُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ كَلَامٌ خَرَجَ فِي امْرَأَةٍ قَدْ عُلِمَ أَنَّ حَيْضَهَا أَيَّامٌ فَخَرَجَ جَوَابُهَا عَلَى ذَلِكَ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْحَيْضُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي النِّسَاءِ غَيْرُ مَدْفُوعٍ وَأَمَّا الْجَلْدُ بْنُ أَيُّوبَ فَإِنَّ الْحُمَيْدِيَّ ذَكَرَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ كَانَ يُضَعِّفُهُ وَيَقُولُ مَنْ جَلْدٌ وَمَنْ كَانَ جَلْدٌ وَقَالَ ابْنُ

الْمُبَارَكِ الْجَلْدُ بْنُ أَيُّوبَ يُضَعِّفُهُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَيَقُولُونَ لَيْسَ بِصَاحِبِ حَدِيثٍ يَعْنِي رِوَايَتَهُ فِي قِصَّةِ الْحَيْضِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِلْجَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ أَيْضًا حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ عَائِدِ بْنِ عُمَرَ وَأَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إِذَا نُفِسْتِ لَا تَغُرِّينِي عَنْ دِينِي حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً وَرَوَى عَنِ الْجَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ وَعُمَرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ وَغَيْرُهُمْ وَلَهُ سَمَاعٌ مَنِ الْحَسَنِ وَنُظَرَائِهِ وَلَكِنَّهُمْ يُضَعِّفُونَهُ فِي حَدِيثِهِ فِي الْحَيْضِ وَأَمَّا الِاسْتِظْهَارُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ بِاسْتِظْهَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ غَيْرُهُ تَسْتَظْهِرُ يَوْمَيْنِ وَحَكَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ تَسْتَظْهِرُ يَوْمًا وَاحِدًا عَلَى حَيْضَتِهَا ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَذَكَرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ تَسْتَظْهِرُ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي الِاسْتِظْهَارِ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ حَرَامُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي جَابِرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ وَحَرَامُ بْنُ عُثْمَانَ

ضَعِيفٌ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ وَاحْتَجُّوا فِيهِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَالْقِيَاسِ عَلَى الْمُصَرَّاةِ فِي اخْتِلَاطِ اللَّبَنَيْنِ فَجَعَلُوا كَذَلِكَ اخْتِلَافَ الدَّمَيْنِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَدَمِ الْحَيْضِ وَفِي السُّنَّةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الْمُصَرَّاةَ تُسْتَبْرَأُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِيُعْلَمَ بِذَلِكَ مِقْدَارُ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ مِنْ لَبَنِ الْعَادَةِ فَجَعَلُوا كَذَلِكَ الَّذِي يَزِيدُ دَمُهَا عَلَى عَادَتِهَا لِيُعْلَمَ بِذَلِكَ أَحَيْضٌ هُوَ أَمِ اسْتِحَاضَةٌ اسْتِبْرَاءً وَاسْتِظْهَارًا وَفِي ذَا الْمَعْنَى نَظَرٌ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ إِنَّمَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي عَمَلِ الصَّلَاةِ لَا فِي تَرْكِهَا وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ الْحَيْضُ أَقَلُّ مَا يَكُونُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنْ تَمَادَى بِالْمُبْتَدَأَةِ الدَّمُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا اغْتَسَلَتْ وَقَضَتِ الصَّلَاةَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ بِيَقِينٍ إِذَا زَادَتْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّ حَيْضَهَا أَقَلُّ الْحَيْضِ احْتِيَاطًا لِلصَّلَاةِ وَإِنِ انْقَطَعَ دَمُهَا لِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ دُونَهَا فَهُوَ كُلُّهُ حَيْضٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا زَادَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى أَيَّامِ حَيْضِهَا نَظَرَتْ فَإِنْ كَانَ الدَّمُ مُحْتَدِمًا ثَخِينًا فَتِلْكَ الْحَيْضَةُ تَدَعُ لَهَا الصَّلَاةَ فَإِذَا جَاءَهَا الدَّمُ الْأَحْمَرُ فَذَلِكَ الِاسْتِحَاضَةُ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي (وَلَا

تَسْتَظْهِرُ فِي أَيَّامِ الدَّمِ وَفِي أَيَّامِ أَقْرَائِهَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي) تَعْمَلُ عِنْدَهُ عَلَى التَّمْيِيزِ فَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ فَعَلَى الْأَيَّامِ فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ رَجَعَتْ إِلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ وَالْيَقِينِ وَقَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ فِي هَذَا كُلِّهِ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءً قَالَ أَبُو عُمَرَ الدَّمُ الْمُحْتَدِمُ هُوَ الَّذِي لَيْسَ بِرَقِيقٍ وَلَا بِمُشْرِقٍ وَهُوَ إِلَى الْكُدْرَةِ وَالدَّمُ الْأَحْمَرُ الْمَشْرِقُ تَقُولُ لَهُ الْعَرَبُ دَمٌ عَبِيطٌ وَالْعَبِيطُ هُوَ الطَّرِيُّ غَيْرُ الْمُتَغَيِّرِ تَقُولُ الْعَرَبُ اعْتَبَطَ نَاقَتَهُ وَبَعِيرَهُ إِذَا نَحَرَهُمَا مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ مَنْ لَمْ يَمُتْ عَبْطَةً يَمُتْ هَرَمًا أَيْ مَنْ لَمْ يَمُتْ فِي شَبَابِهِ وَصِحَّتِهِ مَاتَ هَرَمًا يَقُولُونَ اعْتَبَطَ الرَّجُلُ إِذَا مَاتَ شَابًّا صَحِيحًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ فِي الَّتِي يَزِيدُ دَمُهَا عَلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا إِنَّهَا تُرَدُّ إِلَى أَيَّامِهَا الْمَعْرُوفَةِ فَإِنْ زَادَتْ فَإِلَى أَقْصَى مُدَّةِ الْحَيْضِ وَذَلِكَ عِنْدَهُمْ عَشَرَةُ أَيَّامٍ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ فِيهَا فَإِنِ انْقَطَعَ وَإِلَّا فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَالْعَمَلُ عِنْدَهُمْ عَلَى الْأَيَّامِ لَا عَلَى التَّمْيِيزِ تَجْلِسُ عِنْدَهُمْ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا إِلَى آخِرِ مُدَّةِ الْحَيْضِ وَذَكَرَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُبْتَدَأَةِ تَرَى الدَّمَ وَيَسْتَمِرُّ بِهَا أَنَّ حَيْضَهَا عَشْرٌ وَطُهْرَهَا عِشْرُونَ وَأَكْثَرُ الْحَيْضِ عِنْدَهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَأَقَلُّهُ ثلاثة

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَأْخُذُ فِي الصَّلَاةِ بِالثَّلَاثَةِ أَقَلُّ الْحَيْضِ وَفِي الْأَزْوَاجِ بِالْعَشْرِ وَلَا تَقْضِي صَوْمًا عَلَيْهَا إِلَّا بَعْدَ الْعَشَرَةِ وَتَصُومُ الْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ وَتَقْضِي سَبْعًا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَسُئِلَ فِيمَنْ تَسْتَظْهِرُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ بَعْدَ أَيَّامِ حَيْضِهَا إِذَا تَطَاوَلَ بِهَا الدَّمُ فَقَالَ يَجُوزُ وَلَمْ يُوَقِّتْ لِلِاسْتِظْهَارِ وَقْتًا وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَلَوْ طَبَقَ بِهَا الدَّمُ وَكَانَتْ مِمَّنْ تُمَيِّزُ وَعَلِمَتْ إِقْبَالَهُ بِأَنَّهُ أَسْوَدُ ثَخِينٌ أَوْ أَحْمَرُ يَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ وَفِي إِدْبَارِهِ يَصِيرُ إِلَى الرِّقَّةِ وَالصُّفْرَةِ تَرَكَتِ الصَّلَاةَ فِي إِقْبَالِهِ فَإِذَا أَدْبَرَ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَتَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَمُهَا مُنْفَصِلًا وَكَانَتْ لَهَا أَيَّامٌ مِنَ الشَّهْرِ تَعْرِفُهَا أَمْسَكَتْ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَاغْتَسَلَتْ إِذَا جَاوَزَتْهَا وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْرِفُ أَيَّامَهَا بِأَنْ تَكُونَ أُنْسِيَتْهَا وَكَانَ دَمُهَا مُشْكَلًا لَا يَنْفَصِلُ قَعَدَتْ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً فِي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى حَدِيثِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ وَأَمَّا الْمُبْتَدَأَةُ بِالدَّمِ فَإِنَّهَا تَحْتَاطُ فَتَجْلِسُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَتَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي فَإِنِ انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ اغْتَسَلَتْ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً فَإِنْ كَانَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ عَمِلَتْ عَلَيْهِ وَأَعَادَتِ الصَّوْمَ إِنْ كَانَتْ صَامَتْ وَإِنِ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ وَلَمْ تُمَيِّزْ قَعَدَتْ فِي كُلِّ شَهْرٍ سِتًّا أَوْ سَبْعًا لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنَ النِّسَاءِ أَنَّهُنَّ هَكَذَا

يَحِضْنَ وَقَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَأَبِي عُبَيْدٍ فِي هَذَا الْبَابِ نَحْوُ قَوْلِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي اسْتِعْمَالِ الثَّلَاثَةِ أَحَادِيثَ حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ فِي تَمْيِيزِ إِقْبَالِ حَيْضَتِهَا وَإِدْبَارِهَا وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ فِي عَدَدِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الْمَعْرُوفَةِ لَهَا إِذَا كَانَتْ لَا تُمَيِّزُ انْفِصَالَ دَمِهَا وَحَدِيثُ حَمْنَةِ بِنْتِ جَحْشٍ فِيمَنْ لَا تَعْرِفُ أَيَّامَهَا وَلَا تُمَيِّزُ دَمَهَا وَقَالَ الطَّبَرِيُّ أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنْ تَمَادَى بِهَا الدَّمُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قَضَتْ صَلَاةَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَخَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا عَادَةٌ فَتَقْضِي مَا زَادَ عَلَى عَادَتِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ هَلْ ذَلِكَ اسْتِحَاضَةٌ لَا يَمْنَعُهَا مِنَ الصَّلَاةِ أَمْ هُوَ حَيْضٌ تَكُفُّ مَعَهُ عَنِ الصَّلَاةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالطَّبَرِيُّ هُوَ حَيْضٌ وَتَدَعُ الصَّلَاةَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّهُ حَيْضٌ يَمْنَعُهَا مِنَ الصَّلَاةِ إِلَّا ابْنَ خَوَازِ مِنْدَادْ قَالَ إِنَّ هَذَا فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ إذ رَأَتِ الدَّمَ فِي أَيَّامِ عَادَتِهَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ حَيْضًا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي حُكْمِ الْحَامِلِ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ فَرُوِيَ عَنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَوَّلِ الْحَمْلِ وَآخِرِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ رِوَايَاتٌ لَمْ أَرَ لِذِكْرِهَا وَجْهًا وَأَصَحُّ مَا فِي ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ رُوَاتِهِ أَشْهَبُ عَنْهُ أَنَّ الْحَامِلَ فِي رُؤْيَتِهَا الدَّمَ كَغَيْرِ الْحَامِلِ سَوَاءً

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَيْسَ بِحَيْضٍ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِحَاضَةٌ لَا تَكُفُّ بِهِ عَنِ الصَّلَاةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُلَيَّةَ وَدَاوُدَ وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ تُطَلَّقُ لِلسُّنَّةِ إِذَا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَأَنَّ الْحَمْلَ كُلَّهُ كَالطُّهْرِ الَّذِي لَمْ يُجَامَعْ فِيهِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ قَالُوا فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يَنْفِي الْحَيْضَ وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ فِي أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ مَا يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْحَائِضَ قَدْ تَحْمِلُ فَكَذَلِكَ جَائِزٌ أَنْ تَحِيضَ كَمَا جَائِزٌ أَنْ تَحْمِلَ وَالْأَصْلُ فِي الدَّمِ الظَّاهِرِ مِنَ الْأَرْحَامِ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا حَتَّى تَتَجَاوَزَ الْمِقْدَارَ الَّذِي لَا يَكُونُ مِثْلُهُ حَيْضًا فَيَكُونُ حِينَئِذٍ اسْتِحَاضَةً لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا حَكَمَ بِالِاسْتِحَاضَةِ فِي دَمٍ زَائِدٍ عَلَى مِقْدَارِ الْحَيْضِ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ حَيْضٌ عَلَى حَمْلٍ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي سبي أوطاس حين أرادوا وطئهن فأخبروا عن الْحَامِلَ لَا بَرَاءَةَ لِرَحِمِهَا بِغَيْرِ الْوَضْعِ وَالْحَائِلَ لَا بَرَاءَةَ لِرَحِمِهَا بِغَيْرِ الْحَيْضِ لَا أَنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّ الْحَامِلَ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ كَفَّتْ عَنِ الصَّلَاةِ كَالْحَائِضِ سَوَاءً ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَجَمَاعَةٌ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَرُوِيَ عَنْهَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ وَالزَّهْرِيِّ وَرُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا لَا تَدَعُ الصَّلَاةَ عَلَى حَالٍ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَمَّا غُسْلُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَوُضُوؤُهَا فَأَجْمَعُوا أَنَّ عَلَيْهَا إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ تُمَيِّزُ دَمَ حَيْضِهَا مِنْ دَمِ اسْتِحَاضَتِهَا أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ إِدْبَارِ حَيْضَتِهَا وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ تَعْرِفْ ذَلِكَ وَقَعَدَتْ مَا أُمِرَتْ بِهِ مِنْ عَدَدِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ فِي الشَّهْرِ اغتسلت عند انقضاء ذلك على حسبما جَاءَ مَنْصُوصًا فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَغَيْرِهِ عَلَى مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ غُسْلٍ أَوْ وُضُوءٍ فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ بِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ جَمِيعًا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ وَبَعْضَ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ يَقُولُ عَنْهُ فِيهِ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ وَقَالَ مَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَغَيْرُهُمْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ وَهُوَ الصَّوَابُ اسْتُحِيضَتْ فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ فَاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالُوا فَهِيَ أَعْلَمُ

بِمَا أُمِرَتْ بِهِ وَقَدْ فَهِمَتْ مَا جُووِبَتْ عَنْهُ قَالُوا وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ ابْنَةَ جَحْشٍ اسْتُحِيضَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قال حدثا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانٌ وَهِشَامٌ الدِّسْتِوَائِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ أَبَانٌ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ وَقَالَ هِشَامٌ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ إِنِّي أُهْرَاقُ الدِّمَاءَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سلمة قَالَ أَخْبَرَتْنِي زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدِّمَاءَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ تَحْتَ عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ

عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُقَيْلٍ فِي قِصَّةِ حَمْنَةَ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا قَالَ إِنْ قَوِيتِ فَاغْتَسِلِي لِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِلَّا فَاجْمَعِي بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ قَالَ وَكَذَلِكَ رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيٌّ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ ابْنَ عَبَّاسٍ بِكِتَابٍ بَعْدَمَا ذَهَبَ بَصَرُهُ فَدَفَعَهُ إِلَى ابْنِهِ فَتَبَرَّأَ مِنْهُ فَدَفَعَهُ إِلَيَّ فَقَرَأْتُهُ فَقَالَ لِابْنِهِ أَلَا هَذْرَمْتَهُ كَمَا هَذْرَمَهُ الْغُلَامُ الْمِصْرِيُّ فَإِذَا فِيهِ بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ مِنِ امْرَأَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهَا اسْتُحِيضَتْ فَاسْتَفْتَتْ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ اللَّهُمَّ لَا أَعْلَمُ الْقَوْلَ إِلَّا مَا قَالَ عَلِيٌّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ قَتَادَةُ وَأَخْبَرَنِي عُذْرَةُ عَنْ سَعِيدٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ إِنَّ الْكُوفَةَ أَرْضٌ بَارِدَةٌ وَإِنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهَا الْغُسْلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَقَالَ لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَابْتَلَاهَا بِمَا هُوَ أَشَدُّ منه

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ اسْتُحِيضَتْ فَكَتَبَتْ إِلَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ تُنَاشِدُهُمُ اللَّهَ وَتَقُولُ إِنِّي امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ أَصَابَنِي بَلَاءٌ وَإِنَّهَا اسْتُحِيضَتْ مُنْذُ سِنِينَ فَمَا تَرَوْنَ فِي ذَلِكَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ وَقَعَ الْكِتَابُ فِي يَدِهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ مَا أَعْلَمُ لَهَا إِلَّا أَنْ تَدَعَ قرءها وَتَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي فَتَتَابَعُوا عَلَى ذَلِكَ فَهَذَا كُلُّهُ حُجَّةُ مَنْ جَعَلَ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ الْغُسْلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقَالَ آخَرُونَ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ غُسْلًا وَاحِدًا تُصَلِّي بِهِ الظُّهْرَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَالْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَتَغْتَسِلُ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ غُسْلًا وَاحِدًا تُقَدِّمُ الْأُولَى وَتُؤَخِّرُ الْآخِرَةَ وَتَغْتَسِلُ لِلصُّبْحِ غُسْلًا وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنَّمَا هِيَ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو اسْتُحِيضَتْ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُهَا بِالْغُسْلِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ فَلَمَّا جَهَدَهَا ذَلِكَ أَمَرَهَا أَنْ تَجْمَعَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ وَالْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ وَتَغْتَسِلَ لِلصُّبْحِ

ورواه شعبة عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ اسْتُحِيضَتِ امْرَأَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَتْ أَنْ تُعَجِّلَ الْعَصْرَ وَتُؤَخِّرَ الظُّهْرَ وَتَغْتَسِلَ لَهُمَا غُسْلًا وَاحِدًا وَتُؤَخِّرَ الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلَ الْعِشَاءَ وَتَغْتَسِلَ لَهُمَا غُسْلًا وَاحِدًا وَتَغْتَسِلَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ غُسْلًا قَالَ شُعْبَةُ قُلْتُ لعبد الرحمان أَعَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَا أُحَدِّثُكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ ورواه الثوري عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَهَا بِذَلِكَ ورواه ابن عيينة عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا وَرَوَى سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ قَالُوا فَقَدْ بَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ إسحاق وغيره عن عبد الرحمان بن القاسم في هذا الحديث الناس مِنَ الْمُحْكَمِ فِي ذَلِكَ جَمْعُ الصَّلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ واحد صلاتي الليل وصلاتي النهر وَتَغْتَسِلُ لِلصُّبْحِ غُسْلًا وَاحِدًا فَصَارَ الْقَوْلُ بِهَذَا أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِإِيجَابِ الْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِقَوْلِهِ فَلَمَّا جَهَدَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَجْمَعَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ وَتَغْتَسِلَ لِلصُّبْحِ قَالُوا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ ذَلِكَ خِلَافَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى عَنْهُمَا فَذَكَرُوا

مَا حَدَّثَنَا بِهِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مُسْتَحَاضَةٌ تَسْأَلُهُ فَلَمْ يُفْتِهَا وَقَالَ لَهَا سَلِي قَالَ فَأَتَتِ ابْنَ عُمَرَ فَسَأَلَتْهُ فَقَالَ لَهَا لَا تُصَلِّي مَا رَأَيْتِ الدَّمَ فَرَجَعَتْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرَتْهُ فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنْ كَادَ لَيُكَفِّرُكِ قَالَ ثُمَّ سَأَلَتْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ تِلْكَ رِكْزَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ أَوْ قُرْحَةٌ فِي الرَّحِمِ اغْتَسِلِي عِنْدَ كُلِّ صَلَاتَيْنِ مَرَّةً وَصَلِّي قَالَ فَلَقِيَتِ ابْنَ عَبَّاسٍ بَعْدُ فَسَأَلَتْهُ فَقَالَ مَا أَجِدُ لَكِ إِلَّا مَا قَالَ عَلِيٌّ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ أَرْضَهَا بَارِدَةٌ قَالَ تُؤَخِّرُ الظَّهْرَ وَتُعَجِّلُ الْعَصْرَ وَتَغْتَسِلُ لَهُمَا غُسْلًا وَتُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلُ الْعِشَاءَ وَتَغْتَسِلُ لَهُمَا غُسْلًا وَتَغْتَسِلُ لِلْفَجْرِ غُسْلًا وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ وَفِرْقَةٍ وَقَالَ آخَرُونَ تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَتْ رَوَاهُ مَعْقِلٌ الْخَثْعَمِيُّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ الْمُسْتَحَاضَةُ إِذَا انْقَضَى حَيْضُهَا اغْتَسَلَتْ كُلَّ يَوْمٍ وَاتَّخَذَتْ صُوفَةً فِيهَا سَمْنٌ أو زيت

وَقَالَ آخَرُونَ تَغْتَسِلُ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَهُوَ قَوْلُ سَالِمٍ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ عَائِشَةَ وَقَالَ آخَرُونَ لَا تَغْتَسِلُ إِلَّا مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ آخَرُونَ لَا تَتَوَضَّأُ إِلَّا عِنْدَ الْحَدَثِ وَهُوَ قَوْلُ عِكْرِمَةَ وَمَالِكِ بن أنس إلا أن مالك يَسْتَحِبُّ لَهَا الْوُضُوءَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَقَالَ آخَرُونَ تَدَعُ الْمُسْتَحَاضَةُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَتَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَبِحَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا يَنْقَطِعُ عَنِّي فَأَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ

وَبِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن عائشة قالت جَاءَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ قَالَ لَا إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَتَوَضَّئِي عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَصَلِّي وَرِوَايَةُ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة لِهَذَا الْحَدِيثِ كَرِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ هِشَامٍ سَوَاءً قَالَ فِيهِ وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ثَبْتٌ ثِقَةٌ وَأَمَّا سَائِرُ الرُّوَاةِ لَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ الوضوء لكل الصلاة إلا مَالِكٌ وَلَا اللَّيْثُ وَلَا ابْنُ عُيَيْنَةَ وَلَا غَيْرُهُمْ إِلَّا مَنْ ذَكَرْتُ لَكَ فِيمَا عَلِمْتَ وَرَوَى شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ وَالْمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَبَيَانٌ قَالُوا سَمِعْنَا عامر الشَّعْبِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ قُمَيْرٍ امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ غُسْلًا وَاحِدًا ثُمَّ تَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ فِرَاسٍ وَبَيَانٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ قُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ قَالُوا فَلَمَّا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَفْتَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ أَنَّهَا تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَقَدْ كَانَ رُوِيَ عَنْهَا مَرْفُوعًا مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ حُكْمِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَمِنْ حُكْمِهَا أَنَّهَا تَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ عَلِمْنَا بِفَتْوَاهَا وَجَوَابِهَا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أن الذي أفتت به هو الناسخ عِنْدَهَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهَا أَنْ تَدَعَ النَّاسِخَ وَتُفْتِيَ بِالْمَنْسُوخِ وَلَوْ فَعَلَتْ لَسَقَطَتْ رِوَايَتُهَا فَهَذَا وَجْهُ تَهْذِيبِ الْآثَارِ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَالُوا وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ وَقِصَّتُهَا فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُونَ فِيهِ إِنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهَا بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا قَدْ يُجَوِّزُ أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ بِهِ الْعِلَاجَ وَيُجَوِّزُ أَنْ تكون ممن لا تعرف اقرائها وَلَا إِدْبَارَ حَيْضَتِهَا وَيَكُونُ دَمُهَا سَائِلًا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَتْ صَلَاةٌ إِلَّا وَهِيَ تُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عِنْدَهَا طَاهِرًا مِنْ حَيْضٍ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَهَا إِلَّا بَعْدَ الِاغْتِسَالِ فَلِذَلِكَ أَمَرَتْ بِالْغُسْلِ وَالْمُسْتَحَاضَةُ قَدْ تَكُونُ اسْتِحَاضَتُهَا عَلَى مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ مُسْتَحَاضَةً قَدِ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ وَأَيَّامُ حَيْضَتِهَا مَعْرُوفَةٌ فَسَبِيلُهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضَتِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلَ وَتَتَوَضَّأَ بَعْدَ ذَلِكَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ مُسْتَحَاضَةً قَدِ اسْتَمَرَّ بِهَا دَمُهَا فَلَا يَنْقَطِعُ عَنْهَا وَأَيَّامُ حَيْضَتِهَا قَدْ خَفِيَتْ عَلَيْهَا فَسَبِيلُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْهَا وَقْتٌ إِلَّا احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ فِيهِ حَائِضًا أَوْ طَاهِرًا

مِنْ حَيْضٍ أَوْ مُسْتَحَاضَةً فَيُحْتَاطُ لَهَا فَتُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ مُسْتَحَاضَةً قَدْ خَفِيَتْ عَلَيْهَا أَيَّامُ حَيْضَتِهَا وَدَمُهَا غَيْرُ مُسْتَمِرٍّ بِهَا يَنْقَطِعُ سَاعَةً وَيَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ تَكُونُ هَكَذَا فِي أَيَّامِهَا كُلِّهَا فَتَكُونُ قَدْ أَحَاطَ عِلْمُهَا أَنَّهَا فِي وَقْتِ انْقِطَاعِ دَمِهَا طَاهِرٌ مِنْ مَحِيضٍ طُهْرًا يُوجِبُ عَلَيْهَا غُسْلًا فَلَهَا إِذَا اغْتَسَلَتْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي حَالِهَا تِلْكَ مَا أَرَادَتْ مِنَ الصَّلَوَاتِ بِذَلِكَ الْغُسْلِ إِنْ أَمْكَنَهَا ذَلِكَ قَالُوا فَلَمَّا وَجَدْنَا الْمَرْأَةَ قَدْ تَكُونُ مُسْتَحَاضَةً لِكُلِّ وَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي مَعَانِيهَا وَأَحْكَامُهَا مُخْتَلِفَةٌ وَاسْمُ الِاسْتِحَاضَةِ يَجْمَعُهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ تِبْيَانُ اسْتِحَاضَةِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ لَمْ يَجُزْ لَنَا أَنْ نَحْمِلَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ مِنْ تِلْكَ الْوُجُوهِ دُونَ غَيْرِهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ وَلَا دَلِيلَ إِلَّا مَا كَانَتْ عَائِشَةُ تُفْتِي بِهِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ أَنَّهَا تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضَتِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ غُسْلًا وَاحِدًا ثُمَّ تَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةِ هَذَا كُلُّهُ مِنْ حُجَّةِ مَنْ يَنْفِي إِيجَابَ الْغُسْلِ عَلَى كُلِّ مُسْتَحَاضَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَفِي جُمْلَةِ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَعَامَّةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا يَسْتَحِبُّ لِلْمُسْتَحَاضَةِ الْوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلَا يُوجِبُهُ عَلَيْهَا وَسَائِرُ مَنْ ذَكَرْنَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ عَلَيْهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ فَرْضًا كَمَا يُوجِبُهُ عَلَى سَلِسِ البول لأن الله قد تبعد مَنْ لَيْسَ عَلَى وُضُوءٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَسَلِسُ الْبَوْلِ وَالْمُسْتَحَاضَةُ لَيْسَا عَلَى وُضُوءٍ فَلَمَّا أُمِرَا جَمِيعًا بِالصَّلَاةِ وَلَمْ يَكُنْ حَدَثُهُمَا الدَّائِمُ بِهِمَا يَمْنَعُهُمَا مِنَ الصَّلَاةِ وَكَانَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصَلِّيَا عَلَى حَالِهِمَا فَكَذَلِكَ

يَتَوَضَّآنِ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّ الْحَدَثَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَعَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ صَلَاتِهِ مِنْ أَجْلِهِ وَالْمُسْتَحَاضَةُ مَأْمُورَةٌ بِالصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ سَلِسُ الْبَوْلِ لَا يَنْصَرِفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ صِلَاتِهِ بَلْ يُصَلِّي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حَالِهِ فَكَذَلِكَ يَتَوَضَّأُ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ لَا يَضُرُّهُ دَوَامُ حَدَثِهِ لِوُضُوئِهِ كَمَا لَا يَضُرُّهُ لِصَلَاتِهِ لِأَنَّهُ أَقْصَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَكَمَا لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ فَكَذَلِكَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْوُضُوءُ لَهَا هَذَا أَقْوَى مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ عَلَى هَؤُلَاءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَأَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ وَلَا عَلَى صَاحِبِ السَّلَسِ وُضُوءًا لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ بِهِ حَدَثًا وَقَدْ قَالَ عِكْرِمَةُ وَأَيُّوبُ وَغَيْرُهُمَا سَوَاءٌ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ أَوْ دَمُ جُرْحٍ لَا يُوجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وُضُوءًا وَرَوَى مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ إِلَّا أَنْ تَغْسِلَ غُسْلًا وَاحِدًا ثُمَّ تَتَوَضَّأَ بَعْدَ ذَلِكَ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ وَالْوُضُوءُ عَلَيْهَا عِنْدَهُ اسْتِحْبَابٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ الدَّائِمَ فَوَجْهُ الْأَمْرِ بِهِ الِاسْتِحْبَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى سُقُوطِ الْوُضُوءِ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُ الْحَيْضَةِ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي وَلَمْ يَذْكُرْ وُضُوءًا وَلَوْ كَانَ

الْوُضُوءُ وَاجِبًا عَلَيْهَا لَمَا سَكَتَ عَنْ أَنْ يَأْمُرَهَا بِهِ وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّ الْوُضُوءَ عَلَى المستحاضة غير وَاجِبٌ رَبِيعَةُ وَعِكْرِمَةُ وَأَيُّوبُ وَطَائِفَةٌ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْمَرْفُوعَةُ فِي إِيجَابِ الْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ وَالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ فَكُلُّهَا مضطربة لا تجب بمثلها حجة

الْوُضُوءُ وَاجِبًا عَلَيْهَا لَمَا سَكَتَ عَنْ أَنْ يَأْمُرَهَا بِهِ وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّ الْوُضُوءَ عَلَى المستحاضة غير وَاجِبٌ رَبِيعَةُ وَعِكْرِمَةُ وَأَيُّوبُ وَطَائِفَةٌ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْمَرْفُوعَةُ فِي إِيجَابِ الْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ وَالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ فَكُلُّهَا مُضْطَرِبَةٌ لَا تَجِبُ بِمِثْلِهَا حُجَّةٌ

الحديث الخامس والسبعون

نافع عن زيد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ حَدِيثٌ خَامِسٌ وَسَبْعُونَ لِنَافِعٍ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَا شَكٍّ فِي شَيْءٍ مِنْهُ إِلَّا ابْنُ وَهْبٍ رَوَاهُ عَنْ مالك عن نافع عن زيد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي

بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَلَمْ يَصْنَعِ ابْنُ وَهْبٍ شَيْئًا وَالصَّوَابُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا رَوَاهُ يَحْيَى وَجُمْهُورُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مالك عن نافع عن زيد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٍ سَوَاءٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الَّذِي يَشْرَبُ فِي إِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ قَالَ عَلِيٌّ عَبْدُ الله بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ عَائِشَةُ عَمَّتَهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ خَالَتَهُ أُخْتَ أُمِّهِ لِأَبِيهَا وَأُمُّهَا أَمَةُ قُرَيْبَةَ بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ عَلِيٌّ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى زَوْجَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَاهُمَا عَمَّتُهُ وَالْأُخْرَى خَالَتُهُ غَيْرَهُ وَرَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرحمان أو عبد الله بن عبد الرحمان عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَلَى الشَّكِّ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ إِلَّا أَنَّهُ اخْتَلَفَ عَنْهُ فِي عبد الله

ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَوْ عَبْدِ الله بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَطَائِفَةٌ فِيهِ كَمَا قَالَ يَحْيَى وَإِنْ كَانَ عَبْدَ اللَّهِ بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَهُوَ أَبُو عَتِيقٍ وَأُمُّ سَلَمَةَ خَالَتُهُ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ امْرَأَةِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الَّذِي يَشْرَبُ فِي إِنَاءِ الْفِضَّةِ أَوْ إِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارًا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَهَبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ خُصَيْفٌ وَهِشَامُ بْنُ الْغَازِي عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَرِبَ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ وَهَذَا عِنْدِي خَطَأٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَمْ يَرْوِ ابْنُ عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثَ قَطُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا رَوَاهُ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَوْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَا احْتَاجَ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا إِسْنَادُ شُعْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِسْنَادًا آخَرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَطَأً وَهُوَ الْأَغْلَبُ والله أعلم

والإسند الَّذِي يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَتَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ إِسْنَادُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ إِنَّمَا عُنِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَشْرَبُونَ فِيهَا فَأَخْبَرَ عَنْهُمْ وَحَذَّرَنَا أَنْ نَفْعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ وَأَنْ نَتَشَبَّهَ بِهِمْ وَقَالَ آخَرُونَ كُلُّ مَنْ عَلِمَ بِتَحْرِيمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّرَابَ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ ثُمَّ يَشْرَبُ فِيهَا اسْتَوْجَبَ النَّارَ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَ مِنْ مغفرته لمن يشاء من لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشُّرْبُ بِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ اتِّخَاذِهَا فَقَالَ قَوْمٌ تُتَّخَذُ كَمَا يُتَّخَذُ الْحَرِيرُ وَالدِّيبَاجُ وَتُزَكَّى وَلَا تُسْتَعْمَلُ وَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا تُتَّخَذُ وَلَا تُسْتَعْمَلُ وَمَنِ اتَّخَذَهَا زَكَّاهَا وَأَمَّا الْجَرْجَرَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَمَعْنَاهَا هَدِيرٌ يُرَدِّدُهُ الْفَحْلُ وَيُصَوِّتُ بِهِ وَيُسْمَعُ مِنْ حَلْقِهِ والمقصود ههنا إلى صوت جَرْعُهُ إِذَا شَرِبَ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ فَحْلًا مِنَ الْإِبِلِ ... وَهُوَ إِذَا جَرْجَرَ عِنْدَ الْهَبِّ ... جرجر في حنجرةكالحب ... ... وَهَامَةٍ كَالْمِرْجَلِ الْمُنْكَبِّ

وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ حُجْرٍ ... إِذَا سَافَهُ الْعَوْدُ النِّبَاطِيُّ جَرْجَرَا ... أَيْ رَغَا لِبُعْدِ الطَّرِيقِ وَصُعُوبَتِهِ ... وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الزَّجْرُ وَالتَّحْذِيرُ وَالتَّحْرِيمُ فَجَاءَ بِهَذَا اللَّفْظِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي الْحَظْرَ وَالْمَنْعَ مِنَ اتِّخَاذِ أَوَانِي الْفِضَّةِ وَاسْتِعْمَالِهَا فِي الشُّرْبِ وَالْأَكْلِ فِيهَا وَاتِّخَاذِهَا وَالْعُلَمَاءُ كُلُّهُمْ لَا يُجِيزُونَ اسْتِعْمَالَ الْأَوَانِي مِنَ الذَّهَبِ كَمَا لَا يُجِيزُونَ ذَلِكَ مِنَ الْفِضَّةِ لِأَنَّ الذَّهَبَ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ وَرَدَ فِيهِ لَكَانَ دَاخِلًا فِي مَعْنَى الْفِضَّةِ لَأَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ التَّشَبُّهُ بِالْجَبَابِرَةِ وَمُلُوكِ الْأَعَاجِمِ وَالسَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ وَأَذَى الصَّالِحِينَ وَالْفُقَرَاءِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مِنْ ذَلِكَ مَا بِهِمُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الذَّهَبَ أَعْظَمُ شَأْنًا مِنَ الْفِضَّةِ فَهُوَ أَحْرَى بِذَلِكَ الْمَعْنَى أَلَا أَنَّ النَّهْيَ لَمَّا وَرَدَ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ كَانَ الْغَائِطُ أَحْرَى أَنْ يُنْهَى عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَكَيْفَ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ مَنْصُوصًا

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي لَيْلَى قَالَ كَانَ حُذَيْفَةُ بالمدائن فاستسقى فأتاه دهقان بآنية ن فِضَّةٍ فَرَمَاهُ بِهِ وَقَالَ إِنِّي لَمْ أَرْمِهِ إِلَّا أَنِّي نَهَيْتُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَعَنِ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقَالَ هِيَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ قَالَا أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ البراء قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَرَدِّ السَّلَامِ وَإِجَابَةِ الدَّاعِي وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ وَنَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ أَوْ حَلَقَةِ الذَّهَبِ وَعَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ وعن لبس الحرير والديباج والإستبرق والمثيرة والقسي

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ وَهِشَامٌ أَبُو الْوَلِيدِ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ البراء قال أُمِرْنَا بِسَبْعٍ وَنُهِينَا عَنْ سَبْعٍ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ فِيهِ وَنَهَانَا عَنِ الشُّرْبِ فِي الْفِضَّةِ فَإِنَّهُ مَنْ شَرِبَ فِيهَا فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْ فِيهَا فِي الْآخِرَةِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ اسْتَسْقَى حُذَيْفَةُ مِنْ دَهْقَانٍ بِالْمَدَائِنِ فَسَقَاهُ فِي إِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ فَحَذَفَهُ ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَى الْقَوْمِ فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُهُ أَنْ يَسْقِيَنِي فِيهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَامَ فِينَا فَقَالَ لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الفضة

وَالذَّهَبِ وَلَا تَلْبَسُوا الدِّيبَاجَ وَالْحَرِيرَ فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ دَاوُدَ أَنَّهُ كَرِهَ الشُّرْبَ فِي إِنَاءِ الْفِضَّةِ وَلَمْ يَكْرَهْ ذَلِكَ فِي الذَّهَبِ وَهَذَا لَا يَشْتَغِلُ بِهِ لِمَا وَصَفْنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَقِيلَ لَهُ رَجُلٌ دَعَا رَجُلًا إِلَى طَعَامٍ فَدَخَلَ فَرَأَى آنِيَةَ فِضَّةٍ فَقَالَ لَا يَدْخُلُ إِذَا رَآهَا وَغَلِطَ فِيهَا وَفِي كَسْبِهَا وَاسْتِعْمَالِهَا وَذَكَرَ حَدِيثَ حُذَيْفَةَ الْمَذْكُورَ وَحَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ حَدِيثَ هَذَا الْبَابِ وَذَكَرَ حَدِيثَ الْبَرَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ فِي سَبْعِ أَشْيَاءَ نَهَى عَنْهَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الشُّرْبِ فِي الْإِنَاءِ الْمُفَضَّضِ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِ إِنَاءِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ فِي شُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ فَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَكْرَهَانِ الشُّرْبَ وَالْأَكْلَ فِي الْقَدَحِ الْمُضَبَّبِ بِالْفِضَّةِ وَالصَّفْحَةِ الَّتِي قَدْ ضُبِّبَتْ بِالْوَرِقِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا أُحِبُّ أَنْ يَدَّهِنَ أحد في مداهن الورق ولا يتسجمر فِي مَجَامِرِ الْوَرِقِ قَالَ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ وَمَا يَلِي الْأُذُنَ فَقَالَ مَالِكٌ قد سمعت سماعا كأنه يضعفه وما سلمت فيه بنهي

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَكْرَهَ الْمُضَبَّبَ بِالْفِضَّةِ لِئَلَّا يَكُونَ شَارِبًا عَلَى الْفِضَّةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ فِي الْقَدَحِ الْمُفَضَّضِ إِذَا لَمْ يَجْعَلْ فَاهُ عَلَى الْفِضَّةِ كَالشُّرْبِ بِيَدِهِ وَفِيهَا الْخَاتَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ السَّلَفُ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى نَحْوِ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فَرَوَى خُصَيْفٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْ فِي الْقَدَحِ الْمُفَضَّضِ لَمَّا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ هَكَذَا قَالَ خُصَيْفٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمَّا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وزاد فيها الذهب وقوله لَمَّا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَأٌ وَصَوَابُهُ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نهى عن الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَرَوَى ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ قَالَ أَبَتْ عَائِشَةُ أَنْ تُرَخِّصَ لَنَا فِي تَفْضِيضِ الْآنِيَةِ وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَطَاوُسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَإِبْرَاهِيمَ وَحَمَّادٍ وَالْحَسَنِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ فِي الْإِنَاءِ الْمُفَضَّضِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مُتَّخِذَ الْآنِيَةِ مِنَ الْفِضَّةِ أَوِ الذَّهَبِ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِيهَا إِذَا بَلَغَتْ مِنْ وَزْنِهَا مَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مِنْ بَابِ الْحُلِيِّ الْمُتَّخَذِ لِزِينَةِ النِّسَاءِ وَلَا مِنْ بَابِ السَّيْفِ الْمُحَلَّى وَلَا الْمُصْحَفِ الْمُحَلَّى فِي شَيْءٍ فَقِفْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَكْرَهَ الْمُضَبَّبَ بِالْفِضَّةِ لِئَلَّا يَكُونَ شَارِبًا عَلَى الْفِضَّةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ فِي الْقَدَحِ الْمُفَضَّضِ إِذَا لَمْ يَجْعَلْ فَاهُ عَلَى الْفِضَّةِ كَالشُّرْبِ بِيَدِهِ وَفِيهَا الْخَاتَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ السَّلَفُ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى نَحْوِ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فَرَوَى خُصَيْفٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْ فِي الْقَدَحِ الْمُفَضَّضِ لَمَّا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ هَكَذَا قَالَ خُصَيْفٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمَّا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وزاد فيها الذهب وقوله لَمَّا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَأٌ وَصَوَابُهُ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نهى عن الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَرَوَى ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ قَالَ أَبَتْ عَائِشَةُ أَنْ تُرَخِّصَ لَنَا فِي تَفْضِيضِ الْآنِيَةِ وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَطَاوُسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَإِبْرَاهِيمَ وَحَمَّادٍ وَالْحَسَنِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ فِي الْإِنَاءِ الْمُفَضَّضِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مُتَّخِذَ الْآنِيَةِ مِنَ الْفِضَّةِ أَوِ الذَّهَبِ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِيهَا إِذَا بَلَغَتْ مِنْ وَزْنِهَا مَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مِنْ بَابِ الْحُلِيِّ الْمُتَّخَذِ لِزِينَةِ النِّسَاءِ وَلَا مِنْ بَابِ السَّيْفِ الْمُحَلَّى وَلَا الْمُصْحَفِ الْمُحَلَّى فِي شَيْءٍ فَقِفْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث السادس والسبعون

نَافِعٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ حَدِيثٌ سَادِسٌ وَسَبْعُونَ لِنَافِعٍ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن حنين عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَالْمُعَصْفَرِ وَعَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ وَعَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ

رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ نَافِعٍ جَمَاعَةٌ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ جَمَاعَةٌ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ جَمَاعَةٌ وَأَكْثَرُ مَنْ رَوَاهُ يَقُولُ فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ وَهُوَ حَدِيثٌ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ وَلَفْظِهِ عَلَى نَافِعٍ وَعَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَحُنَيْنٌ جَدُّ إِبْرَاهِيمَ هَذَا مَوْلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقِيلَ مَوْلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقِيلَ بَلْ حُنَيْنٌ هَذَا مَوْلَى مُثَقِّبٍ ومثقب مولى مسحل ومسحل مولى شماس شماس مَوْلَى الْعَبَّاسِ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حماد قال حدثنا مسدد قل حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نافع عن ابن حُنَيْنٍ مَوْلَى عَلِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أَرْبَعٍ عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ وَعَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَعَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَأَنَا رَاكِعٌ وَعَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ كَذَا قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ حُنَيْنٍ مَوْلَى عَلِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ وَالصَّوَابُ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ وَلَمْ يُقِمْهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَلَا أَيُّوبُ وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ فَجَوَّدَ إِسْنَادَهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَاشِدِ بن زولان

قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُنَيْنٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقِرَاءَةِ وَأَنَا رَاكِعٌ وَعَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ وَالْمُعَصْفَرِ هَكَذَا قَالَ لُبْسُ الذَّهَبِ وَحَدِيثُ نَافِعٍ يُفَسِّرُهُ أَنَّهُ تَخَتُّمُ الذَّهَبِ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ذِكْرُ الْقَسِّيِّ وَهُوَ فِيهِ مَحْفُوظٌ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَزَادَ وَعَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَزَادَ السُّجُودُ وَكَذَلِكَ قَالَ دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ نَهَانِي نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا أَقُولُ وَنَهَى النَّاسَ نَهَانِي عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ وَعَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَالْمُعَصْفَرَةِ الْمُفَدَّمَةِ وَأَنْ أَقْرَأَ سَاجِدًا أَوْ رَاكِعًا وَكَذَلِكَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعَ عَلِيًّا قَالَ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال حدثنا يحيى عن مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أبيه

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن خَاتَمِ الذَّهَبِ وَعَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ رَاكِعًا وَعَنِ الْقَسِّيَّةِ وَالْمُعَصْفَرِ هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَجْلَانَ وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ وَالضَّحَاكُ بْنُ عُثْمَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ فَزَادُوا ذِكْرَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُنَيْنٍ سَمِعَهُ مِنْ عَلِيٍّ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَهُ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ ثُمَّ يَسْمَعُهُ مِنْ عَلِيٍّ وَيَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَهُمَا مِنْهُمَا مَعًا وَقَدْ ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُنَيْنٍ سَمِعَهُ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ عَلِيٍّ وَيَقُولُ كَانَ مَجْلِسُهُمَا وَاحِدًا وَتَحْفَظَاهُ جَمِيعًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِيَ اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حُنَيْنٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَلَبُوسِ الْقَسِّيِّ وَالْمُعَصْفَرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَأَنَا رَاكِعٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ وَذَكَرَ مِثْلَهُ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَعَنِ الْقَسِّيِّ وَعَنِ المثيرة الْحَمْرَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ النَّهْيُ عَنْ لِبَاسِ الْحَرِيرِ وَتَخَتُّمِ الذَّهَبِ إِنَّمَا قُصِدَ بِهِ إِلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ فِي جَوَازِ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ وَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ الْمَرْوِيَّ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ وَمِنْ حَدِيثِ أُخْتِ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي نَهْيِ النِّسَاءِ عَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا بِالْإِجْمَاعِ وَبِأَخْبَارِ الْعُدُولِ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي حَدِيثِ نافع أو يكون غير ثَابِتٍ فَأَمَّا حَدِيثُ ثَوْبَانَ فَإِنَّهُ يَرْوِيهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَّامٍ عن أبي أسماء الرحي عَنْ ثَوْبَانَ وَلَمْ يَسْمَعْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي سَلَّامٍ وَلَا يَصِحُّ وَأَمَّا حَدِيثُ أُخْتِ حُذَيْفَةَ فَيَرْوِيهِ مَنْصُورٌ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ عَنِ امْرَأَتِهِ عَنْ أُخْتِ حُذَيْفَةَ قَالَتْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ أَمَا لَكُنَّ فِي الْفِضَّةِ مَا تُحَلَّيْنَهُ أَمَا إنكن ليس منكن امرأة تحلي ذهابا تُظْهِرُهُ إِلَّا عُذِّبَتْ بِهِ وَالْعُلَمَاءُ عَلَى دَفْعِ هَذَا الْخَبَرِ لِأَنَّ امْرَأَةَ رِبْعِيٍّ مَجْهُولَةٌ لَا تُعْرَفُ بِعَدَالَةٍ وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُ مَنْ يَرَى الزَّكَاةَ فِي الْحُلِيِّ مِنْ أَجْلِ مَنْعِ الزَّكَاةِ مِنْهُ إِنْ مُنِعَتْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَذُكِرَ وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ

وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِلْيَةً فِيهَا خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فَصُّهُ حَبَشِيٌّ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُودٍ أَوْ بِبَعْضِ أَصَابِعِهِ وَإِنَّهُ لَمُعْرِضٌ عَنْهُ فَدَعَا ابْنَةَ ابْنَتِهِ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِي فَقَالَ تَحِلِّي بِهَذَا يَا بُنَيَّةُ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ لِلنِّسَاءِ خَاصَّةً وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَلَّ لِإِنَاثِ أُمَّتِي الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ وَحَرَّمَهَا عَلَى ذُكُورِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ مِنْ طُرُقٍ فِي بَابِ نَافِعٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ فَإِنَّهَا ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ بِالْحَرِيرِ يُقَالُ لَهَا الْقَسِّيَّةُ تُنْسَبُ إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ قَسُّ وَيُقَالُ إِنَّهَا قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى مِصْرَ وَهِيَ ثِيَابٌ يَلْبَسُهَا أَشْرَافُ النَّاسِ النِّسَاءُ قَالَ النُّمَيْرِيُّ الشَّاعِرُ ... وَلَمَّا رَأَتْ رَكْبَ النُّمَيْرِيِّ رَاعَهَا ... وَكُنَّ مِنْ أَنْ يَلْقَيْنَهُ حَذِرَاتِ ... ... فَأَدْنَيْنَ حَتَّى جَاوَزَ الرَّكْبُ دُونَهَا ... حِجَابًا مِنَ الْقَسِّيِّ والحبرات

وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي لِبَاسِ الْحَرِيرِ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَمَا خَالَطَ الثِّيَابَ مِنْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ مَضَى هُنَالِكَ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْكَرَاهِيَةِ جُمْلَةً وَالْإِبَاحَةِ وَقَدْ مَهَّدْنَا الْقَوْلَ وَبَسَطْنَاهُ بِالْآثَارِ وَأَوْضَحْنَاهُ فِي تَخَتُّمِ الذَّهَبِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُخْتَمَ بِهِ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فَتَأَمَّلْهُ تَرَاهُ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلَّا أَنَّا لَمْ نَذْكُرْ هُنَاكَ شَدَّ الْأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي شَدِّ الْأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ فَكَرِهَهُ قَوْمٌ وَأَبَاحَهُ آخَرُونَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ حَدَّثَنَا الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ هَلْ يُضَبِّبُ الرَّجُلُ أَسْنَانَهُ بِالذَّهَبِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ خَاصَّةً جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَذَكَرَهُ الْأَثْرَمُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ وَأَبِي رَافِعٍ وَمِسِّيِّ بْنِ طَلْحَةَ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُمْ شَدُّوا أَسْنَانَهُمْ بِالذَّهَبِ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا بِذَلِكَ بَأْسًا قَالَ وَحَدَّثَنِي ابْنُ الطَّبَّاعِ قَالَ رَأَيْتُ شَرِيكًا وَحَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ قَدْ شَدَّا أَسْنَانَهُمَا بِالذَّهَبِ قَالَ وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَنْ رِجْلٍ سَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ فَبَانَتْ مِنْهُ فَأَخَذَهَا وَأَعَادَهَا فَقَالَ أَرْجُو أَلَّا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ وَلَمْ يَرَهَا مَيْتَةً وَكَانَ يَكْرَهُ مُشْطَ الْعَاجِ وَيَقُولُ هُوَ مَيْتَةٌ لَا يُسْتَعْمَلُ وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ فَيُجْتَمَعُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِيهِ فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لكم

وَأَجْمَعُوا أَنَّ الرُّكُوعَ مَوْضِعُ تَعْظِيمٍ لِلَّهِ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الذِّكْرِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعِ قِرَاءَةٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّتْرَ وَرَأْسُهُ مَعْصُوبٌ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْعَبْدُ أَوْ تُرَى لَهُ أَلَا وَإِنِّي قَدْ نُهِيتُ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِذَا رَكَعْتُمْ فَعَظِّمُوا الرَّبَّ وَإِذَا سَجَدْتُمْ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ قَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ وَاخْتَلَفَتِ الْفُقَهَاءُ فِي تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ قَوْلَ النَّاسِ فِي الرُّكُوعِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَفِي السُّجُودِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَأَنْكَرَهُ وَلَمْ يَجِدْ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ دُعَاءً مُؤَقَّتًا وَلَا تَسْبِيحًا وَقَالَ إِذَا أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَجَبْهَتَهُ مِنَ الْأَرْضِ فِي السُّجُودِ فَقَدْ أَجْزَأَ عَنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَقُولُ فِي الرُّكُوعِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ

وَفِي السُّجُودِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ أَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَهَا خَمْسًا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حَتَّى يُدْرِكَ الَّذِي خَلْفَهُ ثَلَاثَ تَسْبِيحَاتٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ فَيَكُونُ حَدِيثُ عُقْبَةَ مُفَسِّرًا لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ مَعْنَى التَّعْظِيمِ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْآثَارُ فِي هَذَا الْبَابِ تَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عَمِّهِ إِيَاسِ بْنِ عَامِرٍ الْغَافِقِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ فَلَمَّا نَزَلَتْ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قَالَ لَنَا اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ قُلْتُ لِسُلَيْمَانَ يَعْنِي الْأَعْمَشَ أَدْعُو فِي

الصَّلَاةِ إِذَا مَرَرْتُ بِآيَةِ تَخَوُّفٍ فَحَدَّثَنِي عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ مُسْتَوْرِدٍ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَفِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَمَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلَّا وَقَفَ عِنْدَهَا فَسَأَلَ وَلَا بِآيَةِ عَذَابٍ إِلَّا وَقَفَ عِنْدَهَا فَتَعَوَّذَ وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا وَفِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا وَرَوَى نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ وَرَوَى السَّعْدِيُّ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ أَنْوَاعًا مِنَ الذِّكْرِ مِنْهَا حَدِيثُ مُطَرِّفٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي بَكَرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَدْعُو فِي سُجُودِهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْهَا حَدِيثُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا تحديد فيما

يُقَالُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مِنَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الْفُقَهَاءِ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ عَلَى التَّسْبِيحِ بِسَبِّحِ اسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ثَلَاثًا فِي الرُّكُوعِ وَسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا فِي السُّجُودِ وَحَمَلُوا سَائِرَ الْأَحَادِيثِ عَلَى النَّافِلَةِ وَأَمَّا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فَالدُّعَاءُ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ فِي السُّجُودِ وَتَعْظِيمُ اللَّهِ وَتَحْمِيدُهُ فِي الرُّكُوعِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا لِبَاسُ الْمُعَصْفَرِ الْمُفَدَّمِ وَغَيْرِهِ مِنْ صِبَاغِ الْمُعَصْفَرِ لِلرِّجَالِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ أَجَازَهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَكَرِهَهُ آخَرُونَ وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ أَبَاحَهُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ ذَلِكَ خُصُوصٌ لِعَلِيٍّ لِقَوْلِهِ نَهَانِي وَلَا أَقُولُ نَهَى النَّاسَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ وَهَذَا اللَّفْظُ مَحْفُوظٌ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا مِنْ وُجُوهٍ وَلَيْسَ دَعْوَى الْخُصُوصِ فِيهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي النَّهْيِ عَنْهُ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ وَالْحُجَّةُ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا فِيمَا خَالَفَهَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا أَرْكَبُ الْأُرْجُوَانَ وَلَا أَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ وَلَا أَلْبَسُ الْقَمِيصَ الْمُكَفَّفَ بِالْحَرِيرِ قَالَ وَأَوْمَأَ الْحَسَنُ إِلَى جَيْبِ قَمِيصِهِ قَالَ وَقَالَ أَلَا وَطِيبُ الرِّجَالِ رِيحٌ لَا لَوْنَ لَهُ أَلَا وَطِيبُ النِّسَاءِ

لَوْنٌ لَا رِيحَ لَهُ قَالَ سَعِيدٌ أَرَاهُ قَالَ إِنَّمَا حَمَلُوا قَوْلَهُ فِي طِيبِ النِّسَاءِ عَلَى أَنَّهَا إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا فَلْتُطَيَّبْ بِمَا شَاءَتْ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا أَرْكَبُ الْأُرْجُوَانَ وَلَا أَلْبَسُ الْقَمِيصَ الْمُكَفَّفَ بِالْحَرِيرِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَشُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ شُفْعَةَ السَّمْعِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَلَيَّ ثَوْبَانِ مُعَصْفَرَانِ فَلَمَّا رَآنِي قَالَ مَنْ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذِهِ النَّارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَصْنَعُ بِهِمَا قَالَ أَحْرِقْهُمَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيَّ ثَوْبَانِ

مُعَصْفَرَانِ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذَانِ الثَّوْبَانِ قُلْتُ صَبَغَتْهُمَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا رَجَعْتَ فَأَمَرْتَهَا أَنْ تُوقِدَ لَهُمَا التَّنُّورَ ثُمَّ تَطْرَحَهُمَا قَالَ فَرَجَعْتُ إِلَيْهَا فَفَعَلَتْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُقُوبَةً لِنَهْيِهِ عَنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يَعُودَ رَجُلٌ إِلَى لِبَاسِهَا أَعْنِي الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَةَ وَقَوْلُهُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَرْقَهَا أَحَقُّ بِوَاجِبٍ وَلَكِنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهَا صَحِيحَةٌ لِلرِّجَالِ خَاصَّةً وَأَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي جَوَازِ لِبَاسِهِنَّ الْمُعَصْفَرَ الْمُفَدَّمَ وَالْمُوَرَّدَ وَالْمُمَشَّقَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَبَعْضِ الْمَدَنِيِّينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُرَخِّصُونَ لِلرِّجَالِ فِي لِبَاسِ الْمُوَرَّدِ وَالْمُمَشَّقِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَكْرَهُ الْمُعَصْفَرَ الْمُفَدَّمَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَنْ يُحْرِمُوا فِيهِ لِأَنَّهُ يَنْتَقِضُ قَالَ مَالِكٌ وَأَكْرَهُهُ أَيْضًا لِلرِّجَالِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمُفَدَّمُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ الْمُشَبَّعُ حُمْرَةً وَالْمُوَرَّدُ دُونَهُ فِي الْحُمْرَةِ كَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَأْخُوذٌ مِنْ لَوْنِ الْوَرْدِ وَأَمَّا الْمُمَشَّقُ فَطِينٌ أَحْمَرُ يُصْبَغُ بِهِ هُوَ الْمَغْرَةُ أَوْ شَبَهُهَا يُقَالُ لِلثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِهِ مُمَشَّقٌ وَقَدْ ذَكَرَ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُعَصْفَرَ الْمُفَدَّمَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالُوا

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ أَبُو سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ الضَّحَّاكِ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ وَعَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَعَنْ لُبْسِ الْمُفَدَّمِ الْمُعَصْفَرِ وَعَنِ الْقِرَاءَةِ رَاكِعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَذْكُرِ الْمُفَدَّمَ غَيْرُ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ حَدِيثُ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو النَّهْيُ عَنْ لِبَاسِ كُلِّ ثَوْبٍ مُعَصْفَرٍ لِلرِّجَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَصَّ فِيهِ نَوْعٌ مِنْ صِبَاغِ الْمُعَصْفَرِ مِنْ نَوْعٍ وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا بُعِثَ مُبَيِّنًا مُعَلِّمًا فَلَوْ كَانَ مِنْهُ نَوْعٌ تَقْتَضِيهِ الْإِبَاحَةُ لَبَيَّنَهُ وَلَمْ يَشْمَلْهُ وَيُشْكِلْ بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلَامِ وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ وَبَلَّغَهُمْ وَعَلَّمَهُمْ مِمَّا عَلِمَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الحديثي السابع والثامن والسبعون

نَافِعٌ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ حَدِيثَانِ وَهُمَا تَتِمَّةُ ثَمَانِيَةٍ وَسَبْعِينَ حَدِيثًا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةُ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ مَنِ الْأَنْصَارِ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا سَائِرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِيهِ عن مالك عن نافع عن رجل من الْأَنْصَارِ عَنْ أَبِيهِ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّهُ اخْتَلَفَ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنْهُ كَرِوَايَةِ يَحْيَى لَيْسَ فِيهَا عَنْ أَبِيهِ وَرُوِيَ عَنْهُ كَمَا رَوَتِ الْجَمَاعَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى أَنْ تُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةُ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُسْتَقْبَلَ وَاحِدَةٌ مِنَ الْقِبْلَتَيْنِ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقِبْلَتَانِ الْكَعْبَةُ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَمَا للعلماء في ذلك من الأقوال والاعتلال بها وَالْمَذَاهِبُ فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ فلا معنى لإعادة ذلك ههنا وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَوْ مُعَاذِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ فَأُصِيبَتْ مِنْهَا شَاةٌ فَأَدْرَكَتْهَا فَذَكَّتْهَا بِحَجَرٍ فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذَلِكَ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهَا فَكُلُوهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى هذا الإسناد

وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِيهِ عَنْ نَافِعٍ فَرَوَاهُ مَالِكٌ كَمَا تَرَى لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ فِيهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ سَعْدٍ أَوْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ كُلُّهُمْ عَنْ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُحَدِّثُ (عَنِ) ابْنِ عُمَرَ أَنَّ جَارِيَةً أَوْ أَمَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مملوكة ذبحت شاءة بِمَرْوَةٍ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَكْلِهَا وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَصَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَّةَ جَمِيعًا عَنْ (نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ) وَهُوَ وَهْمٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثُ لِنَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ لَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ فَسَلْعٌ مَوْضِعٌ وَإِيَّاهُ أَرَادَ الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ ... إِنَّ بِالشِّعْبِ الَّذِي جَنْبَ سِلْعٍ ... لَقَتِيلًا دَمُهُ ما يطل

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِجَازَةُ ذَبِيحَةِ الْمَرْأَةِ وَعَلَى إِجَازَةِ ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ مِنْهَا إِلَّا عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ وَأَكْثَرُهُمْ يُجِيزُونَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةً إِذَا أَحْسَنَتِ الذَّبْحَ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ إِذَا أَطَاقَ الذَّبْحَ وَأَحْسَنَهُ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالنَّخَعِيِّ وَأَمَّا التَّذْكِيَةُ بِالْحَجْرِ فَمُجْتَمَعٌ أَيْضًا عَلَيْهَا إِذَا فَرَى الْأَوْدَاجَ وَأَنْهَرَ الدَّمَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ مُسْتَوْعَبًا فِيمَا يُذَكَّى بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ الذَّكَاةُ بِهِ وَفِيمَا يُذَكَّى مِنَ الْحَيَوَانِ الَّذِي قَدْ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ وَمَا لَا يُذَكَّى مِنْهُ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَتَأْوِيلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ مُسْتَوْعَبًا ذَلِكَ كُلَّهُ مُمَهَّدًا مُهَذَّبًا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا وَقَدْ مَضَى هُنَاكَ حَدِيثُ الشَّعْبِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ أَوْ صَيْفِيٍّ قَالَ اصْطَدْتُ أَرْنَبَيْنِ فَذَكَّيْتُهُمَا بِمَرْوَةَ فَأَتَيْتُ بِهِمَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنِي بِأَكْلِهِمَا وَحَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أَصَابَ أَحَدُنَا صَيْدًا وَلَيْسَ

مَعَهُ سِكِّينٌ أَيَذْبَحُ بِالْمَرْوَةِ وَبِشَقِّ الْعَصَا قَالَ أَنْهِرِ الدَّمَ أَوْ أَنْزِلِ الدَّمَ بِمَا شِئْتَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَالْمَرْوَةُ فَلْقَةُ الْحَجَرِ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَحَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا مَا خَلَا السِّنَّ وَالْعَظْمَ الْحَدِيثَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَا مَرَّ مُرُورَ الْحَدِيدِ وَلَمْ يُثْرِدْ فَجَائِزٌ الذَّكَاةُ بِهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الظُّفْرَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَنْزُوعًا وَكَذَلِكَ السِّنُّ فَلَا يَجُوزُ الذَّكَاةُ بِهِ لِأَنَّهُ خَنْقٌ وَهَذَا أَصْلُ الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي ذلك عندنا مَا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْعُقَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَصْرَمُ بْنُ حَوْشَبٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ فَلَا ذَكَاةَ لَهُ أَنْ تُطْرَفَ بِعَيْنٍ أَوْ تُرْكَضَ بِرِجْلٍ أوتمصع بِالذَّنَبِ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ إِسْنَادُهُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ فَإِنَّ قَوْلَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ بمعناه على

مَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ يُوجِبُ السُّكُونَ إِلَيْهِ وَاسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ مِنْ جَوَازِ أَكْلِ مَا ذُبِحَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهِ وَرَدُّوا بِهِ عَلَى مَنْ أَبَى مِنْ أَكْلِ ذَبِيحَةِ السَّارِقِ وَمَنْ أَشْبَهَهُ دَاوُدُ وَإِسْحَاقُ وَتَقَدَّمَهُمْ إِلَى ذَلِكَ عِكْرِمَةُ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ لِحَدِيثِ نَافِعٍ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ بِإِثْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ هَذَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنِ ابن شهاب عن عبد الرحمان بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فَلَمْ يَرَ بِهَا بَأْسًا وَمِمَّا يُؤَكِّدُ هَذَا الْمَذْهَبَ حَدِيثُ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ الْحَرَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّاةِ الَّتِي ذُبِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ رَبِّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْعِمُوهَا الْأُسَارَى وَهُمْ مِمَّنْ تَجُوزُ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ بِمِثْلِهَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ذَكِيَّةً مَا أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الحديث التاسع والسبعون

نَافِعٌ عَنْ سَائِبَةَ مَوْلَاةِ عَائِشَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَسَبْعُونَ حَدِيثًا لِنَافِعٍ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَائِبَةَ مَوْلَاةٍ لِعَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي فِي الْبُيُوتِ إِلَّا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَخْطِفَانِ الْبَصَرَ وَيَطْرَحَانِ مَا فِي بُطُونِ النِّسَاءِ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَائِبَةَ مُرْسَلًا لَمْ يَذْكُرْ عَائِشَةَ وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ الْقَعْنَبِيِّ وَلَا عِنْدَ ابْنِ بُكَيْرٍ وَلَا عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ وَلَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا مُرْسَلًا وَلَا غَيْرَ مُرْسَلٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ مُرْسَلًا وَمِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ أَيْضًا وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ نَافِعٍ وَحُفَّاظُهُمْ يَرْوُونَهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَائِبَةَ عَنْ عَائِشَةَ مُسْنَدًا متصلا

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ سَائِبَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ إِلَّا الْأَبْتَرَ وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَخْطِفَانِ الْبَصَرَ وَيَطْرَحَانِ مَا فِي بُطُونِ النِّسَاءِ فَمَنْ تَرَكَهُنَّ فَلَيْسَ مِنَّا وَرَوَى الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَائِبَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عن أيوب وعبد الرحمان جَمِيعًا عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَائِبَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ اقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْأَبْصَارَ وَيَقْتُلَانِ أَوْلَادَ النِّسَاءِ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ من تركهما فليس منا قال عبد الرحمان فَقُلْتُ لِنَافِعٍ فَمَا ذُو الطُّفْيَتَيْنِ قَالَ ذُو الْخَطَّيْنِ فِي ظَهْرِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْحَدِيثَ عَنْ سَائِبَةَ عَنْ عَائِشَةَ مُسْنَدًا أَنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ يَرْوِيهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي قَتْلِ الْحَيَّاتِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالرِّوَايَاتِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هَهُنَا وَبِاسْتِعْمَالِ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ يُسْتَعْمَلُ جَمِيعُ الْآثَارِ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ الْأَبْتَرُ مِنَ الْحَيَّاتِ صِنْفٌ أَزْرَقُ مَقْطُوعُ الذَّنَبِ لَا تَنْظُرُ إِلَيْهِ حَامِلٌ إِلَّا أَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا وَقَالَ الْمَهْرِيُّ الْوَاحِدُ جِنُّ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ جِنَّانٌ مِثْلَ صنو وصنوان للاثنين وللجمع صنوان أيضا

وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ الْأَبْتَرُ مِنَ الْحَيَّاتِ صِنْفٌ أَزْرَقُ مَقْطُوعُ الذَّنَبِ لَا تَنْظُرُ إِلَيْهِ حَامِلٌ إِلَّا أَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا وَقَالَ الْمَهْرِيُّ الْوَاحِدُ جِنُّ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ جِنَّانٌ مِثْلَ صِنْوٌ وَصِنْوَانِ لِلِاثْنَيْنِ وَلِلْجَمْعِ صِنْوَانٌ أَيْضًا

الحديث الثمانون

حَدِيثٌ مُوَفِّي ثَمَانِينَ حَدِيثًا لِنَافِعٍ مُرْسَلٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً مَقْتُولَةً فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ مُرْسَلًا وَتَابَعَهُ أَكْثَرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَوَصَلَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بن المبارك الصوري وعبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عمر

حدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ الْمَدَنِيُّ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً مَقْتُولَةً فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْ قتل النساء والولدان وحدثنا عبد الرحمان بن يحيى قال حدثنا الحسن بن ابن الْخَضِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَدَنِيُّ الضَّرِيرُ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ حَدَّثَنَا مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم رَأَى فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً مَقْتُولَةً فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عِيسَى وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله

ابن مَيْمُونٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ نَافِعٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ الضَّبِّيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْتُولَةً فَأَنْكَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ

مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْتُولَةً فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ وَحَدِيثُ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِجُمْلَةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ قَتْلُ نِسَاءِ الْحَرْبِيِّينَ وَلَا أَطْفَالِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِمَّنْ يُقَاتِلُ فِي الْأَغْلَبِ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَاخْتَلَفُوا فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِذَا قَاتَلُوا فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا قَاتَلُوا قُتِلُوا وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ الثوري والأوزاعي والليث وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ وَغَيْرُهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِذَا لَمْ يُقَاتِلُوا اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفُوا فِي طَوَائِفَ مِمَّنْ لَا يُقَاتِلُ فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ الْأَعْمَى وَالْمَعْتُوهُ وَلَا الْمُقْعَدُ وَلَا أَصْحَابُ الصَّوَامِعِ الَّذِينَ طَيَّنُوا الْبَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا يخالطون

النَّاسَ قَالَ مَالِكٌ وَأَرَى أَنْ يُتْرَكَ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا يَعِيشُونَ بِهِ وَمَنْ خِيفَ مِنْهُ شَيْءٌ قُتِلَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يُقْتَلُ الشَّيْخُ وَلَا الْمَرْأَةُ وَلَا الْمُقْعَدُ وَلَا الطِّفْلُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يُقْتَلُ الْحُرَّاثُ وَالزُّرَّاعُ وَلَا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَلَا الْمَجْنُونُ وَلَا رَاهِبٌ وَلَا امْرَأَةٌ وَقَالَ اللَّيْثُ لَا يُقْتَلُ الرَّاهِبُ فِي صَوْمَعَتِهِ وَيُتْرَكُ لَهُ مِنْ مَالِهِ الْقُوتُ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُقْتَلُ الشَّيْخُ وَالرَّاهِبُ وَهُوَ عِنْدَهُ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ يُقْتَلُ الأعمى وذو الزمانة والمقعد وَالشَّيْخُ الْفَانِي وَالرَّاعِي وَالْحَرَّاثُ وَالسَّائِحُ وَالرَّاهِبُ وَكُلُّ مُشْرِكٍ حَاشَا مَا اسْتَثْنَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ وَأَصْحَابِ الصَّوَامِعِ قَالَ وَالْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ فِي حُكْمِ الطِّفْلِ قَالَ وَإِنْ قَاتَلَ الشَّيْخُ أَوِ الْمَرْأَةُ أَوِ الصَّبِيُّ قُتِلُوا وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ الْحَجَّاجُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً مَقْتُولَةً فَقَالَ مَنْ قَتَلَ هَذِهِ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَازَعَتْنِي قَائِمَ سَيْفِي فَسَكَتَ وَذَكَرَ قَوْلَ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ إِلَّا مَنْ سَعَى بِالسَّيْفِ

وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ مَذْهَبَ الطَّبَرِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِهِ قَالَ سُحْنُونٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحَادِيثُ هَذَا الْبَابِ الَّتِي مِنْهَا نَزَعَ الْعُلَمَاءُ بِمَا نَزَعُوا مِنْ أَقَاوِيلِهِمُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهُمْ مِنْهَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْمُرَقَّعِ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ رِيَاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّهِ رِيَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ فَرَأَى النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى شَيْءٍ فَبَعَثَ رَجُلًا فَقَالَ انْظُرْ عَلَامَ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ فَجَاءَ فَقَالَ امرأة قتيل فَقَالَ مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ قَالَ وَعَلَى الْمُقَدِّمَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَبَعَثَ رَجُلًا فَقَالَ قُلْ لِخَالِدٍ لَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً وَلَا عَسِيفًا وَلَفْظُ الْحَدِيثِ وَسِيَاقُهُ لِأَبِي دَاوُدَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ الْحَقْ خَالِدًا فَقُلْ لَهُ لَا تَقْتُلُوا ذَرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عن المرقع

ابن صَيْفِيٍّ عَنْ حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غَزَاةٍ فَمَرَرْنَا بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهَا فَفَرَجُوا لَهُ فَقَالَ مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتِلُ الْحَقْ خَالِدًا فَقُلْ لَهُ لَا تَقْتُلْ ذَرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا لَمْ يُخَرِّجْ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْإِسْنَادَ وَخَرَّجَ الْأَوَّلَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ الْأَسْلَمِيُّ عَنْ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا بَعَثَ جُيُوشَهُ قَالَ اخْرُجُوا بِاسْمِ اللَّهِ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تَغْدِرُوا وَلَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا الْوِلْدَانَ وَلَا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمْ يُقْتَلْ مِنْ نِسَائِهِمْ يَعْنِي نِسَاءَ بَنِي قُرَيْظَةَ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَتْ عَائِشَةُ وَاللَّهِ إِنَّهَا لَعِنْدِي تَحَدَّثُ مَعِي وَتَضْحَكُ ظَهْرًا وَبَطْنًا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقتل

رِجَالَهُمْ بِالسُّيُوفِ إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ بِاسْمِهَا أَيْنَ فلانة قالت أنا والله قلت ويلك مالك وَمَا شَأْنُكِ قَالَتْ أُقْتَلُ قُلْتُ وَلِمَ قَالَتْ حَدَثٌ أَحْدَثْتُهُ فَانْطُلِقَ بِهَا فَضُرِبَتْ عُنُقُهَا فَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ مَا أَنْسَى عَجَبِي مِنْ طِيبِ نَفْسِهَا وَكَثْرَةِ ضَحِكِهَا وَقَدْ عَرَفَتْ أَنَّهَا تُقْتَلُ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ لِحَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ سَوَاءً وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ وَاسْتَحْيُوا شَرْخَهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ شَرْخُهُمْ يَعْنِي غِلْمَانَهُمْ وَشُبَّانَهُمُ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ وَلَمْ يُنْبِتُوا وَأَجْمَعُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قتل دريد بن الصمت يَوْمَ حُنَيْنٍ لِأَنَّهُ كَانَ ذَا رَأْيٍ وَمَكِيدَةٍ فِي الْحَرْبِ فَمَنْ كَانَ هَكَذَا مِنَ الشُّيُوخِ قُتِلَ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَمُخْتَلَفٌ فِي قَتْلِهِ مِنَ الشُّيُوخِ

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي رَمْيِ الْحِصْنِ بِالْمَنْجَنِيقِ إِذَا كَانَ فِيهِ أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ أَوْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُرْمَى الْحِصْنُ وَلَا تُحْرَقُ سَفِينَةُ الْكُفَّارِ إِذَا كَانَ فِيهَا أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا قَالَ وَإِنَّمَا صُرِفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ لِمَا كَانَ فِيهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَوْ تَزَيَّلَ الْكُفَّارُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَعَذَّبَ الْكُفَّارَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ لَا بَأْسَ بِرَمْيِ حُصُونِ الْمُشْرِكِينَ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ أُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَطْفَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوِ الْمُشْرِكِينَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْرَقَ الْحِصْنُ وَيُقْصَدَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ فَإِنْ أَصَابُوا وَاحِدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ فَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِنْ أَصَابُوهُ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ وَلَا دِيَةَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا تَتَرَّسَ الْكُفَّارُ بِأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُرْمَوْا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ الْآيَةَ قَالَ وَلَا يُحْرَقُ الْمَرْكَبُ فِيهِ أُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَيُرْمَى الْحِصْنُ بِالْمَنْجَنِيقِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ أُسَارَى مُسْلِمُونَ فَإِنْ أَصَابَ وَاحِدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ خَطَأٌ فَإِنْ جَاءُوا مُتَتَرِّسِينَ بِهِمْ رُمُوا وَقُصِدَ بِالرَّمْيِ الْعَدُوُّ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ بِرَمْيِ الْحِصْنِ وَفِيهِ أُسَارَى وَأَطْفَالٌ وَمَنْ أُصِيبَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِنْ تَتَرَّسُوا فَفِيهِ قولان أحدهما

يَرْمُونَ وَالْآخَرُ لَا يَرْمُونَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِقَصْدِ الْمُشْرِكِ وَيَتَوَخَّى جُهْدَهُ فَإِنْ أَصَابَ فِي هَذِهِ الْحَالِ مُسْلِمًا وَعَلِمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَلَا دِيَةَ مَعَ الرَّقَبَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ مُسْلِمًا فَالرَّقَبَةُ وَحْدَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَارَةُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ صَبَاحًا وَلَيْلًا وَبِهِ عَمِلَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَرَوَى جُنْدُبُ بْنُ مُكَيْثٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غالب بن عبد الله الليثي ثم أحمد بَنِي خَالِدِ بْنِ عَوْفٍ فِي سَرِيَّةٍ كُنْتُ فيهم وأمرهم أن تشن الغارة على بني الْمُلَوَّحِ بِالْكُدَيْدِ قَالَ فَشَنَنَّا عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ لَيْلًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْغَارَةَ يُتْلَفُ فِيهَا مَنْ دَنَا أَجَلُهُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ مُشْرِكًا وَطِفْلًا وَامْرَأَةً وَلَمْ يَمْنَعْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ الْآيَةَ وَنَهْيُهُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ مِنَ الْغَارَةِ وَهَذَا عِنْدِي مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْغَارَةَ إِنَّمَا كَانَتْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي حِصْنٍ بِبَلَدٍ لَا مُسْلِمَ فِيهِ فِي الأغب وَأَمَّا الْأَطْفَالُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْغَارَةِ فَقَدْ جَاءَ فِيهِمْ حَدِيثُ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داد قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَبِيتُونَ فَيُصَابُ مِنْ ذَرَارِيهِمْ وَنِسَائِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ مِنْهُمْ قَالَ وَكَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يَقُولُ هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ قَالَ الزُّهْرِيُّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ جَعَلَ الزُّهْرِيُّ حَدِيثَ الصعب بن جثامة منوسخا بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ وَغَيْرُهُ يَجْعَلُهُ مُحْكَمًا غَيْرَ مَنْسُوخٍ وَلَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْغَارَةِ وَتَرْكِ الْقَصْدِ إِلَى قَتْلِهِمْ فَيَكُونُ النَّهْيُ حِينَئِذٍ يَتَوَجَّهُ إِلَى مَنْ قَصَدَ قَتْلَهُمْ وَأَمَّا مَنْ قَصَدَ قَتْلَ آبائهم على ما أر بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَأَصَابَهُمْ وَهَؤُلَاءِ يُرِيدُهُمْ فَلَيْسَ مِمَّنْ تُوَجَّهُ إِلَيْهِ الْخَطَايَا بِالنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِمْ عَلَى مِثْلِ تِلْكَ الْحَالِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ لَا يَجِبُ أَنْ يَتَوَجَّهَ النَّهْيُ إِلَّا إِلَى الْقَاصِدِ لِأَنَّ الْفَاعِلَ لَا يَسْتَحِقُّ اسْمَ الْفِعْلِ حَقِيقَةً دُونَ مَجَازٍ إِلَّا بِالْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ وَالْإِرَادَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُ شَيْءٍ فَفَعَلَهُ وَهُوَ لَا يُرِيدُهُ وَلَا يَنْوِيهِ وَلَا يَقْصِدُهُ وَلَا يَذْكُرُهُ هَلْ كَانَ ذَلِكَ يُجْزِي عَنْهُ مِنْ فِعْلِهِ أَوْ يُسَمَّى فَاعِلًا لَهُ وَهَذَا أَصْلٌ جَسِيمٌ فِي الْفِقْهِ فَافْهَمْهُ

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ آبَائِهِمْ فَمَعْنَاهُ حُكْمُهُمْ حُكْمُ آبَائِهِمْ لَا دِيَةَ فِيهِمْ وَلَا كَفَّارَةَ وَلَا إِثْمَ فِيهِمْ أَيْضًا لِمَنْ لَمْ يَقْصِدْ إِلَى قَتْلِهِمْ وَأَمَّا أَحْكَامُ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْآخِرَةِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي شَيْءٍ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْآخِرَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ وَاخْتِلَافَ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

نافع بن مالك

نَافِعُ بْنُ مَالِكٍ أَبُو سُهَيْلٍ عَمُّ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الْأَصْبَحِيُّ قَدْ ذَكَرْنَا نَسَبَهُ فِي ذِكْرِ نَسَبِ مَالِكٍ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَرَوَى عَنْ أَبِيهِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَيُقَالُ إِنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَسَهْلَ بْنَ سَعْدٍ وَرَوَى عَنْهُمْ رَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَاصِمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَشْجَعِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَأَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ أَيْضًا وَهَذَا غَايَةٌ فِي جَلَالَتِهِ وَفَضْلِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْمَالِكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ يَاسِينَ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُولُ مِثْلَ مَالِكٍ فَقِيلَ لَهُ مَا تَقُولُ فِي أَبِيكَ قَالَ كَانَ عَمِّي أَبُو سُهَيْلِ بْنُ مَالِكٍ ثِقَةً لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا مُسْنَدٌ وَالْآخَرُ مَوْقُوفٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ مرفوع من وجوه صحاح

نَافِعُ بْنُ مَالِكٍ أَبُو سُهَيْلٍ عَمُّ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الْأَصْبَحِيُّ قَدْ ذَكَرْنَا نَسَبَهُ فِي ذِكْرِ نَسَبِ مَالِكٍ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَرَوَى عَنْ أَبِيهِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَيُقَالُ إِنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَسَهْلَ بْنَ سَعْدٍ وَرَوَى عَنْهُمْ رَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَاصِمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَشْجَعِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَأَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ أَيْضًا وَهَذَا غَايَةٌ فِي جَلَالَتِهِ وَفَضْلِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْمَالِكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ يَاسِينَ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُولُ مِثْلَ مَالِكٍ فَقِيلَ لَهُ مَا تَقُولُ فِي أَبِيكَ قَالَ كَانَ عَمِّي أَبُو سُهَيْلِ بْنُ مَالِكٍ ثِقَةً لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا مُسْنَدٌ وَالْآخَرُ مَوْقُوفٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ مَرْفُوعٌ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِأَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النار وصفدت الشياطين ذكرنا هذا الحديث ههنا لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَكُونُ رَأْيًا وَلَا يُدْرَكُ مِثْلُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُهَيْلٍ هَذَا وَغَيْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَفَعَهُ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا مَعْنُ بْنُ عِيسَى إِنْ صَحَّ عَنْهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْوَاشِجِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ عَنْ مَعْنٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجِنَانِ وَأُغْلِقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ

وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى أَوْثَقُ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَوْ مِنْ أَوْثَقِهِمْ وَأَتْقَنِهِمْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا قَالُونُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْقَارِئُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِذَا اسْتَهَلَّ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَنَافِعٌ هَذَا هُوَ أَبُو سُهَيْلِ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتَهَلَّ رَمَضَانُ غُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشياطين

وَأَمَّا رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ فَحَدَّثْنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ وَعِنْدَ مَعْمَرٍ فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مَعْمَرٍ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي أَنَسٍ مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَكَذَلِكَ قَالَ يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ أَبِي أَنَسٍ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَلَمْ يَقُلْ مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَرَّةً قَالَ فِيهِ من عدي بني تيم وَمَرَّةً لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَأَبَاهُ وَعَمَّهُ لَيْسُوا بِمَوَالِي لِبَنِي تَيْمٍ وَلَكِنَّهُمْ حُلَفَاؤُهُمْ وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَجْعَلُهُمْ مَوَالِيَ لَهُمْ وَكَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يَقُولُ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَمَالِكٌ أَعْلَمُ بِنَسَبِهِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا صَحَّ مِنْ حِمْيَرَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَمَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ فِيهِ لِلصَّائِمِينَ عَنْ ذُنُوبِهِمْ وَيُضَاعِفُ لَهُمْ حَسَنَاتِهِمْ فَبِذَلِكَ تُغَلَّقُ عَنْهُمْ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَأَبْوَابُ جَهَنَّمَ لِأَنَّ الصَّوْمَ جُنَّةٌ يَسْتَجْنِ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ النَّارِ وَتُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ لِأَنَّ أَعْمَالَهُمْ تَزْكُو فِيهِ لَهُمْ وَتُتَقَبَّلُ مِنْهُمْ هَذَا مَذْهَبُ مَنْ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ وَالْمَجَازِ وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدِي إِلَّا أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُ ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ وَصُفِّدَتْ فِيهِ الشَّيَاطِينُ أَوْ سُلْسِلَتْ فِيهِ الشَّيَاطِينُ فَمَعْنَاهُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يَعْصِمُ فِيهِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَكْثَرَهُمْ فِي الْأَغْلَبِ مِنَ الْمَعَاصِي فَلَا يَخْلُصُ إِلَيْهِمْ فِيهِ الشَّيَاطِينُ كَمَا كَانُوا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ مِنْهُمْ فِي سَائِرِ السَّنَةِ وَأَمَّا الصَّفَدُ بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَهُوَ الْغُلُّ فَعَلَى هَذَا سَوَاءٌ قَوْلُ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ أَوْ سُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ يُقَالُ صَفَّدْتُهُ أُصَفِّدُهُ صَفْدًا وَصُفُودًا إِذَا أَوْثَقْتُهُ وَالِاسْمُ الصِّفَادُ وَالصِّفَادُ أَيْضًا حَبْلٌ يُوثَقُ بِهِ وَهُوَ الصَّفَدُ أَيْضًا وَالْجَمْعُ أَصْفَادٌ وَالصَّفَدُ الْغُلُّ وَفِي غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى الصَّفَدُ الْعَطَاءُ يُقَالُ مِنْهُ أَصْفَدْتُ الرَّجُلَ إِذَا أَعْطَيْتُهُ مَالًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أبي سلمة بن عبد الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُعْطِيَتْ أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ فِي رَمَضَانَ لَمْ تُعْطَهُنَّ أُمَّةٌ قَبْلَهَا خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ وَتَسْتَغْفِرُ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يُفْطِرُوا وَيُزَيِّنُ اللَّهُ لَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ جَنَّتَهُ ثُمَّ يَقُولُ يُوشِكُ عِبَادِي الصَّائِمُونَ أَنْ يُلْقُوا عَنْهُمُ الْمُؤْنَةَ وَالْأَذَى ثُمَّ يَصِيرُونَ إِلَيْكِ وَتُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ فَلَا يَخْلُصُونَ إِلَى مَا كَانُوا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِهِ وَيُغْفَرُ لَهُمْ آخَرَ لَيْلَةٍ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ قَالَ لَا وَلَكِنَّ الْعَامِلَ إِنَّمَا يُوَفَّى أَجْرَهُ إِذَا انْقَضَى عَمَلُهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هِشَامُ بْنُ أَبِي هِشَامٍ هَذَا هُوَ هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو الْمِقْدَامِ وَفِيهِ ضَعْفٌ وَلَكِنَّهُ مُحْتَمَلٌ فِيمَا يَرْوِيهِ مِنَ الْفَضَائِلِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فِيهِ صِيَامَهُ تُفَتَّحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ جَاءَكُمْ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفَتَّحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَتُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ فِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ كُنْتُ فِي بَيْتٍ فِيهِ عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ فَأَرَدْتُ أَنْ أُحَدِّثَ بِحَدِيثٍ وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ أَوْلَى بِالْحَدِيثِ فَحَدَّثَ الرَّجُلُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي رَمَضَانَ تُفَتَّحُ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَتُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوَابُ النَّارِ وَيُصَفَّدُ فِيهِ كُلُّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ وَيُنَادِي فِيهِ مُنَادٍ كُلَّ لَيْلَةٍ يَا طَالِبَ الْخَيْرِ هَلُمَّ وَيَا طَالِبَ الشَّرِّ أَمْسِكْ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ عَرْفَجَةَ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَهُوَ عِنْدَهُمْ خَطَأٌ وَلَيْسَ الْحَدِيثُ لِعُتْبَةَ وَإِنَّمَا هُوَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ غَيْرِ عُتْبَةَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ وَهُوَ يُحَدِّثُنَا عَنْ رَمَضَانَ قَالَ فَدَخَلَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَكَتَ عُتْبَةُ كَأَنَّهُ هَابَهُ فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ لَهُ عُتْبَةُ يَا أَبَا فُلَانٍ حَدِّثْنَا بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رَمَضَانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ تُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوَابُ النَّارِ وَتُفَتَّحُ

فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَتُصَفَّدُ فِيهِ الشَّيَاطِينُ وَيُنَادِي مُنَادٍ كُلَّ لَيْلَةٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ هَلُمَّ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا تُفَسِّرُ حَدِيثَ أَبِي سُهَيْلٍ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْنَا وَهِيَ كُلُّهَا مُسْنَدَةٌ وَلِهَذَا ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمُسْنَدِ لِأَنَّ تَوْقِيفَهُ لَا وَجْهَ لَهُ إِذْ لَا يَكُونُ مِثْلُهُ رَأْيًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو ذَرٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْعِجْلِيُّ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ تَسْبِيحَةٌ فِي رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ تَسْبِيحَةٍ فِي غَيْرِهِ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التوفيق

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِأَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ وَلَا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ (لَهُ) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ قَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ قَالَا لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ قَالَ وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ (قَالَ) فَأَدْبَرَ الرجل وهو

يَقُولُ وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي إِسْنَادِهِ وَلَا فِي مَتْنِهِ إِلَّا أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ جَعْفَرٍ رَوَاهُ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ سَوَاءً وَقَالَ فِي آخِرِهِ أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ وَهَذِهِ لَفْظَةٌ إِنْ صَحَّتْ فَهِيَ مَنْسُوخَةٌ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ وَبِغَيْرِ اللَّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سُهَيْلٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ

قَالَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا قَالَ أَخْبِرْنِي بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ قَالَ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ قَالَ أَخْبِرْنِي بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ وَالَّذِي أَكْرَمَكَ لَا أَتَطَوَّعُ شَيْئًا غَيْرَهُ وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعْنَى حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ هَذَا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَتَمِّ أَلْفَاظٍ وَأَكْمَلِ مَعَانٍ وَفِيهَا ذِكْرُ الْحَجِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَسَنَذْكُرُهَا بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا يَقْتَضِي الْحَجَّ مَعَ مَا فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فَإِنَّ

الْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِسْلَامِ تَقْتَضِي شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَالْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ثُمَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَالزَّكَاةَ وَصَوْمَ رَمَضَانَ وَالْحَجَّ وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى الْإِسْلَامِ وَمَعْنَى الْإِيمَانِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَمِنَ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهُ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَالْحَجُّ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَحَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو الْمُعَافِرِيِّ أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عُمَرَ فقال يا أبا عبد الرحمان ما جعلك على الحج عاما وتقيم عاما وتترد الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا رَغَّبَ اللَّهُ فِيهِ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَصِيَامُ رَمَضَانَ

وَأَدَاءُ الزَّكَاةِ وَحَجُّ الْبَيْتِ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ أَعْمُدَ الدِّينِ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا خَمْسٌ عَلَى مَا فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا إِلَّا أَنَّهُ جَاءَ عَنْ حُذَيْفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ خَبَرٌ يُخَالِفُ ظَاهِرُهُ خَبَرَ ابْنِ عُمَرَ هَذَا فِي الْإِسْلَامِ رَوَاهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ الْإِسْلَامُ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ الشَّهَادَةُ سَهْمٌ وَالصَّلَاةُ سَهْمٌ وَالزَّكَاةُ سَهْمٌ وَحَجُّ الْبَيْتِ سَهْمٌ وَصَوْمُ رَمَضَانَ سَهْمٌ وَالْجِهَادُ سَهْمٌ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ سَهْمٌ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ سَهْمٌ وَقَدْ خَابَ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا فَرْضَ الْجِهَادِ وَمَا يَتَعَيَّنُ مِنْهُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ وَمَا مِنْهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَأَنَّهُ لَا يَجْرِي مَجْرَى الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ ههنا وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَلَيْسَ يَجْرِي أَيْضًا مَجْرَى الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ ابن عمر لقول الله عز وجل يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيهِ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ الْآيَةَ قَالُوا إِذَا اخْتَلَفَتِ الْقُلُوبُ فِي آخِرِ الزَّمَنِ وَأُلْبِسَ النَّاسُ شِيَعًا وَأُذِيقَ بَعْضُهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ وَكَانَ

الْهَوَى مُتَّبَعًا وَالشُّحُّ مُطَاعًا وَأُعْجِبَ كُلُّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَحِينَئِذٍ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ وَقَدْ قِيلَ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ دِينِكُمْ إِذَا أَدَّى الْجِزْيَةَ إِلَيْكُمْ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ يُخْرِجُهَا مِنْ أَنْ تُجْرَى مَجْرَى الْخَمْسِ الَّتِي بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَيْهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَعْمِدَةَ الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةٌ الشَّهَادَةُ وَالصَّلَاةُ وَصَوْمُ رَمَضَانَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عبد الرحمان بْنِ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ وَسَعِيدُ بْنُ حَفْصٍ النَّجَّارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ النُّكْرِيِّ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَمَّادٌ لَا أَظُنُّهُ إِلَّا رَفَعَهُ قَالَ عُرَى الْإِسْلَامِ وَقَوَاعِدُ الدِّينِ ثَلَاثَةٌ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَيْهَا مَنْ تَرَكَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً فَهُوَ حَلَالُ الدَّمِ شهادة أأن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالصَّلَاةُ وَصِيَامُ رَمَضَانَ قال ابن عباس نجده كثير المال لا يُزَكِّي فَلَا نَقُولُ لَهُ بِذَلِكَ كَافِرٌ وَلَا حَلَالٌ دَمُهُ وَنَجِدُهُ كَثِيرَ الْمَالِ وَلَا يَحُجُّ فلا نراه بذاك كافرا ولا حل دَمُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا فَرْضَ مِنَ الصَّلَاةِ إلا الخمس صلوات فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَأَنَّهُ لَا فَرْضَ مِنَ الصِّيَامِ إِلَّا صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَفِيهِ أَنَّ الزَّكَاةَ فَرِيضَةٌ عَلَى

حَسَبِ سُنَنِهَا الْمَعْلُومَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَفِي سَائِرِ كُتُبِنَا وَلَمْ يُذْكَرْ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ الْحَجُّ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْهُمْ إِنَّ الْحَجَّ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ مُفْتَرَضًا وَأَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَزَلَ فَرْضُهُ وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ زَعَمَ أَنَّ فَرْضَ الْحَجِّ عَلَى مَنِ اسْتَطَاعَ السَّبِيلَ إِلَيْهِ يَجِبُ فِي فَوْرِ الِاسْتِطَاعَةِ عَلَى حَسَبِ الْمُمْكِنِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ لَيْسَ فِيهَا لِمَالِكٍ جَوَابٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا الْمَالِكِيُّونَ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَالَتْ وُجُوبُ الْحَجِّ عَلَى الْفَوْرِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَلْ ذَلِكَ عَلَى التَّرَاخِي وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَكْثَرُ الْمَالِكِيِّينَ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ وَبَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْهُمْ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خُوَازِ بنداد الْبَصْرِيُّ الْمَالِكِيُّ وَلَهُ احْتَجَّ فِي كِتَابِ الْخِلَافِ وَجَاءَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَكُونُ صَرُورَةً مُسْتَطِيعَةً عَلَى الْحَجِّ تَسْتَأْذِنُ زَوْجَهَا فِي ذَلِكَ فَيَأْبَى أَنْ يَأْذَنَ لَهَا هَلْ يُجْبَرُ عَلَى إِذْنٍ لَهَا قَالَ نَعَمْ وَلَكِنْ لَا يُعَجَّلُ عَلَيْهِ وَيُؤَخَّرُ الْعَامَ بَعْدَ الْعَامِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ عِنْدَهُ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ بَلْ عَلَى التَّرَاخِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فِي سَعَةٍ مِنْ تَأْخِيرِهِ أَعْوَامًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيِّ

قَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْحَجِّ بَعْدَ الِاسْتِطَاعَةِ الْعَامَ بَعْدَ الْعَامِ وَلَمْ يُحَدَّ وَقَالَ سَحْنُونٌ وَسُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ مَا يَحُجُّ بِهِ فَيُؤَخِّرُ ذَلِكَ سِنِينَ كَثِيرَةً مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ هَلْ يَفْسُقُ بِتَأْخِيرِهِ الْحَجَّ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ قَالَ لَا يَفْسُقُ وَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَإِنْ مَضَى مِنْ عُمْرِهِ سِتُّونَ سَنَةً فَإِنْ زَادَ عَلَى السِّتِّينَ فُسِّقَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ إِنَّهُ يَفْسُقُ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ إِذَا جَاوَزَ السِّتِّينَ غَيْرَ سَحْنُونٍ وَهَذَا تَوْقِيتٌ لَا يَجِبُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ مِمَّنْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِالتَّرَاخِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يُحَدُّ فِي ذَلِكَ حَدًّا وَالْحُدُودُ فِي الشَّرْعِ لَا تُؤْخَذُ إِلَّا عَمَّنْ لَهُ أَنْ يُشَرِّعَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ إِلَّا أَنَّ جُمْهُورَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شُرَيْحٍ مُحْتَجًّا لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ الِاسْتِطَاعَةِ قَالَ وَجْهُ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ أَنَّا وَجَدْنَا الْمُسْلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا لَا يُفَسِّقُونَ مَنْ تَأَخَّرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ بَعْدَ بُلُوغِهِ مَعَ اسْتِطَاعَتِهِ عَلَى الْحَجِّ وَلَا يُسْقِطُونَ شَهَادَتَهُ وَلَا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ قَدْ تَرَكَ أَدَاءَ الْحَجِّ فِي وَقْتِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا فَيَكُونُ قَاضِيًا لَهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا وَوَجَدْنَا هَذَا

مِنْ شَأْنِهِمْ لَيْسَ مِمَّا يَحْدُثُ فِي عَصْرٍ دُونَ عَصْرٍ فَعَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ مِيرَاثُ الْخَلَفِ عَنِ السَّلَفِ وَوَجَدْنَا فَرَائِضَ كَثِيرَةً سَبِيلُهَا كَسَبِيلِ الْحَجِّ فِي ذَلِكَ مِنْهَا قَضَاءُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فَلَمْ نَرَهُمْ ضَيَّقُوا عَلَى الْحَائِضِ إِذَا طَهُرَتْ فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَلَهَا أَنْ تُؤَخِّرَهُ مَا دَامَ فِي وَقْتِهَا سَعَةٌ وَلَا فِي قَضَاءِ مَا عَلَيْهَا مِنَ الصَّوْمِ وَلَا عَلَى الْمُسَافِرِ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ سَفَرِهِ وَكُلُّهُمْ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ هَجْمَةُ الْمَوْتِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّهُ لَيَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَقْضِيهِ حَتَّى يَدْخُلَ شَعْبَانُ فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ أُمُورٌ لَمْ يُضَيِّقْهَا الْمُسْلِمُونَ فَبَطَلَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ شَذَّ فَضَيَّقَهَا ثُمَّ نَظَرْنَا فِي أَمْرِ الْحَجِّ إِذَا أَخَّرَهُ الْمَرْءُ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ كَرَجُلٍ تَرَكَ أَنْ يَحُجَّ خَمْسِينَ سَنَةً وَهُوَ مُسْتَطِيعٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَوَجَدْنَا ذَلِكَ مُسْتَنْكَرًا لَا يَأْمُرُ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا حَجَّ بَعْدَ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ لَمْ يَكُنْ قَاضِيًا لِلْحَجِّ كَقَضَاءِ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا فَقُلْنَا الْوَقْتُ مَمْدُودٌ بَعْدُ وَإِنْ كَانَ قَدْ أُخِّرَ تَأْخِيرًا مُسْتَنْكَرًا فَإِذَا مَاتَ عَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ أَخَّرَ الْفَرْضَ حَتَّى فَاتَ بِمَوْتِهِ وَصَارَ الْمَوْتُ عَلَامَةً لِتَفْرِيطِهِ حِينَ فَاتَ وَقْتُ حَجِّهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَتَى يَكُونُ عَاصِيًا وَبِمَاذَا عَصَى قُلْنَا أَمَّا الْمَعْصِيَةُ فَتَأْخِيرُهُ الْفَرْضَ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهُ وَيَقَعُ عِصْيَانُهُ بِالْحَالِ الَّتِي عَجَزَ فِيهَا مِنَ النُّهُوضِ إِلَى الْحَجِّ وَبَانَ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ وَكَذَلِكَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ يَهُودِيًّا إِنْ شَاءَ أَوْ نَصْرَانِيًّا فعلق

الْوَقْتَ بِالْمَوْتِ أَيْ يَمُوتُ كَمَا يَمُوتُ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ دُونَ أَنْ يَحُجَّ وَالنَّصْرَانِيُّ وَالْيَهُودِيُّ يَمُوتُ كَافِرًا بِكُفْرِهِ وَهَذَا يَمُوتُ عَاصِيًا بِتَرْكِهِ الْحَجَّ مُسْتَطِيعًا لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي عِنْدِي فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا جَازَ لَهُ التَّأْخِيرُ وَكَانَ مُبَاحًا لَهُ وَهُوَ مَغِيبٌ عَنْهُ مَوْتُهُ فَلَمْ يَمُتْ عَاصِيًا إِذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ مُنْعَقِدَةً عَلَى أَدَاءِ مَا وَجَبَ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَمَنْ مَاتَ فِي آخِرِ وَقْتِ صَلَاةٍ لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ يَفُوتُهُ كُلُّ الْوَقْتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ النَّاسِ لِسَحْنُونٍ بِمَا رَوَى فِي الْحَدِيثِ الْمَأْثُورِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مُعْتَرَكُ أُمَّتِي مِنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ وَقَلَّ مَنْ يُجَاوِزُ ذَلِكَ وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى الْأَغْلَبِ مِنْ أَعْمَارِ أُمَّتِهِ لَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى التَّوْسِعَةِ إِلَى السَّبْعِينَ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَغْلَبِ أَيْضًا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِتَفْسِيقِ مَنْ صَحَّتْ عَدَالَتُهُ وَدِينُهُ وَأَمَانَتُهُ بِمِثْلِ هَذَا مِنَ التَّأْوِيلِ الضَّعِيفِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

ومما احتج به ابن خواز بنداد فِي جَوَازِ تَأْخِيرِ الْحَجِّ وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ حَدِيثُ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ السَّعْدِيِّ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ فَذَكَرَ الشَّهَادَةَ وَالصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَصَوْمَ رَمَضَانَ وَالْحَجَّ وَقَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ الْحَدِيثَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي الْأَعْرَابِيِّ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ ذِكْرُ الْحَجِّ وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ ضِمَامٍ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنَسُ بن مالك وفيها كلها ذكرالحج وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَحْسَنُهَا سِيَاقَةً وَأَتَمُّهَا وَنَحْوُهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتَلَفَ فِي وَقْتِ قُدُومِهِ فَقِيلَ قَدِمَ ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَقِيلَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ سَنَةِ وَفْدِ أَكْثَرِ الْعَرَبِ وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ قُدُومَ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْعَامَ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ قَدِمَ ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ وَافِدُ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ عَامَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ انْصِرَافِ الْأَحْزَابِ فَأَسْلَمَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ مِنْ وَفْدِ الْعَرَبِ وَيُقَالُ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ وَافِدًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالُ بْنُ الْحَرْثِ الْمُزَنِيُّ مِنْ وَفْدِ مزينة

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَعُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَزَّارُ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ نُوَيْفِعٍ مَوْلَى الزُّبَيْرِ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ضِمَامَ بْنَ ثَعْلَبَةَ أَخَا بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ لَمَّا أَسْلَمَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فَرَائِضِ الْإِسْلَامِ فَعَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِنَّ ثُمَّ الزَّكَاةَ ثُمَّ صِيَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ حَجَّ الْبَيْتِ ثُمَّ أَعْلَمَهُ بِمَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَسَأَفْعَلُ مَا أَمَرَتْنِي بِهِ وَلَا أَزِيدُ وَلَا أَنْقُصُ ثُمَّ وَلَّى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَصْدُقْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عِمَارَةَ حَمْزَةُ بْنُ الْحَرْثِ بن عمير قال سمعت أبي ذكر عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ

عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الخدري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَصْحَابِهِ جَاءَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقَالَ أَيُّكُمُ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالُوا هَذَا الْأَمْغَرُ الْمُرْتَفِقُ قَالَ إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشْتَدٌّ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَالَ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ أَنْشُدُكَ بِرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ وَرَبِّ مَنْ بَعْدَكَ آللَّهُ أَرْسَلَكَ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ أَمْوَالِ أَغْنِيَائِنَا فَتَرُدَّهُ عَلَى فُقَرَائِنَا قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ وَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ وَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نَحُجَّ هَذَا الْبَيْتَ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي آمَنْتُ وَصَدَّقْتُ وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْأَمْغَرُ الْمُرْتَفِقُ يُرِيدُ الْأَبْيَضَ الْمُتَّكِئَ وَالْأَمْغَرُ هُوَ الَّذِي يَشُوبُ بَيَاضَهُ حُمْرَةٌ وَأَصْلُ الْأَمْغَرِ الْأَبْيَضُ الْوَجْهِ وَالثَّوْبِ وَقَدْ يَكُونُ الْأَحْمَرُ كِنَايَةً عَنِ الْأَبْيَضِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ والأسود يريد الأبيض والأسود وفي خير ضِمَامٍ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْحَجِّ قَدْ كَانَ تَقَدَّمَ قَبْلَ وَقْتِ وِفَادَتِهِ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنَّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ اشْتَهَرَ وَانْتَشَرَ فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَظَهَرَ ظُهُورَ الصلاة والزكاة التي كان يخرج فيها السعادة إليهم

وَيَأْخُذُونَهَا مِنْهُمْ عَلَى مِيَاهِهِمْ وَكَظُهُورِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَفَهُ وَسَأَلَهُ عَنْهُ لِتَقَدُّمِ عِلْمِ ضِمَامٍ بِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ دِينُهُ الَّذِي بُعِثَ بِهِ إِلَيْهِ يَدْعُو وَأَنَّهُ الْإِسْلَامُ وَمَعَانِيهِ وَشَرَائِعُهُ الَّتِي كَانَ يُقَاتِلُ مَنْ أَبَى مِنْهَا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَنَسُ بن مالك وعبد الله بن العباس بِأَكْمَلِ سِيَاقِهِ مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا قَدْ نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ الْعَاقِلُ فَيَسْأَلَهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مَنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَتَانَا رَسُولُكَ فَزَعَمَ لَنَا أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ فَقَالَ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ قَالَ اللَّهُ قَالَ فَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ قَالَ اللَّهُ قَالَ فَمَنْ نَصَبَ الْجِبَالَ قَالَ اللَّهُ قَالَ فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَخَلَقَ الْأَرْضَ وَنَصَبَ الْجِبَالَ آللَّهُ أَرْسَلَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا قَالَ صَدَقَ قَالَ فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَخَلَقَ الْأَرْضَ وَنَصَبَ الْجِبَالَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ وزعم رسولك أن علينا صوم ضهر فِي سَنَتِنَا قَالَ صَدَقَ قَالَ فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَخَلَقَ الْأَرْضَ وَنَصَبَ الْجِبَالَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا الْحَجَّ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قَالَ صَدَقَ قَالَ فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ

وَخَلَقَ الْأَرْضَ وَنَصَبَ الْجِبَالَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ نَعَمْ فَقَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهَا شَيْئًا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن صَدَقَ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا غُلَامَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْكَ فَقَالَ إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَخْوَالِكَ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَأَنَا رَسُولُ قَوْمِي إِلَيْكَ وَوَافِدُهُمْ وَأَنَا سَائِلُكَ فَمُشْتَدَّةٌ مَسْأَلَتِي إِيَّاكَ وَنَاشِدُكَ فَمُشْتَدَّةٌ مُنَاشَدَتِي إِيَّاكَ قَالَ قُلْ يَا أَخَا بَنِي سَعْدٍ قَالَ مَنْ خَلَقَكَ وَهُوَ خَالِقُ مَنْ قَبْلَكَ وَخَالِقُ مَنْ بَعْدَكَ قَالَ اللَّهُ قَالَ فَنَشَدْتُكَ بِذَلِكَ أَهْوَ أَرْسَلَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ وَأَجْرَى بَيْنَهُنَّ الرِّزْقَ قَالَ اللَّهُ قَالَ فَأَنْشُدُكَ بِذَلِكَ أَهْوَ أَرْسَلَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا فِي كِتَابِكَ وَأَتَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نُصَلِّيَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ لِمَوَاقِيتِهَا فَأَنْشُدُكَ بِذَلِكَ أَهُوَ أَمَرَكَ بِهِ قَالَ نَعَمْ فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا فِي كِتَابِكَ وَأَتَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نَأْخُذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِنَا فَتُرَدَّ عَلَى فُقَرَائِنَا

فَنَشَدْتُكَ بِذَلِكَ أَهْوَ أَمَرَكَ بِذَلِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَوَجَدْنَا فِي كِتَابِكَ وَآتَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نَصُومَ شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ شَهْرَ رَمَضَانَ فَنَشَدْتُكَ بِذَلِكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهِ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا الْخَامِسَةُ يَعْنِي الْحَجَّ فَلَسْتُ أَسْأَلُكَ عَنْهَا قَالَ ثُمَّ قَالَ أَمَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَعْمَلَنَّ بِهَا وَلِآمُرَنَّ مَنْ أَطَاعَنِي مِنْ قَوْمِي ثُمَّ رَجَعَ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ صَدَقَ لِيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا ذِكْرُ الْحَجِّ وَهِيَ أَحَادِيثُ ثَابِتَةٌ حِسَانٌ صَحِيحَةٌ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمَّا الْخَامِسَةُ فَلَا أَسْأَلُكَ عَنْهَا يَعْنِي الْحَجَّ بَعْدَ أَنْ جَعَلَهَا خَامِسَةً فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ وَدِينَهُ عَلَى خَمْسَةِ أَعْمِدَةٍ عِنْدَهُ فَمِنْهَا الْحَجُّ وَالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَعْرِفُ الْحَجَّ وَتَحُجُّ كُلَّ عَامٍ فِي الْأَغْلَبِ فَلَمْ يَرَ فِي ذَلِكَ مَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْمُنَاشَدَةِ وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا تَرْغَبُ فيه العرب لا سواقها وَتُبَرِّرُهَا وَتُحَنِّفُهَا فَلَمْ يَحْتَجْ فِي الْحَجِّ إِلَى مَا احْتَاجَ فِي غَيْرِهِ مِنَ السُّؤَالِ وَالْمُنَاشَدَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَظُنُّ سُقُوطَ ذِكْرِ الْحَجِّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ حَدِيثَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كَانَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَلَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدُ رُوَاتِهِ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الْحَجِّ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَرْكِ تَفْسِيقِ الْقَادِرِ عَلَى الْحَجِّ إِذَا أَخَّرَهُ الْعَامَ وَالْعَامَيْنِ وَنَحْوَهُمَا وَأَنَّهُ إِذَا حَجَّ بَعْدَ أَعْوَامٍ مِنْ حِينِ اسْتِطَاعَتِهِ فَقَدْ أَدَّى الْحَجَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِي وَقْتِهِ وَلَيْسَ عِنْدَ الْجَمِيعِ كَمَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا فَقَضَاهَا بَعْدَ خُرُوجِ

وَقْتِهَا وَلَا كَمَنْ فَاتَهُ صِيَامُ رَمَضَانَ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ فَقَضَاهُ وَلَا عَمَّنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ فَلَزِمَهُ قَضَاءَهُ فَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُقَالُ لمن بَعْدَ أَعْوَامٍ مِنْ وَقْتِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْتَ قَاضٍ لِمَا كَانَ وَجَبَ عَلَيْكَ وَلَمْ يَأْتِ بِالْحَجِّ وَفِي وَقْتِهِ عَلِمْنَا أَنَّ وَقْتَ الْحَجِّ مُوَسَّعٌ فِيهِ وَأَنَّهُ عَلَى التَّأْخِيرِ وَالتَّرَاخِي لَا عَلَى الْفَوْرِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَمِمَّا نَزَعَ بِهِ مَنْ رَآهُ عَلَى التَّرَاخِي مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ فِي سُورَةِ الْحَجِّ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَنَزَلَتْ فِي عَامِ أُحُدٍ وَذَلِكَ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَحُجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا سَنَةَ عَشْرٍ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ مَكَّةَ كَانَتْ مَمْنُوعَةً مِنْهُ وَمِنَ الْمُسْلِمِينَ قِيلَ قَدِ افْتَتَحَهَا سَنَةَ ثَمَانٍ فِي رَمَضَانَ وَلَمْ يَحُجَّ حَجَّتَهُ الَّتِي لَمْ يَحُجَّ بَعْدَ فَرْضِ الْحَجِّ عَلَيْهِ غَيْرَهَا إِلَّا فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَأَمَرَ عَتَّابَ بْنَ أُسَيْدٍ إِذْ وَلَّاهُ مَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ أَنْ يُقِيمَ الْحَجَّ لِلنَّاسِ وَبَعَثَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَنَةَ تِسْعٍ فَأَقَامَ لِلنَّاسِ الْحَجَّ وَحَجَّ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةَ عَشْرٍ مِنَ الْهِجْرَةِ فَصَادَفَ الْحَجَّ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَأَخْبَرَ أَنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنَّ الْحَجَّ فِي ذِي الْحِجَّةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِبْطَالًا لِمَا كَانَتِ الْعَرَبُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا عَلَيْهِ في تأخير الحج المنسي الذي

كانوا ينسونه لَهُ عَامًا بَعْدَ عَامٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا الْآيَةَ نَقَلَتْ ذَلِكَ كُلَّهُ الْكَافَّةُ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ وَاسْتَقَرَّ الْحَجُّ مِنْ حِجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي الْحِجَّةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ فَفِيهِ دَلِيلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَدَّى فَرَائِضَ اللَّهِ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ إِذَا اجْتَنَبَ مَحَارِمَهُ لِأَنَّ الْفَلَاحَ مَعْنَاهُ الْبَقَاءُ فِي نَعِيمِ الْجَنَّةِ الَّتِي أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا وَفَاكِهَتُهَا لَا مَقْطُوعَةٌ وَلَا مَمْنُوعَةٌ وَعَلَى أَدَاءِ فَرَائِضِ اللَّهِ وَاجْتِنَابِ مَحَارِمِهِ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْجَنَّةِ وَاللَّهُ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ أَلَا إِنَّ أَفْضَلَ الْفَضَائِلِ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ شكا رَجُلٌ إِلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِاللَّيْلِ فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ أَخِي لَا تَعْصِ اللَّهَ بِالنَّهَارِ تَسْتَغْنِ عَنِ القيام بالليل

وَأَصْلُ الْفَلَاحِ فِي اللُّغَةِ الْبَقَاءُ وَالدَّوَامُ قَالَ الشَّاعِرُ ... لِكُلِّ هَمٍّ مِنَ الْأُمُورِ سَعَهْ ... وَالْمُسْيُ وَالصُّبْحُ لَا فَلَاحَ مَعَهُ ... أَيْ لَا بَقَاءَ مَعَهُ وَقَالَ لَبِيدٌ ... اعْقِلِي إِنْ كُنْتِ لَمَّا تَعْقِلِي ... وَلَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ كَانَ عَقِلْ ... وَقَالَ الرَّاجِزُ ... لَوْ كَانَ حَيٌّ مُدْرِكَ الْفَلَاحِ ... أَدْرَكَهُ مُلَاعِبُ الرِّمَاحِ ... أَيْ لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَبْقَى وَلَا يَمُوتُ لَكَانَ ذَلِكَ مُلَاعِبَ الْأَسِنَّةِ وَهُوَ أَبُو الْبَرَاءِ عَامِرُ بْنُ مَالِكٍ وَمِنَ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا قَوْلُ الْمُؤَذِّنِ حَيِّ عَلَى الْفَلَاحِ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَفْلَحَ من تزكى وقوله أولئك هم المفلحون

وَأَصْلُ الْفَلَاحِ فِي اللُّغَةِ الْبَقَاءُ وَالدَّوَامُ قَالَ الشَّاعِرُ ... لِكُلِّ هَمٍّ مِنَ الْأُمُورِ سَعَهْ ... وَالْمُسْيُ وَالصُّبْحُ لَا فَلَاحَ مَعَهُ ... أَيْ لَا بَقَاءَ مَعَهُ وَقَالَ لَبِيدٌ ... اعْقِلِي إِنْ كُنْتِ لَمَّا تَعْقِلِي ... وَلَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ كَانَ عَقِلْ ... وَقَالَ الرَّاجِزُ ... لَوْ كَانَ حَيٌّ مُدْرِكَ الْفَلَاحِ ... أَدْرَكَهُ مُلَاعِبُ الرِّمَاحِ ... أَيْ لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَبْقَى وَلَا يَمُوتُ لَكَانَ ذَلِكَ مُلَاعِبَ الْأَسِنَّةِ وَهُوَ أَبُو الْبَرَاءِ عَامِرُ بْنُ مَالِكٍ وَمِنَ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا قَوْلُ الْمُؤَذِّنِ حَيِّ عَلَى الْفَلَاحِ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَقَوْلُهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

نعيم بن عبد الله

(مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ) وَهُوَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرُ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَ أَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ يُجْمِرُ الْمَسْجِدَ إِذَا قَعَدَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ وقد قيل إنه كان مِنَ الَّذِينَ كَانُوا يُجْمِرُونَ الْكَعْبَةَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْلَى عُمَرَ وَكَانَ يُجْمِرُ لَهُ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُعَيْمٌ أَحَدُ ثِقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَحَدُ خِيَارِ التَّابِعِينَ بِهَا قَالَ مَالِكٌ جَالَسَ نُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ أَبَا هُرَيْرَةَ عِشْرِينَ سَنَةً ذَكَرَهُ الحلواني في كتاب المعرفة عن سعدي بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مَالِكٍ لِمَالِكٍ عَنْ نُعَيْمٍ هَذَا فِي الْمُوَطَّأِ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ مُسْنَدَةٍ وَمِنَ الْمَوْقُوفَاتِ حَدِيثَانِ تَتِمَّةُ خَمْسَةٍ وَهِيَ كُلُّهَا عِنْدَنَا صِحَاحٌ مُسْنَدَةٌ وَكَانَ نُعَيْمٌ يُوقِفُ كَثِيرًا من حديث أبي هريرة مما يرفعه غير من الثقات

مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ وَهُوَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرُ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَ أَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ يُجْمِرُ الْمَسْجِدَ إِذَا قَعَدَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ وقد قيل إنه كان مِنَ الَّذِينَ كَانُوا يُجْمِرُونَ الْكَعْبَةَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْلَى عُمَرَ وَكَانَ يُجْمِرُ لَهُ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُعَيْمٌ أَحَدُ ثِقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَحَدُ خِيَارِ التَّابِعِينَ بِهَا قَالَ مَالِكٌ جَالَسَ نُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ أَبَا هُرَيْرَةَ عِشْرِينَ سَنَةً ذَكَرَهُ الحلواني في كتاب المعرفة عن سعدي بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مَالِكٍ لِمَالِكٍ عَنْ نُعَيْمٍ هَذَا فِي الْمُوَطَّأِ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ مُسْنَدَةٍ وَمِنَ الْمَوْقُوفَاتِ حَدِيثَانِ تَتِمَّةُ خَمْسَةٍ وَهِيَ كُلُّهَا عِنْدَنَا صِحَاحٌ مُسْنَدَةٌ وَكَانَ نُعَيْمٌ يُوقِفُ كَثِيرًا من حديث أبي هريرة مما يرفعه غير من الثقات

حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِنُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدْ رَوَى فِطْرُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ وَاقَدٍ الصَّفَّارُ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَقَالَ لَهُ أَبِي يَا أَبَا عبد الله أيهما أحب إليك المقام ههنا أو بمكة فقال ههنا وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ اخْتَارَهَا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَمِيعِ بِقَاعِ الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ خَرَجَ مِنْهَا رَغْبَةً عَنْهَا أَبْدَلَهَا اللَّهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَإِنَّهَا لَتَنْفِي خَبَثَ الرِّجَالِ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَهَذَا الْحَدِيثُ خَطَأٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَالصَّوَابُ فِيهِ مَا فِي الْمُوَطَّأِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ أَنْقَابُ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُ أَرَادَ طُرُقَهَا ومحاجها والوحد نَقْبٌ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ أَيْ جَعَلُوا فِيهَا طُرُقًا وَمَسَالِكَ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ ... وَقَدْ نَقَّبْتُ فِي الآفاق حتى ... رضيت من الغنية بِالْإِيَابِ ... وَالْمَنْكَبُ أَيْضًا الطَّرِيقُ مِثْلُ الْمَنْقَبِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ الْمَدِينَةِ إِذْ لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ وَأَنَّهُ يَطَأُ الأض كُلَّهَا وَيَدْخُلُهَا حَاشَى الْمَدِينَةَ وَيُرْوَى فِي غَيْرِهَا حَدِيثُ حَاشَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي خَفْقَةٍ مِنَ الدِّينِ وَإِدْبَارٍ مِنَ الْعِلْمِ لَهُ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً يَسِيحُهَا فِي الْأَرْضِ الْيَوْمُ مِنْهَا كَالسَّنَةِ وَالْيَوْمُ مِنْهَا كَالشَّهْرِ وَالْيَوْمُ مِنْهَا كَالْجُمُعَةِ ثُمَّ سَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ هَذِهِ وَلَهُ حِمَارٌ يَرْكَبُهُ عَرِيضٌ مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا فَيَقُولُ لِلنَّاسِ أَنَا رَبُّكُمْ وَهُوَ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ

مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَأُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ يَرِدُ كُلَّ مَاءٍ وَسَهْلٍ إِلَّا الْمَدِينَةَ وَمَكَّةَ حَرَسَهُمَا اللَّهُ عَنْهُ وَقَامَتِ الملائكة بأبوابهما وذكر الحديث

مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَأُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ يَرِدُ كُلَّ مَاءٍ وَسَهْلٍ إِلَّا الْمَدِينَةَ وَمَكَّةَ حَرَسَهُمَا اللَّهُ عَنْهُ وَقَامَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَبْوَابِهِمَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِنُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ ثُمَّ قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ هُوَ الَّذِي أُرِيَ أَبُوهُ النِّدَاءَ فَصَارَ سُنَّةً وَأَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ اسْمُهُ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو وَبَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ هُوَ وَالِدُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي مِنْ ذِكْرِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ النَّيْسَابُورِيُّ بمصر قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرَيُّ قَالَ حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ حَدِيثِ مَالِكٍ وَقَدْ رَوَى مِثْلَ حَدِيثِهِ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَغَيْرُهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ

ابن سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنِ ابْنِ الْهَادِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَكَيْفَ الصلاة عليك قال قولوا اللهم صلى عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ والثوري عن الحكم عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قال لما نزلت يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا جَاءَ رجل إلى النبي ت عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا السَّلَامُ عَلَيْكَ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَكَيْفَ الصَّلَاةُ فَقَالَ قُلْ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدْخُلُ فِي التَّفْسِيرِ الْمُسْنَدِ وَيُبَيِّنُ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبي يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا فَبَيَّنَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعَلَّمَهُمْ فِي التَّحِيَّاتِ كَيْفَ السلام

عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي التَّحِيَّاتِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ وَهُوَ أَيْضًا مَعْنَى حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الْمَذْكُورِ عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ السَّلَامَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أُرِيدَ بِهِ السَّلَامُ مِنَ الصَّلَاةِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَكْثَرُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ التَّشَهُّدِ وَفِي أَلْفَاظِهِ وَفِي وُجُوبِ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ وَهَلْ هُوَ وَاحِدَةٌ أَوِ اثْنَتَانِ وَلَسْتُ أَعْلَمُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَوْضِعًا أَوْلَى بِذِكْرِ ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَمَّا التَّشَهُّدُ فَإِنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ ذَهَبُوا فِيهِ إِلَى مَا رَوَاهُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يُعَلِّمُ النَّاسَ التَّشَهُّدَ يَقُولُ قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّكِيَّاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصالحين أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَذَهَبَ فِي التَّشَهُّدِ إِلَى حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يعملنا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ فِي الْأَرْبَعِ فَلْيَقُلْ التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِهِ عَنِ اللَّيْثِ بِإِسْنَادِهِ وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ كَمَا رَوَاهُ اللَّيْثُ وَجَمَاعَةٌ وَأَمَّا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ فَذَهَبُوا فِي التَّشَهُّدِ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ حَدِيثٌ كُوفِيٌّ رَوَاهُ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَمِمَّنْ رَوَاهُ مَنْصُورٌ وَالْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرَوَاهُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ

وَقَدْ رُوِيَ التَّشَهُّدُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهَا اخْتِلَافٌ وَزِيَادَةُ كَلِمَةٍ وَنُقْصَانُ أُخْرَى وَذَلِكَ كُلُّهُ مُتَقَارِبُ الْمَعْنَى وَفِيهَا كُلُّهَا السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ فِيهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَذْكُرُ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَزِيدُ عَلَى قَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ فَهَذَا وَجْهٌ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ كَهَيْئَةِ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ مِنَ الصَّلَاةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَائِشَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَكُلُّهَا مَعْلُولَةُ الْأَسَانِيدِ لَا يُثْبِتُهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَأَمَّا حَدِيثُ سَعْدٍ فَإِنَّ الدَّرَاوَرْدِيَّ رَوَاهُ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ محمد بن سعيد عَنْ (مُحَمَّدٍ) عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ مِنَ الصَّلَاةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً فَأَخْطَأَ فِيهِ خَطَأً لَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ وَأَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ وَصَرَّحُوا بِخَطَئِهِ فِيهِ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ قَالَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يُسَلِّمُ مِنَ الصَّلَاةِ تَسْلِيمَتَيْنِ

وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَانْفَرَدَ بِهِ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ لَمْ يَرْوِهِ مَرْفُوعًا غَيْرُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِمَا يَنْفَرِدُ بِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَإِنَّمَا رُوِيَ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَلَمْ يَسْمَعْ أَيُّوبُ مِنْ أَنَسٍ وَلَا رَآهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ وَغَيْرُهُ لَا يَصِحُّ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي التَّسْلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ شَيْءٌ يَعْنِي مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُخَرِّجْ الْبُخَارِيُّ فِي التَّسْلِيمِ مِنَ الصَّلَاةِ شَيْئًا لَا فِي الْوَاحِدَةِ وَلَا فِي الِاثْنَتَيْنِ وَلَا خَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ ولا أبو عبد الرحمان النسائي في التسليمة الواحدة شيئا خرج أَكْثَرُ الْمُصَنِّفِينَ فِي السُّنَنِ حَدِيثَ التَّسْلِيمَتَيْنِ فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ أَبُو الْأَحْوَصِ وَعَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَعَنْ يَسَارِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ سَعْدٍ الْمَذْكُورُ الصَّحِيحُ فِيهِ التَّسْلِيمَتَانِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي التَّسْلِيمَتَيْنِ فَحَدِيثٌ حَسَنٌ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

وَرُوِيَ فِي التَّسْلِيمَتَيْنِ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَحَدِيثُ عَمَّارٍ وَحَدِيثُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَلَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ وَرُوِيَ عَنْ طائفة من الصحابة وجماعة من التابعين التَّسْلِيمَتَانِ وَالْقَوْلُ عِنْدِي فِي التَّسْلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ وَفِي التَّسْلِيمَتَيْنِ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ صَحِيحٌ بِنَقْلِ مَنْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ السَّهْوُ وَلَا الْغَلَطُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مَعْمُولٌ بِهِ عَمَلًا مُسْتَفِيضًا بِالْحِجَازِ التَّسْلِيمَةُ الْوَاحِدَةُ وَبِالْعِرَاقِ التَّسْلِيمَتَانِ وَهَذَا مِمَّا يَصِحُّ فِيهِ الِاحْتِجَاجُ بِالْعَمَلِ لِتَوَاتُرِ النَّقْلِ كَافَّةً عَنْ كَافَّةٍ فِي ذَلِكَ وَمِثْلُهُ لَا يُنْسَى وَلَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلْوَهْمِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَتَكَرَّرُ بِهِ الْعَمَلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّاتٍ فَصَحَّ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمُبَاحِ وَالسِّعَةِ وَالتَّخْيِيرِ كَالْأَذَانِ وَكَالْوُضُوءِ ثلاثا واثنين وواحدة كالاستجمار بِحَجَرَيْنِ وَبِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَحَادَ بِوَجْهٍ مُبَاحٍ مِنَ السُّنَنِ فَسَبَقَ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذَلِكَ التَّسْلِيمَةُ الْوَاحِدَةُ فَتَوَارَثُوهَا وَغَلَبَتْ عَلَيْهِمْ وَسَبَقَ إِلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ وَمَا وَرَاءَهَا التَّسْلِيمَتَانِ فَجَرَوْا عَلَيْهَا وَكُلٌّ جَائِزٌ حَسَنٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِلَّا تَوْقِيفًا مِمَّنْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ فِي شَرْعِ الدِّينِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّ التَّسْلِيمَتَيْنِ لَمْ تَكُنْ إِلَّا مِنْ زَمَنِ بَنِي هَاشِمٍ فَإِنَّمَا أَرَادَ ظُهُورَ ذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءَ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرْضٌ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ لقول الله عز وجل يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ثُمَّ اخْتَلَفُوا مَتَى تَجِبُ وَمَتَى وَقْتُهَا وَمَوْضِعُهَا فَمَذْهَبُ مَالِكٍ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ بِعَقْدِ الْإِيمَانِ وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَمِنْ مَذْهَبِهِمْ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي التَّشَهُّدِ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي عُمُرِهِ فَقَدْ سَقَطَ فَرْضُ ذَلِكَ عَنْهُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي التَّشَهُّدِ جَائِزٌ وَيَسْتَحِبُّونَهَا وَتَارِكُهَا مُسِيءٌ عِنْدَهُمْ وَلَا يُوجِبُونَهَا فِيهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا لَمْ يُصَلِّ الْمُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي التَّشَهُّدِ الْآخِرِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ أَعَادَ الصَّلَاةِ قَالَ وَإِنْ صَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ وَهَذَا قَوْلٌ حَكَاهُ عَنْهُ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى لَا يَكَادُ يُوجَدُ هَكَذَا عَنْهُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ كَتَبُوا عَنْهُ كُتُبَهُ وَقَدْ تَقَلَّدَهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَمَالُوا إِلَيْهِ وَنَاظَرُوا عَلَيْهِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ إِنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ فِي الصَّلَاةِ حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ قَالَ أَخَذَ عَلْقَمَةُ بِيَدِي فَقَالَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَخَذَ بِيَدِي كَمَا أَخَذْتُ بِيَدِكَ فَعَلَّمَنِي التَّشَهُّدَ فَقَالَ قُلْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ

وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فَإِذَا أَنْتَ قُلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ الصَّلَاةَ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ قَالُوا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَشْهَدُ لِمَنْ لَمْ يَرَ الصلاة على النبي عليه السلام في التشهد وَاجِبَةً وَلَا سُنَّةً مَسْنُونَةً لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ وَاجِبًا أَوْ سُنَّةً لَبَيَّنَ ذَلِكَ وَذَكَرَهُ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا حَدِيثُ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ وَفِي آخِرِهِ ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ أَطْيَبَ الْكَلَامِ أَوْ مَا أَحَبَّ مِنَ الْكَلَامِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَجَّلَ هَذَا ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ فَفِي حَدِيثِ فَضَالَةَ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرِ الْمُصَلِّي إِذْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صَلَاتِهِ بِالْإِعَادَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَلَوْ تَرَكَ فَرْضًا لَأَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ كَمَا أَمَرَ الَّذِي لَمْ يُقِمْ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ بِالْإِعَادَةِ وَقَالَ لَهُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ

رَوَى ذَلِكَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَهُمَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِنْ حُجَّةِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ وَأَنْ يُسَلَّمَ عَلَيْهِ تَسْلِيمًا ثُمَّ جَاءَ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّشَهُّدِ وَأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ ذَلِكَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ وَقَالَ لَهُمْ إِنَّهُ يُقَالُ فِي الصَّلَاةِ لَا فِي غَيْرِهَا وَقَالُوا قَدْ عَلِمْنَا السَّلَامَ عَلَيْكَ فَكَيْفَ الصَّلَاةُ فَقَالَ لَهُمْ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَّمَهُمْ ذَلِكَ وَقَالَ لَهُمْ السَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ قَرِينُ التَّشَهُّدِ قَالُوا وَوَجَدْنَا الْأُمَّةَ بِأَجْمَعِهَا تَفْعَلُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فِي صَلَاتِهَا فَعَلِمْنَا أَنَّهُمَا فِي الْأَمْرِ بِهِمَا سَوَاءٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا تَتِمُّ الصَّلَاةُ إِلَّا بِهِمَا لِأَنَّهُمَا وِرَاثَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ قَوْلًا وَعَمَلًا قَالُوا وَأَمَّا احْتِجَاجُ مَنِ احْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي التَّشَهُّدِ وَقَوْلِهِ فِي آخِرِهِ فَإِذَا قُلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ فَلَا وَجْهَ (لَهُ) لِأَنَّهُ حَدِيثٌ خَرَجَ عَلَى مَعْنًى فِي التَّشَهُّدِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي الصَّلَاةِ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَقِيلَ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ وَلَكِنْ قُولُوا كَذَا فَعَلِمُوا التَّشَهُّدَ ومعنى قوله

فَإِذَا قُلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ يَعْنِي إِذَا ضُمَّ إِلَيْهَا مَا يَجِبُ فِيهَا مِنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَقِرَاءَةٍ وَتَسْلِيمٍ وَسَائِرُ أَحْكَامِهِمَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ التَّسْلِيمَ مِنَ الصَّلَاةِ وَهُوَ مِنْ فَرَائِضِهَا لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ وَقَفَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَاسْتَغْنَى عَنْ إِعَادَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا مِثْلُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ وَأَرُدَّهَا عَلَى فُقَرَائِكُمْ أَيْ وَمَنْ سُمِّيَ مَعَهُمْ وَمِثْلُ قَوْلِهِ لِلَّذِي قَالَ لَهُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ثُمَّ أَمَرَهُ بِمَا رَآهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَمْ يُقِمْهُ مِنْ صَلَاتِهِ وَسَكَتَ لَهُ عَنِ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ بِوُجُوبِ التَّشَهُّدِ وَوُجُوبِ التَّسْلِيمِ بِمَا عَلَّمَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِمْ وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَأْخُوذٌ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَاحْتَجُّوا مِنَ الْأَثَرِ بِحَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَفِيهِ أَنَّهُ عَلَّمَهُمُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السلام وقال وفيه وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ نَعْنِي التَّشَهُّدُ وَبِأَنَّ أَبَا مَسْعُودٍ رَوَى الْحَدِيثَ وَفَهِمَ مَخْرَجَهُ وَكَانَ يَرَاهُ وَاجِبًا وَيَقُولُ إِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ فِيهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرحمان

ابن بَشِيرِ بْنِ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِنَّ اللَّهَ وملائكته يصلون على النبي يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا السَّلَامَ فَكَيْفَ الصَّلَاةُ فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ مَا أَرَى أَنَّ صَلَاةً لِي تَمَّتْ حَتَّى أُصَلِّيَ فِيهَا عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَرَوَى ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ وَأَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ سهل بن سعد الساعدي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ فِيهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ فَإِنَّ فِيهِ اسْتِظْهَارًا مَعَ مَا قَدَّمْنَا مِنَ الدَّلَائِلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ مَا احْتَجُّوا بِهِ عِنْدِي بِلَازِمٍ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاعْتِرَاضِ وَلَسْتُ أُوجِبُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّلَاةِ فَرْضًا مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ وَلَكِنِّي لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ تَرْكَهَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ وَأَحْرَى أَنْ يُجَابَ لِلْمُصَلِّي دُعَاؤُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَحَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي ذَلِكَ

حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ رَاشِدٍ أَبُو الْمَيْمُونِ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ المهيمن بن عباس بن سهل بن سعيد الساعدي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ فِيهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا قَدْ يَحْتَمِلُ مِنَ التَّأْوِيلِ مَا احْتَمَلَهُ قَوْلُهُ لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَلَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْوَ هَذَا مِمَّا أُرِيدَ بِهِ الْفَضْلُ وَالْكَمَالُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ آلُ إِبْرَاهِيمَ يَدْخُلُ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ وَآلُ مُحَمَّدٍ يدخل فيه محمد ومن هنا والله جَاءَتِ الْآثَارُ فِي هَذَا الْبَابِ مَرَّةً بِإِبْرَاهِيمَ وَمَرَّةً بِآلِ إِبْرَاهِيمَ وَإِنَّمَا جَاءَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ وَالْآلُ ههنا الْأَتْبَاعُ وَالْآلُ قَدْ يَكُونُ الْأَهْلَ وَيَكُونُ الْأَتْبَاعَ وَيَكُونُ الْأَزْوَاجَ وَالذُّرِّيَّةَ عَلَى مَا جَاءَ فِي بعض الآثار

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِنُعَيْمٍ مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى الزُّرَقِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ وَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال من الْمُتَكَلِّمُ آنِفًا قَالَ الرَّجُلُ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهُنَّ أَوَّلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَالْمَأْمُومُ يَقُولُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ لَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَدْ مضى

الِاخْتِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَوُجُوبُ الْأَقْوَالِ فِيهَا مِنْ جِهَةِ الْآثَارِ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْأَثَرِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ وراء الإمام بربنا وَلَكَ الْحَمْدُ لِمَنْ أَرَادَ الْإِسْمَاعَ وَالْإِعْلَامَ لِلْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الذِّكْرَ كُلَّهُ مِنَ التَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ جَائِزٌ فِي الصَّلَاةِ وَلَيْسَ بِكَلَامٍ تَفْسَدُ بِهِ الصَّلَاةُ بَلْ هُوَ مَحْمُودٌ مَمْدُوحٌ فَاعِلُهُ بِدَلِيلِ حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ وَبِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِيَادٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ جَاءَ رَجُلٌ وَنَحْنُ فِي الصَّفِّ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قال فرفع المسلمون رؤوسهم وَاسْتَنْكَرُوا عَلَى الرَّجُلِ وَقَالُوا مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ هَذَا الْعَالِي الصَّوْتِ فَقِيلَ هُوَ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ وَاللَّهُ لَقَدْ رَأَيْتُ كَلَامًا يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى فُتِحَ لَهُ فَدَخَلَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي مَدْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفِعْلِ هَذَا الرَّجُلِ وَتَعْرِيفِهِ النَّاسَ بِفَضْلِ كَلَامِهِ وَفَضْلِ مَا صَنَعَ مِنْ رَفْعِ صَوْتِهِ بِذَلِكَ الذِّكْرِ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى جواز ذلك

الْفِعْلِ مِنْ كُلِّ مَنْ فَعَلَهُ عَلَى أَيِّ وجه جاء به لأنه ذكر الله وَتَعْظِيمٌ لَهُ يَصْلُحُ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ سِرًّا وَجَهْرًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ فِي صلاته بكلام يفهم عنه غَيْرَ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ سِرًّا لَمَا جَازَ كَمَا لَا يَجُوزُ جَهْرًا وَهَذَا وَاضِحٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وفي حديث هذا الباب لمالك أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذِّكْرَ كُلَّهُ وَالتَّحْمِيدَ وَالتَّمْجِيدَ لَيْسَ بِكَلَامٍ تَفْسَدُ بِهِ الصَّلَاةُ وَأَنَّهُ كُلَّهُ مَحْمُودٌ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَالنَّافِلَةِ مُسْتَحَبٌّ مَرْغُوبٌ فِيهِ وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحْ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ فَأَطْلَقَ أَنْوَاعَ الذِّكْرِ فِي الصَّلَاةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي الذِّكْرِ غَيْرُ الْحُكْمِ فِي الْكَلَامِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الْفِعْلِ مِنْ كُلِّ مَنْ فَعَلَهُ عَلَى أَيِّ وجه جاء به لأنه ذكر الله وَتَعْظِيمٌ لَهُ يَصْلُحُ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ سِرًّا وَجَهْرًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ فِي صلاته بكلام يفهم عنه غَيْرَ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ سِرًّا لَمَا جَازَ كَمَا لَا يَجُوزُ جَهْرًا وَهَذَا وَاضِحٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وفي حديث هذا الباب لمالك أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذِّكْرَ كُلَّهُ وَالتَّحْمِيدَ وَالتَّمْجِيدَ لَيْسَ بِكَلَامٍ تَفْسَدُ بِهِ الصَّلَاةُ وَأَنَّهُ كُلَّهُ مَحْمُودٌ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَالنَّافِلَةِ مُسْتَحَبٌّ مَرْغُوبٌ فِيهِ وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحْ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ فَأَطْلَقَ أَنْوَاعَ الذِّكْرِ فِي الصَّلَاةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي الذِّكْرِ غَيْرُ الْحُكْمِ فِي الْكَلَامِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِنُعَيْمٍ مَوْقُوفٌ مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هريرة يقول مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وَضَوْءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ وَإِنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ بِإِحْدَى خُطْوَتَيْهِ حَسَنَةٌ وَيُمْحَى عَنْهُ بِالْأُخْرَى سَيِّئَةٌ فَإِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ الْإِقَامَةَ فَلَا يَسْعَ وَإِنَّ أَعْظَمَكُمْ أَجْرًا أَبْعَدُكُمْ دَارًا قَالُوا لِمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ مِنْ أَجْلِ كَثْرَةِ الْخُطَا هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ فِي الْمُوَطَّأِ لَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِ أَبَا هُرَيْرَةَ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَمَعْنَاهُ يَتَّصِلُ وَيَسْتَنِدُ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ نُعَيْمٍ عَنْ

أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَسَانِيدُ فِيهِ صِحَاحٌ كُلُّهَا وَمِثْلُهُ أَيْضًا لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَذَلِكَ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ وَأَتَى الْمَسْجِدَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ لَا يَنْهَزُهُ غَيْرُهَا لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلَّا رَفَعَ اللَّهُ لَهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ وَالْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يُحْدِثْ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ آخِرُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الْحَدِيثَ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عِنْدَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

مَرْفُوعًا أَيْضًا قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا الصَّلَاةُ وَعِنْدَهُ فِي فَضْلِ الْجَمَاعَةِ حَدِيثُهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ كِلَاهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا كُلَّ هَذَا فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ ابْنِ أَبِي ذئب عن عبد الرحمان بن مصران عن عبد الرحمان بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْأَبْعَدُ فَالْأَبْعَدُ مِنَ الْمَسْجِدِ أَعْظَمُ أَجْرًا وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مسلم عن أبي الأحموص عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ مَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهْرَ وَيَخْطُو خُطْوَةً يَعْمِدُ بِهَا إِلَى الْمَسْجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ بِهَا حَسَنَةً وَرَفَعَهُ بِهَا دَرَجَةً حَتَّى إِنْ كُنَّا لَنُقَارِبُ فِي الْخُطَا وَهَذَا فِي مَعْنَى حديث نعيم

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِثْلُهُ لَا يَكُونُ رَأْيًا وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ حَتَّى إِنْ كُنَّا لَنُقَارِبُ فِي الْخُطَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ نُعَيْمٍ فَإِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ الْإِقَامَةَ فَلَا يَسْعَ فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ الْحَدِيثَ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ قَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْهَا فِي بَابِ الْعَلَاءِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَمَضَى الْقَوْلُ هُنَاكَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرًا

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ مَوْقُوفٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَدْ أُسْنِدَ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ ثُمَّ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ فَإِنْ قَامَ مِنْ مُصَلَّاهُ فَجَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ لَمْ يَزَلْ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِمَّنْ رَوَاهُ هَكَذَا مَرْفُوعًا عَنْ مَالِكٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ فَحَدِيثُ ابْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ

وَالْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْدِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا مَسْرُورُ بْنُ نُوحٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْذِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكُ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المجمر أنه سمع أبا هريرة يقال قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ ثُمَّ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ فَإِنْ قَامَ مِنْ مُصَلَّاهُ فَجَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ لَمْ يَزَلْ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ وَحَدِيثُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ يَقُمْ فَإِنْ قَامَ مِنْ مُصَلَّاهُ فَجَلَسَ مَجْلِسًا فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ لَمْ يَزَلْ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ وَحَدِيثُ عثمان بن عمر حدثناه عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ الْمُقَوِّمُ

قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مَعْنَى مَا فِي الْمُوَطَّأِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مَرْفُوعًا وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ مَوْقُوفٌ وحديث الوليد بن مسلم حدثناه عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ خَضِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ ثِقَاتِ رُوَاةِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم

قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مَعْنَى مَا فِي الْمُوَطَّأِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مَرْفُوعًا وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ مَوْقُوفٌ وحديث الوليد بن مسلم حدثناه عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ خَضِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ ثِقَاتِ رُوَاةِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم

باب الصاد

(باب صاد صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ) وَسُلَيْمٌ أَبُوهُ مَوْلَى حُمَيْدِ بن عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيِّ كَانَ صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَتْقَاهُمْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نَاسِكًا كَثِيرَ الصَّدَقَةِ بِمَا وَجَدَ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ كَثِيرَ الْعَمَلِ خَائِفًا لِلَّهِ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سَكَنَ الْمَدِينَةَ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهَا وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةً ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُسْأَلُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ فَقَالَ ثِقَةٌ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ وَفُضَلَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ فَقَالَ يُسْتَنْزَلُ بِذِكْرِهِ الْقَطْرُ وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَقَالَ أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ رَأَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ وَلَوْ قِيلَ لَهُ إِنَّ السَّاعَةَ غَدًا مَا كَانَ عِنْدَهُ مزيد

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ كَانَ صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ أَسْوَدَ لِمَالِكٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُوَطَّأِ سَبْعَةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثَانِ مُسْنَدَانِ وَخَمْسَةُ أَحَادِيثَ مُرْسَلَةٍ

حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي إِسْنَادِهِ هَذَا وَرَوَاهُ بَكْرُ بْنُ الشَّرُودِ الصَّنْعَانِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عبد الرحمان بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا خَطَأٌ في الإسناد وبكر بن الشرود سيء الْحِفْظِ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ مُسْتَوْعِبًا فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ وَالْمَعَانِي لِلسَّلَفِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْخَلْفِ مِنْهُمْ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَتِهِ ههنا

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاجِبٌ فَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ الَّذِي هُوَ الْفَرْضُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِآثَارٍ وَرَدَتْ تُخْرِجُ هَذَا اللَّفْظَ عَنْ ظَاهِرِهِ إِلَى مَعْنَى السُّنَّةِ وَالْفَضْلِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عِنْدَ قَوْلِ عُمَرَ لِعُثْمَانَ الْوُضُوءُ أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاجِبٌ أَيْ وُجُوبُ السُّنَّةِ أَوْ وَاجِبٌ فِي الْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ وَجَبَ حَقُّكَ وَلَيْسَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ فَرْضًا وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا تَأَوَّلْنَا فِيهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ فَكَيْفَ يَجُوزُ مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ وَمِثْلِهِ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ عَلَى ظَاهِرِهِ هَذَا مَا لَا سَبِيلَ إليه

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي ظَاهَرَهُ وُجُوبُ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَكَانَ يُفْتِي بِخِلَافِ ذَلِكَ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ فَهِمَ مِنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ وَمَخْرَجِهِ وَفَحْوَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ مَا تَأَوَّلْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا (وَذَكَرَ) عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْغُسْلُ وَالسِّوَاكُ وَمَسُّ الطَّيِّبِ إِنْ وَجَدَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْلُومٌ أَنَّ الطِّيبَ وَالسِّوَاكَ لَيْسَا بِوَاجِبَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَا غَيْرَهُ فَكَذَلِكَ الْغُسْلُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ حَدِيثِهِ الَّذِي رَوَاهُ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَتَوَضَّأَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ وَهَذَا أَوْضَحُ شَيْءٍ فِي سُقُوطِ وُجُوبِ غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَالْأَصْلُ فِي الْفَرَائِضِ أَنْ لَا تَجِبَ إِلَّا بِيَقِينٍ وَلَا يَقِينَ فِي إِيجَابِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ مَعَ مَا وَصَفْنَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَاضِي الْقُلْزُمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ نِعْمَتْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ لَا تُكْتَبُ إِلَّا بِالتَّاءِ وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهَا إِلَّا بِالتَّاءِ وَهِيَ مَجْزُومَةٌ فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ إِلَّا أَنْ تَتَّصِلَ بِسَاكِنٍ بَعْدَهَا فَتُكْسَرُ وَسُئِلَ أَبُو حَاتِمٍ مِنْ أَيْنَ دَخَلَ التَّأْنِيثُ فِي نِعْمَتْ فَقَالَ أَرَادُوا نِعْمَتِ الْفِعْلَةُ أَوْ نِعْمَتِ الْخَصْلَةُ قَالَ وَلَا يَقُولُ عَرَبِيٌّ نِعْمَةٌ بِالْهَاءِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ قُلْتُ لِلْأَصْمَعِيِّ فِي الْحَدِيثِ مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغتسل فالغسل أفضل ما قولهم فيها قَالَ أَظُنُّهُ يُرِيدُ فَبِالسُّنَةِ آخِذٌ أَضْمَرَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَأَلْتُ عَمْرَةَ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَذَكَرَتْ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ كَانَ النَّاسُ عُمَّالَ أَنْفُسِهِمْ يَرُوحُونَ بِهَيْئَةٍ فَقِيلَ لَوِ اغْتَسَلْتُمْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْبِشْرِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوَاجَبٌ هُوَ قَالَ سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ قِيلَ لَهُ إِنَّ فِي الْحَدِيثِ وَاجِبٌ قَالَ لَيْسَ كُلُّ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ يَكُونُ كَذَلِكَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوَاجَبٌ هُوَ فَقَالَ هُوَ حَسَنٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ

قال حدثنا سليمان بن عبد الرحمان الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عثمان بن عطاء عن أبيه قالك مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَغْتَسِلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلْيَمَسَّ طِيبًا قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ وَحَدَّثَنَا دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُوسَى بْنِ صُهَيْبٍ قَالَ كَانُوا يَقُولُونَ الطِّيبُ يُجْزِئُ مِنَ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ يُونُسَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ قَالَ الطِّيبُ يُجْزِئُ مِنَ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مِنْ الْحُجَّةِ فِي سُقُوطِ وُجُوبِ غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَذَكَرْنَا هُنَالِكَ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْقَوْلُ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَمَا اخْتَارَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ سُنَّةٌ دُونَ فَرِيضَةٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِصَفْوَانِ بْنِ سُلَيْمٍ مُسْنَدٌ مَالِكُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ مِنْ آلِ بَنِي الْأَزْرَقِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى ذِكْرُ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَحَالُهُ فِي أَوَّلِ بَابِهِ أَمَّا سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ فَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ يُقَالُ إِنَّهُ مَخْزُومِيٌّ مِنْ آلِ ابْنِ الْأَزْرَقِ أَوْ بَنِي الْأَزْرَقِ وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ فَهُوَ مَجْهُولٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ عِنْدَهُمْ وَأَمَا الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ فَهُوَ

الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ قِيلَ إِنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي حَمَلَةِ الْعِلْمِ كَسَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ وَقِيلَ لَيْسَ بِمَجْهُولٍ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَرَوَى صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْهُ وَرَوَى الْجُلَاحُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ وَجَدْتُ ذِكْرَهُ فِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ بِالْمَغْرِبِ وَكَانَ مُوسَى يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى الْخَيْلِ وَفَتَحَ اللَّهُ لَهُ فِي بِلَادِ الْبَرْبَرِ فُتُوحَاتٍ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَقَدْ سَأَلَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ عَنْ حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ فَقَالَ هُوَ عِنْدِي حَدِيثٌ صَحِيحٌ قَالَ أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى التِّرْمِذِيُّ فَقُلْتُ لِلْبُخَارِيِّ هُشَيْمٌ يَقُولُ فِيهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي بِرَزَةَ فَقَالَ وَهِمَ فِيهِ إِنَّمَا هُوَ الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ وَهُشَيْمٌ رُبَّمَا وَهِمَ فِي الْإِسْنَادِ وَهُوَ فِي الْمُقَطَّعَاتِ أَحْفَظُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَدْرِي مَا هَذَا مِنَ الْبُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ صَحِيحًا لَأَخْرَجَهُ فِي مُصَنَّفِهِ الصَّحِيحِ عِنْدَهُ وَلَمْ يَفْعَلْ لِأَنَّهُ لَا يُعَوِّلُ فِي الصَّحِيحِ إِلَّا عَلَى الْإِسْنَادِ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَحْتَجُّ أَهْلُ الْحَدِيثِ بِمِثْلِ إِسْنَادِهِ وَهُوَ عِنْدِي صحيح لأن

الْعُلَمَاءَ تَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ لَهُ وَالْعَمَلِ بِهِ وَلَا يُخَالِفُ فِي جُمْلَتِهِ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي بَعْضِ مَعَانِيهِ عَلَى مَا نَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَأَبُو عُثْمَانَ النَّحْوِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمِ بْنِ خَلِيلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ سَعِيدُ بْنُ عبد الرحمان الْمَخْزُومِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ يُقَالُ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ أَنَّ نَاسًا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ أرماتا فِي الْبَحْرِ وَيَحْمِلُ أَحَدُنَا مُوَيْهًا لِسَقْيِهِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا وَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِمَاءِ الْبَحْرِ وَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ ميتته

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَرْسَلَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ لَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ فِي الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَلَيْسَ يُقَاسُ بِهِ سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ وَلَا أَمْثَالُهُ وَهُوَ أَحْفَظُ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَعِيدَ بْنَ سَلَمَةَ لَمْ (يَكُنْ) بِمَعْرُوفٍ مِنَ الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِهِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّوَابُ فِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ مُرْسَلًا كَمَا ذَكَرْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْفِرَاسِيِّ رَجُلٍ مِنْ بَنِي فِرَاسٍ مَذْكُورٍ فِي الصَّحَابَةِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عُتْبَةَ الرَّازِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ رُوحُ بْنُ الْفَرَجِ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ مَخْشِيٍّ أَنَّهُ حُدِّثَ أَنَّ الْفِرَاسِيَّ قَالَ كُنْتُ أَصِيدُ فِي الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ عَلَى أَرْمَاثٍ وَكُنْتُ أَحْمِلُ قِرْبَةً فِيهَا مَاءٌ فَإِذَا لَمْ أَتَوَضَّأْ مِنَ الْقِرْبَةِ رَفَقَ ذَلِكَ بِي وَبَقِيَتْ لِي فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَقُلْتُ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الحل ميتته

وَقَدْ أَجْمَعَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ أَئِمَّةِ الْفُتْيَا بِالْأَمْصَارِ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْبَحْرَ طَهُورٌ مَاؤُهُ وَأَنَّ الْوُضُوءَ جَائِزٌ بِهِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا كَرِهَا الْوُضُوءَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ وَلَمْ يُتَابِعْهُمَا أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا عَرَّجَ عَلَيْهِ وَلَا الْتَفَتَ إِلَيْهِ لِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى اسْتِشْهَارِ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ وَعَمَلِهِمْ بِهِ وَقَبُولِهِمْ لَهُ وَهَذَا أَوْلَى عِنْدَهُمْ مِنَ الْإِسْنَادِ الظَّاهِرِ الصِّحَّةِ بِمَعْنًى تَرُدُّهُ الْأُصُولُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ خَالَفَهُمَا ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَامِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا خلف بن مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ وَقَالَ هُمَا الْبَحْرَانِ فَلَا تُبَالِي بِأَيِّهِمَا تَوَضَّأْتَ وَفِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ مِنَ الْفِقْهِ إِبَاحَةُ رُكُوبِ الْبَحْرِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَرِهَ رُكُوبَهُ لَنَهَى عَنْهُ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَقَوْلُهُمْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ كَثِيرًا مَا يَرْكَبُونَهُ لِطَلَبِ الرِّزْقِ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ وَغَيْرِهَا وَلِلْجِهَادِ وَسَائِرِ ما فيه إباحة أو فضيلة وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَلَمْ يَنْهَهُمْ عَنْ رُكُوبِهِ وَهَذَا عِنْدِي إِنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ سَهُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ وَيَصْعُبْ بِهِ كَالْمَائِدِ الْمُفْرِطِ الْمَيْدِ أَوْ مَنْ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى أَدَاءِ فُرُوضِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْفَرَائِضِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ رُكُوبُ الْبَحْرِ فِي حِينِ ارْتِجَاجِهِ وَلَا فِي

الزَّمَنِ الَّذِي الْأَغْلَبُ مِنْهُ عَدَمُ السَّلَامَةِ فِيهِ وَالْعَطَبُ وَالْهَلَاكُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ رُكُوبُهُ فِي زَمَانٍ تَكُونُ السَّلَامَةُ فِيهِ الْأَغْلَبَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَدَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ فِي إِبَاحَةِ رُكُوبِ الْبَحْرِ إِذَا كَانَ كَمَا وَصَفْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَأَمَّا مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى الِاحْتِيَاطِ وَتَرْكِ التَّغْرِيرِ بِالْمُهَجِ فِي طَلَبِ الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الدُّنْيَا وَالرَّغْبَةِ فِي الْمَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِذَا جَازَ رُكُوبُ الْبَحْرِ فِي الْجِهَادِ وَطَلَبِ الْمَعِيشَةِ فَرُكُوبُهُ لِلْحَجِّ فِي أَدَاءِ الْفَرْضِ أَجْوَزُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَسَهُلَ عَلَيْهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ مَا يَبِينُ لِي أَنْ أُوجِبَ الْحَجَّ عَلَى مَنْ وَرَاءَ الْبَحْرِ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ اسْتِطَاعَتُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مِنَ اللُّصُوصِ وَالْفِتَنِ مَا يَقْطَعُ الطَّرِيقَ وَيَخَافُ مِنْهُ فِي الْأَغْلَبِ ذَهَابَ الْمُهْجَةِ وَالْمَالِ فَلَيْسَ مِمَّنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فَكَذَلِكَ أَهْوَالُ الْبَحْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا مَا يَكْفِيهِ لِشُرْبِهِ وَمَا لَا غِنَى بِهِ عَنْهُ لِشَفَتِهِ أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَتْرُكَ ذَلِكَ الْمَاءَ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ يُقَالُ حِلٌّ وَحَلَالٌ وَحِرْمٌ وَحَرَامٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ يُؤْكَلُ مَا فِي الْبَحْرِ مِنَ السَّمَكِ وَالدَّوَابِّ وَسَائِرِ مَا فِي الْبَحْرِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَسَوَاءٌ اصْطِيدَ أَوْ وُجِدَ مَيِّتًا طَافِيًا وَغَيْرَ طَافٍ قَالَ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إِلَى ذَكَاةٍ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ وَكَرِهَ مَالِكٌ خِنْزِيرَ الْمَاءِ مِنْ جِهَةِ اسْمِهِ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ وَقَالَ أَنْتُمْ تَقُولُونَ خِنْزِيرٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَا أَتَّقِيهِ وَلَا أَرَاهُ حَرَامًا وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لَا بَأْسَ بِأَكْلِ كُلِّ شَيْءٍ يَكُونُ فِي الْبَحْرِ مِنَ الضُّفْدُعِ وَالسَّرَطَانِ وَحَيَّةِ الْمَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ فِي رِوَايَةِ الْأَشْجَعِيِّ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ أَنَّهُ قَالَ لَا يُؤْكَلُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ إِلَّا السَّمَكُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يُؤْكَلُ السَّمَكُ الطَّافِي وَيُؤْكَلُ مَا سِوَاهُ مِنَ السَّمَكِ وَلَا يُؤْكَلُ شَيْءٌ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ إِلَّا السَّمَكُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ صَيْدُ الْبَحْرِ كُلُّهُ حَلَالٌ وَرَوَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَكَرِهَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ أَكْلَ الطَّافِي مِنَ السمك وقال الليث

ابن سَعْدٍ لَيْسَ بِمَيْتَةِ الْبَحْرِ بَأْسٌ قَالَ وَكَذَلِكَ كَلْبُ الْمَاءِ وَتُرْسُ الْمَاءِ قَالَ وَلَا يُؤْكَلُ إِنْسَانُ الْمَاءِ وَلَا خِنْزِيرُ الْمَاءِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَأَخْذُهُ ذَكَاتُهُ وَلَا بَأْسَ بِخِنْزِيرِ الْمَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالُوا طَعَامُهُ مَا أَلْقَى وَقَذَفَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ طَعَامُهُ مَيْتَتُهُ وَهُوَ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ طَعَامُهُ مُلَيْحُهُ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ كُلُّ دَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ فَقَدْ ذَبَحَهَا اللَّهُ لَكُمْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ مَوْلًى لِأَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ كُلُّ دَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ قَدْ ذَبَحَهَا اللَّهُ لَكَ فَكُلْهَا

قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ السَّمَكَةُ الطَّافِيَةُ حَلَالٌ لِمَنْ أَرَادَ أَكْلَهَا وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِنَّهُ كَرِهَ الطَّافِيَ مِنَ السَّمَكِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ أَكْلَ الْجَرِي مِنْ وَجْهٍ لَا يَثْبُتُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَهُوَ أَصَحُّ عَنْهُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثور عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْجَرَادُ وَالْحِيتَانُ ذَكِيٌّ كُلُّهُ فَعَلِيٌّ مُخْتَلَفٌ عَنْهُ فِي أَكْلِ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَكْلَ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَاحْتَجَّ لَهُمْ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَلْقَى الْبَحْرُ أَوْ جَزَرَ عَنْهُ فَكُلُوهُ وَمَا مَاتَ فِيهِ وطفي فلا تأكلوه

قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَحُجَّةُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَحْرِ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ وَأَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ مِمَّا هُوَ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَحَدِيثُ جَابِرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو ثَابِتٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ غَزَوْنَا فَجُعْنَا حَتَّى إِنَّا لَنَقْسِمُ التَّمْرَةَ وَالتَّمْرَتَيْنِ فَبَيْنَمَا نَحْنُ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ إِذْ رَمَى الْبَحْرُ بِحُوتٍ مَيْتَةٍ فَاقْتَطَعَ النَّاسُ مِنْهُ مَا شَاءُوا مِنْ شَحْمٍ ولحم وهو مثل الطرب فبلغني أن الناس لم قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرُوهُ فَقَالَ هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ وَأَمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا

عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ فَكَانَ يُقَسِّمُهُ بَيْنَنَا قَبْضَةً قَبْضَةً ثُمَّ أَقَامَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ تَمْرَةً تَمْرَةً فَلَمَّا فَقَدْنَاهَا وَجَدْنَا فَقْدَهَا فَمَرَرْنَا بِسَاحِلِ الْبَحْرِ فَإِذَا حُوتٌ يُقَالُ لَهُ الْعَنْبَرُ مَيِّتٌ فَأَرَدْنَا أَنْ نُجَاوِزَهُ ثُمَّ قُلْنَا نَحْنُ جَيْشُ رَسُولِ اللَّهِ فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ عِشْرِينَ لَيْلَةً نَأْكُلُ مِنْهُ وَادَّهَنَّا مِنْ ذَلِكَ الشَّحْمِ وَلَقَدْ قَعَدَ فِي عَيْنِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنَّا فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكُمْ فَهَلْ عِنْدَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ مِنْ أَثْبَتِ الْأَحَادِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا قَذَفَ الْبَحْرُ أَوْ مَاتَ فِيهِ مِنْ دَابَّةٍ وَسَمَكَةٍ حَلَالٌ كُلُّهُ وَلِهَذَا الْحَدِيثِ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ قَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَفِيهِ مَا يُصَحِّحُ حَدِيثَ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ وَأَنَّ حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ لَهُ أَصْلٌ فِي رِوَايَةِ الثِّقَاتِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً كُنَّا نَمُصُّهَا كَمَا يَمُصُّ الصَّبِيُّ ثُمَّ (نَشْرَبُ) عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ فَتَكْفِينَا يَوْمَنَا

إِلَى اللَّيْلِ وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الْخَبَطَ ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالْمَاءِ فَنَأْكُلُهُ قَالَ فَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَرُفِعَ لَنَا كَهَيْئَةِ (الْكَثِيبِ الضَّخْمِ) فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا هُوَ دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرُ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَيْتَةٌ وَلَا تَحِلُّ لَنَا ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا فَأَقَمْنَا عَلَيْهَا شَهْرًا وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا فَلَمَّا قَدِمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُعْطُونَا فَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فأكل

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي فَقَالَ نَعَم فَقَالَ الرَّجُلُ إِنِّي مَعَهَا فِي الْبَيْتِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا فَقَالَ الرَّجُلُ إِنِّي خَادِمُهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةً قَالَ لَا قَالَ فَاسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ جريج عن زياد بن سعد عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مثل حديث مالك سواء وهذا الحاديث لَا أَعْلَمُ يَسْتَنِدُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ بِهَذَا اللَّفْظِ وَهُوَ مُرْسَلٌ صَحِيحٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّةِ مَعْنَاهُ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَرَى الرَّجُلُ أُمَّهُ وَلَا ابْنَتَهُ وَلَا أُخْتَهُ وَلَا ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْهُ عُرْيَانَةً لِأَنَّ الْمَرْأَةَ عَوْرَةٌ فِيمَا عَدَا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا

وَلَا يَحِلُّ النَّظَرُ إِلَى عَوْرَةِ أَحَدٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَتَأَمُّلُ وَجْهِ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ وَإِدْمَانُ النَّظَرِ إِلَيْهَا لِشَهْوَةٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ دَاعٍ إِلَى الْفِتْنَةِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَفِي قَوْلِهِ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ الْآيَةَ كُلَّهَا عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ الْآيَةَ قَالَ الزِّينَةُ الَّتِي تُبْدِيهَا لِهَؤُلَاءِ قُرْطَاهَا وَقِلَادَتُهَا وَسِوَارُهَا فَأَمَّا خَلْخَالُهَا وَخَصْرُهَا وَجِيدُهَا وَشَعْرُهَا فَإِنَّهَا لَا تُبْدِي ذَلِكَ إِلَّا لِزَوْجِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ

فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ الْآيَةَ قُلْتُ مَا شَأْنُ الْعَمِّ وَالْخَالِ لَمْ يُذْكَرَا قَالَا لِأَنَّهُمَا يَنْعِتَانِهَا لِأَبْنَائِهِمَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْعَمَّ وَالْخَالَ يَجْرِيَانِ مَجْرَى الْوَالِدَيْنِ لِأَنَّهُمَا ذَوَا مَحْرَمٍ فَاسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ مَنْ ذُكِرَ مِنْ ذَوِي الْمَحَارِمِ عَنْ ذِكْرِهِمَا وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ عَنْ سُفْيَانَ فِي الْمَرْأَةِ تُخْرِجُ ثَدْيَهَا مِنْ كُمِّهَا تُرْضِعُ صَبِيَّهَا بَيْنَ يَدَيْ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا فَكَرِهَهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ الشَّعْبِيُّ وَطَاوُسٌ وَالضَّحَّاكُ يَكْرَهُونَ أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ إِلَى شَعْرِ أُمِّهِ وَذَوَاتِ (مَحْرَمِهِ) وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْلُونَ أُمَّهَاتِهِمْ وَمِمَّنْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ أبو القاسم محمد بن علي بن الحنيفة وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَطَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ وَمُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ وَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْفُتْيَا بِالْأَمْصَارِ فِي أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ إِلَى شَعْرِ أُمِّهِ وَكَذَلِكَ شُعُورِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ الْعَجَائِزِ دُونَ الشَّوَابِّ وَمَنْ يُخْشَى مِنْهُ الْفِتْنَةُ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ

وَذَكَرَ سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَسْتَأْذِنُ عَلَى أَخَوَاتِي يَتَامَى فِي حِجْرِي مَعِي فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ قَالَ نَعَمْ فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ لِيُرَخِّصَ لِي فَأَبَى قَالَ أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهُنَّ عُرَاةً قُلْتُ لَا قَالَ فَاسْتَأْذِنْ فَرَاجَعْتُهُ فَقَالَ أَتُحِبُّ أَنْ تُطِيعَ اللَّهَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَقَالَ لِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِنَّكَ لَتَرْدُدُ عَلَيْهِ قَالَ قُلْتُ أَرَدْتُ أَنْ يُرَخِّصَ لِي قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَا مِنِ امْرَأَةٍ أَكْرَهُ إِلَيَّ أَنْ أَرَاهَا عُرْيَانَةً أَوْ أَرَى عُرْيَتَهَا مِنْ ذَاتِ مَحْرَمٍ قَالَ وَكَانَ يُشَدِّدُ فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَوَاجِبٌ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ عَلَى أُمِّهِ وَذَوَاتِ قَرَابَتِهِ قَالَ نَعَم فَقُلْتُ بِأَيٍّ وَجَبَتْ قَالَ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا قَالَ سُنَيْدٌ وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ هُذَيْلَ بْنَ شُرَحْبِيلَ الْأَزْدِيَّ الْأَعْمَى أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ عَلَيْكُمْ إِذْنٌ عَلَى أُمَّهَاتِكُمْ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَيَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ قال لا

حدثنا عبد الرحمان حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ يَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ عَلَى أُمِّهِ وَإِنَّهَا أُنْزِلَتْ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أبي عبد الرحمان الْجَبَلِيِّ أَنَّهُ قَالَ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ يَكْرَهُونَ أَنْ يَلِجَ الرَّجُلُ عَلَى أَمَتِهِ إِذَا كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً حَتَّى يَسْتَأْذِنَ عَلَيْهَا وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ إِنَّ لِي أُخْتَيْنِ أَعُولُهُمَا وَأُنْفِقُ عَلَيْهِمَا وَهُمَا مَعِي فِي الْبَيْتِ أَفَأَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِمَا قَالَ نَعَمْ فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهُمَا عُرْيَانَتَيْنِ قُلْتُ لَا قَالَ فَاسْتَأْذِنْ عَلَيْهِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ نَفَرًا مَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالُوا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ كَيْفَ تَرَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي أُمِرْنَا بِمَا أُمِرْنَا فِيهَا وَلَا يَعْمَلُ بِهَا أَحَدٌ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قبل صلاة الفجر وقرأ القعنبي إِلَى عَلِيمٌ حَكِيمٌ

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ اللَّهَ رَحِيمٌ بِالْمُؤْمِنِينَ يُحِبُّ السِّتْرَ وَكَانَ النَّاسُ لَيْسَ لِبُيُوتِهِمْ سُتُورٌ وَلَا حِجَالٌ فَرُبَّمَا دَخَلَ الْخَادِمُ أَوِ الْوَلَدُ أَوْ يَتِيمُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِالِاسْتِئْذَانِ فِي تِلْكَ الْعَوْرَاتِ ثُمَّ جَاءَهُمُ اللَّهُ بِالسُّتُورِ وَالْخَيْرِ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَعْمَلُ بِذَلِكَ بَعْدُ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي قُرَّةُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سُوِيدٍ الْحَارِثِيَّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِذْنِ فِي الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ فَقَالَ إِذَا وَضَعْتُ ثِيَابِي مِنَ الظَّهِيرَةِ لَمْ يَلِجْ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنَ الْخَدَمِ الَّذِينَ بَلَغُوا الْحُلُمَ وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ مِنَ الْأَحْرَارِ إِلَّا بِإِذْنٍ وَإِذَا وَضَعْتُ ثِيَابِي بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَمِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنِ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى شَعْرِ أُمِّ امْرَأَتِهِ أَوِ امْرَأَةِ ابْنِهِ أَوِ امْرَأَةِ أَبِيهِ فَقَالَ هَذَا فِي الْقُرْآنِ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ وَكَذَا وَكَذَا الْآيَةَ قُلْتُ يَنْظُرُ إِلَى سَاقِ امْرَأَةِ أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ فَقَالَ مَا أُحِبُّ أَنْ يَرَى ذَلِكَ مِنْ أُخْتِهِ وَأُمِّهِ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِمَا

رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ إِلَى شَعْرِ أُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَخَالَتِهِ وَعَمَّتِهِ وَكَرِهَ السَّاقَيْنِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْمَرْأَةِ لَهَا الْعَبْدُ نَصِفُهُ حُرٌّ أَيَرَى شَعْرَهَا فَقَالَ لَا فَقِيلَ لَهُ فَلَوْ كَانَ لَهَا كُلُّهُ أَيَرَى شَعْرَهَا فَقَالَ أَمَّا الْعَبْدُ الْوَغْدُ مِنَ الْعَبِيدِ فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَارِهًا فَلَا أَرَى ذَلِكَ لَهَا قَالَ مَالِكٌ وَالسِّتْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ فِي الْآيَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا فِي سُورَةِ النُّورِ قَوْلُهُ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَالْأُخْرَى فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ قَوْلُهُ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ طَارِقٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ لَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الْآيَةُ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّمَا عُنِيَ بِهَا الْآبَاءُ وَلَمْ يُعْنَ بِهَا الْعَبِيدُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو

بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ الْمَمْلُوكُ إِلَى شَعْرِ مَوْلَاتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَجَازَ نَظَرَ الْعَبْدِ إِلَى شَعْرِ مَوْلَاتِهِ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَقَالَتْ بِهِ طَائِفَةٌ وَكَرِهَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ وَطَاوُسٌ وَالشَّعْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ قَالَ إِسْمَاعِيلُ حَدِيثُ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَرَى مِنْ سَيِّدَتِهِ مَا يَرَاهُ ذُو الْمَحَارِمِ مِنْهَا مِثْلَ الْأَبِ وَالْأَخِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ سَيِّدَتَهُ مَا دَامَ مَمْلُوكًا لَكِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَحْرَمِ الَّذِي يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ مَعَهُ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ لَا تَدُومُ وَتَزُولُ بِزَوَالِ الرِّقِّ إِذَا أَعْتَقَتْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَقْضِي عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ مَنْ لَا تَدُومُ حُرْمَتُهُ لَا يَكُونُ ذَا مَحْرَمٍ مطلقا وإذا لم يكن كذلك فالاحتياط أن لا يَرَى الْعَبْدُ شَعْرَ مَوْلَاتِهِ وَغْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَ وَغْدٍ وَقَدْ يُسْتَحْسَنُ وَيُسْتَحَبُّ الْوَغْدُ لِأَشْيَاءَ وَقَدْ سَوَّى اللَّهُ بَيْنَ الْمَمْلُوكِ وَالْحُرِّ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا وَقَالَ لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا نَبْهَانُ مَوْلَاهَا وَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ بِحَمْلِ الْعِلْمِ

وَلَا يُعْرَفُ إِلَّا بِذَلِكَ الْحَدِيثِ وَآخَرَ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ مَعْلُولٌ أَيْضًا وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يَجْعَلُونَ الْعَبْدَ الْبَالِغَ كَالْحُرِّ وَلَا يُجِيزُونَ لَهُ النَّظَرَ إِلَى شَعْرِ سَيِّدَتِهِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ وَيَنْظُرُ مِنْهَا إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ مِنْهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِذْنُ مِنْ أجل البصر

وَلَا يُعْرَفُ إِلَّا بِذَلِكَ الْحَدِيثِ وَآخَرَ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ مَعْلُولٌ أَيْضًا وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يَجْعَلُونَ الْعَبْدَ الْبَالِغَ كَالْحُرِّ وَلَا يُجِيزُونَ لَهُ النَّظَرَ إِلَى شَعْرِ سَيِّدَتِهِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ وَيَنْظُرُ مِنْهَا إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ مِنْهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِذْنُ مِنْ أجل البصر

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ مَالِكٌ لَا أَدْرِي أَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ لَا قَالَ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا عِلَّةٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يَسْتَنِدُ مِنْ وُجُوهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنُهَا إِسْنَادًا حَدِيثُ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْجَعْدِ الضَّمْرِيَّ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ

أخبرنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ الْقَلْزُمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَعْفَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي أُسِيدٍ الْبَرَّادُ عَنِ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَقَدْ طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ حدثنا عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ لُؤْلُؤٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ خَالِدُ بْنُ النَّضْرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أُسَيْدُ بْنُ أَبِي أُسَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قلبه

هَكَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ جَعَلَهُ عَنْ جَابِرٍ وَالْأَوَّلُ عِنْدِي أولى بالصواب على رواية الدراودري وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ هَذَا هُوَ وَالِدُ علي بن الْمَدِينِيِّ وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ وَعَلَيٌّ أَحَدُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ مَدَنِيٌّ ضَعِيفٌ وَحَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالُوا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مِرْدَاسٍ أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا وَلَاءً مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَامِعٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِيَنْتَهِينَّ أَقْوَامٌ عَنْ تَرْكِهِمُ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ يَكُونُونَ من الغافلين

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ وَبُكَيْرُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ بِمِصْرَ قَالَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عن نفاع عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَنْتَهِيَنَّ قَوْمٌ عَنْ تَرْكِهِمُ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَسَدِ بْنِ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ مَنْ تَرَكَ أَرْبَعَ جُمَعٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَقَدْ نَبَذَ الْإِسْلَامَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ وَبِهِ عَنْ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بْنِ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرحمان وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْكَاتِبُ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الله بن الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ مُتَوَالِيَاتٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ نَبَذَ الْإِسْلَامَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ

وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَوْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ شَهْرًا كُلَّ يَوْمٍ يَسْأَلُهُ مَا تَقَوُّلُ فِي رَجُلٍ يَصُومُ بِالنَّهَارِ وَيَقُومُ اللَّيْلَ وَلَا يَحْضُرُ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ وَلَا جَمَاعَةً فَكُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ صَاحِبُكَ فِي النَّارِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلِمَ مِنْهُ مَعَ ذَلِكَ مَا أَوْجَبَ أَنْ يَقُولَ لَهُ صَاحِبُكَ فِي النَّارِ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ فِيهِ لِينٌ أَنَّهُ قَالَ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كُتِبَ مُنَافِقًا وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ إِلَّا عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ أَوْ مَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَالْعُذْرُ يَتَّسِعُ الْقَوْلُ فِيهِ وَجُمْلَتُهُ كُلُّ مَانِعٍ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ مِمَّا يَتَأَذَّى بِهِ

أَوْ يَخَافُ عُدْوَانُهُ أَوْ يُبْطِلُ بِذَلِكَ فَرْضًا لَا بَدَلَ مِنْهُ فَمِنْ ذَلِكَ السُّلْطَانُ الْجَائِرُ يَظْلِمُ وَالْمَطَرُ الْوَابِلُ الْمُتَّصِلُ وَالْمَرَضُ الْحَابِسُ وَمَا كان مثل ذلك ومنح الْعُذْرِ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ عِنْدَهُ جِنَازَةٌ لَا يَقُومُ بِهَا غَيْرُهُ وَإِنْ تَرَكَهَا ضَاعَتْ وَفَسَدَتْ وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا فِي الْجِنَازَةِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ يَخْطُبُ فِي الْجُمُعَةِ فَبَلَغَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَخَذَهُ الْمَوْتُ فَرَخَّصَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَيْهِ وَيَتْرُكَ الْإِمَامَ فِي الْخُطْبَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عِنْدِي عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ يَقُومُ لِمَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ بِمَا يَحْتَاجُ الْمَيِّتُ إِلَيْهِ مِنْ حُضُورِهِ لِلتَّغْمِيضِ وَالتَّلْقِينِ وَسَائِرِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِأَنَّ تَرْكَهُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحَالِ عُقُوقٌ وَالْعُقُوقُ مِنَ الْكَبَائِرِ وَقَدْ تَنُوبُ لَهُ عَنِ الْجُمُعَةِ الظُّهْرُ وَلَمْ يَأْتِ الْوَعِيدُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ إِلَّا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ثَلَاثًا فَكَيْفَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ عُذْرٍ بَيِّنٍ فَقَوْلُ عَطَاءٍ صَحِيحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ وَرَدَتْ فِي فَرْضِ الْجُمُعَةِ آثَارٌ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَصَحُّ مَا فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرْتُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ ذَكَرْنَا عَلَى مَنْ تَجِبُ الْجُمُعَةُ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ وَغَيْرِهِمْ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ مِنْ بَلَاغَاتِهِ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ إِذَا اتَّقَى وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ وَحَدِيثُ صَفْوَانَ هَذَا يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ وَيَسْتَنِدُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ مِنْ حديث الثقات سفيان ابن عُيَيْنَةَ وَغَيْرِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنِ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا أُنَيْسَةُ عَنْ

أُمِّ سَعِيدٍ بِنْتِ مُرَّةَ الْفِهْرِيِّ عَنْ أَبِيهَا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أُنَيْسَةَ عَنْ أُمِّ سَعِيدٍ ابْنَةِ مُرَّةَ الْفِهْرَيِّ عَنْ أَبِيهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ قَالَ سُفْيَانُ بِإِصْبَعَيْهِ الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ يُرِيدُ مِنْ قَرَابَتِهِ وَمِنْ غَيْرِ قَرَابَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعِنْدَ الْقَعْنَبِيِّ وَابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْيَتِيمِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سبيل الله

الحديث السادس

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ مُنْقَطِعٌ مِنْ بَلَاغَاتِهِ مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَأَكْذِبُ امْرَأَتِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا خَيْرَ فِي الْكَذِبِ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعِدُهَا وَأَقُولُ لَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا جُنَاحَ عَلَيْكَ هَذَا الْحَدِيثُ لَا أَحْفَظُهُ بِهَذَا اللَّفْظُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْإِيلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ الْمَدَنِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَيَّ

جُنَاحٌ أَنْ أَكْذِبَ امْرَأَتِي قَالَ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْكَذِبَ فَأَعَادَهَا فَقَالَ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْكَذِبَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْتَصْلِحُهَا وَأَسْتَطِيبُ نَفْسَهَا قَالَ لَا جُنَاحَ عَلَيْكَ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَصْلُحُ الْكَذِبُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ الرَّجُلُ يُصْلِحُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَالْحَرْبُ خُدْعَةٌ وَالرَّجُلُ يَسْتَصْلِحُ امْرَأَتَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يُفَسِّرُ الْأَوَّلَ وَلِهَذَا أَرْدَفَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرُّخْصَةَ لَمْ تَأْتِ فِي أَنْ يَصْدُقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِيمَا يَعِدُهَا بِهِ لِأَنَّ الصِّدْقَ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ لَا جُنَاحَ عَلَيْكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ الْكَذِبِ فِيمَا يُصْلِحُ بِهِ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ فِي أَهْلِهِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ بِالْكَذَّابِ مَنْ قَالَ خَيْرًا أَوْ نَمَى خَيْرًا أَوْ أَصْلَحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ إِصْلَاحَ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ بِمَا لَا يُؤْذِي بِهِ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ إِصْلَاحِهِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا أَنَّ سَتْرَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْلَى بِهِ مِنْ سَتْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الْعَقِبِ بِدِمَشْقَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ

الرحمان بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أُمَّهُ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول لَيْسَ بِالْكَذَّابِ الَّذِي يَقُولُ خَيْرًا وَيَرْفَعُ خَيْرًا لِيُصْلِحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بن عوف عن أمه أم لثوم بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يَمْشِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا وَيَقُولُهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ بِإِسْنَادِهِ وَرَوَى مَعْمَرٌ وَابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَمُوسَى بْنُ الْحُسَيْنِ وَهِشَامُ بْنُ يُوسُفَ كُلُّهُمْ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حميد بن عبد الرحمان عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيْسَ بِالْكَذَّابِ مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ خَيْرًا أَوْ نَمَى خَيْرًا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بن عبد الرحمان عَنِ ابْنِ خَيْثَمٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ الْأَشْعَرِيِّ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول الْكَذِبُ يُكْتَبُ عَلَى ابْنِ آدَمَ إِلَّا

ثَلَاثًا كَذِبُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ لِيُصْلِحَهَا وَرَجُلٌ كَذَبَ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمَا وَرَجُلٌ كَذَبَ فِي خُدْعَةِ حَرْبٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ كَانَ أَبُو مِجْلَدٍ بِخُرَاسَانَ وَكَانَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ يَعْرِضُ الْجُنْدَ فَكَانَ إِذَا أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ بَاعَ سِلَاحَهُ ضَرَبَهُ قَالَ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ فَقَالَ لَهُ أَيْنَ سِلَاحُكَ قَالَ سُرِقَ قَالَ مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو مِجْلَدٍ قَالَ عَرَفْتَ ذَلِكَ يَا أَبَا مِجْلَدٍ قَالَ نَعَمْ فَتَرَكَهُ قِيلَ لِأَبِي مِجْلَدٍ عَرَفْتَ ذَلِكَ قَالَ لَا قِيلَ فَلِمَ قُلْتَهُ قَالَ أَرَدْتُ أَنْ أَرُدَّ عَنْهُ الضَّرْبَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ قُلْتُ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْتَذِرُ إِلَيَّ مِنَ الشَّيْءِ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ فَعَلَهُ وَيُحَرِّفُ فِيهِ الْقَوْلَ لِيُرْضِيَهُ أَعَلَيْهِ فِيهِ حَرَجٌ قَالَ لَا أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ لَيْسَ بِكَاذِبٍ مَنْ قَالَ خَيْرًا أَوْ أَصْلَحَ بَيْنَ النَّاسِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ الْآيَةَ

فَإِصْلَاحُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ أَفْضَلُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لِلَّهِ وَكَرَاهَةَ أَذَى الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِعَدَاوَةِ صَاحِبِهِ وَبُغْضَتِهِ فَإِنَّ الْبُغْضَةَ حَالِقَةُ الدِّينِ قُلْتُ أَلَيْسَ مَنْ قَالَ مَا لَمْ يَكُنْ فَقَدْ كَذَبَ قال لا إنم الْكَاذِبُ الْآثِمُ فَأَمَّا الْمَأْجُورُ فَلَا أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنِّي سَقِيمٌ وبل فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا وَقَالَ يُوسُفُ لِإِخْوَتِهِ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ وَمَا سَرَقُوا وَمَا أَثِمَ يُوسُفُ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِلَّا خَيْرًا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ وَقَالَ الْمَلَكَانِ لِدَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ يَكُونَا خَصْمَيْنِ وَإِنَّمَا أَرَادَا الْخَيْرَ وَالْمَعْنَى الْحَسَنَ وَفِي حَدِيثِ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ أَنَّهُمَا لَقِيَا سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَرَادَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَكُونَ الْمُقَدَّمَ عَلَى دَابَّتِهِ وَيَكُونَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَلْفَهُ فَلَمَّا لَقِيَا سُرَاقَةَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ مَنِ الرَّجُلُ قَالَ بَاغٍ قَالَ فَمَنِ الَّذِي خَلْفَكَ قَالَ هَادٍ قَالَ أَحْسَسْتَ مُحَمَّدًا قَالَ هُوَ ورائي

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَسَعِيدُ بْنُ سَيِّدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قال حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ مَا يُغْنِيكُمْ عَنِ الْكَذِبِ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَأَبُو عَامِرٍ العقدي وعبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ قَالُوا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَحِبْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصِينٍ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ فَكَانَ لَا يُخْطِئُ يَوْمًا إِلَّا أَنْشَدَنِي فِيهِ شِعْرًا وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ مَنْدُوحَةً عن الكذب قال وحدثنا عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ قَالَ بَعَثَنِي إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ إِلَى زِيَادِ بْنِ حَدِيرٍ أَمِيرٍ عَلَى الْكُوفَةِ فَقَالَ قُلْ لَهُ كَذَا قُلْ لَهُ كَذَا قُلْتُ كَيْفَ أَقُولُ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ قَالَ إِنَّ هَذَا صُلْحٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَرَوَاهُ بُنْدَارٌ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ فَذَكَرَ مِثْلَهُ

الحديث السابع

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ مُرْسَلٌ مَقْطُوعٌ مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا قَالَ نَعَمْ فَقِيلَ (لَهُ) أَيَكُونُ (الْمُؤْمِنُ) بَخِيلًا قَالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا قَالَ لَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَحْفَظُ هَذَا الْحَدِيثَ مُسْنَدًا بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَكُونُ كَذَّابًا يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ حَتَّى لَا يَكَادُ يَصْدُقُ هَذَا لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْمُؤْمِنِ أَنَّهُ يَكُونُ جَبَانًا وَبَخِيلًا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبُخْلَ وَالْجُبْنَ قَدْ يُوجَدَانِ فِي الْمُؤْمِنِ وَهُمَا خُلُقَانِ مَذْمُومَانِ قَدْ اسْتَعَاذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمَا

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ جَبَانًا وَلَا بَخِيلًا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذَّابًا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ سَهْلٌ كَرِيمٌ وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ وَهَذِهِ الْآثَارُ أَقْوَى مِنْ مُرْسَلِ صَفْوَانَ هَذَا وَهِيَ مُعَارِضَةٌ لَهُ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ عَلَى مَالِكٍ لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ ثِقَةٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ سُوءُ الْخُلُقِ وَالْبُخْلُ وَضَعَهُ عَلَى مَالِكٍ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ إِسْحَاقُ بْنُ مَسِيحٍ مَجْهُولٌ عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَبُو مُسْهِرٍ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْجِلَّةِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ سَمِعْتُ الْمُعَافِيَ بْنَ عِمْرَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ مَنْصُورًا يَقُولُ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ وَذُكِرَ عِنْدِهُ الْبُخْلُ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ

وَأَمَّا الْكَذِبُ فَقَدْ مَضَى فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا مَا يَجُوزُ مِنْهُ وَمَا أَتَتْ فِيهِ الرُّخْصَةُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَتْ فِي الْكَذِبِ أَحَادِيثُ مُشَدِّدَةٌ أَحْسَنُهَا إِسْنَادًا مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَشْهَدُ لِقَوْلِي فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا أَيْ الْمُؤْمِنُ لَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ قَوْلُ الزُّورِ فَيَسْتَحْلِي الْكَذِبَ وَيَتَحَرَّاهُ وَيَقْصِدُهُ حَتَّى تَكُونَ تِلْكَ عَادَتَهُ فَلَا يَكَادُ يَكُونُ كَلَامُهُ إِلَّا كَذِبًا كُلُهُ لَيْسَتْ هَذِهِ صِفَةَ الْمُؤْمِنِ وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ فَذَلِكَ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ أَوْ عَلَى رَسُولِهِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي الْقَطَّانَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ وَيْلٌ لَهُ ثُمَّ وَيْلٌ لَهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا كَانَ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْكَذِبِ وَكَانَ إِذَا جَرَّبَ مِنْ رَجُلٍ كِذْبَةً لَمْ تَخْرُجْ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ حَتَّى يُحْدِثَ تَوْبَةً وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ شَهَادَةَ رَجُلٍ فِي كِذْبَةٍ كَذَبَهَا قَالَ شَرِيكٌ لَا أَدْرِي أَكَذَبَ عَلَى اللَّهِ أَوْ رَسُولِهِ أَوْ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ

صيفي بن زياد

مَالِكٌ عَنْ صَيْفِيٍّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ صَيْفِيُّ بْنُ زِيَادٍ يُكْنَى أَبَا زِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ أَفْلَحَ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقِيلَ صَيْفِيٌّ هَذَا يُكْنَى أَبَا سَعِيدٍ يُقَالُ فِيهِ مَوْلَى ابْنِ أَفْلَحَ وَيُقَالُ مَوْلَى أَفْلَحَ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَيُقَالُ مَوْلَى الْأَنْصَارِ وَيُقَالُ مَوْلَى أَبِي السَّائِبِ وَمَوْلَى ابْنِ السَّائِبِ وَالصَّوَابُ قَوْلُ مَنْ قَالَ مَوْلَى ابْنِ أَفْلَحَ كُنْيَتُهُ أَبُو زِيَادٍ وَهُوَ رَجُلٌ مَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَابْنُ عَجْلَانَ وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ (وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ) وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً إِلَّا عَنْ أَبِي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ مَالِكٌ عَنْ صَيْفِيٍّ مَوْلَى ابْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ فَسَمِعْتُ

تَحْرِيكًا تَحْتَ سَرِيرِهِ فِي بَيْتِهِ فَإِذَا حَيَّةٌ فَقُمْتُ لِأَقْتُلَهَا فَأَشَارَ إِلَيَّ أَبُو سَعِيدٍ أَنِ اجلس فلما انصرفت أَشَارَ إِلَى بَيْتٍ فِي الدَّارِ فَقَالَ أَتَرَى هَذَا الْبَيْتَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيهِ فَتًى حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ فَخَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْخَنْدَقِ فَبَيْنَا هُوَ بِهِ إِذْ أَتَاهُ الْفَتَى يَسْتَأْذِنُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي حَتَّى أُحْدِثَ بِأَهْلِي عَهْدًا فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال خُذْ عَلَيْكَ سِلَاحَكَ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ بَنِي قُرَيْظَةَ فَانْطَلَقَ الْفَتَى إِلَى أَهْلِهِ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَائِمَةً بَيْنَ الْبَابَيْنِ فَأَهْوَى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ لِيَطْعَنَهَا وَأَدْرَكَتْهُ غَيْرَةٌ فَقَالَتْ لَا تَعْجَلْ حَتَّى تَدْخُلَ وَتَنْظُرَ مَا فِي بَيْتِكَ فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِحَيَّةٍ مُنْطَوِيَةٍ عَلَى فِرَاشِهِ فَرَكَزَ فِيهَا رُمْحَهُ ثُمَّ خَرَجَ (بِهَا) فَنَصَبَهُ فِي الدَّارِ فَاضْطَرَبَتِ الْحَيَّةُ فِي رَأْسِ الرُّمْحِ وَخَرَّ الْفَتَى مَيِّتًا فما يدرى

أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعُ مَوْتًا الْفَتَى أَمِ الْحَيَّةُ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ صَيْفِيٍّ مَوْلَى ابْنِ أَفْلَحَ وَذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ صَيْفِيٍّ مَوْلَى أَبِي السَّائِبِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ أَعُودُهُ فَسَمِعْتُ تَحْرِيكًا تَحْتَ سَرِيرِهِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا حَيَّةٌ فَأَرَدْتُ أَنْ أَقْتُلَهَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ غَلِطَ فِي قَوْلِهِ فِيهِ مَوْلَى أَبِي السَّائِبِ وَلَمْ يُقِمْ إِسْنَادَهُ وَقَالَ فِيهِ عَنْ رَجُلٍ وَإِنَّمَا هُوَ صَيْفِيٌّ عَنْ أَبِي السَّائِبِ وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ صَيْفِيٍّ عَنِ ابْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مُخْتَصَرًا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَوِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ قَالَ حَدَّثَنِي صَيْفِيٍّ عَنْ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بِالْمَدِينَةِ

نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ أَسْلَمُوا فَمَنْ رَأَى شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْعَوَامِرِ فَلْيُؤْذِنْهُ ثَلَاثًا فَإِنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ سَوَاءً حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ صَيْفِيٍّ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْأَنْصَارِ عَنْ أَبِي السَّائِبِ أَنَّهُ قَالَ أَتَيْنَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ جَالِسٌ سَمِعْتُ تَحْتَ سَرِيرِهِ تَحَرُّكَ شَيْءٍ فَنَظَرْتُ فَإِذَا حَيَّةٌ فقمت فقال أبو سعيد مالك فقلت حية ههنا قَالَ فَتُرِيدُ مَاذَا قَالَ أُرِيدُ قَتْلَهَا قَالَ فَأَشَارَ إِلَى بَيْتٍ فِي دَارِهِ تِلْقَاءَ بَيْتِهِ وَقَالَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ كَانَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِهِ وَكَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ فَأَذِنَ لَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِسِلَاحِهِ مَعَهُ فَأَتَى دَارَهُ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَائِمَةً عَلَى بَابِ الْبَيْتِ فَأَشَارَ إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ قَالَتْ لَا تَعْجَلْ حَتَّى تَنْظُرَ مَا أَخْرَجَنِي فَدَخَلَ الْبَيْتَ فَإِذَا حَيَّةٌ مُنْكَرَةٌ فَقَطَعَهَا بِالرُّمْحِ ثُمَّ خَرَجَ بِهَا فِي الرُّمْحِ تَرْتَكِضُ فَلَا أَدْرِي أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا الرَّجُلُ أَوِ الْحَيَّةُ فَأَتَى قَوْمُهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّ صَاحِبَنَا فَقَالَ اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ ثُمَّ قَالَ إنَّ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ

بِالْمَدِينَةِ أَسْلَمُوا فَإِذَا رَأَيْتُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَحَذِّرُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ إِنْ بَدَا لَكُمْ أَنْ تَقْتُلُوهُ فَاقْتُلُوهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ رِوَايَةُ اللَّيْثِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ كَرِوَايَةِ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُمَا فِي وَلَاءِ أَبِي سَعِيدٍ صَيْفِيٍّ إِذْ قَالَ مَالِكٌ مَوْلَى ابْنِ أَفْلَحَ وَقَالَ فِيهِ اللَّيْثُ عَنِ ابْن عَجْلَانَ عَنْ صَيْفِيٍّ مَوْلَى الْأَنْصَارِ وَكَذَلِكَ هُوَ مَوْلَى الْأَنْصَارِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ لِمَنْ وَلَاؤُهُ مِنَ الْأَنْصَارِ وَقَدْ جَوَّدَهُ مَالِكٌ فِي قَوْلِهِ مَوْلَى ابْنِ أَفْلَحَ وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ فِيهِ مَوْلَى أَفْلَحَ لِأَنَّ أَفْلَحَ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ صَيْفِيٍّ مَوْلَى أَبِي السَّائِبِ فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا وَلَمْ يُقِمِ الْإِسْنَادَ إِذْ جَعَلَهُ مَوْلَى أَبِي السَّائِبِ عَنْ رَجُلٍ وَإِنَّمَا هُوَ مَوْلَى ابْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِي السَّائِبِ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ عَنْ صَيْفِيٍّ عَنْ أَبِي السَّائِبِ وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ صَيْفِيٍّ عَنْ أَبِي السَّائِبِ وَمَنْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ صَيْفِيٍّ فَقَدْ أَفْرَطَ فِي التَّصْحِيفِ وَالْخَطَأِ كَذَلِكَ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ وَهَذَا لَا خَفَاءَ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ صَيْفِيٍّ وَلَا مَعْنَى لِذِكْرِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ هُنَا وَمَنْ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ صَيْفِيٍّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَدْ قَطَعَهُ لِأَنَّ صَيْفِيًّا لَمْ

يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ صَيْفِيٍّ إِلَّا أَنَّهُ مُخْتَصَرٌ نَحْوَ رِوَايَةِ الْقَطَّانِ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ صَيْفِيٍّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا بكر بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا آذَاكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْحَيَّاتِ فِي مَسَاكِنِكُمْ فَحَرِّجُوا عَلَيْهِنَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ عَادَ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ هَذَا مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ وَزَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى النَّاقِدُ وَاللَّفْظُ لِمُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ وَأَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ فَرَجَعَ مِنَ الطَّرِيقِ فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَتِهِ قَائِمَةً فِي الْحُجْرَةِ فَمَدَّ إِلَيْهَا الرُّمْحَ فَقَالَتْ ادْخُلْ فَانْظُرْ مَا فِي الْبَيْتِ فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِحَيَّةٍ

مُنْطَوِيَةٍ عَلَى فِرَاشِهِ فَانْتَظَمَهَا بِرُمْحِهِ وَرَكَزَ الرُّمْحَ فِي الدَّارِ فَانْتَفَضَتِ الْحَيَّةُ وَمَاتَتْ وَمَاتَ الرَّجُلُ قَالَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ فِي الْمَدِينَةِ جِنٌّ مُسْلِمُونَ أَوْ قَالَ إِنَّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوَامِرَ شَكَّ خَالِدٌ فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْهَا فَتَعَوَّذُوا فَإِنْ عَادَ فَاقْتُلُوهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ قَوْمٌ لَا يَلْزَمُ أَنْ تُؤْذَنَ الْحَيَّاتُ وَلَا تُنَاشَدْنَ وَلَا يُحَرَّجَ عَلَيْهِنَّ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ خَاصَّةً لِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ خَصَّ الْمَدِينَةَ بِالذِّكْرِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ لَا تُنْذَرُ عَوَامِرُ الْبُيُوتِ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ خَاصَّةً قَالَ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا وَقَالَ آخَرُونَ الْمَدِينَةُ وَغَيْرُهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّ مِنَ الْحَيَّاتِ جِنًّا وَجَائِزٌ أَنْ يَكُنَّ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا وَأَنْ يُسْلِمَ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُنَّ قَالَ مَالِكٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ تُنْذَرَ عَوَامِرُ الْبُيُوتِ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَا تُنْذَرَنَّ فِي الصَّحَارِي قَالَ أَبُو عُمَرَ الْعِلَّةُ الظَّاهِرَةُ فِي الْحَدِيثِ إِسْلَامُ الْجِنِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ شَيْءٌ لَا يُوصَلُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ تُنْذَرَ عَوَامِرُ الْبُيُوتِ كُلِّهَا كَمَا قَالَ مَالِكٌ

وَالْإِنْذَارُ أَنْ يَقُولَ الَّذِي يَرَى الْحَيَّةَ فِي بَيْتِهِ أُحَرِّجُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْحَيَّةُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر أن تظهر لَنَا أَوْ تُؤْذِينَا وَقَدْ رَوَى عِبَادُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ بَيْنَا أَنَا بِعَبَادَانَ إِذْ جَاءَنِي رَسُولُ زَوْجَتِي فَقَالَ أَجِبْ فُلَانَةً وَاسْتَنْكَرْتُ ذَلِكَ ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ فقالت لي إن (ههنا) الْحَيَّةَ وَأَشَارَتْ إِلَيْهَا كُنْتُ أَرَاهَا بِالْبَادِيَةِ إِذَا خَلَوْتُ ثُمَّ مَكَثْتُ لَا أَرَاهَا حَتَّى رَأَيْتُهَا الْآنَ وَهِيَ هِيَ أَعْرِفُهَا بِعَيْنِهَا قَالَ فَخَطَبَ سَعْدُ خُطْبَةً حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّكِ قَدْ آذَيْتِنِي وَإِنِّي أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ رَأَيْتُكِ بَعْدَ هَذِهِ لَأَقْتُلَنَّكِ فَخَرَجَتِ الْحَيَّةُ انْسَابَتْ مِنْ بَابِ الْبَيْتِ ثُمَّ مِنْ بَابِ الدَّارِ فَأَرْسَلَ مَعَهَا سَعْدٌ إِنْسَانًا فَقَالَ انْظُرْ أَيْنَ تَذْهَبُ فَتَبِعَهَا حَتَّى جَاءَتِ الْمَسْجِدَ ثُمَّ جَاءَتْ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَتْهُ فَرَقَتْهُ ثُمَّ صَعِدَتْ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى غَابَتْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرِ بْنِ الْخِمْسِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عبد الرحمان بن أبي

ليلى أنه ذكر عنده حَيَّاتُ الْبُيُوتِ فَقَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فِي مَسَاكِنِكُمْ فَقُولُوا أَنْشُدُكُمْ بِالْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْكُمْ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنْشُدُكُمْ بِالْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْكُمْ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُنَّ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حدثا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْجِنُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْلَاثٍ فَثُلُثٌ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ يَطِيرُونَ فِي الْهَوَاءِ وَثُلُثٌ حَيَّاتٌ وَكِلَابٌ وَثُلُثٌ يَحُلُّونَ وَيَظْعَنُونَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَامِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ أَنَّ عَبْدَ الرحمان بْنَ أَبِي لَيْلَى حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ خَرَجَ عِشَاءً مِنْ أَهْلِهِ يُرِيدُ مَسْجِدَ قَوْمِهِ فَاسْتُطِيرَ فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُوجَدْ فَانْطَلَقَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَدَعَا بِقَوْمِهِ فَسَأَلَهُمْ عَنْهُ فَحَدَّثُوهُ بِمِثْلِ مَا حَدَّثَتْهُ امْرَأَتُهُ فَقَالَ لَهُمْ أَمَا سَمِعْتُمْ مِنْهُ ذِكْرًا بَعْدُ قَالُوا لَا فَأَمَرَهَا أَنْ

تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَتَتْهُ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا لَمْ يُذْكَرْ لَهَا مِنْهُ ذِكْرٌ فَدَعَا قومه فسألهم عن ذلك فقال مَا ذُكِرَ لَنَا مِنْهُ ذِكْرٌ فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ مِنْهُ فَاعْتَدَّتْ ثُمَّ جَاءَتْهُ فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ إِنْ (شَاءَتْ) فَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ جَاءَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ زَوَّجْتَ امْرَأَتِي فَقَالَ عُمَرُ لَمْ أَفْعَلْ وَدَعَاهَا عُمَرُ فَقَالَتْ أَنَا الْمَرْأَةُ الَّتِي أَخْبَرْتُكَ بِذَهَابِ زَوْجِي فَأَمَرْتَنِي أَنْ أتربص أربع سنين ففعلت ثم أيتك فأمرتني أن أعتد فأعددت ثُمَّ جِئْتُكَ فَأَمَرْتَنِي أَنْ أَتَزَوَّجَ فَفَعَلْتُ فَقَالَ عُمَرُ يَنْطَلِقُ أَحَدُكُمْ فَيَغِيبُ عَنْ أَهْلِهِ أَرْبَعَ سِنِينَ لَيْسَ بِغَازٍ وَلَا تَاجِرٍ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ إِنِّي خَرَجْتُ عِشَاءً مِنْ أَهْلِي أُرِيدُ مَسْجِدَ قَوْمِي فَاسْتَبَتْنِي الْجِنُّ فَكُنْتُ فِيهِمْ حَتَّى غَزَاهُمْ جِنٌّ مُسْلِمُونَ فَأَصَابُونِي فِي السَّبْيِ فَسَأَلُونِي عَنْ دِينِي فَأَخْبَرْتُهُمْ أَنِّي مُسْلِمٌ فَخَيَّرُونِي بَيْنَ أَنْ يَرُدُّونِي إِلَى قَوْمِي وَبَيْنَ أَنْ أَمْكُثَ مَعَهُمْ وَيُوَاسُونِي فَاخْتَرْتُ أَنْ يَرُدُّونِي إِلَى قَوْمِي فَبَعَثُوا مَعِي نَفَرًا أَمَّا اللَّيْلُ فَرِجَالٌ يُحَدِّثُونِي وَأَمَّا النَّهَارُ فَأَعْصَارُ رِيحٍ اتَّبِعُهَا حَتَّى هَبَطْتُ إِلَيْكُمْ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَمَا كَانَ طَعَامُكَ فِيهِمْ فَقَالَ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عليه وهذا القول فَخَيَّرَهُ عُمَرُ بَيْنَ الْمَهْرِ وَالْمَرْأَةِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّرْقُفِيُّ الْبَاكُسَالِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عن

أَبِي سِنَانٍ عَنْ أَبِي مُنِيبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَقَ اللَّهُ الْجِنَّ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ فَثُلُثٌ كِلَابٌ وَحَيَّاتٌ وَخَشَاشُ الْأَرْضِ وَثُلُثٌ رِيحٌ هَفَّافَةٌ وَثُلُثٌ كَبَنِي آدَمَ لَهُمُ الثَّوَابُ وَعَلَيْهِمُ الْعِقَابُ وَخَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ فَثُلُثٌ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَأَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَآذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا وَثُلُثٌ أَجْسَادُهُمْ أَجْسَادُ بَنِي آدَمَ وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ شَيَاطِينَ وَثُلُثٌ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَرُوِّينَا مِنْ وُجُوهٍ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَتْ جِنَّانًا فَأُرِيَتْ فِي الْمَنَامِ أَنَّ قَائِلًا يَقُولُ لَهَا قَدْ قَتَلْتِ مُسْلِمًا فَقَالَتْ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا لَمْ يَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا دَخَلَ عَلَيْكِ إِلَّا عَلَيْكِ ثِيَابُكِ فَأَصْبَحَتْ فَأَمَرَتْ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَجُعِلَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْغُولُ وَجَمْعُهَا أَغْوَالٌ وَالسِّعْلَاةُ وَجَمْعُهَا السَّعَالَى ضَرْبَانِ مِنَ الْجِنِّ وَنَوْعٌ مِنْ شَيَاطِينِهِنَّ قَالُوا إِنَّهَا تَتَصَوَّرُ صُوَرًا كَثِيرَةً فِي الْقِفَارِ أَمَامَ الرِّفَاقِ وَغَيْرِهَا فَتَطُولُ مَرَّةً وَتَصْغُرُ أُخْرَى وَتَقْبُحُ مَرَّةً وَتَحْسُنُ أُخْرَى مَرَّةً فِي صُورَةِ بَنَاتِ آدَمَ وَبَنِي آدَمَ وَمَرَّةً فِي صُورَةِ الدَّوَابِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَيْفَ شَاءَتْ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ ... فَمَا تَدُومُ عَلَى حَالٍ تَكُونُ بِهَا ... كَمَا تَغُولُ فِي أَثْوَابِهَا الْغُولُ

وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ إِذَا تَغَوَّلَتِ الْغِيلَانُ فَأَذِّنُوا بِالصَّلَاةِ أَيْ إِذَا شُبِّهَتْ عَلَيْكُمُ الطَّرِيقُ فَأَذِّنُوا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَوِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ وَإِذَا تَغَوَّلَتِ الْغِيلَانُ فَنَادُوا بِالْأَذَانِ مُخْتَصَرًا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ قَتَلَتْ جِنَّانًا فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ الْجِنَانُ مَسْخُ الْجِنِّ كَمَا مُسِخَتِ الْقِرَدَةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ وَقَالَ الْخَلِيلُ الْجِنَّانُ الْحَيَّةُ وَقَالَ نِفْطَوَيْهِ الْجِنَّانُ الْحَيَّاتُ وَأَنْشَدَ لِلْخَطَفِيِّ جَدِّ جَرِيرٍ ... أَعْنَاقُ جِنَّانٍ وَهَامَا رُجَّفَا ... وَقَالَ غَيْرُهُ ... تَبَدَّلَ حال بعد حال عهدنها ... تُنَاوِحُ جِنَّانٌ بِهِنَّ وَخُيَّلُ

قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى الْجِنَّانُ الَّذِينَ لَا يَعْرِضُونَ لِلنَّاسِ وَالْخُيَّلُ الَّذِينَ يَتَخَيَّلُونَ لِلنَّاسِ وَيُؤْذُونَهُمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ الْحَضْرَمِيِّ بْنِ لَاحِقٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ وَكَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ جَدُّ مُحَمَّدٍ قَالَ كَانَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ جُرْنٌ مِنْ طَعَامٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانئٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَضْرَمِيُّ بْنُ لَاحِقٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ كَانَ لِجَدِّي جُرْنٌ مِنْ طَعَامٍ وَكَانَ يَتَعَاهَدُهُ فَوَجَدَهُ يَنْقُصُ فَحَرَسَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِدَابَّةٍ تُشْبِهُ الْغُلَامَ الْمُحْتَلِمَ فَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ أَجِنٌّ أَمْ إِنْسٌ قَالَ بَلْ جِنٌّ قَالَ أَعْطِنِي يَدَكَ فَأَعْطَاهُ فَإِذَا يَدُ كَلْبٍ وَشَعْرُ كَلْبٍ قَالَ هَكَذَا خَلْقُ الْجِنِّ قَالَ قَدْ عَلِمَتِ الْجِنُّ أَنَّهُ مَا فِيهِمْ أَشَدُّ مِنِّي قَالَ مَا شَأْنُكَ قَالَ أُنْبِئْتُ أَنَّكَ رَجُلٌ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ (فَأَحْبَبْنَا) أَنْ نُصِيبَ مِنْ طَعَامِكَ قَالَ مَا يُجِيرُ

مِنْكُمْ قَالَ هَذِهِ الْآيَةُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ إِذَا قُلْتَهَا حِينَ تُصْبِحُ أُجِرْتَ مِنَّا حَتَّى تُمْسِيَ وَإِذَا قُلْتَهَا حِينَ تُمْسِيَ أُجِرْتَ مِنَّا حَتَّى تُصْبِحَ فَغَدَا أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ الْخَبِيثُ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ ابْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ جُرْنٌ مِنْ تَمْرٍ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي إِسْنَادِهِ الْحَضْرَمِيَّ بْنَ لَاحِقٍ

صدقة بن يسار

مَالِكٌ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَصَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ هَذَا يُعَدُّ فِي أَهْلِ مَكَّةَ وَكَانَ مِنْ سَاكِنِيهَا وَأَصْلُهُ الْجَزِيرَةُ يُقَالُ صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ الْجَزَرِيُّ وَيُقَالُ صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ الْمَكِّيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ وَلَهُ عَنْهُ أَحَادِيثُ صَالِحَةٌ فَهُوَ مِنَ التَّابِعِينَ الثِّقَاتِ وَقَدْ رَوَى عَنْ رَجُلٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَرَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُمْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قُلْتُ لِصَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ إِنَّ أُنَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ خَوَارِجُ قَالَ كُنْتُ مِنْهُمْ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَافَانِي قَالَ سُفْيَانُ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ مِنَ الثِّقَاتِ رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ مَالِكٌ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَرْجِعُ فِي السَّجْدَتَيْنِ فِي الصلاة على

صُدُورِ قَدَمَيْهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ سُنَّةَ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا أَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي أَشْتَكِي الْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ هَذَا أَحَدُ الْفُضَلَاءِ الْجِلَّةِ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُفَضِّلُهُ وَقَدْ عَمِلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيَّامَ خِلَافَتِهِ وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ إِذْ أَخْرَجَهُ الْمَحِ الْمُغِيرَةَ بْنَ حَكِيمٍ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْعَزْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ مَهَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ بَعَثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْيَمَنِ فَأَرَدْتُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْعَسَلِ الصَّدَقَةَ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ الصَّنْعَانِيُّ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ فَكَتَبْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ عَدْلٌ رَضِيٌّ لَا تَأْخُذْ مِنَ الْعَسَلِ شَيْئًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الرُّجُوعَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ الْقَدَمَيْنِ خَطَأٌ لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمَا يَجِبُ فِي الصَّلَاةِ لِعِلَّةٍ مَنَعَتْهُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَقْدِرُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرَ ذَلِكَ وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَالْفَرَائِضُ تَسْقُطُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا فَكَيْفَ السُّنَنُ وَالْأَمْرُ فِي هَذَا وَاضِحٌ يُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ فِيهِ

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي الِانْصِرَافَ عَلَى صُدُورِ الْقَدَمَيْنِ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَكَرِهَ ذَلِكَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ وَرَأَوْهُ مِنَ الْفِعْلِ الْمَكْرُوهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَرَخَّصَ فِيهِ آخَرُونَ وَلَمْ يَرَوْهُ مِنَ الْإِقْعَاءِ بَلْ جَعَلُوهُ سُنَّةً وَنَحْنُ نَذْكُرُ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَالْقَائِلِينَ بِهِمَا وَنَذْكُرُ مَا للعلماء في تفسير الإقعاء ههنا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ فَأَمَّا مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ فَإِنَّهُمْ يَكْرَهُونَ الْإِقْعَاءَ فِي الصَّلَاةِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْإِقْعَاءُ جُلُوسُ الرَّجُلِ عَلَى أَلْيَتَيْهِ نَاصِبًا فَخِذَيْهِ مِثْلَ إِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَالسَّبُعِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَمَّا تَفْسِيرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ الْإِقْعَاءَ أَنْ يَجْعَلَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَذْمَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْهَمَذَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ الْمِنْقَرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جَعْدَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم يا بني وإذا سَجَدْتَ فَأَمْكِنْ كَفَّيْكَ وَجَبْهَتَكَ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا

تَنْقُرْ نَقْرَ الدِّيكِ وَلَا تُقْعِ إِقْعَاءَ الْكَلْبِ وَلَا تَلْتَفِتِ الْتِفَاتَ الثَّعْلَبِ يُقَالُ أَقْعَى الْكَلْبُ وَلَا يُقَالُ قَعَدَ وَلَا جَلَسَ وَقُعُودُهُ إِقْعَاؤُهُ وَيُقَالُ إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يَكُونُ إِذَا قَامَ أَقْصَرَ مِنْهُ إِذَا قَعَدَ إِلَّا الْكَلْبُ إِذَا أَقْعَى أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْإِقْعَاءِ وَالتَّوَرُّكِ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُقْعِيَ فِي صَلَاتِي إِقْعَاءَ الْكَلْبِ وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَرِثِ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقْعِيَنَّ عَلَى عَقِبَيْكَ فِي الصَّلَاةِ وَصَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَرِهَ الْإِقْعَاءَ فِي الصَّلَاةِ وَعَنْ قَتَادَةَ مِثْلُهُ وَقَالَ آخَرُونَ لَا بَأْسَ بِالْإِقْعَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَمَسَّ عَقِبَيْكَ أَلْيَتَيْكَ وَقَالَ طَاوُسٌ رَأَيْتُ الْعَبَادِلَةَ يَفْعَلُونَهُ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ الزُّبَيْرِ وَكَذَلِكَ رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ قَالَ رَأَيْتُ الْعَبَادِلَةَ يَقْعُونَ فِي الصَّلَاةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ

عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَفَعَلَ ذَلِكَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَطَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ الزُّبَيْرِ وَابْنَ عَبَّاسٍ يَقْعُونَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَدْرِي كَيْفَ هَذَا الْإِقْعَاءُ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُقْعِي إِلَّا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ يَشْتَكِي عَلَى مَا فِي حَدِيثِنَا الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ سُنَّةَ الصَّلَاةِ وَحَسْبُكَ بِهَذَا وَلِهَذِهِ اللَّفْظَةِ أَدْخَلْنَا حَدِيثَهُ هَذَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ رِجْلَيَّ لَا تَحْمِلَانِي وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْإِقْعَاءُ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ كَانَ أَيْضًا لِعُذْرٍ وَقَدْ ذَكَرَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ أَنَّ ابْنَ عمر كان يقعي بعد ما كَبِرَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ لِعُذْرٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا قَدْ فَدَعُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِخَيْبَرَ فَلَمْ تَعُدْ كَمَا كَانَتْ وَاللَّهُ أعلم

وأما ابن عباس وأصحابه فالإقعاء عندهم سنة وَذَلِكَ ثَابِتٌ عَنْهُمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ معي قَالَ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ قُلْنَا لِابْنِ عَبَّاسٍ الْإِقْعَاءُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ فِي السُّجُودِ قَالَ هِيَ السُّنَّةُ قَالَ قُلْنَا إِنَّا لَنَرَاهُ جَفَاءً بِالرَّجُلِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ سُنَّةُ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْإِقْعَاءِ فَذَكَرَهُ إِلَى آخِرِهِ سَوَاءً وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَمَسَّ عَقِبَيْكَ أَلْيَتَيْكَ قَالَ طَاوُسٌ وَرَأَيْتُ الْعَبَادِلَةَ يُقْعُونَ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ الزُّبَيْرِ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ الْإِقْعَاءُ فِي الصَّلَاةِ السُّنَّةُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ حَمَلَ الْإِقْعَاءَ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى خَرَجَ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَهُوَ أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ مِنَ الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الَّذِي فَسَّرَ عَلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ الْإِقْعَاءَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَفِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ إِنَّمَا أَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي أَشْتَكِي وَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَشْتَكِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ عِنْدَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَكَذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ عَمَلُهُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ مِمَّنْ يَكْرَهُ الْإِقْعَاءَ فَهُوَ مَعْدُودٌ فِيمَنْ كَرِهَهُ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ إِلَّا أَنَّ الْإِقْعَاءَ عَنْ هَؤُلَاءِ غَيْرُ مُفَسَّرٍ وَهُوَ مُفَسَّرٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ الِانْصِرَافُ عَلَى الْعَقِبَيْنِ وَصُدُورِ الْقَدَمَيْنِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَسْتَحْسِنُهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَيَقُولُ إِنَّهُ سُنَّةٌ فَصَارَ ابْنُ عُمَرَ مُخَالِفًا لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ فَيُوجِبُ أَلَّا تَفْسُدَ صَلَاةُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّ إِفْسَادَهَا يُوجِبُ إِعَادَتَهَا وَإِيجَابُ إِعَادَتِهَا إِيجَابُ فَرْضٍ وَالْفُرُوضُ لَا تَثْبُتْ إِلَّا بِمَا لَا مُعَارِضَ لَهُ مِنْ أَصْلٍ أَوْ نَظِيرِ أَصْلٍ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَيْضًا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ كَذَا وَكَذَا سُنَّةٌ إِثْبَاتٌ وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ لَيْسَ بِسُنَّةٍ نَفْيٌ وَقَوْلُ الْمُثْبِتِ

فِي هَذَا الْبَابِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ أَوْلَى مِنَ النَّافِي لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ مَا جَهِلَهُ النَّافِي وَعَلَى أَنَّ الْإِقْعَاءَ قَدْ فَسَّرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي تَنَازَعَ فِيهِ هَؤُلَاءُ وَهَذَا كُلُّهُ يَشْهَدُ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْجُلُوسِ فِي الصَّلَاةِ فِي بَابِ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْقَوْلِ فِي كَيْفِيَّةِ الْجُلُوسِ فِي الصَّلَاةِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ في ذلك في باب عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

صالح بن كيسان

(مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ حَدِيثَانِ) وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ هَذَا يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ وَقِيلَ يُكْنَى أَبَا الْحَرِثِ وَاخْتُلِفَ فِي نَسَبِهِ وَوَلَائِهِ فَقِيلَ هُوَ مِنْ خُزَاعَةَ وَقِيلَ هُوَ مَوْلًى لنبي عَامِرٍ أَوْ بَنِي غِفَارٍ وَقِيلَ مَوْلًى (لِأَصْبَحَ) وقيل مولى لدوس ووقال الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى صَالِح بْنِ كَيْسَانَ وَهُوَ يُوصِي فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ وَلَائِي لِامْرَأَةٍ مَوْلَاةٍ لِآلِ مُعَيْقِيبٍ الدَّوْسِيِّ فَقَالَ لَهُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُرْمُزَ يَنْبَغِي أَنْ تَكْتُبَهُ فَقَالَ إِنِّي لَأُشْهِدُكَ أَنْتَ شَكَّاكٌ وَكَانَ سَعِيدٌ صَاحِبَ وُضُوءٍ وَشَكٍّ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحِفْظِ وَالْفَهْمِ وَكَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ ثِقَةً حُجَّةً فِيمَا نَقَلَ كَانَ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَضَمَّهُ إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ

ابْنِ الْوَلِيدِ وَكَانَ مُسِنًّا أَدْرَكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَمِعَ مِنْهُمَا ثُمَّ رَوَى عَنْ نَافِعٍ وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ كَثِيرًا قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ قَالَ وَقَدْ سَمِعَ مِنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا بِشْرُ بن المفضل عن عبد الرحمان بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ فِي الصَّرْفِ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ كَانَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ مِنْ رِجَالِنَا عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ يَعْنِي بِالْمَدِينَةِ وَرَوَى مَعْمَرُ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ اجْتَمَعْتُ أَنَا وَالزُّهْرِيُّ وَنَحْنُ نَطْلُبُ الْعِلْمَ فَقُلْنَا نَكْتُبُ السُّنَنَ فَكَتَبْنَا مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ الزُّهْرِيُّ نَكْتُبُ مَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِهِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ قَالَ قُلْتُ أَنَا لَيْسَ بِسُنَّةٍ فَلَا نَكْتُبُهُ قَالَ فَكَتَبَ وَلَمْ أَكْتُبْ فَأَنْجَحَ وَضَيَّعْتُ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حدثنا يعقوب بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ إِلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةَ

فَكَانَ رُبَّمَا خَتَمَ الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ فِي لَيْلَةٍ بَيْنَ شُعْبَتَيْ رَحْلِهِ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ هُوَ الْقَائِلُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَوَادٌ إِذَا أَشَارَ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ إِلَى أَحَدٍ أَتَمَّهُ وَلَمْ يُنْقِصْ مِنْهُ شَيْئًا فِي كَلَامٍ قَالَهُ لصديقه عكرمة بن عبد الرحمان بْنِ الْحَرِثِ بْنِ هِشَامٍ وَكَانَ صَدِيقًا لَهُ يُشَاوِرُهُ فِي شَيْءٍ وَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ وَفَاتِهِ فَقِيلَ كَانَتْ وَفَاتُهُ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ مَاتَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ بَعْدَ سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ قَبْلَ مَخْرَجِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن حسن

فَكَانَ رُبَّمَا خَتَمَ الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ فِي لَيْلَةٍ بَيْنَ شُعْبَتَيْ رَحْلِهِ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ هُوَ الْقَائِلُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَوَادٌ إِذَا أَشَارَ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ إِلَى أَحَدٍ أَتَمَّهُ وَلَمْ يُنْقِصْ مِنْهُ شَيْئًا فِي كَلَامٍ قَالَهُ لصديقه عكرمة بن عبد الرحمان بْنِ الْحَرِثِ بْنِ هِشَامٍ وَكَانَ صَدِيقًا لَهُ يُشَاوِرُهُ فِي شَيْءٍ وَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ وَفَاتِهِ فَقِيلَ كَانَتْ وَفَاتُهُ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ مَاتَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ بَعْدَ سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ قَبْلَ مَخْرَجِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ

حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ (بِي) وَكَافِرٌ بِي فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُقِمْهُ كَإِقَامَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَلَمْ يَسُقْهُ كَسِيَاقَتِهِ قَالَ فِيهِ قَالَ اللَّهُ مَا أَنْعَمْتُ عَلَى

عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ يَقُولُونَ الْكَوْكَبُ وَبِالْكَوْكَبِ هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَفِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ على أن الكفر ههنا كُفْرُ النِّعَمِ لَا كُفْرٌ بِاللَّهِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ رَبُّكُمُ اللَّيْلَةَ قَالَ مَا أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ يَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَبِنَوْءِ كَذَا فَأَمَّا مَنْ آمَنَ بِي وَحَمِدَنِي عَلَى سُقْيَايَ فَذَلِكَ الَّذِي آمَنَ بِي وَكَفَرَ بِالْكَوْكَبِ وَمَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ الَّذِي كَفَرَ بِي وَآمَنَ بِالْكَوْكَبِ وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَيْضًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَمِعَ رَجُلًا فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ يَقُولُ مُطِرْنَا بِبَعْضِ عَثَانِينِ الْأَسَدِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَبَ بَلْ هُوَ سُقْيَا اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ سُفْيَانُ عَثَانِينُ الْأَسَدِ الذِّرَاعُ وَالْجَبْهَةُ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَإِنْ كَانَ النَّوْءُ عِنْدَنَا الْوَقْتُ وَالْوَقْتُ مَخْلُوقٌ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ وَلَا يُمْطِرُ وَلَا يَحْبِسُ شَيْئًا مِنَ الْمَطَرِ وَالَّذِي أُحِبُّ أَنْ يَقُولَ مُطِرْنَا وَقْتَ كَذَا كَمَا يَقُولُ مُطِرْنَا شَهْرَ كَذَا وَمَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنَّ النَّوْءَ أَنْزَلَ الْمَاءَ كَمَا كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُ فَهُوَ كَافِرٌ حَلَالٌ دمه إن لم يتب هذا من قوله أَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ أَرَادَ (سَحَابًا) حَيْثُ نَزَلَ مِنَ اللَّيْلِ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي السَّحَابَ وَالْمَاءَ النَّازِلَ مِنْهُ سَمَاءً قَالَ الشَّاعِرُ وَهُوَ أَحَدُ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ ... إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ ... رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابًا ... يَعْنِي إِذَا نَزَلَ الْمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ رَعَيْنَاهُ يَعْنِي الْكَلَأَ النَّابِتَ مِنَ الْمَاءِ وَلَوْ أَرَادَ السَّمَاءَ لَأَنَّثَ لِأَنَّهَا مُؤَنَّثَةٌ فَقَالَ رَعَيْنَاهَا وَقَوْلُهُ رَعَيْنَاهُ يَعْنِي الْكَلَأَ النَّابِتَ مِنَ الْمَاءِ فَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الضَّمِيرِ إِذِ الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَهَذَا مِنْ فَصِيحِ كَلَامِ الْعَرَبِ وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ

وَأَمَّا قَوْلُهُ حَاكِيًا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَمَعْنَاهُ عِنْدِي عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَإِنَّ الْمُعْتَقِدَ أَنَّ النَّوْءَ هُوَ الْمُوجِبُ لِنُزُولِ الْمَاءِ وَهُوَ الْمُنْشِئُ لِلسَّحَابِ دُونَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَذَلِكَ كَافِرٌ كُفْرًا صَرِيحًا يَجِبُ اسْتِتَابَتُهُ عَلَيْهِ وَقَتْلُهُ لِنَبْذِهِ الْإِسْلَامَ وَرَدِّهِ الْقُرْآنَ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ النَّوْءَ يُنْزِلُ اللَّهُ بِهِ الْمَاءَ وَأَنَّهُ سَبَبُ الْمَاءِ عَلَى مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ وَسَبَقَ فِي عِلْمِهِ فَهَذَا وَإِنْ كَانَ وَجْهًا مُبَاحًا فَإِنَّ فِيهِ أَيْضًا كُفْرًا بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَجَهْلًا بِلَطِيفِ حِكْمَتِهِ لِأَنَّهُ يُنْزِلُ الْمَاءَ مَتَى شَاءَ مَرَّةً بِنَوْءِ كَذَا وَمَرَّةً دُونَ النَّوْءِ وَكَثِيرًا مَا يَخْوَى النَّوْءُ فَلَا يَنْزِلُ مَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَاءِ وَذَلِكَ مِنَ اللَّهِ لَا مِنَ النَّوْءِ وَكَذَلِكَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ وَقَدْ مُطِرَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ الْفَتْحِ ثُمَّ يَتْلُو مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَهَذَا عِنْدِي نَحْوُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حِينَ اسْتَسْقَى بِهِ يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ كَمْ بَقِيَ مِنْ نَوْءِ الثُّرَيَّا فَقَالَ الْعَبَّاسُ الْعُلَمَاءُ بِهَا يَزْعُمُونَ أَنَّهَا تَعْتَرِضُ فِي الْأُفُقِ سَبْعًا فَكَأَنَّ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ نَوْءَ الثُّرَيَّا وَقْتٌ يُرْجَى فِيهِ الْمَطَرُ وَيُؤَمَّلُ فَسَأَلَهُ عَنْهُ أَخَرَجَ أَمْ بَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ

وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ طَلَعَ سُهَيْلٌ وَبَرَدَ اللَّيْلُ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ إِنَّ سُهَيْلًا لَمْ يَأْتِ قَطُّ بِحَرٍّ وَلَا بَرْدٍ وَكَرِهَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلْغَيْمِ وَالسَّحَابَةِ مَا أَخْلَقَهَا لِلْمَطَرِ وَهَذَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ مَعَ رِوَايَتِهِ إِذَا أَنْشَأَتْ (بَحْرِيَّةٌ) تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْمَ احْتَاطُوا فَمَنَعُوا النَّاسَ مِنَ الْكَلَامِ بِمَا فِيهِ أَدْنَى مُتَعَلِّقٍ مِنْ زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا عَلَى مَا فَسَّرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ إِذَا أَنْشَأَتْ بَحْرِيَّةٌ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالنَّوْءُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَاحِدُ أَنْوَاءِ النُّجُومِ يُقَالُ نَاءَ النَّجْمُ يَنُوءُ أَيْ نَهَضَ يَنْهَضُ لِلطُّلُوعِ وَقَدْ يَكُونُ أَنْ يَمِيلَ لِلْمَغِيبِ وَمِمَّا قِيلَ نَاوَأْتُ فُلَانًا بِالْعَدَاوَةِ أَيْ نَاهَضْتُهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ الْحَمْلُ يَنُوءُ بِالدَّابَّةِ أَيْ يَمِيلُ بِهَا وَكُلُّ نَاهِضٍ بِثِقَلٍ وَإِبْطَاءٍ فَقَدْ نَاءَ وَالْأَنْوَاءُ عَلَى الْحَقِيقَةِ النُّجُومُ الَّتِي هِيَ مَنَازِلُ الْقَمَرِ وَهِيَ ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ مَنْزِلَةً يَبْدُو لِعَيْنِ النَّاظِرِ مِنْهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَنْزِلًا وَيَخْفَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَكُلَّمَا غَابَ مِنْهَا مَنْزِلٌ بِالْمَغْرِبِ طَلَعَ رَقِيبُهُ مِنَ الْمَشْرِقِ فَلَيْسَ يُعْدَمُ مِنْهَا أَبَدًا أَرْبَعَةَ عَشَرَ لِلنَّاظِرِينَ فِي السَّمَاءِ وَإِذَا لَمْ يَنْزِلْ مَعَ النَّوْءِ مَاءٌ قِيلَ خَوَى النَّجْمُ وَأَخْوَى وَخَوَى النَّوْءُ وَأَخْلَفَ وَأَمَّا الْعَرَبُ

فَكَانَتْ تُضِيفُ الْمَطَرَ إِلَى النَّوْءِ وَهَذَا عِنْدَهُمْ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ فِي أَخْبَارِهِمْ وَأَشْعَارِهِمْ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ نَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَأَدَّبَهُمْ وَعَرَّفَهُمْ مَا يَقُولُونَ عِنْدَ نُزُولِ الْمَاءِ وَذَلِكَ أَنْ يَقُولُوا مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْإِيمَانِ وَالتَّسْلِيمِ لِمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ وَأَمَّا أَشْعَارُ الْعَرَبِ فِي إِضَافَتِهَا نُزُولَ الْمَاءِ إِلَى الْأَنْوَاءِ فقال الطرماح ... محاهن صيب نؤ الرَّبِيعِ ... مِنْ نَجْمِ الْعَزْلِ وَالرَّامِحَهْ ... فَسَمَّى مَطَرَ السَّمَاكِ رَبِيعًا وَغَيْرُهُ يَجْعَلُهُ صَيْفًا وَإِنَّمَا جَعَلَهُ الرماح رَبِيعًا لِقُرْبِهِ مِنْ آخِرِ الشِّتَاءِ وَمِنْ أَمْطَارِهِ وَإِذَا كَانَ الْمَطَرُ بِأَوَّلِ نَجْمٍ مِنْ أَنْوَاءِ الصَّيْفِ جَازَ أَنْ يَجْعَلُوهُ رَبِيعًا وَيُقَالُ لِلسِّمَاكِ الرَّامِحُ وَذُو السِّلَاحِ وَهُوَ رَقِيبُ الدَّلْوِ إِذَا سَقَطَ الدَّلْوُ طَلَعَ السِّمَاكُ وَالسِّمَاكُ وَالدَّلْوُ وَالْعَوَّاءُ مِنْ أَنْجُمِ الْخَرِيفِ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ ... في خريف سقاه نوء من الدلو ... تَدَلَّى وَلَمْ يُوَازِ الْعِرَاقَا ... وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْخَرِيفَ رَبِيعًا لِاتِّصَالِهِ بِالشِّتَاءِ وَتُسَمِّي الرَّبِيعَ الْمَعْرُوفَ عِنْدَ النَّاسِ بِالرَّبِيعِ صَيْفًا وَتُسَمِّي الصَّيْفَ قَيْظًا وَتَذْهَبُ في ذلك كله غير مَذَاهِبَ الرُّومِ فَأَوَّلُ الْأَزْمِنَةِ عِنْدَهَا

الْخَرِيفُ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِ مَعَانِيهَا وَمَعَانِي الرُّومِ فِي ذَلِكَ وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَرْوِي بَيْتَ زُهَيْرٍ ... وَغَيْثٍ مَنَ الْوَسْمِيِّ حُوٍّ تِلَاعُهُ ... وِجَادَتْهُ مِنْ نَوْءِ السِّمَاكِ هَوَاطِلُهُ ... وَقَالَ آخَرُ ... وَلَا زَالَ نَوْءُ الدَّلْوِ يَسْكُبُ وَدَقَهُ ... بِكُنَّ وَمِنْ نَوْءِ السِّمَاكِ غَمَامُ ... وَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُرِ النَّهْشَلِيُّ ... بِيضٌ مُسَامِحٌ فِي الشِّتَاءِ وَإِنْ أَخْلَفَ ... نَجْمٌ عَنْ نَوْئِهِ وَبَلُوَا ... وَقَالَ الرَّاجِزُ ... بَشِّرْ بَنِي عِجْلٍ بِنَوْءِ الْعَقْرَبِ ... إِذْ أَخَلَفَتْ أَنْوَاءُ كُلِّ كَوْكَبِ ... يَدُلُّكَ أَنَّ أَنْوَاءَ النُّجُومِ أَخْلَفَتْ كُلُّهَا فَلَمْ تُمْطِرْ فَأَتَاهُمُ الْمَطَرُ فِي آخر الربيع بنوء العقرب وهم عندهم غير محمود لأنه (ودق) دنئ وَقَالَ رُؤْبَةُ ... وَجَفَّ أَنْوَاءُ السَّحَابِ الْمُرْتَزَقُ

أَيْ جَفَّ الْبَقْلُ الَّذِي كَانَ بِالْأَنْوَاءِ أَقَامَ ذِكْرَ الْأَنْوَاءِ مَقَامَ ذِكْرِ الْبَقْلِ اسْتِغْنَاءً بِأَنَّ الْمُرَادَ مَعْلُومٌ وَهَذَا نَحْوَ قَوْلِ الْقَائِلِ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَ قَوْلِهِ إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ وَهُوَ يُرِيدُ الْمَاءَ النَّازِلَ مِنَ السَّمَاءِ وَأَشْعَارُ الْعَرَبِ بِذِكْرِ الْأَنْوَاءِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَالْعَرَبُ تَعْرِفُ مِنْ أَمْرِ الْأَنْوَاءِ وَسَائِرِ نُجُومِ السَّمَاءِ مَا لَا يَعْرِفُهُ غَيْرُهَا لِكَثْرَةِ ارْتِقَابِهَا لَهَا وَنَظَرِهَا إِلَيْهَا لِحَاجَتِهَا إِلَى الْغَيْثِ وَفِرَارِهَا مِنَ الْجَدَبِ فَصَارَتْ لِذَلِكَ تَعْرِفُ النُّجُومَ الْجَوَارِيَ وَالنُّجُومَ الثَّوَابِتَ وَمَا يَسِيرُ مِنْهَا مُجْتَمِعًا وَمَا يَسِيرُ فَارِدًا وَمَا يَكُونُ مِنْهَا رَاجِعًا وَمُسْتَقِيمًا لِأَنَّ من كان في الصحاري والصحاح الْمَلْسَاءِ حَيْثُ لَا أَمَارَةَ وَلَا هَادِيَ طَلَبَ الْمَنَائِرَ فِي الرَّمْلِ وَالْأَرْضِ وَعَرَفَ الْأَنْوَاءَ وَنُجُومَ الِاهْتِدَاءِ وَسُئِلَتْ أَعْرَابِيَّةٌ فَقِيلَ لَهَا أَتَعْرِفِينَ النُّجُومَ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ أَمَا أَعْرِفُ أَشْبَاحًا وُقُوفًا عَلَيَّ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَسَمِعَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَضَرِ أَعْرَابِيًّا وَهُوَ يَتَفَنَّنُ فِي وَصْفِ نُجُومِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَنُجُومِ الْأَنْوَاءِ فَقَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ أَمَا تَرَى هَذَا الْأَعْرَابِيَّ يَعْرِفُ مِنَ النُّجُومِ مَا لَا يُعْرَفُ فَقَالَ وَيْلَ أُمِّكَ مَنْ لَا يَعْرِفُ أَجْدَاعَ بَيْتِهِ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي جَعَلَ زَوْجُهَا أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا خَطَّأَ اللَّهُ نَوْءَهَا أَيْ أَخْلَى

اللَّهُ نَوْءَهَا مِنَ الْمَطَرِ وَالْمَعْنَى حَرَمَهَا اللَّهُ الْخَيْرَ كَمَا حَرَمَ مَنْ لَمْ يُمْطَرْ وَقْتَ الْمَطَرِ وَقَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ هُوَ الِاسْتِمْطَارُ بِالْأَنْوَاءِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ مُطِرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْبَحَ مِنَ النَّاسِ شَاكِرٌ وَكَافِرٌ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ رَحْمَةٌ وَضَعَهَا اللَّهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذَا وَكَذَا قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ حَتَّى بَلَغَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الرِّزْقُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَعْنَى الشُّكْرِ كَأَنَّهُ قَالَ وَتَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ لِلَّهِ عَلَى مَا رَزَقَكُمْ مِنَ الْمَالِ أَنْ تَنْسِبُوا ذَلِكَ الرِّزْقَ إِلَى الْكَوْكَبِ وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَمِنْ هَذَا والله اعلم قال رؤية وَجَفَّ أَنْوَاءُ السَّحَابِ الْمُرْتَزِقِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي

حَدِيثِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَتَّابِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ أَمْسَكَ اللَّهُ الْقَطْرَ عَنْ عِبَادِهِ خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ أَرْسَلَهُ أَصْبَحَتْ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ كَافِرِينَ يَقُولُونَ سُقِينَا بِنَوْءِ الْمِجْدَحِ فَمَعْنَاهُ كَمَعْنَى مَا مَضَى مِنَ الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا الْمِجْدَحُ فَإِنَّ الْخَلِيلَ زَعَمَ أَنَّهُ نَجْمٌ كَانْتِ الْعَرَبُ تَزْعُمُ أَنَّهَا تُمْطَرُ بِهِ قَالَ وَيُقَالُ أَرْسَلَ السَّمَاءَ مَجَادِيحُ الْغَيْثِ قَالَ وَيُقَالُ مِجْدَحٌ وَمُجْدَحٌ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ لَنْ يَزَلْنَ فِي أُمَّتِيَ التَّفَاخُرُ فِي الْأَحْسَابِ وَالنِّيَاحَةُ والأنواء

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عن صالح بن كيسان عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ (زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهَا قَالَتْ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ النَّقْلِ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي صِحَّةِ إِسْنَادِهِ وَكُلُّ مَنْ رَوَاهُ قَالَ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ لَا يَقُولُ فَرَضَ اللَّهُ وَلَا فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَا حَدَّثَ بِهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عروة بن الزبير عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فذكر الحديث

هكذا قال فرض رسول الله وعنه نقول فُرِضَتْ إِلَّا أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ قَالَ فِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَلَمْ يَرْوِهِ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَلَا عَنْ هِشَامٍ إِلَّا أَنَّ شَيْخًا يُسَمَّى يَحْيَى بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ هَانِئٍ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ وَالصَّحِيحُ فِي إِسْنَادِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَطُرُقُهُ عَنْ عَائِشَةَ مُتَوَاتِرَةٌ وَهُوَ عَنْهَا صَحِيحٌ لَيْسَ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ إِلَّا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَذَهَبَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ إِلَى ظَاهِرِهِ وَعُمُومِهِ وَمَا يُوجِبُهُ لَفْظُهُ فَأَوْجَبُوا الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ فَرْضًا وَقَالُوا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ فِي السَّفَرِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ كُلَّ صَلَاةٍ أَرْبَعٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالصُّبْحُ فَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمَا كَذَلِكَ فُرِضَتَا وَأَنَّهُمَا لَا قَصْرَ فِيهِمَا فِي السَّفَرِ وَلَا غَيْرِهِ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَ عَائِشَةَ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ قَوْلٌ ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ أَلَا تَرَى أَنَّ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي قَوْلِهَا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَكَذَلِكَ الصُّبْحُ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي قَوْلِهَا فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الصُّبْحَ لَمْ يُزَدْ فِيهَا وَلَمْ يُنْقَصْ مِنْهَا وَأَنَّهَا فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ سَوَاءٌ فَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى إِيجَابِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ

فَرْضًا قَوْلُ عَائِشَةَ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَهَذَا وَاضِحٌ فِي أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لِلْمُسَافِرِ فَرْضٌ لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ الْوَاجِبَ لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي الْحَضَرِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ سِتًّا وَلَا الْعَصْرَ وَلَا الْعِشَاءَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ أَرْبَعًا وَلَا الصُّبْحَ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ زَائِدًا فِي فَرْضِهِ عَامِدًا لِمَا يُفْسِدُهُ وَهَذَا كُلُّهُ إِجْمَاعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ لِلْحَضَرِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ قَالُوا فَكَذَلِكَ الْمُسَافِرُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا لِأَنَّ فَرْضَهُ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَانِ عَلَى مَا ذَكَرَتْ عَائِشَةُ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِنْ صَحَّ عَنْهُ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَقَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَتَمَّ فِي السَّفَرِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى إِيجَابِ الْقَصْرِ فَرْضًا فِي السَّفَرِ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو حديث رواه عبد الرحمان بْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ عُمَرَ وَقَالَ ابْنُ معين وعلي بن الْمَدِينِيِّ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عُمَرَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عن زبير عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عُمَرَ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ زُبَيْدٌ مَرَّةً عَنْ عُمَرَ قَالَ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عن الثوري عن زبيد عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ فَخَطَّئُوهُ فِيهِ لِقَوْلِهِ سَمِعْتُ عُمَرَ وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ قَالَ حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ خَطَبَنَا عُمَرُ فَقَالَ أَلَا إِنَّ صَلَاةَ يَوْمِ الْفِطْرِ وَصَلَاةَ يَوْمِ النَّحْرِ وَصَلَاةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاةَ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَهِمَ أَيْضًا فِيهِ وَرَوَاهُ يَزِيدَ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ زبيد عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ فَزَادَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ أَدْخَلَهُ بين عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى وَابْنِ عُمَرَ وَلَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ هَذَا الْإِسْنَادِ وَمِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ مَنْ يُعَلِّلُهُ وَيُضَعِّفُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَحِّحُ إِسْنَادَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ هَذَا فِيهِ قَالَ علي بن الْمَدِينِيِّ هُوَ أَسْنَدُهَا وَأَحْسَنُهَا وَأَصَحُّهَا وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً وَهَذَا أَيْضًا حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ بُكَيْرُ بْنُ الْأَخْنَسِ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنْ قَالُوا وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَغَيْرُ جَائِزٍ لِمَنْ جَعَلَ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا أَنْ يَحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي إِبَاحَةِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ وَقَالُوا إِنَّمَا نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا رَوَاهُ مُجَاهِدٌ عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ

وَقَالُوا ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ إِنَّمَا هُوَ قَصْرُ الْمَأْمُومِ خَلْفَ إِمَامِهِ يُصَلِّي مَعَهُ بعضها بشرط الخوف ولا يقوم مَعَهُ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي مَعْنًى غَيْرِ مَعْنَى الْآيَةِ قَدْ أَفَادَ حُكْمًا زَائِدًا وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنْ جَابِرًا وَابْنَ عُمَرَ قَالَا لَيْسَ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ بِقَصْرٍ وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ مَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا كَمَنْ صَلَّى فِي الْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَا نَزَعَ بِهِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ فَرْضٌ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَقَالَ آخَرُونَ الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ وَرُخْصَةٌ وَتَوْسِعَةٌ فَمَنْ شَاءَ قَصَرَ فِي السَّفَرِ وَمَنْ شَاءَ أَتَمَّ كَمَا أَنَّ الْمُسَافِرَ مُخَيَّرٌ إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا قَالُوا فَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ لِأَنَّ الْحَتْمَ لَا يُقَالُ فِيهِ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَفْعَلُوهُ قَالُوا كُلُّ مَا قِيلَ فِيهِ لَا جُنَاحَ فَإِنَّمَا هُوَ رُخْصَةٌ لَا حَتْمٌ مِثْلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تبتغوا فضلا من ربكم ولا جناح عليكم إن طلقتم النساء ولا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ

وَمَا كَانَ مِثْلَ هَذَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا نَزَلَتْ فِي إِبَاحَةِ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ مَحْظُورًا لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَتَحَرَّجُ مِنَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَتَتَحَرَّجُ مِنْ فِعْلِ مَا كَانَتْ تَفْعَلُهُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالُوا وَإِنْ كَانَ شَرْطُ الْخَوْفِ مَذْكُورًا فِي الْآيَةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ قَدْ بَيَّنَ بِسُنَّتِهِ أَنَّ الْمُسَافِرَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي الْخَوْفِ وَفِي غَيْرِ الْخَوْفِ لِأَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ وَهُوَ آمِنٌ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ فَكَانَ الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ مَعَ الْأَمْنِ زِيَادَةُ بَيَانٍ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ بِهِ وَحْيٌ يُتْلَى وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي الشَّرْعِ وَاحْتَجُّوا مِنَ الْأَثَرِ بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُسَدَّدٌ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قال حدثني عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ عَنْ عبد الله بن باببه عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَرَأَيْتَ إِقْصَارُ النَّاسِ الصَّلَاةَ الْيَوْمَ وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَقَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقَالَ عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ

مِنْهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ عن ابن جريج حدثني عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عَمَّارٍ وَقَالَ الْفَزَارِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالُوا فَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ مَعَ الْأَمْنِ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَوْسِعَةٌ وَرُخْصَةٌ وَرَحْمَةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ أَمَّا قَوْلُهُ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَإِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا خَافُوا الَّذِينَ كَفَرُوا وَسَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَيْسَتَا بِقَصْرٍ وَلَكِنَّهُمَا وَفَاءٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ أُنْبِئْتُ

أَنَّ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْصُرُ وَهُوَ آمِنٌ غَيْرُ خَائِفٍ قَصْرُهُ الصَّلَاةَ فِي حَجَّتِهِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَدْ أَمِنَ وَهَذَا مَا لَا يَجْهَلُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ زَادَ عَارِمٌ وَبَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَمْيَالٍ قَالَ أَنَسٌ وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ سَمِعَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ قَالَ صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَصَلَّيْنَا الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ فَاسْتَدَلُّوا

بِهَذِهِ الْآثَارِ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ بِفَرِيضَةٍ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي حَنْظَلَةَ الْحَذَّاءِ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ أُصَلِّي فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَاللَّهُ يَقُولُ إِنْ خِفْتُمْ وَنَحْنُ نَجِدُ الزَّادَ وَالْمَزَادَ فَقَالَ كَذَلِكَ سَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْقَصْرَ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ لَا فَرِيضَةٌ مِنَ اللَّهِ وَلَا مِنْ رَسُولِهِ وَلَوْ فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ لَقَالَ ابْنُ عُمَرَ فَرَضَهَا كَمَا قَالَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَقَدْ جَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُ مَا جَاءَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَأَلَ حُمَيْدٌ الضَّمْرِيُّ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنِّي أُسَافِرُ أَفَأَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ أَمْ أُتِمُّهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَيْسَ بِقَصْرِهَا وَلَكِنَّهُ تَمَامُهَا وَسُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمِنًا لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ ثُمَّ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ آمِنًا لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى

رَجَعَ ثُمَّ خَرَجَ عُمَرُ آمِنًا لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ عُثْمَانُ ثُلُثَيْ إِمَارَتِهِ أَوْ شَطْرَهَا ثُمَّ صَلَّاهَا أَرْبَعًا ثُمَّ أَخَذَ بِهَا بَنُو أُمَيَّةَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَبَلَغَنِي إِنَّمَا أَوْفَاهَا عُثْمَانُ أَرْبَعًا بِمِنًى مِنْ أَجْلِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا نَادَاهُ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ بِمِنًى فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا زِلْتُ أُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ مُذْ رَأَيْتُكَ عَامَ أَوَّلٍ صَلَّيْتَهَا رَكْعَتَيْنِ فَخَشِيَ عُثْمَانُ أَنْ يَظُنَّ جُهَّالُ النَّاسِ أَنَّ الصَّلَاةَ رَكْعَتَانِ وَإِنَّمَا كَانَ أَوْفَاهَا بِمِنًى فَقَطْ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ اخْتُلِفَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَتَمَّ عُثْمَانُ الصَّلَاةَ فِي سَفَرِهِ إِلَى مَكَّةَ وَبِمَكَّةَ فَقَالَ قَوْمٌ أَخَذَ بِالْمُبَاحِ فِي ذَلِكَ إِذْ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ وَأَنْ يُتِمَّ كما كان له لَهُ أَنْ يَصُومَ وَأَنْ يُفْطِرَ وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ احْتَجَّ بِمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَةِ وَبِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كان يُتِمُّ فِي السَّفَرِ وَيُقْصِرُ

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُلٌّ قَدْ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَامَ وَأَفْطَرَ وَأَتَمَّ وَقَصَرَ فِي السَّفَرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَصْبَهَانِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ يَزِيدَ الْأَنْمَاطِيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هَرِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يَعْنِي الْفَرَائِضَ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَفُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ أَرْبَعًا وَثَلَاثًا صَلَّى وَتَرَكَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ يُصَلِّيهِمَا بِمَكَّةَ تَمَامًا لِلْمُسَافِرِ فَهَذِهِ عَائِشَةُ قَدْ اضْطَرَبَتِ الْآثَارُ عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَإِتْمَامُهَا فِي السَّفَرِ يَقْضِي بِصِحَّةِ مَا وَافَقَ مَعْنَاهُ مِنْهَا وَرَوَى زَيْدٌ الْعَمِّيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُسَافِرُ فَيُتِمُّ بَعْضُنَا وَيَقْصُرُ بَعْضُنَا وَيَصُومُ بَعْضُنَا وَيُفْطِرُ بَعْضُنَا وَلَا يَعِيبُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّ عُثْمَانَ إِنَّمَا أَتَمَّ فِي السَّفَرِ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ فِي تِلْكَ الْمَنَاهِلِ أَهْلٌ وَمَالٌ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي حديث رواه

عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ الْمُرْطِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَرِثِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ صَلَّى بِأَهْلِ مِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ إِنِّي تَأَهَّلْتُ بِمَكَّةَ وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ مَنْ تَأَهَّلَ فِي بَلْدَةٍ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا فَلِذَلِكَ صَلَّيْتُ أَرْبَعًا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ الْهِلَالِيِّ وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَمْدَوَيْهِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ عبد الله بن عبد الرحمان مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِإِسْنَادِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَالْحَرِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابٍ قَدْ عَمِلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَقَالَ آخَرُونَ إِتْمَامُهُ إِنَّمَا كَانَ عَلَى نَحْوِ إِتْمَامِ عَائِشَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْوُجُوهَ التي تؤولت عَلَى عَائِشَةَ فِي إِتْمَامِهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنَى رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ ثُمَّ صَلَّاهَا أَرْبَعًا

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَبَلَغَنِي أَنَّ عُثْمَانَ أَيْضًا صَلَّاهَا أَرْبَعًا لِأَنَّهُ أَزْمَعَ أَنْ يُقِيمَ بَعْدَ الْحَجِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا وَجْهٌ صَحِيحٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ فِيمَنْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ وَقَالَ وُهَيْبٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ صَلَّوْا بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَعُثْمَانَ شَطْرَ إِمَارَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا عُثْمَانُ (أَرْبَعًا بِمِنًى) قَالَ لِأَنَّهُ اتَّخَذَ أَمْوَالًا بِالطَّائِفِ فَأَجْمَعَ الْمُقَامَ فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ أَمَّا قَوْلُهُ بِالطَّائِفِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ بَلَدٌ آخَرُ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ إِنَّ عُثْمَانَ لَمَّا صَلَّى أَرْبَعًا بَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ مَسْعُودٍ فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَامَ أَرْبَعًا فَقِيلَ لَهُ اسْتَرْجَعْتَ ثُمَّ صَلَّيْتَ أَرْبَعًا قَالَ الْخِلَافُ شَرٌّ وَرَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عبد الرحمان بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعًا قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ وَلَوَدِدْتُ أَنَّ لِي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ قَالَ الْأَعْمَشُ فَحَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ صَلَّاهَا بَعْدُ أَرْبَعًا فَقِيلَ لَهُ عِبْتَ عَلَى عُثْمَانَ وَتُصَلِّي أَرْبَعًا قَالَ الْخِلَافُ شَرٌّ

حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد ابن زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عن ابراهيم عن عبد الرحمان بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّى عُثْمَانُ فَذَكَرَهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بِمِنًى فَلَمَّا صَلَّى عُثْمَانُ أَرْبَعًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَكَانِ رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّى عُمَرُ رَكْعَتَيْنِ قَالَ الأسود فقلت يا أبا عبد الرحمان أَلَا سَلَّمْتَ فِي رَكْعَتَيْنِ وَجَعَلْتَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ تَسْبِيحًا قَالَ الْخِلَافُ شَرٌّ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ عِنْدَ ابْنِ مسعود ليس بفرض وإنما أنكر لمخالفة عُثْمَانَ الْأَفْضَلَ عِنْدَهُ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ عِنْدَهُ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ ثُمَّ رَأَى اتِّبَاعَ إِمَامِهِ فِيمَا أُبِيحَ لَهُ أَوْلَى مِنْ إِتْيَانِ الْأَفْضَلِ فِي الْقَصْرِ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْأَئِمَّةِ لَا تَجُوزُ إِلَّا فِيمَا لَا يَحِلُّ وَأَمَّا فِيمَا أُبِيحَ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ مُخَالَفَةُ الْأَئِمَّةِ إِذَا حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الِاجْتِهَادُ وَلَعَلَّ عُثْمَانَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ اخْتِيَارَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَفَرِهِ الْقَصْرَ كَانَ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ عَلَى أُمَّتِهِ فَاخْتَارَهُ لِذَلِكَ وَقَالَتْ عَائِشَةَ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا الْحَدِيثَ وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ مَا اخْتَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ وَسَنَّهُ وَوَاظَبَ عَلَيْهِ كَانَ أَفْضَلَ مِمَّا سِوَاهُ وَمِثْلُ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا حَدِيثُ سلمان

ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ اسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ قَوْمٍ فِي السَّفَرِ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَقَالُوا لَهُ صَلِّ بِنَا فَقَالَ إِنَّا لَا نَؤُمُّكُمْ وَلَا نَنْكِحُ نِسَاءَكُمْ فَأَبَى فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَصَلَّى بِهِمْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ سَلْمَانُ مَا لَنَا وَلِلْمُرَبَّعَةِ وَإِنَّمَا كَانَ يَكْفِينَا نِصْفُ الْمُرَبَّعَةِ وَنَحْنُ إِلَى الرُّخْصَةِ أَحْوَجُ أَلَا تَرَى أَنَّ سَلْمَانَ لَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ بَلْ تَمَادَى مَعَ إِمَامِهِ فَصَلَّى أَرْبَعًا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَحْمَدْ ذَلِكَ لَهُ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ عِنْدَ سَلْمَانَ رُخْصَةٌ وَسُنَّةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ وَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عن موسى ابن سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ أَكُونُ بِمَكَّةَ فَكَيْفَ أُصَلِّي قَالَ رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَسْبُكَ بِهَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ تَصْرِيحٌ أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ قُلْتُ لَهُ فِيمَ جُعِلَ الْقَصْرُ فِي الْخَوْفِ وَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ قَالَ

السُّنَّةُ قُلْتُ وَرُخْصَةٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَقَالَ لِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مِثْلَهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ كَانَ سَعْدُ ابن أَبِي وَقَّاصٍ وَعَائِشَةُ يُوَفِّيَانِ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ وَيَصُومَانِ قَالَ وَسَافَرَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَوْفَى سَعْدٌ الصَّلَاةَ وَصَامَ وَقَصَرَ الْقَوْمُ وَأَفْطَرُوا فَقَالُوا لِسَعْدٍ كَيْفَ نُفْطِرُ وَنَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَأَنْتَ تُتِمُّهَا وَتَصُومُ فَقَالَ دُونَكُمْ أَمْرَكُمْ فَإِنِّي أَعْلَمُ بِشَأْنِي قَالَ فَلَمْ يُحَرِّمْهُ سَعْدٌ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَنْهَهُمْ عَنْهُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ فَأَيُّ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ قَصْرُهَا قَالَ وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ فَعَلَهُ الصَّالِحُونَ وَالْأَخْيَارُ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ عَطَاءٍ هَذَا وَمَا حَكَاهُ عَنْ سَعْدٍ وَعَائِشَةَ أَعْرَفُ مِنْ رِوَايَةِ جُوَيْرِيَّةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزهري عن رجل عن عبد الرحمان بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أبي وقاص والمسمور بن مخرمة وعبد الرحمان بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ كَانُوا جَمِيعًا فَكَانَ سَعْدٌ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَيُفْطِرُ وَكَانَا يُتِمَّانِ الصَّلَاةَ وَيَصُومَانِ فَقِيلَ لِسَعْدٍ فِي ذَلِكَ فَقَالَ سَعْدٌ نَحْنُ أَعْلَمُ الْمَشْهُورُ عَنْ سَعْدٍ مَا ذَكَرَهُ عَطَاءٌ وعلى أن حَالٍ كَانَ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْقَصْرِ وَالتَّمَامِ وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ عَنْ سَعْدٍ كَأَنَّهُ كَانَ يُتِمُّ مَرَّةً وَيَقْصُرُ أُخْرَى وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ بكر بْنِ الْأَشَجِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ له عجيب مِنْ عَائِشَةَ كَانَتْ تُصَلِّي أَرْبَعًا فِي السَّفَرِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ الْقَاسِمُ عَلَيْكَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يُعَابُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَدَّ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ مَعَ الْأَمْنِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ غَيْرُ فَرِيضَةٍ حَدِيثَ عَائِشَةَ حَيْثُ قَالَتْ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ فَرَدُّوهُ بِأَنْ قَالُوا قَدْ صَحَّ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ وَهَذَا مِنْ فِعْلِهَا يَرُدُّ قَوْلَهَا ذَلِكَ وَإِنْ صَحَّ قَوْلُهَا ذَلِكَ عَنْهَا وَلَمْ يَدْخُلْهُ الْوَهْمُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ فَهُوَ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ وَفِيهِ مَعْنًى مُضْمَرٌ بَاطِنٌ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَأَنَّهَا قَالَتْ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ لِمَنْ شَاءَ أَوْ نَحْوَ هَذَا قَالُوا وَلَا يَجُوزُ عَلَى عَائِشَةَ أَنَّ تُقِرَّ بِأَنَّ الْقَصْرَ فُرِضَ فِي السَّفَرِ وَتُخَالِفَ الْفَرْضَ هَذَا مَا لَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَنْسُبَهُ إِلَيْهَا قَالُوا وَغَيْرُ جَائِزٍ تَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَ عَلَيْهَا أَنَّ إِتْمَامَهَا كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا كَانَتْ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ

فَكَانَتْ حَيْثُمَا نَزَلَتْ عَلَى بَنِيهَا فَلَمْ تَقْصُرْ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهَا كَأَنَّهَا كَانَتْ فِي بَيْتِهَا وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْتَقِدَهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهِ صَارَتْ عَائِشَةُ وَسَائِرُ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم للمؤمنين أبا رؤوفا رَحِيمًا وَكَانَ يَقْصُرُ فِي أَسْفَارِهِ كُلِّهَا فِي غَزَوَاتِهِ وَعُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ فَمِمَّا يَرُدُّ حَدِيثَ عَائِشَةَ إِتْمَامُهَا فِي أَسْفَارِهَا وَمِمَّا يَرُدُّهُ أَيْضًا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَمَا رُوِيَ عَنْهَا مِمَّا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَمَّ فِي السَّفَرِ وَقَصَرَ وَصَامَ وَأَفْطَرَ وَمِمَّا يُعَارِضُهُ أَيْضًا حَدِيثُ الْقُشَيْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَضَعَ اللَّهُ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ وَالْوَضْعُ لَا يَكُونُ فِي الْأَغْلَبِ إِلَّا مِمَّا قَدْ ثَبَتَ فَوُضِعَ مِنْهُ وَفِي إِجْمَاعِ الْجُمْهُورِ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ فَأَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ

أَرْبَعًا فَلَوْ كَانَ فَرْضُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَنْتَقِلْ فَرْضُهُ إِلَى أَرْبَعٍ كَمَا أَنَّ الْمُقِيمَ إِذَا دَخَلَ خَلْفَ الْمُسَافِرِ لَمْ يَنْتَقِلْ فَرْضُهُ إلى اثنين وَهَذَا وَاضِحٌ لِمَنْ تَدَبَّرَ وَأَنْصَفَ قَالُوا وَكَيْفَ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا إِنْ شَاءَ دَخَلَ خَلْفَ الْإِمَامِ الْمُقِيمِ فَصَلَّى أَرْبَعًا وَإِنْ شَاءَ صَلَّى وَحْدَهُ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَكُونُ مُخَيَّرًا فِي حَالِ انْفِرَادِهِ إِنْ شَاءَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ أَرْبَعًا قَالُوا وَلَوْ كَانَ فَرْضُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ مَا جَازَ لَهُ تَغْيِيرُ فَرْضِهِ بِالدُّخُولِ مَعَ الْمُقِيمِ فِي صَلَاتِهِ وَلَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلَفَ إِمَامٍ يُصَلِّى الظُّهْرَ إِلَى آخِرِهَا وَهَذَا بَيِّنٌ وَاضِحٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابن حِبَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي قُشَيْرٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَأْكُلُ أَوْ قال يطعم فقال إذن فَكُلْ فَقُلْتُ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامَ وَعَنِ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الشِّخِّيرِ وَعَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ الشِّخِّيرِ فَرَوَاهُ أَبُو عوانة عن أبي بشر عن هانىء بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ

أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْهِ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الْقُشَيْرِيِّ وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ فَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ جعفر بن عمرو ابن أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَرَوَاهُ أَبُو الْمُغِيرَةِ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ يَعْنِي عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ قَالَ قَدِمْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ فَقَالَ انْتَظِرِ الْغَدَاءَ يَا أَبَا أُمَيَّةَ فَقُلْتُ إِنِّي صَائِمٌ قَالَ ادْنُ مِنِّي حَتَّى أُخْبِرَكَ عَنِ الْمُسَافِرِ إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْهُ الصِّيَامَ وَنِصْفَ الصَّلَاةِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا

أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ مَرَّ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فِي مَجْلِسِنَا فَقَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَحَجَجْتُ مَعَهُ فَلَمْ يُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَشَهِدْتُ مَعَهُ الفتح فأقام بمكة ثمان عَشْرَةَ لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ لِأَهْلِ الْبَلَدِ صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ وَاعْتَمَرْتُ مَعَهُ ثَلَاثَ عُمَرٍ لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَةَ لَا تَنْقُلُ فَرْضًا عَنْ حَالِهِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ خَلْفَهُ مَنْ أَهَّلِ الْحَضَرِ صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ وَكَذَلِكَ قَالَ عُمَرُ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَيْضًا حِينَ صَلَّى بِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ لَهُمْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ فَلَمَّا لَمْ يَكُنِ اتِّبَاعُ الْإِمَامِ يَحْمِلُ الْمُقِيمَ إذا صلى خلف المسافر على أن يجتزىء بِرَكْعَتَيْنِ وَيَقْتَصِرَ عَلَى السَّلَامِ مَعَهُ لِأَنَّ كُلًّا عَلَى فَرْضِهِ وَكَانَ الْمُسَافِرُ إِذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ انْتَقَلَ حُكْمُهُ إِلَى حُكْمِ الْمُقِيمِ وَلَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا عَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَاجِبٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَرْضًا لَأَضَافَ الْمُسَافِرُ إِلَى رَكْعَتِهِ الَّتِي أَدْرَكَهَا مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ رَكْعَةً أُخْرَى وَاسْتَجْزَىَ بِذَلِكَ فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْقَصْرَ لِلْمُسَافِرِ سُنَّةٌ لَا فَرْضٌ ألا ترى

أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ جَائِزٌ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الْمُقِيمِ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَمَنِ اسْتَحْسَنَهُ كُلُّهُمْ يُجِيزُهُ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ بَلْ قَدْ قَالَ أَكْثَرُهُمْ إِنَّهُ إِذَا أَحْرَمَ الْمُسَافِرُ خَلْفَ الْمُقِيمِ قَبْلَ سَلَامِهِ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ صَلَاةُ الْمُقِيمِ وَعَلَيْهِ الْإِتْمَامُ فَلَوْ كَانَ الْقَصْرُ فَرْضًا وَاجِبًا مَا دَخَلَ الْمُسَافِرُ مَعَ الْمُقِيمِ فِي صَلَاتِهِ وَالْأَمْرُ فِي هَذَا وَاضِحٌ بَيِّنٌ لِمَنْ لَمْ يُعَانِدْ وَأُلْهِمَ رُشْدَهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ قَالَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا تَمَامٌ قَالَا وَالْوَتَرُ فِي السَّفَرِ مِنَ السُّنَّةِ فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ قَالَا إِنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ سُنَّةٌ كَمَا قَالَا إِنَّ الْوَتَرَ فِي السَّفَرِ مِنَ السُّنَّةِ وَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا وَابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَعَنْ عَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَقَدْ أَشْبَعْنَا هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ فِي كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ مَرَّةً فِي مُسَافِرٍ أَمَّ مُقِيمِينَ فَأَتَمَّ بِهِمُ الصَّلَاةَ جَاهِلًا وَمِنْهُمُ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ قَالَ أَرَى أَنْ يُعِيدُوا الصَّلَاةَ جَمِيعًا وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ يُعِيدُ مَا كَانَ فِي الْوَقْتِ وَمَا مَضَى وَقْتُهُ فلا إعادة عليه وقال ابن المواز فيمن صلى أربعا ناسيا لسفر أَوْ نَاسِيًا لِإِقْصَارِهِ أَوْ ذَاكِرًا فَلْيُعِدْ فِي الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ قَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ نَاسِيًا أَوْ ذَاكِرًا وَزَادَ أَوْ جَاهِلًا أَرْبَعًا إِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَوِ افْتَتَحَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فَأَتَمَّهُمَا أَرْبَعًا تَعَمُّدًا أَعَادَ أَبَدًا وَإِنْ كَانَ سَهْوًا سَجَدَ لسهوه وأجزأه وقال سحنون بل يعيد أبدال لِكَثْرَةِ السَّهْوِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَيْسَ كَسَهْوٍ مُجْتَمَعٍ عَلَيْهِ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَمَنْ أَتَمَّ فِي السَّفَرِ أَعَادَهَا مَقْصُورَةً مَا دَامَ فِي وَقْتِهَا إِلَى أَنْ يَنْوِيَ مَقَامًا فَيُعِيدُهَا كَامِلَةً مَا دَامَ فِي وَقْتِهَا قَالَ وَلَوْ صَلَّى مُسَافِرٌ بِمُسَافِرِينَ فَسَهَا فَقَامَ لِيُتِمَّ فَلْيَجْلِسْ مَنْ وَرَاءَهُ حَتَّى يُسَلِّمُوا بِسَلَامِهِ وَعَلَيْهِ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ أَحْسَبُهُ أَنَّهُ أَلْزَمَ هَذَا الْإِعَادَةَ لِأَنَّهُ سُبِّحَ بِهِ فَتَمَادَى فِي صَلَاتِهِ عَامِدًا عَالِمًا بِذَلِكَ وَأَمَّا إِنْ كَانَ سَاهِيًا فَلَا وَجْهَ لِأَمْرِهِ بِالْإِعَادَةِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مقيم

صَلَّى الظَّهْرَ خَمْسًا سَاهِيًا فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ وَذَكَرَ ابْنُ خُوَازِ مِنْدَادَ أَنَّ مَالِكًا يقول إن القصر في السفر مسلون غير وجاب وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قول مالك إن من أثم الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ إِلَّا فِي الْوَقْتِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَقَدْ حَكَى أَبُو الْفَرَجِ فِي كِتَابِهِ عَنْ أَبِي الْمُصْعَبِ عَنْ مَالِكٍ الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ سُنَّةٌ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ فَلَا مَعْنًى لِلِاشْتِغَالِ بِالِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ مَعَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْمُصْعَبِ أَنَّ الْقَصْرَ عِنْدَهُ سُنَّةٌ لَا فَرْضٌ قَالَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَرَى الْإِعَادَةَ عَلَى مَنْ أَتَمَّ فِي السَّفَرِ إِلَّا فِي الْوَقْتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا أَصَحُّ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَذَلِكَ أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ فِيهَا مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَالْأَثَرِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأُمَّا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ فَكَانَا يَقُولَانِ إِنْ شَاءَ الْمُسَافِرُ قَصَرَ وَإِنْ شَاءَ أَتَمَّ وَذَكَرَ أَبُو سَعْدٍ الْقَزْوِينِيُّ الْمَالِكِيُّ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ التَّخْيِيرُ لِلْمُسَافِرِ فِي الْإِتْمَامِ وَالْقَصْرِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْقَصْرُ وَلِذَلِكَ يَرَى عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ إِنْ أَتَمَّ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا صَلَّى الْمُسَافِرُ أَرْبَعًا فَإِنْ كَانَ قَعَدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ قدر التشهد صلاته تامة وإن لم يكن فقعد في الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عَلَى أُصُولِهِمْ فِي أَنَّ التَّشَهُّدَ وَالسَّلَامَ لَيْسَا بِوَاجِبَيْنِ وَالْجُلُوسُ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ عِنْدَهُمْ وَاجِبٌ وَبِهِ يَخْرُجُ عِنْدَهُمْ مِنَ الصَّلَاةِ وَلِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ مَنْ أَتَمَّ فِي السَّفَرِ أَعَادَ وَالْإِعَادَةُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ أُصُولِهِمْ أَبَدًا وَجَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ وَاجِبٌ لِأَنَّهُ قَالَ الرَّكْعَتَانِ لِلْمُسَافِرِ حَتْمٌ لَا يَصْلُحُ غَيْرُهُمَا وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَقَالَ مَرَّةً أَنَا أُحِبُّ الْعَافِيَةَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا السُّنَّةُ رَكْعَتَانِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا

باب الضاد

باب الضاد مَالِكٌ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ وَهُوَ ضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَازِنِيُّ النَّجَّارِيُّ مِنْ بَنِي مازن ابن النَّجَّارِ مِنَ الْأَنْصَارِ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو أُوَيْسٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بلال وغيرهم لمالك عنه حديثان مسندان

باب الضاد مَالِكٌ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ وَهُوَ ضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَازِنِيُّ النَّجَّارِيُّ مِنْ بَنِي مازن ابن النَّجَّارِ مِنَ الْأَنْصَارِ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو أُوَيْسٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَغَيْرُهُمْ لِمَالِكٍ عَنْهُ حَدِيثَانِ مُسْنَدَانِ

حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِمَالِكٍ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ مَالِكٌ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ سَأَلَ النعمان ابن بَشِيرٍ مَاذَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى إِثْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ قَالَ كَانَ يَقْرَأُ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ هَذَا حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ وقال فيه ابن عيينة عن ضمرة ابن سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قيس كتب الى النعمان ابن بَشِيرٍ أَخْبِرْنِي بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ هَكَذَا قَالَ كَتَبَ الضَّحَّاكُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ النُّعْمَانُ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حدثنا ابن

عُيَيْنَةَ فَذَكَرَهُ وَلَيْسَ مُخَالِفًا لِحَدِيثِ مَالِكٍ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ أَنَّ الضَّحَّاكَ سَأَلَ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَهُ بِالْكِتَابِ إِلَيْهِ وَرِوَايَةُ أَبِي أُوَيْسٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ كَرِوَايَةِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ النَّجَّارِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مسعود الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْفِهْرِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَأَلْنَاهُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعَ السُّورَةِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا الْجُمُعَةُ قَالَ كَانَ يَقْرَأُ فِيهَا هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَقُلْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِإِثْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ مَعَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ الْجُمُعَةِ وَفِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سُورَةُ الْجُمُعَةِ وَذَلِكَ كُلُّهُ مَعَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي ابْتِدَاءِ كُلِّ رَكْعَةٍ عَلَى مَا سَتَرَاهُ مُمَهَّدًا وَاضِحًا فِي بَابِ الْعَلَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يُقْرَأُ بِهِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ مَالِكٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْرَأَ الْإِمَامُ فِي الْجُمُعَةِ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ مَعَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ

وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى أَمَّا الَّذِي جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ فَـ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ مَعَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ النَّاسَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قَالَ أَبُو عُمَرَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ كِلْتَا السُّورَتَيْنِ قِرَاءَتُهُمَا حَسَنَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ مَعَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وأما الأولى فسورة الْجُمُعَةِ وَلَا سُورَةَ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وسبح اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ فَعَلَ وَقَرَأَ بِغَيْرِهِمَا فَقَدْ أَسَاءَ وَبِئْسَ مَا صَنَعَ وَلَا تَفْسُدُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ إِذَا قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ مَعَهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ وَيَسْتَحِبُّ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ أَلَا يَتْرُكَ سُورَةَ الْجُمُعَةِ عَلَى حَالٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَا قَرَأَ بِهِ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَحَسَنٌ وَسُورَةُ الْجُمُعَةِ وَغَيْرُهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَيَكْرَهُونَ أَنْ يُؤَقَّتَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ بِعَيْنِهِ

وقال الثوري لا يعتمد أَنْ يَقْرَأَ فِي الْجُمُعَةِ بِالسُّوَرِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْأَحَادِيثِ وَلَكِنَّهُ يَتَعَمَّدُهَا أَحْيَانًا وَيَدَعُهَا أَحْيَانًا قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَفِي الْعِيدِ أَيْضًا بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ عَنْ مِخْوَلِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَرَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فِي حَدِيثِهِ فِي هذا القباب فَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ ضَمْرَةَ مَا ذَكَرْنَا وَرَوَى حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وهل أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ

وَهَكَذَا رَوَى سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ وَشُعْبَةُ عَنْ ابراهيم ابن مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغاشية وسبح اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَإِذَا اجْتَمَعَ عِيدَانِ فِي يَوْمٍ قَرَأَهُمَا فِيهِمَا وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ زَيْدٍ وهو ابن عقبة عن سمر بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ بِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعلى وهل أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ خَالِدٍ قال

حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي مِخْوَلٌ قَالَ سَمِعْتُ مُسْلِمًا الْبَطِينَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي صلاة الصبح ألم تنزيل وهل أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ وَفِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سليمان ابن بِلَالٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ صَلَّى بِنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْجُمُعَةَ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَفِي الركعة الأخرى إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالَ فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ انْصَرَفَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّكَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيٌّ يَقْرَأُ بِهِمَا فِي الْكُوفَةِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهِمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ لِلنُّعْمَانِ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِفْهَامِ وَالِاسْتِخْبَارِ عَمَّا جَهِلَ مِنْ ذَلِكَ وَالنُّعْمَانُ أَصْغَرُ سِنًّا مِنَ الضَّحَّاكِ وَلَمْ يَزَلِ الصَّحَابَةُ يَأْخُذُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ مَالِكٌ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ (بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقَدٍ اللِّيثِيَّ مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطَرِ قال كان يقرأ ب قاف والقرآن المجيد واقتربت السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ يَحْتَمِلُ سُؤَالُ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعَ جَلَالَتِهِ لِأَبِي وَاقِدٍ عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الْعِيدَيْنِ لِيَعْلَمَ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ عِلْمٌ وَإِلَّا أَنْبَأَهُ بِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْعِيدَيْنِ تَكُونُ سِرًّا وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُسْمِعَ الْإِمَامُ قِرَاءَتَهُ مَنْ يَلِيهِ وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يكون عمر نسي ذلك أو أراد عام بعينه والله

أَعْلَمُ بِمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ وَمَوْضِعُ عُمَرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْرُوفٌ وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ أُولِي الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى الَّذِينَ كَانُوا يَلُونَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنِي ضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ خَرَجَ عُمَرُ يَوْمَ عِيدٍ فَسَأَلَ أَبَا وَاقَدٍ اللِّيثِيَّ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي هَذَا الْيَوْمِ فقال ب قاف وَاقْتَرَبَتْ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ لَمْ يَلْقَ عُمَرَ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ وَلِقَاءُ عُبَيْدِ اللَّهِ لِأَبِي وَاقِدٍ اللِّيثِيِّ غَيْرَ مَدْفُوعٍ وَقَدْ سَمِعَ عُبَيْدُ اللَّهِ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو دَاوُدَ فِي بَابِ مَا يُقْرَأُ بِهِ فِي الْعِيدَيْنِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ وَاخْتَلَفَتِ الْآثَارُ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِيهِ فَقَالَ مَالِكٌ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ ب والشمس وضحاها وسبح اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَنَحْوَهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ أبي واقد الليثي هذا في قاف واقتربت الساعة

وقال أبو حنيفة يقرأ فيهما سبح اسم ربك الأعلى وهل أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وَمَا قَرَأَ مِنْ شَيْءٍ أَجْزَأَهُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ ب سبح اسم ربك الأعلى وهل أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلُ ذَلِكَ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ وَكَانَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ يَقْرَأُ فيهما ب سبح اسم ربك الأعلى وإقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ وَلَيْسَ فِي هَذَا الباب وحديث سمرة ابن جُنْدُبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ بِ سَبِّحِ اسْمَ ربك الأعلى وهل أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وَحَدِيثُ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا جَمِيعًا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عمرة بْنِ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقرأ فِي الْعِيدِ بِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى

وَفِي الثَّانِيَةِ بِ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وَهَذَا أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ وَفِي اخْتِلَافِ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَا تَوْقِيتَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَا قَرَأَ بِهِ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ أَجْزَأَهُ إِذَا قَرَأَ فاتحة الكتاب

باب العين

باب العين (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ) وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بن عمر بن الخطاب يكنى عبد الرحمان وَكَانَ ثِقَةً رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَشُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ سَكَنَ الْمَدِينَةَ وَتُوفِّيَ بِهَا سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ هَكَذَا ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أُسَامَةَ بْنُ عبد الرحمان بْنِ أَبِي السَّمْحِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَابْنُ أَبِي نَجِيحٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ (رَسُولِ اللَّهِ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ حَدِيثَانِ وَعَنْ أبي صالح حديثان

باب العين (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ) وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بن عمر بن الخطاب يكنى عبد الرحمان وَكَانَ ثِقَةً رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَشُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ سَكَنَ الْمَدِينَةَ وَتُوفِّيَ بِهَا سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ هَكَذَا ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أُسَامَةَ بْنُ عبد الرحمان بْنِ أَبِي السَّمْحِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَابْنُ أَبِي نَجِيحٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ (رَسُولِ اللَّهِ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ حَدِيثَانِ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ حَدِيثَانِ

حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ فِيمَا عَلِمْتُ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ إِلَّا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْوَلَاءُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ ابن أَبِي سَلَمَةَ وَجَمَاعَةٌ يَطُولُ ذِكْرُهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرُوا عُمَرَ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ الماجشون عن

مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَذَلِكَ خَطَأٌ لَمْ يُتَابَعِ ابْنُ الْمَاجِشُونَ عَلَيْهِ وَالصَّوَابُ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ لَا عَنْ نَافِعٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ وَاخْتِلَافُهُمْ فِي بَيْعِ وَلَاءِ الْمُكَاتِبِ وَهِبْتِهِ أَوِ اشْتِرَاطِ الْمُكَاتِبِ لِوَلَاءِ نَفْسِهِ بَابٌ آخَرَ رَوَى قَتَادَةُ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِبَيْعِ الْوَلَاءِ إِذَا كَانَ مِنَ الْمُكَاتَبَةِ وَيَكْرَهُهُ إِذَا كَانَ مِنْ عِتْقٍ وَسُفْيَانُ وَحَمَّادٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ وَهَبَتْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَاءَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ مُكَاتِبًا وَمَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ لَا يُبَاعُ الْوَلَاءُ إِلَّا رَجُلٌ كُوتِبَ فَإِنِ اشْتَرَطَ فِي كِتَابَتِهِ أَنْ أُوَالِيَ مَنْ شِئْتُ فَهُوَ جَائِزٌ وَمَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مر

بِرَجُلٍ يُكَاتِبُ عَبْدًا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ اشْتَرِطْ وَلَاءَهُ قَالَ وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَلَاءَ مُكَاتِبِهِ وَالَى الْمُكَاتِبُ مَنْ شَاءَ حِينَ يُعْتَقُ وَقَالَ مَكْحُولٌ لَا يُبَاعُ الْوَلَاءُ إِلَّا أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا اشْتَرَطَ وَلَاءَهُ مَعَ رَقَبَتِهِ جَازَ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِثْلُهُ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ كَانَ عَطَاءُ يُجِيزُ هِبَةَ الْوَلَاءِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ فَقَالَ لَا يُبَاعُ الْوَلَاءُ وَلَا يُوهَبُ إِلَّا أَنَّ مَنْ أَذِنَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَتَوَلَّى مَنْ شَاءَ جَازَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ قُلْتُ لِعَطَاءٍ رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ سَيِّدُهُ أَنَّ وَلَاءَكَ لِي لِمَنْ وَلَاؤُهُ قَالَ لِسَيِّدِهِ وَقَالَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَلَاءُ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ لِنَفْسِهِ وَلَا أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَهُ إِذَا أَدَّى الْكِتَابَةَ إِلَيْهِ أَوْ إِلَى وَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا انْفَرَدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَاحْتَاجَ النَّاسُ فِيهِ إِلَيْهِ وَهُوَ حَدِيثٌ عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ إِجَازَةُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِجَازَةُ هِبَةِ الْوَلَاءِ وَلَمْ يُجِزْ بَيْعَهُ وَأَنَّ عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ وَهَبَ وَلَاءَ مَوْلًى له لابنه محمد دون عبد الرحمان وَأَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَضَى بِجَوَازِ هِبَةِ الْوَلَاءِ

وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ اشْتَرَى وَلَاءَ طَهْمَانَ وَبَنِيهِ لِبَنِي مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَرْثِ وَهَبَتْ وَلَاءَ مَوَالِيهَا لِلْعَبَّاسِ فَوَلَاؤُهُمْ لَهُمُ الْيَوْمَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّهَا وَهَبَتْ وَلَاءَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَاهَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ أن علقمة والأسود وأبا فضيلة وَابْنَ مَعْقِلٍ رَخَّصُوا لِسَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ أَنْ يَبِيعَ وَلَاءَ مَوْلًى لَهُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى عِبَادَتِهِ وَهَذَا عِنْدَ أَهْلِ العلم غير مَأْخُوذٌ بِهِ وَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ مَا يَرُدُّ قِصَّةَ مَيْمُونَةَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ قَالَ أَيَبِيعُ

أَحَدُكُمْ نَسَبَهُ وَهَذَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ يَرُدُّ مَا رُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْوَلَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ النَّسَبِ مَنْ أَحْرَزَ الْوَلَاءَ أَحْرَزَ الْمِيرَاثَ وَعَنْ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ عَلِيٍّ قَالَ لَا يُبَاعُ الْوَلَاءُ وَلَا يُوهَبُ وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سمع جابر ابن عَبْدِ اللَّهِ يَكْرَهُ بَيْعَ الْوَلَاءِ وَهِبَتَهُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَسَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُنْكِرُ بَيْعَ الْوَلَاءِ وَعَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ بَيْعَ الْوَلَاءِ وَيَكْرَهُهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً وَأَنْ يُوَالِيَ أَحَدٌ غَيْرَ مَوَالِيهِ وَأَنْ يَهَبَهُ وَعَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ دَاوُدَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَالنَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِ الْوَلَاءِ فِي بَابِ رَبِيعَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ شيء من ذلك ههنا

وَفِي نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ مَا يَشْهَدُ لِصِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَنَّ مَنْ خَالَفَهُ مَحْجُوجٌ لِأَنَّ الْحُجَّةَ بِهِ قائمة ما دام لَمْ يُرْوَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا يُخَالِفُهُ فَثَبَتَتِ الْحُجَّةُ بِهِ وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُنْكِرُ أَنْ يَتَوَلَّى أَحَدٌ غَيْرَ مَوْلَاهُ وَأَنْ يَهَبَ وَلَاءَهُ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَجُوزُ لِسَيِّدٍ أَنْ يَأْذَنَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ لِأَنَّهَا هِبَةُ الْوَلَاءِ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ وَقَدْ رَخَّصَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَتَوَلَّى الْمُعْتَقُ مَنْ شَاءَ إِذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فَمِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَعَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِحَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يَتَوَلَّى مَوْلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَمِمَّنْ قَالَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَلَاءِ وَلَا هِبَتُهُ مِنْ كِتَابَةٍ وَلَا غَيْرِهَا جَابِرٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَطَاوُسٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَسُوِيدُ ابن غَفْلَةَ وَالشَّعْبِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ وَعَلِيٌّ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يُوجِبُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ مَا بيع من الطعام حزافا وَبَيْنَ مَا بِيعَ مِنْهُ كَيْلًا أَنْ لَا يُبَاعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ حَتَّى يَقْبِضَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخُصَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ طَعَامًا مِنْ طَعَامٍ وَلَا حَالًا مِنْ حَالٍ وَلَا نَوْعًا مِنْ نَوْعٍ وَفِي ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا عَدَا الطَّعَامَ لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصَّ الطَّعَامَ بِالذِّكْرِ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَانِ مَوْضِعَانِ تَنَازَعَ

فِيهِمَا الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالِاعْتِلَالِ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا وَأَمَّا الطَّعَامُ الَّذِي لَا يُبَاعُ قَبْلَ الْقَبْضِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فَقَالَ مَالِكٌ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا مِنَ الْبَائِعِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ عينه أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مالك لا تبيع الْمِلْحَ وَالْكَسْبَرَ وَالشُّونِيزَ وَالتَّوَابِلَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَهَا قَالَ وَأَمَّا زَرِيعَةُ الْجَزَرِ وَزَرِيعَةُ السَّلْقِ وَالْكُرَّاثِ وَالْجِرْجِيرِ وَالْبَصَلِ وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِطَعَامٍ وَيَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَلَيْسَ كَزَرِيعَةِ الْفُجْلِ الَّذِي مِنْهُ الزَّيْتُ هَذَا طَعَامٌ لِأَنَّ الزَّيْتَ فِيهِ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ الطَّعَامُ كُلُّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ إِذَا اشْتُرِيَ كَيْلًا فَإِنِ اشْتُرِيَ جُزَافًا جَازَ وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَنَحْوِ الثِّيَابِ وَسَائِرِ الْعُرُوضِ الْعَقَارُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا مِمَّنِ اشْتَرَى مِنْهُ وَمَنْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَسْلَفَ فِيهَا يَجُوزُ بَيْعُهَا مِنَ الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِهِ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا بَاعَهَا مِمَّنْ

هِيَ عَلَيْهِ فِي السَّلَمِ لَمْ يَبِعْهَا إِلَّا بِمِثْلِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِأَقَلَّ لَا يُزَادُ عَلَى رَأْسِ مَالِهِ وَلَا يُؤَخِّرُهُ وَإِنْ بَاعَهُ مِنْهُ بِعَرَضٍ جَازَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَبَعْدَهُ إِذَا قَبَضَ الْعَرَضَ وَلَمْ يُؤَخِّرْهُ وَكَانَ الْعَرَضُ مُخَالِفًا لَهُمَا بَيِّنًا خِلَافُهُ هَذَا كُلُّهُ أَصْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَجُمْلَتُهُ وَأَمَّا فُرُوعُ هَذَا الْبَابِ وَنَوَازِلُهُ فَكَثِيرَةٌ جِدًّا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ كُتُبٌ مَعْرُوفَةٌ قَدْ أَكْثَرُوا فِيهَا مِنَ التَّنْزِيلِ وَالتَّفْرِيعِ عَلَى المذهب فمن أراد ذلك تأملها هناك وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الطَّعَامَ كُلَّهُ الْمَأْكُولَ وَالْمَشْرُوبَ غَيْرَ الْمَاءِ وَحْدَهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إِذَا بيع على الكيل أوالوزن لَا مِنَ الْبَائِعِ لَهُ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ لَا مِنْ سَلَمٍ وَلَا مِنْ بَيْعِ مُعَايَنَةٍ لَا بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ وَلَا بِأَقَلَّ وَجَائِزٌ عندهم إلا إقالة فِي الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى بِمِثْلِ رَأْسِ الْمَالِ سَوَاءً وَكَذَلِكَ الشَّرِكَةُ عِنْدَهُمْ وَالتَّوْلِيَةُ فِيهِ وَقَدْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ سَائِرُ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنَ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى وَلَا تَجُوزُ فِيهِ الْإِقَالَةُ وَلَا الشَّرِكَةُ وَلَا التَّوْلِيَةُ عِنْدَهُمْ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَالْإِقَالَةُ وَالشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ عِنْدَهُمْ بَيْعٌ وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُهُمُ الْإِقَالَةَ فَسْخُ بَيْعٍ وَلَمْ يَجْعَلْهَا بَيْعًا وَأَبَى ذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَخْتَلِفْ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ غَيْرَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي أَنَّ

الشَّرِكَةَ وَالتَّوْلِيَةَ فِي الطَّعَامِ لَا يَجُوزُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ التَّنَازُعِ فِي الْمَعَانِي فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي الْإِقَالَةِ جُمْلَةً هَلْ هِيَ فَسْخُ بَيْعٍ أَوْ بَيْعٌ فَقَالَ مَالِكٌ الْإِقَالَةُ بَيْعٌ مِنَ الْبُيُوعِ يُحِلُّهَا مَا يُحِلُّ الْبُيُوعَ وَيُحَرِّمُهَا مَا يُحَرِّمُ الْبُيُوعَ وهذا عنده إذا كان في الإقامة زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ أَوْ نَظِرَةٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَهِيَ بَيْعٌ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَجُوزُ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى إِذَا كَانَ قَدْ بِيعَ عَلَى الْكَيْلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْإِقَالَةِ زِيَادَةٌ وَلَا نُقْصَانٌ فَهِيَ عِنْدَهُ جَائِزَةٌ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى وَفِي غَيْرِ الطَّعَامِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ وَكَذَلِكَ التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا خَيْرَ فِي الْإِقَالَةِ عَلَى زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخُ بَيْعٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا وَأَبُو حَنِيفَةَ الْإِقَالَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ فَسْخٌ لَا يَقَعُ إِلَّا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ تَقَايَلَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ ثَمَنٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ الْإِقَالَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسْخٌ وَبَعْدَ الْقَبْضِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إِذَا كَانَتْ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَهُوَ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِنْ

كَانَتْ بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ بِأَقَلَّ فَهُوَ بَيْعٌ مُسْتَقْبَلٌ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ هِيَ بَيْعٌ مُسْتَقْبَلٌ بَعْدَ الْقَبْضِ وَتَجُوزُ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَبِثَمَنٍ آخَرَ وَقَالَ ابْنُ سَمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ إِذَا ذَكَرَ ثَمَنًا أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ غَيْرَ ثَمَنِهَا فَهِيَ بَيْعٌ بِمَا سَمَّى وَرَوَى أَصْحَابُ زُفَرَ عَنْ زُفَرَ قَالَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرَى الْإِقَالَةَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ فِي شَيْءٍ إِلَّا فِي الْإِقَالَةِ بَعْدَ تَسْلِيمِ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ فَيُوجِبُ الشُّفْعَةَ بِالْإِقَالَةِ وَقَالَ زُفَرُ لَيْسَتْ فِي الْإِقَالَةِ شُفْعَةٌ وَأَمَّا الْإِقَالَةُ فِي بَعْضِ السَّلَمِ فَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيلَ مِنْ بَعْضِ مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَيَأْخُذُ بَعْضَ رَأْسِ مَالِهِ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ إِذَا كَانَ السَّلَمُ طَعَامًا وَرَأْسُ الْمَالِ ثِيَابًا جَازَ أَنْ يُقِيلَهُ فِي بَعْضٍ وَيَأْخُذَ بَعْضًا وَإِنْ كَانَ السَّلَمُ ثِيَابًا مَوْصُوفَةً وَرَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ لَمْ تَجُزِ الْإِقَالَةُ فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ لِأَنَّهُ تَصِيرُ فِضَّةً بِفِضَّةٍ وَثِيَابٍ إِلَى أَجَلٍ وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ أَسْلَمَ ثِيَابًا فِي طَعَامٍ جَازَتِ الْإِقَالَةُ فِي بَعْضٍ وَيَرُدُّ حِصَّتُهُ مِنَ الثِّيَابِ وَإِنْ حَالَتْ أَسْوَاقُ الثِّيَابِ

وَلَيْسَتْ كَالدَّرَاهِمِ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا وَالثِّيَابُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا إِذَا رُدَّتْ فَلَوْ أَقَالَ مِنَ الْبَعْضِ جَازَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو الزِّنَادِ لَا يَجُوزُ لِمَنْ سَلَّمَ فِي شَيْءٍ أَنْ يُقِيلَ مِنْ بَعْضٍ وَيَأْخُذَ بَعْضًا وَلَمْ يُفَسِّرُوا هَذَا التَّفْسِيرَ وَلَا خَصُّوا شَيْئًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ جَائِزٌ أَنْ يُقِيلَ فِي بَعْضٍ وَيَأْخُذَ بَعْضًا فِي السَّلَمِ وَغَيْرِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مُوسَى وَعَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرَّجُلِ يَأْخُذُ بَعْضَ سَلَمِهِ وَبَعْضَ رَأْسِ مَالِهِ قَالَ ذَلِكَ الْمَعْرُوفُ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ جَابِرٍ الْجَعْفِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَنْ سَلَّمَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَأْخُذْ بَعْضَهُ سَلَفًا وَبَعْضَهُ عَيْنًا لِيَأْخُذْ سِلْعَتَهُ كُلَّهَا أَوْ رَأْسَ مَالِهِ أَوْ يُنْظِرْهُ وَرَوَى أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ إِذَا أَسْلَفْتَ فِي شَيْءٍ فَخُذِ الَّذِي أَسْلَفْتَ فِيهِ أَوْ رَأْسَ مَالِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا أَسْلَمَ رَجُلَانِ إِلَى رَجُلٍ ثُمَّ أَقَالَهُ أَحَدُهُمَا جَازَ فِي نَصِيبِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا أَسْلَمَ رَجُلَانِ إِلَى رَجُلٍ ثُمَّ أَقَالَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْآخَرُ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ السَّلَمِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَتَجُوزُ فِيهِ الشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ لِأَنَّ هَذَا مَعْرُوفٌ وَلَيْسَ بِبَيْعٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَجُوزُ التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ فِي السَّلَمِ وَلَا فِي الطَّعَامِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ الشَّرِكَةَ وَالتَّوْلِيَةَ بَيْعٌ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَرِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَعَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُقْبَضَ وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ فِي إِجَازَةِ ذَلِكَ أَنَّ الشَّرِكَةَ وَالتَّوْلِيَةَ عِنْدَهُ فِعْلُ خَيْرٍ وَمَعْرُوفٍ وَقَدْ نَدَبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَى فِعْلِ الْخَيْرِ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وَقَدْ لَزِمَ الشركة والتولية عنده اسم غير اسْمُ الْبَيْعِ فَلِذَلِكَ جَازَا فِي الطَّعَامِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَدْ أَجَازَ الْجَمِيعُ الْإِقَالَةَ بِرَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَالشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ كَذَلِكَ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُقْبَضَ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنَ الْبَائِعِ وَلَمْ يَتَكَامَلْ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ تَمَامُ مُلْكٍ فَيَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ قَالَ فَلِذَلِكَ قِسْنَا عَلَيْهِ بَيْعَ الْعُرُوضِ قَبْلَ أن يقبض لِأَنَّهُ بِيعُ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَرِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى مَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عمر فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَهُنَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يَقُولُ لَنَا فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ وَرَوَى مَالِكٌ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مروان يبايعه فكتب إليه بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ أَمَّا بَعْدُ لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ سَلَامٌ عَلَيْكَ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأُقِرُّ لَكَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فِيمَا اسْتَطَعْتُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَخْذِ الْبَيْعَةِ لِلْخُلَفَاءِ عَلَى الرَّعِيَّةِ

وَكَانَتِ الْبَيْعَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَنْ يُصَافِحَهُ الَّذِي يُبَايِعُهُ وَيُعَاقِدُهُ عَلَى السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَأَنْ لَا يُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ رَوَاهُ عُبَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِيهِ وَأَنْ يقوم أو يقول بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ لِأَنَّ اللَّهَ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَافِحُ النِّسَاءَ عِنْدَ الْبَيْعَةِ وَكَانَ يُصَافِحُ الرِّجَالَ وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا الْأَيْمَانُ الَّتِي يَأْخُذُهَا الْأُمَرَاءُ الْيَوْمَ عَلَى النَّاسِ فَشَيْءٌ مُحَدَثٌ وَحَسْبُكَ بِمَا فِي الْآثَارِ مِنْ أَمْرِ الْبَيْعَةِ حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ عَلَيْهِمْ فِي الْبَيْعَةِ أُمُورًا كَثِيرَةً مِنْهَا النُّصْحُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يَجِبُ عَلَى الرَّعِيَّةِ مِنْ نُصْحِ الْأَئِمَّةِ فِي بَابِ سُهَيْلٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ تُنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ الحديث ونذكر ههنا أَحَادِيثَ الْبَيْعَةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُهَا عَلَى أَصْحَابِهِ لِتَقِفَ عَلَى أَصْلِ هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ يُونُسَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَأَنْ أَنْصَحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قَالَ فَكَانَ إِذَا بَاعَ الشَّيْءَ أَوِ اشْتَرَاهُ قَالَ أَمَا إِنَّ الَّذِي أَخَذْنَا مِنْكَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا أَعْطَيْنَاكَ فَاخْتَرْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَفِرَاقِ الْمُشْرِكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي نُجَيْلَةَ الْبَجَلِيِّ قَالَ قَالَ جَرِيرٌ أَتَيْتُ

النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ يُبَايِعُ النَّاسَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ وَاشْرُطْ عَلَيَّ فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِالشَّرْطِ قَالَ أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتُنَاصِحَ الْمُسْلِمَ وَتُفَارِقَ الْمُشْرِكَ وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدِّينُ النَّصِيحَةُ فِي بَابِ سُهَيْلٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ الْمَذْكُورُ ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ وَفِيهِ بَيَانُ مَا ذَكَرْنَا وَمِثْلُهُ مَا قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عبد الرحمان الدِّمَشْقِيُّ أَبُو أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمَا بَايَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمَا ابْنَا سَبْعِ سِنِينَ فَلَمَّا رَآهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَسَّمَ وَبَسَطَ يَدَهُ وَبَايَعَهُمَا وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ

وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَصْبَهَانِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بَعْدَ هَلَاكِ أَبِي بَكْرٍ فَقُلْتُ ارْفَعْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى مَا بَايَعْتُ عَلَيْهِ صَاحِبَيْكَ مِنْ قَبْلُ أَعْنِي النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَبَا بَكْرٍ فَبَايَعْتُهُ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِيمَا اسْتَطَعْتُ وَذَكَرَ سُنَيْدٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ قَالَ نَزَلَتْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ أَبِي جُرَيْجٌ بَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُبَايِعُوهُ على الموت

وَذَكَرَ سُنَيْدٌ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الشَّعْبِيِّ أَنَّ أَبَا سِنَانِ بْنَ وَهْبٍ الْأَسْدِيَّ بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ فَقَالَ لَهُ عَلَامَ تُبَايِعُنِي قَالَ أَبُو سِنَانٍ عَلَى مَا فِي نَفْسِكَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَكَانُوا بَايَعُوهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَنْ لَا يَفِرُّوا قَالَ وَقَالَ غَيْرُ هُشَيْمٍ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنِ الشَّعْبِيِّ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ أَبُو سِنَانِ بْنُ مِحْصَنٍ الْأَسْدِيُّ قَالَ سُنَيْدٌ وَحَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ عُثْمَانَ انْطَلَقَ فِي حَاجَةِ اللَّهِ وَحَاجَةِ رَسُولِهِ وَأَنَا أُبَايِعُهُ فَصَفَّقَ بِيَدِهِ عَلَى الْأُخْرَى قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُبَايَعَةَ مِنْ شَأْنِهَا الْمُصَافَحَةُ وَلَمْ تَخْتَلِفِ الْآثَارُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَايَعَ النِّسَاءَ لَمْ يُصَافِحْهُنَّ قَالَ سُنَيْدٌ وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ سَمِعَهُ يَقُولُ كُنَّا بِالْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً فَبَايَعْنَاهُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ آخِذٌ بِيَدِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَهِيَ

سَمُرَةٌ قَالَ فَبَايَعْنَاهُ غَيْرَ الْجِدِّ بْنِ قَيْسٍ اخْتَبَأَ تَحْتَ بَطْنِ بَعِيرِهِ قِيلَ لِجَابِرٍ هَلْ بَايَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَالَ لَا وَلَكِنَّهُ صَلَّى بِهَا وَلَمْ يُبَايِعْ عِنْدَ شَجَرَةٍ إِلَّا عِنْدَ الشَّجَرَةِ الَّتِي عِنْدَ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ وَسُئِلَ جَابِرٌ كَيْفَ بَايَعُوا قَالَ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ وَلَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَاءَ عَبْدٌ لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ أَحَدِ بَنِي أَسَدٍ يَشْتَكِي سَيِّدَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ فَقَالَ لَهُ كَذَبْتَ لَا يَدْخُلُهَا إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ قَالَ سُنَيْدٌ وَحَدَّثَنَا مُبَشِّرٌ الْحَلَبِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي الْعَقِيبِ قَالَ شَهِدْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُبَايِعُ النَّاسَ بَعْدَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَجْتَمِعُ عِنْدَهُ الْعِصَابَةُ فَيَقُولُ لَهُمْ أَتُبَايِعُونَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ ثُمَّ لِلْأَمِيرِ فَيَقُولُونَ نَعَمْ قَالَ فَتَعَلَّمْتُ شَرْطَهُ هَذَا وَأَنَا كَالْمُحْتَلِمِ أَوْ فَوْقَهُ فَلَمَّا خَلَا مَنْ عِنْدَهُ أَتَيْتُهُ فَابْتَدَأْتُهُ فَقُلْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ ثُمَّ لِلْأَمِيرِ فَصَعَّدَ فِيَّ الْبَصَرَ وَصَوَّبَ وَرَأَيْتُهُ أَعْجَبَهُ

قَالَ وَحَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عُمَرَ أَوْ عَمْرِو بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَأَنَا غُلَامٌ فَبَايَعْتُهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ هِيَ لَنَا وَهِيَ عَلَيْنَا فَضَحِكَ وَبَايَعَنِي وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سمعت موسى بن طلحة قال بعث في أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ وَأَنَا فِي الْأَسَارَى فَانْطَلَقْتُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ فَقَالَ أَتُبَايِعُ وَتَدْخُلُ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ هَكَذَا وَمَدَّ يَدَهُ فَبَسَطَهَا قَالَ فَبَايَعْتُهُ ثُمَّ قَالَ ارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ وَمَالِكَ قَالَ فَلَمَّا رَآنِي النَّاسُ قَدْ خَرَجْتُ جَعَلُوا يَدْخُلُونَ فَيُبَايِعُونَ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ كَثِيرٌ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَيْعَةِ وَالْمُصَافَحَةِ بِهَا عِنْدَ ذِكْرِ بَيْعَةِ النِّسَاءِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ لَمَّا قَدِمَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ أَتَتِ الْأَحْيَاءُ يُبَايِعُونَهُ فَأَتَى بَنُو سَلَمَةَ وَلَمْ آتِ مَعَهُمْ فَقَالَ لَا أُبَايِعُكُمْ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَيَّ جَابِرٌ قَالَ فَأَتَانِي قَوْمِي فَنَاشَدُونِي

اللَّهَ فَقُلْتُ لَهُمْ أَنْظِرُونِي فَأَتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ فَاسْتَشَرْتُهَا فِي الْخُرُوجِ إِلَيْهِ فَقَالَتْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهَا بَيْعَةَ ضَلَالَةٍ وَلَكِنْ قَدْ أَمَرْتُ أَخِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ أَنْ يَأْتِيَهُ فَيُبَايِعَهُ كَأَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَحْقِنَ دَمَهُ قَالَ جَابِرٌ فَأَتَيْتُهُ فَبَايَعْتُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَذَا قَالَ أَخِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ وَصَوَابُهُ ابْنَ أَخِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ وَلَمْ يُدْرِكْ أَخُوهَا الْحَرَّةَ تُوفِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ وَبِهِ عَنِ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الَّذِينَ بَايَعُوا الْمُخْتَارَ الْكَذَّابَ فَقَالَ تَخَافُ عَلَيْنَا مِنْ بَيْعَتِنَا لِهَذَا الرَّجُلِ فَقَالَ مَا أُبَالِي أَبَايَعْتُهُ أَوْ بَايَعْتُ هَذَا الْحَجَرَ إِنَّمَا الْبَيْعَةُ فِي الْقَلْبِ إِنْ كُنْتَ مُنْكِرًا لِمَا قول فَلَيْسَ عَلَيْكَ مِنْ بَيْعَتِكَ بَأْسٌ

تابع لحرف العين

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الأذان للصبح قبل الفجر وقد مضىالقول فِي ذَلِكَ وَمَا فِيهِ مِنَ التَّنَازُعِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَاخْتِلَافِ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ سَالِمٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَكَذَلِكَ مَضَى الْقَوْلُ هُنَاكَ فِي سَائِرِ مَعَانِي هذا الحديث فلا معنى لإعادة ذلك ههنا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا وَذَكَرَ سُفْيَانُ

أَمَا إِنَّهُ فَارَقَنِي عَلَى أَنْ لَا يَشْرَبَ النَّبِيذَ قُلْتُ أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِلَالًا أَنْ يُعِيدَ الْأَذَانَ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا قُلْتُ إِنَّهُ قَدْ أَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْأَذَانَ قَالَ لَمْ يَزَلِ الْأَذَانُ عِنْدَنَا بِلَيْلٍ ثُمَّ قَالَ لَمْ يَأْخُذْ أَوَّلُونَا عَنْ أُولَاكُمْ قَدْ كَانَ عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَمَسْرُوقٌ فَلَمْ يَأْخُذْ عَنْهُمْ أَحَدٌ مِنَّا فَكَذَلِكَ آخِرُونَا لَا يَأْخُذُونَ عَنْ أُخْرَاكُمْ

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا ذُكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا بَايَعَ قَالَ لَا خِلَابَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُقَالُ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ هُوَ مُنْقِذُ بْنُ حَيَّانَ وَذَلِكَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ

عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ مُنْقِذًا شَجَّ فِي رَأْسِهِ مَأْمُومَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَخَبَلَتْ لِسَانَهُ فَكَانَ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ وَمَرَّةً قَالَ إِذَا بَايَعَ خُدِعَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعْ وَقُلْ لَا خِلَابَةَ ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا مِنْ بَيْعِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَسَمِعْتُهُ إِذَا بَايَعَ يقول لا خيابة لا خيابة وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ أَنَّ جَدَّهُ مُنْقِذًا كَانَ قَدْ أَتَى عَلَيْهِ سَبْعُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ فَكَانَ إِذَا بَاعَ غُبِنَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ وَأَنْتَ بِالْخِيَارِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو ثَوْرٍ الْكَلْبِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْخَفَّافُ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ

أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يَبْتَاعُ وَكَانَ فِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ زَادَ عَبْدُ الْوَارِثِ فِي حَدِيثِهِ قَالَ قَالَ الْخَفَّافُ فِي عُقْدَتِهِ يَعْنِي فِي عَقْلِهِ فَأَتَى أَهْلُهُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ احْجُرْ عَلَى فُلَانٍ إِنَّهُ يَبْتَاعُ وَفِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ فَدَعَاهُ نَبِيُّ اللَّهِ فَنَهَاهُ عَنِ الْبَيْعِ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي لَا أَصْبِرُ عَلَى الْبَيْعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْ كُنْتَ غَيْرَ تَارِكٍ لِلْبَيْعِ فَقُلْ هَاءَ وَهَاءَ وَلَا خِلَابَةَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ هَذَا خُصُوصٌ فِي ذَلِكَ الرَّجُلِ وَحْدَهُ بِعَيْنِهِ جَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخِيَارَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ يَشْتَرِيهَا شَرَطَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ خَصَّهُ بِذَلِكَ لِضَعْفِهِ وَلِمَا شَاءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ خِلَابَتُهُ وَخَدِيعَتُهُ وَإِنْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَخُصَّ هَذَا بِأَنْ لَا يُخْدَعَ فَيُؤْخَذَ مِنْهُ فِي السِّلْعَةِ أَكْثَرُ مِمَّا تُسَاوِي وَأَمَّا الْخَدِيعَةُ وَالْخِلَابَةُ الَّتِي فِيهَا الْغِشُّ وَسَتْرُ الْعُيُوبِ فَمَحْظُورَةٌ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ وَلَكِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ فِيهَا وَلِلْمُشْتَرِي

إِذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ الْخِيَارُ فِي الِاسْتِمْسَاكِ أَوِ الرَّدِّ عَلَى حَسَبِ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ مِمَّا نُقِلَ عَنْهُ فِي قِصَّةِ الْمُصَرَّاةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ آخَرُونَ كُلُّ مَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُنْقِذٍ مِنَ الْخِيَارِ فِيمَا اشْتَرَاهُ وَمَا جَعَلَ لَهُ فِي أَنْ لَا يُخْدَعَ شَرْطًا يَشْتَرِطُهُ بِقَوْلِهِ لَا خِلَابَةَ فَجَائِزٌ اشْتِرَاطُهُ الْيَوْمَ لِكُلِّ النَّاسِ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا شَرَطَ عَلَى بَائِعِهِ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِيمَا ابْتَاعَهُ مِنْهُ ثَلَاثًا وَقَالَ لَهُ إِنَّكَ مَتَى مَا خَدَعْتَنِي فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ وَبَانَتْ خَدِيعَتُكَ لِي فِيهَا فَأَنَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِنْ شِئْتُ أَمْسَكْتُ وَإِنْ شِئْتُ رَدَّدْتُ كَانَ لَهُ شرطه وذلك جائز وله الخيار على حسبما اشْتَرَطَ وَأَمَّا الْقَوْلُ فِي اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ ثَلَاثًا وَمَا فَوْقَهَا وَدُونَهَا مِنَ الْمُدَّةِ فَقَدْ مَضَى مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا

الحديث السادس

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ إِلَى الْمَشْرِقِ يَقُولُ هَا إِنَّ الفتنة ههنا إن الفتنة ههنا مِنْ حَيْثِ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا فِي لَفْظِهِ وَقَدْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ إِلَى الْمَشْرِقِ يَقُولُ هَا إن الفتنة ههنا إن الفتنة ههنا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ

فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِخْبَارِهِ بالغيب عما يكون بعده والفتنة ههنا بمعنى الفتن لأن الواحدة ههنا تَقُومُ مَقَامَ الْجَمِيعِ فِي الذِّكْرِ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الْفِتْنَةِ لَيْسَا إِشَارَةً إِلَى مَعْهُودٍ وَإِنَّمَا هُمَا إِشَارَةٌ إِلَى الْجِنْسِ مِثْلَ قَوْلِهِ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِقْبَالِ الْفِتَنِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ وَكَذَلِكَ أَكْثَرُ الْفِتَنِ مِنَ الْمَشْرِقِ انْبَعَثَتْ وَبِهَا كَانَتْ نَحْوَ الْجَمَلِ وَصِفِّينِ وَقَتْلِ الْحُسَيْنِ وغير ذلك مما يطول ذَكَرَهُ مِمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْفِتَنِ بِالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ إِلَى الْيَوْمِ وَقَدْ كَانَتِ الْفِتَنُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي الْإِسْلَامِ وَلَكِنَّهَا بِالْمَشْرِقِ أَكْثَرُ أَبَدًا وَمِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْفِتْنَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنَاهَا الْكُفْرُ وَكَانَتِ الْمَشْرِقُ يَوْمَئِذٍ دَارَ كُفْرٍ فَأَشَارَ إِلَيْهَا وَالْفِتْنَةُ لَهَا وُجُوهٌ فِي اللُّغَةِ مِنْهَا الْعَذَابُ وَمِنْهَا الْإِحْرَاقُ وَمِنْهَا الْحُرُوبُ الَّتِي تَقَعُ بَيْنَ النَّاسِ وَمِنْهَا الِابْتِلَاءُ وَالِامْتِحَانُ وَغَيْرُ ذَلِكَ على حسبما قَدْ ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ فَقَدْ مَضَى الْقَوْلَ فِيهِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الصَّنَابِحِيِّ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا

الحديث السابع

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بن الحجاج حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ كَافِرٌ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَامِلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ قَالُوا

حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ كَافِرٌ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَطِيَّةَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ زَنْبَرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا سَمَّى الرَّجُلُ الْآخَرَ كَافِرًا فَقَدْ كَفَرَ أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ الَّذِي قِيلَ لَهُ كَافِرٌ فَقَدْ صَدَقَ صَاحِبُهُ كَمَا قَالَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَمَا قَالَ فَقَدْ بَاءَ الَّذِي قَالَ بِالْكُفْرِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ سَوَاءً وَالْحَدِيثُ لِمَالِكٍ عَنْهُمَا جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحٌ وَالْمَعْنَى فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ النَّهْيُ عَنْ أَنْ يُكَّفِرَ الْمُسْلِمُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ بِذَنْبٍ أَوْ بِتَأْوِيلٍ لَا يُخْرِجُهُ مِنَ الْإِسْلَامِ عِنْدَ الْجَمِيعِ فَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْ تَكْفِيرِ الْمُسْلِمِ

فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ بِلَفْظِ الْخَبَرِ دُونَ لَفْظِ النَّهْيِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَمَعْرُوفٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا قَالَ أَرَى ذَلِكَ فِي الْحَرُورِيَّةِ فَقُلْتُ لَهُ أَفَتَرَاهُمْ بِذَلِكَ كُفَّارًا فَقَالَ مَا أَدْرِي مَا هَذَا وَمِثْلُ قوله صلى الله عليه وسلم من قال لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ وَقَوْلُهُ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ مِنَ الْآثَارِ الَّتِي وَرَدَتْ بِلَفْظِ التَّغْلِيظِ وَلَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ وَالْعِلْمِ لِأُصُولٍ تَدْفَعُهَا أَقْوَى مِنْهَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا وَالْآثَارِ الثَّابِتَةِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَهَذَا بَابٌ يَتَّسِعُ الْقَوْلُ فيه ويكثر فنذكر منه ههنا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ إِنْ شَاءَ

اللَّهُ وَقَدْ ضَلَّتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فِي هَذَا الْبَابِ فَاحْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآثَارِ وَمِثْلِهَا فِي تَكْفِيرِ الْمُذْنِبِينَ وَاحْتَجُّوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ بِآيَاتٍ لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا مِثْلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ وَقَوْلِهِ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ وَقَوْلِهِ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ وَقَوْلِهِ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ وَقَوْلِهِ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا وَنَحْوِ هَذَا وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ قَالَ لَيْسَ بِكُفْرٍ يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ وَلَكِنَّهُ كَفْرٌ دُونَ كُفْرٍ وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَعْنَى الْكُفْرِ فِي اللُّغَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرَ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِمَنْ لم يتب لأن الشرك ممن تَابَ مِنْهُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَانْتَهَى عَنْهُ غُفِرَ لَهُ كَمَا تُغْفَرُ الذُّنُوبُ كُلُّهَا بِالتَّوْبَةِ جَمِيعًا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ

وَقَدْ وَرَدَتْ آيَاتٌ فِي الْقُرْآنِ مُحْكَمَاتٌ تَدُلُّ أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ أَحَدٌ إِلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ والعناد منها قول الله عز وجل يا أهل الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وأنتم تعلمون ويا أهل الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ وقوله يقولون عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ وَقَوْلُهُ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَقَوْلُهُ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ إِلَى قَوْلِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ثُمَّ قَالَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يا موسى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ثُمَّ قَالَ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ثُمَّ ذَكَرَ الْأُمَمَ فَقَالَ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ ثُمَّ ذَكَرَ الْأُمَمَ فَقَالَ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رسول

إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ وَلِذَلِكَ قَالَ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا وَقَالَ وَإِذْ قَالَ موسى لقومه يا قوم لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ وَقَالَ وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَقَالَ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَقَالَ بَلْ جاء بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ وَقَالَ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلاهه هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَقَالَ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ وَقَالَ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ الْآيَةَ وَقَالَ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى وَقَالَ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ إِلَى آيَاتٍ كَثِيرَةٍ فِي مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى مُعَانَدَةِ الْكُفَّارِ وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا كَفَرُوا بِالْمُعَانَدَةِ وَالِاسْتِكْبَارِ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا كُنَّا

مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا وَقَوْلُهُ وَمَا كَانَ الله ليضل قوما بعد إذ هادهم حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا فَهُوَ فِي النَّارِ وَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي بَعْضِ الْكَبَائِرِ حُدُودًا جَعَلَهَا طُهْرَةً وَفَرَضَ كَفَارَّاتٍ فِي كِتَابِهِ لِلذُّنُوبِ مِنَ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِمَا يُرْضِيهِ فَجَعَلَ عَلَى الْقَاذِفِ جَلْدَ ثَمَانِينَ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ بِقَذْفِهِ كَافِرًا وَجَعَلَ عَلَى الزَّانِي مِائَةً وَذَلِكَ طُهْرَةً لَهُ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّتِي رَجَمَهَا لَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ ذُنُوبِهَا كَيَوْمِ وَلَدَتْهَا أُمُّهَا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَهُوَ لَهُ كَفَّارَةٌ وَمَنْ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ حَدُّهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَمَا لَمْ يَجْعَلْ فِيهِ حَدًّا فَرَضَ فِيهِ التَّوْبَةَ مِنْهُ وَالْخُرُوجَ عَنْهُ إِنْ كَانَ ظُلْمًا لِعِبَادِهِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ السُّنَنِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى تَكْفِيرِ أَحَدٍ بِذَنْبٍ وَقَدْ أَحَاطَ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْعُقُوبَاتِ عَلَى الذُّنُوبِ كَفَّارَاتٌ وَجَاءَتْ بِذَلِكَ السُّنَنُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا جَاءَتْ

بِكَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ وَالظِّهَارِ وَالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُذْنِبَ وَإِنْ مَاتَ مُصِرًّا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَهُوَ الْمُسْلِمُ لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِ وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّدَمُ تَوْبَةٌ رَوَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إِلَّا وَقَدْ أَخْطَأَ أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ إِلَّا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّاءَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ وَتَسْتَغْفِرُونَ لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ وَيَسْتَغْفِرُونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ لِعِبَادِهِ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الْأَوَّلِ ... إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمَّا ... وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا

فَهَذِهِ الْأُصُولُ كُلُّهَا تَشْهَدُ عَلَى أَنَّ الذُّنُوبَ لَا يُكَفَّرُ بِهَا أَحَدٌ وَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ النَّهْيُ عَنْ أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ لِأَخِيهِ كَافِرٌ أَوْ يَا كَافِرُ قِيلَ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ هَلْ كُنْتُمْ تُسَمُّونَ شَيْئًا مِنَ الذُّنُوبِ كُفْرًا أَوْ شِرْكًا أَوْ نِفَاقًا قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ وَلَكِنَّا نَقُولُ مُؤْمِنِينَ مُذْنِبِينَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَابِرٍ مِنْ وُجُوهٍ وَمِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ قُلْتُ لِجَابِرٍ أَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ كَافِرٌ قَالَ لَا قُلْتُ فَمُشْرِكٌ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ وَفَزِعَ وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ يَا فَاسِقُ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ يَنْهَيَانِ عَنْ تَفْسِيقِ الْمُسْلِمِ وَتَكْفِيرِهِ بِبَيَانٍ لَا إِشْكَالَ فِيهِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ الصَّحِيحِ الَّذِي لَا مِدْفَعَ لَهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ عَقْدُ الْإِسْلَامَ فِي وَقْتٍ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا أَوْ تَأَوَّلَ تَأْوِيلًا فَاخْتَلَفُوا بَعْدُ فِي خُرُوجِهِ مِنَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِلَافِهِمْ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ مَعْنًى يُوجِبُ حُجَّةً وَلَا يُخْرِجُ مِنَ الْإِسْلَامِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ إِلَّا بِاتِّفَاقٍ آخَرَ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ لَا مُعَارِضَ لَهَا

وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةُ وَهُمْ أَهْلُ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ عَلَى أَنَّ أَحَدًا لَا يُخْرِجُهُ ذَنْبُهُ وَإِنْ عَظُمَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَخَالَفَهُمْ أَهْلُ الْبِدَعِ فَالْوَاجِبُ فِي النَّظَرِ أَنْ لَا يُكَفَّرَ إلا ن اتفق الجميع على تكفيره أوقام عَلَى تَكْفِيرِهِ دَلِيلٌ لَا مِدْفَعَ لَهُ مِنْ كِتَابٍ أَوَسُنَّةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَيْ قَدِ احْتَمَلَ الذَّنْبَ فِي ذَلِكَ الْقَوْلِ أَحَدُهُمَا قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بَاءَ بِذَنْبِهِ أَيِ احْتَمَلَهُ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَقَوْلُهُ فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مبينا المعنى فِي قَوْلِهِ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا يُرِيدُ أَنَّ الْمَقُولَ لَهُ يَا كَافِرُ إِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدِ احْتَمَلَ ذَنْبَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَائِلِ لَهُ ذَلِكَ لِصِدْقِهِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَقَدْ بَاءَ الْقَائِلُ بِذَنَبٍ كَبِيرٍ وَإِثْمٍ عَظِيمٍ وَاحْتَمَلَهُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ وَهَذَا غَايَةٌ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ وَالنَّهْيِ عَنْ أَنْ يُقَالَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ يَا كَافِرُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا

قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ أَوْ أَنْتَ كَافِرٌ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا رَجَعَتْ إِلَى الْأَوَّلِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي الْبِرْتِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنَ يَعْمُرَ أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ الدُّئِلِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ لَا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بِالْفِسْقِ أَوْ بِالْكُفْرِ إِلَّا رُدَّتْ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ وَمُوسَى ابن مُعَاوِيَةَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا

أَبُو عَمْرٍو عُبَيْدُ بْنُ عَقِيلٍ قَالَ سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ حَازِمٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَيْتَ شِعْرِي مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ وَهُوَ مِمَّنْ تَسُرُّهُ حسنته وتسؤه سَيِّئَتُهُ لِأَيِّ شَيْءٍ تَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ أَوْلَى مِنَ الشَّهَادَةِ لَهُ بِالْإِيمَانِ وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَمَلَ مِثْلَ قُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً ثُمَّ لَقِيَنِي لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا جَعَلْتُ له مثلها مغفرة ورواه شبعة عَنْ وَاصِلٍ عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُهُ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنَّا نَشْهَدُ عَلَى أَهْلِ الْمُوجِبَتَيْنِ بِالْكُفْرِ حَتَّى نَزَلَتْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرَ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حدثنا أبو عبد الرحمان المقرئ قال حدثنا عبد الرحمان بن

زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن بين يدي الرحمان لَلَوْحًا فِيهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَ عَشْرَةَ شَرِيعَةً يَقُولُ الرحمان وعزتي لا يأتني عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَهُوَ لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا إِلَّا أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قال حدثا زيد بن الحباب قال حدثني عبد الرحمان بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْجَنْبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَنَّةُ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عن سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ فَرْوَةَ بن مالك

الْأَشْجَعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِظِئْرٍ لَهُ أَوْ لِرَجُلٍ مِنْ أهله إقرأ بقل يأيها الْكَافِرُونَ عِنْدَ مَنَامِكَ فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا قَرَأَ عَلَيْهِمُ الْآيَةَ فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مِنْ أَصَحِّ حَدِيثٍ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَهُوَ يُضَاهِي قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرَ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَالْآثَارُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ جِدًّا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُحِيطَ بِهَا كِتَابٌ فَالْأَحَادِيثُ اللَّيِّنَةُ تُرْجَى وَالشَّدِيدَةُ تُخْشَى وَالْمُؤْمِنُ مَوْقُوفٌ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَالْمُذْنِبُ إِنْ لَمْ

يَتُبْ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرَ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ فَالْقَلِيلُ يكفيه

يَتُبْ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرَ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ فَالْقَلِيلُ يكفيه

الحديث الثامن

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرَسٍ وَقَالَ مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ كُلِّهِ فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ شَيْءٍ مِنْ ذلك ههنا

الحديث التاسع

حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَنْ يُهِلُّوا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَهْلُ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنَ قَرْنٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَمَّا هَؤُلَاءِ الثَّلَاثُ فَسَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا (مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا معنى لإعادة شيء من ذلك ههنا) والحمد لله

الحديث العاشر

حَدِيثٌ عَاشِرٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ مَنْ قَتَلَهُنَّ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ الْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ قَدْ سَلَفَ الْقَوْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْعَبًا كَامِلًا فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا

الحديث الحادي عشر

حَدِيثٌ حَادِيَ عَشْرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ ذِكْرُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تُصِيبُهُ جَنَابَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَرَوَتْهُ طَائِفَةٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمَعْنَى سَوَاءٌ وَرَوَاهُ إِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى الطَّبَّاعِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَتَابَعَهُ قَوْمٌ

وَالْحَدِيثُ لِمَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَنَافِعٍ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ لِأَنَّهُ قَدْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الطَّبَّاعُ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ القطواني وعبد الرحمان بْنُ غَزْوَانَ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُفَيْرٍ وَابْنِ بُكَيْرٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْمَحْفُوظَ فِيهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَحَدِيثُ نَافِعٍ عِنْدَهُمْ كَالْمُسْتَغْرَبِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الطَّرَسُوسِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَا رَسُولَ الله أينام أحدنا وهو جنب قال نعم إِذَا تَوَضَّأَ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَذَكَرَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْوُضُوءُ لِلْجُنُبِ عِنْدَ النَّوْمِ وَغَسْلُ الذَّكَرِ مَعَ الوضوء أيضا

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إِيجَابِ الْوُضُوءِ عِنْدَ النَّوْمِ عَلَى الْجُنُبِ فَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى إِيجَابِ الْوُضُوءِ عِنْدَ النَّوْمِ وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى النَّدْبِ وَالِاسْتِحْسَانِ لَا عَلَى الْوُجُوبِ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَأْمُورَ بِهِ الْجُنُبُ هُوَ غَسْلُ الْأَذَى مِنْهُ وَغَسْلُ ذَكَرِهِ وَيَدَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَنَامُ الْجُنُبُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ قَالَ وَلَهُ أَنْ يُعَاوِدَ أَهْلَهُ وَيَأْكُلَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِ قَذَرٌ فَيَغْسِلَهَا قَالَ وَالْحَائِضُ تَنَامُ قَبْلَ أَنْ تَتَوَضَّأَ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا كُلِّهِ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يَنَامَ الْجُنُبُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَأَحَبُّ إِلَيْهِمْ أَنْ يَتَوَضَّأَ قَالَ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ مَضْمَضَ وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الْحَائِضُ وَالْجُنُبُ إِذَا أَرَادَا أَنْ يَطْعَمَا غَسَلَا أَيْدِيَهُمَا وَقَالَ اللَّيْثُ لَا يَنَامُ الْجُنُبُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي هَذَا فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا الْأَمْرُ بِالْوُضُوءِ وَغَسْلِ الذَّكَرِ لِلْجُنُبِ عِنْدَ النَّوْمِ إِلَّا أَنَّ فِي

حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ وَهَذَا مُحْتَمِلٌ لِلتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ اغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ ثُمَّ نَمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَمَّا كَانَ الْوُضُوءُ لِلْجُنُبِ لَا يَرْفَعُ لَهُ الْحَدَثَ عَنْهُ لَمْ يُبَالِ أَكَانَ غَسَلَ ذَكَرَهُ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوُضُوءٍ يَنْقُضُهُ الْحَدَثُ لِأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ أَكْثَرُ مِنْ مَسِّ ذَكَرِهِ وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ الْوَاوَ لَا تُوجِبُ رُتْبَةً وَلَا تُعْطِي تَعْقِيبًا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ فَقَدَّمُوا غَسْلَ الذَّكَرِ فِي اللَّفْظِ على الوضوء وجاؤوا بِلَفْظٍ لَا إِشْكَالَ فِيهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ بن عبد الرحمان قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلَ عُمَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يَرْقُدَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن دينار

أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ فَقَالَ نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ وَيَطْعَمُ إِنْ شَاءَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ قَالَ نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ وَفِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا حَدِيثُ عَائِشَةَ اخْتُلِفَ فِي أَلْفَاظِهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِ وَعِنْدَ الزُّهْرِيِّ فِي ذَلِكَ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَالْآخَرُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَمِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ مَنْ يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ يَغْسِلُ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْكُلُ أَوْ يشرب إن شاء

وقال بعهضم عَنْهُ فِي حَدِيثِهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ كَفَّيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَقُتَيْبَةُ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَاحِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ غَسَلَ يَدَيْهِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْجَهْمِ الْأَزْرَقُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَدِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بن إبراهيم

وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ جَمِيعًا عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أُبَيٍّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ غَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَحَدِيثُ حَسَّانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَجَعَلَ قِصَّةَ الْأَكْلِ قَوْلَ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ عَنْ عُرْوَةَ أَوْ أَبِي سَلَمَةَ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ

إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَوْ يَأْكُلَ تَوَضَّأَ تَعْنِي وَهُوَ جُنُبٌ هَذَا لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ وَلَفْظُ بَكْرٍ عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِهِ لِلصَّلَاةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ تَرَكَ شُعْبَةُ حَدِيثَ الْحَكَمِ فِي الْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلْجُنُبِ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ نَامَ أَنْ يَتَوَضَّأَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ بَيْنَ يَحْيَى وَعَمَّارٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَجُلٌ قَالَ وَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ الْجُنُبُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ تَوَضَّأَ وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَا يَمَسُّ مَاءً قَالَ سُفْيَانُ وَهَذَا الْحَدِيثُ خَطَأٌ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَقُولُونَ إِنَّ الْخَطَأَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ أَبِي إِسْحَاقَ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ رَوَى عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ

رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَزَادَ فِيهِ الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ جَمَاعَةٌ بِمَعْنَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ شُعْبَةُ وَالْأَعْمَشُ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ وَشَرِيكٌ وَإِسْرَائِيلُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَحْسَنُهُمْ لَهُ سِيَاقَةً إِسْرَائِيلُ وَزُهَيْرٌ وَشُعْبَةُ لِأَنَّهُمْ سَاقُوهُ بِتَمَامِهِ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَاخْتَصَرُوهُ وَمِمَّنِ اخْتَصَرَهُ الْأَعْمَشُ وَالثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَإِسْمَاعِيلُ قَالُوا كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَا يَمَسُّ مَاءً وَفِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ يَضْجَعُ ضَجْعَةً قَالَ فَقُلْتُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَوَضَّأَ قَالَتْ نَعَمْ وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ فِي حَدِيثِ شَرِيكٍ هَذَا أَنَّهَا الْهَجْعَةُ الَّتِي كَانَتْ لَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ يَسْتَرِيحٍ فِيهَا مِنْ نَصْبِهِ بِاللَّيْلِ وَأَمَّا حَدِيثٌ إِسْرَائِيلَ وَشُعْبَةَ فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا

إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ فَقَالَتْ كَانَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ آخِرَ اللَّيْلِ فَيُصَلِّي مَا قُضِيَ لَهُ فَإِذَا صَلَّى صَلَاتَهُ مَالَ إِلَى فِرَاشِهِ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى أَهْلِهِ أَتَى أَهْلَهُ ثُمَّ نَامَ كَهَيْئَتِهِ لَمْ يَمَسَّ مَاءً حَتَّى إِذَا سَمِعَ الْمُنَادِيَ الْأَوَّلَ قَالَتْ وَثَبَ وَمَا قَالَتْ قَامَ فَإِنْ كَانَ جُنُبًا أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَمَا قَالَتِ اغْتَسَلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُنُبًا تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الأسود قال سألت عائشة عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَتْ كَانَ يَنْصَرِفُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ فَإِذَا كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى أَهْلِهِ أَتَاهُمْ ثُمَّ يَنَامُ فَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ أَفَاضَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ إِنْ كَانَ جُنُبًا وَإِلَّا تَوَضَّأَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَيُحْيِي آخِرَهُ ثُمَّ إِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ قَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ مَاءً فَإِذَا كَانَ عِنْدَ النِّدَاءِ الْأَوَّلِ قَامَ فَأَفَاضَ الْمَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَامَ جُنُبًا تَوَضَّأَ وُضُوءَ الرَّجُلِ للصلاة

قَالَ الطَّحَاوِيُّ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ مَاءً معناه قبل أن يغتسل ليلا يَتَضَادَّ لِأَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ جُنُبًا تَوَضَّأَ ثُمَّ نَامَ وَقَدْ عَارَضَ قَوْمٌ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ هَذَا فِي الْوُضُوءِ عِنْدَ النَّوْمِ بِحَدِيثِ سَعِيدِ بن الحويرث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم خرج من الْخَلَاءِ فَأُتِيَ بِطَعَامٍ فَقَالُوا أَلَا نَأْتِيَكَ بِطُهْرٍ فَقَالَ أُصَلِّي فَأَتَطَهَّرُ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ فَقِيلَ لَهُ أَلَا تَتَوَضَّأَ فَقَالَ مَا أَرَدْتُ الصَّلَاةَ فَأَتَوَضَّأَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَرَّزَ لِحَاجَتِهِ فَأْتِي بِعَرَقِ لَحْمٍ فَأَكَلَ مِنْهُ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَذَكَرْتُهُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَعَرَفَهُ وَزَادَ فِيهِ إِنَّهُ قِيلَ لَهُ أَلَا تَتَوَضَّأَ فَقَالَ مَا أَرَدْتُ الصَّلَاةَ فَأَتَوَضَّأَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ يَقُولُ

سَمِعْتُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج من الْغَائِطِ فَأْتِي بِطَعَامٍ فَقِيلَ لَهُ أَلَا تَتَوَضَّأَ فَقَالَ أَأُصْلِي فَأَتَوَضَّأَ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالُوا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِمَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ وَفِي ذَلِكَ رَفْعٌ لِلْوُضُوءِ عِنْدَ النَّوْمِ وَعِنْدَ الْأَكْلِ قَالُوا وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ النَّوْمِ هُوَ التَّنَظُّفُ مِنَ الْأَذَى وَغَسْلُ اليدين فلذلك يسمى وضوء فِي لِسَانِ الْعَرَبِ قَالُوا وَقَدْ كَانَ ابْنُ عمر لا يتوضأ عن النَّوْمِ الْوُضُوءَ الْكَامِلَ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ رَوَى الْحَدِيثَ وَعَلِمَ مَخْرَجَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرَ الْحُفَّاظُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنَامُ إِذَا كَانَ جُنُبًا حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَهَذَا اللَّفْظُ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءَ السَّابِغُ الْكَامِلُ لِلصَّلَاةِ وَهِيَ زِيَادَةٌ قَصَّرَ عَنْهَا مَنْ لَمْ يَذْكُرْهَا وَلَيْسَ فِي تَقْصِيرِ

مَنْ قَصَّرَ عَنْ ذِكْرِ شَيْءٍ مِنَ الْأَحْكَامِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ وَأَوْلَى الْأُمُورِ عِنْدِي فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءُ لِلْجُنُبِ عِنْدَ النَّوْمِ كَوُضُوءِ الصَّلَاةِ حَسَنًا مُسْتَحَبًّا فَإِنْ تَرَكَهُ تَارِكٌ فَلَا حَرَجَ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ بِهِ حَدَثَهُ وَإِنَّمَا جَعَلْتُهُ مُسْتَحَبًّا وَلَمْ أَجْعَلْهُ سُنَّةً لِتَعَارُضِ الْآثَارِ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتِلَافِ أَلْفَاظِ نَقَلَتِهِ وَلَا يَثْبُتُ مَا كَانَتْ هَذِهِ حَالُهُ سُنَّةً وَأَمَّا مَنْ أَوْجَبَهُ مِنْ أَهَلِ الظَّاهِرِ فَلَا مَعْنَى لِلِاشْتِغَالِ بِقَوْلِهِ لِشُذُوذِهِ وَلِأَنَّ الْفَرَائِضَ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِيَقِينٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثاني عشر

حَدِيثٌ ثَانِيَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ يَحْيَى فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالصَّحِيحُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَإِيجَابِ الْحُكْمِ وَالْعَمَلِ بِهِ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَدِ اسْتَعْمَلُوا

خَبَرَهُ وَقَضَوْا بِهِ وَتَرَكُوا قِبْلَةً كَانُوا عَلَيْهَا لِخَبَرِهِ وَهُوَ وَاحِدٌ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَنْكَرَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَحَسْبُكُ بِمِثْلِ هَذَا قُوَّةً مِنْ عَمَلِ الْقَرْنِ الْمُخْتَارِ خَيْرِ الْقُرُونِ وَفِي حَيَاةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ أَنَّ الْآتِيَ الْمُخْبِرَ لَهُمْ بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدَّتِهِ نُوَيْلَةَ بِنْتِ أَسْلَمَ وَكَانَتْ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ قَالَتْ كُنَّا فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فَأَقْبَلَ عَبَّادُ بْنُ بِشْرِ بْنِ قَيْظِيٍّ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ أَوْ قَالَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ فَتَحَوَّلَ الرِّجَالُ مَكَانَ النِّسَاءِ وَتَحَوَّلَ النِّسَاءُ مَكَانَ الرِّجَالِ وَفِيهِ أَنَّ الْقُرْآنَ كَانَ يَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَفِي حَالٍ بَعْدَ حَالٍ عَلَى حَسَبِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ حَتَّى أَكْمَلَ اللَّهُ دِينَهُ وَقَبَضَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ كَانَ يَنْزِلُ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَجْمًا بَعْدَ نَجْمٍ وَحِينًا بَعْدَ حِينٍ قَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ الْقَدْرِ يَعْنِي الْقُرْآنَ قَالُوا إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا وَقَالَ

عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي كُلِّ مَنْ صَلَّى عَلَى حَالٍ ثُمَّ تَغَيَّرَتْ بِهِ حَالُهُ تِلْكَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ أنه يتمها ولا يقطها لِيَسْتَأْنِفَ غَيْرَهَا وَيُجْزِيهِ مَا مَضَى مِنْهَا وَمَا أَتَمَّهُ عَلَى غَيْرِ سُنَّتِهِ كَمَنْ صَلَّى عُرْيَانًا ثُمَّ وَجَدَ ثَوْبًا فِي الصَّلَاةِ أَوِ ابْتَدَأَ صَلَاتَهُ صَحِيحًا فَمَرِضَ أَوْ مَرِيضًا فَصَحَّ أَوْ قَاعِدًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَفِيمَنْ طَرَأَ الْمَاءُ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ تَنَازُعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ قَدْ بَيَّنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يُصَلُّونَ إِلَيْهِ إِذْ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ وَذَلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ لَهُمْ بِذَلِكَ لَا مَحَالَةَ ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِصَلَاتِهِ الْكَعْبَةَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ ذَلِكَ وَيَرْفَعُ طَرَفَهُ إِلَى السَّمَاءِ فِيهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الحرام وحيث ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ الْآيَةَ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي أَحْكَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نَاسِخًا وَمَنْسُوخًا عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ

وَاجْتَمَعَتْ عَلَى ذَلِكَ أُمَّتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ مَضَى مِنَ الْبَيَانِ فِيهِ مَا يُغْنِي وَيَكْفِي فِي بَابِ (زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وجه لإعادة ذلك ههنا أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تكون قبلته البيت وأنه صلى أو صَلَاةٍ صَلَّاهَا صَلَاةَ الْعَصْرِ وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ صَلَّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ فَقَالَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ مَكَّةَ فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ وَكَانَتِ الْيَهُودُ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْبَخْتَرِيِّ حَدَّثَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عِمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ

حُوِّلَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى الْكَعْبَةِ وَهُوَ رَاكِعٌ فَاسْتَدَارَ فِي رُكُوعِهِ وَاسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ شَأْنَ الْقِبْلَةِ أَوَّلُ مَا نُسِخَ مِنَ الْقُرْآنِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا صُرِفَ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأُمِرَ بِالصَّلَاةِ إِلَى الْكَعْبَةِ بِالْمَدِينَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ هَلْ كَانَتْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ كَانَتْ صَلَاتُهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنْ حِينِ فُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ ثُمَّ بِالْمَدِينَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ نَحْوَهَا حَتَّى صَرَفَهُ اللَّهُ إِلَى الْكَعْبَةِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا وَجِيهُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَالْكَعْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَبَعْدَ مَا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ صُرِفَ إِلَى الْكَعْبَةِ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَا افْتُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي إِلَى الْكَعْبَةِ طُولَ مَقَامِهِ بِمَكَّةَ ثُمَّ لَمَّا قدم المدينة صلى إلى بيت المقدس ثانية عَشَرَ شَهْرًا أَوْ

سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ صَرَفَهُ اللَّهُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَسَنَذْكُرُ الرِّوَايَةَ بِذَلِكَ عَمَّنْ قَالَهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا سُنَيْدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَقَوْلِهِ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَنْزِلُ فِي غَيْرِهِ فَقَالَ نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ثُمَّ كَانَ يَنْزِلُ مِنْهُ فِي الشُّهُورِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ نَزَلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَكَانَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُنَزِّلُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَهُ فِي إِثْرِ بَعْضٍ قَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ورتلناه ترتيلا

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ قَالَ الْقُرْآنُ نَزَلَ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَوُضِعَ مَوَاقِعَ النُّجُومِ فَجَعَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ بِالْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ بِمَسَاقِطِ نُجُومِ الْقُرْآنِ كُلِّهَا أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ وَمِنَ الْحُجَّةِ لِهَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ الْآيَاتِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَزَلَ الْقُرْآنُ جَمِيعًا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ فُصِّلَ فَنَزَلَ فِي السِّنِينَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَأَمَّا شَأْنُ الْقِبْلَةِ فَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَهْزٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يُصَلُّونَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَرَّ رجل من

بَنِي سَلَمَةَ فَنَادَاهُمْ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ أَلَا إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ فَمَالُوا رُكُوعًا وَذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَقْبِلُ صَخْرَةَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ قُدُومِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ حِجَجٍ وَصَلَّى بَعْدَ قُدُومِهِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ وَجَّهَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ إِلَى الْكَعْبَةِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي

السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ وَكَانَ يُحِبُّ ذَلِكَ فَظَاهِرُ هَذَا الْخَبَرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا قَبْلَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابنعباس قَالَ كَانَ أَوَّلُ مَا نَسَخَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ الْقِبْلَةَ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَ أَكْثَرُ أَهْلِهَا الْيَهُودَ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَفَرِحَتِ الْيَهُودُ فَاسْتَقْبَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ قِبْلَةَ إِبْرَاهِيمَ وَكَانَ يَدْعُو اللَّهَ وَيَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ إِلَى قَوْلِهِ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ يَعْنِي نَحْوَهُ فَارْتَابَ الْيَهُودُ وَقَالُوا مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فأنزل الله قل لله الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ وَقَالَ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا

إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِيَمِيزَ أَهْلَ الْيَقِينِ مِنْ أَهْلِ الشَّكِّ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْقِبْلَةَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَعِبَادَهُ بِالتَّوَجُّهِ نَحْوَهَا فِي صَلَاتِهِمْ هِيَ الْكَعْبَةُ الْبَيْتُ الْحَرَامُ بِمَكَّةَ وَأَنَّهُ فَرَضَ عَلَى كُلِّ مَنْ شَاهَدَهَا وَعَايَنَهَا اسْتِقْبَالَهَا (وَأَنَّهُ إِنْ تَرَكَ اسْتِقْبَالَهَا (3)) وَهُوَ مُعَايِنٌ لَهَا أَوْ عَالِمٌ بِجِهَتِهَا فَلَا صَلَاةَ لَهُ وَعَلَيْهِ إِعَادَةُ كُلِّ مَا صَلَّى كَذَلِكَ وأجمعوا على أنه من صلى إلى غير الْقِبْلَةَ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ صَلَاتَهُ غَيْرُ مُجْزِئَةٍ عَنْهُ وَعَلَيْهِ إِعَادَتُهَا إِلَى الْقِبْلَةِ كَمَا لَوْ صَلَّى بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَفِي هَذَا الْمَعْنَى حُكْمُ مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدٍ يُمْكِنُهُ طَلَبُ الْقِبْلَةِ فِيهِ بِالْمِحْرَابِ وَشِبْهِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ وَصَلَّى إِلَى غَيْرِهَا وَأَجْمَعُوا أَنَّ عَلَى كُلِّ مَنْ غَابَ عَنْهَا أَنْ يَسْتَقْبِلَ نَاحِيَتَهَا وَشَطْرَهَا وَتِلْقَاءَهَا وَعَلَى أَنَّ عَلَى مَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ نَاحِيَتُهَا الِاسْتِدْلَالَ عَلَيْهَا بِكُلِّ مَا يُمْكِنُهُ مِنَ النُّجُومِ وَالْجِبَالِ وَالرِّيَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى نَاحِيَتِهَا وَفِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَةِ عِنْدَ نَفْسِهِ بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ بَانَ لَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ استدبر القبلة

أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ أَنَّهُ يَنْحَرِفُ وَيَبْنِي وَإِنَّمَا قُلْتُ إِنَّ الِاسْتِدْبَارَ وَالتَّشْرِيقَ وَالتَّغْرِيبَ سَوَاءٌ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ لَا يَكَادُ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ إِلَّا مَنِ اسْتَدْبَرَ الْكَعْبَةَ وَذَلِكَ بِدَلِيلِ حَدِيثٍ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ مُسْتَدْبِرَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ وَهَذَا مَوْضِعٌ فِيهِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ غَابَتْ عَنْهُ الْقِبْلَةُ فَصَلَّى مُجْتَهِدًا كَمَا أُمِرَ ثُمَّ بَانَ لَهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصَّلَاةِ أَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ بِأَنِ اسْتَدْبَرَهَا أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ عَنْهَا أَوْ بَانَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ مَنْ صَلَّى مُجْتَهِدًا عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ طَالِبًا لِلْقِبْلَةِ وَنَاحِيَتِهَا إِذَا خَفِيَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ بَانَ لَهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ أَنَّهُ قَدِ اسْتَدْبَرَهَا أَنَّهُ يُعِيدُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ فَإِنِ انْصَرَمَ الْوَقْتُ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَالْوَقْتُ فِي ذَلِكَ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّ الْوَقْتَ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ تَغْرُبِ الشَّمْسُ وَفِي الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ مَا لَمْ يَنْفَجِرِ الصُّبْحُ وَفِي صَلَاةِ الصُّبْحِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ مَا لَمْ تَصْفَرَّ جِدًّا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ اسْتَدْبَرَهَا وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ قَطَعَ وَابْتَدَأَ وَإِنْ لَمْ يُشَرِّقْ وَلَمْ يُغَرِّبْ وَلَكِنَّهُ انْحَرَفَ انْحِرَافًا يَسِيرًا فَإِنَّهُ يَنْحَرِفُ إِلَى الْقِبْلَةِ إِذَا عَلِمَ وَيَتَمَادَى وَيُجْزِئُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

قَالَ أَشْهَبُ سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ صَلَّى إِلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ فَقَالَ إِنْ كَانَ انْحَرَفَ انْحِرَافًا يَسِيرًا فَلَا أَرَى عَلَيْهِ إِعَادَةً وَإِنْ كَانَ انْحَرَفَ انْحِرَافًا شَدِيدًا فَأَرَى عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ مَا كَانَ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَنْ تَحَرَّى فَأَخْطَأَ الْقِبْلَةَ أَعَادَ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ وَلَا يُعِيدُ بَعْدَ الْوَقْتِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا صَلَّيْتَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَقَدْ أَجْزَأَكَ إِذَا لَمْ تَعَمَّدْ ذَلِكَ وَإِنْ جَهِلْتَ وَصَلَّيْتَ بَعْضَ صَلَاتِكَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ عَرَفْتَ الْقِبْلَةَ بَعْدُ فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ بِبَقِيَّةِ صَلَاتِكَ وَاحْتَسِبْ بِمَا صَلَّيْتَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا صَلَّى إِلَى الشَّرْقِ ثُمَّ رَأَى الْقِبْلَةَ إِلَى الْغَرْبِ اسْتَأْنَفَ فَإِنْ كَانَ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ مُتَحَرِّفًا ثُمَّ رَأَى أَنَّهُ مُتَحَرِّفٌ وَتِلْكَ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَنْحَرِفَ وَيَعْتَدَّ بِمَا مَضَى وَذَكَرَ الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَلَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى اجْتِهَادٍ ثُمَّ رَأَى الْقِبْلَةَ فِي غَيْرِ النَّاحِيَةِ الَّتِي صَلَّى إِلَيْهَا فَإِنْ كَانَ مُشَرِّقًا أَوْ مُغَرِّبًا لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ عَلَى مَا بَانَ لَهُ وَاسْتَيْقَنَهُ وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ انْحَرَفَ

لَمْ يُلْغِ شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ لِأَنَّ الِانْحِرَافَ لَيْسَ فِيهِ يَقِينُ خَطَإٍ وَإِنَّمَا هُوَ اجْتِهَادٌ لَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ إِلَى يَقِينٍ وَإِنَّمَا رَجَعَ مِنْ دَلَالَةٍ إِلَى اجْتِهَادٍ مِثْلِهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ تَحَرَّى الْقِبْلَةَ فَأَخْطَأَ ثُمَّ بَانَ لَهُ ذَلِكَ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ قَالُوا وَلَهُ أَنْ يَتَحَرَّى الْقِبْلَةَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَقِينِ عِلْمٍ مِنْ جِهَتِهَا فَإِنْ أَخْطَأَ قَوْمٌ الْقِبْلَةَ وَقَدْ تَعَمَّدُوهَا فَصَلَّوْا رَكْعَةً ثُمَّ عَلِمُوا بِهَا صَرَفُوا وُجُوهَهُمْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ إِلَى الْقِبْلَةِ وَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَتَمُّوا ثُمَّ عَلِمُوا بَعْدُ لَمْ يُعِيدُوا وَقَالَ الطَّبَرِيُّ مَنْ تَحَرَّى فَأَخْطَأَ الْقِبْلَةَ أَعَادَ أَبَدًا إِذَا اسْتَدْبَرَهَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَةِ عِنْدَ نَفْسِهِ مُجْتَهِدًا لِخَفَاءِ نَاحِيَتِهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ عَمِلَ مَا أُمِرَ بِهِ وَأَدَّى مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ مِنِ اجْتِهَادِهِ بِطَلَبِ الدَّلِيلِ عَلَى الْقِبْلَةِ حَتَّى حَسِبَ أَنَّهُ مُسْتَقْبِلُهَا ثُمَّ لَمَّا صَلَّى بَانَ لَهُ خَطَؤُهُ وَقَدْ كَانَ الْعُلَمَاءُ مُجْمِعِينَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا أُبِيحَ لَهُ فِعْلُهُ بَلْ مَا لَزِمَهُ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي إِيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ إِذَا بَانَ لَهُ أَنَّهُ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ وَإِيجَابُ الْإِعَادَةِ إِيجَابُ فَرْضٍ

وَالْفَرَائِضُ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِيَقِينٍ لَا مِدْفَعَ لَهُ أَلَا تَرَى إِلَى إِجْمَاعِهِمْ فِيمَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ مَوْضِعُ الْمَاءِ فَطَلَبَهُ جَهْدَهُ وَلَمْ يَجِدْهُ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ رَأَى عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ قِيَاسًا عَلَى مَنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَوْضِعِ اجْتِهَادٍ فِي الْوُضُوءِ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالِاجْتِهَادِ فِي طَلَبِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ يُعِيدُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِحْبَابٌ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَمْ يُسْقِطْهَا خُرُوجُ الْوَقْتِ وَهَذَا وَاضِحٌ يُسْتَغْنَى عَنِ الْقَوْلِ فِيهِ وَكَذَلِكَ يَشْهَدُ النَّظَرُ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ فِي الْمُنْحَرِفِ عَنِ الْقِبْلَةِ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَلَمْ يَكُنِ انْحِرَافُهُ ذَلِكَ فَاحِشًا فَيُشَرِّقُ أَوْ يُغَرِّبُ إِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ السِّعَةَ فِي الْقِبْلَةِ لِأَهْلِ الْآفَاقِ مَبْسُوطَةٌ مَسْنُونَةٌ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلِ أَصْحَابِهِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بن

مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابن عمر قَالَ قَالَ عُمَرُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ قَالَ وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُولُ كَيْفَ يُخْطِئُ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ وَمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ مَا لَمْ يَتَحَرَّ الشَّرْقَ عَمْدًا قَالَ وَحَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أبو عبد الرحمان السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ قَالَ وَحَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ

الأعلى عن محمد بن الْحَنَفِيَّةِ قَالَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ هَذَا فِي كُلِّ الْبُلْدَانِ قَالَ وَتَفْسِيرُهُ أَنَّ هَذَا الْمَشْرِقَ وَأَشَارَ بِيَسَارِهِ وَهَذَا الْمَغْرِبَ وَأَشَارَ بِيَمِينِهِ قَالَ وَهَذِهِ الْقِبْلَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَأَشَارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ قَالَ وَهَكَذَا فِي كُلِّ الْبُلْدَانِ إِلَّا بِمَكَّةَ عِنْدَ الْبَيْتِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إِذَا اسْتَقْبَلَ الرُّكْنَ وَزَالَ عَنْهُ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ فَقَدْ تَرَكَ الْقِبْلَةَ قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قِبْلَةُ الْبُلْدَانِ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَإِنْ صَلَّى رَجُلٌ فِيمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ تَرَى صَلَاتَهُ جَائِزَةً قَالَ نَعَمْ صَلَاتُهُ جَائِزَةٌ إِلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَرَّى الْوَسَطَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ كُنَّا نَحْنُ وَأَهْلُ بَغْدَادَ نُصَلِّي هَكَذَا نَتَيَامَنُ قَلِيلًا ثُمَّ حُرِّفَتِ الْقِبْلَةُ مُنْذُ سِنِينَ يَسِيرَةٍ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ قِبْلَةُ أَهْلِ بَغْدَادَ على الجدي فجعل ينكر الجدي وقال ليس على الجدي وَلَكِنْ حَدِيثُ عُمَرَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَبِلَتُنَا نَحْنُ أَيُّ نَاحِيَةٍ قَالَ عَلَى الْبَابِ قَبِلَتُنَا وَقِبْلَةُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ كُلِّهِمْ وَأَهْلِ خُرَسَانَ الْبَابُ

أخبرني عبد الرحمان بن يحيى ويحيى بن عبد الرحمان قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ قَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ فِي قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ فِي هَذَا سَعَةٌ لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ قِيلَ لَهُ أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ نَحْنُ وَهُمْ سَوَاءٌ وَالسَّعَةُ فِي الْقِبْلَةِ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ قَالَ وَهَؤُلَاءِ الْمُشَرَّقُونَ لَا عِلْمَ عِنْدَهُمُ بِسَعَةِ الْقِبْلَةِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَقَعُ فِي نفوسهم

أخبرني عبد الرحمان بن يحيى ويحيى بن عبد الرحمان قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ قَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ فِي قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ فِي هَذَا سَعَةٌ لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ قِيلَ لَهُ أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ نَحْنُ وَهُمْ سَوَاءٌ وَالسَّعَةُ فِي الْقِبْلَةِ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ قَالَ وَهَؤُلَاءِ الْمُشَرَّقُونَ لَا عِلْمَ عِنْدَهُمُ بِسَعَةِ الْقِبْلَةِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَقَعُ فِي نفوسهم

الحديث الثالث عشر

حَدِيثٌ ثَالِثَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا نَادَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَى فِي الضَّبِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَسْتُ بِآكِلِهِ وَلَا بِمُحَرِّمِهِ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ صَحِيحٌ لِمَالِكٍ عَنْهُمَا جَمِيعًا وَهُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ كَمَا هُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ دِينَارٍ وَقَدْ رَوَاهُ قَوْمٌ مِنْهُمْ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ عَنِ الضَّبِّ فَقَالَ لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَكْلِ الضَّبِّ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا إِلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يُحَرِّمْهُ وَلَا رَسُولُهُ وَقَدْ أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِحَضْرَتِهِ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يَتْرُكْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا يَأْكُلُهُ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فِي الضَّبِّ حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي وَأَجِدُنِي أَعَافُهُ قَالَ خَالِدٌ فَاجْتَرَرْتُهُ وَأَكَلْتُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ يَنْظُرُ فَبِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ أَخَذَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الضَّبِّ فَأَجَازَا أَكْلَهُ وَكَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَكْلَ الضَّبِّ وَاحْتَجُّوا هُمْ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُمْ فِي كَرَاهِيَةِ أَكْلِهِ بِأَحَادِيثَ مِنْهَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ حَسَنَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ وَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا هَذَا يَعْنِي الضَّبَّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بن وهب عن عبد الرحمان بْنِ حَسَنَةَ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ فَنَزَلْنَا بِأَرْضٍ كَثِيرَةِ الضِّبَابِ فَأَخَذْنَا مِنْهَا فَطَبَخْنَا فِي الْقُدُورِ فَقُلْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا الضِّبَابُ فَقَالَ إِنَّ أُمَّةً فُقِدَتْ وَلَعَلَّهَا هَذِهِ فَأَمَرَنَا فَكَفَأْنَا الْقُدُورَ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ حَسَنَةَ وَرَوَاهُ حُصَيْنٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ وَدِيعَةَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ حصين عن زيد بن وهب عن ثابت بْنِ وَدِيعَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَيْشٍ فَأَصَبْنَا ضِبَابًا قَالَ فَشَوَيْتُ مِنْهَا ضَبًّا فَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ فَأَخَذَ عُودًا فَعَدَّ بِهِ

أَصَابِعَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ دَوَابَّ فِي الْأَرْضِ وَإِنِّي لَا أَدْرِي أَيَّ الدَّوَابِّ هِيَ قَالَ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ وَلَمْ يَنْهَ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ كَرِهَهُ بِهَذَا الْخَبَرِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى أنه مسخ يشبه كَفِّهِ بِكَفِّ الْإِنْسَانِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ عَدَّ أَصَابِعَهُ قَالَ مَا قَالَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ وَأَنْشَدُ بَعْضُهُمْ فِي صِفَةَ الضَّبِّ ... لَهُ كَفُّ إِنْسَانٍ وَخَلْقُ عَظَاءَةٍ ... وَكَالْقِرْدِ وَالْخِنْزِيرِ فِي الْمَسْخِ وَالْعَصْبِ ... وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ ... مَنَاسِمُهَا صُمٌّ صِلَابٌ كَأَنَّهَا ... رُؤُوسُ الضَّبَابِ اسْتَخْرَجَتْهَا الظَّهَائِرُ ... ... وَأَنْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ ... إِنَّا وَجَدْنَا بَنِي حِمَّانَ كُلَّهُمُ ... كَسَاعِدِ الضَّبِّ لَا طُولٌ وَلَا عَظْمُ ... وَإِنَّمَا أَنْشَدْتُ هَذِهِ الأبيان لِتَقِفَ عَلَى صُورَةِ الضَّبِّ وَتَعْرِفَهُ فَإِنَّ بَعْضَ الْجُهَّالِ يُخَالِفُ فِيهِ

وَرَوَى أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أُهْدِيَ لَهَا ضَبٌّ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَكْلِهِ فَنَهَاهَا عَنْهُ فَجَاءَ سَائِلٌ فَقَامَتْ لِتَنَاوِلَهُ إِيَّاهُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُطْعِمِينَهُ مَا لَا تَأْكُلِينَ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَ لَهُ ضَبٌّ فَلَمْ يَأْكُلْهُ فَقَامَ عَلَيْهِمْ سَائِلٌ فَأَرَادَتْ عَائِشَةُ أَنْ تُعْطِيَهُ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطيه مَا لَا تَأْكُلِينَ فَاحْتَجَّ مَنْ كَرِهَ أَكْلَ الضب بهذا الْأَحَادِيثِ فَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ فَمُخْتَلَفٌ فِي إِسْنَادِهِ وَقَدْ رَوَى ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن الله لَمْ يُهْلِكْ قَوْمًا أَوْ لَمْ يَمْسَخْ قَوْمًا فَيَجْعَلْ لَهُمْ نَسْلًا وَلَا عَاقِبَةً وَهُوَ مُعَارِضٌ مُدَافِعٌ لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ هَذَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيِّ عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ أَمْتِعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللَّهِ وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ

قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكِ قَدْ سَأَلْتِ اللَّهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ أَنْ يُعَجِّلَ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ أَوْ يُؤَخِّرَ شَيْئًا عَنْ أَجْلِهِ وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعِيذَكِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ أَوْ عَذَابِ النَّارِ كَانَ خَيْرًا لَكِ أَوْ أَفْضَلَ قَالَ وَذُكِرَ عِنْدَهُ الْقِرَدَةُ قَالَ مِسْعَرٌ وَأَرَاهُ قَالَ وَالْخَنَازِيرُ مِمَّا مُسِخَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اله لَمْ يَجْعَلْ لَمَسْخٍ نَسْلًا وَلَا عَقِبًا وَقَدْ كَانَتِ الْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ قَبْلَ ذَلِكَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ مُرَّةَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ الْيَشْكُرِيِّ عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ سَوَاءً وَفِيهِ قَالَ وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ أَهُمْ من نسل الذي مُسِخُوا أَمْ شَيْءٌ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُهْلِكْ قَوْمًا قَطُّ فَيَجْعَلْ لَهُمْ نَسْلًا وَلَا عَاقِبَةً وَلَكِنَّهُمْ مِنْ شَيْءٍ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ خَالَتَهُ أَهْدَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمْنًا وَأَضُبًّا وَأَقِطًا فَأَكَلَ مِنَ السَّمْنِ وَالْأَقِطِ وَتَرَكَ الْأَضُبَّ تَقَذُّرًا وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَتِهِ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ قَالَ ذُكِرَ الضَّبُّ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ بَعْضُ جُلَسَائِهِ أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُحِلَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِئْسَ مَا تَقُولُونَ إِنَّمَا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَلِّلًا وَمُحَرَّمًا جَاءَتْ أم حفيد تزور أختها ميمونة بنت الحرث وَمَعَهَا طَعَامٌ فِيهِ لَحْمُ ضَبٍّ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا غَسَقَ يَعْنِي أَظْلَمَ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ الطَّعَامُ فَكَرِهَتْ مَيْمُونَةُ أَنْ يَأْكُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَعَامٍ لَا يَعْلَمُ مَا هو فقالت

يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فِيهِ لَحْمَ ضَبٍّ فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْسَكَتْ مَيْمُونَةُ وَأَكَلَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ فِقْهُ هَذَا الْبَابِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَعَانِيهِ وَهُوَ كَافٍ يُغْنِي عَنْ كُلِّ حُجَّةٍ لِمَنْ تَدَبَّرَ وَفَهِمَ وَبِاللَّهِ الْعَوْنُ لَا شَرِيكَ لَهُ

الحديث الرابع عشر

حَدِيثٌ رَابِعَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِيمَا عَلِمْتُ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَالصَّوَابُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ مِنْ وُجُوهٍ وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا مِنْ وُجُوهٍ وَتَلَقَّاهُ الْعُلَمَاءُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ بِالْعَمَلِ وَالْقَبُولِ فِي جُمْلَتِهِ إِلَّا أَنَّهُمُ اختلفوا

فِي بَعْضِ مَعَانِيهِ فَالَّذِي أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْهُ أَنَّهُ جَائِزٌ لِكُلِّ مَنْ سَافَرَ سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ أَوْ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ أَنْ يُصَلِّيَ التَّطَوُّعَ عَلَى دَابَّتِهِ وَرَاحِلَتِهِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى دَابَّتِهِ وَفِي مَحْمِلِهِ إِلَّا أَنَّ مِنْهُمْ جَمَاعَةً يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَفْتَتِحَ الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي تَطَوُّعِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ وَيُحْرِمَ بِهَا وَهُوَ مُسْتَقْبَلٌ الْقِبْلَةَ ثُمَّ لَا يُبَالِي حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَسْتَحِبَّ ذَلِكَ وَقَالَ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكُونَ فِي سَائِرِ صَلَاتِهِ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَكَذَلِكَ افْتِتَاحُهُ لَهَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ (لَمْ يَجُزْ لَهُ الِانْحِرَافُ عَنِ الْقِبْلَةِ عَامِدًا وَهُوَ بِهَا عَالِمٌ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ) وَمَنِ اسْتَحَبَّ افْتِتَاحَ النَّافِلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ إِلَى الْقِبْلَةِ فَحُجَّتُهُ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو داود قال حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنِي الْجَارُودُ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذا سَافَرَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وَجَّهَهُ رِكَابُهُ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ مَنْ تَنَفَّلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي فِيهِ نَزَلَتْ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَطَائِفَةٌ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي قَوْلِ الْيَهُودِ فِي الْقِبْلَةِ وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ كَانُوا فِي سَفَرٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ فَلَمْ يَعْرِفُوا الْقِبْلَةَ فَاجْتَهَدُوا وَصَلَّوْا إِلَى جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ ثُمَّ بَانَ لَهُمْ خَطَؤُهُمْ فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَضَتْ صَلَاتُكُمْ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ قَوْلٌ حَسَنٌ أَيْضًا تُعَضِّدُهُ السُّنَّةُ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ تَخْصِيصُ التَّطَوُّعِ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ أَمْرٌ لَا خِلَافَ فِيهِ فَلِذَلِكَ أَهْمَلَ مَالِكٌ ذِكْرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ سَوَاءً وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ أَنَّ ذَلِكَ فِي التَّطَوُّعِ دُونَ الْمَكْتُوبَةِ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُصَلِّيَ الْفَرْضِ أَنْ يَدَعَ الْقِبْلَةَ عَامِدًا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلَّا فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ رَاجِلًا أَوْ رَاكِبًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَائِفًا شَدِيدَ الْخَوْفِ هَارِبًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَاكِبًا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي صَلَاةِ الطَّالِبِ فِي الْخَوْفِ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ نَافِعٍ وَقَالَ الْأَثْرَمُ قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يُصَلِّي الْمَرِيضُ الْمَكْتُوبَةَ عَلَى الدَّابَّةِ وَالرَّاحِلَةِ فَقَالَ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ الْمَكْتُوبَةَ عَلَى الدَّابَّةِ مَرِيضٌ وَلَا غَيْرُهُ إِلَّا فِي الطِّينِ وَالتَّطَوُّعِ كَذَلِكَ بَلَغَنَا يُصَلِّي وَيُومِئُ قَالَ وَأَمَّا فِي الْخَوْفِ فَقَدْ قَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ الصَّلَاةِ فِي الطِّينِ فِي بَابِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمَرِيضِ يُصَلِّي عَلَى مَحْمِلِهِ فَمَرَّةً قَالَ لَا يُصَلِّي عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ فَرِيضَةً وَإِنِ اشْتَدَّ مَرَضُهُ حَتَّى لَا يَقْدِرَ أَنْ يَجْلِسَ لِمَرَضٍ إِلَّا بِالْأَرْضِ وَمَرَّةً قَالَ إِذَا

كَانَ مِمَّنْ لَا يُصَلِّي بِالْأَرْضِ إِلَّا إِيمَاءً فَلْيُصَلِّ عَلَى الْبَعِيرِ بَعْدَ أَنْ يُوقَفَ لَهُ وَيَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ صَحِيحٍ وَلَا مَرِيضٍ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ عَالِمٌ بِذَلِكَ فِي الْفَرِيضَةِ إِلَّا فِي الْخَوْفِ الشَّدِيدِ خَاصَّةً حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ أَبِي جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى نَاقَتِهِ فِي السَّفَرِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ فِي غَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ السَّمُرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ تَطَوُّعًا وَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا

ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَيَّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ وَيُوتِرُ عَلَيْهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ الشَّامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَنَافِعٌ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ تَطَوُّعًا وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بن عبد الرحمان عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ

مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَةٍ فَجِئْتُ وَهُوَ يُصَلَّى عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ يُومِئُ إِيمَاءً السُّجُودُ أَخْفَضُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ فَسَلَّمْتُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ مَا مَنَعَنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُسَافِرِ سَفَرًا لَا تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ هَلْ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَدَابَّتِهِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ لَا يَتَطَوَّعُ عَلَى الرَّاحِلَةِ إِلَّا فِي سَفَرٍ تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَسْفَارَ الَّتِي حُكِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَتَطَوَّعُ فِيهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ كَانَتْ مِمَّا تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ إِلَّا فِي الْحَالِ الَّتِي وَرَدَتْ بِهَا السُّنَّةُ لَا تَتَعَدَّى وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ يَجُوزُ التَّطَوُّعُ عَلَى الرَّاحِلَةِ خَارِجَ الْمِصْرِ فِي كُلِّ سَفَرٍ وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ أَوْ لَا تَقْصُرُ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ الْآثَارَ فِي هَذَا الْبَابِ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا تَخْصِيصُ سَفَرٍ مِنْ سَفَرٍ فَكُلُّ سَفَرٍ جَائِزٌ ذَلِكَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يُخَصَّ شَيْءٌ مِنَ الْأَسْفَارِ مِمَّا يَجِبُ التسليم له

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُصَلِّي فِي الْمِصْرِ عَلَى الدَّابَّةِ بِالْإِيمَاءِ لِحَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى حِمَارٍ فِي أَزِقَّةِ الْمَدِينَةِ يُومِئُ إِيمَاءً وَقَالَ الطَّبَرِيُّ يَجُوزُ لِكُلِّ رَاكِبٍ وَمَاشٍ حَاضِرًا كَانَ أَوْ مُسَافِرًا أَنْ يَتَنَفَّلَ عَلَى دَابَّتِهِ وَرَاحِلَتِهِ وَعَلَى رِجْلَيْهِ وَحَكَى بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَذْهَبَهُمْ جَوَازُ التَّنَفُّلِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَقَالَ الْأَثْرَمُ قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ الصَّلَاةُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الْحَضَرِ فَقَالَ أَمَّا فِي السَّفَرِ فَقَدْ سَمِعْنَا وَمَا سَمِعْتُ فِي الْحَضَرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ تَنَفَّلَ فِي مَحْمِلِهِ تَنَفَّلَ جَالِسًا قِيَامُهُ تَرَبُّعٌ وَيَرْكَعُ وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَيُزِيلُ يَدَيْهِ ثُمَّ يَثْنِي رِجْلَيْهِ وَيُومِئُ لِسُجُودِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَوْمَأَ مُتَرَبِّعًا وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ صَلَاةِ الْمَرِيضِ فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَبِهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الخامس عشر

حَدِيثٌ خَامِسَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ هَكَذَا هُوَ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ

أَمَّا قَوْلُهُ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا فِي النَّظَرِ أَحَدُهُمَا أن يكون الألف واللام! فِي الشَّهْرِ إِشَارَةً إِلَى شَهْرٍ بِعَيْنِهِ وَهُوَ الشَّهْرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الَّذِي آلَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَزْوَاجِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذَا الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ أَوْ تَكُونَ إِشَارَةً إِلَى رَمَضَانَ بِعَيْنِهِ كَأَنَّهُ قَالَ شَهْرُنَا (هَذَا) تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِنَ الشُّهُورِ مَا يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَمِنْهَا مَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ فَأَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنَّ ذَلِكَ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ أَيْ أَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ فَلَا تَكُونُ حِينَئِذٍ إِشَارَةً إِلَى مَعْهُودٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ أَنَّ الشُّهُورَ كُلَّهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَلَيْسَ التَّعْرِيفُ فِي الشهر ههنا إِشَارَةً إِلَى جِنْسِ الشُّهُورِ وَلَكِنَّ الْمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ بَيِّنٌ لَا تَنَازُعَ فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ

قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ اعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ شَهْرًا فَخَرَجَ صُبْحَ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ ثُمَّ صَفَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْهِ ثَلَاثًا مَرَّتَيْنِ الْأَصَابِعَ كُلَّهَا وَالثَّالِثَةَ بِتِسْعٍ مِنْهَا وَعِنْدَ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ أَيْضًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن قاسم حدثنا قاسم حدثنا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صيفي أن يحيى بن عبد الرحمان أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ شَهْرًا فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا غَدَا عَلَيْهِنَّ أَوْ رَاحَ فَقِيلَ لَهُ حَلَفْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا فَقَالَ إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَرَوَى شُعْبَةُ قَالَ أَنْبَأَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَكَمِ السُّلَمِيَّ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ

وَرَوَى هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُمْ بِمَعْنَى حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ وَقَالَ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ثُمَّ عَقَفَ إِبْهَامَهُ الثَّالِثَةَ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأفطروا لرؤيته فإن أغمي عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ عَنْ نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ فَاقْدُرُوا لَهُ وَكَذَلِكَ رَوَى سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَرَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فَقَالَ فِيهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ مُسْتَوْعَبًا فِي مَعْنَى فَاقْدُرُوا لَهُ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْوُجُوهِ فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ شَيْءٍ من ذلك ههنا قَرَأْتُ عَلَى سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ عَبْدِ

الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ إِلَّا أَنْ يَغُمَّ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ جَمَاعَةٌ أَعْنِي حَدِيثَ الشَّهْرِ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَسَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو وَغَيْرُهُمْ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَعِقْدَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي تَمَامَ ثَلَاثِينَ

الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ إِلَّا أَنْ يَغُمَّ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ جَمَاعَةٌ أَعْنِي حَدِيثَ الشَّهْرِ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَسَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو وَغَيْرُهُمْ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَعِقْدَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي تَمَامَ ثَلَاثِينَ

الحديث السادس عشر

حَدِيثٌ سَادِسَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ تَحَرَّوْهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ عَنْ شُعْبَةَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا معنى لإعادة ذلك ههنا

حَدِيثٌ سَادِسَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ تَحَرَّوْهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ عَنْ شُعْبَةَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا معنى لإعادة ذلك ههنا

الحديث السابع عشر

حَدِيثٌ سَابِعَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْيَهُودَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَحَدُهُمْ فَإِنَّمَا يَقُولُ السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقُلْ عَلَيْكَ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَيْكَ عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ وَتَابَعَهُ قَوْمٌ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَغَيْرُهُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَلَيْكُمْ عَلَى لَفْظِ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يُدْخِلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِيهِ الْوَاوَ عَنْ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْيَهُودَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَحَدُهُمْ فَإِنَّمَا يَقُولُ السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقُولُوا عَلَيْكُمْ بِلَا وَاوٍ أَيْضًا كَمَا قَالَ مَالِكٌ

وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ فَقَالَ فِيهِ وَعَلَيْكُمْ بِالْوَاوِ وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَعَلَيْكُمْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ عَائِشَةَ وَأَبِي عبد الرحمان الْجُهَنِيِّ وَأَبِي بُصْرَةَ الْغِفَارِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ مَا عَلَيْهِ الْيَهُودُ مِنَ الْعَدَاوَةِ لِلْمُسْلِمِينَ وَبِذَلِكَ كَانُوا يَضَعُونَ مَوْضِعَ السَّلَامِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الدُّعَاءَ عَلَيْهِمْ بِالْمَوْتِ وَالسَّامُ الْمَوْتُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَامُ بْنُ مِصَكٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ

فَإِنَّ فِيهَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ وَالسَّامُ الْمَوْتُ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ فِي تَفْسِيرِ اسْتِعْمَالِ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ وَهُوَ الشُّونِيزُ وَرَوَى مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ الْعُلَمَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ رَدِّ السَّلَامِ عَلَى كُلِّ مَنْ سَلَّمَ بِمِثْلِ سَلَامِهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تَحِيَّةً طَيِّبَةً فَيَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ الْمُحَيَّا أَفْضَلَ مِمَّا حُيِّيَ بِهِ أَوْ مِثْلَهُ لَا يَنْقُصُ مِنْهُ قَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا وَلَمْ يَخُصَّ مُسْلِمًا مِنْ ذِمِّيٍّ وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّحِيَّةَ الْحَسَنَةَ وَأَمَّا التَّحِيَّةُ السَّيِّئَةُ فَلَيْسَ عَلَى سَامِعِهَا أَنْ يُحَيِّيَ بِأَحْسَنَ مِنْهَا وَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ أَخَذَ بِالْفَضْلِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهَا بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْ وَعَلَيْكَ وَقَدْ سَلَفَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى وُجُوبِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ

لِلْجَمَاعَةِ وَالْوَاحِدِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا حدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ أَنْبَأَنِي حُمَيْدُ بْنُ زَاذَوَيْهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُمِرْنَا أَوْ نُهِينَا أَنْ لَا نَزِيدَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى وَعَلَيْكُمْ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ سَوَاءً أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْنَا فَكَيْفَ نَرُدُّ عَلَيْهِمْ قَالَ قُولُوا وَعَلَيْكُمْ

وَأَمَّا ابْتِدَاءُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالسَّلَامِ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُبْتَدَأَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِالسَّلَامِ لِحَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تبدؤهم بِالسَّلَامِ وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الْمَصِيرُ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ أَوْلَى مِمَّا خَالَفَهُ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيِّ وَشُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَمُرُّ بِمُسْلِمٍ وَلَا يَهُودِيٍّ وَلَا نَصْرَانِيٍّ إِلَّا بَدَأَهُ بِالسَّلَامِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّهُمْ كانوا يبدأون أَهْلَ الذِّمَّةِ بِالسَّلَامِ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ لَوْ قَالَ لِي فِرْعَوْنُ خَيْرًا لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ مِثْلَهُ وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يُسَلِّمُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَقِيَ مِنْ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ

وَيَقُولُ هِيَ تَحِيَّةٌ لِأَهْلِ مِلَّتِنَا وَأَمَانٌ لِأَهْلِ ذِمَّتِنَا وَاسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ نُفْشِيهِ بَيْنَنَا وَقِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ سُئِلَ عَنِ ابْتِدَاءِ أَهْلِ الذمة فقال نرد عليهم ولا نبدأهم فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ نَبْدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ قِيلَ لَهُ لِمَ قَالَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ كَمَذْهَبِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَدْ يَحْتَمِلُ عِنْدِي حَدِيثُ سُهَيْلٍ أَنْ يكون معنى قوله لا تبدؤوهم أي ليس عليكم أن تبدؤهم كَمَا تَصْنَعُونَ بِالْمُسْلِمِينَ وَإِذَا حُمِلَ عَلَى هَذَا ارْتَفَعَ الِاخْتِلَافُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى الشَّامِ قَالَ فَجَعَلُوا يَمُرُّونَ بِصَوَامِعَ فِيهَا نَصَارَى فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ

فَقَالَ أَبِي لَا تَبْدَؤُوهُمْ بِالسَّلَامِ فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لا تبدؤوهم بالسلام وإذ لَقِيتُمُوهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمان الْجُهَنِيِّ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنِّي رَاكِبٌ غَدًا إِلَى يَهُودَ فَلَا تَبْدَؤُوهُمْ بِالسَّلَامِ فَإِذَا سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا الْوَجْهُ الْمَعْمُولُ بِهِ فِي السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ طَاوُسَ يقول إذا سلم عليك اليهودي أو النصراني فَقُلْ عَلَاكَ السَّلَامُ أَيِ ارْتَفَعَ عَنْكَ السَّلَامُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا وَجْهَ لَهُ مَعَ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ جَازَ مُخَالَفَةُ الْحَدِيثِ إِلَى الرَّأْيِ فِي مِثْلِ

هَذَا لَاتَّسَعَ فِي ذَلِكَ الْقَوْلِ وَكَثُرَتِ الْمَعَانِي وَمِثْلُ قَوْلِ ابْنِ طَاوُسَ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ يَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَيْكَ السِّلَامِ بِكَسْرِ السِّينِ يَعْنِي الْحِجَارَةَ وَهَذَا غَايَةٌ فِي ضَعْفِ الْمَعْنَى وَلَمْ يُبَحْ لَنَا أَنْ نَشْتُمَهُمُ ابْتِدَاءً وَحَسْبُنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِمْ بِمِثْلِ مَا يَقُولُونَ فِي قَوْلِ وَعَلَيْكَ مَعَ امْتِثَالِ السُّنَّةِ الَّتِي فِيهَا النَّجَاةُ لِمَنْ تَبِعَهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ حُكْمَ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِّ الذِّمَّةِ لِأَنَّ بَعْضَ الفقهاء جعل قول اليهود ههنا من باب السب وقوله السَّامُ عَلَيْكُمْ وَهَذَا عِنْدِي لَا وَجْهَ لَهُ والله أعلم

الحديث الثامن عشر

حَدِيثٌ ثَامِنَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانَ يَلْبَسُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَبَذَهُ وَقَالَ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا قَالَ فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِمَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَرِدَ الشَّرْعُ بِالْمَنْعِ مِنْهَا أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَخَتَّمُ بِالذَّهَبِ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ حَتَّى أَمَرَهُ اللَّهُ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ تَرْكِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ لِلرِّجَالِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ كَانَ النَّاسُ عَلَى جَاهِلِيَّتِهِمْ حتى

يُؤْمَرُوا أَوْ يُنْهَوْا وَمِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نهى عن لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَالْمُعَصْفَرِ وَعَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ الْحَدِيثَ وَهَذَا لَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى عُمُومِهِ مَا جَازَ لِلرِّجَالِ وَلَا لِلنِّسَاءِ وَلَكِنْ قَدْ جَاءَتْ آثَارٌ تَخُصُّ النِّسَاءَ قَدْ ذَكَرْنَاهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فِي بَابِ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الرَّقِّيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ سمعت معاوية بن سويد بن مقر قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن خَاتَمِ الذَّهَبِ أَوْ حِلْيَةِ الذَّهَبِ شَكَّ شُعْبَةُ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكَرِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بن سويد بن مقر عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ نُهِينَا عَنْ سَبْعٍ وَأُمِرْنَا بِسَبْعٍ أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ

وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَإِجَابَةِ الدَّاعِي وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَرَدِّ السَّلَامِ وَنُهِينَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَآنِيَةِ الْفِضَّةِ وَالْقَسِّيِّ وَالْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالْإِسْتَبْرَقِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَفِي بَابِ نَافِعٍ أَيْضًا وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي وَحَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لِلرِّجَالِ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْكَنُودِ قَالَ أَصَبْتُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَرَآهُ عَلَيَّ فَأَخَذَهُ فَجَعَلَهُ بَيْنَ لَحْيَيْهِ فَمَضَغَهُ وَقَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْكَنُودِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ مَرْفُوعًا وَأَبُو الْكَنُودِ هَذَا مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فيه

وَاخْتَلَفُوا فِي اسْمِ أَبِيهِ فَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُوَيْمِرٍ وَقَالَ خَلِيفَةُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَنَسَبَهُ فِي الْأَزْدِ وَأَبُو سَعِيدٍ أَزْدِيٌّ أَيْضًا لَا يُوقَفُ لَهُ عَلَى اسْمٍ يُقَالُ لِأَبِي سَعِيدٍ قَارِئُ الْأَزْدِ رَوَى عَنْهُ السُّدِّيُّ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَرَوَى عَنْ أَبِي الْكَنُودِ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَزْدِيُّ سَمِعَ خَبَّابَ بْنَ الْأَرَتِّ وَابْنَ مَسْعُودٍ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ وَقَالَ يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَمَا ذَهَبَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ خُذْ خَاتَمَكَ فَانْتَفِعْ بِهِ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ لَا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ فِي الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ لِبَاسَ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ حَلَالٌ وَقَدْ مَضَى فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ

كِتَابِنَا هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ هَذَانِ حَلَالَانِ لِإِنَاثِ أُمَّتِي حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِهَا وَمَضَى هُنَالِكَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا وَأَمَّا نَبْذُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمَهُ وَنَبْذُ النَّاسِ لِخَوَاتِمِهِمْ فَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُمُ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا أَمْرٌ وَاضِحٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَبْذُهُ لَهُ طَرْحَهُ لَهُ عَنْ يَدِهِ وَكَذَلِكَ طَرْحُ النَّاسِ لِخَوَاتِمِهِمْ عَنْ أَيْدِيهِمْ تَرْكُهُمْ لِلُبْسِهَا وَاسْتِعْمَالِهَا لَمَّا نُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَالذَّهَبُ مَالٌ فَجَائِزٌ سَبْكُهُ وَبَيْعُهُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَجُوزُ لَهُنَّ اتِّخَاذُهُ وَإِنَّمَا حُرِّمَ عَلَى الرَّجُلِ حَبْسُهُ فِي أُصْبُعِهِ تَزَيُّنًا بِهِ دُونَ سَائِرِ تَمَلُّكِهِ وَإِنْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى بِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ أَوَّلًا ثُمَّ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا خِلَافَ فِيهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا اتِّخَاذُ خَاتَمِ الْوَرِقِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَمُجْتَمَعٌ عَلَى إِجَازَتِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّيْهِ فَاتَّخَذَهُ النَّاسُ فَرَمَى بِهِ وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ ثُمَّ نَبَذَهُ فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِمَهُمْ وَهَذَا غَلَطٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ إِنَّمَا نَبَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ لَا مِنْ وَرِقٍ وَحَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ رَوَاهُ عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاتما مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اصْطَنَعُوا الْخَوَاتِمَ مِنْ وَرِقٍ وَلَبِسُوهَا فَطَرَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمَهُ وَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِمَهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ غَيْرُ مَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ مِنْ رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهُمْ وَقَدْ كَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِبَاسَ الْخَاتَمِ جُمْلَةً لِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ لِغَيْرِ السُّلْطَانِ

وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ إِجَازَةُ لُبْسِ خَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلسُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ وَلِمَا عَلِمَهُ مَالِكٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ كَرَاهَةِ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ ذَكَرَ فِي مُوَطِّئِهِ بَعْدَ حَدِيثِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَهُ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ لُبْسِ الْخَاتَمِ فَقَالَ الْبَسْهُ وَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنِّي أَفْتَيْتُكَ بِذَلِكَ وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَنِ لُبْسِ الْخَاتَمِ فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ يَكْرَهُونَهُ لِغَيْرِ ذِي سُلْطَانٍ وَيَرْوُونَ فِيهِ الْكَرَاهَةَ وَقَدْ تَخَتَّمَ قَوْمٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِحَدِيثِ أَبِي رَيْحَانَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَرِهَ خِلَالًا ذَكَرَهَا مِنْهَا الْخَاتَمُ إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ فَلَمَّا بَلَغَ أَحْمَدَ هَذَا الْمَوْضِعُ تَبَسَّمَ كَالْمُتَعَجِّبِ ثُمَّ قَالَ يَا أَهْلَ الشَّامِ (قَالَ أَبُو عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحَدِيثُ أَبِي رَيْحَانَةَ فِي ذَلِكَ قرأته على عبد الرحمان بْنِ يَحْيَى فِي أَصْلِ سَمَاعِهِ وَمِنْهُ كَتَبْتُهُ

قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ قال حدثنا محمد بن زيان بْنِ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ الْقِتْبَانِيُّ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَيَّاشٍ الْقِتْبَانِيِّ عَنْ أَبِي الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ شُقَيٍّ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي يُدْعَى أَبَا عَامِرٍ رَجُلٌ مِنَ الْمُعَافِرِ لِيُصَلِّيَ بِإِيلِيَا وَكَانَ حَدَّثَهُمْ رَجُلٌ مِنَ الْأَزْدِ يُقَالُ لَهُ أَبُو رَيْحَانَةَ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ أَبُو الْحُصَيْنِ فَسَبَقَنِي صَاحِبِي إِلَى الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَسَأَلَنِي هَلْ أَدْرَكْتَ قَصَصَ أَبِي رَيْحَانَةَ فَقُلْتُ لَهُ لَا فَقَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عَشْرٍ عَنْ الْوَشْرِ وَالْوَشْمِ وَالنَّتْفِ وَعَنْ مُكَامَعَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ بِغَيْرِ شِعَارٍ وَعَنْ مُكَامَعَةِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ بِغَيْرِ شِعَارٍ وَأَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ تَحْتَ ثِيَابِهِ حَرِيرًا مِثْلَ الْأَعَاجِمِ وَأَنْ يَجْعَلَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ حَرِيرًا مِثْلَ الْأَعَاجِمِ وَعَنْ النُّهْبَةِ وَرُكُوبِ النمور ولبس الخاتم إلا الذي سلطان

هَكَذَا وَقَعَ فِي أَصْلِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ شُقَيٍّ وَإِنَّمَا أَعْرِفُهُ عَنْ أَبِي الْحُصَيْنِ الْهَيْثَمِ بْنِ شُقَيٍّ لَا يُعْرَفُ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَّا بِهِ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ فِيمَا عَلِمْتُ غَيْرُ عَيَّاشِ بْنِ عَيَّاشٍ الْقِتْبَانِيِّ وَقِتْبَانُ فِي الْيَمَنِ وحدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا محمد بن زيان حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فضالة عن عمرو بن الحرث عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَرَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ وَصُهَيْبًا كَانُوا يَتَخَتَّمُونَ قَالَ بُكَيْرٌ وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ عَلَى سُلْطَانٍ وَبِهِ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ عُقَيْلٍ أَنَّهُ رَأَى عَلَى ابْنِ شِهَابٍ خَاتَمًا نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ يَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ قَالَ عُقَيْلٌ وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ شِهَابٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الْخَاتَمِ يَكُونُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ وَهُوَ عَلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ مَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَلْبَسُونَ الْخَوَاتِمَ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ وَالْحَرْفُ من القرآن)

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَدِيثُ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمِصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْحِمْيَرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا رَيْحَانَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كَانَ الرَّسُولُ صَلَّى الله عليه وسلم ينهى عن شعر خِصَالٍ مُعَاكَمَةِ أَوْ مُكَامَعَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ فِي شِعَارٍ لَيْسَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ وَمُعَاكَمَةِ أَوْ مُكَامَعَةِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ لَيْسَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ وَالْوَشْرِ وَالنَّتْفِ والوشم والنهبة وركوب النمور واتخاذ الديباج ههنا عَلَى الْعَاتِقِينَ كَمَا تَصْنَعُ الْأَعَاجِمُ وَفِي أَسْفَلِ الثِّيَابِ وَالْخَاتَمِ إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ عَشْرِ خِصَالٍ عَنِ الْوَشْرِ وَالْوَشْمِ وَعَنْ مُكَامَعَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ وَعَنْ مُكَامَعَةِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ يَعْنِي الْمُبَاشَرَةَ وَعَنْ ثِيَابٍ تُكَفُّ بِالدِّيبَاجِ مِنْ أَعْلَاهَا وَمِنْ أَسْفَلِهَا كَمَا تَصْنَعُ الْأَعَاجِمُ وَعَنِ النُّهْبَةِ وَعَنْ أَنْ يُرْكَبَ بِجُلُودِ النِّمَارِ وَعَنِ الْخَاتَمِ إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ لَمْ تَتِمَّ فِي وَاحِدٍ مِنَ الِإِسْنَادَيْنِ الْعَشْرُ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْجُمَاهِرِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ التَّنُوخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الْعَجَمِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ لَا يَنْفُذُ كِتَابُكَ إِلَّا بِخَاتَمٍ قَالَ فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ فَصُّهُ مِنْهُ وَالْخَاتَمُ مَنْقُوشٌ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ وَلَبِسَ أَبُو بَكْرٍ خَاتَمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ لَبِسَ الْخَاتَمَ عُمَرُ فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ لَبِسَ الْخَاتَمَ عُثْمَانُ فَسَقَطَ مِنْ عُثْمَانَ فِي بِئْرٍ بِالْمَدِينَةِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ كِتَابًا إِلَّا بِخَاتَمٍ فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حدثا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم اتخذ خاتما

مِنْ فِضَّةٍ وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ إِنِّي اتَّخَذْتُ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ وَنَقَشْتُ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَلَا يَنْقُشُ أَحَدٌ عَلَيْهِ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ عَبْدُ الرحمان بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الْأَعَاجِمِ قِيلَ لَهُ إِنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ كِتَابًا إِلَّا بِخَاتَمٍ فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَصِيصِهِ أَوْ بَيَاضِهِ فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَنَسٍ ثَابِتٌ وَحُمَيْدٌ لَمْ يَذْكُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِيهِ نَبْذَ الْخَاتَمِ فَهَذَا مَا فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَبَذَهُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي خَاتَمِ الذَّهَبِ خَاصَّةً وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بَيَانُ مَا قُلْنَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَفَشَتْ خَوَاتِمُ الذَّهَبِ فِي أَصْحَابِهِ فَرَمَى بِهِ وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَكَانَ فِي يَدِهِ حَتَّى مَاتَ وَفِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى مَاتَ وَفِي يَدِ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ وَفِي يَدِ عُثْمَانَ سِتَّ سِنِينَ فَلَمَّا كَثُرَتْ عَلَيْهِ الْكُتُبُ دَفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ لِلْخَتْمِ بِهِ فَأَتَى (قَلِيبًا) لِعُثْمَانَ فَسَقَطَ فِيهَا فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُوجَدْ فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ وَنَقْشٍ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ثُمَّ رَمَى بِهِ وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ فَصُّهُ مِنْهُ وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَنَهَى أَنْ يَنْقُشَ أَحَدٌ عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي سَقَطَ مِنْ مُعَيْقِيبٍ فِي بِئْرِ أَرِيسٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قاسم قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنِ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ خَاتَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ وَكَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي رَاحَتَهُ

وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ خَاتَمًا فِي يَمِينِهِ وَيَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ بَاطِنِ كَفِّهِ (وَحَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زَبَّانَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ الْخَاتَمَ مِنْ وَرِقٍ وَيَلْبَسُهُ فِي يَدِهِ الْيُسْرَى وَهَذَا أَصَحُّ عَنْهُ) فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ خَاتَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فَصُّهُ مِنْهُ وَكَانَ يَجْعَلُهُ مِمَّا يَلِي رَاحَتَهُ وَكَذَلِكَ رَوَى حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُ مِنْ فِضَّةٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ أَنَّ فَصَّهُ كَانَ مِنْهُ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ فَصَّهُ كَانَ حَبَشِيًّا أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وعبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ لُبَابَةَ قال حدثنا أبو زيد عبد الرحمان بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ فِي يَمِينِهِ وَفِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ كَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا الْإِسْنَادُ بِالْقَوِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَدِيثُ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَصَحُّ مِنْ هَذَا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم أَنَّهُ كَانَ يَتَخَتَّمُ بِالذَّهَبِ وَهَذَا إِنْ صَحَّ عَنْهُ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ فَلَا مَعْنَى لَهُ لِشُذُوذِهِ وَمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِيهِ وَالْحُجَّةُ فِيهَا لَا فِي غَيْرِهَا وَجَائِزٌ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ عِلْمِ الْخَاصَّةِ وَأَخْبَارِ الْآحَادِ فَقَدْ فَاتَ مَنْ هُوَ أَجَلُّ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِ الْآحَادِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِضَائِرٍ لَهُمْ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَأَمَّا التَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ وَفِي الْيَسَارِ فَاخْتَلَفَتْ فِي ذَلِكَ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ بَعْدَهُ وَذَلِكَ مَحْمُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْإِبَاحَةِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ أَنَّهُمْ سَأَلُوا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمٌ

قَالَ نَعَمْ فَذَكَرَ حَدِيثًا قَالَ أَنَسٍ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ وَرَفَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى وَحَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْعَوَّامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَخَتَّمُ بِيَمِينِهِ وَنَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ رَأَيْتُ خَاتَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَمِينِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنِي سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ! نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الصَّلْتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ خَاتَمُهُ فِي يَمِينِهِ وَلَا إِخَالُهُ إِلَّا قَدْ ذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ كَانَ يَلْبَسُهُ

وأخبرنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخَتَّمَ فِي يَمِينِهِ وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَخَتَّمُ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعِمْرَانُ بن حصين وأبو عبيدة بن الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمَسْرُوقٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَالْحَسَنُ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَأَمَّا نُقُوشُ خَوَاتِمِهِمْ فَمُخْتَلِفَةٌ جِدًّا وَقَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَقِيٍّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَا تَنْقُشُوا أَوْ لَا تَكْتُبُوا فِي خَوَاتِمِكُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ النَّاسُ عَلَى خِلَافِ هَذَا وَقَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْقُشَ فِي الْخَاتَمِ الْآيَةَ كُلَّهَا وَكَرِهَهُ إِبْرَاهِيمُ وَكَانَ نَقْشُ خاتم مسروق بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ وَمِمَّنْ كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَعَمْرُوُ بْنُ حُرَيْثٍ

وَمِمَّنْ كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ جَعْفَرُ بْنُ أبي طالب ومحمد بن علي بن الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَرَأَيْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ وَرَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَتَخَتَّمَانِ فِي أَيِسَارِهِمَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى

وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جعفر قال حدثا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ طَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بُسْرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يَجْعَلُ فَصَّ خَاتَمِهِ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي لُبْسِ خَاتَمِ الْحَدِيدِ فَفِي حَدِيثِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ مَا تَرَى فِي خَاتَمِ الْحَدِيدِ فَقَالَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَبِسَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا طَهُرَتْ كَفٌّ فِيهَا خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ وَرَوَى مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَخَاتَمِ الْحَدِيدِ

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ فِي خَاتَمِ الذَّهَبِ وَخَاتَمِ الْحَدِيدِ جَمْرَةٌ مِنْ نَارٍ أَوْ قَالَ حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ هَذَا مَرْفُوعًا وَلَا يَتَّصِلُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ عُمَرَ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَثْبُتَ النَّهْيُ وَهَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا أَنَّ النَّهْيَ عَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ صَحِيحٌ (وَلَا يُخْتَلَفُ فِي صِحَّتِهِ) وَقَدْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ الْمَعْنَى قَالَا أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَبِي ظَبْيَةَ السُّلَمِيِّ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ شَبَهٍ فَقَالَ لَهُ مَا لِي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الْأَصْنَامِ فَطَرَحَهُ ثُمَّ جَاءَهُ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ فَطَرَحَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ وَلَا تُتِمَّهُ مِثْقَالًا لَمْ يَقُلْ مُحَمَّدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يَقُلِ الْحَسَنُ السُّلَمِيُّ الْمَرْوَزِيُّ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاءُ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى قَالَ سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الْفَزَارِيَّ وَرَأَى فِي يَدِ رَجُلٍ خَاتَمًا فَقَالَ لَهُ فِي يَدِكَ خَاتَمٌ مَا لَبِسْتُ

خَاتَمًا قَطُّ وَلَا رَأَيْتُ فِي يَدِ سُفْيَانَ خَاتَمًا وَلَا فِي يَدِ مُغِيرَةَ وَلَا فِي يَدِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ رَأَيْتُ الأعمش وسفيان والحسن بن حي فلم أرى عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَاتَمًا وَكَانَ شَرِيكٌ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقْضِيَ عَلَيْهِ خَاتَمُ فِضَّةٍ وَرَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ عَلَيْهِ خَاتَمُ فِضَّةٍ فَصُّهُ مِنْهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حدثنا أبان قال حدثنا قتادة عن عبد الرحمان مَوْلَى أُمِّ بُرْثُنٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ وَزِيَادًا قَدِمَا عَلَى عُمَرَ وَفِي يَدِ زِيَادٍ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَتَتَخَتَّمُ بِالذَّهَبِ فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَمَّا أَنَا فَخَاتَمِي مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ ذَلِكَ أَخْبَثُ وَأَنْتَنُ ثُمَّ قَالَ مَنْ كَانَ مُتَخَتِّمًا فَلْيَتَخَتَّمْ بِالْفِضَّةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ نَافِعٍ مَسْأَلَةَ شَدِّ الْأَسْنَانِ بالذهب والحمد لله

خَاتَمًا قَطُّ وَلَا رَأَيْتُ فِي يَدِ سُفْيَانَ خَاتَمًا وَلَا فِي يَدِ مُغِيرَةَ وَلَا فِي يَدِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ رَأَيْتُ الأعمش وسفيان والحسن بن حي فلم أرى عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَاتَمًا وَكَانَ شَرِيكٌ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقْضِيَ عَلَيْهِ خَاتَمُ فِضَّةٍ وَرَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ عَلَيْهِ خَاتَمُ فِضَّةٍ فَصُّهُ مِنْهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حدثنا أبان قال حدثنا قتادة عن عبد الرحمان مَوْلَى أُمِّ بُرْثُنٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ وَزِيَادًا قَدِمَا عَلَى عُمَرَ وَفِي يَدِ زِيَادٍ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَتَتَخَتَّمُ بِالذَّهَبِ فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَمَّا أَنَا فَخَاتَمِي مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ ذَلِكَ أَخْبَثُ وَأَنْتَنُ ثُمَّ قَالَ مَنْ كَانَ مُتَخَتِّمًا فَلْيَتَخَتَّمْ بِالْفِضَّةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ نَافِعٍ مَسْأَلَةَ شَدِّ الْأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث التاسع عشر

حَدِيثٌ تَاسِعَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي (بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَمِنْ أَحْسَنِ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَاءَ النَّاسُ يَعُودُونَهُ فِيهِمْ شَابٌّ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمَّا سَلَّمَ عَلَى عُمَرَ أَبْصَرَ إِزَارَهُ قَدْ أُسْبَلَ فَدَعَاهُ فَقَالَ ارْفَعْ إِزَارَكَ فَإِنَّهُ أَنْقَى لِثَوْبِكَ وَأَتْقَى لِرَبِّكَ قَالَ فَمَا مَنَعَهُ مَا هُوَ فِيهِ أَنْ أَمَرَهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ

الحديث العشرون

حَدِيثٌ مُوفِي عِشْرِينَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ كُلُّهُمْ يُخْبِرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ وَكَذَلِكَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا فِي مَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ سَلَفَ الْقَوْلَ فِيهِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الحادي والعشرون

حَدِيثٌ حَادٍ وَعِشْرُونَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ مُسْتَوْعَبًا فِي مَعَانِيهِ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا

الحديث الثاني والعشرون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَعِشْرُونَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عِنْدَ دَارِ خَالِدِ بْنِ عُقْبَةَ الَّتِي بِالسُّوقِ فَجَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يُنَاجِيَهُ وَلَيْسَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُ الرَّجُلِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُنَاجِيَهُ فَدَعَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَجُلًا آخَرَ حَتَّى إِذَا كُنَّا أَرْبَعَةً قَالَ لِي وَلِلرَّجُلِ الَّذِي دَعَاهُ اسْتَأْخِرَا شَيْئًا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ يُفَسِّرُ حَدِيثَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَ اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتَرْخِيَا فَمَعْنَاهُ اجْلِسَا وَتَحَدَّثَا وَانْتَظِرَا قَلِيلًا وَقِيلَ بَلْ مَعْنَى اسْتَرْخِيَا وَاسْتَأْخِرَا سَوَاءٌ

الحديث الثالث والعشرون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَعِشْرُونَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ حَدِيثَانِ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دينار عن سلمان بْنِ يَسَارٍ وَعَنْ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ هَكَذَا فِي كِتَابِ يَحْيَى وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بِوَاوِ الْعَطْفِ وَهُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ سليمان بن يسار عن عروة بن الزبير وَكَذَلِكَ هُوَ عِنْدِ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَالتِّنِّيسِيِّ وَأَبِي الْمُصْعَبِ وَجَمَاعَتِهِمْ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عن سليمان بن يسار عن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ

وَهُوَ مَعْرُوفٌ لِسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُرْوَةَ وَغَيْرُ نَكِيرٍ رِوَايَةُ النَّظِيرِ عَنِ النَّظِيرِ فَكَيْفَ وَسُلَيْمَانُ دُونَ عُرْوَةَ فِي السِّنِّ وَاللِّقَاءِ وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا مِنْ فُقَهَاءِ عَصْرِهِمَا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُرْوَةَ مَكْحُولٌ الشَّامِيُّ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ أَيْضًا وَرَوَاهُ عَنْ عُرْوَةَ ابْنِ شِهَابٍ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَجَمَاعَةٌ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال يحرم من الراضعة مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ مَالِكٍ كَمَا رَوَاهُ سَائِرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ غَيْرَ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَحَسْبُكَ بِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ إِتْقَانًا وَحِفْظًا وَجَلَالَةً قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السلام قال حدثنا محمد ابن بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا حَرَّمَتِ الْوِلَادَةُ حَرَّمَتِ الرَّضَاعَةُ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَاضِحُ الْمَعْنَى وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمِلًا لِلتَّأْوِيلِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ مُسْتَوْعَبًا فِي لَبَنِ الْفَحْلِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّنَازُعِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مُجَوَّدًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ كتابنا هذا فلا وجه لإعادة ذلك ههنا

الحديث الرابع والعشرون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَعِشْرُونَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الله بن دينار عن سليمان بن يسار وَعَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ وَرَوَاهُ حَبِيبٌ كَاتِبُ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَأَخْطَأَ وَكَانَ كَثِيرَ الْخَطَأِ وَقَدْ نُسِبَ إِلَى الْكَذِبِ لِكَثْرَةِ غَرَائِبِهِ وَخَطَئِهِ عَنْ مَالِكٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا أَخْطَأَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى كَخَطَئِهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ سَوَاءً وَأَدْخَلَ بَيْنَ سُلَيْمَانَ وَعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ وَاوًا فَجَعَلَ الْحَدِيثَ لِعَبْدِ

اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وعراك وهو خطأ غير مُشْكِلٌ وَهَذَانِ الْمَوْضِعَانِ مِمَّا عُدَّ عَلَيْهِ مِنْ غَلَطِهِ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ فِي الْمُوَطَّآتِ كُلِّهَا وَغَيْرِهَا لِسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ وَهُمَا تَابِعَانِ نَظِيرَانِ وَعِرَاكٌ أَسَنُّ مِنْ سُلَيْمَانَ وَسُلَيْمَانُ عِنْدَهُمْ أَفْقَهُ وَكِلَاهُمَا ثِقَةٌ جَلِيلٌ عَالِمٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ تَابِعٌ أَيْضًا ثِقَةٌ تُوُفِّيَ عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ الْغِفَارِيُّ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ وَتُوُفِّيَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَفَاةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فِي أَوَّلِ بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَمَا زَالَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا يَأْخُذُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَيَأْخُذُ الْكَبِيرُ عَنِ الصَّغِيرِ وَالنَّظِيرُ عَنِ النَّظِيرِ وَنَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي أُنُوفِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا بِبَلَدِنَا فَأُعْجِبُوا بِمَا عِنْدَهُمْ وَقَنِعُوا بِيَسِيرِ مَا عَلِمُوا وَنَصَبُوا الْحَرْبَ لِأَهْلِ الْعِنَايَةِ وَأَبْدَوْا لَهُ الشَّحْنَاءَ وَالْعَدَاوَةَ حَسَدًا وَبَغْيًا وَقَدِيمًا كَانَ فِي النَّاسِ الْحَسَدُ وَلَقَدْ كَانَ ذَلِكَ فِيمَا رُوِيَ مِنْ إِبْلِيسَ لِآدَمَ وَمِنِ ابْنَيْ آدَمَ بَعْضِهِمَا لِبَعْضٍ وَلَقَدْ أَحْسَنَ سَابِقٌ رَحِمَهُ اللَّهُ حَيْثُ يَقُولُ ... جَنَى الضَّغَائِنَ آبَاءٌ لَنَا سَلَفُوا ... فَلَنْ تَبِيدَ وَلِلْآبَاءِ أَبْنَاءُ ... وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ الْحَاسِدِينَ فِي كِتَابِهِ وَنَهَى عَنِ الْحَسَدِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا تَحَاسَدُوا ثُمَّ قَالَ إِذَا حَسَدْتُمْ فَلَا تَبْغُوا وَلَا مَعْصُومَ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ فَهُوَ حَسْبُنَا لَا شَرِيكَ لَهُ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْخَيْلَ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَأَنَّ الْعَبِيدَ لَا زَكَاةَ فِيهِمْ وَجَرَى عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مَجْرَى الْعَبِيدِ وَالْخَيْلِ الثِّيَابُ وَالْفُرُشُ وَالْأَوَانِي وَالْجَوَاهِرُ وَسَائِرُ الْعُرُوضِ وَالدُّورُ وَكُلُّ مَا يُقْتَنَى مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَهَذَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مَا لَمْ يَرِدْ بِذَلِكَ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ تِجَارَةٌ فَإِنْ أُرِيدَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ التِّجَارَةُ فَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِيهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَمِمَّنْ رَأَى الزَّكَاةَ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ وَسَائِرِ الْعُرُوضِ كُلِّهَا إِذَا أُرِيدَ بِهَا التِّجَارَةُ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وَعَلَى ذَلِكَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْعُرُوضِ قَالَ سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَيْسَ فِي الْعُرُوضِ صَدَقَةٌ وَهَذَا لَوْ صَحَّ كَانَ مَعْنَاهُ عِنْدَنَا أَنْ لَا زَكَاةَ فِي الْعُرُوضِ إِذَا لَمْ يُرَدْ بِهَا التِّجَارَةُ لِأَنَّهَا إِذَا أُرِيدَ بِهَا التِّجَارَةُ جَرَتْ مَجْرَى الْعَيْنِ لِأَنَّ الْعَيْنَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ تَحَوَّلَتْ فِيهَا طَلَبًا لِلنَّمَاءِ فَقَامَتْ مَقَامَهَا وَكَذَلِكَ قَوْلُ كُلِّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنَ التَّابِعَيْنِ لَا زَكَاةَ فِي الْعُرُوضِ عَلَى هَذَا مَحْمَلُهُ عِنْدَنَا وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا هَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّهَا اشْتُرِيَتْ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ لِتُرَدَّ إِلَى الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَلَا يَحْصُلُ التَّصَرُّفُ

فِي الْعَيْنِ إِلَّا بِذَلِكَ فَلِهَذَا قَامَتِ الْعُرُوضُ مَقَامَ الْعَيْنِ فَإِذَا اشْتُرِيَتْ لِلْقِنْيَةِ فَلَا صَدَقَةَ فِيهَا وَقَدْ شَذَّ دَاوُدُ فَلَمْ يَرَ الزَّكَاةَ فِي الْعُرُوضِ وَإِنْ نَوَى بِهَا صَاحِبُهَا التِّجَارَةَ وَحُجَّتُهُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ قَالَ وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا التِّجَارَةَ وَاحْتَجَّ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا بِاتِّفَاقٍ أَوْ دَلِيلٍ لَا مَعَارِضَ لَهُ قَالَ وَالِاخْتِلَافُ فِي زَكَاةِ الْعُرُوضِ مَوْجُودٌ فَذَكَرَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ مَا ذَكَرْنَا وَذَكَرَ عَنْ مَالِكٍ مَذْهَبَهُ فِيمَا بَارَ مِنَ الْعُرُوضِ عَلَى التُّجَّارِ وَكَعَبْدٍ ممن ليس بمدير وَقَوْلُهُ فِي التَّاجِرِ يَبِيعُ الْعَرَضَ بِالْعَرَضِ وَلَا يَنِضُّ لَهُ شَيْءٌ فِي حَوْلِهِ وَجَعَلَ هَذَا خِلَافًا أَسْقَطَ بِهِ الزَّكَاةَ فِي الْعُرُوضِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ وَقَالَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا يُقْتَنَى مِنَ الْعُرُوضِ وَلَا يُرَادُ بِهِ التِّجَارَةُ وَلِلْعُلَمَاءِ فِي زَكَاةِ الْعُرُوضِ الَّتِي

تُبْتَاعُ لِلتِّجَارَةِ قَوْلَانِ أَيْضًا أَحَدُهُمَا أَنَّ صَاحِبَهَا يُزَكِّيهَا عَنِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَالْآخَرُ أَنَّهَا تَقُومُ بَالِغًا مَا بَلَغَتْ نَقَصَتْ أَوْ زادت والمدير وغير المدير عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ سَوَاءٌ يُقَوَّمُ عِنْدَ رَأْسِ الْحَوْلِ وَيُزَكِّي كُلَّ مَا نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ فِي كُلِّ حَوْلٍ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وأبو ثور وأبو عبيد وقال مالك المدير يُقَوَّمُ إِذَا نَضَّ لَهُ شَيْءٌ فِي الْعَامِ وغير المدير لَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ أَقَامَ الْعَرَضَ لِلتِّجَارَةِ عِنْدَهُ سِنِينَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ فَإِذَا بَاعَهُ زَكَّاهُ زَكَاةً وَاحِدَةً لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ إِذَا كَانَتِ الْعُرُوضُ لِلتِّجَارَةِ فَفِيهَا الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا النِّصَابَ يُقَوِّمُهَا بِالدَّنَانِيرِ أَوْ بِالدَّرَاهِمِ الْأَغْلَبِ مِنْ نَقْدِ بَلَدِهِ رَأْسَ الْحَوْلِ وَيُزَكِّي وَسَوَاءٌ بَاعَ الْعُرُوضَ بِالْعُرُوضِ أَوْ بَاعَ الْعُرُوضَ بِالْعَيْنِ وَسَوَاءٌ نَضَّ لَهُ فِي الْعَامِ شَيْءٌ أَوْ لَمْ يَنِضَّ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ الْبَغْدَادِيِّينَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ مِمَّنْ يَبِيعُ الْعَرَضَ بِالْعَرَضِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَنِضَّ مَالُهُ وَإِنْ كَانَ يَبِيعُ بِالْعَيْنِ والعرض

فَإِنَّهُ يُزَكِّي قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يدير التجارات فاتشرى سِلْعَةً بِعَيْنِهَا فَبَارَتْ عَلَيْهِ فَمَضَتْ أَحْوَالٌ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فَإِذَا بَاعَ زَكَّى زَكَاةً وَاحِدَةً قال وأما المدير الَّذِي يَكْثُرُ خُرُوجُ مَا ابْتَاعَ عَنْهُ وَيَقِلُّ بواره وكساده ويبيع بالنقد والدين فَإِنَّهُ يُقَوِّمُ مَا عِنْدَهُ مِنَ السِّلَعِ وَيُحْصِي ما عنده من العين وماله مِنَ الدَّيْنِ فِي مَلَأٍ وَثِقَةٍ مِمَّا لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ أَخْذُهُ وَيُقَوِّمُ عُرُوضَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ عَامٍ إِذَا نَضَّ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْعَيْنِ لِيُزَكِّيَهَا مَعَ مَا نَضَّ لَهُ مِنَ الْعَيْنِ وَسَوَاءٌ نَضَّ لَهُ نِصَابٌ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا نَضَّ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْعَيْنِ قَوَّمَ عُرُوضَهُ وَزَكَّى لِحَوْلِهِ مُنْذُ ابْتَدَأَ تَجْرَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقَوِّمُ حَتَّى يَمْضِيَ لَهُ حَوْلٌ مُسْتَقْبَلٌ مُذْ بَاعَ بالعين لأنه حينئذ صار مديرا مِمَّنْ يَلْزَمُهُ التَّقْوِيمُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي الذي يدير الْعُرُوضَ بِالْعُرُوضِ وَلَا يَبِيعُ بِعَيْنٍ إِنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ أَبَدًا حَتَّى يَنِضَّ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ عِشْرُونَ دِينَارًا فَإِذَا نَضَّ لَهُ ذَلِكَ زَكَّاهُ وَزَكَّى مَالَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ يَنِضُّ لَهُ وَلَا تَقْوِيمَ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَمَنْ كَانَ

عِنْدَهُ مَالٌ أَوْ مَالَانِ إِنَّمَا يَضَعُهُ فِي سِلْعَةٍ أَوْ سِلْعَتَيْنِ ثُمَّ يَبِيعُ فَيَعْرِفُ حَوْلَ كُلِّ مَالٍ فَإِنَّهُ إِذَا مَرَّ بِهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا زَكَّى مَا فِي يَدَيْهِ مِنَ الْعَيْنِ ثُمَّ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيمَا عِنْدَهُ مِنَ الْعُرُوضِ وَإِنْ أَقَامَ سِنِينَ حَتَّى يَبِيعَ لأن هذا يحفظ ماله وأحواله والمدير لَا يَحْفَظُ مَالَهُ وَلَا أَحْوَالَهُ فَمِنْ ثَمَّ قَوَّمَ هَذَا وَلَمْ يُقَوِّمْ هَذَا وَقَالَ اللَّيْثُ إِذَا ابْتَاعَ مَتَاعًا لِلتِّجَارَةِ فَبَقِيَ عِنْدَهُ أَحْوَالًا ثُمَّ بَاعَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ وَأَمَّا زَكَاةُ الْخَيْلِ السَّائِمَةِ فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهَا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْعُرُوضَ كُلَّهَا مِنَ الْعَبِيدِ وَغَيْرِ الْعَبِيدِ إِذَا لَمْ تَكُنْ تُبْتَاعُ لِلتِّجَارَةِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَسَوَاءٌ وَرِثَهَا الْإِنْسَانُ أَوْ وُهِبَتْ لَهُ أَوِ اشْتَرَاهَا لِلْقِنْيَةِ لَا شَيْءَ فِيهَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ وَرِثَ عُرُوضًا أَوْ وُهِبَتْ لَهُ فَنَوَى بِهَا التِّجَارَةَ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ التِّجَارَةُ حَتَّى يَبِيعَ ثُمَّ يَسْتَقْبِلَ بِالثَّمَنِ حَوْلًا وَقَالَ فِيمَنْ وَرِثَ حُلِيًّا يَنْوِي بِهِ التِّجَارَةَ كَانَ لِلتِّجَارَةِ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْحُلِيِّ وَالْعُرُوضِ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ الْحُلِيُّ وسائر

الْعُرُوضِ سَوَاءٌ مَنْ وَرِثَ مِنْهَا شَيْئًا فَنَوَى بِهَا التِّجَارَةَ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ لِلتِّجَارَةِ حَتَّى يَبِيعَهَا فَيَكُونَ ثَمَنُهَا لِلتِّجَارَةِ وَقَالُوا إِذَا كَانَ عِنْدَهُ عُرُوضٌ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ فَنَوَاهَا لِلتِّجَارَةِ لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ حَتَّى يَبِيعَهَا فَيَكُونَ الْبَدَلُ لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ لِلتِّجَارَةِ فَنَوَاهَا لِغَيْرِ التِّجَارَةِ صَارَتْ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ والثوري وعامة أهل العلم إلا إسحاق بن رَاهَوَيْهِ فَإِنَّهُ جَعَلَ النِّيَّةَ عَامِلَةً فِي ذَلِكَ بِكُلِّ وَجْهٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ فِي زَكَاةِ الْعُرُوضِ إِذَا اتَّجَرَ بِهَا صَاحَبُهَا حَدِيثُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ مَعَ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَنِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ لَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْهُمْ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْعِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّايِغُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خُبَيْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ وَكَانَ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الرَّقِيقِ الَّذِي يُعِدُّ لِلْبَيْعِ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سعيد بن منصور قال أخبرنا عبد الرحمان بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمَاسٍ أَنَّ أَبَاهُ حَمَاسًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ بِهِ وَمَعَهُ أُدْمٌ وَأُهُبٌ يَتَّجِرُ بِهِمَا فَأَقَامَهَا ثُمَّ أَخَذَ صَدَقَتَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تُبَاعَ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَمَاسٍ أَنَّ أَبَاهُ حَمَاسًا قَالَ مَرَرْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلَى عَاتِقِي أُدْمَةٌ أَحْمِلُهَا فَقَالَ أَلَا تُؤَدِّي زَكَاتَكَ يَا حَمَاسُ فَقُلْتُ

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَالِي غَيْرُ هَذِهِ وَأُهُبُ فِي الْقَرَظِ فَقَالَ ذَلِكَ مَالٌ فَضَعْ فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَحَسَبَهَا فَوَجَدَهَا قَدْ وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ فَأَخَذَ مِنْهَا الزَّكَاةَ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَمَاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ حَمَاسًا كَانَ يَبِيعُ الْأُدُمَ وَالْجِعَابَ وَأَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ يَا حَمَاسُ أَدِّ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَالَ والله مالي مَالٌ إِنَّمَا أَبِيعُ الْأُدُمَ وَالْجِعَابَ فَقَالَ قَوْمُهُ وَأَدِّ زَكَاتَهُ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ كُلُّ مَالٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ دَوَابَّ أُدِيرَ لِلتِّجَارَةِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ زَكَاةُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ من الصحابة

قَالَ أَبُو عُمَرَ لِهَذَا وَمِثْلِهِ قُلْنَا إِنَّ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَنْ لَا زَكَاةَ فِي الْعُرُوضِ إِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا لَمْ يُرَدْ بِهَا التِّجَارَةُ وَأَمَّا الْآثَارُ الْمُسْقِطَةُ لِلزَّكَاةِ عَنِ الْعُرُوضِ مَا لَمْ يُرَدْ بِهَا التِّجَارَةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قد عَفَوْتُ لَكُمْ عَنِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ فَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قد عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ مِائَتَيْنِ زَكَاةٌ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ وَسُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا أيوب بن موسى عن مكحول عن سليمان بْنِ يَسَارٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ الْوَضَّاحِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَهُوَ ابْنُ أُمَيَّةَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا زَكَاةَ عَلَى الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا فِي حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عِرَاكٍ وَفِي حَدِيثِ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عِرَاكٍ وَهُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ خَيْثَمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمَرْءِ فِي فَرَسِهِ وَلَا مَمْلُوكِهِ صَدَقَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ خَيْثَمِ بْنِ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ فِي عَبْدِهِ وَلَا فِي فَرَسِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَأَجْرَى الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ سَائِرَ الْعُرُوضِ كُلِّهَا عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا مَجْرَى الْفَرَسِ وَالْعَبْدِ إِذَا اقْتَنَى ذَلِكَ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ وَهُمْ فَهِمُوا الْمُرَادَ وَعَلِمُوهُ فَوَجَبَ التَّسْلِيمُ لِمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ تَوَعَّدَ مَنِ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُوَلِّيَهُ مَا تَوَلَّى وَيُصْلِيَهُ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا وَقَدْ زَادَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَلِمَةً تُوجِبُ حُكْمًا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ

يَحْيَى بْنُ فَيَّاضٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ لَيْسَ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ زَكَاةٌ إِلَّا زَكَاةَ الْفِطْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةُ جَاءَتْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا تَرَى وَلَا نَدْرِي مَنِ الرَّجُلِ الَّذِي رَوَاهَا عَنْ مَكْحُولٍ وَإِنَّمَا كُنَّا نَعْرِفُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِجَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ هَذَا إِنْ صَحَّتْ عَنْهُ أَيْضًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَدَقَةَ فِي فَرَسِ الرَّجُلِ وَلَا عَبْدِهِ إِلَّا صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَهَذَا لَمْ يَجِئْ بِهِ غَيْرُ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ بِأَسَانِيدَ مَعْلُولَةٍ كُلِّهَا فَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي إِيجَابِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي الْمَمْلُوكِ الْكَافِرِ فَقَالَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ إِلَّا صَدَقَةَ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ من هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي تَخْصِيصِهِ الْمُسْلِمِينَ دَفْعٌ لِإِيجَابِهَا عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْكَافِرِينَ وَهَذَا قَاطِعٌ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ نَافِعٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ مَمْلُوكٍ لَهُ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا وَلَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا وَلَا مَرْهُونًا وَلَا مَغْصُوبًا وَلَا آبِقًا أَوْ مُشْتَرًى لِلتِّجَارَةِ إِلَّا دَاوُدَ وَفِرْقَةً شَذَّتْ فَرَأَتْ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى الْعَبْدِ فِيمَا بِيَدِهِ دُونَ مَوْلَاهُ وَاخْتَلَفُوا فِي هَؤُلَاءِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَنَّ عَلَى السَّيِّدِ فِي عَبِيدِ التِّجَارَةِ إِذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وحجتهم حديث نفاع عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ لَمْ يَخُصَّ عَبْدًا مِنْ عَبْدٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ لَيْسَ فِي عَبِيدِ التِّجَارَةِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنِ الْمَكَاتَبِ فذهب

مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ مَكَاتَبِهِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ وَقَامَ دَلِيلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْمَكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ مَكَاتَبِهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عبد الرحمان وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُؤَدِّي عَنْ مَمْلُوكِيهِ وَلَا يُؤَدِّي عَنْ مُكَاتَبِيهِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ الْمَكَاتَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي اسْتِحْقَاقِ كَسْبِهِ دُونَ مَوْلَاهُ وَأَخْذِهِ مِنَ الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ غَنِيًّا فَفِي الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَلْزَمَ سَيِّدَهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ الْغَائِبِ هَلْ عَلَى سَيِّدِهِ فِيهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَفِي الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ هَلْ عَلَى سَيِّدِهِمْ فِيهِمْ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَأَمَّا الْعَبْدُ الْغَائِبُ إِذَا غَابَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَمْ يَكُنْ آبِقًا وَكَانَ مَعْلُومَ الْمَوْضِعِ مَرْجُوَّ الرَّجْعَةِ فَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِي إِيجَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى سَيِّدِهِ إِلَّا دَاوُدَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُمْ يُوجِبُونَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى الْعَبْدِ فِيمَا بِيَدِهِ دُونَ سَيِّدِهِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ نَافِعٍ وَأَمَّا الْآبِقُ وَالْمَغْصُوبُ فَإِنَّ مَالِكًا قال إذا كان غيبته قريبة

عُلِمَتْ حَيَاتُهُ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ إِذَا كَانَ تُرْجَى رَجْعَتُهُ وَحَيَاتُهُ زَكَّى عَنْهُ وَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ وَإِبَاقُهُ قَدْ طَالَ وَيُئِسَ مِنْهُ فَلَا أَرَى أَنْ يَزَّكَّى عَنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُؤَدَّى عَنِ الْمَغْصُوبِ وَالْآبِقِ وَإِنْ لَمْ تَرُجْ رَجْعَتُهُمْ إِذَا عُلِمَ حَيَاتُهُمْ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمَجْحُودِ لَيْسَ عَلَى مَوْلَاهُ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَعَطَاءٍ وَرَوَى أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ عَلَيْهِ فِي الْآبِقِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَقَالَ وُقِفَ عَلَيْهِ فِي الْمَغْصُوبِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا عُلِمَتْ حَيَاتُهُ أَدَّى عَنْهُ إِذَا كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ إِنْ عَلِمَ بِمَكَانِهِ يَعْنِي الْآبِقَ أَدَّى عَنْهُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّ عَلَى الرَّاهِنِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الرَّاهِنَ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ الَّذِي رَهَنَ فِيهِ عَبَدَهُ وَفَضَلَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنِ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ

وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا يُؤَدِّي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْهُ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ بِقَدْرِ مَا يَمْلِكُ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ حَاشَا مُحَمَّدًا فِي عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لَيْسَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ فَإِنْ كَانَ الْعَبِيدُ جَمَاعَةً فَمِثْلُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا يَجِبُ فِيهِمْ عَلَى سَادَتِهِمُ الْمُشْتَرِكِينَ فِيهِمْ شَيْءٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ فَقَالَ مَالِكٌ يُؤَدِّي السَّيِّدُ عَنْ نِصْفِهِ الْمَمْلُوكِ وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ نِصْفِهِ الْحُرِّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونَ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ صَاعًا كَامِلًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُؤَدِّي السَّيِّدُ عَنِ النِّصْفِ الْمَمْلُوكِ وَيُؤَدِّي الْعَبْدُ عَنْ نِصْفِهِ الْحُرِّ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ مَالٌ رَأَيْتُ لِسَيِّدِهِ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ كُلِّهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَمَّا مَلَكَ مِنَ الْعَبْدِ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَمُحَمَّدٌ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ جَمِيعَ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ إِذَا أَعْتَقَ نِصْفَهُ فَكَأَنَّهُ قَدْ عَتَقَ كُلَّهُ

وَاخْتَلَفُوا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي الْعَبْدِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي فَالصَّدَقَةُ عَلَى الْبَائِعِ فَسَخَ الْبَيْعَ أَوْ أَمْضَاهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَأَنْفَذَ الْبَيْعَ فَعَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَالزَّكَاةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَعَلَى الْمُشْتَرِي وَقَالَ ابْنُ شُرَيْحٍ مَنْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ أَوِ الْمُشْتَرِي أَوْ هُمَا جَمِيعًا فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ فِي بَعْضِ أَقَاوِيلِهِ الصَّدَقَةُ عَلَى الْبَائِعِ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ سَوَاءٌ قَالَ ابْنُ شُرَيْحٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَأَهَلَّ شَوَّالٌ وَهُوَ عِنْدُهُ كَانَ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ اخْتَارَ رَدَّهُ أَوْ أَمْضَاهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا كَانَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ أَوِ الْمُشْتَرِي فَصَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنِ الْعَبْدِ عَلَى مَنْ يَصِيرُ إِلَيْهِ الْعَبْدُ إِذَا جَاءَ يَوْمُ الْفِطْرِ وَمُدَّةُ الْخِيَارِ بَاقِيَةٌ وَقَالَ زُفَرُ إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فَسَخَ أَوْ أَجَازَ وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ فَعَلَى الْبَائِعِ فَسَخَ أَوْ أَجَازَ وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ فَعَلَى الْبَائِعِ فَسَخَ أَوْ أَجَازَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ الْمُوصِي بِرَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ بِخِدْمَتِهِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونَ الزَّكَاةُ عَنْهُ عَلَى مَنْ جُعِلَتْ لَهُ الْخِدْمَةُ إِذَا كَانَ زَمَانًا طَوِيلًا

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُ عَلَى مَالِكِ رَقَبَتِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي عَبِيدِ الْعَبِيدِ فَقَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ فِي عَبِيدِ عَبِيدِهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْهُمْ جَمِيعًا عَلَى الْمَوْلَى وَقَالَ اللَّيْثُ يُخْرِجُ عَنْ عَبِيدِ عَبِيدِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَلَا يُؤَدِّي عَنْ مَالِ عَبْدِهِ الزَّكَاةَ وَأَمَّا مَالُ الْعَبْدِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ لَا زَكَاةَ فِي مَالِ الْعَبْدِ عَلَى السَّيِّدِ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ مَالُ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ وَزَكَاتُهُ عَلَى الْمَوْلَى وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُخْرِجَ الزَّكَاةَ عَمَّا بِيَدِهِ وَيُزَكِّيَ عَنْ نَفْسِهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَهُوَ عِنْدَهُمْ مَالِكٌ صَحِيحُ الْمِلْكِ وَلِلْكَلَامِ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَقَدْ مَضَى مِنْهُ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ أَتَيْنَا مِنَ الْمَسَائِلِ فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا كُنَّا قَدْ قَصَّرْنَا عَنْهُ فِي بَابِ نَافِعٍ وَبِاللَّهِ الْعَوْنُ لَا شَرِيكَ لَهُ

الحديث الخامس والعشرون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَعِشْرُونَ لِمَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَيُقَالُ الزَّيَّاتُ حَدِيثَانِ وَهُوَ أَبُو صَالِحٍ ذَكْوَانُ مَوْلَى جُوَيْرِيَةَ امْرَأَةٍ مِنْ قَيْسٍ تُوُفِّيَتْ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ السَّمَّانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفًا فِي الْمُوَطَّأِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ أَسْنَدَهُ عَنْ مَالِكٌ مَنْ لَا يُوثَقُ بِهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن المبارك

حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ مَرْفُوعًا وَهُوَ عِنْدِي مِنْ غَلَطِهِ أَوْ غَلَطِ شَيْخِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ رَفْعُهُ فِيمَا أَحْسَبُ وَإِنْ صَحَّ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ مَا ذَكَرْنَا فَابْنُ الْمُبَارَكِ بَحْرٌ ثِقَةٌ حُجَّةٌ وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ في فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله

الحديث السادس والعشرون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَعِشْرُونَ لِمَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنه كان يقول من كان عنده مالم لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يَطْلُبُهُ حَتَّى يُمْكِنَهُ يَقُولُ أَنَا كَنْزُكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا مَوْقُوفٌ فِي الْمُوَطَّأِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ وَقَدْ أَسْنَدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَيْضًا عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ وَرَوَاهُ عَبْدُ العزيز بن (الماجشون) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عِنْدِي خَطَأٌ مِنْهُ فِي الْإِسْنَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُنْذِرِ وَبُكَيْرُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الماجشون عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الَّذِي لَا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ يُمَثَّلُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعٌ أَقْرَعُ لَهُ زَبِيبَتَانِ فَيَلْزَمُهُ قَالَ أَوْ يُطَوَّقُ بِهِ يَقُولُ أَنَا كَنْزُكَ أَنَا كَنْزُكَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ عبد العزيز بن الماجشون عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ ثَابِتَةٍ مِنْهَا حَدِيثُ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْهَا حَدِيثُ ابْنُ عَجْلَانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كُلُّهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وروى مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَحَادِيثُ هَذَا الْبَابِ ثَابِتَةٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَسْأَلُ عَنِ الْكَنْزِ مَا هُوَ قَالَ هُوَ الْمَالُ الَّذِي لَا تُؤَدَّى مِنْهُ الزَّكَاةُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهُ إِلَّا جَعَلَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهِ جَنْبُهُ وَجَبْهَتُهُ وَظَهْرُهُ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ثُمَّ يُرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ وَمَا مِنْ صَاحِبِ غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا إِلَّا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْفَرَ مَا كَانَتْ فَيُبْطَحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ فَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا كُلَّمَا مَضَتْ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ثُمَّ يُرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ وَمَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا إِلَّا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْفَرَ مَا كَانَتْ فَيَبْطَحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ فَتَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا كُلَّمَا مَضَتْ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ثُمَّ يُرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ

أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ قَالَ فِي قِصَّةِ الْإِبِلِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا قَالَ وَمِنْ حَقِّهَا حَلْبُهَا يَوْمَ وُرُودِهَا قَالَ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي عُمَرَ الْغُدَانِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ فَقَالَ لَهُ يَعْنِي لِأَبِي هُرَيْرَةَ فَمَا حَقُّ الْإِبِلِ قَالَ تُعْطِي الْكَرِيمَةَ وَتَمْنَحُ الْغَزِيرَةَ وَتُفْقِرُ الظَّهْرَ وَتَطْرُقُ الْفَحْلَ وَتَسْقِي اللَّبَنَ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِلَى هَذَا ذَهَبَ مَنْ جَعَلَ فِي الْمَالِ حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ وَتَأَوَّلَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْمَعْنَى فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَمْوَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ

وَقَدْ ذَهَبَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ أَيْضًا ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ في قوله سيطوقون مابخلوا به يوم القيامة قال هوالرجل يَرْزُقُهُ اللَّهُ الْمَالَ فَيَمْنَعُ قَرَابَتَهُ الْحَقَّ الَّذِي فيه فيجعل حية يطوقها فيقول مالي وَلَكِ فَتَقُولُ الْحَيَّةُ أَنَا مَالُكُ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ ثُعْبَانٌ بِفِيهِ زَبِيبَتَانِ يَنْهَشُهُ يَقُولُ أَنَا مَالُكُ الَّذِي بَخِلْتَ بِهِ وَلَيْسَ فِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّهُ غَيْرُ الزَّكَاةِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ شُعْبَةُ فِي حَدِيثِهِ شُجَاعٌ أَسْوَدُ يَلْتَوِي بِرَأْسِ أَحَدِهِمْ وَقَالَ سُفْيَانُ فِي حَدِيثِهِ ثُعْبَانٌ يَنْقُرُ بِرَأْسِهِ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ الَّذِي بَخِلْتَ به وأبو

الْأَحْوَصِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ قَالَ يُطَوِّقُ شُجَاعٌ أَقْرَعُ بِفِيهِ زَبِيبَتَانِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَقَالَ النَّخَعِيُّ طَوْقٌ مِنْ نَارٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعٌ أَقْرَعُ يُطَوِّقُ فِي عُنُقِهِ يَنْهَشُهُ وَعَلَى هَذَا جَاءَ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رُوِيَ خَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ رَجُلٍ لَهُ مَالٌ لَا يُؤَدِّي حَقَّ مَالِهِ إِلَّا جَعَلَ لَهُ طَوْقًا فِي عُنُقِهِ شُجَاعٌ أَقْرَعُ فَهُوَ يَفِرُّ مِنْهُ وَهُوَ يَتْبَعُهُ ثُمَّ قَرَأَ مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ إِلَى قَوْلِهِ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ أَبِي الْمِنَّةِ وَبُكَيْرُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ مَنْ كَانَ له

مَالٌ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ طَوَّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَنْقُرُ رَأْسَهُ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ الَّذِي كُنْتَ تَبْخَلُ بِي وَتَلَا سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَسَدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ يُطَوَّقُ شُجَاعًا لَهُ زَبِيبَتَانِ يَنْقُرُ رَأْسَهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ المكي قال حدثنا فضيل بن عياض عن حُصَيْنٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ أَتَيْتُ الرَّبَذَةَ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ فَقُلْتُ مَا أَنْزَلَكَ هَذَا فَقَالَ كُنْتُ بِالشَّامِ فَقَرَأْتُ هَذِهِ الْآيَةَ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ الْآيَةَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا نَزَلَتْ إِنَّمَا هِيَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ فَقُلْتُ إِنَّهَا فِينَا وَفِي أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى أَنْ كَانَ قَوْلٌ وَتَنَازُعٌ وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ يَشْكُونِي فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ أَنْ أَقْدِمْ فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَكَثُرَ وَرَائِيَ النَّاسُ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَطُّ فَدَخَلْتُ عَلَى

عُثْمَانَ فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ ذَلِكَ فَقَالَ تَنَحَّ وَكُنْ قَرِيبًا فَنَزَلْتُ هَذَا الْمَنْزِلَ وَاللَّهِ لَوْ أَمَّرَ عَلَيَّ حَبَشِيًّا مَا عَصَيْتُهُ وَلَا أَرْجِعُ عَنْ قَوْلِي وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ مِمَّا حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ بِهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ كَنْزُ أَحَدِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَفِرُّ مِنْهُ صَاحِبُهُ وَيَطْلُبُهُ أَنَا كَنْزُكَ فَلَا يَزَالُ بِهِ حَتَّى يُلْقِمَهُ أُصْبُعَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنِ الْقَعْقَاعُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَكُونُ كَنْزُ أَحَدِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ ذَا زَبِيبَتَيْنِ يَتْبَعُ صَاحِبَهُ وَهُوَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُ فَلَا يَزَالُ يَتْبَعُهُ حَتَّى يُلْقِمَهُ أُصْبُعَهُ

الشُّجَاعُ الْحَيَّةُ وَقِيلَ الثُّعْبَانُ وَقِيلَ الشُّجَاعُ مِنَ الْحَيَّاتِ الَّذِي يُوَاثِبُ وَيَقُومُ عَلَى ذَنَبِهِ وَرُبَّمَا بَلَغَ رَأْسَ الْفَارِسِ وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي الصَّحَارِي قَالَ الشَّمَّاخُ أَوِ الْبَعِيثُ ... وَأَطْرُقُ إِطْرَاقَ الشجاع وقد جرى ... على حد نابيه الزعاف الْمُسَمَّمُ ... وَقَالَ الْمُتَلَمِّسُ ... فَأَطْرَقُ إِطْرَاقَ الشُّجَاعِ وَلَوْ يَرَى ... مَسَاغًا لِنَابَيْهِ الشُّجَاعِ لَصَمَّمَا ... وَالزَّبِيبَتَانِ نُقْطَتَانِ مُنْتَفِخَتَانِ فِي شِدْقَيْهِ كَالرُّغْوَتَيْنِ وَقِيلَ نُقْطَتَانِ سَوْدَاوَانِ وَكُلُّ مَا كَثُرَ سُمُّهُ فِيمَا زَعَمُوا ابْيَضَّ رَأْسُهُ وَهِيَ عَلَامَةُ الْحَيَّةِ الذَّكَرِ الْمُؤْذِي وَالْأَقْرَعُ مِنْ صِفَاتِ الْحَيَّاتِ الَّذِي بِرَأْسِهِ شَيْءٌ مِنْ بياض

الشُّجَاعُ الْحَيَّةُ وَقِيلَ الثُّعْبَانُ وَقِيلَ الشُّجَاعُ مِنَ الْحَيَّاتِ الَّذِي يُوَاثِبُ وَيَقُومُ عَلَى ذَنَبِهِ وَرُبَّمَا بَلَغَ رَأْسَ الْفَارِسِ وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي الصَّحَارِي قَالَ الشَّمَّاخُ أَوِ الْبَعِيثُ ... وَأَطْرُقُ إِطْرَاقَ الشجاع وقد جرى ... على حد نابيه الزعاف الْمُسَمَّمُ ... وَقَالَ الْمُتَلَمِّسُ ... فَأَطْرَقُ إِطْرَاقَ الشُّجَاعِ وَلَوْ يَرَى ... مَسَاغًا لِنَابَيْهِ الشُّجَاعِ لَصَمَّمَا ... وَالزَّبِيبَتَانِ نُقْطَتَانِ مُنْتَفِخَتَانِ فِي شِدْقَيْهِ كَالرُّغْوَتَيْنِ وَقِيلَ نُقْطَتَانِ سَوْدَاوَانِ وَكُلُّ مَا كَثُرَ سُمُّهُ فِيمَا زَعَمُوا ابْيَضَّ رَأْسُهُ وَهِيَ عَلَامَةُ الْحَيَّةِ الذَّكَرِ الْمُؤْذِي وَالْأَقْرَعُ مِنْ صِفَاتِ الْحَيَّاتِ الَّذِي بِرَأْسِهِ شَيْءٌ مِنْ بياض

عبد الله بن أبي بكر ابن حزم

(مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ حَزْمٍ) وَهُوَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ثِقَةً فَقِيهًا مُحَدِّثًا مَأْمُونًا حَافِظًا كَانَ مِنْ سَاكِنِي الْمَدِينَةِ وَبِهَا كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ قَالَ الْوَاقِدِيُّ كَانَتْ لِآلِ حَزْمٍ حَلْقَةٌ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِثْلَ مَالِكٍ وَمَعْمَرٍ وَالثَّوْرِيِّ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ حُجَّةٌ فِيمَا نَقَلَ وَحَمَلَ وَكَانَ أَبُوهُ أَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ مِنْ جِلَّةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَشْرَافِهِمْ وَكَانَ لَهُ بِهَا قَدْرٌ وَجَلَالَةٌ وَلِيَ الْقَضَاءَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيَّامَ

إِمْرَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ وَلَّاهُ الْمَدِينَةَ وَكَانَ لِأَبِي بَكْرٍ بَنُونَ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَكُلُّهُمْ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ الْعِلْمُ وَأَجَلُّهُمْ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا وَكَانَتْ لَهُ ابْنَةٌ تُسَمَّى أَمَةُ الرَّحْمَنِ ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ وَاسْمُ أَبِي بَكْرٍ كُنْيَتُهُ وَسَنَذْكُرُ وَفَاتَهُ وَزِيَادَةً فِي الْخَبَرِ عَنْهُ عِنْدَ ذِكْرِ رِوَايَةِ ابْنِهِ عَنْهُ بَعْدَ هَذَا فِي هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْبَصَرِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ غَزِيَّةَ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ سَأَلَهُ مَنْ بِالْمَدِينَةِ يُفْتِي فَأَجَابَهُ فَقَالَ مَا فِيهِمْ مِثْلُ عبد الله بن أبي بكر وما يمنعه أَنْ يَرْتَفِعَ إِلَّا مَكَانُ أَبِيهِ أَنَّهُ حَيٌّ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ حَدِيثَ مَسِّ الذَّكَرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ مَرْوَانَ عَنْ بُسْرَةَ هَكَذَا يَرْوِيهِ أَهْلُ الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ مَرْوَانَ عَنْ بُسْرَةَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ فِيهِ إِلَّا مَا ذَكَرْتُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا مِنْهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مُسْنَدَةً مِنْهَا

اثْنَانِ ظَاهِرُ أَحَدِهِمَا الِانْقِطَاعُ وَهُوَ مُتَّصِلٌ وَذَلِكَ حديث أبي بكر بن عبد الرحمان عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ لَيْسَ بِكَ عَلَى أَهْلِكَ هَوَانٌ الْحَدِيثَ وَالْآخَرُ صَحِيحُ الِانْقِطَاعِ وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ فِي صَدْرِ النُّفَسَاءِ قَبْلَ طَوَافِ الْوَدَاعِ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَسَائِرُهَا مُتَّصِلَةٌ مُسْنَدَةٌ وَثَمَانِيَةٌ مُرْسَلَةٌ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ عَنْ أبيه وخمسة من مرسلاته عن نفسه

اثْنَانِ ظَاهِرُ أَحَدِهِمَا الِانْقِطَاعُ وَهُوَ مُتَّصِلٌ وَذَلِكَ حديث أبي بكر بن عبد الرحمان عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ لَيْسَ بِكَ عَلَى أَهْلِكَ هَوَانٌ الْحَدِيثَ وَالْآخَرُ صَحِيحُ الِانْقِطَاعِ وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ فِي صَدْرِ النُّفَسَاءِ قَبْلَ طَوَافِ الْوَدَاعِ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَسَائِرُهَا مُتَّصِلَةٌ مُسْنَدَةٌ وَثَمَانِيَةٌ مُرْسَلَةٌ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ عَنْ أَبِيهِ وَخَمْسَةٌ مِنْ مُرْسَلَاتِهِ عَنْ نَفْسِهِ

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مُسْنَدٌ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ قَالَ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَالنَّاسُ فِي مَقِيلِهِمْ لَا تَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلَادَةٌ إِلَّا قُطِعَتْ قَالَ مَالِكٌ أَرَى ذَلِكَ مِنَ الْعَيْنِ قَدْ ذَكَرْنَا نَسَبَ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عِنْدَ ذِكْرِ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَذِكْرِ أَبِيهِ تَمِيمٍ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَذَكَرَ هُنَالِكَ أَبَا بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ وَهُوَ رَجُلٌ لَا يُوقَفُ عَلَى اسْمِهِ عَلَى صِحَّةٍ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ وَقِيلَ إِنَّ بَشِيرَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ وَإِنَّ اسْمَهُ قَيْسُ بْنُ بَحْرٍ وَلَا يَصِحُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَقِيلَ إِنَّهُ أَدْرَكَ الْحَرَّةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتُلِفَ في نسبه

فِي الْأَنْصَارِ فَقِيلَ سَاعِدِيٌّ وَقِيلَ حَارِثِيٌّ وَقِيلَ مَازِنِيٌّ أَدْرَكَ الْحَرَّةَ وَخَرَجَ فِيهَا وَمَاتَ بَعْدَهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ رُوَاتِهِ وَرَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ فَسَمَّى الرَّسُولَ فَقَالَ فِيهِ أَرْسَلَ زَيْدًا مَوْلَاهُ وَهُوَ عِنْدِي زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بن أصبغ حدثناالحارث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا مَوْلَاهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ لَا تَبْقَيْنَ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلَادَةٌ إِلَّا قُطِعَتْ قَالَ مَالِكٌ أَرَى ذَلِكَ مِنَ الْعَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ فَسَّرَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ أَنَّهُ مِنْ أَجْلِ الْعَيْنِ وَهُوَ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُعَلِّقَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْبَهَائِمِ أَوْ بَنِي آدَمَ شَيْءٌ مِنَ

الْعَلَائِقِ خَوْفَ نُزُولِ الْعَيْنِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَحْمَلُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فِيمَا عُلِّقَ قَبْلَ نُزُولِ الْبَلَاءِ خَشْيَةَ نُزُولِهِ فَهَذَا هُوَ الْمَكْرُوهُ مِنَ التَّمَائِمِ وَكُلُّ مَا يُعَلَّقُ بَعْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ مِنْ أسماء الله وكابته رَجَاءَ الْفَرَجِ وَالْبُرْءِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ كَالرَّقْيِ الْمُبَاحِ الَّذِي وَرَدَتِ السُّنَّةُ بِإِبَاحَتِهِ مِنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا بَأْسَ بِتَعْلِيقِ الْكُتُبِ الَّتِي فِيهَا أَسْمَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَعْنَاقِ الْمَرْضَى عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ بِهَا إِذَا لَمْ يُرِدْ مُعَلِّقُهَا بِتَعْلِيقِهَا مُدَافَعَةَ الْعَيْنِ وَهَذَا مَعْنَاهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْعَيْنِ وَلَوْ نَزَلَ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْعَيْنِ جَازَ الرَّقْيُ عِنْدَ مَالِكٍ وَتَعْلِيقُ الْكُتُبِ وَلَوْ عَلَمَ الْعَائِنُ لَكَانَ الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ اغْتِسَالُ الْعَائِنِ لِلْمَعِينِ عَلَى حَسَبِ مَا مَضَى مِنْ ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَأَمَّا تَخْصِيصُ الْأَوْتَارِ بِالْقَطْعِ وَأَنْ لَا تُقَلَّدَ الدَّوَابُّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الْبَلَاءِ وَلَا بَعْدَهُ فَقِيلَ إِنَّ ذلك ليلا تختلق بِالْوَتَرِ فِي خَشَبَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ فَتَقْتُلَهَا فَإِذَا كَانَ خَيْطًا انْقَطَعَ سَرِيعًا وَقَدْ قِيلَ فِي مَعْنَى الْأَوْتَارِ غَيْرُ هَذَا عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا وَهْبٍ أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَافِرِيِّ عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ قَالَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ عَلَّقَ وَدَعَةً فَلَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ وَقَرَأْتُ عَلَى خَلَفِ بْنِ أَحْمَدَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُطَرِّفٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ لُبَابَةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ مِشْرَحَ بْنَ هَاعَانَ يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلَا ودع الله له قال أبوعمر التَّمِيمَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْقِلَادَةُ هَذَا أَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ وَمَعْنَاهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا عُلِّقَ فِي الْأَعْنَاقِ مِنَ الْقَلَائِدِ خَشْيَةَ الْعَيْنِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْبَلَاءِ

وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ التَّمِيمَةُ قِلَادَةٌ فِيهَا عُودٌ قَالَ وَالْوَدْعُ خَرَزٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَكَأَنَّ الْمَعْنَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً خَشْيَةَ مَا عَسَى أَنْ يَنْزِلَ أَوْ لَا يَنْزِلَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ عَلَيْهِ صِحَّتَهُ وَعَافِيَتَهُ وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً وَهِيَ مِثْلُهَا فِي الْمَعْنَى فَلَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ أَيْ فَلَا تَرَكَ اللَّهُ لَهُ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْعَافِيَةِ أَوْ نَحْوِ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا كُلُّهُ تَحْذِيرٌ وَمَنْعٌ مِمَّا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَصْنَعُونَ مِنْ تَعْلِيقِ التَّمَائِمِ وَالْقَلَائِدِ يَظُنُّونَ أَنَّهَا تَقِيهِمْ وَتَصْرِفُ الْبَلَاءَ عَنْهُمْ وَذَلِكَ لَا يَصْرِفُهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ الْمُعَافِي وَالْمُبْتَلِي لَا شَرِيكَ لَهُ فَنَهَاهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا كَانُوا يَصْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ حَدَّثَهُ أَنَّ أُمَّهُ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَكْرَهُ مَا يُعَلِّقُ النِّسَاءُ عَلَى أَنْفُسِهِنَّ وَعَلَى صِبْيَانِهِنَّ مِنْ خَلْخَالِ الْحَدِيدِ خَشْيَةَ الْعَيْنِ وَتُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَيْسَ بِتَمِيمَةٍ مَا عُلِّقَ بَعْدَ أَنْ يَقَعَ الْبَلَاءُ

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَبَلَغَنِي عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَلْبَسَ امْرَأَةً خَرَزَةً كَيْمَا تَحْمَلَ أَوْ كَيْمَا لَا تَحْمَلَ قَالَ هَذَا مِنَ الرَّأْيِ السُّوءِ الْمَسْخُوطِ مِمَّنْ عَمِلَ بِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَكْرَهُ الشَّرَابَ لِمَنْعِ الْحَمْلِ وَيَخَافُ أَنْ يَقْتُلَ مَا فِي الرَّحِمِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ الرُّقَى وَالتَّمَائِمُ وَالتِّوَلَةُ شِرْكٌ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ مَا التِّوَلَةُ فَقَالَ التَّهْيِيجُ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِي حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ مَا تَعَلَّقَ بَعْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ فَلَيْسَ مِنَ التَّمَائِمِ وَقَدْ كَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ تَعْلِيقَ التَّمِيمَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَبْلَ نُزُولِ الْبَلَاءِ وَبَعْدَهُ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ فِي الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالرَّشَادُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ وَعُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْمُعَلَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَارُودِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْمَعَالِيقِ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ يُعَلَّقُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ قَالَ مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَقَالَ لِي إِسْحَاقُ بْنُ

رَاهَوَيْهِ هُوَ كَمَا قَالَ إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ بَعْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ فَهُوَ حِينَئِذٍ مُبَاحٌ لَهُ قَالَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِنَّمَا يُكْرَهُ تَعْلِيقُ الْمُعَاذَةِ مِنْ أَجْلِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (قَلِّدُوا الْخَيْلَ وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ) فَلَيْسَ مِنْ قَلَائِدِ الْإِبِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ الْحَدِيثِ فِي الْخَيْلِ مَا ذَكَرَهُ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي تَأْوِيلِهِ قَالَ وَكِيعٌ مَعْنَاهُ لَا تَرْكَبُوهَا فِي الْفِتَنِ فَمَنْ رَكِبَ فَرَسًا فِي فِتْنَةٍ لَمْ يَسْلَمْ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ وَتَرٌ يُطْلَبُ بِهِ إِنْ قَتَلَ أَحَدًا عَلَى فَرَسِهِ فِي مَخْرَجِهِ فِي الْفِتْنَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي خُرُوجِهِ ذَلِكَ ظَالِمٌ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِتَقْلِيدِ الْخَيْلِ قَلَائِدَ الصُّوفِ الْمُلَوَّنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذلك خوف نزول العين

رَاهَوَيْهِ هُوَ كَمَا قَالَ إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ بَعْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ فَهُوَ حِينَئِذٍ مُبَاحٌ لَهُ قَالَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِنَّمَا يُكْرَهُ تَعْلِيقُ الْمُعَاذَةِ مِنْ أَجْلِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (قَلِّدُوا الْخَيْلَ وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ) فَلَيْسَ مِنْ قَلَائِدِ الْإِبِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ الْحَدِيثِ فِي الْخَيْلِ مَا ذَكَرَهُ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي تَأْوِيلِهِ قَالَ وَكِيعٌ مَعْنَاهُ لَا تَرْكَبُوهَا فِي الْفِتَنِ فَمَنْ رَكِبَ فَرَسًا فِي فِتْنَةٍ لَمْ يَسْلَمْ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ وَتَرٌ يُطْلَبُ بِهِ إِنْ قَتَلَ أَحَدًا عَلَى فَرَسِهِ فِي مَخْرَجِهِ فِي الْفِتْنَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي خُرُوجِهِ ذَلِكَ ظَالِمٌ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِتَقْلِيدِ الْخَيْلِ قَلَائِدَ الصُّوفِ الْمُلَوَّنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ خَوْفَ نُزُولِ الْعَيْنِ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الْمَازِنِيَّ يَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ حِينَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهَذَا اللَّفْظِ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الصَّلَاةُ لَمْ يَخْتَلِفْ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ فِي ذَلِكَ عَنْهُ فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ عِيسَى الطَّبَّاعَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ فَزَادَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بَدَأَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَلَمْ يَقُلْ حَوَّلَ رِدَاءَهُ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ فِي مُسْنَدِ مَالِكٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مَرْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِسْحَاقَ وَرَوَاهُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَذَكَرَ فِيهِ الصَّلَاةَ وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ

مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ هَذَا عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ فَذَكَرَ فِيهِ الصَّلَاةَ وَهَذَا الْحَدِيثُ سَمِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ مَعَ أَبِيهِ مِنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَحَسْبُكَ بِهِ جَلَالَةً وَحِفْظًا وَفَهْمًا فَذَكَرَ فِيهِ الصَّلَاةَ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَعْمَرٌ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَشُعَيْبٌ وَيُونُسُ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنُ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَرَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا اسْتَسْقَى حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَأَخْطَأَ فِي إِسْنَادِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَى إِسْنَادِهِ هَذَا وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَلَيْسَ فِي تَقْصِيرِ مَنْ قَصَرَ عَنْ ذِكْرِ الصَّلَاةِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ ذَكَرَهَا وَالْحُجَّةُ فِي قَوْلِ مَنْ أَثْبَتَ وَحَفِظَ (وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عباد بن تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم استسقى وصلى ركعتين وقلت رداءه

وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِي فَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ سُفْيَانُ فَسَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ سَمِعْتُهُ مِنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ يُحَدِّثُ أَبِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي أُرِيَ النِّدَاءَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِي فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ هَكَذَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الَّذِي أُرِي النِّدَاءَ وَهُوَ خَطَأٌ وَلَا أَدْرِي فَمَنْ أَتَى ذَلِكَ وَمَا أَظُنُّهُ جَاءَ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَلَا مِمَّنْ فَوْقَهُ لِأَنَّهُمْ عُلَمَاءُ جِلَّةٌ وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَايِدٍ الْمَازِنِيُّ

عَمُّ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بن زيد بن عاصم وما الَّذِي أُرِيَ النِّدَاءَ فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ وَلَيْسَ مِنْ بَنِي مَازِنٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا وَبَيَّنَّا أَمْرَهُمَا فِي بَابِهِ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ جَعَلَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي أُرِيَ الْأَذَانَ وَهَذَا وَهْمٌ وَإِنَّمَا هُوَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَالْمَسْعُودِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم عَنْ عَبَّادِ بْنُ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ الْمَسْعُودِيُّ قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ أَجَعَلَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ وَالْيَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ أَمْ جَعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ قَالَ لَا بَلْ جَعَلَ الْيَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ وَالشِّمَالَ على اليمين

وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ الْقَطَّانُ عَنْ يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّلَاةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِثْلَهُ سَوَاءً قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحْسَنُ النَّاسِ سِيَاقَةً لِهَذَا الْحَدِيثِ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِي فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا وَاسْتَسْقَى وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ وَالْبُرُوزَ وَالِاجْتِمَاعَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَارِجَ الْمِصْرِ بِالدُّعَاءِ وَالضَّرَاعَةِ إِلَيْهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ فِي نُزُولِ الْغَيْثِ عِنْدَ احْتِبَاسِ مَاءِ السَّمَاءِ وَتَمَادِي الْقَحْطِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا خِلَافَ بَيْنِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَيْسَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ صَلَاةٌ وَلَكِنْ يَخْرُجُ الْإِمَامُ وَيَدْعُو وَرُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ التَّابِعَيْنِ مِثْلُ ذَلِكَ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ مَالِكٍ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ سُنَّةٌ رَكْعَتَانِ يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ الْخُطْبَةُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَقَالَهُ مَالِكٌ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إِلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ فِيهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ خَطَبَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يَخْطُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ الصَّلَاةِ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِالْجُلُوسِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَخْطُبُ خُطْبَةً خَفِيفَةً يَعِظُهُمْ وَيَحُثُّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ إِنْ شَاءَ خَطَبَ وَاحِدَةً وَإِنْ شَاءَ اثْنَتَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالطَّبَرِيُّ التَّكْبِيرُ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ كَالتَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ سَوَاءٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَقَالَ دَاوُدُ إِنْ

شَاءَ كَبَّرَ كَمَا يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ وَإِنْ شَاءَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ لَا يُكَبِّرُ فِي الصَّلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ إِلَّا كَمَا يُكَبِّرُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً لِلِافْتِتَاحِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدِ بْنِ حَنْبَلٍ مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ يُكَبِّرُ فِيهَا كَمَا يُكَبِّرُ فِي الْعِيدِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَرْسَلَنِي أَمِيرٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسَالَهُ عَنْ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَ مَنْ أَرْسَلَكَ قَالَ قُلْتُ فُلَانٌ قَالَ مَا مَنَعَهُ أَنْ يَأْتِيَنِي فَيَسْأَلَنِي خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَضَرِّعًا مُتَذَلِّلًا مُتَبَذِّلًا مُتَوَاضِعًا فَلَمْ يَخْطُبْ خُطَبَكُمْ هَذِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ قَالَ سُفْيَانُ قُلْتُ لِلشَّيْخِ أَخَطَبَ قَبْلَ الرَّكْعَةِ أَوْ بَعْدَهَا قَالَ لَا أَدْرِي قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ هِشَامُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَلَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُهُ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ فِيهِ بِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَانِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يكون من

جِهَةِ التَّكْبِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يُحَوِّلُ الْإِمَامُ رِدَاءَهُ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْخُطْبَةِ يَجْعَلُ مَا عَلَى الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ وَمَا عَلَى الشِّمَالِ عَلَى الْيَمِينِ وَيُحَوِّلُ النَّاسُ أَرْدَيْتَهُمْ إِذَا حَوَّلَ الْإِمَامُ رِدَاءَهُ كَمَا حَوَّلَ الْإِمَامُ فهذا قول الشافعي بالعراق ثم قال بصر يُنَكِّسُ الْإِمَامُ رِدَاءَهُ فَيَجْعَلُ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَيَجْعَلُ مَا مِنْهُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ قَالَ وَإِنْ جَعْلَ مَا عَلَى يَمِينِهِ عَلَى شَمَالِهِ وَلَمْ يُنَكِّسْهُ أَجَزْأَهُ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يُحَوِّلُ الْإِمَامُ رِدَاءَهُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ سَوَاءً قَالَ وَلَا يُحَوِّلُ النَّاسُ أَرْدَيْتَهُمْ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يُحَوِّلُ الْإِمَامُ إِذَا مَضَى صَدْرٌ مِنْ خُطْبَتِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ فَرَاغِهَا أَوْ قُرْبَ ذَلِكَ وَيُحَوَّلُ النَّاسُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَوَّلَ رِدَاءَهُ جَعَلَ مَا عَلَى الشِّمَالِ مِنْهُ عَلَى الْيَمِينِ وَمَا عَلَى الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَمَّا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاسْتَحَبَّهُ فَمَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ عِمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عن

عِمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ اسْتَسْقَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ بِأَسْفَلِهَا فَيَجْعَلَهُ أَعْلَاهَا فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَمِيصَةَ لَوْ لَمْ تَثْقُلْ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَكَسَهَا وَجَعَلَ أَعْلَاهَا أَسْفَلَهَا وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الْإِمَامَ يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ وَهُوَ قَائِمٌ وَيُحَوِّلُ النَّاسُ وَهُمْ جُلُوسٌ وَالْخُرُوجُ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ فِي وَقْتِ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الْعِيدِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَبَا بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَإِنَّهُ قَالَ الْخُرُوجُ إِلَيْهَا عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي خُرُوجِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ فَأَجَازَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مَالِكٌ وَابْنُ شِهَابٍ وَمَكْحُولٌ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ إِنْ خَرَجُوا عَدَلَ بِهِمْ عَنْ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ إِسْحَاقُ لَا يُؤْمَرُوا بِالْخُرُوجِ وَلَا يُنْهَوْا عَنْهُ وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ خُرُوجَ الذِّمَّةِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فإن خرجوا متميزين لم أمامهم وَكُلُّهُمْ كَرِهَ خُرُوجَ النِّسَاءِ الشَّوَابِّ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ وَرَخَّصُوا فِي خُرُوجِ الْعَجَائِزِ

وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْجَهْرِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَسْقَى فِي الْعَامِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا إِذَا احْتَاجُوا إِلَى ذَلِكَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ لَمْ يُسْقَوْا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ أَحْبَبْتُ أَنْ يُتَابَعَ الِاسْتِسْقَاءُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يُصْنَعُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا كَمَا صُنِعَ فِي الْأَوَّلِ وَقَالَ إِسْحَاقُ لَا يَخْرُجُونَ إِلَى الْجَبَّانِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يَجْتَمِعُونَ فِي مَسَاجِدِهِمْ فَإِذَا فَرَغُوا مِنَ الصَّلَاةِ ذَكَرُوا اللَّهَ وَيَدْعُو الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَيُؤَمِّنُ النَّاسُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَحَطَ الْمَطَرُ عَامًا فَقَامَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَحَطَ الْمَطَرُ وَأَجْدَبَتِ الْأَرْضُ وَهَلَكَ الْمَالُ قَالَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَمَا يُرَى فِي السَّمَاءِ سَحَابَةٌ وَمَدَّ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبِطَيْهِ يَسْتَسْقِي اللَّهَ قَالَ فَمَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ حَتَّى أَهَمَّ الشَّابُّ الْقَرِيبُ الدَّارَ الرُّجُوعَ إِلَى أَهْلِهِ فَدَامَتْ جُمُعَةً فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الَّتِي تَلِيهَا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَاحْتَبَسَ الرُّكْبَانُ قَالَ فَتَبَسَّمَ

لِسُرْعَةِ مَلَالَةِ ابْنِ آدَمَ وَقَالَ بِيَدَيْهِ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا قَالَ فَتَكَشَّطَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ عِنْدَ مَالِكٍ بِهَذَا الْمَعْنَى عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسٍ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الشِّينِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ حَدِيثٌ رَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ ثَابِتٌ وَشَرِيكٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَغَيْرُهُمْ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ وَمَعْنًى وَاحِدٍ وَسَنَذْكُرُ مِنْهَا مَا حَضَرَنَا فِي بَابِ شَرِيكٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سعيد وبالله التوفيق

لِسُرْعَةِ مَلَالَةِ ابْنِ آدَمَ وَقَالَ بِيَدَيْهِ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا قَالَ فَتَكَشَّطَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ عِنْدَ مَالِكٍ بِهَذَا الْمَعْنَى عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسٍ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الشِّينِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ حَدِيثٌ رَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ ثَابِتٌ وَشَرِيكٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَغَيْرُهُمْ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ وَمَعْنًى وَاحِدٍ وَسَنَذْكُرُ مِنْهَا مَا حَضَرَنَا فِي بَابِ شَرِيكٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ وَعِنْدَ مَالِكٍ أَيْضًا فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي بَابِ (خُبَيْبٍ) مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثَ إِسْنَادًا آخَرَ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ الْبَصْرِيُّ رَوَى عَنْ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنِي أُبَيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال وضعت مِنْبَرِي عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ

تُرَعِ الْجَنَّةِ وَمَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ ذَكَرَهُ ابْنُ سَنْجَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مَالِكٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ هَذَا ضَعِيفٌ وَفِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ رَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ زَيْدٍ الطَّائِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ زَيْدٍ مَوْلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ مِنْبَرِي وَقَبْرِي هُوَ أُسْطُوَانَةُ التَّوْبَةِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ قَالَ عَطَاءٌ وَرَأَيْتُ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ وَرَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُقَصِّرُ قَمِيصَهُ وَهَذَا حَدِيثٌ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ مُنْكَرٌ وَضَعَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالصَّحِيحُ فِيهِ مَا فِي الْمُوَطَّأِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد المازني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ حَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ عَنْ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ

الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد المازني عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْكُوفِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَهَذَا أَيْضًا إِسْنَادٌ خَطَأٌ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ وَلَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ (خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ها هنا

الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد المازني عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْكُوفِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَهَذَا أَيْضًا إِسْنَادٌ خَطَأٌ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ وَلَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ (خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ها هنا

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَتَذَاكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ فَقَالَ مَرْوَانُ وَمِنْ مَسِّ الذَّكَرِ الْوُضُوءُ قَالَ عُرْوَةُ مَا عَلِمْتُ هَذَا فَقَالَ مَرْوَانُ أَخْبَرَتْنِي بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ قال أبوعمر فِي نُسْخَةِ يَحْيَى فِي الْمُوَطَّأِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهْمٌ وَخَطَأٌ غَيْرُ مُشْكِلٍ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ خَطَأِ الْيَدِ فَهُوَ مِنْ قَبِيحِ الْخَطَأِ فِي الْأَسَانِيدِ وَذَلِكَ أَنَّ فِي كِتَابِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَجَعَلَ فِي مَوْضِعِ (ابْنِ) (عَنْ) فَأَفْسَدَ الْإِسْنَادَ وَجَعَلَ الْحَدِيثَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَهَكَذَا حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى وَأَمَّا ابْنُ وَضَّاحٍ فَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ هَكَذَا وَحَدَّثَ بِهِ عَلَى الصِّحَّةِ فَقَالَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ محمد بن عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَهَذَا الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ عِنْدَ جَمَاعَةِ

أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَيْسَ الْحَدِيثُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَلَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لَا يَرْوِي مِثْلَهُ عَنْ عُرْوَةَ وَوُلِدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِنَجْرَانَ وَأَبُوهُ عَامِلٌ عَلَيْهَا مِنْ قَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَنَةِ عَشْرٍ مِنَ الْهِجْرَةِ فَسَمَّاهُ أَبُوهُ مُحَمَّدًا وَكَنَّاهُ أَبَا سُلَيْمَانَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُهُ أَنْ يُسَمِّيَهُ محمدا ويكنيه أباعبد الْمَلِكِ فَفَعَلَ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو فَارِسًا شُجَاعًا تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَذَكَرْنَا أَبَاهُ عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُرْوَةَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ عُرْوَةَ وَقَدِ اجْتَمَعَ مَعَ أَبِيهِ فِي شُيُوخٍ وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّهُ رَوَى عَنْ عُرْوَةَ لَا هَذَا الْحَدِيثَ وَلَا غَيْرَهُ وَالْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ لَهُ عَنْ عُرْوَةَ وَرِوَايَةُ أَبِي بَكْرٍ لَهُ عَنْ عُرْوَةَ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ قَدْ خَالَفَ أَبَاهُ فِي إِسْنَادِهِ وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا إِنْ صَحَّ اخْتِلَافُهُمَا فِي ذَلِكَ وَمَا أَظُنُّهُ إِلَّا مِمَّنْ دُونَ أَبِي بَكْرٍ وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ كَاتِبَ الْأَوْزَاعِيِّ رَوَاهُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ

مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ بُسْرَةَ وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ لِعُرْوَةَ عَنْ مَرْوَانَ عَنْ بُسْرَةَ وَالْمَحْفُوظُ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الزُّهْرِيَّ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ لَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَرُوِيَ عَنْهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَرُوِيَ عَنْهُ عَنْ عُرْوَةَ وَمَنْ رَوَاهُ عَنْهُ عَنْ عُرْوَةَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ عِنْدَهُمْ وَقَدْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْخَيَّاطُ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رسول اله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ وَهَذَا إِسْنَادٌ مُنْكَرٌ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ يَصِحُّ عَنْهُ وَأَظُنُّ الْحُسَيْنَ هَذَا وَضَعَهُ أَوْ وَهِمَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ وَعَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ قَالَ سَمِعْتُ بُسْرَةَ بِنْتَ صَفْوَانَ تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ خَطَأٌ وإسناد مُنْكَرٌ وَالصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَكَذَلِكَ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فَهُوَ خَطَأٌ أَيْضًا لَا شَكَّ فِيهِ وَكَذَلِكَ مَنْ رَوَاهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَقَدْ أَخْطَأَ أَيْضًا فِيهِ وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الْإِسْنَادِ فِي هَذَا عَنْ عُرْوَةَ عَنْ مَرْوَانَ عَنْ بُسْرَةَ وَأَنَا أَذْكُرُ فِي هَذَا الْبَابِ الْأَسَانِيدَ الصِّحَاحَ فِيهِ عَنْ عُرْوَةَ دُونَ الْمَعْلُولَاتِ وَدُونَ الَّتِي هِيَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ خَطَأٌ وَالْعَوْنُ بِاللَّهِ لَا شَرِيكَ لَهُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حدثنا أحمد بن شعيب حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَعْنُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَذَكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ فَقَالَ مَرْوَانُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَقَالَ عُرْوَةُ مَا عَلِمْتُ ذَلِكَ فَقَالَ مَرْوَانُ أَخْبَرَتْنِي بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ بُكَيْرٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ تَذَاكَرَ أَبِي وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ مَا يُتَوَضَّأُ مِنْهُ فَذَكَرَ أَبِي إِنَّ هَذَا شَيْءٌ مَا سَمِعْتُهُ فَقَالَ عُرْوَةُ بَلْ أَخْبَرَنِي مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَنَّهُ سَمِعَ بُسْرَةَ بِنْتَ صَفْوَانَ تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ فَقُلْتُ فَإِنِّي أَشْتَهِي

أَنْ تُرْسِلَ وَأَنَا شَاهِدٌ رَجُلًا أَوْ قَالَ حَرَسِيًّا فَجَاءَ الرَّسُولُ مِنْ عِنْدِهَا فَقَالَ لَنَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي جَهْلِ عُرْوَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَجَهْلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم لَهَا أَيْضًا عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَالِمَ لَا نَقِيصَةَ عَلَيْهِ مِنْ جَهْلِ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ مِنَ الْعِلْمِ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالسُّنَنِ فِي الْأَغْلَبِ إِذِ الْإِحَاطَةُ لَا سَبِيلَ إِلَيْهَا وَغَيْرُ مَجْهُولِ مَوْضِعُ عُرْوَةَ وَأَبِي بَكْرٍ مِنَ الْعِلْمِ وَالِاتِّسَاعِ فِيهِ فِي حِينِ مُذَاكَرَتِهِمْ بِذَلِكَ وَقَدْ يُسَمَّى الْعَالِمُ عَالِمًا وَإِنْ جَهِلَ أَشْيَاءَ كَمَا يُسَمَّى الْجَاهِلُ جَاهِلًا وَإِنْ عَلِمَ أَشْيَاءَ وَإِنَّمَا تُسْتَحَقُّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ بِالْأَغْلَبِ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَرْوِيَ عُرْوَةُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ بُسْرَةَ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ كَذَلِكَ قَوْمٌ وَكَذَلِكَ حَدَّثَ بِهِ أَبُو عُبَيْدٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ بُسْرَةَ فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا

الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حدثنا أحمد بن شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ عَنْ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ ذَكَرَ مَرْوَانُ فِي إِمَارَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ أَنَّهُ يُتَوَضَّأُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ إِذَا أَفْضَى إِلَيْهِ الرَّجُلُ بِيَدِهِ فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ وَقُلْتُ لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ مَسَّهُ فَقَالَ مَرْوَانُ أَخْبَرَتْنِي بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ مَا يُتَوَضَّأُ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُتَوَضَّأُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ قَالَ عُرْوَةُ فَلَمْ أَزَلْ أُمَارِي مَرْوَانَ حَتَّى دَعَا رَجُلًا مِنْ حَرَسِهِ فَأَرْسَلَهُ إِلَى بُسْرَةَ فَسَأَلَهَا عَمَّا حَدَّثَتْ مِنْ ذَلِكَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بُسْرَةُ بِمِثْلِ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْهَا مَرْوَانُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ قُسَيْطٍ أَبُو عَلِيٍّ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ سَوَاءً بِمَعْنَاهُ إِلَى آخِرِهِ وَزَادَ قَالَ وَكَانَتْ بُسْرَةُ خَالَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ هَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ بُسْرَةَ خَالَةُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَهَذَا أَعْلَى مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي بُسْرَةَ هَذِهِ فَقِيلَ هِيَ مِنْ كِنَانَةَ وَمَنْ قَالَ هَذَا جَعَلَهَا خَالَةَ مَرْوَانَ لَا خَالَةَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأُمُّ مَرْوَانَ بِنْتُ عَلْقَمَةَ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ مُحَرِّثٍ الْكِنَانِيِّ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ بُسْرَةُ عَمَّةَ أُمِّ مَرْوَانَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ الْبَرْقِيِّ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى قُرَشِيَّةٌ أَسَدِيَةٌ قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ لَيْسَ لِصَفْوَانَ بْنِ نَوْفَلٍ عَقِبٌ إِلَّا مِنْ بُسْرَةَ هَذِهِ قَالَ وَهِيَ أُمُّ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي الْعَاصِي جَدَّةُ عَائِشَةَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ وَعَائِشَةُ بِنْتُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي الْعَاصِي هِيَ أُمُّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ هَذَا قَوْلُ الزُّبَيْرِ وَعَمِّهِ مُصْعَبٍ وَهُوَ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ قيل إن عائشةأم عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ هِيَ عَائِشَةُ بِنْتُ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي الْعَاصِي وَأَنَّ بُسْرَةَ بِنْتَ صفوان كانت تعند الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي الْعَاصِي فَوَلَدَتْ لَهُ مُعَاوِيَةَ وَعَائِشَةَ أُمَّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَلَوْ صَحَّ هَذَا كَانَتْ بُسْرَةُ جَدَّةَ عَبْدِ الْمَلِكِ أُمَّ أُمِّهِ لَا خَالَتَهُ وَعَلَى قَوْلِ الزُّبَيْرِ جَدَّةُ أُمِّ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهَذَا أَصَحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ذَكَرْنَا بُسْرَةَ

فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَأَمَّا مَرْوَانُ فَلَمْ نَقْصِدْ ها هنا إِلَى ذِكْرِهِ لِأَنَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ وَمَا أَظُنُّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ وُلِدَ بِالطَّائِفِ وَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى وَلِيَ عُثْمَانُ فِيمَا ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِالسِّيَرِ وَالْخَبَرِ وَتُوُفِّيَ مَرْوَانُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَأَمَّا حَدِيثُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ وَكَانَتْ قَدْ صَحِبَتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلَا يُصَلِّي حَتَّى يَتَوَضَّأَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي حَدِيثِ بُسْرَةَ عُرْوَةُ عن مروان عن بسرة وكل من خلاف هَذَا فَقَدَ أَخْطَأَ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ كَثِيرٌ عَلَى هِشَامٍ وَعَلَى ابْنِ شِهَابٍ وَالصَّحِيحُ فِيهِ عَنْهُمَا مَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ

كَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يَقُولُ أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي مَسِّ الذَّكَرِ حَدِيثُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ مَرْوَانَ عَنْ بُسْرَةَ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ نَحْوَ ذَلِكَ أَيْضًا وَيَقُولُ فِي مَسِّ الذَّكَرِ أَيْضًا حَدِيثٌ حَسَنٌ ثَابِتٌ وَهُوَ حَدِيثُ أم حبيبة قال أبوعمر حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَانِئٍ الْوَارَّقُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمُقْرِيُّ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَذْهَبُ إِلَى إِيجَابِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ لحديث بسرة وحديث أم حبيبة وكذلك ان يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يَقُولُ وَالْحَدِيثَانِ جَمِيعًا عِنْدَهُمَا صَحِيحَانِ فَهَذَانِ إِمَامَا أَهْلِ الْحَدِيثِ يُصَحِّحَانِ الْحَدِيثَ فِي مَسِّ الذَّكَرِ ذَكَرَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُعْجِبُهُ حَدِيثَ أُمِّ حَبِيبَةَ فِي مَسِّ الذَّكَرِ وَيَقُولُ هُوَ حَسَنُ الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَعْيُنَ الْمَقْدِسِيِّ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ أَيُّ حَدِيثٍ يَصِحُّ فِي مَسِّ الذَّكَرِ فَقَالَ يَحْيَى لَوْلَا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ لَقُلْتُ لَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ فَإِنَّ مَالِكًا يَقُولُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا عُرْوَةُ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ حَدَّثَتْنِي بُسْرَةُ فَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ فَقُلْتُ لَهُ فَبُسْرَةُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ فَقَالَ مَرْوَانُ عَنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ فَقُلْتُ لَهُ فَحَدِيثُ جَابِرٍ قَالَ نَعَمْ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْبَانَ هُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ قُلْتُ لَهُ فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ النَّوْفَلِيُّ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَقَالَ جَعَلَ بَيْنَهُمَا رَجُلًا مَجْهُولًا قُلْتُ فَإِنَّ أَبَا عبد الله أحمد

ابن حَنْبَلٍ يَقُولُ أَصَحُّ حَدِيثٍ فِيهِ حَدِيثُ الْهَيْثَمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عَنْبَسَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ (فَسَكَتَ) قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَا حدثنا عبد الله بن نفاع عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ كُلُّ مَذْكُورٍ فِيهِ ثِقَةٌ مَعْرُوفٌ بِالْعِلْمِ إِلَّا عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ بِحَمْلِ الْعِلْمِ يُقَالُ هُوَ عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ وَيُقَالُ عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ وَيُقَالُ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو وَذَكَرَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ فِي كِتَابِهِ الصَّحِيحِ قَالَ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ بُسْرَةَ وَيَخْتَارُهُ قَالَ ابْنُ السَّكَنِ وَلَا أَعْلَمُ فِي حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ عِلَّةً إِلَّا أَنَّهُ قِيلَ إِنَّ مَكْحُولًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَنْبَسَةَ وَذَكَرَ ابْنُ السَّكَنِ حَدِيثَ بُسْرَةَ فَصَحَّحَهُ ثُمَّ قَالَ يُقَالُ إِنَّ حَدِيثَ بُسْرَةَ نَاسِخٌ لِحَدِيثِ

طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ لِأَنَّ طَلْقَ بْنَ عَلِيٍّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبْنِي الْمَسْجِدَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَادِ قَوْمِهِ وَحَدِيثُ بُسْرَةَ ابْنَةِ صَفْوَانَ وَمَنْ تَابَعَهَا مِمَّنْ رَوَى مِثْلَ رِوَايَتِهَا تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُمْ وَإِنَّمَا أَسْلَمُوا قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَسِيرٍ ثُمَّ قَالَ إِنْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِّ الذَّكَرِ شَيْءٌ فَحَدِيثُ بُسْرَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ صَحَّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ سَمَاعُ مَكْحُولٍ مِنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ذَكَرَ ذَلِكَ دُحَيْمٌ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا الَّذِينَ رَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي مَسِّ الذَّكَرِ مِثْلَ رِوَايَةِ بُسْرَةَ وَأُمِّ حَبِيبَةَ فَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَجَابِرٌ وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ وَلَكِنَّ الْأَسَانِيدَ عَنْهُمْ مَعْلُولَةٌ وَلَكِنَّهُمْ يُعَدُّونَ فِيمَنْ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ مِنَ الصَّحَابَةِ مَعَ سَعْدِ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَسَائِرِ مَنْ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ مِنْهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ الشَّرْطُ فِي مَسِّ الذَّكَرِ أَنْ لَا يَكُونَ دُونَهُ حَائِلٌ وَلَا حِجَابٌ وَأَنْ يَمَسَّ بِقَصْدٍ وَإِرَادَةٍ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تُسَمِّي الْفَاعِلَ فَاعِلًا إِلَّا بِقَصْدٍ مِنْهُ إِلَى الْفِعْلِ وَهَذِهِ الْحَقِيقَةُ فِي ذَلِكَ وَالْمَعْلُومُ فِي الْقَصْدِ إِلَى الْمَسِّ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَغْلَبِ بِبَاطِنِ

الْكَفِّ وَقَدْ رُوِيَ بِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثٌ حَسَنٌ أَخْبَرَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مِهْرَانَ السَّرَّاجُ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إِلَى فَرْجِهِ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ قَالَ ابْنُ السَّكَنِ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَجْوَدِ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَأَمَّا يَزِيدُ فَضَعِيفٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا لِيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ النَّوْفَلِيِّ هَذَا وَهُوَ مُجْتَمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ حَتَّى رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَالِكٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ (الْقَارِي) وَهُوَ إِسْنَادٌ صَالِحٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ أَثْنَى ابْنُ مَعِينٍ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ فِي حَدِيثِهِ وَوَثَّقَهُ وَكَانَ النَّسَائِيُّ يُثْنِي عَلَيْهِ أَيْضًا فِي نَقْلِهِ عَنْ مَالِكٍ لِحَدِيثِهِ وَلَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي ثِقَتِهِ وَلَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهُ عَنْ نَافِعِ بن أبي نعيم

وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَّا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ وَأَمَّا سَحْنُونُ فَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ يَزِيدَ وَحْدَهُ وَذَكَرَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ اسْتَقَرَّ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ وَصَلَّى لَا فِي وَقْتٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَاخْتَارَ ذَلِكَ سَحْنُونُ أَيْضًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا ابومحمد الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْقَلْزُمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْقَلْزُمِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إِلَى فَرْجِهِ لَيْسَ دُونَهُ حِجَابٌ وَلَا سِتْرٌ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ الْمُسْقِطُ لِلْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ مُلَازِمِ بْنِ عَمْرٍو وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فجاءه

رَجُلٌ كَأَنَّهُ بَدَوِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَرَى فِي مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَمَا يَتَوَضَّأُ فَقَالَ هَلْ هُوَ إِلَّا بَضْعَةٌ مِنْكَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ فِي حَدِيثِهِ وَهَلْ هُوَ إِلَّا مُضْغَةٌ مِنْكَ أَوْ بَضْعَةٌ مِنْكَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ وَالثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَجَرِيرٌ الرَّازِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ قَاضِي الْيَمَامَةِ أَيْضًا عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ حَدِيثٌ يَمَامِيٌّ لَا يُوجَدُ إِلَّا عِنْدَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ إِلَّا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَابِرٍ وَأَيُّوبَ بْنَ عُتْبَةَ يُضَعَّفَانِ وَمُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو ثِقَةٌ وَعَلَى حَدِيثِهِ عول أبوداود وَالنَّسَوِيُّ جَمِيعًا وَكُلُّ مَنْ خَرَّجَ فِي الصَّحِيحِ ذَكَرَ حَدِيثَ بُسْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَحَدِيثَ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَّا الْبُخَارِيَّ فَإِنَّهُمَا عِنْدَهُ مُتَعَارِضَانِ مَعْلُولَانِ وَعِنْدَ غَيْرِهِ هُمَا صَحِيحَانِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ فِي إِيجَابِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذكر ناسح لِحَدِيثِ سُقُوطِ الْوُضُوءِ مِنْهُ بِأَنَّ إِيجَابَ الْوُضُوءِ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ لَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلْعَقْلِ لِاجْتِمَاعِهِ مَعَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ فَمُحَالٌ أَنْ يُقَالَ إِنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ

مِنْكَ وَالشَّرْعُ قَدْ وَرَدَ بِإِيجَابِ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَجَائِزٌ أَنْ يَجِبَ مِنْهُ الْوُضُوءُ بَعْدَ ذَلِكَ الْقَوْلِ شَرْعًا فَتَفَهَّمْ وَأَمَّا أَقَاوِيلُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ فِي هَذَا الْبَابِ فَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِيجَابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صَلَّى بِالنَّاسِ فَأَهْوَى بِيَدِهِ فَأَصَابَ فَرْجَهُ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ امْكُثُوا فَخَرَجَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ فَأَعَادَ وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَمِنْ حَدِيثِ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ أَبِيهِ وَأَمَّا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَمِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ أَيْضًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ هَذِهِ رِوَايَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْهُ فِي إِيجَابِ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَرَوَى عَنْهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِسْقَاطَ الْوُضُوءِ منه

وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ مِنْهُمْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَزَيْدُ بْنُ خالد وأبوهريرة قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَقَالَ نَعَمْ نَرَى الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ قِيلَ لَهُ فَمَنْ لَمْ يَرَهُ أَتُعَنِّفُهُ قَالَ الْوُضُوءُ أَقْوَى قِيلَ لَهُ فَمَنْ قَالَ لَا وُضُوءَ قَالَ الْوُضُوءُ أَكْثَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا التَّابِعُونَ الَّذِينَ رُوِيَ عَنْهُمُ الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ مِنْ كِتَابِ الْأَثْرَمِ وَكِتَابِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ فَسَعِيدُ بْنُ المسيب وعطاء بن أبي رباح وطاووس وَعُرْوَةُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَابْنُ شِهَابٍ وَمُجَاهِدٌ وَمَكْحُولٌ وَالشَّعْبِيُّ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ وَبِذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَاضْطَرَبَ مَالِكٌ فِي إِيجَابِ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَاسْتَقَرَّ (قَوْلُهُ) أَنْ لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى بَعْدَ أَنْ مَسَّهُ قَاصِدًا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ إِلَّا فِي الْوَقْتِ فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِيمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ (سَاهِيًا بِبَطْنِ كَفِّهِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ في)

غُسْلِ الْجَنَابَةِ أَنَّهُ يُعِيدُ وُضُوءَهُ وَكَذَلِكَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ رِجْلَيْهِ أَنَّهُ يَنْتَقِضُ وُضُوءَهُ) وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ إِلَّا مَنْ تَعَمَّدَ مَسَّهُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قِيلَ لِمَالِكٍ فَإِنْ مَسَّهُ عَلَى غِلَالَةٍ خَفِيفَةٍ قَالَ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ مَسَّهُ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْعُتْبِيُّ عَنْ سَحْنُونَ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ سُقُوطِ الْوُضُوءِ مِنْهُ) وَاخْتَارَ ابْنُ حَبِيبٍ إِعَادَةَ الْوُضُوءِ فِي الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ فَإِنْ صَلَّى أَعَادَ فِي الْوَقْتِ) عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ إِلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ الْوُضُوءَ منه استحباب في العمد دن غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَقَالَ حَسَنٌ وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا سَائِرُ مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الْعُلَمَاءِ بِالْحِجَازِ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ منه الإعادة في الوقت وبعده و (إليه) ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ مِنْهُمْ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ وَعِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَالْوُضُوءَ مِنْهُ لِلصُّبْحِ بَعْدَ طُلُوعِ

الشَّمْسِ وَهَذِهِ إِعَادَةٌ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَسَائِرُ الْبَغْدَادِيِّينَ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ يَجْعَلُونَ مَسَّ الذَّكَرِ مِنْ بَابِ الْمُلَامَسَةِ فَيَقُولُونَ إِنِ الْتَذَّ الَّذِي يَمَسُّ ذَكَرَهُ فَالْوُضُوءُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ وَإِنْ صَلَّى دُونَ وُضُوءٍ فَالْإِعَادَةُ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَلْتَذَّ مِنْ مَسِّهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْمُلَامِسِ لِلنِّسَاءِ سَوَاءٌ فِي مَذْهَبِهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ لَمْ يَرَوْا فِي مَسِّ الذَّكَرِ وُضُوءًا فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ هَذِهِ رِوَايَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ عَنْهُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ أَيَتَوَضَّأُ مِنْهُ قَالَ إِنْ كَانَ مِنْكَ شَيْءٌ نَجِسٌ فَاقْطَعْهُ وَرَوَى (أَهْلُ الْمَدِينَةِ) عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَرُوِيَ عَنْهُمَا الْقَوْلَانِ جَمِيعًا وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا وُضُوءَ فِي مَسِّ الذَّكَرِ

ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ دَعَانِي وَابْنَ جُرَيْجٍ بَعْضُ أُمَرَائِهِمْ فَسَأَلَنَا عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ يَتَوَضَّأُ وَقُلْتُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ فَلَمَّا اخْتَلَفْنَا قُلْتُ لِابْنِ جُرَيْجٍ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَضَعَ يَدِهِ فِي مَنِيٍّ قَالَ يَغْسِلُ يَدَهُ قُلْتُ فَأَيُّهَا أَنْجَسُ الْمَنِيُّ أَمِ الذَّكَرُ قَالَ الْمَنِيُّ قُلْتُ فَكَيْفَ هَذَا قَالَ مَا أَلْقَاهَا عَلَى لِسَانِكَ إِلَّا شَيْطَانٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا جَازَتِ الْمُنَاظَرَةُ وَالْقِيَاسُ عِنْدَهُمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ فِيهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنْهُ فِيهَا عِنْدَهُمَا شَيْءٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ مِنْ وَجْهٍ لَا تَعَارُضَ فيه واختلف فيه الصحابة أيضا فمن ها هنا تَنَاظَرَا فِيهَا وَالْأَسَانِيدُ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي إِسْقَاطِ الْوُضُوءِ مِنْهُ أَسَانِيدُ صِحَاحٌ مِنْ نَقْلِ الثِّقَاتِ (قَالَ أَبُو عُمَرَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ) أَنْ لَا وُضُوءَ فِيهِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ عِنْدَهُ مِنْهُ اسْتِحْبَابٌ لَا إِيجَابٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَرَى الْإِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى بَعْدَ أَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ إِلَّا فِي الْوَقْتِ (وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الَّذِي يَمَسُّ ذَكَرَهُ وَيُصَلِّي أَيُعِيدُ الصَّلَاةَ فَقَالَ لَا أُوجِبُهُ أَنَا فَرُوجِعَ فَقَالَ يُعِيدُ مَا كَانَ فِي الْوَقْتِ وَإِلَّا فَلَا) وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ

مَسَّ ذَكَرَهُ بِسَاعِدِهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ اللَّيْثُ مَنْ مَسَّ مَا بَيْنَ إِلْيَتَيْهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ قَالَ اللَّيْثُ مَنْ مَسَّ ذَكَرَ الْبَهَائِمِ فعليه الوضوء وقال مالك والليث إِنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِذِرَاعِهِ وَقَدَمِهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا يُجَبِ الْوُضُوءُ إِلَّا عَلَى مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِبَاطِنِ كَفِّهِ وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ (وَأَصْحَابِهِ) إِنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِظَاهِرِ يَدِهِ أَوْ بِظَاهِرِ ذِرَاعَيْهِ أَوْ بَاطِنِهِمَا أَوْ مَسَّ أُنْثَيَيْهِ أَوْ شَيْئًا مِنْ أَرْفَاغِهِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ شَيْئًا مِنْ أَعْضَائِهِ سِوَى الذَّكَرِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ عِنْدَهُمْ وُضُوءٌ فِي مَسِّهَا فَرْجَهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَى الْمَرْأَةِ الْوُضُوءَ فِي مَسِّهَا فَرْجَهَا إِذَا أَلْطَفَتْ أو قبضت (والتذت) وكان مكحول وطاووس وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ يَقُولُونَ إِنْ مَسَّ ذَكَرَهُ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وإسحاق عمده وخطأه فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ إِذَا أَفْضَى بِيَدِهِ إِلَيْهِ وَجُمْلَةُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ الْمِصْرِيِّ قَالَ وَإِذَا أَفْضَى الرَّجُلُ إِلَى ذَكَرِهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سَتْرٌ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ عَامِدًا كَانَ أَوْ سَاهِيًا وَالْإِفْضَاءُ بِالْيَدِ إِنَّمَا هُوَ بِبَاطِنِهَا كَمَا تَقُولُ أَفْضَى

بِيَدِهِ مُبَايِعًا وَأَفْضَى بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ سَاجِدًا وَسَوَاءٌ قَلِيلٌ مَا مَسَّ مِنْ ذَكَرِهِ أَوْ كَثِيرُهُ إِذَا كَانَ بِبَاطِنِ الْكَفِّ (وَكَذَلِكَ مَنْ مَسَّ دُبُرَهُ بِبَاطِنِ الْكَفِّ) أَوْ فَرْجَ امْرَأَتِهِ أو ذكر غيرها أَوْ دُبُرَهُ وَسَوَاءٌ مَسَّ ذَلِكَ مِنْ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ وَحُكْمُ الْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَالرَّجُلِ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا قَالَ وَمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِبَاطِنِ كَفِّهِ عَلَى ثَوْبٍ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا أَوْ مَسَّهُ بِظَهْرِ كَفِّهِ أَوْ ذِرَاعِهِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أَفْضَى أَحَدُكُمْ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ قَالَ وَإِنْ مَسَّ شَيْئًا مِنْ هَذَا مِنْ بَهِيمَةٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ لِلْآدَمِيِّينَ حُرْمَةً وَتَعَبُّدًا قَالَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مَسِّ أُنْثَيَيْهِ وَرُفْغَيْهِ وَإِلْيَتَيْهِ وَفَخِذَيْهِ قَالَ وَإِنَّمَا قِسْنَا الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ وَسَائِرَ الْأَعْضَاءِ غَيْرَ بَاطِنِ الْكَفِّ قِيَاسًا عَلَى الْفَخِذِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي مَسِّ الرَّجُلِ فَرْجَ الْمَرْأَةِ وَمَسِّ الْمَرْأَةِ فَرْجَ الرَّجُلِ فَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَوَافَقَهُ عَلَى قَوْلِهِ فِي مَسِّ ذَكَرِ الصَّبِيِّ وَالْحَيِّ وَالْمَيِّتِ عَطَاءٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَوَافَقَهُ عَلَى إِيجَابِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الدُّبُرِ عَطَاءٌ وَالزُّهْرِيُّ وَكَانَ عُرْوَةُ يَقُولُ مَنْ مَسَّ أُنْثَيَيْهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ

الحديث السادس عشر

قَالَ أَبُو عُمَرَ النَّظَرُ عِنْدِي فِي هَذَا الباب أن االوضوء لَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ أَوْ فَرْجَهُ قَاصِدًا مُفْضِيًا وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُوجِبُ الظَّاهِرَ والأصل أن الوضوء الجتمع عَلَيْهِ لَا يَنْتَقِضُ إِلَّا بِإِجْمَاعٍ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ غَيْرِ مُحْتَمِلَةٍ لِلتَّأْوِيلِ (فَلَا عَيْبَ عَلَى القائل يقول الْكُوفِيِّينَ لِأَنَّ إِيجَابَهُ عَنِ الصَّحَابَةِ لَهُمْ فِيهِ ما تقدم ذكره) وبالله التوفيق

قَالَ أَبُو عُمَرَ النَّظَرُ عِنْدِي فِي هَذَا الباب أن االوضوء لَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ أَوْ فَرْجَهُ قَاصِدًا مُفْضِيًا وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُوجِبُ الظَّاهِرَ والأصل أن الوضوء الجتمع عَلَيْهِ لَا يَنْتَقِضُ إِلَّا بِإِجْمَاعٍ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ غَيْرِ مُحْتَمِلَةٍ لِلتَّأْوِيلِ (فَلَا عَيْبَ عَلَى القائل يقول الْكُوفِيِّينَ لِأَنَّ إِيجَابَهُ عَنِ الصَّحَابَةِ لَهُمْ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ) وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ أَنَّهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَتْ صَدَقَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ دَفَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادَّخِرُوا لِثَلَاثٍ وَتَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ قَالَتْ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَنْتَفِعُونَ بِضَحَايَاهُمْ وَيَحْمِلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ وَيَتَّخِذُونَ مِنْهَا الْأَسْقِيَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ذَاكَ أَوْ كَمَا قَالَ قَالُوا نَهَيْتَ عَنْ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ عَلَيْكُمْ فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا يَعْنِي بِالدَّافَّةِ قَوْمًا مَسَاكِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ شَرِيفٌ جَلِيلٌ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَأُمُّهُ أَمَةُ اللَّهِ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَمَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ فِي خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَفَّ نَاسٌ فَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ دَفَّ نَاسٌ إِلَيْنَا وَأَتَوْنَا وَأَصْلُهُ عِنْدَهُمْ مِنْ دَفِيفِ الطَّائِرِ إِذَا حَرَّكَ جَنَاحَيْهِ وَرِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ يُقَالُ فِي ذَلِكَ دَفَّ الطَّائِرُ يَدِفُّ دَفِيفًا وَقَالَ الْخَلِيلُ وَالدَّافَّةُ قَوْمٌ يَدِفُّونَ أَيْ يَسِيرُونَ سَيْرًا لَيِّنًا وَتَدَافَّ الْقَوْمُ إِذَا رَكِبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي قِتَالٍ أَوْ نَحْوِهِ وَأَمَّا قَوْلُهَا حَضْرَةَ الْأَضْحَى فَمَعْنَاهُ فِي وَقْتِ الْأَضْحَى وَفِي حِينِ الْأَضْحَى وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيَحْمِلُونَ مِنَ الْوَدَكِ فَمَعْنَاهُ يُذِيبُونَ مِنْهَا الشَّحْمَ وَالْوَدَكُ الشَّحْمُ يُقَالُ مِنْهُ جَمُلْتُ الشَّحْمَ وَأَجْمَلْتُهُ وَاجْتَمَلْتُهُ أَيْ أَذَبْتُهُ وَالِاجْتِمَالُ الِادِّهَانُ بِالْجَمِيلِ وَهِيَ الْإِهَالَةُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ فَقَدْ بَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْوَجْهُ وَالْعِلَّةُ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَسَاكِينِ لِيُطْعِمُوهُمْ وَيُوَاسُوهُمْ

الحديث السابع عشر

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قد نَهَى عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَضَحَّى النَّاسُ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَضَاحِيُّ لِتَرَفُّقِ النَّاسِ كَانُوا يَدَّخِرُونَ مِنْ لُحُومِهَا وَوَدَكِهَا قَالَ فَمَا مَنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ قُلْتُ يا نبي الله أو لم تنهاهم عَامَ الْأَوَّلِ عَنْ أَنْ يَأْكُلُوا لُحُومَهَا بَعْدَ ثَلَاثٍ قَالَ إِنَّمَا نَهَيْتُ عَنْ ذَلِكَ لِلْحَاضِرَةِ الَّتِي حَضَرَتْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لِيَبُثُّوا لُحُومَهَا فِيهِمْ فَأَمَّا الْآنَ فَلْيَأْكُلُوا وَلْيَدَّخِرُوا وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَزَوَّدُوا وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ بِذَلِكَ فِي بَابِ (رَبِيعَةَ) مِنْ كِتَابِنَا هَذَا

وَتَكَلَّمْنَا عَلَى مَعَانِي هَذَا الْحَدِيثِ هُنَاكَ بِمَا يغني عن إعادته ها هنا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُسَافِرٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ فِي لَحْمِ الضَّحَايَا كُنَّا نُصْلِحُ مِنْهُ وَيَقَدَمُ فِيهِ النَّاسُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَأْكُلُوا إِلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَيْسَ بِالْعَزِيمَةِ وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يُطْعِمُوا مِنْهُ فَهَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ لَكَ مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا أَنَّهُ كَانَ نَدْبًا إِلَى الْخَيْرِ لَا إِيجَابًا وَفِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ رِوَايَةِ النَّظِيرِ عَنِ النَّظِيرِ وَالْكَبِيرِ عَنِ الصَّغِيرِ وَعَلَى هَذَا كَانَ السَّلَفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ

الحديث السادس

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراه فُلَانًا لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ يا رسول الله لوكان فُلَانٌ حَيًّا لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ دَخَلَ عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي بَابِ (ابْنِ شِهَابٍ) عَنْ عُرْوَةَ فَلَا معنى لإعادة ذلك ها هنا

وَقَدْ نَسَبْنَا عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِيمَا مَضَى أَيْضًا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَإِنَّهُ كَانَ عَمَّهَا لِأَنَّهُ كَانَ أَخَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنَ الرَّضَاعَةِ أَرْضَعَتْهُمَا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَيْسَ كَأَفْلَحَ أَخِي أَبِي الْقُعَيْسِ عَمِّ عَائِشَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَيْفَ الْمَعْنَى فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ مَعَ أَخِي أَبِي الْقُعَيْسِ فِي بَابِ (ابْنِ شِهَابٍ) عَنْ عُرْوَةَ فَلَا معنى لتكريره ها هنا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ امْرَأَةَ الِابْنِ مِنَ الرَّضَاعَةِ مُحَرَّمَةٌ فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجل وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم دليل عَلَى أَنَّ الْأَبْنَاءَ مِنَ الرَّضَاعَةِ لَا تُحَرِّمُ حَلَائِلَهُمْ عَلَى آبَائِهِمْ فَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي حَلَائِلِ الْأَبْنَاءِ مِنَ الْأَصْلَابِ نَفْيًا لِلَّذِينِ تَبَنَّوْا وَلَمْ يَكُونُوا أَبْنَاءً مِثْلَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِذْ تَبَنَّاهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يُدْعَى زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَتَّى نَزَلَتِ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ ثُمَّ نَكَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ أَنْ قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرَهُ وَطَلَّقَهَا فَمَعْنَى قَوْلِهِ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ يُرِيدُ غَيْرَ الْمُتَبَنَّيْنَ وَأَمَّا الرَّضَاعَةُ فَلَا أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ

عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِيهِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ الْأُخْتَانِ مِنَ الرَّضَاعَةِ لِمَا بَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الرَّضَاعَةِ أَنَّهَا تُحَرِّمُ مَا يُحَرِّمُ النَّسَبُ فَلَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ صَبِيَّتَيْنِ رَضِيعَتَيْنِ فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَأَرْضَعَتْهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ بِالرَّضَاعِ وَحَرُمَتَا عَلَيْهِ وَاسْتَأْنَفَ نِكَاحَ أَيَّتِهِمَا شَاءَ فَقِفْ عَلَى الْأَصْلِ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي كُلِّ بَابٍ تَعْرِفْ بِهِ وَجْهَ الصواب

عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِيهِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ الْأُخْتَانِ مِنَ الرَّضَاعَةِ لِمَا بَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الرَّضَاعَةِ أَنَّهَا تُحَرِّمُ مَا يُحَرِّمُ النَّسَبُ فَلَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ صَبِيَّتَيْنِ رَضِيعَتَيْنِ فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَأَرْضَعَتْهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ بِالرَّضَاعِ وَحَرُمَتَا عَلَيْهِ وَاسْتَأْنَفَ نِكَاحَ أَيَّتِهِمَا شَاءَ فَقِفْ عَلَى الْأَصْلِ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي كُلِّ بَابٍ تَعْرِفْ بِهِ وَجْهَ الصواب

الحديث السابع

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ (هَذَا أَصَحُّ إِسْنَادٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ) وَإِلَى الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي مِقْدَارِ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ وَهُوَ مَذْهَبُ عَائِشَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ جَاءَ معهم من العلماء ذَلِكَ وَمَنْ خَالَفَهُمْ فِيهِ وَدَلِيلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فِي بَابِ (ابْنِ شِهَابٍ) عَنْ عُرْوَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى نَاسِخِ الْقُرْآنِ وَمَنْسُوخِهِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْوُجُوهِ فِي بَابِ (زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) وَمَضَى الْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ مَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّنَازُعِ فِي بَابِ (ابْنِ شِهَابٍ) عَنِ عروة أيضا

(حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ مُسَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ أَقَلُّ مِنْ سَبْعِ رَضَعَاتٍ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ خَالَفَهُ هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ صَالِحِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنَّمَا يُحَرِّمُ مِنَ الرِّضَاعِ سَبْعُ رَضَعَاتٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ صَالِحِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ قَالَ لَا قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ عَلَى قَتَادَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَغَيْرُهُ وَهِيَ عِنْدِي أَحَادِيثُ جَمَعَهَا صَالِحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ لَيْسَ فِيهَا اخْتِلَافٌ وَالْأَحَادِيثُ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذَا مُضْطَرِبَةٌ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ السَّبْعُ مَنْسُوخَةً عِنْدَهَا بِخَمْسٍ ثُمَّ تُفْتِي بِالسَّبْعِ وَلَا تَقُومُ بِمَا نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ

حُجَّةٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ بِمَا يَكْفِي فِي بَابِ (ابْنِ شِهَابٍ) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ فَحَدِيثُ مَالِكٍ أَثْبَتُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ لِأَنَّ نَقَلَتَهُ كُلَّهُمْ أَئِمَّةٌ عُلَمَاءُ جِلَّةٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ قِيلَ إِنَّ مَالِكًا انْفَرَدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ انْفَرَدَ بِهِ عَنْ عَمْرَةَ وَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَكِنَّهُمْ عُدُولٌ يَجِبُ العمل بما رووه وبالله التوفيق

حُجَّةٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ بِمَا يَكْفِي فِي بَابِ (ابْنِ شِهَابٍ) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ فَحَدِيثُ مَالِكٍ أَثْبَتُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ لِأَنَّ نَقَلَتَهُ كُلَّهُمْ أَئِمَّةٌ عُلَمَاءُ جِلَّةٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ قِيلَ إِنَّ مَالِكًا انْفَرَدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ انْفَرَدَ بِهِ عَنْ عَمْرَةَ وَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَكِنَّهُمْ عُدُولٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِمَا رَوَوْهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثامن

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ وَقَدْ بَعَثْتُ بِهَدْيِي فَاكْتُبِي لِي بِأَمْرِكِ أَوْ مُرِي صَاحِبَ الْهَدْيِ قَالَتْ عَمْرَةُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ بَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ

هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَرَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ بِخِلَافِ بَعْضِ مَعَانِيهِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ الْإِشْعَارَ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ (فِيمَا عَلِمْتُ) حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ عَنْ يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّدَ هَدْيَهُ وَأَشْعَرَهُ وَبَعَثَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ فَلَمْ يَجْتَنِبْ شَيْئًا كَانَ لَهُ حَلَالًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا اللَّفْظُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا وَإِنَّمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي حَدِيثِ أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ وَسَنَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ مَعَانٍ مِنَ الْفِقْهِ مِنْهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَرَى أَنَّ مَنْ بَعَثَ بِهَدْيٍ إِلَى الْكَعْبَةِ لَزِمَهُ إِذَا قَلَّدَهُ أَنْ يُحْرِمَ وَيَجْتَنِبَ كُلَّ مَا يَجْتَنِبُ الْحَاجُّ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ وَقَدْ تَابَعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَلَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَطَائِفَةٌ وَرُوِيَ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَثَرٌ مَرْفُوعٌ مِنْ حَدِيثِ

جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهَا أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ وَعُلُومِ الدِّيَانَةِ فَلَا يَعِيبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَكْثَرَ مِنْ رَدِّ قَوْلِهِ وَمُخَالَفَتِهِ إِلَى مَا عِنْدَهُ مِنَ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ وَهَكَذَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمِنْهَا مَا كَانَ عَلَيْهِ الْأُمَرَاءُ مِنَ الِاهْتِبَالِ بِأَمْرِ الدِّينِ وَالْكِتَابِ فِيهِ إِلَى الْبُلْدَانِ وَمِنْهَا عَمَلُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَيْدِيهِنَّ وَامْتِهَانُهُنَّ أَنْفُسَهُنَّ وَكَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْتَهِنُ نَفْسَهُ فِي عَمَلِ بَيْتِهِ فَرُبَّمَا خَاطَ ثَوْبَهُ وَرُبَّمَا خَصَفَ نَعْلَهُ وَقَدْ قَلَّدَ هَدْيَهُ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِيَدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ يَقُولُ رَأَيْتُ عَائِشَةَ تَفْتِلُ الْقَلَائِدَ لِلْغَنَمِ تُسَاقُ مَعَهَا هَدْيًا وَمِنْهَا التَّطَوُّعُ بِإِرْسَالِ الْهَدْيِ إِلَى الْكَعْبَةِ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ الْهَدْيِ وَالضَّحَايَا وَمِنْهَا أَنَّ تَقْلِيدَ الْهَدْيِ لَا يُوجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ الْإِحْرَامَ وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي سَبَقَ لَهُ الْحَدِيثُ وَهُوَ الْحُجَّةُ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَأَمَّا مَالِكٌ فَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ مِنَ الْإِحْرَامِ فِي تَقْلِيدِ الْهَدْيِ مِمَّنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ فَقَالَ الْأَمْرُ عندنا

الَّذِي نَأْخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعَثَ بِهَدْيِهِ ثُمَّ أقام فلم يترك شيئا فما أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَلِّدَ الْهَدْيَ وَلَا يُشْعِرَ إِلَّا عِنْدَ الْإِهْلَالِ إِلَّا رَجُلٌ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ فَيَبْعَثُ بِهَدْيِهِ وَيُقِيمُ حَلَالًا فِي أَهْلِهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا قَلَّدَ الْهَدْيَ فَقَدْ أَحْرَمَ إِنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ وَإِنْ كَانَ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ فَلْيَبْعَثْ بِهَدْيِهِ وَلْيُقِمْ حَلَالًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ لَا يَكُونُ أَحَدٌ مُحْرِمًا بِسِيَاقَةِ الْهَدْيِ وَلَا بِتَقْلِيدِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إِحْرَامٌ حَتَّى يَنْوِيَهُ وَيُرِيدَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ سَاقَ هَدْيًا وَهُوَ يَؤُمُّ الْبَيْتَ ثُمَّ قَلَّدَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ وَإِنْ جَلَّلَ الْهَدْيَ أَوْ أَشْعَرَهُ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا إِنَّمَا يَكُونُ مُحْرِمًا (بِالتَّقْلِيدِ وَقَالَ إِنْ كَانَ مَعَهُ شَاةٌ فَقَلَّدَهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ لِأَنَّ الْغَنَمَ لَا تُقَلَّدُ وَقَالَ إِنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ فَقَلَّدَهُ وَأَقَامَ حَلَالًا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ وَاتَّبَعَ هَدْيَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا حِينَ يَخْرُجُ إِنَّمَا يَكُونُ مُحْرِمًا (2)) إِذَا أَدْرَكَ هَدْيَهُ وَأَخْذَهُ وَسَارَ بِهِ وَسَاقَهُ مَعَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِنْ بَعَثَ بِهَدْيٍ لِمُتْعَةٍ ثُمَّ أَقَامَ حَلَالًا أَيَّامًا ثُمَّ خَرَجَ وَقَدْ كَانَ قَلَّدَ هَدْيَهُ فَهُوَ مُحْرِمٌ حِينَ يَخْرُجُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ بَعَثَ بِهَدْيِ الْمُتْعَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَمَيْمُونُ بْنُ أَبِي شَبِيبٍ وَجَمَاعَةٌ مَنْ قَلَّدَ أَوْ أَشْعَرَ أو جلل

فَقَدْ أَحْرَمَ وَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِهِ وَلَيْسَ فِي الرِّوَايَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ أَوْ جَلَّلَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَنْ مَيْمُونٍ وَحْدَهُ فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي إِلَيْهِ ذَهَبَ مَنِ اتَّبَعَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ عَلَى قَوْلِهِمَا فِي هَذَا الْبَابِ فَمَا وَجَدْتُهُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ هِلَالٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ لَبِيبَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فَقَلَّدَ قَمِيصَهُ مِنْ جَنْبَيْهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ رِجْلَيْهِ فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ أَمَرْتُ بِبُدْنِيَ الَّتِي بَعَثْتُ بِهَا أَنْ تُقَلَّدَ وَتُشْعَرَ عَلَى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَلَبِسْتُ قَمِيصِي وَنَسِيتُ فَلَمْ أَكُنْ لِأُخْرِجَ قَمِيصِي مِنْ رَأْسِي وَكَانَ بَعَثَ بِبُدْنِهِ وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ فِي أَهْلِهِ فَقَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ أَنَّهُ يَتَجَرَّدُ فَيُقِيمُ كَذَلِكَ حَتَّى يَحِلَّ النَّاسُ مِنْ حَجِّهِمْ وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِمَا مَضَى فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى

الْحَاجِّ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (شَيْخٌ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) مِنْهُمْ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ وَيَرْوِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ وَيُقَالُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ لَبِيبَةَ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جَابِرٍ هَذَا لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ بِالنَّقْلِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَيْ جَابِرٍ يُحَدِّثَانِ عَنْ أَبِيهِمَا جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ إِذْ شَقَّ قَمِيصَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ فَسُئِلَ فَقَالَ وَعَدْتُهُمْ يُقَلِّدُونَ هَدْيِي الْيَوْمَ فَنَسِيتُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ بَعَثَ بِهَدْيِهِ ثُمَّ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةٍ لَهُ فَأَتَى مُطَرِّفَ بْنَ الشِّخِّيرِ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ ائْتِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَمُرْهُ أَنْ يُطَهِّرَ فَرْجَهُ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبَى أَنْ يَأْتِيَهُ فَأَتَى اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ فَقِيلَ لَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَأَتَى لَيْلَةً ثَالِثَةً فَقِيلَ لَهُ قَوْلٌ فِيهِ بَعْضُ الشِّدَّةِ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَا ذَلِكَ

ثُمَّ ذَكَرَ فَقَالَ إِنِّي وَقَعْتُ عَلَى فُلَانَةٍ بَعْدَ مَا قَلَّدْتُ الْهَدْيَ فَكَتَبَ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا فَلَمَّا قَدِمَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي بَعَثَ بِالْهَدْيِ مَعَهُ سَأَلَهُ أَيُّ يَوْمٍ قَلَّدْتَ الْهَدْيَ فَأَخْبَرَهُ فَإِذَا هُوَ قَدْ وَقَعَ عليها بعدما قَلَّدَ الْهَدْيَ فَأَعْتَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ جَارَيْتَهُ تِلْكَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ إِذَا قَلَّدَ الرَّجُلُ هَدْيَهُ فَقَدْ أَحْرَمَ وَالْمَرْأَةُ كَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَحُجَّ فَهُوَ حَرَامٌ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَعَثَ بِهَدْيِهِ أَمْسَكَ عَنِ النِّسَاءِ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ إِذَا قَلَّدَ الرَّجُلُ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ فَقَدْ أَحْرَمَ وَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِهِ وَقَدْ رَوَى أَبُو الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ خِلَافَ مَا رَوَى نَافِعٌ ذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الرَّجُلِ يَبْعَثُ بِهَدْيِهِ أَيُمْسِكُ عَنِ النِّسَاءِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا عَلِمْنَا الْمُحْرِمَ يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا بَعَثَ الرَّجُلُ بِالْهَدْيِ فَهُوَ مُحْرِمٌ وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مُحْرِمًا مَا كَانَ لَهُ حِلٌّ دُونَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ

قَالَ أَيُّوبُ فَذَكَرْتُهُ لِنَافِعٍ فَأَنْكَرَهُ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ قَالَ مَنْ قَلَّدَ أَوْ أَشْعَرَ أَوْ جَلَّلَ فَقَدْ أَحْرَمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَلْتَفِتْ مَالِكٌ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ إِلَى حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ لَبِيبَةَ عَنِ ابْنِ جَابِرٍ عَنْ جَابِرٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَرَدُّوهُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ لِتَوَاتُرِ طُرُقِهِ عَنْهَا وَصِحَّتِهِ وَمَا يَصْحَبُهُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ إِلَى ثُبُوتِهِ مِنْ طُرُقِ الْأَثَرِ رَوَاهُ مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ وَهُشَامُ بْنُ عُرْوَةَ (عَنْ أَبِيهِ) عَنْ عَائِشَةَ (وَابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةُ عَنْ عَائِشَةَ (2)) وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ ذَكَرَ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنْ كُنْتُ لَأَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا فَمَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَ إن ابن

زِيَادٍ قَلَّدَ بُدْنَهَ فَتَجَرَّدَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَهَلْ كَانَتْ لَهُ كَعْبَةً يَطُوفُ بِهَا قَالُوا لَا قَالَتْ وَاللَّهِ مَا حَلَّ أَحَدٌ مِنْ حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ قَالَتْ لَقَدْ كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا فَمَا يَتَّقِي أَوْ قَالَتْ فَمَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ مَسْرُوقٍ قَالَ قلت لعائشة إن رجالا ها هنا يَبْعَثُونَ بِالْهَدْيِ إِلَى الْبَيْتِ وَيَأْمُرُونَ الَّذِينَ يَبْعَثُونَهُمْ أَنْ يُعَرِّفُوهُمُ الْيَوْمَ الَّذِي يُقَلِّدُونَهَا فَلَا يَزَالُونَ مُحْرِمِينَ حَتَّى يَحِلَّ النَّاسُ فَصَفَّقَتْ بِيَدِهَا فَسَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْكَعْبَةِ وَيُقِيمُ فِينَا لَا يَتْرُكُ شَيْئًا مِمَّا يَصْنَعُ الْحَلَالُ حَتَّى يَرْجِعَ النَّاسُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ حَدَّثَنَا

أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي ثم قَلَّدَهَا وَأَشْعَرَهَا وَبَعَثَ بِهَا إِلَى الْبَيْتِ وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حَلَالًا وَالْآثَارُ عَنْ عَائِشَةَ بِهَذَا مُتَوَاتِرَةٌ وَبِهَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَكْثَرِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ فِي جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي أَهْلِ الشَّامِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَلَمْ يَقُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ وَتَرَكَ مَالِكٌ الرِّوَايَةَ عَنْهُ وَهُوَ جَارُهُ وَحَسْبُكَ بِهَذَا إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ خَصُّوا الْإِبِلَ إِذَا قَلَّدَهَا مَنْ قَصَدَ الْبَيْتَ أَنَّهُ يَكُونُ بِتَقْلِيدِهِ لَهَا مُحْرِمًا إِذَا كَانَ قَاصِدًا لِلْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ إِلَى الْبَيْتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عِنْدَهُمْ مَنْ قَلَّدَ الْغَنَمَ وَإِنْ أَمَّ الْبَيْتَ لِأَنَّ الْغَنَمَ لَا تُقَلَّدُ عِنْدَهُمْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الْغَنَمِ أَنَّهَا لَا تُقَلَّدُ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ تُقَلَّدُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَلَا تُقَلَّدُ الْغَنَمُ وَتُجْزِئُ النَّعْلُ الْوَاحِدَةُ فِي التَّقْلِيدِ وَتَجْعَلُ حَمَائِلَ الْقَلَائِدِ مِمَّا شِئْتَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُقَلَّدُ كُلُّ هَدْيِ مُتْعَةٍ أَوْ قِرَانٍ أَوْ تَطَوُّعٍ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فَأَمَّا الْغَنَمُ فَلَا تُقَلَّدُ وَلَا يُقَلَّدُ هَدْيُ إِحْصَارٍ وَلَا جِمَاعٍ وَلَا جَزَاءِ صيد ولا حنث في يمين يهدي جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً وَقَالُوا التَّجْلِيلُ

حَسَنٌ وَلَا يَضُرُّ تَرْكُهُ وَالتَّقْلِيدُ أَوْجَبُ مِنْهُ وَقَالَ مَالِكٌ جِلَالُ الْبُدْنِ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَهُوَ مِنْ زِينَتِهَا وَلَا بَأْسَ بِشَقِّ أَوْسَاطِ الْجِلَالِ إِذَا كَانَتْ بِالثَّمَنِ الْيَسِيرِ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ زِينَةً لَهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُقَلَّدُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَتُقَلَّدُ الْغَنَمُ الرِّقَاعَ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ تُقَلَّدُ الْبُدْنُ وَالْهَدْيُ كُلُّهَا مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ تَطَوُّعًا كَانَتْ أَوْ وَاجِبَةً فِي مُتْعَةٍ أَوْ قِرَانٍ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ يَمِينٍ إِذَا اخْتَارَ صَاحِبُ الْهَدْيِ قَلَّدَ ذَلِكَ كُلَّهُ إِنْ شَاءَ وَيُجَلِّلُ الْهَدْيَ بِمَا شَاءَ وَاحْتَجَّ مَنِ اخْتَارَ تَقْلِيدَ الْغَنَمِ بِمَا رَوَاهُ الْأَعْمَشُ وَمَنْصُورٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى إِلَى الْبَيْتِ مَرَّةً غَنَمًا فَقَلَّدَهَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ فَذَكَرَهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ حدثنا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَنَمِ فَيَبْعَثُ بِهَا ثُمَّ يُقِيمُ فِينَا حَلَالًا وَرَوَى شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ وَشُعْبَةُ أَيْضًا وَسُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ

مِثْلَهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ وَمُحَمَّدُ بن جحاجة عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ مَعْنَاهُ وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ تَقْلِيدَ الْغَنَمَ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا حَجَّ حَجَّةً وَاحِدَةً لَمْ يُهْدِ فِيهَا غَنَمًا وَأَنْكَرُوا حَدِيثَ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ فِي تَقْلِيدِ الْغَنَمِ قَالُوا هُوَ حَدِيثٌ لَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ بَيْتِ عَائِشَةَ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي إِشْعَارِ الْبُدْنِ فَقَالَ مَالِكٌ تُشْعَرُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَلَا تُشْعَرُ الْغَنَمُ وَتُشْعَرُ فِي الشِّقِّ الْأَيْسَرِ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (وَحُجَّةُ مَنْ رَأَى الْإِشْعَارَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْعَرَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْمَعْنَى قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قتادة قال أبوالوليد قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَسَّانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم صلى الظهر بذي الحليفة ثم دعى بِبَدَنَةٍ فَأَشْعَرَهَا مِنْ صَفْحَةِ

سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ ثُمَّ سَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا وَقَلَّدَهَا بِنَعْلَيْنِ ثُمَّ أُتِيَ بِرَاحِلَةٍ فَلَمَّا قَعَدَ عَلَيْهَا وَاسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ مِنَ السُّنَنِ لَا يُشْرِكُهُمْ فِيهِ أَحَدٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْعَرَ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمَحْفُوظُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْعَرَ بَدَنَتَهُ مِنْ شِقِّهَا الْأَيْمَنِ وَرَأَيْتُ فِي كِتَابِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عن أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْعَرَ بَدَنَةً مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ سَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ وَهَذَا عِنْدِي مُنْكَرٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا وَالْمَعْرُوفُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ الْجَانِبُ الْأَيْمَنُ لَا يَصِحُّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ غَيْرُ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُشْعِرُ بَدَنَتَهُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ وَأَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٍ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ عَطَاءٍ وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ

عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُشْعِرُ فِي الشِّقِّ الْأَيْمَنِ حِينَ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِمَ وَرَوَى ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُشْعِرُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَهُوَ أَمْرٌ خَفِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَكْرَهُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رُبَّمَا أَشْعَرَ فِي السَّنَامِ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا وَخَزَ فِي سَنَامِ بَدَنَتِهِ يُشْعِرُهَا قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ تُشْعَرُ الْبُدْنُ مِنْ حَيْثُ تَيَسَّرَ) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَكْرَهُ الْإِشْعَارَ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لِلْبُدْنِ فِي غَيْرِ نَفْعٍ لَهَا وَلَا لِصَاحِبِهَا لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اتِّخَاذِ شَيْءٍ فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا (وَلِنَهْيِهِ عَنِ الْمُثْلَةِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ تُشْعَرُ الْبُدْنُ فِي الشِّقِّ الأيمن وحجتهم أن رسول اله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّدَ بَدَنَةً وَأَشْعَرَهَا مِنَ الشِّقِّ الْأَيْمَنِ وَسَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ فَإِنَّ الْأُصُولَ كُلَّهَا تَشْهَدُ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَحِلُّ إِلَّا بِعَمَلٍ يَعْمَلُهُ أَقَلُّهُ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهَذَا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءٍ وَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ مَا يُوجِبُ أَنْ يَحِلَّ دُونَ عَمَلٍ

يَعْمَلُهُ إِذَا نَحَرَ هَدْيَهُ وَهَذَا خِلَافُ الْإِحْرَامِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ حَدِيثُ جَابِرٍ مِمَّا يُعَارَضُ بِمِثْلِهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَقَدْ كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَحْلِفُ إِنَّ فِعْلَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ بِدْعَةٌ وَلَا يَجُوزُ فِي الْعُقُولِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ إِلَّا وَهُوَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ السُّنَّةَ خِلَافُ ذَلِكَ رَوَى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا مُتَجَرِّدًا بِالْعِرَاقِ قَالَ فَسَأَلْتُ النَّاسَ عَنْهُ فَقَالُوا أَمَرَ بِهَدْيِهِ أَنْ يُقَلَّدَ فَلِذَلِكَ تَجَرَّدَ قَالَ رَبِيعَةُ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ بِدْعَةٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ مَا يَرُدُّ الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ أُكَيْمَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ فَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أظفاره (شيئا)

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ أَنْ يَحْلِقَ شَعْرًا وَلَا يَقُصَّ ظُفْرًا وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْتَنِبْ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ حِينَ قَلَّدَ هَدْيَهُ وَبَعَثَ بِهِ وَهُوَ يَرُدُّ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ وَيَدْفَعُهُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ وَوَهَنِهِ أَنَّ مالك رَوَى عَنْ عُمَارَةَ (بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ لَا بَأْسَ بِالْإِطْلَاءِ بِالنَّوْرَةِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ فَتَرْكُ سَعِيدٍ لِاسْتِعْمَالِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ رَاوِيَتُهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُ غَيْرُ ثَابِتٍ أَوْ مَنْسُوخٌ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْجِمَاعَ مُبَاحٌ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَمَا دونه

أَحْرَى أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِحَلْقِ الرَّأْسِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَصِّ الشَّارِبِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ بِالْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَقَدْ ذُكِرَ لَهُ حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَهَلَّ عَلَيْهِ مِنْكُمْ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ فَقَالَ اللَّيْثُ قَدْ رُوِيَ هَذَا وَالنَّاسُ عَلَى غير هذا وقال الأوزاعي إذا اشترى أضحتيه بَعْدَ مَا دَخَلَ الْعَشْرُ فَإِنَّهُ يَكُفُّ عَنْ قَصِّ شَارِبِهِ وَأَظْفَارِهِ وَإِنِ اشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْعَشْرُ فَلَا بَأْسَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ فَمَرَّةً قَالَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ لَمْ يَمَسَّ فِي الْعَشْرِ مِنْ شَعَرِهِ شَيْئًا وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أُحِبُّ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ أَنْ لَا يَمَسَّ فِي الْعَشْرِ مِنْ شَعَرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فَإِنْ أَخَذَ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ فَلَا بأس لأن عائشة قالت كنت أفلت قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ يَأْخُذُ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا فَقِيلَ لَهُ فَإِنْ أَرَادَ غَيْرُهُ أَنْ يُضَحِّيَ وَهُوَ لَا يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ فَقَالَ إِذَا لَمْ يُرِدْ أَنْ يُضَحِّيَ لَمْ يُمْسِكْ عَنْ شَيْءٍ إِنَّمَا قَالَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ وَقَالَ ذَكَرْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ حَدِيثَ عَائِشَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ بِالْهَدْيِ وَحَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ إذا

دخل الْعَشْرِ فَبَقِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَلَمْ يَأْتِ بِجَوَابٍ فَذَكَرْتُهُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَقَالَ يَحْيَى ذَاكَ لَهُ وَجْهٌ وَهَذَا لَهُ وَجْهٌ حَدِيثُ عَائِشَةَ إِذَا بَعَثَ بِالْهَدْيِ وَأَقَامَ وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ بِالْمِصْرِ قَالَ أَحْمَدُ وَهَكَذَا أَقُولُ قِيلَ لَهُ فَيُمْسِكُ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ قَالَ نَعَمْ كُلُّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَقِيلَ لَهُ هَذَا عَلَى الَّذِي بِمَكَّةَ فَقَالَ لَا بَلْ عَلَى الْمُقِيمِ وَقَالَ هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ هَكَذَا وَلَكِنَّهُ وَقَفَهُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ شَيْخِ مَالِكٍ قِيلَ لَهُ إِنَّ قَتَادَةَ يَرْوِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا إِذَا اشْتَرَوْا ضَحَايَاهُمْ أَمْسَكُوا عَنْ شُعُورِهِمْ وَأَظْفَارِهِمْ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَقَالَ هَذَا يُقَوِّي هَذَا وَلَمْ يَرَهُ خِلَافًا وَلَا ضَعَّفَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ قَتَادَةَ هَذَا اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى قَتَادَةَ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَفِي رُوَاتِهِ مَنْ لا تقوم

بِهِ حُجَّةٌ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُضَعِّفُونَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَقَدْ ذَكَرَ عِمْرَانُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ سَأَلَ مَالِكًا عَنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا فَقَالَ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِي قَالَ فَقُلْتُ لِجُلَسَائِهِ قَدْ رَوَاهُ عَنْهُ شُعْبَةُ وَحَدَّثَ بِهِ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِي فَقَالُوا لِي إِنَّهُ إِذَا لَمْ يَأْخُذْ بِالْحَدِيثِ قَالَ فِيهِ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِي قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّ ابْنَ أَنَسٍ هَذَا مَدَنِيٌّ فِي سِنِّ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ يُكَنَّى أَبَا أَنَسٍ وَلَيْسَ هُوَ عمران بن ابي أنس أبو شُعَيْبٍ الْمَدَنِيَّ وَعِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ أَوْثَقُ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ أَنَسٍ فَقِفْ عَلَى ذَلِكَ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أُكَيْمَةَ اللِّيثِيُّ قَالَ سَمِعْتُ سعيد بن المسيب يقول سمعت أم سلمةتقول قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ لَهُ ذَبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أَهَلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا وَبِهِ (2) عَنْ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسماعيل حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا

دَخَلَ الرَّجُلُ فِي الْعَشْرِ وَابْتَاعَ أُضْحِيَتَهُ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ قُلْتُ النِّسَاءُ قَالَ أَمَّا النِّسَاءُ فَلَا لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي حَدِيثِهِ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ كَثِيرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَاشْتَرَى أُضْحِيَتَهُ أَمْسَكَ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ قَالَ قَتَادَةُ فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ كَذَلِكَ كَانُوا يَقُولُونَ)

الحديث التاسع

حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَوْ مَنْ مَعِيَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ أَوْ بِالْإِهْلَالِ يُرِيدُ أَحَدَهُمَا هَذَا حَدِيثٌ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ مَالِكٍ فِيهِ أَصَحَّ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَمَّا الثَّوْرِيُّ فَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَنِي جِبْرِيلُ فَقَالَ مُرْ أَصْحَابَكَ فَلْيَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ فَإِنَّهَا شِعَارُ الْحَجِّ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَذَكَرَ ابْنُ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ ارْفَعْ صَوْتَكَ بِالْإِهْلَالِ فَإِنَّهُ شِعَارُ الْحَجِّ هَكَذَا قَالَ قَبِيصَةُ خَلَّادُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَقُلْ وَكِيعٌ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى التَّلْبِيَةِ وَالْإِهْلَالِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ وَذَلِكَ رَفْعُ صَوْتِ الْحَاجِّ بِلَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ عَلَى مَا مَضَى فِي حَدِيثِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّلْبِيَةِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ التَّلْبِيَةِ وَكَيْفِيَّتِهَا فَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى وُجُوبِ التَّلْبِيَةِ مِنْهُمْ دَاوُدُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ سَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ وَزِينَتِهِ وكان مالك يرى عل مَنْ تَرَكَ التَّلْبِيَةَ مِنْ أَوَّلِ إِحْرَامِهِ إِلَى آخِرِ حَجِّهِ دَمًا يُهْرِيقُهُ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرَيَانِ عَلَيْهِ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ قَدْ أَسَاءَ عِنْدَهُمْ وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مُجَوَّدَةً وَكَذَلِكَ أَوْجَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ

وَلَمْ يُوجِبْهُ غَيْرُهُمْ وَقَالَ مَالِكٌ يَرْفَعُ الْمُحْرِمُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ قَدْرَ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَرْفَعُ صَوْتَهَا قَدْرَ مَا تُسْمِعُ نَفْسَهَا وَقَالَ فِي الْمُوَطَّأِ لَا يَرْفَعُ الْمُحْرِمُ صَوْتَهُ بِالْإِهْلَالِ فِي الْمَسَاجِدِ مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ لِيُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَمَسْجِدَ مِنًى فَإِنَّهُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِيهِمَا قَالَ وَيُلَبِّي عِنْدَ اصْطِدَامِ الرِّفَاقِ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ مِنًى وَبَيْنَ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ أَنَّ مَسَاجِدَ الْجَمَاعَةِ إِنَّمَا بُنِيَتْ لِلصَّلَاةِ خَاصَّةً فَكُرِهَ رَفْعُ الصَّوْتِ فِيهَا وَجَاءَتِ الْكَرَاهِيَةُ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ فِيهَا عَامًّا لَمْ يُخَصَّ أَحَدٌ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا الْإِمَامَ الَّذِي يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِيهَا فَدَخَلَ الْمُلَبِّي فِي الْجُمْلَةِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَمَسْجِدُ مِنًى لِأَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ جُعِلَ لِلْحَاجِّ وَغَيْرِ الْحَاجِّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي وَكَانَ الْمُلَبِّي إِنَّمَا يَقْصِدُ إِلَيْهِ فَكَانَ لَهُ فِيهِ مِنَ الْخُصُوصِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهَا وَأَمَّا مَسْجِدُ منى فإن للحاج خاصة قال مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهَا وَأَمَّا مَسْجِدُ مِنًى فَإِنَّ لِلْحَاجِّ خَاصَّةً قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو ثَابِتٍ عَنِ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمُحْرِمِ هَلْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ إِنَّمَا جُعِلَتْ لِلْمُجْتَازِينَ وَأَكْثَرُهُمُ الْمُحْرِمُونَ فَهُمْ مِنَ النَّحْوِ الَّذِي وَصَفْنَا وَقَالَ

الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ يَرْفَعُ الْمُحْرِمُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) وَيُلَبِّي عِنْدَ اصْطِدَامِ الرِّفَاقِ وَالْإِشْرَافِ وَالْهُبُوطِ وَاسْتِقْبَالِ اللَّيْلِ وَفِي الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى هَذَا عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَعُمُومِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ فِيهِ مَوْضِعًا مِنْ مَوْضِعٍ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ زِينَةُ الْحَجِّ وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبْلُغُونَ الرَّوْحَاءَ حَتَّى تُبَحَّ حُلُوقُهُمْ مِنَ التَّلْبِيَةِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمَرْأَةِ أَنْ لَا تَرْفَعَ صَوْتَهَا وَإِنَّمَا عَلَيْهَا أَنْ تُسْمِعَ نَفْسَهَا فَخَرَجَتْ مِنْ جُمْلَةِ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَخُصَّتْ بِذَلِكَ وَبَقِيَ الْحَدِيثُ فِي الرِّجَالِ وَأَسْعَدُهُمْ بِهِ مِنْ سَاعَدَهُ ظَاهِرُهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ فَلَا يَأْتِي الرَّوْحَاءَ حَتَّى يَصْحَلَ صَوْتُهُ أَوْ يَشْخَبَ صَوْتُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ أَوْ يَشْخَبُ وَالصَّحِيحُ يَصْحَلُ قَالَ الْخَلِيلُ صَحِلَ صَوْتُهُ صَحَلًا فَهُوَ صَحِلٌ إِذَا كَانَتْ فِيهِ بَحَّةٌ

الحديث العاشر

حَدِيثٌ عَاشِرٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ وَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ قَالَ لَهَا لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ وَإِنْ شِئْتِ ثلثت عندك ودرت فقالت ثلثت هَذَا حَدِيثٌ ظَاهِرُهُ الِانْقِطَاعُ وَهُوَ مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ قَدْ سَمِعَهُ أَبُو بَكْرٍ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ مَالِكٍ بِبَغْدَادَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي أَبِي أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَيَحْيَى بْنُ

سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذَكَرُوهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ وَإِنْ أُسَبِّعُ لَكِ أُسَبِّعْ لِنِسَائِي وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُتَّصِلٍ أَيْضًا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشَةَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالُوا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بِمِنًى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذَكَرَهُ فِي نِكَاحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ وَفِيهِ فَلَمَّا بَنَى بِأَهْلِهِ قَالَ لَهَا إِنْ شِئْتِ أَنْ أُسَبِّعَ لَكِ سَبَّعْتُ لِلنِّسَاءِ وَهَذَا لَفْظُ

حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ عَفَّانَ قَالَ وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سلمة قال أبوعمر قَوْلُ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ ثَابِتٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ لِثَابِتٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ كَمَا قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجَهَا أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي (قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ بِهِ مَالِكٌ وَلَا أَصْحَابُهُ وَهَذَا مِمَّا تَرَكُوهُ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِحَدِيثٍ بَصْرِيٍّ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا وَلَا يُحْسَبُ عَلَى الَّتِي تَزَوَّجَ مَا أَقَامَ عِنْدَهَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ قَالَ بِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ يَقُولُ إِنْ أَقَامَ عِنْدَ الْبِكْرِ أَوِ الثَّيِّبِ سَبْعًا أَقَامَ عِنْدَ سَائِرِ نِسَائِهِ سَبْعًا سَبْعًا وَإِنْ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا أَقَامَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَذَلِكَ وَتَأَوَّلُوا فِي قَوْلِهِ وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ وَدُرْتُ أَيْ دُرْتُ بِثَلَاثٍ ثَلَاثٍ عَلَى سَائِرِهِنَّ وَهَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْكُوفِيِّينَ وَفِي هَذَا الْبَابِ عَجَبٌ لِأَنَّهُ صَارَ فِيهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى مَا رَوَاهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وصار فيه أهل المدنية إِلَى مَا رَوَاهُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ) وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالطَّبَرِيُّ يُقِيمُ عِنْدَ الْبِكْرِ سَبْعًا وَعِنْدَ الثَّيِّبِ ثَلَاثًا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى غَيْرَ الَّتِي تَزَوَّجَ فَإِنَّهُ يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَنْ تَمْضِيَ أَيَّامُ الَّتِي تَزَوَّجَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عِنْدَ مَالِكٍ مَقَامُهُ عِنْدَ الْبِكْرِ سَبْعًا وَعِنْدَ الثَّيِّبِ ثَلَاثًا إِذَا كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى وَاجِبٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ إِنَّمَا ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ يَجْلِسَ فِي بَيْتِ الْبِكْرِ سَبْعًا وَعِنْدَ الثَّيِّبِ أَرْبَعًا وَإِنْ تَزَوَّجَ بِكْرًا وَلَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى فَإِنَّ لِلْبِكْرِ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقْسِمُ وَإِنْ تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ وَلَهُ امْرَأَةٌ كَانَ لَهَا الثُّلُثَانِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا لَيْلَتَيْنِ ثُمَّ قَسَمَ بَيْنَهُمَا بَعْدُ قَالَ

وَقَدْ سَمِعْنَا حَدِيثًا آخَرَ قَالَ يُقِيمُ مَعَ الْبِكْرِ سَبْعًا وَمَعَ الثَّيِّبِ ثَلَاثًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْقَسْمُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ الْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ وَلَا يَقْعُدُ عِنْدَ الْوَاحِدَةِ إِلَّا كَمَا يَقْعُدُ عِنْدَ الْأُخْرَى (قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَهُمَا سَوَاءٌ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْثِرُ وَاحِدَةً عَلَى أُخْرَى وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ وَمَا قَدَّمْنَا فِي تَأْوِيلِهِ) قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَحَادِيثُ الْمَرْفُوعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ (عَنْ أَنَسٍ) عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ وَلَيْسَ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ غَيْرُهُمَا حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ (نَصًّا) وعن السلف من الصحابةوالتابعي فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْخِلَافِ مِثْلُ مَا ذَكَرْنَا عَنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَالْحُجَّةُ مَعَ مَنْ أَدْلَى بِالسُّنَّةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ وَإِسْمَاعِيلُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا وَلَوْ قُلْتَ

إِنَّهُ رَفَعَهُ لَصَدَقْتَ وَلَكِنَّهُ قَالَ السُّنَّةُ كَذَلِكَ قَالَ وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا وَكَانَتْ ثَيِّبًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَيُّوبَ وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إذا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ (فِيمَا يَقُولُونَ) خَطَأٌ مِنْ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ وَلَهُ خَطَأٌ كَثِيرٌ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظُ فِي حَدِيثِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ السُّنَّةُ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ وَأَمَّا رِوَايَةُ أَيُّوبَ فَالْمَحْفُوظُ فِيهَا عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَعْلَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ

(قَالَ أَبُو عُمَرَ) لَمْ يَخُصَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ مِمَّنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ بَلْ قَالَ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ قُولًا مُطْلَقًا وَهَذَا عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنْ كَانَتْ لَهُ غَيْرُهَا لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا فَمَقَامُهُ كُلُّهُ عِنْدَهَا وَمَبِيتُهُ فِي بَيْتِهَا وَالْقَسْمُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَبِيتِ لَا فِي النَّهَارِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُقَامُ عِنْدَ الْبِكْرِ سَبْعًا وَعِنْدَ الثَّيِّبِ ثَلَاثًا عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ نَهَارًا وَلَيْلًا ثُمَّ يَقْسِمُ بَعْدُ فِي الْمَبِيتِ إِنْ كَانَ لَهُ غَيْرُهَا (وَعَلَى حَسَبِ هَذَا الِاخْتِلَافِ اخْتَلَفُوا فِي الْمُقَامِ عِنْدَهَا هَلْ هُوَ مِنْ حُقُوقِهَا أَوْ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِ عَلَى نِسَائِهِ غَيْرَهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ هُوَ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ إِنْ شَاءَتْ طَلَبَتْهُ وَإِنْ شَاءَتْ تَرَكَتْهُ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ حَقٌّ لِلزَّوْجِ عَلَى نِسَائِهِ إِنْ شَاءَ أَقَامَ عِنْدَهَا وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقُمْ وَسَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ نِسَائِهِ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ قَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَشْهَدُ لِقَوْلِ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ حَقِّ الْمَرْأَةِ لِقَوْلِهِ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ وَيُوجِبُ عَلَيْهِ فِي الْبِكْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَعِنْدَ الثَّيِّبِ ثَلَاثًا عَلَى عُمُومِ الْآثَارِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ أَيْضًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَهُوَ أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَهُمْ وَحَسْبُكَ بِقَوْلِ أَنَسٍ مَضَتِ السُّنَّةُ بِذَلِكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الحادي عشر

حَدِيثٌ حَادِيَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا الْبَدَّاحِ بْنَ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عَنْ مَنًى يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَرْمُونَ الْغَدَ أَوْ مِنْ بَعْدِ الْغَدِ لِيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ أَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيُّ أُمُّهُ كَبْشَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زُرَارَةَ وَخَالَتُهُ عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ قَاضِيًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيَّامَ إِمْرَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ لِلْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ الْخِلَافَةَ وَلَّى أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْمَدِينَةِ فَاسْتَقْضَى أَبُو بَكْرٍ أَبَا طوالة وكان

أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَيَتَوَلَّى أَمْرَهُمْ وَتُوُفِّيَ أبو بكر بالمدينة سنة عشرين ومائة وهوابن أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً فِي قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَيْزٍ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ سُنَّةٍ مَاضِيَةٍ أَوْ حَدِيثِ عُمَرَ فَاكْتُبْهُ فَإِنِّي قَدْ خِفْتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ أَهْلِهِ) وَأَبُو الْبَدَّاحِ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ لَا يُوقَفُ عَلَى اسْمِهِ أَيْضًا وَكُنْيَتُهُ اسْمُهُ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ أَبُو الْبَدَّاحِ لَقَبٌ غَلَبَ عَلَيْهِ وَيُكَنَّى أَبَا عَمْرٍو تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ سبع عشرةومائة فِي خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَهُوَ أَبُو الْبَدَّاحِ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْجِدِّ بْنِ العجلان من بلي من فضاعة حَلِيفٌ لِبَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ (وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنَّ لِأَبِي الْبَدَّاحِ صُحْبَةً وَلَا يَصِحُّ مَا قَالَ وَإِنَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِقَوْلِ ابْنِ جُرَيْجٍ إِنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ كَانَتْ تَحْتَ أَبِي الْبَدَّاحِ فَطَلَّقَهَا

ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا فَعَضَلَهَا أَخُوهَا مَعْقِلٌ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ وَالصَّوَابُ تَحْتَ أَبِي أَبِي الْبَدَّاحِ) وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى وَحْدَهُ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِ مَالِكٍ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ أَبَا الْبَدَّاحِ عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ فَجَعَلَ أَبَا الْبَدَّاحِ كُنْيَةَ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ وَجَعَلَ الْحَدِيثَ لَهُ وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا هُوَ لِعَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ هُوَ الصَّاحِبُ وَأَبُو الْبَدَّاحِ ابْنُهُ يَرْوِيهِ عَنْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ (قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ نَجِدْهُ عِنْدَ شُيُوخِنَا فِي كِتَابِ يَحْيَى إِلَّا عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ كَمَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ) وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ فَإِنْ كَانَ يَحْيَى رَوَاهُ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ فَهُوَ غَلَطٌ مِنْ يَحْيَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا مَا ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ يَحْيَى وَقَدِ اخْتَلَفُوا عَنْهُ فِي أَلْفَاظِهِ وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ شَيْئًا يُشْبِهُ مَا حَكَاهُ أَحْمَدُ عَنْ يَحْيَى فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ وَيُعَضِّدُهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ أَبِيهِ وَمَرَّةً لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ وَالصَّوَابُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ جُمْهُورِ الرُّوَاةِ عَنْهُ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عن أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ فِي الْبَيْتُوتَةِ يَرْمُونَ يَوْمَ النحر واليومين الذين بعده يجمعونها فِي أَحَدِهِمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَمَّا أَلْفَاظُهُ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِنَّمَا رَخَّصَ لَهُمْ فِي الْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى بِمَكَّةَ هَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ رَخَّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَلِمَنْ وَلِيَ السِّقَايَةَ مِنْ آلِ الْعَبَّاسِ وَفِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ هَذِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرِّعَاءَ رُخِّصَ لَهُمْ فِي جَمْعِ رَمْيِ الْيَوْمَيْنِ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ قَدَّمُوا ذَلِكَ أَوْ أَخَّرُوهُ وَمَالِكٌ لَا يَرَى لَهُمُ التَّقْدِيمَ إِنَّمَا يَرَى لَهُمْ تَأْخِيرَ رَمْيِ الْيَوْمِ الثَّانِي إِلَى الثَّالِثِ ثُمَّ يَرْمُونَ فِي الثَّالِثِ لِيَوْمَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَجِبَ وَغَيْرُهُ يَقُولُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ رَخَّصَ لَهُمْ فِيهَا كَمَا رَخَّصَ لِمَنْ نَفَرَ وَتَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ وَعِنْدَ مَالِكٍ أَنَّ الرِّعَاءَ إِذَا رَمَوْا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِذَلِكَ الْيَوْمِ وَلِلْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ نفروا إن شاؤا فِي بَقِيَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَإِنْ لَمْ يَنْفِرُوا وَبَقُوا إِلَى اللَّيْلِ لَمْ يَنْفِرُوا الْيَوْمَ الثَّالِثَ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ حَتَّى يَرْمُوا فِي وَقْتِ الرَّمْيِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَإِنَّمَا لَمْ يُجِزْ مَالِكٌ لِلرِّعَاءِ تَقْدِيمَ الرَّمْيِ لِأَنَّ غَيْرَ الرِّعَاءِ لَا يجوز لهم

أَنْ يَرْمُوا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ شَيْئًا مِنَ الْجِمَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَمَنْ رَمَاهَا قَبْلَ الزَّوَالِ أَعَادَهَا فَكَذَلِكَ الرِّعَاءُ لَيْسَ لَهُمُ التَّقْدِيمُ وَإِنَّمَا رَخَّصَ لَهُمْ فِي تَأْخِيرِ رَمْيِ الْيَوْمِ الثَّانِي إِلَى الثَّالِثِ فَقِفْ عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَقُلِ الْقَطَّانُ فِي حَدِيثِهِ هَذَا عَنْ مَالِكٍ ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ كُلَّهَا أَيَّامُ رَمْيٍ وَهِيَ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ لَا يُرْمَى فِيهِ غَيْرُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَوَقْتُهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى الزَّوَالِ وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّ وَقْتَ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ أَيَّامُ مِنًى بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَقْتَ الرَّمْيِ فِيمَا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ مَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ نَسِيَ رَمْيَ الْجِمَارِ حَتَّى يُمْسِيَ فَلْيَرْمِ أَيَّةَ سَاعَةٍ ذكر (من ليل أونهار كَمَا يُصَلِّي أَيَّةَ سَاعَةٍ ذَكَرَ) غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا مَضَتْ أَيَّامُ مِنًى فَلَا رَمْيَ فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ يَصْدُرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَوْ بَعْدَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ فَقُلْتُ لِمَالِكٍ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْسَى أَوْ يَجْهَلُ فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ فِي أيام

مِنًى فَلَا يَرْمِي حَتَّى اللَّيْلِ قَالَ يَرْمِي سَاعَتَئِذٍ وَيَهْدِي أَحَبُّ إِلَيَّ وَهُوَ أَخَفُّ عِنْدِي مِنَ الَّذِي يَفُوتُهُ الرَّمْيُ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يُمْسِيَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا تَرَكَ رَمْيَ الْجِمَارِ كُلِّهَا يَوْمَهُ إِلَى اللَّيْلِ وَهُوَ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ رَمَاهَا بِاللَّيْلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَرَكَ الرَّمْيَ حَتَّى يَنْشَقَّ الْفَجْرُ رَمَى وَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَ وَإِنْ تَرَكَ مِنْ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ثَلَاثَ حَصَيَاتٍ إِلَى الْغَدِ رَمَاهُنَّ وَعَلَيْهِ صَدَقَةُ نِصْفِ صَاعٍ لِكُلِّ حَصَاةٍ وَإِنْ تَرَكَ أَرْبَعَ حَصَيَاتٍ فَمَا فَوْقَهُنَّ كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ وَرَمَاهُنَّ إِذَا لَمْ يَرْمِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ مِنَ الْغَدِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَرْمِي مَا تَرَكَ مِنَ الْغَدِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَيَّامُ مِنًى أَيَّامٌ لِلرَّمْيِ فَمَنْ أَخَّرَ وَنَسِيَ شَيْئًا قَضَى فِي أَيَّامِ مِنًى فَإِنْ مَضَتْ أَيَّامُ مِنًى وَلَمْ يَرْمِ أَهْرَاقَ لِذَلِكَ دَمًا إِنْ كَانَ الَّذِي تَرَكَ ثَلَاثَ حَصَيَاتٍ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَفِي كُلِّ حَصَاةٍ مُدٌّ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ فَاتَهُ رَمْيُ مَا أُمِرَ بِرَمْيِهِ مِنَ الْجِمَارِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِهَا وَذَلِكَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ الثَّالِثُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَدْ فَاتَهُ وَقْتُ الرَّمْيِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى الرَّمْيِ أَبَدًا وَلَكِنْ يَجْبِرُهُ بِالدَّمِ أَوْ بِالطَّعَامِ عَلَى حَسَبِ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَقَاوِيلِ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ لَوْ تَرَكَ الْجِمَارَ كُلَّهَا أَوْ تَرَكَ جَمْرَةً مِنْهَا أَوْ تَرَكَ حَصَاةً مِنْ جَمْرَةٍ حَتَّى خَرَجَتْ أَيَّامُ مِنًى فَعَلَيْهِ دَمٌ (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ تَرَكَ الْجِمَارَ كلها

كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ) وَإِنْ تَرَكَ جَمْرَةً وَاحِدَةً كَانَ عَلَيْهِ لِكُلِّ حَصَاةٍ مِنَ الْجَمْرَةِ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعِ حِنْطَةٍ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ دَمًا فَيُطْعِمَ مَا شَاءَ إِلَّا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَمَنْ تَرَكَهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ إِنْ تَرَكَ حَصَاةً تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يُطْعِمُ فِي الْحَصَاةِ وَالْحَصَاتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فَإِنْ تَرَكَ أَرْبَعًا فَصَاعِدًا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَقَالَ اللَّيْثُ عَلَيْهِ فِي الْحَصَاةِ الْوَاحِدَةِ دَمٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْحَصَاةِ الْوَاحِدَةِ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ وَفِي حَصَاتَيْنِ مُدَّانِ وَفِي ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ دَمٌ وَلِقَوْلٍ آخَرَ مِثْلُ قَوْلِ اللَّيْثِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ عَنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الرُّتْبَةَ فِي أَوْقَاتِ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ وَذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يُرَخَّصْ لَهُ مِنْ سَائِرِ الْحَاجِّ كُلِّهِمْ وَرَخَّصَ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ وَلِأَهْلِ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ فِي الْمَبِيتِ بِمَكَّةَ عَنْ مِنًى وَكَذَلِكَ رَخَّصَ لَهُمْ فِي جَمْعِ رَمْيِ يَوْمَيْنِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْآثَارِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ أخبرنا القعنبي عن مالك قال أبوداود وَحَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ

لِرِعَاءِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَرْمُونَ الْغَدَ أَوْ مِنْ بَعْدِ الْغَدِ لِيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كَأَلْفَاظِ رِوَايَةِ يَحْيَى سَوَاءٍ إِلَّا أَنَّ الْقَعْنَبِيَّ وَابْنَ وَهْبٍ لَمْ يَذْكُرَا عَنْ مِنًى وَكَذَلِكَ يَحْيَى الْقَطَّانُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ عَنْ مِنًى وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ إِنَّمَا رُخِّصَ لَهُمْ فِي الْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى وَلَيْسَ تَقْصِيرُ مَنْ قَصَّرَ عَنْهُ بِشَيْءٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ فِي الْبَيْتُوتَةِ لَمْ يَقُلْ عَنْ مِنًى ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَجْمَعُونَ رَمْيَ يَوْمَيْنِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فَيَرْمُونَهُ فِي أَحَدِهِمَا ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ وَهَذَا مِثْلُ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ فِي أَنَّ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا رَمْيَ يَوْمَيْنِ فِي يَوْمٍ قَدَّمُوا ذَلِكَ أَوْ أَخَّرُوهُ وَأَلْفَاظُ الْمُوَطَّأِ تَدُلُّ عَلَى هَذَا لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيهِ ثُمَّ يَرْمُونَ الْغَدَ يَعْنِي مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ مِنْ بَعْدِ الْغَدِ لِيَوْمَيْنِ لَيْسَتْ (أَوْ) هَاهُنَا لِلشَّكِّ وَإِنَّمَا هِيَ لِلتَّخْيِيرِ بِلَا شَكٍّ وَقَدْ بَانَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ مَالِكٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ لَمْ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَهُوَ شَيْءٌ نَقُصُّهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ فَجَوَّدَ إِسْنَادَهُ وَلَفْظَهُ

قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عن أبي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَرْمُونَ الْغَدَ أَوْ مِنْ بَعْدِ الْغَدِ لِلْيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ فَفِي كُلِّ رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الرُّخْصَةُ لِلرِّعَاءِ فِي أَنْ يرموا إن شاؤا يَوْمَ ثَانِي النَّحْرِ وَهُوَ الْأَوَّلُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِيَوْمَيْنِ ثُمَّ لَا يَرْمُونَ إِلَى يَوْمِ النفر وإن شاؤوا أَنْ لَا يَرْمُوا يَوْمَ ثَانِي النَّحْرِ وَيَرْمُونَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْهُ لِيَوْمَيْنِ أَيُّ ذَلِكَ شاؤوا فَذَلِكَ لَهُمْ عَلَى حَدِيثِ مَالِكٍ التَّخْيِيرُ لَهُمْ فِيهِ ثَابِتٌ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ يَعْنِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ثُمَّ لَا يَرْمُونَ مِنَ الْغَدِ فَإِذَا كَانَ بَعْدَ الْغَدِ رَمَوْا لِيَوْمَيْنِ لِذَلِكَ الْيَوْمِ وَلِلْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّهُمْ يَقْضُونَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَقْضِي أَحَدٌ عِنْدَهُ شَيْئًا إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ يَقُولُ ذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ لِأَنَّهَا أَيَّامُ رَمْيٍ كُلُّهَا وَقَدْ رَخَّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَصَحَّتِ الرُّخْصَةُ بِهِ وَالَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ موجد فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا

عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ أَنْ يَتَعَاقَبُوا فَيَرْمُوا يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَدَعُوا يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ يَرْمُونَ الْغَدَ وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ عُيَيْنَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أبيه عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَدِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمًا وَيَدَعُوا يَوْمًا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَسُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ أَخْطَأَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَمُحَمَّدٌ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ لِلرِّعَاءِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمًا وَيَدَعُوا يَوْمًا وَأَمَّا الْبَيْتُوتَةُ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا عَنْ مِنًى لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ فَغَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ إِلَّا لِلرِّعَاءِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي الْبَدَّاحِ هَذَا عَنْ أَبِيهِ وَلِمَنْ وَلِيَ السِّقَايَةَ مِنْ آلِ الْعَبَّاسِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ فِي حَجَّتِهِ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ وَكَذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ

مَالِكٌ وَغَيْرُهُ أَنَّ الرُّخْصَةَ فِي الْمَبِيتِ عَنْ مِنًى لَيَالِيَ مِنًى إِنَّمَا ذَلِكَ لِلرِّعَاءِ وَلِلْعَبَّاسِ وَوَلَدِهِ خَاصَّةً فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَّاهُمْ عَلَيْهَا وَأَذِنَ لَهُمْ فِي الْمَبِيتِ بِمَكَّةَ مِنْ أَجْلِ شُغْلِهِمْ فِي السِّقَايَةِ وَكَانَ الْعَبَّاسُ يَنْظُرُ فِي السِّقَايَةِ وَيَقُومُ بِأَمْرِهَا وَيَسْقِي الْحَاجَّ شَرَابَهَا أَيَّامَ الْمَوْسِمِ فَلِذَلِكَ أُرْخِصَ لَهُ فِي الْمَبِيتِ عَنْ مِنًى بِمَكَّةَ كَمَا أُرْخِصَ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ فِي الْمَبِيتِ عَنْ مِنًى أَيَّامَ مِنًى فِي إِبِلِهِمْ مِنْ أَجْلِ حَاجَتِهِمْ إِلَى رَعْيِ الْإِبِلِ وَضَرُورَتِهِمْ إِلَى الْخُرُوجِ بِهَا نَحْوَ الْمَرَاعِي الَّتِي تَبْعُدُ عَنْ مِنًى فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ غَيْرِهِمْ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْحَاجِّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ) حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ الْوَاسِطِيُّ (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ (1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْعَبَّاسَ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ أَيَّامَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بن أبي شيبة حدثنا ابن نمير وأبوأسامة عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ (عَنِ ابْنِ عُمَرَ (2) قَالَ اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا إسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ أَيَّامَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَصَّ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي مِنًى كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَيَرْمِي الْجِمَارَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَكَّةَ فَيَبِيتُ بِهَا لِأَنَّهُ كَانَ مَنْ أَهْلِ السِّقَايَةِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَنْ بَاتَ عَنْ مِنًى مِنْ غَيْرِ الرِّعَاءِ وَأَهْلِ السِّقَايَةِ مِنْ سَائِرِ الْحَاجِّ فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ لَيْلَةً مِنْ لَيَالِي مِنًى بِمِنًى فَعَلَيْهِ دَمٌ وَكَذَلِكَ (عِنْدَهُ (1)) لَوْ تَرَكَ

الْمَبِيتَ اللَّيَالِيَ كُلَّهَا عَلَيْهِ دَمٌ وَسُئِلَ مَالِكٌ فِيمَا ذَكَرَ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ عَنْهُ عَمَّنْ أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ فَبَاتَ بِمَكَّةَ لَيْلَةً مِنْ لَيَالِي منى قال أرى عليه دما وقال أبوحنيفة وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ يَأْتِي مِنًى فَيَرْمِي الْجِمَارَ ثُمَّ يَبِيتُ بِمَكَّةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيْلَةً مِنْ لَيَالِي مِنًى فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ أَحَدُهَا عَلَيْهِ مُدٌّ وَالثَّانِي عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَالثَّالِثُ عَلَيْهِ (ثُلُثُ (1)) دَمٍ فَإِنْ تَرَكَ لَيْلَتَيْنِ فَكَذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَقَاوِيلِ أَحَدُهَا مُدَّانِ وَالْآخَرُ دِرْهَمَانِ وَالْآخَرُ ثُلُثَا دَمٍ وَأَمَّا إِنْ تَرَكَ ذَلِكَ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ إِنَّ عَلَيْهِ دَمًا وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِذَا بَاتَ لَيَالِيَ مِنًى كُلَّهَا بِمَكَّةَ فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَرْخَصَ فِي الْمَبِيتِ عَنْ مِنًى لَيَالِيَ مِنًى لِلْحَاجِّ إِلَّا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ وَرِوَايَةً رَوَاهَا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ أَبِي حُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَبِيتَ الْحَاجُّ أَيَّامَ مِنًى بِمَكَّةَ وَيَأْتِيَ مِنًى إِذَا أَصْبَحَ وَيَرْمِيَ الْجِمَارَ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وذكر عبد الرزاق عن الأسلمي عن داو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ بَاتَ بِمَكَّةَ أَيَّامَ مِنًى قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَعَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَبِيتَ الرَّجُلُ بِمَكَّةَ

لَيَالِيَ مِنًى وَيَظَلَّ إِذَا رَمَى الْجِمَارُ وَرَوَى عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مَتَاعٌ بِمَكَّةَ فَخَشِيَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةُ إِنْ بَاتَ بِمِنًى فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهُ بِمَكَّةَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَشْبَهُ لِأَنَّهُ خَائِفٌ مُضْطَرٌّ فَرَخَّصَ لَهُ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ إِذَا جَاءَ مَكَّةَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَبَاتَ بِهَا فَلْيُهْرِقْ دَمًا وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ إِذَا بَاتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَبِيتَ لِلْحَاجِّ غَيْرُ الَّذِينَ رَخَّصَ لَهُمْ لَيَالِيَ مِنًى بِمِنًى مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ وَنُسُكِهِ وَالنَّظَرُ يُوجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْقِطٍ لِنُسُكِهِ دَمًا قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ شَعَائِرِ الْحَجِّ وَنُسُكِهِ وَأَحْسَنُ مَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ عُمَرُ لَا يَبِيتَنَّ أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ مِنْ وَرَاءِ الْعَقَبَةِ وَكَانَ يُوكِلُ بِذَلِكَ رِجَالًا لَا يَتْرُكُونَ أَحَدًا مِنَ الْحَاجِّ يَبِيتُ مِنْ وَرَاءِ الْعَقَبَةِ إِلَّا أَدْخَلُوهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَبِيتَ مِنْ مؤكدات أمور الحج والله أعلم

لَيَالِيَ مِنًى وَيَظَلَّ إِذَا رَمَى الْجِمَارُ وَرَوَى عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مَتَاعٌ بِمَكَّةَ فَخَشِيَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةُ إِنْ بَاتَ بِمِنًى فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهُ بِمَكَّةَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَشْبَهُ لِأَنَّهُ خَائِفٌ مُضْطَرٌّ فَرَخَّصَ لَهُ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ إِذَا جَاءَ مَكَّةَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَبَاتَ بِهَا فَلْيُهْرِقْ دَمًا وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ إِذَا بَاتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَبِيتَ لِلْحَاجِّ غَيْرُ الَّذِينَ رَخَّصَ لَهُمْ لَيَالِيَ مِنًى بِمِنًى مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ وَنُسُكِهِ وَالنَّظَرُ يُوجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْقِطٍ لِنُسُكِهِ دَمًا قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ شَعَائِرِ الْحَجِّ وَنُسُكِهِ وَأَحْسَنُ مَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ عُمَرُ لَا يَبِيتَنَّ أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ مِنْ وَرَاءِ الْعَقَبَةِ وَكَانَ يُوكِلُ بِذَلِكَ رِجَالًا لَا يَتْرُكُونَ أَحَدًا مِنَ الْحَاجِّ يَبِيتُ مِنْ وَرَاءِ الْعَقَبَةِ إِلَّا أَدْخَلُوهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَبِيتَ مِنْ مُؤَكَّدَاتِ أُمُورِ الْحَجِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الحديث الثاني عشر

حَدِيثٌ ثَانِيَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ قَدْ حَاضَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّهَا تَحْبِسُنَا أَلَمْ تَكُنْ طَافَتْ مَعَكُنَّ بِالْبَيْتِ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَاخْرُجْنَ! هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي إِسْنَادِهِ وَلَا فِي مَعْنَاهُ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ صِحَاحٍ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْحَائِضَ لَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِيهِ إِلَّا أَنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ أَبُو

حنيفة قالوا لا ينبغي لأحد أَنْ يَطُوفَ أَحَدٌ إِلَّا طَاهِرًا فَإِنْ طَافَ غَيْرَ طَاهِرٍ مِنْ جُنُبٍ أَوْ حَائِضٍ فَيُجْزِيهِ وعلي دَمٌ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يُجْزِيهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهِ طَاهِرًا وَلَوْ مِنْ بَلَدِهِ إِنْ كَانَ طَوَافًا وَاجِبًا وَقَدْ بَيَّنَّا الْحُجَّةَ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ عُرْوَةَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مَنْعَ الْحَائِضِ مِنَ الطَّوَافِ إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْحَائِضُ لَا تَدْخُلُ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الصَّلَاةِ (وَالطَّوَافُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ أَلَمْ تَكُنْ طَافَتْ هُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي حديث مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أم سليم انها حاضت أو ولدت بعدما أَفَاضَتْ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ حَاضَتْ صَفِيَّةُ بعدما أَفَاضَتْ وَفِي حَدِيثِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا حُجَّاجًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ وَحَاضَتْ صَفِيَّةُ وَفِي حَدِيثِ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ حَاضَتْ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَقَالَ أَحَابِسَتُنَا هِيَ فَقِيلَ إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا قَدْ أَوْضَحَتْ أَنَّ الطَّوَافَ الْحَابِسَ لِلْحَائِضِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ هُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ) وَكَذَلِكَ يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْحِجَازِ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَيُسَمِّيهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ طَوَافَ الزِّيَارَةِ وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُقَالَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ وَهُوَ وَاجِبٌ فَرْضًا عِنْدَ الْجَمِيعِ لَا يَنُوبُ عَنْهُ دَمٌ وَلَا بُدَّ مِنَ الْإِتْيَانِ بِهِ وَإِيَّاهُ عَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ إِلَّا أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي هَذَا الطَّوَافِ أَنَّهُ يَنُوبُ عَنْهُ غَيْرُهُ مَعَ وُجُوبِهِ عِنْدَهُ عَلَى حَسَبِ مَا بَيَّنَاهُ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ الْكَافِي وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ أَيْضًا عَلَى وُجُوبِهِ وَإِنْ كَانَ الْإِجْمَاعُ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّهَا تَحْبِسُنَا ثُمَّ قَالَ أَلَمْ تَكُنْ طَافَتْ مَعَكُنَّ فَلَمَّا قِيلَ لَهُ بَلَى قَالَ فَاخْرُجْنَ فَلَوْ قِيلَ لَهُ لَمْ تَطُفْ لَاحْتَبَسَ عَلَيْهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا وَتَطُوفَ لِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ فَكُلُّ فَرْضٍ فِيهِ سِوَاهُ يَجِيءُ بِهِ مَتَى مَا أَمْكَنَهُ وَقَدَرَ عَلَيْهِ وَكُلُّ سُنَّةٍ فِيهِ جبرها بالدم

فَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ تَبْقَى وَيُحْبَسُ عَلَيْهَا كَرِيُّهَا حَتَّى تَطْهُرَ فَتَفِيضَ فَإِذَا كَانَتْ قَدْ أَفَاضَتْ ثُمَّ حَاضَتْ وَخَرَجَ النَّاسُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا الْبَقَاءُ لِوَدَاعِ الْبَيْتِ وَرُخِّصَ لَهَا فِي أَنْ تَنْفِرَ وَتَدَعَ السُّنَّةَ فِي طَوَافِ الوداع رخصة لها وعذار وَسَعَتُهُ (ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ أَوْ نَفَسَتْ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ فَلَا تَبْرَحُ حَتَّى تَطْهُرَ وَتَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيُحْبَسُ عَلَيْهَا الْكَرِيُّ مَا يَحْبِسُ عَلَى الْحَائِضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَيَحْبِسُ عَلَى النُّفَسَاءِ حَتَّى تَطْهُرَ بِأَقْصَى مَا يَحْبِسُ النِّسَاءَ الدَّمُ وَلَا حُجَّةَ لِلْكَرِيِّ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهَا حَامِلٌ وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُعِيِنَهُ فِي الْعَلَفِ قَالَ وَإِنْ حَاضَتْ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَلْتَنْفِرْ قَالَ وَإِنِ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ عُمْرَةَ الْمُحْرِمِ فَحَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَعْتَمِرَ فَلَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا كَرِيُّهَا وَلَا يرجع عليها من الكراء شَيْءٌ قَالَ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْحَائِضِ وَبَيْنَ طُهْرِهَا الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ أَقَامَ مَعَهَا أَبَدًا وَإِنْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ أَيَّامٌ لَمْ يُحْبَسْ إِلَّا كَرِيُّهَا وَحْدَهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ لَسْتُ أَعْرِفُ حَبْسَ الْكَرِيِّ وَحْدَهُ كَيْفَ يَحْبِسُهُ وَحْدَهُ يُعَرِّضُهُ لِيُقْطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ الْمُوَحَّدَةُ) وَفِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا إِلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ تَرَكَ طَوَافَ الْوَدَاعِ غَيْرَ الْحَائِضِ

فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ تَرَكَ وَدَاعَ الْبَيْتِ أَسَاءَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ (لِأَنَّ الْوَدَاعَ عَنْهَا مِنْ مُسْتَحَبَّاتِ الْحَجِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْرُجْنَ وَفِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَا إِذًا وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهَا مِنَ النُّسُكِ شَيْءٌ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ وَالْمُقِيمِينَ بِهَا لَا وَدَاعَ عَلَيْهِمْ فَعُلِمَ أَنَّهُ اسْتِحْبَابٌ وَالْمُسْتَحَبُّ إِذَا تُرِكَ لَيْسَ فِيهِ دَمٌ وَلَمَّا كَانَ طَوَافُ الْوَدَاعِ بَعْدَ اسْتِبَاحَةِ وَطْءِ النِّسَاءِ أَشْبَهَ طَوَافَ الْمَكِّيِّ وَالْمُعْتَمِرِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (1)) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ عَلَيْهِ دَمٌ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ نُسُكِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ (وَمِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مَنْ يَقُولُ إِنَّ هَذَا الدَّمَ اسْتِحْبَابٌ (2)) وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ مِنَ النُّسُكِ وَمِنْ سُنَنِ الْحَجِّ الْمَسْنُونَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ إِذَا نَفَرْتُمْ مِنْ مِنًى فَلَا يَصْدُرُ أَحَدٌ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَإِنَّ آخِرَ الْمَنَاسِكِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَنَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ وَمَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ أبي عبيد حاضت يوم النحر بعدما طَافَتْ بِالْبَيْتِ فَأَقَامَ ابْنُ عُمَرَ عَلَيْهَا سَبْعًا حَتَّى طَهُرَتْ فَطَافَتْ فَكَانَ آخَرُ

عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي طَاوُسٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِعَامٍ أَوْ بِعَامَيْنِ يَقُولُ أَمَّا النِّسَاءُ فَقَدْ رُخِّصَ لَهُنَّ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَلَوْ رَأَيْتُ طَاوُسًا عَلِمْتُ أَنَّهُ لَا يَكْذِبُ قَالَ مَعْمَرٌ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَقُلْتُ مَا لَهُ لَمْ يَسْمَعْ مَا سَمِعَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ جَلَسْتُ إِلَيْهِ مِنَ الْعَامِ الْقَابِلِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَمَّا النِّسَاءُ فَقَدْ رُخِّصَ لَهُنَّ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ تَمَارَيَا فِي صَدَرِ الْحَائِضِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَنْفِرُ وَقَالَ زَيْدٌ لَا تَنْفِرُ فَدَخَلَ زَيْدٌ عَلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ تَنْفِرُ فَخَرَجَ زَيْدٌ وَهُوَ يَتَبَسَّمُ وَيَقُولُ مَا الْكَلَامُ إِلَّا مَا قُلْتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا يَكُونُ الْإِنْصَافُ وَزَيْدٌ مُعَلِّمُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَمَا لَنَا لَا نَقْتَدِي بِهِمْ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَنْ لَمْ يَطُفْ طَوَافَ الْوَدَاعِ وَأَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ بِغَيْرِ ضَرَرٍ يَدْخُلُ عَلَيْهِ رَجَعَ فَطَافَ ثُمَّ نَفَرَ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَرُدُّ مَنْ لَمْ يُوَدِّعِ الْبَيْتَ بِالطَّوَافِ مِنْ مَرِّ الظَّهْرَانِ وَقَالَ مَالِكٌ هَذَا عِنْدِي بَعِيدٌ وَفِيهِ ضَرَرٌ دَاخِلٌ عَلَى النَّاسِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى طَوَافِ الْوَدَاعِ مَنْ كَانَ قَرِيبًا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي انْصِرَافِهِ ضَرَرٌ يُقَالُ إِنَّ بَيْنَ مَرِّ الظَّهْرَانِ وَمَكَّةَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِيلًا وَأَهْلُ الْعِلْمِ كُلُّهُمْ يَسْتَحِبُّ أَنْ لَا يَدَعَ أَحَدٌ وَدَاعَ

الْبَيْتِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ قَادِرًا فَإِنْ نَفَرَ وَلَمْ يُوَدِّعْ فَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنْ إِيجَابِ الدَّمِ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ لِلْإِفَاضَةِ فَإِنَّهَا تُقِيمُ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ لِلْإِفَاضَةِ ثُمَّ تَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهَا قَالَ مَالِكٌ وليس عليها أن تعينه في العلف قال أَبُو عُمَرَ فَهَذَانِ الطَّرَفَانِ قَدْ مَضَى حُكْمُهُمَا أَوِ الْإِجْمَاعُ وَالِاخْتِلَافُ فِيهِمَا وَبَقِيَ الطَّوَافُ الثَّالِثُ وَهُوَ طَوَافُ الدُّخُولِ الَّذِي يَصِلُهُ الْحَاجُّ بِالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِذَا لَمْ يَخْشَ فَوْتَ عَرَفَةَ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا الطَّوَافَ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ وَشَعَائِرِهِ وَنُسُكِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَدِمَ مَكَّةَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الطَّوَافِ غَيْرُ خَائِفٍ فَوْتَ عَرَفَةَ فَلَمْ يَطُفْ فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِيمَنْ قَدِمَ يَوْمَ عَرَفَةَ إِنْ شَاءَ أَخَّرَ الطَّوَافَ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ وَإِنْ شَاءَ طَافَ وَسَعَى ذَلِكَ وَاسِعٌ كُلُّهُ قَالَ وَإِنْ قَدِمَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فَلَا يَتْرُكِ الطَّوَافَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَإِنْ تَرَكَهُ فَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ دَمًا وَالدَّمُ عِنْدَهُمْ خَفِيفٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ نُسُكٌ

سَاقِطٌ عَنِ الْمَكِّيِّ وَعَنِ الْمُرَاهِقِ الَّذِي يَخَافُ فَوْتَ عَرَفَةَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا تَرَكَ الْحَاجُّ طَوَافَ الدُّخُولِ فَطَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ رَمَلَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْوَاطٍ مِنْهُ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِنْ تَرَكَ الْحَاجُّ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ الطَّوَافَ لِلدُّخُولِ وَهُوَ بِمَكَّةَ حَتَّى أَتَى مِنًى كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا شَيْءٌ مِنْ نُسُكِهِ تَرَكَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ أَوْجَبَ فِيهِ الدَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ فِي حَجَّتِهِ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ فَصَارَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَسُنَنِهِ فَوَجَبَ عَلَى تَارِكِهِ الدَّمُ وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يَرَ فِيهِ شَيْئًا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ الطَّوَافِ وَلَا رَسُولَهُ وَلَا اتَّفَقَ الْجَمْعُ عَلَى وُجُوبِهِ سُنَّةً وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَقْيَسُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الحديث الثالث عشر

حَدِيثٌ ثَالِثَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرحمان أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ وَذُكِرَ لَهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ فَقَالَتْ عَائِشَةُ يغفر الله لأبي عبد الرحمان أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ وَلَكِنَّهُ نَسِيَ أَوْ أَخْطَأَ إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيَّةٍ يَبْكِي عَلَيْهَا أَهْلُهَا فَقَالَ إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ إِلَّا الْقَعْنَبِيَّ فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ عِنْدَهُ فِي الزِّيَادَاتِ خَارِجَ الْمُوَطَّأِ (وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ (2)) لِهَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ هَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدْ رَوَى

الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ عَلَيْهِ وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لمالك لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْهُ غَيْرَ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ فِيهِ نَكَارَةٌ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ مَعْنَاهُ أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ الْمَيِّتُ وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَاهُ يُمْدَحُ فِي ذَلِكَ الْبُكَاءِ بِمَا كَانَ يُمْدَحُ بِهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْفَتَكَاتِ وَالْغَدَرَاتِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الْأَفْعَالِ الَّتِي هِيَ عِنْدَ اللَّهِ ذُنُوبٌ فَهُمْ يَبْكُونَ لِفَقْدِهَا وَيَمْدَحُونَهُ بِهَا وَهُوَ يُعَذَّبُ مِنْ أَجْلِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ يُعَذَّبُ بِمَا يُبْكَى عَلَيْهِ بِهِ وَمِنْ أَجْلِهِ وَقَالَ آخَرُونَ الْبُكَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلُهُ مَعْنَاهُ النِّيَاحَةُ وَشَقُّ الْجُيُوبِ وَلَطْمُ الْخُدُودِ وَنَحْوُ هَذَا مِثْلَ النِّيَاحَةِ وَأَمَّا بُكَاءُ الْعَيْنِ فَلَا وَذَهَبَتْ عَائِشَةُ إِلَى أَنَّ أَحَدًا لَا يُعَذَّبُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي رِمْثَةَ فِي ابْنِهِ إِنَّكَ لَا تَجْنِي عَلَيْهِ وَلَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَقَالَ الله

عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَكِنْ قَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي الْبَابِ عَنْهُمْ بَعْدَ ذِكْرِ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَمَّا إِنْكَارُ عَائِشَةَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا مَا رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ وَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ وَهَلَ ابْنُ عُمَرَ إنما مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى يَهُودِيٍّ فَقَالَ إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ يُعَذَّبُ وَأَهْلُهُ يَبْكُونَ عَلَيْهِ وَرَوَى أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونِ عَنْ غَيْرِ كَاذِبَيْنِ عُمَرَ وَابْنِهِ وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ إِنْكَارُ عَائِشَةَ بِشَيْءٍ وَقَدْ وَقَفَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى مِثْلِ مَا نَزَعَتْ بِهِ عَائِشَةُ فَلَمْ يَرْجِعْ وَثَبَتَ عَلَى مَا سَمِعَ وَهُوَ الْوَاجِبُ كَانَ عليه

حَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ إِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ اللَّهَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى قَالَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَدْ أَثْبَتَ مَا حَفِظَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَنْسَ وَمَنْ حَفِظَ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ وَلَيْسَ يُسَوَّغُ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ الِاعْتِرَاضُ عَلَى السُّنَنِ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ إِذَا كَانَ لَهَا مَخْرَجٌ وَوَجْهٌ صَحِيحٌ لِأَنَّ السُّنَّةَ مُبَيِّنَةٌ لِلْقُرْآنِ قَاضِيَةٌ عَلَيْهِ غَيْرُ مُدَافِعَةٍ لَهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَقَدْ أَبَى جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ النُّسَخُ وَقَالُوا لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَارْتَفَعَ الْبَيَانُ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مِنَ الْأُصُولِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهَا وَقَدْ رَوَى مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ هَذِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ حَضَرْتُ جِنَازَةَ أُمِّ أَبَانَ وَفِي الْجِنَازَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَجَلَسْتُ بَيْنَهُمَا فَبَكَى النِّسَاءُ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ إِنَّ بُكَاءَ الْحَيِّ عَلَى الْمَيِّتِ عَذَابٌ لِلْمَيِّتِ قَالَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ صَدَرْنَا مَعَ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ إِذَا هُوَ بِرَكْبٍ نُزُولٍ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ اذهب فانظر من الركب ثم ألقحني فَذَهَبْتُ فَقُلْتُ هَذَا صُهَيْبٌ مَوْلَى ابْنِ جُدْعَانَ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيَلْحَقْنِي قَالَ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لَمْ يَلْبِثْ عُمَرُ أَنْ طُعِنَ فَجَاءَ صُهَيْبٌ وهو يقول وا أخياه وَاصَاحِبَاهُ فَقَالَ عُمَرُ مَهْ يَا صُهَيْبُ إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ عَلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ وَقَدْ قَضَى اللَّهُ أَنْ لَا تَزِرَ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى فَهَذَا عُمَرُ قَدْ رَوَى فِي بُكَاءِ الْحَيِّ عَلَى الْمَيِّتِ مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِهِ سَوَاءً وَهَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ عَنْ عُمَرَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ لَا مَقَالَ فِيهِ لِأَحَدٍ وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ مُلَيْكَةَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال إن الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِالنِّيَاحَةِ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمًا إِلَى المسجد والمغيرة بن شعيبة أَمِيرٌ عَلَى الْكُوفَةِ فَخَرَجَ الْمُغِيرَةُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَرَقِيَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَا هَذَا النَّوْحُ فِي الْإِسْلَامِ قَالُوا تُوُفِّيَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ قَرَظَةُ بْنُ كَعْبٍ فَنِيحَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَامٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ تُوُفِّيَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ قَرَظَةُ بْنُ كَعْبٍ فَنِيحَ عَلَيْهِ فخرج المغيرة بن شعيبة فَقَالَ مَا هَذَا النَّوْحُ فِي الْإِسْلَامِ سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبْ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ وَحَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ مَا بُكِيَ عَلَيْهِ قَالَ قُلْتُ مَا نِيحَ عَلَيْهِ قَالَ مَا بُكِيَ عَلَيْهِ قُلْتُ مَا نِيحَ عَلَيْهِ قَالَ فَمَا سَكَتَ حَتَّى سَكَتُّ

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صُبَيْحٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ سِيرِينَ قَالَ ذَكَرُوا عِنْدَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ (فَقَالُوا كَيْفَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ) فَقَالَ عِمْرَانُ قَدْ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَؤُلَاءِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ قَدْ قَالُوا كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَرَوَوْا مِثْلَ مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ عُمَرَ وَحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ النِّيَاحُ دُونَ الْبُكَاءِ وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدَ كُلِّ مَنْ خَالَفَ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَهَبَتْ إِلَى تَصْوِيبِ عَائِشَةَ فِي إِنْكَارِهَا عَلَى ابْنِ عُمَرَ مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ عِنْدِي تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ ذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي مُوَطَّئِهِ وَلَمْ يُذْكَرْ خِلَافُهُ عَنْ أَحَدٍ فَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَذَكَرَ حَدِيثَ عُمَرَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأُرَخِّصُ فِي الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا نُدْبَةَ وَلَا نِيَاحَةَ لِمَا فِي النياحة

مِنْ تَجْدِيدِ الْحُزْنِ وَمَنْعِ الصَّبْرِ وَعَظِيمِ الْإِثْمِ قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ اللَّهُ أَضْحَكَ وَأَبْكَى قَالَ الشَّافِعِيُّ فَمَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ وَذَهَبَتْ إِلَيْهِ أَشْبَهُ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ ثُمَّ السُّنَّةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَقَالَ لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِرَجُلٍ فِي ابْنِهِ أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ وَمَا زِيدَ فِي عَذَابِ كَافِرٍ فَبِاسْتِحْبَابِهِ لَا بِذَنْبِ غَيْرِهِ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَصْحَابُهُ مَا رَوَى عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ وَالْمُغِيرَةُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ وَرِوَايَتِهَا قَالُوا وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُدْفَعَ رِوَايَةُ الْعَدْلِ بِمِثْلِ هَذَا مِنَ الِاعْتِرَاضِ لِأَنَّ مَنْ رَوَى وَسَمِعَ وَأَثْبَتَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ نَفَى وَجَهِلَ قَالُوا وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ النِّيَاحَةِ نَهْيًا مُطْلَقًا وَلَعَنَ النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَةَ وَحَرَّمَ أُجْرَةَ النَّائِحَةِ وَقَالَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ وَمَنْ سَلَقَ وَمَنْ خَرَقَ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ سَلَقَ فَيَتَحَمَّلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا لَطْمُ الْخُدُودِ حَتَّى تَحْمَرَّ وَخَدْشُهَا حَتَّى تَعْلُوَهَا الْحُمْرَةُ وَالدَّمُ عَنْ قَوْلِ الْعَرَبِ سَلَقْتُ الشَّيْءَ بِالْمَاءِ الْحَارِّ وَالْآخَرُ سَلَقَ بِمَعْنَى صَاحَ وَنَاحَ وَأَكْثَرَ الْقَوْلَ وَالْعَوِيلَ بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَشِبْهِهَا مِنْ قَوْلِهِمْ سَلَقَهُ بِلِسَانِهِ وَلِسَانٌ مِسْلَقٌ

وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرُوهَا فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النِّيَاحَةِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَةَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حَدَّثَنِي أَبِي قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَوْسٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ ثَقِيلٌ فَذَهَبَتِ امْرَأَتُهُ لِتَبْكِيَ أَوْ تَهُمَّ بِهِ فَقَالَ لَهَا أَبُو مُوسَى أَمَا سَمِعْتِ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ بَلَى فَسَكَتَتْ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو مُوسَى لَقِيتُ الْمَرْأَةَ فَقُلْتُ

لَهَا فَقَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ وَمَنْ سَلَقَ وَمَنْ خَرَقَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زيد الْإِيَامِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ خِلَالٌ مِنْ خِلَالِ الْجَاهِلِيَّةِ الطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالنِّيَاحَةُ وَنَسِيَ الثَّالِثَةَ قَالَ سفيان

يَقُولُونَ إِنَّهَا الِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ فَذَكَرُوا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَمِثْلَهَا وَقَالُوا قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النِّيَاحَةِ وَحَرَّمَهَا وَلَعَنَ النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَةَ قَالُوا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجل يأيها الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقَالَ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ فَوَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُعْلِمَ أَهْلَهُ مَا بِهِمُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ وَيَأْمُرَهُمْ بِهِ وَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَحِلُّ لَهُمْ وَيُوقِفَهُمْ عَلَيْهِ وَيَمْنَعَهُمْ مِنْهُ وَيُعْلِمَهُمْ ذَلِكَ كله لقول الله عز وجل يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا قَالُوا فَإِذَا عَلِمَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في النِّيَاحَةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالنَّهْيِ عَنْهَا وَالتَّشْدِيدِ فِيهَا وَلَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ أَهْلَهُ وَنِيحَ عَلَيْهِ بعد ذلك فإنما يعذب بمانيح عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ نَهْيِ أَهْلِهِ عَنْ ذَلِكَ وَأَمْرِهِ إِيَّاهُمْ بِالْكَفِّ عَنْهُ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِنَّمَا يُعَذَّبُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَذَنْبِهِ لَا بِذَنْبِ غَيْرِهِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يُعَارِضُ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل لا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَكَانَ مَا رَوَاهُ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ وَالْمُغِيرَةُ وَغَيْرُهُمْ صَحِيحَ الْمَعْنَى غَيْرَ مَدْفُوعٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ بَلَغَنِي أَنَّهُمْ كَانُوا يُوصُونَ بِالْبُكَاءِ عَلَيْهِمْ أَوْ بِالنِّيَاحَةِ أَوْ بِهِمَا وَهِيَ مَعْصِيَةٌ وَمَنْ أَمَرَ بِهَا فَعُمِلَتْ بَعْدَهُ كَانَتْ لَهُ ذَنْبًا فَيَجُوزُ أَنْ يُزَادَ بِذَنْبِهِ عَذَابًا كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بذنب غيره

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْبُكَاءُ بِغَيْرِ نِيَاحٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ وَكُلُّهُمْ يَكْرَهُونَ النِّيَاحَةَ وَرَفْعَ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ وَالصُّرَاخِ وَالْفَرْقُ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بَيِّنٌ بَيَّنَ ذَلِكَ مَا مَضَى فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْآثَارِ فِي النِّيَاحَةِ وَلَطْمِ الْخُدُودِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ بَكَى عَلَى ابْنِهِ تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ رَوَاهُ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ عبد الرحمان بْنُ عَوْفٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ حِينَئِذٍ أَتَبْكِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنْتَ تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ فَقَالَ إِنَّمَا نَهَيْتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ صَوْتِ لَهْوٍ وَلَعِبٍ وَمَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ نِعْمَةٍ وَصَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ لَطْمِ وُجُوهٍ وَشِقِّ جُيُوبٍ وَرَنَّةِ شَيْطَانٍ وَهَذَا رَحْمَةٌ وَمَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ يَا إِبْرَاهِيمُ لَوْلَا أَنَّهُ وَعْدٌ صِدْقٌ وَقَوْلٌ حَقٌّ وَأَنَّ أُخْرَانَا يَلْحَقُ أُوْلَانَا لَحَزِنَّا عَلَيْكَ حُزْنًا أَشَدَّ مِنْ هَذَا وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عن عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ نَحْوَ هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ

ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ أَظُنُّهُ ابْنَ بَعْضِ بَنَاتِهِ أُتِيَ بِهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ فَجَعَلَهُ فِي حِجْرِهِ وَدَمِعَتْ عَيْنَاهُ وَفَاضَتْ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ مَا هَذَا فَقَالَ إِنَّهَا رَحْمَةٌ يَضَعُهَا اللَّهُ فِي قَلْبِ مَنْ يَشَاءُ وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي جِنَازَةٍ فَبَكَتِ امْرَأَةٌ فَصَاحَ بِهَا عُمَرُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهَا يَا عُمَرُ فَإِنَّ الْعَيْنَ دَامِعَةٌ وَالنَّفْسَ مُصَابَةٌ وَالْعَهْدَ قَرِيبٌ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَزْرَقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وَفِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ فِي الْبُكَاءِ إِنَّمَا هِيَ قَبْلَ أَنْ تَفِيضَ النَّفْسُ فَإِذَا فَاضَتْ وَمَاتَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ دَعُوهُنَّ مَا دَامَ عِنْدَهُنَّ فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبُكَاءَ غَيْرُ النِّيَاحَةِ وَأَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا جَاءَ فِي النِّيَاحَةِ لَا فِي بُكَاءِ الْعَيْنِ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ لَا شريك له

ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ أَظُنُّهُ ابْنَ بَعْضِ بَنَاتِهِ أُتِيَ بِهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ فَجَعَلَهُ فِي حِجْرِهِ وَدَمِعَتْ عَيْنَاهُ وَفَاضَتْ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ مَا هَذَا فَقَالَ إِنَّهَا رَحْمَةٌ يَضَعُهَا اللَّهُ فِي قَلْبِ مَنْ يَشَاءُ وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي جِنَازَةٍ فَبَكَتِ امْرَأَةٌ فَصَاحَ بِهَا عُمَرُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهَا يَا عُمَرُ فَإِنَّ الْعَيْنَ دَامِعَةٌ وَالنَّفْسَ مُصَابَةٌ وَالْعَهْدَ قَرِيبٌ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَزْرَقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وَفِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ فِي الْبُكَاءِ إِنَّمَا هِيَ قَبْلَ أَنْ تَفِيضَ النَّفْسُ فَإِذَا فَاضَتْ وَمَاتَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ دَعُوهُنَّ مَا دَامَ عِنْدَهُنَّ فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبُكَاءَ غَيْرُ النِّيَاحَةِ وَأَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا جَاءَ فِي النِّيَاحَةِ لَا فِي بُكَاءِ الْعَيْنِ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ لَا شَرِيكَ لَهُ

الحديث الرابع عشر

حَدِيثٌ رَابِعَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَأَرْمُقَنَّ اللَّيْلَةَ صَلَاةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فَتَوَسَّدْتُ عَتَبَتَهُ أَوْ فُسْطَاطَهُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا ثُمَّ أَوْتَرَ فَتِلْكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فِي الْحَدِيثِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَى هَذَا أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ وَالَّذِي فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ

مَالِكٍ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ فَأَسْقَطَ يَحْيَى ذِكْرَ الرَّكْعَتَيْنِ الْخَفِيفَتَيْنِ وَذَلِكَ خَطَأٌ وَاضِحٌ لِأَنَّ الْمَحْفُوظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْتَتِحُ صَلَاةَ اللَّيْلِ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَقَالَ يَحْيَى أَيْضًا طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَغَيْرُهُ بِقَوْلِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ (حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَكِّيِّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَا حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ) عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَأَرْمُقَنَّ اللَّيْلَةَ صَلَاةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فَتَوَسَّدَ عَتَبَتَهُ أَوْ فُسْطَاطَهُ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ (طَوِيلَتَيْنِ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

وَقَرَأْتُ أَيْضًا عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ (بْنِ أَحْمَدَ) أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عِيسَى حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَأَرْمُقَنَّ صَلَاةَ رَسُولِ لله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّيْلَةَ قَالَ فَتَوَسَّدْتُ عَتَبَتَهُ أَوْ فُسْطَاطَهُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصى ركتين خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَى أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ الْخَضِرِ حَدَّثَهُمْ وَقَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَهُمْ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَأَرْمُقَنَّ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ هَذَا بِهَذَا الْإِسْنَادِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح صلاته

تِلْكَ اللَّيْلَةَ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ صَلَّاهُمَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ دُونَهُمَا عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ إِلَى آخِرِهِ وَأَسْقَطَ يَحْيَى ذِكْرَ الرَّكْعَتَيْنِ الْخَفِيفَتَيْنِ وَذَلِكَ مِمَّا عُدَّ عَلَى يَحْيَى مِنْ سَقْطِهِ وَغَلَطِهِ وَالْغَلَطُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَفْتَتِحُ صَلَاةَ اللَّيْلِ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ مِنْ وُجُوهٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مرة عن الحسن عن سعد ن هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بكر حدثناأبو دَاوُدَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ يَفْتَتِحُ بِهِمَا صَلَاتَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنِ اخْتِلَافِ الآثار ومذاهب أهل الْأَمْصَارِ فِي بَابِ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ وَبَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَسَيَأْتِي مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا ذِكْرٌ فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ يَفْتَتِحُ بِهِمَا صَلَاتَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنِ اخْتِلَافِ الْآثَارِ ومذاهب أهل الْأَمْصَارِ فِي بَابِ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ وَبَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَسَيَأْتِي مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا ذِكْرٌ فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الخامس عشر

حَدِيثٌ خَامِسَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا أَوْ يُخْبِرَ بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا هكذا قال يحيى بن مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدْيِثِ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَكَذَلِكَ قَالَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ بن الْقَاسِمِ وَأَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَمْعَنُ بْنُ عِيسَى وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ إِلَّا أَنَّهُمَا سَمَّيَاهُ قالا عبد الرحمان بْنُ أَبِي عَمْرَةَ

أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَشُورِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْحُذَافِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يُؤَدِّي شَهَادَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا أَوْ يُسْأَلُ عَنْهَا هَكَذَا فِي كِتَابِي فِي هَذَا الْإِسْنَادِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ لَيْسَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ (وَالصَّوَابُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ) وَقَدْ جَوَّدَ ابْنُ وَهْبٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَفْظِهِ وَجَاءَ عَنْ مَالِكٍ بِتَفْسِيرِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي بَكْرٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرحمان بْنَ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته

أو يخبر شهادته قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَيَّهُمَا قَالَ قَالَ مَالِكٌ هُوَ الَّذِي يُخْبِرُ بِشَهَادَتِهِ وَلَا يُعْلِمُ بِهَا الَّذِي هِيَ لَهُ زَادَ الْهَمْدَانِيُّ وَيَرْفَعُهَا إِلَى السُّلْطَانِ قَالَ ابْنُ السَّرْحِ أَوْ يَأْتِي بِهَا إِلَى الْإِمَامِ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ الْهَمْدَانِيِّ وَقَالَ ابْنُ السَّرْحِ ابن أبي عمرة ولم يقل عبد الرحمان قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَالتَّفْسِيرُ مِنْ قِبَلِ مَالِكٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ أَخْبَرَنَا سَحْنُونٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بشهادته أو يخبر بشهادته قبل أن يسألها يَشُكُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَيَّتَهُمَا قَالَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّهُ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ فِي الْحَقِّ يَكُونُ لِلرَّجُلِ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ قَبْلُ فَيُخْبِرُ بِشَهَادَتِهِ وَيَرْفَعُهَا إِلَى السُّلْطَانِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَبَلَغَنِي عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ دُعِيَ لِشَهَادَةٍ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ بِهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهَا وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ لَا يعلم

بِهَا صَاحِبُهَا فَلْيُؤَدِّهَا قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهَا فَإِنَّهُ كَانَ يُقَالُ مِنْ أَفْضَلِ الشَّهَادَاتِ شَهَادَةٌ أَدَّاهَا صَاحِبُهَا قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ تَفْسِيرُ مَالِكٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِيهِ وَلَا يَسَعُ الَّذِي عِنْدَهُ شَهَادَةٌ لِغَيْرِهِ أَنْ يَكْتُمَهَا وَلَا أَنْ يَسْكُتَ عَنْهَا إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ حَقَّ الطَّالِبِ يَثْبُتُ أَوْ قَدْ ثَبَتَ بِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ فِي سَعَةٍ وَأَدَاؤُهَا مَعَ ذَلِكَ أَفْضَلُ وَسَوَاءٌ شَهِدَ أَحَدٌ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَشْهَدْ إِذَا كَانَ الْحَقُّ مَالًا لِأَنَّ الْيَمِينَ فِيهِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ شَهَادَةِ السَّمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَقُلِ الْمَشْهُودُ لَهُ أُشْهِدُكَ عَلَى هَذَا وَلَا قَالَ الْمُشْهُودُ عَلَيْهِ اشْهَدْ عَلَيَّ فَمَنْ سَمِعَ شَيْئًا وَعَلِمَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ وَمِثْلُ هَذَا يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَعْلَمُ بِهَا فَكُلُّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا (يَجُوزُ أَدَاؤُهُ) جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ لِقَوْلِهِ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ وقوله والذين هم بشهادتهم قائمون

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظُهُورَ شَهَادَةِ الزُّورِ وَكِتْمَانَ شَهَادَةِ الْحَقِّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ عَائِبًا لِذَلِكَ وَمُوَبِّخًا عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ كِتْمَانُ شَهَادَةِ الْحَقِّ عَيْبًا وَحَرَامًا فَالْبِدَارُ إِلَى الْإِخْبَارِ بِهَا قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهَا فِيهِ الْفَضْلُ الْجَسِيمُ وَالْأَجْرُ الْعَظِيمُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وعبد العزيز بن عبد الرحمان قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا سَيَّارُ أَبُو الْحَكَمِ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إن بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ التَّسْلِيمَ عَلَى الْخَاصَّةِ وَفُشُوَّ التِّجَارَةِ حَتَّى تُعِينَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى التِّجَارَةِ وَقَطْعَ الْأَرْحَامِ وَفُشُوَّ الْقَلَمِ وَظُهُورَ شَهَادَةِ الزُّورِ وَكِتْمَانَ شَهَادَةِ الْحَقِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفُشُوَّ الْقَلَمِ فَإِنَّهُ أراد ظهور الكتاب وكثرةالكتاب رَوَى الْمُبَارَكُ بْنُ فُضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَفِيضَ الْمَالُ وَيَظْهَرَ الْقَلَمُ وَيَكْثُرَ التُّجَّارُ قَالَ الْحَسَنُ لَقَدْ أَتَى عَلَيْنَا زَمَانٌ إِنَّمَا يُقَالُ

تَاجِرُ بَنِي فُلَانٍ وَكَاتِبُ بَنِي فُلَانٍ مَا يَكُونُ فِي الْحَيِّ إِلَّا التَّاجِرُ الْوَاحِدُ وَالْكَاتِبُ الْوَاحِدُ قَالَ الْحَسَنُ وَاللَّهِ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَأْتِي الْحَيَّ الْعَظِيمَ فَمَا يَجِدُ بِهِ كَاتِبًا وَقَدْ رَوَى ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ هُمُ الَّذِينَ يَبْدُرُونَ بِشَهَادَتِهِمْ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلُوا عَنْهَا هَكَذَا قَالَ فِي إِسْنَادِهِ لَمْ يَذْكُرْ أَبَا عَمْرَةَ وَلَا ابْنَ أَبِي عَمْرَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ وَرَوَاهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خالد فأفسد إسناده وأما لفظه فل يَخْتَلِفْ فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ مَعْنًى صَحِيحٌ لِأَنَّ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ فِعْلُ خَيْرٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ بَدَرَ إِلَى فِعْلِ الْخَيْرِ حُمِدَ لَهُ ذَلِكَ وَمُدِحَ لَهُ وَفُضِّلَ وَاللَّهُ يُوَفِّقُ مَنْ يَشَاءُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْعِرَاقِيِّينَ حَدِيثٌ يُعَارِضُ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ يَسَافٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يلونهم ثم يجيء قوم يتسمنون ويحيون يُعْطُونَ الشَّهَادَةَ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلُوهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ عِمْرَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بِنَحْوِهِ) قَالَ أَبُو عُمَرَ أَدْخَلَ ابْنُ فُضَيْلٍ بَيْنَ الْأَعْمَشِ وَبَيْنَ هِلَالٍ فِي هَذَا الْحَدْيِثِ عَلِيَّ بْنَ مُدْرِكٍ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ وَهُو الصَّوَابُ وَهَذَا عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِنَّمَا جَاءَ مِنْ قِبَلِ الْأَعْمَشِ لِأَنَّهُ كَانَ يُدَلِّسُ أَحْيَانًا وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قِبَلِ حِفْظِ وَكِيعٍ لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ حَافِظًا أَوْ مِنْ قِبَلِ أَبِي خَيْثَمَةَ لِأَنَّ فِيهِ حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ يَسَافٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ لِلْأَعْمَشِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ هِلَالٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ غَيْرَ مَا حَدِيثٍ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدْيِثَ شُعْبَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ

ابن إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ فَإِذَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ سِمَانٌ يُعْطُونَ الشَّهَادَةَ وَلَا يُسْأَلُوهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي إِسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ وَلَيْسَ مِثْلُهُ يُعَارَضُ بِهِ حَدِيثُ مَالِكٍ لِأَنَّهُ مِنْ نَقْلِ ثِقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهَذَا حَدِيثٌ كُوفِيٌّ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَوْ صَحَّ كَانَ مَعْنَاهُ كَمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى مَا فَسَّرَهُ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فَقِيهُ الْكُوفَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ قَالَ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَبْدُرُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ كَانُوا يَنْهُونَنَا وَنَحْنُ صِبْيَانٌ عَنِ العهد والشهادات

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى هَذَا عِنْدَهُمُ النَّهْيُ عَنْ قَوْلِ الرَّجُلِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ وَعَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَالْبِدَارِ إِلَى ذَلِكَ وَإِلَى الْيَمِينِ فِي كُلِّ مَا لَا يَصْلُحُ وَمَا يَصْلُحُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ بَابِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فِي شَيْءٍ وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَيْمَانَ اللِّعَانِ شَهَادَاتٍ فَقَالَ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ وَهَذَا وَاضِحٌ يُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ فِيهِ وَحَدِيثُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُسْتَعْمَلٌ لَا يَدْفَعُهُ نَظَرٌ وَلَا خَبَرٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَذَكَرَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا كَانَ عِنْدَكَ لِأَحَدٍ شَهَادَةٌ فَسَأَلَكَ عَنْهَا فَأَخْبِرْهُ بِهَا وَلَا تَقُلْ لَا أُخْبِرُكَ إِلَّا عِنْدَ الْأَمِيرِ أَخْبِرْهُ بِهَا لَعَلَّهُ أَنْ يَرْجِعَ أَوْ يَرْعَوِي قَالَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ خَيْرُ الشُّهَدَاءِ مَنْ أَدَّى شَهَادَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ هَذَا اسْمُهُ ثَعْلَبَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ محصن

حَدِيثٌ سَادِسَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ أَنَّهُمْ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صلى عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ) إِنَّكَ حُمَيْدٌ مَجِيدٌ اسْتَدَلَّ قَوْمٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ هُمْ أَزْوَاجُهُ وَذُرِّيَّتُهُ خَاصَّةً لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ وَفِي

غَيْرِ مَا حَدِيثٍ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ فَقَالُوا هَذَا يُفَسِّرُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ وَيُبَيِّنُ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ هُمْ أَزْوَاجُهُ وَذُرِّيَّتُهُ (هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَرُوِيَ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَذِكْرُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فِيهِ غَرِيبٌ إِنْ صَحَّ) قَالُوا فَجَائِزٌ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِكُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَزْوَاجِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ إِذَا وَجَّهَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ إِذَا غَابَ عَنْهُ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِمْ قَالُوا وَالْآلُ وَالْأَهْلُ سَوَاءٌ وَأَهْلُ الرَّجُلِ وَآلُهُ سَوَاءٌ وَهُمُ الْأَزْوَاجُ وَالذُّرِّيَّةُ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْأَهْلُ مَعْلُومٌ وَالْآلُ الْأَتْبَاعُ وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ فِي بَابِ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلَّى عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ خُصَّ بِذَلِكَ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَالُوا وَإِذَا ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ

مِنْ أُمَّتِهِ انْبَغَى لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ لِمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَرَاحَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مَنْ تَرَاحَمَ عَلَيَّ وَلَا مَنْ دَعَا لِي وَإِنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ ها هنا مَعْنَاهَا الرَّحْمَةُ فَكَأَنَّهُ خُصَّ بِهَذَا اللَّفْظِ تَعْظِيمًا لَهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ اللَّهَ وملائكته يصلون على النبي يأيها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يَتَرَاحَمُونَ عَلَى النَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا لِيَخُصَّهُ بِذَلِكَ وَاللَّهُ أعلم واحتج قائلوا هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ لَا يُصَلَّى عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقِفُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَيَدْعُو لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَقَدْ رُوِيَ فِي خَبَرِهِ هَذَا أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالْأَوَّلُ عِنْدَ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَثْبَتُ عَنْهُ وَقَالَ آخَرُونَ جَائِزٌ أَنْ يُصَلَّى عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالُوا آلُ مُحَمَّدٍ أتباعه

وَشِيعَتُهُ وَأَهْلُ دِينِهِ هُمْ آلُهُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ قَالُوا وَمَعْلُومٌ أَنَّ آل فرعوه أَتْبَاعُهُ عَلَى دِينِهِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ) فَقَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى قَالُوا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ جَائِزَةٌ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَأَسِّيًا بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَمْتَثِلُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عليهم إن صلواتك سَكَنٌ لَهُمْ قَالُوا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّلَاةَ هَاهُنَا الرَّحْمَةُ وَالتَّرَاحُمُ فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَجُوزَ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِدَلِيلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا قَدْ قَالَهُ الْعُلَمَاءُ فِيمَا وَصَفْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا (وَقَدْ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو نَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ نُبِيحٍ الْعَنَزِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَانِي النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي لَا تَسْأَلِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَقَالَتْ يَخْرُجُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِنَا وَلَا نَسْأَلُهُ شَيْئًا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلِّ عَلَى زَوْجِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ وَعَلَى زَوْجِكِ) وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَيْفِيَّةِ وُجُوبِهَا وَمَوْضِعُ ذَلِكَ فَقَدْ مَضَى فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا فِي بَابِ نُعَيْمٍ الْمُجَمَّرِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

حَدِيثٌ سَابِعَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ (عَنْ أَبِيهِ) أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ بِنْتَ مِلْحَانَ اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحاضت أو ولدت بعدما أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَتْ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ وَلَا أَحْفَظُهُ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَأَعْرِفُهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ وَهَذَا أَيْضًا مُنْقَطِعٌ وَالْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قِصَّةُ صَفِيَّةَ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ مُتَوَاتِرُ الطُّرُقِ عَنْ عائشة

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ فَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حدثنا أحمد بن شعيب أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ حَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ قَالَتْ عَائِشَةُ فَذَكَرْتُ حَيْضَتَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَابِسَتُنَا هِيَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قَدْ كَانَتْ أَفَاضَتْ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ ثُمَّ حَاضَتْ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْتَنْفِرْ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي حَدَّثَنِي جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هُرْمُزَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ وَحَاضَتْ صَفِيَّةُ فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا ما

يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا حَائِضٌ فَقَالَ أَحَابِسَتُنَا هِيَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ اخْرُجُوا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ الْحَدِيثَ وَالصَّوَابُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَبِهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثامن عشر

حَدِيثٌ ثَامِنَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ قَالَتْ زَيْنَبُ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ فَدَهَنَتْ بِهِ جَارِيَةً ثُمَّ مَسَحَتْ بِعَارِضَيْهَا ثم قالت والله مالي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تَحُدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قَالَتْ زَيْنَبُ (ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ) بِنْتِ جَحْشٍ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ ثُمَّ قَالَتْ وَاللَّهِ مالي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يَقُولُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تَحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قَالَتْ زَيْنَبُ وَسَمِعْتُ أُمِّي أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا أَفَتُكَحِّلُهُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا ثُمَّ قَالَ إنما هي أربعة أشهر وعشرا وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ (قَالَ حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ) فَقَالَتْ زَيْنَبُ كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا وَلَا شَيْئًا حَتَّى تَمُرَّ بها سنة ثم تؤتى بدابة حمارا أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعْرَةً فَتَرْمِي بِهَا ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ مَالِكٌ الْحِفْشُ الْبَيْتُ الرَّدِيءُ وَتَفْتَضُّ تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا كالنشرة

قَالَ أَبُو عُمَرَ حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ هَذَا هُوَ أَبُو أَفْلَحَ بْنُ حُمَيْدٍ وَهُوَ مَوْلَى صَفْوَانَ بْنِ خَالِدٍ وَيُقَالُ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الأنصاري يقال إنه حميد صفيرا رَوَى عَنْ أَبِي أَيُّوبَ وَحَجَّ مَعَهُ وَرَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ خَبَرِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَمُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ وَلَمْ يَسْمَعْ مَالِكٌ مِنْهُ شَيْئًا وَلَا الثَّوْرِيُّ وَهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْهُ وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ شُعْبَةُ هَذَا الْحَدِيثَ وَغَيْرَهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ حَدَّثَهُمْ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَ شُعْبَةُ سَأَلْتُ عَاصِمًا عَنِ الْمَرْأَةِ تَحِدُّ فَقَالَ قَالَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ كَتَبَ حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ إِلَى حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ فَذَكَرَ حَدِيثَ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ شُعْبَةُ فَقُلْتُ لِعَاصِمٍ أَنَا قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ قَالَ أَنْتَ قُلْتُ نَعَمْ وَهُوَ ذَاكَ حَيٌّ قَالَ شُعْبَةُ وَكَانَ عَاصِمٌ يَرَى أَنَّهُ قَدْ مَاتَ مُنْذُ مِائَةِ سَنَةٍ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَ شُعْبَةُ سَأَلْتُ عَاصِمًا الْأَحْوَلَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَحِدُّ فَقَالَ قَالَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ كَتَبَ حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ إِلَى حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ فَذَكَرَ حَدِيثَ زَيْنَبَ بِنْتِ سَلَمَةَ قَالَ شُعْبَةُ قُلْتُ لِعَاصِمٍ قَدْ سَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ قَالَ أَنْتَ قُلْتُ نَعَمْ وَهُوَ ذَاكَ حَيٌّ قَالَ شُعْبَةُ وَكَانَ عَاصِمٌ يَرَى أَنَّهُ قَدْ مَاتَ مُنْذُ مِائَةِ سَنَةٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَبَابَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ) تُحَدِّثُ عَنْ أُمِّهَا أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَرَمِدَتْ عَيْنُهَا فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الْكُحْلِ فَقَالَ لَا وَقَالَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قَالَ الْبَغَوِيُّ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شُعْبَةَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ وَأَبُو النَّضِرِ فَزَادُوا فِيهِ كَلَامًا لَيْسَ فِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ حَدَّثَنَاهُ جَدِّي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ وَحَدَّثَنَا خَلَّادٌ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ يَعْقُوبَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنِي قَالَ سَمِعْتُ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ تُحَدِّثُ عَنْ أُمِّهَا أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَاشْتَكَتْ عَيْنَهَا وَخَشَوْا

عَلَى عَيْنِهَا فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي شَرِّ أَحْلَاسِهَا فِي بَيْتِهَا إِلَى الْحَوْلِ فَإِذَا كَانَ الْحَوْلُ فَمَرَّ كَلْبٌ رَمَتْهُ بِبَعْرَةٍ ثُمَّ خَرَجَتْ فَلَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قَالَ الْبَغَوِيُّ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ وَزَادَ فِيهِ أُمَّ حَبِيبَةَ حَدَّثَنَاهُ جَدِّي وَيَعْقُوبُ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَحَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ تُحَدِّثُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَأُمِّ حَبِيبَةَ تذكران أن امرأة أتت رسول اله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ أَنَّ ابْنَةً لَهَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَاشْتَكَتْ عَيْنَهَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ وَحَدَّثَنِي جَدِّي حَدَّثَنَا أَبُو قَطَنٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّ نَسِيبًا لَهَا أَوْ حَمِيمًا تُوُفِّيَ وَأَنَّهَا دَعَتْ بِصُفْرَةٍ فَمَسَحَتْ يَدَيْهَا وَقَالَتْ إِنَّمَا أَصْنَعُ هَذَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تَحُدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ قَالَ وَحَدَّثَنِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قَالَ الْبَغَوِيُّ وَأَخْبَرَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ فَذَكَرَ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ وَزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَأُمِّ سلمة سواء

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا صُفْرَةُ الْخَلُوقِ فَمَعْرُوفَةٌ وأما الإحداد فترك المرأة الزينة كُلِّهَا عِنْدَ زَوْجِهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا يُقَالُ لَهَا حِينَئِذٍ امْرَأَةٌ حَادٌّ وَمُحِدٌّ لِأَنَّهُ يُقَالُ أَحَدَّتِ الْمَرْأَةُ تُحِدُّ وَحَدَّتْ تَحِدُّ فَهِيَ مُحَادٌّ وَحَادٌّ إِذَا تَرَكَتِ الزِّينَةَ لِمَوْتِ زَوْجِهَا هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الْخَلِيلِ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا الْإِحْدَادُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ فَالِامْتِنَاعُ مِنَ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ بِالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَمَا كَانَ مِنَ الزِّينَةِ كُلِّهَا الدَّاعِيَةِ إِلَى الْأَزْوَاجِ وَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُحِدَّ لَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إلى أَنْ يُصْبَغَ بِسَوَادٍ وَتَلْبَسُ الْبَيَاضَ كُلَّهُ رَقِيقَهُ وَغَلِيظَهُ وَلَا تَلْبَسُ رَقِيقَ ثِيَابِ الْيَمَنِ وَتَلْبَسُ غَلِيظَهَا إِنْ شَاءَتْ وَتَلْبَسُ الْكَتَّانَ كُلَّهُ رَقِيقَهُ وَغَلِيظَهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَصْبُوغًا وَكَذَلِكَ الْقُطْنُ وَلَا تَلْبَسُ خَزًّا وَلَا حَرِيرًا وَلَا تَلْبَسُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَلَا مِنْ فِضَّةٍ وَلَا مِنْ حَدِيدٍ أَيْضًا وَلَا حُلِيًّا وَلَا قُرْطًا وَلَا خَلْخَالًا وَلَا سِوَارًا وَلَا تَمَسُّ طِيبًا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَلَا تُحَنِّطُ مَيِّتًا وَلَا تَدْهُنُ بِزِئْبَقٍ وَلَا خِيرِيٍّ وَلَا بَنَفْسَجٍ وَلَا بِأْسَ أَنْ تَدْهُنَ بِالشَّيْرَقِ وَالزَّيْتِ وَلَا تَخْتَضِبُ بِحِنَّاءٍ وَلَا كَتَمٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ تَمْتَشِطَ بِالسِّدْرِ وَمَا لَا يَخْتَمِرُ فِي رَأْسِهَا وَلَا تَكْتَحِلُ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ فَإِنْ كَانَتْ ضَرُورَةٌ فَقَدْ أَرْخَصَ لَهَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي الْكُحْلِ تَجْعَلُهُ بِاللَّيْلِ وَتَمْسَحُهُ بِالنَّهَارِ وَمِنْ قَوْلِ مَالِكٍ والشافعي

إِنَّ الْإِحْدَادَ عَلَى كُلِّ زَوْجَةٍ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً أَمَةً كَانَتْ أَوْ حُرَّةً مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ ذِمِّيَّةً وَكَذَلِكَ الْمُكَاتِبَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ إِذَا كَانَتْ زَوْجَةً وَكَذَلِكَ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ الْإِحْدَادُ عَلَيْهَا عِنْدَهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الْإِحْدَادُ عَلَى الْكِتَابِيَّةِ فِي زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا إِحْدَادَ عَلَى الذِّمِّيَّةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَحُدَّ عَلَى مَيِّتٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ حُرْمَةُ الْمُسْلِمِ الَّذِي تَعْتَدُّ مِنْ مَائِهِ وَجَاءَ الْحَدِيثُ بِذِكْرِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ لِأَنَّ الْخِطَابَ إِلَى مَنْ هَذِهِ حَالُهُ كَانَ يَتَوَجَّهُ فَدَخَلَ الْمُؤْمِنَاتُ فِي ذَلِكَ بِالذِّكْرِ وَدَخَلَ غَيْرُ الْمُؤْمِنَاتِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا كَمَا يُقَالُ هَذَا طَرِيقُ الْمُسْلِمِينَ وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَاهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبِعْ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ يَعْنِي الْمُسْلِمَ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الذِّمِّيُّ بِالْمَعْنَى وَقَدْ أَوْجَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ لِلْمُسْلِمِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ كَمَا تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ إِلَى أَشْيَاءَ يَطُولُ ذِكْرُهَا مِنْ هَذَا الْبَابِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الزَّوْجَةَ الذِّمِّيَّةَ فِي النَّفَقَةِ وَالْعِدَّةِ وَجَمِيعِ أَحْكَامِ الزَّوْجَاتِ كَالْمُسْلِمَةِ وَكَذَلِكَ الْإِحْدَادُ

أَلَا تَرَى أَنَّهُ حَقٌّ لِلزَّوْجِ الْمَيِّتِ مِنْ أَجْلِ مَا يَلْحَقُهُ مِنَ النَّسَبِ فَأَشْبَهَ الْحُكَمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْمَبْتُوتَةَ وَغَيْرَهَا لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا عِنْدَ وَفَاةِ سَيِّدِهَا وَإِنَّمَا الْإِحْدَادُ عِنْدَهُمْ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْإِحْدَادُ فِي الْبَدَنِ وَهُوَ تَرْكُ زِينَةِ الْبَدَنِ وَذَلِكَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى الْبَدَنِ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِهِ بِزِينَةٍ مِنْ ثِيَابٍ يُتَزَيَّنُ بِهَا وَطِيبٍ يَظْهَرُ عَلَى الْمَرْأَةِ فَيَدْعُوهَا إِلَى شَهْوَتِهَا فَمِنْ ذَلِكَ الدُّهْنُ كُلُّهُ فِي الرَّأْسِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَدْهَانَ كُلَّهَا سَوَاءٌ فِي تَرْجِيلِ الشَّعَرِ وَإِذْهَابِ الشَّعَثِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُحْرِمَ يَفْتَدِي إِنْ دَهَنَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِزَيْتٍ لِمَا وَصَفْتُ قَالَ وَكُلُّ كُحْلٍ كَانَ زِينَةً فَلَا خَيْرَ فِيهِ فَأَمَّا الْفَارِسِيُّ وَمَا أَشْبَهَهُ إِذَا احْتَاجَتْ إِلَيْهِ فَلَا بَأْسَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِينَةٍ بَلْ يَزِيدُ الْعَيْنَ مَرَهًا وَقُبْحًا وَمَا اضْطُرَّتْ إِلَيْهِ مِمَّا فِيهِ زِينَةٌ مِنَ الْكُحْلِ اكْتَحَلَتْ بِهِ لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ حَادٌّ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَتْ إِنَّمَا هُوَ صَبْرٌ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وامسحيه بالنهار

قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَذْكُرُ مِنْ طُرُقِهِ مَا يَصِحُّ عِنْدَنَا مُتَّصِلًا مُسْنَدًا بِعَوْنِ اللَّهِ وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا الْمُرْسَلُ ظَاهِرُهُ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الْمُسْنَدِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَكْتَحِلُ أَصْلًا لِأَنَّهُ اشْتَكَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ عَيْنَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا مِنَ الْكُحْلِ لَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا لَا مِنْ ضَرُورَةٍ وَلَا مِنْ غَيْرِهَا وَقَالَ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا أَنْ تُضْطَرَّ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ كَانَ عَلَى أَنَّهَا اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا وَهَذِهِ ضَرُورَةٌ وَقَدْ حَكَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا اشْتَكَتْ عَيْنَهَا وَهِيَ حَادٌّ عَلَى زَوْجِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَلَمْ تَكْتَحِلْ حَتَّى كَادَتْ عَيْنَاهَا تَرْمَصَانِ وَقَدْ قَالَ بِهَذَا طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْحَادَّ لَا تَكْتَحِلُ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا صَنَعَتْ صَفِيَّةُ وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ الْمُرْسَلُ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهَا وَهِيَ حَادٌّ عَنِ الْكُحْلِ وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ مِنْهَا فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ اكْتَحِلِي بِكُحْلِ الْجَلَاءِ بِاللَّيْلِ

وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ (وَهَذَا عِنْدِي وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ مُخَالِفًا لِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِبَاحَتِهِ بِاللَّيْلِ وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا عَلَى الْإِطْلَاقِ فَإِنَّ تَرْتِيبَ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ الشَّكَاةَ الَّتِي قَالَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا لَمْ تَبْلُغْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْهَا مَبْلَغًا لَا بُدَّ لَهَا فِيهِ مِنَ الْكُحْلِ بقوله ها هنا وَلَوْ كَانَتْ مُحْتَاجَةً إِلَى ذَلِكَ مُضْطَرَّةً تَخَافُ ذَهَابَ بَصَرِهَا لَأَبَاحَ لَهَا ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَمَا صَنَعَ بِالَّتِي قَالَ لَهَا اجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ وَالنَّظَرُ يَشْهَدُ لِهَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّ الضَّرُورَاتِ تَنْقُلُ الْمَحْظُورَ إِلَى حَالِ الْمُبَاحِ فِي الْأُصُولِ وَكَذَلِكَ) جَعَلَ مَالِكٌ فَتْوَى أُمِّ سَلَمَةَ هَذِهِ تَفْسِيرًا لِلْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ فِي الْكُحْلِ لِأَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رَوَتْهُ وَمَا كَانَتْ لِتُخَالِفُهُ إِذَا صَحَّ عِنْدَهَا وَهِيَ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهِ وَمَخْرَجِهِ وَالنَّظَرُ يَشْهَدُ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُضْطَرَّ إِلَى شَيْءٍ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْمُتَرَفِّهِ الْمُتَزَيِّنِ وَلَيْسَ الدَّوَاءُ وَالتَّدَاوِي مِنَ الزِّينَةِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا نُهِيَتِ الْحَادُّ عَنِ الزِّينَةِ لَا عَنِ التَّدَاوِي وَأُمُّ سَلَمَةَ أَعْلَمُ بِمَا رَوَتْ مَعَ صِحَّتِهِ فِي النَّظَرِ وَعَلَيْهِ أَهْلُ الْفِقْهِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ في المرأة يتوفي عنهها زَوْجُهَا أَنَّهَا إِذَا خَشِيَتْ عَلَى بَصَرِهَا مِنْ رَمَدٍ بِعَيْنِهَا أَوْ شَكْوَى أَصَابَتْهَا أَنَّهَا تَكْتَحِلُ وَتَتَدَاوَى بِالْكُحْلِ وَإِنْ كَانَ

فِيهِ طِيبٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ إِلَى التَّدَاوِي لَا إِلَى التَّطَيُّبِ وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الصَّبِرُ يَصْفَرُّ فَيَكُونُ زِينَةً وَلَيْسَ بِطِيبٍ وَهُوَ كُحْلُ الْجَلَاءِ فَأَذِنَتْ فِيهِ أُمُّ سَلَمَةَ لِلْمَرْأَةِ بِاللَّيْلِ حَيْثُ لَا يُرَى وَتَمْسَحُهُ بِالنَّهَارِ حَيْثُ يُرَى فَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُ وَقَالَ فِي الثِّيَابِ زِينَتَانِ إِحْدَاهُمَا جَمَالُ الثِّيَابِ عَلَى اللَّابِسِينَ وَالسَّتْرُ لِلْعَوْرَةِ فَالثِّيَابُ زِينَةٌ لِمَنْ لَبِسَهَا وَإِنَّمَا نُهِيَتِ الْحَادُّ عَنْ زِينَةِ بَدَنِهَا وَلَمْ تُنْهَ عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ تَلْبَسَ الْحَادُّ كُلَّ ثَوْبٍ مِنَ الْبَيَاضِ لِأَنَّ الْبَيَاضَ لَيْسَ بِمُزَيِّنٍ وَكَذَلِكَ الصُّوفُ وَالْوَبَرُ وَكُلُّ مَا نُسِجَ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ صُنْعٌ مِنْ خَزٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ صبغ لم يرد به التزين مثل السواد وَمَا صُبِغَ لِيَقْبُحَ أَوْ لِنَفْيِ الْوَسَخِ عَنْهُ فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ زِينَةٍ أَوْ وَشْيٍ فِي ثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تَلْبَسُهُ الْحَادُّ وَذَلِكَ لِكُلِّ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ وَكَبِيرَةٍ وَصَغِيرَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ ذِمِّيَّةٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَلْبَسُ ثَوْبَ عَصْبٍ وَلَا خَزٍّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مصبوغا إذ أَرَادَتْ بِهِ الزِّينَةَ وَإِنْ لَمْ تُرِدْ فَلَيْسَ الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ مِنَ الزِّينَةِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَلْبَسَهُ وَإِذَا اشْتَكَتْ عَيْنَهَا اكْتَحَلَتْ بِالْأَسْوَدِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا لَمْ تَشْتَكِ عَيْنَهَا لَمْ تَكْتَحِلْ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ الْمُتَوَفَّى

عَنْهَا لَا تَخْتَضِبُ وَلَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَبِيتُ عَنْ بَيْتِهَا وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا قَالَا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْمُطَلَّقَةُ فِي الزِّينَةِ سَوَاءٌ لِلِاحْتِيَاطِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّهُ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ الَّتِي لَا تَمْلِكُ رَجْعَتَهَا فَمَرَّةً قَالَ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ لِأَنَّهَا كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا فِي أَنَّهُمَا غَيْرُ ذَوَاتَيْ زَوْجٍ وَلَيْسَتْ مِمَّنْ تَمْلِكُ رَجْعَتَهَا وَمَرَّةً قَالَ لَا يَبِينُ عِنْدِي أَنْ أُوجِبَ عَلَيْهِمَا الْإِحْدَادَ لِأَنَّهُمَا قَدْ تَخْتَلِفَانِ فِي حَالٍ وَإِنِ اجْتَمَعَا فِي غَيْرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تَحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِحْدَادَ إِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْتَى وَمِنْ أَجْلِهِمْ لَا عَلَى الْمُطَلَّقَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعُوا أَنْ لَا إِحْدَادَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَالْمَبْتُوتَةُ أَشْبَهُ بِهَا مِنْهَا بِالْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْإِحْدَادَ وَاجِبٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا إِلَّا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ لَيْسَ الْإِحْدَادُ بِوَاجِبٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ دَخَلَتْ حِفْشًا وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا فَالْحِفْشُ الْبَيْتُ الصَّغِيرُ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ قَالَ الْخَلِيلُ

قَالَ الْحِفْشُ الْبَيْتُ الصَّغِيرُ قَالَ وَالْحِفْشُ أَيْضًا الشَّيْءُ الْبَالِي الْخَلَقُ وَالْحِفْشُ أَيْضًا الْفَرْجُ وَالْحِفْشُ الدُّرْجُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْبَخُورُ كَالْقَارُورَةِ لِلطِّيبِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَوْلُهُ تَفْتَضُّ بِهِ قَالَ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ فَتَمْسَحُ عَلَى ظَهْرِهَا بِيَدِهَا وَتُؤْتَى بِبَعْرَةٍ مِنْ بَعْرِ الْغَنَمِ فَتَرْمِي بِهَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهَا ثُمَّ يَكُونُ إِحْلَالًا لَهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ تَفْتَضُّ بِهِ تَتَمَسَّحُ بِهِ وَقَدْ قِيلَ فِي مَعْنَى تَمْسَحُ بِهِ تَمُرُّ بِهِ وَقَالَ الْأَخْفَشُ أَصْلُ الِافْتِضَاضِ التَّفَرُّقُ يُقَالُ قَدِ افْتَضَّ الْقَوْمُ عَنْ فُلَانٍ إِذَا تَفَرَّقُوا عَنْهُ وَانْفَضُّوا عَنْهُ أَيْضًا وَكَذَلِكَ انْفَضَّ السَّيْلُ عَنِ الْجَبَلِ وَافْتَضَّ إِذَا انْصَدَعَ فَصَارَ فِرْقَتَيْنِ وَيُقَالُ افْتَضَّ الْجَارِيَةَ وَاقْتَضَّهَا بِالْفَاءِ وَبِالْقَافِ أَيْضًا وَمِنْهُ فَضَضْتُ الْخَاتَمَ إِذَا كَسَرْتُهُ قَالَ فَلَعَلَّ قَوْلَهُ تَفْتَضُّ بِالدَّابَّةِ أَيْ تَنْفَرِجُ بِهَا مِنَ الْغَمِّ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ إِذَا تَمَسَّحَتْ بِهَا قَالَ وَأَجْوَدُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ تَفْتَضُّ تَرْجِعُ إِلَى الْفِضَّةِ فَكَأَنَّهُ يُرِيدُ تَتَمَسَّحُ بتلك الدابة حتى تتنقى مِنْ دَرَنِهَا ذَلِكَ فَتَصِيرَ كَأَنَّهَا فِضَّةٌ لَيْسَ أَنَّ تِلْكَ الدَّابَّةَ تَغْسِلُهَا وَلَكِنَّهَا إِذَا تَمَسَّحَتْ بِذَلِكَ الطَّائِرِ أَوِ الدَّابَّةِ خَرَجَتْ فَاغْتَسَلَتْ وَتَنَظَّفَتْ وَتَطَيَّبَتْ وَلَبِسَتْ ثِيَابَهَا النَّظِيفَةَ وَتَعَرَّضَتْ لِلْأَزْوَاجِ فَتَصِيرُ نَقِيَّةً كَأَنَّهَا الْفِضَّةُ قَالَ هَذَا عِنْدَنَا حَتَّى يَأْتِيَكَ غَيْرُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْخَلِيلُ فَذَكَرَ فِي الِافْتِضَاضِ مَا ذَكَرَ الْأَخْفَشُ وَغَيْرُهُ قَالَ وَالْفَضَضُ مَاءٌ عَذْبٌ تَفْتَضُّهُ وَالْفُضَاضُ مَا كُسِرَ مِنْ عَظْمٍ وَدِرْعٌ فَضْفَاضَةٌ وَالْفَضَضُ وَالْفَضِيضُ الْمُتَفَرِّقُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْحِفْشُ الدُّرْجُ وَجَمْعُهُ أَحْفَاشٌ يُشَبَّهُ بِهِ الْبَيْتُ الصَّغِيرُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي شَرِّ أَحْلَاسِهَا فِي بَيْتِهَا إِلَى الْحَوْلِ فَإِذَا كَانَ الْحَوْلُ فَمَرَّ كَلْبٌ رَمَتْهُ بِبَعْرَةٍ ثُمَّ خَرَجَتْ فَلَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِنَّ الْخَلِيلَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ الْحِلْسُ وَاحِدُ أَحْلَاسِ الْبَيْتِ وَهُوَ كَالْمَسْحِ وَحَلَسْتُ الشَّعَرَ أَحْلِسُهُ حِلْسًا إِذَا غَشِيتُهُ بِحِلْسٍ وَهُوَ مَا وَلِيَ ظَهْرَ الْبَعِيرِ وَرَجُلٌ مُتَحَلِّسٌ إِذَا لَزِمَ الْمَكَانَ وَمُحْلِسٌ أَيْضًا وَأَرْضٌ مُحْلِسَةٌ إِذَا صَارَ النَّبَاتُ عَلَى الْأَرْضِ كَالْحِلْسِ لَهَا وَذَكَرَ فِي الِاسْتِحْلَاسِ وَالْإِحْلَاسِ وُجُوهًا كَثِيرَةً وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ قَوْلُهُ فَمَرَّ كَلْبٌ رَمَتْهُ بِبَعْرَةٍ بِمَعْنَى أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَعْتَدُّ عَلَى زَوْجِهَا إِذَا مَاتَ عَنْهَا عَامًا لَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا ثُمَّ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ لِتُرِيَ النَّاسَ أَنَّ إِقَامَتَهَا حَوْلًا بَعْدَ زَوْجِهَا أَهْوَنُ عَلَيْهَا مِنْ بَعْرَةٍ يُرْمَى بِهَا كَلْبٌ قَالَ وَقَدْ ذَكَرُوا هَذِهِ الْإِقَامَةَ عَامًا فِي أَشْعَارِهِمْ قَالَ لَبِيَدٌ يَمْدَحُ قَوْمَهُ ... وَهُمْ رَبِيعٌ لِلْمُجَاوِرِ فِيهِمُ ... وَالْمُرَمِّلَاتُ إِذَا تَطَاوَلَ عَامُهَا

وَنَزَلَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ لَا تَصْبِرُ إِحْدَاكُنَّ هَذَا الْقَدْرَ وَقَدْ كَانَتْ تَصْبِرُ حَوْلًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث التاسع عشر

حَدِيثٌ تَاسِعَ عَشَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَقُلْ إِنَّكَ مَضْنُوكٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ لَا أَدْرِي أَبَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَوِ الْأَرْبَعَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ حَدِيثٌ يَتَّصِلُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ أَخْبَرَنَا إياس بن سلمة

ابن الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ ثُمَّ عَطَسَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ هُوَ مَزْكُومٌ هَكَذَا قَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ أَنَّ الثَّانِيَةَ قَالَ لَهُ فِيهَا هُوَ مَزْكُومٌ وَتَابَعَهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنُ عَمَّارٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ ثُمَّ عَطَسَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ مَزْكُومٌ وَرَوَاهُ الْقَطَّانُ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ فَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا قَالَهُ فِي الثَّالِثَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَمَّتَهُ ثُمَّ عَطَسَ فَشَمَّتَهُ ثُمَّ عَطَسَ فَقَالَ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ إِنَّكَ مَزْكُومٌ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعَدَةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ شَمِّتْ أَخَاكَ ثَلَاثًا فَمَا زَادَ فَهُوَ زُكَامٌ هَكَذَا أَوْقَفَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَفَعَهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَلَى الشَّكِّ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ وَخَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنِي أَبِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنِ اللَّيْثِ بْنُ سَعْدٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ رَفَعَ الْحَدِيثِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يُشَمَّتُ الْمُسْلِمُ إِذَا عَطَسَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِذَا زَادَ فَهُوَ زُكَامٌ وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ ابْنِ عَجْلَانَ هَذَا عَنِ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أُمِّهِ حُمَيْدَةَ أَوْ عُبَيْدَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ شَمِّتِ الْعَاطِسَ ثَلَاثًا وَإِنْ شِئْتَ بَعْدُ فَشَمِّتْهُ وَإِنْ شِئْتَ فَاتْرُكْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنْ يَشَمِّتَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَيُقَالُ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ إِنَّهُ مَزْكُومٌ أَوْ هَذَا زُكَامٌ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ الزُّرَقِيِّ أَنَّهُ يُشَمَّتُ ثَلَاثًا وَيُقَالُ لَهُ ذَلِكَ فِي الرَّابِعَةِ وَهِيَ زِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا وَالْقَوْلُ بِهَا أَوْلَى وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَأَحْسَنُ مَا رُوِيَ فِي كَيْفِيَّةِ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ حَدِيثٌ مِنْ حَدِيثِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَحَدِيثٌ آخَرُ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَأَمَّا حَدِيثُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَحَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ حُمَيْدٍ

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَإِذَا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَإِذَا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بِالَكُمْ وَأَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا بعدالعزيز يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلْيَقُلْ أَخُوهُ وَصَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَيَقُولُ هُوَ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ عَطَسَ عَاطِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ

الْقَوْمُ مَا نَقُولُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُولُوا يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ مَا أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُلْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ وَأَمَّا حَدِيثُ الْكُوفِيِّينَ فَأَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ كَانَ سَالِمُ بْنُ عُبَيْدٍ جَالِسًا فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ ثُمَّ قَالَ لَعَلَّكَ وَجَدْتَ مِمَّا قُلْتُ لَكَ قَالَ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ لَمْ تَذْكُرْ أُمِّي بِخَيْرٍ وَلَا بِشَرٍّ قَالَ إِنَّمَا قُلْتُ لَكَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ ثُمَّ قَالَ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ قَالَ فَذَكَرَ بَعْضَ الْمَحَامِدِ وَلْيَقُلْ لَهُ مَنْ عِنْدَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَلْيَرُدَّ يَعْنِي عَلَيْهِمْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ حدثنا

أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ رَجُلٍ فِيهِمْ عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ ثُمَّ قَالَ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَوِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلْيَقُلْ لَهُ مَنْ عِنْدَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَلْيَرُدَّ عَلَيْهِ يَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ وَرْقَاءَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْفَجَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلْيُقَلْ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَلْيَقُلْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا النَّاسُ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ قَوْلُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ رَدِّهِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ أَوْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالَ أَيُّ ذَلِكَ قَالَ فَحَسُنٌ وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ يَقُولُ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا يَقُولُ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ شَيْءٌ قَالَتْهُ الْخَوَارِجُ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَغْفِرُونَ لِلنَّاسِ وَاخْتَارَ الطَّحَاوِيُّ قَوْلَ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ لِأَنَّهَا أَحْسَنُ مِنْ تَحِيَّتِهِ قَالَ وَحَالُ مَنْ هُدِيَ وَأُصْلِحَ بَالُهُ فَوْقَ الْمَغْفُورِ لَهُ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ مِثْلَهُ وَأَمَّا تَشْمِيتُ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَفِيهِ حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ الدَّيْلَمِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَكِيمِ بْنِ الدَّيْلَمِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ كَانَ الْيَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ فَكَانَ يَقُولُ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ انْفَرَدَ بِهِ حَكِيمُ بْنُ الدَّيْلَمِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ وَأَمَّا الْعَاطِسُ إِذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ فَلَا يَجِبُ تَشْمِيتُهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الْمَعْنَى قَالَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَتَرَكَ الْآخَرَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلَانِ عَطَسَا فَشَمَّتَّ أَحَدَهُمَا قال أحمد أو فشمت أَحَدَهُمَا وَتَرَكْتَ الْآخَرَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ وَإِنَّ هَذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حدثنا أب خَيْثَمَةَ مُصْعَبُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الْآخَرَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ شَمَّتَّ هَذَا وَلَمْ تُشَمِّتْ هَذَا قَالَ لِأَنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ وَهَذَا لَمْ يحمده

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ عاصم بن كليب عن أبي بردة عن أَبِي مُوسَى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتُوهُ وَإِذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ فَلَا تُشَمِّتُوهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ شَمَّتَ وَسَمَّتَ لُغَتَانِ معروفتان عند أهل العلم لايختلفون فِي ذَلِكَ قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ التَّسْمِيتُ لُغَةٌ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَرُوِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى التَّشْمِيتِ وَالتَّسْمِيتِ فَقَالَ أَمَّا التَّشْمِيتُ فَمَعْنَاهُ أَبْعَدَ اللَّهُ عَنْكَ الشَّمَاتَةَ وَجَنَّبَكَ مَا يُشْمَتُ بِهِ عَلَيْكَ وَأَمَّا التَّسْمِيتُ فَمَعْنَاهُ جَعَلَكَ اللَّهُ عَلَى سَمْتٍ حَسَنٍ وَنَحْوِ هَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا يَنْوِيهِ الدَّاعِي لَهُ بِصَلَاحِ الْحَالِ وَالْغُفْرَانِ وَالرَّحْمَةِ عَلَى مَا جَاءَ فِي سُنَّةِ التَّشْمِيتِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِنْ أَدَبِ الْعُطَاسِ أَنْ يَضَعَ الْعَاطِسُ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَيَخْفِضَ بِالْعَطْسَةِ صَوْتَهُ وَيَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مِقْلَاصٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي إِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى الْخَوْلَانِيُّ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ ابْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ كَفَّهُ عَلَى وَجْهِهِ وَلْيَخْفِضْ صَوْتَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ وَخَفَضَ أَوْ غَضَّ بِهَا صَوْتَهُ شَكَّ يَحْيَى وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ نَدْبٌ لَا إِيجَابٌ وَأَوْجَبَهُ آخَرُونَ عَلَى الْكِفَايَةِ كَرَدِّ السَّلَامِ سَوَاءً وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي رَدِّ السَّلَامِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ ذَلِكَ

وَاجِبٌ مُتَعَيِّنٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ وَخُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ رَدُّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى مَا يَجِبُ مِنَ الْفُرُوضِ عَلَى الْكِفَايَةِ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا كِتَابِ جَامِعِ بَيَانِ الْعِلْمِ وَفَضْلِهِ وَمَا يَنْبَغِي فِي رِوَايَتِهِ وَحَمْلِهِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَلَى إِعَادَتِهِ هَاهُنَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَدَّادِ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى السِّجْزِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ

عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَارْدُدْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَجُوسِيًّا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا وَأَمَّا تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ فِي الْخُطْبَةِ فَسَيَأْتِي فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْتَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث العشرون

حَدِيثٌ مُرْسَلٌ مُوفِي عِشْرِينَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ إِنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الْعُقُولِ إِنَّ فِي النفس مائة من الإبل وفي الأنف إذ أُوعِيَ جَدْعًا مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي الْجَائِفَةِ مِثْلُهَا وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ وَفِي الْمُوَضِّحَةِ خَمْسٌ لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدْ رُوِيَ مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ صَالِحٍ وَهُوَ كِتَابٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ مَعْرُوفٌ مَا فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْرِفَةً تَسْتَغْنِي بِشُهْرَتِهَا

عَنِ الْإِسْنَادِ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ التَّوَاتُرَ فِي مَجِيئِهِ لِتَلَقِّي النَّاسِ لَهُ بِالْقَبُولِ وَالْمَعْرِفَةِ وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ سَوَاءً فِي الدِّيَاتِ وَزَادَ فِي إِسْنَادِهِ عَنْ جَدِّهِ وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بِكَمَالِهِ وَكِتَابُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَمَا فِيهِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إِلَّا قَلِيلًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى شُهْرَةِ كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَصِحَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ وُجِدَ كِتَابٌ عِنْدَ آلِ حَزْمٍ يَذْكُرُونَ أَنَّهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَفِيمَا هُنَالِكَ مِنَ الْأَصَابِعِ عَشْرٌ عَشْرٌ فَصَارَ الْقَضَاءُ فِي الْأَصَابِعِ إِلَى عَشْرٍ عَشْرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْجُرَيْرِيُّ حدثنا حامد بن شعيب البخلي وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ

زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِنْقَرِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ الْمِنْقَرِيُّ الْجَزَرِيُّ ثُمَّ اتَّفَقُوا قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ قَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ ثُمَّ اتَّفَقُوا بِكِتَابٍ فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقَدِمَ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ وَهَذَا نُسْخَتُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شُرَحْبِيلَ بْنِ عبد كلال والحرث بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ قبل ذِي رُعَيْنٍ وَمَعَافِرَ وَهَمْدَانَ أَمَّا بَعْدُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الصَّدَقَاتِ إِلَى آخِرِهَا وَفِيهِ مَنِ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا قَتْلًا عَنْ بَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ قَوَدٌ إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ وَفِي النَّفْسِ الدِّيَةُ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الْأَنْفِ إِذَا أُوعِبَ جَدْعُهُ الدِّيَةُ وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي الْبَيْضَتَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي الْمَأْمُومَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي الْمُنْقِلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنَ الْأَصَابِعِ مِنَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ وَأَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ

أَلْفُ دِينَارٍ وَذَكَرُوا تَمَامَ الْحَدِيثِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى ثِقَةٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الَّذِي يَرْوِي عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدِيثَ الصَّدَقَاتِ وَالدِّيَاتِ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ شَيْخِي فِي أَصْلِهِ فِي الْمَأْمُومَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَهُوَ خَطَأٌ مِنَ الْكَاتِبِ وَالْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ أَنَّ فِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ لَهَا الْآمَّةُ وَأَهْلُ الْحِجَازِ الْمَأْمُومَةُ وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْمَأْمُومَةُ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ كَذَلِكَ نَقَلَ الثِّقَاتُ وَأَمَّا مَا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ مِنَ الْفِقْهِ فَقَوْلُهُ فِي النَّفْسِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ وَهَذَا مَوْضِعٌ فِيهِ تَنَازُعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ فِي دِيَةِ النَّفْسِ إِذَا أُتْلِفَتْ خَطَأً مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ لَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهَا كَذَلِكَ وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا وَاخْتَلَفُوا فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا هَلْ يُؤْخَذُ فِيهَا الشَّاءُ وَالْبَقَرُ وَالْحُلَلُ أَمْ لَا تَكُونُ إِلَّا

فِي الثَّلَاثَةِ الْأَصْنَافِ الْإِبِلِ وَالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ عَلَى حسبما نُورِدُهُ فِي هَذَا الْبَابِ مُهَذَّبًا مُمَهَّدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَتِ الدِّيَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ بَعِيرٍ لِكُلِّ بَعِيرٍ أُوقِيَّةٌ فَذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ غَلَتِ الْإِبِلُ وَرَخُصَتِ الْوَرِقُ فَجَعَلَهَا عُمَرُ أُوقِيَّةً وَنِصْفًا ثُمَّ غَلَتِ الْإِبِلُ وَرَخُصَتِ الْوَرِقُ فَجَعَلَهَا عُمَرُ أُوقِيَّتَيْنِ فَذَلِكَ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ ثُمَّ لَمْ تَزَلِ الْإِبِلُ تَغْلُو وَيَرْخُصُ الْوَرِقُ حَتَّى جَعَلَهَا عُمَرُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ وَمِنَ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ وَمِنَ الشَّاةِ أَلْفَا شَاةٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ عَطَاءٍ قَالَ كَانَتِ الدِّيَةُ الْإِبِلَ حَتَّى كَانَ عُمَرُ فَجَعَلَهَا لَمَّا غَلَتِ الْإِبِلُ عِشْرِينَ وَمِائَةً لِكُلِّ بَعِيرٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ فَإِنْ شَاءَ الْقَرَوِيُّ أَعْطَى مِائَةَ نَاقَةٍ أَوْ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ أَوْ أَلْفَيْ شَاةٍ وَلَمْ يُعْطِ ذَهَبًا قَالَ نَعَمْ إِنْ شَاءَ أَعْطَى إِبِلًا وَلَمْ يُعْطِ ذَهَبًا هُوَ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ (قَالَ) قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَيُعْطِي الْقَرَوِيُّ إِنْ شَاءَ بَقَرًا أَوْ غَنَمًا قَالَ لَا) يَتَعَاقَلُ أَهْلُ الْقُرَى مِنَ الْمَاشِيَةِ غَيْرَ الْإِبِلِ يَقُولُ هُوَ عَقْلُهُمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَطَاءٌ وَكَانَ

يُقَالُ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ الْإِبِلُ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ الذَّهَبُ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ الْوَرِقُ وَعَلَى أَهْلِ الْغَنَمِ الْغَنَمُ وَعَلَى أَهْلِ الْبَزِّ الْحُلَلُ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ الْبَدَوِيُّ صَاحِبُ الْبَقَرِ وَالشَّاءِ أَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ إِبِلًا إِنْ شَاءَ وَإِنْ كَرِهَ الْمُتْبَعُ قَالَ مَا أَرَى إِلَّا أَنَّهُ مَا شَاءَ الْمَعْقُولُ لَهُ (هُوَ) حَقُّهُ لَهُ مَاشِيَةُ الْعَاقِلُ مَا كَانَتْ لَا تُصْرَفُ إِلَى غَيْرِهَا إِنْ شَاءَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ أَجْمَعِينَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَأَهْلِ الْبَادِيَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ فَمَنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ إِبِلٌ فَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ الْوَرِقُ وَعَلَى أَهْلِ الْبَقْرِ الْبَقْرُ وَعَلَى أَهْلِ الْغَنَمِ الْغَنَمُ وَعَلَى أَهْلِ الْبَزِّ الْبَزُّ قَالَ يُعْطَوْنَ مِنْ أَيِّ صِنْفٍ كَانَ بِقِيمَةِ الْإِبِلِ مَا كَانَتْ ارْتَفَعَتْ أَوِ انْخَفَضَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَئِذٍ قَالَ طَاوُسٌ وَحَقُّ الْمَعْقُولِ لَهُ الْإِبِلُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقِيمُ الْإِبِلَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ عَدْلَهَا مِنَ الْوَرِقِ وَيُقِيمُهَا عَلَى أَثْمَانِ الْإِبِلِ فَإِذَا غَلَتْ رَفَعَ فِي قِيمَتِهَا وَإِذَا هَانَتْ نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا عَلَى أَهْلِ الْقُرَى عَلَى نَحْوِ الثَّمَنِ مَا كَانَ قَالَ وَقَضَى أَبُو بَكْرٍ فِي الدية

على القرى حي كَثُرَ الْمَالُ وَغَلَتِ الْإِبِلُ فَأَقَامَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ بِسِتِّمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَضَى عُمَرُ فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَالَ إِنِّي أَرَى الزَّمَانَ تَخْتَلِفُ فِيهِ الدِّيَةُ تَخْتَفِضُ مَرَّةً مِنْ قِيمَةِ الْإِبِلِ وَتَرْتَفِعُ مَرَّةً أُخْرَى وَأَرَى الْمَالَ قَدْ كَثُرَ قَالَ وَأَنَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْحُكَّامَ بَعْدِي وَأَنْ يُصَابَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ فَتَهْلِكُ دِيَتُهُ بِالْبَاطِلِ وَأَنْ تَرْتَفِعَ دِيَتُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَتُحْمَلُ عَلَى أَقْوَامٍ مُسْلِمِينَ فَتَجْتَاحُهُمْ فَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى زِيَادَةٌ فِي تَغْلِيظِ عَقْلٍ وَلَا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَلَا فِي الْحُرْمَةِ وَعَلَى أَهْلِ الْقُرَى فِيهِ تَغْلِيظٌ لَا يُزَادُ فِيهِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا وَعَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ عَلَى أَسْنَانِهَا كَمَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى أهل البقر مائتا بقرة وعلى أهل الشَّاءِ أَلْفَا شَاةٍ وَلَمْ أَقْسِمْ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى إِلَّا عَقْلَهُمْ يَكُونُ ذَهَبًا وَوَرِقًا فَيُقَامُ عَلَيْهِمْ وَلَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى عَلَى أَهْلِ الْقُرَى فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ عَقْلًا مُسَمًّى لَا زِيَادَةَ فِيهِ لَاتَّبَعْنَا قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ فِيهِ وَلَكِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى أَثْمَانِ الْإِبِلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مُرْسَلَةٌ وَفِيهِ أَحَادِيثُ

مُسْنَدَةٌ سَنَذْكُرُهَا بَعْدَ ذِكْرِ أَقَاوِيلِ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ حَجَّةً لَهُمْ وَتَنْبِيهًا عَلَى أُصُولِهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنَّمَا مَدَارُ هَذَا الْبَابِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي النَّفْسِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ وَعَلَى مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالشَّاءِ وَالْبَقَرِ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ عَلَى حسبما نَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا اخْتِلَافُ التَّابِعِينَ فِي هَذَا الْبَابِ فَمُضْطَرِبٌ جِدًّا وَمِنْهُ شُذُوذٌ مُخَالِفٌ لِلْآثَارِ الْمُسْنَدَةِ وَأَمَّا أَقَاوِيلُ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَأَبَا حَنِيفَةَ وَزُفَرَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الدِّيَةَ مِنَ الْإِبِلِ وَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ لَا غَيْرَ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا هُمْ وَلَا غَيْرُهُمْ أَنَّ الْإِبِلَ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الذَّهَبَ أَلْفُ دِينَارٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْوَرِقِ فَذَهَبَ مَالِكٌ أَنَّ الدِّيَةَ مِنَ الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى مَا بَلَغَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَوَّمَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى فَجَعَلَهَا عَلَى أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الذَّهَبِ أَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ مِصْرَ وَأَهْلُ الْوَرِقِ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ إِنَّ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ الدية

الْإِبِلُ فَإِنْ أَعْوَزَتِ الْإِبِلُ فَقِيمَتُهَا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ عَلَى مَا قَوَّمَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَلْفُ دِينَارٍ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَاثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ وَذَكَرَ قَوْلَ عَطَاءٍ كَانَتِ الدِّيَةُ الْإِبِلَ حَتَّى قَوَّمَهَا عُمَرُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ بِأَنَّهُ لَمْ يُقَوِّمْهَا إِلَّا قِيمَةَ يَوْمِهَا لِلْإِعْوَازِ قَالَ وَلَا تُقَوَّمُ بِغَيْرِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ قَالَ وَلَوْ جَازَ أَنْ تُقَوَّمَ بِغَيْرِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ جَعَلْنَا عَلَى أَهْلِ الْخَيْلِ الْخَيْلَ وَعَلَى أَهْلِ الطَّعَامِ الطَّعَامَ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَهُ بَعْضُ مَنْ شَذَّ فِي قَوْلِهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَقَوْلُهُ الْقَدِيمُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَالَ وَرُجُوعُهُ عَنِ الْقَدِيمِ رَغْبَةً عَنْهُ إِلَى الْجَدِيدِ هُوَ أَشْبَهُ بِالسُّنَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ جَعَلَ الدِّيَةَ مِنَ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مَا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ قُتِلَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ

عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرَا ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ لِمَنْ خَالَفَ هَذَا وَقَالَ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ مِنَ الْوَرِقِ فِي الدِّيَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ لَا مُرْسَلٌ وَلَا مُسْنَدٌ وَأَمَّا الَّذِي جَاءَ عَنْ عُمَرَ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَيْضًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَتِ الدِّيَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ وَثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَدِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوْمَئِذٍ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَكَانَ كَذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ أَلَا إِنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ فَفَرَضَهَا عُمَرُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ قَالَ وَتَرَكَ دِيَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَرْفَعْهَا فِيمَا رَفَعَ مِنَ الدِّيَةِ

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَرَضَ الدِّيَةَ مِنَ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَمِنَ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَرَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ قَضَى فِي الدِّيَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وروى نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ ذَلِكَ وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ الدِّيَةُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا وَرَوَى هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُمَرَ قَوَّمَ الْإِبِلَ فِي الدِّيَةِ كُلَّ بَعِيرٍ بَعِيرٍ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَهَذَا مَا فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِلَّا أَنَّ الْآثَارَ عَنْ عُمَرَ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَرِقَ وَالذَّهَبَ إِنَّمَا جَعَلَهَا قِيمَةً لِلْإِبِلِ وَلَمْ يَجْعَلْهَا أَصْلًا فِي الدِّيَةِ وَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَ الدِّيَةَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَكَذَلِكَ الْآثَارُ كُلُّهَا عَنِ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْبَابِ تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا عَنْ عُمَرَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ الدِّيَةُ مِنَ الْوَرِقِ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ جَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ وَعَلَى أَهْلِ الشِّيَاهِ أَلْفَ شَاةٍ وَعَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ صِنْفٌ مِنْ أَصْنَافِ الدِّيَةِ لَا عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ وَالْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ يَدُلُّ ظَاهِرُ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ أَنْ يُؤْخَذَ فِي الدِّيَةِ شَيْءٌ إِلَّا الْإِبِلَ أَوِ الذَّهَبَ أَوِ الْوَرِقَ لَا غَيْرَ وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ مَالِكٌ لَا يُقْبَلُ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ إِلَّا الْإِبِلُ وَلَا مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ إِلَّا الذَّهَبُ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ إِلَّا الْوَرِقُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الدِّيَةُ مِنَ الرِّقَّةِ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ وَمِنَ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَعَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةُ بَعِيرٍ وَعَلَى أهل البقر مائتا بقرة وعلى أهل الشاء أَلْفَا شَاةٍ وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَا حُلَّةٍ يَمَانِيَةٍ قَالَ وَلَا يُؤْخَذُ فِي الْبَقَرِ إِلَّا الثَّنِيُّ فَصَاعِدًا وَلَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحُلَلِ إِلَّا الْيَمَانِيَةُ قِيمَةُ كُلِّ حُلَّةٍ خَمْسُونَ دِرْهَمًا فَصَاعِدًا وَمَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ فِي ذَلِكَ كَمَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَذَكَرَهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عُمَرَ وَلَمْ يُخَالِفْهُ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَخَالَفَ مَا رَوَاهُ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ (فِي الْبَقَرِ وَالشَّاءِ وَالْحُلَلِ)

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ مِنْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَطَائِفَةٌ مِنَ التَّابِعِينِ وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ الْمَدَنِيِّينَ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي أَسْنَانِ دِيَةِ الْخَطَأِ إِذَا قُضِيَ بِالدِّيَةِ إِبِلًا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا دِيَةُ الْخَطَأِ أَخْمَاسًا وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْأَسْنَانِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُوْنٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود وراه الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَغَيْرُهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَرَوَى زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ مَرْفُوعًا

إِلَّا أَنَّ خِشْفَ بْنَ مَالِكٍ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فَرُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَلَيْسَ فِيهِ عَنْ صَاحِبٍ شَيْءٌ وَلَكِنَّهُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَكَذَلِكَ حَكَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ أَرْبَاعًا ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَعِشْرُونَ ابْنَةَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ وَكَذَلِكَ رَوَى مَعْمَرٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ أَرْبَاعًا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَ مَكَانَ بَنَاتِ لَبُونٍ بَنِي لَبُونٍ وَرَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قضى أن ن قُتِلَ خَطَأً فَدِيَتُهُ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ ثَلَاثُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَثَلَاثُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وعشر ابن لَبُونٍ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى فَذَكَرَهُ وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ مِثْلَ ذلك سواء

قَالَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ أَخْمَاسًا عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ إِذَا قُبِلَتْ وَدِيَةُ الْعُمَدِ الَّذِي لَا قَصَّاصَ فِيهِ أَرْبَاعًا (خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ) وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَالدِّيَاتُ عِنْدَهُ دِيَتَانِ مُخَفَّفَةٌ وَمُغَلَّظَةٌ إِحْدَاهُمَا وَهِيَ الْمُخَفَّفَةُ دِيَةُ الْخَطَأِ أَخْمَاسًا عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَنْهُ وَعَنْ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَابْنِ شِهَابٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْأُخْرَى الْمُغَلَّظَةُ فِي الْعَمْدِ الَّذِي لَا قَصَاصَ فِيهِ وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَالتَّغْلِيظُ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ سَوَاءٌ وَلَيْسَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ دِيَةٌ تُؤْخَذُ أَرْبَاعًا وَأَمَّا مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ فَالدِّيَاتُ عِنْدَهُمَا ثَلَاثُ دِيَاتٍ دِيَةُ الْخَطَأِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمَا وَعَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَدِيَةُ الْعَمْدِ الَّذِي لَا قَصَاصَ فِيهِ وَالدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ واتفق مالك والشافعي وأبو حنيفة وأبويوسف عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ الْمُغَلَّظَةَ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا وَخَالَفَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَقَالَ فِي الْمُغَلَّظَةِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ خلفة

قَالَ أَبُو عُمَرَ فَالدِّيَاتُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ ثَلَاثُ دِيَاتٍ دِيَةُ الْخَطَأِ أَخْمَاسًا وَدِيَةُ الْعَمْدِ الَّذِي لَا قَصَاصَ فِيهِ أَرْبَاعًا وَالدِّيَةُ المغلظة أثلاثا على حسبما ذَكَرْنَا عَنْهُمْ إِلَّا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ خَالَفَهُمْ فِي أَسْنَانِ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ عَلَى حَسَبِ مَا تَرَى وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَهُوَ صَحِيحٌ مَشْهُورٌ عَنْهُ وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ فِي أَسْنَانِ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ (وَاخْتَلَفُوا فِيمَا) تُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ فَقَالَ مَالِكٌ الدِّيَةُ تُغَلَّظُ عَلَى الْأَبِ فِي قَتْلِهِ ابْنَهُ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ لَا غَيْرَ وَلَا تُغَلَّظُ الدِّيَةُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ شِبْهَ الْعَمْدِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ وَالتَّغْلِيظُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي النَّفْسِ وَفِي الْجِرَاحِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ فِي الْجِنْسِ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ زِيَادَةً اعْتِبَارًا بِقِيمَةِ الْإِبِلِ وقال أبوحنيفة وَأَصْحَابُهُ لَا تُغَلَّظُ الدِّيَةُ إِلَّا فِي شِبْهِ الْعَمْدِ قَالُوا وَالتَّغْلِيظُ فِي النَّفْسِ دُونَ الْجِرَاحِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُغَلَّظُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَفِي الْعَمْدِ الَّذِي لَا قَصَاصَ فِيهِ التَّغْلِيظُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ قَالَ وَالتَّغْلِيظُ فِي النَّفْسِ وَالْجِرَاحِ جميعا

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا شِبْهَ الْعَمْدِ وَمَعْنَاهُ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ مِنَ التَّنَازُعِ وَالْمَعَانِي فِي كِتَابِ الْأَجْوِبَةِ عَنِ الْمَسَائِلِ الْمُسْتَغْرَبَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ دِيَةُ الْخَطَأِ تَكُونُ أَخْمَاسًا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُمَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ وَعَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عِشْرُونَ بنت مخاض وعشرون ابن لبون وعشرون بنت لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَتَكُونُ أَيْضًا أَخْمَاسًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ عِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً فَالِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْحِجَازِيِّينَ وَالْعِرَاقِيِّينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ جَعَلُوا مَكَانَ ابْنِ لَبُونٍ ابْنَ مَخَاضٍ فَافْهَمْ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَوْلُ مَنْ جَعَلَ فِي الْخَطَأِ مَكَانَ ابْنِ لَبُونٍ ابْنَ مَخَاضٍ أَوْلَى لِأَنَّ بَنِي اللَّبُونِ أَعْلَى مِنْ بَنِي الْمَخَاضِ فَلَا تَثْبُتُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ وَأَيْضًا فَإِنَّ ابْنَ لَبُونٍ بِمَنْزِلَةِ ابْنَةِ مَخَاضٍ فَيَصِيرُ مُوجِبُهُ بمنزلة موجب أربعين بنت مخاض قال أبوعمر (أَسْنَانُ الْإِبِلِ فِي الدِّيَاتِ لَمْ تُؤْخَذْ قِيَاسًا وَلَا نَظَرًا وَإِنَّمَا أُخِذَتِ اتِّبَاعًا وَتَسْلِيمًا وَمَا أُخِذَ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ

فَلَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلنَّظَرِ فَكُلٌّ يَقُولُ بِمَا قَدْ صَحَّ عِنْدَهُ عَنْ سَلَفِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَالَّذِي ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي بَنَاتِ اللَّبُونِ وَبَنَاتِ الْمَخَاضِ وَبَنِي اللَّبُونِ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ الرَّازِيُّ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ الْحَرْبِيَّ ذَكَرَ عَنْ أَبِي نَصْرٍ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ لِقَاحُ الْإِبِلِ وَأَنْ تَحْمِلُ سَنَةً وَتُجَمَّ سَنَةً فَإِذَا وَضَعَتِ النَّاقَةُ وَانْقَطَعَ لَبَنُهَا وَحَمَلَتْ لِتَمَامِ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ وَضَعَتْهُ سُمِّيتَ الْمَخَاضَ وَوَلَدُهَا ابْنُ مَخَاضٍ وَبِنْتُ مَخَاضٍ فَإِذَا أَتَى عَلَى حَمْلِ أُمِّهِ عَشَرَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ الْعُشَرَاءُ وَالْعِشَارُ فَإِذَا وَضَعَتْ لِتَمَامِ سَنَةٍ فَالْوَلَدُ ابْنُ لَبُونٍ وَالْأُنْثَى بِنْتُ لَبُونٍ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ لِأُمِّهِ لَبَنٌ مِنَ الْحَمْلِ الَّذِي كَانَ بَعْدَهُ فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ وَاسْتَحَقَّتْ أُمُّهُ حَمْلًا آخَرَ فَهُوَ حِقٌّ سَنَةً وَالْأُنْثَى حِقَّةٌ فَإِذَا مَضَتِ الرَّابِعَةُ وَدَخَلَتِ الْخَامِسَةُ فَهُوَ جَذَعٌ وَالْأُنْثَى جَذَعَةٌ وَلَمْ يُلْقِ سِنًّا ثُمَّ هُوَ فِي السَّادِسَةِ ثَنِيٌّ وَالْأُنْثَى ثَنِيَّةٌ فَإِذَا دَخَلَتِ السَّابِعَةُ فَهُوَ رَبَاعٌ وَالْأُنْثَى رَبَاعِيَةٌ فَهَذَا قَوْلُ الْأَصْمَعِيِّ فِيمَا ذَكَرَ الْحَرْبِيُّ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَاسِينَ قَالَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِذَا مَضَى الْحَوْلُ فُطِمَ الْفَصِيلُ وَذَلِكَ فِي الرَّبِيعِ وَلَا يُفْطَمُ حَتَّى يَأْكُلَ الْبُقُولَ فَإِذَا كَانَ عَقِبَ الرَّبِيعِ بَعْدَ رَعْيِ السَّعْدَانِ فُطِمَتِ الْفُصْلَانُ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ وَتُلَقَّحُ أُمَّهَاتُهَا حِينَ

تُفْطَمُ فَهِيَ حِينَئِذٍ بَنَاتُ مَخَاضٍ إِلَى أَنْ تَنْتِجَ أُمَّهَاتُهَا فِي رَأْسِ الْعَامَيْنِ مِنْ تَمَامِ حَوْلَيْنِ وَهِيَ إِلَى أَنْ تَمْضِيَ الْحَوْلَانِ بَنُو مَخَاضٍ فَإِذَا نَتَجَتْ أُمَّهَاتُهَا فِي رَأْسِ الْحَوْلِ مِنَ الْعَامِ الثَّانِي بَعْدَ مَا يَتِمُّ لِبَنَاتِ الْمَخَاضِ حَوْلَانِ مِنَ النِّتَاجِ فَهِيَ بَنَاتُ لَبُونٍ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ الْعَامَ الثَّالِثَ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ ثَلَاثِ سِنِينَ لُقِّحَتْ أُمَّهَاتُهَا أَوْ لَمْ تُلَقَّحْ فَهِيَ حِقَاقٌ الذَّكَرُ حِقٌّ وَالْأُنْثَى حِقَّةٌ فَهِيَ كَذَلِكَ حِقَاقٌ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ أَرْبَعَ سِنِينَ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ أَرْبَعِ سِنِينَ نَتَجَتْ أُمَّهَاتِهَا أَوْ لَمْ تَنْتِجْ فَهِيَ جِذَاعٌ وَجَذَعٌ وَجُذْعَانُ الذَّكَرُ جذع والنثى جَذَعَةٌ وَهِيَ كَذَلِكَ جِذَاعٌ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ خَمْسَ سِنِينَ وَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْخَمْسِ سِنِينَ فَهِيَ الثَّنِيُّ وَالثِّنْيَانُ جَمْعُ الذُّكُورِ مِنْهَا وَالذَّكَرُ الْوَاحِدُ ثَنِيٌّ وَالْأُنْثَى ثَنِيَّةٌ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ سِتَّ سِنِينَ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ سِتِّ سِنِينَ فَهِيَ رُبَعٌ الذَّكَرُ رَبَاعٌ وَالْأُنْثَى رَبَاعِيَةٌ فَهِيَ كَذَلِكَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ سَبْعَ سِنِينَ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ سَبْعِ سِنِينَ فَهِيَ سُدُسٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ سَدِيسٌ وَسُدُسٌ فَهِيَ كَذَلِكَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ ثَمَانِيَ سِنِينَ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ ثَمَانِي سِنِينَ فَهِيَ بُزْلٌ وَبُزُلٌ الذَّكَرُ بَازِلٌ وَالْأُنْثَى بَزُولٌ إِلَى تِسْعِ سِنِينَ وَيُقَالُ أَوَّلُ مَا يَخْرُجُ بَازِلُهُ وَهُوَ نَابُهُ فَطَرَ نَابُهُ ثُمَّ يَكُونُ مُخْلِفَ عَامٍ وَمُخْلِفَ عَامَيْنِ وَمُخْلِفَ ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ وَمُخْلِفَ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ وَمُخْلِفَ خَمْسَةِ أَعْوَامٍ فَإِذَا جَاوَزَ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ بِبَزْلِهِ فَهُوَ عُودٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ إِذَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ فَهُوَ حِقٌّ وَالْأُنْثَى حِقَّةٌ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهَا وَاسْتَحَقَّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَيُرْكَبَ فَإِذَا دَخَلَ فِي الْخَامِسَةِ فَهُوَ جَذَعٌ وَجَذَعَةٌ فَإِذَا دَخَلَ فِي السَّادِسَةِ وَأَلْقَى ثَنِيَّتَهُ فَهُوَ ثَنِيٌّ فَإِذَا دَخَلَ فِي السَّابِعِ فَهُوَ رَبَاعٌ وَرَبَاعِيَةٌ فَإِذَا دَخَلَ فِي الثَّامِنَةِ فَأَلْقَى السِّنَّ الَّذِي بَعْدَ الرَّبَاعِيَةِ فَهُوَ سَدِيسٌ وَسُدُسٌ فَإِذَا دَخَلَ فِي التَّاسِعَةِ فَطَرَ نَابُهُ وَطَلَعَ فَهُوَ بَازِلٌ فَإِذَا دخل في العشار فَهُوَ مُخْلِفٌ ثُمَّ لَيْسَ لَهُ اسْمٌ وَلَكِنْ يُقَالُ بَازِلُ عَامٍ وَبَازِلُ عَامَيْنِ وَمُخْلِفُ عَامٍ وَمُخْلِفُ عَامَيْنِ إِلَى مَا زَادَتْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَإِذَا لُقِّحَتِ النَّاقَةُ فَهِيَ خَلِفَةٌ فَلَا تَزَالُ خَلِفَةً إِلَى عَشَرَةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا بَلَغَتْ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ فَهِيَ عُشَرَاءُ وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ بِنْتُ مَخَاضٍ لِسَنَةٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ لِسَنَتَيْنِ وَحِقَّةٌ لِثَلَاثٍ وَجَذَعَةٌ لِأَرْبَعٍ وَثَنِيٌّ لِخَمْسٍ وَرَبَاعٌ لَسْتٍ وَسَدِيسٌ لِسَبْعٍ وَبَازِلٌ لِثَمَانٍ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ قَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا أَلْقَى رَبَاعِيَتَهُ فَهُوَ رَبَاعٌ وَإِذَا أَلْقَى ثَنِيَّتَهُ فَهُوَ ثَنِيٌّ لَا أَدْرِي أَسَمِعْتُهُ مِنَ الْأَصْمَعِيِّ أَمْ لَا وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَالْجُذُوعَةُ وَقْتٌ وَلَيْسَ بِسِنٍّ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ دِيَاتِ الرِّجَالِ شَرِيفِهِمْ وَوَضِيعِهِمْ سَوَاءٌ إِذَا كَانُوا أَحْرَارًا مُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ ذُكُورُ الصِّبْيَانِ فِي دِيَاتِهِمْ كَآبَائِهِمُ الطِّفْلُ وَالشَّيْخُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ الطِّفْلَةُ كَأُمِّهَا في ديتها

وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ فِي جِرَاحِ النِّسَاءِ مُخْتَلِفُونَ فَكَانَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ يَسْتَوِي الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي عَقْلِ الْجِرَاحِ حَتَّى تَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ ثُمَّ تَكُونُ دِيَةُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ (وَعُرْوَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَالْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ وَرَبِيعَةَ وَابْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَأَبِي الزِّنَادِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ تُعَاقِلُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ إِلَى دِيَةِ الْمُوضِحَةِ ثُمَّ تَعُودُ إِلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَتِهِ) وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ دِيَةُ الْمَرْأَةِ وَجِرَاحُهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينِ وَإِنَّمَا صرت دِيَتُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ (مِنْ أَجْلِ) أَنَّ لَهَا نِصْفَ مِيرَاثِ الرَّجُلِ وَشَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ وَأَمَّا الْعَمْدُ فَفِيهِ الْقِصَاصُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْحُرُّ بِالْحُرِّ وَلِتَكَافُؤِ دِمَاءِ المؤمنين الأحرار

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي دِيَاتِ الْكُفَّارِ فَقَالَ مَالِكٌ دِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَدِيَاتُ نِسَائِهِمْ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ (وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى أَنَّ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إِذَا قُتِلَ أَحَدُهُمَا مِثْلُ نِصْفِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (1) وَهَذَا الْمَعْنَى قَدْ رَوَى فِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا قَدْ رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَقَدْ رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَدِيَةِ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ (وَحُجَّتُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَقَلُّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ وَالذِّمَّةُ بَرِيئَةٌ إِلَّا بِيَقِينٍ أَوْ حُجَّةٍ) وقال أبوحنيفة وَالثَّوْرِيُّ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ!

وَالْحُسْنُ بْنُ حَيٍّ الدِّيَاتُ كُلُّهَا سَوَاءٌ دِيَةُ الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ وَالْمُعَاهَدِ وَالذِّمِّيِّ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْآثَارُ فِي هَذَا الْبَابِ مُخْتَلِفَةٌ الْمَرْفُوعَةُ مِنْهَا وَالْمَوْقُوفَةُ وَاخْتِلَافُ السَّلَفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاعْتِلَالُهُمْ لِأَقَاوِيلِهِمْ يَطُولُ وَيَكْثُرُ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ عَلَى شَرْطِنَا وَلَوْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ وَذَكَرْنَا أُصُولَ مَسَائِلِ الْقِصَاصِ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَارِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ (لَخَرَجْنَا عَمَّا لَهُ قَصَدْنَا فِي تَأْلِيفِنَا) وَلَكِنَّا إِنَّمَا تَعَرَّضْنَا لِتَبْيِينِ مَا فِي حَدِيثِنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْمَعَانِي وَاللَّهُ الْمُعِينُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَمِنْ أَعْلَى مَا رُوِيَ مِنَ الْآثَارِ فِي دِيَاتِ الْكُفَّارِ مَا رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ عَامَ الْفَتْحِ فِي خُطْبَتِهِ دِيَةُ الْكَافِرِ الْمُعَاهِدِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ أَيْضًا عَنْ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

جَعَلَ دِيَتَهُمْ سَوَاءً دِيَةً كَامِلَةً (فَاحْتَجَّ بِهَذَا الْخَبَرِ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنَ الْأَثَرِ فَإِنَّهُ حَدِيثٌ فِيهِ لِينٌ وَلَيْسَ فِي مِثْلِهِ حُجَّةٌ) وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَعْنَاهَا عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ مَرْدُودٌ عَلَى قَوْلِهِ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ثُمَّ قَالَ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ يُرِيدُ ذَلِكَ الْمُؤْمِنَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَقَوْلُهُ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ عَلَى لَفْظِ النَّكِرَةِ لَيْسَ يَقْتَضِي دِيَةً بِعَيْنِهَا) وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي دِيَةِ الْكَافِرِ فَرُوِيَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي الْأَنْفِ إِذَا أُوعِيَ جَدْعًا فَهَكَذَا هُوَ عِنْدَنَا فِي الْمُوَطَّأِ أُوعِيَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ سَلَفِ أَهْلِ الْعِلْمِ

وَالْفِقْهِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَغَيْرِهِمْ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ وفي الأنف إذا أوعب جدع أَوْ أُوعِبَ جَدْعًا رَوَاهُ هَكَذَا جَمَاعَةٌ أَيْضًا وَهَذَا اللَّفْظُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَوْلَى لِأَنَّ الْوَعْبَ إِيعَابُكَ الشَّيْءَ تَقُولُ الْعَرَبُ أَوْعَبْتُ الشَّيْءَ وَاسْتَوْعَبْتَهُ إِذَا اسْتَأْصَلْتُهُ وَأَمَّا الْجَدْعُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَالْقَطْعُ لِلْأَنْفِ وَالْأُذُنِ جَمِيعًا دُونَ غَيْرِهِمَا هَذَا أَصْلُ اللَّفْظَةِ يُقَالُ مِنْهُ رَجُلٌ أَجْدَعُ وَمَجْدُوعٌ وَقَدْ جُدِعَ أَنْفُهُ وَجُدِعَتْ أُذُنُهُ وَلَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْأَنْفَ إِذَا اسْتُؤْصِلَ بِالْجَدْعِ وَالْقَطْعِ فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ أَوْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَذَاهِبِهِمْ فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَأَهْلِ الْوَرِقِ وَمَذَاهِبِهِمْ فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ فِي ذَلِكَ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْمَارِنِ إِذَا قُطِعَ وَلَمْ يُسْتَأْصَلِ الْأَنْفُ كُلُّهُ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ إِلَى أَنَّ فِي ذَلِكَ الدِّيَةَ كَامِلَةً ثُمَّ إِنْ قُطِعَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ فَفِيهِ حُكُومَةٌ قَالَ مَالِكٌ الَّذِي فِيهِ الدِّيَةُ مِنَ الْأَنْفِ أَنْ يُقْطَعَ الْمَارِنُ وَهُوَ دُونَ الْعَظْمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَوَاءٌ قُطِعَ الْمَارِنُ مِنَ الْعَظْمِ وَاسْتُؤْصِلَ الْأَنْفُ مِنَ الْعَظْمِ مِنْ تَحْتِ الْعَيْنَيْنِ إِنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ كَالْحَشَفَةِ فِيهَا الدِّيَةُ وَفِي اسْتِئْصَالِ الذَّكَرِ الدِّيَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وإذا خزم الأنف أو كسر فبرأ عَلَى عَثْمٍ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ وَلَيْسَ فِيهِ دِيَةٌ

معلومة وإن برأ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ قَالَ وَلَيْسَ الْعَمَلُ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى مَا قِيلَ إِنَّ فِي كُلِّ نَافِذَةٍ فِي عُضْوٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ ثُلُثَ دِيَةِ ذَلِكَ الْعُضْوِ قَالَ وَلَيْسَ الأنف إذا خزم فبرأ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ كَالْمُوضِحَةِ تَبْرَأَ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فَتَكُونُ فِيهَا دِيَتُهَا لِأَنَّ تِلْكَ جَاءَتْ بِهَا السُّنَّةُ وَلَيْسَ فِي خَزْمِ الْأَنْفِ أَثَرٌ قَالَ وَالْأَنْفُ عَظْمٌ مُنْفَرِدٌ لَيْسَ فِيهِ مُوضِحَةٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأَنْفِ إِذَا أُوعِيَ مَارِنُهُ جَدْعًا الدِّيَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَارِنُ الْأَنْفِ طَرْفُهُ وَمُقَدَّمُهُ وَهُوَ مِمَّا لَانَ مِنْهُ وَفِيهِ جَمَالُهُ كُلُّهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ أَنَّ فِي الْأَنْفِ جَائِفَةً قَالَ مُجَاهِدٌ ثُلُثُ الدِّيَةِ فَإِنْ نَفَذَتْ فَالثُّلُثَانِ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ جَعَلَ فِي إِحْدَى قَصَبَتَيِ الْأَنْفِ حِقَّتَيْنِ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ إذا كسر الأنف كسرا يكون شيئا فَسُدُسُ دِيَةٍ قَالَ وَإِنْ هُشِّمَ فَعَرَضَتْ مِنْهُ الْغُنَّةُ وَالْبَحَحُ وَفَسَادُ الْكَلَامِ فَنِصْفُ الدِّيَةِ قَالَ وَإِنْ هُبِرَ الْمَارِنُ فَصَارَ مَهْبُورًا فَفِيهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَيْبٌ وَلَا غُنَّةٌ وَلَا رِيحٌ تُوجَدُ مِنْهُ فَرُبُعُ الدية قال وإن ضرب أنفه فبرأ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ رِيحًا طَيِّبَةً وَلَا مُنْتِنَةً

فَلَهُ عُشْرُ الدِّيَةِ قَالَ وَإِذَا أُوعِيَ جَدْعُهُ فَفِيهِ الدِّيَةُ قَالَ وَمَا أُصِيبَ مِنْهُ دُونَ ذَلِكَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (عَنْ أَبِيهِ) وَهُوَ مَحْفُوظٌ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ عَلَى مُخَالَفَتِهِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الْحُكُومَةِ لَا عَلَى التَّوْقِيفِ وَذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الرَّوْثَةِ مِنَ الْأَنْفِ الثُّلُثُ فَإِذَا بَلَغَ الْمَارِنُ الْعَظْمَ فَالدِّيَةُ وَافِيَةٌ فَإِنْ أُصِيبَتْ مِنَ الرَّوْثَةِ الْأَرْنَبَةُ أَوْ غَيْرُهَا مَا لَمْ تَبْلُغِ الْعَظْمَ فَبِحِسَابِ الرَّوْثَةِ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي رَوْثَةِ الْأَنْفِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَنْفِ إِذَا جُدِعَ كُلُّهُ بِالدِّيَةِ وَإِذَا جُدِعَتْ رَوْثَتُهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ قَالَ وَقَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ وَذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأنف إذ اجدع كُلُّهُ بِالْعَقْلِ كَامِلًا وَإِذَا جُدِعَتْ رَوْثَتُهُ فَنِصْفُ الْعَقْلِ خَمْسِينَ مِنَ الْإِبِلِ أَوْ عَدْلَهَا مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ أَوِ الْبَقَرِ أَوِ الشَّاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَنْفَ لَا جَائِفَةَ فِيهِ وَلَا جَائِفَةَ عِنْدَهُمْ إِلَّا فِيمَا كَانَ فِي الْجَوْفِ وَأَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ فِي قَطْعِ مَارِنِ الْأَنْفِ وَالْمَارِنُ مَا لَانَ مِنَ الْأَنْفِ كَذَلِكَ قَالَ الْخَلِيلُ وَغَيْرُهُ وَأَظُنُّ رَوْثَتَهُ

مارنه وأرنبته طرفه وقد قيل الأربنة وَالرَّوْثَةُ وَالْعَرْتَمَةُ طَرَفُ الْأَنْفِ وَأَمَّا الْهَبْرُ فَهُوَ الْقَطْعُ فِي اللَّحْمِ وَالْمَهْبُورُ الْمَقْطُوعُ مِنْهُ وَالْهَبْرَةُ بِضْعَةٌ مِنَ اللَّحْمِ وَالْمَنْخِرَانِ السُّمَّانِ اللَّذَانِ يَخْرُجُ مِنْهُمَا النَّفَسُ وَالْخَيَاشِيمُ عِظَامٌ رِقَاقٌ فِيمَا بَيْنَ أَعْلَاهُ إِلَى الرَّأْسِ وَيُقَالُ الْخَيَاشِيمُ عُرُوقٌ فِي بَاطِنِ الْأَنْفِ وَالْأَخْشَمُ الَّذِي قَدْ مُنِعَ الشَّمَّ (قَالَ أَبُو عُمَرَ) الَّذِي عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ فِي الشَّمِّ إِذَا نَقَصَ أَوْ فُقِدَ حُكُومَةٌ وَيُحْتَمَلُ كُلُّ مَا جَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْحُكُومَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِمَا عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِنَا الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ فَالْمَأْمُومَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الرَّأْسِ وَهِيَ الَّتِي تَخْرِقُ إِلَى جِلْدِ الدِّمَاغِ وَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ وَهِيَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ عَلَى مَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ وَيُقَالُ لِلْمَأْمُومَةِ الْآمَةُ كَذَلِكَ يَقُولُ لَهَا أَهْلُ الْعِرَاقِ وَقَالَ أَهْلُ الْحِجَازِ الْمَأْمُومَةُ وَأَمَّا الْجَائِفَةُ فَكُلُّ مَا خَرَقَ إِلَى الْجَوْفِ مِنْ بَطْنٍ أَوْ ظَهْرٍ أَوْ ثُغْرَةِ النَّحْرِ وَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى مَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَإِنْ نَفَذَتْ مِنْ جِهَتَيْنِ

فَهِيَ عِنْدَهُمْ جَائِفَتَانِ وَفِيهَا مِنَ الدِّيَةِ الثُّلُثَانِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي عَقْلِ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ فَقَالَ عَقْلُهُمَا فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقَالَ أَيْضًا إِنْ كَانَ لِجَانِيهِمَا عَمْدًا مَالٌ فَالْعَقْلُ فِي مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَالْعَقْلُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذُ ابْنُ كِنَانَةَ وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ كُلُّ مَنْ أَصَابَ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهِ وَلَهُ مِثْلُ الَّذِي أَصَابَ فَلَمْ يَكُنْ إِلَى الْقِصَاصِ سَبِيلٌ لِسُنَّةٍ مَضَتْ فِيهِ فِدْيَةُ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ إِذَا بَلَغَ ذَلِكَ ثُلُثُ الدِّيَةِ عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً مِثْلَ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ قَالَ وَكُلُّ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ عَمْدًا مِمَّا فِيهِ الْقِصَاصُ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِثْلُهُ فَلَمْ يُوجَدْ إِلَى الْقِصَاصِ سَبِيلٌ فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اتَّبَعَ بِهِ مِثْلَ دِيَةِ الرِّجْلِ وَالْيَدِ وَالذَّكَرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَعَامَّةُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا اعْتِرَافًا وَلَا صُلْحًا وَلَا تَعْقِلُ عَمْدًا وَلَا تَحْمِلُ مِنْ دِيَةِ الْخَطَأِ إِلَّا مَا جَاوَزَ الثُّلُثَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الْمُوضِحَةَ فِيهَا خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ عَلَى مَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَيْضًا وَالْمُوضِحَةُ عِنْدَهُمْ هِيَ الَّتِي تُوضَحُ عَنِ الْعَظْمِ وَتُبْرِزُهُ حَتَّى يُنْظَرَ إِلَيْهِ فِي الرَّأْسِ خَاصَّةً وَلَا تَكُونُ فِي الْبَدَنِ مُوضِحَةٌ بِحَالٍ وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ

الْفُقَهَاءِ إِلَّا اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ فَإِنَّهُ قَالَ الْمُوضِحَةُ تَكُونُ فِي الْجَسَدِ أَيْضًا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الْمُوضِحَةُ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ سَوَاءٌ قَالَ وَهِيَ فِي جِرَاحَةِ الْجَسَدِ عَلَى النِّصْفِ مِمَّا فِي جِرَاحَةِ الرَّأْسِ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْبَتِّيُّ وَأَصْحَابُهُمْ أَنَّ الْمُوضِحَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَلَا تَكُونُ الْجَائِفَةُ إِلَّا فِي الْجَوْفِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ لَا تَكُونُ الْمُوضِحَةُ وَلَا الْمُنَقِّلَةُ وَلَا الْهَاشِمَةُ وَلَا السِّمْحَاقُ وَلَا الْبَاضِعَةُ وَلَا الْمُتَلَاحِمَةُ وَلَا الدَّامِيَةُ إِلَّا فِي الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالصُّدْغَيْنِ وَاللَّحْيَيْنِ وَمَوْضِعِ اللَّحْمِ مِنَ اللَّحْيَيْنِ وَالذَّقَنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ جُرْحٍ عِنْدَ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ إِلَّا الْجَائِفَةَ فَفِيهَا ثُلُثُ النَّفْسِ وَقَالَ مَالِكٌ الْمَأْمُومَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ وَالْمُوضِحَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَلَا تَكُونُ الْمَأْمُومَةُ إِلَّا فِي الرَّأْسِ خَاصَّةً إِذَا وَصَلَ إِلَى الدِّمَاغِ قَالَ وَالْمُوضِحَةُ مَا تَكُونُ فِي جُمْجُمَةِ الرَّأْسِ وَمَا

دُونَهَا فَهُوَ مِنَ الْعُنُقِ لَيْسَ فِيهِ مُوضِحَةٌ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَنْفُ لَيْسَ مِنَ الرَّأْسِ فَلَيْسَ فِيهِ مُوضِحَةٌ وَكَذَلِكَ اللَّحْيُ الْأَسْفَلُ لَيْسَ فِيهِ مُوضِحَةٌ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْخَدِّ مُوضِحَةٌ فَإِنْ شَانَتِ الْوَجْهَ زِيدَ فِي الْأَرْشِ فَإِنْ لَمْ تَشِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَذَلِكَ عَلَى الِاجْتِهَادِ قَالَ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالِكٌ بِقَوْلِ سليمان بن يسار في موضحة للوجه أَنَّهُ يُزَادُ فِيهَا لِشَيْنِهَا مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ نِصْفِ عَقْلِهَا قَالَ مَالِكٌ وَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا قَالَهُ غَيْرُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُزَادُ لِشَيْنِهَا شَيْءٌ كَانَتْ فِي الْوَجْهِ أَوْ فِي الرَّأْسِ قَالَ مَالِكٌ وَالْجَائِفَةُ مَا أَفْضَتْ إِلَى الْجَوْفِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَدُّ الْمُوضِحَةِ مَا أَفْضَى إِلَى الْعَظْمِ وَلَوْ بِقَدْرِ إِبْرَةٍ كَانَتْ فِي الْوَجْهِ أَوْ فِي الرَّأْسِ وَالْمُنَقِّلَةُ الَّتِي تُطَيِّرُ فِرَاشَهَا مِنَ الْعَظْمِ وَإِنْ قَلَّ وَلَا تَخْرِقُ إِلَى الدِّمَاغِ إِذَا اسْتُوقِنَ أَنَّهُ مِنَ الْفِرَاشِ وَالْجَائِفَةُ مَا أَفْضَى إِلَى الْجَوْفِ وَلَوْ بِمَدْخَلِ إِبْرَةٍ قَالَ فَإِنْ نَفَذَتْ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَفِيهَا ثُلُثَا الدِّيَةِ وَهُوَ أَحْسَنُ قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ فِيهَا خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الْإِبِلِ وَلَا تَكُونُ إِلَّا فِي الرَّأْسِ قَالَ أَشْهَبُ وَكُلُّ مَا ثقب

مِنْهُ فَوَصَلَ إِلَى الدِّمَاغِ فَهُوَ مِنَ الرَّأْسِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ فِي مُوضِحَةِ الْجَسَدِ وَمُنَقِّلَتِهِ وَمَأْمُومَتِهِ إِلَّا الِاجْتِهَادُ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ فِيهَا حُكُومَةً وَلَيْسَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الدَّامِيَةِ وَالْبَاضِعَةِ وَالسِّمْحَاقِ وَالْمِلْطَاةِ دِيَةٌ فَإِنْ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ فِيهَا عِنْدَهُمْ وَإِنْ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ فَفِيهَا الِاجْتِهَادُ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ أَنَّ مَنْ شَجَّ رَجُلًا مَأْمُومَتَيْنِ أَوْ مُوضِحَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ مَأْمُومَاتٍ أَوْ مُوضِحَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي ضَرْبِهِ أَنَّ فِيهِنَّ دِيَتَهُنَّ كُلَّهُنَّ وَإِنِ انْخَرَقَتْ فَصَارَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ مِنَ الشِّجَاجِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ إِنَّمَا فِيهِ حُكُومَةٌ قَالَ مَالِكٌ وَلَمْ يَعْقِلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ مِنْ جِرَاحِ الْخَطَأِ عَقْلًا مُسَمًّى قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَضَى فِي التَّرْقُوَةِ بِجَمَلٍ وَفِي الضِّلَعِ بِجَمَلٍ وَعَنْ عَلِيٍّ فِي السِّمْحَاقِ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْإِبِلِ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ إِذَا طُفِيَتْ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَهَذَا

كُلُّهُ مَحْمُولٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الْحُكُومَةِ لَا عَلَى التَّوْقِيفِ وَالْمُوضِحَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمْ فِي الذَّقَنِ وَمَا فَوْقَهُ مِنَ اللَّحْيِ الْأَسْفَلِ وَغَيْرِهِ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ مَا فَوْقَ الذَّقَنِ مِنَ الرَّأْسِ فَلَا يُغَطِّيهِ الْمُحْرِمُ وَذَلِكَ عِنْدَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الذَّقَنَ وَمَا فَوْقَهُ بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يُغَطِّي ذَقَنَهُ كَمَا لَا يُغَطِّي وَجْهَهُ قَالُوا وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْأَعْنَاقَ وَمَا فَوْقَهَا قَالُوا وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الْوَجْهِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ فِيهِ مُوضِحَةٌ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَوْلُ اللَّيْثِ لَا مَعْنَى لَهُ فِي قَوْلِهِ الْمُوضِحَةُ فِي الْجَسَدِ لِأَنَّ مَا فِي الْبَدَنِ لَا يُسَمَّى شِجَاجًا وَإِنَّمَا يُسَمَّى شَجَّةً مَا كَانَ فِي الرَّأْسِ قَالَ وَيُسَمَّى مَا فِي الْبَدَنِ جِرَاحَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ فُقِئَتْ عنيه خَطَأً أَنَّ فِيهَا نِصْفَ الدِّيَةِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ أَوْ عَدْلُهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ عَلَى حَسَبِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَعْوَرِ تُفْقَأُ عَيْنُهُ الصَّحِيحَةُ خَطَأً فَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ كَانَ ذَاهِبَ السَّمْعِ مِنْ إِحْدَى أُذُنَيْهِ

فَضَرَبَ الْإِنْسَانُ الْأُذُنَ الْأُخْرَى فَذَهَبَ سَمْعُهُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَكَذَلِكَ الرِّجْلَيْنِ وَالْيَدَيْنِ إِذَا قَطَعَ إِنْسَانٌ الْبَاقِيَةَ مِنْهُمَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ وَحْدَهَا دُونَ غَيْرِهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ إِذَا فُقِئَتْ خَطَأً نِصْفُ الدِّيَةِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْقِصَاصَ فِيهَا إِذَا كَانَتْ عَمْدًا بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ دِيَتُهَا فِي الْخَطَأِ دِيَةَ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ وَاحْتَجُّوا بِكِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَتَبَهُ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ (وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ) وَلَمْ يَخُصَّ عَيْنًا مِنْ عَيْنٍ وَلَا يَدًا مِنْ يَدٍ وَلَا رِجْلًا مِنْ رِجْلٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ (غُنْدَرٌ) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنِي أَبُو عِكْرِمَةَ الضَّبِّيُّ قَالَ تَقَدَّمَ إِلَى الشَّعْبِيِّ رَجُلٌ ضَرَبَ عَيْنَ رَجُلٍ فَاحْمَرَّتْ فَدَمَعَتْ فَشَرِقَتْ فَاغْرَوْرَقَتْ فَقَالَ الشَّعْبِيُّ يَحْكُمُ فِيهَا بَيْتُ الرَّاعِي ... لَهُمَا أَمْرُهَا حَتَّى إِذَا مَا تَبَوَّأَتْ ... بأخفافها مأوى تبوأ مضجعا ... قال أبوعكرمة وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْعَيْنَ يُنْتَظَرُ بِهَا أَنْ تَبْلُغَ غَايَةَ مَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ (ثُمَّ) يُقْضَى فِيهَا حينئذ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ فِي الْجِرَاحِ كُلِّهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لَا يُقْتَصُّ عِنْدَهُمْ مِنْ جُرْحِ عَمْدٍ وَلَا يؤدى جرح خطأ حتى يبرأ ويعلم ما يؤول إِلَيْهِ وَأَجَازَ الشَّافِعِيُّ الْقِصَاصَ قَبْلَ الْبُرْءِ إِذَا سَأَلَ ذَلِكَ الْمَجْرُوحُ فَإِنْ زَادَ ذَلِكَ وَآلَ إِلَى ذَهَابِ عُضْوٍ أَوْ نَفْسٍ كَانَ فِيهِ الْأَرْشُ وَالدِّيَةُ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ فِيهَا ضُرُوبٌ مِنَ الِاعْتِرَاضِ وَالْحِجَاجِ لِلْفَرِيقَيْنِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ عَنِ الْعَرَبِ لَطَمَهُ فَشَرِقَ الدَّمُ فِي عَيْنِهِ إِذَا احْمَرَّتْ وَشَرِقَ الثَّوْبُ بِالصَّبْغِ إِذَا احْمَرَّ وَاشْتَدَّتْ حُمْرَتُهُ وَذَكَرَ الْأَصْمَعِيُّ أَنَّ رَجُلًا لَطَمَ رَجُلًا فَاشْرَوْرَقَتْ عَيْنُهُ وَاغْرَوْرَقَتْ فَقَدِمَ إِلَى الشَّعْبِيِّ فَقَالَ ... لَهَا أَمْرُهَا حَتَّى إِذَا مَا تَبَوَّأَتْ ... بِأَخْفَافِهَا مَأْوًى تَبَوَّأَ مَضْجَعَا) ... وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْيَدِ خَمْسُونَ وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ فَأَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ أَيْضًا عَلَى مَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْيَدِ تُقْطَعُ مِنَ السَّاعِدِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى مِنَ الْيَدِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَسَوَاءٌ قُطِعَتْ مِنَ السَّاعِدِ أَوْ قُطِعَتِ الْأَصَابِعُ أَوْ قُطِعَتِ الْكَفُّ وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ فِي رَجُلٍ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ مِنْ نِصْفِ الساعد أن

فِي الْيَدِ نِصْفَ الدِّيَةِ وَفِيمَا قُطِعَ مِنَ السَّاعِدِ حُكُومَةً وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ الْيَدَ الشَّلَّاءَ (إِنَّمَا) فِيهَا حُكُومَةٌ وَالْقَوْلُ فِي الرِّجْلِ كَالْقَوْلِ فِي الْيَدِ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ اتَّفَقُوا فِي أَنَّ الْأَسْنَانَ كُلَّهَا سَوَاءٌ وَأَنَّ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ عَلَى مَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَأَمَّا مَا رَوَى مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الْأَضْرَاسِ بِبَعِيرٍ بِعِيرٍ وَأَنَّ مُعَاوِيَةَ قَضَى فِيهَا بِخَمْسَةِ أَبِعِرَةٍ خَمْسَةِ أَبِعِرَةٍ وَأَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ لَوْ كُنْتُ أَنَا لَجَعَلْتُ فِي الْأَضْرَاسِ بَعِيرَيْنِ بَعِيرَيْنِ فَتِلْكَ الدِّيَةُ سَوَاءٌ فَإِنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَضْرَاسَ عشرون ضرسا والأسنان اثني عَشَرَ سِنًّا أَرْبَعُ ثَنَايَا وَأَرْبَعُ رَبَاعِيَاتٍ وَأَرْبَعُ أَنْيَابٍ فَعَلَى قَوْلِ عُمَرَ تَصِيرُ الدِّيَةُ ثَمَانِينَ بَعِيرًا فِي الْأَسْنَانِ خَمْسَةٌ خَمْسَةٌ وَفِي الْأَضْرَاسِ بَعِيرٌ بَعِيرٌ وَعَلَى قَوْلِ مُعَاوِيَةَ فِي الْأَضْرَاسِ وَالْأَسْنَانِ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ فَتَصِيرُ الدِّيَةُ سِتِّينَ وَمِائَةَ بَعِيرٍ وَعَلَى قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بَعِيرَيْنِ بَعِيرَيْنِ فِي الْأَضْرَاسِ

وَهِيَ عِشْرُونَ ضِرْسًا يَجِبُ لَهَا أَرْبَعُونَ بَعِيرًا (وَفِي الْأَسْنَانِ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ فَذَلِكَ سِتُّونَ بَعِيرًا) تَتِمَّةُ الْمِائَةِ بَعِيرٍ وَهِيَ الدِّيَةُ كَامِلَةً مِنَ الْإِبِلِ وَالِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَضْرَاسِ لَا فِي الْأَسْنَانِ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي دِيَاتِ الْأَسْنَانِ وَتَفْضِيلِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ كَثِيرٌ جِدًّا وَالْحُجَّةُ قَائِمَةٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْفُقَهَاءُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ بِظَاهِرِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ وَالضِّرْسُ سِنٌّ مِنَ الْأَسْنَانِ وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي قَطْعِ الْيَدِ النَّاقِصَةِ الْأَصَابِعِ وَفِيمَنْ قُطِعَ الْأَصَابِعَ أَوْ بَعْضَهَا ثُمَّ قُطِعَ الْكَفَّ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ النَّوَازِلِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُهُمْ فِي السِّنِّ السَّوْدَاءِ وَفِيمَنْ ضَرَبَ سِنَّ رَجُلٍ فَاسْوَدَّتْ أَوْ عَيْنَهُ فَابْيَضَّتْ وَفِي السِّنِّ تُقْلَعُ ثُمَّ تَنْبُتُ كَثِيرٌ أَيْضًا جِدًّا وَلَوْ تَقَصَّيْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ لَخَرَجْنَا بِهِ عَنْ حَدِّ مَا لَهُ قَصَدْنَا وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ مِنَ الْمَعَانِي وَبَسَطْنَاهَا وَأَضْرَبْنَا عَمَّا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ لِوُقُوفِنَا عِنْدَ شَرْطِنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ حدثنا

الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا غَالِبٌ التَّمَّارُ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَصَابِعِ عَشْرٌ عَشْرٌ قَالَ أبوعمر هَكَذَا رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ غَالِبٍ التمار عن مسروق بن أوس عن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَتَابَعَهُ شُعْبَةُ عَلَى ذَلِكَ وَرَوَاهُ سعيد بن أبي عروبة عن غالب التمار عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ أَبِي مُوسَى فَزَادَ فِي الْإِسْنَادِ حُمَيْدَ بْنَ هِلَالٍ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ غَالِبٍ التَّمَّارِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ أَبِي مُوسَى وَخَالَفَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ فَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ بِمِثْلِ إِسْنَادِ شُعْبَةَ وَابْنِ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ غَالِبٍ التَّمَّارِ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي الْأَصَابِعِ سَوَاءً عَشْرٌ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا (مُحَمَّدُ) بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ غَالِبٍ التَّمَّارِ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسٍ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ قُلْتُ عَشْرٌ عَشْرٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ غَالِبٍ قَالَ سَمِعْتُ مَسْرُوقَ بْنَ أَوْسٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بن عطاءالعجلي أَخْبَرَنَا حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وهو مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ فِي الْمَوَاضِحِ خَمْسٌ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الْأَصَابِعِ عَشْرٌ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَرْوَانَ أَخْبَرَنَا حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْأَسْنَانِ خَمْسٌ خَمْسٌ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أصبغ حدثنا محمد بن غالب حدثن الْمُقَدَّمِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ مَطَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْمَوَاضِحِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ وَالْأَسْنَانُ سَوَاءٌ خَمْسٌ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ وَالْأَضْرَاسُ سواء عشر عشر قال ابوعمر هَكَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ وَالْأَضْرَاسُ وَهُوَ خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ وَالْأَصَابِعُ سَوَاءٌ عَشْرٌ عَشْرٌ وَهَذَا مَحْفُوظٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ مَطَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَوَاضِحِ خَمْسٌ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ وَالْأَصَابِعُ كُلُّهَا سَوَاءٌ عَشْرٌ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ (السَّبِيعِيُّ) الْحَلَبِيُّ بِدِمَشْقَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ حَدَّثَنَا

عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ وَأَشَارَ إِلَى الْخِنْصَرِ وَالْإِبْهَامِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ يَعْنِي الْإِبْهَامَ وَالْخِنْصَرَ (وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ يَعْنِي الْخِنْصَرَ وَالْإِبْهَامَ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا شعبة عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ يَعْنِي الْإِبْهَامَ وَالْخِنْصَرَ والضرس والثنية)

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوُرَّاثِ حَدَّثَنِي شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ وَالْأَسْنَانُ سَوَاءٌ الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ عَنْ شُعْبَةَ بِمَعْنَى عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنَاهُ الدَّارِمِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَسْنَانُ سَوَاءٌ وَالْأَصَابِعُ سَوَاءٌ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ بن صالح حدثنا أبو ثميلة عَنْ يَسَارٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ سَوَاءً قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذِهِ الْآثَارِ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْأَصَابِعَ كُلَّهَا سَوَاءٌ دِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَشْرٌ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ لَا يُفَضَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى شَيْءٍ وَأَنَّ الْأَسْنَانَ كُلَّهَا سَوَاءٌ الثَّنَايَا وَالْأَضْرَاسَ وَالْأَنْيَابَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ

مِنْهَا خَمْسٌ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ لَا يُفَضَّلُ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ عَلَى مَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ (مِنَ الصَّحَابَةِ) تَفْضِيلُ الثَّنَايَا وَمُقَدَّمِ الْفَمِ وَعَنْ طَاوُسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٍ فِي دِيَةِ الْأَسْنَانِ خِلَافٌ لِهَذِهِ الْآثَارِ وَلَا معنى لقولهم لأن السنة التي فيها لحجة تُثْبِتُ بِخِلَافِهِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا يُفَضِّلُ النَّابَ أَعْلَى الْفَمِ وَأَسْفَلَهُ عَلَى الْأَضْرَاسِ وَأَنَّهُ قَالَ فِي الْأَضْرَاسِ صِغَارُ الإبل قال وأخبرناابن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِيمَا أَقْبَلَ مِنَ الْفَمِ أَعْلَى الْفَمِ وَأَسْفَلَهُ بِخَمْسِ قَلَائِصَ وَفِي الْأَضْرَاسِ بِبَعِيرٍ بَعِيرٍ حَتَّى إِذَا كَانَ مُعَاوِيَةُ وَأُصِيبَتْ أَضْرَاسُهُ قَالَ أَنَا أَعْلَمُ بِالْأَضْرَاسِ مِنْ عُمَرَ فَقَضَى فِيهَا بِخَمْسٍ خَمْسٍ قَالَ سَعِيدٌ فَلَوْ أُصِيبَ الْفَمُ كُلُّهُ فِي قَضَاءِ عُمَرَ لَنَقَصَتِ الدِّيَةُ وَلَوْ أُصِيبَتْ فِي قَضَاءِ مُعَاوِيَةَ لَزَادَتِ الدِّيَةُ وَلَوْ كُنْتُ أَنَا لَجَعَلْتُ فِي الْأَضْرَاسِ بَعِيرَيْنِ (بَعِيرَيْنِ) فَذَلِكَ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي غَطْفَانَ أَنَّ مَرْوَانَ أَرْسَلَهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ مَاذَا جَعَلَ فِي الضِّرْسِ فَقَالَ فِيهِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ

قَالَ فَرَدَّنِي إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ أَتَجْعَلُ مُقَدَّمَ الْفَمِ مِثْلَ الْأَضْرَاسِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَوْ أَنَّكَ لَا تَعْتَبِرُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْأَصَابِعِ عَقْلُهَا سَوَاءٌ وَذَكَرَ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَزْهَرَ بْنِ مُحَارِبٍ قَالَ اخْتَصَمَ إِلَى شُرَيْحٍ رَجُلَانِ أَصَابَ أَحَدُهُمَا ثَنِيَّةَ الْآخَرِ وَأَصَابَ الْآخَرُ ضِرْسَهُ فَقَالَ شُرَيْحٌ الثَّنِيَّةُ وَجَمَالُهَا وَالضِّرْسُ وَمَنْفَعَتُهُ سِنٌّ بِسِنٍّ قُومَا قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا الْعَمَلُ الْيَوْمَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا فِيهِ وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَرَأْتُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَتَبَهُ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ عَلَى نَجْرَانَ وَكَانَ الْكِتَابُ عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا بيان من الله ورسوله يأيها الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فَكَتَبَ الْآيَاتِ مِنْهَا حَتَّى بَلَغَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ثُمَّ كَتَبَ هَذَا كِتَابُ الْجِرَاحِ فِي النَّفْسِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ وَفِي

الْأَنْفِ إِذَا أُوعِيَ جَدْعًا مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ وَفِي كل أصبع مما هنا لك عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ النَّفْسِ وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ النَّفْسِ وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَهَذَا الَّذِي قَرَأْتُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ إِلَّا مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنَ الثَّنَايَا وَالْأَضْرَاسِ وَأَمَّا الْأُذُنُ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى السَّمْعِ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ الْأُذُنَ وَهَذَا اخْتِلَافٌ فَأَمَّا مَالِكٌ فَقَالَ فِي الْأُذُنَيْنِ حُكُومَةٌ وَفِي السَّمْعِ الدِّيَةُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ فِي الْأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي السَّمْعِ الدِّيَةُ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْأُذُنَيْنِ مِثْلُ ذلك قال أبوعمر أَمَّا كِتَابُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَلَى مَا رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الصَّدَقَاتِ وَالدِّيَاتِ فَطَوِيلٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْهُ فِي بَابِنَا هَذَا مَا وَافَقَهُ وَسَنَذْكُرُهُ بِتَمَامِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الحادي والعشرون

حَدِيثٌ حَادِي عِشْرِينَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ عَلَى الصَّدَقَةِ فَلَمَّا قَدِمَ سَأَلَهُ إِبِلًا مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى عُرِفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ وَكَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ أَنْ تَحْمَرَّ عَيْنَاهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ يَسْأَلُنِي مَا لَا يَصْلُحُ لِي وَلَا لَهُ فَإِنْ مَنَعْتُهُ كَرِهْتُ الْمَنْعَ وَإِنْ أَعْطَيْتُهُ أَعْطَيْتُهُ مَا لَا يَصْلُحُ لِي وَلَا لَهُ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَسْأَلُكَ مِنْهَا شَيْئًا أَبَدًا (هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ فِيمَا عَلِمْتُ عَنْ مَالِكٍ مُرْسَلًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ التَّلِّيُّ عَنْ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَنَسٍ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ خُلَيْدٍ الشَّمَّاعُ حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ الله بن

الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ التَّلِّيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ عَلَى الصَّدَقَةِ فَلَمَّا قَدِمَ سَأَلَهُ بَعِيرًا مِنَ الصَّدَقَةِ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى عُرِفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ هَكَذَا حَدَّثَنَا لَمْ يَزِدْ) قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا اسْتِعْمَالُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصَّدَقَاتِ أَصْحَابَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ وَمِنَ الْأَزْدِ وَغَيْرِهِمْ فَمَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ فِي الْآثَارِ وَالسِّيَرِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمَّا قَدِمَ سَأَلَهُ إِبِلًا مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَهَذَا (عِنْدِي) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَهُ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى قَدْرِ عِمَالَتِهِ لَا يَسْتَحِقُّهُ بِهَا وَكَأَنَّهُ أَدْلَى بِعِمَالَتِهِ وَظَنَّ أَنَّهُ سَيَزِيدُهُ عَلَى مَا يَجِبُ لَهُ مِنْ سَهْمِهِ أَوْ أَجْرِهِ فَغَضِبَ لِذَلِكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ سَأَلَهُ مالا يَصْلُحُ وَهَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغضب إذا رأى مالا يَصْلُحُ أَوْ سَمِعَ بِهِ وَكَانَ فِي غَضَبِهِ لَا يَتَعَدَّى مَا حَدَّ لَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ تَحْمَرَّ (وَجْنَتَاهُ) وَعَيْنَاهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَدًّا لِلَّهِ

فَيَقُومَ لِلَّهِ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ أَحَدٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ عَلَى الصَّدَقَاتِ سَأَلَهُ مَا يَجِبُ لَهُ مِنْ سَهْمِهِ وَحَقِّهِ فِي الْعَمَلِ عَلَيْهَا فَمَنَعَهُ وَغَضِبَ لِذَلِكَ هَذَا مَا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَظُنَّهُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ فِي الصَّدَقَاتِ لِلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا حَقًّا وَاجِبًا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ مَا هُوَ فَذَهَبَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ سَهْمٌ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ وَأَنَّ الصَّدَقَاتِ مَقْسُومَةٌ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ مِنْهَا لِلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا سَهْمٌ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا لِلْعَامِلِ عَلَيْهَا قَدْرُ عِمَالَتِهِ قَدْ يَكُونُ ثَمَنًا وَيَكُونُ أَقَلَّ وَيَكُونُ أَكْثَرَ وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ آخَرُونَ لَهُ أَجْرُهُ فِي ذَلِكَ بِقَدْرِ سَعْيِهِ وَلَا يُزَادُ عَلَى الثُّمُنِ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ تُقْسَمُ الصَّدَقَةُ عَلَى الْأَسْهُمِ الثَّمَانِيَةِ بِالسَّوِيَّةِ وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مِثْلُهُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ عِكْرِمَةَ أَيْضًا وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْعَامِلِينَ عَلَى الصَّدَقَاتِ إِنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْهَا بِقَدْرِ أُجُورِ أَمْثَالِهِمْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَرَوَى الْأَخْضَرُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو مَا لِلْعَامِلِينَ عَلَى الصَّدَقَةِ قَالَ بِقَدْرِ عِمَالَتِهِمْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُعْطَى الْعَامِلُ مَا

يَسَعُهُ وَيَسَعُ أَعْوَانَهُ قَالَ وَلَا أَعْرِفُ الثُّمُنَ وَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لِلْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَةِ فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ وَإِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ يَجْتَهِدُ فِي ذلك وقال أبوحنيفة وَأَصْحَابُهُ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَيْسَ قَسْمُ الصَّدَقَاتِ عَلَى أَهْلِ السُّهْمَانِ كَالْمِيرَاثِ وَلَكِنَّ الْوَالِيَ يُقَسِّمُهَا عَلَى مَا يَرَى مِنْ حَاجَتِهِمْ وَيُؤْثِرُ أَهْلَ الْحَاجَةِ وَالْعُذْرِ حَيْثُ كَانُوا قَالَ مَالِكٌ وَعَسَى أَنْ تنتقل الحاجةإلى الصِّنْفِ الْآخَرِ بَعْدَ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ فَيُؤْثِرُ أَهْلَ الْحَاجَةِ وَالْعُذْرِ حَيْثُ كَانُوا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يُعْطِي الْإِمَامُ لِلْعَامِلِينَ عِمَالَتَهُمْ بِمَا يَرَى وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ قَوْلَ الثَّوْرِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا هُمُ السُّعَاةُ وَقَالَ قَتَادَةُ هُمْ جُبَاتُهَا الَّذِينَ يَجْبُونَهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُمُ الْمُتَوَلُّونَ لِقَبْضِهَا قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ خَلَفِ بْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الدَّيْبُلِيَّ حَدَّثَهُمْ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ الْعَيْشِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي السَّوَّارِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حَصِينٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خدرها

قَالَ عِمْرَانُ وَكَانَ إِذَا كَرِهَ الشَّيْءَ عُرِفَ فِي وَجْهِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِمَا قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا الْحَوْضِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ الْفَزَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلُ كَدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ وَقَالَ سُلَيْمَانُ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ نَفْسَهُ فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ أَوْ نَفْسِهِ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ ذَا سُلْطَانٍ أَوْ يَنْزِلَ بِهِ أَمْرٌ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا قَالَ يَزِيدُ بْنُ عُقْبَةَ وَقَالَ

شُعْبَةُ زَيْدُ بْنُ عُقْبَةَ وَصَوَابُهُ زَيْدُ بْنُ عُقْبَةَ وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ يَزِيدُ صُحِّفَ عَلَى ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يَجُوزُ فِيهِ السُّؤَالُ وَلِمَنْ يَجُوزُ وَمَنْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى ذلك عن إعادته ها هنا

الحديث الثاني والعشرون

حَدِيثٌ ثَانِي عِشْرِينَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَقْطُوعٌ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ يُصَلِّي فِي حَائِطٍ لَهُ فَطَارَ دُبْسِيٌّ فَطَفِقَ يَتَرَدَّدُ يَلْتَمِسُ مَخْرَجًا فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ فَجَعَلَ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ سَاعَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَى صَلَاتِهِ فَإِذَا هُوَ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَقَالَ لَقَدْ أَصَابَنِي فِي مَالِي هَذَا فِتْنَةٌ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر لَهُ الَّذِي أَصَابَهُ فِي حَائِطِهِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ صَدَقَةٌ لِلَّهِ فَضَعْهُ حَيْثُ شِئْتَ هَذَا الْحَدِيثُ لَا أَعْلَمُهُ يُرْوَى مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ مَنْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى لِشُغْلِ بَالِهِ بِمَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ أَوْ يُفَكِّرُ فِيهِ فَلْيَبْنِ عَلَى يَقِينِهِ عَلَى مَا أَحْكَمَتْهُ السُّنَّةُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ إِلَى مَا يُشْغِلُ الْمُصَلِّي لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ إِذَا بَنَى فِيهَا عَلَى مَا يَجِبُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَأْمُرْهُ بِإِعَادَةٍ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى خَمِيصَةٍ لَهَا عَلَمٌ فِي الصَّلَاةِ فَشَغَلَهُ النَّظَرُ إِلَى أَعْلَامِهَا فَرَمَاهَا عَنْ نَفْسِهِ وَرَدَّهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ إِعَادَةً وَهَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَذَهَبْنَا إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ قَدْ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ لِي فِي صَلَاتِي قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ إِعَادَةً وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا صَلَاةَ

لِمُلْتَفِتٍ وَهُوَ حَدِيثٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ خِلْسَةٌ يَخْتَلِسُهَا الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَالِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا هَلَكَةٌ فَإِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ فَفِي النَّافِلَةِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَفْسُدُ بِهِ لِأَنَّ مَا فَسَدَتْ بِهِ النَّافِلَةُ فَسَدَتْ بِهِ الْفَرِيضَةُ إِذَا كَانَ اجْتِنَابُهُ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا مِنْ أَحَادِيثِ الشُّيُوخِ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهَا وَأَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ فَقَالَ شَغَلَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ اذْهَبُوا إلى أبي جهم بن حذيفة وائتوني بِأَنْبِجَانِيَّةٍ فَفِي هَذَا

الْحَدِيثِ أَنَّ أَعْلَامَ الْخَمِيصَةِ شَغَلَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ إِعَادَةً وَلَا اسْتِئْنَافًا لِصَلَاتِهِ وَلَا سُجُودَ سَهْوٍ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَاجِبًا لَقَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمَا سَكَتَ عَنْهُ وَلَوْ قَالَهُ لَنُقِلَ وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ لَنُقِلَ عَنْهُ كَنَقْلِ سَائِرِ السُّنَنِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ سَلَامٍ عَنْ زَيْدٍ أنه سمع أبا سلام قال حدثني السلوي وَهُوَ أَبُو كَبْشَةَ عَنْ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ قَالَ ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ يَعْنِي صَلَاةَ الصُّبْحِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ يَعْنِي وَكَانَ أَرْسَلَ فَارِسًا إِلَى الشِّعْبِ مِنَ اللَّيْلِ يَحْرُسُ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْحَظُ فِي صَلَاتِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ (كُلِّهَا (1)) مُسْنَدِهَا وَمَقْطُوعِهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَظَرَ الْمُصَلِّي مِنَ السُّنَّةِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَمَامَهُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الَّذِي لَا تَكَلُّفَ فِيهِ وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ يَكُونُ نَظَرُ الْمُصَلِّي أَمَامَ قِبْلَتِهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ نَظَرُهُ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَقَالَ شَرِيكٌ الْقَاضِي يَنْظُرُ فِي الْقِيَامِ (إِلَى مَوْضِعِ) السُّجُودِ وَفِي الرُّكُوعِ إِلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ وَفِي السُّجُودِ إِلَى أَنْفِهِ وَفِي قُعُودِهِ إِلَى حِجْرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ تَحْدِيدٌ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ أَثَرٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي النَّظَرِ وَمَنْ نَظَرَ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ كَانَ أَسْلَمَ لَهُ وَأَبْعَدَ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِ صَلَاتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ (وَأَمَّا قَوْلُهُ لَقَدْ أَصَابَتْنِي فِي مَالِي فِتْنَةٌ فَالْفِتَنُ عَلَى وُجُوهٍ فَأَمَّا فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ فَتَكْفِيرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ كَذَلِكَ قَالَ حُذَيْفَةُ لعمر في الحديث الصحيح وصدفه عُمَرُ وَقَالَ لَسْتُ عَنْ هَذِهِ أَسْأَلُكَ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ إِنَّ الْمَعَاصِيَ كُلَّهَا فِتْنَةٌ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ مَا لَمْ يُوَاقِعِ الْكَبَائِرَ دَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السيآت (3) نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ أَصَابَ مِنِ امْرَأَةٍ مَا ليس

بِكَبِيرَةٍ وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَشُوبُهُ الْحَلِفُ وَالْكَذِبُ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ وَكُلُّ مَنْ فُتِنَ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَعَاصِي وَالشَّهَوَاتِ الْمَحْظُورَةِ فَهُوَ مَفْتُونٌ إِلَّا أَنَّهُ إِنْ تَرَكَ وَأَنَابَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ غُفِرَ لَهُ مَعَ أَدَائِهِ لِصَلَاتِهِ وَزَكَاتِهِ وَصَوْمِهِ وَهَذِهِ صِفَاتُ الْمُذْنِبِينَ وَقَدْ فُتِنَ الصَّالِحُونَ وَابْتُلُوا بِالذُّنُوبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ وَقَالَ تعالى الذين إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ الْآيَةَ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا الْبَابِ مِنَ الْفِتْنَةِ مَا هُوَ أَشَدُّ مِمَّا وَصَفْنَا وَهُوَ الْإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ وَالْإِقَامَةُ عليه منه وأنه لَمْ يَأْتِهِ فَنِيَّتُهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ وَيُحِبُّ أَنْ تَسْمَحَ نَفْسُهُ بِتَرْكِ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ قَبِيحِ أَفْعَالِهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا يُقْلِعُ عَنْهَا فَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُصِرًّا لَمْ تَأْتِ مِنْهُ تَوْبَةٌ فَهُوَ مُقِرٌّ بِالذُّنُوبِ وَالتَّقْصِيرِ يُحِبُّ أَنْ يَخْتِمَ اللَّهُ لَهُ بِخَيْرٍ فَيَغْفِرَ لَهُ هَذَا بِرَجَائِهِ وَلَا يُقْطَعَ عَلَيْهِ وَلَيْسَتْ فِتْنَتُهُ بِذَلِكَ تُخْرِجُهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَلَا هُوَ مِمَّنْ تُنْكَتُ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ غَلَبَتْ عَلَيْهِ فَلَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا كَمَا قَالَ حُذَيْفَةُ فِي ذَلِكَ

الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَيَوَدُّ أَنَّهُ تَابَ مِنْهُ قَالُوا وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْأَهْوَاءِ الْمُرْدِيَةِ وَالْبِدَعِ الْمُحْدَثَةِ الَّتِي تُتَّخَذُ دِينًا وَإِيمَانًا وَيُشْهَدُ بِهَا عَلَى اللَّهِ تَعَدِّيًا وَافْتِرَاءً وَلَا يُحِبُّ مَنْ فُتِنَ بِهَا أَنْ يَقْصُرَ فِيهَا وَلَا يَنْتَقِلَ عَنْهَا وَيَوَدَّ أَنْ لَا يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ إِلَّا عَلَيْهَا فَهَذَا أَيْضًا مَفْتُونٌ مَغْرُورٌ مُتَدَرِّجٌ قَدْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ زُيِّنَ لَهُ فِيهَا سُوءُ عَمَلِهِ يَوَدُّ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مِثْلَهُ قَالُوا فَهَذِهِ الْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْفِتْنَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَا مِنْ فِتَنِ الذُّنُوبِ وَمِنَ الْفِتَنِ أَيْضًا الْكُفْرُ وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ فِتْنَةً بِقَوْلِهِ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَشَرْحُ هَذِهِ الْمَعَانِي يَطُولُ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَمَّا النَّهْسُ فَطَائِرٌ صَغِيرٌ مِثْلُ الْعُصْفُورِ) وَالدُّبْسِيُّ طَائِرٌ يُشْبِهُ الْيَمَامَةَ وَقِيلَ هُوَ الْيَمَامَةُ نَفْسُهَا وَقَوْلُهُ طَفِقَ يَتَرَدَّدُ كَقَوْلِهِ جَعَلَ يَتَرَدَّدُ وَفِيهِ لُغَتَانِ طَفِقَ طَفَقَ يَطْفَقُ وَيَطْفِقُ

الحديث الثالث والعشرون

حَدِيثٌ ثَالِثُ عِشْرِينَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ فِي السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ وَالدِّيَاتِ كِتَابٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْرُوفٌ يَسْتَغْنِي بِشُهْرَتِهِ عَنِ الْإِسْنَادِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ

عَنْ أَبِيهِ قَالَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنْ لَا يُمَسَّ الْقُرْآنُ إِلَّا عَلَى طَهُورٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو الْجُرَيْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ حَامِدُ بْنُ شُعَيْبٍ الْبَلْخِيُّ حدثنا أبوصالح الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ فِي السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ وَالدِّيَاتِ أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ مُخْتَصَرٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ تَلَقِّي جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لَهُ بِالْقَبُولِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ بِالْمَدِينَةِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ أَنَّ الْمُصْحَفَ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الطَّاهِرُ عَلَى وُضُوءٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدُ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَهَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ فِي أَعْصَارِهِمْ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ (سَعْدِ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ) وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وعطاء قال إسحاق بن رَاهَوَيْهِ لَا يَقْرَأُ أَحَدٌ فِي الْمُصْحَفِ إِلَّا وهو متوضئ

وَلَيْسَ ذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وَلَكِنْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ مَالِكٍ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي! مُوَطَّئِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ لَا يَمَسَّ الْمُصْحَفَ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ وَلَا غَيْرُ الْمُتَوَضِّئِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَحْمِلُهُ بِعَلَاقَتِهِ وَلَا عَلَى وِسَادَةٍ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْمِلَهُ فِي التَّابُوتِ (وَالْخُرْجِ) وَالْغِرَارَةِ مَنْ لَيْسَ عَلَى وُضُوءٍ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ قَالَ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا رَخَّصَ مَالِكٌ فِي حَمْلِ غَيْرِ الْمُتَوَضِّئِ لِلْمُصْحَفِ فِي التَّابُوتِ وَالْغِرَارَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ إِلَى حَمْلِ الْمُصْحَفِ وَإِنَّمَا قُصِدَ إِلَى حَمْلِ التَّابُوتِ وَمَا فِيهِ مِنْ مُصْحَفٍ وَغَيْرِهِ وَقَدْ كَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالشَّعْبِيُّ وعطاء من الدَّرَاهِمِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَهُوَ لَا شَكَّ أَشَدُّ كَرَاهِيَةً أَنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ غَيْرُ مُتَوَضِّئٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ تَحْمِلَ الْحَائِضُ الْمُصْحَفَ بِعَلَاقَتِهِ وَأَمَّا الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ فَلَمْ

يُخْتَلَفْ عَنْهُمَا فِي إِجَازَةِ حَمْلِ الْمُصْحَفِ بِعَلَاقَتِهِ لِمَنْ لَيْسَ بِطَاهِرٍ وَقَوْلُهُمَا عِنْدِي شُذُوذٌ وَمُخَالَفَةٌ لِلْأَثَرِ وَإِلَى قَوْلِهِمَا ذَهَبَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ وَالدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ قَالَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ هُمُ الْمَلَائِكَةُ قَالَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ نَهْيًا لَقَالَ لَا يَمَسَّهُ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ لَيْسَ بِنَجِسٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ يَأْتِي النَّهْيُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ النَّهْيَ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ كَثِيرٌ نَحْوَ قَوْلِهِ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً جَاءَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرُهُ يَقُولُ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وأنحوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ (عِنْدَهُ) فِي هَذَا الْخَبَرِ مَعْنَى النَّهْيِ مَا أَجَازَ فِيهِ النَّسْخَ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ وَفِي كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ بَيَانُ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَمَسُّهُ

إلا المطهرون لاحتمالهما للتأويل ومجيئها بِلَفْظِ الْخَبَرِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِيهَا أَنَّهَا مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ وَقَوْلُ مَالِكٍ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ فِيهَا اخْتِلَافًا وَأَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنِ امْتِثَالِ مَا فِي كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ طاهر والله أعلمي وبه التوفيق

الحديث الرابع والعشرون

حَدِيثٌ رَابِعُ عِشْرِينَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَقْطُوعٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ نُهُوا عَنْ أَكْلِ الشَّحْمِ فَبَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا مُتَّصِلًا مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى كُلُّهَا ثَابِتَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حَدِيثِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَغَيْرِهِمْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ سَمُرَةَ بَاعَ خَمْرًا فَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهَا فباعوها

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ جَمَّلُوهَا يَعْنِي أَذَابُوهَا لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ أَيْضًا مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ سَلَّامٍ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ شُحُومُ الْأَنْعَامِ فَأَذَابُوهَا ثُمَّ بَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ أَنَّ بِشْرَ (بْنَ) الْمُفَضَّلِ وَخَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَاهُمُ الْمَعْنَى عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءَ عَنْ بَرَكَةَ أَبِي الْوَلِيدِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا عِنْدَ الرُّكْنِ قَالَ فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ ثَلَاثًا قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَأَيْتُ وَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ أخبرنا هشيم

أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ بَرَكَةَ أَبِي الْعُرْيَانِ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ كَذَا قَالَ عَنْ بَرَكَةَ أَبِي الْعُرْيَانِ وَسَمِعَتْ أَبِي يَقُولُ وَأَبُو الْعُرْيَانِ الَّذِي يُحَدِّثُ عَنْهُ خَالِدٌ اسْمُهُ أُنَيْسٌ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَابَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِهِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ ثَمَنَهُ وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إِلَى إِجَازَةِ بَيْعِ الزَّيْتِ الَّذِي تَقَعُ فِيهِ الْمَيْتَةُ مَعَ امْتِنَاعِهِ مِنْ أَكْلِهِ وَإِقْرَارِهِ بِنَجَاسَتِهِ وَقَدْ دَفَعَ هَذَا التَّأْوِيلُ بَعْضَ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ هَذَا الْحَدِيثُ وَمَا كَانَ مِثْلُهُ إِنَّمَا خَرَجَ عَلَى مَا قَدْ حُرِّمَ بِذَاتِهِ مِثْلَ الْخَمْرِ وَشُحُومِ الْمَيْتَةِ وَأَمَّا

الزَّيْتُ الَّذِي تَمُوتُ فِيهِ الْفَأْرَةُ فَإِنَّمَا تَنَجَّسَ بِالْمُجَاوَرَةِ وَلَيْسَ بِنَجَسِ الذَّاتِ وَلَوْ كَانَ نَجِسَ الذَّاتِ مَا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَا اسْتِعْمَالُهُ فِي شَيْءٍ كَمَا لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْخَمْرِ وَلَا الْخِنْزِيرِ وَلَا الْمَيْتَةِ فِي شَيْءٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُجَوَّدَةً فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ الدُّعَاءِ عَلَى الْيَهُودِ وَإِبَاحَةُ لَعْنِهِمْ اقْتِدَاءً بِهِ فِي ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ تَفَرَدَّ حَبِيبٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءٍ قَالَ رَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ غِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اللَّهُمَّ الْعَنْ بَنِي لِحْيَانَ وَرِعْلًا وَذَكْوَانَ قَالَ خُفَافٌ فَجُعِلَ لَعْنُ الْكُفَّارِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ (2) وَتَفَرَّدَ بِهِ حَبِيبٌ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ صَحِيحٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ لَمَّا لَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ الْحَدِيثَ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ فَقَالَ ابْنُ مسعود مالي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ لَعْنُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِيمَا مَضَى من

هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَالْيَهُودَ وَغَيْرَهُمْ وَمُحَالٌ أَنْ تَكُونَ لَعْنَتُهُ لِهَؤُلَاءِ رَحْمَةً عَلَيْهِمْ فَمَنْ لَعَنَ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُلْعَنَ فَمُبَاحٌ وَمَنْ لَعَنَ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ فَقَدْ أَثِمَ وَمَنْ تَرَكَ اللَّعْنَ عِنْدَ الْغَضَبِ وَلَمْ يَلْعَنْ مُسْلِمًا وَلَمْ يَسُبَّهُ فَذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وهب أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ لَمْ أَسْمَعْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَلْعَنُ خَادِمًا قَطُّ غَيْرَ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ غَضِبَ فِيهَا عَلَى بَعْضِ خَدَمِهِ فَقَالَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ كَلِمَةٌ لَمْ أُحِبَّ أَنْ أَقُولَهَا وَقَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُخْتَفِي يَعْنِي نَبَّاشَ الْقُبُورِ وَلَعَنَ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا الْحَدِيثَ) وَقَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجَ يَقُولُ مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِلَّا وَهُمْ يَلْعَنُونَ الْكَفَرَةَ فِي رمضان

قَرَأْتُ عَلَى سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ يَقُولُ بِيَدِهِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ هَكَذَا يَعْنِي يُحَرِّكُهَا يَمِينًا وَشِمَالًا عُوَيْمِلٌ لَنَا بِالْعِرَاقِ عُوَيْمِلٌ لَنَا بِالْعِرَاقِ خَلَطَ فِي فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ أَثْمَانَ الْخَنَازِيرِ وَالْخَمْرِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهَا فَبَاعُوهَا قَالَ سُفْيَانُ جَمَّلُوهَا يعني أذابوها

الحديث الخامس والعشرون

حَدِيثٌ خَامِسُ عِشْرِينَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ محمد بن عمرو بن حزم أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ وَمُذَيْنِيبٍ يُمْسَكُ حَتَّى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُرْسِلُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ وَمُذَيْنِيبٍ هَكَذَا يَتَّصِلُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَأَرْفَعُ أَسَانِيدَهُ مَا حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبُو الْعَطَّارِ بِمِصْرَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ صَالِحِ بْنِ صَفْوَانَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْحَرَّانِيُّ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ

دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ أَهْلُ مَهْزُورٍ فَقَضَى (أَنَّ الْمَاءَ إِذَا بَلَغَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ لَمْ يَحْبِسِ الْأَعْلَى وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ أَنْ يُحْبَسَ فِي كُلِّ حَائِطٍ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُرْسَلُ وَغَيْرُهُ مِنَ السُّيُولِ كَذَلِكَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الْجُدُرِ فَكَانَ ذَلِكَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ عَنْ حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ فَقَالَ لَسْتُ أَحْفَظُ فِيهِ بِهَذَا اللَّفْظُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا يَثْبُتُ (1) قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذَا اللَّفْظِ حَدِيثٌ ثَابِتٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ عَنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كلاهما

النَّخْلَ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ سَرَحَ الْمَاءُ فَأَبَى عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ يَا زُبَيْرُ اسْقِ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ قَالَ الزُّبَيْرُ لَا أَحْسَبُ هَذِهِ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ إِلَّا فِي ذَلِكَ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ الْآيَةَ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْرِ بِمَا فِيهِ السَّعَةُ لِلْأَنْصَارِيِّ فَلَمَّا كَانَ مِنْهُ مَا كَانَ مِنَ الْجَفَاءِ اسْتَوْعَبَ لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْإِسْكَافِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْقَاضِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ وَمُذَيْنِيبٍ أَنْ يُمْسِكَ الْأَعْلَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ

ثُمَّ يُرْسِلَ الْأَعْلَى إِلَى الْأَسْفَلِ وَهَذَا إِسْنَادٌ غَرِيبٌ جِدًّا عَنْ مَالِكٍ لَا أَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ) قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ سَيْلِ مَهْزُورٍ وَمُذَيْنِيبٍ حَدِيثٌ مَدَنِيٌّ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مستعمل عندهم معروف معمول به ومهزور وَادٍ بِالْمَدِينَةِ وَكَذَلِكَ مُذَيْنِيبٌ وَادٍ أَيْضًا عِنْدَهُمْ وَهُمَا جَمِيعًا يُسْقَيَانِ بِالسَّيْلِ فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مُتَوَارَثًا عِنْدَهُمُ الْعَمَلُ بِهِ وَذَكَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بن حبيب أن مهزور ومذينيب واديان من أودية المدينة يسيلان بالمطر وتتنافس أَهْلُ الْحَوَائِطِ فِي سَيْلِهِمَا فَقَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْلَى فَالْأَعْلَى وَالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إِلَى ذَلِكَ السَّيْلِ يُدْخِلُ صَاحِبُ الْحَائِطِ الْأَعْلَى اللَّاصِقِ بِهِ السَّيْلُ جَمِيعَ الْمَاءِ فِي حَائِطِهِ وَيَصْرِفُ مَجْرَاهُ إِلَى بِيبَتِهِ فَيَسِيلُ فِيهَا وَيَسْقِي بِهِ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ مِنْ قَاعَةِ الْحَائِطِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْقَائِمِ أَغْلَقَ الْبِيبَةَ وَصَرَفَ مَا زَادَ مِنَ الْمَاءِ عَلَى مِقْدَارِ الْكَعْبَيْنِ إِلَى مَنْ يَلِيهِ لِحَائِطِهِ فَيَصْنَعُ فِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَصْرِفُهُ إِلَى مَنْ يَلِيهِ أَيْضًا هَكَذَا أَبَدًا يَكُونُ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى أَوْلَى بِهِ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ حَتَّى يَبْلُغَ مَاءُ السَّيْلِ إِلَى أَقْصَى الْحَوَائِطِ قَالَ وَهَكَذَا فَسَّرَهُ لِي مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عِنْدَ سُؤَالِهِمَا عَنْ ذَلِكَ وَقَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ

يَقُولُ إِذَا انْتَهَى الْمَاءُ فِي الْحَائِطِ إِلَى مِقْدَارِ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْقَائِمِ أَرْسَلَهُ كُلَّهُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ وَلَيْسَ يَحْبِسُ مِنْهُ شَيْئًا فِي حَائِطِهِ وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَحَبُّ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ وَهُمَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَدِينَةَ دَارُهُمَا وَبِهَا كَانَتِ الْقِصَّةُ وَفِيهَا جَرَى الْعَمَلُ بِالْحَدِيثِ وَرَوَى زِيَادٌ عَنْ مَالِكٍ قَالَ تَفْسِيرُ قِسْمَةِ ذَلِكَ أَنْ يَجْرِيَ الْأَوَّلُ الَّذِي حَائِطُهُ أَقْرَبُ إِلَى الْمَاءِ مَجْرَى الْمَاءِ فِي سَاقِيَتِهِ إِلَى حَائِطِهِ بِقَدْرِ مَا يَكُونُ الْمَاءُ فِي السَّاقِيَةِ إِلَى حَدِّ كَعْبَيْهِ فَيَجْرِي كَذَلِكَ فِي حَائِطِهِ حَتَّى يَرْوِيَهُ ثُمَّ يَفْعَلُ الَّذِي يَلِيهِ كَذَلِكَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَذَلِكَ مَا بَقِيَ مِنَ الْمَاءِ شَيْءٌ قَالَ وَهَذِهِ السُّنَّةُ فِيهِمَا وَفِيمَا يُشْبِهُهُمَا مِمَّا لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ حَقٌّ مُعَيَّنٌ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِالتَّبْدِيَةِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ إِلَى آخِرِهِمْ رَجُلًا قَالَ أَبُو عُمَرَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ فِيهِ ثُمَّ يُرْسِلُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ وَلَمْ يَقُلْ ثُمَّ يُرْسِلُ بَعْضَ الْأَعْلَى وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ثُمَّ يَحْبِسُ الْأَعْلَى وَهَذَا كُلُّهُ يَشْهَدُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَيْضًا أَنَّ الْأَعْلَى لَوْ لَمْ يُرْسِلْ إِلَّا مَا زَادَ على الكعبين لا نقطع ذَلِكَ الْمَاءُ فِي أَقَلِّ مُدَّةٍ وَلَمْ يَنْتَهِ حَيْثُ يَنْتَهِي إِذَا أَرْسَلَ الْجَمِيعَ وَفِي إِرْسَالِ الْجَمِيعِ بَعْدَ أَخْذِ الْأَعْلَى مِنْهُ مَا بَلَغَ الْكَعْبَيْنِ أَعَمُّ فَائِدَةً وَأَكْثَرُ نَفْعًا فِيمَا قَدْ جُعِلَ النَّاسُ فِيهِ شُرَكَاءَ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْلَى عَلَى كُلِّ حَالٍ وَفِي الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ وَمُعَارَضَاتٌ لَا مَعْنَى لِلْإِتْيَانِ بِهَا وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ حَكَمُ الْأَرْحَى وَسَائِرِ الْمَنَافِعِ مِنَ النَّبَاتِ وَالشَّجَرَاتِ فِيمَا كَانَ أَصْلُ قِوَامِهِ وَحَيَاتِهِ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي لَا صُنْعَ فِيهِ لِآدَمِيٍّ كَمَاءِ السُّيُولِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا كَحُكْمِ مَا ذَكَرْنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي أَثَرٍ وَلَا نَظَرٍ وَأَمَّا مَا اسْتُحِقَّ بِعَمَلٍ أَوْ مِلْكٍ صَحِيحٍ وَاسْتِحْقَاقٍ قَدِيمٍ وَثُبُوتِ مِلْكٍ فَكُلٌّ عَلَى حَقِّهِ عَلَى حَسَبِ مَا مِنْ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَعَلَى أَصْلِ مَسْأَلَتِهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلسَّدَادِ لَا شَرِيكَ لَهُ

الحديث السادس والعشرون

حَدِيثٌ سَادِسُ عِشْرِينَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ محمد بن عمرو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى جَمَلًا كَانَ لِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَقَعَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ غَيْرِنَا فِي كِتَابِ يَحْيَى فِي الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَهَذَا مِنَ الْغَلَطِ الْبَيِّنِ وَلَا أَدْرِي مَا وَجْهُهُ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ لِلْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ قَدِيمًا وحديثا أن هذا الحديث في الموطأ لِمَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَلَيْسَ لِنَافِعٍ فِيهِ ذِكْرٌ وَلَا وَجْهَ لِذِكْرِ نَافِعٍ فِيهِ وَلَمْ يَرْوِ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ قَطُّ شَيْئًا بَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ مِمَّنْ يَصْلُحُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ نَافِعٍ وَقَدْ رَوَى عَنْ نَافِعٍ مَنْ هُوَ أَجَلُّ مِنْهُ (وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ لِمَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَرَوَاهُ سُوِيدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

أَهْدَى جَمَلًا لِأَبِي جَهْلٍ وَهَذَا مِنْ خَطَأِ سُوَيْدٍ وَغَلَطِهِ) وَهَذَا الْحَدِيثُ يَسْتَنِدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم أَهْدَى عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي هَدَايَاهُ جَمَلًا لِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ فِي رَأْسِهِ بُرَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ لِيَغِيظَ بِهِ الْمُشْرِكِينَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ العزيز حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاقَ مِائَةَ بَدَنَةٍ فِيهَا جَمَلٌ لِأَبِي جَهْلٍ عَلَيْهِ بُرَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاقَ

مِائَةَ بَدَنَةٍ فِيهَا جَمَلٌ لِأَبِي جَهْلٍ عَلَيْهِ برة من فضة وقد رويت عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهدي فِي حَجَّتِهِ مِائَةَ بَدَنَةٍ فِيهَا جَمَلٌ لِأَبِي جَهْلٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَظَرٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِسْمَانِ الْهَدَايَا وَاخْتِيَارِهَا وَانْتِخَابِهَا وَأَنَّ الْجَمَلَ يُسَمَّى بَدَنَةً كَمَا أَنَّ النَّاقَةَ تُسَمَّى بَدَنَةً وَهَذَا الِاسْمُ مُشْتَقٌّ مِنْ عَظْمِ الْبَدَنِ عِنْدَهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ رَدُّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْبَدَنَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا أُنْثَى وَفِيهِ إِجَازَةُ هَدْيِ ذُكُورِ الْإِبِلِ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْهَدْيِ وَأَمَّا اسْتِسْمَانُ الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا وَالْغُلُوُّ فِي ثَمَنِهَا وَاخْتِيَارِهَا فَدَاخِلٌ عِنْدِي تَحْتَ عُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَفْضَلِ الرِّقَابِ فَقَالَ أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَهَذَا كُلُّهُ مَدَارُهُ عَلَى صِحَّةِ النِّيَّةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ وَفِي حَدِيثِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ فِيهِ قَوْلُهُ لِيَغِيظَ بِهِ الْمُشْرِكِينَ وَذَلِكَ عِنْدِي تَفْسِيرٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ لِمَنْ تَدَبَّرَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن أبو طواله

(عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ أَبُو طُوَالَةَ) وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ حَزْمٍ أَبُو طُوَالَةَ الْأَنْصَارِيُّ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَرَوَى عَنْهُ وَرَوَى عَنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِالْمَدِينَةِ فِي أَيَّامِ وِلَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَلَيْهَا وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَزَائِدَةُ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ وَاضِحٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي مَالِكٌ قَالَ كَانَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ رَجُلًا صَالِحًا وَكَانَ قَاضِيًا فِي خِلَافَةِ سُلَيْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ يَسْرُدُ الصِّيَامَ وَكَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا حَسَنًا وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى الْوَالِي فَيَنْصَحُهُ وَلَا يَرْفُقُ بِهِ وَيُكَلِّمُهُ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ مِنَ الْحَقِّ قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنَ النَّاسِ يَفْرَقُ أَنْ يُضْرَبَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا عِنْدَ يَحْيَى مُرْسَلٌ وَهُوَ مُتَّصِلٌ مِنْ وُجُوهٍ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي اتِّصَالِهِ وَالثَّالِثُ مُرْسَلٌ لَمْ يَخْتَلِفْ رُوَاةُ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِهِ

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِأَبِي طُوَالَةَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَنَا أَسْمَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ مُرْسَلًا وَهِيَ رِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِهِ عَنْهُ وَأَمَّا ابْنُ وَضَّاحٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ يَحْيَى فِي الْمُوَطَّأِ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ عَنْ عَائِشَةَ فَوَصَلَهُ وَأَسْنَدَهُ وَكَذَلِكَ هُوَ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ مُسْنَدًا عَنْ عَائِشَةَ مِنْهُمُ ابْنُ القاسم والقعنبي

وابن بكير وأبو المصعب (وعبد الله بن يُوسُفَ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَوَارِسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ أَبِي طُوَالَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْبَابِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي) وقد ذكرأبو دَاوُدَ رِوَايَةَ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا كَمَا ذَكَرْنَا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّبِعُ وَرِوَايَةُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ لَهُ كَمَا وَصَفْنَا مَسْنَدًا عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ مَحْفُوظٌ صَحِيحٌ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى مِنْ كُلِّ طَرِيقٍ فِي الْمُوَطَّأِ حَاشَا رِوَايَةِ يَحْيَى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

(أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ أن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تَسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ قَالَ لَسْتَ مِثْلَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْمَعَانِي سُؤَالُ الْعَالِمِ وَهُوَ وَاقِفٌ فَذَلِكَ جَائِزٌ بِدَلَالَةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِيهِ الرِّوَايَةُ وَالشَّهَادَةُ عَلَى السَّمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَرَ الْمُشْهِدُ أَوِ الْمُحَدِّثَ إِذَا كَانَ الْمَعْنَى الْمَسْمُوعُ مُسْتَوْفًى قَدِ اسْتُوْقِنَ وَأُحِيطَ بِهِ عِلْمًا وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ شَهَادَةِ الْأَعْمَى وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ من كتابا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَذَلِكَ أَنَّ الْجُنُبَ إِذَا لَحِقَتْهُ جَنَابَةٌ لَيْلًا قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ يَضُرَّ صِيَامَهُ أَنْ لَا يَغْتَسِلَ إِلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عِنْدِي ضَعِيفًا يُشْبِهُ الشُّذُوذَ فَأَمَّا اخْتِلَافُ الْآثَارِ فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن من أدركه

الصُّبْحُ وَهُوَ جُنُبٌ فَقَدْ أَفْطَرَ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ صِيَامُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَسْمَعْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَحَالَ إِذْ وَقَفَ عَلَيْهِ مَرَّةً عَلَى الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ وَمَرَّةً عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَمَرَّةً قَالَ أَخْبَرَنِيهِ مُخْبِرٌ وَمَرَّةً قَالَ حَدَّثَنِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فِي بَابِ (سُمَيٍّ) مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو الْقَارِي قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ لَا وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا أَنَا قُلْتُهُ مَنْ أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ وَهُوَ جُنُبٌ فَلَا يَصُمْ مُحَمَّدٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِي

سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا قُلْتُ مَنْ أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ وَهُوَ جُنُبٌ فَلَا صَوْمَ لَهُ مُحَمَّدٌ وَرَبِّ الْبَيْتِ قَالَهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شعيب حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ احْتَلَمَ لَيْلًا فِي رَمَضَانَ وَاسْتَيْقَظَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ ثُمَّ نَامَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ فَلَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ أَصْبَحْتُ فَاسْتَفْتَيْتُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَفْطِرْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِالْفِطْرِ إِذَا أَصْبَحَ الرَّجُلُ جُنُبًا قَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَجِئْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي أَفْتَانِي بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ إِنِّي أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ أَفْطَرْتَ لَأُوجِعَنَّ مَتْنَيْكَ فَإِنْ بَدَا لَكَ أَنْ تَصُومَ يَوْمًا آخَرَ فَافْعَلْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا يَقُولُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَجَعَلَ مَكَانَ عَبْدِ اللَّهِ عُبَيْدَ اللَّهِ وَجَاءَ بِالْحَدِيثِ سَوَاءً وَعَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ثِقَتَانِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي مَعْرِفَتِهِمَا

وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ ابْنًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ لَمْ يَقُلْ عَبْدُ اللَّهِ وَلَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذِهِ الْفَتْوَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى مَا عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَمَنْ تَابَعَهَا فِي هَذَا الْبَابِ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ كَانَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ مَنِ احْتَلَمَ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ وَاقَعَ أَهْلَهُ ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ وَلَمْ يَغْتَسِلْ فَلَا يَصُمْ قَالَ ثُمَّ سَمِعْتُهُ نَزَعَ عَنْ ذَلِكَ وَرَوَى مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكَرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَفَّ عَنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ نَزَعَ عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيُّ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَبَّادٍ عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا ثُمَّ يَغْتَسِلُ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ وَيُصَلِّي وَأَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ ثُمَّ يَصُومُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ عَائِشَةَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَطُرُقٍ مُتَوَاتِرَةٍ وَكَذَلِكَ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ (فَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ بِالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ الْقَوْلُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا وَيَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ وَعَامَّةُ أَهْلِ الْفَتْوَى مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْحَدِيثِ) رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَطَاوُسٍ أَنَّ الْجُنُبَ في رمضان إذا علم بجنابته فلم يغستل حَتَّى يُصْبِحَ فَهُوَ مُفْطِرٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى يُصْبِحَ فَهُوَ صَائِمٌ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَا صَوْمَ لَهُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِّينَا عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا يُتِمُّ صِيَامَ يَوْمِهِ ذَلِكَ وَيَقْضِيهِ إِذَا أَصْبَحَ فِيهِ جُنُبًا وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِي رِوَايَةٍ غَيْرِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى عَنْهُ إِنَّ ذَلِكَ يُجْزِيهِ فِي التَّطَوُّعِ وَيَقْضِي فِي الْفَرْضِ وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَسْتَحِبُّ إِنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فِي رَمَضَانَ أَنْ يَقْضِيَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَكَانَ يَقُولُ يَصُومُ الرَّجُلُ تَطَوُّعًا وَإِنْ أَصْبَحَ جُنُبًا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَكَانَ يَرَى عَلَى الْحَائِضِ إِذَا أَدْرَكَهَا الصُّبْحُ وَلَمْ تَغْتَسِلْ أَنْ تَقْضِيَ ذلك

الْيَوْمَ وَذَهَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْحَائِضِ نَحْوَ هَذَا الْمَذْهَبِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا طَهُرَتِ الْحَائِضُ قَبْلَ الْفَجْرِ فَأَخَّرَتْ غُسْلَهَا حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَيَوْمُهَا يَوْمُ فِطْرٍ لِأَنَّهَا فِي بَعْضِهِ غَيْرُ طَاهِرٍ وَلَيْسَتْ كَالَّذِي يُصْبِحُ جُنُبًا فَيَصُومُ لِأَنَّ الِاحْتِلَامَ لَا يَنْقُضُ الصَّوْمَ وَالْحَيْضَ يَنْقُضُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّائِمِ يُصْبِحُ جُنُبًا مَا فِيهِ شِفَاءٌ وَغِنًى وَاكْتِفَاءٌ عَنْ قَوْلِ كُلِّ قَائِلٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا وَدَلَّ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مِثْلِ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ وَإِذَا أُبِيحَ الْجِمَاعُ وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْفَجْرُ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَكُونُ حِينَئِذٍ إِلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَدْ نَزَعَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ رَبِيعَةُ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا فِيمَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ الْجَمَاعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ الِاحْتِلَامَ بِالنَّهَارِ لَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ فَتَرْكُ الِاغْتِسَالِ مِنْ جَنَابَةٍ تَكُونُ لَيْلًا أَحْرَى أَنْ لَا يُفْسِدَ الصَّوْمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى مَا قُلْنَا مِنَ

الْعُلَمَاءِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو ذَرٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ فِي عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ وَالشَّافِعِيُّ فِي سَائِرِ عُلَمَاءِ الْمَكِّيِّينَ وَالْحِجَازِيِّينَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ عُلَيَّةَ فِي جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ فِي فُقَهَاءِ أَهْلِ الشَّامِ وَالْمَغْرِبِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالطَّبَرِيُّ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا تَغْتَسِلُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَالثَّوْرِيَّ وأحمد وإسحاق وأبو ثَوْرٍ يَقُولُونَ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْجُنُبِ وَتَغْتَسِلُ وَتَصُومُ وَيُجْزِيهَا صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَالْأَوْزَاعِيُّ تَصُومُهُ وَتَقْضِيهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ كَانَتْ أَيَّامُهَا أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ صَامَتْهُ وَقَضَتْهُ وإن كانت أيامها عشرا فَإِنَّهَا تَصُومُ وَلَا تَقْضِي قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اتَّفَقَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّهَا تَصُومُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي قَضَائِهِ وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ فِيهِ وَإِيجَابَ فَرْضٍ وَالْفَرَائِضُ لَا تَثْبُتْ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ وَإِنَّمَا تَثْبُتْ مِنْ جِهَةِ التَّوْقِيفِ بِالْأُصُولِ الصِّحَاحِ وَلَا أَدْرِي إِنْ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ يَرَى صَوْمَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ يَقُولُ إِنَّ يَوْمَهَا ذَلِكَ يَوْمُ فِطْرٍ فَإِنْ كَانَ لَا يَرَى صَوْمَهُ فَهُوَ شَاذٌّ وَالشُّذُوذُ لَا نُعَرِّجُ

عَلَيْهِ وَلَا مَعْنَى لِمَا اعْتَلَّ بِهِ مِنْ أَنَّ الْحَيْضَ يَنْقُضُ الصَّوْمَ وَالِاحْتِلَامَ لَا يَنْقُضُهُ لِأَنَّ مَنْ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا لَيْسَتْ بِحَائِضٍ وَالْغُسْلُ بِالْمَاءِ عِبَادَةٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْغُسْلَ مَعْنًى وَالطُّهْرُ غَيْرُهُ فَتَدَبَّرْ وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُمْ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِأَبِي طُوَالَةَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ لِجَلَالِي الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي قال أبوعمر أَبُو الْحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ هَذَا مَدَنِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَهُوَ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَقِيلَ بَلْ هُوَ مَوْلَى شُمَيْسَةَ امْرَأَةٍ كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً فَأَسْلَمَتْ عَلَى يَدَيِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَتُوُفِّيَ أَبُو الْحُبَابِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ كَانَ عِنْدَ مَالِكٍ فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرُ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ كَانَ عِنْدَهُ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ حَدِيثُ أَبِي طُوَالَةَ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَاضِحٌ فِي فَضْلِ الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ لِجَلَالِي أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ إِجْلَالًا لِي وَمَحَبَّةً فِي فَمِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِجْلَالُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَمَحَبَّتُهُمْ كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِجْلَالُ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَلَا الْجَافِي عَنْهُ وَإِذَا كَانَ ذِكْرُهُمْ وَذِكْرُ فَضَائِلِهِمْ عَمَلَ بِرٍّ فَمَا ظَنُّكَ بِحُبِّهِمْ وَإِخْلَاصِ الْوُدِّ لَهُمْ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عُثْمَانَ سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي إِسْرَائِيلَ يَقُولُ سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ عِنْدَ ذِكْرِ الصَّالِحِينَ تَتَنَزَّلُ الرَّحْمَةُ قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ أَبِي إِسْرَائِيلَ يَقُولُ سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ اسْلُكُوا سَبِيلَ الْحَقِّ وَلَا تَسْتَوْحِشُوا مِنْ قِلَّةِ أَهْلِهِ وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ عَنْ أَبِي كِنَانَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ لَا الْجَافِي عَنْهُ وَذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مِنْ تَعْظِيمِ جَلَالِ اللَّهِ إِكْرَامُ ثَلَاثَةٍ الْإِمَامِ الْمُقْسِطِ

وذي الشيبة الملم وحامل القرآن غيرالغالي فِيهِ وَلَا الْجَافِي عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ فِيهَا لِينٌ وَحَمَلَةُ الْقُرْآنِ هُمُ الْعَامِلُونَ بِأَحْكَامِهِ وَحَلَالِهِ وحرامه بِمَا فِيهِ وَمِنْ أَوْثَقِ عُرَى الْإِسْلَامِ الْبُغْضُ فِي اللَّهِ وَالْحُبُّ فِي اللَّهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُوقٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا عَارِمٌ حَدَّثَنَا الصَّعْقُ بْنُ حَزْنٍ عَنْ عَقِيلٍ الْجَعْدِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُوِيدِ بْنِ غَفْلَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تَدْرِي أَيُّ عُرَى الْإِيمَانِ أَوْثَقُ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ الْوِلَايَةُ فِي اللَّهِ الْحُبُّ وَالْبُغْضُ فِيهِ (وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ مَا مِنْ عَمَلِي شَيْءٌ إِلَّا وَأَنَا أَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَهُ مَا يُفْسِدُهُ إِلَّا الْحُبَّ فِي اللَّهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ مَرِضْتُ مَرْضَةً فَلَمْ يَكُنْ

فِي عَمَلِي شَيْءٌ أَوْثَقَ فِي نَفْسِي مِنْ قَوْمٍ كُنْتُ أُحِبُّهُمْ فِي اللَّهِ وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ قَالَ نَزَلَتْ فِي الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ حَدَّثَنَا ابْنُ سِنْجِرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِسْلَامِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللَّهِ وَتُبْغِضَ فِي اللَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَمِنَ الْحُبِّ فِي اللَّهِ حُبُّ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَهُمُ الْأَنْقِيَاءُ الْعُلَمَاءُ الْفُضَلَاءُ وَمِنَ الْبُغْضِ فِي اللَّهِ بُغْضُ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَجَاهَرَ بِمَعَاصِيهِ أَوْ أَلْحَدَ فِي صِفَاتِهِ وَكَفَرَ بِهِ وَكَذَّبَ رُسُلَهُ أَوْ نَحْوَ هَذَا كُلِّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي ظِلِّ اللَّهِ فَإِنَّهُ أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ وَقَدْ يَكُونُ الظِّلُّ كناية عن

الرَّحْمَةِ كَمَا قَالَ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ وَفَوَاكِهَ يَعْنِي بِذَلِكَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الرَّحْمَةِ وَالنَّعِيمِ وَقَالَ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا وَقَدْ يَكُونُ كِنَايَةً عَنِ الْعَذَابِ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ وَمَنْ كَانَ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْحِسَابِ وُقِيَ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ جَعَلَنَا اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ مِنَ الْمُتَحَابِّينَ فِيهِ وَلِوَجْهِهِ الْمُسْتَقِرِّينَ تَحْتَ ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَأَكْرَمِ الْخِلَالِ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ صَالِحٍ السَّبِيعِيُّ الْحَلَبِيُّ بِدِمَشْقَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُلَيْمَانَ الشَّعَرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْوَرْدِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الْأَعْرَجُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ قُلْ لِفُلَانٍ الْعَابِدِ أَمَّا زُهْدُكَ فِي الدُّنْيَا فَتَعَجَّلْتَ رَاحَةَ نَفْسِكَ وَأَمَّا انْقِطَاعُكَ إِلَيَّ فَتَعَزَّزْتَ بِي فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا لِي عَلَيْكَ قَالَ وَمَا ذَاكَ عَلَيَّ قَالَ هَلْ وَالَيْتَ لِي وَلِيًّا أَوْ عَادَيْتَ لِي عَدُوًّا

(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّامِقِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَدِمَتِ امْرَأَةٌ مُضْحِكَةٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَنَزَلَتْ عَلَى امْرَأَةٍ مُضْحِكَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ جَاءَتْ عَائِشَةَ تُسَلِّمُ عَلَيْهَا فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ أَيْنَ نَزَلْتِ قَالَتْ عَلَى فُلَانَةٍ فَقَالَتْ عَائِشَةُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ وَمِنْ دُعَاءِ الْفَضْلِ الرَّقَاشِيِّ اللَّهُمَّ لَا تُدْخِلْنَا النَّارَ بَعْدَ أَنْ أَسْكَنْتَ قُلُوبَنَا تَوْحِيدَكَ وَأَرْجُو أَنْ لَا تَفْعَلَ وَإِنْ فَعَلْتَ لَتَجْمَعَنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَادَيْنَاهُمْ فِيكَ) وَأَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ أَمْلَى عَلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حِفْظِهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَزِيدَ الْحَلَبِيُّ قَاضِي حَلَبَ إِمْلَاءً من حفظه بمصر حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْغَضَائِرِيُّ حَدَّثْنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْوَرْدِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ قُلْ لِفُلَانٍ الْعَابِدِ أَمَّا زُهْدُكَ فِي الدُّنْيَا فَتَعَجَّلْتَ رَاحَتَكَ وَأَمَّا انْقِطَاعُكَ إِلَيَّ فَتَعَزَّزْتَ بِي فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا لِي عَلَيْكَ قَالَ يَا رَبِّ وَمَا ذَاكَ فَقَالَ هَلْ وَالَيْتَ فِي وَلِيًّا أَوْ عَادَيْتَ فِي عَدُوًّا قَالَ الْأُرْدُنِيُّ! هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يُسْنِدْهُ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْوَرْدِ وَالنَّاسُ يُوقِفُونَهُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَزِيدَ الْحَلَبِيِّ عَنِ الْغَضَائِرِيِّ بِإِسْنَادِهِ هَذَا مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَرْفَعْهُ وَأَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَيْضًا قَالَ أَمْلَى عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الأسفرايني الْحَافِظُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ حِفْظِهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ حَمْدُونَ الْفَقِيهُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْوَرْدِ وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الأعرج عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيِّهِ أَنْ قُلْ لِفُلَانٍ الزَّاهِدِ أَمَّا زُهْدُكَ فِي الدُّنْيَا فَقَدْ تَعَجَّلْتَ رَاحَةَ نَفْسِكَ وَأَمَّا انْقِطَاعُكَ إِلَيَّ فَقَدْ تَعَزَّزْتَ بِي فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا لِي عَلَيْكَ قَالَ وَمَا لَكَ عَلَيَّ قَالَ هَلْ وَالَيْتَ فِي وَلِيًّا أَوْ عاديت في عدوا قال الأسفرايني هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي الْوَرْدِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ فَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِأَنَّ حميد الْأَعْرَجَ هَذَا الَّذِي يَرْوِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ وَهُوَ حُمَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ أَبُو يَحْيَى الْأَعْرَجُ لَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحارث مناكير منها عن بعدالله بن الحارث عن ابن مسعند عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى يَوْمَ كَلَّمَهُ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ وَكِسَاءُ صُوفٍ وَسَرَاوِيلُ صُوفٍ وَكُمَّةُ صُوفٍ وَنَعْلَانِ مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ غَيْرِ ذَكِيٍّ رَوَاهُ أَيْضًا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ أَصْلُهُ الْكُوفَةُ وَسَكَنَ وَاسِطَ وَإِلَيْهَا يُنْسَبُ وَمَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْمُتَحَابُّونَ لِجَلَالِي فِي ظِلِّ عَرْشِي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلَالِي وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَلَا مَعْنًى يُشْكَلُ وَقَدْ مَضَى فِي بسط معناه

بِالْآثَارِ وَغَيْرِهَا كِفَايَةٌ وَقَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوبة بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّهِ عِبَادٌ لَا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا بِشُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ هُمْ وَمَا أَعْمَالُهُمْ لَعَلَّنَا نُحِبُّهُمْ قَالَ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرَوْحِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا وَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ نُورٌ وَإِنَّهُمْ لَعَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ ثُمَّ قَرَأَ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (وَقَدْ) حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَلَبِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الشَّعَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم

أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى قَالَ فَأَرْصَدَ اللَّهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ لَهُ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَهُ عَلَيْكَ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لَا وَلَكِنْ أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ أَنَّهُ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ صَالِحٍ الْحَلَبِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْبُطْنَانِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فُضَالَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَحَابَّ رَجُلَانِ فِي اللَّهِ قَطُّ إِلَّا كَانَ أَفْضَلُهُمَا أَشَدَّهُمَا حُبًّا لِصَاحِبِهِ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ اللُّؤْلُؤِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ تَتَلَاقَى فِي الْهَوَاءِ فَتَتَشَامَّ كَمَا تَتَشَامُّ الْخَيْلُ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ وَلَوْ أَنَّ مُؤْمِنًا جَاءَ إِلَى مَجْلِسٍ فِيهِ مِائَةُ مُنَافِقٍ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَاحِدٌ لَقُيِّضَ لَهُ حَتَّى يَجْلِسَ إِلَيْهِ

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ إِلَّا أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّامِقِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيَّ فَقُلْتُ أَتَعْرِفُنِي قَالَ نَعَمْ وَلَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْكَ لَقَبَّلْتُكَ سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ نَزَلَتْ فِي الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ وَفِي رِسَالَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ إِلَى عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ رَوَاهُ الْفِرْيَابِيُّ عَنْهُ قَالَ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ هُمُ الْمُوَاسُونَ فِيهِ وَالْمُتَبَاذِلُونَ فِيهِ وَالْمُؤْثِرُونَ لِإِخْوَانِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بأموالهم)

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِأَبِي طُوَالَةَ مُرْسَلٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ حِسَانٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلًا رَجُلٌ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلَةً بَعْدَهُ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي غُنَيْمَةٍ (لَهُ) يُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ وَيَعْبُدُ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ لَا خِلَافَ عَنْهُ فِيهِ وَقَدْ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي فَضْلِ الْجِهَادِ وَفِي الْجِهَادِ مِنَ الْفَضَائِلِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا يَكَادُ يُحْصَى قَدْ مَرَّ مِنْهَا كَثِيرٌ فِي كِتَابِنَا هَذَا وَلَيْسَ هَذَا عَلَى شَرْطِنَا مَوْضِعَ ذِكْرِهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَهُ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ فَفِي ذَلِكَ حَضٌّ عَلَى الِانْفِرَادِ عَنِ النَّاسِ وَاعْتِزَالِهِمْ وَالْفِرَارِ عَنْهُمْ وَلَسْتُ أَدْرِي فِي هَذَا الْكِتَابِ مَوْضِعًا أَوْلَى بِذِكْرِ الْعُزْلَةِ وَفَضْلِهَا مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ فَضَّلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَرَى وَفَضَّلَهَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ وَالْحُكَمَاءِ لَا سِيَّمَا فِي زَمَنِ الْفِتَنِ وَفَسَادِ النَّاسِ وَقَدْ يَكُونُ الِاعْتِزَالُ عَنِ النَّاسِ مَرَّةً فِي الْجِبَالِ وَالشِّعَابِ وَمَرَّةً فِي السَّوَاحِلِ وَالرِّبَاطِ وَمَرَّةً فِي الْبُيُوتِ وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا كَانَتِ الْفِتْنَةُ فَاخْفِ مَكَانَكَ وَكُفَّ لِسَانَكَ وَلَمْ يَخُصَّ مَوْضِعًا مِنْ مَوْضِعٍ وَقَدْ قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا النَّجَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ يَا عُقْبَةُ أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلِيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ وَبِمِثْلِ هَذَا أَوْصَى ابْنُ مَسْعُودٍ رَجُلًا قَالَ أَوْصِنِي وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ

الْبَطِينِ عَنْ عَدَسَةَ قَالَ مَرَّ بِنَا ابْنُ مَسْعُودٍ فَأُهْدِيَ لَهُ طَائِرٌ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَدِدْتُ أَنِّي حَيْثُ صِيدَ هَذَا الطَّائِرُ لَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ وَلَا أُكَلِّمُهُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ مَرَجَتْ عُهُودُهُمْ وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ فَالْزَمْ بَيْتَكَ وَامَلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَخُذْ مَا تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ فَكَانَ يَمْكُثُ الْأَيَّامَ فِي غَارِ حِرَاءٍ يَتَعَبَّدُ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ مِنْ عِنْدِ خَدِيجَةَ (فَيَبْقَى الْأَيَّامَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ) فَتُزَوِّدُهُ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى جَاءَهُ الْوَحْيُ ذَكَرَهُ مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَكَانَ يُقَالُ قَدِيمًا طُوبَى لِمَنْ خَزَنَ لِسَانَهُ وَوَسِعَهُ بَيْتُهُ وَبَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَزْهَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْفَرْغَانِيُّ بِفَرْغَانَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي يَحْيَى سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ

قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ نِعْمَ صَوْمَعَةُ الرَّجُلِ بَيْتُهُ يَكُفُّ فِيهِ بَصَرُهُ وَنَفْسُهُ وَفَرْجُهُ وَإِيَّاكُمْ وَالْمَجَالِسَ فِي الْأَسْوَاقِ فَإِنَّهَا تُلْغِي وَتُلْهِي (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ إِنَّ الْيَأْسَ غِنًى وَإِنَّ الطَّمَعَ فَقْرٌ حَاضِرٌ وَإِنَّ الْعُزْلَةَ رَاحَةٌ مِنْ خُلَطَاءِ السُّوءِ) وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ صَوَامِعُ الْمُؤْمِنِينَ بُيُوتُهُمْ مِنْ مَرَاسِيلِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَسَارِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ قَالَ لِي بُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ مَا فَعَلَ خَالُكَ قَالَ قُلْتُ لَزِمَ الْبَيْتَ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ إِلَّا أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ لَزِمُوا بُيُوتَهُمْ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ فَلَمْ يَخْرُجُوا إِلَّا إِلَى قُبُورِهِمْ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ قال

طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أَقَلُّ لِعَيْبِ الرَّجُلِ لُزُومُهُ بَيْتَهُ وَعَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ لَوَدِدْتُ أَنِّي وَجَدْتُ مَنْ يَقُومُ لِي فِي مَالِي فَدَخَلْتُ بَيْتِي فَأَغْلَقْتُ بَابِي فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ أَحَدٌ وَلَمْ أَخْرُجْ إِلَى أَحَدٍ حَتَّى أَلْحَقَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ غَيْرُهُ طُوبَى لِمَنْ كَانَ غَنِيًّا خَفِيًّا وَكَانَ طَاوُسٌ يَجْلِسُ فِي الْبَيْتِ فَقِيلَ لَهُ لِمَ تُكْثِرُ الْجُلُوسَ فِي الْبَيْتِ فَقَالَ حَيْفُ الْأَئِمَّةِ وَفَسَادُ النَّاسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَرَّ النَّاسُ قَدِيمًا مِنَ النَّاسِ فَكَيْفَ بِالْحَالِ الْيَوْمَ مَعَ ظُهُورِ فَسَادِهِمْ وَتَعَذُّرِ السَّلَامَةِ مِنْهُمْ وَرَحِمَ اللَّهُ مَنْصُورًا الْفَقِيهَ حَيْثُ يَقُولُ ... النَّاسُ بَحْرٌ عَمِيقٌ ... وَالْبَعْدُ مِنْهُمْ سَفِينَةْ ... وَقَدْ نَصَحْتُكَ فَانْظُرْ ... لِنَفْسِكَ الْمِسْكِينَةْ ... وَقَالَ رَجُلٌ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَوْصِنِي فَقَالَ هَذَا زَمَانُ السُّكُوتِ ولزوم البيوت أخذ هذا منصور فقال ... الخير أجمع في السكوت ... وَفِي مُلَازَمَةِ الْبُيُوتِ ... فَإِذَا اسْتَوَى لَكَ ذَا وَذَا ... لِكَ فَاقْتَنِعْ بِأَقَلِّ قُوتِ

وَقَالَ مَنْصُورٌ أَيْضًا ... لَيْسَ هَذَا زَمَانَ قَوْلِكَ ما الحكم ... عَلَى مَنْ يَقُولُ أَنْتِ حَرَامُ ... وَالْحَقِي بَائِنًا بأهلك أو أنت ... عتيق محرر يا غلام ... متى تنكح المصابة في العد ... دة عَنْ شُبْهَةٍ وَكَيْفَ الْكَلَامُ ... ... فِي حَرَامٍ أَصَابَ سِنَّ غَزَالٍ ... فَتَوَلَّى وَلِلْغَزَالِ بِغَامُ ... ... إِنَّمَا ذَا زَمَانُ كَدٍّ إِلَى الْمَوْ ... تِ وَقُوتٍ مُبَلِّغٍ وَالسَّلَامُ ... ... ... حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْحَارِثِ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ يَقُولُ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ مَا رَأَيْتُ لِأَحَدٍ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَدْخُلَ فِي جُحْرٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ قَالَ لِي سُفْيَانُ أَنْكِرْ مَنْ تَعْرِفُ وَلَا تَتَعَرَّفُ إِلَى مَنْ لَا تَعْرِفُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ لَهُ أَوْصِنِي فَقَالَ أَقِلَّ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ أَقِلَّ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ كَأَنَّهُ مَلْدُوغٌ مِنْ مُجَالَسَةِ النَّاسِ وَقَالَ

دَاوُدُ الطَّائِيُّ فِرَّ مِنَ النَّاسِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الْأَسَدِ وَاسْتَوْحِشْ مِنْهُمْ كَمَا تَسْتَوْحِشُ مِنَ السِّبَاعِ وَمِمَّا يُرْوَى لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَزَمَانُهُ لَا مَحَالَةَ خَيْرٌ مِنْ زَمَانِنَا هَذَا ... لَيْتَ السِّبَاعَ لَنَا كَانَتْ مُجَاوِرَةً ... وَلَيْتَنَا لَا نَرَى مِمَّنْ نَرَى أَحَدَا ... ... إِنَّ السِّبَاعَ لَتَهْدَا فِي مَرَابِضِهَا ... وَالنَّاسُ لَيْسَ بِهَادٍ شَرُّهُمْ أَبَدَا ... ... فَاهْرُبْ بِنَفْسِكَ وَاسْتَأْنِسْ بِوَحْدَتِهَا ... تَعِشْ سَلِيمًا إِذَا مَا كُنْتَ مُنْفَرِدًا ... وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ أَقِلَّ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ وَلْيَكُنْ شُغْلُكَ فِي نَفْسِكَ وَقَالَ وُهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ خَالَطْتُ النَّاسَ خَمْسِينَ سَنَةً فَمَا وَجَدْتُ رَجُلًا غَفَرَ لِي ذَنْبًا فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَلَا وَصَلَنِي إِذَا قَطَعْتُهُ وَلَا سَتَرَ عَلَيَّ عَوْرَةً وَلَا أَمِنْتَهُ إِذَا غَضِبَ فَالِاشْتِغَالُ بِهَؤُلَاءِ حُمْقٌ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ لِي رَاهِبٌ مِنَ الرُّهْبَانِ يَا مَالِكُ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ النَّاسِ سُورًا مِنْ حَدِيدٍ فَافْعَلْ فَانْظُرْ كُلَّ جَلِيسٍ لَا تَسْتَفِيدُ مِنْهُ خَيْرًا فِي دِينِكَ فَانْبِذْهُ عَنْكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبِ (بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الخطاب

خُذُوا بِحَظِّكُمْ مِنَ الْعُزْلَةِ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ الْعُزْلَةُ عِبَادَةٌ وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُبَيْقٍ قَالَ قَالَ لِي يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ قَالَ لِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَهُوَ يَطُوفُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ حَلَّتِ الْعُزْلَةُ وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ الْحِكْمَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي الصَّمْتِ وَالْعَاشِرَةُ عُزْلَةُ النَّاسِ قَالَ وَعَالَجْتُ نَفْسِي عَلَى الصَّمْتِ فَلَمْ أَظْفَرْ بِهِ فَرَأَيْتُ أَنَّ الْعَاشِرَةَ خَيْرُ الْأَجْزَاءِ وَهِيَ عُزْلَةُ النَّاسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ جَعَلَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْعُزْلَةَ اعْتِزَالَ الشَّرِّ وَأَهْلِهِ بِقَلْبِكَ وَعَمَلِكَ وَإِنْ كُنْتَ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ ذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فَقَالَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ وَقَعُوا فِيمَا فِيهِ وَقَعُوا وَقَدْ حَدَّثْتُ نَفْسِي أَنْ لَا أُخَالِطَهُمْ فَقَالَ لَا تَفْعَلْ إِنَّهُ لَا بُدَّ لَكَ مِنَ النَّاسِ وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْكَ وَلَكَ إِلَيْهِمْ حَوَائِجُ وَلَهُمْ إِلَيْكَ حَوَائِجُ وَلَكِنْ كُنْ فِيهِمْ أَصَمَّ سَمِيعًا أَعْمَى بَصِيرًا سُكُوتًا نَطُوقًا وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي تَفْسِيرِ الْعُزْلَةِ أَنْ تَكُونَ مَعَ الْقَوْمِ فَإِذَا خَاضُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ فَخُضْ مَعَهُمْ وَإِنْ خَاضُوا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَاسْكُتْ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ مِنْ حُجَّتِهِ مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَابَةَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ مَنْ هُوَ قال

ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُمْ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ وَرُوِّينَا عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ قَالَ الْكَلَامُ بِالْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنَ السُّكُوتِ وَالسُّكُوتُ خَيْرٌ مِنَ الْكَلَامِ بِاللَّغْوِ وَالْبَاطِلِ وَالْجَلِيسُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ وَالْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السُّوءِ وَهَذَا بَابٌ يَتَّسِعُ بِالْآثَارِ وَالْحِكَايَاتِ عَنِ الْعُلَمَاءِ وَالْحُكَمَاءِ وَهُوَ بَابٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَأَمَّا الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ فَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حدثنا شبابة وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ جَمِيعًا عَنِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُؤَيْبٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ جُلُوسٌ فَقَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلًا قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ

فَقَالَ رَجُلٌ يُمْسِكُ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يَمُوتَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يَلِيهِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ يُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ وَيَعْتَزِلُ شَرَّ النَّاسِ (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يَتْلُوهُ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ فِيهَا أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ رَجُلٌ يُسْأَلُ بِاللَّهِ وَلَا يُعْطِي بِهِ) وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَالصَّحِيحُ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ قَالَ مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَقَالَ ثُمَّ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ثُمَّ مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ

مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِي اللَّهَ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قِيلَ ثُمَّ مَهْ قَالَ رَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِي رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيَذَرُ النَّاسَ مِنْ شَرَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ نَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ خَيْرُ النَّاسِ فِيهِ مَنْزِلَةً مَنْ أَخَذَ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كُلَّمَا سَمِعَ بِهَيْعَةٍ اسْتَوَى عَلَى مَتْنِهِ ثُمَّ يَطْلُبُ الْمَوْتَ فِي مَظَانِّهِ وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنْ هَذِهِ الشِّعَابِ يُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ وَيَدَعُ النَّاسَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ

مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ بِنْتِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ رَجُلًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّامِ وَقَالَ رَجُلٌ أَخَذَ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُغِيرَ أَوْ يُغَارَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ بَعْدَهُ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْحِجَازِ ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ يُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ وَيُقِيمُ حَقَّ اللَّهِ فِي مَالِهِ قَدِ اعْتَزَلَ شُرُورَ النَّاسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعْفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنَّمَا جَاءَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِذِكْرِ الشِّعَابِ وَالْجِبَالِ وَاتِّبَاعِ الْغَنَمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَغْلَبُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَعْتَزِلُ فِيهَا النَّاسُ فَكُلُّ مَوْضِعٍ يَبْعُدُ عَنِ النَّاسِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِثْلَ اسْمِ الِاعْتِكَافِ فِي الْمَسَاجِدِ وَلُزُومِ السَّوَاحِلِ لِلرِّبَاطِ وَالذِّكْرِ وَلُزُومِ الْبُيُوتِ فِرَارًا عَنْ شُرُورِ النَّاسِ لِأَنَّ مَنْ نَأَى عَنْهُمْ سَلِمُوا مِنْهُ وَسَلِمَ مِنْهُمْ لِمَا فِي مُجَالَسَتِهِمْ وَمُخَالَطَتِهِمْ من الخوض في الغيبة واللغو وأنواع اللفظ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ لَا رَبَّ غَيْرُهُ

تابع لحرف العين

(أَبُو الزِّنَادِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ) قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو الزِّنَادِ لَقَبٌ غَلَبَ عَلَيْهِ وكنيته أبو عبد الرحمان لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ وَذَكْوَانُ أَبُوهُ مَوْلَى رَمْلَةَ ابْنَةِ شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَكَانَتْ رَمْلَةُ هَذِهِ تَحْتَ عُثْمَانَ بن عفان وقيل هو مولى عائشة ببنت عُثْمَانَ وَقِيلَ مَوْلَى عُثْمَانَ وَيُقَالُ إِنَّ ذَكْوَانَ أَبَا أَبِي الزِّنَادِ كَانَ أَخَا أَبِي لُؤْلُؤَةَ قَاتِلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِوِلَادَةِ الْعَجَمِ هَكَذَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَمُصَعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ قَالَ أَبِي أَبُو الزِّنَادِ مِنْ رَهْطِ أَبِي لُؤْلُؤَةَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ قَرَابَةٌ قَالَ وَكَانَ أَحَدَ مُفْتِيِّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا

أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ أَبُو الزِّنَادِ فَقِيهَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ صَاحِبَ كِتَابٍ وَحِسَابٍ وَكَانَ كَاتِبًا لعبد الحميد بن عبد الرحمان بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ وَكَاتِبًا أَيْضًا لِخَالِدِ بن عبد الملك بن الحرث بْنِ الْحَكَمِ بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَقَدِمَ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِحِسَابِ دِيوَانِ الْمَدِينَةِ فَجَالَسَ هِشَامًا مَعَ ابْنِ شِهَابٍ فَسَأَلَ هِشَامٌ ابْنَ شهاب في أي شعر كَانَ عُثْمَانُ يُخْرِجُ الْعَطَاءَ فِيهِ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَا أَدْرِي فَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ كُنَّا نَرَى أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا وُجِدَ عِنْدَهُ عِلْمُهُ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ فَسَأَلَنِي هِشَامٌ فَقُلْتُ فِي الْمُحَرَّمِ قَالَ هِشَامٌ لِابْنِ شِهَابٍ يَا أَبَا بَكْرٍ هَذَا عِلْمٌ قَدْ أَفَدْتَهُ الْيَوْمَ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ مَجْلِسُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَهْلٌ أَنْ يُفَادَ مِنْهُ الْعِلْمُ قَالَ مُصْعَبٌ وَكَانَ أَبُو الزِّنَادِ مُعَادِيًا لربيعة بن أبي عبد الرحمان قَالَ وَكَانَ أَبُو الزِّنَادِ وَرَبِيعَةُ فَقِيهَيْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي زَمَانِهِمَا وَذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا الزِّنَادِ دَخَلَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَمَعَهُ مِنَ الْأَتْبَاعِ مِثْلُ مَا مَعَ السُّلْطَانِ مِنْ بَيْنِ سَائِلٍ عَنْ حَدِيثٍ وَبَيْنِ سَائِلٍ عَنْ فِقْهٍ وَبَيْنِ سَائِلٍ عَنْ فَرِيضَةٍ وَبَيْنِ سَائِلٍ عَنْ شِعْرٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَأَلْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ قُلْتُ لَهُ كَيْفَ رَأَيْتَ أَبَا الزناد قال أو كان ثَمَّ أَمِيرٌ غَيْرُهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ أَبُو الزِّنَادِ أَعْلَمُ مِنْ رَبِيعَةَ فَقُلْتُ لِأَحْمَدَ حَدِيثُ رَبِيعَةَ كَيْفَ هُوَ قَالَ ثِقَةٌ وَأَبُو الزِّنَادِ أَعْلَمُ مِنْهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ وَلَّى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبَا الزِّنَادِ بَيْتَ مَالِ الْكُوفَةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير حَدَّثَنِي أُبَيٌّ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ كَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ لِأَبِي الزِّنَادِ جِئْتُ بِهَا زُيُوفًا وَتَذْهَبُ بِهَا جِيَادًا وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ كَانَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الحارث بن

الحكمم! قَدْ وَلَّى أَبَا الزِّنَادِ الْمَدِينَةَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَوْنِ الْغَطَفَانِيُّ ... رَأَيْتُ الْخَيْرَ عَاشَ لَنَا فَعِشْنَا ... وَأَحْيَانِي مَكَانَ أَبِي الزِّنَادِ ... ... وَسَارَ بِسِيرَةِ الْعُمَرَيْنِ فِينَا ... بِعَدْلٍ فِي الْحُكُومَةِ وَاقْتِصَادِ ... وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ كَانَتْ لِأَبِي الزِّنَادِ حَلَقَةٌ عَلَى حِدَةٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال الْوَاقِدِيُّ مَاتَ أَبُو الزِّنَادِ فَجْأَةً فِي مُغْتَسَلِهِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَقِيلَ تُوُفِّيَ أَبُو الزِّنَادِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ كَانَ أَبُو الزِّنَادِ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ فَصِيحًا بَصِيرًا بِالْعَرَبِيَّةِ كَاتِبًا حَاسِبًا فَقِيهًا عَالِمًا عَاقِلًا وَقَدْ وَلِيَ خَرَاجَ الْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ حَدِيثًا مُسْنَدَةٌ ثَابِتَةٌ صِحَاحٌ مُتَّصِلَةٌ

حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزيناد عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ إِسْحَاقَ ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَهُنَا وَبِاللَّهِ التوفيق

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ يَجُرُّ إِزَارَهُ بَطَرًا وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَطَرًا فَتَفْسِيرُهُ عِنْدِي قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ خُيَلَاءَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ تَفْسِيرِ الْخُيَلَاءِ وَالْمُخَيَّلَةِ وَأَمَّا أَصْلُ الْبَطَرِ فِي اللُّغَةِ فَلَهُ وُجُوهٌ أَحَدُهَا كُفْرُ النِّعْمَةِ وَهُوَ الَّذِي يُشْبِهُ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ إِلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ يَكُونُ الْبَطَرُ بِمَعْنَى الدَّهَشِ قَالَ الْخَلِيلُ بَطِرَ بَطَرًا إِذَا دَهِشَ وَأَبْطَرْتُ حِلْمَهُ أَدْهَشْتُهُ عَنْهُ وَبَطَرَ النِّعْمَةَ إِذَا لَمْ يَشْكُرْهَا وَرَجُلٌ بَطِرٌ مُتَمَادٍ فِي الْغَيِّ وَلَكِنَّ الْمَعْنَى الْمُرَادَ بِهَذَا الْحَدِيثِ التَّبَخْتُرُ فِي الْمَشْيِ وَالنَّظَرُ فِي الْأَعْطَافِ وَالتِّيهُ وَالتَّكَبُّرُ وَالتَّجَبُّرُ ونحو ذلك

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال تَحَاجَّ آدَمُ وَمُوسَى قَالَ لَهُ مُوسَى أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَغْوَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ آدَمُ أَنْتَ مُوسَى الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ وَاصْطَفَاهُ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَفَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ إِلَى هَهُنَا انْتَهَى حَدِيثُ مَالِكٍ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَزَادَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِإِسْنَادِهِ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً وَكَذَلِكَ قَالَ طَاوُسٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ سَمِعَ

أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَّ آدَمُ مُوسَى فَقَالَ مُوسَى يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا أَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ آدَمُ يَا مُوسَى أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ثُبُوتِهِ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَرُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ الْأَئِمَّةِ الْأَثْبَاتِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حدثنا أبو عمرو عثمان ابن مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الله بن سلم المقدسي حدثنا عبد الرحمان بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ آدَمُ مُوسَى فَقَالَ لَهُ مُوسَى أَنْتَ أَبُو النَّاسِ الَّذِي أَغْوَيْتَهُمْ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ آدَمُ أَنْتَ مُوسَى الَّذِي كَلَّمَكَ اللَّهُ وَاصْطَفَاكَ بِرِسَالَتِهِ فَكَيْفَ تَلُومُنِي عَلَى عَمَلٍ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ أَعْمَلَهُ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ قَالَ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى

وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ فَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكُلُّهُمْ يَرْفَعُهُ وَهِيَ كُلُّهَا صِحَاحٌ لِلِقَاءِ الزُّهْرِيِّ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا بِأَتَمِّ أَلْفَاظٍ وَأَحْسَنِ سِيَاقَةٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ اقل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ يَا رَبِّ أَبُونَا آدَمُ أَخْرَجَنَا وَنَفْسَهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَرَاهُ اللَّهُ آدَمَ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ آدَمُ قَالَ آدَمُ نَعَمْ قَالَ أَنْتَ الَّذِي نَفَخَ اللَّهُ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَعَلَّمَكَ

الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا وَأَمَرَ مَلَائِكَتَهُ فَسَجَدُوا لَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ لَهُ آدَمُ وَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُوسَى قَالَ أَنْتَ نَبِيُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَلَّمَكَ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ رَسُولًا مِنْ خَلْقِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَمَا وَجَدْتَ فِي كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَفَتَلُومُنِي فِي شَيْءٍ سَبَقَ مِنَ اللَّهِ فِيهِ الْقَضَاءُ قَبْلُ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِثْبَاتُ الْحِجَاجِ وَالْمُنَاظَرَةِ وَإِبَاحَةُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ طَلَبًا لِلْحَقِّ وَظُهُورِهِ وَقَدْ أَفْرَدْنَا لِهَذَا المعنى بابا كاملا أوضحناه فيه بالححج وَالْبُرْهَانِ وَالْبَسْطِ وَالْبَيَانِ فِي كِتَابِنَا كِتَابِ الْعِلْمِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَهُنَا وَفِيهِ إِبَاحَةُ التَّقْرِيرِ وَالتَّعْرِيضِ فِي مَعْنَى التَّوْبِيخِ فِي دَرَجِ الْحِجَاجِ حَتَّى تَقِرَّ الْحُجَّةُ مَقَرَّهَا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ عَلِمَ وَطَالَعَ الْعُلُومَ فَالْحُجَّةُ لَهُ أَلْزَمُ وَتَوْبِيخُهُ عَلَى الْغَفْلَةِ أَعْظَمُ

وَفِيهِ إِبَاحَةُ مُنَاظَرَةِ الصَّغِيرِ لِلْكَبِيرِ وَالْأَصْغَرِ لِلْأَسَنِّ إِذَا كَانَ ذَلِكَ طَلَبًا لِلِازْدِيَادِ مِنَ الْعِلْمِ وَتَقْرِيرًا لِلْحَقِّ وَابْتِغَاءً لَهُ وَفِيهِ الْأَصْلُ الْجَسِيمُ الَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَقِّ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ فَكَلٌّ يَجْرِي فِيمَا قُدِّرَ لَهُ وَسَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَفَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَيَّ فَهَذَا عِنْدِي مَخْصُوصٌ بِهِ آدَمُ لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ مِنْهُ وَمِنْ مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بَعْدَ أَنْ تِيبَ عَلَى آدَمَ وَبَعْدَ أَنْ تَلَقَّى مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ تَابَ بِهَا عَلَيْهِ فَحَسُنَ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِمُوسَى لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ تِيبَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَقُولَهُ الْيَوْمَ أَحَدٌ إِذَا أَتَى مَا نَهَاهُ اللَّهُ (عَنْهُ) وَيَحْتَجُّ بِمِثْلِ هَذَا فَيَقُولُ أَتَلُومُنِي عَلَى أَنْ قَتَلْتُ أَوْ زَنَيْتُ أَوْ سَرَقْتُ وَذَلِكَ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ وَقَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ هَذَا مَا لَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَهُ وَقَدِ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ أَنَّ مَنْ أَتَى مَا يَسْتَحِقُّ الذَّمَّ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِذَمِّهِ وَلَا حَرَجَ فِي لَوْمِهِ وَمَنْ أَتَى مَا يُحْمَدُ لَهُ فَلَا بَأْسَ بِمَدْحِهِ عَلَيْهِ وَحَمْدِهِ وَقَدْ حَكَى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ مِنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ أَنْ تِيبَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ رُوحَهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِرُوحِ مُوسَى وَلَمْ يَلْتَقِيَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا بَعْدَ الْوَفَاةِ وَبَعْدَ رَفْعِ أَرْوَاحِهِمَا فِي عِلِّيِّينَ فَكَانَ الْتِقَاؤُهُمَا كَنَحْوِ الْتِقَاءِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْ لَقِيَهُ فِي الْمِعْرَاجِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ الصَّحِيحِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عِنْدِي لَا يَحْتَمِلُ تَكْيِيفًا وَإِنَّمَا فِيهِ التَّسْلِيمُ لِأَنَّا لَمْ نُؤْتَ مِنْ جِنْسِ هَذَا الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حماد ابن سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حَمَّادٌ وَأَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جُنْدُبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَقِيَ آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى حَجَّهُ غَلَبَهُ وَظَهَرَ عَلَيْهِ فِي الْحُجَّةِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ مَنْ أَدْلَى عِنْدَ التنازع بحجته

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَالَ لَقِيَ آدَمُ مُوسَى فَقَالَ لَهُ مُوسَى يَا آدَمُ أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ فَأَخْرَجْتَ ذَرِّيَّتَكَ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ آدَمُ يَا مُوسَى أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ وَقَرَّبَكَ نَجِيًّا وَآتَاكَ التَّوْرَاةَ فَبِكَمْ تَجِدُ الذَّنْبَ الَّذِي عَمِلْتُهُ مَكْتُوبًا عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ قَالَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ فَلِمَ تَلُومُنِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى يَقُولُهَا ثَلَاثًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَوْضَحِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِثْبَاتِ الْقَدَرِ وَدَفْعِ قَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ (وَالْعِصْمَةُ)

وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ إِنَّ اللَّهَ لَا يُطَالِبُ خَلْقَهُ بِمَا قَضَى عَلَيْهِمْ وَقَدَّرَ وَلَكِنْ يُطَالِبُهُمْ بِمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ وَأَمَرَ فَطَالِبْ نَفْسَكَ مِنْ حَيْثُ يُطَالِبُكَ رَبُّكَ وَالسَّلَامُ وَرُوِّينَا أَنَّ النَّاسَ لَمَّا خَاضُوا فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ اجْتَمَعَ مُسْلِمُ ابن يَسَارٍ وَرُفَيْعٌ أَبُو الْعَالِيَةِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ تَعَالَ حَتَّى نَنْظُرَ فِيمَا خَاضَ النَّاسُ فِيهِ هَذَا الْأَمْرَ قَالَ فَقَعَدَا فَفَكَّرَا فَاتَّفَقَ رَأْيُهُمَا أَنَّهُ يَكْفِي الْمُؤْمِنَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ أَنْ يعلم أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ وَأَنَّهُ مَجْزِيٌّ بِعَمَلِهِ

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَنَافَسُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ قَوْمٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمِثْلِهِ فِي إِبْطَالِ الذَّرَائِعِ فِي الْبُيُوعِ فَقَالُوا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مِنَ الْمُؤْمِنِ دَمَهُ وَعِرْضَهُ وَمَالَهُ وَأَنْ لَا يُظَنَّ بِهِ إِلَّا الْخَيْرُ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ظَنَنْتُمْ فَلَا تُحَقِّقُوا قَالُوا وَأَحْكَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ على

الْحَقَائِقِ لَا عَلَى الظُّنُونِ فَأَبْطَلُوا الْقَوْلَ بِالذَّرَائِعِ فِي الْأَحْكَامِ مِنَ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا فَقَالُوا غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ إِنَّمَا أَرَدْتُ بِهَذَا الْبَيْعِ كَذَا بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ وَصَارَ هَذَا كَأَنَّهُ كَذَا وَيَدْخُلُهُ كَذَا لِمَا يُنْكِرُ فَاعِلُهُ أَنَّهُ أَرَادَهُ وَلِلْقَوْلِ عَلَيْهِمْ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخطاب قال لا يحل لامرىء مُسْلِمٍ سَمِعَ مِنْ أَخِيهِ كَلِمَةً أَنْ يَظُنَّ بِهَا سُوءًا وَهُوَ يَجِدُ لَهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ مَصْدَرًا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُنَادِي أَخْبَرَنَا ابْنُ سَيْفٍ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ الظَّنُّ ظَنَّانِ ظَنٌّ فِيهِ إِثْمٌ وَظَنٌّ لَيْسَ فِيهِ إِثْمٌ فَأَمَّا الظَّنُّ الَّذِي فِيهِ إِثْمٌ فَالَّذِي يُتَكَلَّمُ بِهِ وَأَمَّا الَّذِي لَيْسَ في إِثْمٌ فَالَّذِي لَا يُتَكَلَّمُ بِهِ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ بِالذَّرَائِعِ وَهُمْ أَصْحَابُ الرَّأْيِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مِنَ الْمَدَنِيِّينَ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَهُوَ حَدِيثٌ يَدُورُ عَلَى امْرَأَةٍ مَجْهُولَةٍ وَلَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ

بِحُجَّةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا فَهُمَا لَفْظَتَانِ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ الْبَحْثُ وَالتَّطَلُّبُ لِمَعَايِبِ النَّاسِ وَمَسَاوِيهِمْ إِذَا غَابَتْ وَاسْتَتَرَتْ لَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهَا وَلَا يَكْشِفَ عَنْ خَبَرِهَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَمِنْهُ لَا يَلِي أَحَدُكُمُ اسْتِمَاعَ مَا يَقُولُ فِيهِ أَخُوهُ وَأَصْلُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي اللغة من قولك حسن الثَّوْبَ أَيْ أَدْرَكَهُ بِحَسِّهِ وَجَسِّهِ مِنَ الْمِحَسَّةِ وَالْمِجَسَّةِ وَذَلِكَ حَرَامٌ كَالْغِيبَةِ أَوْ أَشَدَّ مِنَ الغيبة قال الله عز وجل يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَرَدَا جَمِيعًا بِأَحْكَامِ هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ قَدِ اسْتُسْهِلَ فِي زَمَانِنَا فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ عَلَى مَا حَلَّ بِنَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عن الأعمش

عَنْ زَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ وَهْبٍ قَالَ أُتِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقِيلَ لَهُ هَذَا فُلَانٌ تَقْطُرُ لِحْيَتُهُ خَمْرًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّا قَدْ نُهِينَا عَنِ التَّجَسُّسِ وَلَكِنْ إِنْ يَظْهَرْ لَنَا شَيْءٌ نَأْخُذْ بِهِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَجَسَّسُوا قَالَ خُذُوا مَا ظَهَرَ وَدَعُوا مَا سَتَرَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا تَنَافَسُوا فَالْمُرَادُ بِهِ التَّنَافُسُ فِي الدُّنْيَا وَمَعْنَاهُ طَلَبُ الظُّهُورِ فِيهَا عَلَى أَصْحَابِهَا وَالتَّكَبُّرُ عَلَيْهِمْ وَمُنَافَسَتُهُمْ فِي رِيَاسَتِهِمْ وَالْبَغْيُ عَلَيْهِمْ وَحَسَدُهُمْ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْهَا وَأَمَّا التَّنَافُسُ وَالْحَسَدُ عَلَى الْخَيْرِ وَطُرُقِ الْبِرِّ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ وَكَذَلِكَ مَنْ سَأَلَ عَمَّا غَابَ عَنْهُ مِنْ عِلْمٍ وَخَيْرٍ فَلَيْسَ بِمُتَجَسِّسٍ فَقِفْ عَلَى مَا فَسَّرْتُ لَكَ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِي مَعْنَى التَّحَاسُدِ وَالتَّدَابُرِ وَالتَّبَاغُضِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هَهُنَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَقَاطَعُوا مَعْنًى مُتَدَاخِلٌ كُلُّهُ مُتَقَارِبٌ وَالْقَصْدُ فِيهِ إِلَى النَّدْبِ عَلَى

التَّحَابِّ وَدَفْعِ مَا نَفَى ذَلِكَ لِأَنَّكَ إِذَا أَحْبَبْتَ أَحَدًا وَأَصْفَيْتَهُ الْوُدَّ لَمْ تُعْرِضْ عَنْهُ بِوَجْهِكَ وَلَمْ تُوَلِّهِ دُبُرَكَ بَلْ تُقْبِلُ عَلَيْهِ وَتُوَاجِهُهُ وَتَلْقَاهُ بِالْبِشْرِ وَمَنْ أَبْغَضْتَهُ وَلَّيْتَهُ دُبُرَكَ وَأَعْرَضْتَ عَنْهُ وَقَدْ فَسَّرْنَا هَذِهِ الْمَعَانِيَ فِي مَوَاضِعَ سَلَفَتْ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عِيسَىُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَابْنُ عَوْفٍ وَهَذَا لَفْظُهُ قَالَا حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول إِنَّكَ إِنِ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ كَلِمَةٌ سَمِعَهَا مُعَاوِيَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا قَالَ أَبُو عمر وروى هذا الحديث عبد الرحمان بن جبير ابن نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي يحيى بن جابر أن عبد الرحمان بْنَ جُبَيْرٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَامًا نَفَعَنِيَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتُهُ يَقُولُ أَعْرِضُوا عَنِ النَّاسِ أَلَمْ تَرَ أَنَّكَ إِذَا اتَّبَعْتَ الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا ضَمْضَمُ بْنُ زُرْعَةَ عَنْ شريح بن عبيد عن جبير ابن نُفَيْرٍ وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ وَعَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ بعن المقدام ابن مَعْدِي كَرِبَ وَأَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِنَّ الْأَمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدِي لِقَائِي أَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ وَإِذَا كَرِهَ لِقَائِي كَرِهْتُ لِقَاءَهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا يُعَانِيهِ الْمَرْءُ عِنْدَ حُضُورِ أَجَلِهِ فَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ لَمْ يُحِبَّ الْخُرُوجَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَا لِقَاءَ اللَّهِ لِسُوءِ مَا عَايَنَ مِمَّا يَصِيرُ إِلَيْهِ وَإِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَالْإِسْرَاعَ إِلَى رَحْمَتِهِ لِحُسْنِ مَا عَايَنَ وَبُشِّرَ بِهِ وَلَيْسَ حُبَّ الْمَوْتِ وَلَا كَرَاهِيَتَهُ وَالْمَرْءُ فِي صِحَّتِهِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي شَيْءٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ قَالَ لَيْسَ وَجْهُهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ يَكْرَهُ عَلَزَ الْمَوْتِ وَشِدَّتَهُ لِأَنَّ هَذَا لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْهُ أَحَدٌ

نَبِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ وَلَكِنَّ الْمَكْرُوهَ مِنْ ذَلِكَ إِيثَارُ الدُّنْيَا وَالرُّكُونُ إِلَيْهَا وَالْكَرَاهَةُ أَنْ يَصِيرَ إِلَى اللَّهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ وَيُؤْثِرَ الْمُقَامَ فِي الدُّنْيَا قَالَ وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ عَابَ قَوْمًا فِي كِتَابِهِ بِحُبِّ الْحَيَاةِ فَقَالَ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَقَالَ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَقَالَ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ قَالَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَرَاهِيَةَ لِلِقَاءِ اللَّهِ لَيْسَتْ بِكَرَاهِيَةِ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا هُوَ الْكَرَاهِيَةُ لِلنَّقْلَةِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ قَالَ أَبُوُ عُمَرَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ عَنْ أَنْ يَتَمَنَّى أَحَدُهُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ فَالْمُتَمَنِّي لِلْمَوْتِ لَيْسَ بِمُحِبٍّ لِلِقَاءِ اللَّهِ بَلْ هُوَ عَاصٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي تَمَنِّيهِ الْمَوْتَ إِذَا كَانَ بِالنَّهْيِ عَالِمًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن إسحاق حدثنا عمرو

ابن مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ يَنْزِلُ بِهِ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ قَائِلًا فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَّفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيَ عَنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ وَأُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الحرث أُمُّ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَابِسٌ الْغِفَارِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَيْسٌ قَالَ أَتَيْتُ خَبَّابًا وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا فِي بَطْنِهِ فَقَالَ لَوْلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا

مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِنٌ فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ خَيْرًا وَإِمَّا مُسِيءٌ فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ فَهَذِهِ الْآثَارُ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ حُبَّ لِقَاءِ اللَّهِ لَيْسَ بِتَمَنِّي الْمَوْتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ يَجُوزُ تَمَنِّي الْمَوْتِ لِغَيْرِ الْبَلَاءِ النَّازِلِ مِثْلَ أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَرْءُ فِتْنَةً فِي دِينِهِ قَالَ مَالِكٌ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يَبْلُغُهُ شَيْءٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَّا أَحَبَّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ حَتَّى لَقَدْ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَعَا عَلَى نَفْسِهِ بِالْمَوْتِ فَدَعَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمَوْتِ فَمَا أَتَتِ الْجُمُعَةُ حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي هَذَا الْكِتَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لاتقوم السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ أَخِيهِ فَيَقُولَ يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ وَأَمَّا مَعْنَى حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ فَإِنَّمَا هُوَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عِنْدَ

حُضُورِ الْمَوْتِ وَمُعَايَنَةِ بُشْرَى الْخَيْرِ أَوِ الشَّرِّ فَعَلَى هَذَا تُنَزَّلُ الْآثَارُ وَعَلَى ذَلِكَ فَسَّرَهُ العلماء حدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى وَخَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ بُكَيْرٌ حَدَّثَنَا مُوسَىُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْهَرَوِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عِمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ الْمِصْرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ رَأَى بُشُرَهُ فَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الْمُكْثِ فِي الدُّنْيَا وَإِذَا حَضَرَ الْكَافِرَ الْمَوْتُ رَأَى بُشُرَهُ فَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْمُكْثِ فِي الدُّنْيَا قَالَ أَبُو عُمَرَ بُشُرٌ جَمْعُ بَشِيرٍ مِثْلَ سَرِيرٍ وَسُرُرٍ وَقَدْ يُخَفَّفُ ذَلِكَ وَيُثَقَّلُ مِثْلَ رُسْلٍ وَرُسُلٍ وَسُبْلٍ وَسُبُلٍ وَقَدْ تَكُونُ الْبُشْرَى بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَبَشِّرْهُمْ

بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَيْضًا إِنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْبُشُرُ جَمْعَ بِشَارَةٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَيِّتُ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ فَإِذَا كَانَ الرَّجُلَ الصَّالِحَ قَالُوا اخْرُجِي أيتها لانفس الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ اخْرُجِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ قَالَ فَلَا تَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَيُفْتَحُ لَهَا فَيُقَالُ مِنْ هَذَا فَيَقُولُونَ فُلَانٌ فَيُقَالُ مَرْحَبًا بالنفس الطيبة كانت في السجد الطَّيِّبِ ادْخُلِي حَمِيدَةً وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ فَلَا يَزَالُ يُقَالُ ذَلِكَ حَتَّى يَنْتَهِيَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ يَعْنِي السَّابِعَةَ وَإِذَا كَانَ الرَّجُلَ السُّوءَ وَحَضَرَتْهُ الْمَلَائِكَةُ

عِنْدَ مَوْتِهِ قَالَتْ اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ اخْرُجِي ذَمِيمَةً وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ فَلَا تَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حُبِّ لِقَاءِ اللَّهِ وَكَرَاهَتِهِ إِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَ حُضُورِ الْوَفَاةِ وَمُعَايَنَةِ مَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبِشَارَةَ قَدْ تَكُونُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَبِمَا يَسُوءُ وَبِمَا يُسَرُّ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ أَيْنَمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ كَافِرٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ بَشِّرْ قَاتِلَ ابْنِ صَفِيَّةَ بِالنَّارِ وَقَدْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يزيد

ابن هَارُونَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَيَقْطَعُ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ كُشِفَ لَهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ أَبِي زُبَيْدٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ قَالَ شُرَيْحٌ فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ

سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَذْكُرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا إِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ هَلَكْنَا فَقَالَتْ وَمَا ذَلِكَ قُلْتُ قَالَ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَلَيْسَ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَيَكْرَهُ الْمَوْتَ قَالَتْ قَدْ قَالَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ لَيْسَ بِالَّذِي تَذْهَبُ إِلَيْهِ وَلَكِنْ إِذَا طَمَحَ الْبَصَرُ وَحَشْرَجَ الصَّدْرُ وَاقْشَعَرَّ الْجِلْدُ فَعِنْدَ ذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا قَدْ بَانَ فِيهَا أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ حُضُورِ الْمَوْتِ وَمُعَايَنَةِ مَا هُنَاكَ وَذَلِكَ حِينَ لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ التَّائِبِ إِنْ لَمْ يَتُبْ قَبْلَ ذَلِكَ (وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي بَابِ نَافِعٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ)

الحديث السادس

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَعَنْ أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَعَنْ أَنْ يَشْتَمِلَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ أَمَّا الْمُلَامَسَةُ وَالْمُنَابَذَةُ فَقَدْ مَضَى تَفْسِيرُهُمَا فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا بَيِّنٌ مُسْتَغْنٍ عَنِ التَّفْسِيرِ بَلْ هُوَ مُفَسِّرٌ لِلِبْسَةِ الصَّمَّاءِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَفِيهِ دَلِيلٌ كَالنَّصِّ عَلَى النَّهْيِ عَنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حنبل يسأل عن الصَّمَّاءِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَقَالَ كُرِهَتْ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ قَالَ أَكْرَهُهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى عَاتِقِهِ قَمِيصٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّمَّاءُ مُفَسَّرَةٌ فِي حَدِيثِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشْتَمِلَ الرَّجُلُ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ حَدَّثَنَاهُ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّمَّاءُ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ بِأَنْ يَشْتَمِلَ الثَّوْبُ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ يَعْنِي وَلَا يَرْفَعُهُ عَنْهُ يَتْرُكُهُ مُطْبِقًا وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الصَّمَّاءَ لِأَنَّهَا لِبْسَةٌ لَا انْفِتَاحَ فِيهَا كَأَنَّهُ لَفْظٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الصَّمَمِ الَّذِي لَا انْفِتَاحَ فِيهِ وَمِنْهُ الْأَصَمُّ الَّذِي لَا انْفِتَاحَ فِي سَمْعِهِ وَيُقَالُ لِلْفَرِيضَةِ إِذَا لَمْ تَتَّفِقْ سِهَامُهَا وَانْغَلَقَتْ صَمَّاءٌ لِأَنَّهُ لَا انْفِتَاحَ فِيهَا لِلِاخْتِصَارِ وَقَدْ جَاءَ فِي تَفْسِيرِ الصَّمَّاءِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ

بُرْقَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسَتَيْنِ الصَّمَّاءُ وَهُوَ أَنْ يَلْتَحِفَ الرَّجُلُ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَيَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ بَيْنَ فَرْجِهِ وَبَيْنَ السَّمَاءِ سِتْرٌ وَحَدِيثُ أَبِي الزِّنَادِ أَقْوَى مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الصَّمَّاءِ فِي أَبِي الزُّبَيْرِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث السابع

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنِ الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطُّ لِأَهْلِهِ إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ ثُمَّ اذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ وَأَمَرَ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قَالَ مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ فَغَفَرَ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَابَعَ يَحْيَى عَلَى رَفْعِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَكْثَرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَوَقَفَهُ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ فَجَعَلَاهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَرْفَعَاهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ مَرْفُوعًا كَرِوَايَةِ

سَائِرِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَمِمَّنْ رَوَاهُ مَرْفُوعًا عَنْ مَالِكٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو الْمُصَعَبِ وَمُطَرِّفٌ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَجَمَاعَةٌ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَوَارِسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ السَّنَدِيِّ الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابن أبي الزناد وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ لِأَهْلِهِ إِذَا مَاتَ فأحرقوه وَاذْرُوَا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ فَلَمَّا مَاتَ فَعَلُوا بِهِ فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ وَأَمَرَ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قَالَ مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ فَغَفَرَ لَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عن حميد بن عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى إِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِأَهْلِهِ إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي الْحَدِيثُ كَحَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ سَوَاءٌ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ أَفَادَهُ اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا فَلَمَّا ذَهَبَ يَعْنِي أَكْثَرَ عُمْرِهِ قَالَ لِوَلَدِهِ لَا أَدَعُ لَكُمْ مَالًا أَوْ تَفْعَلُونَ مَا أَقُولُ قَالُوا يَا أَبَانَا لَا تَأْمُرُ بِشَيْءٍ إِلَّا فَعَلْنَاهُ قَالَ إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ اذْرُونِي فِي يَوْمِ رِيحٍ عَاصِفٍ لَعَلِّي أَضِلُّ اللَّهَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ فَقَالَ اللَّهُ لَهُ كُنْ فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ قَائِمٌ قَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ فَقَالَ مَخَافَتُكَ فَمَا تَلَافَاهُ غَيْرُهَا فَغَفَرَ لَهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ كَذَا قَالَ أَبُو هِلَالٍ أَوْقَفَ الْحَدِيثَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ وَرَفَعَهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَىُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا فِيمَنْ كَانَ سَلَفَ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ إِلَّا التَّوْحِيدَ وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ إِنْ صَحَّتْ رَفَعَتِ الْإِشْكَالَ فِي إِيمَانِ هَذَا الرَّجُلِ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَالْأُصُولُ كُلُّهَا تُعَضِّدُهَا وَالنَّظَرُ يُوجِبُهَا لِأَنَّهُ مُحَالٌ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُغْفَرَ لِلَّذِينِ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ لِمَنْ مَاتَ كَافِرًا وَهَذَا مَا لَا مَدْفَعَ لَهُ وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَفِي هَذَا الْأَصْلِ مَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطُّ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ لَمْ يُعَذِّبْهُ إِلَّا مَا عَدَا التَّوْحِيدَ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَالْخَيْرِ وَهَذَا سَائِغٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ جَائِزٌ فِي لُغَتِهَا أَنْ يُؤْتَى بِلَفْظِ الْكُلِّ وَالْمُرَادُ الْبَعْضُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ مُؤْمِنًا قَوْلُهُ حِينَ قِيلَ لَهُ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا فَقَالَ مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ وَالْخَشْيَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ مُصَدِّقٍ بَلْ مَا تَكَادُ تَكُونُ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ عَالِمٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ

مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ قَالُوا كُلُّ مَنْ خَافَ اللَّهَ فَقَدْ آمَنَ بِهِ وَعَرَفَهُ وَمُسْتَحِيلٌ أَنْ يَخَافَهُ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ لِمَنْ فَهِمَ وَأُلْهِمَ رُشْدُهُ وَمِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَعْنَى مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ الْعَجْلَانِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال إِنَّ رَجُلًا لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ وَكَانَ يُدَايِنُ النَّاسَ فَيَقُولُ لِرَسُولِهِ خُذْ مَا يَسُرَ واترك ما عسر وتجاوز لعل الله يتجاوز عَنَّا فَلَمَّا هَلَكَ قَالَ اللَّهُ هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ قَالَ لَا إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لِي غُلَامٌ فَكُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فَإِذَا بَعَثْتُهُ يَتَقَاضَى قُلْتُ لَهُ خُذْ مَا يَسُرَ وَاتْرُكْ ما عسر وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا قَالَ اللَّهُ قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَقَوْلُ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ غَيْرَ تَجَاوُزِهِ عَنْ غُرَمَائِهِ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا إِيمَانٌ وَإِقْرَارٌ بِالرَّبِّ وَمُجَازَاتِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ الْآخَرُ خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ إِيمَانٌ

بِاللَّهِ وَاعْتِرَافٌ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ هَذَا رَجُلٌ جَهِلَ بَعْضَ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهِيَ الْقُدْرَةُ فَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ مَا يَشَاءُ قَدِيرٌ قَالُوا وَمَنْ جَهِلَ صِفَةً مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَآمَنَ بِسَائِرِ صِفَاتِهِ وَعَرَفَهَا لَمْ يَكُنْ بِجَهْلِهِ بَعْضَ صِفَاتِ اللَّهِ كَافِرًا قَالُوا وَإِنَّمَا الْكَافِرُ مَنْ عائد الحق لا من جهله وهذا قول المقتدمين مِنَ الْعُلَمَاءِ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ آخَرُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْقَدَرِ الَّذِي هُوَ الْقَضَاءُ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْقُدْرَةِ وَالِاسْتِطَاعَةِ فِي شَيْءٍ قَالُوا وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذِي النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ وَلِلْعُلَمَاءِ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مِنَ التَّقْدِيرِ وَالْقَضَاءِ وَالْآخَرُ أَنَّهَا مِنَ التَّقْتِيرِ وَالتَّضْيِيقِ وَكُلُّ مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ فَهُوَ جَائِزٌ فِي تَأْوِيلِ هَذَا

الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ تَقْدِيرُهُ كَأَنَّ الرَّجُلَ قَالَ لَئِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ فِي قَدَرِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ أَنْ يُعَذِّبَ كُلَّ ذِي جُرْمٍ عَلَى جُرْمِهِ لَيُعَذِّبُنِي اللَّهُ عَلَى إِجْرَامِي وَذُنُوبِي عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ غَيْرِي وَالْوَجْهُ الْآخَرُ تَقْدِيرُهُ وَاللَّهِ لَئِنْ ضَيَّقَ اللَّهُ عَلَيَّ وَبَالَغَ فِي مُحَاسَبَتِي وَجَزَائِي عَلَى ذُنُوبِي لَيَكُونَنَّ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَرَ بِأَنْ يُحَرَّقَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ إِفْرَاطِ خَوْفِهِ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ بَلَغَنِي عَنِ الْكِسَائِيِّ أَنَّهُ قَالَ يُقَالُ هَذَا قَدَرُ اللَّهِ وَقَدْرُهُ قَالَ وَلَوْ قُرِئَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدْرِهَا مُخَفَّفًا أَوْ قُرِئَتْ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدَرِهِ مُثَقَّلًا جَازَ وَأَنْشَدَ ... وَمَا صَبَّ رِجْلِي فِي حَدِيدِ مُجَاشِعٍ ... مَعَ الْقَدْرِ إِلَّا حَاجَةٌ لِي أُرِيدُهَا ... أَرَادَ الْقَدْرَ قَالَ وَيُقَالُ هَذَا عَلَى قَدْرِ هَذَا وَقَدَرِهِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ أَنْشَدَنِي عِيسَى بْنُ عُمَرَ لِبَدَوِيٍّ ... كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى أَرَاكَ مَتَاعُ ... وَبِقَدَرٍ تَفَرُّقٌ وَاجْتِمَاعُ ... وَمِنْ هَذَا حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْهِلَالِ فَإِنَّ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي بَابِهِ وَمَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى ثَعْلَبٌ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ قَالَ هُوَ مِنَ التَّقْتِيرِ لَيْسَ مِنَ الْقُدْرَةِ يُقَالُ مِنْهُ قَدَّرَ اللَّهُ لَكَ الْخَيْرَ يُقَدِّرُهُ قَدْرًا بِمَعْنَى قَدَّرَ اللَّهُ لَكَ الْخَيْرَ وَأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ ... وَلَا عَائِدًا ذَاكَ الزَّمَانُ الَّذِي مَضَى ... تَبَارَكْتَ مَا تُقَدِّرُ يَقَعُ وَلَكَ الشُّكْرُ ... يَعْنِي مَا تُقَدِّرُهُ وَتَقْضِي بِهِ يَقَعُ يَعْنِي يَنْزِلُ وَيَنْفَذُ وَيَمْضِي قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْبَيْتُ لِأَبِي صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ أَوَّلُهَا ... لِلَيْلَى بِذَاتِ الْجَيْشِ دَارٌ عَرَفْتُهَا ... وَأُخْرَى بِذَاتِ الْبَيْنِ آيَاتُهَا سُطْرُ ... وَفِيهَا يَقُولُ ... وَلَيْسَ عَشِيَّاتُ الْحِمَى بِرَوَاجِعَ ... لَنَا أَبَدًا مَا أُبْرِمَ السَّلَمُ النَّضْرُ ... ... وَلَا عَائِدٌ ذَاكَ الزَّمَانُ الَّذِي مَضَى ... تَبَارَكْتَ مَا تُقَدِّرُ يَقَعُ وَلَكَ الشُّكْرُ

السَّلَمُ شَجَرٌ مِنَ الْعِضَاهِ يُدْبَغُ بِهِ وَالنَّضْرُ النَّضَارَةُ وَالتَّنَعُّمُ وَأُبْرِمَ السَّلَمُ أُخْرِجَ بِرُمَّتِهِ وَأَبْرَمْتُ الْأَمْرَ أَحْكَمْتُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ ... فَمَا النَّاسُ أَرْدَوْهُ وَلَكِنْ أَقَادَهُ ... يَدُ اللَّهِ وَالْمُسْتَنْصِرُ اللَّهَ غَالِبُ ... ... فَإِنَّكَ مَا يُقَدِّرُ لَكَ اللَّهُ تَلْقَهُ ... كِفَاحًا وَتَجْلِبُهُ إِلَيْكَ الْجَوَالِبُ ... وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ أَيْ لَنْ نُضَيِّقَ عَلَيْهِ قَالَ فُلَانٌ مُقَدَّرٌ عَلَيْهِ وَمُقَتَّرٌ عَلَيْهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ أَيْ ضَيَّقَ عَلَيْهِ فِي رِزْقِهِ وَقَوْلُهُ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أَيْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ فِي رِزْقِهِ وَقَالَ ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا قَالَ مُغَاضِبًا لِلْمَلِكِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قِيلَ مَا قَالَ ثَعْلَبٌ وَقِيلَ إِنَّهُ خَرَجَ مُغَاضِبًا لِنَبِيٍّ كَانَ فِي زَمَانِهِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا خَرَجَ مُغَاضِبًا لِرَبِّهِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَلَوْلَا خُرُوجُنَا عَمَّا لَهُ قَصَدْنَا لَذَكَرْنَا خَبَرَهُ وقصته ههنا

وَأَمَّا جَهْلُ هَذَا الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ فِي عِلْمِهِ وَقَدَرِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُخْرِجِهِ مِنَ الْإِيمَانِ أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ وَجَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقَدَرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ إِنَّمَا سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ وَهُمْ جَاهِلُونَ بِهِ وَغَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا بِسُؤَالِهِمْ عَنْ ذَلِكَ كَافِرِينَ أَوْ يَكُونُوا فِي حِينِ سُؤَالِهِمْ عَنْهُ غَيْرَ مُؤْمِنِينَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعُلِمَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَى اللَّيْثُ عَنْ أَبِي قَبِيلٍ عَنْ شُفَيٍّ الْأَصْبَحِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِي الْقَدَرِ

وَفِيهِ فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِأَيِّ شَيْءٍ نَعْمَلُ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ فَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمُ الْعُلَمَاءُ الْفُضَلَاءُ سَأَلُوا عَنِ الْقَدَرِ سُؤَالَ مُتَعَلِّمٍ جَاهِلٍ لَا سُؤَالَ مُتَعَنِّتٍ مُعَانِدٍ فَعَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جَهِلُوا مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَضُرَّهُمْ جَهْلُهُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ يعلموه ولو كان يَسَعُهُمْ جَهْلُهُ وَقْتًا مِنَ الْأَوْقَاتِ لِعِلْمِهِمْ ذَلِكَ مَعَ الشَّهَادَةِ بِالْإِيمَانِ وَأُخِذَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي حِينِ إِسْلَامِهِمْ وَلَجَعَلَهُ عَمُودًا سَادِسًا لِلْإِسْلَامِ فَتَدَبَّرْ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ فَهَذَا الَّذِي حَضَرَنِي عَلَى مَا فَهِمْتُهُ مِنَ الْأُصُولِ وَوَعَيْتُهُ وَقَدْ أَدَّيْتُ اجْتِهَادِي فِي تَأْوِيلِ حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ وَلَمْ آلُ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثامن

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَافِ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ فَتَرَدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ قَالُوا فَمَا الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ وَلَا يَفْطَنُ النَّاسُ لَهُ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلَ النَّاسَ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَمَا الْمِسْكِينُ وَلَمْ يَقُلْ فَمَنِ الْمِسْكِينُ وَكَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ فَمَا الْمِسْكِينُ لِأَنَّ مَنْ وُضِعَتْ لِمَنْ يَعْقِلُ وَقَدْ تَابَعَ يَحْيَى عَلَى قَوْلِهِ فَمَا الْمِسْكِينُ جَمَاعَةٌ وَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهَا الْحَالَ الَّتِي يَكُونُ بِهَا السَّائِلُ مِسْكِينًا وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ تَكُونَ مَا هَهُنَا مِنْ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا أَرَادَ وَمَنْ بَنَاهَا وَكَمَا قال وما

خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى بِمَعْنَى (أَرَادَ وَمَنْ خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (2)) فَأَمَّا قَوْلُهُ لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ فَإِنَّهُ أَرَادَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ حَقًّا عَلَى الْكَمَالِ وَهُوَ الَّذِي بَالَغَتْهُ الْمَسْكَنَةُ بِهَذَا الطَّوَّافِ لِأَنَّ هُنَاكَ مِسْكِينًا أَشَدُّ مَسْكَنَةً مِنَ الطَّوَّافِ وَهُوَ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى وَلَا يَسْأَلُ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ هَذَا وَجْهُ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ لَا وَجْهَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الطَّوَّافَ مِسْكِينٌ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْآثَارِ وَمَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُدُّوا الْمِسْكِينَ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ بُجَيْدٍ عَنْ جَدَّتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُ عَائِشَةُ إِنَّ الْمِسْكِينَ لَيَقِفُ عَلَى بَابِي الْحَدِيثَ فَقَدْ سَمَّتْهُ مِسْكِينًا وَهُوَ طَوَّافٌ عَلَى الْأَبْوَابِ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الصَّدَقَاتِ للفقراء والمساكين

وَأَجْمَعُوا أَنَّ السَّائِلَ الطَّوَّافَ الْمُحْتَاجَ مِسْكِينٌ وَفِي هَذَا كُلِّهِ مَا يَدُلُّكَ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ وَأَهْلُ اللُّغَةِ فِي الْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ الْفَقِيرُ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْمِسْكِينِ قَالُوا وَالْفَقِيرُ الَّذِي لَهُ بَعْضُ مَا يُقِيمُهُ وَيَكْفِيهِ وَالْمِسْكِينُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ الرَّاعِي ... أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ ... وِفْقَ الْعِيَالِ فَلَمْ يُتْرَكْ له سبد ... قالوا لا تَرَى أَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ لِهَذَا الْفَقِيرِ حَلُوبَةً وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا يَعْقُوبُ بْنُ السكيت وابن قتية وَهُوَ قَوْلُ يُونُسَ بْنِ حَبِيبٍ وَذَهَبُ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَقَالَ آخَرُونَ الْمِسْكِينُ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ وَاحْتَجَّ قَائِلُوا هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَخْبَرَ أَنَّ لِلْمِسْكِينِ سَفِينَةً مِنْ سُفُنِ الْبَحْرِ وَرُبَّمَا سَاوَتْ جُمْلَةً مِنَ الْمَالِ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الجاهل

أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا قَالُوا فَهَذِهِ الْحَالُ الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ بِهَا الْفُقَرَاءَ دُونَ الْحَالِ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا عَنِ الْمَسَاكِينِ قَالُوا وَلَا حُجَّةَ فِي بَيْتِ الرَّاعِي لِأَنَّهُ إِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّ الْفَقِيرَ كَانَتْ لَهُ حَلُوبَةٌ فِي حَالٍ مَا قَالُوا وَالْفَقِيرُ مَعْنَاهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْمَفْقُورُ الَّذِي نُزِعَتْ فَقَرَةٌ مِنْ ظَهْرِهِ مِنْ شِدَّةِ الْفَقْرِ فَلَا حَالَ أَشَدُّ مِنْ هَذِهِ وَاسْتَشْهَدُوا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ ... لَمَّا رَأَى لُبَدَ النُّسُورِ تَطَايَرَتْ ... رَفَعَ الْقَوَادِمَ كَالْفَقِيرِ الْأَعْزَلِ ... أَيْ لَمْ يُطِقِ الطَّيَرَانَ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنِ انْقَطَعَ صُلْبُهُ وَلُصِقَ بِالْأَرْضِ قَالُوا وَهَذَا هُوَ الشَّدِيدُ الْمَسْكَنَةِ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ يَعْنِي مِسْكِينًا قَدْ لُصِقَ بِالتُّرَابِ مِنْ شِدَّةِ الْفَقْرِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ثَمَّ مِسْكِينًا لَيْسَ ذَا مَتْرَبَةٍ مِثْلَ الطَّوَّافِ وَشَبَهِهِ مِمَّنْ لَهُ الْبُلْغَةُ وَالسَّعْيُ فِي الِاكْتِسَابِ بِالسُّؤَالِ وَالتَّحَرُّفِ وَنَحْوَ هَذَا وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمِسْكِينَ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ الْأَصْمَعِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُمُ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَلِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ سَوَاءٌ ولا فرق

بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى وَإِنِ افْتَرَقَا فِي الِاسْمِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَائِرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَأَمَّا أَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فَعَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْكُوفِيُّونَ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ الْمِسْكِينُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الَّذِي سَكَّنَهُ الْفَقْرُ أَيْ قَلَّلَ حَرَكَتَهُ وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ السُّكُونِ يُقَالُ قَدْ تَمَسْكَنَ الرَّجُلُ وَتَسَكَّنَ إِذَا صَارَ مِسْكِينًا وَتَمَدْرَعَ الرَّجُلُ وَتَدَرَّعَ إِذَا لَبِسَ الْمُدَرَّعَةَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى أَهْلِ السَّتْرِ وَالتَّعَفُّفِ أَفْضَلُ منها على السائلين الطوافين حدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ قَالَ عُمَرُ لَيْسَ الْفَقِيرُ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَلَكِنَّ الْفَقِيرَ الْأَخْلَقُ الْكَسْبَ

الحديث التاسع

حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مَعِيٍّ وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِعًى مقصور مثل غني وسني وَمِنًى وَهَذَا الْحَدِيثُ خَرَجَ عَلَى غَيْرِ مَقْصُودِهِ بِالْحَدِيثِ وَالْإِشَارَةُ فِيهِ إِلَى كَافِرٍ بِعَيْنِهِ لَا إِلَى جِنْسِ الْكَافِرِ وَلَا سَبِيلَ إِلَى حَمْلِهِ عَلَى الْعُمُومِ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ تَدْفَعُهُ وَتُكَذِّبُهُ وَقَدْ جَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ كَافِرٌ أَقَلَّ أَكْلًا مِنْ مُؤْمِنٍ وَيُسْلِمُ الْكَافِرُ فَلَا يَنْتَقِصُ أَكْلُهُ وَلَا يَزِيدُ وَفِي حَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَلِذَلِكَ جَعَلَهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ بَعْدَهُ مُفَسِّرًا

لَهُ وَقَدْ قِيلَ فِيهِ غَيْرُ هَذَا مِمَّا قَدْ ذَكَرْتُهُ فِي حَدِيثِ سُهَيْلٍ وَسَيَأْتِي حَدِيثُ سُهَيْلٍ فِي بَابِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَيُرْوَى أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ هُوَ جَهْجَاهُ بْنُ سَعِيدٍ الْغِفَارِيُّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَذَكَرْنَا خَبَرَهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَىُ بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَلْمَانَ الْأَغَرُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ جَهْجَاهٍ الْغِفَارِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ يُرِيدُونَ الْإِسْلَامَ فَحَضَرُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِيَدِ جَلِيسِهِ قَالَ فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِي وَكُنْتُ رَجُلًا عَظِيمًا طِوَالًا لَا يُقَدُّمُ عَلَيَّ أَحَدٌ فَذَهَبَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَحَلَبَ لِي عَنْزًا فَأَتَيْتُ عَلَيْهَا حَتَّى حَلَبَ لِي سَبْعَةَ أَعْنُزٍ فَأَتَيْتُ عَلَيْهَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَلَمَّا أَسْلَمْتُ دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَحَلَبَ لِي عَنْزًا

فَرُوِيتُ وَشَبِعْتُ فَقَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ هَذَا ضَيْفَنَا فَقَالَ بَلَى وَلَكِنَّهُ أَكَلَ فِي مَعِيِّ مُؤْمِنٍ اللَّيْلَةَ وَأَكَلَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي مَعِيِّ كَافِرٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ وَالْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مَعِيٍّ وَاحِدَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا أَيْضًا لَفْظُ عُمُومٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ فَكَأَنَّهُ قَالَ هَذَا إِذْ كَانَ كَافِرًا كَانَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ فَلَمَّا آمَنَ عُوفِيَ وَبُورِكَ لَهُ فِي نَفْسِهِ فَكَفَاهُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعَةِ أَجْزَاءٍ مِمَّا كَانَ يَكْفِيهِ إِذْ كَانَ كَافِرًا خُصُوصًا لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَكَانَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ إِشَارَةً إِلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ هَذَا الْكَافِرُ وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مَعِيٍّ وَاحِدٍ يَعْنِي هَذَا الْمُؤْمِنَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ وَهُوَ يُرِيدُ رَجُلًا فِيمَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَقِيلَ رَجُلَانِ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ يَعْنِي قُرَيْشًا فَجَاءَ بِلَفْظِ عُمُومٍ وَمَعْنَاهُ الْخُصُوصُ وَمِثْلُهُ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ وَمَا تَذَرُ

مِنْ شَيْءٍ كُلُّ هَذَا عُمُومٌ يُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَلِسَانِ الْعَرَبِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى ذَمِّ الْأَكُولِ الَّذِي لَا يَشْبَعُ وَأَنَّهَا خَلَّةٌ مَذْمُومَةٌ وَصِفَةٌ غَيْرُ مَحْمُودَةٍ وَأَنَّ الْقِلَّةَ مِنَ الْأَكْلِ أَحْمَدُ وَأَفْضَلُ وَصَاحِبُهَا عَلَيْهَا مَمْدُوحٌ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَبِيَدِهِ وَخَلْقِهِ وَصُنْعِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

الحديث العاشر

حَدِيثٌ عَاشِرٌ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أَوْ يُنَصِّرَانِهِ كَمَا تَنَاتَجُ الْإِبِلُ مِنْ بَهِيمَةٍ جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّ مِنْ جَدْعَاءَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ قَالَ أبوعمر رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ (كُلُّهَا) ثَابِتَةٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ فَمِمَّنْ رَوَاهُ عن أبي هريرة عبد الرحمان الْأَعْرَجُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ وَحُمَيْدٌ ابنا عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ وَسَعِيدُ بْنُ أبي سعيد ومحمد

ابن سِيرِينَ وَرَوَاهُ ابْنُ شِهَابٍ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ فَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَالزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ يُونُسُ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزهري عن حميد بن ابن عبد الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَعَمَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ (النَّيْسَابُورِيُّ) أَنَّ هَذِهِ الطُّرُقَ كُلَّهَا صِحَاحٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مَحْفُوظَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ عِنْدَهُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ شَيْخُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال كل مولود يولد على الفطرة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَالْبَهِيمَةِ تُنْتَجُ الْبَهِيمَةَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا إِلَى هَهُنَا انْتَهَى حَدِيثُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ قَوْلَهُ أَرَأَيْتَ من

يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ وَزَادَ فِيهِ وَيُمَجِّسَانِهِ وَهَكَذَا رِوَايَةُ ابْنِ شِهَابٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ فِيهَا قَوْلُهُ أَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وهو صغير قال الله أعلم بماكانوا عَامِلِينَ عِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ الْحَدِيثَ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمُ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ كُلُّ مَوْلُودٍ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ كُلُّ مَوْلُودٍ مَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ قَالُوا وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَكَانَ لَهُ أَبَوَانِ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ هَوَّدَاهُ أَوْ نَصَّرَاهُ أَوْ مَجَّسَاهُ قَالُوا وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ جَمِيعَ الْمَوْلُودِينَ مِنْ بَنِي آدَمَ أَجْمَعِينَ يُولَدُونَ عَلَى الْفِطْرَةِ بَلِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَوْلُودَ عَلَى الْفِطْرَةِ مِنَ الْأَبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ يُكَفِّرَانِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُولَدْ عَلَى الْفِطْرَةِ

وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِهِمَا فِي صِغَرِهِ إِنْ كَانَا يَهُودِيَّيْنِ فَهُوَ يَهُودِيٌّ يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَا نَصْرَانِيَّيْنِ أَوْ مَجُوسِيَّيْنِ حَتَّى يُعَبِّرَ عَنْهُ لِسَانُهُ وَيَبْلُغَ الْحِنْثَ فَيَكُونَ لَهُ حُكْمُ نَفْسِهِ حِينَئِذٍ لَا حُكْمَ أَبَوَيْهِ واحتج قائلوا هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِحَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طَبَعَهُ اللَّهُ يَوْمَ طَبَعَهُ كَافِرًا وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَلَا إِنَّ بَنِي آدَمَ خُلِقُوا طَبَقَاتٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَحْيَى مُؤْمِنًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَى كَافِرًا وَيَمُوتُ كَافِرًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَحْيَى مُؤْمِنًا وَيَمُوتُ كَافِرًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَى كَافِرًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا وَهَذَا الْحَدِيثُ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَوْتِ الْمَكِّيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ بِنَهَارٍ ثُمَّ قَامَ وَخَطَبَنَا إِلَى مَغْرِبِ

الشَّمْسِ فَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا يَكُونُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا أَخْبَرَ بِهِ حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ ونسبه مَنْ نَسِيَهُ وَكَانَ فِيمَا حَفِظْنَا أَنْ قَالَ أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَنَاظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ أَلَا فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ وَكَانَ فِيمَا حَفِظْنَا أَنْ قَالَ أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ الْحَقَّ إِذَا عَلِمَهُ فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ وَقَالَ قَدْ وَاللَّهِ رَأَيْنَا فَهِبْنَا وَكَانَ فِيمَا حَفِظْنَا أَنْ قَالَ أَلَا إِنَّ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَدْرِ غَدْرَتِهِ وَلَا غَدْرَ أَعْظَمُ مِنْ غَدْرِ إِمَامِ عَامَّةٍ وَكَانَ فِيمَا حَفِظْنَا أَنْ قَالَ أَلَا إِنَّ بَنِي آدَمَ خُلِقُوا طَبَقَاتٍ شَتَّى مِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَحْيَى مُؤْمِنًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَى كَافِرًا وَيَمُوتُ كَافِرًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَى كَافِرًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَحْيَى مُؤْمِنًا وَيَمُوتُ كَافِرًا وَمِنْهُمْ حَسَنُ الْقَضَاءِ حَسَنُ الطَّلَبِ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ قَالُوا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَعَ الْحَدِيثِ فِي غُلَامِ الْخَضِرِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ مَوْلُودٍ لَيْسَ عَلَى الْعُمُومِ وَأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَأَبَوَاهُ يَهُودِيَّانِ أَوْ نَصْرَانِيَّانِ فَإِنَّهُمَا يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَيْ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِهِمَا ثُمَّ يَصِيرُ عِنْدَ بُلُوغِهِ إِلَى مَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ قَالُوا وَأَلْفَاظُ الْحُفَّاظِ عَلَى نَحْوِ حديث مالك

هَذَا وَدَفَعُوا رِوَايَةَ مَنْ رَوَى كُلُّ بَنِي آدَمَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ قَالُوا وَلَوْ صَحَّ هَذَا اللَّفْظُ مَا كَانَ فِيهِ أَيْضًا حُجَّةٌ لِمَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ الْخُصُوصَ جَائِزٌ دُخُولُهُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تُدَمِّرُ كُلَّ شيء ولم تدمر السموات وَالْأَرْضَ وَقَوْلِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ وَلَمْ يُفْتَحْ عَلَيْهِمْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ وَذَكَرُوا مِنْ أَلْفَاظِ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ رِوَايَةَ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَذَلِكَ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ وَهَكَذَا لَفْظُ حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ مِنْ جَدْعَاءَ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ

اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ هَكَذَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي هَذَا اللَّفْظِ عَنْ مَعْمَرٍ فِيمَا عَلِمْتُ أَعْنِي قَوْلَهُ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ الْحَدِيثَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ الْحَدِيثَ كَلَفْظِ حَدِيثِ مَعْمَرٍ سَوَاءً إِلَّا قَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ حَدِيثُ الرُّؤْيَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يُنَصِّرَانِهِ هَذَا لَفْظُهُ وَرَوَى أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ عن سمرة نب جُنْدَبٍ الْحَدِيثَ الطَّوِيلَ حَدِيثَ الرُّؤْيَا وَفِيهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَمَّا الْوِلْدَانُ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَقَالَ آخَرُونَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كُلُّ مَوْلُودٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَهُوَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ أَبَدًا وَأَبَوَاهُ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِهِمَا وَإِنْ كَانَ قَدْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يَكُونَ مِمَّنْ يُعَبِّرُ عَنْهُ لِسَانُهُ

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى كَمَا وَصَفْنَا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى كُلُّ بَنِي آدَمَ يُولَدُ عَلَى الفطرة وما مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا وَهُوَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَحَقُّ الْكَلَامِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عُمُومِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ ربيعة عن عبد الرحمان بْنِ هُرْمُزٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ بَنِي آدَمَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْإِبِلُ مِنْ بَهِيمَةٍ جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّ مِنْ جَدْعَاءَ قَالَ أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ صَغِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ وَكَذَلِكَ وراه خالد الواسطي عن عبد الرحمان بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كل بني آدم يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ ذَكَرَهُ سَوَاءً رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى فِطْرَةٍ ثُمَّ قَرَأَ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بن عبد الرحمان أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدِيثُ الرُّؤْيَا فِيهِ وَالشَّيْخُ الَّذِي فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ وَالْوِلْدَانُ حَوْلَهُ أَوْلَادُ النَّاسِ قَالُوا فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ أَلْفَاظُهَا عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ لَيْسَ كَمَا تَأَوَّلَهُ الْمُخَالِفُ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَبَوَيْنِ

لَا يُهَوِّدَانِ وَلَا يُنَصِّرَانِ إِلَّا مَنْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ مِنْ أَوْلَادِهِمَا بَلِ الْجَمِيعُ يُولَدُونَ عَلَى الْفِطْرَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْفِطْرَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا وَاضْطَرَبُوا فِي مَعْنَاهَا وَذَهَبُوا فِي ذَلِكَ مَذَاهِبَ مُتَبَايِنَةً وَنَزَعَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ بِظَاهِرِ آيَةٍ وَنَصِّ سُنَّةٍ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَنُوَضِّحُهُ وَنَذْكُرُ مَا جَاءَ فِيهِ مِنَ الْآثَارِ وَاخْتِلَافِ الْأَقْوَالِ وَالِاعْتِلَالِ عَنِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ بِعَوْنِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ سَأَلَ أَبُو عُبَيْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَمَا أَجَابَهُ فِيهِ بأكثر ن أَنْ قَالَ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ النَّاسُ بِالْجِهَادِ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يُفَسِّرُهُ آخِرُ الْحَدِيثِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ لَمْ يَزِدْ عَلَى تِلْكَ عَنْهُمَا وَلَا عَنْ غَيْرِهِمَا

فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ نَحْوُ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِيهِ مَقْنَحٌ مِنَ التَّأْوِيلِ وَلَا شَرْحٌ مُوعَبٌ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ وَلَكِنَّهَا جُمْلَةٌ تُؤَدِّي إِلَى الْوُقُوفِ عَنِ الْقَطْعِ فِيهِمْ بِكُفْرٍ أَوْ إِيمَانٍ أَوْ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ مَا لَمْ يَبْلُغُوا وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فَأَظُنُّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ حَادَ عَنِ الْجَوَابِ فِيهِ إِمَّا لِإِشْكَالِهِ عَلَيْهِ أَوْ لِجَهْلِهِ بِهِ أَوْ لِكَرَاهِيَةِ الْخَوْضِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِيهِ إِنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ النَّاسُ بِالْجِهَادِ فَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ مَا يُبَيِّنُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالْجِهَادِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قال حدثنا عبد الرحمان بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ

عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ قَوْمٍ بَالَغُوا فِي الْقَتْلِ حَتَّى قتلوا الولدان فقال رجل أو ليس إِنَّمَا هُمْ أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو ليس خِيَارُكُمْ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا وَهُوَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَيُعَبِّرُ عَنْهُ لِسَانُهُ وَيُهَوِّدُهُ أَبَوَاهُ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْحَسَنِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بَكْرٌ الْمُزَنِيُّ وَالْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ وَالسَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْأَحْنَفِ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ وَهُوَ حَدِيثٌ بَصْرِيٌّ صَحِيحٌ وَرَوَى عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ عَنْ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَنَادَاهُ النَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ قَالَ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي الْفِطْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالنَّظَرِ أُرِيدَ بِالْفِطْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْخِلْقَةُ الَّتِي خلق عليها المولد فِي الْمَعْرِفَةِ بِرَبِّهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى خِلْقَةٍ يَعْرِفُ بِهَا رَبَّهُ إِذَا بَلَغَ مَبْلَغَ الْمَعْرِفَةِ يُرِيدُ خِلْقَةً مُخَالِفَةً

لِخِلْقَةِ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَصِلُ بِخِلْقَتِهَا إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ وَاحْتَجُّوا عَلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ الْخِلْقَةُ وَالْفَاطِرَ الْخَالِقُ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَعْنِي خَالِقُهُنَّ وَبِقَوْلِهِ ومالي لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي يَعْنِي خَلَقَنِي وَبِقَوْلِهِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ يَعْنِي خَلَقَهُنَّ قَالُوا فَالْفِطْرَةُ الْخِلْقَةُ وَالْفَاطِرُ الْخَالِقُ وَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ الْمَوْلُودُ يُفْطَرُ عَلَى كُفْرٍ أَوْ إِيمَانٍ أَوْ مَعْرِفَةٍ أَوْ إِنْكَارٍ قَالُوا وَإِنَّمَا يُولَدُ الْمَوْلُودُ عَلَى السَّلَامَةِ فِي الْأَغْلَبِ خِلْقَةً وَطَبْعًا وَبِنْيَةً لَيْسَ مَعَهَا إِيمَانٌ وَلَا كُفْرٌ وَلَا إِنْكَارٌ وَلَا مَعْرِفَةٌ ثُمَّ يَعْتَقِدُونَ الْكُفْرَ أَوِ الْإِيمَانَ بَعْدَ الْبُلُوغِ إِذَا مَيَّزُوا وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ يَعْنِي سَالِمَةً هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ يَعْنِي مَقْطُوعَةَ الْأُذُنِ فَمَثَّلَ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ بِالْبَهَائِمِ لِأَنَّهَا تُولَدُ كَامِلَةَ الْخَلْقِ لَيْسَ فِيهَا نُقْصَانٌ ثُمَّ تُقْطَعُ آذَانُهَا بَعْدُ وَأُنُوفُهَا فَيُقَالُ هَذِهِ بِحَائِرُ وَهَذِهِ

سَوَائِبُ يَقُولُ فَكَذَلِكَ قُلُوبُ الْأَطْفَالِ فِي حِينِ وِلَادَتِهِمْ لَيْسَ لَهُمْ كُفْرٌ حِينَئِذٍ وَلَا إِيمَانٌ وَلَا مَعْرِفَةٌ وَلَا إِنْكَارٌ كَالْبَهَائِمِ السَّالِمَةِ فَلَمَّا بَلَغُوا اسْتَهْوَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَكَفَرَ أَكْثَرُهُمْ وَعَصَمَ اللَّهُ أَقَلَّهُمْ قَالُوا وَلَوْ كَانَ الْأَطْفَالُ قَدْ فُطِرُوا عَلَى شَيْءٍ عَلَى الْكُفْرِ أَوِ الْإِيمَانِ فِي أَوَّلِيَّةِ أَمْرِهِمْ مَا انْتَقَلُوا عَنْهُ أَبَدًا وَقَدْ نَجِدُهُمْ يُؤْمِنُونَ ثُمَّ يَكْفُرُونَ قَالُوا وَيَسْتَحِيلُ فِي الْمَعْقُولِ أَنْ يَكُونَ الطِّفْلُ فِي حِينِ وِلَادَتِهِ يَعْقِلُ كُفْرًا أَوْ إِيمَانًا لِأَنَّ اللَّهَ أَخْرَجَهُمْ فِي حَالٍ لَا يَفْقَهُونَ مَعَهَا شَيْئًا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا فَمَنْ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا اسْتَحَالَ مِنْهُ كُفْرٌ أَوْ إِيمَانٌ أَوْ مَعْرِفَةٌ أَوْ إِنْكَارٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي مَعْنَى الْفِطْرَةِ الَّتِي يُولَدُ النَّاسُ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَلِكَ أَنَّ الْفِطْرَةَ السَّلَامَةُ وَالِاسْتِقَامَةُ بِدَلِيلِ حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَاكِيًا عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حنفاء

يَعْنِي عَلَى اسْتِقَامَةٍ وَسَلَامَةٍ وَالْحَنِيفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْمُسْتَقِيمُ السَّالِمُ وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْأَعْرَجِ أَحْنَفُ عَلَى جِهَةِ الْفَأْلِ كَمَا قِيلَ لِلْقَفْرِ مَفَازَةٌ فَكَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَرَادَ الَّذِينَ خُلِّصُوا مِنَ الْآفَاتِ كُلِّهَا وَالزِّيَادَاتِ وَمِنَ الْمَعَاصِي وَالطَّاعَاتِ فَلَا طَاعَةَ مِنْهُمْ وَلَا مَعْصِيَةَ إِذَا لَمْ يَعْمَلُوا بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ مُوسَى فِي الْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً لَمَّا كَانَ عِنْدَهُ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغِ الْعَمَلَ فَيَكْسِبَ الذُّنُوبَ وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا فِي هَذَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَقْتَ الْعَمَلِ لَمْ يَرْتَهِنْ بِشَيْءٍ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا وَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى دَفْعِ الْقَوَدِ وَالْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ وَالْآثَامِ عَنْهُمْ فِي دَارِ الدُّنْيَا كَانَتِ الْآخِرَةُ أَوْلَى بِذَلِكَ والله أعلم

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَنَاتَجُ الْإِبِلُ مِنْ بَهِيمَةٍ جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّ مِنْ جَدْعَاءَ فَالْبَهِيمَةُ الْجَمْعَاءُ الْمُجْتَمِعَةُ الْخَلْقِ التَّامَّةُ غَيْرُ النَّاقِصَةِ الصَّحِيحَةُ غَيْرُ السَّقِيمَةِ لَيْسَ فِيهَا قَطْعُ أُذُنٍ وَلَا شَقُّهَا وَلَا نَقْصُ شَيْءٍ مِنْهَا يَقُولُ فَهَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ يَقُولُ هَلْ تُحِسُّ مِنْ جَدَعٍ أَوْ نُقْصَانٍ حِينَ تُنْتَجُ لِتَمَامٍ يَقُولُ ثُمَّ الْجَدْعُ وَالْآفَاتُ تَدْخُلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الْمَوْلُودُ يُولَدُ سَالِمًا ثُمَّ يَحْدُثُ فِيهِ بَعْدُ الْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ وَقَالَ آخَرُونَ الْفِطْرَةُ هَهُنَا الْإِسْلَامُ قَالُوا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ عَامَّةِ السَّلَفِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّأْوِيلِ قَدْ أَجْمَعُوا فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا عَلَى أَنْ قَالُوا فِطْرَةُ اللَّهِ دِينُ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا وَذَكَرُوا عَنْ عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَالضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا قَالُوا دِينُ اللَّهِ الْإِسْلَامُ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ قَالُوا لِدِينِ اللَّهِ

وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ عن عبد الرحمان بْنِ عَائِذٍ الْأَزْدِيِّ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلنَّاسِ يَوْمًا أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِمَا حَدَّثَنِي اللَّهُ فِي الْكِتَابِ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَبَنِيهِ حُنَفَاءَ مُسْلِمِينَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَكَذَلِكَ رَوَى بَكْرُ بْنُ مُهَاجِرٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ بِإِسْنَادِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُنَفَاءَ مُسْلِمِينَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان بن عائذ الأزدي وكان عبد الرحمان مِنْ حَمَلَةِ الْعِلْمِ يَطْلُبُهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لِلنَّاسِ يَوْمًا أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِمَا حَدَّثَنِي اللَّهُ فِي الْكِتَابِ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَبَنِيهِ حُنَفَاءَ مُسْلِمِينَ وَأَعْطَاهُمُ الْمَالَ حَلَالًا لَا حَرَامَ فِيهِ فَجَعَلُوا مِمَّا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ حَلَالًا وَحَرَامًا وذكر الحديث بتمامه

! وَلَمْ يَسْمَعْ قَتَادَةُ مِنْ مُطَرِّفٍ لِأَنَّ هَمَّامَ بْنَ يَحْيَى رَوَى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مُطَرِّفٍ وَلَكِنْ حَدَّثَنِي ثَلَاثَةٌ عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْغَافِرِ وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَالْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ كُلُّهُمْ يَقُولُ حَدَّثَنِي مُطَرِّفُ بْنُ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فِيهِ وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ لَمْ يَقُلْ مُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ عَنْ حَكِيمٍ الْأَثْرَمِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ مُطَرِّفٍ أَنَّ عِيَاضَ بْنَ حِمَارٍ حَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ فَأَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَلَمْ يَقُلْ مُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا قَالَ حُنَفَاءَ فَقَطْ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَمَّنْ لَا يُتَّهَمُ عِنْدَهُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ فِيهِ أَلَا وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حنفاء كلهم

وَسَاقَ الْحَدِيثَ فَدَلَّ هَذَا عَلَى حِفْظِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَإِتْقَانِهِ وَضَبْطِهِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ مُسْلِمِينَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَسْقَطَهُ مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ شُعْبَةُ وَهِشَامٌ وَمَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِيَاضٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَقُولُوا فِيهِ عَنْ قَتَادَةَ مُسْلِمِينَ فَلَيْسَ فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ ذِكْرُ مُسْلِمِينَ وَهُوَ فِي حَدِيثِ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ بِإِسْنَادِهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ حُنَفَاءَ فَرُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ وَالسُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ حُنَفَاءَ قَالَا حُجَّاجًا وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ حَجُّ الْبَيْتِ وعن مجاهد حنفاء قال (مسلمين) متبيعن وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ الْإِسْلَامُ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَقَالَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ فَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِ مَنْ أَنْكَرَ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى حُنَفَاءَ مُسْلِمِينَ قَالَ الشَّاعِرُ وَهُوَ الرَّاعِي ... أَخَلِيفَةَ الرحمان إِنَّا مَعْشَرٌ ... حُنَفَاءُ نَسْجُدُ بُكْرَةً وَأَصِيلَا ... ... عَرَبٌ نَرَى لِلَّهِ فِي أَمْوَالِنَا ... حَقَّ الزَّكَاةِ مُنَزَّلًا تنزيلا

فَهَذَا قَدْ وَصَفَ الْحَنَفِيَّةَ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ أَمْرٌ وَاضِحٌ لَا خَفَاءَ بِهِ وَقِيلَ الْحَنِيفُ مَنْ كَانَ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ سُمِّيَ مَنْ كَانَ يَخْتَتِنُ وَيَحُجُّ الْبَيْتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَنِيفًا وَالْحَنِيفُ الْيَوْمَ الْمُسْلِمُ وَيُقَالُ إِنَّمَا سُمِّيَ إِبْرَاهِيمُ حَنِيفًا لِأَنَّهُ كَانَ حَنَفَ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ أَبُوهُ وَقَوْمُهُ مِنَ الْآلِهَةِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ أَيْ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ وَمَالَ وَأَصْلُ الْحَنَفِ مَيْلٌ مِنْ إِبْهَامَيِ الْقَدَمَيْنِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهَا وَمِمَّا احْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ الْإِسْلَامُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ فَذَكَرَ مِنْهُنَّ قَصَّ الشَّارِبَ وَالِاخْتِتَانَ وَهِيَ مِنْ سُنَنِ الْإِسْلَامِ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ الْإِسْلَامُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ رَجُلٍ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ أَيُجْزِئُ عَنْهُ الصَّبِيُّ أَنْ يَعْتِقَهُ وَهُوَ رَضِيعٌ

قَالَ نَعَمْ لِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ يَعْنِي الْإِسْلَامَ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ مِنْ بَهِيمَةٍ جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّ مِنْ جَدْعَاءَ يَقُولُ خُلِقَ الطِّفْلُ سَلِيمًا مِنَ الْكُفْرِ مُؤْمِنًا مُسْلِمًا عَلَى الْمِيثَاقِ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ عَلَى ذُرِّيَّةِ آدَمَ حِينَ أَخْرَجَهُمْ مَنْ صُلْبِهِ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى قَالَ أَبُو عُمَرَ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ الْفِطْرَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ الْإِسْلَامُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَاعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ وَهَذَا مَعْدُومٌ مِنَ الطِّفْلِ لَا يَجْهَلُ بِذَلِكَ ذُو عَقْلٍ وَالْفِطْرَةُ لَهَا مَعَانٍ وَوُجُوهٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَإِنَّمَا أَجْزَأَ الطِّفْلُ الْمُرْضِعُ عِنْدَ مَنْ أَجَازَ عِتْقَهُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ أَبَوَيْهِ وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا لَا يُجْزِئُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ إِلَّا مَنْ صَامَ وَصَلَّى وَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا يَكْفِي والحمد لله

وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ يَعْنِي عَلَى الْبَدْأَةِ الَّتِي ابْتَدَأَهُمْ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى مَا فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَلْقَهُ مِنْ أَنَّهُمُ ابْتَدَأَهُمْ لِلْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ وَالشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ وَإِلَى مَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ عِنْدَ الْبُلُوغِ مِنْ مُيُولِهِمْ عَنْ آبَائِهِمْ وَاعْتِقَادِهِمْ وَذَلِكَ مَا فَطَرَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْ مَصِيرِهِمْ إِلَيْهِ قَالُوا وَالْفِطْرَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْبَدْأَةُ وَالْفَاطِرُ الْمُبْدِئُ وَالْمُبْتَدِئُ فَكَأَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى مَا ابْتَدَأَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ مِمَّا يَصِيرُ إِلَيْهِ وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمْ أَكُنْ أدري ما فاطر السموات وَالْأَرْضِ حَتَّى أَتَى أَعْرَابِيَّانِ يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْرٍ قَالَ أَحَدُهُمَا أَنَا فَطَرْتُهَا أَيِ

ابْتَدَأْتُهَا قَالُوا فَالْفِطْرَةُ الْبَدْأَةُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ وَذَكَرُوا مَا يُرْوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي بَعْضِ دُعَائِهِ اللَّهُمَّ جَبَّارَ الْقُلُوبِ عَلَى فِطْرَتِهَا وَشَقِيِّهَا وسعيدها قال أبوعبد اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ شَبِيهٌ بِمَا حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَقَالَ يُفَسِّرُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ حِينَ سُئِلَ عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ قَالَ الْمَرْوَزِيُّ وَلَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ ثُمَّ تَرَكَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا رَسَمَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَذَكَرَهُ فِي أَبْوَابِ الْقَدَرِ فِيهِ مِنَ الْآثَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ نَحْوُ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَىُ بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ قَالَ مَنِ ابْتَدَأَ اللَّهُ خَلْقَهُ لِلضَّلَالَةِ صَيَّرَهُ إِلَى الضَّلَالَةِ وَإِنْ عَمِلَ بِأَعْمَالِ الْهُدَى وَمَنِ ابْتَدَأَ اللَّهُ خَلْقَهُ عَلَى الْهُدَى صَيَّرَهُ اللَّهُ إِلَى الْهُدَى وَإِنْ عَمَلَ بِأَعْمَالِ الضَّلَالَةِ ابْتَدَأَ خَلْقَ إِبْلِيسَ عَلَى الضَّلَالَةِ وَعَمِلَ بِعَمَلِ السَّعَادَةِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ رَدَّهُ اللَّهُ إِلَى مَا ابْتَدَأَ عَلَيْهِ خَلْقَهُ مِنَ الضَّلَالَةِ قَالَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ وَابْتَدَأَ خَلْقَ السَّحَرَةِ عَلَى الْهُدَى وَعَمِلُوا بِعَمَلِ الضَّلَالَةِ ثُمَّ هَدَاهُمُ اللَّهُ إِلَى الْهُدَى وَالسَّعَادَةِ وَتَوَفَّاهُمْ عَلَيْهَا مُسْلِمِينَ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ يَقُولُ فَأَقَرُّوا لَهُ بِالْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ أَجْسَادُهَا

أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي وَضَّاحٍ عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ فِي قَوْلِهِ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (قَالَ كَمَا كَتَبَ عَلَيْكُمْ تَكُونُوا وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (2) قَالَ شَقِيًّا وَسَعِيدًا وَقَالَ وَرْقَاءُ بْنُ إِيَاسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ قَالَ يُبْعَثُ الْمُسْلِمُ مُسْلِمًا وَالْكَافِرُ كَافِرًا وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ قَالَ عَادُوا إِلَى عِلْمِهِ فِيهِمْ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ فِي تَأْوِيلِ الْفِطْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ بِمَا ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا حَكَمُ بْنُ سَلْمٍ عَنْ عَنْبَسَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ

الْخَطَّابِ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظهورهم ذرياتهم الْآيَةَ فَقَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ثُمَّ أَجْلَسَهُ وَمَسَحَ ظَهْرَهُ فَأَخْرَجَ مِنْهُ ذَرْءًا قَالَ ذَرْءٌ ذَرَأْتُهُمْ لِلْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ بِمَا شِئْتُ مِنْ عمل ثم أختم له بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَأَخْرَجَ ذَرْءًا فَقَالَ ذَرْءٌ ذَرَأْتُهُمْ لِلنَّارِ يَعْمَلُونَ بِمَا شِئْتُ مِنْ عَمَلٍ ثُمَّ أَخْتِمُ لَهُمْ بِسُوءِ أَعْمَالِهِمْ فَأُدْخِلُهُمُ النَّارَ وَذَكَرَ حَدِيثَ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَبْدِ الحميد بن عبد الرحمان عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مَرْفُوعًا بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ عَلَى حَسْبَمَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ وَلَا فِي لَنْ يَخْتِمَ اللَّهُ لِلْعَبْدِ بِمَا قَضَاهُ لَهُ وَقَدَّرَهُ عَلَيْهِ حِينَ أَخْرَجَ ذَرِّيَّةَ آدَمَ مِنْ ظَهْرٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطِّفْلَ يُولَدُ حِينَ يُولَدُ مُؤْمِنًا أَوْ كَافِرًا لِمَا شَهِدَتْ بِهِ الْعُقُولُ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَيْسَ مِمَّنْ يَعْقِلُ إِيمَانًا ولا كفرا

وَالْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ أَنَّ النَّاسَ خُلِقُوا طَبَقَاتٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا عَلَى حَسْبَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ لَيْسَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا مَطْعَنَ فِيهَا لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَقَدْ كَانَ شُعْبَةُ يَتَكَلَّمُ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ قَوْلُهُ يُولَدُ مُؤْمِنًا يُولَدُ لِيَكُونَ مُؤْمِنًا وَيُولَدُ لِيَكُونَ كَافِرًا عَلَى سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ فِيهِ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَخَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ أَكْثَرُ مِنْ مُرَاعَاةِ مَا يُخْتَمُ بِهِ لَهُمْ لَا أَنَّهُمْ فِي حِينِ طُفُولَتِهِمْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ جَنَّةً أَوْ نَارًا أَوْ يَعْقِلُ كُفْرًا أَوْ إِيمَانًا وَقَدْ أَوْضَحْنَا الْحُجَّةَ فِي هَذَا لِمَنْ أَلْهَمَ رُشْدَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وفي اختلاف السف وَاخْتِلَافِ مَا رُوِيَ مِنَ الْآثَارِ فِي الْأَطْفَالِ مَا يُبَيِّنُ لَكَ مَا قُلْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَطَرَهُمْ عَلَى الْإِنْكَارِ وَالْمَعْرِفَةِ وَعَلَى الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ فَأَخَذَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ الْمِيثَاقَ حِينَ خَلَقَهُمْ فَقَالَ أَلِسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا جَمِيعًا بَلَى فَأَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ

فَقَالُوا بَلَى عَلَى مَعْرِفَةٍ لَهُ طَوْعًا مِنْ قُلُوبِهِمْ وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاءِ فَقَالُوا بَلَى كَرْهًا لَا طَوْعًا قَالُوا وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَلَهُ أسلم من في السموات وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا قَالُوا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ قَالَ الْمَرْوَزِيُّ وَسَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ رَاهَوَيْهِ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ قَالَ إِسْحَاقُ يَقُولُ لَا تَبْدِيلَ لِخِلْقَتِهِ الَّتِي جُبِلَ عَلَيْهَا وَلَدُ آدَمَ كُلُّهُمْ يَعْنِي مِنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْإِنْكَارِ وَاحْتَجَّ إِسْحَاقُ أَيْضًا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ الْآيَةَ قَالَ إِسْحَاقُ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهَا الْأَرْوَاحُ قَبْلَ الْأَجْسَادِ اسْتَنْطَقَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى فَقَالَ انْظُرُوا أَلَّا تَقُولُوا إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قبل وكنا ذرية من بعدهم

قال أبوعمر مِنْ أَحْسَنِ مَا رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عز وجل وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ الْآيَةَ مَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنِ السَّرِيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ قَالَ عَمْرٌو أَصْحَابُهُ أَبُو مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظهورهم ذُرِّيَّاتِهِمْ قَالُوا لَمَّا أَخْرَجَ اللَّهُ آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ قَبْلَ أَنْ يُهْبِطَهُ مِنَ السَّمَاءِ مَسَحَ صَفْحَةَ ظَهْرِهِ الْيُمْنَى فَأَخْرَجَ مِنْهَا ذَرِّيَّةً بَيْضَاءَ مِثْلَ اللُّؤْلُؤِ كَهَيْئَةِ الذَّرِّ فَقَالَ لَهُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي وَمَسَحَ صَفْحَةَ ظَهْرِهِ الْيُسْرَى فَأَخْرَجَ مِنْهَا ذَرِّيَّةً سَوْدَاءَ كَهَيْئَةِ الذَّرِّ فَقَالَ ادْخُلُوا النَّارَ وَلَا أُبَالِي فَذَلِكَ قَوْلُهُ أَصْحَابُ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُمُ الْمِيثَاقَ فَقَالَ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى فَأَعْطَاهُ طَائِفَةً طَائِعِينَ

وَطَائِفَةً كَارِهِينَ عَلَى وَجْهِ التَّقِيَّةِ فَقَالَ هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ قَالُوا فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ إِلَّا وَهُوَ يَعْرِفُ اللَّهَ أَنَّهُ رَبُّهُ وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَذَلِكَ قَوْلُهُ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ يَعْنِي يَوْمَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ وَاحْتَجَّ إِسْحَاقُ أَيْضًا بِحَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي قِصَّةِ الْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ قَالَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبَّاسٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طَبَعَهُ اللَّهُ يَوْمَ طَبَعَهَ كَافِرًا قَالَ إِسْحَاقُ وَكَانَ الظَّاهِرُ مَا قَالَ مُوسَى أَقَتَلْتَ نَفْسًا زاكية فَأَعْلَمَ اللَّهُ الْخَضِرَ مَا كَانَ الْغُلَامُ عَلَيْهِ فِي الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ طُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا قَالَ إِسْحَاقُ وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا

وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ قَالَ إِسْحَاقُ فَلَوْ تَرَكَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ النَّاسَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ حُكْمَ الْأَطْفَالِ لَمْ يَعْرِفُوا الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ مَنِ الْكَافِرِينَ لِأَنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا جُبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَيْهِ حِينَ أُخْرِجَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ فَبَيَّنَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمَ الطِّفْلِ فِي الدُّنْيَا فَقَالَ أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ يَقُولُ أَنْتُمْ لَا تَعْرِفُونَ مَا طُبِعَ عَلَيْهِ فِي الْفِطْرَةِ الْأُولَى وَلَكِنَّ حُكْمَ الطِّفْلِ فِي الدُّنْيَا حُكْمُ أَبَوَيْهِ فَاعْرَفُوا ذلك بالأبوين فمن كان صغيرا بَيْنَ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ أُلْحِقَ بِحُكْمِهِمَا وَمَنْ كَانَ صغيرا بين أبوين مسلمين ألقح بِحُكْمِهِمَا وَأَمَّا إِيمَانُ ذَلِكَ وَكُفْرُهُ مِمَّا يَصِيرُ إِلَيْهِ فَعِلْمُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ وَيَعْلَمُ ذَلِكَ فَضَلَ الْخَضِرُ مُوسَى إِذْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْغُلَامِ وَخَصَّهُ بِذَلِكَ الْعِلْمِ قَالَ أبوعمر مَا بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ حُكْمَ الْأَطْفَالِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ صِغَارًا بَيَانًا يَقْطَعُ حُجَّةَ الْعُذْرِ بَلِ اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ بِمَا سَنُورِدُهُ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَاحْتَجَّ إِسْحَاقُ أَيْضًا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ حِينَ مَاتَ صَبِيٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ طُوبَى لَهُ عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ فَرَدَّ عَلَيْهَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ مَهْ يَا عَائِشَةُ وَمَا يُدْرِيكِ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلَهَا وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلَهَا قَالَ إِسْحَاقُ فَهَذَا الْأَصْلُ الَّذِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ إِسْحَاقَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ فِي الْفِطْرَةِ الَّتِي يُولَدُ عَلَيْهَا بَنُو آدَمَ إِنَّهَا الْمَعْرِفَةُ وَالْإِنْكَارُ وَالْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْأَطْفَالَ وَأَخْرَجَهُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ لِيَعْرِفَ مِنْهُمُ الْعَارِفُ وَيَعْتَرِفَ فَيُؤْمِنُ وَلِيُنْكِرَ مِنْهُمُ الْمُنْكِرُ مَا يَعْرِفُ فَيَكْفُرُ وَذَلِكَ كُلُّهُ قَدْ سَبَقَ بِهِ لَهُمْ قَضَاءُ اللَّهِ وَتَقَدَّمَ فِيهِ عِلْمُهُ ثُمَّ يَصِيرُونَ إِلَيْهِ فِي حِينِ تَصِحُّ مِنْهُمُ الْمَعْرِفَةُ وَالْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ وَالْجُحُودُ وَذَلِكَ عِنْدَ التَّمْيِيزِ وَالْإِدْرَاكِ فَذَلِكَ مَا قُلْنَا أَوْ يَكُونُوا أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ أَنَّ الطِّفْلَ يُولَدُ عَارِفًا مُقِرًّا مُؤْمِنًا أَوْ عَارِفًا جَاحِدًا مُنْكِرًا كَافِرًا فِي حِينِ وِلَادَتِهِ فَهَذَا مَا يُكَذِّبُهُ الْعِيَانُ وَالْعَقْلُ وَلَا عِلْمَ أَصَحُّ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا شَوَاهِدُ الْأُصُولِ

وَدَلَائِلُ الْعُقُولِ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ الْآيَةَ دَلِيلٌ يَشْهَدُ لَهُمْ بِمَا ادَّعَوْهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا فِيهِ رَدٌّ لِمَا قُلْنَا وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ الْخَلْقَ يُحْشَرُونَ وَيَصِيرُونَ إِلَى مَا سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِهِ وَهَذَا مَا لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْحَقِّ فِيهِ وَمَعْنَى الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ أَنَّهُ أَخْرَجَ ذَرِّيَّةَ آدَمَ مِنْ ظَهْرِهِ كَيْفَ شَاءَ ذَلِكَ وَأَلْهَمَهُمْ أَنَّهُ رَبُّهُمْ فَقَالُوا بَلَى لِئَلَّا يَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ثُمَّ تَابَعَهُمْ بِحُجَّةِ الْعَقْلِ عِنْدَ التَّمْيِيزِ وَبِالرُّسُلِ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِظْهَارًا بِمَا فِي عُقُولِهِمْ مِنَ الْمُنَازَعَةِ إِلَى خَالِقٍ مُدَبِّرٍ حَكِيمٍ يُدَبِّرُهُمْ بِمَا لَا يَتَهَيَّأُ لَهُمْ وَلَا يُمْكِنُهُمْ جَحْدُهُ وَهَذَا إِجْمَاعُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَاتَ وَهُوَ طِفْلٌ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ أَوْلَادِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ على ما نوضح بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْقَوْلِ فِي الْفِطْرَةِ الَّتِي يُولَدُ الْمَوْلُودُ عَلَيْهَا وَاخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَعْنَاهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ فَأَبَوَاهُ مُؤْمِنَانِ لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ طِفْلًا وَلَمْ يَكُنْ كَمَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ رَجُلًا قَاطِعًا لِلسَّبِيلِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ شَرِيعَتَنَا وَرَدَتْ بِأَنَّ كُلَّ

أَبَوَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ لَا يُحْكَمُ لِطِفْلِهِمَا الصَّغِيرِ بِحَالِ الْكُفْرِ وَلَا يَحِلُّ قَتْلُهُ بِإِجْمَاعٍ وَكَفَى بِهَذَا حُجَّةٌ فِي تَخْصِيصِ غُلَامِ الْخَضِرِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَّا الْمُجْبِرَةَ أَنَّ أَوْلَادَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ فَكَيْفَ يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِقِصَّةِ الْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ الْيَوْمَ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ إِسْحَاقُ فَإِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ انْفَرَدَ بِهِ طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى فَأَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ وَضَعَّفُوهُ مِنْ أَجْلِهِ وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَقَوْلُ إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْبَابِ لَا يَرْضَاهُ الْحُذَّاقُ الفقهة مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ الْمُجْبِرَةِ وَفِيمَا مَضَى كِفَايَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى الْفِطْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَوْلُودِينَ مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ مِنَ الْمِيثَاقِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى الدُّنْيَا يَوْمَ اسْتَخْرَجَ ذَرِّيَّةَ آدَمَ مِنْ ظَهْرِهِ فَخَاطَبَهُمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى فَأَقَرُّوا جَمِيعًا لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ عَنْ مَعْرِفَةٍ مِنْهُمْ بِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهُمْ مِنْ أَصْلَابِ آبَائِهِمْ مَخْلُوقِينَ مَطْبُوعِينَ عَلَى تِلْكَ الْمَعْرِفَةِ وَذَلِكَ الْإِقْرَارِ قَالُوا وَلَيْسَتْ تِلْكَ الْمَعْرِفَةُ بِإِيمَانٍ وَلَا

ذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِإِيمَانٍ وَلَكِنَّهُ إِقْرَارٌ مِنَ الطَّبِيعَةِ لِلرَّبِّ فِطْرَةٌ أَلْزَمَهَا قُلُوبَهُمْ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الرُّسُلَ فَدَعَوْهُمْ إِلَى الِاعْتِرَافِ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَالْخُضُوعِ تَصْدِيقًا بِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ فَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ وَجَحَدَ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَهُوَ بِهِ عَارِفٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَدْعُوَ خَلْقَهُ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَهُوَ لَمْ يُعَرِّفْهُمْ نَفْسَهُ إِذْ كَانَ يَكُونُ حِينَئِذٍ قَدْ كَلَّفَهُمُ الْإِيمَانَ بِمَا لَا يَعْرِفُونَ قَالُوا وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ وَذَكَرُوا مَا ذَكَرَهُ السُّدِّيُّ عَنْ أَصْحَابِهِ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظهورهم ذُرِّيَّاتِهِمْ الْآيَةَ وَذَكَرُوا أَيْضًا مَا حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ

مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِلَى قَوْلِهِ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ قَالَ جَمَعَهُمْ جَمِيعًا فَجَعَلَهُمْ أَرْوَاحًا ثُمَّ صَوَّرَهُمْ ثُمَّ اسْتَنْطَقَهُمْ فَقَالَ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ نَعْلَمْ هَذَا قَالُوا نَشْهَدُ أَنَّكَ رَبُّنَا وَإِلَهُنَا لَا رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ وَلَا إِلَهَ لَنَا غَيْرُكَ قَالَ فَإِنِّي أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ رُسُلِي وَأُنْزِلُ عَلَيْكُمْ كُتُبِي فَلَا تُكَذِّبُوا رُسُلِي وَصَدِّقُوا بِوَعْدِي وَإِنِّي سَأَنْتَقِمُ مِمَّنْ أَشْرَكَ بِي وَلَمْ يُؤْمِنْ بِي قَالَ فَأَخَذَ عَهْدَهُمْ وَمِيثَاقَهُمْ وَرَفَعَ أَبَاهُمْ آدَمَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَرَأَى مِنْهُمُ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ وَحَسَنَ الصُّورَةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَبِّ لَوْ سَوَّيْتَ بَيْنَ عِبَادِكَ قَالَ أَحْبَبْتُ أَنْ أُشْكَرَ قَالَ وَالْأَنْبِيَاءُ يَوْمَئِذٍ بَيْنَهُمْ مِثْلُ السَّرْجِ قَالَ وَخُصُّوا بِمِيثَاقٍ آخَرَ لِلرِّسَالَةِ أَنْ يُبَلِّغُوهَا قَالَ فَهُوَ قَوْلُهُ وإذ أخذنا من النبيئين مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ قَالَ وَهِيَ فِطْرَةُ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا وَذَلِكَ قَوْلُهُ وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ فَمَا كَانُوا

لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ قَالَ فَكَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ مَنْ يُكَذِّبُ بِهِ وَمَنْ يُصَدِّقُ قَالَ وَكَانَ رُوحُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ تِلْكَ الْأَرْوَاحِ الَّتِي أَخَذَ عَهْدَهَا وَمِيثَاقَهَا فِي زَمَنِ آدَمَ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ وَسُئِلَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَقَالَ هَذَا عِنْدَنَا حَيْثُ أُخِذَ الْعَهْدُ عَلَيْهِمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ فِيمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا يُغْنِي عَنِ الْقَوْلِ هَهُنَا وَقَدْ قَالَ هَؤُلَاءِ لَيْسَتْ تِلْكَ الْمَعْرِفَةُ بِإِيمَانٍ وَلَا ذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِإِيمَانٍ وَلَكِنَّهُ إِقْرَارٌ مِنَ الطَّبِيعَةِ لِلرَّبِّ فِطْرَةٌ أَلْزَمَهَا قُلُوبَهُمْ فَكَفَوْنَا بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنْفُسَهُمْ وَقَالَ آخَرُونَ الْفِطْرَةُ مَا يُقَلِّبُ اللَّهُ قُلُوبَ الْخَلْقِ إِلَيْهِ مِمَّا يُرِيدُ وَيَشَاءُ فَقَدْ يَكْفُرُ الْعَبْدُ ثُمَّ يُؤْمِنُ فَيَمُوتُ مُؤْمِنًا وَقَدْ يُؤْمِنُ ثُمَّ يَكْفُرُ فَيَمُوتُ كَافِرًا وَقَدْ يَكْفُرُ ثُمَّ لَا يَزَالُ عَلَى كُفْرِهِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَيْهِ وَقَدْ يَكُونُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَمُوتَ عَلَى الْإِيمَانِ وَذَلِكَ كُلُّهُ تَقْدِيرُ اللَّهِ وَفِطْرَتُهُ لَهُمْ

وَاحْتَجُّوا مِنَ الْأَثَرِ بِحَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَلَا إِنَّ بَنِي آدَمَ خُلِقُوا عَلَى طَبَقَاتٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَحْيَى مُؤْمِنًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَى كَافِرًا وَيَمُوتُ كَافِرًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا وَيَحْيَى مُؤْمِنًا وَيَمُوتُ كَافِرًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا وَيَحْيَى كَافِرًا وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَالْفِطْرَةُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ مَا قَضَاهُ اللَّهُ وَقَدَّرَهُ لِعِبَادِهِ مِنْ أَوَّلِ أَحْوَالِهِمْ إلى آخرها كل ذلك عندهم فطرة وسواء كَانَتْ عِنْدَهُمْ حَالًا وَاحِدَةً لَا تَنْتَقِلُ أَوْ حَالًا بَعْدَ حَالٍ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ أَيْ حَالًا بَعْدَ حَالٍ عَلَى مَا سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِ اللَّهِ وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي الْأَصْلِ فَإِنَّهُ أَضْعَفُ الْأَقَاوِيلِ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ فِي مَعْنَى الْفِطْرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذَا مَا انْتَهَى إِلَيْنَا عَنِ الْعُلَمَاءِ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ وَهُمُ الْجَمَاعَةُ فِي تَأْوِيلِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفطرة

وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ فَمُنْكِرُونَ لِكُلِّ مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ الْآيَةَ قَالُوا مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنْ آدَمَ وَلَا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ مِيثَاقًا قَطُّ قَبْلَ خَلْقِهِ إِيَّاهُمْ وَمَا خَلَقَهُمْ قَطُّ إِلَّا فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَمَا اسْتَخْرَجَ قَطُّ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ مِنْ ذُرِّيَّةٍ تُخَاطِبُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَأَحْيَاهُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالْقُرْآنُ قَدْ نَطَقَ عَلَى أَهْلِ النَّارِ بِأَنَّهُمْ قَالُوا مَا لَمْ يَرُدَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْلِهِمْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقًا لِذَلِكَ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا يَعْنِي فِي حَالِ عَدَمٍ غَيْرِ وُجُودٍ فَأَحْيَاكُمْ يُرِيدُ بِخَلْقِهِ إِيَّاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ فَجَعَلَ الْحَيَاةَ مَرَّتَيْنِ وَالْمَوْتَ مَرَّتَيْنِ قَالُوا وَكَيْفَ يُخَاطِبُ اللَّهُ مَنْ لَا يَعْقِلُ وَكَيْفَ يُجِيبُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَكَيْفَ يَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ بِمِيثَاقٍ لَا يَذْكُرُونَهُ وَهُمْ لَا يُؤَاخَذُونَ بِمَا نَسُوا وَلَا نَجِدُ أَحَدًا يَذْكُرُ أَنَّ ذَلِكَ عَرَضَ لَهُ أَوْ كَانَ مِنْهُ قَالُوا وَإِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ الْآيَةَ إِخْرَاجَهُ إِيَّاهُمْ فِي الدُّنْيَا وَخَلْقَهُ لَهُمْ وَإِقَامَةَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ بِأَنْ فَطَرَهُمْ وَبَنَاهُمْ فِطْرَةً إِذَا بَلَغُوا وَعَقَلُوا عَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ رَبُّهُمْ وَخَالِقُهُمْ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَخْرَجَ الذَّرِّيَّةَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ وَعَصْرًا بَعْدَ عَصْرٍ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمَا جَعَلَ فِي عُقُولِهِمْ مِمَّا تُنَازِعُهُمْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ إِلَى الْإِقْرَارِ بِالرُّبُوبِيَّةِ حَتَّى صَارُوا بِمَنْزِلَةِ مَنْ قِيلَ لَهُمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَالَ لَهُمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ عَلَى لِسَانِ بَعْضِ أَنْبِيَائِهِ وَكُلُّهُمْ يَقُولُ إِنَّ الْحَدِيثَ الْمَأْثُورَ لَيْسَ بِتَأْوِيلٍ لِلْأُمَّةِ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا كُلِّهِ فِي الْمَعْرِفَةِ هَلْ تَقَعُ ضَرُورَةً أَوِ اكْتِسَابًا وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَطْفَالِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ أَوْلَادُ النَّاسِ كُلُّهُمُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ وَالْكَافِرِينَ إِذَا مَاتُوا أَطْفَالًا صِغَارًا لَمْ يَبْلُغُوا فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُصَيِّرُهُمْ إِلَى مَا شَاءَ مِنْ رَحْمَةٍ أَوْ عَذَابٍ وَذَلِكَ كُلُّهُ عَدْلٌ مِنْهُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ وَقَالَ آخَرُونَ وَهُمُ الْأَكْثَرُ أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ وَأَطْفَالُ الْكُفَّارِ فِي الْمَشِيئَةِ وَقَالَ آخَرُونَ حُكْمُ الْأَطْفَالِ كُلِّهِمْ كَحُكْمِ آبَائِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ هُمْ مُؤْمِنُونَ بِإِيمَانِ

آبَائِهِمْ وَكَافِرُونَ بِكُفْرِ آبَائِهِمْ فَأَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ وَأَطْفَالُ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ وَقَالَ آخَرُونَ أَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ وَأَوْلَادُ الْكُفَّارِ إِذَا مَاتُوا صِغَارًا جَمِيعًا فِي الْجَنَّةِ وَقَالَ آخَرُونَ أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَقَالَ آخَرُونَ يُمْتَحَنُونَ فِي الْآخِرَةِ وَرَوَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ فِيمَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ آثَارًا وَقَفَتْ عِنْدَهَا وَدَانَتْ بِهَا لِصِحَّتِهَا لَدَيْهَا وَنَحْنُ نَذْكُرُ مِنْهَا مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ بِعَوْنِ رَبِّنَا لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِاللَّهِ التوفيق

بَابُ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا مَنْ أَوْجَبَ الْوُقُوفَ عَنِ الشَّهَادَةِ لِأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ بِجَنَّةٍ أَوْ نَارٍ وَجَعَلَ جَمِيعَهُمْ فِي مَشِيئَةِ الْجَبَّارِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بن ربيعة عن عبد الرحمان بْنِ هُرْمُزٍ الْأَعْرَجِ أَنَّهُ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل بني آدم يولد على الفطرة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْإِبِلُ مِنْ بَهِيمَةٍ جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّ مِنْ جَدْعَاءَ قِيلَ أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ (هَكَذَا قَالَ كُلُّ بَنِي آدَمَ) وَهُوَ يَقْتَضِي كُلَّ مَوْلُودٍ لِمُسْلِمٍ وَغَيْرِ مُسْلِمٍ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعُمُومِهِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ

حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي الْقَطَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْأَطْفَالِ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ هَكَذَا قَالَ الْأَطْفَالُ لَمْ يَخُصَّ شَيْئًا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلِكًا يَقُولُ يَا رَبِّ نُطْفَةٌ يَا رَبِّ عَلَقَةٌ يَا رَبِّ مُضْغَةٌ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قَالَ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ وَمَا الْأَجَلُ فَيُكْتَبُ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُنْقَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثوري

وَشُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ قَالَ الْمُنْقَرِيُّ وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الزَّهْرَانِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ كُلُّهُمْ يَقُولُ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ أَنَّ خَلْقَ ابْنِ آدَمَ يَمْكُثُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَصِيرُ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَصِيرُ مُضْغَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ مَا الْأَجَلُ وَمَا الْأَثَرُ فَيُوحِي اللَّهُ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ حَتَّى إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ أَوْ قَيْدُ ذِرَاعٍ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ الَّذِي سَبَقَ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ أَوْ قَيْدُ ذِرَاعٍ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ الَّذِي سَبَقَ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ

حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ أَنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ رَزَقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشِقِّيٍّ أَمْ سَعِيدٍ فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ خَالِدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا الطفيل حدثه

أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ إِنَّ الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَإِنَّ السَّعِيدَ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ قَالَ فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ أَتَعَجَّبُ مِمَّا سَمِعْتُهُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أَبِي سَرِيحَةَ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ فَتَعَجَّبْتُ عِنْدَهُ فَقَالَ مِمَّ تَتَعَجَّبُ فَقُلْتُ سَمِعْتُ أَخَاكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ إِنَّ الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَإِنَّ السَّعِيدَ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ فَقَالَ وَمِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُ فَقُلْتُ أَيَشْقَى أَحَدٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ إِنَّ النُّطْفَةَ تَمْكُثُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ يَتَسَوَّرُ عَلَيْهَا الْمَلَكُ قَالَ زُهَيْرٌ حَسِبْتُهُ قَالَ الَّذِي وُكِّلَ بِخَلْقِهَا فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ سَوِيٌّ أَوْ غَيْرُ سَوِيٍّ فَيَجْعَلُهُ اللَّهُ سَوِيًّا أو غير سوي ذكر أَمْ أُنْثَى ثُمَّ يَقُولُ مَا رِزْقُهُ مَا أَجَلُهُ مَا خُلُقُهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ اللَّهُ شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا (وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أبوأحمد عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُفَسِّرِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ غَالِبٍ الشَّكْشَرِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ

الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُمَرَ سَمِعَ أَبَا الطُّفَيْلِ يُحَدِّثُ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ الْمَلَكُ عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَ مَا تَسْتَقِرُّ فِي الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ أَوْ بِخَمْسِ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَيَكْتُبُ قَالَ ثُمَّ يَكْتُبُ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَأَثَرَهُ ثُمَّ تُطْوَى الصَّحِيفَةُ فَلَا يُزَادُ عَلَى مَا فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ حَيَّانَ الْأَسَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ الشَّقِيُّ مِنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ قَالَ فَفَزِعْتُ إِلَى حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ فَقُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ الشَّقِيُّ مِنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَقَالَ وَمَا أَنْكَرْتُ مِنْ ذَلِكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا حَمَلَتْ فَأَتَتْ عَلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا نَزَلَ إِلَيْهَا مَلَكٌ فَإِذَا قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي خَلْقٍ مَا فِي بَطْنِهَا مَا قَضَى قَالَ الْمَلَكُ يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَيَقْضِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْمَلَكِ وَيَكْتُبُ ثُمَّ يَقُولُ يا رب ما رزقه فيقض اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْمَلَكِ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَيَقْضِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

إِلَى الْمَلَكِ فَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ تُطْوَى الصَّحِيفَةُ فَتَكُونُ مَعَ الْمَلَكِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) وَقَدْ رَوَى هَذَا الْمَعْنَى جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَمَّتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ خَالَتِهَا أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِيٍّ مِنْ صِبْيَانِ الْأَنْصَارِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ طُوبَى لَهُ عُصْفُورٌ مِنْ عصافير الجنة لم يعمل بسوء وَلَمْ يُدْرِكْهُ ذَنْبٌ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلَهَا وَخَلَقَهُمْ فِي أصلاب آباهئم وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلَهَا وَخَلَقَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَمَّتِهِ يَعْنِي عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ

عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَتْ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ سَوَاءً وَرَوَاهُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى جَمَاعَةٌ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ يَحْيَى انْفَرَدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوا وَقَدْ رَوَاهُ فضيل بن عمرو عن عائشة بنت طلحة كَمَا رَوَاهُ طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى سَوَاءً ذَكَرَهُ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ فضيل بن عمرو عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ تُوُفِّيَ صَبِيٌّ فَقُلْتُ طُوبَى لَهُ عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو لا تَدْرِينَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْغُلَامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ كَافِرًا وَلَوْ عَاشَ لَأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يَقُولُونَ إِنَّهُ انْفَرَدَ بِرَفْعِهِ رَقَبَةُ بْنُ مَصْقَلَةَ وَإِنَّ أَصْحَابَ أَبِي إِسْحَاقَ الثِّقَاتِ يُوقِفُونَهُ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَرَقَبَةُ بْنُ مَصْقَلَةَ ثِقَةٌ فَصِيحٌ عَاقِلٌ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يُثْنِيَانِ عَلَيْهِ وَقَدْ تَابَعَهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبَّاسٍ عَلَى رَفْعِهِ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَبَّاسِ رَجُلٌ كُوفِيٌّ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ جِلَّةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْهُمْ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَوَكِيعٌ وأبونعيم وَقَالَ أَحْمَدُ وَيَحْيَى لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ هُوَ ثِقَةٌ قِيلَ لَهُ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ ثِقَةٌ ذَكَرَ الْمَرْوَزِيُّ قال أخبرنا إسحاق بن إبراهيم يعين ابْنَ رَاهَوَيْهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبَّاسٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ كَافِرًا وَقَدْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ

قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَتَبَ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَّا الصِّبْيَانُ فَإِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْخَضِرُ تَعْلَمُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ فَاقْتُلْهُمْ وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزٍ قَالَ كَتَبَ نَجْدَةُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ قَتْلِ الْوِلْدَانِ وَيَذْكُرُ فِي كِتَابِهِ أَنَّ الْعَالِمَ صَاحِبَ مُوسَى قَدْ قَتَلَ الْمَوْلُودَ قَالَ يَزِيدُ فَأَنَا كَتَبْتُ كِتَابَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِيَدَيَّ جَوَابُهُ

إِلَى نَجْدَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَسْأَلُنِي عَنْ قَتْلِ الْوِلْدَانِ وَتَذْكُرُ فِي كِتَابِكَ أَنَّ الْعَالِمَ صَاحِبَ مُوسَى قَدْ قَتَلَ الْمَوْلُودَ فَلَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ مِنَ الْوِلْدَانِ مَا عَلِمَ ذَلِكَ الْعَالِمُ لَقَتَلْتَ وَلَكِنَّكَ لَا تَعْلَمُ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِهِمْ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَفِي هَذَا الْخَبَرِ مَعَ صِحَّتِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَدُّ قَوْلِ مَنْ قَالَ الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ كَانَ رَجُلًا وَكَانَ قَاطِعَ طَرِيقٍ وَهَذَا قَوْلٌ يُرْوَى عَنْ عِكْرِمَةَ حَكَاهُ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ عَنْهُ وَقَالَ قَتَادَةُ لَعَمْرِي مَا قَتَلَهُ إِلَّا عَلَى كُفْرٍ قَالَ قَتَادَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ قَالَ قَتَادَةُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْحَرْفِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَمْ يَقْتُلْهُ الْخَضِرُ إِلَّا وَهُوَ كَافِرٌ كَانَ قَدْ كَفَرَ بَعْدَ إِدْرَاكِهِ وَبُلُوغِهِ أَوْ عَمِلَ عَمَلًا اسْتَوْجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلَ فَقَتَلَهُ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ

قَالَ اجْتَمَعْتُ أَنَا وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَنَحْنُ غُلَامَانِ شَابَّانِ قَدْ بَلَغْنَا فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ فِي كَرَاهِيَةِ الصَّدَقَةِ لِبَنِي هَاشِمٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَنَحْنُ غُلَامَانِ شَابَّانِ قَدْ بَلَغْنَا فَهُوَ كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى الْقُرْبِ وَالْمَجَازِ وَقَدْ بَانَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ قَدْ بَلَغْنَا وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْغُلَامَ كَانَ رَجُلًا قَدْ كَفَرَ أَوْ عَمِلَ مَا اسْتَوْجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلَ فَتَخَرُّصٌ وَظَنٌّ لَمْ يَصِحَّ فِي أَثَرٍ وَلَا جَاءَ بِهِ خَبَرٌ وَلَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَلَا أَهْلُ اللُّغَةِ وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْإِنْسَانَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ غُلَامًا وَالْغُلَامُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ هُوَ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ يَقَعُ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِهِمُ اسْمُ غُلَامٍ مِنْ حِينِ يُفْطَمُ إِلَى سَبْعِ سِنِينَ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يُسَمَّى غُلَامًا وَهُوَ رَضِيعٌ إِلَى سَبْعِ سِنِينَ ثُمَّ يَصِيرُ يَافِعًا وَيَفَاعًا إِلَى عَشْرِ سِنِينَ ثُمَّ يَصِيرُ حُزُورًا إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَةِ مَنَازِلِ سِنِّهِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَصِيرَ هَمًّا فَانِيًا كَبِيرًا بِمَا لَا حَاجَةَ بِنَا هَهُنَا إِلَى ذِكْرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي الْغُلَامِ أَنَّهُ مَا دَامَ رَضِيعًا فَهُوَ طِفْلٌ وَغُلَامٌ إِلَى سَبْعِ سِنِينَ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ

فِي الْكَهْلِ وَالشَّيْخِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْكَهْلُ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْكَهْلُ مِنْ أَرْبَعِينَ إِلَى خَمْسِينَ وَالشَّيْخُ مِنْ خَمْسِينَ إِلَى ثَمَانِينَ ثُمَّ يَصِيرُ هَمًّا فَانِيًا وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ نَفْسًا زَاكِيَةً قَالُوا لَمْ يُذْنِبْ قَطُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قِصَّةِ مُوسَى وَالْخَضِرِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ قَالَ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قال غلام يلعب مع الغلمان فقتل عُنُقَهُ فَقَتَلَهُ وَلَمْ يَرَهُ إِلَّا مُوسَى وَلَوْ رَآهُ الْقَوْمُ لَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَةً أَوْ زَكِيَّةً قَالَ لَمْ تَبْلُغِ الخطايا

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ وَجَدَ الْخَضِرُ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ فَأَخَذَ غُلَامًا فَأَضْجَعَهُ وَذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ وَأَبُو الظَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالُوا حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عبد الرحمان بْنَ هُنَيْدَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ النَّسَمَةَ قَالَ مَلَكُ الْأَرْحَامِ مُعْرِضًا يَا رَبِّ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَيَقْضِي اللَّهُ أَمْرَهُ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَيَقْضِي اللَّهُ أَمْرَهُ ثُمَّ يُكْتَبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَا هُوَ حَتَّى النَّكْبَةُ يَنْكُبُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ بِهَذِهِ الْآثَارِ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا احْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْوُقُوفِ عَنِ الشَّهَادَةِ لِأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوِ الْمُشْرِكِينَ بِجَنَّةٍ أَوْ نَارٍ وَإِلَيْهَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ مِنْهُمْ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَابْنُ المبارك وإسحاق

ابن رَاهَوَيْهِ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ يُشْبِهُ مَا رَسَمَهُ مَالِكٌ فِي أَبْوَابِ الْقَدَرِ فِي مُوَطَّئِهِ وَمَا أَوْرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَلَيْسَ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْءٌ مَنْصُوصٌ إِلَّا أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ وَأَطْفَالَ الْكُفَّارِ خَاصَّةً فِي الْمَشِيئَةِ لِآثَارٍ وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ نَحْنُ نَذْكُرُهَا فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

(ذكر الأخبار التي احتج بها من شهد لِأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ بِالْجَنَّةِ) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ وَإِيَّاهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ يُجَاءُ بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَيَقُولُونَ لَا حَتَّى يَدْخُلَ آبَاؤُنَا فَيُقَالُ لَهُمُ ادْخُلُوا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَابَةَ قَالَا حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ بِابْنِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتُحِبُّهُ فَقَالَ

أَحَبَّكَ اللَّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمَا أُحِبُّهُ فَتُوُفِّيَ الصَّبِيُّ فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال ابن! فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوُفِّيَ ابْنُهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أماترضى أَنْ لَا تَأْتِيَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلَّا جَاءَ يَسْعَى يَفْتَحَهُ لَكَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَهُ وَحْدَهُ أَمْ لَنَا كُلِّنَا قَالَ بَلْ لَكُمْ كُلِّكُمْ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سعيد القطان وعبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ وَغَيْرُهُمْ عَنْ شُعْبَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ في ابنه إبراهيم أنه لَهُ مَوْضِعًا! فِي الْجَنَّةِ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ الْحَرِيرِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَلَّانَ قَالَ مَاتَ ابْنٌ لِي فَوَجَدْتُ عَلَيْهِ وَجْدًا شَدِيدًا فَقُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَسَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا يُسْخِي أَنْفُسَنَا عَنْ مَوْتَانَا فَقَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ صِغَارُكُمْ دعاميص الجنة

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عن عبد الرحمان بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ فِي جَبَلٍ تَكْفُلُهُمْ سَارَّةُ وَإِبْرَاهِيمُ فَإِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دَفَعُوهُمْ إِلَى آبَائِهِمْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عُثْمَانَ عَنْ زَاذَانَ عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ قَالَ هُمْ أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ زَاذَانَ عَنْ عَلِيٍّ فِي كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ قَالَ أَصْحَابُ الْيَمِينِ أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ قال أبوعمر اخْتَصَرْتُ هَذَا الْبَابَ لِأَنِّي قَدْ تَقَصَّيْتُهُ فِي كِتَابِ الْأَجْوِبَةِ عَنِ الْمَسَائِلِ الْمُسْتَغْرَبَةِ وَتَكَلَّمْتُ عَلَيْهِ فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِنْ هَذَا الكتاب

بَابُ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا مَنْ شَهِدَ لِأَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَمَنْ قَالَ إِنَّهُمْ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ خَنْسَاءَ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي صُرَيْمٍ عَنْ عَمِّهَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ وَالشَّهِيدُ فِي الْجَنَّةِ وَالْمَوْلُودُ فِي الْجَنَّةِ وَالْوَئِيدُ فِي الْجَنَّةِ وَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرَ حَدَّثَنَا هَوْذَةُ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ قَالَتْ حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ فِي الْجَنَّةِ قَالَ النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ وَالشَّهِيدُ فِي الْجَنَّةِ وَالْمَوْلُودُ فِي الْجَنَّةِ وَالْوَئِيدُ فِي الْجَنَّةِ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْعَوَّامِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلَتْ خَدِيجَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ هُمْ مَعَ آبَائِهِمْ ثُمَّ سَأَلَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ ثُمَّ سَأَلَتْهُ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ الْإِسْلَامُ فَنَزَلَتْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَقَالَ هُمْ عَلَى الْفِطْرَةِ أَوْ قَالَ فِي الْجَنَّةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُ رَبِّي عَنِ اللَّاهِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْبَشَرِ أَلَّا يُعَذِّبَهُمْ فَأَعْطَانِيهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا قِيلَ لِلْأَطْفَالِ اللَّاهِينَ لِأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَاللَّهْوِ وَاللَّعِبِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا عَزْمٍ مِنْ قَوْلِهِمْ لَهَيْتُ عَنِ الشَّيْءِ أَيْ لَمْ أَعْتَمِدْهُ كَقَوْلِهِ لاهية قلوبهم

الحدث الحادي والعشرون

وَرَوَى الْحَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فُضَالَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عن الأعمش عن يزيد الرقاش! عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوِلْدَانُ أَوْ قَالَ الْأَطْفَالُ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِ أبي رجاء العطاردي عَنْ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ الطَّوِيلَ حَدِيثَ الرُّؤْيَا وَفِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَمَّا الْوِلْدَانُ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ وَخَرَّجَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي رَجَاءٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالشَّيْخُ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ أَوْلَادُ النَّاسِ وَهَذَا يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ وَعُمُومُهُ جَمِيعَ النَّاسِ والله الموفق

(بَابُ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا مَنْ شَهِدَ لِأَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ بِالنَّارِ) حَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ مَرْجِيُّ بْنُ رَجَاءٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَا حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجَعْفِيُّ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَخِي فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمَّنَا مَاتَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَتْ تُقْرِي الضَّيْفَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ فَهَلْ يَنْفَعُهَا مِنْ عَمَلِهَا ذَلِكَ شَيْءٌ قَالَ لَا قَالَ فَقُلْنَا إِنَّ أُمَّنَا وَلَدَتْ أُخْتًا لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ تَبْلُغِ الْحِنْثَ فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعٌ أُخْتَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتُمُ الْوَائِدَةَ وَالْمَئُودَةَ فَإِنَّهُمَا فِي النَّارِ إِلَّا أَنْ تُدْرِكَ الْوَائِدَةُ الْإِسْلَامَ فَيَغْفِرُ الله لها

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادٌ أَقْوَى وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ كَمَا رَوَاهُ دَاوُدُ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَلْقَمَةَ كَمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ إِلَّا أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ خَرَجَ عَلَى جَوَابِ السَّائِلِ فِي عَيْنٍ مَقْصُودَةٍ فَكَانَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ لِمُعَارَضَةِ الْآثَارِ لَهُ وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ مَعْنَاهُ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَبِيتُونَ فَيُصَابُ مِنْ ذَرَارِيهِمْ وَنِسَائِهِمْ فَقَالَ سَوَّلُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ مِنْهُمْ وَكَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يَقُولُ هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ قَالَ الزُّهْرِيُّ ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَتْلِ النساء والولدان

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فِي ذَلِكَ هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَعَلَى ذَلِكَ مَخْرَجُ الْحَدِيثِ فَلَيْسَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُمْ قَوْدٌ وَلَا دِيَةٌ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ مَنْ لَا دِيَةَ فِي قَتْلِهِ وَلَا قَوْدَ لِمُحَارَبَتِهِ وَكُفْرِهِ وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَلَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ رَوَى بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي قَيْسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَرَارِيِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ هُمْ مَعَ آبَائِهِمْ قُلْتُ بِلَا عَمَلٍ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ شَامِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ وَأَمَّا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ فَضَعِيفٌ وَأَكْثَرُ حَدِيثِهِ مَنَاكِيرُ وَلَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا أَيْضًا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَيُحْتَمَلُ مِنَ التَّأْوِيلِ أَنْ يَكُونَ كَحَدِيثِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ سَوَاءً فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا

حدثنا خلف بن قاسم قال حدثنا أبومحمد الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّيَّاتُ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قال حدثنا أبوعقيل يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ بَهِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وِلْدَانِ الْمُسْلِمِينَ أَيْنَ هُمْ قَالَ في الجنة يا عائشة قال وَسَأَلْتُهُ عَنْ وِلْدَانِ الْمُشْرِكِينَ أَيْنَ هُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ فِي النَّارِ قَالَتْ فَقُلْتُ مُجِيبَةً لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُدْرِكُوا الْأَعْمَالَ وَلَمْ تَجْرِ عَلَيْهِمُ الْأَقْلَامُ قَالَ رَبُّكِ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ شئت أسمعتك تضاعيهم فِي النَّارِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو عَقِيلٍ هَذَا صَاحِبُ بَهِيَّةَ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ صَحَّ أَيْضًا احْتَمَلَ مِنَ الْخُصُوصِ مَا احْتَمَلَ غَيْرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خُصُوصٌ لِقَوْمٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَوْلُهُ لَوْ شِئْتِ أَسْمَعْتُكِ تَضَاغِيَهُمْ فِي النَّارِ وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا فِيمَنْ قَدْ مَاتَ وَصَارَ فِي النَّارِ وَقَدْ عَارَضَ هَذَا الْحَدِيثَ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ مِنَ الْآثَارِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

ومما احتج به من ذهب إلىالقول بِظَاهِرِ آثَارِ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنُوحٍ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَمَّا قِيلَ لِنُوحٍ ذَلِكَ وَعَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَأَنَّهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ يَمُوتُونَ دَعَا عَلَيْهِمْ بِهَلَاكِ جَمِيعِهِمْ فَقَالَ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ لِكُفْرِهِمْ لَا يَلِدُونَ إِلَّا كَفَّارًا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ

(ذكر الأخبار التي احتج بها من أوجب الْوُقُوفَ عَنِ الشَّهَادَةِ لِأَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ بِجَنَّةٍ أَوْ نَارٍ) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ إِذْ خَلَقَهُمْ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال حدثنا أبوعوانة عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ وَعِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ هِلَالِ بْنِ حُبَابٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مثله ورواه أبوهريرة عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ! رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرحمان بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ هَذَا بِمِثْلِهِ وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَيْضًا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ

وَقَالَ مُسَدَّدٌ فِي حَدِيثِهِ بِإِسْنَادِهِ هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْأَطْفَالِ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيَّةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُنْتُ أَقُولُ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ هُمْ مَعَ آبَائِهِمْ حَتَّى حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ هُوَ خَلَقَهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ وَبِمَا كَانُوا عَامِلِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحَادِيثُ هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ صِحَاحٌ ثَابِتَةٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ وَاللَّهُ الموفق للصواب

ذكر الأخبار التي احتج بها من أوجب امْتِحَانَهُمْ وَاخْتِبَارَهُمْ فِي الْآخِرَةِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عيسى بْنُ مُسَيْكِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهَالِكِ فِي الْفَتْرَةِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمَوْلُودِ قَالَ يَقُولُ الْهَالِكُ فِي الْفَتْرَةِ لَمْ يَأْتِنِي كِتَابٌ وَلَا رَسُولٌ ثُمَّ تَلَا وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا إِلَى آخِرِ الْآيَةِ وَيَقُولُ الْمَعْتُوهُ رَبِّ لَمْ تَجْعَلْ لِي عَقْلًا أَعْقِلُ بِهِ خَيْرًا وَلَا شَرًّا قَالَ وَيَقُولُ الْمَوْلُودُ رَبِّ لَمْ أُدْرِكِ الْعَمَلَ قَالَ فَتُرْفَعُ لَهُمْ نَارٌ فَيُقَالُ رِدُوهَا ادْخُلُوهَا قَالَ فَيَرِدُهَا أَوْ يَدْخُلُهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ سعيدا وأدرك الْعَمَلَ وَيُمْسِكُ عَنْهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ شَقِيًّا لَوْ أَدْرَكَ الْعَمَلَ قَالَ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّايَ عَصَيْتُمْ فَكَيْفَ رُسُلِي لو أتتكم

قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُوقِفُ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ وَلَا يَرْفَعُهُ منهم أبونعيم الْمَلَّايُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَرْبَعَةٍ بِالْمَوْلُودِ وَالْمَعْتُوهِ وَمَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ وَبِالشَّيْخِ الْهَرِمِ الْفَانِي كُلُّهُمْ يَتَكَلَّمُ بِحُجَّتِهِ فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِعُنُقٍ مِنْ جَهَنَّمَ ابْرُزِي وَيَقُولُ لَهُمْ إِنِّي كُنْتُ أَبْعَثُ إِلَى عِبَادِي رُسُلًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَإِنِّي رَسُولُ نَفْسِي إِلَيْكُمْ قَالَ فَيَقُولُ لَهُمْ ادْخُلُوا هَذِهِ فَيَقُولُ مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ الشَّقَاءُ يَا رَبِّ أَتُدْخِلُنَاهَا وَمِنْهَا كُنَّا نَفِرُّ قَالَ وَأَمَّا مَنْ كُتِبَ لَهُ السَّعَادَةُ فَيَمْضِي فَيَقْتَحِمُ فِيهَا فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ عَايَنْتُمُونِي فَعَصَيْتُمُونِي فَأَنْتُمْ بِرُسُلِي أَشَدُّ تَكْذِيبًا وَمَعْصِيَةً فَيَدْخُلُ هَؤُلَاءِ الْجَنَّةَ وَهَؤُلَاءِ النَّارَ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ الصَّفَّارِ

وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ زَنْجَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ حُلَيْسٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنْ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْمَمْسُوحِ أَوِ الْمَمْسُوحِ عَقْلًا وَبِالْهَالِكِ فِي الْفَتْرَةِ وَبِالْهَالِكِ صَغِيرًا فَيَقُولُ الْمَمْسُوحُ عَقْلًا يَا رَبِّ لَوْ آتَيْتَنِي عَقْلًا مَا كَانَ مَنْ آتَيْتَهُ عَقَلًا أَسْعَدَ بِعَقْلِهِ مِنِّي وَيَقُولُ الْهَالِكُ فِي الْفَتْرَةِ يَا رَبِّ لَوْ أَتَانِي مِنْكَ عَهْدٌ مَا كَانَ مَنْ آتَيْتَهُ عَهْدًا بِأَسْعَدَ بِعَهْدِكَ مِنِّي وَيَقُولُ الْهَالِكُ صَغِيرًا يَا رَبِّ لَوْ آتَيْتَنِي عُمْرًا مَا كَانَ مَنْ آتَيْتَهُ عُمْرًا بِأَسْعَدَ بِعُمْرِهِ مِنِّي فَيَقُولُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ إِنِّي آمُرُكُمْ بِأَمْرٍ أَفَتُطِيعُونِي فَيَقُولُونَ نَعَمْ وَعِزَّتِكَ يَا رَبُّ فَيَقُولُ اذْهَبُوا فَادْخُلُوا النَّارَ قَالَ وَلَوْ دَخَلُوهَا مَا ضَرَّتْهُمْ فَتَخْرُجُ عَلَيْهِمْ قَوَانِصُ يَظُنُّونَ أَنَّهَا قَدْ أَهْلَكَتْ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ فَيَرْجِعُونَ سِرَاعًا فَيَقُولُونَ يَا رَبُّ خَرَجْنَا وَعَزَّتِكَ نُرِيدُ دُخُولَهَا فَخَرَجَتْ عَلَيْنَا قَوَانِصُ ظَنَنَّا

أَنَّهَا قَدْ أَهْلَكَتْ مَا خَلَقَ اللَّهُ ثُمَّ يَأْمُرُهُمُ الثَّانِيَةَ فَيَرْجِعُونَ كَذَلِكَ وَيَقُولُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَيَقُولُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَكُمْ عَلِمْتُ مَا أَنْتُمْ عَامِلُونَ فَعَلَى عِلْمِي خَلَقْتُكُمْ وَإِلَى عِلْمِي تَصِيرُونَ فَتَأْخُذُهُمُ النَّارُ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ وأبي هريرة وثوبان بأسانيد صحية مِنْ أَسَانِيدِ الشُّيُوخِ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا لَمْ يَرْفَعْهُ بِمِثْلِ مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا سَوَاءً وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ذِكْرُ الْمَوْلُودِ وَإِنَّمَا فِيهَا ذِكْرُ أَرْبَعَةٍ كُلُّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُدْلِي بِحُجَّتِهِ رَجُلٌ أَصَمُّ أَبْكَمُ وَرَجُلٌ أَحْمَقُ وَرَجُلٌ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ وَرَجُلٌ هَرِمٌ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهَا ذِكْرُ الْمَوْلُودِ لَمْ نَذْكُرْهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ كُلِّهَا مَا ذَكَرْتُ مِنْهَا وَمَا لَمْ أَذْكُرْ أَنَّهَا مِنْ أَحَادِيثِ الشُّيُوخِ وَفِيهَا عِلَلٌ وَلَيْسَتْ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ أَصْلٌ عَظِيمٌ وَالْقَطَعُ فِيهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ضَعْفٌ فِي الْعِلْمِ وَالنَّظَرِ مَعَ أَنَّهُ عَارَضَهَا مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

(بَابٌ () 1 -) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَيْفُورَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَا يَزَالُ أَمْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مُوَاتِيًا أَوْ مُقَارِبًا أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُ هَاتَيْنِ حَتَّى يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَنْظُرُوا فِي الْأَطْفَالِ وَالْقَدَرِ قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَدْ ذَكَرْتُهُ لِابْنِ الْمُبَارَكِ فَقَالَ أَفَيَسْكُتُ الْإِنْسَانُ عَلَى الْجَهْلِ قُلْتُ فَتَأْمُرُ بِالْكَلَامِ فَسَكَتَ وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ شَيْبَةَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ وَهُوَ يَقُولُ إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ لَا يَزَالُ أَمْرُهَا مُقَارِبًا أَوْ مُوَاتِيًا أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا فِي الْوِلْدَانِ وَالْقَدَرِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَّا الشَّكُّ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ مُوَاتِيًا أَوْ مُقَارِبًا فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِنَّمَا الشَّكُّ مِنَ الْمُحَدِّثِ عَنْهُ أَوِ النَّاقِلِ عَنِ الْمُحَدِّثِ عَنْهُ هَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مَا تَجِدُهُ مِنْ مِثْلِ هَذَا الشَّكِّ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ وَغَيْرِهَا إِنَّمَا هُوَ مِنَ النَّاقِلِينَ فَاعْرِفْ ذَلِكَ وَقِفْ عَلَيْهِ وَهَذَا قَلَّمَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ وَرَعِ الْمُحَدِّثِ وَتَثَبُّتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ مَاذَا كَانَ بَيْنَ قَتَادَةَ وَبَيْنَ حَفْصِ بْنِ عُمَيْرٍ فِي أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ قَالَ أو تكلم رَبِيعَةُ الرَّأْيَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الْقَاسِمُ إِذَا اللَّهُ انْتَهَى عِنْدَ شَيْءٍ فَانْتَهُوا وَقِفُوا عِنْدَهُ قَالَ فَكَأَنَّمَا كَانَتْ نَارًا فَأُطْفِئَتْ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مَا بَلَغَنَا عَنِ الْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى الْفِطْرَةِ الَّتِي يُولَدُ الْمَوْلُودُ عَلَيْهَا وَاخْتَرْنَا مِنْ ذَلِكَ أَصَحَّهُ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ بِمَبْلَغِ اجْتِهَادِنَا وَلَعَلَّ غَيْرَنَا أَنْ يُدْرِكَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ عِلْمُنَا فَإِنَّ اللَّهَ يَفْتَحُ لِمَنْ يَشَاءُ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا يَشَاءُ وَيَحْجُبُهُ عَمَّنْ يَشَاءُ لِيُبَيِّنَ الْعَجْزَ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَصِحَّ الْكَمَالُ لِلْخَالِقِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَذَكَرْنَا فِي الْأَطْفَالِ

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا مِمَّا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ وَنَقَلُوهُ وَدَانُوا بِهِ وَاعْتَقَدُوهُ مِنْ حُكْمِهِمْ فِيمَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ فِي آخِرَتِهِمْ وَبَقِيَ الْقَوْلُ فِيهِمْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فَإِنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ وَمَا اخْتَلَفُوا وَنَحْنُ نَذْكُرُهُ هَهُنَا مُمَهَّدًا بِعَوْنِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ

(بَابُ ذِكْرِ مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْمَذَاهِبِ فِي أَحْكَامِ الْأَطْفَالِ فِي دَارِ الدُّنْيَا) قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ الْمَرْوَزِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِأَجْمَعِهِمْ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْأَطْفَالِ فِي الدُّنْيَا حُكْمُ آبَائِهِمْ مَا لَمْ يَبْلُغُوا فَإِذَا بَلَغُوا فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ أَنْفُسِهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ آبَائِهِمْ أَبَدًا مَا لَمْ يَبْلُغُوا لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُمْ سَبْيٌ مِنْ قِبَلِ مُسْلِمٍ فَيُغَيِّرُ حُكْمَهُمْ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ فَهُمْ كَآبَائِهِمْ أَبَدًا فِي الْمَوَارِيثِ وَالنِّكَاحِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَدَفْنِهِمْ فِي مَقَابِرِهِمْ وَسَائِرِ أَحْكَامِهِمْ وَكَذَلِكَ أَطْفَالُ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَآبَائِهِمْ أَيْضًا فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِمْ حَتَّى يَبْلُغُوا لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَكَذَلِكَ أَطْفَالُ الْحَرْبِ كَآبَائِهِمْ فِي أَحْكَامِهِمْ إِلَّا مَا خَصَّتِ السُّنَّةُ مِنْهُمْ وَمِنْ نِسَائِهِمْ أَلَّا يُقْتَلُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ إِلَّا أَنْ يُقَاتِلُوا لِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَ فِي الْأَغْلَبِ مِنْ أَحْوَالِهِمْ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ فَمَا دَامَ أَطْفَالُ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ يُسْبُوا فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ آبَائِهِمْ أَبَدًا عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرْنَا لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي الطِّفْلِ الْحَرْبِيِّ يُسْبَى وَمَعَهُ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ يُسْبَى وَحْدَهُ مَا حُكْمُهُ حَيًّا وَمَيِّتًا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ وَسَائِرِ أَحْكَامِهِ فِي حَيَاتِهِ فَذَهَبَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الطِّفْلَ مِنْ أَوْلَادِ الْحَرْبِيِّينَ وَسَائِرِ الْكُفَّارِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَوْ لَمْ يَكُونَا حَتَّى يَعْقِلَ الْإِسْلَامَ فَيُسْلِمَ وَهُوَ عِنْدَهُ عَلَى دِينِ أَبَوَيْهِ أَبَدًا حَتَّى يَبْلُغَ وَيُعَبِّرَ عَنْهُ لِسَانُهُ فَإِنِ اخْتَلَفَ دِينُ أَبَوَيْهِ فَهُوَ عِنْدَهُ عَلَى دِينِ أَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ وَمِنَ الْحُجَّةِ لِمَذْهَبِهِ هَذَا إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مَا دَامَ مَعَ أَبَوَيْهِ وَلَمْ يَلْحَقْهُ سَبَأٌ! فَحُكْمُهُ حُكْمُ أَبَوَيْهِ أَبَدًا حَتَّى يَبْلُغَ فَكَذَلِكَ إِذَا سُبِيَ وَحْدَهُ لَا يُغَيِّرُ السَّبْيُ حُكْمَهُ وَيَكُونُ عَلَى حُكْمِ أَبَوَيْهِ أَبَدًا حَتَّى يَبْلُغَ فَيُعَبِّرَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يُزِيلُ حُكْمَهُ عَنْ حُكْمِ أَبَوَيْهِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ إِلَّا حُجَّةٌ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ وَقَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَابْنِ عَوْنٍ فِي هَذَا كَقَوْلِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الْمِصِّيصِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ تَمَّامٍ قَالَ

قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ إِنِّي بِخُرَاسَانَ فَأَبْتَاعُ السَّبْيَ فَيَمُوتُ بَعْضُهُمْ أَفَنُصَلِّي عَلَيْهِمْ قَالَ إِذَا صَلَّى فَصَلِّ عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَسَأَلْتُ هِشَامًا وَابْنَ عَوْنٍ عَنِ السَّبْيِ يَمُوتُونَ وَهُمْ صِغَارٌ فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ هِشَامٌ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ حَتَّى يُصَلُّوا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَذَكَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ أَصْحَابِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَبِيهِ وَمَالِكٍ وَالْمَخْزُومِيِّ وَابْنِ دِينَارٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ الصِّبْيَانَ إِذَا كَانَ مَعَهُمْ أَبُوهُمْ فَهُمْ عَلَى دِينِ أَبِيهِمْ إِنْ أَسْلَمَ أَبُوهُمْ صَارُوا مُسْلِمِينَ بِإِسْلَامِهِ وَإِنْ ثَبَتَ عَلَى الْكُفْرِ فَهُمْ عَلَى دِينِهِ وَلَا يُعْتَدُّ فِيهِمْ بِدِينِ الْأُمِّ عَلَى حَالٍ لِأَنَّهُمْ لَا يُنْسَبُونَ إِلَيْهَا وَإِنَّمَا يُنْسَبُونَ إِلَى أَبِيهِمْ وَبِهِ يُعْرَفُونَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ هَذَا إِذَا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمُ السَّبْيُ فَيَقَعُونَ فِي قَسْمِ مُسْلِمٍ وَمِلْكِهِ بِالْبَيْعِ أَوِ الْقَسْمِ فَإِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ آبَائِهِمْ بِالْبَيْعِ وَالْقَسْمِ فَأَحْكَامُهُمْ حِينَئِذٍ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْقِصَاصِ وَالْقَوَدِ وَالْخَطَأِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَالدَّفْنِ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمَوَارِثِ وَغَيْرِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَرِوَايَتُهُ هَذِهِ عَنْ أَصْحَابِهِ أَمْيَلُ إِلَى مَذْهَبِ الْأَوْزَاعِيِّ مِنْهَا إِلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ

وَلَيْسَتْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مُجَرَّدًا لِأَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لَهُمَا فِي فُصُولٍ تَرَاهَا إِنْ تَدَبَّرْتَ وَتَأَمَّلْتَ بِعَوْنِ اللَّهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الشَّامِ إِذَا صَارَ السَّبْيُ فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِينَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ الْمِلْكَ أَوْلَى بِهِ مِنَ النَّسَبِ ذَكَرَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الطَّبَّاعِ قَالَ حَدَّثَنِي مُبَشِّرٌ الْحَلَبِيُّ عَنْ تَمَّامِ بْنِ نَجِيحٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى بِأَرْضِ الرُّومِ وَهُوَ عَلَى السَّبْيِ فَكَانُوا يَمُوتُونَ صِغَارًا فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ فَقُلْتُ لَهُ أَلَيْسَ كَانَ يُقَالُ مَا أَحْرَزَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ فَقَالَ ذَاكَ إِذَا اشْتَرَاهُمْ رَجُلٌ فَصَارُوا فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُغِيرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ قَالَ سَمِعْتُ أَصْحَابَنَا وَمَشْيَخَتَنَا يَقُولُونَ مَا مَلَكَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ صِبْيَانِ الْعَدُوِّ فَمَاتُوا فَلْيُصَلَّ عَلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يُصَلُّوا فَإِنَّهُمْ مُسْلِمُونَ سَاعَةَ مَلَكَهُمُ الْمُسْلِمُونَ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنِ السَّبْيِ يموت بأرض الروم أيصلى عليهم قالا! لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ حَتَّى يَصِيرُوا فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ فَإِذَا صَارُوا فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ صُلِّيَ عَلَيْهِمْ وَقَدْ دَخَلُوا فِي شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ

قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الطَّبَّاعِ قَالَ سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنِ الصِّبْيَانِ يَمُوتُونَ مِنَ السَّبْيِ فَقَالَ إِنِ اشْتُرَوْا صُلِّيَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا لَمْ يُبَاعُوا لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ قَالَ ابْنُ الطَّبَّاعِ عَلَى هَذَا فُتْيَا أَهْلِ الثَّغْرِ عَلَى قَوْلِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى وَرِوَايَةِ الْحَارِثِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ وَحَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ بِشَيْءٍ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ وَهْمًا قَالَ سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنِ الطِّفْلِ يُسْبَى فَقَالَ إِنْ كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَعَهُ فَلْيُصَلَّ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رِوَايَةُ مَخْلَدِ بْنِ حُسَيْنٍ هَذِهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ هِيَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمْ وَقَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالُوا حُكْمُ الطِّفْلِ حُكْمُ أَبَوَيْهِ إِذَا كَانَا مَعَهُ أَوْ كَانَ مَعَهُ أَحَدُهُمَا وَسَوَاءٌ الْأَبُ أَوِ الْأُمُّ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَعَهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدُهُمَا وَصَارَ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ صَارَ فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ مَعَهُ أَبَوَاهُ وَلَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَيَكُونُ دِينُهُ دِينَهُمَا يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُونَا مَعَهُ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَالِكِهِ فَهَذَا مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمْ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ الثَّوْرِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ

وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ يُصَلَّى عَلَى الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ مَعَ أَبَوَيْنِ مُشْرِكَيْنِ لِأَنَّ الْمِلْكَ أَغْلَبُ عَلَيْهِ وَأَمْلَكُ بِهِ وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَذْهَبِ الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الْمِصِّيصِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ قَالَ سُفْيَانُ إِذَا دَخَلُوا فِي الْمُسْلِمِينَ صُلِّيَ عَلَيْهِمْ وَإِذَا صَارُوا فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِينَ صُلِّيَ عَلَيْهِمْ قَالَ الْفَزَارِيُّ وَسَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ قُلْتُ السَّبْيُ يُصَابُونَ وَهُمْ صِغَارٌ مَعَهُمْ أُمَّهَاتُهُمْ وَآبَاؤُهُمْ قَالَ إذا مات صغيرا وَهُوَ فِي جَمَاعَةِ الْفَيْءِ أَوِ الْخُمُسِ أَوْ فِي نَفْلِ قَوْمٍ وَهُمْ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يُقَسَمْ فَإِذَا قُسِّمُوا وَصَارُوا فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ أَوِ اشْتَرَاهُمْ قَوْمٌ بَيْنَهُمْ فَاشْتَرَكُوا فِيهِمْ أَوْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُمَّ مَاتَ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ وَكَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَبَوَيْهِ وَلِأَنَّ أَحَدَهُمْ لَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ كُلِّفَ خَلَاصُهُ مِنْ شركائه

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا حِينَ سُبِيَ فَهُوَ عَلَى دِينِهِ وَلَا يُجْزِئُ فِي الرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَهُوَ مُسْلِمٌ وَيُجْزِئُ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَإِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ عَنْهُ فِيهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالَّذِي يُخْتَارُ مِنْ هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ لِأَنَّ دِينَ سَيِّدِهِ أَحَقُّ بِهِ مِنْ أَبَوَيْهِ وَالْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى دِينِ أَبَوَيْهِ إِذَا كَانَا مَيِّتَيْنِ أَوْ غَائِبَيْنِ فَكَذَلِكَ إِذَا كَانَا حَيَّيْنِ مُقِيمَيْنِ وَقَالَ الْمَيْمُونُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ مِنْ وَلَدِ مَيْمُونِ بْنِ مَهْرَانَ سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنِ الصَّغِيرِ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ لَيْسَ مَعَهُ أَبَوَاهُ قَالَ إِذَا مَاتَ صَلَّى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ قُلْتُ يُكْرَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ قَالَ مَنْ يَلِيهِ إِلَّا هُمْ حُكْمُهُ حُكْمُهُمْ قَالَ كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يُكْرَهْ وَهُوَ عَلَى دِينِهِمَا وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ قُلْتُ وَإِنْ كَانَ مَعَ أَحَدِهِمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ مَعَ أَحَدِهِمَا قُلْتُ فَيُفْدَى الصَّغِيرُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبَوَاهُ قَالَ لَا وَلَا يَنْبَغِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَبَوَاهُ فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ فَادَى بِصَغِيرٍ وَقَالَ نَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ صَغِيرًا وَيَرُدُّهُ اللَّهُ إِلَيْنَا كَبِيرًا فَنَضْرِبُ عُنُقَهُ فَقَالَ أَحْمَدُ هَذَا لَا شَكَّ كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَتَعَجَّبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ الثُّغُورِ

قَالَ إِذَا أَخَذُوا الصَّغِيرَ وَمَعَهُ أَبَوَاهُ كَانَ حُكْمُهُ عِنْدَهُمْ حُكْمَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى أَبَوَيْهِ قُلْتُ فَأَيُّ شَيْءٍ تَقُولُ أَنْتَ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَقُولُ فِيهَا ثُمَّ احْتَجَّ بِظَاهِرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ قَالَ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ حُكْمَ الصَّغِيرِ حُكْمُ أَبَوَيْهِ فَقُلْتُ لِأَحْمَدَ الْغُلَامُ النَّصْرَانِيُّ إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ فَقَالَ هُوَ مَعَ الْمُسْلِمِ مِنْهُمَا سَوَاءً كَانَ أُمًّا أَوْ أَبًا حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِ مِنْهُمَا وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ إِذَا سُبِيَ مَعَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ وَحْدَهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْإِسْلَامَ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا نَفْسُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ لَهُ وَلِمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ أَنَّ الطِّفْلَ عَلَى أَصْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مَعَ أَبَوَيْهِ حَتَّى يُعَبِّرَ عَنْهُ لِسَانُهُ كَمَا رَوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ سعيد بن أَبِي سَعْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال كل مولود يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهُ لِسَانُهُ وَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ

الحديث الحادي عشر

حَدِيثٌ حَادِي عَشَرَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ في أهل الخيل والإبل الفدادين أَهْلِ الْوَبَرِ وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ أَمَّا قَوْلُهُ رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ فَهُوَ أَنَّ أَكْثَرَ الْكُفْرِ وَأَكْبَرَهُ كَانَ هُنَاكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا لَا كِتَابَ لَهُمْ وَهُمْ فَارِسُ وَمَنْ وَرَاءَهُمْ وَمَنْ لَا كِتَابَ لَهُ فَهُوَ أَشَدُّ كُفْرًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْبُدُونَ شَيْئًا وَلَا يَتَّبِعُونَ رَسُولًا فَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ معنى قوله ررأس الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَقَدْ مَضَى بَعْضُ هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هَهُنَا وَأَمَّا أَهْلُ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ فَهُمُ الْأَعْرَابُ أَهْلُ الصَّحَرَاءِ وَفِيهِمُ التَّكَبُّرُ وَالتَّجَبُّرُ وَالْخُيَلَاءُ وَهِيَ الْإِعْجَابُ وَالْفَخْرُ وَالتَّبَخْتُرُ وَأَمَّا أَهْلُ الْغَنَمِ

فَهُمْ أَهْلُ سَكِينَةٍ وَقِلَّةِ أَذًى وَقِلَّةِ فَخْرٍ وَخُيَلَاءَ عَلَى مَا قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهُوَ الصَّادِقُ فِي خَبَرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا قَوْلُهُ الْفَدَّادِينَ فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ الْفَدَّادُونَ هُمْ أَهْلُ الْجَفَاءِ وَهُمْ أَهْلُ الْخَيْلِ وَالْوَبَرِ يُرِيدُ بِالْوَبَرِ الْإِبِلَ وَهُوَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هُمُ الْفَدَّادُونَ بِالتَّشْدِيدِ وَهُمُ الرِّجَالُ وَالْوَاحِدُ فَدَّادٌ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ هُمُ الَّذِينَ تَعْلُو أَصْوَاتُهُمْ فِي حُرُوثِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ وَمَا يُعَالَجُونَ مِنْهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ قَالَ وَيُقَالُ مِنْهُ فَدَّ الرَّجُلُ يَفِدُّ فَدِيدًا إِذَا اشْتَدَّ صَوْتُهُ وَأَنْشَدَ ... أَنْبَئْتُ أَخْوَالِي بَنِي يَزِيدَ ... ظُلْمًا عَلَيْنَا لَهُمْ فَدِيدُ ... قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ الْفَدَّادُونَ الْمُكْثِرُونَ مِنَ الْإِبِلِ الَّذِي يَمْلِكُ أَحَدُهُمُ الْمِائَتَيْنِ مِنْهَا إِلَى الْأَلْفِ يُقَالُ لِلرِّجَالِ فَدَّادٌ إِذَا بَلَغَ ذَلِكَ وَهُمْ مَعَ هَذَا جُفَاةٌ أَهْلُ خُيَلَاءَ وَقَالَ الْأَخْفَشُ فِي الْفَدَّادِينَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمُ الْأَعْرَابُ سُمُّوا بِذَلِكَ لِارْتِفَاعِ أَصْوَاتِهِمْ عِنْدَ سَقْيِ إِبِلِهِمْ

وَحَرَكَاتِهِمْ مَعَ رِعَاءِ إِبِلِهِمْ وَالْفَدِيدُ الْأَصْوَاتُ وَالْجَلَبَةُ وَقِيلَ إِنَّمَا سُمُّوُا الْفَدَّادِينَ مِنْ أَجْلِ الْفَدَافِدِ وَهِيَ الصَّحَارِي وَالْبَوَادِي الْخَالِيَةُ وَاحِدُهَا فَدْفَدٌ وَالْأَوَّلُ أَجْوَدُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَهْلُ الْإِبِلِ أَهْلُ الْجَفَاءِ (قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ إِسْنَادُ هَذَا اللَّفْظِ بِالْقَائِمِ) وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ لَزِمَ الْبَادِيَةَ جَفَا وَرَوَى الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى التَّمَّارِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ جَفَا وَمَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ وَمَنْ لَزِمَ السُّلْطَانَ افْتَتَنَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي يُرْوَى أَنَّ الْأَرْضَ إِذَا دُفِنَ فِيهَا الْإِنْسَانُ قَالَتْ لَهُ رُبَّمَا مَشَيْتَ عَلَيَّ فَدَّادًا وَالْمَعْنَى ذَا مَالٍ كَثِيرٍ وَذَا خُيَلَاءَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَدِيثُ حَدَّثَنَاهُ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ عَنِ ابْنِ عَائِذٍ الأزدي عن غضيف بن الحرث قَالَ أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ فَجَلَسْنَا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ الْقَبْرَ يُكَلِّمُ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِيهِ فَيَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ مَا غَرَّكَ بِي أَلَمْ تَعْلَمْ أَنِّي بَيْتُ الْوَحْدَةِ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنِّي بَيْتُ الظُّلْمَةِ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنِّي بَيْتُ الْحَقِّ يَا ابْنَ آدَمَ مَا غَرَّكَ بِي لَقَدْ كُنْتَ تَمْشِي حَوْلِي فَدَّادَا قَالَ ابْنُ عَائِذٍ قُلْتُ لِغُضَيْفٍ مَا الْفَدَّادُ يَا أَبَا أَسْمَاءَ قَالَ كَبَعْضِ مِشْيَتِكَ يَا ابْنَ أَخِي أَحْيَانًا قَالَ غُضَيْفٌ فَقَالَ صَاحِبِي وَكَانَ أَكْبَرَ مِنِّي لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا فَمَاذَا لَهُ قَالَ يُوَسَّعُ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَيُجْعَلُ مَنْزِلُهُ أَخْضَرَ وَيُعْرَجُ بِنَفْسِهِ إِلَى اللَّهِ (تَعَالَى)

الحديث الثاني عشر

حَدِيثٌ ثَانِي عَشَرَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولَ يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ قَالَ أبوعمر قَدْ ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُعَارِضٌ لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ قَالَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ تَمَنِّي الْمَوْتِ وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ وَإِنَّمَا هَذَا خَبَرٌ أَنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ لِشِدَّةِ مَا يَنْزِلُ بِالنَّاسِ مِنْ فَسَادِ الْحَالِ فِي الدِّينِ وَضَعْفِهِ وَخَوْفِ ذَهَابِهِ لَا لِضُرٍّ يَنْزِلُ بِالْمُؤْمِنِ فِي جِسْمِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولَ يَا لَيْتَنِي مَكَانَكَ فَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنْ تَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَمَا يَحْدُثُ فِيهِ مِنَ الْمِحَنِ وَالْبَلَاءِ وَالْفِتَنِ وَقَدْ أَدْرَكْنَا ذَلِكَ الزَّمَانَ كَمَا شَاءَ الْوَاحِدُ الْمَنَّانُ لَا شَرِيكَ لَهُ عَصَمَنَا اللَّهُ وَوَفَّقَنَا وَغَفَرَ لَنَا آمِينَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ أَبِي الْيَقْظَانِ عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ عن عليم قال كنت مع عبس الْغِفَارِيِّ عَلَى سَطْحٍ لَهُ فَرَأَى قَوْمًا يَتَحَمَّلُونَ مِنَ الطَّاعُونِ فَقَالَ يَا طَاعُونُ خُذْنِي إِلَيْكَ ثَلَاثًا (يَقُولُهَا) فَقَالَ لَهُ عُلَيْمٌ لِمَ تَقُولُ هَذَا أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ فَإِنَّهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ عَمَلِهِ وَلَا يُرَدُّ فَيُسْتَعْتَبُ فَقَالَ عبس إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بَادِرُوا بِالْمَوْتِ سِتًّا إِمْرَةَ السُّفَهَاءِ وكثرةالشرط وَبَيْعَ الْحُكْمِ وَاسْتِخْفَافًا بِالدَّمِ وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ وَنَشْوًا يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لِيُغَنِّيَهُمْ بِالْقُرْآنِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّهُمْ فِقْهًا وَهَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ روي عن عبس الغفاري

مِنْ طُرُقٍ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ الْبَيَانِ عَنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إِذَا أَرَدْتَ بِالنَّاسِ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ مَا يُوَضِّحُ لَكَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ عُمَرَ اللَّهُمَّ قَدْ ضَعُفَتْ قُوَّتِي وَكَبُرَتْ سِنِّي وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ وَلَا مُفَرِّطٍ فَمَا جَاوَزَ ذَلِكَ الشَّهْرَ حَتَّى قُبِضَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الزَّعْرَاءِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يَأْتِي الرَّجُلُ الْقَبْرَ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي مَكَانَ هَذَا لَيْسَ بِهِ حُبُّ اللَّهِ وَلَكِنْ مِنْ شِدَّةِ مَا يَرَى مِنَ الْبَلَاءِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عُمَرَ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُنَادِي حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بن يونس أبو يوسن الْجَعْدِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَبَانَ أَخُو عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبَانَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ

مر على أهل مجلس فقال دعوا اللَّهَ لِي بِالْمَوْتِ قَالَ فَدَعَوْا لَهُ فَمَا مَكَثَ إِلَّا أَيَّامًا حَتَّى مَاتَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ الدُّورِيُّ إِمْلَاءً حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَثِيرٍ الطَّرَسُوسِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ فَكَانَ كَثِيرًا مَا يَقُولُ لَيْتَنِي قَدْ مُتُّ لَيْتَنِي قَدِ اسْتَرَحْتُ لَيْتَنِي فِي قَبْرِي فَقَالَ لَهُ خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا كَثْرَةُ تَمَنِّيكَ هَذَا الْمَوْتَ وَاللَّهِ لَقَدْ آتَاكَ اللَّهُ الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ يَا أَبَا سَلَمَةَ وَمَا تَدْرِي لَعَلِّي أَدْخُلُ فِي بِدْعَةٍ لَعَلِّي أَدْخُلُ فِيمَا لَا يَحِلُّ لِي لَعَلِّي أَدْخُلُ فِي فِتْنَةٍ أَكُونُ قَدْ مُتُّ وَسَبَقْتُ هَذَا وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ قَدْ كُنْتُ أَشْتَهِي أَنْ أَمْرَضَ وَأَمُوتَ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَيْتَنِي مُتُّ فَجْأَةً لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ أَتَحَوَّلَ عَمَّا أَنَا عَلَيْهِ مَنْ يأمن البلاء بعد خليل الرحمان وَهُوَ يَقُولُ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ عَنْ سُفْيَانَ لَمَّا جَاءَ الْبَشِيرُ يَعْقُوبَ قَالَ لَهُ عَلَى أَيِّ دِينٍ تَرَكْتَ يُوسُفَ قَالَ عَلَى الْإِسْلَامِ قَالَ الْآنَ تَمَّتِ النِّعْمَةُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْعِلْمِ إِبَاحَةُ الْخَبَرِ بِمَا يَأْتِي بَعْدُ وَبِمَا يَكُونُ وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى الْقَطْعِ إِلَّا لِمَنْ أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَى غَيْبِهِ مِمَّنِ ارْتَضَى مِنْ رُسُلِهِ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ أَنْشَدَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ لِمَنْصُورٍ الْفَقِيهِ رَحِمَهُ اللَّهُ ... قَدْ غَلَبَ الْغَيُّ عَلَى الْغَيِّ ... وَأَصْبَحَ النَّاسُ كَلَا شيء ... ... وَأَصْبَحَ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ ... أَحْسَنَ أَحْوَالًا مِنَ الحي

الحديث الثالث عشر

حَدِيثٌ ثَالِثَ عَشَرَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنَّ الدَّهْرَ هُوَ اللَّهُ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ فِيمَا عَلِمْتُ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالصَّوَابُ فِيهِ إِسْنَادُ الْمُوَطَّأِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ حَدَّثَنَا مَلِكٌ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ

وَفِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ وَقَالَ فِيهِ سَعِيدُ بْنُ هَاشِمٍ بِإِسْنَادِ الْمُوَطَّأِ لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرَ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ هَاشِمٍ الْفَيُّومِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ وَقَالَ فِيهِ يَحْيَى فَإِنَّ الدَّهْرَ هُوَ اللَّهُ وَغَيْرُهُ كُلُّهُمْ يَقُولُ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدِ اخْتُلِفَ فِي أَلْفَاظِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ وَغَيْرِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ فِيهِ لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنِ الْأَعْرَجِ بِإِسْنَادِهِ سَوَاءً وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ سِيرِينَ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ القاسم وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بن

أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَخِلَاسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرحمان بْنِ يَعْقُوبَ مَوْلَى الْحُرَقَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اسْتَقْرَضْتُ عَبْدِي فَلَمْ يُقْرِضْنِي وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَشْتُمَنِي يَقُولُ وَادَهْرَهُ وَادَهْرَهُ وَأَنَا الدَّهْرُ وَأَنَا الدَّهْرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ أَلْفَاظٌ إِنْ صَحَّتْ فَمَخْرَجُهَا عَلَى مَعَانٍ سَنُبَيِّنُهَا وَالصَّحِيحُ فِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا رَوَاهُ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ ذَوِي الْأَلْبَابِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ السَّرْحِ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ هَكَذَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سعيد وقال يونس بن زيد عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَهُمَا جَمِيعًا صَحِيحَانِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ وَزَيْدُ بْنُ الْبِشْرِ قَالَا أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرحمان قال قال أبوهريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَسُبُّ ابْنُ آدَمَ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَرْوِي هَذَا الْخَبَرَ بِنَصْبِ الدَّهْرِ عَلَى الظَّرْفِ يَقُولُ أَنَا الدَّهْرَ كُلَّهُ بِيَدِيَ الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ بِالرَّفْعِ عَلَى مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَذُمُّونَ الدَّهْرَ فِي أَشْعَارِهِمْ وَأَخْبَارِهِمْ وَيُضِيفُونَ إِلَيْهِ كُلَّ مَا يَصْنَعُهُ اللَّهُ بِهِمْ وَقَدْ حَكَى اللَّهُ عَنْهُمْ قَوْلَهُمْ مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدهر ومالهم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا

يَظُنُّونَ فَنَهَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمْ ذَلِكَ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ يَعْنِي لِأَنَّكُمْ إِذَا سَبَبْتُمُوهُ وَذَمَمْتُمُوهُ لِمَا يُصِيبُكُمْ فِيهِ مِنَ الْمِحَنِ وَالْآفَاتِ وَالْمَصَائِبِ وَقَعَ السَّبُّ وَالذَّمُّ عَلَى اللَّهِ لِأَنَّهُ الْفَاعِلُ ذَلِكَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَهَذَا مَا لَا يَسَعُ أَحَدًا جَهْلُهُ وَالْوُقُوفُ عَلَى مَعْنَاهُ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الدَّهْرِيَّةُ أَهْلُ التَّعْطِيلِ وَالْإِلْحَادِ وَقَدْ نَطَقَ الْقُرْآنُ وَصَحَّتِ السُّنَّةُ بِمَا ذَكَرْنَا وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَ مِنْ شَأْنِهَا ذَمُّ الدَّهْرِ عِنْدَمَا يَنْزِلُ بِهَا من المكاره فيقولون أصباتنا قَوَارِعُ الدَّهْرِ وَأَبَادَنَا الدَّهْرُ وَأَتَى عَلَيْنَا الدَّهْرُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ شَاعِرِهِمْ ... رَمَتْنِي بَنَاتُ الدَّهْرِ مِنْ حَيْثُ لَا أَرَى ... فَكَيْفَ بِمَنْ يُرْمَى وَلَيْسَ بِرَامٍ ... ... فَلَوْ أَنَّهَا نَبْلٌ إِذًا لَاتَّقَيْتُهَا ... وَلَكِنَّنِي أُرْمَى بِغَيْرِ سِهَامِ ... فَأَفْنَى وَمَا أَفْنَيْتُ لِلدَّهْرِ لَيْلَةً ... وَلَمْ يُغْنِ مَا أَفْنَيْتُ سلك نظام

وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ فَذَكَرَ الزَّمَانَ وَالدَّهْرَ وَهُمَا سَوَاءٌ وَمُرَادُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَا يُحْدِثُ اللَّهُ مِنَ الْعِبَرِ فِيهَا لِمَنِ اعْتَبَرَ ... إِنَّ الزَّمَانَ إِذَا رَمَى لَمُصِيبُ ... وَالْعَوْدُ مِنْهُ إِذَا عَجَمْتَ صَلِيبُ ... ... إِنَّ الزَّمَانَ لِأَهْلِهِ لَمُؤَدِّبٌ ... لَوْ كَانَ يَنْفَعُ فِيهِمُ التَّأْدِيبُ ... ... كَيْفَ اغْتَرَرْتَ بِصَرْفِ دَهْرِكَ يَا أَخِي ... كَيْفَ اغْتَرَرْتَ بِهِ وَأَنْتَ لَبِيبُ ... ... وَلَقَدْ رَأَيْتُكَ لِلزَّمَانِ مُجَرِّبًا ... لَوْ كَانَ يَحْكُمُ رَأْيَكَ التَّجْرِيبُ ... وَهَذَا الْمَعْنَى فِي شِعْرِهِ كَثِيرٌ جِدًّا وَقَالَ غَيْرُهُ وَهُوَ الْمُسَاوِرُ بْنُ هِنْدٍ ... بَلِيتُ وَعِلْمِي فِي الْبِلَادِ مَكَانَهُ ... وَأَفْنَى شَبَابِي الدَّهْرُ وَهُوَ جَدِيدُ ... وَقَالَ غَيْرُهُ ... حَنَتْنِي حَانِيَاتُ الدَّهْرِ حَتَّى ... كَأَنِّي خَاتِلٌ أَدْنُو لِصَيْدِ ... ... قَرِيبُ الْخَطْوِ يَحْسَبُ مَنْ يَرَانِي ... وَلَسْتُ مُقَيَّدًا إِنِّي بِقَيْدِ ... وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ ... أَلَا إِنَّ هَذَا الدَّهْرَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ... وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ قَوِيمٍ بِمُسْتَمِرِّ ... وَقَالَ أَيْضًا ... أُرَجِّي مِنْ صُرُوفِ الدَّهْرِ لِينًا ... وَلَمْ تَغْفَلْ عَنِ الصُّمِّ الْهِضَابُ

وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ ... أَمِنَ الْمَنُونِ وَرَيْبِهَا تَتَفَجَّعُ ... وَالدَّهْرُ لَيْسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ ... وَقَالَ أَرْطَاةُ بْنُ سُهَيَّةَ ... عَنِ الدَّهْرِ فَاصْفَحْ إِنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبِ ... وَفِي غَيْرِ مَنْ قَدْ وَارَتِ الأرض فاطمع ... وقال الراجز ... ألقى علي الجهر رِجْلًا وَيَدَا ... وَالدَّهْرُ مَا أَصْلَحَ يَوْمًا أَفْسَدَا ... ... يُصْلِحُهُ الْيَوْمَ وَيُفْنِيهِ غَدَا ... وَيُسْعِدُ الْمَوْتَ إِذَا الْمَوْتُ عَدَا ... وَأَشْعَارُهُمْ فِي هَذَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى خَرَجَتْ كُلُّهَا عَلَى الْمَجَازِ وَالِاسْتِعَارَةِ وَالْمَعْرُوفِ مِنْ مَذَاهِبِ الْعَرَبِ فِي كَلَامِهَا لِأَنَّهُمْ يُسَمُّونَ الشَّيْءَ وَيُعَبِّرُونَ عَنْهُ بِمَا يَقْرُبُ مِنْهُ وَبِمَا هُوَ فِيهِ فَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا مَا يَنْزِلُ بِهِمْ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنْ مَصَائِبِ الْأَيَّامِ فَجَاءَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ تَنْزِيهًا لِلَّهِ لِأَنَّهُ الْفَاعِلُ ذَلِكَ بِهِمْ فِي الْحَقِيقَةِ وَجَرَى ذَلِكَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَهُمْ لَا يُرِيدُونَ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ الْخِيَارَ الْفُضَلَاءَ (قَدِ) اسْتَعْمَلُوا ذَلِكَ فِي أَشْعَارِهِمْ عَلَى دِينِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ جَرْيًا فِي ذَلِكَ عَلَى

عَادَتِهِمْ وَعِلْمًا بِالْمُرَادِ وَأَنَّ ذَلِكَ مَفْهُومٌ مَعْلُومٌ لَا يُشْكِلُ عَلَى ذِي لُبٍّ هَذَا سَابِقٌ الْبَرْبَرِيُّ عَلَى فَضْلِهِ يَقُولُ ... الْمَرْءُ يَجْمَعُ وَالزَّمَانُ يُفَرِّقُ ... وَيَظَلُّ يَرْقَعُ وَالْخُطُوبُ تُمَزِّقُ ... (وَيُرْوَى أَنَّ هَذَا الشِّعْرَ لِصَالِحِ بْنِ عَبْدِ الْقُدُّوسِ) وَهَذَا سليمان العدوي وكان خير مُتَدَيِّنًا يَقُولُ ... أَيَا دَهْرًا عَمِلْتَ فِينَا أَذَاكَا ... وَوَلَّيْتَنَا بَعْدَ وَجْهٍ قَفَاكَا ... ... جَعَلْتَ الشِّرَارَ عَلَيْنَا رؤوسا ... وَأَجْلَسْتَ سُفْلَتَنَا مُسْتَوَاكَا ... ... فَيَا دَهْرُ إِنْ كُنْتَ عَادَيْتَنَا ... فَهَا قَدْ صَنَعْتَ بِنَا مَا كَفَاكَا ... وَقَالَتْ صَفِيَّةُ الْبَاهِلِيَّةُ ... أَخْنَى عَلَيَّ وَاحِدِي رَيْبَ الْمَنُونِ ... وَمَا يُبْقِي الزَّمَانُ عَلَى شَيْءٍ وَلَا يذر ... (وقال أبوالعتاهية وَمَوْضِعُهُ مِنَ الْخَيْرِ مَوْضِعُهُ ... يَا دَهْرُ تُؤْمِنُنَا الْخُطُوبَ وَقَدْ نَرَى ... فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ لَهُنَّ شياكا ... ... يَا دَهْرُ قَدْ أَعْظَمْتَ عِبْرَتَنَا ... بِمَنْ دَارَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرُونِ رَحَاكَا)

وَرُوِّينَا أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ يُنْشِدُ لِبَعْضِ صَالِحِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ ... أَخِي لَا تَعْتَقِدْ دُنْيَا ... قَلِيلًا مَا تُوَاتِيكَا ... ... فَكَمْ قَدْ أَهْلَكْتَ خِلًّا ... أَلِيفًا لَوْ تُنْبِيكَا ... ... وَلَا تَغْرُرْكَ زَهْرَتُهَا ... فَتُلْقِي السُّمَّ فِي فِيكَا ... فِي أَبْيَاتٍ كَثِيرَةٍ فَمَرَّةً يُضِيفُونَ ذَلِكَ إِلَى الدَّهْرِ وَمَرَّةً إِلَى الزَّمَانِ وَمَرَّةً إِلَى الْأَيَّامِ وَمَرَّةً إِلَى الدُّنْيَا وَذَلِكَ كُلُّهُ مَفْهُومٌ الْمَعْنَى عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَفَسَّرْنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ ... أَلَا عَجَبًا لِلدَّهْرِ لَا بَلْ لِرَيْبِهِ ... تَضْرِمُ رَيْبُ الدَّهْرِ كُلَّ إِخَاءِ ... ... وَمَزَّقَ رَيْبُ الجهر كُلَّ جَمَاعَةٍ ... وَكَدَّرَ رَيْبُ الدَّهْرِ كُلَّ صَفَاءِ ... وَقَالَ آخَرُ ... يَا دَهْرُ وَيْحَكَ مَا أَبْقَيْتَ لِي أَحَدًا ... وَأَنْتَ وَالِدُ سُوءٍ تَأْكُلُ الْوَلَدَا ... ... أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بَلْ ذَا كُلُّهُ قَدَرٌ ... رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَاحِدًا صَمَدَا

لَا شَيْءَ يَبْقَى سِوَى خَيْرٍ تُقَدِّمُهُ ... مَا دَامَ مُلْكٌ لِإِنْسَانٍ وَلَا خُلِّدَا ... وَمِمَّا يُنْشَدُ لِلْمَأْمُونِ وَيُرْوَى لَهُ مِنْ قَوْلِهِ ... أَنَا فِي عِلْمِي بِالدَّهْرِ ... أَبُو الدَّهْرِ وَأُمُّهُ ... ... لَيْسَ يَأْتِي الدَّهْرُ يَوْمًا ... بِسُرُورٍ فَيُتِمُّهُ ... ... فَكَمَا سَرَّ أَخَاهُ ... فَكَذَا سَوْفَ يَغُمُّهُ ... ... لَيْسَ لِلدَّهْرِ صَدِيقٌ ... حَامِدُ الدَّهْرِ يَذُمُّهُ ... وَقَالَ ابْنُ الْمُغِيرَةِ فِي شِعْرٍ يَرْثِي بِهِ أَبَاهُ ... أَيْنَ مَنْ يَسْلَمُ مِنْ صَرْفِ الرَّدَى ... حَكَمَ الْمَوْتُ عَلَيْنَا فَعَدَلْ ... ... فَكَأَنَّا لَا نَرَى مَا قَدْ نَرَى ... وَخُطُوبُ الدَّهْرِ فِينَا تَنْتَضِلْ ... وَقَالَ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ ... كَأَنَّمَا الدَّهْرُ قَدْ أَغْرَى بِنَا حَسَدًا ... وَنِعْمَةُ اللَّهِ مَقْرُونٌ بِهَا الْحَسَدُ ... وَقَالَ جَحْظَةُ ... أَيَا دَهْرُ وَيْحَكَ كَمْ ذَا الْغَلَطْ ... وَضِيعٌ عَلَا وَكَرِيمٌ سقط

وَعِيرٌ تَسَيَّبُ فِي جَنَّةٍ ... وَطَرَفٌ بِلَا عَلَفٍ يرتبط ... ... وجهل برؤوس وَعَقْلٌ بِرَأْسٍ ... وَذَاكَ مُشْتَبَهٌ مُخْتَلَطْ ... ... وَأَهْلُ الْقَرْنِ كُلُّهُمْ يَنْتَمُونَ إِلَى ... آلِ كِسْرَى فَأَيْنَ النَّبَطْ ... وَقَالَ غَيْرُهُ ... رَأَيْتُ الدَّهْرَ بِالْأَشْرَافِ يَكْبُو ... وَيَرْفَعُ رَايَةَ الْقَوْمِ اللِّئَامِ ... ... كَأَنَّ الدَّهْرَ مَوْتُورٌ حَقُودٌ ... يُطَالِبُ ثَأْرَهُ عِنْدَ الْكِرَامِ ... وَالْأَشْعَارُ فِي هَذَا لَا يُحَاطُ بِهَا كَثْرَةٌ وَفِيمَا لَوَّحْنَا بِهِ (مِنْهَا) كِفَايَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الرابع عشر

حَدِيثٌ رَابِعَ عَشَرَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ نَارُ بَنِي آدَمَ الَّتِي يُوقِدُونَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً قَالَ إِنَّهَا فَضُلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى الْقَوْلِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ الْخَبَرِ عَنِ الْقِيَامَةِ وَالْآخِرَةِ وَحَالِ النَّارِ أَجَارَنَا اللَّهُ مِنْهَا وَزَحْزَحَنَا عَنْهَا وَفِيمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنَ الْخَبَرِ عَنِ الْآخِرَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ مَا فِيهِ مُعْتَبَرٌ لِأُولِي الْأَبْصَارِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بن عثمان قال حدثنا أحمد

ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ لَيْسَتْ مِثْلَ نَارِ جَهَنَّمَ لَا تَنْفَعُ أَحَدًا وَإِنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ ضُرِبَ الْبَحْرُ بِهَا مَرَّتَيْنِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ تَنْفَعْ أَحَدًا وَرَوَى الْفُضَيْلُ! بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ أَبِي إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِنَّ النَّارَ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا الْجَانُّ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ وَرَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنُ إِسْرَائِيلَ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النَّارِ وَهَذِهِ النَّارُ قَدْ ضُرِبَ بِهَا الْبَحْرُ حِينَ أُنْزِلَتْ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا انْتُفِعَ بِهَا وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُصَيْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خالد عن تبيع بن الحرث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ إِنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ وَلَوْلَا أَنَّهَا أُطْفِئَتْ بِالْمَاءِ مَرَّتَيْنِ مَا انْتَفَعْتُمْ بِهَا وَإِنَّهَا لَتَدْعُو اللَّهَ أَنْ لَا يُعِيدَهَا فِي تِلْكَ النَّارِ أَبَدًا

وَرَوَى زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَيْسَرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ سَأَلَ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ لَمْ يُرَ فِي الْيَهُودِ مِثْلُهُ عَنِ النَّارِ الْكُبْرَى فَقَالَ الْحَبْرُ يَبْعَثُ اللَّهُ الرِّيحَ الدَّبُورَ عَلَى الْبُحُورِ فَتَعُودُ نَارًا فَهِيَ النار الكبرى

الحديث الخامس عشر

حَدِيثٌ خَامِسَ عَشَرَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لَا تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا وَلِتَنْكِحَ فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَسْأَلَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا لِتَنْفَرِدَ بِهِ فَإِنَّمَا لَهَا مَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ عَلَيْهَا لَا يَنْقُصُهَا طَلَاقُ ضَرَّتِهَا شَيْئًا مِمَّا جَرَى بِهِ الْقَدَرُ لَهَا وَلَا يَزِيدُهَا وَقَالَ الْأَخْفَشُ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ تُفْرِغَ صَحْفَةَ تِلْكَ مِنْ خَيْرِ الزَّوْجِ وَتَأْخُذَهُ هِيَ وَحْدَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَحْسَنِ أَحَادِيثِ الْقَدَرِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ لَا يَنَالُهُ إِلَّا مَا قدر له

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا وَالْأَمْرُ فِي هَذَا وَاضِحٌ لِمَنْ هَدَاهُ (اللَّهُ) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِقْهُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ وَلَا لِوَلِيِّهَا أَنْ يَشْتَرِطَ فِي عَقْدِ نِكَاحِهَا طَلَاقَ غَيْرِهَا وَلِهَذَا الْحَدِيثِ وَشِبْهِهِ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ شَرْطَ الْمَرْأَةِ عَلَى الرَّجُلِ عِنْدَ عَقْدِ نِكَاحِهَا أَنَّهَا إِنَّمَا تَنْكِحُهُ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا مِنَ النِّسَاءِ فَهِيَ طَالِقٌ شَرْطٌ بَاطِلٌ وَعَقْدُ نِكَاحِهَا عَلَى ذَلِكَ فَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ دَخَلَ فِي الصَّدَاقِ الْمُسْتَحَلِّ بِهِ الْفَرْجُ فَفَسَدَ لِأَنَّهُ طَابَقَ النَّهْيَ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَرَى الشَّرْطَ بَاطِلًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ صَحِيحٌ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يُكْرِهُونَهَا وَيُكْرِهُونَ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ هَذَا الْبَابِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ يَقْتَضِي فِي مِثْلِ هَذَا جَوَازَ الْعُقُودِ وَبُطْلَانَ الشُّرُوطِ وَهُوَ أَوْلَى مَا اعْتُمِدَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِحَّ لَهُ هَذَا الشَّرْطُ الْمَكْرُوهُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا عَقَدَهُ بِيَمِينٍ فَيَلْزَمُهُ الْحِنْثُ

فِي تِلْكَ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِمَا حَلَفَ بِهِ وَلَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الْأَبْرَارِ وَلَا مِنْ مَنَاكِحِ السَّلَفِ الْأَخْيَارِ اسْتِبَاحَةُ النِّكَاحِ بِالْأَيْمَانِ الْمَكْرُوهَةِ وَمُخَالَفَةُ السُّنَّةِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ شَرْطُ اللَّهِ قَبْلَ شَرْطِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبَاحَ مَا تَرُومُونَ الْمَنْعَ مِنْهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ الشَّرْطَ صَحِيحٌ لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوَفَّى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عِيسَىُ بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا استحللتم بن الفروج وهذا

حَدِيثٌ إِنْ كَانَ صَحِيحًا فَإِنَّ مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوَفَّى بِهِ مِنَ الشُّرُوطِ الْجَائِزَةِ مَا اسْتَحْلَلْتَ بِهِ الْفُرُوجَ فَهُوَ أَحَقُّ مَا وَفَّى بِهِ الْمَرْءُ وَأَوْلَى مَا وَقَفَ عِنْدَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَى الشَّامِيُّونَ فِي هَذَا عَنْ عُمَرَ مَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي المهاجر عن عبد الرحمان بْنِ غَنْمٍ قَالَ شَهِدْتُ عُمَرَ يُسْأَلُ عَنْهُ فَقَالَ لَهَا دَارُهَا فَإِنَّ مَقَاطِعَ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ قَالَ سَعْدَانُ وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ هُوَ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى حَدِيثِ عُمَرَ وَقَوْلِ أَبِي الشَّعْثَاءِ هُوَ فِيمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً وَشَرَطَ لَهَا أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا وَنَحْوُ هَذَا مَذْهَبُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَيْضًا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَزَاذٍ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ طَالِبٍ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمِّي

وَكَانَتْ مَوْلَاةَ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَتْ رَأَيْتُ سَعْدًا زَوْجَ ابْنَتِهِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَشَرَطَ لَهَا أَنْ لَا يُخْرِجَهَا فَأَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ مَعَهُ فَنَهَاهَا سَعْدٌ وَكَرِهَ خُرُوجَهَا فَأَبَتْ إِلَّا أَنْ تَخْرُجَ فَقَالَ سَعْدٌ اللَّهُمَّ لَا تُبَلِّغْهَا مَا تُرِيدُ فَأَدْرَكَهَا الْمَوْتُ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَتْ ... تَذَكَّرْتُ مَنْ يَبْكِي عَلَيَّ فَلَمْ أَجِدْ ... مِنَ النَّاسِ إِلَّا أَعْبُدِي وَوَلَائِدِي ... وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَطَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ الشَّرْطَ لَازِمٌ وَالْوَجْهُ الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ خِلَافَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ الشَّامِيِّينَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ أَبُو خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سعيد حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ رَجُلًا شُرِطَ عَلَيْهِ فِي امْرَأَتِهِ عِنْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ أَلَّا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ عِتْقًا وَلَا طَلَاقًا فَأَرَادَ بِهَا بلدا آخر فخصامته إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَضَى عُمَرُ أَنْ تَتَّبِعَ زَوْجَهَا وَأَنَّهُ لَا شَرْطَ لَهَا قَالَ وَحَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا تَوْبَةُ بْنُ النَّمِرِ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي ذَلِكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ إلا شرط أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا وَقَالَ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ يَعْنِي فِي حُكْمِ اللَّهِ كَمَا قَالَ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ يَعْنِي حُكْمَهُ وَقَضَاءَهُ فَكُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ جَوَازُهُ فَهُوَ بَاطِلٌ وَهَذَا أَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَالْكَلَامُ فِي شُرُوطِ النِّكَاحِ وَمَا يَلْزَمُ مِنْهَا وَمَا لَا يَلْزَمُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَأَمَّا قَوْلُهُ لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا فَكَلَامٌ عَرَبِيٌّ مَجَازٌ وَمَعْنَاهُ لِتَنْفَرِدَ بِزَوْجِهَا فَاعْلَمْهُ لَا وَجْهَ لَهُ غَيْرُهُ

الحديث السادس عشر

حَدِيثٌ سَادِسَ عَشَرَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دَنَانِيرَ مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمَؤُونَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ الرِّوَايَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَقْتَسِمُ بِرَفْعِ الْمِيمِ عَلَى الْخَبَرِ أَيْ لَيْسَ يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا لِأَنِّي لَا أَتَخَلَّفُ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا وَهَذَا مَعْنَى حَدِيثِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ وَأَنَّ مَا تَخَلَّفَ عَقَارًا يَجْرِي غلته على نسائه بعد مئونة عَامِلِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَهَكَذَا قَالَ يَحْيَى دَنَانِيرُ وَتَابَعَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَأَمَّا سَائِرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فَيَقُولُونَ دِينَارًا وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْوَاحِدَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَهَمُّ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْجِنْسَ وَالْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَمِمَّنْ قَالَ دِينَارًا مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ ابْنُ الْقَاسِمِ

وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَالْقَعْنَبِيُّ وَأَبُو مُصْعَبٍ وَمُطَرِّفٌ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ قَالَ وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي بَعْدِي مِيرَاثِي مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي ومئونة عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ لَا أُورَثُ وَأَمَّا قَوْلُهُ مَئُونَةُ عَامِلِي فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ أَرَادَ بِعَامِلِهِ خَادِمَهُ فِي حَوَائِطِهِ وَقَيِّمَهُ وَوَكِيلَهُ وَأَجِيرَهُ وَنَحْوَ هَذَا وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعَانِي هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْعَبًا مَبْسُوطًا مُمَهَّدًا وَاضِحًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هَهُنَا وَبِاللَّهِ التوفيق

الحديث السابع عشر

حَدِيثٌ سَابِعَ عَشَرَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أبي الزناد عن الأعرح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبَ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ تَابَعَ يَحْيَى قَوْمٌ عَلَى قَوْلِهِ تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَعَجْبُ الذَّنَبِ مَعْرُوفٌ وَهُوَ الْعَظْمُ فِي الْأَسْفَلِ بَيْنَ الْأَلْيَتَيْنِ الْهَابِطُ مِنَ الصُّلْبِ يُقَالُ لِطَرْفِهِ الْعُصْعُصُ وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَعُمُومُهُ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ بَنُو آدَمَ كُلُّهُمْ فِي ذَلِكَ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي أَجْسَادِ الْأَنْبِيَاءِ وَالشُّهَدَاءِ أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَأْكُلُهُمْ وَحَسْبُكَ مَا جَاءَ فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا لَفْظُ عُمُومٍ وَيَدْخُلُهُ الْخُصُوصُ مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا فَكَأَنَّهُ قَالَ كُلُّ مَنْ تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ فَإِنَّهُ لَا تَأْكُلُ مِنْهُ عَجْبَ الذَّنَبِ وَإِذَا جَازَ أَنْ لَا تَأْكُلَ الْأَرْضُ عَجْبَ الذَّنَبِ جَازَ أَنْ لَا تَأْكُلَ الشُّهَدَاءَ وَذَلِكَ كُلُّهُ حُكْمُ اللَّهِ وَحِكْمَتُهُ

وَلَيْسَ فِي حُكْمِهِ إِلَّا مَا شَاءَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَإِنَّمَا نَعْرِفُ مِنْ هَذَا مَا عَرَفْنَا بِهِ وَنُسَلِّمُ لَهُ إِذْ جَهِلْنَا عِلَّتَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَأْيٍ وَلَكِنَّهُ قَوْلُ مَنْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُجْرِيَ الْعَيْنَ الَّتِي فِي أَسْفَلِ أُحُدٍ عِنْدَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ بِالْمَدِينَةِ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ مَيِّتٌ فَلْيَأْتِهِ فَلْيُخْرِجْهُ فَلْيَحْمِلْهُ قَالَ جَابِرٌ فَذَهَبْنَا إِلَى أَبِي فَأَخْرَجْنَاهُمْ رِطَابًا يَنْثَنُونَ قَالَ أَبُو سعيد لا ينكر بَعْدَ هَذَا مُنْكَرًا قَالَ جَابِرٌ فَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ أَصْبُعَ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَتَقَطَّرَ الدَّمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ابْتُدِأَ خَلْقُهُ وَتَرْكِيبُهُ مِنْ عَجْبِ ذَنَبِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِخَبَرٍ وَلَا خَبَرَ فِيهِ عِنْدَنَا مُفَسَّرٌ وَإِنَّمَا هِيَ جُمْلَةُ مَا جَاءَ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَأَمَّا خَلْقُ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ فَرُوِيَ فِي خَلْقِهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ فِي ظَاهِرِ بَعْضِهَا اخْتِلَافٌ رَوَى

شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ آدَمَ رَأْسُهُ فَجَعَلَ يَنْظُرُ وَهُوَ يَخْلُقُ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ خَمَّرَ اللَّهُ طِينَةَ آدَمَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ خَلَقَهَا بِيَدِهِ فَخَرَجَ طَيِّبُهَا فِي يَمِينِهِ وَخَرَجَ خَبِيثُهَا فِي الْأُخْرَى ثُمَّ مَسَحَ يَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى فَخَلَطَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَمِنْ ثَمَّ يَخْرُجُ الْخَبِيثُ مِنَ الطِّيبِ وَالطِّيبُ مِنَ الْخَبِيثِ وَرَوَى عَوْفٌ عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ سَمِعَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ جَاءَ مِنْهُمُ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ وَالْحَزَنُ وَالسَّهْلُ وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ يَقُولُونَ إِنَّ الرُّوحَ أَوَّلُ مَا نُفِخَ فِي يَافُوخِ آدَمَ وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِيهِ يُرَكَّبُ إِيمَانٌ بِالْبَعْثِ والنشأة الأخرى

الحديث الثامن عشر

حَدِيثٌ ثَامِنَ عَشَرَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي مَعْنَى الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَمَا لِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّفْسِيرِ وَالتَّوْجِيهِ وَالْمَعَانِي مُسْتَوْعَبَةً فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هَهُنَا

حَدِيثٌ تَاسِعَ عَشَرَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِيَنْعَلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ لِيَنْعَلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا أَرَادَ الْقَدَمَيْنِ وَهُمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُمَا ذِكْرٌ وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُ النَّعْلِ وَلَوْ أَرَادَ النَّعْلَيْنِ لَقَالَ لِيَنْتَعِلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيَحْتَفِ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا مَشْهُورٌ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ وَمُتَكَرِّرٌ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ أَنْ يَأْتِيَ بِضَمِيرِ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَحْوَى الْخِطَابِ وَنَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَشْيِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ نَهْيُ أَدَبٍ لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ فِي مِلْكِكَ فَنُهِيتَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ فَإِنَّمَا هُوَ نَهْيُ أَدَبٍ لِأَنَّهُ مِلْكُكَ تَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شِئْتَ وَلَكِنَّ التَّصَرُّفَ عَلَى سُنَّتِهِ لَا تَتَعَدَّى وَهَذَا بَابٌ مُطَّرِدٌ مَا لَمْ يَكُنْ مِلْكُكَ حَيَوَانًا فَتَنْهَى عَنْ أَذَاهُ فَإِنَّ أَذَى الْمُسْلِمِ فِي غير حقه

الحديث التاسع عشر

حَرَامٌ وَأَمَّا النَّهْيُ عَمَّا لَيْسَ فِي مِلْكِكَ إِذَا نُهِيتَ عَنْ تَمَلُّكِهِ أَوِ اسْتِبَاحَتِهِ إِلَّا عَلَى صِفَةٍ مَا فِي نِكَاحٍ أَوْ بَيْعٍ أَوَصَيْدٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَالنَّهْيُ عَنْهُ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فَافْهَمْ هَذَا الْأَصْلَ وَقَدْ مَضَى مِنْهُ مَا فِيهِ دَلَالَةٌ وَكِفَايَةٌ فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عِنْدَ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هَهُنَا وَرَوَى جَابِرٌ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا حَسَنًا يَجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ مَعَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قال حدثنا أبوالوليد الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ فَلَا يَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُصْلِحَ شِسْعَهُ وَلَا يَمْشِ فِي خُفٍّ وَاحِدَةٍ وَلَا يَأْكُلْ بِشَمَالِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا وَحَدِيثُ جَابِرٍ الَّذِي ذَكَرْنَا حَدِيثَانِ بَيِّنَانِ وَاضِحَانِ مُسْتَغْنِيَانِ عَنِ التَّفْسِيرِ

مُسْتَعْمَلَانِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي اسْتِعْمَالِهِمَا خِلَافًا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مُعَارِضَةٌ لِأَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِهِ لَمْ يَلْتَفِتْ أَهْلُ الْعِلْمِ إِلَى ذَلِكَ لِضَعْفِ إِسْنَادِ حَدِيثِهَا وَلِأَنَّ السُّنَنَ لَا تُعَارَضُ بِالرَّأْيِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا لَمْ تُعَارِضْ أَبَا هُرَيْرَةَ بِرَأْيِهَا وَقَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا مِنْدَلٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رُبَّمَا انْقَطَعَ شِسْعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَشَى فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ حَتَّى يُصْلِحَ الْأُخْرَى وَحَدَّثَنَا أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ يُصْلِحُ الْأُخْرَى قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا

سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى أَصْحَابِ الْمَقْصُورَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَمْشِي فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ وَهَذَا مَعْنَاهُ لَوْ صَحَّ أَنَّهُ كَانَ عَنْ ضَرُورَةٍ أَوْ كَانَ يَسِيرًا نَحْوَ أَنْ يُصْلِحَ الْأُخْرَى لَا أَنَّهُ أَطَالَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا حُجَّةَ فِي مِثْلِ هَذَا الْإِسْنَادِ ذَكَرَ الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمٌ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ وَلَا خُطْوَةً وَاحِدَةً يَعْنِي يمشي في نعل واحدة وأخبرنا عبد الرحمان حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَمْشِيَ الرَّجُلُ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ وَيَقُولُونَ وَلَا خُطْوَةً وَقَدْ ذَكَرَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الَّذِي يَنْقَطِعُ شِسْعُ نَعْلِهِ وَهُوَ فِي أَرْضٍ حَارَّةٍ هَلْ يَمْشِي فِي الْأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَهَا قَالَ لَا وَلَكِنْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيَقِفْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْفَتْوَى وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْأَثَرِ وَعَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ

الحديث العشرون

حَدِيثٌ مُوفِي عِشْرِينَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ وَلْتَكُنِ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ بَيِّنٌ فِي مَعْنَاهُ كَامِلٌ حَسَنٌ مُسْتَغْنٍ عَنِ الْقَوْلِ وَالْمَعْنَى فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَفْضِيلُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى بِالْإِكْرَامِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لِلْأَكْلِ دُونَ الِاسْتِنْجَاءِ فَكَذَلِكَ تُكْرَمُ أَيْضًا بِبَقَاءِ زِينَتِهَا أَوَّلًا وَآخِرًا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا لبستم وإذا توضأتم فابدأوا بِمَيَامِنِكُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَابْنِ شَوْذَبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى وَإِذَا خَلَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُسْرَى لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا أَوْ يُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا هَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ الْيُمْنَى مُكَرَّمَةٌ فَلِذَلِكَ يَبْدَأُ بِهَا إِذَا انْتَعَلَ وَيُؤَخِّرُهَا إِذَا خَلَعَ لِتَكُونَ الزِّينَةُ بَاقِيَةً عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَلَى الشِّمَالِ وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَا يُبْقِي عَلَيْهَا بَقَاءً دَائِمًا لِقَوْلِهِ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ مَشَى فِي نَعْلٍ أَوْ خُفٍّ وَاحِدَةٍ أَوْ بَدَأَ فِي انْتِعَالِهِ بِشِمَالِهِ فَقَدْ أَسَاءَ وَخَالَفَ السُّنَّةَ وَبِئْسَمَا صَنَعَ إِذَا كَانَ بِالنَّهْيِ عَالِمًا وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ لِبَاسُ نَعْلِهِ وَلَا خُفِّهِ وَلَكِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعُودَ فَالْبَرَكَةُ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي اتِّبَاعِ أَدَبِ رَسُولِ اللَّهِ وَامْتِثَالِ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ اسْتَكْثِرُوا مِنَ النِّعَالِ فَإِنَّ الرَّجُلَ الْمُنْتَعِلَ بِمَنْزِلَةِ الرَّاكِبِ أَوْ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ السُّنَّةِ إِذَا نَزَعَ الرَّجُلُ نَعْلَيْهِ أَنْ يَضَعَهُمَا بِجَنْبِهِ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَعْلَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ لَهُمَا قِبَالَانِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ نَعْلَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بِقِبَالَيْنِ وَأَوَّلُ مَنْ شَسَعَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ

حَدِيثٌ حَادٍ وَعِشْرُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَلَا تُصِرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا وَرَدَّهَا! صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَمَّا قَوْلُهُ لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ فَهُوَ النَّهْيُ عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ فَرَوَى الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ كَمَا تَرَى وَرَوَى ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لَا تَلَقَّوُا الْجَلَبَ وَرَوَى أَبُو صَالِحٍ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ نَهَى أَنْ تُتَلَقَّى السِّلَعُ حَتَّى تَدْخُلَ الأسواق

وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ لَا تَسْتَقْبِلُوا السُّوقَ وَلَا يَتَلَقَّ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاحِدٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ وَفِي مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لِأَنَّ الْقَعْنَبِيَّ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ وَذَكَرَ يَحْيَى وَغَيْرُهُ مِنْ ذَلِكَ ما وصفنا هنالك وسنزيد المعنيين ههنا بَيَانًا مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدٌ مِنَ الْجَلَبِ وَالسِّلَعِ الْهَابِطَةِ إِلَى الْأَسْوَاقِ وَسَوَاءٌ هَبَطَتْ مِنْ أَطْرَافِ الْمِصْرِ أَوْ مِنَ الْبَوَادِي حَتَّى يُبْلَغَ بِالسِّلْعَةِ سُوقُهَا هَذَا إِذَا كَانَ التَّلَقِّي فِي أَطْرَافِ الْمِصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ وَقِيلَ لِمَالِكٍ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَمْيَالٍ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَالْحَيَوَانُ وَغَيْرُ الْحَيَوَانِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ سَوَاءٌ وَرَوَى عِيسَى وَأَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ السِّلْعَةَ إذا تلقاها وَاشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ يَهْبِطَ بِهَا إِلَى السُّوقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُعْرَضُ السِّلْعَةُ عَلَى أَهْلِ السِّلَعِ فِي السُّوقِ فَيَشْتَرِكُونَ فِيهَا بِذَلِكَ الثَّمَنِ لَا زِيَادَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُوقٌ عُرِضَتْ عَلَى النَّاسِ فِي الْمِصْرِ فَيَشْتَرِكُونَ فِيهَا إِنْ أَحَبُّوا فَإِنْ

نقصت عن ذلك الثمن لزمت المشرتي قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ لِي غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَقَالَ عِيسَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُؤَدَّبُ مُلْتَقِي السِّلَعِ إِذَا كَانَ مُعْتَادًا بِذَلِكَ وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يُؤَدَّبُ إِلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِالْجَهَالَةِ وَقَالَ عِيسَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ فَاتَتِ السِّلْعَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ مِنَ الْحَاضِرَةِ إِلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ فَيَشْتَرِيَ مِنْهُمُ الثَّمَرَةَ مَكَانَهَا وَرَآهُ مِنَ التَّلَقِّي ومن يبيع الْحَاضِرِ لِلْبَادِي وَقَالَ أَشْهَبُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا بِمُتَلَقٍّ وَلَكِنَّهُ اشْتَرَى الشَّيْءَ فِي مَوْضِعِهِ وَرَوَى أَبُو قُرَّةَ قَالَ قَالَ لِي مَالِكٌ إِنِّي لَأَكْرَهُ تَلَقِّي السِّلَعِ وَأَنْ يَبْلُغُوا بِالتَّلَقِّي أَرْبَعَةَ بُرُدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي جَوَازِ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الْبُلْدَانِ فِي الْأَمْتِعَةِ وَالسِّلَعِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ مِنْ ذَلِكَ فِي النَّظَرِ وَإِنَّمَا التَّلَقِّي تَلَقِّي مَنْ خَرَجَ بِسِلْعَةٍ يُرِيدُ بِهَا السُّوقَ وَأَمَّا مَنْ قَصَدْتَهُ إِلَى مَوْضِعِهِ فَلَمْ تتلق

وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَكْرَهُ تَلَقِّي السِّلَعِ وَشِرَاءَهَا فِي الطَّرِيقِ أَوْ عَلَى بَابِكَ حَتَّى تَقِفَ السِّلْعَةُ فِي سُوقِهَا الَّتِي تُبَاعُ فِيهَا فَإِنْ تَلَقَّى أَحَدٌ سِلْعَةً فَاشْتَرَاهَا ثُمَّ عَلِمَ بِهِ فَإِنْ كَانَ بَائِعُهَا لَمْ يَذْهَبْ رُدَّتْ إِلَيْهِ حَتَّى تُبَاعَ فِي السُّوقِ وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ ارْتُجِعَتْ مِنْهُ وَبِيعَتْ فِي السُّوقِ وَدُفِعَ إِلَيْهِ ثَمَنُهَا قَالَ وَإِنْ كَانَ عَلَى بَابِهِ أَوْ فِي طَرِيقِهِ فَمَرَّتْ بِهِ سِلْعَةٌ يُرِيدُ صَاحِبُهَا سُوقَ تِلْكَ السِّلْعَةِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا إِذَا لَمْ يَقْصِدْ لِتَلَقِّي السِّلَعِ وَلَيْسَ هَذَا بِالتَّلَقِّي إِنَّمَا التَّلَقِّي أَنْ يَعْمِدَ لِذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا مَذْهَبُ مَالِكٍ والليث وَمَنْ قَالَ بِمِثْلِ قَوْلِهِمَا فِي النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ فَمَعْنَاهُ عِنْدَهُمْ الرِّفْقُ بِأَهْلِ الْأَسْوَاقِ لِئَلَّا يَقْطَعُ بِهِمْ عَمَّا لَهُ جَلَسُوا يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ فَنَهَى النَّاسَ أَنْ يَتَلَقَّوُا السِّلَعَ الَّتِي يُهْبَطُ بِهَا إِلَيْهِمْ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ فَسَادًا عَلَيْهِمْ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَمَذْهَبُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَرَدَ رِفْقًا بِصَاحِبِ السِّلَعِ لِئَلَّا يُبْخَسَ فِي ثَمَنِ سِلْعَتِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تُتَلَقَّى السِّلْعَةُ فَمَنْ تَلَقَّاهَا فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إِذَا بَلَغَ السُّوقَ وَقَدْ رُوِيَ بِمِثْلِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ خَبَرٌ صَحِيحٌ يَلْزَمُ الْعَمَلُ به

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ فَإِنْ تَلَقَّاهُ مُتَلَقٍّ فَاشْتَرَاهُ فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ إِذَا وَرَدَتِ السُّوقَ قال ابوعمر هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ تُبَيِّنُ مَا رَوَاهُ عَنْهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَلَقَّوُا الْجَلَبَ فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذَا أَتَى السوق قال أبو عمر فقوله في خبرهشام فَهُوَ بِالْخِيَارِ يُرِيدُ الْبَائِعَ لِئَلَّا يَتَنَاقَضَ الْحَدِيثَانِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَقْصِدَهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ إِلَّا بِالْمَعْنَى وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ حديث هشام نصا كَمَا قَالَ أَيُّوبُ وَهُوَ الصَّوَابُ وَمَا خَالَفَهُ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ تَفْسِيرُ النَّهْيِ عَنِ التَّلَقِّي أَنْ يَخْرُجَ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ فَيَخْدَعُونَ أَهْلَ الْقَافِلَةِ وَيَشْتَرُونَ مِنْهُمْ شِرَاءً رَخِيصًا فَلَهُمُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُمْ قَدْ غَرُّوهُمْ وَخَدَعُوهُمْ

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَالنَّهْيُ عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ الضَّرَرِ فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ تَلَقِّي ذَلِكَ لِضِيقِ الْمَعِيشَةِ وَحَاجَتِهِمْ إِلَى تِلْكَ السِّلَعِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ لَمَّا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخِيَارَ فِي السِّلْعَةِ الْمُتَلَقَّاةِ إِذَا هَبَطَ بِهَا إِلَى السُّوقِ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ ثَبَّتَهُ وَجَعَلَ فِيهِ الْخِيَارَ قَالَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّلَقِّيَ الْمَكْرُوهَ إِذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ فَلِذَلِكَ جُعِلَ فِيهِ الْخِيَارُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَهُوَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَقَالَ ابْنُ خُوَازِ بنداد الْبَيْعُ فِي تَلَقِّي السِّلَعِ صَحِيحٌ عَلَى قَوْلِ الْجَمِيعِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هُوَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَفُوزُ بِالسِّلْعَةِ وَيَشْرَكُهُ فِيهَا أَهْلُ الْأَسْوَاقِ وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ أَوْ أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ قَالَ أبو عمر ما حكاه ابن خواز بنداد عَنِ الْجَمِيعِ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ مَعَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ هُوَ الصَّحِيحُ لَا مَا حَكَاهُ سَحْنُونٌ عَنْ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَكَانَ ابْنُ حَبِيبٍ يَذْهَبُ إِلَى فَسْخِ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدِ الْبَائِعُ عُرِضَتِ السِّلْعَةُ علىأهل الأسواق واشتركوا

فِيهَا إِنْ أَحَبُّوهَا وَإِنْ أَبَوْا مِنْهَا رُدَّتْ عَلَى مُبْتَاعِهَا إِلَى كَلَامٍ كَثِيرٍ ذَكَرَهُ وَفَرَّقَ بَيْنَ الطَّعَامِ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الطَّعَامُ يُوقَفُ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ يَشْتَرُونَهُ بِالثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ رَاتِبُونَ فِي السُّوقِ وَلَمْ يُفْسَخْ فِيهِ الْبَيْعُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قال حدثنا بو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَا تَلَقَّوُا الْأَجْلَابَ فَمَنْ تَلَقَّى مِنْهُ شَيْئًا فَاشْتَرَاهُ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إِذَا أَتَى السُّوقَ وَأَمَّا قَوْلُهُ في الحديث لا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ لَا يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَسْتَامُ عَلَى سَوْمِهِ ذَكَرُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنِ عَوْنٍ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَتَدْرِي مَتَى لَا يَسْتَامُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ قُلْتُ لَا أَدْرِي قَالَ وَأَنَا لَا أَدْرِي وَقَالَ سُفْيَانُ هُوَ أَنْ يَقُولَ عِنْدِي خَيْرٌ مِنْهُ وَقَالَ مَالِكٌ مَعْنَى ذلك الركون

قَالَ مَالِكٌ تَفْسِيرُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى أَنْ يَسُومَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ إِذَا رَكَنَ الْبَائِعُ إِلَى السَّائِمِ وَجَعَلَ يَشْتَرِطُ وَزْنَ الذَّهَبِ وَيَتَبَرَّأُ مِنَ الْعُيُوبِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَرَادَ مُبَايَعَةَ السَّائِمِ فَذَلِكَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ بِالسَّوْمِ بِالسِّلْعَةِ تُوقَفُ لِلْبَيْعِ فَيَسُومُ بِهَا غَيْرُ وَاحِدٍ قَالَ وَلَوْ تَرَكَ النَّاسُ السَّوْمَ عِنْدَ أَوَّلِ مَنْ يَسُومُ بِالسِّلْعَةِ أُخِذَتْ بِشِبْهِ الْبَاطِلِ مِنَ الثَّمَنِ وَدَخَلَ عَلَى الْبَاعَةِ فِي سِلَعِهِمُ الْمَكْرُوهُ وَالضَّرَرُ قَالَ وَلَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى هَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَقْوَالُ الْفُقَهَاءِ كُلُّهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى وَكُلُّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ فِيمَنْ يَزِيدُ وَهُوَ يُفَسِّرُ لَكَ ذَلِكَ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الْبَيْعَ فِي ذَلِكَ يُفْسَخُ مَا لَمْ يَفُتْ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ وَالْفِعْلَ مَكْرُوهٌ وَذَكَرَ ابْنُ خَوَازِ بَنْدَادَ قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَتِهِ وَمَتَى فَعَلَ ذَلِكَ فُسِخَ الْبَيْعُ مَا لَمْ يَفُتْ وَفُسِخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ بَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ الْعَقْدُ صَحِيحٌ وَيُكْرَهُ لَهُ مَا فَعَلَ وَأَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دُخُولُ الْمُسْلِمِ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي سَوْمِهِ إِلَّا الْأَوْزَاعِيُّ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِدُخُولِ الْمُسْلِمِ عَلَى الذِّمِّيِّ فِي سَوْمِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلَا يَسُمْ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ وَحُجَّةُ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَمَّا دَخَلَ فِي نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَبَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَالنَّجْشِ وَرِبْحِ مَا لَمْ يُضَمَّنْ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ كَذَلِكَ فِي السَّوْمِ عَلَى سَوْمِهِ وَإِذَا أَطْلَقَ الْكَلَامَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ دَخَلَ فِيهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى كَرَاهِيَةِ سَوْمِ الذِّمِّيِّ عَلَى الذِّمِّيِّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مُرَادُونَ وَكَانَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقُولُ إِنَّمَا نُهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ عَلَى شِرَاءِ الرَّجُلِ وَأَمَّا أَنْ يَبِيعَ عَلَى بَيْعِهِ فَلَا قَالَ لِأَنَّهُ لَا يَبِيعُ أَحَدٌ عَلَى بَيْعِ أَحَدٍ قَالَ وَإِنَّمَا هُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ مُشْتَرٍ عَلَى شِرَاءِ مُشْتَرٍ قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُ بِعْتُ الشَّيْءَ فِي معنى

اشْتَرَيْتُهُ وَأَنْشَدَ أَبْيَاتًا فِي ذَلِكَ وَجَعَلَ الْبَيْعَ فِيهِ صَحِيحًا وَفَاعِلَهُ عَاصِيًا أَمْرَهُ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَأَنْ يَعْرِضَ السِّلْعَةَ عَلَى أَخِيهِ الَّذِي دَخَلَ فِيهَا عَلَيْهِ فَإِنَّ أَحَبَّهَا أَخَذَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَدْرِي وَجْهًا لِإِنْكَارِهِ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ الْبَيْعُ وَالْعَرَبُ وَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ مِنْ لُغَتِهَا أَنْ تَقُولَ بِعْتُ بِمَعْنَى اشْتَرَيْتُ فَالَّذِي هُوَ أَعْرَفُ وَأَشْهَرُ عَنْهَا أَنْ يَقُولَ بِعْتُ بِمَعْنَى بِعْتُ وَأَيُّ ضَرُورَةٍ بِنَا إِلَى هَذَا وَالْمَعْنَى فِيهِ وَاضِحٌ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ وَبِاللَّهِ الْعَوْنُ وَالتَّوْفِيقُ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا تَنَاجَشُوا فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَاهُ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ النَّجْشِ وَلَا تَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْمُنَاجَشَةَ مَعْنَاهَا أَنْ يَدُسَّ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ لِيُعْطِيَ بِسِلْعَتِهِ عَطَاءً وَهُوَ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا لِيَعْتَبِرَ بِهِ مَنْ أَرَادَ شِرَاءَهَا مِنَ النَّاسِ أَوْ يَفْعَلَ ذَلِكَ هُوَ بِنَفْسِهِ فِي سِلْعَتِهِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْبَيْعِ فَقَالَ مَالِكٌ مَنِ اشْتَرَى سلعة مَنْجُوشَةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذَا عَلِمَ وَهُوَ عَيْبٌ مِنَ الْعُيُوبِ وَهَذَا

تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ وَالْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أصحابه ذكر ذلك ابن خواز بنداد وغيره عن مالك وقال الشافعي وأبوحنيفة ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ من فعل ذلك جاهلا أو مجترنا فُسِخَ الْبَيْعُ إِنْ أَدْرَكَ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَ إِلَّا أَنْ يُحِبَّ الْمُشْتَرِي أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالسِّلْعَةِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهَا بِهِ قَالَ فَإِنْ فَاتَتْ فِي يَدِهِ كَانَتْ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي دَسَّهُ أَوْ كَانَ الْمُعْطِي مِنْ سَبَبِ الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ أَجْنَبِيًّا لَا يَعْرِفُ الْبَائِعَ وَلَا يَعْرِفُ قِصَّتَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ وَالْبَيْعُ تَامٌّ صَحِيحٌ وَالْفَاعِلُ آثِمٌ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ تَفْسِيرُ ذَلِكَ أَهْلُ الْبَادِيَةِ وَأَهْلُ الْقُرَى فَأَمَّا أَهْلُ الْمَدَائِنِ مِنْ أَهْلِ الرِّيفِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالْبَيْعِ لَهُمْ بَأْسٌ مِمَّنْ يَرَى أَنَّهُ يَعْرِفُ السَّوْمَ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يُشْبِهُ أَهْلَ الْبَادِيَةِ فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ يَبِيعَ لَهُمْ حَاضِرٌ وَقَالَ فِي الْبَدَوِيِّ يَقْدَمُ فَيَسْأَلُ الْحَاضِرَ عَنِ السِّعْرِ أَكْرَهُ لَهُ أَنْ يُخْبِرَهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ إِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ يَبِيعَ لَهُ فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِطَ

لَهُ فَلَا بَأْسَ هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ وَلَا يَبِيعُ مِصْرِيٌّ لِمَدَنِيٍّ وَلَا مَدَنِيٌّ لِمِصْرِيٍّ وَلَكِنْ يُشِيرُ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا أَرَى أَنْ يَبِيعَ الْحَاضِرُ لِلْبَادِي وَلَا لِأَهْلِ الْقُرَى وَقَدْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ قَالَ قُلْتُ لِمَالِكٍ قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ مَا تَفْسِيرُهُ قَالَ لَا يَبِعْ أَهْلُ الْقُرَى لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ سِلَعَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ بَعَثَ بِالسِّلْعَةِ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى وَلَمْ يَقْدَمْ مَعَ سِلْعَتِهِ قَالَ لَا يَنْبَغِي لَهُ قُلْتُ لَهُ وَمَنْ أَهْلُ الْبَادِيَةِ قَالَ أَهْلُ الْعَمُودِ قُلْتُ لَهُ الْقُرَى الْمَسْكُونَةُ الَّتِي لَا يُفَارِقُهَا أَهْلُهَا يُقِيمُونَ فِيهَا تَكُونُ قُرًى صِغَارًا فِي نَوَاحِي الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ فَيَقْدَمُ بَعْضُ أَهْلِ تِلْكَ الْقُرَى الصِّغَارِ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِالسِّلَعِ فَيَبِيعُهَا لَهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَالَ نَعَمْ إِنَّمَا مَعْنَى الْحَدِيثِ أَهْلُ الْعَمُودِ وَرَوَى أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي أَنَّهُ يُفْسَخُ بَيْعُهُ وَكَذَلِكَ رَوَى عِيسَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ وَإِنْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَمْضِي الْبَيْعُ قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ لِي غَيْرُ ابْنِ القاسم أنه يرد للبيع وَرَوَى سَحْنُونٌ وَعِيسَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ الْحَاضِرُ إِذَا بَاعَ لِلْبَادِي قَالَ فِي رِوَايَةِ عِيسَى إِنْ كَانَ مُعْتَادًا لِذَلِكَ وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ زُونَانُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ لَا يُؤَدَّبُ عَالِمًا كَانَ بِالنَّهْيِ عن ذلك أو جاهلا قال أبوعمر لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي كَرَاهِيَةِ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي شِرَاءِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي فَمَرَّةً قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ وَمَرَّةً قَالَ لَا يَشْتَرِي لَهُ وَلَا يُشِيرُ عَلَيْهِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ السُّلْطَانِ مِنَ الْمُسْتَخْرَجَةِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ وَالْبَادِي الَّذِي لَا يَبِيعُ لَهُ الْحَاضِرُ هُمْ أَهْلُ الْعَمُودِ وَأَهْلُ الْبَوَادِي وَالْبَرَارِيِّ مِثْلُ الْأَعْرَابِ قَالَ وَجَاءَ النَّهْيُ فِي ذَلِكَ إِرَادَةَ أَنْ يُصِيبَ النَّاسَ غَرَّتُهُمْ ثُمَّ ذَكَرَ عَنِ الْخُزَامِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ قَالَ فَأَمَّا أَهْلُ الْقُرَى

الَّذِينَ يَعْرِفُونَ أَثْمَانَ سِلَعِهِمْ وَأَسْوَاقَهَا فَلَمْ يُعْنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فَإِذَا بَاعَ الْحَاضِرُ لِلْبَادِي فُسِخَ الْبَيْعُ لِأَنَّ عَقْدَهُ وَقَعَ مَنْهِيًّا عَنْهُ فَالْفَسْخُ أَوْلَى بِهِ قَالَ وَكَذَلِكَ أَخْبَرَنِي أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ وَالشِّرَاءُ لِلْبَادِي مِثْلَ الْبَيْعِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ إِنَّمَا هُوَ لَا يَشْتَرِي بَعْضُكُمْ عَلَى شِرَاءِ بَعْضٍ قَالَ فَلَا يَجُوزُ لِلْحَضَرِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْبَدَوِيِّ وَلَا يَبِيعَ لَهُ وَلَا أَنْ يَبْعَثَ الْبَدَوِيُّ إِلَى الْحَضَرِيِّ بِمَتَاعٍ فَيَبِيعُهُ لَهُ الْحَضَرِيُّ وَلَا يُشِيرُ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ إِنْ قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا يُشِيرُ الْحَاضِرُ عَلَى الْبَادِي لِأَنَّهُ إِذَا أَشَارَ عَلَيْهِ فَقَدْ بَاعَ لَهُ لِأَنَّ شَأْنَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَنْ يُرَخِّصُوا عَلَى أَهْلِ الْحَضَرِ لِقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِمْ بِالسُّوقِ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبَيْعِ لَهُ قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ الْحَاضِرُ لِلْبَادِي وَأَمَّا أَهْلُ الْقُرَى فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ لَهُمُ الْحَاضِرُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَلَكِنْ لَا بَأْسَ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالسِّعْرِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ الْحَاضِرُ لِلْبَادِي وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ عَارَضَهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدِّينُ النَّصِيحَةُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ فَإِنْ بَاعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ فَهُوَ عَاصٍ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالنَّهْيِ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ الله بعضهم من بعض قال أبوعمر هَذَا اللَّفْظُ يَقْضِي عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي إِنَّمَا هُوَ لِئَلَّا يَمْنَعَ الْمُشْتَرِيَ فَضْلَ مَا يَشْتَرِيهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلنَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ عَلَى تَأْوِيلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَمُخَالِفٌ لِذَلِكَ عَلَى تَأْوِيلِ الشَّافِعِيِّ فِي النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ وَهَذَا لَفْظٌ صَحِيحٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ ذَرُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَرَوَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ ذَكَرَهُ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ قُلْتُ لَهُ مَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ قَالَ لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا وَرَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَإِنْ كَانَ أَبَاهُ وَأَخَاهُ وَفِي حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ بِحَلُوبَةٍ لَهُ يَبِيعُهَا إِنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَلَكِنِ اذْهَبْ إِلَى السُّوقِ فَانْظُرْ مَنْ يُبَايِعُكَ وَشَاوِرْنِي حَتَّى آمُرَكَ أَوْ أَنْهَاكَ ذَكَرَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ سَالِمٍ الْمَكِّيِّ أَنَّ أَعْرَابِيًّا حَدَّثَهُ أَنَّهُ قَدِمَ بِحَلُوبَةٍ لَهُ عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فذكره

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ فِي زَمَانِهِ أَرَادَ أَنْ يُصِيبَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ وَقَالَ عَطَاءٌ لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُسْلِمٍ الْخَيَّاطِ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَنْهَى أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ قَالَ مُسْلِمٌ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَا يَبِيعَنَّ حَاضِرٌ لِبَادٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ فَسَخَ الْبَيْعَ من أهل لعلم فِي الْمُنَاجَشَةِ وَبَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَدَوِيِّ وَبَيْعِ الْمَرْءِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ فَحُجَّتُهُمْ أَنَّهُ بَيْعٌ طَابَقَ النَّهْيَ فَفَسَدَ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ عِنْدَهُمْ بَعْدَ النِّدَاءِ لِلْجُمُعَةِ أَوْ مَعَ الْأَذَانِ لَهَا وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَدَاوُدُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِمْ وَغَيْرُهُمْ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ عِنْدَ الْأَذَانِ لِلْجُمُعَةِ جَائِزٌ مَاضٍ وفاعله عاص

وَكَذَلِكَ الْبُيُوعُ الْمَذْكُورَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاسْتَدَلَّ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يُرَدْ بِهِ نَفْسُ الْبَيْعِ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ مَعْنًى غَيْرُ الْبَيْعِ وَهُوَ تَرْكُ الِاشْتِغَالِ عَنِ الْجُمُعَةِ بِمَا يَحْبِسُ عَنْهَا وَسَوَاءٌ كَانَ بَيْعًا أَوْ غَيْرَ بَيْعٍ وَجَرَى فِي ذَلِكَ ذِكْرُ الْبَيْعِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَبْتَاعُونَ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَنُهُوا عَنْ كُلِّ شَاغِلٍ يَشْغَلُ عَنِ الْجُمُعَةِ وَعَنْ كُلِّ مَا يَحُولُ بَيْنَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَبَيْنَ السَّعْيِ إِلَيْهَا وَالْبَيْعِ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ قَالُوا وَلَا مَعْنَى لِفَسْخِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ مَعْنًى غَيْرَ شُهُودِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يَبِيعُ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَيُدْرِكُ الْجُمُعَةَ قَالُوا أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ ذَكَرَ صَلَاةً لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا إِلَّا مَا يُصَلِّيهَا فِيهِ كَانَ عَاصِيًا بِالتَّشَاغُلِ عَنْهَا بِالْبَيْعِ وَجَازَ بَيْعُهُ قَالُوا فَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ بَعْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ سَوَاءٌ قَالُوا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ قَدْ بِعْتُكَ عَبْدِي هَذَا بِأَلْفٍ فَقَالَ قَدْ قَبِلْتُ صَحَّ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْ قَطْعِ صَلَاتِهِ بِالْقَوْلِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا تُصِرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ

الْعُلَمَاءُ فِي الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّهُ وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْحَدِيثِ ذَكَرَ أَسَدٌ وَسَحْنُونٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَيَأْخُذُ مَالِكٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ قُلْتُ لِمَالِكٍ تَأْخُذُ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ مَالِكٌ أَوَ لِأَحَدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَأْيٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا آخُذُ بِهِ إِلَّا أَنَّ ملكا قَالَ لِي أَرَى لِأَهْلِ الْبُلْدَانِ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ هَذَا أَنْ يُعْطُوا الصَّاعَ مِنْ عَيْشِهِمْ قَالَ وَأَهْلُ مِصْرَ عَيْشُهُمُ الْحِنْطَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَدَّهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الرِّبَا وَبِأَشْيَاءَ لَا يَصْلُحُ لَهَا مَعْنًى إِلَّا مُجَرَّدَ الدَّعْوَى وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ نَحْوَ ذَلِكَ ذَكَرَ الْعُتْبِيُّ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ ابْتَاعَ مُصَرَّاةً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَقَالَ قَدْ سَمِعْتُ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِالثَّابِتِ وَلَا الْمُوَطَّأِ عَلَيْهِ وَلَئِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ اللَّبَنَ بِمَا أَعْلَفَ وَضَمِنَ قِيلَ

لَهُ نَرَاكَ تُضْعِفُ الْحَدِيثَ فَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ يُوضَعُ مَوْضِعَهُ وَلَيْسَ بِالْمُوَطَّأِ وَلَا الثَّابِتِ وَقَدْ سَمِعْتُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ رِوَايَةٌ مُنْكَرَةٌ وَالصَّحِيحُ عَنْ مَالِكٍ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْحَدِيثُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْهُمْ مُوسَى بْنُ يَسَارٍ وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ وَهَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ ثَابِتَةٍ فَرِوَايَةُ الْأَعْرَجِ قَدْ ذَكَرْنَاهَا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن حمد بْنِ حَبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَدِّي قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا وَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ حُبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ

أبي هريرةقال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَزَادَ لَا سَمْرَاءَ يَعْنِي الْحِنْطَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ وَلَا تُصِرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنِ ابْتَاعَهَا يُرِيدُ مَنِ ابْتَاعَ الْمُصَرَّاةَ مِنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْمُصَرَّاةُ هِيَ الْمُحَفَّلَةُ سُمِّيَتْ بِمُصَرَّاةٍ لِأَنَّ اللَّبَنَ صَرِيَ فِي ضَرْعِهَا أَيَّامًا حَتَّى اجْتَمَعَ وَكَثُرَ وَمَعْنَى صَرِيَ حُبِسَ فَلَمْ تُحْلَبْ حَتَّى عَظُمَ ضَرْعُهَا بِهِ لِيَغْتَرَّ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَيَظُنَّ أَنَّ تِلْكَ حَالُهَا وَأَصْلُ التَّصْرِيَةِ حَبْسُ الْمَاءِ وَجَمْعُهُ تَقُولُ الْعَرَبُ مِنْهُ صَرَيْتُ الْمَاءَ إِذَا حَبَسْتُهُ وَلَيْسَ هَذَا اللَّفْظُ مِنَ الصِّرَارِ وَالتَّصْرِيرِ وَلَوْ كَانَ مِنْهُ لَكَانَتْ مَصْرُورَةً لَا مُصَرَّاةَ وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْمُصَرَّاةِ الْمُحَفَّلَةُ لِأَنَّ اللَّبَنَ اجْتَمَعَ فِي ضَرْعِهَا فَصَارَتْ حَافِلًا (وَالشَّاةُ) الْحَافِلُ الْكَثِيرَةُ اللَّبَنِ الْعَظِيمَةُ الضَّرْعِ وَمِنْهُ قِيلَ

مَجْلِسٌ حَافِلٌ وَمُحْتَفِلٌ إِذَا كَثُرَ فِيهِ الْقَوْمُ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الْغِشِّ وَأَصْلٌ فِيمَنْ دُلِّسَ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ وَجَدَ عَيْبًا بِمَا ابْتَاعَهُ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي الِاسْتِمْسَاكِ أَوِ الرَّدِّ وَهَذَا مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ فِي الرَّدِّ بِالْعُيُوبِ كُلُّهُمْ يَجْعَلُ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ أَصْلًا فِي ذَلِكَ وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الْحَدِيثِ فِي الْمُصَرَّاةِ عَلَى وَجْهِهِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَ بِهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَاسْتَعْمَلُوا كَثِيرًا مِنْ مَعَانِيهِ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ مَنْ يَأْبَى اسْتِعْمَالَ حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ وَاخْتَلَفَ الَّذِينَ أَبَوْا ذَلِكَ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ ذَلِكَ خُصُوصٌ فِي الْمُصَرَّاةِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ اللَّبَنَ الْمَحْلُوبَ مِنْهَا فِيهِ لِلْمُشْتَرِي حَظٌّ لِأَنَّ بَعْضَهُ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ فَهُوَ غَلَّةٌ لَهُ وَذَكَرُوا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَالْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ قَالُوا وَالْغَلَّةُ وَالْكَسْبُ لَمَّا كَانَ عِنْدَ الْجَمِيعِ بِالضَّمَانِ كَانَ رَدُّ الصَّاعِ خُصُوصًا فِي الْمُصَرَّاةِ أخبرنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا

بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ فَخَاصَمَ فِيهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى لَهُ بِرَدِّهِ فَقَالَ الْبَائِعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَدْ أَخَذَ خَرَاجَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ الْمَيْمُونَ بْنَ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَهُ سَوَاءً وأخبرنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْقَلْزَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَخْلَدُ بْنُ خُفَافٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ

وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَأَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَاسِمٌ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَفِي حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى غُلَامًا فَرَدَّهُ بِعَيْبٍ بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ إِنَّهُ قَدِ اسْتَغَلَّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا بَكْرٌ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مَخْلَدِ بْنِ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النبي عليه السلام الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَقَالَ مِنْهُمْ آخَرُونَ حَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ مَنْسُوخٌ كَمَا نُسِخَتِ الْعُقُوبَاتُ بِالْغَرَامَاتِ وَاعْتَلُّوا فِي جَوَازِ دَعْوَى النَّسْخِ فِي ذَلِكَ بِأَنْ قَالُوا الْعُلَمَاءُ لَمْ يَجْعَلُوا حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ أَصْلًا يَقِيسُونَ عليه

وَلَدَ الْجَارِيَةِ إِذَا وُلِدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لِأَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ يَرُدُّهَا وَوَلَدَهَا عَلَى الْبَائِعِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَحْبِسُ الْوَلَدَ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ قَالُوا وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ جُزْءًا حَادِثًا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فِي الْحَلْبَةِ الْأَوْلَى لِأَنَّ اللَّبَنَ يَحْدُثُ بِالسَّاعَاتِ فَقَدْ أُمِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِرَدِّ مَا حَدَثَ مِنْ ذَلِكَ فِي مِلْكِ الْمُبْتَاعِ وَهَذَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ فَلِهَذَا لَمْ يَجْعَلُوا هَذَا الْحَدِيثَ أَصْلًا يَقِيسُونَ عَلَيْهِ هَذِهِ جُمْلَةُ مَا اعْتَلَّ بِهِ مَنْ رَدَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ فِيمَا ذَكَرْنَا وَمِمَّنْ رَدَّهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ حَدِيثٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَثُبُوتِهِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَهَذَا مِمَّا يُعَدُّ وَيُنْقَمُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ مِنَ السُّنَنِ الَّتِي ردها برأيه وهذا ما عِيبَ عَلَيْهِ وَلَا مَعْنَى لِإِنْكَارِهِمْ مَا أَنْكَرُوهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَصْلٌ فِي نَفْسِهِ وَالْمَعْنَى فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى مَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ لَبَنَ الْمُصَرَّاةِ لَمَّا كَانَ مُغَيَّبًا لَا يُوقَفُ عَلَى صِحَّةِ مِقْدَارِهِ وأمكم التَّدَاعِي فِي قِيمَتِهِ وَقِلَّةِ مَا طَرَأَ مِنْهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَكَثْرَتِهِ

قَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُصُومَةَ فِي ذَلِكَ بِمَا حَدَّهُ فِيهِ كَمَا فَعَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ قَطَعَ فِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْجَنِينَ لَمَّا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ حَيًّا فَتَكُونُ فِيهِ الدِّيَةُ وَأَمْكَنَ أَنْ يكن مَيِّتًا فَلَا يَكُونُ فِيهِ شَيْءٌ قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمَهُ بِمَا حَدَّ فِيهِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ مَعَ قَوْلِهِمْ أَنَّ فِي الطِّفْلِ الْحَيِّ الدِّيَةَ كَامِلَةً وَالْمَيِّتُ لَا شَيْءَ فِيهِ فَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمُصَرَّاةِ لَا يُلْتَفَتُ فِيهَا إِلَى مَا خَالَفَهَا مِنَ الْأُصُولِ لِأَنَّ حُكْمَهَا أَصْلٌ فِي نَفْسِهِ لِثُبُوتِ الْخَبَرِ بِهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْعَرَايَا وَمَا أَشْبَهَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الرَّدُّ بِمَا دَلَّسَ فِيهِ بَائِعُهُ مِنَ الْعَيْبِ فِي سِلْعَتِهِ فَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَهُمْ أَصْلٌ فِي ذَلِكَ (وَقَدْ جَعَلَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ أَصْلًا فِي الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يُتَجَاوَزُ) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ جَابِرٍ وَعَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مسروق

قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَشْهَدُ عَلَى الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ بَيْعُ الْمُحَفَّلَاتِ خِلَابَةٌ وَلَا تَحِلُّ خِلَابَةُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ اشْتَرَى مُحَفَّلَةً فَلَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا ثَلَاثًا فَإِنْ أَحَبَّهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الشَّاةِ وَهِيَ الْمُحَفَّلَةُ فَإِذَا بَاعَهَا فَإِنَّ صَاحِبَهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ كَرِهَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَمْ يَقُلْ لَا تُصِرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنِ ابْتَاعَهَا وَلَا قَالَ مَنِ ابْتَاعَ غَنَمًا مُصَرَّاةً فَاحْتَلَبَهَا وَجَعَلَ الْحَدِيثَ فِي شَاةٍ وَاحِدَةٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ بِهَذَا الْحَدِيثِ اسْتَدَلَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الصَّاعَ إِنَّمَا يُرَدُّ عَنِ الْوَاحِدَةِ لَا عَنْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَبِهَذَا احْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْفُقَهَاءِ وَقَالَ فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ رَدَّ صَاعًا عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ النَّاقَةُ وَالشَّاةُ تَعَبُّدًا وَتَسْلِيمًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِيمَنِ اشْتَرَى مُحَفَّلَاتٍ بِصَفْقَةٍ فَبَعْضُهُمْ قَالَ بِمَا ذَكَرْنَا وَبَعْضُهُمْ قَالَ لَا يَرُدُّ مَعَهُنَّ إِنْ سَخِطَهُنَّ إِلَّا صَاعًا وَاحِدًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ عَيْشِ بَلَدِهِ وَأَظُنُّهُ ذَهَبَ إِلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عن ثابت مولى عبد الرحمان بْنِ زَيْدٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً فَاحْتَلَبَهَا فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا فَفِي حَلْبِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَذَكَرُهُ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا مَكِّيٌّ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي زِيَادٌ أن

ثابتا مولى عبد الرحمان بْنِ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُصِرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ فَإِنَّهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَهَذَا مِثْلُ حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءٌ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ ومن استعمل ظواهر آثار هَذَا الْبَابِ عَلَى جُمْلَتِهَا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ شَاةٍ وَغَنَمٍ وَلَا بَيْنَ نَاقَةٍ وَنُوقٍ فِي الصَّاعِ عَمَّا ابْتَاعَهُ مِمَّا ضَمِنَ مِنْ ذَلِكَ وَدَلَّسَ عَلَيْهِ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْأَكْثَرُ مِنْ أصحابنا وغيرهم يقولون إن الصاع إنم هُوَ عَنِ الشَّاةِ الْوَاحِدَةِ الْمُصَرَّاةِ أَوِ النَّاقَةِ الْوَاحِدَةِ الْمُحَفَّلَةِ وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَةِ عِكْرِمَةَ وَأَبِي صَالِحٍ وَخِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو وَابْنِ سِيرِينَ كُلُّهُمْ يَقُولُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً أَوْ نَعْجَةً مُصَرَّاةً

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٌ وَحَبِيبٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ طَعَامٍ لَا سَمْرَاءَ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ شَاةً مُصَرَّاةً وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا سَمْرَاءَ وَبَعْضُهُمْ لَا يَذْكُرُهُ وَيَقُولُ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ لَا سَمْرَاءَ قَالَ يَقُولُ تَمْرًا لَيْسَ بِبُرٍّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُنَيْنِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَرَى أَحَدُكُمُ الشَّاةَ الْمُصَرَّاةَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تمر

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا فَلْيَنْقَلِبْ بِهَا فَلْيَحْلِبْهَا فَإِنْ رَضِيَ حِلَابَهَا أَمْسَكَهَا وَإِلَّا رَدَّهَا وَمَعَهَا صَاعُ تَمْرٍ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِيهِ صَاعًا من طعام فأخبرناه عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَيَّارٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَبَايَعُوا بِإِلْقَاءِ الْحَصَى وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَايَعُوا بِالْمُلَامَسَةِ وَمَنِ اشْتَرَى مِنْكُمْ مُحَفَّلَةً فَكَرِهَهَا فَلْيَرُدَّهَا وَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَأَمَّا أَقَاوِيلُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الباب فقال أو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْمُحَفَّلَةُ عِنْدَنَا وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ وَمَنِ اشْتَرَى عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ شَاةً مُصَرَّاةً فَحَلَبَ لَبَنَهَا لَمْ يَرُدَّهَا بِعَيْبٍ وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَقَالُوا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُصَرَّاةِ مَنْسُوخٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا نَسَخَهُ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ نَسَخَهُ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيمَنِ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا لِأَحَدٍ غَيْرِهِ إِلَّا مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ قال نسخه الخراج بالضمان

من تمر الحلبة الْأَوْلَى وَلَوْ جَاءَ بِاللَّبَنِ بِعَيْنِهِ الَّذِي حَلَبَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَلَزِمَهُ غُرْمُ الصَّاعِ وَلَوْ لَمْ يَرُدَّهَا لِلْحَلْبَةِ الثَّانِيَةِ وَظَنَّ أَنَّ نَقْصَ لَبَنِهَا كَانَ مِنَ اسْتِنْكَارِ الْمَوْضِعِ فَحَلَبَهَا ثَالِثَةً فَتَبَيَّنَ لَهُ صَرُّهَا فَأَرَادَ رَدَّهَا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا كَانَ ذَلِكَ مِمَّنْ رَضِيَ وَيَرُدُّ مَعَهَا الصَّاعَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمَا فِي مُشْتَرِي عَدَدٍ مِنَ الْغَنَمِ فَوَجَدَهَا كُلَّهَا مُصَرَّاةً فَبَعْضُهُمْ قَالَ يَرُدُّ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ يَرُدُّ عن جميعها صَاعًا وَاحِدًا مِنْ تَمْرٍ تَعَبُّدًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِثَمَنِ اللَّبَنِ وَلَا قِيمَتِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُصَرَّاةِ يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا يَرُدُّ غَيْرَ التَّمْرِ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَيَجِيءُ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنَّ التَّمْرَ إِذَا عُدِمَ وَجَبَ رَدُّ قِيمَتِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمَا قَالَا يُعْطِي مَعَهُمَا قِيمَةَ اللَّبَنَ

وَقَالَ زُفَرُ يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا حَلَبَهَا لَمْ يَرُدَّهَا وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ سَوَاءٌ كَانَ اللَّبَنُ الْمَحْلُوبُ مِنَ الْمُصَرَّاةِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا لَا يُرَدُّ اللَّبَنُ وَإِنَّمَا يُرَدُّ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ قَدْ أُمِرَ بِرَدِّ الصَّاعِ لَا اللَّبَنِ فَلَوْ رَدَّ اللَّبَنَ كَانَ قَدْ فَعَلَ غَيْرَ مَا أُمِرَ بِهِ وَهُوَ نَصٌّ لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ إِلَى الْقِيَاسِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَسْتَبِينُ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ إِلَّا بِالْحَلْبَةِ الثَّانِيَةِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ لَبَنَ الْحَلْبَةِ الْأُولَى قَدْ فَاتَ أَوْ تَغَيَّرَ فَلَوْ أَلْزَمُوا الْمُبْتَاعَ مِثْلَهُ خَالَفُوا ظَاهِرَ الْخَبَرِ إِلَى الْقِيَاسِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ اللَّبَنَ دَخَلَهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ لَهُ الصَّاعُ (تَمْرًا) فَأَخَذَ فِيهِ اللَّبَنَ وَبَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ وَيَدْخُلَ عَلَيْهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ يُعْطِي بَدَلَ التَّمْرِ صاعا من قوته وعيشه وبالله التوفيق

وَالْكَالِئُ بِالْكَالِئِ لِأَنَّ لَبَنَ الْمُصَرَّاةِ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَإِذَا أَلْزَمْنَاهُ فِي ذِمَّتِهِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ كَانَ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً وَدَيْنًا بِدَيْنٍ وَهَذَا كُلُّهُ مَنْسُوخٌ بِمَا ذَكَرْنَا وَأَكْثَرُوا مِنَ التَّشْغِيبِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ كَمَا نُسِخَتِ الْعُقُوبَاتُ فِي الْغَرَامَاتِ بِأَكْثَرَ مِنَ الْمِثْلِ فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ مَعَ شَطْرِ مَالِهِ وَفِي سَارِقِ التَّمْرِ مِنْ غَيْرِ الْجَرِينِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ هُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِذَا احْتَلَبَهَا وَوَجَدَ حِلَابَهَا بِخِلَافِ مَا ظَهَرَ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَلَا يُرَدُّ اللَّبَنُ الَّذِي حُلِبَ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنَيْهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَرَى لِأَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ أَنْ يُعْطُوا الصَّاعَ مِنْ عَيْشِهِمْ حِنْطَةً أَوْ غَيْرَهَا قَالُوا وَإِنَّمَا تَسْتَبِينُ الْمُصَرَّاةُ وَيُعْلَمُ بِأَنَّهَا مُصَرَّاةٌ إِذَا حَلَبَهَا الْمُشْتَرِي مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَنَقَصَ اللَّبَنُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ عَمَّا كَانَ (عَلَيْهِ) فِي الْأُولَى وَقَالَ مَالِكٌ إِنَّمَا يُخْتَبَرُ بِالْحِلَابِ الثَّانِي فَإِذَا حَلَبَ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدِ اخْتَبَرَهَا بِهِ فَهُوَ رِضًى

وَقَالَ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْهُذَيْلِ فِي نَوَادِرَ تُنْسَبُ إِلَيْهِ فِيمَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً قَالَ هُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا لِيَحْلِبَهَا فَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ قَالَ وَإِنِ اشْتَرَاهَا وَلَيْسَتْ بِمُحَفَّلَةٍ فَاحْتَلَبَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ لِأَنَّا اتَّبَعْنَا الْأَثَرَ فِي الْمُحَفَّلَةِ فَإِنْ حَدَثَ فِي الْمُحَفَّلَةِ عَيْبٌ فَإِنَّهُ يَرُدُّ النُّقْصَانَ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا كَمَا هِيَ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَلْخِيصُ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ نَقُولَ قَالَ مَالِكٌ مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَاحْتَلَبَهَا ثَلَاثًا فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا لِاخْتِلَافِ لَبَنِهَا رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ قُوتِ ذَلِكَ الْبَلَدِ تَمْرًا كَانَ أَوْ بُرًّا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ لَوْ عَلِمَ مُشْتَرِي الْمُصَرَّاةِ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ فَرَدَّهَا قَبْلَ أَنْ يَحْلِبَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غُرْمٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِبِ اللَّبَنَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ يُلْزَمُ غُرْمَ الصَّاعِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ قَالَ عِيسَى وَلَوْ حَلَبَهَا مَرَّةً ثُمَّ حَلَبَهَا ثَانِيَةً فَنَقَصَ لَبَنُهَا ردها ورد معها صاعا

قَالَ أَبُو عُمَرَ جَعَلَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ سِيرِينَ وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ وَمَنْ تَابَعَهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْلًا فِي الْخِيَارِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَا حَدَّ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى مَا شَرَطَهُ الْمُتَبَايِعَانِ مِمَّا يَلِيقُ وَيُعْرَفُ مِنْ مُدَّةِ اخْتِيَارِ مِثْلِ تِلْكَ السِّلْعَةِ وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ عُمُومُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْخِيَارِ مُمَهَّدًا فِي بَابِ نَافِعٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

الحديث الثاني والعشرون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَعِشْرُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ ثُمَّ لْيَسْتَنْثِرْ وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ ثُمَّ لْيَسْتَنْثِرْ وَلَمْ يَقُلْ مَاءً وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنَ الْخِطَابِ وَهَكَذَا وَجَدْنَاهُ عِنْدَ جَمَاعَةِ شُيُوخِنَا إِلَّا فِيمَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً وَأَمَّا الْقَعْنَبِيُّ فَلَمْ يَقُلْ مَاءً فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ فَقَالَ فِيهِ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ ابْنِ بُكَيْرٍ وَمَعْنٍ وَجَمَاعَةٍ عَنْ

مَالِكٍ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً وَعِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ هُوَ هَكَذَا فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً وَقَالَ أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ حُبَابٍ الْقَاضِي الْبَصْرِيُّ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً وَهَذَا كُلُّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ وَالْمُرَادُ مَفْهُومٌ وَرِوَايَةُ وَرْقَاءَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ كَمَا رَوَى يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ لَمْ يَقُلْ مَاءً قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بن محمد بن بي غَالِبٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَدْرِ الْبَاهِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ قَالَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ الْيَشْكُرِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَحَدُكُمْ تَوَضَّأَ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ ثُمَّ يَسْتَنْثِرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِالِاسْتِنْثَارِ بِالْمَاءِ عِنْدَ الْوُضُوءِ وَذَلِكَ دَفْعُ الْمَاءِ بِرِيحِ الْأَنْفِ بَعْدَ الِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْشَاقُ أَخْذُ الْمَاءِ بِرِيحِ الْأَنْفِ مِنَ الْكَفِّ وَالِاسْتِنْثَارُ دَفْعُهُ وَمُحَالٌ أَنْ يَدْفَعَهُ مَنْ لَمْ يَأْخُذْهُ فَفِي الْأَمْرِ بِالِاسْتِنْثَارِ أَمْرٌ بِالِاسْتِنْشَاقِ فَافْهَمْ وَعَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي الِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَأَصْلُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي اللُّغَةِ الْقَذْفُ يُقَالُ نَثَرَ

وَاسْتَنْثَرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَذَلِكَ إِذَا قَذَفَ مِنْ أَنْفِهِ مَا اسْتَنْشَقَ مِثْلَ الِامْتِخَاطِ وَيُقَالُ الْجَرَادُ نَثْرَةُ حُوتٍ أَيْ قَذَفَ بِهِ مِنْ أَنْفِهِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الِاسْتِنْثَارَ أَنْ يَجْعَلَ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ وَيَسْتَنْثِرَ قِيلَ لِمَالِكٍ أَيَسْتَنْثِرُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَقَالَ إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْحِمَارُ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْثَارِ مَرَّةً أَمْ مَرَّتَيْنِ أَمْ ثَلَاثًا فَقَالَ مَا أُبَالِي أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتُ وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ أَنْ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْثِرَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا لَفْظُ الِاسْتِنْشَاقِ فَلَا يَكَادُ يُوجَدُ الْأَمْرُ بِهِ إِلَّا فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ العقيلي واسمه ليقط بْنُ صَبِرَةَ وَيُوجَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ وُجُوهٍ وَأَمَّا لَفْظُ الِاسْتِنْثَارِ فَمَحْفُوظٌ الْأَمْرُ بِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ وَالْأَعْرَجِ وَعِيسَى بْنِ طَلْحَةَ وَغَيْرِهِمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَذَكَرْنَا هُنَاكَ الْحُكْمَ فِي الِاسْتِجْمَارِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي

ذَلِكَ مِنَ الْوُجُوهِ وَالِاخْتِيَارِ وَذَكَرْنَا أَقْوَالَهُمْ فِي الِاسْتِنْثَارِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الصَّنَابِحِيِّ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ونزيد القول ههنا بَيَانًا فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنِ الْوُضُوءِ قَالَ أَسْبِغِ الْوُضُوءَ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ عَاصِمٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ قَارِظِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَوَجَدْتُهُ يَتَوَضَّأُ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنْثِرُوا اثْنَتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى عَنْ وَكِيعٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ قَارِظٍ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَنْشَقْتَ فَانْثُرْ وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرِهِ مِنَ الْمَاءِ ثم لينثره

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَبْيَنُ حَدِيثٍ فِي الِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ وَأَصَحُّهَا إِسْنَادًا وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ طُرًّا أَنَّ الِاسْتِنْشَاقَ وَالِاسْتِنْثَارَ مِنَ الْوُضُوءِ وَكَذَلِكَ الْمَضْمَضَةُ وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا فَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الِاسْتِنْثَارَ فِي الْوُضُوءِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي الِاسْتِنْثَارِ خَاصَّةً وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ فِي الِاسْتِنْثَارِ خَاصَّةً أَيْضًا وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا يَذْهَبُونَ إِلَى إِيجَابِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي الْجَنَابَةِ دُونَ الْوُضُوءِ وَكَانَتْ طَائِفَةٌ تُوجِبُهُمَا فِي الْوُضُوءِ وَالْجَنَابَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَأَمَّا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنْ لَا فَرْضَ فِي الْوُضُوءِ وَاجِبٌ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ وَذَلِكَ غَسْلُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَمَسْحُ الرَّأْسِ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ مُسْتَوْعَبًا مُمَهَّدًا بِعِلَلِهِ وَأَوْضَحْنَا وُجُوهَ الْأَقَاوِيلَ فِيهِ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ الصُّنَابِحِيِّ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَذَكَرْنَا أَحْكَامَ الِاسْتِجْمَارِ وَالِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ

أَبِي إِدْرِيسَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الْوِتْرَ فِي الِاسْتِجْمَارِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَكِنَّهُ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ سُنَّةٌ وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى هَذَا جَمَاعَةٌ قَدْ ذَكَرْنَاهُمْ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ (مِنْ هَذَا الْكِتَابِ) وَذَكَرْنَا الْحُجَّةَ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ لَهُمْ وَلِمَنْ خَالَفَهُمْ هُنَاكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَسْتَحِبُّ الْوِتْرَ فِي تَجْمِيرِ ثِيَابِهِ وَكَانَ يَسْتَعْمِلُ الْعُمُومَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ فَكَانَ يَسْتَجْمِرُ بِالْأَحْجَارِ وِتْرًا وَكَانَ يُجَمِّرُ ثِيَابَهُ وِتْرًا تَأَسِّيًا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُسْتَعْمِلًا عُمُومَ الْخِطَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَثَرِ الْمَرْفُوعِ إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ

الحديث الثالث والعشرون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَعِشْرُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ لَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ فِي حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ هَذَا فِي قَوْلِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا بِغَيْرِ تَوْقِيتٍ وَلَا تَحْدِيدٍ فِي الْغَسَلَاتِ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ الْأَعْرَجِ فِيمَا عَلِمْتُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِغَيْرِ تَوْقِيتٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ سَوَاءٌ وَرَوَى اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عن عبد الرحمان بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ قَالَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَ يَدَهُ أَوْ يُفْرِغَ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ باتت يده

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَضَعْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي عَلَى مَا بَاتَتْ يَدُهُ فَقَالَ لَهُ قَيْنٌ أَرَأَيْتَ إِذَا أَتَيْنَا مِهْرَاسَكُمْ هَذَا بِاللَّيْلِ فَكَيْفَ نَصْنَعُ فَقَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكَ يَا قَيْنُ هَكَذَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا سَوَاءٌ بِغَيْرِ تَوْقِيتٍ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ وَكَذَلِكَ رواه ثابت مولى عبد الرحمان بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِغَيْرِ تَحْدِيدٍ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ثَابِتٍ مَوْلَى عَبْدِ الرحمان بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا

هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ نَائِمًا ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَأَرَادَ الْوُضُوءَ فَلَا يَضَعْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَصُبَّ عَلَى يَدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا اللَّفْظِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فَرُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِغَيْرِ تَوْقِيتٍ كَرِوَايَةِ الْأَعْرَجِ وَمَنْ تَابَعَهُ وَرُوِيَ عَنْهُ فِيهِ غَسْلُ الْيَدِ ثَلَاثًا وَكَذَلِكَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرحمان وَأَبُو صَالِحٍ وَأَبُو رَزِينٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالُوا فِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا وَبَعْضُهُمْ قَالَ فِيهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَرْضِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرٍ النَّاقِدُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي حَيْثُ بَاتَتْ يَدُهُ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ قِيلَ لِسُفْيَانَ يَعْنِي مَسَّ الذَّكَرِ قَالَ نَعَمْ وَلَمْ يَأْتِ فِيهِ شَيْءٌ أَشَدُّ مِنْهُ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ أُخْبِرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيُفْرِغْ عَلَى يَدِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا الْإِنَاءَ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ النَّوْمِ فَلْيُفْرِغْ عَلَى يَدِهِ مِنْ إِنَائِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ قَالَ قَيْنٌ الْأَشْجَعِيُّ فَإِذَا جِئْتُ مِهْرَاسَكُمْ هَذَا كَيْفَ أَصْنَعُ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ شَرِّكَ يَا قَيْنُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو مَرْيَمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ وَأَيْنَ كَانَتْ تَطُوفُ يده ورواه عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ سَوَاءً قَالَ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ وَلَمْ يَزِدْ وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي صَالِحٍ وَأَبِي رَزِينٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثْنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ قَالَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ

حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ هَكَذَا قَالَ عَنْ وَكِيعٍ لَمْ يَذْكُرْ أَبَا رَزِينٍ مَعَ أَبِي صَالِحٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ يَذْكُرْ أَبَا رَزِينٍ وَقَالَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ أَبِي صَالِحٍ وَابْنِ رَزِينٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا تَقَدَّمَ لِوَكِيعٍ سَوَاءً وَذَكَرَ أَبَا رَزِينٍ مَعَ أَبِي صَالِحٍ وَهُوَ صَحِيحٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي رَزِينٍ وَأَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ

وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ فِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا وَهُوَ عِنْدِي وَهْمٌ فِي حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ وَأَظُنُّهُ حَمَلَهُ عَلَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ هَكَذَا قَالَ حَامِدٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ يَذْكُرْ سَعِيدًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ سَعِيدًا وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ ذكرنا له

وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ مَرَّةً عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَرَّةً عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ لَهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ هُوَ صَحِيحٌ لَهُمَا وَلِكُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ رُوَاتِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ (وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ عُيَيْنَةَ لِحَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابن واضاح قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْمَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ) قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لِمَذْهَبِهِمْ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ وُرُودِ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ وَبَيْنَ وُرُودِهَا عَلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالُوا أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَافَ عَلَى النَّائِمِ الْمُسْتَيْقِظِ مِنْ نَوْمِهِ الْقَائِمِ مِنْهُ إِلَى وَضُوئِهِ أَنْ تَكُونَ فِي يَدِهِ نَجَاسَةٌ أَمَرَهُ بِطَرْحِ الْمَاءِ مِنَ الْإِنَاءِ عَلَى يَدِهِ لِيَغْسِلَهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِإِدْخَالِ يَدِهِ فِي الْإِنَاءِ لِيَغْسِلَهَا فِيهِ

بَلْ نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ فَدَلَّنَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ إِذَا وَرَدَتْ عَلَى الْمَاءِ الْقَلِيلِ أَفْسَدَتْهُ وَمَنَعَتْ مِنَ الطَّهَارَةِ بِهِ وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ قَالَ وَدَلَّنَا ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ وُرُودَ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ لَا تَضُرُّهُ وَأَنَّهُ بِوُرُودِهِ عَلَيْهَا مُطَهِّرٌ لَهَا وَهِيَ غَيْرُ مُفْسِدَةٍ لَهُ لِأَنَّهَا لَوْ أَفْسَدَتْهُ مَعَ وُرُودِهِ عَلَيْهَا لَمْ تَصِحَّ طَهَارَةٌ أَبَدًا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَبِحَدِيثِ وُلُوغِ الْكَلْبِ فِي الْإِنَاءِ وَبِنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ مَعَ أَمْرِهِ بِالصَّبِّ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَا لَوْ لَمْ يَأْتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَاءِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ لَسَاغَ فِي الْمَاءِ بَعْضُ هَذَا التَّأْوِيلِ وَلَكِنْ قَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَاءِ أَنَّهُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ يُرِيدُ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقٌ لِمَا وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الْمَاءَ فِي قَوْلِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا يَعْنِي لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ

وَقَدْ أَجْمَعُوا مَعَنَا عَلَى أَنَّ وُرُودَ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ لَا يَضُرُّهُ وَأَنَّهُ مُطَهِّرٌ لَهَا وَطَاهِرٌ فِي ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهَا طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ فَإِنَّ بِذَلِكَ صِحَّةَ قَوْلِنَا وَعِلْمِنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ أَنَّ أَمْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَائِمَ مِنْ نَوْمِهِ أَنْ لَا يَغْمِسَ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ إِنَّمَا ذَلِكَ نَدْبٌ وَأَدَبٌ وَسُنَّةٌ قَائِمَةٌ لِمَنْ كَانَتْ يَدُهُ طَاهِرَةً وَغَيْرَ طَاهِرَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ النَّجَاسَةَ لَأَمَرَ بِغَسْلِ الْمَخْرَجَيْنِ أَوَّلًا وَلَقَالَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ لفينظر يَدَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَجَاسَةٌ أَدْخَلَهَا فِي وَضُوئِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ نَجَاسَةٌ غَسَلَهَا قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا هَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ جَعَلَ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ عِلَّةَ احْتِيَاطٍ خَوْفَ إِصَابَتِهِ بِهَا نَجَاسَةً وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْأَحْجَارِ مِنْ غَيْرِ مَاءٍ فَالْأَحْجَارُ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى فِيهَا أَثَرٌ فَرُبَّمَا حَكَّهُ أَوْ مَسَّهُ بِيَدِهِ فَأُمِرُوا بِالِاحْتِيَاطِ فِي ذَلِكَ وَمَنْ جَعَلَ ذَلِكَ نَدْبًا وَسُنَّةً مَسْنُونَةً قَالَ الْيَدُ عَلَى طَهَارَتِهَا وَلَيْسَ الشَّكُّ بِعَامِلٍ فِيهَا وَالْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَجْمَعَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَبِيتُ فِي سَرَاوِيلِهِ وَيَنَامُ فِيهَا ثُمَّ يَقُومُ مِنْ نَوْمِهِ ذَلِكَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ إِلَى غَسْلِ يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي إِنَاءِ وَضُوئِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ مَعَ حَالِهِ هَذِهِ غَسْلَ يَدِهِ فَرْضًا عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ بَاتَ فِي سَرَاوِيلِهِ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يَمَسَّ بِيَدِهِ نَجَاسَةً فِي الْأَغْلَبِ مِنْ أَمْرِهِ فَعَلِمْنَا بِهَذَا كُلِّهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ كَمَا ظَنَّهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ نَقَضُوا قَوْلَهُمْ فِي وُرُودِ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِذَا وَرَدَ الْمَاءُ عَلَى نَجَاسَةٍ فِي إِنَاءٍ أَوْ مَوْضِعٍ وَكَانَ الْمَاءُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ أَنَّ النَّجَاسَةَ تُفْسِدُهُ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ لَهَا فَلَمْ يُفَرِّقُوا ههنا بَيْنَ وُرُودِ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ وَبَيْنَ وُرُودِهَا عَلَيْهِ وَشَرْطُهُمْ أَنْ يَكُونَ (وُرُودُ) الْمَاءِ صَبًّا مُهْرَاقًا تَحَكُّمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَذْهَبَنَا فِي الْمَاءِ فِي بَابِ إِسْحَاقَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِيجَابُ الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ فِي النَّائِمِ الْمُضْطَجِعِ الَّذِي قَدِ اسْتَثْقَلَ نَوْمًا وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَغَيْرُهُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ إِذَا قُمْتُمْ مِنَ الْمَضَاجِعِ يَعْنِي النَّوْمَ وَكَذَلِكَ قال السدي

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ عُنِيَ بِهَا تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا قَامَ الْمَرْءُ إِلَيْهَا رَوَاهُ أَنَسٌ عَنْ عُمَرَ وَعِكْرِمَةُ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ مِثْلُ ذَلِكَ وَهَذَا مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءُ عَلَى الْمُحْدِثِ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَاجِبًا وَعَلَى غَيْرِ الْمُحْدِثِ نَدْبًا وَفَضْلًا وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبِيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَعَنِ السُّدِّيِّ أَيْضًا وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّ الْآيَةَ عُنِيَ بِهَا حَالُ الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ هَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ وَالْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ نُسِخَ بِالتَّخْفِيفِ وَهَذَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ السُّنَّةَ تَنْسَخُ الْقُرْآنَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بوضوء واحد وأجمعت الأمة علىأن ذَلِكَ جَائِزٌ وَفِي ذَلِكَ كِفَايَةٌ عَنْ كُلِّ قَوْلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عن عمرو

ابن عَامِرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ قُلْتُ فَأَنْتُمْ قَالَ إِنَّا لَنَجْتَزِئُ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ نُحْدِثْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ الْبَجَلِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ أَبُو أَسَدِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الْوُضُوءِ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَكُنَّا نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قال حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إِنِّي رَأَيْتُكَ صَنَعْتَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ صَنَعْتَهُ قَالَ عَمْدًا صَنَعْتُهُ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمان عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ فَعَلْتَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ قَالَ إِنِّي عَمْدًا فَعَلْتُهُ يَا عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بن زياد عن أبي عطيف قَالَ كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فِي مَجْلِسٍ فِي دَارِهِ فَلَمَّا نُودِيَ بِالظُّهْرِ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَمَّا صَلَّى رَجَعَ إِلَى مَجْلِسِهِ فَلَمَّا نُودِيَ بِالْعَصْرِ دَعَا بِوُضُوءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَمَّا صَلَّى رَجَعَ إِلَى مَجْلِسِهِ فَلَمَّا نُودِيَ بِالْمَغْرِبِ دَعَا بِوُضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَقُلْتُ لَهُ أَسُنَّةٌ مَا نَرَاكَ تَصْنَعُ فَقَالَ وَقَدْ فَطِنْتَ لِذَلِكَ مِنِّي قُلْتُ نَعَمْ قَالَ لَا وَإِنْ كَانَ وُضُوئِي للصبح لكاف

لِلصَّلَوَاتِ كُلِّهَا مَا لَمْ أُحْدِثْ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ فَإِنَّمَا رَغِبْتُ فِي ذَلِكَ يَا ابْنَ أَخِي قَالَ أَبُو عُمَرَ فَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنْ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْقَائِمِ إِلَيْهَا إِذَا كَانَ عَلَى وُضُوءٍ وَأَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ وَحُضُورَ الصَّلَاةِ لَا يُوجِبَانِ عَلَى مَنْ لَمْ يُحْدِثْ وُضُوءًا وَعُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ مُتَّفِقُونَ عَلَى ذَلِكَ فَبَانَ بِهَذَا تَأْوِيلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمُرَادُهُ مِنْ كَلَامِهِ حَيْثُ يَقُولُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ الْآيَةَ وَصَحَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وُضُوءٍ وَمَنْ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ فَإِنَّمَا هُوَ مَنْدُوبٌ إِلَى ذَلِكَ لَهُ فِيهِ فَضْلٌ كَامِلٌ تَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ أَوْ يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ الْحَدِيثَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَى الْقَائِمِ مِنَ النَّوْمِ الْوُضُوءَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي النَّوْمِ هَلْ هُوَ حَدَثٌ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ أَمْ لَهُ حُكْمٌ مُنْفَرِدٌ فِي ذَلِكَ فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ كُلَّ نَائِمٍ اسْتَثْقَلَ نَوْمًا وَطَالَ نَوْمُهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ

وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ سَاجِدًا فَلْيَتَوَضَّأْ وَمَنْ نَامَ جَالِسًا فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَطُولَ وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ فِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ مَنْ نَامَ قَلِيلًا لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ فَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ تَوَضَّأَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّ عَنِ الرَّجُلِ يَنَامُ جَالِسًا حَتَّى يَسْتَثْقِلَ قَالَ إِذَا اسْتَثْقَلَ نَوْمًا فَإِنَّا نَرَى أَنْ يَتَوَضَّأَ وَأَمَّا مَنْ كَانَ نَوْمُهُ غِرَارًا يَنَامُ وَيَسْتَيْقِظُ وَلَا يَغْلِبُهُ النَّوْمُ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ كَانَ يَنَالُهُمْ ذَلِكَ ثم لا يقطعون صلاتهم ولا يتوضؤون مِنْهُ قَالَ الْوَلِيدُ وَسَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو يَعْنِي الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ إِذَا اسْتَثْقَلَ نَوْمًا تَوَضَّأَ وَرَوَى مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ لَا وُضُوءَ مِنَ النَّوْمِ وَإِنْ تَوَضَّأَ فَفَضْلٌ أَخَذَ بِهِ وَإِنْ تَرَكَ فَلَا حَرَجَ وَلَمْ يَذْكُرْ عَنْهُ الْفَضْلَ بَيْنَ أَحْوَالِ النَّائِمِ وَسُئِلَ الشَّعْبِيُّ عَنِ النَّوْمِ فَقَالَ إِنْ كَانَ غِرَارًا لَمْ يُنْقِضِ الطَّهَارَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْغِرَارُ هُوَ الْقَلِيلُ مِنَ النَّوْمِ قَالَ جَرِيرٌ

مَا بَالُ نَوْمِكَ بِالْفِرَاشِ غِرَارَا ... لَوْ كَانَ قَلْبُكَ يَسْتَطِيعُ لَطَارَا ... وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا وُضُوءَ إِلَّا عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ مُتَوَرِّكًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إِنْ تَعَمَّدَ النَّوْمَ فِي السُّجُودِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لَا وُضُوءَ إِلَّا عَلَى مَنِ اضْطَجَعَ وَهُوَ قَوْلُ حَمَّادٍ وَالْحَكَمِ وَإِبْرَاهِيمَ وَجَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِذَا نَامَ أَحَدُكُمْ مُضْطَجِعًا فَلْيَتَوَضَّأْ وَرَوَى أَبُو خَالِدٍ يَزِيدُ الدَّالَانِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا وَهُوَ عِنْدَهُمْ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ قَتَادَةَ الثِّقَاتِ وَإِنَّمَا انْفَرَدَ بِهِ أَبُو خَالِدٍ الدَّالَانِيُّ وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا نَقَلَ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِذَا تَصَنَّعَ لِلنَّوْمِ جَالِسًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَا وُضُوءَ عَلَى الْقَائِمِ وَالْجَالِسُ إِذَا غَلَبَهُ النَّوْمُ تَوَضَّأَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ الْوُضُوءُ إِلَّا الْجَالِسَ وَحْدَهُ فَكُلُّ مَنْ زَالَ عَنْ حَدِّ الِاسْتِوَاءِ وَنَامَ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَسَوَاءٌ نام

قَاعِدًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ مُضْطَجِعًا وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمْ قَالُوا مَنْ نَامَ جَالِسًا فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ وَجَبَ الْوُضُوءُ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ إِلَّا مَنْ خَفَقَ بِرَأْسِهِ خَفْقَةً أَوْ خَفْقَتَيْنِ رَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ وَجَبَ الْوُضُوءُ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ إِلَّا مَنْ خَفَقَ خَفْقَةً بِرَأْسِهِ وَقَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ إِذَا خَالَطَ النَّوْمُ قَلْبَ أَحَدِكُمْ وَاسْتَحْلَى نَوْمًا فَلْيَتَوَضَّأْ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ يَقُولُ إِنْ نَامَ سَاجِدًا فِي صَلَاتِهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَامَ سَاجِدًا فِي غَيْرِ صَلَاتِهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَكَذَلِكَ إِنْ تَعَمَّدَ النَّوْمَ جَالِسًا وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّوْمَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِحَدَثٍ عَلَى أي حال كان حتى يحدث النائم حدثنا غيرالنوم لِأَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَيُوَكِّلُ مَنْ يَحْرُسُهُ وَرُوِيَ عَنْ عُبَيْدَةَ نَحْوُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ مِرَارًا مُضْطَجِعًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ النَّوْمُ حَدَثٌ وَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْمُزَنِيِّ فِي النَّوْمِ حَدِيثُ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ مَعَ الْقِيَاسِ عَلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِي أَنَّ غَلَبَةَ النَّوْمِ وَتَمَكُّنَهُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ إِلَّا شَيْءٌ روي عن أبي موسى وعبيجة مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ سَأَلْتُ عُبَيْدَةَ أَيَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ إِذَا نَامَ قَالَ هُوَ أعلم بنفسه

وَأَمَّا حَدِيثُ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ فَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ يُحَدِّثُ قَالَ أَتَيْنَا رَجُلًا يُدْعَى صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ فَقَعَدْتُ عَلَى بَابِهِ فَخَرَجَ فَقَالَ مَا شَأْنُكَ قُلْتُ أَطْلُبُ الْعِلْمَ قَالَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ (رِضًى بِمَا يَطْلُبُ) قَالَ عَنْ أَيِّ شَيْءٍ تَسْأَلُ قُلْتُ عَنِ الْخُفَّيْنِ قَالَ كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ أَمَرَنَا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثًا إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ قَالُوا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالنَّوْمِ قَالُوا وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ كَثِيرُهُ وَمَا غَلَبَ عَلَى الْعَقْلِ مِنْهُ حَدَثًا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَلِيلُهُ حَدَثًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ غَيْرُ مُسْتَحْسَنٍ وَالْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِهِ وَالْآثَارُ كُلُّهَا عَنِ الصَّحَابَةِ تَرْفَعُهُ وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ ثَقِيلٍ غَالِبٍ عَلَى النَّفْسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ كَانَ يُوكِلُ مَنْ يَحْرُسُهُ إِذَا نَامَ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ حَدَثٌ قَامَ مِنْ نَوْمِهِ وَصَلَّى قَوْلٌ شَاذٌّ أَيْضًا وَالنَّاسُ عَلَى خِلَافِهِ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ بِحَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ فِي آخَرِينَ قَالُوا حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَضِينُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَائِذٍ الْأَزْدِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِكَاءُ السَّهِ الْعَيْنَانِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ بَقِيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنُ استطلق الوكاء

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ لَيْسَا بِالْقَوِيَّيْنِ وَأَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَالْعَمَلِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً يَعْنِي الْعِشَاءَ فَأَخَّرَهَا حَتَّى رَقَدْنَا فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا ثُمَّ رَقَدْنَا ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ لَيْسَ أَحَدٌ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ غَيْرُكُمْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا شَاذُّ بْنُ فَيَّاضٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ وَزَادَ فِيهِ كُنَّا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ بِلَفْظٍ آخَرَ وَشُعْبَةُ بِلَفْظٍ آخَرَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَدَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الْعِشَاءِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي حَاجَةً فَجَعَلَ يُنَاجِيهِ حَتَّى نَعَسَ الْقَوْمُ أَوْ بَعْضُ الْقَوْمِ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ وُضُوءًا فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّوْمَ إِذَا عَرَضَ لِلْإِنْسَانِ وَهُوَ جَالِسٌ لَا يُنْقَضُ وُضُوءُهُ وَيُحْتَمَلُ مَعَ هَذَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ النَّوْمُ كَانَ خَفِيفًا وَالنَّوْمُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كَانَ يَنَامُ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى يَنْفُخَ ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ فِي سُجُودِهِ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ وَهُوَ سَاجِدٌ وَقَالَ كَانَ النَّوْمُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ كَذَلِكَ حَكَى يَحْيَى بْنِ عِبَادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ بِنَا حَاجَةٌ إِلَى هَذَا فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ مَخْصُوصٌ بِأَنْ تَنَامَ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامَ قَلْبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا النَّوْمُ الْمُوجِبُ لِلْوُضُوءِ مَا غَلَبَ عَلَى الْقَلْبِ أَوْ خَالَطَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مَنِ اسْتَحَقَّ النَّوْمَ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ هُوَ الرَّاوِي لِلْخَبَرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ عَطَاءٌ إِذَا مَلَكَكَ النَّوْمُ فَتَوَضَّأْ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوقَظُونَ لِلصَّلَاةِ وَإِنِّي لَأَسْمَعُ لِبَعْضِهِمْ غَطِيطًا يَعْنِي وَهُوَ جَالِسٌ وَمَا يَتَوَضَّأُ قَالَ مَعْمَرٌ فَحَدَّثْتُ بِهِ الزُّهْرِيَّ فَقَالَ رجل عنده أو خطيطا فَقَالَ الزُّهْرِيُّ لَا قَدْ أَصَابَ غَطِيطًا وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ جَالِسٌ فَلَا يَتَوَضَّأُ وَإِذَا نَامَ مُضْطَجِعًا أَعَادَ الْوُضُوءَ

وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ فَهَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ النَّوْمِ جَالِسًا وَمُضْطَجِعًا وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ انْتَهَيْتُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ جَالِسٌ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَسَلَّمْتُ فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ أَثَابِتٌ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَسَلَّمْتَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إِذَا سَلَّمْتَ فَأَسْمِعْ وَإِذَا رَدُّوا عَلَيْكَ فَلْيُسْمِعُوكَ قَالَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَكَانَ مُحْتَبِيًا قَدْ نَامَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ أَنَّ طَاوُسًا رَقَدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالضَّحَّاكُ يَخْطُبُ النَّاسَ قَالَ فَلَمَّا صَلَّيْنَا وَخَرَجْنَا قَالَ مَا قَالَ حِينَ رَقَدْتُ فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ نَامَ جَالِسًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى نَوْمِ اللَّيْلِ وَالْمَعْرُوفُ مِنْهُ فِي الْأَغْلَبِ الِاضْطِجَاعُ وَالِاسْتِثْقَالُ لَعَلَى هَذَا خَرَجَ الْحَدِيثُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ فَإِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ نَدْبٌ لَا إِيجَابٌ وَسُنَّةٌ لَا فَرْضٌ وَكَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يَسْتَحِبُّ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ الْوُضُوءَ أَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا الْإِنَاءَ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَلَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ فِي ذَلِكَ تَأْكِيدًا وَاسْتِحْبَابًا وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُتَوَضِّئِ يَخْرُجُ مِنْهُ رِيحٌ بِحِدْثَانِ وُضُوئِهِ وَيَدُهُ طَاهِرَةٌ قَالَ يَغْسِلُ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا الْإِنَاءَ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَدْ كَانَ قَالَ لِي قَبْلَ ذَلِكَ إِنْ كَانَتْ يَدُهُ طَاهِرَةً فَلَا بَأْسَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي الْوُضُوءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا ثُمَّ قَالَ لِي أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ إِذَا أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ طَاهِرَةً وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ أَوْ مَسَّ فَرْجَهُ أَوْ كَانَ جُنُبًا أَوِ امْرَأَةً حَائِضًا فَأَدْخَلَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ يَضُرُّهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ في يده

نَجَاسَةٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَاءُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَلَا يُدْخِلُ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْفُقَهَاءُ عَلَى هَذَا كُلُّهُمْ يَسْتَحِبُّونَ ذَلِكَ وَيَأْمُرُونَ بِهِ فَإِنْ أَدْخَلَ يَدَهُ أَحَدٌ بَعْدَ قِيَامِهِ مِنْ نَوْمِهِ فِي وَضُوئِهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا وَيَدُهُ نَظِيفَةٌ لَا نَجَاسَةَ فِيهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ وُضُوءَهُ وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ نَجَاسَةٌ نُظِرَ إِلَى الْمَاءِ وَرَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ حِينَئِذٍ إِلَى أَصْلِهِ فِي الْمَاءِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا عَنْهُمْ فِي بَابِ إِسْحَاقَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَشْعَثُ يَقُولُ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنَ النَّوْمِ فَغَمَسَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا أَهْرَاقَ الْمَاءَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ فَلَمْ يُجِيزُوا الْوُضُوءَ بِهِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ مَاءٌ مَنْهِيٌّ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ هَذَا مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ غَمْسِ الْيَدِ فِيهِ عِنْدَهُمْ كَأَنَّهُ قَالَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي إِنَاءِ وَضُوئِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَتَوَضَّأُ بِذَلِكَ الْمَاءِ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ دَاوُدَ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ دَاوُدَ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ أن

فَاعِلَ ذَلِكَ عَاصٍ إِذَا كَانَ بِالنَّهْيِ عَالِمًا وَالْمَاءُ طَاهِرٌ وَالْوُضُوءُ بِهِ جَائِزٌ مَا لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَقَدْ رَوَى هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ مَنِ اسْتَيْقَظَ فَغَمَسَ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ فَلَا يُهْرِيقَهُ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ إِلَّا أَنَّ مَنْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا فَقَدْ أَسَاءَ عِنْدَهُمْ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْخَبَرِ فِي ذَلِكَ وَوُضُوءُهُ بِذَلِكَ الْمَاءِ جَائِزٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُهْرِيقَهُ إِذَا كَانَتْ يَدُهُ طَاهِرَةً وَاخْتُلِفَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَيْضًا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ نَوْمِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَذَكَرَ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يُسَاوِي بَيْنَ نَوْمِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي غَسْلِ الْيَدِ قَالَ الْمَرْوَزِيُّ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ خِلَافَ هَذَا بِأَثْبَتَ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَجْعَلُ نَوْمَ النَّهَارِ مِثْلَ نَوْمِ اللَّيْلِ يَقُولُ لَا بَأْسَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِ النَّهَارِ أَنْ يَغْمِسَ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَنِ الرَّجُلِ يَسْتَيْقِظُ مِنْ نَوْمِهِ فَيَغْمِسُ يده في

الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا فَقَالَ أَمَّا بِالنَّهَارِ فَلَيْسَ بِهِ عِنْدِي بَأْسٌ وَأَمَّا إِذَا قَامَ مِنَ النَّوْمِ بِاللَّيْلِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا لِأَنَّهُ قَالَ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ قَالَ فَالْمَبِيتُ إِنَّمَا يَكُونُ بِاللَّيْلِ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَمَا يَصْنَعُ بِذَلِكَ الْمَاءِ قَالَ إِنْ صَبَّ الْمَاءَ وَأَبْدَلَهُ فَهُوَ أَحْسَنُ وَأَسْهَلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْمَبِيتُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ صَحِيحًا فِيهِ لِأَنَّ الْخَلِيلَ قَالَ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ الْبَيْتُوتَةُ دُخُولُكَ فِي اللَّيْلِ وَكَوْنُكَ فِيهِ بِنَوْمٍ وَبِغَيْرِ نَوْمٍ قَالَ وَمَنْ قَالَ بِتُّ بِمَعْنَى نِمْتُ وَفَسَّرَهُ عَلَى النَّوْمِ فَقَدْ أَخْطَأَ قَالَ أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ بِتُّ أُرَاعِي النَّجْمَ مَعْنَاهُ بِتُّ أَنْظُرُ إِلَى النَّجْمِ قَالَ فَلَوْ كَانَ نَوْمًا كَيْفَ كَانَ يَنَامُ وَيَنْظُرُ إِنَّمَا هُوَ ظَلِلْتُ أُرَاعِي النَّجْمَ قَالَ وَتَقُولُ أَبَاتَهُمُ اللَّهُ إِبَاتَةً حَسَنَةً وَبَاتُوا بَيْتُوتَةً صَالِحَةً وَأَبَاتَهُمُ الْأَمْرُ بَيَاتًا كُلُّ ذَلِكَ دُخُولُ اللَّيْلِ وَلَيْسَ مِنَ النَّوْمِ فِي شَيْءٍ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ اسْتَيْقَظَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا إِلَّا أَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا الْوُضُوءَ قَالَ وَالْقِيَاسُ فِي نَوْمِ النَّهَارِ أَنَّهُ مِثْلُ نَوْمِ اللَّيْلِ قَالَ فَإِذَا كَانَ النَّائِمُ لَيْلًا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا الْإِنَاءَ لِمَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ فَنَوْمُ النَّهَارِ مِثْلُ نَوْمِ اللَّيْلِ فِي الْقِيَاسِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِقَوْلِ الْحَسَنِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرَهُمَا وَالنَّاسُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْ إِسْحَاقَ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ نَوْمِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَإِنْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ لَا نَجَاسَةَ فِيهَا لَمْ يَضُرَّهُ عِنْدَهُمْ ذَلِكَ وعلى جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ عن الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْخِلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الْمَاءِ وَهُمْ جُنُبٌ وَالنِّسَاءُ حُيَّضٌ فَلَا يُفْسِدُ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ قَالَ رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ قُرِّبَ لَهُ وُضُوءُهُ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا فَقَالَ لَهُ أَمِثْلُكَ يَفْعَلُ هَذَا يَا أَبَا عِمْرَانَ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ يَا أَبَا عُمَرَ أَرَأَيْتَ الْمِهْرَاسَ الَّذِي كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يتوضؤون فِيهِ كَيْفَ كَانُوا يَصْنَعُونَ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عِنْدَنَا عَلَى أَنَّ وُضُوءَهُ ذَلِكَ كَانَ فِي مَطْهَرَةٍ وَشَبَهِهَا مِمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَصُبَّ مِنْهُ عَلَى يَدِهِ فَلِذَلِكَ أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الصَّلْتِ بْنِ بَهْرَامَ قَالَ رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ يَبُولُ ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْمَطْهَرَةِ

وَمَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ وَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْكَنِيفِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا وَابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ مِثْلُهُ وَأَيُّوبُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ مِثْلُهُ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَالَ فَأَتَى بِرَكْوَةٍ فِيهَا مَاءٌ فَغَمَسَ يَدَهُ فِي جَوْفِ الرَّكْوَةِ يَغْسِلُهَا وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إِذَا غَسَلْتُ كَفِّي قَبْلَ أَنْ أُدْخِلَهَا الْإِنَاءَ لَمْ أَغْسِلْهَا مَعَ الذِّرَاعَيْنِ قَالَ وَإِنْ غَمَسْتَ كَفَّيْكَ فِي الْوَضُوءِ قَبْلَ أَنْ تَغْسِلَهَا فَتَوَضَّأْتَ ثُمَّ ذَكَرْتِ فَلَا تُعِدْ لِوُضُوئِكَ وَلَحَسْبُكَ لَعَمْرِي إِنَّا لَنَنْسَى ذَلِكَ كَثِيرًا ثُمَّ لَا تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إِنْ أَمِنْتَ أَنْ يَكُونَ بِكَفَّيْكَ أَذًى أَوْ قَشْبٌ فَلَا يَضُرُّكَ أَنْ تُدْخِلَهُمَا فِي وَضُوئِكَ قَبْلَ أَنْ تَغْسِلَهُمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ جَعَلَ تَرْتِيبَ الْوُضُوءِ وَاجِبًا عُضْوًا بَعْدَ عُضْوٍ فَلَا يَتَحَصَّلُ عَلَى أَصْلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَسَلَ الْيَدَيْنِ قَبْلَ

إِدْخَالِهِمَا فِي الْوُضُوءِ بَدْءًا وَأَمَّا مَنْ أَجَازَ تَقْدِيمَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ فَيَجِيءُ عَلَى أَصْلِهِ مَا قَالَ عَطَاءٌ إِنَّهُ لَا يُعِيدُ غَسْلَ كَفَّيْهِ مَعَ ذِرَاعَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَجَرِيرِ بن عبد الله أنهم كانوا يتوضؤون مِنَ الْمَطَاهِرِ الَّتِي يَتَوَضَّأُ مِنْهَا الْعَوَامُّ وَيُدْخِلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهَا وَلَا يَغْسِلُونَهَا وَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ وَمِسْعَرٌ عَنْ مُزَاحِمِ بْنِ زُفَرَ قَالَ قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ أَكُوزٌ مُخَمَّرٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أَتَوَضَّأَ بِهِ أَمْ مِنَ الْمَطْهَرَةِ الَّتِي يُدْخِلُ فِيهَا الْجَزَّارُ يَدَهُ قَالَ لَا بَلِ الْمَطْهَرَةُ الَّتِي يُدْخِلُ فِيهَا الْجَزَّارُ يَدَهُ وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ بَعْضَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي الْوُضُوءِ مِنَ الْمَطَاهِرِ ثُمَّ قَالَ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ إِنَّ هَذِهِ الْمَطَاهِرَ لَا يُنَجِّسُهَا وُضُوءُ النَّاسِ مِنْهَا وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ عِنْدَنَا قَالَ وَمَعْنَى الْمَطَاهِرِ هَذِهِ السِّقَايَاتُ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْحِيَاضُ فَيَتَوَضَّأُ

مِنْهَا الصَّادِرُ وَالْوَارِدُ وَإِنَّمَا أَرَادَتِ الْعُلَمَاءُ مِنْ هذا أنهم رأوا أن إدخاهلم أَيْدِيَهُمْ فِي الْمَاءِ لَا يُفْسِدُهُ قَالَ وَعَلَى هَذَا أَمْرُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ رَجُلًا لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهَا لَمْ يُنَجِّسْ ذَلِكَ مَاءً إِلَّا أَنَّهُ مُسِيءٌ فِي تَرْكِ غلسها لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَبْدَأَ بِغَسْلِهَا قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا الْإِنَاءَ وَذَكَرَ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنِ الْأَشْعَثِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ النَّائِمُ وَالْمُسْتَيْقِظُ سَوَاءٌ إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ سَالِمٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ لَا تَغْمِسُوا أَيْدِيَكُمْ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى تَغْسِلُوهَا وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُ يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا الْمَاءَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُ يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا الْوَضُوءَ وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُدْخِلُ يَدَهُ الْإِنَاءَ حتى يغسلها وذكر الحرث

ابن مِسْكِينٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَخْرُجُ مِنْهُ الْحَدَثُ وَهُوَ طَاهِرٌ أَيَغْسِلُ يَدَهُ إِذَا أَرَادَ الْوُضُوءَ فَقَالَ نَعَمْ وَقَدْ كَانَ قَالَ لِي قَبْلَ ذَلِكَ إِنْ كَانَتْ يَدُهُ طَاهِرَةً فَلَا بَأْسَ أَنْ يُدْخِلَهَا الْوَضُوءَ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا قَالَ وَسُئِلَ عن المهراس الذي كان الناس يتوضؤون فِيهِ فَقَالَ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ مِهْرَاسٌ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ كَيْفَ بِالْمِهْرَاسِ فَقَالَ مَالِكٌ أَكْرَهُ أَنَّ يُعَارِضَ مِثْلَ هَذَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وقال الحرث عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَالْمِهْرَاسُ قَالَ أَيُّ الْمِهْرَاسِ قِيلَ إِنَّ قَوْمًا يَتَحَدَّثُونَ أَنَّهُمْ أَدْرَكُوهُ وَيَذْكُرُونَ أَنَّهُ كَانَ مِهْرَاسٌ يَتَوَضَّأُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ مِهْرَاسٌ وَرَأَيْتُهُ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُفْرِغُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلُوا أَيْدِيهَمْ فِي الْمَاءِ وَقَالَ مَا أَرَى النَّاسَ إِلَّا وَقَدْ كَانَ لَهُمُ الْقَدَحُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَذَكَرَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ رَأَيْتُ سُفْيَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْ مَطْهَرَةِ الْمَسْجِدِ وَنَحْنُ فِي جنازة

الحديث الرابع والعشرون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَعِشْرُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ هَذَا حَدِيثٌ ظَاهِرُهُ كَبَاطِنِهِ وَبَاطِنُهُ كَظَاهِرِهِ فِي الْبَيَانِ عَنْ ذَمِّ مَنْ هَذِهِ حَالَتُهُ وَفِعْلُهُ وَخُلُقُهُ عَصَمَنَا اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ الَّذِي يُرَائِي بِعَمَلِهِ وَيُرِي النَّاسَ خُشُوعًا وَاسْتِكَانَةً وَيُرِيهِمْ أَنَّهُ يَخْشَى اللَّهَ حَتَّى يُكْرِمُوهُ وَلَيْسَ الْحَدِيثُ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ يَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ وَمَا يَحْتَاجُ ذَمُّ الرِّيَاءِ إِلَى اسْتِنْبَاطِ مَعْنًى مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَشَبَهِهِ لِأَنَّ الْآثَارَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَنِ السَّلَفِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ حَدَّثَنَا

سليمان بن بلال عن عبيد الله بن سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَا يَنْبَغِي لِذِي الْوَجْهَيْنِ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا وَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخَذَ الْقَائِلُ قَوْلَهُ ... إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ يَكْشِرُ لِي ... حِينَ يَلْقَانِي وَإِنْ غِبْتُ شَتَمَ ... حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مِهْرَانَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى الْعَطَّارُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من كَانَ ذَا لِسَانَيْنِ فِي الدُّنْيَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ لِسَانَيْنِ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَذَكَرَ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينِ بْنِ ثميلة حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا يَنْبَغِي لِذِي الْوَجْهَيْنِ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا عِنْدَ الله

الحديث الخامس والعشرون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَعِشْرُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَيْسَ بِمَحْفُوظٍ لِمَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ الْأَنْمَاطِيُّ بِمَكَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا جَدِّي حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ غُسِلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ هَذَا عِنْدِي خَطَأٌ فِي الْإِسْنَادِ لَا شَكَّ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَالْمُزَنِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إذا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَهَكَذَا يَقُولُ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ وَغَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَبِغَيْرِهِ عَلَى تَوَاتُرِ طُرُقِهِ وَكَثْرَتِهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ كُلُّهُمْ يَقُولُ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ وَلَا يَقُولُونَ شَرِبَ الْكَلْبُ وَهُوَ الَّذِي يَعْرِفُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَلَمْ يَزِدْ وَلَا ذَكَرَ التُّرَابَ فِي أُخْرَاهُنَّ وَلَا أُولَاهُنَّ فَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَعْرَجُ وَأَبُو صَالِحٍ وَأَبُو رَزِينٍ وَثَابِتٌ الْأَحْنَفُ وَهَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهٍ وعبد الرحمان أَبُو السَّرِيِّ وَعُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ وَثَابِتُ بْنُ عياض مولى عبد الرحمان بْنِ زَيْدٍ وَأَبُو سَلَمَةَ كُلُّهُمْ رَوَوْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا التُّرَابَ وَاخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فِي ذَلِكَ فَرَوَى هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مِرَارٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ إِلَّا أَنَّ أَيُّوبَ وَقَفَهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ كَانَ مُحَمَّدٌ يَنْحُو بِأَحَادِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَ الرَّفْعِ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ التُّرَابَ وَرَوَاهُ قَتَادَةُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ وَرَوَاهُ خِلَاسٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَقَالَ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِي حَدِيثِ خِلَاسٍ إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَسَائِرُ رُوَاةِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ يَذْكُرُوا التُّرَابَ لَا فِي الْأُولَى وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْغَسَلَاتِ فَهَذَا مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ فَإِنَّهُ جَعَلَهَا ثَمَانِ غَسَلَاتٍ مِنْهُمَا سَبْعُ غَسَلَاتٍ بِالْمَاءِ وَجَعَلَ الْغَسْلَةَ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ مُطَرِّفًا يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ الْمُغَفَّلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ ثُمَّ قَالَ مَا لَهُمْ وَلِلْكِلَابِ ثُمَّ رَخَّصَ لَهُمْ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَقَالَ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ وَبِهَذَا الْحَدِيثِ كَانَ يُفْتِي الْحَسَنُ أَنْ يُغْسَلَ الْإِنَاءُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَالثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ يُفْتِي بِذَلِكَ غَيْرَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَلْبَ الَّذِي أُبِيحَ اتِّخَاذُهُ هُوَ الْمَأْمُورُ فِيهِ بِغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِهِ سَبْعًا وَهَذَا يَشْهَدُ لَهُ النَّظَرُ وَالْمَعْقُولُ لِأَنَّ مَا لَمْ يُبَحِ اتِّخَاذُهُ وَأُمِرَ بِقَتْلِهِ مُحَالٌ أَنْ يُتَعَبَّدَ فِيهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ مَا أُمِرَ بِقَتْلِهِ فَهُوَ مَعْدُومٌ لَا مَوْجُودٌ وَمَا أُبِيحَ لَنَا اتِّخَاذُهُ لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ أُمِرْنَا بِغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي رَزِينٍ أَنَّهُ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ يَضْرِبُ جَبْهَتَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ أَتَزْعُمُونَ

أَنِّي أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَكُونَ لَكُمُ الْمَهْنَأُ وَعَلَيَّ الْإِثْمُ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءٍ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْعَمَلِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ أَيْضًا عَلَى مَا نَذْكُرُهُ بِعَوْنِ اللَّهِ فَأَمَّا أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ الْإِنَاءَ يُغْسَلُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعَ مَرَّاتٍ بِالْمَاءِ

وممن روي ذلك بِالطُّرُقِ الصِّحَاحِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَطَاوُسٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ الطَّبَرِيُّ ذَكَرَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو كَامِلٍ قال حدثا أَبُو زُرْعَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الإناء فاغلسه سَبْعَ مِرَارٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ثُمَّ اشْرَبْ مِنْهُ وَتَوَضَّأْ قَالَ وَحَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ يُغْسَلُ سَبْعَ مِرَارٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ وَكَانَ أَبِي لَا يَجْعَلُ فِيهِ شَيْئًا حَتَّى يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَانٍ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَطَاءٍ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ سَأَلْتُ

الزُّهْرِيَّ عَنِ الْكَلْبِ يَلَغُ فِي الْإِنَاءِ قَالَ يُغْسَلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ وَلَمْ أَسْمَعْ فِي الْهِرِّ شَيْئًا وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ كَمْ يُغْسَلُ الْإِنَاءُ الَّذِي يَلَغُ فِيهِ الْكَلْبُ قَالَ كُلُّ ذَلِكَ قَدْ سَمِعْتُ سَبْعًا وَخَمْسًا وَثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يُغْسَلُ بِلَا حَدٍّ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا مَا يَرُدُّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ فَلَا وَجْهَ لِلِاشْتِغَالِ بِهِ وَلَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ قَدَحٌ يَبُولُ فِيهِ فَوَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ فَأَمَرَ عُرْوَةُ بِغَسْلِهِ سَبْعًا اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي سُؤْرِ الْكَلْبِ وَمَا وَلَغَ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ وَالطَّعَامِ فَجُمْلَةُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مَذْهَبُهُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّ سُؤْرَ الْكَلْبِ طَاهِرٌ وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِهِ سَبْعًا تَعَبُّدًا اسْتِحْبَابًا أَيْضًا لَا إِيجَابًا وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وَجَدَ

مَاءً لَمْ يَلَغْ فِيهِ الْكَلْبُ مَعَ مَاءٍ قَدْ وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ أَنْ يَتْرُكَ الَّذِي ولغ فه الْكَلْبُ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْهُ وَجَاءَتْ عَنْهُ رِوَايَاتٌ فِي ظَاهِرِهَا اضْطِرَابٌ وَالَّذِي تَحَصَّلَ عَلَيْهِ مذهبه ما أخبرتك ولا عنده بأس بِأَكْلِ مَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ مِنَ اللَّبَنِ وَالسَّمْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ هَرْقُ مَا وَلَغَ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ وَفِي الْجُمْلَةِ هُوَ عِنْدَهُ طَاهِرٌ وَقَالَ هَذَا الْحَدِيثُ مَا أَدْرِي مَا حَقِيقَتُهُ وَضَعَّفَهُ مِرَارًا فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَذَكَرَ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ فِي حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ أَنَّهُ قَالَ وَهَلْ في هذا الإسناد لأحد مقال وذلك حي بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَرُدُّونَهُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ إِلَّا فِي الْمَاءِ وَحْدَهُ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ أَنَّهُ يُغْسَلُ مِنَ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ وَكُلُّ إِنَاءٍ وَلَغَ فِيهِ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ يُؤْكَلُ الطَّعَامُ وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ بَعْدُ تَعَبُّدًا وَلَا يُرَاقُ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ وَإِنَّمَا يُرَاقُ الْمَاءُ عِنْدَ وجوده ليسارة مؤونته قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَغْسِلُ الْإِنَاءَ مِنْ وُلُوغِ الْخِنْزِيرِ سَبْعًا وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَنْهُ وَرَوَى مَعْنٌ عَنْ مَالِكٍ غَسْلَ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْخِنْزِيرِ بِأَكْثَرَ

وَرَوَى مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ سُؤْرُ الْكَلْبِ نَجِسٌ وَلَمْ يَحُدُّوا الْغَسْلَ مِنْهُ قَالُوا إِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ النَّجَاسَةَ قَدْ زَالَتْ وَسَوَاءٌ وَاحِدٌ أَوْ أَكَثُرُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ سُؤْرُ الْكَلْبِ فِي الْإِنَاءِ نَجِسٌ وَفِي الْمُسْتَنْقَعِ لَيْسَ بِنَجِسٍ قَالَ وَيَغْسِلُ الثَّوْبَ مِنْ لُعَابِهِ وَيَغْسِلُ مَا أَصَابَ لَحْمَ الصَّيْدِ مِنْ لُعَابِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيُّ سُؤْرُ الْكَلْبِ نَجِسٌ وَيَغْسِلُ الْإِنَاءَ مِنْهُ سَبْعًا أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَقَالَ دَاوُدُ سُؤْرُ الْكَلْبِ طَاهِرٌ وَغَسْلُ الْإِنَاءِ مِنْهُ سَبْعًا فَرْضٌ إذاولغ فِي الْإِنَاءِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْإِنَاءِ مَاءٌ أَوْ غَيْرُ مَاءٍ هُوَ طَاهِرٌ وَيُغْسَلُ مِنْهُ الْإِنَاءُ سَبْعًا وَيُتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ وَيُؤْكَلُ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْكَلْبَ لَيْسَ بِنَجِسٍ فَسُؤْرُهُ عِنْدَهُ طَاهِرٌ وَغَسْلُ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِهِ سَبْعُ مَرَّاتٍ هُوَ عِنْدَهُ تَعَبُّدٌ فِي غَسْلِ الطَّاهِرِ خُصُوصًا لَا يَتَعَدَّى وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ

الْكَلْبَ نَجِسٌ وَسُؤْرُهُ نَجِسٌ مِمَّنْ قَالَ أَيْضًا إِنَّ الْإِنَاءَ مِنْ وُلُوغِهِ يُغْسَلُ سَبْعًا قَالَ التَّعَبُّدُ إِنَّمَا وَقَعَ فِي عَدَدِ الْغَسَلَاتِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ الْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ نَجِسَانِ حَيَّيْنِ وَمَيِّتَيْنَ وَلَيْسَ فِي حَيٍّ نَجَاسَةٌ سِوَاهُمَا قَالَ وَجَمِيعُ أَعْضَاءِ الْكَلْبِ مَقِيسَةٌ عَلَى لِسَانِهِ وَكَذَلِكَ الْخِنْزِيرُ فَمَتَى أَدْخَلَ الْكَلْبُ يَدَهُ أَوْ ذَنَبَهُ أَوْ رِجْلَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ فِي الْإِنَاءِ غُسِلَ سَبْعًا بَعْدَ هَرْقِ مَا فِيهِ وَقَدْ أَفْسَدَ مَا فِي الْإِنَاءِ بِوُلُوغِهِ وَنَجَسِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في الْهِرِّ إِنَّهُ لَيْسَ بِنَجِسٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي الْحَيَوَانِ مِنَ الْبَهَائِمِ مَا هُوَ نَجِسٌ وَهُوَ حَيٌّ وَمَا يُنَجِّسُ وُلُوغُهُ قَالَ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا الْكَلْبَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَ وَالْخِنْزِيرُ شَرٌّ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ عِنْدَ أَحَدٍ مَعَ تَحْرِيمِ عَيْنِهِ وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يُغْسَلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ قَالُوا فَأَمَرَ بِتَطْهِيرِ الْإِنَاءِ فَدَلَّ عَلَى نَجَاسَتِهِ

وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَغَيْرُهُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَأَبِي رَزِينٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُهْرِقْهُ وَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ قَالُوا فَأَمَرَ بِإِرَاقَةِ مَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ كَمَا أَمَرَ بِإِرَاقَةِ السَّمْنِ الْمَائِعِ إِذَا وُجِدَتْ فِيهِ مَيْتَةٌ وَبِطَرْحِ السَّمْنِ الْجَامِدِ الَّذِي حَوْلَ الْفَأْرَةِ إِذَا مَاتَتْ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا هَذَا اللَّفْظُ فِي حَدِيثِ الْأَعْمَشِ فَلْيُهْرِقْهُ فَلَمْ يَذْكُرْهُ أَصْحَابُ الْأَعْمَشِ الثِّقَاتُ الْحُفَّاظُ مِثْلَ شُعْبَةَ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَصَحِيحٌ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ التَّطْهِيرُ عَلَى النَّجِسِ وَعَلَى غَيْرِ النَّجِسِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْجُنُبَ لَيْسَ بِنَجِسٍ فِيمَا مَسَّ وَلَاصَقَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا فَأَمَرَ الْجُنُبَ بِالتَّطْهِيرِ وَقَالَ الْمُخَالِفُ الِانْفِصَالُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْجُنُبَ غُسْلُهُ عِبَادَةٌ وَلَيْسَ الْإِنَاءُ مِمَّا يَلْحَقُهُ عِبَادَةٌ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِنَاءَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَبَّدًا فِيهِ كَمَا أَنَّ عَدَدَ الْغَسَلَاتِ عِبَادَةٌ عِنْدَهُ وَيَنْفَصِلُ مِنْ هَذَا أَيْضًا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّرَائِعِ الْعِلَلُ وَمَا كَانَ لِغَيْرِ الْعِلَّةِ وَرَدَ به التوقيف وفي هذه المسأل كلام

كثير بن الشَّافِعِيِّينَ وَالْمَالِكِيِّينَ يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ قَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا السَّلَفُ وَالْخَلَفُ كَمَا اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِي يَلْحَقُهُ النَّجَاسَةُ وَفِيمَا مَضَى فِي سَائِرِ الْكِتَابِ فِي ذَلِكَ كِفَايَةٌ ذَكَرَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابن عُمَرَ وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ سُؤْرَ الْكَلْبِ وَذَكَرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ وَلَغَ الْكَلْبُ فِي جَفْنَةٍ فِيهَا لَبَنٌ فَأَدْرَكُوهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَغَرَفُوا حَوْلَ مَا وَلَغَ فِيهِ قَالَ لَا يَشْرَبُوهُ وَذَكَرَ الْوَلِيدُ بن مسلم عن الأوزاعي وعبد الرحمان بْنِ نَمِرٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا الزُّهْرِيَّ يَقُولُ فِي إِنَاءِ قَوْمٍ وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ فَلَمْ يَجِدُوا مَاءً غَيْرَهُ قَالَ يَتَوَضَّأُ بِهِ قَالَ فَقُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ مَا تَقُولُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَرَى أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ وَيَتَيَمَّمَ قَالَ الْوَلِيدُ فَذَكَرْتُهُ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فَقَالَ هَذَا وَاللَّهِ الْفِقْهُ فِيهِ لقول الله

عَزَّ وَجَلَّ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً وَهَذَا مَاءٌ وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ فَأَرَى أَنْ يُتَوَضَّأَ بِهِ وَيُتَيَمَّمَ قَالَ الْوَلِيدُ وَقُلْتُ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ فِي كَلْبٍ وَلَغَ فِي إِنَاءِ تَوْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَالَا لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ قُلْتُ لَهُمَا فَلَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ فَقَالَا تَوَضَّأْ بِهِ قُلْتُ لَهُمَا أَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ سَبْعًا كَمَا يُغْسَلُ مِنْ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ قَالَا نَعَمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ فَذَكَرَهُ

الحديث السادس والعشرون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَعِشْرُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةُ وَأَبُو صَالِحٍ وَغَيْرُهُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَحَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وعلى خالتها

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ بْنِ عَبْدِ الرحمان الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أجمع العلماء عل الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَإِنْ عَلَتْ وَلَا عَلَى ابْنَةِ أُخْتِهَا وَإِنْ سَفُلَتْ وَلَا عَلَى خَالَتِهَا وَإِنْ عَلَتْ وَلَا عَلَى ابْنَةِ أَخِيهَا وَإِنْ سَفُلَتْ وَالرَّضَاعَةُ فِي ذَلِكَ كَالنَّسَبِ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَزْعُمُ أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ غَيْرُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رَوَاهُ عَلِيِّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَجَابِرُ كَمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا يحيى بن عبد الرحمان وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سليمان قال قرأت على فضيل

ابن مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي جَرِيرٍ قَاضِي سِجِسْتَانَ أَنْ عِكْرِمَةَ حَدَّثَهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا وَقَالَ إِنَّكُنَّ إِذَا فَعَلْتُنَّ ذَلِكَ قَطَعْتُنَّ أَرْحَامَكُنَّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ عَلَى خَالَتِهَا وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى ابْنَةِ أَخِيهَا وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى ابْنَةِ أُخْتِهَا وَأَظُنُّ قَائِلَ ذَلِكَ الْقَوْلِ لَمْ يُصَحِّحْ حَدِيثَ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ وَصَحَّحَ حَدِيثَ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَدِيثَانِ جَمِيعًا صَحِيحَانِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ كَانَ يَنْهَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَعَلَى خَالَتِهَا وَأَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ وَلِيدَةً وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ لِغَيْرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا النَّهْيُ عَنْ وَطْءِ الْمَرْأَةِ وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ لِغَيْرِهِ فَمُجْتَمَعٌ أَيْضًا عَلَى تَحْرِيمِهِ وَقَدْ رُوِيَ بِذَلِكَ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ الْعُدُولِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَالْآخَرُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ وَكِلَاهُمَا طَرِيقُهُ صَالِحٌ حَسَنٌ يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ رَبِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُنْكَحُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا فَإِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ يُغْنِي عَنْ قَوْلِ كُلِّ قَائِلٍ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ

بِهِ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ مَعْنَاهُ كَرَاهِيَةُ الْقَطِيعَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَقَرِيبَتِهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ عَمَّةً أَوْ بِنْتَ عَمٍّ أَوْ خَالَةً أَوْ بِنْتَ خَالٍ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ وَعَطَاءٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْهُ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ ابْنَةِ الْعَمِّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَيُجْمَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ابْنَةِ عَمِّهَا قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ حَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّ حَسَنَ بْنَ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ نَكَحَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ ابْنَةَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَابْنَةَ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ فَجَمَعَ بَيْنَ ابْنَتَيْ عَمٍّ زَادَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي حَدِيثِهِ فَأَصْبَحَ نِسَاؤُهُمْ لَا يَدْرِينَ إِلَى أَيَّتِهِمَا يَذْهَبْنَ وَذُكِرَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي ابْنَتَيِ الْعَمِّ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا قَالَ مَا هُوَ بِحَرَامٍ إِنْ فَعَلْتَهُ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ مِنْ أَجْلِ الْقَطِيعَةِ

وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ ابْنَتَيِ الْعَمِّ أَتُجْمَعَانِ قَالَ مَا أَعْلَمُهُ حَرَامًا قِيلَ لَهُ أَفَتَكْرَهُهُ قَالَ إِنَّ نَاسًا لَيَتَّقُونَهُ وَقَالَ لَنَا قَبْلَ ذَلِكَ غَيْرُهُ أَحْسَنُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ حَلَالٌ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْحَدِيثِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ جَائِزٌ الْجَمْعُ بَيْنَ ابْنَتَيِ الْعَمِّ مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعَةِ لِأَنَّ ابْنَتَيِ الْعَمِّ لَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا ذَكَرًا حَلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ مَعَ عَمَّتِهَا وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ كَرَاهِيَةُ الْجَمْعِ وَتَحْرِيمُهُ بَيْنَ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا رَجُلًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأُخْرَى مِنَ النَّسَبِ خَاصَّةً دُونَ الْمُصَاهَرَةِ فَافْهَمْ هَذَا الْأَصْلَ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدِهِمَا لَوْ كَانَتْ رَجُلًا نِكَاحُ أُخْتِهَا فَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ كَانَ بِمَنْزِلَتِهِمَا مِنْ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَإِنْ بَعُدْنَ إِذَا كَانَتْ إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ لَوْ كَانَ مَكَانَهَا رَجُلٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُخْرَى لَمْ يَحِلَّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِأَحَدٍ وَرَوَى مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي حَرِيزٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كُلُّ امْرَأَتَيْنِ إِذَا جَعَلْتَ مَوْضِعَ

إِحْدَاهُمَا ذَكَرًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْأُخْرَى فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بَاطِلٌ فَقُلْتُ لَهُ عَمَّنْ هَذَا فَقَالَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ لَا يَنْبَغِي لِرَجُلٍ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا رَجُلًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهُمَا قَالَ سُفْيَانُ تَفْسِيرُهُ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ مِنَ النَّسَبِ وَلَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ امْرَأَةٍ وَابْنَةِ زَوْجِهَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إِنْ شَاءَ قَالَ أبو عمر وعلى هذامذهب مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَسَائِرِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ فِيمَا عَلِمْتُ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي هَذَا الْأَصْلِ وَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ مِنَ السَّلَفِ أَنْ يَجْمَعَ الرَّجُلُ بَيْنَ ابْنَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ إِحْدَاهُمَا لَوْ كَانَتْ رَجُلًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأُخْرَى وَالَّذِي عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَأَنَّ الْمُرَاعَى فِي هَذَا الْمَعْنَى النَّسَبُ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمُصَاهَرَةِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَةِ الرَّجُلِ وَابْنَتِهِ مِنْ غيرها

وَقَدْ فَرَّقَ قَوْمٌ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ بَيْنَ امْرَأَةِ الرَّجُلِ وَابْنَتِهِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا بِأَنْ قَالُوا فِي هَاتَيْنِ وَمَا كَانَ مَثَلَهُمَا أَيَّتُهُمَا جَعَلْتَ ذَكَرًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْأُخْرَى وَأَمَّا امْرَأَةُ الرَّجُلِ وَابْنَتُهُ مِنْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْضِعَ الْبِنْتِ ابْنٌ لَمْ يَحِلَّ لَهُ امْرَأَةُ أَبِيهِ وَبَقِيَ فِيهَا وَجْهٌ آخَرُ وَذَلِكَ أَنْ يَجْعَلُوا مَوْضِعَ الْمَرْأَةِ ذَكَرًا فَتَحِلُّ لَهُ الْأُنْثَى لِأَنَّهُ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ تَزَوَّجَ ابْنَةَ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَلَيْسَ الْأُخْتَانِ وَلَا الْعَمَّةُ مَعَ ابْنَةِ أَخِيهَا وَالْخَالَةُ مَعَ ابْنَةِ أُخْتِهَا كَذَلِكَ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ أَيَّتُهُمَا جَعَلْتَ ذَكَرًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأُخْرَى فَقِفْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالرَّضَاعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ كَالنَّسَبِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ الْعَمَّةَ وَالْخَالَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَعَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ قُلْتُ لَهُ أَيَجْمَعُ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ قَالَ لَا ذَلِكَ مِثْلُ الْوِلَادَةِ

(وَعَنْ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ وَأَكْرَهُ عَمَّتَكَ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَخَالَتَكَ مِنَ الرضاعة)

الحديث السابع والعشرون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَعِشْرُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ المطل علىالغني حَرَامٌ لَا يَحِلُّ إِذَا مَطَلَ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الدُّيُونِ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى تَوْصِيلِ الدَّيْنِ إِلَى صَاحِبِهِ وَكَانَ صَاحِبُهُ طَالِبًا لَهُ لِأَنَّ الظُّلْمَ حَرَامٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَتَخْتَلِفُ آثَامُهُ عَلَى قَدْرِ اخْتِلَافِهِ لِأَنَّ لِلظُّلْمِ وُجُوهًا كَثِيرَةً فَأَعْظَمُهَا الشِّرْكُ وَأَقَلُّهَا لَا يَكَادُ يُعْرَفُ مِنْ خَفَائِهِ وَجُمْلَتُهَا لَا تُحْصَى كَثْرَةً وَأَصْلُ الظُّلْمِ فِي اللُّغَةِ أَخْذُكَ مَا لَيْسَ لَكَ وَوَضْعُكَ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَمِنْهُ قَالُوا وَمَنْ يُشابِهْ أباه فَمَا ظَلَمْ أَيْ لَمْ يَضَعِ الشَّبَهَ غَيْرَ مَوْضِعِهِ ثُمَّ يَتَصَرَّفُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ أُخِذَ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ

وَقَالَ وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاكِيًا عَنْ رَبِّهِ يَا عِبَادِي حَرَّمْتُ عَلَيْكُمُ الظُّلْمَ فَلَا تَظَالَمُوا وَقَالَ الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ لُبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ سَحْنُونَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ إِذَا مَطَلَ الْغَنِيُّ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَمَّاهُ ظَالِمًا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَطْلَ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ لَا يَحِلُّ مَا أُبِيحَ مِنْهُ لِغَرِيمِهِ مِنْ أَخْذِ عِوَضِهِ وَالْقَوْلِ فِيهِ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الظُّلْمِ وَسُوءِ الْأَفْعَالِ وَلَوْلَا مَطْلُهُ لَهُ كَانَ ذَلِكَ فِيهِ غَيْبَةً وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ يُرِيدُ مِنْ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ أَبَاحَ لِمَنْ مُطِلَ بِدَيْنِهِ

أَنْ يَقُولَ فِيمَنْ مَطَلَهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ وَاللَّيُّ الْمَطْلُ وَالتَّسْوِيفُ وَالْوَاجِدُ الْغَنِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا وبرة بْنُ أَبِي دُلَيْلَةَ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونِ بْنِ مُسَيْكَةَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عِنْدِي نَحْوَ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ تَضَيَّفَ قَوْمًا فَلَمْ يُضَيِّفُوهُ فَأُبِيحَ لَهُ أَنْ يَقُولَ فِيهِمْ إِنَّهُمْ لِئَامٌ لَا خَيْرَ فِيهِمْ وَلَوْلَا مَنْعُهُمْ لَهُ مِنْ حَقِّ الضِّيَافَةِ مَا جَازَ لَهُ أَنْ يَقُولَ فِيهِمْ مَا فِيهِمْ لِأَنَّهَا غَيْبَةٌ مُحَرَّمَةٌ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُلْتَ فِي أَخِيكَ مَا فِيهِ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِذَا قُلْتَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ فَذَلِكَ الْبُهْتَانُ وَهَكَذَا لَمَّا كَانَ مَطْلُ

الْغَنِيِّ ظُلْمًا أُبِيحَ لِغَرِيمِهِ عِرْضُهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَعُقُوبَتَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْمُعَاقَبَةُ لَهُ بِأَخْذِ مَالِهِ عِنْدَهُ مِنْ مَالِهِ إِذَا أَمْكَنَهُ أَخْذُ حَقِّهِ مِنْهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَكَيْفَ أَمْكَنَهُ مِنْ مَالِهِ قَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَقَدْ شَكَتْ هِنْدٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ زَوْجَهَا أَبَا سُفْيَانَ لَا يُعْطِيهَا مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ فَقَالَ لَهَا خذي من ماله ما يكفيك وولدها بِالْمَعْرُوفِ فَأَمَرَهَا أَنْ تُعَاقِبَهُ بِأَخْذِ مَالِهَا مِنْ حَقٍّ عِنْدَهُ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن سنجر قال حدثنا أبو عاصم عن وبرة بْنِ أَبِي دُلَيْلَةَ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالنَّظَرِ عَلَى جَوَازِ حَبْسِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَدَاءُ الدَّيْنِ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إِلَى صَاحِبِهِ أَوْ تَثْبُتَ عُسْرَتُهُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ

وَبِقَوْلِهِ لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ قَالُوا وَمِنْ عُقُوبَتِهِ الْحَبْسُ هَذَا إِذَا كَانَ دَيْنُهُ بِعِوَضٍ حَاصِلٍ بِيَدِهِ إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِنَا لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ وُجُوبِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ عِوَضٍ أَوْ غَيْرِ عِوَضٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَهُمُ الْيَسَارُ حَتَّى يَثْبُتَ الْعَدَمُ وَعِنْدَ غَيْرِهِمُ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ الْعَدَمُ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُخْرِجْ خَلْقَهُ إِلَى الْوُجُودِ إِلَّا فَقُرَاءَ ثُمَّ تَطْرَأُ الْأَمْلَاكُ عَلَيْهِمْ بِأَسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ فَمَنِ ادَّعَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَأَمَّا مَنْ أَقَرَّ بِالْعِوَضِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْيَسَارِ فَإِنِ ادَّعَى الْفَقْرَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَمَطْلُهُ وَمُدَافَعَتُهُ ظُلْمٌ وَأَمَّا إِذَا صَحَّ يَسَارُهُ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَحَبْسُهُ وَاجِبٌ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِإِجْمَاعٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا يَجِيءُ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يَتَقَاضَاهُ فَأَغْلَظَ لَهُ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهُ فإن فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا وَأَمَّا قَوْلُهُ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ فَمَعْنَاهُ الْحَوَالَةُ يَقُولُ وَإِذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْهُ وَهَذَا يُبَيِّنُهُ وَيَرْفَعُ الْإِشْكَالَ فِيهِ حَدِيثُ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُحِلْتَ عَلَى مَلِيءٍ فَاتَّبِعْهُ وَهَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ نَدْبٌ وَإِرْشَادٌ لَا إِيجَابٌ وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَاجِبٌ فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ تَفْسِيرِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أُتْبِعَ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ قَالَ مَالِكٌ هَذَا أَمْرُ تَرْغِيبٍ وَلَيْسَ بِالَّذِي يُلْزِمُهُ السُّلْطَانُ النَّاسَ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُطِيعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الْحَوْلِ بِالدَّيْنِ فَقَالَ انْظُرْ مَا أَقُولُ لَكَ أَحِلْ بِمَا قَدْ حَلَّ مِنْ دَيْنِكَ فِيمَا حَلَّ وَفِيمَا لَمْ يَحِلْ وَلَا تُحِلْ مَا لَمْ يَحْلُلْ فِي شَيْءٍ وَلَا فِيمَا حَلَّ وَفِيمَا لَمْ يَحِلْ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَعْنَى الْحَوَالَةِ فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيهَا أَنَّ مَنِ احْتَالَ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ عَلَى آخَرَ فَقَدْ بَرِئَ الْمُحِيلُ وَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ أَبَدًا أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ إِلَّا أن

يَغُرَّهُ مِنْ فَلَسٍ فَإِنْ غَرَّهُ انْصَرَفَ عَلَيْهِ وَهَذَا إِذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهِيَ حَمَالَةٌ وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ أَبَدًا فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهِيَ الْحَوَالَةُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُحْتَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ تَوِيَ الْمَالُ أَوْ لَمْ يَتْوَ إِلَّا أَنْ يَغُرَّهُ مِنْ فَلَسٍ قَدْ عَلِمَهُ وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ إِذَا أُحِيلَ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَقَدْ بَرِئَ الْمُحِيلُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَوْتٍ وَلَا إِفْلَاسٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ إِنْ أَحَالَهُ وَلَمْ يَغُرَّهُ مِنْ فَلَسٍ عَلِمَهُ مِنْ غَرِيمِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَهُ فإن غيره أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ إِذَا أَحَالَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَبْرَأُ الْمُحِيلُ بِالْحَوَالَةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَوْتٍ وَلَا إِفْلَاسٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَبْرَأُ الْمُحِيلُ بِالْحَوَالَةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ التَّوَى وَالتَّوَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَمُوتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا أَوْ يَحْلِفَ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ بَيِّنَةٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ هَذَا تَوَاءٌ وَإِفْلَاسُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَيْضًا تَوَاءٌ

وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ الْحَوَالَةُ لَا تُبَرِّئُ الْمُحِيلَ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَرَاءَةَ فَإِنِ اشْتَرَطَ الْبَرَاءَةَ بَرِئَ الْمُحِيلُ إِذَا أَحَالَهُ عَلَى مَلِيءٍ وَإِنْ أَحَالَهُ عَلَى مُفْلِسٍ وَلَمْ يُعْلِمْهُ أَنَّهُ مُفْلِسٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَبْرَأَهُ وَإِنْ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ مُفْلِسٌ وَأَبْرَأَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُحِيلِ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الثَّوْرِيِّ إِذَا أَحَالَهُ عَلَى رَجُلٍ فَأَفْلَسَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآخَرِ إِلَّا بِمَحْضَرِهِمَا وَإِنْ مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا رَجَعَ حَضَرُوا أَوْ لَمْ يَحْضُرُوا وَقَالَ اللَّيْثُ فِي الْحَوَالَةِ لَا يَرْجِعُ إِذَا أَفْلَسَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَبْرَأُ صَاحِبُ الْأَصْلِ بِالْحَوَالَةِ وَقَالَ زُفَرُ وَالْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ فِي الْحَوَالَةِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمَّا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ أَوْ أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ دَلَّ عَلَى أَنَّ من غير غَرِيمَهُ مِنْ غَيْرِ مَلِيءٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِحَقِّهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُحِلْهُ عَلَى مَلِيءٍ وَإِذَا أَحَالَهُ عَلَى مَلِيءٍ ثُمَّ لَحِقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ آفَةُ الْفَلْسِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ لِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا كَانَ لَهُ فِعْلُهُ ثُمَّ أَتَى مِنْ أَمْرِ اللَّهِ غَيْرُ ذَلِكَ

وَقَدْ كَانَ صَحَّ انْتِقَالُ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَلَا يُفْسَخُ ذَلِكَ أَبَدًا وَمَا اعْتَرَاهُ بَعْدُ مِنَ الْفَلَسِ فَمُصِيبَتُهُ مِنَ الْمُحْتَالِ لِأَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهُ غَيْرَ ذِمَّةِ غَرِيمِهِ الَّذِي احْتَالَ عَلَيْهِ وَهَذَا بَيِّنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنْ حُجَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْمِلْأَ لَمَّا شُرِطَ فِي الْحَوَالَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّ زَوَالَ ذَلِكَ يُوجِبُ عَوْدَ الْمَالِ عَلَيْهِ وَشَبَّهَهُ بِبَيْعِ الذِّمَّةِ بِالذِّمَّةِ فِي الْحَوَالَةِ كَابْتِيَاعِ عَبْدٍ بِعَبْدٍ فَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ قَالُوا فَكَذَلِكَ مَوْتُ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا قَالُوا وَإِفْلَاسُ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مِثْلُ إِبَاقِ الْعَبْدِ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ فَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُرْجَى رُجُوعُهُ وَتَسْلِيمُهُ كَذَلِكَ إِفْلَاسُ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ (قَالَ أَبُو عُمَرَ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْحَوَالَةِ مِنْ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) فَهَذَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي الْحَوَالَةِ مِنَ الْمَعَانِي وَالْأَصْلُ فِيهَا حَدِيثُ هَذَا الْبَابِ وَالْحَوَالَةُ أَصْلٌ فِي نَفْسِهَا خَارِجَةٌ عَنِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَعَنْ بَيْعِ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ بِوَرِقٍ وَلَيْسَ يَدًا بِيَدٍ كَمَا أَنَّ الْعَرَايَا أَصْلٌ فِي نَفْسِهَا خَارِجٌ عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَكَمَا أَنَّ الْقِرَاضَ وَالْمُسَاقَاةَ أَصْلَانِ فِي أَنْفُسِهِمَا خَارِجَانِ عَنْ مَعْنَى الْإِجَارَاتِ فَقِفْ عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ تَفْقَهْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِ الْكَفَالَةِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

الحديث الثامن والعشرون

حديث ثامن وعشرن لأبي الزناد مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَفْظُهُ كُلُّهُمْ يَقُولُ فِيهِ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ هَكَذَا وَقَدْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْغَفَّارِ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ وَبَكْرُ بْنُ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الرُّعَيْنِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبردوا بصلاة الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الْحَارِّ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا

الحديث التاسع والعشرون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَعِشْرُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ قَالُوا فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ فِي النَّهْيِ عَنِ الْوِصَالِ غَيْرُ حَدِيثِهِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَعَنْ نَافِعٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ شَجَرَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَاضِي الْقَيْرَوَانِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْوِصَالِ فِي الصِّيَامِ وَهُوَ بَاطِلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ لِمَالِكٍ وَغَيْرِهِ

حديث موفي ثلاثين

حَدِيثٌ مُوفِي ثَلَاثِينَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ ارْكَبْهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ فَقَالَ ارْكَبْهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ فَقَالَ ارْكَبْهَا وَوَيْلَكَ فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ هَكَذَا يَرْوِيهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيُّ وَقُتَيْبَةُ وَقَالَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ حَدَّثَنَاهُ خَلَفٌ حَدَّثَنَا ابْنُ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَخَالَفَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ فَقَالَ فِيهِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا

إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْعُثْمَانِيُّ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزناد عن مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ ارْكَبْهَا فَقَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ وَيْلَكَ ارْكَبْهَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي رُكُوبِ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَالتَّطَوُّعِ فَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّ رُكُوبَهُ جَائِزٌ مِنْ ضَرُورَةٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْجَبَ ذَلِكَ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِرُكُوبِ الْهَدْيِ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْضًا عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ كَرَاهِيَةُ رُكُوبِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَكَرِهَ مَالِكٌ رُكُوبَ الْهَدْيِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةِ وَكَذَلِكَ كَرِهَ شُرْبَ لَبَنِ الْبَدَنَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ رَيِّ فَصِيلِهَا فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِنْ نَقَصَهَا الرُّكُوبُ أَوْ شُرْبُ لَبَنِهَا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا شَرِبَ مِنْ لَبَنِهَا وَقِيمَةُ مَا نَقَصَهَا الرُّكُوبُ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَنَّهُ مَا خَرَجَ لِلَّهِ فَغَيْرُ جَائِزٍ الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ فَإِنِ اضْطُرَّ إِلَى ذَلِكَ جَازَ لَهُ لِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ رُكُوبِ الْهَدْيِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا لَجَأْتَ إِلَيْهَا حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيْلَكَ فَمَخْرَجُهُ الدُّعَاءُ عَلَيْهِ إِذْ أَبَى مِنْ رُكُوبِهَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ وَقَالَ لَهُ إِنَّهَا بَدَنَةٌ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ أَنَّهَا بَدَنَةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ الْوَيْلُ لَكَ فِي مُرَاجَعَتِكَ إِيَّايَ فِيمَا لَا تَعْرِفُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ يَقُولُ وَيْلٌ كَلِمَةُ عَذَابٍ وَوَيْحٌ كَلِمَةُ رَحْمَةٍ

الحديث الحادي والثلاثون

حَدِيثٌ حَادٍ وَثَلَاثُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ لولا أن أشق عل أُمَّتِي لَمْ يَزِدْ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ وَقَالَ فِيهِ آخَرُونَ عَنْ مَالِكٍ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ هَكَذَا قَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَأَيُّوبُ بْنُ صَالِحٍ وَقَالَ فِيهِ قُتَيْبَةُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَلَمْ يَقُلْ أَوْ عَلَى النَّاسِ كُلُّ هَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ هَذَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ الْعَبَّاسِ الْعُمَرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ

صَالِحٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى النَّاسِ أَوْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ وَالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَقَالَ فِيهِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لولا أن أشق عل أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ الْوُضُوءِ وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى وَرَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ جَابِرٌ وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ حَبِيبَةَ وَأَنَسٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي السِّوَاكِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ وَعَنِ ابْنِ السَّبَّاقِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ وَهَذَانِ الْإِسْنَادَانِ حَسَنَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا بِالْقَوِيَّيْنِ فَهِيَ فَضِيلَةٌ لَا حُكْمٌ

الحديث الثاني والثلاثون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَثَلَاثُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَفْتُرُ مِنْ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ حَتَّى يَرْجِعَ هَذَا مِنْ أَفْضَلِ حَدِيثٍ وَأَجَلِّهِ فِي فَضْلِ الْجِهَادِ لِأَنَّهُ مَثَّلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَهُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ وَجُعِلَ الْمُجَاهِدُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا يَفْتُرُ عَنْ ذَلِكَ سَاعَةً فَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنَ الْجِهَادِ يَكُونُ صَاحِبُهُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَرَاقِدًا وَمُتَلَذِّذًا بِكَثِيرٍ مِنْ حَدِيثِ رَفِيقِهِ وَأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أُبِيحَ لَهُ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَالْمُصَلِّي التَّالِي لِلْقُرْآنِ فِي صَلَاتِهِ الصَّائِمِ مَعَ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ إِنَّ هَذَا لَغَايَةٌ فِي الْفَضْلِ وَفَّقَنَا اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَلِهَذَا وَمِثْلِهِ قُلْنَا إِنَّ الْفَضَائِلَ لَا تُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَنَظَرٍ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَحَسْبُكَ مِنْ فَضْلِ الْجِهَادِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ

وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى إِجَازَةِ الْقِيَاسِ بِالتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ فِي الْأَحْكَامِ وَهَذَا بَابٌ جَسِيمٌ قَدْ أَفْرَدْنَا لَهُ أَبْوَابًا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ أَيْضًا أَنَّ فَرْضَ الْجِهَادِ عَلَى الْكِفَايَةِ كَطَلَبِ الْعِلْمِ عَلَى حَسْبَمَا قَدْ أَوْضَحْنَاهُ هُنَالِكَ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ الْجِهَادُ فَرْضٌ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ فَإِنْ مَنَعَهُمُ الضَّرَرُ أَوْ عَاهَةٌ بِأَنْفُسِهِمْ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُمُ الْفَرْضُ بِأَمْوَالِهِمْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْجِهَادُ وَاجِبٌ إِلَّا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي عُذْرٍ حَتَّى يُحْتَاجَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ الْجِهَادُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَالْقَائِمُونَ بِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْصَارُ اللَّهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْغَزْوُ غَزْوَانِ نَافِلَةٌ وَفَرِيضَةٌ فَأَمَّا الْفَرِيضَةُ فَالنَّفِيرُ إِذَا أَظَلَّ الْعَدُوُّ بَلَدَ الْإِسْلَامِ وَالنَّافِلَةُ الرِّبَاطُ وَالْخُرُوجُ إِلَى الثُّغُورِ إِذَا كَانَ فِيهَا مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا الْآيَةَ يَعْنِي شَبَابًا وَشُيُوخًا وقال مالكم إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا فَثَبَتَ فَرْضُهُ إِلَّا أَنَّهُ عَلَى الْكِفَايَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الإسلام على خمس ليس فيما ذِكْرُ الْجِهَادِ لِأَنَّهَا كُلَّهَا مُتَعَيِّنَةٌ عَلَى الْمَرْءِ فِي خَاصَّتِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثالث وثلاثون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَثَلَاثُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ النِّدَاءَ فَإِذَا قُضِيَ النِّدَاءُ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ حَتَّى إِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ اذْكُرْ كَذَا وَاذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُهُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا وَقَالَ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْمَذَاهِبِ فِي الْأَذَانِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ عِنْدَهُمْ وَمَا اخْتَرْنَا مِنْ ذَلِكَ بِمَا صَحَّ عِنْدَنَا

فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَأَفْرَدْنَا الْقَوْلَ فِي الْأَذَانِ لِلصُّبْحِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا معنى لإعادة شيء من ذلك كله ههنا وَرُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَادَى الْمُنَادِي لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ سَوَاءً وَزَادَ حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى أَثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَتَحْصِيلُهُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْأَذَانُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَاجِبَةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدِي يَخْرُجُ فِي التَّفْسِيرِ الْمُسْنَدِ فِي قَوْلِ

اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ التَّفْسِيرِ وَأَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ الْوَسْوَاسَ الشَّيْطَانُ يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ وَقُلُوبِهِمْ أَيْ يُلْقِي فِي قُلُوبِهِمُ الرَّيْبَ وَيُحَرِّكُ خَوَاطِرَ الشُّكُوكِ وَيُذَكِّرُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا بِمَا يَشْغَلُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَأَصْلُ الْوَسْوَاسِ فِي اللُّغَةِ صَوْتُ حَرَكَةِ الْحُلِيِّ وَقَوْلُهُ الْخَنَّاسُ لِأَنَّهُ يَخْنِسُ عِنْدَ ذِكْرِ الْعَبْدِ لِلَّهِ وَمَعْنَى يَخْنِسُ أَيْ يَرْجِعُ نَاكِصًا ذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ هُوَ الشَّيْطَانُ إِذَا ذَكَرَ اللَّهَ الْعَبْدُ خَنَسَ وَذَكَرَ حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ الْوَسْوَاسُ مَحَلُّهُ الْفُؤَادُ فُؤَادُ الْإِنْسَانِ وَفِي عَيْنَيْهِ وَذَكَرِهِ وَمَحَلُّهِ مِنَ الْمَرْأَةِ فِي عَيْنَيْهَا إِذَا أَقْبَلَتْ وَفِي فَرْجِهَا وَدُبُرِهَا إِذَا أَدْبَرَتْ فَهَذِهِ مَجَالِسُهُ مِنْهُمَا وَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا

وَعَلَى قَلْبِهِ وَسْوَاسٌ فَإِذَا عَقَلَ فَذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ وَإِذَا غَفَلَ وَسْوَسَ وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ خَنَسَ أَيْ كَفَّ وَأَقْصَرَ وَقَالَ الْيَزِيدِيُّ يُوَسْوِسُ ثُمَّ يَخْنِسُ أَيْ يَتَوَارَى قَالَ أَبُو عُمَرَ فَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ يُرِيدُ إِذَا أُذِّنَ لَهَا فَرَّ الشَّيْطَانُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فِي الْأَذَانِ وَأَدْبَرَ وَلَهُ ضُرَاطٌ مِنْ شِدَّةِ مَا لَحِقَهُ مِنَ الْخِزْيِ وَالذُّعْرِ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ وَذِكْرُ اللَّهِ فِي الْأَذَانِ تَفْزَعُ مِنْهُ الْقُلُوبُ مَا لَا تَفْزَعُ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الذِّكْرِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَهْرِ بِالذِّكْرِ وَتَعْظِيمِ اللَّهِ فِيهِ وَإِقَامَةِ دِينِهِ فَيُدْبِرُ الشَّيْطَانُ لِشِدَّةِ ذَلِكَ عَلَى قَلْبِهِ حَتَّى لَا يَسْمَعَ النِّدَاءَ فَإِذَا قُضِيَ النِّدَاءُ أَقْبَلَ عَلَى طَبْعِهِ وَجِبِلَّتِهِ يُوَسْوِسُ أَيْضًا وَيَفْعَلُ مَا يَقْدِرُ مِمَّا قَدْ سُلِّطَ عَلَيْهِ حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ والتثويب ههنا الْإِقَامَةُ أَدْبَرَ أَيْضًا حَتَّى إِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ وَهُوَ الْإِقَامَةُ كَمَا ذَكَرْتُ لَكَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ اذْكُرْ كَذَا وكذا لمالم يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ أَنْ يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى لِيُنْسِيَهُ وَيَخْلِطَ عَلَيْهِ أَجَارَنَا اللَّهُ منه

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلٌ لِلْأَذَانِ عَظِيمٌ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّيْطَانَ يُدْبِرُ مِنْهُ وَلَا يُدْبِرُ مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَحَسْبُكَ بِهَذَا فَضْلًا لِمَنْ تَدَبَّرَ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ اسْتُعْمِلَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَلَى مَعْدِنِ بَنِي سُلَيْمٍ وَكَانَ مَعْدِنًا لَا يَزَالُ يُصَابُ فِيهِ النَّاسُ مِنْ قِبَلِ الْجِنِّ فَلَمَّا وَلِيَهُمْ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَأَمَرَهُمْ بِالْأَذَانِ وَأَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِهِ فَفَعَلُوا فَارْتَفَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ فَهُمْ عَلَيْهِ حَتَّى الْيَوْمَ قَالَ مَالِكٌ وَأَعْجَبَنِي ذَلِكَ مِنْ رَأْيِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ هَكَذَا رَوَى سَحْنُونٌ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَذَكَرَهُ الحرث بن مسكين قال أخبرني عبد الرحمان بْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَا قَالَ مَالِكٌ اسْتُعْمِلَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَلَى مَعْدِنِ بَنِي سُلَيْمٍ فَذَكَرَهُ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سليمان الشيباني يحدث عن بسير بْنِ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ إِنَّ شيئا من

الْخَلْقِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَحَوَّلَ فِي غَيْرِ خَلْقِهِ وَلَكِنْ لِلْجِنِّ سَحَرَةٌ كَسَحَرَةِ الْآدَمِيِّينَ فَإِذَا خَشِيتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَأَذِّنُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عن الشيباني عن بسير بْنِ عَمْرٍو قَالَ ذُكِرَ الْغِيلَانُ عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يَتَحَوَّلُ عَنْ خَلْقِهِ الَّذِي خُلِقَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ لَهُمْ سَحَرَةٌ كَسَحَرَتِكُمْ فَإِذَا أَحْسَسْتُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأَذِّنُوا بِالصَّلَاةِ وَذَكَرَ الْأَصْمَعِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ قَالَ الْغِيلَانُ سَحَرَةُ الْجِنِّ وَأَمَّا قَوْلُهُ حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ حَتَّى إِذَا قُضِيَ التثويب أقبل فإنه عنى بقوله التثويب ههنا الْإِقَامَةَ وَلَا يُحْتَمَلُ غَيْرُ هَذَا التَّأْوِيلِ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْإِقَامَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ تَثْوِيبًا لِأَنَّ التَّثْوِيبَ فِي اللُّغَةِ مَعْنَاهُ الْعَوْدَةُ يُقَالُ مِنْهُ ثَابَ إِلَيَّ مَالِي بَعْدَ ذَهَابِهِ أَيْ عَادَ وَثَابَ إِلَى الْمَرِيضِ جِسْمُهُ إِذَا عَادَ إِلَيْهِ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا أَيْ مَعَادًا لَهُمْ يَثُوبُونَ إِلَيْهِ لَا

يَقْضُونَ مِنْهُ وَطَرًا وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْإِقَامَةِ تَثْوِيبٌ لِأَنَّهَا عَوْدَةٌ إِلَى مَعْنَى الْأَذَانِ تَقُولُ الْعَرَبُ ثَوَّبَ الدَّاعِي إِذَا كَرَّرَ دُعَاءَهُ إِلَى الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ ... فِي فِتْيَةٍ كَسُيُوفِ الْهِنْدِ أَوْجُهُهُمْ ... لَا يَنْكِلُونَ إِذَا مَا ثَوَّبَ الدَّاعِي ... وَقَالَ آخَرُ ... لَخَيْرٌ نَحْنُ عِنْدَ الناس منكم ... إذا الداعي المثوب قال يالا ... وَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ وَهُوَ عِنْدَ أَخْوَالِهِ بَنِي النَّجَّارِ بِالْمَدِينَةِ ... فَحَنَّتْ نَاقَتِي وَعَلِمْتُ أَنِّي ... غَرِيبٌ حِينَ ثَابَ إِلَيَّ عَقْلِي ... وَقَالَ آخَرُ ... لَوْ رَأَيْنَا التَّوْكِيدَ خُطَّةَ عَجْزٍ ... مَا شَفَعْنَا الْأَذَانَ بِالتَّثْوِيبِ ... وَلَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ أَنَّ التَّثْوِيبَ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَخَاصَّتِهِمْ قَوْلُ الْمُؤَذِّنِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ وَلِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ لَا تَثْوِيبَ إِلَّا فِي الْفَجْرِ

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يُثَوَّبُ فِي الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ وَقَالَ حَمَّادٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّثْوِيبُ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ لَا فِي غَيْرِهِمَا وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ إِنَّمَا سُمِّيَ التَّثْوِيبُ تَثْوِيبًا وَهُوَ قَوْلُهُ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ من نوم لِأَنَّهُ دُعَاءٌ ثَانٍ إِلَى الصَّلَاةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَّاحِ وَكَانَ هَذَا دُعَاءً إِلَى الصَّلَاةِ ثُمَّ عَادَ فَقَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ فَدَعَا إِلَيْهَا مَرَّةً أُخْرَى عَادَ إِلَى ذَلِكَ وَالتَّثْوِيبُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْعَوْدَةُ وَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْإِقَامَةُ سُمِّيَتْ تَثْوِيبًا لِتَثْنِيَتِهَا فِي مَذْهَبِ مَنْ رَأَى تَثْنِيَتَهَا أَوْ تَثْنِيَةَ قَوْلِهِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ عِنْدَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَهُمُ الْأَكْثَرُ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي الْإِقَامَةِ فَقَالَ مَالِكٌ تُفْرَدُ الْإِقَامَةُ وَيُثَنَّى الْأَذَانُ

وَمَعْنَى قَوْلِهِ تُفْرَدُ الْإِقَامَةُ يُرِيدُ غَيْرَ التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِهِمَا وَآخِرِهَا فَإِنَّهُ يُثَنَّى بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُفْرَدُ الْإِقَامَةُ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً إِلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يَقُولُهَا مَرَّتَيْنِ فَخَالَفَ مَالِكًا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَحْدَهُ مِنَ الْإِقَامَةِ وَيُرْوَى أَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ وَوَلَدَهُ وَمُؤَذِّنِي مَكَّةَ كُلَّهُمْ يَقُولُونَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَكْحُولٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ مَالِكٌ يَقُولُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَرُوِيَ عَنْ وَلَدِ سَعْدٍ الْقَرَظِ بِالْمَدِينَةِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ مَثْنًى مَثْنًى سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّ التَّكْبِيرَ عِنْدَهُمْ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ وَأَوَّلِ الْإِقَامَةِ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ وَلَا خِلَافَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي شَيْءٍ ذَهَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي أَلْفَاظِهِ وَإِسْنَادِهِ وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَهَبَ مَالِكٌ

وَالشَّافِعِيُّ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ إِلَى حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْأَذَانِ إِلَّا فِي قَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ فِي أَوَّلِهِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ يُقَالُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ يُقَالُ مَرَّتَيْنِ وَأَكْثَرُ الْآثَارِ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ أَذَانُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْأَذَانُ بِالْمَدِينَةِ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ شَيْءٌ يُؤْخَذُ عَمَلًا لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ مِنْهُ وَمِثْلُ هَذَا يَصِحُّ فِيهِ ادِّعَاءُ الْعَمَلِ بِالْمَدِينَةِ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى التَّرْجِيعِ بِالشَّهَادَةِ فِي الْأَذَانِ خَاصَّةً دُونَ الْإِقَامَةِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنْ لَا تَرْجِيعَ فِي الْأَذَانِ ولا إقامة وَإِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مَثْنًى مَثْنًى إِلَّا التَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِهِ عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرْتُهُ لَكَ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِنْ رَجَّعَ فَلَا بَأْسَ قَالَ إِسْحَاقُ هُمَا مُسْتَعْمَلَانِ وَالَّذِي أَخْتَارُ أَذَانُ بِلَالٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الطَّبَرِيُّ إِنْ شَاءَ رَجَّعَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُرَجِّعْ وَإِنْ شَاءَ أَذَّنَ كَأَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَإِنْ شَاءَ كَأَذَانِ بِلَالٍ وَفِي الْإِقَامَةِ أَيْضًا إِنْ شَاءَ ثَنَّى وَإِنْ شَاءَ أَفْرَدَ وَإِنْ شَاءَ قَالَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّةً وَإِنْ شَاءَ مَرَّتَيْنِ كُلُّ ذَلِكَ مباح

قال أبوعمر قَوْلُ دَاوُدَ وَأَصْحَابِهِ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ لَمْ يَرْفَعْ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ وَوَهْبٌ وَلَمْ يَرْفَعَاهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا غَيْرُ عَبْدِ الْوَهَّابِ مِنْ أَصْحَابِ أَيُّوبَ وَغَيْرُهُمْ يَقُولُونَ أُمِرَ بِلَالٌ وَلَا يَذْكُرُونَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ

نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ زَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فقال حدثنا سليمان بن حرب وعبد الرحمان بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ثُمَّ ذَكَرَهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مِثْلَ حَدِيثِ وُهَيْبٍ قَالَ إِسْمَاعِيلُ فَحَدَّثْتُ بِهِ أَيُّوبَ فَقَالَ إِلَّا الْإِقَامَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ إِلَّا الْإِقَامَةَ قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهَا لَا تُفْرَدُ وَتُثَنَّى يَقُولُ أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ إِلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ مُثَنًّى

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثْنًى مَثْنًى وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً إِلَّا أَنَّكَ تَقُولُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمُؤَذِّنِ عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى مُؤَذِّنِ الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثْنًى مَثْنًى وَالْإِقَامَةُ وَاحِدَةً إِلَّا أَنَّهُ إِذَا قَالَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ فَكُنَّا إِذَا سَمِعْنَا الْأَذَانَ تَوَضَّأْنَا ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الصَّلَاةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يُحَدِّثُ عَنْ

مُسْلِمِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ إِنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَإِذَا سَمِعْنَا الْإِقَامَةَ تَوَضَّأْنَا ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ شُعْبَةُ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْإِقَامَةِ عَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ خُوَازِ بنداد وَغَيْرُهُ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَهِيَ عِنْدَهُمْ أَوْكَدُ مِنَ الْأَذَانِ وَمَنْ تَرَكَهَا فَهُوَ مُسِيءٌ وَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ فِيمَنْ تَرَكَ الْإِقَامَةَ أَنَّهُ مُسِيءٌ بِتَرْكِهَا وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ هِيَ وَاجِبَةٌ وَيَرَوْنَ الْإِعَادَةَ عَلَى مَنْ تَرَكَهَا أَوْ نَسِيَهَا ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الْفَزَارِيِّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ الْإِقَامَةُ أَوَّلُ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ مَنْ لَمْ يُحْرِمْ فَمَا كَانَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَحُكْمُهُ أَلَّا تُعَادَ مِنْهُ الصَّلَاةُ إِلَّا أَنْ يُجْمِعُوا

عَلَى شَيْءٍ فَيُسَلَّمُ لِلْإِجْمَاعِ كَالطَّهَارَةِ وَالْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَإِنَّهُ يُرِيدُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى كَذَا رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ جَمَاعَةٌ وَمَعْنَى يَظَلُّ يَصِيرُ يَقُولُ حَتَّى يَصِيرَ الْمَرْءُ لَا يَدْرِي كَمْ صلى وقيل يظل ههنا بِمَعْنَى يَبْقَى لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى وَأَنْشَدُوا ... ظَلِلْتُ رِدَائِي فَوْقَ رَأْسِيَ قَاعِدًا ... أَعُدُّ الْحَصَى مَا تَنْقَضِي عَبَرَاتِي ... مَنْ رَوَاهُ بِكَسْرِ الْهَمْزِ إِنْ يَدْرِي مَا صَلَّى فَإِنْ بِمَعْنَى مَا كَثِيرٌ وَلَكِنَّ الرِّوَايَةَ عِنْدَنَا فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الرابع والثلاثون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَثَلَاثُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَأْخُذُ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَيَسْأَلُهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ هَكَذَا فِي جُلِّ الْمُوَطَّآتِ لَيَأْخُذُ وَرِوَايَتُهُ لِابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ لَأَنْ يَأْخُذَهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ الْمُرَادُ وَالْمَقْصِدُ وَالْمَعْنَى مَفْهُومٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية وحدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ الْأُسْيُوطِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْطِبُ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَيَسْأَلُهُ أَعْطَاهُ أَوْ منعه

فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَرَاهِيَةُ السُّؤَالِ لِكُلِّ مَنْ فِيهِ طَاقَةٌ عَلَى السَّعْيِ وَالِاكْتِسَابِ وَفِيهِ ذَمُّ الْمَسْأَلَةِ وَحَمْدُ الْمُعَالَجَةِ وَالسَّعْيِ وَالتَّحَرُّفِ فِي الْمَعِيشَةِ وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَمِّ الْمَسْأَلَةِ كَثِيرَةٌ صِحَاحٌ فيها شفاء لمن تدبرها ووقف عل مَعَانِيهَا وَهِيَ تُفَسِّرُ مَعْنَى هَذَا الْبَابِ وَتُوَضِّحُ الْمُرَادَ مِنْ حَدِيثِهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ فَمِمَّا يَخْرُجُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى وَالْيَدُ الْعُلْيَا الْمُنْفِقَةُ وَقِيلَ الْمُتَعَفِّفَةُ عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْيَدُ السُّفْلَى السَّائِلَةُ وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ نَافِعٍ فلا وجه لإعادة ذلك ههنا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا عُبَيْدٍ مَوْلَى عبد الرحمان بْنِ أَزْهَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنْ

يَحْتَزِمَ أَحَدُكُمْ بِحُزْمَةِ حَطَبٍ فَيَحْمِلُهَا عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا فَيُعْطِيهِ أَوْ يَمْنَعَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عمر النمر يقال حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ الْفَزَارِيِّ عَنْ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَسَائِلُ كَدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلَ ذَا سُلْطَانٍ أَوْ فِي أَمْرٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ شُعَيْبِ بْنُ اللَّيْثِ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ

قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مَعْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ مَخْشِيٍّ عَنِ ابْنِ الْفِرَاسِيِّ أَنَّ الْفِرَاسِيَّ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَأَسْأَلُ قَالَ لَا وَإِنْ كُنْتَ سَائِلًا لَا بُدَّ فَاسْأَلِ الصَّالِحِينَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الْأَمِينُ أَمَّا هُوَ إِلَيَّ فَحَبِيبٌ وَأَمَّا هُوَ عِنْدِي فَأَمِينٌ عَوْفُ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةً

أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ تِسْعَةً فَقَالَ أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِبَيْعَتِهِ قُلْنَا قَدْ بَايَعْنَاكَ قَالَهَا ثَلَاثًا فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا فَبَايَعْنَاهُ قَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَعَلَامَ نُبَايِعُكَ قَالَ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَتُصَلُّوا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَتَسْمَعُوا وَتُطِيعُوا وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً قَالَ لَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا قَالَ فَلَقَدْ كَانَ بَعْضُ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُهُ فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَتَكَفَّلُ لي ألا يسأل الناس شيئا وأتكفل به بِالْجَنَّةِ فَقَالَ ثَوْبَانُ أَنَا فَكَانَ لَا يَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بن

أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ بِسْطَامِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ عائد بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى أُسْكُفَّةِ الْبَابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي السُّؤَالِ مَا مَشَى أَحَدٌ إِلَى أَحَدٍ يَسْأَلُهُ شَيْئًا قَالَ أَبُو عُمَرَ السُّؤَالُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ فِيهِ مِنَّةٌ وَقُوَّةٌ وَأَدْنَى حِيلَةٍ فِي الْمَعِيشَةِ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ ذَا سُلْطَانٍ لِأَنَّ لَهُ عِنْدَهُ حَقًّا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَوْ يَسْأَلْ فِي أَمْرٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِنْ حَمَالَةٍ يَتَحَمَّلُهَا أَوْ دَيْنٍ ادَّانَهُ فِي وَاجِبٍ أَوْ مُبَاحٍ يَسْأَلُ مَنْ يَعْرِفُ أَنَّ كَسْبَهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَهُمُ الصَّالِحُونَ الَّذِينَ قُصِدَ إِلَيْهِمْ فِي حَدِيثِ الْفِرَاسِيِّ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ تَحِلُّ فِيهَا الْمَسْأَلَةُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَتَعَدَّى إِلَّا مَا ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

حدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ما يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حدثنا حفص بن عمر الخوضي وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ الْفَزَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلُ كَدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ ذَا سُلْطَانٍ أَوْ ينزل به أمر لا بجد مِنْهُ بُدًّا وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً وأخبرنا عبد الله مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ رَبَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا كِنَانَةُ بْنُ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيُّ عَنْ

قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ أَقِمْ يَا قَبِيصَةُ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ وَآمُرُ لَكَ بِهَا ثُمَّ قَالَ يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِإِحْدَى ثَلَاثٍ رَجُلٌ تَحَمَّلَ بِحَمَالَةٍ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُولَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ قَدْ أَصَابَتْ فَلَانًا الْفَاقَةُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكُ وَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسَائِلِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتٌ يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا وَاضِحٌ فِي وُجُوهِ الْمَسْأَلَةِ مُغْنٍ عَنْ قَوْلِ كُلِّ قَائِلٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالسِّدَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلُهُ بِكَسْرِ السِّينِ وَمَعْنَاهُ الْبُلْغَةُ وَالْكِفَايَةُ وَكَذَلِكَ مَا سَدَّ بِهِ الشَّيْءَ يُقَالُ لَهُ أَيْضًا سِدَادٌ بِالْكَسْرِ قَالَ الْعَرْجِيُّ وَهُوَ مِنْ وَلَدِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ... أَضَاعُونِي وَأَيَّ فَتًى أَضَاعُوا ... لِيَوْمِ كَرِيهَةٍ وَسِدَادِ ثَغْرِ

وأما السداد بالفتح فهوالقصد أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَخْضَرِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْأَلُهُ فَقَالَ أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ قَالَ بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ الْمَاءَ فَقَالَ ائْتِنِي بِهِمَا فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ قَالَ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ وَقَالَ اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا وَائْتِنِي فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلَا أَرَاكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي

وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الدَّمُ الْمُوجِعُ الْحَمَالَةُ فِي دَمِ الْخَطَأِ وَالْفَقْرُ الْمُدْقِعُ الَّذِي أَفْضَى بِصَاحِبِهِ إِلَى الدَّقْعَاءِ وَهِيَ التُّرَابُ كَأَنَّهُ أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِالْأَرْضِ مِنَ الْفَقْرِ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ وَقَدْ فَسَّرْنَا مَعْنَى الْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ فِي كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ الْمُهَاجِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مخلد عن عبد الرحمان بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ عَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنِ عُمَرَ قَالَ مَكْسَبَةٌ فِيهَا بَعْضُ الرِّيبَةِ خَيْرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ هَكَذَا قَالَ الرِّيبَةُ وَإِنَّمَا حَفِظْنَاهُ الدَّنَاءَةِ ذَكَرَ الْعَقِيلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا

غَالِبٌ الْقَطَّانُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَكْسَبَةٌ فِيهَا بَعْضُ الدَّنَاءَةِ خَيْرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ قال العقيلي عبد الرحمان بن عبد المؤمن هذا هو عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ فَيْرُوزٍ الْمِعْوَلِيُّ الرَّامِي بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ الرَّبِيعِ يَقُولُ قَالَ لِي ابْنُ الْمُبَارَكِ مَا حِرْفَتُكَ قُلْتُ أَنَا بُورَانِيٌّ قَالَ مَا بُورَانِيٌّ قُلْتُ لِي غِلْمَانٌ يَصْنَعُونَ الْبَوَارِيَّ قَالَ لَوْ لَمْ تَكُنْ لِلصِّنَاعَةِ مَا صَحِبْتَنِي وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ قَالَ لِي أَبُو قِلَابَةَ يَا أَيُّوبُ الْزَمْ سُوقَكَ فَإِنَّ الْغِنَى مِنَ العافية

الحديث الخامس والثلاثون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَثَلَاثُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وُجُوهٍ رَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ وَيَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ وَالْأَعْرَجُ وَغَيْرُهُمْ قَوْلُهُ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ أَيْ يُجْمَعَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ مَعْرِفَةُ يَمِينَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ كَانَ يَحْلِفُ عَلَى مَا يُرِيدُ بِاللَّهِ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ لَا يُحْلَفُ بِاللَّهِ صَادِقًا وَلَا كَاذِبًا وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ كِفَايَةٌ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْلِفُ كَثِيرًا بِاللَّهِ ثُمَّ إِنْ رَأَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ

حَنَّثَ نَفْسَهُ وَكَفَّرَ وَفِيهِ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى مُبَيَّنًا فِي بَابِ سُهَيْلٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ الصَّلَوَاتِ يُؤَذَّنُ لَهَا وَفِيهِ أَيْضًا إِجَازَةُ إِمَامَةِ الْمَفْضُولِ بِحَضْرَةِ الْفَاضِلِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ عُقُوبَةِ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْ شُهُودِ الْجَمَاعَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَمْ يَكُنْ يَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا مُنَافِقٌ أَوْ مَنْ لَهُ عُذْرٌ بَيِّنٌ وَقَدِ اسْتَدَلَّتْ بِهِ طَائِفَةٌ عَلَى أَنَّ الْعُقُوبَةَ قَدْ تَكُونُ فِي الْمَالِ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَاقِبُ بِمَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَجَائِزٌ أَنْ لَا يَفْعَلَ لِأَنَّ تَرْكَ إِنْفَاذِ الْوَعِيدِ عَفْوٌ وَلَيْسَ بِخُلْفٍ وَلَا كَذِبٍ وَإِنَّمَا الْكَذِبُ مَا أَثِمَ فِيهِ الْمَرْءُ وَعَصَى رَبَّهُ فَجَائِزٌ مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ تَأْدِيبًا لِلنَّاسِ ثُمَّ الْخِيَارُ بَعْدُ فِي إِنْفَاذِهِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ دَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ أحد في خاصته كالجمعة وأنها لا تجزء الْمُنْفَرِدَ إِلَّا أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَوْ يُصَلِّيَهَا قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْهَا كَقَوْلِنَا فِي الْجُمُعَةِ سَوَاءً وَاحْتُجَّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ

وَهَذَا عِنْدَنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْكَمَالِ فِي الْفَضْلِ كَمَا قَالَ لَا دِينَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَقَالَ لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ أَيْ مُسْتَكْمِلٌ الْإِيمَانَ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِحَدِيثٍ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ وَعَمْرِو بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَهَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى الْجُمُعَةِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ الْحَدِيثَ قَالَ وَمُحَالٌ أَنْ يُحْرِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُيُوتَ قَوْمٍ إِلَّا عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ وَهَذَا عِنْدَنَا عَلَى أَنَّ شُهُودَ الْجَمَاعَةِ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ الَّتِي تَجِبُ عُقُوبَةُ مَنْ أَدْمَنَ التَّخَلُّفَ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَقَدْ أَوْجَبَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْتَمَعَ عَلَى تَعْطِيلِ الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا مِنَ الْجَمَاعَاتِ فَإِذَا قَامَتِ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ فِي بَيْتِهِ جَائِزَةٌ

لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً فَفِي هذا الحديث جواز صلاةالمنفرد وَالْخَبَرُ بِأَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَجَدَ أَحَدُهُمُ الْغَائِطَ فَلْيَبْدَأْ بِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَقَالَ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَالْعَشَاءُ فَابْدَأُوا بِالْعَشَاءِ وَقَالَ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ فِي الْمَطَرِ وَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ بِفَرِيضَةٍ وَإِنَّمَا هِيَ فَضِيلَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْآثَارَ بِأَسَانِيدِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مَعْنَى حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْجُمُعَةِ لَا فِي غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي الْجَمَاعَةِ وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مَعْمَرُ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ فَأُحَرِّقَ عَلَى قَوْمٍ بُيُوتَهُمْ لَا يَشْهَدُونَ الْجُمُعَةَ

وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ غَيْرُ هَذَا وَتَرْتِيبُ الْآثَارِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ عَلَى فَرْضِ الْجُمُعَةِ وَتَأْكِيدِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ مُفَسِّرًا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا أَيْ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ سَمِعَهُ مِنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ الْقَوْمُ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ أُحَرِّقَ عَلَى قَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ وَهَذَا بَيِّنٌ فِي الْجُمُعَةِ وَأَمَّا التَّأْكِيدُ فِي النَّدْبِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ

الْخَمْسِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَإِنِّي لَا أَحْسَبُ مِنْكُمْ أَحَدًا إِلَّا لَهُ مَسْجِدًا يُصَلِّي فِيهِ فِي بَيْتِهِ فَلَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَتَرَكْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ تَرَكْتُمْ سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبَّادٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ عَلَيْكُمْ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّهَا مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ وَلَقَدْ عَهِدْتُنَا وَإِنَّ الرَّجُلَ لِيُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومٌ نِفَاقُهُ فَقَدْ صَرَّحَتْ هَذِهِ الْآثَارُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِأَنَّ شُهُودَ الْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ وَمَنْ تَدَبَّرَهَا عَلِمَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَحَدُ الَّذِينَ رَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَضْلَ صَلَاةِ الْجَمْعِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ قَالَ حَدَّثَنَا السَّائِبُ بْنُ حُبَيْشٍ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ قَالَ زَائِدَةُ قَالَ السَّائِبُ يَعْنِي الْجَمَاعَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ زَائِدَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَقَالَ زَائِدَةُ قَالَ السَّائِبُ يَعْنِي بِالْجَمَاعَةِ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ فَهَذَا تَوْبِيخٌ مِنْهُ لِمَنْ تَأَخَّرَ عَنْ شُهُودِ الْعِشَاءِ مَعَهُ وَتَقْرِيعٌ وَذَمٌّ صَرِيحٌ وَعَتْبٌ

صحيح إذا أَضَافَ إِلَيْهِمْ أَنَّ أَحَدَهُمْ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَجِدُ مِنَ الدُّنْيَا الْعَرَضَ الْقَلِيلَ وَالتَّافِهَ الْحَقِيرَ وَالنَّزْرَ الْيَسِيرَ فِي الْمَسْجِدِ لَقَصَدَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَهُوَ يَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلَاةِ (فِيهِ) وَلَهَا مِنَ الْأَجْرِ الْعَظِيمِ وَالثَّوَابِ الْجَسِيمِ مَا لَا خَفَاءَ بِهِ عَلَى مُؤْمِنٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى بِهَذَا تَوْبِيخًا فِي أَثَرَةِ الطَّعَامِ وَاللَّعِبِ عَلَى شُهُودِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَهَذَا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ قَصْدًا إِلَى الْمُنَافِقِينَ وَإِشَارَةً إِلَيْهِمْ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَمَا يَتَأَخَّرُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومٌ نِفَاقُهُ وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ هُمْ أَصْحَابُهُ حَقًّا كَانَ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ إِلَّا لِعُذْرٍ بَيِّنٍ هَذَا مَا لَا يَشُكُّ فِيهِ مُسْلِمٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَظْمِ السَّمِينِ يُرِيدُ بَضْعَةَ اللَّحْمِ السَّمِينِ عَلَى عَظَمَةِ الْمَثَلِ فِي التَّفَاهَةِ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ يُرِيدُ الشَّيْءَ الْكَثِيرَ لَمْ يُرِدِ الْقِنْطَارَ بِعَيْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ يُرِيدُ الشَّيْءَ الْحَقِيرَ الْقَلِيلَ وَلَمْ يُرِدِ الدِّينَارَ بِعَيْنِهِ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ

وَأَمَّا الْمِرْمَاتَانِ فَقِيلَ هُمَا السَّهْمَانِ وَقِيلَ هُمَا حَدِيدَتَانِ مِنْ حَدَائِدَ كَانُوا يَلْعَبُونَ بِهَا وَهِيَ مُلْسٌ كَالْأَسِنَّةِ كَانُوا يُثَبِّتُونَهَا فِي الْأَكْوَامِ وَالْأَغْرَاضِ وَيُقَالُ لَهَا فِيمَا زَعَمَ بَعْضُهُمْ الْمَذَاجِيُّ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يُقَالُ إِنَّ الْمِرْمَاةَ مَا بَيْنَ ظِلْفَيِ الشَّاةِ قَالَ وَهَذَا حَرْفٌ لَا أَدْرِي مَا وَجْهُهُ إِلَّا أَنَّ هَذَا تَفْسِيرُهُ وَيُرْوَى الْمِرْمَاتَيْنِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِفَتْحِهَا وَاحِدُهَا مِرْمَاةٌ مِثْلَ مِرْمَاةٍ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَخْفَشُ وَغَيْرُهُ

الحديث والسادس والثلاثون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَثَلَاثُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَحْيَا فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَحْيَا فَأُقْتَلُ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ ثَلَاثًا أَشْهَدُ بِاللَّهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ الْيَمِينِ بِاللَّهِ عَلَى كُلِّ مَا يَعْتَقِدُهُ الْمَرْءُ مِمَّا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى يَمِينٍ وَمِمَّا لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا لَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَوْحِيدًا وَتَعْظِيمًا وَإِنَّمَا يُكْرَهُ الْحِنْثُ وَالِاسْتِخْفَافُ وَفِيهِ إِبَاحَةُ تَمَنِّي الْخَيْرِ وَالْفَضْلِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِمَا يُمْكِنُ وَمَا لَا يُمْكِنُ وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا مَعْنَاهُ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَرَجَ فَضْلُ الْجِهَادِ وَفَضْلُ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفَضْلُ الشَّهَادَةِ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُحِيطُ بِهِ كِتَابٌ فَكَيْفَ أَنْ يُجْمَعَ فِي بَابٍ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

الحديث السابع والثلاثون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَثَلَاثُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَصْلٌ عَظِيمٌ وَفَضْلٌ جَسِيمٌ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ لَا يَزْكُو مِنْهَا إِلَّا مَا صَحِبَتْهُ النِّيَّةُ وَالْإِخْلَاصُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ الْغَنِيمَةَ لَا تُنْقِصُ مِنْ أَجْرِ الْمُجَاهِدِ شَيْئًا وَأَنَّ الْمُجَاهِدَ وَافِرُ الْأَجْرِ غَنِمَ أَوْ لَمْ يَغْنَمْ وَيُعَضِّدُ هَذَا وَيَشْهَدُ لَهُ مَا اجْتَمَعَ عَلَى نَقْلِهِ أَهْلُ السِّيَرِ وَالْعِلْمِ بِالْأَثَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لِعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ بِأَسْهُمِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُمْ غَيْرُ حَاضِرِي الْقِتَالِ

فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَأَجْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَجْرُكَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ تَحْلِيلَ الْغَنَائِمِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ فَضَائِلِهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لقوم سود الرؤوس قَبْلَكُمْ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُضِّلْتُ بِخِصَالٍ وَذَكَرَ مِنْهَا وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَوْ كَانَتْ تُحْبِطُ الْأَجْرَ أَوْ تُنْقِصُهُ مَا كَانَتْ فَضِيلَةً لَهُ وَقَدْ ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ الْغَنِيمَةَ تُنْقِصُ مِنْ أَجْرِ الْغَانِمِينَ لِحَدِيثٍ رَوَوْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ سَرِيَّةٍ أَسْرَتْ فَأَخْفَقَتْ إِلَّا كُتِبَ لَهَا أَجْرُهَا مَرَّتَيْنِ قَالُوا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَسْكَرَ إِذَا لَمْ يَغْنَمُ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أبو عبد الرحمان الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ عَنْ أَبِي هَانِئٍ حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمان الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتُصِيبُ غَنِيمَةً إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنَ الْآخِرَةِ وَيَبْقَى لَهُمُ

الثُّلُثُ فَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَهَذَا إِنَّمَا فِيهِ تَعْجِيلُ بَعْضِ الْأَجْرِ مع التسوية فيه للغنائم وَغَيْرِ الْغَانِمِ إِلَّا أَنَّ الْغَانِمَ عَجَّلَ لَهُ ثُلُثَا أَجْرِهِ وَهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي جُمْلَتِهِ وَقَدْ عَوَّضَ اللَّهُ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ فِي الْآخِرَةِ بِمِقْدَارِ مَا فَاتَهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لمن يشاء هو أَفْضَلُ مَنْ رُجِيَ وَتُوُكِّلَ عَلَيْهِ لَا إِلَهَ إلا هو

الحديث الثامن والثلاثون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَثَلَاثُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ يَضْحَكُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُقَاتِلُ فَيُسْتَشْهَدُ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْقَاتِلَ الْأَوَّلَ كَانَ كَافِرًا وَتَوْبَتُهُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْلَامُهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ لَا مَحَالَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنِ أَبِي الْعَجْفَاءِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ حَدِيثًا سَمِعَهُ يَقُولُ قَالَ وَأُخْرَى تَقُولُونَهَا يَعْنِي فِي مُغَازِيكُمْ هَذِهِ لِمَنْ يُقْتَلُ قُتِلَ فُلَانٌ شَهِيدًا أَوْ مَاتَ فُلَانٌ شَهِيدًا وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَوْقَرَ دَفَّتَيْ رَاحِلَتِهِ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا يَبْتَغِي الدُّنْيَا أَوْ قَالَ التِّجَارَةَ فَلَا تَقُولُوا ذَاكُمْ وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مَاتَ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَكَذَلِكَ الْآثَارُ الْمُتَقَدِّمَةُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَلِكَ عَلَى قَدْرِ النِّيَّاتِ وَكُلُّ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ الْعُلْيَا وَكَلِمَةُ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ يَضْحَكُ اللَّهُ فَمَعْنَاهُ يَرْحَمُ اللَّهُ عَبْدَهُ عِنْدَ ذَاكَ وَيَتَلَقَّاهُ بِالرَّوْحِ وَالرَّاحَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ وَهَذَا مَجَازٌ مَفْهُومٌ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ فِي الْمُجْرِمِينَ فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ الْخَوْضَ فِي مِثْلِ هَذَا وَشِبْهِهِ مِنَ التَّشْبِيهِ كُلِّهِ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَمَا كَانَ مِثْلُهُ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ والتوفيق

الحديث التاسع والثلاثون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَثَلَاثُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال أترون قبلتي ههنا فَوَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ خُشُوعُكُمْ وَلَا رُكُوعُكُمْ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي هَذَا كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا سَبِيلَ إِلَى كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ وَهُوَ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى الْوَرَّاقُ أَخْبَرَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي فَقَالَ كَانَ يَرَى مِنْ خَلْفِهِ كَمَا يَرَى مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ قُلْتُ لَهُ إِنَّ إِنْسَانًا قَالَ لِي هُوَ فِي ذَلِكَ مِثْلُ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا كَانَ يَرَاهُمْ كَمَا يَنْظُرُ الْإِمَامُ مِنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ إِنْكَارًا شَدِيدًا

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ دَاوُدَ وَحُمَيْدٍ وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَرَى مِنْ خَلْفِهِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا يَرَى مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُوسَى وَأَبُو بَكْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ كَانَ يَرَى مِنْ خَلْفِهِ كَمَا يَرَى مِنْ أَمَامِهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ قَالَ رُكُوعُهُ وَسُجُودُهُ قَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي السَّاجِدِينَ فِي الْمُصَلِّينِ قَالَ وَقَالَ عِكْرِمَةُ قَائِمًا وَرَاكِعًا وَسَاجِدًا وَجَالِسًا وَذَكَرَ سُنَيْدٌ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى مَنْ وَرَائِي كَمَا أَنْظُرُ إِلَى مَنْ بَيْنَ يَدَيَّ فَسَوُّوا صُفُوفَكُمْ وَأَحْسِنُوا ركوعكم وسجودكم

الحديث الموفي الأربعين

حَدِيثٌ مُوفِي أَرْبَعِينَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ ابن شهاب فلا معنى لإعادته ههنا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عِكْرِمَةَ مَا هُوَ تَفْسِيرٌ لِحَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلُهُ ذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَفَّ أَهْلُ الْأَرْضِ صَفَّ أَهْلُ السَّمَاءِ فَإِذَا قَالَ قَارِئُ الْأَرْضِ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ آمِينَ فَإِذَا وَافَقَتْ آمِينَ أَهْلِ الْأَرْضِ آمِينَ أَهْلِ السَّمَاءِ غُفِرَ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ

تابع لحرف العين

حَدِيثٌ حَادٍ وَأَرْبَعُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مَبْسُوطًا مُمَهَّدًا فِي بَابِ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحمان من كتابنا هذا عِنْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّاسَ شُرَكَاءٌ فِي الْكَلَأِ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ النَّاسُ شُرَكَاءٌ فِي الْمَاءِ وَالنَّارِ وَالْكَلَأِ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي كَلَأِ الْفَلَوَاتِ وَالصَّحَارِي وَمَا لَا تُمْلَكُ رَقَبَةُ الْأَرْضِ فِيهِ وَجَعَلَ الرَّجُلَ أَحَقَّ بِكَلَأِ أَرْضِهِ إِنْ أَحَبَّ الْمَنْعَ مِنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ وَغَيْرُهُ يَقُولُ الْكَلَأُ حَيْثُ صَارَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَمَنْ سَبَقَ إِلَيْهِ بِالْقَطْعِ كَانَ لَهُ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمَّا نُهِيَ الرَّجُلُ عَنْ مَنْعِ فَضْلِ مَاءٍ قَدْ حَازَهُ بِالِاحْتِفَارِ لِئَلَّا يَمْنَعَ مَا لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ إِنَّهُ فِيمَا لَا يُمْلَكُ مِنَ

الْفَلَوَاتِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْمَاءَ مَاءُ الْآبَارِ الْمُحْتَفَرَةِ هُنَاكَ لِسَقْيِ الْمَوَاشِي فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ مِنَ الْمَوَاتِ دُونَ الْفَلَوَاتِ فَيَكُونُ لِحَافِرِ الْبِئْرِ هُنَاكَ حَقُّ التَّبْدِئَةِ وَلَا يَمْنَعُ فَضْلَ ذَلِكَ الماء لأن في منعه ذلك حمى مال لَيْسَ يَمْلِكُهُ مِنَ الْكَلَأِ هُنَالِكَ وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ أَبِي الرِّجَالِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ عَمَّنْ لَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ لَا يُمْنَعُ رَهْوُ بِئْرٍ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ مَعْنَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَحَادِيثِ وَاحِدٌ قَالَ فَأَمَّا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ فَهُوَ أَنْ يَحْتَفِرَ الرَّجُلُ الْبِئْرَ فِي الْفَلَاةِ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَإِنَّمَا هِيَ مَرْعَى لِلْمَوَاشِي فَيُرِيدُ أَنْ يَمْنَعَ مَاشِيَةَ غَيْرِهِ أَنْ تُسْقَى بِمَاءِ تِلْكَ الْبِئْرِ قَالَ وَفِيهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكل قَالَ يَقُولُ إِذَا مَنَعَ حَافِرُ تِلْكَ الْبِئْرِ فَضْلَ مَائِهَا بَعْدَ رِيِّ مَاشِيَتِهَا فَقَدْ مَنَعَ الْكَلَأَ الَّذِي حَوْلَ الْبِئْرِ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَرْعَى حَيْثُ لَا يَكُونُ لِمَاشِيَتِهِ مَاءٌ تَشْرَبُهُ قَالَ وَيَجِبُ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ أَنْ لَا يَمْنَعَ مَنْ لَهُ مَاشِيَةٌ تَرْعَى فِي ذَلِكَ الْكَلَأِ وَالْفَلَاةِ أَنْ يَسْقُوا مَاشِيَتَهُمْ مِنْ فَضْلِ ماء تلك البئر التي انفرد بحرفها دُونَهُمْ قَالَ وَيُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَعَانُوهُ عَلَى حَفْرِ تِلْكَ الْبِئْرِ إِلَّا أَنَّهُ الْمَبْدَأُ بِسَقْيِ مَاشَيْتِهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهُ الْمَبْدَأَ فِي ذَلِكَ الْمَاءِ أَنْ يَسْقِيَ مَاشِيَتَهُ قَبْلَ غَيْرِهِ وَلَا يَمْنَعَ فَضْلَهُ غَيْرَهُ قَالَ وَذُرِّيَّتُهُ وَذُرِّيَّةُ ذُرِّيَّتِهِ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ فِي تَقْدِيمِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ وَلَا بَيْعَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَلَا مِيرَاثَ إِلَّا التَّبْدِئَةَ بِالِانْتِفَاعِ فِي مَائِهَا قَالَ وَأَمَّا الرَّجُلُ يَحْتَفِرُ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ وَمِلْكِهِ بِئْرًا فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَاءَهَا أَوَّلهَ وَآخِرَهُ وَلَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهَا مَعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ كَذَلِكَ فَسَّرَ لِي فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مَنْ لَقِيتُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ مَعْنَى حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ

لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ تَأْوِيلُهُمَا وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَلَكِنَّ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهَا آبَارُ الْمَاشِيَةِ فِي الْفَلَوَاتِ وَمَوَاضِعِ الْكَلَأِ قَالَ لِأَنَّهُ إِذَا مَنَعَ فَضْلَ مَاءِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَرْعَى فِي الْكَلَأِ بِغَيْرِ مَاءٍ يَسْقِي بِهِ مَاشِيَتَهُ وَلَوْ مَنَعَ مِنْ فَضْلِ ذَلِكَ الْمَاءِ مَنَعَ فَضْلَ الْكَلَأِ الَّذِي حَوْلَهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى أَنْ يَحِلَّ بَيْعُ مَاءِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ قَالَ وَأَمَّا بِئْرُ الزَّرْعِ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ مَائِهَا وَقَالَ فِي بِئْرِ الزَّرْعِ وَبِئْرِ النَّخْلِ إِنَّهُ لَا يُكَرَهُ رَبُّهَا عَلَى أَنْ يُسْقِيَ فَضْلَ مَائِهَا غَيْرَهُ وَإِنَّهُ لَحَسَنٌ أَنْ يَفْعَلَ إِلَّا إِنْ تَعَذَّرَ بِئْرُ جَارِهِ فَهُوَ يُكْرَهُ عَلَى أَنْ يَسْقِيَهُ فَضْلَ مَائِهِ لِئَلَّا يَهْلَكَ زَرْعُهُ وَنَخْلُهُ حَتَّى يُصْلِحَ بِئْرَهُ قَالَ ابن وهب وسمعت مالك وَسُئِلَ عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ فَقَالَ مَالِكٌ بِئْرُ الرَّجُلِ تَنْهَارُ فَيَقِلُّ مَاؤُهَا فَلَا يمنعه جار أَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ مِنْ بِئْرِهِ حَتَّى يُصْلِحَ بِئْرَهُ وَقَالَ هَذَا تَفْسِيرُهُ فِي رَأْيِي قَالَ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ فَقَالَ مَالِكٌ يَكُونُ الْكَلَأُ بِالْمَوْضِعِ وَيَكُونُ فِيهِ الْمَاءُ لِلرَّجُلِ فَيَأْتِي آخَرُ بِغَنَمِهِ لِيَرْعَى فِي ذَلِكَ الْكَلَأِ فَيَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَسْقِيَ مِنْ مَائِهِ قَالَ وَلَوْ قَدَرَ النَّاسُ عَلَى هَذَا لَحَمُوا بِلَادَهُمْ وَلَمْ يَدَعُوا أَحَدًا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ فِي الْكَلَأِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِمَا لِفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِيهِ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالْأَقْوَالِ وَالِاعْتِلَالِ وَالِاعْتِبَارِ فِي بَابِ أَبِي الرِّجَالِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَمَنْ تَأَمَّلَهُ هُنَاكَ اكْتَفَى بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ لَا تُبَاعُ مِيَاهُ الْمَاشِيَةِ إِنَّمَا تَشْرَبُ مِنْهَا الْمَاشِيَةُ وَأَبْنَاءُ السَّبِيلِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا أَحَدٌ وَقَدْ كَانَ يُكْتَبُ عَلَى مَنِ احْتَفَرَهَا أَنَّ أَوَّلَ مَنْ يَشْرَبُ مِنْهَا أَبْنَاءُ السَّبِيلِ قَالَ وَكَذَلِكَ جِبَابُ الْبَادِيَةِ الَّتِي تَكُونُ لِلْمَاشِيَةِ فَقِيلَ لِمَالِكٍ أَفَرَأَيْتَ الْجِبَابَ الَّتِي تُجْعَلُ لِمَاءِ السَّمَاءِ قَالَ فَذَلِكَ أَبْعَدُ

حديث ثان وأربعون لأبي الزناد

حَدِيثٌ ثَانٍ وَأَرْبَعُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ لَا يَقُولُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالْكَبِيرُ وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ وَهَكَذَا رِوَايَةُ أَبِي الزِّنَادِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ لَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ هَذَا وَذَا الْحَاجَةِ وَهُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا وَأَبِي مَسْعُودٍ وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ إِمَامًا فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ وَرَاءَهُ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَيُطَوِّلْ مَا شَاءَ وَأَكْثَرُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَمْرُ الْأَئِمَّةِ بِالتَّخْفِيفِ وَتَرْكُ التَّطْوِيلِ لِعِلَلٍ قَدْ بَانَتْ فِي قَوْلِهِ فَإِنَّ فِيهِمُ الْكَبِيرَ وَالسَّقِيمَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ وَالتَّخْفِيفُ لِكُلِّ إِمَامٍ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ مَنْدُوبٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ إِلَيْهِ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ أَقَلُّ

الْكَمَالِ وَأَمَّا الْحَذْفُ وَالنُّقْصَانُ فَلَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ نَقْرِ الْغُرَابِ وَرَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لا ينطر اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَقَالَ أَنَسٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَفَّ النَّاسِ صَلَاةً فِي تَمَامٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية حدثنا أحمد بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَخَفَّ النَّاسِ صَلَاةً فِي تَمَامٍ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ أَنَسٍ مِنْ وُجُوهٍ وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَدِيلٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ فَهُوَ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ غَيْرُ مَحْفُوظٍ لَهُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَدِيلٍ شَامِيٌّ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ بِحَمْلِ الْعِلْمِ وَلَا مِمَّنْ تُعْرَفُ لَهُ جَرْحَةٌ يَجِبُ بِهَا رَدُّ رِوَايَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ حَدَّثَهُ عَنْ تَمِيمِ بن محمود الليثي عن عبد الرحمان بْنِ شِبْلٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نهى عن نَقْرِ الْغُرَابِ وَافْتِرَاشِ السَّبُعِ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَكَمِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ اعْتَدِلُوا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَا يَفْتَرِشْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ الْكَلْبِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان قالا حدثنا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعَارِمٌ قَالَا حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ أَخْبَرَنَا وَاصِلُ الْأَحْدَبُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ رَأَى حُذَيْفَةُ رَجُلًا يُصَلِّي لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ دَعَاهُ فَقَالَ مُذْ كَمْ صَلَّيْتَ هَذِهِ الصَّلَاةَ قَالَ صَلَّيْتُهَا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ حُذَيْفَةُ مَا صَلَّيْتَ أَوْ قَالَ مَا صَلَّيْتَ لِلَّهِ وَأَحْسَبُهُ قَالَ وَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عِمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُجْزِئُ صَلَاةُ الرَّجُلِ حَتَّى يُقِيمَ ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْلِيمِ الْأَعْرَابِيِّ ثُمَّ ارْكَعْ فَاعْتَدِلْ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ فَاعْتَدِلْ سَاجِدًا ثُمَّ اجْلِسْ فَاطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ اسْجُدْ فَاعْتَدِلْ فَإِذَا صَلَّيْتَ صَلَاتَكَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَتْمَمْتَ صَلَاتَكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاخْتَلَفَ

الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ صَارَ مِنَ الرُّكُوعِ إِلَى السُّجُودِ وَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ قَالَ وَيُلْغِي تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَلَا يَعْتَدُّ بِهَا مِنْ صَلَاتِهِ إِنْ لَمْ يَرْفَعْ صُلْبَهُ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ ثُمَّ أَهْوَى سَاجِدًا قَبْلَ أَنْ يَعْتَدِلَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَلَمْ يَعْتَدِلْ قَائِمًا حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَلَا يَعُدْ فَإِنْ خَرَّ مِنَ الرُّكُوعِ إِلَى السُّجُودِ وَلَمْ يَرْفَعْ شَيْئًا فَلَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ فَلَمْ يَعْتَدِلْ جَالِسًا حَتَّى سَجَدَ أُخْرَى فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَلَا يَعُدْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَحَبُّ إِلَيَّ فِي الَّذِي خَرَّ مِنَ الرَّكْعَةِ سَاجِدًا قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ أَنْ يَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَطَعَ صَلَاتَهُ وَابْتَدَأَهَا وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ جَعَلَهَا نَافِلَةً وَسَلَّمَ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ أَتَمَّ صَلَاتَهُ وَجَعَلَهَا نَافِلَةً ثُمَّ أَعَادَهَا بِتَمَامِ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَهَذَا فِيمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ تَمَادَى مَعَهُ ثُمَّ أَعَادَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا مَعْنَى لِلْفَرْقِ بَيْنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا فِي أَثَرٍ وَلَا نَظَرٍ وَكَذَلِكَ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ صَيَّرَهَا نَافِلَةً وَالصَّوَابُ إِلْغَاءُ تِلْكَ الرَّكْعَةِ عَلَى مَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ لِأَنَّ الِاعْتِدَالَ فَرْضٌ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى

تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ اجْلِسْ حَتَّى تَعْتَدِلَ جَالِسًا وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُجْزِئُ رَجُلَاً صَلَاتُهُ حَتَّى يُقِيمَ فِيهَا ظَهْرَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ صَارَ مِنَ الرُّكُوعِ إِلَى السُّجُودِ وَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ إِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرَيُّ إِذَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لَمْ يُعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ حَتَّى يَقُومَ فَيَعْتَدِلَ صُلْبُهُ قَائِمًا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحَادِيثُ هَذَا الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ وَمَا رَوَى فِيهِ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ هُوَ الصَّوَابُ وَعَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ وَرِوَايَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَدْ رَوَى مِثْلَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَقَدَّمَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ غَيْرَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَحَادِيثُ الْمَرْفُوعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ تَرُدُّهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ وَهُوَ ابن الحرث عن ابن أبي ذئب قال أخبرنا الحرث بن عبد الرحمان عن سالم ابن عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِالتَّخْفِيفِ وَيَؤُمُّنَا بِالصَّافَّاتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ زَادَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصُّبْحِ وَقَدْ قِيلَ فِي الْمَغْرِبِ وَلَا حَدَّ فِي إِكْمَالِ الصَّلَاةِ وَتَخْفِيفِهَا أَكْثَرُ مِنْ الِاعْتِدَالِ في الركوع

وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ وَأُقِلُّ مَا يُجُزِئُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ بِقِرَاءَةٍ تُفْهَمُ حُرُوفُهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الرُّكُوعِ إِذَا أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُسَبِّحْ فَهُوَ مُجْزِئٌ عَنْهُ وَكَانَ لَا يُوَقِّتُ تَسْبِيحًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ مِنْ عَمَلِ الصَّلَاةِ أَنْ يُحْرِمَ وَيَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ إِنْ أَحْسَنَهَا وَيَرْكَعَ حَتَّى يَطَمَئِنَّ رَاكِعًا وَيَرْفَعَ حَتَّى يَعْتَدِلَ قَائِمًا وَيَسْجُدَ حَتَّى يَطْمَئِنَّ سَاجِدًا عَلَى الْجَبْهَةِ ثُمَّ يَرْفَعَ حَتَّى يَعْتَدِلَ جَالِسًا ثُمَّ يَسْجُدَ الْأُخْرَى كَمَا وَصَفْتُ ثُمَّ يَقُومُ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَيَجْلِسُ فِي الرَّابِعَةِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيُسَلِّمُ تسليمة يقول السلام عليكم فإذا قعل قعل ذَلِكَ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَقَدْ ضَيَّعَ حَظَّ نَفْسِهِ فِيمَا تَرَكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا التَّشَهُّدُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّسْلِيمُ فَيُخْتَلَفُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي مَوَاضِعَ مِنْهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي اسْتِحْبَابِ التَّخْفِيفِ لِكُلِّ مَنْ أَمَّ قَوْمًا عَلَى مَا شَرَطْنَا مِنَ الْإِتْيَانِ بِأَقَلِّ مَا يُجْزِئُ وَالْفَرِيضَةُ وَالنَّافِلَةُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ سَوَاءٌ فِي اسْتِحْبَابِ التَّخْفِيفِ فِيمَا إِذَا صُلِّيَتْ جَمَاعَةً بِإِمَامٍ إِلَّا مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ عَلَى سُنَّتِهَا عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ في باب زيد ابن أَسَلَمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَوَى مُطَرِّفُ بْنُ الشِّخِّيرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِي قَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أَؤُمَّ النَّاسَ وَأَنْ أُقَدِّرَهُمْ بِأَضْعَفِهِمْ فَإِنَّ فِيهِمُ الكبير والسقيم

وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِي وَأَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ عِنْدِي فِي تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ وَالتَّجَوُّزِ فِيهَا مِنْ أَجْلِ الْحَاجَةِ وَالْحَادِثِ يَعْرِضُ حَدِيثُ أَنَسٍ مَعَ حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي لَأَدْخُلُ الصَّلَاةَ فَأُرِيدُ إِطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ صَبِيٍّ فَأَتَجَوَّزُ لِمَا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ وَحَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلَاةِ فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ فَإِذَا جَازَ التَّخْفِيفُ وَالتَّجَوُّزُ فِي الصَّلَاةِ لِمِثْلِ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ وَيَجِبُ مِنْ أَجْلِ الضَّعِيفِ وَالْكَبِيرِ وَذِي الْحَاجَةِ فَكَيْفَ وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ الثَّابِتُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حدثنا سعيد ابن نَصْرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال إني لا تخلف عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ

مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلَانٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فأيكم أم الناس فيخفف فَإِنَّ فِيهِمُ الْكَبِيرَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَّةِ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيَّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ مِثْلَهُ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَمَعَهُ نَاضِحَانِ لَهُ وَقَدْ جَنَحَتِ الشَّمْسُ وَمُعَاذٌ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ فَدَخَلَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ فَاسْتَفْتَحَ مُعَاذٌ الْبَقَرَةَ أَوِ النِّسَاءَ مُحَارَبٌ الَّذِي يَشُكُّ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الرَّجُلُ صَلَّى ثُمَّ خَرَجَ قَالَ فَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذًا نَالَ مِنْهُ قَالَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ أَفَتَّانٌ يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ يَا مُعَاذُ هَلَّا قَرَأْتَ بِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا فَإِنَّ وَرَاءَكَ الكبير وذا الحاجة والضعيف ذكره أحمد ابن حَنْبَلٍ وَبُنْدَارٌ جَمِيعًا عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ وَحَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ حُبَابَةَ حدثنا البغوي حدثنا علي ابن الْجَعْدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ فَذَكَرَهُ سَوَاءً وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لَا تُبَغِّضُوا اللَّهَ إِلَى عِبَادِهِ يُطَوِّلُ أَحَدُكُمْ فِي صلاته حتى يشق عَلَى مَنْ خَلْفَهُ فِي كَلَامٍ هَذَا مَعْنَاهُ قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ فَتْحٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَكَرِيَّاءَ النَّيْسَابُورِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا

حجاج عن ابن جريج قال أخبرني زايد عن ابن عجلان قال حدثين بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ قَالَ حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ لَا تُبَغِّضُوا اللَّهَ إِلَى عِبَادِهِ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ يَكُونُ الرَّجُلُ إِمَامًا لِلنَّاسِ يُصَلِّي بِهِمْ فَلَا يَزَالُ يُطَوِّلُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُبَغِّضَ إِلَيْهِمْ مَا هُمْ فِيهِ أَوْ يَجْلِسُ قَاصًّا فَلَا يَزَالُ يُطَوِّلُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُبَغِّضَ إِلَيْهِمْ مَا هُمْ فِيهِ

حديث ثالث وأربعون لأبي الزناد

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَأَرْبَعُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ هَذَا مِنْ أَحْسَنِ حَدِيثٍ فِي فَضْلِ الْغَزْوِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَضِّ عَلَى الثُّبُوتِ عِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا يُكْلَمُ فَمَعْنَاهُ لَا يُجْرَحُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْكُلُومُ الْجِرَاحُ مَعْرُوفٌ ذَلِكَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ مَعْرِفَةً يُسْتَغْنَى بِهَا عَنْ الِاسْتِشْهَادِ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ (وَمِنْ أَمْلَحِ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ يَصِفُ امْرَأَةً نَاعِمَةً طَرِيَّةً س زَعَمَ أَنَّ الذَّرَّ لَوْ مَشَى عَلَيْهَا لَجَرَحَهَا جِرَاحًا تَصِيحُ مِنْهَا وَتَنْدُبُ نَفْسَهَا فَقَالَ ... لَوْ يَدُبُّ الْحَوْلِيُّ مِنْ وَلَدِ الذَّرِّ ... عَلَيْهَا لَأَنْدَبَتْهَا الكلوم)

وَأَمَّا قَوْلُهُ يَثْعَبُ دَمًا فَمَعْنَاهُ يَنْفَجِرُ دَمًا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْجِهَادُ وَالْغَزْوُ وَمُلَاقَاةُ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنَ الْكُفَّارِ عَلَى هَذَا خَرَجَ الْحَدِيثُ وَيَدْخُلُ فِيهِ بِالْمَعْنَى كُلُّ مَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِ بِرٍّ وَحَقٍّ وَخَيْرٍ مِمَّا قَدْ أَبَاحَهُ اللَّهُ كَقِتَالِ أَهْلِ البغي الخوارج واللصوص والمحرابين أو أمر بمعروف أو نهي عن عَنْ مُنْكَرٍ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَيْسَ كُلُّ مَنْ خَرَجَ فِي الْغَزْوِ تَكُونُ هَذِهِ حَالَهُ حَتَّى تَصِحَّ نِيَّتُهُ وَيَعْلَمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ خَرَجَ يُرِيدُ وَجْهَهُ وَمَرْضَاتَهُ لَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَلَا مُبَاهَاةً وَلَا فَخْرًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّهِيدَ يُبْعَثُ عَلَى حَالِهِ الَّتِي قُبِضَ عَلَيْهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَيِّتٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ يُبْعَثُ عَلَى حَالِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا إِلَّا أَنَّ فَضْلَ الشَّهِيدِ (الْمَقْتُولِ) فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَنْ يَكُونَ رِيحُ دَمِهِ كَرِيحِ الْمِسْكِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ دَمُ غَيْرِهِ وَمَنْ قَالَ إِنَّ الْمَوْتَى جُمْلَةً يُبْعَثُونَ عَلَى هَيْئَاتِهِمْ احْتَجَّ بِحَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا وَهَذَا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعَ الْحَدِيثَ فِي الشَّهِيدِ فَتَأَوَّلَهُ عَلَى الْعُمُومِ وَيَكُونَ الْمَيِّتُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِهِ هُوَ الشَّهِيدَ الَّذِي أَمَرَ أَنْ يُزَمَّلَ بِثِيَابِهِ وَيُدْفَنَ فِيهَا وَلَا يُغْسَلَ عَنْهُ دَمُهُ وَلَا يُغَيَّرَ شَيْءٌ مِنْ حَالِهِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ثُمَّ

قَرَأَ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ فَلِهَذَا الْحَدِيثِ وَشَبَهِهِ تَأَوَّلْنَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَا ذَكَرْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَتَأَوَّلُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ يُبْعَثُ عَلَى الْعَمَلِ الَّذِي يُخْتَمُ لَهُ بِهِ وَظَاهِرُهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي سُقُوطِ غُسْلِ الشَّهِيدِ الْمَقْتُولِ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى الِاسْتِدْلَالِ فِي تَرْكِ غُسْلِ الشُّهَدَاءِ الْمَوْصُوفِينَ بِذَلِكَ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ فِيهِمْ وَسَيَأْتِي مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي غَسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ فِي بَلَاغَاتِ مَالِكٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ عَبَدَ رَبِّهِ يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ جَابِرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ لَا تُغَسِّلُوهُمْ فَإِنَّ كُلَّ جُرْحٍ أَوْ دَمٍ يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ لَا تُغَسِّلُوهُمْ وَاخْتُلِفَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْإِسْنَادِ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ ذَلِكَ فِي بَلَاغَاتِ مَالِكٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَزَعَمَتْ طَائِفَةٌ بِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إِذَا تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ بِشَيْءٍ مِنَ النَّجَاسَاتِ وَلَوْنُهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَنَّ الْحُكْمَ لِلرَّائِحَةِ دُونَ اللَّوْنِ فَزَعَمُوا أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِاللَّوْنِ فِي ذَلِكَ لَا مَعْنًى لَهُ لِأَنَّ دَمَ الشَّهِيدِ يَوْمَ القيامة يجيء

وَلَوْنُهُ كَلَوْنِ الدِّمَاءِ وَلَكِنَّ رَائِحَتَهُ فَصَلَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الدِّمَاءِ وَكَانَ الْحُكْمُ لَهَا فَاسْتَدَلُّوا فِي زَعْمِهِمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إِذَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ لَمْ يَضُرُّهُ وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَعْنًى تَسْكُنُ النَّفْسُ إِلَيْهِ وَلَا فِي الدَّمِ مَعْنَى الْمَاءِ فَيُقَاسَ عَلَيْهِ وَلَا يَشْتَغِلُ بِمِثْلِ هَذَا (مَنْ لَهُ فَهْمٌ وَإِنَّمَا اغْتَرَّتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ بِأَنَّ الْبُخَارِيَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ الْمَاءِ وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ لَا وَجْهَ لَهُ يُعْرَفُ) وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ أهل العلم اللغو بِهِ وَإِشْكَالُهُ وَإِنَّمَا شَأْنُهُمْ إِيضَاحُهُ وَبَيَانُهُ وَبِذَلِكَ أُخِذَ الْمِيثَاقُ عَلَيْهِمْ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ وَفِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ أَبْوَابٌ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ كَانَ أَصَحَّ لِمَعَانِيهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ) وَالْمَاءُ لَا يَخْلُو تَغَيُّرُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِنَجَاسَةٍ أَوْ بِغَيْرِ نَجَاسَةٍ فَإِنْ كَانَ بِنَجَاسَةٍ فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ طَاهِرٍ وَلَا مُطَهِّرٍ وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّهُ إِذَا تَغَيَّرَ بِغَيْرِ نَجَاسَةٍ أَنَّهُ طَاهِرٌ عَلَى أَصْلِهِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ إِنَّهُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ تَغَيُّرُهُ مِنْ تُرْبَتِهِ وَحَمْأَتِهِ وَمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا إِشْكَالَ فِيهِ وَلَا الْتِبَاسَ مَعَهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ الْمَاءِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَاجْتَلَبْنَا مَذَاهِبَهُمْ فِي ذَلِكَ وَالِاعْتِلَالُ لِأَقْوَالِهِمْ فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

حديث رابع وأربعون لأبي الزناد

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَأَرْبَعُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا هَكَذَا يَقُولُ عَامَّةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي إِلَّا قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ وَأَبَا مُصْعَبٍ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَقُولَا فِي رِوَايَتِهِمَا لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ قَائِمٌ وَلَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ وَلَا قَالَهُ التِّنِّيسِيُّ وَإِنَّمَا قَالُوا فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَالْمَعْرُوفُ فِي حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ هَذَا قَوْلُهُ وَهُوَ قَائِمٌ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ وَرْقَاءُ فِي نُسْخَتِهِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي غَالِبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَدْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا

وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ قَالَ وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كَأَنَّهُ يُقَلِّلُهَا وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ قُلْنَا مَا يُقَلِّلُهَا قَالَ يُزَهِّدُهَا وَغَيْرُهُ يَقُولُ يَصَغِّرُهَا كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى ضِيقِ وَقْتِهَا وَقَدْ رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا الْمُسْلِمُ شَيْئًا وَهُوَ يُصَلِّي إِلَّا أَعْطَاهُ قَالَ وَيَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا هَكَذَا مَوْقُوفًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ لِأَنَّ تِلْكَ السَّاعَةَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا وَإِذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ يَوْمٌ أَفْضَلَ مِنْ يَوْمٍ جَازَ أَنْ تَكُونَ سَاعَةٌ أَفْضَلَ مِنْ سَاعَةٍ وَالْفَضَائِلُ لَا تُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَإِنَّمَا فِيهَا التَّسْلِيمُ وَالتَّعَلُّمُ وَالشُّكْرُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِيهِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْقِيَامَ الْمَعْرُوفَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقِيَامُ هَهُنَا الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الشَّيْءِ لَا الْوُقُوفَ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا أَيْ مُوَاظِبًا بِالِاخْتِلَافِ وَالِاقْتِضَاءِ وَإِلَى هَذَا

التَّأْوِيلِ يَذْهَبُ مَنْ قَالَ إِنَّ السَّاعَةَ بَعْدَ العصر لأنه ليس بوقت صلاة ولكنه قوت مُوَاظَبَةٍ فِي انْتِظَارِهَا وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الْأَعْشَى ... يَقُومُ عَلَى الْوَغْمِ فِي قَوْمِهِ ... وَيَعْفُو إِذَا شاء أو ينتقم ... لم يرد بقوله ههنا يَوْمَ الْوُقُوفِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ وَلَكِنَّهُ أَرَادَ الْمُطَالَبَةَ بِالْوَغْمِ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهِ وَأَمَّا السَّاعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاخْتُلِفَ فِيهَا فَقَالَ قَوْمٌ رُفِعَتْ وَهَذَا عِنْدَنَا غَيْرُ صَحِيحٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابن جريج قال أخبرني داود أبي عاصم عن عبد الله بان أُنَيْسٍ عَنْ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ زَعَمُوا أَنَّ السَّاعَةَ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةَ الَّتِي لَا يَدْعُو فِيهَا الْمُسْلِمُ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ قَدْ رُفِعَتْ قَالَ كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ قُلْتُ فَهِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ أَسْتَقْبِلُهَا قَالَ نَعَمْ هَكَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ وَذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ زَعَمُوا أَنَّ السَّاعَةَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَنَّهَا اخْتَلَفَتْ فِيهَا الْآثَارُ وَعُلَمَاءُ

الْأَمْصَارِ فَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ إِلَى أَنَّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ قَوْمٌ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو بْنُ الحرث أَنَّ الْجُلَاحَ مَوْلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ حدثه أن أبا سلمة بن عبد الرحمان حَدَّثَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشَرَ يُرِيدُ ثِنْتَا عَشَرَةَ سَاعَةً فِيهَا سَاعَةٌ لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يسأل الله فيها شيئا إلا أتاه فالتمسوها آخر ساعة بعدا لعصر قَالَ أَبُو عُمَرَ يُقَالُ إِنَّ قَوْلَهُ فِي هذا الحديث افتلمسوها آخر ساعة بعدالعصر مِنْ قَوْلِ أَبِي سَلَمَةَ وَأَبُو سَلَمَةَ هُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقِصَّتَهُ مَعَ كَعْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ فِي السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَسَيَأْتِي حَدِيثُهُ ذَلِكَ فِي بَابِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ آخَرُونَ السَّاعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ هِيَ سَاعَةُ الصَّلَاةِ وَحِينُهَا مِنَ الْإِقَامَةِ إِلَى السَّلَامِ وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ ابن سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَا حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ

عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ لَا يَسْأَلُ الْعَبْدُ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا أُعْطِيَ سُؤْلَهُ قِيلَ أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ قَالَ حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ إِلَى الِانْصِرَافِ مِنْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا هُوَ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ ضَعِيفٌ مَنْسُوبٌ إِلَى الْكَذِبِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَلَا بِمِثْلِهِ وَقَالَ آخَرُونَ السَّاعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ حِينِ يَفْتَتِحُ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ إِلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَيَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ التَّمْتَامُ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ النَّهْدِيُّ أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو ذَرٍّ مُحَمَّدُ بْنُ غُنَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لَا يَسْأَلُ الْعَبْدُ فِيهَا رَبَّهُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ قَالَ مِنْ حِينِ يَقُومُ الْإِمَامُ فِي خُطْبَتِهِ إِلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ إِلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ وَالْمَحْفُوظُ إِلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داو قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا الْإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَصَابَ اللَّهُ بِكَ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ وَاصِلِ بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قال قلت لأبي إني لا أعلم أَيَّ سَاعَةٍ هِيَ فَقَالَ وَمَا يُدْرِيكَ فَقُلْتُ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا الْإِمَامُ وَهِيَ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ قَالَ وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَسَالِمٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي السَّاعَةِ الَّتِي تُرْجَى فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ هِيَ مَا بَيْنَ خُرُوجِ الْإِمَامِ إِلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ قَالَ وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَوْفِ بْنِ حُضَيْرَةَ قَالَ السَّاعَةُ الَّتِي تُرْجَى فِي الْجُمُعَةِ مِنْ حِينِ تُقَامُ الصَّلَاةُ إِلَى انْصِرَافِ الْإِمَامِ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابن بشار حدثنا عبد الرحمان حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ السَّاعَةُ الَّتِي فِي الْجُمُعَةِ عِنْدَ نُزُولِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ يَشْهَدُ لِهَذِهِ الْأَقَاوِيلِ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا وَيُصَغِّرُهَا وَيَحْتَجُّ أَيْضًا مَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي الْجَلْدِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَفَاءَتِ الْأَفْيَاءُ وَرَاحَتِ الْأَرْوَاحُ فَاطْلُبُوا إِلَى اللَّهِ حَوَائِجَكُمْ فَإِنَّهَا سَاعَةُ الْأَوَّابِينَ ثُمَّ تَلَا فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا وَرَوَى مُوسَىُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمان الْمُقْرِئِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ بَكْرِ بن عمرو عن الحرث بن يزيد الحضرمي عن عبد الرحمان بْنِ حُجَيْرَةَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ أَنَّ امْرَأَتَهُ سَأَلَتْهُ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِلْعَبْدِ الْمُؤمِنِ فَقَالَ إِنَّهَا بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ بِيَسِيرٍ إِلَى ذِرَاعٍ فَإِنْ سَأَلْتِنِي بَعْدَهَا فَأَنْتَ طَالِقٌ وَذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ تَذَاكَرْنَا عِنْدَ الشَّعْبِيِّ السَّاعَةَ الَّتِي تُرْجَى فِي الْجُمُعَةِ قَالَ هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَحْرُمَ الْبَيْعُ إِلَى أَنْ يَحِلَّ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَوْنٍ مَا كَانَ رَأْيُ ابْنِ سِيرِينَ فِي السَّاعَةِ الَّتِي تُرْجَى فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ سِيرِينَ أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ عِنْدَكَ قَالَ أَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهَا السَّاعَةُ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ آخَرُونَ هِيَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا هَارُونُ عَنْ عَنْبَسَةَ وَعَنْ سَالِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ السَّاعَةُ الَّتِي تُذْكَرُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ مَا بين الصلاة

الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَكَانَ سَعِيدٌ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ لَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا إِلَى غُرُوبِ الشمس قال أبو عمر ك أَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَمَنْ قَالَ إِنَّهَا آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَقَدْ ذَكَرْنَا الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ فِي بَابِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَعْبٍ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ بِالسَّاعَةِ أَيُّ السَّاعَاتِ هِيَ لِأَنَّ أَخْبَارَ الْآحَادِ لَا يُقْطَعُ عَلَى مَعَانِيهَا وَالَّذِي يَنْبَغِي لِكُلِّ مُسْلِمٍ الِاجْتِهَادُ فِي الدُّعَاءِ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا فِي الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ رَجَاءَ الْإِجَابَةِ فَإِنَّهُ لَا يَخِيبُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَقَدْ أَحْسَنَ عُبَيْدُ بْنُ الْأَبْرَصِ حَيْثُ قَالَ ... مَنْ يَسْأَلِ الناس يرحموه ... وَسَائِلُ اللَّهِ لَا يَخِيبُ ... وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ خَالَفَ مَذْهَبَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ فِي هَذَا الْبَابِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي قَالُوا فَقَوْلُهُ قَائِمٌ يُصَلِّي يدفع قول من قال إنها آخر ساعةم النَّهَارِ بَعْدَ الْعَصْرِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ سَاعَةً يَجُوزُ لِلْعَبْدِ الْمُسْلِمِ فِيهَا أَنْ يَقُومَ فَيُصَلِّيَ وَقَدْ يَنْفَصِلُ مِنْ هَذَا الْإِدْخَالِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ سَلَّمَ لِابْنِ سَلَامٍ تَأْوِيلَهُ وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ قَائِمٌ فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَمَعْنَاهُ عَلَى مَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ إِنَّ قَائِمًا قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى مُقِيمٍ قَالُوا وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا يَعْنِي مُقِيمًا وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ صَحِيحًا فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى لَعَارَضَ بِهِ ابْنَ سَلَامٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَتَأْتِي قِصَّةُ ابْنِ سَلَامٍ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي بَابِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

حديث خامس وأربعون لأبي الزناد

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَأَرْبَعُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ طَعَامُ الِاثْنَيْنِ كَافِي الثَّلَاثَةِ وَطَعَامُ الثَّلَاثَةِ كَافِي الْأَرْبَعَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدْ رَوَى أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ هَذَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ وَطَعَامُ الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الْأَرْبَعَةَ وَطَعَامُ الْأَرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيَةَ فَأَمَّا الْكِفَايَةُ وَالِاكْتِفَاءُ فَلَيْسَ بِالشِّبَعِ وَالِاسْتِغْنَاءِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ أَبِي حَازِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا كَانَ لَا يُغْنِيكَ مَا يَكْفِيكَ فَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ يُغْنِيكَ وَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِعْلَهُ عَامَ الرَّمَادَةِ حِينَ كَانَ يُدْخِلُ عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ مِثْلَهُمْ وَيَقُولُ لَنْ يَهْلَكَ امْرُؤٌ عَنْ نصف قوته

حديث سادس وأربعون لأبي الزناد

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَأَرْبَعُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا الصَّلَاةُ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَا مَطْعَنَ لِأَحَدٍ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وُجُوهٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فَضْلَ مُنْتَظَرِ الصَّلَاةِ كَفَضْلِ الْمُصَلِّي لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ لَمْ يُرِدْ به أن ينتظر الصلاة قائم وَلَا أَنَّهُ رَاكِعٌ وَسَاجِدٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ فَضْلَ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بِالْقَصْدِ إِلَى ذَلِكَ وَبِالنِّيَّةِ فِيهِ كَفَضْلِ الصَّلَاةِ وَأَنَّ مُنْتَظِرَهَا كَالْمُصَلِّي فِي الْفَضْلِ وَلِلَّهِ أَنْ يَتَفَضَّلَ بِمَا شَاءَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ فِيمَا شَاءَ مِنَ الْأَعْمَالِ لَا معقب لحكمه لا رَادَّ لِفَضْلِهِ وَمِنَ الْوَجْهِ الَّذِي عَرَفْنَا فَضْلَ الصَّلَاةِ فِيهِ عَرَفْنَا فَضْلَ انْتِظَارِهَا وَقَدْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي تِلَاوَتِهِ وَقِيَامِهِ وَرُكُوعِهِ أَتْعَبُ مِنَ الْمُنْتَظِرِ لِلصَّلَاةِ ذَاكِرًا كَانَ أَوْ سَاكِنًا وَلَكِنَّ الْفَضَائِلَ لَا تُدْرَكُ بِنَظَرٍ وَلَا مَدْخَلَ فِيهَا لِقِيَاسٍ وَلَوْ أُخِذَتْ قِيَاسًا لَكَانَ مَنْ نَوَى السَّيِّئَةَ كَمَنْ نَوَى الْحَسَنَةَ وَلَكِنَّ الله منعم

كَرِيمٌ مُتَفَضِّلٌ رَحِيمٌ يَكْتُبُ الْحَسَنَةَ بِالنِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ تُعْمَلْ فَإِنْ عُمِلَتْ ضُعِّفَتْ عَشْرًا إِلَى سَبْعِمِائَةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَلَا يُؤَاخِذُ عباده المسلمين بما وسوست به صدروهم وَنَوَوْا مِنَ الشَّرِّ مَا لَمْ يَعْمَلُوهُ وَهَذَا كُلُّهُ لَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلْقِيَاسِ أَلَا تَرَى إِلَى مَا مَضَى ذِكْرُهُ فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِي الَّذِي كَانَ لَهُ صَلَاةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ أَنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ صَلَاتِهِ وَأَنَّ مَنْ نَوَى الْجِهَادَ وَأَرَادَهُ ثُمَّ حَبَسَهُ عَنْ ذَلِكَ عُذْرٌ أَنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ الْمُجَاهِدِ فِي مَشْيِهِ وَسَعْيِهِ وَنَصَبِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَشَقَّةَ الْمُسَافِرِ وَمَا يَلْقَاهُ مِنْ أَلَمِ السَّفَرِ لَا يَجِدُهُ الْمُتَخَلِّفُ الْمَحْبُوسُ بِالْعُذْرِ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ يُكْتَبُ لَهُ فِي مَرَضِهِ مَا كَانَ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَهَذَا كُلُّهُ مَوْجُودٌ فِي الْآثَارِ الصِّحَاحِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ مَضَى أَكْثَرُهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يُعْطَى مُنْتَظِرُ الصَّلَاةِ فَضْلَ الْمُصَلِّي وَثَوَابَ عَمَلِهِ لِحَبْسِهِ نَفْسَهُ عَنِ التَّصَرُّفِ فِي حَاجَاتِهِ انْتِظَارًا مِنْهُ لِصَلَاتِهِ كَمَا يَحْبِسُ الْمُعْتَكِفُ نَفْسَهُ عَنْ تَصَرُّفِهِ وَيَلْزَمُ مَوْضِعَ اعْتِكَافِهِ حِينًا فِي صَلَاةٍ وَحِينًا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُعْتَكِفٌ وَكَذَلِكَ الْمُرَابِطُ الْمُنْتَظِرُ لِصَيْحَةِ الْعَدُوِّ فِي مَوْضِعِ الْخَوْفِ لَهُ فَضَلُ الْمُقَاتِلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الشَّاهِرِ سَيْفَهُ فِي ذَلِكَ كَانْتِظَارِ الْعَدُوِّ وَإِرْصَادِهِ لَهُ وَارْتِقَابِهِ إِيَّاهُ وَقَدْ سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصلاة باطا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي بَابِ أَبِي الْعَلَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ مِنْ قِلَّةِ فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْجِدِ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ وَهُوَ يَحْسَبُ أَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ وَذَكَرَ ابْنُ وَضَّاحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيِّ قَالَ رَأَيْتُهُ يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَيُحَيِّيهِ بِرَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَقُولُ مَا أُبَالِي صَلَّيْتُ أَوْ قَعَدْتُ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ وَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِذَا كَانَ الْمُنْتَظِرُ لِلصَّلَاةِ لَا يَحْبِسُهُ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا

انْتِظَارُهَا وَلَا يَخْلِطُ بِنِيَّتِهِ سِوَاهَا وَيَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَلْغُوَ وَلَا يَلْهُوَ فَحِينَئِذٍ يرجى له بما كرنا وَقَدْ نَزَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فِي مُعَارَضَتِهِ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ قَالَ لَهُ فِي السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَقْتِ صَلَاةٍ وَقَالَ فِي السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهُوَ ذَاكَ فَسَكَتَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَسَلَّمَ لَمَّا أَخَذَتْهُ الْحُجَّةُ وَهَكَذَا أَهْلُ الْإِنْصَافِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مُنْتَظِرَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَغَا وَلَهَا فَإِنَّهُ عَلَى أَصْلِ نِيَّتِهِ وَعَمَلِهِ وَسَنَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مُنْتَظِرَ الصَّلَاةِ وَإِنْ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ الْمُصَلِّي فَالْمُصَلِّي أَفْضَلُ مِنْهُ كَمَا أَنَّهُ بَعْضُ الشُّهَدَاءِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَكُلُّهُمْ يُسَمَّى شَهِيدًا وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ يَعْنِي فِي الْأَجْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِذَا كَانَ الْقَائِمُ أَفْضَلَ مِنَ الْقَاعِدِ فِي الصَّلَاةِ فَكَذَلِكَ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْمُنْتَظِرِ وَاللَّهُ يُؤْتِي فَضْلَهُ مَنْ شَاءُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَتَحْصِيلُ هَذَا الْبَابِ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا تَنْعَقِدُ عَلَيْهِ النِّيَّةُ وَمَا يَجِدُهُ فِي نَفْسِهِ الْمُتَخَلِّفُ عَنِ الْغَزْوِ بِالْعُذْرِ مِنْ أَلَمِ مَا فَقَدَ مِنْ ذَلِكَ وَالْحَسْرَةِ وَالتَّأَسُّفِ وَالْحُزْنِ عَلَيْهِ وَشِدَّةِ الْحِرْصِ فِي النُّهُوضِ إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ وَالنَّائِمُ فِيمَا فَاتَهُ لِمَرَضِهِ وَنَوْمِهِ مِنْ صَلَاتِهِ وَسَائِرِ صَالِحِ عَمَلِهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

حديث سابع وأربعون لأبي الزناد

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَأَرْبَعُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أبي الزنادن عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جُمْهُورِ الرُّوَاةِ وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْتَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ يُرِيدُ بِذَلِكَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَعِنْدَ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادَانِ أَحَدُهُمَا هَذَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالثَّانِي عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُلْتَ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ وَلَمْ يَرْوِ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ غَيْرَ إِسْنَادِ أَبِي الزِّنَادِ وَجَمَعَهُمَا الْقَعْنَبِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ ذَكَرَ الْقَعْنَبِيُّ حَدِيثَ أَبِي الزِّنَادِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَذَكَرَ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ فِي الزِّيَادَاتِ وَقَدْ رَوَاهُمَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُمَا عَنْ مَالِكٍ جَمِيعًا كَمَا ذَكَرْتُ لَكَ

وَرَوَى اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَارِظٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ لَغَوْتَ وَقَالَ ابْنُ عَجْلَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ لَغَوْتَ عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ لَغَوْتَ عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ قَالَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال من قَالَ لِصَاحِبِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ

جَدِّي قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَارِظٍ وَعَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ لَغَوْتَ وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ كَمَا رَوَاهُ اللَّيْثُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابن شهاب نعن ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا قلت لاصحبك أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ لَغَوْتَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَحَدَّثَنِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عبد الله ابن قَارِظٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُلْتَ لِلنَّاسِ أَنْصِتُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُمْ يَنْطِقُونَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فَقَدْ لَغَوْتَ فَإِنَّهُ يُرِيدُ فَقَدْ جِئْتَ بِالْبَاطِلِ وَجِئْتَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَاللَّغْوُ الْبَاطِلُ

قَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ قَالَ الْكَذِبَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا قَالَ لَا يُسَاعِدُونَ أَهْلَ الْبَاطِلِ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَلَا يُمَالِئُونَهُمْ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ اللَّغْوُ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ لَيْسَ بِحَسَنٍ وَالْفُحْشُ أَشَدُّ مِنَ اللَّغْوِ وَاللَّغْوُ وَالْهُجْرُ فِي الْقَوْلِ سَوَاءٌ وَاللَّغْوُ وَاللَّغَا لُغَتَانِ يُقَالُ مِنَ اللَّغَا لَغِيتَ تَلْغَى مِثْلَ لَقِيتَ تَلْقَى وَهُوَ التَّكَلُّمُ بِمَا لَا يَنْبَغِي وَبِمَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَقَالَ الْأَخْفَشُ اللَّغْوُ الْكَلَامُ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ مِنَ الْبَاطِلِ وَشَبَهِهِ قَالَ الْعَجَّاجُ عَنِ اللَّغَا وَرَفَثِ التَّكَلُّمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ بَيْنَ فُقَهَاءِ الأمصار في وجوب الانصات لخطبة عَلَى مَنْ سَمِعَهَا فِي الْجُمُعَةِ وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِمَنْ سَمِعَهُ مِنَ الْجُهَّالِ يَتَكَلَّمُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ أَوْ صَهْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَخْذًا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَاسْتِعْمَالًا لَهُ وَتَقَبُّلًا لِمَا فِيهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالنَّخَعِيِّ وَأَبِي بُرْدَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الْخُطْبَةِ إِلَّا حِينَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ الْقُرْآنَ فِي الْخُطْبَةِ خَاصَّةً كُلُّهُمْ ذَهَبُوا أَلَّا إِنْصَاتَ إِلَّا لِلْقُرْآنِ لِقَوْلِهِ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا وَفِعْلُهُمْ ذَلِكَ مَرْدُودٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَحْسَنُ أَحْوَالِهِمْ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُمُ الْحَدِيثُ فِي ذلك

لِأَنَّهُ حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَلَا عِلْمَ لِمُتَقَدِّمِي أَهْلِ الْعِرَاقِ بِهِ وَالْحُجَّةُ فِي السنة لا فيما خالفهما وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ عَلَى مَنْ شَهِدَ الْخُطْبَةَ إِذَا لَمْ يَسْمَعْهَا لِبُعْدِهِ عَنِ الْإِمَامِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَنَّ الْكَلَامَ لَا يَجُوزُ لِكُلِّ مَنْ شَهِدَ الْخُطْبَةَ سَمِعَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْ وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ اسْتَمِعُوا وَأَنْصِتُوا فَإِنَّ لِلْمُسْتَمِعِ الذي لايسع مِنَ الْأَجْرِ مِثْلَ مَا لِلْمُسْتَمِعِ السَّامِعِ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَكْرَهَانِ الْكَلَامَ وَالصَّلَاةَ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَلَا مُخَالِفَ لِهَؤُلَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَسَقَطَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ لَا يَرَى بَأْسًا بِالْكَلَامِ إِذَا لَمْ يَسْمَعِ الْخُطْبَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ وَيَذْكُرَ اللَّهَ مَنْ لَا يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِنِّي لَأَقْرَأُ جُزْئِي إِذَا لَمْ أَسْمَعِ الْخُطْبَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ الْخُطْبَةَ لَمْ يَقْرَأْ وَهَذَا أَصَحُّ عَنْهُ مِنَ الَّذِي تَقَدَّمَ وَإِذَا لَمْ يَقْرَأْ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ يَحْرُمُ الْكَلَامُ مَا كَانَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ فِي غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قِيلَ لِعَطَاءٍ أَيَذْكُرُ

الْإِنْسَانُ اللَّهَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ عَرَفَةَ أَوْ يَوْمَ الْفِطْرِ وَهُوَ يَعْقِلُ قَوْلَ الْإِمَامِ قَالَ لَا كُلُّ ذَلِكَ عِيدٌ فَلَا يَتَكَلَّمَنَّ إِلَّا أَنْ يَذْهَبَ الْإِمَامُ فِي غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَالَ قَالَ عَطَاءٌ إِذَا اسْتَقَى الْإِمَامُ فَادْعُ هُوَ يَأْمُرُكَ حِينَئِذٍ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ بن جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أُسَبِّحُ وَأُهَلِّلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَنَا أَعْقِلُ الْخُطْبَةَ قَالَ لَا إِلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ وَاجْعَلْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ نَفْسِكَ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ فَإِذَا كُنْتُ لَا أَسْمَعُ الْإِمَامَ أُسَبِّحُ وَأُهَلِّلُ وَأَدْعُو اللَّهَ لِنَفْسِي وَلِأَهْلِي وَأُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَاسْمِي قَالَ نَعَمْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَوَاجِبٌ الْإِنْصَاتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ قَالَ كَذَلِكَ زَعَمُوا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ سُئِلَ الزُّهْرِيُّ عَنِ التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ قَالَ كَانَ يُؤْمَرُ بِالصَّمْتِ قَالَ قُلْتُ ذَهَبَ الْإِمَامُ فِي غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فِي الْجُمُعَةِ قَالَ تَكَلَّمْ إِنْ شِئْتَ قَالَ مَعْمَرٌ وَقَالَ قَتَادَةُ إِنْ أَحْدَثُوا فَلَا تُحْدِثْ

عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ طَاوُسًا يَقُولُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَا يَدْعُو أَحَدٌ بِشَيْءٍ وَلَا يَذْكُرُ إِلَّا أَنْ يَذْكُرَ الْإِمَامُ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ شَهِدْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ وَمُوسَى بْنُ مُصْعَبٍ يَخْطُبُهُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ إِنَّا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم ساردقها فسمعت الليث يقول الله لَا تَمْقُتْنَا وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَ أَخْبَرَنَا مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مَشْيَخَتِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُرْوَةَ بْنِ الزبير كان يشهد الجمعة فيخرج خالد ابن عبد الملك بن الحرث بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِي فَيَخْطُبُ فَيَسْتَقْبِلُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ وَيُنْصِتُ لَهُ فَإِذَا شَتَمَ خَالِدٌ عَلِيًّا تَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ وَأَقْبَلَ عَلَى أَدْنَى إِنْسَانٍ إِلَى جَنْبِهِ فَيُقَالُ لَهُ إِنَّ الْإِمَامَ يَخْطُبُ فَيَقُولُ إِنَّا لَمْ نُؤْمَرْ أَنْ نُنْصِتَ لِهَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ أَنْ لَا يَدْعُوَ أَحَدٌ وَلَا يَذْكُرَ اللَّهَ غَيْرَ الْإِمَامِ فِي خُطْبَتِهِ وَأَمَّا الْمُسْتَمِعُ فَلَا يَنْطِقُ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِنْصَاتُ وَالِاسْتِمَاعُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَعِكْرِمَةَ أَنَّهُمَا قَالَا مَنْ قَالَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ صَهٍ فَقَدْ لَغَا وَمَنْ لَغَا فَلَا جُمُعَةَ لَهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ

حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَذَكَرَ سُورَةً فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَتَى نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فأعرض عنه فلما انصرف قال له مالك مِنْ صَلَاتِكَ إِلَّا مَا لَغَوْتَ فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَدَقَ وَقَدْ روي من مراسلات الْحَسَنِ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ عَرَضَتْ لِابْنِ مَسْعُودٍ أَوْ لِأَبِي مَسْعُودٍ مَعَ أُبَيٍّ وَأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ صَدَقَ أُبَيٌّ وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ عَرَضَتْ لِأَبِي ذَرٍّ مَعَ أُبَيٍّ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ الْمُتَّصِلِ وأما قوله مالك مِنْ جُمُعَتِكَ إِلَّا مَا لَغَوْتَ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ لَا جُمُعَةَ لَهُ فَهَذَا مَحْمَلُهُ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ثَوَابُ مَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ وَأَنْصَتَ لَا أَنَّهُ أَفْسَدَ الْكَلَامُ صَلَاتَهُ وَأَبْطَلَهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا قَبْلَ التَّكْبِيرِ لَا يُفْسِدُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سليمان ابن الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَأَبُو كَامِلٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَرَجُلٌ حَضَرَهَا يَلْغُو وَهُوَ حَظُّهُ مِنْهَا وَرَجُلٌ حَضَرَهَا يَدْعُو فَهُوَ رَجُلٌ دَعَا اللَّهَ فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ وَرَجُلٌ حَضَرَهَا بِإِنْصَاتٍ وَسُكُوتٍ وَلَمْ يَتَخَطَّ رَقَبَةَ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا فَهِيَ كَفَّارَةٌ إِلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ فَرَجُلٌ حَضَرَهَا يَلْغُو فَهُوَ حَظُّهُ مِنْهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ (أَخْبَرَنَا) مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَهُوَ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا وَهَذَا مِثْلُهُ أَيْضًا لَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعَادَةٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ هَلْ تَعْلَمُ مِنْ شَيْءٍ يَقْطَعُ جُمُعَةَ الْإِنْسَانِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا مِنْ كَلَامٍ أَوْ تخطي رقاب الناس أو شيء غَيْرِ ذَلِكَ قَالَ لَا وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ يُقَالُ مَنْ تَكَلَّمَ فَكَلَامُهُ حَظُّهُ مِنَ الْجُمُعَةِ يَقُولُ مِنْ أَجْلِ الْجُمُعَةِ فَأَمَّا أَنْ يُوَفِّيَ أَرْبَعًا فَلَا قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْأَثَرِ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ النَّظَرِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَحَسْبُكَ بِهَذَا أَصْلًا وَإِجْمَاعًا وَاخْتَلَفُوا فِي رَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ فِي الْخُطْبَةِ فقال مالك وأصحابه لايشمت الْعَاطِسَ وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ إِلَّا إِنْ رَدَّهُ إِشَارَةً كَمَا يَرُدُّ فِي الصَّلَاةِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَرُدُّ السَّلَامَ وَلَا يُشَمِّتُ الْعَاطِسَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا بَأْسَ بِرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَالزُّهْرِيِّ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ فِي الْكِتَابِ الْقَدِيمِ بالعراق يستقبلون الامام بوجوهم وَيُنْصِتُونَ وَلَا يُشَمِّتُوا عَاطِسًا وَلَا يَرُدُّوا سَلَامًا إلا بالاشارة وقال في الجديد بمصر وَلَوْ سَلَّمَ رَجُلٌ كَرِهْتُهُ لَهُ وَرَأَيْتُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ رَدَّ السَّلَامِ فَرْضٌ قَالَ وَلَوْ عَطَسَ رَجُلٌ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فِي الْجُمُعَةِ فَشَمَّتَهُ رَجُلٌ رَجَوْتُ أَنْ يَسَعَهُ لِأَنَّ التَّشْمِيتَ سُنَّةٌ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ وَحَكَى الْبُوَيْطِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَكَذَلِكَ حَكَى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا إِذَا لَمْ يَسْمَعِ الْخُطْبَةَ شَمَّتَ وَرَدَّ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وقال الأثرم قلت لحمد بْنِ حَنْبَلٍ هَلْ يُرَدُّ السَّلَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ قَالَ نَعَمْ قِيلَ لَهُ وَيُشَمَّتُ الْعَاطِسُ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ لَمَّا كَانَ مَأْمُورًا بِالْإِنْصَاتِ كَالصَّلَاةِ لَمْ يُشَمِّتْ كَمَا لَا يُشَمِّتُ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ قِيلَ رَدُّ السَّلَامِ فَرْضٌ وَالصَّمْتُ سُنَّةٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الصَّمْتُ فَرْضٌ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ فَرْضٌ وَإِنَّمَا تصح بالخاطب والمخطوب عليهم فكما يَفْعَلُهَا الْخَاطِبُ فَرْضًا كَذَلِكَ الْمُسْتَمِعُ فُرِضَ عَلَيْهِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا نَظَرٌ وَالصَّمْتُ وَاجِبٌ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

حديث ثامن وأربعون لأبي الزناد

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَأَرْبَعُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يحدث الله ماغفر لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى قَوْلَهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ إِلَّا الْإِحْدَاثَ الَّذِي يَنْقُضُ الْوُضُوءَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ فَمَعْنَاهُ تَتَرَحَّمُ عَلَى أَحَدِكُمْ وَتَدْعُو لَهُ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَهَذَا بَيِّنٌ فِي نَفْسِ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ فَإِنَّهُ أَرَادَ الصَّلَاةَ الْمَعْرُوفَةَ وَمَوْضِعُهَا الَّذِي تُفْعَلُ فِيهِ هُوَ الْمُصَلَّى وَهُوَ الْمَسْجِدُ مَسْجِدُ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّ فِيهِ يَحْصُلُ فِي الْأَغْلَبِ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ وَلَوْ قَعَدَتِ الْمَرْأَةُ فِي بَطْنِ بَيْتِهَا أَوْ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى شُهُودِهَا فِي الْمَسْجِدِ لَكَانَ كَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ذَكَرَ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ زُرَيْقٍ الْأَيْلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَسْأَلُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَأَنَا مَعَهُ قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّا أَهْلُ قَرْيَةٍ لَا نَكَادُ أَنْ نُقْبِرَ مَوْتَانَا إِلَّا بِالْعَشِيِّ فَإِذَا خَرَجَتِ الْجِنَازَةُ لَمْ يتخلف عنها احد إِلَّا مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ حُضُورَهَا فَكَيْفَ تَرَى اتِّبَاعُ الْجِنَازَةِ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمِ الْقُعُودُ فِي

الْمَسْجِدِ فَقَالَ سَعِيدٌ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى تُقْبَرَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ وَالتَّخَلُّفُ فِي الْمَسْجِدِ (أَحَبُّ فَإِنِّي) أَذْكُرُ اللَّهَ وَأُهَلِّلُ وَأُسَبِّحُ وَأَسْتَغْفِرُ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ فَإِذَا فَعَلْتُ تَقُولُ الْمَلَائِكَةُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى الْجَنَائِزِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَصَحُّ فِي النَّظَرِ لِأَنَّ الْفُرُوضَ الَّتِي عَلَى الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنَ النَّوَافِلِ وَقَدْ بَانَ فِي حَدِيثِ سَعِيدٍ هَذَا أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الدُّعَاءُ وَلِلصَّلَاةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وُجُوهٌ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَالصَّلَاةُ تنقسم في كلام العرب على ثلاثة أقاسم تَكُونُ الصَّلَاةَ الْمَعْرُوفَةَ الَّتِي فِيهَا الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ قال أبو عمر وأنشد نِفْطَوَيْهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلَ الْأَعْشَى وَهُوَ جاهلي ... نراوح من صلوات المليك ... طورا وسجودا وطورا حوارا ... الحوار ههنا الرجوع إلى وَالْقُعُودِ وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ الْبَكَرَةُ تَدُورُ عَلَى الْمِحْوَرِ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ ... أَوْ دُرَّةٍ صَدَفِيَّةٍ غَوَّاصُهَا بَهِجٌ مَتَى يَرَهَا يُهِلُّ ويسجد

قَالَ الْأَنْبَارِيُّ وَتَكُونُ الصَّلَاةُ التَّرَحُّمَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ من ربهم رحمة وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ... صَلَّى الْإِلَهُ عَلَيْهِمُ مِنْ فِتْيَةٍ ... وَسَقَى عِظَامَهُمُ الْغَمَامُ الْمُسْبِلُ ... وَقَالَ آخَرُ ... صَلَّى عَلَى يَحْيَى وَأَشْيَاعِهِ ... رَبٌّ كَرِيمٌ وَشَفِيعٌ مُطَاعُ ... ... ... وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَتِنَا فَقَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى يُرِيدُ اللَّهُمَّ تَرَحَّمْ عَلَيْهِمْ وَتَكُونُ الصَّلَاةُ الدُّعَاءَ مِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ مَعْنَاهَا الدُّعَاءُ لِأَنَّهُ لَا رُكُوعَ فِيهَا وَلَا سُجُودَ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَأْكُلْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ مَعْنَاهُ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ أَيْضًا الصَّائِمُ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ مَعْنَاهُ دَعَتْ لَهُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى ... لَهَا حَارِسٌ لَا يَبْرَحُ الدَّهْرَ بَيْتَهَا ... وَإِنْ ذُبِحَتْ صَلَّى عَلَيْهَا وَزَمْزَمَا ... وَلِلْأَعْشَى ... تَقُولُ بِنْتِي وَقَدْ قَرَّبْتُ مُرْتَحَلًا ... يَا رَبِّ جَنِّبْ أَبِي الْأَوْصَابَ وَالْوَجَعَا ... ... عَلَيْكِ مِثْلُ الَّذِي صَلَّيْتِ فَاغْتَمِضِي ... ... نَوْمًا فَإِنَّ لِجَنْبِ الْمَرْءِ مُضْطَجَعًا

يُرِيدُ عَلَيْكِ مِثْلُ الَّذِي دَعَوْتِ وَيُرْوَى فَاغْتَمِضِي عَيْنًا وَمِنْ هَذَا عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ قَوْلُ الله عز وجل ولا تجهر بصلاتك ولا تُخَافِتْ بِهَا قَالُوا أُنْزِلَتْ فِي الدُّعَاءِ وَالْمَسْأَلَةِ هَذَا قَوْلُ مَكْحُولٍ وَأَبِي عِيَاضٍ وَذَكَرَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا فِي الدُّعَاءِ هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ (عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَوْلَهُ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَوَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ) عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ مُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَعَطَاءٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَدَّادٍ وَفِي الْآيَةِ قَوْلٌ ثَانٍ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ نَزَلَتْ فِي الْقِرَاءَةِ قَالُوا كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاتِهِ بِمَكَّةَ فَكَانَ ذَلِكَ يُعْجِبُ الْمُسْلِمِينَ وَيَسُوءُ الْكُفَّارَ فَهَمُّوا بِأَذَاهُ وَسَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَقَالُوا يُؤْذِينَا فَأَنْزَلَ الله عز وجل ولا تجهر بصلاتك ولا تُخَافِتْ بِهَا الْآيَةَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ مَا خَافَتَ مَنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا وَقَالَ الْحَسَنُ معنى الآية لا تسيء صَلَاتَكَ فِي السِّرِّ وَتُحْسِنْهَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَلْتَكُنْ سَرِيرَتُكَ مُوَافِقَةً لِعَلَانِيَتِكَ وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا قَالَ لَا تُصَلِّهَا رِيَاءً وَلَا تَدَعْهَا حَيَاءً

وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ زُبَيْدٍ قَالَ إِذَا كَانَتْ سَرِيرَةُ الْعَبْدِ أَفْضَلَ مِنْ عَلَانِيَتِهِ فَذَلِكَ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَتْ سَرِيرَتُهُ وَعَلَانِيَتُهُ سَوَاءً فَذَلِكَ النَّصَفُ وَإِنْ كَانَتْ عَلَانِيَةٌ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلَ فَذَلِكَ الْحَوْرُ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَكَانَ عُمَرُ إِذَا قَرَأَ رَفَعَ صَوْتَهُ وَقَالَ أَطْرُدُ الشَّيْطَانَ وَأُوقِظُ الْوَسْنَانَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَخْفِضُ صَوْتَهُ فَأُمِرَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ قَلِيلًا وَأُمِرَ عُمَرُ أَنْ يَخْفِضَ صَوْتَهُ قَلِيلًا وَنَزَلَتْ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا رُوِيَ هَذَا عن ابن سرين مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ وَأَصَحُّ شَيْءٍ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شيبة قال أخبرنا ابن فضيل عن أشعث عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ ولا تجهر صلاتك وَلَا تُخَافِتْ بِهَا قَالَ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا دَعَا فِي الصَّلَاةِ رَفَعَ صَوْتَهُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَكُلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْقِرَاءَةِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَفْضَلِ مَا يُرْوَى فِي فَضْلِ الْمُنْتَظِرِ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَسْتَغْفِرُ لَهُ وَفِي اسْتِغْفَارِهَا لَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُغْفَرُ لَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَلَا تَرَى أَنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَإِنَّمَا صَارَ كَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لَهُ بِالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ وَتَفْسِيرُهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ بِأَنَّهُ الْحَدَثُ الَّذِي يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فَقَدْ خَالَفَهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَقَالَ هُوَ الْكَلَامُ الْقَبِيحُ وَالْخَوْضُ فِيمَا لَا يَصْلُحُ مِنَ

اللَّهْوِ وَالَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ هُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَحْدَثَ وَقَعَدَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ بِمُنْتَظِرٍ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَنْتَظِرُهَا مَنْ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ وَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ تَتَرَحَّمَ الْمَلَائِكَةُ عَلَى كُلِّ مُنْتَظِرٍ لِلصَّلَاةِ وَتَدْعُوَ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالتَّوْفِيقِ وَالْهِدَايَةِ لِفَضْلِ انْتِظَارِهِ لِلصَّلَاةِ إِذَا لَمْ يَحْبِسْهُ غَيْرُهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا إِذَا كَانَ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا الصَّلَاةُ وَهَذَا أَوْلَى بِأَنْ تَدْعُوَ لَهُ الْمَلَائِكَةُ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ فَرَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ لَا شَرِيكَ لَهُ وَقَوْلُ مَالِكٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ حَدَثًا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَإِنْ خَاضَ فِي بَعْضِ مَا يُخَاضُ فِيهِ مِنْ أَخْبَارِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِذَا كَانَ أَصْلُ عَقْدِهِ انْتِظَارَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ

حديث تاسع وأربعون لأبي الزناد

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَأَرْبَعُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ مَكَانَ كُلِّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ وَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ هَذَا كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَيْفَ يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ رَأْسَ ابْنِ آدَمَ قِيلَ إِنَّهَا كَعُقَدِ السِّحْرِ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَهَذَا لَا يَقِفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَحَدٌ وَالْقَافِيَةُ مُؤَخَّرُ الرَّأْسِ وَهُوَ الْقَذَالُ وَقَافِيَةُ كُلِّ شَيْءٍ آخِرُهُ وَمِنْهُ قِيلَ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُقَفَّى لأنه آخر االنبياء وَمِنْ هَذَا أُخِذَتْ قَوَافِي الشِّعْرِ لِأَنَّهَا أَوَاخِرُ الْأَبِيَّاتِ وَالْمَعْنَى عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّيْطَانَ يُنَوِّمُ الْمَرْءَ وَيَزِيدُهُ ثِقَلًا وَكَسَلًا بِسَعْيِهِ وَمَا أُعْطِيَ مِنَ الْوَسْوَسَةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْإِغْوَاءِ وَالتَّضْلِيلِ وَتَزْيِينِ الْبَاطِلِ وَالْعَوْنِ عَلَيْهِ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ يُطْرَدُ بِهِ الشَّيْطَانُ وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الذكر للوضوء والصلاة لما فيهما

(من) معنى الذكر فَخُصَّ بِهَذَا الْفَضْلِ فِي طَرْدِ الشَّيْطَانِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ سَائِرُ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَمَنْ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي انْحَلَّتْ عُقَدُهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَصْبَحَ عَلَى مَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّهُ تَنْحَلُّ عُقَدُهُ بِالْوُضُوءِ لِلْفَرِيضَةِ وَصَلَاتِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا طَرْدُ الشَّيْطَانِ بِالتِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ وَالْأَذَانِ فَمُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ مَشْهُورٌ فِي الْآثَارِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حدثنا أحمد ابن شعيب قال أخبرنا عبد الرحمان بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ أَوْ آوَى إِلَى فِرَاشِهِ ابْتَدَرَهُ مَلَكٌ وَشَيْطَانٌ فَيَقُولُ الْمَلَكُ افْتَحْ بِخَيْرٍ وَيَقُولُ الشَّيْطَانُ افْتَحْ بِشَرٍّ فَإِنْ هُوَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ إِلَيَّ نَفْسِي بَعْدَ مَوْتِهَا وَلَمْ يُمِتْهَا فِي مَنَامِهَا الحمد لله الذي يمسك السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَإِنْ هُوَ خَرَّ فِي فِرَاشِهِ فَمَاتَ كَانَ شَهِيدًا وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ فَإِنْ وَقَعَ مِنْ سَرِيرِهِ فَمَاتَ دَخَلَ الْجَنَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا حدثنا عبد الرحمان بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حدثني عمير بن هانيء قَالَ حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ حِينَ يَسْتَيْقِظُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ

الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ دَعَا رَبِّ اغْفِرْ لِي غُفِرَ لَهُ قَالَ الْوَلِيدُ أَوْ قَالَ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ وَإِنْ قَامَ فَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الذِّكْرِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حَضٌّ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّهُ يُصْبِحُ طَيِّبَ النَّفْسِ نَشِيطًا بَعْدَ ذِكْرِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي لِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي كَذَلِكَ لِأَنَّ النَّهْي إِنَّمَا وَرَدَ عَنْ إِضَافَةِ الْمَرْءِ ذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ كَرَاهِيَةً لِتِلْكَ اللَّفْظَةِ وَتَشَاؤُمًا لَهَا إِذَا أَضَافَهَا الْإِنْسَانُ إِلَى نَفْسِهِ وَالْحَدِيثُ الثَّانِي إِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنْ حَالِ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِي لَيْلِهِ وَلَا تَوَضَّأَ وَلَا صَلَّى فَأَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ ذَمًّا لِفِعْلِهِ وَعَيْبًا لَهُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَبَرَيْنِ وَجْهٌ فَلَا مَعْنَى أَنْ يُجْعَلَا مُتَعَارِضَيْنِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ لَا يَجْعَلُوا شياء مِنَ الْقُرْآنِ وَلَا مِنَ السُّنَنِ مُعَارِضًا لِشَيْءٍ مِنْهَا مَا وَجَدُوا إِلَى اسْتِعْمَالِهَا وَتَخْرِيجِ الْوُجُوهِ لَهَا سَبِيلًا وَالْحَدِيثُ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ ابْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي

وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَا أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ سفيان ابن حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي هَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُرْسَلًا قَالَ الْخَلِيلُ لَقِسَتْ نَفْسُهُ إِذَا نَازَعَتْهُ إِلَى الشَّيْءِ وَتَلَاقَسُوا سَبَّ بعضهم بعضا

حديث موفي خمسين لأبي الزناد

حديث موفي خَمْسِينَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عن العرج عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ إِذَا دَعَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ اللهم ارحمني إن شئت ليغرم المسألة فإنه لا مركه لَهُ هَذَا صَحِيحٌ بَيِّنٌ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرٍ وَلَا إِلَى كَلَامٍ وَتَأْوِيلٍ لِأَنَّهُ وَاضِحُ الْمَعْنَى وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ وَارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ كُلُّ دَعْوَةٍ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كَذَا إِنْ شِئْتَ وَارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ وَتَجَاوَزْ عَنِّي وَهَبْ لِي مِنَ الْخَيْرِ إِنْ شِئْتَ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَحِيلٌ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ إِلَّا مَا شَاءَ لَا شَرِيكَ له

حديث حاد وخمسون لأبي الزناد

حَدِيثٌ حَادٍ وَخَمْسُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ (وَهُمْ) يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شهود الملائكة للصلوات والظهر أَنَّ ذَلِكَ فِي الْجَمَاعَاتِ وَقَدْ تَحْتَمِلُ الْجَمَاعَاتِ وَغَيْرَهَا وَمَعْنَى يَتَعَاقَبُونَ تَأْتِي طَائِفَةٌ بِإِثْرِ طَائِفَةٍ وَبَعْدَهَا طَائِفَةٌ وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّعَاقُبُ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ أَوْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَرَّةً هَذَا وَمَرَّةً هَذَا وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ الْأَمِيرُ يُعَقِّبُ الْبُعُوثَ أَيْ يُرْسِلُ هَؤُلَاءِ كَذَا شَهْرًا أَوْ أَشْهُرًا وَهَؤُلَاءِ شَهْرًا أَوْ أَشْهُرًا ثُمَّ يَرُدُّهُمْ وَيُعْقِبُهُمْ بِآخَرِينَ فَهَذَا هُوَ التَّعَاقُبُ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَلَائِكَةَ النَّهَارِ تَنْزِلُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَيُحْصُونَ عَلَى بَنِي آدَمَ وَيَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيهِمْ ذَلِكَ الْوَقْتَ أَيْ يَصْعَدُونَ وَكُلُّ مَنْ صَعَدَ فِي شَيْءٍ فَقَدْ عَرَجَ وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلدَّرَجِ الْمَعَارِجُ فَإِذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ نَزَلَتْ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ فَأَحْصَوْا عَلَى بَنِي آدَمَ وَعَرَجَتْ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ يَتَعَاقَبُونَ هَكَذَا أَبَدًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ أَكْمَلُ مَعْنًى مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ أَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ خَاصَّةً وَأَظُنُّ مَنْ مَالَ إِلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ احْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا وَمَعْنَى قُرْآنِ الْفَجْرِ الْقِرَاءَةُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ لِأَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَالُوا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ وَلَيْسَ فِي هَذَا دَفْعٌ لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ لِأَنَّ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ قَدْ يَكُونُ فِي مَعْنَى الْمَذْكُورِ سواء ويكون بخلافه وهذا باب من أصول قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ذَكَرَ بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا قَالَ صَلَاةُ الْفَجْرِ يَجْتَمِعُ فِيهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ زَكَرِيَّاءَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مَسْرُوقٍ مِثْلَهُ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا قَالَ يَشْهَدُهُ حَرَسُ اللَّيْلِ وَحَرَسُ النَّهَارِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَذَكَرَ بَقِيٌّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا قال تدارك

الحرسان اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا قَالَ تَنْزِلُ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ وَتَصْعَدُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ قُرْآنِ الْفَجْرِ مِنْ أَجْلِ الْجَهْرِ لِأَنَّ الْعَصْرَ لَا قِرَاءَةَ فِيهَا تَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ وَهَذَا حَدِيثٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ آرَاءِ الرِّجَالِ وَأَلْزَمُ فِي الْحُجَّةِ لِمَنْ قَالَ بِهِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

حديث ثان وخمسون لأبي الزناد

حَدِيثٌ ثَانٍ وَخَمْسُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ فَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ أَمَّا الصِّيَامُ فِي الشَّرِيعَةِ فَمَعْنَاهُ الْإِمْسَاكُ عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَوَطْءِ النِّسَاءِ نَهَارًا إِذَا كَانَ تَارِكُ ذَلِكَ يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَيَنْوِيهِ هَذَا مَعْنَى الصِّيَامِ فِي الشَّرِيعَةِ عِنْدَ جَمِيعِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ وَأَمَّا أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ فَالْإِمْسَاكُ مُطْلَقًا وَكُلُّ مَنْ أَمْسَكَ عَنْ شَيْءٍ فَقَدْ صام عنه ويسمى صائما أَلَا تَرَى قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنِّي نذرت للرحمان صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا فَسَمَّى الْإِمْسَاكَ عَنِ الْكَلَامِ صَوْمًا وَكُلُّ مُمْسِكٍ عَنْ حَرَكَةٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ فَهُوَ صَائِمٌ فِي أَصْلِ اللِّسَانِ لَكِنَّ الِاسْمَ الشَّرْعِيَّ مَا قَدَّمْتُ لَكَ وَهُوَ يَقْضِي فِي الْمَعْنَى عَلَى الِاسْمِ اللُّغَوِيِّ وَقَدْ ذَكَرْنَا شَوَاهِدَ الشِّعْرِ عَلَى الِاسْمِ اللُّغَوِيِّ فِي الصِّيَامِ وَاسْتَوْعَبْنَا الْقَوْلَ فِي مَعْنَاهُ فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ الصِّيَامُ جُنَّةٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ وَيَحْيَى وَأَبُو مُصْعَبٍ وَجَمَاعَةٌ وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ بُكَيْرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصِّيَامُ جَنَّةٌ وَإِنَّمَا قَالَ عَنْ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ الْحَدِيثَ وَالْجُنَّةُ الْوِقَايَةُ وَالسِّتْرُ مِنَ النَّارِ وَحَسْبُكَ بِهَذَا فَضْلًا لِلصَّائِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ الْغَنَوِيُّ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِي كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الصِّيَامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ النَّارِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ فَإِنَّ الرَّفَثَ هُنَا الْكَلَامُ الْقَبِيحُ وَالتَّشَاتُمُ وَالْخَنَا وَالتَّلَاعُنُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيحِ الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ سِلَاحُ اللِّئَامِ وَمِنْهُ اللَّغْوُ كُلُّهُ وَالْبَاطِلُ وَالزُّورُ قَالَ الْعَجَّاجُ عَنِ اللَّغَا وَرَفَثِ الْكَلَامِ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْرُوقٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنْجِرٍ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا فطر قال حدثني زياد بن الصحين عَنْ رَفِيعٍ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ حُجَّاجًا فَأَحَرَمَ فَأَحْرَمْنَا ثُمَّ نَزَلَ يَسُوقُ الْإِبِلَ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ ... وَهُنَّ يَمْشِينَ بنا هميسا ... إن تصدق الطير تجامع لمسا ... قُلْتُ يَا أَبَا عَبَّاسٍ أَلَسْتَ مُحْرِمًا قَالَ بَلَى قُلْتُ فَهَذَا الْكَلَامُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ قَالَ إِنَّهُ لَا يَكُونُ الرَّفَثُ إِلَّا مَا وَاجَهْتَ بِهِ النِّسَاءَ وَلَيْسَ مَعِي نِسَاءٌ

وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ... وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا ... إِنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُ تَنِكْ لَمِيسَا ... قَالَ أَبُو عُمَرَ الرَّفَثُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الْجِمَاعُ وَالْآخَرُ الْكَلَامُ الْقَبِيحُ وَالْفُحْشُ مِنَ الْمَقَالِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ فَأَكْثَرُ العلماء على أن الرفث ههنا جِمَاعُ النِّسَاءِ وَغَشَيَانُهُنَّ وَالْفُسُوقُ الْمَعَاصِي بِإِجْمَاعٍ وَالْجِدَالُ الْمِرَاءُ وَقِيلَ السِّبَابُ وَالْمُشَاتَمَةُ وَقِيلَ أَلَّا تُغْضِبَ صاحبك وقيل إن لا جدال في الحج الْيَوْمِ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَقَامَ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ أَنَّ الرَّفَثَ هَهُنَا الْجِمَاعُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَقُولُ لِلَّذِي يُرِيدُ مُشَاتَمَتَهُ وَمُقَاتَلَتَهُ إِنِّي صَائِمٌ وَصَوْمِي يَمْنَعُنِي مِنْ مُجَاوَبَتِكَ لِأَنِّي أَصُونُ صَوْمِي عَنِ الْخَنَا وَالزُّورِ مِنَ الْقَوْلِ بِهَذَا أُمِرْتُ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَانْتَصَرْتُ لِنَفْسِي بِمِثْلِ مَا قُلْتَ لِي سَوَاءً وَنَحْوَ ذَلِكَ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فِي الْحَدِيثِ أَنْ الصَّائِمَ نُهِيَ عَنْ مُقَاتَلَتِهِ بِلِسَانِهِ وَمُشَاتَمَتِهِ وَصَوْنُهُ صَوْمَهُ عَنْ ذَلِكَ وَبِهَذَا وَرَدَ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ فَهِمْتُ الْإِسْنَادَ مِنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَأَفْهَمَنِي الْحَدِيثَ رَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ أُرَاهُ ابْنَ أَخِيهِ وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الصَّائِمَ يَقُولُ فِي نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ إِنِّي صَائِمٌ يَا نَفْسِي فَلَا سَبِيلَ إِلَى شِفَاءِ غَيْظِكِ بِالْمُشَاتَمَةِ وَلَا يُظْهِرُ قَوْلَهُ إِنِّي صَائِمٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الرِّيَاءِ وَإِطْلَاعِ النَّاسِ عَلَى عَمَلِهِ لِأَنَّ الصَّوْمَ مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي لَا يَظْهَرُ وَلِذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الصَّائِمَ أَجَرَهُ بِغَيْرِ حِسَابٍ على حسبما نَذْكُرُ فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلِلصِّيَامِ فَرَائِضُ وَسُنَنٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا فَرَائِضَهُ فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ وَمِنْ سُنَنِهِ أَنْ لَا يَرْفُثَ الصَّائِمُ وَلَا يَغْتَابَ أَحَدًا وَأَنْ يَجْتَنِبَ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي آثَارِ هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ فَمَعْنَاهُ الْكَرَاهِيَةُ وَالتَّغْلِيظُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَلْيُشَقِّصِ الْخَنَازِيرَ أَيْ يَذْبَحْهَا أَوْ يَنْحَرْهَا أَوْ يَقْتُلْهَا بِالْمِشْقَصِ وَلَيْسَ هَذَا عَلَى الْأَمْرِ بِشَقْصِ الْخَنَازِيرِ وَلَكِنَّهُ عَلَى تَعْظِيمِ إِثْمِ شَارِبِ الْخَمْرِ فَكَذَلِكَ مَنِ اغْتَابَ أَوْ شَهِدَ زُورًا أَوْ مُنْكَرًا لَمْ يُؤْمَرْ بِأَنْ يَدَعَ صِيَامَهُ وَلَكِنَّهُ يُؤْمَرُ بِاجْتِنَابِ ذَلِكَ لِيَتِمَّ لَهُ أَجْرُ صَوْمِهِ فَاتَّقَى عَبْدٌ رَبَّهُ وَأَمْسَكَ عَنِ الْخَنَا وَالْغَيْبَةِ وَالْبَاطِلِ بِلِسَانِهِ صَائِمًا كَانَ أَوْ غَيْرَ صَائِمٍ فَإِنَّمَا يَكُبُّ النَّاسَ فِي النار على وجوهم حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلرَّشَادِ

حديث ثالث وخمسون لأبي الزناد

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَخَمْسُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لِخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ إِنَّمَا يَذَرُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي فَالصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ كُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ هَذَا الْحَدِيثُ وَالَّذِي قَبْلَهُ رَوَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْأَعْرَجُ وَأَبُو صَالِحٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَغَيْرُهُمْ وَرَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ مَا يَعْتَرِيهِ فِي آخِرِ النَّهَارِ مِنَ التَّغَيُّرِ وَأَكْثَرُ ذَلِكَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ من ريح المسك يريد أزكى عندالله وَأَقْرَبُ إِلَيْهِ وَأَرْفَعُ عِنْدِهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ وَهَذَا فِي فَضْلِ الصِّيَامِ وَثَوَابِ الصَّائِمِ وَمِنْ أَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ كَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ السِّوَاكَ لِلصَّائِمِ فِي آخِرِ النَّهَارِ مِنْ أَجْلِ الْخُلُوفِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا يَعْتَرِي الصَّائِمَ الْخُلُوفُ فِي آخِرِ النَّهَارِ لِتَأَخُّرِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عنه

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ فَرَخَّصَ فِيهِ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَرُوِيَتِ الرُّخْصَةُ فِيهِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَلَيْسَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَرْقٌ بَيْنَ أَوَّلِ النَّهَارِ وَآخِرِهِ وَلَا بَيْنَ السِّوَاكِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ وَلَمْ يَخُصَّ رَمَضَانَ وَلَا غَيْرَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أُحِبُّ السِّوَاكَ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَعِنْدَ تَغَيُّرِ الْفَمِ إِلَّا أَنِّي أَكْرَهُهُ لِلصَّائِمِ آخِرَ النَّهَارِ مِنْ أَجْلِ الْحَدِيثِ فِي خُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَأَمَّا السِّوَاكُ الرَّطْبُ فَيَكْرَهُهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَهُوَ قَوْلُ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ وَأَبِي مَيْسَرَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَقَتَادَةَ وَرَخَّصَ فِيهِ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَعَطَاءٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ السِّوَاكُ سُنَّةٌ لِلصَّائِمِ وَالْمُفْطِرِ وَالرَّطْبُ فِيهِ وَالْيَابِسُ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَأْكُولٍ وَلَا مَشْرُوبٍ وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنِ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ فَقَالَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الظُّهْرِ وَيَدَعُهُ بِالْعَشِيِّ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ عَلَى خُلُوفِ فِيهِ وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ أَنَّهُمَا كَرِهَا السِّوَاكَ بِالْعَشِيِّ لِلصَّائِمِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ فَإِنَّمَا هِيَ حِكَايَةٌ حَكَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهَا مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ هَذَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَدَّى مَا سَمِعَ وَأَظُنُّ ذَلِكَ إِنَّمَا تَرَكَ حِكَايَتَهُ مَنْ تَرَكَهَا لِأَنَّهُ شَيْءٌ مَفْهُومٌ لَا يُشْكِلُ عَلَى أَحَدٍ إِذَا كَانَ لَهُ أَدْنَى فَهْمٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ هَكَذَا كَرِوَايَةِ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَذَرُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي وَهَذَا حَذْفٌ مِنَ الْحَدِيثِ وَإِضْمَارٌ إِلَّا أَنَّ فِي لَفْظِهِ وَسِيَاقَتِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ عَلَى مَا يَنْبَغِي بِلَا حَذْفٍ وَلَا إِضْمَارٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ إِنَّ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَيْنِ إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ اللَّهَ فَرِحَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عند الله من ريحا لمسك حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن مرو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَّا الصِّيَامَ فَهُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي به يترك الطعام لشهوته مِنْ أَجْلِي هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ويترك الشراب لشهوته مِنْ أَجْلِي هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ

وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا شعبة قال حدثنا محمد ابن زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ رَبِّهِ قَالَ كُلُّ مَا يَعْمَلُهُ ابْنُ آدَمَ كَفَّارَةٌ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ يَدَعُ الصَّائِمُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ مِنْ أَجْلِي فَالصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ (وَمَا) مَعْنَى قَوْلِهِ الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْأَعْمَالَ الَّتِي يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ كُلَّهَا لَهُ وَهُوَ يَجْزِي بِهَا فَمَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَظْهَرُ مِنِ ابْنِ آدَمَ فِي قَوْلٍ وَلَا عَمَلٍ وَإِنَّمَا هُوَ نِيَّةٌ يَنْطَوِي عَلَيْهَا صَاحِبُهَا وَلَا يعلمها إلاالله وَلَيْسَتْ مِمَّا تَظْهَرُ فَتَكْتُبُهَا الْحَفَظَةُ كَمَا تَكْتُبُ الذِّكْرَ وَالصَّلَاةَ وَالصَّدَقَةَ وَسَائِرَ الْأَعْمَالِ لِأَنَّ الصَّوْمَ فِي الشَّرِيعَةِ لَيْسَ بِالْإِمْسَاكِ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِأَنَّ كُلَّ مُمْسِكٍ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِذَا لَمْ يَنْوِ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَلَمْ يُرِدْ أَدَاءَ فَرْضِهِ أَوِ التَّطَوُّعَ لِلَّهِ بِهِ فَلَيْسَ بصائم في الشريعة فلهذا ما قُلْنَا إِنَّهُ لَا تَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْحَفَظَةُ وَلَا تَكْتُبُهُ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَيُجَازِي بِهِ عَلَى مَا شَاءَ مِنَ التَّضْعِيفِ وَالصَّوْمُ فِي لِسَانِ العرب أيضا الصبر إنا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ الصَّوْمُ يُسَمَّى صَبْرًا لِأَنَّهُ حَبْسُ النَّفْسِ عَنِ الْمَطَاعِمِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَنَاكِحِ وَالشَّهَوَاتِ

قال أبو عمر من الدليل على الصَّوْمَ يُسَمَّى صَبْرًا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ شَهْرَ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَكَأَنَّهُ صَامَ الدَّهْرَ يَعْنِي بِشَهْرِ الصَّبْرِ شَهْرَ رَمَضَانَ وَقَدْ يُسَمَّى الصَّائِمُ سَائِحًا وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ يَعْنِي الصَّائِمِينَ الْمُصَلِّينَ وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُهُ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ فَلِلصَّوْمِ وَجْهٌ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ وَقَدْ ذَكَرْنَا جَمِيعَهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

حديث رابع وخمسون لأبي الزناد

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَخَمْسُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا فَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي فِي الْآخِرَةِ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ غَرِيبٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ فَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله حدثنا ابن عباد حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي حَيَّةَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكُلِّ نَبِيٍّ

دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا فَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُمَا إِسْنَادَانِ صَحِيحَانِ لِمَالِكٍ أَحَدُهُمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي الزِّنَادِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَحَدِيثُ أَبِي الزِّنَادِ مَحْفُوظٌ عَنْ ثِقَاتِ أَصْحَابِ أَبِي الزِّنَادِ مِنْهُمْ وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ الْيَشْكُرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَجَمَاعَةٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي غَالِبٍ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَدْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا فِي الدُّنْيَا فَيُسْتَجَابُ لَهُ فَأُرِيدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ أُخَبِّئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي فِي الْآخِرَةِ وَرَوَاهُ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ وإن اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي وَهِيَ نَائِلَةٌ مِنْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا وَرَوَى أَبُو أُسَامَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ الْأَوْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا قَالَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي أَشْفَعُ فِيهِ لِأُمَّتِي وَعَبْدُ اللَّهِ ابن إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا أَنَّهُ الشَّفَاعَةُ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنْ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ أَنْ يُقْعِدَهُ مَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الْعَرْشِ وَهَذَا عِنْدَهُمْ مُنْكَرٌ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ أَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ هُوَ الْمُقَامُ الَّذِي يَشْفَعُ فِيهِ لِأُمَّتِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلُ مَا عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ ذَلِكَ فَصَارَ إِجْمَاعًا فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ وَالسَّنَةِ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ شَبَابَةَ عَنْ وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ في قوله عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا قَالَ شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ بَقِيٌّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا الشَّفَاعَةُ قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ وَذَكَرَ الْفِرْيَابِيُّ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الشَّفَاعَةُ وَرَوَى سُفْيَانُ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ يَجْتَمِعُ النَّاسُ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ يَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي زَادَ سُفْيَانُ فِي حَدِيثِهِ حُفَاةً عُرَاةً سُكُوتًا كَمَا خُلِقُوا قِيَامًا لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ثُمَّ اجْتَمَعَا فَيُنَادِي مُنَادٍ يَا مُحَمَّدُ عَلَى رُؤُوسِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ زَادَ سُفْيَانُ وَالشَّرُّ لَيْسَ اليك

ثُمَّ اجْتَمَعَا وَالْمَهْدِيُّ مَنْ هَدَيْتَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ وَمِنْكَ وَإِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَى إِلَّا إِلَيْكَ قَالَ حُذَيْفَةُ فَذَلِكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ قَالَ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَرَوَى عَبْدُ الزَّرَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا قَالَ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَبْدَا نَبِيًّا أَوْ مَلِكًا نَبِيًّا فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ أَنْ تَوَاضَعْ فَاخْتَارَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا نَبِيًّا فَأُعْطِيَ بِهَا اثْنَيْنِ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ قال قتادة وكان أهل العلم يرون أن الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عسى أني بعثك رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا شَفَاعَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الشَّفَاعَةُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَابْنُ شِهَابٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ وَغَيْرُهُمْ وَفِي الشَّفَاعَةِ أَحَادِيثُ مَرْفُوعَةٌ صِحَاحٌ مُسْنَدَةٌ مِنْ أَحْسَنِهَا مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وعبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ ابن عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ

قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلَالٍ الْعَنْزِيُّ قَالَ اجْتَمَعَ رَهْطٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَأَنَا فِيهِمْ فَأَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَاسْتَشْفَعْنَا عَلَيْهِ بِثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَأَجْلَسَ ثَابِتًا مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ فَقُلْتُ لا تسألوه عن شيء غير هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ ثَابِتٌ يَا أَبَا حَمْزَةَ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَاءُوا يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّفَاعَةِ فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ فَيُؤْتَى آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَقُولُونَ يَا آدَمُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّهُ خَلِيلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُؤْتَى إِبْرَاهِيمُ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ فَيُؤْتَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بعيسى بن مَرْيَمَ فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ فَيُؤْتَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ فَأُوتَى فَأَقُولُ أَنَا لَهَا فَأَنْطَلِقُ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَيُؤْذَنُ لِي فَأَقُومُ بَيْنَ يَدَيْهِ مَقَامًا فَيُلْهِمُنِي فِيهِ مَحَامِدَ لَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا الْآنَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيَقُولُ لِي يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ تُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ أَيْ رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيُقَالُ لِي انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ أَوْ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ فَأَخْرِجْهُ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَرْجِعُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ أَيْ رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيُقَالُ انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ قُلْتُ لِأَصْحَابِي هَلْ لَكُمْ فِي الْحَسَنِ وَهُوَ مُسْتَخْفٍ فِي مَنْزِلِ أَبِي خليفة في عبد القيس فأتيانه فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَلَمْ نَسْمَعْ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِي الشَّفَاعَةِ قَالَ كَيْفَ حَدَّثَكُمْ فَحَدَّثْنَاهُ الْحَدِيثَ حَتَّى إِذَا انْتَهَيْنَا قُلْنَا لَمْ

يَزِدْنَا عَلَى هَذَا قَالَ لَقَدْ حَدَّثَنَا (هَذَا) الْحَدِيثَ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَلَقَدْ تَرَكَ مِنْهُ شَيْئًا فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ الشَّيْخُ أَمْ كَرِهَ أَنْ يُحَدِّثَكُمُوهُ فَتَتَّكِلُوا ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ ثُمَّ أَعُودُ فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا ثُمَّ أَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ فَيُقَالُ لِي يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ أَيْ رَبِّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ صَادِقًا قَالَ فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ لَكَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَأَشْهَدُ عَلَى الْحَسَنِ لَحَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ يَوْمَ حَدَّثَنَا بِهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَرَوَى هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مثله فِي الشَّفَاعَةِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ بِأَتَمِّ أَلْفَاظٍ وَرَوَى سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ زِيَادٍ النُّمَيْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ بِمَعْنَاهُ فِي الشَّفَاعَةِ وَقَدْ قيل إن الشافعة مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكُونُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي الْمَوْقِفِ يَشْفَعُ فِي قَوْمٍ فَيَنْجُونَ من النار ولا يدخولنها وَمَرَّةً بَعْدَ دُخُولِ قَوْمٍ مِنْ أُمَّتِهِ النَّارَ فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا بِشَفَاعَتِهِ وَقَدْ رُوِيَتْ آثَارٌ بِنَحْوِ هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي الْوَجْهَ الْأَوَّلَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّافِقِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بن عمر بن ميمون القرشي حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رسول ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِيَ مِمَّنْ تَشْفَعُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ

لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذن تخمشك النار فإن شافعتي لِكُلِّ هَالِكٍ مِنْ أُمَّتِي تَخْمِشُهُ النَّارُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَمِّ حَبِيبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ مَا تَلْقَى أُمَّتُهُ بَعْدَهُ مِنْ سَفْكِ دَمِ بَعْضِهَا بَعْضًا وَسَبْقِ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ كَمَا سَبَقَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُوَلِّيَنِي شَفَاعَةً فِيهِمْ فَفَعَلَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مضر قال قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ قَبْلِي بُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحُلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ شَهْرًا فَيُرْعَبُ الْعَدُوُّ مِنِّي مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا وَقِيلَ لِي سَلْ تُعْطَ فَاخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهِيَ نَائِلَةٌ مِنْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حامد ابن ثَرْثَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الطَّيِّبِ بْنِ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ سُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ مَا زِلْنَا نُمْسِكُ عَنْ الِاسْتِغْفَارِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ حَتَّى سَمِعْنَا مِنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرَ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَقَالَ إِنِّي ادَّخَرْتُ (دَعْوَتِي) شَفَاعَةً لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ سُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَصْبَهَانِيُّ بِسِيرَافٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي قَالَ فَقَالَ جَابِرٌ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فَمَا لَهُ وَلِلشَّفَاعَةِ وَالْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ وَالْجَمَاعَةُ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى التَّصْدِيقِ بِهَا وَلَا يُنْكِرُهَا إِلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ فَلَا تُخْدَعُنَّ عَنْهُ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قد رَجَمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُمَا وَإِنَّهُ سَيَكُونُ أُنَاسٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَيُكَذِّبُونَ بِاللِّعَانِ وَيُكَذِّبُونَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَيُكَذِّبُونَ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَيُكَذِّبُونَ بِالشَّفَاعَةِ وَيُكَذِّبُونَ بِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا امتحشوا

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ سُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَصْبَهَانِيُّ بِسِيرَافٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي قَالَ فَقَالَ جَابِرٌ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فَمَا لَهُ وَلِلشَّفَاعَةِ وَالْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ وَالْجَمَاعَةُ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى التَّصْدِيقِ بِهَا وَلَا يُنْكِرُهَا إِلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ فَلَا تُخْدَعُنَّ عَنْهُ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَدْ رَجَمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُمَا وَإِنَّهُ سَيَكُونُ أُنَاسٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَيُكَذِّبُونَ بِاللِّعَانِ وَيُكَذِّبُونَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَيُكَذِّبُونَ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَيُكَذِّبُونَ بِالشَّفَاعَةِ وَيُكَذِّبُونَ بِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بعدما امتحشوا

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةً قَدْ دَعَا بِهَا يُسْتَجَابُ فِيهَا فَاخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ القَيِامةِ أَوْ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرُ حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ وَالْحَمْدُ لله

مالك عن عبد الله بن الفضل

(مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ) قَالَ ابْنُ الْبَرْقِيِّ هُوَ عبد الله بن الفضل بن عباس أبي ربيعة بن الحرث ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ يَرْوِي عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَالْأَعْرَجِ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بن ربيعة بن الحرث ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حدثنا سليمان ابن دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الفضل بن عبد الرحمان بن ربيعة بن الحرث بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ هَذَا مَشْهُورٌ بِالرِّوَايَةِ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَأَبُو أُوَيْسٍ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَجِدْهُ فِي كُتُبِ نُسَّابِ قُرَيْشٍ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ وَالْعَدَوِيِّ

فَمِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَزِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ هَذَا عَنْ نَافِعِ ابن جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثُ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَرَوَى عَنْهُ أَبُو أُوَيْسٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا حَدِيثَ الْمَقْتُولُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّبًا قَاتِلَهُ تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ الْحَدِيثَ وَرَوَى عَنْهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَرَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عمرو ابن أُمَيَّةَ خَبَرًا وَنَسَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ الْبَرْقِيِّ وَجَعَلَ الْبُخَارِيُّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيَّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَبُو أُوَيْسٍ وَمَالِكٌ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٌ غَيْرَ عَبْدِ الله بن الفضل الهاشمي الذي روى عنه مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ هُمَا عِنْدِي وَاحِدٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ عِنْدِي كَمَا قَالَ الْعُقَيْلِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَدِيثُ مَالِكٍ عَنْهُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الفضل عن نافع بن جبير ابن مُطْعِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صَمْتُهَا

نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَحَدُ الْأَشْرَافِ التَّابِعِينَ الثِّقَاتِ وَكَانَ ذَا فَصَاحَةٍ وَبَيَانٍ وَكَانَ فِيهِ زَهْوٌ فِيمَا ذَكَرُوا وَتَجَبُّرٌ وَإِعْجَابٌ تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ رَفِيعٌ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْأَحْكَامِ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ جَمَاعَةٌ مِنَ الْجُلَّةِ مِنْهُمْ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَقِيلَ إِنَّهُ قَدْ رَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ مَالِكٍ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ وَلَا يَصِحُّ فَأَمَّا حَدِيثُ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي بِمِصْرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ وَحَدَّثَنَا خلف قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بن الفضل عن نافع بن جبير ابن مُطْعِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بنفسها من وليها والبكر تستأذن وإذنها صماتها وَأَمَّا حَدِيثُ شُعْبَةَ فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الثَّيِّبُ أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن وإذنها صماتها

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حدثنا شعبة ابن الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الفضل عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا من وليها والبكر وتستأذن وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا هَكَذَا يَقُولُ شُعْبَةُ وَالثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا مالك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الْفَضْلِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ رِضَاهَا صُمَاتُهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا كَذَا قَالَ تُسْتَأْمَرُ لَفْظُ مُطَرِّفٍ وَعَامَّةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ يَقُولُونَ تُسْتَأْذَنُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا احمد ابن حَنْبَلٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

ابْنِ الْفَضْلِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا فَصَمَتُهَا إِقْرَارُهَا هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الْحُمَيْدِيِّ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا وَصَمْتُهَا إِقْرَارُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادٍ في هذا الحديث الثيب أحق بنفسها وَلَوْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ كَانَ الْوَلِيُّ الْمُرَادُ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْأَبَ دُونَ غَيْرِهِ عَلَى مَا ذَهَبْتْ إِلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ وَسَتَرَى ذَلِكَ وَغَيْرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوبَةَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَنْبُورٍ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا فُضِيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الأيم أحق بنفسها من ولهيا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ فِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا تَرَى فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الْأَيِّمُ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الثَّيِّبُ وَالَّذِي فِي الْمُوَطَّأِ الْأَيِّمُ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَنْ قَالَ الثَّيِّبُ جَاءَ بِهِ عَلَى الْمَعْنَى عِنْدَهُ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ وَأَهْلُ

اللُّغَةِ فَقَالَ قَائِلُونَ الْأَيِّمُ هِيَ الَّتِي آمَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَوْتِهِ أَوْ طَلَاقِهِ وَهِيَ الثَّيِّبُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ ... نُقَاتِلُ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ نَصْرَهُ ... وَسَعْدٌ بِبَابِ الْقَادِسِيَّةِ مُعْصِمُ ... ... فَأُبْنَا وَقَدْ آمَتْ نِسَاءٌ كَثِيرَةٌ ... وَنِسْوَةُ سَعْدٍ لَيْسَ مِنْهُنَّ أَيِّمُ ... قَالُوا يَعْنِي لَيْسَ مِنْهُنَّ مَنْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَهَذَا الشِّعْرُ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ قَالَهُ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ حِينَ كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَلِيلًا مُقِيمًا فِي الْقَصْرِ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّزُولِ وَلَمْ يُشْرِفْ عَلَى الْقِتَالِ وقال يزيد بن الحكم الثقفي ... كل امريء سَتَئِيمُ مِنَ الْعُرْسِ أَوْ مِنْهَا يَئِمْ ... يُرِيدُ من سَيَمُوتُ عَنْهَا أَوْ تَمُوتُ عَنْهُ فَتَصِيرُ أَيِّمًا وَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ مِنْ وَلَدِ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ أَوْسٍ الدَّارِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ صَالِحٍ الْمَخْزُومِيُّ مَسْكَنُهُ الْفَيُّومُ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَسْلَمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ ابْنَتُهُ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ الدَّارَوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ آمَتْ حَفْصَةُ من خنيس ابن حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ وَذَكَرَهُ قَالُوا فَالْأَيِّمُ هِيَ الثَّيِّبُ الَّتِي يَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا أَوْ يُطَلِّقُهَا فَتَخْلُو مِنْهُ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ زَوْجَةً قَالُوا وَقَدْ تَقُولُ الْعَرَبُ لِكُلِّ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا مِنَ النِّسَاءِ أَيِّمٌ عَلَى الِاتِّسَاعِ وَلَكِنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مَنْ وَلِيِّهَا إِنَّمَا أَرَادَ الثَّيِّبَ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِدَلِيلِ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ الثَّيِّبُ أَحَقُّ مِنْ نَفْسِهَا فَكَانَتْ رِوَايَةً مُفَسِّرَةً وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى الْأَيِّمُ مُجْمَلَةٌ وَالْمَصِيرُ إِلَى الْمُفَسِّرِ أَبَدًا أَوْلَى بِأَهْلِ العلم

وَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بكر بن أبي شبة قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عُبَيْدِ الله بن عبد الرحمان بْنِ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّيِّبُ أَوْلَى بِأَمْرِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَصَمْتُهَا إِقْرَارُهَا قَالُوا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمِثْلِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَيِّمَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُرَادُ بِهَا الثَّيِّبُ دُونَ غَيْرِهَا قَالُوا وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ ذِكْرُ الْبِكْرِ بَعْدَهَا بِالْوَاوِ الْفَاصِلَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَيِّمَ غَيْرُ الْبِكْرِ وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ الْبِكْرِ فَهِيَ الثَّيِّبُ قَالُوا وَلَوْ كَانَتِ الْأَيِّمُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كُلَّ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا مِنَ النِّسَاءِ لَبَطَلَ قوله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إِلَّا بِوَلِيٍّ وَلَكَانَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَهَذَا تَرُدُّهُ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ فِي أَنْ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَيَرُدُّهُ الْقُرْآنُ فِي قَوْلِهِ مُخَاطِبًا لِلْأَوْلِيَاءِ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ قَالُوا وَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأيم أحق بنفسها من وليها دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَيِّمَ وَهِيَ الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا وَأَنَّ لِوَلِيِّهَا مَعَ ذَلِكَ (أَيْضًا) حَقًّا لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فُلَانٌ أَحَقُّ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا إِلَّا وَلِذَاكَ فِيهِ حَقٌّ لَيْسَ كَحَقِّ الَّذِي هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ وَدَلَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ لِوَلِيِّ الْبِكْرِ عَلَيْهَا حَقًّا فَوْقَ ذَلِكَ الْحَقِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ ذَلِكَ الْوَلِيَّ لَا يُنْكِحُ الثَّيِّبَ إِلَّا بِأَمْرِهَا وَلَهُ أَنْ يُنْكِحَ الْبِكْرَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا وَالْوَلِيُّ عِنْدَهُمْ هَهُنَا هُوَ الْأَبُ خَاصَّةً قَالُوا وَلَمَّا كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يُنْكِحَ الْبِكْرَ مِنْ بَنَاتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهَا وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي الثَّيِّبِ إِلَّا بِأَمْرِهَا عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ بَابِ التُّهْمَةِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ الْبِكْرَ وَالثَّيِّبَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّهُمَا بِنْتَاهُ لَا يُتَّهَمُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَمِمَّنْ قَالَ فِي

هَذَا الْحَدِيثِ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَاحْتَجُّوا بِضُرُوبٍ مِنَ الْحُجَجِ مَعْنَاهَا مَا وَصَفْنَا وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا دَلَالَةٌ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ فِي أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ إِذْنَ الْبِكْرِ الصَّمْتُ وَالَّتِي تُخَالِفُهَا الْكَلَامُ وَالْآخَرُ أَنَّ أَمْرَهُمَا فِي وِلَايَةِ أَنْفُسِهِمَا مُخْتَلِفٌ فَوِلَايَةُ الثَّيِّبِ أَنَّهَا أحق من الولي قال والولي ههنا الْأَبُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ دُونَ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّ سَائِرَ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرَ الْأَبِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَةَ وَلَا لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الْكَبِيرَةَ الْبِكْرَ وَغَيْرَهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا وَذَلِكَ لِلْأَبِ فِي الْأَبْكَارِ مِنْ بَنَاتِهِ بِوَالِغَ وَغَيْرَ بِوَالِغَ وَلَمْ تَفْتَرِقِ الْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ إِلَّا فِي الْأَبِ خَاصَّةً لِأَنَّ الْأَبَ هُوَ الْوَلِيُّ الْكَامِلُ الَّذِي لَا وَلَايَةَ لِأَحَدٍ مَعَهُ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ الْوَلَايَةَ بِسَبَبِهِ عِنْدَ فَقْدِهِ وَهُمْ قَدْ يَشْتَرِكُونَ فِي الْوَلَايَةِ وَهُوَ يَنْفَرِدُ بِهَا فَلِذَلِكَ وَجَبَ لَهُ اسْمُ الْوَلِيِّ مُطْلَقًا وَذَكَرَ حَدِيثَ خَنْسَاءَ حِينَ أَنْكَحَهَا أَبُوهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ بِغَيْرِ رِضَاهَا فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِكَاحَهَا قَالَ وَالْبِكْرُ مُخَالِفَةٌ لَهَا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَتَا سَوَاءً كَانَ لَفْظُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُمَا أَحَقُّ بِأَنْفُسِهِمَا قَالَ وَتَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ وَهِيَ صَغِيرَةٌ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ لَا إِذْنَ لَهَا وَلَوْ كَانَتْ مِمَّنْ يُحْتَاجُ إِلَى إِذْنِهَا مَا زُوِّجَتْ حَتَّى تَكُونَ فِي حَالِ مَنْ لَهُ الْإِذْنُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَكِنْ لَمَّا زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ كَانَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ كَذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا مَا لَمْ تَكُنْ ثَيِّبًا قَالَ وَأَمَّا الِاسْتِئْمَارُ لِلْبِكْرِ فَعَلَى اسْتِطَابَةِ النَّفْسِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ لَا عَلَى أَنَّ لِأَحَدٍ رَدَّ مَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ لِاسْتِطَابَةِ أَنْفُسِهِمْ وَلِيُقْتَدَى بِسُنَّتِهِ فِيهِمْ قَالَ وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُعَيْمًا أَنْ يُؤَامِرَ أُمَّ ابْنَتِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَذَكَرَ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَيْضًا مَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَهِشَامٌ الدَّسْتوَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ عِكْرِمَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُ بَنَاتَهُ إِذَا إنكحهن قال كان يَجْلِسُ عِنْدَ خِدْرِ الْمَخْطُوبَةِ فَيَقُولُ إِنَّ فُلَانًا يَذْكُرُ فُلَانَةً فَإِنْ حَرَّكَتِ الْخِدْرَ لَمْ يُزَوِّجْهَا وَإِنْ سَكَتَتْ زَوَّجَهَا وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا مِثْلَهُ سَوَاءً وَرَوَى الثَّوْرِيُّ وَمَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَأْمِرُوا الْأَبْكَارَ فِي أَنْفُسِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ يَسْتَحْيِينَ فَإِذَا سَكَتَتْ فَهُوَ رِضَاهَا فَهَذَا لَفَظُ الثَّوْرِيِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا فِي الْآبَاءِ عَلَى اسْتِطَابَةِ النَّفْسِ مِمَّنْ لَهُ أَنْ يُنْكِحَهَا كَمَا أَمَرَ نُعَيْمًا أَنْ يُشَاوِرَ أُمَّ ابْنَتِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا أَمْرَ لَهَا مَعَهُ فِي ابْنَتِهِ وَلِمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ عِنْدَهَا مِمَّا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ آخَرُونَ الْأَيِّمُ كُلُّ امْرَأَةٍ لَا زَوْجَ لَهَا بِكْرًا كَانْتْ أَمْ ثَيِّبًا وَاسْتَشْهَدُوا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ ... فَإِنْ تَنْكِحِي أَنْكِحْ وإن تتأيمي ... وإن كنت أفتى منكم أتأيم ... قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الشَّمَّاخِ ... يَقَرُّ بِعَيْنِي أَنْ أُنَبَّأَ أَنَّهَا ... وَإِنْ لَمْ أَنَلْهَا أَيِّمٌ لَمْ تُزَوَّجِ ... وَأَبْيَنُ مِنْ هَذَا قَوْلُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ ... لِلَّهِ دَرُّ بَنِي عَلِيٍّ ... أَيِّمٍ مِنْهُمْ وَنَاكِحِ ... ... إَنْ لَمْ يُغِيرُوا غَارَةً ... شَعْوَاءَ تَحْجِرُ كُلَّ نَائِحِ

قَالُوا فَالْأَيِّمُ كُلُّ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا مِنَ النِّسَاءِ قَالُوا وَكَذَلِكَ كُلُّ رَجُلٍ لَا امراة له أيم أيضا الرجل أَيِّمٌ إِذَا كَانَ لَا زَوْجَةَ لَهُ وَالْمَرْأَةُ أَيِّمٌ إِذَا كَانَتْ لَا زَوْجَ لَهَا وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ آمَتْ حَفْصَةُ ابْنَةُ عُمَرَ مِنْ زَوْجِهَا وَآمَ عُثْمَانُ مِنْ رُقَيَّةَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّ عُمَرُ بِعُثْمَانَ فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي حَفْصَةَ فَلَمْ يُحِرْ إِلَيْهِ شَيْئًا فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَمْ تَرَ إِلَى عُثْمَانَ عرضت عليه حفصة فأعرض عني ولم ييحر إِلَيَّ شَيْئًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ أَتَزَوَّجُ أَنَا حَفْصَةَ وَأُزَوِّجُ عُثْمَانَ أُمَّ كُلْثُومٍ فَتَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفْصَةَ وَزَوَّجَ عُثْمَانَ أُمَّ كُلْثُومٍ أَلَا تَرَى أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ آمَتْ حَفْصَةُ وَآمَ عُثْمَانُ قَالُوا فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَا زَوْجَ لَهُ فَهُوَ أَيِّمٌ ثَيِّبًا كَانَ أَوْ بِكْرًا رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ طَائِفَةٌ مِمَّنْ قَالَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَكُلُّ مَنْ قَالَ النِّكَاحُ جَائِزٌ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَسَنُبَيِّنُ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا عِنْدَ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الْقَائِلَةِ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ أَنَّهُ مَنْ عَدَا الْأَبَ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَأَنَّ الْأَبَ لم يرد بذلك ومن قَالَ بِهَذَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بن إسحاق إنكاح غير الْأَبِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِأَمْرِ الْمَرْأَةِ قَالَ وَأَمَّا الْأَبُ فَيَجُوزُ إِنْكَاحُ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ بِغَيْرِ أَمْرِهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي وَلَدِهِ كَمَا

لَا يُتَّهَمُ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ لِأَنَّ وَلَدَهُ هِبَةٌ لَهُ كَسَائِرِ مَالِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً قَالَ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَلَيْسَ غَيْرُ الْأَبِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ وَلِيَّتَهُ إِلَّا بِأَمْرِهَا (قَالَ صَلَّى الله عليه وسلم الأيم أحق بنفسها من وَلِيِّهَا) قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَالْأَيِّمُ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا بَالِغًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ بِكْرًا كَانْتْ أَوْ ثَيِّبًا قَالَ وَلَمْ يَدْخُلِ الْأَبُ فِي جُمْلَةِ الْأَوْلِيَاءِ لِأَنَّ أَمْرَهُ فِي وَلَدِهِ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ لَا يُشْبِهُونَهُ وَلَيْسَتْ لَهُمْ أَحْكَامُهُ وَلَوْ دَخَلَ فِي جُمْلَةِ الْأَوْلِيَاءِ لَمَا جَازَ لَهُ أَنْ يُنْكِحَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهَا خِيَارٌ عِنْدَ بُلُوغٍ وَلَا غَيْرِهِ قَالَ وَقَدْ تَوَهَّمَ قَوْمٌ أَنَّ الْأَيِّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الثَّيِّبُ وَهُوَ غَلَطٌ شَدِيدٌ وَإِنَّمَا تَوَهَّمُوا ذَلِكَ حِينَ خُصَّتِ الْبِكْرُ بِأَنَّ إِذْنَهَا صُمَاتُهَا فَظَنُّوا أَنَّ الْأَيِّمَ هِيَ الثَّيِّبُ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا تَوَهَّمُوا لَكَانَتِ الثَّيِّبُ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَكَانَتِ الْبِكْرُ لَيْسَتْ بِأَحَقَّ بِنَفَسِهَا وَكَانَ الِاسْتِئْمَارُ لَهَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى التَّرْغِيبِ فِي ذَلِكَ لَا عَلَى الْإِيجَابِ إِذَا كَانَتْ لَيْسَتْ بأحق بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا جَاءَ فِي الْأَيَامَى جُمْلَةً وَكَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِعْلَامٌ للناس إذا أُمِرُوا بِإِنْكَاحِ الْأَيَامَى فِي الْقُرْآنِ مَعَ مَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ إِنْكَاحِ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ أَنَّهُنَّ لَسْنَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ وَأَنَّهُنَّ إِنَّمَا يُنْكِحُهُنَّ الْأَوْلِيَاءُ بِأَمْرِهِنَّ وَأَنَّهُنَّ أَحَقُّ بِأَنْفُسِهِنَّ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُنْكِحُوهُنَّ بِغَيْرِ أَمْرِهِنَّ كَمَا يُنْكِحُ السَّيِّدُ أَمَتَهُ وَعَبْدَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِمَا إِذْ كَانَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ فِي اللَّفْظِ قَدْ أُجْرِينَ فِيهِ مَجْرًى وَاحِدًا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وأنكحوا

الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ فَأُمِرُوا بِإِنْكَاحِ مَنْ لَا زَوْجَ لَهُ وَهُنَّ الْأَيَامَى وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِإِنْكَاحِ الثَّيِّبِ دُونَ الْبِكْرِ وَذَكَرَ حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ آمَتْ حَفْصَةُ مِنْ زَوْجِهَا وَآمَ عُثْمَانُ مِنْ رُقَيَّةَ الْحَدِيثَ ذكر حَدِيثَ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ قَالَ آمَتْ حَفْصَةُ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَوْضِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ رَأَيْتُ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى عَلِيٍّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ ذَاتَ شَارَةٍ فَقَالَتْ هَلْ لَكَ فِي امْرَأَةٍ لَا أَيِّمَ وَلَا ذَاتُ بَعْلٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ وَإِنَّمَا يقال آمت منه زوجته أي صَارَتْ غَيْرَ ذَاتِ زَوْجٍ وَلَيْسَ أَنَّهَا صَارَتْ ثَيِّبًا بِمَوْتِهِ أَوْ بِفِرَاقِهِ وَإِنَّمَا تَصِيرُ أَيِّمًا بِمَوْتِهِ أَوْ بِفِرَاقِهِ إِذَا صَارَتْ غَيْرَ ذَاتِ زَوْجٍ قَالَ وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ أَيْضًا أَيِّمٌ إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَأَنْشَدَ قَوْلَ الشَّاعِرِ ... فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي ... وإن كنت أفتى منكم أتأيم ... وأنشد أيضا بيتي الْأَسَدِيِّ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُمَا ثُمَّ قَالَ وَيُقَالُ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ وَأَحْسَبُهُ مَرْفُوعًا أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ بَوَارِ الْأَيِّمِ قَالَ وَهَذَا فِي اللُّغَةِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ فِيهِ إِلَى إِكْثَارٍ ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ فِي الْحَدِيثِ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأَيَامَى كُلَّهُنَّ أَحَقُّ بِأَنْفُسِهِنَّ مِنْ أَوْلِيَائِهِنَّ وَهُمْ مَنْ عَدَا الْأَبَ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالْمَعْنَى الْآخَرُ تَعْلِيمُ النَّاسِ كَيْفَ تُسْتَأْذَنُ الْبِكْرُ وَأَنَّ إِذْنَهَا صُمَاتُهَا لِأَنَّهَا تستحيي أن تحيب بِلِسَانِهَا قَالَ إِسْمَاعِيلُ فَهَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ عِنْدَ مَالِكٍ أَنَّ الْأَيِّمَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا إنما

هُوَ لِسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ دُونَ الْأَبِ وَأَنَّ الْأَبَ أَقْوَى أَمْرًا مِنْ أَنْ يَدْخُلَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَلَوْ كَانَ دَاخِلًا فِيهَا لَمَا جَازَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي جُمْلَةِ الْأَيَامَى وَلَوْ كَانَتْ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا حَتَّى تَبْلُغَ وتستأمر إذا كان التزويج أمر يَلْزَمُهَا فِي نَفْسِهَا لَا حِيلَةَ لَهَا فِيهِ كَمَا أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ صَغِيرَةً وَالْأَبُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَةَ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ يُلْزِمُهَا ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ لَهَا فِي نَفْسِهَا خِيَارٌ إِذَا بَلَغَتْ هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَحَصَلَ أَنَّ الْوَلِيَّ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ الْأَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَعِنْدَ مَالِكٍ فِي غَيْرِ الْأَبِ مِنْ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ وَهُوَ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ الْأَبُ وَغَيْرُ الْأَبِ مِنْ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ كُلِّهمْ فِي النِّكَاحِ وَسَيَأْتِي مَذْهَبُهُمْ فِي ذَلِكَ مُلَخَّصًا فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الأيم أحق بنفسها من وَلِيِّهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْوَلِيِّ حَقًّا فِي إِنْكَاحِ وَلِيَّتِهِ عَلَى مَا مَضَى فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْقَوْلِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ وَعَلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ بالولي المذكور في الحديث على حسبما وَصَفْنَا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُبَاشِرَ عَقْدَ نِكَاحِهَا بنفسها دُونَ وَلِيِّهَا وَلَا أَنْ تَعْقِدَ نِكَاحَ غَيْرِهَا وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَسُفْيَانُ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وعبيد الله ابن الحسن واحمد وإحساق وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالطَّبَرِيُّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَبِي الشَّعْثَاءِ وَخَالَفَ هَؤُلَاءِ أَهْلُ الرَّأْيِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَطَائِفَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ

وسنذكر قولهم ههنا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِعَوْنِهِ وَفَضْلِهِ وَكُلُّهُمْ يَقُولُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْعَقِدَ نِكَاحٌ بِغَيْرٍ وَلِيٍّ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ قَالَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَقَالَ اللَّهُ عز وجل وإذا طلقتم النساء فبلغهن أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ إِذْ عَضَلَ أُخْتَهُ عَنْ مُرَاجَعَةِ زَوْجِهَا وَلَوْلَا أَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْإِنْكَاحِ مَا نُهِيَ عَنِ الْعَضْلِ وَأَمَّا افْتِتَاحُ هَذِهِ الْآيَةِ بِذِكْرِ الزَّوَاجِ ثُمَّ الْمَيْلِ إِلَى الْأَوْلِيَاءِ فَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ كَمَا قَالَ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَخَاطَبَ الْمُتَبَايِعِينَ ثُمَّ قَالَ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ فَخَاطَبَ الْحُكَّامَ وَهَذَا كَثِيرٌ وَالرِّوَايَةُ الثَّابِتَةُ فِي مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ تُبَيِّنُ مَا قُلْنَا وَسَنَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ الْبَغَايَا اللَّائِي يُنْكِحْنَ أَنْفُسَهُنَّ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا أَنْكَحَتْ رَجُلًا مِنْ قَرَابَتِهَا امْرَأَةً مِنْهُمْ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْعَقْدُ قَالَتْ اعْقِدُوا فَإِنَّ النِّسَاءَ لَا يَعْقِدْنَ وَأَمَرَتْ رَجُلًا فَأَنْكَحَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المؤمن قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَالْمَهْرُ لَهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا فَإِنْ تَشَاجَرُوا فالسلطان ولي من ولا ولي له

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَهُ سَوَاءً قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ وَزَادَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ فَسَأَلْتُ عَنْهُ الزُّهْرِيَّ فَلَمْ يَعْرِفْهُ وَلَمْ يَقُلْ هَذَا أَحَدٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ غَيْرَ ابْنِ عُلَيَّةَ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ وَلَوْ ثَبَتَ هَذَا عَنِ الزُّهْرِيِّ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ قَدْ نَقَلَهُ عَنْهُ ثِقَاتٌ مِنْهُمْ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى وَهُوَ فَقِيهٌ ثِقَةٌ إِمَامٌ وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ فلو نسيه الزهري لم يضره ذلك شَيْءٍ لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يُعْصَمُ مِنْهُ إِنْسَانٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسِيَ آدَمُ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَإِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْسَى فَمَنْ سِوَاهُ أَحْرَى أَنْ يَنْسَى وَمَنْ حَفِظَ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ نَسِيَ فَإِذَا رَوَى الْخَبَرَ ثِقَةٌ عَنْ ثِقَةٍ فَلَا يَضُرُّهُ نِسْيَانُ مَنْ نَسِيَهُ هَذَا لَوْ صَحَّ مَا حَكَى ابْنُ عُلَيَّةَ عَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ فَكَيْفَ وَقَدْ أَنْكَرَ أَهْلُ الْعِلْمِ ذَلِكَ مِنْ حِكَايَتِهِ وَلَمْ يُعَرِّجُوا عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى بِأَوْضَحَ مِنْ ذِكْرِنَا لَهُ هَهُنَا فِي بَابِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي حَدِيثِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ

أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ وَسَمِعَهُ مِنْهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ وَطِئَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قال حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ سَوَاءً إِلَّا فِي قَوْلِهِ فَإِنْ وَطِئَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَنْ يُونُسَ وَإِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ يُونُسُ لَقِيَ أبا بردة

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ قال حدثنا الحرث قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ وَسُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا فَمَنْ يَقْبَلُ الْمَرَاسِيلَ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَقَدْ مَضَى فِي صَدْرِ هَذَا الدِّيوَانِ ذِكْرُ مَنْ يَقْبَلُهَا وَيَحْتَجُّ بِهَا مِنَ الْعُلَمَاءِ وَمَنْ يَأْبَى مِنْ قَبُولِهَا وَأَمَّا مَنْ لَا يَقْبَلُ الْمَرَاسِيلَ فَيَلْزَمُهُ أَيْضًا قَبُولُ حَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ هذا لأن الذين وصوله مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ وَالثِّقَةِ وَإِسْرَائِيلُ وَمَنْ تَابَعَهُ حُفَّاظٌ وَالْحَافِظُ تُقْبَلُ زِيَادَتُهُ وَهَذِهِ زِيَادَةٌ تُعَضِّدُهَا أُصُولٌ صِحَاحٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بن

زُرَيْعٍ عَنْ شُعْبَةَ وَمِنْ حَدِيثِ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ هَذَا الْحَدِيثُ مُسْنَدًا وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ عَنْهُمَا إِرْسَالُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وحديث ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ إِلَّا أَنَّ فِي نَقَلَةِ ذَلِكَ ضَعْفًا فَلِذَلِكَ لَمْ أَذْكُرْهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ كَانَتْ لِي أُخْتٌ تُخْطَبُ إِلَيَّ فَأَتَانِي ابْنُ عَمٍّ لِي فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا لَهُ رَجْعَةٌ ثُمَّ تركها حتى نقضت عِدَّتُهَا فَلَمَّا خُطِبَتْ أَتَانِي يَخْطِبُهَا فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَنْكَحْتُكَهَا أَبَدًا قَالَ فَفِيَّ نَزَلَتْ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ قَالَ فَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الحسن قال حدثني معقل ابن يَسَارٍ قَالَ كَانَتْ لِي أُخْتٌ تُخْطَبُ إِلَيَّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَأَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فتركها حتى نقضت عِدَّتُهَا ثُمَّ خَطَبَهَا فَأَبَى مَعْقِلٌ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَصَحُّ شَيْءِ وَأَوْضَحُهُ فِي أَنْ لِلْوَلِيِّ حَقًّا فِي الْإِنْكَاحِ وَلَا نِكَاحَ إِلَّا بِهِ لِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ مَا نُهِيَ عَنِ الْعَضْلِ وَلَاسْتُغْنِيَ عَنْهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَابْنُ جُرَيْجٍ نَزَلَتْ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ فِي أُخْتِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أُخْتُهُ حَمَلُ بِنْتُ يَسَارٍ كَانَتْ تَحْتَ أَبِي الْبَدَّاحِ فَطَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَرَغِبَ فِيهَا وَخَطَبَهَا فَعَضَلهَا مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَقَدْ صَرَّحَ الْكِتَابُ وَالسَّنَةُ بِأَنْ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ فَلَا مَعْنَى لِمَا خَالَفَهُمَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَلِيَّ نُهِيَ عَنِ الْعَضْلِ فَقَدْ أُمِرَ بِخِلَافِ الْعَضْلِ وَهُوَ التَّزْوِيجُ كَمَا أَنَّ الَّذِي نُهِيَ عَنْ أَنْ يَبْخَسَ النَّاسَ قَدْ أُمِرَ بِأَنْ يُوَفِّيَ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ وَهَذَا بَيِّنٌ كَثِيرٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ كَانَ الزُّهْرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ يَقُولَانِ إِذَا تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا كُفُؤًا فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ إِذَا زَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا كُفُؤًا بِشَاهِدَيْنِ فَذَلِكَ نِكَاحٌ جَائِزٌ صَحِيحٌ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرٍ وَإِنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا غَيْرَ كُفْءٍ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ إِلَّا بِوَلِيٍّ فَإِنْ سَلَّمَ الْوَلِيُّ جَازَ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُسَلِّمَ وَالزَّوْجُ كُفْءٌ أَجَازَهُ الْقَاضِي وَإِنَّمَا يَتِمُّ النِّكَاحُ فِي قَوْلِهِ حِينَ يُجِيزُهُ الْقَاضِي وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُ يَأْمُرُ الْقَاضِي الْوَلِيَّ بِإِجَازَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلِ استأنفا عقدا

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَصَحُّ شَيْءِ وَأَوْضَحُهُ فِي أَنْ لِلْوَلِيِّ حَقًّا فِي الْإِنْكَاحِ وَلَا نِكَاحَ إِلَّا بِهِ لِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ مَا نُهِيَ عَنِ الْعَضْلِ وَلَاسْتُغْنِيَ عَنْهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَابْنُ جُرَيْجٍ نَزَلَتْ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ فِي أُخْتِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أُخْتُهُ حَمَلُ بِنْتُ يَسَارٍ كَانَتْ تَحْتَ أَبِي الْبَدَّاحِ فَطَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَرَغِبَ فِيهَا وَخَطَبَهَا فَعَضَلهَا مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَقَدْ صَرَّحَ الْكِتَابُ وَالسَّنَةُ بِأَنْ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ فَلَا مَعْنَى لِمَا خَالَفَهُمَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَلِيَّ نُهِيَ عَنِ الْعَضْلِ فَقَدْ أُمِرَ بِخِلَافِ الْعَضْلِ وَهُوَ التَّزْوِيجُ كَمَا أَنَّ الَّذِي نُهِيَ عَنْ أَنْ يَبْخَسَ النَّاسَ قَدْ أُمِرَ بِأَنْ يُوَفِّيَ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ وَهَذَا بَيِّنٌ كَثِيرٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ كَانَ الزُّهْرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ يَقُولَانِ إِذَا تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا كُفُؤًا فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ إِذَا زَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا كُفُؤًا بِشَاهِدَيْنِ فَذَلِكَ نِكَاحٌ جَائِزٌ صَحِيحٌ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرٍ وَإِنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا غَيْرَ كُفْءٍ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ إِلَّا بِوَلِيٍّ فَإِنْ سَلَّمَ الْوَلِيُّ جَازَ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُسَلِّمَ وَالزَّوْجُ كُفْءٌ أَجَازَهُ الْقَاضِي وَإِنَّمَا يَتِمُّ النِّكَاحُ فِي قَوْلِهِ حِينَ يُجِيزُهُ الْقَاضِي وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُ يَأْمُرُ الْقَاضِي الْوَلِيَّ بِإِجَازَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلِ استأنفا عقدا

مَالِكٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يُزَوِّجَ الْمَرْأَةَ وَهُوَ مِنْ فَخِذِهَا وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَقْعَدُ بها قال أبن القاسم وإ كَانَتْ بِكْرًا فَزَوَّجَهَا ذُو الرَّأْيِ وَأَصَابَ وَجْهَ الرَّأْيِ وَلَهَا أَخٌ أَوْ غَيْرُهُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ فَهُوَ عِنْدِي جَائِزٌ قَالَ مَالِكٌ تُوَلِّي الْعَرَبِيَّةُ أَمْرَهَا الْمَوْلَى مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ دُونَ الْأَوْلِيَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَكُونُ عِنْدَ مَالِكٍ الْأَقْرَبُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ أَقْعَدَ إِلَّا إِنْ تَشَاحُّوا فِي إِنْكَاحِهَا وَخُطِبَتْ وَرَضِيَتْهُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كان الأقرب فالأقرب ينكها دُونَهُمْ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ الثَّيِّبِ لَهَا الْأَبُ وَالْأَخُ فَزَوَّجَهَا الْأَخُ بِرِضَاهَا وَأَنْكَرَ الْأَبُ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لِلْأَبِ هُنَا قَوْلٌ إِذَا زَوَّجَهَا الْأَخُ بِرِضَاهَا لِأَنَّهَا قَدْ مَلَكَتْ أَمْرَهَا فَهَذِهِ كُلُّهَا رِوَايَاتُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مالك ورى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الِابْنُ أَوْلَى بِإِنْكَاحِ أُمِّهِ مِنْ أَبِيهَا وَبِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا إِذَا مَاتَتْ (وَالْأَخُ أَوْلَى بِإِنْكَاحِ أُخْتِهِ مِنَ الْجَدِّ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا إِذَا مَاتَتْ (55)) قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يقول في الثيب ينكها وَلِيٌّ دُونَهُ وَلِيٌّ قَالَ إِنْ كَانَ بِأَمْرِهَا نَظَرَ فِي ذَلِكَ الْوَلِيُّ فَإِنْ رَأَى سَدَادًا جَازَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ الْمَرْأَةَ مِنْ قَوْمِهِ وَلَهَا وَلِيٌّ غَائِبٌ إِنَّ ذَلِكَ النِّكَاحَ لَا يَجُوزُ وَأَنَّهُ يُفْسَخُ إِلَّا أَنْ يَرَى السُّلْطَانُ أَنَّ ذَلِكَ النِّكَاحَ حَسَنٌ لَا بَأْسَ بِهِ فَقِيلَ لِمَالِكٍ فَالرَّجُلُ يُزَوِّجُ أُخْتَهُ وَأَبُوهُ غَائِبٌ فَقَالَ لَا يُنْكِحُهَا حَتَّى يَكْتُبَ إِلَى أَبِيهِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ أَقَاوِيلَ يَظُنُّ مَنْ سَمِعَهَا أَنَّ بَعْضَهَا يُخَالِفُ بَعْضًا وَجُمْلَةُ هَذَا الْبَابِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَمَرَ بِالنِّكَاحِ وَحَضَّ عَلَيْهِ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السلام وجعل

اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ أَوْلِيَاءَ فَقَالَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالْمُؤْمِنُونَ فِي الْجُمْلَةِ هَكَذَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ لَا وَارِثَ لَهُ لَكَانَ مِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَوْ جَنَى جِنَايَةً لَعَقِلَ عَنْهُ الْمُسْلِمُونَ ثُمَّ تَكُونُ وِلَايَةٌ أَقْرَبَ مِنْ وِلَايَةٍ وَقَرَابَةٌ أَقْرَبَ من قاربة فَإِنَّمَا يَجُوزُ النِّكَاحُ عَلَى جِهَتِهِ وَبِمَنْ هُوَ أولى بالمرأة وبمن لو تاشجروا وَتَرَافَعُوا إِلَى الْحَاكِمِ لَجَعَلَ أَمْرَ الْمَرْأَةِ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ فَإِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ بِمَوْضِعٍ لَا سُلْطَانَ فِيهِ وَلَا وَلِيَّ لَهَا فَإِنَّهَا تُصَيِّرُ أَمْرَهَا إِلَى مَنْ يُوثَقُ بِهِ مِنْ جِيرَانِهَا فَيُزَوِّجُهَا وَيَكُونُ هُوَ وَلِيَّهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ لِأَنَّ النَّاسَ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنَ التَّزْوِيجِ وَإِنَّمَا يَعْمَلُونَ فِيهِ بِأَحْسَنِ مَا يُمْكِنُ وَعَلَى هَذَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ الضَّعِيفَةِ الْحَالِ إِنَّهُ يُزَوِّجُهَا مَنْ تُسْنِدُ أَمْرَهَا إِلَيْهِ لِأَنَّهَا ممن تضعف عن السطان وَأَشْبَهَتْ مَنْ لَا سُلْطَانَ بِحَضْرَتِهَا وَرَجَعَتْ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَوْلِيَاؤُهَا وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي لَهَا أَوْلِيَاءٌ إِنَّهُ يُزَوِّجُهَا ذُو الرَّأْيِ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِ عَلَى مَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ إِلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا أَوْ ذِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا أَوِ السُّلْطَانِ لِأَنَّ ذَلِكَ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ إِنْكَاحِهَا بَلْ هُوَ أَحْسَنُهُ لِأَنَّهُ لَوْ رُفِعَ إِلَى الْحَاكِمِ أَمْرُهَا لَأَسْنَدَهُ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَإِذَا صَيَّرَتِ الْمَرْأَةُ أَمْرَهَا إِلَى رَجُلٍ وَتَرَكَتِ الْأَوْلِيَاءَ فَإِنَّهَا أَخَذَتِ الْأَمْرَ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهِ وَفَعَلَتْ مَا يُنْكِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهَا وَيُنْكِرُهُ الْمُسْلِمُونَ فَيُفْسَخُ ذَلِكَ النِّكَاحُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلَمَ حَقِيقَةً أَنَّهُ حَرَامٌ لِمَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضَهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الِاخْتِلَافِ وَلَكِنْ لِتَنَاوُلِهَا الْأَمْرَ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهِ وَلِأَنَّهُ أَحْوَطُ فِي الْفُرُوجِ وَتَحْصِينِهَا فَإِذَا وَقَعَ الدُّخُولُ وَتَطَاوَلَ الْأَمْرُ لَمْ يُفْسَخْ لِأَنَّ الْأُمُورَ إِذَا تَفَاوَتَتْ لَمْ يُرَدَّ مِنْهَا إِلَّا الْحَرَامُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَيُشَبَّهُ مَا فَاتَ مِنْ ذَلِكَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ إِذَا حَكَمَ بِحُكْمٍ لَمْ يُفْسَخْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ خَطَأً لَا يُشَكُّ فِيهِ فَأَمَّا مَا يُجْتَهَدُ فِيهِ الرَّأْيُ وَفِيهِ

الِاخْتِلَافُ فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ وَلَا يُرَدُّ مِنْ رَأْيٍ إِلَى رَأْيٍ وَقَدْ كَانَ يُشْبِهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنْ يَكُونَ الدُّخُولُ فَوْتًا وَإِنْ لَمْ يَتَطَاوَلْ وَلَكِنِّي أَحْسَبُهُ احْتَاطَ فِي ذَلِكَ لِئَلَّا تَجْرِي النَّاسُ عَلَى التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَيَسْتَعْجِلُونَ الدُّخُولَ لِيَجُوزَ لَهُمْ قَالَ وَأَمَّا مَا قَالَ مَالِكٌ إِنَّ الْمَرْأَة إِذَا زَوَّجَهَا غَيْرُ وَلِيٍّ فَفَسَخَهُ الْحَاكِمُ أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ فَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِمَا وَصَفْنَا أَنَّهُ لَيْسَ يُعْلَمُ حَقِيقَةً أَنَّهُ حَرَامٌ وَلَوْ كَانَ يُعْلَمُ حَقِيقَةً أَنَّهُ حَرَامٌ لَكَانَ فَسْخًا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَمْ يَكُنْ عند بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا جَوَابٌ فِي تَوَارُثِهِمَا وَقَالَ كَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ أَنْ لَا يُقَامَ عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ حَتَّى يُبْتَدَأَ النِّكَاحُ جَدِيدًا وَلَمْ يَكُنْ يُحَقِّقُ فَسَادَهُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَالَّذِي يُشْبِهُ عِنْدِي عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ هَذَيْنِ يَتَوَارَثَانِ إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لِأَنَّ الْفَسْخَ يَقَعُ عِنْدَهُ بِطَلَاقٍ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو ثَابِتٍ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ كَانَ يَرَى أَنَّ بَيْنَهُمَا الْمِيرَاثَ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ أَنْ يُفْسَخَ النِّكَاحُ فهذه جملة مذهب مالك ووجوه فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَمَذْهَبُ اللَّيْثِ بْنِ سعيد فِي هَذَا الْبَابِ نَحْوَ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ فَالنِّكَاحُ عِنْدَهُمْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ مَفْسُوخٌ أَبَدًا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَلَا يَتَوَارَثَانِ إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَالْوَلِيُّ عِنْدَهُمْ مِنْ فَرَائِضِ النِّكَاحِ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عِنْدَهُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَنْ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ كَمَا قَالَ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَقَالَ مُخَاطِبًا الْأَوْلِيَاءَ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَقَالَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيٍّ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَلَمَّا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا دَلَّ عَلَى

أَنَّ غَيْرَ الْأَيِّمِ وَلِيُّهَا أَحَقُّ بِهَا مِنْهَا وَكَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْإِذْنِ عِنْدَهُ الْأَبُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ فَلِهَذَا كُلِّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ إِنَّ النكاح بغير ولي باطل مفسوخ أبدإن وَفَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الدَّنِيَّةِ الْحَالِ وَبَيْنَ الشَّرِيفَةِ لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الدِّمَاءِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهَذَا عَلَى الْحُرِّ بِالْحُرِّ وَسَائِرُ الْأَحْكَامِ كَذَلِكَ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فَرْقٌ بَيْنَ الْوَضِيعِ وَالرَّفِيعِ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا ولاية لحد مَعَ الْأَبِ فَإِنْ مَاتَ فَالْجَدُّ ثُمَّ أَبُو الْجَدِّ ثُمَّ أَبُو أَبِي الْجَدِّ كَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّهُمْ أَبٌ وَالثَّيِّبُ وَالْبِكْرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لَا تُنْكَحُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا بِغَيْرِ وَلِيٍّ إِلَّا أَنَّ الثَّيِّبَ لَا يُنْكِحُهَا أَبٌ وَلَا غَيْرُهُ إِلَّا بِأَمْرِهَا وَيُنْكِحُ الْأَبُ الْبِكْرَ مِنْ بَنَاتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهَا لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا مِنَ الثَّيِّبِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا وَالْوَلَايَةُ بَعْدَ الْجَدِّ وَإِنْ علا الأخوة ثُمَّ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ قَالَ الْمُزَنِيُّ قَالَ فِي الْجَدِيدِ مَنِ انْفَرَدَ بِأُمٍّ كَانَ أَوْلَى بِالْإِنْكَاحِ كَالْمِيرَاثِ وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ هُمَا سَوَاءٌ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْأَوْلِيَاءُ الْعَصَبَةُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ كُلُّ مَنْ وَقَعَ إِلَيْهِ اسْمُ وَلِيٍّ فَلَهُ أَنْ يُنْكِحَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إِذَا تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ وَلِيٍّ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَالَ أحْتَاطُ لِهَذَا وَأُجِيزُ طَلَاقَهُ وَقَالَ إِسْحَاقُ كُلَّمَا طَلَّقَهَا وَقَدْ عُقِدَ النِّكَاحُ بِلَا وَلِيٍّ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا طَلَاقٌ وَلَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ثَلَاثًا وَالْبَاطِلُ مَفْسُوخٌ لَا يحتاج إلى فسخ حاكم ولاغيره وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَلَيْسَ الْوَلِيُّ عِنْدَهُمْ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَلَا مِنْ فَرَائِضِهِ وَإِنَّمَا هو لئلا يلحقه عارها فإاذ تَزَوَّجَتْ كُفُؤًا جَازَ النِّكَاحُ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَهَا أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إِنَّهَا أَحَقُّ

بنفسها فِي الْإِذْنِ دُونَ الْعَقْدِ وَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ أرادا لإذن دُونَ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ قَالُوا وَالْأَيِّمُ كُلُّ امْرَأَةٍ لَا زَوْجَ لَهَا بِكْرًا كَانْتْ أَوْ ثَيِّبًا قَالُوا فَالْمَرْأَةُ إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً جَازَ لَهَا أَنْ تَلِيَ عَقْدَ نِكَاحِهَا لِأَنَّهُ عَقْدٌ أَكْسَبَهَا مَالًا فَجَازَ أَنْ تَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهَا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَاتِ قَالُوا وَقَدْ أَضَافَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ النِّكَاحَ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَبِقَوْلِهِ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ وَبِقَوْلِهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ (قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا فَإِنَّمَا وَرَدَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ حُكْمِ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ فِي الْإِذْنِ هَذَا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ يَقُولُ إِنَّ الْوَلِيَّ هَهُنَا الْأَبُ وَأَمَّا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا هُوَ فِي الْيَتِيمَةِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَالْوَلِيُّ عِنْدَهُمْ من عدا الأب ههنا وَقَدْ مَضَى هَذَا الْقَوْلُ وَوَجْهُهُ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ فَمَا تَأَوَّلَهُ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ لَهُمْ وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنَّمَا هَذَا عَلَى مَا يَجِبُ مِنَ النِّكَاحِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ (بِهِ) وَمِنْهُ الْوَلِيُّ وَالصَّدَاقُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ كَثِيرٌ وَاعْتِرَاضٌ طَوِيلٌ لِكُلِّ فَرِيقٍ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَى صَاحِبِهِ يَطُولُ ذِكْرُهُ وَلَوْ أَتَيْنَا بِهِ لَخَرَجْنَا عَنْ شَرْطِنَا وَإِنَّمَا غَرَضُنَا التَّعْرِيفُ بِمَا فِي الْحَدِيثِ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي جَعَلَهَا الْفُقَهَاءُ أُصُولًا فِي أَحْكَامِ الدِّيَانَةِ لِيُوقَفَ عَلَى

الْأُصُولِ وَتُضْبَطَ وَأَمَّا الِاعْتِلَالُ وَالْفُرُوعُ وَالْجِدَالُ فَتَقْصُرُ عَنْ حَمْلِ ذَلِكَ الْأَسْفَارُ وَالْمُصَنَّفَاتُ الطِّوَالُ وَقَالَ دَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ فِي قَوْلِهِ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مَنْ وَلِيِّهَا هِيَ الثَّيِّبُ وَلَهَا أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَالْبِكْرُ يُزَوِّجُهَا وَلِيُّهَا وَلَا تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ لِقَوْلِهِ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَهَذَا عَلَى الْأَبْكَارِ خَاصَّةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ وَبِحَدِيثِ خَنْسَاءَ وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ عَبْدِ الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ وَصَمْتُهَا إِقْرَارُاهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ قوله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إِلَّا بِوَلِيٍّ عَلَى عُمُومِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ عَلَى عُمُومِهِ أَيْضًا وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا فَإِنَّمَا وَرَدَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ فِي الْإِذْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا

ابْنُ إِدْرِيسَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُسْتَأْمَرُ النِّسَاءُ فِي أَبْضَاعِهِنَّ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُنَّ يَسْتَحْيِينَ قَالَ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَسُكُوتُهَا إِقْرَارُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ وَلَا يُشَاوِرَهَا لِتَزْوِيجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ إِلَّا أَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ قَالُوا لَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ وَأَبَى ذَلِكَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو قُرَّةَ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا أَيُصِيبُ هَذَا الْقَوْلُ الْأَبَ قَالَ لَا لَمْ يُعْنَ الْأَبُ بِهَذَا إِنَّمَا عُنِيَ بِهِ غَيْرُ الْأَبِ قَالَ وَإِنْكَاحُ الْأَبِ جَائِزٌ عَلَى الصِّغَارِ مِنْ وَلَدِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى قَالَ وَلَا يُنْكِحُ الْجَارِيَةَ الصَّغِيرَةَ أَحَدٌ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرَ الْأَبِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَبِ هَلْ يُجْبِرُ ابنته الكبيرة الْبِكْرَ عَلَى النِّكَاحِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ بِكْرًا كَانَ لِأَبِيهَا أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى النِّكَاحِ مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا بَيِّنًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَجَمَاعَةٌ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ كَانَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَهِيَ كَبِيرَةٌ إِذَا كَانْتْ بِكْرًا لِأَنَّ الْعِلَّةَ البكورة لأن الْأَبَ لَيْسَ كَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ بِدَلِيلِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهَا وَنَظَرِهِ لَهَا وَأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ عَلَيْهَا وَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَهِيَ بِكْرٌ بَالِغٌ إِلَّا بِإِذْنِهَا مَا جَازَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا صَغِيرَةً كَمَا أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِكْرًا بَالِغًا إِلَّا بِإِذْنِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا صَغِيرَةً فَلَوِ احْتِيجَ إِلَى إِذْنِهَا فِي الْأَبِ مَا زَوَّجَهَا حَتَّى تَكُونَ مِمَّنْ لَهَا الْإِذْنُ بِالْبُلُوغِ فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَهَا صَغِيرَةً وَهِيَ لَا إِذْنَ لَهَا صَحَّ بِذَلِكَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ إذنها كائنة ما كانت بكرا لِأَنَّ الْفَرْقَ إِنَّمَا وَرَدَ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا

وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُنْكَحُ الْيَتِيمَةُ إِلَّا بِإِذْنِهَا لِأَنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْيَتِيمَةِ تُنْكَحُ بِغَيْرِ إِذْنِهَا وَهِيَ الْبِكْرُ ذَاتُ الْأَبِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبِكْرَ وَلِيُّهَا أَحَقُّ مِنْهَا وَهُوَ الْأَبُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فَإِنْ سَكَتَتْ فَهُوَ رِضَاهَا وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا قَالَ وَحَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عن محمد ابن عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا فَإِنْ سَكَتَتْ فَهُوَ رِضَاهَا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدُ وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا فَإِنْ سَكَتَتْ فَهُوَ إِذْنُهَا وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِهَذَا اللَّفْظِ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إسحاق ابن الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي

إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا فَإِنْ سَكَتَتْ فَقَدْ أَذِنَتْ وَإِنْ أَنْكَرَتْ لَمْ تُكْرَهْ قَالُوا فَفِي قَوْلِهِ تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْيَتِيمَةِ لَا تُسْتَأْمَرُ وَهِيَ ذَاتُ الْأَبِ إِذَا كَانْتْ بِكْرًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحُسْنُ بْنِ حَيٍّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ لَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ الْبَالِغَ مِنْ بَنَاتِهِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا إِلَّا بِإِذْنِهَا وَمِنْ حُجَّتِهِمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا قَالُوا وَالْأَيِّمُ هِيَ الَّتِي لَا بَعْلَ لَهَا وَقَدْ تَكُونُ ثَيِّبًا وَبِكْرًا فَكُلٌّ أَيِّمٍّ عَلَى هَذَا إِلَّا مَا خَصَّتْهُ السُّنَّةُ وَلَمْ تَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا الصَّغِيرَةَ وَحْدَهَا يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا لِأَنَّهُ لا إذن لمثلها وقد تبت أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ زَوَّجَ عَائِشَةَ ابْنَتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ صَغِيرَةٌ لَا أَمْرَ لَهَا فِي نَفْسِهَا فَخَرَجَ الصِّغَارُ مِنَ النِّسَاءِ بِهَذَا الدَّلِيلِ وَقَالُوا الْوَلِيُّ هَهُنَا كُلُّ وَلِيٍّ أَبٌ وَغَيْرُ أَبٍ وَهُوَ حَقُّ الْكَلَامِ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ وعمومه ما لم يرد مايخصه وَيُخْرِجُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ قَالُوا فَهَذَا عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ بِكْرٍ إِلَّا الصَّغِيرَةَ ذَاتَ الْأَبِ بِدَلِيلِ قِصَّةِ عَائِشَةَ وَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ فَأَبَتْ وَجَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ نِكَاحَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَيْسَ

مَحْفُوظًا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَذَكَرَتْ أَنْ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ فَخَيَّرَهَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عِنْدَ أَصْحَابِنَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَرَدَ فِي عين زَوَّجَهَا أَبُوهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَمِمَّنْ يَضُرُّ بِهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا فَقَدْ مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ وَتَكَرَّرَ وَمَضَى الْقَوْلُ فِي مَعَانِيهِ عَلَى اخْتِلَافِ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ أَنْ تَسْكُتَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيم قالَ أَبَانٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي

سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ إِذَا سَكَتَتْ فَهُوَ رِضَاهَا وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قال حدثنا شيبان بن عبد الرحمان عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ قَالُوا وَكَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ أَنْ تَسْكُتَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ يَأْتِي هَذَا اللَّفْظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهُوَ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَهُوَ ثِقَةٌ وَهُوَ أَثْبَتُ عِنْدَهُمْ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْبِكْرَ لَا يُنْكِحُهَا وليها أبا كَانَ أَوْ غَيْرُهُ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهَا وَيَسْتَأْمِرَهَا وَلَا يُسْتَأْذَنُ وَلَا يُسْتَأْمَرُ إِلَّا الْبَوَالِغُ وَهَذِهِ حُجَّةُ الْكُوفِيِّينَ إِلَّا أَنَّ الْبِكْرَ هَهُنَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْيَتِيمَةَ بِدَلِيلِ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَإِذَا حُمِلَ عَلَى هَذَا لَمْ تَتَعَارَضِ الْأَحَادِيثُ (وَكَانَتِ الصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ إِذَا كَانَتْ بِكْرًا ذَاتَ أَبٍ سَوَاءً وَالْعِلَّةُ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْبُكُورَةِ) والله أعلم واخلتفوا فِي غَيْرِ الْأَبِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ أَخًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ هَلْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَةَ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ (مِنَ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرَ الْأَبِ) أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَةَ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَخًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيِّ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا فَإِنْ سَكَتَتْ فقد أذنت

قَالُوا وَالصَّغِيرَةُ مِمَّنْ لَا إِذْنَ لَهَا فَلَمْ يَجُزِ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إِلَّا بَعْدَ بُلُوغِهَا وَلِأَنَّ الْأَخَ لَا يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهَا فَكَذَلِكَ بُضْعُهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَةَ وَلِيُّهَا مَنْ كَانَ أَبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ غَيْرَ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ إِذَا بَلَغَتْ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الِاخْتِيَارُ لَهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ عِنْدَهُمْ قَالُوا مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا كَبِيرَةً جَازَ أَنْ يُزَوِّجَهَا صَغِيرَةً وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَقَتَادَةَ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاخْتَلَفُوا فِي النِّكَاحِ يَقَعُ عَلَى غَيْرِ وَلِيٍّ ثُمَّ يُجِيزُهُ (الْوَلِيُّ) قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ ذَلِكَ جَائِزٌ إِذَا كَانَتْ إِجَازَةُ الْوَلِيِّ لِذَلِكَ بِالْقُرْبِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا جَازَ وَلِلْوَلِيِّ فِي ذَلِكَ أَنْ يُجِيزَ أَوْ يَفْسَخَ مَا كَانَ بِحِدْثَانِ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ لِلْوَلِيِّ إِجَازَتُهُ وَفَسْخُهُ مَا لَمْ تَطُلْ إِقَامَتُهَا مَعَهُ هَذَا إذا عقد النكاح غير الْوَلِيُّ وَلَمْ تَعْقِدْهُ الْمَرْأَةُ لِنَفْسِهَا فَإِنْ زَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا وَعَقَدَتْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ وَلِيٍّ قَرِيبٍ وَلَا بَعِيدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ هَذَا النِّكَاحَ لَا يُقَرُّ أَبَدًا عَلَى حَالٍ وَإِنْ تَطَاوَلَ وَإِنْ وَلَدَتِ الْأَوْلَادَ وَلَكِنَّهُ يُلْحَقُ (بِهِ) الْوَلَدُ إِنْ دَخَلَ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ ذَلِكَ النِّكَاحِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ الْفَسْخُ فِيهِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مَالِكَةً أَمْرَهَا تَزَوَّجَتْ عَلَى أَنْ يُجِيزَ وَلِيُّهَا فَأَجَازَ ذَلِكَ

لَمْ يَجُزْ قَالَ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ حَظِيَّةً ذَاتَ حِظَاءٍ فَجَعَلَتْ أَمْرَهَا إِلَى رَجُلٍ فَزَوَّجَهَا فَأَجَازَ ذَلِكَ وَلِيُّهَا لَمْ يَجُزْ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ قَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ انْظُرْ أَبَدًا فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ مِنَ الْمَرْأَةِ أَوْ مِمَّنْ جَعَلَتْ ذَلِكَ إِلَيْهِ وهو غَيْرِ وَلِيٍّ ثُمَّ أَجَازَ ذَلِكَ الْوَلِيُّ فَإِنَّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ أَبَدًا وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ مِنَ الْوُلَاةِ ثُمَّ أَجَازَتْهُ الْمَرْأَةُ فَهِيَ لَهُمْ تَبَعٌ وَهُوَ مَاضٍ قَالَ إِسْمَاعِيلُ أَمَّا تَشْبِيهُ عَبْدِ الْمَلِكِ تَزْوِيجَ غَيْرِ الْوَلِيِّ بِأَمْرِ الْمَرْأَةِ بِتَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا فَلَا يُشْبِهُهُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَلِي عَقْدَ نِكَاحِ نَفْسِهَا وَلَا غَيْرِهَا وَلَا أُمِّهَا لِأَنَّ هَذَا بَابٌ مَمْنُوعٌ مِنْهُ النِّسَاءُ قَالَ وَجَعَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ تَزْوِيجَ غَيْرِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ بِأَمْرِهَا أَضْعَفَ مِنْ تَزْوِيجِ الْوَلِيِّ الْمَرْأَةَ بغير أمرها وجعل مالك تزويج غير الولي بأمرها أقوى من تزويج الولي لامراة بِغَيْرِ أَمْرِهَا قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَالَّذِي قَالَ مَالِكٌ أَشْبَهُ وَأَبْيَنُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الأيم أحق بنفسها من وليها فَإِذَا عَقَدَ نِكَاحَهَا الْوَلِيُّ بِغَيْرِ أَمْرِهَا ثُمَّ أَجَازَتْ لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْقُرْبِ فَإِنَّهُ اسْتَحْسَنَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَفَوْرٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا أَبْطَلَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَلِيِّ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَرْأَةِ كَلَا عَقْدٍ لِأَنَّهَا لَوْ أَنْكَرَتْهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ طَلَاقٌ وَإِذَا زَوَّجَ الْمَرْأَةَ غَيْرُ وَلِيٍّ بِأَمْرِهَا فَهُوَ نِكَاحٌ قَدْ وَقَعَ فِيهِ اخْتِلَافٌ فَإِنَّمَا يُفْسَخُ بِاجْتِهَادِ الرَّأْيِ وَالْأَوَّلُ يُفْسَخُ بِالْحَقِيقَةِ قَالَ فَجَعَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْأَقْوَى أَضْعَفَ وَالْأَضْعَفَ أَقْوَى قَالَ وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَرْأَةِ يُزَوِّجُهَا غَيْرُ الْوَلِيِّ بِإِذْنِهَا أَنَّ فَسْخَهُ مَا هُوَ عِنْدِي بِالْبَيِّنِ وَلَكِنَّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبَيْنَهُمَا الْمِيرَاثُ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْفَسْخِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ مَشْهُورِ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا حَالَ لَهَا وَلَا قَدْرَ وَلَا مَالَ أَنَّ لَهَا أَنْ تَجْعَلَ أَمْرَهَا إِلَى مَنْ يُزَوِّجُهَا وَأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إِلَى إِجَازَةِ وَلِيِّهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُعْتَقَةِ وَالْمُسَالِمَةِ وَالْمَرْأَةِ الْمِسْكِينَةِ تَكُونُ فِي الْقَرْيَةِ الَّتِي لَا سُلْطَانَ فِيهَا أَوْ تَكُونُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ سُلْطَانٌ وَلَا خَطْبَ لَهَا قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَسْتَخْلِفَ عَلَى نَفْسِهَا مَنْ يُزَوِّجُهَا فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ قَوْلُ أَصْحَابِنَا فِي الدَّنِيَّةِ الْحَالِ وَالْمَوْضِعِ وَالْأَعْجَمِيَّةِ وَالْوَغْدَةِ تُسْنِدُ أَمْرَهَا إِلَى رَجُلٍ لَهُ حَالٌ وَلَيْسَ مِنْ مَوَالِيهَا وَلَا مِمَّنْ يَأْخُذُ لَهَا بِالْقَسَمِ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهَا مَضَى وَلَمْ يُرَدَّ وَكَانَ مُسْتَحْسَنًا يَجْرِي فِي ذَلِكَ مَجْرَى الْوَلِيِّ قَالَ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ ذَاتُ الْحَالِ وَالنِّعْمَةِ وَالنَّسَبِ وَالْمَالِ فَإِنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا فِي قَوْلِنَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ شَكًّا عِنْدَ أَصْحَابِنَا إِلَّا وَلِيٌّ أَوْ مَنْ يَلِي الْوَلِيَّ أَوِ السُّلْطَانُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الْعَبْدِ يَنْكِحُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ إِنَّ السَّيِّدَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَجَازَهُ وأن شاء فسخه ولم يشترطوا ههنا قُرْبًا وَلَا بُعْدًا وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَمْرُ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ عَلَى هَذَا إِنْ شَاءَ أمضاه السيد وإن شاء فسخه فإن أمشاه فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ قَوْلُ سعيد ابن الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَالْحَكَمِ قَالَ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى الْخِيَارِ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ لَا خِيَارَ فِيهِ انْعَقَدَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا صَارَ الخيار للسيد فِي فَسْخِهِ وَإِمْضَائِهِ لِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِي عَبْدِهِ مِمَّا لَمْ يَرْضَهُ فَإِذَا عَلِمَهُ

وَرَضِيَهُ جَازَ لِأَنَّ عَيْبَ النِّكَاحِ مِنْ قِبَلِهِ وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا كَانَ طَلَاقًا بِمَنْزِلَةِ مَنْ إِلَيْهِ طَلَاقُ زَوْجَةِ رَجُلٍ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الَمَاجِشُونِ فِي الْعَبْدِ يَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ يَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ ثُمَّ يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَيْلِي الْيَتِيمُ نَفْسَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُفْسَخَ نِكَاحُهُمَا إِنَّ نِكَاحَهُمَا يَثْبُتُ قَالَ وَلَوْ أَنَّ أَمَةً تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهَا ثُمَّ أَمْضَاهُ لَمْ يَمْضِ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَعْقِدُ نِكَاحَ نَفْسِهِ وَالْأَمَةُ لَا تَعْقِدُ نِكَاحَ نَفْسِهَا فَعَقْدُهَا نِكَاحَهَا بَاطِلٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ بَاعَهُ السَّيِّدُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِنِكَاحِهِ لَمْ يَكُنْ للمشتري أن يرد نكاحه ولو أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ إِنْ شَاءَ إِذَا عَلِمَ بِذَلِكَ فَإِنْ رَدَّهُ كَانَ لِلْبَائِعِ إِجَازَةُ النِّكَاحِ وَرَدُّهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ غُلَامًا لِغَيْرِهِ جَارِيَتَهُ أَوْ جَارِيَةَ غَيْرِهِ ثُمَّ عَلِمَ السَّيِّدُ فَأَجَازَ قَالَ يَمْضِي النِّكَاحُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَتَزْوِيجِ الْيَتِيمِ وَالْعَبْدِ إِذَا أَمْضَاهُ الْوَلِيُّ وَالسَّيِّدُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُمْ أَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ سيدها ورضاه باطل وقال أبو حنفية وَأَصْحَابُهُ ذَلِكَ النِّكَاحُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَنْ إِلَيْهِ إِجَازَتُهُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَكَذَلِكَ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ وَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ السَّيِّدِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ عَلَى إِجَازَةِ السَّيِّدِ اسْتِدْلَالًا بِحَدِيثِ الشَّاتَيْنِ مِنْ حَدِيثِ

عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَلِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ الشَّاتَيْنِ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَيُّ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ بِهِ أُضْحِيَةً أَوْ قَالَ الشَّاةَ فَاشْتَرَى بِهِ اثْنَتَيْنِ فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ فَأَتَاهُ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ فَكَانَ لَوِ اشْتَرَى تُرَابًا لَرَبِحَ فيه قال أبو عمر لي فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنِ احْتَجَّ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ لَا مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا نَكَحَتِ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَلَا يَجُوزُ النِّكَاحُ وَإِنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ حَتَّى يُبْتَدَأَ بِمَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ عِنْدَهُ إِذَا وَقَعَ فَاسِدًا كَرَجُلٍ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَجَازَهُ صَاحِبُهُ حَتَّى يَسْتَأْنِفَا بَيْعًا وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَمِنْ حُجَّتِهِمْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَأَيُّمَا عَبْدٍ نَكَحَ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ وَهُوَ عَاهِرٌ وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا أَنْ يُجِيزَهُ السَّيِّدُ فَكَذَلِكَ كُلُّ وَلِيٍّ كَالسَّيِّدِ فِي ذَلِكَ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ خَنْسَاءَ حِينَ رَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِكَاحَهَا إِذْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا أَنْ تُجِيزِي وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أُحِبُّ أَنْ يَسْتَقْبِلُوا نِكَاحًا جَدِيدًا وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا أَرَى لِلْقَاضِي وَلَا لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ الْيَتِيمَةَ

حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعَ سِنِينَ قَالَ فَإِنْ زُوِّجَتْ صَغِيرَةً دُونَ تِسْعِ سِنِينَ فَلَا أَرَى أَنْ يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعَ سِنِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ غَيْرُهُ وَأَظُنُّهُ أَخْذَهُ مِنْ قِصَّةِ عَائِشَةَ فِي الدُّخُولِ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ وَدَخَلَ بِهَا وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعِ أَوْ عَشْرِ سِنِينَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَحَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ قَالَا أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنَةُ سِتِّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ وَبَنَى بِي وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ وَفِي رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ ابْنَةُ عَشْرِ سِنِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَكْثَرُ مَا قِيلَ فِي سِنِّ عَائِشَةَ فِي حِينِ نِكَاحِهَا وَمَحْمَلُ هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَنَا عَلَى الْبِنَاءِ بِهَا وَرِوَايَةُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفُوا فِي سُكُوتِ الْيَتِيمَةِ الْبِكْرِ هَلْ يَكُونُ رِضًا قَبْلَ إِذْنِهَا فِي ذَلِكَ وَتَفْوِيضِهَا فَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْبِكْرَ الْيَتِيمَةَ إِذَا لَمْ تَأْذَنْ فِي النِّكَاحِ فَلَيْسَ السُّكُوتُ منها رضى فَإِنْ أَذِنَتْ وَفَوَّضَتْ أَمْرَهَا وَعَقْدَ نِكَاحِهَا إِلَى وليها

ثُمَّ أَنْكَحَهَا مِمَّنْ شَاءَ ثُمَّ جَاءَ يَسْتَأْمِرُهَا فَإِنَّ إِذْنَهَا حِينَئِذٍ الصَّمْتُ عِنْدَهُمْ إِذَا كَانْتْ بِكْرًا كَمَا ذَكَرْنَا وَفِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ سُكُوتَ الْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ إِذَا اسْتُؤْمِرَتْ وَذُكِرَ لَهَا الرَّجُلُ وَوُصِفَ وَأُخْبِرَتْ بِأَنَّهَا تُنْكَحُ مِنْهُ وَأَنَّهَا إِنْ سَكَتَتْ لَزِمَهَا فَسَكَتَتْ بَعْدَ هَذَا فَقَدَ لَزِمَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فروع هذا الباب كثيرة واعتلال القائلين لأقولاهم (فِيهِ) يَطُولُ ذِكْرُهُ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْهُ كِفَايَةٌ وَقَدْ أَتَيْنَا بِجَمِيعِ أُصُولِهِ الَّتِي مِنْهَا تَقُومُ فروعه وبالله التوفيق

عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان

عبد الله بن يريد مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو أُوَيْسٍ فَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيِّ وَرَوَى عَنْهُ عبد الرحمان بْنُ إِسْحَاقَ فَقَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى آلِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ فالصواب ما قله مَالِكٌ وَهُوَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ وَكَانَ لِعَبْدِ الْأَسَدِ ثَلَاثَةُ بَنِينَ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ أَبُو سَلَمَةَ زَوْجُ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا قَتَلَهُ حَمْزَةُ وَسُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ قَالَ الْعَدَوِيُّ وَكَانَ لَهُ قَدْرٌ وَلِسُفْيَانَ هَذَا ابْنٌ يُسَمَّى الْأَسْوَدُ بْنُ سُفْيَانَ وَكَانَ لَهُمْ بَنُونَ لَهُمْ قَدْرٌ وَهُمْ مَوَالِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ هَذَا شَيْخُ مَالِكٍ وَالَّذِي قاله مالك

وعبد الرحمان بْنُ إِسْحَاقَ فِيهِ هُوَ الصَّوَابُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّسَبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَا قَالَهُ أَبُو أُوَيْسٍ فَلَيْسَ بِمُنْكَرٍ لِأَنَّهُ نَسَبَ الْأَسْوَدَ إِلَى جَدِّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ هَذَا ثِقَةٌ حُجَّةٌ فِيمَا نَقَلَ ذَكَرَ الْعُقَيْلِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ فَقَالَ ثِقَةٌ وَسَأَلْتُ عَنْهُ يحيى أبن سُفْيَانَ فَقَالَ ثِقَةٌ حَدَّثَ عَنْهُ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِمَالِكٍ عَنْهُ مِنْ مَرْفُوعَاتِ الْمُوَطَّأِ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ شَرَكَهُ فِي أحدها أبو النضر

حديث أول بعد اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عبد الرحمان وعن محمد بن عبد الرحمان بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وَذَكَرَ أَنَّ النَّارَ اشْتَكَتْ إِلَى رَبِّهَا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ أَهْلُ السُّنَّةِ أَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مَخْلُوقَتَانِ بَعْدُ إِحْدَاهُمَا رَحْمَةُ اللَّهِ لِمَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ وَالْأُخْرَى عَذَابُهُ وَنِقْمَتُهُ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يُعَذِّبَهُ مِنْ خَلْقِهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَقَالَ مَخْلُوقَتَانِ لَا تبيدان

قَالَ أَبُو عُمَرَ الدَّلَائِلُ مِنَ الْآثَارِ كَثِيرَةٌ على أن الجنة ملخوقة بَعْدُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَةٌ بَعْدُ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ يُقَالُ لَهُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي آلِ فِرْعَوْنَ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا الْآيَةَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْمَسَاكِينَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَقَوْلُهُ اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا هَذَا الْحَدِيثُ أَبْيَنُ شَيْءٍ فِي أَنَّهَا قَدْ خُلِقَتْ وَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ شِتَاءً وَصَيْفًا أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ قَالَ يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا قَالَ فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ يَا رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَذِهِ أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا ثُمَّ حَفَّهَا بِالْمَكَارِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ يَا رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ فَلَمَّا خَلَقَ النار قال

يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ يَا رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلُهَا فَحَفَّهَا بِالشَّهَوَاتِ وَقَالَ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ يَا رَبِّ لَقَدْ شخيت أَلَّا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا يَدْخُلُهَا وَقَرَأَتُ عَلَى خَلَفِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ جَعْفَرٍ حدثهم قال حدثنا يوسف بن يزد قَالَ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْرَقُ قَالَ حدثنا إسماعيل بن جفعر عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ دَعَا جِبْرِيلَ فَأَرْسَلَهُ إِلَى الْجَنَّةِ فَقَالَ انْظُرْ إِلَيْهَا وَانْظُرْ إِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فَرَجَعَ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَقَالَ ارْجِعْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَرَجَعَ وَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَلَّا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ ثُمَّ أَرْسَلَهُ إِلَى النَّارِ فَقَالَ اذْهَبْ إِلَى النَّارِ فَانْظُرْ مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا فَرَجَعَ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ يَسْمَعُ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ ثُمَّ قَالَ عُدْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ فَرَجَعَ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَلَّا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مؤمل ابن إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فُضَلَاءَ سَيَّارَةً يَلْتَمِسُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ فَإِذَا مَرُّوا بِقَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ يَحُفُّونَ بِهِمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ فَإِذَا انْصَرَفُوا عَرَجَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَقُولُ لَهُمْ رَبُّنَا تَبَارَكَ

وَتَعَالَى وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ فَيَقُولُونَ مِنْ عِنْدِ عِبَادِكَ يُسَبِّحُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ وَيَسْتَجِيرُونَكَ فَيَقُولُ وَهُوَ أَعْلَمُ وَمَا يَسْأَلُونَ فَيَقُولُونَ يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا فَيَقُولُونَ لَا فَيَقُولُ كَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا وَيَقُولُ مِمَّ يَسْتَجِيرُونَ وَهُوَ أَعْلَمُ فَيَقُولُونَ مِنَ النَّارِ فَيَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا فَيَقُولُونَ لَا فَيَقُولُ كَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ثُمَّ يَقُولُ فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا فَيَقُولُونَ أَيْ رَبِّ فِيهِمْ عَبْدُكَ الْخَطَّاءُ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا مَرَّ بِهِمْ فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ فَيَقُولُ وَفُلَانٌ قَدْ غَفَرْتُ لَهُ هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ وَرَوَى سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَرَوَى الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ هُمُ الْجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى (بِهِمْ) جَلِيسُهُمْ وَالْآثَارُ فِي خَلْقِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ كَثِيرَةٌ جِدًّا صِحَاحٌ ثَابِتَةٌ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهَا وَالتَّسْلِيمُ لِمَا جَاءَ مِنْهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ قَالَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبيه هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ وَحُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غَالِبٍ عُبَيْدُ اللَّهِ ابن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ

مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عن العرج عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صالح عن هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْجَنَّةَ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ وَإِنَّ النَّارَ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ وَأَمَّا قَوْلُهُ اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَحَمَلَهُ قَوْمٌ عَلَى الْمَجَازِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ ... شَكَا إِلَيَّ جَمَلِي طُولَ السُّرَى ... وَكَقَوْلِ عَنْتَرَةَ ... وَشَكَا إِلَيَّ بِعَبْرَةٍ وَتَحَمْحُمِ وَكَقَوْلِ الْقَائِلِ ... امْتَلَأَ الْحَوْضُ وَقَالَ قَطْنِي ... مَهْلًا رُوَيْدًا قَدْ مَلَأْتُ بَطْنِي ... وَكَقَوْلِ الْعَرَبِ قَالَتِ السَّمَاءُ فَهَطَلَتْ وَقَالَتْ رِجْلِي فَخَدِرَتْ وَنَحْوَ هَذَا وَكَقَوْلِ عُرْوَةَ بْنِ حِزَامٍ حِينَ جَعَلَ الْقَوْلَ لِمَنْ لَا يُوجَدُ مِنْهُ قَوْلٌ ... أَلَا يَا غُرَابَيْ دِمْنَةِ الدار بينا ... ... أبا الصرم من عفرا تَنْتَحِبَانِ ... ... فَإِنْ كَانَ حَقًّا مَا تَقُولَانِ فَانْهَضَا ... بِلَحْمِي إِلَى وَكْرَيْكُمَا فَكُلَانِي ... ... ... وَكَقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ ... فَقَالَتْ لِيَ الْعَيْنَانِ سَمْعًا وَطَاعَةً ... وَحَدَّرَتَا مِثْلَ الجمان المنظم

وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ الْقَائِلِ ... كَمْ أُنَاسٌ فِي نَعِيْمٍ عَمَّرُوا ... فِي ذُرَى مُلْكٍ تَعَالَى فَبَسَقْ ... ... سَكَتَ الدَّهْرُ زَمَانًا عَنْهُمْ ... ثُمَّ أَبْكَاهُمْ دَمًا حِينَ نَطَقْ ... وَهَذَا وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ وَلُغَاتِهَا وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا فِي بَابِ زيد ابن أسلم وقا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنَّهَا تَنْطِقُ يُنْطِقُهَا اللَّهُ الَّذِي يُنْطِقُ الْجُلُودَ وَكُلَّ شَيْءٍ وَلَهَا لِسَانٌ كَمَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَاسْتَشْهَدُوا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ يوم يقول لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ وَبِقَوْلِهِ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا وَبِمَا جَاءَ مِنْ نَحْوِ هَذَا فِي الْآثَارِ الثَّابِتَةِ نَحْوَ قَوْلِهِ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ وَتَقُولُ وُكِّلْتُ بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَهَذَا وَنَحْوُهُ فِي الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ كَثِيرٌ جِدًّا وَحَمَلُوا مَا فِي الْقُرْآنِ وَالْآثَارِ مِنْ مِثْلِ هَذَا عَلَى الْحَقِيقَةِ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَقُصُّ الْحَقَّ وَقَوْلُهُ وَالْحَقَّ أَقُولُ وَنَحْوِ هَذَا وَلِكِلَا الْقَوْلَيْنِ وَجْهٌ يَطُولُ الِاعْتِلَالُ لَهُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

حديث ثان لعبد الله بن يزيد

حَدِيثٌ ثَانٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَرَأَ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَسَجَدَ فِيهَا فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِيهَا هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ جَمِيعًا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَذِكْرُ الزُّهْرِيِّ فِيهِ خَطَأٌ عَنْ مَالِكٍ لَا يَصِحُّ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو سَلَمَةَ وَالْأَعْرَجُ وَعَطَاءُ بْنُ مِينَاءَ وَأَبُو رَافِعٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرحمان ابن الحرث وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سِيرِينَ وَعَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ وَالْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ زيادة واقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ السُّجُودُ فِي الْمُفَصَّلِ وَهُوَ أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَأَمَّا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أُبِيِّ بن كعب وهو قول سعيد

ابن الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُ لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سُجُودٌ بِالْأَسَانِيدِ الصِّحَاحِ عَنْهُمْ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَدْرَكْنَا الْقُرَّاءَ لَا يَسْجُدُونَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ وَكَانَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ لَا يَسْجُدُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ وَقَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ أَنَّ عَزَائِمَ سجود القرن إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً وَيَعْنِي قَوْلُهُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ أَيْ لَمْ يُجْتَمَعْ عَلَى غَيْرِهَا كَمَا اجْتُمِعَ عَلَيْهَا عِنْدَهُمْ هَكَذَا تَأَوَّلَ فِي قَوْلِهِ هَذَا ابْنُ الْجَهْمِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ أَنْ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ يَعُدَّانِ كَمْ فِي الْقُرْآنِ مِنْ سَجْدَةٍ فَقَالَا الْأَعْرَافُ وَالرَّعْدُ وَالنَّحْلُ وبني إسرائيل ومريم والحج أولها والفرقان وطس وآلم تنزيل وص وحم السَّجْدَةُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً قَالَا وَلَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سُجُودٌ هَذِهِ رِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَى عَنْهُ عَطَاءٌ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ فِي ص وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ عَدَّ ابْنُ عَبَّاسٍ سُجُودَ الْقُرْآنِ عَشْرًا فَذَكَرَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ غَيْرَ ص فَإِنَّهُ أَسْقَطَهَا وَرَوَى أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ وَمُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ وَعَنِ ابن عرم إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً فِيهَا ص لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ مِنْهَا شَيْءٌ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سليمان الحول أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَفِي ص سَجْدَةٌ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ تَلَا

وَوَهَبْنَا لَهُ حَتَّى بَلَغَ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قَالَ هُوَ مِنْهُمْ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَأَيْتُ عُمَرَ قَرَأَ ص عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَلَ فَسَجَدَ فِيهَا ثُمَّ عَلَا الْمِنْبَرَ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمَعْمَرٌ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يَرَ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ الْقَاسِمِ رَأَيْتُهُ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عِنْدِي حَدِيثٌ مُنْكَرٌ يَرُدُّهُ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ سَجَدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَلَمْ يَصْحَبْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا حَدِيثٌ لَا يُحْفَظُ عَنْ غَيْرِ أَبِي قُدَامَةَ هَذَا بِإِسْنَادِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَاهُ عُمَرُ الدِّمَشْقِيُّ مَجْهُولٌ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً مِنْهَا النَّجْمُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابت قال قرأت على رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجْمَ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ إِلَّا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ السُّجُودَ وَاجِبٌ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ الْقَارِئَ فَلَمَّا لَمْ يَسْجُدْ لَمْ يَسْجُدِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ الْمُسْتَمِعَ تَبَعٌ لِلتَّالِي وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ عُمَرَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا فَإِنَّمَا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ هَذَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ أَوْجَبَ سُجُودَ التلاوة لا غير وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ السُّجُودُ فِي المفصل في والنجم وإذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك هذا قول الشافعي والثو وَأَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعُثْمَانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَحُجَّةُ مَنْ رَأَى السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَجَدَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ واقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إذا السماء انشقت واقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بكر ابن حَمَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي قَالَ

حَدَّثَنَا بَكْرٌ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَسَجَدَ قُلْتُ مَا هَذِهِ السَّجْدَةُ قَالَ سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ أَيْضًا صَحِيحٌ لَا يُخْتَلَفُ فِي صِحَّةِ إِسْنَادِهِ وَكَذَلِكَ الَّذِي قَبْلَهُ صَحِيحٌ أَيْضًا وَفِيهِ السُّجُودُ فِي الْمُفَصَّلِ وَالسُّجُودُ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ مُعَيَّنَةٌ وَالسُّجُودُ فِي الْفَرِيضَةِ وَهَذِهِ فُصُولٌ كُلُّهَا مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ بِهِ وَحُجَّةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَ مَا فِيهِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ قُرَّةَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَجَدَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمَا فِي إِذَا السَّمَاءُ انشقت واقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بن عتيبة عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بن عبد الرحمان بن الحرث بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَجَدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ يَقُولُونَ إِنَّ هَذَا الْإِسْنَادَ انْفَرَدَ بِهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ غَيْرُهُ وَيَخْشَوْنَ أَنْ يَكُونَ خَطَأً وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدِيثُ التَّفْلِيسِ وَيُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَأَمَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ زَادَ بَعْضُهُمْ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِإِسْنَادِهِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بن عبد الرحمان بن الحرث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِذَا السماء انشقت واقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بن عبد الرحمان بن الحرث بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إذا السماء انشقت واقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ (قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي

ذِئْبٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ ابْنِ قَيْسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ قَالَ أَبُو عُمَرَ ابْنُ قَيْسٍ هَذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الْقَاصُّ وَهُوَ ثِقَةٌ وَرِوَايَتُهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عِنْدَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ذَكَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَتْهُ طَائِفَةٌ كَذَلِكَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الْقَاصِّ اخْرُجْ إِلَى النَّاسِ فَمُرْهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم سجد في إذا السماء انشقت واقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَادِي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان أَنَّهُ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ وَهُوَ يُصَلِّي فَسَجَدَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ حِينَ انْصَرَفَ لَقَدْ

سَجَدْتَ فِي سُورَةٍ مَا رَأَيْتُ النَّاسَ يَسْجُدُونَ فِيهَا قَالَ إِنِّي لَوْ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِيهَا لَمْ أَسْجُدْ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان قائلا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَرَأَ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَسَجَدَ فِيهَا قَالَ فَقُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَلَمْ أَرَكَ سَجَدْتَ قَالَ لَوْ لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ مَا سَجَدْتُ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ أَنْكَرَ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ بِقَوْلِ أَبِي سَلَمَةَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ لَقَدْ سَجَدْتَ فِي سُورَةٍ مَا رَأَيْتُ النَّاسَ يَسْجُدُونَ فِيهَا قَالُوا فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ كَانَ قَدْ تَرَكَهُ (النَّاسُ) وَجَرَى الْعَمَلُ بِتَرْكِهِ فِي الْمَدِينَةِ فلهذا ما كَانَ اعْتِرَاضُ أَبِي سَلَمَةَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى السُّجُودَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَفِي سَائِرِ الْمُفَصَّلِ بِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَأَى الْحُجَّةَ فِي السُّنَّةِ لَا فِيمَا خالفهما ورأى أن من خلافها مَحْجُوجٌ بِهَا وَكَذَلِكَ أَبُو سَلَمَةَ لَمَّا أَخْبَرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكَتَ لِمَا لَزِمَهُ مِنَ الْحُجَّةِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ الْحُجَّةُ فِي عَمَلِ النَّاسِ لَا فِيمَا تَحْكِي أَنْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ عَلِمَ أَنَّ الْحُجَّةَ فِيمَا نَزَعَ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ فَسَلَّمَ وَسَكَتَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُمَا السُّجُودُ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَأَيُّ عَمَلٍ يُدَّعَى فِي خِلَافِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ وَهُوَ ابْنُ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَجَدَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمَا وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَالثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْحَرْثِ عَنْ عَلِيٍّ وَذَكَرَهُ الثَّوْرِيُّ أَيْضًا عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ العزائم أربع آلم تنزيل وحم السجدة والنجم واقرا بِاسْمِ رَبِّكَ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ سَمِعْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَزَائِمُ السُّجُودِ أربع الم تنزيل السجدة وحم السجدة والنجم واقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ وَهَذَا عِنْدِي خَطَأٌ وَغَلَطٌ مِنْ شُعْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ علي بن المدني يَقُولُ هَذَا جَاءَ مِنْ عَاصِمٍ قَالَ أَبُو عمر رضي الله عنه الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ جَاءَ مِنْ شُعْبَةَ أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ شَيْبَةَ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ شُعْبَةَ مَرَّةً يُحَدِّثُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَلِيٍّ فِي عَزَائِمِ السُّجُودِ وَمَرَّةً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنِ الثَّوْرِيَّ حِفْظَهُ عَنْ عَاصِمٍ وَضَبَطَهُ وَشُعْبَةُ أَدْرَكَهُ فِيهِ الْوَهْمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَمَالِكٌ عَنِ الزهري عن عبد الرحمان الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ سَجَدَ فِي النَّجْمِ ثُمَّ قَامَ فَوَصَلَ إِلَيْهَا سُورَةً

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْخَبَرُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ أَنَّ عُمَرَ هَكَذَا مَقْطُوعًا لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهَذَا جُمْلَةُ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ رَأَى السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ إِذْ لَا مَدْخَلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلنَّظَرِ وَقَدِ احْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ بِمَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابت قال قرأت على رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجْمَ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ السَّرْجِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو صَخْرٍ عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ بِمَعْنَاهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَأَبُو صَخْرٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْقَوْلُ فِيهِ عِنْدِي قَوْلُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ لِأَنَّهُ قَدْ تَابَعَهُ يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَلَى ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ وَهُوَ ابْنُ خُصَيْفَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ

يَسَارٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَ الْإِمَامِ فَقَالَ لَا قِرَاءَةَ مَعَ الْإِمَامِ فِي شَيْءٍ وَزَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى فَلَمْ يَسْجُدْ فَاحْتَجَّ بِهَذَا الْخَبَرِ مَنْ لَمْ يَرَ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ وَقَالَ مَنْ رَأَى السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ من لَمْ يَرَ السُّجُودَ وَاجِبًا لَا حُجَّةَ فِي هَذَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَجَدَ فِي وَالنَّجْمِ وَتَرَكَ وَكَذَلِكَ سُجُودُ الْقُرْآنِ مَنْ شَاءَ سَجَدَ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ وَلَمْ يَفْرِضْهَا اللَّهُ وَلَا كَتَبَهَا عَلَى عِبَادِهِ وَذَكَرُوا مَا أَخْبَرَنَا بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ سُورَةَ النَّجْمِ فَسَجَدَ فِيهَا وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ وَرَوَى الْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَى مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ سَجْدَةً وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَنَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ ثُمَّ قَرَأَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ (الْأُخْرَى) فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ فَقَالَ عَلَى رِسْلِكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ فَلَمْ يَسْجُدْ وَمَنَعَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا قَالُوا فَعَلَى هَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ فِي وَالنَّجْمِ وَأَنَّهُ سَجَدَ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذَا مَا فِي سُجُودِ الْمُفَصَّلِ مِنَ الْآثَارِ الصِّحَاحِ وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ رِضْوَانُ اللَّهِ عليهم

وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي السُّجُودِ فِي سُورَةِ ص فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى السُّجُودِ فِيهَا وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعَيْنَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنْ لَا سُجُودَ فِي ص وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلْقَمَةَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إِنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ ذُكِرَتْ وَكَانَ لَا يَسْجُدُ فِيهَا يَعْنِي ص وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ص فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ آخَرُ قَرَأَهَا فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ تَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ فَقَالَ إِنَّمَا هِيَ تَوْبَةٌ وَلَكِنِّي رَأَيْتُكُمْ ثُمَّ نَزَلَ فَسَجَدَ فَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ رَأَى السُّجُودَ فِي ص وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى السُّجُودَ فِي ص أَيْضًا مَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَيْسَ ص مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِيهَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ قَالَ حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ

يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِي ص وَلَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ وَاخْتَلَفُوا فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْحَجِّ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْهَا ثَابِتَةٌ يَسْجُدُ التَّالِي فِيهَا فِي صَلَاةٍ وَفِي غَيْرِ صَلَاةٍ إِذَا شَاءَ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا لَيْسَ فِي الْحَجِّ إِلَّا سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْأُولَى وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَاخْتُلِفَ فِيهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرَيُّ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَمَسْلَمَةُ بن مخلد وأبي عبد الرحمان السلمي وأبي العالية الرياحي وزر ابن حُبَيْشٍ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ أَدْرَكْتُ النَّاسَ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً يَسْجُدُونَ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مِصْرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ سُورَةَ الْحَجِّ فَسَجَدَ فِيهَا سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ وَمَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَسْجُدُ فِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ

وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ وَابْنَ عُمَرَ كَانَا يَسْجُدَانِ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ قَالَ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَوْ سَجَدْتُ فِيهَا وَاحِدَةً كَانَتِ السَّجْدَةُ الْآخِرَةُ أَحَبَّ إِلَيَّ قَالَ (وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ) إِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ بِسَجْدَتَيْنِ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْأُولَى مِنْ سُورَةِ الْحَجِّ عَزِيمَةٌ وَالْآخِرَةُ تَعْلِيمٌ وَكَانَ لَا يَسْجُدُ فِيهَا وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ كَمْ فِي الْحَجِّ فَقَالَ سَجْدَتَانِ قِيلَ لَهُ حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ قَالَ نعم وراه ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مِشْرَحٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ فَمَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلَا يَقْرَأْهُمَا قَالَ وَهَذَا تَوْكِيدٌ لِقَوْلِ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنَّهُمْ قَالُوا فُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ بِسَجْدَتَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِي جُمْلَةِ عَدَدِ سُجُودِ الْقُرْآنِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّهَا إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ مِنْهَا شَيْءٌ هَذَا تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ سُجُودَ الْقُرْآنِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْمُفَصَّلِ وَغَيْرِ الْمُفَصَّلِ وَكَانَ ابْنُ وَهْبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَذْهَبُ إِلَى هذا

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمَا وَعَنْ أَنَسٍ وَالْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَكُلُّ مَنْ تَقَدَّمَ ذَكَرْنَا عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ فِي الْمُفَصَّلِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ والثوري أربع عشرة سجدة يها الْأُولَى مِنَ الْحَجِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً سِوَى سَجْدَةِ ص فَإِنَّهَا سَجْدَةُ شُكْرٍ وَفِي الْحَجِّ عِنْدَهُ سَجْدَتَانِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِيهَا الثَّانِيَةُ مِنَ الْحَجِّ وَسَجْدَةُ ص وَأَسْقَطَ سَجْدَةَ النَّجْمِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ وَسَجْدَةُ ص وَقَالَ الطَّبَرَيُّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً وَيَدْخُلُ فِي السَّجْدَةِ بِتَكْبِيرٍ وَيَخْرُجُ مِنْهَا بِتَسْلِيمٍ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَسْتَحِبُّ أَنْ يَسْجُدَ فِي الْقُرْآنِ كُلِّهِ فِي الْمُفَصَّلِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ هُوَ وَاجِبٌ وَقَالَ مَالِكٌ والشافعي والأوزاعي والليث هُوَ مَسْنُونٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ ابن أبي مليكة عن عثمان بن عبد الرحمان عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ أَنَّهُ حَضَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ سُورَةَ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ حتى إذا

كَانَتِ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَهَا حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ وَأَحْسَنَ وَمَنْ لم يسجد بفلا إِثْمَ عَلَيْهِ قَالَ وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَمْ يُفْرَضْ عَلَيْنَا السُّجُودُ إِلَّا أَنْ نَشَاءَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَيُّ شَيْءٍ أَبْيَنُ مِنْ هَذَا عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ فِيمَا عَلِمْتُ وَلَيْسَ قول من أوجبهما بِشَيْءٍ وَالْفَرَائِضُ لَا تَجِبُ إِلَّا بِحُجَّةٍ لَا مُعَارِضَ لَهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَنْ الرَّجُلِ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَسْجُدُ فَقَالَ جَائِزٌ أَنْ لَا يَسْجُدَ وَإِنْ كُنَّا نَسْتَحِبُّ أَنْ يَسْجُدَ فَإِنْ شَاءَ سَجَدَ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عُمَرَ لَيْسَتْ عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ قِيلَ لَهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُشَدِّدُونَ يَعْنِي أَصْحَابَ أَبِي حَنِيفَةَ فَنَفَضَ يَدَهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي التَّكْبِيرِ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالتَّسْلِيمِ مِنْهَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُكَبِّرُ التَّالِي إِذَا سَجَدَ وَيُكَبِّرُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ فِي الصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ فِي صَلَاةٍ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ إِذَا كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ يَقُولَانِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ قَالَ الْأَثْرَمُ وَأُخْبِرْتُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ قَالَ وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ

يَرْفَعَانِ أَيْدِيَهُمَا فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ إِذَا كَبَّرَ وَقَالَ أَحْمَدُ يَدْخُلُ هَذَا فِي حَدِيثِ وَائِلِ بن حجر أن النبي كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ ثُمَّ قَالَ مَنْ شَاءَ رَفَعَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَرْفَعْ يديه ههنا وَقَالَ أَبُو الْأَحْوَصِ وَأَبُو قِلَابَةَ وَابْنُ سِيرِينَ وأبو عبد الرحمان السُّلَمِيُّ يُسَلِّمُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ قَالَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ فَقَطْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ لَيْسَ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ تَسْلِيمٌ وَهُوَ قَوْلُ مالك والشافعي وأبي حنفية وَأَصْحَابِهِمْ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَمَّا التَّسْلِيمُ فَلَا أَدْرِي مَا هُوَ فَهَذِهِ أَوْصَلُ مَسَائِلِ السُّجُودُ وَبَقِيَتْ فُرُوعٌ تَضْبِطُهَا هَذِهِ الْأُصُولُ (كَرِهْنَا ذِكْرَهَا خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ عَلَى شَرْطِنَا فِي الِاعْتِمَادِ عَلَى الْأُصُولِ) وَالْأُمَّهَاتِ وَمَا فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ مِنَ الْمَعَانِي الْمُضَمَّنَاتِ وَاللَّهُ الْمُعِينُ لَا شَرِيكَ له

حديث ثالث لعبد الله بن يزيد

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سفيان عن أبي سلمة ابن عبد الرحمان عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ (بِالشَّامِ) فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ فَسَخِطَتْهُ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ ثُمَّ قَالَ لَهَا تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي قَالَتْ فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمِ بْنَ هِشَامٍ خَطَبَانِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أما أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ قَالَتْ فَكَرِهْتُهُ ثُمَّ قَالَ انكحي

أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ قَالَتْ فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ (بِهِ) قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمِ بْنَ هِشَامٍ خَطَبَانِي فَمِنَ الْغَلَطِ الْبَيِّنِ وَلَمْ يَقُلْ أحد من رواة الموطأ أبا جهم ابن هِشَامٍ غَيْرَ يَحْيَى وَإِنَّمَا فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جماعة الرواة غير يحيى أن معاوية ابن أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي هَكَذَا أَبُو جَهْمٍ غَيْرُ مَنْسُوبٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ أَبُو جهم بن حذيفة بن غانم العروي القرشي اسمع عمير ويقال عبيد ابن حُذَيْفَةَ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُوَطَّأِ رِوَايَةُ ابْنُ القاسم من طريق الحرث بْنِ مِسْكِينٍ أَبُو جَهْمِ بْنُ هِشَامٍ وَهَذَا كَمَا وَصَفْنَا عَنْ يَحْيَى قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ هَهُنَا وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَةِ أَحَدٌ يُقَالُ لَهُ أبو جهم ابن هشام وأما قوله مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ فَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي نَقْلِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ رَوَى اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ كَانَتْ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ طُلِّقَتْ أَلْبَتَّةَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

وَكَذَلِكَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قالت كت عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بُنِيَ مَخْزُومٍ فَطَلَّقَنِي أَلْبَتَّةَ ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ رَوَى اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عمرو بْنِ حَفْصٍ أَنَّ جَدَّهُ طَلَّقَ فَاطِمَةَ أَلْبَتَّةَ وَكَذَلِكَ رَوَى مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ قَالَتْ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي وَخَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَفِي هَذَا جَوَازُ طَلَاقِ أَلْبَتَّةَ وَطَلَاقِ الثَّلَاثِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ أَحَدٌ أَنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَلَكِنْ قَدْ اخْتُلِفَ عَنْ فَاطِمَةَ فِي طَلَاقِهَا هَذَا فَقِيلَ إِنَّهُ طَلَّقَهَا ثلاثا مجتمعات وقيل إنها كات آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلَيقَاتٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرحمان أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَسَاقَ الْحَدِيثَ وفيه أن خالد ابن الْوَلِيدِ وَنَفَرًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا إِنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ كَذَا قَالَ إِنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ وَهُوَ أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومٍ قِيلَ اسْمُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يَنْبَغِي مِنْ ذِكْرِهِ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو يَعْنِي الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ الْمَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَسَاقَ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ وَالْبَهِيُّ وعطاء عن عبد الرحمان بْنِ عَاصِمٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ فَاطِمَةَ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي أَبُو دَاوُدَ أَنَّ الشَّعْبِيَّ روى عن فاطمة أن زوجها طلقا ثَلَاثًا وَأَنَّ الزُّهْرِيَّ رَوَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ فَاطِمَةَ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا كَذَا رَوَاهُ يُونُسُ وَعُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَعِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ إِسْنَادٌ آخَرُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي الْجَهْمِ رَوَى عَنْ فَاطِمَةَ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثلاثا وأن عطاء روى عن عبد الرحمان بْنَ عَاصِمٍ عَنْ فَاطِمَةَ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثلاثا وهو عبد الرحمان بْنُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَفْلَحِ الْأَنْصَارِيُّ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرُطَاةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ فَاطِمَةَ وَهُوَ خَطَأٌ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عطاء قال أخبرني عبد الرحمان بْنُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ قيس أخت

الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّةَ وَكَانَتْ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَخَرَجَ إِلَى بَعْضِ الْمَغَازِي وَأَمَرَ وَكِيلًا لَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا بَعْضَ النَّفَقَةِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَا وأبو سلمة بن عبد الرحمان وَهِيَ فِي بَيْتِ آلِ الزُّبَيْرِ فَسَأَلْنَاهَا عَنْ حَدِيثِهَا فَقَالَتْ طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا فَلَمْ يَدَعْ لِي سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ لَمْ يَدَعْ لِي سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً فَقَالُوا صَدَقَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْكُنِي فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّ بَيْتَ أُمِّ شَرِيكٍ مَغْشِيٌّ وَلَكِنِ اقْعُدِي فِي بَيْتِ ابن ام مكتوم فإنه رجل أَعْمَى فَإِنَّكِ إِنْ تَنْزِعِي ثِيَابَكِ لَمْ يَرَ شَيْئًا قَالَ فَفَعَلَتْ قَالَتْ فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتِي خَطَبَنِي مُعَاوِيَةُ وَأَبُو جَهْمٍ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ لَهُ (ذَلِكَ) فَقَالَ أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ لَا مَالَ لَهُ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ شَدِيدٌ عَلَى النِّسَاءِ فَخَطَبَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَتَزَوَّجْتُهُ فَبَارَكَ اللَّهُ لِي وَرَوَى مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنْ أَبَا عَمْرِو ابن حَفْصٍ أَرْسَلَ إِلَى فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ امْرَأَتِهِ بتطليقة كَانَتْ بَقِيَتْ لَهُ مِنْ طَلَاقِهِ وَرَوَى اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ أَبِي حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وأن أبا

حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ طَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ هَذِهِ رِوَايَةُ يَزِيدَ بْنِ خَالِدٍ الرَّمْلِيِّ عَنِ اللَّيْثِ ذَكَرَهَا أَبُو دَاوُدَ عَنْ يَزِيدَ هَذَا وَرَوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بن عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ وَهِيَ أُخْتُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ (حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ (109)) حَدَّثَنَا مُطَّلِبٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عِنْدِي أَصَحُّ مِنَ الَّتِي ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ اللَّيْثِ لِأَنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ صَحَّفَ كَمَا صَنَعَ فِي اسْمِ زَوْجِ فَاطِمَةَ إِذْ قَالَ كَانَتْ عِنْدَ أَبِي حَفْصِ بن المغيرة وإأ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَرَوَى يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مِثْلَ حَدِيثِ مَعْمَرٍ فَجَمَعَ يُونُسُ الْحَدِيثَيْنِ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَحَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ وَكَذَلِكَ الزُّبَيْدِيُّ جَمَعَ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِيِّ وَفِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا تَطْلِيقَةً كَانَتْ بَقِيَتْ لَهَا بَعَثَ إِلَيْهَا بِطَلَاقِهَا ذَلِكَ كَذَلِكَ قَالَ مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ فِيهِ وَهَذَا يُصَحِّحُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَهُوَ غَائِبٌ وَقَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ أَوْ إِلَى بَعْضِ الْمَغَازِي فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ فَاطِمَةَ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ

وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ فَاطِمَةَ قَالَتْ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عُمَرَ فَبَعَثَ إِلَيَّ بِتَطْلِيقَتِي الثَّالِثَةِ فَهَذَا مَا بَلَغَنِي مِمَّا فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي صِفَةِ طَلَاقِهَا فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ قَالَ إِنَّ طَلَاقَ الثَّلَاثِ مُجْتَمِعَاتٍ سُنَّةٌ وَلَا لِمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَسَطْنَاهُ وَمَهَّدْنَاهُ فِي بَابِ نَافِعٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ فَفِيهِ إِبَاحَةُ الْوَكَالَةِ وَثُبُوتُهَا وَهَذَا أَصْلٌ فِيهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ وَاللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ فَفِي هَذَا دَلِيلٌ بَلْ نَصٌّ أَنْ لَا نَفَقَةَ لِلْمَبْتُوتَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَيَكُونَ لَهَا النَّفَقَةُ بِإِجْمَاعٍ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ بَيِّنٌ أَنَّهُنَّ إِنْ لَمْ يَكُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ لَمْ يُنْفَقْ عَلَيْهِنَّ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ لَمْ تَكُنْ حاملا فلهذا مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَفَقَةَ لَكِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي النَّفَقَةِ لِلْمَبْتُوتَةِ فَأَبَاهَا قَومٌ وَهُمْ أَهْلُ الْحِجَازِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَتَابَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَحُجَّتُهُمْ ظَاهِرَةٌ قَوِيَّةٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ آخَرُونَ لَهَا النَّفَقَةُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْهُمُ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَحُجَّتُهُمْ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا قَالَا الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عُمَرَ قَالَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم قال حدثنا محمد ابن شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لَا يَجُوزُ فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ قَوْلُ امْرَأَةٍ وَكَانَ يَجْعَلُ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ شُرَيْحٍ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا قَالَ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا يُنْفِقُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا لَيْسَ بِقَوِيِّ الْإِسْنَادِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَالَّذِي فِي كِتَابِ رَبِّنَا أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ إِذَا كَانَتْ حَامِلًا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ عُمَرَ لَا يَقُولُ نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا إِلَّا لِمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي كِتَابِ رَبِّنَا وَالَّذِي وَجَدْنَا فِي كِتَابِ رَبِّنَا النَّفَقَةُ لِذَوَاتِ الْأَحْمَالِ قَالَ وَنَحْسَبُ أَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا هُوَ لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَهَا السُّكْنَى لِأَنَّ السُّكْنَى مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَزَادَ بَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ النَّفَقَةُ وَالْحَدِيثُ يَدُورُ عَلَى الْأَعْمَشِ بِأَسَانِيدَ مُخْتَلِفَةٍ وَكُلُّ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَلَى اخْتِلَافِهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهَا تَدُورُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَقَدْ رَوَى مَنْصُورٌ وَهُوَ

أَصَحُّ رِوَايَةً مِنَ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى النَّفَقَةِ هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ إِسْمَاعِيلَ وَفِيهِ مَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ ظَاهِرِ قَوْلِ عُمَرَ إِلَى دَعْوَى لَا يُسِيغُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ لِأَحَدٍ مِثْلَ ذَلِكَ فِي دَفْعِ نَصٍّ إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلُ عُمَرَ خِلَافَ نَصِّ السُّنَّةِ كَانَ دَفْعُهُ بِتَأْوِيلٍ ضَعِيفٍ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَنْسُبَهُ إِلَى مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ عَلَى أَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ فِيمَا رَوَاهُ الْعُدُولُ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ نَصٌّ بِتَأْوِيلٍ يَدْفَعُهُ جُمْلَةً وَذَلِكَ عِنْدِي فِي الْمُسْنَدِ دُونَ رَأْيِ أَحَدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ قَالَتْ طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا فَجِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لَا نَفَقَةَ لَكِ وَلَا سُكْنَى قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا النَّفَقَةُ لَلْمَبْتُوتَةِ فَفِيهِ نَصٌّ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا وَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فَلَا مَعْنَى لِمَا خَالَفَهُ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا نَفَقَةَ لِغَيْرِ حَامِلٍ فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَهِيَ النُّكْتَةُ الَّتِي عَلَيْهَا مَدَارُهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسَّنَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَلَّى قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ

فَأَخْبَرَتْنِي أَنَّ زَوْجَهَا الْمَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا وَأَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَفَقَةَ لَكِ فَانْتَقِلِي فَاذْهَبِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَكُونِي عِنْدَهُ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِأَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَكَذَلِكَ أَحَادِيثُ فَاطِمَةَ كُلُّهَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنَّمَا اخْتُلِفَ فِي ذِكْرِ السُّكْنَى فَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَذْكُرْهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ فَهَذَا مَوْضِعُ اخْتِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَبْتُوتَةَ لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ وَقَالَ لَا نَفَقَةَ لَكِ وَقَالُوا لَوْ كَانَ لَهَا السُّكْنَى مَا أَمَرَهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا وَرَوَوْا أَيْضًا مَنْصُوصًا فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا لَا سُكْنَى لَكِ وَلَا نَفَقَةَ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَبِهِ قَالَ أحمد ابن حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا فَاعْتَدَّتْ عِنْدَ ابْنِ عَمِّهَا عَمْرِو بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا هَيْثَمٌ عَنْ سَيَّارٍ أَبِي

الْحَكَمِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ لَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةَ وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَأَلْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ عَنِ الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا فَقَالَتْ طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً فَقِيلَ لِعَامِرٍ إِنَّ عُمَرَ لَمْ يُصَدِّقْهَا فَقَالَ عَامِرٌ أَلَا تُصَدِّقُ امْرَأَةً فَقِيهَةً نَزَلَ بِهَا هَذَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ صَخْرٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ وَلَا سُكْنَى وَرَوَى مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَسَعْدُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا إِنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا كَانَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا رَجْعَةٌ وَفِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ قَالَتْ حِينَ أَرْسَلَ إِلَيْهَا مَرْوَانُ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ فَحَدَّثَتْهُ فَأَتَى مَرْوَانَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ مَرْوَانُ لَمْ أَسْمَعْ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا مِنِ امْرَأَةٍ سَنَأْخُذُ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي وَجَدْنَا النَّاسَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ فَاطِمَةُ حِينَ بَلَغَهَا قَوْلُ مَرْوَانَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمُ الْقُرْآنُ قَالَ اللَّهُ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ حَتَّى بَلَغَتْ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا قَالَتْ هَذَا لِمَنْ كَانَتْ لَهُ مُرَاجَعَةٌ فَأَيُّ أَمْرٍ يَحْدُثُ بَعْدَ

الثَّلَاثِ فَكَيْفَ تَقُولُونَ لَا نَفَقَةَ لَهَا أَمَّا إذا لم تكن حاملا فعلىم تَحْبِسُونَهَا فَكَيْفَ تُحْبَسُ امْرَأَةٌ بِغَيْرِ نَفَقَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَقُولُ فَاطِمَةُ إِنْ كُنْتُمْ تَحْبِسُونَهَا عَلَى زَوْجِهَا فِي بَيْتِهِ فَأَوْجِبُوا لَهَا النَّفَقَةَ وَإِنْ لَمْ تُوجِبُوا لَهَا النَّفَقَةَ فَلَا تُوجِبُوا عَلَيْهَا السُّكْنَى وَفِي قَوْلِ مَرْوَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سَنَأْخُذُ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي وَجَدْنَا النَّاسَ عَلَيْهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ كَانَ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ حديث فاطمة في السكنى وقولها فعلىم تَحْبِسُونَهَا إِنَّمَا كَانَتْ تُخَاطِبُ بِهَذَا كِبَارَ التَّابِعِينَ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ كَانَ عِنْدَهُمْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ زَمَنِ عُمَرَ بِخِلَافِ حَدِيثِ فَاطِمَةَ فِي السُّكْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ إِنَّكَ لَتَسْأَلُ سُؤَالَ رَجُلٍ قَدْ تَبَحَّرَ الْعِلْمَ قَبْلَ الْيَوْمِ قَالَ قُلْتُ إِنِّي بِأَرْضٍ أُسْأَلُ بِهَا قَالَ فَكَيْفَ وَجَدْتَ مَا أَفْتَيْتُ بِهِ مِمَّا يُفْتِيكَ بِهِ غيري ممن سألت من العلماء قلت وافقتم إِلَّا فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ وَمَا هِيَ قُلْتُ سَأَلْتُكَ عَنِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا تَعْتَدُّ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا أَمْ تَنْتَقِلُ إِلَى أَهْلِهَا فَقُلْتَ تَعْتَدُّ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَقَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ مَا قَدْ عَلِمْتَ فَقَالَ سَعِيدٌ تِلْكَ امْرَأَةٌ فَتَنَتِ النَّاسَ وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ شَأْنِهَا إِنَّهَا لَمَّا طُلِّقَتْ اسْتَطَالَتْ عَلَى أحيائها وَآذَتْهُمْ بِلِسَانِهَا فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ قَالَ قُلْتُ لَئِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا

بِذَلِكَ إِنَّ لَنَا فِي رَسُولِ اللَّهِ لَأُسْوَةً حَسَنَةً مَعَ أَنَّهَا أَحْرَمُ النَّاسِ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ وَلَا بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا يَجْرِي مِنْ الِاحْتِجَاجِ فِي هَذَا الْمَعْنَى يَقُولُ لَوْ كَانَ السُّكْنَى عَلَيْهَا وَاجِبًا لَقَصَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنَعَهَا مِنْ الِاسْتِطَالَةِ بِلِسَانِهَا بِمَا شَاءَ مِمَّا يَرْدَعُهَا عَنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَتْ مِنْهُ وَلَا هُوَ مِنْهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْقَهِ أَهْلِهَا فَدُفِعْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَسَأَلْتُهُ وَذَكَرَ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْمُلَيْحِ عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ ذَكَرْتُ أَمْرَ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ عِنْدَ ابْنِ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ تِلْكَ امْرَأَةٌ فَتَنَتِ النَّاسَ أَوِ النِّسَاءَ قُلْتُ لَئِنْ كَانَتْ إِنَّمَا أَخَذَتْ بِمَا أَفْتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَتَنَتِ النَّاسَ وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ فِي الْمَبْتُوتَةِ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى وَابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ تَعْتَدُّ الْمَبْتُوتَةُ حَيْثُ شَاءَتْ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تَعْتَدُّ الْمَبْتُوتَةُ حَيْثُ شَاءَتْ فَهَذَا مَذْهَبٌ آخَرُ

وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالُأَوْزَاعِيُّ الْمَبْتُوتَةُ لَهَا السُّكْنَى وَاجِبٌ لَهَا وَعَلَيْهَا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وهو قول سعيد بن المسيب وعروة ابن الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَا نَفَقَةَ لِلْمَبْتُوتَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا وَلَهَا السُّكْنَى وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَا تَنْتَقِلُ الْمَبْتُوتَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا حَتَّى يَحُلَّ أَجَلُهَا وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ قَوْمٌ لَا سُكْنَى لَلْمَبْتُوتَةِ وَلَا نَفَقَةَ وَذَهَبُوا إِلَى الْحَدِيثِ الَّذِي ذُكِرَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً وَتَأَوَّلُوا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي تُطَلَّقُ وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ وَيَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا قَالَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَمَا تَأَوَّلُوا لَكَانَ أَسْكِنُوهُنَّ حَيْثُ سَكَنْتُمْ وَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ وَلَمْ يَسْتَثْنِ النَّفَقَةَ عَلَى الْحَامِلِ خَاصَّةً لِأَنَّ الَّتِي يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجَعَتَهَا لَهَا أَحْكَامُ الزَّوْجَاتِ فِي السُّكْنَى والنفقة لا فرق بينهما وَبَيْنَ الَّتِي لَمْ تُطَلَّقْ فِي ذَلِكَ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى النَّفَقَةَ مِنْهُنَّ لِذَوَاتِ الْأَحْمَالِ أَنَّهَا لَيْسَتِ الَّتِي يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا أَمَّا الشَّافِعِيُّ فَاحْتَجَّ فِي سُقُوطِ نَفَقَةِ الْمَبْتُوتُةِ بِحَدِيثِ مَالِكٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سفيان عن أبي سلمة ابن عبد الرحمان عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ وَأَوْجَبَ عَلَيْهَا السُّكْنَى ثُمَّ نَقَلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا لِعِلَّةٍ قَالَ

الشَّافِعِيُّ وَإِنَّمَا أَسْكَنَهَا فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ لِأَنَّهَا كَانَ فِي لِسَانِهَا ذَرَبٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمُطْلِقَاتِ لَا تُخْرِجُوهُنَّ من بويتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بافحشة مبينة فقال قوم الفاحشة ههنا الزِّنَا وَالْخُرُوجُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالشَّعْبِيُّ وَهَذَا فِيمَنْ وَجَبَ السُّكْنَى عَلَيْهَا وَلَمْ يَجِبِ السُّكْنَى بِاتِّفَاقٍ إِلَّا عَلَى الرَّجْعِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ الْفَاحِشَةُ إِذَا بَذَتْ بِلِسَانِهَا وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ قَتَادَةُ الْفَاحِشَةُ النُّشُوزُ قَالَ وَفِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ إِلَّا أَنْ تُفْحِشَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَالثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ قَالَ إِذَا بَذَتْ بِلِسَانِهَا فَهُوَ الْفَاحِشَةُ (لَهُ) أَنْ يُخْرِجَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فَعَلَى هَذَا تَأَوَّلَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ خُرُوجَ فَاطِمَةَ عَنْ بَيْتِهَا وَهُوَ وَجْهٌ حَسَنٌ مِنَ التَّأْوِيلِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْكُنُ مَعَ زَوْجِهَا فِي مَوْضِعٍ وَحِشٍ مُخَوِّفٍ فَلِهَذَا مَا أَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِانْتِقَالِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ خُلُقِ فَاطِمَةَ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو ثَابِتٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَقُلْتُ إِنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِكَ طُلِّقَتْ فَمَرَرْتُ عَلَيْهَا آنِفًا وَهِيَ تَنْتَقِلُ فَعِبْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالُوا أَمَرَتْنَا فَاطِمَةُ ابْنَةُ قَيْسٍ وَأَخْبَرَتْنَا أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى (بَيْتِ) ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَقَالَ مَرْوَانُ أَجَلْ هِيَ أَمَرَتْهُمْ بِذَلِكَ قَالَ عُرْوَةُ فَقُلْتُ لَهُ وَاللَّهِ لَقَدْ عَابَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ أَشَدَّ الْعَيْبِ وَقَالَتْ إِنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِي مَكَانِ وَحِشٍ مُخِيفٍ عَلَى نَاحِيَتِهَا فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ قَيْسٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيَّ فَأَمَرَهَا أَنْ تَحَوَّلَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فِي خُرُوجِ فَاطِمَةَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ الْخُلُقِ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَدُفِعْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَقُلْتُ فَاطِمَةُ ابْنَةُ قَيْسٍ طُلِّقَتْ فَخَرَجَتْ من بيتها

فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ تِلْكَ امْرَأَةٌ فَتَنَتِ النَّاسَ إِنَّهَا كَانَتْ لَسِنَةً فَوُضِعَتْ عَلَى يَدَيِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى وَرَوَى مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَهُمَا يَذْكُرَانِ أَنَّ سعيد بن العاصي طلق بنت عبد الرحمان الحكم البتة فانتقلها عبد الرحمان فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَقَالَتْ اتَّقِ اللَّهَ وَارْدُدِ الْمَرْأَةَ إِلَى بَيْتِهَا الْحَدِيثَ فَهَذَا عُمَرُ وَعَائِشَةُ وَابْنُ عُمَرَ يُنْكِرُونَ عَلَى فَاطِمَةَ أَمْرَ السُّكْنَى وَيُخَالِفُونَهَا فِي ذَلِكَ وَمَالَ إِلَى قَوْلِهِمْ فُقَهَاءُ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا لَكِنْ مِنْ طَرِيقِ الْحُجَّةِ وَمَا يَلْزَمُ مِنْهَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَمَنْ تَابَعَهُ أَصَحُّ وَأَحَجُّ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ السُّكْنَى عَلَيْهَا وَكَانَتْ عِبَادَةً تَعَبَّدَهَا اللَّهُ بِهَا لَأَلْزَمَهَا ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُخْرِجْهَا عَنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَى بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ وَلَا إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ (وَلِأَنَّهُ) أَجْمَعُوا أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي تَبْذُو عَلَى أَحْمَائِهَا بِلِسَانِهَا تُؤَدَّبُ وَتُقْصَرُ عَلَى السُّكْنَى فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي طُلِّقَتْ فِيهِ وَتُمْنَعُ مِنْ أَذَى النَّاسِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنِ اعْتَلَّ بِمِثْلِ هَذِهِ الْعِلَّةِ فِي الِانْتِقَالِ اعْتَلَّ بِغَيْرِ صَحِيحٍ مِنَ النَّظَرِ وَلَا مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ مِنَ الْخَبَرِ هَذَا مَا يُوجِبُهُ عِنْدِي التَّأَمُّلُ لِهَذَا الْحَدِيثِ مَعَ صِحَّتِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَقَدْ طُلِّقَتْ طَلَاقًا بَاتًّا لَا سُكْنَى لَكِ وَلَا نَفَقَةَ وَإِنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ لِمَنْ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ فَأَيُّ شَيْءٍ يُعَارَضُ بِهِ هَذَا هَلْ يُعَارَضُ إِلَّا بِمِثْلِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي هُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ مِنْ كِتَابِهِ وَلَا شَيْءَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَدْفَعُ ذَلِكَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ غيره ص وَأَمَّا الصَّحَابَةُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا كَمَا رَأَيْتَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَهَا السُّكْنَى

وَالنَّفَقَةُ مِنْهُمْ عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَةَ مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَقْوَالِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَبَيَّنَّا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ فَلَا مَحَالَةَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِفَاطِمَةَ لَا سُكْنَى لَكِ وَلَا نَفَقَةَ مَعَ مَا رَأَوْا مِنْ مُعَارَضَةِ الْعُلَمَاءِ الْجِلَّةِ لَهَا فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَالثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَأَبَتْ أَنْ تَجْلِسَ فِي بَيْتِهَا فَأَتَى ابْنَ مسعود فقال هي تريد تَخْرُجَ إِلَى أَهْلِهَا فَقَالَ احْبِسْهَا وَلَا تَدَعْهَا فَقَالَ إِنَّهَا تَأْبَى عَلَيَّ قَالَ فَقَيِّدْهَا قَالَ إِنَّ لَهَا إِخْوَةً غَلِيظَةً رِقَابُهِمْ قَالَ فَاسْتَأْدِ عَلَيْهِمُ الْأَمِيرَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وُجُوبُ اسْتِتَارِ الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ لِلْعَيْنِ فِيهَا حَظٌّ عن عيون الرجال وف ذَلِكَ تَحْرِيمٌ لِلنَّظَرِ إِلَيْهِنَّ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لم يَنْظُرْ إِلَى فَاطِمَةَ هَذِهِ إِذْ جَاءَتْهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ قَالَتْ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَتَرَ مِنِّي وَأَشَارَ عَنِّي بِثَوْبِهِ عَلَى وَجْهِهِ وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ قَيْلَةَ ابْنَةِ مَخْرَمَةَ الْحَدِيثَ الطَّوِيلِ فِي قُدُومِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ خَلْفَهُ إِذْ قيل له

أَرْعَدْتَ الْمِسْكِينَةَ فَقَالَ وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيَّ يَا مِسْكِينَةُ عَلَيْكِ السَّكِينَةُ وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال لعلي لاتتبع النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ جَرِيرٌ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ فَقَالَ غُضَّ بَصَرَكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرٍ وَهَذَا النَّهْيُ إِنَّمَا وَرَدَ خَوْفًا مِنْ دَوَاعِي الْفِتْنَةِ وَأَنْ تَحْمِلَهُ النَّظْرَةُ إِلَى أَنْ يَتَأَمَّلَ مَا تَقُودُ إِلَيْهِ فِتْنَةٌ فِي دِينِهِ وَهَذَا نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ دَاوُدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ سَبَبَ خَطِيئَتِهِ إِلَيْهِ النَّظَرُ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا وَشِبْهِهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَمَّا قَوْلُهُ اعْتَدِّي فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ ثُمَّ قَالَ تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الصَّالِحَةَ الْمُتَجَالَّةَ لَا بَأْسَ أَنْ يَغْشَاهَا الرِّجَالُ وَيَتَحَدَّثُونَ عِنْدَهَا وَمَعْنَى الْغَشَيَانِ الْإِلْمَامُ وَالْوُرُودُ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَمْدَحُ بَنِي جَفْنَةَ ... يُغْشَوْنَ حَتَّى مَا تَهِرُّ كِلَابُهُمْ ... لَا يَسْأَلُونَ عَنِ السَّوَادِ الْمُقْبِلِ ... ... ... وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ أَمْدَحُ بَيْتٍ قَالَتْهُ الْعَرَبُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حدثنا محمد إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا بِنْتَ قَيْسٍ إِنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا كَانَ

لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا رَجْعَةٌ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ فَلَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ ثُمَّ قَالَ لَهَا اعْتَدِّي عِنْدَ أُمِّ شَرِيكٍ ابْنَةِ الْعَكَرِ ثُمَّ قَالَ تِلْكَ امْرَأَةٌ يُتَحَدَّثُ عِنْدَهَا اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ مَحْجُوبُ الْبَصَرِ فَتَضَعِي ثِيَابَكِ وَلَا يَرَاكِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أُمُّ شَرِيكٍ هَذِهِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ النِّسَاءِ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يغني عن ذكرها ههنا وَفِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَتَضَعِي ثِيَابَكِ وَلَا يَرَاكِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهَا أَنْ تَحْتَجِبَ مِنَ الرَّجُلِ الْأَعْمَى وَهَكَذَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا انْتَقِلِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ فَإِنْ وَضَعْتِ شَيْئًا مِنْ ثِيَابِكِ لَمْ يَرَ شَيْئًا وَهَذَا يَرُدُّ حَدِيثَ نبهان مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا وَمَيْمُونَةُ جَالِسَتَانِ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى فَقَالَ احْتَجِبَا مِنْهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ بِأَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا قَالَ أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا لَا تُبْصِرَانِهِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَحْتَجِبَ عَنِ الْأَعْمَى وَيَشْهَدُ لَهُ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ الْآيَةَ فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى حَدِيثِ نَبْهَانَ هَذَا احْتَجَّ بِمَا ذَكَرْنَا وَقَالَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ أَنَّهُ أَطْلَقَ لَهَا النَّظَرَ إِلَيْهِ وَقَالَ مَكْرُوهٌ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي لَيْسَ بِزَوْجٍ وَلَا ذي

مَحْرَمٍ (قَالَ) وَكَمَا لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْمَرْأَةِ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى الرَّجُلِ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن كم قَالَ (قُلْ) لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشْيَخَةِ الْأَعْرَابِ لَأَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَلِيَّتِي مِائَةُ رَجُلٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَنْظُرَ هِيَ إِلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى حَدِيثِ فَاطِمَةَ هَذَا عَلَى ظَاهِرِهِ دَفَعَ حَدِيثَ نَبْهَانَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَالَ نَبْهَانُ مَجْهُولٌ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ ابْنِ شِهَابٍ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ حَدِيثَيْنِ لَا أَصْلَ لَهُمَا أَحَدُهُمَا هَذَا وَالْآخَرُ حَدِيثُ الْمُكَاتِبِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعَهُ مَا يُؤْذِي وَجَبَ الِاحْتِجَابُ مِنْهُ قَالَ وَهُمَا حَدِيثَانِ لَا أَصْلَ لَهُمَا وَدَفَعَهُمَا وَقَالَ حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَالْحُجَّةُ بِهِ لَازِمَةٌ قَالَ وَحَدِيثُ نَبْهَانَ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ نَبْهَانَ هَذَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي نَبْهَانُ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَ مَيْمُونَةَ فَأَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرَ بِالْحِجَابِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجِبَا مِنْهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنه مكفوف لا يبصرنا قال أفعيماوان أَنْتُمَا لَا تُبْصِرَانِهِ

وأخبرنا عبد الله بن محمد بن حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي نَبْهَانُ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْمَرْأَةِ لَيْسَ بعروة وَهَذَا مَا لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِتَقَرُّرِ الْأُصُولِ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي فَمَعْلُومٌ أَنَّهَا عَوْرَةٌ كَمَا أَنَّ فَاطِمَةَ عَوْرَةٌ إِلَّا أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ مِنَ السُّتْرَةِ وَالِاحْتِجَابِ بِحَالٍ لَيْسَتْ بِهَا فَاطِمَةُ وَلَعَلَّ فَاطِمَةَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَقْعُدَ فَضْلًا لَا تَحْتَرِزُ كَاحْتِرَازِ أُمِّ شَرِيكٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أُمُّ شَرِيكٍ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْقَوَاعِدِ أَنْ تَكُونَ فَضْلًا وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فَاطِمَةُ شَابَّةً لَيْسَتْ مِنَ الْقَوَاعِدِ وَتَكُونَ أُمُّ شَرِيكٍ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَلَيْسَ عَلَيْهَا جُنَاحٌ مَا لَمْ تَتَبَرَّزْ بِزِينَةٍ فَهَذَا كُلُّهُ فَرْقٌ بَيْنَ حَالِ أُمِّ شَرِيكٍ وَفَاطِمَةَ وَإِنْ كَانَتَا جَمِيعًا امْرَأَتَيْنِ الْعَوْرَةُ مِنْهُمَا وَاحِدَةٌ وَلِاخْتِلَافِ الْحَالَتَيْنِ أُمِرَتْ فَاطِمَةُ بِأَنْ تَصِيرَ إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى حَيْثُ لَا يَرَاهَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ فِي بَيْتِهِ ذَلِكَ وَأَمَّا وَجْهُ قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ مَيْمُونَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ إِذَا جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ احْتَجِبَا مِنْهُ فَقَالَتَا أَلَيْسَ بِأَعْمَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا فَإِنَّ الْحِجَابَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ كَالْحِجَابِ عَلَى غَيْرِهِنَّ لِمَا هُنَّ فِيهِ مِنَ الْجَلَالَةِ وَلِمَوْضِعِهِنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى يا نساء

النبي لستن كأحد من النساء إن اتقتيتن الْآيَةَ وَقَدْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ لِأَهْلِهِ مِنَ الْحِجَابِ بِمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ حَتَّى يَمْنَعَ مِنْهُنَّ الْمَرْأَةَ فَضْلًا عَنِ الْأَعْمَى وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ مَيْمُونَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَبَيْنَ عَائِشَةَ إِذْ أَبَاحَ لَهَا النَّظَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ فَإِنَّ عائشة كانت ذل كالوقت وَاللَّهُ أَعْلَمُ غَيْرَ بَالِغَةٍ لِأَنَّهُ نَكَحَهَا صَبِيَّةً بِنْتَ سِتِّ سِنِينَ أَوْ سَبْعٍ وَبَنَى بِهَا بِنْتَ تِسْعٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ ضَرْبِ الْحِجَابِ مَعَ مَا فِي النَّظَرِ إِلَى السُّودَانِ مِمَّا تَقْتَحِمُهُ الْعُيُونُ وَلَيْسَ الصَّبَايَا كَالنِّسَاءِ فِي مَعْرِفَةِ مَا هُنَالِكَ مِنْ أَمْرِ الرِّجَالِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَلَّى قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ عَنْ طَلَاقِ جَدِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ فَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ وَوَكَّلَ بِهَا عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا عَيَّاشٌ بِبَعْضِ النَّفَقَةِ فَسَخِطَتْهَا فَقَالَ لَهَا عَيَّاشٌ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ نَفَقَةٍ وَلَا مَسْكَنٍ وَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلِيهِ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا قَالَ فَقَالَ لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ وَلَا مَسْكَنٌ وَلَكِنْ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ اخْرُجِي عَنْهُمْ فَقَالَتْ أَخْرُجُ إِلَى بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ فَقَالَ إِنَّ بَيْتَهَا يُوطَأُ فَانْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى فَهُوَ أَقَلُّ وَاطِيَةً وَأَنْتِ تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ فَانْتَقَلَتْ إِلَيْهِ حَتَّى حَلَّتْ فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَغُلَامٌ مِنْ غِلْمَانِ قُرَيْشٍ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكِ عَصَاهُ وَلَكِنْ إِنْ شِئْتِ دللتك على رجل أسامة بن يزد قَالَتْ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَزَوَّجَهَا أُسَامَةَ بن زيد

فَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ فِي أُمِّ شَرِيكٍ تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي وَفِي حَدِيثِ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ تِلْكَ امْرَأَةٌ يُتَحَدَّثُ عِنْدَهَا وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ أَنَّ بَيْتَ أُمِّ شَرِيكٍ يُغْشَى وَفِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّ بَيْتَهَا يُوطَأُ وَفِي هَذَا كُلِّهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ بِالْمَعَانِي وَإِيَّاهَا كَانُوا يُرَاعُونَ وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلِيلٌ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ جَوَازِ غَشَيَانِ النِّسَاءِ الصَّالِحَاتِ الْمُتَجَالَّاتِ فِي بُيُوتِهِنَّ وَالْحَدِيثِ مَعَهُنَّ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي ثُمَّ خِطْبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا لأسامة حِينَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يخطب الرجل على خطبة أخيه مالم تَكُنْ إِلَيْهِ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَاتَّفَقَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا رُكِنَ إِلَى الْخَاطِبِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَخْطُبَ أَحَدٌ عَلَى خِطْبَتِهِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ عَلَى حَدِيثِ فَاطِمَةَ هَذَا وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ الْأَحَادِيثَ مُعَارَضَةً وَإِذَا حُمِلَتْ عَلَى مَا قَالَ الْفُقَهَاءُ لَمْ تَتَعَارَضْ وَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ فِيمَنْ خَطَبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ وَمِثْلُ خِطْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَلَى خِطْبَةِ مُعَاوِيَةَ وَأَبِي جَهْمٍ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ عبيد الله بن المغيرة أنه سمع الحرث بن سفيان الأسدي يحدث عن الحرث بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ امْرَأَةً عَلَى جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ وَعَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَعَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَدَخَلَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَهِيَ جَالِسَةٌ فِي قُبَّتِهَا عَلَيْهَا سِتْرٌ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّ جرير الْبَجَلِيَّ يَخْطُبُ وَهُوَ سَيِّدُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَمَرْوَانُ يَخْطُبُ وَهُوَ سَيِّدُ شَبَابِ قُرَيْشٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بن عمر

وَهُوَ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فكشفت المرأة عنها فقالت أجاد أمير المؤمنين قَالَ نَعَمْ قَالَتْ فَقَدْ أُنْكِحْتَ يَا أَمِيرَ المؤمنين أَنْكِحُوهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَيِّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ فِطْرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أخبرنا الليث بن سعد عن عياش ابن عَبَّاسٍ الْفِتْيَانِيِّ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْأَزْدِ وَفَتَاتُهُمْ فِي خِدْرِهَا قَرِيبًا مِنْهُ فَقَالَ إِنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ يَخْطُبُ إِلَيْكُمُ ابْنَتَكُمْ وَهُوَ سَيِّدُ شَبَابِ قُرَيْشٍ وَإِنَّ جَرِيرَ الْبَجْلَةِ يَخْطُبُ إِلَيْكُمُ ابْنَتَكُمْ وَهُوَ سيد أهل المشرق وإن أمير المؤمنين يَخْطُبُ إِلَيْكُمُ ابْنَتَكُمْ يُرِيدُ نَفْسَهُ فَأَجَابَتْهُ الْفَتَاةُ من خدرها فقالت أجاد امير المؤمنين فَقَالَ نَعَمْ قَالَتْ زَوِّجُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَزَوَّجُوهُ فولدت منه وأما قوله أما معاوية فصلعوك لا مال له وأما أبو جهم فلايضع عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَرْءِ فِي غَيْرِهِ مَا فِيهِ إِذَا سُئِلَ عَنْهُ عِنْدَ الْخِطْبَةِ جَائِزٌ وَأَنَّ إِظْهَارَ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ عَيْبٍ فِيهِ صَوَابٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْغَيْبَةِ فِي شَيْءٍ وَهُوَ يُعَارِضُ قَوْلَهُ إِذَا قُلْتَ فِي أَخِيكَ مَا فِيهِ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ تَبْيِينُ حَالِ الشَّاهِدِ إِذَا سَأَلَ عَنْهُ الْحَاكِمُ وَتَبَيُّنُ حَالِ نَاقِلِ الْحَدِيثِ وَتَبَيُّنُ حَالِ الْخَاطِبِ إِذَا سُئِلَ عَنْهُ وَفِي ذَلِكَ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ الْغَيْبَةِ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْغَيْبَةَ إِنَّمَا هِيَ أَنْ تَصِفَهُ عَلَى جِهَةِ الْعَيْبِ لَهُ بِمَا فِي خِلْقَتِهِ مِنْ دَمَامَةٍ وَسُوءِ خُلُقٍ أَوْ قِصَرٍ أَوْ عَمَشٍ أَوْ عَرَجٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَمَّا أَنْ تَذُمَّهُ بِمَا فِيهِ مِنْ أَفْعَالِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ غَيْبَةً وَهَذَا عِنْدِي لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَالَّذِي عَلَيْهِ مَدَارُ هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ مَنِ اسْتُشِيرَ لَزِمَهُ الْقَوْلُ بِالْحَقِّ وَأَدَاءُ النَّصِيحَةِ وَلَيْسَ

ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْغَيْبَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إِلَى لَمْزِهِ وَلَا إِلَى شِفَاءِ غَيْظٍ وَلَا أَذًى وَيَكُونُ حَدِيثُ الْغَيْبَةِ مُرَتَّبًا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَفِي هَذَا أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِشَارَةِ ذَوِي الرَّأْيِ وَأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَسْتَشِيرَ الرَّجُلُ مَنْ يَرْضَى دِينَهُ فِي امْرَأَتَيْنِ يُسَمِّيهِمَا لَهُ أَيَّتَهُمَا يَتَزَوَّجُ وَكَذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ فِي رَجُلَيْنِ أَيَّهُمَا (تَتَزَوَّجُ) وَفِيهِ أَنَّ لِلْمُسْتَشَارِ أَنْ يُشِيرَ بِغَيْرِ مَنِ اسْتُشِيرَ فِيهِ لِأَنَّهُ أَشَارَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى (أُسَامَةَ) وَلَمْ تَذْكُرْ لَهُ إِلَّا أَبَا جَهْمٍ وَمُعَاوِيَةَ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أما معاوية فصلعوك لَا مَالَ لَهُ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْإِغْيَاءِ فِي الصِّفَةِ وَأَنَّ الْمُغَيِّيَ لَا يَلْحَقُهُ كَذِبٌ إِذَا لَمْ يَقْصِدْ قَصْدَ الْكَذِبِ وَإِنَّمَا قَصَدَ الْإِبْلَاغَ فِي الْوَصْفِ أَلَا تَرَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَدْ مَلَكَ ثَوْبَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَهُوَ مَالٌ وَفِي غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي وَيَنَامُ وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَشْتَغِلُ بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ غَيْرِ ضَرْبِ النِّسَاءِ وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ يُكْثِرُ ضَرْبَ النِّسَاءِ نَسَبَهُ إِلَى ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَتِ الْحُكَمَاءُ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَيْءٍ عُرِفَ بِهِ وَنُسِبَ إِلَيْهِ ولم يرد بذكر العصا ههنا الْعَصَا الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ الْآدَابَ بِاللِّسَانِ وَالْيَدِ وَبِمَا يَحْسُنُ الْأَدَبُ بِمِثْلِهِ يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِي فِي رَعِيَّتِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ أَوْصَاهُ وَلَا تَرْفَعْ عصاك عن أهلك وأخفهم في الله رورى هذا من حيدث الْمِصْرِيِّينَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِيمَا أَوْصَاهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعضهم يقول فيه لاتضع عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ وَأَنْصِفْهُمْ مِنْ نَفْسِكَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِّقْ سَوْطَكَ حَيْثُ يَرَاهُ أَهْلُكَ وَفِي هَذَا كُلِّهِ مَا يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ لِلرَّجُلِ ضَرْبَ نِسَائِهِ فِيمَا يُصْلِحُهُمْ وَتَصْلُحُ بِهِ حَالُهُ وَحَالُهُمْ مَعَهُ كَمَا لَهُ أَنْ يَضْرِبَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ امْتِنَاعِهَا عَلَيْهِ وَنُشُوزِهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ أَنَّ رَجُلًا ضَرَبَ امْرَأَتَهُ وَجَرَحَهَا فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطْلُبُونَ الْقِصَاصَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ الْآيَةَ فَمَعْنَى الْعَصَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الْإِخَافَةُ وَالشِّدَّةُ بِكُلِّ مَا يَتَهَيَّأُ وَيُمْكِنُ مِمَّا يَجْمُلُ وَيَحْسُنُ مِنَ الْأَدَبِ فِيمَا يجب الدب فِيهِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّ فِيهِ إِبَاحَةَ ضَرْبِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ ضَرْبًا كَثِيرًا لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ قَصْدَ الْعَيْبِ لَهُ وَالضَّرْبُ الْقَلِيلُ لَيْسَ بِعَيْبٍ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَبَاحَهُ قَالَ وَلَمَّا لَمْ يُغَيِّرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي جَهْمٍ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كَانَ فِي طَرِيقِ الْإِبَاحَةِ وَفِيمَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ ذَمُّهُ لِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ وَمِنْ هَذَا قَالَتِ الْعَرَبُ فُلَانٌ لَيِّنُ الْعَصَا وَفُلَانٌ شَدِيدُ الْعَصَا يَقُولُونَ ذَلِكَ فِي الْوَالِي وَمَا أَشْبَهَهُ وَقَالَ الشَّاعِرُ ... لِذِي الْحِلْمِ قَبْلَ الْيَوْمِ مَا تُقْرَعُ الْعَصَا ... وَمَا عُلِّمَ الْإِنْسَانُ إِلَّا لِيَعْلَمَا ... وَقَالَ مَعْنُ بْنُ أَوْسٍ يَصِفُ رَاعِيَ إِبِلِهِ ... عَلَيْهَا شَرِيبٌ وَادِعٌ لَيِّنُ الْعَصَا ... يُسَائِلُهَا عَمَّا بِهِ وَتُسَائِلُهُ ... ... ... وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الطَّاعَةَ وَالْأُلْفَةَ وَالْجَمَاعَةَ الْعَصَا ويوقولون عَصَا الْإِسْلَامِ وَعَصَا السُّلْطَانِ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الشَّاعِرِ ... إِذَا كَانَتِ الْهَيْجَاءُ وَانْشَقَّتِ الْعَصَا ... فَحَسْبُكَ وَالضَّحَّاكُ سَيْفٌ مُهَنَّدُ

وَمِنْهُ قَوْلُ صِلَةَ بْنِ أَشْيَمَ إِيَّاكَ وَقَتِيلَ الْعَصَا يَقُولُ إِيَّاكَ أَنْ تُقْتَلَ أَوْ تَقْتُلَ قَتِيلًا إِذَا انْشَقَّتِ الْعَصَا وَالْعَرَبُ أَيْضًا تُسَمِّي قَرَارَ الظَّاعِنِ عَصًا وَقَرَارَ الْأَمْرِ وَاسْتِوَاءَهُ عَصًا فَإِذَا اسْتَغْنَى الْمُسَافِرُ عَنِ الظَّعْنِ قَالُوا قَدْ أَلْقَى عَصَاهُ وَقَالَ الشَّاعِرُ ... فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْنًا بِالْإِيَابِ الْمُسَافِرُ ... وَرُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ تَمَثَّلَتْ بِهَذَا الْبَيْتِ حِينَ اجْتَمَعَ الْأَمْرُ لِمُعَاوِيَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ قَالَتْ فَنَكَحْتُهُ فَفِي هَذَا جَوَازُ نِكَاحِ الْمَوَالِي الْقُرَيْشِيَّةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ كَلْبٍ وَفَاطِمَةُ قُرَشِيَّةٌ فِهْرِيَّةٌ أُخْتُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْفِهْرِيِّ وَهَذَا أَقْوَى شَيْءٍ فِي نِكَاحِ الْمَوْلَى العربي وَالْقُرَشِيَّةَ وَنِكَاحِ الْعَرَبِيِّ الْقُرَشِيَّةَ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَوَى ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَمْ أَرَ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْفَضْلِ وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّهُ أَنْكَرَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْعَرَبُ فِي قُرَيْشٍ وَلَا أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَوَالِيَ فِي الْعَرَبِ وَقُرَيْشٍ إِذَا كان كفؤا في صاله قَالَ مَالِكٌ وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ أَنْكَحَ سَالِمًا فَاطِمَةَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعِبْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ كَرِهَهُ قَوْمٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ

أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ قَالُوا أَنْكَحَهَا مَوْلَاهُ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيتُ بِمَا رَضِيَ لِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطَتْ بِهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَكْفَاءِ فِي النِّكَاحِ فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْكَفَاءَةَ عِنْدَهُمْ فِي الدِّينِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إِذَا أَبَى وَالِدُ الثَّيِّبِ أَنْ يُزَوِّجَهَا رَجُلًا دُونَهُ فِي النَّسَبِ وَالشَّرَفِ إِلَّا أَنَّهُ كُفُؤٌ فِي الدِّينِ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يُزَوِّجُهَا وَلَا يَنْظُرُ إِلَى قَوْلِ الْأَبِ وَالْوَلِيِّ مَنْ كَانَ إِذَا رَضِيَتْ بِهِ وَكَانَ كُفُؤًا فِي دِينِهِ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فِي قِلَّةِ الْمَالِ شَيْئًا قَالَ مَالِكٌ تَزْوِيجُ الْمَوْلَى الْعَرَبِيَّةَ حَلَالٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَوْلِهِ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى الْآيَةَ وَقَوْلِهِ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا وَاعْتَبَرَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْكَفَاءَةَ فِي النِّكَاحِ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ وَالْمَالِ وَالصِّنَاعَاتِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ قُرَيْشٌ أَكْفَاءٌ وَالْعَرَبُ أَكْفَاءٌ وَمَنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ أَكْفَاءٌ وَلَا يَكُونُ كُفُؤًا مَنْ لَمْ يَجِدِ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَسَائِرُ النَّاسِ عَلَى أَعْمَالِهِمْ فَالْقَصَّارُ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِغَيْرِهِ مِنَ التُّجَّارِ وَهُمْ يَتَفَاضَلُونَ بِالْأَعْمَالِ فَلَا يَجُوزُ إِلَّا الْأَمْثَالُ قَالَ وَتَعَذُّرُ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْكَفَاءَةِ وَالْعَبْدُ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِأَحَدٍ وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ يُخَالِفُ أَصْحَابَهُ فِي الْكَفَاءَةِ وَيَقُولُ الْكَفَاءَةُ فِي الْأَنْفُسِ كَالْقِصَاصِ وَسَائِرُ أَصْحَابِهِ يَعْتَبِرُونَ الْكَفَاءَةَ فِي المهر والنفقة

وَفِي الشَّافِعِيِّ لَيْسَ نِكَاحُ غَيْرِ الْكُفْءِ مُحَرَّمًا فَأَرُدُّهُ بِكُلِّ حَالٍ إِنَّمَا هُوَ تَقْصِيرُ الْمُتَزَوِّجَةِ وَالْوُلَاةِ فَإِنْ رَضِيَتْ وَرَضُوا جَازَ قَالَ وَلَيْسَ نَقْصُ الْمَهْرِ نَقْصًا فِي النَّسَبِ وَالْمَهْرُ لَهَا دُونَهُمْ فَهِيَ أَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ كَالنَّفَقَةِ لَهَا أَنْ تَتْرُكَهَا مَتَى شَاءَتْ قَالَ وَإِذَا اخْتَلَفَ الولاة فزوجها بإذنها أحدهم كفئا جَازَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ كُفْءٍ لَمْ يَثْبُتْ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ قَبْلَ نِكَاحِهِ فَيَكُونُ حَقًّا لَهُمْ تركه قال أبو عمر الكفاءة عندالشافعي وَأَصْحَابِهِ النَّسَبُ وَالْحَالُ وَأَفْضَلُ الْحَالِ عِنْدَهُمُ الدِّينُ وَالْحَالُ اسْمٌ جَامِعٌ لِمَعَانٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا الْكَرَمُ وَالْمُرُوءَةُ وَالْمَالُ وَالصِّنَاعَةُ وَالدِّينُ وَهُوَ أَرْفَعُهَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخطاب قال كرم المؤمن تَقْوَاهُ وَدِينُهُ وَحَسَبُهُ وَمُرُوءَتُهُ خُلُقُهُ وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّيْدَلَانِيُّ قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْفَضْلِ الْأَخْفَشُ لِبَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ ... إِنِّي رَأَيْتُ الْفَتَى الْكَرِيمَ إِذَا ... رَغَّبْتَهُ فِي صَنِيعَةٍ رَغِبَا ... ... وَلَمْ أجد عروة الخلائق إلا ... الدين لَمَّا اخْتَبَرْتُ وَالْحَسَبَا ... قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَنْكِحُوا إِلَى الْأَكْفَاءِ وَإِيَّاكُمْ وَالزِّنْجَ فَإِنَّهُ

خَلْقٌ مُشَوَّهٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُنْكَرٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ رَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ الْمُجَبِّرِ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ يَعْلَى الثَّقَفِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَدَاوُدُ هذا وأبو أمية ابن يَعْلَى مَتْرُوكَانِ وَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ مُنْكَرٌ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ مُبَشِّرٍ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تُنْكِحُوا النِّسَاءَ إِلَّا الْأَكْفَاءَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ وَلَا أَصْلَ لَهُ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ بَقِيَّةَ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْعَرَبُ أَكْفَاءٌ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ قَبِيلَةٌ لقبيلة وحي لحي ورجل لرجل إلا حائك وحجام حَدِيثٌ مُنْكَرٌ مَوْضُوعٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ الْأَسَانِيدِ مَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وغيره عن محمد بن عمرو ابن عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا بَنِي بَيَاضَةَ أَنْكِحُوا أَبَا هِنْدٍ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِ وَأَبُو هِنْدٍ مَوْلًى وَبَنُو بَيَاضَةَ فَخْذٌ مِنَ الْعَرَبِ فِي الْأَنْصَارِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جاءكم من تضرون دينه وخلقه فزوجه إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ وَلَمْ يَخُصَّ عَرَبِيًّا مِنْ مَوْلًى وَحَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ أَوْلَى وَقَدِ احْتَجَّ مَنْ لَمْ يُجِزْ نِكَاحَ الْمَوْلَى الْعَرَبِيَّةَ بِحَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ عَنْ سَلْمَانَ أَنَّهُ قَالَ لَا نَؤُمُّكُمْ فِي الصَّلَاةِ وَلَا نَتَزَوَّجُ نِسَاءَكُمْ يَعْنِي الْعَرَبَ قَالُوا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَقُولُهُ سَلْمَانُ مِنْ رَأْيِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَنِكَاحِهَا بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَهُوَ ممن قد جرى على أبيه السبأ وَالْعِتْقُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحْسَابَ أَهْلِ الدُّنْيَا الَّتِي يَذْهَبُونَ إِلَيْهَا هَذَا الْمَالُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إن حساب أَهْلِ الدُّنْيَا الَّتِي يَذْهَبُونَ إِلَيْهَا هَذَا الْمَالُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ رَاشِدٍ الْإِمَامُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ ابْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَسَبُ الْمَالُ وَالْكَرَمُ التَّقْوَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا بَكْرٌ بْنُ حَمَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ

حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سعدان ابن نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ يَا جَابِرُ تَزَوَّجْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَبِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ قال بل ثيب قالا أَفَلَا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ لِي أَخَوَاتٌ فَخَشِيتُ أَنْ يُدْخَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُنَّ قَالَ فَقَالَ فَذَاكَ إِذًا إِنَّ الْمَرْأَةَ تُنْكَحُ فِي دِينِهَا وَمَالِهَا وَجَمَالِهَا فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْحَسَبَ غَيْرُ الْمَالِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِالْوَاوِ الْفَاصِلَةِ كَمَا فَصَلَ بَيْنَ الْجَمَالِ وَالدِّينِ وَهَذَا أَصَحُّ إِسْنَادًا مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَحَدِيثِ سَمُرَةَ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى حَدِيثِ بُرَيْدَةَ خَرَجَ عَلَى الذم لأهل الدينا وَالْخَبَرِ عَنْ حَالِ أَهْلِهَا فِي الْأَغْلَبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ قَالَ حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بن شريك أنه سمع أبا عبد الرحمان الْجَبَلِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصالحة

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى بْنِ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَامِعٍ عَنْ عُثْمَانَ أَبِي الْيَقْضَانِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُ الْمَرْءُ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حدثنا محمد بن عيال التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ قَالَ الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَلَا فِي مَالِهِ بِمَا يَكْرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْآثَارُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَفَاءَةَ فِي الدِّينِ أَوْلَى مَا اعْتُبِرَ وَاعْتُمِدَ عَلَيْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ هُشَيْمٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ حَدِيثِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ عَنْ عَوْفٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ لِدِينِهَا وَجِمَالِهَا كَانَ ذَلِكَ سِدَادًا مِنْ عَوَزٍ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ السِّدَادُ بِالْكَسْرِ الْبُلْغَةُ وَكَذَلِكَ مَا سُدَّ بِهِ الشَّيْءُ وَالسَّدَادُ بِالْفَتْحِ الْقَصْدُ

حديث رابع لعبد الله بن يزيد شركه فيه أبوالفضل

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ شَرِكَهُ فِيهِ أَبُو النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمان عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَدْرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ آيَةً أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ ثم يفعل في الركعة الثاينة مِثْلَ ذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ صَلَاةِ النَّافِلَةِ جَالِسًا وَجَوَازُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّي فِي بَعْضِهَا قَائِمًا وَفِي بَعْضِهَا جَالِسًا وَجَائِزٌ أَنَّ يَفْتَتِحَهَا جَالِسًا ثُمَّ يَقُومَ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَجَائِزٌ أَنْ يَفْتَتِحَهَا قَائِمًا ثُمَّ يَجْلِسَ كُلُّ ذَلِكَ مُبَاحٌ وَالصَّلَاةُ عَمَلُ بِرٍّ وَقَدْ وَرَدَتِ الشَّرِيعَةُ بِإِبَاحَةِ الْجُلُوسِ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَذَلِكَ إِجْمَاعٌ تَنَقَّلَهُ الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ مِنْ العلماء غير أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِيهَا جَالِسًا عَلَى مِثْلِ نِصْفِ أَجْرِ الْمُصَلِّي قَائِمًا وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا

حديث خامس لعبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ زَيْدًا أَبَا عَيَّاشٍ أَخْبَرَهُ أنه سأل سعد بن أبي وقاس عَنِ الْبَيْضَاءِ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ قَالَ الْبَيْضَاءُ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ سَعْدٌ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسْأَلُ عَنِ اشْتِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ فَقَالُوا نَعَمْ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ كُلُّ رَطْبٍ بِيَابِسٍ مِنْ نَوْعِهِ حَرَامٌ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ زَيْدًا أَبَا عَيَّاشٍ أَخْبَرَهُ لَمْ يَقُلْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّوَاةِ مِنْهُمُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَالْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَغَيْرُهُمْ كُلُّهُمْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى سَوَاءً وَلَمْ يَذْكُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ هَذَا لَيْسَ بِمَوْلَى الأسود ابن سُفْيَانَ وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ الْقَارِئُ الْفَقِيهُ قَالَ وَلَوْ كَانَ مولى الأسود

ابن سفيان لقاله مالك في موطأ فِي الْحَدِيثِ كَمَا قَالَهُ فِي جَمِيعِ مُوَطَّئِهِ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سفيان قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ كَمَا ظَنَّ هَذَا الْقَائِلُ وَلَمْ يَرْوِ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ فِي مُوَطَّئِهِ حَدِيثًا مُسْنَدًا وَهَذَا الْحَدِيثُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ مَحْفُوظٌ وَقَدْ نَسَبَهُ جماعة من مَالِكٍ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنِي الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عن مالك ابن أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ زَيْدًا أَبَا عَيَّاشٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ الْبَيْضَاءِ بِالسُّلْتِ فَقَالَ أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ فَقَالُوا الْبَيْضَاءُ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن شِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ فَقَالُوا نَعَمْ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ بْنِ عبد الرحمان الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا زَيْدٌ أَبُو عَيَّاشٍ مَوْلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ هَلْ يَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ قَالُوا نَعَمْ فَنَهَى عَنْهُ

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ فَثَبَتَ بِهَذَا كُلِّهِ مَا قُلْنَا دُونَ مَا ظَنَّ الْقَائِلُ مَا ذَكَرْنَا إِلَّا أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ خَالَفَ مَالِكًا فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ رُطَبٍ بِتَمْرٍ فَقَالَ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُبَاعُ الرَّطْبُ بِالْيَابِسِ هَكَذَا قَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ رَجُلٍ وَخَالَفَهُ ابْنُ وَهْبٍ فَرَوَاهُ عَنْ أُسَامَةَ بِمِثْلِ إِسْنَادِ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ أَبُو عَيَّاشٍ وَلَمْ يَقُلْ زَيْدٌ وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَصْلِ سَمَاعِهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عثمان العناقي قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ حَدَّثَهُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَيَّاشٍ عَنْ سَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ ابْتَاعَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مُدَّ رُطَبٍ بِمُدِّ تَمْرٍ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال أَرَأَيْتَ الرُّطَبَ إِذَا يَبِسَ أَيَنْقُصُ قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا تَبَايَعُوا التَّمْرَ بِالرُّطَبِ أَمَّا زَيْدٌ أَبُو عَيَّاشٍ فَزَعَمَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا

يُعْرَفُ وَلَمْ يَأْتِ لَهُ ذِكْرٌ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَطْ وَقَالَ غَيْرُهُ قَدْ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا عِمْرَانُ بن أبي أنس فقال فهي مَوْلَى أَبِي مَخْزُومٍ وَقِيلَ عَنْ مَالِكٍ إِنَّهُ مَوْلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَقِيلَ إِنَّهُ زُرَقِيٌّ وَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ سَعْدٍ وَلَمْ يُسَمِّ أَبَا عياش يزيد وَلَا غَيْرِهِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ سَعْدٍ وَيَقُولُونَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشٍ هَذَا هُوَ أَبُو عَيَّاشٍ الَّذِي قَالَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ يَزِيدَ أَبَا عَيَّاشٍ أَخْبَرَهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو ثَوْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً قَالَ ابو داود رواه عمران بن أبي انس عَنْ مَوْلًى لَبَنِي مَخْزُومٍ عَنْ سَعْدٍ نَحْوَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ نَسِيئَةً وَالصَّوَابُ عِنْدِي مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَدْ وَافَقَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَلَى إِسْنَادِهِ وَلَفْظِهِ وَفِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَإِنْ خَالَفَهُمَا فِي الْإِسْنَادِ مَا يُعَضِّدُ الْمَعْنَى الَّذِي جَاءَ بِهِ مَالِكٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ وَأَمَّا قَوْلُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ فَخَطَأٌ لَا

شَكَّ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو عَيَّاشٍ وَاسْمُهُ زَيْدٌ وَقَدْ قَالَ فِيهِ ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي الْمُصَنَّفِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ السُّلْتِ بِالشَّعِيرِ فَقَالَ تَبَايَعَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ يَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ فَقَالُوا نَعَمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا إِذًا هَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ وَأَبُو عَيَّاشٍ الزُّرَقِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ الصَّامِتِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَدْ قِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ فِي بَابِهِ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَعَاشَ أَبُو عَيَّاشٍ الزُّرَقِيُّ إِلَى أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إسماعيل بن أمية عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ قَالَ تَبَايَعَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ بِسُلْتٍ وَشَعِيرٍ فَقَالَ سَعْدٌ تَبَايَعَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ وَرُطَبٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَلَا إِذًا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَفْسِيرُ الْبَيْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ أَنَّهَا الشَّعِيرُ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ جَوَّدَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ فِي ذلك

(وَلَمْ يَخْتَلِفْ نُسَخُ الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا اللَّفْظِ وَرَوَى الْقَطَّانُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ فَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِيهِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْمَرْفُوعِ مِنْهُ دُونَ قِصَّةِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ ابن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اشْتِرَاءِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَيَنْقُصُ إِذَا يَبِسَ قَالُوا نَعَمْ فَنَهَى عَنْهُ) قَالَ أَبُو عُمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أخبرني زيد أبو عياش ويحيى ابن أَبِي كَثِيرٍ يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ لَمْ يُسَمِّهِ فِي حَدِيثِهِ وَلَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَلَا أَدْرِي إِنْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً هُوَ أَبُو عَيَّاشٍ هَذَا أَمْ لَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ زَيْدًا أَبَا عَيَّاشٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ الْبَيْضَاءِ بِالسُّلْتِ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ قَالَ الْبَيْضَاءُ قَالَ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يُسْأَلُ عَنْ شِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ قَالُوا نَعَمْ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْبَيْضَاءُ فَهِيَ الشَّعِيرُ عَلَى مَا ظَهَرَ وَذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَقَدْ غَلِطَ فِي ذَلِكَ وَكِيعٌ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ فِيهِ السُّلْتُ بِالذُّرَةِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بن أصبغ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ زَيْدٍ أَبِي عَيَّاشٍ قَالَ سَأَلْتُ سَعْدًا عَنِ السُّلْتِ بِالذُّرَةِ فَكَرِهَهُ وَقَالَ سَعْدٌ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ أَيَنْقُصُ إِذَا جَفَّ قُلْنَا نَعَمْ فَنَهَى عَنْهُ وَهَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ الذُّرَةَ صِنْفٌ عِنْدَ مَالِكٍ غَيْرُ السُّلْتِ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ يَعْنِي سَعْدٌ بِقَوْلِهِ أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ يُرِيدُ أَيَّتُهُمَا أَكْثَرُ فِي الْكَيْلِ وَلَيْسَ أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ فِي الْجَوْدَةِ وَأَخْبَرَنَا خلف بن القاسم وعبد الرحمان بن عبد الله قالا حدثنا الحسن ابن رَشِيقٍ قَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجَنَدِيُّ أَبُو سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْمُصْعَبِ قَالَ وَمَعْنَى أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ يَعْنِي أَيَّتُهُمَا أَكْثَرُ فِي الْكَيْلِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ وَأَشْهَبُ عَنْ مالك

قَالَ أَبُو عُمَرَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ سَعْدٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّلْتَ وَالشَّعِيرَ عِنْدَهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَجُوزَانِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَكَذَلِكَ الْقَمْحُ مَعَهُمَا صِنْفٌ وَاحِدٌ وَهَذَا مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ مِنْ مَذْهَبِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَإِلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ ذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ قَالَ فِي عَلَفِ حِمَارِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ لِغُلَامِهِ خُذْ مِنْ حِنْطَةِ أَهْلِكَ طَعَامًا فَابْتَعْ بِهَا شَعِيرًا وَلَا تَأْخُذْ إِلَّا مِثْلَهُ وَمَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ أخبره أن عبد الرحمان بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ فِي عَلَفِ دَابَّتِهِ فَقَالَ لِغُلَامِهِ خُذْ حِنْطَةَ أَهْلِكَ طَعَامًا فَابْتَعْ بِهَا شَعِيرًا وَلَا تَأْخُذْ إِلَّا مِثْلَهُ وَمَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مُعَيْقِيبٍ الدَّوْسِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْلُومٌ أَنَّ الْحِنْطَةَ عِنْدَهُمْ هِيَ الْبُرُّ فَقَدْ كره سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمان بن اسود وَابْنُ مُعَيْقِيبٍ أَنْ يُبَاعَ الْبُرُّ بِالشَّعِيرِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ وتنازع فيه بعدهم أخلف فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ الْبُرَّ وَالشَّعِيرَ وَالسُّلْتَ صِنْفٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِبَعْضِهِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ كالشيء الواحد

وَرَوَى شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ أَنَّهُمَا كَرِهَا الْبُرَّ بِالشَّعِيرِ مُتَفَاضِلًا وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ مَا رَوَاهُ بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الطَّعَامُ مِثْلًا بِمِثْلٍ قَالَ وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ عَمَلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ حُجَّةٌ لِأَنَّ فِيهِ وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ وَلَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الشَّعِيرَ بِالشَّعِيرِ لَا يَجُوزُ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا هُوَ كَحَدِيثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْبُرُّ بِالْبُرِّ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا يَصْلُحُ الشَّعِيرُ بِالْقَمْحِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَكَذَلِكَ السُّلْتُ وَالذُّرَةُ وَالدُّخْنُ وَالْأُرْزُ لَا يُبَاعُ بَعْضُهُ ببعض إلا مثلا بمثل لأنه صنف واح وَهُوَ مِمَّا يُخْبَزُ قَالَ وَالْقَطَانِيُّ كُلُّهَا الْعَدَسُ وَالْجُلْبَانُ وَالْحِمَّصُ وَالْفُولُ يَجُوزُ فِيهَا التَّفَاضُلُ لِأَنَّ الْقَطَانِيَّ مُخْتَلِفَةٌ فِي الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ وَالْخَلْقِ قَالَ أَبُو عُمَرَ جَعَلَ اللَّيْثُ الْبُرَّ وَالشَّعِيرَ وَالسُّلْتَ وَالدُّخْنَ وَالْأُرْزَ وَالذُّرَةَ صِنْفًا وَاحِدًا هَذِهِ السِّتَّةُ كُلُّهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا بِشَيْءٍ منها إلا مثل بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ عِنْدَهُ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ مُتَفَاضِلًا وَكَذَلِكَ الدُّخْنُ وَالْأُرْزُ وَالذُّرَةُ وَالسُّلْتُ كُلُّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَصْنَافٌ مُخْتَلِفَةٌ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ إِذَا اخْتَلَفَ الِاسْمُ وَاللَّوْنُ مُتَفَاضِلًا إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرَيُّ ومن حجة من هَذَا الْمَذْهَبَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ وَقَدْ كَانَ يُدْعَى ابْنُ هُرْمُزَ قَالَ جَمَعَ الْمَنْزِلُ بَيْنَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَبَيْنَ مُعَاوِيَةَ إِمَّا فِي بَيْعَةٍ وَإِمَّا فِي كَنِيسَةٍ فَقَامَ عُبَادَةُ فَقَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ وَقَالَ أَحَدُهُمَا وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ وَلَمْ يَقُلْهُ الْآخَرُ إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا مَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى وَلَمْ يَقُلْهُ الْآخَرُ وَأَمَرَنَا أَنْ نَبِيعَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ وَالْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ وَالْبُرَّ بِالشَّعِيرِ وَالشَّعِيرَّ بِالْبُرِّ يَدًا بِيَدٍ كَيْفَ شِئْنَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُحْسِنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَفِي حَدِيثِ عَفَّانَ أَنَّهُ شَهِدَ خُطْبَةَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَزْنًا بوزن زاد بشر ابن عُمَرَ وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ وَالْفِضَّةُ أكثرها يدا بيد وأما نسيئة فلا ثم اتفقا وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ كَيْلًا بِكَيْلٍ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ كَيْلًا بكيل

وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الشَّعِيرِ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ أَكْثَرِهِمَا يَدًا بِيَدٍ زَادَ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ وَأَمَّا نَسِيئَةً فَلَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ أَبُو الْخَلِيلِ هَذَا هُوَ صاح بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الضُّبَعِيُّ وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ هذا هو مولى عثمان ابن عفان وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْخَبَرِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ زَادَ قَالَ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي الْأَشْعَتِ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى إِلَّا مَا اخْتَلَفَتْ أَلْوَانُهُ وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَا اخْتَلَفَ أَلْوَانُهُ مِنَ الطَّعَامِ فَلَا بَأْسَ بِهِ يَدًا بِيَدٍ التَّمْرُ بِالْبُرِّ وَالزَّبِيبُ بِالشَّعِيرِ وَكَرِهَهُ نَسِيئَةً وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَ ابْنِ عُمَرَ اخْتِلَافُ الْأَنْوَاعِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَا بَأْسَ بِالْوَرِقِ بِالذَّهَبِ وَاحِدٍ بِاثْنَيْنِ يَدًا بِيَدٍ وَلَا بَأْسَ بِالْبُرِّ بِالشَّعِيرِ وَاحِدٍ بِاثْنَيْنِ يَدًا بِيَدٍ وَلَا بَأْسَ بِالتَّمْرِ بِالْمِلْحِ وَاحِدٍ بِاثْنَيْنِ يَدًا بِيَدٍ فَهَذَا مَا فِي مَعْنَى الْبَيْضَاءِ بِالسُّلْتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا قَوْلُ سَعْدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ عَنِ اشْتِرَاءِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ فَجُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ لَا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا مُتَفَاضِلًا لَا يَدًا بِيَدٍ وَلَا نَسِيئَةً لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ هَذَا وَلِنَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ مِنْ جِنْسِهِ عَلَى مَا مَضَى فِي هَذَا الْبَابِ وَلِنَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ بِالْعِنَبِ وَالزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْمُزَابَنَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا وَعَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا وَعَنْ بَيْعِ الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ كَيْلًا وَهَذَا كُلُّهُ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَبَطَلَ مَا خَالَفَهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُزَابَنَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا بَيْعُ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ مِنْ جِنْسِهِ وَالْكَيْلِ بِالْجُزَافِ مِنْ جِنْسِهِ

وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا وَبَيْعُ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا فَأَيُّ شَيْءٍ أَبْيَنُ مِنْ هَذَا لِمَنْ لَمْ يُحْرَمِ التَّوْفِيقَ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَكَذَلِكَ الْحِنْطَةُ الرَّطْبَةُ بِالْيَابِسِ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لَمَّا نَهَى عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الرُّطَبُ وَالْبُسْرُ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُسَمَّى تَمْرًا قَالَ وَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ الرُّطَبُ وَالتَّمْرُ جِنْسًا وَاحِدًا أَوْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَإِنْ كَانَا جِنْسًا وَاحِدًا فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ وَإِنْ كَانَا جِنْسَيْنِ فَذَلِكَ أحرى أن يجوز متفضالا وَمِثْلًا بِمِثْلٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ قَالَ وَإِنَّمَا يُرَاعَى الرِّبَا فِي حَالِ الْعَقْدِ وَلَا يُرَاعَى فِي الْمَآلِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ لِلشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَاعَى الْمَآلَ فِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَقَالَ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ فَهَذَا نَصٌّ وَاضِحٌ فِي مُرَاعَاةِ الما وَقَدْ نَصَّ أَيْضًا عَلَى بَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَصْلًا فَكَذَلِكَ الرُّطَبُ بِالتَّمْرِ وَسَنُبَيِّنُ مَعْنَى قَوْلِهِ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ وَالْبُسْرِ بِالرُّطَبِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْبُسْرِ بِالْبُسْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ بَيْعُ الْبُسْرِ بِالرُّطَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالْبُسْرِ عَلَى حَالٍ وَرَاعَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ الْمَآلَ مُرَاعَاةً لَا يُؤْمَنُ مَعَهَا عَدَمُ الْمُمَاثَلَةِ فَقَالَ إِذَا أَحَاطَ الْعِلْمُ أَنَّهُمَا إِذَا يَبِسَا تَسَاوَيَا جَازَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ وَلَا الْبُسْرِ بِالْبُسْرِ وَلَا كُلِّ مَا يَنْقُصُ فِي الْمُتَعَقَّبِ إِذَا أُرِيدَ بَقَاؤُهُ وَحُجَّتُهُ حَدِيثُ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ أَيُنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ فَرَاعَى الْمَآلَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْبَقَاءُ فَقِيَاسُ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعِنَبُ بِالْعِنَبِ وَلَا التِّينُ الْأَخْضَرُ بِالتِّينِ الْأَخْضَرِ إِذَا أُرِيدَ تَجْفِيفُ ذَلِكَ وَيُبْسُهُ لَا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا مُتَفَاضِلًا وَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ التِّينَ الْأَخْضَرَ بِالْيَابِسِ جَائِزٌ مِثْلًا بِمِثْلٍ كَالْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ وَالرُّطَبِ بِالتَّمْرِ وَالْبُسْرِ بِالرُّطَبِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِالْيَابِسَةِ يَعْنِي الرَّطْبَةِ بِالْمَاءِ فَأَمَّا الرَّطْبَةُ مِنَ الْأَصْلِ يَعْنِي الْفَرِيكَ فَلَا يَجُوزُ بِالْيَابِسَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُمَا وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ الْمَبْلُولَةِ بِالْيَابِسَةِ كَمَا لَا يَجُوزُ الْفَرِيكُ بِهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ الرَّطْبَةِ وَالْمَبْلُولَةِ بِالْيَابِسَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يُحِيطَ الْعِلْمُ بِأَنَّهُمَا إِذَا يَبِسَتِ الْمَبْلُولُ أَوِ الرَّطْبَةُ تَسَاوَيَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَهَذَا خِلَافُ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَالَّذِي أَقُولُ إِنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ نَصًّا وَثَبَتَ عندهم ماخالفوه فَإِنَّمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِمُ الدَّاخِلَةُ مِنْ قِلَّةِ اتِّسَاعِهِمْ فِي عِلْمِ السُّنَنِ وَغَيْرُ جَائِزٍ

أَنْ يَظُنَّ بِهِمْ أَحَدٌ إِلَّا ذَلِكَ وَلَوْ خالفوا السنة جهارا بغير تأويل لسقطت عدلاتهم وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ مَعَ اتِّبَاعِهِمْ مَا صَحَّ عِنْدَهُمْ مِنَ السُّنَنِ فَهَذَا شَأْنُ الْعُلَمَاءِ أَجْمَعَ وَلَكِنَّ الْحُجَّةَ فِي السُّنَّةِ وَفِي قَوْلِ مَنْ قَالَ بِهَا وَعَلِمَهَا لَا فِي قَوْلِ مَنْ جَهِلَهَا وَخَالَفَهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمُ الْعَجِينُ بِالْعَجِينِ لَا مُتَمَاثِلًا وَلَا مُتَفَاضِلًا لَا خِلَافَ بَيْنِهِمْ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْعَجِينُ بِالدَّقِيقِ فَإِذَا طُبِخَ الْعَجِينُ وَصَارَ خُبْزًا جَازَ بيعه عند مالك بالدقيق متفاضلات وَمُتَسَاوِيًا لِأَنَّ الصِّنَاعَةَ قَدْ كَمُلَتْ فِيهِ وَأَخْرَجَتْهُ فِيمَا زَعَمَ أَصْحَابُهُ عَنْ جِنْسِهِ وَاخْتَلَفَ الْغَرَضُ فِيهِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي بَيْعِ الدَّقِيقِ بِالْخُبْزِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ الْخُبْزُ بِالدَّقِيقِ عَلَى حَالٍ لَا مُتَسَاوِيًا وَلَا مُتَفَاضِلًا وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بَيْعُ الْعَسَلِ بِالْعَسَلِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْءٌ مِنَ الشَّمْعِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ جَازَ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ الْخَلِّ بِالْخَلِّ لِجَهْلِ مَا فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الْمَاءِ وَكَذَلِكَ الشِّبْرِقُ بِالشِّبْرِقِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْ قَوْلِهِ وقياس قوله أنه لا يجوز عنده الخبز الْفَطِيرُ بِالْخَمِيرِ وَلَا الْخُبْزُ بِالْخُبْزِ أَصْلًا وَاللَّهُ أعلم واخلتف قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي بَيْعِ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي بَيْعِ الْحِنْطَةِ بِالدَّقِيقِ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي بَيْعِ الشَّيْرَجِ

بِالشَّيْرَجِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا فَمَرَّةً أَجَازَهُ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَكَذَلِكَ الدَّقِيقُ بِالدَّقِيقِ وَمَرَّةً كَرِهَ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يَجُوزُ السَّمْنُ بِالْوَدَكِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَكَذَلِكَ الشَّحْمُ غَيْرُ الْمُذَابِ بِالسَّمْنِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَكْلَهُ سَاعَتَئِذٍ فَيَجُوزُ وَأَمَّا الْقَمْحُ بِالدَّقِيقِ فَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ فَمَرَّةً أَجَازَهُ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ الظَّاهِرُ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَمَرَّةً مَنَعَ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عبد العزيز ابن أَبِي سَلَمَةَ مِثْلُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا خِلَافَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالْحِنْطَةِ وَلَا بَيْعُ قَفِيزٍ مِنْ حِنْطَةٍ بِقَفِيزٍ مِنْ سَوِيقٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فِي كَرَاهِيَةِ بَيْعِ الْحِنْطَةِ بِالدَّقِيقِ مُتَسَاوِيًا نَقْضٌ لِقَوْلِهِمْ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ وَنَقْضٌ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي جَوَازِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُمْ يَعْتَلُّونَ بِأَنَّ الطَّحِينَ لَا يُخْرِجُ الْبُرَّ عَنْ جِنْسِهِ وَأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ لَا يُمْكِنُ فِيهِمَا مَعَ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ وَلِذَلِكَ لَمْ يُجِيزُوا بَيْعَ بَعْضِهِمَا بِبَعْضٍ أَصْلًا وَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالْحِنْطَةِ بِالدَّقِيقِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا بَأْسَ بِالسَّوِيقِ بِالْقَمْحِ مُتَفَاضِلًا وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ فِي السَّوِيقِ بِالْقَمْحِ أَيْضًا وقال الأوزاعي لاتصلح الْقَلِيَّةُ (بِالْقَمْحِ (212) مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا بَأْسَ بِهِ وزنا

قَالَ الطَّحَاوِيُّ مَنَعَ الْأَوْزَاعِيُّ مِنَ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْكَيْلِ وَأَجَازَهَا فِي الْوَزْنِ وَلَمْ نَجِدْ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُ وَقَالَ شُعْبَةُ سَأَلْتُ الْحَكَمَ وَحَمَّادًا عَنِ الدَّقِيقِ بِالْبُرِّ فَكَرِهَاهُ وَعَنْ شُعْبَةَ أَيْضًا قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ عَنِ الدَّقِيقِ بِالْبُرِّ فَقَالَ شَيْءٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَأَمَّا السَّوِيقُ بِالدَّقِيقِ وَبِالْحِنْطَةِ فَأَجَازَهُ مَالِكٌ مُتَفَاضِلًا وَمُتَسَاوِيًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ مثلا بمثل ولا متفضالا وَرَوَى ابْنُ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا مِثْلًا بمثل وهو قول الثوري وقال مالك والليث لاتباع الْجَدِيدَةُ بِالسَّوِيقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ لِأَنَّهُ سَوِيقٌ كُلُّهُ إِلَّا أَنَّ بَعْضَهُ دُونَ بَعْضٍ وَقَالَ الأوزاعي لاتباع الْجَدِيدَةُ بِالسَّوِيقِ وَلَا بِالدَّقِيقِ إِلَّا وَزْنًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ عَلَى حَالٍ وَأَمَّا الْخُبْزُ بِالدَّقِيقِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ مُتَفَاضِلًا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ عند مالك والليث وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالْخُبْزِ عَلَى حَالٍ مِنَ الأحوال لا متفضالا وَلَا مُتَسَاوِيًا وَهَذَا قَوْلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يُعْجِبُنِي الْخُبْزُ بِالدَّقِيقِ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بَيْعُ الْخُبْزِ بِالْخُبْزِ أيضا لا متساويا ولا متفضالا وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْخُبْزِ إِذَا تَحَرَّى أَنْ تَكُونَ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ

إِلَّا وَزْنًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ مَا دَاخِلُهُ الرِّبَا فِي التَّفَاضُلِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ التَّحَرِّي وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِالْخُبْزِ قُرْصًا بِقُرْصَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خَطَأٌ عِنْدِي وَغَلَطٌ فَاحِشٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الطَّعَامِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ هَذَا عِنْدَ الْجَمِيعِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ خُبْزَ الْبُرِّ كُلَّهُ طَعَامُ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ خُبْزُ الشَّعِيرِ كُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَبَعٌ لِأَصْلِهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ فَمَنْ جَعَلَ الْبُرَّ وَالشَّعِيرَ صِنْفًا وَاحِدًا فَخَبَرُ ذَلِكَ كُلِّهِ عِنْدَهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ عَلَى أَصْلِ قَوْلِهِ وَمَنْ جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرَ صَاحِبِهِ وَجَعَلَهُ جِنْسًا عَلَى حِدَةٍ فَخُبْزُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صِنْفٌ وَجِنْسٌ غَيْرُ صَاحِبِهِ إِلَّا الشَّافِعِيَّ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ فَإِنَّهُمَا لَا يُجِيزَانِ شَيْئًا مِنَ الْخُبْزِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنَ الْمَاءِ وَالنَّارِ وَالْأَصْلُ عِنْدَهُمَا فِيهِ أَنَّهُ دَقِيقٌ بِدَقِيقٍ لَا يُوصَلُ إِلَى الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ وَعِنْدَ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ كُلُّ مَا يُخْبَزُ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنَ الْحُبُوبِ كُلِّهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا أَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ الْخُبْزَ قُرْصًا بِقُرْصَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عِنْدَهُ ذَلِكَ فِي الْكَيْلِ الَّذِي هُوَ أَصْلُهُ فَخَرَجَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَدْخُلُهُ الرِّبَا عِنْدَهُ لِأَنَّ الرِّبَا عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ لَا يَدْخُلُ إِلَّا فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَأَصْلُ الدَّقِيقِ

عنده والبر والكيل لَا الْوَزْنُ وَأَظُنُّ الْخُبْزَ عِنْدَهُمْ لَيْسَ مِنَ الْمَوْزُونَاتِ لِأَنَّهُ يَجِبُ عِنْدَهُ عَلَى مُسْتَهْلِكِهِ الْقِيمَةُ لَا الْمِثْلُ عَلَى أَصْلِهِمْ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ التَّمْرَ بِالتَّمْرِ لَا يَجُوزُ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَاخْتَلَفُوا فِي بيع التمرة الواحدة بالتمرتين والحبة الواحدة بالحبيتين فَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَهُوَ عِنْدِي قِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَيْدُونَ عَنِ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ لَا يَجُوزُ تَمْرَةٌ بِتَمْرَتَيْنِ وَلَا تَمْرَةٌ بِتَمْرَةٍ قَالَ أَبُو حَازِمٍ مَا أَحْسَنَ مَعْنَاهُ فِي هَذَا ذَهَبَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ أَصْلُ الْكَيْلِ وَإِلَى أَنَّ التَّمْرَةَ بِالتَّمْرَتَيْنِ وَبِالتَّمْرَةِ غَيْرُ مُدْرَكٍ بِالْكَيْلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا تَمْرَةٌ بِتَمْرَةٍ فَلَا أَدْرِي مَا فِي ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّمْرَةَ بِالتَّمْرَتَيْنِ لَا يَجُوزُ وَالَّذِي أَقُولُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِمَا أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ إِنْ أَمْكَنَتْ فِي التَّمْرَةِ بِالتَّمْرَةِ بِالْوَزْنِ جَازَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُ الثَّوْرِيِّ حَسَنٌ جِدًّا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ فِي التَّمْرَةِ بِالتَّمْرَةِ وَعَدَمِ الْكَيْلِ الَّذِي هُوَ أَصْلُهَا وَلِأَنَّ مَا كَانَ أَصْلُهُ الْكَيْلَ فَلَا يُرَدُّ إِلَى الْوَزْنِ عِنْدَهُمْ إِلَّا مَعَ الِاضْطِرَارِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا حَاجَةَ بِأَحَدٍ إِلَى بَيْعِ تَمْرَةٍ بِتَمْرَةٍ فَلَا وَجْهَ لِلتَّعَرُّضِ إِلَى مِثْلِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ فِيمَا لَا ضَرُورَةَ وَلَا حَاجَةَ بِالنَّاسِ إِلَيْهِ وَقَدِ احْتَجَّ مَنْ أَجَازَ التَّمْرَةَ بِالتَّمْرَتَيْنِ بِأَنَّ مُسْتَهْلِكَ التَّمْرَةِ وَالتَّمْرَتَيْنِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ فَقَالَ إِنَّهُ لَا مَكِيلَ وَلَا مَوْزُونَ فَجَازَ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَهَذَا عِنْدِي غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّ مَا جَرَى فِيهِ الرِّبَا فِي التَّفَاضُلِ دَخَلَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ فِي ذَلِكَ قِيَاسًا وَنَظَرًا وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ الْبَيْضُ بِالْبَيْضِ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّهُ يُدَّخَرُ وَيَجُوزُ عِنْدَهُ مِثْلًا بِمِثْلٍ قَالَ وَيَجُوزُ بَيْعُ الصَّغِيرِ مِنْهُ بِالْكَبِيرِ وَبَيْضُ الدَّجَاجِ وَبَيْضُ الْأَوِزِّ وَبَيْضُ النَّعَامِ إِذَا تَحَرَّى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِثْلًا بِمِثْلٍ جَازَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ جَائِزٌ بَيْضَةٌ بِبَيْضَتَيْنِ وَبِأَكْثَرَ وَجَائِزٌ التَّفَاضُلُ فِي الْبَيْضِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُدَّخَرُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا بَأْسَ بِبَيْضَةٍ بِبَيْضَتَيْنِ يَدًا بِيَدٍ وَجَوْزَةٍ بِجَوْزَتَيْنِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بَيْضَةٌ بِبَيْضَتَيْنِ وَلَا رُمَّانَةٌ بِرُمَّانَتَيْنِ وَلَا بِطِّيخَةٌ بِبِطِّيخَتَيْنِ لَا يَدًا بِيَدٍ وَلَا نَسِيئَةً لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ طَعَامٌ مَأْكُولٌ وَقَدْ قَدَّمْتُ لك أصله واصل غيره من الفقهاء فيم يَدْخُلُهُ الرِّبَا وَعِلَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا معنى لأعادة ذلك ههنا وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُبَاعُ اللَّحْمُ الرَّطِبُ بِالْقَدِيدِ وَلَا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا مُتَفَاضِلًا قَالَ وَكَذَلِكَ اللحم المشوي بالنيء لا يجوز متساويا ولا متفضالا وَلَا بَأْسَ عِنْدَ مَالِكٍ بِالطَّرِيِّ بِالْمَطْبُوخِ مِثْلًا بمثل متفضالا إِذَا أَثَّرَتْ فِيهِ الصَّنْعَةُ وَخَالَفَتِ الْغَرَضَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ قَالَ

الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ مِنَ الْجِنْسِ الواحد مطبوخا منه بنيء بِحَالٍ إِذَا كَانَ إِنَّمَا يُدَّخَرُ مَطْبُوخًا وَكَذَلِكَ الْمَطْبُوخُ بِالْمَطْبُوخِ لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا مَرَقَ فِيهِ وَيَكُونَ جِنْسًا وَاحِدًا فَيَجُوزُ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَإِنْ كَانَ جِنْسَيْنِ جَازَ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَالتَّسَاوِي يَدًا بِيَدٍ وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ اللَّحْمُ كُلُّهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَحْشِيُّهُ وَإِنْسِيُّهُ وَطَائِرُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَجَعَلَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَلَى قَوْلَيْنِ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَقَدْ قُطِعَ بِأَنَّ أَلْبَانَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ أَصْنَافٌ مُخْتَلِفَةٌ فَلُحُومُهَا الَّتِي هِيَ أُصُولُ الْأَلْبَانِ أَوْلَى بِالِاخْتِلَافِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ الْمَجْمُوعَةِ إِذَا اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُ الْحِيتَانِ فَلَا بَأْسَ بِبَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَكَذَلِكَ لُحُومُ الطَّيْرِ إِذَا اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا قَالَ الْمُزَنِيُّ وَفِي هَذَا كِفَايَةٌ يَعْنِي مِنْ قَوْلِهِ وَمَذْهَبِهِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنْ لَا يُبَاعَ اللَّحْمُ النيء بِالْمَشْوِيِّ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْءٌ مِنَ التَّوَابِلِ فَيَكُونَ الْفَضْلُ لِآخِذِ التَّوَابِلِ وَذَكَرَ ابْنُ خَوَّازِ بِنْدَادَ قَالَ قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ يَجِيءُ على قول أبي حنيفة ألا يجوز النيء بِالْمَشْوِيِّ كَمَا قَالَ فِي الْمَقْلُوَّةِ بِالْبُرِّ وَيَبْقَى عَلَى قَوْلِهِ أَيْضًا أَنَّهُ يَجُوزُ كَمَا قَالَ فِي الْحِنْطَةِ الْمَبْلُولَةِ بِالْيَابِسَةِ قَالَ ابْنُ خَوَّازِ بِنْدَادَ اخْتَلَطَ الْمَذْهَبُ عَلَى أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا نَصٌّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَجُوزُ بَيْعُ شَاتَيْنِ مَذْبُوحَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا جِلْدٌ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ اللَّحْمَ بِاللَّحْمِ لَا يَجُوزُ إِلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ ولا يجوز فيه التحري وقال الشافعي لايجوز التَّحَرِّي فِيمَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا رِبًا

وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ لَا يُشْتَرَى اللَّحْمُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَيُتَحَرَّى ذَلِكَ وَإِنْ لم يون ولايباع الْمَذْبُوحُ بِالْمَذْبُوحِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ عَلَى التَّحَرِّي وَكَذَلِكَ الرَّأْسُ بِالرَّأْسَيْنِ وَقَالَ ابْنُ خَوَّازِ بِنْدَادَ فِي بَابِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَإِنْ قِيلَ قَدِ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ أَنَّ شَاةً بِشَاتَيْنِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا أَكْثَرَ لَحْمًا مِنَ الْأُخْرَى قِيلَ لَهُ إِنْ كَانَ يُرَادُ بِهِمَا اللَّحْمُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَاةٍ بِشَاتَيْنِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ خَلُّ التَّمْرِ بِخَلِّ الْعِنَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَهُوَ عِنْدَهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الْغَرَضَ فِيهِ وَاحِدٌ قَالَ وَكَذَلِكَ نَبِيذُ التَّمْرِ وبنيذ الزَّبِيبِ وَنَبِيذُ الْعَسَلِ لَا يَجُوزُ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ إِذَا كَانَ لَا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ زَيْتِ الزَّيْتُونِ وَزَيْتِ الْفُجْلِ وَزَيْتِ الْجُلْجُلَانِ لِأَنَّ هَذِهِ مُخْتَلِفَةٌ وَمَنَافِعَهَا شَتَّى وَالْغَرَضَ فِيهَا مُخْتَلِفٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا بَأْسَ بِخَلِّ التَّمْرِ بِخَلِّ الْعِنَبِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بَيْعُ الْخَلِّ بِالْخَلِّ أَصْلًا إِذَا كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ وَاحِدًا وَذَكَرَ ابْنُ خَوَّازِ بِنْدَادَ عَنِ الشَّافِعِيِّ بَيْعَ الْخَلِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الزُّيُوتِ كُلُّ زَيْتٍ مِنْهَا جِنْسٌ بِنَفْسِهِ فَزَيْتُ الزَّيْتُونِ غَيْرُ زَيْتِ الْفُجْلِ وَغَيْرُ زَيْتِ الْجُلْجُلَانِ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ كُلُّهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ زَيْتُ الزَّيْتُونِ وَزَيْتُ الْجُلْجُلَانِ وَزَيْتُ الْفُجْلِ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِزَيْتِ الْكَتَّانِ بِغَيْرِهِ مِنَ الزَّيْتِ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ أُصُولَهُ مُسْتَوْعَبَةً وَذَكَرْنَا مِنْ فُرُوعِهَا كَثِيرًا لِيُوقَفَ

بِذَلِكَ عَلَى أُصُولِ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ بِهِ وَيُوقَفَ بِذَلِكَ عَلَى الْمَعْنَى الْجَارِي فِيهِ مِنْهَا الرِّبَا في الزيادة وأما باب المزبانة فِي بَيْعِ الزَّيْتِ بِالزَّيْتُونِ وَاللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ وَالزُّبْدِ بِاللَّبَنِ وَالْعِنَبِ بِالْعَصِيرِ الْحُلْوِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَقَدْ مَضَتْ مِنْهُ أَصُولٌ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُزَابَنَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مِنْهَا حَدِيثُ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَحَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ وَحَدِيثُ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَذَكَرْنَا هُنَالِكَ مِنْ مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ مَا يُوقَفُ بِهِ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ أَضْعَفُهُمَا أَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ اسْتَفْهَمَ عَنْهُ أَهْلَ النَّخِيلِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالتُّمُورِ وَالرُّطَبِ وَرَدَّ الْأَمْرَ إِلَيْهِمْ فِي عِلْمِ نُقْصَانِ الرُّطَبِ إِذَا يَبِسَ وَمَنْ زَعَمَ ذَلِكَ قَالَ إِنَّ هَذَا أَصْلٌ فِي رَدِّ الْمَعْرِفَةِ بِالْعُيُوبِ وَقِيَمِ المتلفات إلى أرباب النصاعات وَالْقَوْلُ الْآخَرُ وَهُوَ أَصَحُّهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَفْهِمْ عَنْ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ قَرَّرَ أَصْحَابَهُ عَلَى صِحَّةِ نُقْصَانِ الرُّطَبِ إِذَا يَبِسَ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْهُ مَنَعَ فَقَالَ لَهُمْ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ أَيْ أَلَيْسَ يَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ وَقَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَهَذَا تَقْرِيرٌ مِنْهُ وَتَوْبِيخٌ وَلَيْسَ بِاسْتِفْهَامٍ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَجُوزُ جَهْلُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالِاسْتِفْهَامُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ قَدْ يَأْتِي بِمَعْنَى التَّقْرِيرِ كَثِيرًا وَبِمَعْنَى التَّوْبِيخِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجل وإذ قال الله يا عيسى بن مريم ءآنت قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ فَهَذَا اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ التَّقْرِيرُ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ عَمَّا جَهِلَ جَلَّ اللَّهُ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ وَمِنَ التَّقْرِيرِ أَيْضًا بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ءآلله

أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ وَقَوْلُهُ ءآلله خير أم ما تشركون وقوله وما تلك بيمينك يا موسى قَالَ هِيَ عَصَايَ وَهَذَا كَثِيرٌ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ نَحْوَ قَوْلِهِ أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فِيمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ أَلَيْسَ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ نَقَصَ فَكَيْفَ تَبِيعُونَهُ بِالتَّمْرِ وَالتَّمْرُ لَا يَجُوزُ بِالتَّمْرِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالْمُمَاثَلَةُ مَعْرُوفَةٌ فِي مِثْلِ هَذَا فَلَا تَبِيعُوا التَّمْرَ بِالرُّطَبِ بِحَالٍ فَهَذَا أَصْلٌ فِي مُرَاعَاةِ الْمَآلِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا تَقْرِيرُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَنْ نَزَّهَهُ وَنَفَى عَنْهُ أَنْ يَكُونَ جَهِلَ أَنَّ الرُّطَبَ يَنْقُصُ إِذَا يَبِسَ وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وبه التوفيق

مالك عن عبد الله (بن عبد الله) بن جابر ابن عتيك الأنصاري المعاوي ـ حديثان

(مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ جابر ابن عَتِيكٍ الْأَنْصَارِيِّ الْمُعَاوِيِّ) حَدِيثَانِ وَعَبْدُ اللَّهِ هَذَا مَدَنِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا نَسَبَهُ عِنْدَ ذِكْرِ جَدِّهِ جَبَّارِ بْنِ عَتِيكٍ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ حَدِيثٌ أَوَّلُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جبار بْنِ عَتِيكٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي بَنِي مُعَاوِيَةَ وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْأَنْصَارِ فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مسجدكم هذا فقتل لَهُ نَعَمْ وَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْهُ فَقَالَ لِي هَلْ تَدْرِي مَا الثَّلَاثُ الَّتِي دَعَا بِهِنَّ فِيهِ فَقُلْتُ لَهُ نَعَمْ قَالَ فَأَخْبِرْنِي بِهِنَّ قَالَ فَقُلْتُ دَعَا بِأَنْ لَا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ وَلَا يُهْلِكَهُمْ بِالسِّنِينَ فَأُعْطِيَهُمَا وَدَعَا بِأَنْ لَا يُجْعَلَ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ فَمُنِعَهَا قَالَ صَدَقْتَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَلَنْ يَزَالَ الْهَرْجُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدِ اضْطَرَبَتْ فِيهِ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ اضْطِرَابًا شَدِيدًا فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ كَمَا قَالَ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَمْ يَجْعَلُوا بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ شَيْخِ مَالِكٍ هَذَا وَبَيْنَ ابْنِ عُمَرَ أَحَدًا مِنْهُمُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ عَنْ مالك عن عبد الله ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ عَنْ عتيك بن الحرث بْنِ عَتِيكٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنْهُمُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ رِوَايَةِ يَحْيَى وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ بُكَيْرٍ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنْهُمُ الْقَعْنَبِيُّ عَلَى اخْتِلَافٍ (عَنْهُ فِي ذَلِكَ) وَالتِّنِّيسِيُّ وَمُوسَى بْنُ أَعْيَنَ وَمُطَرِّفٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ رِوَايَةُ يَحْيَى هَذِهِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ عِنْدِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ وَمُطَرِّفٍ لِمُتَابَعَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَمَعْنٍ وَأَكْثَرِ الرُّوَاةِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَحَسْبُكَ بِإِتْقَانِ ابْنِ وَهْبٍ وَمَعْنٍ وَقَدْ صَحَّحَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ سَمَاعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ مِنَ ابْنِ عُمَرَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّارُ بِمِصْرَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْبَزَّارُ قال حدثنا يونس بن عبد العلى قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ أَنَّهُ قَالَ

جَاءَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي بَنِي مُعَاوِيَةَ وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْأَنْصَارِ فَقَالَ هَلْ تَدْرِي أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِكُمْ هَذَا فَقُلْتُ نَعَمْ وَأَشَرْتُ إِلَيْهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْهُ فَقَالَ هَلْ تَدْرِي مَا الثَّلَاثُ الَّتِي دَعَا بِهِنَّ فيه فقلت نعم قال فأخبرني بهن فقتل دَعَا بِأَنْ لَا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ وَلَا يُهْلِكَهُمْ بِالسِّنِينَ فَأُعْطِيَهُمَا وَدَعَا بِأَنْ لَا يُجْعَلَ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ فَمُنِعَهَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ صَدَقْتَ فَلَنْ يَزَالَ الْهَرْجُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ يَحْيَى وَابْنِ وَهْبٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ أَصْوَبُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ هَذَا كَذَلِكَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ جَاءَهُمْ فَسَأَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ لَهُ وَضُوءًا قَالَ فَأَخْرَجْتُ لَهُ وَضُوءًا فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا رَبَّهُ فِي مَسْجِدِكُمْ وَسَأَلَ رَبَّهُ ثَلَاثًا فَأَعْطَاهُ اثْنَيْنِ وَمَنَعَهُ وَاحِدَةً سَأَلَهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِهِ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ يَظْهَرُ عَلَيْهِمْ فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ وَسَأَلَهُ أَنْ لَا يُهْلِكَهُمْ بِالسِّنِينَ فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ وَسَأَلَهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَهُ ذَلِكَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سَعْدٌ بِنَحْوِ مَا رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَتِيكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكَمٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مَرَرْنَا عَلَى مَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ فَدَخَلَ فصلى ركعتين وصلينا مع وَنَاجَى رَبَّهُ طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا سَأَلْتُهُ أَلَّا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْعَدُوِّ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَلَّا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَلَّا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا مِنْ وُجُوهِ الْعَمَلِ طَرْحُ الْعَالِمِ الْمَسْأَلَةَ مِنَ الْعِلْمِ عَلَى تِلْمِيذِهِ وَسُؤَالُهُ إِيَّاهُ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ أَوْ مِثْلُهُ لِيَقِفَ عَلَى حِفْظِهِ وَعَلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ وَفِيهِ مَا يُفَسِّرُ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةً يَدْعُو بِهَا فَاخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي إِنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْأُمْنِيَةِ وَالْعَطَاءِ لَا عَلَى وَجْهِ الدُّعَاءِ لِأَنَّ دُعَاءَهُ كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ مُجَابٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُهُ فِي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتَهُ بِالسِّنِينَ وَلَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ يَسْتَأْصِلُهُمْ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَظُنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ إِلَّا دَعْوَةٌ وَاحِدَةٌ يُسْتَجَابُ لَهُ فِيهَا أَوْ لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ هَذَا مَا لَا يَتَوَهَّمُهُ ذُو لُبٍّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ مِنَ التَّبَرُّكِ بِحَرَكَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتِدَاءً بِهِ وَتَأَسِّيًا بِحَرَكَاتِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَهُمْ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِهِمْ لِيُصَلِّيَ فِيهِ تَبَرُّكًا بِذَلِكَ وَرَجَاءَ الْخَيْرِ فِيهِ وَفِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جبار بْنِ عَتِيكٍ أَخْبِرْنِي بِهِنَّ ثُمَّ قَوْلِهِ لَهُ إِذْ أَخْبَرَهُ بِهِنَّ صَدَقْتَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَعْلَمُ مَا سَأَلَ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ بَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ اللَّهَ لَا يُهْلِكُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّنِينَ وَلَا يَعُمُّهُمْ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ بِجُوعٍ وَجَدْبٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا لَا يَعُمُّهَا الْجَدْبُ أَبَدًا لِأَنَّ أُمَّتَهُ فِي أَكْثَرِ أَقْطَارِهَا وَإِذَا لَمْ يَعُمَّهُمُ الْجَدْبُ وَالْقَحْطُ وَالْجُوعُ فَأَحْرَى أَلَّا يَعُمَّ الْأَرْضَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ دِينَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَالُ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ وَلَا يُهْلِكُ أَمَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدُوٌّ يَسْتَأْصِلُهَا أَبَدًا وَأَنَّهَا فِي أَكْثَرِ أقطار

الْأَرْضِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفِتَنَ لَا تَزَالُ فِي أَمَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضًا مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا لِأَنَّهُ قَدْ مُنِعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَّا يُجْعَلَ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَلَنْ يَزَالَ الْهَرْجُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زُوِيَتْ لِيَ الْأَرْضُ أَوْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَأَنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أن لا يهكلهم بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ وَلَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ وَإِنَّ رَبِّي قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ وَلَا أُهْلِكُهُمْ بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ وَلَا أُسَلِّطُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يَسْبِي بَعْضًا وَبَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَإِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي لَمْ يُرْفَعْ عَنْهَا إِلَى الْقِيَامَةِ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قال حدثنا الحرث ابن أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَظْهَرُ الْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قَالَ قُلْنَا وَمَا الْهَرْجُ قَالَ الْقَتْلُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

وَقَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّ الْهَرْجَ لَا يَزَالُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْهَرْجُ بِتَسْكِينِ الرَّاءِ الْقَتْلُ وَكَذَلِكَ الرِّوَايَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَأَصْلُ الْهَرْجِ اخْتِلَافُ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ رَئِيسٍ وَذَلِكَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْقَتْلِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ ... لَيْتَ شِعْرِي لِأَوَّلِ الْهَرْجِ هَذَا ... أَمْ زَمَانٌ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ هَرْجِ ... ... إِنْ يَعِشْ مُصْعَبٌ فَنَحْنُ بِخَيْرٍ ... قَدْ أَتَانَا من عيشنا ما نرج ... أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَرَ وَسَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ لَمَّا نَزَلَتْ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أرحلكم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعُوذُ بِوَجْهِكَ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ أَعُوذُ بِوَجْهِكَ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قَالَ هَاتَانِ أَهْوَنُ وَأَيْسَرُ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَمَعْمَرٌ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ جَابِرٍ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا فِي آخِرِهِ وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قَالَ هَذِهِ أَهْوَنُ وَبَعْضُهُمْ قَالَ هَذِهِ أَيْسَرُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنْ عُمَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ رَاقَبَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ وَكَانَ بَدْرِيًّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي حَتَّى إِذَا كَانَ الصُّبْحُ قَالَ لَهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُكَ اللَّيْلَةَ تُصَلِّي صَلَاةً مَا رَأَيْتُكَ صَلَّيْتَ مِثْلَهَا قَالَ

أَجَلْ إِنَّهَا صَلَاةُ رَغَبٍ وَرَهَبٍ سَأَلْتُ رَبِّي فِيهَا ثَلَاثَ خِصَالٍ فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً سَأَلْتُهُ أَلَّا يُهْلِكَنَا بِمَا أَهْلَكَ بِهِ الْأُمَمَ فَأَعْطَانِي وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْنَا عَدُوًّا فأعطاني وسألته ألان لَا يَلْبِسَنَا شِيَعًا فَمَنَعَنِي وَذَكَرَ سُنَيْدٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ قل هو القادر أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْفَاهُمْ مِنْهَا أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا قَالَ مَا كَانَ مِنَ الْفِتَنِ وَالِاخْتِلَافِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ يَقُولُ الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ أَوِ الْغَرَقُ أَوْ بَعْضُ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعَذَابِ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ الْخَسْفُ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ قَالَ ذَهَبَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبَقِيَتِ الْفِتْنَةُ وَلَمْ يَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَّتِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ حَتَّى مَضَى وَلَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَّا أُرِيَ فِي أُمَّتِهِ الْعُقُوبَةَ إِلَّا نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ مُسْلِمٍ الْفَزَارِيِّ عَنْ جُبَيْرُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي يَعْنِي الْخَسْفَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ابن حَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ

قال حدثني عبد الله بن عبد الرحمان بن كعب بن مالك قال حدثني جابر ابن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ الْفَتْحِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ ثَلَاثًا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَاسْتُجِيبَ لَهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ قَالَ جَابِرٌ فَلَمْ يَنْزِلْ فِي أَمْرٍ مُهِمٍّ إِلَّا تَوَخَّيْتُ تِلْكَ السَّاعَةَ فَأَدْعُو فِيهَا فَأَعْرِفُ الْإِجَابَةَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد ابن عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا كَثِيرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرحمان بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ الْفَتْحِ ثَلَاثًا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَاسْتُجِيبَ لَهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَعُرِفَ الْبِشْرُ فِي وَجْهِهِ قَالَ جَابِرٌ فَلَمْ يَنْزِلْ فِي أَمْرٍ مُهِمٍّ عَائِصٍ إِلَّا تَوَخَّيْتُ تِلْكَ السَّاعَةَ فَأَدْعُو فِيهَا فَأَعْرِفُ الْإِجَابَةَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا كثير ابن زيد قال حدثني عبد الرحمان بن كعب بن مالك قَالَ حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ إِلَى آخِرِهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ صَقْعَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَالَ ثَلَاثُ خِلَالٍ تُفَتَّحُ فِيهِنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَاغْتَنِمُوا الدُّعَاءَ فِيهِنَّ عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ وَعِنْدَ الْتِقَاءِ الرَّجْفَيْنِ وَعِنْدَ الْأَذَانِ وَسَيَأْتِي مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ أَبِي حَازِمٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ

حديث ثان لعبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك

حَدِيثٌ ثَانٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عتيك عن عتيك بن الحرث ابن عَتِيكٍ وَهُوَ جَدُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ أَبُو أُمِّهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَتِيكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ فَاسْتَرْجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا أَبَا الرَّبِيعِ فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ فَجَعَلَ جَابِرٌ يُسْكِتُهُنَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُنَّ فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوُجُوبُ قَالَ إِذَا مَاتَ فَقَالَتِ ابْنَتُهُ وَاللَّهِ إِنْ كنت لأرجو أن تكون شهيدا فَإِنَّكَ قَدْ كُنْتَ قَضَيْتَ جِهَازَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْقَعَ أَجْرَهُ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ قَالُوا الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّهَدَاءُ سَبْعَةٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ وَالْحَرِيقُ شَهِيدٌ وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ

هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ إِلَّا أَنَّ غَيْرَ مَالِكٍ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَعْهُنَّ يَبْكِينَ مَا دَامَ عِنْدَهُنَّ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ مَعَانٍ مِنْهَا عِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَعِيَادَةُ الرَّجُلِ الْكَبِيرِ الْعَالِمِ الشَّرِيفِ لِمَنْ دُونَهُ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ فَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِهَا وَنَدَبَ إِلَيْهَا وَأَخْبَرَ عَنْ فَضْلِهَا بِضُرُوبٍ مِنَ الْقَوْلِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهَا فَثَبَتَتْ سُنَّةً مَاضِيَةً لَا خِلَافَ فِيهَا وَفِيهِ الصِّيَاحُ بِالْعَلِيلِ عَلَى وَجْهِ النِّدَاءِ لَهُ لِيَسْمَعَ فَيُجِيبَ عَنْ حَالِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحَ بِأَبِي الرَّبِيعِ فَلَمَّا لَمْ يجبه استرجع على ذلك لأنها مصيبة والاستراجاع قول إن الله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وَهُوَ الْقَوْلُ الْوَاجِبُ عِنْدَ الْمَصَائِبِ وَفِيهِ تَكْنِيَةُ الرَّجُلِ الْكَبِيرِ لِمَنْ دُونَهُ وَهَذَا يُبْطِلُ مَا يُحْكَى عَنِ الْخُلَفَاءِ أَنَّهُمْ لَا يُكَنُّونَ أَحَدًا عَصَمَنَا اللَّهُ عَمَّا دَقَّ وَجَلَّ مِنَ التَّكَبُّرِ بِرَحْمَتِهِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَرِيضِ بِالصِّيَاحِ وَغَيْرِ الصِّيَاحِ عِنْدَ حُضُورِ وَفَاتِهِ وَفِيهِ النَّهْيُ عَنِ الْبُكَاءِ عَلَيْهِ إِذَا وَجَبَ مَوْتُهُ وَفِي نَهْيِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ لِلنِّسَاءِ عَنِ الْبُكَاءِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ سَمِعَ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ فَتَأَوَّلَهُ عَلَى الْعُمُومِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُنَّ يَعْنِي يَبْكِينَ حَتَّى يَمُوتَ ثُمَّ لَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَا تَبْكِيَنَّ نِيَاحًا وَلَا صِيَاحًا بَعْدَ وُجُوبِ مَوْتِهِ وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ مَا لَمْ يُخْلَطْ ذَلِكَ بِنَدْبِهِ وَبِنِيَاحَةٍ وَشَقِّ جَيْبٍ وَنَشْرِ شَعْرٍ وَخَمْشِ وَجْهٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي مِثْلِ هَذَا مِنْ بُكَاءِ الْعَيْنِ دُونَ نِيَاحَةٍ اللَّهُ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى وَاضِحًا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ والحمد الله

وَقَدْ رَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجِنَازَةٍ يُبْكَى عَلَيْهَا وَأَنَا مَعَهُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَانْتَهَرَهُمْ عُمَرُ فَقَالَ دَعْهُنَّ يَا ابْنَ الخطاب فإن النفس مصابة والعين دَامِعَةً وَالْعَهْدَ قَرِيبٌ لَمْ يُتَابَعِ اللَّيْثُ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ وَإِنَّمَا رَوَتْهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَزْرَقِ عَنْ أَبِي هريرة وروى عبد الرحمان بْنُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أُمِّهِ سِيرِينَ قالت حضرت موت إِبْرَاهِيمَ بْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُنْتُ كُلَّمَا صِحْتُ أَنَا وَأُخْتِي لَا يَنْهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا مَاتَ نَهَانَا عن الصياح وأما قوله فإذا وجب فلاتبكين باكية وتفسير لِذَلِكَ بِأَنَّهُ إِذَا مَاتَ فَأَظُنُّ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَأْخُوذٌ مِنْ وَجْبَةِ الْحَائِطِ إِذَا سَقَطَ وَانْهَدَمَ وَفِيهِ أَنَّ الْمُتَجَهِّزَ لِلْغَزْوِ إِذَا حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ الْغَازِي وَيَقَعُ أَجْرُهُ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ وَالْآثَارُ الصِّحَاحُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ نَوَى خَيْرًا وَهَمَّ بِهِ وَلَمْ يَصْرِفْ نِيَّتَهُ عَنْهُ وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ مَا نَوَى مِنْ ذلك أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ صَلَاةٌ بِلَيْلٍ فَغَلَبَتْهُ (عَلَيْهَا) عَيْنُهُ كُتِبَ لَهُ أَجَرَ صَلَاتِهِ وَكَانَ نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَةً وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ يُبَيِّنُ مَا ذَكَرْنَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَقَدْ تَرَكْتُمْ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ وَلَا قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ إِلَّا وَهُمْ مَعَكُمْ فِيهِ قَالُوا يَا رسول الله وكيف يكونون معنا وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ

حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ وَقَدْ أَشْبَعْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي باب محمد بن المنكدر من كتانا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الأعمال إنما تكون بالنيات وأن نية المؤمن خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ عَلَى مَا رُوِيَ فِي الآثار وهذا معناه عندنا أن نية المؤمن خَيْرٌ مِنْ عَمَلٍ بِلَا نِيَّةٍ وَفِيهِ طَرْحُ الْعَالِمِ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ أَلَّا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ فِيكُمْ ثُمَّ أَجَابَهُمْ بِخِلَافِ مَا عِنْدَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ الشُّهَدَاءُ سَبْعَةٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ ذَكَرَهُمْ فَأَمَّا قَوْلُهُ الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ فَهُوَ الَّذِي يَمُوتُ فِي الطَّاعُونِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ ذَكْوَيْهِ الْمَعْرُوفُ بِالْوَعَّاثِ قَالَ حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مِسْهَرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم أن فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ قَالَتِ الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُونُ قَالَ غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ تَخْرُجُ فِي الْمَرَاقِ وَالْآبَاطِ مَنْ مَاتَ مِنْهُ مَاتَ شَهِيدًا وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ابن زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ قَالَ حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ قَالَتْ قَالَ لِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مِمَّ مَاتَ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرَةَ قُلْتُ فِي

الطَّاعُونِ قَالَ أَنَسٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرَةَ هُوَ يَحْيَى بْنُ أَبِي سِيرِينَ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَسِيرِينُ أَبُوهُمْ هُوَ أَبُو عَمْرَةَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا غَارِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ فَأَخْبَرَهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً للمؤمنين فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ بِأَرْضِهِ فَيَثْبُتُ فِيهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ وَأَمَّا الْغَرِقُ فَمَعْرُوفٌ وَهُوَ الَّذِي يَمُوتُ غَرَقًا فِي الْمَاءِ وَذَاتُ الْجَنْبِ يَقُولُونَ هِيَ الشَّوْصَةُ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ وَصَاحِبُهَا شَهِيدٌ عَلَى مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ يُقَالُ رَجُلٌ جَنِبٌ بِكَسْرِ النُّونِ إِذَا كَانَتْ بِهِ ذَاتُ الْجَنْبِ وَقِيلَ فِي صَاحِبِ ذَاتِ الْجَنْبِ الْمَجْنُوبُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ يَعُودُهُ فَقَالَ الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهَادَةٌ وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهَادَةٌ وَالْغَرِقُ شَهَادَةٌ وَالْحَرِقُ شَهَادَةٌ وَالْمَطْعُونُ شَهَادَةٌ وَالْمَبْطُونُ شَهَادَةٌ وَالْمَجْنُوبُ شَهَادَةٌ هَكَذَا يَقُولُ أَبُو الْعُمَيْسِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ

وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ فِيهِ مَالِكٌ وَلَمْ يُقِمْهُ أَبُو الْعُمَيْسِ وَأَمَّا الْمَبْطُونُ فَقِيلَ فِيهِ الْمَحْبُورُ وَقِيلَ فِيهِ صَاحِبُ الْإِسْهَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ حَجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَعُدُّونَ الشُّهَدَاءَ فِيكُمْ قَالُوا مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لِقَلِيلٌ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ مِنْ طَاعُونٍ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ مِنْ بَطْنٍ فَهُوَ شَهِيدٌ قَالَ سُهَيْلٌ فَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ أَنَّهُ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِيكَ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ الْخَامِسَةَ وَمَنْ غَرِقَ فَهُوَ شَهِيدٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا مَعْنَى الْقَتْلِ وَالْمَوْتِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِالشَّوَاهِدِ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ إِسْحَاقَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا الْحَرِقُ فَالَّذِي يَحْتَرِقُ فِي النَّارِ فَيَمُوتُ وَأَمَّا الَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ فَأَعْرَفُ مِنْ أَنْ يُفَسَّرَ وَأَمَّا قَوْلُهُ الْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا هِيَ الْمَرْأَةُ تَمُوتُ مِنَ الْوِلَادَةِ وَوَلَدُهَا فِي بَطْنِهَا قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ وَمَاتَتْ مِنَ النِّفَاسِ وَهُوَ فِي بَطْنِهَا لَمْ تَلِدْهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْجُمْعُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا ولدها وأنشد قول الشاعر! ! !

وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَمَّارٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ وَدَاوُدَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَرُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَيْضًا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُقْرَأُ بِهَا فِي الْمَكْتُوبَةِ سِرًّا وَلَا جَهْرًا وَأَنَّهَا لَيْسَتْ آيَةً مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ يُجْهَرُ بِهَا فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ لِأَنَّهَا آيَةٌ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ حُكْمُهَا كَسَائِرِ السُّورَةِ وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا وَابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا مَنْ قَرَأَ بِهَا سِرًّا فِي صَلَاةِ السِّرِّ وَجَهْرًا فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ فَحُجَّتُهُ أَنَّهَا آيَةٌ مِنَ السُّورَةِ لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا وَالْمُنَاظَرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يُخَالِفُهُ فِي هَذَا الْأَصْلِ وَأَمَّا مَنْ أَسَرَّ بِهَا وَجَهَرَ كَسَائِرِ السُّورَةِ فَإِنَّمَا مَالَ إِلَى الْأَثَرِ وَقَرَأَ بِهَا كَذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْمُوجِبِ لِلْعَمَلِ دُونَ الْعِلْمِ وَاحْتَجُّوا مِنَ الْأَثَرِ فِي ذَلِكَ بِمَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُسْمِعْنَا قِرَاءَةَ (بِسْمِ اللَّهِ الرحمان الرحيم) وصلى بنا أبو بكر وعمر وفلم نسمعها منهما! ! !

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غالب حَدَّثَنَا أَبُو الْجَوَّابِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمَّارُ بْنُ رزيق عن الأعمش عن شعبة عن كانت عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَلَمْ أَسْمَعَ أَحَدًا مِنْهُمْ يَجْهَرُ ب (بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وعثمان فلم أسمع أحد منهم يجهر ب (بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ) فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْهَرْ بِهَا وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُخْفِيهَا وَيَقْرَأُ بِهَا فَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَنْ رَأَى إِخْفَاءَهَا وَعَلَى هَذَا حَمَلُوا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ فِي ذَلِكَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ لا يجهر ب (بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ) وَكَانَ يَجْهَرُ بِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وَعَنِ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال الجهر ب (بسم الله الرحمان الرحيم) قراءة الأعراب

مالك عن عبد الله بن أبي حسين المكي حديث واحد مرسل

(مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ الْمَكِّيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مُرْسَلٌ) وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بن عبد الرحمان بن أبي حسين بن الحرث بن عامر بن نوفل ابن عبد مناف القرشي النَّوْفَلِيٌّ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ كَبِيرٌ ثِقَةٌ فَقِيهٌ عَالِمٌ بِالْمَنَاسِكِ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَرَوَى عَنْهُ مِنَ الْكِبَارِ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ الْكُوفِيُّ حَدِيثَ تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَهُوَ ثِقَةٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُثْنِي عَلَيْهِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ سَمِعَ نَوْفَلَ بْنَ مُسَاحِقٍ وَنَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ سُعَيْرُ بْنُ الْخِمْسِ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ يَقُولُ مَا أَحَدٌ أَعْلَمَ بِالْمَنَاسِكِ مِنَ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الله بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ الْمَكِّيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ وَلَا (فِي) حَرِيسَةِ جَبَلٍ فَإِذَا آوَاهُ الْمُرَاحُ أَوِ الْجَرِينُ فَالْقَطْعُ فِيمَا بلغ ثمن المجن

لم يختلف الوراة فِيمَا عَلِمْتُ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ حَدِيثٌ يَتَّصِلُ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ طُرُقِهِ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ وَمَضَى هُنَاكَ الْقَوْلُ فِي أَكْثَرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَضَى أَيْضًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ أُصُولُ مَسَائِلِ الْحِرْزِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ وَعُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَزَّارُ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ فَقَالَ مَنْ أَصَابَ مِنْهُ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خَبِئَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ غرامة مثله ثم اتفقا وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يَأْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ زَادَ التِّرْمِذِيُّ وَمَنْ سَرَقَ دُونَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلِهِ وَالْعُقُوبَةُ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بن الحرث وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَلِمَةٌ مَنْسُوخَةٌ وَهِيَ قَوْلُهُ وَغَرَامَةُ مِثْلَيْهِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِهَا إِلَّا مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رَقِيقِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ حِينَ انْتَحَرُوا نَاقَةَ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَمَحْمَلُ هَذَا (عِنْدَنَا) عَلَى الْعُقُوبَةِ وَالتَّشْدِيدِ وَالَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ الْعُقُوبَةُ فِي الْغُرْمِ بِالْمِثْلِ لِقَوْلِ اللَّهِ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَقَوْلِهِ وَإِنْ عاقتبم فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَأَمَّا الْعُقُوبَةُ فِي الْبَدَنِ بِالِاجْتِهَادِ فَغَيْرُ مَدْفُوعَةٍ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ فَالثَّمَرُ الْمُعَلَّقُ مَا كَانَ فِي رُؤُوسِ الْأَشْجَارِ مِنْ ضُرُوبِ الثِّمَارِ وَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عن محمد ابن يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ وَأَمَّا الْحَرِيسَةُ فَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ الْحَرِيسَةُ تُفَسَّرُ تَفْسِيرَيْنِ فَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهَا السَّرِقَةَ نَفْسَهَا تَقُولُ مِنْهُ حَرَسْتُ أَحْرُسُ حَرْسًا إِذَا سَرَقْتَ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا سُرِقَ مِنَ الْمَاشِيَةِ بِالْجَبَلِ قَطْعٌ حَتَّى يَأْوِيَهَا الْمُرَاحُ وَالتَّفْسِيرُ الْآخَرُ أَنْ تَكُونَ الْحَرِيسَةُ هِيَ الْمَحْرُوسَةَ فَيَقُولُ لَيْسَ فِيمَا يُحْرَسُ بِالْجَبَلِ قَطْعٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعِ حِرْزٍ وَإِنْ حُرِسَ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْإِبِلِ إِذَا كَانَتْ فِي مَرَاعِيهَا لَمْ يُقْطَعْ مَنْ سَرَقَ مِنْهَا فَإِنْ آوَاهَا الْمُرَاحُ قُطِعَ مَنْ سَرَقَهَا إِذَا بَلَغَتْ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِبِلِ فِي مَرْعَاهَا مَنْ يُحْرِزُهَا

وَيَحْفَظُهَا وَقَوْلُهُمْ فِي الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ إِنَّهُ لَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ حَتَّى يَأْوِيَهُ الْجَرِينُ فَإِذَا آوَاهُ الْجَرِينُ فَسُرِقَ مِنْهُ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ قُطِعَ سَارِقُهُ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ نَافِعٍ الْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالِاعْتِلَالِ وَمَضَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى الْحِرْزِ وَيَأْتِي فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ كَثِيرٌ مِنْ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ بِأَبْسَطَ مِنْهُ ههنا وَأَوْضَحَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا آوَى الْجَرِينُ الزَّرْعَ أَوِ الثَّمَرَ أَوْ آوَى الْمُرَاحُ الْغَنَمَ فَعَلَى مَنْ يَسْرِقُ مِنْ ذَلِكَ قِيمَةَ رُبْعِ دِينَارٍ الْقَطْعُ قَالَ مَالِكٌ وَلَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ وَلَا كَثَرٍ وَالْكَثَرُ الْجُمَّارُ قَالَ وَلَا قَطْعَ فِي النَّخْلَةِ الصَّغِيرَةِ ولا الكبيرة وَمَنْ قَطَعَ نَخْلَةً مِنْ حَائِطٍ فَلَيْسَ فِيهَا قَطْعٌ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ فِي النَّخْلَةِ فَرَأَى فِيهَا الْقَطْعَ وَأَمَّا قَوْلُهُ الْجَرِينُ فَالْجَرِينُ هُوَ الْمِرْبَدُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْحِجَازِ وَيُسَمِّيهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ الْبَيْدَرَ وَيُقَالُ لَهُ بِالْبَصْرَةِ الْخُوخَانُ وَيُسَمِّيهِ أَهْلُ الشَّامِ الْأَنْدَرَ وَأَمَّا الْمُرَاحُ فَهُوَ مَوْضِعُ مَبِيتِ الْغَنَمِ الَّذِي تَرُوحُ إِلَيْهِ وَتَجْتَمِعُ فِيهِ لَيْلًا وَكَذَلِكَ إِنْ جُمِعَتْ فِيهِ لِلْحِرْزِ نَهَارًا والله أعلم

مالك عن عبيد الله بن أبي عبد الله الأغر

مَالِكٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ شَرِكَهُ فِيهِ زَيْدُ بْنُ رَبَاحٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ هَذَا أَحَدُ ثِقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُمَا وَأَبُوهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرُّ اسْمُهُ سَلْمَانُ مَوْلَى جُهَيْنَةَ يُقَالُ أَصْلُهُمْ مِنْ أَصْبَهَانَ وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ تَابِعِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَرْوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ رَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآثَارِ وَاخْتِلَافِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا

مالك عن عبيد الله بن عبد الرحمن ـ حديث واحد

مالك عن عبيد الله بن عبد الرحمان حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرحمان بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُمَيْرٍ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ مَالِكٌ عن عبيد الله بن عبد الرحمان عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ مَوْلَى آلِ زَيْدِ ابن الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ أَقْبَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَتْ فَسَأَلْتُهُ مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ الْجَنَّةُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْهَبَ إِلَيْهِ فَأُبَشِّرَهُ ثُمَّ فَرِقْتُ أَنْ يَفُوتَنِيَ الْغَذَاءُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآثَرْتُ الْغَذَاءَ ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى الرَّجُلِ فَوَجَدْتُهُ قَدْ ذَهَبَ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَالِكٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمان وَتَابَعَهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ مِنْهُمُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَقَالَ فِيهِ الْقَعْنَبِيُّ وَمُطَرِّفٌ مَالِكٌ عن عبد الله بن عبد الرحمان عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ يَحْيَى وَمَنْ تَابَعَهُ وَقَدْ غَلِطَ فِي هَذَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ غَلَطًا بَيِّنًا فَأَدْخَلَ هَذَا الحديث في

بَابِ أَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ مَعْمَرٍ الْأَنْصَارِيِّ وَإِنَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ الْغَلَطُ فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ وَقَوْلُهُ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ فَتَوَهَّمَ أَنَّ قَوْلَ يَحْيَى عُبَيْدُ اللَّهِ غَلَطٌ وَظَنَّهُ أَبَا طُوَالَةَ فَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ وهو عبيد الله بن عبد الرحمان بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُمَيْرٍ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ هَكَذَا وَكَذَلِكَ هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ فِي نُسْخَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَبِي الْمُصْعَبِ وَمُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ وَجَمَاعَتِهِمْ وَهُوَ الصَّوَابُ لَا شَكَّ فِيهِ وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرحمان وَلَكِنَّ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبَا دَاوُدَ قالا فيه عن القعبني عبد الله وكذلك رواه العقبني وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَابَعَهُ مُطَرِّفٌ فِيمَا رَأَيْنَا وَقَدْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا الرَّمَادِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ عَثْمَةَ حَدَّثَنَا مالك عن عبيد الله بن عبد الرحمان بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَالَ وَجَبَتْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَبَتْ قَالَ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ هَكَذَا قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعْمَرٍ جَعَلَهُ أَبَا طُوَالَةَ وَذَلِكَ خَطَأٌ وَغَلَطٌ لَا أَدْرِي مِمَّنْ أتى واللغط وَالْوَهْمُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ وَأَمَّا عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ فَهَكَذَا قَالَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ مَوْلَى آلِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَالَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ مَوْلَى الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِي وَكَذَلِكَ قَالَ فِيهِ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَأَمَّا مُصْعَبٌ فَيَدُلُّ قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ مَوْلَى لُبَابَةَ ابْنَةِ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أم عبد الرحمان بْنِ زَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ الْخَطَّابِ

فَجَرَّ وَلَاءَهُ وَهُمْ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ سَبَاهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ انْتَسَبُوا فِي الْعَرَبِ وَكَانَ عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ يَسْكُنُ الْكُوفَةَ وَتَزَوَّجَ بِهَا امْرَأَةً من بني معيض بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ أَمِيرُ الْعِرَاقِ يَوْمَئِذٍ وَطَلَبَهُ فَتَغَيَّبَ مِنْهُ فَهَدَمَ دَارَهُ فَلَحِقَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَقَالَ ... هَذَا مَقَامُ مُطْرَدٍ هُدِمَتْ مَسَاكِنُهُ وَدُورُهْ ... قَذَفَتْ عَلَيْهِ وُشَاتُهُ ظُلْمًا فَعَاقَبَهُ أَمِيرُهْ ... ... وَلَقَدْ قَطَعْتُ الْخَرْقَ بَعْدَ الخرق معتسقا أسيره ... حتى اويت خليفة الرحمان مَمْهُودًا سَرِيرُهْ ... ... حَيَّيْتُهُ بِتَحِيَّةٍ فِي مَجْلِسٍ حَضَرَتْ صُقُورُهْ ... وَالْخَصْمُ عِنْدَ فِنَائِهِ مِنْ غَيْظِهِ تَغْلِي قُدُورُهْ ... فَكَتَبَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مُصْعَبٍ أَنْ يَبْنِيَ دَارَهُ وَيُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ قَالَ مُصْعَبٌ وَعُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ كَانَ ثِقَةً وَلَيْسَ بِكَثِيرِ الْحَدِيثِ قَالَ الطَّبَرِيُّ هُوَ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَهُوَ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ بْنِ حُنَيْنٍ قَالَ وَقِيلَ إِنَّهُمْ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ الَّذِينَ بَعَثَ بِهِمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ خُولِفَ الطَّبَرِيُّ فِي هَذَا قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ مولى

أَسْلَمَ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ تُوُفِّيَ عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى يُوجِبُ الْقَوْلَ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ خُصُوصًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ فَإِنَّ الرَّجَاءَ عُمُومٌ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَاسِعَةٌ وَرِضَاهُ وَعَفْوَهُ وَرَحْمَتَهُ قَرِيبٌ مِنَ المحسنين

عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة الأنصاري المازني ـ مدني ثقة

(عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيُّ الْمَازِنِيُّ) مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ مُسْنَدَةٌ وَاثْنَانِ مُرْسَلَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ والآخر عن نفسه حديث أول لعبد الرحمان بن أبي صعصعة مالك عن عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمًا يَتْبَعُ بِهَا شِعْبَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ شِعْبَ الْجِبَالِ وَهُوَ عِنْدُهُمْ غَلَطٌ وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ النَّاسُ شَعَفَ الْجِبَالِ وَشَعَفُ الْجِبَالِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ رُؤُوسُهَا وَشَعَفَةُ كُلِّ شَيْءٍ أَعْلَاهُ

قَالَ الْأَخْفَشُ الشَّعَفُ أَطْرَافُ الْجِبَالِ وَظُهُورُهَا وَأَعْلَاهَا الْوَاحِدَةُ شَعَفَةٌ قَالَ الشَّاعِرُ ... كُنَّا كَزَوْجٍ مِنْ حَمَامٍ تَرْتَقِي شَعَفَ الْجِبَالِ ... تَرْعَى النَّهَارَ وَلَا تراع بذي حابل أونصال ... وَأَمَّا الشِّعْبُ فَهُوَ عِنْدَهُمْ مَا انْفَرَجَ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ شِعْبُ الْجِبَالِ مَا تَشَعَّبَ مِنْهَا وَمَا تَوَعَّرَ وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا وَرَدَ خَبَرًا عَنْ حَالِ آخِرِ الزَّمَانِ وَمَا الْمَحْمُودُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِكَثْرَةِ الْفِتَنِ وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُضُّ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ عَلَى لُزُومِ الْخَوَاصِّ لِلْجَمَاعَاتِ وَالْجُمُعَاتِ وَيَقُولُ مَنْ بَدَا جَفَا وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَحْسَنِ حَدِيثٍ فِي الْعُزْلَةِ وَالْفِرَارِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَالْبُعْدِ عَنْ مَوَاضِعِهَا مِنَ الْحَوَاضِرِ وَغَيْرِهَا وَالْفِتْنَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ فِتْنَةَ الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَفِتْنَةَ النَّظَرِ إِلَى أَهْلِ الدُّنْيَا وَفِتْنَةَ الدُّخُولِ إِلَى السُّلْطَانِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْفِتَنِ وَلَمْ يُرِدِ الْفِتْنَةَ النَّازِلَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الْحَامِلَةَ عَلَى الْقِتَالِ فِي طَلَبِ الْإِمَارَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْفِتَنِ بَلْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْفِتَنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ الْعُزْلَةِ وَالِانْفِرَادِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ كَزَمَانِنَا هَذَا وَقَدْ ذَكَرْنَا لُمَعًا فِي الْعُزْلَةِ وَفَضْلِهَا وَفَضْلِ اعْتِزَالِ النَّاسِ وَلُزُومِ الْبُيُوتِ فِي بَابِ أَبِي طُوَالَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ آثَارًا مَرْفُوعَةً حِسَانًا تَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الْعُزْلَةِ أَيْضًا وَالْجِهَادِ فَلَا معنى لاعادتها ههنا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حَضٌّ عَلَى كَسْبِ الْغَنَمِ وَفِي ذَلِكَ فَضْلٌ لَهَا وَتَبَرُّكٌ بِهَا إِلَى مَا رُوِيَ فِيهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ وَفِي ذَلِكَ فَضْلٌ لِرَعْيِهَا وَمُعَانَاتِهَا وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ رَعَى الْغَنَمَ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدٍ الْحَلَبِيُّ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الْعَسْكَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خيثمة مُصْعَبِ بْنُ سَعِيدٍ الضَّرِيرُ بِحَلَبَ إِمْلَاءً قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عبد الرحمان بن عوف عن عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ قَالَ مَرَرْنَا بِثَمَرِ الْأَرَاكِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ مِنْهُ فَإِنِّي قَدْ كُنْتُ أَجْتَنِيهِ وَأَنَا أَرْعَى الْغَنَمَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَعَيْتَ قَالَ نَعَمْ مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ رَعَى قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وما تلك بيمينك يا موسى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي الْآيَةَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عبد الرحمان بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمًا يَتْبَعُ بِهَا شَعْفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَامِلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ قَالُوا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرحمان بن عبد الله بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوشك أني كون خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمًا يَتْبَعُ بِهَا شَعْفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُفَسِّرِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ غَالِبِ بْنِ سَالِمٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ صَاحِبُ الِاسْتِوَائِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بن جحادة عن نعيم ابن أَبِي هِنْدٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ خَارِجَةَ قَالَ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ أكلت عَلَيَّ الْفِتْنَةُ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ أَرِنِي أَمْرًا أَتَمَسَّكُ بِهِ قَالَ فَرَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ الدُّنْيَا والآخرة بينهما حائط فَقُلْتُ لَوْ تَسَنَّمْتُ هَذَا الْحَائِطَ لَعَلِّي أَهْبِطُ على قتلى أشجع فيخبروني فهبط الْحَائِطَ فَإِذَا أَنَا بِأَرْضٍ ذَاتِ شَجَرٍ وَإِذَا بِنَهْرٍ فَقُلْتُ أَنْتُمُ الشُّهَدَاءُ قَالُوا لَا بَلْ نَحْنُ الْمَلَائِكَةُ قَالَ قُلْتُ فَأَيْنَ الشُّهَدَاءُ قَالُوا اصْعَدْ إِلَى الدَّرَجَاتِ الْعُلَى قَالَ فَصَعِدْتُ دَرَجَةً اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِيهَا ثُمَّ صَعِدْتُ أُخْرَى فَإِذَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِبْرَاهِيمُ عِنْدَهُ شَيْخٌ وَإِذَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَسْتَغْفِرُ لِأُمَّتِي قَالَ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمْ أَهْرَقُوا دِمَاءَهُمْ وَقَتَلُوا إِمَامَهُمْ فَهَلَّا فَعَلُوا كَمَا فَعَلَ خَلِيلِي سَعْدٌ قَالَ فَقُلْتُ لَقَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهَا أَنْطَلِقُ فَأَنْظُرُ مَعَ مَنْ كَانَ سَعْدٌ فَأَكُونَ مَعَهُ قَالَ فَأَتَيْتُ سَعْدًا فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ فَمَا أَكْبَرَ بِهَا فَرَحًا وَقَالَ لَقَدْ خَابَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلًا قَالَ فَقُلْتُ أَيُّ الطَّائِفَتَيْنِ قَالَ مَا أَنَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَالَ فَمَا تَأْمُرُنِي قَالَ هَلْ لَكَ مِنْ غَنَمٍ قُلْتُ لَا قَالَ فَاشْتَرِ غَنَمًا فَكُنْ فيها

حديث ثان لعبد الرحمن بن أبي صعصعة

حديث ثان لعبد الرحمان بن أبي صعصعة مالك عن عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الْمَازِنِيُّ عَنْ أبيه أنه خبره أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت الْمُؤَذِّنَ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ لم يختلفو فِي إِسْنَادِهِ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ وَالْمَدَى الْغَايَةُ وَحَيْثُ يَنْتَهِي الصَّوْتُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرحمان بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَذَّنْتَ فارفع صوتك فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن شيء إلا شهد له وقد وهما بن عُيَيْنَةَ فِي اسْمِ هَذَا الشَّيْخِ شَيْخِ مَالِكٍ إِذْ رَوَى عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بن عبد الرحمان بْنِ صَعْصَعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي وَكَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ لِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَيْ بُنَيَّ إِذَا كُنْتَ فِي هَذِهِ الْبَوَادِي فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالْأَذَانِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَسْمَعُهُ إِنْسٌ وَلَا جِنٌّ وَلَا حَجَرٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ ثُمَّ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثَ مَالِكٍ هَذَا بِإِسْنَادِهِ سَوَاءً كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ مَالِكٍ ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَالِكٌ أَصَابَ اسْمَ الرَّجُلِ فِيمَا أَرَى وَقَدْ أَخْطَأَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ عَنِ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ قَالَ لِي أَذِّنْ وَاشْدُدْ صَوْتَكَ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُكَ مِنْ حَجَرٍ وَلَا شَجَرٍ وَلَا بَشَرٍ إِلَّا شَهِدَ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَسْمَعُكَ مِنْ شَيْطَانٍ إِلَّا وَلَّى وَلَهُ نَفِيرٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ صَوْتَكَ وَإِنَّهُمْ لَأَمَدُّ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ سُنَيْدٌ وَأَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ طَلْحَةَ بن يحيى عن عيسى ابن طَلْحَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ فَتَشَهَّدَ كَمَا تَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ سُنَيْدٌ وَأَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَنْ أَذَّنَ اثنتي عشر سَنَةً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَكُتِبَ لَهُ بِكُلِّ تَأْذِينَةٍ سِتُّونَ حَسَنَةً وَبِكُلِّ إِقَامَةٍ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً

قَالَ وَحَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ عَوْفٍ الْحِلِّيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَنْ مُؤَذِّنِكُمُ الْيَوْمَ قُلْنَا مَوَالِينَا وَعَبِيدُنَا قَالَ إِنَّ ذَلِكَ بِكُمْ لَنَقْصٌ كَبِيرٌ قَالَ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَوْ كُنْتُ أُطِيقُ مَعَ الْخَلِيفِيِّ لَأَذَّنْتُ قَالَ هُشَيْمٌ وَأَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ قَالَ حُدِّثْتُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لَوْلَا أَنْ تَكُونَ سُنَّةً مَا أَذَّنَ غَيْرِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ تَرَكْتَنَا نَتَنَافَسُ بَعْدَكَ فِي الْأَذَانِ فَقَالَ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا سَفَلَتُهُمْ مُؤَذِّنُوهُمْ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَا تَجِيءُ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهُوَ إِسْنَادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ مَعْرُوفُونَ أَبُو حمزة السكري وعتاب بن زياد مرزونان ثقتان وسائر الاسناد يستغنى عن ذكرهم لشهترهم إِلَّا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ضَعَّفَ الْحَدِيثَ كله ويقال إنه لم يسمعه الْأَعْمَشِ مِنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَوَاهُ ابْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ رَجُلٍ مَا أَدْرِي لِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلًا وَرَوَاهُ ابْنُ نُمَيْرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ فَقَالَ نُبِّئْتُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَلَا أَرَانِي إِلَّا قَدْ سَمِعْتُهُ منه

قَالَ أَبُو عُمَرَ فَضَائِلُ الْأَذَانِ كَثِيرَةٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْمُؤَذِّنِينَ وَحَدِيثُ هَذَا الْبَابِ وَمِثْلُهُ يَشْهَدُ بِفَضْلِ رَفْعِ الصَّوْتِ فِيهِ وَلَا أَدْرِي كَيْفِيَّةَ فَهْمِ الْمَوَاتِ وَالْجَمَادِ كَمَا لَا أَدْرِي كَيْفِيَّةَ تَسْبِيحِهَا وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ الْآيَةَ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ نَافِعٍ حُكْمُ الْأَذَانِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ وَكَيْفِيَّةُ وُجُوبِهِ سُنَّةً أَوْ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ وَمَذَاهِبُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُمَهَّدًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

حديث ثالث لعبد الرحمن بن أبي صعصعة

حديث ثالث لعبد الرحمان بن أبي صعصعة مالك عن عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَانَ الرَّجُلُ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ لَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِ أَبُو سَعِيدٍ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ

أنس قال حدثنا عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كَانَ رَجُلٌ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَيُرَدِّدُهَا فَذُكِرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَأَنَّهُ تَقَالَّهُ يَقُولُ اسْتَقَلَّهَا فَقَالَ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقتادة بن النعمان هو خو أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لِأُمِّهِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ كِبَارِ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي ظُفَرَ مِنَ الْأَوْسِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذكره ههنا وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ قَتَادَةَ هَذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَيَتَقَالُّهَا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ الحرث بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ بَاتَ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى أَصْبَحَ فَذَكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ أَوْ نِصْفَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَوْ نِصْفَهُ شَكٌّ مِنَ الْمُحَدِّثِ لَا يَجُوزُ أَنَّ يَكُونَ شَكًّا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّهَا لَفْظَةٌ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَالْمَحْفُوظُ الثابت الصَّحِيحُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ دُونَ شَكٍّ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشَّكُّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ تَأَوَّلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَزَلْ يُكَرِّرُهَا وَيُرَدِّدُهَا فِي لَيْلَتِهِ يَقْطَعُهَا بِهَا إِذْ كَانَ لَا يَحْفَظُ غَيْرَهَا فِيمَا ذَكَرُوا حَتَّى بَلَغَ تَكْرَارُهُ لَهَا وَتَرْدَادُهُ إِيَّاهَا مُوَازَاةَ حُرُوفِ ثُلُثِ الْقُرْآنِ أو نصفه

وَهَذَا يُمْكِنُ فِيهِ الشَّكُّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يَكُونُ لَهَا فِي ذَاتِهَا فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا عُدِلَتْ بِثُلُثِ الْقُرْآنِ لِبُلُوغِ تَكْرَارِهَا إِلَى ذَلِكَ وَنَحْوِهِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ فِيهِ بُعْدٌ عَنِ الظَّاهِرِ جِدًّا وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مِهْرَانَ السَّرَّاجُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحُصَيْبِيُّ الْقَاضِي قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسِ بْنِ كَامِلٍ السَّرَّاجُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن ملك عن عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيُّ عن أبيه عن أبي سعيد لخدري قَالَ أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَانًا قَامَ اللَّيْلَةَ يَقْرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كفؤا أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا كَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الوهاب بن محمد بن سهيل ابن مَنْصُورِ بْنِ الْحَجَّاجِ النَّصِيبِيُّ وَثَوَابَةُ بْنُ أَحْمَدَ بن ثوابة الموصلي وعلي ابن الْحَسَنِ بْنِ عَلَّالٍ الْحَرَّانِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ مُسَدَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْقَلُوسِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى الْمَوْصِلِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ الْهُذَلِيُّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَطِيعِيُّ حدثنا إسماعيل بن جعفر عن مالك ابن أنس عن عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ أَخِي أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ مِنَ السَّحَرِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَانًا بَاتَ يَقْرَأُ اللَّيْلَةَ مِنَ السَّحَرِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ

الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ له كفؤا أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا كَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ لَفْظُ الْحَدِيثِ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو يُعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أنس عن عبد الرحمان بن عبد الله ابن عبد الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ قَامَ رَجُلٌ مِنَ اللَّيْلِ يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ السُّورَةَ يُرَدِّدُهَا لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ رَجُلًا قَامَ اللَّيْلَةَ مِنَ السَّحَرِ يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا كَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ سَمِعَهُ أَبُو سَعِيدٍ وَقَتَادَةُ جَمِيعًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِوَايَةُ الْمُوَطَّأِ وَغَيْرُهَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ وَخَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ (بْنِ إِسْحَاقَ) الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابن حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ حدثنا مالك بن أنس عن عبد الرحمان بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ أَخِيهِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ (219 الْمُتَوَاتِرَةِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَنَّ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عبد الرحمان مَا فِيهِ شِفَاءٌ وَاكْتِفَاءٌ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَنَحْنُ نَقُولُ بِمَا ثَبَتَ عَنْهُ وَلَا نَعْدُوهُ وَنَكِلُ مَا جَهِلْنَا مِنْ مَعْنَاهُ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِهِ عَلِمْنَا مَا عَلِمْنَا وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ وَالْقُرْآنُ عِنْدَنَا مَعَ هَذَا كُلِّهِ كَلَامُ اللَّهِ وَصِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَلَا نَدْرِي لِمَ تَعْدِلْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَاللَّهُ يَتَفَضَّلُ بِمَا يَشَاءُ عَلَى عِبَادِهِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ مَخْصُوصٌ وَحْدَهُ بِأَنَّهَا تَعْدِلُ ذَلِكَ لَهُ وَهَذِهِ دَعْوَى لَا بُرْهَانَ عَلَيْهَا وَقِيلَ إِنَّهَا لَمَّا تَضَمَّنَتِ التَّوْحِيدَ وَالْإِخْلَاصَ كَانَتْ كَذَلِكَ فَلَوْ كَانَ هَذَا الِاعْتِلَالُ وَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحًا لَكَانَتْ كُلُّ آيَةٍ تَضَمَّنَتْ هَذَا الْمَعْنَى يُحْكَمُ لَهَا بِحُكْمِهَا وَهَذَا (مَا) لَا يُقْدِمُ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ مِنَ الْقِيَاسِ وَكُلُّهُمْ يَأْبَاهُ وَيَقِفُ عِنْدَ مَا رَوَاهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُدْرِكٍ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سألت الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك ابن أَنَسٍ وَاللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ عَنِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا الصِّفَاتُ فَكُلُّهُمْ قَالَ مُرُوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلَا تَفْسِيرٍ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُسَلَّمُ لَهَا كَمَا جَاءَتْ فَقَدْ تَلَقَّاهَا الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا فَمَعْنَاهُ بِخَيْرٍ مِنْهَا لَنَا لَا فِي نَفْسِهَا وَالْكَلَامُ فِي صِفَةِ الْبَارِي كَلَامٌ يَسْتَبْشِعُهُ أَهْلُ السُّنَّةِ وَقَدْ سَكَتَ عَنْهُ الْأَئِمَّةُ فَمَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا مِنْ مِثْلِ هَذَا

الْبَابِ وَشِبْهِهِ أَمْرَرْنَاهُ كَمَا جَاءَ وَآمَنَّا بِهِ كَمَا نَصْنَعُ بِمُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ وَلَمْ نُنَاظِرْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُنَاظَرَةَ إِنَّمَا تَسُوغُ وَتَجُوزُ فِيمَا تَحْتَهُ عَمَلٌ وَيَصْحَبُهُ قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ غَيْرُ جَائِزٍ فِي صِفَاتِ الْبَارِي تَعَالَى لِأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ أَدْرَكْتُ أَهْلَ هَذَا الْبَلَدِ يَعْنِي الْمَدِينَةَ وَهُمْ يَكْرَهُونَ الْمُنَاظَرَةَ وَالْجِدَالَ إِلَّا فِيمَا تَحْتَهُ عَمَلٌ يُرِيدُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَحْكَامَ فِي الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالصِّيَامِ وَالْبُيُوعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ الْجِدَالُ فِيمَا تَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ مِمَّا لَا عَمَلَ تَحْتَهُ أَكْثَرَ مِنَ الِاعْتِقَادِ وَفِي مِثْلِ هَذَا خَاصَّةً نَهَى السَّلَفُ عَنِ الْجِدَالِ وَتَنَاظَرُوا فِي الْفِقْهِ وَتَقَايَسُوا فِيهِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ بَيَانِ الْعِلْمِ فَمَنْ أَرَادَهُ تَأَمَّلَهُ هُنَاكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قال قلت لحمد بْنِ حَنْبَلٍ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فَلَمْ يُقِمْ لِي عَلَى أَمْرٍ بَيِّنٍ قَالَ وَقَالَ لِي إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ إِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِكَلَامِهِ فَضْلًا عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ ثُمَّ فَضَّلَ بَعْضَ كَلَامِهِ عَلَى بَعْضٍ فَجَعَلَ لِبَعْضِهِ ثَوَابًا أَضْعَافَ مَا جَعَلَ لِغَيْرِهِ مِنْ كَلَامِهِ تَحْرِيضًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ عَلَى تَعْلِيمِهِ وَكَثْرَةِ قِرَاءَتِهِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ لَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَانَتْ قِرَاءَةُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ذَلِكَ إِذَا قَرَأَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا وَلَوْ قَرَأَهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ مَرَّةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ لَمْ يُجِبْ فِي هَذَا أَخْلَصُ مِمَّنْ أَجَابَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زكرياء النيسابوري بمصر قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَهْلٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بن الحسن القرشي قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ كَتَبَ بِشْرٌ الرِّيسِيُّ إِلَى أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْقُرْآنِ أَخَالِقٌ أَمْ مَخْلُوقٌ فكتب إليه أبي بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ وَجَعَلَنَا وَإِيَّاكَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَمِمَّنْ لَا يَرْغَبُ بِدِينِهِ عَنِ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ إِنْ يَفْعَلْ فَأَوْلَى بِهَا نِعْمَةً وَإِلَّا يَفْعَلْ فَهِيَ الْهَلَكَةُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ بَعْدَ الْمُرْسَلِينَ حُجَّةٌ وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقُرْآنِ بِدْعَةٌ تَشَارَكَ فِيهَا السَّائِلُ وَالْمُجِيبُ تَعَاطَى السَّائِلُ مَا لَيْسَ لَهُ وَتَكَلَّفَ الْمُجِيبُ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ وَلَا أَعْلَمُ خَالِقًا إِلَّا اللَّهَ وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ فَانْتَهِ أَنْتَ وَالْمُخْتَلِفُونَ فِيهِ إِلَى مَا سماه اله بِهِ تَكُنْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ وَلَا تُسَمِّ الْقُرْآنَ بِاسْمٍ مِنْ عِنْدِكَ فَتَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَهُ بِالْغَيْبِ وَهُمْ من الساعة مشفقون

حديث رابع لعبد الرحمن بن أبي صعصعة

حديث رابع لعبد الرحمان بن أبي صعصعة مالك نع عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيت ميمونة بنت الحرث فَإِذَا ضِبَابٌ فِيهَا بَيْضٌ وَمَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بن عباس وخالد بن الوليد فقال كمن أين لكم هذا فقالت أهدته أختي إلي هزيلة بنت الحرث فقال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ كُلَا فَقَالَا وَلَا تَأْكُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِنِّي تَحْضُرُنِي مِنَ اللَّهِ حَاضِرَةٌ قَالَتْ مَيْمُونَةُ أَنَسْقِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ لَبَنٍ عِنْدَنَا قَالَ نَعَمْ فَلَمَّا شَرِبَ قَالَ مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا فَقَالَتْ أَهْدَتْهُ إِلَيَّ أُخْتِي هُزَيْلَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتُكِ جَارِيَتَكِ الَّتِي كُنْتِ اسْتَأْمَرْتِنِي فِي عِتْقِهَا أَعْطِيهَا أُخْتَكِ وَصِلِي بِهَا رَحِمَكِ تَرْعَى عَلَيْهَا فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فَإِذَا ضِبَابٌ فِيهَا بَيْضٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِذَا بِضِبَابٍ فِيهَا بَيْضٌ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ نَافِعٍ وابن بكير ومطرف فأتي بضببا قَالَ الْقَعْنَبِيُّ فِيهِنَّ بِيضٌ وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا بيض وَقَالَ يَحْيَى أَرَأَيْتُكِ وَقَالَ غَيْرُهُ أَرَأَيْتِ وَقَالَ يَحْيَى وَصِلِي بِهَا رَحِمَكِ وَقَالَ غَيْرُهُ وَصِلِيهَا بِهَا تَرْعَى عَلَيْهَا وَالْمَعَانِي فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُتَقَارِبَةٌ وَكَذَلِكَ أَلْفَاظُ الرُّوَاةِ فِي الْمُوَطَّأِ فِي متون الأحاديث متقاربة المعاني غير مُتَدَافِعَةٌ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ لِلْمُوَطَّأِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِرْسَالِهِ عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ يَحْيَى وَقَدْ رَوَاهُ بُكَيْرُ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مَيْمُونَةَ فَأَمَّا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ ذِكْرِ الضَّبِّ وَامْتِنَاعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أَكْلِهِ وَإِذْنِهِ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي أَكْلِهِ فَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى مُسْنَدًا فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَمَضَى أَيْضًا في الضب حدث مالك عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مَا لِفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي أَكْلِ الضَّبِّ وَمَا نَزَعَتْ بِهِ كُلُّ فِرْقَةٍ وَذَهَبَتْ إِلَيْهِ مِنَ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ بِأَبْسَطِ مَا يَكُونُ وَأَوْضَحِهِ فَمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَى ذَلِكَ تَأَمَّلَهُ هُنَاكَ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ مَا مَضَى من ذلك ههنا أَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ إِنِّي تحضرني من الله حاضرة فعناه إِنْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لِأَنَّهَا لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنَاهَا مَا

ظَهَرَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَذِرَ الضَّبَّ فَلَمْ يَأْكُلْهُ وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحْرِمْ الضَّبَّ وَلَكِنْ قَذِرَهُ وَأَنَّ اللَّهَ لَيَنْفَعُ بِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ وَأَنَّهُ لَطَعَامُ الرِّعَاءِ وَلَوْ كَانَ عِنْدِي لَأَكَلْتُهُ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهَبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَهَدَتْ خَالَتِي أُمُّ حُفَيْدٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقِطًا وَسَمْنًا وَأَضُبًّا فَأَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَقِطِ وَالسَّمْنِ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الْأَضُبِّ وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُؤْكَلْ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَصَحِّ مَا يُرْوَى مِنَ الْمُسْنَدَاتِ فِي مَعْنَى حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ الْمُرْسَلِ وَأَظُنُّ أُمَّ حُفَيْدٍ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا هِيَ هُزَيْلَةُ أُمُّ حُفَيْدٍ لِأَنَّ أُمَّ ابْنِ عَبَّاسٍ هِيَ أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ أُخْتُ مَيْمُونَةَ وَأُخْتُ هُزَيْلَةَ أُمِّ حُفَيْدٍ فَهُزَيْلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هِيَ أُمُّ حُفَيْدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَنْ تَدَبَّرَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثَيْنِ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَمَا نَزَعَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فَحُجَّةٌ وَاضِحَةٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بُعِثَ آمِرًا بِالْمَعْرُوفِ وَنَاهِيًا عَنِ الْمُنْكَرِ وَمُعَلِّمًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا بِمَا فِيهِ شِفَاءٌ وَبَيَانٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا الْأَكْلُ مِنَ الصَّدَقَةِ وَقَبُولُهَا وَفِيهِ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ أَفْضَلُ مِنَ الْعِتْقِ وَلِهَذَا مَا سِيقَ هَذَا الْحَدِيثُ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي مَعْنَاهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ وُجُوهٍ مُتَّصِلَةٍ وَمُنْقَطِعَةٍ صِحَاحٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السُّرِّيِّ عَنْ عَبْدَةَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ فَأَعْتَقْتُهَا فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِعِتْقِهَا فَقَالَ آجَرَكِ اللَّهُ أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أخوالك لكان أعظم لجرك ورواه ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ مَيْمُونَةَ وَالْقَوْلُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادٌ آخَرُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شعيب قال أخبرني محمد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى وَوَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي بِخَطِّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَادِمًا فَأَعْطَاهَا خَادِمًا فَأَعْتَقَتْهَا فَقَالَ لَهَا مَا فَعَلَتِ الْخَادِمُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْتَقْتُهَا قَالَ أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مسلمة بن القاسم قال أخبرنا محمد ابن رَيَّانَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ لَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَحِبَهُ وَتَرَكَ أَبَوَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ يَمْهُنُ لِأَبَوَيْكَ قَالَ أَنَا فَأَخْدَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَادِمًا فَلَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامًا ثُمَّ سَأَلَهُ عَنِ الْعَبْدِ مَا فَعَلَ قَالَ أَعْتَقْتُهُ قَالَ لَوْ أَعْطَيْتَهُ أَبَوَيْكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ أَخْبَرَنَا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد ابن إِبْرَاهِيمَ الدِّيلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ صُبَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مَيْمُونَةَ أَعْتَقَتْ جَارِيَةً لَهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَلَا أَعْطَيْتِهَا أُخْتَكِ الْأَعْرَابِيَّةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي هُزَيْلَةَ وَهِيَ أُمُّ حُفَيْدٍ والله أعلم

حديث خامس لعبد الرحمن بن أبي صعصعة

حديث خامس لعبد الرحمان بن أبي صعصعة مالك عن عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنْ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّيْنِ ثُمَّ السُّلَمِيَّيْنِ كَانَا قَدْ حَفَرَ السَّيْلُ قَبْرَهُمَا وَكَانَ قَبْرُهُمَا مِمَّا يَلِي السَّيْلَ وَكَانَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَهُمَا مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ فَحَفَرَ عَنْهُمَا لِيُغَيِّرَ مِنْ مَكَانِهِمَا فَوُجِدَا لَمْ يَتَغَيَّرَا كَأَنَّمَا مَاتَا بِالْأَمْسِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ جُرِحَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جُرْحِهِ فَدُفِنَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَأُمِيطَتْ يَدُهُ عَنْ جُرْحِهِ ثُمَّ أُرْسِلَتْ فَرَجَعَتْ كَمَا كَانَتْ وَكَانَ بَيْنَ أُحُدٍ وَبَيْنَ يَوْمِ حُفِرَ عَنْهُمَا سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ مَقْطُوعًا لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى مَالِكٍ فِيهِ وَهُوَ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مُتَقَارِبٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو هَذَا هُوَ وَالِدُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بن عمرو ابن حرام وعمرو بن الجموح بن زَيْدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ كَعْبِ بْنِ غَنْمِ بن كعب ابن سَلَمَةَ فَهُمَا ابْنَا عَمٍّ وَكَانَا صِهْرَيْنِ وَقُتِلَا يَوْمَ أُحُدٍ وَدُفِنَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَقَدْ ذكرناهما وطرفا من أخبراهما فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ (مُحَمَّدِ بْنِ) أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ أَبِي تَمَّامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ

اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ حَضَرَ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ أَتَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أُقْتَلَ أَتَرَانِي أَمْشِي بِرِجْلِي هَذِهِ فِي الْجَنَّةِ وَكَانَتْ رِجْلُهُ عَرْجَاءَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ فَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ هُوَ وَابْنُ أَخِيهِ فَمَرَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كَأَنِّي أَرَاهُ يَمْشِي فِي الْجَنَّةِ وَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجُعِلَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ هَكَذَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ هُوَ وَابْنُ أَخِيهِ وَلَيْسَ هُوَ ابْنَ أَخِيهِ إِنَّمَا هُوَ ابْنُ عَمِّهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَرَامٍ وَالِدُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ دُفِنَ مَعَهُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ ذَكَرَ الْفِرْيَانِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ شَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَرَجَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَشْتَدُّ عَلَيْنَا الْحَفْرُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ فَقَالَ عَمِّقُوا وَأَحْسِنُوا وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ نُقَدِّمُ قَالَ أَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا قَالَ فَدُفِنَ أَبِي ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ فِي قَبْرٍ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ذَلِكَ لِعَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَلَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لِمَا فِيهِ مِنْ صِفَةِ الدَّفْنِ يَوْمَئِذٍ وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ نُبَيْحٍ عن جابر ابن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ حُمِلَ الْقَتْلَى لِيُدْفَنُوا فِي الْبَقِيعِ فَنَادَى مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن رسول الله قال يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَدْفِنُوا الْقَتْلَى فِي مَضَاجِعِهِمْ بَعْدَمَا حَمَلْتُ أَبِي وَخَالِي عَدِيلَيْنِ لِنَدْفِنَهُمْ فِي الْبَقِيعِ فردوا

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا بكر بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ اسْتُصْرِخَ بِنَا إِلَى قَتْلَانَا يَوْمَ أُحُدٍ وَأَجْرَى مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْعَيْنَ فَاسْتَخْرَجَهُمْ بَعْدَ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً لَيِّنَةً أَجْسَادُهُمْ تَنْثَنِي أَطْرَافُهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُمُ اسْتُخْرِجُوا بَعْدَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يُجْرِ الْعَيْنَ إِلَّا بَعْدَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَيْهِ خَلِيفَةً وَكَانَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ عَلَيْهِ عَامَ أَرْبَعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ فِي آخِرِهَا وَقَدْ قِيلَ عَامَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَذَلِكَ حِينَ بَايَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ فَسُمِّيَ عَامَ الْجَمَاعَةِ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتِّينَ وَقَدْ رَوَى أَبُو مَسْلَمَةَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُمْ أُخْرِجُوا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَمَرَّتَيْنِ أُخْرِجَ وَالِدُ جَابِرٍ مِنْ قَبْرِهِ وَأَمَّا خُرُوجُهُ وَخُرُوجُ غَيْرِهِ فِي حِينِ إِجْرَاءِ مُعَاوِيَةَ الْعَيْنَ فَصَحِيحٌ وَذَلِكَ بَعْدَ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ عَامًا عَلَى مَا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ حدثنا عبد قال وارث بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قال حدثنا أحمد بن زيهر حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ حِرَاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَعَانِي أَبِي وَقَدْ حَضَرَ قِتَالُ أُحُدٍ فَقَالَ لِي يَا جَابِرُ إِنِّي لَا أُرَانِي إِلَّا أَوَّلَ مَقْتُولٍ يُقْتَلُ غَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وإني لأن أدع أحدا

أعز علي منك غر نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ لَكَ أَخَوَاتٍ فَاسْتَوْصِ بِهِنَّ خَيْرًا وَإِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا فَاقْضِ عَنِّي فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَدَفَنْتُهُ هُوَ وَآخَرُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فَكَانَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَيَوْمِ دَفَنْتُهُ إِلَّا هُنَيَّةً عِنْدَ رَأْسِهِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ سَوَاءً بِمَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا فِي بَابِ أَبِي الرَّحَّالِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابن عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عن جابر قال لما اراد معاوة أَنْ يُجْرِيَ الْعَيْنَ بِأُحُدٍ نُودِيَ بِالْمَدِينَةِ مَنْ كَانَ لَهُ قَتِيلٌ فَلْيَأْتِ قَتِيلَهُ قَالَ جَابِرٌ فَأَتَيْنَاهُمْ فَأَخْرَجْنَاهُمْ رِطَابًا يَتَثَنَّوْنَ فَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ أُصْبُعَ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَانْفَطَرَتْ دَمًا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ لَا نُنْكِرُ بَعْدَ هَذَا مُنْكَرًا أَبَدًا قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي أَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ أُصْبُعَهُ هُوَ حَمْزَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَوَاهُ عَبْدُ الأعلى ابن حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ يَعْنِي ابْنَ الْوَرْدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الزُّبَيْرِ يَقُولُ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ رَأَيْتُ الشُّهَدَاءَ يُخْرَجُونَ عَلَى رِقَابِ الرِّجَالِ كَأَنَّهُمْ رِجَالٌ تُومٌ حَتَّى إِذَا أَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ قَدَمَ حَمْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَانْبَثَقَتْ دَمًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم

عبد الرحمان بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ أُمُّهُ قَرِيبَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَقَالَ غَيْرُهُ أُمُّهُ أسماء بنت عبد الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَكَانَ مِنْ خِيَارِ المسلمين قال أبو عمر كان عبد الرحمان بْنُ الْقَاسِمِ هَذَا فَقِيهًا جَلِيلًا مُعَظَّمًا بِالْمَدِينَةِ ثِقَةً حُجَّةً فِيمَا نَقَلَ كَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ عبد الرحمان بْنَ الْقَاسِمِ وَكَانَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ يُجِلُّهُ وَيُعَظِّمُهُ وَكَانَ إِذَا كَتَبَ إِلَيْهِ بَدَأَ بِهِ وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبْعِ دينار فصاعدا فنهاه عبد الرحمان بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ رَفْعِهِ وَقَالَ إِنَّهَا لَمْ تَرْفَعْهُ فَتَرَكَ يَحْيَى الرَّفْعَ فِيهِ إِلَى أَنْ مَاتَ إِجْلَالًا لَهُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن المديني عن بن عيينة أخبرنا عبد الرحمان بْنُ الْقَاسِمِ وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَاتَ الزُّهْرِيُّ سنة أربع وعشرين قبل عبد الرحمان بن القاسم

قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي أَنَّ عبد الرحمان بْنَ الْقَاسِمِ تُوُفِّيَ بَعْدَ الزُّهْرِيِّ فِي عَامٍ واحد سنة أربع وعشرين وكان لعبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ ابْنٌ يُسَمَّى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ وَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ أَيَّامَ حَسَنِ بْنِ زَيْدٍ وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ وَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ لِلْمَأْمُونِ وَالْمَأْمُونُ بخراسان وقيل كانت وفاة عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ لِمَالِكٍ عَنْهُ عَشَرَةُ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا مُرْسَلٌ وَسَائِرُهَا مُسْنَدَةٌ

حديث أول لعبد الرحمان بن القاسم مالك عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد الله ابن عُمَرَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَتَرَبَّعُ فِي الصَّلَاةِ إِذَا جَلَسَ قَالَ فَفَعَلْتُهُ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ فَنَهَانِي عَبْدُ اللَّهِ وَقَالَ إِنَّمَا سُنَّةُ الصَّلَاةِ أَنْ تَنْصِبَ رِجْلَكَ الْيُمْنَى وَتَثْنِيَ رِجْلَكَ الْيُسْرَى قَالَ فَقُلْتُ لَهُ فَإِنَّكَ تَفْعَلُ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ رِجْلَيَّ لَا تَحْمِلَانِي قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يَدْخُلُ فِي الْمُسْنَدِ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّمَا سُنَّةُ الصَّلَاةِ وَقَدْ بَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ التَّرَبُّعَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ وَلَيْسَ مِنْ سُنَّتِهَا وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ فَلَا وَجْهَ لِلْإِكْثَارِ فِيهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَسَالِمٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَبَكْرٍ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ مُتَرَبِّعِينَ وَهَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ جُلُوسًا عِنْدَ عَدَمِ الْقُوَّةِ عَلَى الْقِيَامِ أَوْ كَانُوا متنقلين جُلُوسًا لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ قَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّ التَّرَبُّعَ فِي الْجُلُوسِ لِلصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ إِلَّا لِمَنِ اشْتَكَى أَوْ تَنَفَّلَ

ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَتَرَبَّعَ الرَّجُلُ فِي صِلَاتِهِ حِينَ يَتَشَهَّدُ وَعَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ نُبِّئْتُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى مُتَرَبِّعًا وَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ إِنَّمَا فَعَلَهُ مِنْ وَجَعٍ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ لَأَنْ أَقْعُدَ عَلَى رَضَفَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْعُدَ مُتَرَبِّعًا فِي الصَّلَاةِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْقَاعِدِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ فِي الْفَرِيضَةِ وَالْمُصَلِّي جَالِسًا فِي النَّافِلَةِ فَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَرِيضِ أَنَّهُ يَتَرَبَّعُ فِي حَالِ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَيَثْنِي رِجْلَيْهِ فِي حَالِ السُّجُودِ فَيَسْجُدُ وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَرَوَى الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ يَجْلِسُ الْمَرِيضُ وَالْمُصَلِّي جَالِسًا في صلاته كجلوس التشهد وورى عَنْهُ الْبُوَيْطِيُّ أَنَّهُ يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ أَنَّهُ يَجْلِسُ كَجُلُوسِ الصَّلَاةِ فِي التَّشَهُّدِ وَكَذَلِكَ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ لَأَنْ أَقْعُدَ على رضفتين أحب إلي من أن أقعد مُتَرَبِّعًا فِي الصَّلَاةِ وَحُمِلَ هَذَا عَلَى الصَّلَاةِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الْجُلُوسُ قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَكُونُ فِي حَالِ قِيَامِهِ مُتَرَبِّعًا وَفِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ كَجُلُوسِ التَّشَهُّدِ

قَالَ الطَّحَاوِيُّ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَكُونُ مُتَرَبِّعًا فِي حَالِ الرُّكُوعِ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِذَا صَلَّى قَاعِدًا جَعَلَ قِيَامَهُ مُتَرَبِّعًا قَالَ وَكِيعٌ وَقَالَ سُفْيَانُ إِذَا صَلَّى جَالِسًا جَعَلَ قِيَامَهُ مُتَرَبِّعًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَكَعَ وَهُوَ مُتَرَبِّعٌ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ ثَنَى رِجْلَيْهِ وَعَنْ أَسْبَاطِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى سَالِمٍ وَهُوَ يُصَلِّي جَالِسًا فَإِذَا كَانَ الْجُلُوسُ جَثَا لِرُكْبَتَيْهِ وَإِذَا كَانَ الْقِيَامُ تَرَبَّعَ وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ التَّرَبُّعَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْهُمْ طَاوُسٌ وَكَانَ طَاوُسٌ يَقُولُ هِيَ جِلْسَةُ مَمْلَكَةٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي النَّافِلَةِ لِمَنْ صَلَّى جَالِسًا فِيهَا أَوْ لِلْمَرِيضِ وَأَمَّا الصَّحِيحُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّرَبُّعُ فِي كُلِّ حَالٍ فِي الصَّلَاةِ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى هَيْئَةِ الْجُلُوسِ في الصلاة صلى على حسبما يَقْدِرُ وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَيْئَةِ الْجُلُوسِ وَكَيْفِيَّتِهِ فِي الصلاة المكتوبة فقال مالك يفضي باليتيه إلىالارض وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَهُ فِي كُلِّ جُلُوسٍ فِي الصَّلَاةِ هَكَذَا وَالْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَنْصِبُ الرِّجْلَ الْيُمْنَى وَيَقْعُدُ عَلَى الْيُسْرَى هَذَا فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةُ عِنْدَهُمْ تَقْعُدُ كَأَيْسَرِ مَا يَكُونُ لها وقال الثوري تسدل رجليها من جابن وَاحِدٍ وَرَوَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ

الشَّعْبِيُّ تَقْعُدُ كَيْفَ تَيَسَّرَ لَهَا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَأْمُرُ نِسَاءَهُ أَنْ يَجْلِسْنَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَالْأَرْبَعِ مُتَرَبِّعَاتٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْعُدُ الصملي فِي الْجِلْسَةِ الْوُسْطَى كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَفِي الْجِلْسَةِ مِنَ الرَّابِعَةِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا إِذَا قَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ أَمَاطَ رِجْلَيْهِ جَمِيعًا فَأَخْرَجَهُمَا عَنْ وَرِكِهِ الْيُمْنَى وَأَفْضَى بِمَقْعَدَتِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَأَضْجَعَ الْيُسْرَى ونصب اليمنى قال وكذلك القعدة فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءً فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي الْجُلُوسِ لِلصُّبْحِ فَإِنَّهُ عِنْدَهُ كَالْجُلُوسِ فِي ثِنْتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ إِنْ فَعَلَ هَذَا فَحَسَنٌ وَإِنْ فَعَلَ هَذَا فَحَسَنٌ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ السُّنَّةُ وَحَسْبُكَ وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ فَمَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فَمَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن معاوية بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ تُضْجِعَ رِجْلَكَ الْيُسْرَى

وَتَنْصِبَ الْيُمْنَى وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ يَقُولُ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ سُنَّةُ الصَّلَاةِ أَنْ تُضْجِعَ رِجْلَكَ الْيُسْرَى وتنصب اليمنى ذكره أبو داود عن بن مُعَاذٍ عَنِ الثَّقَفِيِّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَرَاهُمُ الْجُلُوسَ فِي التَّشَهُّدِ فَنَصَبَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَثَنَى رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَجَلَسَ عَلَى وَرِكِهِ الْأَيْسَرِ وَلَمْ يَجْلِسْ عَلَى قَدَمِهِ ثُمَّ قَالَ أَرَانِي هَذَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَحَدَّثَنِي أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ كَمَا ذكر في حديثه عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَرَاهُمُ الْجُلُوسَ فَذَكَرَ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ سَوَاءً وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَاللَّيْثُ وَجَرِيرٌ فَلِهَذَا لَمْ نَذْكُرْ فِي هَذَا الْكِتَابِ حَدِيثَ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ لِأَنَّ مَالِكًا لَمْ يَقُلْ عَنْهُ فِيهِ مِنَ السُّنَّةِ وَلَا نَشُكُّ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ لِأَنَّ مَالِكًا ذكر عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ وَأَظُنُّ عَبْدَ الرحمان شَهِدَ ذَلِكَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَعَ أَبِيهِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ رِوَايَةَ مَالِكٍ عنه تدل على ذلك وعبد الرحمان مِمَّنْ أَدْرَكَ بِسِنِّهِ مِنَ الصَّحَابَةِ مِثْلَ أَنَسٍ وَطَبَقَتِهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ تُحْفَظْ لَهُ عَنْهُمْ رِوَايَةٌ فَهُوَ أَحْرَى أَنْ يَصِيرَ مَعَ أَبِيهِ

فِي دَرَجَةٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَلَا مَدْفَعَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ عن مالك عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سُنَّةُ الصَّلَاةِ أَنْ تَنْصِبَ رِجْلَكَ الْيُمْنَى وَتَثْنِيَ رِجْلَكَ الْيُسْرَى قَالَ أَبُو عُمَرَ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ أَكْمَلُ من رواية عبد الرحمان هَذِهِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ بَيَّنٌ وَاضِحٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ حَدِيثٌ اخْتُلِفَ فِي مَتْنِهِ وَلَفْظِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَرْبَعٌ مِنَ السُّنَّةِ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ وَوَضْعُ الرِّجْلِ الْيُسْرَى فِي التَّشَهُّدِ وَنَصْبُ الْيُمْنَى قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْصُورٌ هَذَا هُوَ مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ هَذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ الْأَنْصَارِيُّ الْمَدِينِيُّ إِلَّا أَنِّي أَظُنُّ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبَانٍ الَّذِي يَرْوِي عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ وَقَدْ جَعَلَهُمَا الْعُقَيْلِيُّ رَجُلَيْنِ وَكَذَلِكَ جَعَلَهُمَا أَبُو حَاتِمٍ رَجُلَيْنِ وَذَكَرَ الْعُقَيْلِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْوَاسِطِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ عن

مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَرْبَعٌ مِنَ السُّنَّةِ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ وَوَضْعُ الْيُسْرَى وَنَصْبُ الْيُمْنَى فِي التَّشَهُّدِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ ثَلَاثٌ مِنَ النُّبُوَّةِ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ وَوَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ عَنْ هُشَيْمٍ مِثْلَهُ بِإِسْنَادِهِ فَسَقَطَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ فِي هذا الباب للاختلاف في متنه وعناه وقد روى حارثة بن بي الرِّجَالِ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ أَيْضًا عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا وَصَفَتْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْهَا وَقَالَتْ فِي آخِرِهَا ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَجْلِسُ عَلَى قَدَمِهِ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى وَيَكْرَهُ أَنْ يَسْقُطَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدَةَ عَنْ حَارِثَةَ وَأَمَّا حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ فِي هَذَا الْبَابِ فَأَحْسَنُ طُرُقِهِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حدثني عاصم ابن كُلَيْبٍ الْجَرْمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ وَرَأَيْتُهُ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ أَضْجَعَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَنَصَبَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى

وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَائِلِ بن حُجْرٍ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ حَتَّى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَضْجَعَ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابن بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ بْنُ زِيعِيٍّ فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِمَ فَوَاللَّهِ مَا كُنْتَ أَكْثَرَنَا لَهُ تَبَعَةً وَلَا أَقْدَمَنَا لَهُ صُحْبَةً قَالَ بَلَى قَالُوا فَاعْرِضْ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ كَبَّرَ ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ وَيَقِرَّ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يحاذي بهما منكبيه ثم يركع فيضع راحتيه على ركبتيه معتدلا لا يصب رَأْسَهُ وَلَا يَقَعُ مُعْتَدِلًا ثُمَّ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ حَتَّى يَقِرَّ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ وَيُجَافِي يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا وَيَفْتَحُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ ثم يسجد ثم يكبر وجلس عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ ثُمَّ يَقُومُ فَيَضَعُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ كَمَا صَنَعَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ ثُمَّ يُصَلِّي بقية صلاته

هَكَذَا إِذَا كَانَ فِي السَّجْدَةِ الَّتِي فِيهَا التسليم أخر رجله رجلس عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ مُتَوَرِّكًا قَالُوا صَدَقْتَ هَكَذَا كَانَ يُصَلِّي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الحميد ابن جَعْفَرٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن عمرو ابن عَطَاءٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ فَذَكَرَهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عمرو بن طلحة عن محمد بن عمرو بْنِ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ أَنَا أَحْفَظُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُهُ إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وإذا كرع أمكن كفيه من ركبتيه ثم هصر ظهر فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضَهُمَا وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ بِإِسْنَادِهِ هَذَا مِثْلَهُ سَوَاءً وَرَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ طَلْحَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْعَامِرِيِّ قَالَ كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ فِيهِ فَإِذَا قَعَدَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَعَدَ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ الْيُسْرَى

وَنَصَبَ الْيُمْنَى وَإِذَا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ أَفْضَى بِوَرِكِهِ الْأَيْسَرِ إِلَى الْأَرْضِ وَأَخْرَجَ قَدَمَيْهِ مِنْ نَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ وَرَوَاهُ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ اجْتَمَعَ أَبِي وَأَبُو حُمَيْدٍ وَأَبُو أُسَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ ثُمَّ جَلَسَ فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَأَقْبَلَ بِصَدْرِ الْيُمْنَى عَلَى قِبْلَتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ أَجِدِ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِصَدْرِ الْقَدَمِ الْيُمْنَى فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ إِلَّا فِي حَدِيثِ أَبِي حميد هذا وفي رواية عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ ابن إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبَيْعُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ الْقَاسِمَ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ تَنْصِبَ الْقَدَمَ الْيُمْنَى وَتَسْتَقْبِلَ بِأَصَابِعِهَا الْقِبْلَةَ وَالْجُلُوسُ عَلَى الْيُسْرَى وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي النُّهُوضِ مِنَ السُّجُودِ إِلَى الْقِيَامِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَلَا يَجْلِسُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ أَدْرَكْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ تِلْكَ السُّنَّةُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ أَحْمَدُ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ عَلَى هَذَا قَالَ الْأَثْرَمُ وَرَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَنْهَضُ بَعْدَ السُّجُودِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَلَا يَجْلِسُ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ

وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَضُونَ عَلَى صُدُورِ أَقْدَامِهِمْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ جَلَسَ ثُمَّ نَهَضَ مُعْتَمِدًا عَلَى الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ حَتَّى يَعْتَدِلَ قَائِمًا وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ قَامَ وَلَمْ يَذْكُرْ قُعُودًا وَفِي حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْلِيمِ الْأَعْرَابِيِّ ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَعْتَدِلَ سَاجِدًا ثُمَّ قُمْ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْقَعْدَةِ وَاحْتَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ لِهَذَا الْمَذْهَبِ أَيْضًا بِأَنْ قَالَ قَدِ اتَّفَقُوا أَنَّهُ يُرْجَعُ مِنَ السجود بتكبير ثم لا يكبر تكبيرة أُخْرَى لِلْقِيَامِ قَالُوا فَلَوْ كَانَتِ الْقَعْدَةُ مَسْنُونَةً لَكَانَ الِانْتِقَالُ مِنْهَا إِلَى الْقِيَامِ بِالذِّكْرِ كَسَائِرِ أَحْوَالِ الِانْتِقَالِ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ وَمُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ جَاءَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ إِلَى مَسْجِدِنَا فَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُصَلِّي وَمَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ وَلَكِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَالَ فَقَعَدَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الْآخِرَةِ ثُمَّ قَامَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ

حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ كَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ يَأْتِينَا فَيَقُولُ أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُصَلِّي فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ اسْتَوَى قَاعِدًا ثُمَّ قَامَ فَاعْتَمَدَ عَلَى الْأَرْضِ قَالَ أَصْحَابُ الشافعي فحديث بن الْحُوَيْرِثِ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً سَكَتَ عَنْهَا غَيْرُهُ فَوَجَبَ قَبُولُهَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الِاعْتِمَادِ عَلَى الْيَدَيْنِ عِنْدَ النُّهُوضِ إِلَى الْقِيَامِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ يَعْتَمِدُ عَلَى يَدَيْهِ إِذَا أَرَادَ الْقِيَامَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى يَدَيْهِ إِذَا أَرَادَ الْقِيَامَ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ مُعْتَمِدًا عَلَى يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَهُمَا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى يَدَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْخًا كبيرا وروي ذلك عن علي ابن أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَقَالَ الْأَثْرَمُ رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ إِذَا نَهَضَ يَعْتَمِدُ عَلَى فَخِذَيْهِ وَذَكَرَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ فِي الصَّلَاةِ إِذَا نَهَضَ الرَّجُلُ فِي

الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ أَلَّا يَعْتَمِدَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْجُلُوسِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَثْنِيَ الْيُسْرَى وَيُقْعِيَ بِالْيُمْنَى وَعَنْ مَعْمَرٍ قَالَ سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنِ الْجُلُوسِ فِي مَثْنًى فِي الصَّلَاةِ قَالَ تَثْنِي الْيُسْرَى تَحْتَ الْيُمْنَى وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ تَرَبَّعَ ابْنُ عُمَرَ فِي صَلَاتِهِ فَقَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ وَلَكِنِّي أَشْتَكِي رِجْلِي وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَجْلِسُ فِي مَثْنًى فَجَلَسَ عَلَى يُسْرَاهُ فَيَبْسُطُهَا جَالِسًا عَلَيْهَا وَيُقْعِي عَلَى أَصَابِعِ يُمْنَاهُ ثَانِيهَا وَرَاءَهُ عَلَى كُلِّ أَصَابِعِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى مَعْنَى الْإِقْعَاءِ وَمَا فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ فِي بَابِ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا وَمَضَى فِي هَذَا الْبَابِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ

حديث ثان لعبد الرحمن بن القاسم

حديث ثان لعبد الرحمان بن القاسم مالك عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَصَحُّ حَدِيثٍ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ أَفْرَدَ الْحَجَّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ فِي اخْتِيَارِهِ الْإِفْرَادَ وأصحابه وأبو ثور وجماعة وري ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَاخْتِيَارُهُ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ إِذَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ عَمِلَا بِأَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ وَتَرَكَا الْآخَرَ كَانَ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً أَنَّ الْحَقَّ فِيمَا عَمِلَا بِهِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ مُمَهَّدًا فِي هَذَا الْمَعْنَى وَمَا فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ السَّلَفِ مِنْهُمْ وَالْخَلَفِ مِنَ التَّنَازُعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ مُحْرِمًا فِي حَجَّتِهِ وَهَلْ كَانَ حِينَئِذٍ مُفْرِدًا أَوْ مُتَمَتِّعًا أَوْ قَارِنًا وَذَكَرْنَا هُنَاكَ اخْتِلَافَ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فُقَهَاءُ

الْأَمْصَارِ وَذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ محمد بن عطية حدثنا أبو عبد الرحمان زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى السِّجْزِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الرَّمَّاحِ قَالَ قُلْتُ الْإِفْرَادُ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمِ الْقِرَانُ قَالَ الْإِفْرَادُ قُلْتُ مِنْ أَيْنَ قَالَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الحج قلت عمن فقال حدثني عبد الرحمان ابن الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ وَحَدَّثَنَا خلف بن القاسم حدثنا أبوبكر مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ صَالِحٍ السَّبِيعِيُّ بِدِمَشْقَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيُّ الْحَلَبِيُّ حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ وَرَوَاهُ مُطَرِّفٌ أَيْضًا عَنِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مثله سواء وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَأَمَّا الْحَجُّ فِي الشَّرِيعَةِ فَقَصْدُ الْكَعْبَةِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالرَّمْيُ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ عَلَى سُنَّتِهَا ثُمَّ بالمزدلفة على سنتها ثم ايتان مِنًى وَالْمُقَامُ بِهَا لِرَمْيِ الْجِمَارِ ثُمَّ الطَّوَافُ وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى سُنَّتِهِ فِيمَا هُوَ مَعْلُومٌ والحمد لله

وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى إِيضَاحِ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا الْحَجُّ فِي اللُّغَةِ فَالْقَصْدُ قَالَ الشَّاعِرُ ... وَأَشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلُولًا كَثِيرَةً ... يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقَانِ الْمُزَعْفَرَا ... ... ... وَالسِّبُّ الثَّوْبُ أَوِ الْعِمَامَةُ وَقَالَ جَرِيرٌ ... قَوْمٌ إِذَا حَاوَلُوا حَجًّا لِبَيْعَتِهِمْ ... صَرُّوا الْفُلُوسَ وَحَجُّوا غَيْرَ أَبْرَارِ

حديث ثالث لعبد الرحمن بن القاسم

حديث ثالث لعبد الرحمان بن القاسم مالك عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى تَطَهَّرِي هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى تَطَهَّرِي وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطَهَّرِي لَمْ يَذْكُرُوا وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَا ذَكَرَ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ غَيْرَ يَحْيَى فِيمَا عَلِمْتُ وَهُوَ عِنْدِي وَهْمٌ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الْحَائِضَ لَا بَأْسَ أَنْ تَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِذَا كَانَتْ قَدْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ ذَكَرَ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ قَالَ وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ إِذَا كَانَتْ قَدْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ فَإِنَّهَا تَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَتَقِفُ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَتَرْمِي الْجِمَارَ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفَ بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطَهَّرَ مِنْ حَيْضَتِهَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ رِوَايَةُ يَحْيَى هَذِهِ إِنْ صَحَّتْ فَتُشْبِهُ مَذْهَبَ ابْنِ عُمَرَ ذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ الَّتِي تُهِلُّ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إِنَّهَا تهل بحجها أبو بِعُمْرَتِهَا إِذَا أَرَادَتْ وَلَكِنْ لَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَا تَقْرَبُ الْمَسْجِدَ حَتَّى تَطَهَّرَ وَهِيَ لَا تَحِلُّ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا عَلَى نَحْوِ رِوَايَةِ يَحْيَى إِلَّا أَنَّ ذلك غير محفوظ في حديث عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ هَذَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ لَا يَرَوْنَ بَأْسًا بِالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَمَا جَازَ عِنْدَهُمْ لِغَيْرِ الطَّاهِرِ أَنْ يَفْعَلَهُ جَازَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَفْعَلَهُ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وبه قال أحمد وأبو ثور وغيرم وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ مَنْ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ فَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ فَلْيَعُدْ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَمَا حَلَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ فَعَلَهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى بَلَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ لَمْ يَطُفْ أَصْلًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَبْعَثُ بِدَمٍ ويجزئه

حديث رابع لعبد الرحمن بن القاسم

حديث رابع لعبد الرحمان بن القاسم مالك عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا قَالَتْ فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ قَالَتْ فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْتُ الْحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عبد الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حَلُّوا ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا أَهَّلُوا بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ بهذا الاسناد عن عبد الرحمان ابن الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْتُ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَإِنَّمَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ هَكَذَا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهُوَ عِنْدَ يَحْيَى بِهَذَا الْإِسْنَادِ كَذَلِكَ أَيْضًا وَبِإِسْنَادٍ آخر عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَائِشَةَ فَانْفَرَدَ يَحْيَى لِهَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَحَمَلَ عِنْدَهُ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَيْنِ الْإِسْنَادَيْنِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَ أَحَدٍ غَيْرِهِ فِي الْمُوَطَّأِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لِذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ يَجُوزُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادَانِ فَيَدْخُلُ الْحَدِيثُ فِي مُوَطَّئِهِ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ رَأَى أَنْ يُرْدِفَ الْإِسْنَادَ الْآخَرَ إِذْ ذَكَرَهُ أَوْ نَشِطَ إِلَيْهِ فَأَفَادَ بِذَلِكَ يَحْيَى وَكَانَ يَحْيَى مِنْ آخِرِ مَنْ عَرَضَ عَلَيْهِ الْمُوَطَّأَ وَلَكِنْ أَهْلُ العلم بالحديث يجعلون إسناد عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَطَأً لِانْفِرَادِ وَاحِدٍ بِهِ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي فَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ عَنْ عَائِشَةَ غَيْرَ عُرْوَةَ لَا الْقَاسِمُ وَلَا غَيْرُهُ وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا مَعَانِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا

حديث خامس لعبد الرحمن بن القاسم

حديث خامس لعبد الرحمان بن القاسم مالك عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْتِمَاسِهِ وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا أَلَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ قَالَتْ عَائِشَةُ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعَنُ بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي فَمَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على فَخِذِي فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ فَوَجَدْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ

هَذَا أَصَحُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ خُرُوجُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْأَسْفَارِ وَخُرُوجُهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْغَزَوَاتِ وَغَيْرِ الْغَزَوَاتِ مُبَاحٌ إِذَا كَانَ الْعَسْكَرُ كَبِيرًا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْغَلَبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنِ خَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ قَالَ قُلْتُ لِلرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوَّذٍ هَلْ كُنْتُنَّ تَغْزُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ نَعَمْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْمِلُ الْجَرْحَى نَسْقِيهِمْ أَوْ نُدَاوِيهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَخُرُوجُ الرَّجُلِ مَعَ أَهْلِهِ فِي السَّفَرِ مِنَ الْعَمَلِ الْمُبَاحِ فَإِذَا كَانَ لَهُ نِسَاءٌ حَرَائِرُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى يُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ فَإِذَا أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ وَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى مَنْ وَقَعَتْ مِنْهُنَّ خَرَجَتْ مَعَهُ وَاسْتَأْثَرَتْ بِهِ فِي سَفَرِهَا فَإِذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ اسْتَأْنَفَ الْقِسْمَةَ بَيْنَهُنَّ ولم يحساب الَّتِي خَرَجَتْ مَعَهُ بِأَيَّامِ سَفَرِهِ مَعَهَا وَكَانَتْ مَشَقَّتُهَا فِي سَفَرِهَا وَنَصَبُهَا فِيهِ بِإِزَاءِ نَصِيبِهَا مِنْهُ وَكَوْنِهَا مَعَهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النَّجَّارُ الْفَقِيهُ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عن عبد الله ابن أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيِّ النَّجَّارِيِّ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرحمان عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ وَالسَّفَرُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يُقَالَ إِنَّهُ كَانَ فِي غَزَاةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الجيس فهكذا في حديث عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ هَذَا الْحَدِيثَ فَاخْتَلَفَ عَنْهُ فِي اسْمِ الْمَوْضِعِ الَّذِي انقطع فيه العقد حدثني يونس ابن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُنْجَلِبُ بْنُ الْحَرْثِ عَنْ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً لَهَا وَهِيَ فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْسَلَّتْ مِنْهَا وَكَانَ ذَلِكَ الْمَكَانُ يُقَالَ لَهُ الصُّلْصُلُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَلَبُوهَا حَتَّى وَجَدُوهَا وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَقَالَ لَهَا أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ فِيهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ خَيْرًا هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْقِلَادَةَ كَانَتْ لِأَسْمَاءَ وَأَنَّ عَائِشَةَ اسْتَعَارَتْهَا مِنْهَا وَقَالَ قِلَادَةً وَلَمْ يَقُلْ عِقْدًا وَقَالَ فِي الْمَكَانِ يُقَالَ لَهُ الصُّلْصُلُ

وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَقَالَ فِيهِ سَقَطَتْ قِلَادَتُهَا لَيْلَةَ الْأَبْوَاءِ فَأَضَافَ الْقِلَادَةَ إِلَيْهَا وَقَالَ فِي الْمَوْضِعِ الْأَبْوَاءُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن عائشة أنها سَقَطَتْ قِلَادَتُهَا لَيْلَةَ الْأَبْوَاءِ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي طَلَبِهَا فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ فَلَمْ يَدْرِيَا كَيْفَ يَصْنَعَانِ قَالَ فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ قَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا فَمَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا قَالَ أَبُو عُمَرَ الرَّجُلَانِ اللَّذَانِ بَعَثَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِ الْقِلَادَةِ كَانَ أَحَدُهُمَا أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ الْمَعْنَى وَاحِدٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ وَأُنَاسًا مَعَهُ فِي طَلَبِ قلادة أصلتها عَائِشَةُ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ فَأَتَوْا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ زَادَ ابْنُ نُفَيْلٍ فَقَالَ لَهَا أُسَيْدٌ رَحِمَكِ اللَّهُ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ فَرَجًا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ اخْتِلَافُ النَّقَلَةِ فِي الْعِقْدِ وَالْقِلَادَةِ وَلَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي سَقَطَ ذَلِكَ فِيهِ لِعَائِشَةَ وَلَا فِي قَوْلِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ عِقْدٌ لِي وَقَوْلِ هِشَامٍ إِنَّ الْقِلَادَةَ اسْتَعَارَتْهَا مِنْ أَسْمَاءَ عَائِشَةُ مَا يَقْدَحُ فِي الْحَدِيثِ وَلَا يُوهِنُ شَيْئًا

مِنْهُ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُرَادَ مِنَ الْحَدِيثِ وَالْمَقْصُودَ إِلَيْهِ هُوَ نُزُولُ آيَةِ التَّيَمُّمِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ حُكْمٌ كَبِيرٌ قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ وَتَنَازَعُوهُ وَهُوَ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ طَهُورٍ بِمَاءٍ وَلَا تَيَمُّمَ لِمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّيَمُّمِ لِعِلَلٍ مَنَعَتْهُ مِنْ ذَلِكَ وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْحُكْمَ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ فِي هذا الباب إن شاءالله حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْتَفَاضِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السُّلَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ فِي عُنُقِهَا قِلَادَةٌ لِأَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ فَعَرَّسُوا فَانْسَلَّتِ الْقِلَادَةُ مِنْ عُنُقِهَا فَلَمَّا ارْتَحَلُوا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ انْسَلَّتْ قِلَادَةُ أَسْمَاءَ مِنْ عُنُقِي فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ رَجُلَيْنِ إِلَى الْمَعْرَسِ يَلْتَمِسَانِ الْقِلَادَةَ فَوَجَدَاهَا فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ طَهُورٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ يَرْحَمُكِ اللَّهُ يَا عَائِشَةُ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ فَرَجًا قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي بُدُوِّ التَّيَمُّمِ وَالسَّبَبِ فِيهِ وَقَدْ رَوَاهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ بِأَتَمِّ مَعْنًى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا

يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عباس عن عمار ابن يَاسِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَّسَ بِأُولَاتِ الْجَيْشِ وَمَعَهُ عَائِشَةُ زَوْجَتُهُ فانقطع عقد لها من جزع ظفار فحبس النَّاسُ ابْتِغَاءَ عِقْدِهَا ذَلِكَ حَتَّى أَضَاءَ الصُّبْحُ وَلَيْسَ مَعَ النَّاسِ مَاءٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ رُخْصَةَ التَّطَهُّرِ بِالصَّعِيدِ الطَّيِّبِ فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَرَبُوا بِأَيْدِيهِمُ الْأَرْضَ ثُمَّ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ وَلَمْ يَقْبِضُوا مِنَ التُّرَابِ شَيْئًا فَمَسَحُوا بِهَا وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ إِلَى الْمَنَاكِبِ وَمِنْ بُطُونِ أَيْدِيهِمْ إِلَى الْآبَاطِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ فِي ذِكْرِ التَّيَمُّمِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ حَدِيثِ عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ هَذَا وَهُوَ أَصْلُ التَّيَمُّمِ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ رُتْبَةُ التَّيَمُّمِ وَلَا كَيْفِيَّتُهُ وَقَدْ نُقِلَتْ آثَارٌ فِي التَّيَمُّمِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْتَلِفَةٌ فِي كَيْفِيَّتِهِ وَعَلَى قَدْرِ ذَلِكَ مِنَ اخْتِلَافِهَا اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي الْقَوْلِ بِهَا وَنَحْنُ نَذْكُرُ أَقَاوِيلَهُمْ وَالْآثَارَ الَّتِي مِنْهَا نَزَعُوا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّ التَّيَمُّمَ بِالصَّعِيدِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ طَهُورُ كُلِّ مَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ وَسَوَاءٌ كَانَ جُنُبًا أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَقُولَانِ الْجُنُبُ لَا يُطَهِّرُهُ إِلَّا الْمَاءُ وَلَا يَسْتَبِيحُ بِالتَّيَمُّمِ صَلَاةً لِقَوْلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَلِقَوْلِهِ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى

تَغْتَسِلُوا وَذَهَبَا إِلَى أَنَّ الْجُنُبَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا وَكَانَا يَذْهَبَانِ إِلَى أَنَّ الْمُلَامَسَةَ مَا دُونَ الْجِمَاعِ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي الْمُلَامَسَةِ فِي بَابِ أَبِي النَّضْرِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِقَوْلِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَسْأَلَةِ أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَحَمَلَةِ الْآثَارِ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِحَدِيثِ عَمَّارٍ وَلِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَلِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَيَمُّمِ الْجُنُبِ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ أَخْبَارَ الْآحَادِ الْعُدُولِ مِنْ عِلْمِ الْخَاصَّةِ قَدْ يَخْفَى عَلَى الْجَلِيلِ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهَا الشَّيْءُ وَحَسْبُكَ بِمَا فِي الْمُوَطَّأِ مِمَّا غَابَ عَنْ عُمَرَ مِنْهَا وَهَذَا مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ وَلَمَّا لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِمَا عِلْمُ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَيَمُّمِ الْجُنُبِ أَوْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا تَأَوَّلَا فِي الْآيَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي الْوُضُوءِ أَنَّ الْجُنُبَ مُنْفَرِدٌ بِحُكْمِ التَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ وَالِاغْتِسَالِ بِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِالتَّيَمُّمِ وَذَلِكَ جَائِزٌ سَائِغٌ مِنَ التَّأْوِيلِ فِي الْآيَةِ لَوْلَا مَا بَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تَيَمُّمِ الْجُنُبِ وَالْحَدِيثُ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنِ ذَرٍّ عن سعيد بن عبد الرحمان بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ

الْخَطَّابِ فَقَالَ إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبِ الْمَاءَ فَقَالَ عَمَّارٌ لِعُمَرَ أَمَا تَذْكُرُ إِنَّا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ فَذَكَرْتُ ذلك النبي لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ وَنَفَخَ فِيهِمَا وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي موسى فقال أرأيت يا أبا عبد الرحمان إِذَا أَجْنَبْتَ فَلَمْ تَجِدْ مَاءً كَيْفَ تَصْنَعُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى نَجِدَ الْمَاءَ فَقَالَ أَبُو مُوسَى كَيْفَ تَصْنَعُ بِقَوْلِ عَمَّارٍ حِينَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْفِيكَ يَعْنِي الصَّعِيدَ قَالَ أَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو مُوسَى فَدَعْنَا مِنْ قَوْلِ عَمَّارٍ كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَمَا دَرَى عَبْدُ اللَّهِ مَا يَقُولُ فَقَالَ لَوْ أَنَّا رَخَّصْنَا لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكَ إِذَا بَرُدَ عَلَى أَحَدِهِمُ الْمَاءُ أَنْ يدعه ويتمم فَقُلْتُ لِشَقَيقٍ فَإِنَّمَا كَرِهَهُ عَبْدُ اللَّهِ لِهَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعُمَرَ لَا يَجْهَلُهُ إِلَّا مَنْ لَا عِنَايَةَ لَهُ بِالْآثَارِ وَبِأَقَاوِيلِ السَّلَفِ وَقَدْ غَلِطَ فِي هَذَا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَزَعَمَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ لَا يَرَى الْغُسْلَ لِلْجُنُبِ إِذَا تَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ وَهَذَا جَهْلٌ بِهَذَا الْمَعْنَى بَيِّنٌ لَا خَفَاءَ بِهِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبْزَى قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّا نَكُونُ بِالْمَكَانِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ قَالَ عُمَرُ أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَكُنْ أُصَلِّي حتى أجد الماء قال عمرا يا أمير المؤمنين أَمَا تَذْكُرُ إِذْ كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ فِي الْإِبِلِ فَأَصَابَتْنَا جَنَابَةٌ فَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَأَتَيْنَا النبي فذكنا ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ وَضَرَبَ بِيَدَيْهِ هَكَذَا ثُمَّ نَفَخَهُمَا ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ قَالَ عُمَرُ يَا عَمَّارُ اتَّقِ اللَّهَ فَقَالَ يَا أمير المؤنين إِنْ شِئْتَ وَاللَّهِ لَمْ أَذْكُرْهُ أَبَدًا قَالَ كلا والله ولكن نوليك ذَلِكَ مَا تَوَلَّيْتَ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى ابْنُ مَهْدِيٍّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمان بن أبزى عن عبد الرحمان بْنِ أَبْزَى مِثْلَهُ وَرُوِيَ حَدِيثُ عَمَّارٍ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ عَنْ عَمَّارٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْجُنُبَ لَا يَجْزِيهِ إِلَّا الْغُسْلُ بِالْمَاءِ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ عَمَّارٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بأن التيمم يكفيه سكت عنه ولن يَنْهَهُ فَلَمَّا لَمْ يَنْهَهُ عَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ بِقَلْبِهِ تَصْدِيقُ عَمَّارٍ لِأَنَّ عَمَّارًا قَالَ لَهُ إِنْ شِئْتَ لَمْ أَذْكُرْهُ وَلَوْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ تَكْذِيبُ عَمَّارٍ لَنَهَاهُ لِمَا كَانَ اللَّهُ قَدْ جَعَلَ فِي قَلْبِهِ مِنْ تَعْظِيمِ حُرُمَاتِ اللَّهِ وَلَا شَيْءَ أَعْظَمَ مِنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرُ مُتَوَهَّمٍ عَلَى عُمَرَ أَنْ يَسْكُتَ عَلَى صَلَاةٍ تُصَلَّى عِنْدَهُ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَهُوَ الْخَلِيفَةُ المسؤول عَنِ الْعَامَّةِ وَكَانَ أَتْقَى النَّاسِ لِرَبِّهِ وَأَنْصَحَهُمْ لَهُمْ فِي دِينِهِمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَيَمُّمُ الْجُنُبِ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي ذَرٍّ وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ الْخُزَاعِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا مُعْتَزِلًا لَمْ يُصَلِّ فِي الْقَوْمِ فَقَالَ يَا فُلَانُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ فَقَالَ عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَلَمَّا بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَادَ رَبِّهِ مِنْ مَعْنَى آيَةِ الْوُضُوءِ بِأَنَّ الْجُنُبَ دَاخِلٌ فِيمَنْ قُصِدَ بِالتَّيَمُّمِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ بِقَوْلِهِ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا تَعَلَّقَ الْعُلَمَاءُ بِهَذَا الْمَعْنَى وَلَمْ يُعَرِّجُوا عَلَى قَوْلِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إِلَّا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَصِحُّ عَنْهُ رَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُ عَنِ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لا يتمم الْجُنُبُ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا وَرَوَى أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بَنِي عَامِرٍ سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ قَالَ كُنْتُ أَعْزُبُ عَنِ الْمَاءِ وَمَعِي أَهْلِي فَتُصِيبُنِي الْجَنَابَةُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورٌ وَإِنْ لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ أَوْ بَشْرَتَكَ هَكَذَا رَوَاهُ حَمَّادُ بن يزد وَعَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَرَوَاهُ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ بَحْرَانَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ بمعنى واحد

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الَّذِي يَدْخُلُ عَلَيْهِ وَقْتَ الصَّلَاةِ وَيَخْشَى خُرُوجَهُ وَهُوَ لَا يَجِدُ الْمَاءَ وَلَا يَسْتَطِيعُ الْوُصُولَ إِلَيْهِ وَلَا إِلَى صَعِيدٍ يَتَيَمَّمُ بِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَحْبُوسِ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّعِيدِ صَلَّى كَمَا هُوَ وَأَعَادَ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ أَوْ عَلَى الصَّعِيدِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمُنْهَدِمِ عَلَيْهِمْ وَالْمَحْبُوسِينَ وَالْمَرْبُوطِ وَمَنْ صُلِبَ فِي خَشَبَةٍ وَلَمْ يَمُتْ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَقْدِرُوا عَلَى الْمَاءِ أَوْ عَلَى الصَّعِيدِ وإذا قدروا صلوا وقال ابن خواز بنداد الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَاءِ وَلَا عَلَى الصَّعِيدِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي وَلَا عَلَيْهِ شَيْءٌ قَالَ رَوَاهُ الْمَدَنِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا أَعْرِفُ كَيْفَ أَقْدَمَ عَلَى أَنْ جَعَلَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحَ مِنَ الْمَذْهَبِ مَعَ خِلَافِهِ جُمْهُورَ السَّلَفِ وَعَامَّةَ الْفُقَهَاءِ وَجَمَاعَةَ الْمَالِكِيِّينَ وَأَظُنُّهُ ذَهَبَ إِلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا فِي قَوْلِهِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَصْبَحَ وَهُمْ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُمْ صَلَّوْا وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُمْ لَمْ يُصَلُّوا وَقَدْ ذَكَرَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ صَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَلَمْ يَذْكُرْ إِعَادَةً وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُصَلُّونَ إِنْ قَدَرُوا وَكَانَ عَقْلُهُمْ مَعَهُمْ ثُمَّ يُعِيدُونَ إِذَا قَدَرُوا عَلَى الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ أَوْ بِالتَّيَمُّمِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ دِينَارٍ عَنْ مَعْنِ بْنِ مَالِكٍ فِيمَنْ كَتَّفَهُ الْوَالِي وَحَبَسَهُ فَمَنَعَهُ مِنَ الصَّلَاةِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَاللَّهُ

أعلم ذهب ابن خواز بنداد وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا وَجْهَ الْقِيَاسِ لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ وَهَذَا مَعَهُ عَقْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ إِذَا كَانَ عَقْلُهُ مَعَهُ فَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ لَهُ تَوَضَّأَ أَوْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ سَأَلْتُ مُطَرِّفًا وَابْنَ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ ابن الْفَرَجِ عَنْ الْخَائِفِ تَحْضُرُهُ الصَّلَاةُ وَهُوَ عَلَى دَابَّتِهِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَلَا يَجِدُ إِلَى النُّزُولِ لِلْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ سَبِيلًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ يُصَلِّي كَمَا هُوَ عَلَى دَابَّتِهِ إِيمَاءً فَإِذَا أَمِنَ تَوَضَّأَ إِنْ وَجَدَ الْمَاءَ أَوْ تَيَمَّمَ إِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِ الْوَقْتِ وَقَالَ لِي أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ لَا يُصَلِّي وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ حَتَّى يَجِدَ السَّبِيلَ إِلَى الطَّهُورِ بِالْوُضُوءِ أَوِ التَّيَمُّمِ قَالَ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ طُهْرٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ وَكَذَلِكَ الْأَسِيرُ الْمَغْلُولُ لَا يَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ وَلَا التَّيَمُّمِ وَالْمَرِيضُ الْمُثْبَتُ الَّذِي لَا يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ الْمَاءَ وَلَا يَسْتَطِيعُ التَّيَمُّمَ هُمَا مِثْلُ الَّذِي وَصَفْنَا مِنَ الْخَائِفِ وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ فِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ ذَلِكَ عِنْدِي وأقواه وعن الشافعي روايتنان إِحْدَاهُمَا لَا يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ طَهَارَةً وَالْأُخْرَى يُصَلِّي كَمَا هُوَ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ قَالَ الْمُزَنِيُّ إِذَا كَانَ مَحْبُوسًا لَا يَقْدِرُ عَلَى تُرَابٍ نَظِيفٍ صَلَّى وَأَعَادَ إِذَا قَدَرَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمَحْبُوسِ فِي الْمِصْرِ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا نَظِيفًا لَمْ يُصَلِّ وَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ صَلَّى

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَالطَّبَرِيُّ يُصَلِّي وَيُعِيدُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ ومحمد والشافعي إن وجد المحبوس في الصمر تُرَابًا نَظِيفًا صَلَّى فِي قَوْلِهِمْ وَأَعَادَ وَقَالَ زُفَرُ لَا يَتَيَمَّمُ وَلَا يُصَلِّي وَإِنْ وَجَدَ تُرَابًا نَظِيفًا عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ فِي الْحَضَرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ تَيَمَّمَ عَلَى التُّرَابِ النَّظِيفِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ إِذَا وَجَدَ الماء قال أبو عمر ههنا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى فِي تَيَمُّمِ الَّذِي يَخْشَى فَوْتَ الْوَقْتِ وَهُوَ فِي الْحَضَرِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الصَّعِيدِ سَنَذْكُرُهَا وَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو ثَوْرٍ أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ يُصَلِّي كَمَا هُوَ وَلَا يُعِيدُ وَمَذْهَبُ أَبِي ثَوْرٍ فِي ذَلِكَ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ وَزَعَمَ أَبُو ثَوْرٍ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا صَلَّى عُرْيَانًا وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ قَالَ وَإِنَّمَا الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ أَوْ بِالصَّعِيدِ كَالثَّوْبِ فَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا سَقَطَتْ عَنْهُ وَالصَّلَاةُ لَهُ لَازِمَةٌ عَلَى حَسَبِ قُدْرَتِهِ وَقَدْ أَدَّاهَا فِي وَقْتِهَا عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ إِعَادَتِهَا وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ أَوْجَبَ الْإِعَادَةَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَاءِ وَلَا عَلَى الصَّعِيدِ صَلَّى كَمَا هُوَ وَأَعَادَ إِذَا قَدَرَ عَلَى الطَّهَارَةِ فَإِنَّهُمُ احْتَاطُوا لِلصَّلَاةِ فَذَهَبُوا إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَفِيهِ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ فِي طَلَبِ الْقِلَادَةِ حَضَرَتْهُمُ الصَّلَاةُ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ إِذْ لَمْ يَجِدُوا الْمَاءَ فَلَمْ يُعَنِّفْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَهَاهُمْ وَكَانَتْ طَهَارَتُهُمُ الْمَاءَ فَلَمَّا عَدِمُوهُ صَلَّوْا كَمَا كَانُوا فِي الْوَقْتِ ثُمَّ نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ

على الماء ولا على التيمم عند عَدِمَ الْمَاءَ صَلَّى فِي الْوَقْتِ كَمَا هُوَ فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ أَوْ قَدَرَ عَلَى التَّيَمُّمِ عند عَدِمَ الْمَاءَ أَعَادَ تِلْكَ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا لِأَنَّهَا صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ وَقَالُوا لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الطَّهُورِ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الطَّهُورِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَقْتَ فَرْضٌ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ فَيُصَلِّي كَمَا قَدَرَ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ يُعِيدُ فَيَكُونُ قَدْ أَخَذَ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْوَقْتِ وَالطَّهَارَةِ جَمِيعًا وَذَهَبَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّهُ لَا يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ أَوِ التَّيَمُّمَ إِلَى ظَاهِرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ قَالُوا وَلَمَّا أَوْجَبُوا عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ أَوِ التَّيَمُّمِ لَمْ يَكُنْ لِأَمْرِهِمْ إِيَّاهُ بِالصَّلَاةِ مَعْنًى وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَوْلُهَا فِيهِ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ عَدِمَ الطَّهَارَةَ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى تُمْكِنَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمِلْحِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صلاة بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمِلْحِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُقْبَلُ صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ وَلَا صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ

حَرْبٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لِابْنِ عَامِرٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلَا صَدَقَةً مِنْ غلول وروى سعيد بن سنان عن أبه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَفِي قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ قَدْ كَانَ لَازِمًا لَهُمْ قَبْلَ نزول آية الوضوء وأنهم لم يكنوا يُصَلُّونَ إِلَّا بِوُضُوءٍ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ وَهِيَ آيَةُ الْوُضُوءِ الْمَذْكُورَةُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ أَوِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ لَيْسَ التَّيَمُّمُ مَذْكُورًا في هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَهُمَا مَدَنِيَّتَانِ وَالْآيَةُ لَيْسَتْ بِالْكَلِمَةِ وَلَا الْكَلِمَتَيْنِ وَإِنَّمَا هِيَ الْكَلَامُ الْمُجْتَمِعُ الدَّالُّ عَلَى الْإِعْجَازِ الْجَامِعِ لِمَعْنًى مُسْتَفَادٍ قَائِمٍ بِنَفْسِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَمْ يُفْتَرَضْ قَبْلَ الْوُضُوءِ كَمَا أَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ افْتُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ لَمْ يُصَلِّ إِلَّا بِوُضُوءٍ مِثْلِ وُضُوئِنَا الْيَوْمَ وَهَذَا مَا لَا يَجْهَلُهُ عَالَمٌ وَلَا يَدْفَعُهُ إِلَّا مُعَانِدٌ وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ آيَةَ الْوُضُوءِ إنما ما نزلت ليكون فرضها المتقدم متلو فِي التَّنْزِيلِ وَلَهَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهَا وَفِي قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ وَلَمْ يَقُلْ آيَةُ الْوُضُوءِ مَا يُتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ الَّذِي طَرَأَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حُكْمُ التَّيَمُّمِ لَا حُكْمُ الْوُضُوءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَمِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ نَصَّ عَلَى حُكْمِ الْوُضُوءِ وَهَيْئَتِهِ بِالْمَاءِ ثُمَّ أَخْبَرَ بِحُكْمِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ في فرض الصلاة ولاوضوء فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي قَوْلِهِ أَيْضًا لَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ وَإِقَامَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ تِلْكَ الْحَالِ عَلَى التماس العقددليل عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْءِ أَنْ يَنْصَرِفَ عَنْ سَفَرٍ لَا يَجِدُ فِيهِ مَاءً وَلَا يَتْرُكَ سُلُوكَ طَرِيقٍ لِذَلِكَ وَحَسْبُهُ وَسُلُوكُ مَا أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ وَأَمَّا التَّيَمُّمُ فَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ وَمَعْنَاهُ فِي الشَّرِيعَةِ الْقَصْدُ إِلَى الصَّعِيدِ خاصة للطهارة عند عدم الماء فيضرب عيه مِنْ كَفَّيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ وَيَدَهُ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ قَوْلُهُمْ قَدْ تَيَمَّمَ الرَّجُلُ مَعْنَاهُ قَدْ مَسَحَ التُّرَابَ عَلَى يَدَيْهِ وَوَجْهِهِ قَالَ وَأَصْلُ تَيَمَّمَ قَصَدَ فَمَعْنَى تَيَمَّمَ قَصَدَ التُّرَابَ فَتَمَسَّحَ بِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ مَعْنَاهُ لَا تَعَمَّدُوا الْخَبِيثَ فَتُنْفِقُوا مِنْهُ قَالَ الْمُمَزَّقُ أَوِ الْمُثَقَّبُ ... وَمَا أَدْرِي إِذَا يَمَّمْتُ وَجْهًا ... أُرِيدُ الْخَيْرَ أَيُّهُمَا يَلِينِي ... ... أَأَلْخَيْرُ الَّذِي أَنَا أَبْتَغِيهِ ... أَمِ الشَّرُّ الَّذِي هُوَ يَبْتَغِينِي ... يُرِيدُ قَصَدْتُ وَاعْتَمَدْتُ وَجْهًا وَقَالَ آخَرُ ... (وَفِي) الْأَظْعَانِ آنِسَةٌ لَعُوبٌ ... تَيَمَّمَ أَهْلُهَا بَلَدًا فَسَارُوا

يَعْنِي قَصَدَ أَهْلُهَا بَلَدًا وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ ... وَمَا يَلْبَثُ الْعَصْرَانِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ... إِذَا طُلِبَا أَنْ يُدْرِكَا مَا تَيَمَّمَا ... وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ ... تَيَمَّمْتُهَا مِنْ أَذْرُعَاتٍ وَأَهْلُهَا ... بِيَثْرِبَ أَدْنَى دَارِهَا نَظَرٌ عَالِ ... وَقَالَ خَفَّافُ بْنُ نِدِّيَّةٍ م ... فَإِنْ تَكُ خَيْلِي قَدْ أُصِيبَ صَمِيمُهَا ... فَعَمْدًا على عين تَيَمَّمْتُ مَالِكَا ... ... مَعْنَاهُ تَعَمَّدْتُ مَالِكًا وَقَالَ آخَرُ ... إِنِّي كَذَلِكَ إِذَا مَا سَاءَنِي بَلَدٌ ... يَمَّمْتُ صَدْرَ بَعِيرِي غَيْرَهُ بَلَدَا ... يَعْنِي قَصَدْتُ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فَمَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا أَيِ اقْصِدُوا صَعِيدًا طَيِّبًا وَالصَّعِيدُ وَجْهُ الْأَرْضِ وَقِيلَ التُّرَابُ الطَّيِّبُ الطَّاهِرُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ كلها مسجدا طهورا وَطَهُورٌ بِمَعْنَى طَاهِرٍ مُطَهِّرٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ ماء طهورا يعني طاهرا مطرها

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَاللَّيْثُ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ يَمْسَحُ بِهَا وَجْهَهُ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ يَمْسَحُهُمَا إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ يَمْسَحُ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى وَالْيُسْرَى بِالْيُمْنَى إِلَّا أَنَّ بُلُوغَ الْمِرْفَقَيْنِ عِنْدَ مَالِكٍ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَإِنَّمَا الْفَرْضُ عِنْدَهُ إِلَى الْكُوعَيْنِ وَالِاخْتِيَارُ عِنْدَهُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَسَائِرُ مَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ يَرَوْنَ بُلُوغَ الْمِرْفَقَيْنِ بِالتَّيَمُّمِ فَرْضًا وَاجِبًا وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ التَّيَمُّمُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ابْنُ عُمَرَ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ وَسَالِمٌ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْكُوعَيْنِ وَهُمَا الرُّسْغَانِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَهُوَ أَشْهَرُ عَنْهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ يَمْسَحُ بِهَا وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْكُوعَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ فِي رِوَايَةٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالطَّبَرِيُّ وَهُوَ أَثْبَتُ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ رَوَاهُ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ أَبُو وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ عَمَّارٍ فَقَالَ فِيهِ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ لِوَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي حَدِيثِ أَبِي وَائِلٍ هَذَا وَسَائِرُ أَحَادِيثِ عَمَّارٍ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَحَدِيثُ أَبِي وَائِلٍ هَذَا عِنْدَ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ وَجَمَاعَةٍ عَنِ الْأَعْمَشِ وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ مَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَاهُ وَإِنْ مَسَحَ يَدَيْهِ إِلَى الْكُوعَيْنِ أَجْزَاهُ وَأُحِبُّ لَهُ أَنْ يُعِيدَ فِي الْوَقْتِ وَالِاخْتِيَارُ عِنْدَ مَالِكٍ ضَرْبَتَانِ وَبُلُوغُ الْمِرْفَقَيْنِ وَحُجَّةُ مَنْ رَأَى أَنَّ التَّيَمُّمَ إِلَى الْكُوعَيْنِ جَائِزٌ وَلَمْ يَرَ بُلُوغَ الْمِرْفَقَيْنِ وَاجِبًا ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ وَلَمْ يَقُلْ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَمَا كَانَ رَبُّكَ

نَسِيًّا فَلَمْ يَجِبْ بِهَذَا الْخِطَابِ إِلَّا أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ يَدٍ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَمَا عَدَا ذَلِكَ شَكٌّ وَالْفَرَائِضُ لَا تَجِبُ إِلَّا بِيَقِينٍ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ والسارق والسارقة فاطقعوا أَيْدِيَهُمَا وَثَبَتَتِ السُّنَّةُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهَا أَنَّ الْأَيْدِيَ فِي ذَلِكَ أُرِيدَ بِهَا مِنَ الْكُوعِ فَكَذَلِكَ التيمم إذ لم يذكر فيه المرفين وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَكْثَرِ الْآثَارِ فِي التَّيَمُّمِ أَنَّهُ مَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَكَفَى بِهَذَا حُجَّةً لِأَنَّهُ لو كان ما زاد على ذلك وابجا لَمْ يَدَعْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُجْزِيهِ إِلَّا ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَلَا يُجْزِيهِ دُونَ الْمِرْفَقَيْنِ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وإليه ذهب إسماعيل ابن إِسْحَاقَ الْقَاضِي وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ يَمْسَحُ بِكُلِّ ضَرْبَةٍ مِنْهُمَا وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرَهُمَا فِيمَا عَلِمْتُ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ يَبْلُغُ بِالتَّيَمُّمِ الْآبَاطَ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ غَيْرَهُ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ شِهَابٍ مِنَ التَّيَمُّمِ إِلَى الْمَنَاكِبِ وَالْآبَاطِ فَإِنَّهُ صَارَ إِلَى مَا رَوَاهُ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ اللُّغَةَ تَقْضِي أَنَّ الْيَدَ مِنَ الْمَنْكِبِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْ جُوَيْرِيَةَ عَنْ مالك عن الزهي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ تَمَسَّحْنَا مَعَ

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتُّرَابِ فَمَسَحْنَا بِوُجُوهِنَا وَأَيْدِينَا إِلَى الْمَنَاكِبِ هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ أَبِيهِ عَنْ عَمَّارٍ وَتَابَعَهُ أَبُو أُوَيْسٍ وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَمَّارٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ سَوَاءً فِي إِسْنَادِهِ وَخَالَفَهُ فِي سِيَاقَتِهِ وَمَتْنِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي خَلَفٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فِي آخَرِينَ قَالُوا حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حدثني أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عباس عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَّسَ بِأُولَاتِ الْجَيْشِ وَمَعَهُ عَائِشَةُ فَانْقَطَعَ عِقْدٌ لَهَا مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ فَحُبِسَ النَّاسُ ابْتِغَاءَ عِقْدِهَا حَتَّى أَضَاءَ الْفَجْرُ وليس مع الناس ماء فتغيظ عليها أبوب كر وَقَالَ حَبَسْتِ النَّاسَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ رُخْصَةَ التَّطَهُّرِ بِالصَّعِيدِ الطَّيِّبِ فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَرَبُوا بِأَيْدِيهِمْ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ وَلَمْ يَقْبِضُوا مِنَ التُّرَابِ شَيْئًا فمسحوا بها وجوهم وَأَيْدِيَهُمْ إِلَى الْمَنَاكِبِ وَمِنْ بُطُونِ أَيْدِيهِمْ إِلَى الْآبَاطِ زَادَ ابْنُ يَحْيَى فِي حَدِيثِهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَا يَعْتَبِرُ بِهَذَا النَّاسُ هَكَذَا قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْوَجْهِ واليدين

وَرَوَاهُ يُونُسُ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَمَّارٍ وَلَمْ يَقُولُوا عَنْ أَبِيهِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَلَا قَالُوا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا قَالَ صَالِحٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَذَكَرُوا فِيهِ ضَرْبَتَيْنِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمَنَاكِبِ وَالْآبَاطِ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ فِيهِ مَعْمَرٌ ضَرْبَتَيْنِ وَاضْطَرَبَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَمَّارٍ فِي التَّيَمُّمِ إِلَى الْمَنَاكِبِ كَانَ فِي حِينِ نُزُولِ آيَةِ التَّيَمُّمِ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ كَذَلِكَ ذَكَرَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَمَعْمَرٌ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ صَالِحٍ وَأَمَّا حَدِيثُ مَعْمَرٍ فَأَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ وَكَتَبْتُهُ مِنْ أَصْلِ سَمَاعِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ مَعَهُ عَائِشَةُ فَهَلَكَ عِقْدُهَا فَاحْتَبَسَ النَّاسُ فِي ابْتِغَائِهِ حَتَّى أَصْبَحُوا وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَنَزَلَ التَّيَمُّمُ قال عمار فقاموا فمسحوا فضربوا بأيدهم فمسحوا بها وجوهم ثم عادوا فضربوا بأيدهم ثَانِيَةً فَمَسَحُوا بِهَا أَيْدِيهِمْ إِلَى الْإِبِطَيْنِ أَوْ قَالَ إِلَى الْمَنَاكِبِ ثُمَّ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَمَّارٍ خِلَافُ ذَلِكَ فِي التَّيَمُّمِ رَوَاهُ عَنْهُ عبد الرحمان بْنُ أَبْزَى فَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَقَالَ عَنْهُ قَوْمٌ وَمَسَحَ ذِرَاعَيْهِ إِلَى نِصْفِ السَّاعِدِ وَقَالَ آخرون إلى المرفين وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ عَنْهُ فِيهِ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَاخْتَلَفَ فيه الحكم بن عتبة وسلمة بن هكيل عن ذر الهمداني عن ابن عبد الرحمان بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّارٍ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّيَمُّمِ فَأَمَرَنِي ضَرْبَةً وَاحِدَةً لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَسُؤَالُهُ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانٌ قَالَ أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ عَزْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ عِنْدَ قَتَادَةَ فِي حَدِيثِ عَمَّارٍ هَذَا إِسْنَادٌ آخَرُ بِخِلَافِ هَذَا الْمَعْنَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ سُئِلَ قَتَادَةُ عَنِ التَّيَمُّمِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يَقُولُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَحَدَّثَنِي مُحَدِّثٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عن عبد الرحمان بن أبزى عن عمار ابن يَاسِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَمَّارٍ فِي التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ أَوِ إلى الْمِرْفَقَيْنِ غَيْرُ حَدِيثِهِ فِي قِصَّةِ نُزُولِ آيَةِ التَّيَمُّمِ حِينَ تَيَمَّمَ إِلَى الْمَنَاكِبِ أَنَّهُ فِي حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ نَاجِيَةَ أَبِي خِفَافٍ عَنْ عَمَّارٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ عَمَّارٍ أَنَّهُ قَالَ أَجْنَبْتُ فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ ثُمَّ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كَانَ يَكْفِيكَ التَّيَمُّمُ ضَرْبَةً لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَكْثَرُ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ عَنْ عَمَّارٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا فِيهَا ضَرْبَةٌ واحدة للوجه واليدين وكل ما يورى فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَمَّارٍ فَمُضْطَرِبٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِلَى أَنَّ أَصَحَّ حَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمَّارٍ حَدِيثُ قَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ وَقَالَ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِالتَّيَمُّمِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ قَتَادَةُ إِذَا لَمْ يَقُلْ سَمِعْتُ أَوْ حَدَّثَنَا فَلَا حُجَّةَ فِي نَقْلِهِ وَهَذَا تَعَسُّفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا رُوِيَ مَرْفُوعًا فِي التَّيَمُّمِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ فَرَوَى ابْنُ الْهَادِي عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَيَمَّمَ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَأَصْحَابُ نَافِعٍ الْحُفَّاظُ يَرْوُونَهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَعَلَهُ أنه كان يتيمم الى المرفقين هكذ رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَأَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ وَضَعَّفُوهُ مِنْ أَجْلِهِ وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ عَنْهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَيَمَّمَ فِي السِّكَّةِ فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْحَائِطِ وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحَ بِهَا ذِرَاعَيْهِ وَهَذَا لَمْ يَرْوِهِ عَنْ نَافِعٍ أحد غير محمد بن ثابت هذا به يُعْرَفُ وَمِنْ أَجْلِهِ يُضَعَّفُ وَهُوَ عِنْدَهُمْ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَا يَعْرِفُهُ أَصْحَابُ نَافِعٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمَّا اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَتَعَارَضَتْ كَانَ الْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ الرُّجُوعَ إِلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى ضَرْبَتَيْنِ لِلْوَجْهِ ضَرْبَةٌ وَلِلْيَدَيْنِ أُخْرَى إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ وَاتِّبَاعًا لِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنَّهُ مَنْ لَا يُدْفَعُ عِلْمُهُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَلَوْ ثَبَتَ شَيْءٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَجَبَ الْوُقُوفُ عِنْدَهُ وبالله التوفيق

وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمَّا اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ رَجَعْنَا إِلَى الِاعْتِبَارِ فَوَجَدْنَا الْأَعْضَاءَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي الْوُضُوءِ قَدْ سَقَطَ التَّيَمُّمُ عَنْ بَعْضِهَا وَهُوَ الرَّأْسُ وَالرِّجْلَانِ فَبَطَلَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِلَى الْمَنَاكِبِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَمَّا بَطَلَ عَنْ بَعْضِ مَا يُوَضَّأُ كَانَ مَا لَا يُوَضَّأُ أَحْرَى أَنْ لَا يَلْزَمَهُ التَّيَمُّمُ قَالَ ثُمَّ رَأَيْنَا الْوَجْهَ يُيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ كَمَا يُغْسَلُ بِالْمَاءِ وَرَأَيْنَا الرَّأْسَ وَالرِّجْلَيْنِ لَا يُيَمِّمَانِ فَكَانَ مَا سَقَطَ التَّيَمُّمُ عَنْ بَعْضِهِ سَقَطَ عَنْ كُلِّهِ وَمَا وَجَبَ فِيهِ التَّيَمُّمُ كَانَ كَالْوُضُوءِ سَوَاءً لِأَنَّهُ جُعِلَ بَدَلًا مِنْهُ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ بَعْضَ مَا يُغْسَلُ مِنَ الْيَدَيْنِ فِي حَالِ وُجُودِ الْمَاءِ يُيَمَّمُ فِي حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ التَّيَمُّمَ فِي الْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ قِيَاسًا وَنَظَرًا وَقَالَ غَيْرُهُ لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ فِي الْوُضُوءِ اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ وَتَكْرِيرِهِ فِي التَّيَمُّمِ كَمَا أَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَطَ الْمَسَّ فِي تَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ عَلَى الْمُظَاهِرِ وَفِي صِيَامِهِ حَيْثُ قَالَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ وَاشْتِرَاطِهِ فِي الْإِطْعَامِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْهُ وَحُكْمُ الْبَدَلِ حُكْمُ الْمُبْدَلِ مِنْهُ فَالسُّكُوتُ عَنْ ذَلِكَ اكْتِفَاءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمَّا قَالَ اللَّهُ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ وَأَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي غَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَنَّ غَسْلَ الْوَجْهِ غَيْرُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الضَّرْبَةُ فِي التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ غَيْرَ الضَّرْبِ لِلْيَدَيْنِ قِيَاسًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُ ذَلِكَ فَيُسَلَّمَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْبُلُوغُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ خِلَافُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّعِيدِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ الصَّعِيدُ وَجْهُ الْأَرْضِ وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالْحَصْبَاءِ وَالْجَبَلِ وَالرَّمْلِ وَالتُّرَابِ وَكُلِّ مَا كَانَ وَجْهَ الْأَرْضِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ يَجُوزُ أَنْ يُتَيَمَّمَ بِالنُّورَةِ وَالْحَجَرِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْجِصِّ وَالطِّينِ وَالرُّخَامِ وَكُلِّ مَا كَانَ مِنَ الْأَرْضِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَى الرَّمْلِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِغُبَارِ الثَّوْبِ وَاللِّبَدِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ التَّيَمُّمُ بِغُبَارِ اللِّبَدِ والثوب وذكر ابن خواز بنداد قَالَ الصَّعِيدُ عِنْدَنَا وَجْهُ الْأَرْضِ وَكُلُّ أَرْضٍ جَائِزٌ التَّيَمُّمُ عَلَيْهَا صَحْرَاءَ كَانَتْ أَوْ مَعْدِنًا أَوْ تُرَابًا قَالَ وَبِذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالطَّبَرِيُّ قَالَ وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى الْحَشِيشِ إِذَا كَانَ دُونَ الْأَرْضِ وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى الثَّلْجِ فَأَجَازَهُ مَرَّةً وَمَنَعَ مِنْهُ أُخْرَى قَالَ وَكُلُّ مَا صَعِدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَهُوَ صَعِيدٌ وَمِنْ حُجَّتِهِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ صَعِيدًا جُرُزًا يَعْنِي أَرْضًا غَلِيظَةً لَا تُنْبِتُ شَيْئًا وَصَعِيدًا زَلَقًا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى صَعِيدٍ وَاحِدٍ أَيْ أَرْضٍ وَاحِدَةٍ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَدَاوُدُ الصَّعِيدُ التُّرَابُ وَلَا يُجْزِي عِنْدَهُمُ التَّيَمُّمُ بِغَيْرِ التُّرَابِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَقَعُ صَعِيدٌ إِلَّا عَلَى تُرَابٍ ذِي غُبَارٍ فَأَمَّا الصَّحْرَاءُ الْغَلِيظَةُ وَالرَّقِيقَةُ وَالْكَثِيبُ أَوِ الْغَلِيظُ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ صَعِيدٍ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَا يُتَيَمَّمُ إِلَّا بِتُرَابٍ أَوْ رَمْلٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ بِالتُّرَابِ ذِي الْغُبَارِ جَائِزٌ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعلت لنا الأرض مسجدا تربتها طَهُورًا وَهُوَ يَقْضِي عَلَى قَوْلِهِ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَيُفَسِّرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَطْيَبُ الصعيد أرض الحرث ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ قَابُوسَ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيُّ الصَّعِيدِ أَطْيَبُ فَقَالَ الْحَرْثُ وَقَالَ الشَّاعِرُ ... قَتْلَى حَنِيطُهُمُ الصَّعِيدُ وَغُسْلُهُمْ ... نَجْعُ التَّرَائِبِ وَالرُّؤُوسُ تُقَطَّفُ ... وَهَذَا الْبَيْتُ عِنْدِي مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عن ربعي عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ طَهُورًا وَذَكَرَ تمام الحديث

قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمد ابن عقيل عن محمد بن علي بن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُعْطِيتُ مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنَ النبياء نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَأُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ وَسُمِّيتُ أَحْمَدَ وَجُعِلَ التُّرَابُ لِي طَهُورًا وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيْرَ الْأُمَمِ وَجَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ عَلَى إِجَازَةِ التَّيَمُّمِ بِالسِّبَاخِ إِلَّا إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ لَا يُتَيَمَّمُ بِتُرَابِ السَّبْخَةِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَنْ أَدْرَكَهُ التَّيَمُّمُ وَهُوَ فِي طِينٍ قَالَ يَأْخُذُ مِنَ الطِّينِ فَيَطْلِي بِهِ بَعْضَ جَسَدِهِ فَإِذَا جَفَّ تَيَمَّمَ بِهِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءَ عَلَى أَنَّ طَهَارَةَ التَّيَمُّمِ لَا تَرْفَعُ الْجَنَابَةَ وَلَا الحديث إِذَا وُجِدَ الْمَاءُ وَأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ لِلْجَنَابَةِ أَوِ الحديث إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ عَادَ جُنُبًا كَمَا كَانَ أَوْ مُحْدِثًا وَأَنَّهُ إِنْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَوَجَدَ الْمَاءَ وَقَدْ كَانَ اجْتَهَدَ فِي طَلَبِهِ فَلَمْ يَجِدْهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي رَحْلِهِ أَنَّ صَلَاتَهُ تَامَّةٌ وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَحَبَّ لَهُ أَنْ يُعِيدَ فِي الْوَقْتِ إِذَا توضأ أو اغتسل ولم يختلفو أَنَّ الْمَاءَ إِذَا وَجَدَهُ الْمُتَيَمِّمُ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ وَقَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ بِحَالِهِ قَبْلَ أن يتمم وَأَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُ صَلَاةً بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ إِلَّا شذوذ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عبد الرحمان أَنَّهُ يُصَلِّي بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ وَاخْتَلَفُوا إِذَا رَأَى الْمَاءَ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ يَتَمَادَى فِي صَلَاتِهِ وَيُجْزِيهِ فَإِذَا فَرَغَ وَوَجَدَ الْمَاءَ لِلصَّلَاةِ الْأُخْرَى وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلَا يَقْطَعُهَا لِرُؤْيَةِ الْمَاءِ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِطَلَبِ الْمَاءِ إِذْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْقِيَامَ إِلَى الصَّلَاةِ

بِدُخُولِ وَقْتِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ تَيَمَّمَ وَمَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ مُخَاطَبٌ بِذَلِكَ فَإِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ سَقَطَ عَنْهُ الطلب لاستغاله بِمَا هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ مِنْ عَمَلِ الصَّلَاةِ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا وَإِذَا سَقَطَ عَنْهُ الطَّلَبُ سَقَطَ عَنْهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ إِذَا وَجَدَهُ لِأَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِفَرْضٍ آخَرَ عَنْ طَلَبِ الْمَاءِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ إِذَا سَقَطَ عَنْهُ طَلَبُهُ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي صَلَاتِهِ بِالتَّيَمُّمِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَطْعِ تِلْكَ الصَّلَاةِ إِذَا رَأَى الْمَاءَ وَلَمْ تَثْبُتْ سُنَّةٌ بِقَطْعِهَا وَلَا إِجْمَاعٌ وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ رُؤْيَةَ الْمَاءِ حَدَثٌ بِشَيْءٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْجُنُبُ إِذَا تَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ يَعُودُ كَالْمُحْدِثِ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا الْوُضُوءُ وَالْبِنَاءُ عِنْدَهُمْ عَلَى مَا صَلَّى كَسَائِرِ الْمُحْدِثِينَ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْمُزَنِيُّ وَابْنُ عُلَيَّةَ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ أَوْ رَآهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَ وَخَرَجَ إِلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْوُضُوءِ أَوْ فِي الْغُسْلِ وَاسْتَقْبَلَ صَلَاتَهُ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَمَّا بَطَلَ بِوُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ كَانَ كَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ عَمَلُهَا بِالتَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ كَانَ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ عَمَلُ مَا بَقِيَ مِنْهَا مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَإِذَا بَطَلَ بَعْضُهَا بَطَلَتْ كُلُّهَا وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ بِالشُّهُورِ لَا يَبْقَى عَلَيْهَا مِنْهَا إِلَّا أَقَلُّهَا ثُمَّ تَحِيضُ أَنَّهَا تَسْتَقْبِلُ عِدَّتَهَا بِالْحَيْضِ قَالُوا وَالَّذِي يَطْرَأُ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ كَذَلِكَ وَلِلْفَرِيقَيْنِ ضُرُوبٌ من الحجج في هذه المسألة يطول ذِكْرُهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّيَمُّمُ فِي السَّفَرِ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ سَوَاءٌ إِذَا عُدِمَ الْمَاءُ أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِعْمَالُهُ لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ شَدِيدٍ أَوْ

خَوْفِ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ الْمَرْضَى وَالْمُسَافِرِينَ فِي شَرْطِ التَّيَمُّمِ خَرَجَ عَلَى الْأَغْلَبِ فِيمَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ وَالْحَاضِرُونَ الْأَغْلَبُ عَلَيْهِمْ وُجُودُ الْمَاءِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِمْ فَإِذَا لَمْ يَجِدِ الْحَاضِرُ الْمَاءَ أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ مَانَعٌ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ لِلصَّلَاةِ لِيُدْرِكَ وَقْتَهَا لِأَنَّ التَّيَمُّمَ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا وَرَدَ لِإِدْرَاكِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَخَوْفِ فَوْتِهِ وَكَذَلِكَ أَمَرَ اللَّهِ بِالتَّيَمُّمِ حِفْظًا لِلْوَقْتِ وَمُرَاعَاتِهِ فَكُلُّ مَنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ تَيَمَّمَ الْمُسَافِرُ بِالنَّصِّ وَالْحَاضِرُ بِالْمَعْنَى وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ بِالنَّصِّ وَالصَّحِيحُ بِالْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الشافعي لا يجوز للحاضر الصحيح أن يتمم إلا أني خاف التَّلَفَ وَبِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وزفر لا يجوز التيمم في الحضر إلا لمرض ولا لخوفه خُرُوجِ الْوَقْتِ وَحَجَّةُ هَؤُلَاءِ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ التَّيَمُّمَ رُخْصَةً لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ كَالْفِطْرِ وَقَصْرِ الصَّلَاةِ ولم يبح التيمم إلا بشرط المرض وأ السَّفَرِ فَلَا دُخُولَ لِلْحَاضِرِ فِي ذَلِكَ لِخُرُوجِهِ مِنْ شَرْطِ اللَّهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَالْكَلَامُ بَيْنَ الفرق في هذه المسألة طويلا وبالله التوفيق وقال الشافعي أيضا والليث وَالطَّبَرِيُّ إِذَا عَدِمَ الْمَاءَ فِي الْحَضَرِ مَعَ خَوْفِ فَوْتِ الْوَقْتِ لِلصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ أَعَادَ فَصْلٌ التَّيَمُّمُ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ إِلَّا مَا ذَكَرْتُ لَكَ فِي تَيَمُّمِ الْجُنُبِ فَإِذَا وجد المريض أو السمافر الْمَاءَ حَرُمَ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ إِلَّا أَنْ يَخَافَ الْمَرِيضُ ذَهَابَ نَفْسِهِ وَتَلَفَ مُهْجَتِهِ فَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ بِالسُّنَّةِ لَا بِالْكِتَابِ إِلَّا أَنْ يَتَأَوَّلَ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ وَقَدْ أَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّيَمُّمَ لِعَمْرِو بْنِ

الْعَاصِ وَهُوَ مُسَافِرٌ إِذْ خَافَ إِنِ اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ فَالْمَرِيضُ أَحْرَى بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ لَا يَتَيَمَّمُ الْمَرِيضُ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ وَلَا غَيْرُ الْمَرِيضِ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَلَمْ يُبِحِ التَّيَمُّمَ لِأَحَدٍ إِلَّا عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ وَلَوْلَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَمَا رُوِيَ مِنَ الْأَثَرِ كَانَ قَوْلُ عَطَاءٍ صَحِيحًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي التَّيَمُّمِ هَلْ تُصَلَّى بِهِ صَلَوَاتٌ أَمْ يَلْزَمُ التَّيَمُّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلِّي صَلَاتَيْنِ بتيمم واحدن وَلَا يُصَلِّي نَافِلَةً وَمَكْتُوبَةً بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ نَافِلَةً بَعْدَ مَكْتُوبَةٍ قَالَ وَإِنْ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بِتَيَمُّمِ الْفَجْرِ أَعَادَ التَّيَمُّمَ لصلاة الفجر وقال الشافعي يتمم لكل صلاة فرض ويصلي النَّافِلَةِ وَالْفَرْضِ وَصَلَاةِ الْجَنَائِزِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ صَلَاتَيْ فَرْضٍ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ فِي سَفَرٍ وَلَا فِي حَضَرٍ وَقَالَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةِ نَافِلَةٍ وَفَرِيضَةٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ تَيَمَّمَ لِصَلَاةٍ فَصَلَّاهَا فَلَمَّا سَلَّمَ مِنْهَا ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا إِنَّهُ يَتَيَمَّمُ لَهَا وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ صَلَّى صَلَاتَيْ فَرْضٍ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ فَرَوَى يَحْيَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ صَلَّى صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ يُعِيدُ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ فِي الْوَقْتِ وَاسْتَحَبَّ أَنْ يُعِيدَ أَبَدًا وَرَوَى أَبُو زَيْدِ بْنُ أَبِي الْغَمْرِ عَنْهُ أَنَّهُ يُعِيدُهَا أَبَدًا وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ نَظَرَ فَإِنْ كَانَتَا مُشْتَرِكَتَيْنِ فِي الْوَقْتِ أَعَادَ الْآخِرَةَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَتَا غَيْرَ مُشْتَرِكَتَيْنِ كَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ أَعَادَ الثانية أبدا

وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدُوسٍ أَنَّ ابْنَ نَافِعٍ رَوَى عَنْ مَالِكٍ فِي الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِي ذَاكِرِ الصَّلَوَاتِ إِنْ قَضَاهُنَّ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ وَلِأَصْحَابِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ ضُرُوبٌ مِنَ الِاضْطِرَابِ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى التَّيَمُّمَ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَى كُلِّ قَائِمٍ إِلَى الصَّلَاةِ طَلَبَ الْمَاءِ وَأَوْجَبَ عِنْدَ عَدَمِهِ التَّيَمُّمَ وَعَلَى الْمُتَيَمِّمِ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى مَا عَلَيْهِ فِي الْأُولَى وَلَيْسَتِ الطَّهَارَةُ بِالصَّعِيدِ كَالطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ نَاقِصَةٌ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ لِاسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ بِدَلِيلِ إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بُطْلَانِهَا بِوُجُودِ الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّ السُّنَّةَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهَا قَدْ وَرَدَتْ بِجَوَازِ صلوات كثيرة بوضوء واحد بالماء لأن الضووء الثَّانِيَ فِي حُكْمِ الْأَوَّلِ لَيْسَ بِنَاقِضٍ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِذَا وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَ التَّيَمُّمِ فَلِذَلِكَ أَمَرَ بِطَلَبِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِذَا طَلَبَهُ ولم يجده تيمم بظاهر قوله اللَّهِ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا وَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّيَمُّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِئَلَّا تَكُونَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَدَاوُدُ يُصَلِّي مَا شَاءَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ يُحْدِثْ لأنه طاره مَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ طَلَبُ الْمَاءِ إِذَا يَئِسَ مِنْهُ وَلِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وُجُوهٌ يَطُولُ الْبَابُ بِذِكْرِهَا وَفِي التَّيَمُّمِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ هِيَ فُرُوعٌ لَوْ أَتَيْنَا بِهَا خَرَجْنَا عَنْ شَرْطِنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا

حديث سادس لعبد الرحمن بن قاسم

حديث سادس لعبد الرحمان بن القاسم مالك عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فِي صِحَّتِهِ وَثُبُوتِهِ وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الْقَوْلِ به على حسبما ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَذَكَرْنَا اعْتِلَالَ كُلِّ طَائِفَةٍ لِمَذْهَبِهَا فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ هُنَاكَ وسنذكر ههنا فيه من جهة الأثر مالم يقع هناك لتكمل الفائدة إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ رُوِيَ عَنْ عئاشة مِنْ وُجُوهٍ فَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهَا الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَعُرْوَةُ وَالْأَسْوَدُ وَمَسْرُوقٌ وَعَمْرَةُ وَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنِ القاسم ابنه عبد الرحمان وأفلح بن حيمد وَرَوَاهُ عَنْ عُرْوَةَ ابْنُ شِهَابٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَلَمْ يَسْمَعْهُ هِشَامٌ مِنْ أَبِيهِ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ عن أبيه

وروى هذا الحديث عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَرِّ وَالثَّوْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يُحِلَّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ جَعْفَرٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ حِينَ أَحَلَّ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حدثنا ابن إدريس عن يحيى ابن سعيد عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَطْيَبِ مَا أَجِدُ لِحُرْمِهِ وَلِحِلِّهِ وَحِينَ يُرِيدُ أَنْ يَزُورَ الْبَيْتَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ عَنْ عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ

قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ طَيَّبْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَيَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ بِطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سفيان عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي هَاتَيْنِ لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ قَالَتْ وَلَا أَعْلَمُ أَنَّ الْمُحْرِمَ يُحِلُّهُ غَيْرُ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا وَجِيهُ بْنُ الْحَسَنِ قال حدثنا بكار ابن قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ ابن مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا التيميم قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهَبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ وَأَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ حِينَ حَلَّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمان عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بن إسماعيل الترميذي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ

عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي هَاتَيْنِ لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ فِيهِ عَنْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَطَيَّبْتُهُ لِإِحْلَالِهِ طِيبًا لَا يُشْبِهُ طِيبَكُمْ هَذَا يَعْنِي لَيْسَ لَهُ بَقَاءٌ هَكَذَا رَوَاهُ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عثما ابن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي هَاتَيْنِ بِأَطْيَبِ الطِّيبِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سفيان ابن عُيَيْنَةَ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ هِشَامٌ يَرْوِيهِ عَنِّي وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ سَأَلْتُهَا بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتِ تُطَيِّبِينَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ بِأَطْيَبِ طِيبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ سَمِعَ عُرْوَةَ وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُخْبِرَانِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالذَّرِيرَةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي الْحِلِّ وَالْإِحْرَامِ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي هَاتَيْنِ بِأَطْيَبِ مَا أَجِدُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الوزير قال حدثنا شعيب ابن اللَّيْثِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ بِأَطْيَبِ مَا أَجِدُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَاحِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الْمِسْكِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا في موضع المسك الطيب ورواه عبد الرحمان بْنُ الْأَسْوَدِ وَأَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الْمِسْكِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ أَبُو الزِّنْبَاعِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدِ بْنُ أَبِي الْغَمْرِ قَالَ حدثنا يعقوب بن عبد الرحمان الزُّهْرِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغَالِيَةِ الْجَيِّدَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ وَهَذَا الْإِسْنَادِ لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا أَبُو زَيْدِ بْنُ أَبِي الْغَمْرِ وَقَدْ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصُ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُلَبِّي حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحُرْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ بَعْدَ مَا رَمَى الْجَمْرَةَ وَقَبْلَ أَنْ يَزُورَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أبي

إِسْحَاقَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَطَيَّبُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ فَتَرَى أَثَرَ الطِّيبِ فِي مفرقه بعد ذلك بثلاث أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عطاء ابن السَّائِبِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رَأَيْتُ بَصِيصَ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنِ الأسود ابن يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ رَأَيْتُ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى الْقَوْلِ بِهَذِهِ الْآثَارِ وَقَالُوا لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَيَّبَ الْمُحْرِمُ قَبْلَ إِحْرَامِهِ بِمَا شَاءَ مِنَ الطِّيبِ وَمِسْكًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يَبْقَى عَلَيْهِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَلَا يَضُرُّهُ بَقَاؤُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ إِذَا تَطَيَّبَ قَبْلَ إِحْرَامِهِ لِأَنَّ بَقَاءَ الطِّيبِ عَلَيْهِ لَيْسَ بِابْتِدَاءٍ مِنْهُ وَلَيْسَ بِمُتَطَيِّبٍ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَإِنَّمَا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ التَّطَيُّبُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ قَالُوا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَيَّبَ أَيْضًا إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَحُجَّتُهُمْ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ وَقَدْ عَمِلَتْ بِهِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ الله ابن عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ

وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعَيْنِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَيَّبَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَبَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابن يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ عَائِشَةَ تَنْكُتُ فِي مَفَارِقِهَا الطِّيبَ قَبْلَ أَنْ تُحْرِمَ ثُمَّ تُحْرِمُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كان سعد يتطيب عند اطلإحرام بِالذَّرِيرَةِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ مِثْلَهُ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عيينة بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بِالطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بَأْسًا قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ ابن جَعْفَرٍ يُمَوِّتُ الْمِسْكَ ثُمَّ يَجْعَلُهُ عَلَى يَافُوخِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى قَالَ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَفِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ مِنَ الطِّيبِ وَهُوَ مُحْرِمٌ مَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ لَاتَّخَذَ مِنْهُ رَأْسَ مَالِهِ

قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ يَتَطَيَّبُ بِالْغَالِيَةِ الْجَيِّدَةِ عِنْدَ إِحْرَامِهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالطِّيبِ عِنْدَ إِحْرَامِهِ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ زَيْنَبَ أَنَّ أَبَا سعيد الخذري كَانَ يَدَّهِنُ بِأَلْبَانٍ عِنْدَ الْإِحْرَامِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا الْأَسْلَمِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنِّي لَأَتَطَيَّبُ بِأَجْوَدِ مَا أَجِدُ مِنَ الطِّيبِ إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أُحْرِمَ وَإِذَا حَلَلْتُ قَبْلَ أَنْ أُفِيضَ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ بَسَّامٍ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يُغَلِّفُ رَأْسَهُ بِالْغَالِيَةِ الْجَيِّدَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُرْوَةَ كَانَ يَتَطَيَّبُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِأَلْبَانٍ وَالذَّرِيرَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْقَاسِمِ وَالشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَطَيَّبَ الْمُحْرِمُ قَبْلَ إِحْرَامِهِ بِمَا يَبْقَى عَلَيْهِ رَائِحَتُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَإِذَا أَحْرَمَ حَرُمَ عَلَيْهِ الطِّيبُ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَهَذَا مَذْهَبُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ بْنِ أبي العاصي وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَالزُّهْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّحَاوِيِّ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ الرَّجُلَ الَّذِي أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ طِيبٌ خَلُوقٌ أَوْ غيره

وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ أَنْ يَنْزِعَ عَنْهُ الْجُبَّةَ وَيَغْسِلَ الطِّيبَ وَادَّعَوُا الْخُصُوصَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ لِأَنَّ الرسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَمْلَكَ النَّاسِ لِأَرَبِهِ وَلِأَنَّ مَا يُخَافُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ تَذَكُّرِ الْجِمَاعِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ فِي الْإِحْرَامِ مَأْمُونٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا لَوْ كَانَ عَلَى عُمُومِهِ لِلنَّاسِ عَامَّةً مَا خَفِيَ عَلَى عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِالْمَنَاسِكِ وَغَيْرِهَا وَجَلَالَتِهِمْ فِي الصَّحَابَةِ وَمَوْضِعُ عَطَاءٍ مِنْ عِلْمِ الْمَنَاسِكِ مَوْضِعُهُ وَمَوْضِعُ الزُّهْرِيِّ مِنْ عِلْمِ الْأَثَرِ مَوْضِعُهُ ذَكَرَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ لِعُمَرَ أَرِنِي نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يُنَزَّلُ عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبٌ أُظِلَّ بِهِ عَلَيْهِ مَعَهُ خَمْسَةُ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ بَعْدَمَا تَضَمَّخَ بِطِيبٍ فَسَكَتَ سَاعَةً فَجَاءَهُ الْوَحْيُ فَأَشَارَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى بِيَدِهِ أَنْ تَعَالَى فَجَاءَ وَأَدْخَلَ رَأْسَهُ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ كَذَلِكَ سَاعَةً ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ آنِفًا فَالْتَمَسَ الرَّجُلَ فَأُتِيَ بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ عَنْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ كَانَ عَطَاءٌ يَأْخُذُ فِي الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَكَانَ عَطَاءٌ يَكْرَهُ الطِّيبَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَيَقُولُ إِنْ كَانَ بِهِ شَيْءٌ مِنْهُ فَلْيَغْسِلْهُ وَلِيُنَقِّهِ وَكَانَ يَأْخُذُ بِشَأْنِ صَاحِبِ الْجُبَّةِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ

وَكَانَ شَأْنُ صَاحِبِ الْجُبَّةِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَالْآخِرُ فَالْآخِرُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَذْهَبُ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي هَذَا الْبَابِ خِلَافُ مَذْهَبِ عَطَاءٍ وَحُجَّتُهُ أَنَّ الْآخِرَ يَنْسَخُ الْأَوَّلَ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ وَالْأَثَرِ أَنَّ قِصَّةَ صَاحِبِ الْجُبَّةِ كَانَتْ عَامَ حُنَيْنٍ بِالْجِعْرَانَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ وَذَلِكَ سَنَةَ عَشْرٍ فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ الْخُصُوصُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فَالْأَمْرُ فِيهِ وَاضِحٌ جِدًّا وَقَدْ ذكرنا خبر يعلى ابن أُمَيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ صَاحِبِ الْجُبَّةِ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى في باب حميد ابن قَيْسٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَذَكَرْنَا هُنَاكَ كَثِيرًا مِنَ اعْتِلَالِ الطَّائِفَتَيْنِ لِلْمَذْهَبَيْنِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَجَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ طِيبًا وَهُوَ بِالشَّجَرَةِ فَقَالَ مَا هَذَا الرِّيحُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مِنِّي طَيَّبَتْنِي أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فتغيط عَلَيْهِ عُمَرُ وَقَالَ مِنْكَ لَعَمْرِي أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتَرْجِعَنَّ إِلَى أُمِّ حَبِيبَةَ فَلْتَغْسِلْهُ عَنْكَ كَمَا طَيَّبَتْكَ وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَأْخُذُ بِقَوْلِ عُمَرَ فِيهِ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ وَجَدَ رِيحَ طِيبٍ وَهُوَ بِالشَّجَرَةِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَزَادَ قَالَ فَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ إِلَيْهَا حَتَّى لَحِقَهُمْ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ وَمَالِكٌ عَنِ الصَّلْتِ بْنِ زُبَيْدٍ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَجَدَ رِيحَ طِيبٍ وَهُوَ

بِالشَّجَرَةِ وَإِلَى جَنْبِهِ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ فَقَالَ عُمَرُ مِمَّنْ هَذِهِ الرِّيحُ فَقَالَ كَثِيرٌ مِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَأَرَدْتُ أَنْ أَحْلِقَ قَالَ عُمَرُ فَاذْهَبْ إِلَى شَرَبَةٍ فَادْلُكْ رَأْسَكَ حَتَّى تُنْقِيَهُ فَفَعَلَ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الشَّرَبَةُ مُسْتَنْقَعُ الْمَاءِ عِنْدَ أُصُولِ الشَّجَرِ حَوْضٌ يَكُونُ مِقْدَارَ رَيِّهَا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ هُوَ الْحَوْضُ حَوْلَ النَّخْلَةِ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ وَأَنْشَدَ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْ شَاهِدِ الشِّعْرِ قَوْلَ زُهَيْرٍ ... يَنْهَضْنَ مِنْ شَرَبَاتٍ مَاؤُهَا طُحُلٌ ... عَلَى الْجُذُوعِ يَخَفْنَ الْغَمَّ وَالْغَرَقَا ... وَهَذَا مِمَّا عِيبَ عَلَى زُهَيْرٍ وَقَالُوا أَخْطَأَ لِأَنَّ خُرُوجَ الضَّفَادِعِ مِنَ الْمَاءِ لَيْسَ مَخَافَةَ الْغَرَقِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّهُنَّ يَبِضْنَ عَلَى شُطُوطِ الْمَاءِ ومن هذا قول كثير عزة ... من القلب مِنْ عِضْدَانِ هَامَةَ شُرِّبَتْ ... بِسَقْيٍ وَجَمَّتْ لِلنَّوَاضِحِ بِيرُهَا ... فَمَعْنَى قَوْلِهِ شُرِّبَتْ أَيْ جُعِلَتْ لَهَا شَرَبٌ وَالْعَضِيدُ وَالْعُضُدُ وَالْعُضْدَانِ قَالُوا بَنَاتُ النَّخْلِ وَالشَّرَبَاتُ جَمْعُ شَرَبَةٍ وَالشُّرَبُ جَمْعُ شُرْبٍ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وكيع قال حدثنا محمد بن قس عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ لَمَّا أَحْرَمُوا وَجَدَ عُمَرُ رِيحَ طِيبٍ فَقَالَ مِمَّنْ هَذِهِ الرِّيحُ فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ مِنِّي يا أمير المؤمنين قَالَ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ امْرَأَتَكَ عَطِرَةٌ أَوْ عَطَّارَةٌ إِنَّمَا الْحَاجُّ الْأَنْفَرُ الْأَغْبَرُ قَالَ وَحَدَّثَنَا أبو خالد الأحمد! عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَعَا بِثَوْبٍ

فَأُتِيَ بِثَوْبٍ فِيهِ رِيحُ طِيبٍ فَرَدَّهُ وَمَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ النَّاسَ بِعَرَفَةَ وَعَلَّمَهُمْ أَمْرَ الْحَجِّ وَقَالَ لَهُمْ فِيمَا قَالَ إِذَا جِئْتُمْ مِنًى فَمَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حَرُمَ عَلَى الْحَاجِّ إِلَّا النِّسَاءَ أَوِ الطِّيبَ لَا يَمَسَّ أَحَدٌ نِسَاءً وَلَا طِيبًا حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ الله عنه رأى رجلا قد تيطب عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ رَأْسَهُ بِطِينٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ مِسْعَرٍ وَسُفْيَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ لَأَنْ أُصْبِحَ مَطْلِيًّا بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَخُ طِيبًا فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَأَخْبَرْتُهَا بِقَوْلِهِ فَقَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَافَ فِي نِسَائِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا قَالَ وَأَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَقَالَ لَأَنْ أُطْلَى بِالْقَطِرَانِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ يَرْحَمُ الله أبا عبد الرحمان قَدْ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ يَنْضَخُ طِيبًا قَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَنْضَخُ طِيبًا وَتَقَصَّيْنَا الْقَوْلَ فِي الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ بِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الِاعْتِلَالِ وَالنَّظَرِ وَمَعَانِي الْأَثَرِ مُمَهَّدًا ذَلِكَ كُلُّهُ فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتْرُكُ الْمَجْمَرَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِجُمْعَتَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ بُرْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ تَرَكَ إِجْمَارَ ثِيَابِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِخَمْسَ عَشْرَةَ قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَرِهَ الطِّيبَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَقَالَ إِنْ كَانَ بِهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَلْيَغْسِلْهُ وَلْيُنَقِّهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ حِينَ يُحْرِمُ أَنْ يَدَّهِنَ بِدُهْنٍ فيه مسك أو أفواه ابو عَبِيرٌ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَتَطَيَّبَ الرجل عند إحرامه قال وحدثنا عبد العلى عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَ ذَلِكَ وَيُحِبُّ أَنْ يَحْيَى أَشْعَثَ أَغْبَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ بَعْدَ أَنْ يُحْرِمَ أَنْ يَمَسَّ شَيْئًا مِنَ الطِّيبِ حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَنَّهُ قَدْ حَلَّ لَهُ الطِّيبُ وَالنِّسَاءُ وَالصَّيْدُ وَكُلُّ شَيْءٍ وَتَمَّ حِلُّهُ وقضى حجه وههنا مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا تَنَازُعٌ عَلَى أُصُولِهِمْ هِيَ فُرُوعٌ لَيْسَ مِنْ شَرْطِنَا ذِكْرُهَا وَفِي هَذَا الْبَابِ لِلْفُقَهَاءِ حُجَجٌ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ قَدْ ذَكَرْنَا مِنْهَا مَا عَلَيْهِ مَدَارُ الْبَابِ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَطَاءٍ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ صَاحِبِ الْجُبَّةِ لَا وجه لاعادتها ههنا وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الطِّيبَ عِنْدَهُ لِلْإِحْرَامِ وَبَعْدَ الْعَقَبَةِ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُوهٌ وَمَالَ فِيهِ إِلَى اتِّبَاعِ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ لِقُوَّةِ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

ذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَرَبِيعَةَ أَنَّ الْوَلِيدَ ابن عَبْدِ الْمَلِكِ سَأَلَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَخَارِجَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بَعْدَ أَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ وَحَلَقَ رَأْسَهُ وَقَبْلَ أَنْ يُفِيضَ عَنِ الطِّيبِ فَنَهَاهُ سَالِمٌ وَأَرْخَصَ لَهُ خَارِجَةُ وَرَوَى جَمَاعَةٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَخَذَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِ خَارِجَةَ وَلَمْ يَرَ عَلَى مَنْ تَطَيَّبَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقَبْلَ أَنْ يَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ يَكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ فِي هَذَا بِقَوْلِ خَارِجَةَ تَرْكٌ لِقَوْلِ عُمَرَ وَمَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ عُمَرَ قَالَ مَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ الطِّيبُ فَهُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ إِنْ تَطَيَّبَ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ عَلَى مَذْهَبِ عُمَرَ وَقَدْ خَالَفَ مَالِكٌ عُمَرَ أَيْضًا فِي مَعْنَى حَدِيثِهِ هَذَا لِأَنَّ مَالِكًا يَقُولُ لَا يَحِلُّ الِاصْطِيَادُ لِمَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ وَلَمْ يَقُلْ وَالصَّيْدَ وَزَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ صَيْدٍ فَلِذَلِكَ اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحُجَّةُ مَالِكٍ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَمَنْ لَمْ يُفِضْ لَمْ يَحِلَّ كُلَّ الْحِلِّ لِأَنَّهُ حَرَامٌ مِنَ النِّسَاءِ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مَنْ رَمَى جَمْرَةً الْعَقَبَةِ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَإِذَا طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَحَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ بِإِجْمَاعٍ وَإِنَّمَا رَخَّصَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي الطِّيبِ لِمَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ

لِحَدِيثِ عَائِشَةَ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ تُرِيدُ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَرَخَّصَ فِي الصَّيْدِ مِنْ أَجْلِ قَوْلِ عُمَرَ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ وَلَمْ يَقُلْ وَالصَّيْدَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَمَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَدْ حَلَّ لَهُ الْحِلَاقُ وَالتَّفَثُ كُلُّهُ بِإِجْمَاعٍ فَقَدْ دَخَلَ تَحْتَ اسْمِ الْإِحْلَالِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ضُرُوبٌ مِنَ الِاعْتِلَالِ تَرَكْتُهَا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

حديث سابع لعبد الرحمن بن القاسم

حديث سابع لعبد الرحمان بن القاسم مالك عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ حَاضَتْ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَابِسَتُنَا هِيَ فقيل إنا قَدْ أَفَاضَتْ قَالَ فَلَا إِذًا صَفِيَّةُ هَذِهِ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ إِحْدَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرْنَاهَا وَأَخْبَارَهَا فِي كِتَابِ النِّسَاءِ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعَانِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا فِيهِ لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالْوُجُوهِ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا إن شاء الله

حديث ثامن لعبد الرحمن بن القاسم

حديث ثامن لعبد الرحمان بن القاسم مالك عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّهَا وَلَدَتْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِالْبَيْدَاءِ فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُرْهَا فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَّ أَهَلَّ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا عِنْدَ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا أَنَّ بَعْضَ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ يَقُولُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَسْمَاءَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا وَلَدَتْ وَالْقَاسِمُ لَمْ يَلْقَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ فَهُوَ مُرْسَلٌ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَقَدْ ذَكَرَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أصبغ حدثنا بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ خَرَجَ حَاجًّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَوَلَدَتْ بِالشَّجَرَةِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ ثُمَّ تُهِلَّ بِالْحَجِّ ثُمَّ تَصْنَعَ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ إِلَّا أَنَّهَا لا تطوف

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَيْضًا مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ وَهُوَ أَيْضًا مُرْسَلٌ وَمِنْهُمْ من يجلعل حَدِيثَ سَعِيدٍ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ كَذَلِكَ رواه ابن عيينة عن عبد الكري الْجَزَرِيِّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ نَفِسَتْ بِذِي الحليفة محمد بن أبي بكر فأمرها أبوبكر أَنْ تَغْتَسِلَ ثُمَّ تُهِلَّ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وعمرو بن الحارث أنهم أخبروه من ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إِنْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَكَانَتْ عَارِكًا أَنْ تَغْتَسِلَ ثُمَّ تُهِلَّ بِالْحَجِّ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَلْتَفْعَلِ الْمَرْأَةُ فِي الْعُمْرَةِ مَا تَفْعَلُ فِي الْحَجِّ وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مُتَّصِلًا مِنْ وُجُوهٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وجبار وَابْنِ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ نَفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ تَغْتَسِلَ وَتَرْحَلَ وَتُهِلَّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ حَتَّى إِذَا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَدَتْ أَسْمَاءُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَاسْتَفْتَى لَهَا أَبُو بَكْرٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُرْهَا فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَّ تُهِلَّ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَهُ وَلِهَذَا الِاخْتِلَافِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ أَرْسَلَهُ مَالِكٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَكَثِيرًا مَا كَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ وَقَدْ رَوَى قِصَّةَ أَسْمَاءَ هَذِهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَرَوَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ صَحِيحٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ كُلُّهُمْ يَأْمُرُ النُّفَسَاءَ بِالِاغْتِسَالِ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَتُهِلُّ بِحَجِّهَا وَعُمْرَتِهَا وَهِيَ كَذَلِكَ وحكمها حكم الحائض تقضي المناسك كلها وتشهدها غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو مَعْمَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ النُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ إِذَا أَتَتَا عَلَى الْوَقْتِ تَغْتَسِلَانِ وَتُحْرِمَانِ وَتَقْضِيَانِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ الطَّوَّافِ بِالْبَيْتِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عِيسَى عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ قَالَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاءَ وَهِيَ نُفَسَاءُ بِالْغُسْلِ عِنْدَ الْإِهْلَالِ وقوله في الحائض والنفساء أنهما تغسلان ثُمَّ تُحْرِمَانِ دَلِيلٌ عَلَى

تَأْكِيدِ الْغُسْلِ لِلْإِحْرَامِ إِلَّا أَنَّ جُمْهُورَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يُوجِبُونَهُ وَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا يُرَخِّصُونَ فِي تَرْكِهَا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ بَيِّنٍ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ اسْتَحَبَّ الْأَخْذَ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فِي الِاغْتِسَالِ لِلْإِهْلَالِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَبِذِي طُوًى لدخول مكة وند الوراح إِلَى عَرَفَةَ قَالَ وَلَوْ تَرَكَهُ تَارِكٌ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ شَيْئًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ وَلَا الْمَرْأَةُ الغسل عندا لإحرام إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ إِنِ اغْتَسَلَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ ثُمَّ مَضَى مِنْ فَوْرِهِ إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ فَأَحْرَمَ فَأَرَى غسله مجيزا عَنْهُ قَالَ وَإِنِ اغْتَسَلَ بِالْمَدِينَةِ غُدْوَةً ثُمَّ أَقَامَ إِلَى الْعَشِيِّ ثُمَّ رَاحَ إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ فَأَحْرَمَ قَالَ لَا يُجْزِئُهُ الْغُسْلُ إِلَّا أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَرْكَبَ مِنْ فَوْرِهِ أَوْ يَأْتِيَ ذَا الْحُلَيْفَةِ فَيَغْتَسِلَ إِذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ لَازِمٌ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِي تَرْكِهِ نَاسِيًا وَلَا عَامِدًا دَمٌ وَلَا فِدْيَةٌ قَالَ وَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْدَ الْإِهْلَالِ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ غُسْلًا وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا قَالَهُ قَالَ فَالْحَائِضُ تَغْتَسِلُ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْحَجِّ وَكَذَلِكَ النُّفَسَاءُ تَغْتَسِلَانِ لِلْإِحْرَامِ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ لَا تَغْتَسِلُ الحائض بذي طوى لأنها لاتطوف بِالْبَيْتِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ كَمَا تَغْتَسِلُ غَيْرُ الْحَائِضِ وَإِنْ لَمْ تَطُفْ

وذكر ابن خواز بنداد أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي الْغُسْلِ لِلْإِهْلَالِ أَنَّهُ سُنَّةٌ قَالَ وَهُوَ أَوْكَدُ عِنْدَهُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ السُّنَّةِ اخْتِيَارًا قَالَ وَمَنْ تَرَكَهُ فَقَدْ أَسَاءَ وَإِحْرَامُهُ صَحِيحٌ كَمَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ عَلَى غَيْرِ غُسْلٍ قَالَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ أَسَاءَ إِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ يُجْزِئُهُ الْوُضُوءُ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِهْلَالِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ قَالَ الْحَسَنُ إِذَا نَسِيَ الْغُسْلَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ فَإِنَّهُ يَغْتَسِلُ إِذَا ذَكَرَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ إِيجَابُهُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْوُضُوءَ يَكْفِي عَنْهُ

حديث تاسع لعبد الرحمن بن القاسم

حديث تاسع لعبد الرحمان بن القاسم مالك عن عبد الرحمان بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمان ومجمع ابني يزيد ابن جَارِيَةَ عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِدَامٍ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَرَدَّ نِكَاحَهَا وَقَدْ جَرَى مِنْ ذِكْرِ خَنْسَاءَ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِهِ لِأَنَّ الْقَائِلِينَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ يَقُولُونَ إِنَّ الثَّيِّبَ لَا يُزَوِّجُهَا وَلَيُّهَا أَبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ إِلَّا بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا وَمَنْ قَالَ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ فَهُوَ أَحْرَى بِاسْتِعْمَالِ هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ الَّذِينَ أَجَازُوا النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْقَائِلِينَ بِهَذِهِ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا وَذَكَرْنَا وُجُوهَهَا وَالِاعْتِلَالَ لَهَا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ وَمَدَارُ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ وَرَدَ أَنَّ الثَّيِّبَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهَا فِي نِكَاحِهَا إِلَّا مَا تَرْضَاهُ وَلَا أَعْلَمُ مُخَالِفًا فِي أَنَّ الثَّيِّبَ لَا يَجُوزُ لِأَبِيهَا وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِهَا إِكْرَاهُهَا عَلَى النِّكَاحِ إِلَّا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ فَإِنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ ذَكَرَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ

كَانَ يَقُولُ نِكَاحُ الْأَبِ جَائِزٌ عَلَى ابْنَتِهِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا أُكْرِهَتْ أَوْ لَمْ تُكْرَهْ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قال في الثيب بقول الحسن وذك عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الْأَخِ يُزَوِّجُ أُخْتَهُ الثَّيِّبُ بِرِضَاهَا وَالْأَبُ يُنْكِرُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى الْأَبِ قَالَ مَالِكٌ وَمَالَهُ وَلَهَا وَهِيَ مَالِكَةُ أَمْرِهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي الثَّيِّبِ لَا يَنْبَغِي لِأَبِيهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا حَتَّى يَسْتَأْمِرَهَا فَإِنْ أَمَرَتْهُ زَوَّجَهَا وَإِنْ لَمْ تَأْمُرْهُ لَمْ يُزَوِّجْهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَإِنْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا ثُمَّ بَلَّغَهَا كَانَ لَهَا أَنْ تُجِيزَهُ فَيَجُوزَ أَوْ تُبْطِلَهُ فَيَبْطُلَ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ أَصْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْقُرْبِ فَإِنَّهُ اسْتَحْسَنَ إِجَازَتَهُ لِأَنَّهُ كَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَفَوْرٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا أَبْطَلَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَلِيِّ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَرْأَةِ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَلَوْ بَلَغَ الْمَرْأَةَ فَأَنْكَرَتْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ طَلَاقٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نِكَاحٌ وَذُكِرَ عَنْ أَبِي ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَهُ الْبَالِغَ الْمُنْقَطِعَ عَنْهُ أَوِ ابْنَتَهُ الثَّيِّبَ وَهِيَ غَائِبَةٌ عَنْهُ فَيَرْضَيَانِ بِمَا فَعَلَ أَبُوهُمَا فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُقَامُ عَلَى هَذَا النِّكَاحِ وَإِنْ رَضِيَا لِأَنَّهُمَا لَوْ مَاتَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ قَالَ وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ

رَجُلٍ زَوَّجَ أُخْتَهُ ثُمَّ بَلَّغَهَا فَقَالَتْ مَا وَكَّلْتُ وَلَا أَرْضَى ثُمَّ كُلِّمَتْ فِي ذَلِكَ فَرَضِيَتْ قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَاهُ نِكَاحًا جَائِزًا وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَأْنِفَا نِكَاحًا جَدِيدًا إِنْ أَحَبَّتْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الثَّيِّبَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَإِنْ رَضِيَتْ قَالَ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ لِخَنْسَاءَ إِلَّا أَنْ تُجِيزِي قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ ذِكْرٌ بِمَنْ كَانَتْ خَنْسَاءُ تَحْتَهُ حِينَ آمَتْ مِنْهُ وَلَا مَنِ الَّذِي زَوَّجَهَا مِنْهُ أَبُوهَا فَكَرِهَتْهُ وَلَا إِلَى مَنْ صَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَتْ خَنْسَاءُ هَذِهِ تَحْتَ أُنَيْسِ بْنِ قَتَادَةَ فَآمَتْ مِنْهُ قُتِلَ عَنْهَا يَوْمَ أُحُدٍ فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا رَجُلًا مِنْ بَنِي عَوْفٍ فَكَرِهَتْهُ وَشَكَتْ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ ذَلِكَ التَّزْوِيجَ وَنَكَحَتْ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ قَرَأْتُ عَلَى خَلَفِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ سَعِيدَ بْنَ السَّكَنِ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابن عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْجُعْفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدَّتِهِ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِدَامٍ أَنَّهَا كَانَتْ أَيِّمًا مِنْ رَجُلٍ فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا رَجُلًا مِنْ بَنِي عَوْفٍ فَحَنَّتْ إِلَى أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ فَارْتَفَعَ شَأْنُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاهَا أَنْ يُلْحِقَهَا بِهَوَاهَا فَتَزَوَّجَتْ أَبَا لُبَابَةَ

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ سعيد بن عبد الرحمان الحجشي! عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أُنَيْسُ بْنُ قَتَادَةَ تَزَوَّجَ خَنْسَاءَ بِنْتَ خِدَامٍ فَقُتِلَ عَنْهَا يَوْمَ أُحُدٍ فَأَنْكَحَهَا أَبُوهَا رَجُلًا مِنْ بَنِي عَوْفٍ فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ أَبِي أَنْكَحَنِي رَجُلًا وَإِنَّ عَمَّ وَلَدِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهَا إِلَيْهَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ خِدَامًا أَبَا وَدِيعَةَ أَنْكَحَ ابْنَتَهُ رَجُلًا فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاشْتَكَتْ إِلَيْهِ أَنَّهَا أُنْكِحَتْ وَهِيَ كَارِهَةٌ فَانْتَزَعَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ زَوْجِهَا وَقَالَ لَا تُكْرِهُوهُنَّ فَنَكَحَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَا لُبَابَةَ الْأَنْصَارِيَّ وَكَانَتْ ثَيِّبًا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أُخْبِرْتُ أَنَّهَا خَنْسَاءُ ابْنَةُ خِدَامٍ مِنْ أَهْلِ قُبَاءٍ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ آمَتْ خَنْسَاءُ بِنْتُ خِدَامٍ فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ فَأَتَتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ أبي زوجني وأناكارهة وَقَدْ مَلَكْتُ أَمْرِي قَالَ فَلَا نِكَاحَ لَهُ انْكِحِي مَنْ شِئْتِ فَرَدَّ نِكَاحَهُ وَنَكَحَتْ أَبَا لبابة الأنصاري

حديث عاشر لعبد الرحمن بن القاسم مرسل، يتصل من وجه صالح

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ سعيد بن عبد الرحمان الحجشي! عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أُنَيْسُ بْنُ قَتَادَةَ تَزَوَّجَ خَنْسَاءَ بِنْتَ خِدَامٍ فَقُتِلَ عَنْهَا يَوْمَ أُحُدٍ فَأَنْكَحَهَا أَبُوهَا رَجُلًا مِنْ بَنِي عَوْفٍ فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ أَبِي أَنْكَحَنِي رَجُلًا وَإِنَّ عَمَّ وَلَدِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهَا إِلَيْهَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ خِدَامًا أَبَا وَدِيعَةَ أَنْكَحَ ابْنَتَهُ رَجُلًا فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاشْتَكَتْ إِلَيْهِ أَنَّهَا أُنْكِحَتْ وَهِيَ كَارِهَةٌ فَانْتَزَعَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ زَوْجِهَا وَقَالَ لَا تُكْرِهُوهُنَّ فَنَكَحَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَا لُبَابَةَ الْأَنْصَارِيَّ وَكَانَتْ ثَيِّبًا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أُخْبِرْتُ أَنَّهَا خَنْسَاءُ ابْنَةُ خِدَامٍ مِنْ أَهْلِ قُبَاءٍ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ آمَتْ خَنْسَاءُ بِنْتُ خِدَامٍ فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ فَأَتَتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ أبي زوجني وأناكارهة وَقَدْ مَلَكْتُ أَمْرِي قَالَ فَلَا نِكَاحَ لَهُ انْكِحِي مَنْ شِئْتِ فَرَدَّ نِكَاحَهُ وَنَكَحَتْ أَبَا لبابة الأنصاري

الْقِيَامَةِ انْقَطَعَ الْوَحْيُ وَمَاتَتِ النُّبُوَّةُ وَكَانَ أَوَّلُ ظهرو الشَّرِّ بِارْتِدَادِ الْعَرَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ ذكره كان أَوَّلَ انْقِطَاعِ الْخَيْرِ وَأَوَّلَ نُقْصَانِهِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ مَا نَفَضْنَا أَيْدِيَنَا مِنْ تُرَابِ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا وَلَقَدْ أَحْسَنَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ فِي نَظْمِهِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ حَيْثُ يَقُولُ ... اصْبِرْ لِكُلِّ مُصِيبَةٍ وَتَجَلَّدِ ... وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَرْءَ غير مخلد ... ... ... أو ما تَرَى أَنَّ الْمَصَائِبَ جَمَّةٌ ... وَتَرَى الْمَنِيَّةَ لِلْعِبَادِ بِمَرْصَدِ ... ... ... مَنْ لَمْ يُصَبْ مِمَّنْ تَرَى بِمُصِيبَةٍ ... ... هَذَا سَبِيلٌ لَسْتَ فِيهِ بِأَوْحَدِ ... ... ... وَإِذَا ذَكَرْتَ مُحَمَّدًا وَمُصَابَهُ ... فَاجْعَلْ مُصَابَكَ بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدِ ... وَأَحْسَنَ الرَّاجِزُ فِي قَوْلِهِ ... لَوْ كُنْتَ يَا أَحْمَدُ فِينَا حَيَّا ... إِذًا رَشَدْنَا وَفَقَدْنَا الْغَيَّا ... ... بِأَبٍ أَنْتَ وَأُمِّي مِنْ نَبِيِّ ... لَمْ تَرَ عَيْنَايَ وَلَا عَيْنُ أَبِي ... ... مَا حَلَّ مِنْ بَعْدِكَ فِي الْإِسْلَامِ ... مِنَ الْأَذَى وَالْفِتَنِ الْعِظَامِ ... ... أَلَيْسَ مِنْ بَعْدِكَ قَلَّ الْعَدْلُ ... وَكَثُرَ الْجَوْرُ وَشَاعَ الْقَصْلُ ... وَلِأَبِي الْعَتَاهِيَةِ ... لَنَا فِكْرَةٌ فِي أَوَّلِينَا وَعِبْرَةٌ ... بِهَا يَقْتَدِي ذُو الْعَقْلِ مِنَّا وَيَهْتَدِي ... ... لِكُلِّ أَخِي ثُكْلٍ عَزَاءٌ وَأُسْوَةٌ ... إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ التُّقَى فِي مُحَمَّدِ

وَرَحِمَ اللَّهُ أَبَا الْعَتَاهِيَةِ فَلَقَدْ أَحْسَنَ حَيْثُ يَقُولُ ... لِمَنْ تَبْتَغِي الذِّكْرَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ... إِذَا كُنْتَ لِلنَّبِيِّ الْمُطَهَّرِ نَاسِيَا ... ... ... تَكَدَّرْ مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ ... عَلَيْهِ سَلَامُ اللَّهِ مَا كَانَ صَافِيَا ... ... فَكَمْ مِنْ مَنَارٍ كَانَ أَوْضَحَهُ لَنَا ... وَمِنْ عِلْمٍ أَضْحَى وَأَصْبَحَ عَافِيَا ... ... رَكَنَّا إِلَى الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ بَعْدَهُ ... وَكَشَّفَتِ الطِّمَاعُ مِنَّا الْمَسَاوِيَا ... فِي شِعْرٍ طَوِيلٍ مُحْكَمٍ عَجِيبٍ لَهُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ مَنْصُورٍ الْفَقِيهِ ... أَلَا أيها النفس النئوم تنبهي ... وألقي إِلَيَّ السَّمْعَ إِلْقَاءَ حَازِمَهْ ... ... ضَلَالٌ وَإِدْخَانٌ وَظَنٌّ مُكَذَّبُ ... رَجَاؤُكِ أَنْ تَبْقَيْ عَلَى الدَّهْرِ سَالِمَهْ ... ... وَقَدْ غُصَّ بِالْكَأْسِ الْكَرِيهَةِ أَحْمَدُ ... وَمَاتَ فَمَاتَ الْحَقُّ إِلَّا مَعَالِمَهْ ... ... ... عَلَيْهِ سَلَامُ اللَّهِ مَا فُضِّلَ الَّذِي ... وَصَدَّقَ ذُو الشُّحِّ الْمُطَاعُ لِوَائِمَهْ ... أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بَكْرٌ الْعَطَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ غالب قال حدثني الليث ابن سَعْدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُهُ فَلْيَتَذَكَّرْ مُصِيبَتَهُ بِي فَإِنَّهُ سَتَهُونُ عَلَيْهِ مُصِيبَتُهُ هَكَذَا كَتَبْتُهُ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ أَصْلِهِ وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ اللَّيْثُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان وَهُوَ غَيْرُ مُتَّصِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَسَعِيدُ بْنُ سَيِّدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الله ابن جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُصْعَبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شرحبيل عن أبي سلمة بن

عبد الرحمان عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ أُصِيبَ مِنْكُمْ بِمُصِيبَةٍ فَلْيَتَعَزَّ بِي عَنْ مُصِيبَتِهِ الَّتِي تُصِيبُهُ فَإِنَّهُ لَنْ يُصَابَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي بَعْدِي بِمِثْلِ مُصِيبَتِهِ بِي وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ سَابِطٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَصَابَتْ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ فَلْيَذْكُرْ مُصَابَهُ بِي وَلْيُعَزِّهِ ذَلِكَ مِنْ مُصِيبَتِهِ (حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زيد القاضي بمصر قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَدَّادِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إِذَا عُزِّيَ عَنْ مَيِّتٍ قَالَ لِوَلِيِّهِ لَيْسَ مَعَ الْعَزَاءِ مُصِيبَةٌ وَلَا مَعَ الْجَزَعِ فَائِدَةٌ وَالْمَوْتُ أَهْوَنُ مَا بَعْدَهُ وَأَشَدُّ مَا قَبْلَهُ اذْكُرُوا فَقْدَ نَبِيِّكُمْ تَهُونُ عِنْدَكُمْ مُصِيبَتُكُمْ صَلَّى الله عليه وسلم وأعظم أجركم)

تابع لحرف العين

عبد الرحمان بْنُ حَرْمَلَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيُّ أَبُو حَرْمَلَةَ مَدَنِيٌّ صَالِحُ الْحَدِيثِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ وَلَمْ يَكُنْ بِالْحَافِظِ وَكَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ يَغْمِزُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ حرمة قال كنت سيء الْحِفْظِ فَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَرَخَّصَ لِي فِي الْكِتَابِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِحَرْمَلَةَ وَالِدِ عبد الرحمان هَذَا صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يغني عن ذكره ههنا وتوفي عبد الرحمان بْنُ حَرْمَلَةَ فِي خِلَافَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّفَّاحِ وَقِيلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ لِمَالِكٍ عَنْ عبد الرحمان بْنِ حَرْمَلَةَ هَذَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا مُتَّصِلٌ وَالْأَرْبَعَةُ مُرْسَلَةٌ

حديث أول لعبد الرحمان بن حرملة متصل مالك عن عبد الرحمان بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَرَاهِيَةُ الوحدة في السفر وأنى هَذَا الْحَدِيثُ بِلَفْظِ الرَّاكِبِ وَيَدْخُلُ الرَّاجِلُ فِي مَعْنَاهُ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَلَمْ تَخْتَلِفِ الْآثَارُ فِي كَرَاهِيَةِ السَّفَرِ لِلْوَاحِدِ وَاخْتَلَفَتْ فِي الِاثْنَيْنِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي الثَّلَاثَةِ فَمَا زَادَ أَنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ جَائِزٌ وَإِنَّمَا وَرَدَتِ الْكَرَاهِيَةُ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْوَحِيدَ إِذَا مَرِضَ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُمَرِّضُهُ وَلَا يَقُومُ عَلَيْهِ وَلَا يُخْبِرُ عَنْهُ وَنَحْوَ هَذَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ يُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَارِجًا مِنْ مَكَّةَ فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَحِبْتَ مِنْ أَحَدٍ قَالَ لَا قَالَ الْوَاحِدُ شَيْطَانٌ وَالِاثْنَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَى هَذَا وَقَوْلُنَا فِيهِ أَبْسُطُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ كَانَ مُجَاهِدٌ يُنْكِرُ هَذَا الْحَدِيثَ مَرْفُوعًا وَيَجْعَلُهُ قَوْلَ عُمَرَ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ

مُجَاهِدٍ لِأَنَّ الثِّقَاتِ رَوَوْهُ مَرْفُوعًا وَخَبَرُ مُجَاهِدٍ أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قِيلَ لَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْوَاحِدُ فِي السَّفَرِ شَيْطَانٌ وَالِاثْنَانِ شَيْطَانَانِ قَالَ لَا لَمْ يَقُلْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَخَبَّابَ بْنَ الْأَرَتِّ سَرِيَّةً وَبَعَثَ دَحْيَةَ سَرِيَّةً وَحْدَهُ وَلَكِنْ قَالَ عُمَرُ يَحْتَاطُ لِلْمُسْلِمِينَ كُونُوا فِي أَسْفَارِكُمْ ثَلَاثَةً إِنْ مَاتَ وَاحِدٌ وَلِيَهُ اثْنَانِ الْوَاحِدُ شَيْطَانٌ وَالِاثْنَانِ شَيْطَانَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ معنى الشيطان ههنا الْبَعِيدُ مِنَ الْخَيْرِ فِي الْأُنْسِ وَالرِّفْقِ وَهَذَا أَصْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي اللُّغَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ نَوَى شَطُونٌ أَيْ بَعِيدَةٌ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَةَ رَكْبٌ وَأَنَّ حُكْمَهُمْ نَحْوُ حُكْمِ الْعَسْكَرِ مَا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرِ بْنِ بِرِّيٍّ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ قَالَ نَافِعٌ فَقُلْنَا لِأَبِي سَلَمَةَ فَأَنْتَ أَمِيرُنَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الاثنين لَيْسَا بِجَمَاعَةٍ فَتَدَبَّرْهُ تَجِدْهُ كَذَلِكَ إِنْ شَاءَ الله

الحديث الثاني

حديث ثان لعبد الرحمان بن حرملة مرسل مالك عن عبد الرحمان بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّيْطَانُ يَهُمُّ بِالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ فَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً لَمْ يَهُمَّ بِهِمْ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ لِلْمُوَطَّأِ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ مُسْنَدًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْكُوفِيِّ بِالْكُوفَةِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ قال حدثنا عبد الرحمان بن أبي الزناد عن عبد الرحمان ابن حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَهُمُّ بِالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ فَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً لَمْ يَهُمَّ بِهِمْ وَهَذَا فِي مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الِاثْنَيْنِ لَا يُحْكَمُ لَهُمَا بِحُكْمِ الْجَمَاعَةِ إِلَّا فِيمَا خَصَّتْهُ السُّنَّةُ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعَرَبُ أَنَّ نُونَ الِاثْنَيْنِ مَكْسُورَةٌ وَنُونَ الْجَمْعِ مَفْتُوحَةٌ فَفَرَّقَتْ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالْجَمَاعَةِ وَمَعْنَاهُ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ مِنْهَا مَا رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زَرٍّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أبعد

وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ سَمُرَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَرَوَى غَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ حُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرَهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ أَبَدًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى بْنِ جَمِيلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعَتَكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ أَبُو يَزِيدَ الرَّقِّيُّ عَنْ يَحْيَى الْمَدِينِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْتُ مَرَّةً لِسَفَرٍ فَمَرَرْتُ بِقَبْرٍ مِنْ قُبُورِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِذَا رجل قد خرج من القبر يتأجج نارا فِي عُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ وَمَعِي إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ فَلَمَّا رَآنِي قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ اسْقِنِي قَالَ فَقُلْتُ عَرَفَنِي فَدَعَانِي بِاسْمِي أَوْ كَلِمَةٌ تَقُولَهَا الْعَرَبُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِذْ خَرَجَ عَلَى إِثْرِهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَبْرِ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَسْقِهِ فَإِنَّهُ كَافِرٌ ثُمَّ أَخَذَ السِّلْسِلَةَ فَاجْتَذَبَهُ فَأَدْخَلَهُ الْقَبْرَ قَالَ ثُمَّ أَضَافَنِي اللَّيْلُ إِلَى بَيْتِ عَجُوزٍ إِلَى جَانِبِهَا قَبْرٌ فَسَمِعْتُ مِنَ الْقَبْرِ صَوْتًا يَقُولُ بَوْلٌ وَمَا بَوْلٌ شَنٌّ وَمَا شَنٌّ فَقُلْتُ لِلْعَجُوزِ مَا هَذَا قَالَتْ كَانَ زَوْجًا لِي وَكَانَ إِذَا بَالَ لَمْ يَتَّقِ الْبَوْلَ وَكُنْتُ أَقُولُ لَهُ وَيْحَكَ إِنَّ الْجَمَلَ إِذَا بَالَ تَفَاجَّ وَكَانَ يَأْبَى فَهُوَ يُنَادَى مِنْ يَوْمِ مَاتَ بَوْلٌ وَمَا بَوْلٌ قُلْتُ فَمَا الشَّنُّ قَالَتْ جَاءَ رَجُلٌ عَطْشَانُ فَقَالَ اسْقِنِي فَقَالَ دُونَكَ الشَّنُّ فَإِذَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ فَخَرَّ الرَّجُلُ مَيِّتًا فَهُوَ يُنَادَى مُنْذُ يَوْمِ مَاتَ شَنٌّ وَمَا شَنٌّ فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ فَنَهَى أَنْ يُسَافِرَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ وَرُوَاتُهُ مَجْهُولُونَ وَلَمْ نُورِدْهُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ وَلَكِنْ لِلِاعْتِبَارِ وَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُكْمٌ فَقَدْ تَسَامَحَ النَّاسُ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الضُّعَفَاءِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ بِجُدَّةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَأَتَيْتُهُ بِطَرَفٍ مِنْ طَرَفِ مَكَّةَ وَأَمْشَاطٍ مِنْ عَاجٍ وَسِرْتُ لَيْلَتِي فَصَبَّحْتُهُ وَهُوَ قَاعِدٌ فِي مَجْلِسِهِ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَلَمَّا رَآنِي رَحَّبَ بِي ثُمَّ قَالَ أَبَا عُمَرَ مَتَّى فَارَقْتَ مَكَّةَ قُلْتُ اللَّيْلَةَ عَشِيًّا قَالَ مَنْ جَاءَ مَعَكَ قلت ما جاء معي أحد قال بئسما صَنَعْتَ أَمَا بَلَغَكَ أَنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ وَالثَّلَاثَةُ صَحَابَةٌ إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ دَفَنَهُ صَاحِبَاهُ قَالَ فَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ الْهَدِيَّةَ فَأَعْجَبَتْهُ فَقَالَ أَمَّا هَذِهِ الْأَمْشَاطُ الْعَاجُ فَلَا حَاجَةَ لَنَا بِهَا قَدْ كُنَّا مُدَّةً نَمْتَشِطُ بِهَا فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ بِمَعْنَى بِعِيدٍ كَمَا قِيلَ اللَّهُ أَكْبَرُ بِمَعْنَى كَبِيرٍ وَهَذَا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ مَوْجُودٌ كَثِيرٌ

الحديث الثالث

حديث ثالث لعبد الرحمان بْنِ حَرْمَلَةَ مُرْسَلٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ مَالِكٌ عن عبد الرحمان بْنِ حَرْمَلَةَ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ شُهُودُ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ لَا يَسْتَطِيعُونَهُمَا أَوْ نَحْوَ هَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ أَوْ نَحْوَ هَذَا شَكٌّ مِنَ الْمُحَدِّثِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِرْسَالِهِ وَلَا يُحْفَظُ هَذَا اللَّفْظُ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُسْنَدًا وَمَعْنَاهُ مَحْفُوظٌ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَقَدْ هَمَمْتُ بِالصَّلَاةِ تُقَامُ ثُمَّ آمُرُ بِحَطَبٍ الْحَدِيثَ فَحَدِيثٌ صَحِيحٌ أَيْضًا وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَقَالَ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَشَاءُ وَالصُّبْحُ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَجُمْهُورُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ صَلَاةُ الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ عَلَى مَا فِي تَرْجَمَةِ الْبَابِ وَفِي ذَلِكَ جَوَازُ تَسْمِيَةِ الْعَشَاءِ الْآخِرَةِ بِالْعَتَمَةِ وَرَدٌّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ النِّفَاقَ بَعِيدٌ مِنَ الَّذِينَ يُوَاظِبُونَ عَلَى شُهُودِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ وَمَنْ وَاظَبَ عَلَى هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ فِي جَمَاعَةٍ فَأَحْرَى أَنْ يُوَاظِبَ عَلَى غَيْرِهِمَا

قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ شَهِدَ مَعَنَا الصَّلَوَاتِ شَهِدْنَا لَهُ بِالْإِيمَانِ ثُمَّ تَلَا إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَمَّا الْآثَارُ الْمُسْنَدَةُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَمِنْهَا مَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ أَبِي طِنَّةَ وَبُكَيْرُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمُومَتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا يُشَاهِدُهُمَا مُنَافِقٌ يَعْنِي الْعَشَاءَ وَالْفَجْرَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أبي بشر قال حدثني أبوعمير بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَهِدَهُمَا مُنَافِقٌ يَعْنِي صَلَاةَ الْعِشَاءِ وَصَلَاةَ الصُّبْحِ قَالَ أَبُو بِشْرٍ وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ لَا يُحَافِظُ عَلَيْهِمَا مُنَافِقٌ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ النَّيْسَابُورِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَتِهِ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في صلاة الصبح والعشاء ما شهدهما مُنَافِقٌ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ كَامِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا إِذَا فَقَدْنَا الرَّجُلَ فِي هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ أَسَأْنَا بِهِ الظَّنَّ

الحديث الرابع

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ قَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهُ اللَّهُ مِنَ الَّذِينَ يَدْفَعُ بِهِمُ الْعَذَابَ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْجَمَاعَةِ الصُّبْحِ وَالْعَتَمَةِ وَرَوَى الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إن أَثْقَلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَصَلَاةُ الصُّبْحِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا ولو حبوا حديث رابع لعبد الرحمان بن حرملة مالك عن عبد الرحمان بْنِ حَرْمَلَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ أَعْتَمِرُ قَبْلَ أَنْ أَحُجَّ فَقَالَ سَعِيدٌ نَعَمْ قَدِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ يَتَّصِلُ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فيه كُلُّهُمْ يُجِيزُونَ الْعُمْرَةَ قَبْلَ الْحَجِّ لِمَنْ شَاءَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَهُمْ وَكُلُّهُمْ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ قَبْلَ حَجَّتِهِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْعُمْرَةِ وَفِي جَوَازِهَا فِي السَّنَةِ مِرَارًا عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ بِعَوْنِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ اعْتَمَرَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْحَجِّ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الفقهاء في وجوب العمرة فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَقَالَ فِي مُوَطَّئِهِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَرْخَصَ فِي تَرْكِهَا وَهَذَا اللَّفْظُ يُوجِبُهَا إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَهُ وَتَحْصِيلَ مَذْهَبِهِ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ الْعُمْرَةُ فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَمَسْرُوقٍ وَعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ (وَغَيْرِهِمْ) وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِسَائِلٍ سَأَلَهُ عَنِ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ قَالَ لَا وَلَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَكَ انْفَرَدَ بِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ خَبَّابٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْعُمْرَةُ وَاجِبَةٌ قَالَ لَا وَلَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَكَ وَمَا انْفَرَدَ بِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ الْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ بِأَسَانِيدَ لَا تَصِحُّ وَلَا تَقُومُ بِمِثْلِهَا حُجَّةٌ وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِيجَابِهَا أَيْضًا مَا لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ مِنْ جِهَةِ الإسناد

وَأَمَّا الصَّحَابَةُ فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِيجَابُ الْعُمْرَةِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَاخْتَلَفَ التَّابِعُونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَوْجَبَهَا بَعْضُهُمْ وَهُمُ الْأَكْثَرُ وَلَمْ يُوجِبْهَا بَعْضُهُمْ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْحِجَازِ عَلَى إِيجَابِهَا وَأَهْلُ الْكُوفَةِ لَا يُوجِبُونَهَا وَأَمَّا قول الله عز وجل وأتمو الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَمُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ قَالَتْ طَائِفَةٌ أَتِمُّوا بِمَعْنَى أَقِيمُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ هَكَذَا قَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَنَّ قوله عز وجل أَتِمُّوا بِمَعْنَى أَقِيمُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ هَكَذَا قَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتِمُّوا بِمَعْنَى أَقِيمُوا وَأَقِيمُوا بِمَعْنَى أَتِمُّوا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ بِمَعْنَى أَتِمُّوا وَقَالَ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ بِمَعْنَى أَقِيمُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ مَسْرُوقًا يَقُولُ أُمِرْتُمْ فِي الْقُرْآنِ بِإِقَامَةِ أَرْبَعٍ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَأَتِمُّوا الزَّكَاةَ وَأَقِيمُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمِسْوَرِ وَبُكَيْرُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ وَأَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ أُمِرْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِإِقَامَةِ أَرْبَعٍ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَإِقَامَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ قَالَ أَسَدٌ وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ أُمِرْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَإِقَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قَالَ وَالْعُمْرَةُ مِنَ الْحَجِّ بِمَنْزِلَةِ الزَّكَاةِ مِنَ الصَّلَاةِ

وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا خُوطِبَ بِهَذَا مَنْ دَخَلَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّ عَلَيْهِ إِتْمَامَهَا وَقَدْ قِيلَ فِي الْآيَةِ قَوْلٌ ثَالِثُ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قَوْلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ قَالَ إِتْمَامُهَا أَنْ تُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ وَمَوْضِعِكَ وَهَذَا فِي مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ الْإِتْمَامُ يَقَعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ روى عَنْ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَقَالَ إِتْمَامُهَا أَنْ تُحْرِمَ بِهَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو الْحَسَنِ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ قال حدثنا سعيد بن عبد الرحمان الْمَخْزُومِيُّ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجل وأتمو الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ وَاللَّهِ إِنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إِلَّا وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَاجَبَتَانِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ فَذَكَرَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَزَادَ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بن عمرو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ الْعُمْرَةَ هِيَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ

قَالَ سُفْيَانُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أُمِرْنَا بِإِقَامَةِ (أَرْبَعٍ) الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ سَعِيدُ بْنُ عبد الرحمان الْمَخْزُومِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ وَهُشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ المخزومي عن بن جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ عَطَاءٌ لَيْسَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحَدٌ إِلَّا عَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَاجَبَتَانِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا لِمَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِمَا سَبِيلًا إِلَّا أَهْلَ مَكَّةَ فَإِنَّ عَلَيْهِمْ حَجَّةً وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ عُمْرَةٌ مِنْ أَجْلِ طَوَافِهِمْ بِالْبَيْتِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ مِثْلَهُ سَوَاءً أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ قَرَأَ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ رَفْعًا وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَلَا أَرَاهَا إِلَّا تَطَوُّعًا قَالَ سَعِيدٌ وَسَمِعْتُ أَبِي قَرَأَ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ نَصْبًا وَقَالَ لَا أَرَاهَا إِلَّا وَاجِبَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمَ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ تَعَلَّقَ بِالشَّعْبِيِّ فِي قِرَاءَتِهِ هَذِهِ وَلَا تَابَعَهُ عَلَيْهَا وَالنَّاسُ عَلَى نَصْبِ الْعُمْرَةِ عَطْفًا عَلَى الْحَجِّ وَقِرَاءَةُ الشَّعْبِيِّ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةِ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْإِتْمَامَ يَجِبُ فِي الْعُمْرَةِ كَمَا يَجِبُ فِي الْحَجِّ لِمَنْ دَخَلَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِإِجْمَاعٍ وَلَوْ صَحَّتْ قِرَاءَةُ الشَّعْبِيِّ كَانَ فيها خلاف الإجماع وما خلافه مَرْدُودٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَجَّ لِلَّهِ كَمَا الْعُمْرَةُ لِلَّهِ فَلَا وَجْهَ لِقِرَاءَةِ الشَّعْبِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُنْبُوزٍ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ الْعُمْرَةُ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْعُمْرَةُ عَلَى النَّاسِ إِلَّا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ قَالُوا الْعُمْرَةُ وَاجِبَةٌ وَتُجْزِئُ مِنْهَا الْمُتْعَةُ قال وأخبرنا الثوري ومعمر عن داود ابن أَبِي هِنْدٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ الْعُمْرَةُ عَلَيْنَا فَرِيضَةٌ كَالْحَجِّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ أَتُجْزِئُنَا مِنْهَا الْمُتْعَةُ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْمُتْعَةُ فِي الْحَجِّ تَقْضِي قَالَ مَعْمَرٌ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ الْعُمْرَةُ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ قَالَ مَعْمَرٌ وَقَالَ قَتَادَةُ الْعُمْرَةُ وَاجِبَةٌ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْعُمْرَةُ وَاجِبَةٌ كَوُجُوبِ الْحَجِّ قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ قَالَا الْعُمْرَةُ وَاجِبَةٌ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ الْعُمْرَةُ وَاجِبَةٌ قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ قَيْسُ بْنُ رُومَانَ فَإِنَّ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ لَيْسَتْ وَاجِبَةً فَقَالَ كَذَبَ الشَّعْبِيُّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَؤُلَاءِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ وَاجِبَةٌ فَرْضًا كَالْحَجِّ وَخَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ سُنَّةٌ وَتَطَوُّعٌ عَلَى حَسْبِمَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ الْحَجُّ فَرِيضَةٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ الْعُمْرَةُ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِفَرِيضَةٍ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي جَوَازِ الْعُمْرَةِ مِرَارًا في سنة احدة فَقَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى لِأَحَدٍ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا وَكَرَّهَ عُمْرَتَيْنِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَنَعَ مِنْهَا الْحَاجَّ مَا لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْ آخِرِ عَمَلِهِ بِمِنًى وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْتَمِرْ عُمْرَتَيْنِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَاعْتَمَرَ ثَلَاثَ عُمَرَ أَوْ أَرْبَعًا كُلُّ عُمْرَةٍ مِنْهَا فِي سَنَةٍ وَمِنْ حُجَّتِهِ أَيْضًا فِي ذَلِكَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ فِي آخِرِ أَمْرِهَا إِذَا حَجَّتْ بَقِيَتْ بِمَكَّةَ حَتَّى يُهِلَّ الْمُحْرِمُ ثُمَّ تَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَتُهِلُّ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ فَكَانَ يَقَعُ حَجُّهَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَعُمْرَتُهَا فِي عَامٍ آخَرَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْعُمْرَةُ مُبَاحَةٌ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ قَالَ وَالْحَاجُّ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يَعْتَمِرُ مَتَى شَاءَ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ يَعْتَمِرُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا وَمَتَى شَاءَ إِلَّا الْحَاجُّ فَإِنَّهُ لَا يَعْتَمِرُ مَا دَامَ حَاجًّا قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اعْتَمَرَ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَائِشَةَ اعْتَمَرَتْ قَالَ الثَّوْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ مِرَارًا فِي السَّنَةِ وَقَالَ مَعْمَرٌ فِي حَدِيثِهِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ فِي سَنَةٍ قَالَ صَدَقَةُ فَقُلْتُ لِلْقَاسِمِ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَقَالَ أَعْلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَحَدٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَ السَّلَفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدِيمٌ مَعْرُوفٌ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ اعْتَمَرَتْ عَائِشَةُ فِي سَنَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنَ الْجُحْفَةِ مَرَّةً وَمَرَّةً مِنَ التَّنْعِيمِ وَمَرَّةً مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ فِي كُلِّ شَهْرٍ عُمْرَةٌ وَكَانَ يُكَرِّهُ عُمْرَتَيْنِ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ فِي كُلِّ شَهْرٍ عُمْرَةٌ قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كَانُوا لَا يَعْتَمِرُونَ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ لِمَنْ كَرِهَ الْعُمْرَةَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا حُجَّةً مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لِمِثْلِهَا وَالْعُمْرَةُ فِعْلُ خير وقد قال الله عز وَافْعَلُوا الْخَيْرَ فَوَاجِبٌ اسْتِعْمَالُ عُمُومِ ذَلِكَ وَالنَّدْبُ إِلَيْهِ حَتَّى يَمْنَعَ مِنْهُ مَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ بِهِ وَأَمَّا اعْتِمَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْحَجِّ فَقَدْ ذَكَرْنَا فِيهِ حديث ابن جريج عن عكرمة بن خالدن عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ وَهُوَ أَمْرٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْعِلْمُ بِالْأَثَرِ يُغْنِي عَنِ الْإِسْنَادِ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ مُتَّصِلٌ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عُمْرَتَهُ كَانَتْ وَالْمُشْرِكُونَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أَوْفَى قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَطُوفُ فَجَعَلْنَا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَرْمِيَهُ أَحَدُهُمْ أَوْ يُصِيبَهُ بِشَيْءٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَمْ يَكُنْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمَكَّةَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ وَهَذَا أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى الِاسْتِشْهَادِ عَلَيْهِ وَقَدِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ حَجَّتِهِ عُمَرًا قِيلَ ثَلَاثًا وَقِيلَ أَرْبَعًا وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ وَمَا جَاءَ فِيهِ مِنَ الْأَثَرِ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَنَزِيدُ ذَلِكَ بَيَانًا فِي بَابِ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شاء الله

الحديث الخامس

ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سرين عن كثير ابن أَفْلَحَ قَالَ سُئِلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ رَجُلٍ اعْتَمَرَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ فَقَالَ صَلَاتَانِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ قَالَ هِشَامٌ وَقَالَ الْحَسَنُ نُسُكَانِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ عَنْ سَعِيدٍ الجريري عن حيان ابن عُمَيْرٍ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ أَعْتَمِرُ قَبْلَ الْحَجِّ فَقَالَ نُسُكَانِ لِلَّهِ عَلَيْكَ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ قَالَ حَيَّانُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْعُمْرَةُ وَاجِبَةٌ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ قَالَ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ تَزْعُمُ أَنَّ الْعُمْرَةَ قَبْلَ الْحَجِّ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَكَيْفَ تَقْرَأُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ أَفَبِالدَّيْنِ تَبْدَأُ أَمْ بِالْوَصِيَّةِ وَقَدْ بَدَأَ بِالْوَصِيَّةِ حَدِيثٌ خَامِسٌ لعبد الرحمان بن حرملة مالك عن عبد الرحمان بْنِ حَرْمَلَةَ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَزَالُ الناس بخير ما علجوا الْفِطْرَ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهُوَ مُتَّصِلٌ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَيَتَّصِلُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ

عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سعد السَّاعِدِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ ما عجلوا الفطر وأخبرنا محمد إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ عَنْ خَالِدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ إِنَّ الْيَهُودَ يُؤَخِّرُونَ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ قُرَّةَ بْنِ حَيْوِيلَ الْمِصْرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي حَتَّى يُفْطِرَ وَلَوْ عَلَى شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ويونس يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُرِّبَ الْعَشَاءُ وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا الْمَغْرِبَ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي حَدِيثِهِ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ وَلَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ فَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا وَلِي عُمَرُ بْنُ

الْخَطَّابِ خَشِيَ أَنْ يَطُولَ الْمُكْثُ عَلَى الْعَشَاءِ فَقَدَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى الْعَشَاءِ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لِمَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ صَحِيحٌ وَفِي الْمُوَطَّأِ بِإِثْرِ هَذَا الْحَدِيثَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَا يُصَلِّيَانِ الْمَغْرِبَ حِينَ يَنْظُرَانِ إِلَى اللَّيْلِ الْأَسْوَدِ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَا ثُمَّ يُفْطِرَانِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ وَسَيَأْتِي فِقْهُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ شَاءَ اللَّهُ عز وجل

عبد الرحمن بن ابي عمرة

مالك عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ هَكَذَا قال فيه مالك عبد الرحمان بْنُ أَبِي عَمْرَةَ نِسْبَةً إِلَى جَدِّهِ وَهُوَ عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ يَرْوِي عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وعن عمه عبد الرحمان بْنِ أَبِي عَمْرَةَ وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَمَا أَظُنُّهُ سَمِعَ مِنْهُ وَلَا أَدْرَكَهُ وَإِنَّمَا يَرْوِي عَنْ عَمِّهِ عَنْهُ يَرْوِي عنه مالك وعبد الله ابن خَالِدٍ أَخُو عَطَّافِ بْنِ خَالِدٍ وَابْنُ أَبِي الموالي وغيرهم وأما عمه عبد الرحمان بْنُ أَبِي عَمْرَةَ فَمِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ يَرْوِي عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ وَغَيْرِهِمْ رَوَى عَنْهُ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ومحمد بن إبراهيم بن الحرث التَّيْمِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ وَغَيْرُهُمْ لِأَبِيهِ أَبِي عَمْرَةَ صُحْبَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَذَكَرْنَا نَسَبَهُ وَالِاخْتِلَافَ فِي اسْمِهِ فِي بَابِ الْبَاءِ وَفِي بَابِ الْكُنَى والحمد لله

مالك عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ أُمَّهُ أَرَادَتْ أَنْ تُوصِيَ ثُمَّ أَخَّرَتْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ تُصْبِحَ فَهَلَكَتْ وَقَدْ كَانَتْ هَمَّتْ بِأَنْ تَعْتِقَ قال عبد الرحمان فَقُلْتُ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَيَنْفَعُهَا أَنْ أَعْتِقَ عَنْهَا فَقَالَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أُمِّي هَلَكَتْ فَهَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ طَائِفَةٌ تَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ نَعَمْ أَعْتِقْ عَنْهَا مِنْهُمُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَرِوَايَةُ يَحْيَى قَائِمَةُ الْمَعْنَى صَحِيحَةٌ هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الْقَاسِمَ لَمْ يَلْقَ سَعْدَ بْنَ عبادة ولكن قصة سعد ابن عُبَادَةَ وَحَدِيثَهُ فِي ذَلِكَ قَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مُتَّصِلَةٍ وَمُنْقَطِعَةٍ صِحَاحٍ كُلِّهَا وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَغَيْرِهِ إِلَّا أَنَّ الرِّوَايَةَ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفَةُ الْمَعَانِي فَمِنْهَا الصَّدَقَةُ عَنِ الْمَيِّتِ وَمِنْهَا الْعِتْقُ عَنِ الْمَيِّتِ وَمِنْهَا الصِّيَامُ عَنِ الْمَيِّتِ وَمِنْهَا قَضَاءُ النَّذْرِ مُجْمَلًا فَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَمِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ فَلَمَّا قَدِمَ سَعْدٌ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَعِنْدَ مَالِكٍ أَيْضًا فِي هَذَا حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا فِي الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ وَأَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ فِي قِصَّةِ سَعِيدٍ هَذِهِ عَنْ سَعْدٍ وَغَيْرِهِ إِنَّمَا هِيَ فِي الصدقة

وَأَمَّا الْعِتْقُ فَلَا يَكَادُ يُوجَدُ إِلَّا مِنْ حديث مالك عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي عَمْرَةَ هَذَا وَأَمَّا الصِّيَامُ عَنِ الْمَيِّتِ فَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا مِنْ وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَمَّا النَّذْرُ فَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عباس أن سعد ابن عُبَادَةَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ فَقَالَ اقْضِهِ عَنْهَا فَأَمَّا الصَّدَقَةُ عَنِ الْمَيِّتِ فَمُجْتَمَعٌ عَلَى جَوَازِهَا لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهَا وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ عَنِ الْمَيِّتِ جَائِزٌ بِإِجْمَاعٍ أَيْضًا إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الْوَلَاءِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنَّ الْعِتْقَ إِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ فَالْوَلَاءُ لَهُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَوُجُوهَهَا فِي بَابِ رَبِيعَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَأَمَّا الصِّيَامُ عَنِ الْمَيِّتِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ فَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ وَلِيِّهِ إِذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ مِنْ رَمَضَانَ وَلَكِنَّهُ يُطْعِمُ عَنْهُ قَالَ أَكْثَرُهُمْ إِنْ شَاءَ وَكَذَلِكَ جُمْهُورُهُمْ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ لَا فِي نَذْرٍ وَلَا فِي غَيْرِ نَذْرٍ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ رَأَى أَنْ يَصُومَ وَلِيُّ الْمَيِّتِ عَنْهُ فِي النَّذْرِ دُونَ صِيَامِ رَمَضَانَ مِنْهُمْ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مَا كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ يُطْعِمُ عَنْهُ وَمَا كَانَ مِنْ صِيَامِ النَّذْرِ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَنْهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدِ بْنِ حَنْبَلٍ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَوَاءٌ وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنْ يَصُومَ عَنْهُ فِي كُلِّ صِيَامٍ عَلَيْهِ عَلَى عُمُومِ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلَيُّهُ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَلَى

اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ فِي جَوَازِ ذَلِكَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ وَذَكَرْنَا مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ مِنْ كِتَابِنَا عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ فَقَالَ اقْضِهِ عَنْهَا وَذَكَرْنَا هُنَاكَ حُكْمَ النَّذْرِ الْمُجْمَلَ وَكَفَّارَتَهُ وَمَا فِي ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي هَذَا الْبَابِ فَأَكْثَرُ مَا رُوِيَ فِيهِ الصَّدَقَةُ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ كَاسِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ سَعْدًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَلَمْ تُوصِ أَفَيَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا مِنْ مَالِهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ كَاسِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عمرو بن الحرث أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَلَمْ تُوصِ فَهَلْ تَنَالُهَا صَدَقَتِي إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ كَاسِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ سَعْدٌ الْأَنْصَارِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمَّ سَعْدٍ كَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ أَفَيَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا بَعْدَهَا قَالَ نَعَمْ وَعَلَيْكَ بِالْمَاءِ قَالَ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي الصَّعْبَةِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُسْقِيَ عنها الماء

قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بن عمرو بن شرحبيل عن سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أن أمه تُوُفِّيَتْ وَهُوَ غَائِبٌ فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ وَوَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي بِخَطِّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمٍ ابن هِلَالٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالِدَتِي كَانَتْ تَتَصَدَّقُ مِنْ مَالِي وَتَعْتِقُ مِنْ مَالِي حَيَاتِهَا فَقَدْ مَاتَتْ أَرَأَيْتَ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا أَوْ أَعْتَقْتُ عَنْهَا أَتَرْجُو لَهَا شَيْئًا قَالَ نَعَمْ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى صَدَقَةٍ قَالَ اسْقِ الْمَاءَ قَالَ فَمَا زَالَتْ جِرَارُ سَعْدٍ بِالْمَدِينَةِ بَعْدُ وَمِنْ أَحْسَنِ مَا يُرْوَى فِي الْعِتْقِ عَنِ الْمَيِّتِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ابن سُلَيْمَانَ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا بِأَرِيحَاءَ فَمَرَّ بِي وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلِمِيِّ فَأَجْلَسَهُ ثُمَّ جَاءَ إِلَيَّ فَقَالَ عَجَبٌ مَا حَدَّثَنِي الشَّيْخُ يَعْنِي وَاثِلَةَ قُلْتُ مَا حَدَّثَكَ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَأَتَى نَفَرٌ مِنْ بَنِي سَلِيمٍ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ صَاحِبَنَا قَدْ أَوْجَبَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً يُعْتِقُ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ من النار

قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بن عمرو بن شرحبيل عن سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أن أمه تُوُفِّيَتْ وَهُوَ غَائِبٌ فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ وَوَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي بِخَطِّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمٍ ابن هِلَالٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالِدَتِي كَانَتْ تَتَصَدَّقُ مِنْ مَالِي وَتَعْتِقُ مِنْ مَالِي حَيَاتِهَا فَقَدْ مَاتَتْ أَرَأَيْتَ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا أَوْ أَعْتَقْتُ عَنْهَا أَتَرْجُو لَهَا شَيْئًا قَالَ نَعَمْ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى صَدَقَةٍ قَالَ اسْقِ الْمَاءَ قَالَ فَمَا زَالَتْ جِرَارُ سَعْدٍ بِالْمَدِينَةِ بَعْدُ وَمِنْ أَحْسَنِ مَا يُرْوَى فِي الْعِتْقِ عَنِ الْمَيِّتِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ابن سُلَيْمَانَ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا بِأَرِيحَاءَ فَمَرَّ بِي وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلِمِيِّ فَأَجْلَسَهُ ثُمَّ جَاءَ إِلَيَّ فَقَالَ عَجَبٌ مَا حَدَّثَنِي الشَّيْخُ يَعْنِي وَاثِلَةَ قُلْتُ مَا حَدَّثَكَ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَأَتَى نَفَرٌ مِنْ بَنِي سَلِيمٍ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ صَاحِبَنَا قَدْ أَوْجَبَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً يُعْتِقُ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ من النار

عبد ربه بن سعيد بن قيس الأنصاري

عبدربه بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ أَخُو يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ لِمَالِكٍ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا مُرْسَلٌ وَهُوَ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَهْلِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيُّ لِجَدِّهِ قَيْسُ بْنُ عَمْرٍو صُحْبَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَنَسَبْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَيُقَالُ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ فَهْدِ بْنِ خَالِدٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَتُوُفِّيَ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَشُعْبَةُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ حَدِيثٌ أَوَّلٌ لَعَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان ابن الحرث بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ أُمَّيِ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَتَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جنبا من جماع غير احْتِلَامٍ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ يَصُومُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا يَرْوِي مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أبي بكر بن عبد الرحمان عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَخَالَفَهُ عَمْرُو بْنُ الحرث فَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بن عبد الرحمان أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حدثنا أحمد ابن الهيثم قاضي الثغر قال حدثنا مرملة قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ الْحِمْيَرِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ أَنَّ مَرْوَانَ أَرْسَلَهُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا عَنِ الرَّجُلِ يُصْبِحُ جُنُبًا يَصُومُ فَقَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ لَا حُلُمٍ ثُمَّ لَا يُفْطِرُ وَلَا يَقْضِي وَرَوَى قَوْمٌ هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَقَدْ سمعه أبو بكر بن عبد الرحمان بن الحرث مِنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ لِأَنَّهُ مَضَى مَعَ أَبِيهِ إِذْ أَرْسَلَهُ مَرْوَانُ إِلَيْهِمَا وَهَذَا ثَابِتٌ عَنْهُ مِنْ حَدِيثٍ سُمَيٍّ وَغَيْرِهِ مِنَ الثِّقَاتِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَشْهُورٌ يُسْتَغْنَى عَنِ الِاسْتِشْهَادِ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ فِي بَابِ سُمَيٍّ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ والتابعين من المذاهب فِي الْجُنُبِ يُصْبِحُ فِي رَمَضَانَ وَلَمْ يَغْتَسِلْ وَفِي الْحَائِضِ أَيْضًا تُصْبِحُ طَاهِرًا وَلَمْ تَغْتَسِلْ مُجَوَّدًا وَمُسْتَوْعَبًا فِي بَابِ أَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ مَعْمَرٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لَعَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ عن أبي سلمة بن عبد الرحمان أَنَّهُ قَالَ سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ الْحَامِلِ يَتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ آخِرُ الْأَجَلَيْنِ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِذَا وَلَدَتْ فَقَدْ حَلَّتْ فَدَخَلَ أَبُو سلمة بن عبد الرحمان عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِنِصْفِ شَهْرٍ فَخَطَبَهَا رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا شَابٌ وَالْآخَرُ كَهْلٌ فَحَطَّتْ إِلَى الشَّابِّ فَقَالَ الشَّيْخُ لَمْ تَحِلَّ بَعْدُ وَكَانَ أَهْلُهَا غُيَّبًا وَرَجَا إِذَا جاء أهلها أن يوثروه بِهَا فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ جَاءَ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى كَثِيرَةٍ ثَابِتَةٍ كُلُّهَا مِنْ رِوَايَةِ الْحِجَازِيِّينَ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَرَوِيَّ مِثْلُهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ وَجْهٍ مُنْقَطِعٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا عِدَّتُهَا آخَرُ الْأَجَلَيْنِ يَعْنِي إِنْ كَانَ الْحَمْلُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرٍ اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ وَإِنْ وَضَعَتْ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ أَكْمَلَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رُجُوعُهُ إِلَى حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي قِصَّةِ سُبَيْعَةَ وَمِمَّا يُصَحِّحُ هَذَا عَنْهُ أَنَّ أَصْحَابَهُ عِكْرِمَةَ وَعَطَاءً وَطَاوُسَ وَغَيْرَهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الْحَامِلُ عِدَّتُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا عَلَى حَدِيثِ سُبَيْعَةَ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ وَسَائِرِ أَهْلِ العلم أجمعين كلهم يقول كعدة الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَنْ تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ أَجْلِ حَدِيثِ سُبَيْعَةَ هَذَا وَأَمَّا مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَمَعْنَاهُ الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ لِمُعَارَضَةِ عُمُومِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أشهر وعشرا ولم يخص حاملا من غير حامل وَعُمُومِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَلَمْ يَخُصَّ مُتَوَفَّى عَنْهَا مِنْ غَيْرِهَا فَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيثُ سُبَيْعَةَ لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ فِي عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الْحَامِلِ وَلَا يَقِينَ فِي ذَلِكَ لِمَنْ جَهِلَ السُّنَّةُ فِي سُبَيْعَةَ إِلَّا الِاعْتِدَادُ بِآخِرِ الْأَجَلَيْنِ وَمِثَالُ هَذَا مَسْأَلَةُ أُمِّ الْوَلَدِ تَكُونُ تَحْتَ زَوْجٍ قَدْ زَوَّجَهَا مِنْهُ سَيِّدُهَا ثُمَّ يَمُوتُ وَيَمُوتُ زَوْجُهَا وَلَا تَدْرِي أَيَّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْ حِينِ مَاتَ الْآخِرُ مِنْهُمَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فِيهَا حَيْضَةٌ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ عِدَّةَ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ سَيِّدِهَا حَيْضَةٌ وَمِنْ زَوْجِهَا شَهْرَانِ وخمس ليال كلهم يقول ههنا بِدُخُولِ إِحْدَى الْعِدَّتَيْنِ فِي الْأُخْرَى وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمَا لَا يَلْزَمَانِهَا مَعًا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهَا إِحْدَاهُمَا فَإِذَا جَاءَتْ بِهِمَا مَعًا عَلَى الْكَمَالِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَذَلِكَ أَكْثَرُ مَا يَلْزَمُهَا لِأَنَّهَا إِنْ كَانَ سَيِّدُهَا قَدْ مَاتَ قَبْلَ زَوْجِهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَإِنْ كَانَ سَيِّدُهَا مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ فَعَلَيْهَا أن تأتي

بِحَيْضَةٍ تَسْتَبْرِئُ بِهَا نَفْسَهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّكُّ فِي أَيِّهِمَا مَاتَ أَوَّلًا وَفِي الْمُدَّةِ هَلْ هِيَ شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ أَوْ أَكْثَرُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا لَا تَدْرِي هَلْ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا يَوْمٌ وَاحِدٌ أَوْ شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ أَوْ أَكْثَرُ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَهْلِ الرَّأْيِ نَظَرٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا مِنْ جِهَةِ التَّمْثِيلِ وَأَنَّهُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَحَدُ شيئين يجلهه بِعَيْنِهِ لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِهِمَا جَمِيعًا ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنْ طَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ ثُمَّ تُوُفِّيَ عَنْهَا فَآخِرُ الْأَجَلَيْنِ أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَآخِرُ الْأَجَلَيْنِ قِيلَ لَهُ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ قَالَ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إِنْ طَلَّقَهَا حُبْلَى فَإِذَا وَضَعَتْ فَلْتَنْكِحْ حِينَ تَضَعُ وَهِيَ فِي دَمِهَا لَمْ تَطْهُرْ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عن عمرو ابن مُسْلِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ أَخَذَ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ سُبَيْعَةَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قال أبي مَسْعُودٍ وَمَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ أَوْ لَاعَنْتُهُ إِنَّ الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ الْقُصْرَى وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ نَزَلَتْ بَعْدَ الْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا الْآيَةَ قَالَ وَبَلَغَهُ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ هِيَ آخِرُ الْأَجَلَيْنِ فَقَالَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَابْنِ شِهَابٍ وَعَلَيْهِ النَّاسُ

ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ إِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا فَقَدْ حَلَّ أَجَلُهَا قَالَ وَقَالَ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ سَمِعْتُ أَبَاكَ يَقُولُ لَوْ وَضَعَتْ حَمَلَهَا وَهُوَ عَلَى سريره لم يدفن لحلت أحبرنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابن عُتْبَةَ أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ يَأْمُرُهُ أَنْ يدخل على سبيعة ابن الحرث الْأَسْلَمِيَّةِ فَيَسْأَلُهَا عَنْ حَدِيثِهَا وَعَمَّا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين اسْتَفْتَتْهُ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ يُخْبِرُهُ أن سبيعة بنت الحرث أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ وهو من بني عامر ابن لُؤَيٍّ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا تُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ فَلَمْ تَلْبَثْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْلَكَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فَقَالَ مَا لِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً لَعَلَّكِ تُرْجِينَ النِّكَاحَ إِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِنَاكِحٍ حتى يمر عليك أربعة اشهر وعشر قَالَتْ سُبَيْعَةُ فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي وَأَمَرَنِي بِالتَّزْوِيجِ إِنْ بَدَا لِي قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَتَزَوَّجَ حِينَ وَضَعَتْ وَإِنْ كَانَتْ فِي دَمِهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى تَطْهُرَ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ اللَّيْثِ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَلَفْظُ الْحَدِيثَيْنِ سَوَاءٌ

الحديث الثالث

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمَّا كَانَ عُمُومُ الْآيَتَيْنِ مُعَارِضًا أَعْنِي قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَقَوْلَهَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ بَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُرَادِ اللَّهِ مِنْهُمَا عَلَى مَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وجل بقوله وأنزلنا إليكم الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ فَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَادَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ بِمَا أَفْتَى بِهِ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ فَكُلُّ مَا خَالَفَ ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لَهُ مِنْ جِهَةِ الْحُجَّةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدِيثٌ ثَالِثٌ لَعَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ مُرْسَلٌ تَتَّصِلُ مَعَانِيهِ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى صِحَاحٍ كُلِّهَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَدَرَ مِنْ حُنَيْنٍ وَهُوَ يُرِيدُ الْجِعْرَانَةَ سَأَلَهُ النَّاسُ حَتَّى دَنَتْ بِهِ نَاقَتُهُ مِنْ شَجَرَةٍ فَتَشَبَّكَتْ بِرِدَائِهِ حَتَّى نَزَعَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي أَتَخَافُونَ أَنْ لَا أَقْسِمَ بَيْنَكُمْ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ سَمُرِ تِهَامَةَ نِعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُونَنِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذَّابًا فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ أَدُّوا الْخَائِطَ والمخيط

فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَنَارٌ وَشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ ثُمَّ تَنَاوَلَ مِنَ الْأَرْضِ وَبَرَةَ مِنْ بَعِيرٍ أَوْ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَلَا مِثْلُ هَذِهِ إِلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ لَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَقَدْ رُوِيَ مُتَّصِلًا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْمَلَ مِنْ هَذَا المساق وأتم ألفاظ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَخِي مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وروي أيضا عن بن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَنَذْكُرُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَغَيْرَهَا مِمَّا فِي مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدَ الْقَوْلِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْمَعَانِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا غَزْوَةَ حُنَيْنٍ وَغَنِمَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ هَذَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ لِثُبُوتِ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَلَكِنْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَشِبْهِهِ عُرِفَ ذَلِكَ وَفِيهِ إِبَاحَةُ سُؤَالِ الْعَسْكَرِ لِلْخَلِيفَةِ حُقُوقَهُمْ مِنَ الْغَنِيمَةِ أَنْ يَقْسِمَهُ بَيْنَهُمْ وَفِيهِ جَوَازُ قَسْمِ الْغَنَائِمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ الْجِعْرَانَةَ كَانَتْ يَوْمَئِذٍ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَفِيهَا قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَجَابِرٍ وَقِسْمَةُ الْغَنَائِمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيٌّ

وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ إِلَى أَنَّ الْغَنَائِمَ يَقْسِمُهَا الْإِمَامُ عَلَى الْعَسْكَرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَالَ مَالِكٌ وَهُمْ أَوْلَى بِرُخَصِهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تُقْسَمُ الْغَنَائِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَلَّا تُقْسَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ حَمُولَةً فَيَقْسِمُهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى صَحِيحٍ مَعَ ثُبُوتِ الْأَثَرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِهِ وَفِيهِ جَوَازُ مَدْحِ الرَّجُلِ الْفَاضِلِ الْجَلِيلِ لِنَفْسِهِ وَنَفْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ مَا يَعِيبُهُ بِالْحَقِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَعَلَيْهِ إِذَا دَفَعَتْ إِلَى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ أَوْ مَعْنَى يُوجِبُ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَاكِيًا عَنْ يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ وَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي السُّنَنِ وَعَنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِآثَارِ مَنْ مَضَى وَفِيهِ دَلِيلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ الْخَلِيفَةَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَذَّابًا وَلَا بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَجِبُ أَنْ لَا تَكُونُ فِيهِ هَذِهِ الْخِلَالُ السُّوءُ وَأَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ أَهْلِ وَقْتِهِ حَالًا وَأَجْمَلَهُمْ خِصَالًا وَقَدْ سَوَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيْنَ الْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَالْكَذِبِ وَأَكْثَرُ الْآثَارِ عَلَى هذا وفي

ذَلِكَ مَا يُعَارِضُ حَدِيثَ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَكُونُ جَبَانًا وَبَخِيلًا وَلَا يَكُونُ كَذَّابًا وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى بِمَا يَجِبُ فِيهِ مِنَ الْقَوْلِ فِي بَابِ صَفْوَانَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَجْمَعَ الْحُكَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْكَذِبَ فِي السُّلْطَانِ أَقْبَحُ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ وَأَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ عُيُوبِهِ وَأَهْدَمِهَا لِسُلْطَانِهِ لِأَنَّهُ لَا يُوثِقُ مِنْهُ بِوَعْدٍ وَلَا وَعِيدٍ وَفِي الْكَذِبِ فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ فَسَادُ أَمْرِهِ كَمَا قَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِنَّ فَسَادَ هَذَا الْأَمْرِ بِأَنْ يُعْطُوا عَلَى الْهَوَى لَا عَلَى الْغِنَاءِ وَأَنْ يَكْذِبُوا فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَكَذَلِكَ الْبُخْلُ وَالْجُبْنُ فِي السُّلْطَانِ أَقْبَحُ وَأَضَرُّ وَأَشَدُّ فَسَادًا مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ وَلِلْكَلَامِ فِي سِيرَةِ السُّلْطَانِ مَوْضِعٌ غَيْرَ كِتَابِنَا هَذَا وَيَرْوِي أَهْلُ الْأَخْبَارِ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ أَنْ بَايِعِ الْحَجَّاجَ فَإِنَّ فِيكَ خِصَالًا لَا تَصْلُحُ مَعَهَا لِلْخِلَافَةِ وَهِيَ الْبُخْلُ وَالْغَيْرَةُ وَالْعِيُّ وَيُرْوَى أَنَّ ذلك كان من معاوية إليه فالله أَعْلَمُ فِي بَيْعَةِ يَزِيدَ وَهُوَ خَبَرٌ لَا إِسْنَادَ لَهُ فَجَاوَبَهُ ابْنُ عُمَرَ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ اللَّهُمَّ إِنَّ ابْنَ مَرْوَانَ يُعَيِّرُنِي بِالْبُخْلِ وَالْغَيْرَةِ وَالْعِيِّ فَلَوْ وُلِّيتُ وَأَعْطَيْتُ النَّاسَ حُقُوقَهُمْ وَقَسَمْتُ بَيْنَهُمْ فَيْئَهُمْ أَيُّ حَاجَةٍ كَانَ بِهِمْ حِينَئِذٍ إِلَى مَالِي فَيُبْخِلُونِي وَلَوْ جَلَسْتُ لَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ فَقَضَيْتُ حَوَائِجَهُمْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ حَاجَةٌ إِلَى بَيْتِي فَيَعَرِفُوا غَيْرَتِي وَمَا مَنْ قَرَأَ كِتَابَ اللَّهِ وَوَعَظَ بِهِ بِعَيِّيٍّ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هذا الحديث أدو الْخَائِطَ وَالْمِخْيَطَ فَالْخَائِطُ وَاحِدُ الْخُيُوطِ الْمَعْرُوفَةِ وَالْمِخْيَطُ الْإِبْرَةُ وَمَنْ رَوَى أَدُّوا الْخِياطَ وَالْمِخَيْطَ فَإِنَّ الخياط قد

يَكُونُ الْخُيُوطُ وَقَدْ يَكُونُ الْخِيَاطُ وَالْمِخْيَطُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَهِيَ الْإِبْرَةُ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ يَعْنِي ثُقْبَ الْإِبْرَةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمِخْيَطَ بِكَسْرِ الْمِيمِ الْإِبْرَةُ وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَيُقَالُ خِيَاطٌ وَمِخْيَطٌ كَمَا قِيلَ لِحَافٌ وَمِلْحَفٌ وَقِنَاعٌ وَمِقْنَعٌ وَإِزَارٌ وَمِئْزَرٌ وَقِرَامٌ وَمِقْرَمٌ وَهَذَا كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى الْقَلِيلِ لِيَكُونَ مَا فَوْقَهُ أَحْرَى بِالدُّخُولِ فِي مَعْنَاهُ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ يَعْمَلُ أَكْثَرَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ أَحْرَى أَنْ يَرَاهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ الغلول كثيره وقليله حَرَامٌ نَارٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي مَعْنَى الْغُلُولِ وَحُكْمِهِ وَحُكْمِ الْغَالِّ وَحُكْمِ عُقُوبَتِهِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَنَارٌ وَشَنَارٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَالشَّنَارُ لَفْظَةٌ جَامِعَةٌ لِمَعْنَى الْعَارِ وَالنَّارِ وَمَعْنَاهَا الشَّيْنُ وَالنَّارُ يُرِيدُ أَنَّ الْغُلُولَ شَيْنٌ وَعَارٌ وَمَنْقَصَةٌ فِي الدُّنْيَا وَنَارٌ وَعَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ وَالْغُلُولُ مِمَّا لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْمُجَازَاةِ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ صَاحِبُهُ فَإِنَّ جُمْلَةَ أَصْحَابِهِ مُتَعَيَّنَةٌ وَهُوَ أَشَدُّ فِي الْمُطَالَبَةِ وَلَا بُدُّ مِنَ الْمُجَازَاةِ فِيهِ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ وَاللَّهُ أعلم

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ محمد بن عمير الخطاب الضرير بمصر حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلَّافُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ بْنُ أَنَسٍ وَهُوَ أَوْثَقُ مَنْ سَمِعْنَاهُ مِنْهُ عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَتْ لِأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ فِي مَالٍ أَوْ عِرْضٍ فَلْيَأْتِهِ فَلْيَسْتَحِلُّهُ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ لِصَاحِبِهِ وَإِلَّا أخذ من سيآت صَاحِبِهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَعَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ يَقُولُوا عَنْ أَبِيهِ وَإِنَّمَا قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْعَلَّافُ وَحْدَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ مَا لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ فَإِنَّهُ أَرَادَ إِلَّا الْخُمُسُ فَإِنَّهُ إِلَيَّ أَعْمَلُ فِيهِ بِرَأْيِي وَأَرُدُّهُ عَلَيْكُمْ بِاجْتِهَادِي لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ مِنَ الْغَنِيمَةِ مَقْسُومَةٌ عَلَى الْمُوجِفِينَ مِمَّنْ حَضَرَ الْقِتَالَ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْمَشْرُوفِ وَالرَّفِيعِ وَالْوَضِيعِ وَالْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ بِالسَّوَاءِ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ إِذَا كَانَ حُرًّا ذَكَرًا غَيْرَ مُسْتَأْجَرٍ وَلِلرَّاجِلِ مِنْهُمْ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَلَيْسَ لِلرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَدْخَلٌ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ وِرَاثَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ سَهْمِ الْفَارِسِ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ طَائِفَةً مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُونَ لِلْفَارسِ سَهْمَانِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِرَاكِبِهِ سَهْمًا ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ فِيهِ نَفْيُ الصَّفِيِّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ أَخَذَ وَبَرَةً مِنَ الْبَعِيرِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مالي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَلَا مِثْلُ هَذِهِ إِلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ

وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ أَوْجَبَ الصَّفِيَّ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُ الصَّفِّيَّ وَقَالَ آخَرُونَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَكَتَ عَنِ الصَّفِيِّ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِهِ إِذْ خَاطَبَهُمْ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا صَفِيَّ وَلَمْ تَعْرِفْهُ وَاحْتَجَّتْ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ سَهْمُ الصَّفِيِّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْلُومٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَصْطَفِي مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ شَيْئًا وَاحِدًا لَهُ عَنْ طِيبِ أَنْفُسِ أَهْلِهَا ثُمَّ يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَأَمْرُ الصَّفِيِّ مَشْهُورٌ فِي صَحِيحِ الْآثَارِ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مِنَ الصَّفِيِّ رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ صَفِيَّةُ مِنَ الصَّفِيِّ وَرَوَى عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَاصْطَفَى صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ لِنَفْسِهِ خَرَجَ بِهَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ رَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرحمان الزُّهْرِيُّ عَنْ عَمْرٍو وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنْ صَحَّ أَنَّ الصَّفِيَّ كَانَ قَبْلَ خَيْبَرَ لِأَنَّ خَيْبَرَ كَانَتْ قَبْلَ حُنَيْنٍ وَقَدْ خُولِفَ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو فِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَنَسٍ وَفِي الصَّفِيِّ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي الْعَلَاءِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشَّخِّيرِ وَهُوَ حَدِيثٌ رَوَاهُ قُرَّةُ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْهُ قَالَ قَرَأْتُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشٍ فَإِذَا فِيهِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشٍ إِنَّكُمْ

إِنْ شَهِدْتُمْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَأَدَّيْتُمُ الْخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ وَسَهْمَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالصَّفِيِّ أَوْ قَالَ وَسَهْمَ الصَّفِيَّ فَأَنْتُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَرَوَى أَبُو حَمْزَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ وَتُعْطُوا سَهْمَ اللَّهِ مِنَ الْمَغَانِمِ وَالصَّفِيِّ وَرَوَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا كَانَ لَهُ سَهْمٌ صَافٍ يَأْخُذُهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ فَكَانَتْ صَفِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ السَّهْمِ وَكَانَ إِذَا لَمْ يَغْزُ بِنَفْسِهِ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمٍ وَلَمْ يَخِيبْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ وَأَزْهَرُ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ عون قالت! سألت محمد يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ عَنْ سَهْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّفِيَّ فَقَالَ كَانَ يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمٍ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ وَالصَّفِيُّ يُؤْخَذُ لَهُ رَأْسٌ مِنَ الْخُمُسِ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمٌ يُدْعَى الصَّفِيُّ إِنْ شَاءَ عَبْدًا وَإِنْ شَاءَ أَمَةً وَإِنْ شَاءَ فَرَسًا يَخْتَارُهُ قَبْلَ الْخُمُسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ طُرًّا عَلَى أَنَّ سَهْمَ الصَّفِيِّ لَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارْتَفَعَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ أَبَا ثَوْرٍ حُكِيَ عَنْهُ مَا يُخَالِفُ هَذَا الْإِجْمَاعَ قَالَ يُؤْخَذُ الصَّفِيُّ وَيَجْرِي مَجْرَى سَهْمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ كَانَ بَيْنَهُمُ الصفي ثابتا

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ فِي الصَّفِيِّ مُتَعَارِضَةٌ وَلَيْسَ فِيهِ عَنِ الصَّحَابَةِ شَيْءٌ يَثْبُتُ وَأَمَّا سَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِلْعُلَمَاءِ فِي سَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخُمُسِ أَقْوَالٌ مِنْهَا أَنَّهُ يُرَدُّ إِلَى مَنْ سُمِّيَ فِي الْآيَةِ قَالَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَرَأَوْا أَنْ يُقْسَمَ الْخُمُسُ أَرْبَاعًا وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ إِلَى الْخَلِيفَةِ بَعْدَهُ يَصْرِفُهُ فِيمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ فِيهِ وَقَالَ آخَرُونَ يُجْعَلُ فِي الْخَيْلِ وَالْعِدَّةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا قَتَادَةُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَضَعُ الْإِمَامُ سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كُلِّ أَمْرٍ يَنْفَعُ الْإِسْلَامَ مِنْ سَدِّ ثَغْرٍ وَكُرَاعٍ وَسِلَاحٍ وَإِعْطَاءِ أَهْلِ الْعَنَاءِ وَالْبَلَاءِ فِي الْإِسْلَامِ وَالنَّفْلِ عِنْدَ الْحَرْبِ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ سَهْمُ الرَّسُولِ وَسَهْمُ ذِي الْقُرْبَى سَقَطَا بِمَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيُقْسَمُ الْخُمُسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَأَمَّا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ يُجْعَلُ الْخُمُسُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي قَسْمِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى وَقَالَ يُعْطِيهُمُ الْإِمَامُ وَيَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي قَسْمِ الْخُمُسِ فَعَلَى مَا أَصِفُ لَكَ قَالَ مَالِكٌ قِسْمَةُ الْخُمُسِ كَقِسْمَةِ الْفَيْءِ وَهُمَا جَمِيعًا يُجْعَلَانِ فِي بَيْتِ الْمَالِ قَالَ وَيُعْطَى أَقْرِبَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَرَى الْإِمَامُ قَالَ وَيَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ تَكَافَأَ أَهْلُ الْبُلْدَانِ فِي الْحَاجَةِ بَدَأَ بِالَّذِي الْمَالُ فِيهِمْ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْبُلْدَانِ أَشَدَّ حَاجَةً نُقِلَ إِلَيْهِمْ أَكْثَرَ الْمَالِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى التَّفْضِيلَ فِي الْعَطَاءِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَا يَخْرُجُ مَالٌ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدِ غَيْرِهِ حَتَّى يُعْطَى أَهْلُ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ مَا يُغْنِيهِمْ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يُجِيزَ الْوَالِي عَلَى وَجْهِ الدَّيْنِ أَوِ الْأَمْرِ يَرَاهُ قَدِ اسْتَحَقَّ بِهِ الْجَائِزَةَ قَالَ وَالْفَيْءُ حَلَّالٌ لِلْأَغْنِيَاءِ

وقال سفيان الثوري الفيء مَا صُولِحَ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ وَالْغَنِيمَةُ مَا غُلِبُوا عَلَيْهِ قَسْرًا قَالَ وَسَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخُمُسِ هُوَ خُمُسُ الْخُمُسِ وَمَا بَقِيَ مِنَ الْخُمُسِ فَلِلطَّبَقَاتِ الَّتِي سَمَّى اللَّهُ فِي آيَةِ الْخُمُسِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ فَهَذَا مِنْ قَوْلِ الثَّوْرِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى بَاقٍ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْخُمُسُ إِلَى الْإِمَامِ يَضَعُهُ حَيْثُ أَرَاهُ اللَّهُ وَهَذَا كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يُقَسَّمُ الْخُمُسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَأَسْقَطَ بَيْنَهُمْ ذَا الْقُرْبَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ سَهْمُ ذِي الْقُرْبَى مَرْدُودٌ عَلَى مَنْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآيَةِ قَالَ وَخُمُسُ اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَاحِدٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْآيَةُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الْآيَةَ وَالْغَنِيمَةُ مَا أُخِذَ عَنْوَةً وَأَوْجَفَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْخَيْلِ وَالرِّكَابِ وَأَجْلَوْهُ مِنْ دِيَارِهِمْ وَتَرَكُوهُ بِالرُّعْبِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْغَنِيمَةِ الْخُمُسُ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ وَفِي الْفَيْءِ الْخُمُسُ أَيْضًا قَالَ الْغَنِيمَةُ مَا أُوجِفَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ أو ركبا وَهِيَ لِمَنْ حَضَرَ الْوَقِيعَةَ مِنْ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْخُمُسِ قَالَ وَيُقْسَمُ الْخُمُسُ عَلَى مَنْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ وَسَهْمُ ذِي الْقُرْبَى لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ غنيهم وفقيرهم

فيه سواء للذكر مثل حظ الاثنيين وَخَالَفَهُ الْمُزَنِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ فَقَالَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْفَيْءُ مَا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ بَخِيلٍ وَلَا رِكَابٍ وَفِيهِ الْخُمُسُ أَيْضًا قَالَ وَعَطَاءُ الْمُقَاتِلَةِ فِي الْفَيْءِ وَالنِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَى الرَّجُلُ أَكْثَرَ مِنْ كِفَايَتِهِ وَلَيْسَ لِلْمَمَالِيكِ فِيهِ شَيْءٌ وَلَا لِلْأَعْرَابِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الصَّدَقَةِ قَالَ وَيُسَوَّى فِي الْعَطَاءِ كَمَا فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ مَقْسُومٌ عَلَى مَنْ سَمَّى اللَّهُ فِي الْآيَةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ يُقَسَّمُ الْخُمُسُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّ سَهْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْدُودٌ عَلَى مَنْ سَمَّى مَعَهُ فِي الْآيَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِيمَنْ عُدِمَ مِنْ سُهْمَانِ الصَّدَقَاتِ قَالَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْسِمِ الْخُمُسُ عَلَى سِتٍّ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلَّهِ مِفْتَاحُ كَلَامٍ وَكَذَلِكَ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ قَالَ وَيُقْسَمُ سَهْمُ ذِي الْقُرْبَى عَلَى بَنِي هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ بن عبد مناف الذكر والأنثى في ذكل سَوَاءٌ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا اسْتَحَقُّوهُ بِاسْمِ الْقَرَابَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ إِنَّ فِي الْفَيْءِ خُمُسًا فَقَوْلٌ ضَعِيفٌ لَا وَجْهَ لَهُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ الصَّحِيحِ وَلَا الْأَثَرِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَقَوْلُ مَنْ تَابَعَهُ عَلَى أَنَّ ذَوِي الْقُرْبَى الَّذِينَ عُنُوا بِالْآيَةِ فِي خُمُسِ الْغَنِيمَةِ هُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ فَهُوَ مَوْجُودٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبني هاشم وبين الْمُطَّلِبِ مِنَ الْخُمُسِ وَقَالَ إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وبنو المطلب شيء واحد الحديث ولي فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ غَيْرَ هَذَا وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الحنفية

أَنَّ ذَوِي الْقُرْبَى الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ فِي آيَةِ الْخُمُسِ هُمْ أَهْلُ الْبَيْتِ يَعْنِي بَنِي هَاشِمٍ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ بَعَثَ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ سَهْمَ الرَّسُولِ وَسَهْمَ ذِي الْقُرْبَى وَمِنْ مَذْهَبِهِ أَيْضًا أَنْ يُقَسَّمَ الْخُمُسُ أَخْمَاسًا كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَمُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا اعْتِلَالُ الْفُقَهَاءِ وَاعْتِلَالُ أَصْحَابِهِمْ لِمَذَاهِبِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ فَشَيْءٌ لَا يَقُومُ بِهِ كِتَابٌ لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ اتَّسَعَ لَهُمْ فِيهِ الْقَوْلُ وَطَالَ جِدًّا وَلَا سَبِيلَ إِلَى اجْتِلَابِ ذَلِكَ فِي هَذَا الْكِتَابِ خَشْيَةَ التَّطْوِيلِ وَالْعُدُولِ عَنِ الْمُرَادِ فِيهِ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا مَذَاهِبَ الْفُقَهَاءِ فِي قِسْمَةِ الْخُمُسِ لِمَا جَرَى فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْخُمُسِ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ فَذَكَرْنَا مَا لِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي كَيْفِيَّةِ رَدِّ الْخُمُسِ عَلَى أَهْلِهِ وَوَجْهَ قِسْمَتِهِ لِيَقِفَ النَّاظِرُ فِي كِتَابِنَا هَذَا عَلَى ذَلِكَ وَلَعَلَّنَا أَنْ نُفْرِدَ لِلْخُمُسِ وَالْفَيْءِ أَيْضًا كِتَابًا نُورِدُ فِيهِ أَقَاوِيلَ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ بِمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ وُجُوهِ الْحُجَّةِ وَالِاعْتِلَالِ لِأَقْوَالِهِمْ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْمُسْنَدَةُ فِي مَعَانِي الْحَدِيثِ الْمُرْسَلِ فِي هَذَا الْبَابِ فَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ بْنُ مِنْهَالٍ وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَتَتْهُ وُفُودُ حُنَيْنٍ فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ إِنَّا

أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاحِلَتَهُ وَاتَّبَعَهُ النَّاسُ فَقَالُوا اقْسِمْ عَلَيْنَا فَيْئَنَا اقْسِمْ عَلَيْنَا فَيْئَنَا حَتَّى أَلْجَأُوهُ إِلَى شَجَرَةٍ فَخَطَفَتْ رِدَاءَهُ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي فَوَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لَكُمْ بِعَدَدِ شَجَرِ تِهَامَةَ نِعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ثُمَّ لَا تَلْفَوْنَنِي جَبَانًا وَلَا بَخِيلًا وَلَا كَذُوبًا ثُمَّ مَالَ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَأَخَذَ مِنْهَا وَبَرَةً فَوَضَعَهَا بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَيْسَ لِي مِنْ هَذَا الْفَيْءِ شَيْءٌ وَلَا هَذِهِ إلا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخيط وَالْمِخْيَطَ فَإِنَّ الْغُلُولَ يَكُونُ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَارًا وَشَنَارًا فَقَامَ رَجُلٌ وَمَعَهُ كُبَّةُ شَعْرٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذْتُ هَذِهِ لِأُصْلِحَ بِهَا بَرْذَعَةً لِي فَقَالَ أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكَ فَقَالَ أَمَّا إِذْ بَلَغْتَ مَا أَرَى فَلَا أَرَبَ لِي فِيهَا وَنَبَذَهَا وَهَذَا حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ وَقَدْ أَحَاطَ بِمَعَانِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَأَلْفَاظِهِ وَزَادَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ تَعَلَّقَ ثَوْبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ بِشَجَرَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ يَسْأَلُونَهُ الْمَغَانِمَ فَحَسِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ أَمْسَكُوا بِرِدَائِهِ فَغَضِبَ وَقَالَ أَرْسِلُوا رِدَائِي تُرِيدُونَ أَنْ تُبْخِلُونِي فَوَاللَّهِ لَوْ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ شَجَرِ تِهَامَةَ نِعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ وَلَا تَجِدُونِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذَّابًا فَقَالُوا إِنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِكَ سَمُرَةٌ فَخَلَّصُوهُ

وأخبرنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ قَاضِي حَلَبَ قَالَ حَدَّثَنَا المسيب ابن وَاضِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ سُفْيَانَ عن عبد الرحمان بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ مَحْكُولٍ عَنْ أَبِي سَلَامٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَبَرَةً مِنْ جَنْبِ بِعِيرٍ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ قَالَ ابو عمر عبد الرحمان بْنُ عَيَّاشٍ وَقَعَ عِنْدَهُ فِي أَصْلِ كِتَابِهِ وإنما هو عبد الرحمان بن الحرث بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى الْأَشْدَقِ عَنْ مَحْكُولٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ الْحَبَشِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَبَرَةً مِنْ جَنْبِ بِعِيرٍ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِي مِنْ هَذَا الَّذِي أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ قَدْرَ هَذِهِ إِلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ فَأَدُّوا الْخَيْطَ وَالْمِخْيَطَ وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُولَ فإنه عار على أهلهه يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يُذْهِبُ اللَّهُ بِهِ الْغَمَّ وَالْهَمَّ قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ الْأَنْفَالَ وَيَقُولُ لِيَرُدَّ قَوِيُّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى ضَعِيفِهِمْ هَكَذَا ذَكَرَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عن أبيه عن عبد الرحمان بن الحرث عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى بِإِسْنَادِهِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ الْأَسْوَدَ يَقُولُ

سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَبَسَةَ يَقُولُ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إلى بَعِيرٍ مِنَ الْمَغْنَمِ فَلَمَّا سَلَّمَ أَخَذَ وَبَرَةً مِنْ جَنْبِ الْبَعِيرِ ثُمَّ قَالَ لَا يَحِلُّ لِي مِنْ غَنَائِمِكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ النَّاسُ مُقْفِلَةٌ مِنْ حُنَيْنٍ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ الْأَعْرَابُ فَسَأَلُوهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ فَخَطَفَتْ رِدَاءَهُ فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَعْطُونِي رِدَائِي لَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نِعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُونَنِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذَّابًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ ابْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أُوتِيكُمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَا أَمْنَعُكُمُوهُ إِنْ أَنَا إِلَّا خَازِنٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ

سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَبَسَةَ يَقُولُ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إلى بَعِيرٍ مِنَ الْمَغْنَمِ فَلَمَّا سَلَّمَ أَخَذَ وَبَرَةً مِنْ جَنْبِ الْبَعِيرِ ثُمَّ قَالَ لَا يَحِلُّ لِي مِنْ غَنَائِمِكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ النَّاسُ مُقْفِلَةٌ مِنْ حُنَيْنٍ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ الْأَعْرَابُ فَسَأَلُوهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ فَخَطَفَتْ رِدَاءَهُ فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَعْطُونِي رِدَائِي لَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نِعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُونَنِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذَّابًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ ابْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أُوتِيكُمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَا أَمْنَعُكُمُوهُ إِنْ أَنَا إِلَّا خَازِنٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ

عبد الحميد بن سهيل

(مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ وَيُقَالُ عبد المجيد يكنى أبا عبد الرحمان) وَقِيلَ يُكَنَّى أَبَا وَهْبٍ وَهُوَ عَبْدُ الْمَجِيدِ بن سهيل بن عبد الرحمان بن عوف القرشي الزهري المدني سمع سعيد ابن المسيب وعثمان بن عبد الرحمان وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ رَوَى عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ (وَهُوَ ثِقَةٌ حُجَّةٌ عِنْدَهُمْ فِيمَا نَقَلَ) لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ اخْتُلِفَ عَلَى مَالِكٍ فِي اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ فَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى صَاحِبُنَا عَنْهُ فِيهِ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَتَابَعَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ وَرَوَى بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ (عَنْهُ) حَدِيثَهُ هَذَا فَقَالَ فِيهِ عَبْدُ الْحَمِيدِ كَمَا قَالَ يَحْيَى وَابْنُ نَافِعٍ وَالتِّنِّيسِيُّ وَقَالَ جُمْهُورُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ عَبْدُ الْمَجِيدِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ النَّاسِ وَكَذَلِكَ قَالَ فِيهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ (عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَابْنُ عُيَيْنَةَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَنَسَبَهُ مَالِكٌ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ) فِي حَدِيثِهِ هَذَا فَقَالُوا فِيهِ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ (وَنَسَبَهُ غَيْرُهُمَا فَقَالَ فِيهِ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَمَنْ تابعه)

قَالَ أَبُو عُمَرَ سُهَيْلٌ وَالِدُ عَبْدِ الْحَمِيدِ هَذَا هُوَ الَّذِي تَزَوَّجَ الثُّرَيَّا بِنْتَ عَبْدِ الله بن الحرث بْنِ أُمَيَّةَ الْأَصْغَرِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَفِيهِ يَقُولُ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ ... أَيُّهَا الْمُنْكِحُ الثُّرَيَّا سُهَيْلًا عَمْرُكُ اللَّهَ كَيْفَ يَلْتَقِيَانِ ... ... ... هِيَ شَامِيَّةٌ إِذَا مَا اسْتَقَلَّتْ ... وَسُهَيْلٌ إِذَا اسْتَقَلَّ يَمَانِ ... وَأَوَّلُ هَذَا الشِّعْرِ ... أَيُّهَا الطَّارِقُ الَّذِي قَدْ عَنَانِي ... بَعْدَمَا نَامَ سَائِرُ الرُّكْبَانِ ... ... زَارَ مِنْ نَازِحٍ بِغَيْرِ دَلِيلٍ ... يَتَخَطَّى إِلَيَّ حَتَّى أَتَانِي ... ... ... ... وَقَدْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّسَبِ وَالْخَبَرِ إِنَّ سُهَيْلًا الَّذِي تَزَوَّجَ الثُّرَيَّا وَذَكَرَهُ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ فِي شِعْرِهِ هَذَا هُوَ سُهَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ قَالُوا إِنَّهَا حَمَلَتْ إِلَى مِصْرَ وَكَانَتْ مَعَهُ بِمِصْرَ قَالُوا وَلَمْ يَكُنْ سُهَيْلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِمِصْرَ وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ النَّسَبِ تَزَوَّجَ الثُّرَيَّا بِنْتَ عبد الله بْنِ عَوْفٍ وَأُمُّهُ مَجْدُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ سَلَامَةَ الْحِمْيَرِيِّ وَابْنُهُ عَبْدُ الْمَجِيدِ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ الْحَدِيثَ كَذَا قَالَ الزُّبَيْرُ عَبْدُ الْمَجِيدِ بِالْجِيمِ قَالَ الزُّبَيْرُ وَالثُّرَيَّا هَذِهِ هِيَ مَوْلَاةُ الْغَرِيضِ وَخَالَفَ الزُّبَيْرُ غَيْرَهُ فَقَالَ هِيَ الثُّرَيَّا بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن الحرث بْنِ أُمَيَّةَ الْأَصْغَرِ وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ أَنَّ الثُّرَيَّا هَذِهِ هِيَ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ الْأَصْغَرِ وَقَالَ بِمَا ذَكَرَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ العلم بالنسب ولعبد الله

ابن الحرث بْنِ أُمَيَّةَ الْأَصْغَرِ بِنُونُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ عَلِيٌّ الْأَكْبَرُ وَعَلِيٌّ الْأَصْغَرُ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّ الثُّرَيَّا هَذِهِ هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ فِي شِعْرِهِ وَلَا اخْتُلِفَ فِي أنها من ولد عبد الله بن الحرث بْنِ أُمَيَّةَ الْأَصْغَرِ وَبَنُو أُمَيَّةَ الْأَصْغَرِ يُعْرَفُونَ بِالْعَبَلَاتِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عمر ابن عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ ابن عبد الرحمان عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ مَجُوسِيًّا دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَعْفَى شَارِبَهُ وَأَحْفَى لِحْيَتَهُ فَقَالَ مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ أَمَرَنِي رَبِّي قَالَ لَكِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُحْفِيَ شاربي وأعفي لحيتي هكذا قال علي ابن حَرْبٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَبْدُ الْمَجِيدِ وَهُوَ الصَّوَابُ فِي اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ فِي بَابِ عَبْدِ الْمَجِيدِ وَمَنْ قَالَ فِيهِ عَبْدُ الْحَمِيدِ فَقَدْ غَلَطَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُحَدِّثُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بعث أخا بني عدي الأنصاري استعمله عَلَى خَيْبَرَ فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَشْتَرِيَ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَفْعَلُوا وَلَكِنْ مِثْلًا بِمِثْلٍ أَوْ بِيعُوا هَذَا وَاشْتَرُوا بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا وَكَذَلِكَ الميزان

وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بن سهيل بن عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءٌ فَاتَّفَقَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ فِيهِ عَلَى عَبْدِ الْمَجِيدِ وَكَذَلِكَ قَالَ جُمْهُورُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ عَبْدُ الْمَجِيدِ وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكُلُ تَمْرَ خَيْبَرَ كَهَذَا فَقَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لِنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَفْعَلْ بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ وَابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا قَالَ أَبُو عُمَرَ ذِكْرُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا يُوجَدُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ هَذَا وَإِنَّمَا يُحْفَظُ هَذَا الْحَدِيثُ لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ كَذَلِكَ رَوَاهُ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مِنْ رِوَايَةِ حُفَّاظِ أَصْحَابِ قَتَادَةَ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ وَابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعُقْبَةَ ابْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَرَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادَيْنِ أَحَدِهِمَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا

رَوَى مَالِكٌ وَغَيْرُهُ وَالْآخَرِ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله سواء ولا نعرفه بِهَذَا الْإِسْنَادِ هَكَذَا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَكُلِّ مَنْ رَوَى حَدِيثَ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ هَذَا عَنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهُ فِي آخِرِهِ وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ إِلَّا مَالِكٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي حَدِيثِهِ هَذَا وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ كُلٌّ يَقُولُ عَلَى أَصْلِهِ إِنَّ مَا دَاخَلَهُ الرِّبَا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْ جِهَةِ التَّفَاضُلِ وَالزِّيَادَةِ لَمْ تُجْزِ فِيهِ الزِّيَادَةُ وَالتَّفَاضُلُ لَا فِي كَيْلٍ وَلَا فِي وَزْنٍ وَالْكَيْلُ وَالْوَزْنُ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّ مَا كَانَ أَصْلَهُ الْكَيْلُ لَا يُبَاعُ إِلَّا كَيْلًا وَمَا كَانَ أَصْلَهُ الْوَزْنُ لَا يُبَاعُ إِلَّا وَزْنًا وَمَا كَانَ أَصْلَهُ الْكَيْلُ فَبِيعَ وَزْنًا فَهُوَ عِنْدَهُمْ مُمَاثَلَةٌ وَإِنْ كَرِهُوا ذَلِكَ وَأَمَّا مَا كَانَ مَوْزُونًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ كَيْلًا عِنْدَ جَمِيعِهِمْ لِأَنَّ الْمُمَاثِلَةَ لَا تُدْرَكُ بِالْكَيْلِ إِلَّا فِيمَا كَانَ كَيْلًا لَا وَزْنًا اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبُرُّ بِالْبُرِّ مُدِّي بِمُدِّي وَقَدْ تُدْرَكُ الْمُمَاثَلَةُ بِالْوَزْنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الذَّهَبَ وَالْوَرَقَ وَالنُّحَاسَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ كَيْلًا بِكَيْلٍ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَكَذَلِكَ كَلُّ مَوْزُونٍ لَا يُبَاعُ كَيْلًا بِكَيْلٍ عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءَ أَيْضًا أَنَّ التَّمْرَ بِالتَّمْرِ لَا يَجُوزُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَسَوَاءٌ فِيهِ الطَّيِّبُ وَالدُّونُ وَأَجْنَاسُ التُّمُورِ كُلُّهَا لَا

يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا بِشَيْءٍ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ كَيْلًا بِكَيْلٍ وَالتَّمْرُ كُلُّهُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ صِنْفٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ فِي الْبَيْعِ وَالْمُسَاوَمَةِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَكَذَلِكَ الْبَرُّ وَالزَّبِيبُ وَكُلُّ طَعَامٍ مَكِيلٍ مِنْ قُطْنِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلُّهُ بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِهِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا أَصُولُ الرِّبَا فِي الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَكَيْفَ يَجْرِي الرِّبَا مِنْهَا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الِاعْتِلَالِ وَالْمَذَاهِبِ وَمَا جَعَلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَصْلًا فِي هَذَا الْبَابِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذلك ههنا وَأَمَّا الْجَنِيبُ مِنَ التَّمْرِ فَقِيلَ هُوَ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ غَيْرُ الْمُخْتَلِطِ وَالْجَمْعُ الْمُخْتَلِطُ وَقِيلَ الْجَنِيبُ الْمُتَخَيَّرُ الَّذِي قَدْ أُخْرِجَ عَنْهُ حَشَفُهُ وَرَدِيئُهُ وَبَيْعُ التَّمْرِ الْجَمْعِ بِالدَّرَاهِمِ وَشِرَاءُ الْجَنِيبِ بِهَا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ يَدْخُلُهُ مَا يَدْخُلُ الصَّرْفَ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِدَرَاهِمَ وَالشِّرَاءِ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ ذَهَبًا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَالْمُرَاعَاةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاحِدَةٌ فَمَالِكٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِ وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِالذَّرَائِعِ كَذَلِكَ وَغَيْرُهُ يُرَاعِي السَّلَامَةَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَفْسَخُ بَيْعًا قَدِ انْعَقَدَ إِلَّا بِيَقِينٍ وَقَصْدٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا سُكُوتُ مَنْ سَكَتَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ ذِكْرِ فَسْخِ الْبَيْعِ الَّذِي بَاعَهُ الْعَامِلُ عَلَى خَيْبَرَ فَلِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ فِي الْأُصُولِ أَنَّ مَا وَرَدَ التَّحْرِيمُ بِهِ لَمْ يَجُزِ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ وَقَدْ جَاءَ الْفَسْخُ فِيهِ مَنْصُوصًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذَكَرَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنْ أَبِي قَزْعَةَ الْبَاهِلِيِّ عن أبي

نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ فَقَالَ مَا هَذَا التَّمْرُ مِنْ تَمْرِنَا فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِعْنَا تَمْرَنَا صَاعَيْنِ بِصَاعٍ مِنْ هَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الرِّبَا فَرُدُّوهُ ثُمَّ بِيعُوا تَمْرَنَا وَاشْتَرُوا لَنَا مِنْ هَذَا وَلَوْ لَمْ يَأْتِ هَذَا مَنْصُوصًا احْتُمِلَ مَا ذَكَرْنَا وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ عَامِلُ خَيْبَرَ فَعَلَ هَذَا عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ثُمَّ نَزَلَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمُ الرِّبَا بَعْدَ عَقْدِ صَفْقَتِهِ عَلَى أَصْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ كَانَ النَّاسُ عَلَى أَمْرِ جَاهِلِيَّتِهِمْ حَتَّى يُؤْمَرُوا أَوْ يُنْهَوْا يُرِيدُ فَمَا لَمْ يُؤْمَرُوا وَلَمْ يُنْهُوا نفذ فعلهم وبالله التوفيق

نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ فَقَالَ مَا هَذَا التَّمْرُ مِنْ تَمْرِنَا فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِعْنَا تَمْرَنَا صَاعَيْنِ بِصَاعٍ مِنْ هَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الرِّبَا فَرُدُّوهُ ثُمَّ بِيعُوا تَمْرَنَا وَاشْتَرُوا لَنَا مِنْ هَذَا وَلَوْ لَمْ يَأْتِ هَذَا مَنْصُوصًا احْتُمِلَ مَا ذَكَرْنَا وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ عَامِلُ خَيْبَرَ فَعَلَ هَذَا عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ثُمَّ نَزَلَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمُ الرِّبَا بَعْدَ عَقْدِ صَفْقَتِهِ عَلَى أَصْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ كَانَ النَّاسُ عَلَى أَمْرِ جَاهِلِيَّتِهِمْ حَتَّى يُؤْمَرُوا أَوْ يُنْهَوْا يُرِيدُ فَمَا لَمْ يُؤْمَرُوا وَلَمْ يُنْهُوا نَفَذَ فِعْلُهُمْ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

عبد الكريم بن مالك

(عبد الكريم بن مالك الجزري لِمَالِكٍ عَنْهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ) وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ هَذَا يُكَنَّى أَبَا سَعِيدٍ يُقَالُ مَوْلَى قَيْسِ غَيْلَانَ وَقِيلَ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ وَقِيلَ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَانَ عَبْدُ الْكَرِيمِ هَذَا أَصْلُهُ مِنْ إِصْطَخْرَ فَانْتَقَلَ إِلَى حَرَّانَ وَسَكَنَهَا إِلَى أَنْ مَاتَ بِهَا سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي أَهَّلِ الْجَزِيرَةِ نُسِبَ إِلَى الْبَلْدَةِ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خصيف الجزري لحا وَكَانَ عَبْدُ الْكَرِيمِ هَذَا ثِقَةً مَأْمُونًا مُحَدِّثًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيُرْوَى أَنَّهُ رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عمرو الرقي عن عبد الكريم الجزري قَالَ رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَعَلَيْهِ ثَوْبُ خَزٍّ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْهُ كَانَ يُحَدِّثُنَا بِالشَّيْءِ لَا يُوجَدُ إِلَّا عِنْدَهُ فَلَا نَعْرِفُ ذَلِكَ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ رِضًى لَا يَقُولُ إِلَّا حَدَّثَنَا أَوْ سَمِعْتُ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ ثِقَةٌ

مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمًا فَأَذَاهُ الْقَمْلُ فِي رَأْسِهِ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَقَالَ لَهُ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ لك إِنْسَانٍ أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَتَابَعَهُ أَبُو الْمُصْعَبِ وَابْنُ بِكْرٍ وَالْقَعْنَبِيُّ وَمُطَرِّفٌ وَالشَّافِعِيُّ ومعن ابن عِيسَى وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التَّنِّيسِيُّ وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ كُلُّ هَؤُلَاءِ رَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى لَمْ يَذْكُرُوا مُجَاهِدًا فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ الْقَعْنَبِيَّ رَوَاهُ هَكَذَا كَمَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ فَذَكَرَ فِيهِ مُجَاهِدًا قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّوَابُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ مَنْ جَعَلَ فِيهِ مُجَاهِدًا بين عبد الكريم وبين ابن بي لَيْلَى وَمَنْ أَسْقَطَهُ فَقَدْ أَخْطَأَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَزَعَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ مَالِكًا هُوَ الَّذِي وُهِمَ فِيهِ فَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَسْقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ مُجَاهِدًا

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ لَمْ يَلْقَ ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَلَا رَآهُ وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ لِمُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مِنْ طُرُقٍ شَتَّى صِحَاحٍ كُلِّهَا وَهَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَبْيَنُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ فِيهِ إِلَى اسْتِشْهَادٍ وَتُوُفِّيَ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ وَيُقَالُ ابْنُ جُبَيْرٍ وَالْأَكْثَرُ يَقُولُونَ ابْنُ جَبْرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَيَقُولُونَ إِنَّهُ مَاتَ سَاجِدًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ مُجَاهِدٍ عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ أَهَلَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَأَنَّهُ قَمِلَ رَأْسُهُ فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يُوقِدُ تَحْتَ قَدْرٍ لَهُ فَقَالَ لَهُ كَأَنَّكَ يُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ قَالَ أَجَلْ قَالَ احْلِقْ رَأْسَكَ وَاهْدِ هَدْيًا فَقَالَ مَا أَجِدُ هَدْيًا قَالَ فَأَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ فَقَالَ مَا أَجِدُ فَقَالَ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ فَحَلَقْتُ وَصُمْتُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مُجَاهِدٍ وَهُوَ تَابِعٌ مِثْلُهُ مَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ احْتِيجَ فِيهِ إِلَى مُجَاهِدٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِهِ عِنْدَ الْحِجَازِيِّينَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُجَاهِدٍ جَمَاعَةٌ جُلَّةٌ مِنْهُمْ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَابْنُ أَبِي نَجِيحٍ وَحُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ وَغَيْرُهُمْ وَأَمَّا رِوَايَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى التَّرْتِيبِ فَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى فِيهِ التَّخْيِيرَ أَكْثَرُ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَسَيَأْتِي مِنْهَا كَثِيرٌ أَيْضًا فِي بَابِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَالِكٍ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ابن عَلِيِّ بْنِ طَالِبٍ الْبَغْدَادِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بن درتسويه الفارسي النَّحْوِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْخَبَّابَ قَالَ حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عبد الرحمان ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمًا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ مَالِكٍ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْمَعَانِي فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فلا معنى لتكرير ذلك ههنا وَلَفْظُ حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ مِنْ أَذًى وَضَرُورَةٍ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَمَعَانٍ فِي بَعْضِهَا تَفَاوُتٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ وَذَكَرْنَا تَنَازُعَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحَدِيثُ مَالِكٍ هَذَا أَحْسَنُ مَا نُقِلَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي قِصَّتِهِ هَذِهِ لِأَنَّ مَا فِيهِ لِمَنْ حَلَقَ مِنْ ضَرُورَةٍ قَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِي مَوْضِعِ الدَّمِ وَالْإِطْعَامِ أَيْضًا عَلَى مَا قَدَّمْنَا في باب جميد بْنِ قَيْسٍ وَفِي نَحْرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ ابْنِهِ الْحُسَيْنِ بِالسُّقْيَا جَزُورًا حِينَ حَلَقَ رَأْسَهُ مِنَ الْمَرَضِ الَّذِي أَصَابَهُ مَا تَسْكُنُ النَّفْسُ إِلَيْهِ لِظُهُورِهِ وَعُلُوِّهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

عبد الكريم بن ابي المخارق

عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ وَاسْمُ أَبِي الْمُخَارِقِ طَارِقٌ وَقِيلَ قَيْسُ هُوَ أَبُو أُمَيَّةَ الْبَصْرِيُّ لَقِيَهُ مَالِكٌ بِمَكَّةَ فَرَوَى عَنْهُ لَهُ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ مَرْفُوعِ الْأَثَرِ حَدِيثٌ واحد فيه ثلاثة أحاديث مرسلة تتصل من غير رِوَايَتُهُ وَتُسْتَنَدُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ هَذَا ضَعِيفٌ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فِي ضَعْفِهِ إِلَّا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقْبَلُهُ فِي غَيْرِ الْأَحْكَامِ خَاصَّةً وَلَا يَحْتَجُّ بِهِ عَلَى حَالٍ وَمِنْ أَجَلِّ مَنْ جَرَحَهُ وَاطَّرَحَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ تَكَلَّمَ فِيهِ مَعَ وَرَعِهِ ثُمَّ شُعْبَةُ وَالْقَطَّانُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ رَوَى عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَكَانَ مُؤَدِّبَ كِتَابٍ وَكَانَ حَسَنَ السَّمْتِ غَرَّ مَالِكًا مِنْهُ سِمَتُهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ فَيَعْرِفُهُ كَمَا غَرَّ الشَّافِعِيَّ من إبراهيم بن أبي يحيى حذقه وبناهته فَرَوَى عَنْهُ وَهُوَ أَيْضًا مُجْتَمَعٌ عَلَى تَجْرِيحِهِ وَضَعْفِهِ وَلَمْ يُخَرِّجْ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ حُكْمًا فِي مُوَطَّئِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِيهِ عَنْهُ تَرْغِيبًا وَفَضْلًا وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ لَمْ يَحْتَجَّ بِابْنِ أَبِي يَحْيَى فِي حُكْمٍ أَفْرَدَهُ بِهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ قُلْتُ

لِأَيُّوبَ كَيْفَ لَمْ تَسْمَعْ مَنْ طَاوُسٍ قَالَ أَتَيْتُهُ فَإِذَا قَدِ اكْتَنَفَهُ ثَقِيلَانِ لَيْثُ بْنُ أبي سلم وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ فَتَرَكْتُهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا محمد ابن جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ قَالَ لِي أَيُّوبُ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ غَيْرُ ثِقَةٍ فَلَا تَحْمِلْ عَنْهُ قَالَ فَمَا حَمَلْتُ عَنْهُ شَيْئًا وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْغَزِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ قُلْتُ لِأَيُّوبَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا لَكَ لَمْ تُكْثِرْ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ جِئْتُهُ لِأَجْلِسَ إِلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ بَيْنَ ثَقِيلَيْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ فَرَجَعْتُ وَتَرَكْتُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حدثنا عبد الرحمان بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ أَوَّلُ مَنْ جَالَسْتُ مِنَ النَّاسِ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ جَالَسْتُهُ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ مائة قال أحمد بن زهير وسئل يحيى ابن مَعِينٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ فَقَالَ هُوَ أَبُو أُمَيَّةَ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ هَلَكَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَذَكَرَ الْعَقِيلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ لِي مَعْمَرٌ مَا رَأَيْتُ أَيُّوبَ اغْتَابَ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا عَبْدَ الْكَرِيمِ فَإِنَّهُ

ذَكَرَهُ فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ لَقَدْ سَأَلَنِي عَنْ حَدِيثٍ لِعِكْرِمَةَ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الْكَرِيمِ بْنَ أُمَيَّةَ يَقُولُ الْحَسَنُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ ضَالَّانِ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ كَانَ أَبُو أُمَيَّةَ يُحْيِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُتَخَطَّى وَيَقُولُ رَحِمَ اللَّهُ مَنْ لَمْ يَتَأَذَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ فَقَالَ ضَعِيفٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرَ عَنْهُ مَالِكٌ فَصِحَاحٌ مَشْهُورَةٌ جَاءَتْ مَنْ طُرُقٍ ثابتة ونحن نذكر من طرقها ههنا مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ بِفَضْلِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ مِنْ كَلَامِ النبوة إذا لم تستحي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ وَوَضْعُ الْيَدَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ يَضَعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَتَعْجِيلُ الْفِطْرِ وَالِاسْتِينَاءُ بِالسُّحُورِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ فَحَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَدْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ

قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسَ مِنْ أَمْرِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ خَطَأٌ وَيَقُولُونَ إِنَّ الْخَطَأَ فِيهِ مِنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ وَرِوَايَةُ مَنْصُورٍ عِنْدَهُمْ صَوَابٌ رَوَاهَا شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَغَيْرُهُمْ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ وَلَا يَصِحُّ في هذا الحديث عندهم غير هَذَا الْإِسْنَادُ وَإِنَّمَا هُوَ لِرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عن أبي مسعود الأنصاري عقبة ابن عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ لِرِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ حُبَابَةَ قَالَا حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ وَشَرِيكٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسَ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ صَالِحٍ السُّبَيْعِيُّ الْحَلَبِيُّ بدمشق قال حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ الْمُسْتَهِلِّ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ابو عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قال

رس صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسَ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تستحي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدثنا أحمد ابن خَالِدٍ وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَامِعٍ السُّكَّرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا القعنبي قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إن مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسَ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَامِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَرْوِ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ شُعْبَةَ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ عن منصور عن ربعي ابن حِرَاشٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ آخِرُ مَا تَعَلَّقَ النَّاسُ بِهِ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لم تستحي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسَ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لم تستحي فَافْعَلْ مَا شِئْتَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرُ مَا كَانَ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَافْعَلْ مَا شِئْتَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ وَرَدَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي مَعْنَى الْخَبَرِ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَيَاءٌ يَحْجِزُهُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَسَوَاءٌ عَلَيْهِ فِعْلُ الصَّغَائِرِ وَارْتِكَابُ الْكَبَائِرِ وَفِيهِ مَعْنَى التَّحْذِيرِ وَالْوَعِيدِ عَلَى قِلَّةِ الْحَيَاءِ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال من بَاعَ الْخَمْرَ فَلْيُشَقِّصِ الْخَنَازِيرَ فَلَيْسَ هَذَا عَلَى إِبَاحَةِ شَقْصِ الْخَنَازِيرِ وَلَكِنَّهُ تَقْرِيعٌ وَإِخْبَارٌ وَتَوْبِيخٌ يَقُولُ مَنِ اسْتَحَلَّ بِيعَ الْخَمْرِ وَقَدْ نَهَاهُ اللَّهُ عَنْ بَيْعِهَا فَمِنْ شَأْنِهِ وَمِنْ نَظِيرِ أَفْعَالِهِ أَلَّا يَرْعَوِي عَنْ شِقْصِ الْخَنَازِيرِ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ عُمَرَ مَنْ وَجَدَ سَعَةً وَاسْتَطَاعَ سَبِيلًا إِلَى الْحَجِّ وَلَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ وَجَدَ سَعَةً وَلَمْ يَحُجَّ فَلَا يَقْرَبْ مُصَلَّانَا وَمِنْ مَعْنَى حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ أَخَذَ الْقَائِلُ قَوْلَهُ ... إِذَا لَمْ تَخْشَ عَاقِبَةَ الليالي ... ولم تستحي فَاصْنَعْ مَا تَشَاءُ ... ... فَلَا وَاللَّهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ ... وَلَا الدُّنْيَا إِذَا ذَهَبَ الْحَيَاءُ

وَقَالَ أَبُو دُلَفَ الْعِجْلِيُّ ... إِذَا لَمْ تَصُنْ عرضا ولم تخش خالقا ... وتستحي مَخْلُوقًا فَمَا شِئْتَ فَاصْنَعِ ... وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ افْعَلْ مَا شِئْتَ مِمَّا لَا تَسْتَحْيَا مِنْ فِعْلِهِ أَيْ مَا حَلَّ لَكَ وَأُبِيحَ فِعْلُهُ فَلَا تَسْتَحِي مِنْهُ وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَفْعَلَهُ إِذْ لَا تَسْتَحْيِي مِنْ فِعْلِهِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَالْمَشْهُورُ مَخْرَجُهُ عِنْدَ الْعَرَبِ وَالْفُصَحَاءِ وَأَمَّا وَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ ففيه آثار ثَابِتَةٌ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله ابن زكرياء النيسابوري بمصر قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن عبد الملك القرشي قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُوِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ زَائِدَةَ قَالَا حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَائِلِ بن حجر قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ حَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ جُحَادَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ كُنْتُ غُلَامًا لَا أَعْقِلُ صَلَاةَ أَبِي فَحَدَّثَنِي وَائِلُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إِذَا دَخَلَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَكَبَّرَ ثُمَّ الْتَحَفَ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي ثَوْبِهِ فَأَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ هَكَذَا قَالَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَائِلُ بْنُ عَلْقَمَةَ وَإِنَّمَا أَعْرَفُ عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا سُوِيدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُمَيْرٍ الْعَنْبَرِيِّ وَقَيْسٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ قَائِمًا فِي الصَّلَاةِ قَبَضَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَبَضَ عَلَى شِمَالِهِ بِيَمِينِهِ وَرَأَيْتُ عَلْقَمَةَ يَفْعَلُهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عمرو بن علي قال حدثنا عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَبِي زَيْنَبَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ رَآنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ وَضَعْتُ شِمَالِي عَلَى يَمِينِي فِي الصَّلَاةِ فَأَخَذَ يَمِينِي فَوَضَعَهَا عَلَى شِمَالِي قال أبو عبد الرحمان غَيْرُ هُشَيْمٍ أَرْسَلَ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَرْسَلَهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ وَهَشِيمٌ أَحْفَظُ مِنَ الَّذِي أَرْسَلَهُ وَفِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَيْضًا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ عَبْدِ الرحمان بن القاسم

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ صالح عن زرعة بن عبد الرحمان قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ صَفُّ الْقَدَمَيْنِ وَوَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْيَدِ مِنَ السُّنَّةِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ سَيْفٍ الْعَبْسِيُّ عن الحرث بن غطيف أو غطيف بن الحرث الْكِنْدِيِّ شَكَّ مُعَاوِيَةُ قَالَ مَهْمَا رَأَيْتُ شَيْئًا فَنَسِيتُهُ فَإِنِّي لَمْ أَنْسَ إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ وَذَكَرَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ عَنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَالَ الحرث بْنُ غُطَيْفٍ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَكَانَ أَحْمَدُ بن حنبل يقول هو الحرث بْنُ غُطَيْفٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الصَّحَابَةِ وَذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِيهِ بِمَا يُغْنِي عن ذكره ههنا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ هُلْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعًا يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ وَرَأَيْتُهُ يَنْصَرِفُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ فِي الصلاة

قَالَ أَبُو عُمَرَ هُلْبٌ لَقَبٌ وَاسْمُهُ يَزِيدُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَنَسَبْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ هُلْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعًا يَمِينَهُ عَلَى شَمَالِهِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ وائل ابن حجر قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ كَبَّرَ أَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّبِيئِينَ وَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ تَخْتَلِفِ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا أَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي ذلك خلافا إلا شيء رُوِيَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ يُرْسِلُ يَدَيْهِ إِذَا صَلَّى وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُهُ مِمَّا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَنْهُ وَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ مِنَ السُّنَّةِ وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ التَّابِعِينَ وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْأَثَرِ فَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ فَذَهَبَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِلَى سَدْلِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ مَالِكٌ وَضْعُ الْيَدَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ إِنَّمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي النَّوَافِلِ مِنْ طول القيام

قَالَ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ القاسم عنه وقال عنه غير ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ عَنْهُ وَقَالَ اللَّيْثُ سَدْلُ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ أَحَبُّ إِلَيَّ إِلَّا أَنْ يُطِيلَ الْقِيَامَ فَيَعِيَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَضَعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ رَأَيْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ يُصَلِّي فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ مُسْدِلًا يَدَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَنْ شَاءَ فَعَلَ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَالْحُسْنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالطَّبَرِيُّ يَضَعُ الْمُصَلِّي يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ فِي الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ وَقَالُوا كُلُّهُمْ وَذَلِكَ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ عِنْدَ الصَّدْرِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِنَّهُ وَضَعَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ وَعَنْ طَاوُسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ اليسرى ثم يشهدهما عَلَى صَدْرِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَإِسْحَاقُ أَسْفَلَ السُّرَّةِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالنَّخَعِيِّ وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مِجْلَزٍ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَوْقَ السُّرَّةِ وَهُوَ قَوْلُ سعيد بن جبير قال أحمد ابن حَنْبَلٍ وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَ السُّرَّةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ خِلَافٌ لِمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وابراهيم أنهما كانا يرسلان أيدهما فِي الصَّلَاةِ وَلَيْسَ هَذَا بِخِلَافٍ لِأَنَّ الْخِلَافَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ وَقَدْ يُرْسِلُ الْعَالِمُ يَدَيْهِ لِيُرِيَ النَّاسَ أَنْ لَيْسَ ذَلِكَ بِحَتْمٍ وَاجِبٍ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَضَعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ وَذَكَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ هَارُونَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ مَا رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَابِضًا يَمِينَهُ عَلَى شَمَالِهِ فِي الصَّلَاةِ كَانَ يُرْسِلُهُمَا وَهَذَا أَيْضًا يَحْتَمِلُ مَا ذَكَرْنَا وَذَكَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَيْزَارِ قَالَ كُنْتُ أَطُوفُ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَرَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَاضِعًا إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى هَذِهِ عَلَى هَذِهِ وَهَذِهِ عَلَى هَذِهِ فَذَهَبَ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ جَاءَ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَأَى يُسْرَى يَدَيْهِ عَلَى يَمِينِهِ فَانْتَزَعَهَا عَلَى نَحْوِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَنَعَهُ بِابْنِ مَسْعُودٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مَا يُصَحِّحُ هَذَا التَّأْوِيلَ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي صِلَاتِهِ فَوْقَ السُّرَّةِ فَهَذَا مَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَيْسَ بِخِلَافٍ لِأَنَّهُ لَا يُثْبِتُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَرَاهِيَةً وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ مَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ الْحُجَّةَ فِي السُّنَّةِ لِمَنِ اتَّبَعَهَا وَمَنْ خَالَفَهَا فَهُوَ مَحْجُوجٌ بِهَا وَلَا سِيَّمَا سُنَّةً لَمْ يَثْبُتْ عَنْ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافُهَا

ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى آلِ دَرَّاجٍ قَالَ مَا رَأَيْتُ فَنَسِيتُ فَإِنِّي لَمْ أَنْسَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ هَكَذَا وَوَضَعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ شَدَّادٍ الْعَبْدِيُّ أَبُو طَالُوتَ عَنْ غَزَوَانَ بْنِ جَرِيرٍ الضَّبِّيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ عَلِيٌّ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى رُسْغِهِ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَرْكَعَ مَتَى مَا رَكَعَ إِلَّا أَنْ يُصْلِحَ ثَوْبَهُ أَوْ يَحُكَّ جَسَدَهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عن عبد الرحمان بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ زِيَادِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ السُّوَائِيِّ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ وَضْعُ الْأَيْدِي عَلَى الْأَيْدِي تَحْتَ السُّرَرِ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنِ الْمُسْتَمِرِّ بْنِ الرَّيَّانِ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ أَصْحَابَهُ أَنْ يَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَهُوَ يُصَلِّي قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدَ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ ظُهَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ قَالَ وَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ

وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ سَوَاءً ذَكَرَ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ الْجَحْدَرِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ سَمِعَ عَلِيًّا يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ قَالَ وَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى تَحْتَ السُّرَّةِ قَالَ وَحَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ الْكَفِّيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ قَالَ وَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ وَرَوَى طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ وَضْعَ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ وَتَعْجِيلَ الْفِطْرِ وَالِاسْتِينَاءَ بِالسُّحُورِ وَأَكْثَرُ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ فِي وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْيَدِ لَيِّنَةٌ لَا تَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ أَعْنِي الْأَحَادِيثَ عَنِ التَّابِعِينَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ آثَارًا صِحَاحًا مَرْفُوعَةً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عبد الرحمان بْنِ إِسْحَاقَ الْكُوفِيِّ عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَخْذُ الْأَكُفِّ عَلَى الْأَكُفِّ فِي الصَّلَاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حنبل يضعف عبد الرحمان بْنَ إِسْحَاقَ الْكُوفِيَّ وَقَالَ هُوَ يَرْوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ عَلِيٍّ فِي أَخْذِ الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى فِي الصَّلَاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ إِنْ كَانَ وَضَعَ الْيَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ فعلى كفه أو على الرسغ عند الصَّدْرِ وَكَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَا وَجْهَ لِكَرَاهِيَةِ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ أَصْلُهَا الْإِبَاحَةُ وَلَمْ يَنْهَ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَلَا رَسُولُهُ فَلَا مَعْنَى لِمَنْ كَرِهَهُ هَذَا لَوْ لَمْ يُرْوَ إِبَاحَتُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ مَا ذَكَرْنَا وَكَذَلِكَ لَا وَجْهَ لِتَفْرِقَةِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ النَّافِلَةِ وَالْفَرِيضَةِ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ ذَلِكَ فِي الْفَرِيضَةِ دُونَ النَّافِلَةِ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَتَنَفَّلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ لَيْلًا وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي بَيْتِهِ لَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْهُ أَزْوَاجُهُ وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُنَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ يَمِينَهُ عَلَى يَسَارِهِ فِي صِلَاتِهِ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَبِيتُ عِنْدَهُ وَلَا يَلِجُ بَيْتَهُ وَإِنَّمَا حَكَوْا عَنْهُ مَا رَأَوْا مِنْهُ فِي صَلَاتِهِمْ خَلْفَهُ فِي الْفَرَائِضِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَدَّادُ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ سَجَّادَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى عَنْ أَبِي فَرْوَةَ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ ثُمَّ وَضَعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى قَالَ أَبُو عُمَرَ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْأَسْلَمِيُّ وَأَبُو فَرْوَةَ ضَعِيفَانِ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِأَنَّ فِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مَا يُعَضِّدُ قَوْلَنَا عَنْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذَا تَمْهِيدُ مَا رُوِيَ فِي وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ وَتَعْجِيلَ الْفِطْرِ وَالِاسْتِينَاءَ بِالسُّحُورِ فَقَدْ مضى في باب عبد الرحمان بْنِ حَرْمَلَةَ بَعْضُ هَذَا الْمَعْنَى مُسْنَدًا صَحِيحًا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَافِظُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَدَّادِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عبد الرحمان زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى خَيَّاطُ السُّنَّةِ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ أَبَانِ بْنِ بَشِيرٍ الْمُعَلِّمِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ مِنَ النُّبُوَّةِ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ وَوَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ ثَلَاثٌ مِنَ النُّبُوَّةِ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ وَوَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ

عثمان بن حفص بن عمر

مَالِكٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مَقْطُوعٌ وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن خلدة الزرقي الأنصاري ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُهُمَا فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ قِيلَ إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ حَفْصٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَبَّادُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَالَ يَثْرِبَ فَلْيَقُلِ الْمَدِينَةَ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ حَفْصِ بْنِ خَلْدَةَ هَذَا وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عُثْمَانَ وَعُثْمَانُ هَذَا يَرْوِي عَنِ الزُّهْرِيِّ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ هَذَا الْبَابِ فِي قِصَّةِ أَبِي لُبَابَةَ وَالْآخَرُ رَوَاهُ عَنْهُ أَيْضًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الدَّيْنُ عَلَى الرَّجُلِ إِلَى أَجَلٍ فَيَضَعُ عَنْهُ صَاحِبُ الْحَقِّ وَيُعَجِّلُ لَهُ الْآخَرُ فَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَنَهَى عَنْهُ وَلَهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ جَدِّهِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ خَلْدَةَ وَأَظُنُّ عُمَرَ هَذَا الَّذِي رَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ هُوَ عُمَرُ بْنُ خَلْدَةَ الَّذِي رَوَى ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَبِي الْمُعْتَمِرِ عَنْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثَ التَّفْلِيسِ وبنو خلدة معرفون بِالْمَدِينَةِ لَهُمْ أَحْوَالٌ وَشَرَفٌ وَجَلَالَةٌ فِي الْفِقْهِ وَمَحَلِّ الْعِلْمِ وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ عُثْمَانَ هَذَا فَهُوَ بَلَاغٌ

مَالِكٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَفْصِ بْنِ (عُمَرَ) بْنِ خَلْدَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب وأجاورك وأنخلع من مالي صدقة إلى الله روسوله فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجْزِيكُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَطَائِفَةٍ مِنْ رُوَاتِهِ مِنْهُمُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَتْهُ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ التِّنِّيسِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ لَمْ يَذْكُرْ عُثْمَانَ بْنَ حَفْصٍ وَلَا ابْنَ شِهَابٍ وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ الْقَعْنَبِيِّ وَلَا أَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عن عمر بن حفص ابن عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ هَكَذَا قَالَ فِيهِ الْعُقَيْلِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ وَأَدْخَلَهُ فِي بَابِ عُمَرَ مِنْ تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ وَلَا يُعْرَفُ عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ خَلْدَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ عُمَرُ بْنُ خَلْدَةَ جَدُّ عُثْمَانَ شَيْخِ مَالِكٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فَابْنُ بُكَيْرٍ وَهِمَ حِينَ جَعَلَ فِي مَوْضِعِ عُثْمَانَ عُمَرَ وَالْعُقَيْلِيُّ أَيْضًا جَهِلَ ذَلِكَ فَأَدْخَلَهُ فِي بَابِ عُمَرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَمْرَهُ وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ ابْنِ بُكَيْرٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَا أَحَدٍ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ شهاب قال أخبرني بعض بين أَبِي السَّائِبِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ حِينَ ارْتَبَطَ فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أهجر دار

قومي التي أصبت فيها الذنب وأجاورك وأنخلع مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجْزِي عَنْكَ الثُّلُثُ فَقَدْ بَانَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الْبَلَاغُ الَّذِي ذَكَرَهُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَعِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ فِي نَحْوِ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ هَذَا حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ ابن مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ الثُّلُثَانِ فِي حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ذَكَرَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ وَعَنِ ابْنِ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ أَبِيهِ وَلَا يَتَّصِلُ حَدِيثُ أَبِي لُبَابَةَ فِيمَا عَلِمْتُ وَلَا يَسْتَنِدُ وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ فِي السِّيَرِ مَحْفُوظَةٌ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَمُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ وَأَبُو سُفْيَانَ الْمَعْمَرِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي قَوْلِ الله عز وجل يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ لَمَّا بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ إِنَّهُ الذَّبْحُ فَقَالَ أَبُو لُبَابَةَ لَا وَاللَّهِ لَا أَذُوقُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا حَتَّى أَتُوبَ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ فَمَكَثَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لَا يَذُوقُ فِيهَا طعاما ولا شرابا حتى يخر مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ يَا أَبَا لُبَابَةَ قَدْ تِيبَ عَلَيْكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ لَا أَحِلُّ نَفْسِي حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ يَحِلُّنِي فَجَاءَ فَحَلَّهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَبُو لُبَابَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ

وَرَسُولِهِ فَقَالَ يُجْزِئُكَ الثُّلُثُ أَنْ تَصَّدَّقَ بِهِ يَا أَبَا لُبَابَةَ وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ هَذِهِ الْقِصَّةَ فَجَوَّدَهَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي قِصَّةِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَذَكَرَهَا بِطُولِهَا وَتَمَامِهَا وَذَكَرَ خُرُوجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليهم مَعَ أَصْحَابِهِ بَعْدَ انْصِرَافِ الْأَحْزَابِ عَنِ الْمَدِينَةِ قَالَ وَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً فَذَكَرَ قَوْلَ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ لَهُمْ قَالَ ثُمَّ إِنَّهُمْ بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أبعث إلنا أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَخَا بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَكَانُوا حُلَفَاءَ الْأَوْسِ نَسْتَشِيرُهُ فِي أَمْرِنَا فَأَرْسَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامَ إِلَيْهِ الرجلان وَجَهَشَ إِلَيْهِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَبْكُونَ فِي وَجْهِهِ فَرَقَّ لَهُمْ وَقَالُوا لَهُ يَا أَبَا لُبَابَةَ تَرَى أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ قَالَ نَعَمْ وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى حَلْقِهِ إِنَّهُ الذَّبْحُ قَالَ أَبُو لُبَابَةَ فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ قَدَمَايَ مِنْ مَكَانِهِمَا حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّي قَدْ خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ثُمَّ انْطَلَقَ أَبُو لُبَابَةَ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يَأْتِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ارْتَبَطَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِهِ وَقَالَ لَا أَبْرَحُ مَكَانِي هَذَا حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ مِمَّا صَنَعْتُ وَأُعَاهِدُ اللَّهَ أَلَّا أَطَأَ بَنِي قُرَيْظَةَ أَبَدًا وَلَا أُرَى فِي بَلَدٍ خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِيهِ أَبَدًا فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ خَبَرُهُ وَكَانَ قَدِ اسْتَبْطَأَهُ قَالَ أَمَا إِنَّهُ لَوْ جَاءَنِي لَاسْتَغْفَرْتُ لَهُ فَأَمَّا إِذْ فَعَلَ مَا فَعَلَ فَمَا أَنَا بِالَّذِي يُطْلِقُهُ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بن عبد الله قُسَيْطٍ أَنَّ تَوْبَةَ أَبِي لُبَابَةَ نَزَلَتْ عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السَّحَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ قَالَتْ فَقُلْتُ لَهُ مم تَضْحَكُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ قَالَ تِيبَ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ قَالَتْ فَقُلْتُ أَفَلَا أُبَشِّرُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بَلَى إِنْ شِئْتِ قَالَ فَقَامَتْ عَلَى بَابِ حُجْرَتِهَا وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ

فَقَالَتْ يَا أَبَا لُبَابَةَ أَبْشِرْ فَقَدْ تَابَ الله عليك قالت فثار الناس إليه ليطلوقه فَقَالَ لَا وَاللَّهِ حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي يُطْلِقُنِي فلما مر عله خَارِجًا إِلَى الصُّبْحِ أَطْلَقَهُ وَذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ هَذِهِ الْقِصَّةَ عَنْ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ثُمَّ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ أَقَامَ أَبُو لُبَابَةَ مُرْتَبِطًا بِالْجِذْعِ سِتَّ لَيَالٍ تَأْتِيهِ امْرَأَتُهُ فِي كُلِّ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَتَحِلُّهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يَعُودُ فَيَرْتَبِطُ بِالْجِذْعِ فِيمَا حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ وَالْآيَةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِي تَوْبَتِهِ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ذَكَرَ سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى قَالَ (فِي) قَوْلِهِ عَزَّ وجل يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَذَكَرَ بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ الْأَزْهَرِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ نزلت يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ فِي أَبِي لُبَابَةَ أَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ حَيْثُ قَالُوا نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ (قَالَ) لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ الذَّبْحُ وَأَمَرَّ يَدَهُ عَلَى حَلْقِهِ قَالَ بَقِيٌّ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ نزلت في ابي لبابة يا أيها الذين آمنوا لاتخونوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ قَالَ سُفْيَانُ هَكَذَا قرأ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَرَأَ أَمَانَتَكُمْ عَلَى التَّوْحِيدِ جَمَاعَةٌ وَالصَّوَابُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ لَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى وَإِنْ كَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ سَمِعَ مِنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى وَاسْمُ أَبِي لُبَابَةَ بَشِيرٌ وَقِيلَ رِفَاعَةُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَنَسَبْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَذَكَرَ عَلِيُّ بن أبي طلحة عن أبي عباس في قوله وتخونوا أماناتتكم قَالَ مَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْفَرَائِضِ وَكَذَلِكَ قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَغَيْرُهُ هُوَ الْإِغْلَالُ بِالسِّلَاحِ فِي الْمُغَازِي وَالْبُعُوثِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ وَعَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ يُجْزِئُكَ مِنْهُ الثُّلُثُ فَإِنَّ مَالِكًا ذَهَبَ إِلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ كُلِّهِ فِي الْمَسَاكِينِ ثُمَّ حَنِثَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِثْلَهُ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ حَلَفَ حَالِفٌ بِصَدَقَةِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِعَيْنِهِ ثُمَّ حَنِثَ لَزِمَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ كُلَّهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ وَإِنْ حَلَفَ مِرَارًا بِصَدَقَةِ مَالِهِ ثُمَّ حَنِثَ مِرَارًا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ ثُلُثَ مَالِهِ يَوْمَ حَلَفَ كُلَّ مَرَّةٍ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ إِذَا كَانَتْ يَمِينُهُ وَحِنْثُهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَأَصْلُ مَالِكٍ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي هذا الباب

حَدِيثُ أَبِي لُبَابَةَ هَذَا وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ لَا يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ إِلَّا عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ متصل صحيح وأماسائر الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ أَبُو عبد الله المروزي وغيره عن الحرث الْعُكْلِيِّ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى فِيمَنْ حَلَفَ بِمَالِهِ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ كَفَّارَةٍ وَلَا غَيْرِهَا ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لاتحلفوا إِلَّا بِاللَّهِ قَالُوا فَمَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَهُوَ عَاصٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ قَصْدَ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالصَّدَقَةِ وَلَا نَذَرَ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْيَمِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مذهب عبد الرحمان بْنُ كَيْسَانَ الْأَصَمِّ وَجَمَاعَةٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ الله المروزي ويروى عن عمر ابن الْخَطَّابِ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَحَفْصَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا مَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ ثُمَّ حَنِثَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَذَكَرَ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ أَنَّهُمْ قَالُوا يَتَصَدَّقُ مِنْ مَالِهِ بِمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَوَاشِي وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنَ الْعَقَارِ والمتاع وسائر الأموال غير مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ والمواشي

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا ذَكَرَ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ فِيمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ أَنَّهُ يُخْرِجُهُ كُلَّهُ وَلَا يَتْرُكُ لِنَفْسِهِ إِلَّا ثِيَابَهُ الَّتِي تُوَارِي عَوْرَتَهُ وَيُقَوِّمُهَا فَإِذَا أَفَادَ قِيمَتَهَا أَخْرَجَهَا وَأَظُنُّ هَؤُلَاءِ حَكَمُوا فِيهِ بِحُكْمِهِمْ فِي الْمُفْلِسِ الَّذِي يَقْسِمُ عِنْدَهُمْ مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَيَتْرُكُ لَهُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ حَتَّى يَسْتَفِيدَ فَيُؤَدِّي إِلَيْهِمْ وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَالَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَنْهُ هُوَ مَذْهَبُهُ فِيمَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ نَحْوُ الَّذِي ذَكَرَ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دحيم قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابن أُمَيَّةَ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ حَاضِرٍ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا قَاصًّا أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ اخْرُجِي فِي ظَهْرِي فَأَبَتْ أَنْ تَخْرُجَ فَلَمْ يَزَلِ الْكَلَامُ بَيْنَهُمَا حَتَّى قَالَتْ هِيَ تَنْحَرُ نَفْسَهَا وَجَارِيَتُهَا حُرَّةً وَكُلُّ مَالٍ لَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ خَرَجَتْ ثُمَّ بَدَا لَهَا فَخَرَجَتْ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ حَاضِرٍ فَأَتَتْنِي تَسْأَلُنِي فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا فَذَهَبْتُ بِهَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَصَّتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَّا جَارِيَتُكِ فَحُرَّةٌ وَأَمَّا قَوْلُكِ تَنْحَرِينَ نَفْسَكِ فَانْحَرِي بَدَنَةً ثُمَّ تَصَدَّقِي بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ وَأَمَّا قَوْلُكِ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاجْمَعِي مَالَكِ كُلَّهُ فَأَخْرِجِي مِنْهُ مِثْلَ مَا يَجِبُ فِيهِ مِنَ الصَّدَقَةِ قَالَ ثُمَّ ذَهَبْتُ بِهَا إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ ذَهَبْتُ بِهَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ وَأَحْسَبُ أَنَّهُ قَالَ ثُمَّ

ذَهَبْتُ بِهَا إِلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَأَمَّا الثَّلَاثَةُ فَقَدْ أَتَيْتُهُمْ وَقَالَ قَتَادَةُ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ فِيمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ وَحَنِثَ يَتَصَدَّقُ بِخُمُسِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَقَالَ بِهِ قَتَادَةُ عَلَى اخْتِلَافٍ عنه وقد روي عنه كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ عَلَيْهِ أَنْ يتصدق بجيمع مَالِهِ وَيُمْسِكُ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنِ النَّاسِ فَإِذَا اسْتَفَادَ مَالًا تَصَدَّقَ بِقَدْرِ مَا أَمْسَكَ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَتَصَدَّقُ بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ عَلَى تَرْتِيبِهَا وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرحمان يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ لَا غَيْرَ ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بن عبد العزيز عن الحرث بْنِ مِسْكِينٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ كَانَ رَبِيعَةُ يَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ فَحَنِثَ وَذَكَرَهُ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ يَقُولُ فِي الْحَالِفِ بِصَدَقَةِ مَالِهِ إِذَا حَنِثَ إِنْ كَانَ مَلِيًّا أَخَذْتُ فِيهِ بِقَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ يُخْرِجُ ثُلُثَ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا أَخَذْتُ فِيهِ بِقَوْلِ رَبِيعَةَ إِنَّهُ يُطَهِّرُ مَالَهُ بِالزَّكَاةِ وَرُوِيَ عَنِ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ فِيمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ أَوْ بِصَدَقَةِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ قَالَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى بَنَاتِهِ وَهَذَا عِنْدِي مِنْ قَوْلِهِمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عِنْدَهُمَا فَأَحَبَّا له ما ذكرا الله أَعْلَمُ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَأَلْتُ الْحَكَمَ وَحَمَّادًا عَنْ رَجُلٍ قال إن فارقت غريمي فمالي عَلَيْهِ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةً قَالَا لَيْسَ بِشَيْءٍ قَالَ شُعْبَةُ وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ وَسُلَيْمَانَ ابْنِ يَسَارٍ وَالْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَقَتَادَةَ فِيمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ فَحَنِثَ قَالُوا كَفَّارَةٌ

يَمِينٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُلُّ يَمِينٍ وَإِنْ عَظُمَتْ لَا يَكُونُ فِيهَا طَلَاقٌ وَلَا عِتَاقٌ فَيُكَفِّرُهَا كَفَّارَةَ الْيَمِينِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوَزَاعِيِّ وَبِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَبُو زَيْدِ بْنُ أَبِي الْغَمْرِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ الشَّافِعِيُّ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ وَالْكَفَّارَاتُ إِنَّمَا تَلْزَمُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ لَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ بَيْنِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ سَلَفِهِمْ وَخَلَفِهِمْ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ وَأَنَّ الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ كَالطَّلَاقِ عَلَى الصِّفَةِ وَأَنَّهُ لَازِمٌ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَا الطَّلَاقِ مِنَ الْأَيْمَانِ وقد ذكرنا اختلافهم ههنا فِيمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْبَابِ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا مَعْنَى ذَلِكَ دُونَ مَا سِوَاهُ فَأَمَّا وُجُوهُ أَقْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ فَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ فِي قِصَّةِ أَبِي لُبَابَةَ وَوَجْهُ قَوْلِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَوَجْهُ قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ فِي ذلك كفارة يمين عموم قوم اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ يَعْنِي فَحَنِثْتُمْ فَعَمَّ الْأَيْمَانَ كُلَّهَا إِلَّا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْهَا أَوْ مَا كَانَ فِي مَعْنَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ وَلِقَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ سَلَفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهُوَ أَعْلَى مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ وَوَجْهُ حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْمَشُورَةِ مِنْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَجْرِهِ دَارَ قَوْمِهِ وَالْخُرُوجِ عَنْ مَالِهِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا أَنَّهُ حَلَفَ فَأَشَارَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ شَاوَرَهُ بِأَنْ يُمْسِكَ عَلَى نَفْسِهِ ثُلُثَيْ مَالِهِ وَيَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ بِالثُّلُثِ شُكْرًا لِتَوْبَتِهِ عَلَيْهِ مِنْ ذَنْبِهِ ذَلِكَ (هَذَا عَلَى أَنَّ حَدِيثَهُ أَيْضًا مُنْقَطِعٌ لَا يَتَّصِلُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ

عامر بن عبد الله بن الزبير

عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ لِمَالِكٍ عَنْهُ حَدِيثَانِ وَهُوَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ الْقُرَشِيُّ الْأَسَدِيُّ يُكَنَّى أبا الحرث كَذَلِكَ قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَغَيْرُهُ وَكَانَ ثِقَةً فَاضِلًا نَاسِكًا مِنَ الْعُبَّادِ الْمُنْقَطِعِينَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ كَانَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِذَا شَهِدَ جِنَازَةً وَقَفَ عَلَى الْقَبْرِ فَقَالَ أَلَا أَرَاكَ ضَيِّقًا أَلَا أَرَاكَ مُظْلِمًا لَأَتَأَهَّبَنَّ لَكَ أُهْبَتَكَ فَأَوَّلُ شَيْءٍ تَرَاهُ عَيْنَاهُ يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى رَبِّهِ فَلَقَدْ كَانَ رَقِيقُهُ يَتَعَرَّضُونَ لَهُ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الْجَنَائِزِ لِيَعْتِقَهُمْ قَالَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْحِزَامِيُّ أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ دَفَعَ إِلَى محمد ابن زِيَادٍ مَوْلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ اقْسِمْهَا فِي بُيُوتَاتِ الْأَنْصَارِ وَلَا تعطي بَيْتًا حَارِثِيًّا مِنْهَا دِرْهَمًا فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ إِنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا وَهُمُ الَّذِينَ أَدْخَلُوا عَلَى قَوْمِي يَوْمَ الْحَرَّةِ قَالَ وَحَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ وَمَنْ شِئْتَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ رَجُلًا أَوْدَعَ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ فَاسْتَنْفَقَهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ فَقَدِمَ الرَّجُلُ فَجَعَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ يَدْعُو وَيَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تعلم أن

فُلَانًا أَوْدَعَنِي خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ وَاسْتَنْفَقْتُهَا وَقَدْ قَدِمَ وَلَيْسَتْ عِنْدِي اللَّهُمَّ فَاقْضِهَا عَنِّي وَلَا تَفْضَحْنِي فَسَمِعَ عَامِرٌ دُعَاءَهُ فَانْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَصَرَّ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ جَاءَ بِهَا فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَمُحَمَّدٌ مَشْغُولٌ بِالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ لَا يَشْعُرُ فَانْصَرَفَ مُحَمَّدٌ مِنْ صِلَاتِهِ فَرَآهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَخَذَهَا وَحَمِدَ اللَّهَ قَالَ عَامِرٌ فَخَشِيتُ أَنْ يُفْتَتَنَ فَذَكَرْتُ لَهُ أَنِّي وَضَعْتُهَا وَأَخْبَرْتُهُ بِمَا خِفْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْفِتْنَةِ قَالَ وَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَنَّ ابنه عامر يَصْحَبُ أَقْرَانًا يُصْعَقُونَ فَقَالَ لَهُ إِنْ بَلَغَنِي بَعْدُ أَنَّكَ تُجَالِسُهُمْ أَوْجَعْتُكَ ضَرْبًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ سَمِعْتُ أَبِي يقول عامر بن عبد الله ابن الزُّبَيْرِ ثِقَةٌ مِنْ أَوْثَقِ النَّاسِ وَذَكَرَ الْعَقِيلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ قَالَ حدثنا عمي قال سمعت جدي محمد عَلِيٍّ يَقُولُ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْبَدَ مِنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ وَكَانَ أَكْثَرُ كَلَامِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ وَقَالَ مُصْعَبٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ كَانَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ الصِّيَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَكُنْتُ آتِيهِ آخَرَ يَوْمٍ مِنْ صِيَامِهِ أَسْأَلُهُ عَنْ حَالِهِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَيُشِيرُ بِيَدِهِ يَرُدُّ السَّلَامَ وَكَانَ يُرْسِلُنِي إِلَيْهِ رَبِيعَةُ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ كَانَ يُوَاصِلُ فِي رَمَضَانَ ثَلَاثًا فَقِيلَ لَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ لَا مَنْ يَقْوَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَلْ ثَلَاثًا مِنَ الدَّهْرِ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَةً وَقَالَ مُصْعَبٌ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ كَانَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يُرْخِي عِمَامَتَهُ يُسْدِلُهَا مِنْ خَلْفِهِ شِبْرًا

وَتُوُفِّيَ عَامِرٌ هَذَا بِالشَّامِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ سَنَةَ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ قَالَ الزُّبَيْرُ حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبٌ قَالَ سَمِعَ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْمُؤَذِّنَ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ وَمَنْزِلُهُ قَرِيبٌ مِنَ الْمَسْجِدِ فَقَالَ خُذُوا بِيَدِي فَقِيلَ لَهُ أَنْتَ عَلِيلٌ فَقَالَ أَسْمَعُ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَا أُجِيبُهُ فَأَخَذُوا بِيَدِهِ فَدَخَلَ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَرَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً ثُمَّ مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَوَى إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ لَمْ أَرَ مِثْلَ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي زَمَانِهِ فَضْلًا قَالَ وَلَقَدْ شَهِدْتُ ابْنَ ذِي الزَّوَائِدِ السَّعْدِيَّ يُنْشِدُهُ فِي الْمَسْجِدِ فَأَعْطَاهُ عَنْ كُلِّ بَيْتٍ دِينَارًا وَذَلِكَ أَنَّهُ مَدَحَ أَبَوَيْهِ وَكَانَ إِذَا مُدِحَ فَذُكِرَ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَثَابَ مَنْ فَعَلَ وَإِذَا لَمْ يُذْكَرَا لَمْ يَفْعَلْ حَدِيثٌ أَوَّلُ لِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ ابْنَةَ زَيْنَبَ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأبي العاصي بن ربيع ابن عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حملها

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَاهُ يَحْيَى وَلِأَبِي الْعَاصِي بْنِ رَبِيعَةَ بَهَاءِ التَّأْنِيثِ وَتَابَعَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَالْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَالتَّنِّيسِيُّ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ نَافِعٍ وَقَالَ مَعْنٌ وَأَبُو مُصْعَبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَلِأَبِي الْعَاصِي بْنِ الرَّبِيعِ وَكَذَلِكَ أَصْلَحَهُ ابْنُ وَضَّاحٍ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا أُمَامَةُ هَذِهِ ابْنَةُ أَبِي الْعَاصِي بْنِ الرَّبِيعِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهَا وَذَكَرْنَا أَبَاهَا وَأُمَّهَا وَخَبَرَهُمَا فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَأَمَّا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَدْ ذَكَرَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَأَنَّ مِثْلَ هَذَا الفعل غير جَائِزٌ فِي الْفَرِيضَةِ وَحَسْبُكَ بِتَفْسِيرِ مَالِكٍ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ أَنِّي لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ وَفِي هَذَا مَا يُوَضِّحُ أَنَّ الْحَدِيثَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ كَانَ فِي النَّافِلَةِ كَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ فَاعِلًا لَوْ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ إِعَادَةً مِنْ أَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِنْ كُنْتُ لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ فِعْلَهُ وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُجِيزُ بَعْضَ هَذَا ذَكَرَ الْأَثْرَمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ أَيَأْخُذُ الرَّجُلُ وَلَدَهُ وَهُوَ يُصَلِّي قَالَ نَعَمْ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ فِي قِصَّةِ أُمَامَةَ بِنْتِ زَيْنَبَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَوْ ثَبَتَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ مَنْسُوخٍ مَا جَازَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إِنِّي لَا أُحِبُّ فِعْلَ مِثْلِ ذَلِكَ وَفِي كَرَاهِيَةِ الْجُمْهُورِ لِذَلِكَ فِي الْفَرِيضَةِ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَرَوَى أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَمْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَامَةَ بِنْتِ زَيْنَبَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَقَبَتِهِ يَحْمِلُهَا إِذَا قَامَ وَيَضَعُهَا إِذَا

سَجَدَ ذَلِكَ جَائِزٌ لِلنَّاسِ الْيَوْمَ عَلَى حُبِّ الْوَلَدِ أَوْ عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ قَالَ ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ إِلَى ذَلِكَ فَأَمَّا أَنْ يَجِدَ مَنْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ فَلَا أَرَى ذَلِكَ وَلَا أَرَى ذَلِكَ عَلَى حُبِّ الرَّجُلِ وَلَدَهُ فَلَمْ يَخُصَّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَرِيضَةً نَافِلَةٍ وَحَمْلَهُ عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْعَمَلَ الْخَفِيفَ فِي الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُهَا مِثْلَ حَكِّ الْمَرْءِ جَسَدَهُ حَكًّا خَفِيفًا وَأَخْذِ الْبُرْغُوثِ وَطَرْدِهِ لَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَالْإِشَارَةِ وَالِالْتِفَاتِ الْخَفِيفِ وَالْمَشْيِ الْخَفِيفِ إِلَى الْفُرَجِ وَدَفْعِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَتْلِ الْعَقْرَبِ وَمَا يُخَافُ أَذَاهُ بِالضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَخِفُّ وَالتَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ وَنَحْوِ هَذَا كُلِّهِ مَا لَمْ يَكُنْ عَمَلًا مُتَتَابِعًا وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ فِي الصلاة يفسدها وأن قليل الأكل والشرب والكلام عَمْدًا فِيهَا لِغَيْرِ صَلَاحِهَا يُفْسِدُهَا وَهَذِهِ أُصُولُ هَذَا الْبَابِ فَاضْبُطْهَا وَرَدَّ فُرُوعَهَا إِلَيْهَا تُصِبْ وَتَفْقَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا حَدِيثُ هَذَا الْبَابِ فَقَدْ ذَكَرَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ كَانَ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فَمَنْ قَبِلَ زِيَادَتَهُ وَتَفْسِيرَهُ جَعَلَ حَدِيثَهُ هَذَا أَصْلًا فِي جَوَازِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ وَلَعَمْرِي لَقَدْ عَوَّلَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُونَ لِلْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَابْنِ عَجْلَانَ سَمِعَا عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِي وَهِيَ بِنْتُ زَيْنَبَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عاتفه فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا ذَكَرَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ الْمُقْرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَذَكَرَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ وَهَارُونَ الْإِيلِيِّ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ

عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يصلي بِالنَّاسِ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِي عَلَى عَاتِقِهِ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَأَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا (يَحْيَى) بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نَنْتَظِرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ وَقَدْ دَعَا بِلَالٌ إِلَى الصَّلَاةِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِي ابْنَةُ ابْنَتِهِ عَلَى عَاتِقِهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُصَلَّاهُ فَقُمْنَا خَلْفَهُ وَهِيَ فِي مَكَانِهَا الَّذِي وَضَعَهَا فيه قال فكبر فَكَبَّرْنَا حَتَّى إِذَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْكَعَ أَخَذَهَا فَوَضَعَهَا ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ سُجُودِهِ وَقَامَ أَخَذَهَا فَرَدَّهَا فِي مَكَانِهَا فَمَا زَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ بِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صِلَاتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ وَلَمْ يَقُلْ فِي الظُّهْرِ وَلَا فِي الْعَصْرِ وَلَا فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي فَرِيضَةٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ وَقَالَ أَبُو النَّضِرِ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أبي سعيد ثم اتفقا عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ بَيْنَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ جُلُوسٌ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِي وَأُمُّهَا زَيْنَبَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ صَبِيَّةٌ يَحْمِلُهَا عَلَى عَاتِقِهِ فَصَلَّى وَهِيَ عَلَى عَاتِقِهِ يَضَعُهَا إِذَا رَكَعَ وَيُعِيدُهَا إِذَا قَامَ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا وَرَوَاهُ بُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ جَمِيعًا عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَقَدْ دَعَا بِلَالٌ إِلَى الصَّلَاةِ وَهَذَا الدُّعَاءُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَذَانَ الْمَعْرُوفَ الْيَوْمَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يُبَيَّنَ الْأَذَانُ ثُمَّ أُحْكِمَتِ الْأُمُورُ بَعْدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ ضمضم بن جوشن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتُلُوا الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُسَدَّدٌ قَالَا حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ

الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ فَجِئْتُ فَاسْتَفْتَحْتُ فَمَشَى فَفَتَحَ لِي ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُصَلَّاهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَذَكَرَتْ أَنَّ الْبَابَ كَانَ فِي الْقِبْلَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كَانَ مِنْهُ فِي النَّافِلَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَمَحْمَلَ هَذَا عِنْدَهُمْ أَنَّ الْبَابَ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ وَأَنَّهُ مِنَ الْعَمَلِ الْخَفِيفِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ هِيَ أُصُولُ هَذَا الْبَابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان قالا حثدنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ (قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ) قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا غَالِبٌ الْقَطَّانُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ وَجْهَهُ مِنَ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ فَهَذَا كُلُّهُ وَمَا كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْعَمَلِ الْخَفِيفِ جَائِزٌ فِي الصَّلَاةِ إِذَا لَمْ يَقْصِدِ الْمُصَلِّي إِلَى الْعَبَثِ فِي صَلَاتِهِ والتهاون بها وإفاسدها وَحَمْلُهُ أُمَامَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَيْهَا ثِيَابٌ طَاهِرَةٌ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرَ مِنْهَا ما يحدث من الصبيان مِنَ الْبَوْلِ وَجَائِزٌ أَنْ يَعْلَمَ مِنْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لَا يَعْلَمُ غَيْرُهُ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رؤوفا رَحِيمًا بِالْأَطْفَالِ وَغَيْرِهِمْ وَكَانَ رُبَّمَا تَجَاوَزَ فِي صلاته وخففها لبكاء الطفل يسمعه خشية أن يشق عَلَى أُمِّهِ خَلْفَهُ

الحديث الثاني

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حامد بن ثرثال الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الطَّيِّبِ بْنِ حَمْزَةَ الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ مَعَ أُمِّهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَقْرَأُ بِالسُّورَةِ الْقَصِيرَةِ أَوْ قَالَ الْخَفِيفَةِ وَقَالَ الْأَثْرَمُ سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ رَجُلٍ أَحْرَمَ وَأَمَامَهُ سُتْرَةٌ فَسَقَطَتْ فَأَخَذَهَا فَأَرْكَزَهَا فَقَالَ أَرْجُو أَلَّا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ فَحَكَوْا لَهُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا صَنَعَ هَذَا أَنْ يُعِيدَ التَّكْبِيرَ فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَلَا آمُرُهُ أَنْ يُعِيدَ التَّكْبِيرَ وَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونُ بِهِ بَأْسٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَمَلِ الْقَلِيلِ الْجَائِزِ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ مَا لَمْ يَكُنْ عَبَثًا وَلَعِبًا وَبَيْنَ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ (الَّذِي) لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ عَنِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ وَلَا سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ وَإِنَّمَا هُوَ الِاجْتِهَادُ وَالِاحْتِيَاطُ فِي الصَّلَاةِ أَوْلَى فَأَوْلَى لِلنَّهْيِ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالْهُدَى حَدِيثٌ ثَانٍ لِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ

أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ حَسَنٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْهُمَامِ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ كُلَّ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ فِيهِ التَّطَوُّعُ بِالصَّلَاةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْكَعَ فِيهِ عِنْدَ دُخُولِهِ رَكْعَتَيْنِ قَالُوا فِيهِمَا تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ عِنْدَ أَحَدٍ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُمْ يُوجِبُونَهُمَا وَالْفُقَهَاءُ بِأَجْمَعِهِمْ لَا يُوجِبُونَهُمَا فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَحَدٌ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ بَعْدَ الصُّبْحِ فَلَا يَرْكَعُ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ وَأُصُولِهِمْ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وبيان في باب محمد ابن يحيى بن حبان

واختلف الفقهاء في الذي يركع رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ هَلْ يَرْكَعُ فِيهِ أَمْ لَا فَقَالَ أَبُو حنيفة والليث وَالْأَوْزَاعِيُّ إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ وَلَمْ تُقَمِ الصَّلَاةُ أَنَّهُ لَا يَرْكَعُ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَيَجْلِسُ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ يَرْكَعُ أَحَبَّ إِلَيَّ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يَفْعَلَ وَلَا أَحْفَظُ فِيهِ عَنِ الشَّافِعِيِّ شَيْئًا وَحُجَّةُ مَنْ كَرِهِ لَهُ الرُّكُوعَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عبد الرحمان بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ النِّدَاءِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَهَذَا مُرْسَلٌ قَالَ وَأَخْبَرَنِي الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وعبد الرحمان بْنُ زِيَادٍ هَذَا هُوَ الْإِفْرِيقِيُّ وَلَيْسَ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ بِحُجَّةٍ وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مُرْسَلٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ فِي الْبُيُوتِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ أَيْ لَا تَطَوُّعَ بَعْدَ الْفَجْرِ قَرَأْتُ عَلَى خَلَفِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْحَدَّادَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّرْجُمَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ

مولى ابن عباس عن سيار مولى بن عُمَرَ قَالَ رَآنِي ابْنُ عُمَرَ أُصَلِّي بَعْدَ الْفَجْرِ فَحَصَبَنِي وَقَالَ يَا سَيَّارُ كَمْ صَلَّيْتَ قُلْتُ لَا أَدْرِي قَالَ لَا دَرَيْتَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ فَتَغَيَّظَ عَلَيْنَا تَغَيُّظًا شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ لِيُبْلِغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ أَنْ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ مَجْهُولُونَ لَا تَقُومُ بِهِمْ حُجَّةٌ وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَأَظُنُّ أَبَا بَكْرٍ هَذَا هُوَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لَا صَلَاةَ نَافِلَةٍ بَعْدَ الْفَجْرِ يَفْعَلُهَا الْمَرْءُ تَطَوُّعًا لَيْسَ مِمَّا نَدَبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ وَعَيَّنَهُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ كَمَا أَمَرَ بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَلَكِنَّ سُنَّتَهُ بَعْضُهَا أَوْكَدُ مِنْ بَعْضٍ عَلَى قَدْرِ مُوَاظَبَتِهِ عَلَيْهَا أَوْ نَدْبِهِ إِلَيْهَا وَتَلَقِّي أَصْحَابِهِ لَهَا بِمَا فَهِمُوهُ عَنْهُ فِيهَا وَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ وَإِذَا كَانَ هَذَا جَائِزًا لَوْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ فَكَذَلِكَ هُوَ وَإِنْ جَاءَ فِي حَدِيثَيْنِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ فِي اسْتِعْمَالِ السُّنَنِ وَتَرْتِيبِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ أَثْبَتُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَوَجْهٌ آخَرُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ بِرَكْعَتَيْنِ فِعْلُ خَيْرٍ فَلَا يَجِبُ أَنْ يُمْتَنَعَ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَصِحَّ أَنَّ

السُّنَّةَ نَهَتْ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ لَا مَعَارِضَ لَهُ وَقَدْ عَارَضَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ حَدِيثَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَلَا بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَالَ فَدَخَلَ مَا عَدَا هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ مِنْ سَائِرِ أَوْقَاتِ النَّهَارِ فِي الْإِبَاحَةِ لِمَنْ شَاءَ أَنَّ يُصَلِّيَ فَصَارَ هَذَا الْحَدِيثُ مَعَ تَوَاتُرِ مَجِيئِهِ مُعَارِضًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَإِذَا تَعَارَضَ الْخَبْرَانِ سَقَطَا وَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى أُصُولِ الْبَابِ وَوَجَدْنَا الصَّلَاةَ مِنْ أَرْفَعِ أَفْعَالِ الْخَيْرِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُمْتَنَعُ مِنْ فِعْلِهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ بِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ غَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَفَاتَهُ بَعْضُ حِزْبِهِ أَوْ رُكُوعٌ كَانَ يَرْكَعُهُ بِاللَّيْلِ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا أَنْ يُصَلِّيَهُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ تَطَوُّعًا بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ هَؤُلَاءِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَحَجَّةُ مَالِكٍ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَهَذَا حَدِيثٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عَنْ عُمَرَ أَكْثَرُ رُوَاتِهِ يَقُولُونَ فِيهِ عَنْهُ مَنْ فَاتَهُ

وِرْدُهُ أَوْ حِزْبُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَفُتْهُ أَوْ قَدْ قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ كَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالسَّائِبُ بن يزيد عن عبد الرحمان بْنِ عَبْدٍ الْقَارِّيِّ عَنْ عُمَرَ وَمِنَ الرُّوَاةِ مَنْ يَرْفَعُهُ وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الصحين عن الأعرج عن عبد الرحمان بْنِ عَبْدٍ الْقَارِّيِّ عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا مَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَرَأَهُ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ فَكَأَنَّهُ أَدْرَكَهُ أَوْ لَمْ يَفُتْهُ وَقَدْ رَخَّصَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ جُمْلَةً بَعْدَ الْفَجْرِ تَطَوُّعًا مِنْهُمْ طَاوُسٌ وَغَيْرُهُ وَلَكِنَّ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ أَوْلَى أَنْ يُصَارَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ يُعَارِضُهُ وَأَمْرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الدَّاخِلَ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ لَيْسَ بِمُعَارِضٍ لَهُ وَلَكِنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ وَتَخْصِيصٌ فَتَدَبَّرْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلِّ مَا شِئْتَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ رَأَيْتُ عَطَاءً وَطَاوُسًا يُصَلِّيَانِ بعد الفجر ثمان رَكَعَاتٍ فَسَأَلْتُهُمَا فَقَالَا صَلَاةٌ مِنَ اللَّيْلِ نِمْنَا عَنْهَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ صَلِّ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا شِئْتَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَأَلْتُ عَطَاءً أَتَكْرَهُ الصَّلَاةَ إِذَا انْتَشَرَ الْفَجْرُ على رؤوس الْجِبَالِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَأَخْبَرَنِي الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي رِيَاحٍ عَنِ ابْنِ المسيب أنه

رَأَى رَجُلًا يُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَنَهَاهُ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَيُعَذِّبُنِي اللَّهُ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ لَا وَلَكِنْ يُعَذِّبُكَ عَلَى خِلَافِ السُّنَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ فِي التَّطَوُّعِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَمَّا مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ بَلْ هُوَ مُسْتَعْمِلٌ لِلسُّنَّةِ وَمَنْ تَرَكَ الرُّكُوعَ فَغَيْرُ حَرَجٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ وَاجِبًا وَمَنْ تَحَرَّجَ عَنِ الرُّكُوعِ مُتَأَوِّلًا لِمَا ذَكَرْنَا فَغَيْرُ مُعَنِّتٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِيِ النَّضِرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ مَا يَمْنَعُ مَوْلَاكَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا مِنَ السُّنَّةِ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سلمة بن عبد الرحمان أنه قال له ألم أَرَ صَاحِبَكَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَجْلِسُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ قَالَ أَبُو النَّضِرِ يَعْنِي بِذَلِكَ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَيَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ حَسَنٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ حَسَنٌ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ الْأَمْرَ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ مَا رَوَاهُ أَبُو الْمُصْعِبُ الزهري عن المغيرة بن عبد الرحمان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَخِيهِ

عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَجْلِسُ فِيهِ وَلَا يُصَلِّي وَرَوَى عَفَّانُ عَنْ وُهَيْبٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عبد الله يمر (فِي الْمَسْجِدِ) مُقْبِلًا وَمُدْبِرًا لَا يُصَلِّي فِيهِ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ ثُمَّ يَخْرُجُونَ وَلَا يُصَلُّونَ قَالَ زَيْدٌ وَرَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَفْعَلُهُ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْجَرِيرِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ إِذَا دَخَلْتَ مَسْجِدًا فَصَلِّ فِيهِ فَإِنْ لَمْ تُصَلِّ فِيهِ فَاذْكُرِ اللَّهَ فَكَأَنَّكَ صَلَّيْتَ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِي يَذْكُرُ أَنَّ الْغَازِيَ بْنَ قَيْسٍ لَمَّا رَحَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ سَمِعَ مِنْ مَالِكٍ وَقَرَأَ عَلَى نَافِعٍ الْقَارِّيِّ فَبَيْنَمَا هُوَ فِي أَوَّلِ دُخُولِهِ الْمَدِينَةَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ دَخَلَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فَجَلَسَ وَلَمْ يَرْكَعْ فَقَالَ لَهُ الْغَازِيُ قُمْ يَا هَذَا فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّ جُلُوسَكَ دُونَ أَنْ تُحَيِّيَ الْمَسْجِدَ بِرَكْعَتَيْنِ جَهْلٌ أَوْ نَحْوُ هَذَا مِنْ جَفَاءِ الْقَوْلِ فَقَامَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَجَلَسَ فَلَمَّا انْقَضَتِ الصَّلَاةُ أَسْنَدَ ظَهْرَهُ وَتَحَلَّقَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْغَازِيُ بْنُ قَيْسٍ خَجِلَ وَاسْتَحْيَا وَنَدِمَ وَسَأَلَ عَنْهُ فَقِيلَ لَهُ هَذَا ابْنُ أبي ذئب احد فقهاء المدينة وأشارفهم فَقَامَ يَعْتَذِرُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ يَا أَخِي لَا عَلَيْكَ أَمَرْتَنَا بِخَيْرٍ فَأَطَعْنَاكَ (وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ)

علقمة بن ابي علقمة

(عَلْقَمَةُ بْنُ أَبِي عَلْقَمَةَ لِمَالِكٍ عَنْهُ حَدِيثَانِ يُقَالُ لَهُ عَلْقَمَةُ بْنُ أُمِّ عَلْقَمَةَ) وَعَلْقَمَةُ بْنُ أَبِي عَلْقَمَةَ وَاسْمُ أَبِي عَلْقَمَةَ أَبِيهِ بِلَالٌ مَوْلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَأُمُّهُ أَيْضًا مَوْلَاةُ عَائِشَةَ يُقَالُ اسْمُهَا مَرْجَانَةُ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي أُمِّهِ (أَنَّهَا مَوْلَاةُ عَائِشَةَ) وَاخْتُلِفَ فِي أَبِيهِ فَقَالَ مَالِكٌ عَلْقَمَةُ بْنُ أَبِي عَلْقَمَةَ مَوْلَى عَائِشَةَ وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بِكَّارٍ عَلْقَمَةُ (بْنُ أَبِي عَلْقَمَةَ) مَوْلَى مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَأُمُّهُ مَوْلَاةُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ مُصْعَبٌ قَالَ إِنِّي تَعَلَّمْتُ النَّحْوَ فِي كِتَابِ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ مَوْلَى عَائِشَةَ وَأُمُّهُ أَيْضًا مَوْلَاةُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ نَحْوِيًّا قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ عَلْقَمَةُ ثِقَةً مَأْمُونًا رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ عَلْقَمَةَ هَذَا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِعَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ مَالِكٌ عن عائشة بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ أَهْدَى أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمِيصَةً شَامِيَّةً لَهَا عَلَمٌ فَشَهِدَ فِيهَا الصَّلَاةَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رُدِّي هَذِهِ الْخَمِيصَةَ إِلَى أَبِي جَهْمٍ فَإِنِّي نَظَرْتُ إِلَى عَلَمِهَا فِي الصَّلَاةِ فَكَادَ يَفْتِنُنِي قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الرُّوَاةِ وَكُلُّهُمْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ وَسَقَطَ لِيَحْيَى عَنْ أُمِّهِ وَهُوَ مِمَّا عد عليه والحديث صحيح متصل لمالك عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ كَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ قَبُولُ الْهَدَايَا وَفِي قَبُولَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّهَادِي وَقَبُولَ الْهَدَايَا مِنَ الْفِعْلِ الْحَسَنِ الْمَنْدُوبِ إِلَيْهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّوَاخِي وَالتَّحَابِّ وَقَدْ مَضَى فِي قَبُولِ الْإِمَامِ لِلْهَدَايَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي بَابِ

ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ وَسَيَأْتِي مِنْ ذِكْرِ التَّهَادِي طَرَفٌ صَالِحٌ فِي بَابِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ إِنَّمَا رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَمِيصَةَ إِلَى أَبِي جَهْمٍ لِأَنَّهُ كَرِهَهَا إِذْ كَانَتْ سَبَبَ غَفْلَةٍ وَشُغْلٍ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ كَمَا فَعَلَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي نَامَ فِيهِ عَنِ الصَّلَاةِ لِمَا نَالَ فِيهِ الشَّيْطَانُ مِنْهُمْ مَنِ الْغَفْلَةِ قَالَ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَبْعَثَ إِلَى أَبِي جَهْمٍ بِشَيْءٍ يَكْرَهُهُ لِنَفْسِهِ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ لِعَائِشَةَ (لَا تَتَصَدَّقِي بِمَا لَا تَأْكُلِينَ) وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَى خَلْقِ اللَّهِ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ وَعَلَى رَدِّ كُلِّ وَسْوَسَةٍ وَلَكِنَّهُ كَرِهَهَا وَأَبْغَضَهَا إِذْ كَانَتْ سَبَبَ الْغَفْلَةِ عَنِ الذِّكْرِ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عيية فِي سُؤَالِ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ لَهُ عَنْ ذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ نُعَيْمٍ عَنْهُ وَفِيهِ الصَّلَاةُ فِي الْأَكْسِيَةِ لِأَنَّ الْخَمِيصَةَ كِسَاءٌ صُوفٌ مُعَلَّمٌ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ وَالنَّظَرَ إِلَى مَا يَشْغَلُ الْإِنْسَانَ عَنْهَا لَا يُفْسِدُهَا إِذَا تَمَّتْ بِحُدُودِهَا مِنْ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَسَائِرِ فَرَائِضِهَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ نَظَرَ إِلَى أَعْلَامِ خَمِيصَةِ أَبِي جَهْمٍ وَاشْتَغَلَ بِهَا لَمْ يُعِدْ صِلَاتَهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْديُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ فَقَالَ شَغَلَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ فَاذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَائْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةٍ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ أَبُو جَهْمٍ رَجُلٌ مِنْ آلِ عَدِيِّ بْنِ كعب

الحديث الثاني

قَالَ أَبُو عُمَرَ اسْمُ أَبِي جَهْمٍ عُبَيْدُ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ الْعَدَوِيُّ قَدْ ذَكَرْنَاهُ ونسبناه وذكرنا خبره في كتاب الصحابة والأبنجاني كِسَاءٌ غَلِيظٌ لَا عَلَمَ فِيهِ وَأَمَّا الْخَمِيصَةُ فَكِسَاءٌ رَقِيقٌ قَدْ يَكُونُ بِعَلَمِ وَبِغَيْرِ عَلَمٍ وَقَدْ يَكُونُ أَبْيَضَ مُعَلَّمًا وَيَكُونُ أَصْفَرَ وَأَحْمَرَ وَأَسْوَدَ وَالْخَمَائِصُ مِنْ لِبَاسِ أَشْرَافِ الْعَرَبِ حَدِيثٌ ثَانٍ لِعَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ مَالِكٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَبِسَ ثِيَابَهُ ثُمَّ خَرَجَ قَالَتْ فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي بَرِيرَةَ أَنْ تَتْبَعَهُ فَتَبِعَتْهُ حَتَّى إِذَا جَاءَ الْبَقِيعَ وَقَفَ فِي أَدْنَاهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقِفَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَسَبَقَتْهُ بِرَيْرَةُ فَأَخْبَرَتْنِي فَلَمْ أَذْكُرْ لَهُ شَيْئًا حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى أَهْلِ الْبَقِيعِ لِأُصَلِيَّ عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُحْتَمَلُ أن تكون الصلاة ههنا الدُّعَاءَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ كَالصَّلَاةِ عَلَى الْمَوْتَى وَذَلِكَ خُصُوصٌ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ صِلَاتَهُ على من صلى عليه رحمة فَكَأَنَّهُ أُمِرَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُمْ كَمَا قِيلَ لَهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى أَهْلِ الْبَقِيعِ وَمَسِيرُهُ إِلَيْهِمْ فَلَا يُدْرَى لِمِثْلِ هَذَا عِلَّةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِيَعُمَّهُمْ بِالصَّلَاةِ مِنْهُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا دُفِنَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ كَالْمِسْكِينَةِ وَمِثْلِهَا مِمَّنْ دُفِنَ لَيْلًا وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ لِيَكُونَ مُسَاوِيًا بَيْنَهُمْ فِي صَلَاتِهِ عَلَيْهِمْ وَلَا يُؤْثِرُ بَعْضَهُمْ بِذَلِكَ لِيُتِمَّ عَدْلَهُ فِيهِمْ وَقَدْ رَوَى أَبُو مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هذا القصة حديثا حسنا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَنُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَيْلِيُّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ مَوْلَى الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو مُوَيْهِبَةَ مَوْلًى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ فَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ خَيَّرَنِي فِي مَفَاتِيحِ خَزَائِنَ الدُّنْيَا وَالْخَلَدِ فِيهَا ثُمَّ الْجَنَّةِ أَوْ لِقَاءِ رَبِّي فَاخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَبَدَأَهُ وَجَعُهُ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي

النَّضِرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَعَجِبْنَا لَهُ وَقَالَ النَّاسُ انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ يُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ وَهُوَ يَقُولُ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُخَيَّرَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أُخُوَّةً فِي الْإِسْلَامِ لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ عِنْدَ يحيى عن مالك وهو عند القعنبي في الزيادات

عمرو بن يحيى المازني

(عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ لِمَالِكٍ عَنْهُ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ) أَحَدُهَا مُرْسَلٌ مُنْقَطِعٌ وَهُوَ عَمْرُو بْنُ يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني الْأَنْصَارِيُّ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَشُعْبَةُ وَخَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَوُهَيْبٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَرَوَى عَنْهُ مِمَّنْ فَوْقَ هَؤُلَاءِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُوهُ يَحْيَى بْنُ عمارة تابعي ثقة روى عنه محمد ابن يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَتُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ حَدِيثٌ أَوَّلُ لِعَمْرِو بْنِ يَحْيَى مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لعبد الله ابن زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم هل تستطيع أن ترني كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ نَعَمْ فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ

غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمَرْفِقَيْنِ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ بَدْءًا بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَى مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي لَفْظِهِ إِلَّا أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ رَوَاهُ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بن عاصم المازني عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مَعْنَى مَا فِي الْمُوَطَّأِ مُخْتَصَرًا وَلَمْ يَقُلْ وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى وَذَكَرَهُ سَحْنُونٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ أَبَا حَسَنٍ يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ وَلَمْ يَقُلْ وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى وَلَا ذَكَرَ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ مالك وقال أحمد ابن خَالِدٍ لَا نَعْرِفُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لِعَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي نُسْخَةِ الْقَعْنَبِيِّ فَإِمَّا أَسْقَطَهُ وَإِمَّا سَقَطَ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى إِلَّا مَالِكٌ وَحْدَهُ وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَإِنْ كَانَ جَدَّهُ فَعَسَى أَنْ يَكُونَ جَدَّهُ لِأُمِّهِ وَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَوَهْبٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَخَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرُهُمْ لَمْ يَقُلْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى وَقَدْ نَسَبْنَا عَمْرَو بْنَ يَحْيَى بِمَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَذَكَرَ ابْنُ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ عَمِّي يُكْثِرُ من الوضوء فقال لعبد الله ابن زَيْدٍ أَخْبِرْنِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ وَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ

قَالَ ابْنُ سَنْجَرٍ وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ شَهِدْتُ عَمِّي ابْنَ أَبِي حَسَنٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ عَنْ وَضَوْءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ لَهُمْ وَضَوْءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكْفَأَ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ فَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ غَرْفَاتٍ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَدْخَلَ يده غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمَرْفِقَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى فَأَخْطَأَ فِيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ وَهَذَا خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ وَقَدْ نَسَبْنَاهُمَا فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَأَوْضَحْنَا أَمْرَهُمَا وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ فَهُوَ الَّذِي أُرِيَ الْأَذَانَ فِي النَّوْمِ وَلَيْسَ هُوَ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْوُضُوءِ وَغَيْرَهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ هُوَ عَمُّ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ وَهُوَ أَكْثَرُ رِوَايَةً عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ يَزْعُمُ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ وَهِمَ فِيهِمَا فَجَعَلَهُمَا وَاحِدًا فِيمَا حَكَى قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ عَنْهُ وَالْغَلَطُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ إِذَا كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَعَ جَلَالَتِهِ يَغْلَطُ فِي ذَلِكَ فَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ أَيْنَ يَقَعُ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ إِلَّا أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ أَوْسَعُ عِلْمًا وَأَقَلُّ عُذْرًا أَمَّا الْمَوْضِعُ الثَّانِي الَّذِي وَهِمَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِيهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ مَسْحَ الرَّأْسِ مَرَّتَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَحَدٌ مَرَّتَيْنِ غَيْرُ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَأَظُنُّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَأَوَّلَ الْحَدِيثُ قَوْلُهُ فَمَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ

عُيَيْنَةَ فَمِنْ رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ كُلُّهُمْ ذَكَرَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مَا حَكَيْنَا عَنْهُ وَأَمَّا الْحَمِيدِيُّ فَإِنَّهُ مَيَّزَ ذَلِكَ فَلَمْ يَذْكُرْهُ أَوْ حَفِظَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ فَذَكَرَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَمَسَحَ رَأَسَهُ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فَلَمْ يَصِفِ الْمَسْحَ وَلَا قَالَ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ فِي الْإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ لَمْ يَزِدْ لَمْ يَقُلِ ابْنَ عَاصِمٍ وَلَا ابْنَ عَبْدِ رَبِّهِ فَتَخْلُصُ وَرَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِي تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِهِ وَأَدْبَرَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فَزَادَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِيهِ ذِكْرَ تَوْرِ الصُّفْرِ وَرَوَاهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ فَذَكَرَهُ وَقَالَ فِيهِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ وَرَوَاهُ ابْنُ وهب عن عمرو بن الحرث أن حبان بن واسع حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيَّ يَذْكُرُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ وُضُوءَهُ قَالَ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا تَرَكْنَا ذِكْرَ الْأَسَانِيدِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ هَؤُلَاءِ لِلِاخْتِصَارِ وَكَذَلِكَ اخْتَصَرْنَا الْمُتُونَ إِلَّا مَوْضِعَ الِاخْتِلَافِ الْمُوَلِّدَ لِلْحُكْمِ وَالزَّائِدَ فِي الْفِقْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

وَأَمَّا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْمَعَانِي فَأَوَّلُ ذَلِكَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ مَرَّتَيْنِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الِاسْتِحْبَابِ وَالْإِيجَابِ وَمَا لِلرُّوَاةِ فِيهِ مِنْ ذِكْرٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا مُسْتَوْعَبًا مُمَهَّدًا فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا فَالثَّلَاثُ فِي ذَلِكَ وَفِي سَائِرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَكْمَلُ الْوُضُوءِ وَأَتَمُّهُ وَمَا زَادَ فَهُوَ اعْتِدَاءٌ مَا لَمْ تَكُنِ الزِّيَادَةُ لِتَمَامِ نُقْصَانٍ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَالْمَضْمَضَةُ مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ أَخْذُ الماء بالفم من اليد وتحركيه فِي الْفَمِ هِيَ الْمَضْمَضَةُ وَلَيْسَ إِدْخَالُ الْإِصْبَعِ ودلك الأسنان بها من المضمة فِي شَيْءٍ فَمَنْ شَاءَ فَعَلَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي الْمَضْمَضَةِ مِنَ الْأَقْوَالِ فِي الْإِيجَابِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَالِاعْتِلَالِ لِذَلِكَ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَبَيَانٌ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ وَمَضَى هُنَاكَ أَيْضًا الْقَوْلُ فِي الِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالِاخْتِيَارِ وَزِدْنَا ذَلِكَ بَيَانًا فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا غَسْلُ الْوَجْهِ ثَلَاثًا فَهُوَ الْكَمَالُ وَالْغَسْلَةُ الْوَاحِدَةُ إِذَا عَمَّتْ تجزئ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا ثَلَاثًا وَهَذَا أَكْثَرُ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَلَقَّتِ الْجَمَاعَةُ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالتَّخْيِيرِ وَطَلَبِ الْفَضْلِ فِي الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ لَا عَلَى أَنَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ نَسْخٌ لِغَيْرِهِ

مِنْهُ فَقِفْ عَلَى إِجْمَاعِهِمْ فِيهِ وَالْوَجْهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمُوَاجَهَةِ وَهُوَ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ إِلَى الْعَارِضِ وَالذَّقَنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَمَا أَقْبَلَ مِنَ اللِّحْيَتَيْنِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْبَيَاضِ الَّذِي بَيْنَ الْأُذُنِ وَالْعَارِضِ فِي الْوُضُوءِ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَيْسَ مَا خَلْفَ الصُّدْغِ الَّذِي مِنْ وَرَاءِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ إِلَى الْأُذُنِ من الوجه وقال الشافعي يغسل المتوضيء وَجْهَهُ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ إِلَى أُصُولِ أُذُنَيْهِ وَمُنْتَهَى اللِّحْيَةِ إِلَى مَا أَقْبَلَ مِنْ وَجْهِهِ وَذَقْنِهِ فَإِنْ كَانَ أَمَرَدَ غَسَلَ بَشَرَةَ وَجْهِهِ كُلَّهَا وَإِنْ نَبَتَتْ لِحْيَتُهُ وَعَارِضَاهُ أَفَاضَ عَلَى لِحْيَتِهِ وَعَارِضَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلِّ الْمَاءُ إِلَى بَشَرَةِ وَجْهِهِ الَّتِي تَحْتَ الشَّعْرِ أَجْزَأَهُ إِذَا كَانَ شِعْرُهُ كَثِيرًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ مَا تَحْتَ شَعْرِ عَارِضَيْهِ فَقَضَى إِجْمَاعُهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى مُرَادِ اللَّهِ مِنْهُ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُتَيَمِّمِ بِمَسْحِ وَجْهِهِ كَمَا أَمَرَ الْمُتَوَضِّئَ بِغَسْلِهِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ غَسْلُ الْوَجْهِ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ إِلَى مَا انْحَدَرَ مِنَ اللَّحْيَيْنِ وَالذَّقَنِ وَإِلَى أُصُولِ الْأُذُنَيْنِ وَيَتَعَاهَدُ الْمَفْصِلَ مَا بَيْنَ اللَّحْيَيْنِ وَالْأُذُنِ وَقَالَ أبو حنيفة وأصحابه الْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ الْعَذَارِ وَبَيْنَ الْأُذُنِ مِنَ الوجه وغسله وَاجِبٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمَ أَحَدًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ قَالَ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَلَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِرَاقِ مَا أَقْبَلَ مِنَ الْأُذُنَيْنِ فَمِنَ

الْوَجْهِ وَمَا أَدْبَرَ مِنْهُمَا فَمِنَ الرَّأْسِ فَمَا دُونَ الْأُذُنَيْنِ إِلَى الْوَجْهِ أَحْرَى بِذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ الْأُذُنَيْنِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قِرَاءَةً مِنِّي عليه أن محمد بن معاوية ابن عبد الرحمان حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْقَاضِي بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ هُرْمُزَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ يُبَلِّغُ بِالْوُضُوءِ مَقَاصَّ الشَّعْرِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ وَالذَّقَنِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَنَّ تَخْلِيلَ اللِّحْيَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الْوُضُوءِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَا فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ لَا يَجِبُ تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ أَيْضًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ والليث وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَاجِبٌ وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فِي الْوُضُوءِ وَأَظُنُّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ فَبُلُّوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ وَأَظُنُّ مَالِكًا وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الشَّعْرَ لَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ لِرِقَّةِ الْمَاءِ وَتَوَصُّلِهِ إِلَى الْبَشَرَةِ مِنْ غَيْرِ تَخْلِيلٍ إِذَا كَانَ هُنَاكَ تَحْرِيكٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَيُحَرِّكُ اللِّحْيَةَ فِي الْوُضُوءِ إِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَلَا يُخَلِّلُهَا وَأَمَّا فِي الْغُسْلِ فَلْيُحَرِّكْهَا وَإِنْ صَغُرَتْ وَتَخْلِيلُهَا أَحَبُّ إِلَيْنَا وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ يُحَرِّكُ الْمُتَوَضِّئُ ظَاهِرَ لِحْيَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِيهَا قَالَ وَهِيَ مِثْلُ أَصَابِعِ الرِّجِلِ يَعْنِي أَنَّهَا لَا تُخَلَّلُ

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ وَاجِبٌ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَذْكُرُ تَخْلِيلَ اللِّحْيَةِ فَيَقُولُ يَكْفِيهَا مَا يَمَسُّهَا مِنَ الْمَاءِ مَعَ غَسْلِ الْوَجْهِ وَيَحْتَجُّ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن زيد عن وَضَوْءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَرَاهُ الرَّجُلُ الَّذِي سَأَلَهُ عَنْهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ تَخْلِيلَ اللِّحْيَةِ وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ لَيْسَ تَحْرِيكُ الْعَارِضَيْنَ وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ بِوَاجِبٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَلَّلَ لحيته في وضوئه من وجوه كلها ضعيفة وَأَمَّا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ وَأَكْثَرُهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْجَنَابَةِ وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمُ الرُّخْصَةُ فِي تَرْكِ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ وَإِيجَابُ غَسْلِ مَا تَحْتَ اللِّحْيَةِ إِيجَابُ فَرْضٍ وَالْفَرَائِضُ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِيَقِينٍ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَمَنِ احْتَاطَ وَأَخَذَ بِالْأَوْثَقِ فَهُوَ أَوْلَى (بِهِ) فِي خَاصَّتِهِ وَأَمَّا الْفَتْوَى بِإِيجَابِ الْإِعَادَةِ فَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إِلَّا عَنْ يَقِينٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَذَكَرَ ابْنُ خواز بنداد أَنَّ الْفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ تَخْلِيلَ اللِّحْيَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الْوُضُوءِ إِلَّا شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَوْلُهُ مَا بَالُ الرَّجُلِ يَغْسِلُ لِحْيَتَهُ قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ فَإِذَا نَبَتَتْ لَمْ يَغْسِلْهَا وَمَا بَالُ الْأَمْرَدِ يَغْسِلُ ذَقَنَهُ وَلَا يَغْسِلُهُ ذُو اللِّحْيَةِ

وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ التَّيَمُّمُ وَاجِبٌ فِيهِ مَسْحُ الْبَشَرَةِ قَبْلَ نَبَاتِ اللِّحْيَةِ ثُمَّ سَقَطَ بَعْدَهَا عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ وَقَالَ سَحْنُونٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ سَمِعْتُ مَالِكًا يُسْأَلُ هَلْ سَمِعْتَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ إِنَّ اللِّحْيَةَ مِنَ الْوَجْهِ فَلْيَمُرَّ عَلَيْهَا الْمَاءُ قَالَ مَالِكٌ وَتَخْلِيلُهَا فِي الْوُضُوءِ لَيْسَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ وَعَابَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ قِيلَ لِسَحْنُونٍ أَرَأَيْتَ مَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ وَلَمْ يَمُرَّ الْمَاءُ عَلَى لِحْيَتِهِ قَالَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَمْسَحْ رَأْسَهُ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا يَنْسَدِلُ مِنْ شَعْرِ اللِّحْيَةِ فَقَالَ مَرَّةً أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُمِرَّ الْمَاءَ عَلَى مَا سَقَطَ مِنَ اللِّحْيَةِ عَنِ الْوَجْهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفِيهَا قَوْلَانِ قَالَ يُجْزِيهِ فِي أَحَدِهِمَا وَلَا يُجْزِيهِ فِي الْآخَرِ قَالَ الْمُزَنِيُّ يُجْزِيهُ أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجْعَلُ مَا سَقَطَ يَعْنِي مَا اسندل عَنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ مِنَ الرَّأْسِ فَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ مَا سَقَطَ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الْوَجْهِ مِنَ الْوَجْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ جَعَلَ غَسْلَ اللِّحْيَةِ كُلِّهَا وَاجِبًا جَعَلَهَا وَجْهًا وَاللَّهُ قَدْ أَمَرَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ أَمْرًا مُطْلَقًا لَمْ يَخُصَّ صَاحِبَ لِحْيَةٍ مِنْ أَمْرَدَ فَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ وَجْهٍ فواجب غسله لأن الوجه مأخذو مِنَ الْمُوَاجَهَةِ وَغَيْرُ مُمْتَنِعٍ أَنْ تُسَمَّى اللِّحْيَةُ وَجْهًا فَوَجَبَ غَسْلُهَا بِعُمُومِ الظَّاهِرِ لِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنَ الْبَشَرَةِ وَمَنْ لَمْ يُوجِبْ غَسْلَ مَا انْسَدَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ ذَهَبَ إِلَى الْأَصْلِ الْمَأْمُورِ بِغَسْلِهِ الْبَشَرَةِ وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلُ اللِّحْيَةِ لِأَنَّهَا ظَهَرَتْ فَوْقَ الْبَشَرَةِ وَصَارَتِ الْبَشَرَةُ بَاطِنًا وَصَارَ الظَّاهِرُ هُوَ اللِّحْيَةُ

فَصَارَ غَسْلُهَا بَدَلًا مِنَ الْبَشَرَةِ وَمَا انْسَدَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ لَيْسَ تَحْتَهُ مَا يَلْزَمُ غَسْلُهُ فَيَكُونُ غَسْلُ اللِّحْيَةِ بَدَلًا مِنْهُ كَمَا أَنَّ جِلْدَ الرَّأْسِ مَأْمُورٌ بِمَسْحِهِ فَلَمَّا نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ نَابَ مَسْحُ الشَّعْرِ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ بَدَلٌ مِنَ الرَّأْسِ الْبَاطِنِ تَحْتَهُ وَمَا انْسَدَلَ مِنَ الرَّأْسِ وَسَقَطَ فَلَيْسَ تَحْتَهُ بَشَرَةٌ يَلْزَمُ مَسْحُهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّأْسَ سُمِّيَ رَأْسًا لِعُلُوِّهِ وَنَبَاتِ الشَّعْرِ فِيهِ وَمَا سَقَطَ من شعره واسندل فَلَيْسَ بِرَأْسٍ فَكَذَلِكَ مَا انْسَدَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ فَلَيْسَ بِوَجْهٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلِأَصْحَابِ مَالِكٍ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ كَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ والله المتسعان وَأَمَّا غَسْلُ الْيَدَيْنِ فَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْأَفْضَلَ أن يغسل اليمنى قبل اليسرى وَأَجْمَعُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ كَانَ يَتَوَضَّأُ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ فِي وُضُوئِهِ وَانْتِعَالِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ غَسَلَ يُسْرَى يَدَيْهِ قَبْلَ يُمْنَاهُ أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا قَالَا لَا تُبَالِي بِأَيِّ يَدَيْكَ بَدَأْتَ وَقَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى سَأَلْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ إِجَالَةِ الْخَاتَمِ عِنْدَ الْوُضُوءِ فَقَالَ إِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَأْجِلْهُ وَإِنْ كَانَ سَلِسًا فَأَقِرَّهُ وَأَمَّا إِدْخَالُ الْمِرْفَقَيْنِ فِي الْغَسْلِ فَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ إِلَّا زُفَرَ فَإِنَّهُ اخْتَلَفَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ الْمَرَافِقِ مَعَ الذِّرَاعَيْنِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِ دَاوُدَ وَبَعْضُ الْمَالِكِيِّينَ أَيْضًا وَمِنْ أَصْحَابِ دَاوُدَ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ غَسْلِ الْمَرْفَقَيْنِ مَعَ الذِّرَاعَيْنِ فَمَنْ لَمْ يُوجِبْ غَسْلَهُمَا حَمَلَ قَوْلَهُ عز وجل فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرفق على أن إلى ههنا غَايَةٌ وَأَنَّ الْمِرْفَقَيْنِ غَيْرُ دَاخِلَيْنَ فِي الْغَسْلِ مَعَ الذِّرَاعَيْنِ كَمَا لَا يَجِبُ دُخُولُ اللَّيْلِ فِي الصِّيَامِ لِقَوْلِهِ عِزَّ

وَجَلَّ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَمَنْ أَوْجَبَ غَسْلَهُمَا جَعَلَ إِلَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَوْ بِمَعْنَى مَعَ كَأَنَّهُ قَالَ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ وَالْمَرَافِقَ أَوْ مَعَ الْمَرَافِقِ وإلى بِمَعْنَى الْوَاوِ وَبِمَعْنَى مَعَ مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ أَيْ مَعَ اللَّهِ وَكَمَا قَالَ ولا تأكلوا أمولاهم إِلَى أَمْوَالِكُمْ أَيْ مَعَ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْكَرَ بَعْضُ أهل اللغة أن تكون إلى ههنا بمعنى الواو وبمعنى مَعَ وَقَالَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ غَسْلُ الْيَدِ كُلِّهَا وَالْيَدُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ إِلَى الْكَتِفِ وَقَالَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى عَنْ بَابِهَا وَيَذْكُرَ أَنَّهَا بِمَعْنَى الْغَايَةِ أَبَدًا قَالَ وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ إِلَى ههنا بِمَعْنَى الْغَايَةِ وَتَدْخُلُ الْمَرَافِقَ مَعَ ذَلِكَ فِي الْغَسْلِ لِأَنَّ الثَّانِي إِذَا كَانَ مِنَ الْأَوَّلِ كا مَا بَعْدَ إِلَى دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهُ نَحْوَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْمَرَافِقِ فَالْمَرَافِقُ دَاخِلَةٌ فِي الْغَسْلِ وَإِذَا كَانَ مَا بَعْدَهَا ليس من الأول فلي بِدَاخِلٍ فِيهِ نَحْوَ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَقُولُ إِنَّهُ لَيْسَ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ فَلَمْ يَدْخُلِ الْحَدُّ فِي الْمَحْدُودِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ الْحَدُّ فِي الْمَحْدُودِ إِذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَالْمَرَافِقُ مِنْ جِنْسِ الْأَيْدِي وَالْأَذْرُعِ فَوَجَبَ أَنْ يَدْخُلَ الْحَدُّ مِنْهَا فِي الْمَحْدُودِ لِأَنَّ هَذَا أَصْلُ حُكْمِ الْحُدُودِ وَالْمَحْدُودَاتِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَهْمِ وَالنَّظَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَنْ غَسَلَ الْمِرْفَقَيْنِ مَعَ الذِّرَاعَيْنِ فَقَدْ أَدَّى فَرْضَ طَهَارَتِهِ وَصَلَاتِهِ بِيَقِينٍ وَالْيَقِينُ فِي أَدَاءِ الْفَرَائِضِ واجب وأما المسح بالرأس فَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ مَسَحَ بِرَأْسِهِ كُلِّهِ فَقَدْ أَحْسَنَ وَفَعَلَ أَكْمَلَ مَا يَلْزَمُهُ وَكُلُّهُمْ يقول

بمسح الرأس مسحة واحدة موعنة! كَامِلَةً لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا إِلَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ أَكْمَلُ الْوُضُوءِ أَنْ يَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا كُلُّهَا سَابِغَةٌ وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا وَرُوِيَ مَسْحُ الرَّأْسِ ثَلَاثًا عَنْ أَنَسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وعطاء وغيرهم وكان ابن سرين يَقُولُ بِمَسْحِ رَأْسِهِ مَرَّتَيْنِ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمَ رَأْسِهِ ثُمَّ يَذْهَبُ بِيَدَيْهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ ثُمَّ يَرُدُّهُمَا إِلَى مُقَدَّمِهِ عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ هَذَا وَبِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ هَذَا يَقُولُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَقُولُ يَبْدَأُ بِمُؤَخَّرِ الرَّأْسِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَبْدَأُ مِنْ وَسَطِ رَأْسِهِ وَلَا يَصِحُّ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَهَذَا هُوَ النَّصُّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُمْتَثَلَ وَيُحْتَمَلَ عَلَيْهِ وَرَوَى مُعَاوِيَةُ وَالْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ مِثْلَ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ سَوَاءً وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بن زيد ثم سمح رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ فَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ بَدَأَ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ لِقَوْلِهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا (وَأَدْبَرَ) وَتَوَهَّمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ بَدَأَ من سوط رَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ وَهَذِهِ كُلُّهَا ظُنُونٌ لَا تَصِحُّ وَفِي قَوْلِهِ بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ مَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ لِمَنْ فَهِمَ وَهُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ وَتَفْسِيرُهُ أَنَّهُ كَلَامٌ حرج عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ فَأَدْبَرَ بِهِمَا وَأَقْبَلَ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُوجِبُ الرُّتْبَةَ وَإِذِ احْتَمَلَ الْكَلَامُ التَّأْوِيلَ كَانَ قَوْلُهُ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ ثم ذهب هما إِلَى قَفَاهُ تَفْسِيرَ مَا أُشْكِلَ مِنْ ذَلِكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْطَاكِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عن جرير بن عثمان عن عبد الرحمان بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي

كَرِبَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَلَمَّا بَلَغَ مَسْحَ رَأْسِهِ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ فَأَمَرَّهُمَا حَتَّى بَلَغَ الْقَفَا ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ وَرَوَى مُعَاوِيَةُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ مِثْلَ ذَلِكَ سَوَاءً وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ يَبْدَأُ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى فِي حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ أَنَّهَا وَصَفَتْ وَضَوْءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ وَمَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّتَيْنِ بَدَأَ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ وَبِأُذُنِهِ ظُهُورِهِمَا وَبُطُونِهِمَا وَهُوَ حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي أَلْفَاظِهِ وَهُوَ يَدُورُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ الرُّبَيِّعِ وَهَذَا لَفْظُ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ وَالْحُسْنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ لَيْسَ بِالْحَافِظِ عِنْدَهُمْ وَقَدِ اخْتَلَفَ عَنْهُ فِي هَذَا وَرَوَى طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ مَسْحَةً وَاحِدَةً حَتَّى بَلَغَ الْقَذَالَ وَهُوَ أَوَّلُ الْقَفَا بَدَأَ مِنْ مُقَدَّمِهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ حَتَّى أَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ أُذُنَيْهِ وَأَصَحُّ حَدِيثٍ فِي هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَذْكُورُ فِيهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ مَسَحَ بَعْضَ الرَّأْسِ فَقَالَ مَالِكٌ الْفَرْضُ مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهُ كَانَ كَمَنْ تَرَكَ غَسْلَ شَيْءٍ مِنْ وَجْهِهِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُلَيَّةَ قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِمَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ كَمَا أَمَرَ مَسْحَ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ وَأَمَرَ بِغَسْلِهِ فِي الْوُضُوءِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ غَسْلُ بَعْضِ الْوَجْهِ فِي الْوُضُوءِ وَلَا مَسْحُ بَعْضِهِ فِي التَّيَمُّمِ فَكَذَلِكَ مَسْحُ الرَّأْسِ قَالَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرَّأْسَ يُمْسَحُ كُلَّهُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّ مَسْحَ بَعْضِهِ سُنَّةٌ وَبَعْضِهِ فَرِيضَةٌ فَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنْ لَيْسَ مَسْحُ بَعْضِهِ سُنَّةً دُلَّ عَلَى أَنَّهُ كُلَّهُ فَرِيضَةٌ مَسْحُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَاحْتَجَّ إِسْمَاعِيلُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا لِوُجُوبِ الْعُمُومِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الطَّوَافُ بِبَعْضِهِ فَكَذَلِكَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَقَوْلِهِ عز وجل وامسحوا برؤوسكم معناه عندهم امسحوا رؤوسكم وَمَنْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَلَمْ يَمْسَحْ رَأْسَهُ وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا لَهُمْ أَنَّ الْفَرَائِضَ لَا تُؤَدَّى إِلَّا بِيَقِينٍ وَالْيَقِينُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ لَكِنَّ أَصْحَابَهُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَشْهَبُ يَجُوزُ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ الْمَالِكِيُّ قَالَ اخْتَلَفَ مُتَأَخِّرُو أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يُمْسِحَ كُلُّ الرَّأْسِ أَوْ أَكْثَرُهُ حَتَّى يكون المسموح أَكْثَرَ الرَّأْسِ فَيُجْزِئُ تُرْكُ سَائِرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَزَعَمَ الْأَبْهَرِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَقَالَ آخَرُونَ إِذَا مَسَحَ الثلث فصاعدا أجزأه وإن كان المتروك هو أَكْثَرَ قَالَ وَهَذَا أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي وَأَوْلَاهُمَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الثُّلُثَ فَمَا فَوْقَهُ قَدْ جَعَلَهُ فِي حَيِّزِ الْكَثِيرِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِهِ وَمَذْهَبِهِ وَزَعَمَ الْأَبْهَرِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ عَنْهُمْ وَأَنَّ الْمَعْرُوفَ لِمُحَمَّدِ بْنِ مسلمة ومن قال بقوله أن المسموح مِنَ الرَّأْسِ إِذَا كَانَ الْأَكْثَرُ وَالْمَتْرُوكَ مِنْهُ الْأَقَلُّ جَازَ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ فِي أَنَّ الثُّلُثَ يَسِيرٌ مُسْتَنْدَرٌ عِنْدَهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ أُصُولِ مَسَائِلِهِ وَمَذْهَبِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ خَارِجٌ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ فِي أَنَّ الثُّلُثَ كَثِيرٌ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْ مَذْهَبِهِ وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ أَيْضًا لِأَنَّ الثُّلُثَ عِنْدَهُ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرٍ وَفِي أَشْيَاءَ قَلِيلٍ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهَا وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ الْفَرْضُ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَلَمْ يَحُدَّ وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمَا إِنَّ مَسْحَ ثُلُثِ الرأس فصاعدا أَجْزَأُ قَالَ الشَّافِعِيُّ احْتَمَلَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وجل وامسحوا برؤوسكم مَسْحَ بَعْضِ الرَّأْسِ وَمَسْحَ جَمِيعِهِ فَدَلَّتِ السُّنَّةُ أَنَّ مَسْحَ بَعْضِهِ يُجْزِئُ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي التَّيَمُّمِ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ أَيُجْزِئُ بَعْضُ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ قِيلَ لَهُ مَسْحُ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ بَدَلٌ مِنْ عُمُومِ غَسْلِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ بِالْمَسْحِ عَلَى جَمِيعِ مَوْضِعِ الْغَسْلِ فِيهِ وَمَسْحُ الرَّأْسِ أَصْلٌ فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا وَعَفَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي التَّيَمُّمِ عَنِ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ وَلَمْ يَعْفُ عَنِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْإِتْيَانِ بِذَلِكَ عَلَى كَمَالِهِ وَأَصْلِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ مَسَحَ الْمُتَوَضِّئُ رُبُعَ رَأْسِهِ أَجْزَأَ وَيَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ دَاوُدَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَسْحُ الرَّأْسِ كُلِّهِ وَاجِبٌ فَرْضًا كَقَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْمَسْحُ لَيْسَ شَأْنُهُ فِي اللِّسَانِ الِاسْتِيعَابَ وَالْبَعْضُ يُجْزِئُ وَقَالَ الثوري والأوزاعي والليث يجزئ مسح الرأس ويسمح الْمُقَدَّمُ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ جَمِيعِهِمْ أَنَّ مَسْحَ جَمِيعِ الرَّأْسِ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ وكان

ابن عمر وسلمة بن الأكوع يسمحان مقدم رؤوسهما وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ إِجَازَةُ مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَقَالَ مَسَحَ نَبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَاصِيَتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ بَيْنَ ابْنِ سِيرِينَ وَبَيْنِ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَجُلٌ كَذَلِكَ قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا بَكْرٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ ثُمَّ ذَكَرَ فَوْقَ الْعِمَامَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ النَّاصِيَةُ مُقَدَّمُ الرَّأْسِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مَعْقِلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ قَطَرِيَّةٌ فأدخل يده

مِنْ تَحْتِ الْعِمَامَةِ فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَلَمْ يَنْقُضِ الْعِمَامَةَ وَأَجَازَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ مَسْحَ الرَّأْسِ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ مَسَحَ رَأْسَهُ أَوْ بَعْضَهُ بِثَلَاثَةِ أَصَابِعَ فَمَا زَادَ أجزأه وإن مسح بأقل من ذلك لم يجزه وَالْمَرْأَةُ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ فِي مَسْحِ رَأْسِهَا كالرجل سواء كُلٌّ عَلَى أَصْلِهِ وَأَمَّا غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ فَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَمْ يَحُدَّ وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ إِذْ وَصَفَا وَضَوْءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُمَا ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا وَفِي بَعْضِهَا ثم غغسل حَتَّى أَنْقَاهُمَا وَفِي بَعْضِهَا ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ فَقَطْ وَكَذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ عُثْمَانَ ثم سمح رَأْسَهُ ثَلَاثًا وَفِي أَكْثَرِهَا ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ فَقَطْ وَفِي بَعْضِهَا ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالْوُضُوءُ كُلُّهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءَ أَنَّ غَسْلَةً وَاحِدَةً سَابِغَةً فِي الرِّجْلَيْنِ وَسَائِرِ الْوُضُوءِ تُجْزِئُ وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَحُدُّ فِي الْوُضُوءِ وَاحِدَةً وَلَا اثْنَتَيْنِ وَلَا ثَلَاثًا وَكَانَ يَقُولُ إِنَّمَا هُوَ الْغَسْلُ وَمَا عَمَّ مِنْ ذَلِكَ أَجْزَأَ وَالرِّجْلَانِ وَسَائِرُ الْأَعْضَاءِ سَوَاءٌ وَالْقَوْلُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا فِي أُصُولِهِمْ فِي دُخُولِ الْمِرْفَقَيْنِ فِي الذِّرَاعَيْنِ كَذَلِكَ الْقَوْلُ عِنْدَهُمْ فِي دُخُولِ الْكَعْبَيْنِ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْمِرْفَقَيْنِ إِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُمَا مَعَ الْقَطْعِ غُسِلَا قَالَ وَأَمَّا الْكَعْبَانِ فَهُمَا بَاقِيَانِ مَعَ الْقَطْعِ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِمَا مَعَ الرِّجْلَيْنِ هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ مِنَ الْمَذْهَبِ وَالْكَعْبَانِ هُمَا النَّاتِئَانِ فِي أَصْلِ السَّاقِ وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ فِي الْكَعْبَيْنِ وَأَمَّا الْعُرْقُوبُ فَهُوَ مَجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ والقدم

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ كُلُّ مَفْصِلٍ عِنْدَ الْعَرَبِ كَعْبٌ وَقَالَ لِلنَّاسِ فِي الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَالَّذِي يَذْهَبُ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَنَّ فِي الْقَدَمِ كَعْبًا وَفِي السَّاقِ كَعْبًا فَفِي كُلِّ رِجْلٍ كَعْبَانِ قَالَ وَغَيْرُهُ يَقُولُ فِي كُلِّ قَدَمٍ كَعْبٌ وَمَوْضِعُهُ ظَهْرُ الْقَدَمِ مِمَّا يَلِي السَّاقَ قَالَ وَآخَرُونَ يَقُولُونَ الْكَعْبُ هُوَ الدَّائِرُ بِمَغْرِزِ السَّاقِ وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْعُرُوقِ مِنْ ظَهْرِ الْقَدَمِ إِلَى الْعَرَاقِيبِ قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُ الْكَعْبَانِ هُمَا الْعُرْقُوبَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ أَحْكَامَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَإِبْطَالَ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِمَسْحِهِمَا وَذَكَرْنَا الْحُجَّةَ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ وَذَكَرْنَا الْقَوْلَ الْمُخْتَارَ عِنْدَنَا فِي الْكَعْبَيْنِ هُنَاكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ أَنَّ الرَّأْسَ لَا يُجْزِئُ مَسْحُهُ إِلَّا بِمَاءٍ جَدِيدٍ يَأْخُذُهُ الْمُتَوَضِّئُ لَهُ كَمَا يَأْخُذُهُ لِسَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَمَنْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ فَضْلٍ مِنَ الْبَلَلِ فِي يَدَيْهِ عَنْ غَسْلِ ذِرَاعَيْهِ لَمْ يُجْزِهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعَيْنِ يُجْزِئُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ هَذَا ذِكْرُ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وجوه أنه كان يمسح أذنيه فِي وُضُوئِهِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْحُكْمِ وَالِاخْتِيَارِ لفقهاء الأمصار في باب زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ

الحديث الثاني

يَسَارٍ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ أَيْضًا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَمَضَى هُنَاكَ أَيْضًا ذِكْرُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْثَارِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا لَا شَرِيكَ لَهُ حَدِيثٌ ثَانٍ لِعَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وهو على حمار مُتَوَجِّهٌ إِلَى خَيْبَرَ هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَحْطَبَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى خَيْبَرَ عَلَى حِمَارٍ يُصَلِّي عَلَى الْحِمَارِ وَيُومِئُ إِيمَاءً وَهَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ قَحْطَبَةَ عَنِ الْحُنَيْنِيِّ وَهُوَ خَطَأٌ لَا شَكَّ عِنْدَهُمْ فِيهِ وَصَوَابُ إِسْنَادِهِ مَا فِي الْمُوَطَّإِ مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي الْحُبَابِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِذِكْرِ الْحِمَارِ فِيهِ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا فِي التطوع الْفَرِيضَةِ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا تَنَازُعَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ فَأَغْنَانَا إِجْمَاعُهُمْ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ (الدَّالَّةَ عَلَى

ذَلِكَ) فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مَا لِلْعُلَمَاءِ (فِي هَذَا الْبَابِ) مِنْ الِاتِّفَاقِ وَالِاخْتِلَافِ فِي السفر الذي جوز فِيهِ التَّطَوُّعُ عَلَى الدَّابَّةِ مُسْتَوْعَبًا مَبْسُوطًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَمْ يُتَابَعْ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَلَى قَوْلِهِ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ وَإِنَّمَا يَقُولُونَ عَلَى رَاحِلَتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ بَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْحِمَارِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَرْقٌ فِي التَّمَكُّنِ لَا يُجْهَلُ وَالْمَحْفُوظُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ تَطَوُّعًا فِي السَّفَرِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَتَلَا ابْنُ عُمَرَ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ وَهَذَا مَعْنَاهُ فِي النَّافِلَةِ بِالسُّنَّةِ إِنْ كَانَ آمِنًا وَأَمَّا الْخَوْفُ فَتُصَلَّى الْفَرِيضَةُ عَلَى الدَّابَّةِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا وَهَذَا كُلُّهُ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا قَوْلُ النَّسَائِيِّ إِنَّ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى انْفَرَدَ بِقَوْلِهِ عَلَى حِمَارٍ فَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ إِلَّا عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَمَّا غَيْرُ ابْنِ عُمَرَ فَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي أَيْنَمَا كَانَ وَجْهُهُ عَلَى الدَّابَّةِ رَوَاهُ مِسْعَرٌ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

الحديث الثالث

وَقَالَ الْحَسَنُ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلُّونَ فِي أَسْفَارِهِمْ عَلَى دَوَابِّهِمْ أَيْنَمَا كَانَتْ وُجُوهُهُمْ رَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ فَذَكَرَهُ حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِعَمْرِو بْنِ يَحْيَى مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَتْنِ فَخَطَأٌ فِي الْإِسْنَادِ وَإِنَّمَا هَذَا الْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ لِيَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى جَمَاعَةٌ مِنْ جِلَّةِ الْعُلَمَاءِ احْتَاجُوا إِلَيْهِ فِيهِ وَرَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ أَيْضًا جَمَاعَةٌ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قال حدثنا حمزة بن محمد وحدثنا محمد ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قالا حدثنا عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَمَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقِ فِضَّةٍ صَدَقَةٌ قَالَ وَأَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ فِي الْبُرِّ وَالتَّمْرِ زَكَاةٌ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَلَا تَحِلُّ فِي الْوَرِقِ زَكَاةٌ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوَاقٍ وَلَا تَحِلُّ فِي الْإِبِلِ زَكَاةٌ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَ ذَوْدٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صدقة

قَالَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ صَدَقَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ قَالَ حَمْزَةُ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ فِي هَذَا الحديث في حب غير إسماعيل ابن أُمَيَّةَ وَهُوَ ثِقَةٌ قُرَشِيٌّ مِنْ وَلَدِ سَعِيدِ بن العاصي قَالَ وَهَذِهِ السُّنَّةُ لَمْ يَرْوِهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ غَيْرُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ كَمَا قَالَ حَمْزَةُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ حَبٍّ غَيْرُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ يَأْتِي مِنْ وَجْهٍ لَا مَطْعَنَ فِيهِ وَلَا عِلَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِهِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْهُ وَمِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْهُ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ الْعِلَّةِ فِيهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدْ وَجَدْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أصبغ قا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ

وَرَوَى أَبُو الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ زَكَاةٌ رَوَاهُ وَكِيعٌ وَغَيْرُهُ عَنْ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ وَيَقُولُونَ إِنَّ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى أَبُو الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَحَادِيثَ غَيْرَ هَذَا وَسِنُّهُ فَوْقَ إِدْرَاكِ أَبِي سَعِيدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مثل ذلك ولكنه غريب غير مَحْفُوظٌ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ كَانَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَدَقَةَ فِي شَيْءٍ مِنَ الزَّرْعِ أَوِ النَّخْلِ أَوِ الْكَرْمِ حَتَّى يَكُونَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَلَا فِي الرِّقَّةِ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَهَذِهِ سُنَّةٌ جَلِيلَةٌ تَلَقَّاهَا الْجَمِيعُ بِالْقَبُولِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ فَالذَّوْدُ وَاحِدٌ مِنَ الْإِبِلِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ أَوْ خَمْسِ إِبِلٍ أَوْ خَمْسِ جِمَالٍ أَوْ خَمْسِ نُوقٍ صَدَقَةٌ وَالذَّوْدُ وَاحِدٌ (مِنْ هَذِهِ كُلِّهَا) وَمِنْهُ قِيلَ الذَّوْدُ إِلَى الذَّوْدِ إِبِلٌ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الذَّوْدَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْإِبِلِ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى الْعَشْرِ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ وأشهر قال

الْحُطَيْئَةُ ... وَنَحْنُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُ ذَوْدٍ ... لَقَدْ عَالَ الزَّمَانُ عَلَى عِيَالِي ... ... ... ... أَيْ مَالَ عَلَيْهِمْ وَالصَّدَقَةُ الزَّكَاةُ الْمَعْرُوفَةُ وَهِيَ الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ سَمَّاهَا اللَّهُ صَدَقَةً وَسَمَّاهَا زَكَاةً قَالَ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَقَالَ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الْآيَةَ يَعْنِي الزَّكَوَاتِ وَقَالَ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ فَهِيَ الصَّدَقَةُ وَهِيَ الزَّكَاةُ وَهَذَا مَا لَا تَنَازُعَ فِيهِ وَلَا اخْتِلَافَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ دُونَ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَهَذَا إِجْمَاعٌ أَيْضًا مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ وَاسْمُ الشَّاةِ يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَالْغَنَمُ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ جَمِيعًا وَهَذَا أَيْضًا إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ في خمس الْإِبِلِ إِلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ فَرِيضَتُهَا إِلَى تِسْعٍ فَإِذَا بَلَغَتِ الْإِبِلُ عَشْرًا فَفِيهَا شَاتَانِ وَهِيَ فَرِيضَتُهَا إِلَى أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَهِيَ فَرِيضَتُهَا إِلَى عِشْرِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَهِيَ فَرِيضَتُهَا إِلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ فَإِذَا بلغت خمسا وعشرين ففيها ابنة مخاض وهو ابْنَةُ حَوْلٍ كَامِلٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتَ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ وَقَدْ وَصَفْنَا أَسْنَانَ الْإِبِلِ كُلَّهَا مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا مَا يُؤْخَذُ مِنْهَا فِي الصَّدَقَاتِ وَفِي الدِّيَاتِ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هَهُنَا

وَابْنَةُ مَخَاضٍ أَوِ ابْنُ لَبُونٍ إِنْ لَمْ تُوجَدِ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَرِيضَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ مِنْهَا فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ وَهِيَ فَرِيضَتُهَا إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ وَهِيَ فَرِيضَتُهَا حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَسِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ وَهِيَ فَرِيضَتُهَا إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ وَهِيَ فَرِيضَتُهَا إِلَى تِسْعِينَ فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَهِيَ فَرِيضَتُهَا إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَهَذَا مَوْضِعُ اخْتِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَكُلُّ مَا قَدَّمْتُ لَكَ إِجْمَاعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَاحِدَةً فَالْمُصَدِّقُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أخذ ثلاث بنات لبون وإن شاء أخد حِقَّتَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ إِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً فَيَكُونُ فِيهَا حِقَّةٌ وَابْنَتَا لَبُونٍ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ يَتَّفِقُ ابْنُ شِهَابٍ وَمَالِكٌ فِي هَذَا وَيَخْتَلِفَانِ فِيهَا بَيْنَ وَاحِدٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَأْيِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي حَازِمٍ وَابْنَ دِينَارٍ يَقُولُونَ بِقَوْلِ مَالِكٍ إِنَّ السَّاعِيَ مُخَيَّرٌ إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِي حِقَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَذَكَرَ أَنَّ الْمُغِيرَةَ الْمَخْزُومِيَّ كَانَ يَقُولُ إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ لا غير إِلَى ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَلَيْسَ السَّاعِي فِي ذَلِكَ مُخَيَّرًا قَالَ وَأَخَذَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ بِقَوْلِ الْمُغِيرَةِ فِي ذَلِكَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا بَلَغَتِ الْإِبِلُ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حِقَّةٌ وَابْنَتَا لَبُونٍ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي فَرَائِضِ الْإِبِلِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ فَلَمَّا احْتَمَلَتِ الزِّيَادَةَ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ لِلْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ كَمَا رَأَيْتَ لِلِاحْتِمَالِ فِي الْأَصْلِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ اسْتَقْبَلَ الْفَرِيضَةَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ أَنَّهُ إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الثَّابِتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَقْلِ الْكَافَّةِ وَنَقَلَهُ الْآحَادُ أَيْضًا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ وَفِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ الْفَارُوقِ إِلَى الْعُمَّالِ وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ في جميع الآفاق والأحاديث في ذلك كثير قَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُونَ وَكَثُرُوا فِيهَا وَمَا ذَكَرْنَا وَحَكَيْنَا يُغْنِي عَنْهَا وَأَحْسَنُ شَيْءٍ مِنْهَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي الصَّدَقَاتِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ هَذِهِ نُسْخَةُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّدَقَةِ وَهِيَ عِنْدَ آلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ يُونُسُ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ أَقْرَأَنِيهَا سَالِمٌ فَوَعَيْتُهَا عَلَى وَجْهِهَا وَهِيَ الَّتِي انْتَسَخَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَسَالِمٍ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَمَرَ عُمَّالَهُ بِالْعَمَلِ بِهَا وَلَمْ يَزَلِ الْخُلَفَاءُ يَعْمَلُونَ بِهَا وَهَذَا كِتَابُ تَفْسِيرِهَا لَا يُؤْخَذُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَ ذَوْدٍ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرًا فَإِذَا بَلَغَتْ عشرا فيها شَاتَانِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَإِذَا

بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ افْتَرَضَتْ فَكَانَ فِيهَا فَرِيضَةُ ابنة مخاض فإن لم توجد ابنة مخاص فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَسِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَسَبْعِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعِينَ فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ حتى تبلغ تسعا وعشرين مائة فَإِذَا كَانَتْ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حِقَّةٌ وَابْنَتَا لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَابْنَةُ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ خَمْسِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَخَمْسِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ سِتِّينَ وَمِائَةً فَفِيهَا أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَسِتِّينَ وَمِائَةً فَإِذَا بَلَغَتْ سَبْعِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حقة وثلاث لبون بنات حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَسَبْعِينَ وَمِائَةً فَإِذَا بَلَغَتْ ثَمَانِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَابْنَتَا لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَثَمَانِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ تِسْعِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَابْنَةُ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَتِسْعِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ أَيُّ السِّنِينَ وُجِدَتْ أُخِذَتْ وَلَا تُؤْخَذُ مِنَ الْغَنَمِ صَدَقَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا شَاةٌ حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا شَاتَانِ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْ شَاةٍ فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْ شَاةٍ وَشَاةً فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثَمِائَةٍ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ شَاةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ فَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا ثَلَاثُ شِيَاهٍ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعَمِائَةِ شَاةٍ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ حَتَّى تَكُونَ خَمْسَمِائَةٍ فَفِيهَا خَمْسُ شِيَاهٍ ثُمَّ ذَكَرَهَا هَكَذَا إِلَى أَلْفٍ فَيَكُونُ فِيهَا عَشْرُ شِيَاهٍ فِي كُلِّ مِائَةِ

شَاةٍ شَاةٌ قَالَ ثُمَّ كُلَّمَا زَادَتْ مِائَةً ففيها شاة ولس فِي الْوَرِقِ صَدَقَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ ثم في كل أربعين ردهما زَادَ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ دِرْهَمٌ وَلَيْسَ فِي الذَّهَبِ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ صَرْفُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَإِذَا بَلَغَ صَرْفُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ ثُمَّ فِي كُلِّ مَا يَبْلُغُ صَرْفُهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِينَارًا فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ دِينَارًا فَفِيهَا دِينَارٌ ثُمَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الذَّهَبِ فَفِي صَرْفِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ وَلَيْسَ فِي السَّوَائِمِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَلَا بَقَرِ الْحَرْثِ صَدَقَةٌ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا سَوَائِمُ الزَّرْعِ وَعَوَامِلُ الْحَرْثِ وَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعٌ ذَكَرٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً بَقَرَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ في زكاة الذهب وبقر الحرث والسوائم عوامل الْإِبِلِ فَلَيْسَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ مِنْ رَأْيِ ابْنِ شِهَابٍ مَحْفُوظٌ وَكَثِيرًا مَا كَانَ يدخل في أواخر الحاديث رَأْيَهُ فَيَظُنُّ السَّامِعُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ وَكُلُّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ فَإِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى خِلَافِ ابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ وَالْخِلَافُ فِيهِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْ زَكَاةِ الْغَنَمِ وَفِي زَكَاةِ الْعَوَامِلِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ الْعَوَامِلِ وَالْبَقَرِ الْعَوَامِلِ فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ فِيهَا وَاجِبَةٌ كَغَيْرِ الْعَوَامِلِ سَوَاءً وَهُوَ قَوْلُ مَكْحُولٍ وَقَتَادَةَ وَرِوَايَةٌ عَنِ اللَّيْثِ رَوَاهَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ

وَالطَّبَرِيُّ لَيْسَ فِي الْعَوَامِلِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ صَدَقَةٌ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَمُعَاذٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ مِثْلَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَحُجَّةُ مَنْ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْعَوَامِلِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ لَمْ يَخُصَّ عَامِلًا عَنْ غَيْرِ عَامِلٍ وَحُجَّةُ مَنْ أَسْقَطَ عَنْهَا الزَّكَاةَ حَدِيثُ بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ الْحَدِيثَ قَالُوا وَالسَّائِمَةُ هِيَ الرَّاعِيَةُ الَّتِي يُطْلَبُ نَمَاؤُهَا فِي نَسْلِهَا وَرِسْلِهَا قَالُوا وَفِي ذِكْرِ السَّائِمَةِ نَفْيٌ لِلزَّكَاةِ عَنِ الْعَامِلَةِ وَبَيْنَ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَبَيْنَ مُخَالِفِيهِمْ فِي زَكَاةِ الْعَوَامِلِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَالْمُقَايَسَاتِ مَا رَغِبْتُ عَنْ ذِكْرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا الْمَوْضِعُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ زَكَاةِ الْغَنَمِ فَهُوَ إِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ شَاةٍ فَإِنَّ الْحَسَنَ بْنَ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ قَالَ إِذَا كَانَتِ الْغَنَمُ ثَلَاثَمِائَةِ شَاةٍ وَشَاةً فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعَمِائَةِ شَاةٍ وَشَاةً فَفِيهَا خَمْسُ شِيَاهٍ ثُمَّ هَكَذَا كُلَّمَا زَادَتْ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ وَرُوِيَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ نَحْوَهُ وَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ فِي مِائَتَيْ شَاةٍ وَشَاةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ ثُمَّ لَا شَيْءَ فِيهَا زَائِدًا إِلَى أَرْبَعِمِائَةٍ فَتَكُونُ فِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ ثُمَّ كُلَّمَا زَادَتْ مِائَةً فَفِيهَا شَاةٌ اتِّفَاقًا وَإِجْمَاعًا وَالْآثَارُ الْمَرْوِيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ دُونَ مَا قَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لِأَنَّ فِي جَمِيعِهَا فِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ وَهَذَا يَقْتَضِي مَا قال

الْفُقَهَاءُ وَجَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ دُونَ مَا قَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَهِمَ فِيهَا ابْنُ الْمُنْذِرِ وَحَكَى فِيهَا عَنِ الْعُلَمَاءِ الْخَطَأَ وَغَلِطَ وَأَكْثَرَ الْغَلَطَ وَأَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ إِجْمَاعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَيْضًا وَفِي هَذَا الْقَوْلِ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا نَفْيُ الزَّكَاةِ عَمَّا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ وَالْمَعْنَى الثَّانِي إِيجَابُهَا فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ وَفِيمَا زَادَ عَلَيْهِ بِحِسَابِهِ هَذَا مَا يُوجِبُهُ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ لِعَدَمِ النَّصِّ عَنِ الْعَفْوِ بَعْدَ الْخَمْسِ الْأَوَاقِي حَتَّى تُبْلُغَ مِقْدَارًا مَا فَلَمَّا عُدِمَ النَّصُّ فِي ذَلِكَ وَجَبَ الْقَوْلُ بِإِيجَابِهَا فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ بِدَلَالَةِ الْعَفْوِ عَمَّا دُونَ الْخَمْسِ الْأَوَاقِي وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَسَنَذْكُرُ الْقَائِلِينَ بِهِ وَالْخِلَافَ فِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْأُوقِيَّةُ عِنْدَهُمْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا كَيْلًا لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِي الْأُوقِيَّةِ مَا ذَكَرَ أَبُو عبيد في كتاب الموال قَالَ كَانَتِ الدَّرَاهِمُ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ إِلَى أَيَّامِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَجَمَعَهَا وَجَعَلَ كُلَّ عَشَرَةٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَزْنَ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ قَالَ وَكَانَتِ الدَّرَاهِمُ يَوْمَئِذٍ (دِرْهَمٌ) مِنْ ثَمَانِيَةِ دَوَانِقَ زيف ودرهم من أربعة دوانق جيد قال فَاجْتَمَعَ رَأْيُ عُلَمَاءِ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى أَنْ جَمَعُوا الْأَرْبَعَةَ الدَّوَانِقَ إِلَى الثَّمَانِيَةِ فَصَارَتِ اثْنَيْ عَشَرَ دَانِقًا فَجَعَلُوا الدِّرْهَمَ سِتَّةَ دَوَانِقَ وَسَمَّوْهُ كَيْلًا وَاجْتَمَعَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ فِي كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ زَكَاةً وَأَنَّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أُوقِيَّةً وَأَنَّ فِي الْخَمْسِ الْأَوَاقِي الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَهَا صَدَقَةٌ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَا زِيَادَةَ وَهِيَ نِصَابُ الصَّدَقَةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ يَسْتَحِيلُ لِأَنَّ الْأُوقِيَّةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ مَجْهُولَةَ الْمَبْلَغِ مِنَ الدَّرَاهِمِ فِي الْوَزْنِ ثُمَّ يُوجِبُ الزَّكَاةَ عَلَيْهَا وَهِيَ لَا يُعْلَمُ مَبْلَغُ وَزْنِهَا وَوَزْنُ الدِّينَارِ دِرْهَمَانِ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ مَعْرُوفٌ فِي الْآفَاقِ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنَّ الْوَزْنَ عِنْدَنَا بِالْأَنْدَلُسِ مُخَالِفٌ لِوَزْنِهِمْ فَالدِّرْهَمُ الْكَيْلُ عِنْدَهُمْ هُوَ عِنْدَنَا بِالْأَنْدَلُسِ دِرْهَمٌ وَأَرْبَعَةُ أَعْشَارِ دِرْهَمٍ لِأَنَّ دَرَاهِمَنَا مَبْنِيَّةٌ على دخل أربعين مائة فِي مِائَةٍ كَيْلًا هَكَذَا أَجْمَعَ الْأُمَرَاءُ وَالنَّاسُ عَلَيْهَا عِنْدَنَا بِالْأَنْدَلُسِ فِي جَمِيعِ نَوَاحِيهَا فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الدِّرْهَمِ الْمَعْهُودِ عِنْدَنَا أَنَّهُ دِرْهَمٌ وَخُمْسَانِ تَكُونُ الْمِائَتَا دِرْهَمٍ كَيْلَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَقِيلَ إِنَّ الدِّرْهَمَ الْمَعْهُودَ بِالْمَشْرِقِ وَهُوَ الدِّرْهَمُ الْكَيْلُ الْمَذْكُورُ هُوَ بِوَزْنِنَا الْمَعْهُودِ الْيَوْمَ بِالْأَنْدَلُسِ دِرْهَمٌ وَنَصِفٌ وَأَظُنُّ ذَلِكَ بِمِصْرَ وَمَا وَالَاهَا وَأَمَّا أَوْزَانُ الْعِرَاقِ فَعَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهَا أَنَّ دِرْهَمَهُمْ دِرْهَمٌ وَأَرْبَعَةُ أَعْشَارِ دِرْهَمٍ بِوَزْنِنَا وَقَدْ حكى الأثرم عن أحمد ابن حَنْبَلٍ أَنَّهُ ذَكَرَ اخْتِلَافَ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ بِالْيَمَنِ وَنَاحِيَةِ عَدَنَ فَقَالَ قَدِ اصْطَلَحَ النَّاسُ عَلَى دَرَاهِمِنَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ قَالَ وَأَمَّا الدَّنَانِيرُ فَلَيْسَ فِيهَا اخْتِلَافٌ فَجُمْلَةُ النِّصَابِ وَمَبْلَغُهُ عِنْدَنَا الْيَوْمَ بِوَزْنِنَا وَدَخْلِنَا عَلَى حسبما وَصَفْنَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا دَرَاهِمَ حِسَابُ الدِّينَارِ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمِنَا الَّتِي هِيَ دَخْلُ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فِي مِائَةٍ كَيْلًا وَهَذَا عَلَى حِسَابِ الدِّرْهَمِ الْكَيْلُ دِرْهَمٌ وَأَرْبَعَةُ أَعْشَارِ دِرْهَمٍ وَعَلَى حِسَابِ الدِّرْهَمِ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ يَكُونُ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ دينارا دَرَاهِمَ فَإِذَا مَلَكَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ وَزْنَ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ الْمَذْكُورَةِ مِنْ فِضَّةٍ مَضْرُوبَةٍ أَوْ غَيْرِ مَضْرُوبَةٍ وَهِيَ الْخَمْسُ الْأَوَاقِي الْمَنْصُوصَةُ فِي الْحَدِيثِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ صَدَقَتُهَا وَذَلِكَ رُبْعُ عُشْرِهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ لِلْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ وَمَنْ ذُكِرَ فِي آيَةِ الصَّدَقَاتِ إِلَّا الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَغْنَى الْإِسْلَامَ

وَأَهْلَهُ الْيَوْمَ عَنْ أَنْ يُتَأَلَّفَ عَلَيْهِ وَسَائِرُ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَاتِ مَنْ وَضَعَ زَكَاتَهُ فِي صِنْفٍ مِنْهُمْ أَجْزَأَهُ إِلَّا الْعَامِلِينَ عَلَى الصَّدَقَاتِ فَإِنَّمَا لَهُمْ بِقَدْرِ عَمَالَتِهِمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ عَلَى الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْآيَةِ مِنَ التَّنَازُعِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَمَا ذَكَرْتُ لَكَ هَهُنَا فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ الْمَعْمُولُ بِهِ وَمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنَ الْوَرِقِ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ رُبْعُ عُشْرِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ هَذَا قول مالك والليث والشافعي وأكثر أصحاب أبو حنيفة وابن أبي ليلى والثوري والأواعي واحمد ابن حَنْبَلٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا شَيْءَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ حَتَّى تَبْلُغَ الزِّيَادَةُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَإِذَا بَلَغَتْهَا كَانَ فِيهَا دِرْهَمٌ وَذَلِكَ رُبْعُ عُشْرِهَا هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ وَمَحْكُولٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَمَّا زَكَاةُ الذَّهَبِ فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الذهب إاذ كَانَ عِشْرُونَ دِينَارًا قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ فَمَا زَادَ أَنَّ الزَّكَاةَ فِيهَا وَاجِبَةٌ إِلَّا رِوَايَةً جَاءَتْ عَنِ الْحَسَنِ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ مَالَ إِلَيْهَا بَعْضُ أَصْحَابِ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ الذَّهَبَ لَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِينَارًا وَالدِّينَارُ مِنَ الذَّهَبِ هُوَ الْمِثْقَالُ الَّذِي وَزْنُهُ دِرْهَمَانِ عَدَدًا بِدَرَاهِمِنَا لَا كَيْلًا وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ فِيهِ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ اخْتِلَافِ الْأَوْزَانِ بَيْنَ أَهْلِ الْبُلْدَانِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِإِسْنَادٍ لَا يَصِحُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الدِّينَارُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ إِسْنَادُهُ فَفِي قَوْلِ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ بِهِ وَإِجْمَاعِ النَّاسِ عَلَى مَعْنَاهُ مَا يُغْنِي عَنِ الْإِسْنَادِ فِيهِ وَالْقِيرَاطُ

وَزْنُهُ ثَلَاثُ حَبَّاتٍ مِنْ حُبُوبِ الشَّعِيرِ الْمُمْتَلِئَةِ غَيْرِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْمَعْهُودِ مِنْ مَقَادِيرِ الْحُبُوبِ وَذَلِكَ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةً وَزْنُ جَمِيعِهَا دِرْهَمَانِ بِدَرَاهِمِنَا الْيَوْمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لا زكاة فيما دون عشرين مثالا إِذَا لَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِشْرِينَ دِينَارًا إِذَا لَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَفِيمَا يُسَاوِي مِنَ الذَّهَبِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَزْنُهُ عِشْرِينَ دِينَارًا فَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الذَّهَبَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ عَلَى مَنْ مَلَكَهُ حَوْلًا إذا كان وزنه عشرين دينارا فصاعدا يَجِبُ فِيهِ رُبْعُ عُشْرِهِ وَسَوَاءٌ سَاوَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ كَيْلًا أَمْ لَمْ يُسَاوِ وَمَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ مِثْقَالًا فَبِحِسَابِ ذَلِكَ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَمَا نَقَصَ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَكَثُرَ وَالْمُرَاعَاةُ فِيهِ وَزْنُهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ قِيمَةٍ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالثَّوْرِيِّ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ بِالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ مِنْهُمْ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَابْنُ سِيرِينَ وَالنَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ لَا شَيْءَ فِيمَا زاد على العشرين مثالا حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعَةَ مَثَاقِيلَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ آخَرُونَ لَيْسَ فِي الذَّهَبِ زَكَاةٌ حَتَّى يَبْلُغَ صَرْفُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَإِذَا بَلَغَ صَرْفُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا رُبْعُ الْعُشْرِ وَإِنْ كَانَ وَزْنُهَا أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا وَلَوْ كَانَتْ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ أَزْيَدَ وَلَمْ يَبْلُغْ صَرْفُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَمْ تَجِبْ فِيهَا زَكَاةٌ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِينَارًا فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ دِينَارًا فَفِيهَا دِينَارٌ وَلَا يُرَاعَى فِيهَا الصَّرْفُ وَالْقِيمَةُ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ دِينَارًا هَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ رَوَاهُ يُونُسُ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عَنْ سَالِمٍ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ رَأْيِ ابْنِ شِهَابٍ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ عَنْهُ مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَبِهِ قَالَ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ وَسُلَيْمَانُ بن حرب

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَيْسَ فِي الذَّهَبِ شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِينَارًا فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ دِينَارًا فَفِيهَا رُبْعُ عُشْرِهَا دِينَارٌ ثُمَّ مَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَرِوَايَةٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ في كل أرعين دِينَارًا مِنَ الذَّهَبِ دِينَارًا يَجِبُ إِخْرَاجُهُ زَكَاةً عَلَى مَالِكِهَا حَوْلًا كَامِلًا تَاجِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ تَاجِرٍ مَا لَمْ يَكُنْ حُلِيًّا مُتَّخَذًا لِلُبْسِ النِّسَاءِ فَإِنْ كَانَ حُلِيًّا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ قَدِ اتُّخِذَ لِلُبْسِ النِّسَاءِ أَوْ كَانَ خَاتَمَ فِضَّةٍ لِرَجُلٍ أَوْ حِلْيَةَ سَيْفٍ أَوْ مُصْحَفٍ مِنْ فِضَّةٍ لِرَجُلٍ أَوْ مَا أُبِيحَ لَهُ اتِّخَاذُهُ مِنْ غَيْرِ الْآنِيَةِ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنْ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ بِالْعِرَاقِ وَوَقَفَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِمِصْرَ وَقَالَ أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ وَجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنْ لَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ مثل ذلك وقال الثروي وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الزَّكَاةُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالزُّهْرِيِّ وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِإِسْنَادٍ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ وَقَالَ اللَّيْثُ مَا كَانَ مِنْهُ يُلْبَسُ وَيُعَارُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَمَا صُنِعَ لِيَفِرَّ بِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ فَفِيهِ الصَّدَقَةُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ فَفِيهِ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا نفي وجوب الزكاة عما ان دُونَ هَذَا الْمِقْدَارِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ قَدْ نَفَى وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ والمعنى الآخر وجوب المزكاة فِي هَذَا الْمِقْدَارِ فَمَا فَوْقَهُ وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صاعا

بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِصَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدُّهُ زِنَتُهُ رِطْلٌ وَثُلُثٌ وَزِيَادَةُ شَيْءٍ هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ فَهِيَ أَلْفُ مُدٍّ وَمِائَتَا مُدٍّ وَهِيَ بالكيل القرطبي عندنا بالأندلس خمسة وعشرون قفيز عَلَى حِسَابِ كُلِّ قَفِيزٍ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مُدًّا وَإِنْ كَانَ الْقَفِيزُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ مُدًّا كَمَا زَعَمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّيُوخِ عِنْدَنَا فَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وعشرون قفيزا ونصف فقيز أَوْ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ قَفِيزٍ وَوَزْنُ جَمِيعِهَا ثَلَاثَةٌ وَخَمْسُونَ رُبْعًا وَثُلُثُ رُبْعٍ كُلُّ رُبْعٍ مِنْهَا مِنْ ثَلَاثِينَ رِطْلًا فَهَذَا هُوَ الْمِقْدَارُ الَّذِي لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا دُونَهُ وَتَجِبُ فِيهِ وَفِيمَا فَوْقَهُ كَيْلًا لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا نَبَّهَ عَلَى الْكَيْلِ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَرِوَايَةً عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا الزَّكَاةُ فِي كُلِّ مَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ قَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ إِلَّا الطَّرْفَاءَ وَالْقَصَبَ الْفَارِسِيَّ وَالْحَشِيشَ وَالْحَطَبَ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ فَصَارُوا إِلَى مَا عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ فِي اعْتِبَارِ الْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ كُلُّهُمْ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْحُبُوبِ فَقَالَ مَالِكٌ الْحُبُوبُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ وَالذُّرَةُ وَالدَّخَنُ وَالْأُرْزُ وَالْحِمَّصُ وَالْعَدَسُ وَالْجُلْبَانُ وَاللُّوبِيَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْحُبُوبِ وَالْقَطَانِيِّ كُلِّهَا قَالَ وَفِي الزَّيْتُونِ الزَّكَاةُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ مَا يَزْرَعُهُ الْآدَمِيُّونَ وَيَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ وَيُقْتَاتُ مَأْكُولًا خُبْزًا وَسَوِيقًا وَطَحِينًا وَطَبِيخًا فَفِيهِ الصَّدَقَةُ قَالَ وَالْقَطَانِيُّ كُلُّهَا

فِيهَا الصَّدَقَةُ قَالَ وَلَيْسَ فِي الْأَبْزَارِ وَالْقَتِّ والقثاء ولا حبوب البقل ولا الشوينز صَدَقَةٌ قَالَ وَلَا يُؤْخَذُ فِي شَيْءٍ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرِ صَدَقَةٌ إِلَّا فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الزَّيْتُونِ وَآخِرُ مَا رَجَعَ إِلَيْهِ أَنْ لَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إِدَامٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا شَيْءَ فِيمَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ ثَمَرَةٌ بَاقِيَةٌ تَبْلُغُ مَكِيلَتُهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ زَكَاةٌ إِلَّا التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ وَالْبُرَّ وَالشَّعِيرَ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَقَوْلُ الطَّبَرَيِّ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَلَا زَكَاةَ عِنْدَهُ فِي الزَّيْتُونِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ الزَّكَاةُ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ والأرز والحمص والعدس والذرة وَجَمِيعِ الْحُبُوبِ مِمَّا يُدَّخَرُ وَيُؤْكَلُ قَالَ وَفِي السُّلْتِ وَالدَّخَنِ وَاللُّوبِيَا وَالْقُرْطُمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ الزَّكَاةُ وَقَالَ عَطَاءٌ الصَّدَقَةُ فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَالْحُبُوبِ كُلِّهَا وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا إِنْ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ يُدَّخَرُ ويبقى فيه الزَّكَاةُ وَقَالَ إِسْحَاقُ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسم الحب وهو مما بقى فِي أَيْدِي النَّاسِ وَيَصِيرُ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ عند الضرورة طعام القوم فَهُوَ حَبٌّ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ وَاخْتَلَفُوا فِي ضَمِّ هَذِهِ الْحُبُوبِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الْبُرَّ وَالشَّعِيرَ وَالسَّلْتَ صِنْفٌ وَاحِدٌ يُضَمُّ بَعْضُ ذَلِكَ إِلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ وَلَا يَجُوزُ فِيهَا التَّفَاضُلُ قَالَ وَتُضَمُّ الْقَطَانِيُّ كُلُّهَا بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ وَهِيَ عِنْدَهُ أَصْنَافٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْبُيُوعِ يَجُوزُ فِيهَا التَّفَاضُلُ دُونَ النَّسَاءِ وَالْقَطَانِيُّ عِنْدَهُ الْفُولُ وَالْحِمَّصُ وَاللُّوبِيَا وَالْجُلْبَانُ وَالْعَدَسُ قَالَ وَمَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ مِنَ الْقَطَانِيِّ فَإِذَا بَلَغَ جَمِيعُ

ذَلِكَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَ مِنْ كُلٍّ وَاحِدٍ بِحِصَّتِهِ وَالدَّخَنُ عِنْدَهُ صِنْفٌ عَلَى حِدَةٍ وَكَذَلِكَ الذُّرَةُ صِنْفٌ وَالْأُرْزُ صِنْفٌ وَلَا يُضَمُّ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَى صَاحِبِهِ فِي الزَّكَاةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يُضَمُّ شَعِيرٌ إِلَى حِنْطَةٍ وَلَا يُضَمُّ جِنْسٌ وَلَا نَوْعٌ إِلَى غَيْرِهِ إِذَا خَالَفَهُ فِي الِاسْمِ وَاللَّوْنِ وَلَا يُضَمُّ مِنَ الْقَطَانِيِّ كُلِّهَا وَغَيْرِهَا شَيْءٌ إِلَى غَيْرِهِ وَيُعْتَبَرُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ قَالَ السُّلْتُ وَالذُّرَةُ وَالدَّخَنُ وَالْأُرْزُ وَالْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ صِنْفٌ وَاحِدٌ يُضَمُّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ وَلَا يُبَاعُ صِنْفٌ مِنْهُ بِالْآخَرِ إلا مثل بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ وَالْقَطَانِيُّ كُلُّهَا عِنْدَهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ فِي الزَّكَاةِ وَمُخْتَلِفَةُ الْأَجْنَاسِ فِي الْبَيْعِ وَعَنِ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ فِي ضَمِّ الْأَصْنَافِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ فِي هَذَا الْبَابِ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ وَعَنْ عَطَاءٍ وَمَحْكُولٍ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَشَرِيكٍ فِي ذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُضَافُ التَّمْرُ إِلَى الزَّبِيبِ وَلَا إِلَى الْبُرِّ وَلَا الْبُرُّ إِلَى الزَّبِيبِ وَلَا الْإِبِلُ إِلَى الْبَقَرِ وَلَا الْبَقَرُ إِلَى الْغَنَمِ وَالْغَنَمُ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ يُضَافُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ بِإِجْمَاعٍ وَاخْتَلَفُوا فِي ضَمِّ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ فَيَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ يُضَمُّ بِالْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يُضَمُّ الْقَلِيلُ إِلَى الْكَثِيرِ بقيمة الأكثر وتفسير ضهما بِالْقِيمَةِ أَنْ يُقَوَّمَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ ذَلِكَ الصنف جعلهما كأنهما صنف واحد وزكهما زَكَاةَ ذَلِكَ الصِّنْفِ

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الصِّنْفَيْنِ تَبْلُغُ مَعَ الصِّنْفِ الْآخَرِ الْمِقْدَارَ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْهُ نَظَرَ مَا فِيهِ الْحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ فَجَعَلَ الصِّنْفَيْنِ كَأَنَّهُمَا مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ (وَجَعَلَ فِيهِمَا جَمِيعًا زَكَاةَ ذَلِكَ الصِّنْفِ) وَإِنْ كَانَ فِي التَّقْوِيمِ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ زَكَاةُ قَوْمٍ بِالَّذِي يَجِبُ بِالتَّقْوِيمِ فِيهِ الزَّكَاةُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ مِثْلُ هَذَا أَيْضًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ تُضَمُّ بِالْأَجْزَاءِ وَيُحْسَبُ الدِّينَارُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى مَا كَانَتْ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ فَمَنْ كَانَتْ لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَأَخْرَجَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِحِسَابِهِ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَمِنْ تَفْسِيرِ الضَّمِّ بِالْأَجْزَاءِ أَنْ تَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الصِّنْفَيْنِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ نِصْفُ كُلِّ نِصْفٍ مِنْهُمَا أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ ثُلُثُ أَحَدِهِمَا وَمِنَ الْآخَرِ ثُلُثَاهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَإِنْ كانت الأجزاء على هذا المعنى غير مُتَكَامِلَةً فَلَا زَكَاةَ فَإِنْ تَكَامَلَتْ بِأَقَلِّ الْأَجْزَاءِ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ عِنْدَهُ تِسْعُونَ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٌ أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَجَبَتْ فِيهِمَا جَمِيعًا الزَّكَاةُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَشَرِيكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالطَّبَرَيُّ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ لَا يُضَمُّ شَيْءٌ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ وَيَعْتَبِرُونَ تَمَامَ النِّصَابِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ قَوْلٌ صَحِيحٌ فِي النَّظَرِ وَمَعْنَى الْأَثَرِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا التَّمْرُ فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقْلِ الْآحَادِ الثِّقَاتِ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ محمد بن عبد الله

ابن الرحمان! بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مَنْ رَوَى مِثْلَ رِوَايَتِهِ وَمَا الصَّحِيحُ مِنْ ذَلِكَ وَذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ حَبٍّ وَتَمْرٍ صَدَقَةٌ وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَرْصِ التَّمْرِ لِلزَّكَاةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ حَدِيثِهِ بِذَلِكَ فِي بَابِ شِهَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا الْبُرُّ فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عمرو ابن يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَجِبُ أَوْ يَحِلُّ فِي الْبُرِّ وَالتَّمْرِ زَكَاةٌ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَذَكَرْنَا حَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا صَدَقَةَ فِي شَيْءٍ مِنَ الزَّرْعِ أَوِ النَّخْلِ أَوِ الْكَرْمِ حَتَّى يَكُونَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وروى عبد الرحمان بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ قَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن أَخْرُصَ الْعِنَبَ وَآخُذَ زَكَاتَهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ التَّمْرِ تَمْرًا فَهَذَا مَا فِي الْأَحَادِيثِ مِنْ ذِكْرِ الْحُبُوبِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَحَدِيثُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ يَجْمَعُ كُلَّ حَبٍّ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنَ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ كَمَا ذَكَرْنَا وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ عَلَى مَاوَصَفْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي زَكَاةِ الزَّيْتُونِ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ والليث بن سعيد وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ فيه الزكاة قال الزهري والأوزاعي والليث يُخْرَصُ زَيْتُونًا وَيُؤْخَذُ زَيْتًا صَافِيًا

وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُخْرَصُ وَلَكِنْ يُؤْخَذُ الْعُشْرُ بَعْدَ أَنْ يُعْصَرَ وَيَبْلُغَ كَيْلَ الزَّيْتُونِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ (وَأَبُو ثَوْرٍ) تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ حَبِّهِ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُوجِبُ فِي الزَّيْتُونِ الزَّكَاةَ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ فِيهِ شَيْءٌ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ فِي الزَّيْتُونِ الزَّكَاةُ ثُمَّ قَالَ بِمِصْرَ لَا أَعْلَمُ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الزَّيْتُونِ أَخْبَرَنِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ اجْتَمَعَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ أَنَا أُخَالِفُهُمْ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يَقُولُونَ إِنَّ فِي الزَّيْتِ الزَّكَاةَ مَا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى حَبِّهِ فَكَيْفَ عَلَى زَيْتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي إِيجَابِ الزَّكَاةِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَنَزَعَ مَالِكٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ كَمَا صَنَعَ الشَّافِعِيُّ فَدَلَّ على أن الآية عندهم محكمة غير مَنْسُوخَةٌ وَاتَّفَقَا جَمِيعًا عَلَى أَنْ لَا زَكَاةَ فِي الرُّمَّانِ ثُمَّ اضْطَرَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الزَّيْتُونِ وَكَانَ يَلْزَمُهُمَا إِيجَابُ الزَّكَاةِ فِي الزَّيْتُونِ وَالرُّمَّانِ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَإِنْ كَانَ الرُّمَّانُ خَرَجَ بِاتِّفَاقٍ فَقَدْ أَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ الْآيَةَ لَيْسَتْ عَلَى عمومها

وَأَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَا أُخِذَ مِنْهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَمَا عُفِيَ عَنْهُ فَكَانَ الضَّمِيرُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ عَائِدًا عَلَى النَّخْلِ وَالزَّرْعِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَأَمَّا الزَّيْتُونُ فَوَاجِبٌ فِيهِ الزَّكَاةُ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَحْكَمَةٌ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ قَالَ الْعُشْرُ وَنِصْفُ العشر وقال مرة أخرى حقه الزكاة المفورضة يَوْمَ يُكَالُ أَوْ يُعْلَمُ كَيْلُهُ وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ قَالَ الزَّكَاةُ وَبِهَذَا قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الشَّعْثَاءِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَطَاوُسٌ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَأَبُو صَالِحٍ وَعِكْرِمَةُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ حَقُّهُ أَنْ يُلْقِيَ لَهُمْ مِنَ السُّنْبُلِ إِذَا حَصَدَ زَرْعَهُ وَيُلْقِيَ لَهُمْ مِنَ الشَّمَارِيخِ إِذَا جَدَّ نَخْلَهُ فَإِذَا كَالَهُ زَكَّاهُ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَوْجَبُوا عِنْدَ الصِّرَامِ وَالْحَصَادِ شَيْئًا سِوَى الزَّكَاةِ ثُمَّ الزَّكَاةَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ قال يعطون من اعتر بهم الشيء وقال الربيع ابن أَنَسٍ هُوَ إِلْقَاءُ السُّنْبُلِ وَنَحْوُهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي مَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ نَزَلَتْ قَبْلَ نُزُولِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ قَالُوا لَمْ تَنْزِلْ آيَةُ الزَّكَاةِ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ قَوْلُهُ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً الْآيَةَ وَقَوْلُهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَنَحْوَ هَذَا

وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِالزَّكَاةِ الْعُشْرُ او نصف العشر محمد بن الحنيفة! وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالسُّدِّيُّ وَعَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَأَمَّا الْخُضَرُ وَالْفَوَاكِهُ فَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنْ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي بَابِ الثِّقَةِ عِنْدَ مَالِكٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ من هذا الكتاب عنده ذِكْرِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ وَالْبَعْلُ الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَنُبَيِّنُ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ هُنَالِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا زَكَاةُ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ فَيَجِبُ أَدَاؤُهَا في حين الحصاد الجداد بَعْدَ الدَّرْسِ وَالذَّرِّ وَيُعْتَبَرُ وُجُوبُ ذَلِكَ فِيمَنْ مَاتَ عَنْ زَرْعِهِ أَوْ بَاعَهُ أَوْ عَنْ نَخْلِهِ بِالْإِزْهَاءِ وَبُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي التَّمْرِ وَبِالِاسْتِحْصَادِ وَالْيُبْسِ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الْمَاءِ فِي الزَّرْعِ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا خِلَافَ فِيهِ إِلَّا شُذُوذٌ وَأَمَّا زَكَاةُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَتَجِبُ أَيْضًا بِتَمَامِ اسْتِكْمَالِ الْحَوْلِ وَالنِّصَابِ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا تَجِبُ بِمُرُورِ السَّاعِي مَعَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَهَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْفَهْمِ أَنَّ السَّاعِيَ كَانَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ مُرُورِ الْحَوْلِ فَكَانَ عَلَامَةً لِاسْتِكْمَالِ الْحَوْلِ وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ أَيْضًا وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَالْخِلَافُ فِيهِ شُذُوذٌ لا أعلمه إلا شيء رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ أَنَّهُمَا قَالَا مَنْ مَلَكَ النِّصَابَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ (فِي الْوَقْتِ) وَهَذَا قَوْلٌ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَلَا قَالَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى إِلَّا رِوَايَةً عن الأوزاعي فمن بَاعَ عَبْدَهُ أَوْ دَارَهُ أَنَّهُ يُزَكِّي الثَّمَنَ

حِينَ يَقَعُ فِي يَدِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ شَهْرٌ مَعْلُومٌ فَيُؤَخِّرُهُ حَتَّى يُزَكِّيَهُ مَعَ مَالِهِ وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مُرَاعَاةُ الْحَوْلِ وَالنِّصَابِ إِلَّا أَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِي ضَمِّ الْفَوَائِدِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ فِي الْحَوْلِ اخْتِلَافٌ يَطُولُ ذِكْرُهُ وَتَتَشَعَّبُ فُرُوعُهُ وَلَا يَلِيقُ بِنَا فِي كِتَابِنَا هَذَا اجْتِلَابُهُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوبَةَ الْحَرَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بنُ الْوَلِيدِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا وَالنَّاسُ عَلَيْهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ذَكَرَ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ خَالِدُ بْنُ حِبَّانَ الْخَرَّازُ عَنْ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرَّجُلِ يَسْتَفِيدُ الْمَالَ قَالَ يُزَكِّيهِ حِينَ يَسْتَفِيدُ قَالَ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ قَالَ مَيْمُونٌ مَا اخْتَلَفَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَخَذَ ابْنُ عُمَرَ بِأَوْثَقِهِمَا إِلَّا فِي هَذَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَخَالِدُ بْنُ حِبَّانَ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُعْطِينَا الْعَطَاءَ وَيُزَكِّيهِ وَلَيْسَ هَذَا مَذْهَبَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ يَسْأَلُونَ هَلْ عِنْدَكَ مِنْ مَالٍ وَجَبَتْ عَلَيْكَ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِلَى هَذَا يَذْهَبُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَيْسَ عِنْدَهُ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ لَا عَطِيَّةَ وَلَا غَيْرَهَا قَالَ الأثرم وحدثنا القعنبي حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَيْسَ فِي الْمَالِ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِعَمْرِو بْنِ يَحْيَى مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرر لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِرْسَالِهِ هَكَذَا وَقَدْ رَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ كَثِيرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عن أبيه ن عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِسْنَادُ كَثِيرٍ هَذَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَأَمَّا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَصَحِيحٌ فِي الْأُصُولِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ حَرَّمَ اللَّهُ مِنَ الْمُؤْمِنِ دَمَهُ وَمَالَهُ وَعِرْضَهُ وَأَنْ لَا يُظَنَّ بِهِ إِلَّا الْخَيْرُ وَقَالَ إِنَّ دمائكم وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ يَعْنِي مِنْ بَعْضِكِمْ عَلَى بَعْضٍ وَقَالَ حَاكِيًا عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ (عَلَى نَفْسِي) فَلَا تَظَّالَمُوا وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا وَأَصْلُ الظُّلْمِ وَضْعُ الشَّيْءِ غَيْرَ مَوْضِعِهِ وَأَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهِ وَمَنْ أَضَرَّ

بِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ أَوْ بِمَنْ لَهُ ذِمَّةٌ فَقَدْ ظَلَمَهُ وَالظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا ثَبَتَ في الأثر الصحيح وقد روى عبد الرواق عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا ضَرَرَ وَلَا ضرار وللرجال أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِ جَارِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ يُثْنِيَانِ عَلَى جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ وَيَصِفَانِهِ بِالْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَذُمُّهُ وَيَحْكِي عَنْهُ مِنْ سُوءِ مَذْهَبِهِ مَا يُسْقِطُ رِوَايَتَهُ وَاتَّبَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَصْحَابُهُ ابْنُ مَعِينٍ وَعَلِيٌّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ فَلِهَذَا قُلْتُ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَسْتَنِدُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فَقِيلَ إِنَّهُمَا لَفْظَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ تَكَلَّمَ بِهِمَا جَمِيعًا عَلَى وَجْهِ التَّأْكِيدِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الضَّرَرُ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ الِاسْمُ وَالضِّرَارُ الْفِعْلُ قَالَ ومعنى لا ضرر لايدخل عَلَى أَحَدٍ ضَرَرٌ لَمْ يُدْخِلْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَعْنَى لَا ضِرَارَ لَا يُضَارُّ أَحَدٌ بِأَحَدٍ هَذَا مَا حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ الخُشَنِيُّ الضَّرَرُ الَّذِي لَكَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَعَلَى جَارِكَ فِيهِ مَضَرَّةٌ وَالضِّرَارُ الَّذِي لَيْسَ لَكَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَعَلَى جَارِكَ فِيهِ الْمَضَرَّةُ وَهَذَا وَجْهٌ حَسَنُ الْمَعْنَى فِي الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ابن الْفَرَجِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ قُبَيْطَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُعَاذٍ النَّصِيبِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ مَنْ ضَارَّ ضَرَّ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَقَالَ غَيْرُهُ الضَّرَرُ وَالضِّرَارُ مِثْلُ الْقَتْلِ وَالْقِتَالِ فَالضَّرَرُ أَنْ تَضُرَّ بِمَنْ لَا يَضُرُّكَ وَالضِّرَارُ أَنْ تَضُرَّ بِمَنْ قَدْ أَضَرَّ بِكَ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الِاعْتِدَاءِ بِالْمِثْلِ وَالِانْتِصَارِ بِالْحَقِّ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ وَهَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ بَعْدَ أَنِ انْتَصَرْتَ مِنْهُ فِي خِيَانَتِهِ لَكَ وَالنَّهْيُ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الِابْتِدَاءِ أَوْ مَا يَكُونُ فِي مَعْنَى الِابْتِدَاءِ كَأَنَّهُ يَقُولُ لَيْسَ لَكَ أَنْ تخونه وإن كان قد خانك كما من لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَخُونَكَ أَوَّلًا وَأَمَّا مَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ وَأَخَذَ حَقَّهُ فَلَيْسَ بِخَائِنٍ وَإِنَّمَا الْخَائِنُ مَنْ أَخْذٍ مَا لَيْسَ لَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا لَهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الَّذِي يَجْحَدُ حَقًّا عَلَيْهِ لِأَحَدٍ وَيَمْنَعُهُ مِنْهُ ثُمَّ يَظْفَرُ الْمَجْحُودُ بِمَالِ الْجَاحِدِ قَدِ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَجْحَدَهُ إِيَّاهُ وَاحْتَجُّوا بظاهر قوله أد الأمانة إلى من ائمتنك وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ وَقَالَ آخَرُونَ لَهُ أَنْ يَنْتَصِفَ مِنْهُ وَيَأْخُذَ حَقَّهُ

مِنْ تَحْتِ يَدِهِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ هِنْدٍ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَرَوَى الرِّوَايَةَ الْأُولَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى الخرى عنه زياد بن عبد الرحمان وَغَيْرُهُ وَلِلْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وُجُوهٌ وَاعْتِلَالَاتٌ لَيْسَ هَذَا بَابُ ذِكْرِهَا وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَهُنَا لِمَا فِي مَعْنَى الضِّرَارِ مِنْ مُدَاخَلَةِ الِانْتِصَارِ بالإضررا مِمَّنْ أَضَرَّ بِكَ وَالَّذِي يَصِحُّ فِي النَّظَرِ وَيَثْبُتُ فِي الْأُصُولِ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَضُرَّ بِأَحَدٍ سَوَاءٌ أَضَرَّ بِهِ قَبْلُ أَمْ لَا إِلَّا أَنَّ لَهُ أَنْ يَنْتَصِرَ وَيُعَاقِبَ إِنْ قَدَرَ بِمَا أُبِيحُ لَهُ مِنَ السُّلْطَانِ وَالِاعْتِدَاءُ بِالْحَقِّ الَّذِي لَهُ هُوَ مِثْلُ مَا اعْتُدِيَ بِهِ عَلَيْهِ وَالِانْتِصَارُ لَيْسَ بِاعْتِدَاءٍ وَلَا ظُلْمٍ وَلَا ضَرَرٍ إِذَا كَانَ عَلَى الْوَجْهِ الذي اباحته السنة وكذلك ليس لحد أَنْ يَضُرَّ بِأَحَدٍ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ الِانْتِصَافُ مِنْ حَقِّهِ وَيَدْخُلُ الضَّرَرُ فِي الْأَمْوَالِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ لَهَا أَحْكَامٌ مُخْتَلِفَةٌ فَمَنْ أَدْخَلَ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ ضَرَرًا مُنِعَ مِنْهُ فَإِنْ أَدَخَلَ عَلَى أَخِيهِ ضَرَرًا بِفِعْلِ مَا كَانَ لَهُ فِعْلُهُ فِيمَا لَهُ فَأَضَرَّ فِعْلُهُ ذَلِكَ بِجَارِهِ أَوْ غَيْرِ جَارِهِ نَظَرَ إِلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ فَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ أَكْبَرَ ضَرَرًا مِنَ الضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَى الْفَاعِلِ ذَلِكَ فِي مَالِهِ إِذَا قَطَعَ عَنْهُ مَا فَعَلَهُ قَطَعَ أَكْبَرَ الضَّرَرَيْنِ وَأَعْظَمَهُمَا حُرْمَةً فِي الْأُصُولِ مِثَالُ ذَلِكَ رَجُلٌ فَتَحَ كُوَّةً يَطَّلِعُ مِنْهَا عَلَى دَارِ أَخِيهِ وَفِيهَا الْعِيَالُ وَالْأَهْلُ وَمِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ فِي بُيُوتِهِنَّ إِلْقَاءُ بَعْضِ ثِيَابِهِنَّ وَالِانْتِشَارُ فِي حَوَائِجِهِنَّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الِاطِّلَاعَ عَلَى الْعَوْرَاتِ مُحَرَّمٌ قَدْ وَرَدَ فِيهِ النَّهْيُ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لرجل اطلع عَلَيْهِ مِنْ خِلَالِ بَابِ دَارِهِ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَفَقَأْتُ عَيْنَكَ إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ النَّظَرِ وَقَدْ جَعَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ أهل العلم ممن فُقِئَتْ عَيْنُهُ فِي مِثْلِ هَذَا هَدْرًا لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ وَأَبَى ذَلِكَ آخَرُونَ وَجَعَلُوا فِيهِ الْقِصَاصَ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ فَلِحُرْمَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ رَأَى الْعُلَمَاءُ أَنْ يُغْلِقُوا عَلَى فَاتِحِ الْكُوَّةِ وَالْبَابِ مَا فَتَحَ مَا لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَرَاحَةٌ وَفِي

غَلْقِهِ عَلَيْهِ ضَرَرٌ لِأَنَّهُمْ قَصَدُوا إِلَى قَطْعِ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ قَطْعِ أَحَدِهِمَا وَكَذَلِكَ مَنْ أَحْدَثَ بِنَاءً فِي رَحَا مَاءٍ أَوْ غَيْرِ رَحَا فَيُبْطِلُ مَا أَحْدَثَهُ عَلَى غَيْرِهِ مَنْفَعَةٌ قَدِ اسْتَحَقَّتْ وَثَبْتُ مِلْكِهَا لِصَاحِبِهَا مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ إِدْخَالَهُ الْمَضَرَّةَ عَلَى جَارِهِ بِمَا لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ كإدخاله عليه المضرة ما لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ هَدْمَ مَنْفَعَةَ جَارِهِ وَإِفْسَادَهَا مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ يَبْنِيهِ لِنَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ فَكَذَلِكَ إِذَا بَنَى أَوْ فَعَلَ لِنَفْسِهِ فِعْلًا يَضُرُّ بِهِ بِجَارِهِ وَيُفْسِدُ عَلَيْهِ مِلْكَهُ أَوْ شَيْئًا قَدِ اسْتَحَقَّهُ وَصَارَ مَالَهُ وَهَذِهِ أَصُولٌ قَدْ بَانَتْ عِلَلُهَا فَقِسْ عَلَيْهَا مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا تُصِبْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهَذَا كُلُّهُ بَابٌ وَاحِدٌ مُتَقَارِبُ الْمَعَانِي مُتَدَاخِلٌ فَاضْبُطْ أَصْلَهُ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ وَجْهٌ آخَرُ مِنَ الضَّرَرِ مَنَعَ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ كَدُخَانِ الْفُرْنِ وَالْحَمَّامِ وَغُبَارِ الْأَنْدَرِ وَالْأَنْتَانِ وَالدُّودِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنَ الزِّبْلِ الْمَبْسُوطِ فِي الرِّحَابِ وَمَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ مِنْهُ مَا بَانَ ضَرَرُهُ وَبَقِيَ أَثَرُهُ وَخَشِيَ تَمَادِيَهُ وَأَمَّا مَا كَانَ سَاعَةً خَفِيفَةً مِثْلَ نَفْضِ التُّرَابِ وَالْحُصْرِ عِنْدَ الْأَبْوَابِ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا لَا غِنَى بِالنَّاسِ عَنْهُ وَلَيْسَ مِمَّا يَسْتَحِقُّ بِهِ شَيْءٌ يَبْقَى وَالضَّرَرُ فِي مَنْعِ مِثْلِ هَذَا أَكْبَرُ وَأَعْظَمُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ سَاعَةً خَفِيفَةً وَلِلْجَارِ عَلَى جَارِهِ فِي أَدَبِ السُّنَّةِ أَنْ يَصْبِرَ مِنْ أَذَاهُ عَلَى مَا يَقْدِرُ كَمَا عَلَيْهِ أَنْ لَا يُؤْذِيَهِ وَأَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهِ وَلَقَدْ أَوْصَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَادَ أَنْ يُوَرِّثَهُ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ

قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عُمَرَ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ الطَّيِّبِ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانُ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ عَنْ مُرَّةَ الطَّيِّبِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَلْعُونٌ مَنْ ضَارَّ مُسْلِمًا أَوْ مَاكَرَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدٍ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ ثَرْثَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الطَّيِّبِ بْنِ حَمْزَةَ الشُّجَاعِيُّ الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا فَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ عَنْ مُرَّةَ الطَّيِّبِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَلْعُونٌ مَنْ ضَارَّ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ أَوْ مَاكَرَهُ وَهَذَا حَدِيثٌ فِي إِسْنَادِهِ رجال معرفون بِضَعْفِ الْحَدِيثِ فَلَيْسَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ وَلَكِنَّهُ مِمَّا يُخَافُ عُقُوبَةُ مَا جَاءَ فِيهِ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَسْأَلَةٌ ذَكَرَهَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ امْرَأَةٍ عَرَضَ لَهَا يَعْنِي مَسًّا مِنَ الْجِنِّ فَكَانَتْ إِذَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا أَوْ جَنِبَتْ أَوْ دَنَا مِنْهَا اشْتَدَّ ذَلِكَ بِهَا فَقَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى أَنْ يَقْرَبَهَا وَأَرَى لِلسُّلْطَانِ أن يحول بينه وبينهإن قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ مَثَّلَ بِامْرَأَتِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِتَطْلِيقَةٍ قَالَ وَإِنَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا مَخَافَةَ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهَا فَيُمَثِّلَ بِهَا أَيْضًا كَالَّذِي فَعَلَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمُثْلَةِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي يَأْتِيهَا مُتَعَمِّدًا مِثْلُ فَقْءِ الْعَيْنِ وَقَطْعِ الْيَدِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ قَالَ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ هَذَا وَأَقَلُّ ضَرَرًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

عمرو بن الحرث المصري

مالك عن عمرو بن الحرث المصري حديث واحد وهو عمرو بن الحرث بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَقِيلَ مَوْلَى قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ يُكَنَّى أَبَا أُمَيَّةَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ فِي تَارِيخِ أَهْلِ مصر ولد عمرو بن الحرث ابن يَعْقُوبَ مَوْلَى قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَيُكَنَّى أَبَا أُمَيَّةَ وَكَانَ مِنْ أَحْفَظِ النَّاسِ وَأَرْوَاهُمْ لِلشِّعْرِ وَأَبْلَغِهِمْ فِي رِسَالَةٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ كُنْيَتُهُ أَبُو أُمَيَّةَ وَهُوَ مَوْلَى الْأَنْصَارِ وَقَالَ مُصْعَبٌ أَخْرَجَهُ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مِصْرَ مُؤَدِّبًا لِبَنِيهِ وَقَالَ ابْنُ وهب لو بقي لنا عمرو بن الحرث مَا احْتَجْنَا إِلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ وَزِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ فَذَكَرَهُ وذكر الحلواني عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْجُعْفِيِّ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ مَهْدِيٍّ انْتَقِ لِي من حديث ابن الحرث مِائَتَيْ حَدِيثٍ وَجِئْنِي بِهَا قَالَ فَانْتَقَيْتُهَا ثُمَّ حَمَلْتُهَا إِلَى مَكَّةَ فَحَدَّثْتُهُ بِهَا

وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَزَالُ بِذَلِكَ الْمَغْرِبِ فِقْهٌ مَا كَانَ فِيهِ ذَلِكَ الْقَصِيرُ يَعْنِي عمرو بن الحرث وقد قيل إن عمرو بن الحرث تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ مَالِكٌ عَنْ عمرو بن الحرث عن عبيد بن فيروز عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ مَاذَا يُتَّقَى مِنَ الضَّحَايَا فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَقَالَ أَرْبَعًا وَكَانَ الْبَرَاءُ يُشِيرُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ يَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا والعوراء البين عروها وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرِو بن الحرث عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا رَوَاهُ عمرو بن الحرث عن سليمان ابن عبد الرحمان عن عبيد بن فيروز عن البراء بن عازب فسقط لمالك ذكر سليمان بن عبد الرحمان وَلَا يُعْرَفُ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَّا لِسُلَيْمَانَ بْنِ عبد الرحمان هَذَا وَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ وَلَا يُعْرَفُ عُبَيْدُ بْنُ فَيْرُوزَ إِلَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِرِوَايَةِ سُلَيْمَانَ عَنْهُ وَرَوَاهُ عَنْ سليمان جماعة من الأئمة منهم شعبة والليث وعمرو بن الحرث وَيَزِيدُ بنُ أَبِي حَبِيبٍ وَغَيْرُهُمْ

وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرِو بن الحرث والليث بن سعد وابن لهيعة أن سليمان بن عبد الرحمان حَدَّثَهُمْ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ مَوْلَى بَنِي شَيْبَانَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَا حَدَّثَنَا سَحْنُونُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الحرث والليث بن سعد وابن لهيعة أن سليمان بن عبد الرحمان الدِّمَشْقِيَّ حَدَّثَهُمْ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ مَوْلَى بين شَيْبَانَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَأَشَارَ بِإِصْبُعِهِ قَالَ وَإِصْبُعِي أَقْصَرُ مِنْ إِصْبُعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يُشِيرُ بِإِصْبُعِهِ يَقُولُ لَا يَجُوزُ مِنَ الضَّحَايَا أربع العوراء البين عورها والعرجاء البيت عرجها والمريضة البيت مَرَضُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لَآتِي الشَّاةَ قَدْ تُرِكَتْ وَأُشِيرُ إِلَيْهَا فَإِذَا أَطْرَفَتْ أَخَذْتُهَا فَضَحَّيْتُ بِهَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عن سليمان بن عبد الرحمان عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ قَالَ سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ مَا يُتَّقَى مِنَ الْأَضَاحِيِّ قَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِهِ فَقَالَ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْكَسِيرَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي يَعْنِي الْمَهْزُولَةَ قَالَ قُلْتُ لِلْبَرَاءِ إِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْقَرْنِ نَقْصٌ أَوْ فِي الْأُذُنِ نَقْصٌ أَوْ فِي السِّنِّ نَقْصٌ قَالَ فَمَا كَرِهْتَهُ فَدَعْهُ وَلَا تُحَرِّمْهُ عَلَى أَحَدٍ

وَوَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي بِخَطِّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمٍ ابن هِلَالٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سليمان بن عبد الرحمان مولى بني أسد ابن مُوسَى قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنِ فَيْرُوزَ مَوْلَى بَنِي شَيْبَانَ قَالَ سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ مَا كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَضَاحِيِّ وَمَا نَهَى عَنْهُ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِهِ أَرْبَعٌ لَا يَجْزِينَ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْكَسِيرَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي قَالَ قُلْتُ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فِي السِّنِّ نَقْصٌ أَوْ فِي الْأُذُنِ نَقْصٌ أَوْ فِي الْقَرْنِ نَقْصٌ قَالَ إِنْ كَرِهْتَ شَيْئًا فَدَعْهُ وَلَا تُحَرِّمْهُ عَلَى أَحَدٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عن سليمان ابن عبد الرحمان مَوْلَى بَنِي أَسَدٍ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ فَيْرُوزَ مَوْلَى بَنِي شَيْبَانَ قَالَ سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ مَا كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَضَاحِيِّ وَمَاذَا نَهَى عَنْهُ فَقَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنِ الْقَاسِمِ مَوْلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ فَأَدْخَلَ بَيْنَ سُلَيْمَانَ وَبَيْنَ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ الْقَاسِمَ وَهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ سليمان بن عبد الرحمان سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ فَيْرُوزَ وَشُعْبَةُ مَوْضِعُهُ مِنَ الْإِتْقَانِ وَالْبَحْثِ مَوْضِعُهُ وَابْنُ وَهْبٍ أَثْبَتُ فِي اللَّيْثِ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ

ما ذكر عثمان بن عمر فاستدلنا بِهَذَا أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عُمَرَ وَهِمَ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِمَا أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمَا قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ الْفَدَكِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْأَضَاحِيِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْرَهُ الْعَوْرَاءَ الْبَيِّنَ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةَ الْبَيِّنَ مَرَضُهَا وَالْمَهْزُولَةَ الْبَيِّنَ هُزَالُهَا وَالْمَكْسُورَةَ بَعْضُ قَوَائِمِهَا بَيِّنٌ كَسْرُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ اسْتَدَلَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى إِيجَابِ الضَّحِيَّةِ فَرْضًا بِهَذَا الْحَدِيثِ لِقَوْلِهِ فِيهِ أَرْبَعٌ لَا تجزئ أو لا تجوز في الضحايا قالو فَقَوْلُهُ لَا تُجْزِئُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهَا لِأَنَّ التَّطَوُّعَ لَا يُقَالُ فِيهِ لَا يُجْزِئُ قَالُوا وَالسَّلَامَةُ مِنَ الْعُيُوبِ إِنَّمَا تُرَاعَى فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَجَائِزٌ أَنْ يُتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ فِيهِ بِالْأَعْوَرِ وَغَيْرِهِ قَالُوا فَكَذَلِكَ الضَّحَايَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي هَذَا حُجَّةٌ لِأَنَّ الضَّحَايَا قُرْبَانٌ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عز وجل على حسبما وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ وَهُوَ حُكْمٌ وَرَدَ بِهِ التَّوْقِيفُ فَلَا يَتَعَدَّى بِهِ سُنَّتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِمَا قَدْ نُهِيَ عَنْهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَخَّرْنَا الْقَوْلَ فِي إِيجَابِ الْأُضْحِيَّةِ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً أو تطوع إِلَى بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَهُنَاكَ مَوْضِعُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ وَذَكَرْنَا في

ذَلِكَ الْبَابِ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْمَعَانِي وَالِاعْتِلَالِ وَاقْتَصَرْنَا مِنَ الْقَوْلِ هَهُنَا عَلَى أَحْكَامِ الْعُيُوبِ فِي الضَّحَايَا لِيَقَعَ فِي كُلِّ بَابٍ مَا هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ مَعَانِيهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْعُيُوبُ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَمُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ فِيهَا أَبَيْنَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَوْرَاءَ إِذَا لَمْ تَجُزْ فَالْعَمْيَاءُ أَحْرَى أَلَّا تَجُوزَ وَإِذَا لَمْ تَجُزِ الْعَرْجَاءُ فَالْمَقْطُوعَةُ الرِّجْلِ أَوِ الَّتِي لَا رِجْلَ لَهَا الْمُقْعَدَةُ أَحْرَى أَلَّا تَجُوزَ وَهَذَا كُلُّهُ وَاضِحٌ لَا خِلَافَ فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرَضَ الْخَفِيفَ يجوز في الضحايا والعرج الخفف الَّذِي تَلْحَقُ بِهِ الشَّاةُ الْغَنَمَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْبَيِّنُ ظَلْعُهَا وَكَذَلِكَ النُّقْطَةُ فِي الْعَيْنِ إِذَا كَانَتْ يَسِيرَةً لِقَوْلِهِ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَكَذَلِكَ الْمَهْزُولَةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِغَايَةٍ فِي الْهُزَالِ لِقَوْلِهِ وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي يُرِيدُ الَّتِي لَا شَيْءَ فِيهَا مِنَ الشَّحْمِ وَالنَّقْيُ الشَّحْمُ وَقَدْ بَانَ فِي نسق ما أوردنا من الحاديث تَفْسِيرُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الْبَيِّنُ هُزَالُهَا وَفِي لَفْظِ حَدِيثِ شُعْبَةَ وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي وَمَعْنَى الْكَسِيرِ هِيَ التي لا تقوم ولا تنهض ومن الهزال من الْعُيُوبِ الَّتِي تُتَّقَى فِي الضَّحَايَا بِإِجْمَاعٍ قَطْعُ الْأُذُنِ أَوْ أَكْثَرِهِ وَالْعَيْبُ فِي الْأُذُنِ مُرَاعًى عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ فِي الضَّحَايَا وَاخْتَلَفُوا فِي السكاء وهو الَّتِي خُلِقَتْ بِلَا أُذُنٍ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهَا أُذُنٌ خِلْقَةً لَمْ تَجُزْ وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةَ الْأُذُنِ أَجْزَأَتْ وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلَ ذَلِكَ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهَا إِذَا لم تكن لها أذن خلقة أجأزت فِي الضَّحِيَّةِ قَالَ وَالْعَمْيَاءُ خِلْقَةً لَا تَجُوزُ في الضحية

وقال مالك والليث الْمَقْطُوعَةُ الْأُذُنِ أَوْ جُلِّ الْأُذُنِ لَا تُجْزِئُ وَالشَّقُّ لِلْمِيسَمِ يُجْزِئُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْأَبْتَرِ فِي الضَّحِيَّةِ فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ يُجْزِئُ فِي الضَّحِيَّةِ وَكَانَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَكْرَهُ الضَّحِيَّةَ بِالْأَبْتَرِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ أَنَّهُ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ يُكْرَهُ ذَهَابُ الذَّنَبِ وَالْعَوَرُ وَالْعَجَفُ وَذَهَابُ الْأُذُنِ أَوْ نِصْفِهَا وَعَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ الْأَبْتَرَ لَا يَجُوزُ فِي الضَّحَايَا (وَقَدْ رُوِيَ فِي الْأَبْتَرِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ الدُّولَابِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ قَرَظَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ اشْتَرَيْتُ كَبْشًا لِأُضَحِّيَ بِهِ فَأَكَلَ الذِّئْبُ مِنْ ذَنَبِهِ أَوْ قَالَ أَكَلَ ذَنَبَهُ فَسَأَلْتُ عَنْهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ضَحِّ بِهِ) وَهَذَا يَحْتَمِلُ وُجُوهًا مِنْهَا أَنَّهُ قُطِعَ بَعْضُ ذَنَبِهِ وَمِنْهَا أَنَّهُ قُطِعَ كُلُّهُ وَمِنْهَا أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْقَطْعُ طَارِئًا عَلَيْهِ وَلَمْ يُخْلَقْ أَبْتَرَ فَلَا بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ يَسِيرًا وَمِنْهَا أَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ خِلْقَةً مِنْ غَيْرِهَا وَمِنْهَا أَنَّهُ عَرَضَ لَهُ بعد أن شتراه ضَحِيَّةً فَأَوْجَبَهُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ سَوَّى بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْهَدْيِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مُحَمَّدُ بْنُ قَرَظَةَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَدْ تَكَلَّمُوا فِي جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ وَلَكِنَّ شُعْبَةَ رَوَى عَنْهُ وَكَانَ يُحْسِنُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ وَحَسْبُكَ بِذَلِكَ مِنْ مِثْلِ شُعْبَةَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَصْبَهَانِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَرَظَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري قال

اشْتَرَيْتُ كَبْشًا أُضَحِّي بِهِ فَأَكَلَ الذِّئْبُ ذَنَبَهُ أَوْ مِنْ ذَنَبِهِ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ضَحِّ بِهِ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَّقِي فِي الضَّحَايَا وَالْبُدْنِ الَّتِي نَقَصَ مِنْ خَلْقِهَا وَالَّتِي لَمْ تُسِنَّ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ قَوْلُهُ لَمْ تُسِنَّ أَيْ لَمْ تَنْبُتْ أَسْنَانُهَا كَأَنَّهَا لَمْ تُعْطَ أَسْنَانًا وَهَذَا كَمَا يَقُولُ لَمْ تُلْبِنْ لَمْ تُعْطِ لَبَنًا وَلَمْ تُسْمِنْ أي لم تعط سمنا ولم تعسل أن لَمْ تُعْطِ عَسَلًا هَذَا مِثْلُ النَّهْيِ عَنِ الصَّمَّاءِ فِي الْأَضَاحِيِّ وَهَذَا أَصَحُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى عَنْهُ جَوَازَ الْأُضْحِيَّةِ بِالْأَبْتَرِ إِلَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اتَّقَى ابْنُ عُمَرَ لِمِثْلِ ذَلِكَ وَرَعًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اتِّقَاؤُهُ كَانَ لِمَا نَقَصَ مِنْهَا خِلْقَةً وَحَمْلُ حَدِيثِهِ عَلَى عُمُومِهِ أَوْلَى بِهِ وَلَا حُجَّةَ مَعَ ذَلِكَ فِيهِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَجُوزُ مِنَ الضَّحِيَّةِ الْمَجْذُوعَةُ ثُلُثِ الْأُذُنِ وَمَنْ أَسْفَلَ مِنْهَا وَلَا يَجُوزُ مَسْلُولَةُ الْأَسْنَانِ وَلَا الْعَوْرَاءُ وَلَا الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا وَالْمُصَرَّمَةُ الْأَطْبَاءِ الْمَقْطُوعَةُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ كُلَّ نَقْصٍ يَكُونُ فِي الضَّحِيَّةِ أَنْ يُضَحَّى بِهِ قال وأخبرني عمرو بن الحرث وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ مِنَ الضَّحَايَا الَّتِي بِهَا مِنَ الْعَيْبِ مَا يُنْقِصُ من ثمنها

قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَكْرَهُ كُلَّ نَقْصٍ يَكُونُ فِي الضَّحَايَا إِلَّا الْقَرْنَ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُضَحِّيَ بِمَكْسُورَةِ الْقَرْنِ وَيَرَاهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّاةِ الْجَمَّاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ لَا يَرَوْنَ بَأْسًا أَنْ يضحي بالمكسور الْقَرْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ قَرْنُهُ يُدْمِي أَوْ لَا يُدْمِي وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ إِذَا كَانَ يُدْمِي أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنَ الْمَرَضِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الضَّحِيَّةَ بِالْجَمَّاءِ جَائِزَةٌ وَقَالَتْ جَمَاعَتُهُمْ وَجُمْهُورُهُمْ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُضَحَّى بِالْخَصِيِّ وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُهُمْ إِذَا كَانَ أَسْمَنَ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ لِي مَالِكٌ الْعَرْجَاءُ إِذَا لَمْ تَلْحَقِ الْغَنَمَ فَلَا تَجُوزُ فِي الضَّحَايَا قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى قَتَادَةُ عَنْ جَزِيِّ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى فِي الضَّحَايَا عَنْ عَضْبَاءِ الْأُذُنِ وَالْقَرْنِ قَالَ قَتَادَةَ فَقُلْتُ لِسَعِيدِ ابن الْمُسَيَّبِ مَا عَضْبُ الْأُذُنِ وَالْقَرْنِ قَالَ النِّصْفُ أَوْ أَكْثَرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يُوجَدُ ذِكْرُ الْقَرْنِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَعْضُ أَصْحَابِ قَتَادَةَ لَا يَذْكُرُ فِيهِ الْقَرْنَ وَيَقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى ذِكْرِ الْأُذُنِ وَحْدَهَا كَذَلِكَ رَوَى هِشَامٌ وَغَيْرُهُ عَنْ قَتَادَةَ وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّ هَذَا حَدِيثٌ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ مُخَالَفَةِ

الْفُقَهَاءِ لَهُ فِي الْقَرْنِ خَاصَّةً وَأَمَّا الْأُذُنُ فَكُلُّهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِمَا فِيهِ فِي الْأُذُنِ وَفِي الْأُذُنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آثَارٌ حِسَانٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ حُجَيَّةَ بْنِ عَدِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نستشرف العين الأذن ولا نضحي بمقابلة لا مُدَابَرَةٍ وَلَا شَرْقَاءَ وَلَا خَرْقَاءَ وَالْمُقَابَلَةُ مَا قُطِعَ طَرَفُ أُذُنِهَا وَالْمُدَابَرَةُ مَا قُطِعَ مِنْ جَانِبَيِ الْأُذُنِ وَالشَّرْقَاءُ الْمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ وَالْخَرْقَاءُ الْمَثْقُوبَةُ الْأُذُنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الضَّحَايَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا عَدَا تِلْكَ الْأَرْبَعَ مِنَ الْعُيُوبِ فِي الضَّحَايَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَهَذَا لَعَمْرِي كَمَا زَعَمَ إِنْ لَمْ يَثْبُتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ ذلك وما إِذَا ثَبَتَ عَنْهُ شَيْءٌ مَنْصُوصٌ بِخِلَافِ هَذَا التَّأْوِيلِ فَلَا سَبِيلَ إِلَى الْقَوْلِ بِهِ وَمَا زِيدَ عَلَيْهِ مِنَ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ فِي غَيْرِهِ فَمَضْمُومٌ إِلَيْهِ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ فِي اسْتِشْرَافِ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ حَدِيثٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ لَيْسَ بِدُونِ حَدِيثِ البراء وبالله التوفيق

وَهَذَا لَعَمْرِي كَمَا زَعَمَ إِنْ لَمْ يَثْبُتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ ذلك وما إِذَا ثَبَتَ عَنْهُ شَيْءٌ مَنْصُوصٌ بِخِلَافِ هَذَا التَّأْوِيلِ فَلَا سَبِيلَ إِلَى الْقَوْلِ بِهِ وَمَا زِيدَ عَلَيْهِ مِنَ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ فِي غَيْرِهِ فَمَضْمُومٌ إِلَيْهِ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ فِي اسْتِشْرَافِ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ حَدِيثٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ لَيْسَ بِدُونِ حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

عمرو بن عمرو

(مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو حَدِيثٌ وَاحِدٌ) وَهُوَ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو يُكَنَّى أَبَا عُثْمَانَ وَاسْمُ أَبِي عَمْرٍو مَيْسَرَةُ وَهُوَ مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ المخزومي القرشي مَدَّنِيٌّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مَوْلَاهُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ وَالْمُطَّلِبُ مَوْلَاهُ يُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ وَرَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرِو مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو فَقَالَ سَمِعَ مِنْ أَنَسٍ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو فَقَالَ مَدَّنِيٌّ ثِقَةٌ وَأَمَّا ابْنُ مَعِينٍ فَرَوَى عَنْهُ عِيَاضٌ الدُّورِيُّ أَنَّهُ قَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَقَوْلُ أَبِي زُرْعَةَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَعِينٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِرِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْهُ وَكَانَ لَا يَرْوِي عِنْدَهُمْ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ (قَدْ ضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ (2) وَلَمْ يُفْرِدْهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ بِحُكْمٍ) مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ

مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الحديث وَلَا فِي لَفْظِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْطَأَ فِيهِ (وَالصَّوَابُ مَا فِي الْمُوَطَّإِ (5)) مَالِكٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَنَسٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمان بن معاوية ابن عبد الرحمان بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو شَيْبَةَ دَاوُدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنِ حَمَّادٍ قَالَ قرأت على مالك ابن أَنَسٍ عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ إِنَّ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا يَعْنِي الْمَدِينَةَ حَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بْنِ أَعْيَنَ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَذَكَرَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لِلنَّاسِ فِي هَذَا مَذْهَبَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ مَجَازٌ وَمَجَازُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْرَحُ بِأُحُدٍ إِذَا طَلَعَ لَهُ اسْتِبْشَارًا بِالْمَدِينَةِ وَمَنْ فِيهَا مِنْ أَهْلِهَا وَيُحِبُّ النَّظَرَ إِلَيْهِ لِقُرْبِهِ مِنَ النُّزُولِ بِأَهْلِهِ وَالْأَوْبَةِ مِنْ سَفَرِهِ فَلِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَانَ يُحِبُّ الْجَبَلَ وَأَمَّا حُبُّ الْجَبَلِ لَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَكَذَلِكَ كَانَ يُحِبُّنَا لَوْ كَانَ مِمَّنْ تَصِحُّ وَتُمْكِنُ مِنْهُ مَحَبَّةٌ وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَاضِحًا عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا الْحَدِيثَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ ... بَكَى أُحُدٌ إِنْ فَارَقَ الْيَوْمَ أَهْلَهُ ... فَكَيْفَ بِذِي وَجْدٍ مِنَ الْقَوْمِ آلِفُ ... وَقَدْ قِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ يُحِبُّنَا أَيْ يُحِبُّنَا أَهْلُهُ يَعْنِي الْأَنْصَارَ السَّاكِنِينَ قُرْبَهُ وَكَانُوا يُحِبُّونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحِبُّهُمْ لِأَنَّهُمْ آوَوْهُ وَنَصَرُوهُ وَأَقَامُوا دِينَهُ فَخَرَجَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَخْرَجَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وسئل الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا يُرِيدُ أَهْلَ الْقَرْيَةِ وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَقَدْ تَكُونُ الْإِرَادَةُ لِلْجَبَلِ مَجَازًا أَيْضًا فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي حُبِّ الْجَبَلِ كَالْقَوْلِ فِي إِرَادَةِ الْجِدَارِ أَنْ يَنْقَضَّ سَوَاءً وَمَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى الْمَجَازِ

جَعَلَهُ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ ... يُرِيدُ الرُّمْحَ صَدْرَ أَبِي بَرَاءِ ... وَيَرْغَبُ عَنْ دِمَاءِ بَنِي عَقِيلِ ... وَزَعَمَ أَنَّ الْعَرَبَ خُوطِبَتْ مِنْ ذَلِكَ بِمَا تَعْرِفُهُ بَيْنَهَا مِنْ مُخَاطَبَاتِهَا وَمَفْهُومِ كَلَامِهَا فَهَذَا كُلُّهُ مذهب من حمل هذا الْأَلْفَاظَ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى الْمَجَازِ الْمَعْرُوفِ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ وَالْمَذْهَبُ الْآخَرُ أَنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ وَمَنْ حَمَلَ هَذَا عَلَى الْحَقِيقَةِ جَعَلَ لِلْجِدَارِ إِرَادَةً يَفْهَمُهَا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَجَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ تَسْبِيحًا حَقِيقَةً لا يفقهها الناس بقوله عز وجل يا جبال أَوِّبِي مَعَهُ وَقَوْلِهِ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَجَعَلَ لِلسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بُكَاءً وَقَوْلًا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى صَحِيحًا وَالْقَوْلُ فِي كِلَا الْمَذْهَبَيْنِ يَتَّسِعُ وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي هَذَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا فَقَدْ رَوَى هَذَا الْمَعْنَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنِ ابْنِ الْهَادِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال إن إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ

وَرَوَاهُ جَابِرٌ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَيْضًا كَذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا اأحمد بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَزِيدَ أَحَدِ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيَّ ثُمَّ الْكَعْبِيَّ يَقُولُ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ لَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ وَإِنَّمَا أَحَلَّهَا لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ آمِنٌ وَإِنَّهَا الْيَوْمَ حَرَامٌ كَمَا حَرَّمَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا يَعْنِي الْمَدِينَةَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ حَرَامٌ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْبَرَكَةَ فِيهَا بَرَكَتَيْنِ وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا يَعْنِي الْمَدِينَةَ فَفِي هَذَا كُلِّهِ تَصْرِيحٌ بِتَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ وَأَنَّهَا لَا يَجُوزُ الِاصْطِيَادُ فِيهَا وَفِي تِلْكَ مَا يُبْطِلُ قَوْلَ الْكُوفِيِّينَ وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمَاجِشُونِ التَّحْرِيمُ لِلصَّيْدِ بِالْمَدِينَةِ حَقٌّ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَحَدُّ ذَلِكَ مَا لَوِ الْتَقَتِ الْحَرَّتَانِ كَانَتِ الْبُيُوتُ شَاغِلَةً

عَنْهُ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ وَأَسْفَلَ فَمُبَاحٌ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ أَكْرَهُ مَا قَرُبَ جِدًّا مِنْ فَوْقٍ وَأَسْفَلَ وَبَلَغَنَا أَنَّ سَعْدًا أَخَذَ ثَوْبَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَفَأْسَهُ فَكُلِّمَ فِيهِ فَقَالَ لَا أَدَعُ مَا أَعْطَانِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَبَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِمَوْلًى لِقُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ يدعى بسالم إِذَا رَأَيْتَ مَنْ يَقْطَعُ مِنَ الشَّجَرِ يَعْنِي شَجَرَ الْمَدِينَةِ شَيْئًا فَخُذْ فَأْسَهُ قَالَ وَثَوْبَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لَا وَلَكِنْ فَأْسَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لا يجوز أخذ فأس اصْطَادَ بِالْمَدِينَةِ الْيَوْمَ وَلَا ثَوْبِهِ وَقَدِ احْتَجَّ بِذَلِكَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ تَحْرِيمَ صَيْدِهَا مَنْسُوخٌ بِذَلِكَ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي ذَلِكَ عَنْ سَعْدٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ وَقَدْ ثَبَتَ تَحْرِيمُهَا مِنَ الطُّرُقِ الصِّحَاحِ وَلَيْسَ فِي سُقُوطِ وُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَى مَنِ اصْطَادَ فِيهَا مَا يُسْقِطُ تَحْرِيمَهَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْحُجَّةَ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ سَعِيدِ بْنِ المسيب وثم أشبعنا الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ يَكُنْ فِي شَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ جَزَاءُ صَيْدٍ فِيمَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا حَرَّمَ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ وَوُجُوبُ الْجَزَاءِ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ شَيْءٌ ابْتَلَى اللَّهُ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ عز وجل يا أيها الذين آمنوا ليبولنكم اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالصَّحَابَةُ فَهِمُوا الْمُرَادَ فِي تحريم صيد

الْمَدِينَةِ فَتَلَقَّوْهُ بِالْوُجُوبِ دُونَ جَزَاءٍ كَذَلِكَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو سَعِيدٍ ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ ما بن لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ وَأَنَّهُ حَرَّمَ شَجَرَهَا أَنْ يُعْضَدَ قَالَتْ زَيْنَبُ فَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ يَضْرِبُ بَنِيهِ إِذَا صَادُوا فِيهَا وَيُرْسِلُ الصَّيْدَ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ قَالَ قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ قَالَ نَعَمْ وَقَدْ قَالَتْ فِرْقَةٌ فِي صَيْدِ الْمَدِينَةِ جَزَاءٌ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ حَرَمُ نَبِيٍّ كَمَا مَكَّةُ حَرَمُ نَبِيٍّ وَاعْتَلُّوا بِقَوْلِهِ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا وَالْوَجْهُ الْمُخْتَارُ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْأَصْلُ أَنَّ الذِّمَّةَ بَرِيئَةٌ فَلَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا بِيَقِينٍ وَأَمَّا حَرَمُ الْمَدِينَةِ وَكَمْ يَبْلُغُ مِنَ الْمَسَافَةِ وَمَعْنَى لَابَتَيْهَا وَهُمَا الْحَرَّتَانِ فَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب والحمد الله

الْمَدِينَةِ فَتَلَقَّوْهُ بِالْوُجُوبِ دُونَ جَزَاءٍ كَذَلِكَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو سَعِيدٍ ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ ما بن لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ وَأَنَّهُ حَرَّمَ شَجَرَهَا أَنْ يُعْضَدَ قَالَتْ زَيْنَبُ فَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ يَضْرِبُ بَنِيهِ إِذَا صَادُوا فِيهَا وَيُرْسِلُ الصَّيْدَ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ قَالَ قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ قَالَ نَعَمْ وَقَدْ قَالَتْ فِرْقَةٌ فِي صَيْدِ الْمَدِينَةِ جَزَاءٌ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ حَرَمُ نَبِيٍّ كَمَا مَكَّةُ حَرَمُ نَبِيٍّ وَاعْتَلُّوا بِقَوْلِهِ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا وَالْوَجْهُ الْمُخْتَارُ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْأَصْلُ أَنَّ الذِّمَّةَ بَرِيئَةٌ فَلَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا بِيَقِينٍ وَأَمَّا حَرَمُ الْمَدِينَةِ وَكَمْ يَبْلُغُ مِنَ الْمَسَافَةِ وَمَعْنَى لَابَتَيْهَا وَهُمَا الْحَرَّتَانِ فَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب والحمد الله

العلاء بن عبد الرحمن

(مالك عن العلاء بن عبد الرحمان وهو العلاء بن عبد الرحمان بن يعقوب مولى الحرقة) والحرقة امرأة جُهَيْنَةَ وَهِيَ فَخِذٌ مِنْ أَفْخَاذِ جُهَيْنَةَ يُنْسَبُ إليه الحرقيون روى عنه جماعة من الأمئة مِنْهُمْ مَالِكٌ وَشُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَهُوَ مِنْ تَابِعِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ ابْنُ مَعِينٍ لَا يَرْضَاهُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ فِيهِ بِشَيْءٍ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ الْعَلَاءُ بْنُ عبد الرحمان لَيْسَ بِذَاكَ قَالَ وَسَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ لَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَتَّقُونَ حَدِيثَ الْعَلَاءِ بن عبد الرحمان قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْتَ شِعْرِي مَنِ النَّاسُ الَّذِينَ كَانُوا يَتَّقُونَ حَدِيثَهُ وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ الْجُلَّةُ وَجَمَاعَةٌ غَيْرُهُمْ كَثِيرَةٌ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ سَمِعْتُ أبي يقول العلاء بن عبد الرحمان ثِقَةٌ وَالْعَلَاءُ مِنَ التَّابِعِينَ بِإِدْرَاكِهِ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَأَبُوهُ مِنَ التَّابِعِينَ أَدْرَكَ أَبَا هُرَيْرَةَ وأبا سعيد وجده يعقوب أدرك بْنَ الْخَطَّابِ فَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُمْ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ وَمَعْنَى حَدِيثِهِمْ وَاحِدٌ دَخَلَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ أَنَّ يَعْقُوبَ أَبَاهُ كَانَ مُكَاتِبًا لِأَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ فَتَزَوَّجَ جَدُّهُ مَوْلَاةً

لرجل من الحرقة فولدت له عبد الرحمان أَبَا الْعَلَاءِ هَذَا ثُمَّ إِنَّ يَعْقُوبَ قَضَى كتابته بعدما ولد عبد الرحمان فقدم الحرقي فأخذ بيد عبد الرحمان فَقَالَ مَوْلَايَ وَقَالَ النَّصْرِيُّ مَوْلَايَ فَارْتَفَعَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَضَى عُثْمَانُ بِأَنَّ الْوَلَاءَ للحرقي وأن ما ولدت أم عبد الرحمان ويعقوب مكاتب فهو للحدقي وَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ وَأَدَاءِ كِتَابَتِهِ فَهُوَ لِأَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي النضر عن عبد الرحمان بْنِ يَعْقُوبَ مَوْلَى الْحُرْقَةِ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ وَلَاءِ يَعْقُوبَ وَامْرَأَتِهِ إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَ مَكَانَ الْكِتَابَةِ تَدْبِيرًا قَالَ أَبُو عُمَرَ لِمَالِكٍ عن العلاء بن عبد الرحمان عَشَرَةُ أَحَادِيثَ مَرْفُوعَةٍ أَحَدُهَا مَقْطُوعٌ وَتُوُفِّيَ الْعَلَاءُ فِي خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ حَدِيثٌ أَوَّلُ لِلْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مالك عن العلاء بن عبد الرحمان قَالَ دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَامَ يُصَلِّي الْعَصْرَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ ذَكَرْنَا تَعْجِيلَ الْعَصْرِ أَوْ ذَكَرَهَا فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ ثَلَاثًا يَجْلِسُ أَحَدُهُمْ حَتَّى إِذَا

اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ فَكَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ أَوْ عَلَى قَرْنِ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا لَمْ يُخْتَلَفْ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي لَفْظِهِ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ وَفِي هذا الحديث دليل على سعة الوقت ووأن النَّاسَ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ عَلَى قَدْرِ مَا يُمْكِنُهُمْ مِنْ سَعَةِ الْوَقْتِ فَتَخْتَلِفُ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ يُصَلِّي فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَبَعْضَهُمْ فِي وَسَطِهِ وَبَعْضَهُمْ رُبَّمَا فِي آخِرِهِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَآخِرِهِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ وَأَمَّا تَأْخِيرُ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَصْفَرَّ الشمس فمركوه لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنَ السَّعَةِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مِنْهَا حَدِيثُ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَالْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ وَذَكَرْنَا مَوَاقِيتَ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا مُمَهَّدَةً مَبْسُوطَةً فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هَهُنَا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنِ الْعَلَاءِ بِأَتَمِّ أَلْفَاظٍ حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغِيثٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرحمان أنه دخل على أنس

ابن مَالِكٍ هُوَ وَعُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حِينَ سَلَّمْنَا مِنَ الظُّهْرِ قَالَ وَكَانَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسِيدٍ وَالِيًا عَلَيْنَا كَانَ يَحِينُ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَلَمَّا انْصَرَفْنَا مِنَ الظُّهْرِ دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَدَارُهُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَا صَلَّيْتُمَا قُلْنَا صَلَّيْنَا الظُّهْرَ قَالَ فَقُومَا فَصَلِّيَا الْعَصْرَ قَالَ فَخَرَجْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ إِلَى الْحُجْرَةِ فَصَلَّيْنَا الْعَصْرَ ثُمَّ دَعَانَا فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ يَنْتَظِرُ أَحَدُهُمُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا اصْفَرَّتْ وَكَانَتْ عَلَى قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ عَرَضَ لِمَنْ صَلَّى مَعَهُ مِثْلَ هَذَا مَعَ أَنَسٍ أَيْضًا وَقَدْ ذَكَرْنَا تَأْخِيرَ بَنِي أُمَيَّةَ لِلصَّلَاةِ مُمَهَّدًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ خَالِدِ بْنِ خَلَّادٍ أَنَّهُ قَالَ صَلَّيْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الظهر يوم ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَوَجَدْنَاهُ قَائِمًا يُصَلِّي الْعَصْرَ فَقُلْنَا إِنَّمَا انْصَرَفْنَا الْآنَ مِنَ الظُّهْرِ مَعَ عُمَرَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي هَذِهِ الصَّلَاةَ هَكَذَا فَلَا أَتْرُكُهَا أَبَدًا

الحديث الثاني

حديث ثان للعلاء بن عبد الرحمان مالك عن العلاء بن عبد الرحمان أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ قَالَ فَقُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنِّي أَكُونُ أَحْيَانًا وَرَاءَ الْإِمَامِ قَالَ فَغَمَزَ ذِرَاعِي وَقَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ يَا فَارِسِيُّ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقرأوا يَقُولُ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَقُولُ الله حمدني عبدي يقول العبد الرحمان الرَّحِيمِ يَقُولُ اللَّهُ أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي يَقُولُ العبد ملك يَوْمِ الدِّينِ يَقُولُ اللَّهُ مَجَّدَنِي عَبْدِي يَقُولُ الْعَبْدُ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فَهَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ يَقُولُ الْعَبْدُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَهَؤُلَاءِ لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّإِ إِلَّا عَنِ الْعَلَاءِ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ وَقَدِ انْفَرَدَ مُطَرِّفٌ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي السائب مولى هشام ابن زُهْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَسَاقَهُ في الموطأ سواء ولا يحفظ لمالك عن ابن شهاب إنما يحفظ لمالك عَنِ الْعَلَاءِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْ

حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ لَمْ يَرْوِهِ غير مطرف وتفرد به عند أَبُو سَبْرَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ عُقَيْلٌ هَكَذَا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَكَذَا يَرْوِي مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَرَوَوْهُ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ إِلَّا أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِي السَّائِبِ مَوْلَى عبد الله ابن هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ هِشَامُ بْنُ زُهْرَةَ هُوَ جَدُّ زُهْرَةَ بْنِ معمر بن عبد الله ابن هشام القرشي الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَهْلُ مِصْرَ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ ابن العجلان عن العلاء بن عبد الرحمان بْنِ يَعْقُوبَ مَوْلَى الْحُرْقَةِ عَنْ أَبِي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا رَجُلٍ صَلَّى صَلَاةً بِغَيْرِ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تمام قال قلت إني لأستيطع أَقْرَأُ مَعَ الْإِمَامِ قَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي فَأَوَّلُهَا لِي وَأَوْسَطُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَآخِرُهَا لِعَبْدِي وَلَهُ مَا سَأَلَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ حَمِدَنِي عَبْدِي قال الرحمان الرحيم قال أثنى علي عبدي قال ملك يَوْمِ الدِّينِ قَالَ مَجَّدَنِي عَبْدِي فَهَذَا لِي قَالَ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قَالَ أَخْلَصَ الْعِبَادَةَ لِي وَاسْتَعَانَنِي عَلَيْهَا فَهَذِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلَهُ مَا سَأَلَ قَالَ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ إِلَى قَوْلِهِ وَلَا الضَّالِّينَ هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ

وَهَكَذَا رَوَاهُ قُتَيْبَةُ وَغَيْرُهُ عَنِ اللَّيْثِ عَنِ ابن عجلان وانتهى حديث أبو جُرَيْجٍ إِلَى قَوْلِهِ اقْرَأْ بِهَا يَا فَارِسِيُّ فِي نَفْسِكَ لَمْ يَزِدْ وَقَالَ فِيهِ حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ أَنَّ أَبَا السَّائِبِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ حَدِيثِ مَالِكٍ إِلَى حَيْثُ ذَكَرْنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ كُلُّهُمْ عن العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافٍ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ لِلْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أَبِي السَّائِبِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدْ جَمَعَهُمَا عَنْهُ أَبُو أُوَيْسٍ وَغَيْرُهُ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ عَجْلَانَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي السَّائِبِ جَمِيعًا عن أبي هيررة يَعْنِي كَمَا رَوَاهُ أَبُو أُوَيْسٍ قَرَأْتُ عَلَى يُونُسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله ابن زكرياء النيسابروي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حدثنا أبي عن العلاء بن عبد الرحمان بْنِ يَعْقُوبَ مَوْلَى الْحُرْقَةِ قَالَ سَمِعْتُ مِنْ أبي ومن أبي السائب جمعيا وَكَانَا جَلِيسَيْنِ لِأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بفاتحة الكتاب فهي خداع وَذَكَرَ الْفِرْيَابِيُّ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَأَمَّا الْبَزَّارُ فَاخْتَصَرَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ الْعَلَاءِ بن عبد الرحمان قَالَ سَمِعْتُ مِنْ أَبِي وَمِنَ ابْنِ أَبِي السائب جميعا وكانا جليسين لأبي هريرة قالا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداع غَيْرُ تَمَامٍ فَقُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنِّي أَكُونُ أَحْيَانًا وَرَاءَ الْإِمَامِ فَغَمَزَ ذِرَاعِي وَقَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ يَا فَارِسِيُّ وَسَاقَ الْحَدِيثَ عَلَى وَجْهِهِ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ سَوَاءً قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ عَبَّادِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنِ الرَّجُلَيْنِ جَمِيعًا فَأَبَانَ ذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا رَوَاهُ وَلَمْ يَكُنْ مُعَارِضًا لِحَدِيثِ مَالِكٍ هَكَذَا حَكَى إِسْمَاعِيلُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خداج قال عبد الرحمان فَإِنِّي أَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ فَغَمَزَنِي بِيَدِهِ أَبُو هريرة وقال يا فراسي أَوْ يَا ابْنَ الْفَارِسِيِّ اقْرَأْهَا فِي نَفْسِكَ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عن العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ بِمَعْنَاهُ سَوَاءً وَلَا أَعْلَمُ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمُوَطَّإِ وَلَا فِي غيره إسنادا غير هذا وروي عن مجد بْنِ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ وَزِيَادِ بْنِ يُونُسَ جَمِيعًا عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عبادة ابن الصَّامِتِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَثْمَةَ كُلُّ صلاة لا يقرأ فيها بأم القرى فَهِيَ خِدَاجٌ وَفِي حَدِيثِ زِيَادِ بْنِ يُونُسَ مَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَصَلَاتُهُ خِدَاجٌ وَهَذَا غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَمَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَجَمَاعَةٍ عَنْهُ إِلَّا أَنَّ لَفْظَ أَكْثَرِهِمْ فِي حَدِيثِ عبادة ابن الصَّامِتِ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ هَكَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خداج فَإِنَّ هَذَا يُوجِبُ قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ وَأَنَّ الصَّلَاةَ إِذَا لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ وَالْخِدَاجُ النَّقْصُ وَالْفَسَادُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ أَخْدَجَتِ النَّاقَةُ وَخَدَّجَتْ إِذَا وَلَدَتْ قَبْلَ تَمَامِ وَقْتِهَا وَقِيلَ تَمَامُ الْخَلْقِ وَذَلِكَ نِتَاجٌ فَاسِدٌ وَأَمَّا نَحْوِيُّو أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَيَقُولُونَ إِنَّ هَذَا اسْمٌ خَرَجَ عَلَى المصدر يقولون أخدجت الناقة ولدها نقاصا لِلْوَقْتِ فَهِيَ مُخْدِجٌ وَالْوَلَدُ مُخْدَجٌ وَالْمَصْدَرُ الْإِخْدَاجُ وَأَمَّا خَدَجَتْ فَرَمَتْ بِوَلَدِهَا قَبْلَ الْوَقْتِ نَاقِصًا أو غير نقاص فَهِيَ خَادِجٌ وَالْوَلَدُ خَدِيجٌ وَمَخْدُوجٌ وَمِنْهُ سُمِّيَتْ خَدِيجَةُ وَخَدِيجٌ وَالْمَصْدَرُ الْخِدَاجُ قَالُوا وَيُقَالُ صَلَاةٌ مُخْدَجَةٌ أَيْ نَاقِصَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الْخَلِيلِ وَالْأَصْمَعِيِّ وَأَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ الْأَخْفَشُ خَدَجَتِ النَّاقَةُ إِذَا أَلْقَتْ وَلَدَهَا لِغَيْرِ تَمَامٍ وَأَخْدَجَتْ إِذَا قَذَفَتْ بِهِ قَبْلَ وَقْتِ الْوِلَادَةِ وَإِنْ كَانَ تَمَّ الْخَلْقُ وَقَدْ زَعَمَ مَنْ لَمْ يُوجِبْ قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ هِيَ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ أَنَّ قَوْلَهُ خِدَاجٌ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ النُّقْصَانُ وَالصَّلَاةُ النَّاقِصَةُ جَائِزَةٌ وَهَذَا تَحَكُّمٌ فَاسِدٌ وَالنَّظَرُ يُوجِبُ فِي النُّقْصَانِ (الَّذِي صَرَّحَتْ بِهِ السُّنَّةُ) أَنْ لَا تَجُوزَ مَعَهُ الصَّلَاةُ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَمْ تَتِمَّ وَمَنْ خَرَجَ مِنْ صَلَاتِهِ وَهِيَ لَمْ تَتِمَّ بَعْدُ فَعَلَيْهِ إِعَادَتُهَا تَامَّةً كَمَا أُمِرَ عَلَى حَسَبِ حُكْمِهَا وَمَنِ ادَّعَى أَنَّهَا تَجُوزُ مَعَ إِقْرَارِهِ بِنَقْصِهَا فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ يُلْزِمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَنَّهُ قَالَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ فَأَيُّ بَيَانٍ أَوْضَحَ مِنْ هَذَا وَأَيْنَ الْمَذْهَبُ عَنْهُ وَلَمْ يَأْتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ يُخَالِفُهُ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبَا ثَوْرٍ وداودَ بْنَ عَلِيٍّ وَجُمْهُورَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الكتاب قال ابن خواز بنداد الْمَالِكِيُّ الْبَصْرِيُّ وَهِيَ عِنْدَنَا مُتَعَيِّنَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَالَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ نَسِيَهَا فِي رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ أَصْلًا وَلَا تُجْزِئُهُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ إِنَّهُ مَنْ نَسِيَهَا فِي رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةٍ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ فَقَالَ مَرَّةً يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَلَا تُجْزِئُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ وَاخْتِيَارُهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً أُخْرَى يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ

وَتُجْزِئُهُ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرِهِ عَنْهُ قَالَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ يُعِيدُ تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ قَالَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا تُجْزِئُهُ حَتَّى يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ نَحْوَ قَوْلِنَا قَالَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِنْ تَرَكَهَا عَامِدًا فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا وَقَرَأَ غَيْرَهَا أَجْزَأَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ يَقْرَأُ الصلي بِأُمِّ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَإِنْ لَمْ يقرأ بها لم يجره إِلَّا مِثْلُهَا مِنَ الْقُرْآنِ عَدَدُ آيَاتِهَا وَحُرُوفِهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا بُدَّ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ قِرَاءَةٍ أَقَلُّ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهَا آيَةٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ أَقَلُّهُ ثَلَاثُ آيَاتٍ أَوْ آيَةٌ طَوِيلَةٌ كَآيَةِ الدَّيْنِ وقال مالك إذا لم يقرا أم القرى فِي الْأُولَيَيْنِ أَعَادَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي قِرَاءَتِهَا فِي الْآخِرَتَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ الْمُصَلِّيَ مِنَ الْقِرَاءَةِ قِرَاءَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِنْ أَحْسَنَهَا فَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُهَا وَيُحْسِنُ غَيْرَهَا مِنَ الْقُرْآنِ قَرَأَ بِعَدَدِهَا سَبْعَ آيَاتٍ لَا يُجْزِئُهُ دُونَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ حَمِدَ اللَّهَ وَكَبَّرَ مَكَانَ الْقِرَاءَةِ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ قَالَ وَمَنْ أَحْسَنَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فَإِنْ تَرَكَ منها حرفا واحدإن وَخَرَجَ مِنَ الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وأبي هريرة وعثمان بن أبي العاصي وَخَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَوْنٍ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ كَيْفَ كَانَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ قَالُوا حَسَنٌ فَقَالَ لَا بَأْسَ إِذًا فَحَدِيثٌ مُنْكَرُ اللَّفْظِ مُنْقَطِعُ الْإِسْنَادِ لِأَنَّهُ يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الحرث التَّيْمِيُّ عَنْ عُمَرَ وَمَرَّةً يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ

أبي سلمة بن عبد الرحمان عَنْ عُمَرَ وَكِلَاهُمَا مُنْقَطِعٌ لَا حُجَّةَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ مُتَّصِلَةٍ أَنَّهُ أَعَادَ تِلْكَ الصَّلَاةَ رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إبراهيم النخعي عن همام بن الحرث أَنَّ عُمَرَ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ فِي الْمَغْرِبِ فَأَعَادَ بِهِمُ الصَّلَاةَ وَهَذَا حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ شَهِدَهُ هِشَامٌ مِنْ عُمَرَ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ ضمضم بن جوس عن عبد الله ابن حَنْظَلَةَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَقْرَأْ فَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَرَوَى إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِيَاضٍ أَنَّهُ عُمَرُ صَلَّى بِهِمْ فَلَمْ يَقْرَأْ فَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَقَالَ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةٍ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ وَأَبَانٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عُمَرَ أَعَادَ تِلْكَ الصَّلَاةَ بِإِقَامَةٍ وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ عُمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ وَأَعَادَ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى إِيجَابِ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صلاة أربع على حسبما ذَكَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِهِمْ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَاجِبَةٌ وَمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهِمَا بِهَا فَلَا صَلَاةَ لَهُ وَعَلَيْهِ إِعَادَةُ مَا صَلَّى كَذَلِكَ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ الْقِرَاءَةُ فِيهِمَا وَاجِبَةٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ أُمَّ الْقُرْآنِ

وقال ابن خواز بن بنداد لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ وَاجِبَةٌ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأُولَيَانِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْآخِرَتَانِ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ إِلَّا مَا ذَكَرْتُ لَكَ عَنْهُ فِي نِسْيَانِهَا مِنْ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المتني قال حدثنا عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَفِي الْآخِرَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ كَانَ يُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا وَكَانَ يُطِيلُ أَوَّلَ رَكْعَةٍ مِنَ الظُّهْرِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فقال يا أبا عبد الرحمان هَلْ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قِرَاءَةٌ فَقَالَ هَلْ تَكُونُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقِرَاءَةُ فِي الْآخِرَتَيْنِ لَا تَجِبُ وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ قَالَ الثَّوْرِيُّ يُسَبِّحُ فِي الْآخِرَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَقْرَأَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ الْقِرَاءَةُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُمَا وَثَبَتَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا وَجْهَ لِمَا خَالَفَهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَأَمَّا فِي الْآخِرَتَيْنِ فَإِنْ شَاءَ قَرَأَ وَإِنْ شَاءَ سَبَّحَ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ وَلَمْ يُسَبِّحْ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى عَنْهُ أَثْبَتُ رَوَاهَا عَنْهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ صَلَاةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ وَقَوْلُهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ يَقْضِي فِي هَذَا الْبَابِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ وَهُوَ الْحُجَّةُ اللَّازِمَةُ وَلَمْ يُرْوَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ يَدْفَعُ ذَلِكَ وَلَا يُعَارِضُهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمِسْوَرِ قَالَ حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ جميعا عن العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ صَلَّى صَلَاةً بِغَيْرِ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَهْدِيٍّ الْفَقِيهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْإِمَامِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُنَادِي فِي النَّاسِ أَنْ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقُرْآنِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَمَا زَادَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَمَنْ خَالَفَ ظَوَاهِرَ هَذِهِ الْآثَارِ الثَّابِتَةِ فَهُوَ مَخْصُومٌ مَحْجُوجٌ مُخَطَّأٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ فَأَمَّا مَذْهَبُ مَالِكٍ فِيمَنْ تَرَكَ قِرَاءَةَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي رَكْعَةٍ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَنْ قَرَأَ فِي نِصْفِ صَلَاتِهِ مَضَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الْمَغْرِبِ أَوِ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ أَوِ الْعِشَاءِ وَنَسِيَ أَنْ يَقْرَأَ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ

وَأَمَّا إِسْحَاقُ فَقَالَ إِذَا قَرَأَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ إِمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ بِمَا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِنْ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ مِنَ الصُّبْحِ وَلَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُخْرَى أَعَادَ الصَّلَاةَ وَإِنْ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ وَلَمْ يَقْرَأْ فِي الثَّلَاثِ مِنَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ أَوِ الْعَشَاءِ أَعَادَ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِذَا قَرَأْتَ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ أَجْزَأَكَ وَقَالَ بِهِ أَكْثَرُ فُقَهَاءِ أهل البصرة وقال المغيرة بن عبد الرحمان الْمَخْزُومِيُّ إِذَا قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الصَّلَاةِ أَجْزَأَهُ وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ شَاذٌّ لَا يَعْرِفُهُ أَصْحَابُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ تُجْزِئُ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ على ماروي عَنْ عُمَرَ وَهِيَ رِوَايَةٌ مُنْكَرَةٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَلَا رَكْعَةَ إِلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ وَكَمَا لَا يَنُوبُ سُجُودُ رَكْعَةٍ وَرُكُوعُهَا عَنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى فَكَذَلِكَ لَا يَنُوبُ قِرَاءَةُ رَكْعَةٍ عَنْ رَكْعَةٍ غَيْرِهَا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَوْنٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ومَنْ صَلَّى صَلَاةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ فَثَبَتَ بِهَذَا النَّصِّ وُجُوبُ قِرَاءَتِهَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا وَبَطَلَ بِهَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ أُمَّ الْقُرْآنِ وَغَيْرَهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ يَقْرَأُ بِعَدَدِ آيَاتِهَا وَحُرُوفِهَا مِنْ غَيْرِهَا من القرآن ويجزئه لأن لأنص عَلَيْهَا وَالتَّعْيِينَ لَهَا قَدْ خَصَّهَا بِهَذَا الْحُكْمِ دُونَ غَيْرِهَا وَهَذَا لَا إِشْكَالَ فِيهِ إِلَّا عَلَى مَنْ حُرِمَ رُشْدَهُ وَعَمِيَ قَلْبُهُ وَمُحَالٌ أَنْ يَجِيءَ بِالْبَدَلِ

مِنْهَا مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَتَرَكَهَا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَجِيءَ بِهَا وَيَعُودَ إِلَيْهَا إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهَا كَسَائِرِ الْمَفْرُوضَاتِ الْمُعَيَّنَاتِ فِي الْعِبَادَاتِ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ إِلَّا الْكَلَامُ هَلْ يَتَعَيَّنُ وُجُوبُهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَقَوْلُهُ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ كُلُّ صَلَاةٍ كُلُّ رَكْعَةٍ فَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأَ فِيهَا مَرَّةً وَاحِدَةً بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَنْ تُجْزِئَهُ صَلَاتُهُ تِلْكَ وَتَكُونَ تَامَّةً غَيْرَ خِدَاجٍ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ قَدْ قُرِئَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَلَيْسَتْ بِخْدَاجٍ غَيْرِ تَمَامٍ بَلْ هِيَ تَمَامٌ لَا خِدَاجَ فِيهَا إِذَا قُرِئَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَالْمُغِيرَةُ الْمَخْزُومِيُّ فَلَمَّا رَأَيْنَا جَمَاعَتَهُمْ وَجُمْهُورَهُمْ وَعَامَّتَهُمُ الَّتِي هِيَ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا وَلَا يَجُوزُ الْغَلَطُ عَلَيْهَا فِي التَّأْوِيلِ وَلَا الِاتِّفَاقِ عَلَى الْبَاطِلِ وَلَا التَّوَاطُؤِ عَلَيْهِ مَعَ اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهَا وَتَبَايُنِ آرَائِهَا قَدِ اتَّفَقُوا إِلَّا مَنْ شَذَّ مِمَّنْ لَا يَعُدُّ خِلَافًا عَلَى الْجُمْهُورِ بَلْ هُوَ مَحْجُوجٌ بِهِمْ وَمَأْمُورٌ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِمْ إِذْ شَذَّ عَنْهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاتِهِ أَنَّهُ لَا تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ تِلْكَ وَعَلَيْهِ إِعَادَتُهَا وَهُوَ فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يُصَلِّهَا اسْتَدْلَلْنَا بِهَذَا الِاتِّفَاقِ وَالْإِجْمَاعِ فِي هَذَا الْمَعْنَى عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمَنْ صَلَّى صَلَاةً لم يقرأ فيها بأم القرى فَهِيَ خِدَاجٌ بِغَيْرِ تَمَامٍ مَعْنَاهُ كُلُّ رَكْعَةٍ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَكَذَلِكَ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ كُلُّ رَكْعَةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَلَمْ يُصَلِّ إِلَّا وَرَاءَ الْإِمَامِ وَجَابِرٌ أَحَدُ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ يُسَلَّمُ لَهُمْ فِي التَّأْوِيلِ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِمَا خَرَجَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالنَّظَرِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ إِذَا كَانَ فِيهَا وَجْهَانِ فَقَامَ الدَّلِيلُ عَلَى بُطْلَانِ الْوَجْهِ

الْوَاحِدِ مِنْهُمَا أَنَّ الْحَقَّ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ وَأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْ قِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّتِهِ بِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى بُطْلَانِ ضِدِّهِ وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ مِنْ أَقْوَالِهِمْ أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي رَكْعَتَيْنِ أَقَلُّ شَيْءٍ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ وَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ أَنَّهُ أَرَادَ كُلَّ رَكْعَةٍ بِدَلِيلِ مَا وَصَفْنَا وَالرَّكْعَةُ تُسَمَّى صَلَاةً فِي اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ بِدَلِيلِ الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَمَّا قَبْلَهَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ اقرأوا يَقُولُ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَبَدَأَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَجَعَلَهَا آيَةً ثُمَّ الرحمان الرحيم آية ثم ملك يَوْمِ الدِّينِ آيَةٌ فَهَذِهِ ثَلَاثُ آيَاتٍ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ جَعَلَهَا اللَّهُ لَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ثُمَّ الْآيَةُ الرَّابِعَةُ جَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِهِ ثُمَّ ثَلَاثُ آيَاتٍ لِعَبْدِهِ تَتِمَّةُ سَبْعِ آيَاتٍ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ آيَةٌ ثُمَّ الْآيَةُ السَّابِعَةُ إِلَى آخِرِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ هَؤُلَاءِ لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سأل وهؤلاء إِشَارَةٌ إِلَى جَمَاعَةِ مَا يَعْقِلُ وَمَا لَا يَعْقِلُ وَأَقَلُّ الْجَمَاعَةِ ثَلَاثَةٌ فَعَلِمْنَا بِقَوْلِهِ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ أَرَادَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ وَالْآيَاتُ أَقَلُّهَا ثَلَاثٌ لأنه لو أراد آية واحدة لقال كهذه كَمَا قَالَ فِي قَوْلِهِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ هَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلَوْ أَرَادَ آيَتَيْنِ لَقَالَ هَاتَانِ لِعَبْدِي فَلَمَّا قَالَ هَؤُلَاءِ لِعَبْدِي عَلِمْنَا أَنَّهُ عَنَى ثَلَاثَ آيَاتٍ وَإِذَا كَانَ مِنْ قَوْلِهِ اهْدِنَا إِلَى آخِرِ السُّورَةِ ثَلَاثُ آيَاتٍ كَانْتِ السَّبْعُ آيَاتٍ مِنْ قَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِلَى قَوْلِهِ وَلَا الضَّالِّينَ وَصَحَّ قِسْمَةُ السَّبْعِ الْآيَاتِ عَلَى السَّوَاءِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثٌ وَآيَةٌ بَيْنَهُمَا أَلَا تَرَى إنه قال اقرأوا يَقُولُ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَقُولُ اللَّهُ حَمِدَنِي عَبْدِي فَهَذِهِ آيَةٌ يَقُولُ الْعَبْدُ الرحمان الرَّحِيمِ يَقُولُ اللَّهُ أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي فَهَذِهِ آيتان يقول العبد ملك يَوْمِ الدِّينِ يَقُولُ اللَّهُ

مَجَّدَنِي عَبْدِي فَهَذِهِ ثَلَاثُ آيَاتٍ كُلُّهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ الْعَبْدُ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فَهَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَهَذِهِ أَرْبَعُ آيَاتٍ ثُمَّ قَالَ يَقُولُ الْعَبْدُ) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَهَؤُلَاءِ لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَلَمَّا قَالَ فَهَؤُلَاءِ عَلِمْنَا أَنَّهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ وَتَقَدَّمَتْ أَرْبَعٌ تَتِمَّةُ سَبْعِ آيَاتٍ لَيْسَ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ الرحمان الرَّحِيمِ الثَّلَاثُ لَهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَالرَّابِعَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِهِ وَالثَّلَاثُ لِعَبْدِهِ وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ سَبْعُ آيَاتٍ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي ثُمَّ جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَدَّهَا سَبْعَ آيَاتٍ لَيْسَ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ الرحمان الرَّحِيمِ فَهَذِهِ حُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ لَيْسَ يُعَدُّ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ الرحمان الرحيم ومن أسقط بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَدَّ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ آيَةً وَهُوَ عَدَدُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْبَصْرَةِ وَأَكْثَرِ أَيِمَّةِ الْقُرَّاءِ وَأَمَّا أَهْلُ مَكَّةَ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ مِنَ الْقُرَّاءِ فَإِنَّهُمْ عَدُّوا فيها بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ وَلَمْ يَعُدُّوا أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا الْعُلَمَاءُ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ هَهُنَا بِعَوْنِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَدِّي قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمُقْرِئِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ تَكُونُ قَسَمْتُ الصَّلَاةَ

عِبَارَةً عَنِ السُّورَةِ وَهُوَ يَقُولُ قَسَمْتُ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَقُلْ قَسَمْتُ السُّورَةَ قِيلَ مَعْلُومٌ أَنَّ السُّورَةَ الْقِرَاءَةُ وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنِ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ كَمَا قَالَ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا أَيْ قِرَاءَةَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْآيَةَ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِنْ حُجَّةِ من قال إن بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ لَيْسَتْ أَيْضًا آيَةً مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَلَا مِنْ غَيْرِهَا إِلَّا فِي سُورَةِ النَّمْلِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا والاختلاف موجود في بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ (هَهُنَا) فَعَلِمْنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَدْ نَفَى عَنْهُ الِاخْتِلَافَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَقَوْلِهِ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَقَالَتْ عَائِشَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مَعَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مالك عن حميد الطويل عن أنس ابن مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ قُمْتُ وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكُلُّهُمْ كَانَ لَا يَقْرَأُ بِسْمِ الله الرحمان الرَّحِيمِ إِذَا افْتَتَحُوا الصَّلَاةَ لَمْ يَرْفَعْهُ مَالِكٌ وَلَمْ يَسْمَعْهُ حُمَيْدٌ

مِنْ أَنَسٍ وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَأَكْثَرُ أَحَادِيثِهِ عَنْ أَنَسٍ لَمْ يَسْمَعْهَا مِنْ أَنَسٍ إِنَّمَا يَرْوِيهَا عَنْ ثَابِتٍ أَوْ قَتَادَةَ أَوِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ وَيُرْسِلُهَا عَنْ أَنَسٍ كَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ بْنُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ وَشَيْبَانُ وَأَيُّوبُ وَأَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ يَذْكُرُوا عُثْمَانَ وَأَصْحَابُ قَتَادَةَ الَّذِينَ يُحْتَجُّ بِهِمْ فِيهِ شُعْبَةُ وَالدَّسْتَوَائِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ فَإِذَا اخْتَلَفُوا أَوِ اجْتَمَعَ مِنْهُمُ اثْنَانِ كَانَا حُجَّةً عَلَى الثَّالِثِ إِذَا خَالَفَهُمَا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ قَتَادَةَ كَمَا رَوَاهُ هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ وَابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ مَرْفُوعًا وَذَكَرَ فِيهِ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قال حدثنا محمد ابن إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حاتم بن إسماعيل عن هشام ابن حَسَّانَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَائِذُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ أَنَسٍ فَزَادَ فِيهِ ذِكْرَ عَلِيٍّ وَلَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَطِيَّةَ البغدادي المعروف بابن الحداد بمصر قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ عَنْ عَائِذِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَخَلْفَ عُمَرَ وَخَلْفَ عُثْمَانَ وَخَلْفَ عَلِيٍّ فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين قال أبو همام فلقيت يوسف ابن أَسْبَاطٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ فَحَدَّثَنِيهِ عَنْ عَائِذِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذِكْرُ علي في هذا الحديث غير مَحْفُوظٌ وَلَا يَصِحُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَامِلٍ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ إبراهيم ابن إسحاق بن إبراهيم البغدادي حدثنا الحرث بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَسَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِ الحمد الله رَبِّ الْعَالَمِينَ وَسَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانٍ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَهَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لَا أَصْلَ لَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَا فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَهُوَ مُنْكَرٌ كَذِبٌ عَنْ هَؤُلَاءِ وَعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَيْضًا وَلَا يَصِحُّ عَنْ احد مِنْهُمْ وَالْمَعْرُوفُ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مَا

أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَرُوبَةَ عَنْ بُدَيْلٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين ويختمها بالتسليم حدثنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيِّ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ وَكَانَ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَكَانَ إِذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ وَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا وَكَانَ يَقُولُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَأَحْسَبُهُ قَالَ وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عَقِبِ الشَّيْطَانِ وَكَانَ يَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلَاةَ بِالتَّسْلِيمِ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ أَتَمُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ اسْمُ أَبِي الْجَوْزَاءِ أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّبَعِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ وَحَدِيثُهُ عَنْهَا مرسل

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي الجوزاء عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْجَرِيرِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَايَةَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ سَمِعَنِي أَبِي وَأَنَا أَقْرَأُ بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ فَقَالَ أَيْ بُنَيَّ إِيَّاكَ وَالْحَدَثَ فَإِنِّي صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعَ رَجُلًا مِنْهُمْ يَقُولُهُ فَإِذَا قَرَأْتَ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَيْسُ بْنُ عَبَايَةَ هَذَا هُوَ أَبُو نَعَامَةَ الْحَنَفِيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ لَكِنَّ ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ ابن مُغَفَّلٍ غَيْرُ مَعْرُوفٍ بِحَمْلِ الْعِلْمِ مَجْهُولٌ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ أَحَدٌ غَيْرُ أَبِي نَعَامَةَ هَذَا فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا احْتَجَّ بِهَا مَنْ كَرِهَ قراءة بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ فِي أَوَّلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَلَمْ يَعُدَّهَا آيَةً مِنْهَا وَأَكْثَرُهَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهَا بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هَذِهِ السُّورَةُ قَبْلَ سَائِرِ السُّوَرِ كَمَا لَوْ قَالَ كَانَ يَفْتَتِحُ بِ ق والقرآن لمجيد أَوْ بِ ن وَالْقَلَمِ أَوْ بِ حم تَنْزِيلُ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلِلْعُلَمَاءِ فِي بِسْمِ اللَّهِ الرحمان الرَّحِيمِ أَقَاوِيلُ فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ آيَةً مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَلَا مِنْ غَيْرِهَا وَلَيْسَتْ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا فِي سُورَةِ النَّمْلِ وَلَا يَقْرَأُ بِهَا الْمُصَلِّي فِي الْمَكْتُوبَةِ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَلَا فِي

غَيْرِهَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا قَالَ مَالِكٌ وَلَا بأس أن يقرأ بها في النافلة من يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَرْضًا وَقَوْلُ الطَّبَرِيِّ فِي بِسْمِ الله الرحمان الرَّحِيمِ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ (سَوَاءً) (فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وللشافعي في بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ) دُونَ غَيْرِهَا مِنَ السُّوَرِ الَّتِي أُثْبِتَتْ فِي أَوَائِلِهَا وَالْقَوْلُ الْآخَرُ هِيَ آيَةٌ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ هِيَ آيَةٌ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَمَّا أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ لَا يَحْفَظُونَ عَنْهُ هَلْ هِيَ آيَةٌ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَمْ لَا وَمَذْهَبُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَيْسَتْ آيَةٌ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ يُسَرُّ بِهَا فِي الْجَهْرِ وَالسِّرِّ وَقَالَ دَاوُدُ هِيَ آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَقَعَتْ فِيهِ وَلَيْسَتْ مِنَ السُّوَرِ وإنما هي آية مفردة غير مُلْحَقَةٌ بِالسُّوَرِ وَزَعَمَ الرَّازِّيُّ أَنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ هَكَذَا وَقَالَ الزُّهْرِيُّ هِيَ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَرَكَهَا النَّاسُ وَقَالَ عَطَاءٌ هِيَ آيَةٌ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ من ترك بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ فَقَدْ تَرَكَ مِائَةَ آيَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ وَاتَّفَقَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ على أن الإمام يقرأ بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ فِي أَوَّلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ سِرًّا وَيُخْفِيهَا فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ وَغَيْرِهَا يَخُصُّهَا بِذَلِكَ

وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَمَّارٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ وَدَاوُدَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَرُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَيْضًا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُقْرَأُ بِهَا فِي الْمَكْتُوبَةِ سِرًّا وَلَا جَهْرًا وَأَنَّهَا لَيْسَتْ آيَةً مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ يُجْهَرُ بِهَا فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ لِأَنَّهَا آيَةٌ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ حُكْمُهَا كَسَائِرِ السُّورَةِ وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا وَابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا مَنْ قَرَأَ بِهَا سِرًّا فِي صَلَاةِ السِّرِّ وَجَهْرًا فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ فَحُجَّتُهُ أَنَّهَا آيَةٌ مِنَ السُّورَةِ لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا وَالْمُنَاظَرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يُخَالِفُهُ فِي هَذَا الْأَصْلِ وَأَمَّا مَنْ أَسَرَّ بِهَا وَجَهَرَ كَسَائِرِ السُّورَةِ فَإِنَّمَا مَالَ إِلَى الْأَثَرِ وَقَرَأَ بِهَا كَذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْمُوجِبِ لِلْعَمَلِ دُونَ الْعِلْمِ وَاحْتَجُّوا مِنَ الْأَثَرِ فِي ذَلِكَ بِمَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُسْمِعْنَا قِرَاءَةَ بِسْمِ اللَّهِ الرحمان الرحيم وصلى بنا أبو بكر وعمر وفلم! نسمعها منهما

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَلَابٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْجَوَّابِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَلَمْ أَسْمَعَ أَحَدًا مِنْهُمْ يجهر ب بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعَ أَحَدًا مِنْهُمْ يَجْهَرُ بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْهَرْ بِهَا وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُخْفِيهَا وَيَقْرَأُ بِهَا فَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَنْ رَأَى إِخْفَاءَهَا وَعَلَى هَذَا حَمَلُوا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ فِي ذَلِكَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ لا يجهر ب بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ وَكَانَ يَجْهَرُ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَعَنِ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال الجهر ب بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ قِرَاءَةُ الْأَعْرَابِ

وَأَمَّا الَّذِينَ أَثْبَتُوهَا آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِي أَوَّلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَفِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ وَالَّذِينَ جَعَلُوهَا آيَةً مُنْفَرِدَةً فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ فَإِنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ الْمُصْحَفَ لَمْ يُثْبِتِ الصَّحَابَةُ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُضِيفُوا إِلَى كِتَابِ اللَّهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَيَكْتُبُوهُ بِالْمِدَادِ كَمَا كَتَبُوا الْقُرْآنَ هَذَا مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُضِيفَهُ أَحَدٌ إِلَيْهِمْ أَلَا تَرَى أَنَّ الَّذِينَ رَأَوْا مِنْهُمُ الشَّكْلَ فِيهِ كَرِهُوهُ وَقَالُوا نَسِيتُمُ الْمُصْحَفَ كَيْفَ تُضِيفُونَ إِلَيْهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَاحْتَجُّوا مِنَ الْأَثَرِ بِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَعْرِفُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْهِ بِسْمِ الله الرحمان الرَّحِيمِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا هَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فقرأ بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ حَتَّى خَتَمَهَا ثُمَّ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي في الجنة وذكر النسائي هذ الْخَبَرَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ عَنْ عَلِيِّ بن مسهر عن المختار ابن فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا لَا يَعْلَمُونَ انْقِضَاءَ

السورة حتى تنزل بسم الله الرحمان الرحيم فإذا نزلت بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ عَلِمُوا أَنْ قَدِ انْقَضَتِ السُّورَةُ وَنَزَلَتِ الأخرى وهكذا روى هذا الخبر طائفة أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مُرْسَلًا وَبَعْضُهُمْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُسْنَدًا فهذه حجة من جعل بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ آيَةً وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُهَيْرٍ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَرَقَ الشَّيْطَانُ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَسِيَهَا النَّاسُ كَمَا نَسُوا التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ وَاللَّهِ مَا كُنَّا نقضي السورة حتى تنزل بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ قَالَ عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ صَلَّيْتُ خَلْفَ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فَكَانَ يَجْهَرُ بِ بِسْمِ الله الرحمان الرَّحِيمِ وَبِ آمِينَ وَأَمَّا مَا حَكَيْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ السَّلَفِ فِي هَذَا الْبَابِ فَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ صَلَّى لِلنَّاسِ بِالْمَدِينَةِ الْعَتَمَةَ فلم يقرأ بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ وَلَمْ يُكَبِّرْ بَعْضَ هَذَا التَّكْبِيرِ الَّذِي يُكَبِّرُ النَّاسُ فَلَمَّا انْصَرَفَ نَادَاهُ مَنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ

وَالْأَنْصَارِ فَقَالُوا يَا مُعَاوِيَةُ أَسُرِقَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نسيت أين بسم الله الرحمان الرحيم والله أَكْبَرُ حِينَ تَهْوِي سَاجِدًا فَلَمْ يَعُدْ مُعَاوِيَةُ لِذَلِكَ بَعْدُ وَرَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَلَّى بِنَا معاوية صلاة يجهر فيه بِالْمَدِينَةِ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ سعيد ابن جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ قَالَ أُمُّ الْقُرْآنِ قَالَ وَقَرَأَهَا عَلَيَّ سَعِيدٌ كَمَا قَرَأْتُهَا عَلَيْكَ ثم قال بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ الْآيَةُ السَّابِعَةُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ أَخْرَجَهَا اللَّهُ لَكُمْ وَمَا أَخْرَجَهَا لِأَحَدٍ مِنْ قَبْلِكُمْ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَقَرَأَهَا عَلَيْنَا ابْنُ جريج بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ آيَةٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ آيَةٌ الرحمان الرحيم آية ملك يَوْمِ الدِّينِ آيَةٌ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ آيَةٌ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ آيَةٌ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ آيَةٌ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يفتتح ب بسم الله الرحمان الرحيم)

قَالَ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ مولى التوءمة أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَفْتَتِحُ بِ بِسْمِ الله الرحمان الرَّحِيمِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَانَ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِ بِسْمِ الله الرحمان الرَّحِيمِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَدَعُ بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ يَسْتَفْتِحُ بِهَا لِأُمِّ الْقُرْآنِ وَالسُّورَةِ الَّتِي بَعْدَهَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ كان يجهر ب بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ لَا أَدَعُ بِسْمِ الله الرحمان الرَّحِيمِ فِي مَكْتُوبَةٍ وَتَطَوُّعٍ أَبَدًا إِلَّا نَاسِيًا لِأُمِّ الْقُرْآنِ وَلِلسُّورَةِ الَّتِي بَعْدَهَا قَالَ وَهِيَ آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ جَعْدَةَ اخْتَلَسَ الشَّيْطَانُ مِنَ الْأَيِمَّةِ آية بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ قَالَ وَأَخْبَرَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كان يفتتح ب بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ وَيَقُولُ هِيَ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تركها الناس

قَالَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ نَسِيَ النَّاسُ بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ وَهَذَا التَّكْبِيرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ وَمُجَاهِدٍ وَيَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ كَانَ عِنْدَهُمْ تَرْكَ بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ فَهَذَا مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ فَحَدِيثُ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لعبدي إقرأوا يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْحَدِيثَ عَلَى حسبما بَيَّنَّا مِنْهُ فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا الْبَابِ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أبا بكر ولا عمر يقرؤون بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَالظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ إسقاط بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ مِنْهَا وَتَأْوِيلُ الْمُخَالِفِ فِيهَا بَعِيدٌ إِذْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُمْ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِعْلَامٌ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقْرَءُونَ هَذِهِ السُّورَةَ فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِمْ وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَالُوا وَإِنَّمَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ رَدُّ قول من قال إن غيرها من سوء الْقُرْآنِ يُغْنِي عَنْهَا قَالُوا وَحَدِيثُ أَنَسٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِ قَتَادَةَ يَقُولُونَ فِيهِ كَانُوا لا يقرءون بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ وَبَعْضُ رُوَاتِهِ عَنْ أَنَسٍ يَقُولُ فِيهِ كانوا يقرؤون بسم الله الرحمان الرحيم

وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وعثمان يقرؤون الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالُوا فَحَدِيثُ أَنَسٍ هَذَا وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ عَلَى مَا وَصَفْنَا قَالُوا وَحَدِيثُ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ لَا يَثْبُتُ أَيْضًا لِأَنَّهُ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ قَالُوا وَالْعَلَاءُ بْنُ عبد الرحمان قَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ قَالُوا وَأَمَّا قَوْلُ مَنِ احْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْمُعَوِّذَاتِ وَفِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَيْضًا مَوْجُودٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَكَذَلِكَ الِاخْتِلَافُ فِي تَأْوِيلِ كَثِيرٍ مِنْ آيِ الْقُرْآنِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ غَيْرُ مَا نَزَعَ بِهِ الْمُخَالِفُ مِنْ ظَاهِرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عمر العلاء بن عبد الرحمان ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ لِأَحَدٍ حُجَّةٌ وَهُوَ حُجَّةٌ فِيمَا نَقَلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَدِيثُهُ فِي هَذَا الْبَابِ يقضي بأن بسم الله الرحمان الرحيم ليست آية فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَهُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عِنْدَ التَّنَازُعِ بِالرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي هَذَا الْبَابِ وَسَلَكَ الْخَلَفُ سَبِيلَهُمْ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِيهِ وَحَدِيثُ الْعَلَاءِ هَذَا قَاطِعٌ لِتَعَلُّقِ الْمُتَنَازِعِينَ وَهُوَ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أصبغ قال حدثنا محمد ابن عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وحدثنا عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَيْبَةَ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو خليفة

الْجُمَحِيُّ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرحمان عن حفص ابن عَاصِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي فَلَمْ آتِهِ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي قُلْتُ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي قَالَ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ عَزَّ وجل يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُعَلِّمُكَ أَفْضَلَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ قَالَ فَلَمَّا ذَهَبَ يَخْرُجُ ذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَسْمِيَةُ السُّورَةِ بِ الْحَمْدُ لله رب العالمين وفيه أنها السبع الثماني وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَجُوزُ فِيهَا الْكَلَامُ وَلَا الِاشْتِغَالُ بِغَيْرِهَا مَا دَامَ فِيهَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُعَنِّفْهُ إِذْ قَالَ لَهُ كُنْتُ أُصَلِّي بَلْ سَكَتَ عَنْهُ تَسْلِيمًا لِذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَقْطَعِ الصَّلَاةَ بِكَلَامٍ وَلَا عَمَلٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَيْرُهُ أَحْرَى بِذَلِكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لعطاء أيجزىء عَنِّي فِي كُلِّ رَكْعَةٍ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ وَلَيْسَ مَعَهَا أُمُّ الْقُرْآنِ فِي الْمَكْتُوبَةِ قَالَ لَا وَلَا سُورَةُ الْبَقَرَةِ قَالَ اللَّهُ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي فَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي قلت فأين السابعة قال بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ قَالَ وَكَانَ عَطَاءٌ يُوجِبُ أُمَّ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ

الحديث الثالث

حديث ثالث للعلاء بن عبد الرحمان مالك عن العلاء بن عبد الرحمان بْنِ يَعْقُوبَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ مَوْلَى عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادَى أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ لَحِقَهُ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى يَدِهِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ من باب المسجد فقال إني لأرجوا أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى تَعْلَمَ سُورَةً مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلَهَا قَالَ أُبَيٌّ فَجَعَلْتُ أُبْطِئُ فِي الْمَشْيِ رَجَاءَ ذَلِكَ ثُمَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ السُّورَةُ الَّتِي وَعَدْتَنِي قَالَ كَيْفَ تَقْرَأُ إِذَا افْتَتَحْتَ الصَّلَاةَ قَالَ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ هَذِهِ السُّورَةُ وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ لَا يُوقَفُ لَهُ عَلَى اسْمٍ وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ وَصَفْوَانُ بن سليم والعلاء ابن عبد الرحمان وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَرِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُهُ هَذَا مُرْسَلٌ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بْنِ الْمُعَلَّى وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ الْمُعَلَّى رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ لَا يُوقَفُ لَهُ أَيْضًا عَلَى اسْمٍ رَوَى عَنْهُ حَفْصُ بْنُ عَاصِمٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَلَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ الْعَلَاءِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَخَالَفَهُ فِيهِ غَيْرُهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الْعَلَاءِ فَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ عَجْلَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الْعَلَاءِ مُرْسَلًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ إسماعيل ومحمد ابنا جعفر ابن أَبِي كَثِيرٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَفْصٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا وَرَوَاهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أُبَيِّ ابن كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حفص قال حدثنا العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بْنِ كَعْبٍ أَلَا أُعَلِّمُكَ سُورَةً لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ فِي تَارِيخِهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ القاسم عن العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم على أبي ابن كَعْبٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أُبَيُّ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ وَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ إِنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ خَفَّفَ الصَّلَاةَ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَعَلَيْكَ

السَّلَامُ مَا مَنَعَكَ يَا أُبَيُّ أَنْ تُجِيبَنِي إِذْ دَعَوْتُكَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتُ أُصَلِّي قَالَ أَفَلَسْتَ تَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ أَنِ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَعُودُ أَبَدًا قَالَ أَيْ أُبَيُّ أَتُحِبُّ أَنْ أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنِّي لَا أَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْبَابِ حَتَّى تَعْلَمَهَا قَالَ ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي يُحَدِّثُنِي وَأَنَا أَتَبَطَّأُ مَخَافَةَ أَنْ يَبْلُغَ الْبَابَ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْبَابِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ السُّورَةُ الَّتِي وَعَدْتَنِي قَالَ كَيْفَ تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ أُمَّ الْقُرْآنِ قَالَ هِيَ هَذِهِ السُّورَةُ وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى بْنِ رَاشِدٍ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أُبَيِّ بن كعب قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُعَلِّمُكَ سُورَةً مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلَهَا قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَقَالَ لَعَلَّكَ أَلَّا تَخْرُجَ مِنْ هَذَا الْبَابِ حَتَّى تَعْلَمَهَا قَالَ وَقَامَ فَأَخَذَ بِيَدِي يَمْشِي فَجَعَلْتُ أَتَبَاطَأُ بِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَخْرُجَ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَنِي فَلَمَّا تَقَرَّبَ مِنَ الْبَابِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ السُّورَةُ الَّتِي وَعَدْتَنِي قَالَ كَيْفَ تَقْرَأُ إِذَا قُمْتَ تُصَلِّي فَقَرَأْتُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَقَالَ هِيَ هِيَ وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ مُنَادَاةِ مَنْ فِي الصَّلَاةِ لِيُجِيبَ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ دُعِيَ بِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لَا يُجِيبُ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنَ الْأُصُولِ فِي الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَمَا يَجُوزُ فِيهَا مَا يُضْبَطُ بِهِ مِثْلُ هَذَا وَشِبْهُهُ مِنَ الْفُرُوعِ وَفِيهِ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْيَدِ وَهَذَا يُسْتَحْسَنُ مِنَ الْكَبِيرِ لِلصَّغِيرِ لِأَنَّ فِيهِ تَأْنِيسًا وَتَأْكِيدًا لِلْوُدِّ وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى الْعِلْمِ وَحِرْصُهُ حَمْلِهِ عَلَى قَوْلِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ السُّورَةُ الَّتِي وَعَدْتَنِي وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِقَوْلِهِ كَيْفَ تَقْرَأُ إِذَا افْتَتَحْتَ الصَّلَاةَ قَالَ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَقَالَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى سُقُوطِ الِاسْتِعَاذَةِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ قَالَ وَدَلِيلٌ أَيْضًا على سقوط قراءة بسم الله الرحمان الرَّحِيمِ وَفِي ذَلِكَ اعْتِرَاضٌ لِلْمُخَالِفِ لِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَيْفَ تَقْرَأُ فَأَجَابَهُ بِمَا يَفْتَتِحُ بِهِ الْقِرَاءَةَ لَكِنَّ الظَّاهِرَ مَا قَالَ بِهِ أَصْحَابُنَا لِأَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ قِرَاءَةٌ وَالتَّوْجِيهُ قِرَاءَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ تُقْرَأُ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ وَحُكْمُ كُلِّ رَكْعَةٍ كَحُكْمِ أَوَّلِ رَكْعَةٍ فِي الْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنَّهُ افْتَتَحَهَا بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا مِنْ وُجُوهِ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُخَرَّجُ فِي التَّفْسِيرِ الْمُسْنَدِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ أَنَّ السَّبْعَ الْمَثَانِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ قِيلَ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالتَّأْوِيلِ

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي أَنَّهَا فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا السَّبْعُ الطُّوَلُ الْبَقَرَةُ وَآلُ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءُ وَالْمَائِدَةُ وَالْأَنْعَامُ وَالْأَعْرَافُ وَالْأَنْفَالُ وَبَرَاءَةٌ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِيهَا حُدُودُ الْقُرْآنِ وَالْفَرَائِضِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَثْبَتُ عَنْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ أَحْسَنُهَا حديث شعبة عن حبيب بن عبد الرحمان عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بْنِ الْمُعَلَّى وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا وَعِنْدَ شُعْبَةَ فِي هَذَا حَدِيثٌ آخَرُ رواه عن العلاء ابن عبد الرحمان حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَلَاءَ بن عبد الرحمان يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَا السَّبْعُ الْمَثَانِي الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي قَالَ هِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ تُثَنَّى فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَكْتُوبَةٍ وَتَطَوُّعٍ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ العلاء بن عبد الرحمان بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عن أبي كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ مِثْلُ أُمِّ الْقُرْآنِ وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَهِيَ مَقْسُومَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سأل

الحديث الرابع

اخْتُلِفَ عَلَى الْعَلَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا تَرَى فِي الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ وَأَظُنُّهُ كَانَ فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ جَوَّدَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَبِاللَّهِ التوفيق حديث رابع للعلاء بن عبد الرحمان مالك عن العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الخطى إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ طَرْحُ الْعَالِمِ الْعِلْمَ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ وَابْتِدَاؤُهُ إِيَّاهُ بِالْفَائِدَةِ وَعَرَضُهَا عَلَيْهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَحْسَنِ مَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ فَالْإِسْبَاغُ الْإِكْمَالُ وَالْإِتْمَامُ فِي اللُّغَةِ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهرة

وَبَاطِنَةً يَعْنِي أَتَمَّهَا عَلَيْكُمْ وَأَكْمَلَهَا وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ أَنْ تَأْتِيَ بِالْمَاءِ عَلَى كُلِّ عُضْوٍ يَلْزَمُكَ غَسْلُهُ وَتَعُمَّهُ كُلَّهُ بِالْمَاءِ وَجَرِّ الْيَدِ وَمَا لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ بِالْمَاءِ مِنْهُ فَلَمْ تَغْسِلْهُ بل مسحته ومن سمح عُضْوًا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ فَلَا وُضُوءَ لَهُ وَلَا صَلَاةَ حَتَّى يَغْسِلَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِغَسْلِهِ على حسبما وَصَفْتُ لَكَ فَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَى الْمَكَارِهِ فَقِيلَ أَرَادَ الْبَرْدَ وَشِدَّتَهُ وَكُلَّ حَالٍ يُكْرِهُ الْمَرْءُ فِيهَا نَفْسَهُ فَدَفَعَ وَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ فِي تَكْسِيلِهِ إِيَّاهُ عَنِ الطَّاعَةِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ فَالرِّبَاطُ هُنَا مُلَازَمَةُ الْمَسْجِدِ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الْعَيْنِ الرِّبَاطُ مُلَازَمَةُ الثُّغُورِ قَالَ وَالرِّبَاطُ مُوَاظَبَةُ الصَّلَاةِ أَيْضًا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا جعفر ابن مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَحُطُّ اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الخطى إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا سُنَيْدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي

هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ على المكاره وكثرة الخطى إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ قَالَ سُنَيْدٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ عن داود ابن صالح عن أبي سلمة بن عبد الرحمان قَالَ مَا كَانَ الرِّبَاطُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ نَزَلَتْ فِي انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ يَعْنِي قَوْلَهُ يا ايها الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا قَالَ وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ كُرْدُوسٍ الْكِنْدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي صَخْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ يَقُولُ اصْبِرُوا عَلَى دِينِكُمْ وَصَابِرُوا الْوَعْدَ الَّذِي وَعَدْتُكُمْ وَرَابِطُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ حَتَّى يَتْرُكَ دِينَهُ لِدِينِكُمْ وَاتَّقُونِي فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِذَا لَقِيتُمُونِي غَدًا قَالَ وَأَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ صَابِرُوا الْمُشْرِكِينَ وَرَابِطُوا فِي سَبِيلِ اللَّهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى عَنِ الحرث بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي الْمَكَارِهِ وَإِعْمَالُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ تَغْسِلُ الْخَطَايَا غَسْلًا

الحديث الخامس

حديث خامس للعلاء بن عبد الرحمان مالك عن العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنِ الْإِزَارِ فَقَالَ أَنَا أُخْبِرُكَ بِعِلْمٍ سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إِزْرَةُ الْمُسْلِمِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ مَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا (هَكَذَا رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الْعَلَاءِ) لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ فِيهِ أَحَدٌ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ (عَنْهُ) كَمَا رَوَاهُ مَالِكٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ سَالِمٍ الْأَيْلِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُمَيَّةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ فِيمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِزَارِ فَهُوَ فِي الْقَمِيصِ يَعْنِي مَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْقَمِيصِ فِي النَّارِ كَمَا قَالَ فِي الْإِزَارِ وَقَدْ روى أبو خيثمة زُهَيْرِ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ السَّبِيعِيَّ يَقُولُ أَدْرَكْتُهُمْ وَقُمُصُهُمْ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ وَكُمُّ أَحَدِهِمْ لَا يجاوز يده

قَالَ أَبُو عُمَرَ تَكْمِيشُ الْإِزَارِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ كَانَتِ الْعَرَبُ تَمْدَحُ فَاعِلَهُ ثُمَّ جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَسَنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ يَرْثِي أَخَاهُ وَيَمْدَحُهُ ... قَلِيلُ التَّشَكِّي لِلْمُصِيبَاتِ حَافِظٌ ... مَعَ الْيَوْمِ أَدْبَارَ الْأَحَادِيثِ فِي غَدِ ... ... كَمِيشُ الْإِزَارِ خَارِجٌ نِصْفُ سَاقِهِ ... ... صَبُورٌ عَلَى الضَّرَّاءِ طَلَّاعُ أَنْجُدِ ... صَبَا مَا صَبَا حَتَّى إِذَا شَابَ رَأْسُهُ ... وَأَحْدَثَ حِلْمًا قَالَ لِلْبَاطِلِ ابْعَدِ ... ... ... ... وَرَحِمَ اللَّهُ إِسْحَاقَ بْنَ سُوَيْدٍ حَيْثُ يَقُولُ ... إِنَّ الْمُنَافِقَ لا تصفوا خَلِيقَتُهُ ... ... فِيهَا مَعَ الْهَمْزِ إِيمَاضٌ وَإِيمَاءُ ... ... عَابُوا عَلَى مَنْ يَرَى تَشْمِيرَ أُزُرِهِمُ ... ... وَخُطَّةُ الْعَائِبِ التشمير حمقاء ... عدوهم كل قار مؤمن وَرِعٍ ... وَهُمْ لِمَنْ كَانَ شِرِّيبًا أَخِلَّاءُ

وَقَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ فِي رِثَائِهِ لِأَخِيهِ ... تَرَاهُ كَنَصْلِ السَّيْفِ يَهْتَزُّ لِلنَّدَى ... وَلَيْسَ عَلَى العكبين مِنْ ثَوْبِهِ فَضْلُ ... وَقَالَ الْعَرَجِيُّ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَأَتْنِي خَضِيبَ الرَّأْسِ شَمَّرْتُ مِئْزَرِي ... وَقَدْ عَهِدَتْنِي أَسْوَدَ الرَّأْسِ مُسْبِلَا ... ... فَقَالَتْ لِأُخْرَى دُونَهَا تَعْرِفِينَهُ ... أَلَيْسَ بِهِ قَالَتْ بَلَى مَا تَبَدَّلَا ... ... سِوَى أَنَّهُ قَدْ لَاحَتِ الشَّمْسُ لَوْنَهُ ... وَفَارَقَ أَشْيَاعَ الصِّبَا وَتَبَتَّلَا ... ... أَمَاطَتْ كِسَاءَ الْخَزِّ عَنْ حُرِّ وَجْهِهَا ... وَأَرْخَتْ عَلَى الْخَدَّيْنِ بُرْدًا مُهَلْهَلَا ... ... مِنَ اللَّائِي لَمْ يَحْجُجْنَ يَبْغِينَ حِسْبَةً ... ... وَلَكِنْ لِيَقْتُلْنَ البرئ الْمُغَفَّلَا ... ... وَأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعُجَيْرُ السَّلُولِيُّ وَكُنْتُ إِذَا دَاعٍ دَعَا لِمَعُونَةٍ ... أُشَمِّرُ حَتَّى يُنْصِفَ الساق مئزري

قوله لمعونة أي الضيافة قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ جَاءَتْ عَنِ الْعَرَبِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ مَعُونَةٌ وَهِيَ مِنْ أَعَانَ يُعِينُ وَمَثُوبَةٌ وَهِيَ مِنْ أَثَابَ يُثِيبُ وَمَضُوفَةٌ مِنْ أَضَافَ يُضِيفُ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ فُضُولَ الثِّيَابِ وَيَقُولُ فُضُولُ الثِّيَابِ فِي النَّارِ وَسُئِلَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَمَّا جَاءَ فِي إِسْبَالِ الْإِزَارِ أَذَلِكَ فِي الْإِزَارِ خَاصَّةً فَقَالَ بَلَى فِي الْقَمِيصِ وَالْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ وَالْعِمَامَةِ وَقَالَ طَاوُسٌ الرِّدَاءُ فَوْقَ الْقَمِيصِ وَالْقَمِيصُ فَوْقَ الْإِزَارِ وَرُوِيَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فَفِي النَّارِ مِنَ الثِّيَابِ فَقَالَ وَمَا ذَنْبُ الثِّيَابِ بَلْ هُوَ مِنَ الْقَدَمَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجُرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ وَبَطَرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُسْبِلُ إِزَارَهُ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُسْبِلُ إِزَارَهُ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ إِنِّي رَجُلٌ حَمْشُ السَّاقَيْنِ قِيلَ ذَلِكَ لَعَلَّهُ أُذِنَ لَهُ كَمَا أُذِنَ لِعَرْفَجَةَ أَنْ يَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ فَيَتَجَمَّلُ به

الحديث السادس

وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ قَالَ كَانَتْ قُمُصُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَثِيَابُهُ فِيمَا بَيْنَ الْكَعْبِ وَالشِّرَاكِ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ ذَهَبَ إِلَى أَنْ يَسْتَغْرِقَ الْكَعْبَيْنِ كَمَا إِذْ قِيلَ فِي الْوُضُوءِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ اسْتَغْرَقَهُمَا وَكَانَ الِاحْتِيَاطُ أَنْ يُقَصِّرَ عَنْهُمَا إِلَّا أَنَّ مَعْنَى هَذَا مُخَالِفٌ لِمَعْنَى الْوُضُوءِ وَلَكِنَّ عُمَرَ لَيْسَ مِنْهُمْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ لَسْتَ مِنْهُمْ أَيْ لَسْتَ مِمَّنْ يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ وَبَطَرًا وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى مُكَرَّرًا فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثٌ سادس للعلاء بن عبد الرحمان مالك عن العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ وَإِسْحَاقَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم إذا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَائْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا فَإِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ فِي إِسْنَادِهِ وَلَا فِي مَتْنِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ أَجَلُّهَا مَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سلمة ابن عبد الرحمان وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَائْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا إبراهيم ابن حَمْزَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرحمان أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَائْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ قَالَ الزُّبَيْدِيُّ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمَعْمَرٌ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ بإسناده قالوا وما افتكم فأتموا وقال ابن عيينة وحده وما افتكم فَاقْضُوا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سلمة وجعفر بن ربيعة عن العرج عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَتِمُّوا وَكَذَلِكَ رَوَى ابْنُ مسعود وابو قَتَادَةَ وَأَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتِمُّوا وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ فَرُوِيَ عنه فأتموا وفاقضوا

قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سعد ابن إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ائْتُوا الصَّلَاةَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ فَصَلُّوا مَا أَدْرَكْتُمْ وَاقْضُوا مَا سَبَقَكُمْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَأَبُو رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاقْضُوا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ فَإِنَّهُ أَرَادَ بِالتَّثْوِيبِ هَهُنَا الْإِقَامَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَقَدْ بَانَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ التَّثْوِيبَ الْمَذْكُورَ فِي حَدِيثِ الْعَلَاءِ هُوَ الْإِقَامَةُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ فَالسَّعْيُ هَهُنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمَشْيُ بِسُرْعَةٍ وَالِاشْتِدَادُ فِيهِ وَالْهَرْوَلَةُ هَذَا هُوَ السَّعْيُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَمِنْهُ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَدْ يَكُونُ السَّعْيُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْعَمَلُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وإن سَعْيَكُمْ لَشَتَّى وَنَحْوُ هَذَا كَثِيرٌ ذَكَرَ سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ السَّعْيُ الْعَمَلُ

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ لِمَنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ فَرَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ الْإِقَامَةَ وَهُوَ بِالْبَقِيعِ فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ طُرُقٍ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُهَرْوِلُ إِلَى الصَّلَاةِ وَفِي إِسْنَادِهِ عَنْهُ لِينٌ وَضَعْفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا سُنَيْدُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لَوْ قَرَأْتُ فَاسْعَوْا لَسَعَيْتُ حَتَّى يَسْقُطَ رِدَائِي وَكَانَ يَقْرَأُ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهِيَ قِرَاءَةُ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ أَحَقُّ مَا سَعَيْنَا إِلَيْهِ الصَّلَاةُ رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَرُوِيَ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَعَبْدِ الرحمان بْنِ يَزِيدَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُهَرْوِلُونَ إِلَى الصَّلَاةِ فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ مَنْ خَافَ الْفَوْتَ سَعَى وَمَنْ لَمْ يَخَفْ مَشَى عَلَى هَيْئَتِهِ وَرَوَى وَكِيعٌ عَنِ المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمان قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَائْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا

وَرَوَى الْمَسْعُودِيُّ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَإِنَّا لَنُقَارِبُ بَيْنَ الْخُطَى وَرَوَى أَبُو الْأَشْهَبِ جَعْفَرُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَسْرَعْتُ فِي الْمَشْيِ فَحَبَسَنِي وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَامْشِ إِلَيْهَا كَمَا كُنْتَ تَمْشِي فَصَلِّ مَا أَدْرَكْتَ وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا تَرَى وعلى القول بظاهر حديث النبي فِي هَذَا الْبَابِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِهِ قَالَ سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْإِسْرَاعِ فِي الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ إِذَا أُقِيمَتْ قَالَ لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا مَا لَمْ يَسْعَ أَوْ يَخِبَّ قَالَ وَسُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَخْرُجُ إِلَى الْحَرَسِ فَيَسْمَعُ مُؤَذِّنَ الْمَغْرِبِ فِي الْحَرَسِ فَيُحَرِّكُ فَرَسَهُ لِيُدْرِكَ الصَّلَاةَ قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَقَالَ إِسْحَاقُ إِذَا خَافَ فَوَاتَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْعَى قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا زَجَرَ عَنِ السَّعْيِ مَنْ خَافَ الْفَوْتَ قَالَ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا فَالْوَاجِبُ أَنْ يَأْتِيَ الصَّلَاةَ مَنْ خَافَ فَوْتَهَا وَمَنْ لَمْ يَخَفْ ذلك فالوقار والسكينة وترك السعي وتقريب الخطى لِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَهُوَ

الْحُجَّةُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا عَلَى مَا رَوَى مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا أَدْرَكَ الْمُصَلِّي مَعَ إِمَامِهِ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَأَمَّا مَالِكٌ فَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِيمَا أَدْرَكَ الْمُصَلِّي مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ هَلْ هُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ أَوْ آخِرُهَا فَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ مِنْهُمُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّ مَا أَدْرَكَ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَلَكِنَّهُ يَقْضِي مَا فَاتَهُ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنَ الْمَذْهَبِ وَقَالَ ابن خواز بنداد وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالطَّبَرِيِّ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَرَوَى أَشْهَبُ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ عِيسَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَا أَدْرَكَ فَهُوَ آخِرُ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ قال أبو عمر هكذا حكى ابن خواز بنداد عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الَّذِي يَقْضِيهِ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَكَذَلِكَ يَقْرَأُ فِيهَا وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا مَعَهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثُمَّ يَقُومُ إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَيَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ فِيمَا يَقْضِي فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا فَكَيْفَ يَصِحُّ مَعَ هَذَا الْمَذْهَبِ الدَّعْوَى عَلَى مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنَّ مَا أَدْرَكَ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ بَلِ الظَّاهِرُ الصَّحِيحُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ مَا أَدْرَكَ آخِرُ صَلَاتِهِ وَأَمَّا الْبِنَاءُ فَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَبْنِي فِيهِ عَلَى صَلَاةِ نَفْسِهِ وَلَا يَجْلِسُ إِلَّا حَيْثُ يَجِبُ لَهُ إِذَا قَامَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيُّ

بِأَنْ قَالَ مَا أَدْرَكَ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَقَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ وَالْقِرَاءَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً وَكَذَلِكَ صَرَّحَ الْأَوْزَاعِيُّ بِأَنَّ مَا أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَأَظُنُّهُمْ رَاعَوْا الْإِحْرَامَ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَالتَّشَهُّدُ وَالتَّسْلِيمُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي آخِرِهَا فَمِنْ هَهُنَا قَالُوا إِنَّ مَا أَدْرَكَ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يَصْنَعُ فِيمَا يَقْضِي مِثْلَ مَا يَصْنَعُ الْإِمَامُ فيه وقال الحسن بن حي فيهما ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَوَّلُ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوَّلُ صَلَاتِكَ وَآخِرُ صَلَاةِ الْإِمَامِ آخِرُ صَلَاتِكَ إِذَا فَاتَكَ بَعْضُ صَلَاتِهِ وَأَمَّا الْمُزَنِيُّ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ فَقَالُوا مَا أَدْرَكَ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ يَقْرَأُ فِيهِ مع الإمام بالحمد لِلَّهِ وَسُورَةٍ إِنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مَعَهُ وَإِذَا قَامَ لِلْقَضَاءِ قَرَأَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهَا فِيمَا يَقْضِي لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ آخِرُ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ فَهَؤُلَاءِ اطَّرَدَ عَلَى أَصْلِهِمْ قَوْلُهُمْ وَفِعْلُهُمْ وَأَمَّا السَّلَفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ بِأَسَانِيدَ ضِعَافٍ مَا أَدْرَكْتَ فَاجْعَلْهُ آخِرَ صَلَاتِكَ وَثَبَتَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَكْحُولٍ وَعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا أَدْرَكْتَ فَاجْعَلْهُ أَوَّلَ صَلَاتِكَ وَالَّذِي يَجِيءُ عَلَى أُصُولِهِمْ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُمْ نَصٌّ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْمُزَنِيُّ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ مَا أَدْرَكْتَ فَاجْعَلْهُ آخِرَ صَلَاتِكَ وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَابْنِ سِيرِينَ مِثْلُ ذَلِكَ وَذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّ مَالِكًا وَالثَّوْرِيَّ وَالشَّافِعِيَّ وَأَحْمَدَ بِهَذَا يَقُولُونَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ ظَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِمْ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْقَضَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ مَا أَدْرَكَ هُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا قَالُوا وَالتَّمَامُ هو الآخر واحتج الآخرون بقوله ما فَاتَكُمْ فَاقْضُوا قَالُوا وَالَّذِي يَقْضِيهِ هُوَ الْفَائِتُ وَالْحُجَجُ مُتَسَاوِيَةٌ لِكِلَا الْمَذْهَبَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ إِلَّا أَنَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى فَأَتِمُّوا أَكْثَرُ وَأَمَّا مَنْ جَعَلَ مَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ فَلَيْسَ يَطَّرِدُ فِيهِ وَيَسْتَقِيمُ إِلَّا مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَالْمُزَنِيُّ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ وَالسَّدَادُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ ابْنِ أبي سلمة والمزني في هذا الْمَسْأَلَةِ أَسْقَطَ سُنَّةَ الْجَهْرِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَسُنَّةَ السُّورَةِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ إِمَامَهُ قَدْ جَاءَ بِذَلِكَ وَحَصَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى سُنَّتِهَا فِي سِرِّهَا وَجَهْرِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهَا وَإِنَّمَا هَذَا كَرَجُلٍ أَحْرَمَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ ثُمَّ انْحَنَى فَلَا يُقَالُ لَهُ أَسْقَطْتَ سُنَّةَ الْوُقُوفِ وَالْقِرَاءَةِ وَكَرَجُلٍ أَدْرَكَ مَعَ إِمَامِهِ رَكْعَةً فَجَلَسَ مَعَهُ فِي مَوْضِعِ قِيَامِهِ أَوِ انْفَرَدَ فَلَا يُقَالُ لَهُ أَسَأْتَ أَوْ أَسْقَطْتَ شَيْئًا وَحَسْبُهُ إِذَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ أَنْ يأتي بها على سنة آخرها ولا يضره مَا سَبَقَهُ إِمَامُهُ فِي أَوَّلِهَا لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِ إِمَامِهِ وَإِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ أَرَأَيْتَ قَوْلَ مَنْ قَالَ يَجْعَلُ مَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَمَنْ قَالَ يَجْعَلُهُ آخِرَ صَلَاتِهِ أَيُّ شَيْءٍ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قَالَ مِنْ أَجْلِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا يَقْضِي قُلْتُ لَهُ فَحَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَيِّ الْقَوْلَيْنِ يَدُلُّ عِنْدَكَ قَالَ عَلَى أَنَّهُ يَقْضِي مَا فَاتَهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا مَا أَدْرَكْتُمْ وَاقْضُوا مَا سَبَقَكُمْ وَقَدِ احْتَجَّ دَاوُدُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي التَّشَهُّدِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا أَوْ فَاقْضُوا قَالُوا فَالَّذِي فَاتَهُ رَكْعَتَانِ لَا أَرْبَعٌ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ مَا فَاتَهُ وَيُتِمَّ صلاته

الحديث السابع

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَعَمْرِي إِنَّ هَذَا لَوَجْهٌ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَا يُعَارِضُهُ وَيَنْقُضُهُ لَكِنْ لَمَّا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ كَانَ فِي هَذَا الْقَوْلِ دَلِيلٌ كَالنَّصِّ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَلَمْ يُدْرِكِ الصَّلَاةَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكِ الْجُمُعَةَ يُصَلِّي أَرْبَعًا عَلَى أَنَّ دَاوُدَ قَدْ جَعَلَ مِثْلَ هَذَا الدَّلِيلِ أَصْلًا جَارِيًا فِي الْأَحْكَامِ وَتَرَكَ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ هَهُنَا لِمَا ذَكَرْنَا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثٌ سَابِعٌ للعلاء بن عبد الرحمان مالك عن العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُنْبَذَ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ رَبِيعَةَ وَغَيْرِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نهى أن ينبذ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ وَهَكَذَا رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ والتِّنِّيسِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَقُتَيْبَةُ وَجَمَاعَتُهُمْ

الحديث الثامن

قَالَ أَبُو عُمَرَ النَّبْذُ الرَّمْيُ وَالتَّرْكُ وَالنَّبِيذُ الْمَنْبُوذُ قَالَ الْقُطَامِيُّ ... فَهُنَّ يَنْبِذْنَ مِنْ قَوْلٍ يُصِبْنَ بِهِ ... مَوَاقِعَ الْمَاءِ مِنْ ذِي الْغُلَّةِ الصادي ... حديث ثامن للعلاء بن عبد الرحمان مالك عن العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْمَقْبَرَةِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا بِإِخْوَانِكَ قَالَ بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تعرف من يأتي بعدك من أمتك قال ارأيت لو كانت لرجل خيل غر محلجة فِي خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ فَلَا يُذَادَنَّ رَجُلٌ عن

حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ أَلَا هَلُمَّ أَلَا هَلُمَّ أَلَا هَلُمَّ فَيُقَالُ إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ فَسُحْقًا فَسُحْقًا فَسُحْقًا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِبَاحَةُ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَقَابِرِ وَزِيَارَةِ الْقُبُورِ وَهَذَا (أَمْرٌ) مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لِلرِّجَالِ وَمُخْتَلَفُ فِيهِ لِلنِّسَاءِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ رَبِيعَةَ وَمَضَى الْقَوْلُ فِي زِيَارَةِ النِّسَاءِ لِلْمَقَابِرِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ فِيهِ مِنَ الْأَثَرِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وَجْهَ لِتَكْرَارِ ذَلِكَ هَهُنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْمَقْبَرَةِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ فَقَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ وَحَدِيثُ الْعَلَاءِ هَذَا مِنْ أَحْسَنِهَا إِسْنَادًا وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا مَرَّ عَلَى الْقُبُورِ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ غَفَرَ اللَّهُ الْعَظِيمُ لَنَا وَلَكُمْ وَرَحِمَنَا وَإِيَّاكُمْ

وَقَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَيَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَكَمٍ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَى الْمَقْبَرَةِ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ أَتَانَا وَإِيَّاكُمْ مَا تُوعَدُونَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ أَرْوَاحَ الْمَوْتَى عَلَى أَفَنِيَةِ الْقُبُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَلَامِهِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ نَادَى أَهْلَ الْقَلِيبِ بِبَدْرٍ وَقَالَ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُجِيبُوا قِيلَ إِنَّ هَذَا خُصُوصٌ وَقِيلَ إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مَقْبُورِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَمَا أَدْرِي مَا هَذَا وَقَدْ رَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ فِي الْمَيِّتِ حِينَ يُقْبَرُ أَنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ وَهَذِهِ أُمُورٌ لَا يُسْتَطَاعُ عَلَى تَكْيِيفِهَا وَإِنَّمَا فِيهَا الِاتِّبَاعُ وَالتَّسْلِيمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَنْبَغِي لِمَنْ دَخَلَ الْمَقْبَرَةَ أَنْ يُسَلِّمَ وَيَقُولَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا حَرَجَ وَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَجْهِ الِاعْتِبَارِ وَالْفِكْرَةِ فِي حَالِ الْأَمْوَاتِ

حدثنا عبد العزيز بن عبد الرحمان قال حدثنا أحمد بن مطرف وحثدنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ (مُحَمَّدِ) بْنِ عُثْمَانَ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا شريك عن عاصم بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فَقَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّبَعْتُهُ فَأَتَى الْبَقِيعَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ وَإِنَّا بِكُمْ لَاحِقُونَ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أُجُورَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ وَذَكَرَ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ عِمْرَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ هَاشِمٍ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ صَخْرِ بْنِ أَبِي سُمَيَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَامَ عَلَى بَابِ عَائِشَةَ مَرَّةً وَقَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَتِ وَرَوَيْنَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ دَخَلَ المقابر فاستغفر لأهل القبور وترحم على الموات فَكَأَنَّمَا شَهِدَ جَنَائِزَهُمْ وَصَلَّى عَلَيْهِمْ وَقَالَ الْحَسَنُ مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ فَقَالَ اللَّهُمَّ رَبَّ الْأَجْسَادِ الْبَالِيَةِ وَالْعِظَامِ النَّخِرَةِ إِنَّهَا خَرَجَتْ مِنَ الدُّنْيَا وَهِيَ بِكَ مُؤْمِنَةٌ فَأَدْخِلْ عَلَيْهَا رُوحًا مِنْكَ وَسَلَامًا مِنِّي كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِعَدَدِهِمْ حَسَنَاتٍ وَأَظُنُّ قَوْلَهُ وَسَلَامًا مِنِّي مَأْخُوذًا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الْمَقَابِرِ فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى أَهْلِ الْقُبُورِ رَفَعَ صَوْتَهُ فَنَادَى يَا أَهْلَ الْقُبُورِ أَتُخْبِرُونَا عَنْكُمْ أَوْ نُخْبِرُكُمْ خَبَرَ مَا عِنْدَنَا أَمَّا خَبَرُ مَا قِبَلَنَا فَالْمَالُ قَدِ اقْتُسِمَ وَالنِّسَاءُ قَدْ تَزَوَّجْنَ وَالْمَسَاكِنُ قَدْ سَكَنَهَا قَوْمٌ غَيْرُكُمْ هَذَا خَبَرُ مَا قِبَلَنَا فَأَخْبِرُونَا خَبَرَ مَا قَبِلَكُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَوِ اسْتَطَاعُوا أن يجيبوا لقالوا لم نر زادا خير مِنَ التَّقْوَى وَهَذَا كُلُّهُ مَرَّ عَلَى سَبِيلِ الاعتبار وما يذكر إلا ألولو الْأَبْصَارِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ خَرَجَ رَجُلٌ فِي يَوْمٍ فِيهِ دِفْءٌ فَأَتَى الْجَبَّانَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَتَى قَبْرًا فَاتَّكَأَ عَلَيْهِ فَسَمِعَ صوتا ارتفع عني ولا تؤذيني إنكم تقولون ولا تعلمون ونحن نعلم ولانقول لَأَنْ يَكُونَ لِي مِثْلُ رَكْعَتَيْكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا وَرَوَيْنَا عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ بَيْنَا أَنَا أَمْشِي فِي الْمَقَابِرِ إذا إنا بهاتف يهتف من روائي يَقُولُ يَا ثَابِتُ لَا يُغَرَّنَّكَ سُكُوتُنَا فَكَمْ مِنْ مَغْمُومٍ فِيهَا قَالَ فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا وَرُوِّينَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْقُبُورِ أَخْبَارُ مَا عِنْدَنَا أَنَّ نِسَاءَكُمْ قَدْ تَزَوَّجْنَ وَدُورَكُمْ قَدْ سُكِنَتْ وَأَمْوَالَكُمْ قَدْ فُرِّقَتْ فَأَجَابَهُ هَاتِفٌ يَا عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ أَخْبَارُ مَا عِنْدَنَا أَنَّ مَا قَدَّمْنَاهُ قَدْ وَجَدْنَاهُ وَمَا أَنْفَقْنَاهُ فَقَدْ رَبِحْنَاهُ وَمَا خَلَّفْنَاهُ فَقَدْ خَسِرْنَاهُ

وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنَ النَّظْمِ قَوْلُ أَبِي الْعَتَاهِيَةِ ... أَهْلَ الْقُبُورِ عَلَيْكُمْ مِنِّي السَّلَامُ ... إِنِّي أُكَلِّمُكُمْ وَلَيْسَ بِكُمْ كَلَامُ ... ... لَا تَحْسَبُوا أَنَّ الْأَحِبَّةَ لَمْ يَسُغْ ... مِنْ بَعْدِكُمْ لَهُمُ الشَّرَابُ وَلَا الطَّعَامُ ... ... كَلَّا لَقَدْ رَفَضُوكُمْ وَاسْتَبْدَلُوا بِكُمُ ... وَفَرَّقَ ذَاتَ بَيْنِكُمُ الْحِمَامُ ... ... وَالْخَلْقُ كُلُّهُمُ كَذَلِكَ فَكُلُّ مَنْ ... قَدْ مَاتَ لَيْسَ لَهُ عَلَى حَيٍّ ذِمَامُ ... وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ فَفِي مَعْنَاهُ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مَرْدُودٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ دار قوم مؤمنين أي وإنا بكم لا حقون مُؤْمِنِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ يُرِيدُ فِي حَالِ إِيمَانٍ لِأَنَّ الْفِتْنَةَ لَا يَأْمَنُهَا مُؤْمِنٌ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَاجْنُبْنِي وبين أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ وَقَوْلِ يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْوَاجِبَاتِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهَا كَالْمَوْتِ وَالْكَوْنِ فِي الْقَبْرِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الشَّكِّ وَلَكِنَّهَا لُغَةُ الْعَرَبِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ وَالشَّكُّ لَا سَبِيلَ إِلَى إِضَافَتِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (تَعَالَى) عَنْ ذَلِكَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَدِدْتُ أَنِّي رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لسنا بِإِخْوَانِكَ قَالَ بَلَى أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ فَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ إِخْوَانَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ أَصْحَابِهِ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ رَأَوْهُ وَصَحِبُوهُ مُؤْمِنِينَ

وَإِخْوَانُهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَلَمْ يَرَوْهُ وَقَدْ جَاءَ مَنْصُوصًا عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِخْوَانُ وَالْإِخْوَةُ هُنَا مَعْنَاهُمَا سَوَاءٌ وَقَدْ قُرِئَتْ إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم وبين إخوتكم وبين إِخْوَانِكُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قرأ بهذه الثلاث قرأ بين أخويكم وإخوتكم وإخوانكم قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ وَقَوْلِهِ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ إِلَّا أَنَّ الْعَامَّةَ أُولِعَتْ بِأَنْ تَقُولَ إِخْوَتِي فِي النَّسَبِ وَإِخْوَانِي فِي الصَّدَاقَةِ وَمِمَّنْ قَرَأَ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ إِخْوَانِكُمْ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَعَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَيَعْقُوبَ إِخْوَتِكُمْ وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ أَخَوَيْكُمْ عَلَى اثْنَيْنِ فِي اللَّفْظِ (وَأَمَّا الْأَصْحَابُ فَمَنْ صَحِبَكَ وَصَحِبْتَهُ وَجَائِزٌ أَنْ يُسَمَّى الشَّيْخُ صَاحِبًا لِلتِّلْمِيذِ وَالتِّلْيِمذُ صَاحِبًا لِلشَّيْخِ وَالصَّاحِبُ الْقَرِينُ الْمُمَاشِي الْمُصَاحِبُ فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ أَصْحَابٌ وَصَحَابَةٌ) حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أبي رافع بمصر قال حدثنا إسماعيل إبن إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أنتم أصحابي وإخواني الذين آمنوا بين وَلَمْ يَرَوْنِي هَذَا إِسْنَادٌ لَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَقَالٌ إِلَّا الْأَحْوَصَ بْنَ حَكِيمٍ فَإِنَّ ابْنَ مَعِينٍ وَطَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ ضَعَّفُوهُ وَقَالُوا عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُوَثِّقُهُ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَأَبُو عَوْنٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ أَجْمَعُوا أَنَّهُ ثِقَةٌ وَسَائِرُ مَنْ فِي الْإِسْنَادِ أَئِمَّةٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ الْغِفَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ مَرَرْتُ يَوْمًا أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمٍ يُقَالُ لَهُ يُوسُفُ أَوْ أَبُو يُوسُفَ عَلَى رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرحمان فَقَالَ لَهُ أَبُو يُوسُفَ يَا أَبَا عُثْمَانَ إِنَّا لَنَجِدُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنَ الْحَدِيثِ مَا لَا نَجِدُ عِنْدَكَ فَقَالَ إِنَّ عِنْدِي حَدِيثًا كَثِيرًا وَلَكِنَّ رَبِيعَةَ بْنَ الْهُدَيْرِ أَخْبَرَنِي وَكَانَ يَلْزَمُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ طَلْحَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا قَطُّ غَيْرَ حَدِيثٍ واحد قال ربيعة بن أبي عبد الرحمان لربيعة ابن الهدير وما هو قَالَ لِي طَلْحَةُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى حَرَّةِ وَاقِمٍ وَتَدَلَّيْنَا مِنْهَا فَإِذَا قُبُورٌ مَجْبَنَةٌ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ قُبُورُ إِخْوَانِنَا قَالَ هَذِهِ قُبُورُ أَصْحَابِنَا ثُمَّ مَشَيْنَا حَتَّى جِئْنَا قُبُورَ الشُّهَدَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ قُبُورُ إِخْوَانِنَا قَالَ أبو عمر هذا حيث صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبُورِ الشُّهَدَاءِ هَذِهِ قُبُورُ إِخْوَانِنَا وَمَعْلُومٌ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي الشُّهَدَاءِ فِي عَصْرِهِ أَنَا شَهِيدٌ عَلَيْهِمْ

وَقَدْ رَوَى الْحُمَيْدِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْنٍ الْغِفَارِيِّ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْنٍ الْغِفَارِيِّ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَخْبَرَنَا بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد ابن يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ الْغِفَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ مَرَّ هُوَ وَرَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو يُوسُفَ مِنْ بَنِي تَيْمٍ على ربيعة بن أبي عبد الرحمان فقال له أبو يوسف إنا لنجد غَيْرِكَ مِنَ الْحَدِيثِ مَا لَا نَجِدُ عِنْدَكَ فَقَالَ أَمَا إِنَّ عِنْدِي حَدِيثًا كَثِيرًا وَلَكِنَّ رَبِيعَةَ بْنَ الْهُدَيْرِ حَدَّثَنِي وَكَانَ يَلْزَمُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا قَطُّ غَيْرَ حديث واحد قال ربيعة بن عبد الرحمان وَمَا هُوَ قَالَ قَالَ لِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى حَرَّةِ وَاقِمٍ قَالَ فَتَدَلَّيْنَا مِنْهَا فَإِذَا قُبُورٌ بِمَجْبَنَةٍ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قُبُورُ إِخْوَانِنَا هَذِهِ قَالَ قُبُورُ أَصْحَابِنَا ثُمَّ خَرَجْنَا وَأَتَيْنَا قُبُورَ الشهداء فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ قُبُورُ إِخْوَانِنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ حَرَّةُ وَاقِمٍ هِيَ الْحَرَّةُ الَّتِي كَانَتْ بِهَا الْوَقِيعَةُ يَوْمَ الْحَرَّةِ بِالْمَدِينَةِ أَوْقَعَهَا بِهِمْ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ أَيَّامَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَإِيَّاهَا عَنَى الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ ... فَإِنْ تَقْتُلُونَا يَوْمَ حَرَّةِ وَاقِمٍ ... فَنَحْنُ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوَّلُ مَنْ قُتِلَ ... قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ لَا أَحْفَظُ لِدَاوُدَ بْنِ خَالِدٍ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ مَدَنِيٌّ حَسَنُ الْإِسْنَادِ مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ عِنْدَهُمْ ثِقَةٌ وَدَاوُدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ بِجَرْحَةٍ وَلَا ضَعَّفَهُ أَحَدٌ مِنْ نَقَلَةِ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَنْ آمَنَ بِكَ وَلَمْ يَرَكَ (وَصَدَّقكَ وَلَمْ يَرَكَ) فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ إِخْوَانُنَا أُولَئِكَ مَعَنَا طُوبَى لَهُمْ طُوبَى لَهُمْ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوما فعقد وَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا عُمَرُ إِنِّي أَشْتَاقُ إِلَى إِخْوَانِي فَقَالَ عُمَرُ أَلَسْنَا بِإِخْوَانِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا وَلَكِنَّكُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانِي قَوْمٌ آمَنُوا بِي وَلَمْ يَرَوْنِي أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد ابن إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْفَرَائِضِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ عَنْ همام عن قتادة عن أنس عن أبي أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي وَطُوبَى سبع مرات لمن لم يراني وَآمَنَ بِي وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وآمن بي وطوبى سبعا لمن لم يراني وآمن بي

وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي مُسْنَدِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ أخبرنا بجميعه أحمد بن سعيد ابن بِشْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِجَازَةً عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ قَاسِمٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ وَذَكَرَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يعقوب بن عبد الرحمان عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي حُبًّا لِي نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَمِنْ مُسْنَدِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتَدْرُونَ أَيُّ الْخَلْقِ أَفْضَلُ إِيمَانًا قُلْنَا الْمَلَائِكَةُ قَالَ وَحُقَّ لَهُمْ بَلْ غَيْرُهُمْ قُلْنَا الْأَنْبِيَاءُ قَالَ حُقَّ لَهُمْ بَلْ غَيْرُهُمْ قُلْنَا الشُّهَدَاءُ قَالَ هُمْ كَذَلِكَ وَحُقَّ لَهُمْ بَلْ غَيْرُهُمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الْخَلْقِ إِيمَانًا قَوْمٌ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي يَجِدُونَ وَرَقًا فَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ هُمْ أَفْضَلُ الْخَلْقِ إِيمَانًا وَحَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن المتني قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول أَنْبِئُونِي بِأَفْضَلِ أَهْلِ الْإِيمَانِ إِيمَانًا قُلْنَا الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا تَقَدَّمَ وَذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ أَيُّ النَّاسِ أَعْجَبُ إِيمَانًا قَالُوا الْمَلَائِكَةُ قَالَ وَكَيْفَ لَا تُؤْمِنُ الْمَلَائِكَةُ وَالْأَمْرُ فَوْقَهُمْ قَالُوا الْأَنْبِيَاءُ قَالَ وَكَيْفَ لَا تُؤْمِنُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَمْرُ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً قَالُوا فَنَحْنُ قَالَ كَيْفَ لا

تُؤْمِنُونَ وَأَنْتُمْ تَرَوْنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَوْنَ ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَعْجَبُ النَّاسِ إِيمَانًا قَوْمٌ يَأْتُونَ بَعْدِي يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي أُولَئِكَ إِخْوَانِي حَقًّا وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ تَفْسِيرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ بَيِّنٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيات الله وفيكم رسوله وروى مال عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي الْأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلٍ بَيْنَهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ وَرَوَى فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى كِلَاهُمَا غَيْرُ مَرْفُوعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ مَرْزُوقِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي جُمُعَةَ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ أَحَدٌ خَيْرٌ مِنَّا قَالَ نَعَمْ قَوْمٌ يَجِيئُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ فَيَجِدُونَ كِتَابًا بَيْنَ لَوْحَيْنِ يُؤْمِنُونَ بِمَا فِيهِ وَيُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يروني

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو جُمُعَةَ لَهُ صُحْبَةٌ فَاسْمُهُ حَبِيبُ بْنُ سِبَاعٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِمَا يَنْبَغِي عَنْ ذِكْرِهِ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَصَالِحُ بْنُ جُبَيْرٍ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ رَوَى عَنْهُ قَوْمٌ جُلَّةٌ مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدٍ حَاجِبُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ شَيْخُ مَالِكٍ وَمَرْزُوقُ بْنُ نَافِعٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَرَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرُهُمْ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ السِّجِسْتَانِيُّ الدَّارِمِيُّ سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ جُبَيْرٍ كَيْفَ هُوَ فَقَالَ ثِقَةٌ وَرَوَى أَبُو ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أَمَامَكُمْ أَيَّامًا الْفَائِزُ فِيهِنَّ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِمْ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِهِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْهُمْ قَالَ بَلْ مِنْكُمْ وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ بَلْ مِنْكُمْ قَدْ سَكَتَ عَنْهَا بَعْضُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يَذْكُرْهَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي حُبًّا لِي قَوْمًا يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لو يعطيى مَالَهُ وَأَهْلَهُ وَيَرَانِي قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ عَارَضَ قَوْمٌ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ بِمَا جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنُ الْمَخْرَجِ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي بِمُعَارَضٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ بدليل

مَا يَجْمَعُ الْقَرْنُ مِنَ الْفَاضِلِ وَالْمَفْضُولِ وَقَدْ جَمَعَ قَرْنُهُ مَعَ السَّابِقِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ جَمَاعَةً مِنَ الْمُنَافِقِينَ الْمُظْهِرِينَ لِلْإِيمَانِ وَأَهْلَ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ أَقَامَ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى بَعْضِهِمُ الْحُدُودَ وَقَالَ لَهُمْ مَا تَقُولُونَ فِي الشَّارِبِ وَالسَّارِقِ وَالزَّانِي وَقَالَ مُوَاجَهَةً لِمَنْ هُوَ فِي قَرْنِهِ لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نِصْفَهُ وَقَالَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فِي عَمَّارٍ لَا تَسُبَّ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ مَنْ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِمْ كَانَ مِثْلَهُمْ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ هُمُ الَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَشَهِدُوا بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ وَهَذَا كُلُّهُ يَشْهَدُ أَنَّ خَيْرَ قَرْنِهِ فَضْلًا أَصْحَابُهُ وَأَنَّ قَوْلَهُ خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي أَنَّهُ لَفْظٌ خَرَجَ عَلَى الْعُمُومِ وَمَعْنَاهُ الْخُصُوصُ وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ أَنَّهُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي الصَّالِحِينَ مِنْهُمْ وَأَهْلُ الْفَضْلِ هُمْ شُهَدَاءُ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالُوا وَإِنَّمَا صَارَ أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَيْرَ الْقُرُونِ لِأَنَّهُمْ آمَنُوا حِينَ كَفَرَ النَّاسُ وَصَدَّقُوهُ حِينَ كَذَّبَهُ النَّاسُ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَآوَوْهُ وواسوه بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَقَاتَلُوا غَيْرَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ حَتَّى أَدْخَلُوهُمْ فِي الْإِسْلَامِ وَقَدْ قِيلَ فِي تَوْجِيهِ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَعَ قَوْلِهِ خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي إِنَّ قَرْنَهُ إِنَّمَا فُضِّلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا غُرَبَاءَ فِي إِيمَانِهِمْ لِكَثْرَةِ الْكُفَّارِ وَصَبْرِهِمْ عَلَى أَذَاهُمْ وَتَمَسُّكِهِمْ بِدِينِهِمْ وَإِنَّ آخِرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِذَا أَقَامُوا الدِّينَ وَتَمَسَّكُوا بِهِ وَصَبَرُوا عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِمْ فِي حِينِ ظُهُورِ الشَّرِّ وَالْفِسْقِ

وَالْهَرْجِ وَالْمَعَاصِي وَالْكَبَائِرِ كَانُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَيْضًا غُرَبَاءَ وَزَكَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَمَا زَكَتْ أَعْمَالُ أَوَائِلِهِمْ وَمِمَّا يَشْهَدُ لِهَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ وَيَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي الخُشَنِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَيَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أمتي كالمطر لا يدرى أوله خير أَمْ آخِرُهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ اللَّهُ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَمَا تِلْكَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَإِظْهَارِ دِينِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَلَيْسَ هُوَ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ لِصَبْرِهِ عَلَى الذُّلِّ وَالْفَاقَةِ وَإِقَامَةِ الدِّينِ وَالسُّنَّةِ وَرَوَيْنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ كَتَبَ إِلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ اكْتُبْ إِلَيَّ بِسِيرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِأَعْمَلَ بِهَا فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَالِمٌ إِنْ عملت بسيرة عمر فإنها فضل عُمَرَ لِأَنَّ زَمَانَكَ لَيْسَ كَزَمَانِ عُمَرَ وَلَا رِجَالُكُ كَرِجَالِ عُمَرَ قَالَ وَكَتَبَ إِلَى فُقَهَاءِ زَمَانِهِ فَكُلُّهُمْ كَتَبَ إِلَيْهِ بِمِثْلِ قَوْلِ سَالِمٍ وَقَدْ عَارَضَ بَعْضُ الْجُلَّةِ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَيْرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ وَيُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ

النَّاسِ خَيْرٌ قَالَ مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ قَالَ فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ قَالَ مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى الله عليه وسلم أمتي كالمطر لا يدرى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ فَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ مِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا حامد بن يحيى الأبح قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أمتي كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخره وَبِهِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا صَاحِبٌ لَنَا عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ أُمَّتِي كَالْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ وَذَكَرَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الْأَبَجُّ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمتي كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخِرُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير قال سمعت يحيى ابن مَعِينٍ يَقُولُ حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الْأَبَحُّ ثِقَةٌ قال بو عُمَرَ مَنْ قَبْلَهُ وَمَنْ بَعْدَهُ يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ حُجَّةٌ عِنْدَهُمْ فِي نَقْلِهِمْ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ لُبَابَةَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو

زيد عبد الرحمان بن إبراهيم قال حدثنا أبو عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ عَنْ عبد الرحمان بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ أَبِي عَبْدِ الرحمان ابن زِيَادٍ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أُمَّتِي كَالْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ عَنْهُ هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِّيُّ هَذَا ثِقَةٌ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ السِّجِسْتَانِيُّ بمصر قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرَّفَّاءُ بِهَرَاةَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الْقَزْوِينِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُغِيرَةَ السُّكَّرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي مُسْنَدِ حَدِيثِ مَالِكٍ لَهُ فَقَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْهَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ السُّكَّرِيُّ بِهَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ وَرَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمَّا عُرِضَتِ الْأُمَمُ عَلَيْهِ فَرَأَى أُمَّتَهُ سَوَادًا كَثِيرًا فَرِحَ فَقِيلَ لَهُ بِأَنَّ لَكَ سِوَى هَؤُلَاءِ مِنْ أُمَّتِكَ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمُ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ لِبَعْضٍ مَنْ تَرَوْنَ هَؤُلَاءِ

فقالوا ما نراهم إلا قوم وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَعَمِلُوا بِالْإِسْلَامِ حَتَّى مَاتُوا عَلَيْهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَلْ هم الذين لا يسترقرون وَلَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَالَ عُكَاشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَقْتَضِي مَعَ تَوَاتُرِ طُرُقِهَا وَحُسْنِهَا التَّسْوِيَةَ بَيْنَ أَوَّلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَآخِرِهَا وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي الزَّمَنِ الْفَاسِدِ الَّذِي يُرْفَعُ فِيهِ الْعِلْمُ وَالدِّينُ مِنْ أَهْلِهِ وَيَكْثُرُ الْفِسْقُ وَالْهَرْجُ وَيُذَلُّ الْمُؤْمِنُ وَيُعَزُّ الْفَاجِرُ وَيَعُودُ الدِّينُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ وَيَكُونُ الْقَائِمُ فِيهِ بِدِينِهِ كَالْقَابِضِ على الجمر فيتسوي حنيئذ أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِآخِرِهَا فِي فَضْلِ الْعَمَلِ إِلَّا أَهْلَ بَدْرٍ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَنْ تَدَبَّرَ آثَارَ هَذَا الْبَابِ بَانَ لَهُ الصَّوَابُ وَاللَّهُ يُؤْتِي فَضْلَهُ مَنْ يَشَاءُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ فَالْفَرَطُ وَالْمُتَفَارِطُ هُوَ الْمَاشِي الْمُتَقَدِّمُ أَمَامَ الْقَوْمِ إِلَى الْمَاءِ (هَذَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَا فَرَطُكُمْ يَقُولُ أَنَا أَمَامَكُمْ وَأَنْتُمْ وَرَائِي تَتْبَعُونِي وَاسْتَشْهَدَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ عَلَى قَوْلِهِ الْفَارِطُ الْمُتَقَدِّمُ إِلَى الْمَاءِ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ ... فَأَثَارَ فَارِطُهُمْ غُطَاطًا جُثَّمَا ... ... أَصْوَاتُهُ كَتَرَاطُنِ الْفَرَسِ) ... ... قَالَ وَقَالَ الْقُطَامِيُّ ... فَاسْتَعْجَلُونَا وَكَانُوا مِنْ صَحَابَتِنَا كَمَا تَعَجَّلَ فُرَّاطٌ لِوُرَّادِ ... ... وَقَالَ لَبِيدٌ ... فَوَرَدْنَا قَبْلَ فراط القطا ... إن من روي تغليس النهل

وَقَالَ آخَرُ وَمَنْهَلٌ وَرَدْتُهُ الْتِقَاطَا ... لَمْ أَلْقَ إذ وردته فراطا ... ... إلا القطا أو بدا غطاطا ... وقال ابن هرمة ... ذهب الذين أحبهم فرطا ... وبقيت كالمغمر فِي خَلَفِ ... (الْفَارِطُ السَّائِرُ إِلَى الْمَاءِ أَيْ أَغْلَسَ وَمَشَى بِلَيْلٍ وَالنَّهَلُ الشَّرْبَةُ الْأُولَى) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين مَاتَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ لَوْلَا أَنَّهُ وَعْدٌ صَادِقٌ وَأَنَّ الْمَاضِيَ فَرَطٌ لِلْبَاقِي وَقَالَ لَهُ أَيْضًا الْحَقْ بِفَرَطِنَا عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ قَالَ الْخَلِيلُ الْقِطَاطُ طَيْرٌ يُشْبِهُ الْقِطَّ وَالْأَوَابِدُ الطَّيْرُ الَّتِي لَا تَبْرَحُ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا مِنْ بُلْدَانِهَا وَالْقَوَاطِعُ الَّتِي تَقْطَعُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ فِي زَمَنٍ بَعْدَ زَمَنٍ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ وَالصُّنَابِحُ بْنُ الْأَعْسَرِ وَجُنْدُبٌ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحَادِيثَ الْحَوْضِ فِي بَابِ خُبَيْبٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَلَيُذَادَنَّ فَمَعْنَاهُ لَيُبْعَدَنَّ وليطردن

قَالَ زُهَيْرٌ ... وَمَنْ لَا يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلَاحِهِ ... يُهَدَّمْ وَمَنْ لَا يَظْلِمِ النَّاسَ يُظْلَمِ ... ... ... ... وقال الراجز ... ياخوي نَهْنِهَا وَذُودَا ... إِنِّي أَرَى حَوْضَكُمَا مَوْرُودَا ... ... ... وَأَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى فَلَا يُذَادَنَّ عَلَى النَّهْيِ فَقِيلَ إِنَّهُ قَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ نَافِعٍ وَمُطَرِّفٌ وَقَدْ خَرَّجَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مَعْنًى لِرِوَايَةِ يَحْيَى وَمَنْ تَابَعَهُ أَيْ لَا يَفْعَلُ أَحَدٌ فِعْلًا يُطْرَدُ بِهِ عَنْ حَوْضِي وَمِمَّا يُشْبِهُ رِوَايَةَ يَحْيَى هَذِهِ وَيَشْهَدُ لَهَا مَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا فرطم عَلَى الْحَوْضِ مَنْ وَرَدَ عَلَيَّ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا أَلَا لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونَنِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ وَهَذَا فِي مَعْنَى رِوَايَةِ يَحْيَى وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ هَذَا فَقَالَ وَلَيَرِدَنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ قَوْمٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونَنِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ قاسم بن عبد الرحمان وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغِيثٍ قَالَا حدثنا محمد بن معاوية بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةَ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْمَقْبَرَةِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ وَدِدْتُ أَنِّي رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا قَالُوا يَا

رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا بِإِخْوَانِكَ قَالَ بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك قَالَ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ فِي خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ فَلَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ أَلَا هَلُمَّ أَلَا هَلُمَّ فَيُقَالُ إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ فَسُحْقًا فَسُحْقًا وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأُمَمَ أَتْبَاعَ الأنبياء لا يتوضأون مِثْلَ وُضُوئِنَا عَلَى الْوَجْهِ فَالْيَدَيْنِ فَالرِّجْلَيْنِ لِأَنَّ الْغُرَّةَ فِي الْوَجْهِ وَالتَّحْجِيلَ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ هَذَا مَا لَا مَدْفَعَ فِيهِ عَلَى هَذَا الحديث إلا أن يتأؤل مُتَأَوِّلٌ هَذَا الْحَدِيثَ أَنَّ وُضُوءَ سَائِرِ الْأُمَمِ لَا يُكْسِبُهَا غُرَّةً وَلَا تَحْجِيلًا وَأَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ بُورِكَ لَهَا فِي وُضُوئِهَا بِمَا أُعْطِيَتْ مِنْ ذَلِكَ شَرَفًا دَائِمًا وَلِنَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَسَائِرِ فَضَائِلِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ كَمَا فُضِّلَ نَبِيُّهَا بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ وَغَيْرِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يكون الأنبياء يتوضؤون فيكسبون بذلك الغرة والتحجيل ولا يتوضأ أبتاعهم ذَلِكَ الْوُضُوءَ كَمَا خُصَّ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَشْيَاءَ دُونَ أُمَّتِهِ مِنْهَا نِكَاحُ مَا فَوْقَ الْأَرْبَعِ وَالْمَوْهُوبَةِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَالْوِصَالُ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ فَضَائِلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنْ تُشْبِهَ كُلُّهَا الْأَنْبِيَاءَ كَمَا جَاءَ عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ أَجِدُ أُمَّتَهُ كُلَّهُمْ كَالْأَنْبِيَاءِ فَاجْعَلْهَا أُمَّتِي قَالَ تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ أَسْلَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَاجِيَةَ حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ يُونُسَ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ

عَلِيٍّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ رَافِعٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يُحَدِّثُ أَنَّهُ رَأَى فِي الْمَنَامِ أَنَّ النَّاسَ جُمِعُوا لِلْحِسَابِ ثُمَّ دُعِيَ الْأَنْبِيَاءُ مَعَ كُلِّ نَبِيِّ أُمَّتُهُ وَأَنَّهُ رَأَى لِكُلِّ نَبِيٍّ نُورَيْنِ يَمْشِي بَيْنَهُمَا ولمن ابتعه مِنْ أُمَّتِهِ نُورًا وَاحِدًا يَمْشِي بِهِ حَتَّى دُعِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا شَعْرُ رَأْسِهِ وَوَجْهُهُ نُورٌ كُلُّهُ يَرَاهُ كُلُّ مَنْ نَظَرَ إِلَيْهِ وَإِذَا لِمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ أَمَّتِهِ نُورَانِ كَنُورِ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ كَعْبٌ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ أَنَّهَا رُؤْيَا مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا أَعْلَمَكَ بِهِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهَا رُؤْيَا فَنَاشَدَهُ كَعْبٌ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ رَأَيْتَ مَا تَقُولُ مَنَامًا فَقَالَ نَعَمْ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ فَقَالَ كَعْبٌ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ أَوْ قَالَ وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ إِنَّ هَذِهِ لَصِفَةُ أَحْمَدَ وَأُمَّتِهِ وَصِفَةُ الْأَنْبِيَاءِ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَأَنَّ مَا قَرَأْتَهُ مِنَ التَّوْرَاةِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ سَائِرَ الأمم كانوا يتوضوؤن وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا لَا أَعْرِفُهُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَقَالَ هَذَا وُضُوئِي ووضوء الأنبياء قبلي فحديث ضعيف لا يجيئ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ وَلَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ فَكَيْفَ أَنْ يُتَعَارَضَ بِهِ مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي قَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ ثَابِتَةٍ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَئِمَّةِ وَحَدِيثُ هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي فَإِنَّمَا يَدُورُ عَلَى زَيْدِ بْنِ الْحَوَارِيِّ الْعَمِّيِّ وَالِدِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ انْفَرَدَ بِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَيْسَ بِثِقَةٍ وَلَا مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ أَيْضًا فَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَرَابَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحَوَارِيِّ الْعَمِّيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ حَدِيثٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَعَبْدُ الرَّحِيمِ وَأَبُوهُ زَيْدٌ مَتْرُوكَانِ وَالْحَدِيثُ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْفَرَبِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَرَابَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ حَوَارِيٍّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم توضأ فَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً ثُمَّ قَالَ هَذَا وَظِيفَةُ الْوُضُوءِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً إِلَّا بِهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بُكَيْرٍ الْحَدَّادُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَشِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ زَيْدٍ الْعَمِّيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً مَرَّةً وَقَالَ هَذَا وَظِيفَةُ الْوُضُوءِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً إِلَّا بِهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ هَذَا الْفَضْلُ مِنَ الْوُضُوءِ وَيُضْعِفُ اللَّهُ الْأَجْرَ لِصَاحِبِهِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ خَلِيلِ اللَّهِ إِبْرَاهِيمَ وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي وَمَنْ قَالَ بَعْدَ فَرَاغِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل شيء قَدِيرٌ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ هَذَا كُلُّهُ مُنْكَرٌ فِي الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ مَرَّةً مَرَّةً رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ الثِّقَاتِ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ مَرَّةً وَاحِدَةً سَابِغَةً أَجْزَأَهُ وَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ مَرَّةً مَرَّةً فَيَرْغَبُ بِنَفْسِهِ عَنِ الْفَضْلِ الَّذِي قَدْ نَدَبَ غَيْرَهُ إِلَيْهِ أَوْ كَيْفَ كَانَ يَتَوَضَّأُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَيُقَصِّرُ عَنْ ثَلَاثٍ إِذَا كَانَتِ الثَّلَاثُ وُضُوءَ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَتَّبِعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَلَيْسَ يَشْتَغِلُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ وَأَبِيهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تركهما

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ بَعْدَ فَرَاغِهِ يَعْنِي مِنْ وُضُوئِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ فَرُوِيَ بِأَسَانِيدَ صَالِحَةٍ وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُولَةً مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَهَكَذَا يَصْنَعُ الضُّعَفَاءُ يَخْلِطُونَ مَا يُعْرَفُ بِمَا لَا يُعْرَفُ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ سِيَّمَا أُمَّتِي لَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْرِهَا رَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ حُضَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرٌّ مِنَ السُّجُودِ مُحَجَّلُونَ مِنَ الْوُضُوءِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا قاسم ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ جُبَيْرٍ سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ وَأَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ فِي السُّجُودِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ بِرَفْعِ رَأْسِهِ فَأَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيَّ فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ وَأَنْظُرُ عَنْ يَمِينِي فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ وَأَنْظُرُ عَنْ شَمَالِي فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ وَأَنْظُرُ مِنْ خَلْفِي فَأَعْرِفُ أُمَّتِي (فَقَالَ) رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تَعْرِفُ أُمَّتَكَ مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ مَا بَيْنَ نُوحٍ إِلَى

أُمَّتِكَ قَالَ غُرٌّ مُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ وَلَا يَكُونُ مِنَ الْأُمَمِ كَذَلِكَ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ وَذِكْرُ تَمَامِ الْحَدِيثِ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْبَجَلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ الْحِلْيَةُ تَبْلُغُ حَيْثُ انْتَهَى الْوُضُوءُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ تَرَ مَنْ أُمَّتِكَ قَالَ غُرٌّ مُحَجَّلُونَ بُلْقٌ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَشْهَدُ لِمَا قُلْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِنَا فِي هَذَا الْبَابِ فَسُحْقًا فَمَعْنَاهُ فَبُعْدًا وَالسُّحْقُ وَالْبُعْدُ وَالْإِسْحَاقُ وَالْإِبْعَادُ سَوَاءٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ النَّأْيُ وَالْبُعْدُ لَفْظَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِلَّا أَنَّ سحقا وبعدا هكذا إنما تجيئ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ عَلَى الْإِنْسَانِ كَمَا يُقَالُ أَبْعَدَهُ اللَّهُ وَقَاتَلَهُ اللَّهُ وَسَحَقَهُ اللَّهُ وَمَحَقَهُ وَأَسْحَقَهُ أَيْضًا وَمِنْ هَذَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ يَعْنِي بِعِيدٍ وَكُلُّ مَنْ أَحْدَثَ فِي الدِّينِ مَا لَا يَرْضَاهُ اللَّهُ وَلَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ فَهُوَ مِنَ الْمَطْرُودِينَ عَنِ الْحَوْضِ الْمُبْعَدِينَ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَشَدُّهُمْ طَرْدًا مَنْ خَالَفَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَفَارَقَ سَبِيلَهُمْ مِثْلُ الْخَوَارِجِ عَلَى اخْتِلَافِ فِرَقِهَا وَالرَّوَافِضِ عَلَى تَبَايُنِ ضَلَالِهَا وَالْمُعْتَزِلَةِ عَلَى أَصْنَافِ أَهْوَائِهَا فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ يُبَدِّلُونَ وَكَذَلِكَ الظَّلَمَةُ الْمُسْرِفُونَ فِي الْجَوْرِ وَالظُّلْمِ وَتَطْمِيسِ الْحَقِّ وَقَتْلِ أَهْلِهِ وَإِذْلَالِهِمْ وَالْمُعْلِنُونَ بِالْكَبَائِرِ الْمُسْتَخِفُّونَ بِالْمَعَاصِي وَجَمِيعُ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ كُلُّ هَؤُلَاءِ يُخَافُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونُوا عُنُوا بِهَذَا الْخَبَرِ وَلَا يُخَلَّدُ فِي

الحديث التاسع

النَّارِ إِلَّا كَافِرٌ جَاحِدٌ لَيْسَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَكَانَ يُقَالُ تَمَامُ الْإِخْلَاصِ تَجَنُّبُ المعاصي حديث تاسع للعلاء بن عبد الرحمان مالك عن العلاء بن عبد الرحمان عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ قَالُوا فَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا بَنِي كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَأَبُو أُمَامَةَ هَذَا ليس هو أبو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ إِنَّمَا هُوَ أَبُو أُمَامَةَ الْحَارِثِيُّ الْأَنْصَارِيُّ أَحَدُ بَنِي حَارِثَةَ قِيلَ اسْمُهُ إِيَاسُ بْنُ ثَعْلَبَةَ وَقِيلَ ثَعْلَبَةُ بْنُ سُهَيْلٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ ههنا

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ وَهِيَ يَمِينُ الصَّبْرِ الَّتِي يُقْتَطَعُ بِهَا مَالُ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِرِ لِأَنَّ كُلَّ مَا أَوْعَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالنَّارِ أَوْ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَفِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ نَزَلَتْ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ الْأَعْمَشُ وَعَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ وَجَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ فَقَالَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فِيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ وَبَعْضُهُمْ قَالَ فِيهِ (وَبَيْنَ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ خُصُومَةٌ فِي أَرْضٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَلَكَ بَيِّنَةٌ قُلْتُ لَا قَالَ فَيَحْلِفُ صَاحِبُكَ فَقُلْتُ إِذَنْ يَذْهَبُ بِمَالِي فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَرَوَى أَبُو الْأَحْوَصِ وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ مُتَعَمِّدًا فِيهَا لِإِثْمٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا بِغَيْرِ حَقٍّ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله بِمَعْنَاهُ وَرَوَى عَدِيُّ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ فَرْوَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وَرَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَى مَعْقِلُ بْنِ يَسَارٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله

وَرَوَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ مَصْبُورَةٍ كَاذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَرَوَى جَابِرٌ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَجَابِرُ بْنُ عَتِيكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَاهُ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ هَذَا فَيُرْوَى مِنْ وُجُوهٍ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ وَغَيْرِهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ شَدَّادٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقِّهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا قَالَ وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مَنْ أَرَاكٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَأْسٍ إِمْلَاءً قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ الْأَوْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الْوَلِيدِ بنِ كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ أَنَّ أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أُمَامَةَ الْحَارِثِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لا يَقْتَطِعُ رَجُلٌ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا قَالَ وَإِنْ كَانَ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ

كَذَا وَقَعَ فِي كِتَابِ الشَّيْخِ خَلَفِ بْنِ جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَمَنْ قَالَ الْقُرَظِيُّ فَقَدْ أَخْطَأَ وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي كِتَابِهِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَإِعْرَابِهِ وَمَعَانِيهِ الْكِتَابِ الْكَبِيرِ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ مَوْلًى لِبَنِي مَخْزُومٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبِ مَالِكٍ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ الْحَارِثِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ رَجُلٍ يَقْتَطِعُ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا قَالَ وَإِنْ كَانَ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ وَكَانَ ثِقَةً ثَبَتًا عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنِي طَارِقُ بن عبد الرحمان قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبُوهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهَ إِلَى هَذِهِ السَّارِيَةِ سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَأَبُوكَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَأَخُوكَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ قُعُودًا عِنْدَ هَذِهِ السَّارِيَةِ وَنَحْنُ نَذْكُرُ الرَّجُلَ يَحْلِفُ عَلَى مَالِ الْآخَرِ كَاذِبًا يَقْتَطِعُهُ بِيَمِينِهِ فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَتَذَاكَرُ ذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ مَا كُنْتُمْ تَذْكُرُونَ قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ كُنَّا نَذْكُرُ الرَّجُلَ يَحْلِفُ عَلَى مَالِ الْآخَرِ فَيَقْتَطِعُهُ بِيَمِينِهِ كَاذِبًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ أَيُّمَا رجل حلف كاذبا يعني على مال فاقطتعه بِيَمِينِهِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الْجَنَّةُ وَوَجَبَتْ لَهُ النار

قَالَ وَحَدَّثَنَا عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَحَدِ بَنِي حَارِثَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ لَا يَقْتَطِعُ رَجُلٌ مَالَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِيَمِينِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَخَلَطَ فِي إِسْنَادِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ فخطأ وإنما هو معبد ابن كَعْبٍ فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ذلك نصا عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ إِذَا لَمْ يُقْتَطَعْ بِهَا مَالُ أَحَدٍ وَلَمْ يُحْلَفْ بِهَا عَلَى مَالٍ فَإِنَّهَا لَيْسَتِ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا الوعيد والله أعلم وقد تسمى غموسا على القرب وَلَيْسَتْ عِنْدَهُمْ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ كَذْبَةٌ وَلَا كَفَّارَةَ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ فِيهَا إِلَّا الِاسْتِغْفَارُ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَطَائِفَةٌ يَرَوْنَ فِيهَا الْكَفَّارَةَ وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ لَا كَفَّارَةَ لَهَا وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعيُّ وَمَعْمَرٌ وَبَعْضُ التَّابِعِينَ فِيمَا حَكَى الْمَرْوَزِيُّ يَقُولُونَ إِنَّ فِيهَا الْكَفَّارَةَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فِي حِنْثِهِ فَإِنِ اقْتَطَعَ بِهَا مَالَ مُسْلِمٍ فَلَا كَفَّارَةَ لِذَلِكَ إِلَّا أَدَاءُ ذَلِكَ وَالْخُرُوجُ عَنْهُ لِصَاحِبِهِ ثُمَّ يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِمَّا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ غَيْرُهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا كَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا اقْتَطَعَهُ مِنْ مَالِ أَخِيهِ ثُمَّ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُهُ وَهُوَ فِيهِ بِالْخِيَارِ إن شاء غفر له وغن شَاءَ عَذَّبَهُ وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَلَا مَدْخَلَ لَهَا عِنْدَهُمْ فِي الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ إِذَا حَلَفَ بِهَا صَاحِبُهَا عَمْدًا مُتَعَمِّدًا لِلْكَذِبِ وَهَذَا لَا يَكُونُ

إِلَّا فِي الْمَاضِي أَبَدًا وَأَمَّا الْمُسْتَقْبَلُ (فِي) مِنَ الْأَفْعَالِ فَلَا وَسَنَذْكُرُ وُجُوهَ الْأَيْمَانِ الَّتِي تُكَفَّرُ وَالَّتِي لَا تُكَفَّرُ وَمَعَانِيَهَا فِي بَابِ سُهَيْلٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْتَّيَّاحِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ رُفَيْعِ بْنِ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ كُنَّا نَعُدُّ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي لَا كَفَّارَةَ لَهُ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى مَالِ أَخِيهِ كَاذِبًا لِيَقْتَطِعَهُ وَرَوَى يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ تَلَا إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَقَالَ هُوَ الَّذِي يَحْلِفُ لِيَقْتَطِعَ مَالَ أَخِيهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمِسْوَرِ وَبُكَيْرُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ قَالَ سَمِعْتُ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ يَقُولُ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ حِينَ حَلَفَ عَلَيْهَا فَهُوَ مُنَافِقٌ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ فِي قَوْلِهِ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا قَالَ هِيَ الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ قَالَ وَالْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ مِنَ الْكَبَائِرِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَرَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ مِنَ الْكَبَائِرِ ثُمَّ تَلَا إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا إِلَى آخِرِ الآية

الحديث العاشر

وَقَدْ رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ عَنِ الْعَلَاءِ حَدِيثًا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَالِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْعَلَاءِ بن عبد الرحمان بْنِ يَعْقُوبَ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغْ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ مُنْفِقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مُمْحِقَةٌ للكسب حديث عاشر للعلاء بن عبد الرحمان أَسْنَدَهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ وَهُوَ فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ قَوْلِ الْعَلَاءِ وَكَانَ مَالِكٌ يَشُكُّ فِي رَفْعِهِ وَمِثْلُهُ لَا يَكُونُ رَأْيًا وَهُوَ مَحْفُوظٌ مُسْنَدٌ مالك عن العلاء بن عبد الرحمان أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عزا وما تواضع عبد الله إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ قَالَ مَالِكٌ لَا أَدْرِي أَيُرْفَعُ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ لَا هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ مِنْهُمُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَعْنَبِيُّ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ حَدِيثٌ مَحْفُوظٌ لِلْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ هَكَذَا وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ فَلِذَلِكَ كُلِّهِ ذَكَرْنَاهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا جعفر ابن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا زاد عبد بعفو إلا عزا ولاتواضع عَبْدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ وَمَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنِ العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ فَذَكَرَهُ وَحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ إسماعيل بن عبد الرحمان بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ يَحْيَى الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ أَبُو الْحَسَنِ الغَضَائِرِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رفعه الله

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ قال حدثنا إبراهيم بن حماد ابن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاضِي عَمِّي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ رَجُلًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ لِلَّهِ أَحَدٌ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شعبة عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ قَطُّ وَلَا عَفَا رَجُلٌ عَنْ مَظْلَمَةٍ إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا وَلَا تَوَاضَعَ رَجُلٌ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ وبالله التوفيق

تابع لحرف العين

(عطاء الخراساني أبو عثمان وَهُوَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ) قِيلَ عَطَاءُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ عَطَاءُ بْنُ مَيْسَرَةَ مَوْلَى الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ وَقِيلَ مَوْلًى لِهُذَيْلٍ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ أَنَّهُ مَوْلَى الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ أَصْلُهُ مِنْ مَدِينَةِ بَلْخٍ مِنْ خُرَاسَانَ وَسَكَنَ الشَّامَ وَهُوَ يُعَدُّ فِي الشَّامِيِّينَ وَكَانَ فَاضِلًا عَالِمًا بِالْقُرْآنِ عَامِلًا رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرُهُمْ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ مِنَ التَّارِيخِ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ ذَكَرَ ذَلِكَ ضَمْرَةُ وَغَيْرُهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ فَقَالَ نَحْنُ مِنْ أَهْلِ بَلْخٍ قَالَ وَعَطَاءٌ مَوْلَى الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي التَّارِيخِ الْكَبِيرِ وَأَدْخَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ لَهُ وَذَكَرَ حِكَايَةَ أَيُّوبَ عَنِ الْقَاسِمِ بن عاصم قال قلت لسعيد بن المسيب إِنَّ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ حَدَّثَ عَنْكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الَّذِي وَاقَعَ امْرَأَتَهُ فِي رَمَضَانَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ أَوْ بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَقَالَ سَعِيدٌ كَذَبَ مَا حَدَّثْتُهُ إِنَّمَا بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ تَصَدَّقْ تَصَدَّقْ

فَأَدْخَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ لَهُ مِنْ أَجْلِ هَذِهِ الْحِكَايَةِ وَلَيْسَ الْقَاسِمُ بْنُ عَاصِمٍ مِمَّنْ يُجْرَحُ بِقَوْلِهِ وَلَا بِرِوَايَتِهِ مِثْلَ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الْفُضَلَاءِ وَرُبَّمَا كَانَ فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ وَلَهُ أَخْبَارٌ طَيِّبَةٌ عَجِيبَةٌ فِي فَضَائِلِهِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهَا منها ما أخبرنا عبد الوارث ابن سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ (إِبْرَاهِيمَ) بْنِ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ كَانَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ يَتَكَلَّمُ إِذَا صَلَّى بِكَلِمَاتٍ فَغَابَ يَوْمًا فَتَكَلَّمَ المؤذن فقال رجاء ابن حَيْوَةَ اسْكُتْ إِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نَسْمَعَ الْخَبَرَ إِلَّا مِنْ أَهْلِهِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا محمد ابن جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ فَكَانَ يَدْعُو بِدَعَوَاتٍ فَغَابَ فَتَكَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْمُؤَذِّنِينَ قَالَ فَأَنْكَرَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ صَوْتَهُ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَنَا يَا أَبَا الْمِقْدَامِ فَقَالَ اسْكُتْ فَإِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نَسْمَعَ الْخَبَرَ إِلَّا مِنْ أَهْلِهِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ رَوَى مَالِكٌ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَعَطَاءٌ ثِقَةٌ قَدْ رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَسَمِعَ مِنْهُ لِمَالِكٍ عَنْهُ مِنْ مَرْفُوعَاتِ الْمُوَطَّأِ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا مُسْنَدٌ وَالِاثْنَانِ مُرْسَلَانِ

الحديث الأول

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيّ مَالِكٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ بِسُوقِ الْبُرَمِ بِالْكُوفَةِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ قَالَ جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَنْفُخُ تَحْتَ قِدْرٍ لِأَصْحَابِي وَقَدِ امْتَلَأَ رَأْسِي وَلِحْيَتِي قَمْلًا فَأَخَذَ بِجَبْهَتِي ثُمَّ قَالَ احْلِقْ هَذَا الشَّعْرَ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَنْسُكُ بِهِ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَيَقُولُونَ إِنَّ الشَّيْخَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ عطاء الخراساني هذا الحديث عبد الرحمان بْنُ أَبِي لَيْلَى وَهَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ عَبْدَ الرحمان بْنَ أَبِي لَيْلَى أَشْهَرُ فِي التَّابِعِينَ مِنْ أَنْ يَقُولَ فِيهِ عَطَاءٌ حَدَّثَنِي شَيْخٌ وَأَظُنُّ القائل بأنه عبد الرحمان بْنُ أَبِي لَيْلَى لِمَا عُرِفَ أَنَّهُ كُوفِيٌّ وَأَنَّهُ (الَّذِي) يَرْوِي الْحَدِيثَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ظَنَّ أَنَّهُ هُوَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّعْبِيُّ وَأَبُو قِلَابَةَ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُمْ وَكُلُّهُمْ قَالَ فِيهِ انْسُكْ بِشَاةٍ أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ

وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ أَلْفَاظِ الْمُحْدَثِينَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالْحَكَمُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَقَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُهُمْ عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَمَعَكَ دَمٌ قَالَ لَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ فَحَلَقْتُ رَأْسِي وَنَسُكْتُ وَهَذَا مُتَعَارِضٌ وَأَصَحُّ مَا فِيهِ التَّخْيِيرُ فِي النُّسُكِ وَالْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عرجة وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ الشَّيْخُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ فَهُوَ كُوفِيٌّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَلْقَاهُ عَطَاءٌ وَهُوَ أَشْبَهُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا شعبة قال أخبرني عبد الرحمان بْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ قَالَ جَلَسْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْنِي مَسْجِدَ الْكُوفَةِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَقَالَ حَمَلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي فَقَالَ مَا كُنْتُ أَرَى الْجُهْدَ بَلَغَ بِكَ هَذَا مَا عِنْدَكَ شَاةٌ قَالَ قُلْتُ لَا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَقَالَ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ قَالَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيَّ خَاصَّةً وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةٌ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بشار قالا حدثنا محمد ابن جعفر قال حدثنا شعبة عن عبد الرحمان بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ قَعَدْتُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَقَالَ كَعْبٌ فِيَّ نَزَلَتْ وَكَانَ فِيَّ أَذًى مِنْ رَأْسِي فَحَمَلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي فَقَالَ مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ الْجُهْدَ بَلَغَ مِنْكَ مَا أَرَى أَتَجِدُ شَاةً قُلْتُ لَا قَالَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَالصَّوْمُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالصَّدَقَةُ على ستة مساكين لكل مسكن نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ وَالنُّسُكُ شَاةٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر ابن حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عوانة عن عبد الرحمان بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ كُنَّا فِي الْمَسْجِدِ جُلُوسًا فَجَلَسَ إِلَيْنَا كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ فِيَّ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ كَانَ شَأْنُكَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمِينَ فَوَقَعَ الْقَمْلُ فِي رَأْسِي وَلِحْيَتِي وَشَارِبِي حَتَّى تَقَعَ فِي حَاجِبِي فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا كُنْتُ أَرَى بَلَغَ مِنْكَ هَذَا ادْعُ الْحَلَّاقَ فَدَعَا الْحَلَّاقَ فَحَلَقَ رَأْسِي قَالَ هَلْ تَجِدُ مِنْ نَسِيكَةٍ قَالَ لَا قَالَ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ بَيْنَ كُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٌ فَنَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً وللناس عامة

الحديث الثاني

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الشَّيْخُ الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ بِالْكُوفَةِ هَذَا الْحَدِيثَ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ الْكُوفِيَّ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَلْقَاهُ عَطَاءٌ وَهُوَ الْأَشْبَهُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مُمَهَّدًا مَبْسُوطًا فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَبِهِ التَّوْفِيقُ حَدِيثٌ ثَانٍ لِعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ مَالِكٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْرِبُ نَحْرَهُ وَيَنْتِفُ شَعْرَهُ وَيَقُولُ هَلَكَ الْأَبْعَدُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ذَاكَ قَالَ أَصَبْتُ أَهْلِي وَأَنَا صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَعْتِقَ رَقَبَةً فَقَالَ لَا فَقَالَ هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَهْدِيَ بَدَنَةً فَقَالَ لَا قَالَ فَاجْلِسْ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقِ تَمْرٍ فَقَالَ خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ فَقَالَ مَا أَحَدٌ أَحْوَجُ مِنِّي فَقَالَ كُلْهُ وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَ مَا أَصَبْتَ

هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ مُرْسَلًا وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَاهُ مُتَّصِلًا مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَهْدِيَ بَدَنَةً غَيْرُ مَحْفُوظٍ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُسْنَدَةِ الصِّحَاحِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْبَدَنِ أَيْضًا فِي كَفَّارَةِ الْوَاطِئِ فِي رَمَضَانَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَذِكْرُ الْبَدَنَةِ هُوَ الَّذِي أُنْكِرَ عَلَى عَطَاءٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَمَّا ذِكْرُ الرَّقَبَةِ وَذِكْرُ الصَّدَقَةِ بِالْعَرَقِ وَسَائِرُ مَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَمَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ رَاوِيَةِ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رَوَى الْقَاسِمُ بْنُ عَاصِمٍ الْبَصْرِيُّ وَيُقَالُ فِيهِ التَّمِيمِيُّ وَيُقَالُ الْكَلْبِيُّ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كُلَيْبًا فَكُلَيْبٌ فِي تَمِيمٍ وَكَلْبٌ فِي قُضَاعَةَ وَأَيْنَ قُضَاعَةُ مِنْ تَمِيمٍ فَرَوَى الْقَاسِمُ بْنُ عَاصِمٍ هَذَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَذَبَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ فِي حَدِيثِهِ هَذَا وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عِنْدِي فَوْقَ الْقَاسِمِ بْنِ عَاصِمٍ فِي الشُّهْرَةِ يَحْمِلُ الْعِلْمَ وَالْفَضْلَ وَلَيْسَ مِثْلُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْفَهْمِ وَالنَّظَرِ مِمَّنْ يُجْرَحُ بِهِ عَطَاءٌ وَيُدْفَعُ مَا رَوَاهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ عَلَى الْقَاسِمِ فِي حِكَايَتِهِ تِلْكَ فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيَّةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ القاسم بن عاصم قال قلت لسعيد بن الْمُسَيَّبِ مَا حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ عَنْكَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ قال ماهو قُلْتُ فِي الَّذِي وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ هَكَذَا قَالَ فِيهِ حَدَّثَنَا عَنْكَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ

وَرَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عن عمرو بن الحرث عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إِنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ حَدَّثَنِي أَنَّ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ حَدَّثَ عَنْكَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ فَقَالَ لَا أَجِدُهَا فقال قاهد جَزُورًا قَالَ لَا أَجِدُهَا قَالَ فَتَصَدَّقْ بِعِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ قَالَ سَعِيدٌ كَذَبَ الْخُرَاسَانِيُّ إِنَّمَا قُلْتُ تَصَدَّقْ تَصَدَّقْ فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْقَاسِمَ هَذَا قَالَ لِسَعِيدٍ إِنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ حَدَّثَنِي أَنَّ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ حَدَّثَهُ عَنْكَ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الْقَاسِمَ هَذَا قَالَ لِسَعِيدٍ مَا حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ عَنْكَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَهَذَا اضْطِرَابٌ وَبَاطِلٌ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عَاصِمٍ قَالَ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إِنَّ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ حَدَّثَنِي عَنْكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الَّذِي وَاقَعَ امْرَأَتَهُ فِي رَمَضَانَ بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَقَالَ كَذَبَ مَا حَدَّثْتُهُ إِنَّمَا بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ تَصَدَّقْ تَصَدَّق فَهَذِهِ مِثْلُ رِوَايَةِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ وَأَمَّا قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فِي حَدِيثِهِ (هَذَا) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الَّذِي وَاقَعَ امْرَأَتَهُ فِي رَمَضَانَ بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَإِنَّ الرِّوَايَةَ الثَّابِتَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الَّذِي وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ بِالْكَفَّارَةِ عَلَى تَرْتِيبِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ وَغَيْرُهُمْ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ عَلَى تَرْتِيبِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ

وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو أُوَيْسٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَن ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ عَلَى التَّخْيِيرِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا مَعْنَى لِتَكْرِيرِ ذَلِكَ ههنا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَيَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْعَوَّامِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حميد بن عبد الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ جَاءَهُ رَجُلٌ يَنْتِفُ شَعْرَهُ وَيَدْعُو وَيْلَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مَالَكَ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ قَالَ أَعْتِقْ رَقَبَةً قَالَ لَا أَجِدُهَا إن قَالَ صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لَا أَجِدُ قَالَ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَقَالَ خُذْ هَذَا فَأَطْعِمْهُ عَنْكَ سِتِّينَ مسكينا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ لَابَّتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنَّا قَالَ كُلْهُ أَنْتَ وَعِيَالُكَ وَهَكَذَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَقَالَ فِيهِ مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا رُخْصَةً لَهُ خَاصَّةً فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فَعَلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنَ التَّكْفِيرِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْفُقَهَاءِ فِي تَأْوِيلِ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ بِأَكْلِ ذَلِكَ الْعَرَقِ مِنَ التَّمْرِ هُوَ وَعِيَالُهُ وَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ إِذَا أَيْسَرَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذكره ههنا وَأَمَّا ذِكْرُ الْبَدَنَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَهُوَ مَوْجُودٌ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهَا اضْطِرَابٌ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ يُفْتِي بِذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُجَامِعُ فِي رَمَضَانَ يَعْنِي عَامِدًا غَيْرَ مَعْذُورٍ رَقَبَةً أَهْدَى بَدَنَةً إِلَى مَكَّةَ وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُعَلِّمُ

قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ الصَّمَادِحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي فِي رَمَضَانَ قَالَ بِئْسَمَا صَنَعْتَ أَعْتِقْ رَقَبَةً قَالَ لَا أَجِدُهَا قَالَ انْحَرْ بَدَنَةً قَالَ لَا أَجِدُهَا قال اذهب فتصدق بعشرين صاعا إن أَوْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ قَالَ لَا أَجِدُ قَالَ فَجِئْنِي أَتَصَدَّقُ عَنْكَ قَالَ مَا بَيْنَ لَابَّتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنِّي قَالَ اذْهَبْ فَكُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلُكَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ انْحَرْ بَدَنَةً إِذْ قَالَ لَا أَجِدُ رَقَبَةً وَهَكَذَا رِوَايَةُ عَطَاءٍ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شَرِيكٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَعْتِقْ رَقَبَةً ثُمَّ قَالَ انْحَرْ بَدَنَةً قَالَ الْبُخَارِيُّ وَلَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ عَارِمٌ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابن مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الَّذِي افْطَرَ يَوْمًا فِي رَمَضَانَ بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ

الحديث الثالث

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْجُمَاهِرِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي وَقَعَ عَلَى أَهْلِهِ فِي رَمَضَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلْمَانُ بْنُ صَخْرٍ أَحَدُ بَنِي بَيَاضَةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصَدَّقْ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَظُنُّ هَذَا وَهَمًا لِأَنَّ الْمَحْفُوظَ أَنَّهُ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهَا لَا أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي رَمَضَانَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ مَالِكٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصَافَحُوا يَذْهَبِ الْغِلُّ وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا وَتَذْهَبِ الشَّحْنَاءُ وَهَذَا يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى حِسَانٍ كُلِّهَا

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْمَقْدِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا الْأَجْلَحُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قال حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ وَابْنُ نُمَيْرٍ عَنِ الْأَجْلَحِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَذَكَرَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الذَّيْبَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمان الْقُرْمُطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِيَدِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَحْسَبُ أَنَّ الْمُصَافَحَةَ لِلْأَعَاجِمِ فَقَالَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُصَافَحَةِ مِنْهُمْ مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَأْخُذُ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ مَوَدَّةً بَيْنَهُمَا وَنَصِيحَةً إِلَّا أُلْقِيَتْ ذُنُوبُهُمَا بَيْنَهُمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى بْنِ سُلَيْمٍ الْبَصرِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ حدثنا عمر ابن عَامِرٍ أَبُو حَفْصٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا

سَعِيدٌ الْجَرِيرِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ قَالَ إسماعيل بن عيسى عن عمر ابن الْخَطَّابِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَتَصَافَحَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا مِائَةَ رَحْمَةٍ تِسْعُونَ مِنْهَا لِلَّذِي بَدَأَ بِالْمُصَافَحَةِ وَعَشَرٌ لِلَّذِي صُوفِحَ وَكَانَ أَحَبُّهُمَا إِلَى اللَّهِ أَحْسَنَهُمَا بِشْرًا بِصَاحِبِهِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبَلِيُّ حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ حَمْزَةُ بْنُ مَالِكٍ الأسلمي حدثنا سفيان ابن حَمْزَةَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مُعَاذُ إِذَا الْتَقَى الْأَخَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا بِيَدِ أَخِيهِ تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُمَا بَيْنَهُمَا كَتَحَاتِّ وَرَقِ الشَّجَرِ عَنْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ مُعَاذٍ هَذَا إِسْنَادُهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بَلْجٍ عَنْ زَيْدٍ أَبِي الْحَكَمِ الْعَنْبَرِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَتَصَافَحَا وَحَمِدَا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَاهُ غَفَرَ لَهُمَا

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فِطْرٍ الْفَرْوَجِرْدِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خِدَاشٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ أَخْبَرَنَا منصور عن رفيع ابن لُوطٍ عَنِ الْبَرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَخَذَ بِيَدِ صَاحِبِهِ فَصَافَحَهُ وَهُوَ صَادِقٌ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا ذَنْبٌ إِلَّا سَقَطَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ وَقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السدسوي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَنْحَنِي بَعْضُنَا لِبَعْضٍ إِذَا الْتَقَيْنَا قَالَ لَا فَقُلْنَا فَيُعَانِقُ بَعْضُنَا بَعْضًا قَالَ لَا قُلْنَا فَيُصَافِحُ بَعْضُنَا بَعْضًا قَالَ نَعَمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَاءَكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ جَاءَ بِالْمُصَافَحَةِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ أَرَقُّ مِنْكُمْ قُلُوبًا فَقَدِمَ عَلَيْنَا الْأَشْعَرِيُّونَ فِيهِمْ أَبُو مُوسَى فَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ الْمُصَافَحَةَ فِي الْإِسْلَامِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حدثنا عبد الحميد ابن حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُصَلِّي فِي الْحِجْرِ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَامَ إِلَى جَنْبِهِ ثُمَّ مَدَّ الرَّجُلُ يَدَهُ فَالْتَفَتَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَبَسَطَ يَدَهُ يُصَافِحُهُ فَرَأَيْتُهُ يَغْمِزُ يَدَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَعَرَفْتُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَوَدَّتِهِ إِيَّاهُ ثُمَّ مَضَى فِي صَلَاتِهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ ابن عَلِيِّ بْنِ شُعَيْبٍ الْمَعْمَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال المعمري وحدثنا محمد ابن عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ السَّدُوسِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَنْحَنِي بَعْضُنَا لِبَعْضٍ إِذَا الْتَقَيْنَا قَالَ لَا قَالَ فَيَلْتَزِمُ بَعْضُنَا بَعْضًا قَالَ لَا وَلَكِنْ تَصَافَحُوا وَقَالَ حَمَّادٌ فِي حَدِيثِهِ قَالُوا فَيُصَافِحُ بَعْضُنَا بَعْضًا قَالَ تَصَافَحُوا وَذَكَرَهُ سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَنْحَنِي بَعْضُنَا لِبَعْضٍ إِذَا لَقِيَ الرَّجُلُ أَخَاهُ قَالَ لَا قِيلَ أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ قَالَ لَا قِيلَ أَفَيُصَافِحُهُ وَيَأْخُذُ بِيَدِهِ قَالَ نَعَمْ وذكر سنيد قال حدثنا أبو الحوص عن أبي إسحاق عن عبد الرحمان بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ وَعَلْقَمَةَ أَنَّهُمَا قَالَا مِنْ تَمَامِ التَّحِيَّةِ الْمُصَافَحَةُ قَالَ وَحَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ سئل عن المصافحة قال تَزِيدُ فِي الْمَوَدَّةِ وَقَدْ رُوِيَ فِي الِالْتِزَامِ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ بِإِسْنَادٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ قَالَ أَبُو ذَرٍّ مَا لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا صَافَحَنِي وَأَتَيْتُهُ يَوْمًا وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ فَالْتَزَمَنِي فَكَانَتْ أَجْوَدَ وأجود

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ الْمُصَافَحَةَ وَالْمُعَانَقَةَ وَذَهَبَ إِلَى هَذَا سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ خِلَافُ هَذَا مِنْ جَوَازِ الْمُصَافَحَةِ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ مَعْنَى مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَعَلَى جَوَازِ الْمُصَافَحَةِ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَفِيهِ آثَارٌ حِسَانٌ قَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْهَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا الْهَدِيَّةُ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَهَادَوْا تَحَابُّوا يَتَّصِلُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ مِصْرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَهَادَوْا تَحَابُّوا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَهَادَوْا يبنكم فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ السَّخِيمَةَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَأَلْتُ يُونُسَ عَنِ السَّخِيمَةِ مَا هِيَ فَقَالَ الغل

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ وَصَلَهُ عُثْمَانُ الْوَضَّاحِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَ بِهِ ابْنُ صَاعِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يَحْيَى أَبُو الْخَطَّابِ حدثنا أبو عتاب الدلال حدثنا عثمان ابن عبد الرحمان حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نِعْمَ الْعَوْنُ الْهَدِيَّةُ عَلَى طَلَبِ الْحَاجَةِ وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ السَّخِيمَةَ قِيلَ وَمَا السَّخِيمَةُ قَالَ الْجِنَّةُ تَكُونُ فِي الصَّدْرِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرحمان بْنِ بَحِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول تَهَادَوْا فَإِنَّهُ يُضَاعِفُ الْوُدَّ وَيَذْهَبُ بِغَوَائِلِ الصَّدْرِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ بَحِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يَكُنْ بِالرَّضِيِّ وَلَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ وَلَا عَنِ الزُّهْرِيِّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ شَيْبَةَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ ضِمَامِ بن إسماعيل المعافري عن موسى بن ودان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَهَادَوْا تَحَابُّوا قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَنَدَبَ أُمَّتَهُ إِلَيْهَا وَفِيهِ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ فَضْلِ الْهَدِيَّةِ مَعَ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ أَنَّهَا تُورِثُ الْمَوَدَّةِ وَتُذْهِبُ الْعَدَاوَةَ عَلَى مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا فِي معناه حدثنا

عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصُّدُورِ وَلَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ ... هَدَايَا النَّاسِ بَعْضِهِمُ لِبَعْضٍ ... تُوَلِّدُ فِي قُلُوبِهِمُ الْوِصَالَا ... ... وَتَزْرَعُ فِي الضَّمِيرِ هَوًى وَوُدًّا ... ... وَتَكْسُوهُمْ إِذَا حَضَرُوا جَمَالَا ... وَقَالَ غَيْرُهُ ... إِنَّ الْهَدَايَا لَهَا حِفْظٌ إِذَا وَرَدَتْ ... أَحْظَى مِنَ الْإِبْنِ عِنْدَ الْوَالِدِ الْحَدِبِ ... حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن محمد بْنِ الْخَصِيبِ الْقَاضِي بِمِصْرَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَعْرُوفُ كُلُّهُ صَدَقَةٌ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ كُلُّ مَعْرُوفٍ صَنَعْتَهُ إِلَى غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ فَهُوَ صدقة حدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ الْمَدِينِيُّ حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ يَحْيَى الْحَاطِبِيُّ حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تَكُونُ الصَّنِيعَةُ إِلَى ذِي دِينٍ أَوْ ذِي حَسَبٍ وَجِهَادُ الضَّعِيفِ الْحَجُّ وَجِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ لِزَوْجِهَا وَالتَّوَدُّدُ نِصْفُ الدِّينِ وَمَا عَالَ امْرُؤٌ عَلَى اقْتِصَادٍ وَاسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ أَبَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَلَبِيُّ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ اجْتَمَعَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَتَمَارَوْا فِي أَشْيَاءَ فَقَالَ لَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْأَلُهُ فَلَمَّا وَقَفُوا عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْنَا نَسْأَلُكَ قَالَ إِنْ شِئْتُمْ سَأَلْتُمُونِي وَإِنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ بِمَا جِئْتُمْ لَهُ قَالُوا أَخْبِرْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ جِئْتُمْ تَسْأَلُونِي عَنِ الصَّنِيعَةِ لِمَنْ تَكُونُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الصَّنِيعَةُ إِلَّا لِذِي حَسَبٍ أَوْ دِينٍ وَجِئْتُمْ تَسْأَلُونِي عَنِ الرِّزْقِ يَجْلِبُهُ اللَّهُ عَلَى الْعَبْدِ اللَّهُ يَجْلِبُهُ عَلَيْهِ فاستنزلوه

بِالصَّدَقَةِ وَجِئْتُمْ تَسْأَلُونِي عَنْ جِهَادِ الضَّعِيفِ وَجِهَادُ الضَّعِيفِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَجِئْتُمْ تَسْأَلُونِي عَنْ جِهَادِ الْمَرْأَةِ وَجِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ لِزَوْجِهَا وَجِئْتُمْ تَسْأَلُونِي عَنِ الرِّزْقِ مِنْ أَيْنَ يَأْتِي وَكَيْفَ يَأْتِي (أَبَى) اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ إِلَّا مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلَكِنَّهُ مُنْكَرٌ عِنْدَهُمْ عَنْ مَالِكٍ وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ وَلَا لَهُ أَصْلٌ فِي حَدِيثِهِ آخِرُ بَابِ الْعَيْنِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رب العالمين

باب القاف

(باب القاف) (مَالِكٌ عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبِ بْنِ عُوَيْمِرِ بْنِ الْأَجْدَعِ أَحَدِ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ) وَهُوَ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ لِمَالِكٍ عَنْهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مَالِكٌ عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبِ بْنِ عُوَيْمِرِ بْنِ الْأَجْدَعِ أَنَّ يُحَنَّسَ مَوْلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ في الفتنة فأتته مولاة له تسلم عليه فَقَالَتْ إِنْ أَرَدْتَ الْخُرُوجَ يَا أَبَا عَبْدِ الرحمان اشْتَدَّ عَلَيْنَا الزَّمَانُ فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ اقْعُدِي لُكَعُ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ

هَكَذَا رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مالك فقال فيه عن قطن ابن وَهْبِ بْنِ عُوَيْمِرِ بْنِ الْأَجْدَعِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عُوَيْمِرِ بْنِ الْأَجْدَعِ أَنَّ يُحَنَّسَ وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ يَحْيَى وَمَنْ تَابَعَهُ وَكَذَلِكَ نَسَبَهُ ابْنُ الْبَرْقِيِّ وَقَالَ فِيهِ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ يُحَنَّسَ مَوْلَى الزُّبَيْرِ وَرِوَايَةُ الْقَعْنَبِيِّ تَشْهَدُ لِصِحَّةِ مَا رَوَى يَحْيَى وَمَنْ تَابَعَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مالك عن قطن بن وهب أن يحنس حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رزيق ابن جَامِعٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ يُحَنَّسَ مَوْلَى الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْفِتْنَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ ابن أَبِي الْمَوْتِ حَدَّثَنَا عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ الْبَصْرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ يُحَنَّسَ مَوْلَى الزُّبَيْرِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا يصير عَلَى لَأْوَائِهَا يَعْنِي الْمَدِينَةَ وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا يَعْنِي الْمَدِينَةَ وَالشَّدَّةُ الْجُوعُ وَاللَّأْوَاءُ تَعَذُّرُ الْمَكْسَبِ وسوء الحال

وَأَمَّا قَوْلُهُ لُكَعُ فَإِنَّهُ أَرَادَ ضَعِيفَةَ الرَّأْيِ وَأَصْلُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ الْخِسَّةُ وَالدَّنَاءَةُ وَالضَّعْفُ وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ لُكَعُ وَلِلْمَرْأَةِ أَيْضًا لُكَعُ وَقَدْ يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ لُكَاعِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ مِثْلَ حَذَامِ وَقَطَامِ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ أَسْعَدُ النَّاسِ فِيهِ بِالدُّنْيَا لُكَعُ بْنُ لُكَعٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ الْمَدِينَةِ وَفَضْلُهَا غَيْرُ مَجْهُولٍ وَمَخْرَجُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا يَعُمُّ الْأَوْقَاتَ كُلَّهَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا وَرَدَ فِيمَنْ صَبَرَ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَلِيلِ خُرُوجِ الصَّحَابَةِ عَنْهَا بَعْدَهُ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ وحدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ سَعِيدُ بْنُ عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عِيسَى أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا جَبَّارٍ أَرَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِسُوءٍ أَذَابَهُ اللَّهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا أَوْ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْقَوْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَالْقَوْلِ فِي حَدِيثِ قَطَنِ بْنِ وَهْبٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فَضْلُ الْمَدِينَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رُوِيَ أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْجَنُوبِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم المعدينة

مُهَاجَرِي وَمَضْجَعِي مِنَ الْأَرْضِ وَحَقٌّ عَلَى أُمَّتِي أَنْ يُكْرِمُوا جِيرَانِي مَا اجْتَنَبُوا الْكَبَائِرَ فَمَنْ لم تفعل سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ وَهَذَا إِسْنَادٌ فِيهِ لِينٌ وَضَعْفٌ لَيْسَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ وَالْفَضَائِلُ يُتَسَامَحُ فِيهَا قَدِيمًا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبِ بْنِ عُوَيْمِرِ بْنِ الْأَجْدَعِ أَنَّ يُحَنَّسَ مَوْلَى الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْفِتْنَةِ فأتته ملاوه لَهُ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَقَالَتْ يَا أَبَا عَبْدِ الرحمان إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ اشْتَدَّ عَلَيْنَا الزَّمَنُ فَقَالَ لَهَا اقْعُدِي لُكَعُ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَصْبِرُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا إِلَّا كُنْتُ لَهُ شفيعا أو شهيدا يوم القيامة

باب السين

(باب السين) (مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَيُقَالُ سَعْدٌ حَدِيثٌ وَاحِدٌ) وَهُوَ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا جَدَّهُ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ ههنا وهو من بلي حَلِيف لِبَنِي سَالِمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَسَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ هَذَا ثِقَةٌ لَا يُخْتَلَفُ فِي ثِقَتِهِ وَعَدَالَتِهِ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْقَطَّانُ وَشُعْبَةُ وَكَانَ مِنْ سَاكِنِي الْمَدِينَةِ وَبِهَا كَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَرَوَى عَنْهُ مِنَ الْجُلَّةِ ابْنُ شِهَابٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وعبد الله ابن أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ فِيهِ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبٍ عَنِ الْفُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ كَتَبْنَاهُ عَنْ خَلَفِ بْنِ قَاسِمٍ مِنْ وُجُوهٍ وَأَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ

مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عجرة عن عمته زينب بنت كعب بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ الْفُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهَا فِي بَنِي خُدْرَةَ فَإِنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبْقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِطَرَفِ الْقَدُّومِ لَحِقَهُمْ فَقَتَلُوهُ قَالَتْ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي فِي بَنِي خُدْرَةَ فَإِنَّ زَوْجِي لم يتركني في مسكن يملكه ولانفقة قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ قَالَتْ فَانْصَرَفْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ نَادَانِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَمَرَنِي فَنُودِيتُ لَهُ فَقَالَ كَيْفَ قُلْتِ فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي فَقَالَ امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ قَالَتْ فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قَالَتْ فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرْتُهُ فَاتَّبَعَهُ وَقَضَى بِهِ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَتَابَعَهُ بَعْضُهُمْ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ يَقُولُونَ فِيهِ سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَكَذَلِكَ قَالَ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَمَعْمَرٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِسْحَاقَ كَمَا قَالَ يَحْيَى كَذَلِكَ فِي كِتَابِ الدبري

أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن محمد قال حدثنا أحمد ابن خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ فُرَيْعَةَ حَدَّثَتْهَا أَنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْلَاجٍ أُبَّاقٍ حَتَّى إِذَا كَانَ بِطَرَفِ الْقَدُّومِ وَهُوَ جَبَلٌ أَدْرَكَهُمْ فَقَتَلُوهُ قَالَتْ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّ زَوْجَهَا قُتِلَ وَأَنَّهُ تَرَكَهَا فِي مَسْكَنٍ لَيْسَ لَهُ وَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي الِانْتِقَالِ فأذن لها فانطلقت حتىإذا كَانَتْ بِبَابِ الْحُجْرَةِ أَمَرَ بِهَا فَرُدَّتْ وَأَمَرَهَا أَنْ تُعِيدَ عَلَيْهِ حَدِيثَهَا فَفَعَلَتْ فَأَمَرَهَا أَلَّا تَبْرَحَ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ أَحْمَدُ بن خالد كذا قرأعلينا الدَّبَرِيُّ سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَإِنَّمَا أَعْرِفُهُ سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَقَرَأَ عَلَيْنَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ ابْنَةِ كَعْبِ بْنِ فُرَيْعَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَزَادَ مَعْمَرٌ فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ أَتَتِ امْرَأَةٌ تَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَتْ فُرَيْعَةُ فَذَكَرَتْ لَهُ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ فَأَمَرَهَا أَلَّا تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ إسحاق هكذا قال سعيد بن إسحاق ابن كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ ابْنَةِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ فُرَيْعَةَ ابْنَةِ مَالِكٍ

أَنَّ زَوْجَهَا قُتِلَ بِالْقَدُّومِ قَالَتْ فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ لَهُ إِنَّ لَهَا أَهْلًا فَأَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ فَلَمَّا أَدْبَرَتْ دَعَاهَا فَقَالَ امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ سَعِيدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ ابْنَةِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ فُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِكٍ أُخْتَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَخْبَرَتْهَا أَنَّ زَوْجًا لَهَا خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ عِنْدَ طَرَفِ جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ الْقَدُّومُ تَعَادَى عَلَيْهِ اللُّصُوصُ فَقَتَلُوهُ وكانت فريعة في بني الحرث بْنِ الْخَزْرَجِ فِي مَسْكَنٍ لَمْ يَكُنْ لِبَعْلِهَا إِنَّمَا كَانَ سُكْنَاهَا فَجَاءَهَا إِخْوَتُهَا فِيهِمْ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَقَالُوا لَيْسَ بِأَيْدِينَا سَعَةٌ فَنُعْطِيَكِ وَنُمْسِكُ وَلَا يُصْلِحُنَا إِلَّا أَنْ نَكُونَ جَمِيعًا وَنَخْشَى عَلَيْكِ الْوَحْشَ فَسَلِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَّتْ عَلَيْهِ مَا قَالَ إِخْوَتُهَا بِالْوَحْشَةِ وَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي أَنْ تَعْتَدَّ عِنْدَهُمْ فَقَالَ افْعَلِي إِنْ شِئْتِ قَالَتْ فَأَدْبَرْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ قَالَ تَعَالِي عُودِي لِمَا قُلْتِ فَعَادَتْ فَقَالَ امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ بَعَثَتْ إِلَيْهِ أَمِرْأَةٌ مِنْ قَوْمِهِ تَسْأَلُهُ أَنْ تَنْتَقِلَ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا فَتَعْتَدُّ فِي غَيْرِهِ فَقَالَ افْعَلِي ثُمَّ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ هَلْ مَضَى مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ صَاحِبِي فِي مِثْلِ هَذَا شَيْءٌ فَقَالُوا إِنَّ فُرَيْعَةَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إِلَيْهَا فَأَخْبَرَتْهُ فَانْتَهَى إِلَى قَوْلِهَا وَأَمَرَ الْمَرْأَةَ أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأُخْبِرْتُ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ الَّتِي أَرْسَلَتْ إِلَى عُثْمَانَ أُمُّ أَيُّوبَ بِنْتُ مَيْمُونِ بْنِ عَامِرٍ الْحَضْرَمِيِّ وَأَنَّ زَوْجَهَا عِمْرَانُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ

هَكَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ سعد بْنُ إِسْحَاقَ وَكَذَلِكَ قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَتْنِي زَيْنَبُ بِنْتُ كَعْبٍ عَنْ فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكٍ قَالَتْ خَرَجَ زَوْجِي فِي طَلَبِ أَعْلَاجٍ فَأَدْرَكَهُمْ بِطَرَفِ الْقَدُّومِ فَقَتَلُوهُ فَأَتَى نَعْيُهُ وَأَنَا فِي دَارٍ شَاسِعَةٍ مِنْ دُورِ أَهْلِي فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ إِنِّي أَتَانِي نَعْيُ زَوْجِي وَأَنَا فِي دَارٍ شَاسِعَةٍ مِنْ دُورِ أَهْلِي وَلَمْ يَدَعْ لِي نَفَقَةً وَلَا مَالًا وَرِثْتُهُ وَلَيْسَ الْمَسْكَنُ لِي فَلَوْ تَحَوَّلْتُ إِلَى إِخْوَتِي وَأَهْلِي كَانَ أَرْفَقَ بِي فِي بَعْضِ شَأْنِي فَقَالَ تَحَوَّلِي فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ أَوِ الْحُجْرَةِ دَعَانِي أَوْ أَمَرَ مَنْ دَعَانِي فَدُعِيتُ لَهُ فَقَالَ امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ فَاعْتَدْتُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَأَرَسَلَ إِلَيَّ عُثْمَانُ فَأَتَيْتُهُ فَحَدَّثْتُهُ فَأَخَذَ بِهِ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابن نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبٍ أَنَّهَا سَمِعَتْ فُرَيْعَةَ ابْنَةَ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ تُحَدِّثُ أَنَّ زَوْجَهَا قُتِلَ بِمَكَانٍ بِالْمَدِينَةِ يُسَمَّى طَرَفَ الْقَدُّومِ وَأَنَّ فُرَيْعَةَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تُرِيدُ أَنْ تَنْتَقِلَ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَى أَهْلِهَا فَذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لَهَا فِي ذَلِكَ فَقَامَتْ ثُمَّ دَعَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ

فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِيجَابُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ألا ترى إلى عمل عثمان ابن عَفَّانَ بِهِ وَقَضَائِهِ بِاعْتِدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا (زَوْجُهَا) فِي بَيْتِهَا مِنْ أَجْلِهِ فِي جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِهَا وَلَا تَخْرُجَ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَمِصْرَ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمْ وَكَانَ دَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِهَا وَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ لِأَنَّ السُّكْنَى إِنَّمَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ فِي الْمُطَلَّقَاتِ وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنَّ المسألة مسألة اختلاف قالوا هذا الحديث إنما ترويه امرأة غير مَعْرُوفَةٌ بِحَمْلِ الْعِلْمِ وَإِيجَابِ السُّكْنَى إِيجَابُ حُكْمٍ وَالْأَحْكَامُ لَا تَجِبُ إِلَّا بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا السُّنَّةُ فَثَابِتَةٌ بِحَمْدِ اللَّهِ وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَمُسْتَغْنًى عَنْهُ مَعَ السُّنَّةِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ إِذَا نَزَلَ فِي مَسْأَلَةٍ كَانَتِ الْحُجَّةُ فِي قَوْلِ مَنْ وَافَقَتْهُ السُّنَّةُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعْتَدُّ أربعة

أَشْهَرٍ وَعَشْرًا وَلَمْ يَقُلْ فِي بَيْتِهَا قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ عَائِشَةَ حَجَّتْ وَاعْتَمَرَتْ بِأُخْتِهَا بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي عِدَّتِهَا وَكَانَ قُتِلَ عَنْهَا زَوْجُهَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ عَطَاءٌ وَلَا يَضُرُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَيْنَ اعْتَدَّتْ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ خَرَجَتْ عَائِشَةُ بِأُخْتِهَا أُمِّ كُلْثُومٍ حِينَ قُتِلَ عَنْهَا زَوْجُهَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ إِلَى مَكَّةَ فِي عُمْرَةٍ قَالَ عُرْوَةُ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُفْتِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا بِالْخُرُوجِ فِي عِدَّتِهَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ أَبَى النَّاسُ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَعَنِ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرُهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ انْتَقَلَ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ فِي عِدَّتِهَا وَقُتِلَ عَنْهَا عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ

قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخَذَ الْمُتَرَخِّصُونَ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِقَوْلِ عَائِشَةَ وَأَخَذَ أَهْلُ الْعَزْمِ وَالْوَرَعِ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَا تَنْتَقِلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا إِلَّا أَنْ يَنْتَوِيَ أَهْلُهَا مَنْزِلًا فَتَنْتَوِي مَعَهُمْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمَسْكَنُ بِكِرَاءٍ فَقَالَ مَالِكٌ هِيَ أَحَقُّ بِسُكْنَاهُ مِنَ الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْمُتَوَفَّى إِلَّا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ عَقْدٌ لِزَوْجِهَا وَأَرَادَ أَهْلُ الْمَسْكَنِ إِخْرَاجَهَا وَإِذَا كَانَ الْمَسْكَنُ لِزَوْجِهَا لَمْ يُبَعْ فِي دَيْنِهِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حنيفة وجمهور العلماء وبالله التوفيق

سعيد بن أبي سعيد المقبري

سعيد بن أبي سعيد المقبري يُكَنَّى بِأَبِي سَعْدٍ وَاسْمُ أَبِيهِ أَبِي سَعِيدٍ كَيْسَانُ وَهُوَ مَوْلَى لِبَنِي جُنْدَعٍ مِنْ بَنِي لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ كَانَ مُكَاتِبًا لِرَجُلٍ مِنْهُمْ فَأَدَّى كِتَابَتَهُ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُتِقَ وَلَهُمَا جَمِيعًا رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَيُقَالُ إِنَّهُمَا قَدْ سَمِعَا مِنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَمَاعُهُمَا وَاحِدٌ مِمَّنْ سَمِعَا مِنْهُ أَوْ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ وَكَانَا ثِقَتَيْنِ وَسَعِيدٌ فِي الرِّوَايَةِ أَشْهَرُ مِنْ أَبِيهِ رَوَى عَنْهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَاللَّيْثُ وَقِيلَ إِنَّهُ اخْتَلَطَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ وَسَمَاعُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مِنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ وَكَذَلِكَ مَالِكٌ وَاخْتُلِفَ فِي وَفَاةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ فَقِيلَ كَانَتْ وَفَاتُهُ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ بِهَا سُكْنَاهُ قَبْلَ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِي خِلَافَةِ هِشَامٍ قَبْلَ مَوْتِ الزُّهْرِيِّ بِعَامٍ وَقِيلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَتُوُفِّيَ أَبُوهُ أَبُو سَعِيدٍ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ عبد العزيز وقيل في خلافة الوليد ابن عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْمَقْبُرِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ يَسْكُنُ عَلَى الْمَقْبَرَةِ وَفِي الْمَقْبُرَةِ لُغَتَانِ مغبرة وَمَقْبَرَةٌ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ لِمَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا مَوْقُوفٌ يَسْتَنِدُ مَرْفُوعًا مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ

الحديث الأول

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِسَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَضِيَافَتُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ لِلْمُوَطَّأِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مالك وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ جَمَاعَةٌ أَجَلُّهُمْ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ لِأَنَّهُ فِي درجة مع سعيد ابن أَبِي سَعِيدٍ فِي أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرِهِ وَقَدْ سَمِعَ أَبُو سَعِيدٍ مِنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ آدَابٌ وَسُنَنٌ مِنْهَا التَّأْكِيدُ فِي لُزُومِ الصَّمْتِ وَقَوْلُ الْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّمْتِ لِأَنَّ قَوْلَ الْخَيْرِ غَنِيمَةٌ وَالسُّكُوتَ سَلَامَةٌ وَالْغَنِيمَةُ أَفْضَلُ مِنَ السَّلَامَةِ وَكَذَلِكَ قَالُوا قُلْ خَيْرًا تَغْنَمْ وَاسْكُتْ عَنْ شَرٍّ تسلم قال عمار الكلبي ... وَقُلِ الْخَيْرَ وَإِلَّا فَاصْمُتَنَّ ... فَإِنَّهُ مَنْ لَزِمَ الصمت سلم

وَقَالَ آخَرُ ... وَمَنْ لَا يَمْلِكُ الشَّفَتَيْنِ يَسْخُو ... بِسُوءِ اللَّفْظِ مِنْ قِيلٍ وَقَالَ ... وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ ... رَأَيْتُ اللِّسَانَ عَلَى أَهْلِهِ ... إِذَا سَاسَهُ الْجَهْلُ لَيْثًا مُغِيرًا ... وَقَالَ آخَرُ ... لِسَانُ الْفَتَى حَتْفُ الْفَتَى حِينَ يَجْهَلُ ... وَكُلُّ امريء مَا بَيْنَ فَكَّيْهِ مَقْتَلُ ... فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالُهُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِالصَّمْتِ لَا قَائِلُ الْخَيْرِ وَذَاكِرُ اللَّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى وَكَثِيرًا مِمَّا قِيلَ فِيهِ مِنَ النَّظْمِ وَالنَّثْرِ فِي كتاب العلم وتقصيته في كتاب بهجة المجلاس وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ مَا الشُّؤْمُ إِلَّا فِي اللِّسَانِ وَمَا شَيْءٌ أَحَقُّ بِطُولِ السِّجْنِ مِنْهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الطَّيِّبِ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ فِرْزٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم من

رَدَّ غَيْظَهُ دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ عَذَابَهُ وَمَنْ حَفِظَ لِسَانَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنِ اعْتَذَرَ إِلَى اللَّهِ قَبِلَ عُذْرَهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا أبو بكر ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابن لهيعة وعمرو بن الحرث عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ عَنْ أَبِي عبد الرحمان الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَمَتَ نَجَا وَقَالَ الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرْبَعٌ لَا مِثْلَ لَهُنَّ الصَّمْتُ وَهُوَ أَوَّلُ الْعِبَادَةِ وَالتَّوَاضُعُ وَذِكْرُ اللَّهِ وَقِلَّةُ الْمَشْيِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا يُكْتَبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ كَلَامِهِ فَذَكَرَ سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ قَالَ يَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى مَا يُعَلِّلُ بِهِ الرَّجُلُ صَبِيَّهُ والمرأة صبيها

قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ قَالَ كَانَتِ الْحَسَنَاتُ عَنْ يَمِينِهِ وَكَانَتِ السَّيِّئَاتُ عَنْ شِمَالِهِ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ قَالَ وَحَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ قَالَ يَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَنِينِهِ فِي مَرَضِهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُطَرِّفٍ قَالَ مَا ظَفِرْتُ مِنْ أَيُّوبَ بِشَيْءٍ إِلَّا بِأَنِينِهِ قَالَ لَيْثٌ فَحَدَّثْتُ بِهِ طَاوُسًا وَهُوَ مَرِيضٌ فَمَا أَنَّ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ بِهَذَا قَوْمٌ وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا لَا يَكْتُبُ إِلَّا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ قَالَ يَا غُلَامُ اسْقِنِي الْمَاءَ وَأَسْرِجِ الْفَرَسَ لَا يَكْتُبُ إِلَّا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْهَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ يَكْتُبُ عَنِ الْإِنْسَانِ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَلَا يُكْتَبُ

قَالَ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خَازِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ قَالَ لَا يَكْتُبُ عَلَيْهِ إِلَّا مَا يُؤْجَرُ فِيهِ وَيُؤْزَرُ فِيهِ قَالَ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ تَعَالِي حَتَّى نَفْعَلَ كَذَا وكذا أكان يكتب عليه قال حماد ابن شعيب وسمعت الكلبي يَقُولُ يَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ أَلْقَى مِنْهُ أَطْعِمْنِي وَاسْقِنِي وَكَتَبَ الْبَقِيَّةَ وَذَكَرَ عَنِ الْأَحْنَفِ وَجْهًا رَابِعًا قَالَ صَاحِبُ الْيَمِينِ يَكْتُبُ الْخَيْرَ وَهُوَ أَمِينٌ عَلَى صَاحِبِ الشِّمَالِ فَإِذَا أَصَابَ الْعَبْدُ الْخَطِيئَةَ قَالَ امْسِكْ فَإِنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ نَهَاهُ أَنْ يَكْتُبَهَا وَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يُصِرَّ عَلَيْهَا كَتَبَهَا وَقَالَ عَطَاءٌ كَانُوا يَكْرَهُونَ فُضُولَ الْكَلَامِ وَقَالَ شُفَيٌّ الْأَصْبَحِيُّ مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ خَطَايَاهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابن الحرث عَنْ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الفحش والتفحش وإياكم الشح فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا وَأَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا وَبِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ قَالَ أَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ

وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى أَبَا بكر الصديق وهو آخذ بلسانه بِيَدِهِ وَهُوَ يَقُولُ إِنَّ ذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ ورواه الدراوردي عن زيد ابن أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ وَقَالَ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْجَسَدِ إِلَّا وَهُوَ يَشْكُو اللِّسَانَ إِلَى اللَّهِ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَرْفَعُهُ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ أَصْبَحَتِ الْأَعْضَاءُ تَسْتَعِيذُ مِنْ شَرِّ اللِّسَانِ وَتَقُولُ اتَّقِ اللَّهَ فِينَا فَإِنَّكَ إِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حامد بن ثرثال البغدادي قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الطَّيِّبِ بْنِ حَمْزَةَ الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حُبَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو الصهباء عن سعيد ابن جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَرْفَعُهُ فَذَكَرَهُ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فذكره بمعناه مَرْفُوعًا قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ رَأَيْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ جَالِسًا عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ يَكْتُبُ هَذَا الحديث

قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ الْمُبَارَكِ هَكَذَا وَجَدُتُهُ فِي كِتَابِي عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ الْكَاغَذِيِّ وَحَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ يَعْقُوبٍ الدَّوْرَقِيِّ فَلَمْ يُجِزْ بِهِ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَوْقُوفًا وَرَوَى شُعْبَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ مَا مِنْ شَيْءٍ أَحَقَّ بِطُولِ السِّجْنِ مِنَ اللِّسَانِ وَرَوَى الْحَكَمُ عَنْ أَبِي وائل عن ابن مسعود مثله ومن ههنا اتَّخَذَ الْقَائِلُ قَوْلَهُ ... وَمَا شَيْءٌ إِذَا فَكَّرْتَ فِيهِ أَحَقَّ بِطُولِ سِجْنٍ مِنْ لِسَانِ ... وَمِنَ الْآدَابِ أَيْضًا وَالسُّنَنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى بِرِّ الْجَارِ وَإِكْرَامِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَوْصَى بِالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ قَالُوا الْجَارُ ذُو الْقُرْبَى جَارُكَ مِنْ قَرَابَتِكَ وَالْجَارُ الْجُنُبُ قَالُوا الْجَارُ الْمُجَانِبُ وَقَالُوا الْجَارُ مِنْ غَيْرِ قَرَابَتِكَ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ يَشْكُو جَارَهُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي أَلَا إِنَّ أَرْبَعِينَ دَارًا جَارٌ فَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ خَافَ جَارُهُ

بَوَائِقَهُ قَالَ الزُّهْرِيُّ أَرْبَعِينَ دَارًا يَمِينًا وَشِمَالًا وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ذَكَرَهُ سُنَيْدٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ سُنَيْدٌ وَأَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ قَالَهَا ثَلَاثًا قَالُوا وَمَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْجَارُ الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ قَالُوا وَمَا بَوَائِقُهُ قَالَ شَرَّهُ وَفِيهِ الْحَضُّ عَلَى إِكْرَامِ الضَّيْفِ وَإِجَازَتِهِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الضِّيَافَةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وأنها مستحبة مندوب إليها غَيْرُ مُفْتَرِضَةٍ لِقَوْلِهِ جَائِزَتُهُ وَالْجَوَائِزُ لَا تَجِبُ فَرْضًا لِأَنَّهَا إِتْحَافُ الضَّيْفِ بِأَطْيَبِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الطَّعَامِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي تَفْسِيرِ جَائِزَتِهِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ قَالَ يُحْسِنُ ضِيَافَتَهُ وَيُكْرِمُهُ وَرَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يُضِيفُ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَقُتَيْبَةُ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَرَوَى أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ بَقِيَّةَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ يَا أَبَا عَمْرٍو الضَّيْفُ يَنْزِلُ بِنَا فَنُطْعِمُهُ الزَّيْتُونَ وَالْكَامَخَ وَعِنْدَنَا مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ الْعَسَلُ وَالسَّمْنُ فَقَالَ إِنَّمَا يَفْعَلُ هَذَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي مَدْحِ مُضِيفِ الضَّيْفِ وَحَمْدِهِ وَالثَّنَاءِ بِذَلِكَ عَلَيْهِ وَكُلُّهُمْ يَنْدُبُ إِلَى ذَلِكَ وَيَجْعَلُهُ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَسُنَنِ الْمُرْسَلِينَ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلُ مَنْ ضَيَّفَ الضَّيْفَ وَحَضَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الضِّيَافَةِ وَنَدَبَ إِلَيْهَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِهَا فَرْضًا فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُوْجِبْهَا وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوجِبْهَا يَنْدُبُ إِلَيْهَا وَيَسْتَحِبُّهَا وَمِمَّنْ أَوْجَبَهَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَأَلْتُ اللَّيْثَ عَنْ عَبْدٍ مَمْلُوكٍ تَمُرُّ بِهِ فَيُقَدِّمُ إِلَيْكَ طَعَامًا لَا تَدْرِي هَلْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ أَمْ لَا فَقَالَ اللَّيْثُ الضِّيَافَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ وَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ مَالِكٌ لَا تَجُوزُ هِبَةُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَلَا دَعْوَتُهُ وَلَا عَارِيَتُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ إِخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَقَالَ اللَّيْثُ لَا بَأْسَ بِضِيَافَتِهِ وَقَدْ رَوَى الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ الضِّيَافَةُ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَالْحَاضِرَةِ حَقٌّ وَاجِبٌ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْحَضَرِ ضِيَافَةٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنَّمَا الضِّيَافَةُ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى وَأَمَّا الْحَضَرُ فَالْفُنْدُقُ يَنْزِلُ فِيهِ الْمُسَافِرُ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ الْقُشَيْرِيُّ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

أَخِي عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضِّيَافَةُ عَلَى أَهْلِ الْوَبَرِ وَلَيْسَتْ عَلَى أَهْلِ الْمَدَرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّزَّاقِ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْكَذِبِ وَهَذَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ وَنُسِبَ إِلَى وَضْعِهِ وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ اللَّيْثِ فِي الضِّيَافَةِ حَدِيثُ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْمِقْدَامِ أَبِي كَرِيمَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ فَإِنَّهُ دَيْنٌ إِنْ شَاءَ اقْتَضَاهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَرَوَى اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَمُرُّ بِقَوْمٍ لَا يُقْرُونَنَا فَمَا تَرَى فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي (لَهُمْ) حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ (الْآجُرِّيُّ بِمَكَّةَ) قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ فَذَكَرَهُ

وروى عبد الرحمان بْنِ أَبِي عَوْفٍ الْجُرَشِيِّ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ معدي كرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ أَضَافَ قَوْمًا فَلَمْ يَقْرُوهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَعْقُبَهُمْ بِمِثْلِ قُرَاهُ وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَى الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَاحِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ خَالِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ (سَوَاءٌ) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَطَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَبُو أَيُّوبَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عثمان الرحبي عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي عَوْفٍ الْجُرَشِيِّ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ معدي كرب الكندي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُ فَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآثَارِ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ اللَّيْثِ فِي وُجُوبِ الضِّيَافَةِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ قَالَ مُجَاهِدٌ ذَلِكَ فِي الضِّيَافَةِ إِذَا لَمْ يُضِفْ فَقَدْ رَخَّصَ لَهُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ ذَكَرَهُ وَكِيعٌ عَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ ضَافَ رَجُلًا بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَلَمْ يُضِفْهُ فَنَزَلَتْ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُضِفْهُ لَا يَزِيدُ عَلَى

ذَلِكَ قَالُوا فَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ ظُلْمٌ وَالظُّلْمُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ الضِّيَافَةِ وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ بِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ الْعَدَوِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ سَوَاءً وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الضِّيَافَةَ إِكْرَامٌ وَبِرٌّ وَفَضِيلَةٌ لَا فَرِيضَةَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرحمان بْنُ أَبِي لَيْلَى قَالَ حَدَّثَنَا الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ قَالَ جِئْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي قَدْ كَادَتْ تَذْهَبُ أَبْصَارُنَا وَأَسْمَاعُنَا مِنَ الْجُوعِ فَجَعَلْنَا نَتَعَرَّضُ لِلنَّاسِ فَلَمْ يُضِفْنَا أَحَدٌ فَأَتَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ فَتَعَرَّضْنَا لِلنَّاسِ فَلَمْ يُضْفِنَا أَحَدٌ فَأَتَيْنَاكَ فَذَهَبَ بِنَا إِلَى مَنْزِلِهِ وَعِنْدَهُ أَرْبَعَةُ أَعْنُزٍ فَقَالَ يَا مِقْدَادُ احْلِبْهُنَّ وَجَزِّئِ اللَّبَنَ لِكُلِّ اثْنَيْنِ جُزْءًا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمِقْدَادَ وَصَاحِبَهُ قَدِ اسْتَضَافَا فَلَمْ يُضَافَا وَلَمْ يَأْمُرْهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَا مِمَّنِ اسْتَضَافَا قَدْرَ ضِيَافَتِهِمَا مَعَ شِدَّةِ حَاجَتِهِمَا فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الضِّيَافَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ جُمْلَةً أَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَنُسِخَتْ وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَأْمُرُونَ بِالضِّيَافَةِ وَيَنْدُبُونَ إِلَيْهَا وَيَسْتَحِبُّونَهَا وَهِيَ عِنْدَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْبَوَادِي آكَدُ وَقَوْلُهُمْ لَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْحَضَرِ ضِيَافَةٌ يَدُلُّ عَلَى تَأْكِيدِ سُنَّتِهَا عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ سَوَّى بَيْنِ الْبَادِيَةِ وَالْحَاضِرَةِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي إِيجَابِهَا فَرْضًا فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَأَمَّا الْآيَةُ فَقَدْ مَضَى عَنْ مُجَاهِدٍ فِيهَا فِي هَذَا الْبَابِ ما ذكرنا

وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ الْآيَةَ قَالَ عَذَرَ اللَّهُ الْمَظْلُومَ كَمَا تَسْمَعُونَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ قَالَ إِلَّا مِنْ أَثَرِ مَا قِيلَ لَهُ فَلَمْ يَقُلْ هَؤُلَاءِ إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الضِّيَافَةِ وَلَا فِي قَوْلِهِمْ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ لَمْ تَنْزِلْ فِي الضِّيَافَةِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ الضِّيَافَةُ مِنْ كَرَامَةِ الضَّيْفِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى انْتِفَاءِ وُجُوبِهَا قَالَ وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ كَانَتْ وَاجِبَةً عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا لِقِلَّةِ عَدَدِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَتَبَاعُدِ أَوْطَانِهِمْ وَأَمَّا الْيَوْمُ فَقَدْ عَمَّ الْإِسْلَامُ وَتَقَارَبَ أَهْلُهُ فِي الْجِوَارِ قَالَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ قَالَ وَالْجَائِزَةُ مِنْحَةٌ وَالْمِنْحَةُ إِنَّمَا تَكُونُ عَنِ اخْتِيَارٍ لَا عَنْ وُجُوبٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضِّيَافَةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ فَرْضًا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ إِكْرَامَ الْجَارِ لَيْسَ بِفَرْضٍ فَكَذَلِكَ الضَّيْفُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الضِّيَافَةَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فِي الْحَاضِرَةِ وَالْبَادِيَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَحْتَجَّ بِهَذَا مَنْ سَوَّى بَيْنَ الضِّيَافَةِ فِي الْبَادِيَةِ وَالْحَاضِرَةِ إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ الْآثَارِ فِي تَأْكِيدِهَا إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي قَوْمٍ مُسَافِرِينَ مَنَعُوهَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ فَرْضًا مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَهُوَ الثَّوْرِيُّ عن أبي

إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مَرَرْتُ بِرَجُلِ فِلْمٍ يُضِفْنِي وَلَمْ يُقِرْنِي أَفَأُجَازِيهِ قَالَ لَا بَلْ أَقِرْهُ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جعفر ابن مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقُّ الضَّيْفِ ثَلَاثُ لَيَالٍ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَرَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مثله وَرَوَى شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بن مطرب قال سمعت عمر ابن الْخَطَّابِ يَقُولُ إِكْرَامُ الضَّيْفِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَإِنْ أَصَابَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَرَضٌ أَوْ مَطَرٌ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَمَّا كَانَ مِنَ الضِّيَافَةِ صَدَقَةً كَمَا يَنْبَغِي لَهُ التَّنَزُّهُ عَنِ الصَّدَقَةِ وَلَيْسَتْ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ بِمُحَرَّمَةٍ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا أَنَّ السُّؤَالَ مَكْرُوهٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِيمَا سَلَفَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْجَزَّارُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ نَزَلَ عَلَى أَصْهَارِهِ فَيَأْتِيهِ طَعَامُهُ مِنْ عِنْدِ دَارِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ فَيَأْكُلُ مِنْ طَعَامِهِمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَقُولُ احْبِسُوا عَنَّا صَدَقَتَكُمْ وَيَقُولُ لِنَافِعٍ أَنْفِقْ مِنْ عِنْدِكَ (الْآنَ) وَقَوْلُهُ

الحديث الثاني

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ يُرِيدُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ وَالثَّوَاءُ الْإِقَامَةُ قَالَ عَنْتَرَةُ ... طَالَ الثَّوَاءُ عَلَى رُسُومِ الْمَنْزِلِ ... وَقَالَ الحرث بن لحزة ... آَذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاءُ ... رُبَّ ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ ... وَقَالَ كُثَيِّرٌ ... أُرِيدُ الثَّوَاءَ عِنْدَهَا وَأَظُنُّهَا ... إِذَا مَا أَطَلْنَا عِنْدَهَا الْمُكْثَ مَلَّتِ ... وَقَوْلُهُ يُحْرِجُهُ أَيْ يَضِيقُ عَلَيْهِ بِإِقَامَتِهِ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرَجَ وَتَضِيقَ نَفْسُهُ هَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ حَدِيثٌ ثَانٍ لِسَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا

هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ فِيمَا يَقُولُونَ قَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَمِعَ مِنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَذَا قَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ فَجَعَلَهَا كُلَّهَا أَحْيَانًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ هَذِهِ الْمَسَافَةَ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ وَقَدِ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ فِي مِقْدَارِ الْمَسَافَةِ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ وَالْمَعْنَى فِيهِ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي ذِي الْمَحْرَمِ لِلْمَرْأَةِ هَلْ هُوَ مِنَ السَّبِيلِ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْحَجِّ أَمْ لَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ الْمَحْرَمُ مِنَ السَّبِيلِ الَّذِي قَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنَ النِّسَاءِ ذُو مَحْرَمٍ فَتَخْرُجُ مَعَهُ فَلَيْسَتْ مِمَّنِ اسْتَطَاعَ إِلَى الْحَجِّ سَبِيلًا لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا إبراهيم النخعي والحسن والبصري وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَنْ الرَّجُلِ هَلْ يَكُونُ مَحْرَمًا لِأُمِّ امْرَأَتِهِ يُخْرِجُهَا إِلَى الْحَجِّ فَقَالَ أَمَّا فِي حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ فَأَرْجُو لِأَنَّهَا

تَخْرُجُ إِلَيْهَا مَعَ النِّسَاءِ وَمَعَ كُلِّ مَنْ أَمِنَتْهُ وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَلَا وَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ الْآيَةَ كلها قال لأثرم قِيلَ لِأَحْمَدَ فَيَحُجُّ الرَّجُلُ بِأُخْتِ امْرَأَتِهِ قَالَ لَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهُ بِمَحْرَمٍ لِأَنَّهَا قَدْ تَحِلُّ لَهُ قِيلَ لَهُ فَالْأَخُ مِنَ الرَّضَاعَةِ يَكُونُ مَحْرَمًا قَالَ نَعَمْ قِيلَ لَهُ فَيَكُونُ الصَّبِيُّ مَحْرَمًا قَالَ لَا حَتَّى يَحْتَلِمَ لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ فَكَيْفَ تَخْرُجُ مَعَهُ امْرَأَةٌ فِي سَفَرٍ لَا حَتَّى يَحْتَلِمَ وَتَجِبَ عَلَيْهِ الْحُدُودُ أَوْ يَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَالَ آخَرُونَ جَائِزٌ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَحُجَّ حَجَّةَ الْفَرِيضَةِ إِذَا كَانَتْ مَعَ ثِقَاتٍ مِنْ ثِقَاتِ الْمُسْلِمَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فَقَالَا تَخْرُجُ مَعَ جَمَاعَةِ النِّسَاءِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِذَا خَرَجَتْ مَعَ حرة مسلمة ثقة لا شَيْءَ عَلَيْهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ تَخْرُجُ مَعَ قَوْمٍ عُدُولٍ وَتَتَّخِذُ سُلَّمًا تَصْعَدُ عَلَيْهِ وَتَنْزِلُ وَلَا يَقْرَبُهَا رَجُلٌ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ بِرَأْسِ الْبَعِيرِ وَتَضَعَ رِجْلَهَا عَلَى ذِرَاعِهِ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ تَخْرُجُ مَعَ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا بَأْسَ بِهِ وَرَوَى أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ لَمْ تَحُجَّ وَلَيْسَ لها محرم

فَرُبَّمَا قَالَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ وَيَقُولُ رُبَّ مَنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ أَوْثَقُ مِنْ مَحْرَمٍ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَابْنِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ الْمَحْرَمُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ مِنْ شَرَائِطِ الِاسْتِطَاعَةِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ الْإِجْمَاعُ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ مَعَهُ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ وَفِيهِ الِاسْتِطَاعَةُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَسَادُ طَرِيقٍ وَلَا غَيْرُهُ أَنَّ الْحَجَّ عَلَيْهِ وَاجِبٌ قَالُوا فَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لِأَنَّ الْخِطَابَ وَاحِدٌ وَالْمَرْأَةُ مِنَ النَّاسِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا فِي تَقْدِيرِ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا لِلْمُسَافِرِ قَصْرُ الصَّلَاةِ وَتَحْدِيدُهَا لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَا تقصر الصلاة في مسافة أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَقَدَّرُوا ذَلِكَ بِثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا وَهِيَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا ذَكَرْنَا وَاسْتَدَلُّوا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ كُلَّ سَفَرٍ يَكُونُ دُونَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَيْسَ بِسَفَرٍ حَقِيقَةً وَأَنَّ حُكْمَ مَنْ سَافَرَ حُكْمُ الْحَاضِرِ لِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى إِبَاحَةِ السَّفَرِ لِلْمَرْأَةِ فِيمَا دُونَ هَذَا الْمِقْدَارِ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ فَكَانَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ فِي حَوَائِجِهَا إِلَى السُّوقِ وَمَا قَرُبَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الْمَأْمُونِ عَلَيْهَا فِيهَا فِي الْبَادِيَةِ وَالْحَاضِرَةِ وَأَمَّا اليوم والليلة فظعن وانتفال يَكُونُ فِيهِ الِانْفِرَادُ وَتَعْتَرِضُ فِيهِ الْأَحْوَالُ فَكَانَ فِي حُكْمِ الْأَسْفَارِ الطِّوَالِ لِأَنَّ كُلَّ مَا زَادَ عَنِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنَ الْمُدَّةِ فِي نَوْعِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَفِي حُكْمِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاخْتَلَفَتْ فِيهِ الْآثَارُ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَحُجَّتُهُمُ الِاسْتِدْلَالُ بِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ عَلَى حَسْبَمَا اجْتَلَبْنَا وَهُوَ حَدِيثُ مَالِكٍ الْمَذْكُورُ عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بِمَعْنَى رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي تَحْدِيدِ مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَرُبَّمَا قَالَ مَسِيرَةُ يَوْمٍ فَمَا فَوْقَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ كَمَا قَالَ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْ سُهَيْلٍ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ بَرِيدًا إِلَّا مَعَ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ وَرَوَاهُ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا وَلَا غَيْرَهُ وَالْأَلْفَاظُ عَنْ سُهَيْلٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُضْطَرِبَةٌ لَا تَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ مِنْ رِوَايَتِهِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ وَكُلُّ سَفَرٍ يَكُونُ دُونَ لَيْلَتَيْنِ فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تُسَافِرَ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ مَا رَوَاهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ قَزَعَةَ مَوْلَى زِيَادٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا مَعَ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ

وَرَوَاهُ مِسْعَرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ قَزَعَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ فَوْقَ يَوْمَيْنِ إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ الصلاة إلا في مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا وَكُلُّ سَفَرٍ يَكُونُ دُونَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تُسَافِرَ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ هَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ثَلَاثَةُ أَيَّامِ وَلَيَالِيهَا مَسِيرُ الْإِبِلِ وَمَشْيُ الْأَقْدَامِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ مَا رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِلَّا مَعَ مَحْرَمٍ وَرَوَاهُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَى الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ سَفَرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا وَبَعْضُ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ يَقُولُ فِيهِ بِإِسْنَادِهِ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَرَوَى سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءٌ هَذِهِ رِوَايَةُ وُهَيْبٍ عَنْ سُهَيْلٍ وَرَوَى رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى عَنْ سُهَيْلٍ رَوَاهَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ سُهَيْلٍ

وَرَوَى بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ فِي الْإِسْلَامِ مَسِيرَةَ بَرِيدٍ إِلَّا مَعَ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ فَحَصَلَ حَدِيثُ سُهَيْلٍ فِي هَذَا الْبَابِ مُضْطَرِبًا فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ لَا تَخْرُجُ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَقَدِ اضْطَرَبَتِ الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا تَرَى فِي أَلْفَاظِهَا وَمَحْمَلِهَا عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَلَى أَجْوِبَةِ السَّائِلِينَ فَحَدَّثَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَعْنَى مَا سَمِعَ كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَقْتٍ مَا هَلْ تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ بِلَا مَحْرَمٍ فَقَالَ لَا وَقِيلَ لَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ هَلْ تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَقَالَ لَا وَقَالَ لَهُ آخَرُ هَلْ تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَقَالَ لَا وَكَذَلِكَ مَعْنَى اللَّيْلَةِ وَالْبَرِيدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَأَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مَا سَمِعَ عَلَى الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيَجْمَعُ مَعَانِي الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ ظَوَاهِرُهَا الْحَظْرُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا يُخَافُ عَلَيْهَا الْفِتْنَةُ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ قَصِيرًا كَانَ أَوْ طَوِيلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ فِي هَذِهِ الْمُسَالَةِ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ سَفَرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى تَقْصِيرِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَالْأَصْلُ فِي الصَّلَاةِ التَّمَامُ بِالْيَقِينِ فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا تُقْصَرَ إِلَّا بِيَقِينٍ وَالْيَقِينُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ لِأَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُلَيَّةَ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ نَظَرًا وَاحْتِيَاطًا فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ مِنْ طَرِيقِ الِاتِّبَاعِ وَأَوْلَى مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الِاتِّبَاعِ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالشَّافِعِيِّ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ فِي مَسِيرَةِ الْيَوْمِ التَّامِّ قَالَ وَبِهِ نَأْخُذُ وَفِي هَذَا الْبَابِ شُذُوذٌ تَرَكْنَا حِكَايَتَهُ تَعَلَّقَ بِهِ داود

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِسَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَالِاخْتِتَانُ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ مَوْقُوفٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ إِلَّا أَنَّ بِشْرَ بْنَ عُمَرَ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَهُ وَأَسْنَدَهُ وَهُوَ حَدِيثٌ مَحْفُوظٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا صَحِيحًا رَوَاهُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِصِحَّتِهِ مَرْفُوعًا ذَكَرْنَاهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مالك بن أنس عن سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسُ مِنَ الْفِطْرَةِ تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَقَصُّ الشَّارِبِ ونتف الإبط وحلق العانة والختتان وكذلك ذكره ابن الجارود عن عبد الرحمان بْنِ يُوسُفَ عَنْ بُنْدَارٍ وَيَحْيَى بْنِ حَكِيمٍ جَمِيعًا عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم

وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا لَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِ أَبَا هُرَيْرَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رُوِيَ عن مالك مرفوعا من غير رِوَايَةُ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عُتْبَةَ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ بْنِ صَفْوَانَ السَّهْمِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ مُوسَى بْنِ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ الْعَدَوِيِّ عَنْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَأْثَرُهُ قَالَ الْفِطْرَةُ قَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَأَمَّا رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ فَصَحِيحٌ رَفْعُهُ فِيهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بكر ابن حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ قَصَّ الشَّارِبِ وَالْخِتَانَ مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ أَنَّهُ سَأَلَ الْحَسَنَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ

وَجَلَّ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ ابْتَلَاهُ بِالْكَوْكَبِ فَرَضِيَ وَابْتَلَاهُ بِالْقَمَرِ فَرَضِيَ وَابْتَلَاهُ بِالشَّمْسِ فَرَضِيَ وَابْتَلَاهُ بِالنَّارِ فَرَضِيَ وَابْتَلَاهُ بِالْهِجْرَةِ فَرَضِيَ وَابْتَلَاهُ بِالْخِتَانِ فَرَضِيَ وَذُكِرَ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلُهُ قَالَ مَعْمَرٌ وَقَالَ قَتَادَةُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِالْمَنَاسِكِ قَالَ وَقَالَ آخَرُونَ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِالطُّهْرِ وَقَصِّ الشَّارِبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَصُّ الشَّارِبِ وَالْخِتَانُ مِنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ ذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ أَنَّهُ قَالَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ أَوَّلَ مَنْ ضَيَّفَ الضَّيْفَ وَأَوَّلَ النَّاسِ اخْتَتَنَ وَأَوَّلَ النَّاسِ قَصَّ شَارِبَهُ وَأَوَّلَ النَّاسِ رَأَى الشَّيْبَ فَقَالَ يَا رَبِّ مَا هَذَا فَقَالَ اللَّهُ وَقَارٌ يَا إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ رَبِّ زِدْنِي وَقَارًا وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِينَ سَنَةً وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ الْأَوْزَاعِيِّ جَمَاعَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا وَهُوَ مَرْفُوعٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ

أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ الْمُغِيَرَةِ الْحِزَامِيِّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ الْخِتَانُ مِنْ مُؤَكِّدَاتِ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ وَمِنْ فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ الَّتِي لَا يَسَعُ تَرْكُهَا فِي الرِّجَالِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ فَرْضٌ وَاجِبٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا قَالَ قَتَادَةُ هُوَ الِاخْتِتَانُ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَهَبَ إِلَى هَذَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمَالِكِيِّينَ إِلَّا (أَنَّهُ (73)) عِنْدَهُمْ فِي الرِّجَالِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِلَّةُ إِبْرَاهِيمَ الْمَأْمُورُ بِاتِّبَاعِهَا التَّوْحِيدَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَقَدْ رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ سَارَةَ لَمَّا وُهِبَتْ هَاجَرُ لِإِبْرَاهِيمَ فَأَصَابَهَا غَارَتْ سَارَةُ فَحَلَفَتْ لَيُغَيِّرَنَّ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ فَخَشِيَ إِبْرَاهِيمُ أَنْ تَقْطَعَ أُذُنَيْهَا أَوْ تَجْذَعَ أَنْفَهَا فَأَمَرَهَا أَنْ تَخْفِضَهَا وَتَثْقُبَ أُذُنَيْهَا وَرُوِيَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَخْفِضُ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ وَرَوَى حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنِ ابْنِ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْخِتَانُ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ وَاحْتَجَّ مَنْ جَعَلَ الْخِتَانَ سُنَّةً بِحَدِيثِ أَبِي الْمَلِيحِ هَذَا وَهُوَ يَدُورُ عَلَى حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَلَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِمَا انْفَرَدَ بِهِ وَالَّذِي أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ الْخِتَانُ فِي الرِّجَالِ عَلَى مَا وَصَفْنَا

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله عن ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ فِي حَدِيثِ هِرَقْلَ أَنَّهُ أَصْبَحَ مَهْمُومًا يُقَلِّبُ طَرَفَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ لَهُ بَطَارِقَتُهُ لَقَدْ أَصْبَحْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ مَهْمُومًا فَقَالَ لَهُمْ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ قَالُوا لَا يُهِمَّنَّكَ إِنَّا لَا نَعْرِفُ أُمَّةً تَخْتَتِنُ إِلَّا الْيَهُودُ وَهُمْ فِي سُلْطَانِكَ وَتَحْتَ يَدَيْكَ فَابْعَثْ إِلَى كُلِّ مَنْ لَكَ عَلَيْهِ سُلْطَانٌ فِي بِلَادِكَ فَلْيَضْرِبْ أَعْنَاقَ مَنْ تَحْتَ يَدَيْهِ مِنَ الْيَهُودِ وَاسْتَرِحْ من هذا الغم فبينا هم عَلَى أَمْرِهِمْ ذَلِكَ إِذْ أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لَا فَنَظَرُوا إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ مُخْتَتِنٌ فسأله عن القوم فقال هم يختتون فَقَالَ هِرَقْلُ هَذَا مَلِكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَتَوَاتَرَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ قَالُوا خَتَنَ إِبْرَاهِيمُ (ابْنَهُ) إِسْمَاعِيلَ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَخَتَنَ ابْنَهُ إِسْحَاقَ لِسَبْعَةِ أَيَّامٍ وَرُوِيَ عَنْ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَخْتِنُ وَلَدَهَا يَوْمَ السَّابِعِ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يُخْتَنُ الصَّبِيُّ مَا بَيْنَ سَبْعِ سِنِينَ إِلَى عَشْرٍ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَمْ أَسْمَعْ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ مَسْأَلَةً سُئِلْتُ عَنْهَا خَتَّانٌ خَتَنَ صَبِيًّا فَلَمْ يَسْتَقْصِ قَالَ إِذَا كَانَ الْخِتَانُ جَاوَزَ نِصْفَ الْحَشَفَةِ إِلَى فَوْقٍ فَلَا يُعِيدُ لِأَنَّ الْحَشَفَةَ تَغْلُظُ وَكُلَّمَا غَلُظَتِ ارْتَفَعَ الْخِتَانُ فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْخِتَانُ دُونَ النِّصْفِ فَكُنْتُ أَرَى أَنْ يُعِيدَ قُلْتُ فَإِنَّ الْإِعَادَةَ شَدِيدَةٌ جِدًّا وَقَدْ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِعَادَةِ فَقَالَ لَا أَدْرِي ثُمَّ قَالَ لِي أَحْمَدُ

فإن ههنا رَجُلًا وُلِدَ لَهُ ابْنٌ مَخْتُونٌ فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ غَمًّا شَدِيدًا فَقُلْتُ لَهُ إِذَا كَانَ اللَّهُ قد كفاك (هذه) المؤونة فَمَا غَمَّكَ بِهَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ غَرِيبٌ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلَّافُ حدثنا محمد ابن أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ شُعَيْبٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَتَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ سَابِعِهِ وَجَعَلَ لَهُ مَأْدُبَةً وَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا قَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ طَلَبْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فَلَمْ أَجِدْهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِمَّنْ لَقِيتُهُ إِلَّا عِنْدَ ابْنِ أَبِي السَّرِيِّ وَكَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْخِتَانَ يَوْمَ السَّابِعِ فَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ أَكْرَهُهُ خِلَافًا عَلَى الْيَهُودِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ قُلْتُ لِمَالِكٍ أَتَرَى أَنْ يُخْتَنَ الصَّبِيُّ يَوْمَ السَّابِعِ فَقَالَ لَا أَرَى ذَلِكَ إِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ الْيَهُودِ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عَمَلِ النَّاسِ إِلَّا حَدِيثًا قُلْتُ لِمَالِكٍ فَمَا حَدُّ خِتَانِهِ قَالَ إِذَا أُدِّبَ عَلَى الصَّلَاةِ قُلْتُ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ الْخِتَانُ مِنَ الْفِطْرَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ مِنَ الْفِطْرَةِ خِتَانُ الرَّجُلِ وَالنِّسَاءِ قَالَ مَالِكٌ وَأُحِبُّ لِلنِّسَاءِ مِنْ قَصِّ الْأَظْفَارِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ مِثْلَ ما هو على الرجال ذكره الحرث بْنُ مِسْكِينٍ وَسَحْنُونٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ لِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَتَحْفَظُ فِي الْخِتَانِ وَقْتًا قُلْتُ لَا قُلْتُ وَأَنْتَ لَا تَحْفَظُ فِيهِ وَقْتًا قَالَ لَا

وَاسْتَحَبَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي الرَّجُلِ الْكَبِيرِ يُسْلِمُ أَنْ يَخْتَتِنَ ذَكَرَ يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَسْلَمَ أُمِرَ بِالْخِتَانِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ لَا يَتِمُّ إِسْلَامُهُ حَتَّى يَخْتَتِنَ وَإِنْ بَلَغَ ثَمَانِينَ سَنَةً وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعِكْرِمَةَ أَنَّ الْأَغْلَفَ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يُرَخِّصُ لِلشَّيْخِ الَّذِي يُسْلِمُ أَلَّا يَخْتَتِنَ وَلَا يَرَى بِهِ بَأْسًا وَلَا بِشَهَادَتِهِ وَذَبِيحَتِهِ وَحِجِّهِ وَصَلَاتِهِ وَعَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى هَذَا وَلَا يَرَوْنَ بِذَبِيحَتِهِ بَأْسًا قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ يَزِيدَ فِي حَجِّ الْأَغْلَفِ لَا يَثْبُتُ وَالصَّوَابُ فِيهِ مَا عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ فَهَذَا مَا بَلَغَنَا عَنِ الْعُلَمَاءِ فِي الْخِتَانِ وَأَمَّا قَصُّ الشَّارِبِ فَيَذْكُرُ فِيهِ أَيْضًا مَا رَوَيْنَا عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ وَبِاللَّهِ عَوْنُنَا لَا شَرِيكَ لَهُ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَحَلْقِهِ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى حَلْقِهِ وَاسْتِئْصَالِهِ لِقَوْلِ النبي صلى الله عليه وسلم أحفوا الشوارب فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْهَكُوا الشَّوَارِبَ وَاعْفُوَا اللِّحَى وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى قَصِّهِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلُ مَنْ قَصَّ شَارِبَهُ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ

نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتْبَعَ ملة إبراهيم حنيفا وقد أجمعوا أنه لا بد لِلْمُسْلِمِ مِنْ قَصِّ شَارِبِهِ أَوْ حَلْقِهِ رَوَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي الْقَطَّانَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُصُّ شَارِبَهُ وَيَذْكُرُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَقُصُّ شَارِبَهُ وَرَوَتْهُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ زَائِدَةُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَحَلْقِهِ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ يُؤْخَذُ مِنَ الشَّارِبِ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ وَهُوَ الْإِطَارُ وَلَا يَجُزُّهُ فَيُمَثِّلَ بِنَفْسِهِ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ قَالَ وَتُحْفَى الشَّوَارِبُ وَتُعْفَى اللِّحَى وَلَيْسَ إِحْفَاءُ الشَّارِبِ حَلْقَهُ وَأَرَى أَنْ يُؤَدَّبَ مَنْ حَلَقَ شَارِبَهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ إِحْفَاءُ الشَّوَارِبِ عِنْدِي مِثْلُهُ قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ إِنَّمَا هُوَ الْإِطَارُ وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُؤْخَذَ من أعلاه

وَذَكَرَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي حَلْقِ الشَّارِبِ هَذِهِ بِدَعٌ وَأَرَى أَنْ يُوجَعَ ضَرْبًا مَنْ فَعَلَهُ وَقَالَ مَالِكٌ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا كَرِبَهُ أَمْرٌ نَفَخَ فَجَعَلَ رَجُلٌ يُرَادُّهُ وَهُوَ يَفْتِلُ شَارِبَهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبي قال حدثنا محمد ابن فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ السُّنَّةُ فِي الشَّارِبِ الْإِطَارُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَلَمْ نَجِدْ عَنِ الشَّافِعِيِّ شَيْئًا مَنْصُوصًا فِي هَذَا وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ رَأَيْنَاهُمُ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ كَانَا يُحْفِيَانِ شَوَارِبَهُمَا وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا أَخَذَا ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَزَفَرُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فَكَانَ مَذْهَبُهُمْ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ وَالشَّارِبِ أَنَّ الْإِحْفَاءَ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ وَذَكَرَ ابْنُ خَوَازِ بِنْدَادَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي حَلْقِ الشَّارِبِ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ وَقَالَ الْأَثْرَمُ رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُحْفِي شَارِبَهُ شَدِيدًا وَسَمِعْتُهُ يُسْأَلُ عَنِ السُّنَّةِ فِي إِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ فَقَالَ يُحْفِي كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْلِقَ شَارِبَهُ جِدًّا حَتَّى يَبْدُوَ الْجِلْدُ وَأَكْرَهُهُ وَلَكِنْ يُقَصِّرُ الَّذِي عَلَى طَرَفِ الشَّارِبِ وَأَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ طَوِيلَ الشاربين

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَتْ عَائِشَةُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ مِنْهَا قَصُّ الشَّارِبِ وَفِي إِسْنَادَيْهِمَا مَقَالٌ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَأَحْسَنُ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَالِاسْتِنْشَاقُ بِالْمَاءِ وَقَصُّ الْأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ قَالَ زَكَرِيَّاءُ قَالَ مُصْعَبٌ نَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَرَوَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ عَلَى سِوَاكٍ وَهَذَا لَا يَكُونُ مَعَهُ إِحْفَاءٌ وَرَوَى عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُزُّ شَارِبَهُ قَالَ وَهَذَا الْأَغْلَبُ فِيهِ الْإِحْفَاءُ وَهُوَ مُحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ وَرَوَى نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَاعْفُوا اللِّحَى وَرَوَى الْعَلَاءُ بْنُ عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ جُزُّوا الشَّوَارِبَ وَأَرْخُوُا اللِّحَى قَالَ وَهَذَا يَحْتَمِلُ الْإِحْفَاءَ أَيْضًا وَقَدْ رَوَى عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَاعْفُوا اللِّحَى فَبَانَ بِهَذَا أَنَّ الْجَزَّ فِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ الْإِحْفَاءُ

وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ هَذِهِ الْآثَارَ كُلَّهَا بِأَسَانِيدِهَا مِنْ طُرُقٍ وَذَكَرَ أَيْضًا بِالْأَسَانِيدِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي أُسَيْدٍ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَسَهْلِ بن سعد وعبد الله ابن عُمَرَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَحِفُّونَ شَوَارِبَهُمْ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ كَأَنَّهُ يَنْتِفُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ حَتَّى يَرَى بَيَاضَ الْجِلْدِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمَّا كَانَ التَّقْصِيرُ مَسْنُونًا عِنْدَ الْجَمِيعِ فِي الشَّارِبِ كَانَ الْحَلْقُ فِيهِ أَفْضَلَ قِيَاسًا عَلَى الرَّأْسِ قَالَ وَقَدْ دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ وَاحِدَةً فَجَعَلَ حَلْقَ الرَّأْسِ أَفْضَلَ مِنْ تَقْصِيرِهِ فَكَذَلِكَ الشَّارِبُ قَالَ وَمَا احْتَجَّ بِهِ مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَفْتِلُ شَارِبَهُ إِذَا غَضِبَ أَوِ اهْتَمَّ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ يَتْرُكُهُ حَتَّى يُمْكِنَ فَتْلُهُ ثُمَّ يَحْلِقُهُ كَمَا تَرَى كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَفْعَلُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا فِي هَذَا الْبَابِ أَصْلَانِ أَحَدُهُمَا أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَهُوَ لَفْظٌ مُجْمَلٌ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ وَالثَّانِي قَصُّ الشَّارِبِ وَهُوَ مُفَسِّرٌ وَالْمُفَسِّرُ يَقْضِي عَلَى الْمُجْمَلِ مَعَ مَا رُوِيَ فِيهِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَوَّلُ مَنْ قَصَّ شَارِبَهُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصُّ الشَّارِبِ مِنَ الْفِطْرَةِ يَعْنِي فِطْرَةَ الْإِسْلَامِ وَهُوَ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجَهْمِ يَقُولُ الشَّارِبُ إِنَّمَا هُوَ أَطْرَافُ الشَّعْرِ الَّذِي يَشْرَبُ بِهِ الْمَاءَ قَالَ وَإِنَّمَا اشْتُقَّ لَهُ لَفْظُ شَارِبٍ لِقُرْبِهِ مِنْ مَوْضِعِ شُرْبِ الْمَاءِ وَذُكِرَ خَبَرُ سَمَّاكٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصُّ مِنْ شَارِبِهِ وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ يَقُصُّ شَارِبَهُ أَوْ مِنْ شَارِبِهِ

وَهَذَا الْحَدِيثُ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ حسن ابن صَالِحٍ عَنْ سِمَاكٍ فَذَكَرَهُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ ضِفْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَمَرَ بِجَنْبٍ فَشُوِيَ ثُمَّ أَخَذَ الشَّفْرَةَ فَجَعَلَ يَجُزُّ مِنْهَا فَجَاءَ بلال فآذنه بالصلاة فألقى الشعرة فَقَالَ مَالَهُ تَرِبَتْ يَدَاهُ وَكَانَ شَارِبِي قَدْ وَفَّى بَعْضُهُ فَقَصَّهُ لِي عَلَى سِوَاكٍ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ حَيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المعافري عن أبي عبد الرحمان الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَوَّلُ رَجُلٍ اخْتَتَنَ وَأَوَّلُ رَجُلٍ قَصَّ شَارِبَهُ وَقَلَّمَ أَظْفَارَهُ وَاسْتَنَّ وَحَلَقَ عَانَتَهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِالطَّهَارَةِ خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ وَخَمْسٌ فِي الْجَسَدِ قَصُّ الشَّارِبِ وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَالسِّوَاكُ وَفَرْقُ الرَّأْسِ وَفِي الْجَسَدِ تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَالِاخْتِتَانُ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَغَسْلُ مَكَانِ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ بِالْمَاءِ وَذَكَرَ مَطَرٌ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ ابْتُلِيَ إِبْرَاهِيمُ بِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ هُنَّ فِي الْإِنْسَانِ سُنَّةٌ الِاسْتِنْشَاقُ وَقَصُّ الشَّارِبِ والسواك ونتف الإبط وتقليم الأطفار وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَالْخِتَانُ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَغَسْلُ الدُّبُرِ وَالْفَرْجِ فَهَذَا مَا انْتَهَى إِلَيْنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَحَلْقِهِ وَقَدْ رَوَى هُشَيْمٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ قَصُّ الأظفار والأخذ

مِنَ الشَّارِبِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَأَخْذُ الْعَارِضَيْنِ وَلَمْ أَجِدْ أَخْذَ الْعَارِضَيْنِ إِلَّا فِي هَذَا الْخَبَرِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ وَالْحُكْمِ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَصُّ الْأَظْفَارِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ فَمُجْتَمَعٌ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا إِلَّا أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ وَقَّتَ فِي حَلْقِ الْعَانَةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنْ لَا تَوْقِيتَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَمَنْ وَقَّتَ ذَهَبَ إِلَى حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدِ بْنِ ثَرْثَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الطَّيِّبِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ الْجَرْمِيُّ وَقَطَنُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ وَقَّتَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَلْقِ الْعَانَةِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَهَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَلَكِنَّهُ قَدْ قَالَ بِهِ قَوْمٌ وَذَكَرَهُ سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ وَقَّتَ لَنَا فَذَكَرَهُ سَوَاءً وَلَمْ يَقُلْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد ابن زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الْغَلَابِيُّ غَسَّانُ بن المفضل قال حدثنا عمر ابن عَلِيِّ بْنِ مُقَدَّمٍ قَالَ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ أَتَدْرِي مَا السَّمْتُ الصَّالِحُ لَيْسَ هُوَ بِحَلْقِ الشَّارِبِ وَلَا تَشْمِيرِ الثَّوْبِ وَإِنَّمَا هُوَ لُزُومُ طَرِيقِ الْقَوْمِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ قِيلَ قَدْ أَصَابَ السَّمْتَ وَتَدْرِي مَا الِاقْتِصَادُ هُوَ الْمَشْيُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ غُلُوٌّ وَلَا تَقْصِيرٌ

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِسَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أبي سلمة بن عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في رَمَضَانَ فَقَالَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّإِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ الْمُسْتَهِلِّ عَنِ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَالصَّوَابُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ كَانَتْ وَاحِدَةً وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَمَا الْأَصْلُ فِيهِ وَكَيْفَ كَانَ بُدُوُّ أَمْرِهِ مِنْ بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَكْثَرُ الْآثَارِ عَلَى أَنَّ صَلَاتَهُ كَانَتْ بِالْوِتْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَقَدْ رُوِيَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِيهَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهَا زِيَادَةٌ حَفِظَهَا مَنْ تُقْبَلُ زِيَادَتُهُ بِمَا نَقَلَ مِنْهَا وَلَا يَضُرُّهَا تَقْصِيرُ مَنْ قَصَّرَ عَنْهَا وَكَيْفَ كَانَ الْأَمْرُ فَلَا

خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مَحْدُودٌ وَأَنَّهَا نَافِلَةٌ وَفِعْلُ خَيْرٍ وَعَمَلُ بِرٍّ فَمَنْ شَاءَ اسْتَقَلَّ وَمَنْ شَاءَ اسْتَكْثَرَ وَأَمَّا قَوْلُهُ يُصَلِّي أَرْبَعًا ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا فَذَهَبَ قَوْمٌ (إِلَى) أَنَّ الْأَرْبَعَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهَا سَلَامٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَلَا جُلُوسٌ إِلَّا فِي آخِرِهَا وَذَهَبَ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَى أَنَّ الْجُلُوسَ كَانَ مِنْهَا فِي كُلِّ مَثْنَى وَالتَّسْلِيمَ أَيْضًا وَمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَهُ أَرْبَعًا يَعْنِي فِي الطُّولِ وَالْحُسْنِ وَتَرْتِيبِ الْقِرَاءَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَدَلِيلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ وَيَفْعَلَ خِلَافَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالْأَقْوَالِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَمَا نَزَعُوا بِهِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ وَالِاعْتِلَالِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَنَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَمَضَى فِي بَابِ نَافِعٍ أَيْضًا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْوِتْرِ بِوَاحِدَةٍ وَبِثَلَاثٍ وَبِمَا زَادَ فَلَا معنى لتكرير ذلك ههنا وَاخْتِصَارُ اخْتِلَافِهِمْ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ بِاللَّيْلِ أَنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى وَأَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا وَاللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ قَالُوا صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى تَقْتَضِي الْجُلُوسَ وَالتَّسْلِيمَ فِي كُلِّ اثْنَتَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ صَلَاةُ الظُّهْرِ مَثْنَى لَمَّا كَانَتِ الْأُخْرَيَانِ مُضَمَّنَتَيْنِ بِالْأُولَيَيْنِ وَلِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ رَوَى ذَلِكَ مِنْ بَابِ ابْنِ شِهَابٍ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ إِنْ شِئْتَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا أَوْ ثَمَانِيًا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ صَلِّ بِاللَّيْلِ مَا شِئْتَ بَعْدَ أَنْ تَقْعُدَ فِي كُلِّ اثْنَتَيْنِ وَتُسَلِّمَ فِي آخِرِهِنَّ وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ ظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ وَمِثْلُ مَا رَوَاهُ الْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ فَلَمَّا أَسَنَّ صَلَّى سَبْعَ رَكَعَاتٍ وَقَالَ فِيهِ مَسْرُوقٌ عَنْهَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِتِسْعٍ فَلَمَّا أَسَنَّ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ وَيَحْيَى بْنُ الْجَزَّارِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَرَوَى ابْنُ نُمَيْرٍ وَوَهْبٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْهَا بِخَمْسٍ لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْخَمْسِ حَتَّى يَجْلِسَ فِي الْآخِرَةِ فَيُسَلِّمَ وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَلَى غَيْرِ هَذَا وَرَوَى يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً كَانَ يُصَلِّي ثَمَانَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ وَرَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً تِسْعًا قَائِمًا وَاثْنَتَيْنِ جَالِسًا وَاثْنَتَيْنِ قَاعِدًا وَاثْنَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءَيْنِ

وَقَدْ رَوَى الْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَلَمَّا اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ عَنْ عَائِشَةَ فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ هَذَا الِاخْتِلَافَ وَتَدَافَعَتْ وَاضْطَرَبَتْ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حُجَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ وَقَامَتِ الْحُجَّةُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِي نَقْلِهِ وَلَا فِي مَتْنِهِ وَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ كُلُّهُمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ وَطُرُقَهُ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَضَى حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ بِأَنَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُسَلِّمُ مِنْهَا فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ لِقَوْلِهِ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا قَوْلُهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ فَإِنَّهُ لَا يُوجَدُ إِلَّا فِي هَذَا الْإِسْنَادِ فَفِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ ذِكْرِ الْوِتْرِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الثَّلَاثَ الَّتِي ذَكَرَتْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ ثُمَّ يَنَامُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَنَامُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُوتِرُ وَلِهَذَا مَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَرْبَعًا ثُمَّ أَرْبَعًا ثُمَّ ثَلَاثًا أَظُنُّ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ بَيْنَهُنَّ فَقَالَتْ أَرْبَعًا ثُمَّ أَرْبَعًا (يَعْنِي (104) بَعْدَ نَوْمٍ ثُمَّ ثَلَاثٍ بَعْدَ نَوْمٍ وَلِهَذَا مَا قَالَتْ لَهُ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ وَإِذَا كَانَ هَذَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ

يَتَأَوَّلَ أَنَّ الْأَرْبَعَ كُنَّ بِغَيْرِ تَسْلِيمٍ لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَضْطَجِعُ بَعْدَ الْوِتْرِ وَمَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ يَضْطَجِعُ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَذَكَرْنَا عَنِ الْعُلَمَاءِ مَا صَحَّ عِنْدَهُمْ وَمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ هُنَاكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي فَهَذِهِ جِبْلَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي طُبِعَ عَلَيْهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ إنا معشر الأنبياء تنعم أَعْيُنُنَا وَلَا تَنَامُ قُلُوبُنَا وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ وقد ذكرنا أقاسم الْوَحْيِ فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وذكرنا في باب زيد ابن أَسْلَمَ مَعْنَى نَوْمِهِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي سَفَرِهِ حَتَّى ضَرَبَهُ حَرُّ الشَّمْسِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعادته ههنا ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو سُفْيَانَ جَمِيعًا عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قِيلَ لِي لِتَنَمْ عَيْنُكَ وَلْيَعْقِلْ قَلْبُكُ وَلْتَسْمَعْ أُذُنُكَ فَنَامَتْ عَيْنِي وَعَقَلَ قَلْبِي وَسَمِعَتْ أُذُنِي وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ حَتَّى يَنْفُخَ وَيَغِطَّ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ لِأَنَّ قَلْبَهُ لَمْ يَكُنْ يَنَامُ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ غَلَبَ النَّوْمُ عَلَى قَلْبِهِ وَغَمَرَ نَفْسَهُ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْصُوصًا دُونَ سَائِرِ أُمَّتِهِ بِأَنْ تَنَامَ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامَ قَلْبُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَصْبِيُّ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أبي شعيب قال حدثنا عبيد الله ابن عَائِشَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ حَتَّى سُمِعَ غَطِيطُهُ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَالَ عِكْرِمَةُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْفُوظًا حَدِيثٌ خَامِسٌ لِسَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَا أَبَا عبد الرحمان رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا قَالَ مَا هُنَّ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنَ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلَالَ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ابن عُمَرَ أَمَّا الْأَرْكَانُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعْرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصبغ بِهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ راحلته

عُبَيْدُ بْنُ جُرَيْجٍ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ ذَكَرُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَجَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ وَالْمَذَاهِبِ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ مَوْجُودًا وَهُوَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَصَحُّ مَا يَكُونُ فِي الِاخْتِلَافِ إِذَا كَانَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَأَمَّا مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَاخْتَلَفَ فِيهِ مَنْ بَعْدَهُمْ فَلَيْسَ اخْتِلَافُهُمْ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي التَّأْوِيلِ الْمُحْتَمَلِ فِيمَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ أَوْ فِيمَا انْفَرَدَ بِعِلْمِهِ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ أَوْ فِيمَا كَانَ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى طَرِيقِ الْإِبَاحَةِ فِي فِعْلِهِ لِشَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وقد بينا العدل فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحُجَّةَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ السُّنَّةُ وَأَنَّهَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا وَلَيْسَ مَنْ خَالَفَهَا بِحُجَّةٍ عَلَيْهَا أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمَّا قَالَ لَهُ عُبَيْدُ بْنُ جُرَيْجٍ رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَشْيَاءَ لَا يَصْنَعُهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ لَمْ يَسْتَوْحِشْ مِنْ مُفَارَقَةِ أَصْحَابِهِ إِذْ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ عِلْمٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ الْجَمَاعَةُ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكَ وَلَعَلَّكَ وَهِمْتَ كَمَا

يَقُولُ الْيَوْمَ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بَلِ انْقَادَ لِلْحَقِّ إِذْ سَمِعَهُ وَهَكَذَا يَلْزَمُ الْجَمِيعَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا قَوْلُهُ رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنَ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ فَالسُّنَّةُ الَّتِي عَلَيْهَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ ذَيْنَكَ الرُّكْنَيْنِ يَسْتَلِمَانِ دُونَ غَيْرِهِمَا وَأَمَّا السَّلَفُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ وَأَنَسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَلِمُونَ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا وَعَنْ عُرْوَةَ مِثْلُ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ عَنْ مُعَاوِيَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لَيْسَ مِنَ الْبَيْتِ شَيْءٌ مَهْجُورٌ وَالصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَلِمُ إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْأَسْوَدَ وَالْيَمَانِيَّ وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِالْيَمَانِيَيْنِ وَهِيَ السُّنَّةُ وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مِنَ الْبَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِقَوْلِ عَائِشَةَ إِنَّ الْحِجْرَ بَعْضُهُ مِنَ الْبَيْتِ فقال ابن عمر والله إني لظن عَائِشَةَ إِنَّ كَانَتْ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكِ اسْتِلَامَهُمَا إِلَّا أَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى قَوَاعِدِ الْبَيْتِ وَلَا طَافَ النَّاسُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ إِلَّا لِذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ رَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ فَهِيَ النِّعَالُ السُّودُ الَّتِي لَا شَعْرَ لَهَا كَذَلِكَ فَسَّرَهُ ابْنُ وَهْبٍ صَاحِبُ مَالِكٍ وَقَالَ الْخَلِيلُ فِي الْعَيْنِ السِّبْتُ الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ بِالْقَرَظِ وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو هُوَ كُلُّ جِلْدٍ مَدْبُوغٍ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ السِّبْتُ جُلُودُ الْبَقَرِ خَاصَّةً مَدْبُوغَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَدْبُوغَةٍ وَلَا يُقَالُ لِغَيْرِهَا سِبْتٌ وَجَمْعُهَا سِبُوتٌ وَقَالَ غَيْرُهُ السِّبْتَ نَوْعٌ مِنَ الدِّبَاغِ يَقْلَعُ الشَّعْرَ وَالنِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ مِنْ لِبَاسِ وُجُوهِ النَّاسِ وَأَشْرَافِ الْعَرَبِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَهُمْ قَدْ ذَكَرَهَا شُعَرَاؤُهُمْ قَالَ عَنْتَرَةُ يَمْدَحُ رَجُلًا ... بَطَلٍ كَأَنَّ ثِيَابَهُ فِي سَرْحَةٍ ... ... يُحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ لَيْسَ بِتَوْأَمٍ ... يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يُولَدْ تَوْأَمًا

وَقَالَ كُثَيِّرٌ ... كَأَنَّ مَشَافِرَ النَّجَدَاتِ مِنْهَا ... ... إِذَا مَا قَارَفَتْ قَمَعُ الذُّبَابِ ... ... بِأَيْدِي مَأْتَمٍ مُتَصَاعِدَاتٍ ... نِعَالُ السِّبْتِ أَوْ عَذَبُ الثِّيَابِ ... شَبَّهَ اضْطِرَابَ مَشَافِرِ الْإِبِلِ وَهِيَ تَنْفِي الذُّبَابَ عَنْهَا بِنِعَالِ السِّبْتِ فِي أَيْدِي الْمَأْتَمِ وَالْمَأْتَمُ النِّسَاءُ اللَّوَاتِي يَبْكِينَ وَيَنُحْنَ عَلَى الْمَيِّتِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَذَبُ الثِّيَابِ يُرِيدُ خِرَقًا يَحْبِسُهَا النِّسَاءُ بِأَيْدِيهِنَّ عِنْدَ النياح ويحبسن أيضا النفال بِأَيْدِيهِنَّ كَانَ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْمَأْتَمِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي جَوَازِ لِبَاسِ النعال السبتية في غير الْمَقَابِرَ وَحَسْبُكُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ يَرْوِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كَانَ يَلْبَسُهَا وَفِيهِ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَلْبَسُهَا فِي الْمَقْبَرَةِ فَأَمَرَهُ بِخَلْعِهَا وَقَدْ يجوز أن يكون ذلك الذى رَآهُ فِيهَا أَوْ لِمَا شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَا يُعَارِضُهُ وَالْحَدِيثُ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيُّ الْبَصْرِيُّ بمصر قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ أَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي بَشِيرُ بْنُ نَهِيكٍ قَالَ أَخْبَرَنِي بَشِيرُ بْنُ الْخَصَاصِيَةِ وَكَانَ اسْمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ زَحْمٌ فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشِيرًا قَالَ بَشِيرٌ بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي بَيْنَ الْمَقَابِرِ وَعَلَيَّ نَعْلَانِ فَإِذَا رَجُلٌ يُنَادِي مِنْ خَلْفِي يَا صَاحِبَ السِّبْتِيِّيْنِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي إِذَا كُنْتَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ قَالَ فَخَلَعْتُهُمَا هَكَذَا قَالَ إِنَّهُ كَانَ اللَّابِسَ لَهُمَا وَالْمَأْمُورَ فِيهِمَا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ السَّدُوسِيِّ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ بَشِيرٍ قَالَ وَكَانَ اسْمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ زَحْمُ بْنُ مَعْبَدٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ أَنْتَ بَشِيرٌ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا ثَلَاثًا ثُمَّ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ لَقَدْ أَدْرَكَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا وَحَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظْرَةٌ فَإِذَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ فَقَالَ يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ وَيْحَكَ أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ فَنَظَرَ الرَّجُلُ فَلَمَّا عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَعَهُمَا فَرَمَى بِهِمَا وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْمَشْيُ بِالنِّعَالِ وَالْحِذَاءِ بَيْنَ الْقُبُورِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ آخَرُونَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ أَنَّهُ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَنْ الْمَشْيِ بَيْنَ الْقُبُورِ فِي النَّعْلَيْنِ فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَلَا أَفْعَلُهُ أَخْلَعُ نَعْلِي عَلَى حَدِيثِ بَشِيرٍ قَالَ وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ ثِقَةٌ وَبَشِيرُ بْنُ نَهِيكٍ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ عِدَّةٌ قُلْتُ رَوَى عَنْهُ النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ وَأَبُو مِجْلَزٍ وَبَرَكَةُ قَالَ نَعَمْ قَالَ الْأَثْرَمُ حَدَّثَنَا عَفَّانُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَهَذَا لِفَظُ عَفَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ نَهِيكٍ عَنْ بَشِيرٍ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عَلَى قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ لَقَدْ أَدْرَكَ

هَؤُلَاءِ خَيْرًا ثُمَّ حَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظْرَةٌ فَإِذَا بِرَجُلٍ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ عَلَيْهِ نَعْلَاهُ فَنَادَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ وَيْحَكَ أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ فَنَظَرَ الرَّجُلُ فَلَمَّا عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَرَمَى بِهِمَا قَالَ وَحَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا قَالَ وَرَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ الْمَقَابِرِ مُعَلِّقًا نَعْلَيْهِ بِيَدِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ رأيتك تصبغ بالسفرة وَقَوْلُ ابْنُ عُمَرَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ قَوْمٌ أَرَادَ الْخِضَابَ لِلِّحْيَةِ بِالصُّفْرَةِ وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حدثنا أبي قال حدثنا يعقوب ابن إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ يَا أَبَا عبد الرحمان إِنِّي رَأَيْتُكَ تُصَفِّرُ لِحْيَتَكَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَفِّرُ بِالْوَرْسِ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُصَفِّرَ بِهِ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ كَذَا قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ فَقُلْتُ أَرَاكَ تُصَفِّرُ لِحْيَتَكَ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ وَرَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَفِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُهُ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَلِحْيَتُهُ صَفْرَاءُ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ أَبُو هَمَّامٍ الْأَهْوَازِيُّ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَمَّامٍ قَالَ قُلْتُ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَضِّبُ قَالَ يَا ابْنَ أَخِي أَوْ يَا بُنَيَّ مَا بَلَغَ مِنْهُ الشَّيْبُ مَا كَانَ يخضب ولكنه قد كان منه ها هنا شَعْرَاتٌ بِيضٌ وَكَانَ يَغْسِلُهُ بِالْحِنَّاءِ وَالسِّدْرِ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ رَأَيْتُ شَعْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ أَحْمَرَ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا شَعْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ عَلِيٌّ لَا يَخْضِبُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ قَدْ خَضَبَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمَلَةَ قَالَ كَانَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ لَا يُغَيِّرُ الشَّيْبَ فَحَجَّ فَشَهِدَ عِنْدَهُ أَرْبَعَةٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيَّرَ قَالَ فَغَيَّرَ فِي بَعْضِ الْمَرَّاتِ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمان سَمِعْتُ أَنَسًا يَصِفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كَانَ رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ قَالَ رَبِيعَةُ فَرَأَيْتُ شَعْرًا مِنْ شَعْرِهِ فَإِذَا هُوَ

أَحْمَرُ فَسَأَلْتُ فَقِيلَ أَحْمَرُ مِنَ الطِّيبِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ إِجَازَةَ أَكْثَرِ السَّلَفِ لِلِبَاسِ الثِّيَابِ الْمُزَعْفَرَةِ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَيُصَفِّرُ شَيْبَهُ عَلَى أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ أَنَّهُ إِنَّمَا شَابَ مِنْهُ عنفقته وشيء في صدغيه لا غير صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنُ عُمَرَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ أَرَادَ أَنَّهُ كَانَ يُصَفِّرُ ثِيَابَهُ وَيَلْبَسُ ثِيَابًا صُفْرًا وَأَمَّا الْخِضَابُ فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْضِبُ وَاحْتَجُّوا مِنَ الْأَثَرِ بِحَدِيثِ رَبِيعَةَ عَنْ أَنَسٍ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ رَبِيعَةَ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَبِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حدثنا اسرائيل عن سماك عن جابر ابن سَمُرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَشَّطَ مُقَدِّمَ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ فَإِذَا ادَّهَنَ وَامْتَشَطَ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْبَهُ فَإِذَا شَعِثَ رَأَيْتُهُ مُتَبَيِّنًا وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَخَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمْ يَبْلُغِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّيْبِ مَا يخضب

قَالَ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ سُئِلَ أَنَسٌ عَنِ الْخِضَابِ فَقَالَ خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَخَضَبَ عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ وَحْدَهُ قِيلَ لَهُ فَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمْ يَكُنْ فِي لِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ وَأَصْغَى حُمَيْدٌ إِلَى رَجُلٍ عَنْ يَمِينِهِ فَقَالَ كُنَّ سَبْعَ عَشْرَةَ شَعْرَةً وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ أبي سلمة بن عبد الرحمان أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ قَالَ وَكَانَ جَلِيسًا لَهُمْ وَكَانَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ قَالَ فَغَدَا عَلَيْهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ حَمَّرَهُمَا قَالَ فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ هَذَا أَحْسَنُ فَقَالَ إِنَّ أُمِّي عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إِلَيَّ الْبَارِحَةَ جَارِيَتَهَا نُخَيْلَةَ فَأَقْسَمَتْ عَلَيَّ لَأَصْبُغَنَّ وَأَخْبَرَتْنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ يَصْبُغُ قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَصْبُغْ وَلَوْ صَبَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأرسلت بذلك عائشة إلى عبد الرحمان بْنِ الْأَسْوَدِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي صَبْغِ الشَّعْرِ بِالسَّوَادِ لَمْ أَسْمَعْ فِي ذَلِكَ شَيْئًا مَعْلُومًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الصَّبْغِ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ وترك الصبغ كله واسع إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَيْسَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ ضِيقٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَضَّلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْخِضَابَ بِالصُّفْرَةِ وَالْحُمْرَةِ عَلَى بَيَاضِ الشَّيْبِ وَعَلَى الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال إن اليهود والنصارى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَجَمَاعَةٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمِنْ حَدِيثِ

ابْنِ عُيَيْنَةَ وَغَيْرِهِ أَيْضًا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَضَبَ بالحنا وَالْكَتَمِ وَاحْتَجُّوا بِهَذَا أَيْضًا وَجَاءَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ خَضَبُوا بِالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ وَجَاءَ عَنْ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَخْضِبُوا وَكُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِمَّنْ كَانَ يَخْضِبُ لِحْيَتَهُ حَمْرَاءَ قَانِيَةً أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَنَسُ بْنُ مالك وعبد الرحمان بْنُ الْأَسْوَدِ وَخَضَبَ عَلِيٌّ مَرَّةً ثُمَّ لَمْ يَعُدْ وَمِمَّنْ كَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَزَيْدُ بْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَأَبُو السَّوَادِ وَأَبُو وَائِلٍ وَعَطَاءٌ وَالْقَاسِمُ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ والأسود وعبد الرحمان بْنُ يَزِيدَ وَيَزِيدُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَنَسٍ أَنَّهُمَا كَانَا يُصَفِرَّانِ لِحَاهُمَا وَالصَّحِيحُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَتْ لِحْيَتُهُ بَيْضَاءَ وَقَدْ مَلَأَتْ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ ذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ قَدْ مَلَأَتْ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ وَقَالَ أَبُو (عَائِشَةَ) التَّيْمِيُّ رَأَيْتُ عَلِيًّا أَصْلَعَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَكَانَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَا يَخْضِبُونَ ذَكَرَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَخْضِبُ لِحْيَتَهُ حَمْرَاءَ قَانِيَةً وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابن فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ

رَأَيْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ قَالَ وَرَأَيْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ لَا يُغَيِّرُ الشَّيْبَ وَكَانَ نَقِيَّ الْبَشَرَةِ نَاصِعَ بَيَاضِ الشَّيْبِ حَسَنَ اللحية لا يأخذ منها من غير أَنْ يَدَعَهَا تَطُولُ قَالَ وَرَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ كِنَانَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ وَعَبْدَ الله بن نافع وعبد الرحمان بْنَ الْقَاسِمِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يُغَيِّرُونَ الشَّيْبَ وَلَمْ يَكُنْ شَيْبُهُمْ بِالْكَثِيرِ يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ وَابْنَ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَأَبُو الزُّبَيْرِ وَابْنُ أَبِي نَجِيحٍ لَا يَخْضِبُونَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي عُشَّانَةَ قَالَ رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ وَيَقُولُ نُسَوِّدُ أَعْلَاهَا وَتَأْبَى أُصُولُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ بَيْتٌ مَحْفُوظٌ لَهُ ... نُسَوِّدُ أَعْلَاهَا وَتَأْبَى أُصُولُهَا ... وَلَا خَيْرَ فِي الْأَعْلَى إِذَا فَسَدَ الْأَصْلُ ... قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْضِبُونَ بِالْوَسْمَةِ وَعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ وَنَافِعِ بْنِ حِمْيَرٍ أَنَّهُمْ خَضَبُوا بِالسَّوَادِ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ لَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا

وَمِمَّنْ كَرِهَ الْخِضَابَ بِالسَّوَادِ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَمَكْحُولٌ وَالشَّعْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَسُئِلَ عَنِ الْخِضَابِ بِالْوَسْمَةِ قَالَ يَكْسُو اللَّهُ الْعَبْدَ فِي وَجْهِهِ النُّورَ فَيُطْفِئُهُ بِالسَّوَادِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّبْغَ بِالصُّفْرَةِ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ صَبْغُ الثِّيَابِ لَا تَصْفِيرُ اللِّحْيَةِ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَلْبَسُ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ بِالْمَشْقِ وَالْمَصْبُوغَ بِالزَّعْفَرَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَحَدِيثُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ بِالْمِشْقِ وَالزَّعْفَرَانِ مَعَ رِوَايَتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الصُّفْرَةَ كَانَتْ مِنْهُ فِي لِبَاسِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَلْبَسَ شَيْئًا مَصْبُوغًا بِالزَّعْفَرَانِ لِحَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ مَعْنَاهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ تَخْلِيقُ الْجَسَدِ وَتَزَعْفُرُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى بِأَشْبَعَ من ذكرنا له ههنا فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا والحمد لله

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ تِلْكَ الصُّفْرَةَ كَانَتْ فِي ثيابه نصا دُونَ تَأْوِيلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد ابْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى (بْنُ) عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ زَيْدِ ابن أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالصُّفْرَةِ حَتَّى عِمَامَتَهُ وَذَكَرَ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كَانَ يَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ وَذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عمر بن محمد عن زيد ابن أَسْلَمَ مُرْسَلًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهِ وَرَأَيْتُهُ يُحِبُّهُ أَوْ رَأَيْتُهُ أَحَبَّ الصَّبْغِ إِلَيْهِ وَفِي الْمُوَطَّأِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْمَلَاحِفِ الْمُعَصْفَرَةِ فِي الْبُيُوتِ لِلرِّجَالِ وَفِي الْأَفْنِيَةِ فَقَالَ لَا أَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا حَرَامًا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ اللِّبَاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلَالَ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ قَدْ جَاءَ بِحُجَّةٍ قَاطِعَةٍ نَزَعَ بِهَا وَأَخَذَ بِالْعُمُومِ فِي إِهْلَالِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَخُصَّ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِهَا وَقَالَ لَا يُهِلُّ الْحَاجُّ إِلَّا فِي وَقْتٍ يَتَّصِلُ لَهُ عَمَلُهُ وَقَصْدُهُ إِلَى الْبَيْتِ وَمَوَاضِعُ الْمَنَاسِكِ وَالشَّعَائِرِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَّلَ وَاتَّصَلَ لَهُ عَمَلُهُ وَقَدْ تَابَعَ ابْنَ عُمَرَ عَلَى قَوْلِهِ هَذَا فِي إِهْلَالِ الْمَكِّيِّ وَمَنْ بِمَكَّةَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ

ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَا يُهِلُّ أَحَدٌ مِنْ مَكَّةَ بِالْحَجِّ حَتَّى يُرِيدَ الرَّوَاحَ إِلَى مِنًى قَالَ ابْنُ طَاوُسٍ وَكَانَ أَبِي إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ مِنَ الْمَسْجِدِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ ثُمَّ خَرَجَ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ عَطَاءٌ وَجْهُ إِهْلَالِ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ لَا يُهِلَّ أَحَدُهُمْ حَتَّى تَتَوَجَّهَ بِهِ دَابَّتُهُ نَحْوَ مِنًى فَإِنْ كَانَ مَاشِيًا فَحِينَ يَتَوَجَّهُ نَحْوَ مِنًى قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ لِي عَطَاءٌ أَهَلَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلُوا فِي حَجَّتِهِمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ حِينَ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقَالَ لِي ابْنُ طَاوُسٍ ذَلِكَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يُخْبِرُ عَنْ حِجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَأَمَرْنَا بَعْدَمَا طُفْنَا أَنْ نُحِلَّ وَقَالَ إِذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَنْطَلِقُوا إِلَى مِنًى فَأَهِلُّوا قَالَ فَأَهْلَلْنَا مِنَ الْبَطْحَاءِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهَذَا الْبَابِ مَذْهَبٌ آخَرُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ تَابَعَهُ عَلَيْهِ أَيْضًا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ ذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عن عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ يَا أَهْلَ مَكَّةَ مَا شَأْنُ النَّاسِ يَأْتُونَ شُعْثًا وَأَنْتُمْ مُدْهِنُونَ أَهِلُّوا إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ وَمَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَقَامَ بِمَكَّةَ تِسْعَ سِنِينَ يُهِلُّ بِالْحَجِّ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ مَعَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ مَنْ أَهَلَّ بِمَكَّةَ مِنْ أَهْلِهَا وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِهَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ فَلْيُؤَخِّرِ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى وَيَكُونُ إِهْلَالُهُ مِنْ جَوْفِ مَكَّةَ لَا يَخْرُجُ إِلَى الْحَرَمِ وَكَذَلِكَ فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ

وَأَصْحَابُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ أَهَلُّوا مِنْ مَكَّةَ أَخَّرُوا الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ حَتَّى رَجَعُوا مِنْ مِنًى قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ مَكَّةَ فَلْيَخْرُجْ إِلَى الْحَلِّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هِشَامٍ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ تِسْعَ سِنِينَ يُهِلُّ بِالْحَجِّ إِذَا رَأَى هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَيَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى مِنًى قَالَ وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ قَالَ كَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يُعْجِبُهُ إِذَا تَوَجَّهَ إِلَى مِنًى أَنْ يُهِلَّ ثُمَّ يَمْضِي عَلَى وَجْهِهِ وَقَالَ عَطَاءٌ إِذَا أَحْرَمَ عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ فَلَا يَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى يَرُوحَ إِلَى مِنًى قَالَ هِشَامٌ وَقَالَ الْحَسَنُ أَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ فَلَا بَأْسَ إِنْ شَاءَ أَهَلَّ حِينَ يَتَوَجَّهُ إِلَى مِنًى وَإِنْ شَاءَ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّ أَهَلَّ قَبْلَ يوم التروية فإنه يطوف باليت ويسعى بن الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ يُرِيدُ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ لِأَنَّ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَلَكِنَّهُ يَطُوفُ مَا بَدَا لَهُ بِالْبَيْتِ وَيَرْكَعُ إِنْ شَاءَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ فَعَلَ فِيهِ أَيْضًا بِقَوْلِ أَبِيهِ وهو كله واسع جَائِزٌ لِمَنْ فَعَلَهُ لَا يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي جواز ذلك

ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ أَهَلَّ ابْنُ عُمَرَ مَرَّةً بِالْحَجِّ حِينَ رَأَى الْهِلَالَ وَمَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ الْهِلَالِ مِنْ جَوْفِ الْكَعْبَةِ وَمَرَّةً أُخْرَى حِينَ رَاحَ مُنْطَلِقًا إِلَى مِنًى قَالَ وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ وَعَنْ مَعْمَرٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ قَالَ مُجَاهِدٌ فَقُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ قَدْ أَهْلَلْتَ فِينَا إِهْلَالًا مُخْتَلِفًا قَالَ أَمَّا أَوَّلُ عَامٍ الْأَوَّلِ فَأَخَذْتُ بِأَخْذِ أَهْلِ بَلَدِي ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا أَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي حَرَامًا وَأَخْرُجُ حَرَامًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ كُنَّا نَصْنَعُ إِنَّمَا كُنَّا نُهِلُّ ثُمَّ نُقْبِلُ عَلَى شَأْنِنَا قُلْتُ فَبِأَيِّ ذَلِكَ نَأْخُذُ قَالَ نُحْرِمُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إِنْ شَاءَ الْمَكِّيُّ أَلَّا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِلَّا يَوْمَ مِنًى فَعَلَ قَالَ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ أَهْلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ إِنْ شَاءَ أَهَلَّ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ شَاءَ مِنَ الْحَرَمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا إِهْلَالَ مَنْ كَانَ مَسْكَنُهُ دُونَ الْمَوَاقِيتِ إِلَى مَكَّةَ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَيْضًا مَالِكٌ عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَهَذَا قَدْ جَاءَ عَنْ رَجُلٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ

عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةَ وَقَدْ أَوْرَدْنَا الْآثَارَ فِي ذَلِكَ وَأَوْضَحْنَا مَعَانِيَهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَفِي بَابِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ أَيْضًا ذِكْرٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَرَوَى مالك عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُتْبَعَ بِنَارٍ وَهَذَا مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَقَدْ رَوَيْتُ الْكَرَاهِيَةَ فِي ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم

سعيد بن عمرو بن شرحبيل

مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ قَدْ ذَكَرْنَا نَسَبَ جَدِّهِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ ههنا وَسَعِيدٌ هَذَا ثِقَةٌ عَدْلٌ فِيمَا نَقَلَ وَحَدِيثُ مَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ خَرَجَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بَعْضِ مَغَازِيهِ فَحَضَرَتْ أُمَّهُ الْوَفَاةُ بِالْمَدِينَةِ فَقِيلَ لها أوصي فَقَالَتْ فِيمَ أُوصِي وَإِنَّمَا الْمَالُ مَالُ سَعْدٍ فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ سَعْدٌ فَلَمَّا قَدِمَ ذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ فقال سعد حَائِطُ كَذَا وَكَذَا صَدَقَةٌ عَنْهَا لِحَائِطٍ سَمَّاهُ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ مِنْهُمُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَقَالَ فِيهِ الْقَعْنَبِيُّ سَعْدُ بْنُ عَمْرٍو

وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْبَرْقِيِّ سَعْدُ بْنُ عَمْرِو بن شرحبيل كا قَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَالصَّوَابُ فِيهِ سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُسْنَدٌ لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ لَهُ صُحْبَةٌ قَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَغَيْرُهُ وَشُرَحْبِيلُ ابْنُهُ غَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَلْقَى جَدَّهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ هَذَا فِي قِصَّةِ أُمِّهِ قَدْ رُوِيَ مُسْنَدًا مِنْ وُجُوهٍ وَمَقْطُوعًا أَيْضًا بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي أَبْوَابٍ سَلَفَتْ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مِنْهَا بَابُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ الله ومنها باب عبد الرحمان بْنِ أَبِي عُمْرَةَ وَقَدْ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِي صَدَقَةِ الحي عن الميت هو حديث سعد ابن عُبَادَةَ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَمُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ فِي جَوَازِ صَدَقَةِ الْحَيِّ عَنِ الْمَيِّتِ لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهَا مِمَّا يَنْتَفِعُ الْمَيِّتُ بِهَا وَكَفَى بِالِاجْتِمَاعِ حُجَّةً وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُدْرِكَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ عَمَلُ الْبِرِّ وَالْخَيْرِ بِغَيْرِ سَبَبٍ مِنْهُمْ وَلَا يَلْحَقُهُمْ وِزْرٌ يَعْمَلُهُ غَيْرُهُمْ وَلَا شَرٌّ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ سَبَبٌ يُسَبِّبُونَهُ أَوْ يَبْتَدِعُونَهُ فَيُعْمَلُ به بعدهم حدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ اللُّؤْلُؤِيُّ الْبَغْدَادِيُّ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ابن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ مغازيه وحضرت أمه الوفاة فقيل لها أوصي فَقَالَتْ بِمَ أُوصِي

إِنَّمَا الْمَالُ كُلُّهُ لِسَعْدٍ قَالَ فَلَمَّا قَدِمْتُ أُخْبِرْتُ بِذَلِكَ فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ وَهَذَا الْإِسْنَادُ عَنْ مَالِكٍ يَدُلُّ عَلَى الِاتِّصَالِ وَهُوَ الْأَغْلَبُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ الدَّرَاوَرْدِيِّ فِي ذَلِكَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سعيد بن عمرو ابن شُرَحْبِيلَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أن أمه توفيت وهو غائب فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ وَقَدْ رُوِيَ مُتَّصِلًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا بقي قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمَّ سَعْدٍ كَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ أَفَيَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ وَعَلَيْكِ بِالْمَاءِ قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي الصَّعْبَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ أَنْ يَسْقِيَ عَنْهَا الْمَاءَ وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيُّ الصَّدَقَةِ أفضل فقال الماء ثم قل أَلَمْ تَرَوْا إِلَى أَهْلِ النَّارِ حِينَ اسْتَغَاثُوا بِأَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ

أبو حازم سلمة بن دينار الحكيم

أَبُو حَازِمٍ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ الْحَكِيمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد ابن زُهَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ اسْمُ أَبِي حَازِمٍ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ وَأَصْلُهُ فَارِسِيٌّ مَوْلًى لِبَنِي لَيْثٍ وَأُمُّهِ رُومِيَّةٌ وَكَانَ أَشْقَرَ أَقْرَنَ أَحْوَلَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَسَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ أَبِي حازم فقال سلمة ابن دِينَارٍ مَشْهُورٌ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ وَسَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ مَاتَ أَبُو حَازِمٍ الْمَدَنِيُّ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَهَذَا أَصَحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ عِنْدَ هِشَامٍ وَهُوَ عَامِلُ الْمَدِينَةِ وَابْنُ شِهَابٍ حَاضِرٌ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ مَا سَمِعْتُ بِهَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ أَكُلُّ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتَهُ قَالَ لَا قَالَ فَنَصِفُهُ قَالَ أَرَى ذَلِكَ قَالَ فَاجْعَلْ هَذَا فِي النِّصْفِ الَّذِي لَمْ تَسْمَعْ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَصْلَحَكَ اللَّهُ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَجَارِي مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَمَا عَرَفْتُهُ هَكَذَا قَطُّ فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ لَعَرَفْتَنِي مُنْذُ زَمَانٍ وَلَكِنِّي مِنَ الْفُقَرَاءِ هَذَا الْخَبَرُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ مَعَ الزُّهْرِيِّ وَرُوِيَ لِغَيْرِهِ أَيْضًا وَقِصَّةُ أَبِي حَازِمٍ فِي خَبَرِهِ الطَّوِيلِ عِنْدَ سُلَيْمَانَ مُخْطِئًا جَرَى قَوْلُ الزُّهْرِيِّ فِيمَا رَوَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَبُو حَازِمٍ الْقَائِلُ مَا الدُّنْيَا أَمَّا مَا مَضَى مِنْهَا فَإِعْلَامٌ وَأَمَّا مَا بَقِيَ فَأَمَانِي وَأَمَّا إِبْلِيسُ وَاللَّهِ لَقَدْ أُطِيعَ فَمَا نَفَعَ وَلَقَدْ عُصِيَ فَمَا ضَرَّ

الحديث الأول

وَكَانَ أَبُو حَازِمٍ هَذَا أَحَدُ الْفُضَلَاءِ الْحُكَمَاءِ الْعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ مِنَ التَّابِعِينَ وَلَهُ حِكَمٌ وَزُهْدِيَّاتٌ وَمَوَاعِظُ وَرَقَائِقُ وَمُقَطَّعَاتٌ يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهَا لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ مَرْفُوعَاتِهِ تِسْعَةُ أَحَادِيثَ فِيهَا وَاحِدٌ مُرْسَلٌ وَآخَرٌ مَوْقُوفٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ حَدِيثٌ أَوَّلُ لِأَبِي حَازِمٍ مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ قَالَ كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو حَازِمٍ لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ يُنَمِّي ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُنَمِّي ذَلِكَ يَعْنِي يَرْفَعُهُ يُرِيدُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ مَضَى رَفْعُ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى وَمَضَى مَا فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ فِي بَابِ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا وَجْهَ لِتَكْرِيرِ ذَلِكَ ههنا وَقَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ مُطَرِّفٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أُمِرْنَا أَنْ نَضَعَ الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى الذِّرَاعِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِأَبِي حَازِمٍ مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إِنْ كَانَ فَفِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمَسْكَنِ يَعْنِي الشُّؤْمَ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَطْعٌ فِي الشُّؤْمِ لِقَوْلِهِ إِنْ كَانَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمز مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقِيلَ شُؤْمُ الْفَرَسِ أَلَّا يُغْزَى عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَشُؤْمُ الْمَرْأَةِ أَلَّا تَكُونَ وَلُودًا وَلَا وَدُودًا وَشُؤْمُ الدَّارِ جِيرَانُهَا إِذَا كَانُوا جِيرَانَ سَوْءٍ حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِأَبِي حَازِمٍ مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنَ السُّنَّةِ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ وَالتَّعْجِيلُ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الِاسْتِيقَانِ بِمَغِيبِ الشَّمْسِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُفْطِرَ وَهُوَ شَاكٌّ هَلْ غَابَتْ

الشَّمْسُ أَمْ لَا لِأَنَّ الْفَرْضَ إِذَا لَزِمَ بِيَقِينٍ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ إِلَّا بِيَقِينٍ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَأَوَّلُ اللَّيْلِ مَغِيبُ الشَّمْسِ كُلِّهَا فِي الأفق عن أعين الناظرين من شَكَّ لَزِمَهُ التَّمَادِي حَتَّى لَا يَشُكَّ فِي مَغِيبِهَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ من ههنا يعني المشرق وأدبر النهار من ههنا يَعْنِي الْمَغْرِبَ وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قال سمعت عاصم بن عمر ابن الْخَطَّابِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقْبَلَ الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فَيِمَنْ أَفْطَرَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ ثُمَّ بَدَتْ لَهُ بَعْدَ إِفْطَارِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ فِيمَنْ أَكَلَ وَظَنَّهُ لَيْلًا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ نَهَارٌ أَوْ أَفْطَرَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ فَإِذَا بِهَا لَمْ تَغْرُبْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ مَنْ أَكَلَ وَهُوَ شَاكٌّ فِي الْفَجْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يَتَسَحَّرُ الرَّجُلُ مَا شَكَّ حَتَّى يَرَى الْفَجْرَ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ كَانَ أَكْثَرُ ظَنِّهِ فِي حِينِ أَكْلِهِ أَنَّهُ أَكَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَأَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَقْضِيَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُمْ أَفْطَرُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَقُلْتُ لِهِشَامٍ فَأَمَرُوا بِالْقَضَاءِ قَالَ وَمِنْ ذَلِكَ بُدٌّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْفَرَائِضِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَسْرَعُهُمْ فِطْرًا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَسْمَعِ الْأَوْزَاعِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الزُّهْرِيِّ بينهما قرة بن حيويل كَذَلِكَ رَوَاهُ ثِقَاتُ أَصْحَابِ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ هَذَا فَكَثِيرُ الْخَطَأِ ضَعِيفُ النَّقْلِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أصبغ قال (حدثنا (9) الحرث ابن أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ ابْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ حَتَّى يُفْطِرَ وَلَوْ عَلَى شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ وَقَدْ مَضَتْ آثَارُ هَذَا الْبَابِ فِي باب عبد الرحمان بْنِ حَرْمَلَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِأَبِي حَازِمٍ مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ وَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالَ أتصلي للناس فَأُقِيمَ قَالَ نَعَمْ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ فَصَفَّقَ النَّاسُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ مِنَ التَّصْفِيقِ الْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ رُوَاةُ الْمُوَطَّإِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَانْفَرَدَ عَبْدُ اللَّهِ بن محمد ابن رَبِيعَةَ الْقُدَامِيُّ عَنْ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ وَحَدِيثُ الزُّهْرِيِّ مَحْفُوظٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي إِسْنَادِهِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَخَارِجَةُ وَالْمَسْعُودِيُّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ وَقَالُوا كُلُّهُمْ فِي آخِرِهِ إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ وَالتَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالْمَعْنَى الَّذِي لَهُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ تَشَاجَرَا كَذَا رَوَاهُ أَسَدُ بْنُ مُوسَى عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ شَيْءٌ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ خَارِجَةُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ كَانَ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ شَيْءٌ بِالْمَدِينَةِ فَاسْتَبُّوا وَتَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقَ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ وَالصَّلَاةُ الَّتِي شَهِدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُمْ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَالْمُؤَذِّنُ بِلَالٌ كَذَلِكَ ذَكَرَ جُمْهُورُ الرُّوَاةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهَا الْعَصْرُ وَالْمُؤَذِّنُ أَنَّهُ بِلَالٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ محمد قالا

حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فِي لِحَاءٍ كَانَ بَيْنَهُمْ فَحَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَقَالَ بِلَالٌ لِأَبِي بَكْرٍ أَأُقِيمُ الصَّلَاةَ فَتُصَلِي بِالنَّاسِ قَالَ نَعَمْ فَأَقَامَ بِلَالٌ وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَرِّقُ الصُّفُوفَ وَصَفَّقَ الْقَوْمُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَكَادُ يَلْتَفِتُ فَلَمَّا أَكْثَرُوا التَّصْفِيقَ الْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَرِّقُ الصُّفُوفَ فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنْ مَكَانَكَ فَتَأَخَّرَ وَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهِمْ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَالَكَ إِذْ أَوْمَأْتُ إِلَيْكَ لَمْ تَقُمْ قَالَ مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يَؤُمَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا قَوْمِ مَا بَالُكُمْ إِذَا نَابَكُمْ أَمْرٌ صَفَّقْتُمْ سَبِّحُوا فَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الصَّلَاةَ إِذَا خُشِيَ فَوَاتُ وَقْتِهَا لَمْ يُنْتَظَرِ الْإِمَامُ مَنْ كَانَ فَاضِلًا كَانَ أَوْ مَفْضُولًا وَفِيهِ أَنَّ الْإِقَامَةَ إِلَى الْمُؤَذِّنِ هُوَ أَوْلَى بِهَا وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَنْ أذن فهو يقيم ورووا فهي حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ فِيهِ لِينٌ يَدُورُ عَلَى الْإِفْرِيقِيِّ عَبْدِ الرحمان بْنِ زِيَادٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ غَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا بَأْسَ بِأَذَانِ مُؤَذِّنٍ وَإِقَامَةِ غَيْرِهِ وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ أَنْ يُقِيمَ الْمُؤَذِّنُ فَإِنْ أَقَامَ غَيْرُهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَهُ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِقَامَةِ غَيْرِ الْمُؤَذِّنِ وَهُوَ أَحْسَنُ إِسْنَادًا مِنْ حَدِيثِ الْإِفْرِيقِيِّ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِتَخَلُّلِ الصُّفُوفِ وَدَفْعِ النَّاسِ وَالتَّخَلُّصِ بَيْنَهُمْ لِلرَّجُلِ الَّذِي تَلِيقُ بِهِ الصَّلَاةُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهِ وَمِنْ شَأْنِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ أَهْلُ الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ بِحُدُودِ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَلِنِي مِنْكُمْ أَهْلُ

الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى يُرِيدُ لِيَحْفَظُوا عَنْهُ وَيَعُوا مَا يَكُونُ مِنْهُ فِي صَلَاتِهِ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الصَّفِّ مَنْ يَصْلُحُ لِلِاسْتِخْلَافِ إِنْ نَابَ الْإِمَامَ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ مِمَّنْ يَعْرِفُ إِرْقَاعَهَا وَإِصْلَاحَهَا وَفِيهِ أَنَّ التَّصْفِيقَ لَا تَفْسُدُ بِهِ صَلَاةُ الرِّجَالِ إِنْ فَعَلُوهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِإِعَادَةٍ وَلَكِنْ قِيلَ لَهُمْ شَأْنُ الرِّجَالِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ التَّسْبِيحُ وَفِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِذْ أَكْثَرَ النَّاسُ لِلتَّصْفِيقِ وَفِيهِ أَنَّ الِالْتِفَاتَ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ لَوْ أَفْسَدَهَا لَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِعَادَتِهَا وَلَقَالَ لَهُ قَدْ أَفْسَدْتَ صَلَاتَكَ بِالْتِفَاتِكَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بعث آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر ومعلما شَرَائِعَ الدِّينِ وَقَدْ بَلَّغَ كُلَّ مَا أُمِرَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أَقَرَّ عَلَيْهِ مِمَّا رَآهُ فَهُوَ فِي حُكْمِ مَا أَبَاحَهُ قَوْلًا وَعَمَلًا وَقَدْ جَاءَتْ فِي النَّهْيِ عَنِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ أَحَادِيثُ مَحْمَلُهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ خِلْسَةٌ يَخْتَلِسُهَا الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الِالْتِفَاتَ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ إِذَا كَانَ يَسِيرًا وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِذَا الْتَفَتَ بِبَدَنِهِ كُلِّهِ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ وَقَالَ الْحَكَمُ مَنْ تَأَمَّلَ مَنْ عَنْ يمينه أو يساره في الصلاة حتى يعرفه فَلَيْسَ لَهُ صَلَاةٌ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ مُطَيَّنٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ

الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ لَا وَلَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِي الصَّلَاةِ بِالْيَدِ وَبِالْعَيْنِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى السِّنْجَرِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُشِيرُ فِي الصَّلَاةِ وَفِيهِ أَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ حَمْدًا وَشُكْرًا وَدُعَاءً فِي الصَّلَاةِ لَا يَضُرُّ بِهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ فِي الصَّلَاةِ إِذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ أَوْ مَنَعَهُ مَانِعٌ مِنْ تَمَامِ صَلَاتِهِ لِأَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَحْدَثَ كَانَ أَوْلَى بِالِاسْتِخْلَافِ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ أَجَوْزَ مِنْ تَأَخُّرِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ لِأَنَّ الْمُحَدِّثَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَمَادَى فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَقَدْ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ أَنْ يَتَمَادَى لَوْلَا مَوْضِعُ فَضِيلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّقَدُّمُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَثْبُتَ وَيَتَمَادَى لِإِشَارَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمُحَدِّثُ وَلِهَذَا يَسْتَخْلِفُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا اسْتِئْخَارُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ إِمَامَتِهِ وتقدم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَانِهِ وَصَلَاتِهِ فِي مَوْضِعِ أَبِي بَكْرٍ مَا كَانَ بَقِيَ عَلَيْهِ فَهَذَا مَوْضِعُ خُصُوصٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ أَنَّ إِمَامَيْنِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ حَدَثَ يَقْطَعُ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَيُوجِبُ الِاسْتِخْلَافَ لَا يَجُوزُ وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى هَذَا دَلِيلٌ عَلَى خُصُوصِ هَذَا الْمَوْضِعِ لِفَضْلِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ في

ذَلِكَ وَلِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَتَقَدَّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَهَذَا عَلَى عُمُومِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالْفَتْوَى وَالْأُمُورِ كُلِّهَا أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَضِيلَةُ الصَّلَاةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَجْهَلُهَا مُسْلِمٌ وَلَا يَلْحَقُهَا أَحَدٌ وَأَمَّا سَائِرُ النَّاسِ فَلَا ضَرُورَةَ بِهِمْ إِلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ سَوَاءٌ مَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ وَلَوْ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ بِهِمْ تَمَامَ الصَّلَاةِ لَجَازَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْلَا أَنَّهُ أَمَرَهُ مَا قَالَ لَهُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا عَرَفُوا مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِهِ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَوْضِعُ الْخُصُوصِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ اسْتِئْخَارُ الْإِمَامِ لِغَيْرِهِ من غير حدث يقطع عليه صلاته وأمالوا تَأَخَّرَ بَعْدَ حَدَثٍ وَقَدَّمَ غَيْرَهُ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ بَلْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا فَكَذَلِكَ كُلُّ عِلَّةٍ تَمْنَعُ مِنْ تَمَادِيهِ فِي صَلَاتِهِ وَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ أَمَّ قَوْمًا فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ أَحْدَثَ فَخَرَجَ وَقَدَّمَ رَجُلًا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَانْصَرَفَ فَأَخْرَجَ الَّذِي قَدَّمَهُ وَتَقَدَّمَ هَلْ تُجْزِئُ عَنْهُمْ صَلَاتُهُمْ فَقَالَ قَدْ جَاءَ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَاءَ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَسَبَّحَ النَّاسُ بِأَبِي بَكْرٍ فَتَأَخَّرَ وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِمْ ثُمَّ يَجْلِسُونَ حَتَّى يُتِمَّ هُوَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيُسَلِّمُونَ قَالَ عِيسَى قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ ذَكَرَ قَبِيحَ مَا صَنَعَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى رَكْعَةً قَالَ يَخْرُجُ وَيُقَدِّمُ الَّذِي أَخْرَجَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ قَالَ فَلْيُقَدِّمْ غَيْرَهُ مِمَّنْ أَدْرَكَ الصلاة كلها

وَفِيهِ أَنَّ التَّصْفِيقَ لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ لِمَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِيهَا وَلَكِنْ يُسَبِّحُ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ لِلرِّجَالِ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ التَّسْبِيحَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ وَلَمْ يَخُصَّ رِجَالًا مِنْ نِسَاءٍ وَتَأَوَّلُوا قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ أَيْ إِنَّمَا التَّصْفِيقُ مِنْ فِعْلِ النِّسَاءِ قَالَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الذَّمِّ ثُمَّ قَالَ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ وَهَذَا عَلَى الْعُمُومِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ هَذِهِ حُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ وقال آخرون منهم الشافعي والأوزعي وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَجَمَاعَةٌ مَنْ نَابَهُ مِنَ الرِّجَالِ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ سَبَّحَ وَمَنْ نَابَهَا مِنَ النِّسَاءِ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهَا صَفَّقَتْ إِنْ شَاءَتْ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ حُكْمِ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ وَمَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ يَعْنِي مِنْكُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ فَلْيُسَبِّحْ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ فَفَرَّقَ بَيْنَ حُكْمِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ هَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا نَادَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ سَبَّحَ فَإِنَّ التَّسْبِيحَ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقَ لِلنِّسَاءِ سُنَّةٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ قِتَالٌ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُمْ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَالَ لِبِلَالٍ إِذَا حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَلَمْ آتِكَ فَمُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَلَمَّا حَضَرَتْ صَلَاةُ

الْعَصْرِ أَذَّنَ بِلَالٌ ثُمَّ أَقَامَ ثُمَّ أَمَرَ بِلَالٌ أَبَا بَكْرٍ فَتَقَدَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ وَلِيُصَفِّقِ النِّسَاءُ فَهَذَا قَاطِعٌ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ عَجْلَانَ وَغَيْرُهُ جَمَاعَةٌ قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ بِمَعْنَى حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ هَذَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ ابن حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ وَالتَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ وَأَبُو سَلَمَةَ وَأَبُو نَضْرَةَ وَغَيْرُهُمْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَامِدُ بن يحيى وأخبرنا عبد الله ابن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنْ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ قَالَ قوله

! التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ تَضْرِبُ الْمَرْأَةُ بِأُصْبُعَيْنِ مِنْ يَمِينِهَا عَلَى كَفِّهَا الشِّمَالِ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّمَا كُرِهَ التَّسْبِيحُ لِلنِّسَاءِ وَأُبِيحُ لَهُنَّ التَّصْفِيقُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ صَوْتَ الْمَرْأَةِ رَخِيمٌ فِي أَكْثَرِ النِّسَاءِ وَرُبَّمَا شَغَلَتْ بِصَوْتِهَا الرِّجَالَ الْمُصَلِّينَ مَعَهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ فَإِذَا جَازَ التَّسْبِيحُ جَازَتِ التِّلَاوَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ إِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ يَقُولُونَ لَا يُفْتَحُ عَلَى الْإِمَامِ وَمَا بَأْسٌ بِهِ أَلَيْسَ الرَّجُلُ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ الثَّوْرِيَّ وَأَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهَ كَانُوا يَقُولُونَ لَا يُفْتَحُ عَلَى الْإِمَامِ وَقَالُوا بِإِنْ فُتِحَ عَلَيْهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَرَوَى الْكَرْخِيُّ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُمْ لَا يَكْرَهُونَ الْفَتْحَ عَلَى الْإِمَامِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمان السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ إِذَا اسْتَطْعَمَكُمُ الْإِمَامُ فَأَطْعِمُوهُ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلَاتِكُمْ فَسَبِّحُوا فَلَمَّا كَانَ تَسْبِيحُهُ لِمَا يَنْوِيهِ مُبَاحًا كَانَ فَتْحُهُ عَلَى الْإِمَامِ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ مباحا وقد

الحديث الخامس

كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ إِذَا كَانَ التَّسْبِيحُ جَوَابًا قَطَعَ الصَّلَاةَ وَإِنْ كَانَ مِنْ مُرُورِ إِنْسَانٍ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمْ يَقْطَعْ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَقْطَعُ وَإِنْ كَانَ جَوَابًا وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ وَجَائِزٌ أَنْ يُسَبِّحَ مَنْ سُلِّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ على عموم هذا الحديث وأجمع العلماءعلى أَنَّ مَنْ سُلِّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي لَا يَرُدُّ كَلَامًا وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ رَدَّ إِشَارَةً أَجْزَأَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَالْأَنْصَارُ يَدْخُلُونَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَكَانَ يَرُدُّ إِشَارَةً وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يَرُدَّ إِشَارَةً رَدَّ إِذَا فَرَغَ مِنْهَا كَلَامًا وَأُحِبُّ إِلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُشِيرَ بِيَدِهِ إِلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ السَّلَامَ عَلَى الْمُصَلِّي وَأَجَازَهُ الْأَكْثَرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى حُكْمِ مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا حَدِيثٌ خَامِسٌ لِأَبِي حَازِمٍ مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ فَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلًا فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ عِنْدَكَ من شيء تصدقها إيه فَقَالَ مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي هَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن أَعْطَيْتَهَا إِيَّاهُ جَلَسْتَ لَا إِزَارَ لَكَ فَالْتَمِسْ شَيْئًا فَقَالَ مَا أَجِدُ شَيْئًا قَالَ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ مَعَكَ مِنَ

الْقُرْآنِ شَيْءٌ قَالَ نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ جَمَاعَةٌ وَأَحْسَنُهُمْ كُلِّهِمْ لَهُ سِيَاقَةً مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدْخُلُ فِي التَّفْسِيرِ الْمُسْنَدِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ الْآيَةَ وَالْمَوْهُوبَةُ خُصَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ دُونَ سَائِرِ أُمَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ يَعْنِي مِنَ الصداق فلا بد لكل مسلم من صداق قل أو أكثر عَلَى حَسْبَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّحْدِيدِ فِي قَلِيلِهِ دُونَ كَثِيرِهِ عَلَى مَا نُورِدُهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَخُصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ الْمَوْهُوبَةَ لَهُ جَائِزَةٌ دُونَ صَدَاقٍ وَفِي الْقِيَاسِ أَنَّ كُلَّ مَا يَجُوزُ الْبَدَلُ مِنْهُ وَالْعِوَضُ جَازَتْ هِبَتُهُ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ الْإِبْضَاعَ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا بِالْمُهُورِ وَهِيَ الصَّدَقَاتُ الْمَعْلُومَاتُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَآتُوا النِّسَاءَ صدقاتهن نحلة

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَعْنِي عَنْ طِيبِ نَفْسٍ بِالْفَرِيضَةِ الَّتِي فَرَضَهَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ دُونَ خَيْرِ حُكُومَةٍ قَالَ وَمَا أُخِذَ بِالْحُكَّامِ فَلَا يُقَالُ لَهُ نِحْلَةٌ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْمُخَاطَبَ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْآبَاءُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَأْثِرُونَ بِمُهُورِ بَنَاتِهِمُ الَّتِي فَرَضَهَا اللَّهُ لَهُنَّ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ يَعْنِي مُهُورَهُنَّ وَقَالَ فِي الْإِمَاءِ فَانْكِحُوهُنَّ بإذن اهلهن وآتوهن أجورهن يعني مهروهن وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَطَأَ فَرْجًا وُهِبَ لَهُ وَطْؤُهُ دُونَ رَقَبَتِهِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَأَنَّ الْمَوْهُوبَةَ لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَلَفُوا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ (لِلرَّجُلِ) قَدْ وَهَبْتُ لَكَ ابْنَتِي أَوْ وَلِيَّتِي وَسَمَّى صَدَاقًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ رَبِيعَةُ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ وَغَيْرُهُمْ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ لِأَنَّهُ لَفْظٌ يَصِحُّ لِلتَّمْلِيكِ وَالِاعْتِبَارُ فِيهِ بِالْمَعْنَى لَا بِاللَّفْظِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا تَحِلُّ الْهِبَةُ لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَإِنْ كَانَتْ هِبَتُهُ إِيَّاهَا لَيْسَتْ عَلَى نِكَاحٍ إِنَّمَا وَهَبَهَا لَهُ لِيَحْضُنَهَا أَوْ لِيَكْفُلَهَا فَلَا أَرَى بذلك باسا

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ وَهَبَ ابْنَتَهُ وَهُوَ يُرِيدُ إِنْكَاحَهَا فَلَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ عِنْدِي جَائِزٌ كَالْبَيْعِ قَالَ مَالِكٌ مَنْ قَالَ أَهَبُ لَكَ هَذِهِ السِّلْعَةَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا وَكَذَا فَهُوَ بَيْعٌ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَقَالُوا إِذَا قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ قَدْ وَهَبْتُ لَكَ ابْنَتِي عَلَى دِينَارٍ جَازَ وَكَانَ نِكَاحًا صَحِيحًا قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ إِذَا كَانَ اشْهَدَ عَلَيْهِ وَلَهَا الْمَهْرُ الْمُسَمَّى إِنْ كَانَ سَمَّى وَإِنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِالتَّصْرِيحِ وَبِالْكِنَايَةِ قَالُوا فَكَذَلِكَ النِّكَاحُ وَالَّذِي خُصَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَرِّي الْبِضْعِ مِنَ الْعِوَضِ لَا النِّكَاحُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ نِكَاحٌ كَمَا أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ هِبَةُ شَيْءٍ مِنَ الْأَمْوَالِ مَعَ مَا وَرَدَ بِهِ التَّنْزِيلُ الْمُحْكَمُ فِي الْمَوْهُوبَةِ أَنَّهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِصَةً دُونَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ بِلَفْظِهَا نِكَاحٌ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَيْضًا أَنَّ النِّكَاحَ مُفْتَقِرٌ إِلَى التَّصْرِيحِ لِتَقَعَ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ وَهُوَ ضِدُّ الطَّلَاقِ فَكَيْفَ يُقَاسُ عَلَيْهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ قَدْ أَبَحْتُ لَكَ وَقَدْ أَحْلَلْتُ لَكَ فَكَذَلِكَ الْهِبَةُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ بِمَعْنَى الْقُرْآنِ وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ عَقْدُ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَإِنَّمَا فِيهِ التَّزْوِيجُ وَالنِّكَاحُ وَفِي إِجَازَةِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ إِبْطَالُ بَعْضِ خُصُوصِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ إِجَازَةُ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ فَكَرِهَهُ قَوْمٌ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَجَازَهُ

آخَرُونَ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَالْحُجَّةُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ حَدِيثُ هَذَا الْبَابِ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَعَثَ سَرِيَّةً فَنَزَلُوا بِحَيٍّ فَسَأَلُوهُمُ الْقِرَى أَوِ الشِّرَاءَ فَلَمْ يَفْعَلُوا فَلُدِغَ سَيِّدُ الْحَيِّ فَقَالُوا لَهُمْ هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ فَقَالُوا لَا حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنْ غَنَمٍ فَأَتَاهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ عَلَيْهِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فَبَرَأَ فَذَبَحُوا وَشَوَوْا وَأَكَلُوا فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ وَمِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ مَنْ أَخَذَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ فَلَقَدْ أَخَذْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ اضْرِبُوا لِي فِيهَا بِسَهْمٍ رَوَاهُ أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَنَّةَ وَأَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مثله وحجة أبي حنيفة من قَالَ بِقَوْلِهِ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ (439 عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مُعَلِّمُو صِبْيَانِكُمْ شِرَارُكُمْ أَقَلُّهُمْ رَحْمَةً بِالْيَتِيمِ وَأَغْلَظُهُمْ عَلَى الْمِسْكِينِ وَحَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي جُرْهُمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الْمُعَلِّمِينَ قَالَ دِرْهَمُهُمْ حَرَامٌ وَقُوتُهُمْ سُحْتٌ وَكَلَامُهُمْ رِيَاءٌ وَحَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ (44) عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ عَلِمَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَأَهْدَى لَهُ قَوْسًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إن سَرَّكَ أَنْ يُطَوِّقَكَ اللَّهُ طَوْقًا مِنْ نَارٍ فاقبله

وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مثله وهذ الْأَحَادِيثُ مُنْكَرَةٌ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ وَسَعْدُ بْنُ طَرِيفٍ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ وَأَبُو جُرْهُمَ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ وَلَمْ يرو حماد ابن سَلَمَةَ عَنْ أَحَدٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو جُرْهُمَ وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ أَيْضًا وَهُوَ حَدِيثٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَأَمَّا الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ فَمَعْرُوفٌ بِحَمْلِ الْعِلْمِ وَلَكِنَّهُ لَهُ مَنَاكِرُ هَذَا مِنْهَا وَأَمَّا حَدِيثُ الْقَوْسِ فَمَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ وَرُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ عَنْ ابيه عن أبي ابن كَعْبٍ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ يَجِبُ بِهِ حُجَّةٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ وَلَا تَسْتَكْثِرُوا وَهَذَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عُبَادَةَ وَأُبَيٍّ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ أَيْضًا لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عِلْمُهُ لِلَّهِ ثُمَّ أَخَذَ عَلَيْهِ أَجْرًا وَنَحْوَ هَذَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي حُكْمِ الْمُصَلِّي بِأُجْرَةٍ فَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنِ اسْتُؤْجِرَ فِي رَمَضَانَ يَقُومُ بِالنَّاسِ فَقَالَ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ أَنْ كَانَ بِهِ بَأْسٌ فَعَلَيْهِ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ كَرِهَهُ وَهُوَ أَشَدُّ كَرَاهِيَةً لَهُ فِي الْفَرِيضَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُ

وَذَكَرَ الْوَلِيدُ بْنُ مَزِيدٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَمَّ قَوْمًا فَأَخَذَ عَلَيْهِ أَجْرًا فَقَالَ لَا صَلَاةَ لَهُ وَكَرِهَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُعَلَّقَةٌ مِنَ الَّتِي قَبْلَهَا وَأَصْلُهُمَا وَاحِدٌ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اعْتِلَالَاتٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَفِيهِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الصَّدَاقَ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ شَيْءٍ مِمَّا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ لَهُ الْتَمِسْ رُبْعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَلَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا ثُمَّ قَالَ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ أَصْحَابُنَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ الْتَمِسْ شَيْئًا وَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ أَيْ مِنْ شَيْءٍ تُقَدِّمُهُ إِلَيْهَا مِنْ صَدَاقِهَا لِأَنَّ عَادَتَهُمْ جَرَتْ بِأَنْ يُقَدِّمُوا مِنَ الصَّدَاقِ بَعْضَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ يُرِيدُ شَيْئًا تُصْدِقُهَا إِيَّاهُ فَيَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ وَجَدَهُ مِمَّا يَكُونُ ثَمَنًا لِشَيْءٍ جَازَ أَنَّ يَكُونَ صَدَاقًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي بَابِ حُمَيْدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي مَبْلَغِ أَقَلِّ الصَّدَاقِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَكُونُ بِأَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ ذَهَبًا أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ كَيْلًا مِنْ وَرَقٍ أَوْ قِيمَةِ ذَلِكَ مِنَ الْعُرُوضِ قِيَاسًا عَلَى قطع اليد لأنه عضو يستباح بمقدر مِنَ الْمَالِ فَأَشْبَهَ قَطْعَ الْيَدِ وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ التَّقْدِيرِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ شَرَطَ عَدَمَ الطَّوْلِ فِي نِكَاحِ الْإِمَاءِ وَقَلَّمَا يُعْدَمُ الْإِنْسَانُ مَا يَتَمَوَّلُ أَوْ يَتَمَلَّكُ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحُجَّةَ لِهَذَا الْقَوْلِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَكُونُ الْمَهْرُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ قِيَاسًا أَيْضًا عَلَى مَا تُقْطَعُ الْيَدُ فِيهِ عِنْدَهُمْ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثٍ يُرْوَى عَنْ جَابِرٍ عَنِ

النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا صَدَاقَ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلُهُ وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ أَقَلُّ الْمَهْرِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ يَعْنِي كَيْلًا وَفِي ذَلِكَ تُقْطَعُ الْيَدُ عِنْدَهُ أَيْضًا وَرُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ أَحَدُهَا أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُتَزَوَّجَ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ مَهْرِ الْبَغِيِّ وَلَكِنِ الْعَشْرَةُ وَالْعِشْرُونَ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالشَّافِعِيُّ وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَالطَّبَرِيُّ وَدَاوُدُ يَجُوزُ النِّكَاحُ بِقَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِهِ إِلَّا أَنَّ الْحَسَنَ يُعْجِبُهُ أَنْ لَا يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ أَوْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيُجِيزُهُ بِدِرْهَمٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ كُلُّ نِكَاحٍ وَقَعَ بِدِرْهَمٍ فَمَا فَوْقَهُ لَا يَنْقُضُهُ قَاضٍ قَالَ وَالصَّدَاقُ مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الزَّوْجَانِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ مَا كَانَ ثَمَنًا لِشَيْءٍ أَوْ أُجْرَةً جَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لَوْ أَصْدَقَهَا سَوْطًا لَحَلَّتْ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شَعْبَانَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ النِّكَاحُ جَائِزٌ عَلَى مَوْزَةٍ إِذَا هِيَ رَضِيَتْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ لَا تَوْقِيتَ وَلَا تَحْدِيدَ فِي أَكْثَرِ الصَّدَاقِ وَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الصَّدَاقَ فِي كِتَابِهِ وَلَمْ يَحُدَّ فِي أَكْثَرِهِ وَلَا فِي أَقَلِّهِ حَدًّا وَلَوْ كَانَ الْحَدُّ مِمَّا يُحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إِلَيْهِ لَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ هُوَ الْمُبِيِّنُ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَالْحُدُودُ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِكِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ لَا مُعَارِضَ لَهَا أَوْ إِجْمَاعٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ هَذِهِ جُمْلَةُ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا يُصْدِقُهُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ وَأَنَّهُ لِلْمَرْأَةِ دُونَهُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِزَارَكَ جَلَسْتَ لَا إِزَارَ لَكَ وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ لو كان جارية وَوَطِئَهَا الزَّوْجُ حُدَّ لِأَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَ غَيْرِهِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ وَالْآثَارُ وَأَمَّا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فَعَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةً قَدْ أَمْهَرَهَا زَوْجَتَهُ وَمَلَكَتْهَا عَلَيْهِ بِبِضْعِهَا فَلَمْ يَطَأْ مِلْكَ يَمِينٍ وَتَعَدَّى وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَهْرِ الْمُسَمَّى هَلْ تَسْتَحِقُّ الْمَرْأَةُ جَمِيعَهُ بِالْعَقْدِ أَمْ لَا فَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا تَسْتَحِقُّ بِالْعَقْدِ إِلَّا نِصْفَهُ وَأَمَّا الصَّدَاقُ إِذَا كَانَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ فَهَلَكَ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ وَطَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَخَذَ نِصْفَهُ نَامِيًا أَوْ نَاقِصًا وَالنَّمَاءُ وَالنُّقْصَانُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ كُلَّهُ بالعقد

وَاسْتَدَلَّ قَائِلُ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَاشِيَةِ نَفْسِهَا عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِلزَّوْجِ أَغْرِمْ عَلَيْهَا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَدْخُلُ وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا فِي أَرْبَعِينَ شَاةً أَوْ خَمْسِ ذَوْدٍ زَكَاةٌ فَلَمَّا أَوْجَبُوا عَلَيْهَا الزَّكَاةَ فِي ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهَا كُلَّهَا عَلَى مِلْكِهَا وَبِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَاعْتَلُّوا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ إِذَا قَبَضَتْهُ وَكَانَ مُعَيَّنًا فِي غَيْرِ ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَهَلَكَ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ مِنْهَا وَكَانَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ وَبِأَنَّهَا لَوْ كَانَ الصَّدَاقُ أَبَاهَا عَتَقَ عَلَيْهَا عَقِبَ الْعَقْدِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِلَا خِلَافٍ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَأَمَرَ بِتَسْلِيمِ الصَّدَاقِ إِلَيْهَا فَوَجَبَ مِلْكُهُ لَهَا وَشَبَّهُوا سُقُوطَهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ وُجُوبِهِ وَثُبُوتُهُ بِالْبَائِعِ يُرْجِعُ إِلَيْهِ عَيْنَ مِلْكِهِ عِنْدَ فَلْسِ الْمُبْتَاعِ مِنْهُ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ ضُرُوبٌ مِنَ الْكَلَامِ يَكْفِي مِنْهُ مَا ذَكَرْنَا وَهُوَ عَيْنُهُ وَعَلَيْهِ مَدَارُهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ إِجَازَةُ اتِّخَاذِ خَاتَمِ الْحَدِيدِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ لِبَاسِ خَاتَمِ الْحَدِيدِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يَكُونُ الْقُرْآنُ وَلَا تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ مَهْرًا وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَنَّ الْفُرُوجَ لَا تُسْتَبَاحُ إِلَّا بِالْأَمْوَالِ لِذِكْرِ اللَّهِ الطَّوْلِ فِي النِّكَاحِ وَالطَّوْلُ الْمَالُ وَالْقُرْآنُ لَيْسَ بِمَالٍ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَالْقُرْآنُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلِأَنَّ التَّعْلِيمَ مِنَ الْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمُ يَخْتَلِفُ وَلَا يَكَادُ يَضْبُطُهُ فَأَشْبَهَ الشَّيْءَ الْمَجْهُولَ قَالُوا وَمَعْنَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ قَدْ

أنكحتكها بما معك من القرآن فإنما هوعلى جِهَةِ التَّعْظِيمِ لِلْقُرْآنِ وَأَصْلِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ مَهْرٌ وَإِنَّمَا زَوَّجَهُ إِيَّاهَا لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ كَمَا رَوَى أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَ أَبَا طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ عَلَى إِسْلَامِهِ وَالْمَهْرُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ لِأَنَّهُ معهود معلوم أنه لا بد مِنْهُ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو بالبزار قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ أَتَى أُمَّ سُلَيْمٍ يَخْطُبُهَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَقَالَتْ أَتَزَوَّجُ بِكَ وَأَنْتَ تَعْبُدُ خَشَبَةً نَحَتَهَا عَبْدُ بَنِي فُلَانٍ إِنْ أَسْلَمْتَ تَزَوَّجْتُ بِكَ قَالَ فَأَسْلَمَ أَبُو طَلْحَةَ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى إِسْلَامِهِ يُرِيدُ لَمَّا أَسْلَمَ اسْتَحَلَّ نِكَاحَهَا وَسَكَتَ عَنِ الْمَهْرِ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَكْرَهُ النِّكَاحَ عَلَى الْقُرْآنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ أَوْ سُورَةٌ مِنْهُ مَهْرًا قَالَ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ أَجْرِ التَّعْلِيمِ هَذِهِ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّ عَنْهُ وَذَكَرَ الرَّبِيعُ عَنْهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ إِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا لِأَنَّ تَعْلِيمَ النِّصْفِ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّهِ قَالَ فَإِنْ وُقِفَ عَلَيْهِ جَعَلَ امْرَأَةً تُعَلِّمُهَا وَمِنَ الْحُجَّةِ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْحَدِيثَ الثَّابِتَ وَرَدَ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَ ذَلِكَ الرَّجُلَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ عَلَى تَعْلِيمِهِ إِيَّاهَا سُوَرًا سَمَّاهَا وَلِأَنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ يَصِحُّ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا قَالُوا وَلَا

الحديث السادس

وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَجْلِ حُرْمَةِ الْقُرْآنِ وَمِنْ أَجْلِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ مَا يُبْطِلُ هَذَا التَّأْوِيلَ لِأَنَّهُ قَالَ الْتَمِسْ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ لَهُ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ فَقَالَ سُورَةُ كَذَا فَقَالَ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ أَيْ بِأَنْ تُعَلِّمَهَا تِلْكَ السُّورَةِ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ دَعْوَى التَّعْلِيمِ عَلَى الْحَدِيثِ دَعْوَى بَاطِلٍ لَا يَصِحُّ وَتَأْوِيلُ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مُحْتَمَلٌ فَأَمَّا دَعْوَى الْخُصُوصِ فَضَعِيفٌ لَا وَجْهَ لَهُ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يُجِيزُونَ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ لُبَابَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ عَلِيٍّ الْقُرَشِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى أَنَّ يَحْيَى بْنَ مُضَرَ حَدَّثَهُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي الَّذِي أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْكِحَ بِمَا مَعَهُ مِنَ الْقُرْآنِ أَنَّ ذَلِكَ فِي أُجْرَتِهِ عَلَى تَعْلِيمِهَا مَا مَعَهُ حَدِيثٌ سَادِسٌ لِأَبِي حَازِمٍ مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الْأَشْيَاخُ فَقَالَ لِلْغُلَامِ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ

يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أُوْثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا قَالَ فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ رَوَى ابْنُ أَبِي حَازِمٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ فِيهِ وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ سَاقَ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءٌ وَذِكْرُ أَبِي بَكْرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ مَحْفُوظٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا محمد ابن إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُمَرُ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَيْمُونَةَ فَجَاءَتْنَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عَنْ يَمِينِهِ وَخَالِدٌ عَنْ شِمَالِهِ فَقَالَ لِي الشَّرْبَةُ لَكَ وَإِنْ شِئْتَ آثَرْتَ بِهَا خَالِدًا فَقُلْتُ مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِسُؤْرِكَ أَحَدًا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَطْعَمَهُ اللَّهُ طَعَامًا فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ وَمَنْ سَقَاهُ اللَّهُ لَبَنًا فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَزِدْنَا مِنْهُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ شَيْءٌ يُجْزِئُ مَكَانَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ غَيْرُ اللَّبَنِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدِي لِأَحَدٍ شَرِبَ مَاءً أَوْ لبنا

أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْرِبَةِ الْحَلَالِ وَحَوْلَهُ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ ذَلِكَ مَعَهُ ممن به الحاجة إليه أوليس بِهِ حَاجَةٌ إِلَيْهِ إِذَا وَسِعَهُمْ ذَلِكَ الشَّرَابُ أَنْ يُنَاوِلَ مَنْ عَلَى يَسَارِهِ الْبَتَّةَ بِحَالٍ فَاضِلًا كَانَ أَوْ مَفْضُولًا حَتَّى يُشَاوِرَ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ فَإِنَّهُ حَقٌّ لَهُ بِالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَعَلَ وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِالشَّرَابِ مِنَ الَّذِي عَلَى يَسَارِهِ وَهَذَا نَصٌّ صَحِيحٌ ثَابِتٌ لَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَا خَالَفَهُ مِنْ آرَاءِ الرِّجَالِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ وَالشَّرَابُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَانَ لَبَنًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ حمزة قال حدثنا إسماعيل ابن جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ وَغُلَامٌ عَنْ يَمِينِهِ وَالْأَشْيَاخُ أَمَامَهُ وَعَنْ يَسَارِهِ فَشَرِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قَالَ لِلْغُلَامِ يَا غُلَامُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَسْقِيَ الْأَشْيَاخَ قَالَ مَا أُحِبُّ أَنْ أُوثِرَ بِفَضْلِ شَرْبَتِكَ عَلَى نَفْسِي أَحَدًا مِنَ النَّاسِ فَنَاوَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَكَ الْأَشْيَاخَ وَالْغُلَامُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْأَشْيَاخُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَوْ مِنْهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُنَادِي حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْخُلْقَانِيُّ أَبُو زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَعْبٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ يَمِينِهِ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ يَسَارِهِ فَقَالَ يَا ابْنَ

عَبَّاسٍ إِنَّ الشَّرْبَةَ لَكَ فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُؤْثِرَ بِهَا خَالِدًا فَقَالَ مَا أَنَا بِمُؤْثِرٍ بِسُؤْرِكَ عَلَيَّ أَحَدًا وَقَدْ رَوَى الْحُمَيْدِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ فَخَالَفَ فِي إِسْنَادِهِ الْخُلْقَانِيَّ وَالْحُمَيْدِيُّ أَثْبَتُ مِنْهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ عمر بن أبي حرملة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَالَتِي مَيْمُونَةَ وَمَعَنَا خالد ابن الْوَلِيدِ فَقَالَتْ لَهُ مَيْمُونَةُ أَلَا نُقَدِّمُ إِلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَيْئًا أَهْدَتْهُ لَنَا أُمُّ عَفِيفٍ قَالَ بَلَى فَأَتَتْهُ بِضِبَابٍ مَشْوِيَّةٍ فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تفل ثلاث مرات ولم يأكل منها وأمره أَنْ نَأْكُلَ ثُمَّ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاءٍ فِيهِ لَبَنٌ فَشَرِبَ وَأَنَا عَنْ يَمِينِهِ وَخَالِدٌ عَنْ يَسَارِهِ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّرْبَةُ لَكَ يَا غُلَامُ وَإِنْ شِئْتَ آثَرْتَ بِهَا خَالِدًا فَقُلْتُ مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِسُؤْرِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا ثُمَّ قَالَ مَنْ أَطْعَمَهُ اللَّهُ طَعَامًا فَلْيَقُلِ الله بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَأَبْدِلْنَا بِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَمَنْ سَقَاهُ اللَّهُ لَبَنًا فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَزِدْنَا مِنْهُ فَإِنِّي لَا أعلم شيئا يجزي مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ غَيْرُهُ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ عمر بن أبي حرملة عن ابن عباس مِثْلَهُ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ كَذَا قَالَ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ يَقُولُ عُمَرُ بْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ مَنِ وَجَبَ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ لَمْ يُدْفَعْ عَنْهُ وَلَمْ يُتَسَوَّرْ عَلَيْهِ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا إِذَا كَانَ مِمَّنْ يجوز له

الحديث السابع

إذنه وليس هذا موضع كبر كِبَرٍ لِأَنَّ السِّنَّ إِنَّمَا يُرَاعَى عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْمَعَانِي وَالْحُقُوقِ وَكُلُّ ذِي حَقٍّ أَوْلَى بِحَقِّهِ أَبَدًا وَالْمُنَاوَلَةُ عَلَى الْيَمِينِ مِنَ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ فِي آدَابِ الْمُجَالَسَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجُلَسَاءَ شُرَكَاءٌ فِي الْهَدِيَّةِ وَذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الْأَدَبِ وَالْمُرُوءَةِ وَالْفَضْلِ وَالْأُخُوَّةِ لَا عَلَى الْوُجُوبِ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ لِأَحَدٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلَسَاؤُكُمْ شُرَكَاؤُكُمْ فِي الْهَدِيَّةِ بِإِسْنَادٍ فِيهِ لِينٌ حَدِيثٌ سَابِعٌ لِأَبِي حَازِمٍ مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسٍ الْخَوْلَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقَ فَإِذَا فَتًى شَابٌّ بَرَّاقُ الثَّنَايَا وَإِذَا النَّاسُ مَعَهُ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَسْنَدُوهُ إِلَيْهِ وَصَدَرُوا عَنْ قَوْلِهِ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ هَجَّرْتُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي بِالتَّهْجِيرِ وَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي قَالَ فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ ثُمَّ جِئْتُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ في الله فقال آلله قال فَقُلْتُ آللَّهُ فَقَالَ اللَّهُ فَقُلْتُ آللَّهُ قَالَ فأخذ بحبوة ردائي بجبذني إِلَيْهِ وَقَالَ أَبْشِرْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى

وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَلِلْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ وَالْآثَارُ فِي الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ فِي بَابِ أَبِي طُوَالَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ لِقَاءُ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَسَمَاعُهُ مِنْهُ وَهُوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَلَكِنَّ لِقَاءَ أَبِي إِدْرِيسَ هَذَا لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَطَائِفَةٌ تَنْفِيهِ وَطَائِفَةٌ لَا تُنْكِرُهُ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَمَنْ نَفَاهُ احْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ أَدْرَكْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَفُلَانًا وَفُلَانًا وَفَاتَنِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَحَدَّثَنِي أَصْحَابُ مُعَاذٍ عَنْ مُعَاذٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ أَدْرَكْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَوَعَيْتُ عَنْهُ وَأَدْرَكْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ وَوَعَيْتُ عَنْهُ وَأَدْرَكْتُ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ وَوَعَيْتُ عَنْهُ وَفَاتَنِي مُعَاذُ بْنِ جَبَلٍ وَلِهَذَا الْخَبَرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ خَطَأٌ فَقَالَ قَوْمٌ وَهِمَ فِيهِ مَالِكٌ وَأَسْقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيَّ وَزَعَمُوا أَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ رَوَاهُ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْ مُعَاذٍ وَقَالَ آخَرُونَ وَهِمَ فِيهِ أَبُو حَازِمٍ وَغَلَطَ فِي قَوْلِهِ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ أَنَّهُ لَقِيَ مُعَاذَ بْنَ جبل

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ تَخَرُّصٌ وَتَظَنُّنٌ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ مَالِكٍ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ سَوَاءٌ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي إدريس من وجوه شتى غير طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّهُ لَقِيَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَسَمِعَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ فِي هَذَا عَلَى مَالِكٍ وَلَا عَلَى أَبِي حَازِمٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَالِاتِّسَاعِ فِي عِلْمِهِ وَإِذَا صَحَّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ أَنَّهُ لَقِيَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَيُحْتَمَلُ مَا حَكَاهُ ابْنُ شِهَابٍ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ فَاتَنِي مُعَاذٌ يُرِيدُ فَوْتَ لُزُومٍ وَطُولَ مُجَالَسَةٍ أَوْ فَاتَنِي فِي حَدِيثِ كَذَا أَوْ مَعْنَى كَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَى هَذَا يَتَّسِقُ تَخْرِيجُ الْأَخْبَارِ عَنْهُ فِي هَذَا الباب والله أعلم حدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَابِرٍ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ حَرْفًا بِحَرْفٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْمُوَطَّأِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ شَابٌّ وَإِنَّمَا قَالَ فَتًى بَرَّاقُ الثَّنَايَا ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ وَقَالَ فَأَخَذَ بِحُبْوَتِي وَلَمْ يَقُلْ بِحُبْوَةِ رِدَائِي قَالَ ابْنُ أَبَى مَرْيَمَ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ بِنَحْوِهِ فَهَذَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ قَدْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَحَسْبُكَ بِرُؤْيَةِ مَالِكٍ مَعَ حِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ وَثِقَتِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنِ الوليد بن عبد الرحمان عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ قَالَ كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ فيها عشرون

مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ رَجُلٌ أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ أَغَرُّ الثَّنَايَا حَدَثُ السِّنِّ فَإِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ فَقَالَ قَوْلًا انْتَهَوْا إِلَى قَوْلِهِ فَإِذَا بِهِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ لِقَاءُ أَبِي إِدْرِيسَ لمعاذ بن جبل وسماعه منه من غير رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ وَهَذَا أَيْضًا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ وَوَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ بِخَطِّهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ بْنِ هِلَالٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قال حدثنا نصر ابن مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ عَنْ شَهْرِ بن حوشب قال حدثني عائد اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الَّذِينَ يَتَحَابُّونَ لِجَلَالِ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وَعَائِذُ اللَّهِ هَذَا هُوَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِهَذَا الشَّأْنِ فِي ذَلِكَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ضَمْرَةُ عَنِ ابْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِدْرِيسٍ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ دَخَلْتُ مَسْجِدَ حِمْصَ فَإِذَا فِيهِ ثَلَاثُونَ رَجُلًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فِي حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا فِيهِمْ رَجُلٌ وَضِيءُ الْوَجْهِ أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ بَرَّاقُ الثَّنَايَا وَإِذَا هُمْ يُسْنِدُونَ حَدِيثَهُمْ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَهَذَا عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ والوليد بن عبد الرحمان الْحَرَشِيُّ يَقُولُونَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ مَا قَالَ أَبُو حَازِمٍ عَنْهُ مِنْ لِقَائِهِ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَسَمَاعِهِ مِنْهُ وَغَيْرُ نَكِيرٍ لِقَاءُ أَبِي إِدْرِيسَ لِمُعَاذٍ لِأَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ وُلِدَ عَامَ حُنَيْنٍ وَوَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْقَ وَالشَّامِ بَعْدَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ وَفَضَالَةُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلِيَ

الْقَضَاءَ بَعْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَاسْمُ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ لِرِوَايَتِهِ عَنْهُ حَدِيثَ الِاسْتِجْمَارِ بِالْأَحْجَارِ وَحَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ ذِي النَّابِ مِنَ السِّبَاعِ ذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو اليمان الحكم ابن نَافِعٍ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا ذَكَرَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ قَالَ مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ وَكَانَ مَوْلِدُهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَسُئِلَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ هَلْ لَقِيَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَقَالَ نَظُنُّ أَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ لَقِيَ مُعَاذًا وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ ثُمَّ قَالَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وُلِدَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ أَيَّامَ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ قَالَ الْوَلِيدُ وَلَقِيَ أَبُو إِدْرِيسَ أَبَا ثَعْلَبَةَ وَأَبَا الدرداء وشداد ابن أَوْسٍ وَعُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَغَيْرَهُمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ وُلِدَ عَامَ حُنَيْنٍ وَأَمَّا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَتُوُفِّيَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسٍ بِالشَّامِ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ وَنَسَبْنَاهُ وَذَكَرْنَا أَشْيَاءَ مِنْ أَخْبَارِهِ هُنَاكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عن يونس ابن يزيد عن الزهري عن عبد الرحمان بْنِ كَعْبٍ قَالَ كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ شَابًّا حَلِيمًا مِنْ أَفْضَلِ شَبَابِ قَوْمِهِ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن عبد الرحمان بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عن أبيه قال كان معاذ ابن جَبَلٍ رَجُلًا سَمْحًا شَابًّا جَمِيلًا مِنْ أَفْضَلِ شَبَابِ قَوْمِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا الْمَدَائِنِيُّ قَالَ مُعَاذُ بْنُ جبل أبو عبد الرحمان كَانَ أَجْمَلَ الرِّجَالِ لَمْ يُولَدْ لَهُ قَطُّ طُوَالٌ حَسَنُ الشَّعْرِ عَظِيمُ الْعَيْنَيْنِ أَبْيَضُ جَعْدٌ قَطَطٌ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ أَبِي إِدْرِيسَ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي إِدْرِيسَ وَمُخْتَصَرَ الْمَعْنَى أَيْضًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بن عبد الرحمان حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَىُ بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أبي بحرية قال قدمت الشام فدخلت الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَنَا بِنَفَرٍ جُلُوسٍ فِي الْمَسْجِدِ شُيُوخٍ فِيهِمْ شَابٌّ يُحَدِّثُهُمْ قَدْ أَنْصَتُوا لَهُ فَقُلْتُ أَلَا تَسْأَلُونَ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالُوا هَؤُلَاءِ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قُلْتُ مَنِ الرَّجُلُ الشَّابُّ الَّذِي يُحَدِّثُهُمْ قَالُوا هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَالَ فَرُحْتُ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِذَا هُوَ قَدْ هَجَرَ فَقَضَى صَلَاتَهُ ثُمَّ جَلَسَ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فَأَخَذَ بِحُبْوَتِي ثُمَّ جَبَذَنِي فَقَالَ آللَّهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجَبَتْ مَحَبَّتِي أَوْ رَحْمَتِي لِلَّذِينَ يَتَحَابُّونَ فِيَّ وَيَتَبَاذَلُونَ فِيَّ وَيَتَجَالَسُونَ فِيَّ وَيَتَحَاوَرُونَ فِيَّ فَهَذَا ابو بحرية

السَّكُونِيُّ قَدْ رَوَى عَنْ مُعَاذٍ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي إِدْرِيسَ سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا ذِكْرُ مَسْجِدِ دِمَشْقَ وَلَا مَسْجِدِ حِمْصَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقَ فَإِذَا أَنَا بِفَتًى بَرَّاقِ الثَّنَايَا وَإِذَا النَّاسُ حَوْلَهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَجَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ وَقَدْ رَوَى أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مِثْلَ مَا رَوَى عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَبُو إِدْرِيسَ وَأَبُو بَحْرِيَّةَ إِلَّا أَنَّ حَدِيثَهُ مُخْتَصَرُ الْمَعْنَى عَنْ مُعَاذٍ وَقَالَ فِي مَسْجِدِ حِمْصَ وَأَلْفَاظُ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهَا أَبُو مُسْلِمٍ عَنْ عُبَادَةَ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عُبَادَةُ وَمُعَاذٌ وَغَيْرُهُمَا أَيْضًا سَمِعَا ذلك من رَسُولَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا مُمْكِنٌ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ عَلَى أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيَّ وَإِنْ كَانَ فَاضِلًا فَإِنَّهُمْ يُضَعِّفُونَ نَقْلَهُ وَلَيْسَ مِمَّنْ يُقَاسُ بِأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ فِي فَهْمِهِ وَعِلْمِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَا أَخْبَرَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مَرْزُوقٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ أَتَيْتُ مَسْجِدَ أَهْلِ حمص

فَإِذَا فِيهِ حَلْقَةٌ فِيهَا كُهُولٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا شَابٌ مِنْهُمْ أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ بَرَّاقُ الثَّنَايَا كُلَّمَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ رَدُّوهُ إِلَى الْفَتَى فَتًى شَابٌّ قَالَ فَقُلْتُ لِجَلِيسٍ لِي مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَالَ فَجِئْتُ مِنَ الْعَشِيِّ فَلَمْ يَحْضُرْ قَالَ فَغَدَوْتُ مِنَ الغد فلم يجيء فَرُحْتُ فَإِذَا أَنَا بِالشَّابِّ يُصَلِّي إِلَى سَارِيَةٍ قال فركعت ثم تحولت إليه قال فسلم فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فِي اللَّهِ قَالَ فَمَدَّنِي إِلَيْهِ قَالَ كَيْفَ قُلْتَ قَالَ قُلْتُ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فِي اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مَرْزُوقٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الخولاني قال خرجت فلقيت عبادة ابن الصَّامِتِ فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيثَ مُعَاذٍ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ حَقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى الْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى الْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى الْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ وَالْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ فَهَذَا أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ يَرْوِي عَنْ مُعَاذٍ وَعُبَادَةَ جَمِيعًا هَذَا الْحَدِيثَ إِنْ كَانَ وَاحِدًا وَالْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا عَنْ عُبَادَةَ كَمَا تَرَى وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَوْبٍ لَا يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ وَالسِّيَرِ وَكَانَ فَاضِلًا عَابِدًا جَلِيلًا مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَخِيَارِهِمْ وَجِلَّتِهِمْ لَهُ كَرَامَاتٌ كَثِيرَةٌ وَأَخْبَارٌ عَجِيبَةٌ مَشْهُورَةٌ ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ وَسَعِيدُ بْنُ أَسَدٍ وَغَيْرُهُمَا وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ مُسْلِمًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ حِينَ اسْتُخْلِفَ أَبُو بكر الصديق

وَقَدْ أَجْرَيْنَا ذِكْرَهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ عَلَى شَرْطِنَا وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ حَدِيثًا نَذْكُرُهُ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَوْبٍ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَسَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ فَقَالَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَوْبٍ شَامِيٌّ ثِقَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِثْلَ رِوَايَةِ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ سَوَاءٌ عَنْ مُعَاذٍ وَعَنْ عُبَادَةَ فَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ مُعَاذٍ فَنَحْوَ حَدِيثِ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْهُ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ أَسَدٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامَ عن شهر ابن حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَائِذِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُعَاذٍ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ عُبَادَةَ فَمِثْلُ حَدِيثِ أَبِي مُسْلِمٍ أَيْضًا فَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ الوليد بن عبد الرحمان عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ قَالَ حَدّثْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَقَالَ لَا أُحَدِّثُ إِلَّا بِمَا سَمِعْتُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ أَوِ الْمُتَوَاصِلِينَ شَكَّ شُعْبَةُ فِي الْمُتَوَاصِلِينَ وَالْمُتَزَاوِرِينَ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَبُو إِدْرِيسَ وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيَّانِ عَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْهُمَا مَعَ مُعَاذٍ وَعُبَادَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ وَلَا يَقْطَعُ عَلَى خَبَرِ الْآحَادِ

وَأَمَّا إِسْنَادُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ فَصَحِيحٌ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَسَانِيدِ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ وَلَا عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ مِثْلَهُ وَلَا ما يحلق بِهِ وَحَدِيثُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ إِنَّمَا يَدُورُ عَلَى حَبِيبِ بْنِ أَبِي مَرْزُوقٍ وَلَيْسَ مِمَّنْ يُعَارَضُ بِمِثْلِهِ حَدِيثٌ لِمَالِكٍ عَنْ أَبَى حَازِمٍ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنِ الْوَلِيدِ أَيْضًا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ وَقَدْ رَوَى أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ تُبَايِعُونِي بِتَمَامِهِ وَهُوَ يَدْخُلُ فِي رِوَايَةِ النَّظِيرِ عَنِ النَّظِيرِ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْخَضِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الْأَمِينُ أَمَّا هُوَ إِلَيَّ فَحَبِيبٌ وَأَمَّا هُوَ عِنْدِي فَأَمِينٌ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً فَقَالَ أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا فَبَايَعْنَاهُ ثُمَّ قَالَ قَائِلٌ يَا رسول الله على م نُبَايِعُكَ قَالَ عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَتُصَلُّوا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَتَسْمَعُوا وَتُطِيعُوا وَأَشَدُّ كَلِمَةً وَلَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا فَلَقَدْ كَانَ بَعْضُ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ فَلَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ وَهَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَلَكِنِّي ذكرته لرواية أبي إدريس له مع حَدِيثٌ مَشْهُورٌ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَلَكِنِّي ذَكَرْتُهُ لِرِوَايَةِ أَبِي إِدْرِيسَ لَهُ مَعَ جَلَالَتِهِ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ جَعَلَ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيَّ مَجْهُولًا وَهَذَا جَهْلٌ بِهَذَا الشَّأْنِ وَحَسْبُكَ بِرِوَايَةِ أَبِي إِدْرِيسَ وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ تَابِعِي الشَّامِيِّينَ عَنْهُ وَأَمَّا حَدِيثُهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَمَعْرُوفٌ عَنْ مُعَاذٍ وَعَنْ عُبَادَةَ أَيْضًا وَهُوَ عَنْ مُعَاذٍ أَشْهَرُ وَكِلَاهُمَا مَحْفُوظٌ وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ

الحديث الثامن

الْجُرَيْرِيِّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ قُلْتُ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ أَوْ أُحِبُّكَ لِلَّهِ فَقَالَ لِي أَنْظُرُ مَا تَقُولُ قالها ثلاث مرات ثم ثُمَّ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يَتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ وَيُحِبُّ الَّذِينَ يَتَقَاعَدُونَ فِيهِ وَيُحِبُّ الَّذِينَ يَتَبَاذَلُونَ فِيهِ وَيُحِبُّ الَّذِينَ يَتَزَاوَرُونَ فِيهِ وَيُحِبُّ الَّذِينَ يَتَجَاوَرُونَ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ بَرَّاقُ الثَّنَايَا أَيْ أَبْيَضُ الثَّنَايَا وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ أَبِي طُوَالَةَ فِي الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَقَدْ أَحْسَنَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ ... مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي اللَّهِ يَمْنَحُكَ الْهَوَى ... مَزَجَ الْهَوَى بِمَلَالَةٍ وَثِقَالِ ... حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِأَبِي حَازِمٍ مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مُرْسَلٌ لَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ رَوَى فِيهِ أَبُو حُذَافَةَ عَنْ مَالِكٍ إِسْنَادًا مُنْكَرًا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُطَرِّزُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ الصَّبَّاحِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَافَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مُنْكَرُ الْإِسْنَادِ لَا يَصِحُّ وَالصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ مَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا وَهُوَ حَدِيثٌ يَتَّصِلُ وَيَسْتَنِدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِنَقْلِ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إسحاق ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الثَّغْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةَ عَنْ سَيَّارٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إسحاق ابن إبراهيم قال حدثنا عبد الرحمان بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خَطَأٌ وَلَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ فِي الْحَدِيثِ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا خَالَفَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ عِنْدَهُمْ لَيِّنُ الْحَدِيثِ لَيْسَ بِحَافِظٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ مِنْ كِبَارِ رُوَاةِ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَيَحْيَى بْنُ سعيد وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَعَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حمزة حدثنا عبد العزيز ابن مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَعَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَقَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ اشْتَرَى مُحَفَّلَةً فَلَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا ثَلَاثًا فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ بَيْعُ الْغَرَرِ يَجْمَعُ وُجُوهًا كَثِيرَةً مِنْهَا الْمَجْهُولُ كُلُّهُ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ إِذَا لَمْ يُوقَفْ عَلَى حَقِيقَةِ جُمْلَتِهِ فَبِيعُهُ عَلَى هَذَا الْحَالِ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَإِنْ وُقِفَ عَلَى أَكْثَرِ ذَلِكَ وَيُحَاصَرُ حَتَّى لَا يُشْكَلَ الْمُرَادُ فِيهِ فَمَا جُهِلَ مِنْهُ مِنَ التَّافِهِ الْيَسِيرِ الْحَقِيرِ وَالنَّزْرِ فِي جَنْبِ الصَّفْقَةِ إِذَا كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إِلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَتِهِ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَجَاوَزٌ عَنْهُ غَيْرُ مُرَاعًى عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ وَمِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ بِيعُ الْآبِقِ وَالْجَمَلُ الشَّارِدُ وَالْإِبِلُ الصِّعَابُ فِي الْمَرْعَى وَكَذَلِكَ الرُّمُكُ وَالْبَقَرُ الصِّغَارُ إِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْ أَمْرِهَا جَهْلَ أَسْنَانِهَا وَعَدَمَ تَقْلِيبِهَا وَالْحِيتَانُ فِي الْآجَامِ وَالطَّائِرُ غَيْرُ الدَّاجِنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا مَقْبُوضًا عَلَيْهِ وَالْقِمَارُ كُلُّهُ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَبَيْعِ الْحَصَاةِ مِنَ الْقِمَارِ وَمَعْنَى بَيْعِ الْحَصَاةِ عِنْدَهُمْ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةَ ثِيَابٍ مَنْشُورَةٍ أَوْ مَطْوِيَّةٍ فَيَقُولُ الْقَائِلُ أَيُّ هَذِهِ الثِّيَابِ وَقَعَتْ عَلَيْهَا حَصَاتِي هَذِهِ فَقَدَ وَجَبَ فِيهَا الْبَيْعُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بِكَذَا دُونَ تَأَمُّلٍ وَلَا رُؤْيَةٍ فَهَذَا أَيْضًا غَرَرٌ وَاسْمُ بَيْعِ الْغَرَرِ اسْمٌ جَامِعٌ لِهَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا وَمَا أَشْبَهَهَا إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الْآبِقِ يَكُونُ فِي يَدِ مُشْتَرِيهِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يجوز

بَيْعُ الْآبِقِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَيَعْرِفُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي حَالَهُ فِي وَقْتِ الْبَيْعِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَالشَّافِعِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْآبِقِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ مُشْتَرِيهِ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَإِنْ هَلَكَ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي هَلَاكِهِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَإِلَّا أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ وَكَذَلِكَ الْمُبْتَاعُ إِذَا تَقَدَّمَ شِرَاؤُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ هَذَا هُوَ مَرْدُودٌ بِالسُّنَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ إِذَا عَلِمَهُ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ فِيمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَيْضًا إِذَا كَانَ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ مِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ وَغَيْرِهَا إِذَا وَقَعَ فُسِخَ إِنْ أُدْرِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ فَإِنْ فَاتَ بَعْدَ الْقَبْضِ رُدَّ إِلَى قِيمَتِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ يَوْمَ قَبْضِهِ إِلَى يَوْمِ وَقَعَتْ صَفْقَتُهُ فَإِنْ أُصِيبَ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَمُصِيبَتُهُ بِكُلِّ حَالٍ مِنْهُ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ بَيْعُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَبَيْعُ الْمَغِيبِ تَحْتَ الْأَرْضِ مِنَ الْبُقُولِ إِذَا لَمْ تُرَ وَمِنْ ذَلِكَ بَيْعُ الدَّيْنِ عَلَى الْمُفْلِسِ وَعَلَى الْمَيِّتِ وَبَيْعُ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِحِ وَحَبَلِ حَبَلَةٍ وَقَدْ مَضَى تَفْسِيرُ ذَلِكَ فِي بَابِ نَافِعٍ

الحديث التاسع

وَمِنْ ذَلِكَ بَيْعُ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَكُلُّ مَا لَا يَدْرِي الْمُبْتَاعُ حَقِيقَةَ مَا يَحْصُلُ عَلَيْهِ وَلَا مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ وَفُرُوعُ هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا مَذَاهِبُ لَوْ تَقَصَّيْنَاهَا لَخَرَجْنَا عَنْ تَأْلِيفِنَا وَمَقْصَدِنَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِأَبِي حَازِمٍ مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ سَاعَتَانِ تُفْتَحُ لَهُمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَقَلَّ دَاعٍ تُرَدُّ عَلَيْهِ دَعْوَتُهُ حَضْرَةُ النِّدَاءِ لِلصَّلَاةِ وَالصَّفُّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ هَكَذَا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ وَقَدْ رَوَاهُ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مَالِكٍ مَرْفُوعًا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ الْهَرَوِيُّ إِجَازَةً بِخَطِّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الدُّولَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سُوَيْدٍ الْبَلَوِيُّ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَتَانِ تُفْتَحُ فِيهِمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَقَلَّمَا تُرَدُّ عَلَى دَاعٍ دَعْوَتُهُ لَحُضُورُ الصَّلَاةِ وَالصَّفُّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ جُمْهُورٍ قال حدثنا مؤمل ابن إِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ

ابْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَتَانِ لَا تُرَدُّ عَلَى دَاعٍ دَعْوَتُهُ فِيهِمَا حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ وَالصَّفُّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ حَدَّثَنِي مَالِكٌ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مَرْفُوعًا وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عُتْبَةَ الرَّازِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَخِي مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْإِمَامِ بِدِمْيَاطَ قَالَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الرُّعَيْنِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَتَانِ تُفْتَحُ فِيهِمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ قَلَّمَا تُرَدُّ فِيهِنَّ دَعْوَةٌ حُضُورُ الصَّلَاةِ وَعِنْدَ الصَّفِّ للقتال وقد وي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ السَّكَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَاعِدٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو زِيَادٍ سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ الطَّحَّانُ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا نُودِيَ بِالْأَذَانِ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ حدثنا محمد ابن عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدٍ عَنْ أَبِي إِيَاسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ

الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَرَوَى يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْأَذَانِ تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَعِنْدَ الْإِقَامَةِ لَا تُرَدُّ دَعْوَةٌ وَقَالَ عَطَاءٌ عِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ وَالْتِقَاءِ الزَّحْفَيْنِ وَالْأَذَانِ يُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَمِيرَةَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُوَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَتَانِ تُفْتَحُ لَهُمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَقَلَّمَا تُرَدُّ عَلَى الدَّاعِي فِيهِمَا دَعْوَتُهُ حُضُورُ الصَّلَاةِ وَالصَّفُّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الدُّعَاءَ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ أَبِي إِيَاسٍ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَوَقَفَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ أَبِي إِيَاسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ وَابْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فُتِّحَتَ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ

سلمة بن صفوان

مَالِكٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَفْوَانَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ سَلَمَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ سَلَمَةَ الزُّرَقِيُّ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ يَرْوِي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرِهِ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مَالِكٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنَ صَفْوَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ رُكَانَةَ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقٌ وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جُمْهُورِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ رُكَانَةَ عَنْ أَبِيهِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا وَكِيعٌ فَإِنْ صَحَّتْ رِوَايَةُ وَكِيعٍ فَالْحَدِيثُ مُسْنَدٌ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ وَأَمَّا مَعْنَاهُ فَمُتَّصِلٌ مُسْتَنَدٌ مِنْ وُجُوهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ زَيْدُ بْنُ طَلْحَةَ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُمْ يَزِيدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ رُكَانَةَ وَهُوَ

الصَّوَابُ وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ رُكَانَةَ بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب ابن عَبْدِ مَنَافٍ وَقَدْ أَنْكَرَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَلَى وَكِيعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلَهُ عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ لَيْسَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ مُرْسَلٌ وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَفْوَانَ عَنِ ابْنِ رُكَانَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَذَكَرَهُ وَهَذَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ رِوَايَةِ جَمَاعَةِ أَصْحَابِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّهِ وَلَا أَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا مَا انْفَرَدَ بِهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقٌ وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِحَمْلِهِ وَلَا يُوثَقُ بِنَقْلِهِ وَقَدْ رَوَى مِنْ حَدِيثِ الشَّامِيِّينَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ صَالِحٍ السُّبَيْعِيُّ الْحَلَبِيُّ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ الْعَسْقَلَانِيُّ عن معن ابن الْوَلِيدِ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لِكُلِّ دِينٍ خُلُقٌ وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ مَنْ لَا حَيَاءَ لَهُ لَا دِينَ لَهُ وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيِّنُوا الْإِسْلَامَ بِخَصْلَتَيْنِ قُلْنَا وَمَا هُمَا فَقَالَ الْحَيَاءُ وَالسَّمَاحَةُ فِي اللَّهِ لَا فِي غَيْرِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ وَكِيعٍ فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الحسن علي ابن مُحَمَّدِ بْنِ بَدِيعٍ الْبَغْدَادِيُّ الْمُعَدِّلُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذُرَيْحٍ حَدَّثَنَا

هَنَّادُ بْنُ السُّدِّيِّ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم إن لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَإِنَّ خُلُقَ هَذَا الدِّينِ الْحَيَاءُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ صَفْوَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ عَنِ أبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَإِنَّ خُلُقَ هَذَا الدِّينِ الْحَيَاءُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقٌ وَخُلُقُ هَذَا الدِّينِ الْحَيَاءُ وَذَلِكَ عِنْدَنَا خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ لمالك عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَفْوَانَ لَا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَحَدِيثُ عِيسَى بْنِ يُونُسَ إِنَّمَا هُوَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ لَا عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ذَكَرَهُ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ بْنِ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ رَوَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَى ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْآثَارُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ حدثنا خالد بن الحرث عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ

أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله

أَبُو النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَاسْمُهُ سَالِمُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ التَّيْمِيِّ تَيْمُ قُرَيْشٍ وَكَانَ كَاتِبًا لِعُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ رَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَسَمِعَ مِنْهُ وَيَرْوِي عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَأَى بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرَ سَجْدَةٍ فَقَالَ مَا هَذَا صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فلم أر ههنا شَيْئًا وَمَسَحَ عَبْدُ اللَّهِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَرَوَى عَنْ أَبِي النَّضْرِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ مالك والثوري وابن عينة وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمْ وَنَسَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَقَالَ سَالِمُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ وَتُوُفِّيَ أَبُو النَّضْرِ فِي سَنَةِ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَقِيلَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيثًا مِنْهَا تِسْعَةٌ مُتَّصِلَةٌ مُسْنَدَةٌ وَمِنْهَا حَدِيثٌ ظَاهِرُهُ الِاتِّصَالُ وَلَيْسَ بِمُتَّصِلٍ وَسَائِرُهَا مُنْقَطِعَةٌ مُرْسَلَةٌ

الحديث الأول

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ فَقَالَ ثِقَةٌ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ سَالِمٌ أَبُو النضر مدني ثقة وقال الحميدي سُئِلَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ فَقَالَ ثِقَةٌ وَكَانَ مَالِكٌ يَصِفُهُ بِالْفَضْلِ وَالْعَقْلِ وَالْعِبَادَةِ حَدِيثٌ أَوَّلُ لِأَبِي النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ يَسْأَلُهُ مَاذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي فَقَالَ أَبُو جُهَيْمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ أَبُو النَّضْرِ لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو جُهَيْمٍ هَذَا هُوَ أَبُو جُهَيْمِ بن الحرث بْنِ الصِّمَّةِ الْأَنْصَارِيُّ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَقَدْ قِيلَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُهَيْمٍ أَبُو جُهَيْمٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ هَهُنَا وَلَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ

وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ هَذَا الْحَدِيثَ مَقْلُوبًا عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ جَعَلَ فِي مَوْضِعِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَبَا جُهَيْمٍ وَفِي مَوْضِعِ أَبِي جُهَيْمٍ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا قَوْلُ مَالِكٍ وَقَدْ تَابَعَهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ يَعْنِي الثَّوْرِيَّ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَرْسَلَنِي زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ أَسْأَلُهُ مَاذَا سَمِعَ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَرْسَلَنِي زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ أَسْأَلُهُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الَّذِي يمر بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَأَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مَقَامَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُهَيْمٍ قَالَ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ (هَكَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُهَيْمٍ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ وَهُوَ وَهَمٌ مِنْ وَكِيعٍ وَالصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ رِوَايَةُ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ (7)) وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ وَكِيعٍ عَنْ عَبْدِ الله بن عبد الرحمان بْنِ مُوْهَبٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ مَا لَهُ فِي أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مُعْتَرِضًا كَانَ لَأَنْ يَقِفَ مِائَةَ عَامٍ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْخُطْوَةِ الَّتِي خَطَا

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَرَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مَقْلُوبًا كَمَا وَصَفْنَا وَزَادَ عَنْهُ أَوْ سَاعَةً وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَرْسَلَنِي أَبُو جُهَيْمٍ إِلَى زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ مَا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي يمر بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي فَقَالَ لَأَنْ يَقُومُ أَرْبَعِينَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا أَدْرِي سَنَةً أَوْ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ خَطَأٌ إِنَّمَا هُوَ زَيْدٌ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ كَمَا رَوَى مَالِكٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِي كَرَاهِيَةِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي لِكُلِّ أَحَدٍ وَيَكْرَهُونَ لِلْمُصَلِّي أَيْضًا أَنْ يَدَعَ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَلَيْهِ عِنْدَهُمْ أَنْ يَدْفَعَهُ جُهْدَهُ مَا لَمْ يَخْرُجْ إِلَى حَدٍّ مِنَ الْعَمَلِ يُفْسِدُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ صَلَاتَهُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي دَرْءِ الْمُصَلِّي مَنْ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْإِثْمُ عَلَى الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي فَوْقَ الإثم على الذي يدعه يمر بَيْنَ يَدَيْهِ وَكِلَاهُمَا عَاصٍ إِذَا كَانَ بِالنَّهْيِ عَالِمًا وَالْمَارُّ أَشَدُّ إِثْمًا إِذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَهَذَا مَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى مَا قَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ في باب زيد ابن أَسْلَمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ لُبَابَةَ وَأَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى الْغَافِقِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو عُمَرَ أَنَّ الْغَافِقِيَّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ لَأَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ رَمَادًا يُذْرَى خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيِ رَجُلٍ يُصَلِّي مُتَعَمِّدًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ مَنْ صَلَّى إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى أَحَدٍ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذَا صَلَّى إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ قَالَ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى فِي هَذَا الْبَابِ لِمَنْ صَلَّى إِلَى سُتْرَةٍ وَغَيْرُهُ يَقُولُ السُّتْرَةُ وَغَيْرُ السُّتْرَةِ فِي هَذَا الْبَابِ سَوَاءٌ وَلِمَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ حَدِيثٌ آخَرُ مَوْقُوفٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَدْ وَصَلَهُ غَيْرُهُ مِنَ الثِّقَاتِ مِنْهُمْ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثْنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ عُقْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ يُحَدِّثُ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرٍ عَنْ زَيْدٍ مِثْلَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْفُوعًا وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ مَرْفُوعٌ صَحِيحٌ وَمِثْلُهُ لَا يَكُونُ رَأْيًا وَإِذَا كَانَتْ صَلَاةُ النَّافِلَةِ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنه

الحديث الثاني

عَلَيْهِ خَرَجَ هَذَا الْخَبَرُ فَمَا ظَنُّكَ بِهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْبَلَدِ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ إِخْفَاءُ الْعَمَلِ نَجَاةٌ وَإِخْفَاءُ الْعِلْمِ هَلَكَةٌ وَالْمَأْمُورُ بِسَتْرِهِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ النَّوَافِلُ دُونَ الْمَكْتُوبَاتِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ حَدِيثٌ ثَانٍ لِأَبِي النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله عن نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ فَرَأَى حِمَارَ وَحْشٍ فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا فَأَخَذَهُ ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ فَقَتَلَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَى بَعْضُهُمْ فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فِي ثُبُوتِهِ وَصِحَّتِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ مِنْ وُجُوهٍ وَقَدْ رَوَاهُ جَابِرٌ أَيْضًا عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ أَصَابَ حِمَارَ وَحْشٍ وَهُوَ حَلَالٌ فَأَكَلُوا مِنْهُ

قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ نَافِعًا الْأَقْرَعَ مَوْلَى بَنِي غِفَارٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ اعْتَمَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عن أَبِي قَتَادَةَ فِي الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَلْ مَعَكُمْ مَنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْقَاحَّةِ فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَغَيْرُ الْمُحْرِمِ إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ فَأَسْرَجْتُ فَرَسِي وَأَخَذْتُ رُمْحِي وَرَكِبْتُ فَرَسِي فَسَقَطَ سَوْطِي فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي نَاوِلُونِي وَكَانُوا مُحْرِمِينَ فَقَالُوا لَا وَاللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَتَنَاوَلْتُ سَوْطِي ثُمَّ أَتَيْتُ الْحِمَارَ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ وَرَاءَ أَكَمَةٍ فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي فَعَقَرْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَأْكُلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا نَأْكُلُهُ قَالَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَامَنَا فَحَرَّكْتُ فَرَسِي فَأَدْرَكْتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ هُوَ حلال فكلوه

قَالَ أَبُو عُمَرَ يُقَالُ إِنَّ أَبَا قَتَادَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَّهَهُ عَلَى طَرِيقِ الْبَحْرِ مَخَافَةَ الْعَدُوِّ فَلِذَلِكَ لم يكن محرما إذا اجْتَمَعَ مَعَ أَصْحَابِهِ لِأَنَّ مَخْرَجَهُمْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ أَوْ بَعْدَهُ بِعَامٍ عَامَ الْقَضِيَّةِ وَكَانَ اصْطِيَادُ أَبِي قَتَادَةَ الْحِمَارَ لِنَفْسِهِ لَا لِأَصْحَابِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي حديث أبي قتادة هذادليل عَلَى أَنَّ لَحْمَ الصَّيْدِ حَلَالٌ أَكْلُهُ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَصِدْهُ وَصَادَهُ الْحَلَالُ وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا مَعْنَاهُ الِاصْطِيَادُ وَقَتْلُ الصَّيْدِ وَأَكْلُهُ لِمَنْ صَادَهُ وأما من لم يصده فلي مِمَّنْ عُنِيَ بِالْآيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَتَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مِثْلَ قَوْلِهِ عَزَّ وجل يا ايها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ سَوَاءً لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّمَا نُهِيَ فِيهَا عن قتل الصيد واصطياده لا غير وَهَذَا بَابٌ اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فَكَانَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَرَوْنَ لِلْمُحْرِمِ أَكَلَ مَا صَادَهُ الْحَلَالُ مِنَ الصَّيْدِ مِمَّا يَحِلُّ لِلْحَلَالِ أَكْلُهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ هَذَا وَحَدِيثُ الْبَهْزِيِّ وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَحَدِيثُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ معاذ بن عبد الرحمان التيمي

عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا مَعَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ فَأُهْدِيَ لَنَا طَيْرٌ وَهُوَ رَاقِدٌ فَأَكَلَ بَعْضُنَا فَاسْتَيْقَظَ طَلْحَةُ فَوَفَّقَ مَنْ أَكَلَهُ وَقَالَ أَكَلْنَاهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ آخَرُونَ لَحْمُ الصَّيْدِ مُحَرَّمٌ عَلَى الْمُحْرِمِينَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا يَجُوزُ لِمُحْرِمٍ أَكْلُ لَحْمِ صَيْدٍ الْبَتَّةَ على ظاهر عموم قول عَزَّ وَجَلَّ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ مُبْهَمَةٌ وَكَذَلِكَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عُمَرَ لَا يَرَيَانِ أَكْلَ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ مَا دَامَ مُحْرِمًا وَكَرِهَ ذَلِكَ طَاوُسٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَرُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ مِثْلُ ذَلِكَ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ أَنَّهُ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارَ وَحْشٍ أَوْ لَحْمَ حِمَارِ وَحْشٍ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَقَالَ لَمْ نَرُدُّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَحُجَّتُهُمْ أَيْضًا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَفَّانُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ يَا زَيْدُ أَمَا عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَ لَهُ عَضُدُ صَيْدٍ وَقَالَ عَفَّانُ عُضْوُ صَيْدٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَقَالَ إِنَّا حُرُمٌ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ عَفَّانُ بَلَى وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عن عبد الله بن الحرث بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَاهُ فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ وَفِيهِ عَنْ عُثْمَانَ إِجَازَةُ ذَلِكَ وَقَالَ آخَرُونَ مَا صَادَهُ الْحَلَالُ لِلْمُحْرِمِ أَوْ مِنْ أَجْلِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ وَمَا لَمْ يُصَدْ لَهُ وَلَا مِنْ أَجْلِهِ فَلَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ بِأَكْلِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْ عُثْمَانَ

فِي هَذَا الْبَابِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَنَّهُ عَلَيْهِ تَصِحُّ الْأَحَادِيثُ فِي هذا الباب وأنها إذاحملت عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَتَضَادَّ وَلَا تَدَافَعَتْ وَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ تُحْمَلَ السُّنَنُ وَلَا يُعَارَضُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مَا وُجِدَ إِلَى اسْتِعْمَالِهَا سَبِيلٌ هَذَا وَجْهُ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حديث مِثْلُ ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عبد الرحمان عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ أَخْبَرَهُ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَحْمُ صَيْدِ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ مَا لَمْ تَصْطَادُوهُ أَوْ يُصْطَدْ لَكُمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بن محمد قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ الْمُطَّلِبِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَدْ لَكُمْ قَالَ حمزة قال لنا أبو عبد الرحمان عمرو بن أبي عمر لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ قَدْ رَوَى عَنْهُ وَاخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِيمَا صِيدَ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ مِنَ الْمُحْرِمِينَ هَلْ يَجُوزُ أَكْلُهُ لِغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُحْرِمِينَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَذْهَبِ عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ أَتَيْنَا بِمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَخَوَاتِهَا مِنَ التَّنَازُعِ وَالْمَذَاهِبِ فِي كِتَابِ الِاسْتِذْكَارِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ سَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ أَوْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا أَعَانَ الْحَلَالَ عَلَى الصَّيْدِ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَقَدْ فَعَلَ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُحْرِمِ يَدُلُّ الْمُحْرِمَ أَوِ الْحَلَالَ عَلَى الصَّيْدِ فَأَمَّا إِذَا دَلَّ الْمُحْرِمُ الْحَلَالَ عَلَى الصَّيْدِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ جَائِزٌ أَنْ يَدُلَّ الْمُحْرِمُ الْحَلَالَ عَلَى الصَّيْدِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَلَوْ دَلَّهُ فِي الْحَرَمِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَزَاءٌ وَقَالَ زُفَرُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِي الْحِلِّ دَلَّهُ عَلَيْهِ أَوِ الْحَرَمِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَقْيَسُ وَأَصَحُّ فِي النَّظَرِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ يَدُلُّ الْمُحْرِمَ عَلَى الصَّيْدِ فَيَقْتُلُهُ فَقَالَ قَوْمٌ عَلَيْهِمَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَقَالَ آخَرُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سعيد بن جبير والشعبي والحرث الْعُكْلِيِّ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَاتِلِ وَالْآمِرِ وَالْمُشِيرِ وَالدَّالِّ جَزَاءٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ لَا جَزَاءَ إِلَّا عَلَى الْقَاتِلِ وَحْدَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَمَاعَةِ يَشْتَرِكُونَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا قَتَلَ جَمَاعَةٌ مُحْرِمُونَ صَيْدًا أَوْ جَمَاعَةٌ مُحِلُّونَ فِي الْحَرَمِ صَيْدًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَزَاءٌ كَامِلٌ وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ

وَالنَّخَعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ عَطَاءٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا قَتَلَ جَمَاعَةٌ مُحْرِمُونَ صَيْدًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَزَاءٌ كَامِلٌ وَإِنْ قَتَلَ جَمَاعَةٌ مُحِلُّونَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ فَعَلَى جَمَاعَتِهِمْ جَزَاءٌ وَاحِدٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ جَزَاءٌ وَاحِدٌ وَسَوَاءٌ كَانُوا مُحْرِمِينَ أَوْ مُحِلِّينَ فِي الْحَرَمِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وعبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُمَا حَكَمَا عَلَى رَجُلَيْنِ أَصَابَا ظبيا بشاة قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ جَعَلَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَزَاءً قَاسَهُ عَلَى الْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِ النَّفْسِ لِأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى جَمِيعِ الْقَتَلَةِ خَطَأً عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَفَّارَةٌ وَمَنْ جَعَلَ فِيهِ جَزَاءً وَاحِدًا قَاسَهُ عَلَى الدِّيَةِ وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا خَطَأً وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً إِنَّمَا عَلَيْهِمْ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ يَشْتَرِكُونَ فِيهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُشِيرَ الْمُحْرِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ مَا أَشَارَ بِقَتْلِهِ عَلَى الْحَلَالِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عثمان بن عبد الله بن موهب قال سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي مَسِيرٍ لَهُمْ بَعْضُهُمْ مُحْرِمٌ وَبَعْضُهُمْ لَيْسَ بِمُحْرِمٍ قَالَ فَرَأَيْتُ حِمَارَ وَحْشٍ فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَأَخَذْتُ الرُّمْحَ فَاسْتَعَنْتُهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي فَاخْتَلَسْتُ سَوْطًا مِنْ بَعْضِهِمْ وَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَأَصَبْتُهُ فَأَكَلُوا مِنْهُ فَأَشْفَقُوا قَالَ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلْ أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ قَالُوا لَا قَالَ فَكُلُوهُ

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِأَبِي النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله عن عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بنت الحرث أنا أُنَاسًا اخْتَلَفُوا عِنْدَهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ فِي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بَعْضُهُمْ هُوَ صَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ بِصَائِمٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ فَشَرِبَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَحْمَلُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا أَنَّهُ كَانَ بِعَرَفَةَ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مَنْصُوصًا وَإِذَا كَانَ بِعَرَفَةَ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ تَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُوَّةً عَلَى الدُّعَاءِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَنَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ وَتَخْصِيصُهُ بِعَرَفَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَ عَرَفَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلُ صَوْمِ عَرَفَةَ وَأَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَيْمُونَةَ فِي هَذَا الْبَابِ مِثْلُ حَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ سَوَاءً حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّهُمْ تَمَارَوْا فِي صِيَامِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ سَأَبْعَثُ إِلَيْهِ بِشَرَابٍ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا لَمْ يَرُدَّهُ فَبَعَثَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ فَشَرِبَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ يَعْنِي يَوْمَ عَرَفَةَ

وَكَانَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ يَخْتَارُونَ الْفِطْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ عَنِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالْفِطْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي الْحَجِّ وَيَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مُفْطِرًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أُحِبُّ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ لِغَيْرِ الْحَاجِّ فَأَمَّا مِنْ حَجَّ فَأَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يُفْطِرَ لِيُقَوِّيَهُ الْفِطْرُ عَلَى الدُّعَاءِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَعَائِشَةُ يَصُومَانِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَعَنْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِي مِثْلُ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَصُمْ يَوْمَ عَرَفَةَ وَهَذَا عِنْدِي عَلَى أَنَّهُ بِعَرَفَةَ لِئَلَّا تَتَضَادَّ عَنْهُ الرِّوَايَةُ فِي ذَلِكَ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمْ يَصُمْ يَوْمَ عرفة وأما عثمان ابن أَبِي الْعَاصِي فَكَانَ يَصُومُهُ ذَكَرَ الْفَاكِهِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ قالا حدثنا المعتمر بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ حُمَيْدًا يُحَدِّثُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِي يُرَشُّ عَلَيْهِ مَاءٌ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَهُوَ صَائِمٌ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ عَرَفَةَ أَيْضًا قَالَ وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَصِيَامِ أَلْفِ يَوْمٍ وَهَذَا أَيْضًا بِغَيْرِ عَرَفَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَمِيلُ إِلَى صَوْمِهِ بِعَرَفَةَ وَغَيْرِ عَرَفَةَ وَقَالَ قَتَادَةُ لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا لَمْ يَضْعُفُ عَنِ الدُّعَاءِ وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ أَصُومُهُ فِي الشِّتَاءِ وَلَا أَصُومُهُ فِي الصَّيْفِ وَهَذَا لِئَلَّا يُضْعِفُهُ صَوْمُهُ مَعَ الْحَرِّ عَنِ الدُّعَاءِ وَاللَّهُ أعلم

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ لَمْ يَصُمْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ وَلَا عُثْمَانُ فَأَنَا لَا أَصُومُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَصُمْهُ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَصُمْهُ وَمَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَصُمْهُ وَمَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ وَلَا أَصُومُهُ وَلَا آمُرُ بِصِيَامِهِ وَلَا أَنْهَى عَنْهُ وَهَذَا يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْحَجِّ بِعَرَفَةَ لِمَا ذَكَرْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن محمد قال حدثنا أحمد ابن خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مسدد قالا جميعا حدثنا الحرث بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو قُدَامَةَ الْإِيَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هوذة أبو الأشهب (ابن خَلِيفَةَ بْنِ عَبْدِ (33) اللَّهِ) الْبَصْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ مَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِأَبْيَاتٍ بِعَرَفَاتٍ فَقَالَ مَا هَذِهِ الْأَبْيَاتُ قُلْنَا لِعَبْدِ الْقَيْسِ فَقَالَ لَهُمْ خَيْرًا وَدَعَا لَهُمْ وَنَهَاهُمْ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ قَالَ وَحَجَّ أَبِي وَطَلِيقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ فَاخْتَلَفَا فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ أَبِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَأَتَيْنَاهُ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّا اخْتَلَفْنَا فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَجَعَلْنَاكَ بَيْنَنَا فَقَالَ أَنَا أُخْبِرُكُمْ عُثْمَانُ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كَانَ لَا يَصُومُهُ وَقَالَ حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَ عُمَرَ وَمَعَ عُثْمَانَ فَكُلُّهُمْ كَانَ لَا يَصُومُهُ وَأَنَا لَا أَصُومُهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَحْمَلُ هَذَا عِنْدِي بِعَرَفَةَ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْآثَارُ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ مَرَّ بِأَبْيَاتٍ بِعَرَفَاتٍ لِعَبْدِ الْقَيْسِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا كَانَ يَأْتِي فِي خِلَافَتِهِ عَرَفَةَ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ خَاصَّةً وَمِثْلُ هَذَا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَصُمْهُ وَحَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَصُمْهُ وَحَجَجْتُ مَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ وَأَنَا لَا أَصُومُهُ وَلَا آمُرُ بِهِ وَلَا أَنْهَى عَنْهُ وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَّا بِعَرَفَةَ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ وَمِثْلُ هَذَا أَيْضًا حَدِيثُ يحيى بن أبي إسحاق عن سعيد ابن الْمُسَيَّبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قال حدثنا حماد ابن زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَصُومُهُ فَقُلْتُ غَيْرُهُ فَقَالَ حَسْبُكَ بِهِ شَيْخًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَوْشَبُ بْنُ عُقَيْلٍ عَنْ مَهْدِيٍّ الْهَجَرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبَى هُرَيْرَةَ فِي بَيْتِهِ فَحَدَّثَنَا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَوْشَبُ بْنُ عُقَيْلٍ عَنْ مَهْدِيٍّ الْهَجَرِيِّ قَالَ حدثنا عكرمة قال كنا عند أبى هريرة فِي مَنْزِلِهِ فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَفْطَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ أُمُّ الْفَضْلِ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ وَفِي حَدِيثِ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ الْفَضْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْطَرَ بِعَرَفَةَ أَتَتْهُ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ نُوحٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَفْطَرَ بِعَرَفَةَ وَأُتِي بِرُمَّانٍ فَأَكَلَهُ وَقَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ الْفَضْلِ فَذَكَرَهُ وَحَدِيثُ ابْنِ عُلَيَّةَ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنْ فِطْرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي حَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ كَانَ بِعَرَفَةَ وَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى تَرْكِ صَوْمِهِ بِعَرَفَةَ وَغَيْرِ عَرَفَةَ لِلدُّعَاءِ وَقَالُوا دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ وَغَيْرِهَا دُعَاءٌ مَرْجُوٌّ إِجَابَتُهُ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ مَنْ صَحِبَنِي مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى فَلَا يَصُمْ يَوْمَ عَرَفَةَ وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ أُفْطِرُ يَوْمَ عَرَفَةَ لِأَتَقَوَّى عَلَى الدُّعَاءِ وَهَذَا مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ بِعَرَفَةَ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الِاجْتِهَادِ فِي الدُّعَاءِ مَعَ مَا فِيهِ الْقَوْمُ مِنَ النَّصَبِ وَالتَّعَبِ بِالسَّفَرِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ صَوْمِهِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بِغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ

شَابُورَ عَنْ أَبِي قَزَعَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ هَذِهِ السَّنَةَ وَالَّتِي تَلِيهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ اخْتِلَافًا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَأَبُو الْخَلِيلِ وَأَبُو حَرْمَلَةَ لَا يُحْتَجُّ بِهِمَا وَطَائِفَةٌ تَقُولُ أَبُو حَرْمَلَةَ وَطَائِفَةٌ تَقُولُ حَرْمَلَةُ بْنُ إِيَاسٍ الشَّيْبَانِيُّ وَلَكِنَّهُ صَحِيحٌ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ مِنْ وُجُوهٍ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ الْمِعْوَلِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن معبد الزماني عن أبي قَتَادَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ شَبَابَةَ عَنْ شُعْبَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ غِيلَانَ بْنِ جَرِيرٍ سَمِعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَهَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَهُوَ يُعَضِّدُ مَا تَقَدَّمَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدثنا أحمد ابن خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ سَنَةٍ أَمَامَهُ وَسَنَةٍ خَلْفَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ إِسْحَاقُ هَذَا هُوَ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْفَضَائِلُ يُتَسَامَحُ فِي أَسَانِيدِهَا وَذَكَرَ الْفَاكِهِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي حَرِيزٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ كُنَّا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعْدِلُهُ بِصَوْمِ سَنَةٍ وَهَذَا يُوَضِّحُ لَكَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَبِذَلِكَ يَصِحُّ اسْتِعْمَالُ الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فِي هَذَا الْبَابِ فَحَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عن موسى بن علي بن رياح عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إن يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ عِنْدَنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَيَّوْنَ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ عَنْ مُوسَى بن علي بن رياح عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ وَمَا انْفَرَدَ بِهِ فَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَذِكْرُ يَوْمِ عَرَفَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ يَوْمُ الْفِطْرِ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وشرب

الحديث الرابع

وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ جَائِزٌ صِيَامُهُ لِلْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَأَنَّهُ جَائِزٌ صِيَامُهُ بِغَيْرِ مَكَّةَ وَمَنْ كَرِهَ صَوْمَهُ بِعَرَفَةَ فَإِنَّمَا كَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ عَنِ الدُّعَاءِ وَالْعَمَلِ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ وَالنَّصَبِ لِلَّهِ فِيهِ فَإِنَّ صِيَامَهُ قَادِرًا عَلَى الْإِتْيَانِ بِمَا كُلِّفَ مِنَ الْعَمَلِ بِعَرَفَةَ بِغَيْرِ حَرَجٍ وَلَا إِثْمٍ وَفِي حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ هَذَا ذِكْرُ عَرَفَةَ (مَعَ بَيَانِ (44) حُكْمِهِ وَذِكْرُ يَوْمِ النَّحْرِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ صَوْمُهُ وَذِكْرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صِيَامِهَا لِلْمُتَمَتِّعِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدِيثٌ رَابِعٌ لِأَبِي النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نقول لايفطر وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى يُشْكِلُ وَلَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ تَنَازُعٌ وَصِيَامُ غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ نَافِلَةٌ وَتَطَوُّعٌ وَالصِّيَامُ سُنَّةٌ وَفِعْلُ خَيْرٍ وَعَمَلُ بِرٍّ فَمَنْ شَاءَ اسْتَقَلَّ وَمَنْ شَاءَ اسْتَكْثَرَ وبالله توفيقنا

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِأَبِي النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَدْرُ (مَا يَكُونُ) ثَلَاثِينَ آيَةً أَوْ أَرْبَعِينَ (آيَةً) قَامَ فَقَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ ثُمَّ صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ لَا خِلَافَ فِيمَنْ افْتَتَحَ صَلَاةَ نَافِلَةٍ قَاعِدًا أَنَّ لَهُ أَنْ يَقُومَ فِيهَا وَاخْتَلَفُوا فِيمَنِ افْتَتَحَهَا قَائِمًا ثُمَّ قَعَدَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَهَذَا الْحَدِيثُ في الموطأ لمالك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي النَّضْرِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَقَالَ فِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عن أبي النضر فسقط له الوار وَإِنَّمَا هُوَ وَعَنْ أَبِي النَّضْرِ هَذَا مَا لَا خِلَافَ بَيْنِ الرُّوَاةِ فِيهِ وَلَا إِشْكَالَ وَرِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ وَهْمٌ وَاضِحٌ لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ وَلَا إِلَى مِثْلِهِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي النَّافِلَةِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْفَرِيضَةِ جَالِسًا وَهُوَ عَلَى الْقِيَامِ قَادِرٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مُكَرَّرًا فِي

الحديث السادس

مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَجَائِزٌ أَنْ يُصَلِّي الْمَرْءُ فِي النَّافِلَةِ جَالِسًا صَلَاتَهُ كُلَّهَا وَبَعْضَ صَلَاتِهِ إِنْ شَاءَ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي النَّافِلَةِ كَيْفَ شَاءَ عَنْ قِيَامٍ وَقُعُودٍ وَأَمَّا الْفَرِيضَةُ فَإِنَّهُ إِذَا ضَعُفَ عَنْ إِتْمَامِهِ قَائِمًا قَعَدَ وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ كَالْعُرْيَانِ يَجِدُ ثَوْبًا فِي الصَّلَاةِ فَيَتَسَتَّرُ بِهِ وَيَبْنِي مَا لَمْ يَطُلْ عَمَلُهُ فِي ذَلِكَ وَهَذَا بَيَانٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ اسْتِيفَاءِ الْقَوْلِ فِيهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدِيثٌ سَادِسٌ لِأَبِي النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ وَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا قَالَتْ وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ هَذَا مِنْ أَثْبَتِ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي هَذَا الْمَعْنَى وَقَدْ رَوَى الْقَاسِمُ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ قال حدثنا خالد بن الحرث قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ الْقَاسِمِ قَالَ بَلَغَ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إِنِ الْمَرْأَةَ تَقْطَعُ الصَّلَاةَ فَقَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي فَتَقَعُ رِجْلِي بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ بِحِذَائِهِ فَيَضْرِبُهَا فأقبضها

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر ابن حَمَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قال سمعت القاسم ابن مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ بِئْسَمَا عَدَلْتُمُونَا بِالْحِمَارِ وَالْكَلْبِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يديه فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي فَضَمَمْتُهُمَا إِلَيَّ ثُمَّ يَسْجُدُ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ وُجُوهٌ مِنْهَا أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُبْطِلُ صَلَاةَ مَنْ صَلَّى إِلَيْهَا وَلَا صَلَاةَ مَنْ مَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْآثَارُ وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُصَلِّي إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو الْأَحْوَصِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَحَجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْطَعُ صَلَاةَ الرَّجُلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ قَيْدُ آخِرَةِ الرَّحْلِ الْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ فَقُلْتُ مَا بَالُ الْأَسْوَدِ مِنَ الْأَحْمَرِ مِنَ الْأَصْفَرِ مِنَ الْأَبْيَضِ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ وَرَوَى يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَحْسَبُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَجُوسِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَتُجْزِئُ إذا مر بين يديه على قدفه بِحَجَرٍ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ فِي نَفْسِي مِنَ الْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ شَيْءٌ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءُ ابن أبي رياح يَقُولَانِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ

وَحَجَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ شُعْبَةُ قَالَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ وَالْكَلْبُ وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَالطَّبَرِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ كُلُّهَا صِحَاحٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِ فِي الْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ وَالْكَلْبِ مَنْسُوخٌ وَمُعَارَضٌ فَمِمَّا عَارَضَهُ أَوْ نَسَخَهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ كَاعْتِرَاضِ الْجِنَازَةِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالزُّهْرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَسَقَطَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ تَكُونَ الْمَرْأَةُ تَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَكَيْفَ تَقْطَعُ الصَّلَاةَ بِمُرُورِهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ اعْتِرَاضَهَا فِي الْقِبْلَةِ نَفْسِهَا لَا يَضُرُّ

وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ قَالَ شُعْبَةُ وَأَحْسَبُهَا قَالَتْ وَأَنَا حَائِضٌ قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ وَعَطَاءٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حفص وهشام بن عروة وعراك ابن مَالِكٍ وَأَبُو الْأَسْوَدِ وَتَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ كُلُّهُمْ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ وَأَنَا حَائِضٌ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ أَيْضًا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبُو الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ وَالْقَاسِمُ وَأَبُو سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا وَأَنَا حَائِضٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ بِئْسَمَا عَدَلْتُمُونِي بِالْحِمَارِ وَالْكَلْبِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي وأنا معترضة بين يديه فغذا أراد أن يسجد غمز رجلي فضممتهما إلي ثُمَّ يَسْجُدُ وَأَمَّا الْحِمَارُ فَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جِئْتُ عَلَى حِمَارٍ فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيِ الصُّفُوفِ وَهَذَا الْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنَّهُ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ سُتْرَةً وَلِهَذَا سَبَقَ الْحَدِيثُ وَلَوْ مِنْ خَلْفِ السُّتْرَةِ مَا احْتَجَّ بِالْحَدِيثِ مَنْ سَاقَهُ كَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ وَقَدْ رَوَى اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بن علي

عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي بَادِيَةٍ وَمَعَهُ عَبَّاسٌ فَصَلَّى فِي صَحْرَاءَ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سِتْرٌ وَحِمَارَةٌ لَنَا وَكَلْبَةٌ تَعْبَثَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَا بَالَا بِذَلِكَ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحِمَارَ وَالْكَلْبَ لَا يَقْطَعَانِ الصَّلَاةَ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ لَا يَجِبُ أَنْ يَحْكُمَ بِقَطْعِ الصَّلَاةِ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا بِمَا لَا تَنَازُعَ فِيهِ وَقَدْ تَعَارَضَتِ الْآثَارُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاضْطَرَبَتْ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَجِبُ إِلَّا بِيَقِينٍ وَقَدْ رَوَى مُجَالِدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ وَادْرَءُوا ما استطعتم إنماهو شَيْطَانٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَخْبَارَ هَذَا الْبَابِ مُسْتَوْعَبَةً وَذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ وَفِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ غَمَزَ رِجْلَيَّ فَضَمَمْتُهُمَا إِلَيَّ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُلَامَسَةَ لَا تَنْقُضُ الطَّهَارَةَ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا اللَّذَّةُ وَهَذَا مِمَّا نَزَعَ بِهِ وَاسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي بَابِ الْمُلَامَسَةِ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عُمَرَ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ لُبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ قَالَ لِي الْمُزَنِيُّ مَنْ أَيْنَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إنه من لمس لشهوة انتقض وضوؤه وَمَنْ لَمَسَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَمْ يَنْتَقِضْ عَلَيْهِ وضوؤه فَقُلْتُ لَهُ قَالَ

الله عز وجل أو لا مستم النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً الْآيَةَ فَكَانَ وَاجِبًا بِظَاهِرِ الْآيَةِ انْتِقَاضُ وَضَوْءِ كُلِّ مُلَامِسٍ كَيْفَ لَامَسَ فَدَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ عَلَى بَعْضِ الْمَلَامِسِ دُونَ بَعْضٍ فَقَالَ وَأَيْنَ السُّنَّةُ فَقُلْتُ لَهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَلَبْتُهُ فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَبِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ قَالَ قَاسِمٌ فَلَمَّا وَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى قَدَمِهِ وَهُوَ سَاجِدٌ وَتَمَادَى فِي سُجُودِهِ كَانَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَنْتَقِضُ إِلَّا عَلَى بَعْضِ الْمُلَامِسِينَ دُونَ بَعْضٍ قَالَ الْمُزَنِيُّ فَإِنِّي أَقُولُ إِنَّهُ كَانَ عَلَى قَدَمِهِ حَائِلٌ شَيْءٌ كَالثَّوْبِ يَسْتُرُهَا أَوْ نَحْوِهُ قَالَ قَاسِمٌ فَقُلْتُ لَهُ الْقَدَمُ بِلَا حَائِلٍ حَتَّى يَثْبُتَ الْحَائِلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا أَدْرِي كَيْفَ يَجُوزُ عَلَى مَثَلِ الْمُزَنِيِّ مَعَ جَلَالَتِهِ وَفِقْهِهِ وَسَعَةِ فَهْمِهِ مِثْلُ هَذَا الْإِدْخَالِ وَالِاحْتِجَاجِ وَالْأَغْلَبُ أَنَّ النَّائِمَ مُشْتَمِلٌ فِي ثَوْبِهِ مُلْتَحِفٌ بِهِ وَإِذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَغْلَبُ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَقْطَعَ بِمُلَامَسَةٍ فِيهَا مُبَاشَرَةٌ إِلَّا بِيَقِينٍ وَلَا يَقِينَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِإِمْكَانِ سَتْرِ الْقَدَمِ وَاحْتِمَالِهِ وَإِذَا احْتَمَلَ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ الْحُجَّةَ مَا لَا تَنَازُعَ فِيهِ وَلَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلَ الْخَصْمِ وَحَدِيثُ هَذَا الْبَابِ أَوْلَى مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ قَاسِمٌ لِأَنَّ فِي حَدِيثِنَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم كَانَ يَغْمِزُ رِجْلَ عَائِشَةَ أَوْ رِجْلَيْهَا فَهُوَ الْمُلَامِسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ بَاشَرَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهَا بِالْمُلَامَسَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُغْمِزَهَا عَلَى الثَّوْبِ أَوْ يَضْرِبَ رِجْلَهَا بِكُمِّهِ وَنَحْوِ هَذَا

وَالْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ قَاسِمٌ يَرْوِيهِ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنَّهُ يَسْتَنِدُ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ سَنَذْكُرُهَا فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي الْمُلَامَسَةِ الَّتِي تَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَتُوجِبُ الْوُضُوءَ عَلَى مَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ فَاخْتِلَافٌ قَدِيمٌ وَجَدْنَاهُ عَنِ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ وَنَحْنُ نُورِدُ مِنْهُ مِنْ وُجُوهٍ أَقَاوِيلَهُمْ فِيهَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَطَائِفَةٌ مِنْ أهل الحجاز الْمُلَامَسَةِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ أَوْ لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ أَوْ لَامَسْتُمُ عَلَى مَا قُرِئَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ هِيَ الْجِمَاعُ نَفْسُهُ الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ وَأَدْنَى ذَلِكَ مَسُّ الْخِتَانِ وَأَمَّا مَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ مِنَ الْقُبْلَةِ وَالْجَسَّةِ وَغَيْرِهَا فَلَيْسَ مِنَ الْمُلَامَسَةِ وَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَسْرُوقٍ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَطَاوُسٍ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ مَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ وُضُوءًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ أَوْ بَاشَرَهَا أَوْ لَامَسَهَا لِشَهْوَةٍ أَوْ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَنْتَشِرَ وَمَنْ قَصَدَ مَسَّهَا لِشَهْوَةٍ لَيْسَ بَيْنَهُمَا ثَوْبٌ فَمَسَّهَا وَانْتَشَرَ فإن كان هذا انتقض وضوؤه عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لا ينتقض وضوؤه إِلَّا أَنَّ يَخْرُجَ مِنْهُ مَذْيٌ أَوْ غَيْرُهُ وَقَدْ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الَّذِي يُقَبِّلُ امْرَأَتَهُ إِنْ جَاءَ يَسْأَلُنِي قُلْتُ يَتَوَضَّأُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ لَمْ أَعِبْ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الرَّجُلِ يُدْخِلُ رِجْلَيْهِ فِي ثِيَابِ امْرَأَتِهِ فَيَمَسُّ فَرْجَهَا أَوْ بَطْنَهَا لَا يَنْقُضُ ذَلِكَ وُضُوءَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّهُمْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمَلْمَسَ بِالْيَدِ لَا بِالرِّجْلِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ وَالْمُبَاشَرَةُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالْجَسَدِ كَاللَّمْسِ بِالْيَدِ يُرَاعُونَ فِيهِ اللَّذَّةَ عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدُ وَاضِحًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ أَوْ بَاشَرَهَا أَوْ لَمَسَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا المذهب أن قال الملاسمة وَاللَّمْسُ نَظِيرُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمَسِيسُ وَالْمَسُّ وَالْمُمَاسَّةُ مِثْلَ الْمُلَامَسَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَمَسَّهَا بِيَدِهِ أَوْ قَبَّلَهَا فِي فَمِهَا أَوْ جَسَدِهَا وَلَمْ يَخْلُ بِهَا وَلَمْ يُجَامِعْهَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ كَمَنْ لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّ الْمَسَّ والمسيس عني به ههنا الْجِمَاعُ فَكَذَلِكَ اللَّمْسُ وَالْمُلَامَسَةُ قَالُوا وَكَذَلِكَ قَالَ ابن عباس إن الله عز وجل حي كَرِيمٌ يُكَنِّي عَنِ الْجِمَاعِ بِالْمَسِيسِ وَبِالْمُبَاشَرَةِ وَبِاللَّمْسِ وَبِالرَّفَثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إن

الله حي كَرِيمٌ يُكَنِّي قَالَ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ فَهَذَا بَابٌ مِنَ الْجِمَاعِ وَقَدْ كَنَّى وَقَالَ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ وَقَالَ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فَهَذَا بَابٌ مِنَ الْجِمَاعِ وَقَدْ كَنَّى وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَهَذَا بَابٌ مِنَ الْجِمَاعِ وَقَدْ كَنَّى وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ فَذَكَرَهُ إِلَى آخِرِهِ وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ أَيْضًا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الْمِصِّيصِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ فَذَكَرَهُ وَاحْتَجُّوا مِنَ الْأَثَرِ الْمَرْفُوعِ بِمَا رَوَاهُ وَكِيعٌ وَغَيْرُهُ عن الأعمش عن حبيب ابن أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَالَ قُلْتُ مَنْ هِيَ إِلَّا أَنْتِ فضحكت ووكيع عن سفيان عن أبي رؤوف عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَهَا فَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَالُوا وَلَا مَعْنَى لِطَعْنِ مَنْ طَعَنَ عَلَى حديث حبيب بن أبي ثابت عن عروة فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ حَبِيبًا ثِقَةٌ وَلَا يُشَكُّ أَنَّهُ أَدْرَكَ عُرْوَةَ وَسَمِعَ مِمَّنْ هُوَ أَقْدَمُ مِنْ عُرْوَةَ فَغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْ عُرْوَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمِعَهُ عَنْهُ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ لَمْ يزالوا يروون

الْمُرْسَلَ مِنَ الْحَدِيثِ وَالْمُنْقَطِعَ وَيَحْتَجُّونَ بِهِ إِذَا تَقَارَبَ عَصْرُ الْمُرْسِلِ وَالْمُرْسَلِ عَنْهُ وَلَمْ يُعْرَفِ الْمُرْسِلُ بِالرِّوَايَةِ عَنِ الضُّعَفَاءِ وَالْأَخْذِ عَنْهُمْ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجُلُّهُ مَرَاسِيلُ وَالْقَوْلُ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْقَ عَائِشَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ فِيمَا يُرْسِلُ وَيُسْنِدُ قَالُوا وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْخَبَرُ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ وُجُوهٍ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا مُرْسَلًا فَإِنَّ الطُّرُقَ إِذَا كَثُرَتْ قَوَّى بَعْضُهَا بَعْضًا وَذَكَرُوا مَا رَوَى شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ ذَكَرُوا اللَّمْسَ فَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْمَوَالِي لَيْسَ الْجِمَاعَ وَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ اللَّمْسُ الْجِمَاعُ فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ إِنَّ نَاسًا مِنَ الْمَوَالِي وَالْعَرَبِ اخْتَلَفُوا فِي اللَّمْسِ وَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِهِمْ فَقَالَ مَعَ أَيِ الْفَرِيقَيْنِ كُنْتَ قُلْتُ مَعَ الْمَوَالِي قَالَ غُلِبَ فَرِيقُ الْمُوَالِي إِنَّ اللَّمْسَ وَالْمُبَاشَرَةَ الْجِمَاعُ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُكَنِّي بِمَا شَاءَ قَالُوا وَالْكِتَابُ وَالسَّنَةُ وَالْقِيَاسُ وَالنَّظَرُ كُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُلَامَسَةَ الْمَقْصُودُ إِلَى ذِكْرِهَا فِي آيَةِ الْوُضُوءِ هِيَ الْجِمَاعُ قَالُوا فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُ الله عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ يُرِيدُ وَقَدْ أَحْدَثْتُمْ قَبْلَ ذَلِكَ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ الْآيَةَ فَأَوْجَبَ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ الَّتِي ذَكَرَهَا بِالْمَاءِ ثُمَّ قَالَ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا يُرِيدُ الِاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ ثُمَّ قَالَ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ يُرِيدُ الْجِمَاعَ الَّذِي يُوجِبُ الْجَنَابَةَ وَلَمْ تجدوا ماء تتوضأون بِهِ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ تَغْتَسِلُونَ بِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ كَمَا أَمَرْتُكُمْ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا قَالُوا فَإِنَّمَا أَوْجَبَ فِي آخِرِ الْآيَةِ التَّيَمُّمَ عَلَى مَنْ كَانَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ وَالِاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ فِي أَوَّلِهَا قَالُوا وَقَوْلُ من

خَالَفْنَا إِنَّ اللَّهَ لَمَّا ذَكَرَ طَهَارَةَ الْجَنُبِ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ ذَكَرَ الْمُلَامَسَةَ فِي آخِرِ الْآيَةِ مَوْصُولًا بِذِكْرِ الْغَائِطِ اسْتَدَلُّوا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ الْجَنَابَةِ فَلَيْسَ كَمَا قَالُوا وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ مَا قَالُوا دَلِيلًا لَوْ كَانَ إِنَّمَا أَوْجَبَ عَلَى الْمُلَامِسِ فِي آخِرِ الْآيَةِ الطَّهَارَةَ الَّتِي أَوْجَبَهَا عَلَى الْجُنُبِ فِي أَوَّلِهَا فَكَانَ يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ اللَّمْسَ غَيْرَ الْجَنَابَةِ لِأَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ الطَّهَارَةَ مِنَ الْجَنَابَةِ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ فَلَمْ يَكُنْ لِإِعَادَةِ إِيجَابِ الطَّهَارَةِ مِنْهَا فِي آخِرِهَا مَعْنًى يَصِحُّ وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ الِاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ فِي آخِرِهَا التَّيَمُّمَ بَدَلًا مِنَ الْمَاءِ إِذَا كَانَ مُسَافِرًا لَا يَجِدُ الْمَاءَ أَوْ مَرِيضًا قَالُوا فَهَذَا الْمَعْنَى أَصَحُّ وَأَشْبَهُ بِالتَّأْوِيلِ مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ خَالَفْنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِرَاقِ اللَّمْسُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ مِثْلُ الْقُبْلَةِ وَالْجَسَّةِ وَالْمُبَاشَرَةِ بِالْيَدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا دُونَ الْجِمَاعِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى اعْتِبَارِ اللَّذَّةِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ اللَّمْسَ مَا دُونَ الْجِمَاعِ عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ وَالشَّامِ وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قُبْلَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَجَسُّهَا بِيَدِهِ مِنَ الْمُلَامَسَةِ فَمَنْ قَبَّلَهَا أَوْ جَسَّهَا بِيَدِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَرَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عن عمر قال القبلة من اللمم فتوضؤوا مِنْهَا وَهَذَا عِنْدَهُمْ خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ صَحِيحٌ لَا عَنْ عُمَرَ

وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ عبد الله ابن مَسْعُودٍ الْقُبْلَةُ مِنَ اللَّمْسِ وَمِنْهَا الْوُضُوءُ وَاللَّمْسُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ مِثْلَهُ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِثْلَهُ وَحَكَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ فِي قُبْلَةِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ الْوُضُوءُ وَحَكَى الزَّعْفَرَانِيُّ وَالرَّبِيعُ وَالْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ مَنْ لَمَسَ امْرَأَتَهُ أَوْ قَبَّلَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ عَنْهُ ولو ثبت حديث معبد ابن نُبَاتَةَ فِي الْقُبْلَةِ لَمْ أَرَ فِيهَا شَيْئًا وَلَا فِي اللَّمْسِ فَإِنَّ مَعْبَدَ بْنَ نُبَاتَةَ يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنِ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ وَلَا يَتَوَضَّأُ وَلَكِنْ لَا أَدْرِي كَيْفَ مَعْبَدُ بْنُ نُبَاتَةَ هَذَا فَإِنْ كَانَ ثِقَةً فَالْحُجَّةُ فِيمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِي أَنَّ الْمُلَامَسَةَ مَا دُونَ الْجِمَاعِ بِأَدِلَّةٍ يُطُولُ ذِكْرُهَا مِنْهَا أَنْ قَالُوا الْمُلَامَسَةُ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ بِذِكْرِهَا فِي آيَةِ الْوُضُوءِ الْجِمَاعَ لِأَنَّهُ أَفْرَدَهَا مِنْ ذِكْرِ الْجَنَابَةِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا فَجَاءَ بِالشَّرْطِ وَجَوَابِهِ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا فَجَاءَ بِالشَّرْطِ وَجَوَابِهِ فَدَلَّ ذَلِكَ على أن الملامسة غير قَوْلَهُ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا وَانْتَفَى بِذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْمُلَامَسَةُ الْجِمَاعَ وَدَخَلَتْ

فِي بَابِ الْحَدَثِ الْمُوجِبِ الْوُضُوءَ وَالتَّيَمُّمَ لِأَنَّهُ جَمَعَهَا فِي الذِّكْرِ مَعَ الْغَائِطِ وَجَاءَ بِجَوَابٍ وَاحِدٍ لِذَلِكَ الشَّرْطِ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فَجَاءَ بِالشَّرْطِ وَجَوَابِهِ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ ذِكْرَ الْجِمَاعِ بِحُكْمٍ مُفْرَدٍ قَالَ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا فَجَاءَ بِالشَّرْطِ وَجَوَابِهِ تَامًّا قَالُوا وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالُوا وَلِهَذَا كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَعُمَرُ يَذْهَبَانِ إِلَى أَنَّ الْجُنُبَ لَا يَتَيَمَّمُ لِأَنَّهُ أُفْرِدَ بِحُكْمِ الْغُسْلِ وَلَمْ يَرَيَا الْجِمَاعَ مِنَ الْمُلَامَسَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ قَوْلِهِمَا وَمَا يَرُدُّهُ مِنَ السنة في باب عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَتَقْدِيرُ الْآيَةِ فِي مَذْهَبِ مَنْ أَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ الْمُلَامَسَةُ الْجِمَاعُ مِمَّنْ يَرَى التَّيَمُّمَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ كَأَنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ مِنَ النَّوْمِ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وَأَرْجُلُكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا وُجُوهَكُمْ وأيديكم من هـ (لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِهَذَا التَّقْدِيرِ فِي الْآيَةِ اخْتَلَفُوا فِي تَيَمُّمِ الْحَاضِرِ الصَّحِيحِ إِذَا فَقَدَ الْمَاءَ وَخَشِيَ فَوَاتَ الْوَقْتِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعَ) فَدَخَلَ فِي التَّيَمُّمِ الْجُنُبُ وَغَيْرُهُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ مِنَ التَّقْدِيرِ وَالتَّأْخِيرِ قَالُوا وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ كَثِيرٌ لَا يُنْكِرُهُ عَالَمٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ اللَّمْسَ مَا دُونَ الْجِمَاعِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا اللَّمْسُ الَّذِي يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ أَنْ يَلْمِسَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ لِشَهْوَةٍ فَإِنْ لَمَسَهَا لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَاحْتَجَّ إِسْحَاقُ فَقَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَنَ يَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي مَسْجِدٍ فِي الصَّلَاةِ فَقَبَضَ عَلَى قَدَمِ عَائِشَةَ غَيْرَ مُتَلَذِّذٍ وَضَعَّفَ حَدِيثَ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُهَا وَلَا يَتَوَضَّأُ وَقَالَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَا نَظُنُّ أَنَّ حَبِيبًا لَقِيَ عُرْوَةَ قال وقد يكن أَنْ يُقْبِّلَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ بِرًّا بها وإكراما لها ورحمة أَلَا تَرَى إِلَى مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَقَبَّلَ فَاطِمَةَ وَهَذَا حَدِيثٌ يَرْوِيهِ الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ فَالْقُبْلَةُ تَكُونُ لِشَهْوَةٍ وَلِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَرَوَى عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَرِيضِ تَغْمِزُ امْرَأَتُهُ رِجْلَيْهِ أَوْ رَأْسَهُ لَا وُضُوءَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَلْتَذَّا قَالَ وَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ تَمَاسًّا إِلَّا أَنْ يَلْتَذَّا قَالَ وَالْجَسَّةُ مِنْ فَوْقِ الثَّوْبِ وَمِنْ تَحْتِهِ سَوَاءٌ إِنْ كَانَ لِلَذَّةٍ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ إِنْ كَانَ الثَّوْبُ كَثِيفًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ مَنِ الْتَذَّ مِنَ الْمُلَامِسَيْنِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ فِي ذَلِكَ سواء

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونَ مَنْ تَعَمَّدَ مَسَّ امْرَأَتِهِ بِيَدِهِ لِمُلَاعَبَةٍ فَلْيَتَوَضَّأِ الْتَذَّ أَمْ لَمْ يَلْتَذَّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ إِذَا أَفْضَى الرَّجُلُ بِيَدِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ أَوْ بِبَعْضِ جَسَدِهِ لَا حَائِلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ لِشَهْوَةٍ وَلِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمَسَتْهُ هِيَ وَجَبَ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَيُّ بِدَنَيْهِمَا أَفْضَى إِلَى الْآخَرِ إِذَا مَسَّتِ الْبَشَرَةُ الْبَشَرَةَ إِلَّا الشَّعْرَ خَاصَّةً فَلَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ مَسَّ شَعْرَ امْرَأَتِهِ لِشَهْوَةٍ كَانَ أو لغير شهوة والشعر مخالف للبشر وَلَوِ احْتَاطَ فَتَوَضَّأَ إِذَا مَسَّ شَعْرَهَا كَانَ حَسَنًا وَلَوْ مَسَّهَا بِيَدِهِ أَوْ مَسَّتْهُ بِيَدِهَا من فوق الثوب فالتذا لذلك أم لا يَلْتَذَّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ حَتَّى يُفْضِيَا إِلَى الْبَشَرَةِ قَالَ وَلَا مَعْنَى لِلَذَّةٍ مِنْ فَوْقِ الثَّوْبِ وَلَا مِنْ تَحْتِهِ وَلَا مَعْنَى لِلشَّهْوَةِ فِي الْقُبْلَةِ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى لِلْفِعْلِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِيمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَكْحُولٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَةٌ هَكَذَا حَكَى الْمَرَوَزِيُّ عَنْهُمْ وَأَمَّا الطَّبَرِيُّ فَذَكَرَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ كَمَا حَكَى الطَّبَرِيُّ أَنَّ لَمْسَ الْمَرْأَةِ لَا وُضُوءَ فِيهِ عَلَى حَالٍ وَقَالَ الْمَرْوَزِيُّ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ هَذَا هُوَ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ وَلَمْ يَقُلْ لِشَهْوَةٍ وَلَا مِنْ شَهْوَةٍ قَالَ وَكَذَلِكَ الَّذِينَ أَوْجَبُوا فِي ذَلِكَ الْوُضُوءَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَشْتَرِطُوا الشَّهْوَةَ قَالَ وَكَذَلِكَ عَامَّةُ التَّابِعِينَ قَالَ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِأَنْ قَالَ قَدِ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ أَنَّ رَجُلًا لَوِ اسْتَكْرَهَ امْرَأَةً فَمَسَّ خِتَانُهُ خِتَانَهَا وَهِيَ لَا تَلْتَذُّ بِذَلِكَ أَوْ كَانَتْ نَائِمَةً فَلَمْ تَلْتَذَّ وَلَمْ تَشْتَهِ أَنَّ

الْغُسْلَ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا قَالُوا فَكَذَلِكَ مَنْ مَسَّ امْرَأَتَهُ لِشَهْوَةٍ أَوْ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ أَوْ قَبَّلَهَا لِشَهْوَةٍ أَوْ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي الْجَسَّةِ وَاللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ لِلْفِعْلِ لَا لِلَّذَّةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَالْقَائِلُونَ بِقَوْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ يَأْتِ عَنْهُمْ فِي مَعْنَى الْمُلَامَسَةِ إِلَّا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا الْجِمَاعُ وَالْآخَرُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ وَالْقَائِلُونَ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ إِنَّمَا أَرَادُوا مَا يُلْتَذُّ بِهِ مِمَّا لَيْسَ بِجِمَاعٍ وَلَمْ يُرِيدُوا مِنَ اللَّمْسِ اللَّطْمَ وَاللَّمْسَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الْجِمَاعِ وَلَا يُشْبِهُهُ وَلَا يَؤُولُ إِلَيْهِ وَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ إِنَّ اللَّمْسَ أُرِيدَ بِهِ اللَّطْمُ وَغَيْرُهُ لِتَبَايُنِ ذَلِكَ مِنَ الْجِمَاعِ لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ مَا وَقَعَ بِهِ الِالْتِذَاذُ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ لَطَمَ امْرَأَتَهُ أَوْ دَاوَى جُرْحَهَا أَوِ الْمَرْأَةُ تُرْضِعُ وَلَدَهَا لَا وُضُوءَ عَلَى هَؤُلَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ فَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ مُرَاعَاةِ الشَّهْوَةِ وَاللَّذَّةِ لِمَنْ لَمَسَ امْرَأَتَهُ مِنْ فَوْقِ الثَّوْبِ وَتَلَذَّذَ بِمَسِّهَا أَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ فَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ الْمَرْوَزِيُّ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ ذَلِكَ غَيْرَهُمَا قَالَ وَلَا يَصْحُّ ذَلِكَ فِي النَّظَرِ لِأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ غَيْرُ لَامِسٍ لِامْرَأَتِهِ وَغَيْرُ مُمَاسٍّ لَهَا فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا هُوَ لَامِسٌ لِثَوْبِهَا وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ تَلَذَّذَ وَاشْتَهَى دُونَ أَنْ يَلْمِسَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وُضُوءٌ فَكَذَلِكَ مَنْ لَمَسَ فَوْقَ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَامِسٍ لِلْمَرْأَةِ هَذَا جُمْلَةُ مَا احْتَجَّ بِهِ

الْمَرْوَزِيُّ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الَّذِي اخْتَارَهُ فِي ذَلِكَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ نَظَرٌ وَمِنْ تَدَبَّرَ مَا أَوْرَدْنَاهُ اكْتَفَى بِمَا وَصَفْنَا وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَالْهَادِي إِلَيْهِ لَا شَرِيكَ لَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ ضِيقِ الْعَيْشِ (وَالصَّبْرِ عَلَى) الْإِقْلَالِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ كَانَتْ يَوْمَئِذٍ بُيُوتُهُمْ دُونَ مَصَابِيحَ وَفِي قَوْلِ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا إِذْ حَدَّثَتْ بِهَذَا الْحَدِيثِ كَانَتْ بُيُوتُهُمْ فِيهَا الْمَصَابِيحُ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ فَتَحَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدُّنْيَا فَوَسَّعُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ إِذْ وَسَّعَ الله عليهم وقولها يومئذ يريد حِينَئِذٍ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَا الْيَوْمَ النَّهَارَ عَلَى الْمَعْهُودِ اسْتَحَالَ أَنْ تَكُونَ الْمَصَابِيحُ نَهَارًا فِي بُيُوتِهِمْ فَعَلِمْنَا أَنَّهَا أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا يَوْمَئِذٍ أَيْ حنيئذ وَهَذَا مَشْهُورٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَنَّهَا كَانَتْ تُعَبِّرُ بِالْيَوْمِ عَنِ الْحِينِ وَالْوَقْتِ كَمَا تُعَبِّرُ بِهِ عَنِ النَّهَارِ وَالْيَوْمِ وَهُوَ النَّهَارُ كَمَا قال الشاعر ... أجدك هَذَا اللَّيْلُ لَا يَتَرَدَّدُ ... ... وَأَيُّ نَهَارٍ لَا يَكُونُ لَهُ غَدُ ... يَقُولُ إِذَا طَالَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ أَجِدِّي أَنْ يَكُونَ لَيْلٌ لَا يَتَرَدَّدُ أَوْ أَنْ يَكُونَ يَوْمٌ لَا يَكُونُ لَهُ غَدٌ أَوْ لَيْلٌ لَا يَكُونُ لَهُ غَدٌ وَهَذَا أَشْهَرُ عِنْدَهُمْ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ فِيهِ إلى الاستشهاد

الحديث السابع

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِأَبِي النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَبِي النَّضْرِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال الطَّاعُونُ رِجْزٌ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إسرائيل مثل حديث محمد ابن الْمُنْكَدِرِ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ إِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا لَا يُخْرِجُكُمْ إِلَّا فِرَارًا مِنْهُ هَكَذَا فِي الْمُوَطَّأِ إِلَّا فِرَارًا فِي حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ وَقَدْ جَعَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَحْنًا وَغَلَطًا وَالْوَجْهُ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ دُخُولَ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِنَّمَا هُوَ لِإِيجَابِ بَعْضِ مَا نُفِيَ بِالْجُمْلَةِ كَأَنَّهُ قَالَ لَا تَخْرُجُوا مِنْهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ خُرُوجُكُمْ إِلَّا فِرَارًا أَيْ إِذَا كَانَ خُرُوجُكُمْ فِرَارًا فَلَا تَخْرُجُوا وَالنَّصْبُ هُنَا بِمَعْنَى الحال لا يمعنى الِاسْتِثْنَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي ذَلِكَ إِبَاحَةُ الْخُرُوجِ ذَلِكَ الْوَقْتَ مِنْ مَوْضِعِ الطَّاعُونِ لِلسَّفَرِ عَلَى الْجَارِي مِنَ الْعَادَاتِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْقَصْدُ الْفِرَارُ مِنَ الطَّاعُونِ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وشويخ شُيُوخِنَا يَرْوُونَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا يُخْرِجْكُمْ إِلَّا فِرَارٌ مِنْهُ بِالرَّفْعِ وَهَذَا إِنْ صَحَّ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا لَا يُخْرِجْكُمْ إِلَّا فِرَارٌ مِنْهُ أَيْ لَا تَخْرُجُوا مِنْهَا الْخُرُوجَ الَّذِي يُخْرِجُكُمُوهُ إِلَّا فِرَارٌ مِنْهُ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مِمَّنْ رَوَاهُ بِالرَّفْعِ يَرْوِيهِ لَا يُخْرِجْكُمْ إِلَّا الْإِفْرَارُ مِنْهُ عَلَى الْمَصْدَرِ

وَهَذَا يُنْكِرُهُ أَهْلُ النَّحْوِ فِي مَصْدَرِ الْفِرَارِ وَأَجَازَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى (لُغَةٍ شَاذَّةٍ فِي الْفِرَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ) وَهَذَا الْمَصْدَرُ خَطَّأٌ عِنْدَ أَهْلِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَغَيْرُ (مَعْرُوفٍ (91) فِي الرِّوَايَةِ وَرَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النضر عن عامر ابن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ فَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا إِلَّا فِرَارًا مِنْهُ وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَرَوَى الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ حَدِيثُ أَبِي النَّضْرِ وَأَكْثَرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ جَمَعُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ أَبَا النَّضْرِ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرَ جَمِيعًا وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَأَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى سَوَاءٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَبِي النَّضْرِ جَمِيعًا عَنْ عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَسْأَلُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَقَالَا فِي آخِرِهِ قَالَ أَبُو النَّضْرِ لَا يُخْرِجْكُمْ إِلَّا الْفِرَارُ مِنْهُ وَهَذَا مَعْنَاهُ كَمَعْنَى رِوَايَةِ يَحْيَى سَوَاءً فِي رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ بِالرَّفْعِ وَهَذَا أَبْيَنُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَالْمَعْنَى سَوَاءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا ابْنُ وَهْبٍ فَجَوَّدَهُ ذَكَرُ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَسْأَلُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَسْمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الطَّاعُونَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ كُنْتُ سَمِعْتُهُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ هُوَ رِجْزٌ سُلِّطَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى قَوْمٍ فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا منه

هَكَذَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ مُفْرَدًا لَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ وَلَمْ يَعْطِفْهُ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ بَلْ سَاقَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي لَا إِشْكَالَ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ وهب أيضا أخبرني عمرو بن الحرث أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ سَمِعَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُخْبِرُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَأَلَهُ عَنِ الْوَجَعِ فَقَالَ أُسَامَةُ ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال هُوَ رِجْزٌ سُلِّطَ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ أَوْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِبَلْدَةٍ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ فِيهَا وَإِذَا وَقَعَ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا يُخْرِجْنَّكُمْ مِنْهَا فِرَارًا أَوْ قَالَ مِنْهُ فِرَارًا وَرِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ صَحِيحَةُ الْمَعْنَى مُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ الْخَبَرِ عَنِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَغَيْرِهِمْ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا عَمَّنْ خَلَا مِنَ الْأُمَمِ حَتَّى لَوْ مَرَّتْ عُقَابٌ فَقَلَّبَ جَنَاحَهَا (فَكَانَتْ وَفَاتُهَا) لَأَخْبَرَنَاكُمْ وَقَدْ مَضَى تَفْسِيرُ مَعْنَى الطَّاعُونِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا والحمد لله)

الحديث الثامن

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِأَبِي النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ تَقُولُ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ قَالَتْ فَسَلَّمْتُ قَالَ مَنْ هَذِهِ فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيٌّ أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا أَجَرْتُهُ فُلَانُ بْنُ هُبَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ وَذَلِكَ ضُحًى قَدْ ذَكَرْنَا أَبَا مُرَّةَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ اسْمُهُ يَزِيدُ وَهُوَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ وَهُوَ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ وَذَكَرْنَا أُمَّ هَانِئٍ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عن ذكرها ههنا وَاسْمُهَا هِنْدُ وَيُقَالُ بَلِ اسْمُهَا فَاخِتَةُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ صَلَاةُ الضُّحَى وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهَا مُسْتَوْعِبًا بِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَثَرِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَمَضَى الْقَوْلُ أَيْضًا فِي مَعَانٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مُجَرَّدَةٍ مِنْ إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ في باب موسى

ابن مَيْسَرَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا قَوْلُهُ قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ فَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ قَوْمٌ عَلَى جَوَازِ أَمَانِ الْمَرْأَةِ وَقَالُوا جَائِزٌ أَمَانُهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقَالَ آخَرُونَ أَمَانُهَا مَوْقُوفٌ عَلَى جَوَازِ الْإِمَامِ فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ وَإِنَّ رَدَّهُ رُدَّ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ بِأَنَّ أَمَانَ أُمِّ هَانِئٍ لَوْ كَانَ جَائِزًا عَلَى كُلِّ حَالٍ دُونَ إِذْنِ الْإِمَامِ مَا كَانَ عَلِيٌّ لِيُرِيدَ قَتْلَ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ لِأَمَانِ مَنْ يَجُوزُ أَمَانُهُ وَفِي قَوْلِهِ قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَمَانٌ المراة غير مُحْتَاجٌ إِلَى إِجَازَةِ الْإِمَامِ لَقَالَ لَهَا مَنْ أَمَّنْتِهِ أَنْتِ أَوْ غَيْرُكِ فَلَا سَبِيلَ إِلَى قَتْلِهِ وَهُوَ آمِنٌ وَلَمَا قَالَ لَهَا قَدْ أَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ وَأَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ كَانَ (ذَلِكَ) دَلِيلًا عَلَى أَنَّ أَمَانِ الْمَرْأَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْإِمَامِ فَهَذِهِ حُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ قَالُوا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عن مخرمة بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهَا أَجَارَتْ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَأَتَتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ وَأَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ يَجُوزُ أَمَانُ الْمَرْأَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَبِغَيْرِ إِذْنِهِ فَمِنْ حُجَّتِهِمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ قَالُوا فَلَمَّا قَالَ أَدْنَاهُمْ جَازَ بِذَلِكَ أَمَانُ الْعَبْدِ وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ أَحْرَى بِذَلِكَ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا

حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ ابن أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ لَتُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيَجُوزُ وَرَوَاهُ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ لَتُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ أَبِي سَعْدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ وَإِنْ جَارَتْ عَلَيْهِمْ جَائِرَةٌ فَلَا تُخْفِرُوهَا فَإِنَّ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَمَانِ الْمَرْأَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي أَمَانِ الْعَبْدِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ أمانة جائز قائل أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَمَانُهُ غَيْرُ جَائِزٍ إِلَّا أَنْ يُقَاتِلَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ مَعْنَاهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ الْمُؤْمِنُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ

ويعقد عليهم أولادهم وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ أَتَانِي يَوْمَ الْفَتْحِ حَمْوَانِ لِي فَأَجَرْتُهُمَا فَجَاءَ عَلِيٌّ يُرِيدُ قَتْلَهُمَا فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في قبته بالأبطح بأعلا مَكَّةَ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجَرْتُ حَمْوَيْنِ لِي وَإِنَّ ابْنَ أُمِّي عَلِيًّا أَرَادَ قَتْلَهُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ وَأَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَخَبَرِ مَالِكٍ (أَنَّ الَّذِي (107) أَجَارَتْهُ أُمُّ هَانِئٍ وَلَدُ هُبَيْرَةَ بْنِ أَبِي وَهْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَائِدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ وَاحِدًا كَانَ أَوِ اثْنَيْنِ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ وَاحِدًا وَفِي حَدِيثِ الْمَقْبُرِيُّ اثْنَيْنِ وَهُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ زَوْجُهَا وَوَلَدُهُ حَمْوٌ لَهَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الَّذِي أَجَارَتْهُ يَوْمَئِذٍ وأراد علي قتله الحرث بْنُ هِشَامٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي هُبَيْرَةَ وَكُلَاهُمَا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ وَقِيلَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ جَعْدَةُ بْنُ هُبَيْرَةَ أَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا جَعْدَةُ بْنُ هُبَيْرَةَ فَمَا أَدْرِي مَا هُوَ لِأَنَّ جَعْدَةَ بْنَ هُبَيْرَةَ ابْنُهَا لَا حَمُوُهَا وَلَمْ تَكُنْ تَحْتَاجُ إِلَى إِجَارَةِ ابْنِهَا وَلَا كَانَتْ مِثْلَ تِلْكَ الْمُخَاطَبَةِ تَجْرِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَخِيهَا عَلِيٍّ في

ابْنِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَهْلُ النَّسَبِ فِيمَا عَلِمَتُ لِهُبَيْرَةَ ابْنًا يُكَنَّى جَعْدَةَ مِنْ غَيْرِ أُمِّ هَانِئٍ وَلَا ذَكَرُوا لَهُ بَنِينَ مِنْ غَيْرِ أُمِّ هَانِئٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينِ بْنِ ثميلة حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجِيرُ عَلَى النَّاسِ أَدْنَاهُمْ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ الْقَاضِي الرَّجُلَانِ اللَّذَانِ أَجَارَتْهُمَا أُمُّ هَانِئٍ يَوْمَ الْفَتْحِ جَعْدَةُ بْنُ هُبَيْرَةَ الْمَخْزُومِيُّ وَرَجُلٌ آخَرُ مَعَهُ وَكَانَا مِنَ الشِّرْذِمَةِ الَّذِينَ قَاتَلُوا خَالِدًا وَلَمْ يَقْبَلُوا الْأَمَانَ وَلَا أَلْقَوُا السِّلَاحَ فَأَرَادَ عَلِيٌّ قَتْلَهُمَا فَأَجَارَتْهُمَا أُمُّ هانئ وكنا مِنْ أَحْمَائِهَا فَأَجَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَجَارَتْ هَكَذَا قَالَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ وَأَيًّا كَانَ فَالْحَدِيثُ إِنَّمَا سِيقَ لِجَوَازِ جِوَارِ الْمَرْأَةِ لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَعَلَى جَوَازِ أَمَانِ الْمَرْأَةِ جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَجَازَ ذَلِكَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يُجِزْهُ عَلَى ظَوَاهِرِ الْأَخْبَارِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونَ لَا يَجُوزُ

الحديث التاسع

أَمَانُ الْمَرْأَةِ إِلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْإِمَامُ فَشَذَّ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ عَنْ هَذَا الْجُمْهُورِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو (الْبَزَّارُ) حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إِلَّا كَانَ الْقَتْلُ بَيْنَهُمْ وَلَا ظَهَرَتْ فَاحِشَةٌ فِي قَوْمٍ إِلَّا سُلِّطَ عَلَيْهِمُ الْمَوْتُ وَلَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إِلَّا حَبَسَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْقَطْرَ وَلَا يُرْوَى مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَّا عَنْ بُرَيْدَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِأَبِي النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عتبة أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ يَعُودُهُ قَالَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ قَالَ فَدَعَا أَبُو طَلْحَةَ إِنْسَانًا فَنَزَعَ نَمَطًا كَانَ تَحْتَهُ فَقَالَ لَهُ سَهْلٌ لِمَ نَزَعْتَهُ قَالَ لِأَنَّ فِيهِ تَصَاوِيرَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا مَا قَدْ عَلِمْتَ قَالَ سَهْلٌ أَوْ لَمْ يَقُلْ إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ قَالَ بَلَى وَلَكِنَّهُ أَطْيَبُ لِنَفْسِي

لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنُهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَفِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ فأنكرك ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَ لَمْ يَلْقَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَبَا طَلْحَةَ وَمَا أَدْرِي كَيْفَ قَالَ ذَلِكَ وَهُوَ يَرْوِي حَدِيثَ مَالِكٍ هَذَا وَأَظُنُّ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ أَجْلِ أَنْ بَعْضَ أَهْلِ السِّيَرِ قَالَ تُوُفِّيَ أَبُو طَلْحَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِمَّنْ يَصِحُّ لَهُ سَمَاعٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ فِي وَفَاةِ أَبِي طَلْحَةَ وَأَصَحُّ شَيْءٍ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو زُرْعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يُحَدِّثُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَرَدَ أَبُو طَلْحَةَ الصَّوْمَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ قَدْ صَامَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا صَحَّ أَنَّ وَفَاتَهُ لَمْ تَكُنْ إِلَّا بَعْدَ خَمْسِينَ سَنَةً مِنَ الْهِجْرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ فَلَا يَشُكُّ عَالِمٌ بِأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَرَهُ وَلَا لَقِيَهُ وَلَا سَمِعَ مِنْهُ وَذِكْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَطَأٌ لَا شَكَّ فِيهِ لِأَنَّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ تُوَفِّي سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَصَلَّى عَلَيْهِ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَا يَذْكُرْهُ فِي الْأَغْلَبِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لِصِغَرِ سِنِّهِ يَوْمَئِذٍ وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ سَالِمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ انْصَرَفْتُ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ إِلَى دَارِ

أَبِي طَلْحَةَ نَعُودُهُ فَوَجَدْنَا تَحْتَهُ نَمَطًا وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ وَاخْتُلِفَ فِي وَفَاةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ فَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ يعقوب بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَاتَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَبْلَ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَاتَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ رَحِمَهُ اللَّهُ سَنَةَ أَرْبَعَةٍ وَتِسْعِينَ وَفِيهَا مَاتَ عُرْوَةُ وَأَبُو سَلَمَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ تُوُفِّيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ مَاتَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ قَالَ وَيُقَالُ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْوَاقِدِيِّ أَصَحُّ مَا فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا وَهُوَ أَعْلَمُ بِهَذَا الشَّأْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ يَكُونُ إِنْكَارُ مَنْ أَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي دُخُولِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ مِنْ أَجْلِ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ لِهَذَا الحديث على مارواه ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فَصَحَّ بِهَذَا وَهْمُ مَالِكٍ فِي سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَكَذَلِكَ وَهِمَ أَبُو النَّضْرِ فِي رِوَايَتِهِ لَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ أَبِي طَلْحَةَ وَلَمْ يُدْخِلْ بَيْنَهُمَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَالصَّحِيحُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ لَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابن عباس عن أَبِي طَلْحَةَ كَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ عِنْدِي كَمَا قَالُوهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ شِهَابٍ لَهُ فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْخَصِيبِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ

عبد الله قال حدثنا أبو الحرث محمد بن عبد الرحمان بْنِ أَبِي ذِئْبٍ الْعَامِرِيُّ الْمَدَنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي الذُّهْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ وَقَدْ خَالَفَ الْأَوْزَاعِيُّ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ أَخْبَرَنِي الزُّهُرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عِنْدَهُمْ خَطَأٌ مِنَ الْأَوْزَاعِيِّ وَكَانَ فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ بِالْحَافِظِ وَقَدْ تَابَعَ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أبي سلمة الماجسون حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَصْرِ بْنِ بُجَيْرٍ الْقَاضِي الذُّهْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ

ابن رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونَ عَنْ ابن شهاب عن عبيد الله ابن عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ وَحَدِيثُ مَعْمَرٍ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ يَقُولُ فَذَكَرَهُ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُ حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عُمُومُ الصُّوَرِ دُونَ اسْتِثْنَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا وَفِي حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ اسْتِثْنَاءُ مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ وفيه جمع سهل ابن حُنَيْفٍ فِي ذَلِكَ مَعَ أَبِي طَلْحَةَ فَهُوَ غَيْرُ حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ كَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَذْهَبُ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَى اسْتِعْمَالِ الْعُمُومِ فِي كَرَاهَةِ الصُّوَرِ كُلِّهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي بَابِ إِسْحَاقَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَحَدِيثُ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَامٌّ أَيْضًا فِي الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا (هَذَا) وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَأَبِي النَّضْرِ جَمِيعًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ التَّصَاوِيرِ فِي الْبُيُوتِ وَهُوَ غَرِيبٌ لِمَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ خَاصَّةً تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ رَوَاهُ عَنْهُ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ وَلِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ أَقَاوِيلُ وَمَذَاهِبُ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُمْسِكَ الثَّوْبَ الَّذِي فِيهِ تَصَاوِيرٌ وَتَمَاثِيلٌ سَوَاءٌ كَانَ مَنْصُوبًا أَوْ مَبْسُوطًا ولا يجوز

دُخُولُ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ التَّصَاوِيرُ وَالتَّمَاثِيلُ فِي حِيطَانِهِ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ كُلُّهُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَاعِلٌ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ كَانَ عَاصِيًا عِنْدَهُمْ وَلَمْ يُحَرِّمْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مَالِكٌ الثَّوْبَ وَلَا الْبَيْتَ وَلَكِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَيَكْرَهَهُ وَيُنَابِذَهُ لِمَا وَرَدَ مِنَ النَّهْيِ فِيهِ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ فِي الثِّيَابِ وَفِي حِيطَانِ الْبُيُوتِ وَغَيْرِهَا حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ محمد بن عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُسْتَتِرَةٌ بِقِرَامٍ فِيهِ صُوَرٌ فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ وَتَنَاوَلَ السِّتْرَ فَهَتَكَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ وَرَوَى نَافِعٌ هَذَا الْخَبَرَ عَنِ الْقَاسِمِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَزَادَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا يَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ مِنْ طُرُقٍ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَذَكَرْنَا هُنَاكَ اخْتِلَافُ أَلْفَاظِ نَاقِلِيهِ وَأَنَّ زِيَادَةَ مَنْ زَادَ فِيهِ مِنَ الثِّقَاتِ الْحِفَاظِ إِبَاحَةُ مَا يُتَوَسَّدُ مِنْ ذَلِكَ وَيُرْتَفَقُ بِهِ وَيُمْتَهَنُ يَجِبُ قَبُولُهَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ حَدِيثِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ كَرَاهِيَةَ عُمُومِ الصُّوَرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ ابْنُ شِهَابٍ وَهُوَ رَاوِيَةُ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَخْرَجِهِ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ التَّصَاوِيرَ مَا نُصِبَ مِنْهَا وَمَا بُسِطَ وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا فِي الْبُسُطِ وَالْوَسَائِدِ وَالثِّيَابِ عَلَى حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ هَذَا إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي الصُّوَرِ وَالتَّمَاثِيلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ومذهب سائر

فقهاء الأمصار فيها في باب إسحاق ابن أَبِي طَلْحَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ها هنا ونذكر ها هنا مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي ذَلِكَ مِمَّا بَلَغَنَا عَنْهُمْ لِتَتِمَّ فَائِدَةُ الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ عَلَى بَابِي دُرْنُوكٌ فِيهِ الْخَيْلُ ذَوَاتُ الْأَجْنِحَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْقُوا هَذَا وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا يُكَرَهُ مِنَ الصُّوَرِ مَا كَانَ فِي الْحِيطَانِ وَصُوَرٍ فِي الْبُيُوتِ وَأَمَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ فَلَا وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَأَبِي طَلْحَةَ وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي النَّضْرِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ (124 فَكُلُّ صُورَةٍ مَرْقُومَةٍ فِي ثَوْبٍ فَلَا بَأْسَ بِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَثْنَى الرَّقْمَ فِي الثَّوْبِ وَلَمْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا وَلَا نَوْعًا وَذَكَرُوا عَنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ رَاوِيَةُ حَدِيثِ عَائِشَةَ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَزْهَرَ (125) عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ دخلت على القاسم وهو بأعل مَكَّةَ فِي بَيْتِهِ فَرَأَيْتُ فِي بَيْتِهِ حَجَلَةً فِيهِ تَصَاوِيرُ السُّنْدُسِ وَالْعَنْقَاءِ وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنَ الصُّوَرِ رَقْمًا كَانَ فِي ثَوْبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يكون

الثَّوْبُ يُوطَأُ وَيُمْتَهَنُ فَأَمَّا أَنْ يُنْصَبَ كَالسَّتْرِ وَنَحْوِهِ فَلَا قَالُوا وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ مَا يَخُصُّ الثِّيَابَ وَيُعَيِّنُهَا وهو يعارض حديث سهل ابن حُنَيْفٍ وَأَبِي طَلْحَةَ إِلَّا أَنَّا قَدْ رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الثِّيَابِ فِيمَا يُنْصَبُ دُونَ مَا يُبْسَطُ فَبَانَ بِذَلِكَ وَجْهُ الْحَدِيثَيْنِ وَأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَعَارِضِينَ وَعَائِشَةُ قَدْ عَلِمَتْ مَخْرَجَ حَدِيثِهَا وَوَقَفَتْ عَلَيْهِ وَذَكَرُوا مِنَ الْأَثَرِ مارواه وَكِيعٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عبد الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِسَتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرٌ فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَتَكَهُ فَجَعَلْتُ مِنْهُ مِنْبَذَتَيْنِ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم متكئاعلى إِحْدَاهُمَا قَالُوا أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ سِتْرًا مَنْصُوبًا وَلَمْ يَكْرَهْ مَا اتَّكَأَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَامْتَهَنَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السَّتْرَ لَمَّا هَتَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَغَيَّرَتْ صُورَتُهُ وَتَهَتَّكَتْ فَلَمَّا صُنِعَ مِنْهُ مَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ صُورَةٌ بِتَمَامِهَا وَإِذَا احْتُمِلَ هَذَا لَمْ يَكُنْ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا حُجَّةٌ عَلَى ابْنِ شِهَابٍ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ إِلَّا أَنَّ مَنْ سَلَّفَ مِنَ الْعُلَمَاءِ جَمَاعَةٌ ذَهَبُوا إِلَى مَا كَانَ مِنْ رَقْمِ الصُّوَرِ فِيمَا يُوطَأُ وَيُمْتَهَنُ وَيُتَّكَأُ عَلَيْهِ مِنَ الثِّيَابِ لَا بَأْسَ بِهِ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ الْجَعْدِ رَجُلِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ حَدَّثَتْنِي ابْنَةُ سَعْدٍ أَنَّ أَبَاهَا جَاءَ مِنْ فَارِسَ بِوَسَائِدَ فِيهَا تَمَاثِيلُ فَكُنَّا نَبْسُطُهَا وَعَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ عَنْ لَيْثٍ قَالَ رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ حَمْرَاءَ فِيهَا تَمَاثِيلُ فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا يَكْرَهُ هَذَا لِمَنْ يَنْصِبُهُ وَيَصْنَعُهُ

وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَتَّكِئُ عَلَى الْمَرَافِقِ فِيهَا التَّمَاثِيلُ الطَّيْرُ وَالرِّجَالُ وَعَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانُوا لَا يَرَوْنَ مَا وُطِئَ وَبُسِطَ مِنَ التَّصَاوِيرِ مِثْلَ الَّذِي نُصِبَ وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ أَيْضًا عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي التَّصَاوِيرِ فِي الْوَسَائِدِ وَالْبُسُطِ الَّتِي تُوطَأُ هُوَ أَذِلُّ لَهَا وَعَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ مَا نُصِبَ مِنَ التَّمَاثِيلِ نَصْبًا وَلَا يَرَوْنَ بَأْسًا بِمَا وَطِئَتْهُ الْأَقْدَامُ وَعَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِمَا وُطِئَ مِنَ التَّصَاوِيرِ وَعَنِ ابْنِ يَمَانٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ لَا بَأْسَ بِالصُّورَةِ إِذَا كَانَتْ تُوطَأُ وَعَنِ ابْنِ يَمَانٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ لا بأس بالصورة إذا كانت توطأ وعن عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ فِي التَّمَاثِيلِ مَا كَانَ مَبْسُوطًا يُوطَأُ أَوْ يُبَسَطُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَمَا كَانَ مِنْهُ يُنْصَبُ فَإِنِّي أَكْرَهُهَا وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْأَشْهَبِ عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانُوا لَا يَرَوْنَ بِمَا يُوطَأُ مِنَ التَّصَاوِيرِ بَأْسًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَعْدَلُ الْمَذَاهِبِ وَأَوْسَطُهَا فِي هَذَا الْبَابِ وعليه أكثر العلماء ومن مل عَلَيْهِ الْآثَارَ لَمْ تَتَعَارَضْ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وَهُوَ أَوْلَى مَا اعْتُقِدَ فِيهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَا قُطِعَ رَأْسُهُ فَلَيْسَ بِصُورَةٍ

رَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ شُعْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ دَخَلَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ مَرِيضٌ وَعَلَيْهِ ثَوْبُ إِسْتَبْرَقٍ وَبَيْنَ يَدَيْهِ ثَوْبٌ عَلَيْهِ تَصَاوِيرُ فَقَالَ الْمِسْوَرُ مَا هَذَا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا عَلِمْتُ بِهِ وَمَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَذَا إِلَّا لِلْكِبْرِ وَالتَّجَبُّرِ وَلَسْنَا بِحَمْدِ اللَّهِ كَذَلِكَ فَلَمَّا خَرَجَ الْمِسْوَرُ أَمَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالثَّوْبِ فنزع عنه وقال اقطعوا رؤوس هَذِهِ التَّصَاوِيرِ وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَدْخُلَ إِلَيَّ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي الْبَيْتِ حِجَالٌ وَسِتْرٌ فِيهِ تَمَاثِيلُ وَكَلْبٌ فَأَمَرَ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ أَنْ يُقْطَعَ وَبِالسَّتْرِ أَنْ يُثَنَّى وَيُجْعَلَ مِنْهُ وِسَادَتَانِ تُوطَآنِ وَبِالْكَلْبِ أَنْ يُخْرَجَ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ إِنَّمَا الصُّورَةُ الرَّأْسُ فَإِذَا قُطِعَ فَلَا بَأْسَ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَلَمَةَ أَبِي بِشْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ والذين يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ أَصْحَابُ التَّصَاوِيرِ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الصُّورَةَ الْمَكْرُوهَةَ فِي صَنْعَتِهَا وَاتِّخَاذِهَا مَا كَانَ لَهُ رُوحٌ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ يُقَالُ لَهُمْ أَحْيَوْا مَا

خَلَقْتُمْ فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَيَاةَ إِنَّمَا قُصِدَ بِذِكْرِهَا إِلَى الْحَيَوَانِ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ وَقَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أصبغ قال حدثنا الحرث ابن أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُنَمِّيَ مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذَّبُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا قَالَ فكبالها الرَّجُلُ كَبْوَةً شَدِيدَةً وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ وَيَحَكَّ إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ فَعَلَيْكَ بِهَذِهِ الشَّجَرِ وَكُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ وَقَدْ كَانَ مُجَاهِدٌ يَكْرَهُ صُورَةَ الشَّجَرِ وَهَذَا لَا أَعْلَمَ أَحَدًا تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَوَّرَ الشَّجَرُ الْمُثْمِرُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي هَذَا الْبَابِ قَدِيمٌ مَا ذَكَرَهُ ابن أبي شيبة عن ابن علية عن ابْنِ عَوْنٍ قَالَ كَانَ فِي مَجْلِسِ مُحَمَّدِ ابن سِيرِينَ وَسَائِدُ فِيهَا تَمَاثِيلُ عَصَافِيرَ فَكَانَ أُنَاسٌ يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مُحَمَّدُ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ أَكْثَرُوا عَلَيْنَا فَلَوْ حَوَّلْتُمُوهَا وَهَذَا مِنْ وَرَعِ ابْنِ سِيرِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ

الحديث العاشر

حَدِيثٌ عَاشِرٌ لِأَبِي النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله عن سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُلِ إِذَا دَنَا مِنْ أَهْلِهِ فَخَرَجَ مِنْهُ الْمَذْيُ مَاذَا عَلَيْهِ فَإِنَّ عِنْدِي ابْنَتَهُ وَأَنَا أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَهُ قَالَ الْمِقْدَادُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذَلِكَ فَقَالَ إِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْضَحْ ذَكَرَهُ وَلْيَتَوَضَّأْ وَضَوْءَهُ لِلصَّلَاةِ هَذَا إِسْنَادٌ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ لِأَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْمِقْدَادِ وَلَا مِنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يَرَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَمَوْلِدُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَقِيلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمِقْدَادَ تُوَفِّي سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو الْكِنْدِيِّ يُكَنَّى أَبَا مَعْبَدٍ تَبَنَّاهُ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ فَنُسِبَ إِلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَخْبَارَ الْمِقْدَادِ وَسِنَّهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ ههنا وَبَيْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعَلِيٍّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَمَاعُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ غَيْرُ مَرْفُوعٍ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَرْسَلْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عَنِ الْمَذْيِ يَخْرُجُ مِنَ الْإِنْسَانِ كَيْفَ يَفْعَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأْ وَانَضَحْ فَرْجَكَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْخَبَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بِالْكُوفَةِ يَقُولُ كُنْتُ رَجُلًا أَجِدُ مِنَ الْمَذْيِ أَذًى فَأَمَرْتُ عَمَّارًا يَسْأَلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنْ ابْنَتَهُ كَانَتْ تَحْتِي فَقَالَ يَكْفِيكَ مِنْهُ الْوُضُوءُ هَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ وَخَالَفَهُ الْحُمَيْدِيُّ وَغَيْرُهُ فَجَعَلَهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشٍ الْبَكْرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيًّا عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ كُنْتُ أَجِدُ مِنَ الْمَذْيِ شِدَّةً فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ ابْنَتُهُ عِنْدِي فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ فَأَمَرْتُ عَمَّارًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَكْفِي مِنْهُ الْوُضُوءُ وَهَكَذَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَائِشِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَلِيٍّ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر ابن حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنِ عَائِشِ بْنِ أَنَسٍ الْبَكْرِيِّ قَالَ تَذَاكَرَ عَلِيٌّ وَالْمِقْدَادُ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ الْمَذْيَ فَقَالَ عَلِيٌّ إِنِّي رَجُلٌ مَذَّاءٌ وَأَنَا أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَهُ مِنْ أَجْلِ ابْنَتِهِ تَحْتِي فَقَالَ لِأَحَدِهِمَا سَلْهُ قَالَ عَطَاءٌ سَمَّاهُ لِي عَائِشٌ وَنَسِيتُ اسْمَهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ ذَلِكَ الْمَذْيُ لِيَغْسِلْ ذَاكَ مِنْهُ قَالَ عَطَاءٌ مَا ذَاكَ مِنْهُ قَالَ ذَكَرُهُ وَيَتَوَضَّأْ فَيُحْسِنْ وَضَوْءَهُ أَوْ يَتَوَضَّأْ مِثْلَ وُضُوئِهِ لِلصَّلَاةِ وَيَنْضَحْ فَرْجَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانٌ أَنَّ عَلِيًّا وَالْمِقْدَادَ وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ تَذَاكَرُوا الْمَذْيَ فَلِذَلِكَ مَا يَجِيءُ فِي بَعْضِ الْآثَارِ عَنْ عَلِيٍّ فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ وَفِي بَعْضِهَا فَأَمَرْتُ عَمَّارًا وَجَائِزٌ أَنْ يَأْمُرَ أَحَدَهُمَا وَجَائِزٌ أَنْ يَأْمُرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَسْأَلَ لَهُ فَسَأَلَ فَكَانَ الْجَوَابُ وَاحِدًا فَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً عَنْ عَمَّارٍ وَمَرَّةً عَنِ الْمِقْدَادِ هَذَا كُلُّهُ غير مَرْفُوعٌ لِإِمْكَانِهِ وَصِحَّتِهِ فِي الْمَعْنَى وَحَسْبُكَ أَنَّهُمْ ثَلَاثَتَهُمْ قَدِ اشْتَرَكُوا فِي الْمُذَاكَرَةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَعِلْمِهِ وَالْخَبَرِ عَنْهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ قَيْسٌ لِعَطَاءٍ أَرَأَيْتَ الْمَذْيَ أَكُنْتَ مَاسِحَهُ مَسْحًا قَالَ لَا الْمَذْيُ أَشَدُّ مِنَ الْبَوْلِ يُغْسَلُ غَسْلًا ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا حِينَئِذٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَائِشُ بْنُ أَنَسٍ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ قَالَ تَذَاكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْمَذْيَ فَقَالَ عَلِيٌّ إِنِّي رَجُلٌ مَذَّاءٌ فَاسْأَلُوا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن اسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ مِنِّي وَلَوْلَا مَكَانُ ابْنَتِهِ مِنِّي لَسَأَلْتُهُ قَالَ عائش فسألته أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ عَمَّارٌ أَوِ الْمِقْدَادُ فَسَمَّى لِي عَائِشٌ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ مِنْهُمَا فَنَسِيتُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ذَلِكُمُ) الْمَذْيُ إِذَا وَجَدَهُ أَحَدُكُمْ فَلْيَغْسِلْ ذَلِكَ مِنْهُ ثُمَّ لِيَتَوَضَّأْ فَيُحْسِنُ وَضَوْءَهُ ثُمَّ لِيَنْتَضِحْ فِي فَرْجِهِ

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَسَأَلْتُ عَطَاءً عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ حَيْثُ الْمَذْيِ يَغْسِلُ مِنْهُ أَمْ ذَكَرَهُ كُلَّهُ فَقَالَ بَلْ حَيْثُ الْمَذْيِ مِنْهُ قط فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْتُ مَذْيًا فَغَسَلْتُ ذَكَرِي كُلَّهُ أَنَضَحُ فِي ذَلِكَ فَرْجِي قَالَ لَا حَسْبُكَ وَقَالَ مَالِكٌ الْمَذْيُ عِنْدَنَا أَشَدُّ مِنَ الْوَدْيِ لِأَنَّ الْفَرْجَ يُغْسَلُ مِنَ الْمَذْيِ وَالْوَدْيُ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ الْبَوْلِ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَغْسِلَ أُنْثَيَيْهِ مِنَ الْمَذْيِ إِلَّا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ قَدْ أَصَابَهُمَا مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ مَالِكٌ وَالْوَدْيُ مِنَ الْجَمَامِ يَأْتِي بغثر البول أبيض خاثر قَالَ وَالْمَذْيُ تَكُونُ مَعَهُ شَهْوَةٌ وَهُوَ رَقِيقٌ إِلَى الصُّفْرَةِ يَكُونُ عِنْدَ مُلَاعَبَةِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ وَعِنْدَ حُدُوثِ الشَّهْوَةِ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَحْتَمِلُ قَوْلُ مَالِكٍ الْمَذْيُ عِنْدَنَا أَشَدُّ مِنَ المذي لِأَنَّ الْوَدْيَ يُسْتَنْجَى مِنْهُ بِالْأَحْجَارِ وَالْمَذْيُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ وَلَا تُطَهِّرُ مِنْهُ الْأَحْجَارُ فَقَدْ قَالَ بِهَذَا قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ تُطَهِّرُهُ الْأَحْجَارُ إِلَّا عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ خَاصَّةً وَفِي هَذَا الْقَوْلِ ضَعْفٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِقَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّ الْفَرْجَ يُغْسَلُ مِنَ الْمَذْيِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّجَاسَاتِ الْغَسْلُ إِلَّا مَا خَصَّتِ السُّنَّةُ مِنَ الْمُعْتَادَاتِ بِالِاسْتِنْجَاءِ وَلَمَّا لَمْ يُتَعَدَّ بِالْأَحْجَارِ إِلَى غَيْرِ الْمَخْرَجِ وجب أن لا يتعدى بها إلى غَيْرَ الْمُعْتَادَاتِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنَ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنَ الدُّبُرِ وَلَا مِنَ الْمَذْيِ كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَحَاضَةِ أَنْ تَسْتَنْجِيَ بِغَيْرِ الْمَاءِ وَأَبُو حَنِيفَةَ عَلَى أَصْلِهِ فِي جَوَازِ إِزَالَةِ النَّجَاسَاتِ بِكُلِّ مَا أَزَالَهَا

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْمَذْيُ يُغْسَلُ مِنْهُ الذَّكَرُ كُلُّهُ وَلَا يُغَسَلُ مِنَ الْوَدْيِ إِلَّا الْمَخْرِجُ وَحْدَهُ وَمَا مَسَّهُ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ قَدْ تَنَازَعَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى غَسْلِ الذَّكَرِ قَدْ جَعَلَهُ عِبَادَةً تَعْبَدَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَلَمْ يَقُلْ بَعْضَ ذَكَرِهِ لِأَنَّ عُمُومَ هَذَا اللَّفْظِ يُوجِبُ غَسْلَ الذَّكَرِ كُلِّهِ مَا يَبِينُ منه الأذى من أجل الذى وَيَكُونُ غَسْلُ سَائِرِهِ عِبَادَةً كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ فِي الْغُسْلِ وَغَيْرِهِ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْآثَارِ بِذَلِكَ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ وَمَاذَا عَنِ السَّلَفِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُفَسِّرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْقَاضِي وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَهُشَيْمٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُنْذِرِ بْنِ يَعْلَى الثَّوْرِيِّ يُكَنَّى أَبَا يَعْلَى عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَكُنْتُ أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ وَلَا فِي الْقَوْلِ بِهِ وَالْمَذْيُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ يُوجِبُ الْوُضُوءَ مَا لَمْ يَكُنْ خَارِجًا عَنْ عِلَّةِ أَبْرِدَةٍ وَزَمَانَةٍ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ أَيْضًا كَالْبَوْلِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فَإِنْ كَانَ سَلِسًا لَا يَنْقَطِعُ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ سَلَسِ الْبَوْلِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ أَيْضًا إِلَّا أَنَّ طَائِفَةً تُوجِبُ

الْوُضُوءَ عَلَى مَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ قِيَاسًا عَلَى الِاسْتِحَاضَةِ عِنْدَهُمْ وَطَائِفَةٌ تَسْتَحِبُّهُ وَلَا تُوجِبُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى وَأَوْضَحْنَا الْقَوْلَ فِيهِ فِي بَابِ الْمُسْتَحَاضَةِ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا الْمَذْيُ الْمَعْهُودُ الْمُعْتَادُ الْمُتَعَارَفُ وَهُوَ الْخَارِجُ عِنْدَ مُلَاعَبَةِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ لِمَا يَجِدْهُ مِنَ اللَّذَّةِ أَوْ لِطُولِ عُزُوبَةٍ فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى خَرَجَ السُّؤَالُ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا وَعَلَيْهِ وَقَعَ الْجَوَابُ وَهُوَ مَوْضِعُ إِجْمَاعٍ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي إِيجَابِ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَإِيجَابِ غُسْلِهِ لِنَجَاسَتِهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَذْيِ فَقَالَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَفِي الْمَنِيِّ الْغُسْلُ وَقَدْ رَوَى سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَذْيِ مِثْلَ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ قَالَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عبيد ابن السَّبَّاقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ كُنْتُ أَلْقَى مِنَ الْمَذْيِ شِدَّةً وَكُنْتُ اغْتَسِلُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ يُجْزِئُكَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ بِمَا أَصَابَ ثَوْبِي قَالَ تَأْخُذُ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَانْضَحْ بِهِ ثَوْبَكَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَكَ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر ابن حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَذْيِ فَقَالَ يَكْفِيكَ مِنْهُ الْوُضُوءُ قُلْتُ أَرَأَيْتَ مَا أَصَابَ ثَوْبِي مِنْهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ سَوَاءً وَأَمَّا قَوْلُهُ فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ وَلِيَتَوَضَّأْ فَإِنَّ النَّضْحَ عُنِيَ به ههنا الْغَسْلُ وَقَدْ فَسَّرْنَا ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ وَالْمَعْنَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ في هذا الباب فلينضح ذكره ولتيوضأ أَنَّهُ أُرِيدَ بِالنَّضْحِ الْغَسْلُ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مَنْصُوصًا لِيَغْسِلَ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَغْسِلَ ذَكَرَهُ وَهَذَا مَعْرُوفٌ قَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِيمَا مَضَى وَفِي أَمْرِهِ بِغَسْلِ الْفَرْجِ مِنَ الْمَذْيِ وَغَسْلِ مَا مَسَّ مِنْهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِيهِ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْأَحْجَارِ كَمَا يَجُوزُ فِي الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ لِأَنَّ الْآثَارَ كُلَّهَا عَلَى اخْتِلَافِ أَلْفَاظِهَا وَأَسَانِيدِهَا لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ذِكْرُ اسْتِنْجَاءٍ بِالْأَحْجَارِ فَاسْتَدَلَّ بِهَذَا مَنْ قَالَ إِنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْأَحْجَارِ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْمُعْتَادِ عِنْدَ الْغَائِطِ وَهُوَ الرَّجِيعُ وَالْبَوْلُ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ فَعَلَى هَذَا مَنْ خَرَجَ مِنْ أَحَدِ مُخْرِجِيهِ دَمٌ أَوْ وَدْيٌ لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا الْمَاءُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا إِيجَابُ الوضوء من المذي فبالسنة المجتمع عيها عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ هَذَا الْبَابَ وَأَمَّا مَعْنَى غَسْلِ الذَّكَرِ مِنَ الْمَذْيِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ غَسْلَ مُخْرِجِهِ وَمَا مَسَّ الْأَذَى مِنْهُ وَهَذَا الْأَصَحُّ عِنْدِي فِي النَّظَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ بِوُجُوبِ غَسْلِ الذَّكَرِ كُلِّهِ مِنَ الْمَذْيِ عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ فِي ذَلِكَ اتِّبَاعًا وَجَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّعَبُّدِ وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَذْيِ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ

أَرَادَ يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْأَذَى مِنْهُ وَقَالُوا أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدًا لَا يَقْتَصِرُ عَلَى غَسْلِ الذَّكَرِ وَحْدَهُ إِذَا كَانَ الْمَذْيُ قَدْ مَسَّ مَوْضِعًا مِنَ الْجَسَدِ غَيْرَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ كُلِّ مَا مَسَّ الْمَذْيُ مِنْهُ وَفِي هَذَا مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ المراد غسل ما مس المذي الذَّكَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ وَالْمَنِيِّ قَالَ فِي الْمَنِيِّ الْغُسْلُ وَمِنَ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ الْوُضُوءُ يَغْسِلُ حَشَفَتَهُ وَيَتَوَضَّأُ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْفَيَّاضِ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ فِي الْمَذْيِ يَغْسِلُ حَشَفَتَهُ وَعَنْ هُشَيْمٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَذْيِ قَالَ اغْسِلْ ذِكْرَكَ وَمَا أَصَابَكَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي هَذَا الْخَبَرِ اغْسِلْ ذَكَرَكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ فِيهِ غَسْلُ الْحَشَفَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ مَا وَصَفْنَا بِلَفْظِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الحادي عشر

حَدِيثٌ حَادِي عَشَرَ لِأَبِي النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ الْجُهَنِيَّ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي شَاسِعُ الدَّارِ فَمُرْنِي لَيْلَةً أَنْزِلُ لَهَا فَقَالَ لَهُ (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ وَلَمْ يَلْقَ أَبُو النَّضْرِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ وَلَا رَآهُ وَلَكِنَّهُ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى صِحَاحٍ ثَابِتَةٍ وَرَوَاهُ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بسر بن سعيد عن عبد الله ابن أُنَيْسٍ وَلَكِنْ جَاءَ بِلَفْظِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَذَلِكَ عِنْدِي مُنْكَرٌ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا ثُمَّ أَرَانِي صَبِيحَتَهَا أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ فَمُطِرْنَا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْصَرَفَ وَإِنَّ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ لَفِي أَنْفِهِ وَجَبْهَتِهِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ يَنْزِلُ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ هُوَ الْوَاقِدِيُّ وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ كَثِيرُ الْخَطَأِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا رَوَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَسْوَدِ ن قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَكُونُ فِي بَادِيَتِي وَأَنَا بِحَمْدِ اللَّهِ أُصَلِّي فِيهَا فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ أَنْزِلُهَا بِهَذَا الْمَسْجِدِ أُصَلِّيهَا فِيهِ قَالَ انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَصْلِهَا فِيهِ وَرَوَاهُ الزُّهْرِيِّ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ الْأَسْلَمِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ وَرَوَاهُ الْعُمَرِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد الرحمان بْنِ كَعْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ كُنَّا نَبْتَدِئُ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ قَوْمُنَا إِنَّهُ لَيَشُقُّ عَلَيْنَا أَنْ نَنْزِلَ بِعِيَالِنَا وَثَقَلِنَا وَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْهِمُ الضَّيْعَةَ إِنْ نَزَلْنَا وَتَرَكْنَاهُمْ وَإِنَّا لَنَكْرَهُ أَنْ تَفُوتَنَا هَذِهِ اللَّيْلَةُ فَهَلْ لَكَمَ أَنْ نُرْسِلَ إِلَى رَسُولِ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَذْكُرُ لَهُ هَذَا وَنَسْأَلُهُ أَنْ يَأْمُرَنَا بِلَيْلَةٍ نَنْزِلُهَا قَالُوا نَعَمْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ فَأَرْسَلُونِي وَكُنْتُ أَحْدَثَ الْقَوْمِ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَأْمُرَنَا بِلَيْلَةٍ نَنْزِلُهَا فَقَالَ انْزِلُوا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ يَنْزِلُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَإِذَا أَصْبَحَ رَجَعَ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم عن عبد الرحمان بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ كَذَا قَالَ عَبْدُ الرحمان بن كعب بن مالك ورواه عبد الله بْنُ قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمان فَأَخْطَأَ فِيهِ وَأَظُنُّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ ابن عَبْدِ الْوَاحِدِ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْهَادِي أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أخبره عن عبد الرحمان بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ كُنَّا بِالْبَادِيَةِ فَقُلْنَا إِنَّ قَدِمْنَا بِأَهْلِنَا شَقَّ عَلَيْنَا وَإِنْ خَلَّفْنَاهُمْ أَصَابَتْهُمْ ضَيْعَةٌ قَالَ فَبَعَثُونِي وَكُنْتُ أَصْغَرَهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكرت له قَوْلَهُمْ فَأَمَرَنَا بِلَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ قَالَ ابْنُ الْهَادِي وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَجْتَهِدُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْبَابِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَيْضًا حَدِيثًا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ هَذَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صالح القرئ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هشام حدثنا

أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ عَلِيلٌ يَشُقُّ عَلَيَّ الْقِيَامُ فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ لَعَلَّ اللَّهَ يُوَفِّقُنِي فِيهَا لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَالَ عَلَيْكَ بِالسَّابِعَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ سَابِعَةً تَبْقَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَلِكَ مَحْفُوظٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ ذَكَرَ مَا خَصَّ اللَّهُ عَلَى سَبْعٍ مِنْ خَلْقِهِ ثُمَّ قَالَ وَمَا أَرَاهَا إِلَّا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ لِسَبْعٍ بَقِينَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ وَفِي سَائِرِ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ مُسْتَوْعِبًا مُمَهِّدًا مبسوطا هناك فلا وجه لتكرير ذلك ههنا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَالِكِ وَعُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ وَكَانَ رَجُلًا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ جَلَسَ إِلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ فِي مَجْلِسٍ حَسِبْتُهُ قَالَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ فَقُلْنَا لَهُ يَا أَبَا يَحْيَى هَلْ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ شَيْءٍ قَالَ جَلَسْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ هَذَا الشَّهْرِ فَقُلْنَا لَهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَتَى نَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ الْمُبَارَكَةَ لِمَسَاءٍ قَالَ الْتَمَسُوهَا لِمَسَاءِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَهِيَ إِذَنْ أُولَى ثَمَانٍ فَقَالَ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِأُولَى ثَمَانٍ وَلَكِنَّهَا أُولَى سَبْعٍ إِنَّ الشَّهْرَ لَا يَتِمُّ

قَالَ ابْنُ سَنْجَرَ وَحَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ محمد بن إسحاق عن معاذ بن عبد اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْتَمَسُوهَا اللَّيْلَةَ وَتِلْكَ اللَّيْلَةُ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هِيَ إِذَنْ أُولَى ثَمَانٍ فَقَالَ بَلْ أُولَى سَبْعٍ إِنَّ الشَّهْرَ لَا يَتِمُّ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أبو أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ فِي رَمَضَانَ فَقِيلَ لِي إِنِ اللَّيْلَةَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فَقُمْتُ وَأَنَا نَاعِسٌ فَتَعَلَّقْتُ بِبَعْضِ أَطْرَافِ فُسْطَاطِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَنَظَرْتُ فِي اللَّيْلَةِ فَإِذَا لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ قَالَ وقال ابن عباس إن الشيطان يطلع مَعَ الشَّمْسِ كُلَّ يَوْمٍ إِلَّا لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَذَلِكَ أَنَّهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ لَا شُعَاعَ لَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ يُقَالُ إِنَّ لَيْلَةً الْجُهَنِيِّ مَعْرُوفَةٌ بِالْمَدِينَةِ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَحَدِيثُهُ هَذَا مَشْهُورٌ عِنْدَ خَاصَّتِهِمْ وَعَامَّتِهِمْ وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ هَذَا الْخَبَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَكَانَ الْجُهَنِيُّ يُمْسِي تِلْكَ اللَّيْلَةَ يَعْنِي لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ حَتَّى يُصْبِحَ وَلَا يَشْهَدُ شَيْئًا مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا وَلَا يَوْمَ الْفِطْرِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَنْضَحُ عَلَى أَهْلِهِ الْمَاءَ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ

وَعَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ اسْتَقَامَ مَلَأُ الْقَوْمِ عَلَى أَنَّهَا لِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ يَعْنِي فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي سِيَاقَةِ هَذَا الْخَبَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِتَمَامِهِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ كَانَتْ عَائِشَةُ تُوقِظُ أَهْلَهَا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ كَانَ يَرَاهَا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَحَدَّثَهُ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ أَنَّهُ قَالَ هِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَأَنَّهُ قَدْ جَرَّبَ ذَلِكَ بِأَشْيَاءَ وَبِالنُّجُومِ فَلَمْ يَلْتَفِتْ مَكْحُولٌ إِلَى ذَلِكَ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ كَأَنَّهَا لَيْلَةُ سَابِعَةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ أَنَّهَا فِي لَيْلَةِ سَابِعَةٍ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا مِنْكُمْ فَلْيَتَحَرَّهَا فِي لَيْلَةِ سَابِعَةٍ قَالَ مَعْمَرٌ فَكَانَ أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَيَمَسُّ طِيبًا أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَيِّدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ

الحديث الثاني عشر

حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ أَصَابَنِي احْتِلَامٌ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَأَنَا فِي الْبَحْرِ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فِي رَمَضَانَ قَالَ فَذَهَبْتُ لِأَغْتَسِلَ قَالَ فَزَلِقْتُ فَسَقَطْتُ فِي الْمَاءِ فَإِذَا الْمَاءُ عَذْبٌ فَآذَنْتُ أَصْحَابِي وَأَعْلَمْتُهُمْ أَنِّي فِي مَاءٍ عَذْبٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَفْرَدْنَا فِي هَذَا الْبَابِ أَقْوَالَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ شِفَاءٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ مُمَهَّدًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا حَدِيثٌ ثَانِي عَشَرَ لِأَبِي النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا أَمَرَتْ أَنْ يَمُرَّ عَلَيْهَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْمَسْجِدِ حِينَ مَاتَ لِتَدْعُوَ لَهُ فأنرك ذَلِكَ النَّاسُ عَلَيْهَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ مَا أَسْرَعَ النَّاسَ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ إِلَّا في المسجد

هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جُمْهُورِ الرُّوَاةِ مُنْقَطِعًا وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَانْفَرَدَ بِذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُدَيْمَةَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ عَنْ مَالِكٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى الشَّرِّ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي جَدِّي أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ ابن خَالِدٍ الْخَيَّاطُ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ الضَّحَّاكِ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ وَاللَّهِ لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ سُهَيْلٌ وَأَخِيهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ الْبَيْضَاءِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا أَسْرَعَ النَّاسَ فَفِيهِ عِنْدُهُمْ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا مَا أَسْرَعَ النِّسْيَانَ إِلَى النَّاسِ أَوْ مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيَ النَّاسُ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى إِنْكَارِ مَا لا يعرفون أو إنكار ما لا يحب أَوْ إِنْكَارِ مَا قَدْ نَسَوْهُ أَوْ جَهِلُوهُ أَوْ مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى الْعَيْبِ وَالطَّعْنِ وَنَحْوِهِ هَذَا ثُمَّ احْتَجَّتْ عَلَيْهِمْ بِالْحُجَّةِ اللَّازِمَةِ لَهُمْ إِذْ أَنْكَرُوا عَلَيْهَا أَمْرَهَا بِأَنْ يُمَرَّ بِسَعْدٍ عَلَيْهَا فَيُصَلَّى عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ هَذَا قَدْ مَاتَ فِي قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ عَلَى عَشَرَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ فَحُمِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى رِقَابِ الرِّجَالِ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَهُ فِي بَابِهِ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ قَدْ عَهِدَا أَنْ يُحْمَلَا مِنَ الْعَقِيقِ إِلَى الْبَقِيعِ مَقْبَرَةِ الْمَدِينَةِ فَيُدْفَنَا بِهَا وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِفَضْلٍ عَلِمُوهُ هُنَاكَ فَإِنَّ فَضْلَ الْمَدِينَةِ غَيْرُ مَنْكُورٍ وَلَا مَجْهُولٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا مُجَاوَرَةُ الصَّالِحِينَ وَالْفُضَلَاءِ مِنَ الشُّهَدَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا ذَكَرَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ مَا أُحِبُّ أَنْ أُدْفَنَ فِي الْبَقِيعِ لَأَنْ أُدْفَنَ فِي غَيْرِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ ثُمَّ بَيَّنَ الْعِلَّةَ مَخَافَةَ أَنْ يُنْبَشَ لَهُ عِظَامُ رَجُلٍ صَالِحٍ أَوْ يُجَاوِرَ فَاجِرًا وَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الْبَقِيعُ وَغَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ عِنْدَهُ لَأَحَبَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ يَسْتَحْسِنُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُدْفَنَ بِمَوْضِعِ قَرَابَتِهِ وَإِخْوَانِهِ وَجِيرَانِهِ لَا لِفَضْلٍ وَلَا لِدَرَجَةِ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الشَّهَادَةَ فِي سَبِيلِكَ وَوَفَاةً بِبَلَدِ رَسُولِكَ وَهَذَا يحتمل

الْوَجْهَيْنِ مَذْهَبَ سَعْدٍ وَسَعِيدٍ وَمَذْهَبَ عُرْوَةَ وَالْأَظْهَرُ فِيهِ تَفْضِيلُ الْبَلَدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ احْتَجَّ قَوْمٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي إِثْبَاتٍ عَمَلِ الْمَدِينَةِ وَأَنَّ الْعَمَلَ أَوْلَى مِنَ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا عَلَى عَائِشَةَ مَا رَوَتْهُ لِمَا اسْتَفَاضَ عِنْدَهُمْ وَاحْتَجَّ آخَرُونَ بِهَذَا الْخَبَرِ فِي دَفْعِ الِاحْتِجَاجِ بِالْعَمَلِ بِالْمَدِينَةِ وَقَالُوا كَيْفَ يُحْتَجُّ بِعَمَلِ قوم تجهل السنة بين أظهرهم وتعجب أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نِسْيَانِهِمْ لَهَا أَوْ جَهْلِهِمْ وَإِنْكَارِهِمْ لِمَا قَدْ صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَنَّهُ فِيهَا وَصَنَعَهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَجِلَةُ الصَّحَابَةِ بَعْدَهُ وَقَدْ صُلِّيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ قَالُوا فَكَيْفَ يَصِحُّ مَعَ هَذَا ادِّعَاءُ عَمَلٍ أَوْ كَيْفَ يُسُوغُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَكَثِيرٌ مَا كَانَ يُصْنَعُ عِنْدَهُمْ مِثْلُ هَذَا حَتَّى يُخْبِرُهُ الْوَاحِدُ بِمَا عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ فَيَنْصَرِفُوا إِلَيْهِ وَقَالُوا أَلَا تَرَى أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ تَرَ إِنْكَارَهُمْ حُجَّةً وَإِنَّمَا رَأَتِ الْحُجَّةَ فِيمَا عَلِمَتْهُ مِنَ السُّنَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ فِي هَذَا الْبَابِ يَتَّسِعُ وَقَدْ أَكْثَرَ فِيهِ الْمُخَالِفُونَ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ تَلْخِيصِ حُجَجِهِمْ وَلِلْقَوْلِ فِي ذَلِكَ مَوْضُعٌ غَيْرُ هَذَا وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يُصَلَّى عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يُدْخَلُ بِهَا الْمَسْجِدُ قَالَ وَإِنْ صُلِّيَ عَلَيْهَا عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَتَضَايَقَ النَّاسُ وَتَزَاحَمُوا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الصُّفُوفِ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ الِاعْتِكَافِ مِنَ الْمُدَوَّنَةِ فِي صَلَاةِ الْمُعْتَكِفِ عَلَى

الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُعْتَكِفِ وَإِنِ انْتَهَى إِلَيْهِ زِحَامُ النَّاسِ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى الْجِنَازَةِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ إِنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَجَازَ ذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ ضِيقٍ وَغَيْرِ ضِيقٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَّ عُمَرَ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ وَمِنْ حُجَّةِ دَاوُدَ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ إِبَاحَةُ فِعْلِ الْخَيْرِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ إِلَّا مَوْضِعٍ تَقُومُ بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ فِيهِ حُجَّةٌ لَا مُعَارِضَ لَهَا وَحَجَّةُ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى غَيْرِ ابْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَّ إِنْكَارَ مَنْ أَنْكَرَهُ عَلَى عَائِشَةَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِأَصْلٍ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُمْ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَرَوْا رَأْيَهُمْ حُجَّةً عَلَيْهَا وَاحْتَجُّوا مِنَ الْأَثَرِ بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حدثنا بكر ابن حَمَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي

صالح مولى التوءمة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَابَةَ قَالَ حدثنا اليغوي قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التوءمة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ الْبَغَوِيُّ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنِي بِهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ لَهُ أَجْرٌ وَاحْتَجَّ مَنْ ذهب مذهب مالك بحديث صالح مولى التوءمة هَذَا مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ إِنْكَارِ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى عَائِشَةَ وَقَالَ الْآخَرُونَ أَمَّا رِوَايَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ عَنِ الثَّوْرِيِّ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَوْلُهُ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ أَجْرٌ فَخَطَأٌ لَا إِشْكَالَ فِيهِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَالَهُ أَبُو حُذَيْفَةَ قَالُوا وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَالَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَسَائِرُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالُوا وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَا شَيْءَ لَهُ يُرِيدُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالُوا وَهَذَا صَحِيحٌ مَعْرُوفٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ

وَجَلَّ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا بِمَعْنَى فَعَلَيْهَا وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ قَالُوا وَصَالِحٌ مولى التوءمة مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مَنْ لَا يَقْبَلُ شَيْءٌ مِنْ حَدِيثِهِ لِضَعْفِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْبَلُ مِنْ حَدِيثِهِ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْهُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ اخْتَلَطَ فَكَانَ لَا يَضْبِطُ وَلَا يَعْرِفُ مَا يَأْتِي بِهِ وَمِثْلُ هَذَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ وَلَيْسَ يُعْرَفُ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَتِهِ الْبَتَّةَ فَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عيينة قال لقينا صالحا مولى التوءمة وَهُوَ مُخْتَلِطٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ عَائِشَةَ صَحِيحٌ نَقَلَهُ الثِّقَاتُ مِنْ وَجْهَيْنِ صَحِيحَيْنِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ انْفَرَدَ بِهِ صَالِحُ بْنُ أَبِي صالح مولى التوءمة وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ لِضَعْفِهِ وَلَوْ صَحَّ حَدِيثُهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لِلتَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لَا يَكُونُ مُعَارِضًا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَهُوَ أَوْلَى مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ (الَّتِي جَاءَتْ مُعَارِضَةً لَهُ) وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ فِي الْمَسْجِدِ وَصَلَّى صُهَيْبٌ عَلَى عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ بِمَحْضَرِ جِلَّةِ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْهُمْ وَلَيْسَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْدَهُمْ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِمْ فَصَارَ بِمَا ذُكِرَ هُنَا سَنَةً يَعْمَلُ بِهَا قَدِيمًا فَلَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثالث عشر

قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ لَا يَرَى الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى الْجَنَائِزِ مِنْ أَصْحَابِنَا بِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ بِالنَّاسِ إِلَى الْمُصَلَّى حِينَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ قَالَ فَالْخُرُوجُ بِالْجِنَازَةِ إِلَى الْجِنَازَةِ أَحْرَى بِذَلِكَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ قَالَ وَإِنَّمَا صُلِيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُمَا دُفِنَا فِيهِ وَهَذَا لَا يلزم إلا لمن قال لايصلى عَلَى الْجَنَائِزِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ وَأَمَّا مَنْ قَالَ يُصَلَّى عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ وَفِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَغَيْرُ لَازِمٍ لَهُ مَا ذَكَرَ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِجَازَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى الْجِنَازَةِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي يُجَفِّفُ فِيهِ الْمَيِّتُ وَيُغَسَّلُ طَاهِرٌ يَسْتَغْنِي عَنِ الْغَسْلِ حَدِيثٌ ثَالِثَ عَشَرَ لِأَبِي النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَمُرَّ بِجِنَازَتِهِ ذَهَبْتَ وَلَمْ تَلَبَّسْ مِنْهَا بِشَيْءٍ هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّإِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ مُرْسَلًا مَقْطُوعًا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ رَوَيْنَاهُ مُتَّصِلًا مُسْنَدًا مِنْ وَجْهِ صالح حسن

أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمِ بْنِ خَلِيلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ كَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَبَكَى بُكَاءً طَوِيلًا فَلَمَّا رُفِعَ عَلَى السَّرِيرِ قَالَ طُوبَى لَكَ يَا عُثْمَانُ لَمْ تَلَبَّسْكَ الدُّنْيَا وَلَمْ تَلَبَّسْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ حَتَّى رَأَيْتُ دُمُوعَهُ تَسِيلُ عَلَى خَدِّهِ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ أَيْضًا عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَيِّتٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ ذَهَبْتَ وَلَمْ تَلَبَّسْ مِنْهَا بِشَيْءٍ فَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أَحَدُ الْفُضَلَاءِ الْعُبَّادِ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَبَتِّلِينَ مِنْهُمْ وَقَدْ كَانَ هُوَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ هَمَّا أَنْ يَتَرَهَّبَا وَيَتْرُكَا النِّسَاءَ وَيُقْبِلَا عَلَى الْعِبَادَةِ وَيُحَرِّمَا طَيِّبَ الطَّعَامِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَنَزَلَتْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَةُ ذَكَرَ مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ عَنْ قَتَادَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ أَرَادُوا أَنْ يُقِلُّوا مِنَ الدُّنْيَا وَيَتْرُكُوا النِّسَاءَ وَيَتَرَهَّبُوا

وَذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ أَرَادَ رِجَالٌ مِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِنْ يَتَبَتَّلُوا أَوْ يَخْصُوا أَنْفُسَهُمْ وَيَلْبَسُوا الْمُسُوحَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِلَى قَوْلِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقَالَ عِكْرِمَةُ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَعُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَابْنَ مَسْعُودٍ وَالْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو وَسَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ تَبْتَّلُوا وَجَلَسُوا فِي الْبُيُوتِ وَاعْتَزَلُوا النِّسَاءَ وَلَبِسُوا الْمُسُوحَ وَحَرَّمُوا طَيِّبَاتِ الطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ وَهَمُّوا بِالْإِخْصَاءِ وأدمنوا القيام بالليل وصيام النهار فَنَزَلَتْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَةَ يَعْنِي النِّسَاءَ وَالطَّعَامَ وَاللِّبَاسَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن الله أبد لنا بِالرَّهْبَانِيَّةِ الْجِهَادَ وَالتَّكْبِيرَ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأرض وذكر سنيد حدثنا معمر ابن سُلَيْمَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوِيدٍ عَنْ أَبِي فَاخِتَةَ مَوْلَى جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ قَالَ كَانَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ يُرِيدُ أَنْ يَنْظُرَ هَلْ يَسْتَطِيعُ السِّيَاحَةَ وَكَانُوا يُعِدُّونَ السِّيَاحَةَ صِيَامَ النَّهَارِ وَقِيَامَ اللَّيْلِ فَفَعَلَ ذَلِكَ حَتَّى تَرَكَتِ الْمَرْأَةُ الطِّيبَ وَالْمُعَصْفَرَ وَالْخِضَابَ وَالْكُحْلَ فَدَخَلَتْ عَلَى بَعْضِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَرَأَتْهَا عَائِشَةُ فَقَالَتْ مَا لِي أَرَاكَ كَأَنَّكِ مُغِيبَةٌ فَقَالَتْ إِنِّي مُشْهَدَةٌ كَالْمُغِيبَةِ فَعَرَفَتْ مَا عَنَتْ فَجَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِ امْرَأَةَ عُثْمَانَ دَخَلَتْ عَلَيَّ فَلَمْ أَرَ بِهَا كُحْلًا وَلَا طِيبًا وَلَا صُفْرَةً وَلَا خِضَابًا فَقُلْتُ مَالِي أَرَاكَ كَأَنَّكِ مُغِيبَةٌ فَقَالَتْ إِنِّي مُشْهَدَةٌ كَالْمُغِيبَةِ فَعَرَفْتُ مَا عَنَتْ فَأَرْسَلَ إِلَى عثمان فقال يا عثمان أتؤمن بما تؤمن قَالَ نَعَمْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَالَ إِنْ كنت تؤمن بما تؤمن فَأُسْوَةٌ لَكَ بِنَا وَأُسْوَةُ مَا لَدَيْنَا

قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ فَأَتَيْتُ خُرَاسَانَ فَصَادَفْتُ يَحْيَى بْنَ مَعْمَرٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَدَعْ مِنْهُ حَرْفًا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِمَا تؤمن فَاصْنَعْ كَمَا نَصْنَعُ قَالَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابن المبارك قَالَ أَخْبَرَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابن أنعم عن سعد ابن مَسْعُودٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ائْذَنٍ لِي فِي الِاخْتِصَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنِ اخْتَصَى إِنَّ خِصَا أُمَّتِي الصِّيَامُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لَنَا فِي السِّيَاحَةِ قَالَ إِنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتَيِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لَنَا فِي التَّرَهُّبِ قَالَ إِنَّ تَرْهُبَ أُمَّتَيِ الْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُطَرِّفٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ اسْتَهَمَ الْمُسْلِمُونَ الْمَنَازِلَ فَطَارَ سَهْمُ عُثْمَانَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهَا أُمُّ الْعَلَاءِ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَتْ شَهَادَتِي عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَكَ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِهِ وَلَكِنْ قَدْ أَتَاهُ الْيَقِينُ فَنَحْنُ نَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَشَقَّةً شَدِيدَةً وَقَالُوا عُثْمَانُ فِي فَضْلِهِ وَصَلَاحِهِ يُقَالُ لَهُ هَذَا فَلَمَّا دَفَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ أَهْلِهِ قَالَ رِدْ عَلَى سَلَفِنَا عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ فَقَالُوا سَلَفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلَفُ الصَّالِحُ قَالَتْ أُمُّ الْعَلَاءِ لَا أُزَكِّي بَعْدَهُ أَحَدًا أَبَدًا

قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَأَحْكَامِهَا نَحْوَ الِاخْتِبَارِ بِالْجِهَادِ وَالْفَرَائِضِ مِنَ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَالُوا لَا يَجُوزُ غَيْرُ هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْلَمَ مَا يَفْعَلُ بِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَمَا يَفْعَلُ بِالْمُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ وَقَوْلِهِ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَقَوْلِهِ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ قَالَ فِي الدُّنْيَا وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَفِي ذُنُوبِهِ وَمَا يَخْتِمُ لَهُ مِنْ عَمَلِهِ حَتَّى نَزَلَتْ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَفَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهَذَا مَعْنَى تَفْسِيرِ قَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ وَالْكَلْبِيِّ وَرَوَى مَثَلَهُ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ عَنِ الْحَسَنِ

الحديث الرابع عشر

حَدِيثٌ رَابِعَ عَشَرَ لِأَبِي النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِشُهَدَاءِ أُحُدٍ هَؤُلَاءِ أَشْهَدُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَلَسْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ بِإِخْوَانِهِمْ أَسْلَمْنَا كَمَا أَسْلَمُوا وَجَاهَدَنَا كَمَا جَاهَدُوا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَى وَلَكِنْ لَا أَدْرِي مَا تُحْدِثُونَ بَعْدِي قَالَ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ أَئِنَّا لَكَائِنُونَ بَعْدَكَ هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ هَكَذَا مُنْقَطِعٌ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ يَسْتَنِدُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ كَثِيرَةٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَيْ أَشْهَدُ لَهُمْ بِالْإِيمَانِ الصَّحِيحِ وَالسَّلَامَةِ مِنَ الذُّنُوبِ الْمُوبِقَاتِ وَمِنَ التَّبْدِيلِ وَالتَّغْيِيرِ وَالْمُنَافَسَةِ فِي الدُّنْيَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَهُ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِينَ تُخْلِفُهُمْ بَعْدَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا عِنْدِي فِي الْجُمْلَةِ الْمُحْتَمِلَةِ لِلتَّخْصِيصِ لِأَنَّ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ أَصَابَ مِنَ الدُّنْيَا بَعْدَهُ وَأَصَابَتْ مِنْهُ وَأَمَّا الْخُصُوصُ وَالتَّعْيِينُ فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَأَمَّا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ تَخَلَّفَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ فَأَفْضَلُهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَنْ شَذَّ وَقَدْ قَالَتْ طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ أَفْضَلَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ لَمْ يَسْتَثْنُوا مَنْ مَاتَ قَبْلَهُ مِمَّنْ مَاتَ بَعْدَهُ

وَأَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشُهَدَاءِ أُحُدٍ أَنَا أَشْهَدُ لِهَؤُلَاءِ أَوْ أَنَا شَهِيدٌ لِهَؤُلَاءِ وَنَحْوِ هَذَا فَقَدْ رُوِيَ هَذَا اللَّفْظُ وَمَعْنَاهُ مِنْ وُجُوهٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ سُفْيَانُ وَثَبَّتَهُ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي الصُّعَيْرِ قَالَ أَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ فَقَالَ إِنِّي قَدْ شَهِدْتُ عَلَى هَؤُلَاءِ فَزَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ وَدِمَائِهِمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ أن تنافسوا فيها حدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُبَّانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عن عبد الرحمان بْنِ كَعْبٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ ثُمَّ يَقُولُ أَيَهُمُّ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ

سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمْ يُصَلِّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ وَقَالَ أَنَا الشَّاهِدُ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَكَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ نَفَرٍ وَالِاثْنَيْنِ ثُمَّ يَسْأَلُ أَيُّهُمَا أَكْثَرُ قُرْآنًا فَيُقَدِّمُهُ فِي اللَّحْدِ وَيُكَفِّنُ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ عَلَى ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَرِوَايَةُ اللَّيْثِ عِنْدَهُمْ بِالصَّوَابِ أَوْلَى وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْعَقِبِ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو الْيَمَانِ حدثنا شعيب عن الزهري أخبرني أيوب من بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ تِلْكَ الْخَرْجَةَ اسْتَوَى عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ فَلَمَّا قَضَى تَشْهُدَهُ كَانَ أَوَّلُ كَلَامٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنِ اسْتَغْفَرَ لِلشُّهَدَاءِ الَّذِينَ قَتَلُوا يَوْمَ أُحُدٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَ رَبِّهِ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ رَبِّهِ فَفَطِنَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَوَّلَ النَّاسِ وَعَرَفَ إِنَّمَا يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رِسْلِكَ سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ الشَّوَارِعَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ امرءا أفضل عندي يدا فِي الصُّحْبَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ

الحديث الخامس عشر

حَدِيثُ خَامِسَ عَشَرَ لِأَبِي النَّضْرِ مُرْسَلٌ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ مِنًى لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِهِ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِرْسَالِهِ وَعِنْدَ مَالِكٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي عَنْ أَبِي مُرَّةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ وَفِي هَذَا الْبَابِ آثَارٌ كَثِيرَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى فَأَمَّا حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ هَذَا فَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي النَّضْرِ وعبد الله ابن أبي بكر عن سليمان ابن يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمان بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ قال عبد الرحمان وَقَرَأْتُهُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ مِنًى قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَمَا أَرَاهُ إِلَّا أَثْبَتَ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ حديث عبد الرحمان بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَسَالِمِ أَبِي النَّضْرِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ فَقَالَ مُرْسَلٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَإِنَّهُ حَدِيثٌ يَتَّصِلُ مِنْ غَيْرِ مَا وَجْهٍ وَيَتَّصِلُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ يَطُوفُ فِي مِنًى لَا تَصُومُوا هَذِهِ الْأَيَّامَ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حدثنا موسى ابن مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ سُحَيْمٍ الْغِفَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ مُسْلِمَةٌ وَإِنَّ هَذِهِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلِهِ وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَالِكِ الرَّبَعِيُّ حَدَّثَنَا إبراهيم ابن طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثَهُ وَأَوْسَ بْنَ الْحَدَثَانِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَنَادَى لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَأَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ حِبَّانَ عَنْ أُمِّ الحرث بِنْتِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ أَنَّهَا رَأَتْ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ يَطُوفُ عَلَى جَمَلٍ عَلَى أَهْلِ الْمَنَازِلِ بِمِنًى يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَصُومُوا هَذِهِ الْأَيَّامَ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ

وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيَّ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ وَقَالَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ أَنْ أَيَّامَ مِنًى هِيَ الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَوْلِهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَأَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَسْمَاءَ وَاقِعَةٌ عَلَيْهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي أَيَّامِ الذَّبْحِ وَهِيَ الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَذَكَرْنَا مَعْنَى أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي بَابِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي وَأَيَّامُ مِنًى هِيَ أَيَّامُ رَمْيِ الْجِمَارِ بمنى وهي واقعة بإجماع علىالثلاثة الْأَيَّامَ الَّتِي يَتَعَجَّلُ الْحَاجُّ مِنْهَا فِي يَوْمَيْنِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فَأَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ بِإِجْمَاعٍ وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَهِيَ الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ فَقِفْ عَلَى ذَلِكَ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ قَوْلُ الْعَرْجِيِّ ... مَا نَلْتَقِي إِلَّا ثَلَاثَ مِنًى ... حَتَّى يُفِرِّقَ بَيْنَنَا النَّفَرُ ... وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ أُذَيْنَةَ ... ... نَزَلُوا ثَلَاثَ مِنًى بِمَنْزِلِ غِبْطَةٍ ... وَهُمُ عَلَى سَفَرٍ لِعَمْرِكَ مَا هُمُو ... وَقَالَ كَثِيرُ بن عبد الرحمان ... ... تُفَرَّقُ أَهْوَاءُ الْحَجِيجِ عَلَى مِنًى ... وَفَرَّقَهُمْ صَرْفُ النَّوَى مَثْنَى أَرْبَعُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ تَعَجَّلَ مِنَ الْحَاجِّ فِي يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى صَارَ مَقَامُهُ بِمِنًى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِيَوْمِ النَّحْرِ وَمَنْ لَمْ يَنْفِرْ مِنْهَا إِلَّا فِي آخِرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَصَلَ لَهُ بِمِنًى مَقَامُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مِنْ أَجْلِ يَوْمِ النَّحْرِ وَالتَّعْجِيلُ لَا يَكُونُ أَبَدًا إِلَّا فِي آخِرِ النَّهَارِ وَكَذَلِكَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ لِأَنَّ الرَّمْيَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ إِنَّمَا وَقْتُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَمِنًى اسْمٌ لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ يُذَكَّرُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَيُؤَنَّثُ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيُّ هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ مَنَّيْتُ الدَّمَ إِذَا أَصَبْتُهُ قَالَ وَقَالَ أَبُو هَفَّانَ يُقَالُ هُوَ مِنًى وَهِيَ مِنًى فَمَنْ ذَكَّرَهُ ذَهَبَ إِلَى الْمَكَانِ وَمَنْ أَنَّثَهُ ذَهَبَ إِلَى الْبُقْعَةِ وَتُكْتَبُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا بِالْيَاءِ وَأَنْشَدَ فِي تَذْكِيرِهِ لِبَعْضِ بَنِي جُمَحٍ ... سَقَى مِنًى ثُمَّ رَوَّاهُ وَسَاكِنَهُ ... وَمَنْ نَوَى فِيهِ وَاهِي الْوَدْقِ مُنْبَعِقُ ... وَأَنْشُدُ فِي تَأْنِيثِهَا لِلْعَرْجِيِّ ... لَيَوْمُنَا بِمِنًى إِذْ نَحْنُ نَنْزِلُهَا ... أَشَدُّ مِنْ يَوْمِنَا بِالْعَرْجِ أَوْ مِلَلِ ... وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ حَدُّ مِنًى رَأَسُ الْعَقَبَةِ مِمَّا يَلِي مِنًى إِلَى الْمَنْحَرِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ حَدٌّ مِنًى إِذَا هَبَطْتَ مِنْ وَادِي مُحَسِّرَ فَأَصْعَدْتَ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَأَنْتَ فِي مِنًى إِلَى الْعَقَبَةِ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ صِيَامَ أَيَّامِ مِنًى لَا يَجُوزُ تَطَوُّعًا وَأَنَّهَا أَيَّامٌ لَا يَتَطَوَّعُ أَحَدٌ بِصِيَامِهِنَّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَبَعْضِ التَّابِعِينَ جَوَازُ صِيَامِهَا تَطَوُّعًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِي مَرَاسِيلِ ابْنِ شِهَابٍ وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيُ عَنْ صِيَامِهَا وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهَا لَا يَتَطَوَّعُ أَحَدٌ بِصِيَامِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي

صِيَامِهَا لِلْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَهِيَ مِنْ أَيَّامِ الْحَجِّ فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ لَهُ صِيَامَهَا إِذَا لَمْ يَصُمْ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُجِزْ لَهُ ذَلِكَ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا وَحَمَلَ النَّهْيَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْعُمُومِ وَجَعَلَهَا كَيَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ فِي تَحْرِيمِ الصِّيَامِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِي صِيَامِ أَيَّامِ مِنًى فِي بَابِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي وَبَابِ مُرْسَلِ ابْنِ شِهَابٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

سهيل بن أبي صالح

سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ وَاسْمُ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانُ يُقَالُ لَهُ السَّمَّانُ وَيُقَالُ لَهُ الزَّيَّاتُ وَهُوَ مَوْلَى جُوَيْرِيَةَ امْرَأَةٍ مِنْ غَطَفَانَ قَالَهُ مُصْعَبٌ وَغَيْرُهُ وَلَا خِلَافَ بَيْنِهِمْ فِي ذَلِكَ قَالَ مُصْعَبٌ كَانَ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ قَدْ قَدِمَ الْكُوفَةَ فِي تِجَارَةٍ فَرَوَى عَنْهُ هُنَاكَ الْأَعْمَشُ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ سُهَيْلٌ وَتُوفِي أَبُو صَالِحٍ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ مَعْدُودٌ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَائِهَا جُلَّةٌ مِثْلُ زَيْدِ ابن أَسْلَمَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَغَيْرِهِمْ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِذَا رَأَى أَبَا صَالِحٍ يَقُولُ مَا ضَرَّ هَذَا أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَأَمَّا ابْنُهُ سُهَيْلٌ فَرَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَوُهَيْبٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ ثِقَةٌ فِيمَا نَقَلَ إِلَّا أَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ كَانَ يُضَعِّفُهُ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ وَاحْتَجُّوا بِهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِ ابْنِ مَعِينٍ فِيهِ وَقَدْ رَوَى عَبَّاسٌ الثَّوْرِيُّ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ بَنُو أَبِي صَالِحٍ سُهَيْلٌ وَعَبَّادٌ وَصَالِحٌ كُلُّهُمْ ثِقَةٌ وَذَكَرَ الْعُقَيْلِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَقِيلَ لَهُ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ كَيْفَ حَدِيثُهُ فَقَالَ صَالِحٌ قِيلَ لَهُ إِنَّ يَحْيَى الْقَطَّانَ يُقَدِّمُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو عَلَى سُهَيْلٍ فَقَالَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِسُهَيْلٍ عِلْمٌ وَكَانَ قَدْ جَالَسَ مُحَمَّدَ بن عمرو

الحديث الأول

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ فَقَالَ مَا أَقْرَبَهُمَا ثُمَّ قَالَ سُهَيْلٌ أَحَبُّ إِلَيَّ وَتُوُفِّيَ سُهَيْلٌ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ (أَبِي) جَعْفَرِ الْمَنْصُورِ لِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَاحِدٌ مُرْسَلٌ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ وَسَائِرُ التِّسْعَةِ مُسْنَدَةٌ حَدِيثٌ أَوَّلٌ لِسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ قَالَ لِجِبْرِيلَ يَا جِبْرِيلُ قَدْ أَحْبَبْتُ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنِ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ وَإِذَا أَبْغَضَ (اللَّهُ) الْعَبْدَ قَالَ مَالِكٌ لَا أَحْسَبُهُ إِلَّا قَالَ فِي الْبُغْضِ مِثْلَ ذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ فِيمَا عَلِمْتُ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ سُهَيْلٍ جَمَاعَةٌ فَبَعْضُهُمْ لَمْ يَشُكُّوا وَقَطَعُوا فِي الْبُغْضِ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَمِمَّنْ رَوَاهُ كَذَلِكَ عَنْ سُهَيْلٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا وَذَكَرَ الْبُغْضَ مِنْ غَيْرِ شك معمر وعبد العزيز

ابن الْمُخْتَارِ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالُوا فِي آخِرِهِ وَإِذَا أَبْغَضَ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَلَمْ يَشُكُّوا وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ سُهَيْلِ فَلَمْ يَذْكُرِ الْبُغْضَ أَصْلًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا قَالَ يَا جِبْرِيلُ إِنِّي أَحَبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ إِنِ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَإِذَا أَحَبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ أَحَبَّهُ أَهْلُ الْأَرْضِ وَقَدْ رَوَى نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ ذَلِكَ لَمْ يَذْكُرِ الْبُغْضَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن قاسم بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنِ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنِ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ وَذَكَرَ سُنَيْدٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَى آخِرِهِ سَوَاءٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ جِبْرِيلَ أَقْرَبُ الْمَلَائِكَةِ إِلَيْهِ وَأَحْظَاهُمْ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَفِيهِ أَنَّ الْوُدَّ وَالْمَحَبَّةَ بَيْنَ النَّاسِ اللَّهُ يَبْتَدِئُهَا وَيَبْسُطُهَا وَالْقُرْآنُ يَشْهَدُ بِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سيجعل لهم الرحمان وُدًّا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ يُحِبُّهُمْ وَيُحَبِّبُهُمْ إِلَى النَّاسِ ذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ سيجعل لهم الرحمان وُدًّا قَالَ يُحِبُّهُمْ وَيُحَبِّبُهُمْ إِلَى النَّاسِ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْحَكَمِ عَنْ سعيد ابن جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ يُحِبُّهُمْ وَيُحَبِّبُهُمْ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا يُعَدِّدُ مِنْ نِعْمَتِهِ عَلَى مُوسَى نَبِيِّهِ وَرَسُولِهِ وَكَلِيمِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ مُوسَى بْنِ قَيْسٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كَهَيْلٍ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي قَالَ حَبَّبَتْكَ إِلَى عِبَادِي وَذَكَرَ سُنَيْدٌ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا أَلْقَى لَهُ مَوَدَّةً فِي قُلُوبِ أَهْلِ السَّمَاءِ ثُمَّ أَلْقَى لَهُ مَوَدَّةً فِي قُلُوبِ أَهْلِ الْأَرْضِ قَالَ وَحَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ رَبِيعِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ كَعْبٍ قَالَ وَاللَّهِ مَا اسْتَقَرَّ لِعَبْدٍ ثَنَاءٌ فِي أَهْلِ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَقِرَّ لَهُ فِي السَّمَاءِ قَالَ وَحَدَّثَنِي شَيْخٌ عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عبد الله ابن رَبَاحٍ عَنْ كَعْبٍ قَالَ قَرَأَتْ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ مَحَبَّةٌ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا كَانَ بَدْؤُهَا مِنَ اللَّهِ يُنْزِلُهَا عَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ ثُمَّ يُنْزِلُهَا عَلَى أَهْلِ

الأرض ثم قرأت القرى فَوَجَدْتُ فِيهِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سيجعل لهم الرحمان وُدًّا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُغَنِّي حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ كَتَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى مَسْلَمَةَ بْنِ مُخَلَّدٍ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى مِصْرَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ أَحَبَّهُ اللَّهُ فَإِذَا أَحَبَّهُ اللَّهُ حَبَّبَهُ إِلَى خَلْقِهِ وَإِذَا عَمِلَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ أَبَغَضَهُ اللَّهُ وَإِذَا أَبْغَضَهُ اللَّهُ بَغَّضَهُ إِلَى خَلْقِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى الْعُمُومِ وَمَعْنَاهُ الْخُصُوصُ أَيْ حَبَّبَ أَهْلَ الطَّاعَةِ إِلَى أهل الإيمان وبغض إليهم أهل النفاق والصعيان وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُلُوبُ أَجْنَادٌ مُجَنَّدَةٌ مَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَشَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قَالَ هرم بن حبان مَا أَقْبَلَ عَبْدٌ بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ إِلَّا أَقْبَلَ اللَّهُ بِقُلُوبِ أَهْلِ الْإِيمَانِ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْزُقَهُ مَوَدَّتَهُمْ وَرَحْمَتَهُمْ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ لَا تَسْأَلَنَّ أَحَدًا عَنْ وِدِّهِ إِيَّاكَ وَلَكِنِ انْظُرْ مَا فِي نَفْسِكَ لَهُ فَإِنَّ فِي نَفْسِهِ مِثْلَ ذَلِكَ إِنِ الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مُخَلَّدٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ تَطُوفُ بِاللَّيْلِ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِسُهَيْلٍ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ قَالَ مَا نِمْتُ اللَّيْلَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَ قَالَ لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ لَمْ يَضُرَّكَ شَيْءٌ قَالَ ابن وهب وحدثني سعيد بن عبد الرحمان الْجُمَحِيُّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ وَقَالَ سُهَيْلٌ فَوَاللَّهِ لَرُبَّمَا قُلْتُهَا فَضَرَبَتْنِي فَمَا بمنعني ذَلِكَ مِنْ حُضُورِ الْعِشَاءِ قَالَ سَعِيدٌ وَبَلَغَنِي أَنَّهُ مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ لَمْ تَلْدَغْهُ عَقْرَبٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَيْضًا أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَعَلَى ذَلِكَ أَهْلُ السُّنَّةِ أَجْمَعُونَ وَهُمْ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالرَّأْيِ فِي الْأَحْكَامِ وَلَوْ كَانَ كَلَامُ اللَّهِ أَوْ كَلِمَاتُ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ مَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا أَنْ يَسْتَعِيذَ بِمَخْلُوقٍ دَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا

الحديث الثالث

وَفِيهِ إِبَاحَةُ الرُّقَى بِكِتَابِ اللَّهِ أَوْ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْمُعَالَجَةِ وَالتَّطَبُّبِ وَالرُّقَى وَقَدْ مَهَّدْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ زَيْدِ ابن أَسْلَمَ وَتَكَرَّرَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ هَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَهَا الرَّجُلُ احْتِقَارًا لِلنَّاسِ وَإِزْرَاءً عَلَيْهِمْ وَإِعْجَابًا بِنَفْسِهِ وَأَمَّا إِذَا قَالَ ذَلِكَ تَأْسُّفًا وَتَحْزُّنًا وخوفا عليهم لقبح ما يرى من أعلمالهم فَلَيْسَ مِمَّنْ عُنِيَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ رَاضِيًا عَنْ نَفْسِهِ مُعْجَبًا بِهَا حَاسِدًا لِمَنْ فَوْقَهُ مُحْتَقِرًا لِمَنْ دُونَهُ وَيَكُونُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي مَاقِتًا لِنَفْسِهِ مُوَبِّخًا لَهَا غَيْرَ رَاضٍ عَنْهَا رُوِّينَا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ لَنْ يَفْقَهَ الرَّجُلُ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى يَمْقُتَ النَّاسَ كُلَّهُمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى نَفْسِهِ فَيَكُونُ لَهَا أَشَدَّ مَقْتًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ يَحْيَى الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْمَلَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا فَأَنْزِلِ النَّاسَ مَنْزِلَةَ الْبَقَرِ إِلَّا أَنَّكَ لَا تَحْقِرْهُمْ

الحديث الرابع

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيْ لَا تَلْتَمِسْ مِنْ أَحَدٍ فِيهِ شَيْئًا غَيْرَ اللَّهِ وَأَخْلِصْ عَمَلَكَ لَهُ وَحْدَهُ كَمَا أَنَّكَ لَوِ اطَّلَعَ عَلَيْكَ الْبَقَرُ وَأَنْتَ تَعْمَلُهُ لَمْ تَرْجُ مِنْهَا عَلَيْهِ شَيْئًا فَكَذَلِكَ لَا تَرْجُو مِنَ الْآدَمِيِّينَ ثُمَّ بَيَّنَ لَكَ الْمَعْنَى فَقَالَ إِلَّا أَنَّكَ لَا تَحْقِرْهُمْ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا حَكَّامٌ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ذَكَرَهُ إِنَّمَا الْكِبْرُ مَنْ غَمَطَ الْحَقَّ وَحَقَرَ النَّاسَ هَكَذَا قَالَ وَحَقَرَ النَّاسَ وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ إِذَا لَبِسْتَ ثَوْبًا فَظَنَنْتَ أَنَّكَ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ أَفْضَلُ مِنْكَ فِي غَيْرِهِ فَبِئْسَ الثَّوْبُ هُوَ لَكَ وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ كَفَى بِالْمَرْءِ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ أَخِيهِ حَدِيثٌ رَابِعٌ لِسُهَيْلٍ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا اخْتُلِفَ عَلَى سُهَيْلٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ

أصحابه منهم عبد الرحمان بْنُ سَمُرَةَ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتُلِفَ عَنْ جَمِيعِهِمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ أَوِ الْحِنْثِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ فَرُوِيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْوَجْهَانِ جَمِيعًا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا حَضَرَنِي مِنَ الْآثَارِ فِيهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحِنْثَ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ مُبَاحٌ حَسَنٌ جَائِزٌ وَهُوَ عِنْدَهُمْ أَوْلَى حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إسحاق قالا حدثنا إبراهيم ابن حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عبد الرحمان بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال يا عبد الرحمان بْنَ سَمُرَةَ لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ فَإِنَّكَ إِنْ تُعْطَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ لَا تُعَانُ عَلَيْهَا وَإِنْ تُعْطِهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ تُعَانُ عَلَيْهَا وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ (غَيْرَهَا (19) خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا فَهَذَا عَلَى مِثْلِ مَا فِي حَدِيثِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ جَوَازُ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الزَّيَّاتُ أَبُو أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ وَمَنْصُورُ وَحُمَيْدٌ عن الحسن عن عبد الرحمان بن سمرة القرشي قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يا عبد الرحمان بْنَ سَمُرَةَ إِذَا آلَيْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وكفر عن

يَمِينِكَ قَالَ وَلَا تَسْأَلَنَّ الْإِمَارَةَ فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا أَوْ وُكِلْتَ فِيهَا إِلَى نَفْسِكَ وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عبد الرحمان بْنِ سَمُرَةَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ وَأَظُنُّ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَجَاءُوا بِهِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ فِي ذَلِكَ وَالْحَدِيثُ الثَّانِي مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فَجَاءُوا بِهِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ أَيْضًا وَرِوَايَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا أَثْبَتُ وَأَكْثَرُ وَمَا أَظُنُّ حَدِيثَ هُشَيْمٍ هَذَا إِلَّا وَهْمًا لِأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ خِلَافَ مَا رَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ وَرِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ تَوَافُقُ رِوَايَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ وَحُمَيْدٍ وَثَابِتٍ وَحَبِيبٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يا عبد الرحمان بْنَ سَمُرَةَ إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ عَلَى تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنِ الحسن عن عبد الرحمان بْنِ سَمُرَةَ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ يَحْيَى بْنِ خَلَفٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنِ الحسن عن عبد الرحمان بْنِ سَمُرَةَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مَضَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسِطَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ الْحَسَنِ عن عبد الرحمان بْنِ سَمُرَةَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُونُسَ وَهِشَامٍ وَسِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عبد الرحمان بن سمرة سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَرَوَاهُ ابْنُ عَوْنٍ عن الحسن عن عبد الرحمان بْنِ سَمُرَةَ فَجَعَلَ الْحِنْثَ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَأَحْسَنُ مَا فِيهَا وَأَصَحُّهُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا غِيلَانُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ أَوْ قَالَ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي قَالَ أَبُو دَاوُدَ أَحَادِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ كَذَا رُوِيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الْحِنْثِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْحِنْثُ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ قَالَ وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ إِنْ شَاءَ كَفَّرَ بَعْدَ الْحِنْثِ وَإِنْ شَاءَ كَفَّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا وَهُوَ الثَّابِتُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرحمان بْنِ سَمُرَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ أَعْلَى مِنْهُمَا وَلَا تُقَدَّمُ الْكَفَّارَةُ إِلَّا فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ خَاصَّةً وَقَالَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ إِلَّا أَشْهَبَ مَنْ كَفَّرَ عَنْ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ أَجْزَأَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَجْزِيهِ إِذَا كَفَّرَ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لِأَنَّهُ لَا نِيَّةَ لِلْكَفَّارَةِ فِي تِلْكَ الْكَفَّارَةِ وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ فَرْضٌ لَا يَتَأَدَّى إلا بنية إليك أَدَائِهِ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي تَكْفِيرِ الرَّجُلِ عَنْ غَيْرِهِ فِي بَابِ رَبِيعَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يُجِيزُونَ الْكَفَّارَةَ قَبْلَ الْحِنْثِ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَجِبُ بِالْحِنْثِ وَالْعَجَبُ لَهُمْ أَنَّهُمْ لَا تُجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمْ إِلَّا بِتَمَامِ مُرُورِ الْحَوْلِ وَيُجِيزُونَ تَقْدِيمَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ من غير ان يروا فِي ذَلِكَ مِثْلُ هَذِهِ الْآثَارِ وَيَأْبَوْنَ مِنْ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ مَعَ كَثْرَةِ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ وَالْحُجَّةُ فِي السُّنَّةِ وَمَنْ خَالَفَهَا مَحْجُوجٌ بِهَا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَأَمَّا الْأَيْمَانُ فَمِنْهَا مَا يُكَفَّرُ بِإِجْمَاعٍ وَمِنْهَا مَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ بِإِجْمَاعٍ وَمِنْهَا مَا اخْتُلِفَ فِي الْكَفَّارَةِ فِيهِ فَأَمَّا الَّتِي فِيهَا الْكَفَّارَةُ بِإِجْمَاعٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَهِيَ الْيَمِينُ بِاللَّهِ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ مِنَ الْأَفْعَالِ وَهِيَ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَحْلِفَ بِاللَّهِ لِيَفْعَلَنَّ ثُمَّ لَا يَفْعَلُ وَالْآخَرُ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْضًا ثُمَّ يَفْعَلُ وَأَمَّا الَّتِي لَا كَفَّارَةَ فِيهَا بِإِجْمَاعٍ فَاللَّغْوُ إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي مراد الله من لغو المين الَّتِي لَا يُؤَاخِذُ اللَّهَ عِبَادَهُ بِهَا وَلَمْ يُوجِبِ الْكَفَّارَةَ فِيهَا

فَقَالَ قَوْمٌ هُوَ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى الْمَاضِي فِي الشَّيْءِ يَظُنُّ أَكْبَرَ ظَنِّهِ أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ صَادِقٌ فِي يَمِينِهِ ثُمَّ يَنْكَشِفُ لَهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ هَذَا قَوْلٌ رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ إِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ عَلَى الشَّيْءِ لَا يَظُنُّ إِلَّا أَنَّهُ إِيَّاهُ فَإِذَا لَيْسَ هُوَ فَهُوَ اللَّغْوُ وَلَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ قَالَ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَمْرِ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَجَاءَ عَنِ الْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي مَالِكٍ وَزُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى مِثْلُ ذَلِكَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ إِنَّ اللَّغْوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ الْمَاضِي يُوقِنُ أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَا يَشُكُّ فِيهِ فَإِنْ شَكَّ فِيهِ فَهِيَ عندهم يمين غموس حنيئذ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا لِعِظَمِ إِثْمِهَا كَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ الْكَاذِبَةِ سَوَاءٌ وَقَالَ آخَرُونَ اللَّغْوُ قَوْلُ الرَّجُلِ لَا وَاللَّهِ وَبِلَى وَاللَّهِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَقَدٍ لِلْيَمِينِ وَلَا مُرِيدٍ لَهَا هَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ

وَاخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنْهُ كَقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرُوِيَ عَنْهُ كَقَوْلِ عَائِشَةَ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي اللَّغْوِ قَوْلٌ ثَالِثٌ إِنَّ صَحَّ عَنْهُ قَالَ لَغْوُ الْيَمِينِ أَنْ تَحْلِفَ وَأَنْتَ غَضْبَانُ وَقَالَ مَسْرُوقٌ اللَّغْوُ مِنَ الْيَمِينِ كُلُّ يَمِينٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَيْسَ فِيهَا كَفَّارَةٌ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ هُوَ تَحْرِيمُ الْحَلَالِ مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ فِيمَا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَوْ يُحَرِّمَ شَيْئًا هُوَ لَهُ حَلَالٌ فَلَا يواخذه اللَّهُ بِتَرْكِهِ وَيُؤَاخِذُهُ إِنْ فَعَلَهُ وَأَمَّا الَّتِي اخْتُلِفَ فِي الْكَفَّارَةِ فِيهَا فَهِيَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَهِيَ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى الشَّيْءِ الْمَاضِي وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي يَمِينِهِ يَتَعَمَّدُ ذَلِكَ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنْ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ الْعَلَاءِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَنَّ فِيهَا الْكَفَّارَةَ وَقَالَ ابْنُ خُوَازِ بِنِدَادَ حَاكِيًا عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَمَذْهَبِهِ الْأَيْمَانُ عِنْدَنَا ثَلَاثَةٌ لَغْوٌ وَغَمُوسٌ لَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا وَيَمِينٌ مَعْقُودَةٌ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ فِيهَا الِاسْتِثْنَاءُ وَالْكَفَّارَةُ قَالَ وَصِفَةِ اللَّغْوِ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلَ عَلَى الْمَاضِي أَوِ الْحَالِ فِي الشَّيْءِ يَظُنُّ أَنَّهُ صَادِقٌ ثُمَّ يَنْكَشِفُ لَهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ قَالَ وَالْغَمُوسُ هُوَ أَنْ يَعْمِدَ لِلْكَذِبِ فِي يَمِينِهِ عَلَى الْمَاضِي قَالَ وَلَا لَغْوَ فِي عِتْقٍ وَلَا طَلَاقٍ وَإِنَّمَا اللَّغْوُ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ وَفِيهَا الِاسْتِثْنَاءُ قَالَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ والطبري بقولنا أن لا كفارة الغموس قَالَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْغَمُوسِ الْكَفَّارَةُ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ اللَّغْوُ سَبْقُ اللِّسَانِ بِالْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا اعْتِقَادٍ وَذَلِكَ سَوَاءٌ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ عَقْدَ الْيَمِينَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ صِدْقًا فَانْكَشَفَ لَهُ خِلَافُ ذَلِكَ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الماضي والمسقبل قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتِلَافُ السَّلَفِ فِي اللَّغْوِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقَاوِيلَ أَحَدُهَا قَوْلُ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ الْيَمِينُ فِي الْغَضَبِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ الْيَمِينُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادِ يَمِينٍ وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي جَامِعِهِ وَذَكَرَهُ الْمَرْوَزِيُّ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ الْأَيْمَانُ أَرْبَعَةٌ يَمِينَانِ تُكَفَّرَانِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ فَيَفْعَلُ أَوْ يَقُولَ وَاللَّهِ لِأَفْعَلَنَّ ثُمَّ لَا يَفْعَلُ وَيَمِينَانِ لَا تُكَفَّرَانِ أَنْ يَقُولَ وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُ وَقَدْ فَعَلَ أَوْ يَقُولَ وَاللَّهِ لَقَدْ فَعَلْتُ وَمَا فَعَلَ قَالَ الْمَرْوَزِيُّ أَمَّا الْيَمِينَانِ الْأُولَيَانِ فَلَا اخْتِلَافَ فِيهِمَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ عَلَى مَا قَالَ سُفْيَانُ وأما الْيَمِينَانِ الْأُخْرَيَانِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِمَا فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا أَوْ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا عِنْدَ نَفْسِهِ صَادِقًا يَرَى أَنَّهُ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَلَا أَثِمَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ قَالَ الْمَرْوَزِيُّ وَلَيْسَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا بِالْقَوِيِّ قَالَ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ كذا وقد

فَعَلَ كَذَا مُتَعَمِّدًا لِلْكَذِبِ فَهُوَ آثِمٌ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ يُكَفِّرُ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْمَرْوَزِيُّ أَمِيلُ إِلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ وَأَحْمَدَ قَالَ وَأَمَّا يَمِينُ اللَّغْوِ الَّتِي اتَّفَقَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا لَغْوٌ فَهُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ فِي حَدِيثِهِ وَكَلَامِهِ غَيْرَ مُعْتَقَدٍ لِلْيَمِينِ وَلَا مُرِيدِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى مِنْ قَوْلِهِ وَحِكَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَأَحْمَدَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ فِي مَعْنَى اللغو غير هَذَا وَالَّذِي حَكَاهُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا فِي اللَّغْوِ صَحِيحٌ وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مَا ذُكِرَ آخِرًا وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ مَضَى فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ مِنْ كَشْفِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَبَيَانٌ فِي بَابِ الْعَلَاءِ بْنِ عبد الرحمان مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِتَكْرِيرِ ذَلِكَ ههنا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالرَّشَادُ لَا شَرِيكَ لَهُ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أَيْمَانُ اللَّغْوِ مَا كَانَ فِي الْمِرَاءِ وَالْهَزْلِ فِي الْمُزَاحَةِ وَالْحَدِيثِ الَّذِي لَا يُعْقَدُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ وَأَيْمَانُ الْكَفَّارَةِ كُلُّ يَمِينٍ حَلَفَ فِيهَا عَلَى وَجْهٍ مِنَ الْأَمْرِ فِي غَضَبٍ أَوْ غَيْرِهِ لِيَفْعَلَنَّ أَوْ لَيَتْرُكَنَّ فَذَلِكَ عَقْدُ الْأَيْمَانِ الَّتِي فَرَضَ اللَّهُ فِيهَا الْكَفَّارَةَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ اللَّهُ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ وَسُئِلَ عَنِ الْأَيْمَانِ مَا تَوْكِيدُهَا فَقَالَ تَوْكِيدُهَا مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ أَنْ يَفْعَلَهُ جَادًّا فَفِي تِلْكَ الْكَفَّارَةُ وَمَا كَانَ مِنْ يَمِينِ لَغْوٍ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَفَا عَنْهَا

وَذَكَرَ بَقِيٌ عَنْ وَهْبٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ لَغْوُ الْيَمِينِ أَنْ أَقُولَ لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ صِلَةُ الْحَدِيثِ قَالَ وَحَدَّثَنَا هَنَّادٌ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ مُغِيرَةَ عن الشعبي قسم لغو قَوْلُ الرَّجُلِ لَا وَاللَّهِ وَبِلَى وَاللَّهِ يَصِلُ بها كلامه ما لم يكن! مقس عَلَيْهِ قَلْبُهُ وَهُوَ قَوْلُ عِكْرِمَةَ وَأَبِي صَالِحٍ وَأَبِي قِلَابَةَ وَطَائِفَةٌ (وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ اللَّغْوَ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ فِيمَا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ مِثْلَ أَنْ يُحَرِّمَ شَيْئًا هُوَ لَهُ مَالِكٌ فَلَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِتَرْكِهِ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُهُ إِنْ فَعَلَهُ) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ جَهْوَرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله ابن كُنَاسَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ أَبِي لَا يَحْنَثُ حتى نزلت كفارة اليمين واخلتفوا فِي الْكَفَّارَةِ إِذَا مَاتَ الْحَالِفُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ كَفَّارَاتُ الْيَمِينِ تُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْمَيِّتِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تَكُونُ فِي الثُّلْثِ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَوْصَى بِهَا

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِسُهَيْلٍ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أَأُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ مَنْ هَذِهِ حَالُهُ تَعْظِيمًا لِلدَّمِ وَخَوْفًا مِنَ التَّطَرُّقِ إِلَى إِرَاقَةِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ مَا أَمَرَنَا اللَّهُ بِهِ مِنَ الْبَيِّنَاتِ أَوِ الْإِقْرَارِ الَّذِي يقام عليه وسد الباب الِافْتِيَاتِ عَلَى السُّلْطَانِ فِي الْحُدُودِ الَّتِي جُعِلَتْ فِي الشَّرِيعَةِ إِلَيْهِ وَأَمَرَ فِيهَا بِإِقَامَةِ الْحَقِّ عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي وَرَدَ التَّوْقِيفُ بِهَا وَقَدْ مَضَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ذِكْرُهَا وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَوْ أُعْطِي قَوْمٌ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى أَقْوَامٌ دِمَاءَ أَقْوَامٍ وَأَمْوَالِهِمْ وَرَوَى مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَجُلًا مَنْ أَهْلِ الشام يدعى ابن خيري وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتْلَهُ أَوْ قَتَلَهُمَا فَأَشْكَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ الْقَضَاءُ فِيهِ فَكَتَبَ إِلَى أبي موسى الأشعري يسأل له علي

ابن أَبِي طَالِبٍ فَسَأَلَ أَبُو مُوسَى عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِنَّ هَذَا لِشَيْءٌ مَا هُوَ بِأَرْضِي عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَتُخْبِرَنِّي فَقَالَ أَبُو مُوسَى كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ أَسْأَلُكُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ عَلِيٌّ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ فَأَدْخَلَ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ قَوْلَ عَلِيٍّ هَذَا فَأَخَذَ حَدِيثَهُ الْمُسْنَدَ عَنْ سُهَيْلٍ تَفْسِيرًا لَهُ وَكَشْفًا عَنْ مَعْنَاهُ وَعَمَلًا بِهِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِهِ وَهُوَ كَافٍ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَعَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَزَعَمَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ أَنَّ مَالِكًا انْفَرَدَ بِحَدِيثِهِ عَنْ سُهَيْلٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَنَّهُ لَمْ يُرْوِهِ غَيْرُهُ وَلَا تَابِعَهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ وَأَظُنُّهُ لَمَّا رَأَى حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ قَدْ أَرْسَلَهُ وَأَسْنَدَهُ مَالِكٌ ظَنَّ أَنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ الْبَزَّارُ وَقَدْ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ سُهَيْلٍ مُسْنَدًا عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَرَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ أَيْضًا عَنْ سُهَيْلٍ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَ رِوَايَةِ سليمان بن بلال حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ وَجَدْتُ رَجُلًا مَعَ أَهْلِي لَمْ أَقْتُلْهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ قَالَ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ كُنْتُ لَأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ إِنَّهُ لَغَيُورٌ وَلَأَنَّا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي

قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَدْ رَوَاهُ مُسْنَدًا كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَلَوْ لم يروه أحد غير مَالِكٌ كَمَا زَعَمَ الْبَزَّارُ مَا كَانَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ لَكِنَّ أَكْثَرَ السُّنَنِ وَالْأَحَادِيثِ قَدِ انْفَرَدَ بِهَا الثِّقَاتُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِضَائِرٍ لَهَا وَلَا لِشَيْءٍ مِنْهَا وَالْمَعْنَى الْمَوْجُودُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ قَدْ نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ الْمُحْكَمُ وَقَدْ وَرَدَتِ بِهِ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ وَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ فَأَيُّ انْفِرَادٍ فِي هَذَا وَلَيْتَ كُلَّ مَا انْفَرَدَ بِهِ الْمُحَدِّثُونَ كَانَ مِثْلَ هَذَا) وَذَكَرَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا قال لسعد بَلَى وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدِكُمْ وَذَكَرَ مُسْلِمٌ أَيْضًا حَدِيثَ مَالِكٍ وَحَدِيثَ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَلَى حسبما ذكرناهما ههنا وَأَمَّا حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَأَخْبَرَنَاهُ خَلَفُ بن أحمد قال حدثنا أحمد ابن مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَأَتْرُكُهُ حَتَّى أَدْعُوَ أَرْبَعَةً مِنَ الشُّهَدَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ فَقَالَ وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِذًا لَأَعْجَلْتُهُ بِالسَّيْفِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ سَعْدًا لِغَيُورٌ وإني لغير مِنْهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَأَغْيَرُ مِنَّا

قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْغَيْرَةَ لَا تُبِيحُ لِلْغَيُورِ مَا حُرِمَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَعَ غَيْرَتِهِ الِانْقِيَادُ لِحُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْ لَا يَتَعَدَّى حُدُودَهُ فَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَغْيَرُ وَلَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ قَتَلَ رَجُلًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ لِأَنَّهُ وَجَدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ بَيْنَ فَخِذَيْهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ زِنَاهُ بِهَا وَلَمْ يُعْلَمْ مَا ذَكَرَ عَنْهُ إِلَّا بِدَعْوَاهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا ادَّعَاهُ وَأَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوْا وَطْئَهُ لَهَا وَإِيلَاجَهُ فِيهَا وَيَكُونُ مَعَ ذَلِكَ مُحْصَنًا مُسْلِمًا بَالِغًا أَوْ مَنْ يَحِلُّ دَمُهُ بِذَلِكَ (فَإِنْ جَاءَ بِشُهَدَاءَ يَشْهَدُونَ لَهُ بِذَلِكَ نَجَا وَإِلَّا قُتِلَ وَهَذَا أَمْرٌ وَاضِحٌ لو لم يجيء بِهِ الْخَبَرُ لَأَوْجَبَهُ النَّظَرُ لَأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ تَحْرِيمًا مُطْلَقًا فَمَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ مُسْلِمًا فَادَّعَى أَنَّ الْمُسْلِمَ قَدْ كَانَ يَجِبُ قَتْلُهُ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ رَفْعُهُ الْقِصَاصَ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَا ذَكَرَ وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ لَزِمَهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْمَخْرَجِ مِنْهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ) وَفِي حَدِيثِ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عن علي في قصة ابن خيري الَّذِي قَدَّمْنَا بَيَانَ مَا وَصَفْنَا وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ سَوَاءً مَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ جُرَيْجٍ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُمْ وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَجُلٌ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَأَيُّ بَيِّنَةٍ أَبْيَنُ مِنَ السَّيْفِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَسْمَعُونَ مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ قَالُوا لَا تَلُمْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُ رَجُلٌ غَيُورٌ وَاللَّهِ مَا تُزَوَّجَ امْرَأَةً قَطُّ إِلَّا بِكْرًا وَلَا طَلَّقَ امْرَأَةً قَطُّ فَاسْتَطَاعَ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ

قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي الرَّجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَى بِالسَّيْفِ شَا يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ شَاهِدًا فَلَمْ يُتِمَّ الْكَلِمَةَ قَالَ إِذًا تَتَابَعَ فِيهِ السَّكْرَانُ وَالْغَيْرَانُ فَسَّرَ أَبُو عُبَيْدٍ التَّتَابُعَ قَالَ التَّهَافُتُ فِعْلُ الشَّيْءِ بِغَيْرِ تَثَبُّتٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ لِمَا نَزَلَتْ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ أَيْ لُكَعُ إِنْ تَفَخَّذَهَا رَجُلٌ فَذَهَبْتُ أَنْ أَجْمَعَ الشُّهَدَاءَ لَمْ أَجْمَعْهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَسْمَعُونَ إِلَى قَوْلِ سَيِّدِكُمْ وَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَى آخِرِهِ وَقَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ وَقَدْ رَوَى أَهْلُ الْعِرَاقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَهْدَرَ دَمَهُ وَلَمْ يَصِحَّ وَإِنَّمَا يَصِحُّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَهْدَرَ دَمَ الَّذِي أَرَادَ اغْتِصَابَ الْجَارِيَةِ الْهُذَلِيَّةَ نَفْسَهَا فَرَمَتْهُ بِحَجَرٍ فَفَضَّتْ كَبِدَهُ فَمَاتَ فَارْتَفَعُوا إِلَى عُمَرَ فَقَالَ ذَلِكَ قَتِيلُ اللَّهِ وَاللَّهِ لَا يُودَى أَبَدًا ذَكَرَهُ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدِ بن عمير قال الزهري ثم قضت القاضة بَعْدُ بِأَنْ يُودَى قَالَ أَبُو عُمَرَ فَفِي هَذَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَهْدَرَ دَمَهُ لِأَنَّهَا دَفَعَتْهُ عَنْ نَفْسِهَا فَأَتَى دَفْعُهَا عَلَى رُوحِهِ لَا فِي الَّذِي وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا وَقَدْ رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ هَانِئِ بْنِ حَرَامٍ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُمَا فَكَتَبَ عُمَرُ بِكِتَابٍ فِي الْعَلَانِيَةِ أَنْ أَقِيدُوهُ وَكِتَابًا

فِي السِّرِّ أَنْ أَعْطَوْهُ الدِّيَةَ وَهَذَا لَا يَصِحَّ مِثْلُهُ عَنْ عُمَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ تَكُنْ فِي أَخْلَاقِهِ الْمُدَاهَنَةُ فِي دِينِ اللَّهِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ هَانِئِ بْنِ حِزَامٍ وهانئ بن حزام أو! حزام مَجْهُولٌ وَحَدِيثُهُ هَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِضَعْفِهِ وَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ رَجُلَانِ أَخَوَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا أَشْعَثُ فَغَزَا فِي جَيْشٍ مِنْ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فَقَالَتِ امْرَأَةُ أَخِيهِ لِأَخِيهِ هَلْ لَكَ فِي امْرَأَةِ أَخِيكَ مَعَهَا رَجُلٌ يُحَدِّثُهَا فَصَعِدَ فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَعَهَا عَلَى فِرَاشِهَا وَهِيَ تَنْتِفُ لَهُ دَجَاجَةً وَهُوَ يَقُولُ ... وَأَشْعَثُ غَرَّهُ الْإِسْلَامُ مِنِّي ... خَلَوْتُ بِعِرْسِهِ لَيْلَ التَّمَامِ ... ... أَبَيْتُ عَلَى حُسْنَايَاهَا وَيُمْسَى ... عَلَى دَهْمَاءَ لَاحِقَةِ الْحِزَامِ ... ... كَأَنَّ مَوَاضِعَ الرَّبَلَاتِ مِنْهَا ... ... فِئَامٌ قَدْ جُمِعْنَ فِئَامِ ... قَالَ فَوَثَبَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهُ ثُمَّ أَلْقَاهُ فَأَصْبَحَ قَتِيلًا بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ عُمَرُ أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا كَانَ عِنْدَهُ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ إِلَّا قَامَ بِهِ فَقَامَ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ بِالْقِصَّةِ فَقَالَ سَحْقًا وَبُعْدًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خَبَرٌ مُنْقَطِعٌ وَلَيْسَ فِيهِ شَهَادَةٌ قَاطِعَةٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَلَا إِقْرَارُ الْقَاتِلِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فَجَعَلَهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَأَنْشَدَ الْأَبْيَاتَ

وَأَشْعَثُ غَرَّهُ الْإِسْلَامُ مِنِّي ... لَهَوْتُ بِعِرْسِهِ لَيْلَ التَّمَامِ ... ... أَبَيْتُ عَلَى تَرَائِبِهَا وَيَطْوِي ... عَلَى حَمْرَاءَ مَائِلَةَ الْحِزَامِ ... ... ... كَأَنَّ مَوَاضِعَ الرَّبَلَاتِ مِنْهَا ... ... فِئَامٌ يَرْجِعُونَ إِلَى فِئَامِ ... وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ أَهْدَرَ دَمَهُ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقَالَ عَطَاءٌ لَا إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ فِي رَجُلٍ وَجَدَ رَجُلًا فِي دَارِهِ مَلْفُوفًا فِي حَصِيرٍ بَعْدَ الْعَتَمَةِ أَنَّهُ ضَرَبَهُ مِائَةَ جِلْدَةٍ وأصبح مَا فِي هَذَا مَا قَالَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ وَهُوَ مَعْنَى حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُهُ فِي ذَلِكَ لَا إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ بِكْرًا حَدُّهُ الْجَلْدُ فَقَتَلَهُ ثُمَّ أَتَى بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَلِكَ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُسْتَحَبُّ فِي هَذَا أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ عَلَى الْقَاتِلِ فِي مَالِهِ يُؤَدِّيهَا إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ وَغَيْرُهُ يَرَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْقَوَدَ لِأَنَّهُ قَتَلَ مَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ إِذَا قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ السَّارِقِ أَوْ قَتَلَ الزَّانِي قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ السُّلْطَانَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَلَيْسَ عَلَى الزَّانِي وَالسَّارِقِ غَيْرُ ذَلِكَ قَدْ أُخِذَ مِنْهُمَا الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمَا قَالَ وَإِذَا قُتِلَ الْمُرْتَدُّ قَبْلَ رَفْعِهِ إِلَى السُّلْطَانِ فَلَيْسَ عَلَى قَاتِلِهِ شَيْءٌ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِيمَنِ افْتَاتَ عَلَى السُّلْطَانِ فِي حَدٍّ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ وَلَا يُقْتَلُ

الحديث السادس

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا كَقَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَلَيْسَ هَذَا الْبَابُ مَوْضِعَ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْهَا مَا فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كِفَايَةٌ وَشِفَاءٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ اللِّعَانِ مُمَهَّدًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَبَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثٌ سَادِسٌ لِسُهَيْلٍ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَوِ الْمُؤْمِنُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتْ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ أَوْ نَحْوَ هَذَا فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتْ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ بَطَشَتْهُمَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَطَشَتْهُمَا يَدَاهُ لِيَحْيَى وَغَيْرِهِ جَمَاعَةٍ بِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ الْمُتَّصِلِ بِالْفِعْلِ وَهُوَ ضَمِيرُ الْخَطِيئَةِ وَالْخَطِيئَةُ مُفْرَدَةٌ وَلَيْسَ بِالْجَيِّدِ لِأَنَّ التَّثْنِيَةَ إِنَّمَا هِيَ لِلْيَدَيْنِ لَا لِلْخَطِيئَةِ وَيُقَالُ إِنَّهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ كَذَلِكَ أَيْضًا

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ زَادَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرَ الرِّجْلَيْنِ فَقَالَ إِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَّتْهُمَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ وَهَكَذَا قَالَ مَشَتْهُمَا فَثَنَّى أَيْضًا وَلَمْ يُقُلْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَدِيثِ أَوْ نَحْوِ هَذَا وَسَائِرُ الرُّوَاةِ قَالُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا قَالَ يَحْيَى وَأَمَّا قَوْلُهُ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَوِ الْمُؤْمِنُ فَهُوَ شَكٌّ مِنَ الْمُحَدِّثِ مَنْ كَانَ مَالِكٌ أَوْ غَيْرُهُ وَقَوْلُهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ شَكٌّ أَيْضًا مِنَ الْمُحَدِّثِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَكًّا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَا يَظُنُّ ذَلِكَ إِلَّا جَاهِلٌ مَجْنُونٌ) وَيُحْمَلُ عَلَى الشَّكِّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ التَّحَرِّي فِي الْإِتْيَانِ بِلَفْظِ الْحَدِيثِ دُونَ مَعْنَاهُ وَهَذَا شَيْءٌ قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا جَاءَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ تَكْفِيرُ الْخَطَايَا بِالْوُضُوءِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مُمَهَّدًا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ فَلَا معنى لتكرير ذلك ههنا وَمَعَانِي هَذَا الْحَدِيثِ كُلُّهَا قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهَا هُنَاكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث السابع

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِسُهَيْلٍ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَنَّةَ مَخْلُوقَةٌ وَأَنَّ لَهَا أَبْوَابًا وَقَدْ جَاءَ فِي الْآثَارِ الصِّحَاحِ أَنَّ لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرحمان مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى فَلَا وجه لإعادة ذلك ها هنا وَفِيهِ أَنَّ الْمَغْفِرَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا لِلْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا قَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرَ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَفِيهِ أَنَّ الْمُهَاجَرَةَ وَالْعَدَاوَةَ وَالشَّحْنَاءَ وَالْبَغْضَاءَ مِنَ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ وَالسَّيِّئَاتِ الْجِسَامِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الْكَبَائِرِ مَذْكُورَةً أَلَا تَرَى أَنَّهُ اسْتَثْنَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ غُفْرَانَهَا وَخَصَّهَا بِذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنَّا الْوَجْهَ فِي الْهِجْرَةِ وَمَا يَجُوزُ مِنْهَا وَمَا لَا يَجُوزُ وَكَيْفَ الْمَخْرَجُ وَالتَّوْبَةُ مِنْهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

الحديث الثامن

وَفِيهِ أَنَّ الذُّنُوبَ إِذَا كَانَتْ بَيْنَ الْعِبَادِ فَوَقَعَتْ بَيْنَهُمْ فِيهَا الْمَغْفِرَةُ وَالتَّجَاوُزُ وَالْعَفْوُ سَقَطَتِ الْمُطَالَبَةُ بِهَا مِنْ قِبَلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ حَتَّى يَصْطَلِحَا فَإِذَا اصْطَلَحَا غُفِرَ لَهُمَا ذَلِكَ وَغَيْرُهُ مِنْ صَغَائِرِ ذُنُوبِهِمَا بِأَعْمَالِ الْبِرِّ مِنَ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ عَلَى غَيْرِهِمَا مِنَ الْأَيَّامِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُمَا وَيَنْدُبُ أُمَّتَهُ إِلَى صِيَامِهِمَا وَكَانَ يَتَحَرَّاهُمَا بِالصِّيَامِ وَأَظُنُّ هَذَا الْخَبَرَ إِنَّمَا تَوَجَّهَ إِلَى أُمَّةٍ وَطَائِفَةٍ كَانَتْ تَصُومُهُمَا تَأْكِيدًا عَلَى لُزُومِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَوُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَنُبِّئَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حدثنا بكر ابن حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو عَوَانَةَ قَالَا حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ كُلَّ يَوْمِ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِسُهَيْلٍ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَافَهُ ضَيْفٌ كَافِرٌ فَأَمَرَ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ فَحُلِبَتْ فَشَرِبَ حِلَابَهَا ثُمَّ أُخْرَى فَشَرِبَهُ ثُمَّ أُخْرَى فشربه شَرِبَ حِلَابَ سَبْعِ شِيَاهٍ ثُمَّ إِنَّهُ أَصْبَحَ فَأَسْلَمَ فَأَمَرَ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

بِشَاةٍ فَحُلِبَتْ فَشَرِبَ حِلَابَهَا ثُمَّ أَمَرَ بِأُخْرَى فَلَمْ يَسْتَتِمَّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَشْرَبُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَشْرَبُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ هَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ وَهُوَ خَبَرٌ خَرَجَ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ كَافِرٍ ضَافَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَ لَهُ مَعَهُ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ بِأَنَّهُ إِذْ كَانَ كَافِرًا كَانَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ وَلَمَّا أَسْلَمَ أَكَلَ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ إِذْ كَانَ كَافِرًا رَجُلًا أَكُولًا أَجْوَفَ لَا يَقُومُ بِهِ شَيْءٌ فِي أَكْلِهِ فَلَمَّا أَسْلَمَ بُورِكَ لَهُ فِي إِسْلَامِهِ فَنَزَعَ اللَّهُ مِنْ جَوْفِهِ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْكَلَبِ وَالْجُوعِ وَشِدَّةِ الْقُوَّةِ عَلَى الْأَكْلِ فَانْصَرَفَتْ حَالُهُ إِلَى سُبُعِ مَا كَانَ يَأْكُلُ إِذْ كَانَ كَافِرًا فَكَأَنَّهُ إِذْ كَانَ كَافِرًا يَأْكُلُ سَبْعَةَ أَمْثَالِ مَا كَانَ يَأْكُلُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذْ أَسْلَمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي أَضَافَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَرَضَ لَهُ مَعَهُ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ جَهْجَاهُ بْنُ سَعِيدٍ الْغِفَارِيُّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَذَكَرْنَا خَبَرَهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَمِنْ طُرُقِ حَدِيثِهِ مَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَىُ بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ جَهْجَاهٍ الْغِفَارِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ يُرِيدُونَ الْإِسْلَامَ فَحَضَرُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ فَلَمَّا سَلَّمَ قال يأخذ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِيَدِ جَلِيسِهِ فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرُ رَسُولِ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِي وَكُنْتُ رَجُلًا عَظِيمًا طِوَالًا لَا يُقَدُّمُ عَلَيَّ أَحَدٌ فَذَهَبَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَحَلَبَ لِي عَنْزًا فَأَتَيْتُ عَلَيْهَا حَتَّى حَلَبَ لِي سَبْعَةَ أَعْنُزٍ فَأَتَيْتُ عَلَيْهَا ثُمَّ أُتِيتُ بِصَبِيغٍ بِرُمَّتِهِ فَأَتَيْتُ عَلَيْهَا فَقَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ أَجَاعَ اللَّهُ مَنْ أَجَاعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَقَالَ مَهْ يَا أُمَّ أَيْمَنَ أَكَلَ رِزْقَهُ وَرِزْقُنَا عَلَى اللَّهِ فَأَصْبَحُوا قُعُودًا فَاجْتَمَعَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يُخْبِرُ بِمَا أَتَى عَلَيْهِ فَقَالَ جَهْجَاهٌ حُلِبَتْ لِي سَبْعَةُ أَعْنُزٍ فَأَتَيْتُ عَلَيْهَا وَصَبِيغٌ بِرُمَّتِهِ فَأَتَيْتُ عَلَيْهَا فَصَلَّوْا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ فَقَالَ لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ جَلِيسَهُ فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِي وَكُنْتُ رَجُلًا عَظِيمًا طَوِيلًا لَا يُقَدُّمُ عَلَيَّ أَحَدٌ فَذَهَبَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَحُلِبَتْ لِي عَنْزٌ فَتَرَوَّيْتُ وَشَبِعْتُ فَقَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ هَذَا ضَيْفَنَا قَالَ بَلَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ أَكَلَ فِي مَعِيِّ مُؤْمِنٍ اللَّيْلَةَ وَأَكَلَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي مَعِيِّ كَافِرٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ وَالْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُحْتَمَلُ أَنِ الْإِشَارَةَ بِالْأَلِفِ (وَاللَّامِ (61) فِي الكفار وَالْمُؤْمِنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا يَحْمِلُنَا عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّ الْمُعَايَنَةَ وَهِيَ أَصَحُّ عُلُومِ الْحَوَاسِّ تَدْفَعُ أَنْ يَكُونَ ذَا عُمُومًا فِي كُلِّ كَافِرٍ وَمُؤْمِنٍ وَمَعْرُوفٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ الْعُمُومِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ أَلَا

الحديث التاسع

تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ وَهَذِهِ الْإِشَارَةُ فِي النَّاسِ إِنَّمَا هِيَ إِلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ أَخْبَرَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ قُرَيْشًا جَمَعَتْ لَهُمْ وَجَاءَ اللَّفْظُ كَمَا تَرَى عَلَى الْعُمُومِ وَمِثْلُهُ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ لَا يَجْهَلُهُ إِلَّا مَنْ لَا عِنَايَةَ لَهُ بِالْعِلْمِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ فِي كُلِّ كَافِرٍ وَإِنَّهُ لِمَوْضِعِ التَّسْمِيَةِ يَقِلُّ أَكْلُهُ وَهَذَا تَدْفَعُهُ الْمُشَاهَدَةُ وَعِلْمُ الضَّرُورَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ عُبَيْدُ اللَّهِ الْأَغَرُّ فَلَيْسَ عُبَيْدُ اللَّهِ يُعْرَفُ بِالْأَغَرِّ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِالْأَغَرِّ أَبُوهُ وَهُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَلْمَانَ الْأَغَرُّ وَهُوَ عبيد الله ابن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرُّ اسْمُهُ سَلْمَانُ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ كَانَ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا أول الثمر جاؤا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثَمَرِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَبْدُكَ وَخَلِيلُكَ وَنَبِيُّكَ وَإِنِّي عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ وَأَنَّهُ دَعَاكَ

لِمَكَّةَ (وَإِنِّي أَدْعُوكَ لِلْمَدِينَةِ بِمِثْلِ مَا دَعَاكَ بِهِ لِمَكَّةَ وَمِثْلِهِ مَعَهُ ثُمَّ يَدْعُو أَصْغَرَ وَلِيدٍ يَرَاهُ فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثَّمَرَ) وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَيَمَنِنَا قَالُوا وَفِي نَجْدِنَا قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَيَمَنِنَا قَالُوا وَفِي نَجْدِنَا قَالَ هُنَاكَ الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِصَاصُ الرَّئِيسِ وَانْتِخَابِهِ بِأَوَّلِ مَا يُطِلُّ مِنَ الْفَاكِهَةِ إِمَّا هَدِيَّةً وَجَلَالَةً وَتَعْظِيمًا وَمَحَبَّةً وَإِمَّا تَبَرُّكًا بِدُعَائِهِ وَالَّذِي يَغْلِبُ عَلَيَّ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لِيَدْعُوَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالبركة وَسِيَاقُ هَذَا الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَالْمَعْنَيَانِ جَمِيعًا مُحْتَمَلَانِ وَأَمَّا دُعَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمُجَابٌ لَا مَحَالَةَ وَقَدْ ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَدِينَةَ أَفْضَلُ مِنْ مَكَّةَ لِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا بِمِثْلِ دُعَاءِ إِبْرَاهِيمَ لِمَكَّةَ وَمِثْلِهِ مَعَهُ وَهَذَا يُحْتَمَلُ لِمَوْضِعِ دُعَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَوْضِعِ التَّضْعِيفِ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي مَكَّةَ آثَارٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى فَضْلِهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي الْأَفْضَلِ مِنْهُمَا وَقَدْ بَيَّنَّا الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا فِي بَابِ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرحمان مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ فَذَكَرَ مِنْهَا حَجَّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَجَعَلَ الْإِلْحَادَ فِيهِ مِنَ الْكَبَائِرِ وَجَعَلَهُ قِبْلَةَ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ وَرَضِيَ عَنْ عِبَادِهِ فَحَطَّ أَوْزَارَهُمْ بِقَصْدِ الْقَاصِدِ لَهُ مَرَّةً مِنْ دَهْرِهِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْحَزْوَرَةِ

وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكِ خَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّهَا إِلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ وَقَدْ مَضَى مِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا يَكْفِي فِي بَابِ خُبَيْبٍ وَبَابِ زيد ابن رَبَاحٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِهَا عَلَى سَائِرٍ مَا حَرَّمَهُ النَّاسُ وَأَنَّ دُعَاءَ إِبْرَاهِيمَ لِمَكَّةَ كَانَ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ الْآيَةَ وَلَوْ كَانَ الدُّعَاءُ بِالْبَرَكَةِ فِي صَاعِ الْمَدِينَةِ وَمُدِّهَا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِهَا عَلَى مَكَّةَ لَكَانَ كَذَلِكَ دُعَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَرَكَةِ فِي الشَّامِ وَالْيَمَنِ تَفْضِيلًا مِنْهُ لَهُمَا عَلَى مَكَّةَ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَأَمَّا دُعَاءُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَكَرَ الْفِرْيَانِيُّ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ قَالَا سَأَلَ الرِّزْقَ لِمَنْ آمَنَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ قَالَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَحْجِرُهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ دُونَ النَّاسِ وَمَنْ كَفَرَ أَيْضًا فَإِنِّي أَرْزُقُهُ كما

الحديث العاشر

أُرْزَقُ الْمُؤْمِنِينَ أَأَخْلَقُ خَلْقًا لَا أُرْزَقُهُمْ أُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ اضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ قَالَ ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْآدَابِ وَجَمِيلِ الْأَخْلَاقِ إِعْطَاءُ الصَّغِيرِ مِنَ الْوِلْدَانِ وَإِتْحَافِهِ بالطرف وذلك يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنَ الْكَبِيرِ لِقِلَّةِ صَبْرِهِ وَفَرَحِهِ بِذَلِكَ وَفِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي كُلِّ حَالٍ حَدِيثٌ عَاشِرٌ لِسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ مُرْسَلٌ مُتَّصِلٌ مِنْ وُجُوهٍ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميع إن وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ وَيَسْخَطُ لكم قيل وقل وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ مُرْسَلًا لَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ وَتَابَعَهُ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْهُ وَالْقَعْنَبِيِّ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ نَافِعٍ وَأَسْنَدَهُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ذَكَرَا فِيهِ أَبَا هُرَيْرَةَ

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التَّيْمِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى وأبو قرة موسى ابن طَارِقٍ وَالْأُوَيْسِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْحُنَيْنِيُّ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدُ بن أحمد ابن كَامِلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ قَالُوا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بحبل الله جميعا وأن تنصاحوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَالْحَدِيثُ مُسْنَدٌ محفوظ لمالك وَغَيْرُهُ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كذلك روه حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمُوَطَّأِ غُيْرُ هَذَا الْإِسْنَادِ وَعِنْدَ مَالِكٍ فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرُ رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الْإِسْنَادَ غَيْرَ مَحْفُوظٍ وَأَنْ يَكُونَ خَطَأً لِأَنَّ ابْنَ أَبِي رَوَّادٍ هَذَا قَدْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ أَحَادِيثَ أَخْطَأَ فِيهَا أَشْهَرَهَا خَطَأً أَنَّهُ رَوَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ الْحَدِيثَ وَهَذَا خَطَأٌ لَا شَكَّ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَإِنَّمَا حَدِيثُ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ عِنْدَ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ عُمَرَ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ هَذَا الْإِسْنَادِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ فِي هَذَا الْبَابِ فَحَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ اللَّهُ لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا يُحِبُّ لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَأَنْ تَنْصَحُوا وُلَاةَ الْأَمْرِ وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ سُهَيْلٍ فَمَحْفُوظٌ وَلَعَلَّ حَدِيثَ أَبِي الزِّنَادِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عبد الرحمان قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مالك عن سهيل ابن أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ وَيَسْخَطُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السؤال

فِي هَذَا الْحَدِيثِ ضُرُوبٌ مِنَ الْعِلْمِ مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْإِخْلَاصَ فِي عِبَادَتِهِ فِي التَّوْحِيدِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ كُلِّهَا الَّتِي يُعْبَدُ بِهَا وَفِي الْإِخْلَاصِ طَرْحُ الرِّيَاءِ كُلِّهِ لِأَنَّ الرِّيَاءَ شِرْكٌ أَوْ ضَرْبٌ مِنَ الشِّرْكِ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالتَّأْوِيلِ إِنَّ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل فمن كان يرجو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا نَزَلَتْ فِي الرِّيَاءِ وَيَدْخُلُ فِي الْإِخْلَاصِ أَيْضًا التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ وَلَا يُعْطِي وَلَا يَمْنَعُ عَلَى الْحَقِيقَةِ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَفِيهِ الْحَضُّ عَلَى الِاعْتِصَامِ وَالتَّمَسُّكِ بِحَبْلِ اللَّهِ فِي حَالِ اجْتِمَاعٍ وَائْتِلَافٍ وَحَبْلُ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ وَالْآخَرُ الْجَمَاعَةُ وَلَا جَمَاعَةَ إِلَّا بِإِمَامٍ وَهُوَ عِنْدِي مَعْنَى مُتَدَاخِلٌ مُتَقَارِبٌ لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ يَأْمُرُ بِالْأُلْفَةِ وَيَنْهَى عَنِ الْفُرْقَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا الْآيَةَ وَقَالَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا الْآيَةَ قَالَ حَبْلُ اللَّهِ الَّذِي أَمَرَ أَنْ يُعْتَصَمَ بِهِ الْقُرْآنُ وَقَالَ قَتَادَةُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَرِهَ إِلَيْكُمُ الْفُرْقَةَ وَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ فِيهَا وَحَذَّرَكُمُوهَا وَنَهَاكُمْ عَنْهَا وَرَضِيَ لَكُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَالْأُلْفَةِ وَالْجَمَاعَةِ فَارْضَوْا لِأَنْفُسِكُمْ بِمَا رَضِيَ اللَّهُ لَكُمْ فَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ

يَقُولُ مَنْ فَارَقَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا قَالَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَمْرِهِ وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا قَالَ الْقُرْآنُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ أَيْضًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَبْلُ اللَّهِ هُوَ الْقُرْآنُ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا قَالَ حَبْلُ اللَّهِ وَصِرَاطُ اللَّهِ الْمُسْتَقِيمُ كِتَابُ اللَّهِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْهَجَرِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ فَهَذَا قَوْلٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي رَوَى بَقِيٌّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا هشيم عن العوام بن حوشب عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا قَالَ حَبْلُ اللَّهِ الْجَمَاعَةُ قَالَ بقي وحدثنا عثمان ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَسَدِيُّ عَنْ هُشَيْمٍ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا الْآيَةَ قَالَ الْحَبْلُ الَّذِي أَيَّدَ اللَّهُ بِهِ الْجَمَاعَةَ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ ثَابِتِ بْنِ قُطْبَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي خُطْبَتِهِ أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ فَإِنَّهَا حَبْلُ اللَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تُحِبُّونَ فِي الْفُرْقَةِ

وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنِ عبد الرحمان بْنِ سَابِطٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَمَاعَةُ الْقَائِلُ بِالْحَقِّ وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ وَفِيمَا أَجَازَ لَنَا أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَادَانَ الشُّكْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ ثَابِتِ بْنِ قُطْبَةَ قَالَ خَطَبَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ خُطْبَةً لَمْ يَخْطُبْنَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقَوُا اللَّهَ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُمَا حَبْلُ اللَّهِ الَّذِي أَمَرَ به وإن ما تكرهون في الجماعة خير مِمَّا تُحِبُّونَ فِي الْفُرْقَةِ وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا جَعَلَ لَهُ نِهَايَةً فَيَنْتَهِي إِلَيْهِ وَأَنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ فَثَبَتَ وَيُوشِكُ أَنْ يَنْقُصَ وَيَزِيدَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنْ تَقْطَعُوا أَرْحَامَكُمْ وأن تفشو فِيكُمُ الْفَاقَةُ حَتَّى لَا يَخَافَ الْغَنِيُّ إِلَّا الْفَقْرَ وَحَتَّى لَا يَجِدَ الْفَقِيرُ مَنْ يَعْطِفُ عَلَيْهِ حَتَّى يَرَى الرَّجُلُ أَخَاهُ وَابْنَ عَمِّهِ فَقِيرًا لَا يَعْطِفُ عَلَيْهِ وَحَتَّى يَقُومُ السَّائِلُ يَسْأَلُ فِيمَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ فَلَا يُوضَعُ فِي يَدِهِ شَيْءٌ فَبَيْنَمَا النَّاسُ كَذَلِكَ إِذْ خَارَتِ الْأَرْضُ خَوْرَةً مِثْلَ خُوَارِ الْبَقَرِ يَحْسَبُ كُلُّ قَوْمٍ إِنَّمَا خَارَتْ مِنْ سَاحَتِهِمْ ثُمَّ يَكُونُ رُجُوعٌ ثُمَّ تَخُورُ الثَّانِيَةَ بِأَفْلَاذِ كَبِدِهَا قِيلَ وَمَا أَفْلَاذُ كَبِدِهَا قَالَ أَمْثَالُ هَذِهِ السَّوَارِي مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَمِنْ يَوْمِئِذٍ لَا يَنْفَعُ الذهب والفضة إلى يوم القيامة حتى لايجد الرَّجُلُ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُ مَالَهُ صَدَقَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ الظَّاهِرُ فِي حَدِيثِ سُهَيْلٍ هَذَا فِي قَوْلِهِ وَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا أَنَّهُ أَرَادَ الْجَمَاعَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ أَشْبَهُ بِسِيَاقَةِ الْحَدِيثِ

وَأَمَّا كِتَابُ اللَّهِ فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالتَّمَسُّكِ وَالِاعْتِصَامِ بِهِ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ وَغَيْرِ مَا حَدِيثٍ غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الْمُرَادُ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْجَمَاعَةُ عَلَى إِمَامٍ يُسْمَعُ لَهُ وَيُطَاعُ فَيَكُونُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ فِي النِّكَاحِ وَتَقْدِيمُ الْقُضَاةِ لِلْعَقْدِ عَلَى الْأَيْتَامِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ وَيُقِيمُ الْأَعْيَادَ وَالْجُمُعَاتِ وَتُؤَمَّنُ بِهِ السُّبُلُ وَيَنْتَصِفُ بِهِ الْمَظْلُومُ ويجاهد عن الأمة عدوها ويقسم بينها فيها لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ وَالْفُرْقَةَ هَلَكَةٌ وَالْجَمَاعَةَ نَجَاةٌ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ ... إِنِ الْجَمَاعَةَ حَبْلُ اللَّهِ فَاعْتَصَمُوا ... مِنْهُ بِعُرْوَتِهِ الْوُثْقَى لِمَنْ دَانَا ... ... ... كَمْ يَرْفَعُ اللَّهُ بِالسُّلْطَانِ مَظْلَمَةً ... فِي دِينِنَا رَحْمَةً مِنْهُ وَدُنْيَانَا ... ... لَوْلَا الْخِلَافَةُ لَمْ تُؤْمَنْ لَنَا سُبُلٌ ... ... وَكَانَ أَضْعَفُنَا نَهْبًا لِأَقْوَانَا ... وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عبد الرحمان بْنِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ ثَلَاثٌ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ وَهَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ فِي مَعْنَى حَدِيثِ سُهَيْلٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ يُفَسِّرُهُ وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ جُبَيْرُ بْنُ مَطْعِمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَهُ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ قال سمعت عبد الرحمان بْنَ أَبَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ عِنْدِ مَرْوَانَ نِصْفَ النَّهَارِ قُلْتُ مَا بَعَثَ فِيهِ

هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا لِشَيْءٍ سَأَلَهُ عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ سَأَلَنَا عَنْ أَشْيَاءَ سَمِعْنَاهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ ثَلَاثٌ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا نِيَّتُهُ فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتُهُ جَمَعَ اللَّهُ أَمْرَهُ وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ وَسَأَلَنَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَهِيَ الظُّهْرُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ بِخَيْفِ مِنًى فَقَالَ نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَرُبُّ حَامِلِ فِقْهٍ لَا فِقْهَ لَهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ثَلَاثٌ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبٌ مُؤْمِنٌ إِخْلَاصُ الْعِلْمِ لِلَّهِ وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطَةٌ وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لِمَنْ حَفِظَ مَقَالَتَهُ هَذِهِ فَوَعَاهَا ثُمَّ أَدَّاهَا تَأْكِيدًا مِنْهُ فِي حِفْظِهَا وَتَبْلِيغِهَا وَهِيَ قَوْلُهُ ثَلَاثٌ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ وَمُنَاصَحَةُ أُولِي الأمر

فَأَمَّا قَوْلُهُ ثَلَاثٌ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ فَمَعْنَاهُ لَا يَكُونُ الْقَلْبُ عَلَيْهِنَّ وَمَعَهُنَّ غَلِيلًا أَبَدًا يَعْنِي لَا يَقْوَى فِيهِ مَرَضٌ وَلَا نِفَاقٌ إِذَا أَخْلَصَ الْعَمَلَ لِلَّهِ وَلَزِمَ الْجَمَاعَةَ وَنَاصَحَ أُولِي الْأَمْرِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ أَوْ هِيَ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطَةٌ فَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أَهْلَ الْجَمَاعَةِ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ إذا مات

إِمَامُهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِمَامٌ فَأَقَامَ أَهْلُ ذَلِكَ الْمِصْرِّ الَّذِي هُوَ حَضْرَةُ الْإِمَامِ وَمَوْضِعُهُ إِمَامًا لِأَنْفُسِهِمْ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَرَضُوهُ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ خَلْفَهُمْ وَأَمَامَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْآفَاقِ يَلْزَمُهُمُ الدُّخُولُ فِي طَاعَةِ ذَلِكَ الْإِمَامِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُعْلِنًا بِالْفِسْقِ وَالْفَسَادِ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ لِأَنَّهَا دَعْوَةٌ مُحِيطَةٌ بِهِمْ يَجِبُ إِجَابَتُهَا وَلَا يَسَعُ أَحَدًا التَّخَلُّفُ عَنْهَا لِمَا فِي إِقَامَةِ إِمَامَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ وَفَسَادِ ذَاتِ الْبَيْنِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَاللَّفْظُ لِلتِّرْمِذِيِّ قَالَا حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ مُرَّةَ عَنْ عبد الرحمان بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثَلَاثٌ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَطُّ مُسْلِمٌ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةُ الْمُسْلِمِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ هَكَذَا قَالَ وَمُنَاصَحَةُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَاصَّةً وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَتْ مناصحة المسلمين قد وردت في غير ما حَدِيثٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا إبراهيم ابن مُوسَى الْجَوْزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ معوان عن عبد الرحمان بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ وَحُجْرٌ الْكُلَاعِيُّ قَالَا دَخَلْنَا عَلَى الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ وَهُوَ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ

الْآيَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقُلْنَا إِنَّا جِئْنَاكَ زَائِرِينَ وَعَائِدِينَ وَمُقْتَبِسِينَ فَقَالَ عِرْبَاضٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الْغَدَاةِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظْنَا بِمَوْعِظَةٍ بَلِيغَةٍ ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراسدين المهديين عضوا عليها بالنواجد وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتُ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وكل بدعة ضلالة وروى الحرث الْأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ أَمَرَنِي اللَّهُ بِهِنَّ الْجَمَاعَةُ وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ وَالْهِجْرَةُ وَالْجِهَادُ حَدَّثَنَاهُ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ زَيْدًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَلَّامٍ حَدَّثَهُ أَنَّ الحرث الْأَشْعَرِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّاءَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ يَعْمَلُ بِهِنَّ وَيَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ وَأَنَّهُ كَانَ يُبْطِئُ بِهِنَّ وَأَنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ قَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ تَعْمَلُ بِهِنَّ وَتَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنْ نَأْمُرَهُمْ قَالَ يَا أَخِي إِنَّكَ إِنْ تَسْبِقْنِي بِهِنَّ خَشِيتُ أَنْ أُعَذَّبَ أَوْ يُخْسَفَ بِي فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى امْتَلَأَ وَقَعَدَ النَّاسُ عَلَى الشُّرَفِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وإن مثل من أشرك بالله كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ

خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ فَقَالَ هَذِهِ دَارِي وَهَذَا عَمَلِي فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَيَّ فَجَعَلَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ فَأَيُّكُمْ يَسُرُّهُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ وَإِنَّ اللَّهَ خَلْقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ فَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَآمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِعَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ فِي صَلَاتِهِ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصِّيَامِ وَإِنَّ مَثَلَ الصِّيَامِ كَمَثَلِ رَجُلٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ فِي عِصَابَةٍ كُلُّهُمْ يُعْجِبُهُ أَنْ يَجِدَ رِيحَهَا وَإِنَّ الصِّيَامَ عِنْدَ اللَّهِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأَوْثَقُوهُ إِلَى عُنُقِهِ وَقَرَّبُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ لَهُمْ هَلْ لَكَمَ أَنْ أَفْدِيَ نَفْسِي مِنْكُمْ فَجَعَلَ يُعْطِيهِمُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ حَتَّى فَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ كَثِيرًا وَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ كَرَجُلٍ أَصَابَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي إِثْرِهِ حَتَّى أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ أَمَرَنِي اللَّهُ بِهِنَّ الْجَمَاعَةُ وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ وَالْهِجْرَةُ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ رَأَسِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ حِثَاءِ جَهَنَّمَ قَالَ رَجُلٌ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى قَالَ وإن صام وصلى أدعو بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سِمَاكُمُ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَذَا قَالَ حِثَاءُ جَهَنَّمَ وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ جُثَاءُ جَهَنَّمَ بِالْجِيمِ وَذَلِكَ كُلُّهُ خَطَأٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ وَقَدْ أَنْكَرَهُ أبو عبيدة وغيره ز وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ إِنَّمَا هُوَ مِنْ حِثَاءِ جَهَنَّمَ وَهُوَ كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ بِمَكَّةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي الْهُذَيْلِ قَالَ كَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِي يَتَخَوَّلُنَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ قُرَيْشٌ لَنَضَعَنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي جُمْهُورٍ مِنْ جَمَاهِيرِ الْعَرَبِ غَيْرِهِمْ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِي كَذَبْتَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قُرَيْشٌ وُلَاةُ النَّاسِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ مَنْ نَزَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ فَلَا حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَا طَاعَةَ عَلَيْهِ كَانَ مِيتَتُهُ ضَلَالَةً وَرَوَى أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْزَمْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ تَعْتَزِلُ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنَّ تَعَضَّ عَلَى شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ كَذَلِكَ وَرَوَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ وَالْآثَارُ الْمَرْفُوعَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَكَذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ أَيْضًا وَرَوَى أَبُو صَادِقٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْإِسْلَامَ ثَلَاثُ أَثَافِي الْإِيمَانُ وَالصَّلَاةُ وَالْجَمَاعَةُ فَلَا تُقْبَلُ الصَّلَاةُ إِلَّا بِإِيمَانٍ وَمِنْ آمَنَ صَلَّى وَجَامَعَ وَمَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا صُبَيْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفَرْغَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ كَانَ يُقَالُ خَمْسٌ كَانَ عَلَيْهَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ لُزُومُ الْجَمَاعَةِ وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ وَعِمَارَةُ الْمَسَاجِدِ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُفَارَقَةَ الْجَمَاعَةِ وَشَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَالْخِلَافَ عَلَى السُّلْطَانِ المجتمع عليه ويريق الدَّمَ وَيُبِيحُهُ وَيُوجِبُ قِتَالَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حُرِّمَ دَمُهُ قِيلَ لِقَائِلِ ذَلِكَ لَوْ تَدَبَّرْتَ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا بِحَقِّهَا لَعَلِمْتَ أَنَّهُ خِلَافُ مَا ظَنَنْتَ أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَدْ رَدَّ عَلَى عُمَرَ مَا نَزَعَ بِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ مِنْ حَقِّهَا الزَّكَاةُ فَفَهِمَ عُمَرُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَانْصَرَفَ إِلَيْهِ وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ فَقَاتَلُوا مَانِعِي الزَّكَاةِ كَمَا قَاتَلُوا أَهْلَ الرِّدَّةِ وَسَمَّاهُمْ بَعْضُهُمْ أَهْلَ رِدَّةٍ عَلَى الِاتِّسَاعِ لِأَنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَمَعْلُومٌ مَشْهُورٌ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا مَا تَرَكْنَا دِينَنَا وَلَكِنَّ شَحَحْنَا عَلَى أَمْوَالِنَا فَكَمَا جَازَ قِتَالُهُمْ عِنْدَ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ عَلَى مَنْعِهِمُ الزَّكَاةَ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا بِحَقِّهَا فَكَذَلِكَ مَنْ شَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَخَالَفَ إِمَامَ جَمَاعَتِهِمْ وَفَرَّقَ كَلِمَتِهِمْ لِأَنَّ الْفَرْضَ الْوَاجِبَ اجْتِمَاعُ كَلِمَةِ أَهْلِ دِينِ اللَّهِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْ خَالَفَ دِينَهُمْ مِنَ الْكَافِرِينَ حَتَّى تَكُونَ كَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةً وَجَمَاعَتُهُمْ غَيْرَ مُفْتَرِقَةٍ وَمِنَ الْحُقُوقِ الْمُرِيقَةِ لِلدِّمَاءِ الْمُبِيحَةِ لِلْقِتَالِ الْفَسَادُ

فِي الْأَرْضِ وَقَتْلُ النَّفْسِ وَانْتِهَابُ الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْبَغْيُ عَلَى السُّلْطَانِ وَالِامْتِنَاعُ مِنْ حُكْمِهِ هَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ إِلَّا بِحَقِّهَا كَمَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَقَاتَلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْمُرْتَدُّ عَنْ دِينِهِ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقِتَالِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ بِقَوْلِهِ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ وَفِي قَوْلِهِ فَقَاتِلُوا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبَاغِيَ إِذَا انْهَزَمَ عَنِ الْقِتَالِ أَوْ ضَعُفَ عَنْهُ بِمَا لَحِقَهُ مِنَ الْآفَاتِ الْمَانِعَةِ لِلْقِتَالِ حُرِّمَ دَمُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَاتِلٍ وَلَمْ نُؤْمَرْ بِقِتَالِهِ إِلَّا إِذَا قَاتَلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فَقَاتِلُوا وَلَمْ يَقُلْ فَاقْتُلُوا وَالْمُقَاتَلَةُ إِنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ قَاتَلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهَا تَقُومُ مِنَ اثْنَيْنِ وَعَلَى هَذَا كَانَ حُكْمُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَنْ بَغَى عَلَيْهِ وَتِلْكَ كَانَتْ سِيرَتُهُ فِيهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَلِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قُلْتُ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ مَنْ تَرَكَ الْجَمَاعَةَ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ فَقَالَ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ خَلَعَ طَاعَةَ اللَّهِ وَالِاسْتِسْلَامَ لِأَمْرِهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِأُولِي الْأَمْرِ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا عُوقِبَ بِأَشَدِّ مِنْ عُقُوبَتِهِمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا الْآيَةَ هَذَا فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ ففيه إيجاب النصحية عَلَى الْعَامَّةِ لِوُلَاةِ الْأَمْرِ وَهُمُ الْأَئِمَّةُ وَالْخُلَفَاءُ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأُمَرَاءِ (وَقَدْ (109) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ ثَلَاثًا قِيلَ لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ وَهَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ رَوَاهُ كُلُّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَزَعَمَ ابْنُ الْجَارُودِ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَالِكًا وَهِمَ فِي إِسْنَادِهِ لِأَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ رَوَاهُ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ صَدِيقًا كَانَ لِأَبِي مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَنَّهُ سَمِعَ تَمِيمَ الدَّارِيَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ قَالُوا لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِنَبِيِّهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ قَالَ سُفْيَانُ وَكَانَ عَمْرُو بن دنيار حَدَّثَنَاهُ أَوَّلًا عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ فَلَقِيتُ سُهَيْلًا فَسَأَلْتُهُ لِيُحَدِّثَنِيهِ عَنْ أَبِيهِ فَأَكُونُ أَنَا وَغَيْرِي فِيهِ سَوَاءً فَقَالَ سُهَيْلٌ أَنَا سُمِعْتُهُ مِنَ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ أَيْ أَخْبَرَنِيهِ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ صَدِيقًا كَانَ لِأَبِي مِنْ أَهْلِ الشَّامِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَالْحَدِيثُ عِنْدِي صَحِيحٌ مِنَ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَجْلَانَ قَدْ رَوَاهُ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَهَذَا كُلُّهُ يُعَضِّدُ رِوَايَةَ مَالِكٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (112) وَاللَّهُ أَعْلَمُ) فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مِنَ الدِّينِ النُّصْحَ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا أَوْجَبَ مَا يَكُونُ فَكُلُّ مَنْ وَاكَلَهُمْ وَجَالَسَهُمْ وَكُلُّ مَنْ أَمْكَنَهُ نُصْحَ السُّلْطَانِ لَزِمَهُ ذَلِكَ إِذَا رَجَا أَنْ يُسْمَعَ مِنْهُ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَلَّا أَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ خَيْرٌ لِي أَمْ أُقْبِلُ عَلَى أَمْرِي فَقَالَ أَمَّا مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَلَا يَخْفَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَمَنْ كَانَ خِلْوًا فَلْيُقْبِلْ عَلَى نَفْسِهِ وَلِيَنْصَحْ لِأَمِيرِهِ وَسُئِلَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَيَأْتِي الرَّجُلُ إِلَى السُّلْطَانِ فَيَعِظُهُ وَيَنْصَحُ لَهُ وَيَنْدُبُهُ إِلَى الْخَيْرِ فَقَالَ إِذَا رَجَا أَنْ يَسْمَعَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا فَرَّ مَنْ فَرَّ مِنَ الْأُمَرَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْصَحَ لَهُمْ وَلَا يُغَيِّرَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَسْلَمَ مِنْ مُتَابَعَتِهِمْ رَوَى كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ وَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُمْ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَسَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ أَوْ قَالَ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ ذِي سُلْطَانٍ جَائِرٍ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ عن علي ابن زَيْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَفْضَلُ الْجِهَادِ مَنْ قَالَ كَلِمَةَ حَقٍّ عِنْدَ ذِي سُلْطَانٍ جائز وقد ذكرنا خبر بلال بن الحرث فِي بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْكَلَامِ عِنْدَ السُّلْطَانِ عَلَى حَسْبَمَا فَسَّرْنَاهُ هُنَاكَ وَقَدْ كَانَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ يُشَدِّدُ فِي هَذَا فَيَقُولُ رُبَّمَا دَخَلَ الْعَالَمُ عَلَى السُّلْطَانِ وَمَعَهُ دِينُهُ فَيَخْرُجُ وَمَا مَعَهُ مِنْهُ شَيْءٌ قَالُوا كَيْفَ ذَلِكَ قَالَ يَمْدَحُهُ فِي وَجْهِهِ وَيُصَدِّقُهُ فِي كَذِبِهِ وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ لَا تَأْتِهِمْ فَإِنْ أَتَيْتَهُمْ فَاصْدُقْهُمْ قَالَ وَأَنَا أَخَافُ أَلَّا أَصْدُقَهُمْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنْ لَمْ يَكُنْ يَتَمَكَّنُ نُصْحَ السُّلْطَانِ فَالصَّبْرُ وَالدُّعَاءُ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ سَبِّ الْأُمَرَاءِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ قَالَ حدثنا يحيى ابن يَمَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَوْنَنَا عَنْ سَبِّ الْأُمَرَاءِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو عُمَيْرٍ الرَّمْلِيُّ عَنْ ضَمْرَةَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ قَالَ وَقَفَ أَبُو الدَّرْدَاءِ عَلَى بَابِ مُعَاوِيَةَ فَحَجَبَهُ لِشُغْلٍ كَانَ فِيهِ فَكَأَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ فَقَالَ مَنْ يَأْتِ أَبْوَابَ السُّلْطَانِ قَامَ وَقَعَدَ وَمَنْ يَجِدْ بَابًا مُغْلَقًا يَجِدْ إِلَى جَنْبِهِ بَابًا رَجَا فَتْحًا إِنْ سَأَلَ أُعْطِيَ وَإِنِ اسْتَعَاذَ أُعِيذَ وَإِنَّ أَوَّلَ نِفَاقِ الْمَرْءِ طَعْنُهُ عَلَى إِمَامِهِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ مَا سَبَّ قَوْمٌ أَمِيرَهُمْ إِلَّا حُرِمُوا خَيْرَهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ نَصْرُ بْنُ مُهَاجِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَيْضُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ إِذَا كَانَ وَالِي الْقَوْمِ خَيْرًا مِنْهُمْ لَمْ يَزَالُوا فِي عَلْيَاءَ وَإِذَا كَانَ وَالِيهُمْ شَرًّا مِنْهُمْ أَوْ قَالَ شَرُّهُمْ لَمْ يَزْدَادُوا إِلَّا سفالا

وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظَرِ السَّاعَةَ وَحِينَئِذٍ تُرْفَعُ الْأَمَانَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ مِنَ النُّصْحِ لِرَعِيَّتِهِ كَالَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِمْ لَهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ عَلَيْهِمْ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ الْحَدِيثَ رَوَاهُ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ أَمِيرٍ يؤمر على عشرة إلا يسئل عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنِ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً وَمَاتَ وَهُوَ لَهَا غَاشٌّ حَرَّمَ اللَّهُ عليه الجنة حدثناه أحمد ابن قاسم بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ عَنِ الْحَسَنِ فَذَكَرَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن زهير والحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَا حَدَّثَنَا هَوْذَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ مَرِضَ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ مَرَضًا ثَقُلَ فِيهِ فَأَتَاهُ زِيَادٌ يَعُودُهُ فَقَالَ إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مَنِ اسْتُرْعِيَ رَعِيَّةً فَلَمْ يُحِطْهُمْ بِنَصِيحَةٍ لَمْ يَجِدْ رِيحَ الْجَنَّةِ وَرِيحُهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خمسمائة عام

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شَاهِينَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَهْلٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ لَا إِسْلَامَ إِلَّا بِطَاعَةٍ وَلَا خَيْرَ إِلَّا فِي الْجَمَاعَةِ وَالنُّصْحِ لِلَّهِ وَلِلْخَلِيفَةِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ فَمَعْنَى قِيلَ وَقَالَ وَاللَّهُ اعلم الحديث بما لا معنى لا وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ مِنْ أَحَادِيثِ النَّاسِ الَّتِي أَكْثَرُهَا غِيبَةٌ وَلَغَطٌ وَكَذِبٌ وَمَنْ أَكْثَرَ مِنَ الْقِيلِ وَالْقَالِ مَعَ الْعَامَّةِ لَمْ يَسْلَمْ مِنَ الْخَوْضِ فِي الْبَاطِلِ وَلَا مِنَ الِاغْتِيَابِ وَلَا مِنَ الْكَذِبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا يَسْمَعُ وَمَكْتُوبٌ فِي حِكْمَةِ دَاوُدَ وَفِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ مَنْ عَدَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ وَفِي الْمَثَلِ السَّائِرِ التَّقِيُّ مُلْجَمٌ وَقَدْ مَضَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ وَمَضَى هُنَاكَ فِي الصَّمْتِ وَحِفْظِ اللِّسَانِ بَعْضُ مَا يَكْفِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ فَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ التَّكْثِيرُ فِي السُّؤَالِ مِنَ الْمَسَائِلِ وَالنَّوَازِلِ وَالْأُغْلُوطَاتِ وَتَشْقِيقِ الْمُوَلَّدَاتِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْبَابَ وَبَسَطْنَاهُ وَأَشْبَعْنَا الْقَوْلَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ

وَقَالَ مَالِكٌ أَمَّا نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ عَنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ فَلَا أَدْرِي أَهْوَ الَّذِي أَنْهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ فَقَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلُ وَعَابَهَا أَمْ هُوَ مَسْأَلَةُ النَّاسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الظَّاهِرُ فِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ كَرَاهَةُ السُّؤَالِ عَنِ الْمَسَائِلِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْإِكْثَارِ لَا عَلَى الْحَاجَةِ عِنْدَ نُزُولِ النَّازِلَةِ لِأَنَّ السُّؤَالَ فِي مَسْأَلَةِ النَّاسِ إِذَا لَمْ يَجُزْ فَلَيْسَ يُنْهَى عَنْ كَثْرَتِهِ دُونَ قِلَّتِهِ بَلِ الْآثَارُ فِي ذَلِكَ آثَارُ عُمُومٍ لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ لِمَنْ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ وَقَدْ مَضَى فِي مَعْنَى السُّؤَالِ وَمَا يَجُوزُ مِنْهُ وَلِمَنْ يَجُوزُ أَبْوَابٌ كَافِيَةٌ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا حَدِيثُ هَذَا الْبَابِ فَمَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا ذَكَرْنَا عَلَى أَنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَكَانَ الْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ وَيُلِحُّونَ فِيهَا فينزل تحريمها قال الله عز وجل يا ايها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَمَّا لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ عَلَى النَّاسِ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ وَرُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَعِكْرِمَةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَنَّهُمْ قَالُوا كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ يَوْمًا فَأَكْثَرُوا عَلَيْهِ فَقَامَ مُغْضَبًا وَقَالَ سَلُونِي فَوَاللَّهِ لَا تَسْأَلُونِي أَوْ لَا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ عَنْ شَيْءٍ فِي مَقَامِي هَذَا إِلَّا أَخْبَرْتُهُ وَلَوْ سَأَلَنِي عَنْ أَبِيهِ لَأَخْبَرْتُهُ فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ مَنْ أَبِي فَقَالَ أَبُوكُ

حُذَافَةُ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَقَالَتْ أُمُّهُ مَا رَأَيْتُ وَلَدًا أَعَقَّ مِنْكَ أَكُنْتَ تَأْمَنُ أَنْ تَكُونَ أُمُّكَ قَارَفَتْ مَا قَارَفَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فَتَفْضَحَهَا وَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ الْحَجُّ وَاجِبٌ فِي كُلِّ عَامٍ أَمْ مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَالَ بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ وَقَامَ سَعْدٌ مَوْلَى شَيْبَةَ فَقَالَ مَنْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنْتَ سَعْدُ مَوْلَى شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَقَالَ أَيْنَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنْتَ فِي النَّارِ فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَغَضِبِ رَسُولِهِ فَنَزَلَتْ عِنْدَ ذَلِكَ يا ايها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ الْآيَةَ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ قَالَ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ أَشْيَاءَ وَأَحَلَّ أَشْيَاءَ فَمَا حَرَّمَ فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَحَلَّ فَاسْتَحِلُّوهُ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهُ وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ أَرَادَ سُؤَالَ الْمَالِ وَالْإِلْحَاحَ فِيهِ عَلَى الْمَخْلُوقِينَ وَاسْتَدَلُّوا بِعَطْفِهِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَبِمَا رَوَاهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَمَنَعَ وَهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ وَعُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ قَالُوا فَقَوْلُهُ وَمَنَعَ وَهَاتِ هُوَ مِنْ بَابِ السُّؤَالِ وَالْمَنْعِ فِي الْمَالِ لَا فِي الْعِلْمِ قَالُوا فَكَذَلِكَ نَهْيُهُ عَنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي أَبِي أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُغِيرَةُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى الْمُغِيرَةِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةُ إِنِّي

سَمِعْتُهُ يَقُولُ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل شَيْءٍ قَدِيرٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ومنع وَهَاتِ وَعُقُوقِ الْأُمَّهَاتِ وَوَأْدِ الْبَنَاتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى فِيمَا يَحِلُّ مِنَ السُّؤَالِ وَمَا لَا يَحِلُّ أَبْوَابٌ كَافِيَةٌ فِيمَا سَلَفَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالسُّؤَالُ إِذَا لَمْ يَحِلَّ فَلَا يَحِلُّ مِنْهُ الْكَثِيرُ وَلَا الْقَلِيلُ وَإِذَا كَانَ جَائِزًا حَلَالًا فَلَا بَأْسَ بِالْإِكْثَارِ مِنْهُ حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الْحَدِّ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ كَثْرَةَ الْمَسَائِلِ وَيَعِيبُهَا وَالِانْفِكَاكُ عِنْدِي مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَالِانْفِصَالُ مِنْ هَذَا السُّؤَالِ وَالْإِدْخَالِ أَنَّ السُّؤَالَ الْيَوْمَ لَا يُخَافُ مِنْهُ أَنْ يَنْزِلَ تَحْرِيمٌ وَلَا تَحْلِيلٌ مِنْ أَجْلِهِ فَمَنْ سَأَلَ مُسْتَفْهِمًا رَاغِبًا فِي الْعِلْمِ وَنَفْيِ الْجَهْلِ عَنْ نَفْسِهِ بَاحِثًا عَنْ مَعْنًى يَجِبُ الْوُقُوفُ فِي الدِّيَانَةِ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَشِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ وَمَنْ سَأَلَ مُعَنِّتًا غَيْرَ مُتَفَقِّهٍ وَلَا مُتَعَلِّمٍ فَهَذَا لَا يَحِلُّ قَلِيلُ سُؤَالِهِ وَلَا كَثِيرُهُ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذِهِ الْمَعَانِيَ كُلَّهَا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ بِمَا لَا سبيل إلى ذكره ههنا وَأَمَّا قَوْلُهُ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ فَلِلْعُلَمَاءِ فِي تَأْوِيلِ مَعْنَاهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ أَرَادَ بِذِكْرِ المال ههنا الْحَيَوَانَ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ أَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهِمْ وَلَا يُضَيَّعُونَ فَيَهْلَكُونَ وَهَذَا قَوْلٌ رَوَاهُ السَّرِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ

وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِحَدِيثِ أَنَسٍ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ عَامَّةَ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ كَانَتْ قَوْلَهُ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالْقَوْلُ الثَّانِي إِضَاعَةُ الْمَالِ بِتَرْكِ إِصْلَاحِهِ وَالنَّظَرِ فِيهِ وَكَسْبِهِ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ هَذَا بِقَوْلِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ لِبَنِيهِ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ يَا بَنِيَّ عَلَيْكُمْ بِالْمَالِ وَاصْطِنَاعِهِ فَإِنَّ فِيهِ مَنْبَهَةٌ لِلْكَرِيمِ وَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنِ اللَّئِيمِ وَبُقُولِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي فِي خُطْبَتِهِ حَيْثُ قَالَ يَا مَعْشَرَ النَّاسِ إِيَّايَ وَخِلَالًا أَرْبَعًا فَإِنَّهَا تَدْعُو إِلَى النَّصَبِ بَعْدَ الرَّاحَةِ وَإِلَى الضِّيقِ بَعْدَ السَّعَةِ وَإِلَى الْمَذَلَّةِ بَعْدَ الْعِزِّ إِيَّايَ وَكَثْرَةَ الْعِيَالِ وَإِخْفَاضَ الْجَلَالِ وَالتَّضْيِيعَ لِلْمَالِ وَالْقِيلَ وَالْقَالَ فِي غَيْرِ دَرَكٍ وَلَا نَوَالٍ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ إِضَاعَةُ الْمَالِ إِنْفَاقُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ مِنَ الْبَاطِلِ وَالْإِسْرَافِ وَالْمَعَاصِي لَا جَعَلَنَا اللَّهُ مِمَّنْ يَسْتَعِينُ بِنِعَمِهِ عَلَى مَعَاصِيهِ آمِينَ بِرَحْمَتِهِ حدثنا عبد الرحمان حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَشِيطٍ قَالَ سَأَلْتُ عُمَرَ مَوْلَى عَفْرَةَ عَنِ الْإِسْرَافِ مَا هُوَ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ أَنْفَقْتَهُ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ فَهُوَ سَرَفٌ وَإِضَاعَةُ الْمَالِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ فَقَالَ أَنْ يَرْزُقَكَ اللَّهُ فَتُنْفِقَهُ فِيمَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَهَكَذَا قال مالك

تابع لحرف السين

سُمَيٌّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ هُوَ سُمَيٌّ مَوْلَى أبي بكر بن عبد الرحمان بن الحرث بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ ثَبَتٌ لَا قَوْلَ فِيهِ وَلَا مَقَالَ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي عَدَالَتِهِ وَأَمَانَتِهِ إِلَّا أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ قَالَ قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَسُمَيٌّ أَثْبَتُ عِنْدَكَ أَوِ الْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ الْقَعْقَاعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ سُمَيٍّ فَقَالَ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَقُتِلَ سُمَيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقُدَيْدٍ وَكَانَتْ غَزْوَةُ قُدَيْدٍ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ قَالَ سُفْيَانُ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْتُ عَنْ سُمَيٍّ قَالُوا خَرَجَ إِلَى الْغَزْوِ قِيلَ لِسُفْيَانَ كَأَنَّ سُمَيًّا قُتِلَ قَالَ زَعَمُوا أَنَّ الْخَوَارِجَ قَتَلَتْهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لِمَالِكٍ عَنْهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ حَدِيثًا أَحَدُهَا مُرْسَلٌ وَفِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ فَتَصِيرُ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيثًا حَدِيثٌ أَوَّلُ لِسُمَيٍّ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ إِذِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا (فَنَزَلَ فِيهَا) فَشَرِبَ فَخَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ مِنِّي فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا قَالَ فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِسَاءَةَ إِلَى الْبَهَائِمِ وَالْحَيَوَانِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَحِلُّ وَأَنَّ فَاعِلَهَا يَأْثَمُ فِيهَا لِأَنَّ النَّصَّ إِذَا وَرَدَ بِأَنَّ فِي الْإِحْسَانِ إِلَيْهِنَّ أَجْرًا وَحَسَنَاتٍ قَامَ الدَّلِيلُ بِأَنَّ فِي الْإِسَاءَةِ إِلَيْهِنَّ وِزْرًا وَذُنُوبًا وَاللَّهُ يَعْصِمُ مَنْ يَشَاءُ وَهَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا مَدْفَعَ له

وَقَدْ رَوَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ أَطْلَقَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ فَعُذِّبَتْ فِي ذَلِكَ فَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ مَا قُلْنَا وَهُوَ أَمْرٌ لَا تَنَازُعَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَاتِ الْبَهَائِمِ الْمَمْلُوكَةِ عَلَى مَالِكِيهَا وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَيْضًا وَلَا فِي الْقَضَاءِ بِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابن جَعْفَرٍ قَالَ أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا أَبَدًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحب إليه ما استتر به في حاجته هدفا أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ فَدَخَلَ يَوْمًا حَائِطًا مِنْ حيطان الأنصار فغذا جَمَلٌ قَدْ أَتَاهُ فَجَرْجَرَ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَاتَهُ وَذِفْرَاهُ فَسَكَنَ فَقَالَ مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ هُوَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَمَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هذه البهيمة التي ملكك اللَّهُ إِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ

وَرُوِيَ هَذَا الْخَبَرُ مِنْ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ صُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَفِيهِ فَاسْتَوْصِ بِهِ خَيْرًا قَالَ فَقَالَ صَاحِبُهُ لَا جَرَمَ وَاللَّهِ لَا أُكْرِمُ مَالًا كَرَامَتَهُ أَبَدًا وَأَمَّا قَوْلُهُ ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَمَعْنَاهُ قَطَرَتْ دُمُوعُهُمَا قَطْرًا ضَعِيفًا وَالسَّرَاةُ الظَّهْرُ وَالذِّفْرَى مَا وَرَاءَ الْأُذُنَيْنِ عَنْ يَمِينِ النُّقْرَةِ وَشِمَالِهَا تُثَنَّى الذِّفْرَانِ وَتُجْمَعُ الذَّفَارَى قَالَ ذُو الرُّمَّةِ ... وَالْقُرْطُ فِي حُرَّةِ الذِّفْرَى مُعَلَّقُهُ ... ... تَبَاعَدَ الْحَبْلُ مِنْهُ فَهُوَ يَضْطَرِبُ ... وَالْحَائِشُ حَائِطُ النَّخْلِ وَالْحَدِيقَةُ مِنْهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ صَاحِبُنَا حدثنا الحسن بن محمد ابن إسحاق الإسفراني حدثني خالي أبو عوامة يعقوب بن إسحاق الإسفراني حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ بَكْرٍ وَبِهِ حَدَّثَنَا زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ سُرَاقَةَ بن مالك بن جعثم أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجَعِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الضَّالَّةَ تَرِدُ عَلَى حَوْضِ إِبِلِي هَلْ لِي فِيهَا مِنْ أَجْرٍ إِنْ سَقَيْتُهَا قَالَ نَعَمْ فِي الْكَبِدِ الْحَرَّى أَجْرٌ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا غَرِيبٌ عَنْ مَالِكٍ وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ أَصْحَابُ الزهري عن الزهري عن عبد الرحمان بن مالك بن جعثم عن أبيه عن أخيه سراقة بن جعثم كَذَلِكَ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِسُمَيٍّ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال بينما رجل يمشي بطريق إذ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَذَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ وَقَالَ الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا وَلَوْ يَعْلَمُونَ ما في التهجير لاتسبقوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ فِي وَاحِدٍ كَذَلِكَ يَرْوِيهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَكَذَا هِيَ مَحْفُوظَةٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَحَدُهَا حَدِيثُ الَّذِي نَزَعَ غُصْنَ الشَّوْكِ عَنِ الطَّرِيقِ وَالثَّانِي حَدِيثُ الشُّهَدَاءِ وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ وَهَذَا الْقِسْمُ الثَّالِثُ سَقَطَ لِيَحْيَى مِنْ بَابٍ وَهُوَ عِنْدَهُ فِي بَابٍ آخَرَ مِنْهَا مَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي بَابِ الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ إِلَى قَوْلِهِ وَلَوْ حَبْوًا فَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ فِي ذَلِكَ الْبَابِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَضَّاحٍ عَنْ يَحْيَى وَهُوَ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ فِيمَا عَلِمْتُ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ نَزْعَ الْأَذَى مِنَ الطُّرُقِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَأَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ تُكَفِّرُ السَّيِّئَاتِ وَتُوجِبُ الْغُفْرَانَ وَالْحَسَنَاتِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْتَقِرَ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ فَرُبَّمَا غُفِرَ لَهُ بِأَقَلِّهَا أَلَا تَرَى إِلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ شَكَرَ لَهُ إِذْ نَزَعَ غُصْنَ الشَّوْكِ عَنِ الطَّرِيقِ فَغَفَرَ لَهُ ذُنُوبَهُ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً إِحْدَاهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ وَقَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَقَالَ الحكيم ... ومتى تفعل الكثير من الخير ... ... إِذَا كُنْتَ تَارِكًا لِأَقَلِّهِ ... حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ وَسَعْدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أرض الضلالة صدقة ونظرك للرجل الردئ الْبَصَرِ صَدَقَةٌ وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ سَابِقٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حُوسِبَ رَجُلٌ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا غُصْنُ شَوْكٍ نَحَّاهُ عَنِ الطَّرِيقِ فَغُفِرَ لَهُ هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ بهذا الإسناد وخالفه فيه غير مِنْ أَصْحَابِ هِشَامٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ فَهَكَذَا جَاءَ فِي (هَذَا) الْحَدِيثِ وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ مِنَ كِتَابِنَا هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الشُّهَدَاءُ سَبْعَةٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهَذِهِ زِيَادَةٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَمَعَانِيهِ فِي ذَلِكَ الْبَابِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَخْبَرَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِيقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جبار بن عتيك بن الحرث بْنِ عَتِيكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشُّهَدَاءُ سَبْعَةٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمَطْعُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ وَالْمَبْطُونُ وَالْحَرِقُ وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ يَعْنِي كُلُّهُمْ شَهِيدٌ

وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ مُمَهَّدًا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا فَضْلُ النِّدَاءِ وَهُوَ الْأَذَانُ وَفَضْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَفَضْلُ الْبُكُورِ بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ بَكَّرَ وَانْتَظَرَ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ مِمَّنْ تَأَخَّرَ ثُمَّ تَخَطَّى إِلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَفِي هَذَا مَا يُوَضِّحُ لَكَ مَعْنَى فَضْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَنَّهُ وَرَدَ مِنْ أَجْلِ الْبُكُورِ إِلَيْهِ وَالتَّقَدُّمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ فَضْلُ شُهُودِ الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَعَانِي مُكَرَّرَةً فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا معنى لتكريرها بعد ههنا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا جَوَازُ تَسْمِيَةِ الْعِشَاءِ بِالْعَتَمَةِ وَهُوَ مَوْضِعُ اخْتِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ احْتَجَّ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَمَّاهَا الْعِشَاءَ بِقَوْلِهِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِحَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ هَذِهِ إِنَّمَا هِيَ الْعِشَاءُ وَإِنَّمَا يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ لِأَنَّهُمْ يُعَتِّمُونَ بِالْإِبِلِ وَمَنْ أَجَازَ تَسْمِيَةَ الْعِشَاءِ بِالْعَتَمَةِ فَحُجَّتُهُ حَدِيثُ سُمَيٍّ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقِ لِلصَّوَابِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا فَإِنَّمَا الِاسْتِهَامُ عَلَى الصَّفِّ لَا عَلَى الْأَذَانِ وَعَلَيْهِ رَجَعَ الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يُؤَذِّنُ فِيهِ إِلَّا وَاحِدٌ كَالْمَغْرِبِ وَالْجُمُعَةُ تَجْمَعُ كثرة المؤذنين

الحديث الثالث

قَالَ أَبُو عُمَرَ يَحُضُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْأَذَانِ فَتَبْطُلُ السُّنَّةُ فِيهِ بِالتَّوَاكُلِ وَقِلَّةِ الرَّغْبَةِ وَقَدْ رَوَى أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ (359 قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ تَرَكْتَنَا بَعْدَكَ نَتَنَافَسُ فِي الْأَذَانِ فَقَالَ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا سَفَلَتُهُمْ مُؤَذِّنُوهُمْ وَهَذَا حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ أَبُو حَمْزَةَ هَذَا وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ (36) وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِسُمَيٍّ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال إِذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فَقُولُوا آمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ إِسْنَادًا آخَرَ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا

الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ من أهل الأرض قول أهل غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ آمِينَ وَأَنَّ الْمَأْمُومَ يَقُولُهَا دُونَهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُفَسِّرُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا يُرِيدُ إِذَا دَعَا بِقَوْلِهِ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ لِأَنَّ الدَّاعِيَ يُسَمَّى مُؤَمِّنًا كَمَا يُسَمَّى الْمُؤَمِّنُ دَاعِيًا وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمُوسَى وَهَارُونَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا وَإِنَّمَا كَانَ هَارُونُ مُؤَمِّنًا وَمُوسَى الدَّاعِيَ فِيمَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَقَالَ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ آمِينَ إِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ لَمْ يُرِدْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا جَاءَ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ آمِينَ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْهُ قَوْلُهُ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ آمِينَ وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِمَا جَاءَ عَنْهُ فِي حَدِيثِ سُمَيٍّ هَذَا أَنْ يُعَرِّفَهُمْ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يَقُولُونَ فِيهِ آمِينَ وَهُوَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ لِيَكُونَ قَوْلُهُمَا مَعًا وَلَا يَتَقَدَّمُوهُ بِقَوْلِ آمِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ بِلَالٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ وَقَدْ مَضَى هَذَا الْخَبَرَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَبَابِ ابْنِ شهاب ومضى

مِنَ الْقَوْلِ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ هُنَاكَ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ إِذَا جَهَرَ لَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَلَا بِغَيْرِهَا لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِهَا لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِمْ لَأَمَرَهُمْ إِذَا فَرَغُوا مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَنْ يُؤَمِّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ قِرَاءَتِهِ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيمَنْ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَنْ يُؤَمِّنَ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَأْمُومِينَ إِذَا اشْتَغَلُوا بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ لَمْ يَكَادُوا يَسْمَعُونَ فَرَاغَهَ مِنْ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَكَيْفَ يُؤْمَرُونَ بِالتَّأْمِينِ عِنْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ وَلَا الضَّالِّينَ وَيُؤْمَرُونَ بِالِاشْتِغَالِ عَنِ اسْتِمَاعِ ذَلِكَ هَذَا مَا لَا يَصِحُّ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْرَأُ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ بِغَيْرِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَالْقِيَاسُ أَنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَغَيْرَهَا سَوَاءٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ إِذَا فَرَغَ إِمَامُهُمْ مِنْهَا أَنْ يُؤَمِّنُوا فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَشْتَغِلُوا بِغَيْرِ الِاسْتِمَاعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ كُلِّهِ وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي تَأْمِينِ الْإِمَامِ وَحُجَّةُ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ فِي ذَلِكَ مُمَهَّدًا مَبْسُوطًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا مَعْنَى لِتَكْرِيرِ ذَلِكَ ههنا

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِسُمَيٍّ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ هَذَا مِنْ أَحْسَنِ حَدِيثٍ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَضَائِلِ الذِّكْرِ وَالْآثَارُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ جِدًّا بِمَعَانٍ مُتَقَارِبَةٍ وَبَرَكَاتُهَا وَفَائِدَتُهَا الْعَمَلُ بِهَا وَرَحِمَ اللَّهُ الشَّعْبِيَّ حَيْثُ قَالَ كُنَّا نَسْتَعِينُ عَلَى حِفْظِ الْحَدِيثِ بِالْعَمَلِ بِهِ حَدَّثَنَا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمان وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ صَالِحٍ مولى وجرة عن أم هانيء بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ قَالَتْ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ قَدْ ثَقُلْتُ فَعَلِّمْنِي شَيْئًا أَقُولُهُ وَأَنَا جَالِسَةٌ قَالَ قُولِي اللَّهُ أَكْبَرُ مِائَةَ مَرَّةٍ فَهُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ مائة بدنة متجللة مُتَقَبَّلَةٍ وَقُولِي سُبْحَانَ اللَّهِ مِائَةَ مَرَّةٍ فَهُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ مِائَةِ فَرَسٍ مُسْرَجَةٍ مُلْجَمَةٍ تحملها فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقُولِي الْحَمْدُ لِلَّهِ مِائَةَ مرة فهو خير من مائة رقبة تعتقها مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَقُولِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ لَا تَذَرُ ذَنْبًا وَلَا يشبهها عمل

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِسُمَيٍّ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذِّكْرَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَلَا تَرَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إِذَا قِيلَ مِائَةَ مَرَّةٍ يَعْدِلُ عَشْرَ رِقَابٍ إِلَى مَا ذُكِرَ فِيهِ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَمَحْوِ السَّيِّئَاتِ وَهَذَا أَمْرٌ كَثِيرٌ فَسُبْحَانَ الْمُتَفَضِّلِ الْمُنْعِمِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَلِيمُ (519 الْخَبِيرُ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ عَلَى مَا قُلْنَا قَوْلُ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَلَا أَدُلُّكُمْ أَوْ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٍ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصَّوْمِ وَخَيْرٍ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا (52) أَعْنَاقَكُمْ قَالُوا بَلَى قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَقَالُوا ذِكْرُ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ حَطْمِ السُّيُوفِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرُهُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ هِيَ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا فَحَسْبُكَ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ فَضْلِ الذِّكْرِ وَفَّقَنَا اللَّهُ وَحَبَّبَ إِلَيْنَا طَاعَتَهُ وَأَعَانَنَا عَلَيْهَا بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ آمِينَ وَهَذَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ الْكَلَامَ بِالْخَيْرِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَأَعْمَالِ الْبِرِّ أَفْضَلُ مِنَ الصَّمْتِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ بِالْحَقِّ كُلُّهُ وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَإِنَّمَا الصَّمْتُ الْمَحْمُودُ الصَّمْتُ عَنِ الْبَاطِلِ ذَكَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابن عباس فِي قَوْلِهِ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ قَالَ عَنِ الْبَاطِلِ وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا قَالَ لَا يُسَاعِدُونَ أَهْلَ الْبَاطِلِ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَلَا يُمَالِئُونَهُمْ وَقَالَ مُجَاهِدٌ إِذَا أُوذُوا صَفَحُوا وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ أُمِّ صَالِحٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَلَامُ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ لَا لَهُ إِلَّا أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ ذِكْرُ اللَّهِ قَالَ

الحديث السادس

ابْنُ خُنَيْسٍ فَتَعَجَّبَ الْقَوْمُ فَقَالَ سُفْيَانُ مِمَّ تَعْجَبُونَ أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَقَالَ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إلا من أذن له الرحمان وَقَالَ صَوَابًا قَالَ أَبُو عُمَرَ مِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ الْكَلَامَ بِالْخَيْرِ وَالذِّكْرِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّمْتِ أَنَّ فَضَائِلَ الذِّكْرِ الثَّابِتَةَ فِي الْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَسْتَحِقُّهَا الصَّامِتُ رَوَى شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ مِائَةَ مَرَّةٍ إِذَا أَصْبَحَ وَمِائَةَ مَرَّةٍ إذا أمسى لم يجيء أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِنْ عَمَلِهِ إِلَّا مَنْ قَالَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثٌ سَادِسٌ لِسُمَيٍّ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةٍ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ

الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ طُوِيَتِ الصُّحُفُ وَحَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يستمعون الذكر قال أبو عمر الذكر ههنا الْخُطْبَةُ وَمَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ أَرَادَ سَاعَاتِ النَّهَارِ مِنْ أَوَّلِهِ وَاحْتَجُّوا بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالُوا لَا بَأْسَ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَهُوَ أَفْضَلُ عِنْدَهُمْ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الْبُكُورَ إِلَى الْجُمُعَةِ غُدْوَةً وَضُحًى وَيُسْتَحَبُّ التَّهْجِيرُ عَلَى قَدْرٍ إِلَّا مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بَعِيدًا عَنِ الْمَسْجِدِ فَلْيَخْرُجْ قَدْرَ مَا يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَيُدْرِكُ الصَّلَاةَ وَالْخُطْبَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَدُوَادُ يُسْتَحَبُّ الْبُكُورُ إِلَى الْجُمُعَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ الْبُكُورُ بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَى الزَّوَالِ وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ قَالَ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ لَا يَنْبَغِي التَّهْجِيرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَاكِرًا فَقَالَ هَذَا خِلَافُ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْكَرَهُ وَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ ذَهَبَ فِي هَذَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كَالْمُهْدِي جَزُورًا وَكَالْمُهْدِي كَذَا وَكَانَ ابْنُ حَبِيبٍ يَمِيلُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ وَيُنْكِرُ قَوْلَ مَالِكٍ وَقَالَ هُوَ تَحْرِيفٌ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ وَمُحَالٌ مِنْ وُجُوهٍ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَكُونُ سَاعَاتٌ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ وَالشَّمْسُ إِنَّمَا تَزُولُ فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ مِنَ النَّهَارِ وَهُوَ وَقْتُ الْأَذَانِ وَخُرُوجِ الْإِمَامِ إِلَى الْخُطْبَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الساعات المذكورة

فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ سَاعَاتُ النَّهَارِ الْمَعْرُوفَاتُ فَبَدَأَ بِأَوَّلِ سَاعَاتِ الْيَوْمِ فَقَالَ مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً ثُمَّ قَالَ فِي الْخَامِسَةِ بَيْضَةً ثُمَّ انْقَطَعَ التَّهْجِيرُ وَحَانَ وَقْتُ الْأَذَانِ قَالَ فَشَرْحُ الْحَدِيثِ بَيِّنٌ فِي لَفْظِهِ وَلَكِنَّهُ حُرِّفَ عَنْ وَجْهِهِ وَشُرِحَ بِالْخُلْفِ مِنَ الْقَوْلِ وَبِمَا لَا يَتَكَوَّنُ وَزَهَّدَ شَارِحُهُ النَّاسَ فِيمَا رَغَّبَهُمْ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّهْجِيرِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إِنَّمَا يَجْتَمِعُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ قَالَ وَقَدْ جَاءَتِ الْآثَارُ بِالتَّهْجِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَقَدْ سُقْنَا مِنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِ وَاضِحِ السُّنَنِ مَا فِيهِ بَيَانٌ وَكِفَايَةٌ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مِنْهُ تَحَامُلٌ عَلَى مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ الَّذِي قَالَ الْقَوْلَ الَّذِي أَنْكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَجَعَلَهُ خُلْفًا مِنَ الْقَوْلِ وَتَحْرِيفًا مِنَ التَّأْوِيلِ وَالَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ هُوَ الَّذِي تَشْهَدُ لَهُ الْآثَارُ الصِّحَاحُ الثَّابِتَةُ مِنْ رِوَايَةِ الْفُقَهَاءِ الْأَئِمَّةِ مَعَ مَا صَحِبَهُ عِنْدَهُ مِنْ عَمَلِ الْعُلَمَاءِ بِبَلَدِهِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا يَصِحُّ فِيهِ الِاحْتِجَاجُ بِالْعَمَلِ لِأَنَّ مَالِكًا كَانَ مُجَالِسًا لِعُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ وَمُشَاهِدًا لِوَقْتِ حَرَكَتِهِمْ وَخُرُوجِهِمْ إِلَى الْجُمُعَةِ وَكَانَ أَشَدَّ الْفُقَهَاءِ اتِّبَاعًا لِسَلَفِهِ وَلَوْ رَآهُمْ يُبَكِّرُونَ إِلَى الْجُمُعَةِ وَيَخْرُجُونَ إِلَيْهَا مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مَا أَنْكَرَ ذَلِكَ مَعَ حِرْصِهِ عَلَى اتِّبَاعِهِمْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مَالِكٌ عِنْدِي أَتْبَعُ مِنْ سُفْيَانَ يُرِيدُ أَشَدَّ اتِّبَاعًا لِسَلَفِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قال يحيى بن عمر عن حرملة أن سَأَلَ ابْنَ وَهْبٍ عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ السَّاعَاتِ أَهُوَ الْغُدُوُّ مِنْ أَوَّلِ السَّاعَاتِ النَّهَارِ أَوْ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذِهِ السَّاعَاتِ سَاعَةَ الرَّوَاحِ فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَأَلَتْ مَالِكًا عَنْ هَذَا فَقَالَ أَمَّا الَّذِي يَقَعُ فِي قَلْبِي فَإِنَّهُ إِنَّمَا أراد

سَاعَةً وَاحِدَةً تَكُونُ فِيهَا هَذِهِ السَّاعَاتُ مَنْ رَاحَ فِي أَوَّلِ تِلْكَ السَّاعَةِ أَوِ الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ أَوِ الْخَامِسَةِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ مَا صُلِّيَتِ الْجُمُعَةُ حَتَّى يَكُونَ النَّهَارُ تِسْعَ سَاعَاتٍ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي أَنْكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَمَّا الْآثَارُ الَّتِي تَشْهَدُ لِصِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ فَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغْ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ النَّاسَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ الْمُهَجِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي بَقَرَةً ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي كَبْشًا حَتَّى ذَكَرَ الدَّجَاجَةَ وَالْبَيْضَةَ فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طُوِيَتِ الصُّحُفَ وَاسْتَمَعُوا الْخُطْبَةَ أَلَا تَرَى إِلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ يَكْتُبُونَ النَّاسَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ الْمُهَجِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ الْحَدِيثَ فَجَعَلَ الْأَوَّلَ مهجرا وهذه اللفظة إنما هي مأخذوة مِنَ الْهَاجِرَةِ وَالْهَجْرِ وَذَلِكَ وَقْتُ النُّهُوضِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ لَيْسَ بِهَاجِرَةٍ وَلَا هَجِيرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنَ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ

النَّاسَ عَلَى مَنَازِلِهِمْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ طُوِيَتِ الصُّحُفُ وَاسْتَمَعُوا الْخُطْبَةَ فَالْمُهَجِّرُ إِلَى الصَّلَاةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي بَقَرَةً ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي كَبْشًا حَتَّى ذَكَرَ الدَّجَاجَةَ وَالْبَيْضَةَ قِيلَ لِسُفْيَانَ يَقُولُونَ هَذَا عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مَا سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ ذَكَرَ الْأَعْرَجَ قَطُّ مَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِلَّا عَنْ سَعِيدٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُهَجِّرُ كَمَا تَرَى ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ لَمْ يَذْكُرِ السَّاعَاتِ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِنَحْوِهِ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الرحمان بْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُتَعَجِّلُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً ثُمَّ كَالْمُهْدِي بَقَرَةً ثُمَّ كَالْمُهْدِي شَاةً ثُمَّ كَالْمُهْدِي طَائِرًا هَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ الْمُتَعَجِّلُ وَلَمْ يَقُلِ الْمُهَجِّرُ وَلَا ذَكَرَ السَّاعَاتِ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ سُمَيٍّ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْمُهَجِّرُ إِلَى الصَّلَاةِ كَالَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي كَبْشًا ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي دَجَاجَةً قَالَ وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ كَالَّذِي يُهْدِي بَيْضَةً حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ

وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ الْأَغَرِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ مُخْتَصَرًا وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَجْلَانَ حَدِيثَ سُمَيٍّ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ السَّاعَاتِ الَّتِي ذَكَرَ مَالِكٌ وَجَاءَ بِلَفْظٍ هُوَ نَحْوُ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ ابن الْعَجْلَانِ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ تَقْعُدُ مَلَائِكَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ النَّاسَ عَلَى مَنَازِلِهِمْ فَالنَّاسُ فِيهَا كَرَجُلٍ قَدَّمَ بَدَنَةً وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ بَقَرَةً وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ شَاةً وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ دَجَاجَةً وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ عُصْفُورًا وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ بَيْضَةً قَالَ وَحَدَّثَنِي الْعَجْلَانُ مِثْلًا بِمِثْلٍ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُضَعَّفْ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عن أبي هريرة بمثل حديث بن شِهَابٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ الْمُتَعَجِّلُ وَلَمْ يَقُلِ الْمُهَجِّرُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ ابن حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْمُتَعَجِّلُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَالْمُهْدِي جَزُورًا وَالَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي بَقَرَةً وَالَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي شَاةً وَالَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي الطَّيْرَ فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ خُتِمَتِ الصُّحُفُ فَهَكَذَا أَحَادِيثُ الْأَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ مِثْلُ (حَدِيثِ) سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ

وَأَبِي سَلَمَةَ إِنَّمَا فِيهَا الْمُهَجِّرُ وَالْمُتَعَجِّلُ وَالَّذِي يَلِيهِ وَالَّذِي يَلِيهِ وَالَّذِي يَلِيهِ لَيْسَ فِيهَا سَاعَاتٌ وَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَاهُ الْعَلَاءُ بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ السَّاعَاتِ أَيْضًا حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن جعفر قال حدثنا العلاء بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تَطْلُعُ الشَّمْسُ عَلَى يَوْمٍ أَفْضَلَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ تَفْزَعُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَّا هَذَيْنِ الثَّقَلَيْنِ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَكَانِ يَكْتُبَانِ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ كَرَجُلٍ قَدَّمَ بَدَنَةً وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ بَقَرَةً وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ شَاةً وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ طَيْرًا وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ بَيْضَةً فَإِذَا قَعَدَ الْإِمَامُ طُوِيَتِ الصُّحُفُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ أَجِدْ ذِكْرَ السَّاعَاتِ إِلَّا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ وفي حديث علي ابن زَيْدٍ عَنْ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ النَّاسَ عَلَى مَنَازِلِهِمْ جَاءَ فُلَانٌ مِنْ سَاعَةِ كَذَا جَاءَ فُلَانٌ مِنْ سَاعَةِ كَذَا جَاءَ فُلَانٌ مِنْ سَاعَةِ كَذَا جَاءَ فُلَانٌ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ جَاءَ فُلَانٌ وَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ جَاءَ فُلَانٌ وَلَمْ يُدْرِكِ الْجُمُعَةَ إِذَا لَمْ يُدْرِكِ الْخُطْبَةَ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ قال أخبرنا عبد الرحمان بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عَنْ مَوْلَى امْرَأَتِهِ

أُمِّ عُثْمَانَ يَعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ يَقُولُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ غَدَتِ الشَّيَاطِينُ بِرَايَاتِهَا إِلَى الْأَسْوَاقِ فَيَرْمُونَ النَّاسَ بِالتَّرَابِيثِ وَيُبَطِّئُونَهُمْ عَنِ الْجُمُعَةِ وَتَغْدُو الْمَلَائِكَةُ فَيَجْلِسُونَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَيَكْتُبُونَ الرَّجُلَ مِنْ سَاعَةٍ وَالرَّجُلَ مِنْ سَاعَتَيْنِ حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ فَإِذَا جَلَسَ الرَّجُلُ مَجْلِسًا يَسْتَمْكِنُ فِيهِ مِنَ الِاسْتِمَاعِ وَالنَّظَرِ وَالصَّمْتِ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ كِفْلَانِ مِنَ الْأَجْرِ وَإِنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَسْتَمْكِنُ فِيهِ مِنَ الِاسْتِمَاعِ وَالنَّظَرِ فَلَغَا وَلَمْ يُنْصِتْ كَانَ لَهُ كِفْلٌ مِنْ وِزْرٍ وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صَهٍ فَقَدْ لَغَا وَمَنْ لَغَا فَلَيْسَ لَهُ فِي جُمُعَتِهِ تِلْكَ شَيْءٌ ثُمَّ يَقُولُ فِي آخِرِ ذَلِكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول ذَلِكَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ جَابِرٍ قَالَ بِالتَّرَابِيثِ وَقَالَ مَوْلَى امْرَأَتِهِ أُمِّ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ قَالَ أبو عمر ففي هذه الأحاديث وحدنا ذِكْرَ السَّاعَاتِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ أَحِبُّ التَّبْكِيرَ إِلَى الْجُمُعَةِ وَأَنْ لَا تُؤْتَى إِلَّا مَشْيًا وَفِي قَوْلِهِ التَّبْكِيرَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ الِاسْتِعْجَالُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَقَدْ جَاءَ فِي كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمُهَجِّرُ وَجَاءَ فِيهَا الْمُتَعَجِّلُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ الْمُهَجِّرُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ وَقْتِ الْهَجِيرِ وَالْهَاجِرَةِ قَالَ وإنما

هُوَ مِنَ التَّهْجِيرِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْبِدَارُ وَالِاسْتِعْجَالُ وَتَرْكُ الْحَاجَاتِ وَاطِّرَاحُ الْأَشْغَالِ وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ الْمُهَاجِرُ لِمَنْ تَرَكَ أَهْلَهُ وَوَطَنَهُ وَبَادَرَ إِلَى صُحْبَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ سُمَيٍّ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ فِي تَفْضِيلِ الْبُدْنِ فِي الضَّحَايَا عَلَى الْكِبَاشِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَفْضَلُ الضَّحَايَا الْفُحُولُ مِنَ الضَّأْنِ وَإِنَاثُ الضَّأْنِ خَيْرٌ مِنْ فُحُولِ الْمَعْزِ وَفُحُولُ الْمَعْزِ خَيْرٌ مِنْ إِنَاثِهَا وَإِنَاثُ الْمَعْزِ خَيْرٌ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَذَلِكَ كَبْشٌ لَا جَمَلٌ وَلَا بَقَرَةٌ وَرَوَى مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ نَفْسِي فَقَالَ يَجْزِيكَ كَبْشٌ سَمِينٌ ثُمَّ قَرَأَ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ حَيَوَانًا أَفْضَلَ مِنَ الْكَبْشِ لَفَدَى بِهِ إِسْحَاقَ وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ وَأَكْثَرُ مَا ضَحَّى بِهِ الْكِبَاشُ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ الذِّبْحُ الْعَظِيمُ الشَّاةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْحُنَيْنِيُّ عَنْ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ عَلَيَّ جِبْرِيلُ فِي

يَوْمِ عِيدٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا جِبْرِيلُ كَيْفَ رَأَيْتَ عِيدَنَا فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ لَقَدْ تَبَاهَى بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ اعْلَمْ أَنَّ الْجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ خَيْرٌ مِنَ السَّيِّدِ مِنَ الْبَقَرِ وَالْجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ خَيْرٌ مِنَ السَّيِّدِ مِنَ الْبَقَرِ وَالْجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ خَيْرٌ مِنَ السَّيِّدِ مِنَ الْإِبِلِ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ ذِبْحًا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ لَفَدَى بِهِ إِبْرَاهِيمَ ابْنَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَالْحُنَيْنِيُّ عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْإِبِلُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُضَحَّى بِهَا مِنَ الْبَقَرِ وَالْبَقَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْغَنَمِ وَالضَّأْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْمَعْزِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْجَزُورُ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَفْضَلُ مَا ضُحِّيَ بِهِ ثُمَّ يَتْلُوهُ الْبَقَرُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ تَتْلُوهُ الشَّاةُ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُهَجِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي بَقَرَةً ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي شَاةً فَبَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ التَّقَرُّبَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْإِبِلِ أَفْضَلُ مِنَ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِالْبَقَرِ ثُمَّ بِالْغَنَمِ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أَفْضَلَ الْهَدَايَا الْإِبِلُ وَاخْتَلَفُوا فِي الضَّحَايَا فَكَانَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِي الْهَدْيِ قَاضِيًا عَلَى مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ فِي الْأَضَاحِيِّ لِأَنَّهُ قُرْبَانٌ كُلُّهُ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةٌ فَدَلَّ عَلَى نُقْصَانِ ذَلِكَ عَنْ مَرْتَبَةِ غَيْرِهِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الرِّقَابِ أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفُسَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِبِلَ أَكْثَرُ ثَمَنًا مِنَ الْغَنَمِ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ أَفْضَلَ اسْتِدْلَالًا بِهَذَا الْحَدِيثِ

الحديث السابع

وَأَمَّا الذِّبْحُ الْعَظِيمُ الَّذِي فُدِيَ بِهِ الذَّبِيحُ فَجَائِزٌ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ عَظِيمٌ لِمَا ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَبْشٌ رَعَى فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا وَأَنَّهُ الَّذِي قَرَّبَهُ ابْنُ آدَمَ فَتُقُبِّلَ مِنْهُ وَرُفِعَ إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فَضْلُ الْكَبْشِ إِلَّا أَنَّهُ أَوَّلُ قُرْبَانٍ تُقُرِّبَ بِهِ إِلَى اللَّهِ فِي الدُّنْيَا فَتَقَبَّلَهُ وَأَنَّهُ فُدِيَ بِهِ نَبِيٌّ كَرِيمٌ مِنَ الذَّبْحِ قَالَ اللَّهُ فِيهِ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ مَرَّ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي قُطْبَةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشٍ أَعْيَنَ أَقْرَنَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَشْبَهَ هَذَا الْكَبْشَ بِالْكَبْشِ الَّذِي ذَبَحَهُ إِبْرَاهِيمُ فَاشْتَرَى مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ كَبْشًا أَقْرَنَ أَعْيَنَ وَأَهْدَاهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحَّى بِهِ حَدِيثٌ سَابِعٌ لسمي مالك عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ

وَهَذَا الْحَدِيثُ يُوجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ الْإِمَامُ عَلَى قَوْلِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَأَلَّا يَقُولَ مَعَهَا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَيَقْتَصِرُ الْمَأْمُومُ عَلَى رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَلَا يَقُولُ مَعَهَا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَفِي سَائِرِ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ وَسَعِيدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا مَعْنَى لِتَكْرِيرِ ذَلِكَ ههنا وَمَعْنَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ تَقَبَّلَ اللَّهُ حَمْدَ مَنْ حَمِدَهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ سَمِعَ اللَّهُ دُعَاءَكَ أَيْ أَجَابَهُ اللَّهُ وَتَقَبَّلَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قول الملائكة غفر مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ فَقَدْ مَضَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ فِي مَعْنَى التَّأْمِينِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْوَجْهُ عِنْدِي فِي هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَعْظِيمُ فَضْلِ الذِّكْرِ وَأَنَّهُ يَحُطُّ الْأَوْزَارَ وَيَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنِ الْمَلَائِكَةِ أَنَّهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينِ آمَنُوا وَيَقُولُونَ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ فَمَنْ كَانَ مِنْهُ مِنَ الْقَوْلِ مِثْلُ هَذَا بِإِخْلَاصٍ وَاجْتِهَادٍ وَنِيَّةٍ صَادِقَةٍ وَتَوْبَةٍ صَحِيحَةٍ غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِثْلُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمُشْكَلَةِ الْمَعَانِي الْبَعِيدَةِ التَّأْوِيلِ عَنْ مَخَارِجِ لَفْظِهَا وَاجِبٌ رَدُّهَا إِلَى الْأُصُولِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ يُصَلُّونَ فِي حِينِ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى نَحْوِ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَيُؤَمِّنُونَ أَيْضًا فَمَنْ وَافَقَ ذَلِكَ مِنْهُمْ غُفِرَ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكُلُّ ذَلِكَ نَدْبٌ إِلَى الْخَيْرِ وَإِرْشَادٌ إِلَى الْبِرِّ وَبِاللَّهِ التوفيق

الحديث الثامن

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِسُمَيٍّ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ وَجْهِهِ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ هَذَا حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ لَا يَصِحُّ لِغَيْرِهِ عَنْهُ وَانْفَرَدَ بِهِ سُمَيٌّ أَيْضًا فَلَا يُحْفَظُ عَنْ غَيْرِهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرحمان حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ يَمْنَعُ الرَّجُلَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ فإذا قضى أحدكم نهمته من سفره فليعجل الرُّجُوعَ إِلَى أَهْلِهِ وَهَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَرَوَاهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ الْحَدِيثَ مُرْسَلًا وَكَانَ وَكِيعٌ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ مَالِكٍ هَكَذَا أَيْضًا مُرْسَلًا حِينًا وَحِينًا يُسْنِدُهُ كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ مِنْ نَشَاطِ الْمُحَدِّثِ وَكَسَلِهِ أَحْيَانًا يَنْشَطُ فَيُسْنِدُ وَأَحْيَانًا يَكْسَلُ فَيُرْسِلُ عَلَى حَسَبِ الْمُذَاكَرَةِ وَالْحَدِيثُ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ احْتَاجَ النَّاسُ فِيهِ إِلَى مَالِكٍ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ هَذَا الْإِسْنَادِ مِنْ وَجْهِ الصَّحِيحِ

روى عبيد الله بن المتاب عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ إِسْحَاقَ الْمُكَلَّحِيِّ عَنْ هَارُونَ الْفَرْوِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَ قَالَ مَالِكٌ مَا بَالُ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَسْأَلُونِي عَنْ حَدِيثِ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ قِيلَ لَهُ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ غَيْرَكَ فَقَالَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا حَدَّثْتُ بِهِ وَقَدْ رَوَاهُ عِصَامُ بْنُ رُوَّادِ بْنِ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ (طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَلَذَّتَهُ فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ) حَاجَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بِمَكَّةَ حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رُوَّادِ بْنِ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرحمان عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَبُو عمر الإسناد الأول لمالك عَنْ رَبِيعَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ لَا أَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ غَيْرَ رُوَّادٍ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ خَطَأٌ وَلَيْسَ رُوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَالْإِسْنَادُ الثَّانِي صَحِيحٌ وَقَدْ رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيِّ عَنْ مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي

صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَصِحُّ لِمَالِكٍ عَنْ سُهَيْلٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنَّمَا هُوَ لِمَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ لَا عَنْ سُهَيْلٍ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ عَنْ سُهَيْلٍ أَيْضًا وَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ لِمَالِكٍ عَنْهُ وَرُوِيَ عَنْ عَتِيقِ بْنِ يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أبي النضر مولى عمر ابن عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ الْحَدِيثَ وَلَا يَصِحُّ هَذَا الْإِسْنَادُ أَيْضًا عِنْدِي وَهُوَ خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ لِمَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ لَا عَنْ سُهَيْلٍ وَلَا عَنْ رَبِيعَةَ وَلَا عَنْ أَبِي النَّضْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ زَادَ فِيهِ بَعْضُ الضُّعَفَاءِ عَنْ مَالِكٍ وَلْيَتَّخِذْ لِأَهْلِهِ هَدِيَّةً وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا حَجَرًا فَلْيُلْقِهِ فِي مِخْلَاتِهِ قَالَ وَالْحِجَارَةُ يَوْمَئِذٍ تُضْرَبُ بِهَا الْقِدَاحُ وَهَذِهِ زِيَادَةٌ مُنْكَرَةٌ لَا تَصِحُّ وَالصَّحِيحُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ بِإِسْنَادِهِ وَلَفْظُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ سِمْعَانَ قَاضِي الْمَدِينَةِ عَنْ زَيْدِ ابن أَسْلَمَ عَنْ جِهَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ السَّفَرَ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ سَفَرِهِ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ وَابْنُ سِمْعَانَ هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ سِمْعَانَ قَاضِي الْمَدِينَةِ كَانَ مَالِكٌ يَرْمِيهِ بِالْكَذِبِ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ قَحْطَانَ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَقَدْ رُوِّينَاهُ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ سُهَيْلٍ بِإِسْنَادٍ صَالِحٍ لَكِنَّهُ لَا تَقْوَى الْحُجَّةُ بِهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُصْعَبِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الحرث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمان ابن عَوْفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ السَّفَرُ قِطْعَةٌ من

الْعَذَابِ فَإِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَخْرَجِهِ أَوْ مِنْ سَفَرِهِ فَلْيُعَجِّلِ الْكَرَّةَ إِلَى أَهْلِهِ وَإِذَا عَرَّسْتُمْ فَتَجَنَّبُوا الطَّرِيقَ فَإِنَّهَا مَأْوَى الْهَوَامِّ وَالدَّوَابِّ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ طُولَ التَّغَرُّبِ عَنِ الْأَهْلِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَكِيدَةٍ مِنْ دِينٍ أَوْ دُنْيَا لَا يَصْلُحُ وَلَا يَجُوزُ وَأَنَّ مَنِ انْقَضَتْ حَاجَتُهُ لَزِمَهُ الِاسْتِعْجَالُ إِلَى أَهْلِهِ الَّذِينَ يُمَوِّنُهُمْ وَيَقُوتُهُمْ مَخَافَةَ مَا يُحْدِثُهُ اللَّهُ بَعْدَهُ فِيهِمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِ سُمَيٍّ حَدِيثًا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْبَغْدَادِيُّ الدَّبَّاغُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الْمَنِيجِيُّ حَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا لِلْمُسَافِرِ لَأَصْبَحُوا عَلَى ظَهْرِ سَفَرٍ إِنَّ اللَّهَ لَيَنْظُرُ إِلَى الْغَرِيبِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا أَصْلَ لَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ سَافِرُوا تَصِحُّوا وَقَدْ ظَنَّهُ قَوْمٌ مُعَارِضًا لِحَدِيثِ السَّفَرُ كَقِطْعَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِاحْتِمَالِهِ أَنْ يَكُونَ الْعَذَابُ هو التعب والتعب ههنا مستديما للصحة

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ الْعَسْقَلَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى الْمَدَنِيُّ الْأَصَمُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَافِرُوا تَصِحُّوا وَتَسْلَمُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْقَاسِمِ وَعَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ وَالْفَضْلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلْقَمَةَ الْفَرْوِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى الْأَصَمُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَافِرُوا تَصِحُّوا وَتَسْلَمُوا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ هَارُونَ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوْفِيُّ حدثنا محمد بن عبد الرحمان بْنِ زُرَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَافِرُوا تَصِحُّوا وَتَغْنَمُوا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِيسَى الْحَتْلِيُّ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ حَدَّثَنَا بِسْطَامُ بْنُ حبيب قال حدثنا القاسم ابن عبد الرحمان عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَافِرُوا تَصِحُّوا وَتُرْزَقُوا

الحديث التاسع

حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِسُمَيٍّ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ هَذَا حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ سُمَيٌّ لَيْسَ يَرْوِيهِ غَيْرُهُ وَاحْتَاجَ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهِ سُمَيٌّ عَنْ أَبِيهِ أَبِي صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ وَالْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهُمَا وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ وَالْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهُمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهُمَا مِثْلُ قَوْلِهِ الْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا في باب زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الصَّنَابِحِيِّ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

الحديث العاشر

وَأَمَّا الْحَجُّ الْمَبْرُورُ فَقِيلَ هُوَ الَّذِي لَا رِيَاءَ فِيهِ وَلَا سُمْعَةَ وَلَا رَفَثَ فِيهِ وَلَا فُسُوقَ وَيَكُونُ بِمَالٍ حَلَالٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدِيثٌ عَاشِرٌ لِسُمَيٍّ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بن الحرث بْنِ هِشَامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عبد الرحمان بن الحرث بْنِ هِشَامٍ يَقُولُ كُنْتُ أَنَا وَأَبِي عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقَالَ مَرْوَانُ أَقْسَمْتُ عليك يا عبد الرحمان لَتَذْهَبَنَّ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ فلتسألنهما عن ذلك فذهب عبد الرحمان وَذَهَبْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ فَسَلَّمَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا كُنَّا عِنْدَ مَرْوَانَ فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَيْسَ كَمَا قَالَ أَبُو هريرة يا عبد الرحمان أَتَرْغَبُ عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع قال عبد الرحمان لَا وَاللَّهِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَ ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَذَكَرَ لَهُ عبد الرحمان مَا قَالَتَا فَقَالَ مَرْوَانُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَتَرْكَبَنَّ

دَابَّتِي فَإِنَّهَا بِالْبَابِ فَلَتَذْهَبَنَّ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ بِأَرْضِهِ بِالْعِرَاقِ فَلْتُخْبِرَنَّهُ ذَلِكَ فَرَكِبَ عَبْدُ الرحمان وَرَكِبْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَتَحَدَّثَ معه عبد الرحمان سَاعَةً ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ إِنَّمَا أَخْبَرَنِيهِ مُخْبِرٌ هَذَا الْإِسْنَادُ أَثْبَتُ أَسَانِيدِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ حَدِيثٌ جَاءَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مُتَوَاتِرَةٍ صِحَاحٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دُخُولُ الْفُقَهَاءِ عَلَى السُّلْطَانِ وَمُذَاكَرَتُهُمْ لَهُ بِالْعِلْمِ وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مَرْوَانُ مِنَ الِاهْتِبَالِ بِالْعِلْمِ وَمَسَائِلِ الدِّينِ مَعَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَرْوَانُ عِنْدَهُمْ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ وَكَذَلِكَ ابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا تُنُوزِعَ (فِيهِ) رُدَّ إِلَى مَنْ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ يُوجَدُ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذَا الْمَعْنَى بَعْدَهُ مِنْ أَجْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ فِي شَيْءٍ وَسَمِعَ خِلَافَهُ كَانَ عَلَيْهِ إِنْكَارُهُ مِنْ ثِقَةٍ سَمِعَ ذَلِكَ أو غير ثِقَةٌ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ صِحَّةُ خِلَافِ مَا عِنْدَهُ وَفِيهِ أَنَّ الْحُجَّةَ الْقَاطِعَةَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ مِنَ الْكِتَابِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ إِثْبَاتُ الْحُجَّةِ فِي الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي ذَلِكَ كَالرَّجُلِ سَوَاءٌ وَأَنَّ طَرِيقَ الْإِخْبَارِ فِي هَذَا غَيْرُ طَرِيقِ الشَّهَادَاتِ

وَفِيهِ طَلَبُ الْحُجَّةِ وَطَلَبُ الدَّلِيلِ وَالْبَحْثُ عَنِ الْعِلْمِ حَتَّى يَصِحَّ فِيهِ وَجْهُ الْعَمَلِ أَلَا ترى ان مروان حين أخبره عبد الرحمان بن الحرث عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَعَثَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ طَالِبًا الْحُجَّةَ وَبَاحِثًا عَنْ مَوْقِعِهَا لِيَعْرِفَ مِنْ أَيْنَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا قَالَهُ مِنْ ذلك ز وَفِيهِ اعْتِرَافُ الْعَالِمِ بِالْحَقِّ وَإِنْصَافُهُ إِذَا سَمِعَ الحجة وهكذا أهل الدين والعلم وأولو إِنْصَافٍ وَاعْتِرَافٍ وَفِيهِ الْحُكْمُ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ وَذَلِكَ أَنَّ الْجُنُبَ إِذَا أصابته جنابة من الليل في رمضان لم يضره أَنْ يُصْبِحَ جُنُبًا وَلَمْ يُفْسِدْ ذَلِكَ صِيَامَهُ وَلَا قَدْحَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَهَذَا مَوْضِعٌ لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَتَنَازُعٌ قَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي بَابِ أَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ مَعْمَرٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَلَمْ نَرَ تكريره ههنا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَامِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَقَدْ أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا فِي بَابِ أَبِي طُوَالَةَ أَيْضًا وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بن الحرث بْنِ هِشَامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ مَنْ أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ جُنُبًا فَلَا صَوْمَ لَهُ قَالَ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبِي فدخلنا عل عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلْنَاهُمَا عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَانَا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان

يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ ثُمَّ يَصُومُ قَالَ فَدَخَلْنَا عَلَى مَرْوَانَ فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِهِمَا وَقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ مَرْوَانُ عَزَمْتُ عَلَيْكُمَا لَمَا ذَهَبْتُمَا إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْبَرْتُمَاهُ قَالَ فَلَقِينَا أَبَا هُرَيْرَةَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُ أَبِي إِنَّ الْأَمِيرَ عَزَمَ عَلَيْنَا فِي أَمْرٍ لِنَذْكُرَهُ لَكَ فَقَالَ وَمَا هُوَ قَالَ فَحَدَّثَهُ أَبِي قَالَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَهُنَّ أَعْلَمُ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَحَوَّلَ الْحَدِيثَ إِلَى غَيْرِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ جَعْدَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْقَارِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا أَنَا قُلْتُ من أدركه الصبح جنبا فليفطر ولكن محمد قَالَهُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَيُبِيتُ الرَّجُلُ جُنُبًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى يُصْبِحَ يَتَعَمَّدُ ذَلِكَ ثُمَّ يَصُومُ قَالَ أَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ فَكَانَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَأَمَّا عَائِشَةُ فَكَانَتْ تَقُولُ لَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ فَلَمَّا اخْتَلَفَا عَلَى عَطَاءٍ قَالَ يُتِمُّ صَوْمَ يَوْمِهِ ذَلِكَ وَيُبَدِّلُ يَوْمًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيمَنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَفِي رِوَايَةِ سُمَيٍّ عن أبي بكر بن عبد الرحمان عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِيهِ مُخْبِرٌ وَلَمْ يُسَمِّ أَحَدًا وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بن عبد

الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ (وَكَذَلِكَ رَوَى جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي بكر بن عبد الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ) وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَعْلَى بْنُ عُتْبَةَ وَعِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان كلهم عن أبي بكر بن عبد الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنْ قَالَ حَدَّثَنِيهِ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِيهِ وَرَوَاهُ عُمَرُ بْنُ أبي بكر ابن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَائِشَةَ فَسَاقَ الْخَبَرَ وَقَالَ فَأَخْبَرْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ هِيَ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَّا إِنَّمَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان وَرَوَاهُ أَبُو حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عبد الرحمان بن الحرث ابن هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا الحديث وفيه قال مروان لعبد الرحمان عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا أَتَيْتَهُ فَحَدَّثْتَهُ أَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْوِي هَذَا قَالَ لَا إِنَّمَا حَدَّثَنِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَرَجَعْتُ إِلَى مَرْوَانَ فَأَخْبَرْتُهُ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَوَاهَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر ابن حَمَّادٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا

هُرَيْرَةَ يَقُولُ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلَا يَصُمْ فانطلق أبو بكر (وأبوه عبد الرحمان فَدَخَلُوا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ فَكِلْتَاهُمَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ ثُمَّ يَصُومُ فانطلق أبو بكر) وعبد الرحمان حَتَّى أَتَيَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَأَخْبَرَاهُ قَالَ هُمَا قَالَتَاهُ لَكُمَا قَالَا نَعَمْ قَالَ هُمَا أَعْلَمُ إِنَّمَا حَدَّثَنِيهِ أَوْ أَنْبَأَنِيهِ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ وَمُعَاوِيَةُ بن صالح قالا حدثنا خالد ابن مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمَقْبُرِيَّ يَقُولُ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُفْتِي النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ يُصْبِحُ جُنُبًا فَلَا يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَبَعَثَتْ إِلَيْهِ عَائِشَةُ لَا تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ هَذَا فَأَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَصُومُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَجَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ عن فتياه هذه إذا بَلَغَهُ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ حَدِيثُهُمَا فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ أَخْبَرَنَا عمر بن قيس عن عطاء ابن مِينَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَقَدْ أَفْطَرَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَمَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلَا يُفْطِرُ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَيَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ تَرَكَ فُتْيَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ حَدَّثَنِي عَقِيلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ احْتَلَمَ لَيْلًا فِي رَمَضَانَ فَاسْتَيْقَظَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ ثُمَّ نَامَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ فَلَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ أَصْبَحْتُ فَاسْتَفْتَيْتُهُ فَقَالَ تُفْطِرُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِالْفِطْرِ إِذَا أَصْبَحَ الرَّجُلُ جُنُبًا قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَجِئْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي أَفْتَانِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ أَفْطَرْتَ لَأُوجِعَنَّ متينك فإن بدالك فَصُمْ يَوْمًا آخَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ فِي الصَّائِمِ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ يُصْبِحُ جُنُبًا أَنَّهُ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَيُجْزِيهِ وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ لِمَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فِي رَمَضَانَ أَنْ يَصُومَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَيُبَدِّلَهُ وَمَالَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ وَهُوَ

الحديث الحادي عشر

قَوْلٌ لَا يَصِحُّ فِي النَّظَرِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ عَلَى وُجْهَةٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَوُجُوهُهَا فِي بَابِ أَبِي طُوَالَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَنْ أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ جُنُبًا وَهُوَ مُتَعَمِّدٌ لِذَلِكَ أَبْدَلَ الصِّيَامَ وَمَنْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ عَمْدٍ لَمْ يُبْدِلْهُ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ لَا يُبْدِلُهُ وَهَؤُلَاءِ فُقَهَاءُ الصَّحَابَةِ وَهُمُ الْقُدْوَةُ مَعَ مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدِيثٌ حَادِيَ عَشَرَ لِسُمَيٍّ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عن أبي بكر ابن عبد الرحمان عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمَا قَالَتَا إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يَصُومُ

الحديث الثاني عشر

رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ قَوْمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بن عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَلَا مَعْنَى لِذِكْرِ أَبِيهِ فِيهِ لِأَنَّهُ شَهِدَ الْقِصَّةَ مَعَ أَبِيهِ كُلَّهَا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعِنْدَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَهَذَا مَحْفُوظٌ مِنْ رِوَايَةِ سُمَيٍّ وَغَيْرِهِ جَمَاعَةٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدِيثٌ ثَانِيَ عَشَرَ لِسُمَيٍّ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عن أبي بكر ابن عبد الرحمان عَنْ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ بِالْفِطْرِ وَقَالَ تَقَوُّوا لِعَدُوِّكُمْ وَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ الَّذِي حَدَّثَنِي لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرَجِ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ مِنَ الْعَطَشِ أَوْ مِنَ الْحَرِّ ثُمَّ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ قَدْ صَامُوا حِينَ صُمْتَ فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَدِيدِ (1159 دَعَا بِقَدَحٍ فَشَرِبَ فَأَفْطَرَ النَّاسُ (116) هَذَا حَدِيثٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ ولا رق بَيْنَ أَنْ يُسَمِّيَ التَّابِعُ الصَّاحِبَ الَّذِي حَدَّثَهُ أَوْ لَا يُسَمِّيَهُ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِحَدِيثِهِ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ عُدُولٌ مَرْضِيُّونَ ثِقَاتٌ أَثْبَاتٌ ومما أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ

وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وُجُوهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَمِنْهَا مَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ فِي رَمَضَانَ لِأَنَّ سَفَرَهُ هَذَا عَامَ الْفَتْحِ كَانَ فِي رَمَضَانَ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَفِي صَوْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَضَانَ فِي سَفَرِهِ إِبْطَالُ قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا يَصُومُ أَحَدٌ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ وَجَعَلَ الْفِطْرَ عَزْمَةً مِنَ اللَّهِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يَقُولُ إِنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَصُومُ فِي سَفَرِهِ لِأَنَّ اللَّهَ أَرَادَ مِنْهُ صِيَامَ أَيَّامٍ أُخَرَ وَهَذَا قَوْلٌ يُرْوَى عَنْ عُبَيْدَةَ وَسُوِيدِ بْنِ غَفَلَةَ وَكَانَ أَبُو مَجَازٍ يَقُولُ لَا يُسَافِرُ أَحَدٌ فِي رَمَضَانَ فَإِنْ سَافَرَ وَلَا بُدَّ فَلْيَصُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَشِبْهِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مَا يُبْطِلُ هَذَا التَّأْوِيلَ وَعَلَى إِجَازَةِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي رَمَضَانَ حِينَ فَتَحَ مَكَّةَ فَصَامَ حَتَّى أَتَى عُسْفَانَ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ أَوْ أُتِيَ بِمَاءٍ فَشَرِبَ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَشِبْهِهِ بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ قَالَ الصَّائِمُ فِي السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَرِ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ هَجَرَهُ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ يُرْوَى عن عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَالسُّنَّةُ تَرُدُّهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ مَعَانِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ وَبَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُسَافِرِ فِي رَمَضَانَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُبَيِّتَ الْفِطْرَ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ مُسَافِرًا بِالْعَمَلِ وَالنُّهُوضِ فِي سَفَرِهِ وَلَيْسَتِ النِّيَّةُ فِي السَّفَرِ كَالنِّيَّةِ فِي الْإِقَامَةِ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا نَوَى الْإِقَامَةَ كَانَ مُقِيمًا فِي الْحِينِ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى عِلْمٍ وَالْمُقِيمُ إِذَا نَوَى أَنْ يُسَافِرَ لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا حَتَّى يَأْخُذَ فِي السَّفَرِ وَيَعْمَلَ عَمَلَ الْمُسَافِرِ وَيَبْرُزَ عَنِ الْحَضَرِ فَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ تَقْصِيرُ الصَّلَاةِ وَأَحْكَامُ الْمُسَافِرِ وَلَا خِلَافَ بَيْنِهِمْ فِي الَّذِي يُؤَمِّلُ السَّفَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ فِي الْحَضَرِ حَتَّى يَخْرُجَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي هَذَا إِنْ أَفْطَرَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ فَذَكَرَ ابْنُ سَحْنُونَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ قَالَ إِنْ سَافَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ وإن لم يسافر عليه الْكَفَّارَةُ قَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ سَافَرَ أَوْ لَمْ يُسَافِرْ قَالَ وَقَالَ سَحْنُونُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ سَافَرَ أَوْ لَمْ يُسَافِرْ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ تَقُولُ غَدًا تَأْتِينِي حَيْضَتِي فَتُفْطِرُ لِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَالَ لَيْسَ مِثْلَ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الرَّجُلَ يُحْدِثُ السَّفَرَ إِذَا شَاءَ وَالْمَرْأَةُ لَا تُحْدِثُ الْحَيْضَةَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ قَدْ تَأَهَّبَ لِسَفَرِهِ وَأَخَذَ فِي سَبَبِ الْحَرَكَةِ فلا شيء عليه ز وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ أَصْبَغَ وَعَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فَإِنْ عَاقَهُ عَنِ السَّفَرِ عَائِقٌ كَانَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَحَسْبُهُ أَنْ يَنْجُوَ إِنْ سَافَرَ

وَرَوَى عِيسَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا قَضَاءُ يَوْمٍ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ فِي فِطْرِهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الَّذِي يُصْبِحُ فِي الْحَضَرِ صَائِمًا فِي رَمَضَانَ ثُمَّ يُسَافِرُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهِ ذَلِكَ وَيَنْهَضُ فِي سَفَرِهِ هَلْ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَمْ لَا فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ إِلَى أَنْ لَا يُفْطِرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِحَالٍ وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَاخْتَلَفُوا إِنْ فَعَلَ فَكُلُّهُمْ قَالَ يَقْضِي وَلَا يُكَفِّرُ وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَالْمَخْزُومِيِّ وَلَيْسَ قَوْلُهُمَا هَذَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَبَاحَ لَهُ الْفِطْرَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِنَّمَا قَوْلُهُمْ لَا يُفْطِرُ اسْتِحْبَابًا لِتَمَامِ مَا عَقَدَهُ فَإِنْ أَخَذَ بِرُخْصَةِ اللَّهِ كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَلَا وَجْهَ لَهَا وَمَنْ أَوْجَبَهَا فَقَدْ أَوْجَبَ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُفْطِرُ إِنْ شَاءَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ إِذَا خَرَجَ مُسَافِرًا وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ قَالَ أَحْمَدُ يُفْطِرُ إِذَا بَرَزَ عَنِ الْبُيُوتِ وَقَالَ إِسْحَاقُ يُفْطِرُ حِينَ يَضَعُ رِجْلَهُ فِي الرَّحْلِ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يُفْطِرُ فِي بَيْتِهِ إِنْ شَاءَ يَوْمَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ الْحَسَنِ شَاذٌّ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُفْطِرَ وَهُوَ حَاضِرٌ لَا فِي نَظَرٍ وَلَا فِي أَثَرٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ خِلَافُ ذَلِكَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ يَقُولُ لَا يُفْطِرُ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَّا أَنْ يَشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَفْطَرَ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لَا يُفْطِرُ ذَلِكَ الْيَوْمَ

وَاخْتَلَفُوا فِي الَّذِي يَخْتَارُ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ فَيَصُومُ ثُمَّ يُفْطِرُ نَهَارًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَكَانَ مَالِكٌ يُوجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ إِلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ فَإِنَّهُ قَالَ إِنْ أَفْطَرَ بِجِمَاعٍ كَفَّرَ لِأَنَّهُ لَا يَقْوَى بِذَلِكَ عَلَى سَفَرِهِ وَلَا عُذْرَ لَهُ وَعَلَى ذَلِكَ مَذَاهِبُ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَرَوَى الْبُوَيْطِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ إِنْ صَحَّ حَدِيثُ الْكَدِيدِ لَمْ أَرَ بَأْسًا أَنْ يُفْطِرَ الْمُسَافِرُ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّوْمِ فِي سَفَرِهِ وَرَوَى الْمَدِينِيُّ عَنْهُ كَقَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَرَى الْكَفَّارَةَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ وَاضِحَةٌ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ غَيْرُ هَاتِكٍ لِحُرْمَةِ صَوْمِهِ عِنْدَ نَفْسِهِ وَهُوَ مُسَافِرٌ قَدْ دَخَلَ فِي عُمُومِ إِبَاحَةِ الْفِطْرِ وَمِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ أَيْضًا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التَّمِيمِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ قَزْعَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ آذَنَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ بِالرَّحِيلِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ رَمَضَانَ فَخَرَجْنَا صُوَّامًا حَتَّى بَلَغْنَا الْكَدِيدَ فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفِطْرِ وَأَصْبَحَ النَّاسُ شَرْجَيْنِ مِنْهُمُ الصَّائِمُ وَمِنْهُمُ الْمُفْطِرُ حَتَّى إِذَا بَلَغْنَا الظَّهْرَانَ آذَنَنَا بِلِقَاءِ الْعَدُوِّ وَأَمَرَنَا بِالْفِطْرِ فَأَفْطَرْنَا أَجْمَعِينَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَأَخْبَرَنَا سُوَيْدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى أَتَى قُدَيْدًا فَأُتِيَ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَ فَأَفْطَرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابن شَعْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَدَامَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ فَشَرِبَ نَهَارًا يَرَاهُ النَّاسُ ثُمَّ أَفْطَرَ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ قَالَ فَوَضَعَهُ على راحلته ثم نَظَرِ النَّاسِ فَقَالَ الْمُفْطِرُونَ لِلصُّوَّامِ أَفْطِرُوا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنِ الْهَادِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَاحَ النَّاسُ فَبَلَغَهُ أَنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ بَعْدِ الْعَصْرِ فَشَرِبَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ فَأَفْطَرَ بَعْضُ النَّاسِ وَصَامَ بَعْضٌ فَبَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا صَامُوا فَقَالَ أولئك العصاة

فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ لِلصَّائِمِ أَنْ يُفْطِرَ فِي سَفَرِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّوْمِ مُخْتَارًا لَهُ فِي رَمَضَانَ وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ أَوْلَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ ذَلِكَ فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عتبة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَكَانَ الْفِطْرُ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَصُومُ فِي السَّفَرِ قَالَ وَمَا رَأَيْتُهُ صَامَ فِي السَّفَرِ قَطُّ إِلَّا يَوْمًا وَاحِدًا فَإِنِّي رَأَيْتُهُ أَفْطَرَ حِينَ أَمْسَى فَقُلْتُ لَهُ أَكُنْتَ صَائِمًا قَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَرَى أَنِّي سَأَدْخُلُ مَكَّةَ الْيَوْمَ فَكَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ صِيَامًا وَأَنَا مُفْطِرٌ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُسَافِرِ يَكُونُ مُفْطِرًا فِي سَفَرِهِ وَيَدْخُلُ الْحَضَرَ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُلَيَّةَ وَدَاوُدَ فِي الْمَرْأَةِ تَطْهُرُ وَالْمُسَافِرُ يَقْدَمُ وَقَدْ أَفْطَرُوا فِي السَّفَرِ أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ وَلَا يُمْسِكَانِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَلَوْ قَدِمَ مُسَافِرٌ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ طَهُرَتْ جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ أُحِبُّ لَهُمَا أَنْ يَسْتَتِرَا بِالْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ خَوْفَ التُّهَمَةِ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَوَجَدَ الْمَرْأَةَ قَدِ اغْتَسَلَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا فَجَامَعَهَا وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَكَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ فليأكل آخره

قَالَ سُفْيَانُ هُوَ كَصَنِيعِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ سُفْيَانُ عَنْ نَفْسِهِ خِلَافًا لَهُمَا وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ الْقَوْلُ مَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ مَنْ أَكَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلْيَأْكُلْ آخِرَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْمَرْأَةِ تَطْهُرُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ وَالْمُسَافِرُ يَقْدَمُ وَقَدْ أَفْطَرَ فِي سَفَرِهِ أَنَّهُمَا يُمْسِكَانِ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ وَاحْتَجَّ لَهُمُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنْ قَالَ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ مَنْ غُمَّ عَلَيْهِ هِلَالُ رَمَضَانَ فَأَكَلَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ يُمْسِكُ عَمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الصَّائِمُ قَالَ فَكَذَلِكَ الْحَائِضُ وَالْمُسَافِرُ وَفَرَّقَ ابْنُ شُبْرُمَةَ بَيْنَ الْحَائِضِ وَالْمُسَافِرِ فَقَالَ فِي الْحَائِضِ تَأْكُلُ وَلَا تَصُومُ إِذَا طَهُرَتْ بَقِيَّةَ يَوْمِهَا وَالْمُسَافِرُ إِذَا قَدِمَ وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا يَصُومُ يَوْمَهُ وَيَقْضِي قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ فِي الَّذِي يُصْبِحُ مُفْطِرًا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ يَظُنُّهُ مِنْ شَعْبَانَ فَيَأْكُلُ ثُمَّ يَأْتِيهِ الْخَبَرُ الثَّبَتُ أَنَّهُ رَمَضَانُ أَنَّهُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ إِنْ شَاءَ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ غَيْرُ عَطَاءٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي كَثِيرٌ مِنْ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ التَّوْفِيقِ

الحديث الثالث عشر

حَدِيثٌ ثَالِثَ عَشَرَ لِسُمَيٍّ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان أنه سمع أبا بكر بن عبد الرحمان يَقُولُ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي كُنْتُ تَجَهَّزْتُ لِلْحَجِّ فَاعْتَرَضَ لِي فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمِرِي فِي رَمَضَانَ فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ كَحَجَّةٍ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ (وَهُوَ مُرْسَلٌ فِي ظَاهِرِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ صَحَّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ سَمِعَهُ مِنْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ فَصَارَ) مُسْنَدًا بِذَلِكَ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ مَشْهُورٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ تَطَوُّعُ النِّسَاءِ بِالْحَجِّ وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الطُّرُقُ مَأْمُونَةً وَكَانَ مَعَ الْمَرْأَةِ ذُو مَحْرَمٍ أَوْ كَانَتْ فِي جَمَاعَةِ نِسَاءٍ يُعِينُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْضَمَّ الرَّجُلُ إِلَيْهِنَّ عِنْدَ الرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ وَفِيهِ أَنَّ الْأَعْمَالَ قَدْ يَفْضُلُ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي أَوْقَاتٍ وَأَنَّ الشُّهُورَ بَعْضَهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ (وَالْعَمَلُ فِي بَعْضِهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ) وَأَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ مِمَّا يُضَاعَفُ فِيهِ عَمَلُ الْبِرِّ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى عَظِيمِ فَضْلِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْحَجَّ أَفْضَلُ مِنَ الْعُمْرَةِ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمَشَقَّةِ فِي الْعَمَلِ وَالْإِنْفَاقِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَوَهْبِ بْنِ خُنَيْشٍ وَأَبِي طَلِيقٍ وَأُمِّ مَعْقِلٍ وَهُوَ حَدِيثُهَا وَقَدْ قِيلَ أُمُّ سِنَانٍ (وَالْأَشْهُرُ أُمُّ عَقِيلٍ) وأحسنها

إِسْنَادًا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَمِنْ أَسَانِيدِ هَذَا الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بن عبد الرحمان عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ يُقَالُ لَهَا أُمُّ مَعْقِلٍ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرَدْتُ الْحَجَّ فَضَلَّ جَمَلِي أَوْ قَالَتْ بَعِيرِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمِرِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً هَكَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي اسْمِ الْمَرْأَةِ أُمُّ مَعْقِلٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فيه هناك بما يغني عن ذكره ههنا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ حدثنا سعيد بن عبد الرحمان حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ إِذَا كَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَاعْتَمِرِي فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَسَمِعْتُ دَاوُدَ بْنَ عَاصِمٍ يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمان وَقَالَ اسْمُ الْمَرْأَةِ أُمُّ سِنَانٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَدَّادُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا محمد ابن الْوَزِيرِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ عَنْ سفيان الثوري عن إبراهيم

ابن مهاجر عن أبي بكر بن عبد الرحمان بن الحرث بْنِ هِشَامٍ أَنَّهُ كَانَ رَسُولَ مَرْوَانَ إِلَى أُمِّ مَعْقِلٍ يَسْأَلُهَا عَنِ الْحَدِيثِ فَقَالَتْ كَانَ عَلَيَّ حَجَّةٌ وَكَانَ أَبُو مَعْقِلٍ يَعْنِي زَوْجَهَا قَدْ أَعَدَّ بَكْرًا لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي بَنِي كَعْبٍ فَسَأَلْتُهُ الْبَكْرَ فَذَكَرَ لِي مَا صَنَعَ فِيهِ قَالَتْ فَسَأَلْتُهُ مِنْ صِرَامِ النخل فقال قوت أهلي فذكرت ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ادْفَعْ إِلَيْهَا الْبَكْرَ فَلْتَحُجَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَتْ وَقَدْ كَانَ حَجَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاشِيًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ كَبُرْتُ وَعَلَيَّ حَجَّةٌ فَمَا يَجْزِي مِنْهَا فَقَالَ عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَجْزِيكَ مِنْ حَجَّتِكَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ الْجَارُودِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قَالَ سَمِعْتُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ سَمَّاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَنَسِيتُ اسْمَهَا مَا مَنَعَكَ أَنْ تَحُجِّي مَعَنَا الْعَامَ قَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَ لَنَا نَاضِحَانِ فَرَكِبَ أَبُو فُلَانٍ وَابْنُهُ تَعْنِي زَوْجَهَا وَابْنَهَا نَاضِحًا وَتَرَكَ نَاضِحًا نَنْضِحُ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ كَانَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي فِيهِ فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً أَوْ قَالَ كَحَجَّةٍ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ

حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحْسَنُ النَّاسِ سِيَاقَةً لِهَذَا الْحَدِيثِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عِيسَى بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرَةَ الطَّائِيُّ وَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو ابن مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِهِ وَهُوَ أَتَمُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عن عيسى بن معقل بن أُمِّ مَعْقِلٍ الْأَسَدِيِّ أَسَدِ خُزَيْمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ مَعْقِلٍ قَالَتْ لَمَّا حَجَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَهَيَّئُوا مَعَهُ قَالَتْ فَفَعَلُوا قَالَتْ وَأَصَابَتْنَا هَذِهِ الْقُرْحَةُ الْحَصْبَةُ أَوِ الْجُدَرِيُّ قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْخُلَ فَأَصَابَنِي مَرَّةً وَأَصَابَ أَبَا مَعْقِلٍ فَأَمَّا أَبُو مَعْقِلٍ فَهَلَكَ فِيهَا قَالَتْ وَكَانَ لَنَا جَمَلٌ نَنْضِحُ عَلَيْهِ نَخَلَاتٍ فَكَانَ هُوَ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَحُجَّ عَلَيْهِ قَالَتْ فَجَعَلَهُ أَبُو مَعْقِلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَشُغِلْنَا بِمَا أَصَابَنَا وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حَجَّتِهِ جئته حين تماثلت من وجعي فدخلت فَقَالَ يَا أُمَّ مَعْقِلٍ مَا مَنَعَكِ أَنَّ تَخْرُجِي مَعَنَا فِي وَجْهِنَا هَذَا قَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَقَدْ تَهَيَّأَ لَنَا ذَلِكَ فَأَصَابَتْنَا هَذِهِ الْقُرْحَةُ فَهَلَكَ فِيهَا أَبُو مَعْقِلٍ وَأَصَابَنِي فِيهَا مَرَضِي هَذَا حَتَّى صَحَحْتُ

مِنْهُ وَكَانَ لَنَا جَمَلٌ هُوَ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ نَخْرُجَ عَلَيْهِ فَأَوْصَى بِهِ أَبُو مَعْقِلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ فَهَلَّا خَرَجْتِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَجَّ مِنْ سُبُلِ اللَّهِ إِذَا فَاتَتْكَ هذه الحجة معنا فَاعْتَمِرِي عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ فَإِنَّهَا كَحَجَّةٍ قَالَتْ وَكَانَتْ تَقُولُ الْحَجُّ حَجَّةٌ وَالْعُمْرَةُ عُمْرَةٌ وَقَدْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَخَاصَّةٌ لِي لِمَا فَاتَنِي مِنَ الْحَجِّ أَمْ هِيَ لِلنَّاسِ عَامَّةٌ قَالَ يُوسُفُ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ مَنْ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مَعَكَ قُلْتُ ابْنُهَا مَعْقِلُ بْنُ أَبِي مَعْقِلٍ وَهُوَ رَجُلُ صِدْقٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَحَدَّثَهُ بِمِثْلِ مَا حَدَّثَنِي قَالَ فَقِيلَ لِمَرْوَانَ إِنَّهَا حَيَّةٌ فِي دَارِهَا فَوَاللَّهِ مَا اطْمَأَنَّ إِلَى حَدِيثِنَا حَتَّى رَكِبَ إِلَيْهَا فِي النَّاسِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَحَدَّثَتْهُ هَذَا الْحَدِيثَ وَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ عن الحرث بن أبي بكر بن عبد الرحمان بن الحرث بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ فِي النَّاسِ مَعَ مَرْوَانَ حِينَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَمِعْنَاهَا تُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَعْتَمِرُ إِلَّا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لِذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ مَعْقِلٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ بَعَثَنِي مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَسْأَلُهُ عَنِ الْعُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ فَجِئْتُهُ فَحَدَّثَنِي أَنَّ

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لَهُ وَلِامْرَأَتِهِ اعْتَمِرَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ كَحَجَّةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابن عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أُمِّ مَعْقِلٍ الْأَسَدِيَّةِ قَالَ قَالَتْ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَجَمَلِي أَعْجَفُ فَقَالَ اعْتَمِرِي فِي رَمَضَانَ فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ كَحَجَّةٍ وَرَوَاهُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أُمِّ مَعْقِلٍ أَخْبَرَنَا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَدْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الحسن ابن حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أُمِّ مَعْقِلٍ قَالَتْ أَرَدْتُ أَنْ أَحُجَّ فَقُلْتُ لِأَبِي مَعْقِلٍ أَعْطِنِي بَكْرَكَ فَأَحُجَّ عَلَيْهِ أَوْ تَمْرَ نَخْلِكَ فَأَبَى عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمِرِي فِي رَمَضَانَ فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً وَقَدْ رَوَى أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل حَدِيثِ أُمِّ مَعْقِلٍ هَذَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ كَحَجَّةٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ مَنِ اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ فَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ في شوال وأحكام التمتع ووجوها فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

باب حرف الشين

شريك بن عبد الله بن أبي نمر اللَّيْثِيُّ لِمَالِكٍ عَنْهُ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا مُرْسَلٌ كَانَ صَالِحَ الْحَدِيثِ وَهُوَ فِي عِدَادِ الشُّيُوخِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ علقمة وأبو ضمرة أنس ابن عِيَاضٍ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ حَدِيثٌ أَوَّلُ لِشَرِيكٍ مَالِكٌ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الْمَوَاشِي وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمُطِرْنَا مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ ظُهُورَ الْجِبَالِ وَالْآكَامِ وَبُطُونَ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتَ الشَّجَرِ قَالَ فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ

فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْفَزَعُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى مَنْ تُرْجَى دَعْوَتُهُ عِنْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ وَفِيهِ أَنَّ ذِكْرَ مَا نَزَلَ لَيْسَ بِشَكْوَى إِذَا كَانَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَفِيهِ الدُّعَاءُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَفِيهِ مَا عَلَيْهِ بَنُو آدَمَ مِنْ قِلَّةِ الصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلَاءِ أَلَا تَرَى سُرْعَةَ شَكْوَاهُمْ بِالْمَاءِ بَعْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا وَفِيهِ إِبَاحَةُ الدُّعَاءِ فِي الِاسْتِصْحَاءِ كَمَا يُدْعَى فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخُلُقِ الْعَظِيمِ فِي إِبَاحَةِ كُلِّ مَنْ دَعَاهُ إِلَى مَا أَرَادَ مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحْكَامَ الِاسْتِسْقَاءِ وَالصَّلَاةَ فِيهَا وَالْقِرَاءَةَ وَسَائِرَ سُنَنِهَا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ (يَوْمَ) الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ انْقَطَعَتِ السُّبُلُ وَهَلَكَتِ الْأَمْوَالُ وَأَجْدَبَتِ الْبِلَادُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ حِذَاءَ وَجْهِهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا وَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا وَلَكِنِ الْجِبَالَ وَمَنَابِتَ الشَّجَرِ قَالَ فَتَمَزَّقَ السَّحَابُ فَمَا نَرَى مِنْهُ شَيْئًا وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَهُ بِأَتَمِّ مَعْنًى وَأَحْسَنِ سِيَاقَةٍ وَفِي آخِرِ حَدِيثِهِ قَالَ شَرِيكٌ سَأَلْتُ أَنَسًا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَاهُ آخِرًا هُوَ الرَّجُلُ الْأَوَّلُ قَالَ لَا

وَرَوَاهُ ثَابِتٌ وَحُمَيْدٌ وَإِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسٍ بِمَعْنَى حَدِيثِ شَرِيكٍ هَذَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد ابن عُثْمَانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا النَّصْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو رميل قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ اسْتَسْقَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمُطِرَ النَّاسُ حَتَّى سَالَتْ قَنَاهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَأَصْبَحَ النَّاسُ منهم من يقول لقد صدق! كَذَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هَذِهِ رَحْمَةٌ وَضَعَهَا اللَّهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى بْنِ جَمِيلٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا الْأَصْمَعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّعْدِيُّ سَعْدُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَسْتَسْقِي فَجَعَلَ يَسْتَغْفِرُ قَالَ فجعلت أقول فيم حرج لَهُ وَلَا أَشْعُرُ أَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ هُوَ الِاسْتِغْفَارُ قَالَ فَقَلَّدَتْنَا السَّمَاءَ قَلْدًا كُلَّ خَمْسَ عَشْرَةَ حَتَّى رَأَيْتُ الْأَرْنَبَةَ تَأْكُلُهَا صِغَارُ الْإِبِلِ مِنْ وَرَاءِ حِقَاقِ الْعُرْفُطِ قَالَ قُلْتُ مَا حِقَاقُ الْعُرْفُطِ قَالَ ابْنَا سَنَتَيْنِ وَثَلَاثٍ قَالَ نَصْرٌ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ الْأَرْنَبَةُ شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ يَقُولُ فَطَالَتْ مِنَ الْأَمْطَارِ حَتَّى صَارَتِ الْإِبِلُ كُلُّهَا تَتَنَاوَلُهَا مِنْ فَوْقِ شَجَرِ الْعُرْفُطِ وَيُرْوَى هَذَا الْخَبَرُ عَنْ مُسْلِمٍ الْمُلَائِيِّ عَنْ أَنَسٍ بِغَيْرِ هَذَا قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَيْنَاكَ وَمَا لَنَا صَبِيٌّ يَغِطُّ وَلَا بَعِيرٌ يَئِطُّ وأنشد

أَتَيْنَاكَ وَالْعَذْرَاءُ تُدْمِي لَبَانَهَا ... وَقَدْ شُغِلَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ عَنِ الطِّفْلِ ... ... وَأَلْقَى بِكَفَّيْهِ وَخَرَّ اسْتِكَانَةً ... مِنَ الْجُوعِ مَوْتًا مَا يُمِرُّ وَمَا يُحْلِي ... ... وَلَا شَيْءَ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ عِنْدَنَا ... ... سِوَى الحنظل العامي والعلهز الغسل ... وَلَيْسَ لَنَا إِلَّا إِلَيْكَ فِرَارُنَا ... وَأَيْنَ فِرَارُ النَّاسِ إِلَّا إِلَى الرُّسْلِ ... فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا غَدَقًا طَبَقًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ عَاجِلًا غَيْرَ رَايِثٍ وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ قَالَ فَمَا رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ حَتَّى الْتَقَتِ السَّمَاءُ بِأَبْرَاقِهَا وَجَاءَ أَهْلُ الْبِطَاحِ يَضِجُّونَ الْغَرَقَ الْغَرَقَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا فَانْجَابَ السَّحَابُ عَنِ الْمَدِينَةِ حَتَّى أَحْدَقَ بها كالإكليل

فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ لِلَّهِ دَرُّ أَبِي طَالِبٍ لَوْ كَانَ حَيًّا قَرَّتْ عَيْنَاهُ مَنْ يُنْشِدُنَا قَوْلَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ... لَعَلَّكَ تُرِيدُ وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ ... ... ... يُطِيفُ بِهِ الْهَلَاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... ... فَهُمْ عِنْدَهُ فِي نِعْمَةٍ وَفَوَاضِلِ ... فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَلْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ كِنَانَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ يَكُ شَاعِرٌ أَحْسَنَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ أَخْبَرَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بِحِيرٍ الْقَاضِي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَدَقَةَ الْوَاسِطِيُّ ابْنُ ابْنَةِ خَالِدٍ الطَّحَّانِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رِشْدِينَ بْنِ خَيْثَمٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْمُلَائِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَذَكَرَهُ قَالَ الْقَاضِي قَالَ لَنَا إِبْرَاهِيمُ اللَّبَانُ الصَّدْرُ وَالْحَنْظَلُ الْعَامِيُّ الَّذِي لَهُ عَامٌ وَالْعَلْهَزُ لَا أَعْرِفُهُ وَهَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ وَأَظُنُّهُ الْعَنْقَزُ وَهُوَ أَصُولُ الْبَرْدِيِّ وَأَمَّا قَوْلُهُ بَعِيرٌ يَئِطُّ فَالْأَطِيطُ الصَّوْتُ وَغَدَقًا كَثِيرًا وَطَبَقًا يُطْبِقُ الْأَرْضَ وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ دِينَارٍ الْغَلَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا العباس ابن بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يَزِيدَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وقد أَجْدَبَتْ عَلَيْهِ السَّنَةُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ مَرَّتْ بِنَا سُنُونَ كَسِنِي يُوسُفَ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمِنْبَرِ يَجُرُّ

رِدَاءَهُ وَحَوْلَهُ عَلَى كَتِفِهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا (مَرِيئًا مُرِيعًا (22) فَمَا اسْتَتَمَّ الدُّعَاءَ حَتَّى اسْتَقَلَّتْ سَحَابَةٌ تُمْطِرُ سَحًّا فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ أَهْلُ الْأَسَافِلِ يَصِيحُونَ الْغَرَقَ الْغَرَقَ فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ لِلَّهِ أَبُو طَالِبٍ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَقَرَّتْ عَيْنَاهُ أَمَا مِنْكُمْ أَحَدٌ يُنْشِدُنِي شِعْرَهُ فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَعَلَّكَ تُرِيدُ يَا رسول الله وقوله ... وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ... رَبِيعُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ ... فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ وَكَانَ مِنْ مُزَيْنَةَ ... لَكَ الْحَمْدُ وَالْحَمْدُ مِمَّنْ شَكَرْ ... ... سُقِينَا بِوَجْهِ النَّبِيِّ الْمَطَرْ ... ... ... دَعَا رَبَّهُ الْمُصْطَفَى دَعْوَةً ... فَأَسْلَمَ مَعَهَا إِلَيْهِ النَّظَرْ ... ... فَلَمْ يَكُ إِلَّا أَنْ أَلْقَى الرِّدَاءَ ... وَأَسْرَعَ حَتَّى رَأَيْنَا الدُّرَرْ ... ... وَلَمْ يَرْجِعِ الْكَفُّ عِنْدَ الدُّعَاءِ ... إِلَى النَّحْرِ حَتَّى أَفَاضَ الْغُدُرْ ... ... سَحَابٌ وَمَا فِي أَدِيمِ السَّمَاءِ ... سَحَابٌ يَرَاهُ الْحَدِيدُ الْبَصَرْ ... ... فَكَانَ كَمَا قَالَهُ عَمُّهُ ... وَأَبْيَضُ يُسْقَى بِهِ ذُو غَدَرْ ... ... بِهِ يُنْزِلُ اللَّهُ غَيْثَ السَّمَاءِ ... فَهَذَا الْعِيَانُ لِذَاكَ الْخَبَرْ ... ... فَمَنْ يَشْكُرِ اللَّهَ يَلْقَ الْمَزِيدَ ... ... وَمَنْ يَكْفُرِ اللَّهَ يَلْقَ الْغِيَرْ ... لَيْسَ هَذَا الْبَيْتُ فِي رِوَايَةِ الْغَلَابِيِّ قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فَأَمَرَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَاحِلَتَيْنِ وَكَسَاهُ ثَوْبًا

الحديث الثاني

وَأَمَّا قَوْلُهُ الْآكَامُ فَهِيَ الْكِدَاءُ وَالْجُبَارُ الصِّغَارُ مِنَ التُّرَابِ الْوَاحِدَةُ أَكَمَةُ وَمَنَابِتُ الشَّجَرِ مَوَاضِعُ الْمَرْعَى حَيْثُ تَرْعَى الْبَهَائِمُ وَانْجِيَابُ الثَّوْبِ انْقِطَاعُ الثَّوْبِ يَعْنِي الْخَلْقَ يَقُولُ صَارَتِ السَّحَابَةُ قِطَعًا وَانْكَشَفَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ كَمَا يَنْكَشِفُ الثَّوْبُ عَنِ الشَّيْءِ يَكُونُ عَلَيْهِ حَدِيثٌ ثَانٍ لِشَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ مَالِكٌ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعَ قَوْمٌ الْإِقَامَةَ فَقَامُوا يُصَلُّونَ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَصَلَاتَانِ مَعًا أَصَلَاتَانِ مَعًا وَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ لَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا مَا رَوَاهُ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أنس حدثناه خلف ابن الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ جَوْصَاءَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَزِيرٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ شَرِيكِ بن عبد الله بن أبي نمر عن أَنَسٍ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعُوا الْإِقَامَةَ فَقَامُوا يُصَلُّونَ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَصَلَاتَانِ مَعًا

وَرَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ شَرِيكٍ فَأَسْنَدَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عبد الرحمان عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ صَلَاةُ الصُّبْحِ فَرَأَى نَاسًا يُصَلُّونَ فَقَالَ أَصَلَاتَانِ مَعًا وَرَوَى نَحْوَ هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ وَابْنُ بُحَيْنَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجَسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الصُّبْحَ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ ثُمَّ دَخَلَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ يَا فُلَانُ أَيَّتُهُمَا صَلَاتُكَ الَّتِي صَلَّيْتَ وَحْدَكَ أَوِ الَّتِي صَلَّيْتَ مَعَنَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قال حدثنا بكر ابن حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَلَاثَ بِهِ وَقَالَ أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَلَاتَانِ مَعًا وَقَوْلُهُ لِهَذَا الرَّجُلِ أَيَّتُهُمَا صَلَاتُكَ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَتُصَلِّيهِمَا أَرْبَعًا كُلُّ ذَلِكَ إِنْكَارٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ الْفِعْلِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ ركعتي الفجر ولا شيئا فيمن

النَّوَافِلِ إِذَا كَانَتِ الْمَكْتُوبَةُ قَدْ قَامَتْ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا هُوَ أَصَحُّ مِنْ هَذَا وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ يَعْنِي الَّتِي أُقِيمَتْ وَهَذَا يُوَضِّحُ مَعْنَى أَصَلَاتَانِ مَعًا وَيُفَسِّرُهُ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَوَرْقَاءُ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَزَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ مَرْفُوعًا وَقَدْ وَقَفَهُ قَوْمٌ مِنْ رُوَاتِهِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ رَفَعَهُ وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ ظَاهِرُ الْمَعْنَى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَرْقَاءَ قَالَ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ كُلُّهُمْ عَنْ عَمْرِو ابن دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عمرو بن دينار عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَنْبُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ أَيْضًا حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ وَثِيمَةَ بْنِ مُوسَى بْنِ الْفُرَاتِ قال حدثنا أبو صالح عبد الغفار ابن دَاوُدَ الْحَرَّانِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ عن أبي سلمة بن عبد الرحمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ الَّتِي أُقِيمَتْ وَفِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا حَدِيثُ جَابِرٍ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الَّذِي لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَأَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِيُصَلِّيَهِمَا فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدِ فَلْيَدْخُلْ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَرْكَعْهُمَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلِ الْمَسْجِدَ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ أَنْ يَفُوتَهُ الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ فَلْيَرْكَعْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَلَا يَرْكَعْهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ أَفَنِيَةِ الْمَسْجِدِ الَّتِي تُصَلَّى فِيهَا الْجُمُعَةُ اللَّاصِقَةِ بِالْمَسْجِدِ وَإِنْ خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ فَلْيَدْخُلْ وَلِيُصَلِّ مَعَهُ ثُمَّ يُصَلِّيهِمَا إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ إِنْ أَحَبَّ وَلَأَنْ يُصَلِّيَهِمَا إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَأَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِمَا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِنْ خَشِيَ فَوْتَ رَكْعَةٍ دَخَلَ مَعَهُمْ وَلَمْ يُصِلِّهِمَا وَإِلَّا صَلَّاهُمَا وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَرْكَعُهُمَا إِلَّا أَنْ يُوقِنَ أَنَّهُ إِنْ فَعَلَ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الْآخِرَةُ فَأَمَّا الرَّكْعَةُ الْأُولَى فَيَرْكَعُ وَإِنْ فَاتَتْهُ

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِذَا أَخَذَ الْمُقِيمُ فِي الْإِقَامَةِ فَلَا تَطَوُّعَ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ خَشِيَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ وَلَا يُدْرِكَ الْإِمَامَ قَبْلَ رَفْعِهِ مِنَ الرُّكُوعِ فِي الثَّانِيَةِ دَخَلَ مَعَهُ وَإِنْ رَجَا أَنْ يُدْرِكَ رَكْعَةً صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ قَالَ أبو عمر اتفق هؤلاء كلهم على أنه يركع رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي مِنْهُمْ مَنْ رَاعَى (فَوْتَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَمِنْهُمْ رَاعَى) الثَّانِيَةَ وَمِنْهُمْ مَنِ اشْتَرَطَ الْخُرُوجَ عَنِ الْمَسْجِدِ (وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُبَالِهِ عَلَى حَسْبِمَا) ذَكَرْنَا عَنْهُمْ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَاظِبُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنَّ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ مَنْ قَالَ هُمَا مِنَ الرَّغَائِبِ وَلَيْسَا مِنَ السُّنَنِ وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ لَا وَجْهَ لَهُ وَكُلُّ مَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسُنَّةٌ وَآكَدُ مَا يَكُونُ مِنَ السُّنَنِ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ وَيَنْدُبُ إِلَيْهِ وَيَأْمُرُ بِهِ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى تَأْكِيدِهِمَا أَنَّهُ صَلَّاهُمَا حِينَ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي سَفَرِهِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَهَذَا غَايَةٌ فِي تَأْكِيدِهِمَا وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ (عُلَمَاءِ) الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ إِلَّا مَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمَا مِنَ الرَّغَائِبِ وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مَا هُوَ وَأَعْمَالُ الْبِرِّ كُلُّهَا مَرْغُوبٌ فِيهَا وَأَفْضَلُهَا مَا وَاظَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا وَسَنَّهَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَضَاءَ لَهُ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ ذَلِكَ حَتَّى

مَاتَ فَهَذَا عَمَلُهُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مُعَاهَدَةً مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مُعَاهَدَةً مِنْهُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا بَكْرٌ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فَاحْتَجَّ مَنْ قَدَّمْنَا قَوْلَهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَصْحَابِهِمْ بِهَذِهِ الْآثَارِ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا فِي تَأْكِيدِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَالُوا هِيَ سَنَةٌ مُؤَكَّدَةٌ فَإِذَا أَمْكَنَ الْإِتْيَانُ بِهِمَا وَإِدْرَاكُ رَكْعَةٍ مِنَ الصُّبْحِ فَلَا مَعْنَى لِتَرْكِهِمَا لِأَنَّهُ لَا تَفُوتُ الصَّلَاةُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْهَا وَقَالَ مِنْهُمْ آخَرُونَ إِذَا لَمْ تَفُتْهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَهِمَا فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ النَّهْيَ الْمَذْكُورَ عِنْدَهُمْ فِي حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ مَعَ قَوْلِهِ أَصَلَاتَانِ مَعًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ كَمَا نَهَى مَنْ

صَلَّى الْجُمُعَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهَا تَطَوُّعًا فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ حَتَّى يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَكَلَّمَ هَذَا مَا نَزَعَ بِهِ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ شَيْءٌ عِنْدِي لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا فِي أَنْ يُصَلِّيَهُمَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ إِنْ رَجَا أَنْ يُدْرِكَ مَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عن زيد ابن أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ جَاءَ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي صَلَاةَ الصُّبْحِ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَصَلَّاهُمَا فِي حُجْرَةِ حَفْصَةَ ثُمَّ إِنَّهُ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ قَدْ صَلَّاهُمَا بَعْدَ أَنْ أُقِيمَتِ الْمَكْتُوبَةُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ الْمَسْجِدَ وَالْقَوْمُ يُصَلُّونَ فَلَا يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ وَلَكِنْ لِيُصَلِّهِمَا خَارِجًا عَلَى دُكَّانٍ أَوْ عَلَى شَيْءٍ وَهَذَا مِثْلُهُ أَيْضًا وَمِنْ حُجَّةِ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ فِي أَنْ يُصَلِّيَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ إِذَا رَجَا أَنْ يُدْرِكَ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ الْإِمَامِ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى إِلَى أُسْطُوَانَةٍ فِي الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِمَحْضَرٍ مِنْ حُذَيْفَةَ وَأَبِي مُوسَى قَالُوا وَإِذَا جَازَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالنَّافِلَةِ عَنِ الْمَكْتُوبَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ صَلَاةُ الصُّبْحِ فَلْيَدْخُلْ مَعَ النَّاسِ ولا يركع رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَمِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَرْكَعْهُمَا لَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَلَا فِي الْمَسْجِدِ وَكَذَلِكَ قَالَ الطَّبَرِيُّ لَا يَتَشَاغَلُ أَحَدٌ بِنَافِلَةٍ بَعْدَ إِقَامَةِ الْفَرِيضَةِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَنَا أَسْمَعُ عَنِ الرَّجُلِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَمْ يَرْكَعِ الرَّكْعَتَيْنِ فَقَالَ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ أَصَلَاتَانِ مَعًا قَالَ أَحْمَدُ وَيَقْضِيهِمَا مِنَ الضُّحَى قِيلَ لَهُ فَإِنْ صَلَّاهُمَا بَعْدَ سَلَامِهِ وَفَرَاغِهِ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَالَ يُجْزِيهِ وَأَمَّا أَنَا فَأَخْتَارُ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا مِنَ الضُّحَى ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّيهِمَا مِنَ الضُّحَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ وَحَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَائِشَةَ قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَصِلُوهُمَا إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ مَا يَفُوتُهُ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ الَّتِي أُقِيمَتْ رَوَاهُ أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحُجَّةُ عِنْدَ التَّنَازُعِ السُّنَّةُ فَمَنْ أَدْلَى بِهَا فَقَدْ أَفْلَحَ وَمَنِ اسْتَعْمَلَهَا فقد نجا وما توفيقي إلا بالله

باب حرف الهاء

(باب الهاء هِلَالُ بْنُ أُسَامَةَ وَهُوَ هِلَالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ) قَالَ مُصْعَبٌ هُوَ مَوْلَى عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ فَقَالَ هِلَالُ بْنُ أُسَامَةَ وَرَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ فَقَالَا هِلَالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ وَرَوَى عَنْهُ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ فَقَالَ هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ وَقِيلَ إِنَّهُ هِلَالُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أُسَامَةَ وَأَبُوهُ يُكْنَى أَبَا مَيْمُونَةَ وَبِهِ يُعْرَفُ بِالْكُنْيَةِ وَهُوَ بِهَا أَشْهَرُ لِمَالِكٍ عَنْهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ اخْتَصَرَهُ مِنْ حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ مَالِكٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي جَارِيَةً كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لِي فَجِئْتُهَا وَقَدْ فَقَدَتْ شَاةً فَسَأَلْتُهَا عَنْهَا فَقَالَتْ أَكَلَهَا الذِّئْبُ فَأَسِفْتُ عَلَيْهَا وَكُنْتُ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلَطَمْتُ حُرَّ وَجْهِهَا وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ أَفَأُعْتِقُهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ اللَّهُ فَقَالَتْ فِي السَّمَاءِ فَقَالَ مَنْ أَنَا فَقَالَتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتِقْهَا

هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ هِلَالٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ وَهْمٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عُمَرُ بْنُ الحكم وإنما هو معاوية ابن الْحَكَمِ كَذَلِكَ قَالَ فِيهِ كُلُّ مَنْ رَوَى هذا الحديث عن هلال وغيره ومعاوية ابن الْحَكَمِ مَعْرُوفٌ فِي الصَّحَابَةِ وَحَدِيثُهُ هَذَا مَعْرُوفٌ لَهُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الصَّحَابَةِ وَنَسَبْنَاهُ فَأَغْنَانَا عن ذكر ذلك ههنا وَأَمَّا عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ فَهُوَ مِنَ التَّابِعِينَ وَهُوَ عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ بْنُ أَبِي الْحَكَمِ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنَ الْأَوْسِ وَقِيلَ بَلْ هُوَ حَلِيفٌ لَهُمْ وَكَانَ مِنْ سَاكِنِي الْمَدِينَةِ تُوَفِّيَ بِهَا سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ وَهُوَ عَمُّ وَالِدِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَنْصَارِيِّ وَعُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ سِنَانٍ لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ وَعُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ كُلُّهُمْ يُسَمَّى عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ وَهُمْ مَدَنِيُّونَ وَلَيْسَ فِيهِمْ مَنْ لَهُ صُحْبَةٌ وَلَا مَنْ يَرْوِي عَنْهُ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَةِ أَحَدٌ يُسَمَّى عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ وَإِنَّمَا هَذَا مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ لَا شَكَّ فِيهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عُمَرَ وَالْبَزَّارَ يَقُولُ رَوَى مَالِكٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَهِمَ فِيهِ وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ لِعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ لَيْسَ أَحَدٌ يَقُولُ فِيهِ عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ غَيْرَ مَالِكٍ وهم فيه

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَصْحَابُهُ جَمِيعًا عَنْهُ قَالَ وَإِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ كَمَا رَوَاهُ النَّاسُ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُهُ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِأَكْمَلَ مِنْ هَذَا عَنْ مَالِكٍ قَوْمٌ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ قُتَيْبَةُ أَيْضًا وَالشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ بِتَمَامِهِ فِيهِ ذِكْرُ الْكُهَّانِ وَالطِّيرَةِ وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ بَعْضَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ فَذَكَرَ أَمْرَ الْكُهَّانِ (وَلَمْ يُذْكَرْ أَمْرَ الْجَارِيَةِ وَقَالَ فِيهِ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ) وَالطِّيرَةُ كَمَا قَالَ النَّاسُ وَإِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ فِي حَدِيثِهِ عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ وَكُلُّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ هِلَالٍ قَالَ فِيهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمَيْمُونَ بْنَ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ جَارِيَةً لِي كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لِي فَجِئْتُهَا وَقَدْ فُقِدَتْ شَاةٌ مِنَ الْغَنَمِ فَسَأَلْتُهَا عَنْهَا فَقَالَتْ أَكَلَهَا الذِّئْبُ فَأَسِفْتُ عَلَيْهَا وَكُنْتُ امْرَأً مِنْ بَنِي آدَمَ فَلَطَمْتُ وَجْهَهَا وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ أَفَأُعْتِقُهَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ فَمَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال عمر

يا رسول الله أشياء كُنَّا نَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كُنَّا نَأْتِي الْكُهَّانَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَأْتُوا الْكُهَّانَ قَالَ عُمَرُ وَكُنَّا نَتَطَيَّرُ قَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ قَالَ الطَّحَاوِيُّ سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ يَقُولُ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يُسَمِّي هَذَا الرَّجُلَ عُمَرَ بْنَ الْحَكَمِ وَإِنَّمَا هُوَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ وَقَالَ مَالِكٌ هِلَالُ بْنُ أُسَامَةَ وَإِنَّمَا هُوَ هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ غَيْرَ أَنَّ قَائِلًا قَالَ هُوَ هِلَالُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أُسَامَةَ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّمَا نَسَبَهُ مَالِكٌ إِلَى جَدِّهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن جعفر بن الورد حدثنا يوسف ابن يَزِيدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي جَارِيَةً كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا فَجِئْتُهَا فَفُقِدَتْ شَاةٌ مِنَ الْغَنَمِ فَسَأَلْتُهَا عَنْهَا فَقَالَتْ أَكَلَهَا الذِّئْبُ فَأَسِفْتُ عَلَيْهَا وَكُنْتُ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلَطَمْتُ وَجْهَهَا وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ أَفَأُعْتِقُهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَقَالَ عمر يا رسول الله أشياء كُنَّا نَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كُنَّا نَأْتِي الْكُهَّانَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَأْتُوا الْكُهَّانَ قَالَ وَكُنَّا نَتَطَيَّرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَضُرُّكُمْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حدثني أبي قال حدثنا الحسن ابن عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ

قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْجَارُودِ وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِلَالٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَيْسَ هُوَ عُمَرَ بْنَ الْحَكَمِ إِنَّمَا هُوَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ وَهُوَ خَطَأٌ مِنْ مَالِكٍ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرحمان عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطِّيرَةِ فَقَالَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ عَنِ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَابْنُ سَمْعَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عبد الرحمان عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُمُورٌ كُنَّا نَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كُنَّا نَأْتِي الْكُهَّانَ قَالَ فَلَا تَأْتُوا الْكُهَّانَ قَالَ قُلْتُ كُنَّا نَتَطَيَّرُ قَالَ ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ فَهَذَا مَالِكٌ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ كَمَا سَمِعَهُ مِنْهُ وَحَفِظَهُ عَنْهُ وَلَوْ سَمِعَهُ كَذَلِكَ مِنْ هِلَالٍ لَأَدَّاهُ كَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرُبَّمَا كَانَ هَذَا مِنْ هِلَالٍ إِلَّا أَنَّ جَمَاعَةً رَوَوْهُ عَنْ هِلَالٍ فَقَالُوا فِيهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ ابن سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابن سَنْجَرٍ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي

يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ فَجَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ وَإِنَّ رِجَالًا مِنَّا يَتَطَيَّرُونَ قَالَ ذلك شيء يجدونه في صدروهم فَلَا يَضُرُّهُمْ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرِجَالًا مِنَّا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ قَالَ فَلَا تَأْتُوهُمْ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرِجَالًا مِنَّا يَخُطُّونَ قَالَ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ قَالَ وَبَيْنَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَحَذَفَنِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ أُمِّيَاهُ إِنَّكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ قَالَ فَضَرَبُوا عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُسْكِتُونِي لَكِنِّي سَكَتُّ قَالَ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ وَاللَّهِ مَا ضَرَبَنِي وَلَا كَهَرَنِي وَلَا سَبَّنِي وَلَكِنْ قَالَ إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحْ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ قَالَ ثُمَّ اطَّلَعْتُ غَنِيمَةً لِي تَرْعَاهَا جَارِيَةٌ لِي فِي نَاحِيَةِ أُحُدٍ فَوَجَدْتُ الذِّئْبَ قَدْ أَصَابَ مِنْهَا شَاةً وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ فَصَكَكْتُهَا صَكَّةً ثُمَّ انْصَرَفْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَعَظُمَ عَلَيَّ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلَّا أَعْتِقُهَا قَالَ ائْتِينِي بِهَا قَالَ فَجِئْتُ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا أَيْنَ اللَّهُ فَقَالَتْ فِي السَّمَاءِ فَقَالَ مَنْ أَنَا فَقَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ فَأَعْتِقْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعَانِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاضِحَةٌ يُسْتَغْنَى عَنِ الْكَلَامِ فِيهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ أَيْنَ اللَّهُ فَقَالَتْ فِي السَّمَاءِ فَعَلَى هَذَا أَهْلُ الْحَقِّ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

آمنتم مَنْ فِي السَّمَاءِ وَلِقَوْلِهِ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَلِقَوْلِهِ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ قَدْ أَتَيْنَا عَلَيْهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ فِي حَدِيثِ النُّزُولِ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَبَيَانٌ لِتَأْوِيلِ قَوْلِ الله عز وجل الرحمان عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وَلَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ فِي كُلِّ زَمَانٍ إِذَا دَهَمَهُمْ أَمْرٌ وَكَرَبَهُمْ غَمٌّ يَرْفَعُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ رَغْبَةً إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْكَفِّ عَنْهُمْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُلَيَّةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ قَالَ حُدِّثْتُ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ تَرَكَ الْغَزْوَ عَامًا فَأَعْطَى رَجُلًا صُرَّةً فِيهَا دَرَاهِمُ فَقَالَ انْطَلِقْ فَإِذَا رَأَيْتَ رَجُلًا يَسِيرُ مِنَ الْقَوْمِ ناحية في هيأته بَذَاذَةٌ فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ قَالَ فَفَعَلَ فَرَفَعَ رَأَسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ اللَّهُمَّ لَمْ تَنْسَ حَدِيدًا فَاجْعَلْ حَدِيدًا لَا يَنْسَاكَ قَالَ فَرَجَعَ الرَّجُلُ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ وَلِيُّ النِّعْمَةِ رَبُّهَا وَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَبَيَانٌ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ وَأَبِي سَلَمَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

هاشم بن هاشم

مَالِكٌ عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ هَاشِمُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَعْرُوفٌ مَشْهُورُ النَّسَبِ شَرِيفٌ وَقِيلَ فِيهِ هَاشِمُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ مَعْرُوفُ النِّسَبِ مَجْهُولٌ فِي نَفْسِهِ وَهَذَا عِنْدِي لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَشُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ أَبُو بَدْرٍ السُّكُونِيُّ وَأَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو أُسَامَةَ وَمَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ ذَكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَرْوِي هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ وَعَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ وَحَدِيثُ مَالِكٍ عَنْهُ مَالِكٌ عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عن عبد الله ابن نِسْطَاسٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي آثِمًا تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نِسْطَاسٍ يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ وَنِسْطَاسٌ مَوْلَى أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ كَانَ جَاهِلِيًّا

لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ يَقُولُونَ فِيهِ مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ آثِمَةٍ كَذَا قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَعْنَبِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ يَحْيَى مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي آثِمًا وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَفِيهِ اشْتِرَاطُ الْإِثْمِ فَالْوَعِيدُ لَا يَقَعُ إِلَّا مَعَ تَعَمُّدِ الْإِثْمِ فِي الْيَمِينِ وَاقْتِطَاعِ حَقِّ الْمُسْلِمِ بِهَا وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي حَدِيثِ الْعَلَاءِ عَلَى مَا مَضَى فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَمَذْهَبُنَا فِي الْوَعِيدِ أَنَّهُ غَيْرُ نَافِذٍ فِي هَذَا وَفِي كُلِّ مَا أَوْعَدَ اللَّهُ أَهْلَ الْإِيمَانِ عَلَيْهِ النَّارَ وَالْعَذَابَ فَإِنَّ اللَّهَ بِالْخِيَارِ فِي عَبْدِهِ الْمُذْنِبِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ غَفَرَ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُعَذِّبَهُ عَذَّبَهُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرَ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يشاء والتوبة تمحو السيآت كُلَّهَا كُفْرًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ إِلَّا أَنَّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْقِصَاصِ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا (هَذَا) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا الْيَمِينُ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْمَنَابِرِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى أَنَّ الْيَمِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَفِي الْجَامِعِ لَا يَكُونُ فِي أَقَلِّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَإِذَا كَانَ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ قِيمَةَ ذَلِكَ عَرْضًا فَمَا زَادَ كَانَتِ الْيَمِينُ فِيهِ فِي مَقْطَعِ الْحَقِّ بِالْجَامِعِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَهَذِهِ جُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ قَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ الْمُسْلِمُ فِي

الْقَسَامَةِ وَاللِّعَانِ وَفِيمَا لَهُ بَالٌ مِنَ الْحُقُوقِ يُرِيدُ رُبْعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا فِي جَامِعِ بَلَدِهِ فِي أَعْظَمِ مَوَاضِعِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ إِلَى الْقِبْلَةِ هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَحْلِفُ قَائِمًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَلَا يَعْرِفُ مَالِكٌ الْيَمِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ إِلَّا مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَطْ يَحْلِفُ عِنْدَهُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ فَهُوَ كَالنَّاكِلِ عَنِ الْيَمِينِ وَيُجْلَبُ فِي أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ عِنْدَ مَالِكٍ مَنْ كَانَ مِنْ عَمَلِ مَكَّةَ إِلَى مَكَّةَ فَيَحْلِفُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَيُجْلَبُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَنْ كَانَ مِنْ عَمَلِهَا فَيَحْلِفُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْمِنْبَرِ بِالْمَدِينَةِ وَبَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ بِمَكَّةَ فِي الْقَسَامَةِ وَاللِّعَانِ وَأَمَّا فِي الْحُقُوقِ فَلَا يَحْلِفُ عِنْدَهُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ فِي أَقَلِّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا وَذُكِرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ الْقَدَّاحِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ أبصر عبد الرحمان بْنُ عَوْفٍ قَوْمًا يَحْلِفُونَ بَيْنَ الْمَقَامِ وَالْبَيْتِ فَقَالَ أَعَلَيَّ دَمٌ قِيلَ لَا قَالَ أَفَعَلَيَّ عَظِيمٌ مِنَ الْأَمْرِ قِيلَ لَا قَالَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَتَهَاوَنَ النَّاسُ بِهَذَا الْمَقَامِ هَكَذَا رَوَاهُ الزَّعْفَرَانِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ يَتَهَاوَنُ النَّاسُ وَرَوَاهُ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ فِي كِتَابِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَقَالَا فِيهِ (لَقَدْ) خَشِيتُ أَنْ يَبْهَأَ النَّاسُ بِهَذَا الْمَقَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ وَمَعْنَى يَبْهَأُ يَأْنَسُ النَّاسُ بِهِ يُقَالُ بَهَأْتُ بِهِ أَيْ أَنِسْتُ بِهِ وَمِنْبَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّعْظِيمِ مِثْلُ ذَلِكَ لِمَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ عَلَى مَنْ حَلَفَ عِنْدَهُ بِيَمِينٍ آثِمَةٍ تَعْظِيمًا لَهُ وَذُكِرَ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ وَحَدِيثُ مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا غَطَفَانَ بْنَ طَرِيفٍ الْمُرِّيَّ قَالَ اخْتَصَمَ زَيْدُ بْنُ ثابت وابن مطيع إلى مروا بْنِ الْحَكَمِ فِي دَارٍ فَقَضَى بِالْيَمِينِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ

عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ زَيْدٌ أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِي فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ لَا وَاللَّهِ لَا وَاللَّهِ إِلَّا عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ فَجَعَلَ زَيْدٌ يَحْلِفُ إِنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ وَيَأْبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَجَعَلَ مَرْوَانُ يَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ كَرِهَ زَيْدٌ صَبْرَ الْيَمِينِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَبَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَلَفَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي خُصُومَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ وَأَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَاقْتَدَى مِنْهَا وَقَالَ أَخَافُ أَنْ تُوَافِقَ قَدْرَ بَلَاءٍ فَيُقَالُ بِيَمِينِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْيَمِينُ عَلَى الْمِنْبَرِ مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ فِي قَدِيمٍ وَلَا حَدِيثٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ فَعَابَ قَوْلَنَا هَذَا عَائِبٌ تَرَكَ فِيهِ مَوْضِعَ حُجَّتِنَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآثَارِ بَعْدَهُ عَنْ أَصْحَابِهِ وَزَعَمَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ لَا يَرَى الْيَمِينَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَنَّا رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْهُ وَخَالَفْنَاهُ إِلَى قَوْلِ مَرْوَانَ بِغَيْرِ حُجَّةٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ هَذَا مَرْوَانُ يَقُولُ لِزَيْدٍ وهو عنده (من) أحظى أهل زنانه وَأَرْفَعِهِمْ مَنْزِلَةً لَا وَاللَّهِ إِلَّا عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ قَالَ فَمَا مَنَعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَوْ (لَمْ) يَعْلَمْ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمِنْبَرِ حَقٌّ أَنْ يَقُولَ مَقَاطِعُ الْحُقُوقِ مَجْلِسُ الْحُكْمِ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَا كَانَ زَيْدٌ لِيَمْتَنِعَ مِنْ أَنْ يَقُولَ لِمَرْوَانَ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا وَقَدْ قَالَ لَهُ أَتُحِلُّ الرِّبَا يَا مَرْوَانُ فَقَالَ مَرْوَانُ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَمَا هَذَا قَالَ فَالنَّاسُ يَتَبَايَعُونَ الصُّكُوكَ قبل أن يقبضوها فبعث مروان الحرس ينتزوعونها مِنْ أَيْدِي النَّاسِ فَإِذَا كَانَ مَرْوَانُ لَا

يُنْكِرُ عَلَى زَيْدٍ بِهَذَا فَكَيْفَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ أَنْ يَقُولَ لَا تَلْزَمُنِي الْيَمِينُ عَلَى الْمِنْبَرِ لَقَدْ كَانَ زَيْدٌ مِنْ أَعْظَمِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي عَيْنِ مَرْوَانَ وَآثَرِهِمْ عِنْدَهُ وَلَكِنَّ زَيْدًا عَلِمَ أَنَّ مَا قَضَى بِهِ مَرْوَانُ هُوَ الْحَقُّ وَكَرِهَ أَنْ يَصْبِرَ يَمِينَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا وَالَّذِي نَقَلَ الْحَدِيثَ فِيهِ كَأَنَّهُ تَكَلُّفٌ لِاجْتِمَاعِنَا عَلَى الْيَمِينِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ قَالَ وَقَدْ رَوَى الَّذِينَ خَالَفُونَا فِي هَذَا حَدِيثًا يُثْبِتُونَهُ عِنْدَهُمْ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ جَلَبَ قَوْمًا مِنَ الْيَمَنِ فَأَدْخَلَهُمُ الْحِجْرَ فَأَحْلَفَهُمْ فَإِنْ كَانَ هَذَا ثَابِتًا عَنْ عُمَرَ فَكَيْفَ أَنْكَرُوا عَلَيْنَا أَنْ يَحْلِفَ مَنْ بِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَمَنْ بِالْمَدِينَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَنَحْنُ لَا نَجْلِبُ أَحَدًا مِنْ بَلَدِهِ وَلَوْ لَمْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِأَكْثَرِ مِنْ رِوَايَتِهِمْ أَوْ بِمَا احْتَجُّوا بِهِ عَلَيْنَا عَنْ زَيْدٍ لَكَانَتِ الْحُجَّةُ بِذَلِكَ لَازِمَةً فَكَيْفَ وَالْحُجَّةُ فِيهَا ثَابِتَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ بَعْدَهُ وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا وَذُكِرَ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي قِصَّةِ قَيْسِ بْنِ مَكْشُوحٍ فَقَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ الْعَامِرِيِّ عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ أَنِ أَبْعَثْ إِلَيْهِ بِقَيْسِ بْنِ مَكْشُوحٍ فِي وِثَاقٍ فَبَعَثْتُ بِهِ إِلَيْهِ فَجَعَلَ قَيْسٌ يَحْلِفُ مَا قَتَلَ دَادَوَيْهِ وَأَحْلَفَهُ أَبُو بَكْرٍ خَمْسِينَ يَمِينًا مُرَدَّدَةً عِنْدَ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّهِ مَا قَتَلَهُ وَلَا عَلِمَ لَهُ قَاتِلًا ثُمَّ عَفَا عَنْهُ وَذُكِرَ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ بِمِثْلِ لَفْظِ ابْنِ بُكَيْرٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقَعْنَبَيِّ سواء

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ قَالَ حَدَّثَنِي هَاشِمُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْلِفُ رَجُلٌ عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ عِنْدَ هَذَا الْمِنْبَرِ إِلَّا يَتَبَوَّأُ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ أَخْضَرَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ مَوْلَى كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ حَلَفَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا وَلَوْ كَانَ سِوَاكًا أَخْضَرَ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ عَلَى الْمِنْبَرِ لَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَفِي مِقْدَارِ مَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ عَلَى حَسْبِمَا قَدَّمْنَا وَنَزِيدُ ذلك بينا فَنَقُولُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ (أَنْ) لَا يَحْلِفَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي مَسْجِدٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ الْجَوَامِعِ إِلَّا عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ وَأَمَّا مَا عَدَاهَا فَيَحْلِفُ فِي الْجَامِعِ وَيَحْلِفُ قَائِمًا وَلَا يَحْلِفُ عَلَى مِنْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِغَيْرِهِ مِنَ الْبُلْدَانِ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا وَلَا يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ وَالدِّمَاءِ وَالْحُقُوقِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ دُونَ الْمِنْبَرِ مِنْ ذلك المصر إِلَّا بِالْمَدِينَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ وَاللِّعَانِ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنِ ادَّعَى مَالًا أَوِ ادْعِي عَلَيْهِ فَوَجَبَتِ الْيَمِينُ فِي ذَلِكَ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَصَاعِدًا فَإِنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ حَلَفَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ إِذَا كَانَ مَا يَدَّعِيهِ الْمُدَّعِي عِشْرِينَ دِينَارًا فَصَاعِدًا قَالَ وَيَحْلِفُ فِي ذَلِكَ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْحُدُودِ كُلِّهَا وَجِرَاحِ الْعَمْدِ صَغُرَتْ أَوْ كَبُرَتْ وَجِرَاحِ الْخَطَأِ إِنْ بَلَغَ أَرْشُهَا عِشْرِينَ دِينَارًا قَالَ وَلَوْ أَخْطَأَ الْحَاكِمُ فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ الْيَمِينُ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ فَأَحْلَفَهُ فِي مَكَانٍ آخَرَ بِمَكَّةَ أَوْ بِالْمَدِينَةِ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا تُعَادَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَالْآخَرُ أَنْ تُعَادَ عَلَيْهِ وَاخْتَارَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنْ لَا تُعَادَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَحْلَفْنَاهُ فِي مَوَاضِعِ الْحُرْمَةِ مِنْ مَسْجِدِهَا وَأَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ مِنْ أَنْ يُعَظِّمَهَا قِيَاسًا عَلَى الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ (وَالْمِنْبَرِ) قَالَ وَلَا يُجْلَبُ أَحَدٌ مِنْ بَلَدٍ بِهِ حَاكِمٌ إِلَى مَكَّةَ وَلَا إِلَى الْمَدِينَةِ وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ حَاكِمُ بَلَدِهِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُجْلَبُ إِلَى الْمَدِينَةِ لِلْأَيْمَانِ مَنْ بَعُدَ عَنْهَا إِلَّا فِي الدِّمَاءِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ قَالَ مَالِكٌ وَيَحْلِفُ النَّاسُ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَاتِ لِيُعَظِّمَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا جَلَبَا إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ فِي الْأَيْمَانِ فِي الدِّمَاءِ فَقَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ أَوْلَى لِمَا جَاءَ عَنْهُمَا وبالله التوفيق

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجِبُ الِاسْتِحْلَافُ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَحَدٍ وَلَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ عَلَى أَحَدٍ فِي قَلِيلِ الْأَشْيَاءِ وَلَا فِي كَثِيرِهَا وَلَا فِي الدِّمَاءِ وَلَا فِي غَيْرِهَا وَلَكِنَّ الْحُكَّامَ يَسْتَحْلِفُونَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي مَجَالِسِهِمْ

هشام بن عروة بن الزبير بن العوام

هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ أَبُو الْمُنْذِرِ وَكَانَ أَحَدَ الْحُفَّاظِ الثِّقَاتِ الْعُدُولِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْقَاضِي أَخْبَرَنِي عِيسَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ زَاذَانَ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رَوَيْتُ الشِّعْرَ ثَلَاثَ عَشْرَ سَنَةً قَبْلَ أَنْ أَرْوِيَ الْحَدِيثَ فَلَقِيَ أَبِي هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ ابْنَكَ يَرْوِي الشِّعْرَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَرْسِلْهُ إِلَيَّ فَقَالَ لِي أَبِي اغْدُ إِلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَإِنَّهُ قَدِ اسَتَزَارَكَ وَهُوَ بِالْعَقِيقِ فَأَخَذْتُ حِمَارًا وَذَهَبْتُ إِلَيْهِ فَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ فَقَالَ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَرْوِي الشِّعْرَ فَلِأَيِّ الْعَرَبِ أَنْتَ أَرْوَى قُلْتُ لِبَنِي سُلَيْمٍ قَالَ فَتَرْوِي لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا فَجَعَلَ يُنْشِدُنِي لِشُعَرَاءَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ بِهِمْ ثُمَّ قَالَ لِي يَا ابْنَ أَخِي اطْلُبِ الْحَدِيثَ فَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ رَوَيْتُ الْحَدِيثَ قَالَ الزُّبَيْرُ وَحَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ مَا سَمِعْتُ مِنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ رَفَثًا قَطُّ إِلَّا يَوْمًا وَاحِدًا فَإِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَانَ يَلْزَمُهُ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ كَانَ يُفَضِّلُ أَبَاكَ عَلَى أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ كَذَبَ وَاللَّهِ نَافِعٌ وَمَا يَدْرِي نَافِعٌ عَاضُّ بَظَرِ أُمِّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَاللَّهِ خَيْرٌ وَأَفْضَلُ مِنْ عُرْوَةَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد ابن زُهَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَبُو الْمُنْذِرِ قَالَ وَأُمُّهُ أَمُّ وَلَدٍ خُرَاسَانِيَّةٌ اسْمُهَا صَافِيَةُ قَالَ أحمد بن زهير وسمعت يحيى ابن مَعِينٍ يَقُولُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَالْأَعْمَشُ وُلِدُوا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ قَالَ وَرَأَيْتُ فِي كِتَابِ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ كَانَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ يُخَضِّبُ بِالْحُمْرَةِ قَالَ يَحْيَى وَمَاتَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ بَعْدَ الْهَزِيمَةِ يَعْنِي هَزِيمَةَ إِبْرَاهِيمَ كَأَنَّهُ يُرِيدُ السَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهَا وَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ قَالَ وَسَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ مَاتَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ تُوُفِّيَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ بَعْدَ خُرُوجِ إِبْرَاهِيمَ وَكَانَ مُحَمَّدٌ وَعَدَهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ الْمَدِينَةَ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ كَانَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ مِنْ سَاكِنِي الْمَدِينَةِ وَقَدِمَ بَغْدَادَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ فَمَاتَ بِهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ بَعْدَ أَنْ هُزِمَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ الْخَيْزُرَانِ وَقِيلَ مَاتَ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ تُوُفِّيَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ سَنَةَ سِتٍّ أَوْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَتِسْعِينَ سَنَةً وَوُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ كُلُّ هَذَا قَدْ قِيلَ فِي مَوْلِدِهِ وَوَفَاتِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ رَأَيْتُ ابْنَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَابْنَ عُمَرَ وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ هِشَامٌ وَمَسَحَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى رَأْسِي وَدَعَا لِي وَقَبَّلَنِي قَالَ وَرَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَلَهُ جُمَّةٌ أَوْ قَالَ وَفْرَةٌ وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بن عبد الرحمان قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَنْصُورُ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ حِينَ دَخَلَ عَلَيْهِ هِشَامٌ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ تَذْكُرُ يَوْمَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ أَنَا وَإِخْوَتِي مَعَ أَبِي الْخَلَائِفِ وَأَنْتَ تَشْرَبُ سَوِيقًا بِقُعْبَةِ يَرَاعٍ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ قَالَ لَنَا أَبُونَا اعْرِفُوا لِهَذَا الشَّيْخِ حَقَّهُ فَإِنَّهُ لَا

يزال في قومكم بقية ما يقي فَقَالَ هِشَامٌ لَا أَذْكُرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا خَرَجَ قِيلَ لَهُ يُذَكِّرُكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَمُتُّ بِهِ إِلَيْهِ فَتَقُولُ لَا أَذْكُرُهُ فَقَالَ لَمْ أَكُنْ أَذْكُرُ وَلَمْ يُعَوِّدْنِي اللَّهُ فِي الصِّدْقِ إِلَّا خَيْرًا قَالَ وَحَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ وَضَعَ عِنْدِي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَصِيَّتَهُ قَالَ الزُّبَيْرُ تُوُفِّيَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي جَعْفَرِ الْمَنْصُورِ فِي صَحَابَتِهِ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَصَلَّى عَلَيْهِ الْمَنْصُورُ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا وَكَبَّرَ عَلَى مَوْلًى خَمْسًا وَذَلِكَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِمَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مِنْ مَرْفُوعَاتِ الْمُوَطَّأِ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ حَدِيثًا مِنْهَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ مُسْنَدَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَسَائِرُهَا مَرَاسِيلُ تَسْتَنِدُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ أَحَادِيثُ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ حَدِيثٌ أَوَّلُ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غُرُفَاتٍ بِيَدَيْهِ ثُمَّ يَفِيضُ الْمَاءُ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ

فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَيْفِيَّةُ غُسْلِ الْمُغْتَسِلِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ فَرْضٌ وَسُنَّةٌ فَأَمَّا السُّنَّةُ فَالْوُضُوءُ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ إِلَّا أَنَّ الْمُغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ إِذَا لَمْ يَتَوَضَّأْ وَعَمَّ جَمِيعَ جَسَدِهِ وَرَأْسِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَسَائِرَ بَدَنِهِ بِالْمَاءِ وَأَسْبَغَ ذَلِكَ وَأَكْمَلَهُ بِالْغُسْلِ وَمُرُورِ يَدَيْهِ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ إِذَا قَصَدَ الْغُسْلَ وَنَوَاهُ وَتَمَّ غُسْلُهُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا فَرَضَ عَلَى الْجُنُبِ الْغُسْلَ دُونَ الْوُضُوءِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَقَوْلُهُ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَهَذَا إِجْمَاعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ أَيْضًا عَلَى اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ لِلْجُنُبِ تَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُ أَعُونُ عَلَى الْغُسْلِ وَأَهْذَبُ فِيهِ وَأَمَّا بَعْدَ الْغُسْلِ فَلَا وَرَوَى أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَ رِوَايَةِ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَتِهِ فَيُخَلِّلُ أُصُولَ شَعْرِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ يُفْرِغُ الْمَاءَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ فَإِنْ بَقِيَ فِي الْإِنَاءِ شَيْءٌ صَبَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ أَيُّوبُ فَقُلْتُ لِهِشَامٍ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فَقَالَ وَضَوْءَهُ لِلصَّلَاةِ وَضَوْءَهُ لِلصَّلَاةِ يَعْنِي كَفَاهُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا الْوُضُوءُ قَبْلَ الْغُسْلِ لَا بَعْدَهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الْغُسْلِ مِنَ الجنابة

وَرَوَى جُمَيْعُ بْنُ عُمَيْرٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْأُسُودُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ وَصْفَهَا غَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْجَنَابَةِ نَحْوَ حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مُتَقَارِبٍ وَفِي حَدِيثِ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يَفِيضُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ وَنَحْنُ نفيض على رؤوسنا خَمْسًا مِنْ أَجْلِ الضَّفْرِ وَأَمَّا حَدِيثُ مَيْمُونَةَ فِي صِفَةِ غَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحدثنا عبد الله ابن مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ قَالَتْ وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا يَغْتَسِلُ بِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ فَأَكْفَأَ الْإِنَاءَ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى فَغَسَلَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ صَبَّ عَلَى فَرْجِهِ فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِشِمَالِهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الأرض فغسلها ثم مضمضم وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ثُمَّ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ وَجَسَدِهِ ثُمَّ تَنَحَّى نَاحِيَةً فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فَنَاوَلْتُهُ الْمِنْدِيلَ فَلَمْ يَأْخُذْهُ وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ عَنْ جَسَدِهِ قَالَ الْأَعْمَشُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ كَانُوا لَا يَرَوْنَ بِالْمِنْدِيلِ بَأْسًا وَلَكِنْ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْعَادَةَ هَذَا الْحَدِيثُ لِصِحَّتِهِ يَرُدُّ مَا رَوَاهُ شُعْبَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ سَبْعًا وَفَرْجَهُ سَبْعًا وَشُعْبَةُ هَذَا لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَتِ الصَّلَاةُ خَمْسِينَ وَالْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَغَسْلُ الثَّوْبِ مِنَ الْبَوْلِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ حَتَّى جُعِلَتِ الصَّلَاةُ خَمْسًا وَالْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ مَرَّةً وَغَسْلُ

الثَّوْبِ مِنَ الْبَوْلِ مَرَّةً وَإِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ ضَعْفٌ وَلِينٌ وَإِنْ كَانَ أَبُو دَاوُدَ قَدْ خَرَّجَهُ وَخَرَّجَ الَّذِي قَبْلَهُ عَنْ شُعْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا أَرَادَتْ بَدَأَ بِمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ أَنَّهُ أَعَادَ غَسْلَ تِلْكَ الْأَعْضَاءِ وَلَا إِعَادَةُ الْمَضْمَضَةِ وَلَا الِاسْتِنْشَاقِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يُعَادُ مَنْ أَوْجَبَ مِنْهُمُ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ وَمَنْ لَمْ يُوجِبْهَا وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ زيد بن وأسلم وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَخْلِيلِ الْجُنُبِ لِحْيَتَهُ فِي غُسْلِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْهُ أَنَّ عَلَيْهِ تَخْلِيلَ لِحْيَتِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخَلِّلُ شَعْرَهُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَاخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا مَا يَشْهَدُ لِصِحَّةِ قَوْلِ مَنْ رَأَى التَّخْلِيلَ لِأَنَّ قَوْلَهَا فِيهِ فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ يَقْتَضِي عُمُومَهُ شَعْرَ لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَظْهَرُ فِيهِ شَعْرَ رَأْسِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْجُنُبِ يَغْتَسِلُ فِي الْمَاءِ وَيَعُمُّ جَسَدَهُ وَرَأْسَهُ كُلَّهُ بِالْغَسْلِ أَوْ يَنْغَمِسُ فِي الْمَاءِ وَيَعُمُّ بِذَلِكَ جَمِيعَ جَسَدِهِ دُونَ أَنْ يَتَدَلَّكَ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يَتَدَلَّكَ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْجُنُبَ

بِالِاغْتِسَالِ كَمَا أَمَرَ الْمُتَوَضِّئَ بِغَسْلِ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمَرْفِقَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ لِلْمُتَوَضِّئِ مِنْ إِمْرَارِ يَدَيْهِ مَعَ الْمَاءِ عَلَى وَجْهِهِ وَعَلَى يَدَيْهِ فَكَذَلِكَ جَمِيعُ جَسَدِ الْجُنُبِ وَرَأْسِهِ فِي حُكْمِ وَجْهِ الْمُتَوَضِّئِ وَحُكْمِ يَدَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ الْمُزَنِيِّ وَاخْتِيَارُهُ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم غَسَلَ جَسَدَهُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَهَذَا هُوَ الْمَعْقُولُ مِنْ لَفْظِ الْغُسْلِ لِأَنَّ الِاغْتِسَالَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الِافْتِعَالُ وَمَتَى لَمْ يُمِرَّ يَدَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ غَيْرَ صَبِّ الْمَاءِ وَلَا يُسَمِّيهِ أَهْلُ اللِّسَانِ غَاسِلًا بَلْ يُسَمُّونَهُ صَابًّا لِلْمَاءِ وَمُنْغَمِسًا فِيهِ قَالَ وَعَلَى نَحْوِ ذَلِكَ جَاءَتِ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ فَبُلُّوا وَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ قَالَ وَإِنْقَاؤُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَا يَكُونُ إِلَّا لِمُتْبِعِهِ عَلَى حَدِّ مَا ذَكَرْنَاهُ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَتَخْرِيجُ هَذَا عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُعْتَادُ مِنَ الْمُنْغَمِسِ فِي الْمَاءِ وَصَابِّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُمَا لَا يَكَادَانِ يَسْلِمَانِ مِنْ تَنَكُّبِ الْمَاءِ مَوَاضِعَ الْمُبَالَغَةِ الْمَأْمُورَ بِهَا وَجَبَ لِذَلِكَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُمِرَّا أَيْدِيَهُمَا قَالَ فَأَمَّا إِنْ طَالَ مُكْثُ الْإِنْسَانِ فِي مَاءٍ أَوْ وَالَى بَيْنَ صَبِّهِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُمِرَّ يَدَيْهِ عَلَى بَدَنِهِ فَإِنَّهُ يَنُوبُ لَهُ عَنْ إِمْرَارِ يَدَيْهِ قَالَ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ ذَهَبَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي الْفَرَجِ وَقَدْ عَادَ إِلَى جَوَازِ الْغُسْلِ لِلْمُنْغَمِسِ فِي الْمَاءِ إِذَا أَسْبَغَ وَعَمَّ وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ روي ذلك عن مالك أيضا نصا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَبَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ رَجُلٍ اغْتَمَسَ فِي مَاءٍ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَصَلَّى

قَالَ مَضَتْ صِلَاتُهُ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ فِيهَا أَنَّهُ لَمْ يَتَدَلَّكْ وَلَا تَوَضَّأَ وَقَدْ أَجْزَأَهُ عِنْدَ مَالِكٍ لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ مَذْهَبِهِ مَا وَصَفْنَا مِنَ التَّدَلُّكِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْهُمَا خِلَافُهُ ذَكَرَ دُحَيْمٌ عَنْ كَثِيرِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ إِذَا اغْتَسَلْتَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَادْلُكْ جِلْدَكَ وَكُلَّ شَيْءٍ نَالَتْهُ يَدُكَ قَالَ وَحَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْجُنُبِ يَنْغَمِسُ فِي نَهْرٍ قَالَ يُجْزِيهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ أَنَّهُ سَأَلَ الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ جُنُبٍ طَرَحَ نَفْسَهُ فِي نَهْرٍ وَهُوَ جُنُبٌ لَمْ يَزِدْ عَلَى أَنِ انْغَمَسَ مَكَانَهُ قَالَ يُجْزِيهِ وَعَنِ الشَّعْبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالُوا إِذَا اغْتَمَسَ الْجُنُبُ فِي نَهْرٍ اغْتِمَاسَةً أَجْزَأَهُ وَقَالَ أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما والثوري والأزاعي يُجْزِي الْجُنُبَ إِذَا انْغَمَسَ فِي الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَتَدَلَّكْ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَعَطَاءٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُ إِذَا انْغَمَسَ فِي الْمَاءِ وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ فَعَمَّ الْمَاءُ اعضاء الوضوء ونوى بذلك الطهارة أجزه وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَقَدِ اغْتَسَلَ وَالْعَرَبُ تَقُولُ غَسَلَتْنِي السَّمَاءُ وَقَدْ حَكَتْ عَائِشَةُ وَمَيْمُونَةُ صِفَةَ غَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ التَّدَلُّكَ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا مَا تَرَكَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ وَلَوْ فَعَلَهُ لِنُقِلَ عَنْهُ كَمَا نُقِلَ تَخْلِيلُ أُصُولِ الشَّعْرِ بِالْمَاءِ وَغَرْفُهُ عَلَى رَأْسِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ صِفَةِ غُسْلِهِ وَوُضُوئِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ عَاصِمٌ أَنَّ رَهْطًا أَتَوْا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَسَأَلُوهُ عَنِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ فَقَالَ أَمَّا الْغُسْلُ

فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اغْسِلْ رَأْسَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَادْلُكْهُ ثُمَّ أَفِضِ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِكَ وَأَمَّا غُسْلُ الْمَرْأَةِ رَأْسَهَا فِي الْجَنَابَةِ وَصِفَةُ غُسْلِهَا مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِهَا وَأَمَّا نَحْنُ فَنُفِيضُ على رؤوسنا خَمْسًا مِنْ أَجْلِ الضَّفْرِ وَقَدْ أَنْكَرَتْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَمْرَهُ النِّسَاءَ أَنْ ينقضن رؤوسهن عِنْدَ الْغُسْلِ وَقَالَتْ مَا كُنْتُ أَزِيدُ عَلَى أَنْ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثَ غُرُفَاتٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ أَبِي (الزُّبَيْرِ) عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ بَلَغَهَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَأَنْقُضُ رَأْسِي عِنْدَ الْغُسْلِ فَقَالَ يَكْفِيكِ أَنْ تَصُبِّي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لِكُلِّ صَبَّةٍ عَصْرَةٌ وَقَالَ مَالِكٌ اغْتِسَالُ الْمَرْأَةِ مِنَ الْحَيْضِ كَاغْتِسَالِهَا مِنَ الْجَنَابَةِ وَلَا تَنْقُضُ رَأْسَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُخَلِّلُ أُصُولَ شَعْرِهِ فِي غُسْلِهِ وَيُتْبِعُ ذَلِكَ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ ذِي شَعْرٍ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ أَنْ يَعْتَقِدَ ذَلِكَ حَتَّى يُوَصِّلَ الْمَاءَ إِلَى الْبَشَرَةِ وَيَجْرِيَ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ

كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَيُرْوَى فَارْوُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ فَإِنْ وَصَلَ الْمَاءُ إِلَى جِلْدِ الرَّأْسِ فَلَا وَجْهَ لِنَقْضِ الشَّعْرِ حِينَئِذٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ زَاذَانَ عَنْ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْهَا فُعِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّارِ قَالَ عَلِيٌّ فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْتُ رَأْسِي ثَلَاثًا وَكَانَ يَجُزُّ شَعْرَهُ وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ وَأَنْقُوا الْبَشَرَ إِنَّهُ أَرَادَ غَسْلَ الْفَرْجِ وَتَضَاعِيفَهُ وَأَنَّهُ كَنَّى بِالْبَشَرَةِ عَنِ الْفَرْجِ وَمَا رَأَيْتُ هَذَا التَّفْسِيرَ لِغَيْرِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ بِتَفْسِيرِ الْأَحَادِيثِ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَحَدِيثُ فابلوا الشعر وأنقوا البشرة يدور على الحرث بْنِ وَجِيهٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث بْنُ وَجِيهٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الدَّيْنَوَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ

الجهضمي قال حدثنا الحرث بْنُ وَجِيهٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ فَأَبِلُّوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ يَقُولُ مَا مَسَّ الْمَاءُ مِنْكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ فَقَدْ طَهُرَ ذَلِكَ الْمَكَانُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْغُسْلِ لِلْجَنَابَةِ وَفِي الْوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ فقال مالك وربيعة والشافعي والليث وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ لَا يُجْزِئُ الطِّهَارَةُ لِلصَّلَاةِ وَالْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَلَا التَّيَمُّمُ إِلَّا بِنِيَّةٍ وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَالْإِخْلَاصُ النِّيَّةُ فِي التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ وَالْقَصْدُ بِأَدَاءِ مَا افْتُرِضَ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ تُجْزِئُ كُلُّ طَهَارَةٍ بِمَاءٍ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَلَا يُجْزِئُ التَّيَمُّمُ إِلَّا بِنِيَّةٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يُجْزِئُ الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَرَوَى أَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يُعَلِّمُ أَحَدًا التَّيَمُّمَ وَلَا يَنْوِي التَّيَمُّمَ لِنَفْسِهِ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ قَالَ يُصَلِّي بِتَيَمُّمِهِ كَمَا لَوْ تَوَضَّأَ وَهُوَ لَا يَنْوِي الصَّلَاةَ كَانَ طَاهِرًا وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَالْفِرْيَابِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ إِذَا عَلَّمْتَ الرَّجُلَ التَّيَمُّمَ لَمْ يُجْزِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَيْتَهُ وَإِنْ عَلَّمْتَهُ الْوُضُوءَ أَجْزَأَكَ وَإِنْ لَمْ تَنْوِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ

وَاخْتُلِفَ عَنْ زُفَرَ فِي التَّيَمُّمِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ وَحَجَّةُ مَنْ أَسْقَطَ النِّيَّةَ وَلَمْ يُرَاعِهَا فِي الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ أَنَّ الْوُضُوءَ لَيْسَ فِيهِ فَرْضٌ وَنَافِلَةٌ فَيَحْتَاجُ الْمُتَوَضِّئُ فِيهِ إِلَى نِيَّةٍ قَالُوا وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ فِيمَا فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ فَرْضٌ وَنَفْلٌ لِيُفَرِّقَ بِالنِّيَّةِ بَيْنَ ذَلِكَ وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَهُوَ فَرْضٌ لِلنَّافِلَةِ وَالْفَرِيضَةِ وَلَا يَصْنَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا لِذَلِكَ فَاسْتَغْنَى عَنِ النِّيَّةِ قَالُوا وَأَمَّا التَّيَمُّمُ فَهُوَ بَدَلٌ مِنَ الْوُضُوءِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنَ النِّيَّةِ وَمَنْ جَمَعَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْوُضُوءِ فَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ وَاحِدَةٌ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا الْإِجْمَاعُ عَلَى إِزَالَةِ النَّجَاسَاتِ مِنَ الْأَبْدَانِ وَالثِّيَابِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَهِيَ طَهَارَةٌ وَاجِبَةٌ فَرْضًا عِنْدَهُمْ قَالُوا فَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ قَوْلُ مَنْ قال لاتجزئ طَهَارَةٌ إِلَّا بِنِيَّةٍ وَقَصْدٍ لِأَنَّ الْمَفْرُوضَاتِ لَا تُؤَدَّى إِلَّا بِقَصْدِ أَدَائِهَا وَلَا يُسَمَّى الْفَاعِلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَاعِلًا إِلَّا بِقَصْدٍ مِنْهُ إِلَى الْفِعْلِ وَمُحَالٌ أَنْ يَتَأَدَّى عَنِ الْمَرْءِ مَا لم يقصد إلى أدائه وينويه بِفِعْلِهِ وَأَيُّ تَقَرُّبٍ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ مُتَقَرِّبٍ وَلَا قَاصِدٍ وَالْأَمْرُ فِي هَذَا وَاضِحٌ لِمَنْ أُلْهِمَ رُشْدَهُ وَلَمْ تَمِلْ بِهِ عَصَبِيَّتُهُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَمْ يَذْكُرْ جَنَابَتُهُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ تُجْزِيهِ لِأَنَّهُ اغْتَسَلَ لِلصَّلَاةِ وَاسْتَبَاحَتِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْحَدَثِ وَنَوْعِهِ كَمَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُرَاعِيَ حَدَثَ الْبَوْلِ مِنَ الْغَائِطِ مِنَ الرِّيحِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْدَاثِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ فَكَذَلِكَ الْغُسْلُ لِلصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تُجْزِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ وإلى هذا ذهب المزني صاحب السافعي فَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ مِنْهُمْ أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ كِنَانَةَ وَمُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَقَالَ آخَرُونَ لَا يُجْزِئُ الْجُنُبَ الْغُسْلُ لِلْجُمُعَةِ

الحديث الثاني

إِذَا لَمْ يَذْكُرْ جَنَابَتَهُ وَلَا يُجْزِيهِ عَنِ الْجَنَابَةِ إِلَّا الْغُسْلُ الَّذِي يُعْتَدُّ بِهِ لَهَا بِقَصْدٍ مِنْهُ إِلَى ذَلِكَ وَنِيَّةٍ وَرَفْعٌ لِجَنَابَتِهِ بِإِرَادَةِ ذَلِكَ وَذِكْرِهِ لَهَا لِأَنَّ الْفَرَائِضَ لَا تُؤَدَّى إِلَّا بِذَلِكَ وَلِأَنَّ الْغُسْلَ لِلْجُمُعَةِ سُنَّةٌ وَاسْتِحْبَابٌ وَمُحَالٌ أَنْ تُجْزِئَ سُنَّةٌ عَنْ فَرْضٍ كَمَا لَا تُجْزِئُ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ الَّتِي فِيهَا الْفَرْضُ وَالنَّفْلُ وَهَذَا الْقَوْلُ صَحَّ فِي النَّظَرِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَالِكٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَرَوَيَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فَلَيْسَ عِنْدَ يَحْيَى فِي الْمُوَطَّأِ وَلِذَلِكَ لم يذكره ههنا وَعِنْدَهُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَمَا فِيهِ مِنَ الْأَحْكَامِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ جَمَعَهُمَا ابْنُ بُكَيْرٍ وَغَيْرُهُ حَدِيثَ هِشَامٍ وَحَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ أَوِ ابْنِ شِهَابٍ عَلَى الشَّكِّ وَلَمْ يَقُلْ لَفْظَهُمَا حَدِيثٌ ثَانٍ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ قَالَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ أَبِي حُبَيْشٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ

بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِيمَا عَلِمْتُ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي إِسْنَادِهِ وَلَفْظِهِ وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ هِشَامٍ فِي إِسْنَادِهِ وَاخْتَلَفُوا عَنْهُ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ وَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ وَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُ فِيهِ أَلْفَاظًا لَا يَذْكُرُهَا غَيْرُهُ مِنْهُمْ وَرُبَّمَا أَوْجَبَتْ تِلْكَ الْأَلْفَاظُ أَحْكَامًا فَرِوَايَةُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ اسْتَفْتَتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ فَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ أَثَرَ الدَّمِ وَتَوَضَّئِي فَإِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ فَقِيلَ لِحَمَّادٍ فَالْغُسْلُ فَقَالَ وَمَنْ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ غُسْلًا وَاحِدًا بَعْدَ الْحَيْضَةِ وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي حَنِيفَةَ فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ صَالِحٍ السَّبِيعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ سَمَاعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَاسْمُ دُكَيْنٍ عَمْرٌو قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَحِيضُ فِي الشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا عِرْقٌ مِنْ دَمِكَ فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي لطهرك

وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي مُعَاوِيَةَ فَحَدَّثْنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عمر ابن إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمُحَامِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ قَالَ لَا إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتِ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ فَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ اغْتَسِلِي قَالَ هِشَامٌ أَيْ ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ الْأَسْدِيَّةَ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي أَوْ قَالَ اغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي قَالَتْ عَائِشَةُ وَهِيَ إِحْدَى نِسَائِنَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مُسْتَحَاضَةٌ أَفَأَتْرُكُ الصَّلَاةَ قَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ وَإِذَا ذَهَبَ وَقْتُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ تَطَهَّرِي وَصَلِّي قَالَ هِشَامٌ كَانَ عُرْوَةُ يَقُولُ الْغُسْلُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الطُّهْرُ بَعْدُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَمَّالُ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن عائشة قالت أتت

فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ قَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ لَيْسَ بِحَيْضٍ وَلَكِنَّهُ عِرْقٌ فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكَ الدَّمَ وَصَلِّي وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ هِشَامٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَالَ فِيهِ إِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَتَوَضَّئِي عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَصَلِّي وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَيْهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا قَالَ فِيهِ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ اسْتُحِيضَتْ أَمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ وَهِيَ تَحْتَ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ سَبْعَ سِنِينَ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْكَلَامَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ غَيْرُ الْأَوْزَاعِيِّ رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عمرو بن الحرث ويونس بن يزيد والليث وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمَعْمَرٌ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا هَذَا الْكَلَامَ وَإِنَّمَا هَذَا لَفْظُ حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَزَادَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِيهِ أَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا وَهُوَ وَهْمٌ مِنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ وَحَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ فِيهِ شَيْءٌ يَقْرُبُ مِنَ الَّذِي رَوَى الْأَوْزَاعِيَّ فِي حَدِيثِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي فَإِنَّمَا ذلك عرق

قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى هَكَذَا حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ مِنْ كِتَابِهِ ثُمَّ حَدَّثَنَا بَعْدُ حِفْظًا فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ أَوْ أَسْمَاءُ حَدَّثَتْنِي أَنَّ فَاطِمَةَ فَلَمْ يُقِمِ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عمرة بنت عبد الرحمان أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ جَاءَتْ أَمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ قَدِ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ فَاشْتَكَتْ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَاسْتَفْتَتْهُ فَقَالَ لَهَا إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِالْحَيْضَةِ وَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ فَاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي قَالَتْ عَائِشَةُ فَكَانَتْ أَمُّ حَبِيبَةَ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي وَقَالَ فِيهِ عَمْرُو بن الحرث عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ خَتَنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْتَ عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إن هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ وَلَكِنَّ هَذَا عِرْقٌ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ وَمَا لِعُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي هَذَا الْبَابِ مُمَهِّدًا فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ فَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ الْمَرْأَةَ الْحَائِضَ مِنَ الصَّلَاةِ وَأَنَّ مِنَ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنَ الرَّحِمِ دَمًا لَا تَمْتَنِعُ مَعَهُ الْمَرْأَةُ مِنَ الصَّلَاةِ وهوالعرق الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ يُرِيدُ عِرْقٌ انْفَجَرَ أَوِ انْقَطَعَ وَهِيَ الِاسْتِحَاضَةُ وَلِهَذَا سَأَلَتْهُ فَاطِمَةُ إِذْ أُشْكِلَ

عَلَيْهَا ذَلِكَ فَأَجَابَهَا بِجَوَابٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تُمَيِّزُ انْفِصَالَ دَمِ حَيْضِهَا مِنْ دَمِ اسْتِحَاضَتِهَا فَلِهَذَا قَالَ لَهَا إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي وَهَذَا نَصٌّ صَحِيحٌ فِي أَنَّ الْحَائِضَ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ لَيْسَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ أَثْبَتُ مِنْهُ مِنْ جِهَةِ نَقْلِ الْآحَادِ الْعُدُولِ وَالْأُمَّةُ مُجْمِعَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى أَنَّ الْحَائِضَ بَعْدَ طُهْرِهَا لَا تَقْضِي صَلَاةَ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَلَزِمَتْ حُجَّتُهُ وَارْتَفَعَ الْقَوْلُ فِيهِ وَقَدْ رَوَى أَبُو قِلَابَةَ وَقَتَادَةُ جَمِيعًا عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهَا أَتَقْضِي الْحَائِضُ الصَّلَاةَ فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ قَدْ كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَطْهُرُ فَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَهَذَا إِجْمَاعٌ أَنَّ الْحَائِضَ لَا تَصُومُ فِي أَيَّامِ حَيْضَتِهَا وَتَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ لَا خِلَافَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ فَهُوَ الْحَقُّ وَالْخَبَرُ الْقَاطِعُ لِلْعُذْرِ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نوله ماتولى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا وَالْمُؤْمِنُونَ هُنَا الْإِجْمَاعُ لِأَنَّ الْخِلَافَ لَا يَكُونُ مَعَهُ اتِّبَاعُ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ بَعْضَ الْمُؤْمِنِينَ مُؤْمِنُونَ وَقَدِ اتَّبَعَ الْمُتِّبَعُ سَبِيلَهُمْ وَهَذَا وَاضِحٌ يُغْنِي عَنِ الْقَوْلِ فِيهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِذَا أَدْبَرَتِ الْحَيْضَةُ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ فقد فسره غيره ممن ذكرنا روايته ههنا وَهُوَ أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ إِدْبَارِ حَيْضَتِهَا وَإِقْبَالِ دَمِ اسْتِحَاضَتِهَا كَمَا تَغْتَسِلُ الْحَائِضُ عِنْدَ رُؤْيَةِ طُهْرِهَا سَوَاءً لِأَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ طَاهِرٌ وَدَمُهَا دَمُ عِرْقٍ كَدَمِ جُرْحٍ سَوَاءٌ فَيَلْزَمُهَا عِنْدَ انْقِطَاعِ دَمِ حَيْضَتِهَا الِاغْتِسَالُ كَمَا يَلْزَمُ الطَّاهِرُ الَّتِي ترى دما

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ لَا يَلْزَمُهَا غَيْرُ ذَلِكَ الْغُسْلِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْهَا بِغَيْرِهِ وَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ رَأَى عَلَيْهَا الْغُسْلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَرَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ رَأَى عَلَيْهَا الْجَمْعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ وَتَغْتَسِلَ لِلصُّبْحِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَأْمُرْهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ رَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ بِالِاسْتِظْهَارِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ مَنْ يَرَى الِاسْتِظْهَارَ مِنْ أَصْحَابِنَا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا قَالَ لِأَنَّ قَدْرَ الْحَيْضِ قَدْ يَزِيدُ مَرَّةً وَيَنْقُصُ أُخْرَى فَلِهَذَا رَأَى مَالِكٌ الِاسْتِظْهَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِيَسْتَبِينَ فِيهَا انْقِضَاءُ دَمِ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَضَاءِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ اسْتِدْلَالًا بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ إِذْ حَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي انْفِصَالِ اللَّبَنِ وَقَالَ غَيْرُهُ مِمَّنْ يُخَالِفُهُ فِي الِاسْتِظْهَارِ مَعْنَى قَوْلِهِ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا تَقُولُ إِذَا ذَهَبَتْ وَأَدْبَرَتْ وَخَرَجَ وَقْتُهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي تَقْدِيرِكِ أَنَّهُ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُ فَاغْتَسِلِي حِينَئِذٍ وَلَا تَمْكُثِي وَأَنْتِ غَيْرُ حَائِضٍ دُونَ غُسْلٍ وَدُونَ صَلَاةٍ قَالَ وَمُحَالٌ أَنْ يَأْمُرُهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ قَدْ ذَهَبَتْ حَيْضَتُهَا أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِانْتِظَارِ حَيْضٍ يَجِيءُ أَوْ لَا يَجِيءُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ انْقِضَاءَ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا أَوِ انْفِصَالَ دَمِ حَيْضَتِهَا مِنْ دَمِ اسْتِحَاضَتِهَا وَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَقَدْ أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِاسْتِظْهَارٍ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهَا لَأَمَرَهَا بِهِ قَالُوا وَالسُّنَّةُ تَنْفِي الِاسْتِظْهَارَ لِأَنَّ دَمَ نَجَاسَةٍ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ اسْتِحَاضَةً وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا وَالصَّلَاةُ فَرْضٌ بِيَقِينٍ فَلَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ حَتَّى تَسْتَيْقِنَ أَنَّهَا حَائِضٌ

وَذَكَرُوا أَنَّ مَالِكًا وَغَيْرَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَدْ جَاءَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا لَأَنْ تُصَلِّيَ الْمُسْتَحَاضَةُ وَلَيْسَ عَلَيْهَا ذَلِكَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا رَدٌّ عَلَى مَنْ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا إِذَا ذَهَبَتِ الْحَيْضَةُ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي وَلَمْ يَقُلْ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْقَائِلِينَ بِهَا فِي بَابِ الْوُضُوءِ عَلَيْهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ وَالْقَائِلِينَ بِإِيجَابِ الْغُسْلِ وَوَجْهَ قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَبْسُوطًا مُمَهَّدًا فِي بَابِ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا أَحْدَثَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ حَدَثًا مَعْرُوفًا مُعْتَادًا لَزِمَهَا لَهُ الْوُضُوءُ وَأَمَّا دَمُ اسْتِحَاضَتِهَا فَلَا يُوجِبُ وُضُوءًا لِأَنَّهُ كَدَمِ الْجُرْحِ السَّائِلِ وَكَيْفَ يَجِبُ مِنْ أَجْلِهِ وُضُوءٌ وَهُوَ لَا يَنْقَطِعُ وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالُهُ مِنْ سَلَسِ الْبَوْلِ وَالْمَذْيِ وَالِاسْتِحَاضَةِ لَا يَرْفَعُ بِوُضُوئِهِ حَدَثًا لِأَنَّهُ لَا يُتِمُّهُ إِلَّا وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ الْحَدَثُ فِي الْأَغْلَبِ وَإِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ حديث هشام ابن عُرْوَةَ هَذَا فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَّا أَنَّ عُرْوَةَ كَانَ يُفْتِي بِأَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ على الاستحباب لاعلى الْإِيجَابِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى اخْتِلَافِهَا وَذَكَرْنَا مَنْ تَعَلَّقَ بِهَا وَذَهَبَ إِلَيْهَا مِنْ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِي ذَلِكَ وَأَصْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَالِاسْتِحَاضَةِ مُمَهَّدًا مَبْسُوطًا فِي بَابِ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا والحمد لله

رَوَى مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ عَلَى المستحاضة إلا أن تغتسل غسلا واحد ثُمَّ تَتَوَضَّأَ بَعْدَ ذَلِكَ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ وَمِنْ مَعَانِي هَذَا الْحَدِيثِ وَجْهٌ آخَرُ أَخَّرْنَا الْقَوْلَ فِيهِ فِي ذَلِكَ الْبَابِ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَهُوَ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي لَمْ تَحِضْ قَطُّ فَحَاضَتْ يَوْمًا وَطَهُرَتْ يَوْمًا أَوْ حَاضَتْ يَوْمَيْنِ وَطَهُرَتْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَنَحْوَ هَذَا فَأَمَّا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا تَجْمَعُ أَيَّامَ الدَّمِ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ وَتَطْرَحُ أَيَّامَ التَّطَهُّرِ وَتَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ يَوْمٍ تَرَى فِيهِ الطُّهْرَ أَوَّلَ مَا تَرَاهُ وَتُصَلِّي مَا دَامَتْ طَاهِرًا وَتَكُفُّ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَيَّامِ الدَّمِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَتُحْصِي ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ مَا اجْتَمَعَ لَهَا مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَإِنْ زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَإِنْ كَانَتْ خمسة عشر يوما أو أقل فهي حيضة تَقَطَّعَتْ هَذِهِ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْهُ أَنَّهَا تَضُمُّ أَيَّامَ الدَّمِ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ فَإِنْ دَامَ بِهَا ذَلِكَ أَيَّامَ عَادَتِهَا اسْتَظْهَرَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى أَيَّامِ حَيْضَتِهَا فَإِنْ رَأَتْ فِي خِلَالِ أَيَّامِ الِاسْتِظْهَارِ أَيْضًا طُهْرًا أَلْغَتْهُ حَتَّى تَجْعَلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِلِاسْتِظْهَارِ وَأَيَّامِ الطُّهْرِ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَيَكُونُ مَا جَمَعَتْ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ حَيْضَةً وَاحِدَةً وَلَا تَعُدُّ أَيَّامَ الطُّهْرِ فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ فَإِذَا اسْتَظْهَرَتْ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا تَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الطُّهْرِ عِنْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَإِنَّمَا أُمِرَتْ بِالْغُسْلِ لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي لَعَلَّ الدَّمَ لَا يَرْجِعُ إليها

وَرِوَايَةُ الرَّبِيعِ عَنِ الشَّافِعِيِّ مِثْلُ رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اعْتِبَارًا لِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِلَا اسْتِظْهَارٍ وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِذَا كَانَ تَقَطُّعُ حَيْضَتِهَا يَوْمًا كَامِلًا أَوْ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَنَّهَا فِي يَوْمِ الْحَيْضِ حَائِضٌ لَا مستحاضة وفي يوم الطهر طاهر أو هي حيضة مُتَقَطِّعَةٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ إِذَا كَانَ طُهْرُهَا يَوْمًا وَحَيْضُهَا يَوْمًا فَطُهْرُهَا أَقَلُّ الطُّهْرِ وَحَيْضُهَا أَكْثَرُ الْحَيْضِ فَكَأَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مُتَوَالِيَةً وَطَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَحَالُ حَيْضَتِهَا لَا يَضُرُّهَا وَاجْتِمَاعُ الْأَيَّامِ وَافْتِرَاقُهَا سَوَاءٌ وَلَا يَكُونُ مُسْتَحَاضَةً وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَمَذْهَبُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اعْتِبَارُ أَقَلِّ الطُّهْرِ وَأَقَلِّ الْحَيْضِ فَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَاعْتَبَرَ أَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَجَعَلَهُ كَدَمٍ مُتَّصِلٍ وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَاعْتَبَرَ مِقْدَارَ الدَّمِ وَالطُّهْرِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ مِنَ الطُّهْرِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَدَمٍ مُتَّصِلٍ سَوَاءٌ كَانَ الْحَيْضُ أَكَثُرَ أَوِ الطُّهْرُ أَكْثَرَ نَحْوَ أَنْ تَرَى يَوْمًا حَيْضًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَيَوْمَيْنِ طُهْرًا وَسَاعَةً دَمًا فَيَكُونُ جَمِيعُ ذَلِكَ حَيْضًا وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَدِ اتَّفَقُوا أَنَّهُ لَوِ انْقَطَعَ سَاعَةً أَوْ نَحْوَهَا أَنَّهُ كَدَمٍ مُتَّصِلٍ فَكَذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ طَلَاقٍ وَقَدْ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ لَيْسَ بِنَكِيرٍ أَنْ تَحِيضَ يَوْمًا وَتَطْهُرَ يَوْمًا فَتَتَقَطَّعُ الْحَيْضَةُ عَلَيْهَا كَمَا لَا يُنْكَرُ أَنْ يَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا عَنْ وَقْتِهِ أَنَّ تَأْخِيرَ بَعْضِهِ عَنِ اتِّصَالِهِ كَتَأْخِيرِهِ كُلِّهِ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَتْ بِالْقَلِيلِ أَيْضًا ثُمَّ لم يكن القليل حيضة لِأَنَّ الْحَيْضَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِأَنْ يُقْضَى لَهَا وَقْتٌ تَامٌّ وَطُهْرٌ تَامٌّ أَقَلُّهُ فِيمَا رَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ قَالَ وَلَوْ أَنَّ قِلَّةَ الدَّمِ يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ حيضا لا أخرجته مِنْ أَنْ تَكُونَ اسْتِحَاضَةً لِأَنَّ الدَّمَ الْعِرْقَ هُوَ الْكَثِيرُ الزَّائِدُ عَلَى مَا يُعْرَفُ

الحديث الثالث

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَاعَى عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا أَصَّلَاهُ فِي أَقَلِّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَرَاعَى مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا وَجَعْلَ كُلَّ مَا يَأْتِي مِنَ الدَّمِ قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ عِرْقًا لَا تُتْرَكُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ كُلُّ مَنْ أَصَّلَ فِي أَقَلِّ الطُّهْرِ أَصْلًا بِعِدَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَنْ يَعْتَبِرَهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ نَاقَضَ الْكُوفِيُّونَ لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمُرَاعَاةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ طُهْرًا وَقَوْلُهُمْ فِي أَقَلِّ الطُّهْرِ إِنَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ أُصُولِ الْعُلَمَاءِ وأكثرهما واختلاف العلماء فِي ذَلِكَ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَبُو عمر إنما أجرينا هذه المسألة ههنا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ مَرَّتْ فِي بَابِ نَافِعٍ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا وَأَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ أَقَلِّ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وأكثرهما واختلاف العلماء فِي ذَلِكَ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن عائشة أن الحرث بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْيَانًا يَأْتِينِي فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ

فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ مَا قَالَ وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ الْمَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدُ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَسْأَلُونَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمَعَانِي وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجِيبُهُمْ وَيُعْلِمُهُمْ وَكَانَتْ طَائِفَةٌ تسأل وطائفة تحفظ وتؤدي وتبلغ حتى اكتمل اللَّهُ دِينَهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَوْعَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ مِنْ صِفَةِ نُزُولِ الْوَحْيِ عليه وكيفية ذلك وقد ورد في غيرما أُثِرَ ضُرُوبٌ مِنْ صِفَةِ الْوَحْيِ حَتَّى الرُّؤْيَا فَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ أَيْضًا وَلَكِنَّ الْمَقْصِدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَى نُزُولِ الْقُرْآنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَشِبْهِهِ فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلصلة الجرس فإنه أراد في مثل صوت الْجَرَسِ وَالصَّلْصَلَةُ الصَّوْتُ يُقَالُ صَلْصَلَةُ الطِّسْتِ وَصَلْصَلَةُ الْجَرَسِ وَصَلْصَلَةُ الْفَخَّارِ وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ الْوَحْيُ إِذَا نَزَلَ سَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ صَوْتَ مرارا أَوْ إِمْرَارِ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ أَنَّهُمْ سَمِعُوا صَلْصَلَةً بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ كَإِمْرَارِ الْحَدِيدِ عَلَى الطِّسْتِ الْجَدِيدِ وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ من رواء حِجَابٍ قَالَ مُوسَى حِينَ

كَلَّمَهُ اللَّهُ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا قَالَ جِبْرِيلُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ وَأَشْبَاهِهِ مِنَ الرُّسُلِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ قَالَ نَرَى هَذِهِ الْآيَةَ تَعُدُّ مَنْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ مِنَ الْبَشَرِ فَالْكَلَامُ ما كلم الله بن مُوسَى مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَالْوَحْيُ مَا يُوحِي اللَّهُ إِلَى النَّبِيِّ مِنِ الْهِدَايَةِ فَيُثَبِّتُ اللَّهُ مَا أَرَادَ مِنْ وَحْيِهِ فِي قَلْبِ النَّبِيِّ فَيَتَكَلَّمُ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَكْتُبُهُ فَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَوَحْيُهُ وَمِنْهُ مَا يكون بين الله وبين رسله ومنه لَا يُكَلِّمُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ وَلَكِنَّهُ يَكُونُ سِرٌّ غَيْبٌ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ رُسُلِهِ وَمِنْهُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَلَا يَكْتُبُونَهُ وَلَكِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِهِ النَّاسَ وَيَأْمُرُونَهُمْ بِبَيَانِهِ وَيُبَيِّنُونَ لَهُمْ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُمْ أَنْ يُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ وَيُعْلِمُوهُمْ إِيَّاهُ وَمِنَ الْوَحْيِ مَا يُرْسِلُ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ مَلَائِكَتِهِ فَيُوحِيهِ وَحْيًا فِي قُلُوبِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ رُسُلِهِ وَقَدْ بَيَّنَ لَنَا فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ كَانَ يُرْسِلُ جِبْرِيلَ إِلَى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ إِلَى قَوْلِهِ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَيَفْصِمُ عَنِّي فَمَعْنَاهُ يَنْفَرِجُ عَنِّي وَيَذْهَبُ كَمَا تَفْصِمُ الْخَلْخَالَ إِذَا فَصَمْتَهُ لِتُخْرِجَهُ مِنَ الرِّجْلِ وَكُلُّ عُقْدَةٍ حَلَلْتَهَا فَقَدْ فَصَمْتَهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ

الحديث الرابع

عَلِيمٌ وَانْفِصَامُ الْعُرْوَةِ أَنْ تُفَكَّ عَنْ مَوْضِعِهَا وَأَصْلُ الْفَصْمِ عِنْدَ الْعَرَبِ أَنْ يَفُكَّ الْخَلْخَالَ وَلَا يُبَيِّنَ كَسْرَهُ فَإِذَا كَسَرْتَهُ فَقَدْ قَصَمْتَهُ بِالْقَافِ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: كَأَنَّهُ دُمْلُجٌ مِنْ فِضَّةٍ نَبَهٌ فِي ... مَلْعَبٍ مِنْ عَذَارَى الْحَيِّ مَفْصُومُ (47) حَدِيثٌ رَابِعٌ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَتَصَدَّقُوا ثُمَّ قَالَ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا (48)

قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ خَسَفَتْ إِذَا ذَهَبَ ضَوْؤُهَا وَلَوْنُهَا وَكَسَفَتْ إِذَا تَغَيَّرَ لَوْنُهَا يُقَالُ بِئْرٌ خَسِيفٌ إِذَا ذَهَبَ مَاؤُهَا وَفُلَانٌ كَاسِفُ اللَّوْنِ أَيْ مُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الْخُسُوفَ والكسوف واحد وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعَانِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالْمَعَانِي مُمَهَّدًا فِي باب زيد ابن أسلم بْنِ أَسْلَمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةُ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ إِنَّ الْإِمَامَ يَخْطُبُ فِي الْكُسُوفِ بَعْدَ الصَّلَاةِ كَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتْ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا لَا خُطْبَةَ فِي الْخُسُوفِ وَالْحَجَّةُ لَهُمْ أَنَّ خِطْبَةُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ إِنَّمَا كَانَتْ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُولُونَ كَسَفَتِ الشمس لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَهُمْ لِيُعْلِمَهُمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي أَنَّ الْقَمَرَ يُصَلَّى لِكُسُوفِهِ كَمَا يُصَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ سَوَاءٌ فِي جَمَاعَةٍ وَعَلَى هَيْئَتِهَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا فَنَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ عِنْدَ خُسُوفِهِمَا وَلَمْ يَخُصَّ إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى بِشَيْءٍ وَصَلَّى عِنْدَ كُسُوفِ الشَّمْسِ فَكَانَ الْقَمَرُ فِي حُكْمِ ذَلِكَ عِنْدَ كُسُوفِهِ إِذْ لَمْ يُنْقَلُ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَمَرِ

الحديث الخامس

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُصَلِّي النَّاسُ عِنْدَ كُسُوفِ الْقَمَرِ وُحْدَانًا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يُصَلُّونَ جَمَاعَةً وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ فِي هَيْئَةِ الصَّلَاةِ وَقَالَ اللَّيْثُ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ لَا يُجَمَّعُ فِيهَا وَلَكِنْ يُصَلُّونَهَا مُنْفَرِدِينَ عَلَى هَيْئَةِ الصَّلَاةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَالطَّبَرِيُّ الصَّلَاةُ فِي خُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ سَوَاءٌ عَلَى هَيْئَةٍ وَاحِدَةٍ رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ جَمَاعَةٌ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْآثَارُ مُهَذَّبَةً فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثٌ خَامِسٌ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَّلَ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَبَهَا مَنْ لَا يَعْقِلُهَا وَيَعْقِلُ حُدُودَهَا وَقَدْ قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى قَالَ مِنَ النَّوْمِ وَأَمَّا معنى هذا

الْحَدِيثِ فَبَيِّنٌ لَا مَدْخَلَ لِلْقَوْلِ فِيهِ إِلَّا أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ مِنْهُ بِأَنَّ النُّعَاسَ وَالنَّوْمَ الْيَسِيرَ لا ينقض الصلاة استدلال وصحيح إِذَا لَمْ يَنْقُضِ الصَّلَاةَ لَمْ يَنْقُضِ الْوُضُوءَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ النَّوْمِ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا شَغَلَ الْقَلْبَ عَنِ الصَّلَاةِ وَعَنْ خُشُوعِهَا وَتَمَامِ مَا يَجِبُ فِيهَا فَوَاجِبٌ تَرْكُهُ وَوَاجِبٌ أَنْ لَا يُصَلِّيَ الْمَرْءُ إِلَّا وَقَلْبُهُ مُتَفَرِّغٌ لِصَلَاتِهِ لِيَكُونَ مُتَيَقِّظًا فِيهَا مُقْبِلًا عَلَيْهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سَلَمَةَ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى قَالَ سُكْرُ النَّوْمِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ ذَلِكَ غَيْرَ الضَّحَّاكِ وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَقَالَ نَسَخَتْهَا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ الْآيَةَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ كَانُوا يُصَلُّونَ وَهُمْ سُكَارَى قَبْلَ نُزُولِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ فَنَزَلَتْ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ثُمَّ نَسَخَهَا تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَقَالَ قَتَادَةُ كَانُوا يَحْتَسُونَ الْخَمْرَ ثُمَّ يُصَلُّونَ ثُمَّ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ فَكَانُوا يَجْتَنِبُونَهَا عِنْدَ الصَّلَاةِ ثُمَّ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَائِدَةِ

الحديث السادس

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَإِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ذَكَرَ قَوْمٌ مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْخَمْسِ رَكَعَاتٍ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ وَوُهَيْبٌ وَغَيْرُهُمْ وَذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ لَا يُسَلِّمُ بَيْنَهُنَّ وَذَلِكَ كُلُّهُ لَا يَثْبُتُ لِأَنَّهُ قَدْ عَارَضَهُ عَنْ عَائِشَةَ مَا هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَأَكْثَرُ الْحُفَّاظِ رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْأُصُولُ تُعَضِّدُ رِوَايَةَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَهَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِي إِسْنَادِهَا وَلَا فِي مَتْنِهَا وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَهُوَ قَاضٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَا كَانَ ظَاهِرُهُ خِلَافَهُ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا وَذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّنَازُعِ وَأَخْبَرْنَا بِالْوَجْهِ الْمُخْتَارِ الصَّحِيحِ عِنْدَنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا وَجْهَ لِتَكْرَارِ ذَلِكَ ههنا قَالَ أَبُو عُمَرَ الرِّوَايَةُ الْمُخَالِفَةُ فِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ هَذَا لِرِوَايَةِ مَالِكٍ فِيهِ إِنَّمَا حَدَّثَ بِهِ عَنْ هِشَامٍ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَمَا حَدَّثَ بِهِ هِشَامٌ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى الْعِرَاقِ أَصَحُّ عِنْدَهُمْ وَلَقَدْ حَكَى عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ

الحديث السابع

قَالَ رَأَيْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فِي النَّوْمِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَقَالَ أَمَّا مَا حَدَّثَ بِهِ عِنْدَنَا يَعْنِي بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ فَكَأَنَّهُ يُصَحِّحُهُ وَأَمَّا مَا حَدَّثَ بِهِ بَعْدَ مَا خَرَجَ مِنْ عِنْدِنَا فَكَأَنَّهُ يُوهِنُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مِمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَاظِبُ عَلَيْهِمَا وَهُمَا عِنْدَنَا مِنْ مُؤَكِّدَاتِ السُّنَنِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنَّا الْوَجْهَ فِيهِ فِي بَابِ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ وَغَيْرِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ وَأَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ آخِرُهَا الْوِتْرُ إِمَّا بِوَاحِدَةٍ وَإِمَّا بثلاث وقد قيل غير ذلك على حسبما أَوْضَحْنَاهُ فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ وَبَابِ نَافِعٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ النِّدَاءُ لِلصُّبْحِ بعد الفجر وتخفيف ركعتبي الْفَجْرِ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ سَالِمٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَبِهِ التَّوْفِيقُ حَدِيثٌ سَابِعٌ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مَفْهُومٌ لِأَنَّ الْعَمَلَ الدَّائِمَ يَتَّصِلُ أَجْرُهُ وَحَسَنَاتُهُ وَمَا انْقَطَعَ انْقَطَعَ أَجْرُهُ وَحَسَنَاتُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدِي دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَلِيلَ الْعَمَلِ إِذَا دَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ أَزْكَى لَهُ وَاللَّهُ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ وَيَرْضَاهُ وَلَا يَرْضَى الْعُنْفَ وبالله التوفيق

الحديث الثامن

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ شَاكٍ فَصَلَّى جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْعَبًا مُهَذَّبًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَمُسْنَدًا فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ نُسِخَ هَذَا الْمَعْنَى فِي الصَّلَاةِ جَالِسًا لِلصَّحِيحِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْجَالِسِ الْعَلِيلِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن عَائِشَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا لَمْ تَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ اللَّيْلِ قَاعِدًا قَطُّ حَتَّى أَسَنَّ فَكَانَ يَقْرَأُ قاعدا حتى إذا أراد أن يركع قَامَ فَقَرَأَ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً ثُمَّ رَكَعَ

فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ صَلَاةِ النَّافِلَةِ جَالِسًا وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ أَبَى مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّي يُصَلِّي النَّافِلَةَ بَعْضَهَا جَالِسًا وَبَعْضَهَا قَائِمًا وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِيمَنِ افْتَتَحَ صَلَاةَ النَّافِلَةِ قَاعِدًا أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَقُومَ فِيهَا وَيَقْرَأَ بِمَا أَحَبَّ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَشِبْهِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنِ افْتَتَحَهَا قَائِمًا ثُمَّ قَعَدَ فَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَقْعُدَ فِيهَا كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْتَتِحَهَا قَاعِدًا وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُصَلِّي قَائِمًا وَلَا يَجْلِسُ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ لِأَنَّهُ افْتَتَحَهَا قَائِمًا وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ اسْتَفْتَحْتُ الصَّلَاةَ قَائِمًا فَرَكَعْتُ رَكْعَةً وَسَجَدْتُ ثُمَّ قُمْتُ أَفَأَجْلِسُ إِنْ شِئْتُ بِغَيْرِ رُكُوعٍ وَلَا سُجُودٍ قَالَ لَا فَأَمَّا الْمَرِيضُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَرِيضِ يُصَلِّي مُضْطَجِعًا أَوْ قَاعِدًا ثُمَّ يَخِفُّ عَنْهُ الْمَرَضُ فَيَجِدُ الْقُوَّةَ أَنَّهُ يَقُومُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ وَيَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَزُفَرَ وَالطَّبَرِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِيمَنْ صَلَّى مُضْطَجِعًا رَكْعَةً ثُمَّ صَحَّ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِهَا وَلَوْ كَانَ قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ ثُمَّ صَحَّ بَنَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يَبْنِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَائِمًا ثُمَّ صَارَ إِلَى حَالِ الْإِيمَاءِ فَإِنَّهُ يَبْنِي وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الرُّكُوعَ وَلَا السُّجُودَ وَهُوَ يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ وَالْجُلُوسَ أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا وَيُومِئُ إِلَى الرُّكُوعِ فَإِذَا أَرَادَ السُّجُودَ جَلَسَ فَأَوْمَأَ إِلَى السُّجُودِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَقِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ أَصْحَابِهِ يُصَلِّي قَاعِدًا

الحديث العاشر

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا إِذَا صَلَّى مُضْطَجِعًا تَكُونُ رِجْلَاهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ يُصَلِّي عَلَى جَنْبِهِ وَوَجْهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَيْفِيَّةَ صَلَاةِ الْقَاعِدِ فِي بَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثٌ عَاشِرٌ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ قَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خيرا

فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَجْمَعُوا لِلصَّلَاةِ فَأَحَقُّهُمْ وَأَوْلَاهُمْ بِالْإِمَامَةِ فِيهَا أَفْقَهُهُمْ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصَّلَاةِ بِجَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَقْرَأُ مِنْهُ وَلَا سِيَّمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا السَّلَفُ فَقَالَ مَالِكٌ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَعْلَمُهُمْ إِذَا كَانَتْ حَالُهُ حَسَنَةً وَلِلسِّنِّ حَقٌّ قِيلَ لَهُ فَأَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا قَالَ لَا قَدْ يَقْرَأُ مَنْ لَا يَكُونُ فِيهِ خَيْرٌ وقال الثوري يؤمهم أقرأهم فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنِ اسْتَوَوْا فَأَسَنُّهُمْ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَؤُمُّهُمْ أَفْقَهُهُمْ فِي دِينِ الله وقال أبو حنيفة يؤمهم أقرأهم لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَعْلَمُهُمْ لِلسُّنَّةِ فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الْقِرَاءَةِ وَالْعِلْمِ بِالسُّنَّةِ فَأَكْبُرُهُمْ سِنًّا فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الْقِرَاءَةِ وَالْفِقْهِ وَالسِّنِّ فَأَوْرَعُهُمْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ إِنَّمَا قِيلَ فِي الْحَدِيثِ أَقْرَؤُهُمْ لِأَنَّهُمْ أَسْلَمُوا رِجَالًا فَتَفَقَّهُوا فِيمَا عَلِمُوا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَمَّا الْيَوْمَ فَيَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ وَهُمْ صِبْيَانٌ لَا فِقْهَ لَهُمْ وَقَالَ اللَّيْثُ يَؤُمُّهُمْ أَفْضَلُهُمْ وَخَيْرُهُمْ ثُمَّ أَقْرَؤُهُمْ ثُمَّ أَسَنُّهُمْ إِذَا اسْتَوَوْا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ وَأَفْقَهُهُمْ فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ ذَلِكَ قَدَّمَ أَفْقَهَهُمْ إِذَا كَانَ يَقْرَأُ مَا يَكْتَفِي بِهِ فِي صِلَاتِهِ وَإِنْ قُدِّمَ أَقْرَؤُهُمْ وَعَلِمَ مَا يَلْزَمُهُ فِي الصَّلَاةِ فَحَسَنٌ وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ وَالْآخَرُ قرأ مِنْهُ فَقَالَ حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أقرأهم قَالَ أَلَا تَرَى أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ خِيَارِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عُمَرُ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ لِأَنَّهُ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ أَفْهَمُ لِلْقُرْآنِ فَقُلْتُ لَهُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ أَلَيْسَ هُوَ خِلَافَ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ فَقَالَ إِنَّمَا قَوْلُهُ لِأَبِي بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ إِنَّمَا أَرَادَ الْخِلَافَةَ وَكَانَ لِأَبِي بَكْرٍ فَضْلٌ بَيِّنٌ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنَّمَا الْأَمْرُ فِي الْإِمَامَةِ إِلَى الْقِرَاءَةِ وَأَمَّا قِصَّةُ أَبِي بَكْرٍ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْخِلَافَةَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الصَّلَاةِ وَهِيَ عِظَمُ الدِّينِ وَكَانَتْ إِلَيْهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَيْهَا أَحَدٌ بِحَضْرَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا مَرِضَ اسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا أَبَا بَكْرٍ وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُونَ مِنْهُمْ عَلِيٌّ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ اسْتَدَلَّ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ عَلَى فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعَلَى أنه أحق بالخلافة بعد وعلمو ذَلِكَ فَارْتَضَوْا لِدُنْيَاهُمْ وَإِمَامَتِهِمْ وَخِلَافَتِهِمْ مَنِ ارْتَضَاهُ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَجْلِ دِينِهِمْ وَذَلِكَ إِمَامَتُهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ يَمْنَعْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنْ يُصَرِّحَ بِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لَا يَنْطِقُ فِي دِينِ اللَّهِ بِهَوَاهُ وَلَا يَنْطِقُ إِلَّا بِمَا يُوحَى إِلَيْهِ فِيهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى وَلَمْ يَكُنْ يُوحَى إِلَيْهِ فِي الْخِلَافَةِ شَيْءٌ وَكَانَ لَا يَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ فِي شَيْءٍ وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلِيفَةَ بَعْدَهُ فَلَمَّا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَحْيٌ وَنَعْنِي لَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ وَلَكِنَّهُ أَرَاهُمْ مَوْضِعَ الِاخْتِيَارِ وَمَوْضِعَ إِرَادَتِهِ فَعَرَفَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ مِنْهُ فَبَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ بَعْدَهُ فَخَيْرٌ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَنَفَعَهُمُ اللَّهُ بِهِ وَبَارَكَ لَهُمْ فِيهِ فَقَاتَلَ أَهْلَ الرِّدَّةِ حَتَّى أَقَامَ الدِّينَ كَمَا كَانَ وَعَدَلَ فِي الرَّعِيَّةِ وَقَسَّمَ بِالسَّوِيَّةِ وَسَارَ بِسِيرَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ حَمِيدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عن أبيه عن عائشة بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ قَالَ حَمَّادٌ وَأَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَأَيُّ خِلَافَةٍ أَبْيَنُ من هذا

وَقَدْ جَاءَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آثَارٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسُرُّهُ وَيَعْلَمُ أَنَّ الْخَلِيفَةَ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مَوْلًى لِرَبِيعِيٍّ عَنْ رَبِيعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سعد ابن إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ شَيْءٍ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ رَجَعْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ قَالَ كأنها تعني الموت قال فأتي أَبَا بَكْرٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أُبَيٌّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَتْهُ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ لَهَا ارْجِعِي فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ رَجَعْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ تَعْنِي الْمَوْتَ قَالَ فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَتِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ امْرَأَةٌ تُكَلِّمُهُ فِي شَيْءٍ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ فَقَالَتْ إِنْ جِئْتُ ولم أجدك قال فأتي أبا بكر

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ بِبَغْدَادَ إِمْلَاءً فِي الْجَامِعِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ الرِّيَاحِيُّ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ رُجُوعُ الْأَنْصَارِ يَوْمَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ لِكَلَامٍ قَالَهُ عُمَرُ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يُزِيلَهُ عَنْ مَقَامٍ أَقَامَهُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالوا كُلُّنَا لَا تَطِيبُ أَنْفُسُنَا أَنْ نَزِيلَهُ عَنْ مَقَامٍ أَقَامَهُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْعَوَّامِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَحْمَدَ بْنِ يَزِيدَ أَبِي الْعَوَّامِ قال حدثنا محمد بن يزيد الوسطي قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كَانَ رُجُوعُ الْأَنْصَارِ يَوْمَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ بكلام قاله عمر ابن الْخَطَّابِ نَشَدْتُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يُزِيلَهُ عَنْ مَقَامٍ أَقَامَهُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا كُلُّنَا لَا تَطِيبُ نَفْسُهُ نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَكْتُبُ مِنْ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ فِي كُتُبِهِ كلها وذكر نافع ابن عُمَرَ الْجُمَحِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا خَلِيفَةُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا رَاضٍ بِذَلِكَ وَبَعَثَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مُحَمَّدَ بْنَ الزُّبَيْرِ إِلَى الْحَسَنِ يَسْأَلُهُ هَلِ اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ فقال نعم

قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا قَالَ هَذَا اسْتِدْلَالًا بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْحَدِيثِ وَاللَّهِ أَعْلَمُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ وَإِنْ لَمْ أَسْتَخْلِفْ فَلَمْ يَسْتَخْلِفْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَلَمَّا ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَا يَسْتَخْلِفُ وَهَذَا معناه أنه لم يستخلف نصا وَلَا تَصْرِيحًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُبَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ قُلْتُ لِعُمَرَ صَلِّ بِالنَّاسِ وَأَبُو بَكْرٍ غَائِبٌ فِي مَرَضِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَبَّرَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ فَقَالَ وَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ مَرَّتَيْنِ فَبَعَثَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَجَاءَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عُمَرُ تِلْكَ الصَّلَاةِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن عمر القوارري حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَمَّا طَعْنَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالُوا لَهُ أَلَا تَسْتَخْلِفُ قَالَ أَحْتَمِلُكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا حَظِيَ مِنْكُمُ الْكَفَافَ لَا عَلَيَّ وَلَا لِيَ إِنْ أَتْرُكْكُمْ فَقَدْ تَرَكَكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَمِنْكُمْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زائدة ابن قُدَامَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ الْأَنْصَارُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ قَالَ فَأَتَاهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يَؤُمُّ

النَّاسَ فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ يَتَقَدَّمُ أَبَا بَكْرٍ قَالَ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ قَالَ أَحْمَدُ (بْنُ عَلِيٍّ) وَحَدَّثَنَا ابو خيثمة زهير بن حرب حدثنا معاوية ابن عَمْرٍو عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابن مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَّةَ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْإِمَامُ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ وَثَابِتٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ لَمْ يُقْتَلْ قَتْلًا وَلَمْ يَمُتْ فَجْأَةً مَرِضَ لَيَالِيَ وَأَيَّامًا يَأْتِيهِ بِلَالٌ فَيُؤَذِّنُهُ بِالصَّلَاةِ وَهُوَ يَرَى مَكَانِي فَيَقُولُ ائْتِ أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرْتُ فِي أَمْرِي فَإِذَا الصَّلَاةُ عَظْمُ الْإِسْلَامِ وَقِوَامُ الدِّينِ فَرَضِينَا لِدُنْيَانَا مَنْ رَضِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِدِينِنَا فَبَايَعْنَا أَبَا بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْأُشْنَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِي عمرو بن الحرث قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ قال قال عبد الرحمان بْنُ الْقَاسِمِ أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَأَعْهَدُ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ رُبَّ مُتَمَنٍّ وَقَائِلٍ أَنَا أَنَا وَسَيَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى ذَلِكَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَقَدِ اسْتَدَلَّ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ الْآيَةَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّاعِيَ لِأُولَئِكَ الْقَوْمِ غَيْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ منع المخلفين

مِنَ الْأَعْرَابِ مِنَ الْخُرُوجِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله قل لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ الْآيَةَ وَقَدْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ مَعَهُ إِلَى بَعْضِ مَا رَجَوْا فِيهِ الْغَنِيمَةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ يَعْنِي قَوْلَهُ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى وُجُوبِ طَاعَةِ أَبِي بَكْرٍ وَإِمَامَتِهِ وَعَدَ اللَّهُ الْمُخَلَّفِينَ عَنْ رَسُولِهِ إِذَا أَطَاعُوا الَّذِي يَدْعُوهُمْ بَعْدَهُ بِالْأَجْرِ الْحَسَنِ وَأَوْعَدَهُمْ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ إِنْ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَلِلْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ قَوْلَانِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ قَالُوا أَرَادَ بِقَوْلِهِ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ أَهْلَ الْيَمَامَةِ مَعَ مُسَيْلِمَةَ وَقَالَ آخَرُونَ أَرَادَ فَارِسَ فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالُوا أَهْلَ الْيَمَامَةِ فَأَبُو بَكْرٍ هُوَ الَّذِي دَعَاهُمْ إِلَى قِتَالِهِمْ وَإِنْ كَانُوا فَارِسَ فَعُمَرُ دَعَا إِلَى قِتَالِهِمْ وَعُمَرُ إِنَّمَا اسْتَخْلَفَهُ أَبُو بَكْرٍ فَعَلَى أَيِّ الْوَجْهَيْنِ كَانَ فَالْقُرْآنُ يَقْتَضِي بِمَا وَصَفْنَا إِمَامَةَ أَبِي بَكْرٍ وَخِلَافَتَهُ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ فَارِسَ فَهُوَ دَلِيلُ إِمَامَةِ عُمَرَ وَخِلَافَتِهِ وَقَدْ قَالَ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ إِنَّهُمْ هَوَازِنُ وَحُنَيْنٌ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِقَوْلِ اللَّهِ قل لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا وَقَوْلِهِ ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ الله

مِنْ قَبْلُ الْآيَةَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ وَاسَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحِبَهُ أَخِيرًا لَا يَلْحَقُ فِي الْفَضْلِ بِمَنْ وَاسَاهُ وَنَصَرَهُ وَصَحِبَهُ أَوَّلًا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَوَّلَ النَّاسِ عَزَّرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَصَرَهُ وَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَصَابَرَ عَلَى الْأَذَى فِيهِ فَاسْتَحَقَّ بِذَلِكَ الْفَضْلَ الْعَظِيمَ لِأَنَّ كُلَّ مَا صَنَعَهُ غَيْرُهُ بَعْدَهُ قَدْ شَارَكَهُ فِيهِ وَفَاتَهُمْ وَسَبَقَهُمْ بِمَا تَقَدَّمَ إِلَيْهِ فَلِفَضْلِهِ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ الْإِمَامَةَ إِذْ شَأْنُهَا أَنْ تَكُونَ فِي الْفَاضِلِ أَبَدًا مَا وُجِدَ إِلَيْهِ السَّبِيلُ وَالْآثَارُ فِي فَضَائِلِهِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهَا وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا اسْتِحْقَاقَهُ لِلْخِلَافَةِ بِدَلِيلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَرَوَى إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ إبراهيم النخعي عن عبد الرحمان ابن يَزِيدَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ اجْعَلُوا إِمَامَكُمْ خَيْرَكُمْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ إِمَامَنَا خَيْرَنَا بَعْدَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عن علي بن زيد عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ كَأَنَّ مِيزَانًا دُلِّيَ مِنَ السَّمَاءِ فَوُزِنْتَ أَنْتَ فِيهِ وَأَبُو بَكْرٍ فَرَجَحْتَ بِأَبِي بَكْرٍ ثُمَّ وُزِنَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَرَجَحَ أَبُو بَكْرٍ بِعُمَرَ ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُبُوَّةٌ وَخِلَافَةٌ ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ وَأَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

لِعَلِيٍّ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى وَاحْتِجَاجُ أَهْلِ الزَّيْغِ بِهِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ اسْتِخْلَافَهُ فَقَدْ أَجَابَهُ عَنْ ذَلِكَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِجَوَابٍ عَلَى وَجْهَيْنِ مُجْمَلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَارُونَ كَانَ خَلِيفَةَ مُوسَى فِي حَيَاتِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ وَإِذَا جَازَ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَلِيٌّ عَنْ خِلَافَةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته على حسبما كَانَ هَارُونُ خَلِيفَةَ مُوسَى فِي حَيَاتِهِ جَازَ أَنْ يَتَأَخَّرَ بَعْدَ مَوْتِهِ زَمَانًا وَيَكُونُ غَيْرُهُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ وَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْقَصْدَ إِلَى إِثْبَاتِ الْخِلَافَةِ لَهُ كَمَا ثَبَتَتْ لِهَارُونَ لَا أَنَّهُ اسْتَحَقَّ تَعْجِيلَهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَعَجَّلَهَا هَارُونُ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إِنَّمَا خَرَجَ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي تَفْضِيلِ عَلِيٍّ وَمَعْرِفَةِ حَقِّهِ لَا فِي الْإِمَامَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ وَجَبَ حَقُّهُ وَصَارَ مُفَضَّلًا اسْتَحَقَّ الْإِمَامَةَ لِأَنَّ هَارُونَ مَاتَ قَبْلَ مُوسَى بِزَمَانٍ فَاسْتَخْلَفَ مُوسَى بَعْدَهُ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ فَهَارُونُ إِنَّمَا كَانَ خَلِيفَةً لِمُوسَى فِي حَيَاتِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ وَلَمْ يَكُنْ هَارُونُ خَلِيفَةً لِمُوسَى بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ عَلِيًّا خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ حِينَ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي وَقْتِ خُرُوجِهِ غَازِيًا غَزْوَةَ تَبُوكَ وَهَذَا اسْتِخْلَافٌ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ وَقَدْ شَرِكَهُ فِي مِثْلِ هَذَا الِاسْتِخْلَافِ غَيْرُهُ مَنْ لَا يَدَّعِي لَهُ أَحَدٌ خِلَافَةً جَمَاعَةٌ قَدْ ذَكَرَهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمْ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَلَيْسَ فِي اسْتِخْلَافِهِ حِينَ قَالَ لَهُ ذَلِكَ الْقَوْلَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ خَلِيفَةٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كُنْتُ

مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ فَيُحْتَمَلُ لِلتَّأْوِيلِ لِأَنَّ الْمَوْلَى يَحْتَمِلُ وُجُوهًا فِي اللُّغَةِ أَصَحُّهَا أَنَّهُ الْوَلِيُّ وَالنَّاصِرُ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اسْتَخْلَفَهُ بَعْدَهُ وَلَا يُنْكِرُ فَضْلَ عَلِيٍّ مُؤْمِنٌ وَلَا يَجْهَلُ سَابِقَتَهُ وَمَوْضِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ دِينِ اللَّهِ عَالِمٌ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ فَضَّلَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ وَقَالَ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ وَحَسْبُكَ بِهَذَا مِنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ فَإِنَّهَا كَرِهَتْ فِيمَا زَعَمُوا أَنْ يَتَشَاءَمَ النَّاسُ بِأَبِيهَا فَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمْ يُرَ إِمَامًا إِلَّا فِي حِينِ مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحِينَ مَوْتِهِ فَقَالَتْ مَا قَالَتْ فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَعَلَى حَفْصَةَ وَقَالَ إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ يُرِيدُ إِنَّكُنَّ فِتْنَةٌ قَدْ فَتَنْتُنَّ يُوسُفَ وَغَيْرَهُ وَصَدَدْتُنَّهُ عَنِ الْحَقِّ قَدِيمًا يُرِيدُ النِّسَاءَ وَيَعِيبُهُنَّ بِذَلِكَ كَلَامًا خَرَجَ عَلَى غَضَبٍ لِاعْتِرَاضِهِنَّ لَهُ وَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَخَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ وَكَذَلِكَ قَوْلُ حَفْصَةَ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لِأُصِيبُ مِنْكِ خَيْرًا خَرَجَ عَلَى جِهَةِ الْغَضَبِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا عَرَّضَتْهَا لِمَا كَرِهَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا مِنَ الْقَوْلِ فَلَقِيَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا يَسُرُّهَا مِنْ إِنْكَارِهِ عَلَيْهَا وَانْتِهَارِهَا فَرَجَعَتْ تَلُومُ عَائِشَةَ إِذْ كَانَتْ سَبَبَ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ مَوْجُودٌ فِي طِبَاعِ بَنِي آدَمَ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي أُولَئِكَ فَغَيْرُهُمْ أَحْرَى بِأَنْ يُسَامِحَ فِي ذَلِكَ وَشِبْهِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَسَلَمَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ

قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ وَاللَّهِ مَا كَانَتْ مُرَاجَعَتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ لِلنَّاسِ إِلَّا كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَشَاءَمَ النَّاسُ بِأَوَّلِ رَجُلٍ يَقُومُ مَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَبِي وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبُكَاءَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَقْطَعُهَا وَلَا يَضُرُّهَا إِذَا كَانَ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ أَوْ عَلَى مُصِيبَةٍ فِي دِينِ اللَّهِ ذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي وَلِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ يَعْنِي مِنَ الْبُكَاءِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْأَنِينِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ مَالِكٌ الْأَنِينُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ لِلْمَرِيضِ وَأَكْرَهُهُ لِلصَّحِيحِ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ النَّشِيجُ وَالْأَنِينُ وَالنَّفْخُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقْطَعُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ أَكْرَهُ الْأَنِينَ لِلصَّحِيحِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ كَانَ لَهُ حُرُوفٌ تُسْمَعُ وَتُفْهَمُ قَطَعَ الصَّلَاةَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ كَانَ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ لَمْ يَقْطَعْ وَإِنْ كان من وجع قطع وروي أَبِي يُوسُفَ أَنَّ صَلَاتَهُ تَامَّةٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مَرِيضٌ وَلَا ضَعِيفٌ مِنَ الْأَنِينِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ مَعَ حَدِيثِ ابْنِ الشَّخِّيرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبُكَاءَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ كَلَامًا تُفْهَمُ حُرُوفُهُ وَلَمْ يَكُنْ ضَعْفًا وَعَبَثًا وَكَانَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ فِيمَا أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَجَلَّ وَبِهِ التوفيق

الحديث الحادي عشر

حَدِيثٌ حَادِيَ عَشَرَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن عَائِشَةَ قَالَتْ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَابَةَ قَالَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنِي الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ بَوْلُ الْغُلَامِ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَبَوْلُ الْجَارِيَةِ يُغْسَلُ طَعِمَتْ أَوْ لَمْ تَطْعَمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَوَى حُمَيْدٌ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ فِي بَوْلِ الْجَارِيَةِ يُغْسَلُ غَسْلًا وَبَوْلُ الْغُلَامِ يُتْبَعُ بِالْمَاءِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَكُونُ الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ فِي هَذَا الكتاب كلها غَيْرَ مُتَدَافِعَةٍ وَلَا مُتَضَادَّةً وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ آثَارِ هَذَا الْبَابِ وَمَعَانِيهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الكتاب

الحديث الثاني عشر

حَدِيثٌ ثَانِيَ عَشَرَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ بُصَاقًا أَوْ مُخَاطًا أَوْ نُخَامَةً فَحَكَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُقَالُ إِنَّ الْبُصَاقَ مَا خَرَجَ مِنَ الْفَمِ وَفِيهِ لُغَتَانِ بُصَاقٌ وَبُزَاقٌ وَالْمُخَاطُ مَا خَرَجَ مِنَ الْأَنْفِ وَالنُّخَامَةُ مَا خَرَجَ مِنَ الْحَلْقِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِنَجِسٍ وَلَكِنَّ الْقِبْلَةَ يَجِبُ أَنْ تُنَزَّهَ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثٌ ثَالِثٌ عَشَرَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا حَائِضٌ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ فِيهِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ وَأَنَا فِي حُجْرَتِي حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ

هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْرِجُ إِلَيَّ رَأْسَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُجَاوِرٌ وَأَنَا فِي حُجْرَتِي فَأُرَجِّلُ رَأْسَهُ وَأَنَا حَائِضٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى الْعَمَلِ فِي الِاعْتِكَافِ وَمَا يَجْتَنِبُهُ الْمُعْتَكِفُ وَمَا لَا بَأْسَ عَلَيْهِ فِي عَمَلِهِ مُجَوَّدًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ مُبَاشَرَةَ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ لَيْسَتْ كَمُبَاشَرَةِ الرَّجُلِ لَهَا وَأَنَّ الْمَعْنَى المراد بالمباشرة ههنا الْجِمَاعُ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ لَيْسَتْ بِنَجِسٍ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ فَقَالَتْ إِنِّي حَائِضٌ فَقَالَ إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ بِيَدِكِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ رَبِيعَةَ وَفِي تَرْجِيلِ عَائِشَةَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حَائِضٌ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ لِأَنَّ اعْتِزَالَهُنَّ كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقْرَبْنَ فِي الْبُيُوتِ وَلَا يُجْتَمَعُ مَعَهُنَّ فِي مُوَاكَلَةٍ وَلَا مُشَارَبَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اعْتِزَالَ الْوَطْءِ لَا غَيْرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُبَاشَرَتَهُنَّ مُؤْتَزِرَاتٍ فَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَادَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا قَدْ أَوْضَحْنَاهُ وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي بَابِ رَبِيعَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ حُكْمِ طَهَارَةِ الْحَائِضِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ فِي حَدِيثِ الِاعْتِكَافِ وَذَكَرْنَا فِي بَابِ نَافِعٍ الحكم في الضوء بِسُؤْرِ الْمَرْأَةِ وَفَضْلِ وُضُوئِهَا وَالِاغْتِسَالِ مَعَهَا فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَمْرٌ صَحَّتْ بِهِ الْآثَارُ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانَ ذَا شَعْرٍ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ سَعْدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ كَانَ يُسْدِلُ نَاصِيَتَهُ ثُمَّ فَرَّقَ بَعْدُ

وَمَضَى الْقَوْلُ هُنَاكَ فِي شَعْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ تَرْجِيلِ الشَّعْرِ وَقَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ رَآهُ ثَائِرَ شَعْرِ الرَّأْسِ وَأَمَرَهُ بِتَسْكِينِ شَعْرِهِ وَتَرْجِيلِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ نَهَى عَنِ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ حَبْسِ الشَّعْرِ وَالْجُمَمِ وَالْوَفَرَاتِ وَالْحَلْقُ أَيْضًا مُبَاحٌ لِأَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حلق رؤوس بَنِي جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بَعْدَ أَنْ أَتَاهُ خَبَرُ قَتْلِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ لَمْ يَجُزِ الْحَلْقُ مَا حَلَقَهُمْ وَالْحَلْقُ فِي الْحَجِّ نُسُكٌ وَلَوْ كَانَ مِثْلَهُ كَانَ كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مَا جَازَ فِي الْحَجِّ وَلَا فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ فِي جَمِيعِ الْآفَاقِ عَلَى إِبَاحَةِ حَبْسِ الشَّعْرِ وَعَلَى إِبَاحَةِ الْحِلَاقِ وَكَفَى بِهَذَا حُجَّةً وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ آلَ جَعْفَرٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ يَعْنِي مِنْ مَوْتِ جَعْفَرٍ فَقَالَ لَا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ ادْعُوا لِي بَنِي أَخِي قَالَ فجيء فأغيلمة كَأَنَّهُمْ أَفْرُخٌ مُحَمَّدٌ وَعَوْنٌ وَعَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ ادْعُوا لِيَ الْحَلَّاقَ قَالَ فَجَاءَ الْحَلَّاقُ فَحَلَقَ رؤوسهم ثم

الحديث الرابع عشر

أَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ اللَّهِ فَأَشَالَهَا فَقَالَ اللَّهُمَّ أَخْلِفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ وَبَارِكْ لِعَبْدِ اللَّهِ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ فَجَاءَتْ أُمُّهُمْ فَقَالَ تَخَافِينَ عَلَيْهِمُ الْعَيْلَةَ وَأَنَا وَلِيُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ حَدِيثٌ رَابِعَ عَشَرَ لِهُشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ تَضْحَكُ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ ابن يَسَارٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ سَلَمَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَسَمَاعُ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ عَائِشَةَ صَحِيحٌ وَهُوَ أَسَنُّ مِنْ عُرْوَةَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِمْصِيُّ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صائم

الحديث الخامس عشر

حديث خامس عشر لهشام بن عروة ملاك عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ هَذَا أَثْبَتُ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي كَفَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي كَفَنِ الرَّجُلِ الْمَيِّتِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ حِبَرَةٍ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كُفِّنَ فِي رَيْطَتَيْنِ وَبُرْدٍ نَجْرَانِيٍّ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ أُخِّرَ عَنْهُ الْبُرْدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الأوزاعي قال حدثنا الزهري عن القسم بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أُدْرِجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبٍ حِبَرَةٍ ثُمَّ أُخِّرَ عَنْهُ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَهْلِ الْيَمَنِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا تُوُفِّيَ أَحَدُكُمْ فَوَجَدَ شَيْئًا فَلْيُكَفَّنْ فِي بُرْدٍ حِبَرَةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِيضٌ سَحُولِيَّةٌ فَالسَّحُولِيَّةُ ثِيَابُ قُطْنٍ تُصْنَعُ باليمن وَقِيلَ السَّحُولِيَّةُ الْبِيضُ قَالَ الْمُسَيَّبُ بْنُ عَلْسٍ ... فِي الْآلِ يَخْفِضُهَا وَيَرْفَعُهَا ... ... رِيعٌ يَلُوحُ كَأَنَّهُ سحل

وَالسَّحْلُ الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ يُشَبَّهُ الطَّرِيقُ بِهِ وَيُقَالُ سَحُولُ قَرْيَةٌ بِالْيَمْنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قال أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةَ قَالَتْ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ وَرَوَاهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَزَادَ مِنْ كُرْسُفٍ قَالَ فَذُكِرَ لِعَائِشَةَ قَوْلُهُمْ فِي ثَوْبَيْنِ وَبُرْدٍ حِبَرَةٍ فَقَالَتْ أُتِيَ بِالْبُرْدِ وَلَكِنَّهُمْ رَدُّوهُ وَلَمْ يُكَفِّنُوهُ فِيهِ وَكَذَلِكَ رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ هِشَامٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا مِنْ كُرْسُفٍ وَالْكُرْسُفُ الْقُطْنُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولٍ كُرْسُفٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حرب قال حدثنا حماد ابن سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ بَيْضٍ يَمَانِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَدْ أَعْطَاهُمْ حُلَّةً حِبَرَةً فَأَدْرَجُوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجُوهُ مِنْهَا قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حدثنا ابن المبارك عن هشام ابن عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذُكِرَ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ نَحْنُ أَعْلَمُ إِنَّمَا تِلْكَ الْحُلَّةُ كَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَرَادُوا أَنْ يُكَفِّنُوهُ فِيهَا فَلَمْ يَفْعَلُوا كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْآثَارُ الصِّحَاحُ تَرُدُّ حَدِيثَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ فِي قَمِيصُهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَحُلَّةٌ لَهُ نَجْرَانِيَّةٌ وَكَيْفَ يُكَفَّنُ فِي قَمِيصِهِ وَعَائِشَةُ تَقُولُ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَحَدِيثُهَا مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ أَثْبَتُ وَقَدْ بَانَتْ فِيهِ حُلَّةُ الْبَرْدِ وَأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ تَكْفِينُهُ فِيهِ فَهَذِهِ زِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا وَالْمَصِيرُ إِلَيْهَا أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَأَكْثَرُهُمْ يَسْتَحِبُّونَ فِي الْكَفَنِ مَا في هذا الحديث وكلهم لا يرون فِي الْكَفَنِ شَيْئًا وَاجِبًا لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَمَا كُفِّنَ فِيهِ الْمَيِّتُ مِنْهَا يُوَارِي عَوْرَتَهُ وَيَسْتُرُهُ أَجْزَأَ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْسَ فِي كَفَنِ الْمَيِّتِ حَدٌّ وَيُسْتَحَبُّ الْوَتْرُ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُكَفَّنَ الرَّجُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَيُعَمَّمُ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُكَفَّنَ فِي أَقَلِّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَدْنَى مَا تُكَفَّنُ فِيهِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ وَالسُّنَّةُ فِيهَا خَمْسَةٌ وَالرَّجُلُ فِي ثَوْبَيْنِ وَالسُّنَّةُ فِيهِ ثَلَاثَةٌ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ يُكَفَّنُ الرَّجُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَالْمَرْأَةُ فِي خَمْسَةٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يُجَاوِزَ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ فِي كَفَنِ الْمَرْأَةِ وَالثَّوْبُ يُجْزِئُ وَاسْتَحَبَّ ابْنُ عُلَيَّةَ الْقَمِيصَ فِي الْكَفَنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ كُلُّهُ اسْتِحْسَانٌ وَالْأَصْلُ مَا ذَكَرْتُ لَكَ وَقَدْ كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي ثَوْبَيْنِ وَثَوْبٍ كَانَ يَلْبَسُهُ باليا رواه عبد الرحمان بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ وَهُشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعَمِّمُ الْمَيِّتَ وَيُسْدِلُ طَرَفَ الْعِمَامَةِ عَلَى وَجْهِهِ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَعَبْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَرَوَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي قَالَ الْمَيِّتُ يُقَمَّصُ وَيُؤَزَّرُ وَيُلَفُّ فِي الثِّيَابِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ لُفَّ فِيهِ وَرَوَى أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَفَّنَ ابْنَهُ وَاحِدًا فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصٍ وَثَلَاثِ لَفَائِفَ وَعِمَامَةٍ وَعَمَّمَهُ مِنْ تَحْتِ لِحْيَتِهِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ حَمْزَةَ كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَأَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ كَفَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَهَذَا كُلُّهُ يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ مَا حُدَّ مِنَ الْعَدَدِ فِي الْكَفَنِ اسْتِحْسَانٌ وَاسْتِحْبَابٌ فَمَنْ وَجَدَ فَلْيَسْتَعْمِلْ مَا اسْتَحَبُّوا وَمَنْ لَمْ يَجِدْ أَجَزْأَهُ مَا سَتَرَهُ

وَقِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَلَا تَشْتَرِي لَكَ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ الْحَيُّ أَحْوَجُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ إِنَّمَا هُوَ لِلْمِهْلَةِ كَفِّنُونِي فِي ثَوْبِي هَذَا وَاغْسِلُوهُ وَكَانَ بِهِ مِشْقٌ مَعَ ثَوْبَيْنِ آخَرَيْنِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْمِهْلَةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ صَدِيدُ الْجَسَدِ وَالْمُهْلَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ عَكَرُ الزَّيْتِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ وَالْمُهْلَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ التَّمَهُّلُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ الْمُحَارِبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ لَا تُغَالُوا فِي كَفَنٍ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تُغَالُوا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ اسْتَحَبَّ مَالِكٌ أَنْ يُعَمَّمَ الْمَيِّتُ وَزَعَمَ أَصْحَابُهُ أَنَّ الْعِمَامَةَ عِنْدَهُمْ مَعْرُوفَةٌ بِالْمَدِينَةِ فِي كَفَنِ الرَّجُلِ قَالُوا وَكَذَلِكَ الْخِمَارُ لِلْمَرْأَةِ وَكَذَلِكَ اسْتَحَبَّ مَالِكٌ أَيْضًا أَنْ يُقَمَّصَ الْمَيِّتُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ أَحَبُّ الْكَفَنِ إِلَيَّ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ لَفَائِفُ بِيضٌ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ فَإِنَّ ذَلِكَ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَارَهُ لَهُ أَصْحَابُهُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ (لَمْ) يَجِدْ أَنْ يَنْقُصَ الْمَيِّتَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يُدْرَجُ فِيهَا إِدْرَاجًا لَا يَجْعَلُ له إزار وَلَا عِمَامَةً وَلَكِنْ يُدْرَجُ كَمَا

أُدْرِجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ الرَّجُلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَيَنْبَغِي لِمَنْ يَجِدُ أَنْ لَا يَنْقُصَ الْمَرْأَةَ مِنْ خَمْسَةِ أَثْوَابٍ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَثَلَاثُ لَفَائِفَ أَمَّا الْخِمَارُ فَيُخَمِّرُ بِهِ رَأْسَهَا وَأَمَّا الدِّرْعُ فَيَفْتَحُ فِي وَسَطِهِ ثُمَّ تَلْبَسُهُ وَلَا يُخَاطُ فِي جَوَانِبِهِ وَأَحَدُ اللَّفَائِفِ يُلَفُّ عَلَى حُجْزَتِهَا وَفَخْذَيْهَا حَتَّى يَسْتَوِيَ ذَلِكَ مِنْهَا بِسَائِرِ جَسَدِهَا ثُمَّ تُدْرَجُ فِي اللِّفَافَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ كَمَا يُدْرَجُ الرَّجُلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا اللِّفَافَةُ الَّتِي تُلَفُّ عَلَى حُجْزَتِهَا فَهُوَ الْمِئْزَرُ الَّذِي تَشْعُرُ بِهِ يَلِي جِلْدَهَا وَهُوَ النِّطَاقُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْكَفَنَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ يُجْبَرُ الْغُرَمَاءُ وَالْوَرَثَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ تَكُونُ مِنْ أَوْسَطِ ثِيَابِهِ الَّتِي كَانَتْ تُتْرَكُ عَلَيْهِ لَوْ أَفْلَسَ قَالَ أَبُو عُمَرَ خَيْرُ مَا كُفِّنَ فِيهِ الْمَوْتَى الْبَيَاضُ مِنَ الثِّيَابِ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ خَيْرُ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضُ فَكَفِّنُوا فِيهَا أَمْوَاتَكُمْ وَلِيَلْبَسْهَا أَحْيَاؤُكُمْ وَالْحِبَرَةُ مَحْمُودٌ أَيْضًا فِي الْكَفَنِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ الْخَزُّ وَالْحَرِيرُ وَالثَّوْبُ الرَّقِيقُ الَّذِي يَصِفُ وَالْمَصْبُوغُ كُلُّهُ غَيْرُهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَمَا كُفِّنَ فِيهِ الْمَيِّتُ مِمَّا سَتَرَ الْعَوْرَةَ وَوَارَى أَجْزَأَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث السادس عشر

حَدِيثٌ سَادِسَ عَشَرَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ أَصُومُ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو وَقَالَ سَائِرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصُومُ فِي السَّفَرِ وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ كَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ هِشَامٍ مِنْهُمُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَيَحْيَى بْنُ هَاشِمٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ وَعَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَوَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ والليث بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ كُلُّهُمْ رَوَوْهُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ كَمَا رَوَاهُ جُمْهُورُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدَنِيُّ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَالْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ سَوَاءً حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ قَالَ جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ أَصُومُ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ قَالَ إِنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ

وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ قَالَ أَخْبَرَنِي عمرو بن الحرث عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ جُنَاحٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسُنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فَهَذَا أَبُو الْأَسْوَدِ وَهُوَ ثَبَتٌ فِي عُرْوَةَ وَغَيْرِهِ قَدْ خَالَفَ هِشَامًا فَجَعَلَ الْحَدِيثَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ عَنْ حَمْزَةَ وَهُشَامٌ يَجْعَلُهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ يَحْيَى لَيْسَتْ بِخَطَأٍ وَقَدْ رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ وَسِنُّهُ قَرِيبٌ مِنْ سِنِّ عُرْوَةَ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ لِعُرْوَةَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عُرْوَةُ سَمِعَهُ مِنْ عَائِشَةَ وَمِنْ أَبِي مُرَاوِحٍ جَمِيعًا عَنْ حَمْزَةَ فَحَدَّثَ بِهِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَرْسَلَهُ أَحْيَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّخْيِيرُ لِلصَّائِمِ فِي رَمَضَانَ إِنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَ فِي سَفَرِهِ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُفْطِرَ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ مِنْ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي هَذَا الْبَابِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ دَعَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَسَأَلَهُمَا عَنِ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ عُرْوَةُ يَصُومُ وَقَالَ سَالِمٌ لَا يَصُومُ فَقَالَ عُرْوَةُ إِنَّمَا أُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ وقال سالم

الحديث السابع عشر

إِنَّمَا أُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ فَلَمَّا امْتَرَيَا قَالَ عُمَرُ اللَّهُمَّ غَفْرًا صُمْهُ فِي الْيُسْرِ وَأَفْطِرْهُ فِي الْعُسْرِ وَقَدْ بَيَّنَّا مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنَ التَّنَازُعِ بَيْنَ السَّلَفِ وَمَا فِيهَا بَيْنَ الْخَلَفِ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الْأَفْضَلِ مِنَ الصَّوْمِ أَوِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ فِي رَمَضَانَ وَأَوْضَحْنَا الْمَعَانِيَ فِي ذَلِكَ وَبَسَطْنَاهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مِنْهَا بَابُ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَبَابُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَبَابُ سُمَيٍّ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ لَا شَرِيكَ لَهُ حَدِيثٌ سَابِعَ عشر لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن عائشة قالت كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ هُوَ الْفَرِيضَةَ وَتُرِكَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ اخْتُلِفَ فِي أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يَجِبُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ كُلَّهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عبد الرحمان مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنْ لَا فَرْضَ فِي الصَّوْمِ غَيْرُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَعَلَى أَنَّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مَنْدُوبٌ إِلَى صَوْمِهِ وَأَنَّ لَهُ فَضْلًا

عَلَى غَيْرِهِ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَمَعْنَى قَوْلِ عَائِشَةَ وَتُرِكَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ أَيْ تُرِكَ صَوْمُهُ عَلَى الْإِيجَابِ إِذْ لَا فَرْضَ غَيْرُ رَمَضَانَ وَمِثْلُ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ كَانَ يَوْمًا يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْهُ وَهَذَا إِسْنَادٌ غَرِيبٌ لِمَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا أَعْلَمُهُ لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مالك حدثناه عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ قال حدثنا أحمد بن شعيب عن الحرث بْنِ مِسْكِينٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَهُوَ مَحْفُوظٌ لِنَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ فَرْضَ صِيَامِ رَمَضَانَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ بَدْرٍ وَقَدْ صَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْظِيمًا لَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ رَوَى الْحُمَيْدِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي لَبِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ مَا عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ يَوْمًا تَحَرَّى فَضْلَهُ عَلَى الْأَيَّامِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ صُمْنَا التَّاسِعَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ وَغَيْرَهُ مما يدل عل فَضْلِهِ وَذَكَرْنَا مَذَاهِبَ الْعُلَمَاءِ فِي صَوْمِهِ وَاهْتِبَالَهُمْ بِهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عبد الرحمان والحمد لله

الحديث الثامن عشر

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير قال حدثنا أحمد ابن يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا آمَرَ بِصَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَبِي مُوسَى يَعْنِي الْأَشْعَرِيَّ حَدِيثٌ ثَامِنَ عَشَرَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أنه قال قلت لعائشة أم المؤمنين وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ أَرَأَيْتِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا فَمَا عَلَى الرَّجُلِ شَيْءٌ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا قَالَتْ عَائِشَةُ كَلَّا لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَكَانَتْ فَلَا جَنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْأَنْصَارِ كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بهما

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ مَنَاةُ حَجَرٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْبُدُونَهُ وَكَانَ فِي الْمُشَلَّلِ الْجَبَلِ الَّذِي تَصْدُرُ مِنْهُ إِلَى قُدَيْدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ قَوْلِ عَائِشَةَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْحَجِّ وَقَدْ بَيَّنَتْ عَائِشَةُ مَعْنَى نُزُولِ الْآيَةِ وَمَخْرَجَهَا وَجَاءَتْ بِالْعِلْمِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ وَعَلَى قَوْلِهَا عَلَى وُجُوبِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُ إِنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَاجِبٌ فَرْضًا وَعَلَى مَنْ نَسِيَهُ أَوْ نَسِيَ شَوْطًا وَاحِدًا مِنْهُ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَيْهِ حَيْثُ ذَكَرَهُ فِي بَلَدِهِ أَوْ غَيْرِ بَلَدِهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ كَامِلًا كَمَنْ نَسِيَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ سَوَاءٌ أَوْ نَسِيَ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي وُجُوبِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْعِرَاقِيُّونَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ إِلَّا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِنَّ عَمَلَ الْحَجِّ يَنُوبُ فِيهِ التَّطَوُّعُ عَنِ الْفَرْضِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ عَنْهُمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ إِلَى مَا ذَكَرْنَا وَهُوَ مَذْهَبُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَمَذْهَبُ عُرْوَةَ وَغَيْرِهِ وَكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَقُولُونَ هُوَ تَطَوُّعٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ لِأَنَّ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ (وَمُصْحَفِ) ابْنِ مَسْعُودٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا

الحديث التاسع عشر

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ مَنْ تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ إِلَّا أَنَّ تَلْخِيصَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ إِنْ طَافَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ وَتَرَكَ ثَلَاثَةً فَعَلَيْهِ إِطْعَامُ ثَلَاثَةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ وَإِنْ تَرَكَ شَوْطَيْنِ أَطْعَمَ مِسْكِينَيْنِ كَذَلِكَ نِصْفُ صَاعٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ تَرَكَ شَوْطًا وَاحِدًا أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَعَامُهُ هَذَا يَبْلُغُ دَمًا فَإِنْ بَلَغَ دَمًا أَطْعَمَ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ فَأَجْزَى عَنْهُ وَإِنْ تَرَكَ السَّعْيَ كُلَّهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْحَجِّ نَاسِيًا أَوْ فِي الْعُمْرَةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ فِي هَذَا الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ عَلَى مَنْ تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عُمْرَةٌ وَاخْتُلِفَ عَنْ عَطَاءٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ عَلَيْهِ دَمٌ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ إِنْ شَاءَ أَطْعَمَ مَسَاكِينَ وَإِنْ شَاءَ ذَبَحَ شَاةً فَأَطْعَمَهَا الْمَسَاكِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُجَوَّدَةً مُمَهَّدَةً مَبْسُوطَةً بِمَا فِيهَا مِنَ الْحُجَّةِ لِمَنْ قَالَ بِقَوْلِنَا مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ إِذْ لَا مَدْخَلَ فِيهَا لِلنَّظَرِ فِي بَابِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِنْ كِتَابِنَا هذا فكرهنا إعادة ذلك ههنا تَاسِعَ عَشَرَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ذَكَرَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ فَقِيلَ إِنَّهَا قَدْ حاضت فقال رسول الله

الحديث العشرون

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّهَا حَابِسَتُنَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قَدْ طَافَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا إِذًا هَذَا حَدِيثٌ لَا خِلَافَ بَيْنِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ فِي الْقَوْلِ بِهِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا حَاضَتْ بَعْدَ طَوَافِهَا بِالْبَيْتِ طَوَافِهَا لِلْإِفَاضَةِ أَنَّهَا تَنْفِرُ وَلَا تَنْتَظِرُ طُهْرَهَا لِطَوَافِ الْوَدَاعِ وَأَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ سَاقِطٌ عَنْهَا وَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهَا وَلَا يَحْبِسُ عَلَيْهَا كَرْيٌ وَلَا غَيْرُهُ اتِّبَاعًا لِهَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَمَا فِيهَا عَنِ السَّلَفِ وَمَا يَجِبُ فِي الْمَرْأَةِ لَوْ كَانَ حَيْضُهَا قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَمَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَوُجُوهَهُ مُمَهَّدًا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حديث موفي عِشْرِينَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أُمِّي افْتَلَتَتْ نَفْسَهَا وَأَرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا مُجْتَمَعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِمَعْنَاهُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ صَدَقَةَ الْحَيِّ عَنِ الْمَيِّتِ جَائِزَةٌ مَرْجُوٌّ نَفْعُهَا وَقَبُولُهَا إِذَا كَانَتْ مِنْ طيب فإن

الحديث الحادي والعشرون

اللَّهَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا الطَّيِّبَ وَلَيْسَ الصَّدَقَةُ عِنْدَهُمْ مِنْ بَابِ عَمَلِ الْبَدَنِ فِي شَيْءٍ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ عَنْ أَحَدٍ وَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ وَلِيِّهِ وَعَنْ غَيْرِهِ وَهَذَا مِمَّا ثَبَتَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَلَمْ تَخْتَلِفْ فِيهِ الْأُمَّةُ وَيَقُولُونَ إِنَّ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي قِصَّةِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَصَدَقَتِهِ عَنْ أُمِّهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ افْتَلَتَتْ نَفْسَهَا فَإِنَّهُ أَرَادَ اخْتَلَسَتْ نَفْسَهَا وَمَاتَتْ فَجْأَةً قَالَ الشَّاعِرُ ... مَنْ يَأْمَنِ الْأَيَّامَ بَعْدَ صَبِيرَةِ الْقُرَشِيِّ مَاتَا ... سَبَقَتْ مَنِيَّتُهُ الْمَشِيبَ وَكَانَ مِيتَتُهُ افْتِلَاتَا ... وَقَالَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ ... فَإِنْ تَفْتَلِتْهَا فَالْخِلَافَةُ تَنْفَلِتْ ... بِأَكْرَمِ عِلْقَيْ مِنْبَرٍ وَسَرِيرِ ... وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ شَاذَانَ سَأَلْتُ أَبَا زَيْدٍ النَّحْوِيَّ عَنْ قَوْلِ عُمَرَ كَانَتْ بَيْعَةُ أبي بكر فلتة فقال أراد فجأة وأنشد قَوْلَ الشَّاعِرِ وَكَانَ مِيتَتُهُ افْتِلَاتًا قَالَ وَتَقُولُ الْعَرَبُ إِذَا رَأَتِ الْهِلَالَ بِغَيْرِ قَصْدٍ إِلَى ذَلِكَ رَأَيْتُ الْهِلَالَ فَلْتَةً حَدِيثٌ حَادٍ وَعِشْرُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألته عن

ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّهُ عَمُّكِ فَأْذَنِي لَهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ فَقَالَ إِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ قَالَتْ عَائِشَةُ وَذَلِكَ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ هَذَا أَبْيَنُ حَدِيثٍ فِي تَحْرِيمِ لَبَنِ الْفَحْلِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ عَائِشَةَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ وَالرَّجُلُ هُوَ أَبُو الْقُعَيْسِ وَالْمُسْتَأْذِنُ عَلَى عَائِشَةَ هُوَ أَخُوهُ أَفْلَحُ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ بَعْدَ أَنْ ضرب الحجاب وذكر الحديث على حسبما مَضَى ذِكْرُهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ فَأَبُو الْقُعَيْسِ هُوَ الَّذِي أَرْضَعَتِ امْرَأَتُهُ عَائِشَةَ فَصَارَتْ أُمًّا لَهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ وَصَارَ هُوَ أَبَاهَا لِأَنَّ اللَّبَنَ مِنْهُ تَوَلَّدَ وَجَاءَ أَخُوهُ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا وَهُوَ أَخُو أَبِيهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ فَظَنَّتْ عَائِشَةُ أَنَّ اللَّبَنَ لَيْسَ مِنَ الْفَحْلِ فَقَالَتْ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ تُرِيدُ وَلَيْسَ هَذَا أَخَا الْمَرْأَةِ فَيَكُونُ عَمِّي أَوْ خَالِي وَإِنَّمَا هُوَ أَخُو زَوْجِهَا فَأَخْبَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَمُّهَا لِأَنَّ أَخَاهُ أَبُوهَا بِإِرْضَاعِ زَوْجَتِهِ إِيَّاهَا وَهَذَا بَيِّنٌ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ والثوري والليث وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الحديث

قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ اسْتَأْذَنَ أَفْلَحُ بْنُ قُعَيْسٍ أَوِ ابْنُ أَبِي قُعَيْسٍ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَ إِنِّي عَمُّكِ أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي فَأَبَتْ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ فَقَالَ ائْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قاسم قال أخبرنا أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابن نَصْرِ بْنِ بِحِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحِ بْنِ أُسَامَةَ الذُّهْلِيُّ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ أَفْلَحُ بْنُ أَبِي الْقُعَيْسِ قَالَتْ فَاسْتَتَرَتْ مِنْهُ فَقَالَ أَتَسْتَتِرِينَ مِنِّي وَأَنَا عَمُّكِ قال مِنْ أَيْنَ قَالَ أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي قَالَتْ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ إِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ وَأَخْبَرَنَا خلف حدثنا أبو الطاهر حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا محمد ابن كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرِبَتْ يَدَاكَ فِي هَذَا الحديث أو ما عَلِمْتَ أَنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ فَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا إِلَى أَنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ قَالَ بِالْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا مِنَ الْعُلَمَاءِ وَذَكَرْنَا الْحُجَّةَ لِكُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ وَمَا نَزَعُوا بِهِ لِمَذَاهِبِهِمْ وَذَكَرْنَا الْوَجْهَ الْمُخْتَارَ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَا وَافَقَ هَذَا الْحَدِيثَ وَشِبْهَهُ مِنَ السُّنَنِ وَأَوْضَحْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ وَمَهَّدْنَاهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَمْ نَرَ لِتَكْرِيرِ ذلك ههنا وَجْهًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثاني والعشرون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَعِشْرُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الرِّقَابِ أَيُّهَا أَفْضَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو الْمُصْعَبِ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَرُوحُ بْنُ عُبَادَةَ وَحَدَّثَ بِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الرِّقَابِ وَهُوَ عِنْدَنَا فِي مُوَطَّأِ أَبِي الْمُصْعَبِ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ قَوْمٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا لَمْ يَذْكُرُوا عَائِشَةَ وَرَوَاهُ أَصْحَابُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ غَيْرَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ أَصْلُهُ عِنْدَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَلَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِ هِشَامٍ يُخَالِفُونَهُ فِي الْإِسْنَادِ جَعَلَهُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا هَكَذَا قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ وَحْدَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَبِيبٍ مَوْلَى عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ قَالَ فَأَيُّ الْعَتَاقَةِ أَفْضَلُ قَالَ أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَجِدْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ

فَتُعِينُ الضَّائِعَ أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ قَالَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ قَالَ تَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّكَ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِهَا عَنْ نَفْسِكَ هكذا رواه يونس بن عبد الأعلى والحرث بْنُ مِسْكِينٍ وَجَمَاعَةُ أَصْحَابِ ابْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَتَابَعَهُ الْبَرْمَكِيُّ عَنْ مَعْنٍ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَبِيبٍ مَوْلَى عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مِثْلَ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ سَوَاءٌ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد قال حدثنا محمد ابن فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حدثنا مطرف قال حدثنا مالك ابن أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ فَقَالَ أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنِي أبي قال حدثنا محمد ابن قَاسِمٍ وَالْحَسَنُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ الْمَقْدِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ ابْنُ الْجَارُودِ وَحَدَّثَنَا مَسْرُورُ بْنُ نُوحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ

قَالَ ابْنُ الْجَارُودِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الرِّقَابِ أَيُّهَا أَفْضَلُ فَقَالَ أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا قَالَ ابْنُ الْجَارُودِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ عَنْ عَائِشَةَ غَيْرَ مَالِكٍ قَالَ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَوَكِيعٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ الثَّوْرِيِّ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسِبْتُهُ قَالَ أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ أَنَا أَشُكُّ قَالَ أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَمَّا حَدِيثُ الْقَطَّانِ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ أَبَا مُرَاوِحٍ الْغِفَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ أَخْبَرَهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ قَالَ فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَحَدَّثْنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي

الحديث الثالث والعشرون

أَبِي عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ الْغِفَارِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ قُلْتُ فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَذَكَرَهُ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا محمد بن أبان القرشي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَكَذَا رَوَاهُ حَبِيبٌ كَاتِبُ مَالِكٍ وَسَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ الزُّبَيْدِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أبي مرواح عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى يُشْكِلُ وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى الْقَوْلِ فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَبِهِ التَّوْفِيقُ حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَعِشْرُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْ بَرِيرَةُ فَقَالَتْ إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تسع أواقي فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ فَأَعِينِينِي فَقَالَتْ عَائِشَةُ إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا فَقَالَتْ لَهُمْ ذَلِكَ فَأَبَوْا عَلَيْهَا فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فَقَالَتْ لِعَائِشَةَ إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ

يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا فَأَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْكَلَامُ فِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ قَدْ سَبَقَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَيْهِ وَأَكْثَرُوا فِيهِ مِنَ الِاسْتِنْبَاطِ فَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّدَ وَمِنْهُمْ مَنْ خَلَّطَ وَأَتَى بِمَا لَيْسَ لَهُ مَعْنَى كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ فِيهِ إِبَاحَةُ الْبُكَاءِ فِي الْمَحَبَّةِ لِبُكَاءِ زَوْجِ بَرِيرَةَ وَفِيهِ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ بَعْدَ الْغَضَبِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ أَكْلِ الْمَرْأَةِ مَا تُحِبُّ دُونَ بَعْلِهَا وَفِيهِ إِبَاحَةُ سُؤَالِ الرَّجُلِ عَمَّا يَرَاهُ فِي بَيْتِهِ مِنْ طَعَامٍ إِلَى كَثِيرٍ مِنْ مِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي لَا مَعْنَى لَهُ فِي الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَنَحْنُ بحمد الله وعونه نذكر ههنا مَا فِي حَدِيثِهَا مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي تُوجِبُهُ أَلْفَاظُهُ وَنُبَيِّنُ مَا رُوِيَ مِمَّا يُعَارِضُهُ وَيُوَافِقُهُ وَنُوَضِّحُ الْقَوْلَ فِيهِ بِمَبْلَغِ عِلْمِنَا عَلَى مَذَاهِبِ أَهْلِ الْعِلْمِ مُخْتَصَرًا كَافِيًا إِلَى مَا قَدَّمْنَا مِنَ الْقَوْلِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِ حَدِيثِ بَرِيرَةَ فِي بَابِ رَبِيعَةَ وَبِاللَّهِ عَوْنُنَا لَا شريك له

فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ اسْتِعْمَالُ عُمُومِ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ فَكَاتِبُوهُمْ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْأَمَةُ ذَاتُ الزَّوْجِ وَغَيْرُهَا لِأَنَّ بَرِيرَةَ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ خُيِّرَتْ تَحْتَهُ إِذْ أُعْتِقَتْ وَفِيهِ جَوَازُ كِتَابِةِ الْأَمَةِ دُونَ زَوْجِهَا وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ زَوْجَهَا لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنَ الْبَيْعِ فِي كِتَابَتِهَا وَلَوِ اسْتَدَلَّ مُسْتَدِلٌّ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى بِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَ عليها خدمة زَوْجِهَا كَانَ حَسَنًا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ زَوْجَ الْأَمَةِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنَ الكتابة التي تؤول إِلَى عِتْقِهَا وَفِرَاقِهَا لَهُ كَمَا أَنَّ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ عِتْقُ أَمَتِهِ تَحْتَ الْعَبْدِ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى إِبْطَالِ نِكَاحِهِ وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ أَمَتَهُ مِنْ زَوْجِهَا الْحُرِّ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ بُطْلَانُ نِكَاحِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ نِكَاحِ الْعَبْدِ الْحُرَّةَ لِأَنَّهَا إِذَا خُيِّرَتْ فاختارته بقيت مَعَهُ وَهِيَ حُرَّةٌ وَهُوَ عَبْدٌ وَفِيهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ جَائِزٌ لَهُ السُّؤَالُ وَالسَّعْيُ فِي كِتَابَتِهِ وَالتَّكَسُّبُ بِذَلِكَ وَجَائِزٌ لِسَيِّدِهِ أَنْ يُكَاتِبَهُ وَهُوَ لَا شَيْءَ مَعَهُ أَلَا تَرَى أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ عَائِشَةَ تُخْبِرُهَا بِأَنَّهَا كَاتَبَتْ أَهْلَهَا وَسَأَلَتْهَا أَنْ تُعِينَهَا وَذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّلِ كِتَابَتِهَا قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَ مِنْهَا شَيْئًا كَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ روى ابن وهب عن يونس والليث عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ بَرِيرَةُ إِلَيَّ فَقَالَتْ يَا عَائِشَةُ إني كاتبت أهلي على تسع أواقي فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ فَأَعِينِينِي وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أُعْطِيَهُمْ ذَلِكَ جَمِيعًا وَيَكُونُ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا فَعَرَضَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا وَقَالُوا إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لَنَا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ مِنْهَا ابْتَاعِي وَأَعْتِقِي فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَفَعَلَتْ وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ

رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَفِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ لَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا حَتَّى جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى إِجَازَةِ كِتَابَةِ الْأَمَةِ وَهِيَ غَيْرُ ذَاتِ صَنْعَةٍ وَلَا حِرْفَةٍ وَلَا مَالٍ إِذْ ظَاهِرُ هَذَا الْخَبَرِ أَنَّهَا ابْتَدَأَتْ بِالسُّؤَالِ مِنْ حِينِ كُوتِبَتْ وَلَمْ يَقُلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَمِعَ أَنَّهَا كُوتِبَتْ هَلْ لَهَا كَسْبٌ يُعْلَمُ أَوْ عَمَلٌ وَاجِبٌ أَوْ مَالٌ وَلَوْ كَانَ هَذَا وَاجِبًا لَسَأَلَ عَنْهُ لِيَقَعَ حُكْمُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بُعِثَ مُبَيِّنًا وَمُعَلِّمًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا يُبَيِّنُ مَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كَسْبِ الْأَمَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا عَمَلٌ وَاجِبٌ أو كسب يُعْرَفَ وَجْهُهُ وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن سب الْإِمَاءِ وَهَذَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ يَكُونُ خَوْفًا عَلَيْهِنَّ أَنْ يَكْتَسِبْنَ بِفُرُوجِهِنَّ وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عِكْرِمَةَ بن عمار عن طارق بن عبد الرحمان القرشي قَالَ جَاءَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ إِلَى مَجْلِسِ الْأَنْصَارِ فَقَالَ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الْأَمَةِ إِلَّا مَا عملت بيدها

وَقَالَ هَكَذَا بِأَصَابِعِهِ نَحْوَ الْخُبْزِ وَالْغَزْلِ وَالنَّفْشِ وَهَذَا نَحْوُ مَا جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يَكْتَسِبْنَ بِفُرُوجِهِنَّ عَلَى مَا كُنَّ يَصْنَعْنَ بِإِذْنِ مَوَالِيهِنَّ وَبِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْبِغَاءِ وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ فَلَيْسَتْ مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ لِأَنَّهَا قَدْ أُبِيحَ لَهَا السُّؤَالُ لِانْفِرَادِهَا بِكَسْبِهَا دُونَ مَوَالِيهَا وَنَدَبَ النَّاسَ إِلَى عَوْنِ الْمُكَاتَبِينَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ فَكِّ الرِّقَابِ مِنَ الرِّقِّ وَسَنُبَيِّنُ هَذَا وَنُوَضِّحُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا تجوز كتابة المكاتب حتى يكون له ما وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا قَالَ الْمَالُ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ الْمَالُ وَالصَّلَاحُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْغِنَى وَالْأَدَاءُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ حِرْفَةٌ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِي قَوْلِهِ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا قَالَ صِدْقًا وَوَفَاءً وَقَالَ عِكْرِمَةُ قُوَّةً وَقَالَ الثَّوْرِيُّ دِينًا وَأَمَانَةً وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذا جمع القوة على الاكتساب والأمانة قال الشافعي وليس الخير ههنا الْمَالَ فِي الظَّاهِرِ لِمَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَالَ يَكُونُ عِنْدَهُ لَا

فِيهِ وَالثَّانِي أَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ فَكَيْفَ يُكَاتِبُهُ بِمَالِهِ وَلَكِنْ يَكُونُ فِيهِ الِاكْتِسَابُ الَّذِي يُفِيدُهُ الْمَالُ قَالَ وَسَوَاءٌ ذُو الصَّنْعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ وَذَكَرَ الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ قَدْ يَكُونُ قَوِيًّا عَلَى الْأَدَاءِ بِمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فِيهَا لِلرِّقَابِ وَهُمْ عِنْدَنَا الْمُكَاتَبُونَ قَالَ وَلِهَذَا لَمْ أكره كتابة الأمة غير ذَاتَ الصَّنْعَةِ مَعَ رَغْبَةِ النَّاسِ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُكَاتَبِينَ تَطَوُّعًا قَالَ وَلَا تُشْبِهُ الْكِتَابَةُ أَنْ تُكُلَّفَ الْأَمَةُ الْكَسْبَ لِأَنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا حِينَئِذٍ فِي الصَّدَقَاتِ وَلَا رَغْبَةَ لِلنَّاسِ فِي الصَّدَقَةِ عَلَيْهَا كَرَغْبَتِهِمْ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ وَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ الْحَسَنِ وَعِنْدَهُ أَخُوهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنٍ فَتَذَاكَرْنَا هَذِهِ الْآيَةَ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا فَقَالَ سَعِيدٌ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ فَكَاتِبْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ فَلَا تُعَلِّقْهُ صَحِيفَةً يَغْدُو بِهَا عَلَى النَّاسِ وَيَرُوحُ فَيَسْأَلُهُمْ فَيُحْرِجُهُمْ فَيُؤَثِّمُهُمْ فَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا صِدْقًا وَأَمَانَةً مَنْ أَعْطَاهُ كَانَ مَأْجُورًا وَمَنْ سُئِلَ فَرَدَّ خَيْرًا كَانَ مَأْجُورًا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَخَّصَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي مُكَاتَبَةِ مَنْ لَا حِرْفَةَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَكَرِهَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ مُكَاتَبَةَ مَنْ لَا حِرْفَةَ لَهُ وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ وَمَسْرُوقٍ وَالْحُجَّةُ فِي السُّنَّةِ لَا فِيمَا خَالَفَهَا وَفِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا أَنَّهُ الْكَسْبُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يسأل

بَرِيرَةَ أَمَعَكِ مَالٌ أَمْ لَا وَلَمْ يَنْهَهَا عَنِ السُّؤَالِ وَقَدْ يَكُونُ الْكَسْبُ بِالْمَسْأَلَةِ وَقَدْ قيل المسألة آخر كسب الْمُؤْمِنِ وَقَدْ كُوتِبَتْ بَرِيرَةُ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهَا كسب وَاجِبٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى إِجَازَةِ أَخْذِ السَّيِّدِ نُجُومَ الْمُكَاتَبِ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ لِتَرْكِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهًا عَنْ مَسْأَلَةِ عَائِشَةَ إِذْ كَانَتْ تَسْتَعِينُهَا فِي أَدَاءِ نَجْمِهَا وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ من كره كتابة الْمُكَاتَبَ الَّذِي يَسْأَلُ النَّاسَ وَقَالَ تُطْعِمُنِي أَوْسَاخَ النَّاسِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَلَا كَمَا ظَنَّ لِأَنَّ مَا طَابَ لِبَرِيرَةَ أَخْذُهُ كَانَ لِسَيِّدِهَا قَبْضُهُ عَنْهَا فِي الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي دَخَلَ عَلَيْهَا وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ رَبِيعَةَ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّحْمِ الَّذِي تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ وَكَيْفَ لَا يَبْدُرُ النَّاسَ إِلَى إِعْطَاءِ الْمُكَاتَبِ وَيَطِيبُ لَهُ مَا أُعْطِيَ فَيَصِيرُ مَالَهُ وَيُؤَدِّيهِ عَنْ نَفْسِهِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَضَّ عَلَى إِعْطَائِهِ وَنَدَبَ إِلَى ذَلِكَ رَوَى سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَعَانَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَارِمًا فِي عُسْرَتِهِ أَوْ مُكَاتَبًا فِي رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وَقَدْ روى عبد الرحمان بْنُ عَوْسَجَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ قَالَ لَئِنْ كُنْتَ أَقْصَرْتَ فِي الْخُطْبَةِ لَقَدْ أَعْرَضْتَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَعْتِقِ النسمة وفك الرقبة قال أو ليسا وَاحِدًا قَالَ لَا عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنَّ تُفْرِدَ عتقها وفك الرقبة أن تعتق فِي ثَمَنِهَا وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ

ولو كان غير جائز للسيد أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مُكَاتَبِهِ مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ لَكَانَ مَحْظُورًا أَيْضًا عَلَى كُلِّ غَنِيٍّ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْفَقِيرِ مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَا انْتَفَعَ الْفَقِيرُ بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنَ الْمَالِ وَلَضَاقَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ وَهَذَا مَا لَا يَخْفَى فَسَادُهُ عَلَى أَحَدٍ وَحَسْبُكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةَ وَلَمْ يَمْتَنِعْ لِذَلِكَ مِنْ قَبُولِ هَدِيَّةِ بَرِيرَةَ مِمَّا تُصَدِّقُ بِهِ عَلَيْهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بُنْدَارٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أُتِيَ بِلَحْمٍ قَالُوا إِنَّهُ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَقَالَ هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْكِتَابَةِ هَلْ تَجِبُ فَرْضًا عَلَى السَّيِّدِ إِذَا ابْتَغَاهَا الْعَبْدُ وَعَلِمَ فِيهِ خَيْرًا فَقَالَ عَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مَا نَرَى ذَلِكَ إِلَّا وَاجِبًا وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ هِيَ عَزْمَةٌ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ دَاوُدُ وَاحْتَجَّ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ فِي الْأَمْرِ بِالْكِتَابَةِ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِأَنَّ سِيرِينَ أَبَا مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ مَوْلَاهُ الْكِتَابَةَ فَأَبَى أَنَسٌ فَرَفَعَ عَلَيْهِ عُمَرُ الدِّرَّةَ وَتَلَا فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فيه خَيْرًا فَكَاتَبَهُ أَنَسٌ وَقَالَ دَاوُدُ مَا كَانَ عُمَرُ لِيَرْفَعَ الدِّرَّةَ عَلَى أَنَسٍ فِيمَا لَهُ مُبَاحٌ أَلَّا يَفْعَلَهُ وَحُجَّةُ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ علمتم فيه خَيْرًا وَهَذَا أَمْرٌ حَقِيقَتُهُ الْوُجُوبُ إِذَا لَمْ يُتَّفَقْ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ النَّدْبُ

وَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ لَيْسَتِ الْكِتَابَةُ بِوَاجِبَةٍ وَمَنْ شَاءَ كَاتَبَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُكَاتِبْ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَاجِبٌ أَنْ يَبِيعَهُ وَلَا يَهَبَهُ بِإِجْمَاعٍ وَفِي الْكِتَابَةِ إِخْرَاجُ مِلْكِهِ عَنْ يَدِهِ بِغَيْرِ تَرَاضٍ وَلَا طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ كَانَتِ الْكِتَابَةُ أَحْرَى أَلَّا تَجِبَ عَلَيْهِ وَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْآيَةَ عَلَى النَّدْبِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ عُمَرَ لِأَنَسٍ عَلَى الِاخْتِيَارِ وَالِاسْتِحْسَانِ لَا عَلَى الْوُجُوبِ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ لَا يَسَعُ السَّيِّدُ إِلَّا أَنْ يُكَاتِبَهُ إِذَا اجْتَمَعَ فِيهِ الأمانة والخير من غير أن يجبره الحاكم عليه وأخشى أن يأتم إِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَأَمَّا قَوْلُهَا إِنِّي كَاتَبْتُ أهلي على تسع أواقي فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ تَكُونُ بِقَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِهِ وَتَكُونُ عَلَى أَنْجُمٍ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ كُلُّهُمْ يَقُولُ فِيمَا عَلِمْتُ إِنَّ الْكِتَابَةَ حُكْمُهَا أَنْ تَكُونَ عَلَى أَنْجُمٍ مَعْلُومَةٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَقَلُّهَا ثَلَاثَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابَةِ إِذَا وَقَعَتْ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ أَوْ وَقَعَتْ حَالَةً فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُجِيزُونَهَا عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ وَلَا تَجُوزُ حَالَةً أَلْبَتَّةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَتْ كِتَابَةً إِذَا كَانَتْ حَالَةً وَإِنَّمَا هُوَ عِتْقٌ عَلَى صِفَةٍ كَأَنَّهُ قَالَ إِذَا أَدَّيْتَ إِلَيَّ كَذَا وَكَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَعْنِي بِقَوْلِهِ فِيهِ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ مَنْ أَجَازَ النُّجُومَ فِي الدُّيُونِ كُلِّهَا عَلَى مِثْلِ هَذَا فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا وَفِي كُلِّ عَامٍ كَذَا وَلَا يَقُولُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ وَأَبَى مِنْ ذَلِكَ آخَرُونَ حَتَّى

يُسَمِّيَ الْوَقْتَ مِنَ الشَّهْرِ وَالْعَامِ وَيَكُونُ مَحْدُودًا مَعْرُوفًا وَالْحُجَّةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمَنْ نَزَعَ بِهِ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل لها إنها كتابة فَاسِدَةٌ إِذْ لَمْ يَعْرِفْ مَتَى يَأْخُذُ النَّجْمَ أَوِ الْأُوقِيَّةَ مِنَ الْعَامِ وَحَسْبُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْعَامَ إِذَا انْقَضَى أَوِ انْسَلَخَ الشَّهْرُ وَجَبَ النَّجْمُ وَمَنْ أَدَّاهُ قَبْلَ ذَلِكَ قُبِلَ مِنْهُ وَلَيْسَتِ الْكِتَابَةُ كَالْبُيُوعِ فِي كُلِّ شَيْءٍ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَعَ سَيِّدِهِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَرَى بَيْنَهُمَا رِبًا أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَوْ عَجَزَ (حَلَّ) لِسَيِّدِهِ مَا أَخَذَ مِنْهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَبَيْعِ الْعُرْبَانِ وَلِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَأَمَّا قَوْلُهُ تِسْعُ أَوَاقِيَّ فَالْأُوقِيَّةُ مُؤَنَّثَةٌ فِي اللَّفْظِ مِقْدَارُهَا أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا كَيْلًا لَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ وَالدِّرْهَمُ الْكَيْلُ دِرْهَمٌ وَخُمْسَانِ بِدَرَاهِمِنَا عَلَى مَا قَدْ مَضَى ذِكْرُهُ فِي بَابِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى وَيُجْمَعُ الْأُوقِيَّةُ أَوَاقِيَّ بِالتَّشْدِيدِ كَذَلِكَ قَالَ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالَ أَبُو زَيْدٍ وَقَدْ يُتَجَاوَزُ فِي الْجَمْعِ فَيُقَالُ أَوَاقٍ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ يُقَالُ أُوقِيَّةٌ وَأَوَاقِيُّ وَبُخْتِيَّةٌ وَبَخَاتِيُّ وَأُمْنِيَّةٌ وَأَمَانِيُّ وَسُرِّيَّةٌ وَسَرَارِيُّ قَالَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ بَخَاتٍ وَأَمَانٍ وَسَرَارٍ وَأَوَاقٍ وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَدْتُهَا لَهُمْ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَدَّ فِي الدَّرَاهِمِ الصِّحَاحِ تَقُومُ مَقَامَ الْوَزْنِ وَأَنَّ الشِّرَاءَ بِهَا جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْوَزْنِ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُلْ أَزِنُهَا لَهُمْ وَلَمْ يَقُلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَدُ الْأَوَاقِيِّ غَيْرُ جَائِزٍ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ لَقَالَ لَهُمْ إِنَّ الْعَدَّ فِي مِثْلِ هَذَا لَا يَجُوزُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّبَايُعَ كَانَ بَيْنَ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ بِالْأَوَاقِيِّ وَبِالنَّوَاةِ وَبِالنَّشِّ وَهِيَ أَوْزَانٌ مَعْرُوفَةٌ فَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ

دِرْهَمًا وَالَنَّشُّ نِصْفُهَا وَالنَّوَاةُ زِنَةُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي بَابِ حُمَيْدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ وَفِيهَا يَعْنِي سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ أَمَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَنْ تُنْقَشَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ سَعْدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ ضَرَبَ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ ضَرْبَهَا قال وحدثني عبد الرحمان بْنُ حَزْمٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ الْمُسَيَّبِ فِي كَمْ تَجِبُ الزَّكَاةُ مِنَ الدَّنَانِيرِ قَالَ فِي كُلِّ عِشْرِينَ مِثْقَالًا بِالشَّامِيِّ نِصْفُ مِثْقَالٍ قُلْتُ مَا بَالُ الشَّامِيِّ مِنَ الْبَصْرِيِّ قَالَ هُوَ الَّذِي يُضْرَبُ عَلَيْهِ الدَّنَانِيرُ وَكَانَ ذَلِكَ وَزْنَ الدَّنَانِيرِ قَبْلَ أَنْ تُضْرَبَ كَانَتِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ قِيرَاطًا إِلَّا حَبَّةً وَكَانَتِ الْعَشَرَةُ وَزْنَ سَبْعَةٍ وَقَالَ غَيْرُ الْوَاقِدِيِّ كَانَتِ الدَّنَانِيرُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَوَّلِ الْإِسْلَامِ بِالشَّامِ وَعِنْدَ عَرَبِ الْحِجَازِ كُلُّهَا رُومِيَّةً تُضْرَبُ بِبِلَادِ الرُّومِ عَلَيْهَا صُورَةُ الْمَلِكِ وَاسْمُ الَّذِي ضُرِبَتْ فِي أَيَّامِهِ مَكْتُوبٌ بِالرُّومِيَّةِ وَوَزْنُ كُلِّ دِينَارٍ مِنْهَا مِثْقَالٌ كَمِثْقَالِنَا هَذَا وَهُوَ وَزْنُ دِرْهَمٍ وَدَانِقَيْنِ وَنِصْفٍ وَخَمْسَةِ أَسْبَاعِ حَبَّةٍ وَكَانَتِ الدَّرَاهِمُ بِالْعِرَاقِ وَأَرْضِ الْمَشْرِقِ كُلِّهَا كِسْرَوِيَّةً عَلَيْهَا وصورة كِسْرَى وَاسْمُهُ فِيهَا مَكْتُوبٌ بِالْفَارِسِيَّةِ وَوَزْنُ كُلِّ دِرْهَمٍ مِنْهَا مِثْقَالٌ فَكَتَبَ مَلِكُ الرُّومِ وَاسْمُهُ لَاوِي بْنُ فَلْفَظَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ قَدْ أَعَدَّ لَهُ سِكَكًا لِيُوَجِّهَ بِهَا إِلَيْهِ فَيَضْرِبَ عَلَيْهَا الدَّنَانِيرَ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِرَسُولِهِ لا حاجة لنا فيها قد علمنا سِكَكًا نَقَشْنَا عَلَيْهَا تَوْحِيدَ اللَّهِ وَاسْمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ جَعَلَ الدَّنَانِيرَ مَثَاقِيلَ مِنْ زُجَاجٍ لئلا تغير

أَوْ تُحَوَّلُ إِلَى زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ وَكَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ حِجَارَةٍ وَأَمَرَ فَنُودِيَ أَلَّا يَتَبَايَعَ أَحَدٌ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ نِدَائِهِ بِدِينَارٍ رُومِيٍّ فَكَثُرَتِ الدَّنَانِيرُ الْعَرَبِيَّةُ وَبَطَلَتِ الرُّومِيَّةُ وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ وَذَكَرَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ وَالْخَبَرِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ إِلَى أَيَّامِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَجَمَعَهَا وَجَعَلَ كُلَّ عَشَرَةٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَزْنَ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ قَالَ وَكَانَتِ الدَّرَاهِمُ يَوْمَئِذٍ دِرْهَمٌ مِنْ ثَمَانِيَةِ دَوَانِقَ زيف ودرهم من أربعة دوانق جيد قال فَاجْتَمَعَ رَأْيُ عُلَمَاءِ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى أَنْ جَمَعُوا الْأَرْبَعَةَ الدَّوَانِقَ إِلَى الثَّمَانِيَةِ فصارت اثني عشر داقا فَجَعَلُوا الدِّرْهَمَ سِتَّةَ دَوَانِقَ وَسَمَّوْهُ كَيْلًا فَاجْتَمَعَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ فِي كُلِّ مِائَتَيْ درهم زكاة وأن أربعين درهما أوقية وأن فِي الْخَمْسِ الْأَوَاقِ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَهَا صَدَقَةٌ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَا زِيَادَةَ وَهِيَ نِصَابُ الصَّدَقَةِ وَأَمَّا قَوْلُهَا إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ إِنْ أَحَبُّوا أَنْ أُعْطِيَهُمْ لَكِ جَمِيعًا وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ فَظَاهِرُ هَذَا الْخِطَابِ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْهُمُ الْوَلَاءَ بَعْدَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَأَنْ تُؤَدِّيَ فِي ذَلِكَ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ فَأَبَى الْقَوْمُ مِنْ ذَلِكَ وَطَلَبُوا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ عِنْدَ أَدَاءِ عَائِشَةَ لِجَمِيعِ الْكِتَابَةِ كَأَنَّهَا تَبَرَّعَتْ بِذَلِكَ وَأَرَادَتِ الْوَلَاءَ أَوْ قَصَدَتْ إِلَى ابْتِيَاعِ الْوَلَاءِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُبَاعُ وَأَنَّ مَنْ أَدَّى عَنْ مُكَاتَبٍ كِتَابَتَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْوَلَاءُ وَلَوْ صَحَّ هَذَا كَانَ يَكُونُ النَّكِيرُ حِينَئِذٍ عَلَى عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ فِي إِرَادَتِهَا أَنْ يَكُونَ الولاء لها بأذائها الْكِتَابَةَ عَنْهَا وَلَكِنْ فِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي الْوَلَاءَ لَهُمْ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ

وَقَدْ قَالَ وُهَيْبٌ وَكَانَ مِنَ الْحُفَّاظِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا عَدَّةً وَاحِدَةً وَأُعْتِقَكِ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ فَقَوْلُهَا وَأُعْتِقُكِ دَلِيلٌ على شرائها لها شراء صحيحا لأنها لاتعتقها إِلَّا بَعْدَ شِرَائِهَا لَهَا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فِي قَوْلِهَا أُعْتِقُكِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَةَ لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ ابْتَاعِي وَأَعْتِقِي وَقَوْلُهُ ابْتَاعِي وَأَعْتِقِي فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ يُفَسِّرُ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ هِشَامٍ خُذِيهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ ابْتَاعِيهَا وَأَعْتِقِيهَا أَمْرٌ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لعائشة بالشراء ابْتِدَاءٌ وَعِتْقُهَا لَهَا بَعْدَ مِلْكِهَا لِيَكُونَ الْوَلَاءُ لَهَا وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْأُصُولِ وَإِيَّاهُ يُعَضِّدُ سَائِرُ الْآثَارِ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَلَا تَرَى إِلَى مَا رَوَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ فَتُعْتِقَهَا فَقَالَ أَهْلُهَا نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ لَنَا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ بَرِيرَةَ أَصَحُّ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ كَمَا فِي حَدِيثِ هِشَامٍ مِنِ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِهِ وَقَدْ بَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ شِرَاءَ بَرِيرَةَ وَعِتْقَهَا فَأَرَادَ أَهْلُهَا اشْتِرَاطَ الْوَلَاءِ لَهُمْ وَفِي مِثْلِ هَذَا يَصِحُّ الْإِنْكَارُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَلَى أَهْلِ بَرِيرَةَ لِأَنَّ الْوَلَاءَ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْمُعْتِقِ ثُبُوتَ النَّسَبِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ تَحْوِيلُهُ عَنْهُ بِبَيْعٍ وَلَا اشْتِرَاطٍ وَكَذَلِكَ فِي سِيَاقَةِ أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَرِيرَةَ بِيعَتْ مِنْ عَائِشَةَ لَا أَنَّهَا أَدَّتْ عَنْهَا كِتَابَتَهَا إِلَّا أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شَرْطَ الْوَلَاءِ مَعَ الْبَيْعِ وَإِبَاحَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِرَاءَهَا عَلَى ذَلِكَ دُونَ إِعْمَالِ الشَّرْطِ وَفِي ذَلِكَ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَإِبْطَالُ الشَّرْطِ

وَرَوَى الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَهْلَ بَرِيرَةَ أَرَادُوا أَنْ يَبِيعُوهَا وَيَشْتَرِطُوا الْوَلَاءَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَبَانَ بِحَدِيثِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ وَبِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ أَيْضًا الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَمَرَهَا بِالشِّرَاءِ ابْتِدَاءً وَبِعِتْقِهَا بَعْدَ مِلْكِهَا لِيَكُونَ الْوَلَاءُ لَهَا وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ عَائِشَةَ مُوَافِقَةٌ لِمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا مَا يُبَيِّنُ رِوَايَةَ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ خُذِيهَا وَلَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَفِيهِ دَلِيلٌ بَلْ نَصٌّ عَلَى صِحَّةِ شِرَائِهَا وَصِحَّةِ مِلْكِهَا وَصِحَّةِ عِتْقِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَاسْتِحْقَاقِ وَلَائِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاشْتِرَاطُ أَهْلِ بَرِيرَةَ وَلَاءَهَا مَعَ فَضْلِ بَيْعِهَا عَلَى الْعِتْقِ فَهُوَ الَّذِي خَطَبَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنْكَارِهِ لِتَقَدُّمِهِ إِلَيْهِمْ وَإِلَى غَيْرِهِمْ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيِّنِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا إِجَازَةُ الْبَيْعِ عَلَى شَرْطِ الْعِتْقِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ هَذَا الكتاب فلا معنى لتكرير ذلك ها هنا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَبْدًا مَا جَازَ بَيْعُهُ وَفِي كَوْنِهِ عَبْدًا رَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِذَا عقدت كتابته فهو غريم من الغرباء وَرَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِذَا أَدَّى قِيمَتَهُ فَهُوَ غَرِيمٌ وَرَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِذَا أَدَّى الثُّلُثَ فَهُوَ غَرِيمٌ وَرَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِذَا أَدَّى الشَّطْرَ فَهُوَ غَرِيمٌ وَرَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ يُعْتَقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَرَوَى الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ تُجْرَى الْعَتَاقَةُ فِيهِ مِنْ أَوَّلِ نَجْمٍ وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ تُجْرَى الْحُدُودُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَقَالَ عَنْهُ عَامِرٌ يعتق منه بقدر ما أدى وكان الحرث الْعُكْلِيُّ يَقُولُ كَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أفقه من يَقُولَ يُعْتَقُ مِنَ الْمُكَاتَبِ بِقَدْرِ مَا أَدَّى مُنْكِرًا لِذَلِكَ عَنْهُ

وَهَذِهِ أَقَاوِيلُ اخْتُلِفَ فِيهَا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ تَعَلَّقَ بِهَا وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أَدَّى الثُّلُثَ فَهُوَ غَرِيمٌ وَعَنِ النَّخَعِيُّ إِذَا أد الشَّطْرَ فَهُوَ غَرِيمٌ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَنْ كَاتَبَ مُكَاتَبًا فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ فِي الرِّقِّ إِنْ عَجَزَ كَانَ كَذَلِكَ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يُعْتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى فَهُوَ كَذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ وَلَاءِ الْمُكَاتَبِ وَمَنْ أَجَازَ بَيْعَ وَلَائِهِ وَمَنْ كَرِهَهُ وَمَنْ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِهِ الْعِتْقَ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى الرِّقِّ أَبَدًا وَمَنْ أَجَازَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَشْتَرِطَ وَلَاءَ نَفْسِهِ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَأَغْنَى ذلك عن ذكره ههنا وَفِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ هَذَا مَعَ صِحَّتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا بِيعَتْ بَرِيرَةُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عمر وزيد ابن ثَابِتٍ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ الْمَكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بقي عليه درهم وهو قول سعيد ابن الْمُسَيَّبِ وَالْقَاسِمِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَعَطَاءٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَقَدْ رَوَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ إِذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ وَتَرَكَ مَالًا

فَقَالَتْ طَائِفَةٌ كُلُّ مَا تَرَكَ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا وَإِنْ عَجَزَ عَادَ رَقِيقًا وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مُجَاهِدٌ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَشُرَيْحٍ وَالزُّهْرِيِّ نَحْوُهُ قَالَ الزُّهْرِيُّ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَبْدِ وَجِنَايَتُهُ فِي عِتْقِهِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَرَوَى الْحَكَمُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَشُرَيْحٍ يُعْطَى سَيِّدُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِوَرَثَةِ الْمُكَاتَبِ وَرَوَى عَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ نَحْوُهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمان وَالنَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ جَعَلُوهُ كَغَرِيمٍ حَلَّ دَيْنُهُ غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا جَعَلَ مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ أَحَقَّ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ وَقَدْ رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ عَلِيٍّ إِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا قُسِّمَ مَا تَرَكَ عَلَى مَا أَدَّى وَعَلَى مَا بَقِيَ فَمَا أَصَابَ مَا أَدَّى فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ وَمَا أَصَابَ مَا بَقِيَ فَلِمَوَالِيهِ وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَى الْحَكَمُ وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدِ احْتَجَّ مَنْ قَالَ فِي الْمُكَاتَبِ يُعْتَقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى بِرِوَايَةِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ وَلَمْ تَكُنْ أَدَّتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ يُعْتَقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى بِحَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى دِيَةَ الْحُرِّ وَبِقَدْرِ مَا رَقَّ مِنْهُ دِيَةَ عَبْدٍ رَوَاهُ حَجَّاجٌ الصَّوَّافُ وَهِشَامٌ الدستوائي وغيرهما عن يحيى ابن أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مسندا

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ مُسْنَدًا وَقَدْ أَرْسَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وكان علي بن أبي طالب ومروان ابن الْحَكَمِ يَقُولَانِ ذَلِكَ وَبِهِ كَانَ عِكْرِمَةُ يُفْتِي وَكَانَ يَقُولُ الْمُكَاتَبُ يُؤَدِّي بِقَدْرِ مَا أُعْتِقَ مِنْهُ وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً أَوْ أَصَابَ حَدًّا فَبِقَدْرِ مَا أُعْتِقَ مِنْهُ وَقَدْ نَاظَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فِي المكاتب فقال لعلي أكنت راجمه لوزني أَوْ مُجِيزَ شَهَادَتِهِ إِنْ شَهِدَ فَقَالَ عَلِيٌّ لَا فَقَالَ زَيْدٌ فَهُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَفِيهِ إِجَازَةُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ بِالْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاجِزًا عَنْ أَدَاءِ نَجْمٍ قَدْ حَلَّ عَلَيْهِ خِلَافَ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ بَيْعَ الْمُكَاتَبِ غَيْرُ جَائِزٍ إِلَّا بِالْعَجْزِ لِأَنَّ بَرِيرَةَ لَمْ تَذْكُرْ أَنَّهَا عَجَزَتْ عَنْ أَدَاءِ نَجْمٍ وَلَا أَخْبَرْتَ بِأَنَّ النَّجْمَ قَدْ حَلَّ عَلَيْهَا وَلَا قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَاجِزَةٌ أَنْتِ أَمْ هَلْ حَلَّ عَلَيْكِ نَجْمٌ فَلَمْ تُؤَدِّيهِ وَلَوْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَالْمُكَاتَبَةِ إِلَّا بِالْعَجْزِ عَنْ أَدَاءِ نَجْمٍ قَدْ حَلَّ لَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَأَلَهَا أَعَاجِزَةٌ هِيَ أَمْ لَا وَمَا كَانَ لِيَأْذَنَ فِي شِرَائِهَا إِلَّا بَعْدَ عِلْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا عَاجِزَةٌ وَلَوْ عَنْ أَدَاءِ نَجْمٍ وَاحِدٍ قَدْ حَلَّ عَلَيْهَا وَفِي خَبَرِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ حُجَّةً أَصَحَّ مِنْ حَدِيثِ بَرِيرَةَ هَذَا وَلَمْ يُرْوَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ يُعَارِضُهُ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ دَلِيلٌ عَلَى عَجْزِهَا وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي بَيْعِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّ ابْنَ شِهَابٍ وَأَبَا الزِّنَادِ وَرَبِيعَةَ كَانُوا يَقُولُونَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إِلَّا بِرِضًى مِنْهُ فَإِنْ رَضِيَ بِالْبَيْعِ فَهُوَ عَجْزٌ مِنْهُ وجاز بيعه

وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ إِلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنِ الْأَدَاءِ فَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ قَالَ وَإِذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ ذَا مَالٍ ظَاهِرٍ فَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ فَذَلِكَ إِلَيْهِ وَلَهُ تَعْجِيزُهُ دُونَ السُّلْطَانِ وَيَمْضِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ قَبْلَ حَلِّ النَّجْمِ بِالْأَيَّامِ وَالشَّهْرِ وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يُعَجِّزُهُ إِلَّا السُّلْطَانُ فَهُوَ الَّذِي يُرِيدُ سَيِّدُهُ تَعْجِيزَهُ بَعْدَمَا حَلَّ عَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ يَأْبَى الْعَجْزَ وَيَقُولُ يُؤَدِّي إِلَّا أَنَّهُ يَمْطُلُ سَيِّدَهُ فَالسُّلْطَانُ يَتَلَوَّمُ لَهُ فَإِنْ رَأَى لَهُ وَجْهَ أَدَاءٍ تَرَكَهُ وَإِنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ لَهُ عَجَّزَهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَلَا يُعَجِّزُهُ السَّيِّدُ وَهُوَ آبٍ وَلَوْ أَخَّرَ نَجْمًا أَوْ أَنْجُمًا إِلَّا بِالسُّلْطَانِ قَالَ وَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَاجِزًا إِلَّا بِقَضِيَّةِ سُلْطَانٍ قَالَ وَلَوْ غَابَ الْمُكَاتَبُ فَحَلَّتْ نُجُومُهُ فَلَيْسَ إِشْهَادُ السَّيِّدِ بِتَعْجِيزِهِ تَعْجِيزًا إِلَّا بِنَظَرِ السُّلْطَانِ وَهُوَ إِذَا قَدِمَ عَلَى كِتَابَتِهِ إِنْ أَدَّى وَإِلَّا نَظَرَ فِي ذَلِكَ السُّلْطَانُ وَقَالَ مَالِكٌ الَّذِي يَقَعُ بِنَفْسِي فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ عَجَزَتْ وَلِذَلِكَ اشْتَرَتْهَا عَائِشَةُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وعطاء والليث بْنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ جَائِزٌ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ عَلَى أَنْ يَمْضِيَ فِي كِتَابَتِهِ فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِلَّذِي ابْتَاعَهُ وَإِنْ عَجَزَ فَهُوَ عَبْدٌ لَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ مَا دَامَ كَاتِبًا حَتَّى يَعْجِزَ وَلَا يَجُوزَ بَيْعُ كِتَابَتَهِ بحال وهو قول الشافعي بمصر لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَكَانَ بِالْعِرَاقِ يَقُولُ بَيْعُهُ جَائِزٌ وَأَمَّا بَيْعُ كِتَابَتِهِ فَغَيْرُ جَائِزَةٍ عِنْدَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ) وَالشَّافِعِيُّ جَائِزٌ تَعْجِيزُ الْمُكَاتَبِ بِغَيْرِ حَضْرَةِ السُّلْطَانِ وَفَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ وَالنَّخَعِيِّ

وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لَا يَجُوزُ إِلَّا عِنْدَ قَاضٍ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ يَقُولُونَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُعْجِزَهُ إِذَا حَلَّ نَجْمٌ مِنْ نُجُومِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنْ قَالَ أَخِّرُونِي وَكَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ يَرْجُو قُدُومَهُ أَخَّرْتُهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً لَا أَزِيدُهُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَقَالَ الْحَكَمُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ أَقَلُّ مَا يُعَجَّزُ بِهِ حُلُولُ نَجْمَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ نَجْمٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ نَجْمَانِ (قَالَ) وَالِاسْتِينَاءُ بِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَقَالَ أَحْمَدُ نَجْمَانِ أَحَبُّ إِلَيْنَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَسْتَأْنِي بِهِ شَهْرَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ شَاذٌّ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا عَجَزَ اسْتَسْعَى بَعْدَ الْعَجْزِ سَنَتَيْنِ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا حَلَّ عَلَيْهِ نَجْمٌ مِنْ نُجُومِهِ أَوْ نَجْمَانِ أَوْ نُجُومُهُ كُلُّهَا فَوَقَفَ السَّيِّدُ عَنْ مُطَالَبَتِهِ وَتَرَكَهُ بِحَالِهِ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَنْفَسِخُ مَا دَامَا عَلَى ذَلِكَ ثَابِتَيْنِ وَاخْتَلَفُوا إِذَا كَانَ قَوِيًّا عَلَى الْأَدَاءِ أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَعَجَّزَ نَفْسَهُ فَقَالَ مَالِكٌ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ إِلَّا إِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ مَالٌ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يُمَكَّنُ مِنْ تَعْجِيزِ نَفْسِهِ إِذَا كَانَ قَوِيًّا عَلَى الْأَدَاءِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَهُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ عُلِمَ لَهُ مَالٌ أَوْ قُوَّةٌ عَلَى الْكِتَابَةِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ وَإِذَا قَالَ قَدْ عَجِزْتُ وَأَبْطَلْتُ الْكِتَابَةَ فَذَلِكَ إِلَيْهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ يَحْتَمِلُ حَدِيثُ بَرِيرَةَ أَنْ يَنْزِعَ مِنْهُ مَالِكٌ لِمَذْهَبِهِ وَالشَّافِعِيُّ لِمَذْهَبِهِ هَذَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُكَاتَبِ يَعْجِزُ وَبِيَدِهِ مَالٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ كُلَّ مَا قَبَضَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ مِنْ كِتَابَتِهِ وَمَا فَضُلَ بِيَدِهِ بَعْدَ عَجْزِهِ مِنْ صَدَقَةٍ وَغَيْرِهَا فَهُوَ لِسَيِّدِهِ يَطِيبُ أَخْذُ ذَلِكَ كُلِّهِ لَهُ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَرِوَايَةٍ عَنْ شُرَيْحٍ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِذَا كَانَ مَا أَخَذَهُ السَّيِّدُ مِنَ الْمُكَاتَبِ قبل عجزه هو من كسب الْعَبْدِ لَمْ يَرُدَّهُ وَإِنْ كَانَ اسْتَقْرَضَهُ الْعَبْدُ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ زَكَاةِ رَجُلٍ فَعَلَى السَّيِّدِ رَدُّهُ وَعَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ فِي مُكَاتَبٍ عَجَزَ كَيْفَ يَصْنَعُ سَيِّدُهُ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ قَالَ يَجْعَلُهُ فِي مِثْلِهِ مِنَ الرِّقَابِ قَالَ وَقَالَ شُرَيْحٌ إِنْ عَجَزَ رُدَّ فِي الرِّقِّ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَوْلَاهُ مَا أَخَذَ مِنْهُ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَكُلُّ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ السَّيِّدُ قَبْلَ الْعَجْزِ حَلَّ لَهُ كَانَ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ مِنْ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ قَالَ وَأَمَّا (مَا) أُعِينُ بِهِ عَلَى فِكَاكِ رَقَبَتِهِ فَلَمْ يَفِ ذَلِكَ بِكِتَابَتِهِ كَانَ لِكُلِّ مَنْ أَعَانَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَعْطَى أَوْ يُحَلَّلُ مِنْهُ الْمُكَاتَبُ وَلَوْ أَعَانُوهُ صَدَقَةً لَا عَلَى فِكَاكِ رَقَبَتِهِ فَذَلِكَ إِنْ عَجَزَ حَلَّ لِسَيِّدِهِ وَلَوْ تَمَّ بِهِ فِكَاكُهُ وَبَقِيَتْ فَضْلَةٌ فَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْفِكَاكِ رَدَّهَا إِلَيْهِمْ بِالْحِصَصِ أَوْ يُحَلِّلُونَهُ مِنْهَا هَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يَجْعَلُ السَّيِّدُ مَا أَعْطَاهُ فِي الرِّقَابِ وَهُوَ قَوْلُ مَسْرُوقٍ وَالنَّخَعِيِّ وَرِوَايَةٍ عَنْ شُرَيْحٍ

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مَا قَبَضَ مِنْهُ السَّيِّدُ فَهُوَ لَهُ وَمَا فَضَلَ بِيَدِهِ بَعْدَ الْعَجْزِ فَهُوَ لَهُ دُونَ سَيِّدِهِ وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ وَقَالَ إِسْحَاقُ مَا أَعْطَى لِحَالِ الْكِتَابَةِ رَدَّ عَلَى أَرْبَابِهِ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ كُلُّهَا فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ فَلِذَلِكَ ذَكَرْنَاهَا وَأَمَّا فُرُوعُ مَسَائِلِ الْمُكَاتَبِ فَكَثِيرَةٌ جِدًّا لَا سَبِيلَ فِي مِثْلِ تَأْلِيفِنَا هَذَا إِلَى إِيرَادِهَا عَلَى شَرْطِنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَفِيهِ أَيْضًا أن عقد الكتابة من غير أَدَاءٌ لَا يُوجِبُ شَيْئًا مِنَ الْعِتْقِ خِلَافَ قَوْلِ مَنْ جَعَلَهُ غَرِيمًا مِنَ الْغُرَمَاءِ وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ قَوْلِ مَنْ قَالَ يُعْتَقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ لَا يُوجِبُ عِتْقَهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَجَازَ بَيْعَهَا وَلَوْ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْعِتْقِ مَا أَجَازَ بَيْعَ ذَلِكَ إِذْ مِنْ سُنَّتِهِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا أَنْ لَا يُبَاعَ الْحُرُّ وَأَمَّا قَوْلُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَكَذَلِكَ رَوَاهُ جُمْهُورُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَاشْتَرِطِي الْوَلَاءَ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ بِإِسْنَادِهِ وَلَفْظِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ أَشْرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُمُ الطَّحَاوِيُّ فَلَمْ يُدْخِلِ التَّاءَ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَمَعْنَى أَشْرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ أَيْ أَظْهِرِي لَهُمْ حُكْمَ الْوَلَاءِ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ أَيْ أَظْهِرِي لَهُمْ ذَلِكَ وَعَرِّفِيهِمْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ لِأَنَّ الْإِشْرَاطَ هُوَ الْإِظْهَارُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ أوس بن حَجَرٍ ... فَأَشْرَطَ فِيهَا نَفْسَهُ وَهُوَ مُعْصِمٌ ... ... وَأَلْقَى بِأَسْبَابٍ لَهُ وَتَوَكَّلَا ... يَعْنِي أَظْهَرَ نَفْسَهُ لَمَّا حَاوَلَ أَنْ يَفْعَلَ

قَالَ وَأَمَّا رِوَايَةُ سَائِرِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ أَيِ اشْتَرِطِي عَلَيْهِمُ الْوَلَاءَ أَنَّهُ لَكِ أَيِ اشْتَرَيْتُ وَأَعْتَقْتُ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا بِمَعْنَى عَلَيْهَا وَكَقَوْلِهِ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ يَعْنِي عَلَيْهِمُ اللَّعْنَةُ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الْوَعِيدُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ الشَّافِعِيِّ عِنْدَنَا مِنْ رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ إِلَّا اشْتَرِطِي بِالتَّاءِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاوُدَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بَعْدَ تَحْرِيمِ اشْتِرَاطِ الْوَلَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُرَ بِتَرْكِ شَيْءٍ ثُمَّ يُخْبِرَ أَنَّهُ لِمَنْ تَرَكَهُ بِغَيْرِ سَبَبٍ حَادِثٍ مِنَ الْمَتْرُوكِ لَهُ قَالَ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّ اشْتِرَاطَهُمْ إِيَّاهُ بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ لَا يَجُوزُ غَيْرُ ضَائِرٍ لَكِ وَلَا نَافِعٍ لَهُمْ لَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِاشْتِرَاطِ الْوَلَاءِ لَهُمْ لِيَقَعَ الْبَيْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ فَيَبْطُلَ الشَّرْطُ وَيَصِحَّ الْبَيْعُ وَهُمْ غَيْرُ عَالِمِينَ بِأَنَّ اشْتِرَاطَهُمْ ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُمْ لِأَنَّ هَذَا مَكْرٌ وَخَدِيعَةٌ لَهُمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَنْهَى عن فعله أو يرضى لِنَفْسِهِ مَا لَا يَرْضَاهُ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ تَهَدُّدًا لِمَنْ رَغِبَ عَنْ حُكْمِهِ وَخَالَفَ عَنْ أَمْرِهِ وَأَقْدَمَ عَلَى فِعْلِ مَا قَدْ نَهَى عَنْ فِعْلِهِ وَتَهَاوُنًا بِالشَّرْطِ إِذْ كَانَ غَيْرَ

نَافِعٍ لِمُشْتَرِطِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلِ ادعو الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُجِزْ لِلْمُشْرِكِينَ كَيْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَلَا أَبَاحَ لَهُمْ أَنْ يَكُونُوا بِدُعَاءِ الْأَصْنَامِ مُعْتَصِمِينَ وإنما أعلمهم أن ذلك غير ضائر للمؤمنين وَلَا نَافِعٍ لِلْمُشْرِكِينَ قَالَ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ذكه قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ الْآيَةَ وَكَذَلِكَ قَوْلُ هُودٍ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تنظرون إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ الْآيَةَ وَهَذَا لَيْسَ بِأَمْرٍ وَلَا إِغْرَاءٍ وَلَكِنَّهُ تَهَاوُنٌ بكيدهم واستخاف بِتَوَعُّدِهِمْ وَإِظْهَارٌ لِعَجْزِهِمْ وَذَكَرَ آيَاتٍ كَثِيرَةً مِنْ هَذَا الْبَابِ وَقَالَ هَذَا الْبَابُ مَشْهُورٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يَسْتَعْمِلُهُ مِنْهُمْ مَنْ فَلَجَ بِحُجَّتِهِ وَأَمِنَ مِنْ كَيْدِ خَصْمِهِ قَالَ الْمُتَلَمِّسُ يَهْجُو عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ حِينَ قَتَلَ طَرَفَةَ بْنَ الْعَبْدِ يُخْبِرُ أَنَّهُ غَيْرُ خَائِفٍ مِنْ تَوَعُّدِهِ وَلَا جَازِعٍ مِنْ تَهَدُّدِهِ ... فَإِذَا حَلَلْتَ وَدُونَ بَيْتِيَ غَارَةٌ ... ... فَابْرُقْ بِأَرْضِكَ مَا بَدَا لَكَ وَارْعَدِ ... قَالَ فَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ أَمْرًا مِنْهُ لَهُ بِالدَّوَامِ عَلَى تَهَدُّدِهِ وَلَا نَهْيًا لَهُ عَنِ الْإِقَامَةِ عَلَى تَخْوِيفِهِ وَتَوَعُّدِهِ وَإِنَّمَا هُوَ إِعْلَامٌ أَنَّ إِيعَادَهُ غَيْرُ ضَائِرٍ لَهُ وَأَنَّ مَكَائِدَهُ غَيْرُ لَاحِقَةٍ بِهِ قَالَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ فَهَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ

فِي بَابِ التَّهَاوُنِ وَلِلتَّحْذِيرِ خَارِجٌ مِنْ بَابِ الْإِبَاحَةِ وَالتَّفْوِيضِ وَمِنْ مَعْنَى الْأَغْوَارِ وَالتَّحْرِيضِ لِأَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ فِعْلَهُ ذَلِكَ غَيْرُ ضَائِرٍ لِمَنْ تَوَلَّاهُ مِنْ عِبَادِهِ وَأَحَبَّ هِدَايَتَهُ وَأَنَّهُ لَا سُلْطَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ وَأَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّقَّاقُ قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ خَطَبَ عَلَى عَبْدِهِ وَلِيدَةَ قَوْمٍ وَاشْتَرَطَ أَنَّ مَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ مِنْ وَلَدٍ فَلِي شَطْرُهُ وَقَدْ أَعْطَاهَا الْعَبْدُ مَهْرَهَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ هَذَا مِنَ الشَّرْطِ الَّذِي لَا نَرَى لَهُ جَوَازًا قَالَ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَا بَالُ قَوْمٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ شَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ فَلَيْسَ لَهُ شَرْطُهُ شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ تَفَرَّدَ بِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ لَهَا لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ أَجْمَعُوا وَلَمْ تَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ الْآثَارُ أَيْضًا أَنَّ بَرِيرَةَ كَانَتْ إِذِ اشْتَرَتْهَا عَائِشَةُ ذَاتَ زَوْجٍ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي زَوْجِهَا هَلْ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا أُعْتِقَتْ وَزَوْجُهَا عَبْدٌ أَنَّهَا تُخَيَّرُ وَاخْتَلَفُوا إِذَا كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا هَلْ تُخَيَّرُ أَمْ لَا وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَفِي حُكْمِهَا إِذَا خُيِّرَتْ وَحُكْمِ فُرْقَتِهَا وَعِدَّتِهَا وسائر

مَعَانِيهَا وَحُجَّةَ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ فِي بَابِ رَبِيعَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ بَرِيرَةَ قَدْ خُيِّرَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا بَعْدَ أَنِ اشْتَرَتْهَا عَائِشَةُ فَأَعْتَقَتْهَا خَيَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَنْ تَقَرَّ عِنْدَ زَوْجِهَا وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ نِكَاحَهَا وَفِي تَخْيِيرِهِ لَهَا فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ لَيْسَ بِطَلَاقِهَا لِأَنَّ بَيْعَهَا لَوْ كَانَ طَلَاقًا مَا خُيِّرَتْ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ لَيْسَ بِطَلَاقِهَا جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْحَدِيثِ وَجُمْهُورِ السَّلَفِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا وَمِمَّنْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا مَعَ رِوَايَاتِهِ لِقِصَّةِ بَرِيرَةَ وَتَخْيِيرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَشَهَادَتِهِ أَنَّهُ رَأَى زَوْجَهَا يَتْبَعُهَا فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُخْبِرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا عَالِمًا مُبْرِزًا قَدْ يَعْزُبُ عَنْهُ بَعْضُ دَلَائِلِ الْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَدْ عَزَبَ عَنْهُ مَعَ عِلْمِهِ وَفَهْمِهِ وَفِقْهِهِ مَوْضِعَ الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ إِذْ كَانَ يَقُولُ بَيْعُ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا قَالَ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ثُمَّ أَدَّاهَا لِمَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى لَهُ مِنْ سَامِعٍ وَرَوَى ابْنُ سِيرِينَ هَذَا الْخَبَرَ وَقَالَ قَدْ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ رُبَّ مُبَلِّغٍ كَانَ أَوْعَى لِلْخَبَرِ مِنْ سامعه

وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْخُطْبَةِ أَنْ يُقَالَ فِيهَا أَمَّا بَعْدُ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ فَقَالَ قَوْمٌ فَصْلُ الْخِطَابِ أَمَّا بَعْدُ وَقَالَ آخَرُونَ فَصْلُ الْخِطَابِ الْبَيِّنَاتُ وَالشُّهُودُ وَمَعْرِفَةُ الْقَضَاءِ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ بَيْعَ بَرِيرَةَ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَهُوَ اشْتِرَاطُ مَوَالِي بَرِيرَةَ لِأَنْفُسِهِمُ الْوَلَاءَ دُونَ عَائِشَةَ وَهِيَ الْمُعْتِقَةُ وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ إِذَا كَانَ فِيهِ شَرْطٌ فَاسِدٌ وَفِي إِجَازَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْعَ وَشَرْطَ الْعِتْقِ مَعًا وَإِبْطَالِهِ شَرْطَ الْوَلَاءِ لِغَيْرِ الْمُعْتِقَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنَ الشُّرُوطِ مَا يَبْطُلُ وَلَا يَلْزَمُ وَلَا يَضُرُّ الْبَيْعَ وَالشُّرُوطُ فِي الْبَيْعِ عَلَى وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا مِثْلُ هَذَا فَاسِدٌ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِبُطْلَانِهِ بَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَالْآخَرُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ مَعًا وَالثَّالِثُ قَدْ يَكُونُ فِي الْبَيْعِ شُرُوطٌ يَكُونُ الْبَيْعُ مَعَهَا فَاسِدًا وَلِبَيَانِ ذَلِكَ وَبَسْطِهِ وَتَلْخِيصِهِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن اسد قالا حدثنا محمد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَشْتَهْ الْأَصْبِهَانِيُّ الْمُقْرِئُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّحَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ زَاذَانَ الضَّرِيرُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الذُّهْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ قَدِمْتُ مَكَّةَ فَوَجَدْتُ بِهَا أَبَا حَنِيفَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى وَابْنَ شُبْرُمَةَ فَسَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فَقُلْتُ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ بَاعَ بَيْعًا وَشَرَطَ شَرْطًا فَقَالَ الْبَيْعُ بَاطِلٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ ثُمَّ أَتَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ ثُمَّ أَتَيْتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ جَائِزٌ فَقُلْتُ يَا سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْعِرَاقِ اخْتَلَفْتُمْ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَتَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لَا أَدْرِي مَا قالا

حَدَّثَنِي عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ الْبَيْعُ بَاطِلٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ ثُمَّ أَتَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لَا أَدْرِي مَا قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن عائشة قَالَتْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ فَأُعْتِقَهَا وَإِنِ اشْتَرَطَ أَهْلُهَا الْوَلَاءَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ ثُمَّ أَتَيْتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ مَا أَدْرِي مَا قَالَا حَدَّثَنِي مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَةً وَشَرَطَ لِي حِلَابَهَا أَوْ ظَهْرَهَا إِلَى الْمَدِينَةِ الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ جَائِزٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ جَابِرٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَذَلِكَ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ كَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي شِرَائِهِ مِنْهُ جَمَلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْئًا وَاضْطِرَابُ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ لِخَبَرِ جَابِرٍ فِي ذَلِكَ كَثِيرٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ فَمَعْنَاهُ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ فِي كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ قَرَنَ طَاعَةَ رَسُولِهِ بِطَاعَتِهِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ يُرِيدُ حُكْمُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَقَضَاؤُهُ فِيكُمْ أَنْ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ مَا ذُكِرَ فِي تِلْكَ الْآيَةِ وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ قَضَاءَ اللَّهِ وَشَرْطَهُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَلَا يُعْلَمُ فِي نَصِّ كِتَابِ اللَّهِ وَلَا فِي دَلَالَةٍ مِنْهُ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ الْمَأْثُورَةِ عَنْهُ بِنَقْلِ أَهْلِ الْعَدَالَةِ مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ الْخَاصِّ

وَأَمَّا أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِاتِّبَاعِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَازَ أَنْ يُقَالَ لِكُلِّ حُكْمٍ حُكِمَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمُ اللَّهِ وَقَضَاؤُهُ أَلَا تَرَى إِلَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَادَ ابْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ فِي الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ أَمَّا الْمِائَةُ شَاةٍ وَالْخَادِمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ فَقَدْ أَقْسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَهُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَهُوَ صَادِقٌ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنَّ عَلَى الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ نَفْيَ سَنَةٍ مَعَ الْجَلْدِ وَلَا فِيهِ أَنَّ عَلَى الثَّيِّبِ الرَّجْمَ وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا إِنَّمَا هِيَ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشُّرُوطَ وَإِنْ كَثُرَتْ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَةَ شَرْطٍ أَوْ أَكْثَرَ أَنَّهَا جَائِزٌ اشْتِرَاطُهَا إِذَا كَانَتْ جَائِزَةً لَا يَرُدُّهَا كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُمَا أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُهُ أَوْثَقُ وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَفِي قَوْلِهِ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ نَفْيٌ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ إِلَّا لِمُعْتِقٍ وَذَلِكَ يَنْفِي أَنْ يَكُونَ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَلَاءٌ أَوْ لِلْمُلْتَقَطِ وَلَاءٌ وَأَنْ يُوَالِيَ أَحَدٌ أَحَدًا بِغَيْرِ عِتَاقِهِ وَقَوْلُهُ لِمَنْ أَعْتَقَ يَدْخُلُ فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْوَاحِدُ وَالْجَمِيعُ لِأَنَّ مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ كُلِّهِ إِلَّا أَنَّ النِّسَاءَ لَيْسَ لَهُنَّ مِنَ الْوَلَاءِ إِلَّا وَلَاءُ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ عَتِيقُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ أَحْكَامِ الْوَلَاءِ مُسْتَوْعَبَةً مُمَهَّدَةً فِي بَابِ رَبِيعَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا وَجْهَ لتكرير ذلك ههنا وَفِيهِ أَيْضًا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا بِيعَ لِلْعِتْقِ بِرِضًى مِنْهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَقَبَضَ بَائِعُهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا وَسَوَاءً بَاعَهُ لِعِتْقٍ أَوْ لِغَيْرِ عِتْقٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالسَّيِّدِ يُؤَدِّي مُكَاتَبَهُ إِلَيْهِ كِتَابَتَهُ فَيُؤْتِيهِ مِنْهَا أَوْ يَضَعُ عَنْهُ مِنْ آخِرِهَا نَجْمًا أَوْ مَا شَاءَ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فِي قَوْلِهِ وآتوهم

مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرِ مَوَالِيَ بَرِيرَةَ بِإِعْطَائِهَا مِمَّا قَبَضُوا شَيْئًا وَإِنْ كَانُوا قَدْ بَاعُوهَا لِلْعِتْقِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ النَّظَرِ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ لَمْ يُرِدْ بِهِ سَيِّدَيِ الْمُكَاتَبَيْنِ وَإِنَّمَا هُوَ خِطَابٌ عَامٌّ لِلنَّاسِ مَقْصُودٌ بِهِ إِلَى مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالَا تَجِبُ فِيهِ زَكَاةٌ فَأَعْلَمَ اللَّهُ عِبَادَهُ أَنَّ وَضْعَ الزَّكَاةِ فِي الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْعَجْزُ وَخَصَّهُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْعَبِيدِ بِذَلِكَ فَجَعَلَ لِلْمُكَاتَبِينَ حَقًّا فِي الزِّكْوَاتِ بِقَوْلِهِ وَفِي الرِّقَابِ قَالُوا وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي يَجِبُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فِي الْإِيتَاءِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ لِأَنَّ وَضْعَ بَعْضِ الْكِتَابَةِ لَا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ إِيتَاءً وَالْإِيتَاءُ هُوَ إِعْطَاءُ مَا تَتَنَاوَلُهُ الْأَيْدِي بِالدَّفْعِ وَالْقَبْضِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللِّسَانِ قَالُوا وَلَوْ أَرَادَ الْوَضْعَ عَنِ الْمُكَاتَبِ لَقَالَ ضَعُوا عَنْهُمْ أَوْ فَأَعِينُوهُمْ بِهِ بَلْ هُوَ مِنْ مَالٍ غَيْرِ الْكِتَابَةِ وَمَعْرُوفٌ فِي نِظَامِ الْقُرْآنِ أَنْ يُسْبَقَ بِضَمِيرٍ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا قَالَ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ وَالْمَأْمُورُ بِتَرْكِ الْعَضَلِ الْأَوْلِيَاءُ لَا الْمُطَلِّقُونَ ومثله قوله أولئك مبرؤون مما يقولون والمبرؤون غَيْرُ الْقَائِلِينَ وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ

وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ هُوَ أَنْ يُوضَعَ عَنِ الْمُكَاتَبِ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ وَضَعَ ابْنُ عُمَرَ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى هَذَا نَدْبًا وَاسْتِحْسَانًا وَيَسْتَحِبُّهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُوجِبُهُ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يُوجِبُهُ وَلَا يَجِدُ فِيهِ حَدًّا وَكَانَا جَمِيعًا يَسْتَحِبَّانِ أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ مِنْ آخِرِ الْكِتَابَةِ رُبْعُهَا وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ فِي اسْتِحْبَابِ الْوَضْعِ مِنَ الْكِتَابَةِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَرَى أَنْ يُجْبَرَ السيد على أن يضع من آخرها لا يَجِدُ وَقَالَ قَتَادَةُ يُوضَعُ عَنْهُ عُشْرُ الْكِتَابَةِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ قَالَ الرُّبْعُ مِنْ كِتَابَتِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يَضَعَ عَنْ مُكَاتَبِهِ شَيْئًا مِنْ كِتَابَتِهِ وَتَأْوِيلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُمْ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ عَلَى النَّدْبِ وَالْحَضِّ عَلَى الْخَيْرِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِيتَاءِ نَدْبٌ وَحَضٌّ بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَكَانَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ يَرَى الْكِتَابَةَ فَرْضًا إِذَا ابْتَغَاهَا الْعَبْدُ وَعُلِمَ فِيهِ الْخَيْرُ وَكَانَ يَرَى الْإِيتَاءَ أَيْضًا فَرْضًا مِنْ غَيْرِ حَدٍّ وَلَا يَرَى وَضْعَ آخِرِهَا مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ تَسْجِيعِ الْكَلَامِ فِيمَا يَجُوزُ وَيَنْبَغِي مِنَ الْقَوْلِ وَذَلِكَ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ فِي تَسْجِيعِ الْأَعْرَابِيِّ إِنَّمَا هُوَ مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَمَضَى ذِكْرُ الْوَلَاءِ وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي أَحْكَامِهِ فِي بَابِ رَبِيعَةَ والحمد لله

الحديث الرابع والعشرون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَعِشْرُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَعَكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ قَالَتْ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فَقُلْتُ يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ وَيَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَتْ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ ... كُلُّ امْرِئٍ مُصْبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ ... وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أَقْلَعَ عَنْهُ يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ وَيَقُولُ ... أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخَرٌ وَجَلِيلُ ... ... ... وهل أدرن يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ ... قَالَتْ عَائِشَةُ فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا وَاجْعَلْهَا فِي الْجُحْفَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ فَهُمَا نَبْتَانِ مِنَ الْكَلَأِ طَيِّبَا الرَّائِحَةِ يَكُونَانِ بِمَكَّةَ وَأَوْدِيَتِهَا لَا يَكَادَانِ يُوجَدَانِ بِغَيْرِهَا وَشَامَةٌ وَطَفِيلُ جَبَلَانِ بِمَكَّةَ وَقِيلَ أَحَدُهُمَا بِجُدَّةَ وَقِيلَ بوادي فخ

وَلَمْ يَخْتَلِفْ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ فِيمَا عَلِمْتُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي مَتْنِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ فِيهِ قَوْلَ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ وَسَائِرُ رُوَاةِ هِشَامٍ يَذْكُرُونَهُ عَنْهُ فِيهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَقُولُ ... قَدْ رَأَيْتُ الموت قبل ذوقه ... ... إن الجبان حتفه من فَوْقِهِ ... وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَجَعَلَ الدَّاخِلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَبِلَالٍ وَعَامِرٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَائِشَةَ وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى رِوَايَتِهِ في ذلك سعيد بن عبد الرحمان التحرومي أخبرنا عبد الرحمان بن يى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثْنَا سَحْنُونٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ عبد الرحمان عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَعَكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ قَالَتْ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي بَيْتٍ فَقُلْتُ يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ يَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ يَا عَامِرُ كَيْفَ تَجِدُكَ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ ... كُلُّ امْرِئٍ مُصْبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ ... وَيَقُولُ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ... ... قَدْ ذُقْتُ طَعْمَ الْمَوْتِ قَبْلَ ذَوْقِهِ ... ... إِنَّ الْجَبَانَ حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِهِ ... وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أَقْلَعَ عَنْهُ يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ فَيَقُولُ أَلَا لَيْتَ شِعْرِي فَذَكَرَ الْبَيْتَيْنِ وَالْحَدِيثُ إِلَى آخِرِهِ كَرِوَايَةِ مَالِكٍ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ قَوْلَ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ كَمَا تَرَى وَجَعَلَ الدَّاخِلَ عَلَيْهِمْ عَائِشَةَ

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَحَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة قالت لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ حُمَّ أَصْحَابُهُ قَالَتْ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ يَعُودُهُ فَقَالَ كَيْفَ تَجِدُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ... كُلُّ امْرِئٍ مُصْبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ ... قَالَتْ وَدَخَلَ عَلَى عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ فَقَالَ كَيْفَ تَجِدُكَ فَقَالَ ... وَجَدْتُ طَعْمَ الْمَوْتِ قَبْلَ ذَوْقِهِ ... إِنَّ الْجَبَانَ حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِهِ ... كَالثَّوْرِ يَحْمِي جِلْدَهُ بِرَوْقِهِ ... قَالَتْ وَدَخَلَ عَلَى بِلَالٍ فَقَالَ كَيْفَ تَجِدُكَ فَقَالَ ... أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِفَخٍّ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ ... وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ بِوَادٍ ... وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ ... فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ اللَّهُمَّ إن إبراهيم عبد وَخَلِيلَكَ دَعَاكَ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَأَنَا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ أَدْعُوكَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ بِمِثْلِ مَا دَعَاكَ إِبْرَاهِيمُ لأهل مكة الله بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا قَالَ سُفْيَانُ وَأَرَاهُ قَالَ وَفِي فَرَقِنَا اللَّهُمَّ حَبِّبْهَا إِلَيْنَا ضِعْفَيْ مَا حَبَّبَتْ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ وَصَحِّحْهَا وَانْقُلْ وَبَاءَهَا إِلَى خُمٍّ أَوِ الْجُحْفَةِ

هَكَذَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم هُوَ كَانَ الدَّاخِلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعَلَى بِلَالٍ وَعَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ يَعُودُهُمْ وَهُوَ كَانَ الْمُخَاطِبَ لَهُمْ وَشَكَّ فِي قَوْلِ بِلَالٍ فِي الْبَيْتِ الَّذِي أَنْشَدَهُ بِفَخٍّ أَوْ بِوَادٍ وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ سَوَاءً فِي الْمَعْنَى إِلَّا أَنَّهُ قَالَ بِفَخٍّ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلَمْ يَقُلْ بِوَادٍ قَالَ الْفَاكِهِيُّ وَفَخُّ الْوَادِي الَّذِي بِأَصْلِ الثَّنْيَةِ الْبَيْضَاءِ إِلَى بَلْدَحَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهُوَ قُرْبَ ذِي طُوَى وَإِيَّاهُ عَنَى الشَّاعِرُ النُّمَيْرِيُّ حَيْثُ قَالَ ... تَضَوَّعَ مِسْكًا بَطْنُ نَعْمَانَ أَنْ مَشَتْ ... بِهِ زَيْنَبُ فِي نِسْوَةٍ خفرات ... ... مررن بفخ رائحات عشية ... يلبين للرحمان مُعْتَمِرَاتِ ... وَنَعْمَانُ وَادِي عَرَفَاتٍ وَقَالَ آخَرُ ... ... مَاذَا بِفَخٍّ مِنَ الْإِشْرَاقِ وَالطِّيبِ ... ... وَمِنْ حِوَارِ تَقِيَّاتٍ رَعَابِيبِ ... وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَانْقُلْ وَبَاءَهَا إِلَى خُمٍّ أَوِ الْجُحْفَةِ شَكٌّ فَإِنَّ خُمَّ أَيْضًا مِنَ الْجُحْفَةِ قَرِيبٌ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِهِ وَانْقُلْ وَبَاءَهَا إِلَى مَهْيَعَةَ وَهِيَ الْجُحْفَةُ وَقَدْ رَوَى ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةً الشَّعْرَ تَفِلَةَ أُخْرِجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ فَأُسْكِنَتْ مَهْيَعَةَ فَأَوَّلْتُهَا وَبَاءَ الْمَدِينَةِ يَنْقُلُهَا اللَّهُ

إِلَى مَهْيَعَةَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ مَا هُوَ مُتَعَارَفٌ حَتَّى الْآنَ مِنْ تَنَكُّرِ الْبُلْدَانِ عَلَى مَنْ لَمْ يُعْرَفْ هَوَاهَا وَلَمْ يُغَذَّ بِمَائِهَا وَفِيهِ عِيَادَةُ الْجُلَّةِ السَّادَةِ لِإِخْوَانِهِمْ وَمَوَالِيهِمُ الصَّالِحِينَ وَفِي فَضْلِ الْعِيَادَةِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ قَدْ وَقَعَتْ فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَفِيهِ سُؤَالُ الْعَلِيلِ عَنْ حَالِهِ بِكَيْفَ تَجِدُكَ وَكَيْفَ أَنْتَ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ إِشَارَةَ الْمَرِيضِ إِلَى ذِكْرِ مَا يَجِدُ لَيْسَ بِشَكْوَى وَإِذَا جَازَ اسْتِخْبَارُ الْعَلِيلِ جَازَ إِخْبَارُهُ عَمَّا بِهِ وَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الْأَجْرُ وَالرِّضَى وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ وَالْبَلْوَى وَفِيهِ إِجَازَةُ إِنْشَادِ الشِّعْرِ وَالتَّمَثُّلِ بِهِ وَاسْتِمَاعِهِ وَإِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُهُ وَأَبُو بَكْرٍ يُنْشِدُهُ فَهَلْ لِلتَّقْلِيدِ وَالِاقْتِدَاءِ مَوْضِعٌ أَرْفَعُ مِنْ هَذَا وَمَا اسْتَنْشَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُنْشِدَ بَيْنَ يَدَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى وَلَا يُنْكِرُ الشِّعْرَ الْحَسَنَ أَحَدٌ مِنْ أُولِي الْعِلْمِ وَلَا مِنْ أُولِي النُّهَى قَالَ آخَرُ ... مَاذَا بِفَخٍّ مِنَ الْإِشْرَاقِ وَالطِّيبِ ... ... وَمِنْ حِوَارِ تَقِيَّاتٍ رَعَابِيبِ ... وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ وَمَوْضِعِ الْقُدْوَةِ إِلَّا وَقَدْ قَالَ الشِّعْرَ وَتَمَثَّلَ بِهِ أَوْ سَمِعَهُ فَرَضِيَهُ وَذَلِكَ مَا كَانَ حِكْمَةً أَوْ مُبَاحًا مِنَ الْقَوْلِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ فُحْشٌ وَلَا خَنًى وَلَا لِمُسْلِمٍ أَذًى فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فهو والمنشور مِنَ الْكَلَامِ سَوَاءٌ لَا يَحِلُّ سَمَاعُهُ وَلَا قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ

أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ أَصْدَقُ أو أشعر كلمة قالتها العرب لَبِيَدٍ ... أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ ... وَرُوِّينَا مِنْ وُجُوهٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَكَانَ مِنَ الْوَرَعِ بِمَنْزِلَةٍ ذَهَبَتْ مَثَلًا أَنَّهُ أَنْشَدَ شِعْرًا فَقَالَ لَهُ بَعْضُ جُلَسَائِهِ مِثْلُكَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ وَيْلَكَ يَا لُكَعُ وَهَلِ الشِّعْرُ إِلَّا كَلَامٌ لَا يُخَالِفُ سَائِرَ الْكَلَامِ إِلَّا فِي الْقَوَافِي فَحَسَنُهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ قَالَ وَقَدْ كَانُوا يَتَذَاكَرُونَ الشِّعْرَ قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يُنْشِدُ ... يُحِبُّ الْخَمْرَ مَنْ مَالَ النَّدَامَى ... ... وَيَكْرَهُ أَنْ تُفَارِقَهُ الْفُلُوسُ ... حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنِ السَّكَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عبد الرحمان أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرحمان ابن الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً وَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُعَرَاءُ يُنَاضِلُونَ عَنْهُ وَيَرُدُّونَ عَنْهُ الْأَذَى وَهُمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لِأَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ

اللَّهِ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا (فِي) الشُّعَرَاءِ فَنَزَلَتْ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتُمْ هُمْ وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتُمْ هُمْ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشِّعْرَ لَا يَضُرُّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ حَقًّا وَأَنَّهُ كَالْكَلَامِ الْمَنْثُورِ يُؤْجَرُ مِنْهُ الْمَرْءُ عَلَى مَا يُؤَجَرُ مِنْهُ وَيُكْرَهُ لَهُ مِنْهُ مَا يُكْرَهُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا فَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ الَّذِي قَدْ غَلَبَ الشِّعْرُ عَلَيْهِ فَامْتَلَأَ صَدْرُهُ مِنْهُ دُونَ عِلْمٍ سِوَاهُ وَلَا شَيْءَ مِنَ الذِّكْرِ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَخُوضُ بِهِ فِي الْبَاطِلِ وَيَسْلُكُ بِهِ مَسَالِكَ لَا تُحْمَدُ لَهُ كَالْمُكْثِرِ مِنَ الْهَذْرِ وَاللَّغَطِ وَالْغِيبَةِ وَقَبِيحِ الْقَوْلِ وَلَا يَذْكُرُ اللَّهَ كَثِيرًا وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا اجْتَمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَعْنَى مَا قُلْتُ مِنْهُ وَلِهَذَا قُلْنَا فِيمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَالشَّعْبِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا مِنَ الْعُلَمَاءِ الشِّعْرُ كَلَامٌ فَحَسَنَهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ أَنَّهُ قَوْلٌ صَحِيحٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ فَرَفَعَ بِلَالٌ عَقِيرَتَهُ فَمَعْنَاهُ رَفَعَ بِالشِّعْرِ صَوْتَهُ كَالْمُتَغَنِّي بِهِ تَرَنَّمًا وَأَكْثَرُ مَا تَقُولُ الْعَرَبُ رَفَعَ عَقِيرَتَهُ لِمَنْ رَفَعَ بِالْغِنَاءِ صَوْتَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِإِنْشَادِ الشِّعْرِ مُبَاحٌ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى بِلَالٍ رَفْعَ عَقِيرَتِهِ بِالشِّعْرِ وَكَانَ بِلَالٌ قَدْ حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ شِدَّةُ تَشَوُّقِهِ إِلَى وَطَنِهِ فَجَرَى فِي ذَلِكَ عَلَى عَادَتِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ رَسُولُ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَلَيْهِ) وَهَذَا الْبَابُ مِنَ الْغِنَاءِ قَدْ أَجَازَهُ الْعُلَمَاءُ وَوَرَدَتِ الْآثَارُ عَنِ السَّلَفِ بِإِجَازَتِهِ وَهُوَ يُسَمَّى غِنَاءَ الركبان وغناء النصب والحذاء هَذِهِ الْأَوْجَهُ مِنَ الْغِنَاءِ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عن أبيهما زيد ابن أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ الْغِنَاءُ مِنْ زَادِ الرَّاكِبِ أَوْ قَالَ زَادِ الْمُسَافِرِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عُمَرُ نَعَمْ زَادُ الرَّاكِبِ الْغِنَاءُ نَصْبًا وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رَأَيْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مُضْطَجِعًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِهِ رَافِعًا عَقِيرَتَهُ يَتَغَنَّى قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ نَوْفَلٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى يَتَغَنَّى النَّصْبَ وَرَوَى شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْأَرْقَمِ رَافِعًا عَقِيرَتَهُ يَتَغَنَّى قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتَيْبَةَ لَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَخْشَى لِلَّهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ الْأَخْبَارِ أَنَّ عُمَرَ بن الخطاب أتى دار عبد الرحمان بن عوف فسمعه يتغنى بالركبانية ... وكيف توائي بِالْمَدِينَةِ بَعْدَمَا ... ... قَضَى وَطَرًا مِنْهَا جَمِيلُ بْنُ معمر

هَكَذَا ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ وذكره المبرد مقلوبا أن عبد الرحمان سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الزُّبَيْرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ الْحِدَاءِ وَالشِّعْرِ وَالْغِنَاءِ قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ يُغَنِّي غِنَاءَ الرُّكْبَانِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فُحْشًا وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْدَأُ لَهُ فِي السَّفَرِ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ وَمَعَهُمْ حَادٍ وَسَائِقٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ الْبَرَاءُ جَيِّدَ الْحِدَاءِ وَكَانَ حَادِيَ الرِّجَالِ وَكَانَ الْجَثَمَةُ يَحْدُو بِالنِّسَاءِ فَحَدَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَعْنَقَتِ الْإِبِلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويحك يانجشة رُوَيْدًا سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ وَقَدْ حَدَا بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَّاحَةَ وعامر ابن سِنَانٍ وَجَمَاعَةٌ فَهَذَا مِمَّا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إِذَا كَانَ الشِّعْرُ سَالِمًا مِنَ الْفُحْشِ وَالْخَنَى وَأَمَّا الْغِنَاءُ الَّذِي كَرِهَهُ الْعُلَمَاءُ فَهَذَا الْغِنَاءُ بِتَقْطِيعِ حُرُوفِ الْهِجَاءِ وَإِفْسَادِ وَزْنِ الشِّعْرِ وَالتَّمْطِيطِ بِهِ طَلَبًا لِلَّهْوِ وَالطَّرَبِ وَخُرُوجًا عَنْ مَذَاهِبِ الْعَرَبِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الَّذِينَ أَجَازُوا مَا وَصَفْنَا مِنَ النَّصْبِ وَالْحِدَاءِ هُمْ كَرِهُوا هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْغِنَاءِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ يَأْتِي شَيْئًا وَهُوَ ينهى عنه

رَوَى شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ عَنِ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ كَيْفَ تَرَى فِي الْغِنَاءِ فَقَالَ الْقَاسِمُ هُوَ بَاطِلٌ قَالَ قَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ بَاطِلٌ فَكَيْفَ تَرَى فِيهِ قَالَ الْقَاسِمُ أَرَأَيْتَ الْبَاطِلَ أَيْنَ هُوَ قَالَ فِي النَّارِ قَالَ فَهُوَ ذَاكَ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَحَدِيثِ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَعْنَى مَا أَقُولُ لَكَ صوتان ملعونان فاجران أنهى عنهما صوت مِزْمَارٌ وَرَنَّةُ شَيْطَانٍ عِنْدَ نَغَمَةٍ وَنَوْحٍ وَرَنَّةٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ وَلَطْمُ وَجُوهٍ وَشَقُّ جُيُوبٍ فَهَذَا مَا أَتَى فِي كَرَاهِيَةِ الْغِنَاءِ وَقَدْ أَتَى مَا هُوَ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ فِي خُصُوصِ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ فِي الْأَعْيَادِ وَالْإِمْلَاكِ خَاصَّةً رَوَى ابْنُ شِهَابٍ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ فِي يَوْمِ عِيدٍ أَوْ فِي أَيَّامِ مِنًى وَيَضْرِبَانِ بِالدُّفِّ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ ذَلِكَ وَلَا يَنْهَاهُمَا فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ وَفِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ آثَارٌ عَنِ السَّلَفِ كَثِيرَةٌ تَرَكْتُ ذِكْرَهَا لِأَنَّ مَدَارَ الْبَابِ كُلَّهُ عَلَى مَا أَوْرَدْنَا فِيهِ وَاللَّهَ أَسْأَلُهُ الْعِصْمَةَ وَالتَّوْفِيقَ وَقَدْ رَوَيْتُ الرُّخْصَةَ فِي الْأَلْحَانِ الَّتِي تَعْرِفُهَا الْعَرَبُ وَرَفْعَ الْعَقِيرَةِ بِهَا دُونَ أَلْحَانِ الْأَعَاجِمِ الْمَكْرُوهَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ لَوْ ذَكَرْنَاهُمْ لَطَالَ الْكِتَابُ بِذِكْرِهِمْ وَحَسْبُكَ مِنْهُمْ بِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَهُمَا مِمَّنْ يُضْرَبُ الْمَثَلُ بِهِمَا ذَكَرَ وَكِيعٌ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَتَّابٍ عَنْ

إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْمُطَّلِبِيِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ مَرَّ فِي بَعْضِ أَزِقَّةِ مَكَّةَ فَسَمِعَ الْأَخْضَرَ الْحَدِيَّ يَتَغَنَّى فِي دَارِ الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ ... تَضَوَّعَ مِسْكًا بَطْنُ نَعْمَانَ أَنْ مَشَتْ ... بِهِ زَيْنَبُ فِي نِسْوَةٍ خَفِرَاتِ ... فَضَرَبَ سَعِيدٌ بِرِجْلِهِ وَقَالَ هَذَا وَاللَّهِ مَا يَلَذُّ اسْتِمَاعُهُ ثُمَّ قَالَ ... وَلَيْسَتْ كَأُخْرَى أَوْسَعَتْ جَيْبَ دِرْعِهَا وَأَبْدَتْ بَنَانَ الْكَفِّ بِالْجَمَرَاتِ ... ... ... وَعَلَتْ بَنَانَ الْمِسْكِ وَحَفَا مُرَجَّلًا ... عَلَى مِثْلِ بَدْرٍ لَاحَ فِي ظُلُمَاتِ ... ... وَقَامَتْ تَرَائِي يَوْمَ جَمْعٍ فَأَفْتَنَتْ ... ... بِرُؤْيَتِهَا مَنْ رَاحَ مِنْ عَرَفَاتِ ... قَالَ فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ هَذَا الشِّعْرَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُحْفَظُ لِسَعِيدٍ أَبْيَاتٌ كَثِيرَةٌ وَتَمَثَّلَ أَيْضًا بِأَبْيَاتٍ لِغَيْرِهِ كَثِيرَةٍ وَلَيْسَ هَذَا فِي شِعْرِ النُّمَيْرِيِّ وَالَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنْ شَعْرِ النُّمَيْرِيِّ وَرُوِّينَاهُ لَيْسَ فِيهِ هَذِهِ الْأَبْيَاتُ فَهِيَ لِسَعِيدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالنُّمَيْرِيُّ هَذَا لَيْسَ هُوَ مِنْ بَنِي نُمَيْرٍ إِنَّمَا هُوَ ثَقَفِيٌّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ وَرَوَى قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ الْحَجَّابِ الْمِعْوَلِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ سِيرِينَ فَجَاءَهُ إِنْسَانٌ يَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الشِّعْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَأَنْشَدَهُ ابْنُ سِيرِينَ ... كَأَنَّ الْمُدَامَةَ وَالزَّنْجَبِيلْ ... وَرِيحَ الْخُزَامَى وَذَوْبَ الْعَسَلْ ... ... ... يَعِلُّ بِهِ بَرْدُ أَنْيَابِهَا ... إِذَا النَّجْمُ وَسَطَ الْمَسَاءِ اعتدل

الحديث الخامس والعشرون

وَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا الشِّعْرُ أَيْضًا لِلنُّمَيْرِيِّ الْمَذْكُورِ فِي زَيْنَبَ أُخْتِ الْحَجَّاجِ الَّتِي لَهُ فِيهَا الشِّعْرُ الثَّانِي أَوَّلُهُ ... أَلَا مَنْ لِقَلْبٍ مَعْنَى غَزَلْ ... يُحِبُّ الْمَحَلَّةَ أُخْتَ الْمَحَلْ ... ... تَرَاءَتْ لَنَا يَوْمَ فَرْعِ الْأَرَاكِ ... بَيْنَ الْعِشَاءِ وَبَيْنَ الْأَصَلْ ... ... كَأَنَّ الْقُرُنْفُلَ وَالزَّنْجَبِيلَ ... وَرِيحَ الْخُزَامَى وَذَوْبَ الْعَسَلْ ... ... يَعِلُّ بِهِ بَرْدُ أنيابها ... ... إذا ما صغا الْكَوْكَبُ الْمُعْتَدِلْ ... وَقَدْ مَضَى فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِي أَمْرِ اسْتِتَارِ النِّسَاءِ وَالْحِجَابِ وَفَضَائِلِ الْمَدِينَةِ مَا يُغْنِي عَنْ تَكْرِيرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثٌ خَامِسٌ وَعِشْرُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ سُئِلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَأَنَا جَالِسٌ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ حِينَ دَفَعَ مَنْ عَرَفَةَ فَقَالَ كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فُرْجَةً نَصَّ قَالَ هِشَامٌ وَالنَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فُرْجَةً وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْمُصْعَبِ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَعْنَبِيُّ فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً وَالْفَجْوَةُ وَالْفُرْجَةُ سَوَاءٌ فِي اللُّغَةِ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَكْثَرُ مِنْ

مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ السَّيْرِ فِي الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ وَهُوَ شَيْءٌ يَجِبُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَامْتِثَالُهُ عَلَى أَئِمَّةِ الْحَاجِّ فَمَنْ دُونَهُمْ لِأَنَّ فِي اسْتِعْجَالِ السَّيْرِ إِلَى مُزْدَلِفَةَ اسْتِعْجَالُ الصَّلَاةِ بِهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَغْرِبَ لَا تُصَلَّى تِلْكَ اللَّيْلَةَ إِلَّا مَعَ الْعِشَاءِ وَتِلْكَ سُنَّتُهُمَا فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ قَصَّرَ عَنْ ذَلِكَ أَوْ زَادَ فَقَدْ أَسَاءَ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا حُكْمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْمُزْدَلِفَةِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالْعَنَقُ مَشْيٌ مَعْرُوفٌ لِلدَّوَابِّ لَا يجهل وقد يستعمل مجازا في غير الدَّوَابَّ قَالَ الشَّاعِرُ ... يَا جَارَتِي يَا طَوِيلَةَ العنق ... ... أخرجتني بالصدود عن عنق ... والنص ههنا كَالْخَبَبِ وَهُوَ فَوْقَ الْعَنَقِ وَأَرْفَعُ فِي الْحَرَكَةِ وَأَصْلُ النَّصِّ فِي اللُّغَةِ الرَّفْعُ يُقَالُ مِنْهُ نَصَصَتِ الدَّابَّةُ فِي سَيْرِهَا قَالَ الشَّاعِرُ ... أَلَسْتِ الَّتِي كَلَّفْتُهَا سَيْرَ لَيْلَةٍ ... مِنْ أَهْلِ مِنًى نصا إِلَى أَهْلِ يَثْرِبَ ... وَقَالَ اللَّهَبِيُّ ... ... يَا رَبِّ بَيْدَاءٌ وَلَيْلٌ دَاجٍ ... قَطَّعَتْهُ بِالنَّصِّ وَالْإِدْلَاجِ ... وَقَالَ آخَرُ ... ... وَنُصَّ الْحَدِيثَ إِلَى أَهْلِهِ ... ... فَإِنَّ الْوَثِيقَةَ فِي نَصِّهِ ... أَيِ ارْفَعْهُ إِلَى أَهْلِهِ وَانْسُبْهُ إليهم

الحديث السادس والعشرون

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ النَّصُّ التَّحْرِيكُ الَّذِي يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الدَّابَّةِ أَقْصَى سَيْرِهَا وَأَنْشَدَ قَوْلَ الرَّاجِزِ تَقْطَعُ الْخَرْقَ بِسَيْرِ نَصِّ وَأَمَّا النَّصُّ في الشريعة فما استوى من خطاب الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ ظَاهِرُهُ مَعَ بَاطِنِهِ وَفُهِمَ مُرَادُهُ مِنْ ظَاهِرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ النَّصُّ مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ التَّخْصِيصُ وَيَسْلَمَ مِنَ الْعِلَلِ وَلَهُمْ فِي حُدُودِهِ كَلَامٌ كَثِيرٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ حَدِيثٌ سَادِسٌ وَعِشْرُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْأَرْقَمِ كَانَ يَؤُمُّ أَصْحَابَهُ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ يَوْمًا فَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلْيَبْدَأْ بِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ قَدْ ذَكَرْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْأَرْقَمِ فِي كِتَابِنَا فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذكره ههنا ولم يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَفْظِهِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَرَوَاهُ مَالِكٌ كَمَا تَرَى وَتَابَعَهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَشُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَوَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَالْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ كُلُّهُمْ رَوَاهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ ورواه

وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ فَأَدْخَلَ هَؤُلَاءِ بَيْنَ عُرْوَةَ وَبَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ رَجُلًا ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَيُّوبَ بن موسى عن هشام بن عروة عن عُرْوَةَ قَالَ خَرَجْنَا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ ثُمَّ قَالَ صَلُّوا وَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلْيَبْدَأْ بِالْغَائِطِ فَهَذَا الْإِسْنَادُ يَشْهَدُ بِأَنَّ رِوَايَةَ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُتَّصِلَةٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى ثِقَتَانِ حَافِظَانِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد ابن سَعِيدٍ الْجَمَّالُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُنَاسَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إذا حضرت الرَّجُلُ الصَّلَاةَ وَأَرَادَ الْخَلَاءَ بَدَأَ بِالْخَلَاءِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابن الْأَرْقَمِ أَنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ فَكَانَ يُؤَذِّنُ لِأَصْحَابِهِ وَيَؤُمُّهُمْ فَثَوَّبَ بِالصَّلَاةِ يَوْمًا فَقَالَ لَيَؤُمُّكُمْ أَحَدُكُمْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْخَلَاءَ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلْيَبْدَأْ بِالْخَلَاءِ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عبد الله ابن الْأَرْقَمِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَرَوَاهُ أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ أَحَدٌ وَهُوَ حَاقِنٌ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ صَلَّى وَهُوَ حَاقِنٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إِذَا شَغَلَهُ ذَلِكَ فَصَلَّى كَذَلِكَ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يُعِيدَ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ حَاقِنٌ وَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ مَعَ ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا مِنْ فَرْضِهَا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا خَافَ أَنْ يَسْبِقَهُ الْبَوْلُ قَدَّمَ رَجُلًا وَانْصَرَفَ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّهُ لَوْ شُغِلَ قَلْبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا لَمْ تُسْتَحَبَّ لَهُ الْإِعَادَةُ كَذَلِكَ إِذَا شَغَلَهُ الْبَوْلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ مُسْنَدًا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ فَقَدْ مَضَى وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَمُسَدَّدٌ الْمَعْنَى قَالُوا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ أَبِي حَرْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي بَكْرٍ أَخُو الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ فَجِيءَ بِطَعَامِهَا فَقَامَ الْقَاسِمُ يُصَلِّي فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم

يَقُولُ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ وَهَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُصَلَّى أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُدَافِعُ الْأَخْبَثَيْنِ الْغَائِطَ وَالْبَوْلَ فَلَا أَصْلَ لَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَهُوَ مَوْضُوعُ الْإِسْنَادِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ صَلَّى بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ فَأَكْمَلَ صَلَاتَهُ وَلَمْ يَتْرُكْ مِنْ فَرَائِضِهَا شَيْئًا أَنَّ صَلَاتَهُ مُجْزِيَةٌ عَنْهُ فَكَذَلِكَ إِذَا صَلَّاهَا حَاقِنًا فَأَكْمَلَ صَلَاتَهُ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ مِنْ أَجْلِ خَوْفِ اشْتِغَالِ بَالِ الْمُصَلِّي بِالطَّعَامِ عَنِ الصَّلَاةِ وَتَرْكِهِ إِقَامَتَهَا عَلَى حُدُودِهَا فَإِذَا أَقَامَهَا عَلَى حُدُودِهَا خَرَجَ مِنَ الْمَعْنَى الْمُخَوَّفِ عَلَيْهِ وَأَجَزَتْهُ صَلَاتُهُ لِذَلِكَ وَقَدْ رَوَى يَزِيدُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ أَبِي حَيٍّ الْمُؤَذِّنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يصلي وهو حاقن جدا رواه ثور ابن يَزِيدَ الشَّامِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ وَرَوَاهُ حَبِيبُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي حَيٍّ الْمُؤَذِّنِ عَنْ ثَوْبَانُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِثْلُ هَذَا الْخَبَرِ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَلَوْ صَحَّ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ حَاقِنًا جِدًّا لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ إِكْمَالُ الصَّلَاةِ عَلَى وَجْهِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلَا يُصَلِّي وَهُوَ مُوجِعٌ مِنْ خَلَاءٍ أَوْ بَوْلٍ وَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ لَا يُدَافِعَنَّ أَحَدُكُمُ الْخُبْثَ فِي الصَّلَاةِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ عَنْ عُمَرَ ذَكَرَهُ أَيْضًا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ الْحَضْرَمِيِّ الْمِصْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبٍ سَمِعَ عُمَرَ (يَقُولُ) وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ وَهُوَ ضَامٌّ بَيْنَ وَرِكَيْهِ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَأَنْ أُصَلِّيَ وَهُوَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ ثَوْبِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ وَأَنَا أُدَافِعُهُ فَهَؤُلَاءِ كَرِهُوا الصَّلَاةَ لِلْحَاقِنِ وَجَاءَتْ فِيهِ رُخْصَةٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَطَاوُسٍ الْيَمَانِيِّ ذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ مالم يُعَجِّلْكَ وَعَنْ سُفْيَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ إِنَّا لَنَصُرُّهُ ضَمًّا وَإِنَّا لَنَضْغَطُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي نَقُولُ بِهِ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُ فَإِنْ فَعَلَ وَسَلَمَتْ لَهُ صَلَاتُهُ أَجْزَأَتْ عَنْهُ وَبِئْسَمَا صَنَعَ وَفِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ مَا يَدُلُّكَ عَلَى هُرُوبِ الْعَرَبِ مِنَ الْفُحْشِ وَالْقَذْعِ وَدَنَاءَةِ الْقَوْلِ وفسولته

الحديث السابع والعشرون

وَمُجَانَبَتِهِمْ لِلْخَنَا كُلِّهِ فَلِهَذَا قَالُوا لِمَوْضِعِ الْغَائِطِ الْخَلَاءُ وَالْمَذْهَبُ وَالْمَخْرَجُ وَالْكَنِيفُ وَالْحَشُّ وَالْمِرْحَاضُ وَكُلُّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ وَفِرَارٌ عَنِ التَّصْرِيحِ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ سَابِعٌ وَعِشْرُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن المسور بن مخرمة أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ نَفَسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سعيد فلا معنى لتكريره ها هنا وَأَكْثَرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَهُمْ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَفِقْهُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الْحَامِلَ عِدَّتُهَا تَضَعُ مَا فِي بَطْنِهَا خِلَافَ قَوْلِ مَنْ قَالَ عِدَّتُهَا آخِرُ الْأَجَلَيْنِ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ كُلَّهُ وَأَوْضَحْنَا الْقَوْلَ فِيهِ وَالْحُجَّةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الثامن والعشرون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَعِشْرُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُشْتَمِلًا بِهِ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ وَاضِعًا طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ وَلَفْظِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ هِشَامٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ بِإِسْنَادِهِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُ أَبْصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ وَهَذَا عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ خَطَأٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ هِشَامٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَرِوَايَةُ هِشَامٍ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عِنْدَهُمْ وابن أبي الزناد (عبد الرحمان) ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَبِمَا خُولِفَ فِيهِ أَوِ انْفَرَدَ بِهِ وَلَوِ انْفَرَدَ بِرِوَايَتِهِ هَذِهِ لَكَانَ الْحَدِيثُ مُرْسَلًا لِأَنَّ عُرْوَةَ لَمْ يُدْرِكْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ أَخَا أُمِّ سَلَمَةَ لِأَنَّهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الطَّائِفِ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشْهَدَ وَرُمِيَ بِسَهْمٍ يَوْمَئِذٍ فَمَاتَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ

الحديث التاسع والعشرون

وَقَالَ الْأَخْفَشُ الِاشْتِمَالُ أَنْ يَلْتَفَّ الرَّجُلُ بِرِدَائِهِ وَبِكِسَائِهِ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى قَدَمَيْهِ يَرُدُّ طَرَفَ الثَّوْبِ الْأَيْمَنَ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ فَهَذَا هُوَ الِاشْتِمَالُ قَالَ وَقَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يصلي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ قَالَ وَهَذَا هُوَ التَّوَشُّحُ وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ طَرَفَ الثَّوْبِ الْأَيْسَرِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُسْرَى فَيُلْقِيَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَيُلْقِيَ طَرَفَ الثَّوْبِ الْأَيْمَنَ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ قَالَ فَهَذَا (هُوَ) التَّوَشُّحُ الَّذِي جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْعَبًا مُمَهَّدًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَعِشْرُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ جَلَسَ عَلَى الْمَقَاعِدِ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ فَآذَنَهُ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَوْلَا أَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنِ امْرِئٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ

وَضَوْءَهُ ثُمَّ يُصَلِّي الصَّلَاةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى حَتَّى يُصَلِّيَهَا قَالَ مَالِكٌ أَرَاهُ يُرِيدُ هَذِهِ الْآيَةَ وَأَقِمِ الصلاة طرفي النهار وزلفا من اليل إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ وَحُمْرَانُ مَوْلَى عُثْمَانَ هُوَ حُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ عَقِيلِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ جَنْدَلَةَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ أَوْسِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ يَلْتَقِي هُوَ وَصُهَيْبٌ فِي خَالِدِ بْنِ عَبْدِ عَمْرٍو وَكَانَ حُمْرَانُ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ النَّمِرِ وَهُوَ أَوَّلُ سَبْيٍ دَخَلَ الْمَدِينَةَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ سَبَاهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَرَآهُ غُلَامًا أَحْمَرَ مَخْتُونًا كَيِّسًا فَتَوَجَّهَ بِهِ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَعْتَقَهُ وَدَارُ حُمْرَانَ بِالْبَصْرَةِ مُشْرِفَةٌ عَلَى رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَكَانَ عُثْمَانُ أَقْطَعَهُ إِيَّاهَا وَأَقْطَعَهُ أَيْضًا أَرْضًا عَلَى فَرَاسِخَ مِنَ الْأَيْلَةِ فِيمَا يَلِي الْبَحْرَ ذَكَرَ ذَلِكَ أَهْلُ السِّيَرِ وَالْعِلْمِ بِالْخَبَرِ قَالُوا وَكَانَ حُمْرَانُ أَحَدَ الْعُلَمَاءِ الْجُلَّةِ أَهْلِ الْوَدَاعَةِ وَالرَّأْيِ وَالشَّرَفِ بِوَلَائِهِ وَنَسَبِهِ وَهُوَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فَجَلَدَهُ بِشَهَادَتِهِ عَلِيٌّ جَعَلَ ذَلِكَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ وَتَوَلَّى ضَرْبَ الْوَلِيدِ بِيَدِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِأَمْرِ عَلِيٍّ لَهُ بِذَلِكَ وَكَانَ جَلْدُهُ لَهُ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً وَهَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ جَمَاعَةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ فِيهِ صِفَةُ الْوُضُوءِ ثَلَاثًا وَلَا اثْنَتَيْنِ وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بإسناده عن

عُرْوَةَ عَنْ حُمْرَانَ عَنْ عُثْمَانَ فَذَكَرُوا فِيهِ صفة الوضوء المضمضمة وَالِاسْتِنْشَاقَ وَغَسْلَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَاخْتَلَفُوا فِي أَلْفَاظِهِ مِنْهُمْ شُعْبَةُ وَأَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَجَمَاعَةٌ وَرَوَاهُ عَنْ عُرْوَةَ جَمَاعَةٌ أَيْضًا مِنْهُمْ أَبُو الزِّنَادِ وَأَبُو الْأَسْوَدِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَفِي حَدِيثِهِمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمْدَانَ قَالَ تَوَضَّأَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَلَى الْمَقَاعِدِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ رَجُلٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يُصَلِّي إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى حَتَّى يُصَلِّيَهَا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَنَّ الصَّلَاةَ تُكَفِّرُ الذُّنُوبَ وَهُوَ تَأْوِيلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ عَلَى حَسْبَمَا نَزَعَ بِهِ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْقَوْلُ فِي هَذَا عِنْدِي كَالْقَوْلِ فِي حَدِيثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا فَسُبْحَانَ الْمُتَفَضِّلِ الْمُنْعِمِ الْمُحْسِنِ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَعْنِي حَدِيثَ الْوُضُوءِ عَنْ حُمْرَانَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْجُلَّةِ وَمَنْ دُونَهُمْ مِنْهُمْ عُرْوَةُ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ وَجَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ أَبُو صَخْرَةَ وَمَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ وَشَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ أَبُو وائل وأبو سلمة بن عبد الرحمان وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَمُوسَى بْنُ طَلْحَةَ وَزَيْدُ

بْنُ أَسْلَمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَمُجَاهِدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُعَاذُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ وَغَيْرُهُمْ كُلُّهُمْ عَنْ حُمْرَانَ عَنْ عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّ أَلْفَاظَهُمْ عَنْ حُمْرَانَ مُخْتَلِفَةٌ وَلَكِنَّهَا مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى وَأَمَّا قَوْلُهُ لَوْلَا أَنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ فَطَائِفَةٌ رَوَتْ لَوْلَا أَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِالنُّونِ وَهَاءِ الضَّمِيرِ وَطَائِفَةٌ رَوَتْ لَوْلَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِالْيَاءِ وَتَاءِ التَّأْنِيثِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ الْآيَةَ قَوْلُهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى الْآيَةَ وَرَوَى آخَرُونَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ الْآيَةَ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ لَوْلَا أَنَّهُ بِالنُّونِ وَهَاءِ الضَّمِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُ مَالِكٍ أَرَاهُ يُرِيدُ هَذِهِ الْآيَةَ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا أَيْضًا وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَى الْمَقَاعِدِ فَقِيلَ هِيَ الدَّكَاكِينُ كَانَتْ عِنْدَ بَابِ دَارِ عُثْمَانَ كَانُوا يَجْلِسُونَ عَلَيْهَا فَسُمِّيَتِ الْمَقَاعِدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ آذِنْهُ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ يُرِيدُ أَعْلِمْهُ بِحُضُورِهَا وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الحرث ابن حِلِّزَةَ آذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاءُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إسحاق ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ نَوْفَلٍ الْمَعْمَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْبَكْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمْ أَرَ شَيْئًا أَحْسَنَ طَلَبًا وَلَا أَحْسَنَ إِدْرَاكًا مِنْ حَسَنَةٍ حَدِيثَةٍ لِذَنْبٍ قَدِيمٍ ثُمَّ قَرَأَ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ

الحديث الثلاثون

حَدِيثٌ مُوفِي ثَلَاثِينَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عُرْوَةُ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ حَدِيثَانِ ذَكَرُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَارِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرٌ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو رَافِعٍ قَالَ كُنْتُ إِذَا ذَكَرْتُ امْرَأَةً بِالْمَدِينَةِ فَقِيهَةً ذَكَرْتُ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ قَالَ نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ هَكَذَا رَوَى هَذَا الحديث مالك عن هشام بن عروة عن أَبِي عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ إِلَّا الْقَعْنَبِيَّ فَإِنَّهُ أَرْسَلَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَمَّا ابْنُ شِهَابٍ فَرَوَاهُ عَنْ عُرْوَةَ فَمَرَّةً أَرْسَلَهُ وَمَرَّةً جَعَلَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ يَحْتَلِمْنَ وَيُنْزِلْنَ الْمَاءَ وَذَلِكَ عِنْدِي فِي الْأَغْلَبِ لَا عَلَى الْعُمُومِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ إِنْكَارِ عَائِشَةَ لِقَوْلِ أُمِّ سُلَيْمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ يُوجَدُ فِي الرِّجَالِ مَنْ لَا يَحْتَلِمُ فَكَيْفَ فِي النِّسَاءِ وَقَدْ

الحديث الحادي والثلاثون

قِيلَ إِنَّ عَائِشَةَ إِنَّمَا قَالَتْ ذَلِكَ لِصِغَرِ سِنِّهَا وَكَوْنِهَا مَعَ زَوْجِهَا وَالِاحْتِلَامُ إِنَّمَا يَجِدُهُ النِّسَاءُ عِنْدَ عَدَمِ الْأَزْوَاجِ إِذَا فُقِدُوا وَبَعُدُوا عَنْهُنَّ وَقِيلَ إِنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي النِّسَاءِ مَنْ لَا يَحْتَلِمُ فَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِنْ أُولَئِكَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَيْفَ كَانَ فَإِنَّ عَائِشَةَ لَمْ تُنْكِرْهُ إِلَّا لِأَنَّهَا لَمْ تَعْرِفْهُ وَقَدْ جَاءَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ نَحْوُ مَا جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى وَمَا جَاءَ فِيهِ وَفِي سَائِرِ مَعَانِي هَذَا الْخَبَرِ مُمَهَّدًا (مَبْسُوطًا) فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثٌ حَادٍ وَثَلَاثُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يكون ألحن بحجته من بعض فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْ (مِنْهُ شَيْئًا) فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النار

هَذَا حَدِيثٌ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَرَوَاهُ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ سَوَاءً عَنْ هِشَامٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ مِنْهُمُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالْقَطَّانُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ هِشَامٍ سَوَاءً وَقَدْ رَوَى هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو هُرَيْرَةَ كَمَا رَوَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْبَشَرَ لَا يَعْلَمُونَ مَا غُيِّبَ عَنْهُمْ وَسُتِرَ مِنَ الضَّمَائِرِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَيْ إِنِّي مِنَ الْبَشَرِ وَلَا أَدْرِي بَاطِنَ مَا تَتَحَاكَمُونَ فِيهِ عِنْدِي وَتَخْتَصِمُونَ فِيهِ إِلَيَّ وَإِنَّمَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ عَلَى ظَاهِرِ مَا تَقُولُونَ وَتُدْلُونَ بِهِ مِنَ الْحِجَاجِ فَإِذَا كَانَ الْأَنْبِيَاءُ لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَصِحَّ دَعْوَى ذَلِكَ لِأَحَدٍ غَيْرِهِمْ مِنْ كَاهِنٍ أَوْ مُنَجِّمٍ وَإِنَّمَا يَعْلَمُ الْأَنْبِيَاءُ مِنَ الْغَيْبِ مَا أُعْلِمُوا بِهِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْوَحْيِ وَفِيهِ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ أَدْرَى بِمَوْقِعِ الْحُجَّةِ وَتَصَرُّفِ الْقَوْلِ مِنْ بَعْضٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَى قَوْلِهِ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ يَعْنِي أَفْطَنُ لَهَا وَأَحْدَى بِهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ اللَّحَنُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْفِطْنَةُ وَاللَّحْنُ بِالْجَزْمِ الْخَطَأُ فِي الْقَوْلِ وَفِيهِ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ أَدْرَى بِمَوْقِعِ الْحُجَّةِ وَتَصَرُّفِ الْقَوْلِ مِنْ بَعْضٍ قَالَ أَبُو بَيِّنَاتٍ عَلَى حَسْبَمَا أَحْكَمَتْهُ السُّنَّةُ فِي ذَلِكَ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ وَإِبْطَالٌ لِلْحُكْمِ بِالْهَوَى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجل يا داود إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى الْآيَةَ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي رَدِّ حُكْمِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ لِقَوْلِهِ فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى نَحْوِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ قَالَ وَإِنَّمَا تَعَبَّدْنَا بِالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ وَهُوَ الْمَسْمُوعُ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إما أَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ قَالَ وَالْعِلَّةُ فِي الْقَضَاءِ بِالْبَيِّنَةِ دُونَ

الْعِلْمِ التُّهْمَةَ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مَا لَا يَعْلَمُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَتَلَ أَخَاهُ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ قَتَلَ مَنْ لَمْ يَجِبْ قَتْلُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَرِثْهُ وَهَذَا لِمَوْضِعِ التُّهْمَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي الْحُدُودِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ أَفْضَلِ مَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ حَدِيثُ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا جَهْمٍ عَلَى صَدَقَةٍ فَلَاجَّهُ رَجُلٌ فِي فَرِيضَةٍ فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ شِجَاجٌ فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وخبروه فأعطاهم لأرش ثُمَّ قَالَ إِنِّي خَاطِبُ النَّاسِ وَمُخْبِرُهُمْ أَنَّكُمْ قَدْ رَضِيتُمْ أَرَضِيتُمْ قَالُوا نَعَمْ فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْمِنْبَرَ) فَخَطَبَ (2849 وَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَقَالَ أَرَضِيتُمْ قَالُوا لَا فَهَمَّ بِهِمُ الْمُهَاجِرُونَ فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ صَعِدَ فَخَطَبَ فَقَالَ (285) أَرَضِيتُمْ فَقَالُوا نَعَمْ وَهَذَا بَيِّنٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَاخِذْهُمْ بِعِلْمِهِ فِيهِمْ وَلَا قَضَى بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَدْ عَلِمَ رِضَاهُمْ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِمَا عَلِمَهُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إِنَّمَا تُعْلِمُهُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ لِيَعْلَمَهُ فَيَقْضِيَ بِهِ وَقَدْ تَكُونُ كَاذِبَةً وَوَاهِمَةً وَعِلْمُهُ بِالشَّيْءِ أَوْكَدُ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ له أن يعدل ويسقط العدول بعلمه فكذلك ماعلم صِحَّتَهُ وَأَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ عَلَى غَيْرِ مَا شَهِدُوا بِهِ أَنَّهُ يُنَفِّذُ عِلْمَهُ فِي ذَلِكَ دُونَ شَهَادَتِهِمْ وَلَا يَقْضِي

وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَةَ زَوْجَهُ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنِ ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ لِمَا عَلِمَهُ وَرَآهُ مِنْ شِبْهِهِ بِعُتْبَةَ وَقَالُوا إِنَّمَا يَقْضِي بِمَا يَسْمَعُ فِيمَا طَرِيقُهُ السَّمْعُ مِنَ الْإِقْرَارِ أَوِ الْبَيِّنَةِ وَفِيمَا طَرِيقُهُ عِلْمُهُ قَضَى بِعِلْمِهِ وَلَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ مُنَازَعَاتٌ أَكْثَرُهَا تَشْغِيبٌ وَالسَّلَفُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مُخْتَلِفُونَ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي ذَلِكَ وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ مَعَ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ جَمِيعًا بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ اسْتَعْدَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابٍ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ أَنَّهُ ظَلَمَهُ حَدًّا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَكَّةَ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ وَرُبَّمَا لَعِبْتُ أَنَا وَأَنْتَ فِيهِ وَنَحْنُ غِلْمَانُ فَإِذَا قَدِمْتَ مَكَّةَ فَائْتِنِي بِأَبِي سُفْيَانَ فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَاهُ الْمَخْزُومِيُّ بِأَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا أَبَا سُفْيَانَ انْهَضْ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا فَنَهَضَ وَنَظَرَ عُمَرُ فَقَالَ يَا أَبَا سُفْيَانَ خذ هذا الحجر من ههنا فضعه ههنا فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ فَقَالَ وَاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ فَقَالَ لَا أَفْعَلُ فَعَلَاهُ عُمَرُ بِالدُّرَّةِ وَقَالَ خذه لا أم لك وضعه ههنا فَإِنَّكَ مَا عَلِمْتَ قَدِيمَ الظُّلْمِ فَأَخَذَ الْحَجَرَ أَبُو سُفْيَانَ وَوَضَعَهُ حَيْثُ قَالَ عُمَرُ ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ إِذْ لَمْ تَمُتْنِي حَتَّى غَلَبْتَ أَبَا سُفْيَانَ عَلَى رَأْيِهِ وَأَذْلَلْتَهُ لِي بِالْإِسْلَامِ قَالَ فَاسْتَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ الْقِبْلَةَ وَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ إِذْ لَمْ تَمُتْنِي حَتَّى جَعَلْتَ فِي قَلْبِي مِنَ الْإِسْلَامِ مَا ذَلَلْتُ بِهِ لِعُمَرَ فَفِي هَذَا الْخَبَرِ قَضَى عُمَرُ بِعِلْمِهِ فِيمَا قَدْ عَلِمَهُ قَبْلَ وِلَايَتِهِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ سَوَاءً عِنْدَهُمْ عَلِمَهُ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مِصْرِهِ كَانَ أَوْ فِي غَيْرِ مِصْرِهِ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي ذَلِكَ

كُلِّهِ عِنْدَهُمْ بِعِلْمِهِ لِأَنَّ يَقِينَهُ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ شَهَادَةِ الشُّهُودِ الَّذِينَ لَا يَقْطَعُ عَلَى غَيْبِ مَا شَهِدُوا بِهِ كَمَا يَقْطَعُ عَلَى صِحَّةِ مَا عَلِمُوا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَا عَلِمَهُ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ أَوْ رَآهُ فِي غَيْرِ مِصْرِهِ لَمْ يَقْضِ فِيهِ بِعِلْمِهِ وَمَا عَلِمَهُ بَعْدَ أَنِ اسْتَقْضَى أَوْ رَآهُ بِمِصْرِهِ قَضَى فِي ذَلِكَ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَحْتَجْ فِي ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ وَاتَّفَقَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحُدُودِ لَا فِيمَا عَلِمَهُ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ وَلَا فِيمَا رَآهُ بِمِصْرِهِ وَلَا بِغَيْرِ مِصْرِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ حُقُوقُ النَّاسِ وَحُقُوقُ اللَّهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَالْحُدُودُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَجَائِزٌ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِمَا عَلِمَهُ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَا يَقْضِي الْقَاضِي فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِمَا عَلِمَهُ حَدًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ حَدٍّ لَا قَبْلَ وِلَايَتِهِ وَلَا بَعْدَهَا وَلَا يَقْضِي إِلَّا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْإِقْرَارِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ وَالشَّعْبِيُّ وَفِي قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ دَلِيلٌ عَلَى إِبْطَالِ الْقَضَاءِ بِالظَّنِّ وَالِاسْتِحْسَانِ وَإِيجَابِ الْقَضَاءِ بِالظَّاهِرِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ بِظَاهِرِ أَمْرِهِمَا وَمَا ادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَنَفَاهُ فَأَحْلَفَهُمَا بِأَيْمَانِ اللِّعَانِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ بَلْ قَالَ إِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لِلزَّوْجِ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى نَعْتِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لِلَّذِي رُمِيَتْ بِهِ فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ فَلَمْ يَلْتَفِتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ بَلْ أَمْضَى حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمَا بَعْدَ أَنْ سَمِعَ مِنْهُمَا وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى الْمُمْكِنِ وَلَا أَوْجَبَ بِالشُّبْهَةِ حُكْمًا فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ

وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَإِنَّهُ بَيَانٌ وَاضِحٌ فِي أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِالظَّاهِرِ الَّذِي تَعْبَّدَ بِهِ لَا يَحِلُّ فِي الْبَاطِنِ حَرَامًا قَدْ عَلِمَهُ الَّذِي قَضَى لَهُ بِهِ وَأَنَّ حُكْمَهُ بِالظَّاهِرِ بَيْنَهُمْ لَا يَحِلُّ لَهُمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِثَالُ ذَلِكَ رَجُلٌ ادَّعَى على رجل بدعوى وأقام عليه بنية زُورٍ كَاذِبَةً فَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ بِظَاهِرِ عَدَالَتِهِمْ عِنْدَهُ وَأَلْزَمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا شَهِدُوا بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ لِلْمُدَّعِي إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَهُ وَأَنَّ بَيِّنَتَهُ كَاذِبَةٌ إِمَّا مِنْ جِهَةِ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْغَلَطِ وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ لِقَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ حَدِيثُ عُبَادَةَ وَأَنْ تَقُومَ بِالْحَقِّ حَيْثُ مَا كُنَّا لَا تَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَقَوْلُهُ كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ هِنْدٍ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ قَوْلُهُ خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدِكِ وَكَذَلِكَ لَوْ ثَبَتَ عَلَى رَجُلٍ لِرَجُلٍ حَقٌّ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَادَّعَى دَفْعَهُ إِلَيْهِ وَالْبَرَاءَةَ مِنْهُ وَهُوَ صَادِقٌ فِي دَعْوَاهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَجَحَدَهُ الْمُدَّعِي الدَّفْعَ إِلَيْهِ وَحَلَفَ لَهُ عَلَيْهِ وَقَبَضَ مِنْهُ ذَلِكَ الْحَقَّ مَرَّةً أُخْرَى بِقَضَاءِ قَاضٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّنْ قَطَعَ لَهُ أَيْضًا قِطْعَةً مِنَ النَّارِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ قَضَاءُ الْقَاضِي بِالظَّاهِرِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الْبَاطِنِ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ سَوَاءً

قَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ قَالَ لَا تُدْلِي بِمَالِ أَخِيكَ إِلَى الْحَاكِمِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ لَهُ ظَالِمٌ فَإِنَّ قَضَاءَهُ لَا يَحِلُّ لَكَ شَيْئًا كَانَ حَرَامًا عَلَيْكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَعَلَى هَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْهُ جَرَى مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ كُلُّهُمْ قَدْ جَعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ أَصْلًا فِي هَذَا الْبَابِ وَجَاءَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَبْلَهُمَا فِي رَجُلَيْنِ تَعَمَّدَا الشَّهَادَةَ بِالزُّورِ على رجل أنه طلق امرأه فقبل القاضي شهادتهما لظاهر عَدَالَتَهُمَا عِنْدَهُ وَهُمَا قَدْ تَعَمَّدَا الْكَذِبَ فِي ذَلِكَ أَوْ غَلِطَا أَوْ وَهِمَا فَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ اعْتَدَّتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ جَائِزٌ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي شَهَادَتِهِ وَعَالِمٌ بِأَنَّ زَوْجَهَا لَمْ يُطَلِّقْهَا لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَمَّا أَحَلَّهَا لِلْأَزْوَاجِ كَانَ الشُّهُودُ وَغَيْرُهُمْ فِي ذَلِكَ سَوَاءً وَهَذَا إِجْمَاعٌ أَنَّهَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ غَيْرِ الشُّهُودِ مَعَ الِاسْتِدْلَالِ بِفُرْقَةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ يُوقِعُهُ وَقَالَ مَنْ خَالَفَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ هَذَا خِلَافُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ وَمِنْ حَقِّ هَذَا الرَّجُلِ عِصْمَةُ زَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يُطَلِّقْهَا وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ مَنْ سَمَّيْنَاهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ لَا يَحِلُّ لِوَاحِدٍ مِنَ الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِذَا عَلِمَ أَنَّ زَوْجَهَا لَمْ يُطَلِّقْهَا وَأَنَّهُ كَاذِبٌ أَوْ غَالِطٌ فِي شَهَادَتِهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوَارِيثَ لَهُمَا فَلَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ إِلَّا دَعَوَاهُمَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلَحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَبَكَى الرَّجُلَانِ وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ حَقِّي لَكَ فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا إِذْ فَعَلْتُمَا فَاقْتَسِمَا وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ ثُمَّ اسْتَهِمَا ثُمَّ تَحَلَّلَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ مَعَ الْأَحْكَامِ الَّتِي قَدَّمْنَا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ خِلَافَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَفِيهِ أَنَّ لِلشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَقْتَسِمَا مِنْ غَيْرِ حكم حاكم وأن الهبة تصح بالقول وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى قَبْضٍ فِي الْوَقْتِ لِقَوْلِهِ حَقِّي لَكَ وَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لايصح لك حتى تقبضه ومن ههنا قَالَ مَالِكٌ تَصِحُّ الْمُطَالَبَةُ بِالْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِتُقْبَضَ وَفِيهِ جَوَازُ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْمَجْهُولِ وَالصُّلْحِ مِنْهُ وَهِبَتِهِ وَفِيهِ جَوَازُ الِاجْتِهَادِ لِلْحَاكِمِ فِيمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَصٌّ وَفِيهِ جَوَازُ التَّحَرِّي فِي أَدَاءِ الْمَظَالِمِ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْقُرْعَةِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْحَقِّ وَفِيهِ جَوَازُ تَرْدِيدِ الْخُصُومِ حَتَّى يَصْطَلِحُوا وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رَحِمَهُ الله نصا وَذَلِكَ فِيمَا أُشْكِلَ لَا فِيمَا بَانَ وَاللَّهُ المستعان

الحديث الثاني والثلاثون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَثَلَاثُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ تُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَتُفْتَحُ الشَّامُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ قَدْ ذَكَرْنَا سُفْيَانَ بْنَ أَبِي زُهَيْرٍ فِي الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ هَهُنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ تُفْتَحُ الْيَمَنُ فَالْيَمَنُ افْتُتِحَتْ فِي أَيَّامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَافْتُتِحَ بَعْضُهَا فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ بِمُقَاتَلَةِ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ الْمُتَنَبِّي الْكَذَّابِ بِصَنْعَاءَ قَتَلَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي خِلَافَتِهِ كَمَا قَتَلَ مُسَيْلِمَةَ فِي بَنِي حَنِيفَةَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْأَسْوَدَ الْعَنْسِيَّ قُتِلَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرِيضٌ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَهُوَ الْأَكْثَرُ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ

وَأَمَّا الشَّامُ وَالْعِرَاقُ فَكَانَ افْتِتَاحُهُمَا فِي زَمَنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ غَيْبٌ كَانَ بَعْدَهُ قَدْ أَخْبَرَ بِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مِنَ الْغَيْبِ إِلَّا مَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَوْحَى بِهِ إِلَيْهِ فَقَدِ افْتُتِحَتْ بَعْدَهُ الشَّامُ وَالْعِرَاقُ وَالْيَمَنُ بَعْضُهَا وَقَدْ خَرَجَ النَّاسُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الشَّامِ وَإِلَى الْيَمَنِ وَإِلَى الْعِرَاقِ وَكَانَ مَا قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ لَوْ صَبَرُوا بِالْمَدِينَةِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَصْبِرُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا أَوْ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى الْيَمَنِ وَعَلَى الشَّامِ وَعَلَى الْعِرَاقِ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْبِقَاعِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَلَا يُوصَلُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ وَأَمَّا الْقِيَاسُ وَالنَّظَرُ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ صَحَّتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَضْلِ المدينة وأجمع علماء الأمة على أنها لَهَا فَضْلًا مَعْرُوفًا لِمَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبَرِهِ فِيهَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الأفضل منها ومن مكة لا غير وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَأَمَّا قَوْلُهُ يُبِسُّونَ فَمَنْ رَوَاهُ يُبِسُّونَ بِرَفْعِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْبَاءِ مِنْ أَبَسَّ يَبُسُّ عَلَى الرُّبَاعِيِّ فَقَالَ مَعْنَاهُ يُزَيِّنُونَ لَهُمُ الْبَلَدَ الَّذِي جَاءُوا مِنْهُ وَيُحَبِّبُونَهُ إِلَيْهِمْ وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى الرَّحِيلِ إِلَيْهِ مِنَ الْمَدِينَةِ قَالُوا وَالْإِبْسَاسُ مَأْخُوذٌ مِنْ إِبْسَاسِ الْحَلُوبَةِ عِنْدَ حِلَابِهَا كَيْ تَدِرَّ بِاللَّبَنِ وَهُوَ أَنْ تُجْرِيَ يَدَكَ عَلَى وَجْهِهَا وَصَفْحَةِ عُنُقِهَا كَأَنَّكَ تُزَيِّنُ ذَلِكَ عِنْدَهَا وَتُحَسِّنُهُ لَهَا

ومنه قول عمران بن حطان ... والدهر دو دُرَّةٍ مِنْ غَيْرِ إِبْسَاسِ ... وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَعْنَاهُ يُزَيِّنُونَ لَهُمُ الْخُرُوجَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ يُبِسُّونَ بِالرَّفْعِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ يُبِسُّونَ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وفسر ابن حبيب الكلمة بنحو هذا النفسير وَأَنْكَرَ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهَا مِنَ السَّيْرِ كُلَّ الْإِنْكَارِ وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ يَبِسُّونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَذَلِكَ رِوَايَتُهُ وَفَسَّرَهُ يَسِيرُونَ قَالَ مِنْ قَوْلِهِ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا يَعْنِي سَارَتْ وَيُقَالُ سَالَتْ وَذَكَرَ حَبِيبٌ عَنْ مَالِكٍ مِثْلَ تَفْسِيرِ ابْنِ بُكَيْرٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يَبَسُّونَ يَدْعُونَ وَأَظُنُّ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِفَتْحِ الياء وضم الْبَاءِ وَرِوَايَةَ ابْنِ بُكَيْرٍ بِكَسْرِهَا وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَالْبَسُّ أَيْضًا الْمُبَالَغَةُ فِي فَتِّ الشَّيْءِ وَمِنْهُ قِيلَ فِي الدَّقِيقِ الْمَصْنُوعِ بِالزَّيْتِ وَنَحْوِهِ الْبَسِيسُ قَالَ الرَّاجِزُ ... أَخُبْزًا خُبْزًا وَبَسًّا بَسَّا ... يُرِيدُ عَمَلًا بَسِيسًا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَالَ غَيْرُهُ يَبُسُّونَ يُسْرِعُونَ السَّيْرَ وَقِيلَ يَزْجُرُونَ دَوَابَّهُمْ وَقَالَ غَيْرُهُ يَبُسُّونَ يَسْأَلُونَ عَنِ الْبُلْدَانِ وَيَتَشَفَّوْنَ مِنْ أَخْبَارِهَا لِيَتَحَمَّلُوا إليها وهذا

لا يكاد يعرفه أهل اللغة وأهل الرُّبَاعِيُّ فَلَا خِلَافَ فِيهِ وَفِي مَعْنَاهُ وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا وَجْهٌ وَاحِدٌ وَأَمَّا الثُّلَاثِيُّ فَفِيهِ لُغَتَانِ بَسَّ يَبِسُّ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَيَبُسُّ بِضَمِّهَا وَمِثْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ عِنْدِي قَتَرَ وَأَقْتَرَ فِيهِ لُغَتَانِ قَتَرَ عَلَى الثُّلَاثِيِّ وَأَقْتَرَ عَلَى الرُّبَاعِيِّ وَفِي الثُّلَاثِيِّ لُغَتَانِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْهُ يَقْتِرُ بِكَسْرِ التَّاءِ وَيَقْتُرُ بِضَمِّهَا وَقَدْ قُرِئَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَوْجَهِ يُقَتِّرُوا مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَيَقْتُرُوا مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَيَقْتِرُوا مِنْهُ أَيْضًا وَأَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى فِي يَبِسُّونَ عِنْدَ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا الَّذِينَ اعْتَمَدْنَا عَلَيْهِمْ فِي التَّقْيِيدِ فَعَلَى فَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْبَاءِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَفَسَّرُوهُ يَسِيرُونَ عَلَى نَحْوِ رِوَايَةِ ابْنِ بُكَيْرٍ وَتَفْسِيرِهِ وَلَا يَصِحُّ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى غَيْرُ هَذَا الضَّبْطِ وَمَنْ رَوَى فِي مُوَطَّأِ يَحْيَى غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى مَا لَمْ يَرْوِ يَحْيَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ ابْنُ حَبِيبٍ يُنْكِرُ رِوَايَةَ يَحْيَى وَيَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ نَافِعٍ وَحَبِيبٌ وَغَيْرُهُمْ كَذَلِكَ وَيُقَالُ إِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ رَوَاهُ يَبُسُّونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْبَاءِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ فَقِيلَ فِيهِ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْفِتَنَ فِيهَا دُونَهَا فِي غَيْرِهَا وَقِيلَ مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّلَاةِ فِيهِ وَمُجَاوِرَةِ قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَنْفِي خُبْثَهَا كَمَا قَالَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ لِلْفَارِّ عَنْ صُحْبَتِهِ وَجِوَارِهِ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ جُمْلَةَ مَنْ خَرَجَ بَعْدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ لَمْ يَكُونُوا خُبْثًا بَلْ كَانُوا دُرَرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ

الحديث الثالث والثلاثون

هِشَامٌ عَنْ زَوْجِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَهِيَ بِنْتُ عَمِّهِ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَثَلَاثُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ الْمُنْذِرِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ إِذَا أُتِيَتْ بِالْمَرْأَةِ وَقَدْ حُمَّتْ تَدْعُو لَهَا أَخَذَتِ الْمَاءَ فَصَبَّتْهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَيْبِهَا وَقَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ أَنْ يُبَرِّدَهَا بِالْمَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّبَرُّكُ بِدُعَاءِ الْإِنْسَانِ الصَّالِحِ رَجَاءَ الشِّفَاءِ فِي دُعَائِهِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ يَصْرِفُ الْبَلَاءَ وَهَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَا لَا يَشُكُّ فِيهِ مُسْلِمٌ وَفِيهِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرَدُوهَا بِالْمَاءِ لِأَنَّ أَسْمَاءَ حَكَتْ فِي فِعْلِهَا ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّبْرِيدَ بِالْمَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ الصَّبُّ بَيْنَ الْمَحْمُومِ وَبَيْنَ جَيْبِهِ وَذَلِكَ أَنْ يُصَبَّ الْمَاءُ بَيْنَ طَوْقِهِ وَعُنُقِهِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى جَسَدِهِ فَمَنْ فَعَلَ كَذَلِكَ وَكَانَ مَعَهُ يَقِينٌ صَحِيحٌ رَجَوْتُ لَهُ الشِّفَاءَ مِنَ الْحُمَّى إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الرابع والثلاثون

ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَابْنُ سَمْعَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ قَالَ نَافِعٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اكْشِفْ عَنَّا الرِّجْزَ وَهَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَهُوَ فِيهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ عُفَيْرٍ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ فِي صِفَةِ الْغُسْلِ لِلْحُمَّى حَدِيثًا مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ شَكَا إِلَيْهِ الْحُمَّى اغْتَسِلْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ كُلَّ يَوْمٍ وَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ اذْهَبِي يَا أُمَّ مِلْدَمٍ وَإِنْ لَمْ تَذْهَبْ فَاغْتَسِلْ سَبْعًا وَقَدْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ كُنْتُ أَدْفَعُ النَّاسَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَاحْتُبِسْتُ أَيَّامًا فَقَالَ مَا حَبَسَكَ قُلْتُ الْحُمَّى قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِنَّ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِمَاءِ زَمْزَمَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا حُمَّ بَلَّ ثَوْبَهُ ثُمَّ لَبِسَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّهَا مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ حَدِيثٌ رَابِعٌ وَثَلَاثُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ سَأَلَتِ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ

أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا إِذَا أَصَابَ ثَوْبَهَا الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ كَيْفَ تَصْنَعُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ إِحْدَاكُنَّ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ فَلْتَقْرِصْهُ ثُمَّ لْتَنْضَحْهُ بِالْمَاءِ ثُمَّ لْتُصَلِّ فِيهِ وَقَعَ فِي كِتَابِ يَحْيَى وَنُسْخَتِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِيهِ وَغَيْرِهِ عَنْهُ فِي هذا الحديث مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ فَاطِمَةَ وَهَذَا خَطَأٌ بَيِّنٌ وَغَلَطٌ لَا شَكَّ فِيهِ (وَهُوَ مِنْ خَطَأِ الْيَدِ وَجَهْلِ يَحْيَى بِالْإِسْنَادِ) لِأَنَّ عُرْوَةَ لَمْ يَرْوِ قَطُّ عَنْ فَاطِمَةَ هَذِهِ وَهِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ زَوْجُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ لِهِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ امْرَأَتِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ كُلُّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَضَّاحٍ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِيهِ قال ابو عمر وروي فتلقرصه بفتح التاء وضم الراء وكسرها أيضا ويروى على التكثير فتلقرصه بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فَلْتَقْرِصْهُ يَقُولُ فَلْتَقْطَعْهُ بِالْمَاءِ وَكُلُّ مُقَطَّعٍ فَهُوَ مُقَرَّصٌ يُقَالُ مِنْهُ الْمَرْأَةُ قَدْ قَرَّصَتِ الْعَجِينَ إِذَا قَطَّعَتْهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ عِنْدِي فِي هَذَا بَعِيدٌ وَخَيْرٌ مِنْهُ قَوْلُ الْأَخْفَشِ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فَأَرَاهُمْ كَيْفَ (ذَلِكَ) الْقُرْصُ فَضَمَّ أُصْبُعَيْهِ الْإِبْهَامَ وَالسَّبَّابَةَ وَأَخَذَ بِهِمَا شَيْئًا مِنْ ثَوْبِهِ فَقَالَ هَكَذَا يُفْعَلُ بِالْمَاءِ فِي مَوْضِعِ الدَّمِ ثُمَّ كَمَا يُقَرِّصُ الرَّجُلُ جَارَيْتَهُ هُوَ كَذَلِكَ الْقُرْصُ قَالَ وَأَمَّا الْقَرْسُ بِالسِّينِ فَهُوَ قَرْسُ الْبَرْدِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَؤُلَاءِ إِنَّمَا فَسَّرُوا اللَّفْظَةَ فِي اللُّغَةِ وَأَمَّا الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ إِلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي الشَّرِيعَةِ فَهُوَ غَسْلُ دَمِ الْحَيْضِ مِنَ الثَّوْبِ إِذَا أَصَابَهُ وَالْخَبَرُ بِأَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ لِنَجَاسَتِهِ وَحُكْمُ كُلِّ دَمٍ كَدَمِ الْحَيْضِ إِلَّا أَنَّ قَلِيلَ الدَّمِ مُتَجَاوِزٌ عَنْهُ لِشَرْطِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي نَجَاسَةِ الدَّمِ أَنْ يَكُونَ مَسْفُوحًا فَحِينَئِذٍ هُوَ رِجْسٌ وَالرِّجْسُ النَّجَاسَةُ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الدَّمَ الْمَسْفُوحَ رِجْسٌ نَجِسٌ إِلَّا أَنَّ الْمَسْفُوحَ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ الْجَارِي فِي اللُّغَةِ فَإِنَّ الْمَعْنَى فِيهِ فِي الشَّرِيعَةِ الْكَثِيرُ إِذِ الْقَلِيلُ لَا يَكُونُ جَارِيًا مَسْفُوحًا فَإِذَا سَقَطَتْ مِنَ الدَّمِ الْجَارِي نُقْطَةٌ فِي ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ لَمْ يَكُنْ حُكْمُهَا حُكْمَ الْمَسْفُوحِ الْكَثِيرِ وَكَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْقَلِيلِ وَلَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى أَصْلِهَا فِي اللُّغَةِ ذَكَرَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ (مُبَارَكِ) بْنِ فَضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْتُلُ الْقَمْلَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ قَتَلَ الْقَمْلَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ نُعَيْمٌ هَذَا أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنَ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي قَتْلِ الْقَمْلِ سَيْلَ يَسِيرٍ من الدم

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المؤمن قال حدثنا عبدا لحميد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمان بْنِ مَعْمَرٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ أَدْرَكْتُ فُقَهَاءَنَا يَقُولُونَ مَا أَذْهَبَهُ الْحَكُّ مِنَ الدَّمِ فَلَا يَضُرُّ وَمَا أَذْهَبُهُ الْفَتْلُ فِيمَا يَخْرُجُ مِنَ الْأَنْفِ فَلَا يَضُرُّ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى بِالْقَطْرَةِ وَالْقَطْرَتَيْنِ مِنَ الدَّمِ فِي الصَّلَاةِ بَأْسًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ وَقِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ تَذْهَبُ فِي الدَّمِ فَقَالَ إِذَا كَانَ فَاحِشًا قِيلَ لَهُ فِي الثَّوْبِ فَقَالَ فِي الثَّوْبِ وَإِذَا خَرَجَ مِنَ الْجَرْحِ قِيلَ لَهُ السَّائِلُ أَوِ الْقَاطِرُ فَقَالَ إِذَا فَحُشَ أَذْهَبُ إِلَى الْفَاحِشِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمُوا فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ كَانَ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أَنْفِهِ وَابْنُ عُمَرَ عَصَرَ بَثْرَةً وَابْنُ أَبِي أَوْفَى تَنَخَّمَ دَمًا وَجَابِرٌ أَدْخَلَ أَصَابِعَهُ فِي أَنْفِهِ وَابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا كَانَ فَاحِشًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى يَتَنَخَّمُ دَمًا عَبِيطًا وَهُوَ يُصَلِّي قَالَ وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَصَرَ بَثْرَةً فِي وَجْهِهِ فَخَرَجَ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ دَمٍ وَقَيْحٍ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ وَصَلَّى وَلَمْ يتوضأ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ غَيْرُ الدَّمِ لِأَنَّ الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ تُعَادُ مِنْهُمَا الصَّلَاةُ وَيُغْسَلُ قَلِيلُهُمَا وَكَثِيرُهُمَا قَالَ وَالدَّمُ إِذَا فَحُشَ تُعَادُ مِنْهُ الصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ كَمَا يُعَادُ مِنْ قَلِيلِ الْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى التَّجَاوُزِ وَالْعَفْوِ عَنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ وَهَذَا أَصْلٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي غَسْلِ النَّجَاسَاتِ مِنَ الثِّيَابِ وَلَا أَعْلَمُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَسْلِ النَّجَاسَاتِ أَبَيْنَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْفُقَهَاءُ فِي غَسْلِ النَّجَاسَاتِ وَجَعَلُوهُ أَصْلَ هَذَا الْبَابِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ غَسْلِ النَّجَاسَاتِ كَالدِّمَاءِ وَالْعَذِرَاتِ وَالْأَبْوَالِ وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ الْمَعْرُوفَاتِ مِنَ الثِّيَابِ وَالْأَبْدَانِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ غَسْلُهَا فَرْضٌ وَاجِبٌ وَلَا تُجْزِئُ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ عَالِمًا كَانَ بِذَلِكَ أَوْ سَاهِيًا عَنْهُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَظَاهِرُهُ تَطْهِيرُ الثِّيَابِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ بِذِكْرِهَا فِي قَوْلِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَفِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ وَكَلَامِهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تُكَنَّى عَنِ الْقَلْبِ وَطَهَارَتِهِ وَطَهَارَةِ الْجَيْبِ بِطَهَارَةِ الثَّوْبِ فَهَذِهِ اسْتِعَارَةٌ وَالْأَصْلُ فِي الثَّوْبِ مَا قُلْنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ فِي قَوْلِهِ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ قَالُوا اغْسِلْهَا بِالْمَاءِ وَأَنْقِهَا مِنَ الدَّرَنِ وَمِنَ الْقَذَرِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِغَسْلِ النَّجَاسَاتِ مِنَ الثِّيَابِ وَالْأَرْضِ وَالْبَدَنِ فَمِنْ ذَلِكَ

حَدِيثُ أَسْمَاءَ هَذَا فِي غَسْلِ الثَّوْبِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ لَيْسَ فِيهِ خُصُوصُ مِقْدَارِ دِرْهَمٍ وَلَا غَيْرِهِ فَهَذَا الْأَصْلُ فِي تَطْهِيرِ الثِّيَابِ بِالْمَاءِ مِنَ النَّجَاسَاتِ وَمِنْهَا حَدِيثُ الصَّبِّ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي تَطْهِيرِ الْأَرْضِ وَمِنْهَا الصَّبُّ وَالنَّضْحُ عَلَى الثَّوْبِ الَّذِي بَالَ عَلَيْهِ الصَّبِيُّ وَقَدْ قُلْنَا إِنَّ النَّضْحَ الْمُرَادُ بِهِ الْغَسْلُ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ فِي الْبَوْلِ قَالَ فِي الَّذِي كَانَ لَا يَتَنَزَّهُ وَلَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ وَالْآثَارُ فِي مِثْلِ هَذَا كُلِّهِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَقَالَ بَعْضُ مَنْ يَرَى غَسْلَ النَّجَاسَةِ فَرْضًا لَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْكَثِيرَ مِنَ النَّجَاسَةِ وَاجِبٌ غَسْلُهُ مِنَ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَلِيلُ مِنْهَا فِي حُكْمِ الْكَثِيرِ كَالْحَدَثِ قِيَاسًا وَنَظَرًا لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ قَلِيلَ الْحَدَثِ مِثْلُ كَثِيرِهِ فِي نَقْضِ الطَّهَارَةِ وَإِيجَابِ الْوُضُوءِ فِيمَا عَدَا النَّوْمَ وَكَذَلِكَ دَمُ الْبُرْغُوثِ وَمِثْلُهُ خَارِجٌ عَنِ الدِّمَاءِ بِشَرْطِ اللَّهِ فِي الدَّمِ أَنْ يَكُونَ مَسْفُوحًا وَهُوَ الْكَثِيرُ الَّذِي يَجْرِي وَهَذَا كُلُّهُ أَصْلٌ وَإِجْمَاعٌ قَالُوا فَلِهَذَا قُلْنَا إِنَّ مَنْ صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ أَوْ مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَرُكُوعِهِ أَوْ فِي بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ فِي ذلك سواء قياسا على الحديث قَالُوا وَلَمَّا أَجْمَعُوا إِلَّا مَنْ شَذَّ مِمَّنْ لَا يَعُدُّ خِلَافًا عَلَى الْجَمِيعِ لِخُرُوجِهِ عَنْهُمْ عَلَى أَنَّ مَنْ تَعَمَّدَ الصَّلَاةَ بِالثَّوْبِ النَّجِسِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَيُصَلِّيهَا أَبَدًا مَتَى مَا ذَكَرَهَا كَانَ مَنْ سَهَا عَنْ غَسْلِ النَّجَاسَةِ وَنَسِيَهَا فِي حُكْمِ مَنْ تَعَمَّدَهَا لِأَنَّ الْفَرَائِضَ لَا تَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ فِي الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ قَالُوا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ أَوْ غَسْلَ وَجْهِهِ وَصَلَّى فِي حُكْمِ مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ ذَلِكَ فِي إِعَادَةِ الصَّلَاةِ سَوَاءً وَكَذَلِكَ مَنْ نَسِيَ سَجْدَةً أَوْ رَكْعَةً فِي حُكْمِ مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا سَوَاءً وَكَذَلِكَ مَنْ نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ وَلَمْ

يطلبه ونسي الثوب وهو معهإ وَصَلَّى عُرْيَانًا وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا إِلَّا أَنَّ النَّاسِيَ غَيْرُ آثِمٍ وَالْمُتَعَمِّدَ آثِمٌ فَهَذَا الفرق بينهما من جهة الإثم وأ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ فَلَا قَالُوا وَلَمَّا كَانَ مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ سُنَّةٍ مِنَ السُّنَنِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إِعَادَةُ صَلَاتِهِ كَمَنْ تَرَكَ رَفْعَ الْيَدَيْنِ أَوْ قِرَاءَةَ سُورَةٍ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ أَوِ التَّسْبِيحِ أَوِ الذِّكْرِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِ الْوُضُوءِ عَلِمْنَا أَنَّ مَنْ تَرَكَ غَسْلَ النَّجَاسَاتِ فَقَدْ تَرَكَ فَرْضًا لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ عَامِدًا وَصَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَنَّ صلاته فاسدة قالوا وبان بها كُلِّهِ أَنَّ غَسْلَ الثِّيَابِ فَرْضٌ لَا سُنَّةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قِيلَ لَمِ ادَّعَيْتَ الْإِجْمَاعَ فِيمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ عَامِدًا أَنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِ الْوَقْتِ وَأَشْهَبُ يَقُولُ لَا يُعِيدُ الْعَامِدُ وَغَيْرُ الْعَامِدِ إِلَّا فِي الْوَقْتِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ عَنْهُ عَنْ مَالِكٍ قِيلَ لَهُ لَيْسَ أَشْهَبُ وَلَا رِوَايَتُهُ الشَّاذَّةُ عَنْ مَالِكٍ مِمَّا يُعَدُّ خِلَافًا فَالصَّحَابَةُ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ يَمْنَعُ مِنَ ادِّعَاءِ إِجْمَاعِهِمْ لِأَنَّ مَنْ شَذَّ عَنْهُمْ مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِهِمْ وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِهِمْ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَابْنُ دِينَارٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ يُعِيدُ الْعَامِدُ فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِ الْوَقْتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْ مَالِكٍ قَالُوا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ فَجَمَعَتِ الْآيَةُ تَطْهِيرَ الثِّيَابِ وَمَا قَالَهُ أَهْلُ التَّفْسِيرِ مِنْ تَطْهِيرِ القلب وأفادت المعنين جَمِيعًا قَالُوا وَمَنْ حَمَلَ الْآيَةَ عَلَى أَكْمَلِ الْفَوَائِدِ كَانَ أَوْلَى عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ فِيهِ آيَةٌ تَنُصُّ أَنَّ الثِّيَابَ الْقُلُوبُ وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الثِّيَابَ ثِيَابًا وَلَمْ يُسَمِّ الْقُلُوبَ ثِيَابًا فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى إِيجَابِ غَسْلِ النَّجَاسَاتِ وَإِزَالَتِهَا مِنَ الثَّوْبِ وَالْأَرْضِ وَالْبَدَنِ فَرْضًا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِلَيْهِ مَالَ أَبُو الْفَرَجِ الْمَالِكِيُّ وَلَا يَلْتَفِتُ الشَّافِعِيُّ إِلَى تَفْسِيرٍ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ إِلَّا أَنْ يجمعوا عليه

وَقَالَ آخَرُونَ غَسْلُ النَّجَاسَاتِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ مِنَ الثِّيَابِ وَالْأَبْدَانِ وَالْأَرْضِ سَنَّ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرُوا قَوْلَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ لِمَنْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ اقْرَأْ عَلَيَّ آيَةً تَأْمُرُ بِغَسْلِ الثِّيَابِ قَالُوا وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ فَهَذِهِ كِنَايَةٌ عَنِ الْكُفْرِ وَتَطْهِيرِ الْقَلْبِ مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ عَطَفَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ يَعْنِي الْأَوْثَانَ فَكَيْفَ يَأْمُرُهُ بِتَطْهِيرِ الثِّيَابِ قَبْلَ تَرْكِ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ قَالُوا وَالْعَرَبُ تَقُولُ فُلَانٌ نَقِيُّ الثَّوْبِ وَطَاهِرُ الْجَيْبِ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا عَفِيفًا يُكَنُّونَ بِذَلِكَ عَنْ سَلَامَتِهِ وَيُرِيدُونَ بِذَلِكَ غَسْلَ ثَوْبِهِ مِنَ النَّجَاسَةِ قَالُوا وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَعْطِفُ النَّهْيَ عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ عَلَى تَطْهِيرِ الثِّيَابِ مِنَ النَّجَاسَاتِ قَالُوا وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ نَزَلَتْ قَبْلَ نُزُولِ الشَّرَائِعِ مِنْ وُضُوءٍ وَصَلَاةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهَا الطَّهَارَةُ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ وَشِرْكِهَا وَمِنَ الْأَعْمَالِ الْخَبِيثَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ قَالُوا حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ فِي قَوْلِهِ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ قَالَ عَمَلُكَ أَصْلِحْهُ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ حَسَنَ الْعَمَلِ قِيلَ فُلَانٌ طَاهِرُ الثِّيَابِ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ قَالَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فُلَانٌ نَقِيُّ الثِّيَابِ

وَرَوَاهُ بُنْدَارٌ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قوله وثيابك فطهر قال في كلام العرب أَنْقِهَا وَهَذَا خِلَافُ حَدِيثِ مُسَدَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أصبغ قال حدثنا محمد ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ قَالَ مِنَ الْإِثْمِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَجْلَحِ عَنْ عِكْرِمَةَ لَا تَلْبِسْهَا عَلَى مَعْصِيَةٍ وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ قَالَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ طَهِّرْ ثِيَابَكَ أَيْ مِنَ الذَّنْبِ وَذَكَرَ حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ قَالَ لَسْتَ بِسَاحِرٍ وَلَا كَاهِنٍ فَأَعْرِضْ عَمَّا قَالُوا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ فِي وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ قَالَ مِنَ الْإِثْمِ يَقُولُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الْأَجْلَحِ قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ قَالَ أَمَرَ أَنْ لَا يَلْبِسَ ثَوْبَهُ عَلَى غَدْرَةٍ أَمَّا سَمِعْتَ قَوْلَ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ الثَّقَفِيِّ ... وَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ لَا ثَوْبَ فَاجِرٍ ... لَبِسْتُ وَلَا مِنْ غَدْرَةٍ أَتَقَنَّعُ ... قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَرَبِ أَنَّهَا تُكَنِّي بِطَهَارَةِ الثَّوْبِ عَنِ الْعَفَافِ وَبِفَضْلَةِ الثَّوْبِ وَسَعَتِهِ عن العطاء

أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ خَاقَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْأَصْمَعِيَّ قَالَ سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ يُحَدِّثُ عَنْ أَعْرَابِيٍّ قَالَ بَنُو سَيَّارٍ فُلَانٌ فَارِسُهُمْ وَفُلَانٌ لِسَانُهُمْ وَفُلَانٌ أَوْسَعُهُمْ عَلَيْهِمْ ثَوْبًا يَعْنِي أَكْثَرَهُمْ عَلَيْهِمْ فَضْلًا وَهُوَ قَوْلُ رؤية لِابْنِهِ وَهُوَ عَلَيْكَ وَاسِعُ الْعِطَافِ وَقَالَ عَنْتَرَةُ ... نَفَى الدَّمَ عَنْ أَثْوَابِهِ مِثْلَ مَا نَفَى ... ... أَذَى دَرَنَا عَنْ جِلْدِهِ الْمَاءُ غَاسِلُ ... أَرَادَ نَفْيَ الْمَاءِ إِذَا غَسَلَ دَرَنًا قَالُوا وَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ خَالَفَنَا مِنْ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ تَعَمَّدَ الصَّلَاةَ بِثَوْبٍ نَجِسٍ فِيهِ نَجَاسَةٌ كَثِيرَةٌ أَنَّهُ عَلَيْهِ إِعَادَتُهَا فِي ثَوْبٍ طَاهِرٍ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْتَخَفَّ وَعَانَدَ قَالُوا وَقَدْ وَجَدْنَا مِنَ السُّنَنِ مَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا عَمْدًا مِنْ ذَلِكَ الْجَلْسَةُ الْوُسْطَى هِيَ عِنْدَنَا سُنَّةٌ وَعِنْدَكُمْ وَمَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ تَعَمُّدِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ غَسْلِ النَّجَاسَةِ عِنْدَنَا وَبَيْنَ الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى أَنَّ الصَّلَاةَ تَفْسُدُ بِالسَّهْوِ عَنِ الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى إِذَا لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ سَهَا فَصَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ إِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ فَلِهَذَا لَا يَصِحُّ الِانْفِصَالُ بِمَا ذَكَرَ هَذَا الْقَائِلُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حِكَايَةُ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا جُمْلَةً فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إِلَّا أَبَا الْفَرَجِ أَنَّ إِزَالَةَ النَّجَاسَةِ مِنَ الثِّيَابِ وَالْأَبْدَانِ وَاجِبٌ بِالسُّنَّةِ وُجُوبَ سُنَّةٍ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ قَالُوا وَمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي يَسِيرِ الدَّمِ لَا تُعَادُ مِنْهُ الصَّلَاةُ فِي وَقْتٍ وَلَا بَعْدَهُ وَتُعَادُ مَنْ يَسِيرِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَنَحْوَ هَذَا كُلِّهِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ مَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ مُسْتَدْرَكُ فَضْلِ السُّنَّةِ فِي الْوَقْتِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ ثُمَّ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ يُصَلِّي تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا يَنْدُبُ إِلَى إِعَادَةِ تِلْكَ الصَّلَاةِ مَعَهُمْ إِذَا كَانَتْ ظُهْرًا أَوْ عِشَاءً بِإِجْمَاعٍ وَفِي غَيْرِهِمَا اخْتِلَافٌ وَلَوْ وجدهم بجمعون تِلْكَ الصَّلَاةَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَمْ يَأْمُرْهُ أَحَدٌ بِالدُّخُولِ مَعَهُمْ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اسْتِدْرَاكَ فَضْلِ السُّنَّةِ فِي مِثْلِ هَذَا إِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْوَقْتِ لَا فِي بَعْدِهِ وَمِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ لَمْ يُبْطِلْ صَلَاةَ مَنْ صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ وجعل غسل النجاسة سنة لا فرطا مَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي نَعَامَةَ قَيْسِ بْنِ عُبَابَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الصَّلَاةَ وَنَعْلَاهُ فِي رِجْلَيْهِ ثُمَّ خَلَعَهُمَا فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُمْ لِمَ خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ قَالُوا لَمَّا رَأَيْنَاكَ خَلَعْتَ خَلَعْنَا فَقَالَ إِنَّمَا خَلَعْتُهُمَا لِأَنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَسْلَ القذر ليس بواجب فرضا ولا كون فِي الثَّوْبِ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إعادة

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ قَلِيلُ الدَّمِ وَالْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ وَكَثِيرُ ذَلِكَ كُلِّهِ سَوَاءٌ تُعَادُ مِنْهُ الصَّلَاةُ أَبَدًا إِلَّا مَا كَانَ نَحْوَ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَمَا يَتَعَافَاهُ النَّاسُ فَإِنَّهُ لَا يُفْسِدُ الثَّوْبَ وَلَا تُعَادُ مِنْهُ الصَّلَاةُ وَبِنَحْوِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا كُلِّهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَّا أَنَّهُمَا لَا يُوجِبَانِ غَسْلَ الدَّمِ حَتَّى يَتَفَاحَشَ وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ إِلَّا أَنَّ الطَّبَرِيَّ قَالَ إِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ قَدْرَ الدِّرْهَمِ أَعَادَ الصَّلَاةَ أَبَدًا وَلَمْ يَجِدْ أُولَئِكَ شَيْئًا وَكُلُّهُمْ يَرَى غَسْلَ النَّجَاسَةِ فَرْضًا وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي هَذَا الْبَابِ كَقَوْلِ الطَّبَرِيِّ فِي مُرَاعَاةِ قَدْرِ الدِّرْهَمِ مِنَ النَّجَاسَةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ رُبْعَ الثَّوْبِ فَبِمَا دُونَ جَازَتِ الصَّلَاةُ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ مُفَسِّرًا فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الدَّمِ الْيَسِيرِ إِنْ رَآهُ فِي ثَوْبِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ مَضَى فِيهَا وَفِي الْكَثِيرِ يَنْزِعُهُ وَيَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ وَإِنْ رَآهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ أَعَادَ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ فِي الْبَوْلِ وَالرَّجِيعِ وَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ وَخَرْوِ الطَّيْرِ الَّتِي تَأْكُلُ الْجِيَفَ إِنْ ذَكَرَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فِي ثَوْبِهِ قَطَعَهَا وَاسْتَقْبَلَهَا وَإِنْ صَلَّى أَعَادَ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْوَقْتُ لَمْ يُعِدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَيْءُ عِنْدَ مَالِكٍ لَيْسَ بِنَجِسٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَيْءُ قَدْ تَغَيَّرَ فِي جَوْفِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ نَجِسٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الدَّمِ وَالْقَيْحِ إِذَا كَانَ قَلِيلًا كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ وَمَا يَتَعَافَاهُ النَّاسُ لَمْ يُعِدْ وَيُعِيدُ فِي الْكَثِيرِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَأَمَّا الْبَوْلُ وَالْعُذْرَةُ وَالْخَمْرُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْقَلِيلِ مِنْ ذَلِكَ وَالْكَثِيرِ وَالْإِعَادَةُ عِنْدَهُ وَاجِبَةٌ لَا يُسْقِطُهَا خُرُوجُ الْوَقْتِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي الدَّمِ وَالْعُذْرَةِ وَالْبَوْلِ وَنَحْوِهِ إِنْ صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارُ الدِّرْهَمِ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الرَّوْثِ حَتَّى يَكُونَ كَثِيرًا فَاحِشًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ فِي بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ حَتَّى يَكُونَ كَثِيرًا فَاحِشًا وَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إلى أبن بَوْلَ كُلِّ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ نَجِسٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي أَبْوَالِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ مِنَ الْبَهَائِمِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهِ وَلَا مَوْضِعَ اخْتِلَافِ الْحُجَّةِ فِيهِ وَقَالَ زُفَرُ فِي الْبَوْلِ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَفِي الدَّمِ حَتَّى يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ فِي الدَّمِ فِي الثَّوْبِ يُعِيدُ إِذَا كَانَ مِقْدَارَ الدِّرْهَمِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُعِدْ وَكَانَ يَقُولُ إِنْ كَانَ فِي الْجَسَدِ أَعَادَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَقَالَ فِي الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إِنْ كَانَ فِي الثَّوْبِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يُغْسَلُ الرَّوْثُ وَالدَّمُ وَلَمْ يُعْرَفْ قَدْرُ الدِّرْهَمِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْبَوْلِ فِي الثَّوْبِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ إِنْ وَجَدَ الْمَاءَ وَرُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ إِنْ وَجَدَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ أَعَادَ وَقَالَ فِي الْقَيْءِ يُصِيبُ الثَّوْبَ وَلَا يَعْلَمُ بِهِ حَتَّى يُصَلِّيَ مَضَتْ صَلَاتُهُ وَقَالَ إِنَّمَا جَاءَتْ

الْإِعَادَةُ فِي الرَّجِيعِ قَالَ وَكَذَلِكَ فِي دَمِ الْحَيْضِ لَا يُعِيدُ وَقَالَ فِي الْبَوْلِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَإِذَا مَضَى الْوَقْتُ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَقَاوِيلُ الْأَوْزَاعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ مُضْطَرِبَةٌ لَا يَضْبُطُهَا أَصْلٌ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي الْبَوْلِ وَالرَّوْثِ وَالدَّمِ وَبَوْلِ الدَّابَّةِ وَدَمِ الْحَيْضِ وَالْمَنِيِّ يُعِيدُ فَاتَ الْوَقْتُ أَوْ لَمْ يَفُتْ وَقَالَ فِي يَسِيرِ الدَّمِ فِي الثَّوْبِ لَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَا بَعْدَهُ قَالَ وَسَمِعْتُ النَّاسَ لَا يَرَوْنَ فِي يَسِيرِ الدَّمِ يُصَلِّي بِهِ وَهُوَ فِي الثَّوْبِ بَأْسًا وَيَرَوْنَ أَنْ تُعَادَ الصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ مِنَ الدَّمِ الْكَثِيرِ قَالَ وَالْقَيْحُ مِثْلُ الدَّمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَصَحُّ عَنِ اللَّيْثِ مِمَّا قَدَّمْنَا عَنْهُ وَقَدْ أَوْرَدْنَا فِي هَذَا الْبَابِ أَقَاوِيلَ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلَ الْفُتْيَا مُجْمَلَةً وَمُفَسَّرَةً بَعْدَ إِيرَادِ الْأَصْلِ الَّذِي مِنْهُ تَفَرَّعَتْ أَقْوَالُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالَّذِي أَقُولُ بِهِ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِلصَّلَاةِ وَاجِبٌ وَلَيْسَ الْمَرْءُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَدَائِهَا إِلَّا فِي ثَوْبٍ طَاهِرٍ وَبَدَنٍ طَاهِرٍ مِنَ النَّجَاسَةِ وَمَوْضِعٍ طَاهِرٍ عَلَى حُدُودِهَا فَلْيَنْظُرِ الْمُؤْمِنُ لِنَفْسِهِ وَيَجْتَهِدْ وَأَمَّا الْفَتْوَى بِالْإِعَادَةِ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَجَاءَ مُسْتَفْتِيًا فَلَا إِذَا كَانَ سَاهِيًا نَاسِيًا لِأَنَّ إِيجَابَ الْإِعَادَةِ فَرْضًا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ لَا تَنَازُعَ فِيهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسَالِمٍ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ فِي الَّذِي يُصَلِّي بِالثَّوْبِ النَّجِسِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَبِهَذَا قَالَ إِسْحَاقُ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الباب

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَالْحَدِيثُ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي نَعَامَةَ السَّعْدِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ قَالُوا رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا وَقَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ أَبَانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ إِذَا كَانَ سَاهِيًا عَنْهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ مِنَ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ غَسْلَ النَّجَاسَاتِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لما وَضَعَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ سَلَا الْجَزُورِ عَلَى ظَهْرِهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمْ يَقْطَعْ لِذَلِكَ صَلَاتَهُ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ لَيْسَ بِفَرْضٍ غَسْلُهَا وَلَوْ سَلِمَ لَهُ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنْ يَكُونَ السَّلَا مِنْ جَزُورٍ غَيْرِ مُذَكًّى لَمَا كَانَ غَسْلُ النَّجَاسَاتِ سُنَّةً وَلَا فَرْضًا وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مِنْ شَرْطِ الصلاة طهارة الثياب والماء وَالْبَدَنَ فَدَلَّ عَلَى نَسْخِ هَذَا الْخَبَرِ

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ نَحْوُ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ خَالِدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّمَرِيُّ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ خَلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعْلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَخَلَعَ مَنْ خَلْفَهُ فَقَالَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى خَلْعِ نِعَالِكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ خَلَعْتَ فَخَلَعْنَا قَالَ إِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِي إِحْدَاهُمَا قَذَرًا فَإِنَّمَا خَلَعْتُهُمَا لِذَلِكَ فَلَا تَخْلَعُوا نِعَالَكُمْ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لِمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ فَإِنَّمَا ذَلِكَ اسْتِحْبَابٌ وَاسْتِحْسَانٌ لِتُدْرِكَ فَضْلَ السُّنَّةِ وَالْكَمَالِ فِي الْوَقْتِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ وَالْأَشْعَثِ الْحُمْرَانِيِّ أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَقُولُ إِذَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ دما بعد ما صَلَّى أَنَّهُ يُعِيدُ مَا كَانَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ فِي جِلْدِهِ أَعَادَ وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ قَالَ حَمَّادٌ وَقَالَ هِشَامٌ إِذَا رَأَى دَمًا أَوْ جَنَابَةً أَوْ نَجِسًا أَعَادَ وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ وَقَالَهُ أَبُو قِلَابَةَ وَهُوَ قَوْلُ أبي حنفة وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيِّ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ إِذَا وَجَبَتْ لَمْ يُسْقِطْهَا خُرُوجُ الْوَقْتِ وَلَا فَرْقَ فِي الْقِيَاسِ بَيْنَ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْحُجَّةُ فِي هَذَا الْبَابِ لِكِلَا الْقَوْلَيْنِ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ رَاعَى فِي النَّجَاسَاتِ قَدْرَ الدِّرْهَمِ فَقَوْلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا مَعْنًى يَصِحُّ لِأَنَّ التَّحْدِيدَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ التَّوْقِيفِ لَا مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ وَالَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ بِمَا أَقْطَعُ عَلَى صِحَّتِهِ عَنْهُ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ عَظُمَ مَذْهَبُهُ فِي أَجْوِبَتِهِ أَنَّهُ مَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ

نَجِسٍ فِيهِ نَجَاسَةٌ ظَاهِرَةٌ لَا تُخْفَى فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا كَمَنْ صَلَّى بِمَاءٍ قَدْ ظَهَرَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَغَيَّرَتْهُ أَوْ تَيَمَّمَ عَلَى مَوْضِعٍ النَّجَاسَةُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ غَالِبَةٌ وَمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ قَدِ اسْتَيْقَنَ فِيهِ نَجَاسَةً إِلَّا أَنَّهَا غَيْرُ ظَاهِرَةٍ فِيهِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ كُلَّهُ لِمَا يَسْتَقْبِلُ كَمَنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ لَمْ تُغَيِّرْهُ النَّجَاسَةُ أَوْ تَيَمَّمَ عَلَى مَوْضِعٍ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ نَجَاسَةٌ هَذَا عِنْدِي أَصَحُّ مَا يَجِيءُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَمَا أَسْتَوْحِشُ مِمَّنْ خَالَفَنِي عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَقِيَاسُهُمْ ذَلِكَ عَلَى حَلْقَةِ الدُّبُرِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ مَعَ إِقْرَارِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ مَوْضِعٌ مَخْصُوصٌ بِالْأَحْجَارِ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ النَّجَاسَةَ إِزَالَةً صَحِيحَةً كَالْمَاءِ وَإِنَّ مَا عَدَا الْمَخْرَجَ لَا يُطَهِّرُهُ إِلَّا الْمَاءُ أَوْ مَا يَعْمَلُ عَمَلَ الْمَاءِ عِنْدَهُمْ فِي إِزَالَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ نَظِيرٍ وَلَا عِلَّةٍ مَعْلُولَةٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا قَوْلُهُ ثُمَّ تَنْضَحْهُ بِالْمَاءِ ثُمَّ لْتُصَلِّ فِيهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النضح ههنا الْغَسْلَ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّضْحُ الرَّشَّ لِمَا شَكَّ فِيهِ وَلَا يَرَى فَيَقْطَعُ بِذَلِكَ الْوَسْوَسَةَ إِذِ الْأَصْلُ فِي الثَّوْبِ الطَّهَارَةُ حَتَّى تَسْتَيْقِنَ النَّجَاسَةَ فَإِذَا اسْتُوقِنَتْ لَزِمَ الْغَسْلُ وَالتَّطْهِيرُ وَأَمَّا الرَّشُّ فَلَا يُزِيلُ نَجَاسَةً فِي النَّظَرِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَيْضًا هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَلَوْلَا أَنَّ السَّلَفَ جَاءَ عَنْهُمُ النَّضْحُ مَا قُلْنَا بِشَيْءٍ مِنْهُ وَلَكِنْ قَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ حِينَ أَجْنَبَ فِي ثَوْبِهِ أَغْسِلُ مَا رَأَيْتُ وَأَنْضَحُ مَا لَمْ أَرَهُ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَذَلِكَ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَطْعٌ لِحَزَازَاتِ النُّفُوسِ وَوَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ رَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِي الثَّوْبِ ثُمَّ طَهُرَتْ فَلْتَتْبَعْ مَا أَصَابَ ثَوْبَهَا مِنَ الدَّمِ فَلْتَغْسِلْهُ وَتَنْضَحْ بَاقِيَهُ ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ

الحديث الخامس والثلاثون

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ أَسْمَاءَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَلِيلَ الْمَاءِ يُطَهِّرُ النَّجَاسَةَ إِذَا غَلَبَ عَلَيْهَا وَاسْتَهْلَكَهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ دَمَ الْحَيْضِ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ قَدْ طَهَّرَهُ مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ وَقَدْ بَيَّنَّا الصَّحِيحَ عِنْدَنَا فِي الْمَاءِ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثٌ خَامِسٌ وَثَلَاثُونَ لِهِشَامٍ مَالِكٌ عَنْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ أَتَيْتُ عَائِشَةَ حِينَ خُسِفَتِ الشَّمْسُ فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ وَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ تُصَلِّي فَقُلْتُ مَا لِلنَّاسِ فَأَشَارَتْ (بِيَدِهَا) نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ فَقُلْتُ آيَةٌ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ نَعَمْ قَالَتْ فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ وَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِي الْمَاءَ فَحَمِدَ اللَّهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَا مِنْ شَيْءٍ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ إِلَّا وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ لَا أَدْرِي أَيَّتُهُمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ لَهُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أَوِ الْمُوقِنُ لَا أَدْرِي أَيُّ ذلك قال أَسْمَاءُ فَيَقُولُ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا فَيُقَالُ لَهُ نَمْ صَالِحًا قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ

لَمُؤْمِنًا وَأَمَّا الْمُنَافِقُ أَوِ الْمُرْتَابُ لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ قَدْ مَضَى مَعْنَى الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ فِي اللُّغَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ وَمَضَتْ مَعَانِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا كُسِفَتْ بِأَقَلِّ شَيْءٍ مِنْهَا وَجَبَتِ الصَّلَاةُ لِذَلِكَ عَلَى سُنَّتِهَا أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ أَسْمَاءَ مَا لِلنَّاسِ فَأَشَارَتْ لَهَا عَائِشَةُ إِلَى السَّمَاءِ فَلَوْ كَانَ كُسُوفًا بَيِّنًا مَا خَفِيَ عَلَى أَسْمَاءَ وَلَا غَيْرِهَا حَتَّى تَحْتَاجَ أَنْ يُشَارَ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ إِنَّ الشَّمْسَ لَا يُصَلَّى لَهَا حَتَّى تَسْوَدَّ بِالْكُسُوفِ أَوْ يَسْوَدَّ أَكْثَرُهَا لِمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ الْكُسُوفِ إِنَّ الشَّمْسَ كَسْفٌ بِهَا وَصَارَتْ كَأَنَّهَا تَنُّومَةٌ أَيْ ذَهَبَ ضَوْؤُهَا وَاسْوَدَّتْ وَالتَّنُّومُ نَبَاتٌ أَسْوَدُ وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ لَا يُصَلَّى لِكُسُوفِهَا حَتَّى تَسْوَدَّ بَلْ صَلَّى لَهَا فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ وَلَيْسَ فِي إِحْدَاهِمَا مَا يَدْفَعُ الْأُخْرَى وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ فِي الصِّحَّةِ كَحَدِيثِ أَسْمَاءَ وَفِيهِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ خُسُوفَ الشَّمْسِ يُصَلِّي لَهَا فِي جَمَاعَةٍ وَهَذَا الْمَعْنَى وَإِنْ قَامَ دَلِيلُهُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَدْ جَاءَ مَنْصُوصًا فِي غَيْرِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَهُوَ أَمْرٌ لَا خِلَافَ فِيهِ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ خُسُوفِ الشَّمْسِ لَا يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحُجَّةَ فِي أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْكُسُوفِ سِرًّا وَاخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَوُجُوهُ أَقْوَالِهِمْ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

وَفِيهِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا كَلَّمَ أَشَارَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ وَفِيهِ أَنَّ النِّسَاءَ يُسَبِّحْنَ إِذَا نَابَهُنَّ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ حِينَ سَأَلَتْهَا أَسْمَاءُ مَا لِلنَّاسِ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَأَشَارَتْ بِيَدِهَا ولم تصفق وفي هذا حجة لمالك فِي قَوْلِهِ إِنَّ النِّسَاءَ وَالرِّجَالَ فِي هَذَا الْمَعْنَى سَوَاءٌ مَنْ نَابَهُ مِنْهُمْ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ سَبَّحَ وَلَمْ يُصَفِّقْ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنَ الْآثَارِ وَاخْتِلَافِهَا وَمَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِيهَا فِي بَابِ أَبِي حَازِمٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِالْيَدِ وَبِالرَّأْسِ لَا تَضُرُّ الْمُصَلِّيَ وَلَا بَأْسَ بِهَا وَأَمَّا قَوْلُهَا فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا قَامَتْ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهَا أَوْ كَادَ أَنْ يُغْشَى عَلَيْهَا مِنْ طُولِ الْقِيَامِ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى طُولِ الْقِيَامِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فذلك كان بعد الفراغ مِنَ الصَّلَاةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي الْخُطْبَةِ بَعْدَ الْكُسُوفِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا رُؤْيَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَذَلِكَ ثَابِتٌ عَنْهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْآثَارِ وَنَحْنُ لَا نُكَيِّفُ ذَلِكَ وَلَا نَجِدُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ فَإِنَّهُ أَرَادَ فِتْنَةَ الْمَلَكَيْنِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ حِينَ يَسْأَلَانِ الْعَبْدَ مَنْ رَبُّكَ وَمَا دِينُكَ وَمَنْ نَبِيُّكَ وَالْآثَارُ فِي هَذَا مُتَوَاتِرَةٌ وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ كُلُّهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ بِذَلِكَ وَلَا يُنْكِرُهُ إِلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ وَفِي قَوْلِهِ مِثْلُ أَوْ قَرِيبٌ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُرَاعُونَ الْأَلْفَاظَ فِي الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ وَهَذَا فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَطَائِفَةٌ

يُجِيزُونَ الْحَدِيثَ بِالْمَعَانِي وَهَذَا إِنَّمَا يَصِحُّ لِمَنْ يَعْرِفُ الْمَعَانِيَ وَمَذَاهِبَ الْعَرَبِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ شِهَابٍ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَجَمَاعَةٍ غَيْرِهِمْ وَكَانَ مَالِكٌ لَا يُجِيزُ الْإِخْبَارَ بِالْمَعَانِي فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِأَلْفَاظِهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عمر قال حدثنا الحرث بن مسكين أخبرنا يوسف ابن عَمْرٍو عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنِ الْمَسَائِلِ إِذَا كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا والكلام مختلف فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ إِلَّا الْأَحَادِيثَ الَّتِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْبِشْرِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنُ وَهْبٍ يَقُولُ سَأَلَ مَالِكًا رَجُلٌ فَقَالَ الْكِتَابُ يُعْرَضُ عَلَيْكَ فَيَنْقَلِبُ بِهِ صَاحِبُهُ فَيَبِيتُ عِنْدَهُ أَيَجُوزُ أَنْ أُحَدِّثَ بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خِلَافُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ لِأَنَّ أَشْهَبَ رَوَى فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى أَخْشَى أَنْ يُزَادَ فِي كُتُبِهِ بِاللَّيْلِ وَمَحْمَلُ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدِي عَلَى أَنَّ الثِّقَةَ جَائِزٌ أَنْ يُعَارَ الْكُتُبَ ثُمَّ يُحَدِّثُ بِمَا اسْتَعَارَ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا غَيْرُ الثِّقَةِ الْمَأْمُونِ عَلَيْهَا فَلَا وَأَمَّا الْفِتْنَةُ فَلَهَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وُجُوهٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا أَنْ يُفْتَنَ الرَّجُلُ فِي دِينِهِ بِبَلْوَى مِنْ سُلْطَانٍ غَالِبٍ أَوْ بِهَوًى يَصْرِفُهُ عَنِ الصَّوَابِ فِي الدِّينِ أَوْ بِحُبٍّ يَشْغَلُ قَلْبَهُ حَتَّى يَرْكَبَ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ فَهَذِهِ فِتْنَةٌ تَشْرَبُهَا الْقُلُوبُ كَمَا أُشْرِبَ بَنُو إِسْرَائِيلَ حُبَّ الْعِجْلَ وَفُتِنُوا بِهِ وَالْفِتْنَةُ الْحَرْقُ بِالنَّارِ وَلِلْفِتْنَةِ وُجُوهٌ كَثِيرَةٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ كَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهَا فَالْفِتْنَةُ ههنا مَعْنَاهَا الِابْتِلَاءُ وَالِامْتِحَانُ وَالِاخْتِبَارُ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الله

عَزَّ وَجَلَّ لِمُوسَى وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا أَيِ ابْتَلَيْنَاكَ ابْتِلَاءً وَاخْتَبَرْنَاكَ اخْتِبَارًا وَفِي عَذَابِ الْقَبْرِ نَزَلَتْ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ مُحَارِبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ قَالَ فِي الْقَبْرِ إِذَا سُئِلَ مَنْ رَبُّكَ وَمَا دِينُكَ وَمَنْ نَبِيُّكَ وَرَوَاهُ غُنْدَرٌ وَغَيْرُهُ هَكَذَا عَنْ شُعْبَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلِهِ وَرَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ الْبَرَاءِ مِثْلَهُ مَوْقُوفًا وَذَكَرَ بَقِيٌّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي الْآخِرَةِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْقَبْرِ أَخْبَرَنِيهِ ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ وَرَوَى الْأَعْمَشُ وَيُونُسُ بْنُ خَبَّابٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زَاذَانَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الطَّوِيلَ أَمَامَهُ وَفِيهِ فِي صِفَةِ الْمُؤْمِنِ ثُمَّ يُعَادُ رُوحُهُ إِلَى جَسَدِهِ وَإِنَّهُ ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ مَلَكَانِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ اللَّهُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ الْإِسْلَامُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ وَأَيُّ رَجُلٍ فَيَقُولَانِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ أشهد أن رَسُولُ اللَّهِ قَالَ فَيَنْتَهِرَانِهِ وَيَقُولَانِ لَهُ وَمَا

يُدْرِيكَ فَيَقُولُ إِنِّي قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَصَدَّقْتُ بِهِ وَآمَنْتُ قَالَ فَهِيَ آخِرُ فِتْنَةٍ تُعْرَضُ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ قَالَ وَيُنَادِي مُنَادٍ من السماء أن صدق عبيد فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَرُوهُ مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَيَأْتِيهِ مِنْ طِيبِهَا وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى صِفَةِ الْمُنَافِقِ وَالْمُرْتَابِ قَالَ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ مَلَكَانِ فَيَقُولَانِ لَهُ اجْلِسْ قَالَ وَإِنَّهُ ليسمع خفق نعال أصحابه إذ وَلَّوْا عَنْهُ قَالَ فَيَجْلِسُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ وَمَا دِينُكَ وَمَنْ نَبِيُّكَ فَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ وَدِينِي الْإِسْلَامُ وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْتَهِرَانِهِ انْتِهَارًا شَدِيدًا وَيَقُولَانِ مَنْ رَبُّكَ وَمَا دينك ومن نبيك فقول لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ وَقَالَ الْأَعْمَشُ فِي حَدِيثِهِ فَيَقُولَانِ مَنْ رَبُّكَ وما دينك فيقول لاأدري فَيَقُولَانِ مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ وَأَيُّ رَجُلٍ فَيَقُولَانِ مُحَمَّدٌ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ قَالُوا قَوْلًا فَقُلْتُ كَمَا يَقُولُ النَّاسُ قَالَ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ وَأَرُوهُ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ وَسَاقَا الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ وَرُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَصْحَابِهِ وعن معمر عن عمرو ابن دِينَارٍ وَعَنْ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعُمَرَ كَيْفَ بِكَ يَا عمر إذا

جَاءَكَ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ إِذَا مِتَّ وَانْطَلَقَ بِكَ قَوْمُكَ فَقَاسُوا ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا فِي ذِرَاعٍ وَشِبْرٍ ثُمَّ غَسَّلُوكَ وَكَفَّنُوكَ وَحَنَّطُوكَ وَاحْتَمَلُوكَ فَوَضَعُوكَ فِيهِ ثُمَّ أَهَالُوا عَلَيْكَ التُّرَابَ فَإِذَا انْصَرَفُوا عَنْكَ أَتَاكَ فَتَّانَا الْقَبْرِ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ أَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ وَأَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ يَجُرَّانِ شُعُورَهُمَا مَعَهُمَا مِرْزَبَّةٌ لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْأَرْضِ لَمْ يُقِلُّوهَا فَقَالَ عُمَرُ إِنْ فَرَقْنَا فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَفْرُقَ أَنُبْعَثُ عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ قَالَ نَعَمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ إذن أكفيكهما وذكر سنيد عن إسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَاتَ الْمُسْلِمُ أَوِ الْمُؤْمِنُ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَزْرَقَانِ أَسْوَدَانِ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا مُنْكَرٌ وَالْآخَرُ نَكِيرٌ فَيَقُولَانِ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ فِي الدُّنْيَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ جَاءَ بِالْحَقِّ فَيُقَالُ لَهُ قَدْ كُنْتَ تَقُولُ هَذَا ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ وَيُنَوَّرُ لَهُ عِنْدَهُ نُورٌ وَيُقَالُ لَهُ نَمْ صَالِحًا فَيَقُولُ أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ فَيُقَالُ لَهُ نَمْ نَوْمَةَ الْعَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ فَيُقَالُ قَدْ كُنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ قَالَ ثُمَّ تُؤْمَرُ الْأَرْضُ فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ وَالْآثَارُ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ لَا يَحُوطُ بِهَا كِتَابٌ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا ههنا مَا فِي مَعْنَى حَدِيثِنَا وَمَا رَجَوْنَا أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لَهُ وَالْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ كُلُّهَا فِي هَذَا الْمَعْنَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفِتْنَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ

وَكَانَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ جريج عن الحرث بن أبي الحرث عَنْهُ يَقُولُ يُفْتَنُ رَجُلَانِ مُؤْمِنٌ وَمُنَافِقٌ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيُفْتَنُ سَبْعًا وَأَمَّا الْمُنَافِقُ فَيُفْتَنُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْآثَارُ الثَّابِتَةُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفِتْنَةَ فِي الْقَبْرِ لَا تَكُونُ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ أَوْ مُنَافِقٍ مِمَّنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مَنْسُوبًا إِلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَدِينِ الْإِسْلَامِ مِمَّنْ حُقِنَ دَمُهُ بِظَاهِرِ الشَّهَادَةِ وَأَمَّا الْكَافِرُ الْجَاحِدُ الْمُبْطِلُ فَلَيْسَ مِمَّنْ يُسْأَلُ عَنْ رَبِّهِ وَدِينِهِ وَنَبِيِّهِ وَإِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ هَذَا أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ الْآيَةَ وَأَمَّا مَا جَاءَ مِنَ الْآثَارِ فِي أَنَّ الْيَهُودَ تُعَذَّبُ فِي قُبُورِهَا فَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ مَعَ بِلَالٍ عَلَى الْبَقِيعِ فَقَالَ أَلَا تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ يَا بِلَالُ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَسْمَعُ قَالَ أَمَا تَسْمَعُ أَهْلَ الْقُبُورِ يُعَذَّبُونَ يَعْنِي قُبُورَ الْجَاهِلِيَّةِ فَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَذَابٌ غَيْرُ الْفِتْنَةِ وَالِابْتِلَاءِ الَّذِي يَعْرِضُ الْمُؤْمِنَ وَإِنَّمَا هَذَا عَذَابٌ وَاصِبٌ لِلْكُفَّارِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ فَيَصِيرُونَ إِلَى النَّارِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ءال فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عَذَابُ الْقَبْرِ غَيْرَ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَعِيذُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ غَيْرُ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْفِتْنَةَ قَدْ تَكُونُ فِيهِ النَّجَاةُ وَقَدْ يُعَذَّبُ الْكَافِرُ فِي قَبْرِهِ عَلَى كُفْرِهِ دُونَ أَنْ يُسْأَلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا مَا يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَشَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَأَنْقِ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا أَنْقَيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ وَفِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَمِنْ شَرِّ الْغِنَى وَشَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ سَوَاءً فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِتْنَةَ الْقَبْرِ غَيْرُ عَذَابِ الْقَبْرِ لِأَنَّ الْوَاوَ تَفْصِلُ بَيْنَ ذَلِكَ هَذَا مَا تُوجِبُهُ اللُّغَةُ وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي الْخِطَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا يُفْتَنُ رَجُلَانِ مُؤْمِنٌ وَمُنَافِقٌ وَهُوَ مَعْنَى مَا قُلْنَا وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ تُسْأَلُ فِي قُبُورِهَا وَهَذَا اللَّفْظُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْأُمَّةُ خُصَّتْ بِذَلِكَ وَهُوَ أَمْرٌ لَا يُقْطَعُ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الحديث السادس والثلاثون

وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ هَذَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ذَكَرَهُ سُنَيْدٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ تُسْأَلُ فِي قبروها فَلَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَا أَسْمَعُ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَتَأَوَّلَ مُتَأَوِّلٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَسِيَاقَتِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِيهِ أَنَّ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَالسُّؤَالِ فِيهِ هُوَ عَذَابُ الْقَبْرِ وَلَكِنْ مَا ذَكَرْنَا أَظْهَرُ فِي الْمَعْنَى وَأَحْكَامُ الْآخِرَةِ لَا مَدْخَلَ فِيهَا لِلْقِيَاسِ وَالِاجْتِهَادِ وَلَا لِلنَّظَرِ وَالِاحْتِجَاجِ وَاللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَقَدْ ذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ ذَكَرَ لَنَا أَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ ثَلَاثَةُ أَثْلَاثٍ ثُلُثٌ مِنَ الْبَوْلِ وَثُلُثٌ مِنَ الْغِيبَةِ وَثُلُثٌ مِنَ النَّمِيمَةِ وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْنَدٍ وَلَا مُتَّصِلٍ وَلَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ عَلَى أَنَّهُ يحتمل أن يكون عذاب القبر ههنا لِلْمُرْتَابِ بَعْدَ السُّؤَالِ الَّذِي هُوَ الْفِتْنَةُ وَسَبَبُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ عَذَابُ القبر بمعنى فتنة القبر فإنها تؤول إِلَى الْعَذَابِ وَفِيهَا عَذَابٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ (ذَلِكَ) لَا شَرِيكَ لَهُ حَدِيثٌ سَادِسٌ وَثَلَاثُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الحديث السابع والثلاثون

قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِهَا وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ (الْأَعْلَى) قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ يَدْعُو بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى أَنْ لَا يَفْتُرَ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ وَسُؤَالِ الرَّحْمَةِ مِنَ الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ أَلْهَمَنَا اللَّهُ لِدُعَائِهِ وَسُؤَالِهِ وَاللَّهُ لَا يُخَيِّبُ مَنْ دَعَاهُ وَلَا يُحْرِمُ سَائِلَهُ وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ وَهُوَ عُبَيْدٌ ... مَنْ يَسْأَلِ النَّاسَ يَحْرِمُوهُ ... وَسَائِلُ اللَّهَ لَا يَخِيبُ ... وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ فَقِيلَ الرَّفِيقُ أَعْلَى الْجَنَّةِ وَقِيلَ الرَّفِيقُ الْمَلَائِكَةُ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحَسُنَ اولئك رفيقا قال أهل اللغة رفيقا ههنا بِمَعْنَى رُفَقَاءٍ كَمَا يُقَالُ صَدِيقٌ بِمَعْنَى أَصْدِقَاءٍ وَعَدُوٌّ بِمَعْنَى أَعْدَاءٍ حَدِيثٌ سَابِعٌ وَثَلَاثُونَ لِهِشَامٍ وَهُوَ أَوَّلُ الْمَرَاسِيلِ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ لِلرُّكْنِ الْأَسْوَدِ إِنَّمَا أَنْتَ حَجَرٌ وَلَوْلَا إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ ثم قبلة

هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ فِي الْمُوَطَّأِ هَكَذَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ وَهُوَ يَسْتَنِدُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ ثَابِتَةٍ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ قَالَ أخبرني يونس وعمرو بن الحرث عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ قَبَّلَ عُمَرُ الْحَجَرَ ثُمَّ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ حَجَرٌ وَلَوْلَا إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ قَالَ عَمْرُو بن الحرث وَحَدَّثَنِي بِمِثْلِهَا زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ زَعَمَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ عَنْ عُمَرَ مُسْنَدًا أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَفْضَلُهَا وَأَثْبَتُهَا وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا ثَابِتَةً حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا وَجِيهُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَقُولُ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَكِنْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ فَأَنَا أُقَبِّلُكَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَرْجِسَ قَالَ رَأَيْتُ الْأَصْلَعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَتَى

الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَوْلَا إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَائِشِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ فَقَبَّلَهُ فَقَالَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ وَلَوْلَا إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَقُولُ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ وَلَكِنِّي رَأَيْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَ حَفِيًّا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ تَقْبِيلَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي الطَّوَافِ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَقْبِيلِهِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَرَفَعَهَا إِلَى فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا لِلزِّحَامِ كَبَّرَ إِذَا قَابَلَهُ فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ ولا ينبغي لمن قدرعلى ذَلِكَ أَنْ يَتْرُكَهُ تَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ بَعْدَهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَامِرِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ أن عبد الرحمان ابن عَوْفٍ كَانَ إِذَا أَتَى الرُّكْنَ فَوَجَدَهُمْ يَزْدَحِمُونَ عَلَيْهِ اسْتَقْبَلَهُ وَكَبَّرَ وَدَعَا ثُمَّ طَافَ فَإِذَا رَأَى خَلْوَةً اسْتَلَمَهُ

الحديث الثامن والثلاثون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَثَلَاثُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لعبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ كَيْفَ صَنَعْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ في استلام الركن فقال عبد الرحمان اسْتَلَمْتُ وَتَرَكْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَبْتَ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ ابْنُ وَضَّاحٍ يَقُولُ فِي مُوَطَّأِ يَحْيَى إِنَّمَا الْحَدِيثُ كَيْفَ صَنَعْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فِي اسْتِلَامِ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَزَعَمَ أَنَّ يَحْيَى سَقَطَ لَهُ مِنْ كِتَابِهِ الْأَسْوَدُ وَأَمَرَ ابْنُ وَضَّاحٍ بِإِلْحَاقِ الْأَسْوَدِ فِي كِتَابِ يَحْيَى وَلَمْ يَرْوِ يَحْيَى الْأَسْوَدَ وَلَكِنَّهُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَالْقَعْنَبِيُّ وَجَمَاعَةٌ وَقَدْ رَوَى أَبُو مُصْعَبٍ وَغَيْرُهُ كَمَا رَوَى يَحْيَى لَمْ يَذْكُرُوا الْأَسْوَدَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ لَمْ يَذْكُرُوا الْأَسْوَدَ كَمَا رَوَى يَحْيَى وَهُوَ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ جَائِزٌ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ فِيهِ كَيْفَ صَنَعْتَ فِي اسْتِلَامِكَ الْحَجَرَ وَسَنَذْكُرُ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ بَعْضَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَسَانِيدِ هَذَا الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَقَدْ صَنَعَ ابْنُ وَاضِحٍ مِثْلَ هَذَا أَيْضًا فِي مُوَطَّأِ يَحْيَى فِي قَوْلِ مَالِكٍ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّ إِذَا رَفَعَ الَّذِي يَطُوفُ بِالْبَيْتِ يَدَهُ عَنِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ أَنْ يَضَعَهَا عَلَى فِيهِ فَأَمَرَ ابْنُ وَضَّاحٍ بِطَرْحِ الْيَمَانِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى وَهَذَا مِمَّا تُسُوِّرَ فِيهِ عَلَى رِوَايَةِ يَحْيَى وَهِيَ أَصْوَبُ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى وَمَنْ تَابَعَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَكَذَلِكَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَجَمَاعَةٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّ إِذَا رَفَعَ الَّذِي يَطُوفُ بِالْبَيْتِ يَدَهُ عَنِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ أَنْ يَضَعَهَا عَلَى فِيهِ زَادَ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ وَقَالُوا كُلُّهُمْ الرَّكْنُ الْيَمَانِيُّ وَالْعَجَبُ مِنَ ابْنِ وَضَّاحٍ وَقَدْ رَوَى مُوَطَّأَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِيهِ الْيَمَانِيُّ كَيْفَ أَنْكَرَهُ وَقَدْ رَوَى الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ قَالَ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ إِذَا رَفَعَ الَّذِي يَطُوفُ بِالْبَيْتِ يَدَهُ عَنِ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ أَنْ يَضَعَهَا عَلَى فِيهِ هَكَذَا قَالَ الْقَعْنَبِيُّ الرُّكْنُ الْأَسْوَدُ وَأَظُنُّ ابْنَ وَضَّاحٍ إِنَّمَا أَنْكَرَ الْيَمَانِيَّ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى لِأَنَّهُ رَأَى رِوَايَةَ الْقَعْنَبِيِّ أَوْ مَنْ تَابَعَ الْقَعْنَبِيَّ عَلَى قَوْلِهِ الْأَسْوَدُ فَمَنْ هُنَاكَ أَنْكَرَ الْيَمَانِيَّ عَلَى أَنَّ ابْنَ وَضَّاحٍ لَمْ يَرْوِ مُوَطَّأَ الْقَعْنَبِيِّ وَرَوَى مُوَطَّأَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُوَطَّأَ ابْنِ وَهْبٍ وَفِيهِمَا جَمِيعًا الْيَمَانِيُّ كَمَا رَوَى يَحْيَى وَهِيَ بِأَيْدِي أَهْلِ بَلَدِنَا فِي الشُّهْرَةِ كَرِوَايَةِ يَحْيَى وَلَكِنَّ الْغَلَطَ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ احد وأما إدخاله في حديث عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ الْأَسْوَدُ فَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَكْثَرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فَابْنُ وَضَّاحٍ فِي هَذَا مَعْذُورٌ وَلَكِنَّهُ لم يكن بنبغي لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي رِوَايَةِ الرَّجُلِ وَلَا يَرُدَّهَا إِلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ فَفِي ذَلِكَ مِنَ الْإِحَالَةِ مَا لَا يَرْضَاهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَهَذَا الْمَعْنَى فِي الْفِقْهِ كُلِّهِ جَائِزٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا نَكِيرَ فِيهِ فَجَائِزٌ عِنْدَهُمْ أَنْ يَسْتَلِمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَالرُّكْنَ الْأَسْوَدِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ

وَإِنَّمَا الَّذِي فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِيهِ التَّقْبِيلَ لَا غَيْرَ فَرَأَوْا تَقْبِيلَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالْحَجَرِ وَلَمْ يَرَوْا تَقْبِيلَ الْيَمَانِيِّ وَأَمَّا اسْتِلَامُهُمَا جَمِيعًا فَأَمْرٌ مجتمع عليه وإنما اختلفوا في استلام الركنين الآخرين وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِي ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ رَاوِيَةُ هَذَا الْحَدِيثِ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا ذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا وَكَانَ لَا يَدْعُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ إِلَّا أَنْ يُغْلَبَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّ إِذَا رَفَعَ الَّذِي يَطُوفُ يَدَهُ عَلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ أَنْ يَضَعَهَا عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ وَلَا يُقَبِّلُ إِلَّا الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ يُقَبِّلُ وَيَسْتَلِمُ بِالْيَدِ وَتُوضَعُ عَلَى الْفَمِ وَلَا يُقَبِّلُ الْيَدَ فِيهِمَا جَمِيعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا كُلُّهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ يُبَيِّنُ مَا بَيَّنَّا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَفِي اسْتِلَامِ الرُّكْنَيْنِ الْأَسْوَدِ وَالْيَمَانِيِّ آثَارٌ ثَابِتَةٌ مُسْنَدَةٌ أَحْسَنُهَا حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمح مِنَ الْبَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ قَالَ وَأَخْبَرَ ابْنُ عُمَرَ بِقَوْلِ عَائِشَةَ أَنَّ الْحَجَرَ مِنَ الْبَيْتِ فَقَالَ إِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكِ اسْتِلَامَهُمَا إِلَّا أَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا طَافَ النَّاسُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ إِلَّا لذلك

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ يُرِيدُ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ وَالْيَمَانِيَّ وَلَقَدْ ذَكَرْنَا مَرَاتِبَهُمَا وَالْأَحَادِيثَ فِيهِمَا وَاخْتِلَافَ السَّلَفِ فِي كَيْفِيَّةِ اسْتِلَامِهِمَا وَأَخْبَرْنَا بِأَنَّ الْفُقَهَاءَ عَلَى اسْتِلَامِ الرُّكْنَيْنِ خَاصَّةً عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَبَسَطْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدَعُ أَنْ يَسْتَلِمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَالْحَجَرَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ قَالَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَفْضَلُ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَوْلَاهُ وَأَصَحُّهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَسْتَحِبَّانِ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ الْأَسْوَدِ وَالْيَمَانِيِّ فِي كُلِّ وَتْرٍ مِنَ الطَّوَافِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُمَا مِنْ طُرُقٍ وَأَمَّا إِنْكَارُ ابْنِ وَضَّاحٍ لِاسْتِلَامِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَلَا وَجْهَ لَهُ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَنْكَرَ اللَّفْظَةَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عن أبيه في قصة عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ دُونَ أَنْ يُنْكِرَ اسْتِلَامَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَإِنَّ اسْتِلَامَهُ لَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ رُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ ثُمَّ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ وَعَنِ الزُّبَيْرِ الرُّكْنُ الْيَمَانِيُّ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَفِي التَّرْغِيبِ فِي اسْتِلَامِهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ ذَكَرَهُ الْخُزَاعِيُّ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ مَكَّةَ الْكِتَابُ الْكَبِيرِ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مسلم بن

هرمز عن مجاهد عن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ قَبَّلَهُ وَوَضَعَ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا يَصِحُّ وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ قَبَّلَ يَدَهُ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَوَضْعُ الْوَجْهِ عَلَيْهِ وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ كَمَا تَرَى وَلَيْسَ يُعْرَفُ بِالْمَدِينَةِ الْعَمَلُ بِهِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ أن عبد الرحمان ابن عَوْفٍ كَانَ إِذَا أَتَى الرُّكْنَ فَوَجَدَهُمْ يَزْدَحِمُونَ عَلَيْهِ اسْتَقْبَلَهُ وَكَبَّرَ وَدَعَا ثُمَّ طَافَ فَإِذَا وَجَدَ خَلْوَةً اسْتَلَمَهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحمان الْأَنْصَارِيُّ مِنْ وَلَدِ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَيْفَ صَنَعْتَ حِينَ طُفْتَ قَالَ اسْتَلَمْتُ وَتَرَكْتُ قَالَ أَصَبْتَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَامِعٍ السُّكَّرِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِهِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ عَوْفٍ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ صَنَعْتَ فِي اسْتِلَامِكَ الْحَجَرَ قَالَ اسْتَلَمْتُ وَتَرَكْتُ قَالَ أَصَبْتَ

الحديث التاسع والثلاثون

وَعِنْدَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ يَسْتَلِمُ الركن بمحجن كراهية أن يصرف عَنْهُ النَّاسُ وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاسْتِلَامُ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ عَنْ عَائِشَةَ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمَا وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَثَلَاثُونَ لِهِشَامٍ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ صَاحِبَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنَ الْهَدْيِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ بَدَنَةٍ عَطِبَتْ مِنَ الْهَدْيِ فَانْحَرْهَا ثُمَّ أَلْقِ قَلَائِدَهَا فِي دَمِهَا ثُمَّ خَلِّ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا يَأْكُلُونَهَا هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ مُسْنَدٌ لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْحُفَّاظِ رَوَوْهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَاجِيَةَ الْأَسْلَمِيِّ صَاحِبِ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَسْمَعَ عَنْهُ عُرْوَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْقَاضِي بِالْبَصْرَةِ أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَاجِيَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مَعَهُ بِهَدْيٍ قَالَ إِنْ عَطِبَ فَانْحَرْهُ ثُمَّ اصْبُغْ نَعْلَهُ فِي دَمِهِ ثُمَّ خَلِّ بَيْنَهُ وبين الناس

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَاجِيَةَ صَاحِبِ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنَ الْهَدْيِ قَالَ انْحَرْهُ ثُمَّ اغْمِسْ قَلَائِدَهُ فِي دَمِهِ ثُمَّ اضْرِبْ بِهَا صَفْحَةَ عُنُقِهِ ثُمَّ خَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَاجِيَةَ صَاحِبِ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف يَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنَ الْهَدْيِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْحَرَ كُلَّ بَدَنَةٍ عَطِبَتْ ثُمَّ يُلْقِيَ حَبْلَهَا فِي دَمِهَا وَيُخَلِّيَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ يَأْكُلُونَهَا كَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ حَبْلُهَا فِي دَمِهَا وَإِنَّمَا هُوَ نَعْلُهَا فِي دَمِهَا وَنَاجِيَةُ هَذَا هُوَ نَاجِيَةُ بْنُ جُنْدَبٍ الْأَسْلَمِيُّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَرَفَعْنَا فِي نَسَبِهِ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَادَ فِيهِ وَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا أنت ولا أحد من رفقتك وسنذكره ههنا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْهَدْيَ يُقَلَّدُ وَأَنَّ التَّقْلِيدَ مِنْ شَأْنِهِ وَسُنَّتِهِ وَالتَّقْلِيدُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِ الْبُدْنِ نَعْلٌ عَلَّامَةً لِيُعْرَفَ أَنَّهَا هَدْيٌ وَرُوِيَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَلَّدَ هَدْيَهُ نَعْلَيْنِ وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ وَالنَّعْلُ عِنْدِي تُجْزِئُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالزُّهْرِيِّ وَجَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ كُلُّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي تَقْلِيدِ الْهَدْيِ وَيُجْزِئُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ نَعْلٌ وَاحِدَةٌ وَالَّذِي أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ تَقْلِيدِ الْهَدْيِ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَاخْتَلَفُوا فِي

تَقْلِيدِ الْغَنَمِ فَكَانَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ يُنْكِرُونَ تَقْلِيدَ الْغَنَمِ وَأَجَازَ تَقْلِيدَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ لِقَوْلِ عَائِشَةَ كُنْتُ أُقَلِّدُ الْغَنَمَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَجَمَاعَةٍ وَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْقَوْلُ فِي تَقْلِيدِ الْهَدْيِ هَلْ يُوجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا لِذَلِكَ أَمْ لَا وَالصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عَائِشَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ هُنَاكَ مِنْ أَحْسَنِ طُرُقِهِ مَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ اللَّيْثَ حَدَّثَهُمْ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عبد الرحمان أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهْدِي مِنَ الْمَدِينَةِ فَأَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِهِ ثُمَّ لَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنَ الْهَدْيِ فَجَاوَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ هِشَامٍ هَذَا فَإِنَّ هَذَا مَحْمَلُهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْهَدْيِ التَّطَوُّعُ وَكَذَلِكَ كَانَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطَوُّعًا لِأَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّتِهِ مُفْرِدًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِ وَالْهَدْيُ التَّطَوُّعُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ سَاقَهُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ إِذَا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى أَكْلِ الْهَدْيِ قَبْلَ مَحِلِّهِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ تَطَوَّعَ فَيَنْصَرِفُ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ فِيمَا أَخْرَجُوهُ لِلَّهِ وَيَعْتَلُّونَ بِأَنَّهُ عَطِبٌ ذَكَرَ أَبُو ثَابِتٍ وَأَسَدٌ وَسَحْنُونٌ وَابْنُ أَبِي الْغَمْرِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْتَ هَدْيَ التَّطَوُّعِ إِذَا عَطِبَ كَيْفَ يَصْنَعُ بِهِ صَاحِبُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ مَالِكٌ يَرْمِي بِقَلَائِدِهِ فِي دَمِهِ إذا نحره ويخلي بن النَّاسِ وَبَيْنَهُ وَلَا يَأْمُرُ أَحَدًا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ فَقِيرًا وَلَا غَنِيًّا فَإِنْ أَكَلَ هُوَ أَوْ أَمَرَ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ

بِأَكْلِهِ أَوْ حَزَّ شَيْئًا مِنْ لَحْمِهِ كَانَ عَلَيْهِ الْبَدَلُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ كل هدي مضمون إِذَا عَطِبَ فَلْيَأْكُلْ مِنْهُ صَاحِبُهُ وَلْيُطْعِمْ مِنْهُ الْأَغْنِيَاءَ وَالْفُقَرَاءَ وَمَنْ أَحَبَّ وَلَا يَبِيعُ مِنْ لَحْمِهِ وَلَا مِنْ جِلْدِهِ وَلَا مِنْ قَلَائِدِهِ شَيْئًا قَالَ مَالِكٌ وَمِنَ الْهَدْيِ الْمَضْمُونِ مَا إِنْ عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ وَهُوَ إِنْ بَلَغَ مَحِلَّهُ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ وَهُوَ جَزَاءُ الصَّيْدِ وَفِدْيَةُ الْأَذَى وَنَذْرُ الْمَسَاكِينِ فَهَذَا إِنْ عَطِبَ قَبْلَ مَحِلِّهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ بَدَلَهُ وَإِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ أَجْزَأَهُ عَنِ الَّذِي سَاقَهُ وَلَا يُجْزِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ لِأَنَّ الْهَدْيَ الْمَضْمُونَ إِذَا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ كَانَ عَلَيْهِ بَدَنَةً وَبِذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ وَلَا يُطْعِمَ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَدَلُهُ خِيفَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِالْهَدْيِ وَيَنْحَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْطَبَ فَاحْتِيطَ عَلَى النَّاسِ وَبِذَلِكَ مَضَى الْعَمَلُ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ إِذَا عَطِبَ فِي الطَّرِيقِ نَحَرَهُ صَاحِبُهُ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدِيثَ هِشَامٍ هَذَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَاجِيَةَ وَحَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ذُؤَيْبٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ نَاجِيَةَ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْهُ فَطَائِفَةٌ رَوَتْ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَاجِيَةَ الْأَسْلَمِيَّ حَدَّثَهُ وَطَائِفَةٌ رَوَتْ عَنْهُ أَنَّ ذُؤَيْبًا الْخُزَاعِيَّ حَدَّثَهُ وَذُؤَيْبٌ هَذَا هُوَ وَالِدُ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَرُبَّمَا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا مَعَهُ هَدْيًا فَسَأَلَهُ كَمَا سَأَلَهُ نَاجِيَةُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْتَّيَّاحِ عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بثمان عشرة بدنة مَعَ رَجُلٍ فَأَمَرَهُ فِيهَا

بِأَمْرٍ فَانْطَلَقَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ عَطِبَ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ فَانْحَرْهَا ثُمَّ اصْبُغْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا ثُمَّ اجْعَلْهَا عَلَى صفحتها ولا تأكل منها أنت ولا أحد مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حدثنا أبو النياح عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَسِنَانُ بْنُ سَلَمَةَ وَمَعَنَا بَدَنَتَانِ فَأَزْحَفَتَا عَلَيْنَا بِالطَّرِيقِ فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَتَيْنَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُلَانًا الْأَسْلَمِيَّ وبعث معه بثمان عشرة بدنة فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أُزْحِفَ عَلَيَّ مِنْهَا شَيْءٌ بِالطَّرِيقِ قَالَ تَنْحَرُهَا وَتَصْبُغُ نَعْلَهَا أَوْ قَالَ تَغْمِسُ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا فَتَضْرِبُ بِهَا عَلَى صَفْحَتِهَا وَلَا تَأْكُلُ مِنْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ وَرَوَى شُعْبَةُ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ذُؤَيْبًا الْخُزَاعِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ ثُمَّ يَقُولُ إِذَا عَطِبَ شَيْءٌ مِنْهَا فَخَشِيتَ عَلَيْهِ مَوْتًا فَانْحَرْهُ ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهُ فِي دَمِهِ ثُمَّ اضْرِبْ صَفْحَتَهُ وَلَا تُطْعِمْ مِنْهَا وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ (قَوْلُهُ) وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ لَا يُوجَدُ إِلَّا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ وَسِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي عَنْ نَاجِيَةَ وَهَذَا عِنْدَنَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ذُؤَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَهْلُ رُفْقَتِهِ وَغَيْرُهُمْ فِي ذلك

سَوَاءٌ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَخَلِّ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ يَأْكُلُونَهُ أَهْلُ رُفْقَتِهِ وَغَيْرُهُمْ وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى مَنْ أَكَلَ مِنْ هَدْيِهِ التطوع وإن لم يكن موجدا فِي الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ فَإِنَّ ذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ إِنْ أَكَلَ مِنَ الْهَدْيِ التَّطَوُّعِ غَرِمَ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنِ أكلت أَوْ أَمَرْتَ بِأَكْلِهِ غَرِمْتَ وَعَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ مِثْلَهُ سَوَاءً مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَرَوَى ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ مَضَتِ السُّنَّةُ إِذَا أُصِيبَتِ الْبَدَنَةُ تَطَوُّعًا فِي الطَّرِيقِ أَنْ يَنْحَرَهَا وَيَغْمِسَ قَلَائِدَهَا (فِي دَمِهَا) 396) ثُمَّ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا وَلَا يُطْعِمُ وَلَا يُقَسِّمُ فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ يَعْطَبُ قَالُوا كُلْ إِنْ شِئْتَ إِذَا نَحَرْتَهُ وَعَلَيْكَ الْبَدَلُ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ مَالِكٌ مَا عَطِبَ مِنَ الْهَدْيِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا أَكَلَ مِنْهُ إِنْ شَاءَ وَأَبْدَلَهُ وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا نَحَرَهُ ثُمَّ صَبَغَ قَلَائِدَهُ فِي دَمِهِ وَخَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ وَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يُطْعِمْ وَلَمْ يَتَصَدَّقْ فَإِنْ أَكَلَ أَوْ أَطْعَمَ أَوْ تَصَدَّقَ ضَمِنَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا يَضْمَنُ مَا أَكَلَ أَوْ أَطْعَمَ أَوْ تَصَدَّقَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْبَدَلُ إِلَّا لِمَا أَتْلَفَ فَإِنْ أَتْلَفَهُ كُلَّهُ ضَمِنَهُ كُلَّهُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يَتَصَدَّقُ بِالْهَدْيِ التَّطَوُّعِ إِذَا عَطِبَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يَتْرُكَهُ فَتَأْكُلَهُ السِّبَاعُ قَالَ وَلَوْ أَطْعَمَ مِنْهُ غَنِيًّا ضَمِنَ وَقَالَ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ لَا بَأْسَ أَنْ

الحديث الأربعون

يَبِيعَ لَحْمَهُ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي ثَمَنِ هَدْيٍ وَهَؤُلَاءِ لَا يَرَوْنَ بَيْعَهُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُؤْكَلُ مِنَ الْهَدْيِ إِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ فَقَالَ مَالِكٌ يُؤْكَلُ مِنَ الْهَدْيِ كُلُّهُ إِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ إِلَّا جَزَاءَ الصَّيْدِ وَنُسُكَ الْأَذَى وَمَا نَذَرَ لِلْمَسَاكِينِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُؤْكَلُ مِنَ الْهَدْيِ كُلِّهِ شَيْءٌ إِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ إِلَّا بِالتَّطَوُّعِ وَحْدَهُ فَأَمَّا الْهَدْيُ الْوَاجِبُ فَلَا يَأْكُلُ شَيْئًا مِنْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُؤْكَلُ مِنْ هَدْيِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ وَالتَّطَوُّعِ وَلَا يُؤْكَلُ مِمَّا سِوَاهُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يُؤْكَلُ مِنْ هَدْيِ الْمُتْعَةِ وَالْإِحْصَارِ وَالْوَصِيَّةِ وَالتَّطَوُّعِ حَدِيثٌ مُوفِي أَرْبَعِينَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مُخَنَّثًا كَانَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا فَإِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى ابْنَةِ غَيْلَانَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَدْخُلَنَّ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُمْ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جُمْهُورُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَالصَّوَابُ عَنْ مَالِكٍ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ عُرْوَةُ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَتُهَا عَنْهَا كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي مريم عن

مَالِكٍ فَحَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا وَكَانَ مُخَنَّثٌ عِنْدَهُمْ جَالِسًا فَقَالَ المخنث لعبد الله ابن أَبِي أُمَيَّةَ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا فَأَنَا أَدُلُّكَ عَلَى ابْنَةِ غَيْلَانَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُدْخِلَنَّ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُمْ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي مُخَنَّثٌ فَسَمِعَهُ يَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا فَعَلَيْكَ بِابْنَةِ غَيْلَانَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُدْخِلَنَّ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُمْ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ اسْمُهُ هِيتٌ يَعْنِي الْمُخَنَّثَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن أحمد ابن يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو معاوية عن هشام ابن عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ حَبِيبٍ كَاتِبِ مَالِكٍ قُلْتُ لِمَالِكٍ إِنَّ سُفْيَانَ زَادَ فِي حَدِيثِ ابْنَةِ غَيْلَانَ أَنَّ مُخَنَّثًا يُقَالُ لَهُ هِيتٌ وَلَيْسَ فِي كتابك

هِيتٌ فَقَالَ مَالِكٌ صَدَقَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَرَّبَهُ إِلَى الْحِمَى وَهُوَ مَوْضِعٌ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ ذَاتِ الشِّمَالِ مِنْ مَسْجِدِهَا قَالَ حَبِيبٌ وَقُلْتُ لِمَالِكٍ وَقَالَ سُفْيَانُ فِي الْحَدِيثِ إِذَا قَعَدَتْ تَثَنَّتْ وَإِذَا تَكَلَّمَتْ تَغَنَّتْ قَالَ مَالِكٌ صَدَقَ كَذَلِكَ هُوَ فِي الْحَدِيثِ قَالَ وَقُلْتُ لِمَالِكٍ قَالَ سُفْيَانُ فِي تَفْسِيرِ تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ يَعْنِي مِظَلَّةَ الْأَعْرَابِ مَقْدَمُهَا أَرْبَعٌ وَمُدْبِرُهَا ثَمَانٍ فقال مالك لم تصنع شيئا إنا هِيَ عُكَنٌ أَرْبَعٌ إِذَا أَقْبَلَتْ وَثَمَانٍ إِذَا أَدْبَرَتْ وَذَلِكَ أَنَّ الظَّهْرَ لَا تَنْكَسِرُ فِيهِ الْعُكَنُ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَا ذَكَرَهُ حَبِيبٌ كَاتِبُ مَالِكٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ هَذَا فَغَيْرُ مَعْرُوفٍ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ رُوَاتِهِ عَنْ هِشَامٍ لَا ابْنِ عُيَيْنَةَ وَلَا غَيْرِهِ وَلَمْ يَقُلْ سُفْيَانُ فِي نَسَقِ الْحَدِيثِ إِنَّ مُخَنَّثًا يُدْعَى هِيتٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بَعْدَ تَمَامِ الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْهُ وَهُوَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي ابْنِ عُيَيْنَةَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْحَدِيثِ إذا فعدت تَثَنَّتْ وَإِذَا تَكَلَّمَتْ تَغَنَّتْ هَذَا مَا لَمْ يَقُلْهُ سُفْيَانُ وَلَا غَيْرُهُ فِيمَا عَلِمْتُ فِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَهَذَا اللَّفْظُ لَا يُحْفَظُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ وَالْعَجَبُ أَنَّهُ يَحْكِيهِ عَنْ سُفْيَانَ وَيَحْكِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَصَارَتْ رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يَرْوِ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ (أَحَدٌ) غَيْرُ حَبِيبٍ وَلَا ذَكَرَهُ عَنْ سُفْيَانَ غَيْرُهُ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَبِيبٌ كَاتِبُ مَالِكٍ

مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَا يَجِيءُ بِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زينب ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ كَانَ عِنْدِي مُخَنَّثٌ فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ أَخِي إن فتح الله عليكم الطائف غدا فإن أَدُلُّكَ عَلَى ابْنَةِ غَيْلَانَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وتدبر بثمان فسمع رسول الله قَوْلَهُ فَقَالَ لَا يَدْخُلَنَّ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُمْ قَالَ وَحَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بَكَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ وَقَدْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْلًى لِخَالَتِهِ فَاخِتَةَ ابْنَةِ عَمْرِو بْنِ عَائِذٍ مُخَنَّثٌ يُقَالُ لَهُ مَاثِعٌ يَدْخُلُ عَلَى نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَكُونُ فِي بَيْتِهِ وَلَا يَرَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَفْطُنُ لِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ مِمَّا يَفْطُنُ إِلَيْهِ الرِّجَالُ وَلَا يَرَى أَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ أَرَبًا فَسَمِعَهُ وَهُوَ يَقُولُ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ يَا خَالِدُ إِنْ فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّائِفَ فَلَا تَنْفَلِتَنَّ مِنْكَ بَادِيَةُ ابْنَةُ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَمِعَ هَذَا مِنْهُ أَلَا أَرَى الْخَبِيثَ يَفْطَنُ لِمَا أَسْمَعُ ثُمَّ قَالَ لِنِسَائِهِ لَا يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ فَحُجِبَ عَنْ بَيْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِبَاحَةُ دُخُولِ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْهُنَّ بِمَحْرَمٍ وَالْمُخَنَّثُ الَّذِي لَا بَأْسَ بِدُخُولِهِ عَلَى النِّسَاءِ هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا الْيَوْمَ بِالْمُؤَنَّثِ وَهُوَ الَّذِي لَا أَرَبَ لَهُ فِي النِّسَاءِ وَلَا يَهْتَدِي إِلَى

شَيْءٍ مِنْ أُمُورِهِنَّ فَهَذَا هُوَ الْمُؤَنَّثُ الْمُخَنَّثُ الَّذِي لَا بَأْسَ بِدُخُولِهِ عَلَى النِّسَاءِ فَأَمَّا إِذَا فَهِمَ مَعَانِيَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ كَمَا فَهِمَ هَذَا الْمُخَنَّثُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَجُزْ لِلنِّسَاءِ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ وَلَا جَازَ لَهُ الدُّخُولُ عَلَيْهِنَّ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ وَلَيْسَ الْمُخَنَّثُ الَّذِي تُعْرَفُ فِيهِ الْفَاحِشَةُ خَاصَّةً وَتُنْسَبُ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا الْمُخَنَّثُ شِدَّةُ التَّأْنِيثِ فِي الْخِلْقَةِ حَتَّى يُشْبِهَ الْمَرْأَةَ فِي اللِّينِ وَالْكَلَامِ وَالنَّظَرِ وَالنَّغْمَةِ وَفِي الْعَقْلِ وَالْفِعْلِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِيهِ عَاهَةُ الْفَاحِشَةِ أَمْ لَمْ تَكُنْ وَأَصِلُ التَّخَنُّثِ التَّكَسُّرُ وَاللِّينُ فَإِذَا كَانَ كَمَا وَصَفْنَا لَكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي النِّسَاءِ أَرَبٌ وَكَانَ ضَعِيفَ الْعَقْلِ لَا يَفْطَنُ لِأُمُورِ النَّاسِ أَبْلَهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الإربة الدين أُبِيحُ لَهُمُ الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّ ذَلِكَ الْمُخَنَّثَ لَمَّا فَهِمْ مِنْ أُمُورِ النِّسَاءِ قِصَّةَ بِنْتِ غَيْلَانَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ عَنْ دُخُولِهِ عَلَى النِّسَاءِ وَنَفَاهُ إِلَى الْحِمَى فِيمَا رُوِيَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ اخْتِلَافًا مُتَقَارِبَ الْمَعْنَى لِمَنْ تَدَبَّرَ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ عَمْرٍو عَنِ الْحَسَنِ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ قَالَ هُمْ قَوْمٌ طُبِعُوا عَلَى التَّخْنِيثِ فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَتْبَعُ الرَّجُلَ يَخْدُمُهُ لِيُطْعِمَهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ غَشَيَانَ النِّسَاءِ وَلَا يَشْتَهُونَهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ إريس عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ قَالَ هُوَ الْأَبْلَهُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ أَمْرَ النِّسَاءِ

قَالَ وَأَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ هُوَ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ أَرَبَهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ جَمِيعًا عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ قَالَ هُوَ التَّابِعُ الَّذِي يَتْبَعُكَ فَيُصِيبُ مِنْ طَعَامِكَ غَيْرُ أُولِي الْإِرْبَةِ يَقُولُ لَا أَرَبَ لَهُ لَيْسَ لَهُ فِي النِّسَاءِ حَاجَةٌ وَعَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ هُوَ الْأَحْمَقُ الَّذِي لَا يُرِيدُ النِّسَاءَ وَلَا يُرِدْنَهُ وَعَنْ طَاوُسٍ وَعِكْرِمَةَ مِثْلَهُ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ هُوَ الْأَحْمَقُ الضَّعِيفُ الْعَقْلِ وَعَنْ عِكْرِمَةَ أَيْضًا هُوَ الْعِنِّينُ وَوَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ هُوَ الَّذِي يُرِيدُ الطَّعَامَ وَلَا يُرِيدُ النِّسَاءَ لَيْسَ لَهُ هَمٌّ إِلَّا بَطْنَهُ وَعَنِ الشَّعْبِيِّ أَيْضًا وَعَطَاءٍ مِثْلَهُ وَعَنِ الضَّحَّاكِ هُوَ الْأَبْلَهُ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ هُوَ الْأَحْمَقُ الَّذِي لَا هِمَّةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ وَلَا أَرَبَ وَقِيلَ كُلُّ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ مِنَ الْأَتْبَاعِ نَحْوَ الشَّيْخِ وَالْهَرَمِ وَالْمَجْبُوبِ وَالطِّفْلِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْعِنِّينِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ أَقَاوِيلُ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى وَيَجْتَمِعُ فِي أَنَّهُ لَا فَهْمَ له ولاهمة يَنْتَبِهُ بِهَا إِلَى أَمْرِ النِّسَاءِ وَبِهَذِهِ الصِّفَةِ كَانَ ذَلِكَ الْمُخَنَّثُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا سَمِعَ مِنْهُ مَا سَمِعَ مِنْ وَصْفِ مَحَاسِنِ النِّسَاءِ أَمَرَ بِالِاحْتِجَابِ منه

وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَجُلٌ يَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَنَّثٌ فَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ فَدَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ وَهُوَ يَنْعَتُ امْرَأَةً فَقَالَ إِنَّهَا إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بأربع وإذا أدبرت أدبرت بثمان فقال لأرى هذا يعلم ما ههنا لَا يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيْكُمْ فَحَجَبُوهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ فَالَّذِي ذَكَرَ حَبِيبٌ عَنْ مَالِكٍ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ وَإِنَّمَا وَصَفَ امْرَأَةً لَهَا فِي بَطْنِهَا أَرْبَعُ عُكَنٍ فَإِذَا بَلَغَتْ خَصْرَيْهَا صَارَتْ أَطْرَافُ الْعُكَنِ ثمانيا أربع من ههنا وأربعا ههنا فَإِذَا أَقْبَلَتْ إِلَيْكَ وَاسْتَقْبَلَتْكَ بِبَطْنِهَا رَأَيْتَ لَهَا أَرْبَعًا فَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْكَ صَارَتْ تِلْكَ الْأَرْبَعُ ثمانيا من جهة الأطراف المجتمعة وهكذا فَسَّرَهُ كُلُّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاسْتَشْهَدَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِ النَّابِغَةِ فِي قَوَائِمِ نَاقَتِهِ ... عَلَى هَضَبَاتٍ بَيْنَمَا هُنَّ أَرْبَعُ ... ... أَنَخْنَ لِتَعْرِيسٍ فَعُدْنَ ثَمَانِيَا ... يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ النَّاقَةَ إذا رفعت قوائمها أربع فإذا انحنت قوائها وَانْطَوَتْ صَارَتْ ثَمَانِيًا وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْخَبَرُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ بِخِلَافِ هَذَا اللَّفْظِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بن أصبغ قال حدثنا ابن واضح قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قال حدثنا بكر بن عبد الرحمان قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً وَهُوَ بِمَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لَيْتَ عِنْدِي مَنْ رَآهَا وَمَنْ يُخْبِرُنِي عَنْهَا فَقَالَ رَجُلٌ مُخَنَّثٌ يُدْعَى هِيتٌ أَنَا أَنْعَتُهَا لَكَ إِذَا أَقْبَلَتْ قُلْتَ تَمْشِي عَلَى سِتٍّ وَإِذَا أَدْبَرَتْ قُلْتَ تَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أرى هذا إلامنكرا مَا أَرَاهُ إِلَّا يَعْرِفُ أَمْرَ النِّسَاءِ وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى سَوْدَةَ فَنَهَاهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَفَاهُ

فَكَانَ كَذَلِكَ حَتَّى أَمَرَ عُمَرُ فَجُلِدَ فَكَانَ يُرَخَّصُ لَهُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيَتَصَدَّقُ يَعْنِي يَسْأَلُ النَّاسَ قَالَهُ ابْنُ وَضَّاحٍ وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ وَابْنُ الْكَلْبِيِّ فَإِنَّهُمَا قَدْ ذَكَرَا أَنَّ هيتا المخنث قال لعبد الله ابن أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ وَهُوَ أَخُو أُمِّ سَلَمَةَ لِأَبِيهَا وَأُمُّهُ عَاتِكَةَ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ وَهُوَ فِي بيت أخت أُمِّ سَلَمَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ إِنِ افْتَتَحْتُمُ الطَّائِفَ فَعَلَيْكَ بِبَادِيَةِ ابنة غيلان بن سلمة الثقي فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ مَعَ ثَغْرٍ كَالْأُقْحُوَانِ إِنْ جَلَسَتْ تَثَنَّتْ وَإِنْ تَكَلَّمَتْ تَغَنَّتْ بَيْنَ رِجْلَيْهَا مِثْلُ الْإِنَاءِ الْمَكْفُو وَهِيَ كَمَا قال قيس بن الحطيم ... تَغْتَرِقُ الطَّرْفَ وَهِيَ لَاهِيَةٌ ... كَأَنَّمَا شَفَّ وَجْهَهَا نزف ... ... بين شكول النساء خلقتها ... قصدا فَلَا جَبْلَةٌ وَلَا قَصْفُ ... ... تَنَامُ عَنْ كِبَرِ شَأْنِهَا فَإِذَا ... ... قَامَتْ رُوَيْدًا تَكَادُ تَنْقَصِفُ ... فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ غَلْغَلْتَ النَّظَرَ إِلَيْهَا يَا عَبْدَ اللَّهِ ثُمَّ أَجْلَاهُ عَنِ الْمَدِينَةِ إِلَى الْحِمَى قَالَ فَلَمَّا افتتحت الطائف تزوجها عبد الرحمان بْنُ عَوْفٍ فَوَلَدَتْ لَهُ بُرَيْهَةً فِي قَوْلِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ وَلَمْ يَزَلْ هِيتٌ بِذَلِكَ الْمَكَانِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ كُلِّمَ فِيهِ فَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُ فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ كُلِّمَ فِيهِ فَأَبَى ثُمَّ كُلِّمَ فِيهِ بَعْدُ وَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ قَدْ كَبُرَ وَضَعُفَ فَأُذِنَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ كُلَّ جُمُعَةٍ فَيَسْأَلَ وَيَرْجِعَ إِلَى مَكَانِهِ قَالَ وَكَانَ هِيتٌ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ وَكَانَ مَوْنًا لَهُ أَيْضًا فَمِنْ ثَمَّ قِيلَ الْخِنْثُ

الحديث الحادي والأربعون

قَالَ أَبُو عُمَرَ يُقَالُ بَادِيَةُ ابْنَةُ غَيْلَانَ بالياء وبادنه بالنون والصواب عندهم بالياء نادية وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الزُّبَيْرُ بِالْيَاءِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَغَنَّتْ فَقَالُوا إِنَّهُ من العنة لَا مِنَ الْغِنَاءِ أَيْ كَانَتْ تَتَغَنَّنُ فِي كَلَامِهَا مِنْ لِينِهَا وَرَخَامَةِ صَوْتِهَا يُقَالُ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ تَغَنَّنَ الرَّجُلُ وَتَغَنَّى مِثْلَ تَظَنَّنَ وَتَظَنَّى قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَمِمَّنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الطَّائِفِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَخُو سَلَمَةَ مِنْ زَمْعَةَ حَدِيثٌ حَادٍ وَأَرْبَعُونَ لِهِشَامٍ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ الْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ هَذَا حَدِيثٌ يَتَّصِلُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْتَنِدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَكِلَاهُمَا قَدْ سَمِعَ مِنْهُ عُرْوَةُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ وَكِيعٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن عائشة وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَائِشَةَ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْتُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ مَحْفُوظٌ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي

بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مَا فِيهِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْمَعَانِي وَمَا (لِلْعُلَمَاءِ) فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عُرْوَةُ أَخَذَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَائِشَةَ لِأَنَّهُ رَاوِيَتُهَا وَابْنُ أُخْتِهَا وَرِوَايَتُهُ عَنْهَا أَكْثَرُ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَكَيْفَ وَقَدْ رَوَاهُ الثِّقَاتُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ الْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْفَأْرَةُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْغُرَابُ قَالَ وَسُئِلَ عُرْوَةُ عَنْ لَحْمِ الْغُرَابِ فَكَرِهَهُ وَقَالَ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسِقًا وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَرِهَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَكْلَ الْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ حَيْثُ سَمَّاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَاسِقِ الدَّوَابِّ الَّتِي تُقْتَلُ فِي الْحَرَمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِي أَكْلِهَا وَأَوْضَحْنَا الْوُجُوهَ الَّتِي مِنْهَا نَزَعُوا فِي بَابِ نَافِعٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثاني والأربعون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَأَرْبَعُونَ لِهِشَامٍ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنَ الْمَدِينَةِ رَغْبَةً عَنْهَا إِلَّا أَبْدَلَهَا اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ وَصَلَهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَأَسْنَدَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا وَحَدِيثِ جَابِرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ مَوْلَى السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ رِجَالًا يَسْتَنْفِرُونَ عَشَائِرَهُمْ فَيَقُولُونَ الْخَيْرَ الْخَيْرَ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيده لا يصبر على وائها وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا أَوْ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَنْفِي خُبْثَ أَهْلِهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خُبْثَ الْحَدِيدِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إِلَّا أَبْدَلَهَا اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنَ الْمَدِينَةِ رَغْبَةً عَنْهَا إِلَّا أَبْدَلَهَا اللَّهُ بِهِ خَيْرًا مِنْهُ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ

الحديث الثالث والأربعون

معنى هذا عندي والله أعلم في حايته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا فِي مِثْلِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي قَالَ أَقِلْنِي بَيْعَتِي وَمَعْلُومٌ مَنْ رَغِبَ عَنْ جِوَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْدَلَهُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ وَأَمَّا بَعْدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَمْ تُعَوَّضِ الْمَدِينَةُ بِخَيْرٍ مِنْهُمْ وَرَوَى شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ هَانِئِ بْنِ عُرْوَةَ الْمُرَادِيُّ قَالَ سَمِعْتُ نُعَيْمَ بْنَ دَجَاجَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَأَرْبَعُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فيه على هشام فروته عند طَائِفَةٌ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَهُوَ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرَوَتْهُ طَائِفَةٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَرَوَتْهُ طَائِفَةٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ وَرَوَتْهُ طَائِفَةٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد الرحمان بْنِ رَافِعٍ عَنْ جَابِرٍ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ جَابِرٍ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ خَاصَمَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي أَرْضٍ حَازَهَا فَقَالَ عُمَرُ مَنْ أَحْيَا مِنْ مَيِّتِ الْأَرْضِ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْيَا شَيْئًا مِنْ مَيِّتِ الْأَرْضِ فَهُوَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظالم حق

وَالْعِرْقُ الظَّالِمُ أَنْ يَنْطَلِقَ الرَّجُلُ إِلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَيَغْرِسَهَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ وَلِعُرْوَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ حَدِيثٌ آخَرُ أَيْضًا فِي أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أَنَّهُ يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَلْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَمَا أَكَلَتِ الْعَافِيَةُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ بِالْمَدِينَةِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعِ بْنِ ثَابِتٍ الزُّبَيْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ أخبره عن جابر ابن عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ وَمَا أَكَلَتِ الْعَافِيَةُ مِنْهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم من أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ وَمَا أَكَلَتِ الْعَافِيَةُ كَانَ لَهُ فِيهَا صَدَقَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا فَهِيَ لَهُ وَإِنَّمَا فِيهِ فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ وَهُمَا عِنْدِي حَدِيثَانِ عِنْدَ هِشَامٍ أَحَدُهُمَا عَنْ أَبِيهِ وَالْآخَرُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ وَلَفْظُهُمَا مُخْتَلِفٌ فَهُمَا حَدِيثَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا لَفْظُ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ فَعَلَى لَفْظِ حَدِيثِ مَالِكٍ وَهُوَ لِهِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَصَارَ الْحَدِيثُ مُسْنَدًا مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَيْضًا وَفِيهِ زِيَادَةٌ هِيَ تَفْسِيرٌ لِمَعْنَى الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عن يحيى ابن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال من أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ قَالَ عُرْوَةُ وَلَقَدْ حَدَّثَنِي الَّذِي حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَرَسَ أَحَدُهُمَا نَخْلًا فِي أَرْضِ الْآخَرِ فَقَضَى لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِأَرْضِهِ وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ مِنْهَا قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَتُضْرَبُ أصولها بالفؤوس وَإِنَّهَا لَنَخْلٌ عُمٌّ حَتَّى أُخْرِجَتْ مِنْهَا

قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فَكَانَ الَّذِي حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ الرَّجُلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَأَنَا رَأَيْتُ الرَّجُلَ يَضْرِبُ فِي أُصُولِ النَّخْلِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الْآمِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ الْأَرْضَ أَرْضُ اللَّهِ وَالْعِبَادَ عِبَادُ اللَّهِ وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ جَاءَنَا بِهَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ جَاءُوا بِالصَّلَوَاتِ عَنْهُ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا جعفر ابن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِبَادُ عِبَادُ اللَّهِ وَالْبِلَادُ بِلَادُ اللَّهِ فَمَنْ أَحْيَا مِنْ مَوَاتِ الْأَرْضِ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الِاخْتِلَافُ عَنْ عُرْوَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ الْإِرْسَالُ كَمَا رَوَى مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ وَهُوَ أَيْضًا صَحِيحٌ مُسْنَدٌ على ما

أَوْرَدْنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَهُوَ حَدِيثٌ مُتَلَقَّى بِالْقَبُولِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ مَعَانِيهِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِمِثْلِ لَفْظِ حَدِيثِ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرَ قَالَا حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَحْيَا مَوَاتًا مِنَ الْأَرْضِ فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ فَهُوَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَدَّادِ حَدَّثَنَا بهلول إبن إِسْحَاقَ بْنِ بُهْلُولٍ الْأَنْبَارِيُّ بِالْأَنْبَارِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا كَثِيرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَحْيَا مَوَاتًا مِنَ الْأَرْضِ فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ فَهُوَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ فَقَدْ فَسَّرَهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ بِمَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ لِغَيْرِهِمَا خِلَافًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ السَّرْحِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ قَالَ قَالَ هِشَامٌ الْعِرْقُ الظَّالِمُ أَنْ يَغْرِسَ الرَّجُلُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ لِيَسْتَحِقَّهَا بِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ الْعِرْقُ الظَّالِمُ كُلَّمَا أَخَذَ وَاحْتَفَرَ وَغَرَسَ فِي غَيْرِ حَقٍّ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ مِنَ الْأَعْيَانِ الْمَغْصُوبَاتِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا أَوِ اكْتَرَاهَا أَوْ غَصَبَ دَارًا فَسَكَنَهَا أَوْ أَكْرَاهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَبَّهَا أَنَّ عَلَى الْغَاصِبِ كِرَاءَ مَا سَكَنَ ورد ما أخذ في الكراء واختلف قوله إذا غضبها فَلَمْ يَسْكُنْهَا وَلَمْ يَزْرَعِ الْأَرْضَ وَعَطَّلَهَا فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا لَمْ يَسْكُنْ وَلَمْ يُكْرِ وَلَمْ يَزْرَعْ شَيْءٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ عَلَيْهِ كِرَاءَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَاخْتَارَهُ الْوَقَّارُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمِنْ حُجَّتِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ وَأَمَّا الْعُرُوضُ وَالْحَيَوَانُ وَالثِّيَابُ فَلَيْسَ هَذَا الْبَابُ مَوْضِعَ ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَا عُرِفَ مِلْكًا لِمَالِكٍ غَيْرَ مُنْقَطِعٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِحْيَاؤُهُ وَمِلْكُهُ لِأَحَدٍ غَيْرِ أَرْبَابِهِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي إِحْيَاءِ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ فَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنَّهَا إِنَّمَا تُحْيَى بِأَمْرِ الْإِمَامِ وَسَوَاءً عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ مَا قَرُبَ مِنَ الْعُمْرَانِ وَمَا بَعُدَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ مَالِكٌ أَمَّا مَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْعُمْرَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا فَلَا يُحَازُ وَلَا يُعَمَّرُ إِلَّا بإذن الإمام وأماما كَانَ فِي فَيَافِي الْأَرْضِ فَلَكَ أَنْ تُحْيِيَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ قَالَ وَالْإِحْيَاءُ فِي مَيِّتِ الْأَرْضِ شَقُّ الْأَنْهَارِ وَحَفْرُ الْآبَارِ وَالْبِنَاءِ وَغَرْسُ الشَّجَرِ وَالْحَرْثِ فَمَا فُعِلَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ فَهُوَ إِحْيَاءٌ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَلَوْ نَزَلَ قَوْمٌ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْبَرِّيَّةِ فَجَعَلُوا يَرْعُونَ مَا حَوْلَهَا فَذَلِكَ إيحاء وَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِمْ مَا أَقَامُوا عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَعْرِفُ مَالِكٌ التَّحْجِيرَ إِحْيَاءً وَلَا مَا قِيلَ مِنْ حِجْرِ أَرْضًا وَتَرْكِهَا ثَلَاثَ سِنِينَ فَإِنْ أَحْيَاهَا وَإِلَّا فَهِيَ لِمَنْ أَحْيَاهَا لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ

مَالِكٌ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى دُثِرَتْ وَطَالَ الزَّمَانُ وَهَلَكَتِ الْأَشْجَارُ وَتَهَدَّمَتِ الْآبَارُ وَعَادَتْ كَأَوَّلِ مَرَّةٍ ثُمَّ أَحْيَاهَا غَيْرُهُ فَهِيَ لِمُحْيِيهَا آخِرًا بِخِلَافِ مَا مَلَكَ بِخُطَّةٍ أَوْ شِرَاءٍ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ بِلَادُ الْمُسْلِمِينَ شَيْئَانِ عَامِرٌ وَمَوَاتٌ فَالْعَامِرُ لِأَهْلِهِ وَكُلُّ مَا أَصْلَحَ بِهِ الْعَامِرُونَ مِنْ طَرِيقٍ وَفِنَاءٍ وَمَسِيلِ مَاءٍ وَغَيْرِهِ فَهُوَ كَالْعَامِرِ فِي أَنْ لَا يَمْلِكَ عَلَى أَهْلِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ وَالْمَوَاتُ شَيْئَانِ مَوَاتٌ قَدْ كَانَ عَامِرًا لِأَهْلِهِ مَعْرُوفًا فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ ذَهَبَتْ عِمَارَتُهُ فَصَارَ مَوَاتًا فَذَلِكَ كَالْعَامِرِ لِأَهْلِهِ لَا يَمْلِكُ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ وَالْمَوَاتُ الثَّانِي مَا لَمْ يَمْلِكْهُ أَحَدٌ فِي الْإِسْلَامِ يُعْرَفُ وَلَا عِمَارَةَ مِلْكٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا لَمْ يَمْلِكْ فَذَلِكَ الْمَوَاتُ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَهُوَ لَهُ قَالَ وَالْإِحْيَاءُ مَا عَرَفَهُ النَّاسُ إِحْيَاءً لِمِثْلِ الْمُحْيِي إِنْ كَانَ مسكنا فبان يَبْنِي بِنَاءً مِثْلَهُ أَوْ مَا يَقْرُبُ قَالَ وَأَقَلُّ عِمَارَةِ الْأَرْضِ الزَّرْعُ فِيهَا وَالْبِئْرُ يُحْفَرُ وَنَحْوُ ذَلِكَ قَالَ وَمَنِ اقْتَطَعَ أَرْضًا وَتَحَجَّرَهَا فَلَمْ يُعَمِّرْهَا رَأَيْتُ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقُولَ لَهُ إِنْ أَحْيَيْتَهَا وَإِلَّا خَلَّيْنَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ يُحْيِيهَا فَإِنْ تَأَجَّلَهُ رَأَيْتُ أَنْ يَفْعَلَ قَالَ أبو عمر من رأى التحجيز إِحْيَاءً فَحُجَّتُهُ مَا رَوَاهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ قَتَادَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَحَاطَ حَائِطًا عَلَى أَرْضٍ فَهِيَ لَهُ وَالْحَسَنُ عِنْدَهُمْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَمُرَةَ وَإِنَّمَا هِيَ فِيمَا زَعَمُوا صَحِيحَةٌ إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الْحَسَنَ سَمِعَ مِنْ سَمُرَةَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ لِأَنَّهُ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ سَمِعْتُهُ مِنْ سَمُرَةَ

الحديث الرابع والأربعون

وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ سَمَاعَ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ صَحِيحٌ وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ النَّاسُ يَتَحَجَّرُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَقَالَ عُمَرُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا فَهِيَ لَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَمَا أَكَلَتِ الْعَافِيَةُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ فَالْعَافِيَةُ وَالْعَوَافِي سِبَاعُ الْوَحْشِ وَالطَّيْرِ وَالدَّوَابِّ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ وَإِنَّهَا لَنَخْلٌ عُمٌّ فَالْعُمُّ التَّامَّةُ الْكَامِلَةُ حَدِيثٌ رَابِعٌ وَأَرْبَعُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٌ عَنْ هَاشِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَهَلَّ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَاهُ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بن عيينة عن إبراهيم ابن مَيْسَرَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ

ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكَبُ رَاحِلَتَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ يُصَلِّي حِينَ تَسْتَوِي بِهِ قَائِمَةً أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا وَصَلَّى الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ بَاتَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ حَتَّى أَصْبَحَ فَلَمَّا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ أَهَلَّ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَلَمَّا عَلَا جَبَلَ الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهَبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَتْ قَالَ سَعْدٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ طَرِيقَ الْفَرَعِ أَهَلَّ إِذَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَإِذَا أَخَذَ طَرِيقَ أُحُدٍ أَهَلَّ إِذَا أَشْرَفَ عَلَى الْبَيْدَاءِ فِي حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى انْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ بِتَمَامِهِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْمَعَانِي فِي بَابِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِي مَوْضِعِ إِهْلَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْإِهْلَالِ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ وَالشَّرِيعَةِ وَمَهَّدْنَا كُلَّهُ فِي بَابِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَغَيْرِ مَا بَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الخامس والأربعون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَأَرْبَعُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم لم يَعْتَمِرْ إِلَّا ثَلَاثًا إِحْدَاهُنَّ فِي شَوَّالٍ وَاثْنَتَيْنِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَهَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ أَيْضًا عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ رُوِيَ مُسْنَدًا عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنِ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا داود بن عبد الرحمان عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم اعتمر عمرتين عن عائشة يريد بْنُ سِنَانٍ الزَّهَاوِيُّ وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ وَلَيْسَ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ يُذْكَرُ مَعَ مَالِكٍ فِي صِحَّةِ النَّقْلِ وَحَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حُسَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ وَإِذَا ابْنُ عُمَرَ جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَسَأَلْنَاهُ كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَرْبَعًا إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ فَكَرِهْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ فَقَالَ عُرْوَةُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمان قَالَتْ مَا يَقُولُ قَالَ يَقُولُ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عُمَرٍ

إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ قَالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عبد الرحمان مَا اعْتَمَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عُمْرَةً) إِلَّا وَهُوَ شَاهِدُهُ وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَالزُّهْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ ثَلَاثٌ مُفْتَرَقَاتٍ وَوَاحِدَةٌ مَعَ حَجَّتِهِ وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ جَعَلَهُ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا وَأَمَّا مَنْ جَعَلَهُ مُفْرِدًا فِي ججته فَهُوَ يَنْفِي أَنْ تَكُونَ عُمَرُهُ إِلَّا ثَلَاثًا وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ فِي الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعَ وَالْإِفْرَادِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا ابْنُ شِهَابٍ وَهُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِالسِّيَرِ عِنْدَهُمْ فَكَانَ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ ثَلَاثًا كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حُسَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْخُزَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ عُمَرٍ اعْتَمَرَ مِنَ الْجُحْفَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَصَدَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ آمِنًا هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثُمَّ اعْتَمَرَ الثَّالِثَةَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ حِينَ أَقْبَلَ مِنَ الطَّائِفِ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْهَلُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

اعْتَمَرَ ثَلَاثَ عُمَرٍ كُلُّهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِحْدَاهُنَّ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَالْأُخْرَى فِي صُلْحِ قُرَيْشٍ والأخرى مرجع مِنَ الطَّائِفِ زَمَنَ حُنَيْنٍ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ زَكَرِيَّاءَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ عُمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ ثَلَاثَ عُمَرٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ كُلُّ ذَلِكَ يُلَبِّي حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ عبد الرحمان بْنِ حَرْمَلَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي الْعُمْرَةِ وَوُجُوبِهَا وَهَلْ يَعْتَمِرُ فِي السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ فَلَا مَعْنَى لذكر شيء من ذلك ههنا وَسَيَأْتِي زِيَادَةٌ فِي بَابِ عُمْرَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذِكْرِ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي اعْتِمَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى رَدِّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ عَلَى أَنِّي لَا أَعْرِفُ أَحَدًا كَرِهَ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ لَا يُعَدُّ خِلَافًا فِيهِ لِشُذُوذِهِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ شُبِّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ افْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ أَتَمُّ لِحَجِّ أَحَدِكُمْ وَأَتَمُّ لِعُمْرَتِهِ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَهَذَا إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ عُمَرُ ندب

الحديث السادس والأربعون

النَّاسِ إِلَى إِفْرَادِ الْحَجِّ وَكَرَاهِيَةِ التَّمَتُّعِ فَإِذَا أَفْرَدَ الْإِنْسَانُ الْحَجَّ وَأَتَمَّ عَلَيْهِ خَرَجَ مِنْ شُهُورِهِ وَجَازَتْ لَهُ الْعُمْرَةُ عِنْدَ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ عَبْدِ الرحمان بْنِ حَرْمَلَةَ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ الْعُمْرَةِ فِي شُهُورِ الْحَجِّ فِي شَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ لِمَنْ تَمَتَّعَ وَإِنْ لَمْ يَتَمَتَّعْ وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى مَا وَصَفْنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ عِنْدَهُمْ مَا ذَكَرْنَا أَوْ عَلَى أَنَّهُمْ تَرَكُوهُ وَنَبَذُوهُ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ عُمَرُهُ فِي شُهُورِ الْحَجِّ وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَذِنَ لِعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي شَوَّالٍ فَصَارَ مَا وَصَفْنَا إِجْمَاعًا صَحِيحًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ إِنَّ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِي شَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ إِنَّمَا كَانَتْ لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ إِنْكَارِ الْعُمْرَةِ فِي شُهُورِ الْحَجِّ) وَلِهَذَا مَا فَسَخَ أَصْحَابُهُ حَجَّتَهُمْ بِأَمْرِهِ فِي عُمْرَةٍ وَلِهَذَا مَا أَعْمَرَتْ عَائِشَةُ مِنَ التَّنْعِيمِ فِي ذِي الْحِجَّةِ كُلُّ ذَلِكَ دَفَعَ لِمَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِ مِنْ كَرَاهِيَتِهِمُ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَلَا تَرَى إِلَى مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِمْ إِذَا دَخَلَ صَفَرٌ حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ بِتَمَامِهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثٌ سَادِسٌ وَأَرْبَعُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال إن الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ حَدِيثِ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَلَفْظُهُمَا مُخْتَلِفٌ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى مُتَقَارِبًا وَهَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي

الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا إِلَّا عِنْدَ مَعْنِ بْنِ عِيسَى فَإِنَّهُ رَوَاهُ مُسْنَدًا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَزَعَمَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّهُ لَمْ يُسْنِدْهُ فِي الْمُوَطَّأِ غَيْرُ مَعْنٍ وَقَدْ أَسْنَدَهُ عَنْ مَالِكٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ هِشَامٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مُسْنَدًا كَمَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ فحدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا سحنون وأبو الطاهر قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ هَكَذَا عَطَفَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَلَى حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَأَطْفِئُوهَا وَلَفْظُ حَدِيثِ هِشَامٍ فَأَبْرِدُوهَا وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ (فِي هَذَا الْكِتَابِ (441) أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ يُجِيزُونَ الْحَدِيثَ بِالْمَعَانِي وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَمِنْ رِوَايَةِ مَنْ أَسْنَدَهُ عَنْ هِشَامٍ مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى الْمُقْرِي قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرحمان الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ يَعْنِي زُهَيْرَ بْنَ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم إن الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء

الحديث السابع والأربعون

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال إن الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّبَّاحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الرحمان الطُّفَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي حَدِيثِ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا حَدِيثٌ سَابِعٌ وَأَرْبَعُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَاهُ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَهَذَا الْمَعْنَى يَتَّصِلُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عمر

وَمِنْ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي الْوَتْرِ مِنْهَا وَعُرْوَةُ قَدْ أَدْرَكَ ابْنَ عُمَرَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْفَلَتَانِ الْجَرْمِيِّ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي أُبِينَتْ لِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ فَخَرَجْتُ أُحَدِّثَكُمْ بِهَا فَجَاءَ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ وَمَعَهُمَا الشَّيْطَانُ فَنَسِيتُهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالْتَمِسُوهَا فِي السَّابِعَةِ وَالْتَمِسُوهَا فِي الْخَامِسَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بكر ابن حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ مُخْتَصَرًا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْفَلَتَانِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُلْتَمِسًا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَلْيَلْتَمِسْهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْفَلَتَانُ هَذَا هُوَ الْفَلَتَانُ بْنُ عَاصِمٍ الْجَرْمِيُّ خَالُ كُلَيْبٍ (الْجَرْمِيِّ) وَهُوَ رَاوِيَتُهُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مَبْسُوطًا مُمَهَّدًا فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الثامن والأربعون

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْتَمَسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ لِمُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ثَبَتٌ قَالَ وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَكُونَ ثَبَتًا وَهُوَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ شَدَّ الْمِئْزَرَ وَأَحْيَا اللَّيْلَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَأَرْبَعُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا يَلْحَدُ وَالْآخَرُ لَا يَلْحَدُ فَقَالَ أَيُّهُمَا جَاءَ أَوَّلُ عَمِلَ عَمَلَهُ فَجَاءَ الَّذِي يُلْحِدُ فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْتَلِفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ

أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هشام ابن عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا مَاتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا أَيْنَ نَدْفِنُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْمَكَانِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَتْ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ قَبَّارَانِ أَحَدُهُمَا يَلْحَدُ وَالْآخَرُ يَشُقُّ وَيَضْرُحُ فَبَعَثُوا إِلَيْهِمَا وَقَالُوا اللَّهُمَّ خِرْ لِرَسُولِكَ فَجَاءَ الَّذِي يُلْحِدُ فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ إِنَّ الَّذِي يُلْحِدُ أَبُو طَلْحَةَ وَالَّذِي كَانَ يَشُقُّ أَبُو عُبَيْدَةَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْمَعَانِي أَنَّ اللَّحْدَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَفْضَلُ مِنَ الشَّقِّ لِأَنَّهُ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ عَلَى أَنَّ الشَّقَّ وَاللَّحْدَ مُبَاحٌ ذَلِكَ كُلُّهُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ اللَّحْدِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قال حدثنا حكام ابن سَلْمٍ الرَّازِّيُّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى يَذْكُرُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَكَّامِ بْنِ سَلْمٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ عَنْ زَاذَانَ عَنْ جَرِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قل اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا

الحديث التاسع والأربعون

وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَسَعْدٍ وَجَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُلْحِدَ لَهُ لَحْدًا وَأَنَّهُ قَالَ اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ زُفَرَ قَالَ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ الَّذِي أَلْحَدَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ وَالَّذِي أَلْقَى الْمِنْطَقَةَ تَحْتَهُ شُقْرَانُ مَوْلَاهُ قَالَ جَعْفَرٌ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي رَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ شُقْرَانَ يَقُولُ أَنَا وَاللَّهِ طَرَحْتُ الْقَطِيفَةَ تَحْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَبْرِ حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَأَرْبَعُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نَاسًا مَنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ يَأْتُونَنَا بِلُحْمَانٍ وَلَا نَدْرِي هَلْ سَمَّوُا اللَّهَ عَلَيْهَا أَمْ لَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهَا ثُمَّ كُلُوا لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ أَسْنَدَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ حَفْصٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَقَالَ سَمُّوا اللَّهَ ثُمَّ كُلُوا قَالَ وَكَانُوا حَدِيثِي الْعَهْدِ بِالْكُفْرِ قَالَ الْبُخَارِيُّ تَابَعَهُ عَلِيٌّ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَتَابَعَهُ أَبُو خَالِدٍ وَالطُّفَاوِيُّ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُرْسَلًا كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدِ الْقَطَّانُ وَرَوَاهُ مُسْنَدًا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرِهِمْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِلَحْمٍ لَا نَدْرِي أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَالَ سَمُّوا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَكُلُوا وَكَانُوا حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْكُفْرِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أحمد ابن يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا حَوْثَرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ مَا ذَبَحَهُ الْمُسْلِمُ وَلَمْ يُعْرَفْ هَلْ سَمَّى اللَّهَ عَلَيْهِ أَمْ لَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ سَمَّى وَالْمُؤْمِنُ لَا يُظَنُّ بِهِ إِلَّا الْخَيْرُ وَذَبِيحَتُهُ وَصَيْدُهُ أَبَدًا مَحْمُولٌ عَلَى السَّلَامَةِ حَتَّى يصح فيه غير ذَلِكَ مِنْ تَعَمُّدِ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ وَنَحْوِهِ وَقَدْ قِيلَ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِأَكْلِهَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ وَلَا يُعْرَفُ وَجْهُ مَا قَالَ قَائِلُهُ وَفِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ مَا يَرُدُّهُ لِأَنَّهُ أَمَرَهُمْ فِيهِ بِتَسْمِيَةِ اللَّهِ عَلَى الْأَكْلِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ قَدْ كَانَتْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ وَمِمَّا يدل

أَيْضًا عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ الْقَوْلِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَأَنَّ أَهْلَ بَادِيَتِهَا إِلَيْهِمْ أُشِيرَ بِالذِّكْرِ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَلَا يَخْتَلِفُ العلماء أنه قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم اللَّهِ عَلَيْهِ نَزَلَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ بِمَكَّةَ وَأَنَّ الْأَنْعَامَ مَكِّيَّةٌ فَهَذَا يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ الْآيَةَ قَدْ كَانَتْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ بِخِلَافِ ظَنِّ مَنْ ظَنَّ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الْأَكْلِ إِنَّمَا مَعْنَاهَا التَّبَرُّكُ لَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلذَّكَاةِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا تُدْرِكُهُ ذَكَاةٌ وَقَدِ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالُوا لَوْ كَانَتِ التَّسْمِيَةُ وَاجِبَةً فَرْضًا عَلَى الذَّبِيحَةِ لَمَا أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْلِ لَحْمٍ ذَبَحَتْهُ الْأَعْرَابُ بِالْبَادِيَةِ إِذْ مُمْكِنٌ أَنْ يُسَمُّوا وَمُمْكِنٌ أَنْ لَا يُسَمُّوا اللَّهَ لِجَهْلِهِمْ وَلَوْ كَانَ الْأَصْلُ أَلَّا يُؤْكَلَ مِنْ ذَبَائِحِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَا صَحَّتِ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزِ اسْتِبَاحَةُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِيَقِينٍ مِنَ التَّسْمِيَةِ إِذِ الْفَرَائِضُ لَا تُؤَدَّى إِلَّا بِيَقِينٍ وَإِذِ الشَّكُّ وَالْإِمْكَانُ لَا يُسْتَبَاحُ بِهِ الْمُحَرَّمَاتُ قَالُوا وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا خَرَجَ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَتَحْرِيمِ مَا ذُبِحَ لِلنُّصُبِ وَأُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَفِي ذَلِكَ نَزَلَتِ الْآيَةُ حِينَ خَاصَمَ الْمُشْرِكُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ التَّمْتَامُ قَالَ حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيْشِيُّ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عثمان ابن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ

سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَاصَمَتِ الْيَهُودُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا نَأْكُلُ مَا قَتَلْنَا وَلَا نَأْكُلُ مَا قَتَلَ اللَّهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَاصَمَتْهُ الْيَهُودُ وَإِنَّمَا هُوَ خاصمه المشركون لأن اليهود لَا يَأْكُلُونَ الْمَيْتَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ أَبِي وَكِيعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ خَاصَمَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَقَالُوا مَا ذَبَحَ اللَّهُ لَا تَأْكُلُوهُ وَمَا ذَبَحْتُمْ أَنْتُمْ أَكَلْتُمُوهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمُخَاصَمَةُ الَّتِي ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ يُرِيدُ قَوْلَهُمْ مَا قتل الله لَسْتُمْ تَأْكُلُونَهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ وَالصَّيْدِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا فَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا لَمْ تُؤْكَلِ الذَّبِيحَةُ وَلَا الصَّيْدُ فَإِنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ عِنْدَ الذَّبِيحَةِ وعند الإرسال على الصيد أكلت وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ أَنَّ تَارِكَ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا مُتَلَاعِبٌ بِإِخْرَاجِ النَّفْسِ عَلَى غَيْرِ شَرِيطَتِهَا وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مِنْ شَرَائِطِ الذَّبِيحَةِ وَالصَّيْدِ التَّسْمِيَةَ فَمَنِ اسْتَبَاحَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ شَرِيطَتِهِ عَامِدًا دَخَلَ فِي الْفِسْقِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ

هَذَا مَعْنَى مَا احْتَجُّوا بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ تُؤْكَلُ الذَّبِيحَةُ وَالصَّيْدُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا تَعَمَّدَ ذَلِكَ أَوْ نَسِيَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي وَائِلٍ قَالَا إِنَّمَا ذُبِحَتْ بِدِينِكَ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِأَنْ قَالَ لَمَّا كَانَ الْمَجُوسِيُّ لَا يُنْتَفَعُ بِتَسْمِيَتِهِ إِنْ سَمَّى وَتَعَمَّدَ ذَلِكَ وَقَصَدَ إِلَيْهِ فَكَذَلِكَ لَا يَضُرُّ الْمُسْلِمَ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا ذَبَحَ بِدِينِهِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ مَنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ وَلَا صَيْدُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ السَّلَفِ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْمَذْهَبُ إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ وَالشَّعْبِيَّ وَنَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَأَمَّا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ النَّاسُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ خِلَافُ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ ذَكَرَ بقي قال حدثنا يحيى ابن عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عطاء بن السائب عَامِرٍ فِي رَجُلٍ ذَبَحَ وَنَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ قَالَ يَأْكُلُ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْجُمَّانِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ فِي رَجُلٍ ذَبَحَ وَنَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ قَالَا يَأْكُلُ وَرَوَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ قَالَا إِذَا نَسِيَ الرَّجُلُ أَنْ يُسَمِّيَ عَنْ ذَبْحٍ فَلْيَأْكُلْ وَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ فِي قَلْبِهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنِ الحسن وسعيد بن المسيب وروى أشعث بن سَوَّارٍ وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ من نسي التسمية إذا ذبح فليأكل من تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَلَا يَأْكُلْ وَسُفْيَانُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ

الحديث الخمسون

وَرَوَى ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ وَمُسْعِدٌ عَنِ الْحَكَمِ بن عتبة عن عبد الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ إِذَا ذَبَحَ وَنَسِيَ أن يسمي فكل فإما ذبح بملته وإنا هِيَ الْمِلَّةُ ذَكَاةُ كُلِّ قَوْمٍ مِلَّتُهُمْ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَجُوسِيَّ لَوْ ذَبَحَ فَسَمَّى اللَّهَ لَمْ يَأْكُلْ وَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كَمِيلٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يَذْبَحُ وَيَنْسَى أَنْ يُسَمِّيَ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ قُلْتُ فَأَيْنَ قَوْلُ اللَّهِ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ إِنَّمَا ذَبَحْتَ بِدِينِكَ وَإِنَّمَا هَذَا فِي ذَبَائِحِ الْمُشْرِكِينَ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى مِثْلُ ذَلِكَ حَدِيثٌ مُوفِي خَمْسِينَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الصَّلَاةَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّاهَا بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَأَنَّ عُمَرَ صَلَّاهَا بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَأَنَّ عُثْمَانَ صَلَّاهَا بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ شَطْرَ إِمَارَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا بَعْدُ وَهَذَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِي إِرْسَالِهِ فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمُعَاوِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ سَالِمٌ وَنَافِعٌ وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدِيثُ مُعَاوِيَةَ رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عن معاوية

وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا مِنَ الْفِقْهِ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ الْمُسَافِرَ لَا يُتِمُّ بِمِنًى وَهَذَا إِذَا لَمْ يَنْوِ إِقَامَةً فَإِنْ نَوَى إِقَامَةً لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ وَهَذَا عِنْدَنَا إِذَا نَوَى إِقَامَةَ أَرْبَعٍ فَمَا عَدَا وَفِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ أَتَمَّ بَعْدَ تَقْصِيرِهِ وَعِلْمِهِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ قَصَّرُوا فِي مِثْلِ مَا أَتَمَّ هُوَ فِيهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ الْقَصْرِ وَالتَّمَامِ عِنْدَهُ وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ عَلَى عُثْمَانَ فِي إِتْمَامِهِ ذَلِكَ تَأْوِيلَاتٍ مِنْهَا أَنَّهُ نَوَى الْإِقَامَةَ وَاتَّخَذَ دَارًا بِمَكَّةَ وَأَهْلًا وَهَذَا لَا يُعْرَفُ بَلِ الْمَعْرُوفُ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ وَلَا مَالٌ وَقِيلَ كَانَ قَدِ اتَّخَذَ أَهْلًا بِالطَّائِفِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَكَانَتْ أَعْمَالُهُ كَأَنَّهَا دَارُهُ وَهَذَا عَلَّهُ لَا يَصِحُّ فِي نَظَرٍ وَلَا يَثْبُتُ فِي خَبَرٍ وَقَدْ كَانَ الْمُقَامُ بِمَكَّةَ بَعْدَ تَمَامِ الْحَجِّ عِنْدَ عُثْمَانَ مَكْرُوهًا عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُمْ فِيمَا بَعْدَ تَمَامِ حَجَّتِهِ وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ وَلِهَذَا قَالَ (مَنْ قَالَ) مِنَ السَّلَفِ الْجِوَارُ بِمَكَّةَ بِدْعَةٌ وَقَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ إِذَا اعْتَمَرَ رُبَّمَا لَمْ يَحْطُطْ عَنْ رَاحِلَتِهِ حَتَّى يَرْجِعَ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَّخِذْ بِمَكَّةَ أَهْلًا قَطُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْهَا أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَعْرَابِيٍّ صَلَّى مَعَهُ فَقَصَّرَ الْعَامَ كُلَّهُ فِي أَهْلِهِ ثُمَّ أَخْبَرَهُ مِنْ قَابِلٍ بِمَا صَنَعَ فَعَزَّ عَلَى عُثْمَانَ فِعْلُهُ ذَلِكَ فَأَتَمَّ وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ مِنَ التَّأْوِيلِ وَمِنْهَا أَنَّهُ أَخَذَ بِالْإِبَاحَةِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا أَصَحُّ مَا فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ وَفِي أَحْكَامِهَا وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا بِمِنًى وَغَيْرِهَا مُمَهَّدًا مَبْسُوطًا بِعِلَلِ كُلِّ فِرْقَةٍ وَوُجُوهِ قَوْلِهَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَفِي بَابِ صَالِحِ بْنِ كيسان أيضا فلا معنى لتكرير ذلك ههنا

حدثنا عبد الرحمان بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى بِالْقُلْزُمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُثْمَانَ رَكْعَتَيْنِ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا عُثْمَانُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَدْ رَوَى حَفْصُ بْنُ عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ لَا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَاهُ عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُمَحِيُّ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى جَاءَ رَحْلَهُ فَجَلَسَ وَجَلَسْنَا مَعَهُ فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ نَحْوَ الْمَوْضِعِ حَيْثُ صَلَّى فَرَأَى نَاسًا قِيَامًا فَقَالَ مَا يصنع هؤلاء

فَقُلْتُ يُتِمُّونَ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السَّفَرِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ثُمَّ صَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ وَصَحِبْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عُثْمَانَ لَمْ يُتِمَّ فِي سَفَرِهِ حَتَّى مَاتَ وَهَذَا يُعَارِضُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّهُ أَتَمَّ شَطْرَ إِمَارَتِهِ وَتِلْكَ الرِّوَايَةُ أَوْلَى مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ وَلَوْ كَانَ فَرْضًا مَا تَرَكَهُمُ ابْنُ عُمَرَ وَالْإِتْمَامَ وَلَغَيَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَأَمَرَهُمْ بِالْإِعَادَةِ لِإِفْسَادِهِمْ صَلَاتَهُمْ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا وَسِعَهُ السُّكُوتُ عَلَيْهِ وَلَكِنْ لَمَّا عَرَفَ أَنَّ الْقَصْرَ أَفْضَلُ وَأَنَّ الْأَخْذَ بِالسُّنَّةِ أَوْلَى نَدَبَهُمْ إِلَى التَّأَسِّي بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَصْرُ رُخْصَةً أَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوُ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي جَاءَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِيمَا ذَكَرْنَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ عمارة بن عمير وإبراهيم عن عبد الرحمان بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ فَلَيْتَ حَظَّنَا مِنْ أَرْبَعٍ رَكْعَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ وَهَذَا يَدُلُّ على الإباحة أيضا

الحديث الحادي والخمسون

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إسماعيل ابن إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُذْعَانَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ مَرَّ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَجَلَسْنَا فَقَامَ إِلَيْهِ فَتًى مِنَ الْقَوْمِ وَسَأَلَهُ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَزْوِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَجَاءَ فَوَقَفَ عَلَيْنَا فَقَالَ إِنَّ هَذَا سَأَلَنِي عَنْ أَمْرٍ فَأَرَدْتُ أَنْ تَسْمَعُوهُ أَوْ كَمَا قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَحَجَجْتُ مَعَهُ فَلَمْ يُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَشَهِدْتُ مَعَهُ الْفَتْحَ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ لِأَهْلِ الْبَلَدِ صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا عَلَى سَفَرٍ وَاعْتَمَرْتُ معه ثلاث عمر لايصلي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ وَحَجَجْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَغَزَوْتُ فَلَمْ يُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَحَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَجَّاتٍ فَلَمْ يُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَحَجَّ عُثْمَانُ سَبْعَ سِنِينَ مِنْ إِمَارَتِهِ لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّاهَا بِمِنًى أَرْبَعًا قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل الْبَلَدِ الَّذِينَ صَلَّى بِهِمْ فِيهِ هَذِهِ الصَّلَاةَ صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا عَلَى سَفَرٍ وَهِيَ سُنَّةٌ يَتَّفِقُ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَيْهَا وَلَمْ نَجِدْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهَذِهِ السُّنَّةُ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ حَدِيثٌ حَادٍ وَخَمْسُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الِاسْتِطَابَةِ فَقَالَ أَوَلَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ

هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ مُرْسَلًا إِلَّا مَا ذَكَرَهُ سَحْنُونٌ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الشُّيُوخِ عَنْهُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ أَيْضًا فِي الْمُوَطَّأِ هَكَذَا عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ كَذَلِكَ لَا مِنْ أَصْحَابِ هِشَامٍ وَلَا مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَلَا رَوَاهُ أَحَدٌ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِنَّمَا رَوَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ مُسْلِمُ بْنُ قُرْطٍ وَأَمَّا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَطَائِفَةٌ تَرْوِيهِ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَطَائِفَةٌ تَرْوِيهِ عَنْهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ خُزَيْمَةَ الْمَدَنِيِّ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَطَائِفَةٌ تَرْوِيهِ عَنْهُ عَنْ أبي وجرة عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ أَبِيهِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الرحمان ومحمد بن إبراهيم قالا حدثنا أحمد ابن مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عبد الله بن حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ صالح خُزَيْمَةَ الْمَدَنِيِّ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ لَيْسَ (فِيهِنَّ) رَجِيعٌ يَعْنِي الِاسْتِطَابَةَ وَفِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ اضْطِرَابٌ (كَثِيرٌ) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في الِاسْتِطَابَةِ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ

وكذلك رواه أبو معاوية وابن نمير وابو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِمِثْلِ هَذَا الْإِسْنَادِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بن عروة عن أبي وجرة عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْخُزَامِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عن أبي وجرة عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله ورواه الحميدي عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا مِثْلَ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا مِثْلَ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الِاسْتِطَابَةِ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ عِنْدَ الْخَلَاءِ لَيْسَ مِنْهُنَّ رَجِيعٌ وَالرَّجِيعُ الَّذِي يَنْتُنُ وَرَوَاهُ الْفَضْلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خزيمة أخبرنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَبَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ خُزَيْمَةَ الْمُزَنِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَارَةَ بْنَ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ يَعْنِي فِي الِاسْتِطَابَةِ وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا حَدِيثَانِ وَبَانَ بِهِ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ

قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ يَعْنِي الْحَجَرَ مَرَّتَيْنِ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَخْبَرَنَا هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم أو لا يَجِدُ أَحَدُكُمْ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ جَوَّدَ ابْنُ الْمُبَارَكِ هَذَا الْحَدِيثَ بِالْإِسْنَادَيْنِ وَمَا زَالَ مُجَوِّدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا وَعَنْ هِشَامٍ عن أبي وجرة عَنْ خُزَيْمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ يَرُدُّ قَوْلَ الطَّبَرِيِّ حَيْثُ قَالَ كُلُّ طَاهِرٍ وَكُلُّ نَجِسٍ أَزَالَ النَّجْوَ أَجْزَأَ وَيَرُدُّهُ أَيْضًا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ رَمَى بِالرَّوْثَةِ وَقَالَ هِيَ رِجْسٌ أَوْ رِكْسٌ وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا يجوز الاستنجاء بغير الطاهر مِنَ الْأَحْجَارِ وَمَا قَامَ مَقَامَهَا وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ مِنَ التَّنَازُعِ وَاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا رِوَايَةُ مُسْلِمِ بْنِ قُرْطٍ عَنْ عُرْوَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عبد الرحمان عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قُرْطٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهَا فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عبد الرحمان وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قُرْطٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ وَسُلَيْمَانُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَثْبَتَهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَلْمَانُ وَكُلُّهَا حِسَانٌ قَالَ الْأَخْفَشُ الِاسْتِطَابَةُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْأَحْجَارِ يُقَالُ مِنْهُ اسْتَطَابَ الرَّجُلُ وَأَطَابَ إِذَا اسْتَنْجَى وَيُقَالُ رَجُلٌ مُطَيَّبٌ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ الشَّاعِرُ وَهُوَ الْأَعْشَى ... يَا رَخَمًا قاظ على مصلوب ... ... يُعْجِلُ كَفَّ الْخَارِي الْمُطِيبِ ... (وَأَمَّا قَوْلُهُ قَاظَ فَإِنَّهُ أَرَادَ قَامَ عَلَيْهِ فِي الْقَيْظِ فِي الْيَوْمِ الصَّائِفِ) قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاسْتِطَابَةُ وَالِاسْتِنْجَاءُ وَالِاسْتِجْمَارُ مَعْنَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَلْفَاظٍ وَاحِدٌ وَقَدْ فَسَّرْنَا مَعْنَى الِاسْتِجْمَارِ فِي اللُّغَةِ وَالْفِقْهِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي أُصُولِ مَسَائِلِهِ وَفُرُوعِهَا مَبْسُوطًا مُمَهَّدًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ فَلَا وَجْهَ لتكرير ذلك هَا هُنَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَوَارِسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ السِّنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سَوْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو شُعَيْبٍ الحضرمي

قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَغَوَّطَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَإِنَّ ذَلِكَ طَهُورُهُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنَا لكم مثل الوالد أُعَلِّمُكُمْ فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا وَإِذَا اسْتَطَابَ فَلَا يَسْتَطِيبُ بِيَمِينِهِ وَكَانَ يَأْمُرُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَيَنْهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالرُّمَّةِ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ الْجَعْدِ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ السَّائِبِ الْجُهَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ السَّائِبِ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْيَتَمَسَّحْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ قَالَ أَبُو عمر هذه الآثار كلها المرسل مِنْهَا وَالْمُسْنَدُ وَهِيَ صِحَاحٌ كُلُّهَا يُوجِبُ الِاقْتِصَارَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فِي الِاسْتِنْجَاءِ دُونَ تَقْصِيرٍ عَنْ هَذَا الْعَدَدِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا إِلَى أَنَّهُ جَائِزٌ الِاسْتِنْجَاءُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ إِذَا ذَهَبَ النَّجْوُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ وَالْوِتْرُ قَدْ يَكُونُ وَاحِدًا وَثَلَاثَةً وَخَمْسَةً وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَى أَقَلِّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ أَنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَاحْتَجَّ لَهُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَحَدِيثِ سَلْمَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عبد الرحمن بن بزيد عَنْ سَلْمَانَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ إِنَّ صَاحِبَكُمْ لَيُعَلِّمُكُمْ حَتَّى الْخِرَاءَةِ قَالَ أَجَلْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ نَسْتَنْجِيَ بأيماننا أو نكتفي بأقل ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ حَسَنٌ وَالْوِتْرُ فِيهَا حَسَنٌ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَوْتَرَ يَعْنِي فِي ذَلِكَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ وَجَائِزٌ عِنْدَهُمُ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَرَمَى الرَّوْثَةَ وَلَمْ يَدَعْ بِالْبَدَلِ مِنْهَا وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ نَحْوَ مَذْهَبِ مَالِكٍ سَوَاءً قَالَ أَصْحَابُهُ يَسْتَنْجِي بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَإِنْ لَمْ يُنَقِّ زَادَ حَتَّى يُنَقِّيَ وَإِنْ أَنْقَى حَجَرٌ وَاحِدٌ أَجْزَى وَكَذَلِكَ غَسْلُهُ بِالْمَاءِ (إِنْ أَنْقَى بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ فِي الْمَخْرَجِ وَمَا عَدَا الْمَخْرَجَ فَإِنَّمَا يُغْسَلُ بِالْمَاءِ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا فِيمَا عَدَا الْمَخْرَجَ مِنَ النَّجْوِ أَنَّهُ لَا يُطَهِّرُهُ إِلَّا الْمَاءُ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحْكَامَ الِاسْتِنْجَاءِ وَكَثِيرًا مِنْ مَسَائِلِهِ مُسْتَوْعَبَةً مُجَوَّدَةً فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الثاني والخمسون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَخَمْسُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ خَمِيصَةً لَهَا عَلَمٌ ثُمَّ أَعْطَاهَا أَبَا جَهْمٍ وَأَخَذَ مِنْ أَبِي جَهْمٍ أَنْبِجَانِيَّةً لَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلِمَ فَقَالَ إِنِّي نَظَرْتُ إِلَى عَلَمِهَا فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا أَيْضًا مُرْسَلٌ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا مَعْنَ بْنَ عِيسَى فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مُسْنَدًا وَكَذَلِكَ يَرْوِيهِ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ هِشَامٍ عَنْ هِشَامٍ مُسْنَدًا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ يَسْتَنِدُ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ عَلْقَمَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَأَمَّا حَدِيثُ هِشَامٍ فَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَهُ خَمِيصَةٌ لَهَا عَلَمٌ فَكَانَ يَتَشَاغَلُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ فأعطاها أبا جهم وأخذ كساءله انبجانيا وأما حديث الزهري فحدثنا عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ صُبَيْحٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا عَلَمٌ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ شَغَلَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ اذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَتُونِي

الحديث الثالث والخمسون

بِانْبِجَانِيَّةٍ وَالْخَمِيصَةُ كِسَاءٌ رَقِيقٌ يُصْبَغُ بِالْحُمْرَةِ أَوْ بِالسَّوَادِ أَوِ الصُّفْرَةِ وَكَانَتِ الْخَمَائِصُ مِنْ لِبَاسِ أَشْرَافِ النَّاسِ وَالِانْبِجَانِيُّ كِسَاءٌ غَلِيظٌ كَاللُّبَدِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَا تَكُونُ الْخَمِيصَةُ إِلَّا مُعَلَّمَةً وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ تَكُونُ بِعَلَمٍ وَبِغَيْرِ عَلَمٍ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ عَلْقَمَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَخَمْسُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم خَرَجَ فِي مَرَضِهِ فَأَتَى فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ كَمَا أَنْتَ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ أَسْنَدَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِنْهُمْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَسْخٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِمَامِ إِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ صَلَّى جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ إِلَى جَنْبِهِ قَائِمًا يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَيَقْتَدِي بِهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ وَيَقْتَدُونَ بِأَبِي بَكْرٍ قِيَامًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ صَلَاتَهُ هَذِهِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ مِنْهُ وَأَنَّ قَوْلَهُ إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا كَانَ فِي حِينِ سَقَطَ مِنْ فَرَسِهِ فَجُحِشَ شِقُّهُ

قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ وَالْآخَرُ مِنْ فِعْلِهِ يَنْسَخُ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ كَانَ جَالِسًا فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ وأبو بكر قائم خلفه والنسا فلم يأمر أبا بكر بالجلوس ولا أحد وَهَذَا بَيِّنٌ غَيْرُ مُشْكَلٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ النَّظَرَ يُعَضِّدُ هَذَا الْحَدِيثَ لِأَنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ فِي الصَّلَاةِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَأَظُنُّ ذَلِكَ أَيْضًا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ وَإِذَا كَانَ الْقِيَامُ فَرْضًا فِي الصَّلَاةِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي خَاصَّتِهِ فَمُحَالٌ أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُ فَرْضٌ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ لِضَعْفِ غَيْرِهِ عَنْهُ وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَسْقُطَ بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ وَذَلِكَ مَعْدُومٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَحْمِلُ عَنْهُ رُكُوعًا وَلَا سُجُودًا فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِأَنَّ الْآثَارَ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْإِمَامِ إِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا رَوَاهَا أَنَسٌ وَعَائِشَةُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَجَابِرٌ وَابْنُ عُمَرَ قِيلَ لَهُ لَسْنَا نَدْفَعُ ثُبُوتَ تِلْكَ الْآثَارِ وَلَكِنَّا نَقُولُ إِنَّ الْآخَرُ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْسَخُ ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ لَهُ إِنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ عَنْ عَائِشَةَ فِي صَلَاتِهِ تِلْكَ فَرُوِيَ عَنْهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ الْمُقَدَّمَ قِيلَ لَهُ لَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ الْمُقَدَّمَ فِي وَقْتٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُقَدَّمَ فِي وَقْتٍ آخَرَ وَقَدْ رَوَى الثِّقَاتُ الْحُفَّاظُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ فَهَذِهِ زِيَادَةُ حَافِظٍ وَصَفَ الْحَالَ وَأَتَى بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فِي مَرَضِهِ وَكَانَ يصلي بهم

قَالَ عُرْوَةُ فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ وَإِذَا أَبُو بَكْرٍ يَؤُمُّ النَّاسَ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ اسْتَأْخَرَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ كَمَا أَنْتَ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِذَاءَ أَبِي بَكْرٍ إِلَى جَنْبِهِ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا ثَقُلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَتْ فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِفَّةً فَقَامَ يُهَادِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلَاهُ تَخُطَّانِ فِي الْأَرْضِ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ (قَالَتْ) فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَجَدَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ فَذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قُمْ كَمَا أَنْتَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يَقْتَدِي بِصَلَاةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ شُعْبَةَ رَوَى عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صَلَّى) خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ قِيلَ لَهُ لَيْسَ هَذَا بِخِلَافٍ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خَلَفَ أَبِي بَكْرٍ فِي غَيْرِ تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ تَنَازُعٌ فِي جَوَازِ صَلَاةِ الْجَالِسِ الْمَرِيضِ خَلْفَ الإمام القائم الصَّحِيحِ لِأَنَّ كُلًّا يُؤَدِّي فَرْضَهُ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ وَإِنَّمَا التَّنَازُعُ بَيْنَهُمْ فِي الصَّحِيحِ الْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا خَلْفَ إِمَامٍ مَرِيضٍ جَالِسٍ فِي صَلَاتِهِ أَمْ لَا فَقَالَ قَوْمٌ ذَلِكَ جَائِزٌ

لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَا جَائِزٌ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِالنَّاسِ جَالِسًا مِنْ علة ويصلون رواءه قُعُودًا وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى الْقِيَامِ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَفَعَلَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ جَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَقَيْسُ بْنُ فَهْدٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قِيلَ لِأَحْمَدَ فَمَنِ احْتَجَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ يَأْتَمُّ بِهِ وَالنَّاسُ قَائِمُونَ يَأْتَمُّونَ بِأَبِي بَكْرٍ فَقَالَ قَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَحْتَجُّ بِهَذَا وَلَيْسَ فِي هَذَا حُجَّةٌ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ قَائِمًا بِقِيَامٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا قَوْلٌ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ وَالْأَوْزَاعِيُّ جَائِزٌ أَنْ يَقْتَدِيَ الْقَائِمُ بِالْقَاعِدِ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَقَالُوا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ إِمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا قَالُوا وَجَائِزٌ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ لِعِلَّةٍ تَمْنَعُهُ مِنَ الْقِيَامِ وَهُوَ جَالِسٌ بِقَوْمٍ قِيَامٍ لِأَنَّ كُلًّا يُؤَدِّي فَرْضَهُ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ

وَحُجَّةُ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ وَاقِفًا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ يَقْتَدِي بِهِ وَالنَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَجَازَ لِلْإِمَامِ الْمَرِيضِ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ جَالِسًا وَهُمْ قِيَامٌ قَالَ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنَّ يَكُونَ إِلَى جَنْبِهِ مَنْ يُعْلِمُ بِصَلَاتِهِ وَنَحْوُ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ (496 وَرَوَى جَمَاعَةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنْ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَؤُمَّ جَالِسًا وَهُوَ مَرِيضٌ بقوم أصحاء ومن قعل ذَلِكَ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ وَعَلَيْهِمُ الْإِعَادَةُ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي الْوَقْتِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَبَدًا وَبَعْضُهُمْ قَالَ لَا يُعِيدُ الْإِمَامُ الْمَرِيضُ وَبَعْضُهُمْ قَالَ يُعِيدُ كَمَا ذَكَرْنَا كُلَّ ذَلِكَ قَالَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحُجَّةَ لِمَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُسْتَوْعَبَةً فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ أصحابه في مريض صلى قاعدا يركع وَيَسْجُدُ فَائْتَمَّ بِهِ قَوْمٌ فَصَلُّوا خَلْفَهُ قِيَامًا قَالَ يُجْزِيهِ وَيُجْزِيهِمْ قَالُوا وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يُومِئُ إِيمَاءً أَوْ كَانَ (497) مُضْطَجِعًا وَالْقَوْمُ يُصَلُّونَ خَلْفَهُ قِيَامًا لَمْ يُجِزْهُمْ وَيُجْزِيهُ هُوَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَمَالِكٌ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَالثَّوْرِيُّ فِي قَائِمٍ اقْتَدَى بِجَالِسٍ أَوْ جَمَاعَةٍ صَلَّوْا قِيَامًا خَلَفَ إِمَامٍ جَالِسٍ مَرِيضٍ إِنَّهُ يجزيه ولا يجزيهم

وذكر ابن خواز بنداد عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا يَؤُمُّ قَاعِدٌ قِيَامًا فَإِنْ فَعَلُوا أَعَادُوا فِي الْوَقْتِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُطَرِّفٌ يُعِيدُونَ أَبَدًا وَقَالَ سَحْنُونٌ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاتَّفَقَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ (وَمُحَمَّدٌ أَنَّهُ لا يقتدي من يركع وَيَسْجُدُ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا بِالْمُومِئِ وَقَالَ زُفَرُ يَقْتَدِي بِهِ إِذَا زَالَ الْعُذْرُ فِي الصَّلَاةِ واتفق الشافعي وأبو حنيفة وَأَبُو يُوسُفَ (498) وَزُفَرُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ عَلَى جَوَازِ اقْتِدَاءِ الْقَائِمِ الصَّحِيحِ بِالْقَاعِدِ الْمَرِيضِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَقْتَدِي القائم بالمضطجع ولا يالمومئ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَإِنَّمَا يَقْتَدِي بِالْقَاعِدِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَلَا بِالْقَاعِدِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَاحْتَجَّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لِمَذْهَبِهِ فِي هَذَا الْبَابِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا وَهَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ ضَعِيفٌ لَا يَرَى أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كِتَابَهُ وَلَا رِوَايَتَهُ وَهُوَ حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ جَابِرٌ الْجُعَفِيُّ فَرَوَاهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَجَابِرٌ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَرَاسِلُ الشَّعْبِيِّ لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ بِشَيْءٍ فَإِنْ قِيلَ قَدْ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِالنَّاسِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ كَالْجَوَابِ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ وَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الْمُقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّفِّ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فَأَكْثَرُ أَحْوَالِ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا عِنْدَ الْمُخَالِفِ أَنْ يَجْعَلَ مُتَعَارِضًا فَلَا يُوجِبُ حُكْمًا وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَتْ رِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ تَقْضِي عَلَى ذَلِكَ فَكَيْفَ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ فِيهَا بَيَانٌ وَزِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ الْمُقَدَّمَ مُجْمَلَةٌ مُحْتَمِلَةٌ لِلْتَأَوِيلِ لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ صَلَاةً أُخْرَى وَلَوْ صَحَّ أَنَّهَا كَانَتْ صَلَاةً وَاحِدَةً كَانَ فِي رِوَايَةِ مَنْ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْمُقَدَّمَ زِيَادَةُ بَيَانٍ لِأَنَّهُ قَدْ أَثْبَتَ مَا قَالَ غَيْرُهُ مِنْ تَقَدُّمِ أَبِي بَكْرٍ وَزَادَ تَأَخُّرَهُ وَتَقَدُّمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ رَوَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ الْمُقَدَّمَ لَمْ يَحْفَظْ قِصَّةَ تأخره وتقدم رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ جَمَاعَتُهُمْ رَأَوْا أَبَا بَكْرٍ فِي حَالِ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتَهَى إِلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَالصُّفُوفُ كَثِيرَةٌ عَلِمَ مَنْ قَرُبَ تَغَيُّرَ حَالِ أَبِي بَكْرٍ وَانْتِقَالَ الْإِمَامَةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ مَنْ بَعُدَ فَلِهَذَا قُلْنَا إِنَّ مَنْ نَقَلَ انْتِقَالَ الْإِمَامَةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم مَا خَفِيَ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الْإِمَامَ كَانَ أَبَا بَكْرٍ وَقَدْ يَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرَ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْقَائِلُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ الْإِمَامَ يَعْنِي كَانَ إِمَامًا فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَزَادَ الْقَائِلُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِمَامًا يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ إِمَامًا فِي آخِرِ تِلْكَ الصَّلَاةِ هَذَا لَوْ صَحَّ أَنَّهَا كَانَتْ صَلَاةً وَاحِدَةً وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ رِوَايَةُ عَائِشَةَ مُتَعَارِضَةً لَكَانَتْ رِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّتِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهَا قَاضِيَةً فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أن أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقْتَدِي بِهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ كَمَا قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فَبَانَ بِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْوَجْهُ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ لِأَنَّهُ يُعَضِّدُهُ وَيَشْهَدُ لَهُ

وأما حديث ربيعة بن أبي عبد الرحمان فَمُنْقَطِعٌ لَا حُجَّةَ فِيهِ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى مَعْنَاهُ فِي تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَقَوْلُ رَبِيعَةَ فِيهِ مَا مَاتَ نَبِيٌّ حَتَّى يَؤُمَّهُ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِهِ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الْمُقَدَّمُ لِأَنَّهُ قَدْ صَلَّى صلى الله عليه وسلم خلف عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ فِي السَّفَرِ وَقَوْلُ رَبِيعَةَ لَا يَتَّصِلُ وَلَا يَحْتَجُّ بِهِ أَحَدٌ لَهُ أَدْنَى فَهْمٍ بِالْحَدِيثِ الْيَوْمَ وَكَذَلِكَ لَيْسَ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ لَعَلَّهُ نُسِخَ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ أَبُو بَكْرٍ وَلَا مَنْ بَعْدَهُ مَا يَشْتَغِلُ به أخرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَرْقَمَ بْنَ شُرَحْبِيلَ قَالَ سَافَرْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الشَّامِ فَسَأَلْتُهُ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا وَفِيهِ قَالَ لِيُصَلِّ لِلنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ يُهَادِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِ النَّاسُ سَبَّحُوا فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ مَكَانَكَ فَاسْتَفْتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فَائْتَمَّ أَبُو بَكْرٍ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَائْتَمَّ النَّاسُ بِأَبِي بَكْرٍ فَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يُعَضِّدُ مَا رَوَاهُ عُرْوَةُ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ وَلَوِ انْفَرَدَ لَكَانَ فِيهِ كِفَايَةٌ وَغِنًى عَنْ غَيْرِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَرْقَمُ بْنُ شُرَحْبِيلَ (هَذَا) هُوَ أَخُو هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ وَأَخُو عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ أَبِي مَيْسَرَةَ ثِقَةٌ جَلِيلٌ ذَكَرَ الْعُقَيْلِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الصائغ عن

الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيِّ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ كَانَ أَرْقَمُ بْنُ شُرَحْبِيلَ أَخُو أَبِي مَيْسَرَةَ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ وَخِيَارِهِمْ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْأَرْقَمِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يَؤُمُّ النَّاسَ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ وَأَخَذَ مِنَ الْآيَةِ الَّتِي انْتَهَى إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَأْتَمُّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يَأْتَمُّونَ بِأَبِي بَكْرٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ مَنْ جَعَلَ أَبَا بَكْرٍ الْمُقَدَّمَ وَأَنْكَرَ تَقَدُّمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في تِلْكَ الصَّلَاةِ زَعَمَ أَنَّ تَقَدُّمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُ سُنَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ قِيَامَ أَبِي بَكْرٍ إِلَى جَنْبِهِ كَذَلِكَ أَيْضًا لَيْسَ مَعْرُوفًا مِنْ سُنَّتِهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ قَائِلِهِ لِأَنَّ قِيَامَ أَبِي بَكْرٍ إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ مَعْنًى حَسَنٌ وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ يحتاج إلى أن يسمع الناس تكبيرة وَيَحْتَاجُ إِلَى أَنْ تَظْهَرَ لَهُمْ أَفْعَالُهُ وَيُرَى قِيَامُهُ وَرُكُوعُهُ لِيَقْتَدُوا بِهِ فَلَمَّا ضَعُفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ أَقَامَ أَبَا بَكْرٍ إِلَى جَنْبِهِ لِيَنُوبَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِسْمَاعِهِمْ تَكْبِيرَهُ وَرُؤْيَتِهِمْ لِخَفْضِهِ وَرَفْعِهِ لِيَعْلَمُوا أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يُفْعَلُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ أَنْ يُقَامَ فِيهَا مَنْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ لِعَجْزِ الْإِمَامِ عَنْ إِسْمَاعِ جَمَاعَتِهِمْ فَهَذَا الْمَعْنَى فِي قِيَامِ أَبِي بَكْرٍ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الرابع والخمسون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَخَمْسُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ نَزَلَتْ عَبَسَ وَتَوَلَّى فِي عَبْدِ اللَّهِ بن أم مكثوم جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقُولُ يَا مُحَمَّدُ اسْتَدْنِنِي وَعِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُعْرِضُ عَنْهُ وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ وَيَقُولُ يَا فُلَانُ هَلْ تَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا فَيَقُولُ لَا وَالدُّمَى مَا أَرَى بِمَا تَقُولُ بَأْسًا فَأُنْزِلَتْ عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِهِ وَهُوَ يَسْتَنِدُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيِّ وَيَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الزَّهَاوِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَمَالِكٌ أَثْبَتُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ (بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ) عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى قَالَ نَزَلَتْ فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُكَلِّمُ يَوْمَئِذٍ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ عَبَسَ وَتَوَلَّى فَكَانَ بَعْدَ ذلك يكرمه

وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ مِمَّا عَرَضْنَا عَلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أُنْزِلَتْ عَبَسَ وَتَوَلَّى فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَدْنِنِي وَعِنْدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَضُ عَنْهُ وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ وَيَقُولُ أَتَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا فَيَقُولُ لَا فَفِي هَذَا أُنْزِلَتْ عَبَسَ وَتَوَلَّى وَأَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الحسن ابن إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى فَذَكَرَهُ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخَصِيبُ الْقَاضِي بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْهَيْثَمُ بْنُ خلف ابن عبد الرحمان بْنِ مُجَاهِدٍ الْغُطُوطِيُّ الدُّورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْبِلَادِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صَحِيحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا رَجُلٌ مَكْفُوفٌ تَقْطَعُ لَهُ الْأُتْرُجَّ وَتُطْعِمُهُ إِيَّاهُ بِالْعَسَلِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الَّذِي عَاتَبَ اللَّهُ فِيهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ عُقْبَةُ وَشَيْبَةُ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَنَزَلَتْ عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَذَكَرَ حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ جَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَعِنْدَهُ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُ عَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَعَبَسَ فِي وَجْهِهِ وَأَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأُنْزِلَتْ عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ مُقْبِلًا بَسَطَ رِدَاءَهُ حَتَّى يُجْلِسَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ اسْتَخْلَفَهُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ حَتَّى

يَرْجِعَ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى قَالَ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَذْكِرَةُ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ قَالَ سُنَيْدٌ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ جُرَيْجٍ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى قَالَ تُقْبِلُ عَلَيْهِ بِوَجْهِكَ وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى قَالَ أَلَّا يُصْلَحَ وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى بِعَمَلٍ مِنَ الْخَيْرِ وَهُوَ يَخْشَى اللَّهَ فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى قَالَ تُعْرِضُ ثُمَّ وَعَظَهُ فَقَالَ كَلَّا لَا تُقْبِلْ عَلَى مَنِ اسْتَغْنَى وَتُعْرِضْ عن من يَخْشَى إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ قَالَ مَوْعِظَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ قَالَ الْقُرْآنُ مَنْ شَاءَ فَهِمَ الْقُرْآنَ وَتَدَبَّرَهُ وَاتَّعَظَ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِيمَا أَوْرَدْنَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمْ مَا يُفَسِّرُ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَيُغْنِينَا عَنِ الْقَوْلِ فِيهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا وَالدُّمَى بِضَمِّ الدَّالِ فَالْمَعْنَى الْأَصْنَامُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ وَيُعَظِّمُونَ وَاحِدَتُهَا الدُّمْيَةُ وَطَائِفَةٌ رَوَتْ عَنْهُ لَا وَالدِّمَاءُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَالْمَعْنَى دِمَاءُ الْهَدَايَا الَّتِي كَانُوا يَذْبَحُونَ بِمِنًى لِآلِهَتِهِمْ

الحديث الخامس والخمسون

قَالَ الشَّاعِرُ وَهُوَ تَوْبَةُ بْنُ الْحُمَيِّرِ ... عَلَيَّ دِمَاءُ الْبُدْنِ إِنْ كَانَ بَعْلُهَا ... يَرَى لِي ذَنْبًا غَيْرَ أَنِّي أَزُورُهَا ... وَقَالَ آخَرُ ... ... أَمَا وَدِمَاءِ الْمُزْجَيَاتِ إِلَى مِنًى ... ... لَقَدْ كَفَرَتْ أَسْمَاءُ غَيْرَ كَفُورٍ ... حَدِيثٌ خَامِسٌ وَخَمْسُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَبْرُزَ وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَغِيبَ وَهَذَا أَيْضًا لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِهِ وَقَدْ رَوَاهُ أَيُّوبُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ عَنْ مَالِكٍ وَأَيُّوبُ بْنُ صَالِحٍ هَذَا لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ بِحَمْلِ الْعِلْمِ وَلَا مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَحَدِيثُهُ هَذَا حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ حدثنا أبو المنذر سفيان ابن الْمُنْذِرِ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا فَإِنَّهَا تَطَّلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ حَتَّى تَبْرُزَ فَإِذَا بَرَزَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَغْرُبَ

وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ حَدِيثٌ مَحْفُوظٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَتَحَرَّ أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ كَانَ لَا يَكْرَهُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَلَا بَعْدَ الصُّبْحِ إِلَّا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا فَقَطْ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذْهَبَهُ وَمَذْهَبَ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَمِنْهَا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ وَمِنْهَا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ وَحَدِيثُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قال حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ غَيْرَ مَرَّةٍ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ لَسْتُ أَنْهَى أَحَدًا صَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلَا مِنْ نَهَارٍ وَلَكِنِّي أَفْعَلُ كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِي يَفْعَلُونَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا قِيلَ لِسُفْيَانَ هَذَا يُرْوَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ مَا سَمِعْتُ هِشَامًا ذَكَرَ هَذَا قَطُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنْ كَانَ لَمْ يَسْمَعْهُ فَقَدْ سَمِعَهُ غَيْرُهُ ذَكَرَ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابن

عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ ولا عروبها حَدَّثَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابن شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أبي قال أخبرني ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَتَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا فَإِنَّهَا تَطْلُعُ عَلَى قَرْنَيْ شَيْطَانٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أبي قال أخبرني ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَشْرُقَ وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَغْرُبَ وَهَذَا أَثْبَتُ مَا يَكُونُ مِنْ

الحديث السادس والخمسون

الْأَسَانِيدِ وَأَصَحِّهَا مُسْنَدًا وَهُمَا حَدِيثَانِ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَقَدْ مَضَى مَا فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ مِنَ الْمَعَانِي فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَبِهِ التَّوْفِيقُ حَدِيثٌ سَادِسٌ وَخَمْسُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ وَهَذَا مُرْسَلٌ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ وَهُوَ مُسْنَدٌ عَنْ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أبي عمرو بن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَمِنْ حَدِيثِ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَيْشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ جَمِيلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ وَإِنَّهُ لَعَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ سُوَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ

أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ قَفَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ بَدَا لَنَا أَحَدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى حَمْلِ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَقَالُوا جَائِزٌ أَنْ يُحِبَّهُمُ الْجَبَلُ كَمَا يُحِبُّونَهُ وَعَلَى هَذَا حَمَلُوا كُلَّ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ وَفِي الْحَدِيثِ مِنْ مِثْلِ هَذَا نَحْوُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فما بكت عليهم السماء والأرض وقالتا أتينا طائعين ويا جبال أوبي معه والطير أي سبحي معه وجدارا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَفِيهِ مَا لَا يُحْصَى مِنْ مِثْلِ هَذَا نَحْوُ مَا رُوِيَ أَنَّ الْبِقَاعَ لَتَتَزَيَّنُ لِلْمُصَلِّي وَأَنَّ الْبِقَاعَ لَيُنَادِي بَعْضُهَا بَعْضًا هَلْ مَرَّ بِكِ الْيَوْمَ ذَاكِرًا لِلَّهِ وَقَالَ آخَرُونَ هَذَا مَجَازٌ يُرِيدُ أَنَّهُ جَبَلٌ يُحِبُّنَا أَهْلُهُ وَنُحِبُّهُمْ وَأُضِيفَ الْحُبُّ إِلَى الْجَبَلِ لِمَعْرِفَةِ الْمُرَادِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ مِثْلَ قَوْلِهِ وسئل الْقَرْيَةَ يُرِيدُ أَهْلَهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى بِدَلَائِلِ الْمَجَازِ فِيهِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فِي بَابِ عبد الله بن يزيد وباب زيد ين أَسْلَمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث السابع والخمسون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَخَمْسُونَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَهَذَا مُرْسَلٌ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَقَدْ رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقِيلَ مِنْ صَلَاتِكُمْ يُرِيدُ الْمَكْتُوبَةَ وَقِيلَ النَّافِلَةُ وَمَنْ قَالَ إِنَّهَا الْمَكْتُوبَةُ فَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاتُكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ فَكَيْفَ يَأْمُرُهُمْ بِمَا قَدْ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ غَيْرَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَمَعْرُوفٌ أَنَّ حَرْفَ مِنْ حَقِيقَتُهُ التَّبْعِيضُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْلِيمِ الْأَهْلِ حُدُودَ الصَّلَاةِ مُعَايَنَةً وَهُوَ أَثْبَتُ أَحْيَانًا من التعليم بالقول وقيل أراد بقول هَذَا النَّافِلَةَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ أَيِ اجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ يَعْنِي النَّافِلَةَ وَتَكُونُ مِنْ زَائِدَةً كَقَوْلِهِمْ مَا جَاءَنِي مِنْ أَحَدٍ وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مَوْقُوفًا وَهُوَ مَرْفُوعٌ مُسْنَدٌ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا أَنَّهُ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي أَأُصَلِّي فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ قَالَ لَا وَلَكِنْ صَلِّ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ وَمِثْلُ هَذَا مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْغَنَمِ وَالْإِبِلِ لَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ وَالْعَطَنُ مَوْضِعُ بُرُوكِ الْإِبِلِ بَيْنَ الشَّرْبَتَيْنِ لِأَنَّهَا فِي سَقْيِهَا تَرِدُ الْمَاءَ مَرَّتَيْنِ طَائِفَةً بَعْدَ أُخْرَى

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عن هشام بن عرنة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ صَلُّوا فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ لَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِيمَا خَالَفَهُ فِيهِ مَالِكٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يُقَاسُ بِمَالِكٍ وَلَيْسَ بِالْحَافِظِ عِنْدَهُمْ وَالصَّحِيحُ فِي إِسْنَادِ هِشَامٍ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْبَرَاءِ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَكُلُّهَا بِأَسَانِيدَ حِسَانٍ وَأَكْثَرُهَا تَوَاتُرًا وَأَحْسَنُهَا حَدِيثُ الْبَرَاءِ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ رَوَاهُ نَحْوُ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلًا عَنِ الْحَسَنِ وَسَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ صَحِيحٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ مَخْرَجَيِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ لَحْمُهُ لَيْسَ بِنَجِسٍ وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مُرَاحِ الْغَنَمِ وَعَطَنِ الْإِبِلِ أَنَّ الْإِبِلَ لَا تَكَادُ تَهْدَأُ وَلَا تَقِرُّ فِي الْعَطَنِ بَلْ تَثُورُ فَرُبَّمَا قَطَعَتْ عَلَى الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ أَنَّهَا جِنٌّ خُلِقَتْ مِنْ جِنٍّ فَبَيَّنَ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّمَا كَانَ يَسْتَتِرُ بِهَا عِنْدَ الْخَلَاءِ وَهَذَا لَا يُعْرَفُ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُسْنَدَةِ وَفِي الْأَحَادِيثِ الْمُسْنَدَةِ غَيْرُ ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ عَنْ عَبْدِ الرحمان بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ فَقَالَ لَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا مِنَ الشَّيَاطِينِ وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ فَقَالَ صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَخْبَرَنَا يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلَ فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَفِي بَعْضِ هَذِهِ الْآثَارِ فَإِنَّهَا جِنٌّ خُلِقَتْ مِنْ جِنٍّ وَهَذَا كُلُّهُ يَشْهَدُ لِمَا اخْتَرْنَاهُ مِنَ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ مَا أُبَالِي فِي الْحِجْرِ صَلَّيْتُ أَمْ فِي الْبَيْتِ فَهَذَا يَسْتَنِدُ مِنْ حَدِيثِ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ ذَكَرُهُ أَحْمَدُ بْنُ شعيب النسائي قال حدثنا إسحاق ابن إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي الْحِجْرَ وَقَالَ إِذَا أردت دخول البيت فصلي ههنا فَإِنَّهُ قِطْعَةٌ مِنَ الْبَيْتِ وَقَدْ ذَكَرْنَا بُنْيَانَ الْكَعْبَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ والحمد لله التمهيد

باب الواو

باب الواو وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ أَبُو نُعَيْمٍ لِمَالِكٍ عَنْهُ حَدِيثَانِ قَدْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ كُنْيَتُهُ فَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ وَغَيْرُهُمْ يَقُولُ وَهْبُ بْنُ أَبِي مُغِيثٍ وَهُوَ وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَيُقَالُ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ قَالَ الْوَاقِدِيُّ كَانَ مُحَدِّثًا ثِقَةً وَلَقِيَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنُ عُمَرَ وَجَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فَتْوًى وكان من سكان مو الْمَدِينَةِ وَبِهَا كَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَلْبَسُونَ الْخَزَّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ ابْنَ عُمَرَ

أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ كَانَ وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ يَقْعُدُ إِلَيْنَا وَلَا يَقُومُ أَبَدًا حَتَّى يَقُولَ لَنَا اعْلَمُوا أَنَّهُ لَا يُصْلِحُ آخِرَ هَذَا الْأَمْرِ إِلَّا مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهُ قُلْتُ يُرِيدُ مَاذَا قَالَ يُرِيدُ في بادىء الْإِسْلَامِ أَوْ قَالَ يُرِيدُ التَّقْوَى

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِوَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ 196 - مَالِكٌ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا قِبَلَ الساحل فأمر عليهم أبا عبيدة بن الْجَرَّاحِ وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ قَالَ وَأَنَا فِيهِمْ قَالَ فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ ابْنُ الْجَرَّاحِ بِأَزْوَادِ ذَلِكَ الْجَيْشِ فَجَمَعَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ فَكَانَ يُقَوِّتُنَاهُ كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى فَنِيَ وَلَمْ تُصِبْنَا إِلَّا تَمْرَةً تَمْرَةً فَقُلْتُ وَمَا تُغْنِي تَمْرَةٌ فَقَالَ لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ قَالَ ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ فَإِذَا حُوْتٌ مِثْلُ الظِّرَبِ فَأَكَلَ مِنْهُ الْجَيْشُ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلْعَيْنِ مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنُصِبَتَا ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِّلَتْ (ثُمَّ مَرَّتْ) تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا قال ملك الظرب الجبيل

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ إِرْسَالُ الْخُلَفَاءِ السَّرَايَا إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ وَالتَّأْمِيرُ عَلَى السَّرِيَّةِ أَوْثَقَ أَهْلِهَا وَفِيهِ أَنَّ الْمُوَاسَاةَ وَاجِبَةٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ إِذَا خِيفَ عَلَى الْبَعْضِ التَّلَفُ فَوَاجِبٌ أَنْ يَرْمُقَهُ صَاحِبُهُ بِمَا يَرُدُّ مُهْجَتَهُ وَيُشَارِكَهُ فِيمَا بِيَدِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَدْ أَدْخَلَ عَلَى مَنْ مَلَكَ زَادًا فِي زَادِهِ أَنْ يُشْرِكَ مَعَهُ فِيهِ غَيْرَهُ فِي حَدِيثِ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ وَهُوَ عِنْدِي ضَرْبٌ مِنَ الْقَضَاءِ بِذَلِكَ وَلِوُجُوبِ الْمُوَاسَاةِ عِنْدَ الشِّدَّةِ ارْتَفَعَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَطْعُ السَّارِقِ إِذَا سَرَقَ شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ فِي عَامِ سَنَةٍ والله أعلم وفي مجمع الْأَزْوَادِ بَرَكَةٌ وَخَيْرٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي مَعْنَى الزَّادِ فِي السَّفَرِ مَا فِيهِ مَقْنَعٌ فِي باب يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ وَفِيهِ أَكْلُ مَيْتَةِ الْبَحْرِ مِنْ دَوَابِّهِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ دَوَابَّهُ إِذَا جَازَ أَكْلُهَا مَيْتَةً فَسَمَكُهُ أَوْلَى بِذَلِكَ لِأَنَّ السَّمَكَ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَكْلِهِ وَاخْتُلِفَ فِي أَكْلِ الدَّوَابِّ مِنْهُ فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَقُولُونَ لَا يُؤْكَلُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ شَيْءٌ إِلَّا السَّمَكَ مَا لَمْ يَكُنْ طَافِيًا فَإِذَا كَانَ طَافِيًا لَمْ يُؤْكَلْ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ أبي ليلى ومالك والأوزاعي والليث وَالشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ كُلِّ مَا فِي الْبَحْرِ سَمَكًا كَانَ أَوْ دَابَّةً وَهُوَ أَحَدُ قولي الثوري

وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ إِلَّا السَّمَكُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ حَلَّ أَكْلُهُ وَأَخْذُهُ ذَكَاتُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَكَاتِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُجَوَّدَةً مُمَهَّدَةً فِي بَابِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَأَتَيْنَا فِيهَا مِنْ أقاويل العلماء بأكثر مما ذكرنا ههنا وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ دَابَّةٍ وَحُوتٍ وَسَوَاءٌ مَيِّتُهُ وَحَيُّهُ فِي ذَلِكَ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِدَلِيلِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَحْرِ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيتَتُهُ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا مُضْطَرِّينَ ذَلِكَ الْوَقْتَ إِلَى الْمَيْتَةِ فَمِنْ هُنَاكَ جَازَ لَهُمْ أَكْلُ تِلْكَ الدَّابَّةِ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ أَكْلَهُمْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهٍ مَا تُؤْكَلُ عَلَيْهِ الْمَيْتَةُ لِلضَّرُورَةِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَقَامُوا عَلَيْهَا أَيَّامًا يَأْكُلُونَ مِنْهَا وَمَنِ اضْطُرَّ إِلَى الْمَيْتَةِ لَيْسَ يُبَاحُ لَهُ الْمُقَامُ عَلَيْهَا بَلْ يُقَالُ لَهُ خُذْ مِنْهَا مَا تَحْتَاجُ وَانْتَقِلْ مِنْهَا إِلَى طَلَبِ الْمُبَاحِ مِنَ الْقُوتِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ مِنْ صَحِيحِ الْأَثَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمُضْطَرِّ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْبَحْرُ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ مَا يَكْفِي وَيُغْنِي عَنْ قَوْلِ كُلِّ قَائِلٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ أَجَازَ أَكْلَ اللَّحْمِ الذَّكِيِّ إِذَا صَلَّ وَأَنْتَنَ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ ذَلِكَ بِمَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ مَا لَمْ يُنْتِنْ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ فِي الصَّيْدِ الَّذِي يَغِيبُ عَنْ صَاحِبِهِ يَأْكُلُهُ مَا لَمْ يُنْتِنْ وَعَلَى أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ فِي أَكْلِ هَذِهِ الدَّابَّةِ قَدْ تَأَوَّلَ فِيهِ قَوْمٌ الضَّرُورَةَ كَمَا ذَكَرْتُهُ لَكَ وَحَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ هَذَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ عَنْ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوا الصَّيْدَ وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَا لَمْ يُنْتِنْ وَحَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ سَيِّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاجِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ سَوَاءً وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ هَذَا فَقَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ كُلُّهَا ثَابِتَةٌ صَحِيحَةٌ وَقَدْ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ حدثنا خلف ابن القاسم قال حدثنا أحمد بن محمد ابن أَبِي الْمَوْتِ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحَزَّامِيُّ

قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ عَنْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ خَرَجْنَا فِي سَرِيَّةٍ بَعَثَنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ ثَلَاثُمَائَةِ رَجُلٍ فَقَلَّتْ أَزْوَادُنَا حَتَّى مَا كَانَ يُصِيبُ كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا إِلَّا تَمْرَةٌ فَجِئْنَا الْبَحْرَ فَإِذَا نَحْنُ بِحُوتٍ أَلْقَاهُ الْبَحْرُ مَيِّتًا فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ فَمَكَثْنَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً نَأْكُلُ مِنْهُ ثُمَّ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْنَاهُ فَقَالَ نِعْمَ الْجَارُ الْبَحْرُ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَعَثَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْرُ حُوتًا فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ وَايْتَدَمْنَا منه وأدهنا بِوَدَكِهِ حَتَّى ثَابَتْ أَجْسَامُنَا ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ مَوْلًى لِأَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ كُلُّ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ دَابَّةٍ قَدْ ذَبَحَهَا اللَّهُ لَكَ فَكُلْهَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ السَّمَكَةُ الطَّافِيَةُ حَلَالٌ لِمَنْ أَرَادَ أَكْلَهَا وَهَذَا الْبَابُ فِيهِ زِيَادَاتٌ فِي بَابِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ مِنْ هَذَا الكتاب

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِأَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ 296 - مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَعَامٍ وَمَعَهُ رَبِيبُهُ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ مَالِكٍ ظَاهِرُهُ الِانْقِطَاعُ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَدْ رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ وَهُوَ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ مُتَّصِلٌ لِأَنَّ أَبَا نُعَيْمٍ سَمِعَهُ مِنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ لَقِيَ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ سَمِعَ مِنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ سَمِعَ مِنْهُمْ أَبُو نُعَيْمٍ هَذَا مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ وَمِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَكَانَ بَدْرِيًّا فَكَيْفَ يُنْكَرُ سَمَاعُهُ مِنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَا

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حدثنا سفيان بن عيينة عن الوليد ابن كَثِيرٍ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ سَمِعَهُ مِنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ كُنْتُ غُلَامًا فِي حِجْرِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قاسم ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا نُعَيْمٍ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ يَقُولُ كُنْتُ غُلَامًا فِي حِجْرِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا غُلَامُ إِذَا أَكَلْتَ فَسَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طُعْمَتِي بَعْدُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ سَمِعَ أَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَأَبُو وَجْزَةَ أَصْغَرُ سِنًّا مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ وَأَقَلُّ لِقَاءً حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا

سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ دَعَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى طَعَامٍ نَأْكُلُهُ فَقَالَ ادْنُ فَسَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ هَكَذَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ

الوليد بن عبد الله بن صياد

85 - مَالِكٌ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صياد 396 - مَالِكٌ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيَّادٍ أَنَّ الْمُطَّلِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُوَيْطِبٍ الْمَخْزُومِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا الْغَيْبَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَذْكُرَ مِنَ الْمَرْءِ مَا كَرِهَ أَنْ يَسْمَعَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ حَقًّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُلْتَ بَاطِلًا فَذَلِكَ الْبُهْتَانُ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن حويطب وإنما هو المطلب ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ نَافِعٍ وَالْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَنْطَبٍ لَا حُوَيْطِبٍ وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيُّ عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ مَرَاسِيلُ وَيُرْسِلُ عَنِ الصَّحَابَةِ يُحَدِّثُ عَنْهُمْ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ وَهُوَ تَابِعِيٌّ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ يَقُولُونَ أَدْرَكَ جَابِرًا وَاخْتُلِفَ فِي سَمَاعِهِ مِنْ عَائِشَةَ وَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي قَتَادَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَأَبِي مُوسَى وَأَبِي رَافِعٍ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَيْسَ هَذَا

الحديث عند القعنبي فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ عِنْدَهُ فِي الزِّيَادَاتِ وَهُوَ آخِرُ حَدِيثٍ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ مِنْ مُوَطَّأِ ابْنِ بُكَيْرٍ وَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ وَقَدْ رَوَى الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حدثنا أحمد ابن دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْغَيْبَةُ فَقَالَ ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ قَالَ إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغِيثٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْتَفَاضِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ الْعَلَاءَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا الْغَيْبَةُ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ قَالَ إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فقد بهته

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الْعَلَاءِ كَمَا رَوَاهُ شُعْبَةُ سَوَاءً وَهَذَا حَدِيثٌ يَخْرُجُ فِي التَّفْسِيرِ الْمُسْنَدِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَيْبَةَ وَكَيْفَ هِيَ وَمَا هِيَ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ عز وجل حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أُسَامَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي السَّمْحِ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ زَيْدٍ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ خَرَجَ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ فَمَرَّ بِرَجُلَيْنِ أَعْرِفُهُمَا وَأَعْرِفُ أَنْسَابَهُمَا فَقَالَ عَلَيْكُمَا لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ فَإِنَّكُمَا لَا تُؤْمِنَانِ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقُلْتُ أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلَيْهِمَا لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ فَمَا ذَنْبُهُمَا قَالَ ذَنْبُهُمَا أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ لُحُومَ النَّاسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُصَحِّحُ هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ وَهَذَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ إِنَّمَا مَعْنَاهُ نُقْصَانُ الْإِيمَانِ وَعَدَمُ كَمَالِهِ لَا الْكُفْرُ وَقَدْ بَيَّنَّا مِثْلَ هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ رَجُلٌ بِفَضْلٍ أَوْ صَلَاحٍ قَالَ كَيْفَ هُوَ إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ إِخْوَانُهُ فَإِنْ قَالُوا إِنَّهُ يَنْتَقِصُهُمْ وَيَنَالُ مِنْهُمْ قَالَ عُمَرُ لَيْسَ هُوَ كَمَا تَقُولُونَ وَإِنْ قَالُوا إِنَّهُ يَذْكُرُ مِنْهُمْ جَمِيلًا وَخَيْرًا وَيُحْسِنُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِمْ قَالَ هُوَ كَمَا تَقُولُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَكْفِي فِي ذَمِّ الْغَيْبَةِ قَوْلُ الله عز وجل يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا وَقَالَ الشَّاعِرُ احْذَرِ الْغَيْبَةَ فَهِيَ الْ فِسْقُ لَا رُخْصَةَ فِيهِ إِنَّمَا الْمُغْتَابُ كَالْآ كِلِ مِنْ لَحْمِ أَخِيهِ وَرَوَى ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ ظُلْمٌ لِأَخِيكَ الْمُسْلِمِ أَنْ تَقُولَ أَسْوَأَ مَا تَعْلَمُ فِيهِ وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ اغْتَبْتُ فُلَانًا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْتَحِلَّهُ فَقَالَ لَمْ يَكْفِكَ أَنِ اغْتَبْتَهُ حَتَّى تُرِيدَ أن تبهته

وَعَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَغْتَابُ آخَرَ فَقَالَ أَمْسِكْ عَلَيْكَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ مَضَغْتَ مَضْغَةً طَالَمَا لَفِظَهَا الْكِرَامُ وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ عَمْرٍو إِيَّاكَ وَاسْتِمَاعَ الْغَيْبَةِ نَزِّهْ سَمْعَكَ عَنِ الْخَنَا كَمَا تُنَزِّهْ لِسَانَكَ عَنِ الْبَذَا فَإِنَّ الْمُسْتَمِعَ شَرِيكُ الْقَائِلِ وَإِنَّمَا نَظَرَ إِلَى أَخْبَثِ مَا يَكُونُ فِي وِعَائِهِ فَأَلْقَاهَا فِي وِعَائِكَ وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ تَحَرَّ فِي الطَّرِيقِ أَوْسَاطَهَا وَعُدْ عَنِ الْمَوْضِعِ الْمُشْتَبَهِ وَسَمْعَكَ صُنْ عَنْ سَمَاعِ الْقَبَيْ حِ كَصَوْنِ اللِّسَانِ عَنِ الْقَوْلِ بِهِ فَإِنَّكَ عِنْدَ اسْتِمَاعِ الْقَبَي حِ شَرِيكٌ لِقَائِلِهِ فَانْتَبِهْ وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَالسَّامِعُ مَعَ الذَّمِّ شَرِيكٌ لَهُ وَمُطْعِمُ الْمَأْكُولِ كَالْآكِلِ وَكَانَ أَبُو حَازِمٍ يَقُولُ أَرْبَحُ التِّجَارَةِ ذِكْرُ اللَّهِ وَأَخْسَرُ التِّجَارَةِ ذِكْرُ النَّاسِ يَعْنِي بِالشَّرِّ وَهَذَا بَابٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يُفْرَدَ لَهُ كِتَابٌ وَقَدْ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءُ وَالْحُكَمَاءُ مِنْ ذَمِّ الْغَيْبَةِ وَالْمُغْتَابِ وَذَمِّ النَّمِيمَةِ وَجَاءَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ نَظْمِ الْكَلَامِ وَنَثْرِهِ مَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَمَنْ وُفِّقَ كَفَاهُ مِنَ الْحِكْمَةِ يَسِيْرُهَا إِذَا اسْتَعْمَلَهَا وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي

بَهْجَةِ الْمَجَالِسِ فِي بَابِ الْغَيْبَةِ مِنَ النَّظْمِ وَالنَّثْرِ مَا فِيهِ الْكِفَايَةُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ الْقَائِلِ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ يَشْكُرُ لِي حِينَ يَلْقَانِي وَإِنْ غِبْتُ شَتَمْ وَيُحَيِّينِي إِذَا لَاقَيْتُهُ وَإِذَا يَخْلُو لَهُ لَحْمِي كَدَمْ وَكَلَامٌ سيء قَدْ وَقَرَتْ مِنْهُ أُذُنَايَ وَمَا بِي مِنْ صَمَمْ لَا يَرَانِي رَاتِعًا فِي مَجْلِسٍ فِي لُحُومِ النَّاسِ كَالسَّبُعِ الضَّرِمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ بِبَغْدَادَ إِمْلَاءً يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَوَقَعَ فِي الْحَجَّاجِ وَشَتَمَهُ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ شَاهِدًا أَكُنْتَ تَقُولُ هَذَا فَقَالَ لَا فَقَالَ كُنَّا نَعُدُّ هَذَا نِفَاقًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

باب الياء

بَابُ الْيَاءِ 86 - يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيُّ ابْنُ أَخِي السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ الْكِنْدِيِّ وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا مُحَدِّثًا مُحْسِنًا لَا أَقِفُ لَهُ عَلَى وَفَاةٍ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ حَدِيثٌ أَوَّلُ لِيَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ 496 - مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مُصِيبَةٌ حَتَّى الشَّوْكَةُ إِلَّا قُصَّ بِهَا أَوْ كُفِّرَ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ لَا يَدْرِي أَيُّهُمَا قَالَ عُرْوَةُ

لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمُوَطَّأِ وَتَفَرَّدَ فِيهِ ابْنُ وَهْبٍ فِيهِ بِإِسْنَادٍ آخَرَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَسَائِرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ يَرْوُونَهُ عَنْهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ عَنْ هِشَامٍ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَرَوَاهُ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْفُوعًا وَهُوَ مَرْفُوعٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذُّنُوبَ تُكَفِّرُهَا الْمَصَائِبُ وَالْآلَامُ وَالْأَمْرَاضُ وَالْأَسْقَامُ وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ عِمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عن عبد الله بن مسعود قال إن لَا يُكْتَبُ بِهِ الْأَجْرُ وَكَانَ إِذَا حَدَّثَنَا شَيْئًا لَمْ نَسْأَلْهُ حَتَّى يُفَسِّرَهُ لَنَا قَالَ فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْنَا فَقَالَ وَلَكِنْ تُكَفَّرُ بِهِ الخطيئة

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِيَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ 596 - مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ أَبِي زُهَيْرٍ وهو من أزدشنؤة مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ نَاسًا مَعَهُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لَا يُغْنِي عَنْهُ زَرْعًا وَلَا ضَرْعًا نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ قَالَ أَنْتَ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيْ وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ اتِّخَاذِ الْكَلْبِ لِلزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَيْضًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبَاحَةُ اتِّخَاذِهِ لِلصَّيْدِ فَحَصَلَتْ هَذِهِ الْوُجُوهُ الثَّلَاثَةُ مُبَاحَةً بِالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ وَمَا عَدَاهَا فَدَاخِلٌ فِي بَابِ الْحَظْرِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْمَعَانِي فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمِثْلِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى إِجَازَةِ بَيْعِ الْكَلْبِ الْمُتَّخَذِ لِلزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ وَالصَّيْدِ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي ذَلِكَ قَالَ وَكُلُّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ في ذلك قال وكل ما ينتف بِهِ فَجَائِزٌ شِرَاؤُهُ وَبَيْعُهُ وَيَلْزَمُ قَاتِلَهُ الْقِيمَةُ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَنْفَعَةَ أَخِيهِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ أَيْضًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَلَا مَعْنَى لِتَكْرِيرِ ذلك ههنا

الحديث الثالث

حديث حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِيَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ 696 - مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ السُّلَمِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ نَافِعَ بن جبير أخبره عن عثمان ابن أَبِي الْعَاصِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُثْمَانُ وَبِي وَجَعٌ قَدْ كَادَ يُهْلِكُنِي قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْسَحْهُ بِيَمِينِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَقُلْ أَعُوْذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ قَالَ فَقُلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ مَا كَانَ بِي فَلَمْ أَزَلْ آمُرَ بِذَلِكَ أَهْلِي وَمَنْ أَطَاعَنِي هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ وَجُمْهُورُهُمْ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَتْهُ طَائِفَةٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنْ رَجُلٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مَطْعَمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ صِفَاتِ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ لِأَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ لَا تَكُونُ بِمَخْلُوقٍ وَفِيهِ أَنَّ الرَّقْيَ يَدْفَعُ الْبَلَاءَ وَيَكْشِفُهُ اللَّهُ بِهِ وَهُوَ مِنْ أَقْوَى مُعَالَجَةِ الْأَوْجَاعِ لِمَنْ صَحِبَهُ الْيَقِينُ الصَّحِيحُ وَالتَّوْفِيقُ الصَّرِيحُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ عثمان ابن أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي يَأْلَمُ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ ثَلَاثًا وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوْذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ

يزيد بن رومان أبي روح

مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ أَبِي رَوْحٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ هَذَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ كَانَ أَحَدَ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ عَالِمًا بِالْمَغَازِي مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ ثِقَةً سَكَنَ مو الْمَدِينَةَ وَبِهَا كَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ 796 -) مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الْخَوْفِ أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ وَطَائِفَةً وِجَاهَ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ التي بقيت مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ

لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ وَرَوَاهُ أَبُو أُوَيْسٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ أَبِيهِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ وَرَوَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَخِيهِ عُبَيْدِ الله بن عمر عن القاسم ابن مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ أَبِيهِ مختصرا بمعناه وَرَوَاهُ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بن أبي خثمة مَرْفُوعًا وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنْ شُعْبَةَ فِي إِسْنَادِهِ هَذَا وَاخْتَلَفَ عَنْهُ فِي مَتْنِهِ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَعِنْدَ مَالِكٍ فِيهِ حَدِيثُهُ عَنْ يَحْيَى بن سعيد عن القاسم ابن مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أبي خثمة مَوْقُوفًا وَإِلَى حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابُهُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ ذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي ذَلِكَ وَالْخِلَافُ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ عِنْدَهُ لَا يَنْتَظِرُ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ إِذَا صَلَّى بِهَا رَكْعَةً وَلَكِنْ يُسَلِّمُ ثُمَّ تَقُومُ تِلْكَ الطَّائِفَةُ فَتَقْضِي لِأَنْفُسِهَا ذَهَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى حَدِيثِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خوات عن سهل ابن أبي خثمة

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ لَا يُسَلِّمُ الْإِمَامُ حَتَّى تَقُومَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَتُتِمَّ لِأَنْفُسِهَا ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ عَلَى حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْإِمَامَ يُسَلِّمُ ثُمَّ تَقُومُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَيَقْضُونَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَقَاوِيلُ مُخْتَلِفَةٌ وَمَذَاهِبُ مُتَبَايِنَةٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ قَدْ ذَكَرْنَاهَا وَذَكَرْنَا الْآثَارَ الَّتِي بِهَا نَزَعَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ وَمِنْهَا قَالَ وَإِلَيْهَا ذَهَبَ وَأَوْضَحْنَا ذَلِكَ وَمَهَّدْنَاهُ بِحُجَجِهِ وَوُجُوهِهِ وَعِلَلِهِ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَهِيَ غَزَاةٌ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي وَاخْتُلِفَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي سُمِّيَتْ بِهِ ذَاتُ الرِّقَاعِ فَذَكَرَ الْأَخْفَشُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ فَكُنَّا نَمْشِي عَلَى أَقْدَامِنَا حَتَّى نُقِبَتْ فَكُنَّا نَشُدُّهَا بِالْخَرَقِ وَنَعْصِبُ عَلَيْهَا الْعَصَائِبَ فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ قَالَ أَبُو بُرْدَةَ فَلَمَّا حَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا الْحَدِيثِ نَدِمَ وَقَالَ مَا كُنَّا نَصْنَعُ بِذِكْرِ هَذَا كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَذَكُرَ شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ الصَّالِحِ

وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا سُمِّيَتْ ذَاتَ الرِّقَاعِ لِأَنَّهُمْ رَقَّعُوا فِيهَا رَايَاتِهِمْ وَالرَّايَاتُ دُونَ الْبُنُودِ وَفَوْقَ الطِّرَادَاتِ إِلَى الْبُنُودِ مَا هِيَ وَقِيلَ كَانَتْ أَرْضًا ذَاتَ أَلْوَانٍ وَقِيلَ إِنَّ ذَاتَ الرِّقَاعِ شَجَرَةٌ نَزَلُوا تَحْتَهَا وَانْصَرَفُوا يَوْمَئِذٍ عَنْ مُوَادَعَةٍ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ

يزيد بن عبد الهادي

يَزِيدُ بْنُ الْهَادِي وَهُوَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِي ابْنُ أَخِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ الْهَادِي اللَّيْثِيِّ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَيُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ أَعْرَجَ وهو أحد ثقات المحدثين مو بِالْمَدِينَةِ وَتُوفِّيَ بِهَا فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي فَقَالَ ثِقَةٌ لِمَالِكٍ عَنْهُ مِنْ مَرْفُوعَاتِ الْمُوَطَّأِ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ مُسْنَدَةٌ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

حديث أول ليزيد بن الهادي 896 - ملك عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِي عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْتُ إِلَى الطُّورِ فَلَقِيْتُ كَعْبَ الْأَحْبَارِ فَجَلَسْتُ مَعَهُ فَحَدَّثَنِي عن التوراة وحدثته عن رسول الله فَكَانَ فِيمَا حَدَّثْتُهُ أَنْ قُلْتُ قَالَ رَسُولُ الله خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمْعَةِ وفيه خلق ءادم وَفِيهِ أُهْبِطَ وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ وَفِيهِ مَاتَ وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ مُصِيخَةٌ يَوْمَ الْجُمْعَةِ مِنْ حِينٍ يُصْبِحُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ شَفَقًا مِنَ السَّاعَةِ إِلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ قَالَ كَعْبٌ ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً فَقُلْتُ بَلْ فِي كُلِّ جُمْعَةٍ فَقَرَأَ كَعْبٌ التَّوْرَاةَ فَقَالَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَلَقِيتُ بَصْرَةَ بْنَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيَّ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ فَقُلْتُ مِنَ الطُّورِ فَقَالَ لَوْ أَدْرَكْتُكَ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ مَا خَرَجْتَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ

إِلَى مَسْجِدِي هَذَا أَوْ إِلَى مَسْجِدِ إِيلِيَّا أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَشُكُّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ ثُمَّ لَقِيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ فَحَدَّثْتُهُ بِمَجْلِسِي مَعَ كَعْبٍ وَمَا حَدَّثْتُهُ فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ فَقُلْتُ قَالَ كَعْبٌ ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَذَبَ كَعْبٌ فَقُلْتُ ثُمَّ قَرَأَ كَعْبٌ التَّوْرَاةَ فَقَالَ بَلْ هِيَ فِي كُلِّ جُمْعَةٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ صَدَقَ كَعْبٌ ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَدْ عَلِمْتُ أَيَّةَ سَاعَةٍ هِيَ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَخْبِرْنِي بِهَا وَلَا تَضِنَّ عَلَيَّ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ فِي يوم الجمعة وقد قال رسول الله لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي وَتِلْكَ السَّاعَةُ لَا يُصَلَّى فِيهَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ بَلَى قَالَ فَهُوَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ أَحْسَنَ سِيَاقَةً مِنْ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي وَلَا أَتَمَّ مَعْنًى مِنْهُ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ بَصْرَةُ بْنُ أَبِي بَصْرَةَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ مَعْرُوفٌ لِأَبِي هُرَيْرَةَ فلقيت أبا

بَصْرَةَ الْغِفَارِيَّ كَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَذَلِكَ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كُلُّهُمْ يَقُولُ فِيهِ فَلَقِيتُ أَبَا بَصْرَةَ الْغِفَارِيَّ وَلَمْ يَقُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَلَقِيتُ بَصْرَةَ بْنَ أَبِي بَصْرَةَ كَمَا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي وَأَظُنُّ الْوَهْمَ فِيهِ جَاءَ مِنْ قِبَلِ مَالِكٍ أَوْ مِنْ قِبَلِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ ضُرُوبٌ فَأَمَّا قَوْلُهُ خَرَجْتُ إِلَى الطُّورِ فَقَدْ بَانَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ أَلْبَتَّةَ إِلَّا تَبَرُّكًا بِهِ لِيُصَلِّيَ فِيهِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَا يَجِبُ الْخُرُوجُ إِلَّا إِلَى الثَّلَاثَةِ الْمَسَاجِدِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَسَاجِدِ أَوْ فِي أَحَدِهَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَصْدُهَا لِذَلِكَ وَمَنْ نَذَرَ صَلَاةً فِي مَسْجِدٍ سِوَاهَا صَلَّى فِي مَوْضِعِهِ وَمَسْجِدِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَعْرِفُ الْعُلَمَاءُ غير الثَّلَاثَةَ الْمَسَاجِدَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَمَسْجِدَ الرَّسُولِ وَمَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا يَجْرِي عِنْدَهُمْ مَجْرَاهَا شَيْءٌ مِنَ الْمَسَاجِدِ سِوَاهَا وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ عَنِ المثنى بن الصباح عن عمرو ابن شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله تُعْمَلُ الرِّحَالُ إِلَى أَرْبَعَةِ مَسَاجِدَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَإِلَى مَسْجِدِ الجند

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ وَالْمُثَنَّى بن الصباح مَتْرُوكَانِ وَلَا يَثْبُتُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَالْجَنَدُ بِالْيَمَنِ بَلَدُ طَاوُسٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ مِنْ حَوَائِجِ دُنْيَاهُ إِلَى نَاحِيَةِ الطُّورِ فَلَيْسَ خُرُوجُهُ إِلَى ذَلِكَ مِنْ هذا في شيء وأما قوله فلقيت كَعْبَ الْأَحْبَارِ فَكَعْبُ الْأَحْبَارِ هُوَ كَعْبُ بْنُ مَاتِعٍ يُكَنَّى أَبَا إِسْحَاقَ مِنْ آلِ ذِي رُعَيْنٍ مِنْ حِمْيَرَ ذَكَرَ الْغَلَابِيُّ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ هُوَ كَعْبُ بْنُ مَاتِعٍ مِنْ ذِي هَجَرٍ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ قِيلَ أَسْلَمَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقِيلَ كَانَ إِسْلَامُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَعُلَمَائِهِمْ وَثِقَاتِهِمْ وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِأَخْبَارِ التَّوْرَاةِ وَكَانَ حَبْرًا مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ وَكَانَ لَهُ فَهْمٌ وَدِينٌ وَكَانَ عُمَرُ يَرْضَى عَنْهُ وَرُبَّمَا سَأَلَهُ وَتُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ قَبْلَ أَنْ يُقْتُلَ عُثْمَانُ بِعَامٍ وَفِيهِ الْإِبَاحَةُ فِي الْحَدِيثِ عَنِ التَّوْرَاةِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ بِهَا وَسَمَاعُ ذَلِكَ مُبَاحٌ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ إِلَّا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَا

قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْعِلْمِ فَمَنْ تَأَمَّلَ هَذَا الْمَعْنَى هُنَاكَ اكْتَفَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ أَنَّ خَيْرَ الْأَيَّامِ يَوْمُ الْجُمْعَةِ وَهَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْعُمُومِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَيَّامَ بَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَلَكِنَّ الْفَضَائِلَ فِي ذَلِكَ لَا تُعْلَمُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ وَلَا تُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمْرَةَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ قَالَ الصَّدَقَةُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ تُضَاعَفُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ قَالَ فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ إِنَّهُ لَتَفْزَعُ فِيهِ الْخَلَائِقُ كُلُّهَا إِلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ وَإِنَّهُ لَتُضَعَّفُ فِيهِ الْحَسَنَةُ وَإِنَّهُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَفِيهِ الْخَبَرُ عَنْ خَلْقِ آدَمَ وَهُبُوطِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَإِنَّهُ قَدْ تِيبَ عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَتِهِ وَذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ثَابِتٌ بِنَصِّ التَّنْزِيلِ الَّذِي لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّحْرِيفُ وَالتَّبْدِيلُ وَلَكِنْ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْحَدِيثِ عَمَّا يَأْتِي وَيَكُونُ وَهَذَا مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ فَمَا كَانَ مِنْهُ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ إِدْرَاكُ بَعْضِهِ مِنْ جِهَةِ الرِّسَالَةِ أَوْ عَمَّنْ أَضَافَ إِلَى اللَّهِ ذَلِكَ بِخَبَرِ كُتُبِهِ أَوْ رُسُلِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَقِيَامُ السَّاعَةِ مِنَ الْغَيْبِ الَّذِي لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ عَلَى حَقِيقَةٍ وَنَحْنُ وَإِنْ عَلِمْنَا أَنَّهَا تَقُومُ يَوْمَ جُمْعَةٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ فلسنا ندري

أَيَّ جُمْعَةٍ هِيَ وَقَدْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ عن الساعة وقيامها فقال ما المسؤول عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ وَقَدْ سَأَلَ عَنْهَا جِبْرِيلَ فَقَالَ نَحْوَ ذَلِكَ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي وَقَدْ أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ شُرُوطٍ وَعَلَامَاتٍ تَكُونُ قَبْلَهَا وَقَدْ ظَهَرَ أَكْثَرُهَا أَوْ كَثِيرٌ مِنْهَا وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً وَأَمَّا قَوْلُهُ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وهي مصيخة فالإصاخة الاستماع وهو ههنا اسْتِمَاعُ حَذَرٍ وَإِشْفَاقٍ وَخَشْيَةِ الْفَجْأَةِ وَالْبَغْتَةِ وَأَمَّا أَصْلُ الْكَلِمَةِ فِي اللُّغَةِ فَالِاسْتِمَاعُ قَالَ أَعْرَابِيٌّ وَحَدِيثُهَا كَالْقَطْرِ يَسْمَعُهُ رَاعِي سِنِينَ تَتَابَعَتْ جَدْبًا فَأَصَاخَ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ حَيًّا وَيَقُولُ مِنْ فَرَحٍ أَيَا رَبَّا وَقَالَ آخَرُ لَمْ أَرُمْ حَتَّى إِذَا أَصَاخَا صَرَخْتُ لَوْ يَسْمَعُ الصُّرَاخَا وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ فَهُمْ عِنْدَ رَبٍّ يَنْظُرُونَ قَضَاءَهُ يُصِيخُونَ بِالْأَسْمَاعِ لِلْوَحْيِ رَكَدَ

وَقَالَ غَيْرُهُ يَصِفُ ثَوْرًا بَرِّيًّا يَسْتَمِعُ صَوَتَ قَانِصٍ وَيُصِيخُ أَحْيَانًا كَمَا اسْتَمَعَ الْ مُضِلُّ لصوت ناشد والمضل الذي وقد ضل بغيره أَوْ دَابَّتُهُ أَوْ شَيْئُهُ يُقَالُ مِنْهُ أَضَلَّ الرَّجُلُ دَابَّتَهُ فَهُوَ مُضِلٌّ وَضَلَّتِ الْبَهِيمَةُ فَهِيَ ضَالَّةٌ وَالنَّاشِدُ الطَّالِبُ يُقَالُ مِنْهُ قَدْ نَشَدْتُ ضَالَّتِي إِذَا نَادَيْتُ فِيهَا وَطَلَبْتُهَا وَمِنْهُ نَشَدْتُكَ الله أب سَأَلْتُكُ بِاللَّهِ وَأَمَّا الْمُنْشِدُ فَهُوَ الْمُعَرِّفُ بِالضَّالَّةِ وَقِيلَ هُوَ الدَّالُّ عَلَيْهَا وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ مُتَقَارِبٌ ومنه قوله فِي لُقْطَةِ مَكَّةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِمُنْشِدٍ فَمِنْ هُنَا يُقَالُ أَنْشَدْتُ كَمَا يُقَالُ فِي الشِّعْرِ أَنْشَدْتُ الشِّعْرَ وَمِنَ الْأَوَّلِ يُقَالُ نَشَدْتُ هَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ لَا يَعْلَمُونَ مِنْ مَعْنَى السَّاعَةِ مَا يَعْرِفُ غَيْرُهُمْ مِنَ الدَّوَابِّ وَهَذَا أَمْرٌ تَقْصُرُ عَنْهُ أَفْهَامُنَا وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ مِنَ الْعِلْمِ لَمْ يُؤْتَ النَّاسُ مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا وَأَمَّا قَوْلُهُ وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ عَلَى حسبما قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ فِيهَا أَثْبَتُ شَيْءٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَلَا تَرَى إِلَى رُجُوعِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَى قَوْلِهِ وَسُكُوتِهِ عِنْدَمَا أَلْزَمَهُ مِنَ الْإِدْخَالِ وَالْمُعَارَضَةِ بِأَنَّ مُنْتَظِرَ الصَّلَاةِ فِي صَلَاةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَعْبٍ وَقَدْ رُوِيَ بِنَحْوِ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أَحَادِيثُ مَرْفُوعَةٌ قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا هُنَاكَ وَمِنْهَا مَا

حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا الصَّبَّاحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ وَرْدَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله الْتَمِسُوا السَّاعَةَ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَفْصٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنَّ السَّاعَةَ الَّتِي يُتَحَرَّى فِيهَا الدُّعَاءُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنَ الْجُمْعَةِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ أحمد بن الفضل الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ وَأَسَدُ بْنُ عَمْرٍو وَالْمُحَارِبِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنَّ فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ لَسَاعَةً يُقَلِّلُهَا لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ فَيَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَدْ عَلِمْتُ أَيَّ سَاعَةٍ هِيَ آخِرُ سَاعَاتِ النَّهَارِ مِنْ يَوْمِ الْجُمْعَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أبي فديك قال حدثني بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الرسول قَالَ إِنَّ فِي الْجُمْعَةِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا مُؤْمِنٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ قَالَ فَقَدِمَ عَلَيْنَا كَعْبُ الْأَحْبَارِ فَقَالَ لَهُ أبو هريرة ذكر رسول الله سَاعَةً فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ لَا يُوَافِقُهَا مُؤْمِنٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ قَالَ كَعْبٌ صَدَقَ وَالَّذِي أَكْرَمَهُ إِنَّهَا السَّاعَةُ الَّتِي خلق الله فيها ءدام وَالَّتِي تَقُومُ فِيهَا السَّاعَةُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ الثِّقَةِ عَنْ صفوان ابن سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ السَّاعَةُ الَّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ قَالَ وَحَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أخبرني عمرو بن الحرث عَنِ الْجُلَاحِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ

حدثه عن جابر عن رسول الله أَنَّهُ قَالَ فِي الْجُمْعَةِ اثْنَتَا عَشْرَ سَاعَةً مِنْهَا سَاعَةٌ لَا يُوجَدُ فِيهَا عَبَدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ الْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ فِي هَذَا مَا جَاءَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَمَّا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَوْ جَابِرٍ فَلَا والله وأعلم حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ أَرْسَلَهُ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ يَسْأَلُهُ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِي فِي الْجُمْعَةِ فَقَالَ هِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَشُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ مِثْلُهُ وَشُعْبَةُ عَنْ يُونُسَ بْنِ حُبَابٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا هَارُونُ عَنْ عَبْسَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبَّاسٍ قَالَ السَّاعَةُ الَّتِي تُذْكَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ لَمْ يَتَكَلَّمْ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ

وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ السَّاعَةُ الَّتِي فِي الْجُمْعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ أَوْ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَالَ فَكَانَ طَاوُسٌ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ لَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا وَلَمْ يَلْتَفِتْ مَشْغُولًا بِالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ وَذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ أَنَّ طَاوُسًا أَخْبَرَهُ أَنَّ السَّاعَةَ مِنْ يَوْمِ الْجُمْعَةِ الَّتِي تَقُومُ فِيهَا السَّاعَةُ وَالَّتِي أُنْزِلَ فِيهَا آدَمُ وَالَّتِي لَا يَدْعُو فِيهَا الْمُسْلِمُ بِدَعْوَةٍ صَالِحَةٍ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ مِنْ حِينِ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ إِلَى حِينِ تَغِيبُ فَهَذَا مَا بَلَغْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ فِي مَعْنَى قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ فِي سَاعَةِ يَوْمِ الْجُمْعَةِ وَذَلِكَ أَثْبَتُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَمَّا الْآثَارُ الْمُخَالِفَةُ لِذَلِكَ وَالْأَقْوَالُ فَقَدْ مَضَى ذِكْرُهَا فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَقَالَ كَعْبٌ هِيَ كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً فَقُلْتُ بَلْ فِي كُلِّ جُمْعَةٍ ثُمَّ قَرَأَ كَعْبٌ التَّوْرَاةَ فَقَالَ صَدَقَ رسول الله ففيه دليل على أن العالم قد يخطىء وَأَنَّهُ رُبَّمَا قَالَ عَلَى أَكْبَرِ ظَنِّهِ فَأَخْطَأَ ظَنُّهُ وَفِيهِ إِنْ سَمِعَ الْخَطَأَ وَجَبَ عَلَيْهِ إِنْكَارُهُ وَرَدُّهُ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ فِي رَدِّهِ أَصْلٌ صَحِيحٌ كَأَصْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي إِنْكَارِهِ عَلَى كَعْبٍ

وَفِيهِ أَنَّ عَلَى الْعَالِمِ إِذَا رُدَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ طَلَبَ التَّثَبُّتَ فِيهِ وَالْوُقُوفَ عَلَى صِحَّتِهِ حَيْثُ رَجَاهُ مِنْ مَوَاضِعِهِ حَتَّى تَصِحَّ لَهُ أَوْ يَصِحَّ قَوْلُ مُنْكِرِهِ فَيَنْصَرِفَ إِلَيْهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى كُلِّ مَنْ عَرَفَ الْحَقَّ أَنْ يُذْعِنَ إِلَيْهِ فَأَمَّا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَقِيتُ بَصْرَةَ بْنَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيَّ إِلَى آخِرِ قِصَّتِهِ مَعَهُ فَهَكَذَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ بَصْرَةُ بْنُ أَبِي بَصْرَةَ لَمْ يَخْتَلِفْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَلَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي وَإِنَّمَا جَاءَ ذَلِكَ مِنْ يَزِيدَ لَا مِنْ مَالِكٍ فِيمَا أَظُنُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَغَيْرُ يَزِيدَ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلَقِيتُ أَبَا بَصْرَةَ الْغِفَارِيَّ وَأَبُو بَصْرَةَ اسْمُهُ حُمَيْلُ بْنُ بَصْرَةَ وَقَدْ سَمَّاهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى النَّاقِدُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُجِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الطُّورِ لِيُصَلِّيَ فِيهِ ثم أقبل فلقي حميل الْغِفَارِيَّ فَقَالَ لَهُ حُمَيْلٌ مِنْ أَيْنَ جِئْتَ قَالَ مِنَ الطُّورِ قَالَ أَمَا إِنِّي لَوْ لَقِيتُكَ لَمْ تَأْتِهِ قَالَ لِمَ قَالَ لِأَنِّي سمعت رسول الله يَقُولُ لَا تُضْرَبُ أَكْبَادُ الْإِبِلِ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَمَسْجِدِ بيت المقدس

وَرَوَى الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الطُّورِ يُصَلِّي فِيهِ ثُمَّ أقبل فلقيني حميل ابن بَصْرَةَ الْغِفَارِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ إِلَى آخِرِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ اللَّخْمِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ بَدَأَ اللَّهُ خَلْقَ الْأَرْضِ فَخَلَقَ سَبْعَ أضين فِي يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْأَحَدِ وَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي يَوْمَيْنِ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَخَلَقَهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَقَضَاهُنَّ فِي آخِرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ فِيهَا آدَمَ عَلَى عَجَلٍ وَالسَّاعَةُ الَّتِي تَقُومُ فِيهِ السَّاعَةُ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هِيَ تَفْزَعُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَّا الْإِنْسَانَ وَالشَّيْطَانَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بِلَالٍ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ اجْتَمَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فذكروا عن النبي السَّاعَاتِ الَّتِي فِي

يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ قَالَهَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ أَنَا أَعْلَمُ أَيَّةَ سَاعَةٍ هِيَ بَدَأَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَوْمَ الْأَحَدِ وَفَرَغَ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَهِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَفِي قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ كَذَبَ كَعْبٌ ثُمَّ قَوْلُهُ صَدَقَ كَعْبٌ دَلِيلٌ عَلَى مَا كَانَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ مِنْ إِنْكَارِ مَا يَجِبُ إِنْكَارُهُ وَالْإِذْعَانُ إِلَى الْحَقِّ وَالرُّجُوعُ إِلَيْهِ إِذَا بَانَ لَهُمْ وَمَعْنَى قَوْلِهِ كَذَبَ كَعْبٌ يُرِيدُ غَلِطَ كَعْبٌ وَقَدْ تَضَعُ الْعَرَبُ أَحْيَانًا هَذِهِ اللَّفْظَةَ بِمَعْنَى الْغَلَطِ وَقَدْ فَسَّرْنَا ذَلِكَ بِالشَّاهِدِ عَلَيْهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَفِي قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بن سلام قد علمت أية ساعة هي دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْعَالِمِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَعْلَمُ كَذَا وَقَدْ عَلِمْتُ كَذَا وَأَنَا أَعْلَمُ بِكَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْفَخْرِ وَالسُّمْعَةِ وَفِي قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبِرْنِي بِهَا وَلَا تَضِنَّ عَلَيَّ أَيْ لَا تَبْخَلْ عَلَيَّ دَلِيلٌ عَلَى مَا كَانَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى الْعِلْمِ وَالْبَحْثِ عَنْهُ وَفِي مُرَاجَعَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ حين قال هيب آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاعْتِرَاضُهُ عَلَيْهِ بِأَنَّهَا سَاعَةٌ لَا يُصَلَّى فِيهَا وَرَسُولُ اللَّهِ قَدْ قَالَ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى إِثْبَاتِ الْمُنَاظَرَةِ وَالْمُعَارَضَةِ وَطَلَبِ الْحُجَّةِ وَمَوَاضِعِ الصَّوَابِ وَفِي إِدْخَالِ عَبْدِ اللَّهِ بن سلام عليه قول رسول الله مَنِ انْتَظَرَ صَلَاةً فَهُوَ فِي صَلَاةٍ وَإِذْعَانُ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى مَا كَانَ الْقَوْمُ

عَلَيْهِ مِنَ الْبَصَرِ بِالِاحْتِجَاجِ وَالِاعْتِرَاضَاتِ وَالْإِدْخَالِ وَالْإِلْزَامَاتِ فِي الْمُنَاظَرَةِ وَهَذَا سَبِيلُ أَهْلِ الْفِقْهِ أَجْمَعَ إِلَّا طَائِفَةً لَا تُعَدُّ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَعْرَقُوا فِي التَّقْلِيدِ وَأَزَاحُوا أَنْفُسَهُمْ مِنَ الْمُنَاظَرَةِ وَالتَّفَهُّمِ وَسَمَّوُا الْمُذَاكَرَةَ مُنَاظَرَةً جَهْلًا مِنْهُمْ بِالْأُصُولِ الَّتِي منها ينزع أهل النظر وإليها يفزع أولوا الْبَصَرِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سلام قال قال النبي مَنِ انْتَظَرَ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يُصَلِّيَ قَالَ أَنْتَ سَمِعْتَهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَهُوَ كَذَلِكَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا سُنَيْدٌ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ عَطَاءٌ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي السَّاعَةِ الْمُسْتَجَابِ فِيهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ هِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقِيلَ لَهُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ مَا كَانَ فِي مُصَلَّاهُ لَمْ يَقُمْ مِنْهُ فَهُوَ فِي الصَّلَاةِ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِيَزِيدَ بْنِ الْهَادِي 996 - مَالِكٌ عَنْ يزيد بن الهادي عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قال كان رسول الله يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْوَسَطَ مِنْ رَمَضَانَ فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا مِنْ صُبْحَتِهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ قَالَ مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ مِنْ صُبْحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَمْطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رسول الله انْصَرَفَ وَعَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صَبِيحَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ مِنْ أَصَحِّ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي هَذَا الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاعْتِكَافَ فِي رَمَضَانَ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ لِأَنَّ رَسُولَ الله كان

يَعْتَكِفُ فِي رَمَضَانَ وَيُوَاظِبُ عَلَى ذَلِكَ وَمَا وَاظَبَ عَلَيْهِ فَهُوَ سُنَّةٌ لِأُمَّتِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ قَوْلُهُ كان رسول الله يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْوَسَطَ مِنْ رَمَضَانَ فَاعْتَكَفَ عَامًا ثُمَّ سَاقَ الْقِصَّةَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَعْتَكِفُ كُلَّ رَمَضَانَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَأَنَّ فَاعِلَهُ مَحْمُودٌ عَلَيْهِ مَأْجُورٌ فِيهِ وَهَكَذَا سَبِيلُ السُّنَنِ كُلِّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ فَرْضًا أَلَا تَرَى إِلَى إِجْمَاعِهِمْ عَلَى قَوْلِهِمْ هَذَا فَرْضٌ وَهَذَا سُنَّةٌ أَيْ هَذَا وَاجِبٌ وَهَذَا مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَهَذِهِ فَرِيضَةٌ وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَهِيَ الليلة التي يخرج فيها من صحبتها مِنِ اعْتِكَافِهِ فَهَكَذَا رِوَايَةُ يَحْيَى مِنْ صُبْحَتِهَا وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ بُكَيْرٍ والشافعي وأما القعنبي وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٌ أَيْضًا فَقَالُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ لَمْ يَقُولُوا مِنْ صُبْحَتِهَا وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَابْنُ بُكَيْرٍ وَالشَّافِعِيُّ مِنْ صُبْحَتِهَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يزيد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كَانَ رَسُولُ الله يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْوَسَطَ مِنْ رَمَضَانَ فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْرُجُ مِنْ صُبْحَتِهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ كَرِوَايَةِ يَحْيَى إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَقَالَ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا وَقَالَ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فَجَعَلَ فِي مَوْضِعٍ وَقَدْ قَالَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَدْ أُرِيتُ فِي مَوْضِعِ رَأَيْتُ وَقَالَ فَأَمْطَرَتِ السَّمَاءُ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَزَادَ مِنْ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا يحيى ين أَيُّوبَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يزيد بن الهادي عن محمد بن إبراهيم بم الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ كان رسول الله يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْوَسَطَ مِنْ رَمَضَانَ فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صُبْحَتِهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ كَرِوَايَةِ يَحْيَى حَرْفًا بِحَرْفٍ إِلَى آخِرِهِ هَكَذَا قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ يَخْرُجُ مِنْ صُبْحَتِهَا وَقَالَ يَحْيَى يَخْرُجُ فِيهَا مِنْ صُبْحَتِهَا وقال الشافعي

يخرج من صُبْحَتِهَا وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَطَائِفَةٌ يَخْرُجُ فِيهَا وَلَمْ يَقُولُوا مِنْ صُبْحِهَا وَلَا مِنْ صحبتها وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِالِاعْتِكَافِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَوَسَطِهِ وَآخِرِهِ فَمَنِ اعْتَكَفَ فِي أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ فَلْيَخْرُجْ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنِ اعْتِكَافِهِ وَإِنِ اعْتَكَفَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَلْيَنْصَرِفْ إِلَى بَيْتِهِ حَتَّى يَشْهَدَ الْعِيدَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَيَبِيتَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فِي مُعْتَكَفِهِ وَيَرْجِعُ مِنَ الْمُصَلَّى إِلَى أَهْلِهِ قَالَ وكذلك بلغني عن النبي وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ خَرَجَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ يفسد اعتكافه لأنه السُّنَّةَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهَا أَنَّهُ يَبِيتُ فِي مُعْتَكَفِهِ حَتَّى يُصْبِحَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَقُلْ بِقَوْلِهِمَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا عَلِمْتُ وَلَا وَجْهَ لَهُ فِي الْقِيَاسِ لِأَنَّ لَيْلَةَ الْفِطْرِ لَيْسَتْ بِمَوْضِعِ اعْتِكَافٍ وَلَا صِيَامٍ وَلَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَا يَصِحُّ فِيهَا عَنِ النبي شَيْءٌ وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ فِي الْمُعْتَكِفِ يَخْرُجُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ مِنِ اعْتِكَافِهِ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ رَأَى أَهْلَ الْفَضْلِ إِذَا اعْتَكَفُوا الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ حَتَّى يَشْهَدُوا الْعِيدَ مَعَ النَّاسِ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ دَخَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَإِذَا أَهَلَّ هِلَالُ شَوَّالٍ فَقَدْ أَتَمَّ الْعَشْرَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعُوا فِي الْمُعْتَكِفِ الْعَشْرَ الْأُوَلَ أَوِ الْوَسَطَ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّهُ يَخْرُجُ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنِ اعْتِكَافِهِ وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ مَا يُوهِنُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى يَخْرُجُ مِنْ صُبْحَتِهَا أَوْ فِي صُبْحَتِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ يَقْضِي عَلَى مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَيَدُلُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى تَصْوِيبِ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى يَخْرُجُ فِيهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ يَعْنِي بَعْدَ الْغُرُوبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالصَّحِيحُ فِي تَحْصِيلِ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ مُقَامَ الْمُعْتَكِفِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فِي مُعْتَكَفِهِ وَخُرُوجَهُ مِنْهُ إِلَى الْعِيدِ اسْتِحْبَابٌ وَفَضْلٌ لَا إِيجَابٌ وَلَيْسَ مَعَ مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ حُجَّةٌ مِنْ جهة النظر ولا صحيح الأثر بالله التَّوْفِيقُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي الْمُعْتَكِفِ مَتَى يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ الَّذِي يُرِيدُ الِاعْتِكَافَ فِيهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ إِذَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافُ شَهْرٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ قبل

غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ دَخَلَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَخَرَجَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ خِلَافَ قَوْلِهِ فِي الشَّهْرِ وَقَالَ زُفَرُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَدْخُلُ فِي الشَّهْرِ وَفِي الْيَوْمِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الشَّهْرِ وَالْيَوْمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ إِلَى أَنَّ اللَّيْلَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الِاعْتِكَافِ إِلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَهُ وَيَتَّصِلَ بِهِ اعْتِكَافُ نَهَارٍ وَذَهَبَ أُولَئِكَ إِلَى أَنَّ اللَّيْلَةَ تَبَعٌ لِلْيَوْمِ فِي كُلِّ أَصْلٍ فَوَجَبَ اعْتِبَارُ ذَلِكَ وَرَوَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَكَانَ الَّذِي يَعْتَكِفُ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا مَعَانِيَ الِاعْتِكَافِ وَأُصُولَ مَسَائِلِهِ وَأُمَّهَاتِ أَحْكَامِهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ رَمَضَانَ كُلَّهُ مَوْضِعٌ لِلِاعْتِكَافِ وَأَنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ مَوْضِعٌ لِلِاعْتِكَافِ إِلَّا الْأَيَّامَ الَّتِي لَا يَجُوزُ صِيَامُهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لَهُمْ مِنَ التَّنَازُعِ فِي الِاعْتِكَافِ بِغَيْرِ صَوْمٍ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِي صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِنِّي رَأَيْتُهَا ثُمَّ أُنْسِيتُهَا وَرَأَيْتُنِي أَسْجُدُ مِنْ صُبْحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ فَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا عِنْدَهُمْ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالْآثَارِ وَالِاعْتِبَارِ وَالِاخْتِيَارِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِتَكْرِيرِ ذلك ههنا وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أن رسول الله قَالَ الْتَمَسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُهَا وَنَسِيتُهَا وَهِيَ لَيْلَةُ مَطَرٍ وَرِيحٍ وَهَذَا نَحْوَ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْظُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سمرة قال قال رسول الله الْتَمَسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُهَا فَنَسِيتُهَا وَهِيَ لَيْلَةُ مَطَرٍ وَرِيحٍ أَوْ قَالَ قَطْرٍ وَرِيحٍ قَالَ الْبَزَّارُ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا اللَّفْظَ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ شَرِيكٍ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بن سمرة عن النبي فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَنَّهَا لَيْلَةُ رِيحٍ وَمَطَرٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ وَذَلِكَ الْوَقْتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنَّ سَقْفَهُ كَانَ مُعَرَّشًا بِالْجَرِيدِ مِنْ غَيْرِ طِينٍ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ يَعْنِي هَطَلَ فَصَارَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ مَاءٌ وَطِينٌ فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ وَعَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ سُجُودِهِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الشَّاعِرُ فِي مَعْنَى وَكَفَ كَأَنَّ أَسْطَارَهَا فِي بَطْنِ مُهَرَّقِهَا نُورٌ يُضَاحِكُ دَمْعَ الْوَاكِفِ الْهَطْلِ وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الصَّلَاةِ فِي الطِّينِ فَمَرَّةً قَالَ لَا يُجْزِيهِ إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ بِالْأَرْضِ وَيَسْجُدَ عليها على قدر ما يمكنه ومرة قال يجزيه أن يوميء إِيمَاءً وَيَجْعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ إِذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْ أَحَاطَ بِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حدثنا محمد بن عمر ابن يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ أَوْمَأَ فِي مَاءٍ وَطِينٍ قَالَ عَمْرٌو وَمَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ عَمْرٌو وَأَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَوْ نَزَلَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ عِنْدَ قَوْلِ جَابِرِ ابن زَيْدٍ لَأَوْسَعَهُمْ عِلْمًا عَمَّا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَبِهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ قَالَ ذَكَرْتُ لِقَتَادَةَ الْحَسَنَ وَنَفَرًا مِنْ نَحْوِهِ فَقَالَ مَا ذَكَرْتُ أَحَدًا إِلَّا وَالْحَسَنُ أَفْقَهُ مِنْهُ إِلَّا جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ

أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمِ بْنِ خَلِيلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ البغوي قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّمَّاحِ قَاضِي بَلْخَ قَالَ أَخْبَرَنِي كَثِيرُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو سَهْلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ فِي سَفَرٍ فَأَصَابَتْنَا السَّمَاءُ فَكَانَتِ الْبَلَّةُ مِنْ تَحْتِنَا وَالسَّمَاءُ مِنْ فَوْقِنَا وَكَانَ فِي مَضِيقٍ فحضرت الصلاة فأمر رسول الله بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ ثُمَّ تَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ فصلى على راحلته والقوم على رواحلهم يوميء إِيمَاءً يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَارَّقُ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَانِي الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الرَّمَّاحِ عَنْ أَبِي سَهْلٍ كَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ انْتَهَى إِلَى مَضِيقٍ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ وَالسَّمَاءُ مِنْ فوقهم البلة مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَرَ رَسُولُ الله الْمُؤَذِّنَ فَأَذَّنَ أَوْ أَقَامَ فَتَقَدَّمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ فَصَلَّى بِهِمْ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَهُمْ عَلَى رَوَاحِلِهِمْ يوميء إِيمَاءً يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ أَوْ قَالَ يَجْعَلُ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ

قَالَ وَحَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أبان قال حدثنا أنس ابن سِيرِينَ قَالَ أَقْبَلْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مِنَ الشَّامِ حَتَّى أَتَيْنَا سَوَاءً بِبَطٍّ وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَالْأَرْضُ كُلُّهَا غَدِيرٌ فَصَلَّى عَلَى حِمَارٍ يوميء إِيمَاءً قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ فِي الَّذِي تَحْضُرُهُ الصَّلَاةُ وَهُوَ في ماء وطين قال يوميء إِيمَاءً قَالَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ غَزِيَّةَ فِي الرَّجُلِ تُدْرِكُهُ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي مَاءٍ وَطِينٍ قَالَ يُصَلِّي قَائِمًا مُتَوَجِّهًا إِلَى الْقِبْلَةِ يوميء بِرَأْسِهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ إِذَا كَانَ رَدْعٌ أَوْ مَطَرٌ فَصَلِّ عَلَى الدَّابَّةِ قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَقَالَ لَا يُصَلَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي الْأَمْنِ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ إِمَّا فِي طِينٍ وإما في تَطَوُّعٍ قَالَ وَصَلَاةُ الْخَوْفِ وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَسُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مَرَّةً أُخْرَى عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَقَالَ أَمَّا فِي الطِّينِ فَنَعَمْ يَعْنِي الْمَكْتُوبَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ أَتَى مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَوْ عَلَى قَدَمَيْهِ بِالْإِيمَاءِ مِنْ أَجْلِ الطِّينِ وَالْمَاءِ احْتَجَّ بِحَدِيثِ هَذَا الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَوْلُهُ

فأبصرت عيناي رسول الله انْصَرَفَ وَعَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ وَيُرْوَى عَلَى جَبِينِهِ وأنفه أثر الماء والطين قالوا فلو حاز الْإِيمَاءُ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ لِيَضَعَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ فِي الطِّينِ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَحَدِيثُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِشَيْءٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا إِذَا كَانَ الطِّينُ وَالْمَاءُ مِمَّا يُمْكِنُ السُّجُودُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ تَلْوِيثٍ وَفَسَادٌ لِلثِّيَابِ وَجَازَ تَمْكِينُ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ مِنَ الْأَرْضِ فَهَذَا مَوْضِعٌ لَا تَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَلَا عَلَى الْأَقْدَامِ بِالْإِيمَاءِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدِ افْتَرَضَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ عَلَى كُلِّ مَنْ قَدِرَ عَلَى ذَلِكَ كَيْفَمَا قَدِرَ وَأَمَّا إِذَا كَانَ الطِّينُ وَالْوَحْلُ وَالْمَاءُ الْكَثِيرُ قَدْ أَحَاطَ بِالْمَسْجُونِ أَوِ الْمُسَافِرِ الَّذِي لَا يَرْجُو الِانْفِكَاكَ مِنْهُ وَلَا الْخُرُوجَ مِنْهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَكَانَ مَاءً مَعِينًا غَرَقًا وَطِينًا قَبِيحًا وَحْلًا فَجَائِزٌ لِمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْإِيمَاءِ عَلَى مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْعُذْرِ وَلَيْسَ بِاللَّهِ حَاجَةٌ إِلَى تَلْوِيثِ وَجْهِهِ وَثِيَابِهِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ طَاعَةٌ إِنَّمَا الطَّاعَةُ الْخَشْيَةُ وَالْعَمَلُ بِمَا فِي الطَّاقَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْأَنْفِ وَالْجَبْهَةِ جَمِيعًا وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ سَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ فَقَدْ أَدَّى فَرْضَ اللَّهِ فِي سُجُودِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ دُونَ جَبْهَتِهِ أَوْ

جَبْهَتِهِ دُونَ أَنْفِهِ فَقَالَ مَالِكٌ يَسْجُدُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ فَإِنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ دُونَ جَبْهَتِهِ لَمْ يُجْزِهُ وَإِنْ سَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ دُونَ أَنْفِهِ كُرِهَ ذَلِكَ وَأَجْزَأَ عَنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يَسْجُدَ عَلَى أَنْفِهِ وَجَبْهَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَقَدْ روى حماد بن سلمة عن عاصم الأحوال عن عكرمة أن رسول الله قَالَ مَنْ لَمْ يَضَعْ أَنْفَهُ بِالْأَرْضِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا سَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ ذَقْنِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَجْزَأَهُ وحجته حديث ابن عباس عن النبي أمرت أن أسجد على سبعة أرادب ذَكَرَ مِنْهَا الْوَجْهَ قَالَ فَأَيُّ شَيْءٍ وُضِعَ مِنَ الْوَجْهِ أَجْزَأَهُ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ ذَكَرَ فِيهِ جَمَاعَةٌ الْأَنْفَ وَالْجَبْهَةَ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَذَلِكَ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ فَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ كَانَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَا مَحَالَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لأن رسول الله قَالَ إِنِّي رَأَيْتُهَا ثُمَّ أُنْسِيتُهَا وَرَأَيْتُنِي أَسْجُدُ مِنْ صُبْحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ فَكَانَ كَمَا رأى في نوم وَمَعْلُومٌ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَفِي كُلِّ وِتْرٍ مِنَ العشر الأواخر أيضا وقد قيل في غير الوتر وفي غير الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ أَيْضًا إِذَا كَانَ فِي شَهْرِ

رَمَضَانَ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي كُلِّ رَمَضَانَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهَا تَنْتَقِلُ فِي كُلِّ وَتْرٍ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَهَذَا عِنْدَنَا هُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْقَائِلِينَ بِهَذِهِ الْأَقَاوِيلِ وَمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الْأَثَرِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَذَكَرْنَا فِي بَابِ أَبِي النَّضْرِ مِنْ هذا الكتاب ما قيل في ليلة ثلاثة وَعِشْرِينَ وَمَنْ قَطَعَ بِأَنَّهَا لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ أَبَدًا وَهِيَ عِنْدَنَا تَنْتَقِلُ وَبِهَذَا يَصِحُّ اسْتِعْمَالُ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ وَغَيْرِهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَتَحَرَّى لَيْلَةَ القدر تِسْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ سَبْعَ عَشْرَةَ صَبَاحَةَ بَدْرٍ أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ

وَعَنِ الْأَسْلَمِيُّ عَنْ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي كُلِّ رَمَضَانَ تَأْتِي وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي ذر أن رسول الله قَالَ هِيَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ تَنْتَقِلُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي كُلِّ وَتْرٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَصَحُّ لِأَنَّ ابن عمر روى عن رسول الله أَنَّهُ قَالَ الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي كُلِّ وَتْرٍ وَهِيَ التِّسْعُ الْأَوَاخِرُ وَفِي التِّسْعِ الْأَوَاخِرِ فِي كُلِّ وَتْرٍ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ من حديث عمر عن النبي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ذَكَرَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَقَالَ الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي وَتْرٍ مِنْهَا

وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي بِإِسْنَادِهِ وَسَاقَهُ سِيَاقَةً حسنة وذكر فيه أن رسول الله كَانَ يَنْصَرِفُ إِذَا اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لَيْلًا وَهَذَا يَرُدُّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْرُجُ مِنْ صُبْحَتِهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ وَيُصَحِّحُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْرُجُ فِيهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ الْمَيْمُونَ بْنَ حَمْزَةَ الْحَسَنِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُجَاوِرُ فِي رَمَضَانَ الْعَشْرَ الَّتِي فِي وَسَطِ الشَّهْرِ فَإِذَا كَانَ يُمْسِي مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً تَمْضِي وَتَسْتَقْبِلُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ يَرْجِعُ إِلَى مَسْكَنِهِ وَيَرْجِعُ مَنْ كَانَ يُجَاوِرُ مَعَهُ ثُمَّ أَقَامَ فِي شَهْرٍ جَاوَرَ فِيهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ الَّتِي كَانَ يَرْجِعُ فِيهَا فَخَطَبَ النَّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِمَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ أجاوز هَذِهِ الْعَشْرَ ثُمَّ بَدَا لِي أَنَّ أُجَاوِرَ هَذِهِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَثْبُتْ فِي مُعْتَكَفِهِ وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ

اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا فَابْتَغُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَابْتَغُوهَا فِي كُلِّ وَتْرٍ وَقَدْ رَأَيْتُنِي صَبِيحَتَهَا أَسْجُدُ فِي طِينٍ وَمَاءٍ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَاشْتَمَلَتِ السَّمَاءُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَأَمْطَرَتْ فَوَكَفَ المسجد في مصلى رسول الله لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ بَصُرَ عَيْنِي نَظَرْتُ إِلَيْهِ انصرف من صلاة الصبح وجبينه ممتلىء طينا وماء

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِيَزِيدَ بْنِ الْهَادِي 7007007 007 - مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِي عَنْ أبي مرة مولى أم هانىء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي فَوَجَدَهُ يَأْكُلُ قَالَ فَدَعَانِي قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ هَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صِيَامِهِنَّ وَأَمَرَنَا بِفِطْرِهِنَّ قَالَ مَالِكٌ وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ هَكَذَا يَقُولُ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ عن أبي مرة مولى أم هانىء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَأَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي فَجَعَلَ الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ لَمْ يَذْكُرْ سَمَاعَ أَبِي مُرَّةَ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي وقال يحيى أيضا مولى أم هانىء امْرَأَةِ عَقِيلٍ وَهُوَ خَطَأٌ فَاحِشٌ أَدْرَكَهُ عَلَيْهِ ابْنُ وَضَّاحٍ وَأَمَرَ بِطَرْحِهِ قَالَ وَلِلصَّوَابِ أَنَّهَا أُخْتُهُ لَا امْرَأَتُهُ وَقَالَ سَائِرُ الرُّوَاةِ عَنْ مالك مِنْهُمْ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ بكير وأبو مُصْعَبٍ وَمَعْنٍ وَالشَّافِعِيِّ وَرَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أم هانىء أنه دخل مع عبد الله بن عمرو بْنِ الْعَاصِي وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مخرمة بن بكير بن الأشبح عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُرَّةَ

يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ الْعَجْمَاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي الْغَدَ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَعَبْدُ اللَّهِ صَائِمٌ فَقَالَ اقْتَرِبْ فَكُلْ فَقُلْتُ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ عَمْرٌو فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ صِيَامِ هَذِهِ الْأَيَّامِ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ فَذَكَرَهُ وَرِوَايَةُ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ هَذِهِ تَشْهَدُ لِرِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ بِأَنْ أَبَا مُرَّةَ لَمْ يَسْمَعِ الْحَدِيثَ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ ابْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ عَنِ ابن وهب أخبرني ابن لهيمة عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ الْهَادِي عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ هَكَذَا يَقُولُ يَزِيدُ فِي هَذَا الحديث عن أبي مرة مولى أم هانىء وَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُونَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ واسمه يزيد بن مرة وقال القعنبي فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِي عَنْ أَبِي مرة مولى أم هانىء أنه دخل مع عبد الله بن عمرو بْنِ الْعَاصِي عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي وَكَذَلِكَ قَالَ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي وَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مالك

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بن أصبغ حدثنا محمد ابن الْجَهْمِ السَّمُرِيُّ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِي عن أبي مرة مولى أم هانىء أنه دخل مع عبد الله بن عمرو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي يُقَرِّبُ إِلَيْهِ طَعَامًا قَالَ كُلْ قَالَ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ عَمْرٌو كُلْ فَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِفِطْرِهَا وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا قَالَ مَالِكٌ وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْسَنُ أَسَانِيدِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي هَذَا إِسْنَادُ مَالِكٍ هَذَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي عَنْ أَبِي مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حذافة وبشر ابن سُحَيْمٍ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِي وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ علي قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بن علي وحدثنا عبد الله ابن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُوسَى بن علي والأخبار في حديث بن

وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بن عامر قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ لَا يُوجَدُ ذِكْرُ يَوْمِ عَرَفَةَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مِنْهَا بَابُ ابْنِ شِهَابٍ وَبَابُ أَبِي النَّضْرِ وَمَضَى هُنَالِكَ كَثِيرٌ مِنْ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِلْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ وَلَمْ يَصُمْ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَلِمَنْ نَذَرَ صَوْمَهَا أَوْ صَوْمَ بَعْضِهَا فَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا بَأْسَ بِصِيَامِ الدَّهْرِ إِذَا أَفْطَرَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَا يَتَطَوَّعُ أَحَدٌ بِصِيَامِ أَيَّامِ مِنًى وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا يُصَامُ يَوْمُ الْفِطْرِ وَيَوْمُ النَّحْرِ وأيات التَّشْرِيقِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا يَصُومُ أَحَدٌ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلَا يَوْمَ النَّحْرِ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَصُومَ أَيَّامَ الذَّبْحِ الثَّلَاثَةَ قَالَ وَأَمَّا الْيَوْمَانِ اللَّذَانِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فَلَا يَصُومُهُمَا أحد

مُتَطَوِّعًا وَلَا يَقْضِي فِيهِمَا صِيَامًا وَاجِبًا مِنْ نَذْرٍ وَلَا رَمَضَانَ وَلَا يَصُومُهُمَا إِلَّا الْمُتَمَتِّعُ الَّذِي لَمْ يَصُمْ فِي الْحَجِّ وَلَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ قَالَ وَأَمَّا آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيُصَامُ إن نذءه رَجُلٌ أَوْ نَذَرَ صِيَامَ ذِي الْحِجَّةِ فَأَمَّا قَضَاءُ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرُهُ فَلَا يَفْعَلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ صَامَ قَبْلَ ذَلِكَ صِيَامًا مُتَتَابِعًا فَمَرِضَ ثُمَّ صَحَّ وَقَوِيَ عَلَى الصِّيَامِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَيَبْنِي عَلَى الصِّيَامِ الَّذِي كَانَ صَامَهُ فِي الظِّهَارِ أَوْ قَتْلِ النَّفْسِ وَأَمَّا رَمَضَانُ خَاصَّةً فَإِنَّهُ لَا يَصُومُهُ عَنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّبِيعِ وَالْمُزَنِيِّ وَلَا يُصَامُ يَوْمُ الْفِطْرِ وَلَا يَوْمُ النَّحْرِ وَلَا أَيَّامُ مِنًى فَرْضًا وَلَا تَطَوُّعًا وَلَوْ صَامَهَا مُتَمَتِّعٌ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا لَمْ يُجْزِ عَنْهُ بِحَالٍ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَقَدْ قَالَ مَرَّةً يُجْزِي عَنْهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَابْنُ عُلَيَّةَ لَا يُصَامُ يَوْمُ الْفِطْرِ وَلَا يَوْمُ النَّحْرِ وَلَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ عَلَى حَالٍ وَمَنْ نَذَرَ صِيَامَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ وَقَضَاهَا وَلَا يَصُومُهَا الْمُتَمَتِّعُ وَلَا غَيْرُهُ وَقَالَ اللَّيْثُ لَا يَصُومُ أَحَدَ أَيَّامِ مِنًى مُتَمَتِّعٌ وَلَا غَيْرُهُ وَالْحُجَّةُ لِمَذْهَبِ اللَّيْثِ وَمَنْ قَالَ كَقَوْلِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مناديه فنادى

فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَهَى عَنْ صِيَامِهَا وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ فِي أَصْحَابِهِ مِنَ الْمُتَمَتِّعِينَ مَنْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَا يَجِدُ هَدْيًا وَحَقِيقَةُ النَّهْيِ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ إِلَّا أَنْ يَتَّفِقَ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا نَهَيَا الْمُتَمَتِّعَ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ مِنًى وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ النَّحْرِ وَيَوْمِ الْفِطْرِ نَهْيُ عُمُومٍ فَكَذَلِكَ نَهْيُهُ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ مِنًى هَذِهِ جُمْلَةُ مَا احْتَجَّ بِهِ الْكُوفِيُّونَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ فِي ذَلِكَ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ أَجَازَ صيام أيام التشريق للمتمتع إذا لم يجد الْهَدْيَ عُمُومُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمُتَمَتِّعِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا مِنْ أَيَّامِ الْحَجِّ لِمَا فِيهَا مِنْ عَمَلِهِ فَبِهَذَا قُلْنَا إِنَّ النَّهْيَ خَرَجَ عَلَى التَّطَوُّعِ بِهَا كَنَهْيِهِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي صِيَامِ الْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ وَلَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ فِي الْحَجِّ أَنَّهُ يَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ فَاتَهُ صِيَامُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ صَامَ الْعَشْرَةَ كُلَّهَا إِذَا رَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ وَأَجْزَأَهُ وَإِنْ وَجَدَ هَدْيًا بَعْدَ رُجُوعِهِ أَهْدَى ولم يصم

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالزُّبَيْرِ وَأَبِي طَلْحَةَ وَالْأَسْودِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُمْ يَصُومُونَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ تَطَوُّعًا وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ عَنْهُمْ وَلَوْ صَحَّ كَانَ الْحُجَّةُ فِيمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا فِيمَا جَاءَ عَنْهُمْ وَجَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ عَلَى كَرَاهِيَةِ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ تَطَوُّعًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ هِيَ أَيَّامُ مِنًى وَأَيَّامُ الذَّبْحِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَيَّامِ الذَّبْحِ لِلْأَضْحَى وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِي ذَلِكَ باب يحيى ابن سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي اشْتِقَاقِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِأَهْلِ اللُّغَةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الذَّبْحَ فِيهَا يَجِبُ بَعْدَ شُرُوقِ الشَّمْسِ وَالْآخَرُ أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُشَرِّقُونَ فِيهَا لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ إِذَا قُدِّدَتْ قَالَ قَتَادَةُ وَقَوْلٌ ثَالِثٌ إِنَّمَا سُمِّيَتْ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُشَرِّقُونَ الشَّمْسَ فِي غَيْرِ بُيُوتٍ وَلَا أَبْنِيَةٍ لِلْحَجِّ هَذَا قَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بن علي

يزيد بن عبد الله بن قسيط الليثي

مالك عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ اللَّيْثِيُّ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وكان من سكان مو الْمَدِينَةِ وَمَعْدُودٌ فِي عُلَمَائِهَا وَثِقَاتِهَا وَفُقَهَائِهَا رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَسَمَعَ مِنْهُمَا رَوَى عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَكَانَ أَعْرَجَ يَجْمَعُ مِنْ رِجْلِهِ قَالَ الْوَاقِدِيُّ تُوُفِّيَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ فِي خِلَافَةِ هِشَامٍ وَقَالَ غَيْرُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ بْنِ أَسْوَدَ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عمر المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ الله المنادي المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَمْلَاهُ عَلَيَّ إِمْلَاءً قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَضَيَا فِي الْمِلْطَا وَفِي السِّمْحَاقِ بِنِصْفِ الْمُوَضِّحَةِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا سُفْيَانُ فَحَدَّثَنَا بِهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ مِثْلَهُ فَلَقِيتُ مَالِكًا فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَنْكَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنِ ابْنِ

الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُمَا قَضَيَا فِي الْمِلْطَا بِنِصْفِ الْمُوَضِّحَةِ فَحَدَّثَنِي بِهِ فَقَالَ لَا لَسْتُ أُحَدِّثُ بِهِ الْيَوْمَ وَصَدَقَ قَدْ حَدَّثْتُهُ ثُمَّ تَبَسَّمَ وَقَالَ بَلَغَنِي أَنَّهُ يُحَدِّثُ بِهِ عَنِّي وَلَسْتُ أُحَدِّثُ بِهِ الْيَوْمَ فَقَالَ لَهُ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَزَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا حَدَّثْتَهُ بِهِ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ لَا تَعْزِمْ عَلَيَّ فَلَوْ كُنْتُ مُحَدِّثًا بِهِ الْيَوْمَ أَحَدًا حَدَّثْتُهُ قُلْتُ فَلِمَ لَا تُحَدِّثُنِي بِهِ قَالَ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَنَا لَيْسَ عِنْدَنَا بِذَاكَ يَعْنِي يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا مِنَ الْأَئِمَّةِ فِي الْقَدِيمِ وَلَا فِي الْحَدِيثِ قَضَى فِيمَا دُوْنَ الْمُوَضِّحَةِ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ وَهَذَا الْقَوْلُ يُعَارِضُ حَدِيثَ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ هَذَا وَحَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ يَدْفَعُ قَوْلَ مَالِكٍ هَذَا فِي مُوَطَّئِهِ فَمَا أَدْرِي مَا هَذَا وَلَا مَخْرَجَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ وَأَمَّا حَدِيثُهُ الْمُسْنَدُ فِي الْمُوَطَّأِ فَهُوَ 107 - مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنِ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يُسْتَمْتَعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ

هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَبِهِ أَخَذَ مَالِكٌ فِي جُلُودِ الْمَيِّتَةِ إِذَا دُبِغَتْ أَنْ يُسْتَمْتَعَ بِهَا وَلَا تُبَاعَ وَلَا تُرْهَنَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهَا وَلَا يُتَوَضَّأَ فِيهَا وَيُسْتَمْتَعُ بِهَا فِي سَائِرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ لِأَنَّ طَهَارَةَ الدَّبَّاغِ عِنْدَهُ لَيْسَتْ بِطِهَارَةٍ كَامِلَةٍ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ يَقُولُونَ إِنَّ دِبَاغَهَا طُهُورُهَا طِهَارَةً كَامِلَةً فِي كُلِّ شَيْءٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالْأَقْوَالِ وَالْحُجَجِ وَالْإِعْلَالِ فِي بَابِ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَكَاةُ مَا فِي بَطْنِ الذَّبِيحَةِ ذَكَاةُ أُمِّهِ إِذَا كَانَ قَدْ نَبَتَ شَعْرُهُ وَتَمَّ خَلْقُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ جَابِرٌ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو أَيُّوبَ بِأَسَانِيدَ حِسَانٍ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ذِكْرُ شَعْرٍ وَلَا تَمَامُ خَلْقٍ

وَيَقُولُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ بِقَوْلِ مَالِكٍ إِنْ تَمَّ خَلْقُهُ وَأَشْعَرَ أُكِلَ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ خلقه لم يؤكل وقال الثوري والليث بْنُ سَعْدٍ والْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ وأحمد وإسحاق وداود يؤكل الجنين بِذَكَاةِ أُمِّهِ إِنْ كَانَ مَيِّتًا وَلَمْ يَذْكُرُوا تَمَامَ خَلْقٍ وَلَا شَعْرٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ قَالَ الْجَنِينُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ لَا يُؤْكَلُ إِلَّا إِنْ كَانَ حَيًّا فَيُذَكَّى وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَقَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ قَالَ الشَّاةُ وَالْبَقَرَةُ وَالْبَعِيرُ وَرَوَى أبو إسحاق عن الحرث عَنْ عَلِيٍّ وَأَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَا ذَكَاةُ الْجَنِيْنِ ذَكَاةُ أُمِّهِ إِذَا أَشْعَرَ وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ فِيهِ رَدٌّ لِلْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ بَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ لَهَا وَهُوَ أَوَّلُ مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَتِمَّ خَلْقُهُ وَلَا نَبَتَ شَيْءٌ مِنْ شَعْرِهِ فَهُوَ فِي حُكْمِ مُضْغَةِ الدَّمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

يزيد بن زياد القرظي

مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ الْقُرَظِيِّ حَدِيثَانِ 207 - مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أبي سفين وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَيُّهَا النَّاسُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ اللَّهُ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْهُ الْجَدُّ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ مِنْ رسول الله عَلَى هَذِهِ الْأَعْوَادِ وَهَذَا حَدِيثٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ الِانْقِطَاعَ وَقَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ مِنْ مُعَاوِيَةَ ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ رُوَاةِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ مَحْفُوظٌ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ مَالِكٍ وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ فَأَحَدُ الْعُلَمَاءِ الْفُضَلَاءِ الثِّقَاتِ وَمِنَ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِهِمْ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَأَقْرَئِهِمْ لَهُ وَيُكَنَّى أَبَا حَمْزَةَ تُوُفِّيَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَقَدْ قِيلَ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانِ عَشْرَةَ هَذَا قَوْلُ الْوَاقِدِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ حِبَّانَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَسَدٍ الْقُرَظِيُّ مِنْ قُرَيْظَةَ حُلَفَاءِ الْأَوْسِ وَقَدْ رَوَى الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عن

مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَحَسْبُكَ بِذَلِكَ جَلَالَةً لَهُ وَقَدْ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ عَجْلَانَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ قَالَ كَانَ مُعَاوِيَةُ يَخْطُبُ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ تَعْلَمُنَّ أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ اللَّهُ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْهُ الْجَدُّ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ سَمِعْتُ هَذِهِ الْأَحْرُفَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْأَعْوَادِ لَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ رِوَايَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ فَيَرْوُونَ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَتَبَ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ سَمِعَهُ مُعَاوِيَةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ وَسَائِرُهُ فِي حَدِيثِ الْمُغَيِّرَةِ وَعَلَى هَذَا التَّخْرِيجِ تَصِحُّ الْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا مَنْقُولَةٌ بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي

أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَرَوْحٌ وَابْنُ بَكْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ أَنَّ وَرَّادًا مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ كَتَبَ ذَلِكَ الْكِتَابَ لَهُ وَرَّادٌ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ يُسَلِّمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لما أعطيت ولا ممنوع لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ قَالَ وَرَّادٌ ثُمَّ قَدِمْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَسَمِعْتُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَأْمُرُ النَّاسَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ وَيُعَلِّمُهُمُوهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَحَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ أَنْبَأَنِي أَبُو سَعِيدٍ قَالَ أَنْبَأَنِي وَرَّادٌ كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ حَفِظْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال كَانَ إِذَا صَلَّى فَفَرَغَ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ وَأَظُنُّهُ قَالَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ

قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ منك الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ وَسَمِعْتُهُ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ وَعَنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ وَعَنْ وَأْدِ الْبَنَاتِ وَعُقُوقِ الْأُمَّهَاتِ وَمَنْعٍ وَهَاتِ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَرِيرِيُّ عَنْ عَبْدَةَ عَنْ وَرَّادٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ وَأْدَ الْبَنَاتِ قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمُسَيَّبَ بْنَ رَافِعٍ يُحَدِّثُ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَيَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ لَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ فَالرِّوَايَةُ فِيهِ بِفَتْحِ الْجِيمِ لَمْ أَعْلَمْ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَقَدْ رُوِيَ بِكَسْرِ الْجِيمِ فَأَمَّا الْجَدُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ فَهُوَ الْحَظُّ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْبَخْتُ عِنْدَ الْعَامَّةِ يَقُولُونَ بَخْتُ فُلَانٍ خَيْرٌ مَنْ بَخْتِ فُلَانٍ وَالْعَرَبُ تَقُولُ جَدُّ فُلَانٍ أَحْظَى مِنْ جَدِّ فُلَانٍ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ اسْعَ بِجَدٍّ لَا بِكَدٍّ وَقَالَ الشَّاعِرُ وَبِالْجَدِّ يسعى المرىء لَا بِالتَّقَلُّبِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْمَعْنَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْغِنَى مِنْكَ غِنَاهُ إِنَّمَا يَنْفَعُهُ طَاعَتُكَ وَالْعَمَلُ بِمَا يَقَرِّبُ مِنْكَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا الْفُقَرَاءُ وَإِذَا أَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ يُرِيدُ أَصْحَابَ الْغِنَى فِي الدُّنْيَا مَحْبُوسُونَ يَوْمَئِذٍ وقال هو منزلة قَوْلِهِ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (2688 89) وَبِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ غَيْرُ أَبِي عُبَيْدٍ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ نَحْوَ قَوْلِ أَبِي عُبَيْدٍ وَزَادَ قَالَ الْجَدُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْحَظُّ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ قَالَ وَمَعْنَى هَذَا

الْحَدِيثِ لَا يَنْفَعُ ذَا الْحَظِّ مِنْكَ الْحَظُّ وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ الْعَمَلُ بِطَاعَتِكَ قَالَ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ لِفُلَانٍ جَدٌّ فِي هَذَا الأمر أي حظ واستشهد بقول امرىء الْقَيْسِ أَلَا يَا لَهَفَ نَفْسِي إِثْرَ قَوْمٍ هُمْ كَانُوا الشِّفَاءَ فَلَمْ يُصَابُوا وَقَاهُمْ جَدُّهُمْ بِبَنِي أَبِيهِمْ وَبِالْأَشِقَّيْنِ مَا كَانَ الْعِقَابُ أَرَادَ وَقَاهُمْ حَظُّهُمْ وَقَالَ الْأَخْطَلُ أَعْطَاكُمُ اللَّهُ جَدًّا تُنْصَرُونَ بِهِ لَا جَدَّ إِلَّا صَغِيرٌ بَعْدَ مُحْتَقَرِ وَقَالَ غَيْرُهُ عِشْ بِجَدٍّ وَلَا يَضُرُّكَ نَوَكٌ إِنَّمَا عَيْشُ مَنْ تَرَى بِالْجُدُودِ وَقَالَ آخر عش بجد ولا يضرك الن وكما لَقِيتَ جَدًّا وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ بِالْجَدِّ أجدى على امرىء طَلَبُهُ وَمَنْ يَطُلْ حِرْصُهُ يَطُلْ تَعَبُهُ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ لَا يَرْفَعُ اللب بلا جدولا يَحُطُّكَ الْجَهْلُ إِذَا الْجَدُّ عَلَا

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ نَافِعٍ الْقَاضِي بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قتادة وسماك بن حرب وأبان ابن تَغْلِبَ يُنْشِدُونَ هَذَا الْبَيْتَ أَرَى كُلَّ ذِي جد ينوء بجده فلوشاء رَبِّي كُنْتُ عَمْرَو بْنَ مَرْثَدٍ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ هَذَا الْعَصْرِ لَا تَشْرَهَنَّ إِلَى دُنْيَا تَمَلَّكَهَا قَوْمٌ كَثِيرٌ بِلَا عَقْلٍ وَلَا أَدَبِ وَلَا تَقُلْ إِنَّنِي أَبْصَرْتُ مَا جَهِلُوا مِنَ الْإِدَارَةِ فِي مُرٍّ وَمُنْقَلَبِ فَبِالْجُدُودِ هُمْ نَالُوا الَّذِي مَلَكُوا لَا بِالْعُقُولِ وَلَا بِالْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَأَيْسَرُ الْجَدِّ يَجْزِي كُلَّ مُمْتَنِعٍ عَلَى التَّمَكُّنِ عند الْبَغْيِ وَالطَّلَبِ وَإِنْ تَأَمَّلْتَ أَحْوَالَ الَّذِينَ مَضَوْا رَأَيْتَ مِنْ ذَا وَهَذَا أَعْجَبَ الْعَجَبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِكَسْرِ الْجِيمِ قَالَ الْجِدُّ الِاجْتِهَادُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ ذَا الِاجْتِهَادِ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ اجْتِهَادُهُ وَإِنَّمَا يَأْتِيهِ مَا قُدِّرَ لَهُ وَلَيْسَ يُرْزَقُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُعْطِي مَنْ يَشَاءُ وَيَمْنَعُ فَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ وَهَذَا وَجْهٌ حَسَنٌ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَكْثَرُ وَقَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَسَنٌ أَيْضًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي الْخَصِيبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جعفر بن محمد الغريابي وَأَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ الْحُلْوَانِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي عُمَرَ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ تَذَاكَرُوا الْجُدُودَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ جَدِّي فِي الْغَنَمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ جَدِّي فِي الْخَيْلِ وَقَالَ بعضهم جديث فِي الْإِبِلِ وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ لَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ يَرْفَعُ بها صوته

الحديث الثاني

حديث ثان ليزيد بن زياد 307 - ملك عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَا أُخْبِرُكَ صَلِّ الظُّهْرَ إِذَا كَانَ ظِلُّكَ مِثْلَكَ وَالْعَصْرَ إِذَا كَانَ ظِلُّكَ مِثْلَيْكَ وَالْمَغْرِبَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَالْعَشَاءَ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ثُلْثَيِ اللَّيْلِ فَإِنْ نِمْتَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ فَلَا نَامَتْ عَيْنُكَ وَصَلِّ الصُّبْحَ بِغَبَشٍ يَعْنِي الْغَلَسَ هَذَا حَدِيثٌ مَوْقُوفٌ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ وَالْمَوَاقِيتُ لَا تُؤْخَذُ بِالرَّأْيِ وَلَا تُدْرَكُ إِلَّا بِالتَّوْقِيفِ وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثَ الْمَوَاقِيتِ مَرْفُوعًا بِأَتَمَّ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ هَذَا إِلَّا أَنَّهُ إِنَّمَا اقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى ذِكْرِ أَوَاخِرِ الْأَوْقَاتِ الْمُسْتَحَبَّةِ دُونَ أَوَائِلِهَا وَجَعَلَ لِلْمَغْرِبِ وَقْتًا وَاحِدًا وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا كَلَامًا بِذِكْرِ أَوَائِلِ الْأَوْقَاتِ وَأَوَاخِرِهَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ أَبُو عُثْمَانَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ فَصَلَّى الصُّبْحَ

حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ وَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ رَأَى الظِّلَّ مِثْلَهُ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ الظِّلُّ مِثْلَيْهِ ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسِ وَحَلَّ فِطْرُ الصَّائِمِ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ ذَهَبَ شَفَقُ اللَّيْلِ ثُمَّ جَاءَ الْغَدَاةَ فَصَلَّى الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَ قَلِيلًا ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ حِينَ كَانَ الظِّلُّ مِثْلَهُ ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ لِوَقْتٍ وَاحِدٍ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسِ وَحَلَّ فِطْرُ الصَّائِمِ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ ذَهَبَ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ قَالَ الما بَيْنَ صَلَاتِكَ أَمْسِ وَصِلَاتِكَ الْيَوْمَ هَذَا حَدِيثٌ مُسْنَدٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَفِيهِ صَلَاةَ جِبْرِيلَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَقْتَيْنِ كُلَّ صَلَاةٍ وَأَنَّهُ جَعَلَ لِلْوَقْتِ أَوَّلًا وَآخِرًا إِلَّا الْمَغْرِبَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذَاهِبَ الْعُلَمَاءِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ وَأَوْضَحْنَا وُجُوهَهَا وَنُزُوعَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهَا لِمَا أَوْجَبُوهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا اسْتَحَبُّوهُ مُمَهَّدًا مَبْسُوطًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

يحيى بن سعيد الأنصاري

يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُمَرَ بن سهل بن ثعلبة بن الحرث بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ وَلِجَدِّهِ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو صُحْبَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَقَالَ قَوْمٌ جَدُّ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَيْسُ بْنُ فَهْدٍ وَقَالَ آخَرُونَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ (وَكُلُّ ذَلِكَ خَطَأٌ) وَإِنَّمَا جَدُّهُ قَيْسُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا وَيُكَنَّى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَبَا سَعِيدٍ وَكَانَ فَقِيهًا عالما محدثا حافظا ثقة مأمورنا عَدْلًا مُرْضِيًّا وَكَانَ كَرِيمًا جَوَادًا حِينَ أَدْرَكَ الْغِنَى بَعْدَ وِلَايَتِهِ الْقَضَاءَ وَكَانَ نَزِهَ النَّفْسِ وَكَانَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ مُقِلًّا قَدْ رَكِبَهُ الدِّينُ ثُمَّ أَثْرَى بَعْدُ وَلَهُ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ كَرِهْتُ اجْتِلَابَهَا وَسَنَذْكُرُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مَا قُلْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ حَدَّثَنِي الْأَمِينُ الْمَأْمُونُ عَلَى مَا يَعِيبُ عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ يُقْطَعُ

الْآبِقُ إِذَا سَرَقَ قَالَ وَسَمِعْتُ أَبِي وَيَحْيَى ابن مَعِينٍ يَقُولَانِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ يَسْكُنُ الْقَلْبُ إِلَيْهِمْ فِي الْحَدِيثِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ بِالْمَدِينَةِ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ بِمَكَّةَ وَأَيُّوبُ بِالْبَصْرَةِ وَمَنْصُورٌ بِالْكُوفَةِ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ لَمَّا اسْتُخْلِفَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ اسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ يُوسُفَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيَّ فَاسْتَقْضَى سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ عَزَلَهُ وَاسْتَقْضَى يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَقَدِمَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْكُوفَةَ وَهُوَ بِالْهَاشِمِيَّةِ فَمَاتَ بِهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ خَرَجَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ لِمِيرَاثٍ وَجَبَ لَهُ هُنَاكَ وَطَلَبَ لَهُ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَرِيدَ فَرَكِبَهُ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ فَقَدِمَ بِذَلِكَ الْمِيرَاثِ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ قَالَ فَأَتَاهُ النَّاسُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَأَتَاهُ رَبِيعَةُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَرَادَ رَبِيعَةُ أَنْ يَقُومَ حَبَسَهُ فَلَمَّا ذَهَبَ النَّاسُ أَمَرَ بِالْبَابِ فَأُغْلِقَ ثُمَّ دَعَا بِمِنْطَقَتِهِ فَصَبَّهَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِيعَةَ وَقَالَ يَا أَبَا عُثْمَانَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا غَيَّبْتُ مِنْهَا دِينَارًا إِلَّا شَيْئًا أَنْفَقْتُهُ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ عَدَّ خَمْسِينَ وَمِائَتَيْ دِينَارٍ فَدَفَعَهَا إِلَى رَبِيعَةَ وَأَخَدَ خَمْسِينَ وَمِائَتَيْ دِينَارٍ لِنَفْسِهِ قَاسَمَهُ إِيَّاهَا وَكَانَ ثِقَةً صَدُوقًا

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحَزَّامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ لَمَّا خَرَجَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إِلَى الْعِرَاقِ خَرَجْتُ أُشَيِّعُهُ فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَقْبَلَتْهُ جِنَازَةٌ فَتَغَيَّرَ وَجْهِي لِذَلِكَ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَأَنَّكَ تَطَيَّرْتَ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ لَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرَكَ فَقَالَ لَا عَلَيْكَ وَاللَّهِ لَئِنْ صَدَقَ لَيُنْعِشَنَّ اللَّهُ أَمْرِي قَالَ فَمَضَى وَاللَّهِ مَا أَقَامَ إِلَّا شَهْرَيْنِ حَتَّى بَعَثَ بِقَضَاءِ دِينِهِ وَنَفَقَةِ أَهْلِهِ وَأَصَابَ خَيْرًا قَالَ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَدْ سَاءَتْ حَالُهُ وَأَصَابَهُ ضِيقٌ شَدِيدٌ وَرَكِبَهُ الدِّينُ فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ جَاءَهُ كِتَابُ أَبِي الْعَبَّاسِ يَسْتَقْضِيهِ قَالَ سُلَيْمَانُ فَوَكَّلَنِي يَحْيَى بِأَهْلِهِ وَقَالَ لِي وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ وَأَنَا أَجْهَلُ شَيْئًا فَلَمَّا قَدِمَ الْعِرَاقَ كَتَبَ إِلَيَّ أَبِي كَنْتُ قُلْتُ لَكَ حِينَ خَرَجْتُ قَدْ خَرَجْتُ وَمَا أَجْهَلُ شَيْئًا وَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَأَوَّلُ خَصْمَيْنِ جَلَسَا بَيْنَ يَدِي فَاقْتَصَّا شَيْئًا وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُهُ قَطُّ فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَسَلْ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاكْتُبْ إِلَيَّ بِمَا يَقُولُ وَلَا يَعْلَمُ أَنِّي كَتَبْتُ إِلَيْكَ بِذَلِكَ

قَالَ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ قَالَ قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ اكْتُبْ لِي أَحَادِيثَ مِنْ أَحَادِيثِ ابْنِ شِهَابٍ فِي الْأَقْضِيَةِ قَالَ فَكَتَبَ لَهُ ذَلِكَ فِي صَحِيفَةٍ كَأَنِّي أَنْظُرُ إليها صفراء فقيل لمالك يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَعَرَضَ عَلَيْكَ قَالَ هُوَ كَانَ أَفْقَهَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ سَمِعَ مِنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَرَوَى عَنْهُ أَحَادِيثَ مُسْنَدَةً وَغَيْرَ مُسْنَدَةٍ وَلَيْسَ عِنْدَ مَالِكٍ عَنْهُ عَنْ أَنَسٍ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ مَاتَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ سَنَةَ ثَلَاثِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَيُكَنَّى أَبَا سَعِيدٍ وَكَذَلِكَ قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَالْوَاقِدِيُّ إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا بِالْهَاشِمِيَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَلِمَالِكٍ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ حَدِيثًا مِنْهَا ثَلَاثُونَ حَدِيثًا مُسْنَدَةً فِي يَسِيرٍ مِنْهَا انْقِطَاعٌ وَمِنْهَا تِسْعَةٌ مَوْقُوفَةٌ وَسَائِرُهَا مُرْسَلَةٌ وَمُنْقَطِعَةٌ وَبَلَاغَاتٌ وَكُلُّهَا مَرْفُوعَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصًّا أَوْ مَعْنًى

يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ تِسْعَةُ أَحَادِيثَ حَدِيثٌ أَوَّلُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 407 -) مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ لَمَّا صَدَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ مِنًى أَنَاخَ بِالْأَبْطَحِ ثُمَّ كَوَّمَ كَوْمَةَ بَطْحَاءَ ثُمَّ طَرَحَ عَلَيْهَا رِدَاءَهُ وَاسْتَلْقَى ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ كَبُرَتْ سِنِّي وَضَعُفَتْ قُوَّتِي وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ وَلَا مُفَرِّطٍ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ سُنَّتْ لَكُمُ السُّنَنُ وَفُرِضَتْ لَكُمُ الْفَرَائِضُ وَتُرِكْتُمْ عَلَى الْوَاضِحَةِ إِلَّا أَنْ تَضِلُّوا بِالنَّاسِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى ثُمَّ قَالَ إِيَّاكُمْ أَنْ تَهْلِكُوا عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ لَا نَجِدُ حَدَّيْنِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَقَدَ رَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَجَمْنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُهَا الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ فَإِنَّا قَدْ قرأناها قال ملك قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَمَا انْسَلَخَ ذُو الْحِجَّةِ حَتَّى قُتِلَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ مَالِكٌ الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ الثَّيِّبُ وَالثَّيِّبَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ وَالَّذِي يُسْتَنَدُ مِنْهُ قَوْلُهُ فَقَدْ رَجَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا سَمَاعُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ شَيْئًا وَلَا أَدْرَكَهُ إِدْرَاكَ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ وَذَكَرُوا مَا رَوَاهُ ابن لهيعة عن بكير بن الأشج قَالَ قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَدْرَكْتَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لَا وَقَالَ آخَرُونَ قَدْ سَمِعَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مِنْ عُمَرَ أَحَادِيثَ حَفِظَهَا عَنْهُ مِنْهَا هَذَا الْحَدِيثُ وَمِنْهَا قَوْلُهُ حِينَ رَأَى الْبَيْتَ وَزَعَمُوا أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ شَهِدَ هَذِهِ الْحِجَّةَ مَعَ عُمَرَ وَحَفِظَ عَنْهُ فِيهَا أَشْيَاءَ وَأَدَّاهَا عَنْهُ وَهِيَ آخِرُ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ عَشْرَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَقُتِلَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ من حجته تلك الأربع بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رَأَيْتَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ نَعَمْ قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ وُلِدَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ وَسَمِعَ مِنْهُ كَلَامَهُ الَّذِي قَالَ حِينَ نَظَرَ إِلَى الْكَعْبَةِ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ كَذَلِكَ قَالَ لِي ابْنُ كَاسِبٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ ابْنُ وَضَّاحٍ يقوله

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ يَقْصِدُ أَنَّهُ لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ وَقَدْ قِيلَ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا وَقَالَ مَالِكٌ والليث كان سعيد بن المسيب يقال له رواية عمر وذكر الحلواني فَقَالَ حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ لَا أَجِدُ أَحَدًا جَامَعَ وَلَمْ يَغْتَسِلْ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ إِلَّا عَاقَبْتُهُ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَحَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ ابن مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَنَا فِي الْغِلْمَةِ الَّذِينَ جَرُّوا جَعْدَةَ الْعُقَيْلِيَّ إِلَى عُمَرَ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ قَالَ لِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مِمَّنْ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ مُزَيْنَةَ فَقَالَ إِنِّي لَأَذْكُرُ الْيَوْمَ الَّذِي نَعَى فِيهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيَّ إِلَى النَّاسِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ يُصَحِّحُ سَمَاعَهُ مِنْ عُمَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ يَسْتَنِدُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ ثَابِتَةٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ

الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عن ابن عباس قال سمعت عمر ابن الْخَطَّابِ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ قَالَ سُفْيَانُ وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ بِطُولِهِ فَحَفِظْتُ مِنْهُ أَشْيَاءَ وَهَذَا مِمَّا لَمْ أَحْفَظْهُ يَوْمَئِذٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ بِطُولِهِ يَعْنِي حَدِيثَ السَّقِيفَةِ وَفِيهِ هَذَا الْكَلَامُ عَنْ عُمَرَ فِي الرَّجْمِ وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ السَّقِيفَةِ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِتَمَامِهِ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ وَهْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى وَجُوَيْرِيَّةُ بْنُ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عبيد الله بن عبد الله ابن عُتْبَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كان يقرىء عبد

الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَذَكَرَا حَدِيثَ السَّقِيفَةِ بِطُولِهِ وَفِيهِ قَالَ عُمَرُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً قَدْ قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَيْ أَجَلِي فَمَنْ وَعَاهَا وَعَقِلَهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَعِيَهَا فَلَا أُحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةَ الرَّجْمِ فَقَرَأْنَاهَا وَعَقِلْنَاهَا وَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا وَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَنَتْرُكُ فَرِيضَةً أَنْزَلَهَا اللَّهُ فَيَضِلُّوا فَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَلَى مَنْ زَنَا إِذَا أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوِ الِاعْتِرَافُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ هَذَا الْكَلَامَ الْآخَرَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ الرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَا مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا أُحْصِنَ إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوِ الِاعْتِرَافُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ إِذَا كَانُوا شُهُودًا أَرْبَعَةً عُدُولًا أُقِيمَ الْحَدُّ عَلَى الزَّانِي وَكَذَلِكَ الِاعْتِرَافُ إِذَا ثَبَتَ عَلَى الْعَاقِلِ الْبَالِغِ وَلَمْ

يُنْزَعْ عَنْهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَبَلِ يَظْهَرُ بِالْمَرْأَةِ هَلْ يَكُونُ مِثْلَ الْبَيِّنَةِ وَالِاعْتِرَافِ أَمْ لَا فَفِي حَدِيثِ عُمَرَ هَذَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبَيِّنَةِ وَالِاعْتِرَافِ وَالْحَبَلِ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهَا زَوْجٌ أَنَّ عَلَيْهَا الْحَدَّ وَلَا يَنْفَعُهَا قَوْلُهَا إِنَّهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ سَيِّدٍ إِنْ كَانَتْ أَمَةً إِذَا لَمْ يُعْلَمُ ذَلِكَ قَالُوا وَهَذَا حَدٌّ قَدْ وَجَبَ بِظُهُورِ الْحَمْلِ فَلَا يُزِيلُهُ إِلَّا يَقِينٌ مِنْ بَيِّنَةِ النِّكَاحِ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا وُجِدَتِ امْرَأَةٌ حَامِلًا فَقَالَتْ تَزَوَّجْتُ أَوِ اسْتُكْرِهْتُ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهَا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ أَوْ جَاءَتْ تَسْتَغِيثُ وَهِيَ تُدْمِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ فَضِيحَةِ نَفْسِهَا وَإِلَّا أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَتْ طَارِئَةً غَرِيبَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَإِلَّا أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا حَدَّ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ تُقِرَّ بِالزِّنَا أَوْ تَقُومَ بِذَلِكَ عَلَيْهَا بَيِّنَةٌ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ طَارِئَةٍ وَغَيْرِ طَارِئَةٍ وَرَوَى حَدِيثَ السَّقِيفَةِ بِتَمَامِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَقِيلٌ وَيُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرُهُمْ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عيسى

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ مُسَدَّدٍ وَهُوَ أَتَمُّ عَنْ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ فَلَا تُخْدَعُنَّ عَنْهُ وَإِنَّ آيَةَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَجَمَ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ رَجَمَ وَأَنَّا قَدْ رَجَمْنَا بَعْدَهُمَا وَسَيَكُونُ قَوْمٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَيُكَذِّبُونَ بِالدَّجَّالِ وَيُكَذِّبُونَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَيُكَذِّبُونَ بِالشَّفَاعَةِ وَيُكَذِّبُونَ بِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا امْتُحِشُوا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا وَالْمُعْتَزِلَةُ تُكَذِّبُ بِكُلِّ هَذِهِ الْفُصُولِ السِّتَّةِ وَأَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى التَّصْدِيقِ بِهَا وَهُمُ الْجَمَاعَةُ وَالْحُجَّةُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنِ اسْتِمْسَاكِهِمْ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالرَّأْيِ أَنَّ الْمُحْصَنَ إِذَا زَنَى حَدُّهُ الرَّجْمُ وَجُمْهُورُهُمْ يَقُولُ لَيْسَ عَلَيْهِ مَعَ الرَّجْمِ شَيْءٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يُجْلَدُ وَيُرْجَمُ وَهُمْ قَلِيلٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُجَوَّدَةً فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدٍ بْنِ خَالِدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لله

وَذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ الْحَجَّاجُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّ عُمَرَ رَجَمَ رَجُلًا فِي الزِّنَا وَلَمْ يَجْلِدْهُ وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ آيَةَ الرَّجْمِ مِمَّا نُسِخَ خَطُّهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَلَمْ يَكْتُبْهُ عُثْمَانُ فِي الْمُصْحَفِ وَلَا جَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الصُّحُفِ وَقَدْ ذَكَرْنَا وُجُوهَ النَّسْخِ فِي الْقُرْآنِ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا معنى لتكريره ههنا

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 507 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ أَتَى عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ فَقَالَ لَهَا لَقَدْ شَقَّ عَلَيَّ اخْتِلَافُ أصحاب رسول الله فِي أَمْرٍ إِنِّي لَأُعْظِمُ أَنْ أَسْتَقْبِلَكِ بِهِ فَقَالَتْ مَا هُوَ مَا كُنْتَ سَائِلًا عَنْهُ أُمَّكَ فَسَلْنِي عَنْهُ فَقَالَ الرَّجُلُ يُصِيبُ أَهْلَهُ ثُمَّ يَكْسَلُ وَلَا يُنْزِلُ فَقَالَتْ إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ فَقَالَ أَبُو مُوسَى لَا أَسْأَلُ عَنْ هَذَا أَحَدًا بَعْدَكِ أَبَدًا هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفًا فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي قُرَّةَ عَنْ مَالِكٍ مَرْفُوعًا مَا حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيُّ بِمِنًى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ إِمْلَاءً مِنْ حِفْظِهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ اللَّخْمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ قَالَ ذَكَرَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ عَائِشَةَ أن النبي قَالَ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ وَهَذَا خَطَأٌ وَالصَّوَابُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدْخُلُ فِي الْمُسْنَدِ بِالْمَعْنَى وَالنَّظَرِ لِأَنَّهُ مُحَالٌ

أَنْ تَرَى عَائِشَةُ نَفْسَهَا فِي رَأْيِهَا حُجَّةً عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ فِي حِينِ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ بَيْنَهُمْ وَمُحَالٌ أَنْ يُسَلِّمَ أَبُو مُوسَى لِعَائِشَةَ قَوْلَهَا مِنْ رَأْيِهَا فِي مَسْأَلَةٍ قَدْ خَالَفَهَا فِيهَا مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرُهَا بِرَأْيِهِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى صَاحِبِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ لِأَنَّهُمْ أُمِرُوا إِذَا تَنَازَعُوا فِي شَيْءٍ أَنْ يَرُدُّوهُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ تسليم أبي موسى لعائشة في هذه المسألة إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنْ عِلْمَ ذَلِكَ كان عندها عن رسول الله فَلِذَلِكَ سَلَّمَ لَهَا إِذْ هِيَ أَوْلَى بِعِلْمِ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهَا وَمَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِدْلَالِ فَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عن عائشة عن النبي مُسْنَدًا وَرُوِيَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ دَخَلَ مَعَ أَبِي مُوسَى عَلَى عَائِشَةَ فِي هَذِهِ القصة فبان بِذَلِكَ حَقِيقَةُ قَوْلِنَا وَصِحَّةُ اسْتِدْلَالِنَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ نَازَعَ أَبُو مُوسَى نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ قَالَ سَعِيدٌ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو مُوسَى حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَ لَهَا أَبُو مُوسَى الَّذِي تَنَازَعُوا فِيهِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ عِنْدِي الشِّفَاءُ مِنْ ذلك

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ الرَّجُلُ بَيْنَ الشُّعَبِ الْأَرْبَعِ وَأَلْصَقَ الْخِتَانَ بِالْخِتَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ وَرَوَى هِشَامٌ وَشُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النبي مَثْلَهُ سَوَاءً ذَكَرُهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ ثُمَّ قَالَ تَابَعَهُ عَمْرٌو عَنْ شُعْبَةَ وَقَدْ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَهِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النبي قَالَ إِذَا قَعَدَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَلَزِقَ الْخِتَانُ بِالْخِتَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَمْرِو ابن شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَتَوَارَتِ الْحَشَفَةُ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن زهير والحرث ابن أَبِي أُسَامَةَ قَالَا حَدَّثْنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامُ وَأَبَانٌ قَالَا حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عن

الْحَسَنِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النبي قَالَ إِذَا قَعَدَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَأَجْهَدَ نَفْسَهُ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ أَبَانٍ وَهَمَّامٍ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إليك فقال كان يحيى ابن سَعِيدٍ يَرْوِي عَنْ أَبَانٍ وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ وَأَمَّا أَنَا فَهَمَّامٌ أَحَبُّ إِلَيَّ وَكِلَاهُمَا ثِقَةٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ اغْتَسَلَ وَقَالَ فِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِإِسْنَادِهِ هذا أن النبي قَالَ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا إِسْنَادٌ كُلُّهُ ثِقَةٌ عَنْ ثِقَةٍ لَا أَعْلَمُ فِيهِ عِلَّةً إِلَّا أَنَّ الْبُخَارِيَّ قَالَ لَا أَعْلَمُ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ النُّعْمَانِ سَمَاعًا مِنْ عَائِشَةَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ

قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ قَدْ كُنْتُ أَنَا وَرَسُولُ الله نَفْعَلُهُ فَنَغْتَسِلُ وَرَوَاهُ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ مَرْفُوعًا وَرَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ فعلته أنا ورسول الله فَاغْتَسَلْنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ تَسْلِيمُ أَبِي مُوسَى لِعَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ رَفْعِهَا إِلَى النَّبِيِّ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُقَالُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ وَكَذَلِكَ قَطْعُهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِصِحَّةِ ذَلِكَ أَلَا تَرَى إِلَى تَوْبِيخِهَا لِأَبِي سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ رَوَى مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ فقالت هل

تَدْرِي مَا مَثَلُكَ يَا أَبَا سَلَمَةَ مِثْلَ الْفَرُّوجِ يَسْمَعُ الدِّيَكَةَ تَصْرُخُ فَيَصْرُخُ مَعَهَا إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْفَتْوَى بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالطَّبَرَيُّ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ دَاوُدَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَبَعْضُهُمْ قَالَ بِمَا عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ إِيجَابِ الْغُسْلِ بِمُجَاوَزَةِ الْخِتَانِ الْخِتَانَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِنْزَالِ الْمَاءِ الدَّافِقِ وَجَعَلَ فِي الْإِكْسَالِ الْوُضُوءَ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِمَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ قَالَ يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُسَدَّدٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ

إِلَّا أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ يُعَارِضُهُ لِأَنَّ مِثْلَهَا لَا يَجْهَلُ الْحُكْمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَأَيْضًا فَإِنَّ حَدِيثَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ هُوَ فِي نَفْسِهِ وَاهٍ مِنْ جِهَةِ رُجُوعِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ الْقَوْلِ بِهِ وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ غَيْرَ مَنْسُوخٍ لَمَا رَجَعَ عَنْهُ لِأَنَّ مَا لَمْ يُنْسَخْ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَقَدْ كَانَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ يَقُولُ بِهِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَظْهَرٍ قَالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ يَقُولُ لَقَدْ أَصَبْتُ فَأَكْسَلْتُ وَلَمْ أُنْزِلْ فَمَا اغْتَسَلْتُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنِ الثَّوْرِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أبي بن كعب أنه سمع النبي يَقُولُ إِذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ فَأَكْسَلَ فَلْيَتَوَضَّأْ وَضَوْءَهُ لِلصَّلَاةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ لَزِمَهُ الْقَوْلُ بِهِ وَعَسَاهُ لَمْ يَبْلُغْهُ رُجُوعُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْهُ وَأَمَّا رُجُوعُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ ذَلِكَ فَرَوَى مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ مَحْمُودَ بْنَ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ أَهْلَهُ ثُمَّ يَكْسَلُ وَلَا يُنْزِلُ فَقَالَ زَيْدٌ يَغْتَسِلُ فَقَالَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ إِنَّ أُبَيِّ بْنَ كَعْبٍ كَانَ لَا يَرَى الْغُسْلَ فَقَالَ زَيْدٌ إِنَّ أُبَيًّا نَزَعَ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عَقِيلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يُفْتُونَ بِهَا قَوْلُهُمْ إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ رُخْصَةٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِيهَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِالْغُسْلِ بَعْدُ فَهَذَا بَيِّنٌ فِي أَنَّ الْمَاءَ مِنَ الْمَاءِ مَنْسُوخٌ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ لَمْ يَتَجَاوَزْهُ وَلَمْ يَسْمَعِ الزُّهْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ قَالَ سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ هَارُونَ يَقُولُ كَانَ الزُّهْرِيُّ إِنَّمَا يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَلَمْ يَسْمَعِ الزُّهْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَقَدْ سَمِعَ مِنْ سَهْلٍ أَحَادِيثَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا مِنْهُ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ أَرْضَى أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ قَالَ مُوسَى وَلَعَمْرِي إِنْ كَانَ الزُّهْرِيُّ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي حَازِمٍ فَإِنَّ أَبَا حَازِمٍ رِضًى فَقَدْ رَوَى أَبُو حَازِمٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا رِوَايَةُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ

حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عمرو بن الحرث عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ أَرْضَى أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ الله إِنَّمَا جَعَلَ ذَلِكَ رُخْصَةً لِلنَّاسِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِالْغُسْلِ وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ يَعْنِي الْمَاءَ مِنَ الْمَاءِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْبَزَّارُ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُبَشِّرٌ الْحَلَبِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَبِي غَسَّانَ وَهُوَ ابْنُ مُطَرِّفٍ عَنْ أب حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يُفْتُونَ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ كَانَتْ رُخْصَةً رَخَّصَهَا رسول الله فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِالِاغْتِسَالِ بَعْدُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بن الحرث عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أبي سعيد الخدري أن رسول الله قَالَ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ ثَابِتٌ وَلَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ لِأَنَّ قَوْلَهُ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدْفَعُ الْمَاءَ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ لِأَنَّ مَنْ أَوْجَبَ الْغُسْلَ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ يَقُولُ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ وَمِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ أَيْضًا زِيَادَةُ حُكْمٍ وَقَدْ قِيلَ مَعْنَى الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ فِي الِاحْتِلَامِ لَا فِي الْيَقَظَةِ وَهَذَا مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ فِيمَنْ رَأَى أَنَّهُ يُجَامِعُ وَلَمْ يُنْزِلْ أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ وَهَذَا لَعَمْرِي تَأْوِيلٌ مُحْتَمَلٌ في

الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ لَوْلَا أَنَّ بَعْضَهُمْ يَرْوِي حَدِيثَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ إِذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ فَأَكْسَلَ أَوْ أَقْحَطَ فَلَا يَغْتَسِلْ وَلَكِنْ يَتَوَضَّأُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله إِذَا أَعْجَلَ أَحَدُكُمْ أَوْ أَقْحَطَ فَلَا يَغْتَسِلْ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي فَلْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مِثْلَهُ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَعْجَلَ فَلَمْ يَبْلُغْ مُجَاوَزَةَ الْخِتَانِ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ عَنِ النبي فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُمْنِ قَالَ عُثْمَانُ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ سَمِعْتُهُ من رسول الله قَالَ وَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ

وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ حَفْصٍ قَالَ حدثنا النُّفَيْلِيُّ عَنْ شَيْبَانَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ وَرَوَاهُ حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ كَمَا رَوَاهُ شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى سَوَاءً وَهُوَ حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَا يَدْفَعُهُ مِنْ نَقْلِ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ وَيُعَارِضُهُ وَقَدْ دَفَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَ عَلِيٌّ وَأُبَيٌّ بِخِلَافِهِ قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ وَذَكَرَ حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ هَذَا فَقَالَ إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَلَكِنَّهُ حَدِيثٌ شَاذٌّ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُمْ أَفْتَوْا بِخِلَافِهِ قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ هُوَ حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ جَاءَ بعد عن النبي أَنَّهُ أَمَرَ بِالْغُسْلِ مِنْ مَسِّ الْخِتَانِ الْخِتَانَ أَنْزَلَ أَمْ لَمْ يُنْزِلْ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ كَانُوا يَقُولُونَ

إِذَا مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْ عُثْمَانَ مِنْ نَقْلِ الثِّقَاتِ الْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ كَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَائِشَةُ وَالْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَقُولُونَ إِذَا مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ وَعَلَى أَنَّ لَفْظَ حَدِيثِ عُثْمَانَ الْمَرْفُوعِ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ لِمُجَاوَزَةِ الْخِتَانِ الْخِتَانَ وَهُوَ مُحْتَمَلُ التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدِيثُ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ سَأَلْتُ خَمْسَةً مِنْ أَصْحَابِ رسول الله عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقَالُوا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ فِيهِ عِلَّةٌ تَدْفَعُهُ بِهَا قَالَ نَعَمْ بِمَا يُرْوَى عَنْهُمْ مِنْ خِلَافِهِ قُلْتُ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الَّذِي أَرَى إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ قِيلَ لَهُ قَدْ كُنْتَ تَقُولُ غَيْرَ هَذَا فَقَالَ مَا أَعْلَمُنِي قُلْتُ غَيْرَ هَذَا قَطُّ قِيلَ لَهُ قَدْ بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْكَ قَالَ الله المستعان

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تُكُلِّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ لِلِاخْتِلَافِ عَنْهُ فِيهِ لِأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْ جَعَلَهُمَا حَدِيثَيْنِ وَصَحَّحَهُمَا وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فَهُوَ غَيْرُ حَدِيثِ عُثْمَانَ بِلَا شَكٍّ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ عَنِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ فَمِنْهَا مَا ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَارِثُ عَنْ عَلِيٍّ وَعَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَمَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالُوا إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ قَالَ مَسْرُوقٌ وَكَانَتْ أَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ يَعْنِي عَائِشَةَ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ كَمَا يَجِبُ مِنْهُ الْحَدُّ كَذَلِكَ يَجِبُ مِنْهُ الْغُسْلُ وَعَنْ مُحَمَّدِ ابن مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ عَلِيًّا وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ قَالُوا مَا أَوْجَبَ الْحَدَّيْنِ الرَّجْمَ وَالْجَلَدَ أَوْجَبَ الْغُسْلَ

وَعَنْ عَلِيٍّ وَشُرَيْحٍ قَالَا أَيُوجِبُ الْحَدَّ وَلَا يُوجِبُ قَدَحًا مِنْ مَاءٍ وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ وَجَبَ الْغَسْلُ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِذَا بَلَغْتُ ذَلِكَ اغْتَسَلْتُ قَالَ سُفْيَانُ وَالْجَمَاعَةُ عَلَى الْغُسْلِ قَالَ أَبُو عمر ذكر ابن خواز بنداد أَنَّ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ انْعَقَدَ عَلَى إِيجَابِ الْغُسْلِ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا كَذَلِكَ وَلَكُنَّا نَقُولُ إِنَّ الِاخْتِلَافَ فِي هَذَا ضَعِيفٌ وَأَنَّ الْجُمْهُورَ الَّذِينَ هُمُ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ انْعَقَدَ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى إِيجَابِ الْغُسْلِ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَمُجَاوَزَةِ الْخِتَانِ الْخِتَانَ وَهُوَ الْحَقُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَكَيْفَ يَجُوزُ الْقَوْلُ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَعَ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ

عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ خَمْسَةً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَكُلُّهُمْ قَالَ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ اخْتَلَفَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فِيمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ فَقَالَتْ طَائِفَةُ الْأَنْصَارِ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ إِذَا مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ وَجَبَ الْغُسْلُ فَحَكَّمُوا بَيْنَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَاخْتَصَمُوا إِلَيْهِ فَقَالَ عَلِيٌّ أَرَأَيْتُمْ لَوْ رَأَيْتُمْ رَجُلًا يُدْخِلُ وَيُخْرِجُ أَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَيُوجِبُ الْحَدَّ وَلَا يُوجِبُ صَاعًا مِنْ مَاءٍ فَقَضَى لِلْمُهَاجِرِينَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ رُبَّمَا فَعَلْنَا ذَلِكَ أنا ورسول الله فَقُمْنَا وَاغْتَسَلْنَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ الشَّيْبَانِيُّ عَلَى امْرَأَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ كَانَ لَا يَغْتَسِلُ إِلَّا إِذَا أَنْزَلَ الْمَاءَ وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ قَدْ خَلَفَ عَلَى امْرَأَةِ رَافِعٍ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عِيَاضٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْمَاءُ مِنَ الماء

قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ لِي عَطَاءٌ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَطَاءٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ خِلَافَ هَذَا وَأَمَّا أَصْحَابُ دَاوُدَ فَاخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَالَتْ بِمَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْ إِيجَابِ الْغُسْلِ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَى ذَلِكَ وَقَالَ لَا غُسْلَ إِلَّا بِالْإِنْزَالِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ دَاوُدَ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ بأن الحديث عن رسول الله بِذِكْرِ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ أَثْبَتُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ رَوَاهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْإِكْسَالِ الْوُضُوءُ وَفِي الْإِنْزَالِ الْغُسْلُ قَالُوا وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ الْأَنْصَارِ وَجُمْهُورُهُمْ وَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعُثْمَانُ وَغَيْرُهُمْ وَضَعَّفُوا حَدِيثَ عَلِيٍّ فِي إِيجَابِ الْغُسْلِ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ لِأَنَّهُ يَدُورُ عَلَى جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ وَالْحَارِثِ الْأَعْوَرِ وَهُمَا ضَعِيفَانِ وَقَالُوا حَدِيثُ عُثْمَانَ الْمُسْنَدُ أَوْلَى بِالْمَصِيرِ إِلَيْهِ مِمَّا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَدِيثَ عَلَيْهِ حُجَّةٌ وَلَيْسَ هُوَ عَلَى الْحَدِيثِ حُجَّةً وَإِنَّمَا يُسَوِّغُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ رَاوِي الْحَدِيثِ إِذَا لَمْ يَدْفَعْهُ فَأَمَّا إِذَا دَفَعَهُ

فَالْحُجَّةُ فِي الْمُسْنَدِ وَلَهُمْ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَلَامٌ طَوِيلٌ تَرَكْتُهُ قَالُوا وَرُجُوعُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ خَبَرَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأُبَيٍّ فِي ذَلِكَ يَدُورُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ وَلَمْ يَصِحَّ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَإِنَّمَا يُرْوَى عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ أَيْضًا غير مَشْهُورٌ بِنَقْلِ الْعِلْمِ وَخَبَرُ ابْنُ شِهَابٍ فِي ذلك لم يسمعه مِنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَلَا يَدْرِي مَنْ بَيْنَهُمَا عَلَى صِحَّةٍ قَالُوا وَأَقَلُّ أَحْوَالِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَتَكَافَأَ فِيهَا الْحُجَجُ وَتَتَعَارَضَ فِيهَا الْآثَارُ فَيُرْجَعُ حِينَئِذٍ إِلَى ظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِيجَابُ الْغُسْلِ إِلَّا عَلَى مَنْ كَانَ جُنُبًا وَلَا جُنُبَ إِلَّا الَّذِي يُنْزِلُ الْمَاءَ الدَّافِقَ قَالُوا وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ الْفَرَائِضَ لَا تَجِبُ إِلَّا بِيَقِينٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يُوجِبِ الْغُسْلَ إِلَّا بِإِنْزَالِ الْمَاءِ وَهُوَ الِاتِّفَاقُ الَّذِي يُقْطَعُ عَلَيْهِ وَيُسْتَيْقَنُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا مَدْخَلَ عِنْدَ أُولِي الْأَلْبَابِ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِلنَّظَرِ عِنْدَ ثُبُوتِ الْأَثَرِ وَمَا ادَّعَاهُ هَؤُلَاءِ مِنْ ثُبُوتِ حَدِيثِ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ فَقَدْ مَضَى الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ وَعِلَّةُ حَدِيثِ أُبَيٍّ بَيِّنَةٌ لِرُجُوعِهِ عَنِ الْفُتْيَا بِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدَعَ النَّاسِخَ وَيَأْخُذَ الْمَنْسُوخَ وَلَا حُجَّةَ فِي حَدِيثِ أَبِي أيوب لأنه إنما يرويه عن أبي كَعْبٍ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وَغَيْرِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَكْسَلَ وَلَمْ يُجَاوِزِ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَهَذَا فِيهِ الْوُضُوءُ لِلْمُلَامَسَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَلَا يَصِحُّ عَنِ المهاجرين ما ذكر بل الصحيح عنهم غير ما

وُصِفَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ وَحَدِيثُ عُثْمَانَ الْمَرْفُوعُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ عَنْ عُثْمَانَ وَعِنْدَهُ مَا خَالَفَ وَقَدْ كَانَ يُفْتِي بِخِلَافِهِ وَكُلُّ خَبَرٍ مَرْوِيٌّ فِي الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ عَلَى مَا وَصَفْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَخَبَرُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلٍ صَحِيحٌ عِنْدَنَا لِرِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ لَهُ وَمَوْضِعُ ابْنِ شِهَابٍ مَوْضِعُهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ مَعْرُوفٌ رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمَا وَقَدْ مَضَّى الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي مَبْسُوطًا لِمَنْ تَدَبَّرَهَا وَأَمَّا مَا رَجَّحُوهُ مِنَ الِاحْتِيَاطِ فِي تَرْكِ إِيجَابِ الْفَرْضِ إِلَّا بِيَقِينٍ فَإِنَّهُ يُدِخُلُ عَلَيْهِمْ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَجِبُ أَنْ تُؤَدَّى إِلَّا بِطَهَارَةٍ مُجْتَمَعٍ عَلَيْهَا وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ الْمُجَامِعَ إِذَا أَكْسَلَ وَلَمْ يُنْزِلْ فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ طَهَارَةٌ وَصَارَ فِي حَالَةٍ لَا يَدْخُلُ مَعَهَا فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَطْهُرَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْغُسْلَ طَهَارَةٌ لَهُ إِنْ فَعَلَهُ وَلَمْ يُجْمِعُوا عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ طَهَارَةٌ لَهُ فَالْوَاجِبُ عَلَى الِاحْتِيَاطِ الْقَوْلُ بِالْغُسْلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْأَحْوَطُ الصَّحِيحُ فِي هَذَا مَا جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَعَلَى حَدِيثِهَا الْمَدَارُ فِي هَذَا الْبَابِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ دَعْوَى إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَقَدْ يُقَرِّبُ فِيهِ دَعْوَى إِجْمَاعِ مَنْ دُونَهُمْ إِلَّا مَنْ شَذَّ مِمَّنْ لَا يَعُدُّ خِلَافًا عَلَيْهِمْ وَيَلْزَمُهُمُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِمْ وَالْقَوْلُ بِأَنْ لَا غُسْلَ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ شُذُوذٌ وَقَوْلٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مَهْجُورٌ مَرْغُوبٌ عَنْهُ وَمَعِيبٌ وَالْجَمَاعَةُ عَلَى الْغُسْلِ وبالله التوفيق

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 607 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب أن رجلا من أسلم جاء إلى أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالَ إِنِ الْأَخِرَ زَنَى فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ هَلْ ذَكَرْتَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ غَيْرِي فَقَالَ لَا فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فَتُبْ إِلَى اللَّهِ وَاسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ فَلَمْ تُقَرِّرْهُ نَفْسُهُ حَتَّى أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مِثْلَ الَّذِي قَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تُقَرِّرْهُ نَفْسُهُ حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْأَخِرَ زَنَى فَقَالَ سَعِيدٌ فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا أَكْثَرَ عَلَيْهِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ أَيَشْتَكِي أَبِهِ جِنَّةٌ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَحِيحٌ فَقَالَ أَبِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ فَقَالُوا بَلْ ثَيِّبٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَ هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى إِرْسَالِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الزُّهْرِيُّ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فَرَوَاهُ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ

وَرَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ شُعَيْبٌ أَتَى رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ عُقَيْلٌ أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَلَمْ تَخْتَلِفْ أَلْفَاظُهُمْ فِي أَنَّهُ مَاعِزٌ الْأَسْلَمِيُّ وَأَنَّهُ رَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مرسلا وقد ذكرناه في مراسل ابْنِ شِهَابٍ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ الْآثَارَ الْمَرْوِيَّةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَثِيرًا مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي تُوجِبُهَا أَلْفَاظُهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ السَّتْرَ أَوْلَى بِالْمُسْلِمِ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا وَقَّعَ حَدًّا مِنَ الْحُدُودِ مِنَ الِاعْتِرَافِ بِهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَذَلِكَ مَعَ اعْتِقَادِ التَّوْبَةِ وَالنَّدَمِ عَلَى الذَّنْبِ وَتَكُونُ نِيَّتُهُ وَمُعْتَقَدُهُ أَلَّا يَعُودَ فَهَذَا أَوْلَى بِهِ مِنَ الِاعْتِرَافِ فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيُحِبُّ التَّوَّابِينَ وهذا فعل أهل العقل والدين والندم وَالتَّوْبَةُ وَاعْتِقَادُ أَنْ لَا عَوْدَةَ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ أَيَشْتَكِي أَبِهِ جِنَّةٌ وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ الْأَسْلَمِيَّ أَتَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ زَنَى فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ هَلْ ذَكَرْتَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ قَبْلِي

فَقَالَ لَا فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ اسْتَتِرْ بِسَتْرِ اللَّهِ وَتُبْ إِلَى اللَّهِ فَإِنَّ النَّاسَ يُعَيِّرُونَ وَلَا يُغَيِّرُونَ وَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَأَمَّا إِعْرَاضُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَفِيهِ مَذَاهِبُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كَالشَّهَادَاتِ عَلَى الزِّنَى وَكَانَ إِعْرَاضُهُ لِئَلَّا يُتِمَّ الْإِقْرَارُ الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ مَحَبَّةً فِي السَّتْرِ فَلَمَّا تَمَّ الْإِقْرَارُ عَلَى حُكْمِهِ أَمَرَ بِالرَّجْمِ ومنهم من قال مرة واحدة تجزىء وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذَاهِبَهُمْ وَالْآثَارَ الَّتِي مِنْهَا نَزَعَ وَفَرَّعَ كَلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ قَوْلَهُ فِي بَابِ مُرْسَلِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيَشْتَكِي أَبِهِ جِنَّةٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا رَدَّهُ وَأَعْرَضَ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَا لِيُتِمَّ إِقْرَارَهُ وأربع مَرَّاتٍ كَمَا زَعَمَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَاغَدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا وَلَمْ يَقُلْ إِنِ اعْتَرَفَتْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَفِي حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ فَأَمَرَ بِهَا فَشَكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي بَابِ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَجْنُونَ لَا يَلْزَمُهُ حَدٌّ وَلِهَذَا مَا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَشْتَكِي أَبِهِ جِنَّةٌ وَهَذَا إِجْمَاعٌ أَنَّ الْمَجْنُونَ الْمَعْتُوهَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَالْقَلَمُ عَنْهُ مَرْفُوعٌ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِظْهَارَ الْإِنْسَانِ مَا يَأْتِيهِ مِنَ الْفَوَاحِشِ حُمْقٌ لَا يَفْعَلُهُ إِلَّا الْمَجَانِينُ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ ذَوِي الْعُقُولِ كَشْفُ مَا وَاقَعَهُ مِنَ الْحُدُودِ وَالِاعْتِرَافُ بِهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا مِنْ شَأْنِهَا السَّتْرُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَالتَّوْبَةُ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَكَمَا يَلْزَمُهُمُ السَّتْرُ عَلَى غَيْرِهِمْ فَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُمُ السَّتْرُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَسَنَذْكُرُ فِي هَذَا الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ فِي السَّتْرِ أَحَادِيثَ يَسْتَدِلُّ بِهَا النَّاظِرُ فِي كِتَابِنَا عَلَى صِحَّةِ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أن حد الثيب حَدِّ الْبِكْرِ فِي الزِّنَى وَلِهَذَا مَا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبِكْرٌ هُوَ أَمْ ثَيِّبٌ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ حَدَّ الْبِكْرِ فِي الزِّنَى غَيْرُ حَدِّ الثَّيِّبِ وَأَنَّ حَدَّ الْبِكْرِ الْجَلْدُ وَحْدَهُ وَحَدَّ الثَّيِّبِ الرَّجْمُ وَحْدَهُ إِلَّا أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ رَأَى عَلَى الثَّيِّبِ الْجَلْدَ وَالرَّجْمَ جَمِيعًا وَهُمْ قَلِيلٌ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُبَادَةَ وَتَعَلَّقَ بِهِ دَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الثَّيِّبَ يُرْجَمُ وَلَا يُجْلَدُ وَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ مَنِ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فَلَا يَرَوْنَ الرَّجْمَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الزُّنَاةِ ثَيِّبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ ثَيِّبٍ وَإِنَّمَا حَدُّ الزُّنَاةِ عِنْدَهُمُ الْجَلْدُ الثَّيِّبُ وَغَيْرُ الثَّيِّبِ سَوَاءٌ عِنْدَهُمْ وَقَوْلُهُمْ فِي ذَلِكَ خِلَافُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخِلَافُ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ رَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ وَعُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ مُتَّفِقُونَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْحَدِيثِ وَهُمْ أَهْلُ الْحَقِّ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَسَلَمَ جَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ مَاعِزٌ الْأَسْلَمِيُّ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ الْأَسْلَمِيُّ وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مَحْفُوظٌ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْرَئِيْلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ فَاعْتَرَفَ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ ثُمَّ رُدُّوهُ فَاعْتَرَفَ مَرَّتَيْنِ حَتَّى اعْتَرَفَ أَرْبَعًا فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ قَالَ ابْنُ سَنْجِرٍ وَحَدَّثَنَا عَارِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكِ ابن حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمَاعِزٍ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ قَالَ وَمَا بَلَغَكَ عَنِّي قَالَ وَقَعْتُ عَلَى جَارِيَةِ بَنِي فُلَانٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ أَوْ أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قَالَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهِ وَفِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا فِي قِصَّةِ هَزَّالٍ بَيَانُ ذَلِكَ أَيْضًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ

الْمَجِيدِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ وَرَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ وَامْرَأَةً حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ هَلْ رَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَجَمَ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ وَرَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ وَامْرَأَةً وَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ نَحْنُ نَحْكُمُ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو عِيسَى الْأُسْوَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ الرُّوَاسِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّ مَاعِزًا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَى عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ أَقْرَرَتَ الرَّابِعَةَ أَقَمْتُ عَلَيْكَ الْحَدَّ فَأَقَرَّ عِنْدَهُ الرَّابِعَةَ فَأَمَرَ بِهِ فَحُبِسَ ثُمَّ سَأَلَ عَنْهُ فَذَكَرُوا خَيْرًا فَرُجِمَ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ مِنْ أَجْلِ جَابِرِ الْجُعْفِيِّ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهُ لِيُعْرَفُ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَكَانَ يَحْيَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ لَا يُحَدِّثَانِ عَنْهُ وَكَانَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ يُضَعِّفَانِهِ وَشَهِدَ لَهُ بِالصِّدْقِ وَالْحِفْظِ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَوَكِيعٌ وَزُهَيْرُ

بْنُ مُعَاوِيَةَ وَقَالَ وَكِيعٌ مَهْمَا شَكَكْتُمْ فِي شيء فلا تشكوا أن جابر الْجُعْفِيَّ ثِقَةٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحُمَيْدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سَوْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَيَسْتُرُ الْعَبْدَ مِنَ الذَّنْبِ مَا لَمْ يَخْرِقْهُ قَالُوا وَكَيْفَ يَخْرِقْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يُحَدِّثُ به الناس وأما قوله إن الاخر زَنَى فَالرِّوَايَةُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الرَّذْلَ الدَّنِيَّ زَنَى كَأَنَّهُ يَدْعُو عَلَى نَفْسِهِ وَيَعِيبُهَا بِمَا نَزَلَ لَهُ مِنْ مُوَاقَعَةِ الزِّنَى قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ السؤال اخر كسب الرجل أي أرذل كسب الرَّجُلِ وَقَالَ الْأَخْفَشُ كَنَّى عَنْ نَفْسِهِ فَكَسَرَ الْخَاءَ وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ حَدَّثَ عَنْ نَفْسِهِ بِقَبِيحٍ يَكْرَهُ أَنْ يَنْسِبَ ذَلِكَ إِلَى نفسه

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 707 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ يقال له هزال (ياهزال) لَوْ سَتَرْتَهُ بِرِدَائِكَ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ يَزِيدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ الْأَسْلَمِيُّ فَقَالَ يَزِيدُ هَزَّالُ جَدِّي وَهَذَا الْحَدِيثُ حَقٌّ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا خِلَافَ فِي إِسْنَادِهِ فِي الْمُوَطَّأِ عَلَى الْإِرْسَالِ كَمَا تَرَى وَهُوَ يَسْتَنِدُ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ جَدِّهِ هَزَّالٍ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المنكدر عن هزال أنه أمر ماعز الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُخْبِرَهُ بِحَدَثِهِ فَأَتَاهُ مَاعِزٌ فَأَخْبَرَهُ بِحَدَثِهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ مِرَارًا وَهُوَ يُرَدِّدُ ذَلِكَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ إِلَى قَوْمِهِ فَسَأَلَهُمْ أَبِهِ جِنَّةٌ فَقَالُوا لَا فَسَأَلَ عَنْهُ أَثَيِّبٌ أَمْ بِكْرٌ فَقَالُوا ثَيِّبٌ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ ثُمَّ قَالَ يَا هَزَّالُ لَوْ سَتَرْتَهُ بِرِدَائِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ فِي حِجْرِ أَبِيهِ هَزَّالٍ فَلَمَّا فَجَرَ قَالَ لَهُ أَبِي لَوْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ فَلِهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَزَّالٍ حِينَ لَقِيَهُ يَا هَزَّالُ لَوْ سَتَرْتَهُ بِرِدَائِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد البغادي بُكَيْرٌ بِمَكَّةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكَرِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ يَحْيَى الْأُشْنَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنِ ابْنِ هَزَّالٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ سَتَرْتَهُ بِرِدَائِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كُنَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ الْكَرِيمِيِّ فَإِنَّهُ مَحْفُوظٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنِ ابْنِ الْهَزَّالِ عَنْ هَزَّالٍ وَعَنْ يحيى بن سعيد عن يزيد بن نعيم بْنِ هَزَّالٍ مِنْ وُجُوهٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحُكْمَ فِي مَعَانِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَوَاضِعَ سَلَفَتْ مِنْ كِتَابِنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رُوِيَتْ آثَارٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَضْلِ السَّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَذْكُرُ مِنْهَا مَا حَضَرَنِي ذِكْرُهُ بِعَوْنِ اللَّهِ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَارِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرُبَّمَا قَالَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الْآخِرَةِ وَمِنْ يَسَّرَ عَلَى مُسْلِمٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَيْفٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنُ قَعْنَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ وَاسِعٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَرَّجَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ أَخَاهُ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَوْلًى لِخَارِجَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي صَيَّادٍ الْأَسْوَدِ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ عَرِيفَهُمْ أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ فَحَلَّ بِبَابِ

مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ وَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لَهُ وَقَالَ حِلَّ قَالَ لَا وَلَكِنْ أَرْسِلْ مَعِي إِلَى عقبة ابن عَامِرٍ فَأَرْسَلَ مَعَهُ أَبَا صَيَّادٍ فَدَخَلُوا عَلَى عُقْبَةَ فَرَحَّبَ بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ لِعُقْبَةَ هَلْ تَذْكُرُ مَجْلِسًا كُنَّا فِيهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ مُؤْمِنٍ كَانَتْ لَهُ كَمَوْؤُدَةٍ أَحْيَاهَا قَالَ عُقْبَةُ نَعَمْ لَعَمْرِي إِنِّي لَحَاضِرٌ ذَلِكَ وَسَمِعْتُهُ مِنْهُ فكبر الرجل وَقَالَ لِهَذَا ارْتَحَلْتُ وَرَجَعَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَةُ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ شَهِدْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ثلاث كُنْتُ حَالِفًا عَلَيْهِمْ وَلَوْ حَلَفْتُ عَلَى الرَّابِعَةِ رَجَوْتُ أَنْ لَا آَثَمَ لَا يَجْعَلُ اللَّهُ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الْإِسْلَامِ كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ قَالَ وَسِهَامُ الْإِسْلَامِ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَلَا يُحِبُّ رَجُلٌ قَوْمًا إِلَّا جَاءَ معهم يوم القيامة ولا يتولى الله عبد فِي الدُّنْيَا يُوَلِّيهِ غَيْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالرَّابِعَةُ لَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَكَذَا

قَالَ شَيْبَةُ الْحَضْرَمِيُّ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْبَةُ الْحَضَرِيُّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَفَّانُ عَنْ هَمَّامٍ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْبَةُ الْحَضَرِيُّ أَنَّهُ شَهِدَ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَجْعَلُ اللَّهُ رَجُلًا لَهُ سَهْمٌ فِي الْإِسْلَامِ كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ بِمَعْنَاهُ وَزَادَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِذَا سَمِعْتُمْ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مِثْلِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحْفَظُوهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْوَدَ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ مَعَ ابْنِ آدَمَ فَإِذَا ذَكَرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ بِخَيْرٍ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ وَلَكَ مِثْلُهُ وَإِذَا ذَكَرَهُ بِشَرٍّ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ ابْنَ آدَمَ الْمَسْتُورَ عَوْرَتُهُ أَرْبِعْ عَلَى نَفْسِكَ وَاحْمَدِ اللَّهِ الَّذِي سَتَرَ عَوْرَتَكَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ

النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَشِيطٍ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ دُخَيْنٍ أَبِي الْهَيْثَمِ كَاتِبِ عُقْبَةَ قَالَ قُلْتُ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ إِنَّ لَنَا جِيرَانًا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَأَنَا دَاعٍ لَهُمُ الشُّرَطَ فَيَأْخُذُونَهُمْ قَالَ لَا تَفْعَلْ وَلَكِنْ عِظْهُمْ وَتَهَدَّدْهُمْ قَالَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ شَهْرًا ثُمَّ جَاءَ دُخَيْنٌ إِلَى عُقْبَةَ فَقَالَ إِنِّي نَهَيْتُهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا وَإِنِّي دَاعٍ لَهُمُ الشُّرَطَ فَقَالَ لَهُ عُقْبَةُ وَيْحَكَ لَا تَفْعَلْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول من سَتَرَ عَلَى مُؤْمِنٍ عَوْرَةً فَكَأَنَّمَا اسْتَحْيَا مَوْؤُودَةً وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَشِيطٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ رَأَى عَوْرَةً فَسَتَرَهَا كَانَ كَمَنِ اسْتَحْيَا مَوْؤُودَةً مِنْ قَبْرِهَا

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهَا عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قوم في بيت من بيوت اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فَيَمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ حَسَبُهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّبَّاحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَرْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا عُدَيٌّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ أَخَذَ سَارِقًا فَقَالَ أَلَا أَسْتُرُهُ لَعَلَّ اللَّهَ يَسْتُرُنِي

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 807 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب أَنَّهُ قَالَ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ وَهَذَا يَسْتَنِدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثِ جَابِرٍ وَبَعْضُهَا أَتَمُّ مَعْنًى مِنْ بَعْضٍ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا النِّسْيَانُ وَارِدَ شُغْلٍ عَظِيمٍ رَوَى هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُ الْعَصْرَ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ تَغِيبُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا وَنَزَلْنَا مَعَهُ إِلَى بُطْحَانَ فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَتَوَضَّأْنَا مَعَهُ فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَذَكَرْنَا حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي بَابِ مُرْسَلِ زَيْدٍ أَيْضًا وَفِي حَدِيثِهِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم شغل يومئذ عن أربع صلوات الظَّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ

الْعَصْرُ وَحْدَهَا وَفِي مُرْسَلِ سَعِيدٍ الظَّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد ابن عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سِنْبَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَلَّيْتُ الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغِيبُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا فَنَزَلْنَا مَعَهُ إِلَى بُطْحَانَ فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَتَوَضَّأْنَا مَعَهُ فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعَانِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ

الحديث السادس

حَدِيثٌ سَادِسٌ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 907 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب أَنَّهُ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أبي هريرة قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ انْفَرَدَ بِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ نَجِيحٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ النَّسْخِ فِي أَحْكَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ بَابٌ يُسْتَغْنَى عَنِ الْقَوْلِ فِيهِ لِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْحَقِّ عَلَيْهِ وَقَدْ أَتَيْنَا بِلُمَعٍ مِنْ عِلَلِهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَذَكَرْنَا نَسْخَ الصَّلَاةِ إِلَى الْكَعْبَةِ وَكَيْفَ كَانَ الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ وَكَثِيرًا مِنْ مَعَانِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَفِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ ههنا وَهَذَا الْحَدِيثُ وَمِثْلُهُ أَصْلٌ فِي عِلْمِ الْخَبَرِ وَحِفْظِ السِّيَرِ وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَاهُ مُسْنَدًا مِنْ وُجُوهٍ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ

الْمَدِينَةَ صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا وَقِيلَ سَبْعَةَ عَشَرَ وَقِيلَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي صَلَاتِهِ بِمَكَّةَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ كَانَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ وَقَالَ آخَرُونَ كَانَتْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ وَقِيلَ بِهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِي بَابِ صَلَاةَ جِبْرِيلَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ حِينَ فَرَضَ الصَّلَاةَ وَذَكَرْنَا بَعْضَ ذَلِكَ مع حكم من صلى إلى غير الْقِبْلَةَ مُجْتَهِدًا وَغَيْرَ مُجْتَهِدٍ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ زَكَرِيَّاءَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَصَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ إِنَّهُ وُجِّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَمَرَّ رَجُلٌ قَدْ كَانَ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ وُجِّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَانْصَرَفُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير قَالَ حَدَّثَنَا سُنَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَدِينَةَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ

يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ وَكَانَ يُحِبُّ ذَلِكَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْقِبْلَةِ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ قَالَ فَنَزَلَتْ بَعْدَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَمَرَّ بِنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُمْ يُصَلُّونَ فَحَدَّثَهُمُ الْحَدِيثَ فَوَلَّوْا وُجُوهَهُمْ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ أَتَمُّهُمْ لَهُ سِيَاقَةً عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ مِثْلَهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا تَارِيخَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ إِلَى الْكَعْبَةِ وَالِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ عُرْوَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث السابع

حَدِيثٌ سَابِعٌ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 17017017 017 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَدُومِ وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةٍ ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِينَ سَنَةً مِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ رَأْيًا وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى تَوْقِيفِ هَذَا الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِينَ سَنَةً وَرَوَى مُسْنَدًا من غير رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنِ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ حِينَ بَلَغَ ثَمَانِينَ سَنَةً واختتن بقدوم

قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ وَحَدَّثَنِي بِمِثْلِهَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ سَمِعَ أَبَاهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَوَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ الْيَشْكُرِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّ حَدِيثُ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ اخْتَتَنَ بَعْدَمَا مَرَّ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَنَةً وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي غالب بمصر حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَدْرٍ حَدَّثَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا مَرَّ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَنَةً وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ وَذَكَرَ الْمَرْوَزِيُّ حَدِيثَ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو يَعْنِي الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِينَ سَنَةً قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِينَ سَنَةً قَالَ وَحَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بِالْقَدُومِ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ قَالَ سَعِيدٌ وَهُوَ أَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ وَأَوَّلُ مَنْ أَضَافَ الضَّيْفَ وَأَوَّلُ مَنِ اسْتَحَدَّ وَأَوَّلُ مَنْ قَلَّمَ الْأَظَافِرَ وَأَوَّلُ مَنْ قَصَّ الشَّارِبَ وَأَوَّلُ مَنْ شَابَ فَلَمَّا رَأَى الشَّيْبَ قَالَ مَا هَذَا قَالَ وَقَارٌ قَالَ يَا رَبِّي زِدْنِي وَقَارًا قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ قَالَ حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ قَالَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ قَدْ أَكْمَلْتَ الْإِسْلَامَ إِلَّا بِضْعَةً مِنْكَ فَأَلْقِهَا فَقَدِمَ يَخْتِنُ نَفْسَهُ بِالْفَأْسِ فَصَرَفَ بَصَرَهُ عَنْ عَوْرَتِهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا قَالَ عِكْرِمَةُ وَاخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً قَالَ وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ بَعْدُ عَلَى مِلَّةٍ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَخْتُونٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ فِي إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ اخْتَتَنَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً وَقَدْ قَالَهُ الْمُسَيِّبُ بْنُ رَافِعٍ كَذَلِكَ ذَكَرَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

الصَّبَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ أَنْ تَطَهَّرَ فَتَوَضَّأَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ تَطَهَّرَ فَاغْتَسَلَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ تَطَهَّرَ فَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ فِي حَدِيثِ عَجْلَانَ وَحَدِيثِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْخِتَانِ فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ وَتَقَصَّيْنَا هُنَالِكَ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْقَوْلِ فِي سِيَرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الْحَدِيثِ عَنِ الْمَاضِينَ وَأَيَّامِ النَّاسِ جُمْلَةً وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عُمَرَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ عِيسَى حَدَّثَهُمْ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلَّافَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ عَنْ خِتَانِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَدْ طَلَبْتُ ذَلِكَ عِنْدَ أَكْثَرِ مَنْ لَقِيتُ مِمَّنْ كَتَبْتُ عَنْهُ فَلَمْ أَجِدْهُ حَتَّى أَتَيْتُ مُحَمَّدَ ابن أَبِي السِّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيَّ فِي سُفْرَتِي الثَّانِيَةِ فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ عِنْدَ تَوْدِيعِي لَهُ مُنْصَرِفًا فَقَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخَرَسَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَتَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ سَابِعِهِ وَجَعَلَ لَهُ مَأْدُبَةً وَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ مَخْتُونًا فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا

الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ فَذَكَرَ مِنْهَا الْخِتَانَ

الحديث الثامن

حَدِيثٌ ثَامِنٌ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 117 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يَقُولُ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُرْفَعُ بِدُعَاءِ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ يَرْفَعُهُمَا لَمْ يَخْتَلِفْ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ فِي أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ فِيهِ هَكَذَا وَرَوَاهُ ابْنُ وهب عن عمرو بن الحرث ومالك بن أنس عن يحيى بن سعيد قَالَ كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ فَذَكَرَهُ هكذا سواء من قول سعيد ابن الْمُسَيَّبِ وَهَذَا لَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ وَقَدْ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عُمَرَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ الْفَضْلِ الْخَفَّافَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَوْزَجَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَيَرْفَعُ الْعَبْدَ الدَّرَجَةَ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَنَّى لِي هَذِهِ الدَّرَجَةُ يُقَالُ بِاسْتِغْفَارِ ابْنِكَ لَكَ

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ السُّكَيْنِ إِمْلَاءً حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْخَزَّازُ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّجِيرَمِيُّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَأَكْبَرُ ظَنِّي أَنَّهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال إن المؤمن لَتُرْفَعُ لَهُ الدَّرَجَةُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ فَذَكَرَهُ

الحديث التاسع

حَدِيثٌ تَاسِعٌ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 217 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّوْمِ قَالُوا بَلَى قَالَ إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَإِيَّاكُمْ وَالْبَغْضَاءَ فَإِنَّهَا هِيَ الْحَالِقَةُ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفًا عَلَى سَعِيدٍ فِي الْمُوَطَّأِ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى مَالِكٍ فِيهِ الرُّوَاةُ إِلَّا إِسْحَاقَ بْنَ بِشْرٍ الْكَاهِلِيَّ وَهُوَ ضَعِيفٌ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا بِحَدِيثِهِ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قال حدثنا الفضل بن سليمان الأشج بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ الْكَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكُمْ وَالْبَغْضَاءَ فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْفُوعًا مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَاهُ

سَلَمَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ الْمُحَارِبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سعيد ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَإِيَّاكُمْ وَالْبِغْضَةَ فَإِنَّمَا هِيَ الْحَالِقَةُ وَحَدَّثَنَا سَلَمَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ حَالِقَةُ الشَّعْرِ وَلَكِنَّهَا حَالِقَةُ الدِّينِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ وَقَدْ رُوِيَ هذا الحديث من غير رِوَايَةَ مَالِكٍ وَسَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِيهِ عِلَّةٌ ذَكَرَهَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ فَقَالَ وَذَلِكَ مَا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّلَاةِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ عَلِيٌّ فَقُلْتُ لِمَعْنٍ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَسْمَعْهُ يَحْيَى بْنُ

سَعِيدٍ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بَيْنَهُمَا رَجُلٌ فَلَا تَقُلْ فِيهِ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَاجْعَلْهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَكَانَ لَا يَقُولُ فِيهِ إِلَّا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ عَلِيٌّ وَقَدْ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مَرْفُوعًا وَقَدْ رَوَى الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَفْضَلَ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ قَالُوا مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ ذَكَرَهُ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَصَالِحُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ فَذَكَرَهُ وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ يَعِيشَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ مَوْلَى الزُّبَيْرِ عَنِ الزُّبَيْرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمُ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ أَوْ قَالَ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ وَهِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ حَالِقَةُ الشَّعْرِ وَلَكِنْ حَالِقَةُ الدِّينِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ مِنْ وُجُوهٍ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَفِيهِ مَعَ خَبَرِ هَذَا الْبَابِ أَوْضَحُ حُجَّةٍ فِي تَحْرِيمِ الْعَدَاوَةِ وَفَضْلِ الْمُؤَاخَاةِ وَسَلَامَةِ الصَّدْرِ مِنَ الْغِلِّ

الحديث العاشر

حَدِيثٌ عَاشِرٌ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ 409 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِيٍّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الشَّيْءَ يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِذَا اسْتَيْقَظَ وَلِيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ إِنْ كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا هِيَ أَثْقَلُ عَلَيَّ مِنَ الْجَبَلِ فَلَمَّا سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فَمَا كُنْتُ أُبَالِيهَا هَذَا الْحَدِيثُ بَيِّنُ الْمَعْنَى وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَا السَّيِّئَةَ لَا تَضُرُّ مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَنَفَثَ عَنْ يَسَارِهِ وَالرُّؤْيَا السَّيِّئَةُ حُلْمٌ وَتَهْوِيلٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وَتَحْزِينٌ لِابْنِ آدَمَ عَلَى مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَهُوَ عِنْدَ مَعْمَرٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَعُقَيْلٍ وَلَيْسَ عِنْدَ مالك

قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فِي مُسْنَدِهِ حَدِيثَ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ سَمِعَهَا تَقُولُ إِنْ كَانَ لَيَكُونُ عَلَيَّ الصِّيَامُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ حَتَّى يَأْتِيَ شَعْبَانُ فَأَدْخَلَا هَذَا فِي الْمُسْنَدِ وَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدِي إِلَّا وَجْهٌ بَعِيدٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِحَاجَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ وَقَدْ يُسْتَدَلُّ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ هَذَا عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّ تَرْكَهَا لِقَضَاءِ مَا كَانَ عَلَيْهَا مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِعِلْمِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ فِيهِ بَيَانٌ لِمُرَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَوْلِهِ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الْفَوْرَ حَتَّى تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا يَقْتَضِي الِانْقِيَادَ إِلَيْهِ وَوُجُوبَ الْعَمَلِ بِهِ حَتَّى

تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَفِي تَأْخِيرٍ عَائِشَةَ قَضَاءَ مَا عَلَيْهَا مِنْ صِيَامِ رَمَضَانَ دَلِيلٌ عَلَى التَّوْسِعَةِ وَالرُّخْصَةِ فِي تَأْخِيرِ ذَلِكَ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شَعْبَانَ أَقْصَى الْغَايَةِ فِي ذَلِكَ فَمَنْ أَخَّرَهُ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ الَّتِي أَفْتَى بِهَا جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَذَلِكَ مُدٌّ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الحديث الحادي عشر

حَدِيثٌ حَادِيَ عَشْرَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى عن سليمان بن يسار أربعة أحاديث 417 - ملك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اخْتَلَفَا فِي الْمَرْأَةِ تَنَفَّسَ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ إِذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا فَقَدْ حَلَّتْ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ آخِرُ الْأَجَلَيْنِ فَجَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ فَبَعَثُوا كُرَيْبًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهَا قَالَتْ وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةٍ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَلَالَةِ أَبِي سَلَمَةَ وَأَنَّهُ كان يفتي مَعَ الصَّحَابَةِ وَأَبُو سَلَمَةَ الْقَائِلُ لَوْ رَفَقْتُ بِابْنِ عَبَّاسٍ لَأَخْرَجْتُ مِنْهُ عِلْمًا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعُلَمَاءَ لَمْ يَزَالُوا يَتَنَاظَرُونَ وَلَمْ يَزَلْ مِنْهُمُ الْكَبِيرُ لَا يَرْتَفِعُ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَا يَمْنَعُونَ الصَّغِيرَ إِذَا عَلِمَ أَنْ يَنْطِقَ

بِمَا عَلِمَ وَرُبَّ صَغِيرٍ فِي السِّنِّ كَبِيرٌ فِي عِلْمِهِ وَاللَّهُ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ بِحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُنَاظَرَةَ وَطَلَبَ الدَّلِيلِ وَمَوْقِعَ الْحُجَّةِ كَانَ قَدِيمًا مِنْ لَدُنْ زَمَنِ الصَّحَابَةِ هَلُمَّ جَرًّا لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ إِلَّا جَاهِلٌ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحُجَّةَ عِنْدَ التَّنَازُعِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَفِيمَا فِيهِ نَصٌّ أَيْضًا إِذَا احْتَمَلَ الْخُصُوصَ لِأَنَّ السُّنَّةَ تُفِيدُ مُرَادَ اللَّهِ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَنْ عَرَفَ الْحَدِيثَ قَوِيَتْ حُجَّتُهُ وَمَنْ نَظَرَ فِي النَّحْوِ رَقَّ طَبْعُهُ وَمَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ مَثُلَ قَدْرُهُ وَمَنْ لَمْ يَصُنْ نَفْسَهُ لَمْ يَصُنْهُ الْعِلْمُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ رَبِّهِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي عِدَّةِ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا كَانَ بَيْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَّ أَبَا سَلَمَةَ كَانَ رَسُولَهُمَا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ وَعَبْدُ رَبِّهِ ثِقَةٌ وَيَحْيَى ثقة والمعنى الذي له جلب الحديث غير مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الْوَضْعَ مِنَ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا انْقِضَاءَ عَدَّتِهَا وَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي ذَلِكَ بَيَانٌ لِمُرَادِ اللَّهِ مِنْ قَوْلِهِ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا أَنَّهُ عَنَى مِنْهُنَّ مَنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا

وَقَدْ جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَأَوْضَحْنَا مَعْنَاهُ فِي بَابِ عَبْدِ رَبِّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحَدِيثُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ لَيْسَ عِنْدَ الْقَعْنَبِيِّ وَلَا ابْنِ بُكَيْرٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ وَجَمَاعَةٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ فَذَكَرَهُ إِلَى آخِرِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثاني عشر

حَدِيثٌ ثَانِيَ عَشَرَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سليمان بن يسار 517 - ملك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم دخل بَيْتَ أُمِّ سَلَمَةَ وَفِي الْبَيْتِ صَبِيٌّ يَبْكِي فَذَكَرُوا أَنَّ بِهِ الْعَيْنَ قَالَ عُرْوَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا تَسْتَرْقُونَ لَهُ مِنَ الْعَيْنِ هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ يَسْتَنِدُ مَعْنَاهُ مِنْ طُرُقٍ ثَابِتَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِهَا فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي قِصَّةِ ابْنَيْ جَعْفَرٍ وَفِيهِ رِوَايَةُ النَّظِيرِ عَنِ النَّظِيرِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ذَكَرَهُ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ

يَقُولُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَسْمَاءَ ابْنَةِ عُمَيْسٍ مَا شَأْنُ أَجْسَامِ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً أَتُصِيبُهُمْ حَاجَةٌ قَالَتْ لَا وَلَكِنْ تُسْرِعُ إِلَيْهِمُ العين أفترقيهم قال وبمذا فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ ارْقِيهِمْ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرخص لبني عمرو ابن حَزْمٍ فِي رُقْيَةِ الْحُمَةِ قَالَ وَقَالَ لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ مَا شَأْنُ أَجْسَامِ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً فَذَكَرَ مِثْلَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ إِلَى آخِرِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عروة ابن عَامِرٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رَفَاعَةَ الْبَارِقِيِّ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَيْ جَعْفَرٍ تُصِيبُهُمُ الْعَيْنُ أَفَأَسْتَرْقِي لَهُمْ قَالَ نَعَمْ لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرِ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْعَيْنِ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ

قَالَ أَبُو وَاقِدٍ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ بَلَغَنِي عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الرُّقَى حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَكَانَتِ الرُّقَى فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فِيهَا كَثِيرٌ مِنْ كَلَامِ الشِّرْكِ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ لُدِغَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كَانَ آلُ حَزْمٍ يَرْقُونَ مِنَ الْحُمَةِ فَلَمَّا نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى تَرَكُوهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادْعُوا لِي عُمَارَةَ بْنَ حَزْمٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا فَدُعِيَ لَهُ فَقَالَ اعْرِضْ عَلَيَّ رُقْيَتَكَ فَعَرَضَهَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرَ بِهَا بَأْسًا وَأَذِنَ لَهُمْ بِهَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أبو بكر ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ عَرَضَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ رُقْيَتَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْقُوا بِهَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَرْقِي مِنَ الْعَقْرَبِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ كَثِيرَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ الْعَدَوِيَّ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الرُّقَى وَالْأَخْذَةِ وَالْكِهَانَةِ وَنَظَرٍ فِي النُّجُومِ طَرَفٌ مِنَ السِّحْرِ

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ سَمْعَانَ قَالَ سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ إِذَا لُدِغَ الْإِنْسَانُ فَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ أَوْ لَسَعَتْهُ عَقْرَبٌ فَلْيَقْرَأِ الْمَلْدُوغُ بِهَذِهِ الْآيَةِ نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَإِنَّهُ يُعَافَى بِإِذْنِ اللَّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي جَوَازِ الِاسْتِرْقَاءِ مِنَ الْعَيْنِ وَالْحُمَةِ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآثَارُ فِي الرَّقْيِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الرَّقْيِ جَائِزٌ مِنْ كُلِّ وَجَعٍ وَمِنْ كُلِّ أَلَمٍ وَمِنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِ الْعَيْنِ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِي وَمِثْلُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَوَازِ الرَّقْيِ مِنَ الْوَجَعِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِي فِي بَابِ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَحَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى قَرَأَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَنَفَثَ وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ عَنِ الْأَسْوَدِ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ وَرَوَى أَنَسٌ وَعَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ قَالَ أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ الْحَدِيثَ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله

وَرَوَى صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنِ الشِّفَاءِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ لَهَا عَلِّمِي حَفْصَةَ رُقْيَةَ النَّمْلَةِ كَمَا عَلَّمْتِهَا الْكِتَابَ وَمِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَمَيْمُونَةَ وَعَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَازُ الرُّقَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُشْتَكَى بِهِ مِنَ الْأَوْجَاعِ كُلِّهَا وَقَالَ آخَرُونَ لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ لَدْغَةِ عَقْرَبٍ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ وَالُحْمَةُ لَدْغَةُ الْعَقْرَبِ وَهَذَا حَدِيثٌ يَرْوِيهِ الشَّعْبِيُّ وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَّةٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّيَّاتُ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ طَالُوتَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَّةٍ

وَرَوَاهُ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَّةٍ وَرَوَاهُ مُجَاهِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ وَرَوَاهُ الْعَبَّاسُ بْنُ ذَرَيْحٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَنَسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير حدثنا عبد الله مُحَمَّدٍ الْكِرْمَانِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ أَوْ دَمٍ لَا يَرْقَأُ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ فِي قِصَّةِ ابْنَيْ جَعْفَرٍ كَثِيرٌ مِنْ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ وَمَضَى فِيهِ حَدِيثُ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ لِبَنِي عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي رُقْيَةِ الْحُمَةِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ الْحُمَةُ اللَّدْغَةُ

الحديث الثالث عشر

حَدِيثٌ ثَالِثَ عَشَرَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 617 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلًا عِنْدَ كُلِّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَفِي هَذَا الْبَابِ أَحَادِيثُ مُسْنَدَةٌ كَثِيرَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ نَذْكُرُ مِنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُشْبِهُهُ وَيَلِيقُ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطَرِّفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ بِعَسْقَلَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْنٍ ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا كَبَّرَ لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى رَفْعَ الْيَدَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَوَائِلُ بْنُ حُجْرٍ وَمَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنَسٌ وَأَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ فِي عَشَرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ ثُمَّ لَا يَعُودُ وَهُمَا حَدِيثَانِ مَعْلُولَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ وَمَا فِي ذَلِكَ اعْتِلَالُ الْآثَارِ وَمَذَاهِبُ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ مُمَهَّدًا مُجَوَّدًا مُخْتَصَرًا مُوعَبًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هَهُنَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا رَكَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَإِذَا رَفَعَ لِلسُّجُودِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ أَبَا الْمَيْمُونِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْعَسْقَلَانِيَّ حَدَّثَهُمْ بِعَسْقَلَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْنٍ ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ قال رأيت

طاوس يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ وَعِنْدَ رُكُوعِهِ وَعِنْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوعِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ فَسَأَلْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنَّهُ يُحَدِّثُ بِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ كُلَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ قَالَ حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا كَبَّرَ وَإِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ حذو أذنيه قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ السُّجُودِ وَهَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَنَا إِذَا انْحَطَّ إِلَى السُّجُودِ مِنَ الرُّكُوعِ لِأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ رَوَى عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وهو أثبت ممن روى حذو أذنيه وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَعَانِيَ كُلَّهَا وَمَا رُوِيَ فِيهَا مِنَ الْآثَارِ وَذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا لِلْفُقَهَاءِ فِيهَا مِنَ التَّنَازُعِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الرابع عشر

حَدِيثٌ رَابِعَ عَشَرَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 717 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَوْقَ رَأْسِهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِلِحْيَيْ جَمَلٍ مَكَانٌ بِطَرِيقِ مَكَّةَ هَذَا مُرْسَلٌ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ وَقَدْ رُوِيَ مُسْنَدًا مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ وَأَنَسٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هِلَالُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ بْنِ عَثْمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ أَبِي عَلْقَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الْأَعْرَجَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُحَيْنَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَسَطَ رَأْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِلِحْيَيْ جَمَلٍ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ وَهَذَا حَدِيثٌ مَدَنِيٌّ لَفْظُهُ لَفْظُ حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ احْتَجَمَ وَهُوَ محرم

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يُعَرَفُ بِابْنِ قَلَنْبَةَ الْإِسْكَنْدَرَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهَبُ بْنُ جَرِيرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو صَائِمٌ مُحْرِمٌ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المؤمن قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَامِعٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزَيْدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي رَأْسِهِ مِنْ دَاءٍ كَانَ بِهِ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ دَاءٍ كَانَ بِرَأْسِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَحْتَجِمَ إِذَا كَانَ بِهِ أَذًى وَنَزَلَ بِهِ ضُرٌّ إِلَّا أَنَّهُ إِنْ حَلَقَ شَيْئًا مِنَ الشَّعْرِ فِي مَوْضِعِ الْمَحَاجِمِ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ إِذَا حَلَقَ شَيْئًا لَهُ بَالٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنْ حَلَقَ عِنْدَ مَالِكٍ شَعْرَةً أَوْ شَعْرَتَيْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُطْعِمُ قَبْضَةً مِنْ طَعَامٍ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ حُكْمَ شَعْرِ الْبَدَنِ غَيْرُ شَعْرِ الرَّأْسِ لِلْمُحْرِمِ وَلَيْسَ فِي شَعْرِ الْبَدَنِ شَيْءٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ حِلَاقِ الشِّعْرِ وَمَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

الحديث الخامس عشر

حَدِيثٌ خَامِسَ عَشَرَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى بن قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ 817 - مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عن صالح ابن خَوَّاتٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ وَمَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَطَائِفَةٌ مُوَاجِهَةٌ الْعَدُوَّ يَرْكَعُ الْإِمَامُ رَكْعَةً وَيَسْجُدُ بِالَّذِينَ مَعَهُ ثُمَّ يَقُومُ فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا ثَبَتَ وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ ثُمَّ يُسَلِّمُونَ وَيَنْصَرِفُونَ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ فَيَكُونُونَ وِجَاهَ الْعَدُوِّ ثُمَّ يُقْبِلُ الْآخَرُونَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُكَبِّرُونَ وَرَاءَ الْإِمَامِ فَيَرْكَعُ بِهِمْ وَيَسْجُدُ ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقُومُونَ فَيَرْكَعُونَ لِأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ يُسَلِّمُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ عَلَى سَهْلٍ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا مُسْنَدًا بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ أَسَنُّ مِنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَأَجَلُّ

رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَذَلِكَ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ بِحَدِيثِهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِهِ هَذَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا بَيْنَهُمَا انْتِظَارُ الْإِمَامِ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ حَتَّى تُتِمَّ فَيُسَلِّمَ بِهِمْ هَكَذَا فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى أَنَّهُ يُسَلِّمُ إِذَا صَلَّى بِهَا الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ يَقُومُونَ فَيَرْكَعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُجَوَّدَةً فِي بَابِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْآثَارِ وَاخْتِلَافَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ مُمَهَّدًا مَبْسُوطًا فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا وَأَمَّا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ هَذَا فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ مِنْهَا الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ عِنْدَ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنِ اخْتِلَافِهِمَا فِي انْتِظَارِ الْإِمَامِ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ حَتَّى تُتِمَّ رَكْعَتَهَا ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهَا وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ هُوَ أَنَّ الْإِمَامَ يَنْتَظِرُ الطَّائِفَةَ الْأُخْرَى قَاعِدًا فَإِذَا كَبَّرُوا خَلْفَهُ قَامَ وَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَعَدَ حَتَّى يَقْضُوا رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمَ بِهِمْ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْإِمَامَ يَنْتَظِرُ الطَّائِفَةَ الْأُخْرَى قَاعِدًا وَاتَّفَقَ حَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ إِنَّمَا يَنْتَظِرُهُمْ قَائِمًا وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنَّ الْإِمَامَ يَصُفُّ الطَّائِفَتَيْنِ خلفه صفين فيحرم بهم ثم يركع وَيَسْجُدُ بِالَّذِينِ يَلُونَهُ ثُمَّ يَقُومُ قَائِمًا حَتَّى يُصَلِّيَ الصَّفُّ الَّذِي خَلْفَهُمْ رَكْعَةً ثُمَّ يَتَقَدَّمُونَ وَيَتَأَخَّرُ الَّذِينَ كَانُوا قُدَّامَهُمْ فَيُصَلِّي

بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ يَجْلِسُ حَتَّى يُصَلِّيَ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمَ بِهِمْ وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ أَنْ يُصَلِّيَ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ فَتَقْضِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِهِ بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَوْجَهِ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ اخْتَلَفَ فِيهَا أَصْحَابُ شُعْبَةَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحٍ عَنْ سَهْلٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَلَا فِي رَفَعَ الْحَدِيثِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي خَوْفٍ فَجَعَلَهُمْ صَفَّيْنِ فَصَلَّى بِالَّذِينِ يَلُونَهُ رَكْعَةً ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً ثُمَّ تَقَدَّمُوا وَتَأَخَّرَ الَّذِينَ كَانُوا قُدَّامَهُمْ فَصَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً ثُمَّ قَعَدَ حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ

شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَصَفَّ صَفًّا خَلْفَهُ وَصَفًّا مَصَافِيَ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بهم ركعة ثم ذهب هؤلاء وجاء أولائك فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ قَامُوا فَقَضَوْا رَكْعَةً رَكْعَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ نَافِعٍ وَسَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَى شُعْبَةَ كَمَا تَرَى وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا وَهُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ عِنْدِي فِي هَذَا الْبَابِ وَأَوْلَى وَالصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُطَابَقَةِ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ لِاسْتِفْتَاحِ الْإِمَامِ بِبَعْضِهَا وَذَلِكَ قَوْلُهُ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ منهم معك ثم قال وليأت طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا أَنَّ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بَعْدَ انْصِرَافِ الطَّائِفَةِ الْأُولَى بِخِلَافِ رِوَايَةِ يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ أَنَّ الثَّانِيَةَ لَا تَنْصَرِفُ عَنِ الْإِمَامِ وَعَلَى شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ وَهَذَا أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ فِي افْتِتَاحِهِمْ

الحديث السادس عشر

حَدِيثٌ سَادِسَ عَشَرَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ 917 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَرِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ فَأَدْرَكَ الرَّجُلُ مَالَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّةِ إِسْنَادِهِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَاهُ مُجَوَّدًا مُمَهَّدًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ هذا الكتاب

الحديث السابع عشر

حَدِيثٌ سَابِعَ عَشَرَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى عَنْ أَبِي الْحُبَابِ حَدِيثَانِ 27027027 027 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحُبَابِ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى يَقُولُونَ يَثْرِبُ وَهِيَ الْمَدِينَةُ تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ وَرَوَاهُ إِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى الطَّبَّاعِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَبِي الْحُبَابِ كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَبُو الْحُبَابِ هَذَا سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَقِيلَ مَوْلَى شُمَيْسَةَ امْرَأَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ أَسَلَمَتْ بِالْمَدِينَةِ عَلَى يَدَيِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَقِيلَ أَبُو الْحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى شُقْرَانَ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو الْحُبَابِ أَحَدَ الثِّقَاتِ مِنَ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَبِهَا تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْكُلُ الْقُرَى فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ مَعْنَاهُ تَفْتَحُ الْقُرَى وَتُفْتَحُ مِنْهَا الْقُرَى لِأَنَّ مِنَ الْمَدِينَةِ افْتُتِحَتِ الْمَدَائِنُ كُلُّهَا

بِالْإِسْلَامِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهِيَةِ تَسْمِيَةِ الْمَدِينَةِ بِيَثْرِبَ عَلَى مَا كَانَتْ تُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَنَزَلَ بِذِكْرِ يَثْرِبَ عَلَى مَا كَانُوا يُعْرَفُونَ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ وَلَعَلَّ تَسْمِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا بِطَيْبَةَ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَغْلَبُ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَنْفِي النَّاسَ فَإِنَّهُ أَرَادَ شِرَارَ النَّاسِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ مَثَّلَ ذَلِكَ وَشَبَّهَهُ بِمَا يَصْنَعُ الْكِيرُ فِي الْحَدِيدِ وَالْكِيرُ إِنَّمَا يَنْفِي رَدِيءَ الْحَدِيدِ وَخَبَثَهُ وَلَا يَنْفِي جِيِّدَهُ وَهَذَا عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِنَّمَا كَانَ فِي حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ رَغْبَةً عَنْ جِوَارِهِ فِيهَا إِلَّا مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ وَأَمَّا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا الْخِيَارُ الْفُضَلَاءُ الْأَبْرَارُ وَأَمَّا الْكِيرُ فَهُوَ مَوْضِعُ نَارِ الْحَدَّادِ وَالصَّائِغِ وَلَيْسَ الْجِلْدَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ كِيرًا هَكَذَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ وَمِنْ هَذَا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ وَأَبِي رَيْحَانَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْحُمَّى كِيرٌ مِنْ جَهَنَّمَ وهي نصيب المؤمن مِنَ النَّارِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِي الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحُمَّى كِيرٌ مِنْ جَهَنَّمَ فَمَا أَصَابَ المؤمن مِنْهَا كَانَ حَظَّهُ مِنَ النَّارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الحديث الثامن عشر

حَدِيثٌ ثَامِنَ عَشَرَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 127 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطَّيِّبَ كَانَ إِنَّمَا يَضَعُهَا فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ يُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا وَتَابَعَهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ عَلَى ذَلِكَ وممن تابعه ابن القاسم وابن وهب مطرف وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَجَمَاعَةٌ وَرَوَاهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي الْحُبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكِ عن يحيى بن سعيد عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ عن مالك

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَصَدَّقَ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا طَيِّبًا كَانَ كَأَنَّمَا يَضَعُهَا فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ فَيُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَصِيلَهُ أَوْ فُلُوَّهُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مُوَطَّأُ ابْنِ بُكَيْرٍ بِهَذَيْنِ الْإِسْنَادَينِ قَرَأْتُهُ عَلَى أَبِي عُمَرَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ وَعَلَى أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِالْإِسْنَادَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَأَخْبَرَنَاهُ أَيْضًا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمُؤَدِّبُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وُجُوْهٍ وَرَوَتْهُ طَائِفَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا يَقْبَلُ مِنَ الصَّدَقَاتِ مَا طَابَ كَسْبُهُ وَأُرِيدَ بِهِ وَجْهُهُ وَالْكَسْبُ الطَّيِّبُ هُوَ الْحَلَالُ الْمَحْضُ أَوِ الْمُتَشَابِهُ فَإِنَّ الْمُتَشَابِهَ عِنْدَنَا فِي حَيِّزِ الْحَلَالِ بِدَلَائِلَ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَلِلْعُلَمَاءِ

فِي الْمُتَشَابِهِ أَقَاوِيلُ أَشْبَهُهَا عِنْدَنَا مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ يُعَضِّدُهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ قِيلَ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ إِنَّ اللَّهَ قَالَ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَإِنَّمَا نَرَى أَصْحَابَ الرِّبَا تُنَمَّى أَمْوَالُهُمْ فَقَالَ إِنَّمَا يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا حَيْثُ يُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَيُضَعِّفُهَا وَذَلِكَ فِي الْقِيَامَةِ إِذَا نَظَرَ الْعَبْدُ إِلَى أَعْمَالِهِ فَرَآهَا مَمْحُوقَةً أَوْ مُضَاعَفَةً كَمَا قَالَ رَوَى وَكِيعٌ عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن العبد إذا تصدق بصدقة وضعت فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي كَفِّ السَّائِلِ قَالَ فَيُرْبِيهَا كَمَا يُرْبِي أَحَدُكُمْ فَصِيلَهُ أَوْ فُلُوَّهُ حَتَّى إِنَّ اللُّقْمَةَ لَتَصِيرُ مِثْلَ أُحُدٍ ثُمَّ قَرَأَ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ دَلِيلٌ عَلَى عَظِيمِ فَضْلِ الصَّدَقَةِ وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا أَحْسَنَ عَبْدٌ الصَّدَقَةَ إِلَّا أَحْسَنَ اللَّهُ الْخِلَافَةَ عَلَى بَنِيهِ وَكَانَ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظَلُّهُ وَحُفِظَ فِي يَوْمِ صَدَقَتِهِ مِنْ كُلِّ عَاهَةٍ أو آفة

وَفِي فَضْلِ الصَّدَقَاتِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ وَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِلْعَمَلِ وَأَرَادَ بِهِ اللَّهَ فَالْقَلِيلُ يَكْفِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَحِيرٍ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بن يعلى قال حدثنا عمرو بن الحرث عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الصَّدَقَةَ لتطفىء عَلَى أَهْلِهَا حَرَّ الْقُبُورِ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْقَيْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْبِشْرِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كل امرىء فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ قَالَ يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ قَالَ يَزِيدُ وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لَا يُخَطِّيهِ يَوْمٌ إِلَّا تَصَدَّقَ فِيهِ بِكَعْكَةٍ أَوْ بَصَلَةٍ أَوْ شَيْءٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ دَعْوَةُ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لِلْمُتَصَدِّقِ لَا تُرَدُّ

الحديث التاسع عشر

حَدِيثٌ تَاسِعَ عَشَرَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ 227 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ وَهِيَ مِنْ أَدْنَى خَيْبَرَ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَعَا بِالْأَزْوَادِ فَلَمْ يُؤْتَ إِلَّا بِالسَّوِيقِ فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّيَ فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكَلْنَا ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَبَشِيرُ بْنُ يَسَارٍ هَذَا هُوَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي كَيْسَانَ مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ مَدَنِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ إِسْنَادُهُ ثَابِتٌ مَعْنَاهُ أَدْخَلَهُ مَالِكٌ فِي بَابِ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ السَّوِيقَ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي قَدْ مَسَّتْهُ النَّارُ وَأَنَّهُ لَا وُضُوءَ فِيهِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى وَجَوَّدْنَاهُ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ وَمَهَّدْنَاهُ وَبَسَطْنَاهُ وَجَلَبْنَا فِيهِ الِاخْتِلَافَ وَوُجُوهَ الِاعْتِلَالِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وأما قوله فثري يعني بل الماء وَمِنْهُ قِيلَ لِلتُّرَابِ النَّدِيِّ الثَّرَى وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّالِحِينَ وَالْفُضَلَاءَ لَا يَسْتَغْنُونَ عَنِ الزَّادِ فِي سَفَرِهِمْ وَهُوَ يُبْطِلُ مَذْهَبَ الصُّوفِيَّةِ الَّذِينَ لَا يَدَّخِرُونَ لِغَدٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ جَمْعَ الْأَزْوَادِ وَاجْتِمَاعَ الْأَيْدِي عَلَيْهَا أَعْظَمُ بَرَكَةً وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ جَمْعُ الْأَزْوَادِ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ وَقَدْ أَجَازَ لَنَا أَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُوعَ فَقَالَ اجْمَعُوا أَزْوَادَكُمْ قَالَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْحَفْنَةِ مِنَ التَّمْرِ وَالْحَفْنَةِ مِنَ السَّوِيقِ وَطَرَحُوا الْأَنْطَاعَ أَوْ قَالَ الْأَكْسِيَةَ فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ كُلُوا فَأَكَلْنَا وَشَبِعْنَا وَأَخَذْنَا فِي مَزَاوِدِنَا ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأني رسول الله من قالها غير شَاكَ فَقَدْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِمَا فِيهِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِخْرَاجِ أَزْوَادِهِمْ لِلْمُسَاوَاةِ فِيهَا عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ لِلْإِمَامِ عِنْدَ قِلَّةِ الطَّعَامِ وَارْتِفَاعِ السِّعْرِ وَغَلَاءِ الْأَقْوَاتِ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ عِنْدَهُ طَعَامٌ فَوْقَ قُوتِهِ بِإِخْرَاجِهِ لِلْبَيْعِ وَيُجْبِرَهُ عَلَى ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْمِيقِ مُهَجِ النَّاسِ وَإِحْيَائِهِمْ وَالْإِبْقَاءِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقٍ مُنْقَطِعٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

أَنَّهُ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُخْرِجَ الْقَوْمُ إِذَا خَرَجُوا فِي سَفَرٍ نَفَقَتَهُمْ جَمِيعًا فَإِنَّ ذَلِكَ أَطْيَبُ لِأَنْفُسِهِمْ وَأَحْسَنُ لِأَخْلَاقِهِمْ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهُ قَالَ مِنْ كَرَمِ الرَّجُلِ طِيْبُ زَادِهِ فِي سَفَرِهِ وَرُوِّينَا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنِ إِسْحَاقَ لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى الْعِرَاقِ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ إِنِّي أَحْسَبُ السُّفْرَةَ عِنْدَكَ خَسِيسَةً يَا أَبَا عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ ذَلِكَ الْوَقْتَ قَدْ رَقَّتْ حَالَتُهُ فَقَالَ إِنْ كَانَتِ السُّفْرَةُ خَسِيسَةً فَمَا أَخْلَاقُنَا بِخَسِيسَةٍ وَلَرُبَّمَا قَصَّرَ الدَّهْرُ بَاعَ الْكَرِيمِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الضَّرَّابُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ الْفَرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَقْطَعُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو فِرَاسٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ لِلسَّفَرِ مُرُوءَةٌ وَلِلْحَضَرِ مُرُوءَةٌ فَأَمَّا الْمُرُوءَةُ فِي السَّفَرِ فَبَذْلُ الزَّادِ وَقِلَّةُ الخلاف على الأصحاب وكثرة المزاح في غير مَسَاخِطُ اللَّهِ وَأَمَّا الْمُرُوءَةُ فِي الْحَضَرِ فَالْإِدْمَانُ إِلَى الْمَسَاجِدِ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ وَكَثْرَةُ الْإِخْوَانِ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتَى رَجُلَانِ إِلَى ابْنِ عَوْنٍ يُوَدِّعَانِهِ وَيَسْأَلَانِهِ أَنْ يُوصِيَهُمَا فَقَالَ لَهُمَا عَلَيْكُمْ بِكَظْمِ الْغَيْظِ وَبَذْلِ الزَّادِ فَرَأَى أَحَدُهُمَا فِي الْمَنَامِ أَنَّ ابْنَ عَوْنٍ أَهْدَى إِلَيْهِمَا حلتين

وَلِبَعْضِ بَنِي أَسَدٍ وَقِيلَ إِنَّهَا لِحَاتِمٍ الطَّائِيِّ إِذَا مَا رَفِيقِي لَمْ يَكُنْ خَلْفَ نَاقَتِي لَهُ مُرَكَبٌ فَضْلًا فَلَا حَمَلْتُ رِجْلِي وَلَمْ يَكْ مِنْ زَادِي لَهُ شَطْرُ مِزْوَدِي فَلَا كُنْتُ ذَا زَادٍ وَلَا كُنْتُ ذَا فَضْلِ شَرِيكَانِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَقَدْ أَرَى عَلَيَّ لَهُ فَضْلًا بِمَا نَالَ مِنْ فَضْلِ وَقَالَ آخَرُ وَإِنِّي لَأَسْتَحْيِي رَفِيقِي أَنْ يَرَى مَكَانَ يَدِي مِنْ جَانِبِ الزَّادِ أَقْرَعًا أَبِيتُ هَضِيمَ الْكَشْحِ مُضْطَرِمَ الْحَشَى مِنَ الْجُوعِ أَخْشَى الذَّمَّ أَنْ أَتَضَلَّعَا وَإِنَّكَ إِنْ أَعْطَيْتَ بَطْنَكَ سُؤْلَهُ وَفَرْجَكَ نَالَا مُنْتَهَى الذَّمِّ أَجْمَعَا

الحديث العشرون

حَدِيثٌ مُوفِي عِشْرِينَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 327 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يسار أن أبا بردة ابن نِيَارٍ ذَبَحَ أُضْحِيَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ رَسُولُ الله يوم الأضحى فزعم أن رسول الله أَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ لِضَحِيَّةٍ أُخْرَى فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ لَا أَجِدُ إِلَّا جَذَعًا قَالَ فَاذْبَحْ أبو بردة بن نيار اسمه هانىء بْنُ نِيَارٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ ههنا وَيُقَالُ إِنَّ بَشِيرَ بْنَ يَسَارٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي بُرْدَةَ وَقَدْ رَوَاهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ أَنَّهُ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ رسول الله فَذَكَرَ الْحَدِيثَ هَكَذَا ذَكَرَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ عَنْ مَعْنٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ أَنَّهُ ذَبَحَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ وَقِصَّةُ أَبِي بُرْدَةَ هَذِهِ مَحْفُوظَةٌ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا

الْمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ بن عازب قال خطبنا رسول الله يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَالَ مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فَقَالَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ نَسَكْتُ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ فَعَجَّلْتُ وَأَكَلْتُ ثُمَّ أَطْعَمْتُ أَهْلِي وَجِيرَانِي فقال رسول الله تِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ قَالَ فَإِنَّ عِنْدِي عِنَاقًا جَذَعَةً هِيَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ فَهَلْ تجزي عني قال نعم ولن تجزيء عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ وَرَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ وَمُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ وَعَامِرٌ الْأَحْوَلُ وَسَيَّارٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ وَمَنْ رَوَاهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ فَقَدْ أَخْطَأَ وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الذَّبْحَ لَا يَجُوزُ قَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ لِأَنَّ رَسُولَ الله أَمَرَ الَّذِي ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ بِالْإِعَادَةِ وَقَدْ أَمَرَنَا اللَّهُ بِالتَّأَسِّي بِهِ وَحَذَّرَنَا مِنْ مخالفة أمره ولم يخبرنا رسول الله أَنَّ ذَلِكَ خُصُوصٌ لَهُ فَالْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ اسْتِعْمَالُ عُمُومِهِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْأَضْحَى مُؤَقَّتٌ بِوَقْتٍ لَا يَتَقَدَّمُ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِ ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَى مَا نُورِدُهُ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ

إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الذَّبْحَ لِأَهْلِ الْحَضَرِ لَا يَجُوزُ قَبْلَ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ وَأَمَّا الذَّبْحُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ فَمَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَذْبَحَ أُضْحِيَتَهُ قَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ مَالِكٍ هَذَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يسار أن رسول الله أَمَرَ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ لَمَّا ذَبَحَ أضحيته قبل ذبح رسول الله أَنْ يُعِيدَ بِضَحِيَّةٍ أُخْرَى وَرَوَى ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى يَوْمَ النَّحْرِ بِالْمَدِينَةِ فَتَقَدَّمَ رِجَالٌ فَنَحَرُوا وظنوا أن رسول الله قَدْ نَحَرَ فَأَمَرَ مَنْ كَانَ نَحَرَ أَنْ يُعِيدَ بِذِبْحٍ آخَرَ وَلَا يَنْحَرَ حَتَّى يَنْحَرَ النبي ذَكَرَهُ سُنَيْدٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ النَّحْرَ لَا يَجُوزُ قَبْلَ نَحْرِ الْإِمَامِ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ ذَبَحُوا قَبْلَ أَنْ ينحر النبي أو قبل أن يصلي النبي فأمرهم النبي أن يعيدوا

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا يَجُوزُ ذَبْحُ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَيَجُوزُ بَعْدَ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ الْإِمَامُ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ رَسُولَ الله قَالَ مَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا هِيَ شَاةُ لَحْمٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَزَّازُ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ دَاوُدَ وَعَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ وَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عن النبي أَنَّهُ قَالَ أَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ تَعَجَّلَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ وَكَانَ أَبُو بردة ابن نِيَارٍ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً خَيْرًا مِنْ مُسِنَّةٍ فقال اجعلها مكانه ولن تجزىء أَوْ تُوفِيَ عَنْ أَحَدٍ بِعَدَكَ

وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ حَدِيثَ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَالَ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ قَدْ خَالَفَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يصلي النبي عتودا جذعا فقال النبي لا تجزىء عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ وَنَهَى أَنْ يَذْبَحُوا قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَجَعَلَ ذَبْحَ أَبِي بُرْدَةَ كَانَ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَا قَبْلَ ذِبْحِ الْإِمَامِ بَعْدَ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا مَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَقَفَهُ مَرَّةً ورفعه أخرى أن رسول الله صَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَعَادَ ذَبْحًا فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ جِيرَانِي إِمَّا قَالَ بِهِمْ حَاجَةٌ أَوْ قَالَ فَاقَةٌ فَذَبَحْتُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَعِنْدِي عَنَاقٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْ لَحَمٍ قَالَ فَرَخَّصَ لَهُ فَإِنْ كَانَتْ رُخْصَتُهُ عَدَّتْ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَلَا عِلْمَ لِي ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا وَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى غُنَيْمَةٍ فَتَجَزَّعُوهَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدُبٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يَوْمَ أَضْحَى فَرَأَى قَوْمًا قَدْ ذَبَحُوا وَقَوْمًا لَمْ يَذْبَحُوا فَقَالَ مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ صِلَاتِنَا فَلْيُعِدْ وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عيينة قال حدثنا الأسود ابن قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ جُنْدُبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ البحلي قال شهدت العيد مع النبي وَأَنَّ نَاسًا ذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ ذَبِيحَتَهُ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ قَالُوا فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الصَّلَاةِ وَمُرَاعَاتِهَا دُونَ مَا سِوَاهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ لَا أَجِدُ إِلَّا جَذَعًا فَإِنَّ الْجَذَعَ الَّذِي أَرَادَ أَبُو بُرْدَةَ كَانَ عَنَاقًا أَوْ عَتُودًا وَقَدْ بَانَ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَا مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْجَذَعَ الْمَذْكُورَ فِي حَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ هَذَا كَانَ عَنَاقًا أَوْ عَتُودًا عَلَى مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَحَدِيثِ جَابِرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْعَنَاقُ وَالْعَتُودُ وَالْجَفْرَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا مِنْ وَلَدِ الْمَعِزِ خَاصَّةً وَلَا تَكُونُ مِنْ وَلَدِ الضَّأْنِ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَفِيهَا قَالَ رسول الله لأبي بردة لا تجزىء عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْجِذَعَ مِنَ الْمَعِزِ لَا تجزىء الْيَوْمَ عَنْ أَحَدٍ لِأَنَّ أَبَا بُرَيْدَةَ خُصَّ بِذَلِكَ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْجَفْرُ وَالْجُفْرَةُ وَالْعَرِيضُ وَالْعَتُودُ هَذِهِ كُلُّهَا لَا يَكُونُ إِلَّا فِي أَوْلَادِ الْمَعِزِ خَاصَّةً وَهِيَ كُلُّهَا أَسْمَاءٌ تَقَعُ على الجدي

وَالْجَدْيُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى عَنَاقٌ مِنْ أَوْلَادِ الْمَعِزِ خَاصَّةً وَالْجَفْرَةُ مِنْهَا مَا كَانَ يَرْضَعُ وَيَنَالُ مِنَ الْكَلَأِ فَيَجْتَمِعُ فِيهِ الرَّعْيُ وَاللَّبَنُ وَاخْتَلَفَ فِي سِنِّ الْجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ فَقِيلَ ابْنُ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ وَقِيلَ ابْنُ عَشْرَةٍ وَقِيلَ مَا بَيْنَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَى الْعَشْرِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ مَا بَيْنَ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ إِلَى سَنَةٍ وَأَوَّلُ سِنٍّ تَقَعُ مِنَ الْبَهَائِمِ فَهُوَ جَذَعٌ وَالسِّنُّ الثَّانِيَةُ إِذَا وَقَعَتْ فَهُوَ ثَنِيٌّ وَالسِّنُّ الثَّالِثَةُ إِذَا وَقَعَتْ فَهُوَ رَبَاعٌ فَإِذَا اسْتَوَتْ أَسْنَانُهُ فَهُوَ قَارِحٌ مِنْ ذَوَاتِ الْحَافِرِ وَمِنَ الْإِبِلِ بَازِلٌ وَمِنَ الْغَنَمِ ضَالِعٌ قَالُوا وَأَمَّا أَوْلَادُ الضَّأْنِ فَهِيَ الْخَرُوفُ وَالْبَذَحُ وَالْحَمَلُ وَيُقَالُ رِخْلٌ فَإِذَا أَتَى عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَالذَّكَرُ كَبْشٌ وَالْأُنْثَى نَعْجَةٌ وَضَانِيَةٌ وَإِذَا أَتَى عَلَى وَلَدِ الْمَعِزِ الْحَوْلُ فَالذَّكَرُ تَيْسٌ وَالْأُنْثَى عَنْزٌ وَالسِّخْلَةُ وَالْبَهْمَةُ يُقَالُ فِي أَوْلَادِهِمَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَسْعُودٍ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابن الْحَكَمِ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي

هِنْدَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَامَ يَوْمَ النَّحْرِ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَا يَذْبَحَنَّ أَحَدٌ حَتَّى نُصَلِّيَ قَالَ فَقَامَ خَالِي فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا يَوْمٌ اللَّحْمُ فِيهِ مَعْدُومٌ وَإِنِّي ذَبَحْتُ نَسِيكَتِي فَأَطْعَمْتُ أَهْلِي وَجِيرَانِي فَقَالَ لَهُ النبي مَتَى فَعَلْتَ قَالَ قَبْلَ الصَّلَاةِ قَالَ فَأَعِدْ ذَبْحًا آخَرَ فَقَالَ عِنْدِي عَنَاقُ لَبَنٍ هِيَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ فَقَالَ هِيَ خَيْرُ نسيكتيك ولن تجزىء جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَظُنُّ أَنَّهَا مَاعِزٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ مَاعِزَةٌ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِنَّمَا يُقَالُ لِلْضَانِيَةِ رخل قال الشافعي وقول النبي فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ خَيْرُ نَسِيكَتَيْكَ لِأَنَّكَ ذَبَحْتَهُمَا تَنْوِي نَسِيكَتَيْنِ فَلَمَّا ذُبِحَتِ الْأُولَى قَبْلَ وَقْتِ الذَّبْحِ كَانَتِ الْأُخْرَى هِيَ النَّسِيكَةَ وَالْأَوَّلُ عير نَسِيكَةٍ وَإِنْ نَوَيْتَ بِهَا النَّسِيكَةَ وَقَوْلُهُ لَنْ تجزىء عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ أَنَّهَا لَهُ خَاصَّةً وَقَوْلُهُ عَنَاقُ لَبَنٍ يَعْنِي عَنَاقًا تُقْتَنَى لِلَّبَنِ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَهْزَادَ بْنِ مِهْرَانَ السِّيرَافِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الربيع ابن سُلَيْمَانَ فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا يَذْبَحُ أَحَدٌ حَتَّى يَذْبَحَ الْإِمَامُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا يَذْبَحُ فَإِذَا صَلَّى وَفَرَغَ مِنَ الْخُطْبَةِ حَلَّ الذَّبْحُ قَالَ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُحْضِرَ ضَحِيَّتَهُ الْمُصَلَّى فيذبح حين يفرغ مِنَ الْخُطْبَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيَتَوَخَّ النَّاسُ قدر

انْصِرَافِهِ وَذَبْحِهِ وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْإِمَامِ فَلَا ضَحِيَّةَ لَهُ وَأُحِبُّ لَهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِغَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا ضَحِيَّةَ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا كُلِّهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِذَا انْصَرَفَ الْإِمَامُ فَاذْبَحْ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ إِسْحَاقُ إِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنَ الْخُطْبَةِ فَاذْبَحْ وَاعْتَبَرَ الطَّبَرِيُّ قَدْرَ مضي وقت صلاة النبي وَخَطْبَتِهِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ وَحَكَى الْمُزَنِيُّ نَحْوَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ العلماء مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ أَنَّهُ غَيْرُ مُضَحٍّ وَكَذَلِكَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الْجَذَعَ مِنَ الْمَعِزِ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُضَحَّى بِهِ غَيْرَ الضَّأْنِ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ الثَّنِيُّ فَصَاعِدًا وَيَجُوزُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ بِالسُّنَّةِ الْمَسْنُونَةِ وَالَّذِي يُضَحَّى بِهِ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْأَزْوَاجُ الثَّمَانِيَةُ وَهِيَ الضَّأْنُ وَالْمَعِزُ وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ سَمَيٍّ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا حَدِيثُ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عن النبي أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْجَذَعَ يُوفِي مِمَّا يُوفِي مِنْهُ الثَّنِيُّ فَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي الضَّأْنِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَغَيْرِهِ فِي قِصَّةِ أَبِي بردة بن نيار أن رسول الله قَالَ لَهُ فِي الْعَنَاقِ وَهِيَ مِنَ الْمَعِزِ أنها لن تجزىء عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ وَأَمَّا الْأُضْحِيَّةُ بِالْجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ فَمُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا عِنْدَ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ حَدَّثَهُ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ خُبَيْبٍ حَدَّثَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ ضحينا مع رسول الله بِجَذَعٍ مِنَ الضَّأْنِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ بِضَحِيَّةٍ أُخْرَى فَبِهَذَا احْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الضَّحِيَّةَ وَاجِبَةٌ فَرْضًا لِأَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فَرْضًا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِالْإِعَادَةِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الضَّحِيَّةُ وَاجِبَةٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَضْحَى وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُقِيمٍ فِي الْأَمْصَارِ إِذَا كَانَ مُوسِرًا هَكَذَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُمْ فِي كِتَابِ الْخِلَافِ وَذَكَرَ عَنْهُمْ فِي مُخْتَصَرِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْأُضْحِيَّةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُقِيمِينَ الْوَاجِدِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَغَيْرِهِمْ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِينَ قَالَ وَيَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مِثْلُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ وَخَالَفَهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فَقَالَا لَيْسَتِ الْأُضْحِيَّةُ بِوَاجِبَةٍ وَلَكِنَّهَا سُنَّةٌ غَيْرُ مُرَخَّصٍ لِمَنْ وَجَدَ السَّبِيلَ إِلَيْهَا فِي تَرْكِهَا قَالَ وَبِهِ نَأْخُذُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ الْأَضْحَى وَاجِبٌ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ مَا خَلَا الْحَاجَّ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى إيجابه أمر رسول الله أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ بِأَنْ يُعِيدَ الضَّحِيَّةَ إِذْ أَفْسَدَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَقَالَ لَهُ فِي الجذعة

العناق لا يجزىء عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ وَمِثْلُ هَذَا إِنَّمَا يُقَالُ فِي الْفَرَائِضِ الْوَاجِبَةِ لَا فِي التَّطَوُّعِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فَإِنْ قِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ أَوْجَبَهَا فَأَتْلَفَهَا فَأَوْجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَتَهَا قِيلَ لَهُ لَوْ أَرَادَ هَذَا لَتَعَرَّفَ قِيمَةَ الْمُتْلَفَةِ لِيَأْمُرَهُ بِمِثْلِهَا فَلَمَّا لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إِلَى مَا ذَكَرْتَ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله مَنْ كَانَ لَهُ سِعَةٌ فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَشْهَدْ مُصَلَّانَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالُوا وَهَذِهِ غَايَةٌ فِي تَأْكِيدِهَا وَوُجُوبِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ الْقِتْبَانِيِّ هَذَا عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا لَمْ يَرْفَعْهُ كَذَا هُوَ فِي مُوَطَّئِهِ

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ فَوْقَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ قَالَا أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ هُرْمُزَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَهُوَ فِي الْمُصَلَّى يَقُولُ مَنْ قَدَرَ عَلَى سِعَةٍ فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَغْلَبُ عِنْدِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ مَالِكٌ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ أُضْحِيَّةٌ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ وَمَنْ تَرَكَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَبِئْسَمَا صَنَعَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا بَأْسَ بِتَرْكِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ سُنَّةٌ وَتَطَوُّعٌ وَلَا يَجِبُ لِأَحَدٍ قَدَرَ عَلَيْهَا تَرْكُهَا وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الضَّحِيَّةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا وَهِيَ عَلَى كُلِّ مُقِيمٍ وَمُسَافِرٍ إِلَّا الْحَاجَّ بِمِنًى وَيُضَحَّى عِنْدَهُ عَنِ الْيَتِيمِ وَالْمَوْلُودِ وَعَنْ كُلِّ حُرٍّ وَاجِدٍ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ سُنَّةٌ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ وَعَلَى الْحَاجِّ بِمِنَى أَيْضًا وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَقَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ فِي هَذَا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَكَانَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ يَقُولَانِ لَا نَرَى أَنْ يَتْرُكَ الْمُسْلِمُ الْمُوسِرُ الْمَالِكُ لِأَمْرِهِ الضَّحِيَّةَ وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٍ وَعَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُوجِبُونَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُهُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّ الضَّحِيَّةَ أَفْضَلُ وَالصَّحِيحُ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ فِي مَذْهَبِهِ أَنَّ الضَّحِيَّةَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ إِلَّا بِمِنًى فَإِنَّ الصَّدَقَةَ بِثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ بِمِنًى أَفْضَلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعِ أُضْحِيَّةٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الصَّدَقَةَ بِثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ بِمِنًى أَفْضَلُ وَقَالَ رَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الضَّحِيَّةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الضَّحِيَّةُ عِنْدَنَا أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ سُنَّةٌ وَكِيدَةٌ كَصَلَاةِ الْعِيدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ النَّوَافِلِ وَكَذَلِكَ صَلَوَاتُ السُّنَنِ أَفْضَلُ مِنَ التَّطَوُّعِ كُلِّهِ وَقَدْ رُوِيَ فِي فَضْلِ الضَّحَايَا آثَارٌ حِسَانٌ فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ سعيد بن داود بن أبي الزبير عَنْ مَالِكٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله مَا مِنْ نَفَقَةٍ بَعْدَ صِلَةِ الرَّحِمِ أَعْظَمُ

عِنْدَ اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي التَّمَّامِ قَالَ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ مَعْمَرٍ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَبِي زَنْبَرٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى آخِرِهِ وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ السَمُرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنُ مُوسَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضَحُّوا وَطِيبُوا بِهَا أَنْفُسًا فَإِنِّي سَمِعْتُ رسول الله يَقُولُ مَا مِنْ عَبْدٍ تَوَجَّهَ بِأُضْحِيَتِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ إِلَّا كَانَ دَمُهَا وَفَرْثُهَا وَصُوفُهَا حَسَنَاتٍ مُحْضَرَاتٍ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإِنَّ الدَّمَ وَإِنْ وَقَعَ فِي التُّرَابِ فَإِنَّمَا يَقَعُ فِي حِرْزِ اللَّهِ حَتَّى يُوفِيَهُ صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وقال رسول الله اعْمَلُوا يَسِيرًا تُجْزَوْا كَثِيرًا قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي سُقُوطِ وُجُوبِ الضَّحِيَّةِ بِحَدِيثِ أم سلمة عن النبي أَنَّهُ قَالَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ عَشَرُ ذِي الْحِجَّةِ فَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ قَالَ فِي قَوْلِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ

مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُسْلِمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَكَانَ مَالِكٌ لَا يُحَدِّثُ بِهِ أَصْحَابَهُ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَأْخُذُ بِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْمَنْعَ مِنْ حَلْقِ الشَّعْرِ وَقَطْعِ الظُّفْرِ لِمَنْ أَرَادَ الضَّحِيَّةَ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْخُذْ بِهِ لِحَدِيثِ عائشة أن رسول الله كَانَ يَبْعَثُ بِهَدْيِهِ ثُمَّ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَذَكَرَ عمران بن أنس قال سألت ملكا عَنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا فَقَالَ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِي قَالَ فَقُلْتُ لِجُلَسَائِهِ قَدْ رَوَاهُ عَنْهُ شُعْبَةُ وَحَدَّثَ بِهِ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِي فَقَالُوا إِنَّهُ إِذَا لَمْ يَأْخُذْ بِالْحَدِيثِ قَالَ فِيهِ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِي وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ جَمَاعَةٌ وَرُوِيَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ مِنْ وُجُوهٍ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ أَبِي سُرَيْحَةَ الْغِفَارِيِّ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمَا يُضَحِّيَانِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي الضَّحِيَّةِ لَيْسَتْ بِحَتْمٍ وَلَكِنَّهَا سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ وَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ إِنِّي لَأَدَعُ الْأَضْحَى وَأَنَا مُوسِرٌ مَخَافَةَ أَنْ يَرَى جِيرَانِي أَنَّهَا حَتْمٌ عَلَيَّ وَقَالَ عِكْرِمَةُ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَبْعَثُنِي يَوْمَ الْأَضْحَى بِدِرْهَمَيْنِ أَشْتَرِي لَهُ لَحْمًا وَيَقُولُ مَنْ لَقِيتَ فَقُلْ هَذِهِ أُضْحِيَّةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهَذَا أَيْضًا مَحْمَلُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لِئَلَّا يُعْتَقَدَ فِيهَا

لِلْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فَرْضًا وَكَانُوا أَئِمَّةً يَقْتَدِي بِهِمْ مَنْ بَعْدَهُمْ مِمَّنْ يَنْظُرُ فِي دينه إليهم لأنهم الواسطة بين النبي وَبَيْنَ أُمَّتِهِ فَسَاغَ لَهُمْ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ مَا لَا يَسُوغُ الْيَوْمَ لِغَيْرِهِمْ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الضَّحِيَّةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لأن رسول الله فَعَلَهَا وَوَاظَبَ عَلَيْهَا أَوْ نَدَبَ أُمَّتَهُ إِلَيْهَا وَحَسْبُكَ أَنَّ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَرَاهَا فرضا لأمر رسول الله الْمُضَحِّيَ قَبْلَ وَقْتِهَا بِإِعَادَتِهَا وَقَدْ بَيَّنَّا مَا فِي ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا وَقْتُ الْأَضْحَى فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ يَوْمُ أَضْحَى وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وجل ليذكروا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ (22 28) إِنَّمَا قُصِدَ بِهِ أَيَّامُ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ هِيَ أَيَّامُ الْعَشْرِ وَرُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَفِرْقَةٌ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا بِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ اللَّهِ مِنْ قَوْلِهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ بَعْضَ تِلْكَ الْأَيَّامِ وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ يُرِيدُ بَعْضَ الْأَشْهُرِ وَأَقَلُّهَا كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا (71 16) وليس القمر في السبع السموات وَإِنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِهِنَّ

وَقَالَ الْآخَرُونَ الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ هِيَ أَيَّامُ الذَّبْحِ وَذَلِكَ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَكْثَرُ النَّاسِ وَأَمَّا تَمْهِيدُ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ فِي مُدَّةِ أَيَّامِ النَّحْرِ فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ أَضْحَى قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ لَا لِحَضَرِيٍّ وَلَا لِبَدَوِيٍّ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ الْأَضْحَى يَوْمٌ وَاحِدٌ يَوْمَ النَّحْرِ وَحْدَهُ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ الْأَضْحَى فِي الْأَمْصَارِ يَوْمٌ وَاحِدٌ وَبِمِنًى ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَعَنْ قَتَادَةَ النَّحْرُ يَوْمُ النَّحْرِ وَسِتَّةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ وَعَنِ الْحَسَنِ الْأَضْحَى إِلَى هِلَالِ الْمُحَرَّمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ أَقَاوِيلُ كُلُّهَا شَاذَّةٌ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْأَضْحَى يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ مِثْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ الْأَضْحَى يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَرُوِيَ أَيْضًا مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ عَنِ اخْتِلَافٍ عَنْهُمَا وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ حَدَّثَنَا الهيثم بن خارجة حدثنا إسمعيل بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ الْأَضْحَى يَوْمُ النحر وثلاثة أيام بعده وروى إسمعيل بْنُ عَيَّاشٍ أَيْضًا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أبيه عن النبي كُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ مَنْحَرٌ وَكُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ وَاحْتَجَّ بِهَذَا أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا أَهْلُ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ مِمَّا انْفَرَدَ بِوَصْلِهِ إسمعيل بْنُ عَيَّاشٍ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ مُرْسَلٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الصَّحِيحُ فِيهِ مُرْسَلٌ قَالَ أَحْمَدُ وَقَدْ رُوِيَ الْأَضْحَى يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ من أصحاب النبي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن محمد بن عثمن قال حدثنا سعيد بن عثمن قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ اذْبَحْ فِي أَيِّهَا شِئْتَ وَأَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ مِثْلُهُ لَا يَكُونُ رَأَيًا فَدَلَّ أَنَّهُ تَوْقِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الحديث الحادي والعشرون

حَدِيثٌ حَادٍ وَعِشْرُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 427 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا فِي حَوَائِجِهِمَا فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ فَقَدِمَ مُحَيِّصَةُ فَأَتَى هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ إِلَى النَّبِيِّ فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِيَتَكَلَّمَ لِمَكَانِهِ مِنْ أَخِيهِ فقال رسول الله كَبِّرْ كَبِّرْ فَتَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ فَذَكَرَا شَأْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلِكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ نَشْهَدْ ولم نحضر فقال رسول الله فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ قَالَ يحيى فزعم بشير أن رسول الله وَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ مَعَ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ جميعا عن النبي وَكُلُّهُمْ يَجْعَلُهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ مسندا

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَيْسَرَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَعْنَى قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ مُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ انْطَلَقَا قِبَلَ خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا فِي النَّخْلِ فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ فَاتَّهَمُوا الْيَهُودَ فَجَاءَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَأَنْبَأَ عَمَّيْهِ حُوَيِّصَةَ ومحيصة فأتوا النبي فَتَكَلَّمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي أَمْرِ أَخِيهِ وَهُوَ أصغرهم فقال رسول الله الْكُبْرَ الْكُبْرَ قَالَ لِيَبْدَأِ الْأَكْبَرُ فَتَكَلَّمُوا فِي أمر صاحبهم فقال رسول الله يُقْسِمُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ عَلَى رَجُلٍ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ قَالُوا أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ كَيْفَ نَحْلِفُ قَالَ فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَوْمٌ كَفَّارٌ قَالَ فَوَدَاهُ رَسُولُ الله مِنْ قِبَلِهِ قَالَ قَالَ سَهْلٌ دَخَلْتُ مِرْبَدَ التَّمْرِ فَرَكَضَتْنِي نَاقَةٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبِلِ رَكْضَةً بِرِجْلِهَا هَذَا أَوْ نَحْوَهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ مَالِكٌ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ يَحْيَى فَقَالَا فِيهِ أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلِكُمْ وَلَمْ يَذْكُرْ بَشِيرٌ دَمَ وَقَالَ عَبْدَةُ عَنْ يَحْيَى كَمَا قَالَ حَمَّادٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ هَذَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ إِلَّا وَاحِدٌ لِأَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِتَعْيِينِ رَجُلٍ يُقْسِمُونَ عَلَيْهِ فَيُدْفَعُ إِلَيْهِمْ بِرُمَّتِهِ وَهُوَ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي حديث الزهري عن سهل ابن أَبِي حَثْمَةَ تُسَمُّونَ قَاتِلَكُمْ ثُمَّ تَحْلِفُونَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا فَيُسَلَّمُ إِلَيْكُمْ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ فَلِأَنَّ الْوَاحِدَ أَقَلُّ مَنْ يُسْتَيْقَنُ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَوَجَبَ أَنْ يُقْتَصَرَ بِالْقَسَامَةِ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى فَبَدَأَ بِقَوْلِهِ تُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا تَحْلِفُونَ وَلَمْ يَذْكُرْ الِاسْتِحْقَاقَ هَكَذَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَلَيْسَ عِنْدَنَا حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ كَذَلِكَ وَهُوَ عِنْدَنَا مِنْ رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ وَهُوَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي ابن عيينة على غير مَا ذَكَرَهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حدثنا محمد بن إسمعيل قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ يَقُولُ وُجِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ قَتِيلًا فِي فَقِيرٍ أَوْ قَلِيبٍ مِنْ قُلُبِ خيبر فأتى أخوه النبي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَعَمَّاهُ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ النبي الْكُبْرَ الْكُبْرَ فَتَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ فَذَكَرَ مَقْتَلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا وَجَدْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ

سَهْلٍ قَتِيلًا وَإِنَّ الْيَهُودَ أَهْلُ كُفْرٍ وَغَدْرٍ وهم الذين قتلوه فقال رسول الله تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ صَاحِبَكُمْ أَوْ دَمَ صَاحِبِكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نَحْلِفُ عَلَى مَا لَمْ نَحْضُرْ وَلَمْ نَشْهَدْ قَالَ فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا قَالُوا كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ مُشْرِكِينَ قَالَ فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ سَهْلٌ فَلَقَدْ رَكَضَتْنِي بَكْرَةٌ مِنْهَا وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنِ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ يَحْيَى حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خديج أنهما قالا خرج عبد الله ابن سَهْلِ بْنِ زَيْدٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ حَتَّى إِذَا كَانَا بِخَيْبَرَ تَفَرَّقًا فِي بَعْضِ مَا هُنَالِكَ ثُمَّ إِذَا مُحَيِّصَةُ يَجِدُ عَبْدَ اللَّهِ قَتِيلًا فَدَفَنَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى رسول الله هُوَ وَحُوَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَكَانَ أَصْغَرَ الْقَوْمِ فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ليتكلم قبل صاحبيه فقال رسول الله كَبِّرْ لِلْكِبَرِ فِي السِّنِّ فَصَمَتَ وَتَكَلَّمَ صَاحِبَاهُ ثم تكلم معهما فذكروا لرسول الله مَقْتَلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ فَقَالَ أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا فَتَسْتَحِقُّونَ صَاحِبَكُمْ أَوْ قَتِيلَكُمْ فَقَالُوا وَكَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ قَالَ فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بخمسين يمينا

قَالُوا وَكَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ فَلَمَّا رأى ذلك رسول الله أَعْطَى عَقْلَهُ وَقَدْ رَوَاهُ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ وُجِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ قَتِيلًا فَجَاءَ أَخُوهُ وَعَمَّاهُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ فَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي أَيْضًا بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حثمة قَالَ أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ بِخَيْبَرَ وَكَانَ خَرَجَ إِلَيْهَا فِي أَصْحَابٍ لَهُ يَمْتَارُ مِنْهَا تَمْرًا فَوُجِدَ فِي عَيْنٍ قَدْ كُسِرَتْ عُنُقُهُ ثُمَّ طُرِحَ فِيهَا فَأَخَذُوهُ فَغَيَّبُوهُ ثُمَّ قدموا على رسول الله فَذَكَرُوا لَهُ شَأْنَهُ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَعَهُ ابْنَا عَمِّهِ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا وَكَانَ صَاحِبَ الدَّمِ وَكَانَ ذَا قَدَمٍ فِي الْقَوْمِ فَلَمَّا تَكَلَّمَ قَبْلَ ابْنَيْ عَمِّهِ قَالَ رسول الله الْكُبْرَ الْكُبْرَ فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ثُمَّ تكلم هو بعد فذكروا لرسول الله قتل صاحبهم فقال رسول الله تُسَمُّونَ قَاتِلَكُمْ ثُمَّ تَحْلِفُونَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ

يَمِينًا فَيُسَلَّمُ إِلَيْكُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كُنَّا لِنَحْلِفَ عَلَى مَا لَا نَعْلَمُ قال فيحلفون لكم بالله خمسين يمينا وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ قَاتِلًا ثُمَّ يُبَرَّؤُونَ مِنْ دَمِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كُنَّا لِنَقْبَلَ أَيْمَانَ يَهُودَ مَا فِيهِمْ مِنَ الْكُفْرِ من أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى إِثْمٍ قَالَ فوداه رسول الله مِنْ عِنْدِهِ مِائَةَ نَاقَةٍ قَالَ سَهْلٌ فَوَاللَّهِ مَا أَنْسَى بَكْرَةً مِنْهَا حَمْرَاءَ ضَرَبَتْنِي وَأَنَا أَحُوزُهَا فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ لِمَالِكٍ وَغَيْرِهِ إِثْبَاتُ تَبْدِئَةِ الْمُدَّعِينَ بِالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا مِنَ الْفِقْهِ إِثْبَاتُ الْقَسَامَةِ فِي الدَّمِ وَهُوَ أَمْرٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهَا رسول الله فِي الْإِسْلَامِ ذَكَرَ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ رِجَالٍ أَوْ رَجُلٍ من أصحاب رسول الله من الأنصار أن رسول الله أَقَرَّ الْقَسَامَةَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ قَالَ يُونُسُ عَنْ رَجُلٍ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ رِجَالٍ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ كَانَتِ الْقَسَامَةُ في الجاهلية فأقرها رسول الله وَقَضَى بِهَا فِي الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي وُجِدَ مَقْتُولًا فِي جُبِّ الْيَهُودِ بِخَيْبَرَ وَفِيهِ أَنَّ الْقَوْمَ إِذَا اشْتَرَكُوا فِي مَعْنًى مِنْ مَعَانِي الدَّعْوَى وَغَيْرِهَا كَانَ أَوْلَاهُمْ بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْكَلَامِ أَكْبَرُهُمْ فإذا سمع منه تكلم الأصغر

فسمع مِنْهُ أَيْضًا إِنِ احْتِيجَ إِلَى ذَلِكَ وَهَذَا أَدَبٌ وَعِلْمٌ فَإِنْ كَانَ فِي الشُّرَكَاءِ فِي الْقَوْلِ وَالدَّعْوَى مَنْ لَهُ بَيَانٌ وَلِتَقْدِمَتِهِ فِي الْقَوْلِ وَجْهٌ لَمْ يَكُنْ بِتَقْدِيمِهِ بَأْسٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حدثنا مرون بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ عَنِ الْعُتْبِيِّ قَالَ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَدِمَ وَفْدٌ مِنَ الْعِرَاقِ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى شَابٍّ مِنْهُمْ يُرِيدُ الْكَلَامَ وَيَهَشُّ إِلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ كَبِّرُوا كَبِّرُوا يَقُولُ قَدِّمُوا الْكِبَارَ قَالَ الْفَتَى يَا أَمِيرَ المؤمنين إِنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ بِالسِّنِّ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَكَانَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْكَ قَالَ صَدَقْتَ فَتَكَلَّمْ رَحِمَكَ اللَّهُ قَالَ إِنَّا وَفَدُ شُكْرٍ وَذَكَرَ الْخَبَرَ وَفِيهِ أَنَّ الْمُدَّعِينَ الدَّمَ يَبْدَؤُونَ بِالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ خَاصَّةً وهو يخص قول النبي الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا فِي الْقَسَامَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِيءَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ أَوْ حَدِيثَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بسنته وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ البينة على المدعي واليمين على من

أَنْكَرَ إِلَّا فِي الْقَسَامَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ لِينٌ فَإِنَّ الْآثَارَ الْمُتَوَاتِرَةَ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ تُعَضِّدُهُ وَلَكِنَّهُ مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَالَّذِي سَمِعْتُ مِمَّنْ أَرْضَى فِي الْقَسَامَةِ وَالَّذِي اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْأَيْمَانِ الْمُدَّعُونَ فِي الْقَسَامَةِ قَالَ وَتِلْكَ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا وَالَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ أَنَّ الْمُبْدَئِينَ فِي الْقَسَامَةِ أَهْلُ الدَّمِ الَّذِينَ يَدَّعُونَهُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ لِأَنَّ رسول الله بَدَأَ الْحَارِثِيِّينَ فِي صَاحِبِهِمُ الَّذِي قُتِلَ بِخَيْبَرَ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي تَبْدِئَةِ الْمُدَّعِينَ الدَّمَ بِالْأَيْمَانِ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ عَلَى ظَوَاهِرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي تَبْدِئَةِ الْمُدَّعِينَ الدَّمَ بِالْيَمِينِ مَعَ صِحَّةِ الْأَثَرِ بِذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا فَالْعَدَاوَةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ الْأَنْصَارِ وَالْيَهُودِ بَدَأَ الْحَارِثِيِّينَ بِالْأَيْمَانِ وَجَعَلَ الْعَدَاوَةَ سَبَبًا تَقْوَى بِهِ دَعْوَاهُمْ لِأَنَّهُ لَطْخٌ يَلِيقُ بِهِمْ فِي الْأَغْلَبِ لعداوتهم ومن سنته أَنَّ مَنْ قَوِيَ سَبَبُهُ فِي دَعْوَاهُ وَجَبَتْ تَبْدِئَتُهُ بِالْيَمِينِ وَلِهَذَا جَاءَ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ والله

أَعْلَمُ مَعَ مَا فِي هَذَا مِنْ قَطْعِ التَّطَرُّقِ إِلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ وَقَبْضِ أَيْدِي الْأَعْدَاءِ عَنْ إِرَاقَةِ دَمِ مَنْ عَادَوْهُ عَلَى الدُّنْيَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَهَبَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَى تَبْدِئَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْأَيْمَانِ فِي الدِّمَاءِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وعثمن الْبَتِّيُّ وَالْحَسْنُ بْنُ صَالِحٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ كُلُّ هَؤُلَاءِ قَالُوا يَبْدَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ عَلَى عُمُومِ قَوْلِ رَسُولِ الله الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أن رسول الله قَالَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ وَهَذَا عَلَى عُمُومِهِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ مِنَ الدِّمَاءِ أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّ مَخْرَجَ هَذَا الْخَبَرِ كَانَ فِي دَعْوَى دَمٍ وَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسمعيل الصَّائِغُ بِمَكَّةَ وَالْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي امْرَأَتَيْنِ أَخْرَجَتْ إِحْدَاهُمَا يَدَهَا تَشْخُبُ دَمًا فَقَالَتْ أَصَابَتْنِي هَذِهِ وَأَنْكَرَتِ الْأُخْرَى فَكَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ عَبَّاسٍ أن رسول الله قَالَ إِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ لو

أَنَّ النَّاسَ أُعْطُوا بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ ادْعُهَا فَاقْرَأْ عَلَيْهَا إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ فَقَرَأْتُ عَلَيْهَا فاعترفت فبلغه فسره وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ أخبرنا ابن جريج عن عبد الله ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رسول الله قَالَ لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالُوا فَهَذَا عِنْدَنَا فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَعَارَضُوا الْآثَارَ الْمُتَقَدِّمَةَ بِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رِجَالٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّ النبي قَالَ لِلْيَهُودِ وَبَدَأَ بِهِمْ أَيَحْلِفُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا فَأَبَوْا فَقَالَ لِلْأَنْصَارِ اسْتَحِقُّوا فَقَالُوا نَحْلِفُ على الغيب يا رسول الله فجلعها رسول الله عَلَى يَهُودَ لِأَنَّهُ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ

قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ حدثني محمد بن إبراهيم بن الحرث عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدِ بْنِ قَيْظِيٍّ أَحَدِ بَنِي حَارِثَةَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَايْمُ اللَّهِ مَا كَانَ سَهْلٌ بِأَكْثَرَ عِلْمًا مِنْهُ وَلَكِنَّهُ كَانَ أَسَنَّ مِنْهُ إِنَّهُ قَالَ وَاللَّهِ مَا كَانَ الشَّأْنُ هَكَذَا وَلَكِنْ سَهْلٌ أوهم ما قال رسول الله احْلِفُوا عَلَى مَا لَا عِلْمَ لَكُمْ بِهِ وَلَكِنَّهُ كَتَبَ إِلَى يَهُودَ حِينَ كَلَّمَتْهُ الْأَنْصَارُ أنه قد وجد وقتيلا بَيْنَ أَبْيَاتِكُمْ فَدُوهُ فَكَتَبُوا إِلَيْهِ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَتَلُوهُ وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ قَاتِلًا فَوَدَاهُ رسول الله مِنْ عِنْدِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدٍ هَذَا مِمَّا يُرَدُّ بِهِ قَوْلُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ لِأَنَّ سَهْلًا أَخْبَرَ عَمَّا رَأَى وَعَايَنَ وَشَاهَدَ حَتَّى رَكَضَتْهُ مِنْهَا نَاقَةٌ وَاحِدَةٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُجَيْدٍ لَمْ يَلْقَ النَّبِيَّ وَلَا رَآهُ وَلَا شَهِدَ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَحَدِيثُهُ مُرْسَلٌ وَلَيْسَ إِنْكَارُ مَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا بِحُجَّةٍ عَلَى مَنْ أَثْبَتَهُ وَلَكِنْ قَدْ تَقَدَّمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رِجَالٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مُخَالَفَةٌ فِي تَبْدِئَةِ الْأَيْمَانِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ

أَيْضًا وَلَكِنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ رِوَايَةُ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمِنَ الِاخْتِلَافِ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدٍ الطَّائِيَّ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ نَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ انْطَلَقُوا إِلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقُوا فِيهَا فَوَجَدُوا مِنْهُمْ قَتِيلًا فَقَالُوا لِلَّذِينِ وَجَدُوهُ عِنْدَهُمْ قَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا قَالُوا مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا قَالَ فانطلقوا إلى النبي فقالو يَا نَبِيَّ اللَّهِ انْطَلَقْنَا إِلَى خَيْبَرَ فَوَجَدْنَا أحدنا قتيلا فقال رسول الله الْكُبْرَ الْكُبْرَ فَقَالَ لَهُمْ تَأْتُونَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَ فَقَالُوا مَا لَنَا بَيِّنَةٌ قَالَ فَيَحْلِفُونَ لَكُمْ قَالُوا مَا نَرْضَى أَيْمَانَ يَهُودَ فكره رسول الله أَنْ يُبْطِلَ دَمَهُ فَوَدَاهُ بِمِائَةٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ رِوَايَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرِوَايَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْهُ أَثْبَتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُمْ بِهِ أَقْعَدُ وَنَقْلُهُمْ أَصَحُّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ حَكَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ ضَعَّفَ حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ هَذَا عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ وقال الصحيح عن بشير ابن يَسَارٍ مَا رَوَاهُ عَنْهُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَحْمَدُ وَإِلَيْهِ أَذْهَبُ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَاشِدِ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ أَصْبَحَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مقتولا بخيبر فانطلق أولياؤه إلى النبي فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُمْ شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى قَتْلِ صَاحِبِكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لم يكن ثم أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا هُمْ يَهُودُ وَقَدْ يَجْتَرِئُونَ عَلَى أَعْظَمَ مِنْ هَذَا قَالَ فَاخْتَارُوا مِنْهُمْ خَمْسِينَ فَاسْتَحْلِفُوهُمْ فَأَبَوا فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا تَبْدِئَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ وَفِي الْآثَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ تَبْدِئَةُ الْمُدَّعِينَ بِالْأَيْمَانِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ شِهَابٍ هَذِهِ وَهَذِهِ وَقَضَى بِمَا فِي حَدِيثِ سَهْلٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ الْأَثْبَتُ وَالْأَوْلَى عَلَى مَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَعَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحِجَازِيُّونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قِيلَ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَدَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ قِيلَ لَهُ الْمَصِيرُ إِلَى الْمُسْنَدِ الثَّابِتِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الصَّاحِبِ مِنْ جِهَةِ الْحُجَّةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ نُكُولُ الْفَرِيقَيْنِ عَنِ الْأَيْمَانِ وَفِي ذَلِكَ مَا

يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ إِنَّمَا جَعَلَهَا رَسُولُ الله مِنْ عِنْدِهِ تَبَرُّعًا لِئَلَّا يُبْطِلَ ذَلِكَ الدَّمَ وَذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ فِي قَتِيلٍ ادَّعَى بَعْضُ وُلَاتِهِ أَنَّهُ قُتِلَ عَمْدًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا عِلْمَ لَنَا بِمَنْ قَتَلَهُ وَلَا نحلف فإن دمه يطل وَلِلْفُقَهَاءِ فِي الْقَسَامَةِ وَفِيمَا يُوجِبُهَا مِنَ الْأَسْبَابِ وَفِيمَا يَجِبُ بِهَا مِنَ الْقَوْدِ أَوِ الدِّيَةِ مَذَاهِبُ نَذْكُرُهَا هُنَا نَحْنُ لِيَتَبَيَّنَ لِلنَّاظِرِ فِي كِتَابِنَا مَعْنَى الْقَسَامَةِ بَيَانًا وَاضِحًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ الْقَسَامَةُ لَا تَجِبُ إِلَّا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَقُولَ الْمَقْتُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ يَأْتِي وُلَاةُ الْمَقْتُولِ بِلَوْثٍ مِنْ بَيِّنَةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَاطِعَةً عَلَى الَّذِي يُدْعَى عَلَيْهِ الدَّمُ فَهَذَا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ لِمُدَّعِي الدَّمِ عَلَى مَنِ ادَّعَوْهُ فَيَحْلِفُ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ خَمْسُونَ رَجُلًا خَمْسِينَ يَمِينًا فَإِنْ قَلَّ عَدَدُهُمْ أَوْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ رُدَّتِ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمْ إِلَّا أَنْ يَنْكِلَ أَحَدٌ مِنْ وُلَاةِ الْمَقْتُولِ الَّذِينَ يَجُوزُ عَفْوُهُمْ فَلَا يُقْتَلُ حِينَئِذٍ أَحَدٌ وَلَا سَبِيلَ إِلَى الدَّمِ إِذَا نَكَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَا تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى مَنْ بَقِيَ إِذَا نَكَلَ أَحَدٌ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ الْعَفْوُ عَنِ الدَّمِ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى مَنْ بَقِيَ إِذَا نَكَلَ أَحَدٌ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ عَفْوٌ فَإِنْ نَكَلَ وَاحِدٌ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ الْعَفْوُ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ رُدَّتِ الْأَيْمَانُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمُ الدَّمُ فَيَحْلِفُ مِنْهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا

خَمْسِينَ يَمِينًا فَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا خَمْسِينَ رَجُلًا رُدَّتِ الْخَمْسُونَ يَمِينًا عَلَى مَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ حَتَّى تَكْمُلَ الْخَمْسُونَ يَمِينًا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ يَحْلِفُ إِلَّا الَّذِي ادُّعِيَ عَلَيْهِ الدَّمُ حَلِفَ وَحْدَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا قَالَ مَالِكٌ لَا يُقْسِمُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ إِلَّا اثْنَانِ مِنَ الْمُدَّعِينَ فَصَاعِدًا يَحْلِفَانِ خَمْسِينَ يَمِينًا تُرَدَّدُ عَلَيْهِمَا ثُمَّ قَدِ اسْتَحَقَّا الدَّمَ وَقَتَلَا مَنْ حَلَفَا عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ الَّذِي ادعاه واحدا بدىء بِهِ فَحَلَفَ وَحْدَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا فَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا اسْتَحَقُّوا صَاحِبَهُمْ وَقَتَلُوا مَنْ حَلَفُوا عَلَيْهِ وَلَا يُقْتَلُ فِي الْقَسَامَةِ إِلَّا وَاحِدٌ وَلَا يُقْتَلُ فِيهَا اثْنَانِ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ وَمُوَطَّأِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا جَعَلَ مَالِكٌ قَوْلَ الْمَقْتُولِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ شُبْهَةً وَلَطْخًا وَجَبَ بِهِ تَبْدِئَةُ أَوْلِيَائِهِ بِالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ طِبَاعِ النَّاسِ عِنْدَ حُضُورِ الْمَوْتِ الإنابة والتوبة والتندم عى ما سلف من سيىء الْعَمَلِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (63 10) وَقَوْلُهُ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ فَهَذَا مَعْهُودٌ مِنْ طِبَاعِ الْإِنْسَانِ وَغَيْرُ مَعْلُومٍ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَعْدِلَ عَنْ قَاتِلِهِ إِلَى غَيْرِهِ ويدع

قَاتِلَهُ وَمَا خَرَجَ عَنْ هَذَا فَنَادِرٌ فِي النَّاسِ لَا حُكْمَ لَهُ فَلِهَذَا وَشِبْهِهِ مِمَّا وَصَفْنَا ذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى مَا ذَكَرْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ نَزَعَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ بِقِصَّةِ قَتِيلِ الْبَقَرَةِ لِأَنَّهُ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي قَاتِلِهِ وَفِي هَذَا ضُرُوبٌ مِنَ الِاعْتِرَافَاتِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ إِذَا شَهِدَ رَجُلٌ عدل على القاتل أقسم رجلان فصاعدا خَمْسِينَ يَمِينًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالشَّاهِدُ فِي الْقَسَامَةِ إِنَّمَا هُوَ لَوْثٌ وَلَيْسَتْ شَهَادَةً وَعِنْدَ مَالِكٍ أَنَّ وُلَاةَ الدَّمِ إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً لم يقسم إلا اثنان فصاعدا وَاعْتَلَّ بَعْضُ أَصْحَابِهِ لِقَوْلِهِ هَذَا بِأَنَّ النَّبِيَّ إِنَّمَا عَرَضَهَا عَلَى جَمَاعَةٍ وَالْقَسَامَةُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ كَهِيَ فِي الْعَمْدِ لَا تُسْتَحَقُّ بِأَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ يَمِينًا مِنْ أَجْلِ أَنَّ الدِّيَةَ إِنَّمَا تَجِبُ عَنْ دَمٍ وَالدَّمُ لَا يُسْتَحَقُّ بِأَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ يَمِينًا فَالْقَسَامَةُ عَلَى الْخَطَأِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَجِبُ بِهَا قَتْلٌ وَلَا قَوْدٌ كَالْقَسَامَةِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ وَالْيَمِينُ فِي الْقَسَامَةِ عَلَى مَنْ سَمَّى أَنَّهُ ضَرَبَهُ وَأَنَّ مَنْ ضَرَبْتَهُ مَاتَ فَإِنْ أَقْسَمَ وُلَاةُ الْمَقْتُولِ عَلَى وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ قُتِلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مِمَّنِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ الدَّمُ جَمَاعَةٌ غَيْرُهُ ضُرِبُوا مِائَةً مِائَةً وَسُجِنُوا سَنَةً ثُمَّ خُلِّيَ عَنْهُمْ وَالدِّيَةُ فِي

قَتْلِ الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي يُقْسِمُونَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِهِ بِهِ خَطَأً قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا يَحْلِفُونَ فِي قَسَامَةِ الْخَطَأِ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الدِّيَةِ فَإِنْ وَقَعَ فِي الْأَيْمَانِ كُسُورٌ أُتْمِمَتِ الْيَمِينُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ مِيرَاثًا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَحْلِفَ هَذَا يَمِينًا وَهَذَا يَمِينًا ثُمَّ يُرْجَعُ إِلَى الْأَوَّلِ فَيَحْلِفُ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ حَتَّى تَتِمَّ الْأَيْمَانُ كُلُّهَا وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا ادَّعَى الدَّمَ بِنُونَ أَوْ إِخْوَةٌ فَعَفَا أَحَدُهُمْ عَنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ إِلَى الدَّمِ سَبِيلٌ وَكَانَ لِمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ أَنْصِبَاؤُهُمْ مِنَ الدِّيَةِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَكُونُ لَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا قَدْ أَقْسَمُوا ثُمَّ عَفَا بَعْضُهُمْ فَأَمَّا إِذَا نَكَلَ أَحَدُهُمْ عَنِ الْقَسَامَةِ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنَ الدِّيَةِ وَلِأَصْحَابِ مَالِكٍ فِي عَفْوِ الْعَصَبَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ وَفِي نَوَازِلِ الْقَسَامَةِ مَسَائِلُ لا وجه لذكرها ههنا وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ إِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ الْقَسَامَةِ فِي الدَّمِ وَبَيْنَ الْأَيْمَانِ فِي الْحُقُوقِ وَأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا دَايَنَ الرَّجُلَ اسْتَثْبَتَ عَلَيْهِ فِي حَقِّهِ وَأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ الرَّجُلَ لَمْ يَقْتُلْهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ وَإِنَّمَا يَلْتَمِسُ الْخَلْوَةَ قَالَ فَلَوْ لَمْ تَكُنِ الْقَسَامَةُ إِلَّا فِيمَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَعُمِلَ فِيهَا كَمَا يُعْمَلُ فِي الْحُقُوقِ هَلَكَتِ الدِّمَاءُ وبطلت اجترأ النَّاسُ عَلَيْهَا إِذَا عَرَفُوا الْقَضَاءَ فِيهَا وَلَكِنْ إِنَّمَا جُعِلَتِ الْقَسَامَةُ إِلَى وُلَاةِ الْمَقْتُولِ يَبْدَؤُونَ فِيهَا لِيَكُفَّ النَّاسُ عَنِ الدَّمِ وَلِيَحْذَرَ الْقَاتِلُ أَنْ يُؤْخَذَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ قَوْمٍ مُحِيطَةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ وَكَانُوا أَعْدَاءً لِلْمَقْتُولِ وَادَّعَى أَوْلِيَاؤُهُ قَتْلَهُ فَلَهُمُ الْقَسَامَةُ وَكَذَلِكَ الزِّحَامُ إِذَا لَمْ يَفْتَرِقُوا حَتَّى وَجَدُوا بَيْنَهُمْ قَتِيلًا أَوْ فِي نَاحِيَةٍ لَيْسَ إِلَى جَانِبِهِ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ أَوْ يَأْتِي شُهُودٌ مُتَفَرِّقُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ نَوَاحٍ لَمْ يَجْتَمِعُوا فِيهَا يُثْبِتُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى الِانْفِرَادِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَتَتَوَاطَأُ شَهَادَتُهُمْ وَلَمْ يَسْمَعْ بَعْضُهُمْ بِشَهَادَةِ بَعْضٍ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَعْدِلُ أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ عَدْلٌ أَنَّهُ قَتَلَهُ لِأَنَّ كُلَّ سَبَبٍ مِنْ هَذَا يُغَلِّبُ عَلَى عَقْلِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ كَمَا ادَّعَى وَلِيُّهُ فَلِلْوَلِيِّ حِينَئِذٍ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى الْوَاحِدِ وَعَلَى الْجَمَاعَةِ سَوَاءٌ كان جرح أَوْ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْتَلُ بِمَا لَا أَثَرَ لَهُ قَالَ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى دَعْوَى الْمَيِّتِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُسْتَحْلَفُ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ خَمْسُونَ رَجُلًا خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلْنَا وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلًا فَإِنْ حَلَفُوا بَرُّوا وَإِنْ نَقَصَتْ قَسَامَتُهُمْ وَلِيَهَا الْمُدَّعُونَ فَأَحْلَفُوا بِمِثْلِ ذَلِكَ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَإِنْ حَلَفُوا اسْتَحَقُّوا وَإِنْ نَقَصَتْ قَسَامَتُهُمْ أَوْ نَكَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ لَمْ يُعْطَوُا الدَّمَ وَعُقِلَ قَتِيلُهُمْ إِذَا كَانَ بِحَضْرَةِ الَّذِينَ ادُّعِيَ عَلَيْهِمْ فِي دِيَارِهِمْ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ الَّذِي يُوجِبُ الْقَسَامَةَ أَنْ يَقُولَ الْمَقْتُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ فُلَانٌ قَتَلَنِي أَوْ يَأْتِي مِنَ الصِّبْيَانِ أَوِ النِّسَاءِ أَوِ النَّصَارَى وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ مِمَّنْ لَا يُقْطَعُ بِشَهَادَتِهِ أَنَّهُمْ رَأَوْا هَذَا حِينَ قَتَلَ هَذَا فَإِنَّ الْقَسَامَةَ تَكُونُ مَعَ ذلك

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ وَبِهِ أَثَرٌ وَادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ أَوْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ اسْتُحْلِفَ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ خَمْسُونَ رَجُلًا بِاللَّهِ مَا قَتَلْنَا وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلًا يَخْتَارُهُمُ الْوَلِيُّ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا خَمْسِينَ كَرَّرَ عَلَيْهِمُ الْأَيْمَانَ ثُمَّ يُغَرَّمُونَ الدِّيَةَ وَإِنْ نَكَلُوا عَنِ الْيَمِينِ حُبِسُوا حَتَّى يُقِرُّوا أَوْ يَحْلِفُوا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إِذَا أَبَوْا أَنْ يُقْسِمُوا تَرَكَهُمْ وَلَمْ يَحْبِسْهُمْ وَجَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَقَالُوا جَمِيعًا يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ إِنِ ادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فَقَدْ أَبْرَأَ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِمْ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي هَذَا كُلِّهِ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَّا أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ رَوَى عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ إِنِ ادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ مِنْ أهل المحلة فقد برىء أَهْلُ الْمَحَلَّةِ وَصَارَ دَمُهُ هَدْرًا إِلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَحْلِفُ مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ مِنْ سَاكِنٍ أَوْ مَالِكٍ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلْتُهُ وَلَا عَلِمْتُ قَاتِلًا فَإِذَا حَلَفُوا كَانَ عَلَيْهِمُ الدِّيَةُ وَلَا يُسْتَحْلَفُ مَنْ كَانَ غَائِبًا وَإِنْ كَانَ مَالِكًا وَسَوَاءٌ كَانَ بِهِ أَثَرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ يُسْتَحْلَفُ مِنْهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا مَا قَتَلْنَا ولا علمنا قاتلا ثم لا شيء عليهم غير ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ

وَكَانَ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ وَأَهْلُ مَكَّةَ لَا يَرَوْنَ الْقَسَامَةَ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَتَادَةَ وَالْحَسَنِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ عُلَيَّةَ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ الْقَتْلُ بِالْقَسَامَةِ جَاهِلِيَّةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنَّهُ يُوجِبُ الْقَوْدَ فِي الْقَسَامَةِ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا مَعَ الْآثَارِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ وَكَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده أن رسول الله قَتَلَ بِالْقَسَامَةِ رَجُلًا مِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ مَالِكٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَضَى فِيهَا بِالْقَوْدِ وَقَضَى بِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَحَسْبُكَ بِقَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ لِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْبَابِ بِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَوْلُهُ إِمَّا أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب قالوا ومعلوم أن النبي لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَهُمْ إِلَّا وَقَدْ تَحَقَّقَ عندهم قبل

ذَلِكَ وُجُودُ الْقَتِيلِ بِخَيْبَرَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْيَهُودِ لِوُجُودِ الْقَتِيلِ بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ إِلَّا بِمَنْعِهِمْ حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِمْ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَجُلٍ وُجِدَ قَتِيلًا بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ فَجَعَلَهُ عَلَى أَقْرَبِهِمَا وَأَحْلَفَهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلْنَا وَلَا عَلِمْنَا قاتلا ثم أغرمهم الدية فقال الحرث بْنُ الْأَزْمَعِ نَحْلِفُ وَنُغَرَّمُ قَالَ نَعَمْ قَالُوا وَحَدِيثُ سَهْلٍ مُضْطَرِبٌ قَالُوا وَالْمَصِيرُ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رِجَالٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَوْلَى لِأَنَّ نَقَلَتَهُ أَئِمَّةٌ فُقَهَاءُ حُفَّاظٌ لَا يُعْدَلُ بِهِمْ غَيْرُهُمْ وفيه فجعلها رسول الله دِيَةً عَلَى الْيَهُودِ لِأَنَّهُ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَأَمَّا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَقَالُوا إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةِ قَوْمٍ أَوْ قَبِيلَةِ قَوْمٍ لَمْ يُسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ بِوُجُودِهِ شَيْءٌ وَلَمْ تَجِبْ بِهِ قَسَامَةٌ حَتَّى تَكُونَ الْأَسْبَابُ الَّتِي شَرَطُوهَا كُلٌّ عَلَى أَصْلِهِ الَّذِي قَدَّمْنَا عَنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ سَوَاءٌ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي مَحَلَّةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِ قَوْمٍ أَوْ أَرْضِ قَوْمٍ أَوْ فِي سُوْقٍ أَوْ مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَلَا قَسَامَةَ وَقَدْ طُلَّ دَمُهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَحَلَّةُ قَرْيَةُ الْبَوَادِي وَالْمَجَاشِرِ وَالْقَيَاطِنِ وَكَذَلِكَ الْقَبَائِلُ وَالْمِيَاهُ وَالْأَحْيَاءُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا وُجِدَ فِي مَحَلَّةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ قَتِيلٌ وَهُمْ أَعْدَاؤُهُ لَا يُحِيطُ بِهِمْ غَيْرُهُمْ فَذَلِكَ لَوْثٌ يُقْسَمُ مَعَهُ وَإِنْ خَالَطَهُمْ غَيْرُهُمْ فَقَدَ طُلَّ دَمُهُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فَيَحْلِفُونَ وَيُبَرَّؤُونَ وَفَرَّقَ الشَّافِعِيُّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ الْقَبِيلَةِ وَالْمَحَلَّةِ أَعْدَاءَ الْمَقْتُولِ فَيُجْعَلُ عَقْلُهُ عَلَيْهِمْ مَعَ الْقَسَامَةِ أَوْ لَا يَكُونُوا فَلَا يَلْزَمُهُمْ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ لَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي نَاحِيَةٍ لَيْسَ بِقَرْيَةٍ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ وُجِدَ بِقَرْيَةِ رَجُلٍ فِي يَدِهِ سِكِّينٌ مَلْطُوخَةٌ بِالدَّمِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ ذَلِكَ لَوْثًا يُقْسِمُ مَعَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ بِهِ أَثَرٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ وَاعْتَبَرَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ كَانَ بِالْقَتِيلِ أَثَرٌ فَيَجْعَلُهُ عَلَى الْقَبِيلَةِ أَوْ لَا يَكُونُ أَثَرٌ لَهُ فَلَا يَجْعَلُهُ عَلَى أَحَدٍ وَقَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى فِي الْقَسَامَةِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَّا أَنَّهُ سَوَاءٌ عِنْدَهُمْ كَانَ بِهِ أَثَرٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَثَرٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرَ مالك والليث لَا يُعْتَبَرُ بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَلَا يُسْتَحَقُّ بِهَذَا الْقَوْلِ قَسَامَةٌ وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ بِقِصَّةِ الْمَقْتُولِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ ذُبِحَتِ الْبَقَرَةُ وَضُرِبَ بِبَعْضِهَا فَأَحْيَاهُ اللَّهُ وَقَالَ

فُلَانٌ قَتَلَنِي فَأَخَذَ بِقَوْلِهِ وَرَدَّ الْمُخَالِفُ هَذَا بِأَنَّ تِلْكَ آيَةٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ لَا سَبِيلَ إِلَيْهَا الْيَوْمَ وَبِأَنَّ شَرِيعَتَنَا فِيهَا أَنَّ الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ لَا تُسْتَحَقُّ بِالدَّعَاوَى دُونَ الْبَيِّنَاتِ وَلَمْ نَتَعَبَّدْ بِشَرِيعَةِ مَنْ قَبْلَنَا لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَقَتِيلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يُقْسِمْ أَحَدٌ عَلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ هَذَا قَتَلَنِي وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُقْتَلُ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي دُونَ بَيِّنَةٍ وَلَا قَسَامَةٍ فَلَا مَعْنَى لذكر قتيل بني إسرائيل ههنا وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الَّذِي تَحْضُرُهُ الْوَفَاةُ لَا يُصَدَّقُ عَلَى غَيْرِهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَمْوَالِ فَالدِّمَاءُ أَحَقُّ بِذَلِكَ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُحِبُّ الِاسْتِرَاحَةَ مِنَ الْأَعْدَاءِ لِلْبَنِينَ وَالْأَعْقَابِ وَنَحْوَ هَذَا مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا حَلَفَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ وَقَتَلُوهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يقسم في العمد إلا اثنان فصاعدا كَمَا أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِأَقَلَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَكَذَلِكَ لَا يَحْلِفُ النِّسَاءُ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ لَا تَجُوزُ فِيهِ وَيَحْلِفْنَ فِي الْخَطَأِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مَالٌ وَشَهَادَتُهُنَّ جَائِزَةٌ فِي الْأَمْوَالِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُقْسِمُ الْوَلِيُّ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى وَاحِدٍ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَعَلَى جَمَاعَةٍ مُدَّعًى عَلَيْهِمْ وَمِنْ حُجَّةِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ ليس في قول رسول الله يُقْسِمُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ إِلَيْهِمْ بِرُمَّتِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا فِيهِ التنبيه

عَلَى تَعْيِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّمَ وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً وَمِنْ حُجَّتِهِ أَيْضًا فِي ذَلِكَ أَنَّ الْقَسَامَةَ بَدَلٌ مِنَ الشَّهَادَةِ فَلَمَّا كَانَتِ الشَّهَادَةُ تُقْتَلُ بِهَا الْجَمَاعَةُ فَكَذَلِكَ الْقُسَامَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالِاحْتِجَاجُ عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَلَهَا يَطُولُ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُسْتَحَقُّ بِالْقَسَامَةِ قَوَدٌ خِلَافَ قَوْلِ مَالِكٍ وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ الْقَسَامَةَ يُسْتَحَقُّ بِهَا الْقَوَدُ وَيُقْتَلُ بِهَا الْوَاحِدُ وَالْجَمَاعَةُ إِذَا أَقْسَمُوا عَلَيْهِمْ فِي العمد لقوله وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلِكُمْ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقَسَامَةَ تُوجِبُ الدِّيَةَ دُونَ الْقَوَدِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ جَمِيعًا إِلَّا أَنَّهَا فِي الْعَمْدِ فِي أَمْوَالِ الْجُنَاةِ وَفِي الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْحُجَّةُ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ فِي إِسْقَاطِ الْقَوَدِ فِي الْقَسَامَةِ حَدِيثُ أَبِي ليلى عن سهل عن النبي قَوْلُهُ إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ وَتَأَوَّلَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا فِي قَوْلِهِ دَمَ صَاحِبِكُمْ دِيَةَ صَاحِبِكُمْ لِأَنَّ مَنِ اسْتَحَقَّ دِيَةَ صَاحِبِهِ فَقَدِ اسْتَحَقَّ دَمَهُ لِأَنَّ الدِّيَةَ قَدْ تُؤْخَذُ فِي الْعَمْدِ فَيَكُونُ ذَلِكَ اسْتِحْقَاقًا لِلدَّمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الظَّاهِرُ فِي ذِكْرِ الدَّمِ الْقَوَدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ حَدِيثِ أَبِي لَيْلَى فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِيهِ هُنَاكَ بِعَوْنِ اللَّهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَنْ أَوْجَبَ الْحُكْمَ بِالْقَسَامَةِ مِنْ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ فَهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى مَعْنَيَيْنِ وَقَوْلَيْنِ فَقَوْمٌ أَوْجَبُوا الدِّيَةَ وَالْقَسَامَةَ بِوُجُوبِ الْقَتِيلِ فَقَطْ وَلَمْ يُرَاعُوا مَعْنًى آخَرَ وَقَوْمٌ اعْتَبَرُوا اللَّوْثَ فَهُمْ يَطْلُبُونَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ وَمَا يَكُونُ شُبْهَةً يُتَطَرَّقُ بِهَا إِلَى حِرَاسَةِ الدِّمَاءِ وَلَمْ يَطْلُبُوا فِي الْقَسَامَةِ الشَّهَادَةَ الْقَاطِعَةَ وَلَا الْعِلْمَ الْبَتَّ وَإِنَّمَا طَلَبُوا شُبْهَةً وَسَمَّوْهُ لَوْثًا لِأَنَّهُ يُلَطِّخُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُوجِبُ الشُّبْهَةَ وَيُتَطَرَّقُ بِهَا إِلَى حِرَاسَةِ الْأَنْفُسِ وَحَقْنِ الدِّمَاءِ إِذْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي رَدْعِ السُّفَهَاءِ وَالْجُنَاةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ هَذَا الْمَعْنَى فَلِذَلِكَ وَرَدَتِ الْقَسَامَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا أَصْلَ لَهُمْ فِي الْقَسَامَةِ غَيْرُ قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ الْحَارِثِيِّ الْأَنْصَارِيِّ الْمَقْتُولِ بِخَيْبَرَ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنَ الرِّوَايَاتِ بِذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِهَا مُوعَبَةً وَاضِحَةً فِي هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وفي رد رسول الله الْأَيْمَانَ فِي الْقَسَامَةِ دَلِيلٌ عَلَى رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي إِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْهَا فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي رَدِّ الْيَمِينِ وَهَذَا أَصْلُهُمْ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ فَهُمْ يَقْضُونَ بِالنُّكُولِ وَلَا يَرَوْنَ رَدَّ يَمِينٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحُقُوقِ وَالدَّعَاوَى وَالْقَوْلُ بِرَدِّ الْيَمِينِ أَوْلَى وَأَصَحُّ لِمَا رُوِيَ مِنَ الْأَثَرِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا النُّكُولُ فَلَا أَثَرَ فِيهِ وَلَا أَصْلَ يُعَضِّدُهُ وَلَمْ نَرَ فِي الْأُصُولِ حَقًّا ثَبَتَ عَلَى مُنْكِرٍ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَالنُّكُولُ سَبَبٌ وَاحِدٌ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ ضَمِّ شَيْءِ غَيْرِهِ إِلَيْهِ كَمَا ضُمَّ شَاهِدٌ إِلَى شَاهِدٍ مِثْلِهِ أَوْ يَمِينِ الطَّالِبِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

الحديث الثاني والعشرون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَعِشْرُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى عن ععدي بْنِ ثَابِتٍ حَدِيثَانِ 527 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّهُ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ فَقَرَأَ فِيهَا بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَى مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إِلَّا أَنَّ مِسْعَرًا رَوَاهُ فَزَادَ فِيهِ وَمَا سَمِعْتُ أَحْسَنَ صَوْتًا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي بَابِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ كِتَابِ الْبَيَانِ عَنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فلا معنى لذكره ههنا وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا مَحَلُّهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ قرأ بالتين والزيتون مع أم القرآن بديل قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَكُلُّ صَلَاةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذَاهِبَ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الباب الْعَلَاءِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ هَذَا مَعْنًى يُشْكِلُ وَمَا قَرَأَ بِهِ الْمُصَلِّي فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فَحَسَنٌ وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الصُّبْحِ

وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَكُلُّ صَلَاةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ قَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَمْ يَزِدْ فَقَدْ صَلَّى صَلَاةً كَامِلَةً وَتَامَّةً غَيْرَ نَاقِصَةٍ وَحَسْبُكَ بِهَذَا وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الصَّلَاةِ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أُرِيدَ بِهِ الرَّكْعَةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَلَا وجه لتكرير ذلك ههنا وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ يَرَى الْإِعَادَةَ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ السُّورَةِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لَا أَصْلَ لَهُ فِي نَظَرٍ وَلَا أَثَرٍ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِ مَالِكٍ على أنه قد أساء وصلاته تجزؤه عَنْهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلِلْفُقَهَاءِ اسْتِحْبَابَاتٌ فِيمَا يُقْرَأُ بِهِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَوَاتِ وَمَرَاتِبُ وَتَحْدِيدُ كُلِّ ذَلِكَ استحسان وليس بواجب والله التوفيق

الحديث الثالث والعشرون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَعِشْرُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 627 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْخَطْمِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعًا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ هَذَا هُوَ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَازِبٍ أَخِي الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَلِجَدِّهِ صُحْبَةٌ وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَحَادِيثَ وَجَدُّهُ لِأُمِّهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ هَذَا فِيمَا ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ كُوفِيٌّ وَجَدُّهُ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ الشَّاعِرُ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ هَذَا فَلَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ ههنا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ هَذَا أَمِيرًا عَلَى الْكُوفَةِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ذَكَرَ ذَلِكَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا ما في هذا الحديث مع الْمَعَانِي وَمَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ سَالِمٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الرابع والعشرون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَعِشْرُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى عَنِ الْأَعْرَجِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ 727 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ فَقَامَ فِي اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَجْلِسْ فِيهِمَا فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُجَوَّدًا مُمَهَّدًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

الحديث الخامس والعشرون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَعِشْرُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى عَنْ أَبِي صَالِحٍ 827 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَتَخَلَّفُ عَنْ سَرِيَّةٍ تَخْرُجُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكِنِّي لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ وَلَا يَجِدُونَ مَا يَتَحَمَّلُونَ عَلَيْهِ فيخرجون وييشق عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا بَعْدِي فَوَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا فَأُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا فَأُقْتَلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ لَيْسَ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي خَاصَّتِهِ وَلَوْ كَانَ فَرْضًا مُعَيَّنًا مَا تَخَلَّفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ شَقَّ عَلَى أُمَّتِهِ وَالْجِهَادُ عِنْدَنَا بِالْغَزَوَاتِ وَالسَّرَايَا إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ فَإِذَا قَامَ بِذَلِكَ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ وَنِكَايَةٌ لِلْعَدُوِّ سَقَطَ عَنِ الْمُتَخَلِّفِينَ فَإِذَا أَظَلَّ الْعَدُوُّ بَلْدَةً مُقَاتِلًا لَهَا تَعَيَّنَ الْفَرْضُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ حِينَئِذٍ فِي خَاصَّتِهِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ خَفِيفًا وَثَقِيلًا شَابًّا وَشَيْخًا حَتَّى يَكُونَ فِيمَنْ يُكَاثِرُ الْعَدُوَّ كِفَايَةٌ بِهِمْ

وَمِنْ أَوْضَحِ شَيْءٍ فِي أَنَّ الْجِهَادَ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ لَيْسَ فَرْضًا عَلَى الْجَمِيعِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفِي هَذَا إِبَاحَةُ الْقُعُودِ وَالتَّخَلُّفِ وَتَفْضِيلُ الْمُجَاهِدِ عَلَى الْقَاعِدِ فَصَارَ الْجِهَادُ فَضِيلَةً لِمَنْ سَبَقَ إِلَيْهِ وَقَامَ بِهِ لَا فَرِيضَةً عَلَى الجميع

الحديث السادس والعشرون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَعِشْرُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ 927 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تميم أن عويمر بن أشقر ذبح أضحيته قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ بِأُضْحِيَةٍ أُخْرَى لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عُوَيْمِرِ بْنِ أَشْقَرَ أَنَّهُ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّ حَدِيثَ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ هَذَا عَنْ عُوَيْمِرِ بْنِ أَشْقَرَ مُرْسَلٌ وَأَظُنُّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ رِوَايَةِ مَالِكٍ هَذِهِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عباد بن تميم أن عويمر بن أشقر ذَبَحَ أُضْحِيَتَهُ وَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ الِانْقِطَاعُ لِأَنَّ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَظُنَّ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ أَدْرَكَ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَلَكِنَّهُ مُمْكِنٌ أَنْ يُدْرِكَ عُوَيْمِرَ بْنَ أَشْقَرَ فَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عباد بن تميم أن عويمر بن أشقر أَخْبَرَهُ أَنَّهُ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَذَكَرَ ذَلِكَ

لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا صَلَّى فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ أُضْحِيَتَهُ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مَعَ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ تَدُلُّ عَلَى غَلَطِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَقَوْلُهُ فِي ذَلِكَ ظَنٌّ لَمْ يُصِبْ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى مِمَّنْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْعِيدِ فَهُوَ غَيْرُ مُضَحٍّ وَأَنَّهُ ذَبَحَ قَبْلَ وَقْتِ الذَّبْحِ وَكَذَلِكَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِي بَابِ يَحْيَى عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث السابع والعشرون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَعِشْرُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى بن سعيد عن سعيد بن أبي سعيد 37037037 037 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ أَيُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ فَلَمَّا أَدْبَرَ الرَّجُلُ نَادَاهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَنُودِيَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ قُلْتَ فَأَعَادَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ إِلَّا الدَّيْنَ كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبي سَعِيدٍ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وَمِمَّنْ تَابَعَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَغَيْرُهُمْ وَرَوَاهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَالْقَعْنَبِيُّ جَمِيعًا عَنْ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ لَمْ يَذْكُرُوا يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْمُمْكِنِ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ يحيى عن سَعِيدٍ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ سَعِيدٍ

وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ كَانَ ذَلِكَ تَكْفِيرًا لِخَطَايَاهُ إِلَّا الدَّيْنَ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ كَمَا زَعَمَ جِبْرِيلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْخَطَايَا تُكَفَّرُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَعَ الِاحْتِسَابِ وَالنِّيَّةِ فِي الْعَمَلِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ قَتْلُ الصَّبْرِ كَفَّارَةٌ مُجْمَلًا وَهَذَا عِنْدِي إِنَّمَا يَكُونُ لِمَنِ احْتَسَبَ كَمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ يَكُونُ مَظْلُومًا فَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا كُفِّرَتْ خَطَايَاهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ الْمُتَقَبَّلَاتِ لَا يُكَفِّرُ مِنَ الذُّنُوبِ إِلَّا مَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ فَأَمَّا تَبِعَاتُ بَنِي آدَمَ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْقِصَاصِ وَقَدْ ذَكَرْنَا وُجُوهَ الذُّنُوبِ الْمُكَفِّرَاتِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَا حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ

أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَابْتَعْتُ بَعِيرًا فَشَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلِي ثُمَّ سِرْتُ إِلَيْهِ فَسِرْتُ إِلَيْهِ شَهْرًا حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ فَأَتَيْتُ مَنْزِلَهُ فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ إِنَّ جَابِرًا عَلَى الْبَابِ فَرَجَعَ إِلَيَّ الرَّسُولُ فَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ نَعَمْ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَخَرَجَ فَاعْتَنَقْتُهُ وَاعْتَنَقَنِي قَالَ فَقُلْتُ حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الْمَظَالِمِ لَمْ أَسْمَعْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَحْشُرُ اللَّهُ الْعِبَادَ أَوْ قَالَ النَّاسَ شَكَّ هَمَّامٌ وَأَوْمَأَ بِيَدَيْهِ إِلَى الشَّامِ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا قُلْنَا مَا بُهْمًا قَالَ لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ وَمَنْ قَرُبَ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَأَحَدٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَطْلُبُهُ بِمَظْلَمَةٍ حَتَّى اللَّطْمَةَ قَالَ قُلْنَا كَيْفَ وَإِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ عُرَاةً حُفَاةً غُرْلًا قَالَ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ يَحْيَى الْمَقْدِسِيُّ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَحَدٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِهِ وطرحت عليه

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْمَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن الحجاج حدثنا هانيء بْنُ مُتَوَكِّلٍ مِنْ كِتَابِهِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ مَالٍ أَوْ عِرْضٍ فَلْيَأْتِهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ وَلَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ فَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ حَسَنَاتٌ وَإِلَّا أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ وَذَكَرَ ابْنُ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ زُفَرَ بن صدقة مولى جبر ابن نعيم قال حدثني هانيء بْنُ الْمُتَوَكِّلِ قَالَ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ فِي مَالٍ أَوْ عِرْضٍ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ

قَالَ ابْنُ الْجَارُودِ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول هَلْ تَدْرُونَ مَنِ الْمُقِلُّونَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمُقِلُّونَ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْمُقِلِّينَ مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصِيَامٍ وَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيَقْعُدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقْتَصُّ هَذَا كُلُّهُ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ ذَهَبَتْ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ الَّذِي عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَتُطْرَحُ عَلَيْهِ لَيْسَ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ فِي الْمُوَطَّأِ وَهُمَا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الفضل جعفر بن محمد بن يزيد الجوهري بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَامٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يقضى عنه

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَحَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نفس المؤمن مُعَلَّقَةٌ مَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ هُوَ صَحِيحٌ وَسُئِلَ عَنْ عمر ابن أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ كَانَ شُعْبَةُ يُضَعِّفُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُفَسِّرُ حَدِيثَ هَذَا الْبَابِ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو حَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ الْأَطْوَلِ قَالَ إِنَّ أَخَاهُ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَمِائَةَ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ عِيَالًا قَالَ فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَهَا عَلَيْهِمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَخَاكَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ فَاقْضِ عَنْهُ قَالَ فَقَضَيْتُ عَنْهُ ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ قَدْ قَضَيْتُ عَنْهُ وَلَمْ تَبْقَ إِلَّا امْرَأَةٌ تَدَّعِي بِدِينَارَيْنِ وَلَيْسَ لَهَا بَيِّنَةٌ فَقَالَ أَعْطِهِمَا فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَفِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ مَعَانٍ مِنِ الْفِقْهِ مِنْهَا أَنْ الْوَرَثَةَ لَا يُنْفَقُ عَلَيْهِمْ وَلَا لَهُمْ مِيرَاثٌ حَتَّى يُؤَدَّى الدَّيْنُ وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا فِي مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ نَكَّسَهُ ثُمَّ وَضَعَ رَاحَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا نَزَلَ مِنَ التَّشْدِيدِ فَسَكَتْنَا وَفَرِقْنَا فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نَزَلَ قَالَ فِي الدينوالذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيِيَ ثُمَّ قُتِلَ ثُمَّ أُحْيِيَ ثُمَّ قُتِلَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي كَثِيرٍ مَوْلَى الْأَشْجَعِيِّينَ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِي إِنْ قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أُقْتَلَ قَالَ الْجَنَّةُ فَلَمَّا وَلَّى

الرَّجُلُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِرُّوهُ عَلَيَّ فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ كَثِيرٍ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مَأْسُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَشْكُو إِلَى اللَّهِ الْوَحْدَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ كثير أو مُحَمَّدٍ هُوَ كَثِيرُ بْنُ أَعْيَنَ الْمُرَادِيُّ بَصْرِيٌّ وَمِنْهَا أَنَّ الْمَرْءَ يُحْبَسُ عَنِ الْجَنَّةِ مِنْ أَجْلِ دَيْنِهِ حَتَّى يَقَعَ الْقِصَاصُ وَمِنْهَا أَنَّ الْقَضَاءَ عَنِ الْمَيِّتِ بَعْدَهُ فِي الدُّنْيَا يَنْفَعُ الْمَيِّتَ فِي الْآخِرَةِ وَمِنْهَا أَنَّ الْمَيِّتَ إِنَّمَا يُحْبَسُ عَنِ الْجَنَّةِ بِدَيْنِهِ إِذَا كَانَ لَهُ وَفَاءٌ وَلَمْ يُوصِ بِهِ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ وَالْوَصِيَّةُ بِالدَّيْنِ فَرْضٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَإِذَا لَمْ يُوصِ بِهِ كَانَ عَاصِيًا وَبِعِصْيَانِهِ ذَلِكَ يُحْبَسُ عَنِ الْجَنَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَعْطِهَا فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَالدَّيْنُ الَّذِي يُحْبَسُ بِهِ صَاحِبُهُ عَنِ الْجَنَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ الَّذِي قَدْ تَرَكَ لَهُ وَفَاءً وَلَمْ يُوصِ بِهِ أَوْ قَدَرَ عَلَى الْأَدَاءِ فَلَمْ يُؤَدِّ أو

أَدَانَهُ فِي غَيْرِ حَقٍّ أَوْ فِي سَرَفٍ وَمَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّهِ وَأَمَّا مَنْ أَدَانَ فِي حق واجب لفاقة وعشرة وَمَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَحْبِسُهُ بِهِ عَنِ الْجَنَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّ عَلَى السُّلْطَانِ فَرْضًا أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ دَيْنَهُ إِمَّا مِنْ جُمْلَةِ الصَّدَقَاتِ أَوْ مِنْ سهم الغارمين أو مت الْفَيْءِ الرَّاجِعِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ صُنُوفِ الْفَيْءِ وَقَدْ قِيلَ أَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْدِيدَهُ فِي الدَّيْنِ كَانَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْفَيْءُ وَالصَّدَقَاتُ لِأَهْلِهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ بُدَيْلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزِيِّ عَنِ الْمِقْدَامِ الْكِنْدِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَوْلَى بكل مؤمن مِنْ نَفْسِهِ مَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيْعَةً فَإِلَيَّ وَمَنْ تَرَكَ مَالَا فَلِوَرَثَتِهِ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عَقِيلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَا أَوْلَى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دُعِيَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ هَلْ تَرَكَ مِنْ دَيْنٍ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَهَلْ تَرَكَ مِنْ وَفَاءٍ فَإِنْ قَالُوا لَا قَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ على رسوله الفتوح قال أنا أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَعَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ وَعِنْدَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ فِي هَذَا حَدِيثٌ آخَرُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجِنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَقَالَ أَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا نَعَمْ دِينَارَانِ فَقَالَ أَتْرَكَ لَهُمْ وَفَاءً قَالُوا لَا قَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنَ الْوَحْيِ مَا يُتْلَى وَمَا لَا يُتْلَى وماهو قُرْآنٌ وَمَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ (33 34) قَالُوا الْقُرْآنُ آيَاتُ اللَّهِ وَالْحِكْمَةُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكُلٌّ مِنَ اللَّهِ إِلَّا مَا قَامَ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ فَإِنَّهُ لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرُفَ وَكَرُمَ

الحديث الثامن والعشرون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَعِشْرُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى عَنْ عَمْرِو بْنِ كَثِيرٍ 137 - مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ عَامَ حُنَيْنٍ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ قَالَ فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فَاسْتَدَرْتُ لَهُ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي قَالَ فَلَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ مَا بَالُ النَّاسِ فَقَالَ أَمْرُ اللَّهِ ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رجعوا فقال رسول الله مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ قَالَ فَقُمْتُ ثُمَّ قُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِي ثُمَّ جَلَسْتُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِي وَجَلَسْتُ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ الثَّالِثَةَ فَقُمْتُ فَقَالَ رَسُولُ الله مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي فَأَرْضِهِ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَاهَا اللَّهِ إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رسوله فيعطيك سلبه فقال رسول الله صَدَقَ فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ

فَأَعْطَانِيهِ فَبِعْتُ الدِّرْعَ فَاشْتَرَيْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الحديث عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ كَثِيرٍ وَتَابَعَهُ قَوْمٌ وَقَالَ الْأَكْثَرُ عُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عن مالك عن يحيى بن سعيد عن ابْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَالصَّوَابُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عُمَرُ بْنُ كَثِيرٍ وَكَذَلِكَ قَالَ فِيهِ كُلُّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْهُمُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ عُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ مَدَنِيُّ رَوَى عَنْهُ ابْنُ عَجْلَانَ وَغَيْرُهُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ سألت أبي عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ فَقَالَ هَذَا مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ رَوَى عَنْهُ ابْنُ عَوْنٍ وذكر البخاري والعقيلي في باب عمرو عَمْرِو بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ مَدَنِيٌّ رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ وَعُثْمَانُ بْنُ الْيَمَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَمْرُو بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ لَيْسَ هُوَ عُمَرَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَإِنَّمَا الَّذِي رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ ابْنُ عَجْلَانَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ

ابْنُ عَوْنٍ وَهُوَ مِنَ التَّابِعِينَ مِمَّنْ لَقِيَ ابْنَ عُمَرَ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ كَبِيرٌ أَكْبَرُ مِنْ عَمْرِو بْنِ كَثِيرٍ وَأَظُنُّهُمَا أَخَوَيْنِ وَلَكِنَّ عُمَرَ بْنَ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ أَجَلُّ مِنْ عَمْرِو بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ وَأَشْهَرُ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُوَطَّأِ وَلَيْسَ لِعَمْرِو بْنِ كَثِيرٍ فِي الْمُوَطَّأِ ذِكْرٌ إِلَّا عِنْدَ مَنْ لَمْ يُقِمِ اسْمَهُ وَصَحَّفَهُ وَأَمَّا أَبُو مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ فَمِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَاسْمُهُ نَافِعٌ يُعْرَفُ بِالْأَقْرَعِ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ وَحَسْبُكَ وَرَوَى عَنْهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْجُلَّةِ وَأَمَّا أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَاسْمُهُ الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ عَلَى اخْتِلَافٍ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ فارس رسول الله وَلَمْ يُقَلْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ كَمَا قِيلَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ سَيْفُ اللَّهِ وَكَانَ أَبُو قَتَادَةَ مِنْ شُجْعَانِ فِتْيَانِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرِوَايَةُ ابْنِ عُيَيْنَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ مُخْتَصَرَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي قتادة أن رسول الله نَفَّلَهُ سَلَبَ قَتِيلِهِ وَأَمَّا مَالِكٌ فَسَاقَ سِيَاقَةً حَسَنَةً وَكَانَ حَافِظًا وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ

أنس بن مالك أن رسول الله قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ مَنْ قَتَلَ كَافِرًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ عِشْرِينَ قَتِيلًا وَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ضَرَبْتُ رَجُلًا عَلَى حِبَالِ الْعَاتِقِ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ فَأُعْجِلْتُ عَنْهَا أَنْ آخُذَهَا فَانْظُرْ مَعَ مَنْ هِيَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ أَنَا أَخَذْتُهَا فَأَرْضِهِ مِنْهَا أَوْ أَعْطِنِيهَا فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَانَ لَا يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ أَوْ سكت فقل عُمَرُ لَا يَنْزِعُهَا مِنْ أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ الله ويعطيكها فضحك رسول الله وَقَالَ صَدَقَ عُمَرُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ هذا من الفقه معرفة غزاة حنين وذكل أَمْرٌ يُسْتَغْنَى بِشُهْرَتِهِ عَنْ إِيرَادِهِ وَلَوْلَا كَرَاهَتُنَا التَّطْوِيلَ لَذَكَرْنَا هُنَا خَبَرَ تِلْكَ الْغَزَاةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ الدُّرَرِ فِي اخْتِصَارِ المغازي والسير وفي هذاالحديث دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ هُزِمُوا يَوْمَ حُنَيْنٍ وَأَنَّهُمْ كَانَتْ لَهُمُ الْكَرَّةُ بَعْدُ وَالظَّفَرَةُ وَالْغَلَبَةُ والحمد لله وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ الْآيَةَ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَوْضِعِ أَبِي قَتَادَةَ مِنَ النَّجْدَةِ وَالشَّجَاعَةِ وَفِيهِ أَنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ عَلَى وُجُوهٍ نَذْكُرُهَا إن شاء الله ولهذا النُّكْتَةِ وَهَذَا الْمَعْنَى جُلِبَ هَذَا الْحَدِيثُ وَنُقِلَ فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُنَفَّلُ إِلَّا بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ وَقَدْ

ذَكَرْنَا حُكْمَ النَّفَلِ فِي مَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ غَيْرِهِ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ قَالَ مالك وإنما قال النبي مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا وَلَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ بَعْدَ أَنْ بَرَدَ الْقِتَالُ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ يَوْمِ حنين قال ولا بلغني فعله على الْخَلِيفَتَيْنِ فَلَيْسَ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ حَتَّى يَقُولَ ذَلِكَ الْإِمَامُ وَالِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ فِيمَا مضى ولم يرد به رسول الله أَنْ يَكُونَ أَمْرًا لَازِمًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ السَّلَبَ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ بِلَا يَمِينٍ وَيَخْرُجُ ذَلِكَ عَلَى الِاجْتِهَادِ مِنَ الْخُمُسِ إِذَا رَأَى ذَلِكَ الْإِمَامُ مَصْلَحَةً وَالِاجْتِهَادُ فِيهِ مُؤْتَنَفٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ بَلْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهِ مَنْ كَانَ قَدْ حَازَهُ لِنَفْسِهِ فِي الْقِتَالِ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدَيْهِ مِنْهُ فَأَمَرَ بِدَفْعِ ذَلِكَ إِلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ وَالسَّلَبُ مِنَ النَّفَلِ وَالْفَرَسُ مِنَ النَّفَلِ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَا نَفَلَ فِي ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ وَلَا نَفَلَ إِلَّا مِنَ الْخُمُسِ وَيَكُونُ فِي أَوَّلِ مَغْنَمٍ وَآخِرِهِ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَكَرِهَ أَنْ يَسْفِكَ أَحَدٌ دَمَهُ عَلَى هَذَا وَقَالَ هُوَ قِتَالٌ عَلَى جُعْلٍ وَكَرِهَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ مَنْ قَاتَلَ فَلَهُ كَذَا وَمَنْ بَلَغَ مَوْضِعَ كَذَا فَلَهُ كَذَا وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا أَوْ نِصْفُ مَا غَنِمَ قَالَ وَإِنَّمَا

نَفَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْقِتَالِ هَذَا جُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ نَحْوُ ذَلِكَ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ عَلَى أَنَّ السَّلَبَ مِنْ غَنِيمَةِ الْجَيْشِ حُكْمُهُ كَحُكْمِ سَائِرِ الْغَنِيمَةِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الْأَمِيرُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ لَهُ وَقَالَ الأوزاعي والليث وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ ذَلِكَ الْأَمِيرُ أَوْ لَمْ يَقُلْهُ إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ إِنَّمَا يَكُونُ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ إِذَا قَتَلَ قَتِيلَهُ مُقْبِلًا عَلَيْهِ وَأَمَّا إِذَا قَتَلَهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ عَنْهُ فَلَا سَلَبَ لَهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَكْحُولٌ السَّلَبُ مَغْنَمٌ وَيُخَمَّسُ قَالَ الشَّافِعِيُّ يُخَمَّسُ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْغَنِيمَةِ إِلَّا السَّلَبَ فَإِنَّهُ لا يخمس وهن قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالطَّبَرِيِّ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كُنَّا لَا نُخَمِّسُ السَّلَبَ على عهد رسول اللَّهُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ بَارَزَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ أَخُو أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَرْزُبَانَ الزَّآرَةِ فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ سَلَبَهُ فَبَلَغَ سَلَبُهُ ثَلَاثِينَ أَلْفًا فبلع ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ إنا كانت لَا نُخَمِّسُ السَّلَبَ وَإِنَّ سَلَبَ الْبَرَاءِ قَدْ بَلَغَ مَالًا كَثِيرًا وَلَا أَرَانَا إِلَّا خَامِسِيهِ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ حَمَلَ عَلَى مَرْزُبَانَ الزَّآرَةِ فَطَعَنَهُ طَعْنَةً دَقَّ قُرْبُوسَ سَرْجِهِ وَقَتَلَهُ وَسَلَبَهُ فَذَكَرَ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ فَحَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ أَوَّلُ سَلَبٍ خُمِّسَ فِي الْإِسْلَامِ وَقَالَ إِسْحَاقُ بِهَذَا الْقَوْلِ إِذَا اسْتَكْثَرَ الْإِمَامُ السَّلَبَ خَمَّسَهُ وَذَلِكَ إِلَيْهِ وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ فَقَتَلَ مَلِكَ فَارِسٍ بِيَدِهِ وَعَلَيْهِ مِنْطَقَةٌ ثَمَنُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَنَفَّلَهُ عُمَرُ إِيَّاهَا وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ لِي عُمَرُ بَلَغَنِي أَنَّكَ بَارَزْتَ دِهْقَانًا وَقَتَلْتَهُ قُلْتُ نَعَمْ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ وَنَفَّلَهُ سَلَبَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ مَرْفُوعًا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ

عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ وَلَمْ يُخَمِّسِ السَّلَبَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا كَانَ لَهُ سَلَبُهُ نَادَى بِهِ الْإِمَامُ أَمْ لَمْ يُنَادِ مُقْبِلًا قَتَلَهُ أَوْ مُدْبِرًا هَارِبًا أَوْ مُبَارِزًا إِذَا كَانَ فِي الْمَعْرَكَةِ وَلَيْسَ سَبِيلُ السَّلَبِ سَبِيلَ النَّفَلِ لِأَنَّ النَّفَلَ لَا يَكُونُ إِلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ الْإِمَامُ بِهِ قَبْلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ يَقُولُ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا مِنَ الْكُفَّارِ فَإِنَّ سَلَبَهُ لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَعْمَعَةِ الْقِتَالِ فَإِنَّهُ لَا يُدْرَى حِينَئِذٍ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يَرُدُّ قَوْلَ الطَّبَرِيِّ لِاشْتِرَاطِهِ فِي السَّلَبِ الْقَتْلَ فِي الْمَعْرَكَةِ خَاصَّةً وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ السَّلَبُ لِكُلِّ قَاتِلٍ فِي مَعْرَكَةٍ كَانَ أَوْ غَيْرِ مَعْرَكَةٍ فِي الْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ وَالْهُرُوبِ والانتهاز على كل الوجوه واحتج قائلوا هذه المقالة بعموم قول رسول الله مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ لَمْ يَخُصَّ حَالًا مِنْ حَالٍ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِخَبَرِ سَلَمَةَ بن الأكوع

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي خَبَرِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ حُجَّةٌ لِأَبِي ثَوْرٍ وَلَا لِغَيْرِهِ عَلَى الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ سَلَمَةَ لَمْ يَقْتُلْهُ إِلَّا مُلَاقِيًا وَمُتَحَيِّلًا فِي قَتْلِهِ مُغَافِصًا لَهُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ بَارَزَهُ وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ هَوَازِنَ قَالَ فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَعُودُ نَتَضَحَّى إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ فَانْتَزَعَ طَاقًا مِنْ خُفِّ الْبَعِيرِ فَقَيَّدَ بِهِ بَعِيرَهُ ثُمَّ جَاءَ يَمْشِي حَتَّى قَعَدَ مَعَنَا يَتَغَذَّى فَنَظَرَ فِي الْقَوْمِ فَإِذَا فِي أَظْهُرِهِمْ رِقَّةٌ وَأَكْثَرُهُمْ مُشَاةٌ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْقَوْمِ خَرَجَ فَانْطَلَقَ يَعْدُو فَأَتَى بَعِيرَهُ فَقَعَدَ عَلَيْهِ فَخَرَجَ يَرْكُضُهُ وَهُوَ طَلِيعَةٌ لِلْكُفَّارِ فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَّا مِنْ أَسْلَمَ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ وَرْقَاءَ قَالَ إِيَاسُ قَالَ أَبِي فَاتَّبَعْتُهُ أَعْدُو قَالَ وَالنَّاقَةُ عِنْدَ وَرِكِ الْجَمَلِ فَلَحِقْتُهُ فَكُنْتُ عِنْدَ وَرِكِ النَّاقَةِ ثُمَّ تَقَدَّمْتُ حَتَّى كُنْتُ عِنْدَ وَرِكِ الْجَمَلِ ثُمَّ تَقَدَّمْتُ حَتَّى آخُذَ بِخِطَامِ الْبَعِيرِ فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي فَضَرَبْتُ رَأْسَهُ فَبَرَدَ ثُمَّ جِئْتُ بِنَاقَتِهِ أقودها عليها سلبة فاستقبلني رسول الله مَعَ النَّاسِ فَقَالَ مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ قَالُوا ابْنُ الْأَكْوَعِ قَالَ لَكَ سَلَبُهُ أَجْمَعُ

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ بَارَزَ رَجُلًا فَقَتَلَهُ فَنَفَّلَهُ النَّبِيُّ سَلَبَهُ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ لِمَذْهَبِهِمْ فِي أَنَّ الْقَاتِلَ لَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَ قَتِيلِهِ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ مُقْبِلًا بِأَشْيَاءَ يَطُولُ ذِكْرُهَا أَحْسَنُهَا عِنْدِي مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ قَالَ لَيْسَ الْحَدِيثُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ عَلَى عُمُومِهِ لِاجْتِمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ أَسِيرًا أَوِ امْرَأَةً أَوْ شَيْخًا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ سَلَبُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَكَذَلِكَ مَنْ دَفَّفَ عَلَى جَرِيحٍ أَوْ قَتَلَ مَنْ قَدْ قُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ قَالَ وَكَذَلِكَ الْمُنْهَزِمُ لَا يَمْتَنِعُ فِي انْهِزَامِهِ وَهُوَ كَالْمَكْتُوفِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أن الحديث إنما جعل السلب لمن قَتْلِهِ مَعْنًى زَائِدٌ وَلِمَنْ فِي قَتْلِهِ فَضِيلَةٌ وَهُوَ الْقَاتِلُ فِي الْإِقْبَالِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمُؤْنَةِ وَلَمْ يَكُنْ مَخْرَجُ الْحَدِيثِ إِلَّا عَلَى مَنْ فِي قَتْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَهُ شَوْكَةٌ وَأَمَّا مَنْ أُثْخِنَ فَلَا وَلَوْ كَانَ كَمَا زَعَمُوا كَانَ الَّذِي أَثْخَنَهُ أَوْلَى بِسَلَبِهِ وَلَيْسَ بِقَاتِلٍ وَالسَّلَبُ إِنَّمَا هُوَ لِلْقَاتِلِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَقَالَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ الْغَنِيمَةُ كُلُّهَا مَقْسُومَةٌ عَلَى مَا وَصَفْنَا إِلَّا السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ فِي الْإِقْبَالِ قَالَ ذَلِكَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَقُلْهُ لأن رسول الله نَفَّلَ أَبَا قَتَادَةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ سَلَبَ قَتِيلِهِ وَمَا نَفَّلَهُ إِيَّاهُ إِلَّا بَعْدَ تَقَضِّي

الْحَرْبِ وَنَفَّلَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ ثِيَابَ مَرْحَبٍ يَوْمَ خَيْبَرَ وَنَفَّلَ يَوْمَ بَدْرٍ عَدَدًا أَسْلَابًا وَيَوْمَ أُحُدٍ رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ أَسْلَابَ قَتْلَاهُمْ قَالَ وَمَا عَلِمْتُهُ حَضَرَ مَحْضَرًا فَقَتَلَ رَجُلٌ قَتِيلًا فِي الْإِقْبَالِ إِلَّا نَفَّلَهُ سَلَبَهُ قَالَ وَلَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ النَّبِيِّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ رَسُولِ الله يَوْمَ حُنَيْنٍ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَمَحْفُوظٌ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ غَيْرُ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ وَأُحُدٍ فَأَكْثَرُ مَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَغَازِي وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَهْلِ السِّيَرِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَتَلَ يَوْمَ بدر سعيد بن العاصي وأخد سيفه فنفله رسول الله إِيَّاهُ حَتَّى نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْفَالِ وَأَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ بَارَزَ يَوْمَئِذٍ رَجُلًا فَقَتَلَهُ فَنَفَّلَهُ رسول الله سَلَبَهُ وَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ نَفَّلَهُ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ سَيْفَ أَبِي جَهْلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَعْنِي يَوْمَ حُنَيْنٍ مَنْ قَتَلَ كَافِرًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلًا وَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ وَلَقِيَ أَبُو طَلْحَةَ

أُمَّ سُلَيْمٍ وَمَعَهَا خِنْجَرٌ فَقَالَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا مَعَكِ قَالَتْ أَرَدْتُ وَاللَّهِ إِنْ دَنَا مِنِّي بَعْضُهُمْ أَنْ أَبْعَجَ بِهِ بَطْنَهُ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ أَبُو طَلْحَةَ رَسُولَ اللَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ قَالَ حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عوف أن النبي قَضَى أَنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ هَذَا أَصْلُهُ يَوْمَ بَدْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ إِنِّي لَوَاقِفٌ يَوْمَ بَدْرٍ فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَشِمَالِي فَإِذَا أَنَا بَيْنَ فَتَيَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا فَعَرَفَنِي أَحَدُهُمَا فَقَالَ لِي يَا عَمِّ أَتَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ فَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي قَالَ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا قَالَ فَتَعَجَّبْتُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَغَمَزَنِي الْآخَرُ فَقَالَ مِثْلَهُ فَلَمْ أَنْشَبَ أَنْ رَأَيْتُ أَبَا جَهْلٍ يَجُولُ فِي النَّاسِ فَقُلْتُ لَهُمَا أَلَا تَرَيَانِ هَذَا هُوَ صَاحِبُكُمَا الَّذِي تَسْأَلَانِي عَنْهُ فَابْتَدَرَاهُ فَضَرَبَاهُ بِسَيْفِهِمَا حَتَّى قَتَلَاهُ ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رسول الله فأخبراه فقال رسول الله أَيُّكُمَا قَتَلَهُ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا قَتَلْتُهُ قَالَ فَهَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَكُمَا قَالَا لَا فنظر رسول الله إِلَى سَيْفِهِمَا فَقَالَ كِلَاكُمَا قَتَلَهُ وَقَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَالْآخَرُ مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ وَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَاجِشُونُ قَالَ حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى ين مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ وَأَبِي عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ وَقَدْ ضَرَبْتُ رِجْلَهُ وَهُوَ صَرِيعٌ وَهُوَ يَذُبُّ النَّاسَ عَنْهُ بِسَيْفِهِ فَذَكَرَ قِصَّةً قَالَ فَأَخَذْتُ سَيْفَهُ فَضَرَبْتُهُ حَتَّى بَرَدَ وَزَادَ فِيهِ أَبِي عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَنَفَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ سيفه

وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآثَارِ مَنْ قَالَ إِنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ نَادَى بِهِ الْإِمَامُ أَمْ لَمْ يُنَادِ وَلَا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِيمَا ذَكَرُوا قَبْلَ نُزُولِ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الْآيَةَ وَاحْتَجَّ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ وَأَنَّهُ أَمْرٌ لَيْسَ بِلَازِمٍ إِلَّا أَنْ يَجْتَهِدَ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ وَيُنَادِيَ بِهِ عَلَى حَسْبَمَا يَرَاهُ وَأَنَّ لَهُ مَنْعَ الْقَاتِلِ مِنَ السَّلَبِ وَلَهُ إِعْطَاؤُهُ عَلَى حَسْبَمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ بِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ وَرَافَقَنِي مُوْدِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُ سَيْفِهِ فَنَحَرَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ جَزُورًا فَسَأَلَهُ الْمُودِيُّ طَائِفَةً مِنْ جِلْدِهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ فَاتَّخَذَهُ كَهَيْئَةِ الدَّرَقِ وَمَضَيْنَا فَلَقِينَا جُمُوعَ الرُّومِ وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ أَشْقَرَ عَلَيْهِ سَرْجٌ مُذَهَّبٌ وَسِلَاحٌ مُذَهَّبٌ فَجَعَلَ الرُّومِيُّ يُغْرِي بِالْمُسْلِمِينَ وَقَعَدَ لَهُ الْمُودِيُّ خَلْفَ صَخْرَةٍ وَمَرَّ بِهِ الرُّومِيُّ فَعَرْقَبَ فَرَسَهُ فَخَرَّ وَعَلَاهُ فَقَتَلَهُ وَحَازَ فَرَسَهُ وَسِلَاحَهُ فلما فتح الله على المسلمين بعد إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَأَخَذَ مِنْهُ السَّلَبَ قال عوف

فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ يَا خَالِدُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رسول الله قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي اسْتَكْثَرْتُهُ فَقُلْتُ لَتَرُدَّنَّهُ إِلَيْهِ أَوْ لَأُعَرِّفَنَّكَ عِنْدَ رَسُولِ الله فَأَبَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ قَالَ عَوْفٌ فَاجْتَمَعْنَا عند رسول الله فاقتصصت عليه قصة المودي ما فعل خالد فقال رسول الله يَا خَالِدُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَكْثَرْتُهُ لَهُ فَقَالَ رسول الله يَا خَالِدُ رُدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذْتَ مِنْهُ فَقَالَ عَوْفٌ دُونَكَ يَا خَالِدُ أَلَمْ أَفِ لك فقال رسول الله وما ذاك فاخبرته فغضب رسول الله وَقَالَ يَا خَالِدُ لَا تَرُدَّهُ عَلَيْهِ هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي لَكُمْ صَفْوَةُ أَمْرِهِمْ وَعَلَيْهِمْ كَدَرُهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ سَأَلْتُ ثَوْرًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنِي عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ نَحْوَهُ وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ الْفَزَارِيُّ وَأَخْبَرَنِي غَيْرُ صَفْوَانَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ بِنَحْوِ حَدِيثِ صَفْوَانَ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ السَّلَبَ إنما يكون

لِلْقَاتِلِ إِذَا أَمْضَى ذَلِكَ الْإِمَامُ وَرَآهُ وَأَدَّاهُ اجتهاده إليه وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ شِبْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْعَبْدِيِّ قَالَ كُنَّا بِالْقَادِسِيَّةِ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَيْهِ السِّلَاحُ وَالْهَيْئَةُ فَقَالَ مَرْدٌ وَمَرْدٌ يَقُولُ رَجُلٌ إِلَى رَجُلٍ فَعَرَضْتُ عَلَى أَصْحَابِي أَنْ يُبَارِزُوهُ فَأَبَوْا وَكُنْتُ رَجُلًا قَصِيرًا قَالَ فَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ فَصَاحَ صَوْتًا وَهَدَرَ وَصِحْتُ وَكَبَّرْتُ وَحَمَلَ عَلَيَّ فَاحْتَمَلَنِي فَضَرَبَ بِي قَالَ وَتَمِيلُ بِهِ فَرَسُهُ فَأَخَذْتُ خِنْجَرَهُ فَوَثَبْتُ عَلَى صَدْرِهِ فَذَبَحْتُهُ قَالَ وَأَخَذْتُ مِنْطَقَةً لَهُ وَسَيْفًا وَدِرْعًا وَسِوَارَيْنِ فَقُوِّمَ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَأَتَيْتُ بِهِ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ فَقَالَ رُحْ إِلَيَّ وَرُحْ بِالسَّلَبِ قَالَ فَرُحْتُ إِلَيْهِ فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ هَذَا سَلَبُ شِبْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ خُذْهُ هَنِيئًا مَرِيئًا فَنَفَّلَنِيهِ كُلَّهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَمْرَ السَّلَبِ إِلَى الْأَمِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأسود بن قيس مثله سواء بِمَعْنَاهُ فِي قِصَّةِ شِبْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ شِبْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ قَالَ بَارَزْتُ رَجُلًا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ فَقَتَلْتُهُ وَأَخَذْتُ سَلَبَهُ فَأَتَيْتُ سَعْدًا فَخَطَبَ سَعْدٌ أَصْحَابَهُ ثُمَّ قَالَ هَذَا سَلَبُ شِبْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ لَهُوَ خَيْرٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَإِنَّا قَدْ نفلناه إياه

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَوْ كَانَ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ قضاء من النبي مَا احْتَاجَ الْأُمَرَاءُ إِلَى أَنْ يُضِيفُوا ذَلِكَ إِلَى أَنْفُسِهِمْ بِاجْتِهَادِهِمْ وَلَأَخَذَهُ الْقَاتِلُ دُونَ أَمْرِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الرَّجُلِ يَدَّعِي أَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا بِعَيْنِهِ وَادَّعَى سَلَبَهُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يُكَلَّفُ عَلَى ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ أَخَذَهُ وَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ حَلَفَ مَعَهُ وَكَانَ لَهُ سَلَبُهُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أبي قتادة وبأنه حق يستحق بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا قَالَ أَنَّهُ قَتَلَهُ أُعْطِيَ سَلَبَهُ وَلَمْ يُسْأَلْ عَنْ ذَلِكَ بَيِّنَةً وَاخْتَلَفُوا فِي النَّفَرِ يَضْرِبُونَ الرَّجُلَ الْكَافِرَ ضَرَبَاتٍ مُخْتَلِفَةً فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ إِذَا قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ قَتَلَهُ آخَرُ فَالسَّلَبُ لِقَاطِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَإِنْ ضَرَبَهُ وَأَثْبَتَهُ وَبَقِيَ مَعَهُ مَا يَمْتَنِعُ بِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ آخَرُ كَانَ السَّلَبُ لِلْآخَرِ وَإِنَّمَا يَكُونُ السَّلَبُ لِمَنْ صَيَّرَهُ بِحَالٍ لَا يَمْتَنِعُ فِيهَا وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي مُبَارِزٍ عَانَقَ رَجُلًا وَحَمَلَ عَلَيْهِ آخَرُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ السَّلَبُ لِلْمُعَانِقِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ وَفِي هذا الباب مسائل كثير لَهَا فُرُوعٌ لَوْ ذَكَرْنَاهَا خَرَجْنَا عَنْ تَأْلِيفِنَا وَفِيمَا أَوْرَدْنَا مِنْ أُصُولِ هَذَا الْبَابِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

وَأَمَّا قَوْلُهُ فَاشْتَرَيْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ هِيَ الْجُنَيْنَةُ الصَّغِيرَةُ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ مَا يُخْرَفُ وَيُخْتَرَفُ أَيْ يُحْفَظُ وَيُجْتَنَى وَهُوَ الْحَائِطُ الَّذِي فِيهِ ثَمَرٌ قَدْ طَابَ وَبَدَا صَلَاحُهُ قَالُوا وَالْحَائِطُ يُقَالُ لَهُ بِالْحِجَازِ الْخَارِفُ وَالْخَارِفُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ الَّذِي يَجْتَنِي لَهُمُ الرُّطَبَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يُقَالُ النَّخْلُ بِعَيْنِهِ مَخْرَفٌ قَالَ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي طَلْحَةَ إِنَّ لِي مَخْرَفًا قَالَ وَقَالَ الأصمعي في حديث النبي عَائِدُ الْمَرِيضِ فِي مَخَارِفِ الْجَنَّةِ قَالَ وَاحِدُهَا مَخْرَفٌ وَهُوَ جَنْيُ النَّخْلِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ مَخْرَفًا لِأَنَّهُ يُخْرَفُ مِنْهُ أَيْ يُجْتَنَى مِنْهُ قَالَ الْأَخْفَشُ الْمَخْرَفُ بِكَسْرِ الْمِيمِ الْقِطْعَةُ مِنَ النَّخْلِ التي يخترف منها الثمر وَالْمَخْرَفُ بِفَتْحِ الْمِيمِ النَّخْلُ أَيْضًا وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ أَرَادَ أَوَّلَ أَصْلٍ بَاقٍ مِنَ الْمَالِ اقْتَنَاهُ وَجَمَعَهُ وَمَنِ اكْتَسَبَ مَا يَبْقَى وَيُحْمَدُ فَقَدْ تَأَثَّلَ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ وَلَكِنَّمَا أَسْعَى لِمَجْدٍ مُؤَثَّلٍ وَقَدْ يُدْرِكُ الْمَجْدَ الْمُؤَثَّلَ أَمْثَالِي وَقَالَ لَبِيدٌ لِلَّهِ نَافِلَةُ الْأَجَلِّ الْأَفْضَلِ وَلَهُ الْعُلَى وَأَثِيثُ كُلِّ مُؤَثَّلِ وَمِنْ هَذَا حَدِيثُ عُمَرَ فِي وَقْفِهِ أَرْضَهُ قَالَ وَلِمَنْ وَلِيَهَا أَنْ يأكل منها أو يوكل صديقا عير متأثل مالا

الحديث التاسع والعشرون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَعِشْرُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى عَنْ وَاقِدٍ 237 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ وَاقِدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كَانَ يَقُومُ فِي الْجَنَائِزِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدُ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ وَاقِدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْمُصْعَبِ وَغَيْرُهُ وَسَائِرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ يَقُولُونَ عن واقد ابن عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ امرىء الْقَيْسِ الْأَشْهَلِيُّ الْأَنْصَارِيُّ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ كَنَّاهُ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ وَذَكَرَهُ الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَقَالَ كَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ يَقُولُ فِيهِ واقد بن عمر بن سعد بن معاذ يهم فيه

رَوَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ وَاقِدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ وَاقِدٌ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ فَقَالَ لِي مَنْ أَنْتَ فَقُلْتُ وَاقِدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ إِنَّكَ بِسَعْدٍ لَشَبِيهٌ ثُمَّ بَكَى فَأَكْثَرَ الْبُكَاءَ وَقَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ سَعْدًا كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَأَمَّا مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ فَرَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ مِنَ الْأَنْصَارِ كَبِيرٌ جَلِيلٌ وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وهو مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَامِرِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقٍ وَكَانَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ قَدْرٌ وَجَلَالَةٌ وَهَيْئَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ لِلْجَنَائِزِ إِذَا مَرَّتْ بِالْإِنْسَانِ وَقِيَامَهُ إِذَا شَيَّعَهَا وَشَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ مَنْسُوخٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَمْرَ أَوَّلًا كَانَ أَنْ لَا يَجْلِسَ مُشَيِّعُ الْجِنَازَةِ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ أَوْ فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ مَنْ مَرَّتْ بِهِ الْجِنَازَةُ قَامَ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالتَّخْفِيفِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتُمُ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا حَتَّى تَخْلُفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ

سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا الزهري عن سالم عن أبيه عن عامر بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ وَهَذَا مَنْسُوخٌ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَرَوَى أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ عامر بن ربيعة النبي صلى الله عليه وسلم قبله وَرَوَى يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا رَأَيْتُمُ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ وَرَوَى رَبِيعَةُ بْنُ سَيْفٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَبَلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فقال يَا رَسُولَ اللَّهِ تَمُرُّ بِنَا جِنَازَةُ الْكَافِرِ أَفَنَقُومُ لَهَا قَالَ نَعَمْ قُومُوا لَهَا فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا تَقُومُونَ إِعْظَامًا لِلَّذِي يَقْبِضُ النُّفُوسَ وَرَوَى فِي الْقِيَامِ لِلْجَنَائِزِ أَبُو مُوسَى وَجَابِرٌ وَيَزِيدُ وَزَيْدٌ ابْنَا ثَابِتٍ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ كُلُّهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ مَرَّتْ جِنَازَةٌ فَقَامَ لَهَا فَلَمَّا ذَهَبَتْ فَإِذَا بِهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ فَقَالَ إِنَّ الْمَوْتَ فَزَعٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَيَّعْتُمْ جِنَازَةً فَلَا تَجْلِسُوا حَتَّى تُوضَعَ فِي الْأَرْضِ وَرَوَاهُ أبو معاوية عن سهيل بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ وَرَوَاهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَوْلُ الثَّوْرِيِّ أَشْبَهُ وَأَوْلَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَهَذِهِ الْآثَارُ وَهِيَ صِحَاحٌ ثَابِتَةٌ تُوجِبُ الْقِيَامَ لِلْجِنَازَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ جَاءَتْ آثَارٌ نَاسِخَةٌ لِذَلِكَ رَوَى جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ فِي الْجِنَازَةِ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ فَمَرَّ حَبْرٌ من أحبار

الْيَهُودِ فَقَالَ هَكَذَا نَفْعَلُ فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ اجْلِسُوا وَخَالِفُوهُمْ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَشَبَّهُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيٌ وَكَانَ يَقُومُ لِلْجِنَازَةِ فَلَمَّا نُهِيَ انْتَهَى وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَخْبَرَةَ الْأَزْدِيِّ قَالَ كَانُوا عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَمَرَّتْ بِهِمْ جِنَازَةٌ فَقَامُوا لَهَا فَقَالَ عَلِيٌّ مَا هَذَا فَقَالُوا أَمْرُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَقَالَ إِنَّمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ لَمْ يُعِدْ واختلف العلماء في هذا الباب فمن رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي زَعَمْنَا أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَاسْتَعْمَلَهَا وَلَمْ يَرَهَا مَنْسُوخَةً وَقَالُوا لَا يَجْلِسُ مَنِ اتَّبَعَ الْجِنَازَةَ حَتَّى تُوضَعَ مِنْ أَعْنَاقِ الرِّجَالِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَيَّعْتُمْ جِنَازَةً فَلَا تَجْلِسُوا حَتَّى تُوضَعَ

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَسَالِمٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ لِلْجِنَازَةِ إِذَا مَرَّتْ بِهِمْ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ مَنْ قَامَ لَهَا من أَعِبْهُ وَمَنْ قَعَدَ فَغَيْرُ آثِمٍ وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ قَوْلُهُ إِذَا رَأَيْتُمُ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا فَإِنَّ الْمَوْتَ فَزَعٌ وَرَوَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْقِيَامَ فِي الْجِنَازَةِ كَانَ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْجُلُوسِ فَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّهُمَا عَلِمَا النَّاسِخَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَلَيْسَ عَلَى مَنْ لَمْ يَقِفْ عَلَى ذَلِكَ نَقِيصَةٌ في تماديه على ما علم وهوالواجب عَلَيْهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ قَدْ رُفِعَ حُكْمُهُ وَنُسِخَ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ عِلْمَ النَّاسِخِ مِنَ الْمَنْسُوخِ فِي الْحَدِيثِ أَشَدُّ نعذرا مِنْ عِلْمِ نَاسِخِ الْقُرْآنِ وَمَنْسُوخِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ اللَّهُ أَعْلَمُ أَعْيَا الْفُقَهَاءُ أَنْ يَعْرِفُوا نَاسِخَ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَنْسُوخِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِعِلْمِ الْآخِرِ مِنَ الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ بَابِ الْإِبَاحَةِ وَذَلِكَ إِنَّمَا يُوقَفُ عَلَيْهِ بِنَصٍّ أَوْ تَارِيخٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ جِنَازَةً مَرَّتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَعَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَامَ الْحَسَنُ

فَقَالَ الْحَسَنُ أَلَيْسَ قَدْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِنَازَةِ يَهُودِيٍّ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَلَى وَجَلَسَ بَعْدُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّوَابُ فِي هَذَا الْبَابِ الْمَصِيرُ إِلَى مَا قَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ فَقَدْ حَفِظَا الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَعَرَّفَا النَّاسَ أَنَّ الْجُلُوسَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْقِيَامِ فَوَجَبَ امْتِثَالُ ذَلِكَ مِنْ سُنَّتِهِ وَالْآخِرُ مِنْهَا نَاسِخٌ وَهُوَ أَمْرٌ وَاضِحٌ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزبير ومالك والشافعي الْقِيَامُ لَهَا مَنْسُوخٌ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَعِيبُ مَنْ قَامَ لِلْجِنَازَةِ وَيُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ لَمْ يُعِدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأنصاري قال

أَخْبَرَنِي وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا وَاقِفٌ أَنْتَظِرُ جِنَازَةً تُوضَعُ فَلَمَّا وُضِعَتْ جَلَسْتُ إِلَى نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ فَقَالَ لِي نَافِعٌ كَأَنَّكَ نَظَرْتَ هَذِهِ الْجِنَازَةَ أَنْ تُوضَعَ قُلْتُ أَجَلْ قَالَ نَافِعٌ حَدَّثَنِي مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَامَ ثُمَّ قَعَدَ قَالَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَزُهَيْرٌ عَلَى وَاقِدِ بْنِ عَمْرٍو فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَاقِدُ بْنُ عُمَرَ خَطَأٌ هَذَا إِنْ صَحَّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَأَمَّا رواية يحيى وقوله واقد بن سَعْدٍ فَجَائِزٌ أَنْ يَنْسُبَ الْمَرْءَ إِلَى جَدِّهِ وَالَّذِي عِنْدَ جُمْهُورِ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ ابْنُهُ قَيْسُ بْنُ مَسْعُودٍ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةً مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِالْكُوفَةِ فَرَأَى النَّاسَ قِيَامًا يَنْتَظِرُونَ الْجِنَازَةَ أَنْ تُوضَعَ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَسَ بَعْدَ مَا كَانَ يَقُومُ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قاسم بن عيسى المقرىء حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَابَةَ بِبَغْدَادَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ الْبَغَوِيُّ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو داود قَالَ الْبَغَوِيُّ وَحَدَّثَنَا خَلَّادٌ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ الْبَغَوِيُّ وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَ الْبَغَوِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبَّاسٌ حَدَّثَنَا قُرَادٌ قَالُوا كُلُّهُمْ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْجِنَازَةِ فَقُمْنَا ثُمَّ جَلَسَ فَجَلَسْنَا وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي الْقَائِمِ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ فِي اللَّحْدِ فَكَرِهَ ذَلِكَ قَوْمٌ وَعَمِلَ بِهِ آخَرُونَ ذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ يَسْمَعُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يَقُولُ كُنَّا نَشْهَدُ الْجَنَائِزَ فَمَا يَجْلِسُ آخِرُ النَّاسِ حَتَّى يُؤْذَنُوا وَهَذَا عِنْدِي لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَنْسُوخِ لِأَنَّ النَّسْخَ إِنَّمَا جَاءَ فِي الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ عِنْدَ رُؤْيَتِهَا شُيِّعَتْ حَتَّى تُوضَعَ وَقَدْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمَاعَةٌ يَذْهَبُونَ إِلَى نَسْخِ الْقِيَامِ عَلَى الْقَبْرِ وَغَيْرِهِ فِي الْجَنَائِزِ وَأَظُنُّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْقِيَامَ كُلَّهُ فِي الْجَنَائِزِ مَنْسُوخٌ لِقَوْلِ عَلِيٍّ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ فِي الْجَنَائِزِ ثُمَّ قَعَدَ بَعْدُ وَمِنْ هُنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ قِيَامُ الرَّجُلِ عَلَى الْقَبْرِ حَتَّى يُوضَعَ الْمَيِّتُ فِي اللَّحْدِ بِدْعَةٌ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ وَهُوَ رَوَى حَدِيثَ النَّسْخِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ عَلَى اللَّحْدِ لَمْ يَدْخُلْ فِي النَّسْخِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الْمِصِّيصِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ

قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عَلِيًّا قَامَ عَلَى قَبْرِ ابْنِ الْمُكَفَّفِ فقيل له ألا تجلس يا أمير المؤمنين فَقَالَ قَلِيلٌ لِأَخِينَا قِيَامُنَا عَلَى قَبْرِهِ قَالَ ابن وضح وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ زكرياء ابن أب زَائِدَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ وَحَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لِيَلِ أَحَدُكُمُ الْقِيَامَ عَلَى قَبْرِ أَخِيهِ حَتَّى يَدْفِنَهُ قَالَ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَيْفُورٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ حدثنا الحسين بن واقد عن فرقد السجي عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ قَامَ عَلَى قَبْرٍ قَائِمًا حِينَ وُضِعَ فِي الْقَبْرِ وَقَالَ يُسْتَحَبُّ إِذَا أُنِسَ مِنَ الرَّجُلِ الْخَيْرُ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ ذَلِكَ قَالَ وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ أَبِي الْمُلَيْحِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ فَقِيلَ لَهُ أَوَاجِبٌ هَذَا قَالَ لَا وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْبَيْتِ هَذَا لَهُمْ مِنِّي قَلِيلٌ وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثٌ حَسَنٌ مَرْفُوعٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ

الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى قَبْرٍ حَتَّى دُفِنَ وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَسْوَارِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ الصَّنْعَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُجَيْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا أَنَّهُ سَمِعَ هَانِئًا مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ يَذْكُرُ عَنْ عُثْمَانَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الرَّجُلِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثَبُّتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يسأل وبهذا الإسناد عن هانىء مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ كَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى تَبْتَلَّ لِحْيَتُهُ قِيلَ لَهُ تَذْكُرُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَلَا تَبْكِي وَتَبْكِي مِنْ هَذَا قَالَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ وَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثلاثون

حَدِيثٌ مُوفِي ثَلَاثِينَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ 337 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ بَايَعْنَا رَسُولَ الله عَلَى السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَأَنْ نَقُولَ أَوْ نَقُومَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ جُمْهُورُ رُوَاتِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْهُمُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَمَعْنٌ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ أُوَيْسٍ وَغَيْرُهُمْ وما خالفه عن مالك فليس بشيء ورواه القعنبي فِي جَامِعِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَاهُ وَتَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَرَوَاهُ قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ أَخْبَرَنِي أَبِي قال بايعنا رسول الله وَلَمْ يَذْكُرْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَتَابَعَهُ أَبُو مُسْهِرٍ وَأَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زُرَيْقِ بْنِ جَامِعٍ مِنْهُ وَقَدِ

اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْهُ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أبيه قال وبايعنا رسول الله الْحَدِيثَ لَمْ يَذْكُرْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَزَعَمَ أَنَّ الْبَيْعَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَتْ بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ وَأَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عُبَادَةَ لَهُ صُحْبَةٌ وَأَنَّهُ مُمْكِنٌ أَنْ يُشَاهِدَ هَذِهِ الْبَيْعَةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ عَلَى الْحَرْبِ وَذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ جَدِّهِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ لَمْ يَذْكُرِ الْوَلِيدَ بْنَ عُبَادَةَ هكذا رواه الحميد عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِيهِ لَمْ يَذْكُرْ عُبَادَةَ بْنَ الْوَلِيدِ وَهَذَا عِنْدِي غَلَطٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالصَّحِيحُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ يَحْيَى بن سعيد عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عن أَبِيهِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ قَالَ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْعَةَ الْحَرْبِ وَكَانَ عُبَادَةُ مِنَ الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ بَايَعُوا فِي الْعَقَبَةِ الْأُولَى عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي عُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَمَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَأَنْ لا ننارع الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَأَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَدْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ وَشَهِدَ بَدْرًا والحديبية والمشاهد كلها وبايع رسول الله مِرَارًا وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ خَبَرِهِ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ مَا فِيهِ الْكِفَايَةُ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ النَّجَّادُ الْفَقِيهُ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُسَيْلَةَ الصُّنَابِحِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ كُنَّا فِيمَنْ حَضَرَ العقبة الْأُولَى وَكُنَّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا فَبَايَعْنَا رَسُولَ الله عَلَى بَيْعَةِ النِّسَاءِ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُفْتَرَضَ عَلَيْهِمُ الْحَرْبُ عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا نشرق وَلَا نَزْنِي وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا وَلَا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا وَلَا نَعْصِيهِ فِي مَعْرُوفٍ قَالَ فَإِنْ وَفَّيْتُمْ فَلَكُمُ الْجَنَّةُ وَإِنْ غَشِيتُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأَمْرُكُمْ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ قال أحمد بن حنبل وحدثنا يحيى ين زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي وَمُجَالِدٌ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأنصاري قال انطلق النبي مَعَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ إِلَى السَّبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَقَالَ لِيَتَكَلَّمْ مُتَكَلِّمُكُمْ وَلَا يُطِيلُ الْخُطْبَةَ

فَإِنَّ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَيْنًا وَإِنْ يَعْلَمُوا بِكُمْ يَفْضَحُوكُمْ قَالَ قَائِلُهُمْ وَهُوَ أَبُو أُمَامَةَ سَلْ يَا مُحَمَّدُ لِرَبِّكَ مَا شِئْتَ وَسَلْ لِنَفْسِكَ وَلِأَصْحَابِكَ مَا شِئْتَ ثُمَّ أَخْبِرْنَا بِمَا لَنَا مِنَ الثَّوَابِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ قَالَ أَسْأَلُكُمْ لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تشركوا به شيئا وأسألكن لنفسي ولأصحابي أن تؤونا وَتَنْصُرُونَا وَتَمْنَعُونَا مِمَّا مَنَعْتُمْ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ قَالُوا فَمَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ قَالَ لَكُمُ الْجَنَّةُ قَالُوا فَلَكَ ذَلِكَ قَالَ الشَّعْبِيُّ وَكَانَ أَبُو مَسْعُودٍ أَصْغَرَهُمْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ مَا سَمِعَ الشِّيبُ وَلَا الشُّبَّانُ خُطْبَةً مِثْلَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْبَيْعَةُ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا الْأَنْصَارُ بِهَذَا اللَّفْظِ وَهَذَا الْمَعْنَى وَسَائِرُ الْبَيْعَاتِ الَّتِي ذَكَرَ عُبَادَةُ وَغَيْرُهُ هِيَ بَيْعَاتُ جَمَاعَاتِ النَّاسِ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ وَسَائِرِ أَبْنَاءِ الْعَرَبِ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَقِيلَ لَهُ تُسَمِّي النُّقَبَاءَ فَقَالَ نَعَمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَأَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَسَعْدُ بْنُ

الرَّبِيعِ وَسَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ وَالْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ أَبُو جَابِرٍ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ قَالَ سُفْيَانُ عُبَادَةُ عَقَبِيٌّ بَدْرِيٌّ أُحُدِيٌّ شَجَرِيٌّ نَقِيبٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ ما ذكره سفيان في النقباء خلاف م ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِيهِمْ فِي السِّيَرِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وهم الذين بايعوا رسول الله فِي الْعَقَبَةِ الْأُولَى وَكَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ عَامٌ أَوْ نَحْوُهُ وَكَانُوا فِي بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ رَجُلًا فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَامْرَأَتَيْنِ وَكَانَتِ الْعَقَبَةُ الثَّانِيَةُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِأَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ لَيْلَةِ الْعَقَبَةِ وَبَيْنَ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ أَوْ نَحْوُهَا قَالَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْأَنْصَارِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَقَدِمَ رسول الله الْمَدِينَةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ

عَنْ سَيَّارٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُبَادَةَ بْنَ الْوَلِيدِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سيار عن النبي وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ بَايَعْنَا رَسُولَ الله عَلَى أَنْ نَقُومَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كَانَ فَهَذَا شُعْبَةُ قَدْ جَوَّدَهُ فَفَرَّقَ بَيْنَ رِوَايَةِ سَيَّارٍ ورواية يحيى ين سَعِيدٍ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ مَنْ جَعَلَ حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ بَايَعْتُ رسول الله عَلَى الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَكْرَهِ وَالْمَنْشَطِ وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فيه بايعنا رسول الله عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فَقَوْلٌ مُجْمَلٌ يُفَسِّرُهُ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يَقُولُ لَنَا فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ وَأَطَقْتُمْ وَكَذَلِكَ كَانَ أَخْذُهُ عَلَى النِّسَاءِ فِي الْبَيْعَةِ كَانَ يَقُولُ لَهُنَّ فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ وَهَذَا كُلُّهُ يَتَضَمَّنُهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ

وَجَلَّ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ طَاعَةِ الْخَلِيفَةِ الْمُبَايَعِ إِلَّا مَا كَانَ فِي الْمَعْرُوفِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ يَأْمُرُ إِلَّا بِالْمَعْرُوفِ وَقَدْ قَالَ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَمَرَ بِمُنْكَرٍ لَا تَلْزَمُ طَاعَتُهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ ثوبان قال حدثني عمير بن هانىء قَالَ حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْكَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ وَأَنْ لَا تُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ يَأْمُرُوكَ بِأَمْرٍ عِنْدَكَ تَأْوِيلُهُ مِنَ الْكِتَابِ قَالَ عُمَيْرٌ وَحَدَّثَنِي خُضَيْرٌ الْأَسْلَمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يُحَدِّثُ بِهِ عن النبي قَالَ خُضَيْرٌ فَقُلْتُ لِعُبَادَةَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ أَنَا أَطَعْتُهُ قَالَ يُؤْخَذُ بِقَوَائِمِكَ فَتُلْقَى فِي النَّارِ وليجيء هَذَا فَيُنْقِذَكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا الْحَوْظِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ قَعَدْتُ إِلَى الشعبي بدمشق

فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَحَدَّثَ رَجُلٌ مِنَ التابعين عن رسول الله أَنَّهُ قَالَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الْأُمَرَاءَ فَإِنْ كَانَ خَيْرًا فَلَكُمْ وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَعَلَيْهِمْ وَأَنْتُمْ مِنْهُ بَرَاءٌ قَالَ الشَّعْبِيُّ كَذَبْتَ لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ فَمَعْنَاهُ فِيمَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَإِنْ شَقَّ علينا وأيسر بِنَا وَفِيمَا نُحِبُّهُ وَنَنْشَطُ لَهُ وَفِيمَا نَكْرَهُهُ وَيَثْقُلُ عَلَيْنَا وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى جَاءَ حَدِيثُ ابن عمر عن النبي فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ قال على المرء المسلم السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ حِينَ بُويِعَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ إِنْ كَانَ خَيْرًا رَضِينَا وَإِنْ كَانَ بَلَاءً صَبَرْنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ قَائِلُونَ أَهْلُهُ أَهْلُ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَالْفَضْلِ وَالدِّينِ فَهَؤُلَاءِ لَا ينازعون

لِأَنَّهُمْ أَهْلُهُ وَأَمَّا أَهْلُ الْجَوْرِ وَالْفِسْقِ وَالظُّلْمِ فَلَيْسُوا لَهُ بِأَهْلٍ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لإبرهيم عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ وَإِلَى مُنَازَعَةِ الظَّالِمِ الْجَائِرِ ذَهَبَتْ طَوَائِفُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَعَامَّةِ الْخَوَارِجِ وَأَمَّا أَهْلُ الْحَقِّ وَهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ فَقَالُوا هَذَا هُوَ الِاخْتِيَارُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ فَاضِلًا عَدْلًا مُحْسِنًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالصَّبْرُ عَلَى طَاعَةِ الْجَائِرِينَ مِنَ الْأَئِمَّةِ أَوْلَى مِنَ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي مُنَازَعَتِهِ وَالْخُرُوجِ عَلَيْهِ اسْتِبْدَالَ الْأَمْنِ بِالْخَوْفِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَحْمِلُ عَلَى هِرَاقِ الدِّمَاءِ وَشَنِّ الْغَارَاتِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَذَلِكَ أَعْظَمُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى جَوْرِهِ وَفِسْقِهِ وَالْأُصُولُ تَشْهَدُ وَالْعَقْلُ وَالدِّينُ أَنَّ أَعْظَمَ الْمَكْرُوهَيْنِ أَوْلَاهُمَا بِالتَّرْكِ وَكُلُّ إِمَامٍ يُقِيمُ الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَ وَيُجَاهِدُ الْعَدُوَّ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ عَلَى أَهْلِ الْعَدَاءِ وَيُنْصِفُ النَّاسَ مِنْ مَظَالِمِهِمْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَتَسْكُنُ لَهُ الدَّهْمَاءُ وَتَأْمَنُ بِهِ السُّبُلُ فَوَاجِبٌ طَاعَتُهُ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ مِنَ الصَّلَاحِ أَوْ مِنَ الْمُبَاحِ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي قَالَ كنا مع رسول الله فِي سَفَرٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ

وَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ جَنَاهُ وَمِنَّا مَنْ هُوَ في جشرة إذ نادى منادي النبي الصلاة جامعة فانتهيت إلى رسول الله وَهُوَ يَقُولُ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لِلَّهِ عَلَيْهِ حَقٌّ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى الَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمُ الَّذِي هُوَ شَرٌّ لَهُمْ وَأَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ جُعِلَتْ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ يُنْكِرُونَهَا وَفِتَنٌ مُرَفِّقٌ بَعْضُهَا بَعْضًا تَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِي ثُمَّ تَنْكَشِفُ ثُمَّ تَجِيءُ أُخْرَى فَيَقُولُ هَذِهِ هَذِهِ ثُمَّ تَنْكَشِفُ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتُدْرِكْهُ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَمِينِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَخَرَجْتُ فِي النَّاسِ فَقُلْتُ أنت سمعت هذا من رسول الله قَالَ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي قَلْتُ إِنَّ هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا وَاللَّهُ يَقُولُ لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَكَبَّ طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ أَطِعْهُ فِيمَا أَطَاعَ اللَّهَ وَاعْصِهِ فِيمَا عَصَى اللَّهَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ فَإِنَّهُ يُرِيدُ الرَّمْيَ إِلَى الْأَغْرَاضِ وَقَوْلُهُ وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ خَرَجَ فِي إِبِلِهِ يَرْعَاهَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَا حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْحَاقُ بْنُ بَنَّانِ بْنِ مَعْنٍ الْأَنْمَاطِيُّ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قال رسول الله تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْقَطِيفَةِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَفِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ فَالشَّكُّ مِنَ الْمُحَدِّثِ إِمَّا يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَإِمَّا مَالِكٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْأَلْفَاظِ وَمُرَاعَاتِهَا وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْمُنْكَرَ وَاجِبٌ تَغْيِيرُهُ عَلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَلْحَقْهُ فِي تَغْيِيرِهِ إِلَّا اللَّوْمُ الَّذِي لَا يَتَعَدَّى إِلَى الْأَذَى فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ تَغْيِيرِهِ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَبِقَلْبِهِ لَيْسَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَإِذَا أَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ

سِوَى ذَلِكَ وَالْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَأْكِيدِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَلَكِنَّهَا كُلَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ قَالَ أَبُو ذَرٍّ أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا وَأَنْ لَا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَقَدْ روي عن النبي مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهُ قَالَ فَضْلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ ذِي سُلْطَانٍ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ وَلَمَّا وَجَبَتْ مُجَاهَدَةُ الْكُفَّارِ حَتَّى يَظْهَرَ دِينُ الْحَقِّ فَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ عَانَدَ الْحَقَّ مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ وَاجِبٌ مُجَاهَدَتُهُ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ حَتَّى يَظْهَرَ الْحَقُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ الْجِهَادُ بِثَلَاثَةٍ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ وَالْقَلْبِ فَأَوَّلُهَا الْيَدُ ثُمَّ اللِّسَانُ ثُمَّ الْقَلْبُ فَإِذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا نُكِّسَ فَجُعِلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَقْتُلَكَ فَلَا

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى بْنِ جَمِيلٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا الْأَصْمَعِيُّ عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ إِنَّمَا يُكَلَّمُ مُؤْمِنٌ يُرْجَى أَوْ جَاهِلٌ يُعَلَّمُ فَأَمَّا مَنْ وَضَعَ سَيْفَهُ أَوْ سَوْطَهُ وَقَالَ لَكَ اتَّقِنِي اتَّقِنِي فمالك وَلَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَئِنْ لَمْ يَكُنْ لِي دِينٌ حَتَّى أَقُومَ إِلَى رَجُلٍ مَعَهُ مِائَةُ أَلْفِ سَيْفٍ أَرْمِي إِلَيْهِ كَلِمَةً فَيَقْتُلُنِي إِنَّ دِينِي إِذًا لَضَيِّقٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ جَمِيعًا عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ جَاءَ عَتْرِيسُ بْنُ عُرْقُوبٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ هَلَكَ مَنْ لَمْ يَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بَلْ هَلَكَ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ الْمَعْرُوفَ بِقَلْبِهِ وَيُنْكِرِ الْمُنْكَرَ بِقَلْبِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ

عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَبِيعَ بن عميلة قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ حسب المؤمن إِذَا رَأَى مُنْكَرًا لَا يَسْتَطِيعُ تَغْيِيرَهُ أَنْ يعلم الله من قبله أَنَّهُ لَهُ كَارِهٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَسَّانَ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رسول الله لا يحل لمؤمن أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وما إذلاله لنفسه قَالَ يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يَقُومُ لَهُ وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا بِالْآثَارِ فِي بَابِ بَلَاغِ مَالِكٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَوْلَهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلَكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ وَأَشْبَعْنَاهُ هُنَاكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَبِهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الحادي والثلاثون

حَدِيثٌ حَادٍ وَثَلَاثُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ 437 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ قَالَ تُوُفِّيَ رَجُلٌ يَوْمَ خَيْبَرَ وَأَنَّهُمْ ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَعَمَ أَنَّهُ قَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ النَّاسِ لِذَلِكَ فَزَعَمَ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ فَفَتَحْنَا مَتَاعَهُ فَوَجَدْنَا خَرَزَاتٍ مِنْ خَرَزِ يَهُودَ مَا تُسَاوِينَ دِرْهَمَيْنِ هَكَذَا فِي كِتَابِ يَحْيَى وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يحيى بْنِ حَبَّانَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ وَلَا عَنِ ابْنِ أَبِي عَمْرَةَ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ وَسَقَطَ مِنْ كِتَابِهِ ذِكْرُ أَبِي عَمْرَةَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي أَبِي عَمْرَةَ أَوِ ابْنِ أَبِي عَمْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا فَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ وَأَكْثَرُ النُّسَخِ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ كُلُّهُمْ قَالُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ يَحْيَى بْنِ

حِبَّانَ عَنِ ابْنِ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ قَالَ تُوُفِّيَ رَجُلٌ فَذَكَرُوا الحديث وقال ابن وهب وصعب الزُّبَيْرِيُّ عَنْ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يحيى بن حبان عن أَبِي عَمْرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَابْنِ وَهْبٍ يَقُولُ فِي حَدِيثٍ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي عَمْرَةَ وَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَاخْتِلَافُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ هَذَا أَكْثَرُ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ عَنْهُ فِي إِسْنَادِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالُوا فِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي عَمْرَةَ كَمَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَمُصْعَبٌ وَقَالَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ عَنِ ابْنِ أَبِي عَمْرَةَ وَكَانَ عِنْدَ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ تُوُفِّيَ رَجُلٌ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهُوَ وَهْمٌ إِنَّمَا هُوَ يَوْمُ خَيْبَرَ وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّتِهِ قَوْلُهُ فَوَجَدْنَا خَرَزَاتٍ مِنْ خَرَزَاتِ يَهُودَ وَلَمْ يَكُنْ بِحُنَيْنٍ يَهُودُ والله أعلم

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ كَالتَّشْدِيدِ بِغَيْرِ الْمَيِّتِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ غَلَّ لِيَنْتَهِيَ النَّاسُ عَنِ الْغُلُولِ لِمَا رَأَوْا مِنْ تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ غَلَّ وَكَانَتْ صِلَاتُهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ رَحْمَةً فَلِهَذَا لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ عُقُوبَةً لَهُ وَتَشْدِيدًا لِغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذُّنُوبَ لَا تُخْرِجُ الْمُذْنِبَ عَنِ الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَرَ بِغُلُولِهِ كَمَا زَعَمَتِ الْخَوَارِجُ لَمْ يَكُنْ لِيَأْمُرَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْكَافِرَ وَالْمُشْرِكَ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ لَا أَهْلُ الْفَضْلِ وَلَا غَيْرُهُمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَيِّتَ قَدْ كَانَ غَلَّ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ وَيَجُوزُ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحْكَامَ الْغُلُولِ وَعُقُوبَةَ الْغَالِّ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُمَهَّدًا فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَبِهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثاني والثلاثون

حديث ثان ثلاثون لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 537 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يُدْعَى الْمُخْدَجِيَّ سَمِعَ رَجُلًا بِالشَّامِ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُ إِنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ قَالَ الْمُخْدَجِيُّ فَرُحْتُ إِلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَاعْتَرَضْتُ لَهُ وَهُوَ رَائِحٌ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ عُبَادَةُ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعِبَادِ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ وَغَيْرُهُمْ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَمَعْنَاهُ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّ ابْنَ عَجْلَانَ وَعُقَيْلًا لَمْ يَذْكُرَا الْمُخْدَجِيَّ فِي إِسْنَادِهِ فِيمَا رَوَى اللَّيْثُ عنهما

وَرَوَاهُ اللَّيْثُ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ سَوَاءً وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ مِنْ طُرُقٍ ثَابِتَةٍ صِحَاحٍ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْمُخْدَجِيِّ بِمِثْلِ رِوَايَةِ الْمُخْدَجِيِّ فَأَمَّا ابْنُ مُحَيْرِيزٍ فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَيْرِيزٍ وَهُوَ مِنْ جُلَّةِ التَّابِعِينَ وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي الشَّامِيِّينَ يَرْوِي عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَمُعَاوِيَةَ وَأَبِي مَحْذُورَةَ وَغَيْرِهِمْ تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَمَّا الْمُخْدَجِيُّ فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ بِغَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ مَالِكٌ الْمُخْدَجِيُّ لَقَبٌ وَلَيْسَ بِنَسَبٍ فِي شَيْءٍ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَقِيلَ إِنَّ الْمُخْدَجِيَّ اسْمُهُ رَفِيعٌ ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَأَمَّا أَبُو مُحَمَّدٍ فَيُقَالُ إِنَّهُ مَسْعُودُ بْنُ أَوْسٍ الْأَنْصَارِيُّ وَيُقَالُ سَعْدُ بْنُ أَوْسٍ وَيُقَالُ إِنَّهُ بَدْرِيٌّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الصَّحَابَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ دَلِيلٌ عَلَى مَا كَانَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ مِنَ الْبَحْثِ عَنِ الْعِلْمِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْوُقُوفِ عَلَى الصِّحَّةِ مِنْهُ وَطَلَبِ الْحُجَّةِ وَتَرْكِ التَّقْلِيدِ الْمُؤَدِّي إِلَى ذَهَابِ الْعِلْمِ وَفِيهِ دَلِيلٌ على أن السَّلَفِ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْوِتْرِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ قَوْلِهِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لله

وَقَدْ رَوَى أَبُو عِصْمَةَ نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوِتْرُ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ وَهُوَ لَكُمْ تَطَوُّعٌ وَالْأَضْحَى عَلَيَّ فَرِيضَةٌ وَهُوَ لَكُمْ تَطَوُّعٌ وَالْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ وَهُوَ لَكُمْ تَطَوُّعٌ وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَنُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ وَيُقَالُ اسْمُ أَبِيهِ أَبِي مَرْيَمَ يَزِيدُ بْنُ جُعْدُبَةَ وَكَانَ نُوحٌ أَبُو عِصْمَةَ هَذَا قَاضِيَ مَرْوٍ مُجْتَمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَكَذَلِكَ أَبَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ مُجْتَمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَتَرْكِ حَدِيثِهِ وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ الْمُفْتَرَضَاتِ خَمْسٌ لَا غَيْرَ وَهَذَا مَحْفُوظٌ فِي غَيْرِ هذا مَحْفُوظٌ فِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ إِذَا كَانَ مُوَحِّدًا مُؤْمِنًا بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَدِّقًا مُقِرًّا وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ بِأَسْرِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُقِرَّ بِالْإِسْلَامِ فِي حِينِ دُخُولِهِ فِيهِ يَكُونُ مُسْلِمًا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي عَمَلِ الصَّلَاةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ بِإِقْرَارِهِ وَاعْتِقَادِهِ وَعُقْدَةِ نِيَّتِهِ فَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا إِلَّا بِرَفْعِ مَا كَانَ بِهِ مُسْلِمًا وَهُوَ الْجُحُودُ لِمَا كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِهِ وَاعْتَقَدَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي قَتْلِ مَنْ أَبَى مِنْ عَمَلِ الصَّلَاةِ إِذَا كَانَ بِهَا مُقِرًّا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنِ الْمُخْدَجِيِّ قَالَ قِيلَ لِعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ إِنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُ الْوِتْرُ وَاجِبٌ قَالَ وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ عُبَادَةُ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَمَنْ أَتَى بِهِنَّ لَمْ يَنْتَقِصْ مِنْ حَقِّهِنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِهِنَّ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَرَوَى زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ زَعَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ الْوِتْرَ فَرْضٌ وَاجِبٌ فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَسُجُودَهُنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ جَاءَ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَذَكَرَهُ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ النَّجَّارِيُّ أَنَّهُ سَأَلَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ عَنِ الْوِتْرِ قَالَ أَمْرٌ حَسَنٌ جَمِيلٌ وَقَدْ عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ وَلَيْسَ بواجب قال وكان عبادة يوتر بثلاث وَرُبَّمَا خَرَجَ وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَجْلِسَ حَتَّى يُوتِرَ وَيُقِيمَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالَ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَلَمْ يضيعها استخفافا بحقها فله علي أن أدخل الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا لِوَقْتِهَا وَضَيَّعَهَا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهَا فَلَا عَهْدَ لَهُ عَلَيَّ إِنْ شِئْتُ غَفَرْتُ لَهُ وَإِنْ شِئْتُ عَذَّبْتُهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ الْمُسَيَّبِ الْبَجَلِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ

كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنِدِي ظُهُورِنَا إِلَى قِبْلَةِ مَسْجِدِهِ سَبْعَةُ رَهْطٍ أَرْبَعَةٌ مِنْ مَوَالِينَا وَثَلَاثَةٌ مِنْ عَرَبِنَا إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا فقال ما يجلسكم ههنا قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ قَالَ فَأَرَمَّ قَلِيلًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ رَبُّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ مَنْ صَلَّى الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا وَلَمْ يُضَيِّعْهَا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهَا فَلَهُ عَلَيَّ عَهْدٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا لِوَقْتِهَا وَلَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا وَضَيَّعَهَا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهَا فَلَا عَهْدَ لَهُ إِنْ شِئْتُ عَذَّبْتُهُ وَإِنْ شِئْتُ غَفَرْتُ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ مَعْنَى حَدِيثِ عُبَادَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَعْنَى حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عجرة هذا أن التضييع للصلاة الذي لايكون مَعَهُ لِفَاعِلِهِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ هُوَ أَنْ لَا يُقِيمَ حُدُودَهَا مِنْ مُرَاعَاةِ وَقْتٍ وَطَهَارَةٍ وَتَمَامِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُصَلِّيهَا وَلَا يَمْتَنِعُ مِنَ الْقِيَامِ بِهَا فِي وَقْتِهَا وَغَيْرِ وَقْتِهَا إِلَّا أَنَّهُ لا يحافط عَلَى أَوْقَاتِهَا قَالُوا فَأَمَّا مَنْ تَرَكَهَا أَصْلًا وَلَمْ يُصَلِّهَا فَهُوَ كَافِرٌ قَالُوا وَتَرْكُ الصَّلَاةِ كُفْرٌ وَاحْتَجُّوا بِآثَارٍ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي الزُّبَيْرِ وَأَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآثَارِ قَدْ ذَكَرْنَاهَا

في باب زيد بن أسلم عند ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي أَحْكَامِ تَارِكِ الصَّلَاةِ هنالك فلا معنى لذكر ذلك ههنا أَخْبَرَنَا أَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بْنُ حَمَدٍ فِيمَا أَجَازَ لَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَمِيرَوَيْهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ نُبِّئْتُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا يُعَلِّمَانِ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكَ لِمَوَاقِيتِهَا فَإِنَّ فِي تَفْرِيطِهَا الْهَلَكَةَ وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ طَيِّبَ النَّفْسِ بِهَا وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ وَتُطِيعُ لِمَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكَ وَتَعْمَلُ لِلَّهِ وَلَا تَعْمَلُ لِلنَّاسِ وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ فِي أَنَّ مَعْنَى حَدِيثِ عُبَادَةَ فِي هَذَا الْبَابِ تَضْيِيعُ الْوَقْتِ وَشَبَهُهُ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْأُشْنَانِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زُرَيْقٍ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ ضُبَارَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ دُوَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِيٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى افْتَرَضَ عَلَى أُمَّتِي خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَعَهِدَ عِنْدَهُ عَهْدًا مَنْ حَافَظَ عَلَيْهِنَّ لِوَقْتِهِنَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِنَّ فَلَا عَهْدَ لَهُ عِنْدَهُ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ سَاهُونَ وَدَائِمُونَ وَحَافِظُونَ فعلى مواقيتها

قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ الْحِفَاظُ عَلَى الصَّلَاةِ الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا وَالسَّهْوُ عَنْهَا تَرْكُ وَقْتِهَا وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَأَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَمِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ إِذَا كان مقرا بها غَيْرَ جَاحِدٍ وَلَا مُسْتَكْبِرٍ فَاسِقٌ مُرْتَكِبٌ لِكَبِيرَةٍ مُوبِقَةٍ مِنَ الْكَبَائِرِ الْمُوبِقَاتِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرَ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَقَدْ يَكُونُ الْكُفْرُ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْإِسْلَامِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النِّسَاءِ رَأَيْتُهُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ بِكُفْرِهِنَّ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ يَكْفُرْنَ بِالْعَشِيرِ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ فَأَطْلَقَ عَلَيْهِنَّ اسْمَ الْكُفْرِ لِكُفْرِهِنَّ الْعَشِيرَ وَالْإِحْسَانَ وَقَدْ يُسَمَّى كَافِرُ النِّعْمَةِ كَافِرًا وَأَصْلُ الْكُفْرِ التَّغْطِيَةُ لِلشَّيْءِ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ لَبِيدٍ فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمَامُهَا فَيَحْتَمِلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِطْلَاقُ الْكُفْرِ عَلَى تَارِكِ الصَّلَاةِ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ تَرْكَهُ الصَّلَاةَ غَطَّى إِيمَانَهُ وَغَيَّبَهُ حَتَّى صَارَ غَالِبًا عليه وهو مع ذلك مؤمن بِاعْتِقَادِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ صَلَّى صَلَاتَهُ وَإِنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَى أَوْقَاتِهَا أَحْسَنُ حَالًا مِمَّنْ لَمْ يُصَلِّهَا أَصْلًا وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِهَا

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِيَ اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي مِنَ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا نَسْرِقَ وَلَا نَزْنِيَ وَلَا نَقْتُلَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا نَنْتَهِبَ وَلَا نَعْصِيَ فَالْجَنَّةُ إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ فَإِنْ غَشِينَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا كَانَ أَمْرُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ عَنْ أَبِي حَاجِبٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ مَاتَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ التِّمْتَامُ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَوْسَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دخل الجنة

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ الْجُمَحِيِّ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَلَمَّا رَأَيْتُ مَا بِهِ مِنَ الْعَلَزِ بَكَيْتُ فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ فَوَاللَّهِ لَئِنْ شُفِّعْتُ لَأَشْفَعَنَّ لَكَ وَلَئِنْ سُئِلْتُ لَأَشْهَدَنَّ لَكَ وَلَئِنِ اسْتَطَعْتُ لَأَنْفَعَنَّكَ وَاللَّهِ مَا كَتَمْتُكَ حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْجَنَّةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَحْمَلُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بَعْدَ الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ أَنْ يَكُونَ آخِرًا مِنَ الْمُوَحِّدِينَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ وَهُشَيْمٌ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالُوا حَدَّثَنَا خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قُلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ عُبَادَةَ قَالَ أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَيْعَةِ حَيْثُ أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا نَزْنِيَ وَلَا نَسْرِقَ وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا وَلَا بَعْضَنَا بَعْضًا وَلَا نَعْصِيَ فِي مَعْرُوفٍ فَمَنْ أَتَى مِنْكُمْ حَدًّا فِي الدُّنْيَا فَعُجِّلَتْ لَهُ عُقُوبَتُهُ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ وَمَنْ أُخِّرَ ذَلِكَ عَنْهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يَقُولُ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا الْآيَةَ فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ قَالَ سُفْيَانُ كُنَّا عِنْدَ الزُّهْرِيِّ فَلَمَّا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَشَارَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ أَنْ أَحْفَظَهُ فَكَتَبْتُهُ فَلَمَّا قَدِمَ الزُّهْرِيُّ أَخْبَرْتُ بِهِ أَبَا بَكْرٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا يُرِيدُ مِمَّا فِي الْحُدُودِ مَا عَدَا الشِّرْكَ وَقَدْ بَانَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا وَذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرَ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمُقَيَّدٌ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا فَلَيْسَ فِي الْمَشِيئَةِ وَلَكِنَّهُ فِي النَّارِ وَعَذَابِ اللَّهِ أَجَارَنَا اللَّهُ وَعَصَمَنَا بِرَحْمَتِهِ مِنْ كُلِّ مَا يَقُودُ إِلَى عَذَابِهِ

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الحلبي عن الأوزاعي عن عمير بن هانىء عَنْ جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ زَادَ الْحَكَمُ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ من في القبور ثم اتفقا وأن عيسى بن مَرْيَمَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ وَقَالَ الْحَكَمُ مِنْ عَمَلِهِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ شَفِيقٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أُمِرَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُضْرَبَ فِي قَبْرِهِ بِمِائَةِ جَلْدَةٍ فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ اللَّهَ وَيَدْعُوهُ حَتَّى صَارَتْ جَلْدَةً وَاحِدَةً فَجُلِدَ جَلْدَةً وَاحِدَةٍ فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ عَلَيْهِ نَارًا فَلَمَّا ارْتَفَعَ عَنْهُ أَفَاقَ فَقَالَ عَلَامَ جَلَدْتُمُونِي قَالُوا إِنَّكَ صَلَّيْتَ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ وَمَرَرْتَ عَلَى مَظْلُومٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ

قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِكَافِرٍ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ فَلَمْ يُصَلِّ وَقَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُهُ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا مَا سُمِعَتْ دَعْوَتُهُ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَتْرُكُ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وَتَرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ قَالَ فَلَوْ كَانَ كَافِرًا لَكَانَ الْقَصْدُ إِلَى ذِكْرِ مَا ذَهَبَ مِنْ إِيمَانِهِ لَا إِلَى ذَهَابِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ تَارِكَهَا عَامِدًا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا يُسْتَتَابُ عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَنِ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَذَاهِبِهِمْ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ مَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ لَمْ يُحَافِظْ عَلَى الصَّلَوَاتِ كَمَا أَنَّ مَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَى كَمَالِ وُضُوئِهَا وَتَمَامِ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا فَلَيْسَ بِمُحَافِظٍ عَلَيْهَا وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا فَقَدْ ضَيَّعَهَا وَمَنْ ضَيَّعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ كَمَا أَنَّ مَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا حَفِظَ دِينَهُ وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ وَرَحِمَ اللَّهُ أَبَا الْعَتَاهِيَةِ حَيْثُ يَقُولُ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا بِطَهُورِهَا وَمِنَ الضَّلَالِ تفاوت الميقات قال أبو عمر إنما ذكرت أَحَادِيثَ هَذَا الْبَابِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا لِلْمُرْجِئَةِ تَعَلُّقٌ لِأَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ أَنْكَرَتِ الْحَدِيثَ الْمَرْوِيَّ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَقَالَتْ مَنْ لَمْ يَأْتِ

بِهِنَّ فَهُوَ فِي النَّارِ مُخَلَّدٌ فَرَدَّتِ الْحَدِيثَ الْمَأْثُورَ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقْلِ الْعُدُولِ الثِّقَاتِ وَأَنْكَرَتْ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ وَدَفَعَتْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرَ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ فَضَلَّتْ وَأَضَلَّتْ فَذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْآثَارِ مَا يُضَارِعُ هَذِهِ الْآيَةَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الثالث والثلاثون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَثَلَاثُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 637 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِذَا قَعَدْتَ عَلَى حَاجَتِكَ فَلَا تَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَقَدِ ارْتَقَيْتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَتَابَعَهُ عَلَى لَفْظِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَسَلِيمُ بْنُ بِلَالٍ ذَكَرَهُ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ وعن القعنبي عَنْ سُلَيْمَانَ كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ هَذَا مِثْلُ حَدِيثِ مَالِكٍ فِي اسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَاصَّةً لَا زِيَادَةً وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ فَقَالُوا فِيهِ عَلَى لَبِنَتَيْنِ يَقْضِي حَاجَتَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَرُبَّمَا زَادَ بَعْضُهُمْ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَرَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عمه عن بن عُمَرَ قَالَ فِيهِ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا لِحَاجَتِهِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ لَا تُسْتَقْبَلُ الْكَعْبَةُ وَلَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنَ الْعُلَمَاءِ ابْنُ سِيرِينَ وَمُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِلْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ إِسْحَاقَ وَالْحَمْدُ لله

الحديث الرابع والثلاثون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَثَلَاثُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 737 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ أَنَّ عَبْدًا سَرَقَ وَدِيًّا مِنْ حَائِطِ رَجُلٍ فَغَرَسَهُ فِي حَائِطِ سَيِّدِهِ فَخَرَجَ صَاحِبُ الْوَدِيِّ يَلْتَمِسُ وَدِيَّهُ فَوَجَدَهُ فَاسْتَعْدَى عَلَى الْعَبْدِ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَسَجَنَ مَرْوَانُ الْعَبْدَ وَأَرَادَ قَطْعَ يَدِهِ فَانْطَلَقَ سَيِّدُ الْعَبْدِ إِلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فأخبره أنه سمع رسول الله يَقُولُ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا فِي كَثَرٍ وَالْكَثَرُ الْجُمَّارُ قَالَ الرَّجُلُ فَإِنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أَخَذَ غُلَامًا لِي وَهُوَ يُرِيدُ قَطْعَهُ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَمْشِيَ مَعِي إِلَيْهِ فتخبره بالذي سمعت من رسول الله فمعشى معه رافع إلى مرون بْنِ الْحَكَمِ فَقَالَ أَخَذْتَ غُلَامًا لِهَذَا فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا أَنْتَ صَانِعٌ بِهِ قَالَ أَرَدْتُ قَطْعَ يَدِهِ فَقَالَ لَهُ رَافِعٌ سَمِعْتُ رسول الله يَقُولُ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا فِي كَثَرٍ فَأَمَرَ مَرْوَانُ بِالْعَبْدِ فَأُرْسِلَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى لم يَسْمَعْهُ مِنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَإِنْ صَحَّ

هَذَا فَهُوَ مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ وَلَكِنْ قَدْ خُولِفَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ إِلَّا مَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ دُلَيْلٍ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ شُعْبَةَ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَمِّهِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَأَمَّا غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ دُلَيْلٍ فَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ رَافِعٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يحيى بْنِ حَبَّانَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَرَوَاهُ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَمَّةٍ لَهُ أَنَّ غُلَامًا سَرَقَ وَدِيًّا وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ أَبِي مَيْمُونٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَحَدَّثْنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ

أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ أَنَّ عبدا سرق وديا من حائط فَجَاءَ بِهِ فَغَرَسَهُ فِي حَائِطِ أَهْلِهِ فَأُتِيَ به مرون بْنُ الْحَكَمِ فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَهُ فَشَهِدَ رَافِعُ بن خديج أن رسول الله قال لاقطع في ثمر ولا كثر فأرسله مرون قَالَ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ لَنَا سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ قَالَ اسْمُ الَّذِي سَرَقَ الْوَدِيَّ فِيلٌ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ فَقِيلَ لِسُفْيَانَ لَيْسَ يَقُولُ أَحَدٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَمِّهِ فَقَالَ هَكَذَا حِفْظِي قَالَ الْحُمَيْدِيُّ فَقَالَ لِي أَبُو زَيْدٍ الْمَدَائِنِيُّ حَمَّادُ بْنُ دُلَيْلٍ أَثْبَتُ عَلَيْهِ فَإِنَّ شُعْبَةَ كَذَا حَدَّثَنَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يحيى بن حبان عن عَمِّهِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ حَمَّادُ بْنُ دُلَيْلٍ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ كَانَ عَلَى الْمَدَائِنِ قَاضِيًا وَلَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَصْلُهُ وَأَمَّا حَدِيثُ شُعْبَةَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ دُلَيْلٍ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ قَالَ سَرَقَ

غُلَامٌ مِنَ الْأَنْصَارِ نَخْلًا صِغَارًا فَأُتِيَ بِهِ مرون فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُقْطَعَ فَقَالَ رَافِعُ بْنُ خديج سمعت رسول الله يَقُولُ لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ فَقُلْتُ لِيَحْيَى مَا الْكَثَرُ قَالَ الْجُمَّارُ فَضَرَبَهُ وَحَبَسَهُ وَأَمَّا رِوَايَةُ الثَّوْرِيِّ فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ وَأَمَّا رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يحيى بن حبان أن غلاما لعمه واسع بن حبان سَرَقَ وِدِيًّا مِنْ أَرْضِ جَارٍ لَهُ فَغَرَسَهُ في أرضه فرفع إلى مرون فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ فَأَتَى مَوْلَاهُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ فقال له تعال معي إلى مرون فجاء به فحدثه أن رسول الله قَالَ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ فَدَرَأَ عَنْهُ الْقَطْعَ وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي أُسَامَةَ فَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ الله يَقُولُ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ وَأَمَّا رِوَايَةُ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ فَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ حَدَّثَهُ عَنْ عَمَّةٍ لَهُ أَنَّ رَافِعَ بن خديج قال سمعت رسول الله يَقُولُ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ غُلَامًا لِعَمِّهِ يُقَالُ لَهُ فِيلٌ أَسْوَدَ سَرَقَ وَدِيًّا لِرَجُلٍ فَأُتِيَ بِهِ مرون بْنُ الْحَكَمِ فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَهُ فَقَالَ لَهُ رافع سمعت رسول الله يَقُولُ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ فَأَرْسَلَهُ مَرْوَانُ فَبَاعَهُ أَوْ نَفَاهُ وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَأَتَاهُ رَسُولُ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ فَقَالَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ فُلَانٌ يَعْنِي صَاحِبَ الشُّرْطَةِ أُتِيَ بِرَجُلٍ سَرَقَ وَدِيًّا مِنْ أَرْضِ قَوْمٍ فَقَالَ إِنْ كَانَ قِيمَةُ الْوَدِيِّ عَشَرَةَ

دَرَاهِمَ فَاقْطَعْهُ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا حَنِيفَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ قَالَ مَا تَقُولُ قُلْتُ نَعَمْ أَرْسِلْ فِي إِثْرِ الرَّسُولِ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُقْطَعَ الرَّجُلُ فَقَالَ قَدْ مَضَى الْحُكْمُ فَقُطِعَ الرَّجُلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا يَصِحُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ الْمَشْهُورَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ وَلَا فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ يُقْلَعُ وَلَا فِي كُلِّ مَا يَبْقَى مِنَ الطَّعَامِ وَيُخْشَى فَسَادُهُ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ فِي مَعْنَى الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا قَطْعَ فِي كَثَرٍ وَالْكَثَرُ الْجُمَّارُ وَلَا قَطْعَ فِي النَّخْلَةِ الصغيرة ولا الكبيرة ومن قلع نخلة أو قطعها من حائط فَلَيْسَ فِيهَا قَطْعٌ قَالَ وَلَا قَطْعَ فِي ثَمَرِ الْأَشْجَارِ وَلَا فِي الزَّرْعِ وَلَا فِي الْمَاشِيَةِ فَإِذَا آوَى الْجَرِينُ الزَّرْعَ أَوِ الثَّمَرَ وَآوَى الْمَرَاحُ الْغَنَمَ فَعَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ ذَلِكَ قِيمَةَ رُبْعِ دِينَارٍ الْقَطْعُ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ سَرَقَ نَخْلَةً أَوْ ثَمَرَةً فِي دَارِ رَجُلٍ قُطِعَ بِخِلَافِ ثَمَرِ شَجَرِ الْحَائِطِ والجنان

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنْ الْقَطْعَ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ سَرَقَ رُطَبًا أَوْ فَاكِهَةً رَطْبَةً إِذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا ثلاث دَرَاهِمَ وَسُرِقَتْ مِنْ حِرْزٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِحَدِيثِ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَطَعَ سَارِقًا سَرَقَ أُتْرُجَّةً قُوِّمَتْ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ قَالَ مَالِكٌ وَهِيَ الْأُتْرُجَّةُ الَّتِي يَأْكُلُهَا النَّاسُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا يدل على أن القطع واجب في الثمر الرُّطَبِ صَلُحَ أَنْ يُيَبَّسَ أَوْ لَمْ يَصْلُحْ لِأَنَّ الْأُتْرُجَّ لَا يُيَبَّسُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُ سَارِقُ النَّخْلَةِ الْمَطْرُوحَةِ فِي الْجِنَانِ الْمَحْرُوسَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقْطَعُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا كانت الثمرة في رؤوس النَّخْلِ أَوْ فِي شَجَرِهَا فَلَيْسَ فِيهِ قَطْعٌ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ وَقَالَ عَطَاءٌ يُعَزَّرُ وَيُغَرَّمُ وَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ إِلَّا فِيمَا أَحْرَزَ الْجَرِينُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْحَوَائِطُ لَيْسَتْ بِحِرْزٍ لِلنَّخْلِ وَلَا لِلثَّمَرِ لِأَنَّ أَكْثَرَهَا مُبَاحٌ يُدْخَلُ مِنْ جَوَانِبِ الْحَائِطِ حيث شاء فمن سرق من حائط شَيْئًا مِنْ شَجَرَةٍ أَوْ ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ لَمْ يُقْطَعْ فَإِذَا آوَاهُ الْجَرِينُ قُطِعَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَذَلِكَ الَّذِي تَعْرِفُهُ الْعَامَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ الْجَرِينَ حِرْزٌ لِلثَّمَرِ وَالْحَائِطَ لَيْسَ بِحِرْزٍ وَقَالَ أَبُو حنيفة وأصحابه في الثمر يسرق من رؤوس النَّخْلِ وَالشَّجَرِ أَوِ السُّنْبُلِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُحْصَدَ فَلَا قَطْعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ

وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَائِطُ قَدِ اسْتُوْثِقَ مِنْهُ وَحُظِرَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ الله قَالَ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ قَالُوا وَكَذَلِكَ النَّخْلَةُ تُسْرَقُ بِأَصْلِهَا وَالشَّجَرَةُ تُسْرَقُ بِأَصْلِهَا لَا قَطْعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِذَا سُرِقَ ثَمَرُ نَخْلٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ عِنَبُ كَرْمٍ وَذَلِكَ الثَّمَرُ قَائِمٌ فِي أَصْلِهِ وَكَانَ مَحْرُوزًا فَبَلَغَ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ مِنْ ذَلِكَ مَا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ قُطِعَتْ يَدُهُ وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مِلْكٌ لِمَالِكِهِ لَا يَحِلُّ أَخْذُهُ وَعَلَى مَنِ اسْتَهْلَكَهُ قِيمَتُهُ فِي قَوْلِ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا أَعْلَمُهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَلِذَلِكَ رَأَيْنَا عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُوجِبُ الْقَطْعَ الْقَطْعَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ إِلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ جِنْسُ الثَّمَرِ وَالْكَثَرِ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ حِرْزٍ فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ لَمْ يَرَ الْقَطْعَ عَلَى سَارِقٍ سَرَقَ مِنَ الثَّمَرِ كُلِّهِ وَأَجْنَاسِ الْفَوَاكِهِ والطعام الذي لا يبقى ولا يؤمن فَسَادُهُ كَثِيرًا كَانَتِ السَّرِقَةُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أو قليلا من حرز كانت مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ قَالُوا وَهَذَا مَعْنَى حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ مَا لَمْ يَكُنْ مَحْرُوزًا مَا كَانَ لِذِكْرِ الثَّمَرِ وَتَخْصِيصِهِ فَائِدَةٌ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْحِرْزُ وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ الْحَوَائِطَ لَيْسَتْ بِحِرْزٍ للثمار حتى يأويها الْجَرِينُ وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْجَرِينِ فَلَيْسَتْ محروزة

وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا قُصِدَ بِهِ حَوَائِطُ الْمَدِينَةِ خَاصَّةً لِأَنَّهَا حَوَائِطُ لَا حِيطَانَ لَهَا وَمَا كَانَ لَهَا حِيطَانٌ مِنْهَا فَهِيَ حِيطَانٌ لَا تَمْنَعُ لِقِصَرِهَا مَنْ أَرَادَ الْوُصُولَ إِلَى مَا دَاخِلَهَا فَهَذَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْمَذَاهِبِ لِمَنِ اسْتَعْمَلَهُ وَلَمْ يَدْفَعْهُ وَقَدْ دَفَعَتْهُ فِرْقَةٌ وَلَمْ تَقُلْ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّهُ قَضَى بِأَنَّ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا وَحِرْزَهَا بِالنَّهَارِ وَقَضَى بِأَنْ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ فَخَرَجَ مَا فِي الْحِيطَانِ وَالْأَجِنَّةِ مِنَ الثِّمَارِ بِذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْحِرْزِ فِي سُقُوطِ الْقَطْعِ كَمَا خَرَجَ الْمِقْدَارُ الْمُعْتَبَرُ فِي الْمَسْرُوقِ بِالسُّنَّةِ عَنْ جُمْلَةِ وُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَى عُمُومِ الْآيَةِ فِي السُّرَّاقِ وَالسَّارِقَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْخِرَقِيُّ الْحَنْبَلِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ وَإِذَا سَرَقَ السَّارِقُ رُبْعَ دِينَارٍ مِنَ الذَّهَبِ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ مِنَ الْوَرَقِ أَوْ قِيمَةَ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ مِنَ الْعُرُوضِ كُلِّهَا طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنَ الْحِرْزِ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَرًا وَلَا كَثَرًا

وَذَكَرَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ الْقَطْعُ فِيمَا آوَى الْجَرِينُ أَوِ الْمَرَاحُ قَالَ وَالْمَرَاحُ لِلْغَنَمِ وَالْجَرِينُ لِلثِّمَارِ قال وقال إسحاق يعني بن رَاهَوَيْهِ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذكر ابن خواز أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَأَهْلَ الظَّاهِرِ وَطَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ لَا يَعْتَبِرُونَ الْحِرْزَ فِي السَّرِقَةِ وَيَقُولُونَ إِنَّ كُلَّ سَارِقٍ سَرَقَ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ مِنْ حِرْزٍ وَمِنْ غَيْرِ حِرْزٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عن النبي فيمن سرق الثمر المعلق أنه لا قطع فيه حتى يأويه الْجَرِينُ وَأَنَّ عَلَيْهِ غَرَامَةَ مِثْلَيْهِ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِحَدِيثِ عُمَرَ فِي نَاقَةِ الْمَدَنِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَصْلٌ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مُرَاعَاةِ الْحِرْزِ وَاعْتِبَارُهُ فِي الْقَطْعِ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا

اللَّيْثُ عَنِ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ قَالَ مَا أَصَابَ مِنْهُ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خَبِئَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الثَّمَرُ المعلق هو الذي في رؤوس النَّخْلِ لَمْ يُجَذَّ وَلَمْ يُحْرَزَ فِي الْجَرِينِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا فِي رؤوس الْأَشْجَارِ مِنْ سَائِرِ الثِّمَارِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْجَرِينُ يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ الْبَيْدَرَ وَيُسَمِّيهِ أَهْلُ الشَّامِ الْأَنْدَرَ وَيُسَمَّى بِالْبَصْرَةِ الْجُودَانَ وَيُقَالُ بِالْحِجَازِ الْمِرْبَدُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْوَدِيُّ النَّخْلُ الصِّغَارُ وَأَكْثَرُهَا جُمَّارُ النَّخْلِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ فَذَهَبُوا إِلَى قَطْعِ كُلِّ سَارِقٍ تَلْزَمُهُ الْحُدُودُ إِذَا سَرَقَ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ مِنْ حِرْزٍ ومن غَيْرِ حِرْزٍ عَلَى عُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجل وظاهره في السارق وَالسَّارِقَةُ وَظَاهِرُ قَوْلِ النَّبِيِّ الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَلَمْ يَذْكُرِ الْحِرْزَ وَضَعَّفَ دَاوُدُ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ

وَحَدَّثَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَشَذَّ فِي ذَلِكَ عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ كَمَا شَذَّ أَهْلُ الْبِدَعِ فِي قَطْعِ كُلِّ سَارِقٍ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا مِنْ حِرْزٍ وَمِنْ غَيْرِهِ وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ الْقَوْلُ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ وَكَذَلِكَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِتَضْعِيفِ الْقِيمَةِ غَيْرَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ بِالْقِيمَةِ أَوِ الْمِثْلِ عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ قَالَ أبو عمر قوله في هذ الْحَدِيثِ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ مَنْسُوخٌ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فَالْقُرْآنُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ (16 126) وَلَمْ يَقُلْ بمثلي ما عوقبتم له وقضى النبي فِيمَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ بِقِيمَتِهِ قِيمَةَ عَدْلٍ وَلَمْ يَقُلْ بِمِثْلَيْ قِيمَتِهِ وَلَا بتضعيف قيمته وقضى في الصحفة بمثليها لا بمثيلها وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَ الصَّحْفَةِ فِي بَابِ نَافِعٍ وَأَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنْ لَا تَضْعِيفَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْغَرَامَاتِ وَأَجْمَعُوا عَلَى إِيجَابِ الْمِثْلِ عَلَى مُسْتَهْلِكِ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعُرُوضِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَبِهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الخامس والثلاثون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَثَلَاثُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ 837 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبراهيم بن الحرث التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ التَّمَّارِ عَنِ الْبَيَاضِيِّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَقَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ إِنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلْيَنْظُرْ بِمَا يُنَاجِيهِ بِهِ وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الحرث هَذَا هُوَ أَحَدُ ثِقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمُحَدِّثِيهِمْ مَعْدُودٌ فِي التَّابِعِينَ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ سَعْدِ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَأْخُذَانِ بِرُمَّانَةِ الْمِنْبَرِ ثُمَّ يَنْصَرِفَانِ وَيُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إبراهيم بن الحرث بْنِ خَالِدِ بْنِ صَخْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ قال الواقدي كان جده الحرث بْنُ خَالِدٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَتُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِي خِلَافَةِ هشام

وَأَبُو حَازِمٍ التَّمَّارُ يُقَالُ اسْمُهُ دِينَارٌ مَوْلَى الْأَنْصَارِ وَيُقَالُ مَوْلَى أَبِي رُهْمٍ الْأَنْصَارِيِّ وَذَكَرَ حَبِيبٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ اسْمَ أَبِي حَازِمٍ التَّمَّارِ يَسَارٌ مَوْلَى قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَأَمَّا الْبَيَاضِيُّ فَيَقُولُونَ اسْمُهُ فَرْوَةُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَذَفَةَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ بَيَاضَةَ فَخِذٌ مِنَ الْخَزْرَجِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعْنَاهُ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ إِذَا كَانَ كُلُّ أَحَدٍ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ وَأَمَّا صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ فَقَدْ أَحْكَمَتِ السُّنَّةُ سِرَّهَا وَجَهْرَهَا وَأَنَّهَا خَلْفَ إِمَامِ الْجَمَاعَةِ أَبَدًا هَذِهِ سُنَّتُهَا وَكَانَ أَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي صَلَاةِ رَمَضَانَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْمَعْهُمْ لَهَا إِلَّا عَلَى مَا قَدْ مَضَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ لَيْلَةً وَثَانِيَةً وَثَالِثَةً ثُمَّ امْتَنَعَ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْهِمْ خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمْ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَقَالَ فِيهِ إِنَّ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا

حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ مَوْلَى الْأَنْصَارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُعْتَكِفًا فِي رَمَضَانَ فِي قُبَّةٍ عَلَى بَابِهَا حَصِيرٌ قَالَ وَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ عُصَبًا عُصَبًا قَالَ فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ رَفَعَ بَابَ الْقُبَّةِ فَأَطْلَعَ رَأْسَهُ فَلَمَّا رَآهُ النَّاسُ أَنْصَتُوا فَقَالَ إِنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَا يُنَاجِي بِهِ رَبَّهُ وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ هَكَذَا قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا لَمْ يَذْكُرِ الْبَيَاضِيَّ كَذَلِكَ رَوَاهُ كُلُّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَزِيدُ بْنُ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنِ الْبَيَاضِيِّ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ الْبَيَاضِيِّ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَجَّاجِ الطَّبَرَانِيُّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنِ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي بَيَاضَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمًا فَوَعَظَ النَّاسَ وَحَذَّرَهُمْ وَرَغَّبَهُمْ ثُمَّ قَالَ لَيْسَ مُصَلٍّ يُصَلِّي إِلَّا وَهُوَ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ

قَالَ اللَّيْثُ وَحَدَّثَنَا ابْنِ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ مَوْلَى الْغِفَارِيِّينَ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ الْبَيَاضِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَعُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ لَهِيعَةَ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنِ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي بَيَاضَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ فَسَمِعَهُمْ يَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ فَكَشَفَ السِّتْرَ وَقَالَ أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ قَالَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو دَاوُدَ حَدِيثَ الْبَيَاضِيِّ وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا وَقَدْ رَوَى خَالِدٌ الطَّحَّانُ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن يَرْفَعَ الرَّجُلُ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ

قَبْلَ الْعِشَاءِ وَبَعْدَهَا يُغَلِّطُ أَصْحَابَهُ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَهَذَا تَفَرَّدَ بِهِ خَالِدٌ الطَّحَّانُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِسْنَادُهُ كُلُّهُ لَيْسَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ وَحَدِيثُ الْبَيَاضِيِّ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ ثَابِتَانِ صَحِيحَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَيْسَ فِيهِمَا مَعْنًى يُشْكِلُ يَحْتَاجُ إِلَى الْقَوْلِ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ لِلتَّالِي الْمُصَلِّي رَفْعُ صَوْتِهِ لِئَلَّا يُغَلِّطَ وَيُخَلِّطَ عَلَى مُصَلٍّ إِلَى جَنْبِهِ فَالْحَدِيثُ فِي الْمَسْجِدِ مِمَّا يُخَلِّطُ عَلَى الْمُصَلِّي أَوْلَى بِذَلِكَ وَأَلْزَمُ وَأَمْنَعُ وَأَحْرَمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِذَا نُهِيَ الْمُسْلِمُ عَنْ أَذَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فِي عَمَلِ الْبِرِّ وَتِلَاوَةِ الْكِتَابِ فَأَذَاهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا وَقَدْ نَظَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ وَاللَّهِ إن لك لحرمة ولكن المؤمن عِنْدَ اللَّهِ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْكِ حَرُمَ مِنْهُ عِرْضُهُ وَدَمُهُ وَمَالُهُ وَأَنْ لَا يُظَنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرٌ وَحَسْبُكَ بِالنَّهْيِ عَنْ أَذَى الْمُسْلِمِ فِي الْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَكَيْفَ بِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

الحديث السادس والثلاثون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَثَلَاثُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 937 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبراهيم بن الحرث التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ وَأَعْمَالَكُمْ مَعَ أَعْمَالِهِمْ يقرؤون الْقُرْآنَ وَلَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ تَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلَا تَرَى شَيْئًا وَتَنْظُرُ فِي الْقِدْحِ فَلَا تَرَى شَيْئًا وَتَنْظُرُ فِي الرِّيشِ فَلَا تَرَى شَيْئًا وَتَتَمَارَى فِي الْفَوْقِ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ ثَابِتٌ وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَاهُ مِنْ وجوه كثيرة عن النبي وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا عَلِمْتُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا سَأَلَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ فَقَالَا هَلْ سَمِعْتَ رسول الله يَذْكُرُهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي مَا الْحَرُورِيَّةُ وَلَكِنِّي سمعت رسول الله يَقُولُ يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ منها قوم تحقورن صلاتكم مع صلاتهم يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ أَوْ

قَالَ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى سَهْمِهِ ثُمَّ إِلَى نَصْلِهِ ثُمَّ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ هَلْ عَلِقَ بِهَا مِنَ الدَّمِ شَيْءٌ ذَكَرَهُ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى آخِرِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَأَمَّا قَوْلُهُ يَخْرُجُ فِيكُمْ فَمِنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ سُمِّيَتِ الْخَوَارِجُ خَوَارِجَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ يَخْرُجُ فِيكُمْ يُرِيدُ فِيكُمْ أَنْفُسَكُمْ يَعْنِي أَصْحَابَهُ أَيْ يَخْرُجُ عَلَيْكُمْ وَكَذَلِكَ خَرَجَتِ الْخَوَارِجُ وَمَرَقَتِ الْمَارِقَةُ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَوَّلُ مَنْ سَمَّاهُمْ حَرُورِيَّةً عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذْ خَرَجُوا مُخَالِفِينَ لِلْمُسْلِمِينَ نَاصِبِينَ لِرَايَةِ الْخِلَافِ وَالْخُرُوجِ وَأَمَّا تَسْمِيَةُ النَّاسِ لَهُمْ بِالْمَارِقَةِ وَبِالْخَوَارِجِ فَمِنْ أَصْلِ ذَلِكَ هَذَا الْحَدِيثُ وَهِيَ أَسْمَاءٌ مَشْهُورَةٌ لَهُمْ فِي الْأَشْعَارِ وَالْأَخْبَارِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ أَلَا طَرَقَتْ مِنْ آلِ بِثْنَةَ طَارِقَهْ عَلَى أَنَّهَا مَعْشُوقَةُ الدَّلِّ عَاشِقَهْ تَبِيتُ وَأَرْضُ السُّوسِ بَيْنِي وَبَيْنَهَا وَسُولَابُ رُسْتَاقٍ حَمَتْهُ الْأَزَارِقَهْ إِذَا نَحْنُ شِئْنَا فَارَقَتْنَا عِصَابَةٌ حَرُورِيَّةٌ أَضْحَتْ مِنَ الدِّينِ مَارِقَهْ وَالْأَزَارِقَةُ مِنَ الْخَوَارِجِ أَصْحَابُ نَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ وَأَتْبَاعُهُ

وَالْمَعْنَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمِثْلِهِ مِمَّا جَاءَ عن النبي فِي ذَلِكَ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ الْمُرَادُ بِهِ عِنْدَهُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ فَهُمْ أَصْلُ الْخَوَارِجِ وَأَوَّلُ خَارِجَةٍ خَرَجَتْ إِلَّا أَنَّ مِنْهُمْ طَائِفَةً كَانَتْ مِمَّنْ قَصَدَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الدَّارِ فِي قَتْلِ عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ لِلْخَوَارِجِ مَعَ خُرُوجِهِمْ تَأْوِيلَاتٌ فِي الْقُرْآنِ وَمَذَاهِبُ سُوءٍ مُفَارِقَةٌ لِسَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ الَّذِينَ أَخَذُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ عَنْهُمْ وَتَفَقَّهُوا مَعَهُمْ فَخَالَفُوا فِي تَأْوِيلِهِمْ وَمَذَاهِبِهِمُ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ وَكَفَّرُوهُمْ وَأَوْجَبُوا عَلَى الْحَائِضِ الصَّلَاةَ وَدَفَعُوا رَجْمَ الْمُحْصَنِ الزَّانِي وَمِنْهُمْ مَنْ دَفَعَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَكَفَّرُوا الْمُسْلِمِينَ بِالْمَعَاصِي وَاسْتَحَلُّوا بِالذُّنُوبِ دِمَاءَهُمْ وَكَانَ خُرُوجُهُمْ فِيمَا زَعَمُوا تغيير لِلْمُنْكَرِ وَرَدَّ الْبَاطِلِ فَكَانَ مَا جَاءُوا بِهِ أَعْظَمَ الْمُنْكَرِ وَأَشَدَّ الْبَاطِلِ إِلَى قَبِيحِ مَذَاهِبِهِمْ مِمَّا قَدْ وَقَفْنَا عَلَى أَكْثَرِهَا وَلَيْسَ هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مَوْضِعَ ذِكْرِهَا فَهَذَا أَصْلُ أَمْرِ الْخَوَارِجِ وَأَوَّلُ خُرُوجِهِمْ كَانَ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ الله عنه فقتلهم بالنهروان ثم يقيت مِنْهُمْ بَقَايَا مِنْ أَنْسَابِهِمْ وَمِنْ غَيْرِ أَنْسَابِهِمْ عَلَى مَذَاهِبِهِمْ يَتَنَاسَلُونَ وَيَعْتَقِدُونَ مَذَاهِبَهُمْ وَهُمْ بِحَمْدِ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ مُسْتَتِرُونَ بِسُوءِ مَذْهَبِهِمْ

غَيْرُ مُظْهِرِينَ لِذَلِكَ وَلَا ظَاهِرِينَ بِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَانَ لِلْقَوْمِ صَلَاةٌ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَصِيَامٌ يَحْتَقِرُ النَّاسُ أَعْمَالَهُمْ عِنْدَهَا وَكَانُوا يَتْلُونَ الْقُرْآنَ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَلَمْ يَكُنْ يَتَجَاوَزُ حَنَاجِرَهُمْ وَلَا تَرَاقِيَهُمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَأَوَّلُونَهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ بِالسُّنَّةِ الْمُبَيِّنَةِ فَكَانُوا قَدْ حُرِمُوا فَهْمَهُ وَالْأَجْرَ عَلَى تِلَاوَتِهِ فَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَقُولُ لَا يَنْتَفِعُونَ بِقِرَاءَتِهِ كما لا ينتفع الآكل والشارب من المأكلون وَالْمَشْرُوبُ بِمَا لَا يُجَاوِزُ حَنْجَرَتَهُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتْلُونَهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَلَا تَعْتَقِدُهُ قُلُوبُهُمْ وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْمُنَافِقِينَ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ ذَكَرْتُ الْخَوَارِجَ وَاجْتِهَادَهُمْ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَا عِنْدَهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَيْسُوا بِأَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَهُمْ يُضِلُّونَ وَحَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِيَ أَبُو الرَّبِيعِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ فَذَكَرَهُ

قَالَ أَحْمَدُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ وَسَعِيدُ بْنُ دَيْسَمٍ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ فَذَكَرَهُ وَكَانُوا بِتَكْفِيرِهِمُ النَّاسَ لا يقبلون خبر أحد عن النبي فَلَمْ يَعْرِفُوا لِذَلِكَ شَيْئًا مِنْ سُنَّتِهِ وَأَحْكَامِهِ الْمُبَيِّنَةِ لِمُجْمَلِ كِتَابِ اللَّهِ وَالْمُخْبِرَةِ عَنْ مُرَادِ اللَّهِ مِنْ خِطَابِهِ فِي تَنْزِيلِهِ بِمَا أَرَادَ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ فِي شَرَائِعِهِ الَّتِي تَعَبَّدَهُمْ بِهَا وَكِتَابُ اللَّهِ عَرَبِيٌّ وَأَلْفَاظُهُ مُحْتَمِلَةٌ لِلْمَعَانِي فَلَا سَبِيلَ إِلَى مُرَادِ اللَّهِ مِنْهَا إِلَّا بِبَيَانِ رَسُولِهِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ (16 44) وَأَلَا تَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالْحَجَّ وَالصِّيَامَ وَسَائِرَ الْأَحْكَامِ إِنَّمَا جَاءَ ذِكْرُهَا وَفَرْضُهَا فِي الْقُرْآنِ مُجْمَلًا ثُمَّ بَيَّنَ النبي أَحْكَامَهَا فَمَنْ لَمْ يَقْبَلْ أَخْبَارَ الْعُدُولِ عَنِ النبي بِذَلِكَ ضَلَّ وَصَارَ فِي عَمْيَاءَ فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلِ الْقَوْمُ أَخْبَارَ الْأُمَّةِ عَنْ نَبِيِّهَا وَلَمْ يكن عندهم بنبيهم عدل ولا مؤمن وَكَفَّرُوا عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَمَنْ دُونَهُمْ ضَلُّوا وَأَضَلُّوا وَمَرَقُوا مِنَ الدِّينِ وَخَالَفُوا سَبِيلَ الْمُؤْمِنِينَ عَافَانَا اللَّهُ وَعَصَمَنَا مِنَ الضَّلَالِ كُلِّهِ بِرَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ لَا شَرِيكَ لَهُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ إِنَّ نَجْدَةَ يَقُولُ إِنَّكَ كَافِرٌ وَأَرَادَ قَتْلَ مَوْلَاكَ إِذْ لَمْ يَقُلْ إِنَّكَ

كَافِرٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَذَبَ وَاللَّهِ مَا كَفَرْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ قَالَ نَافِعٌ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ حِينَ خَرَجَ نَجْدَةُ يَرَى قِتَالَهُ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَى قتال زريق الحروري فأما قوله يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ فَالْحَنَاجِرُ جَمْعُ حَنْجَرَةٍ وَهِيَ آخِرُ الْحَلْقِ مِمَّا يَلِي الْفَمَ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ (33 10) وَقِيلَ الْحَنْجَرَةُ أَعْلَى الصَّدْرِ عِنْدَ طَرَفِ الْحُلْقُومِ وَأَمَّا قَوْلُهُ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ فَالْمُرُوقُ الْخُرُوجُ السَّرِيعُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ وَالرَّمِيَّةُ الطَّرِيدُ مِنَ الصَّيْدِ الْمَرْمِيَّةُ وَأَتَتْ بِهَاءِ التَّأْنِيثِ لأنه ذهب مذهب الأسماء التي لم تجيء عَلَى مَذْهَبِ النَّعْتِ وَإِنْ كَانَ فَعِيلٌ نَعْتًا لِلْمُؤَنَّثِ وَهُوَ فِي تَأْوِيلِ مَفْعُولٍ كَانَ بِغَيْرِ هَاءٍ نَحْوَ لِحْيَةٌ خَصِيبٌ وَكَفٌّ دَهِينٌ وَشَاةٌ رَمْيٌ لِأَنَّهَا فِي تَأْوِيلِ مَخْضُوبَةٍ وَمَدْهُونَةٍ وَمَرْمِيَّةٍ وَقَدْ تَجِيءُ فَعِيلٌ بِالْهَاءِ وَهِيَ فِي تَأْوِيلِ مَفْعُولَةٍ تَخْرُجُ مَخْرَجَ الْأَسْمَاءِ وَلَا يُذْهَبُ بِهَا مَذْهَبَ النُّعُوتِ نَحْوَ النَّطِيحَةِ وَالذَّبِيحَةِ وَالْفَرِيسَةِ وَأَكِيلَةِ السَّبْعِ وَهِيَ فَعِيلَةٌ مِنَ الرَّمْيِ لِأَنَّ كُلَّ فَاعِلٍ يُبْنَى عَلَى فِعْلِهِ فَالِاسْمُ مِنْهُ فَاعِلٌ وَالْمَفْعُولُ مِنْهُ مَفْعُولٌ كَقَوْلِكَ ضَرَبَ فَهُوَ ضَارِبٌ وَالْمَفْعُولُ مَضْرُوبٌ وَالْأُنْثَى مَضْرُوبَةٌ فَإِذَا بَنَيْتَ الْفِعْلَ مِنْ بَنَاتِ الْيَاءِ قُلْتَ رَمَى فَهُوَ رَامٍ

وَالْمَفْعُولُ مَرْمِيٌّ وَكَانَ أَصْلُهُ مَرْمَوِيٌّ حَتَّى يَكُونَ عَلَى وَزْنِ مَفْعُولٍ فَاسْتَثْقَلَتِ الْعَرَبُ يَاءً قَبْلَهَا ضَمَّةٌ فَقَلَبَتِ الْوَاوَ يَاءً ثُمَّ أَدْغَمَتْهَا فِي الْيَاءِ الَّتِي بَعْدَهَا فَصَارَ مَرْمِيٌّ فَإِذَا أَنَّثْتَهُ قلت مرمية وإذا أدخلت عليها الألم وَاللَّامَ قُلْتَ الْمَرْمِيَّةُ وَالرَّمِيَّةُ مِثْلُ الْمَقْتُولَةِ وَالْقَتِيلَةِ قَالَ الشَّاعِرُ وَالنَّفْسُ مَوْقُوفَةٌ وَالْمَوْتُ غَايَتُهَا نَصْبَ الرَّمِيَّةِ لِلْأَحْدَاثِ تَرْمِيهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ قَالَ يَقُولُ يَخْرُجُ السَّهْمُ وَلَمْ يَتَمَسَّكْ بِشَيْءٍ كَمَا خَرَجَ هَؤُلَاءِ مِنِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَتَمَسَّكُوا بِشَيْءٍ وَقَالَ غَيْرُهُ تَتَمَارَى فِي الْفُوقِ أَيْ تَشُكُّ وَالتَّمَارِي الشَّكُّ وَذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ لَا يُقْطَعَ عَلَى الْخَوَارِجِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ بِالْخُرُوجِ مِنَ الْإِسْلَامِ وَأَنْ يُشَكَّ فِي أَمْرِهِمْ وَكُلُّ شَيْءٍ يُشَكُّ فِيهِ فَسَبِيلُهُ التَّوَقُّفُ عَنْهُ دُونَ الْقَطْعِ عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَخْفَشُ شَبَّهَهُ بِرَمْيَةِ الرَّامِي الشَّدِيدِ السَّاعِدِ إِذَا رَمَى فَأَنْفَذَ سَهْمَهُ فِي جَنْبِ الرَّمِيَّةِ فَخَرَجَ السَّهْمُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنْ شِدَّةِ رَمْيِهِ وَسُرْعَةِ خُرُوجِ سَهْمِهِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِالسَّهْمِ دَمٌ وَلَا فَرْثٌ فَكَأَنَّ الرَّامِيَ أَخَذَ ذَلِكَ السَّهْمَ فَنَظَرَ فِي النَّصْلِ وَهُوَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي فِي السَّهْمِ فَلَمْ

يَرَ شَيْئًا يُرِيدُ مِنْ فَرْثٍ وَلَا دَمٍ ثُمَّ نَظَرَ فِي الْقِدْحِ وَالْقِدْحُ عُودُ السَّهْمِ نَفْسُهُ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا وَنَظَرَ فِي الرِّيشِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا وَقَوْلُهُ تَتَمَارَى فِي الْفُوقِ الْفُوقُ هُوَ الشِّقُّ الَّذِي يَدْخُلُ فِي الْوَتَرِ أَيْ تَشُكُّ إِنْ كَانَ أَصَابَ الدَّمُ الْفُوقَ يقول فَكَمَا خَرَجَ السَّهْمُ خَالِيًا نَقِيًّا مِنَ الْفَرْثِ وَالدَّمِ لَمْ يَتَعَلَّقْ مِنْهَا شَيْءٌ فَكَذَلِكَ خَرَجَ هَؤُلَاءِ مِنَ الدِّينِ يَعْنِي الْخَوَارِجَ وَفِي غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ ذِكْرُ الرُّعْظِ وَهُوَ مَدْخَلُ السَّهْمِ فِي الزَّجِّ وَالرِّصَافِ وَهُوَ الْعَقِبُ الَّذِي يُشَدُّ عَلَيْهِ وَالْقُذَذُ وَهُوَ الرِّيشُ وَاحِدَتُهَا قُذَّةٌ أَخْبَرَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ النَّصْلُ الْحَدِيدَةُ وَالرِّصَافُ الْعَقِبُ وَالْقُذَذُ الرِّيشُ وَالنَّضِيُّ السَّهْمُ كُلُّهُ إِلَى الرِّيشِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَ فِيهِمْ رَسُولُ الله يخرج قوم من أمتي إن صحت هذن اللَّفْظَةُ فَقَدْ جَعَلَهُمْ مِنْ أُمَّتِهِ وَقَدْ قَالَ قوم معناه من أمتي بدعواهم

ذكر الحميدي عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عن النبي قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ مَرَقَتْ مَارِقَةٌ كَأَنَّمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ تَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ الرَّافِقِيُّ بِأَنْطَاكِيَةَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْحَنَاجِرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ تَلْتَقِي مِنْ أُمَّتِي فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ مَرَقَتْ بَيْنَهُمَا مَارِقَةٌ تَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بْنُ زُهَيْرٍ الْأَيْلِيُّ الْقَاضِي بِالْأَيْلَةَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ زِيَادٍ الْقَلُوسِيُّ حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ عَبَّادٍ السَّاعِدِيُّ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فِرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ تَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَدَّاكِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ أَوْ عِنْدَ اخْتِلَافٍ مِنَ النَّاسِ قَوْمٌ يقرؤون الْقُرْآنَ كَأَحْسَنِ مَا يَقْرَأُهُ النَّاسُ وَيَرْعَوْنَهُ كَأَحْسَنِ مَا يَرْعَاهُ النَّاسُ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ يَرْمِي الرَّجُلُ الصَّيْدَ فَيَنْفُذُ الْفَرْثَ وَالدَّمَ فَيَأْخُذُ السَّهْمَ فَيَتَمَارَى أَصَابَهُ شَيْءٌ أَمْ لَا هُمْ شِرَارُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِاللَّهِ أَوْ أَقْرَبُ الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى اللَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ يَعْنِي أَبَا إِسْحَاقَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ هل سمعت رسول الله يَذْكُرُ هَؤُلَاءِ الْخَوَارِجَ قَالَ سَمِعْتُهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ نحو المشرق يقول يخرج منه قوم يقرؤون الْقُرْآنَ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يَعْدُو تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ بَيْنَا نحن عند رسول الله وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصَرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ يَنْظُرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ الْقِدْحُ ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَشْهَدُ أني سمعت هذا من رسول الله وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَوُجِدَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ رسول الله الَّذِي نَعَتَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ

الْخُدْرِيِّ قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ مَغْنَمًا يَوْمَ حُنَيْنٍ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ ذُو الْخُوَيْصَرَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ قَالَ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَقْتُلْهُ قَالَ لَا إِنَّ لِهَذَا أَصْحَابًا يَخْرُجُونَ عِنْدَ اخْتِلَافٍ من الناس يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ أَوْ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ آيَتُهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ كَأَنَّ يَدَهُ ثَدْيُ الْمَرْأَةِ أَوْ كَأَنَّهَا بَضْعَةٌ تَدَرْدَرُ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ سمعت أذني من رسول الله يَوْمَ حُنَيْنٍ وَبَصُرَتْ عَيْنِي مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حِينَ قَتَلَهُمْ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَذَكَرَ الضَّحَّاكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ طَائِفَةٌ عَنْ يُونُسَ وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَطَائِفَةٌ تَقُولُ فِيهِ الضَّحَّاكُ الْمَشْرِقِيُّ وَطَائِفَةٌ تَقُولُ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ مَعْمَرٌ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رسول الله أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ لَمَّا خَرَجَتْ وَهُوَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ فَقَالَ عَلِيٌّ كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا باطل إن رسول الله وَصَفَ أُنَاسًا إِنِّي لَأَعْرِفُ صِفَتَهُمْ فِي هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يُجَاوِزُ هَذَا مِنْهُمْ وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إليه منهم أوسد إِحْدَى يَدَيْهِ كَطُبْيِ شَاةٍ وَحَلَمَةِ ثَدْيٍ فَلَمَّا قتلهم

عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ انْظُرُوا انْظُرُوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا فَقَالَ ارْجِعُوا فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ وَجَدُوهُ فِي خَرِبَةٍ فَأَتَوْا بِهِ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَنَا حَاضِرٌ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَقَوْلُ عَلِيٍّ فِيهِمْ قَالَ بُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حُنَيْنٍ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْأَسْوَدَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ يَخْرُجُ وَقَوْلُهُ إِنَّ لِهَذَا أَصْحَابًا يَخْرُجُونَ عِنْدَ اخْتِلَافٍ مِنَ النَّاسِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا خَرَجُوا بَعْدُ وَأَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ فِيهِمْ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِنَحْوِ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَا الْخُوَيْصِرَةِ لَيْسَ ذَا الثُّدَيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ إِنَّ لِهَذَا أَصْحَابًا يُرِيدُ عَلَى مَذْهَبِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ صَحِبَهُ كَمَا يُقَالُ لِأَتْبَاعِ الشَّافِعِيِّ وَأَتْبَاعِ مَالِكٍ وَأَتْبَاعِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِيمَنْ تَبِعَهُمْ عَلَى مَذَاهِبِهِمْ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ فُلَانٍ وَهَذَا مِنْ أَصْحَابِ فُلَانٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُقَالُ إِنَّ ذَا الْخُوَيْصِرَةِ اسْمُهُ حُرْقُوصٌ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّهُ قَالَ حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ هُوَ ذُو الثُّدَيَّةِ وَهُوَ الذي قال للنبي مَا عَدَلْتَ وَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ قِصَّةَ ذِي الثُّدَيَّةِ بِتَمَامِهَا وَطُولِهَا وَقَالَ يُقَالُ لَهُ نَافِعٌ ذُو الثدية

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ بينا رسول الله يَقْسِمُ قَسْمًا إِذْ جَاءَ ابْنُ أَبِي الْخُوَيْصِرَةِ فَقَالَ اعْدِلْ يَا مُحَمَّدُ قَالَ وَيْلَكَ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ فَمَنْ يَعْدِلُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ فِيهِمْ رَجُلٌ إِحْدَى يَدَيْهِ أَوْ عَلَى يَدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ النَّاسِ قَالَ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هذا الحديث من رسول الله وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا قَتَلَهُمْ وَأَنَا حِينَ قَتَلَهُمْ مَعَهُ حَتَّى أَتَى الرَّجُلُ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي قال رسول اللَّهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ جَمِيعًا عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب قال سمعت رسول الله يَقُولُ يَكُونُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ سُفَهَاءُ

الأحلام يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كما يمرق السهم من الرمية فإنما لَقِيتَهُمْ فَاقْتُلْهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْنٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ شَهِدْتُ مَعَ عَلِيٍّ النَّهْرَوَانَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُمْ قَالَ اطْلُبُوهُ اطْلُبُوهُ فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى شَيْءٍ فَأَخَذَهُ الْكَرْبُ فَرَأَيْتُ جَبِينَهُ يَتَحَدَّرُ مِنْهُ الْعَرَقُ ثُمَّ وَجَدَهُ فَخَرَّ سَاجِدًا وَقَالَ وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ وَرُوِّينَا عَنْ خَلِيفَةَ الطَّائِيِّ قَالَ لَمَّا رَجَعْنَا مِنَ النَّهْرَوَانِ لقينا العزار الطائي قيل أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى الْمَدَائِنِ فَقَالَ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ يَا أَبَا طَرِيفٍ أَغَانِمٌ سَالِمٌ أَمْ ظَالِمٌ آثِمٌ قَالَ بَلْ غَانِمٌ سَالِمٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَالْحُكْمُ وَالْأَمْرُ إِذًا إِلَيْكَ فَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ وَالْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ الْمُرَادِيَّانِ مَا أَخْرَجَ هَذَا الْكَلَامَ مِنْكَ إِلَّا شَرٌّ وَإِنَّا لَنَعْرِفُكَ بِرَأْيِ الْقَوْمِ فَأَتَيَا بِهِ عَلِيًّا فَقَالَا إِنَّ هَذَا يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ وَقَدْ قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَمَا أَصْنَعُ بِهِ قَالَ تَقْتُلُهُ قَالَ لَا أَقْتُلُ مَنْ لَا يَخْرُجُ عَلَيَّ قَالَ فَتَحْبِسُهُ قَالَ وَلَا أحبسن مَنْ لَيْسَتْ لَهُ جِنَايَةٌ خَلِّيَا سَبِيلَ الرَّجُلِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ أنه

سَأَلَ نَافِعًا كَيْفَ كَانَ رَأْيُ ابْنِ عُمَرَ فِي الْخَوَارِجِ فَقَالَ كَانَ يَقُولُ هُمْ شِرَارُ الْخَلْقِ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ أُنْزِلَتْ فِي الْكُفَّارِ فَجَعَلُوهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنِي خَالِي أَبُو الرَّبِيعِ وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالُوا حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الحرث أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَأَلَ نَافِعًا كَيْفَ كَانَ رَأْيُ ابْنِ عُمَرَ فِي الْحَرُورِيَّةِ قَالَ يَرَاهُمْ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ قَالَ إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ فِي الْكُفَّارِ فَجَعَلُوهَا على المؤمنين وَرَوَى حَكِيمُ بْنُ جَابِرٍ وَطَارِقُ بْنُ شِهَابٍ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَلِيٍّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَنَّهُ سئل عن أهل النهروان أكفارهم قَالَ مِنَ الْكُفْرِ فَرُّوا قِيلَ فَمُنَافِقُونَ هُمْ قَالَ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا قِيلَ فَمَا هُمْ قَالَ قَوْمٌ أَصَابَتْهُمْ فِتْنَةٌ فَعَمُوا فِيهَا وَصَمُّوا وَبَغَوْا عَلَيْنَا وَحَارَبُونَا وَقَاتَلُونَا فَقَتَلْنَاهُمْ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ مِنْهُ فِي أَصْحَابِ الْجَمَلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَخْبَارُ الْخَوَارِجِ بِالنَّهْرَوَانِ وَقَتْلُهُمْ لِلرِّجَالِ وَالْوِلْدَانِ وَتَكْفِيرُهُمُ النَّاسَ وَاسْتِحْلَالُهُمُ الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ وَلِأَبِي زيد عمر ابن شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ النَّهْرَوَانِ وَأَخْبَارِ صِفِّينَ دِيوَانٌ كَبِيرٌ مَنْ تَأَمَّلَهُ اشْتَفَى مِنْ تِلْكَ الْأَخْبَارِ وَلِغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ كُتُبٌ حِسَانٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

وَرَوَى إِسْرَائِيلُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (18 103) الْآيَةَ قَالَ هُمْ أَهْلُ النَّهْرِ وَرَوَى الثَّوْرِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَتْرِيسَ بْنَ عُرْقُوبٍ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَلَكَ مَنْ لَمْ يَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ هَلَكَ مَنْ لَمْ يُنْكِرِ الْمُنْكَرَ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَعْرِفِ الْمَعْرُوفَ بِقَلْبِهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَمْ نُقَاتِلْ أَهْلَ النَّهْرِ عَلَى الشِّرْكِ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ حدثنا هشام بن يحيى الغسابي عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ فِي الْخَوَارِجِ إِنْ كَانَ مِنْ رَأْيِ الْقَوْمِ أَنْ يَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ فَسَادٍ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَلَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا يَتَنَاوَلُونَ أَحَدًا وَلَا قَطْعَ سَبِيلٍ مَنْ سُبُلِ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَذْهَبُوا حَيْثُ شاؤوا وَإِنْ كَانَ رَأْيُهُمُ الْقِتَالَ فَوَاللَّهِ لَوْ أَنَّ أَبْكَارِي مِنْ وَلَدِي خَرَجُوا رَغْبَةً عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ لَأَرَقْتُ دِمَاءَهُمْ أَلْتَمِسُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ والدار الآخرة

وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ صَاحَبْتُ الْفِتْنَةَ الْأُولَى فَأَدْرَكْتُ رِجَالًا ذوي عدد من أصحاب رسول الله مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا فَبَلَغَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنْ يُهْدَرَ أَمْرُ الْفِتْنَةِ فَلَا يُقَامُ فِيهَا عَلَى رِجُلٍ قِصَاصٌ فِي قَتْلٍ وَلَا دَمٍ وَلَا يَرَوْنَ عَلَى امْرَأَةٍ سُيِّبَتْ فَأُصِيبَتْ حَدًّا وَلَا يَرَوْنَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا مُلَاعَنَةً وَمَنْ رَمَاهَا جُلِدَ الْحَدَّ وَتُرَدُّ إِلَى زَوْجِهَا بَعْدَ أَنْ تَعْتَدَّ مِنَ الْآخَرِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَقَالُوا لَا يُضْمَنُ مَالٌ ذَهَبَ إِلَّا أَنْ يُوجَدَ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ فَيُرَدُّ إِلَى أَهْلِهِ وَقَالَ ابن القاسم بلغني أن ملكا قَالَ الدِّمَاءُ مَوْضُوعَةٌ عَنْهُمْ وَأَمَّا الْأَمْوَالُ فَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ أُخِذَ وَإِلَّا لَمْ يُتْبَعُوا بِشَيْءٍ قَالَ ذَلِكَ فِي الْخَوَارِجِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْمُحَارِبِينَ وَبَيْنَ الْخَوَارِجِ لِأَنَّ الخوارج خرجوا واستهلكوا ذلك على تأويل يرون أَنَّهُ صَوَابٌ وَالْمُحَارِبُونَ خَرَجُوا فِسْقًا مُجُونًا وَخَلَاعَةً عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلٍ فَيُوضَعُ عَنِ الْمُحَارِبِ إِذَا تَابَ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ حَدُّ الْحَرَابَةِ وَلَا تُوضَعُ عَنْهُ حُقُوقُ النَّاسِ يَعْنِي فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ رَأَى مَالِكٌ قَتْلَ الْخَوَارِجِ وَأَهْلِ الْقَدَرِ مِنْ أَجْلِ الْفَسَادِ الدَّاخِلِ فِي الدِّينِ وَهُوَ مِنْ بَابِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وليس

إِفْسَادُهُمْ بِدُونِ فَسَادِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَالْمُحَارِبِينَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ فَوَجَبَ بِذَلِكَ قَتْلُهُمْ إِلَّا أَنَّهُ يرى استتبابتهم لَعَلَّهُمْ يُرَاجِعُونَ الْحَقَّ فَإِنْ تَمَادَوْا قُتِلُوا عَلَى إِفْسَادِهِمْ لَا عَلَى كُفْرٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ يَرَوْنَ قَتْلَهُمْ وَاسْتِتَابَتَهُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ بِاسْتِتَابَةٍ وَلَا غَيْرِهَا مَا اسْتَتَرُوا وَلَمْ يَبْغُوا وَيُحَارِبُوا وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْفِقْهِ وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ لَوْ أَنَّ قَوْمًا أَظْهَرُوا رَأْيَ الْخَوَارِجِ وَتَجَنَّبُوا جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَكَفَّرُوهُمْ لَمْ تَحِلَّ بِذَلِكَ دِمَاؤُهُمْ وَلَا قِتَالُهُمْ لِأَنَّهُمْ عَلَى حُرْمَةِ الْإِيمَانِ حَتَّى يَصِيرُوا إِلَى الْحَالِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا قِتَالُهُمْ مِنْ خُرُوجِهِمْ إِلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَإِشْهَارِهِمُ السِّلَاحَ وَامْتِنَاعِهِمْ مِنْ نُفُوذِ الْحَقِّ عَلَيْهِمْ وَقَالَ بَلَغَنَا أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بينما هو يخطب إذا سَمِعَ تَحْكِيمًا مِنْ نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَا هَذَا فَقِيلَ رَجُلٌ يَقُولُ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ فَقَالَ عَلِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ لَا نَمْنَعُكُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ أن يذكروا فِيهَا اسْمَ اللَّهِ وَلَا نَمْنَعُكُمُ الْفَيْءَ مَا كانت أيديكم من أَيْدِينَا وَلَا نَبْدَؤُكُمْ بِقِتَالٍ قَالَ وَكَتَبَ عَدِيٌّ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ الْخَوَارِجَ عِنْدَنَا يَسُبُّونَكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ إِنْ سَبُّونِي فَسُبُّوهُمْ أَوِ اعْفُوا عَنْهُمْ وَإِنْ

شَهَرُوا السِّلَاحَ فَأَشْهِرُوا عَلَيْهِمْ وَإِنْ ضَرَبُوا فَاضْرِبُوا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَبِهَذَا كُلِّهِ نَقُولُ فَإِنْ قَاتَلُونَا عَلَى مَا وَصَفْنَا قَاتَلْنَاهُمْ فَإِنِ انْهَزَمُوا لَمْ نَتْبَعْهُمْ وَلَمْ نُجْهِزْ عَلَى جَرِيحِهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَمَذْهَبُهُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ فِي أَنْ لَا يُتْبَعَ مُدْبِرٍ مِنَ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ وَلَا يُجْهَزَ عَلَى جَرِيحٍ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءً وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي قِتَالِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنِ انْهَزَمَ الْخَارِجِيُّ أَوِ الْبَاغِي إِلَى فِئَةٍ أُتْبِعَ وَإِنِ انْهَزَمَ إِلَى غَيْرِ فِئَةٍ لَمْ يُتْبَعْ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ شَقَّ الْعَصَا وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ وَشَهَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ السِّلَاحَ وَأَخَافَ السَّبِيلَ وَأَفْسَدَ بِالْقَتْلِ وَالسَّلْبِ فَقَتْلُهُمْ وَإِرَاقَةُ دِمَائِهِمْ وَاجِبٌ لِأَنَّ هَذَا مِنَ الْفَسَادِ الْعَظِيمِ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادُ فِي الْأَرْضِ مُوجِبٌ لِإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ بِإِجْمَاعٍ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ فَاعِلُ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ وَالِانْهِزَامُ عِنْدَهُمْ ضَرْبٌ مِنَ التَّوْبَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْقِتَالِ لَمْ يُقْتَلْ إِلَّا بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَمِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ طَائِفَةٌ تَرَاهُمْ كُفَّارًا عَلَى ظَوَاهِرِ الْأَحَادِيثِ فِيهِمْ مِثْلُ قَوْلِهِ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا وَمِثْلُ قَوْلِهِ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ وَهِيَ آثَارٌ يُعَارِضُهَا غَيْرُهَا فِيمَنْ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا وَيُرِيدُ بِعَمَلِهِ

وَجْهَهُ وَإِنْ أَخْطَأَ فِي حُكْمِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَالنَّظَرُ يَشْهَدُ أَنَّ الْكُفْرَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِضِدِّ الْحَالِ الَّتِي يَكُونُ بِهَا الْإِيمَانُ لِأَنَّهُمَا ضِدَّانِ وَلِلْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وبالله التوفيق

الحديث السابع والثلاثون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَثَلَاثُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 47047047 047 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي محمد بن إبراهيم بن الحرث التَّيْمِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ الضَّمْرِيِّ عَنِ الْبَهْزِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يُرِيدُ مَكَّةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ إِذَا حِمَارٌ وَحْشِيٌّ عَقِيرٌ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ دَعُوهُ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ صَاحِبُهُ فَجَاءَ الْبَهْزِيُّ وَهُوَ صَاحِبُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَأْنَكُمْ بِهَذَا الْحِمَارِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ فَقَسَمَهُ بَيْنَ الرِّفَاقِ ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْأَثَايَةِ بَيْنَ الرُّوَيْثَةِ وَالْعَرْجِ إِذَا ظَبْيٌ حَاقِفٌ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ وَفِيهِ سَهْمٌ فَزَعَمَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ لَا يُرِيبُهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يُجَاوِزَهُ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَى مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِيهِ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَهُشَيْمٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عُمَيْرٍ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَرَأْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ نَصْرٍ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ محمدا بْنَ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَهُ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ الضَّمْرِيِّ وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِهِ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَارِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الحرث التَّيْمِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ الضَّمْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ أَوْ خَرَجَ وَهُمْ محرومون حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالرَّوْحَاءِ فَإِذَا فِي بَعْضِ أَفْنَائِهَا حِمَارُ وَحْشٍ عَقِيرٌ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا حِمَارٌ عَقِيرٌ فَقَالَ دَعُوهُ حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبُهُ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَهْزٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ هَذَا بِالْأَمْسِ فَشَأْنَكُمْ بِهِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَقْسِمَ لَحْمَهُ بَيْنَ الرِّفَاقِ قَالَ ثُمَّ سَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْأُثَايَةِ بَيْنَ الْعَرْجِ وَالرُّوَيْثَةِ إِذَا ظَبْيٌ حَاقِفٌ فِي ظِلٍّ فِيهِ سَهْمٌ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا ظَبْيٌ حَاقِفٌ فِي ظِلٍّ فِيهِ سَهْمٌ قَالَ لَا يَعْرِضُ لَهُ حَتَّى يَمُرَّ آخِرُ النَّاسِ فَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُقِيمَ عنده حتى يمر آخِرِ النَّاسِ هَكَذَا قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَيْرُ بْنُ سَلَمَةَ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ

ذكره ههنا فَالْحَدِيثُ لِعُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ هُشَيْمٌ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَجَعَلَهُ مَالِكٌ عَنْ عُمَيْرٍ عَنِ الْبَهْزِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى صِحَّةِ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَمَنْ تَابَعَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الْهَادِي وَعَبْدَ رَبِّهِ بْنَ سَعِيدٍ رَوَيَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ الضَّمْرِيِّ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ هَكَذَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي وَقَالَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ عُمَيْرُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ أَحَدٌ قَالَ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي وَعَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ وَلَمْ يَأْتِ ذَلِكَ مِنْ مَالِكٍ لِأَنَّ جَمَاعَةً رَوَوْهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَلَكِنْ إِنَّمَا جَاءَ ذَلِكَ مِنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كَانَ يَرْوِيهِ أَحْيَانًا فَيَقُولُ فِيهِ عَنِ الْبَهْزِيِّ وَأَحْيَانًا لَا يَقُولُ فِيهِ عَنِ الْبَهْزِيِّ وَأَظُنُّ الْمَشْيَخَةَ الْأُولَى كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا عِنْدَهُمْ وَلَيْسَ هُوَ رِوَايَةً عَنْ فُلَانٍ وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ قِصَّةِ فُلَانٍ هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ مُوسَى بْنِ هَارُونَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْبَهْزِيُّ اسْمُهُ زَيْدُ بْنُ كَعْبٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الصَّحَابَةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الرَّوْحَاءُ وَالْأُثَايَةُ وَالْعَرْجُ مَوَاضِعُ وَمَنَاهِلُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَإِلَى الْعَرْجِ نُسِبَ الْعَرْجِيُّ الشَّاعِرُ وَقِيلَ بَلْ نُسِبَ الْعَرْجِيُّ الشَّاعِرُ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ يُدْعَى أَيْضًا بِالْعَرْجِ قُرْبَ الطَّائِفِ كَانَ نُزُلَهُ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ بِهِ مَالٌ وَاسْمُ الْعَرْجِيِّ الشَّاعِرِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ أَشْعَرُ بَنِي أُمَيَّةَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ كُلَّ مَا صَادَ الْحَلَالُ جَائِزٌ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَاخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِيهِ أَيْضًا وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ وَأَوْضَحْنَاهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَفِي بَابِ أَبِي النَّضْرِ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُنَفِّرَ الصَّيْدَ وَلَا يُعِينَ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقِفَ عِنْدَ الظَّبْيِ الْحَاقِفِ حَتَّى يُجَاوِزَهُ النَّاسُ لَا يُرِيبُهُ أَحَدٌ أَيْ لَا يَمَسُّهُ أَحَدٌ وَلَا يُحَرِّكُهُ وَلَا يُهَيِّجُهُ أَحَدٌ وَالْحَاقِفُ الْوَاقِفُ الْمُنْثَنِي وَالْمُنْحَنِي وَكُلُّ مُنْحَنٍ فَهُوَ مُحْقَوْقِفٌ وَإِذَا صَارَ رَأْسُ الظَّبْيِ بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى رِجْلَيْهِ وَمَيَّلَ رَأَسَهُ فَهُوَ حَاقِفٌ وَمُحْقَوْقِفٌ هَذَا قَوْلُ الْأَخْفَشِ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ الْحَاقِفُ الَّذِي قَدْ لَجَأَ إِلَى حِقْفٍ وَهُوَ مَا انْعَطَفَ مِنَ الرَّمْلِ

وقال العجاج سماوة الهلال حتى احقوقف يَعْنِي انْعَطَفَ وَسَمَاوَتُهُ شَخْصُهُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ حَاقِفٌ يَعْنِي قَدِ انْحَنَى وَتَثَنَّى فِي نَوْمِهِ وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا انْحَنَى حَقَفَ فَهُوَ حَاقِفٌ قَالَ وَأَمَّا الْأَحْقَافُ فَجَمْعُ حِقْفٍ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ (46 21) قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ إِنَّمَا سُمِّيَتْ مَنَازِلُهُمْ بِالْأَحْقَافِ لِأَنَّهَا كَانَتْ بِالرِّمَالِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الصَّائِدَ إِذَا أَثْبَتَ الصَّيْدَ بِرُمْحِهِ أَوْ نَبْلِهِ فَقَدْ مَلَكَهُ بِذَلِكَ إِذَا كَانَ الصَّيْدُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ صَاحِبُهُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ قَوْمٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ هِبَةِ الْمُشَاعِ لِقَوْلِ الْبَهْزِيِّ لِلْجَمَاعَةِ شَأْنَكُمْ بِهَذَا الْحِمَارِ ثُمَّ قَسَمَهُ أَبُو بَكْرٍ بَيْنَهُمْ بِأَمْرٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ جَوَازُ أَكْلِ الصَّيْدِ إِذَا غَابَ عَنْهُ صَاحِبُهُ أَوْ بَاتَ تَحْتَهُ وَإِذَا عَرَفَ أَنَّهَا رَمِيَّتُهُ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الظَّبْيَ كَانَ قَدْ غَابَ عَنْ صَاحِبِهِ لَيْلَةً وَذَلِكَ فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ لِقَوْلِهِ فِيهِ أَصَبْتُ هَذَا بِالْأَمْسِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا أَدْرَكَهُ الصَّائِدُ مِنْ يَوْمِهِ أَكَلَهُ فِي الْكَلْبِ وَالسَّهْمِ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا إِذَا كَانَ فِيهِ أَثَرُ جُرْحِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَاتَ عَنْهُ لَمْ يَأْكُلْهُ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا غَابَ عَنْهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً كَرِهْتُ أَكْلَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا تَوَارَى عَنْهُ الصَّيْدُ وَهُوَ فِي طَلَبِهِ فَوَجَدَهُ وَقَدْ قَتَلَهُ جَازَ أَكْلُهُ فَإِنْ تَرَكَ الطَّلَبَ وَاشْتَغَلَ بِعَمَلٍ غَيْرِهِ ثُمَّ ذَهَبَ فِي طَلَبِهِ فَوَجَدَهُ مَقْتُولًا وَالْكَلْبُ عِنْدَهُ كَرِهْنَا أَكْلَهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا وَجَدَهُ مِنَ الْغَدِ مَيِّتًا وَوَجَدَ فِيهِ سَهْمًا أَوْ أَثَرًا فَلْيَأْكُلْهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْقِيَاسُ أَلَّا يَأْكُلَهُ إِذَا غَابَ عَنْهُ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كُلْ مَا أَصَبْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ يُرِيدُ كُلْ مَا عَايَنْتَ صَيْدَهُ وَمَوْتَهُ مِنْ سِلَاحِكَ أَوْ كَلْبِكَ وَدَعْ مَا غَابَ عَنْكَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَرِهَ أَكْلَ مَا غَابَ عَنْكَ مَصْرَعُهُ مِنَ الصَّيْدِ وَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو رَزِينٍ مَوْلَى أَبِي وَائِلٍ رَوَاهُ عَنْهُ مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ وَرَوَى أَبُو ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي يُدْرِكُ صَيْدَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ يَأْكُلُهُ مَا لَمْ يُنْتِنْ وَفِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّيْدِ يَغِيبُ عَنْ صَاحِبِهِ اللَّيْلَةَ وَاللَّيْلَتَيْنِ فَقَالَ إِذَا وَجَدْتَ فِيهِ سَهْمَكَ وَلَمْ تَجِدْ أَثَرَ سَبْعٍ وَعَلِمْتَ أَنَّ سَهْمَكَ قتله فكله

وَفِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ رَدٌّ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فِي اشْتِرَاطِهِمُ التَّرَاخِيَ فِي الطَّلَبِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ لِلْبَهْزِيِّ هَلْ تَرَاخَيْتَ فِي طَلَبِهِ وأباح لِأَصْحَابِهِ الْمُحْرِمِينَ وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ ذَلِكَ وَبِاللَّهِ التوفيق

الحديث الثامن والثلاثون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَثَلَاثُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 147 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبراهيم التيمي أن عائشة أم المؤمنين قَالَتْ كُنْتُ نَائِمَةً إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ففقدته من الليل فَلَمَسْتُهُ بِيَدِي فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَبِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ لَمْ يَخْتَلِفُوا عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَهُوَ يَسْتَنِدُ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَمِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ ثَابِتَةٍ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الدِّينَوَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ يَقُولُ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مَعِي عَلَى فِرَاشِي فَوَجَدْتُهُ سَاجِدًا رَاصًّا عَقِبَيْهِ مُسْتَقْبِلًا بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ الْقِبْلَةَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَبِكَ مِنْكَ أُثْنِي عَلَيْكَ لَا أَبْلُغُ كُلَّ مَا

فِيكَ قَالَتْ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ يَا عَائِشَةُ أَخَذَكِ شَيْطَانُكِ فَقُلْتُ أَمَا لَكَ شَيْطَانٌ قَالَ مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلَّا لَهُ شَيْطَانٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنْتَ قَالَ وَأَنَا وَلَكِنِّي دَعَوْتُ اللَّهَ فَأَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن قاسم بن عيسى المقريء قال حدثنا عمر بن إبراهيم المقريء بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شُعَيْبٍ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ شُعَيْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ عَائِشَةَ قَالَتْ فَقَدْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فِي الْبَيْتِ وَجَعَلْتُ أَطْلُبُهُ بِيَدِي فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُمَا مُنْتَصِبَتَانِ وَفِي حَدِيثِ قَاسِمٍ مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ وَلَفْظُهُمْ مُتَقَارِبٌ وَالْمَعْنَى سَوَاءٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّمْسَ بِالْيَدِ لَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ إِذَا كَانَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ مِنَ الْعُلَمَاءِ

مَنْ لَا يُنْقِضُ الطَّهَارَةَ بِمُلَامَسَةِ الْيَدِ عَلَى حَالٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْقِضُهَا بِمُلَامَسَةِ الْيَدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقَدْ بَيَّنَّا مَسْأَلَةَ الْمُلَامَسَةِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا مِنَ الْمَذَاهِبِ وَمَا بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّنَازُعِ وَمَا احْتَجَّ بِهِ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ لِمَذْهَبِهِ وَمَهَّدْنَا ذَلِكَ وَأَوْضَحْنَاهُ فِي بَابِ أَبِي النَّضْرِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَرُوِّينَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ يَقُولُ وَإِنِ اجْتَهَدْتُ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْكَ فَلَنْ أُحْصِيَ نِعَمَكَ وَثَنَاءَكَ وَإِحْسَانَكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِهِ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ وَصْفَهُ وَأَنَّهُ لَا يُوصَفُ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ وَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ حَدِيثٌ يُوَافِقُ حَدِيثَ هَذَا الْبَابِ فِي بَعْضِ مَعَانِيهِ وَهُوَ عِنْدِي حَدِيثٌ آخَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْ أَنَّهَا فَقَدَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَتَتْهُ فَإِذَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَدْخَلَتْ يَدَهَا فِي شَعْرِهِ وَانْصَرَفَتْ فَقَالَ مَا شَأْنُكِ أقد جاءك

شيطانك قلت أو مالك شَيْطَانٌ قَالَ بَلَى وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ نَائِمَةً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففقدته من الليل فَسَمِعَتْ صَوْتَهُ وَهُوَ يُصَلِّي قَالَتْ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَأَدْخَلْتُ يَدِي فِي شَعْرِهِ فَمَسَسْتُهُ أَبِهِ بَلَلٌ ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى فِرَاشِي ثُمَّ إِنَّهُ سَلَّمَ فَقَالَ أَجَاءَكِ شَيْطَانُكِ فَقُلْتُ أَمَا لَكَ شَيْطَانٌ قَالَ بَلَى وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أُعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نفسك

الحديث التاسع والثلاثون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَثَلَاثُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 247 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَرَأَى أَهْلَ الْمَسْجِدِ قَلِيلًا فَاضْطَجَعَ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ النَّاسَ أَنْ يَكْثُرُوا فَأَتَاهُ ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ مَنْ هُوَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ عُثْمَانُ مَنْ شَهِدَ الْعِشَاءَ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ لَيْلَةٍ وَمَنْ شَهِدَ الصُّبْحَ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةً وَهَذَا أَيْضًا لَا يَكُونُ مِثْلُهُ رَأْيًا وَلَا يُدْرَكُ مِثْلُ هَذَا بِالرَّأْيِ وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ يحيى عن سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ قَالَ خَرَجَ عُثْمَانُ إِلَى الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ مَوْقُوفًا لَمْ يَرْفَعْهُ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مَوْقُوفًا كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثقفي

وَرَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ وَهُوَ عِنْدَهُمْ ثِقَةٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَيْسَ كَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي الْإِتْقَانِ وَالْجَلَالَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ عُثْمَانَ مَرْفُوعًا رَوَاهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ الْعَبْدِيُّ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ عثمان بن عفان عن النبي صلى الله عليه وسلم من صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَهُوَ كَنِصْفِ قِيَامِ لَيْلَةٍ وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَهُوَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي سَهْلٍ يَعْنِي عُثْمَانَ بْنَ حَكِيمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن أبي عمرة عن عثمان بن عفان قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ هَكَذَا فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ هَذَا الْمَرْفُوعِ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةً وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ قَوْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ شَهِدَ الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةً لَمْ يَذْكُرْ مَعَهَا الْعِشَاءَ

وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ الشِّفَاءِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ قَوْلِهِ ذَكَرَهُ مَالِكٍ عَنِ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَدَ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَأَنَّ عُمَرَ غَدَا إِلَى السُّوقِ وَمَسْكَنُ سُلَيْمَانَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالسُّوقِ فَمَرَّ عَلَى الشِّفَاءِ أُمِّ سُلَيْمَانَ فَقَالَ لَمْ أَرَ سُلَيْمَانَ فِي الصُّبْحِ فَقَالَتْ إِنَّهُ بَاتَ يُصَلِّي فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَقَالَ عُمَرُ لَأَنْ أَشْهَدَ صَلَاةَ الصُّبْحِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُومَ لَيْلَةً هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَخَالَفَهُ مَعْمَرٌ فِي إِسْنَادِهِ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ الْأَبَّارُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مَرْفُوعًا إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَ فِي مَوْضِعِ الْعِشَاءِ الصُّبْحَ وَفِي مَوْضِعِ الصُّبْحِ الْعِشَاءَ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّيْرَفِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَبَّارِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ عثمان بن عفان قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ تَعْدِلُ قِيَامَ لَيْلَةٍ وَصَلَاةُ الصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ تَعْدِلُ قِيَامَ نِصْفِ لَيْلَةٍ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنِ الشِّفَاءِ ابْنَةِ عَبْدِ اللَّهِ قالت دخل علي بيتي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَوَجَدَ عِنْدِي رَجُلَيْنِ نَائِمَيْنِ فقال ما شأن هذين أما شهدا معنا الصلاة قالت يا أمير المؤمنين صَلَّيَا مَعَ النَّاسِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي

رَمَضَانَ فَلَمْ يَزَالَا يُصَلِّيَانِ حَتَّى أَصْبَحَا ثُمَّ صَلَّيَا الصُّبْحَ ثُمَّ نَامَا فَقَالَ عُمَرُ لَأَنْ أُصَلِّيَ الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ لَيْلَةً حَتَّى أُصْبِحَ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُكْمٌ وَإِنَّمَا فِيهِ فَضْلُ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فِي جَمَاعَةٍ وَزَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَتْ مَفْضُولَةً وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَلَّاهَا بَعْدُ كَالْفَائِتَةِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذِهِ المسألة

الحديث الأربعون

حَدِيثٌ مُوفِي أَرْبَعِينَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى بن عَمْرَةَ 347 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ أم المؤمنين تَقُولُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ قَالَتْ عَائِشَةُ فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالُوا نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ أَتَتْكَ وَاللَّهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خِلَافُ رِوَايَةِ عُرْوَةَ عَنْهَا لِأَنَّ عُرْوَةَ يَقُولُ عَنْهَا خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ وَهِيَ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ وَخُرُوجٌ وَاحِدٌ

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَبْسُوطًا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا قَوْلُهَا فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ فَهَذَا فَسْخُ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ وَقَدْ تَوَاتَرَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يُرْوَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ يَدْفَعُهُ إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ إِنَّ ذَلِكَ خُصُوصٌ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَفْسَخُوا الْحَجَّ فِي الْعُمْرَةِ لِيُوَرِّيَ النَّاسَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ جَائِزَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَرَاهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ وَكَانَتْ لَا تَسْتَجِيزُ ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ وَكَانَتْ تَقُولُ إِذَا خَرَجَ صفر وكانوا يجعلون المحرم صَفَرٍ وَبَرَأَ الدُّبُرْ وَعَفَا الْأَثَرْ حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَفْسَخَ حَجَّهُ فِي عُمْرَةٍ لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَاعْتَلُّوا بِقَوْلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ وَهَذَا يُوجِبُ إِتْمَامَ الْحَجِّ عَلَى كُلِّ مَنْ دَخَلَ فِيهِ إِلَّا مَنْ خُصَّ بِالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ وَهُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَنْهِي عَنْهُمَا وَأُعَاقِبُ عَلَيْهِمَا مُتْعَةُ النِّسَاءِ وَمُتْعَةُ الْحَجِّ يَعْنِي فسخ

الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ لِيَنْهَى عَنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَبَاحَهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ وَلَا لِيُعَاقِبَ عَلَيْهِ إِلَّا وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ إِمَّا خُصُوصٌ وَإِمَّا مَنْسُوخٌ هذا ما لا شك فِيهِ ذُو لُبٍّ وَاعْتَلُّوا أَيْضًا بِمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَبِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ أَنَّ ذَلِكَ خُصُوصٌ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْيَوْمَ وَأَنَّهُ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالطَّبَرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ يَذْهَبَانِ إِلَى أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ جَائِزٌ إِلَى الْيَوْمِ ثَابِتٌ وَأَنَّ كُلَّ مَنْ شَاءَ أَنْ يَفْسَخَ حَجَّهُ فِي عُمْرَةٍ إِذَا كَانَ مِمَّنْ لَمْ يَسُقْ هَدْيًا كَانَ ذَلِكَ لَهُ اتِّبَاعًا لِلْآثَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي فَسْخِ الْحَجِّ أَحَادِيثُ ثَابِتَةٌ لَا تُتْرَكُ لِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَحَدِيثِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ وَضَعَّفَهُمَا وَقَالَ مَنِ الْمُرَقَّعُ بْنُ صَيْفِيٍّ الَّذِي يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ وَرُوِيَ الْفَسْخُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَعَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ

وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَابْنِ عُمَرَ وَسَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ قَالَ أَحْمَدُ مَنْ أَهَلَّ الْحَجَّ مُفْرِدًا أَوْ قَرَنَ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَعَلَ وَيَفْسَخُ إِحْرَامَهُ فِي عُمْرَةٍ إِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ وَاحْتَجَّ أَيْضًا أَحْمَدُ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً وَيَقُولُ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنَا تَعْلِيمَ قَوْمٍ أَسْلَمُوا الْيَوْمَ أَعُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لأبد فقال بل لأبد بل لأبد قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي هَذَا حُجَّةٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً إِنَّمَا مَعْنَاهُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ وَجَعَلْتُ إِحْرَامِي بِعُمْرَةٍ أَتَمَتَّعُ بِهَا وَإِنَّمَا فِي هَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ فَضَّلَ التَّمَتُّعَ وَأَمَّا مَنْ أَجَازَ فَسْخَ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ فَمَا لَهُ فِي هَذَا حُجَّةٌ لِاحْتِمَالِ مَا ذَكَرْنَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِيهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ لِسُرَاقَةَ بَلْ لِلْأَبَدِ فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ حَجَّتَهُ تِلْكَ وَعُمْرَتَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَنْ حَجَّ مَعَهُ غَيْرُهَا لِلْأَبَدِ وَلَا عَلَى أُمَّتِهِ غَيْرُ حَجَّةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ عُمْرَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَذْهَبِ مَنْ أَوْجَبَهَا فِي دَهْرِهِ لِلْأَبَدِ لَا فَرِيضَةَ فِي الْحَجِّ غَيْرَهَا هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ لِسُرَاقَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِّمُوا بِالْحَجِّ خَالِصًا لَا يُخَالِطُهُ شَيْءٌ وَكَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَفْجَرَ الْفُجُورِ وَكَانُوا يَقُولُونَ إِذَا بَرَأَ الدَّبَرْ وَعَفَا الْأَثَرْ وَانْسَلَخَ صَفَرْ حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ وَكَانُوا يدعون المحرم صفر فَلَمَّا حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَهُمْ فَقَالَ مَنْ كَانَ أَهَلَّ بِالْحَجِّ فَلْيَطُفْ بالبيت وبين الصفا والمروة ثم ليلحق أَوْ لِيُقَصِّرْ ثُمَّ لِيُحِلَّ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ قَالَ فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُحِلَّ فَقَالَ لَوْ شَعَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ نَزَلَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ بَعْدَمَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَكَلَّمَهُمْ بِذَلِكَ فَقَالَ سُرَاقَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنَا تَعْلِيمَ قَوْمٍ أَسْلَمُوا الْيَوْمَ عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ فَقَالَ بَلْ لِأَبَدٍ بَلْ لِأَبَدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ هَذَا نَحْوَ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَمَنْ زَادَ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِأَزْوَاجِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ هَذِهِ ثُمَّ ظُهُورُ الْحُصْرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَابَةَ بِبَغْدَادَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا جَدِّي حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي

ذِئْبٍ عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِنِسَائِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ هَذِهِ ثُمَّ ظُهُورُ الْحُصْرِ وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ مِثْلَهُ قَالَ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ سَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ فَقَالَ لَيْسَ بِثِقَةٍ وَذَكَرَ عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ هُوَ ثِقَةٌ وَلَكِنَّهُ خَرَّفَ فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ فَهُوَ ثَبْتٌ وَهُوَ صَالِحُ بْنُ نَبْهَانَ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ بِنْتِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفِ الْجُمَحِيِّ وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ لِأَبِيهِ قَوْلَ مَالِكٍ فِي صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ فَقَالَ أَدْرَكَهُ مَالِكٌ وَقَدِ اخْتَلَطَ وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيمًا فَلَا بَأْسَ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَكَابِرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ رَوَى عَنْهُ أَبُو الزِّنَادِ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَعُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنٍ لِأَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِأَزْوَاجِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ هَذِهِ ثُمَّ ظُهُورُ الْحُصْرِ

وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ عُمْرَتَنَا هَذِهِ لِعَامِنَا أَمْ لِلْأَبَدِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبَدٍ وَذَكَرَ النَّسَائِيُّ عَنْ هَنَّادٍ عَنْ عَبْدَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ مَالِكِ ابن دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ سُرَاقَةَ قَالَ تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا أَلَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلْأَبَدِ فَقَالَ بَلْ لِلْأَبَدِ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّمَتُّعَ الْمَعْرُوفَ لَا فَسْخَ الْحَجِّ وَأَمَّا حَدِيثُ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسْخُ الْحَجِّ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً فَقَالَ بَلْ لَنَا خَاصَّةً وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يحيى ين سَعِيدٍ عَنِ الْمُرَقَّعِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا كَانَ فَسْخُ الْحَجِّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا خَاصَّةً

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْحَارِثِ بن بلال بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسْخُ الْحَجِّ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِمَنْ بَعْدَنَا قَالَ لَكُمْ خَاصَّةً وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ كَانَ يَقُولُ فِيمَنْ حَجَّ ثُمَّ فَسَخَهَا عُمْرَةً لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا لِلرَّكْبِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قال أخبرنا إسحاق بن إبراهيم عن قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبي عبد الرحمن الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَسْخُ الْحَجِّ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً قَالَ بَلْ لَنَا خَاصَّةً وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ الرحمن

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ وَعَيَّاشٍ الْغَامِرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ قَالَ كَانَتْ لَنَا رُخْصَةً وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ كَانَتِ الْمُتْعَةُ رُخْصَةً لَنَا وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ وَهِيبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ ويجعلون المحرم صفر وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَأَ الدُّبُرْ وَعَفَا الْوَبَرْ وَانْسَلَخَ صَفَرْ أَوْ قَالَ دَخَلَ صَفَرْ حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ فَقَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم صبيحة رابعة مهلين فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْحِلِّ قَالَ الْحِلُّ كُلُّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ

الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مَالِكِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ عُمَرُ مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَنْهِي عَنْهُمَا وَأُعَاقِبُ عَلَيْهِمَا مُتْعَةُ النِّسَاءِ وَمُتْعَةُ الْحَجِّ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حماد ابن زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ قَالَ عُمَرُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَسْخُ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ هِيَ الْمُتْعَةُ الَّتِي كَانَ عُمَرُ يَنْهَى عَنْهَا فِي الْحَجِّ وَيُعَاقِبُ عَلَيْهَا لَا التَّمَتُّعُ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِيهِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَفْسَخُوا حَجَّهُمْ فِي عُمْرَةٍ أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِدْخَالُ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَمْ يُؤْمَرُوا بِفَسْخِ الْحَجِّ فِي الْعُمْرَةِ إِذِ الْغَرَضُ كَانَ فِي ذَلِكَ أَنْ يُرِيَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جواز العمرة في أشهر الحج لا غير لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ وَلَا يَجُوزُ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ فَأَرَاهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسْخَ ذَلِكَ وَإِبْطَالَهُ بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَوْ جَازَ إِدْخَالُهَا عَلَى الْحَجِّ مَا احْتَاجَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَى الْخُرُوجِ عَمَّا دَخَلَ فِيهِ وَاسْتِئْنَافِهِ بَعْدَ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ للصواب

وَفِي قَوْلِهِ نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ الْبَقَرَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَحْرَ الْبَقَرِ جَائِزٌ وَعَلَى جَوَازِ ذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ إِلَّا أَنَّهُمْ يَسْتَحِبُّونَ الذَّبْحَ فِي الْبَقَرِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْبَقَرَةِ فَذَبَحُوهَا وَلَمْ يَقُلْ فَنَحَرُوهَا فَذَبْحُ الْبَقَرَةِ وَنَحْرُهَا جَائِزٌ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ بَقَرَةً وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ بَقَرًا وَقَدْ ذَكَرْنَا هذا المعنى في باب مرسل بن شِهَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَذَكَرْنَا حُكْمَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ هُنَاكَ وَفِي بَابِ أَبِي الزُّبَيْرِ فلا وجه لإعادة ذلك ههنا

الحديث الحادي والأربعون

حَدِيثٌ حَادٍ وَأَرْبَعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 447 - مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الصُّبْحِ فَوَجَدَ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ عِنْدَ بَابِهِ فِي الْغَلَسِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ هَذِهِ فَقَالَتْ أَنَا حَبِيبَةُ ابْنَةُ سَهْلٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا شَأْنُكِ قَالَتْ لَا أَنَا وَلَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ لِزَوْجِهَا فَلَمَّا جَاءَ زَوْجُهَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ حَبِيبَةُ قَدْ ذَكَرَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَذْكُرَ فَقَالَتْ حَبِيبَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ مَا أَعْطَانِي عِنْدِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثَابِتٍ خُذْ مِنْهَا فَأَخَذَ مِنْهَا وَجَلَسَتْ فِي أَهْلِهَا لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَى مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ مُسْنَدٌ مُتَّصِلٌ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي الْخُلْعِ وَفِيهِ إِبَاحَةُ اخْتِلَاعِ الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا بِجَمِيعِ صَدَاقِهَا وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ جَائِزٌ أَنْ تَخْتَلِعَ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَأَقَلَّ لِأَنَّهُ مَالُهَا كَمَا الصَّدَاقُ مَالُهَا فَجَائِزٌ الْخُلْعُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الزَّوْجُ مُضِرًّا بِهَا فَتَفْتَدِي مِنْ أَجْلِ ضرره

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى إِجَازَةِ الْخُلْعِ بِالصَّدَاقِ الَّذِي أَصْدَقَهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا بِهَا وَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْخُلْعِ عَلَى أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى جَوَازِ الْخُلْعِ بِقَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِهِ وَبِأَكْثَرَ مِنَ الصَّدَاقِ وَبِمَالِهَا كُلِّهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِهَا قَالَ مَالِكٌ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ إِجَازَةَ الْفِدْيَةِ بِأَكْثَرَ مِنَ الصَّدَاقِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ وَلِحَدِيثِ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ مَعَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ فَإِذَا كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهَا جَازَ لِلزَّوْجِ مَا أَخَذَ مِنْهَا بِالْخُلْعِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الصَّدَاقِ إِذَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ وَكَانَ لَمْ يَضُرَّ بِهَا فَإِنْ كَانَ لِخَوْفِ ضَرَرِهِ أَوْ لِظُلْمٍ ظَلَمَهَا أَوْ أَضَرَّ بِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ وَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ رَدَّهُ وَمَضَى الْخُلْعُ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْوَجْهُ الَّذِي تَحِلُّ بِهِ الْفِدْيَةُ وَالْخُلْعُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مَانِعَةً لِمَا يَجِبُ عَلَيْهَا غَيْرَ مُؤَدِّيَةٍ حَقَّهُ كَارِهَةً لَهُ فَتَحِلُّ الْفِدْيَةُ حِينَئِذٍ لِلزَّوْجِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِذَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسًا لَهُ عَلَى غَيْرِ فِرَاقٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مَا طَابَتْ لَهُ بِهِ نَفْسًا وَتَأْخُذُهُ بِالْفِرَاقِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِرِضَاهَا وَلَمْ يَضُرَّهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْمُخْتَلِعَةُ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالنَّظَرُ لِأَنَّهَا ليست زوجة

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَا يَأْخُذُ مِنْهَا عَلَى الْخُلْعِ فَاحْتَجَّ الَّذِينَ قَالُوا يَأْخُذُ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّمَا هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا أَعْطَاهَا مِنْ صَدَاقٍ أَوْ بَعْضِهِ قِيلَ لَهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ لَا تَضْرِبَنَّ فُلَانًا إِلَّا أَنْ تَخَافَ مِنْهُ فَإِنْ خِفْتَهُ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ فِيمَا صَنَعْتَ بِهِ فَهَذَا إِنْ خَافَهُ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيْهِ فِيمَا يَفْعَلُ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الضَّرْبَ خَاصَّةً لَقَالَ مِنَ الضَّرْبِ أَوْ فِيمَا صَنَعْتَ بِهِ مِنْهُ وَاحْتَجَّ الَّذِينَ قَالُوا لَا يَحِلُّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ حَتَّى يَرَاهَا عَلَى فَاحِشَةٍ بِقَوْلِهِ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَاحْتَجَّ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ إِذَا كَانَتِ الْإِسَاءَةُ مِنْ قِبَلِهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا الْآيَةَ هَكَذَا قَالَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ وَمَنْ قَالَ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ مَنْسُوخٌ بِالْآيَتَيْنِ فَإِنَّ قَوْلَهُ مَدْفُوعٌ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ النَّسْخُ بِالْخِلَافِ وَلَا خِلَافَ فِي الْآيَتَيْنِ لِلْآيَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّهُمَا إِذَا خَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ

اللَّهِ فَقَدْ صَارَ الْأَمْرُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَالْعَمَلُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى مَنْسُوبٌ إِلَى الزَّوْجِ خَاصَّةً وَذَلِكَ إِرَادَتُهُ لِاسْتِبْدَالِ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَلِأَنَّ الزَّوْجَةَ إِذَا خَافَتْ أَلَّا تُقِيمَ حُدُودَ اللَّهِ فَاخْتَلَعَتْ مِنْهُ فَقَدْ طَابَتْ نَفْسُهَا بِمَا أَعْطَتْ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَذَكَرَ حَدِيثَ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذؤيب أنه تلا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ قَالَ هُوَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا قَالَ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد عن هشام بن عروة قَالَ كَانَ أَبِي يَقُولُ إِذَا جَاءَ الْفَسَادُ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ حَلَّ لَهُ الْخُلْعُ وَإِنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ فَلَا وَلَا نِعْمَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنِ امْرَأَتِهِ شَيْئًا مِنَ الْفِدْيَةِ حَتَّى يَكُونَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهَا قِيلَ لَهُ وَكَيْفَ يَكُونُ النُّشُوزُ قَالَ أَنْ تُظْهِرَ لَهُ الْبَغْضَاءَ وَتُسِيءَ عِشْرَتَهُ وَتُظْهِرَ لَهُ الْكَرَاهِيَةَ وَتَعْصِيَ أَمْرَهُ فَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهَا مَا أَعْطَاهَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حنيفة

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ لَا يَأْخُذُ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَعَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيِّ كَرِهَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا كُلَّ مَا أَعْطَاهَا وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا وَهُوَ قَوْلُ عِكْرِمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُجَاهِدٍ وَجَمَاعَةٍ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ جَاءَتْهُ مَوْلَاةٌ لِامْرَأَتِهِ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِكُلِّ شَيْءٍ لَهَا وَبِكُلِّ ثَوْبٍ عَلَيْهَا فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ وَقَالَ عِكْرِمَةُ يَأْخُذُ مِنْهَا حَتَّى قُرْطَهَا وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ يَأْخُذُ مِنْهَا حَتَّى عِقَاصَ رَأْسِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي فُرْقَةِ الْخُلْعِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ إِلَى أَنَّ الْخُلْعَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَأَحَبُّ إِلَى الْمُزَنِيِّ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ الْخُلْعُ فُرْقَةٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا خَلَعَ امْرَأَتَهُ فَإِنْ نَوَى بِالْخُلْعِ طَلَاقًا أَوْ سَمَّاهُ فَهُوَ طَلَاقٌ فَإِنْ كَانَ سَمَّى وَاحِدَةً فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا وَلَا شَيْئًا لَمْ تَقَعْ فُرْقَةٌ

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِذَا لَمْ يُسَمِّ الطَّلَاقَ فَالْخُلْعُ فُرْقَةٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ وَإِنْ سَمَّى تَطْلِيقَةً فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ وَالزَّوْجُ أَمْلَكُ بِرَجْعَتِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ الْخُلْعَ طَلَاقًا بِحَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ سَأَلَهُ فَقَالَ رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ أَيَتَزَوَّجُهَا قَالَ نَعَمْ لِيَنْكِحْهَا لَيْسَ الْخُلْعُ بِطَلَاقٍ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الطَّلَاقَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ وَآخِرِهَا وَالْخُلْعُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَلَيْسَ الْخُلْعُ بِشَيْءٍ ثُمَّ قَالَ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَقَرَأَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَاحْتَجَّ مَنْ جَعَلَ الْخُلْعَ طَلَاقًا بِحَدِيثِ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَتْهُ الْمَرْأَةُ وَرَجُلٌ فِي خُلْعٍ فَأَجَازَهُ وَقَالَ إِنَّمَا طَلَّقَكِ بِمَالِكِ وَبِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جُمْهَانَ مَوْلَى الْأَسْلَمِيِّينَ عَنْ أُمِّ بَكْرَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسِيدٍ ثُمَّ أَتَيَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ هِيَ تَطْلِيقَةٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَمَّيْتَ فَهُوَ كَمَا سميت

قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَكَيْفَ يَجُوزُ الْقَوْلُ فِي رَجُلٍ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ طَلِّقْنِي عَلَى مَالِهِ فَطَلَّقَهَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا وَهُوَ لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا كَانَ طَلَاقًا قَالَ فَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ لِأَنَّ قَوْلَهُ (أَوْ تَسْرِيحٌ) (2 229) إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ أَوْ تَطْلِيقٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ مَعْطُوفًا عَلَى التَّطْلِيقَتَيْنِ لَكَانَ لَا يَجُوزُ الْخُلْعُ أَصْلًا إِلَّا بَعْدَ تَطْلِيقَتَيْنِ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ قَالَ وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ مِثْلُ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وَهِيَ عَلَى كُلِّ حال حَلَقَ مُحْصَرٍ أَوْ غَيْرِ مُحْصَرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ الْمُحْصَرَ كَمَا لَمْ يَخُصَّ بِالْفِدْيَةِ مَنْ قَدْ طَلَّقَ تَطْلِيقَتَيْنِ بَلْ هِيَ لِلْأَزْوَاجِ كُلِّهِمْ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي عِدَّةِ الْمُخْتَلِعَةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ كَعِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ فَثَلَاثُ حِيَضٍ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْيَائِسَاتِ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَيُرْوَى هَذَا عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَقَالَ إِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ وَيُرْوَى هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عمرو بن

مُسْلِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَّتَهَا حَيْضَةً حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَيُّونَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ بِإِسْنَادِهِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَكِلَاهُمَا لَيْسَ بِالْقَوِيِّ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ رُبَيِّعَ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ حِينَ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَبَّانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ الرُّبَيِّعَ ابْنَةَ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ تُخْبِرُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فِي زَمَانِ عُثْمَانَ فَجَاءَ مَعَهَا عَمُّهَا مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ إِلَى

عُثْمَانَ فَقَالَ إِنَّ ابْنَةَ مُعَوِّذٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا أَفَتَنْتَقِلُ فَقَالَ عُثْمَانُ تَنْتَقِلُ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَكِنْ لَا تَنْكِحُ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَمْلٌ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ عُثْمَانُ خَيْرُنَا وَأَعْلَمُنَا وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَحْكَامٌ وَعُلُومٌ مِنْهَا أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجَازَ الْخُلْعَ وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ النَّاسِ إِلَّا بَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ إِنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ مَنْسُوخٌ نَسَخَهُ قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا الْآيَةَ قَالَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ سَأَلْتُ بَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيَّ عَنِ الرَّجُلِ يُرِيدُ أَنْ يُخَالِعَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا قُلْتُ فَأَيْنَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ قَالَ هِيَ مَنْسُوخَةٌ قُلْتُ وَمَا نَسَخَهَا قَالَ مَا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ الْآيَةَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ بَكْرٍ هَذَا خِلَافُ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي قِصَّةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ وَحَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ وَخِلَافُ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ وَأَبُو قِلَابَةَ يَقُولَانِ لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ الْخُلْعُ حَتَّى يَجِدَ عَلَى بَطْنِهَا رَجُلًا لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يُضَارَّهَا وَيَشُقَّ عَلَيْهَا حَتَّى تَخْتَلِعَ مِنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أَوْ يُلَاعِنَهَا وَأَمَّا أَنْ يُضَارَّهَا لِيَأْخُذَ مَالَهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ إِجَازَةُ الْخُلْعِ عِنْدَ غَيْرِ السُّلْطَانِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْحَسَنِ وَزِيَادٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ قُلْتُ لِقَتَادَةَ عَمَّنْ أَخَذَ الْحَسَنُ الْخُلْعَ إِلَى السُّلْطَانِ قَالَ عَنْ زِيَادٍ وَفِيهِ أَنَّهُ جَعَلَهُ طَلَاقًا خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَفِيهِ أَنَّهُ أَجَازَهُ بِالْمَالِ وَلَمْ يَسْأَلْ أَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ أَقَلُّ عَلَى خِلَافِ مَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالزُّهْرِيُّ وَعَطَاءٌ وَمَنْ تَابَعَهُمْ فِي أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَكُونُ بِأَكْثَرَ مِنَ الصَّدَاقِ وَفِيهِ أَنَّهُ أَجَازَ لِلْمُخْتَلِعَةِ أَنْ تَنْتَقِلَ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى

وَجَعَلَهَا خِلَافًا لِلْمُطَلَّقَةِ وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ عِدَّتَهَا عِدَّةَ الْمُطَلَّقَةِ وَجَعَلَ عِدَّتَهَا حَيْضَةً وَبِهَذَا قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَا اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ عِدَّةَ الْمُخْتَلِعَةِ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ أَصَحُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَسَالِمٌ وَعُرْوَةُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيُّ وَالْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَفِيهِ أَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ أَمْلَكُ لِنَفْسِهَا لَا تُنْكَحُ إِلَّا بِرِضَاهَا خِلَافُ قَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ وَلَا ظِهَارٌ وَلَا إِيلَاءٌ وَلَا لِعَانٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً وَلَا يَتَوَارَثَانِ وَجَعَلَهَا بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إِنَّهَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ خِلَافُ أَقَاوِيلِ الْفُقَهَاءِ وَكَذَلِكَ مَا رَوَاهُ طَاوُسٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في أن الخلع ليس بطرق شذوذ في الرواية وما احتج به فغير لَازِمٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَلَامٌ تَامٌّ بِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا حُكْمٌ مُسْتَأْنَفٌ

فِيمَنْ طُلِّقَتْ وَفِيمَنْ لَمْ تُطَلَّقْ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَرَجَعَ إِلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فِي قَوْلِهِ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ وَمِثْلُ هَذَا التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَدُخُولِ قِصَّةٍ عَلَى أُخْرَى فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ وَلِطَاوُسٍ مَعَ جَلَالَتِهِ رِوَايَتَانِ شَاذَّتَانِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذِهِ إِحْدَاهُمَا فِي الْخُلْعِ وَالْأُخْرَى فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ الْمُجْتَمِعَاتِ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ وَرَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ خِلَافَ مَا رَوَى طَاوُسٌ فِي طَلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا لَازِمَةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنَّهَا ثَلَاثٌ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَهُمُ الْجَمَاعَةُ وَالْحُجَّةُ وَإِنَّمَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْبِدَعِ الْخَشَبِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ عَصَمَنَا اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نُجَيْحٍ قَالَ تَكَلَّمَ طَاوُسٌ فَقَالَ الْخُلْعُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ هُوَ فِرَاقٌ فَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ أَهْلُ مَكَّةَ فَجَمَعَ نَاسًا مِنْهُمُ ابْنَا عَبَّادٍ وَعِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ وَقَالَ إِنَّمَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَهُ قَالَ الْقَاضِي لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَهُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ طَاوُسٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمُخْتَلِعَةُ هِيَ الَّتِي اخْتَلَعَتْ مِنْ جَمِيعِ مَالِهَا وَالْمُفْتَدِيَةُ هِيَ الَّتِي افْتَدَتْ بِبَعْضِ مَالِهَا وَالْمُبَارِئَةُ هِيَ الَّتِي بَارَأَتْ زَوْجَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَقَالَتْ قَدْ أَبْرَأْتُكَ مِمَّا كَانَ يَلْزَمُكَ مِنْ صَدَاقِي فَفَارِقْنِي قَالَ وَكُلُّ هَذَا سَوَاءٌ هِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَدْخُلُ عِنْدَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بَعْضُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى بَعْضٍ فَيُقَالُ مُخْتَلِعَةٌ وَإِنْ دَفَعَتْ بَعْضَ مَالِهَا وَكَذَلِكَ الْمُفْتَدِيَةُ بِبَعْضِ مالها وكل مالها وهذا توجيه اللُّغَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُخْتَلِعَةِ هَلْ لِزَوْجِهَا أَنْ يَخْطِبَهَا فِي عِدَّتِهَا وَيُرَاجِعَهَا بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا عَلَى حُكْمِ النِّكَاحِ فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ وَحْدَهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْرَهُ أَنْ يَخْطِبَهَا فِي عِدَّتِهَا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالزُّهْرِيِّ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَخْطِبُهَا فِي عِدَّتِهَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ وَهُوَ وَغَيْرُهُ فِي نِكَاحِهَا وَعِدَّتِهَا سَوَاءٌ وَهَذَا شُذُوذٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ

الحديث الثاني والأربعون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَأَرْبَعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 547 - مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ مَا طَالَ عَلَيَّ وَمَا نسيت القطع في ربع دينار فصاعدا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ مُسْنَدٌ بِالدَّلِيلِ الصَّحِيحِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ مَا طَالَ عَلَيَّ وَمَا نَسِيتُ فَكَيْفَ وَقَدْ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُ مُسْنَدًا وَقَدْ رَوَاهُ الْحُنَيْنِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَانِ الْإِسْنَادَانِ عَنْ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ لَيْسَا بِصَحِيحَيْنِ لِأَنَّ دُونَهُمَا مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَالْحَدِيثُ لِلزُّهْرِيِّ عُرْوَةُ وَعَنْ عَمْرَةَ جَمِيعًا عَنْ عَائِشَةَ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ مُسَافِرٍ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ الْيَدَ فِي ربع دينار فصاعدا وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ جَمِيعًا عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ صَحِيحٌ عِنْدِي لِلزُّهْرِيِّ عَنْهُمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ريان قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْطَعُ السَّارِقَ في ربع دينار فصاعدا وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ الزُّهْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يقطع في ربع دينار فصاعدا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَرْبَعَةٌ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ لَمْ يَرْفَعُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَرُزَيْقُ بْنُ حَكِيمٍ الْأَيْلِيُّ وَعَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَالزُّهْرِيُّ أَحْفَظُهُمْ كُلِّهِمْ إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ يَحْيَى مَا دَلَّ عَلَى الرَّفْعِ مَا نَسِيتُ وَلَا طَالَ عَلَيَّ الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فصاعدا قال الحميدي وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الهادي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو ابن حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا

فَحَدَّثْتُ سُفْيَانَ حَدِيثَ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ هَذَا فَأُعْجِبَ بِهِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ أَحْفَظُهُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنِ الْهَادِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ إِلَّا فِي ربع دينار فصاعدا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَهَكَذَا هُوَ فِي مُوَطَّأِ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ رِوَايَةِ سَحْنُونٍ وَغَيْرِهِ وَرَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ مَبْرُورٍ عَنْ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ عَوَّلَ أَهْلُ الْحِجَازِ فِي مِقْدَارِ مَا تُقْطَعُ فِيهِ يَدُ السَّارِقِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ يُقْطَعُ إن سرق من ذهب ربع

دينار فصاعدا وَخَالَفَهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ عَلَى حَسْبَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي تَقْوِيمِ الْعُرُوضِ الْمَسْرُوقَةِ فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهَا تُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ وَإِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ كَيْلًا قُطِعَ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي قِيمَةِ الْمِجَنِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُقْطَعُ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ قِيمَةُ مَا سَرَقَ رُبْعَ دِينَارٍ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَدَاوُدَ وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ الْمَذْهَبَيْنِ وَاعْتِلَالَ الْفَرِيقَيْنِ وَمَنْ قَالَ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِالْقَوْلَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَبِهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الثالث والأربعون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَأَرْبَعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 647 - مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ أم المؤمنين فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ لَهُمْ صَبَّةً وَاحِدَةً وَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ وَيَكُونَ لِي وَلَاؤُكِ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لِأَهْلِهَا فَقَالُوا لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَاؤُكِ لَنَا قَالَ مَالِكٌ قَالَ يَحْيَى فَزَعَمَتْ عَمْرَةُ أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ مُمَهَّدًا مَبْسُوطًا فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لله

الحديث الرابع والأربعون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَأَرْبَعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 747 - مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّفَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّغْلِيسُ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ عِنْدَنَا لِأَنَّهَا كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ألا ترى إلى كتاب عمر إلى أعماله أَنْ صَلُّوا الصُّبْحَ وَالنُّجُومُ بَادِيَةٌ مُشْتَبِكَةٌ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَعَامَّةُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يُغَلِّسُونَ بِالصُّبْحِ فَلَمَّا قُتِلَ عُمَرُ أَسْفَرَ بِهَا عُثْمَانُ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ التغليس أفضل من الإسفار بصلاة الصُّبْحِ حَدِيثُ أُمِّ فَرْوَةَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ عَنْ بَعْضِ أُمَّهَاتِهِ أَوْ جَدَّاتِهِ عَنْ أُمِّ فَرْوَةَ وَكَانَتْ قَدْ بَايَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا

وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيِّ جَمِيعًا عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ عَنْ بَعْضِ أُمَّهَاتِهِ عَنْ أُمِّ فَرْوَةَ قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا إِلَى الْإِسْفَارِ بِهَا وَقَالُوا الْإِسْفَارُ بِهَا أَفْضَلُ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُمْ بِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَكُلَّمَا أَسْفَرْتُمْ فَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حدثنا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَكُلَّمَا أَسَفَرْتُمْ فَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يَدُورُ عَلَى عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَاصِمِ

بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْفِرُوا بِصَلَاةِ الْغَدَاةِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِأَجْرِكُمْ وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ أَصْبِحُوا بِالصُّبْحِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِأُجُورِكُمْ وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ كُلَّمَا أَسَفَرْتُمْ كَانَ أَعْظَمَ لِلْأَجْرِ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هشام عن سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَكُلَّمَا أَسَفَرْتُمْ فَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ الطَّائِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ لِمُؤَذِّنِهِ أَسْفِرْ أَسْفِرْ يَعْنِي بِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُسْفِرُ بِصَلَاةِ الْغَدَاةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى مَذْهَبِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الْبَابِ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَطَاوُسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ فُقَهَاءُ الْكُوفِيِّينَ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْإِسْفَارُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ يُرَادُ بِهِ وُضُوحُ الْفَجْرِ وَبَيَانُهُ فَإِذَا انْكَشَفَ الْفَجْرُ فَذَلِكَ الْإِسْفَارُ الْمُرَادُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ أَسْفَرَتِ الْمَرْأَةُ عَنْ وَجْهِهَا إِذَا كَشَفَتْهُ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَانَ شَأْنُهُ التَّغْلِيسَ جِدًّا لَمْ يؤمن عَلَيْهِ الصَّلَاةُ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلِهَذَا قِيلَ لَهُمْ أَسْفِرُوا أَيْ تَبَيَّنُوا وَإِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فِي الْإِسْفَارِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مَا الْإِسْفَارُ فَقَالَ الْإِسْفَارُ أَنْ يَتَّضِحَ الْفَجْرُ فَلَا تَشُكُّ فِيهِ أَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ قَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ يَقُولُ فِي حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أسفروا بالفجر

وَكُلَّمَا أَسَفَرْتُمْ بِهَا فَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ فَقَالَ نَعَمْ كُلُّهُ سَوَاءٌ إِنَّمَا هُوَ إِذَا تَبَيَّنَ الْفَجْرُ فَقَدْ أَسْفَرَ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَنْتَفِي التَّعَارُضُ وَالتَّدَافُعُ فِي الْأَحَادِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ أَوْلَى مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ وَالْأَحَادِيثُ فِي التَّغْلِيسِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ أَثْبَتُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَعَلَيْهَا فُقَهَاءُ الْحِجَازِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ عِنْدَ أَوَّلِ الْفَجْرِ الْآخِرِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَيُّ حِينٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أُصَلِّيَ الصُّبْحَ إِمَامًا وَخِلْوًا قَالَ حِينَ يَنْفَجِرُ الْفَجْرُ الْآخِرُ ثُمَّ يُطَوِّلُ فِي الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حَتَّى يَنْصَرِفَ مِنْهَا وَقَدْ تَبَلَّجَ النَّهَارُ وَتَتَآمَ النَّاسُ قَالَ وَلَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهَا حِينَ يَنْفَجِرُ الْفَجْرُ الْآخِرُ وَكَانَ يَقْرَأُ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ بِسُورَةِ يُوسُفَ قَالَ أبو عمر إنما ذكرنا ههنا مَذَاهِبَ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَفْضَلِ مِنَ التَّغْلِيسِ بِالصُّبْحِ وَالْإِسْفَارِ بِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ مُجْمَلَةً وَمُفَسَّرَةً فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَجَرَى ذِكْرُ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ شُهُودُ النِّسَاءِ فِي الصَّلَوَاتِ فِي الْجَمَاعَةِ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى مَبْسُوطًا مُمَهَّدًا فِي بَابِ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَوْلُهَا لَوْ أَدْرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدَهُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ مُتَلَفِّفَاتٍ بِالْفَاءِ فَهِيَ رِوَايَةُ يَحْيَى وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ وَرَوَاهُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مُتَلَفِّعَاتٍ بِالْعَيْنِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَالْمُرُوطُ أَكْسِيَةُ الصُّوفِ وَقَدْ قِيلَ الْمِرْطُ كِسَاءُ صُوفٍ مُرَبَّعٌ سُدَاهُ شَعَرٌ وَفِي انْصِرَافِ النِّسَاءِ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ وَهُنَّ لَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ لَمْ تَكُنْ بِالسُّوَرِ الطِّوَالِ جِدًّا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَنْصَرِفْ إِلَّا مَعَ الْإِسْفَارِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنْ لَا تَوْقِيتَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ إِلَّا أَنَّهُمْ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَكُونَ الصُّبْحُ وَالظُّهْرُ أَطْوَلَ قِرَاءَةً مِنْ غَيْرِهِمَا وَالْغَلَسُ بَقِيَّةُ اللَّيْلِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا جَعَلَ آخِرَ اللَّيْلِ طُلُوعَ الشَّمْسِ وُضَوْءَ الْفَجْرِ مِنَ الشَّمْسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْغَبَشُ بِالشِّينِ الْمَنْقُوطَةِ وَالْبَاءِ النُّورُ الْمُخْتَلِطُ بِالظُّلْمَةِ وَالْغَلَسُ وَالْغَبَشُ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْغَلَسُ إِلَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَقَدْ يَكُونُ الْغَبَشُ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَفِي آخِرِهِ وَأَمَّا الْغَبَسُ بِالْبَاءِ وَالسِّينِ فَغَلَطٌ عِنْدَهُمْ وبالله التوفيق

الحديث الخامس والأربعون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَأَرْبَعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 847 - مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ يَهُودِيَّةً جَاءَتْ تَسْأَلُهَا فَقَالَتْ أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَسَأَلَتْ عَائِشَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُعَذَّبُ النَّاسُ فِي قُبُورِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبًا فَخَسَفَتِ الشَّمْسُ فَرَجَعَ ضُحًى فَمَرَّ بَيْنَ ظَهْرَيِ الْحُجَرِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي وَقَامَ النَّاسُ وَرَاءَهُ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ تَعْرِفُهُ الْيَهُودُ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي التَّوْرَاةِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ

وَأَمَّا صَلَاةُ الْكُسُوفِ فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهَا مُمَهَّدًا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَحَدِيثُهُ هَذَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ كُلُّهَا فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ وَالْقَوْلُ فِيهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ يُغْنِي وَقَدْ مَضَى مِنَ الْقَوْلِ وَالْأَثَرِ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ فِي بَابِ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ خَسَفَتِ الشَّمْسُ فَالْخُسُوفُ بِالْخَاءِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ ذَهَابُ لَوْنِهَا وَأَمَّا الْكُسُوفُ بِالْكَافِ فَتَغَيُّرُ لَوْنِهَا قَالُوا يُقَالُ بِئْرٌ خَسِيفٌ إِذَا غَارَ مَاؤُهَا وَفُلَانٌ كاسف اللون متغير اللون إلى السواد وَقَدْ قِيلَ الْخُسُوفُ وَالْكُسُوفُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَرَأْتُ عَلَى خَلَفِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُطَرِّفٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ لُبَابَةَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو زَيْدٍ قَالَ حدثنا عبد الله بن يزيد المقرىء عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي ليقول كُنْتُ عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَكُسِفَ بِالْقَمَرِ لَيْلَةً فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ سَمِعْتُ قِسْطَالَ هَذِهِ الْمَدِينَةِ يَقُولُ يُكْسَفُ بِالْقَمَرِ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ كَذَبَ أَعْدَاءُ اللَّهِ هَذَا هُمْ عَلِمُوا مَا فِي الْأَرْضِ فَمَا عِلْمُهُمْ بِمَا فِي السَّمَاءِ وَلَمْ يَرَ عَمْرٌو ذَلِكَ كَبِيرًا أَوْ كَثِيرًا ثُمَّ قَالَ عَمْرٌو إِنَّمَا الْغَيْبُ خَمْسٌ مَا

سِوَى ذَلِكَ يَعْلَمُهُ قَوْمٌ وَيَجْهَلُهُ آخَرُونَ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (31 34) وَذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ سَوَاءً قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث السادس والأربعون

حديث سادس وَأَرْبَعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 947 - مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لمنهن الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَهُ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فَقُلْتُ لِعَمْرَةَ أَوَ مُنِعَ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الْمَسَاجِدَ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ سَائِرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ يَقُولُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ وَلَمْ يَقُلِ الْمَسَاجِدَ غَيْر يَحْيَى بْنِ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَشْهَدْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَحْوَالَ النَّاسِ تَغَيَّرَتْ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءً وَرِجَالًا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ مَا نَفَضْنَا أَيْدِيَنَا عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا وَإِنْ كَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُشَاهَدَةَ النِّسَاءِ الصَّلَوَاتِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ النَّصَّ فِي ذَلِكَ ثَابِتٌ مُغْنٍ عَنِ الِاسْتِدْلَالِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ عَائِشَةَ إِنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَنْصَرِفْنَ مُتَلَفِّفَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَمَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ

وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ وَالزُّبَيْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ عن هند ابنة الحرث وَكَانَتْ تَحْتَ مَعْبَدِ بْنِ الْمِقْدَادِ الْكِنْدِيِّ أَخْبَرَتْهُ وَكَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَشْهَدْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ فَيَنْصَرِفْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ مُتَلَفِّفَاتٍ فِي مُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ قَالَتْ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ مَكَثَ قَلِيلًا وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ كَيْمَا يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ الرِّجَالِ دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ وَلَا بَأْسَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ بِمُشَاهَدَةِ الْمُتَجَالَّاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَمَنْ لَا يُخْشَى عَلَيْهِنَّ وَلَا مِنْهُنَّ الْفِتْنَةُ وَالِافْتِتَانُ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ وَأَمَّا الشَّوَابُّ فَمَكْرُوهٌ ذَلِكَ لَهُنَّ وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَذِنَ لَهُنَّ فِي مُشَاهَدَةِ الصَّلَوَاتِ بِاللَّيْلِ لَا بِالنَّهَارِ وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ وَكِيعٍ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ قَالَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ وَمُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَحَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَوَّارٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتَأْذَنَكُمُ النِّسَاءُ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ فَلَا تَمْنَعُوهُنَّ وَلْيَخْرُجْنَ ثَفِلَاتٍ وَسَيَأْتِي مَعْنَى ثَفِلَاتٍ في بلاغات مالك أنه بلغه أن بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ فَلَا تَمَسَّنَّ طِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ فَقَالَ ابْنٌ لَهُ وَاللَّهِ لَا نَأْذَنُ لَهُنَّ فَيَتَّخِذْنَهُ دَغَلًا وَاللَّهِ لَا نَأْذَنُ لَهُنَّ قَالَ فَسَبَّهُ وَغَضِبَ وَقَالَ أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْذَنُوا لَهُنَّ وَتَقُولُ لَا نَأْذَنُ لَهُنَّ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ بِاللَّيْلِ

وَلَا بِالنَّهَارِ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَرَوَى محمد بن عمرو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ ثَفِلَاتٌ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَجَمَاعَةٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَرَوَى ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلُهُ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَتْ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَقِيلَ لَهَا تَخْرُجِينَ وَقَدْ تَعْلَمِينَ أَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَغَارُ قَالَتْ فَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْهَانِي قَالُوا يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ قَالَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ

قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ فَذَكَرَهُ مَوْقُوفًا عَنْ عُمَرَ وَهَذَا أَصَحُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُوَرِّقِ الْعِجْلِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةَ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُوَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ حُمَيْدٍ أَنَّهَا جَاءَتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَكَ قَالَ فَقَالَ لَهَا قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي قَالَ فَأَمَرَتْ فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى شَيْءٍ فِي بَيْتِهَا وَأَظْلَمِهِ فَكَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى لَقِيَتِ اللَّهَ

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي دَاخِلَتِهَا وَرُبَّمَا قَالَ فِي مَخْدَعِهَا أَعْظَمُ لِأَجْرِهَا مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي بَيْتِهَا وَلَأَنْ تُصَلِّيَ فِي بَيْتِهَا أَعْظَمُ لِأَجْرِهَا مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي دَارِهَا وَلَأَنْ تُصَلِّيَ فِي دَارِهَا أَعْظَمُ لِأَجْرِهَا مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ قَوْمِهَا وَلَأَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ قَوْمِهَا أَعْظَمُ لِأَجْرِهَا مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ وَلَأَنْ تُصَلِّيَ فِي الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ لِأَجْرِهَا مِنَ الْخُرُوجِ يَوْمَ الْخُرُوجِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَمَاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ فَقَالَ لَا تَحْفَظْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى الْعَطَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

لَيْسَ لِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ فِي الْخُرُوجِ وَلَيْسَ لَهُنَّ نَصِيبٌ فِي الطَّرِيقِ إِلَّا فِي جَوَانِبِ الطَّرِيقِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطَّيِّبِ عَنْ أُمِّ سُلَيْمَانَ ابْنَةِ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّهَا قَالَتْ أَدْرَكْتُ الْقَوَاعِدَ يُصَلِّينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَرَائِضَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزَيْدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ حَدَّثَنِي حبيب بن أبي ثابت عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنِي الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ فَقَالَ ابْنٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ تَرَانِي أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُ لَتَمْنَعُهُنَّ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ حَفْصٍ الْحَرَّاثِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي السَّمْحِ عَنِ السَّائِبِ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعْرُ بُيُوتِهِنَّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَبُو ثَابِتٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا وَصَلَاتُهَا فِي حُجْرَتِهَا خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهَا فِي دَارِهَا وَصَلَاتُهَا فِي دَارِهَا خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهَا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَوْرَدْنَا مِنَ الْآثَارِ الْمُسْنَدَةِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَغِنًى فَمَنْ تَدَبَّرَهَا وَفَهِمَهَا وَقَفَ عَلَى فِقْهِ هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا أَقَاوِيلُ الْفُقَهَاءِ فِيهِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُمْنَعُ النِّسَاءُ الْخُرُوجَ إِلَى الْمَسَاجِدِ فَإِذَا جَاءَ الِاسْتِسْقَاءُ وَالْعِيدُ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَخْرُجَ كُلُّ امْرَأَةٍ مُتَجَالَّةٍ هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ

وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ قَالَ تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ الْمُتَجَالَّةُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَلَا تُكْثِرُ التَّرَدُّدَ وَتَخْرُجُ الشَّابَّةُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَكَذَلِكَ فِي الْجَنَائِزِ يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ أَمْرُ الْعَجُوزِ وَالشَّابَّةِ فِي جَنَائِزِ أَهْلِهَا وَأَقَارِبِهَا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ خَيْرٌ مِنْ بَيْتِهَا وَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا قَالَ الثَّوْرِيُّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ إِلَى اللَّهِ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ أَكْرَهُ الْيَوْمَ لِلنِّسَاءِ الْخُرُوجَ إِلَى الْعِيدَيْنِ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَكْرَهُ الْيَوْمَ الْخُرُوجَ لِلنِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ فَإِنْ أَبَتِ الْمَرْأَةُ إِلَّا أَنْ تَخْرُجَ فَلْيَأْذَنْ لَهَا زَوْجُهَا أَنْ تَخْرُجَ فِي أَطْهَارِهَا وَلَا تَتَزَيَّنْ فَإِنْ أَبَتْ أَنْ تَخْرُجَ كَذَلِكَ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ وَذَكَرَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ كَانَ النِّسَاءُ يُرَخَّصُ لَهُنَّ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَإِنِّي أَكْرَهُهُ قَالَ وَأَكْرَهُ لَهُنَّ شُهُودَ الْجُمُعَةِ وَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْجَمَاعَةِ وأرخص للعجوز الكبيرة أَنْ تَشْهَدَ الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ خُرُوجُ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ حَسَنٌ وَلَمْ يَكُنْ يَرَى خُرُوجَهُنَّ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ مَا خَلَا الْعِيدَيْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا بَأْسَ أَنْ تَخْرُجَ الْعَجُوزُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا وَأَكْرَهُ ذَلِكَ للشابة

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَقْوَالُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى وَخَيْرُهَا قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِشَيْءٍ مِنْهَا وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ عَائِشَةَ لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَهُ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ وَمَعَ أَحْوَالِ النَّاسِ الْيَوْمَ وَمَعَ فَضْلِ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى الْعَطَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ فِي الْخُرُوجِ وَلَيْسَ لَهُنَّ نَصِيبٌ فِي الطَّرِيقِ إِلَّا فِي جَوَانِبِ الطَّرِيقِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ وَيُونُسَ وَحَبِيبٍ وَيَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ وَهِشَامٍ فِي آخَرِينَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ قَالَتْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَ ذَوَاتَ الْخُدُورِ يَوْمَ الْعِيدِ قِيلَ فَالْحُيَّضُ قَالَ يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِإِحْدَانَا ثَوْبٌ كَيْفَ تَصْنَعُ قَالَ تُلْبِسُهَا صَاحِبَتُهَا طَائِفَةً مِنْ ثَوْبِهَا قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ بِهَذَا الْخَبَرِ قَالَ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ مُصَلَّى المسلمين

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ فَأُرِيدَ التَّكْثِيرُ بِحُضُورِهِنَّ إِرْهَابًا لِلْعَدُوِّ وَالْيَوْمَ فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو وَحَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة قالت خَرَجَتْ سَوْدَةُ لِحَاجَتِهَا لَيْلًا بَعْدَمَا ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ وَكَانَتِ امْرَأَةً تَفْرُعُ النِّسَاءَ جِسْمَةً فَوَافَقَهَا عُمَرُ فَنَادَاهَا يَا سَوْدَةُ إِنَّكِ وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا إِذَا خَرَجْتِ فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ فَانْكَفَتَ رَاجِعَةً إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَافَقَتْهُ يَتَعَشَّى فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا قَالَ عُمَرُ وَإِنَّ الْعَرْقَ لَفِي يَدِهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ ثُمَّ رَفَعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ لَفِي يَدِهِ فَقَالَ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عَاتِكَةَ ابْنَةَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ امْرَأَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَتْ تَسْتَأْذِنُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَسْكُتُ فَتَقُولُ لَأَخْرُجَنَّ إِلَّا أَنْ تَمْنَعَنِي وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عيسى المقرىء المعروف بابن الوشا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِيَادٍ مولى بني

هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُجَبَّرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ تَزَوَّجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عاتكة ابنة زيد بن عمرو بن نفيل وَكَانَتِ امْرَأَةً جَمِيلَةً وَكَانَ يُحِبُّهَا حُبًّا شَدِيدًا فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ طَلِّقْ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَإِنَّهَا قَدْ شَغَلَتْكَ عَنِ الْغَزْوِ فَأَبَى وَقَالَ وَمَنْ مِثْلِي فِي النَّاسِ طَلَّقَ مِثْلَهَا وَمَا مِثْلُهَا فِي غَيْرِ بَأْسٍ تُطَلَّقُ قَالَ ثُمَّ خَرَجَ فِي بَعْضِ الْمَغَازِي فَجَاءَ نَعْيُهُ فَقَالَتْ فِيهِ عَاتِكَةُ رُزِيتُ بِخَيْرِ النَّاسِ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ وَبَعْدَ أَبِي بَكْرٍ وَمَا كَانَ قَصَّرَا فَآلَيْتُ لَا تَنْفَكُّ عَيْنَيْ حَزِينَةً عَلَيْكَ وَلَا يَنْفَكُّ جِلْدِي أَغْبَرَا فَلِلَّهِ عَيْنَا مَنْ رَأَى مِثْلَهُ فَتًى أَعَفَّ وَأَحْصَى فِي الْهَيَاجِ وَأَصْبَرَا قَالَ فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا زَارَتْ حَفْصَةَ ابْنَةَ عُمَرَ فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ فَلَمَّا رَأَتْ عَاتِكَةُ عُمَرَ قَامَتْ فَاسْتَتَرَتْ فَنَظَرَ إِلَيْهَا عُمَرُ فَإِذَا امْرَأَةٌ بَارِعَةٌ ذَاتُ خُلُقٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ عُمَرُ لِحَفْصَةَ مَنْ هَذِهِ فَقَالَتْ هَذِهِ عَاتِكَةُ ابنة زيد عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فَقَالَ عُمَرُ اخْطُبِيهَا عَلَيَّ قَالَ فَذَكَرَتْ حَفْصَةُ لَهَا ذَلِكَ فَقَالَتْ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ جَعَلَ لِي جُعْلًا عَلَى أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ بَعْدَهُ فَقَالَتْ ذَلِكَ حَفْصَةُ لِعُمَرَ فَقَالَ لَهَا عُمَرُ مُرِيهَا فَلْتَرُدِّي ذَلِكَ عَلَى وَرَثَتِهِ وَتَزَوَّجِي قَالَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهَا حَفْصَةُ فَقَالَتْ لَهَا عَاتِكَةُ أَنَا أَشْتَرِطُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا أَلَّا يَضْرِبَنِي وَلَا يَمْنَعَنِي من الحق

وَلَا يَمْنَعَنِي عَنِ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعُمَرَ ذَلِكَ فَتَزَوَّجَهَا فَلَمَّا دَخَلَ عليها أو لم عَلَيْهَا وَدَعَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا فِيهِمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الطَّعَامِ وَخَرَجُوا خَرَجَ علي فوقف فقال أههنا عَاتِكَةُ قَالُوا نَعَمْ فَصَارَتْ خَلْفَ السِّتْرِ وَقَالَتْ مَا تُرِيدُ بِأَبِي وَأُمِّي فَذَكَّرَهَا بِقَوْلِهَا فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَآلَيْتُ لَا تَنْفَكُّ عَيْنَيْ سَخِينَةً عَلَيْكَ وَلَا يَنْفَكُّ جِلْدِي أَغْبَرَا تِلْكَ الْأَبْيَاتِ وَقَالَ لَهَا هَلْ تَقُولِينَ الْآنَ هَذَا فَبَكَتْ عَاتِكَةُ فَسَمِعَ عُمَرُ الْبُكَاءَ فقال ما هذا فأخبر فَقَالَ لِعَلِيٍّ مَا دَعَاكَ إِلَى ذَلِكَ غَمَمْتَهَا وَغَمَمْتَنَا قَالَ فَلَبِثَتْ عِنْدَهُ حَتَّى أُصِيبَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَرَثَتْهُ بِأَبْيَاتٍ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي بَابِهَا مِنْ كِتَابِ النِّسَاءِ مِنْ كِتَابِي فِي الصَّحَابَةِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا خَطَبَهَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ فَقَالَتْ لَهُ نَعَمْ إِنِ اشْتَرَطْتَ لِي الثَّلَاثَ الْخِصَالَ الَّتِي اشْتَرَطْتُهَا عَلَى عُمَرَ فَقَالَ لَكِ ذَلِكَ فَتَزَوَّجَهَا فَلَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تخرج إلى الشعاء شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الزُّبَيْرِ فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ قَالَتْ مَا شِئْتَ أَتُرِيدُ أَنْ تَمْنَعَنِي فَلَمَّا عِيلَ صَبْرُهُ خَرَجَتْ لَيْلَةً إِلَى الْعِشَاءِ فَسَبَقَهَا الزُّبَيْرُ فَقَعَدَ لَهَا عَلَى الطَّرِيقِ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَاهُ فَلَمَّا مَرَّتْ جَلَسَ خَلْفَهَا فَضَرَبَ بيده على

عَجُزِهَا فَنَفَرَتْ مِنْ ذَلِكَ وَمَضَتْ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الْمُقْبِلَةُ سَمِعَتِ الْأَذَانَ فَلَمْ تَتَحَرَّكْ فَقَالَ لها الزبير مالك هَذَا الْأَذَانُ قَدْ جَاءَ فَقَالَتْ فَسَدَ النَّاسُ وَلَمْ تَخْرُجْ بَعْدُ فَلَمْ تَزَلْ مَعَ الزُّبَيْرِ حَتَّى خَرَجَ الزُّبَيْرُ إِلَى الْجَمَلِ فَقُتِلَ فَبَلَغَهَا قَتْلُهُ فَرَثَتْهُ فَقَالَتْ يَا عَمْرُو لَوْ نَبَّهْتَهُ لَوَجَدْتَهُ لَا الطَّائِشَ مِنْهُ الْجَنَانُ وَلَا الْيَدُ وَهِيَ أَبْيَاتٌ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي بَابِهَا مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ إِذْ دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ مُزَيْنَةَ تَرْفُلُ فِي زِينَةٍ لَهَا فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهَا النَّاسُ انْهَوْا نِسَاءَكُمْ عَنْ لُبْسِ الزِّينَةِ وَالتَّبَخْتُرِ فِي الْمَسَاجِدِ فإن بني إسرئيل لَمْ يُلْعَنُوا حَتَّى لَبِسَ نِسَاؤُهُمُ الزِّينَةَ وَتَبَخْتَرُوا فِي الْمَسْجِدِ هَذَا مَا لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ وَلَهُ عَنْ عَمْرَةَ حَدِيثُ الِاعْتِكَافِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ بِرِوَايَةِ يَحْيَى لَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَهُوَ مِمَّا رَوَاهُ عَنْ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ وذلك خطأ وإنما الحديث ليحي بْنِ سَعِيدٍ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ لَيْسَ لِابْنِ شِهَابٍ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَهُوَ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلَمَّا انْصَرَفَ إلى

الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ رَأَى خِبَاءَ عَائِشَةَ وَخِبَاءَ حَفْصَةَ وَخِبَاءَ زَيْنَبَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا وَقَدْ وَصَلَهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ مُسْنَدًا وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ وَذَكَرْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْمَعَانِي وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ خَطَأً لَا شَكَّ فِيهِ وَلَكِنْ لِمَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ كَذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ مُلَاسٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَرِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا أبو عمرو والأوزاعي ومالك بن أنس عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ ذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ فَأَذِنَ لَهَا وَسَأَلَتْهُ حَفْصَةُ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فَفَعَلَ فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ أَمَرَتْ بِبِنَاءٍ لَهَا قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الصبح انصرف إلى بنائه فأبصر الأبينة فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَزَيْنَبُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَنَا بِمُعْتَكِفٍ فَرَجَعَ فَلَمَّا أَفْطَرَ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ

الحديث السابع والأربعون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَأَرْبَعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ مُرَّةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ أَوَّلُ مَرَاسِيلِ يَحْيَى 57057057 057 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُرَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا تَرَوْنَ فِي الشَّارِبِ وَالسَّارِقِ وَالزَّانِي وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ هُنَّ فَوَاحِشُ وَفِيهِنَّ عُقُوبَةٌ وَأَسْوَأُ السَّرِقَةِ الَّذِي يَسْرِقُ صَلَاتَهُ قَالُوا وَكَيْفَ يَسْرِقُ صَلَاتَهُ قَالَ لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُرَّةَ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ يَسْتَنِدُ مِنْ وُجُوهٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةٍ وَأَبِي سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ أَخْبَرَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ قَاسِمٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ بِسِيرَافَ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ يُونُسُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال إِنَّ أَسْوَأَ السَّرِقَةِ سَرِقَةُ الَّذِي يَسْرِقُ صَلَاتَهُ قَالُوا وَكَيْفَ يَسْرِقُهَا قَالَ لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي يَحْيَى حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ صَلَاتَهُ قَالُوا وَكَيْفَ يَسْرِقُ صَلَاتَهُ قَالَ لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا وَرَوَى الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَعُدُّونَ الْكَبَائِرَ فِيكُمْ قُلْنَا الشِّرْكَ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَشُرْبُ الْخَمْرِ قَالَ هُنَّ كَبَائِرُ وَفِيهِنَّ عُقُوبَاتٌ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ قُلْنَا بَلَى قَالَ شَهَادَةُ الزُّورِ وَالْحَكَمُ هَذَا ضَعِيفٌ عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَلَكِنْ فِيمَا تَقَدَّمَ مَا يُعَضِّدُ هذا

فِي حَدِيثِ مَالِكٍ مِنَ الْفِقْهِ طَرْحُ الْعَالِمِ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ الْمَسَائِلَ وَفِيهِ أَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ وَالسَّرِقَةَ وَالزِّنَا فَوَاحِشُ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ شُرْبَ الْمَاءِ وَإِنَّمَا أَرَادَ شُرْبَ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ مِنَ الْأَشْرِبَةِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّارِبَ يُعَاقَبُ وَعُقُوبَتُهُ كَانَتْ مَرْدُودَةً إِلَى الِاجْتِهَادِ فَلِذَلِكَ جَمَعَ عُمَرُ الصَّحَابَةَ فَشَاوَرَهُمْ فِي حَدِّ الْخَمْرِ فَاتَّفَقُوا عَلَى ثَمَانِينَ فَصَارَتْ سُنَّةً وَبِهَا الْعَمَلُ عِنْدَ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالشَّامِ وَالْمَغْرِبِ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَمَا خَالَفَهُمْ شُذُوذٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا السَّرِقَةُ وَالزِّنَى فَقَدْ أَحْكَمَ اللَّهُ حُدُودَهُمَا فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا لَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِيهِ وَأَظُنُّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا كَانَ عِنْدَ نُزُولِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي فَاحِشَةِ الزِّنَى وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا وَبَعْدَ قَوْلِهِ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ كُلُّهُ بِالْجَلْدِ وَالْحَدِّ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ أَوْ تَرْكَ إِقَامَتِهَا عَلَى حُدُودِهَا مِنْ أَكْبَرِ الذُّنُوبِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ ضَرَبَ الْمَثَلَ لِذَلِكَ بِالزَّانِي وَالسَّارِقِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ السَّرِقَةَ وَالزِّنَا مِنَ الْكَبَائِرِ ثُمَّ قَالَ وَشَرُّ السَّرِقَةِ أَوْ أَسْوَأُ السَّرِقَةِ الَّذِي يَسْرِقُ صَلَاتَهُ كَأَنَّهُ قَالَ وَشَرُّ ذَلِكَ سَرِقَةُ مَنْ يَسْرِقُ صَلَاتَهُ فَلَا

يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ مِمَّنْ يُؤْمِنُ بِفَرْضِهَا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ سَمِعْتُ عِمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي لَا يُقِيمُ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ دَعَاهُ فَقَالَ مُذْ كَمْ صَلَّيْتَ هَذِهِ الصَّلَاةَ قَالَ صَلَّيْتُهَا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ مَا صَلَّيْتَ لِلَّهِ صَلَاةً وَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ فِي الصَّلَاةِ وَجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَتُهَا وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ مَنْ لَمْ يَعْتَدِلْ قَائِمًا فِي رُكُوعِهِ وَلَا جَالِسًا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ مَا يُشْبِهُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ أَوْضَحْنَا أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ شُذُوذٌ عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَخِلَافٌ لِظَاهِرِ الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَذَكَرْنَا

اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِيمَنْ لَمْ يَعْتَدِلْ فِي رُكُوعِهِ وَلَا سُجُودِهِ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ عِنْدَ قَوْلِهِ مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ وَأَوْضَحْنَا ذَلِكَ الْمَعْنَى هُنَاكَ بِالْآثَارِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ ذَلِكَ ههنا وَقَدْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ المؤمن حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زياد حدثنا أبو قرة قال سمعت ملكا يَقُولُ إِذَا نَقَصَ الرَّجُلُ صَلَاتَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَبْتَدِئَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ كَأَنَّهُ يَقُولُ إِنَّهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ إلغاء الركعة

الحديث الثامن والأربعون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَأَرْبَعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 157 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ رَجُلًا فِي زَمَنِ رَسُولِ الله أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ سِتَّةً عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَسْهَمَ رسول الله بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ ثُلُثَ تِلْكَ الْعَبِيدِ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَتَابَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَرَوَتْهُ أَيْضًا جَمَاعَةٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ مِثْلَهُ مُرْسَلًا وَقَالَ مَالِكٌ بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ مَالٌ غَيْرَهُمْ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَتَّصِلُ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النبي وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ عَنِ الْحَسَنِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ قَتَادَةُ وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ وَيَتَّصِلُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ

يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ فِي مَرَضِهِ فَأَقْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة سقط هَذَا الْحَدِيثُ وَمِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ قَوْلُهُ فِيهِ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ وَهُوَ لَفْظٌ مَحْفُوظٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَالْأُصُولُ كُلُّهَا تَشْهَدُ بِأَنَّ الْأَمْرَ الْمُوجِبَ لِلْقُرْعَةِ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَغْدَادِيُّ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَعَنْ قَتَادَةَ وَحُمَيْدٍ وَسِمَاكٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرِهِمْ فَأَقْرَعُ رَسُولُ اللَّهِ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَرَدَّ أَرْبَعَةً فِي الرِّقِّ قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحَدَّثَنَا عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عن سعيد بن المسيب عن النبي مِثْلَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ مُبَارَكٌ أَحَبُّ إِلَيَّ فِي الْحَسَنِ مِنَ الرَّبِيعِ بْنِ صَبِيحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ وَأَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَبَلَغَ ذلك النبي أقرع بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً قَالَ يَحْيَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ لَمْ يَبْلُغْنِي عَنِ النَّبِيِّ لكان رأي أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حصين أن رجلا كان له ستة أعبد لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَأَعْتَقَهُمْ عِنْدَ موته فرفع ذلك إلى النبي فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ

حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَقْرَعَ النبي بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ فَأَرَقَّ أَوْ أَبْقَى أَرْبَعَةً وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْمُطَرِّزُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُفْيَانَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ رَنْجَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَانِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سِمَاكٍ وَخَالِدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ غِلْمَةً عِنْدَ الْمَوْتِ فَأَقْرَعَ النبي بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ ثُلُثَهُمْ وَقَالَ لَوْ عَلِمْنَا مَا صَلَّيْنَا عَلَيْهِ أَوْ مَا دُفِنَ فِي مَقَابِرِنَا وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نُصَيْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَأَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَيْسَ له مال غيرهم فأقرع النبي بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً وَقَالَ لَوْ أَدْرَكْتُهُ مَا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عِنْدَ مَوْتِهِ سِتَّةَ رَجْلَةٍ فَجَاءَ وَرَثَتُهُ مِنَ الْأَعْرَابِ فَأَخْبَرُوا رَسُولَ الله بِمَا صَنَعَ فَقَالَ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ لَوْ عَلِمْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَا صَلَّيْنَا عَلَيْهِ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَرَدَّ أَرْبَعَةً فِي الرِّقِّ

وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رجلا كان له ستة أَعْبُدٍ فَأَعْتَقَهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَكَرِهَ ذَلِكَ ثُمَّ جَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فَأَقْرَعَ بينهم رسول الله فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إسحاق قال حدثنا سليمن بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ النبي فَدَعَا بِهِمْ فَجَزَّأَهُمْ ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَرَدَّ أَرْبَعَةً فِي الرِّقِّ فَهَذِهِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَهُوَ حَدِيثٌ بَصْرِيٌّ انْفَرَدَ بِهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن بكر قال حدثنا أبو دواد وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حدثنا إسماعيل بن إسحاق قالا حدثنا سليمن بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قُلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مال غيرهم فبلغ ذلك رسول الله فَقَالَ لِلرَّجُلِ قَوْلًا شَدِيدًا

ثُمَّ دَعَاهُمْ فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عن النبي حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ سِتَّةُ أَعْبُدٍ فَأَعْتَقَهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَقْرَعَ النَّبِيُّ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً وَرَوَاهُ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ذَكَرَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بكر حدثنا بشر بن المفضل أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ مَكْحُولًا يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ امْرَأَةً أَعْتَقَتْ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ليس لها مال غيرهم فأقرع النبي بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ مَكْحُولًا يَقُولُ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ أَعْتَقَتِ امْرَأَةٌ أَوْ رَجُلٌ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ غَيْرُهُمْ فذكر الحديث

قَالَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ سَمِعْتُ مَكْحُولًا يَقُولُ أَعْتَقَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ تُوُفِّيَتْ أَعْبُدًا لَهَا سِتَّةً لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ غَيْرُهُمْ فَلَمَّا بَلَغَ النبي غَضِبَ وَقَالَ فِي ذَلِكَ قَوْلًا شَدِيدًا ثُمَّ دَعَا بِسِتَّةِ قِدَاحٍ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ قال سليمن بْنُ مُوسَى كُنْتُ أُرَاجِعُ مَكْحُولًا فَأَقُولُ إِنْ كَانَ ثَمَنُ عَبْدٍ أَلْفَ دِينَارٍ أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ فَذَهَبَ الْمَالُ فَقَالَ قِفْ عَلَى أَمْرِ رَسُولِ الله قال ابن جريج قلت لسليمن الْأَمْرُ يَسْتَقِيمُ عَلَى مَا قَالَ مَكْحُولٌ قَالَ كَيْفَ قُلْتُ يُقَامُونَ قِيمَةً فَإِنْ زَادَ اللَّذَانِ أُعْتِقَا عَلَى الثُّلُثِ أُخِذَ مِنْهُمَا وَإِنْ نَقَصَا أُعْتِقَ مَا بَقِيَ أَيْضًا بِالْقُرْعَةِ فَإِنْ فَضُلَ عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْهُ قَالَ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النبي أَقَامَهُمْ قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي قَدْ ذَكَرَ غَيْرُ واحد في الأحاديث المسندة أن النبي جَزَّأَهُمْ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْقِيمَةِ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرِ التَّجْزِئَةَ فِي الْحَدِيثِ لَعُلِمَ أَنَّ الْقِيمَةَ لَا بُدَّ مِنْهَا إِذَا كَانَ الْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ إِخْرَاجَ الثُّلْثِ فَإِنِ اسْتَوَى الرَّقِيقُ كَانُوا عَلَى الْعَدَدِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوُوا كَانُوا عَلَى الْقِيمَةِ عَلَى مَا فَسَّرَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حدثنا سليمن بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ

وَعَنْ كَثِيرِ بْنِ شِبْطِيرٍ أَنَّ الْحَسَنَ حَدَّثَ بِهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَكَانَ يَرَاهُ وَيَقْضِي بِهِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حدثنا سليمن بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى قَالَ ذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إِلَى أَنْ يُرَاجِعَ مُحَمَّدًا فِيهِ فَقَالَ لَوْ لَمْ يبلغني عن النبي لَكَانَ رَأْيِي قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ في الرجل يعتق عنه مَوْتِهِ عَبِيدًا لَهُ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ أَوْ يُوصِي بِعِتْقِهِمْ كُلِّهِمْ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا بِهَذَا الْأَثَرِ الصَّحِيحِ وَذَهَبُوا إِلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَالطَّبَرِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْأَثَرِ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ مَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ قُسِّمُوا ثَلَاثًا ثُمَّ يُسْهَمُ بَيْنَهُمْ فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُمْ بِالسَّهْمِ وَيُرَقُّ مَا بَقِيَ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ فَضْلٌ رُدَّ السَّهْمُ عَلَيْهِمْ فَأُعْتِقَ الْفَضْلُ وَسَوَاءً تَرَكَ مَالًا غَيْرَهُمْ أَوْ لَمْ يَتْرُكْ قَالَ وَمَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِنِصْفِهِمْ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُعْتِقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ

قَالَ وَمَنْ قَالَ ثُلُثُ رَقِيقِي حُرٌّ أُسْهِمَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ أَعْتَقَهُمْ كُلَّهُمْ أُسْهِمَ بَيْنَهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ وَإِنْ قَالَ ثُلُثُ كُلِّ رَأْسٍ حُرٌّ أَوْ نِصْفُهُ لَمْ يُسْهَمْ بَيْنَهُمْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كُلُّ مَنْ أوصى بعتق عبيده أو بتل عِتْقَهُمْ فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَدَعْ غَيْرَهُمْ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِالسَّهْمِ ثُلُثُهُمْ وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ مَالًا وَالثُّلُثُ لَا يَسَعُهُمْ لَعَتَقَ مَبْلَغُ الثُّلُثِ مِنْهُمْ بِالسَّهْمِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ مِنْهُمْ جُزْءًا سَمَّاهُ أَوْ عَدَدًا سَمَّاهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَأْسٌ مِنْهُمْ حُرٌّ فَبِالسَّهْمِ يَعْتِقُ مِنْهُمْ مَنْ يَعْتِقُ إِنْ كَانُوا خَمْسَةً فَخُمْسُهُمْ أَوْ سِتَّةً فَسُدُسُهُمْ خَرَجَ لِذَلِكَ أَقَلُّ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرُ وَلَوْ قَالَ عَشَرَةٌ وَهُمْ سِتُّونَ عَتَقَ سُدُسُهُمْ أَخْرَجَ السَّهْمُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ أَوْ أَقَلَّ وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي الَّذِي يُوصِي بِعِتْقِ عَبِيدِهِ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُمْ بِالسَّهْمِ وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ أَنَّ هَذَا حُكْمُ الَّذِي يُعْتِقُ عَبِيدَهُ فِي مَرَضِهِ عِتْقًا بَتْلًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ إِنَّمَا الْقُرْعَةُ فِي الْوَصِيَّةِ وَأَمَّا فِي الْبَتْلِ فَهُمْ كَالْمُدَبَّرِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُكْمُ الْمُدَبَّرِينَ عِنْدَهُمْ إِذَا دَبَّرَهُمْ سَيِّدُهُمْ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَنَّهُ لَا يُبْدَأُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ وَيُفَضُّ الثُّلْثُ على جميعهم

بِالْقِيمَةِ فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ حِصَّتُهُ مِنَ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ مَالًا غَيْرَهُمْ عَتَقَ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ وَإِنْ دَبَّرَ فِي مَرَضِهِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ بَدَأَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ دَبَّرَهُمْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي مَرَضٍ ثُمَّ صَحَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَأَصْبَغَ هَذَا خِلَافُ السُّنَّةِ وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سِتَّةَ مملوكين لا مال له غيرهم وهو أيضفا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَمُخَالِفٌ لِقَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ قَالُوا إِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ عَبِيدًا لَهُ عِتْقًا بَتْلًا أَوْ أَوْصَى لَهُمْ بِالْعَتَاقَةِ كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ سَمَّاهُمْ أَوْ لَمْ يُسَمِّهِمْ إِلَّا أَنَّ الثلث لا يحملهم أن السهم يجزيء فِيهِمْ كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمْ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمْ لَمْ يُسْهِمْ بَيْنَهُمْ وَأَعْتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَنُوبُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمْ أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ تَافِهٌ فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ عَبِيدًا لَهُ عِتْقَ بَتَاتٍ انْتُظِرَ بِهِمْ فَإِنْ صَحَّ عَتَقُوا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فَأُعْتِقَ ثُلُثُهُمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْحُجَّةُ فِي أَنَّ الْعِتْقَ الْبَتَاتَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَقْرَعَ بَيْنَ سِتَّةِ مَمْلُوكِينَ

أَعْتَقَهُمُ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ وَأَنْزَلَ عِتْقَهُمْ وَصِيَّةً فَأَعْتَقَ ثُلُثَهُمْ قَالَ وَلَوْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ عَبِيدًا لَهُ عِتْقَ بَتَاتٍ وَلَهُ مُدَبَّرُونَ وَعَبِيدٌ أوصى بعتقهم بعد موته بدىء بِالَّذِينَ بَتَّ عِتْقَهُمْ لِأَنَّهُمْ يَعْتِقُونَ عَلَيْهِ إِنْ صَحَّ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِمْ بِحَالٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْقُرْعَةُ أَنْ تُكْتَبَ رِقَاعٌ ثُمَّ تُكْتَبُ أَسْمَاءُ الْعَبِيدِ ثُمَّ تُبَنْدَقُ بَنَادِقُ مِنْ طِينٍ وَيُجْعَلُ فِي كُلِّ رُقْعَةٍ بُنْدُقَةٌ وَيُجَزَّأُ الرَّقِيقُ أَثْلَاثًا ثُمَّ يُؤْمَرُ رَجُلٌ لَمْ يَحْضُرِ الرِّقَاعَ فَيُخْرِجُ رُقْعَةً عَلَى كُلِّ جُزْءٍ بِعَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوُوا فِي الْقِيمَةِ عُدِّلُوا وَهُمْ قَلِيلُ الثَّمَنِ إِلَى كَثِيرِ الثَّمَنِ وَجُعِلُوا ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا إِلَّا أَنْ يَكُونُوا عَبْدَيْنِ فَإِنْ وَقَعَ الْعِتْقُ عَلَى جُزْءٍ فِيهِ عِدَّةُ رَقِيقٍ أَقَلُّ مِنَ الثُّلُثِ أُعِيدَتِ الْقُرْعَةُ بَيْنَ السَّهْمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ فَأَيُّهُمْ وَقَعَ عَلَيْهِ عَتَقَ مِنْهُ بَاقِي الثُّلُثِ وَقَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي هَذَا كُلِّهِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ إِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُهُ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ الْوَرَثَةُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَحُكْمُهُ مَا دَامَ يَسْعَى حُكْمُ الْمُكَاتَبِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ هُمْ أَحْرَارٌ وَثُلُثَا قِيمَتِهِمْ دَيْنٌ عَلَيْهِمْ يَسْعَوْنَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى الْوَرَثَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَإِنَّمَا حَمَلَ الْكُوفِيِّينَ عَلَى ذَلِكَ أَصْلُهُمْ فِي أَخْبَارِ الْآحَادِ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ مِنْهَا مَا عَارَضَهُ شَيْءٌ مِنْ مَعَانِي السُّنَنِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا وَقَالُوا

مِنَ السُّنَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا فِيمَنْ بَتَلَ عِتْقَ عَبِيدِهِ فِي مَرَضِهِ وَلَهُ مَالٌ يَحْمِلُهُمْ ثُلُثُهُ أَنَّهُمْ يَعْتِقُونَ كُلُّهُمْ وَالْقِيَاسُ عَلَى هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ أَنْ يَعْتِقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثٌ فَلَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ أَوْلَى مِنْ صَاحِبِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَدَّ الْكُوفِيُّونَ هَذِهِ السُّنَّةَ وَلَمْ يَقُولُوا بِهَا وَرَأَوُا الْقُرْعَةَ فِي ذَلِكَ مِنِ الْقِمَارِ الْخَطِرِ حَتَّى لَقَدْ حَكَى مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ أَنَّهُ سمع حماد بن أبي سليمن فَذَكَرَ لَهُ الْحَدِيثَ الَّذِي جَاءَ فِي الْقُرْعَةِ بَيْنَ الْأَعْبُدِ فَقَالَ هَذَا قَوْلُ الشَّيْخِ يَعْنِي إِبْلِيسَ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ وُضِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهُمُ الْمَجْنُونُ حَتَّى يُفِيقَ أَيْ إِنَّكَ مَجْنُونٌ وَكَانَ حَمَّادٌ يُصْرَعُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ ثُمَّ يُفِيقُ فَقَالَ لَهُ حَمَّادٌ مَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ وَأَنْتَ مَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ الْكُوفِيِّينَ فِي هَذَا الْبَابِ ضُرُوبٌ مِنَ الْخَطَأِ وَالِاضْطِرَابِ مَعَ خِلَافِ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْهُمْ إِسْمَاعِيلُ وَغَيْرُهُ وَحُكْمُهُمْ بِالسِّعَايَةِ فِيهِ ظُلْمٌ لِأَنَّهُمْ أَحَالُوهُمْ عَلَى سِعَايَةٍ لَا يُدْرَى مَا يُحَصَّلُ مِنْهَا وَظُلْمٌ لِلْوَرَثَةِ إِذْ أَجَازُوا عَلَيْهِمْ فِي الثُّلُثِ عِتْقَ الْجَمِيعِ بِمَا لَا يُدْرَى أَيْضًا أَيُحَصَّلُ أَمْ لَا وَظُلْمٌ لِلْعَبِيدِ لِأَنَّهُمْ ألزموا مالا من غير جناية وبين

الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ فُرُوعِهِ تنازع لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهِ لِتَشَعُّبِ الْقَوْلِ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْقَوْلُ فِي هَذَا الْبَابِ بِالْقُرْعَةِ فَقَدِ احْتَجَّ فِيهِ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ الْآيَةَ وَبِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ من المدحضين وكفى بحديث النبي فِي الَّذِي أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فَأَقْرَعُ رَسُولُ اللَّهِ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ ثُلُثَهُمْ وَبِأَنَّهُ كَانَ يُقْرِعُ بَيْنَ نِسَائِهِ أَيَّتَهُنَّ يَخْرُجُ بِهَا إِذَا أَرَادَ سَفَرًا لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْحَقِّ لَهُنَّ وَبِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ دُورًا لَوْ كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ قُسِّمَتْ بَيْنَهُمْ وَأُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ وَهَذَا طَرِيقُ الشَّرِكَةِ فِي الْأَمْلَاكِ الَّتِي تَقَعُ فِيهَا الْقِسْمَةُ بِالْقُرْعَةِ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ حَقَّ الْمَرِيضِ الثُّلُثُ وَحَقَّ الْوَرَثَةِ الثُّلُثَانِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ شَرِيكَيْنِ لأحدهما سهم وللآخر سهمان كَمَا لَوْ أَنَّ الْمَيِّتَ وَهَبَ الْعَبِيدَ كُلَّهُمْ لِقَوْمٍ ثُمَّ مَاتَ لَقُسِّمُوا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ بِالْقُرْعَةِ هَكَذَا وَإِنَّمَا نَفَرَ

أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَعْتَقَ ثُلُثَ كُلِّ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ فَلَمْ يَجُزْ أن يعتق بالقرعة بعضهم فغلطوا ههنا فِي التَّشْبِيهِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ أَخْبَرَنَا فَائِقٌ مَوْلَى أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ بَحْرِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسماعيل الصائغ عن الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ قَالَ لِي مُحَمَّدٌ جَاءَنِي خَالِدٌ فَقَالَ أَرَأَيْتَ الَّذِينَ قالوا في القرعة إِنَّهُ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ نَقْصًا بِرَأْيِكَ أَنْ تَرَى أَنَّ رَأْيَكَ أَفْضَلُ مِنْ رأي رسول الله وأصحابه ولولا أنه كان في بَيْتِي لَأَسْمَعْتُهُ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنِ الْفِقْهِ إِبْطَالُ السِّعَايَةِ وَرَدٌّ لِقَوْلِ الْعِرَاقِيِّينَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ رسول الله لَمْ يَجْعَلْ عَلَى أُولَئِكَ الْعَبِيدِ سِعَايَةً وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْمَرِيضِ كُلَّهَا مِنْ عِتْقٍ وَهِبَةٍ وَعَطِيَّةٍ وَوَصِيَّةٍ لَا يَجُوزُ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ وَأَنَّ مَا بَتَلَهُ فِي مَرَضِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ بَيِّنَةٌ بهذا الحديث

وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ لِغَيْرِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ لِأَنَّ الْعَبِيدَ عِتْقُهُمْ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ لَهُمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بِوَالِدَيْنِ لِمَالِكِهِمُ الْمُعْتِقِ لَهُمْ وَلَا بِأَقْرَبِينَ لَهُ وَقَدْ مَضَى ذِكْرُ الْوَصَايَا مُمَهِّدًا فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث التاسع والأربعون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَأَرْبَعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المغيرة 257 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ الْكِنَانِيِّ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى النَّاسَ فِي قَبَائِلِهِمْ يَدْعُو لَهُمْ وَأَنَّهُ تَرَكَ قَبِيلَةً مِنَ الْقَبَائِلِ قَالَ وَإِنَّ الْقَبِيلَةَ وَجَدُوا فِي بَرْذَعَةِ رَجُلٍ مِنْهُمْ عِقْدَ جَزْعٍ غُلُولًا فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِمْ كَمَا يُكَبِّرُ عَلَى الْمَيِّتِ هَذَا الْحَدِيثُ لَا أَعْلَمُهُ فِي حِفْظِي أَنَّهُ رُوِيَ مُسْنَدًا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا تَرْكُهُ الدُّعَاءَ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ وَجَدَ عِنْدَ بَعْضِهِمُ الْغُلُولَ فَعَلَى وَجْهِ الْعُقُوبَةِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْإِعْلَامِ بِعَظِيمِ مَا جَنَوْهُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي عُقُوبَةِ الْغَالِّ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدِي لَا يُوجِبُ حُكْمًا لِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ عَمَّنْ لَا يُعْرَفُ بِكَبِيرِ عِلْمٍ وَلَيْسَ مِثْلُ هَذَا مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُغِيرَةِ هَذَا مَجْهُولٌ قَوْمٌ يَقُولُونَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي

بُرْدَةَ وَقَوْمٌ يَقُولُونَ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَأَمَّا تَكْبِيرُهُ عَلَيْهِمْ فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّ هَذَا حَدِيثٌ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ فَلَا وَجْهَ لِلِاشْتِغَالِ بِتَخْرِيجِ مَعَانِيهِ وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيْتَةِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ فِي شَيْءٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مَا ظَهَرَ الْغُلُولُ فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا أُلْقِيَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبُ وَلَا فَشَا الزِّنَا فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا كَثُرَ فِيهِمُ الْمَوْتُ وَلَا نَقَصَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا قُطِعَ عَنْهُمُ الرِّزْقُ وَلَا حَكَمَ قَوْمٌ بِغَيْرِ الْحَقِّ إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الدَّمُ وَلَا خَتَرَ قَوْمٌ بِالْعَهْدِ إِلَّا سُلِّطَ عَلَيْهِمُ الْعَدُوُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ رُوِّينَاهُ مُتَّصِلًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِثْلُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَا يَكُونُ رَأْيًا أَبَدًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَكَمٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ الْقَاضِي بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو الْوَلِيدِ جَمِيعًا عَنْ

شُعْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَا ظَهَرَ الْبَغْيُ فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا ظَهَرَ فِيهِمُ الْمَوَتَانِ وَلَا ظَهَرَ الْبَخْسُ فِي الْمِيزَانِ فِي قَوْمٍ إِلَّا ابْتُلُوا بِالسَّنَةِ وَلَا ظَهَرَ نَقْضُ الْعَهْدِ فِي قَوْمٍ إِلَّا أُدِيلَ مِنْهُمْ عَدُوُّهُمْ

الحديث الخمسون

حَدِيثٌ مُوفِي خَمْسِينَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ حَدِيثَانِ 357 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَسْقَى قَالَ اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهِيمَتَكَ وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مُرْسَلًا وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى إرساله منهم المعتمر بن سليمن وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ فَرَوَوْهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شعيب مُرْسَلًا وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مُسْنَدًا مِنْهُمْ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَالثَّوْرِيُّ وعبد الرحيم بن سليمن وَسَلَّامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ فَأَمَّا حَدِيثُ الثَّوْرِيِّ فَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَسْقَى يَقُولُ فَذَكَرَ مِثْلَ لَفْظِ حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً وَذَكَرَ الْعُقَيْلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ

شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا اسْتَسْقَى قَالَ اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ وَأَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي الدُّعَاءِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ مَرْفُوعًا مَا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَلَفٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ يَزِيدَ الْفُقَيْمِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَاكِي فَقَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ قَالَ فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ حَدَّثَنَا حُصَيْنٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ قَوْمٍ مَا يَتَزَوَّدُ لَهُمْ رَاعٍ وَلَا يَخْطُرُ لَهُمْ فَحْلٌ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيعًا مَرِيئًا طَبَقًا غَدَقًا عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ ثُمَّ نَزَلَ فَمَا يَأْتِيهِ أَحَدٌ مِنْ وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلَّا قَالَ قَدْ أُحْيِينَا وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ عِيسَى بْنِ حَفْصٍ عَنْ عطاء ابن أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نَسْتَسْقِي فَمَا زَادَ عَلَى الاستغفار

وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ثُمَّ نَزَلَ فَقِيلَ يَا أمير المؤمنين لَوِ اسْتَسْقَيْتَ فَقَالَ لَقَدْ طَلَبْتُ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ الَّتِي يُسْتَنْزَلُ بِهَا الْقَطْرُ وَرُوِّينَا مِنْ وُجُوهٍ عَنْ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ خَرَجَ يَسْتَسْقِي وَخَرَجَ مَعَهُ بِالْعَبَّاسِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّكَ وَنَسْتَشْفِعُ بِهِ فَاحْفَظْ فِيهِ نَبِيَّكَ كَمَا حَفِظْتَ الْغُلَامَيْنِ لِصَلَاحِ أَبِيهِمَا وَأَتَيْنَاكَ مُسْتَغْفِرِينَ مُسْتَشْفِعِينَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا إِلَى قَوْلِهِ وَأَنْهَارًا ثُمَّ قَالَ الْعَبَّاسُ وَعَيْنَاهُ تَنْضَحَانِ فَطَالَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ الرَّاعِي لَا تُهْمِلِ الضَّالَّةَ وَلَا تَدْعِ الْكَسِيرَ بِدَارٍ مُضَيَّعَةٍ فَقَدْ ضَرَعَ الصَّغِيرُ وَرَقَّ الْكَبِيرُ وَارْتَفَعَتِ الشَّكْوَى وَأَنْتَ تَعْلَمُ السِّرَّ وَالنَّجْوَى اللَّهُمَّ فَأَغِثْهُمْ بِغِيَاثِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْنَطُوا فَيَهْلِكُوا فَإِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِكَ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ فَنَشَأَتْ طَرِيرَةٌ مِنْ سَحَابٍ فَقَالَ النَّاسُ تَرَوْنَ تَرَوْنَ ثُمَّ تَلَاءَمَتْ وَاسْتَتَمَّتْ وَهَبَّتْ فِيهَا رِيحٌ ثُمَّ هَرَّتْ

وَدَرَّتْ فَوَاللَّهِ مَا بَرِحُوا حَتَّى اعْتَلَقُوا الْحِذَّاءَ وَقَلَطُوا الْمَبَازَ وَطَفِقَ النَّاسُ بِالْعَبَّاسِ يَمْسَحُونَ أَرْكَانَهُ وَيَقُولُونَ هَنِيئًا لَكَ سَاقِيَ الْحَرَمَيْنِ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

الحديث الحادي والخمسون

حَدِيثٌ حَادٍ وَخَمْسُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 457 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ يُقَالُ لَهُ قَتَادَةُ حَذَفَ ابْنَهُ بِالسَّيْفِ فَأَصَابَ سَاقَهُ فَنَزَى فِي جُرْحِهِ فَمَاتَ فَقَدِمَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ اعْدُدْ عَلَى مَاءِ قُدَيْدٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ بَعِيرٍ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَيْكَ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ عُمَرُ أَخَذَ مِنْ تِلْكَ الْإِبِلِ ثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً ثُمَّ قَالَ أَيْنَ أَخُو الْمَقْتُولِ قَالَ هَأَنَذَا قَالَ خُذْهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ليس لقاتل شءء لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَى مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَإِرْسَالِهِ وَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شعيب أَنَّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ مُخْتَصَرًا وَهَذَا مُنْقَطِعٌ كَرِوَايَةِ مَالِكٍ سَوَاءٌ وَقَدْ رُوِيَ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ رُوِيَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقَادُ وَالِدٌ بِوَلَدٍ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ

وَمِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَيْضًا وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مُسْتَفِيضٌ عِنْدَهُمْ يُسْتَغْنَى بِشُهْرَتِهِ وَقَبُولِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ عَنِ الْإِسْنَادِ فِيهِ حَتَّى يَكَادَ أَنْ يَكُونَ الْإِسْنَادُ فِي مِثْلِهِ لِشُهْرَتِهِ تَكَلُّفًا وَأَمَّا قَوْلُهُ حَذَفَ ابْنَهُ بِالسَّيْفِ فَمَعْنَاهُ رَمَاهُ فَقَطَعَهُ وَالْحَذْفُ الرَّمْيُ وَالْقَطْعُ بِالسَّيْفِ أَوِ الْعَصَا وَمَنْ رَوَاهُ بِالْخَاءِ الْمَنْقُوطَةِ فَقَدْ صَحَّفَ لِأَنَّ الْخَذْفَ بِالْخَاءِ إِنَّمَا هُوَ الرَّمْيُ بِالْحَصَى أَوِ النَّوَى وَحَدِيثُ هَذَا الْبَابِ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِطَرْحِ الْقَوَدِ بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ إِذَا قَتَلَهُ وَلَكِنَّهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ لأن عمر إنما أمر فيه بالمدية الْمُغَلَّظَةِ لِطَرْحِ الْقَوَدِ وَهَذَا مَا لَا إِشْكَالَ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ بَعْضَ الِاخْتِلَافِ فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أنه قال يقتل الوالد بولده إذا قتله عمدا وهو قول عثمن الْبَتِّيِّ وَدَفَعَ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ مَا رُوِيَ مِنَ الْأَثَرِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا كُلَّهَا مَعْلُولَةُ الْأَسَانِيدِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ذَبَحَ وَلَدَهُ أَوْ عَمِلَ بِهِ عَمَلًا لَا يُشَكُّ فِي أَنَّهُ عَمَدَ إِلَى قَتْلِهِ دُونَ أَدَبٍ فَإِنَّهُ يُقَادُ بِهِ وَإِنْ حَذَفَهُ بِسَيْفٍ أَوْ عَصًا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا يُقَادُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ عَلَى حَالٍ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ لَا يُقَادُ بِابْنِ ابْنِهِ

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يُقَادُ الْجَدُّ بِابْنِ الِابْنِ وَلَا يُقَادُ الْأَبُ بِابْنِهِ وَكَانَ يُجِيزُ شَهَادَةَ الْجَدِّ لِابْنِ ابْنِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا تَغْلِيظُ الدِّيَةِ عَلَى الْأَبِ فِي قَتْلِهِ ابْنَهُ لِأَنَّ عُمَرَ غَلَّظَهَا عَلَى قَتَادَةَ الْمُدْلِجِيِّ فِي قَتْلِهِ ابْنَهُ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَتْلُهُ عَمْدًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شِبْهَ عَمْدٍ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ أَثْبَتَ شِبْهَ الْعَمْدِ وَقَدْ ذكرما حُكْمَ الدِّيَاتِ فِي الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ وَفِي الْخَطَأِ وَمَا يُغَلَّظُ مِنْهَا وَمَا لَا يُغَلَّظُ وَكَيْفَ الْحُكْمُ فِيهَا مُمَهَّدًا مَبْسُوطًا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَمْ يُدْخِلْ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ الدِّيَاتِ وَإِنَّمَا أَدْخَلَهُ فِي بَابِ مِيرَاثِ الْعَقْلِ فَإِنْ كَانَ قَتَلَ قَتَادَةُ الْمُدْلِجِيُّ ابْنَهُ خَطَأً بِأَنْ يَكُونَ أَرَادَ غَيْرَهُ وَأَصَابَهُ فَالدِّيَةُ فِي ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِنْ كَانَ أَرَادَهُ فَلَيْسَ الْحَذْفُ بِالسَّيْفِ مِنْ شَأْنِ الْقَتْلِ بِهِ وَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ قَصَدَ إِلَى غَيْرِهِ بِحَدِيدَةٍ يُقَالُ مِثْلُهَا إِنَّهُ عَمْدٌ صَحِيحٌ فِيهِ الْقَوَدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ أَبًا فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَقَدْ حَكَمَ مَالِكٌ فِي حَذْفِ الرَّجُلِ ابْنَهُ بِالسَّيْفِ بِغَيْرِ حُكْمِ الْأَجْنَبِيِّ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ عِنْدَهُ عَمْدٌ يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ شِبْهَ الْعَمْدِ وَيُنْكِرُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَوَجْهَ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي الْقَتْلِ فِي كِتَابِ الْأَجْوِبَةِ عَنِ الْمَسَائِلِ الْمُسْتَغْرَبَةِ وَجَرَى مِنْ ذَلِكَ ذِكْرٌ كَافٍ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِسُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ اعْدُدْ عَلَى مَاءِ قُدَيْدٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ بَعِيرٍ فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا ثَلَاثِينَ حقة وثلاثين

جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً حَوَامِلَ يَخْتَارُ ذَلِكَ فِي الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ وَهَذَا بَيِّنٌ فِي الْحَدِيثِ وَهَكَذَا التَّغْلِيظُ عَلَى الْأَبِ فِي دِيَةِ الْإِبِلِ وَأَمَّا تَغْلِيظُهَا فِي الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ عَلَى أَهْلِهَا فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إِلَى قِيمَةِ أَسْنَانِ الدِّيَةِ غَيْرَ مُغَلَّظَةٍ فَتُعْرَفُ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قِيمَةِ أَسْنَانِ التَّغْلِيظِ ثُمَّ يُحْكَمُ بِزِيَادَةِ مَا بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْأَسْنَانِ فِي الْخَطَأِ سِتَّمِائَةٍ وَقِيمَةُ الْمُغَلَّظَةِ ثَمَانِمِائَةٍ فَبَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِائَتَانِ وَذَلِكَ ثُلُثُ دِيَةِ الْخَطَأِ فَيُزَادُ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَوِ الذَّهَبِ ثُلُثُ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ عَلَى حَسْبَمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَتَكُونُ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ عَلَى الْأَبِ فِي مَالِهِ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَمَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ عِنْدَهُمْ لِسُرَاقَةَ الْمُدْلِجِيِّ اعْدُدْ عَلَى مَاءِ قُدَيْدٍ كَذَا وَكَذَا قَالَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ لِوَجَاهَتِهِ فِي قَوْمِهِ وَمَعْرِفَةِ عُمَرَ بِهِ لِأَنَّهُ أَحَدُ الصَّحَابَةِ وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي مُدْلِجٍ فَاسْتَغْنَى عُمَرُ بِمُخَاطَبَتِهِ عَنْ مُخَاطَبَةِ الْأَبِ لِأَنَّهُ كَانَ الَّذِي قَدِمَ عَلَيْهِ بِخَبَرِ قَتْلِ قَتَادَةَ الْمُدْلِجِيِّ لِابْنِهِ فَلِذَلِكَ تَوَجَّهَ الْخَبَرُ إِلَيْهِ لَا لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَةِ قَتَادَةَ هَذَا قَوْلُ مَنْ جَعَلَ الدِّيَةَ فِي قَتْلِ الْأَبِ ابْنَهُ فِي مَالِ الْأَبِ وَمَنْ جَعَلَهَا عَلَى عَاقِلَةٍ يَجْعَلُ الْخِطَابَ لِسُرَاقَةَ لِأَنَّهُ وَجْهُ قَوْمِهِ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ عَنْهُ وَهُوَ يَجْمَعُهَا فِيهِمْ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ إِسْنَادُهُ قَالَ أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَرْمَلَةَ الْأَسْلَمِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ

حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ عَدِيًّا الْجُذَامِيَّ كَانَ له امرأتان فاقتلتا فَرَمَى إِحْدَاهُمَا فَمَاتَتْ مِنْهَا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْقِلْهَا وَلَا تَرِثْهَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الدِّيَةَ تُغَلَّظُ عَلَى الْأَبِ فِي قَتْلِ ابْنِهِ وَلَا تُغَلَّظُ عِنْدَهُ عَلَى أَحَدٍ الدِّيَةُ إِلَّا عَلَى الْأَبِ أَوِ الْجَدِّ فِي قَتْلِ ابْنِهِ أَوِ ابْنِ ابْنِهِ وَالْأُمُّ فِي هَذَا مِثْلُ الْأَبِ وَتُغَلَّظُ عِنْدَهُ الدِّيَةُ فِي الْإِبِلِ وَفِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَتُغَلَّظُ فِي النَّفْسِ وَفِي الْأَعْضَاءِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذْهَبَهُ وَمَذْهَبَ غَيْرِهِ فِي الدِّيَاتِ الْمُغَلَّظَاتِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فَلَا وَجْهَ لإعادة ذلك ههنا وَالْحُجَّةُ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ فِي قَتْلِ الْأَبِ بِابْنِهِ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْحُرُّ بِالْحُرِّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَلَمْ يَخُصَّ أَبًا مِنْ غَيْرِهِ وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يا أولي الألباب حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صالح المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ النَّاقِدُ يُعْرَفُ بِابْنِ الْكُوفِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

جَابِرٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقَادُ وَالِدٌ بِوَلَدٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَرَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ عُمَرُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ مِثْلَهُ سَوَاءً وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْخَبَرُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ سُرَاقَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ صَالِحٍ الْحَلَبِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده عن سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُقِيدُ الْأَبَ مِنِ ابْنِهِ وَلَا يُقِيدُ الِابْنَ مِنْ أَبِيهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ

بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْخَفَّافُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَا يُقَادُ بِالْوَلَدِ الْوَالِدُ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ خَلَفِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ طَاوُسٍ سَقْطٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الْإِسْنَادِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مِهْرَانَ السَّرَّاجُ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا خلاد بن يحيى المقرىء عَنْ قَيْسِ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَا يُقَادُ بِالْوَلَدِ الْوَالِدُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اسْتَفَاضَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقَادُ بِالْوَلَدِ الْوَالِدُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ اسْتِفَاضَةً هِيَ أَقْوَى مِنَ الْإِسْنَادِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا مَنْعُ الْقَاتِلِ عَمْدًا مِنَ الْمِيرَاثِ فَإِنَّهَا عُقُوبَةٌ لِاسْتِعْجَالِهِ إِيَّاهُ من غير وجهه والمخطيء عِنْدَ مَالِكٍ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إِلَى الْقَتْلِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ كَفَّارَةً وَمَنْ كَفَّرَ عَنْهُ قَالُوا فَلَا عُقُوبَةَ

عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَلِهَذَا لَمْ يُمْنَعْ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مَعَهُ الْمِيرَاثَ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَرِثُ مِنَ الدِّيَةِ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَنْهُ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ تُحْمَلَ عَنْهُ إِلَيْهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ الْقَاتِلَ لَا يَرِثُ وَلَا يُحْجَبُ أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ رَدَّ إِلَى ابْنِ قَتَادَةَ الْمُدْلِجِيِّ دِيَةَ أَخِيهِ وَلَمْ يُعْطِ الْأَبَ مِنْهَا شَيْئًا وَقَالَ لِأَخِي الْمَقْتُولِ خُذْهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ عَمْدًا لَا يَرِثُ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمَقْتُولِ وَلَا مِنْ دِيَتِهِ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّ الْقَاتِلَ عَمْدًا لَا خَطَأً لَا يَرِثُ مِنَ الْمَالِ وَلَا مِنَ الدِّيَةِ شَيْئًا وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَاتِلِ الْخَطَأِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرِثُ قَاتِلُ الْخَطَأِ مِنَ الْمَالِ وَلَا يَرِثُ مِنَ الدِّيَةِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَرِثُ قَاتِلُ الْخَطَأِ مِنَ الْمَالِ وَلَا مِنَ الدِّيَةِ كَمَا لَا يَرِثُ قَاتِلُ الْعَمْدِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ عَامٌّ فِي كُلِّ قَاتِلٍ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَعْنَى هَذَا عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ عُقُوبَةٌ لِئَلَّا يُتَطَرَّقَ إِلَى الْمِيرَاثِ بِالْقَتْلِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رسول لله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لِلْقَاتِلِ مِنِ الميراث شيء

وَرَوَى أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ قَتَادَةَ رَجُلًا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ قَتَلَ ابْنَهُ فَأَخَذَ عُمَرُ مِنْهُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَقَالَ أَيْنَ أَخُو الْمَقْتُولِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيْسَ لِقَاتِلٍ مِيرَاثٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ حَدَّثَنَا الْحَيَّاشُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ لَا يَرِثَ قَاتِلٌ عَمْدًا مِنَ الدِّيَةِ شَيْئًا رَوَاهُ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ كِلَاهُمَا حَدَّثَنِي عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ قَالَ أَحْمَدُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ رَجُلٍ سَمِعَ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَإِنَّهُ لَا

يَرِثُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ وَالِدَهُ أَوْ وَلَدَهُ وَلَيْسَ لِقَاتِلٍ مِيرَاثٌ رَوَى عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَجَّاجُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ ابْنَهُ فَغَرَّمَهُ عُمَرُ الدِّيَةَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَلَمْ يُوَرِّثْهُ مِنَ الدِّيَةِ وَلَا مِنْ سَائِرِ مِيرَاثِهِ شَيْئًا وَقَالَ لَوْلَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدٍ لَقَتَلْتُكَ وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ قَالَ عُمَرُ لَا يَرِثُ قَاتِلُ خَطَأٍ وَلَا عَمْدٍ وَرَوَى وَكِيعٌ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْعَبْدِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ مِنَ الْمَالِ وَلَا مِنَ الدِّيَةِ شَيْئًا وَرَوَى ابْنُ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ لَمْ يُوَرَّثْ قَاتِلٌ بَعْدَ صَاحِبِ الْبَقَرَةِ وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَزَيْدٍ قَالُوا لَا يَرِثُ قَاتِلٌ عَمْدًا وَلَا خَطَأً شَيْئًا وَابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ وَمُجَاهِدٌ عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ وَبِهَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَشُرَيْحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَعُرْوَةُ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَزُفَرُ وَشَرِيكٌ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَوَكِيعٌ وَيَحْيَى بْنُ

آدَمَ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُ لَا يَرِثُ قَاتِلٌ عَمْدًا وَلَا خَطَأً مِنَ الْمَالِ وَلَا مِنَ الدِّيَةِ شَيْئًا وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَالزُّهْرِيُّ وَمَكْحُولٌ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ لَا يَرِثُ قَاتِلُ الْعَمْدِ شَيْئًا وَيَرِثُ قَاتِلُ الْخَطَأِ مِنَ الْمَالِ وَلَا يَرِثُ مِنَ الدِّيَةِ شَيْئًا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ يَرِثُ مِنْ مَالِهِ وَدِيَتِهِ جَمِيعًا وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ قَاتِلَ الْخَطَأِ يَرِثُ مِنَ الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ

الحديث الثاني والخمسون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَخَمْسُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 557 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَنَظَرَ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ فَقَالَ مَاذَا فَتَحَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ مِنَ الْخَزَائِنِ وَمَاذَا وَقَعَ مِنَ الْفِتَنِ كَمْ مِنْ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الْحُجَرِ هَكَذَا يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ غَيْرُ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَنَظَرَ إِلَى أُفُقِ السَّمَاءِ فَقَالَ مَاذَا فَتَحَ اللَّهُ مِنَ الْخَزَائِنِ وَمَا وَقَعَ مِنَ الْفِتَنِ رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الْحُجَرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُقِمْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ هِنْدَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أَمِّ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المؤمن

رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ مَالِكٍ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ هِنْدَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتِ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَا فَتَحَ اللَّهُ مِنَ الْخَزَائِنِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ مِنِ الْفِتَنِ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجَرِ يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الْآخِرَةِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو بْنُ دِينَارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ لَيْلَةٍ يَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا نَزَلَ مِنَ الْفِتَنِ وَمَا فُتِحَ مِنَ

الْخَزَائِنِ فَأَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الْحُجَرِ فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَبَرِهِ عَنِ الْغَيْبِ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا كَانَ بَعْدَهُ مِنَ الْفِتَنِ فَكَانَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِتَنٌ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ وَكَاللَّيْلِ الْمُظْلِمِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ مَاذَا فَتَحَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ مِنَ الْخَزَائِنِ يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ أَرْزَاقِ الْعِبَادِ مِنْ خَزَائِنِ اللَّهِ الَّتِي لَا تَنْفَدُ يُرِيدُ مَا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ دِيَارِ الْكُفْرِ وَالِاتِّسَاعَ فِي الْمَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْغَيْبِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ وَمِثْلُهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الْحُجَرِ فَصَوَاحِبُ جَمْعُ صَاحِبَةٍ وَالْحُجَرُ ههنا الْبُيُوتُ أَرَادَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُوقَظْنَ لِلصَّلَاةِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ رَجَاءَ بِرَكَتِهَا وَلِئَلَّا يَكُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ فِيهَا وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَفِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ قِيلَ مَا يَكُونُ فِي كُلِّ عَامٍ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَيْلَةً غَيْرَهَا قَضَى اللَّهُ فِيهَا بِقَضَائِهِ وَأَعْلَمَهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِتِلْكَ اللَّيْلَةِ أَخَوَاتٌ مِثْلُهَا وَهَذِهِ أُمُورٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا مَنْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا مِمَّنِ ارْتَضَى مِنْ رُسُلِهِ صَلَوَاتُ الله عليهم

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِبَاسَ الخفيف الذي يصف ولا يستتر مِنَ الثِّيَابِ لَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ وَكَذَلِكَ مَا وصف العورة ولم يسترها من الرجال وأما قَوْلُهُ عَارِيَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَا يُحْشَرُ النَّاسُ عُرَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَارِيَةً مِنَ الْحَسَنَاتِ وَاللَّهُ أعلم

تابع باب الياء

أَوَّلُ مَرَاسِيلِ يَحْيَى عَنْ نَفْسِهِ حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَخَمْسُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 657 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِي جُمَّةً أَفَأُرَجِّلُهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ وَأَكْرِمْهَا فَكَانَ أَبُو قَتَادَةَ رُبَّمَا دَهَنَهَا فِي الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ لَمَّا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ وَأَكْرِمْهَا لَا أَعْلَمُ بَيْنَ رواة الموطأ اختلاف فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ هَكَذَا مُرْسَلٌ مُنْقَطِعٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المنكدر عن أَبِي قَتَادَةَ وَهَذَا لَا يَدْفَعُ أَنْ يَكُونَ مُسْنَدًا وَلَا يُنْكَرُ سَمَاعُ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ مَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عمرو

ابن عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ كَانَتْ لِي جُمَّةٌ وَكُنْتُ أَدْهُنُهَا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْرَمُ جُمَّتَكَ وَأَحْسِنْ إِلَيْهَا فَكُنْتُ أَدْهُنُهَا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا ابْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَمُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْرِمُوا الشَّعْرَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَرَى الشَّعَثَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي ابن أبي الزناد عن سهيل ابن أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ

وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَانِ ظَاهِرُهُمَا مُعَارِضٌ لِهَذَا الْمَعْنَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا عَنِ الْإِرْفَاهِ قُلْنَا لِابْنِ بُرَيْدَةَ وَمَا الْإِرْفَاهُ قَالَ التَّرَجُّلُ كُلَّ يَوْمٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قال حدثنا جعفر ابن مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ هُوَ ابْنُ عَائِشَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا تَسْمَعُونَ أَلَا تَسْمَعُونَ أَلَا تَسْمَعُونَ ثَلَاثًا أَلَا إِنَّ الْبَذَاذَةَ مِنَ الْإِيمَانِ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَالْبَذَاذَةُ الْهَيْئَةُ الرَّثَّةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِ قَوْلِهِ الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ اخْتِلَافًا يَسْقُطُ مَعَهُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَلَا يَصِحُّ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَقَدْ رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ لِمَ أَخَذْتَ مِنْ شَعْرِكَ فَقَالَ لَهُ كَلَامًا مَعْنَاهُ ظَنَنْتُ أَنَّكَ تَكْرَهُهُ قَالَ لَا وَهَذَا أَحْسَنُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حدثناأبو سفيان السروجي عبد الرحيم بن مطرف بن عَمِّ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إسحاق عن شمر بن عطية عن خديم بْنِ فَاتِكٍ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ رَجُلٍ أَنْتَ لَوْلَا خَلَّتَانِ فِيكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وما هما

قَالَ تُسْبِلُ إِزَارَكَ وَتُرْخِي شَعْرَكَ قَالَ قُلْتُ لا جرم فجز خديم شَعْرَهُ وَرَفَعَ إِزَارَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ مَضَى شَيْءٌ مِنْ مَعْنَى هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ رَآهُ ثَائِرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَرَآهُ قَدْ رَجَّلَ شَعْرَهُ أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُكُمْ ثَائِرَ الرَّأْسِ كَأَنَّهُ شَيْطَانٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ نِعْمَ الْجَمَالُ الشَّعْرُ الْحَسَنُ يَكْسُوهُ اللَّهُ الرجل المسلم

الحديث الرابع والخمسون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَخَمْسُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 757 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ فَكَشَفَ عَنْ فَرْجِهِ لِيَبُولَ فَصَاحَ النَّاسُ بِهِ حَتَّى عَلَا الصَّوْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتْرُكُوهُ فَتَرَكُوهُ فَبَالَ ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَصُبَّ عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ الذَّنُوبُ الدَّلْوُ الْكَبِيرَةُ هَهُنَا وَقَدْ يَكُونُ الذَّنُوبُ الْحَظَّ وَالنَّصِيبَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ (51 59) هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ وَقَدْ رُوِيَ مُسْنَدًا مُتَّصِلًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ وَهُوَ مَحْفُوظٌ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ هَهُنَا حَدِيثَ أَنَسٍ خَاصَّةً لِأَنَّهُ عَنْهُ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث ابْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى حَاجَتَهُ فَلَمَّا قَامَ بَالَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فصاح به

النَّاسُ فَكَفَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِهِ ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ وَحَدَّثَنَا محمد ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ معاوية قال حدثنا أحمد ابْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُوِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى الْمَسْجِدِ قَالَ فَبَالَ قَالَ فَصَاحَ بِهِ النَّاسِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتْرُكُوهُ فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ ثُمَّ أَمَرَ بِدَلْوٍ فَصُبَّ عَلَيْهِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ بَالَ أَعْرَابِيٌّ فِي الْمَسْجِدِ فَأَمْرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصُبَّ عَلَيْهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عن يحيى ابن سعيد الأنصاري قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ إِنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَذَهَبَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يَمْنَعُونَهُ فَقَالَ دَعُوهُ ثُمَّ أَمَرَ بِمَاءٍ فَصُبَّ عليه ورواه ثابت البناني وإسحاق ابن أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَهُ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَامَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْقَوْمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهُ لَا تُزْرِمُوهُ فَلَمَّا فَرَغَ دَعَا بِدَلْوٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَرَّاقُ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابن أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى الْمَسْجِدَ فَبَالَ فِيهِ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ الزهري عن سعيد ابن الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصَحِّ حَدِيثٍ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَاءِ وَهُوَ يَنْفِي التَّحْدِيدَ فِي مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِي تَلْحَقُهُ النَّجَاسَةُ وَيَقْضِي أَنَّ الْمَاءَ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ لِكُلِّ مَا غَلَبَ عَلَيْهِ وَأَنَّ كُلَّ مَا مَازَجَهُ مِنَ النَّجَاسَاتِ وَخَالَطَهُ مِنَ الْأَقْذَارِ لَا يُفْسِدُهُ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ فِيهِ أَوْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ فإن

كَانَ الْمَاءُ غَالِبًا مُسْتَهْلِكًا النَّجَاسَاتِ فَهُوَ مُطَهِّرٌ لَهَا وَهِيَ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فِيهِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ قَلِيلُ الْمَاءِ وَكَثِيرُهُ هَذَا مَا يُوجِبُهُ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَابْنُ شِهَابٍ وَرَبِيعَةُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَدَنِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ مِنَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَهُوَ مَذْهَبُ فقهاء البصرة وإليه ذهب داود ابن عَلِيٍّ وَهُوَ أَصَحُّ مَذْهَبٍ فِي الْمَاءِ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ سَمَّى الْمَاءَ الْمُطْلَقَ طَهُورًا يُرِيدُ طَاهِرًا مُطَهِّرًا فَاعِلًا فِي غَيْرِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ ذَلِكَ فِي اللُّغَةِ فِي بَابِ إِسْحَاقَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ يَعْنِي إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ فَغَيَّرَهُ يُرِيدُ فِي طَعْمٍ (أَوْ لَوْنٍ) أَوْ رِيحٍ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى وَذَكَرْنَا فِيهِ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ وَبَيَّنَّا مَوْضِعَ الِاخْتِيَارِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ مُمَهَّدًا مَبْسُوطًا فِي بَابِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الله ابن أَبِي طَلْحَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا مَعْنَى لِتَكْرِيرِ ذَلِكَ هَهُنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَنْقُضُ عَلَى أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مَا أَصَّلُوهُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ وُرُودِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ وَبَيْنَ وُرُودِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ وُرُودَ الْمَاءِ فِي الْأَرْضِ عَلَى النَّجَاسَةِ أَوْ فِي مُسْتَنْقَعٍ مِثْلَ الْإِنَاءِ وَشِبْهِهِ أَنَّهُ لَا يُطَهِّرُهُ حَتَّى يَكُونَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الذَّنُوبَ الَّذِي صَبَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ لَمْ يَعْتَبِرْ فِيهِ قُلَّتَيْنِ وَلَوْ كَانَ فِي الْمَاءِ

مِقْدَارٌ يُرَاعَى لَاعْتَبَرَ ذَلِكَ فِي الصَّبِّ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ الذَّنُوبُ لَيْسَ بِمِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ الَّذِي جَعَلَهُ الشَّافِعِيُّ حَدًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وُرُودِ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَاتِ وَبَيْنَ وُرُودِهَا عَلَيْهِ فَاعْتَبَرَ مِقْدَارَ الْقُلَّتَيْنِ فِي وُرُودِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ فِي وُرُودِ الْمَاءِ عَلَيْهَا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَسْلِ الْيَدِ لِمَنِ اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي الْإِنَاءِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ الْقُلَّتَيْنِ فَإِنَّهُ حَدِيثٌ يَدُورُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ شَيْخٌ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ رَوَاهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَالْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ وَكُلُّهُمْ يَرْفَعُهُ وعاصم بن المنذر عندهم ليس بحجة

قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ هَذَانِ شَيْخَانِ يَعْنِي محمد بن جعفر ابن الزُّبَيْرِ وَعَاصِمَ بْنَ الْمُنْذِرِ لَا يَحْتَمِلَانِ التَّفَرُّدَ بِمِثْلِ هَذَا الْحُكْمِ الْجَلِيلِ وَلَا يَكُونَانِ حُجَّةً فِيهِ قَالَ وَمِقْدَارُ الْقُلَّتَيْنِ غَيْرُ مَعْلُومٍ قَالَ وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهَا قِلَالُ هَجَرَ فَمُحَالٌ أَنْ يَسُنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ المدينة سنة على قلال عجر مَعَ اخْتِلَافِهَا وَأَكْثَرَ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا لَمْ يَصِحَّ حَدِيثُ الْقُلَّتَيْنِ فِي التَّحْدِيدِ الْمُفَرِّقِ بَيْنَ قَلِيلِ الْمَاءِ الَّذِي تَلْحَقُهُ النَّجَاسَةُ وَبَيْنَ الْكَثِيرِ مِنْهُ الَّذِي لَا تَلْحَقُهُ إِلَّا بِأَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ فِي رِيحٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ طَعْمٍ فَلَا وَجْهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْيَسِيرِ مِنَ الْمَاءِ وَالْكَثِيرِ مِنْهُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ إِذَا لَمْ يَصِحَّ فِيهِ أَثَرٌ وَمَا رَوَاهُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَعَلَى وَجْهِ التَّنَزُّهِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَمَا مَضَى فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ إِسْحَاقَ وَأَبِي الزِّنَادِ كَافٍ إِنْ شاء الله

الحديث الخامس والخمسون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَخَمْسُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 857 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ الله قَدْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ خَشَبَتَيْنِ يُضْرَبُ بِهِمَا لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ فَأُرِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زيد الأنصاري ثم من بني الحرث ابن الْخَزْرَجِ خَشَبَتَيْنِ فِي النَّوْمِ فَقَالَ إِنَّ هَاتَيْنِ لنحو مما يريد رسول الله فَقِيلَ أَلَا تُؤَذِّنُونَ لِلصَّلَاةِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ حِينَ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَأَمَرَ رَسُولُ الله بِالْأَذَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ هَذِهِ فِي بَدْءِ الْأَذَانِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَمَعَانٍ مُتَقَارِبَةٍ وَكُلُّهَا يَتَّفِقُ عَلَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ أُرِيَ النِّدَاءَ فِي النوم وأن رسول الله أَمَرَ بِهِ عِنْدَ ذَلِكَ وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ أَمْرِ الْأَذَانِ وَالْأَسَانِيدُ فِي ذَلِكَ مُتَوَاتِرَةٌ حِسَانٌ ثَابِتَةٌ وَنَحْنُ نَذْكُرُ فِي هَذَا الْبَابِ أَحْسَنَهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ وَحَدِيثُ عَبَّادٍ أَتَمُّ قَالَا حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ قَالَ زِيَادٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا اهْتَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

لِلصَّلَاةِ كَيْفَ يَجْمَعُ النَّاسَ لَهَا فَقِيلَ لَهُ انْصِبْ رَايَةً عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَاةِ فَإِذَا رَأَوْهَا آذَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ قَالَ فَذُكِرَ لَهُ الْقُنْعُ يَعْنِي الشَّبُّورَ وَقَالَ زِيَادٌ شَبُّورُ الْيَهُودِ فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ قَالَ هُوَ مِنْ أَمْرِ الْيَهُودِ فَذُكِرَ لَهُ النَّاقُوسُ فَقَالَ هُوَ مِنْ أَمْرِ النَّصَارَى فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللَّهِ بن زيد وهو مهتم بهم النبي فَأُرِيَ الْأَذَانَ فِي مَنَامِهِ قَالَ فَغَدَا عَلَى رسول الله فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَيْسَ بِنَائِمٍ وَلَا يَقْظَانَ إِذْ أَتَانِي آتٍ فَأَرَانِي الْأَذَانَ قَالَ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدْ رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَتَمَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ أخبر النبي فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُخْبِرَنَا فَقَالَ سَبَقَنِي عبد الله ابن زيد فاسحييت فقال رسول الله يَا بِلَالُ قُمْ فَانْظُرْ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فَافْعَلْهُ قَالَ فَأَذَّنَ بِلَالٌ قَالَ أَبُو بِشْرٍ وَأَخْبَرَنِي أَبُو عُمَيْرٍ أَنَّ الْأَنْصَارَ تَزْعُمُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ لَوْلَا أَنَّهُ كَانَ يَوْمئِذٍ مَرِيضًا لَجَعَلَهُ النبي مُؤَذِّنًا وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ ذَكَرُوا أَنْ يُعَلِّمُوا وَقْتَ الصلاة بشيء

يَعْرِفُونَهُ فَذَكَرُوا أَنْ يُورُوا نَارًا أَوْ يَضْرِبُوا نَاقُوسًا فَأُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ حَدَّثَنِي أَبِي حدثنا يعقوب بن إبراهيم ابن سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ لَمَّا أَجْمَعَ رسول الله أَنْ يَضْرِبَ النَّاقُوسَ يَجْمَعُ النَّاسَ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ لَهُ كَارِهٌ لِمُوَافِقَةِ النَّصَارَى طَافَ بِي طَائِفٌ مِنَ اللَّيْلِ وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ فِي يَدِهِ نَاقُوسٌ يَحْمِلُهُ قَالَ فَقُلْتُ يَا عَبْدَ اللَّهِ تَبِيعُ النَّاقُوسَ قَالَ وَمَا تَصْنَعُ بِهِ قَالَ قُلْتُ نَدْعُو بِهِ لِلصَّلَاةِ قال أفلا أدلك على خير ما ذَلِكَ قَالَ قُلْتُ بَلَى قَالَ تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ على الفلاح حي على الفلاح الله أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ تَقُولُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَّاحِ قَدِ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ

أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذِهِ الرُّؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ ثُمَّ أَمَرَ بِالتَّأْذِينِ فَكَانَ بِلَالٌ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ يُؤَذِّنُ بِذَلِكَ وَيَدْعُو رسول الله إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ فَجَاءَهُ ذَاتَ غَدَاةٍ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَالَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ رَسُولَ الله نَائِمٌ قَالَ فَصَرَخَ بِلَالٌ بِأَعْلَى صَوْتِهِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَدَخَلَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي التَّأْذِينِ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبراهيم بن الحرث التَّيْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ ابن عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَّاسِ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ فَقُلْتُ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ قَالَ وَمَا تَصْنَعُ بِهِ فَقُلْتُ نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ فَقُلْتُ لَهُ بَلَى قَالَ (فَقَالَ) تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إلا الله

أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ على الفلاح حي على الفلاح اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ تَقُولُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله أشهد أن محمدا رسول الله حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَّاحِ قَدِ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أتيت رسول الله فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ فَقَالَ إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ فَقُمْتُ مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ بِهِ قَالَ فَسَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ يَقُولُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا رَأَى فَقَالَ رَسُولُ الله فَلِلَّهِ الْحَمْدُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهَكَذَا رَوَاهُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كَمَا قَالَ فِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ فِيهِ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ اللَّهُ أَكْبَرُ مَرَّتَيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رِوَايَةُ مَعْمَرٍ وَيُونُسَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ كَأَنَّهَا مُرْسَلَةٌ لَمْ يَذْكُرَا فِيهَا سَمَاعًا لِسَعِيدٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عِنْدَنَا عَلَى الِاتِّصَالِ

وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الحرث عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ بْنِ عَبَدِ رَبِّهِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي أُرِيَ هَذِهِ الرُّؤْيَا فَذَكَرَ فِيهِ اللَّهُ أَكْبَرُ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ سَاقَ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ سَوَاءً حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَعُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَذَكَرَهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي جَابِرٍ الْبَيَاضِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الله بن زيد أخي بني الحرث بْنِ الْخَزْرَجِ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ نَائِمٌ إِذْ رَأَى رَجُلًا مَعَهُ خَشَبَتَانِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ في المنام إن النبي يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَيْنِ الْعَمُودَيْنِ يَجْعَلُهُمَا نَاقُوسًا يضرب به الصلاة قَالَ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ صَاحِبُ الْعَمُودَيْنِ بِرَأْسِهِ فَقَالَ أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ هذا فبلغه رسول الله وَأْمُرْهُ بِالتَّأْذِينِ فَاسْتَيْقَظَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ وَرَأَى عُمَرُ مِثْلَ مَا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فَسَبَقَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زيد إلى النبي فأخبره بذلك فقال له النبي فأخبره بذلك فقال له النبي قُمْ فَأَذِّنْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي فَظِيعُ الصَّوْتِ فَقَالَ لَهُ فَعَلِّمْ بِلَالًا مَا رَأَيْتَ فَعَلَّمَهُ فَكَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَحْفَظُ ذِكْرَ الْخَشَبَتَيْنِ إِلَّا فِي مُرْسَلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَحَدِيثِ أَبِي جَابِرٍ الْبَيَاضِيِّ وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا رِوَايَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي بَدْءِ الْأَذَانِ وَأَمَّا رِوَايَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي ذَلِكَ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَاللَّفْظُ لِأَبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ أُحِيلَتِ الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ قَالَ فحدثنا أصحابنا أن رسول الله قَالَ لَقَدْ أَعْجَبَنِي أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ أَوْ قَالَ الْمُؤْمِنِينَ وَاحِدَةً حَتَّى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَبُثَّ رِجَالًا فِي الدُّورِ فَيُؤَذِّنُونَ النَّاسَ لِحِينِ الصَّلَاةِ وَحَتَّى هَمَمْتُ أَنَّ آمُرَ رِجَالًا فِي الدُّورِ يُنَادُونَ النَّاسَ بِحِينِ الصَّلَاةِ حَتَّى نَقَسُوا أَوْ كَادُوا يَنْقُسُوا فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَمَّا رَجَعْتُ الْبَارِحَةَ وَرَأَيْتُ مِنَ اهْتِمَامِكَ رَأَيْتُ رَجُلًا قَائِمًا عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ فَأَذَّنَ ثُمَّ قَعَدَ قَعْدَةً ثُمَّ قَامَ فَقَالَ مثلها غير إِنَّهُ قَالَ قَدْ قَامَتِ

الصَّلَاةُ وَلَوْلَا أَنْ تَقُولُوا لَقُلْتُ إِنِّي كُنْتُ يقظانا غير نائم فقال رسول الله لَقَدْ أَرَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَالَ عُمَرُ أَمَا إِنِّي رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى غَيْرَ أَنِّي لما سبقت استحييت فقال رسول الله مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ معاوية وأبو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرحمن ابن أَبِي لَيْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ رَأَى الْأَذَانَ في المنام فأتى النبي فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ عَلِّمْهُ بِلَالًا قَالَ فَقَامَ بِلَالٌ فَأَذَّنَ مَثْنَى مَثْنَى وَأَقَامَ مَثْنَى وَقَعَدَ قَعْدَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ لِمَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ مَا أَوْرَدْنَا فِيهِ مِنَ الْآثَارِ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى فَضْلِ الرُّؤْيَا وَأَنَّهَا مِنَ الْوَحْيِ وَالنُّبُوَّةِ وَحَسْبُكَ بِذَلِكَ فَضْلًا لَهَا وَشَرَفًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَحْيًا مِنَ اللَّهِ مَا جَعَلَهَا شَرِيعَةً وَمِنْهَاجًا لِدِينِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي صِفَةِ الْأَذَانِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَّفِقَةً فِي أَصْلِ أَمْرِهِ كَانَ مِنْ رُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَقَدْ رَآهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَيْضًا وَكَذَلِكَ

اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ إِذْ عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ بِمَكَّةَ عَامَ حُنَيْنٍ مَرْجِعَهُ مِنْ غُزَاةِ حُنَيْنٍ فَرَوَى عَنْهُ فِيهِ اللَّهُ أَكْبَرُ فِي أَوَّلِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَرُوِيَ فِيهِ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ وَرَوَى تَثْنِيَةَ الْإِقَامَةِ وَرَوَى فِيهِ إِفْرَادَهَا إِلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الْأَذَانَ مَثْنَى مَثْنَى وَالْإِقَامَةَ مَرَّةً مَرَّةً إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ مَحْفُوظٌ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَحَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَهِيَ زِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا وَالْعَمَلُ عِنْدَهُمْ بِمَكَّةَ فِي آلِ مَحْذُورَةَ بِذَلِكَ إِلَى زَمَانِهِ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ مَرَّتَيْنِ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ فِي أَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَفِي أَذَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَالْعَمَلُ عِنْدَهُمْ بِالْمَدِينَةِ عَلَى ذَلِكَ فِي آلِ سَعْدٍ الْقَرَظِ إِلَى زَمَانِهِمْ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ رَجَعَ فَمَدَّ صَوْتَهُ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَرَّتَيْنِ أَشْهَدُ أَنَّ محمدا رسول الله مَرَّتَيْنِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْأَذَانِ إِلَّا فِي التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِهِ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَكَذَلِكَ لَا خِلَافَ بَيْنِهِمَا فِي الْإِقَامَةِ إِلَّا فِي قَوْلِهِ قَدْ قَامَتِ

الصَّلَاةُ فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُقَالُ مَرَّتَيْنِ وَعِنْدَ مَالِكٍ مَرَّةً وَأَكْثَرُ الْآثَارِ عَلَى مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ فِي قَوْلِهِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ وَمَذْهَبُ اللَّيْثِ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ سَوَاءً وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ جَمِيعًا مَثْنَى مَثْنَى وَيَقُولُ فِي أَوَّلِ أَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ قَالُوا كُلُّهُمْ وَلَا تَرْجِيعَ فِي الْأَذَانِ وَإِنَّمَا يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَرَّتَيْنِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَجِّعُ وَلَا يَمُدُّ صَوْتَهُ وحجتهم حديث عبد الرحمن ابن أَبِي لَيْلَى الْمَذْكُورُ وَفِيهِ فَأَذَّنَ مَثْنَى وَأَقَامَ مَثْنَى وَلَمْ يَخْتَلِفْ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ فِي أَنَّ آخِرَ الْأَذَانِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ مَرَّتَيْنِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَاخْتَلَفُوا فِي التَّثْوِيبُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُؤَذِّنِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النوم فقال مالك والثوري والليث يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ بِالْعِرَاقِ وَقَالَ بمصر لَا يَقُولُ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَقُولُ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ فِي نَفْسِ الْأَذَانِ وَيَقُولُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْأَذَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي نَفْسِ الْأَذَانِ وَعَلَيْهِ النَّاسُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ فِي هَذَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ

قال أبو عمر روي عن النبي مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ فِي الْأَذَانِ لِلصُّبْحِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَقُولَ فِي الْفَجْرِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَابْنِ الْمُسَيَّبِ وَالزُّهْرِيِّ وَعَامَّةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْإِقَامَةِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الْإِقَامَةَ مُفْرَدَةً مَرَّةً مَرَّةً إِلَّا قَوْلَهُ اللَّهُ أَكْبَرُ فِي أَوَّلِهَا فَإِنَّهُ مَرَّتَيْنِ وَفِي آخِرِهَا كَذَلِكَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ وَفِي آخِرِهَا اللَّهُ أَكْبَرُ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ الْإِقَامَةُ وَالْأَذَانُ سَوَاءٌ مَثْنَى مَثْنَى وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ إِلَى أَيِّ أَذَانٍ تَذْهَبُ فَقَالَ إِلَى أَذَانِ بِلَالٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ وَصَفَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا وَتَشَهَّدَ مَرَّتَيْنِ وَلَمْ يُرَجِّعْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَالْإِقَامَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ مَرَّتَيْنِ وَسَائِرُهَا مَرَّةً مَرَّةً إِلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهَا مَرَّتَيْنِ

قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ مَنْ أَقَامَ مَثْنَى مَثْنَى لَمْ أُعَنِّفْهُ وَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ صَحِيحٌ قَالَ أَمَّا أَنَا فَلَا أَدْفَعُهُ قِيلَ لَهُ أَفَلَيْسَ حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدَ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ أليس قد رجع النبي إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَقَرَّ بِلَالًا عَلَى أَذَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ بِكُلِّ مَا قَالُوا قَدْ رُوِيَتِ الْآثَارُ عَنِ النَّبِيِّ ولكني كرهت ذكرها خشية الإملاك وَالْإِطَالَةِ وَلِشُهْرَتِهَا فِي كُتُبِ الْمُصَنِّفِينَ كَسَّلْتُ عَنْ إِيرَادِهَا مَعَ طُولِهَا وَقَدْ جِئْتُ بِمَعَانِيهَا وَمَذَاهِبِ الْفُقَهَاءِ فِيهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَالطَّبَرِيُّ وَدَاوُدُ إِلَى إِجَازَةِ الْقَوْلِ بِكُلِّ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ الله فِي ذَلِكَ وَحَمَلُوا ذَلِكَ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالتَّخْيِيرِ قَالُوا كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ جميع ذلك عن النبي وَعَمِلَ بِهِ أَصْحَابُهُ بَعْدَهُ فَمَنْ شَاءَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فِي أَوَّلِ أَذَانِهِ مَرَّتَيْنِ وَمَنْ شَاءَ أَرْبَعًا وَمَنْ شَاءَ رَجَّعَ فِي أَذَانِهِ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُرَجِّعْ وَمَنْ شَاءَ ثَنَّى الْإِقَامَةَ وَمَنْ شَاءَ أَفْرَدَهَا إِلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فِي أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُؤَذِّنِ يُؤَذِّنُ فَيُقِيمُ غَيْرُهُ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا إِلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِحَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله ابن زيد عن أبيه أن رسول الله أَمَرَهُ إِذْ رَأَى النِّدَاءَ فِي النَّوْمِ

أَنْ يُلْقِيَهُ عَلَى بِلَالٍ فَأَذَّنَ بِلَالٌ ثُمَّ أَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ فَأَقَامَ رَوَاهُ أَبُو الْعُمَيْسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عن جده وقال الثوري والليث وَالشَّافِعِيُّ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ لِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ عَنْ زِيَادِ بن نعيم عن زياد بن الحرث الصدائي قال أتيت رسول الله فَلَمَّا كَانَ أَوَّلُ الصُّبْحِ أَمَرَنِي فَأَذَّنْتُ ثُمَّ قام إلى الصلاة فجاء ليقيم فقال رسول الله إِنَّ أَخَا صُدَاءٍ أَذَّنَ وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ هُوَ الْإِفْرِيقِيُّ وَأَكْثَرُهُمْ يُضَعِّفُونَهُ وَلَيْسَ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُهُ وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِسْنَادًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالنَّظَرُ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَذَانَ لَيْسَ مُضَمَّنًا بِالْإِقَامَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُهَا وَإِنْ صَحَّ حَدِيثُ الْإِفْرِيقِيِّ فَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يُوَثِّقُهُ وَيُثْنِي عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ بِهِ أَوْلَى لِأَنَّهُ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ مَعَ بِلَالٍ وَالْآخِرُ فَالْآخِرُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ أَوْلَى أَنْ يُتَّبَعَ وَمَعَ هَذَا فَإِنِّي أَسْتَحِبُّ إِذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ وَاحِدًا رَاتِبًا أَنْ يَتَوَلَّى الْإِقَامَةَ فَإِنْ أَقَامَهَا غَيْرُهُ فَالصَّلَاةُ مَاضِيَةٌ بِإِجْمَاعٍ والحمد لله

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى فِي الْإِقَامَةِ مِنَ الْبَيَانِ مَا فِيهِ غِنًى وَبَيَانٌ فِي بَابِ أَبِي الزِّنَادِ وَغَيْرِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَذَكَرْنَا هَهُنَا مِنَ الْأَذَانِ مَا فِي مَعْنَى حَدِيثِنَا لِأَنَّهُ فِي بَدْءِ الْأَذَانِ وَتَرَكْنَا حَدِيثَ أَبِي مَحْذُورَةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَذَانِ وَفِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي صِفَتِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ كَالَّذِي مِنْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ حِسَانٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الحديث السادس والخمسون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَخَمْسُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 957 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوِ اتَّخَذَ ثَوْبَيْنِ لِجُمُعَتْهِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يحيى بن سعيد وربيعة ابن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا عَلَى أَحَدِكُمْ أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِجُمُعَتْهِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ المهنة الْخِدْمَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَلَا يُقَالُ بالكسر وَأَجَازَ الْكِسَائِيُّ فِيهَا الْكَسْرَ مِثْلَ الْخِدْمَةِ وَالْجِلْسَةِ وَالرِّكْبَةِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ أَيْ ثَوْبَيْ بَذْلَتْهِ يُقَالُ مِنْهُ امْتَهَنَنِي الْقَوْمُ أَيِ ابْتَذَلُونِي وَهَذَا الْحَدِيثُ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَخِي الْإِمَامِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ

عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنَّ النَّاسَ كَانُوا عمال أنفسهم وكانت ثيابهم الأنار قَالَتْ فَكَانُوا يَرُوحُونَ بِهَيْئَتِهِمْ كَمَا هِيَ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ اغْتَسَلْتُمْ وَمَا عَلَى أَحَدِكُمْ أَنْ يَتَّخِذَ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ ثَوْبَيْنِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خزيمة البصري بمصر قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أَبُو عُبَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَلَى أَحَدِكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثوبان سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ لِجُمُعَتِهِ أَوْ لِعِيدِهِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّهْشَلَيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ علي

ابن الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ فِي الْعِيدَيْنِ بُرْدَ حِبَرَةٍ وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَمُّ وَيَلْبَسُ بُرْدَهُ الْأَحْمَرَ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْوَرَّاقُ الرَّازِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ عَبْدِ الْكَبِيرِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَنْبَسَةُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَسْوَدِ أَوِ ابْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا لَبِسَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ أَبُو عمر هو عبد الله ابن أَبِي الْأَسْوَدِ بَصْرِيٌّ يَرْوِي عَنْ أَنَسٍ يَرْوِي عَنْهُ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ وَعَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ عَبْدِ الْكَبِيرِ أَيْضًا

بَصْرِيُّ مَعْرُوفٌ رَوَى عَنْهُ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ فَلَا أَعْرِفُهُ أَخْبَرَنَا يَعِيشُ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ ابن أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَضُرُّ أَحَدَكُمْ أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِلْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ ثَوْبَيْنِ يُرِيدُ قَمِيصًا وَرِدَاءً أَوْ جُبَّةً وَرِدَاءً وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَا حدثنا حمزة ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الحسن العطاء الْبَصْرِيُّ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ فِي هَيْئَةِ أَعْرَابِيٍّ فَقَالَ مالك مِنَ الْمَالِ قَالَ مِنْ كُلِّ الْمَالِ قَدْ آتَانِي اللَّهُ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَهَا عليه

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو الْأَحْوَصِ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الصَّحَابَةِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قال حدثنا أبو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْخٌ لَنَا عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَقَالَ وَمَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوِ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ لِجُمُعَتِهِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اتِّخَاذُ الثِّيَابِ وَاكْتِسَابُهَا وَالتَّجَمُّلُ بِهَا فِي الْجُمُعَةِ وَكَذَلِكَ الْأَعْيَادُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

الحديث السابع والخمسون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَخَمْسُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 67067067 067 - مَالِكٌ عن يحيى بن سعيد أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُخَفِّفُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ أَقَرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَمْ لَا هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الْمَيْمُونَ بْنَ حَمْزَةَ حَدَّثَهُمْ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَةَ تُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ هَلْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ

وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ ابن مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ذَكَرَهُ الْبَزَّارُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَهُ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ أُمِّ الْقُرْآنِ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ نَافِلَةٍ وغيرها وأنها تجزىء مِمَّا سِوَاهَا وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَكُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ مَا يُغْنِي عَنْ الِاسْتِدْلَالِ بِمَا ذَكَرْنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ب قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَكُلُّهَا صِحَاحٌ ثَابِتَةٌ لَكِنَّ الْمَعْنَى فِيهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَهِيَ خِدَاجٌ وَلَا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ أُمَّ الْقُرْآنِ وغيرها سواء لأن حديث في قل يا أيها الكافرون وقل اللَّهُ أَحَدٌ مُرَتَّبٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَهَذَا بَيِّنٌ لِمَنْ أُلْهِمَ رُشْدَهُ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَيِّدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وخلف ابن سَعِيدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قال حدثنا أحمد

ابن خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عوف بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الفجر فقرأ فيهما قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ بِهَذَا آخُذُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَثْرَمُ قَالَ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ بِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَيَسَّرَ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يَسَّرَ فِيهِمَا الْقِرَاءَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ المغرب والركعتين قبل الفجر قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَصِيبِ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ مَنْصُورٍ أَبُو جَعْفَرٍ الصَّائِغُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ ابن عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ قَالُوا كُلُّهُمْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بن معين قال حدثنا مرون بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ يَقْرَأُ فِي ركعتي الفجر قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ قال حدثنا عبد الملك بن الوليد ابن مَعْدَانَ الضُّبَعِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرٍّ وَأَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ مَا أُحْصِي مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الْمَغْرِبِ وركعتي الفجر قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا قِرَاءَتُهُ لِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ كَقِرَاءَتِهِ فِيهِمَا الْآيَةَ مِنَ الْبَقَرَةِ وَالْآيَةَ مِنْ آلِ عِمْرَانَ وَذَلِكَ كُلُّهُ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنْ كَثِيرًا مَا كَانَ يَقْرَأُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا هَذِهِ الْآيَةَ قَالَ هَذِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَوْلَى وَفِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ وَذَكَرَ أَبُو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ فِيهِ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَالَّتِي فِي آلِ عِمْرَانَ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخَفِّفُهُمَا يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ قبل الفجر

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي مُرَاعَاةِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ الصَّالِحِ وَاهْتِبَالِهِمْ بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَتَخْفِيفِهِمَا وَمَا يُقْرَأُ فِيهِمَا مَعَ مُوَاظَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمَا وَحَضُّهُ أُمَّتَهُ عَلَيْهِمَا وَأَمْرُهُ إِعَادَتَهُمَا بَعْدَ وَقْتِهِمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ مُؤَكِّدَاتِ السُّنَنِ وَعَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَّا أَنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَأْبَى أَنْ تَكُونَ سُنَّةً وَقَالَ هُمَا مِنَ الرَّغَائِبِ وَلَيْسَتَا بِسُنَّةٍ وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ فَيُشْتَغَلُ بِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حدثنا أبو بكر ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْرِعُ إِلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ إِسْرَاعَهُ إِلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَلَا إِلَى غَنِيمَةٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قال أخبرني عطاء عن عبيد ابن عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مُعَاهَدَةً مِنْهُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا أَوْكَدُ مِنَ الْوَتْرِ لِأَنَّ الْوَتْرَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَإِنَّمَا هُوَ وَتْرُ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَصَلَاةُ الليل نافة بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ (17 79) فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ تَعَاهُدًا وَمُوَاظَبَةً وَإِسْرَاعًا إِلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مِنْهُ إِلَى سَائِرِ النَّوَافِلِ دَلَّ عَلَى تَأْكِيدِهَا وَإِنَّمَا تُعْرَفُ مُؤَكَّدَاتُ السُّنَنِ بِمُوَاظَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا لِأَنَّ أَفْعَالَهُ كُلَّهَا سُنَنٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ بَعْضَهَا أَوْكَدُ مِنْ بَعْضٍ وَلَا يُوقَفُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بِمَا وَاظَبَ عَلَيْهِ وَنَدَبَ إِلَيْهِ مِنْهَا وبالله التوفيق ومما قَالَ إِنَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ مَالِكٌ فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَدَاوُدَ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ فِيمَا عَلِمْتُ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى تَأْكِيدِهَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا حِينَ نَامَ عَلَى صَلَاةِ الفجر ولم يقص شَيْئًا مِنَ السُّنَنِ غَيْرَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ وَقْتِهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سعد ابن هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

وَأَمَّا أَقَاوِيلُ الْفُقَهَاءِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَقَالَ مَالِكٌ أَمَّا أَنَا فَلَا أَزِيدُ فِيهِمَا عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ لَا يَقْرَأُ فِيهِمَا إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُخَفِّفُ فِيهِمَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ سُورَةً قَصِيرَةً وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا مِثْلَهُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يُخَفِّفُ فَإِنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ حِزْبِهِ بِاللَّيْلِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَهُ فِيهِمَا وَيَطُولُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رُبَّمَا قَرَأْتُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حزبي مِنَ الْقُرْآنِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ السُّنَّةُ تَشْهَدُ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

الحديث الثامن والخمسون

حديث ثامن وخمسون لحيى بْنِ سَعِيدٍ 167 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أن عائشة روج النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ رَأَيْتُ ثَلَاثَةَ أَقْمَارٍ سَقَطْنَ فِي حِجْرِي فَقَصَصْتُ رُؤْيَايَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَتْ فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدُفِنَ فِي بَيْتِهَا قَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ هَذَا أَحَدُ أَقْمَارِكِ وَهُوَ خَيْرُهَا (16 30) هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ يَحْيَى وَالْقَعْنَبِيِّ وَابْنِ وَهْبٍ وأكثر رواته

وَرَوَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ ابن الْمُسَيَّبِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ رَأَيْتُ ثَلَاثَةَ أَقْمَارٍ سَقَطْنَ فِي حِجْرِي وَسَاقَهُ سَوَاءً ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ قُتَيْبَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ قَالَ حدثني أنس ابن عِيَاضٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ لَقَدْ رَأَيْتُ ثَلَاثَةَ أَقْمَارٍ سَقَطْنَ فِي حِجْرِي فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ خَيْرًا رَأَيْتِ قَالَ وَسَمِعْتُ النَّاسَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قُبِضَ وَدُفِنَ فِي بَيْتِهَا قَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ هَذَا أَحَدُ أَقْمَارِكِ وَهُوَ خَيْرُهَا وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ عَائِشَةَ وَمَا أَظُنُّهُ سَمِعَهُ مِنْهَا وَمَرَاسِيلُ ابْنِ سِيرِينَ عِنْدَهُمْ صِحَاحٌ كَمَرَاسِيلِ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ ابن حُسَيْنٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ رَأَتْ عَائِشَةُ كَأَنَّ فِي حِجْرِهَا ثَلَاثَةَ أَقْمَارٍ قَالَ فَقَصَّتْ ذَلِكَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ يُدْفَنُ فِي بَيْتِكِ خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ ثَلَاثَةً قَالَ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدُفِنَ فِي بَيْتِهَا قَالَ يَا عَائِشَةُ هَذَا أَحَدُ أَقْمَارِكِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَبْصَرَ النَّاسِ بِتَأْوِيلِ الرُّؤْيَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اشْتِغَالِ أَنْفُسِ السَّلَفِ بِالرُّؤْيَا وَتَأْوِيلِهَا وَالْأَقْمَارُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ دُفِنُوا في بيتها

وَذَلِكَ تَأْوِيلُ سُقُوطِ الْأَقْمَارِ فِي حِجْرِهَا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَمَرَ قَدْ يَكُونُ فِي التَّأْوِيلِ الْمَلِكَ الْأَعْظَمَ كَالشَّمْسِ سَوَاءً وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي رَدٍّ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْقَمَرَ مَلِكٌ أَعْجَمِيُّ وَالشَّمْسَ عَرَبِيٌّ فِي التَّأْوِيلِ وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى سَقَطْنَ فِي حِجْرِي فَفِيهَا أَنَّ التَّأْوِيلَ قَدْ يَخْرُجُ عَلَى اشْتِقَاقِ اللَّفْظِ وَقُرْبِ الْمَعْنَى لِأَنَّ قَوْلَهَا سَقَطْنَ فِي حِجْرِي تَأَوَّلَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الدَّفْنِ فِي حُجْرَتِهَا وَبَيْتِهَا فَكَأَنَّ الْحُجْرَةَ أَخَذَهَا مِنَ الْحِجْرِ وَالْبَيْتُ وَالْحُجْرَةُ سَوَاءٌ لِأَنَّ أَصْلَ الْكَلِمَةِ الضَّمُّ فَكَأَنَّهُ عَدَّهَا عَلَى اللَّفْظِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالسُّقُوطُ هَهُنَا الدَّفْنُ وَعِلْمُ تَأْوِيلِ الرُّؤْيَا مِنْ عُلُومِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَهْلِ الْإِيمَانِ وَحَسْبُكَ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَا جَاءَ فِي الْآثَارِ الصِّحَاحِ فِيهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَجْمَعَ أَئِمَّةُ الْهُدَى مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى الْإِيمَانِ بِهَا وَعَلَى أَنَّهَا حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ وَنِعْمَةٌ يَمُنُّ اللَّهُ بِهَا عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَهِيَ الْمُبَشِّرَاتُ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الحديث التاسع والخمسون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَخَمْسُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 267 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فَيَقُولُ اللَّهُمَّ فَالِقَ الْإِصْبَاحِ وَجَاعِلَ اللَّيْلِ سَكَنًا وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ حُسْبَانًا اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَأَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ وَأَمْتِعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي وَقُوَّتِي فِي سَبِيلِكَ (15 27) لَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي مَتْنِهِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ كَانَ مِنْ دُعَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ فالق الإصابح وَجَاعِلَ اللَّيْلِ سَكَنًا وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ حُسْبَانًا اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَأَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ وَأَمْتِعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي وَقُوَّتِي فِي سَبِيلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي خَالِدٍ وَأَمَّا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَيَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ بِأَلْفَاظٍ مُخَالِفَةٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا محمد ابن أَبِي عُبَيْدَةَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَتْ فَاطِمَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَقَالَ لَهَا مَا عِنْدِي مَا

أُعْطِيكِ فَرَجَعَتْ فَأَتَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا الَّذِي سَأَلْتِ أَحَبُّ إِلَيْكِ أَوْ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ قَالَ لَهَا عَلِيٌّ قَوْلِي مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ فَقَالَ قُولِي اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي وَعَمْرُو بْنُ أَحْمَدَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ وعبيد ابن مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى رِجَالٌ قَالُوا حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابن أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرحمن الجمحي قال حدثني سهيل ابن أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَفَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الْمَغْرَمَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرَ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ

حدثنا ابن وضاح حدثنا أبو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ جَمِيعًا عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا آوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْأَرَضِينَ رَبَّنَا وَرَبَّ كل شيء فالق الحب والنوى منزل التوارة وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وأغننا مِنَ الْفَقْرِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ سهيل ابن أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا آوَى إِلَى فِرَاشِهِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَأَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ ابن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَا شَيْءَ قَبْلَكَ وَالْآخِرُ فَلَا شَيْءَ بَعْدَكَ وَالظَّاهِرُ فَلَا شَيْءَ فَوْقَكَ وَالْبَاطِنُ فَلَا شَيْءَ دُونَكَ أَنْ تَقْضِيَ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَنْ تُغْنِيَنَا مِنَ الفقر

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم من آخر ما يقول حين ينام وهو واضح يَدَهُ عَلَى خَدِّهِ الْأَيْمَنِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ مَيِّتٌ فِي لَيْلَتِهِ تِلْكَ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفَرْقَانِ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَأَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا اسْتِعَاذَةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الْفَقْرِ فَمَحْفُوظَةٌ مِنْ وُجُوهٍ وَكَذَلِكَ دُعَاؤُهُ أَيْضًا فِي الْغِنَى مَحْفُوظٌ مِنْ وُجُوهٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرْمُطِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُنْبُورٍ حدثنا عبد العزيز ابن أبي حازم عن سهيل ابن أَبِي صَالِحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عاصم ابن أبي عبيد عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ لَا شَيْءَ قَبْلَكَ وَأَنْتَ الْآخِرُ لَا شَيْءَ بَعْدَكَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ نَاصِيَتُهَا بِيَدِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْإِثْمِ وَالْكَسَلِ وَمِنْ عَذَابِ

القبر وعذاب النار وَمِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى وَفِتْنَةِ الْفَقْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ وَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي الدُّعَاءِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ هِلَالٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصم بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الله ابن أَبِي طَلْحَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنِ الْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَرْوِي الْأَوْزَاعِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ الله ابن أَبِي طَلْحَةَ قَالَ حَدَّثَنِي

جَعْفَرُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ وَأَنْ نَظْلِمَ أَوْ نُظْلَمَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حدثنا إسحاق ابن أَبِي حَسَّانَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عبد الله ابن أَبِي طَلْحَةَ أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ عِيَاضٍ أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ وَأَنْ تَظْلِمَ أَوْ تُظْلَمَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ ابن أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعِفَّةَ وَالْغِنَى قَالَ وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمَّهُ أَبَا صِرْمَةَ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ غِنَايَ وَغِنَى موالي

قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْأَوْدِيِّ عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا عَلَّمَهُنَّ إِيَّاهُ ثُمَّ لَمْ يُنْسِهِ إِيَّاهُنَّ أَبَدًا قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّنِي وَخُذْ إِلَى الْخَيْرِ نَاصِيَتِي وَاجْعَلِ الْإِسْلَامَ مُنْتَهَى رِضَائِي اللَّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّنِي وَذَلِيلٌ فَأَعِزَّنِي وَفَقِيرٌ فَارْزُقْنِي قَالَ أَبُو عُمَرَ الدُّعَاءُ الْمَرْوِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرٌ جِدًّا لَا يَقُومُ بِهِ كِتَابٌ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا مِنْهُ هَهُنَا مَا فِي مَعْنَى حَدِيثِنَا وبالله توفيقنا

الحديث الستون

حديث موفي سِتِّينَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 367 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ الْمَوْتُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَجُلٌ هَنِيئًا لَهُ مَاتَ وَلَمْ يُبْتَلَ بِمَرَضٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْحَكَ وَمَا يُدْرِيكَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ ابْتَلَاهُ بِمَرَضٍ يُكَفِّرُ بِهِ عَنْهُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ هَذَا الْخَبَرَ بِهَذَا اللَّفْظِ يَسْتَنِدُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ مَحْفُوظٍ وَالْأَحَادِيثُ الْمُسْنَدَةُ فِي تَكْفِيرِ الْمَرَضِ لِلذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا وَالسَّيِّئَاتِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَنَحْنُ نَذْكُرُ مِنْهَا بَعْضَ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ دُونَ تَطْوِيلٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مَنْ أَهْلِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ أَبُو مَنْظُورٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي عَنْ عَامِرٍ الرَّامِيِّ أَخِي الْخَضِرِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ يَقُولُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَصَابَهُ السَّقَمُ ثُمَّ أَعْفَاهُ اللَّهُ مِنْهُ كَانَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ وَمَوْعِظَةً لَهُ فِيمَا

يَسْتَقْبِلُ وَأَنَّ الْمُنَافِقَ إِذَا مَرِضَ ثُمَّ أُعْفِيَ كَانَ كَالْبَعِيرِ عَقَلَهُ أَهْلُهُ ثُمَّ أَرْسَلُوهُ فَلَمْ يَدْرِ لِمَ عَقَلُوهُ وَلَا لِمَ أَرْسَلُوهُ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْمُؤْمِنَ إِلَّا أُجِرَ فِيهَا حَتَّى الشَّوْكَةُ تُصِيبُهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ الْهَادِي اللَّيْثِ وَالدَّرَاوَرْدِيِّ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى أَبُو يَحْيَى النَّاقِدُ بِبَغْدَادَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ الْمُسْتَمْلِيُّ حَدَّثَنَا محمد بن إسماعيل ابن أَبِي فُدَيْكٍ أَخْبَرَنَا ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا اشْتَكَى الْمُؤْمِنُ أَخْلَصَهُ اللَّهُ كَمَا يُخْلِصُ الْكِيرُ الخبث

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الْخُزَاعِيُّ قَالَ قَرَأْنَا عَلَى مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَمْرَضُ مُؤْمِنٌ وَلَا مُؤْمِنَةٌ وَلَا مُسْلِمٌ وَلَا مُسَلَّمَةٌ إِلَّا حَطَّ اللَّهُ بِهِ خَطِيئَتَهُ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا مَثَلُ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ حِينَ يُصِيبُهُ الْوَعْكُ أَوِ الْحُمَّى كَمَثَلِ حَدِيدَةٍ تَدْخُلُ فِي النَّارِ فَيَذْهَبُ خَبَثُهَا وَيَبْقَى طِيبُهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ هَذَا الْكِتَابُ أَعْطَانِي نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ وَأَنَا أَشُكُّ فِي أَنْ أَكُونَ عَرَضْتُهُ عَلَيْهِ وَأَظُنُّنِي عَرَضْتُهُ قَالَ قَالَ نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ وَالْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ وَالْحَمْدُ لله

الحديث الحادي والستون

حَدِيثٌ حَادٍ وَسِتُّونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 467 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ اكْتَوَى فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الذُّبْحَةِ فَمَاتَ (50 13) وَهَذَا قَدْ رُوِيَ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا مَعْمَرٌ وَحْدَهُ وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ خَطَأٌ يَقُولُونَ إِنَّهُ مِمَّا أَخْطَأَ فِيهِ مَعْمَرٌ بِالْبَصْرَةِ وَيَقُولُونَ إِنَّ الصَّوَابَ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَوَى أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَوَى أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ مِنَ الشَّوْكَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الشَّوْكَةُ الذُّبْحَةُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زريع عن مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَوَى أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ مِنَ الشَّوْصَةِ هَكَذَا قَالَ وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفَةُ مِنَ الشَّوْكَةِ وَهِيَ الذُّبْحَةُ وَأَمَّا الشَّوْصَةُ فَهِيَ ذَاتُ الْجَنْبِ وَقَدْ يُكْتَوَى مِنْهَا أَيْضًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ التَّمَّارُ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سعيد بْنِ حَزْمٍ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ أَبَا أُمَامَةَ أَسْعَدَ بن بَدْرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَ الْمَيِّتُ هَذَا لِيَهُودَ يَقُولُونَ أَلَا دَفَعَ عنه ولا أملك له ولا لنفسي شيئا فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُوِيَ مِنَ الشَّوْكَةِ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِالْكَيِّ فَلَمْ يَلْبَثْ أَبُو أُمَامَةَ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَابْنُ سَمْعَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ وَبِهِ الشَّوْكَةُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ بِئْسَ الْمَيِّتُ هَذَا لِيَهُودَ يَقُولُونَ لَوْلَا دَفَعَ عَنْهُ وَلَا أملك له ولا لنفسي شيئا فأمر به فكوي فمات

قال ابن وهب وأخبرني عمرو بن الحرث أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ أَخَذَتْهُ الذُّبْحَةُ فَكَوَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ بِئْسَ الْمَيِّتُ هَذَا لِيَهُودَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَاكْتَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنَ الْقُوَّةِ وَكَوَى وَاقِدًا ابْنَهُ وَاكْتَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْكَيِّ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ أَبُو جَعْفَرٍ الدَّيْبُلِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ صُبَيْحٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ قَرَأَ جَرِيرٌ عَلَى أَيُّوبَ كِتَابًا وَأَنَا شَاهِدٌ لِأَبِي قِلَابَةَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ يَرْقِي مِنَ الْأُذُنِ وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُوِيتُ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ فَشَهِدَنِي أَبُو طَلْحَةَ وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ وَأَبُو طَلْحَةَ كَوَانِي وَرَوَاهُ أَبَانُ الْعَطَّارُ عَنْ يحيى ابن أَبِي كَبِيرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَوْ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ اكْتَوَيْتُ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ وَشَهِدَنِي أبو طلحة وأنس بن النضر وزيد ابن ثَابِتٍ وَأَبُو طَلْحَةَ كَوَانِي حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِدَاءٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ نُهِينَا عَنِ الْكَيِّ قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْكَيِّ

قَالَ وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكَيِّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قال حدثنا أبو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْكَيِّ فَاكْتَوَيْنَا فَلَمْ نَفْلَحْ وَلَمْ نَنْجَحْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْخَلِيلِ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدٍ الجريري عن مطرف ابن الشِّخِّيرِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ الْكَيِّ قَالَ فَمَا زَالَ بِيَ الْبَلَاءُ حَتَّى اكْتَوَيْتُ فَمَا أَفْلَحْتُ وَلَا أَنْجَحْتُ قَالَ عِمْرَانُ وَكَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ فَلَمَّا اكْتَوَيْتُ فَقَدْتُ ذَلِكَ ثُمَّ رَاجَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ السَّلَامَ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نهى عن الْكَيِّ يُعَارِضُهُ حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَوَى أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ وَأَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ اكْتَوَى فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَوَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَلَى الْأَفْضَلِ فِي إِخْلَاصِ الْيَقِينِ وَالتَّوَكُّلِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَوَانِي أَبُو طَلْحَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَمَا نُهِيتُ عَنْهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمُ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَوَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ مَرَّتَيْنِ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَرَوَى ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رُمِيَ فِي أَكْحَلِهِ يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَوَاهُ وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ فِي أُبَيٍّ وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَالسِّيَرِ خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ كَمَا رَوَى الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَمِمَّا يُعَارَضُ بِهِ أَيْضًا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي الْكَيِّ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنْ كَانَ الشِّفَاءُ فَفِي ثَلَاثٍ أَوِ الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثٍ شَرْطَةِ مِحْجمٍ وَشَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ كَيَّةِ نَارٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا أحمد بن منيع حدثنا مرون بْنُ شُجَاعٍ الْخُصَيْفِيُّ عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ كَيَّةِ نَارٍ وَرَفَعَ الْحَدِيثَ

وَرَوَى زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنْ كَانَ فِي شيء مما تتداوون بِهِ شِفَاءٌ فَهُوَ فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ حَبَّاتٍ سَوْدَاءَ أَوْ لَذْعَةِ نَارٍ وَمَا أَحَبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْكَيُّ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ التَّدَاوِي وَالْمُعَالَجَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ طَلَبَ الْعَافِيَةِ بِالْعِلَاجِ وَالدُّعَاءِ مُبَاحٌ بِمَا قَدَّمْنَا مِنَ الْأُصُولِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَحَسْبُكَ بِمَا أَوْرَدْنَا مِنْ ذَلِكَ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ التَّدَاوِي بِالْكَيِّ وَغَيْرِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ وَقَدْ عَارَضَ النَّهْيَ عَنِ الْكَيِّ مِنَ الْإِبَاحَةِ بِمَا هُوَ أَقْوَى وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ خِلَافًا أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ بَأْسًا بِالْكَيِّ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَمَنْ تَرَكَ الْكَيَّ ثِقَةً بِاللَّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ كَانَ أَفْضَلَ لِأَنَّ هَذِهِ مَنْزِلَةُ يَقِينٍ صَحِيحٍ وَتِلْكَ مَنْزِلَةُ رُخْصَةٍ وَإِبَاحَةٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ

جَمِيعًا عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا وَقَالَ جَرِيرٌ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَقَّارُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ حدثنا فلك أحفظه فسألت حسان ابن أَبِي وَجْزَةَ فَأَخْبَرَنِي قَالَ حَدَّثَنِي الْعَقَّارُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال تَوَكَّلَ وَقَالَ شُعْبَةُ لَمْ يَتَوَكَّلْ مَنِ اسْتَرْقَى أَوِ اكْتَوَى قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا تَوَكَّلَ حَقَّ التَّوَكُّلِ مَنِ اسْتَرْقَى أَوِ اكْتَوَى لِأَنَّ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ تَوَكُّلًا عَلَى اللَّهِ وَعِلْمًا بِأَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَأَنَّ أَيَّامَ الصِّحَّةِ لَا سَقَمَ فِيهَا كَانَ أَفْضَلَ مَنْزِلَةً وَأَعْلَى دَرَجَةً وَأَكْمَلَ يقين وتوكل وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الْكَيِّ هُوَ مَا يَكُونُ مِنْهُ قَبْلَ نُزُولِ الْبَلَاءِ حِفْظًا لِلصِّحَّةِ وَأَمَّا بَعْدَ نُزُولِ مَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْكَيِّ فَلَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فِي الْمَوْسِمِ فَرَأَيْتُ أُمَّتِي فأعجبتني كثرتهم وهيئتهم قد ملأوا السَّهْلَ وَالْجَبَلَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ مَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ الذي لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ

يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُجْتَنَبَ عَزَائِمُهُ أَوْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا وَقَدْ إِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّقَى وَرَقَى نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ وَقَالَ فِي الطِّيَرَةِ وَمَا مِنَّا إِلَّا مَنْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ وَقَدْ مَضَى فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا مِنَ الْبَيَانِ فِي كِتَابِنَا هَذَا مَا يَشْفِي وَيَكْفِي لِمَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ وَتَدَبَّرَهُ وَبِاللَّهِ الْعَوْنُ وَالتَّوْفِيقُ

الحديث الثاني والستون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَسِتُّونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 567 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَارٌ سَكَنَّاهَا وَالْعَدَدُ كَثِيرٌ وَالْمَالُ وَافِرٌ فَقَلَّ الْعَدَدُ وَذَهَبَ الْمَالُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهَا ذَمِيمَةً (54 23) قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ ذَمِيمَةً أَيْ مَذْمُومَةً يَقُولُ دَعُوهَا وَأَنْتُمْ لَهُ ذَامُّونَ كَارِهُونَ لِمَا وَقَعَ بِنُفُوسِكُمْ مِنْ شُؤْمِهَا وَالذَّمِيمُ الْقَبِيحُ الْوَجْهِ وَهَذَا مَحْفُوظٌ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ يَرْوِيهِ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عن إسحاق بن عبد الله ابن أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ وَمِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا صَالِحُ ابن أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الزُّهْرِيِّ وَثِقَاتُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ يَرْوُونَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحرث بن نوفل عن عبد الله ابن شَدَّادٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُرْسَلٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الله بن الحرث بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا سَكَنَّا هَذِهِ الدَّارَ

وَنَحْنُ ذَوُو وَفْرٍ فَهَلَكْنَا وَذَوُو نَشْبٍ فَافْتَقَرْنَا وَذَاتُ بَيْنِنِا حَسَنٌ فَاخْتَلَفْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهَا ذَمِيمَةً قَالَتْ وَكَيْفَ نَدَعُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تَبِيعُونَهَا أَوْ تَهَبُونَهَا وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن عبد الله بن الحرث ابن نَوْفَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِي أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَكَنَّا دَارَنَا وَنَحْنُ كَثِيرٌ فَهَلَكْنَا وحسن ذات بيننا فساءت أخلاقنا وكثرة أَمْوَالُنَا فَافْتَقَرْنَا قَالَ أَفَلَا تَنْتَقِلُونَ مِنْهَا ذَمِيمَةً قَالَتْ وَكَيْفَ نَصْنَعُ بِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تَبِيعُونَهَا أَوْ تَهَبُونَهَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَجَازَهُ لَنَا سَهْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثِيرٌ فِيهَا عَدَدُنَا كَثِيرَةٌ فِيهَا أَمْوَالُنَا ثُمَّ تُحَوَّلْنَا إِلَى دَارٍ أُخْرَى قَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا وَقَلَّتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَرُوهَا ذَمِيمَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَهُ لِقَوْمٍ خَشِيَ عَلَيْهِمِ الْتِزَامَ الطِّيَرَةِ فَأَجَابَهُمْ بِهَذَا مُنْكِرًا لِقَوْلِهِمْ لِمَا رَأَى مِنْ تَشَاؤُمِهِمْ وتطيرهم بدارهم

وَثُبُوتِ ذَلِكَ فِي أَنْفُسِهِمْ فَخَافَ عَلَيْهِمْ مَا قِيلَ فِي الطِّيَرَةِ إِنَّهَا تَلْزَمُ مَنْ تَطَيَّرَ وَعَسَاهُمْ مِمَّنْ سَمِعَ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا طِيَرَةَ وَقَوْلَهُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ وَقَوْلَهُ وَإِذَا تَطَيَّرْتُمْ فَامْضُوا وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا وَقَوْلَهُ مَا مِنَّا إِلَّا مَنْ يَعْنِي يَتَطَيَّرُ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ وَقَوْلَهُ مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ عَنْ مَسِيرِهِ فَقَدْ قَارَبَ الشِّرْكَ فَلَمَّا اشْتُهِرَ هَذَا مِنْ سُنَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَتَتْهُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ فَذَكَرَتْ عَنْ دَارِهَا مَا ذَكَرَتْ أَوْ أَتَى مَعَهَا غَيْرُهَا فَذَكَرُوا نَحْوَ ذَلِكَ أَجَابَهُمْ بِأَنْ يَتْرُكُوهَا ذَمِيمَةً لِأَنَّهُ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفًا رَحِيمًا وَالْأَصْلُ فِي الطِّيَرَةِ وَالشُّؤْمِ مَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَسَنَذْكُرُ هَذِهِ الْآثَارَ وَمِثْلَهَا فِي بَابِ قَوْلِهِ لَا طِيَرَةَ وَلَا غُولَ وَلَا هَامَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِي أَوَّلِ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ عَنْ رِجَالٍ سَمَّاهُمْ إِنْ شَاءَ الله

الحديث الثالث والستون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَسِتُّونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 667 - مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلَقْحَةٍ تُحْلَبُ مَنْ يَحْلُبُ هَذِهِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ما اسْمُكَ فَقَالَ الرَّجُلُ مُرَّةُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْلِسْ ثُمَّ قَالَ مَنْ يَحْلُبُ هَذِهِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اسْمُكَ فَقَالَ حَرْبٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْلِسْ ثُمَّ قَالَ مَنْ يَحْلُبُ هَذِهِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اسْمُكَ فَقَالَ يَعِيشُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْلُبْ (54 24) وَهَذَا عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الطِّيَرَةِ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ وَيَفْعَلَهُ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ طَلَبِ الْفَأْلِ الْحَسَنِ وَقَدْ كَانَ أَخْبَرَهُمْ عَنْ شَرِّ الْأَسْمَاءِ أَنَّهُ حَرْبٌ وَمُرَّةُ فَأَكَّدَ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَتَسَمَّى بِهَا أَحَدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ

قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْيَحْصَبِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ الْأَسْمَاءِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَحَارِثٌ وَهَمَّامٌ حَارِثٌ يَحْرُثُ لِدُنْيَاهُ وَهَمَّامٌ يَهُمُّ بِالْخَيْرِ وَشَرُّ الْأَسْمَاءِ حَرْبٌ وَمُرَّةُ وَهَذَا مِمَّا قُلْنَا مِنْ بَابِ الْفَأْلِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْجِبُهُ الِاسْمُ الْحَسَنُ وَالْفَأْلُ الْحَسَنُ وَكَانَ يَكْرَهُ الِاسْمَ الْقَبِيحَ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَفَاءَلُ بِالْحَسَنِ مِنَ الْأَسْمَاءِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ الدَّبَّاغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابن لهيعة عن الحرث بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ يَعِيشَ الْغِفَارِيِّ قَالَ دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِنَاقَةٍ فَقَالَ مَنْ يَحْلُبُهَا فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ مَا اسْمُكَ قَالَ مُرَّةُ قَالَ اقْعُدْ ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ ما اسم قَالَ جَمْرَةُ قَالَ اقْعُدْ ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ مَا اسْمُكَ قَالَ يَعِيشُ قَالَ احْلُبْهَا وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٌ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَوَجَّهَ لِحَاجَةٍ يُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَ يَا نَجِيحُ يَا رَاشِدُ يَا مُبَارَكُ أَخْبَرَنَا عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَعْلَى حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْقَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ الفأل

وَيَكْرَهُونَ الطِّيَرَةَ قَالَ فَقُلْتُ لِابْنِ عَوْنٍ يَا أَبَا عَوْنٍ مَا الْفَأْلُ قَالَ أَنْ تَكُونَ بَاغِيًا فَتَسْمَعَ يَا وَاجِدُ أَوْ تَكُونَ مَرِيضًا فَتَسْمَعَ يَا سَالِمُ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ كَانَ إِذَا سَأَلَ عَنِ اسْمِ الرَّجُلِ فَكَانَ حَسَنًا رىء البشاشة في وجهه وإن كان سيئا رىء ذلك فيه وإذا سأل عن ابن الأرض فكان حسنا رىء ذَلِكَ فِيهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَطَيَّرُ وَلَكِنْ كَانَ يَتَفَاءَلُ فَرَكِبَ بُرَيْدَةَ فِي سَبْعِينَ رَاكِبًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَنِي أَسْلَمَ فَتَلَقَّى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا بُرَيْدَةُ فَالْتَفَتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ بَرُدَ أَمْرُنَا وَصَلَحَ قَالَ ثُمَّ قَالَ مِمَّنْ قَالَ مِنْ أَسْلَمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ سَلِمْنَا قَالَ ثُمَّ قَالَ مِمَّنْ قَالَ مِنْ بَنِي سَهْمٍ قَالَ خَرَجَ سَهْمُكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ لَنَا أَبُو عَمَّارٍ سَمِعْتُ أَوْسًا يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ أَخِيهِ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ فَأَعَدْتُ ثَلَاثًا مَنْ حَدَّثَكَ قَالَ سَهْلٌ أَخِي حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال حدثنا يحيى عن هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَشُعْبَةُ

عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَأُحِبُّ الْفَأْلَ قِيلَ وَمَا الْفَأْلُ قَالَ الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ

الحديث الرابع والستون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَسِتُّونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 767 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ وَمَا فَاتَتْهُ وَلَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا أَعْظَمُ أَوْ أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَهَذَا مَوْقُوفٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ رَأْيًا فَكَيْفَ وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بن عيسى المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رسولالله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ وَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَفْضَلُ وَكَانَ مَالِكٌ فِيمَا حَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ لَا يُعْجِبُهُ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَظُنُّ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وقت فجعل أَوَّلَ الْوَقْتِ وَآخِرَهُ وَقْتًا وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ أوله أفضل وَالَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي مِنْ تَرْكِ مَالِكٍ الْإِعْجَابَ بهذا الْحَدِيثِ لِأَنَّ فِيهِ وَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ أَوْ أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ ذَهَابِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَهَذَا اللَّفْظُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَوْتًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ كُلِّيًّا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا كُلُّهُ وَلَا يُدْرِكَ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ الْغُرُوبِ وَهَذَا الْمَعْنَى يُعَارِضُ ظَاهِرَ قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا فَاتَتْهُ وَلَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ فَاتَهُ وَقْتُهَا غَيْرُ قَوْلِهِ فَاتَهُ من وقتها فكأن مالك رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يَرَ أَنَّ بَيْنَ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَوَسَطِهِ وَآخِرِهِ مِنَ الْفَضْلِ مَا يُشْبِهُ مُصِيبَةَ مَنْ فَاتَهُ ذَلِكَ بِمُصِيبَةِ مَنْ ذَهَبَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي ذَهَابِ الْوَقْتِ كُلِّهِ هَذَا عِنْدِي مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ فَوَاتَ بَعْضِ الْوَقْتِ كَفَوَاتِ الْوَقْتِ كُلِّهِ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا مَنْ فَضَّلَ أَوَّلَ الْوَقْتِ عَلَى آخِرِهِ وَلَا مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا لِأَنَّ فَوْتَ بَعْضِ الْوَقْتِ مُبَاحٌ وَفَوْتَ الْوَقْتِ كُلِّهِ لَا يَجُوزُ وَفَاعِلُهُ عَاصٍ لِلَّهِ إِذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَنْ صَلَّى فِي وَسَطِ الْوَقْتِ وَآخِرِهِ وَإِنْ كَانَ مَنْ صَلَّى فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَفْضَلَ مِنْهُ وَتَدَبَّرْ هَذَا تَجِدْهُ كَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ فَضَّلَ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَلَهُ دَلَائِلُ وَحُجَجٌ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَحْسَنِهَا وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنَّهُ

غَيْرُ مُعَارِضٍ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ إِلَى تَفْضِيلِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتَعْظِيمِ عَمَلِ الصَّلَاةِ وَالْبِدَارِ إِلَيْهَا فِيهِ وَالتَّحْقِيرِ لِلدُّنْيَا يَقُولُ إِنَّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى فِعْلِهَا فَقَدْ تَرَكَ مِنَ الْفَضْلِ وَعَظِيمِ الْأَجْرِ مَا هُوَ أَعْظَمُ وَأَفْضَلُ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ لِأَنَّ قَلِيلَ الثَّوَابِ فِي الْآخِرَةِ فَوْقَ مَا يُؤْتَى الْمَرْءُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَلَمَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَيَدُلُّكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا حَدِيثُ الْعَلَاءِ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ يَعِيبُ تَارِكَ الْعَصْرِ إِلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَحُكْمُ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَصَلَاةِ الْعِشَاءِ كَحُكْمِ صَلَاةِ الْعَصْرِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهَا لَا تَشْتَرِكُ مَعَ غَيْرِهَا بَعْدَهَا فَحَدِيثُ هَذَا الْبَابِ وَرَدَ فِي تَفْضِيلِ الصَّلَاةِ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا لَا أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ كَمَنْ وُتِرَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالُهُ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا

قَالَ وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا المسعودي عن عبد الملك ابن عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي حَثْمَةَ عَنِ الشِّفَا أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أَفْضَلُ الْعَمَلِ الصَّلَاةُ عَلَى أَوَّلِ وَقْتِهَا قَالَ وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ عَنْ بَعْضِ أُمَّهَاتِهِ عَنْ أُمِّ فَرْوَةَ أَنَّهَا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَرَوَى اللَّيْثُ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ عَنْ جَدَّتِهِ الدُّنْيَا عَنْ جَدَّتِهِ الْقُصْوَى أُمِّ فَرْوَةَ وَكَانَتْ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ فَقَالَ الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا وَهَذِهِ الْآثَارُ قَدْ عَارَضَهَا مِنْ صَحِيحِ الْآثَارِ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الحديث الخامس والستون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَسِتُّونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 867 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ أَوَّلَ مَا يُنْظَرُ فِيهِ مِنْ عَمَلِ الْعَبْدِ الصَّلَاةُ فَإِنْ قُبِلَتْ مِنْهُ نُظِرَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عَمِلِهِ وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ لَمْ يُنْظَرْ فِي شَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ وَهَذَا لَا يَكُونُ رَأْيًا وَلَا اجْتِهَادًا وَإِنَّمَا هُوَ تَوْقِيفٌ وَقَدْ رُوِيَ مُسْنَدًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْخَضِرِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُوسَى السَّامِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ تَمِيمَ الدَّارِيَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَلَاتُهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ حَكِيمٍ الضَّبِّيِّ قَالَ قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ إِذَا أَتَيْتَ أَهْلَ مِصْرِكَ فَأَخْبِرْهُمْ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ فَإِنْ أَتَمَّهَا وَإِلَّا قِيلَ انْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ

تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتِ الْفَرِيضَةُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ثُمَّ يُفْعَلُ بِسَائِرِ الْأَعْمَالِ الْمَفْرُوضَةِ مِثْلَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَنْطَاكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ غَالِبٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ حَكِيمٍ الضَّبِّيِّ أَنَّهُ أَتَى الْمَدِينَةَ فَلَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ لَهُ يَا فَتَى أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ قُلْتُ بَلَى قَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلَاةُ فَيَقُولُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شيئا قال انظروا هل لعبدي ممن تَطَوُّعٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ قَالَ أَكْمِلُوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ يُونُسُ وَأَحْسَبُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ داود ابن أَبِي هِنْدٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

بِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ ثُمَّ الزَّكَاةُ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا إِكْمَالُ الْفَرِيضَةِ مِنَ التَّطَوُّعِ فَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِيمَنْ سَهَا عَنْ فَرِيضَةٍ فَلَمْ يَأْتِ بِهَا أَوْ لَمْ يُحْسِنْ رُكُوعَهَا وَلَمْ يَدْرِ قَدْرَ ذَلِكَ وَأَمَّا مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا أَوْ نَسِيَ ثُمَّ ذَكَرَهَا فَلَمْ يَأْتِ بِهَا عَامِدًا وَاشْتَغَلَ بِالتَّطَوُّعِ عَنْ أَدَاءِ فَرْضِهِ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهُ فَلَا تُكْمَلُ لَهُ فَرِيضَتُهُ تِلْكَ مِنْ تَطَوُّعِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الشَّامِيِّينَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ هُوَ عِنْدِي مُنْكَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ السَّكُونِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يُكْمِلْ فِيهَا رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَخُشُوعَهُ زِيدَ فِيهَا مِنْ سَبَحَاتِهِ حَتَّى تَتِمَّ وَهَذَا لَا يُحْفَظُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَإِنْ صَحَّ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ صَلَاتِهِ وَقَدْ أَتَمَّهَا عِنْدَ نَفْسِهِ وَلَيْسَتْ فِي الْحُكْمِ بِتَامَّةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ فإن عذاب عذاب عَلَى تَرْكِ التَّعَلُّمِ وَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ فَاللَّهُ أَهْلُ الْعَفْوِ وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَإِنْ قُبِلَتْ مِنْهُ نُظِرَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عَمَلِهِ فَمَعْنَى الْقَبُولِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ تُوجَدَ تَامَّةً عَلَى مَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا لُزُومَ فَرْضٍ فَإِنْ وُجِدَتْ كَذَلِكَ قُبِلَتْ وَنُظِرَ فِي سَائِرِ عَمَلِهِ وَآثَارُ هَذَا الْبَابِ يُعَضِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ عَلَى الْأُصُولِ الصِّحَاحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُحَاسَبُ بِصَلَاتِهِ فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ

الحديث السادس والستون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَسِتُّونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 967 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي أن المرء ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل الظامىء بِالْهَوَاجِرِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْيًا وَلَا يَكُونَ مِثْلُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا وَغَيْرِهِ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا الْيَمَانُ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بحسن الخلق درجة الساهر بالليل الظامىء بِالْهَوَاجِرِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قال حدثنا سهل بن إبراهيم ابن سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْجَزَرِيُّ الْبَلَدِيُّ الزُّهْرِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ الْحِمْصِيُّ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ أَجْرَ السَّاهِرِ بِاللَّيْلِ الظامىء بالهواجر

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ محمد حدثنا أحمد ابن أَبِي سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ لهيعة عن الحرث بن يزيد عن ابن حجيرة قال سمع عَبْدَ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الْمُسْلِمَ الْمُسَدِّدَ لَيُدْرِكُ دَرَجَةَ الصَّوَّامِ الْقَوَّامِ بِآيَاتِ اللَّهِ بِحُسْنِ خُلُقِهِ وَكَرَمِ ضَرِيبَتِهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُ كُنْتَ وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حَسَنٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صالح المقرىء حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ التَّمِيمِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيُدْخِلُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ بِطَلَاقَةِ وَجْهِهِ وَحُسْنِ بِشْرِهِ وَحُسْنِ خُلُقِهِ الْجَنَّةَ حَتَّى ينال الدرجات العلى مع الصائم القائم الْمُخْبِتِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الذُّهَيْلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ الْمَدِينِيُّ قال

حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتِ بْنِ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن المرء ليدرك بحسن خلقه درجات القائم بالليل الظامىء بِالْهَوَاجِرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنِ الْمُطَّلِبِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم وَحَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ سَعِيدٍ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَهْدِيٍّ الْحَافِظُ الْبَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الله ابن الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ الْحَسَنِ أَبُو عبد الله قال حدثا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ أَبِي الْعَطُوفِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ الْأَحْبَارِ يَقُولُ إِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا حَسَّنَ خَلْقَهُ وَخُلُقَهُ

الحديث السابع والستون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَسِتُّونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 77077077 077 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كَانَ يُولِمُ بِالْوَلِيمَةِ مَا فِيهَا خُبْزٌ وَلَا لحم هكذا هو الحديث في الموطأ عند جَمَاعَتُهُمْ لَمْ يُجَاوِزُوا بِهِ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَحْمَدَ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ فَبَاطِلٌ عَنْ مَالِكٍ وَيَصِحُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَيَسْتَنِدُ مِنْ وَجْهٍ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ سَمَاعُهُ لِيَحْيَى مِنْ أَنَسٍ وَرَوَاهُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عن حمد عَنْ أَنَسٍ قَالَ شَهِدْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيمَةً لَيْسَ فِيهَا خُبْزٌ وَلَا لَحْمٌ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَزَادَ ابْنُ وَهْبٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قُلْتُ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَا أَبَا حَمْزَةَ قَالَ بِسَوِيقٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو الْأَحْوَصِ حَدَّثَنَا ابْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَكَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيمَةً لَيْسَ فِيهَا خُبْزٌ وَلَا لَحْمٌ قُلْتُ فَبِأَيِّ شَيْءٍ هُوَ يَا أَبَا حَمْزَةَ قَالَ تمر وسويق

وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ وَإِسْمَاعِيلُ هَذَا لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِيمَا رَوَى عَنْ أَهْلٍ الْمَدِينَةِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عِيسَى الْقَفَصِيُّ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ عَلَى غَيْرِ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ إِلَّا الْحَيْسَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قاسم بن عيسى المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ شَهِدْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيمَةً مَا فِيهَا خُبْزٌ وَلَا لَحْمٌ قَالَ الْبَغْوَيُّ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ عُمَرَ بْنِ مَعْدَانَ ثابت إلى عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَنَسٍ الزُّهْرِيِّ وَحُمَيْدٍ وَعَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو وَلَا يُنْكِرُ مِنْ حديث ثابت ولثابت عن أنس حديث الموليمة عَلَى زَيْنَبَ وَأَمَّا هَذِهِ الْوَلِيمَةُ فَهِيَ الْوَلِيمَةُ عَلَى صَفِيَّةَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى التَّأْكِيدِ فِي الْإِطْعَامِ لِلْوَلِيمَةِ بِمَا يَسَّرَ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَلَيْسَتِ الْوَلِيمَةُ اللَّحْمَ إِنَّمَا الْوَلِيمَةُ طَعَامُ الْعُرْسِ لَحْمًا كَانَ أَوْ غَيْرَ لَحْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْعَمَ عَلَى زَيْنَبَ حِينَ تَزَوَّجَهَا خُبْزًا وَلَحْمًا حَتَّى امْتَدَّ النَّهَارُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى زَيْنَبَ فَأَشْبَعَ الْمُسْلِمِينَ خُبْزًا وَلَحْمًا وَقَدْ مَضَى فِي بَابُ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَبَابُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ الْأَعْرَجِ مِنْ أَحْكَامِ طَعَامِ الْوَلِيمَةِ وَالْإِجَابَةِ إِلَيْهَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَشِفَاءٌ فَلَا وَجْهَ لِتَكْرِيرِ ذَلِكَ هَهُنَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا وَائِلُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ أَبِيهِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ

يَقُولُ لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَاصْطَفَى صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ لِنَفْسِهِ خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرْدِفُهَا وَرَاءَهُ يَحْوِي عَلَيْهَا عَبَاءَتَهُ ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ رِجْلَهُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهَا وَتَرْكَبَ فَلَمَّا بَلَغَ سَدَّ الصَّهْبَاءِ عَرَّسَ بِهَا فَصَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ فَأَمَرَنِي فَدَعَوْتُ مَنْ حَوْلَهُ فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَتَهُ

الحديث الثامن والستون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَسِتُّونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 177 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ وَهَذَا حَدِيثٌ مُسْنَدٌ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن محمد ابن إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّبَّاحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ قَالَتْ فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ كَفِّنُونِي فِي هَذَا الثَّوْبِ لِثَوْبٍ كَانَ فِيهِ وَدَغٌ وَزَعْفَرَانٌ كَانَ يَمْرَضُ فِيهِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَغْسِلُوهُ وَثَوْبَيْنِ آخَرَيْنِ فَقَالُوا نُكَفِّنُكَ فِي ثِيَابٍ جُدُدٍ قَالَ لَا الْحَيُّ أَحْوَجُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ يَعْنِي بِالْمُهْلَةِ الصَّدِيدِ

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَرَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ الْقَاسِمُ وَعُرْوَةُ إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ زِيَادَةُ قَوْلِهَا لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي أَكْفَانِ الْمَوْتَى بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث التاسع والستون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَسِتُّونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 277 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا وَقَبْرٌ يُحْفَرُ بِالْمَدِينَةِ فَاطَّلَعَ رَجُلٌ فِي الْقَبْرِ فَقَالَ بئس مضجع المؤمن فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَمَا قُلْتَ فَقَالَ الرَّجُلُ إِنِّي لَمْ أُرِدْ هَذَا إِنَّمَا أَرَدْتُ الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا مثل القتل فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا عَلَى الْأَرْضِ بُقْعَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ قَبْرِي بِهَا مِنْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (21 33) وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا أَحْفَظُهُ مُسْنَدًا وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ مَوْجُودٌ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَفَضَائِلُ الْجِهَادِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَأَمَّا تَمَنِّي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَحْفُوظٌ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سعيد ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَالَّذِي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ بِأَنْ تَخَلَّفُوا عَنِّي وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي

سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ بَحِيرِ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْ أُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي أَهْلُ الْوَبَرِ وَالْمَدَرِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَجَّاجَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فَوَاقَ نَاقَةٍ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ الْقَتْلَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ صَادِقًا ثُمَّ مَاتَ أَوْ قُتِلَ فَلَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ وَمَنْ جُرِحَ جُرْحًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ نُكِبَ نَكْبَةً فإنها نجيء يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَغْزَرِ مَا كَانَتْ لَوْنُهَا كَالزَّعْفَرَانِ وَرِيحُهَا كَالْمِسْكِ وَمَنْ جُرِحَ جُرْحًا فِي سَبِيلِ الله فعليه طابع الشهداء

الحديث السبعون

حديث موفي سَبْعِينَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 377 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَأْتِنِي بِخَبَرِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَطُوفُ بَيْنَ الْقَتْلَى فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ مَا شَأْنُكَ فَقَالَ الرَّجُلُ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِآتِيَهُ بِخَبَرِكَ قَالَ فَاذْهَبْ إِلَيْهِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُ أَنِّي قَدْ طُعِنْتُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ طَعْنَةً وَأَنِّي قَدْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلِي وَأَخْبِرْ قَوْمَكَ أَنَّهُمْ لَا عُذْرَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ إِنْ قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ حَيٌّ (21 41) هَذَا الْحَدِيثُ لَا أَحْفَظُهُ وَلَا أَعْرِفُهُ إِلَّا عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ فَهُوَ عِنْدَهُمْ مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ لَمَّا انْصَرَفَ أَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أُحُدٍ وَوَجَّهُوا إِلَى مَكَّةَ فَزِعَ النَّاسُ إِلَى قَتْلَاهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَجُلٌ يَنْظُرُ لِي مَا فَعَلَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ أَفِي الْأَحْيَاءِ هُوَ أَمْ فِي الْأَمْوَاتِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَا أَنْظُرُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فَعَلَ فَنَظَرَ فَوَجَدَهُ جَرِيحًا فِي الْقَتْلَى وَبِهِ رَمَقٌ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ أَفِي الْأَحْيَاءِ أَمْ فِي الْأَمْوَاتِ قَالَ أَنَا فِي الْأَمْوَاتِ فَأَبْلِغْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِّي السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ إِنَّ سَعْدَ بْنَ الرَّبِيعِ يَقُولُ جَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيًّا عَنْ أُمِّتِهِ وَأَبْلِغْ قَوْمَكَ عَنِّي السَّلَامَ وَقُلْ لَهُمْ إِنَّ سَعْدَ بْنَ الرَّبِيعِ يَقُولُ لَكُمْ لَا عُذْرَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ إِنْ خَلَصَ إِلَى نَبِيِّكُمْ وَمِنْكُمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ قَالَ ثُمَّ لَمْ أَبْرَحَ حَتَّى مَاتَ قَالَ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَهُ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي بِخَبَرِهِ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بن عبد الرحمن ابن أَبِي صَعْصَعَةَ الْمَازِنِيُّ أَحَدُ بَنِي النَّجَّارِ وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الزُّبَيْرِيُّ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَبِنْتٍ لِسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ جَارِيَةٍ صَغِيرَةٍ عَلَى صَدْرِهِ يَرْشُفُهَا وَيُقَبِّلُهَا فَقَالَ رَجُلٌ مَنْ هَذِهِ قَالَ بنت رجل خير مني سعد ابن الرَّبِيعِ كَانَ مِنَ النُّقَبَاءِ يَوْمَ الْعَقَبَةِ وَشَهِدَ بَدْرًا وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَخَلَّفَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ رَحِمَهُ اللَّهُ ابْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ وَبِهِمَا عُرِفَتِ السُّنَّةُ وَالْمُرَادُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي مِيرَاثِ الِابْنَتَيْنِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ إِنَّمَا نَطَقَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ فَأَخْبَرَهُ بِمِيرَاثِ الْوَاحِدَةِ وَمِيرَاثِ مَا فَوْقَ الِاثْنَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرِ الِاثْنَتَيْنِ فَلَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَيْ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الثُّلُثَيْنِ عَلِمَ أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ مِيرَاثَ الِاثْنَتَيْنِ مِنَ الْبَنَاتِ كَمِيرَاثِ مَا فَوْقَهُنَّ مِنَ الْعَدَدِ لَا كَمِيرَاثِ الْوَاحِدَةِ فكأنه قال عز وجل فإن كن نساء اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ أُخِذَ قِيَاسًا وَاعْتِبَارًا بِالْأُخْتَيْنِ وَهَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِجْمَاعٌ وَإِنِ اخْتُلِفَ فِي السَّبَبِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ قَوْلَهُ فَوْقَ اثْنَتَيْنِ مَعْنَاهُ اثْنَتَيْنِ كَمَا قَالَ فَوْقَ الْأَعْنَاقِ يُرِيدُ الْأَعْنَاقَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى يَعْنِي ابْنَ الطَّبَّاعِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ إِنَّ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنَتَيْ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا فَأَخَذَ عَمُّهُمَا كُلَّ شَيْءٍ مِنْ تَرِكَتِهِ فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مِنْ مَالِ أَبِيهِمَا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا وَاللَّهِ مَا لَهُمَا مَالٌ وَلَا يُنْكَحَانِ إِلَّا وَلَهُمَا مَالٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ مَا شَاءَ فَنَزَلَتِ السُّورَةُ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ

الْآيَةَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّهُمَا فَقَالَ أَعْطِ هَاتَيْنِ الْجَارِيَتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ مِمَّا تَرَكَ أَبُوهُمَا وَأَعْطِ أُمَّهُمَا الثُّمُنَ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَكَ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ أَبُو يَعْقُوبَ هَذَا هُوَ إِسْحَاقُ بْنُ الطِّبَاعِ

الحديث الحادي والسبعون

حَدِيثٌ حَادٍ وَسَبْعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 477 - مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَغَّبَ فِي الْجِهَادِ وَذَكَرَ الْجَنَّةَ وَرَجُلٌ مَنِ الْأَنْصَارِ يَأْكُلُ تَمَرَاتٍ فِي يَدِهِ فَقَالَ إِنِّي لَحَرِيصٌ عَلَى الدُّنْيَا إِنْ جَلَسْتُ حَتَّى أَفْرُغَ مِنْهُنَّ فَرَمَى مَا فِي يَدِهِ وَحَمَلَ بِسَيْفِهِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ (21 42) هَذَا الْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ رَجُلٌ يَوْمَ أُحُدٍ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَيْنَ أَنَا قَالَ فِي الْجَنَّةِ فَأَلْقَى التَّمَرَاتِ كُنَّ فِي يَدِهِ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ حَزْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ مَأْمُونٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَيْبَانَ بِالرَّمْلَةِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قُتِلْتُ فَأَيْنَ أَنَا قَالَ فِي الْجَنَّةِ فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ فِي يَدِهِ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الطُّوسِيُّ أَبُو عَبْدُ اللَّهِ صَاحِبُ الزُّبَيْرِ بْنِ بِكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن يزيد المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَوْمَ أُحُدٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قُتِلْتُ فَأَيْنَ أَنَا قَالَ فِي الْجَنَّةِ فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ فِي يَدِهِ وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّاسِ يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ فَحَرَّضَهُمْ عَلَى القتال ونفل كل امرىء مَا أَصَابَ وَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُقَاتِلُهُمُ الْيَوْمَ رَجُلٌ فَيُقْتَلُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ فَقَالَ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ وَفِي يَدِهِ تَمَرَاتٌ يَأْكُلُهَا بَخٍ بَخٍ أَمَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَنْ أَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَنِي هَؤُلَاءِ قَالَ ثُمَّ قَذَفَ التَّمَرَاتِ مِنْ يَدِهِ وَأَخَذَ الْحَجَفَةَ وَقَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ وَهُوَ يَقُولُ رَكْضًا إِلَى اللَّهِ بِغَيْرِ زَادِ إِلَّا التُّقَى وَعَمَلَ الْمَعَادِ وَالصَّبْرَ فِي اللَّهِ عَلَى الْجِهَادِ وَكُلُّ زَادٍ عُرْضَةُ النَّفَادِ غَيْرَ التُّقَى والبر والرشاد

الحديث الثاني والسبعون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَسَبْعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُئِيَ يَمْسَحُ وَجْهَ فَرَسِهِ بِرِدَائِهِ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي عُوتِبْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْخَيْلِ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مُسْنَدًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ وَلَا يَصِحُّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْفِهْرِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْسَحُ وَجْهَ فَرَسِهِ بِرِدَائِهِ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ وَقِيلَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ فَعَلْتَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ فَقَالَ إِنِّي عُوتِبْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْخَيْلِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ الْخَيْلِ وَفَضْلُ اتِّخَاذِهَا وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ارْتِبَاطِهَا عِدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي حَبْسِهَا رِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَقَدْ جَاءَتْ فِي الْخَيْلِ آثار كثيرة

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنَ الْوَحْيِ مَا لَا يُتْلَى وَأَنَّ الْمَرْءَ يُؤْجَرُ فِي الْإِحْسَانِ إِلَى الْعَجْمَاءِ وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُئِيَ صَبَاحًا وَهُوَ يَمْسَحُ وَجْهَ فَرَسِهِ بِرِدَائِهِ وَقَالَ إِنَّ جِبْرِيلَ عَاتَبَنِي اللَّيْلَةَ فِي الْخَيْلِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ الْأَشْجَعِيُّ قَالَ رُئِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ خَدَّ فَرَسِهِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ جِبْرِيلَ عَاتَبَنِي فِي الْفَرَسِ هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنِ الزبير بن الخريت عن نعيم بن بْنِ أَبِي هِنْدٍ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتِ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ مُسْنَدًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَوِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ إسماعيل بن سيمان بْنِ مُجَالِدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ عن عبد الرحمان بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ سَلَّامٍ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْجُهَنِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى عليه وسلم

فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ وَلَيْسَ اللَّهْوُ إِلَّا فِي ثَلَاثَةٍ تَأْدِيبِ الرَّجُلِ فَرَسَهُ وَمُلَاعَبَتِهِ امْرَأَتَهُ وَرَمْيِهِ بِقَوْسِهِ وَنَبْلِهِ وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَمَا عَلِمَهُ رَغْبَةً عَنْهُ فَإِنَّمَا هِيَ نِعْمَةٌ كَفَرَهَا أَوْ قَالَ كَفَرَ بِهَا وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْبَزَّارُ هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عَقِيلِ بْنِ شَبِيبٍ عَنْ أَبِي وَهْبٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَمُّوا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وعبد الرحمان وَارْتَبِطُوا الْخَيْلَ وَامْسَحُوا بِنَوَاصِيهَا وَأَكْفَالِهَا وَقَلِّدُوهَا وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ وَعَلَيْكُمْ بِكُلِّ كُمَيْتٍ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ أَوْ أَشْقَرَ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ أَوْ أَدْهَمَ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ النِّسَاءِ من الخيل

قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَاهُ أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمٍ الرَّاسِيَّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَعْجَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْخَيْلِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ غُفْرًا بَلِ النِّسَاءُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا يُونُسَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتِلُ نَاصِيَةَ فَرَسِهِ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَجْرُ والمغنم من الغنيمة

الحديث الثالث والسبعون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَسَبْعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 677 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّعْدَيْنِ أَنْ يَبِيعَا آنِيَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَبَاعَا كُلَّ ثَلَاثَةٍ بِأَرْبَعَةٍ عَيْنًا أَوْ كُلَّ أَرْبَعَةٍ بِثَلَاثَةٍ عَيْنًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَيْتُمَا فَرُدَّا (31 28) وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا أَعْلَمُهُ يَسْتَنِدُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي ذِكْرِ السَّعْدَيْنِ وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَعَمْرُو بْنِ الْحَرْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ وَعَنْهُ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وعمرو بن الحرث عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ جَعَلَ السَّعْدَيْنِ عَلَى الْمَغَانِمِ فَجَعَلَا يَبِيعَانِ كُلَّ أَرْبَعَةِ مَثَاقِيلَ بِثَلَاثَةٍ عَيْنًا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَيْتُمَا فَرُدَّا وَأَحَدُ السَّعْدَيْنِ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ هَكَذَا جَاءَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ أَنَّ أَحَدَ السَّعْدَيْنِ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَلَا أَعْلَمُ في الصحابة سعد ابن مَالِكٍ إِلَّا سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَأَمَّا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَهُوَ سَعْدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ أَبُو إِسْحَاقَ وَأَمَّا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَهُوَ سَعْدُ بْنُ مَالِكِ بن سنان

الْأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي خُدْرَةَ وَيَبْعُدُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ أَحَدُ السَّعْدَيْنِ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ لِصِغَرِ سنه والأظهر الأغلب أنه سعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ دُلَيْمٍ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ فَعَلَى هَذَا أَحَدُ السَّعْدَيْنِ مُهَاجِرِيٌّ وَالْآخِرُ أَنْصَارِيٌّ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ السَّعْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذَا الخبر هما سعد بن معاذ وسعد ابن عُبَادَةَ وَزَعَمَ قَائِلُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا السَّعْدَانِ الْمَعْرُوفَانِ في ذلك الزمان واحتج بالخير الْمَأْثُورِ أَنَّ قُرَيْشًا سَمِعُوا صَائِحًا يَصِيحُ لَيْلًا عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ فَإِنْ يُسْلِمِ السَّعْدَانِ يُصْبِحْ مُحَمَّدٌ بِمَكَّةَ لَا يَخْشَى خِلَافَ الْمُخَالِفِ قَالَ فَظَنَّتْ قُرَيْشٌ أَنَّهُمَا سَعْدُ بْنُ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ وَسَعْدُ هُذَيْمٍ مِنْ قُضَاعَةَ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ سَمِعُوا صَوْتًا عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ أَيَا سَعْدُ سَعْدَ الْأَوْسِ هَلْ كُنْتَ نَاصِرًا وَيَا سَعْدُ سَعْدَ الْخَزْرَجِيِّينَ الْغَطَارِفِ أَجِيبَا إِلَى دَاعِي الْهُدَى وَتَمَنَّيَا عَلَى اللَّهِ فِي الْفِرْدَوْسِ مُنْيَةَ عَارِفِ فَإِنَّ ثَوَابَ اللَّهِ لِلطَّالِبِ الْهُدَى جِنَانٌ مِنَ الْفِرْدَوْسِ ذَاتُ رَفَارِفِ قَالَ فَقَالُوا هَذَانِ وَاللَّهِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَسَعْدُ بن عبادة

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا غَلَطٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَحَدَ السَّعْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ تُوُفِّيَ بَعْدَ الْخَنْدَقِ بِيَسِيرٍ مِنْ سَهْمٍ أَصَابَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَلَمْ يُدْرِكْ خَيْبَرَ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى وَأَصَحُّ وَقَدْ وَجَدْنَا ذَلِكَ مَنْصُوصًا ذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ وَسَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَا حَدَّثَنَا قُدَامَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ بْنِ خَشْرَمٍ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا كَثِيرٍ جُلَاحٍ مَوْلَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَوْ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ حَنَشًا السَّبَائِيَّ عَنْ فَضَالَةَ (بْنِ عُبَيْدٍ) يَقُولُ كُنَّا يَوْمَ خَيْبَرَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْغَنَائِمِ سعد بن أبي وقاص وسعد بن عبادة فَأَرَادُوا أَنْ يَبِيعُوا الدِّينَارَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ وَالثَّلَاثَةَ بِالْخَمْسَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ حَسَنٌ وَأَبُو كَثِيرٍ هَذَا يُقَالُ فِيهِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ وَيُقَالُ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَرْوَانَ مِصْرِيٌّ تابعي ثقة روى عنه عمرو بن الحرث وَبُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ وَسَائِرُ الْإِسْنَادِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى الْقَوْلِ فِيهِ فَصَحَّ أَنَّ السَّعْدَيْنِ سَعْدُ ابن أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَارْتَفَعَ الشَّكُّ فِي ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هَذَا الْحَدِيثَ فَقِيلَ إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْهُذَلِيُّ يَرْوِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَزَعَمَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَالِدُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ تَحْرِيمِ الِازْدِيَادِ فِي الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ فَمَعْنًى مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لَا خِلَافَ فِيهِ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ مِنْ رَدِّ السُّنَّةِ لَهُ وَالْآثَارُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْهَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الْجُلَاحِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَنَشٌ الصَّنْعَانِيُّ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ نُبَايِعُ الْيَهُودَ الْأُوقِيَّةَ مِنَ الذَّهَبِ بِالدِّينَارِ وَقَالَ غَيْرُ قُتَيْبَةَ بِالدِّينَارَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَامِرِ بْنِ يَحْيَى وَخَالِدِ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ حَنَشٍ السَّبَائِيِّ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ نُبَايِعُ الْيَهُودَ أُوقِيَّةَ الذَّهَبِ

بِالدِّينَارَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالُوا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ حَنَشٍ عَنْ فَضَالَةَ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَبَعْضُهُمْ قَالَ عَامَ خَيْبَرَ بِقِلَادَةٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهَا خَرَزٌ مُعَلَّقَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِقِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ ابْتَاعَهَا رَجُلٌ بِسَبْعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَتَّى تُمَيِّزَ مَا بَيْنَهُمَا قَالَ إِنَّمَا أَرَدْتُ الْحِجَارَةَ قَالَ لَا حَتَّى تُمَيِّزَ مَا بَيْنَهُمَا

الحديث الرايع والسبعون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَسَبْعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 777 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ خَالِدَ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أُرَوَّعُ فِي مَنَامِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ وَهَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ مُسْنَدًا وَغَيْرَ مُسْنَدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ كَانَ يُرَوَّعُ أَوْ يَرُوقُ مِنَ اللَّيْلِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَعَوَّذَ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ مِنْ شَرِّ عِبَادِهِ وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ يُرَوَّعُ فِي مَنَامِهِ قَالَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا

اضْطَجَعْتَ لِلنَّوْمِ فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ وَشَرِّ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ فَقَالَهَا فَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يُعَلِّمُهَا مَنْ بَلَغَ مِنْ بَنِيهِ وَمَنْ كَانَ منهم صغيرا لَا يُقِيمُهَا كَتَبَهَا وَعَلَّقَهَا عَلَيْهِ هَكَذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَهُوَ أَخُو خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَكَانَ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ أَسْلَمَ قَبْلَ أَخِيهِ وَقُتِلَ شَهِيدًا فِي حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ السَّرَايَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ مِنَ الْفَزَعِ كَلِمَاتٍ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يُعَلِّمُهُنَّ مَنْ عَقَلَ مِنْ بَنِيهِ وَمَنْ لَمْ يَعْقِلْ كَتَبَهَا فَعَلَّقَهَا عَلَيْهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرُ مَخْلُوقٍ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعَاذُ بِمَخْلُوقٍ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرٍ إِلَّا قَوْلُهُ وَأَنْ يَحْضُرُونِ فَإِنَّ أَهْلَ الْمَعَانِي قَالُوا مَعْنَاهُ وَأَنْ تُصِيبُونِي بِسُوءٍ وَكَذَلِكَ قَالَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (23 97 98)

يُصِيبُونِي بِسُوءٍ قَالَ وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ أَيْ يُصَابُ النَّاسُ فِيهَا وَمِنْ هَذَا أَيْضًا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ أَيْ يُصِيبُ مِنْهُ صَاحِبَهُ

الحديث الخامس والسبعون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَسَبْعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 877 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ يَطْلُبُهُ بِشُعْلَةٍ مِنْ نَارٍ كُلَّمَا الْتَفَتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ فَقَالَ جِبْرِيلُ أَفَلَا أَعُلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقَولُهُنَّ إِذَا قُلْتَهُنَّ طُفِيَتْ شُعْلَتُهُ وَخَرَّ لِفِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَى قَالَ جِبْرِيلُ فَقُلْ أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ وَبِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَشَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ وَشَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمِنْ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمِنْ طوارق الليل إلا طارق يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ (51 10) وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ قَوْمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مُسْنَدًا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ عَيَّاشٍ الشَّامِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ وَهُوَ مَعَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَنَا مَعَهُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ وَجَعَلَ الْعِفْرِيتُ يَدْنُو

وَيَزْدَادُ قُرْبًا فَقَالَ جِبْرِيلُ أَلَا أَعُلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ فَيُكَبُّ الْعِفْرِيتُ لِوَجْهِهِ وَتُطْفَأُ شُعْلَتُهُ قُلْ أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ وَكَلِمَاتِهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمِنْ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمِنْ شر طوارق الليل إلا طارق يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ فَكُبَّ الْعِفْرِيتُ لِوَجْهِهِ وَانْطَفَأَتْ شُعْلَتُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ هَذَا هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَخُو إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ وَهُمَا ثِقَتَانِ وَقَدْ رَوَى جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَنَشٍ أَوْ قِيلَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَنَشٍ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا حَدَّثَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ صَنَعَ حِينَ كَادَتْهُ الْجِنُّ قَالَ تَحَدَّرَتْ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ مِنَ الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ يُرِيدُونَهُ وَكَانَ فِيهِمْ شَيْطَانٌ مَعَهُ شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَآهُمْ فَزِعَ مِنْهُمْ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ قُلْ قَالَ مَا أَقُولُ قَالَ قُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمِنْ شَرِّ كل طارق إلا طارق يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ ذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو

التَّيَّاحِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَنَشٍ وَكَانَ رَجُلًا كَبِيرًا فَقَالَ كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين كَادَتْهُ الْجِنُّ فَذَكَرَهُ وَحَدَّثَنَا بِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَنَشٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَنَشٍ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ كَادَتْهُ الشَّيَاطِينُ قَالَ تَحَدَّرَتْ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ مِنَ الْجِبَالِ وَالْأَوْدِيَةِ يُرِيدُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِمُ شَيْطَانٌ مَعَهُ شُعْلَةُ نَارٍ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَهُ بِهَا فَلَمَّا رَآهُمْ وَجِلَ وَجَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ قُلْ قَالَ وَمَا أَقُولُ قَالَ قُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ اللَّائِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمِنْ شر مايعرج فِيهَا وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ وَبَرَأَ وَمِنْ شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طارق إلا طارق يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ فَطُفِئَتْ شُعْلَةُ نَارِ الشَّيْطَانِ وَهَزَمَهُمُ اللَّهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يُعْلَمُ مَنْ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَنَشٍ وَلَيْسَ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ غَيْرُهُ

الحديث السادس والسبعون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَسَبْعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 977 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِنْ بَاعَ سَمْحًا إِنِ ابْتَاعَ سَمْحًا إِنْ قَضَى سَمْحًا إِنِ اقْتَضَى (31 100) لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَى مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ أَبُو غَسَّانَ الْمَدَنِيُّ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَمَرْفُوعًا عَنْهُ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

الحديث السابع والسبعون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَسَبْعُونَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ 87087087 087 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا ذَرٍّ كَانَ يَقُولُ مَسْحُ الْحَصْبَاءِ مَسْحَةٌ وَاحِدَةٌ وَتَرْكَهَا خَيْرٌ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ الْحُمْرَ مِنَ الْإِبِلِ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ فِي أَلْوَانِ الْإِبِلِ أَحْسَنُ مِنَ الْأَحْمَرِ وَقَالَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ هِيَ هَهُنَا حُمْرٌ بِتَسْكِينِ الْمِيمِ لَا غَيْرَ وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ فِي مَسْحِ الْحَصْبَاءِ مَرْفُوعٌ صَحِيحٌ مَحْفُوظٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ يَرْوِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ فَلَا يَمْسَحُ الْحَصَى قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُعَيْقِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَمْسَحِ

الْحَصَى يَعْنِي الْأَرْضَ وَأَنْتَ تُصَلِّي وَإِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَوَاحِدَةً تَسْوِيَةُ الْحَصَى وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ وَأَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَمْسَحِ الْحَصَى فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَيْقِبٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَمَرَّةً وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا الْأَحْوَصِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ فَلَا تَمْسَحُوا الْحَصَى اللَّفْظُ لِابْنِ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ إِنْ مَسَحَ الْحَصَى قَالَ لَا يُعِدْ وَلَا يَسْجُدْ قَالَ أَبُو عُمَرَ السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ أَنْ لَا يُعْمِلَ جَوَارِحَهُ فِي غَيْرِهَا وَمَسْحُ الْحَصْبَاءِ لَيْسَ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْسَحَ وَلَا يَعْبَثَ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ وَلَا

يَأْخُذَ شَيْئًا وَلَا يَضَعَهُ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ تَنْتَقِضْ بِذَلِكَ صَلَاتُهُ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي ذَرٍّ مِنْ طُرُقٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ رُخِّصَ فِي مَسْحِ الْحَصَى مَرَّةً وَاحِدَةً وَتَرْكُهَا خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ نَاقَةٍ سَوْدَاءِ الْحَدَقَةِ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي لَيْلَى عَنْ عِيسَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى سَأَلْتُهُ عَنْ مَسْحِ الْحَصَى فَقَالَ واحدة أودع وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسَوِّي الْحَصَى قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ وَمَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ نَحْوَ ذَلِكَ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَسْحُ الْجَبْهَةِ وَالْوَجْهِ مِنَ التُّرَابِ فِي الصَّلَاةِ فَكُلُّهَا أَيْضًا يَكْرَهُهُ وَهُوَ عِنْدَهُمْ مَعَ ذَلِكَ خَفِيفٌ وَيَسْتَحِبُّونَ أَنْ لَا يَمْسَحَ وَجْهَهُ مِنَ التُّرَابِ حَتَّى يَفْرُغَ فَإِنْ فَعَلَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ فَلَا حَرَجَ وَلَا يُحِبُّونَهُ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا فِي تَعْفِيرِ الْوَجْهِ بِالْأَرْضِ لِلَّهِ فِي السُّجُودِ مِنَ التَّذَلُّلِ وَالتَّضَرُّعِ فَلِهَذَا اسْتَحَبُّوا مِنْهُ مَا كَانَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا لَمْ يَكُنْ تَشْوِيهًا بِالْوَجْهِ وَإِسْرَافًا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حدثنا عبد الله ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ إِذَا أُقِيمَتِ الصلاة فاشموا إِلَيْهَا عَلَى هَيْئَتِكُمْ وَصَلُّوا

مَا أَدْرَكْتُمْ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَاقْضُوا مَا بَقِيَ وَلَا تَمْسَحُوا التُّرَابَ عَنِ الْأَرْضِ إِلَّا مَرَّةً وَلَأَنْ أَصْبِرَ عَلَيْهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مِائَةِ نَاقَةٍ سَوْدَاءِ الْحَدَقَةِ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَكَانُوا يُشَدِّدُونَ فِي الْمَسْحِ لِلْحَصَى لِمَوْضِعِ الْجَبِينِ مَا لَا يُشَدِّدُونَ فِي مَسْحِ الْوَجْهِ مِنَ التُّرَابِ قَالَ أَجَلْ وَصَلَّى اللَّهُ على محمد

ابن حماس

مَالِكٌ عَنِ ابْنِ حِمَاسٍ حَدِيثَانِ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ حِمَاسٍ وَقِيلَ يُوسُفُ بْنُ يُونُسَ وَاضْطَرَبَ فِي اسْمِهِ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ اضْطِرَابًا كَثِيرًا وَأَظُنُّ ذَلِكَ مِنْ مَالِكٍ وَكَانَ ابْنُ حِمَاسٍ هَذَا رَجُلًا صَالِحًا فَاضِلًا مُجَابَ الدَّعْوَةِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ كَانَ يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ أَوْ يُوسُفُ بْنُ يُونُسَ شَكَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ عُبَّادِ النَّاسِ فَرَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ مِنْهَا فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ خَلَقْتَ لِي بَصَرِي نِعْمَةً وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ عَلَيَّ نِقْمَةً فَأَقْبِضْهُ إِلَيْكَ فَكَانَ يَرُوحُ إِلَى الْمَسْجِدِ يَقُودُهُ ابْنُ أَخٍ لَهُ فَإِذَا اسْتَقْبَلَ الْأُسْطُوَانَةَ اشْتَغَلَ الصَّبِيُّ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَإِنْ نَابَتْهُ حَاجَةٌ حَصَبَهُ وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَبَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي ذَاتَ يَوْمٍ ضَحْوَةً إِذْ حَسَّ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَحَصَبَ ابْنَ أَخِيهِ فَاشْتَغَلَ مَعَ الصِّبْيَانِ يَلْعَبُ وَلَمْ يَأْتِهِ فَلَمَّا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ خَلَقْتَ لِي بَصَرِي نِعْمَةً وَخَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَلَيَّ نِقْمَةً وَسَأَلْتُكَ فَقَبَضْتَهُ اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ خَشِيتُ الْفَضِيحَةَ قَالَ فَانْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَهُوَ يُبْصِرُ قَالَ مَالِكٌ فَرَأَيْتُهُ أَعْمَى ورأيته بصيرا

الحديث الأول

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِابْنِ حِمَاسٍ 187 - مَالِكٌ عَنِ ابْنِ حِمَاسٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال لَتُتْرَكَنَّ الْمَدِينَةُ عَلَى أَحْسَنِ مَا كَانَتْ حَتَّى يَدْخُلَ الْكَلْبُ أَوِ الذِّئْبُ فَيُغَذِّيَ عَلَى بَعْضِ سَوَارِي الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلِمَنْ تَكُونُ الثِّمَارُ ذَلِكَ الزَّمَانَ قَالَ لِلْعَوَافِي الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ حِمَاسٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ يُسَمَّ ابْنُ حَمَاسٍ بِشَيْءٍ وَقَالَ أَبُو الْمُصْعَبِ مَالِكٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ حِمَاسٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ قَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ يُوسُفَ بْنِ يُونُسَ بْنِ حِمَاسٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ نَافِعٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بُرْدٍ وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ كُلُّهُمْ قَالَ يُوسُفُ بن يونس

وَقَالَ فِيهِ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ حِمَاسٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ قِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا وَقَدْ رَوَى عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الله ابن عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ حِمَاسٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ لَتُتْرَكَنَّ الْمَدِينَةُ عَلَى أَحْسَنِ مَا كَانَتْ حَتَّى يَدْخُلَ الْكَلْبُ فَيُغَذِّيَ عَلَى بَعْضِ سَوَارِي الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلِمَنْ تَكُونُ الثِّمَارُ ذَلِكَ الزَّمَانَ قَالَ لِلْعَوَافِي الطَّيْرُ وَالسِّبَاعُ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ أَحَدٍ وَجَعَلَ الْحَدِيثَ بَلَاغًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذَا الِاضْطِرَابُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ جَاءَ مِنْ قِبَلِ مَالِكٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرِوَايَةُ يَحْيَى فِي ذَلِكَ حَسَنَةٌ لِأَنَّهُ سَلِمَ مِنَ التَّخْلِيطِ فِي الِاسْمِ وَأَظُنُّ أَنَّ مَالِكًا لَمَّا اضْطَرَبَ حِفْظُهُ فِي اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ رَجَعَ إِلَى إِسْقَاطِ اسْمِهِ وَقَالَ عَنِ ابْنِ حِمَاسٍ وَيَحْيَى مِنْ آخِرِ مَنْ عَرَضَ عَلَيْهِ الْمُوَطَّأَ وَشَهِدَ وَفَاتَهُ وَيُقَالُ إِنَّ الْقَعْنَبِيَّ شَهِدَ وَفَاتَهُ أَيْضًا وَلِذَلِكَ انْصَرَفَ إِلَى الْعِرَاقِ

وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتُتْرَكَنَّ الْمَدِينَةُ أَحْسَنَ مَا كَانَتْ دَلِيلٌ عَلَى عِلْمِ الْغَيْبِ بِمَا كَانَ يُنَبَّأُ بِهِ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ مِنَ الْوَحْيِ وَفِي ذَلِكَ عَلَمٌ وَاضِحٌ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَيُغَذِّيَ عَلَى بَعْضِ سَوَارِي الْمَسْجِدِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ الذِّئْبَ يَبُولُ عَلَى سَوَارِي الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى الْمِنْبَرِ شَكَّ الْمُحَدِّثُ وَذَلِكَ لِخَلَاءِ الْمَدِينَةِ مِنْ أَهْلِهَا ذَلِكَ الزَّمَانَ وَخُرُوجِ النَّاسِ عَنْهَا وَتَغَيُّرِ الْإِسْلَامِ فِيهَا حَتَّى لَا يَكُونَ بِهَا مَنْ يَهْتَبِلُ بِالْمَسْجِدِ فَيَصُونُهُ وَيَحْرُسُهُ يُقَالُ مِنْ هَذَا الْفِعْلِ غَذَّتِ الْمَرْأَةُ وَلِيدَهَا بِالتَّشْدِيدِ إِذَا أَبَالَتْهُ أَيْ حَمَلَتْهُ عَلَى الْبَوْلِ وَجَعَلَتْهُ يَبُولُ وَغَذَتْ وَلَدَهَا بِالتَّخْفِيفِ إِذَا أَطْعَمَتْهُ وَرَبَّتْهُ مِنَ الْغِذَاءِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِلْعَوَافِي الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ فَالطَّيْرُ وَالسِّبَاعُ تَفْسِيرٌ لِلْعَوَافِي وَهُوَ تَفْسِيرٌ صَحِيحٌ عَنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ أَيْضًا وَمِمَّا يُعَضِّدُ هَذَا التَّفْسِيرَ أَيْضًا حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُحْيِي أَرْضًا فَتَشْرَبُ مِنْهَا كَبِدٌ حَرَّى أَوْ تُصِيبُ مِنْهُ عَافِيَةً إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا أَجْرًا وَالْعَافِيَةُ واحدة وَالْعَافِي هَهُنَا الطَّالِبُ لِمَا يَأْخُذُ وَيَأْكُلُ قَالَ الْأَعْشَى تَطُوفُ الْعُفَاةُ بِأَبْوَابِهِ كَطَوْفِ النَّصَارَى بِبَيْتِ الوثن

وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ يَمْدَحُ خَالِدَ بْنَ بَرْمَكٍ أَخَالِدُ إِنِّي لَمْ أَزُرْكَ لِحَاجَةٍ وَلَكِنَّنِي عَافٍ وَأَنْتَ جَوَادُ وَلِهَذِهِ اللَّفْظَةِ مَعَانٍ فِي اللُّغَةِ مُخْتَلِفَةٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ حَدَّثَنِي أَبِي سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحرث عَنْ حَبِيبِ بْنِ جَمَّازٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَتَعَجَّلَ رِجَالٌ إِلَى الْمَدِينَةِ فَبَاتُوا بِهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ سَأَلَ عَنْهُمْ فَقِيلَ تَعَجَّلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَإِلَى النِّسَاءِ فَقَالَ تَعَجَّلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ أَمَا إِنَّهُمْ سَيَتْرُكُونَهَا وَهِيَ أَحْسَنُ مَا كَانَتْ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أبان قال حدثنا يَحْيَى عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال لَيَتْرُكَنَّ الْمَدِينَةَ أَهْلُهَا خَيْرٌ مَا كَانَتْ نِصْفَيْنِ رَطْبًا وَزَهْوًا قَالَ وَمَنْ يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ أُمَرَاءُ السُّوءِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ هَكَذَا حَدَّثَنَا بِهِ مُسْلِمٌ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الحديث الثاني

حديث ثاني لِابْنِ حِمَاسٍ 287 - مَالِكٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأنصاري أنه وجد غلمانا قد ألجؤوا ثَعْلَبًا إِلَى زَاوِيَةٍ فَطَرَدَهُمْ عَنْهُ قَالَ مَالِكٌ لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ أَفِي حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ هَذَا قَالَ التِّنِّيسِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ أَفِي حَرَمِ اللَّهِ وَقَالَ مَعْنٌ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ أَفِي حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ يَحْيَى وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ وَحُدُودِ حَرَمِهَا فِي الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَفِي بَابِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو أَيْضًا وَلَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ فِيمَا عَلِمْتُ عَنْ مَالِكٍ فِي اسْمِ شَيْخِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكُلُّهُمْ قَالَ فِيهِ يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ غَيْرُ ابْنِ حِمَاسٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ ابْنُ حِمَاسٍ وَهَذَا يَقْضِي لِرِوَايَةِ مَعْنٍ وَأَبِي الْمُصْعَبِ بِالصَّوَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلِمَالِكٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ هَذَا حَدِيثٌ آخَرُ فِي الْمُوَطَّأِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَاطِبٍ وَهُوَ يَبِيعُ زَبِيبًا فِي السُّوقِ

يعقوب بن زيد بن طلحة

مَالِكٌ عَنْ أَبِي عَرَفَةَ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ يَعْقُوبُ بْنُ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ بن عبد الله بن جدعان القرشي التَّيْمِيُّ وَاسْمُ أَبِي مَلِيكَةَ زُهَيْرٌ وَكَانَ يَعْقُوبُ بْنُ زَيْدٍ قَاضِيًا ثِقَةً مَأْمُونًا رَوَى عَنْ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ وَرَوَى هُوَ وَأَبَوْهُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ رَوَى عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَسَمِعَ أَبُوهُ زَيْدُ بْنُ طَلْحَةَ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُهُ يَعْقُوبُ وَأَبُو عَلْقَمَةَ الْفَرْوِيُّ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ زَيْدُ بْنُ طَلْحَةَ ثِقَةٌ وقال ابن المدينة هُوَ شَيْخٌ مَعْرُوفٌ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَأَبُوهُ مِثْلُهُ 387 -) مَالِكٌ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أبيه زيده بن طلحة عن عبد الله بن أبي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ إِنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته أَنَّهَا زَنَتْ وَهِيَ حَامِلٌ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبِي حَتَّى تَضَعِي فَلَمَّا وَضَعَتْهُ جَاءَتْهُ فَقَالَ رَسُولُ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبِي حَتَّى تُرْضِعِيهِ فَلَمَّا أَرْضَعَتْهُ جَاءَتْهُ فَقَالَ اذْهَبِي فَاسْتَوْدِعِيهِ قَالَ فَاسْتَوْدَعَتْهُ ثُمَّ جَاءَتْ فَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى فِيمَا رَأَيْنَا مِنْ رِوَايَةِ شُيُوخِنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يعقوب بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ فَجَعَلَ الْحَدِيثَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ مُرْسَلًا عَنْهُ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ طلحة عن أبيه زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ كَمَا قَالَ يَحْيَى زَيْدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ فَجَعَلُوا الْحَدِيثَ لِزَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ مُرْسَلًا عَنْهُ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ جَوَّدَهُ ابْنُ وَهْبٍ فَرَفَعَ الْإِشْكَالَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسِبْ زَيْدَ بْنَ طَلْحَةَ وَجَعَلَ الْحَدِيثَ لَهُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّهَا زَنَتْ وَهِيَ حُبْلَى فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبِي حَتَّى تضعيه فذهبت فلما وضعت جَاءَتْهُ فَقَالَ اذْهَبِي حَتَّى تُرْضِعِيهِ فَلَمَّا أَرْضَعَتْهُ جَاءَتْهُ فَقَالَ اذْهَبِي حَتَّى تَسْتَوْدِعِيهِ فَلَمَّا اسْتَوْدَعَتْهُ جَاءَتْهُ فَأَقَامَ عَلَيْهَا الْحَدَّ هَكَذَا قَالَ وَأَقَامَ عَلَيْهَا الْحَدَّ وَالْحَدُّ الرَّجْمُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ يَحْيَى وَغَيْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَسَمِعْتُ شِمْرَ بْنَ نُمَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ حُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ إِلَّا أَنَّ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ يَكْفُلُهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَا أَكْفُلُهُ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهَا فَارْجُمُوهَا قَالَ عَلِيٌّ فَعُيِّرَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِهَا بِهَا فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ تِلْكَ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا عَرِيفٌ أَوْ صَاحِبُ عُشُورٍ لَقُبِلَتْ مِنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا هُوَ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ وَمُرْسَلُ حَدِيثِ مَالِكٍ خَيْرٌ عِنْدَهُمْ مِنْ مُسْنَدِ حُسَيْنٍ هَذَا وَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَحْتَجُّ بِهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ لِأَنَّ مُرْسَلَ مَالِكٍ لَيْسَ مِنْ مَرَاسِيلِ الْأَئِمَّةِ وَفِيهِ عِلَلٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا إِلَّا أَنَّهُ يَسْتَنِدُ مَعْنَاهُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَبُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ

وَرُوِيَ مُرْسَلًا مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَهُوَ مَشْهُورٌ عند أهل العلم معروف أعني رجن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ الْحُبْلَى بَعْدَ وَضْعِهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ وَأَبَانُ الْعَطَّارُ الْمَعْنَى وَاحِدٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قُلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ فِي حَدِيثِ أَبَانَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّهَا زَنَتْ وَهِيَ حُبْلَى فَدَعَا وَلِيًّا لَهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسِنْ إِلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْهُ فَجِئْنِي بِهَا فَلَمَّا أَنْ وَضَعَتْ جَاءَهُ بِهَا فَأَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهَا فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَدْ زَنَتْ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ وَهَلْ وَجَدْتَ أَكْثَرَ من أن جاءت بِنَفْسِهَا لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبَانَ فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا يَعْنِي شَدَّتْ وَهَكَذَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قُلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَالَفَهُمُ الْأَوْزَاعِيُّ فَرَوَاهُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ إِنْ صَحَّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيَّهَا فَقَالَ أَحْسِنْ إِلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا فَوَضَعَتْ فَأَتَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهَا فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ تُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَدْ زَنَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جاءت بِنَفْسِهَا هَكَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ إِنْ صَحَّ عَنْهُ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ وَهِشَامٌ عِنْدَهُمْ أَحْفَظُ مِنَ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَدْ تَابَعَهُ أَبَانُ وَمَعْمَرٌ وَأَمَّا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فَهُوَ وَهْمٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَضَافَ الصَّلَاةَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ يُضَافُ الْفِعْلُ إلى الآمر به كما يضاف ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَهَذَا مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ (43 51)

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَمَرَ بِقَتْلِهِ فِي قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ رَجْمٍ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ مَنْ قُتِلَ فِي قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ رَجْمٍّ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَصَلَاةِ غَيْرِهِ إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا فِيمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَحْدَهُ عُقُوبَةً لَهُ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِنَفْسِهِ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي مَاتَ بِخَيْبَرَ فَقَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَنَظَرُوا فِي مَتَاعِهِ فَوَجَدُوا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ لَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ قَالُوا فَتَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لِمَا كَانَ بِهِ مُطَالَبٌ مِنَ الْغُلُولِ وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَالُوا فَكَذَلِكَ الَّذِي يَقْتُلُ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِهَا إِلَّا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا عَلَى تَخْلِيصِهِ مِنْهَا وَعَلَى هذا حمل أهل العلم حديث سماك ابن حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ نَفْسَهُ بِمِشْقَصٍ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لَا تُتْرَكُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ فَإِنَّهُمْ خَالَفُوا فِي الْبُغَاةِ وَحْدَهُمْ فَقَالُوا لَا نُصَلِّي عَلَيْهِمْ لِأَنَّ عَلَيْنَا مُنَابَذَتَهُمْ وَاجْتِنَابَهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ قَالُوا وَبَعْدَ الْمَوْتِ أَحْرَى لِوُقُوعِ الْيَأْسِ مِنْ تَوْبَتِهِمْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ وَالَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحِجَازِيِّينَ وَالْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَى مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُذْنِبِينَ وَغَيْرَ مُذْنِبِينَ مُصِرِّينَ وَقَاتِلِي أَنْفُسِهِمْ وَكُلِّ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا خَالَفَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَكَرِهَهَا لِلْأَئِمَّةِ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهَا الْعَامَّةَ وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْبُغَاةِ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ غَيْرَ مَالِكٍ يُصَلُّونَ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَالْكَبَائِرِ وَالْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ وَأَمَّا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ فَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَتِ الْغَامِدِيَّةُ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي وَأَنَّهُ رَدَّهَا فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لِمَ تَرُدُّنِي فَلَعَلَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزًا فَوَاللَّهِ إِنِّي لَحُبْلَى قَالَ أَمَّا الْآنُ فَاذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي فَلَمَّا وَلَدَتْ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي خِرْقَةٍ قَالَتْ هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ قَالَ اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ فَأَرْضَعَتْهُ فَلَمَّا فَطَمَتْهُ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ وَفِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ فَطَمْتُهُ وَقَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ فَدَفَعَ الْغُلَامَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحَفَرَ لَهَا إِلَى صَدْرِهَا وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَرْمُوا وَأَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ

فَرَمَى رَأْسَهَا وَانْتَضَحَ الدَّمُ وَجْهَ خَالِدٍ فَسَبَّهَا خَالِدٌ فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّهُ إِيَّاهَا فَقَالَ مَهْلًا يَا خَالِدُ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصُلِّيَ عَلَيْهَا وَدُفِنَتْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الله ابن بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً يَعْنِي مِنْ غَامِدٍ أَتَتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي قَدْ فَجَرْتُ فَقَالَ ارْجِعِي فَرَجَعَتْ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ فَقَالَتْ لَعَلَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَحُبْلَى قَالَ ارْجِعِي حَتَّى تلدي فرجعت فلما ولدت أتته بالصبي فقال هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ قَالَ ارْجِعِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ فَجَاءَتْ بِهِ وَقَدْ فَطَمَتْهُ وَفِي يَدِهِ شَيْءٌ يَأْكُلُهُ فَأَمَرَ الصَّبِيَّ فَدَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا وَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ وَأَمَرَ بِهَا فَصُلِّيَ عَلَيْهَا وَدُفِنَتْ وَقَالَ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالصَّبِيِّ بَعْدَ أَنْ فُطِمَ إِذْ رَجَمَ أُمَّهُ فَدُفِعَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَكْفُلُهُ

وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ فِي قِصَّةِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَفَلَ وَلَدَهَا وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَكْفُلُهُ وَلَا يَصِحُّ حَدِيثُ عَلَيٍّ هَذَا لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ حُسَيْنِ بْنِ ضُمَيْرَةَ لَا غَيْرَ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ وَأَحْسَنُ إِسْنَادٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثُ بُرَيْدَةَ وَحَدِيثُ عِمْرَانَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ الْإِحْصَانِ الْمُوجِبِ لِلرَّجْمِ وَكَثِيرٌ مِنْ أَحْكَامِ الرَّجْمِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي بَابِ مُرْسَلِ ابْنِ شِهَابٍ وَفِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أُصُولٌ مِنْ أَحْكَامِ الرَّجْمِ وَفِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي انْتِظَارِ الْمَرْأَةِ الَّتِي قَدْ وَجَبَ عَلَيْهَا الرَّجْمُ إِلَى أَنْ تَفْطِمَ وَلَدَهَا فَقَالَ مَالِكٌ لَا تُحَدُّ حَتَّى تَضَعَ إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ تُجْلَدُ وَإِنْ كَانَ رَجْمًا رُجِمَتْ بَعْدَ الْوَضْعِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَا تُرْجَمُ حَتَّى تَجِدَ مَنْ يَكْفُلُ وَلَدَهَا وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ إِنْ وُجِدَ لِلصَّبِيِّ مَنْ يُرْضِعُهُ رُجِمَتْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لِلصَّبِيِّ مَنْ يُرْضِعُهُ لَمْ تُرْجَمْ حَتَّى تَفْطِمَ الصَّبِيَّ فَإِذَا فَطَمَتِ الصَّبِيَّ رجمت

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تُحَدُّ حَتَّى تَضَعَ فإن كان جلدا حتى تقال من النفس وَإِنْ كَانَ رَجْمًا رُجِمَتْ بَعْدَ الْوَضْعِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَمَّا الْجَلْدُ فَيُقَامُ عَلَيْهَا إِذَا وَلَدَتْ وأفاقت من نفاسها وأما الرجم فلا يقال عَلَيْهَا حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا وَيُوجَدَ مَنْ يَكْفُلُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ انْتِظَارُ الْفِطَامِ وَذَلِكَ مَحْفُوظٌ صَحِيحٌ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ وَفِي مُرْسَلِ مَالِكٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ وَحَدِيثِ عَلِيٍّ وَحَدِيثِ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْجُمْهَا حَتَّى فَطَمَتْهُ وَحَدِيثُ أَبِي الْمَلِيحِ يَرْوِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِهْرَانَ الْأَسَدِيُّ عَنْ عبد الملك ابن عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِهْرَانَ مَجْهُولٌ وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ مُرْسَلًا وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَأَبِي جَمِيلَةَ مَيْسَرَةَ الطُّهَوِيِّ وَعَاصِمِ بْنِ ضُمَيْرَةَ كُلُّهِمْ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ أَمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ لِبَعْضِ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَنَتْ فَلَمَّا وَلَدَتْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَجْلِدَهَا بَعْدَمَا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا فَجَلَدْتُهَا وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ مُرَاعَاةُ الْفِطَامِ وَهِيَ زِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مِقْلَاصٍ قَالَ

حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي وَلَدِ الزِّنَا لَوْ كَانَ شَرَّ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَتَأَنَّ بِأَمَهٍ أَنْ تُرْجَمَ حَتَّى تَضَعَهُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمُنَادِي حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي وَلَدِ الزِّنَا قَالَتْ مَا عَلَيْهِ مِنْ ذَنْبِ أَبَوَيْهِ شَيْءٌ ثُمَّ قَرَأَتْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْجُومَةِ هَلْ يُحْفَرُ لَهَا فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُحْفَرُ لِلْمَرْجُومِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمَرْجُومَةُ مِثْلُهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُحْفَرُ لِلْمَرْجُومِ وَإِنْ حُفِرَ لِلْمَرْجُومَةِ فَحَسَنٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي قِصَّةِ الْجُهَيْنِيَّةِ أَنَّهُ حُفِرَ لَهَا وَلَكِنْ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ حُفِرَ لِشَرَاحَةَ الْهَمْدَانِيَّةَ وَاسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ الْمَرْجُومَ لَا يُحْفَرُ لَهُ بِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْيَهُودِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ رَجَمَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يُحْفَرْ لَهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يَجِبُ مِنَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لله

باب الكني

باب الكني فيمن لا يوقف على اسمه من شويخ مالك رحمه الله 311 - مَالِكٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ 487 - مَالِكٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِطْرِيقِ مَكَّةَ قَالَ سَعِيدٌ فَلَمَّا خَشِيتُ الصُّبْحَ نَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ ثُمَّ أَدْرَكْتُ فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَيْنَ كُنْتَ فَقُلْتُ خَشِيتُ الصُّبْحَ فَنَزَلْتُ وَأَوْتَرْتُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَلَيْسَ لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فَقُلْتُ بَلَى وَاللَّهِ قَالَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ عَلَى الْبَعِيرِ وَقَعَ عِنْدَ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا فِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَمْرٍو وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ يَقُولُ إِنَّ يَحْيَى رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَرَ كَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَرَ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالنَّسَبِ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَدِيثُهُ هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ وَفِيهِ بَيَانٌ أَنَّ الْوَتْرَ نَافِلَةٌ لَا فَرِيضَةٌ وَرَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ الْوَتْرَ فَرْضًا لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهَا أَنَّ الْمُسَافِرَ وَغَيْرَ الْمُسَافِرِ لَا يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ عَلَى دَابَّتِهِ أَبَدًا وَهُوَ آمِنٌ قَادِرٌ عَلَى الصَّلَاةِ بِالْأَرْضِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى دَابَّتِهِ النَّوَافِلَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْكِتَابِ بَيَانُ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ مِنْهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطَرِّفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ بِعَسْقَلَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَزَوَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي قَالَ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ فَقَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرحمن بن عبد الله ابن عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَاكِبٌ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ خُلَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حدثنا أبي حدثنا عبد الرحمن ابن مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْبَعِيرِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمَّا أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْبَعِيرِ عَلِمْنَا أَنَّ الْوَتْرَ حُكْمُهُ حُكْمُ النَّافِلَةِ لَا حُكْمَ الْفَرِيضَةِ إِذْ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ يَنْقُلُ كَافَّتُهُمْ عَنْ كَافَّتِهِمْ عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْفَرِيضَةَ لَا يُصَلِّيهَا عَلَى الدَّابَّةِ أَحَدٌ وَهُوَ آمِنٌ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَهَا بِالْأَرْضِ وَإِنَّمَا تُصَلَّى الْفَرِيضَةُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّمَا تُصَلَّى فِي شِدَّةِ الطِّينِ وَالْمَاءِ وَالْوَحْلِ عَلَى الدَّابَّةِ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ عَلَى صَلَاتِهَا فِي الْمَاءِ وَاللَّهُ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا فَلَمَّا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرُ عَلَى الْبَعِيرِ بَانَ بِذَلِكَ أَنَّ الْوَتْرَ نَافِلَةٌ لَا فَرِيضَةَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خمس صلوات كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ وَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ النَّجْدِيُّ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَلَوْ كَانَتِ الصَّلَوَاتُ سِتًّا لَمْ يَكُنْ فِيهَا وُسْطَى وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْحَالَةِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا التَّنَفُّلُ عَلَى الدَّابَّةِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّنَازُعِ وَالِاعْتِلَالِ فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَبَابِ عمرو ابن يَحْيَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَبِي نَاجِيَةَ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ عَنِ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ محمد بن إبراهيم ابن قَحْطَبَةَ عَنِ الْحُنَيْنِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَهَذَا الْإِسْنَادُ خَطَأٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ إِلَّا مَا فِي الْمُوَطَّأِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

أبي بكر بن نافع

مَالِكٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ حَدِيثَانِ وَهُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَبِيهِ نَافِعٍ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ بِمَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ هَهُنَا وَلِنَافِعٍ هَذَا بَنُونٌ ثَلَاثَةٌ أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ وَهُوَ أَوْثَقُهُمْ وَأَجَلُّهُمْ وَعُمَرُ بْنُ نَافِعٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ وَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ وَلَا يُوقَفُ عَلَى اسْمِهِ

الحديث الأول

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ 587 - مَالِكٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحَى هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ عَنْهُ إِلَّا أَنَّ بَعْضَ رُوَاةِ ابْنِ بُكَيْرٍ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَكَذَلِكَ بَعْضُ رُوَاةِ ابْنِ وَهْبٍ أَيْضًا رَوَاهُ عَنِ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهَذَا لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِحَدِيثِ مَالِكٍ وَإِنَّمَا هَذَا الْحَدِيثُ لِمَالِكٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى وَسَائِرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ وَعَبْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ احْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللحى

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنَ بْنَ عِيسَى وَرَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ قَالُوا حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحَى وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحفوا الشوارب فأعفوا اللِّحَى فَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْأَخْفَشُ وَجَمَاعَةٌ الْإِحْفَاءُ الِاسْتِئْصَالُ وَالْإِعْفَاءُ تَرْكُ الشَّعْرَ لَا يَحْلِقُهُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَفُقَهَائِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَحِفُّونَ شَوَارِبَهُمْ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَحْلِقُهُ حَتَّى يَبْدُوَ الْجِلْدُ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُحْفِي شَارِبَهُ إِحْفَاءً شَدِيدًا وَيَحْلِقُهُ حَتَّى يَبْدُوَ جِلْدُهُ وَيَقُولُ السُّنَّةُ الْإِحْفَاءُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَحْكِ ذَلِكَ عَنْهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الَّذِي يُحْفَى مِنَ الشَّارِبِ هُوَ الْإِطَارُ وَهُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ الْعُلْيَا وَأَصْلُ الْإِطَارِ جَوَانِبُ الْفَمِ الْمُحْدِقَةُ بِهِ مَعَ طَرَفِ الشارب المحدق بالفم وكل شيء يحدث بشيء ويحيط

بِهِ فَهُوَ إِطَارُهُ وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ فَذَكَرَ مِنْهُنَّ قَصُّ الشَّارِبِ فَقَوْلُهُ قَصُّ الشَّارِبِ يُفَسِّرُ قَوْلَهُ إِحْفَاءُ الشَّوَارِبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْمَدَائِنِيُّ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ قَالَ حَدَّثَنَا جُنَادَةُ بْنُ مَرْوَانَ الْأَزْدِيُّ عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عبد الله ابن بُسْرٍ قَالَ كَانَ شَارِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِيَالِ شَفَتِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قال حدثنا مِسْعَرٌ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ أَبِي صَخْرَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ ضِفْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَأَمَرَ لِي بِجَنْبٍ فَشُوِيَ وَأَخَذَ مِنْ شَارِبِي عَلَى سِوَاكٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَإِعْفَاءُ اللِّحَى فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يَعْنِي تُوَفَّرُ وَتَكْثُرُ يُقَالُ مِنْهُ عَفَا الشَّعْرَ إِذَا كَثُرَ فَهُوَ عَافٍ وَقَدْ عَفَوْتُهُ وَأَعْفَيْتُهُ لغتان قال

اللَّهُ حَتَّى عَفَوْا يَعْنِي كَثُرُوا وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ متصرفة يقال في غير هَذَا عَفَا الشَّيْءَ إِذَا دَرَسَ وَأَمْحَى قَالَ لَبِيَدٌ عَفَتِ الدِّيَارُ مَحِلُّهَا فَمُقَامُهَا هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ يُقَالُ عَفَا الشَّيْءُ يَعْفُو عَفْوًا إِذَا كَثُرَ وَقَدْ عَفَوْتُهُ أَعْفُوهُ وَأَعْفَيْتُهُ أُعْفِيهِ إِعْفَاءً إِذَا كَثَّرْتُهُ وَعَفَا الْقَوْمُ إِذَا كَثُرُوا وَعَفُّوا إِذَا قَلُّوا وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ وَالْعَافِي الطَّالِبُ وَالْعَافِي عَنِ الْجُرْمِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا (24 22) قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا اللُّغَةُ فِي أَعْفُوا فَمُحْتَمِلَةٌ لِلشَّيْءِ وَضِدِّهِ كَمَا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْأَخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ فَكَرِهَ ذَلِكَ قَوْمٌ وَأَجَازَهُ آخَرُونَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَصْبَغَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ لَا بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ مَا تَطَايَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ وَشَذَّ قَالَ فَقِيلَ لِمَالِكٍ فَإِذَا طَالَتْ جِدًّا فَإِنَّ مِنَ اللِّحَى مَا تَطُولُ قَالَ أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا وَتُقَصَّرَ وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُعْفِي لِحْيَتَهُ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ

وَذَكَرَ السَّاجِيُّ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ وَابْنُ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَصَّرَ مِنْ لِحْيَتِهِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ كَانَ يَقْبِضُ عَلَيْهَا وَيَأْخُذُ مِنْ طَرَفِهَا مَا خَرَجَ مِنَ الْقَبْضَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا ابْنُ عُمَرَ رَوَى اعْفُوَا اللِّحَى وَفَهِمَ الْمَعْنَى فَكَانَ يَفْعَلُ مَا وَصَفْنَا وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْحَجِّ وَغَيْرِ الْحَجِّ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ قَالَ رَمْيُ الْجِمَارِ وَذَبْحُ الذَّبِيحَةِ وَحَلْقُ الرَّأْسِ وَالْأَخْذُ مِنَ الشَّارِبِ وَاللِّحْيَةِ وَالْأَظْفَارِ وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَكَانَ قَتَادَةُ يَكْرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ لِحْيَتِهِ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَكَانَ يَأْخُذُ مِنْ عَارِضَيْهِ وَكَانَ الْحَسَنُ يَأْخُذُ مِنْ طُولِ لِحْيَتِهِ وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ يُعْفِي لِحْيَتَهُ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ قال منصور فذكرت ذلك لإبرهيم فَقَالَ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ جَوَانِبِ اللِّحْيَةِ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ 687 -) مَالِكٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ حِينَ ذُكِرَ الْإِزَارُ فَالْمَرْأَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تُرْخِيهِ شِبْرًا قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ إِذًا يَنْكَشِفُ عَنْهَا قَالَ فَذِرَاعًا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ (48 13) هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أبيه عن صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَغَيْرِهِ يَرْوِيهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَمِّ سَلَمَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَجْلَانَ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَافِيَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الإمام قال محمد ابن رُمْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ أَنَّهُ سَمِعَ نَافِعًا يُخْبِرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّمَتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذُيُولِ النِّسَاءِ حِينَ نَهَى عَنْ جَرِّ الثَّوْبِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتُرْخِي شِبْرًا فَقَالَتْ إِذًا تَنْكَشِفُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذِرَاعٌ لَا تزيد عليه

وَهَذَا الْإِسْنَادُ عِنْدِي خَطَأٌ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ إِسْنَادِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جعفر حدثنا عبد الله ابن أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ويعلى ابن عُبَيْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَيْلُ النِّسَاءِ شِبْرٌ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا تَخْرُجُ أَقْدَامُهُنَّ قَالَ فَذِرَاعٌ لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْإِسْنَادِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ الْعَلَاءِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ مَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ وَمَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ هُنَاكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحَدِيثُ هَذَا الْبَابِ يُفَسِّرُ مَعْنَى حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ حِينَ قَالَتْ لَهَا الْمَرْأَةُ إِنِّي أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ طُولِ ذُيُولِ النِّسَاءِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَزِيدُ عَلَى شِبْرٍ أَوْ ذِرَاعٍ فِي أَقْصَى ذَلِكَ فَقِفْ عَلَيْهِ فَهُوَ أَصْلُ هَذَا الْبَابِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ظُهُورَ قَدَمِ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ لَا يَجُوزُ كَشْفُهُ فِي الصَّلَاةِ خِلَافَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ

ذَكَرْنَا مَا مِنَ الرَّجُلِ عَوْرَةٌ وَمَا مِنَ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَجَرُّ ذَيْلِ الْحُرَّةِ معروف في السنة مشهور عنه الأمة أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ كُتِبَ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ عَلَيْنَا وَعَلَى الْمُحْصَنَاتِ جَرُّ الذُّيُولِ

أبي ليلى الأنصاري

96 - مَالِكٌ عَنْ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِي لَيْلَى هَذَا فَقِيلَ اسْمُهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرحمن بن سهل بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَقِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرحمن بن سهل وَقِيلَ دَاوُدُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ وَقَالَ فِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ أَبُو لَيْلَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ 787 -) مَالِكٌ عَنْ أَبِي لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سهل عن سهل بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جُهْدٍ أَصَابَهُمْ فَأَتَى مُحَيِّصَةُ فَأَخْبَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ قَدْ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي فَقِيرِ بِئْرٍ أَوْ عَيْنٍ فَأَتَى يَهُودَ فَقَالَ أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ فَأَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قومه فذكر ذَلِكَ ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبِّرْ كَبِّرْ يريد السن

فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَكَتَبُوا إِنَّا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ فَقَالُوا لَا قَالَ فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ قَالُوا لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ بِمِائَةِ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمُ الدَّارَ قَالَ سَهْلٌ لَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عن أبي ليلى بن عبد الله ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ سَهْلٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى سَمَاعِ أَبِي لَيْلَى مِنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ نَافِعٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو الْمُصْعَبِ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ هُوَ وَرِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ أُخْبَرَهُ عَنْ رِجَالٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ وَإِنِ اخْتَلَفَ لَفْظُهُ يَدُلُّ عَلَى سَمَاعِ أَبِي لَيْلَى مِنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَرِوَايَةُ التِّنِّيسِيِّ لِهَذَا الْحَدِيثِ نَحْوُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالشَّافِعِيِّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدُ ابن أَحْمَدَ بْنِ كَامِلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ قَالُوا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ

سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ حَدَّثَنَا أَبُو لَيْلَى عَبْدُ اللَّهِ بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ هُوَ وَرِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ فَلَا مَعْنَى لِإِنْكَارِ مَنْ أَنْكَرَ سَمَاعَ أَبِي لَيْلَى مِنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَقَوْلُهُ مَعَ ذَلِكَ إِنَّهُ مَجْهُولٌ لَمْ يَرْوِ عنه غير مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَلَيْسَ بِمَجْهُولٍ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكٌ وَحَدِيثُهُ هَذَا مُتَّصِلٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَحِيحٌ وَسَمَاعُ أَبِي لَيْلَى مِنْ سَهْلٍ صَحِيحٌ وَلِأَبِي لَيْلَى رِوَايَةٌ عَنْ عَائِشَةَ وَجَابِرٍ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مُمَهَّدًا مَبْسُوطًا فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فَلَا مَعْنَى لِتَكْرِيرِ ذَلِكَ هَهُنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا حُجَّةَ لِمَنْ جَعَلَ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ يَأْذَنُوا بِحَرْبٍ حُجَّةً فِي إِبْطَالِ القود بالقسامة لأن قوله فيه تحلفوا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ يَدُلُّ عَلَى الْقَوَدِ فَإِنِ ادَّعَى مُدَّعٍ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ دَمُ صَاحِبِكُمْ مَا يَجِبُ بِدَمِ صَاحِبِكُمْ وَهِيَ الدِّيَةُ فَقَدِ ادَّعَى بَاطِنًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ فِيهِ الْقَوَدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا يَخْرُجُ حَدِيثُ أَبِي لَيْلَى هَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ مُخَاطَبَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ بَعْدَ عَفْوِ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الْعَفْوُ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ عَنِ الْقَتْلِ عَلَى أَخْذِ الدِّيَةِ وَيَخْرُجُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ بَعْدَ أَنْ يحلف ولاة

لِلدَّمِ وَيَخْرُجُ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لِلدَّمِ وَقَدْ بَانَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَعْنَى قَوْلِهِ إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهُمْ إِنْ حَلَفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى رَجُلٍ أَعْطَوْهُ بِرُمَّتِهِ وَهَذَا هُوَ الْقَوَدُ بِعَيْنِهِ وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَغَيْرِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ بِخَطِّهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ ابن قَاسِمٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّ وُجِدَ مَقْتُولًا بِخَيْبَرَ عِنْدَ قُبَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَأَتَوْا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ الْكِبَرُ يَا عَبْدَ الرحمن فليتكلم الْأَكْبَرُ فَتَكَلَّمَ عَمُّهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا وَجَدْنَا أَخَانَا مَقْتُولًا عِنْدَ قُبَاءِ هَذَا الْيَهُودِيِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُقْسِمُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّهُ قَتَلَ صَاحِبَكُمْ فأدفعه إليكم برمته قالوا كيف نفسم عَلَى مَا لَا عِلْمَ لَنَا بِهِ فَقَالَ يُنَاقِلُونَكُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلُوا صَاحِبَكُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يَهُودُ وَنَحْنُ مُسْلِمُونَ فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ خَيْبَرَ

أن أدوا مائة من الإبل وإلا فأذنوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَعَانَهُمْ بِبِضْعٍ وَثَلَاثِينَ نَاقَةً وَهُوَ أَوَّلُ دَمٍ كَانَتْ فِيهِ الْقَسَامَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ ضُرُوبٌ قَدْ ذَكَرْنَاهَا وَذَكَرْنَا مَنْ تَعَلَّقَ بِهَا مِنَ الْفُقَهَاءِ وَمَنْ خَالَفَهَا وَإِلَى مَا خَالَفَهَا مِنَ الْأَثَرِ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

أبي عبيد مولى سليمان ابن عبد الملك بن مروان

(مَالِكٌ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ) حَدِيثٌ وَاحِدٌ مَرْفُوعٌ وَآخَرُ مَوْقُوفٌ وَأَبُو عُبَيْدٍ هَذَا حَاجِبُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَوْلَاهُ اسْمُهُ حَيٍّ وَيُقَالُ حَيِّي وَكَانَ ثِقَةٌ وَلِمَالِكٍ عَنْهُ مَرْفُوعَاتُ الْمُوَطَّأِ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا مُرْسَلٌ يَتَّصِلُ مَعْنَاهُ مِنْ وُجُوهٍ حسان

الحديث الأول

حَدِيثٌ أَوَّلُ لِأَبِي عُبَيْدٍ 887 - مَالِكٌ عَنْ أَبِي عبيد مولى سليمن بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدَانَ يَرْفَعُهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيَرْضَاهُ وَيُعِينُ عَلَيْهِ مَا لَا يُعِينُ عَلَى الْعُنْفِ فَإِذَا رَكِبْتُمْ هَذِهِ الدَّوَابَّ الْعُجْمَ فَأَنْزِلُوهَا مَنَازِلَهَا فَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ جَدْبَةً فَانْجُوا عَلَيْهَا بِنَقْيِهَا وَعَلَيْكُمْ بِسَيْرِ اللَّيْلِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ مَا لَا تُطْوَى بِالنَّهَارِ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّعْرِيسَ عَلَى الطَّرِيقِ فَإِنَّهَا طُرُقُ الدَّوَابِّ وَمَأْوَى الْحَيَّاتِ (54 38) قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يَسْتَنِدُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَهِيَ أَحَادِيثُ شَتَّى مَحْفُوظَةٌ وَأَمَّا الرِّفْقُ فَمَحْمُودٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَا كَانَ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ كَذَلِكَ جَاءَ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ وَالرِّفْقُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أُشِيرَ بِهِ إِلَى الرِّفْقِ بِالدَّوَابِّ فِي الْأَسْفَارِ

وَأَمَرَ الْمُسَافِرَ فِي الْخِصْبِ بِأَنْ يَمْشِيَ رُوَيْدًا وَمَهْلًا وَيُكْثِرَ النُّزُولَ لِتَرْعَى دَابَّتَهُ وَتَأْكُلَ مِنَ الْكَلَأِ وَتَنَالَ مِنَ الْحَشِيشِ وَالْمَاءِ هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ مُخَصَّبَةً وَالسَّفَرُ بَعِيدًا وَلَمْ تَضُمَّ صَاحِبَهُ ضَرُورَةٌ إِلَى أَنْ يَجِدَّ فِي السَّيْرِ فَإِذَا كَانَ عَامُ السَّنَةِ وَأَجْدَبَتِ الْأَرْضُ فَالسَّنَةُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُسْرِعَ السَّيْرَ وَيَسْعَى فِي الْخُرُوجِ عَنْهَا وَبِدَابَّتِهِ شَيْءٌ مِنَ الشَّحْمِ وَالْقُوَّةِ إِلَى أَرْضِ الْخِصْبِ وَالنَّقِيُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الشَّحْمُ وَالْوَدَكُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ فَمَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِنَّ الدَّابَّةَ بِاللَّيْلِ أَقْوَى عَلَى الْمَشْيِ إِذَا كَانَتْ قَدْ نَالَتْ قُوَّتَهَا وَاسْتَرَاحَتْ نَهَارَهَا تُضَاعِفُ مَشْيَهَا وَلِهَذَا نَدَبَ إِلَى سَيْرِ اللَّيْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو لِمَنْ وَدَّعَهُ اللَّهُمَّ اطْوِ لَهُ الْبُعْدَ وَازْوِ لَهُ الْأَرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ سَفَرًا لِيُوَدِّعَهُ فَقَالَ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ اللَّهُمَّ اطْوِ لَهُ الْبُعْدَ وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ وَجِيهُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقِ بْنِ دِينَارٍ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ وَحُمَيْدٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَيَعِيشُ بْنِ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُهَيْرٍ أَبُو يَعْلَى الْقَاضِي بِالْأُبُلَّةِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنِي الْمَدِينِيُّ يَعْنِي عبد الله ابن جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ مُخْصَبَةً فَاقْصِدُوا فِي السَّيْرِ وَأَعْطَوُا الرِّكَابَ حَقَّهَا فَإِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَإِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ مُجْدِبَةً فَانْجُوَا عَلَيْهَا وَعَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّعْرِيسَ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَمُدَرَّجَةُ السِّبَاعِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ

رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ فَأَعْطُوا الْإِبِلَ حَقَّهَا مِنَ الْأَرْضِ وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي السَّنَةِ فَأَسْرِعُوا عَلَيْهَا السَّيْرَ وَإِذَا عَرَّسْتُمْ فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ مَأْوَى الْهَوَامِّ بِاللَّيْلِ وَرَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ سُهَيْلٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى الْوَرَّاقُ قَالَ خَلَفٌ وَكَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الْأَبْدَالِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ النَّيْسَابُورِيُّ بِمَكَّةَ حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ لِأَبِي عُبَيْدٍ 987 - مَالِكٌ عَنْ أَبِي عبيد مولى سليمن بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ سَبَّحَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبَّرَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَحَمِدَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَخَتَمَ الْمِائَةَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ (15 22) هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِثْلُهُ لَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ وَهُوَ مَرْفُوعٌ صَحِيحٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ثَابِتَةٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصي وَمِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَغَيْرِهِمْ بِمَعَانٍ متقاربة

باب بلاغات مالك ومرسلاته

بَابُ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ وَمُرْسَلَاتِهِ مِمَّا بَلَغَهُ عَنِ الرِّجَالِ الثِّقَاتِ وَمَا أَرْسَلَهُ عَنْ نَفْسِهِ فِي مُوَطَّئِهِ وَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ أَحَدٌ وَسِتُّونَ حَدِيثًا حَدِيثٌ أَوَّلُ مَنِ الْبَلَاغَاتِ 97097097 097 - مَالِكٌ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْ سليمن بْنِ يَسَارٍ وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رسول الله الله قَالَ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ وَالْبَعْلُ الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ (17 33) وَهَذَا الْحَدِيثُ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ ثَابِتَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَمُعَاذٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَا أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْهَيْثَمِ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي أَوِ النَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا بُهْلُولُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ إِذَا كَانَ عَثَرِيًّا يُسْقَى بِالْمَاءِ الْعُشْرَ وَمَا سُقِيَ بِالنَّاضِحِ نِصْفَ الْعُشْرِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَمْرٍو وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ أَبُو الطاهر والحرث بْنُ مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الحرث أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِيمَا سَقَتِ الْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أخبرنا عمرو بن الحرث عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِيمَا سَقَتِ الْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ المنقري قالا حدثنا الحكم ابن مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ وَمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَكَانَ سَيْحًا أَوْ كَانَ بَعْلًا فَفِيهِ الْعُشْرُ إِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَمَا سُقِيَ بِالرِّشَاءِ وَالدَّالِيَةِ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ إِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حدثنا رجاء ابن مُحَمَّدٍ السَّقْطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم سنه فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالنَّوَاضِحِ فَنِصْفُ الْعُشْرِ انْفَرَدَ بِهِ هَمَّامٌ وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِمَّا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرَ وَمَا سقي الدوالي نِصْفَ الْعُشْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ أَبُو وَائِلٍ عَنْ مُعَاذٍ وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرُوسٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ملاعب قال حدثنا ابن عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَشْجَعِيُّ قَالَ حدثنا الحرث بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ سليمان بن يسار وبسر بن سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعَشْرِ قَالَ عَاصِمٌ وَحَدَّثَنِيهِ مَالِكٌ وَقَالَ أُخْبِرْتُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ وسألت الحرث بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَبِي وَأَظُنُّ مالكا

تَرَكَ حَدِيثَ ابْنِ أَبِي ذُبَابٍ وَلَمْ يَضَعْهُ فِي كُتُبِهِ وَمَا رَأَيْتُ فِي كُتُبِ مَالِكٍ عَنْهُ شَيْئًا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُلَاعِبٍ كَذَا قَالَ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ فِي آخِرِهِ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَفِي أَوَّلِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَسَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ نَعَمْ هُوَ هَكَذَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِمَّا سَقَتِ السَّمَاءُ أَوْ سُقِيَ بَعْلًا الْعُشْرَ وَبِالدَّوَالِي نِصْفَ الْعُشْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ الْبَعْلُ مَاءُ الْمَطَرِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ الْبَعْلُ مَا كَانَ مِنَ الْكُرُومِ وَالنَّخْلِ فَذَهَبَ عُرُوقُهُ فِي الْأَرْضِ إِلَى الْمَاءِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى السَّقْيِ الْخَمْسَ سِنِينَ وَالسِّتَّ تَحْتَمِلُ تَرْكَ السَّقْيِ قَالَ وَالْعَثَرِيُّ مَا يُزْرَعُ عَلَى السَّحَابِ وَيُقَالُ لَهُ الْعَثِيرُ لِأَنَّهُ يُزْرَعُ عَلَى السَّحَابِ وَلَا يُسْقَى إِلَّا بِالْمَطَرِ خَاصَّةً لَيْسَ يُسْقَى بِغَيْرِ مَاءِ الْمَطَرِ قَالَ يَحْيَى وَفِيهِ جَاءَ الْحَدِيثُ مَا سُقِيَ عَثَرِيًّا أَوْ غَيْلًا قَالَ يَحْيَى وَالْغَيْلُ سَيْلٌ دُونَ السَّيْلِ الْكَثِيرِ قَالَ وَالسَّيْلُ مَاءُ الْوَادِي إِذَا سَالَ وَمَا كَانَ دُونَ السَّيْلِ الْكَثِيرِ فَهُوَ غَيْلٌ وَقِيلَ الْغَيْلُ الْمَاءُ الصَّافِي دُونَ

السَّيْلِ الْكَثِيرِ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ الْغَيْلُ الْمَاءُ الْجَارِي عَلَى الْأَرْضِ وَأَمَّا النَّضْحُ وَالنَّاضِحُ فَهِيَ بَقَرُ السَّوَانِي وَالرِّشَاءُ حَبْلُ الْبِئْرِ وَالدَّلْوُ وَالدَّالِيَةُ الْخَطَّارَةُ عِنْدَنَا وَالْغَرْبُ الدَّلْوُ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَا سُقِيَ بِالْغَرْبِ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا أَوْ سُقِيَ نَضْحًا أَوْ سَيْحًا أَوْ سُقِيَ بِالرِّشَاءِ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِظَاهِرِهَا فِي الْمِقْدَارِ الْمَأْخُوذِ فِي الشَّيْءِ الْمُزَكَّى مِنَ الزَّرْعِ وَذَلِكَ الْعُشْرُ فِي الْبَعْلِ كُلِّهِ مِنَ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ عِنْدَهُمْ كُلٌّ عَلَى أَصْلِهِ مِنَ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ عَلَى حَسْبَمَا قَدَّمْنَا عَنْهُمْ فِي بَابِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَكَذَلِكَ مَا سقت العيون والأنهار لأن المؤونة فِيهِ قَلِيلَةٌ وَاتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ وَأَمَّا مَا سُقِيَ بِالدَّوَالِي وَالسَّوَانِي فَنِصْفُ الْعُشْرِ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمْ هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَهُمْ وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنًى آخَرَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ هَذَا الْحَدِيثُ يُوجِبُ الْعُشْرَ فِي كُلِّ مَا زَرَعَهُ الْآدَمِيُّونَ مِنَ الْحُبُوبِ وَالْبُقُولِ وَكُلِّ مَا أَنْبَتَتْهُ أَشْجَارُهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ كُلِّهَا قَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرْنَا عِنْدَ جِدَادِهِ وَحَصَادِهِ وَقِطَافِهِ كَمَا قَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ يُرِيدُ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ فَقَالَا فِي قَلِيلِ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ وَكَثِيرِهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ إِنْ سُقِيَ بِالدَّالِيَةِ وَالسَّانِيَةِ إِلَّا الْحَطَبَ وَالْقَصَبَ والحشيش

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا شَيْءَ فِيمَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ إِلَّا فِيمَا كَانَ لَهُ ثَمَرَةٌ بَاقِيَةٌ ثُمَّ تَجِبُ فِيمَا يَبْلُغُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ لَا يَجِبْ فِيمَا دُونَهُ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الفضل قال كتب عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ يُؤْخَذَ مِمَّا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ الْعُشْرُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِذَا بَلَغَ الزَّعْفَرَانُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ وَاعْتَبَرَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَقَالُوا لَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْحَدِيثِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَقَاوِيلَهُمْ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ فِي هذ الْبَابِ قَوْلًا بَعْضَهُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ وَبَعْضَهُ كَقَوْلِ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ قَالَ أَمَّا مَا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يَزْرَعُهُ الْآدَمِيُّونَ مِنَ الْحُبُوبِ كُلِّهَا وَالثِّمَارِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَأَمَّا مَا لَا يُكَالُ وَلَا يُضْبَطُ بِكَيْلٍ مِمَّا يُنْبِتُهُ النَّاسُ فَفِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ عَلَى حَسْبَمَا يُسْقَى بِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا سَقَتِ السماء والأنهار والعيون العشر وما سقي النضح نِصْفُ الْعُشْرِ فَمَعْنَاهُ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِذَا بَلَغَ الْمِقْدَارُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَكَانَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَرِدَ هَذَا فِي حَدِيثَيْنِ أَوْ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْمَذْهَبِ مَعَ اسْتِفَاضَةٍ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ أَنَّهُ أَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنَ الْخُضَرِ وَالْبُقُولِ وَكَانَتْ عِنْدَهُمْ مَوْجُودَةً فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَمَا عُفِيَ عَنِ الدُّورِ وَالدَّوَابِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَفْوُ وَالْوُجُوبُ طَارٌّ عَلَيْهِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عن عاصم ابن ضُمَيْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَيْسَ فِي الْخُضَرِ صَدَقَةٌ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لَيْسَ فِي الْخُضَرِ زَكَاةٌ قال منصور فذكرت ذلك لإبرهيم فَقَالَ صَدَقَ وَقَالَ مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ لَمْ يَأْخُذْ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ مِنَ الْخُضَرِ شَيْئًا وَقَالَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ فِي الْخُضَرِ زَكَاةٌ وَمِمَّا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَنْ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْخُضَرِ أَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي الْعَيْنِ الْمُزَكَّاةِ بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا وَأَكْثَرُ

الَّذِينَ أَوْجَبُوا الزَّكَاةَ فِي الْبُقُولِ أَوْجَبُوهَا فِي قِيمَتِهَا وَلَا أَصْلَ لِأَخْذِ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ ذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ فِي الْخُضَرِ والفاكهة إذا بلغ ثمنها مائتي درهمك فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ قَالَ وَالزَّيْتُونُ يُكَالُ فَفِيهِ الْعُشْرُ وَإِنْ سُقِيَ بِالرِّشَاءِ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ قَالَ مَعْمَرٌ وَكَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُؤْخَذُ مِنَ الْوَرْسِ الْعُشْرُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا سُقِيَ مَرَّةً بِمَاءِ السَّمَاءِ وَالنَّهْرِ وَمَرَّةً بِدَالِيَةٍ فَقَالَ مَالِكٌ يُنْظَرُ إِلَى مَا تَمَّ بِهِ الزَّرْعُ فَيُزَكَّى عَلَيْهِ الْعُشْرُ أَوِ النِّصْفُ الْعُشْرِ فَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ أَكْثَرَ سُقْيِهِ زُكِّيَ عَلَيْهِ هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ إِذَا سُقِيَ نِصْفَ سَنَةٍ بِالْعُيُونِ ثُمَّ انْقَطَعَتْ فَسُقِيَ بَقِيَّةَ السَّنَةِ بِالنَّاضِحِ فَإِنَّ عَلَيْهِ نِصْفَ زَكَاتِهِ عُشْرًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ نِصْفُ الْعُشْرِ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى زَكَاتُهُ بِالَّذِي تَمَّتْ بِهِ حَيَاتُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُزَكِّي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحِسَابِهِ وَبِهَذَا كَانَ يُفْتِي بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ وَهُوَ حَنَفِيٌّ وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ آدَمَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُنْظَرُ إِلَى الْأَغْلَبِ فَيُزَكَّى بِهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَا سِوَى ذَلِكَ

قَالَ الطَّحَاوِيُّ قَدِ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ لو سقاه بماء المطر يوما أبو يومين أنهلا اعْتِبَارَ بِهِ وَلَا يَجْعَلُ لِذَلِكَ حِصَّةً فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْأَغْلَبِ

الحديث الثاني

حَدِيثٌ ثَانٍ مِنَ الْبَلَاغَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ 197 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فَلَا تَمَسَّنَّ طِيبًا (14 13) وَهَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مِنْ رِوَايَةِ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةِ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَلَا تَمَسَّنَّ طِيبًا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قالا حدثنا عبد الله ابن مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حدثنا محمد بن سنجر الجرجاني قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله

ابن هِشَامٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةِ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال لَهَا إِذَا خَرَجْتِ إِلَى صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَلَا تمس طِيبًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن صبغ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ أَبُو عَلْقَمَةَ الْفَرْوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدَنَّ الْعِشَاءَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ عِنْدِي خَطَأٌ وَلَيْسَ فِي الْإِسْنَادِ مَنْ يُتَّهَمُ بِالْخَطَأِ فِيهِ إِلَّا أَبُو عَلْقَمَةَ الْفَرْوِيُّ فَإِنَّهُ كَثِيرُ الْخَطَأِ جِدًّا وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا هُوَ لِبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةِ قَرَأَتْ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سعيل أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن عمرو ابن عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةِ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فَلَا تَمَسَّنَّ طِيبًا وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقُولُونَ إِنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ

أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يحيى قالا أخبرنا أحمد ابن سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ الْبُرُلُّسِيُّ قَالَ أَتَى رَجُلٌ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ فَقَالَ لَهُ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ فَوَقَفَ ثُمَّ سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ بِحَدِيثِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ وَقُلْتُ لَهُ إِنَّ هَهُنَا بِبَغْدَادَ حَدِيثًا آخَرَ يَرْوِيهِ سُنَيْدٌ عَنْ حَجَّاجٍ الْأَعْوَرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ بسر بن سَعِيدٍ عَنْ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَبَخَّرَتْ وَاسْتَنْظَفَتْ فَلَا تَأْتِي الْمَسْجِدَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ لِي نَظَرْتُ فِي الْحَدِيثَيْنِ أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ فَهُوَ صَحِيحٌ وَأَمَّا حَدِيثُ حَجَّاجٍ فَأَنَا كَتَبْتُهُ عَنْ حَجَّاجٍ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ بِالْمَصِيصَةِ وَعَارَضْتُ بِهِ كِتَابِي قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَهُ ثُمَّ قَرَأَهُ عَلَيَّ حَجَّاجٌ ثُمَّ قَدِمَ حَجَّاجٌ بَغْدَادَ فَعَارَضْتُهُ بِكِتَابِي أَيْضًا وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ مِنْ كِتَابِهِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْنَبَ لَيْسَ فِيهِ الزُّهْرِيُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ حَجَّاجٍ كَمَا رَوَاهُ سُنَيْدٌ وَعِنْدَ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادٌ آخَرُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْخَلَّالُ بِمَرْوَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ قَالَ حَدَّثَنَا طَاهِرُ بْنُ عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَرُّوخٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَارِطٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَبَخَّرَتْ فَلَا تَشْهَدِ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَخْشَى أَلَّا يَكُونَ هَذَا الْإِسْنَادُ مَحْفُوظًا وَالْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَلْيَخْرُجَنَّ إِذَا خرجن تفلات وأخبرناأحمد بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَالْمُحَارِبِيُّ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا تَفِلَاتٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ هَذَا الباب سواء والتفلة هي غير الْمُتَطَيِّبَةُ لِأَنَّ التُّفْلَ نَتِنُ الرِّيحِ يُقَالُ امْرَأَةٌ تَفِلَةٌ إِذَا كَانَتْ مُتَغَيِّرَةَ الرِّيحِ بِنَتِنٍ أَوْ ريح غير طيبة ومنه قول امرىء القيس

إِذَا مَا الضَّجِيجُ ابْتَزَّهَا مِنْ ثِيَابِهَا تَمِيلُ عَلَيْهِ هَوْنَةً غَيْرَ مِتْفَالِ وَقَالَ الْكُمَيْتُ فِيهِنَّ آنِسَةُ الْحَدِيثِ حَيِيَّةٌ لَيْسَتْ بِفَاحِشَةٍ وَلَا مِتْفَالِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ فِي بَابِ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ مَضَى فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ مَا فِيهِ شِفَاءٌ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الثالث

حَدِيثٌ ثَالِثٌ مِنْ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ 297 - مَالِكٌ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَتَابَعَهُ قَوْمٌ مِنْهُمْ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَالتِّنِّيسِيُّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَسَوَاءٌ قَالَ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ أَوْ بَلَغَهُ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَأْخُذُ وَلَا يُحَدِّثُ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ عِنْدَهُ وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي الثِّقَةِ عِنْدَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَشْبَهُ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ أَخَذَهُ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ أَوْ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ لِأَنَّ ابْنَ لَهِيعَةَ سَمِعَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَرَوَاهُ عنه حدث به عن ابن لهيعة ابن وَهْبٍ وَغَيْرِهِ وَابْنُ لَهِيعَةَ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَنَّهُ يُقَالُ إِنَّهُ احْتَرَقَتْ كُتُبُهُ فَكَانَ إِذَا حَدَّثَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حِفْظِهِ غَلَطَ وَمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ وَهْبٍ فَهُوَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ صَحِيحٌ

وَمِنْهُمْ مَنْ يُضَعِّفُ حَدِيثَهُ كُلَّهُ وَكَانَ عِنْدَهُ علم واسع وَكَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّ حَالَهُ عِنْدَهُمْ مَا وَصَفْنَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحِ بْنِ صفوان حدثنا حرملة ابن يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع الْعُرْبَانِ هَكَذَا قَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ وَالْمَعْرُوفُ فِيهِ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَقَدْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْهَرَوِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن محمد ابن يُوسُفَ الْجُبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ لَيْسَ الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا إِنَّمَا الْحَدِيثُ عَلَى حَدِيثِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ وَالْإِسْنَادُ الْأَوَّلُ أَشْبَهُ لِأَنَّ حَبِيبًا هَذَا ضَعِيفٌ لَهُ عَنْ مَالِكٍ خَطَأٌ كَثِيرٌ وَمَنَاكِيرُ وَجَدْتُ فِي أَصْلِ سَمَاعِ أَبِي بِخَطِّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمِ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نصر ابن مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بَيْعِ الْعُرْبَانِ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَكْثَرُ مَا يُعْرَفُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ

وَقَدْ جَاءَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلًا وقد روي من حديث الحرث بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَيُّونٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْأَثَطُّ بِطَرَسُوسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بن عبد العزيز قال حدثنا الحرث يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ بِإِثْرِ ذِكْرِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ فِي مَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ أَوْ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ تَكَارَى مِنْهُ أُعْطِيكَ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ عَلَى أَنِّي إِنْ أَخَذْتُ السِّلْعَةَ أَوْ رَكِبْتُ مَا تَكَارَيْتُ مِنْكَ فَالَّذِي أَعْطَيْتُكَ هُوَ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ أَوْ مِنْ كِرَاءِ الدَّابَّةِ وَإِنْ تَرَكْتَ ابْتِيَاعَ السِّلْعَةِ أَوْ كِرَاءَ الدَّابَّةِ فَمَا أَعْطَيْتُكَ لَكَ بَاطِلٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنَ الْحِجَازِيِّينَ وَالْعِرَاقِيِّينَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ والأوزاعي والليث

لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الْقِمَارِ وَالْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ وَأَكْلِ الْمَالِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَا هِبَةَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ وَبَيْعُ الْعُرْبَانِ مَنْسُوخٌ عِنْدَهُمْ إِذَا وَقَعَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ إِذَا كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ رُدَّ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِهَا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يُرَدُّ مَا أَخَذَ عُرْبَانًا فِي الْكِرَاءِ وَالْبَيْعِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ قَوْمٍ مِنْهُمُ ابْنُ سِيرِينَ وَمُجَاهِدٌ وَنَافِعُ بْنُ عَبَدِ الْحَارِثِ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَنَّهُمْ أَجَازُوا بَيْعَ الْعُرْبَانِ على ما وصفنا وذلك غير جَائِزٌ عِنْدَنَا وَكَانَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ يَقُولُ أَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا لَا يُعْرَفُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلًا وَهَذَا وَمِثْلُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْعُرْبَانِ الْجَائِزَ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ مَالِكٌ وَالْفُقَهَاءُ مَعَهُ وَذَلِكَ أَنْ يُعَرِّبْنَهُ ثُمَّ يُحْسَبُ عُرْبَانُهُ مِنْ ثَمَنِهِ إِذَا اخْتَارَ تَمَامَ الْبَيْعِ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَالْحَمْدُ لله

الحديث الرابع

حَدِيثٌ رَابِعٌ مِنْ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ 397 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصَابُ فِي وَلَدِهِ وَحَامَّتِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَتْ لَهُ خَطِيئَةٌ (16 40) هَكَذَا جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ عَامَّةِ رُوَاتِهِ وقد حدثنا خلف ابن قَاسِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَرْدِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ الْبَرْمَكِيُّ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ أَبِي الْحُبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصَابُ فِي وَلَدِهِ وَحَامَّتِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَحْفَظُهُ لِمَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَأَمَّا مَعْنَاهُ فَصَحِيحٌ مَحْفُوظٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وُجُوهٍ وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ سَمِعَهُ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَحَامَّتِهِ فَذَكَرَ حَبِيبٌ عَنْ مَالِكٍ قَالَ حَامَّتُهُ ابْنُ عَمِّهِ وَصَاحِبُهُ مِنْ جُلَسَائِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ حَامَّتْهُ قَرَابَتُهُ وَمَنْ يُحْزِنُهُ مَوْتُهُ وَذَهَابُهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن قَيْسٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بينما عمر ابن الْخَطَّابِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذَا بِرَجُلٍ عَلَى عُنُقِهِ مِثْلُ الْمَهَاةِ وَهُوَ يَقُولُ صِرْتُ لِهَذِي جَمَلًا ذَلُولًا مُوَطَّأٌ أَتْبَعُ السَّهُولَا أَعْدِلُهَا بِالْكَفِّ أَنْ تَزُولَا أَحْذَرُ أَنْ تَسْقُطَ أَوْ تَمِيلَا أَرْجُو بِذَلِكَ نَائِلًا جَزِيلَا قَالَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ هَذِهِ الَّتِي وَهَبْتَ لَهَا حَجَّكَ قَالَ امْرَأَتِي يَا أمير المؤمنين أَمَا إِنَّهَا حَمْقَاءُ مُرْعَامَةٌ أَكُولٌ قَامَةٌ مَا تَبْقَى لَنَا حَامَّةٌ قَالَ فَمَا بَالُكَ لَا تطلقها قال يا أمير المؤمنين هِيَ حَسْنَاءُ فَلَا تُفْرَكُ وَأُمُّ صِبْيَانٍ فَلَا تُتْرَكُ قَالَ فَشَأْنُكَ بِهَا إِذًا قَالَ الْحِزَامِيُّ مُرْعَامَةٌ سَالَ رِعَامُهَا وَهُوَ الْمُخَاطُ فَمِنْ رُعُونَتِهَا لَا تَمْسَحُهُ قَامَةٌ تُقِمْ كُلَّ شَيْءٍ لَا تَشْبَعُ لَا تَبْقَى لَنَا حَامَّةٌ يَقُولُ لَا يَبْقَى لَهَا أَحَدٌ قَارَبَهَا مِمَّنْ يَحُومُ مِنْ حَامَّتْهِ إِلَّا شَارَتْهُ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم لا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَفِي مَالِهِ وَفِي وَلَدِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَتْ لَهُ خَطِيئَةٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الْوَلِيدِ بنِ كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا يُصِيبُ المؤمن مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ وَلَا سَقَمٍ وَلَا حُزْنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ مِنْ خَطَايَاهُ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن محمد الْخَصِيبِيُّ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا يزال البلاء بالعبد المؤمن والعبدة المؤمنة فِي مَالِهِ وَوَلَدِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَزَالُ البلاء بالمؤمن والمؤمنة حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَجَمَاعَةٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَرَوَى فِي هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا مَا بَلَغَنَا فِيهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ خَاصَّةً لِأَنَّهُ الَّذِي ذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

الحديث الخامس

حَدِيثٌ خَامِسٌ مِنْ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ عَمَّنْ يَثِقُ بِهِ 497 - مَالِكٌ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا فَلْيَقُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ فَإِنَّهُ لَنْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ (54 34) هَكَذَا قَالَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْ يَعْقُوبَ وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ يَعْقُوبَ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَلَمْ يَكُنْ مَالِكٌ يَرْوِي إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ يُكَنَّى أَبَا يُوسُفَ وَهُوَ أَخُو بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ الله بن الأشج وهو مَوَالِي الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَكَانَ يَعْقُوبُ هَذَا رَجُلًا صَالِحًا تُوُفِّيَ بِأَرْضِ الرُّومِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ أَحَدُ فُضَلَاءِ التَّابِعِينَ الْجِلَّةِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا بِبَعْضِ أَخْبَارِهِ وَهُوَ مَوْلًى لِحَضْرَمَوْتَ تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ عَنْ يَعْقُوبَ بن الأشج جماعة ثقات منهم الحرث بْنُ يَعْقُوبَ وَابْنُ عَجْلَانَ وَاخْتَلَفَا عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ يزيد

ابن أبي شبيب عن الحرث بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذلك هكذا قال عن يزيد عن الحرث وَغَيْرُهُ يَقُولُ فِيهِ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ والحرث جَمِيعًا عَنْ يَعْقُوبَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ عَنْ يزيد والحرث جَمِيعًا عَنْ يَعْقُوبَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ محمد ابن عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حِبَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ عن يعقوب ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلًا قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَهْلُ الْحَدِيثِ يَقُولُونَ إِنَّ رِوَايَةَ اللَّيْثِ هِيَ الصَّوَابُ دُونَ رِوَايَةِ ابْنِ عَجْلَانَ وَرِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ عِنْدِي فِي هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ ابْنِ عَجْلَانَ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنِ يَعْقُوبَ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ بُكَيْرٌ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ مُرْسَلًا وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ وَصَلَهُ وَأَسْنَدَهُ وَقَدْ مَضَى مَا فِيهِ مِنَ الْقَوْلِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَفِي الِاسْتِعَاذَةِ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ أَبْيَنُ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مِنْهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَصِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُسْتَعَاذَ بِمَخْلُوقٍ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدٍ الْبَغْدَادِيُّ الْبَاهِلِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ ثَرْثَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الطيب ابن حَمْزَةَ الشُّجَاعِيُّ الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَاهَوَيْهِ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ ذَكَرَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ أَدْرَكْتُ النَّاسَ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ دُونَهُمْ يَقُولُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْخَالِقُ وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ إِلَّا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ مِنْهُ خَرَجَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَدْرَكَهُ اللَّيْلُ وَهُوَ فِي أَرْضِ عَدُوٍّ

أَوْ مَخَافَةٍ قَالَ يَا أَرْضُ رَبِّي وَرَبُّكِ اللَّهُ آمَنْتُ بِالَّذِي خَلَقَكِ وَسَوَّاكِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ إِنْسِكِ وَجِنَّكِ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ حَيَّةٍ وَأَسَدٍ وَعَقْرَبٍ وَأَسْوَدَ وَمِنْ سَاكِنِ الْبَلَدِ وَمِنْ شَرِّ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْوَلِيدِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا أَوْ سَافَرَ فَأَدْرَكَهُ اللَّيْلُ قَالَ يَا أَرْضُ رَبِّي وَرَبُّكِ اللَّهُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكِ وَشَرِّ مَا فِيكِ وَشَرِّ مَا دَبَّ عَلَيْكِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ كل أسد وأسود وحية وعقرب ومن ساكن الْبَلَدِ وَمِنْ شَرِّ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَرْبِيُّ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُغِيثٍ عَنْ صُهَيْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ وَرَبَّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَظْلَلْنَ أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرِ أَهْلِهَا وَخَيْرِ مَا فِيهَا وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا أَسْأَلُكَ مَوَدَّةَ خِيَارِهِمْ وَأَنْ تُجَنِّبَنِي شِرَارَهُمْ

الحديث السادس

حَدِيثٌ سَادِسٌ مِنْ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ 597 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنِ ابْنِ عَطِيَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا عَدْوَى وَلَا هَامَ وَلَا صَفَرَ وَلَا يَحُلُّ الْمُمْرِضُ عَلَى الْمُصِحِّ وَلْيَحْلُلِ الْمُصِحُّ حَيْثُ شَاءَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا ذَاكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ أَذًى (50 18) هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى وَتَابَعَهُ قَوْمٌ وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنِ ابْنِ عَطِيَّةَ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَزَادَ فِي الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ إِلَّا أَنَّ ابْنَ بُكَيْرٍ قَالَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يُتَابِعْ عَلَيْهِ وَقِيلَ فِي ابْنِ عَطِيَّةَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطِيَّةَ يُكَنَّى أَبَا عَطِيَّةَ وَقِيلَ هُوَ مَجْهُولٌ وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ لِأَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ صِحَاحٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ عِنْدَ مَالِكٍ فِيهِ غير

مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَلَا عِنْدَهُ فِيهِ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ ثِقَاتِ أَصْحَابِهِ وَقَدْ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْخَازِمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ابن بُدَيْلٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُورِدُ مُمْرِضٍ عَلَى مُصِحٍّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ مَالِكٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بُدَيْلٍ وَكَانَ ضَعِيفًا قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ مَا فِي الْمُوَطَّأِ الْقَعْنَبِيُّ وَجُمْهُورُ رُوَاتِهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ جَرِيرٍ الْعَسَّالُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ مُوسَى الْحَضْرَمِيُّ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنِ ابْنِ عَطِيَّةَ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا هَامَ وَلَا صَفَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ أَوِ ابْنِ

عَطِيَّةَ شَكَّ بِشْرٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَ وَلَا يُعْدِي سَقِيمٌ صَحِيحًا وَلْيَحُلَّ الْمُصِحُّ حَيْثُ شَاءَ وَرُوِّينَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ مَاتَ بُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ أَيَّامَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَانَ مِنْ نُبَلَاءِ النَّاسِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثْنَا سَحْنُونٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ قَالَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى وَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال لا يورد ممرض عَلَى مُصِحٍّ الْحَدِيثَيْنِ كِلَيْهِمَا ثُمَّ صَمَتَ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ لَا عَدْوَى وَأَقَامَ عَلَى أَنْ لَا يُورِدَ مُمْرِضٌ عَلَى مصح قال فقال الحرث ابن أَبِي ذُبَابٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ تُحَدِّثُنَا مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثًا آخَرَ قَدْ سَكَتَّ عَنْهُ كُنْتَ تَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى فَأَبَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنْ يُحَدِّثَ ذَلِكَ وَقَالَ لَا يُورِدُ ممرض على مصح فما رآه الحرث فِي ذَلِكَ حَتَّى غَضِبَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَرَطَنَ بالحبشية فقال للحرث أَتَدْرِي مَاذَا قُلْتُ قَالَ لَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِنِّي أَقُولُ أَبَيْتُ أَبَيْتُ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَلَعَمْرِيَ لَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لَا عَدْوَى وَلَا هَامَ فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَوْ نَسَخَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الآخر

وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ سَوَاءً إِلَى آخِرِهِ بِمَعْنَاهُ وَرَوَى يُونُسُ أَيْضًا وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْإِبِلَ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ فَيَرِدُ عَلَيْهَا الْبَعِيرُ الْأَجْرَبُ فَتَجْرَبُ كُلُّهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمن أَعْدَى الْأَوَّلَ هَكَذَا قَالَ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هريرة فِيمَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَعْمَرٍ وَابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ وَخَالَفَهُمَا الزُّبَيْدِيُّ وَشُعَيْبٌ وَابْنُ بُكَيْرٍ فَرَوَوْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ الدُّوَلِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَذَكَرَهُ سَوَاءً وَرَوَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَالُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْفَأْلُ قَالَ الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ وَقَدْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الحسن بن إسماعيل حدثن اجعفر بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُرَيْدٍ الشَّاهِدُ حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّاءَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ حَيَّوَيْهِ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن عبيد الله ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ قِيلَ وَمَا الْفَأْلُ قَالَ الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هُمَا حَدِيثَانِ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ بِهَذَيْنِ الْإِسْنَادَيْنِ فَحَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ فِيهِ لَا عَدْوَى وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْفَأْلِ وَحَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ فِيهِ لَا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ وليس فيه لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ وَهِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الصَّالِحُ أَوْ قَالَ وَأُحِبُّ الْفَأْلَ الصَّالِحَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْفَأْلُ قَالَ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ أَوْ قَالَ الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرحمن ابن أَخِي الْأَصْمَعِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ الْفَأْلَ وَيَكْرَهُونَ الطِّيَرَةَ قَالَ فَقُلْتُ لِابْنِ عَوْنٍ يَا أَبَا عَوْنٍ مَا الْفَأْلُ قَالَ أَنْ تَكُونَ بَاغِيًا فَتَسْمَعَ يَا وَاجِدُ أَوْ تَكُونَ مَرِيضًا فَتَسْمَعَ يَا سَالِمُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ أَبُو جَعْفَرٍ الْحَافِظُ

قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عتيق قال حدثنا محمد ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَأُحِبُّ الْفَأْلَ الصَّالِحَ وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ بْنِ دُرَّانَ غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَتِيقٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا كثير بن هشام عن فراك ابن سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ خَرَجَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي سَفَرٍ فَأَقْبَلَتِ الظِّبَاءُ نَحْوَهُ فَلَمَّا دَنَتْ مِنْهُ رَجَعَتْ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ارْجِعْ أَيُّهَا الْأَمِيرُ قَالَ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّهَا تَطَيَّرْتَ أَمِنْ قُرُونِهَا حِينَ أَقْبَلَتْ أَمْ مِنْ أَذْنَابِهَا حِينَ أَدْبَرَتْ ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ عِنْدَ ذلك إن الطيرة لشعبة مِنْ أَذْنَابِهَا حِينَ أَدْبَرَتْ ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ عِنْدَ ذَلِكَ إِنَّ الطِّيَرَةَ لَشُعْبَةٌ مِنَ الشِّرْكِ وَقَدْ رَوَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ

حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنِ الْحَضْرَمِيِّ بْنِ لَاحِقٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَأَلْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الطِّيرَةِ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ مَنْ حَدَّثَكَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُحَدِّثَهُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَإِنْ كَانَتِ الطِّيَرَةُ فِي شَيْءٍ فَفِي الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ وَإِذَا كَانَ الطَّاعُونُ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَفِرُّوا مِنْهَا وَرَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ إِنَّا نَطْرَحُ الشَّاةَ الْجَرْبَاءَ فِي الْغَنَمِ فَتُجْرِبُهُنَّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ ابْنُ عَبَّاسٍ الْأُولَى مَنْ أَجْرَبَهَا وَرُوِّينَا عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ وَعِنْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَرَّ غُرَابٌ يَصِيحُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ خَيْرٌ خَيْرٌ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا خَيْرَ وَلَا شَرَّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رسو اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا غُولَ

رَوَى الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَلَمَةَ بن كهيل عن عيسى ابن عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطِّيَرَةُ شِرْكٌ وَمَا مَنَّا إِلَّا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ عَنْ أَبِي خِرَاشٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ سَمِعَهُ يَقُولُ مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ فَقَدْ قَارَبَ الشِّرْكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ التَّطَيُّرِ وَقَالَ لَا طِيَرَةَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَطَيَّرُونَ فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَهُمْ بِالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي حُكْمِهِ إِلَّا مَا شَاءَ وَلَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ غَيْرُهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زبان قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ عن عمران ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ عَنْ أَبِي خِرَاشٍ الْهُذَلِيِّ قال سمعت فضالة ابن عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ مَنْ رَدَّتْهُ طِيَرَةٌ عَنْ شَيْءٍ فَقَدْ قَارَبَ الْإِشْرَاكَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرَ قَالَ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ

عَوْفٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَيْشِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْخَوْلَانِيِّ سَمِعَ عُمَيْرَ بْنَ سَلَمَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَ أَلَا تَرَى إِلَى الْبَعِيرِ يَكُونُ فِي الصَّحْرَاءِ فَيُصْبِحُ فِي كَرْكَرَتِهِ أَوْ فِي مَرَاقِ بَطْنِهِ نُكْتَةٌ مَنْ جَرَبٍ لَمْ تَكُنْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُورِدُ الْمُمْرِضُ عَلَى الْمُصِحِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَدْوَى فَهُوَ نَهَى عَنْ أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ إِنَّ شَيْئًا يُعْدِي شَيْئًا وَإِخْبَارٌ أَنَّ شَيْئًا لَا يُعْدِي شَيْئًا فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا يُعْدِي شَيْءٌ شَيْئًا يَقُولُ وَلَا يُصِيبُ أَحَدٌ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا مِنْ خَلْقٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ دَاءٍ أَوْ مَرَضٍ وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا مِثْلَ هَذَا أَنَّهُ إِذَا اتَّصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ أَعْدَاهُ فَأَخْبَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ قَوْلَهُمْ ذَلِكَ وَاعْتِقَادَهُمْ فِي ذَلِكَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الطِّيَرَةِ وَالتَّطَيُّرِ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَالْحُكَمَاءِ مَا فِيهِ تَبْصِيرٌ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ

وَذَكَرْنَا مَا جَاءَ فِي الْغُولِ وَالْغِيلَانِ فِيمَا تَقَدَّمَ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مَا فِيهِ مُقْنِعٌ لِذَوِي الْأَلْبَابِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَعْجَبُ مِمَّنْ يُصَدِّقُ بِالطِّيَرَةِ وَيَعِيبَهُ أَشَدَّ الْعَيْبِ وَقَالَ فَرَقَتْ لَنَا نَاقَةٌ وَأَنَا بِالطَّفِّ فَرَكِبْتُ فِي إثرها فلقيني هانىء بْنُ عُتْبَةَ مِنْ بَنِي وَائِلٍ وَهُوَ يَرْكُضُ وَيَقُولُ وَالشَّرُّ يَلْقَى مَطَالِعَ الْأَكَمِ ثُمَّ لَقِيَنِي رَجُلٌ آخَرُ مِنَ الْحَيِّ وَهُوَ يَقُولُ وَلَئِنْ بَغَتْ لَهُمْ بُغَاةٌ مَا الْبُغَاةُ بِوَاجِدِينَا مِنْ شِعْرِ لَبِيدٍ ثُمَّ دُفِعْتُ إِلَى غُلَامٍ قَدْ وَقَعَ فِي حُفَيْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَقِيحَ وَجْهُهُ وَفَسَدَ فَقُلْتُ لَهُ هَلْ سَمِعْتَ بِنَاقَةٍ فَرُوقٍ قَالَ هَهُنَا أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْأَعْرَابِ فَانْظُرْ فَوَجَدْنَاهَا قَدْ نَتَجَتْ وَمَعَهَا وَلَدُهَا قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ فَرَقَتِ النَّاقَةُ تَفْرُقُ فُرُوقًا إِذَا ذَهَبَتْ فِي الْأَرْضِ بِوَجَعِ وِلَادَتِهَا فَهِيَ فَارِقٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا هَامَةَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قُتِلَ خَرَجَ مِنْ رَأْسِهِ طَائِرٌ يَزْقُو فَلَا يَسْكُتُ حَتَّى يقتل قاتله

قَالَ الشَّاعِرُ فَإِنْ تَكُ هَامَةٌ بِهَرَاةَ تَزْقُو فَقَدْ أُزْقِيَتْ بِالْمَرْوَيْنِ هَامَا يَعْنِي مَرْوَ الرُّوذِ وَمَرْوَ الشَّاهِجَانِ كَذَلِكَ ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَمَّا الْهَامَةُ فَإِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُولُ إِنَّ عِظَامَ الْمَيِّتِ تَصِيرُ هَامَةً فَتَطِيرُ وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو مِثْلَ ذَلِكَ وَكَانُوا يُسَمُّونَ ذَلِكَ الطَّائِرَ الصَّدَى يَعْنِي الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ هَامَةِ الْبَيْتِ إِذَا بَلِيَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَهَذَا فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ قال أبو ذؤاد الْإِيَادِيُّ سُلِّطَ الْمَوْتُ وَالْمَنُونُ عَلَيْهِمْ فَلَهُمْ فِي صَدَى الْمَقَابِرِ هَامُ فَذَكَرَ الصَّدَى وَالْهَامَ جَمِيعًا وَقَالَ لَبِيَدٌ يَرْثِي أَخَاهُ أَرْبَدَ فَلَيْسَ النَّاسُ بَعْدَكَ فِي نَفِيرٍ وَمَا هُمْ غَيْرُ أَصْدَاءٍ وَهَامَ قَالَ وَقَالَ آخَرُونَ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ خَرَجَتْ مِنْ رَأْسِهِ هَامَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاهامة أَيْ لَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِهِ هَامَةٌ وَكَانُوا أَيْضًا يَقُولُونَ إِنَّ هَامَتَهُ صَدِئَتْ مِنْ حُبِّ الشَّرَابِ فَنَهَوْا عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا صَفَرَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ مِنَ الصَّفَارِ يَكُونُ بِالْإِنْسَانِ حَتَّى يَقْتُلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْتُلُ الصَّفَارُ أَحَدًا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ شَهْرُ

صَفَرَ كَانُوا يُحَرِّمُونَهُ عَامًا وَيُحِلُّونَهُ عَامًا فَقَالَ لَا صَفَرَ يَقُولُ لَا تَتَحَوَّلُ الشُّهُورُ عَنْ أَسْمَائِهَا وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ هَذَا الْقَوْلَ قَالَ كَانُوا يُحِلُّونَ بِصَفَرَيْنِ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ وَالْهَامَةُ أَرَاهَا الطَّائِرَةَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْهَامَةُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ سَمِعْتُ يُونُسَ يَسْأَلُ رُؤْبَةَ بْنَ الْعَجَّاجِ عَنِ الصَّفَرِ فَقَالَ هِيَ حَيَّةٌ تَكُونُ فِي الْبَطْنِ تُصِيبُ الْمَاشِيَةَ وَالنَّاسَ وَهِيَ أَعْدَى مِنَ الْحَرْبِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا تُعْدِي يُقَالُ إِنَّهَا تَشْتَدُّ عَلَى الْإِنْسَانِ وَتُؤْذِيهِ قَالَ أَعْشَى باهلة لا يتآوى لِمَا فِي الْقَبْرِ يَرْقُبُهُ وَلَا يَعَضُّ عَلَى شُرْسُوفِهِ الصَّفَرُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَيُقَالُ فِي الصَّفَرِ إِنَّهُ أَخَّرَ لَهُمُ الْمُحَرَّمَ إِلَى صَفَرَ فِي تَحْرِيمِهِ وَقَالَ الْعَدَوِيُّ قَالَ لِي الْأَصْمَعِيُّ وَابْنُ الْأَعْرَابِيِّ جَمِيعًا مَا رَأَيْنَا الْعَرَبَ يَقِفُونَ عَلَى الصَّفَرِ بَعْضُهُمْ يَقُولُ حَيَّةٌ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ دَاءٌ فِي الْبَطْنِ قَالَ الْعَجَّاجُ كَيُّ الطَّبِيبِ نَائِطُ الْمَصْفُورِ (وَيُرْوَى قَضْبُ الطَّبِيبِ نَائِطُ الْمَصْفُورِ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ الصَّفَارُ وَالصَّفَرُ هُمَا اجْتِمَاعُ الْمَاءِ فِي الْبَطْنِ يُعَالَجُ بِقَطْعِ النَّائِطِ وَهُوَ عَرَقٌ فِي الصُّلْبِ وَأَنْشَدَ بَيْتَ الْعَجَّاجِ الْمَذْكُورَ)

قَالَ وَقَالَ أَعْشَى بَاهِلَةَ لَا يَغْمِزُ السَّاقَ مِنْ أَيْنٍ وَلَا نَصَبٍ وَلَا يَعَضُّ عَلَى شُرْسُوفِهِ الصَّفَرُ وَالشُّرْسُوفُ اللَّحْمُ الرَّقِيقُ فِي الْأَضْلَاعِ وَهُوَ الطَّفَاطِفُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ اشْتَكَى رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ جثم بن العداء بطنه دَاءٌ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الصَّفَرَ فَبَعَثَ لَهُ السَّكْرَ فَقَالَ سَلْ لِي ابْنَ مَسْعُودٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا يَحُلُّ الْمُمْرِضُ عَلَى الْمُصِحِّ وَلْيَحُلُّ الْمُصِحُّ حَيْثُ شَاءَ فَهُوَ مِنْ حَلَّ يَحُلُّ إِذَا نَزَلَ وَاحْتَلَّ بِقَوْمٍ وَالْمُمْرِضُ الَّذِي إِبِلُهُ مَرِيضَةٌ أَوْ غَنَمُهُ وَالْمُصِحُّ الَّذِي إِبِلُهُ أَوْ مَاشِيَتُهُ صَحِيحَةٌ يَقُولُ لَا يَدْنُو وَلَا يَنْزِلُ مَنْ إِبِلُهُ مَرِيضَةٌ عَلَى صَاحِبِ الْإِبِلِ الصَّحِيحَةِ فَإِنَّهُ يُؤْذِيهِ لِمَا يُولَدُ فِي قَلْبِهِ مِنْ حُدُوثِ الرَّيْبِ فِي أَنَّ ذَلِكَ يُعْدِي وَإِنْ كَانَ لَا شَيْءَ عَلَى الْحَقِيقَةِ والنفس تكره ذلك لا سيما مع كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ اعْتِقَادِ الْأَعْرَابِ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ يُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْمَرِيضُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَيْسَ بِهِ إِلَّا قَوْلُ النَّاسِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَى الْأَذَى عندي المأثم

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا المقرىء عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ الرحمن بن عمرو بن العاصي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ رَجَعَتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ قَالَ وَمَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ لَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ وَلَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ ثُمَّ يَمْضِي لِحَاجَتِهِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهَبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يَقُولُ سَأَلَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَقَالَ هَلْ تَتَطَيَّرُ قَالَ نَعَمْ فَكَيْفَ تَقُولُ إِذَا تَطَيَّرْتَ قَالَ أَقُولُ اللَّهُمَّ لَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ وَلَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ وَلَا رَبَّ غَيْرُكَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ فَقَالَ كَعْبٌ إِنَّهُ أَفْقَهُ الْعَرَبِ وَإِنَّهَا لَكَذَلِكَ في التوراة

الحديث السابع

حَدِيثٌ سَابِعٌ عَمَّنْ يَثِقُ بِهِ 697 - مَالِكٌ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ فَإِنْ أُذِنَ لَكَ فَادْخُلْ وَإِلَّا فَارْجِعْ يُقَالُ إِنَّ الثِّقَةَ هَهُنَا عَنْ بُكَيْرٍ هُوَ مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ وَيُقَالُ بَلْ وَجَدَهُ مَالِكٌ فِي كُتُبِ بُكَيْرٍ أَخَذَهَا مِنْ مَخْرَمَةَ وَقَالَ عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ ثِقَةٌ وَبُكَيْرٌ ثِقَةٌ ثَبْتٌ وَقَالَ ابْنُ الْبَرْقِيِّ قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ كَانَ مَخْرَمَةُ ثَبْتًا وَلَكِنَّ رِوَايَتَهُ عَنْ أَبِيهِ مِنْ كِتَابٍ وَجَدَهُ لِأَبِيهِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ قَالَ وَبَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَسْتَعِيرُ كُتُبَ بُكَيْرٍ فَيَنْظُرُ فِيهَا وَيُحَدِّثُ عَنْهَا وَتُوُفِّيَ بُكَيْرٌ فِي زَمَانِ هِشَامٍ وَكَانَ يُكَنَّى أَبَا الْمِسْوَرِ وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ رَبِيعَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَهَذَا الْإِسْنَادُ مِنْ أَحْسَنِ أَسَانِيدِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي

أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ سَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَرَجَعَ فَأَرْسَلَ عُمَرُ فِي إِثْرِهِ لِمَ رَجَعْتَ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فلم يوجب فَلْيَرْجِعْ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ اسْتَأْذَنَ أَبُو مُوسَى عَلَى عُمَرَ ثَلَاثًا فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فَرَجَعَ فَلَقِيَهُ عُمَرُ فَقَالَ مَا شَأْنُكَ رَجَعْتَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنِ اسْتَأْذَنَ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ فَقَالَ لَتَأْتِيَنَّ عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ وَأَفْعَلَنَّ فَأَتَى مَجْلِسَ قَوْمِهِ فَنَاشَدَهُمْ فَقُلْتُ أَنَا مَعَكَ فَقَامَ رَجُلَانِ فَشَهِدَا لَهُ فَخَلَّى عَنْهُ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ دَاوُدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ دَاوُدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَأْذَنَ الْمُسْتَأْذِنُ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ سَمِعَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ بَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَا إِسْنَادٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ طُرُقِهَا فِي بَابِ رَبِيعَةَ فَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ مَرَّةً يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَرَّةً عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا هِيَ حِكَايَةٌ عَنْ قِصَّةِ أَبِي مُوسَى فَإِذَا قَالَ عَنْ أَبِي مُوسَى فَإِنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرَهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ الْبَهْزِيِّ فِي الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَعَانِيَ هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ رَبِيعَةَ وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يُوجِبُ أَلَّا يَسْتَأْذِنَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا رَجَعَ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ نَافِعٍ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَزِيدَ وَالِاسْتِئْذَانُ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عليكم آدخل وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمَرَّةُ الْأُولَى مِنَ الِاسْتِئْذَانِ اسْتِئْذَانٌ وَالْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ مَشُورَةٌ هَلْ يُؤْذَنُ لَهُ فِي الدُّخُولِ أَمْ لَا وَالثَّالِثَةُ عَلَامَةُ الرُّجُوعِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ

الحديث الثامن

حَدِيثٌ ثَامِنٌ عَمَّنْ يَثِقُ بِهِ 797 - مَالِكٌ عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحُبَابِ الْأَنْصَارِيِّ السُّلَمِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُنْبَذَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا وَالزَّهْوُ وَالرُّطَبُ جَمِيعًا هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَامَّةُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى وَمِمَّنْ رَوَاهُ هَكَذَا ابن عبد الحكم والعقنبي وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو الْمُصْعَبِ وَجَمَاعَتُهُمْ وَرَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَاضِي حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ بِشْرٍ الْحَرَّانَيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحُبَابِ السُّلَمِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُشْرَبَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا وَالزَّهْوُ وَالرُّطَبُ جَمِيعًا

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ وَمَعْنَاهُ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ وَعَائِشَةُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَنَسٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْهَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي بَابِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هَهُنَا وَنَذْكُرُ هَهُنَا حَدِيثَ أَبِي قَتَادَةَ خَاصَّةً عَلَى شَرْطِنَا وَبِاللَّهِ عَوْنُنَا وَهُوَ حَسَبُنَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عمرو بن الحرث أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ حدثه أن عبد الرحمن بن الحرث السُّلَمِيَّ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُنْبذَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ القاسم ابن شَعْبَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الضَّبِّيُّ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنِي

أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَجْمَعُوا بَيْنَ الزَّهْوِ وَالرُّطَبِ وَالزَّبِيبِ وَانْتَبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَعْبَانَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَنْبِذُوا الزَّهْوَ وَالرُّطَبَ جَمِيعًا وَلَا تَنْبِذُوا الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ جَمِيعًا وَانْتَبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ خَلِيطِ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ وَعَنْ خَلِيطِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَعَنْ خَلِيطِ الزَّهْوِ وَالرُّطَبِ وَقَالَ انْتَبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ

وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ القاسم ابن شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ الْجُمَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ عَائِذِ بْنِ نُصَيْبٍ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْلَطَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا وَقَالَ يُنْبَذُ هَذَا عَلَى حِدَةٍ وَهَذَا عَلَى حِدَةٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحْكَامَ الْخَلِيطَيْنِ وما للعلماء مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث التاسع

حَدِيثٌ تَاسِعٌ مِنْ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ 897 - مَالِكٌ أَنَّهُ بلغه عن جده ملك بن أبي عامر أن عثمن بن عفان قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ وَلَا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ (31 32) هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مَوْلًى لَهُمْ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ مالك بن أنس عن موسى لَهُمْ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ وَلَا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ يُقَالُ اسْمُ هَذَا الْمَوْلَى كَيْسَانُ وَلَا يَصِحُّ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيهِ بُكَيْرُ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُسْنَدًا

وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ مُسْنَدًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَسَعِيدُ بْنُ سَيِّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَشْوَرِيُّ إِمْلَاءً بِصَنْعَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الدُّمَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ مَالِكَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ يُحَدِّثُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ وَلَا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ لَنَا الْكَشْوَرِيُّ يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ كَتَبْتُ عَنْهُ بِمَكَّةَ وَكَانَ يُحَدِّثُ عَنِ اللَّيْثِ وَكَانَ أَثْبَتَ النَّاسِ فِيهِ قَالَ أَحْمَدُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رِحْلَةٌ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ حَدَّثَهُ عَنْ عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ وَلَا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ أَبُو سهيل بن مالك عن أبيه عن عثمان رَوَاهُ عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَشْجَعِيُّ وَعَاصِمٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عُثْمَانَ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عامر

قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ أَبِي سُهَيْلٍ فِي هَذَا عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ مَنْصُورٍ النَّصِيبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أبو موسى إسحاق ابن مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُبَايِعُوا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَلَا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث العاشر

حَدِيثٌ عَاشِرٌ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 997 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ يُقَالُ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ أَحَدٌ بَعْدَ النِّدَاءِ إِلَّا أَحَدٌ يُرِيدُ الرُّجُوعَ إِلَيْهِ إِلَّا مُنَافِقٌ وَهَذَا لَا يُقَالُ مِثْلُهُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ وَلَا يَكُونُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَاهُ مُسْنَدًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِذَلِكَ أَدْخَلْنَاهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَعْدِ بِبَغْدَادَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّقْرِ الْهِلَالِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حدثنا عمر ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ حِينَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ أَوْ حِينَ أَخَذَ فِي أَذَانِهِ فَقَالَ أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حدثنا شريك عن أشعث ابن أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ رَجُلٌ بَعْدَ الْأَذَانِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَمَّا هَذَا فَقَدَ عَصَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا نَخْرُجَ حَتَّى نُصَلِّيَ

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حدثنا أبو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ يَمْشِي فَأَتْبَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَمَّا هَذَا فَقَدَ عَصَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْغَضَائِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمِصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَرَأَى رَجُلًا يَجْتَازُ فِي الْمَسْجِدِ وَيَخْرُجُ بَعْدَ الْأَذَانِ فَقَالَ أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعُوا عَلَى الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ وَكَانَ عَلَى طَهَارَةٍ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ قَدْ صَلَّى وَحْدَهُ إِلَّا لِمَا لَا يُعَادُ مِنَ الصَّلَوَاتِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ بُسْرِ بْنِ مِحْجَنٍ فَإِذَا كَانَ مَا ذَكَرْنَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْخُرُوجُ مِنَ الْمَسْجِدِ بِإِجْمَاعٍ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ لِلْوُضُوءِ وَيَنْوِيَ الرُّجُوعَ

وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَنْهُمْ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ كَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ خُرُوجَ الرَّجُلِ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ إِلَّا لِلْوُضُوءِ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ إِلَيْهَا وَسَوَاءٌ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ جَمَاعَاتٍ وَكَذَلِكَ كَرِهُوا قُعُودَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ لِئَلَّا يَتَشَبَّهَ بِمَنْ لَيْسَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ وَسَوَاءٌ صَلَّى أَوْ لَمْ يُصَلِّ وَالَّذِي عَلَيْهِ مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِخُرُوجِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ إِذَا كَانَ قَدْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ وَعَلَى ذَلِكَ أَكَثَرُ الْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ إِلَّا أَنَّهُمْ يَكْرَهُونَ قُعُودَهُ مَعَ الْمُصَلِّينَ بِلَا صَلَاةٍ وَيَسْتَحِبُّونَ لَهُ الْخُرُوجَ وَالْبُعْدَ عَنْهُمْ عَلَى مَا قَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَتِهِ هَهُنَا قَالَ مَالِكٌ دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ وَأَذَنَّ الْمُؤَذِّنُ فقام بحل عِقَالَ نَاقَتِهِ لِيَخْرُجَ فَنَهَاهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فلم ينته فما سارت به غير يسير حَتَّى وَقَعَتْ بِهِ فَأُصِيبَ فِي جَسَدِهِ فَقَالَ سَعِيدٌ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ مَنْ خَرَجَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِغَيْرِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يُصَابُ

الحديث الحادي عشر

حَدِيثٌ حَادِيَ عَشَرَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 8008008 008 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يَقُولُ يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ذِكْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ عَلَى ذِكْرِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ فَإِنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْهُورٌ مَحْفُوظٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ وَغَيْرِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ قَالَ انْطَلَقْتُ إِلَى أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ فِيهِ طُولٌ قَالَ وَقُلْتُ لَهُ حَدِّثْنَا كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ تُؤَخَّرَ الْعِشَاءُ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قال أخبرنا

مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمِنْهَالِ سَيَّارُ بْنُ سَلَامَةَ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ النَّوْمِ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثِ بَعْدَهَا يَعْنِي الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ وَحَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَتَمُّ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي فإذا بقوم تضرب رؤوسهم بِالصَّخْرِ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ أُمَّتِكَ قُلْتُ وَمَا حَالُهُمْ قَالَ كَانُوا يَنَامُونَ عَنِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ إِسْنَادُهُ عَنْ عَلِيٍّ ضَعِيفًا فإن في حديث أب بَرْزَةَ مَا يُقَوِّيهِ وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ عِنْدِي يُوَضِّحُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنَامُونَ عَنْهَا وَلَا يُصَلُّونَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَى هَذَا حَمَلَ الطَّحَاوِيُّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ نَامَ لَيْلَهُ كُلَّهُ حَتَّى أَصْبَحَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ قَالَ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّهُ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَلَمْ يُصَلِّهَا حَتَّى انْقَضَى اللَّيْلُ كُلُّهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ مَالِكٌ أَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَأَكْرَهُ الْحَدِيثَ بَعْدَهَا وَذَكَرَ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْهُ وَذَكَرَ أَيْضًا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تُرْسِلُ إِلَى بَعْضِ أَهْلِهَا بَعْدَ الْعَتَمَةِ فَتَقُولُ أَلَا تُرِيحُونَ الْكُتَّابَ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ سواء

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لَأَنْ أُصَلِّيَهَا وَحْدِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَنَامَ قَبْلَهَا ثُمَّ أُصَلِّيَهَا فِي جَمَاعَةٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَبِهِ نَأْخُذُ نَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَلَمْ يَحْكِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ خِلَافًا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ مَا يُعْجِبُنِي النُّوَّمُ قَبْلَهَا وَقَالَ اللَّيْثُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِيمَنْ رَقَدَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَلَا أَرْقَدَ اللَّهُ عَيْنَهُ إِنَّمَا ذَلِكَ قَبْلَ ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ آدَمَ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَأَلْتُ الْحَكَمَ عَنِ النَّوْمِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ كَانُوا يَنَامُونَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي لَيْلَتَيْنِ وَيَنَامُ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرْقُدُ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَيُوكِلُ مَنْ يُوقِظُهُ وَرُوِيَ أَنَّهُ مَا كَانَتْ نَوْمَةٌ أَحَبَّ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ نَوْمَةٍ بَعْدَ الْعَشَاءِ قَبْلَ الْعِشَاءِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهِيَةُ عَنِ النَّوْمِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْإِبَاحَةُ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَعْيَنَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقَيْسَرَانِيُّ حَدَّثَنَا محمد ابن يوسف الفرياني حَدَّثَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا سَمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ إِلَّا لِمُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ

الحديث الثاني عشر

حَدِيثٌ ثَانِيَ عَشَرَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 108 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ كَانَ رَجُلَانِ أَخَوَانِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ أَنْ يَهْلَكَ صَاحِبُهُ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَذَكَرْتُ فَضِيلَةَ الْأَوَّلِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَمْ يَكُنِ الْآخَرُ مُسْلِمًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَانَ لَا بَأْسَ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُدْرِيكُمْ مَا بَلَغَتْ بِهِ صَلَاتُهُ إِنَّمَا مَثَلُ الصَّلَاةِ كَمَثَلِ نَهْرٍ غَمْرٍ عَذْبٍ بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَقْتَحِمُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَمَا تَرَوْنَ ذَلِكَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا بَلَغَتْ بِهِ صِلَاتُهُ النَّهْرُ الْغَمْرُ الْكَثِيرُ الْمَاءِ وَالدَّرَنُ الْوَسَخُ وَيَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ الْعَذْبَ مِنَ الْمِيَاهِ أَشَدُّ إِنْقَاءً لِلدَّرَنِ مِنْ غَيْرِ الْعَذْبِ كَمَا أَنَّ الْكَثِيرَ أَنْقَى مِنَ الْيَسِيرِ وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصَّلَاةِ يُخْبِرُ بِأَنَّهَا تُكَفِّرُ مَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالْحَمْدُ صلى الله عليه وسلم وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ يَبْقَى بِالْبَاءِ لَا بِالنُّونِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قِصَّةُ الْأَخَوَيْنِ فَلَيْسَتْ تُحْفَظُ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ إِلَّا فِي مُرْسَلِ مَالِكٍ هَذَا وَقَدْ أَنْكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ وَقَطَعَ بِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ الْبَتَّةَ وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُنْكِرَهُ لِأَنَّ مَرَاسِيلَ مَالِكٍ أُصُولُهَا صِحَاحٌ كُلُّهَا وَجَائِزٌ أَنْ يَرْوِيَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ سَعْدٌ وَغَيْرُهُ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عن عامر بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً وَأَظُنُّ مَالِكًا أَخَذَهُ مِنْ كُتُبِ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ وَأَخْبَرَهُ بِهِ عَنْهُ مَخْرَمَةُ ابْنُهُ أَوِ ابْنُ وَهْبٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنَّ هَذَا حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ ابْنُ وَهْبٍ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ فِيمَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِالْحَدِيثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ تُحْفَظُ قِصَّةُ الْأَخَوَيْنِ مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَمِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ هَذِهِ وَمُرْسَلُ حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا أَقْوَى مِنْ مُسْنَدِ بَعْضِ حَدِيثِ هَؤُلَاءِ وَأَمَّا آخِرُ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَثَلِ نهر عذاب غَمْرٍ فَهُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ جَابِرٍ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ ثَابِتَةٍ وَيُرْوَى مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَعَمَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ أَنَّ حَدِيثَ مَالِكٍ هَذَا كُلَّهُ خَطَأٌ في

قِصَّةُ الْأَخَوَيْنِ وَقِصَّةُ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ قَالَ الْبَزَّارُ وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَلَا أَعْلَمُهُ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ كَمَا وَصَفْنَا عَنْ مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قال أخبرني مخرمة ابن بكير عن أبيه عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا وَأُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ كَانَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَوَانِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ مِنَ الْآخَرِ فَتُوُفِّيَ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُهُمَا ثُمَّ عَمَّرَ الْآخَرُ بَعْدَهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ فَذَكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضِيلَةَ الْأَوَّلِ عَلَى الْآخَرِ فَقَالَ أو لم يَكُنْ يُصَلِّي فَقَالُوا بَلَى وَكَانَ لَا بَأْسَ بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُدْرِيكُمْ مَا بَلَغَتْ بِهِ صَلَاتُهُ ثُمَّ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ إِنَّمَا الصَّلَاةُ كَمَثَلِ نَهْرٍ غَمْرٍ عَذْبٍ بِبَابِ رَجُلٍ يَقْتَحِمُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَمَاذَا تَرَوْنَ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا بَلَغَتْ بِهِ صَلَاتُهُ تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ وَهْبٍ فَأَمَّا حَدِيثُ طَلْحَةَ فِي قِصَّةِ الْأَخَوَيْنِ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قال حدثنا عبد الله

ابن أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنِ ابْنِ الْهَادِي وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنِ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بُلَيٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إِسْلَامُهُمَا جَمِيعًا وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الْآخَرِ فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ ثُمَّ مَاتَ الْآخَرُ بَعْدَهُ بِسَنَةٍ قَالَ طَلْحَةُ بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ إِذْ أُتِيَ بِهِمَا فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الْآخِرَ مِنْهُمَا ثُمَّ خَرَجَ فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ فَقَالَ ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ النَّاسَ فَعَجِبُوا لِذَلِكَ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا ثُمَّ اسْتُشْهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدَخَلَ هَذَا الْجَنَّةَ قَبْلَهُ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا قَدْ مَكَثَ بَعْدَهُ سَنَةً قَالُوا بَلَى قَالَ وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ وَصَامَهُ قَالُوا بَلَى قَالَ وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ قَالُوا بَلَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ مُرْسَلٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ عِنْدَ أَبِي سَلَمَةَ عن أبي هريرة عن طلحة وسنذكره ههنا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بَعْدَ هَذَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ نَزَلَ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ مَكَثَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ فَرَأَى طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ الَّذِي مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْآخَرِ بِحِينٍ فَذَكَرَ ذَلِكَ طَلْحَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمْ مَكَثَ بَعْدَهُ قَالَ حَوْلًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةِ صَلَاةٍ وَصَامَ رَمَضَانَ وَقَدْ رَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَ إبراهيم بن محمد بن طلحة عن جده فِي ثَلَاثَةِ إِخْوَةٍ بِنَحْوِ هَذَا الْمَعْنَى أَخْبَرَنَاهُ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرَ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ جَدِّهِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ نَزَلَ عَلَيَّ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ مِنْ بُلَيٍّ وَهُمْ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ فَغَزَا رَجُلٌ مِنْهُمْ فِي بَعْضِ

مَغَازِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُتِلَ وَغَزَا الْآخَرُ بَعْدَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَاتَ وَبَقِيَ الْآخَرُ فَمَاتَ بَعْدَهُمَا فَأُرِيتُ فِي مَنَامِي كَأَنَّهُمْ أُحْضِرُوا باب الجنة فبديء بِالَّذِي مَاتَ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ ثُمَّ ثُنِّيَ بِالَّذِي مَاتَ فِي الْغَزْوِ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ ثُمَّ ثُلِّثَ بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ ثُمَّ ذَهَبْتُ لِأَدْخُلَ فَحُجِبْتُ فَأَصْبَحْتُ مَذْعُورًا فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته فَقَالَ وَمَا أَذْعَرَكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ الَّذِي مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ أَدْرَكَ مِنْ فَضْلِ العمل ما بديء بِهِ وَإِنَّ الَّذِي مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَدْرَكَ مِنْ فَضْلِ الْعَمَلِ بَعْدَ صَاحِبِهِ مَا ثُنِّيَ بِهِ وَإِنَّ الَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ بِقَتْلِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْتَ فَلَمْ يَحْضُرْكَ أَجَلُكَ فَتَدْخُلَهَا وَلَمْ يَسْمَعْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ مِنْ جَدِّهِ بينهما عبد الله ابن شَدَّادٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عبد الله ابن شَدَّادٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي عُذْرَةَ ثَلَاثَةً أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمُوا قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَكْفُلُهُمْ قَالَ طَلْحَةُ أَنَا قَالَ فَكَانُوا عِنْدَ طَلْحَةَ فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا فَخَرَجَ فِيهِ أَحَدُهُمْ فَاسْتُشْهِدَ قَالَ ثُمَّ بَعَثَ بَعْثًا فَخَرَجَ فِيهِ آخَرُ فَاسْتُشْهِدَ قَالَ ثُمَّ مَاتَ الثَّالِثُ عَلَى فِرَاشِهِ قَالَ قَالَ طَلْحَةُ فَرَأَيْتُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ كَانُوا عندي في

الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ الْمَيِّتَ عَلَى فِرَاشِهِ أَمَامَهُمْ وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَخِيرًا يَلِيهِ وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَوَّلَهُمْ آخِرَهُمْ قَالَ فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ فَأَتَيْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ أَحَدٌ أفضل عند الله من مؤمن يُعَمِّرُ فِي الْإِسْلَامِ لِتَسْبِيحِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَهْلِيلِهِ وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ طَلْحَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلَانِ مِنْ بُلَيٍّ مِنْ قُضَاعَةَ فَأَسْلَمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا وَأُخِّرَ الْآخَرُ بَعْدَ سَنَةٍ قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَرَأَيْتُ كَأَنِّي أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا دَخَلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ فَعَجِبْتُ مِنْ ذَلِكَ فَأَصْبَحْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَيْسَ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ وَصَلَّى بَعْدَهُ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلَاةَ السَّنَةِ وَرَوَى هَذَا الْمَعْنَى عُبَيْدُ بْنُ خَالِدٍ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَاهُ قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعْدٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهَبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عمرو ابن مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْآخَرُ

بَعْدَهُ فَصَّلَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قُلْتُمْ عَلَيْهِ قَالُوا دَعَوْنَا اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ وَيَرْحَمَهُ وَيُلْحِقَهُ بِصَاحِبِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَيْنَ صَلَاتُهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ وَصِيَامُهُ بَعْدَ صِيَامِهِ وَعَمَلُهُ بَعْدَ عَمَلِهِ لَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ قَالَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا وَمَاتَ الْآخَرُ بَعْدَهُ بِجُمْعَةٍ وَنَحْوِهَا فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قُلْتُمْ لَهُ قَالُوا دَعَوْنَا لَهُ وَقُلْنَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَأَلْحِقْهُ بِصَاحِبِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَيْنَ صَلَاتُهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ أَوْ صَوْمُهُ بَعْدَ صَوْمِهِ شَكَّ شُعْبَةُ فِي صَوْمِهِ وَعَمَلُهُ بَعْدَ عَمَلِهِ إِنَّ بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُفَسِّرُ هَذَا الْمَعْنَى وَيُوَضِّحُهُ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخِيَارِكُمْ قَالَ بَلَى قَالَ أَطْوَلُكُمْ أَعْمَارًا وَأَحْسَنُكُمْ أَعْمَالًا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ قَالُوا حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِكُمْ نَهَرًا جَارِيًا مَا بَيْنَ مَنْزِلِهِ وَمُعْتَمَلِهِ وَيَغْتَمِسُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ كَانَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا قَالُوا لَا قَالَ فَكَذَلِكَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ قَالَ الْبَزَّارُ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ عُثْمَانَ وَقَدْ روي عن غير عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَرْفَعُ حَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْبَغْدَادِيُّ يُعْرَفُ بِابْنِ الْمَارَسْتَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن العباس ابن الْفَضْلِ بْنِ يُونُسَ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ أَحْمَدَ

بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِي صَالِحُ بن عبد الله بن أبي فروة أن عَامِرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ قَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ بِفَنَاءِ أَحَدِكُمْ نَهْرٌ يَجْرِي يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ مَاذَا كَانَ مُبْقِيًا مِنْ دَرَنِهِ قَالُوا لَا شَيْءَ قَالَ فَكَذَلِكَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ يُذْهِبْنَ الذُّنُوبَ كَمَا يُذْهِبُ الْمَاءُ الدَّرَنَ وَأَمَّا حَدِيثُ غير عُثْمَانَ فِي هَذَا فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مَثَلُ رَجُلٍ بِبَابِهِ نَهَرٌ جَارٍ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَمَاذَا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خمس مرات

قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ عَنِ الْأَعْمَشِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ لَا يَحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ هَذَا مِنْ أَجْلِ أَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ فَهُوَ ضَعِيفٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُمَا إِسْنَادَيْنِ وَأَصَحُّ إِسْنَادٍ فِي هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عثمان ابْنُ السَّكَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ قَالَ لَا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا قَالَ فَكَذَلِكَ الصلوات الخمس يمحوا اللَّهُ بِهَا الْخَطَايَا وَبَلَغَنِي أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ قَالَ خَطَرَ بِبَالِي تَقْصِيرُ النَّاسِ وَتَقْصِيرِي فِي الْأَعْمَالِ مِنَ النَّوَافِلِ وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ وَالْجِهَادِ فَكَبُرَ ذَلِكَ فِي قَلْبِي فَرَأَيْتُ لَيْلَةً فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّ آتِيًا أَتَانِي فَضَرَبَ بِيَدِهِ بَيْنَ كَتِفَيَّ وَقَالَ قَدْ أَكْثَرْتَ فِي الْعِبَادَةِ وَأَيُّ عِبَادَةٍ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي جماعة

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا مَدْخَلَ لِلْقَوْلِ فِي هذا الباب إذا الْمَعْنَى فِيهِ وَاضِحٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَالْحَمْدُ لله

الحديث الثالث عشر

حَدِيثٌ ثَالِثَ عَشَرَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 208 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسِيرَ يَوْمَهُ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسِيرَ لَيْلَهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْآثَارُ الْمُسْنَدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنِ الْأَعْرَجِ وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى ذَلِكَ فِي بَابِ أَبِي الزُّبَيْرِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الرابع عشر

حَدِيثٌ رَابِعَ عَشَرَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 308 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَامِلٍ مِنْ عُمَّالِهِ أَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً يَقُولُ لَهُمْ اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تُقَاتِلُونَ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ لَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَقُلْ ذَلِكَ لِجُيُوشِكَ وَسَرَايَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (21 11) وَهَذَا الْحَدِيثُ يَتَّصِلُ مَعْنَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وُجُوهٍ صِحَاحٍ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَصَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَالنُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى الْأَنْطَاكِيُّ الْفَرَّاءُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ وَفِي سَبِيلِ الله

وَقَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَعْتَدُوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ وَلَا تَعْتَدُوا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْفَزْرِ قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ انْطَلِقُوا بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلَا طِفْلًا وَلَا صَغِيرًا وَلَا امْرَأَةً وَلَا تَغُلُّوا وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حدثنا أبو روق عطية بن الحرث قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْغَرِيفِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في سَرِيَّةٍ فَقَالَ اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَذَكَرْنَا مَا فِي الْحَدِيثِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي شَيْءٍ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ الْغُلُولُ وَلَا الْغَدْرُ وَلَا الْمُثْلَةُ وَلَا قَتْلُ الْأَطْفَالِ فِي دَارِ

الْحَرْبِ وَالْغَدْرِ أَنْ يُؤَمَّنَ الْحَرْبِيُّ ثُمَّ يُقْتَلَ وَهَذَا لَا يَحِلُّ بِإِجْمَاعٍ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ عِنْدَ اسْتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ اسْتِهِ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ لَا أُوتَى بِأَحَدٍ فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا قَتَلْتُهُ وَهَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ تَغْلِيظٌ إِذْ لَا يُقْتَلُ مؤمن بِكَافِرٍ عِنْدَهُمْ وَهُوَ الْحَقُّ لِثُبُوتِ الْخَبَرِ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ الْمُثْلَةُ لَا تَحِلُّ بِإِجْمَاعٍ وَالْمُثْلَةُ الْمَعْرُوفَةُ نَحْوَ قَطْعِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ وَفَقْءِ الْعَيْنِ وَشِبْهِ ذَلِكَ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ عَبَثًا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَفُّ النَّاسِ قِتْلَةً أَوْ قَالَ أَحْسَنُ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ وَلَيْسَ مَنْ وَجَبَ قَتْلُهُ يَجِبُ بِذَلِكَ قَطْعُ أَعْضَائِهِ إِلَّا أَنْ يُوجِبَهُ خُصُوصًا كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ أَوْ إِجْمَاعٌ فَقِفْ عَلَى هَذَا فَإِنَّهُ أَصْلٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَا حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَنِيِّ بْنِ نُوَيْرَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَفُّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ وَرَوَى سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ وَعِمْرَانُ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَنْهَى عن المثلة

وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْغُلُولِ وَإِثْمِهِ وَحُكْمِ الْغَالِّ فِي بَابِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ وَمَضَى الْقَوْلُ فِي قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الخامس عشر

حَدِيثٌ خَامِسَ عَشَرَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 408 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَقُولُ لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ (21 21) هَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ عَنْ مَالِكٍ وَهَذَا يَسْتَنِدُ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نافع عن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قال حدثا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْهَمَ لِرَجُلٍ وَلِفَرَسِهِ ثَلَاثَ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لَهُ وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ وَرَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا وَهَذَا كَرِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ فِيهِ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ قَالَ سَأَلْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ عَنْ هذ الْحَدِيثِ فَقَالَ نَافِعٌ مُرْسَلٌ وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي قِصَّةِ

الزُّبَيْرِ فَإِنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ الزُّبَيْرَيُّ عَنْ مَالِكٍ وقد روي من حديث هشام ابن عُرْوَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِفَرَسِهِ سَهْمَانِ وَلَهُ سَهْمٌ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَحُجَّتُهُ حَدِيثُ مَجْمَعِ بْنِ جَارِيَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَسَمَ يَوْمَ خَيْبَرَ لِمِائَةِ فَارِسٍ فَأَعْطَى لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ وَأَعْطَى الرَّاجِلَ سَهْمًا وَمِنْ حُجَّتِهِ أَيْضًا رِوَايَةُ ابْنِ الْمُبَارَكِ لِحَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَلَا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْ أَصْحَابِ عُبَيْدِ اللَّهِ خَالَفُوهُ وَكَذَلِكَ لَا حُجَّةَ فِي حَدِيثِ مَجْمَعٍ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَوَى خِلَافَهُ فِيمَا قَسَمَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ غَزَا بِأَفْرَاسٍ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ لَا يُسْهَمُ إِلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ومحمد والثوري والأوزاعي والليث يُسْهَمُ لِفَرَسَيْنِ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ الْمَالِكِيُّ وَقَالَ هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الثُّغُورِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ التَّابِعِينَ وَأَهْلُ الْأَمْصَارِ فَذَكَرَهُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ

وَمَكْحُولٍ الشَّامِيِّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَقَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ إِلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ قَالَ وَالْفَرَسُ الْوَاحِدُ لَا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْحَوَادِثُ وَصَاحِبُهُ كَالرَّاجِلِ هَذِهِ حُجَّتُهُ قَالَ وَلَمْ يُجَاهِدْ مَالِكٌ وَلَا شَاهَدَ الثُّغُورَ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ ابْنِ الْجَهْمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقِيَاسُ أَلَّا يُسْهَمَ إِلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ وَلَوْ أُسْهِمَ لِفَرَسَيْنِ لَأُسْهِمَ لِثَلَاثَةٍ وَأَكْثَرَ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا وَالْفَرَسُ آلَةٌ وَالْآلَاتُ لَا يُسْهَمُ لَهَا وَلَوْلَا الْأَثَرُ فِي الْفَرَسِ مَا أُسْهِمَ لَهُ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ يُسْهَمُ لِأَكْثَرَ مِنْ فَرَسَيْنِ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ إِذَا أَدْرَبَ الرَّجُلُ بِأَفْرَاسٍ قُسِمَ لِكُلِّ فَرَسٍ سَهْمَانِ ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ

الحديث السادس عشر

حَدِيثٌ سَادِسَ عَشَرَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 508 -) مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى نِدَاءٌ وَلَا إِقَامَةٌ مُنْذُ زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَوْمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ وَفِيهِ أَحَادِيثُ صِحَاحٌ مُسْنَدَةٌ ثَابِتَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَمْرٌ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَلَا تَنَازُعَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا أَذَانَ وَلَا إِقَامَةَ فِي الْعِيدَيْنِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَسْنُونَاتِ وَالنَّوَافِلِ وَإِنَّمَا الْأَذَانُ لِلْمَكْتُوبَاتِ لَا غَيْرَ وَعَلَى هَذَا مَضَى عَمَلُ الْخُلَفَاءِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَجَمَاعَةِ الصَّحَابَةَ وَعُلَمَاءِ التَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَظُنُّ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ لَا يُشَبَّهُ فَرْضٌ بِنَافِلَةٍ وَلَا أَذَانَ لِصَلَاةٍ عَلَى جِنَازَةٍ وَلَا لِصَلَاةِ كُسُوفٍ وَلَا لِصَلَاةِ اسْتِسْقَاءٍ وَلَا فِي الْعِيدَيْنِ لِمُفَارَقَةِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فِي أَهْلِ مِصْرَ وَالْأَوْزَاعِيِّ فِي أَهْلِ الشَّامِ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مِنْ أَتْبَاعِهِ مِنَ النُّظَّارِ وَالْمُحْدَثِينَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَسَائِرِ الْكُوفِيِّينَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرَيُّ وَكَانَ بَنُو أُمَيَّةَ يُؤَذَّنُ لَهُمْ فِي الْعِيدَيْنِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي أَوَّلِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

8 - 8 فَأَمَّا الرِّوَايَاتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ فَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ الْمُفِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حدثنا عمي علي ابن أَحْمَدَ وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صُبَيْحٍ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خِرَاشِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا واسط ابن الحرث عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عِيدٍ رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا لِحَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا طُرُقًا شَتَّى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ مِنْ كِتَابِنَا هذا فلا معنى لإعادتها ههنا وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن محمد ابن عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سَيْفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ لِلْعِيدِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ آثَارِ هَذَا الْبَابِ وَالْقَوْلُ فِيهِ مَا يُغْنِي وَيَشْفِي فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمَضَى هُنَاكَ الْقَوْلُ فِي تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ وَهَذَا أَيْضًا اتِّفَاقٌ مِنَ الْآثَارِ وَإِجْمَاعٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمُفَارَقَةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي هِيَ فَرْضٌ وَخُطْبَتُهَا قَبْلَهَا فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ سُنَّةً غَيْرَ فَرِيضَةٍ وَنَافِلَةً غَيْرَ مَكْتُوبَةٍ كَانَتِ الصَّلَاةُ فِيهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ

الحديث السابع عشر

حَدِيثٌ سَابِعَ عَشَرَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 608 -) مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ الشُّهَدَاءُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يُغَسَّلُونَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَيُدْفَنُونَ فِي الثِّيَابِ الَّتِي قُتِلُوا فيها قال ملك وَتِلْكَ السُّنَّةُ فِيمَنْ قُتِلَ فِي الْمُعْتَرَكِ فَلَمْ يُدْرَكْ حَتَّى مَاتَ قَالَ وَأَمَّا مَنْ حُمِلَ مِنْهُمْ فَعَاشَ مَا شَاءَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا عُمِلَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَكَرَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَكَانَ شَهِيدًا رَحِمَهُ اللَّهُ) 213737 37 -) قَالَ أَبُو عُمَرَ فِيمَا حَكَاهُ مَالِكٌ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي الشُّهَدَاءِ الْمَقْتُولِينَ فِي الْمُعْتَرَكِ أَنَّهُمْ لَا يُغَسَّلُونَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ حَدِيثُ جَابِرٍ انْفَرَدَ بِهِ اللَّيْثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ في ثوب واحد ويقول إنهم أَكْثَرُ قُرْآنًا فَإِذَا أَشَارُوا إِلَى

أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ أَنَا الشَّهِيدُ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا ذَكَرَهُ دَاوُدُ عَنْ قُتَيْبَةَ وَيَزِيدَ بْنِ خَالِدٍ جَمِيعًا عَنِ اللَّيْثِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ وَفِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا حَدِيثُ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ رَوَاهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْهُ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ لَمْ يُغَسَّلُوا وَدُفِنُوا بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ وَرَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمُ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وثيابه وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّمْحِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ انْزِعُوا عَنْهُمُ الْحَدِيدَ وَادْفِنُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي غَسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِلَى أَنَّهُمْ لَا يُغَسَّلُونَ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ جَابِرٍ وَسَائِرُ مَا ذَكَرْنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ الْأَحَادِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَجَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ وَابْنُ علية

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يُغَسَّلُ الشُّهَدَاءُ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنَّمَا لَمْ يُغَسَّلْ شُهَدَاءُ أُحُدٍ لِكَثْرَتِهِمْ وَلِلشُّغْلِ عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ بِقَوْلِ سَعِيدٍ وَالْحَسَنِ هَذَا أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَّا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ الْبَصْرِيُّ وَلَيْسَ مَا ذَكَرُوا مِنَ الشُّغْلِ عَنْ غَسْلِ شُهَدَاءِ أُحُدٍ عِلَّةٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ يَشْتَغِلُ بِهِ وَيَقُومُ بِأَمْرِهِ وَالْعِلَّةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي تَرْكِ غُسْلِهِمْ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ فِي دِمَائِهِمْ أَنَّهَا تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَرِيحِ الْمِسْكِ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِقَتْلَى أُحُدٍ زَمِّلُوهُمْ بِجِرَاحِهِمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلْمٍ يكلمه المؤمن فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا أَتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ وَرُوِيَ مِثْلُ هَذَا مِنْ وُجُوهٍ فَبَانَ أَنَّ الْعِلَّةَ لَيْسَتِ الشُّغْلَ كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَدْخَلٌ فِي الْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ وَإِنَّمَا هِيَ مَسْأَلَةُ اتِّبَاعٍ لِلْأَثَرِ الَّذِي نَقَلَتْهُ الْكَافَّةُ فِي قَتْلَى أُحُدٍ أَنَّهُمْ لَمْ يُغَسَّلُوا وَلِثُبُوتِ أَخْبَارِ الْآحَادِ الْعُدُولِ بِذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ احْتَجَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِمَّنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْحَسَنِ وَسَعِيدٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شُهَدَاءَ أُحُدٍ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمِ الْقِيَامَةَ وَقَالَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِهِمْ وَأَنَّهُمْ لَا يُشْرِكُهُمْ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُمْ قَالَ وَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فَقَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا تُقَرِّبُوهُ طيبا فإنه ملبيا

أَنَّ ذَلِكَ خُصُوصٌ بِذِكْرِ بَعْثِهِ مُلَبِّيًا وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الشُّهَدَاءِ بِأُحُدٍ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشُهَدَاءِ أُحُدٍ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ وَخَصَّهُمْ بِتَرْكِ الْغُسْلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ بِهَذَا خِلَافٌ عَلَى الْجُمْهُورِ وَهُوَ يُشْبِهُ الشُّذُوذَ وَالْقَوْلُ بِتَرْكِ غُسْلِهِمْ أَوْلَى لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ وَغَيْرِهِمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فِي صَدْرِهِ أَوْ فِي حَلْقِهِ فَمَاتَ فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ قَالَ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ذلك واختلف فِيهِ الْآثَارُ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ إِلَى أَنْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ لِحَدِيثِ اللَّيْثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَقَالَ فُقَهَاءُ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالشَّامِ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَرَوَوْا آثَارًا كَثِيرَةً أَكْثَرُهُمْ مَرَاسِيلُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى حَمْزَةَ وَعَلَى سَائِرِ شُهَدَاءِ أُحُدٍ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الشَّهِيدَ إِذَا حُمِلَ حَيًّا وَلَمْ يَمُتْ فِي الْمُعْتَرَكِ وَعَاشَ أَقَلَّ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا صُنِعَ بِعُمَرَ رضي الله

عَنْهُ وَاخْتَلَفُوا فِي غُسْلِ مَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا كَقَتِيلِ الْخَوَارِجِ وَقُطَّاعِ السَّبِيلِ وَاللُّصُوصِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُغَسَّلُ إِلَّا مَنْ قَتَلَهُ الْكُفَّارُ وَمَاتَ فِي الْمُعْتَرَكِ هَذَا وَحْدَهُ وَأَمَّا مَنْ قُتِلَ فِي فِتْنَةٍ أَوْ ثَائِرَةٍ أَوْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ أَوِ الْبُغَاةُ أَوْ قُتِلَ قَوْدًا أَوْ قَتَلَ نَفْسَهُ وَكُلُّ مَقْتُولٍ غَيْرُ الْمَقْتُولِ فِي الْمُعْتَرَكِ قَتِيلُ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ كُلُّ مَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا لَمْ يُغَسَّلْ وَلَكِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ شَهِيدٍ وَهُوَ قَوْلُ سَائِرِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَرَوَوْا مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ صِحَاحٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ أَنَّهُ قَالَ لَا تَنْزِعُوا عَنِّي ثَوْبًا وَلَا تَغْسِلُوا عَنِّي دِمَاءً وَادْفِنُونِي فِي ثِيَابِي وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ إِلَّا الْخُفَّيْنِ وَقُتِلَ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَثَبَتَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّهُ قَالَ مِثْلَ قَوْلِ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ وَقُتِلَ عَمَّارٌ بِصِفِّينَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَصَلَّى عَلَيْهِ عَلِيٌّ وَلَمْ يُغَسِّلْهُ وَرَوَى هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فِي خَبَرِ حُجْرِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْأَدْبَرِ أَنَّهُ قَالَ لَا تُطْلِقُوا عَنِّي حَدِيدًا وَلَا تَغْسِلُوا عَنِّي دِمَاءً وَادْفِنُونِي فِي ثِيَابِي فَإِنِّي لَاقٍ مُعَاوِيَةَ بِالْجَادَّةِ وَإِنِّي مُخَاصِمٌ وَلِلشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يُغَسَّلُ جَمِيعُ الْمَوْتَى إِلَّا مَنْ قَتَلَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ وَالْآخَرُ لَا يُغَسَّلُ قَتِيلُ الْبُغَاةِ وَقَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ

وَرَوَى شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَمَسْعَرٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدٍ الْقَارِي وَهُوَ أَبُو زَيْدٍ قَالَ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ إِنِّي مُسْتَشْهِدٌ غَدًا فَلَا تَغْسِلُوا عَنِّي دَمًا وَلَا تَنْزِعُوا عَنِّي ثَوْبًا وَسُئِلَ مَكْحُولٌ عَنِ الشَّهِيدِ أَيُصَلَّى عَلَيْهِ قَالَ نَعَمْ وَيُنْزَعُ عَنْهُ كُلُّ خُفٍّ وَمِنْطَقَةٍ وَخَاتَمٍ وَجِلْدٍ إِلَّا الْفَرْوَ فَإِنَّهُ مِنْ ثِيَابِهِ وَلَا يُنْزَعُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ ثِيَابِهِ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ ثَوْبٌ إِلَّا أَنْ تُضَمَّ عَلَيْهِ ثِيَابُهُ بِثَوْبٍ يَلُفُّونَهُ بِهِ قَالَ مَكْحُولٌ فَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ قَعْصًا وَلَمْ يُجْهَزْ عَلَيْهِ وَبَاتَ وَطَعِمَ ثُمَّ مَاتَ نُزِعَتْ عَنْهُ ثِيَابُهُ وَطُهِّرَ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الشَّامِ الْأَوْزَاعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَتِهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ غُسْلُ الْمَوْتَى قَدْ ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ وَنَقْلِ الْكَافَّةِ فَوَاجِبٌ غُسْلُ كُلِّ مَيِّتٍ إِلَّا مَنْ أَخْرَجَهُ إِجْمَاعٌ أَوْ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّهُ الموفق للصواب

الحديث الثامن عشر

حَدِيثٌ ثَامِنَ عَشَرَ مِنَ الْبَلَاغَاتَ 708 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ يَوْمَ مَاتَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَسْبِغِ الْوُضُوءَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رسول الله يَقُولُ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ هَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيهِ سَالِمٌ الدَّوْسِيُّ وَهُوَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى دَوْسٍ وَيُقَالُ مَوْلَى النَّصْرِيِّينَ وَيُقَالُ مولى مالك بن أوس بن الحدثنان النَّصْرِيِّ وَهُوَ سَالِمٌ سَبَلَانُ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ وَقِيلَ بَلِ الِاخْتِلَافُ عَلَى يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ مدني حسن روي عن النبي مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى فَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ سَالِمٍ سَبْلَانَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ إِلَى مَكَّةَ وَكَانَتْ تَخْرُجَ مَعَهَا بِأَبِي يَحْيَى التَّيْمِيِّ يُصَلِّي بِهَا قَالَ فأدركها عبد الرحمن ابن أَبِي بَكْرٍ فَأَسَاءَ عِنْدَهَا الْوُضُوءَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ

أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله يَقُولُ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ سَالِمٍ الدَّوْسِيِّ فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى يَحْيَى فَرَوَاهُ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تُنَادِي عَبْدَ الرحمن أسبغ الوضوء فإني سمع رسول الله يَقُولُ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ وَذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فِي جَنَازَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَمَرَرْنَا عَلَى بَابِ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُعَيْقِبٍ قَالَ قال رسول الله وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ وَهَذَا خَطَأٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالصَّوَابُ فِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ مَا رَوَاهُ عَنْهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَحَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ وَحُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ وَشَيْبَانُ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا فِيهِ فَرَوَوْهُ عَنْ يَحْيَى عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَائِشَةَ لَا ذِكْرَ فِيهِ لِأَبِي سَلَمَةَ وَلَيْسَ حَدِيثُ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ مِمَّا يُرْفَعُ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يَحْيَى ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ سَالِمٍ عَنْ عَائِشَةَ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ سَالِمٍ فَحَدَّثَ بِهِ عَنْهُ عَنْ عَائِشَةَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ الْمَقْبُرِيَّ رَوَاهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قِيلَ لَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو سَلَمَةَ أَرْسَلَهُ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ سَالِمٍ عَنْهَا

فَإِنْ قِيلَ إِنَّ ابْنَ عَجْلَانَ يَقُولُ فِيهِ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَسْبِغِ الْوُضُوءَ فإني سمعت رسول الله يَقُولُ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ قِيلَ لَهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ مَنْ يُوثَقُ بِحِفْظِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ تَوَضَّأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ لَهُ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَسْبِغِ الوضوء فإني سمعت رسول الله يَقُولُ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ تَدُلُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أنه لم يسمعه أَبُو سَلَمَةَ مِنْ عَائِشَةَ وَأَمَّا رِوَايَةُ أَيُّوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُعَيْقِبٍ فَخَطَأٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَالصَّوَابُ فِيهِ مَا رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ وَرِوَايَةُ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ غَيْرُ مَرْفُوعَةٍ فِي هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ابْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى

ابن أَبِي كَثِيرٍ عَنْ سَالِمٍ الدَّوْسِيِّ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عَائِشَةَ فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَقَالَتْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أسبغ الوضوء فإن سمعت رسول الله يَقُولُ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُعَلِّمُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ زَادَ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ اتَّفَقَا الدَّوْسِيُّ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ أسبغ الوضوء فإن سمعت رسول الله يَقُولُ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى دَوْسٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِي حَدَّثَهُ أَنَّهُ دَخَلَ على عائشة وعندها عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ

وقد روى هذا الحديث عن النبي أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ حَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ حَبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا وَالنَّاسُ يَتَطَهَّرُونَ مِنَ الْمِطْهَرَةِ فَيَقُولُ أسبغوا الوضوء فإن رسول الله قَالَ وَيْلٌ لِلْعَقِبِ مِنَ النَّارِ وَرَوَاهُ جَابِرٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلِيفَةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْثَدٍ أَوِ ابن أبي مريد وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النبي إِلَّا أَنَّهُ اخْتَلَفَ فِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فَطَائِفَةٌ تَرْوِيهِ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلِيفَةَ وَطَائِفَةٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ وَطَائِفَةٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي كُرَيْبٍ وَكُلُّهُمْ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحرث بْنُ جَزْءٍ الزُّبَيْرِيُّ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ وَابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ عُقْبَةَ بن مسلم سمع عبد الله ابن الحرث صاحب النبي (قال سمعت رسول الله) يَقُولُ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ وَسَعِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ فَذَكَرَهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أصبغ حدثنا الحرث ابن أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي حيوة بن شريح عن عقبة بن مسلم قال سمعت عبد الله بن الحرث صاحب النبي يقول سمعت رسول الله يَقُولُ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ بريد والليث فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ بُطُونَ الْأَقْدَامِ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحرث بن جزء قال سمعت رسول الله يَقُولُ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو مِنْ حَدِيثِ مَنْصُورٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مَنْصُورٍ وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَأَبِي ذَرٍّ وَأَبِي أمامة عن النبي وفيها ضعف

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ آدَمَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْنٍ ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا آدَمُ ابْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ ابْنِ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ فِي قَدَمِ رَجُلٍ نَحْوَ الدِّرْهَمِ لَمْ يَغْسِلْهُ فَقَالَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ وَأَصَحُّ حَدِيثٍ فِي هَذَا حَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحرث بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْرِيِّ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي ثُمَّ حَدِيثُ عَائِشَةَ فَهُوَ مَدَنِيٌّ حَسَنٌ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ رَأَى رَسُولُ الله قوما يتوضؤون فَرَأَى أَعْقَابَهُمْ تَلُوحُ فَقَالَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو قال تخلف رسول الله فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَنَحْنُ

نَتَوَضَّأُ فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِيجَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَفِي ذَلِكَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَبَيَانُ أَنَّهُ أَرَادَ الْغَسْلَ لَا الْمَسْحَ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ قُرِئَتْ وَأَرْجُلِكُمْ بِالْجَرِّ فَذَلِكَ مَعْطُوفٌ عَلَى اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى وَالْمَعْنَى فِيهِ الْغَسْلُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَامْسَحُوا برؤوسكم وَالْقِرَاءَتَانِ بِالنَّصْبِ وَالْجَرِّ صَحِيحَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ وَالْمَسْحُ ضِدُّ الغسل ومخالف له وغير أَنْ تُبْطَلَ إِحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالْأُخْرَى مَا وُجِدَ إِلَى تَخْرِيجِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا سَبِيلٌ وَقَدْ وَجَدْنَا الْعَرَبَ تَخْفِضُ بِالْجِوَارِ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ كَبِيرُ أُنَاسٍ فِي بِجَادٍ مُزَمَّلِ فَخَفَضَ بِالْجِوَارِ وإنما المزمل الرجل وإعرابه ههنا الرفع

وَكَمَا قَالَ زُهَيْرٌ لَعِبَ الزَّمَانُ بِهَا وَغَيَّرَهَا بَعْدِي سُوَافِي الْمَوْرِ وَالْقَطْرِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ كَانَ الْوَجْهُ الْقَطْرُ بِالرَّفْعِ وَلَكِنْ جَرَّهُ عَلَى جِوَارِ الْمَوْرِ كَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ هَذَا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ فَجَّرَتْهُ وَإِنَّمَا هُوَ رَفْعٌ (وَخَفْضُهُ بِالْمُجَاوَرَةِ) وَمِنْ هَذَا قِرَاءَةُ أَبِي عَمْرٍو يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٍ بِالْجَرِّ لِأَنَّ النُّحَاسَ الدُّخَانُ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا تَكُونُ مَعْنَى الْقِرَاءَةِ بِالْجَرِّ النَّصْبُ وَيَكُونُ الْخَفْضُ عَلَى اللَّفْظِ لِلْمُجَاوِرَةِ وَالْمَعْنَى الْغَسْلُ وَقَدْ يُرَادُ بِلَفْظِ الْمَسْحِ الْغَسْلُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ قَوْلِهِمْ تَمَسَّحْتُ لِلصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ الْغَسْلُ وَيُشِيرُ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ كُلِّهِ قول النبي وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَالتَّأْوِيلِ جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَجَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالرَّأْيِ وَإِنَّمَا رُوِيَ مَسْحُ الرِّجْلَيْنِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَبَعْضِ التَّابِعِينَ وَتَعَلَّقَ بِهِ الطَّبَرِيُّ وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي نَظَرٍ وَلَا أَثَرٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى وجوب غسل الرجلين قوله وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ فَخَوَّفَنَا بِذِكْرِ النَّارِ مِنْ مُخَالَفَةِ مُرَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ بِالنَّارِ إِلَّا عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ أَلَا تَرَى إِلَى مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَرَأَى أَعْقَابَنَا تَلُوحُ فَقَالَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ وَأَوْضَحُ مِنْ هَذَا مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحرث وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَسْحَ لَيْسَ شَأْنُهُ

الِاسْتِيعَابَ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِالْمَسْحِ عَلَى الرِّجْلَيْنِ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى ظُهُورِهِمَا لَا عَلَى بُطُونِهِمَا فَتَبَيَّنَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِمَسْحِ الْقَدَمَيْنِ إِذْ لَا مَدْخَلَ لِمَسْحِ بُطُونِهِمَا عِنْدَهُمْ وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يُدْرَكُ بِالْغَسْلِ لَا بِالْمَسْحِ وَدَلِيلٌ آخَرُ مِنَ الْإِجْمَاعِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ غَسَلَ قَدَمَيْهِ أَدَّى الْوَاجِبَ الَّذِي عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَسَحَ قَدَمَيْهِ فَالْيَقِينُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ دُونَ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَقَدِ اتَّفَقُوا أَنَّ الْفَرَائِضَ إِنَّمَا يَصْلُحُ أَدَاؤُهَا بِالْيَقِينِ وَإِذَا جَازَ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ أَنَّ يَكُونَ مَنْ غَسَلَ قَدَمَيْهِ قَدْ أَدَّى الْفَرْضَ عِنْدَهُ فَالْقَوْلُ فِي هَذَا الْحَالِ بِالِاتِّفَاقِ هُوَ الْيَقِينُ مَعَ قوله وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مَنْ قَرَأَ وَأَرْجُلِكُمْ بِالْخَفْضِ أَرَادَ بِهِ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَعَ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنَ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ أَبِالنَّصْبِ أَمْ بِالْخَفْضِ فَقَالَ هُوَ الْغَسْلُ وَلَا يُجْزِي الْمَسْحُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ قَرَأَ بِالنَّصْبِ فَصَلَ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ بِالْإِعْرَابِ فَكَأَنَّهُ قَالَ اغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَكَأَنَّ ذَلِكَ أَشْبَهُ بِفِعْلِ النَّبِيِّ وَبِأَمْرِهِ فَأَمَّا فِعْلُهُ فَمَا نَقَلَ الْجُمْهُورُ كَافَّةً عن

كَافَّةٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ فِي وُضُوئِهِ مَرَّةَ وَاثْنَتَيْنِ وثلاثا حتى ينقيهما وأما أمره فقوله وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ وَوَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْغَسْلُ وَاجِبًا مَا خُوِّفَ مَنْ لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَيْهِ وَعُرْقُوبَيْهِ بِالنَّارِ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ الِاسْتِيعَابُ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْعَرَاقِيبُ وَلَا الْأَعْقَابُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْعُرْقُوبُ هُوَ مَجْمَعُ مَفْصَلِ الساق والقدم والكعب هو الناتىء فِي أَصْلِ السَّاقِ يَدُلُّكُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ أَقْبَلَ (عَلَيْنَا) رَسُولُ الله بِوَجْهِهِ فَقَالَ أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ قَالَ فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَلْزَقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ وَالْعَقِبُ هُوَ مُؤَخَّرُ الرِّجْلِ تَحْتَ الْعُرْقُوبِ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي الْكَعْبَيْنِ وَأَوْضَحْنَا الْمَذَاهِبَ عَنِ الْعَرَبِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْعُرْقُوبِ وَالْكَعْبِ فِي بَابِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ وَلَا فِي الْغُسْلِ وَلَا خَيْرَ فِي الْجَفَاءِ وَالْغُلُوِّ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ مُرَغَّبٌ فِيهِ ولا بد مِنْ ذَلِكَ فِي أَصَابِعِ

الْيَدَيْنِ وَأَمَّا أَصَابِعُ رِجْلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُخَلِّلْهَا فلا بد مِنْ إِيصَالِ الْمَاءِ إِلَيْهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَنْ لَمْ يُخَلِّلْ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ تَوَضَّأَ عَلَى نَهْرٍ فَحَرَّكَ رِجْلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجْزِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهُمَا بِيَدَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى غَسْلِ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى أَجْزَأَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُلْزَمُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْغَسْلَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمُرُورِ الْيَدَيْنِ أَنْ يَقُولَ إِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ أَنَّ غَسْلَ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ تَخْلِيلَ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِغَسْلِهِمَا وَاحِدٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النبي أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ يُدَلِّكُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِخُنْصُرِهِ وَهَذَا عِنْدَنَا عَلَى الْكَمَالِ وَقَدْ مَضَى فِي صِفَةِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مَعْنَى هَذَا الْبَابِ وَمَضَى في باب عمرو ابن يَحْيَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَيْضًا الْقَوْلُ فِي غَسْلِ الْمِرْفَقَيْنِ مَعَ الْيَدَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ مَع الرِّجْلَيْنِ فلا معنى لإعادة ذلك ههنا وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي آخِرِ عُمْرِهِ يُدَلِّكُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِأَصَابِعِ يَدَيْهِ لِحَدِيثٍ حَدَّثَهُ ابْنُ وَهْبٍ (ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ وَهْبٍ) قال

حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ فَقَالَ أَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فَأَمْهَلْتُهُ حَتَّى خَفَّ النَّاسُ عَنْهُ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُكَ تُفْتِي فِي مَسْأَلَةٍ عِنْدَنَا فِيهَا سُنَّةٌ قَالَ وَمَا هِيَ قُلْتُ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ عَنْ أَبِي عبد الرحمن الحبلي عن المستورد ابن شداد القرشي قال رأيت رسول الله يتوضأ فيخلل بختصره مَا بَيْنَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ قَالَ فَقَالَ لِي مَالِكٌ إِنَّ هَذَا لَحَسَنٌ وَمَا سَمِعْتُ بِهِ قَطُّ إِلَّا السَّاعَةَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ ثُمَّ سَمِعْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يُسْأَلُ عَنْ تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ فِي الْوُضُوءِ فَيَأْمُرُ بِهِ وَرَوَى غَيْرُهُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ فَرَأَيْتُهُ يَعْمَلُ بِهِ وَلَمْ يَقُلْ بأمره

الحديث التاسع عشر

حَدِيثٌ تَاسِعَ عَشَرَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 808 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عَائِشَةُ وَأَنَا مَعَهُ فِي الْبَيْتِ فَقَالَ رَسُولُ الله بِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ سَمِعْتُ ضَحِكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتَ فِيهِ مَا قُلْتَ ثُمَّ لَمْ تَنْشَبْ أَنْ ضَحِكْتَ مَعَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ مَنِ اتَّقَاهُ النَّاسُ لِشَرِّهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَائِشَةَ وَلَمْ يذكر يحيى وجماعة معه يحيى ابن سَعِيدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَمِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَأَصَحُّ أَسَانِيدِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْخَصِيبِ الْقَاضِي الْخَصِيبِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ

الْمَدِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ائْذَنُوا لَهُ فَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ أَوْ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ فَلَمَّا خَرَجَ قُلْتُ يَا رَسُولَ الله قلت الذي قلت ثم ألنت له الْقَوْلَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ لَا أَدْرِي قَالَ تَرَكَهُ النَّاسُ أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ قَالَ سُفْيَانُ فَعَجِبْتُ مِنْ حِفْظِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُمَيْدِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْذَنُوا لَهُ فَبِيسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ أَوْ قَالَ أَخُو الْعَشِيرَةِ فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ فَلَمَّا خَرَجَ قُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَلْتَ الَّذِي قُلْتَ ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فحشه

قَالَ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ سُفْيَانُ فَقُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَنْتَ لِمِثْلِ هَذَا تَشُكُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي قَوْلَهُ بِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ أَوْ أَخُو الْعَشِيرَةِ وَقَوْلُهُ تَرَكَهُ أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ أَيْ إِنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُسْأَلُ عَنْهُ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُدَارَاةُ النَّاسِ صَدَقَةٌ وَيُقَالُ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مُقَاتِلِ بْنِ صَالِحٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأشعث الكوفي قال حدثني موسى ابن إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ شِرَارَ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ يُكْرَمُونَ اتِّقَاءَ شَرِّهِمْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ بْنِ صَفْوَانَ حَدَّثَنَا أَبُو

صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي قُبَيْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو بن العاصي قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِرَارُ النَّاسِ الَّذِينَ يُتَّقَوْنَ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ

الحديث العشرون

حَدِيثٌ مُوفِي عِشْرِينَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 908 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ إِذَا ذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ تَقُولُ وَأَيُّكُمْ أَمْلَكُ لِأَرَبِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (18 18) وَهَذَا الْحَدِيثُ يَتَّصِلُ وَيَسْتَنِدُ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فَنَذْكُرُ مِنْهَا مَا حَضَرَنَا مِمَّا فِيهِ كِفَايَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُنِي وَهُوَ فِي رَمَضَانَ صَائِمٌ قَالَ ثُمَّ تَقُولُ عَائِشَةُ وَأَيُّكُمْ كَانَ أَمْلَكُ لِأَرَبِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُنِي وَهُوَ صَائِمٌ وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْلِكُ إِرْبَهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ

حَدَّثَنَا ابْنُ وَهَبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ قَالَتْ عَائِشَةُ وَأَيُّكُمْ كَانَ أَمْلَكُ لِأَرَبِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أَبُو عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمَعْمَرٌ وَعُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ رَوَاهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لِعُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَمَا هُوَ لِلْقَاسِمِ عن عائشة ولعلقمة عن عئشة وَلِلْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ هِشَامٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ خَرَجْنَا حُجَّاجًا فَتَذَاكَرَ الْقَوْمُ الصَّائِمَ يُقَبِّلُ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَالُوا لِي يَا أَبَا شِبْلٍ سَلْهَا فَقُلْتُ لَا أَرْفُثُ عِنْدَهَا سَائِرَ الْيَوْمِ فَسَمِعَتْ مَقَالَتَهُمْ فَقَالَتْ مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّمَا أَنَا أُمُّكُمْ قَالُوا يَا أم المؤمنين الصَّائِمُ يُقَبِّلُ فَقَالَتْ عَائِشَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صائم وكان أملككم لإربه

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ وَعَلْقَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُ لِإِرْبِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهَا أَمْلَكَ لِإِرْبِهِ يَعْنِي أَمْلَكَ لِنَفْسِهِ وَلِشَهْوَتِهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهِيَةِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ عَلَى حَسَبِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مَبْسُوطًا فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا وَجْهَ لإعادته ههنا وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ كَرِهَ الْقُبْلَةَ لِلصَّائِمِ بِقَوْلِ عَائِشَةَ هَذَا وَأَيُّكُمْ أَمْلَكُ لِأَرَبِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَتْوَى عَائِشَةَ بِجَوَازِ الْقُبْلَةِ (لِلصَّائِمِ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ لِكُلِّ مَنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ إِفْسَادَ صَوْمِهِ ذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضِرِ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا هُنَالِكَ وَهُوَ عَبْدُ الله بن عبد الرحمن

ابن أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهُوَ صَائِمٌ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَدْنُوَ مِنْ أَهْلِكَ فَتُقَبِّلَهَا وَتُلَاعِبَهَا فَقَالَ أُقَبِّلُهَا وَأَنَا صَائِمٌ قَالَتْ نَعَمْ وَهِيَ الَّتِي رَوَتِ الْحَدِيثَ وَعَلِمَتْ مَخْرَجَهُ وَمَنْ خَافَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مَا لَمْ يَخَفْهُ عَلَيْهَا نَبِيُّهَا فَقَدْ جَاءَ مِنَ التَّعَسُّفِ بِمَا لَا يَخْفَى وَلَمَّا كَانَ التَّأَسِّي بِهِ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ اسْتَحَالَ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهُ مَا يَكُونُ خُصُوصًا أَوْ يَسْكُتَ عَلَيْهِ وَقَدْ مَضَى مِنْ هَذَا الْبَابِ وَالْمَعْنَى مَا فِيهِ شِفَاءٌ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَقُولُ كَسْرُ عَظْمِ الْمُسْلِمِ مَيِّتًا كَكَسْرِهِ حَيَّا تَعْنِي فِي الْإِثْمِ فَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ فِي بَابِ أَبِي الرِّجَالِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مَنْ أَسْنَدَهُ وَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ عِنْدَ حَدِيثِهِ فِي الْمُخْتَفِي النَّبَّاشِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ

الحديث الحادي والعشرون

حَدِيثٌ حَادٍ وَعِشْرُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 18018018 018 - مَالِكٌ أَنَّهُ بلغه أن عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ نَبِيٍّ يَمُوتُ حَتَّى يُخَيَّرَ قَالَتْ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى فَعَرَفْتُ أَنَّهُ ذَاهِبٌ (16 46) قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِهَا وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ وَهَذَا يَكَادُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُرْسَلَ إِلَّا ذِكْرَ التَّخْيِيرِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذِكْرُ التَّخْيِيرِ وَالْحَدِيثُ كُلُّهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ أَبَا الْفَضْلِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْجَوْهَرِيَّ حَدَّثَهُ إِمْلَاءً عَلَيْهِمْ بِمِصْرَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَانَ بْنِ عَبْدِ الْغَفَّارِ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ نَبِيٍّ مَرِضَ إِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَالَتْ وَلَمَّا كَانَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ أَخَذَتْهُ بُحَّةٌ شَدِيدَةٌ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا فَعَلِمْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً هَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِ وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ وَقَوْلُهُ اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَيَّرَهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَخُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُؤْتَى مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ أَوْ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ صِحَاحٌ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَ عَائِشَةَ فَقَطْ عَلَى حَسَبِ بَلَاغِ مَالِكٍ عَنْهَا وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ خَبَرًا مُتَّصِلًا ثَابِتًا مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حدثنا أحمد ابن مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ

قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَبِي النَّضِرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَعَجِبْنَا لَهُ وَقُلْنَا انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ يُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ وَهُوَ يَقُولُ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُخَيَّرَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ

الحديث الثاني والعشرون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَعِشْرُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 118 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَمْ يَجِدْ ثَوْبَيْنِ فَلْيُصَلِّ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُلْتَحِفًا بِهِ فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ قَصِيرًا فَلْيَتَّزِرْ بِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ عَنْ جَابِرٍ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَدَّثَنَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ السِّجِسْتَانِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ أَبُو حَرْزَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ أَنْبَأَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سِرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ فَقَامَ يُصَلِّي وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ ذَهَبْتُ أُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا فَلَمْ تَبْلُغْ بِي وَكَانَتْ لَهَا ذَبَاذِبُ فَنَكَّسْتُهَا ثُمَّ خَالَفْتُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا ثُمَّ تَرَاقَصْتُ عَلَيْهَا لَا تَسْقُطُ ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ فَجَاءَ ابْنُ صَخْرٍ حَتَّى قَامَ

عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذْنَا بِيَدَيْهِ جَمِيعًا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ قَالَ وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُنِي وَأَنَا لَا أَشْعُرُ ثُمَّ فَطِنَتْ بِهِ فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنِ اتَّزِرْ بِهَا فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا جَابِرُ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَيْكَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ جَابِرٍ مِنْ طرق وري هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ بِذَلِكَ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُهُ فِي الصَّلَاةِ الْعَوْرَةُ فَقَطْ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذَاهِبَ الْعُلَمَاءِ فِي الْعَوْرَةِ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مَعَ سَائِرِ أَحْكَامِ هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ الْمَذْكُورِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فلا وجه لإعادة ذَلِكَ هَهُنَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ عُمَرُ إِذَا كَانَ لِأَحَدِكُمْ ثَوْبَانِ فَلْيُصَلِّ فِيهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا ثَوْبٌ فَلْيَتَّزِرْ بِهِ وَلَا يَشْتَمِلِ اشْتِمَالَ الْيَهُودِ

الحديث الثالث والعشرون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 218 -) مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا عَادَ الرَّجُلُ الْمَرِيضَ خَاضَ الرَّحْمَةَ حَتَّى إِذَا قَعَدَ عِنْدَهُ قَرَّتْ فِيهِ أَوْ نَحْوَ هذا (50 18) وهذا حديث محفوط عن النبي صلى الله عليه وسلم من حَدِيثِ جَابِرٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُحْفَظُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِمْ وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ كحديث جابر سواء ونذكر ههنا حَدِيثَ جَابِرٍ خَاصَّةً وَهُوَ حَدِيثٌ مَدَنِيٌّ صَحِيحٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمِّي مَنْدُوسُ بِنْتُ عَلِيٍّ قَالَتْ مَرِضَ عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ فَعَادَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَادَ مَرِيضًا خَاضَ الرَّحْمَةَ فَإِذَا جَلَسَ عِنْدَهُ اسْتَنْقَعَ فِيهَا فَإِذَا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ خَاضَ الرَّحْمَةَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ عاد مريضا خاص الرَّحْمَةَ حَتَّى إِذَا قَعَدَ اسْتَقَرَّ فِيهَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ فَذَكَرَهُ وَهُوَ خَطَأٌ مِنَ الْوَاقِدِيِّ وَلَمْ يَسْمَعْهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ أُمِّهِ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْوَاقِدِيُّ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ وَقَدْ رَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إِنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ سَمِعَهُ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ كَمَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ وحديث هشيم ذكره أبو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ هُشَيْمٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُفَسِّرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ يَخُوضُ الرَّحْمَةَ حَتَّى يَجْلِسَ فَإِذَا جَلَسَ انْغَمَسَ فِيهَا وَذَكَرَ الْبَزَّارُ قَالَ حدثنا زيد بن أحزم قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَإِذَا جَلَسَ عِنْدَهُ غَمَرَتْهُ

ولا أحفظ لحديث جابر في هذا غير هَذَا الْإِسْنَادِ وَلَا أَعْلَمُ لِجَابِرٍ حَدِيثًا فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ غَيْرَ هَذَا إِلَّا مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي لَيْسَ بِرَاكِبٍ بَغْلًا وَلَا بِرْذَوْنًا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ وَفِي فَضْلِ الْعِيَادَةِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ رَوَاهَا جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو أَيُّوبَ وَأَبُو مُوسَى وَعَائِشَةُ وَأَنَسٌ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَثَوْبَانُ وَلَكِنَّهَا بِغَيْرِ لَفْظِ حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا وَبِغَيْرِ مَعْنَاهُ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ جَاءَ أَبُو مُوسَى يَعُودُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَكَانَ شَاكِيًا فَقَالَ عَلِيٌّ أَعَائِدًا جِئْتَ أم شامتا قال بلى عَائِدًا فَقَالَ عَلِيٌّ أَمَا إِذْ جِئْتَ عَائِدًا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا عَادَ الرَّجُلُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ مَشَى فِي خُرَافَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسَ فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ فَإِنْ كَانَ غَدْوَةً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلِكٍ حَتَّى يُمْسِيَ وَإِنْ كَانَ مَسَاءً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلِكٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَأَمَّا لَفْظُ حَدِيثِ مَالِكٍ فَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرْنَا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَمِثْلُهُ حَدِيثُ أَنَسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَائِدُ الْمَرِيضِ يَخُوضُ الرَّحْمَةَ فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ وَلَيْسَ إِسْنَادُ حَدِيثِ أَنَسٍ بِالْقَوِيِّ وَأَمَّا لَفْظُ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَبِلَفْظِ حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَهَذَا عَلَى عُمُومِهِ فِي الصَّالِحِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ عَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَافِرًا وَقَدْ كَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عِيَادَةَ الْكَافِرِ لِمَا فِي الْعِيَادَةِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَقَدْ أُمِرْنَا أَنْ لَا نَبْدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ فَالْعِيَادَةُ أَوْلَى أَنْ لَا تَكُونَ فَإِنْ أَتَوْنًا فَلَا بَأْسَ بِحُسْنِ تَلَقِّيهِمْ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا دَخَلَ فيه الكافر والمؤمن وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ أَوْ كَرِيمَةُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ وَقَدْ كَانَ طَاوُسٌ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَقِيَ مِنْ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَيَقُولُ هِيَ لِلْمُسْلِمِ تَحِيَّةٌ وَلِلْكَافِرِ ذِمَّةٌ وَعَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَعُمُومِهِ لَا بَأْسَ بِالْعِيَادَةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَقَدْ كَرِهَهَا طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَوْقَاتٍ قَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَقَالَ لَهُ شَيْخٌ كَانَ يَخْدِمُهُ تَجِيءُ إِلَى فُلَانٍ مَرِيضٍ سَمَّاهُ يَعُودُهُ وَذَلِكَ عِنْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ فِي الصَّيْفِ فَقَالَ لَيْسَ هَذَا وَقْتُ عِيَادَةٍ وَقَالَ

الْأَثْرَمُ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ عِيَادَةُ حَمْقَى الْقُرَى أَشَدُّ عَلَى أَهْلِ الْمَرِيضِ مِنْ مَرَضِ صَاحِبِهِمْ يَجِيئُونَ فِي غَيْرِ حِينِ عِيَادَةٍ وَيُطِيلُونَ الْجُلُوسَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَقَدْ أَحْسَنَ ابْنُ حِذَارٍ فِي نَحْوِ هَذَا حَيْثُ يَقُولُ إِنَّ الْعِيَادَةَ يَوْمٌ بَيْنَ يَوْمَيْنِ وَاجْلِسْ قَلِيلًا كَلَحْظِ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ لا تبرمن مريضا في مساءلة يَكْفِيكَ مِنْ ذَاكَ تَسْأَلُ بِحَرْفَيْنِ ذَكَرُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْجُعْفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ قَالَ حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ خَرَجْتُ إِلَى الْبَصْرَةِ أُرِيدُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ فَوَجَدْتُهُ مَرِيضًا بِهِ الْبَطْنُ فَكُنَّا نَدْخُلُ عَلَيْهِ نَعُودُهُ قِيَامًا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّجْزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَفْضَلُ الْعِيَادَةِ أَخَفُّهَا وَقَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ أَفْضَلُ الْعِيَادَةِ أَخَفُّهَا قَالَ هُوَ أَنْ لَا يُطَوِّلَ الرَّجُلُ فِي الْقُعُودِ إِذَا عَادَ الْمَرِيضَ

الحديث الرابع والعشرون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 318 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ (14 12) وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيهِ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْهُمْ سَالِمٌ وَنَافِعٌ وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ وَمُجَاهِدٌ وَبِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا آثَارَ هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ عِنْدَ قَوْلِ عَائِشَةُ لَوْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدَهُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ وَمَضَى هُنَالِكَ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسْجِدِ مَا فِيهِ شِفَاءٌ وَإِشْرَافٌ عَلَى هَذَا الشَّأْنِ فِي ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَنَذْكُرُ هَاهُنَا مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْ مُسْنَدِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ خَاصَّةً فِي هَذَا الْبَابِ بِعَوْنِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ

أَخْبَرَنَا نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَقَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمٍ بْنِ عِيسَى رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ عُبَيْدَ الله ابن مُحَمَّدِ بْنِ حُبَابَةَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْهَيْثَمِ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُبَابَةَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّادٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالُوا حَدَّثَنَا شُبْعَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ قَالَ الْبَغَوِيُّ هَكَذَا رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ شُعْبَةَ إِلَّا أَنَّ نَصْرَ بْنَ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا بِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ شُعْبَةَ بِإِسْنَادِهِ وَزَادَ فِيهِ بِاللَّيْلِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا مَنْ قَالَ فِيهِ بِاللَّيْلِ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَالْأَسَانِيدُ الَّتِي ذَكَرْنَا هُنَاكَ أَرْفَعُ وَكُلُّهَا ثَابِتَةٌ صِحَاحٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حُبَابَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجَرِيرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ الْمَسَاجِدَ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ أَنْ يُصَلِّينَ فِي الْمَسَاجِدِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عيسى المقرىء قال حدثنا إدريس بن علي ابن إِسْحَاقَ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَتِ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَالْعَشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ فَقِيلَ لَهَا لِمَ تَخْرُجِينَ وَقَدْ تَعْلَمِينَ أَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَغَارُ قَالَتْ فَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْهَانِي قَالُوا يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهُ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الْكِنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي عُرَابِيُّ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ

اللِّبَائِيُ قَالَ حَدَّثَنِي بِلَالُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ يَوْمًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ حُظُوظَهُنَّ مِنَ الْمَسَاجِدِ فَقُلْتُ أَنَا أَمَّا أَنَا فَسَأَمْنَعُ أَهْلِي فَمَنْ شَاءَ فَلْيُسَرِّحْ أَهْلَهُ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ لَعَنَكَ اللَّهُ لَعَنَكَ اللَّهُ لَعَنَكَ اللَّهُ تَسْمَعُنِي أَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَلَّا يُمْنَعْنَ ثُمَّ قَامَ مُغْضَبًا وَرَوَى الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ فَقَالَ ابْنُهُ وَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ بِلَالٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمُ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ جَوَازُ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ إِلَى الْمَسْجِدِ لِشُهُودِ الْعِشَاءِ بِاللَّيْلِ لِأَنَّهَا زِيَادَةُ حَافِظٍ وَقَدْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ كُلُّ صَلَاةٍ لِعُمُومِ لَفْظِ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ وَفِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا الْإِذْنُ لَهَا فِي الْخُرُوجِ لِكُلِّ مُبَاحٍ حَسَنٌ مِنْ زِيَارَةِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَذَوِي الْمَحَارِمِ مِنَ الْقَرَابَاتِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لَهُنَّ إِلَى الْمَسْجِدِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِنَّ بَلْ قَدْ جَاءَتِ الْآثَارُ الثَّابِتَةُ تُخْبِرُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ أَفْضَلُ فَصَارَ الْإِذْنُ لَهُنَّ إِلَى المسجد وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ أَنْ

يَمْنَعَ امْرَأَتَهُ الْمَسْجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَتْهُ فِي الْخُرُوجِ إِلَيْهِ كَانَ أَوْكَدُ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَمْنَعَهَا الْخُرُوجَ لِزِيَارَةِ مَنْ فِي زِيَارَتِهِ صِلَةٌ لِرَحِمِهَا وَلَا مِنْ شَيْءٍ لَهَا فِيهِ فَضْلٌ أَوْ إِقَامَةُ سُنَّةٍ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالْإِذْنُ أَلْزَمُ لِزَوْجِهَا إِذَا اسْتَأْذَنَتْهُ فِي الْخُرُوجِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ لِلْحَجِّ وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ فِي إِيجَابِ الْإِذْنِ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى أَدَاءِ فَرِيضَةِ الْحَجِّ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ الْآيَةَ وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ كِفَايَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الخامس والعشرون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم للملوك طَعَامُهُ وَكُسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ مَشْهُورٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ مُسْنَدًا عَنِ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا أَنَّهُمْ قَدْ تَكَلَّمُوا فِي إِسْنَادِهِ هَذَا وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الزُّهُرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ دُونَ الزُّهْرِيِّ مَنْ يُحْتَجُّ بِهِ فَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ فِي ذَلِكَ فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قاسم قال حدثنا حَفْصِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبْدِ طَعَامُهُ وَكُسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يطيق

قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يَرْوِيهِ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنِ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَكِنْ هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ إِلَّا أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا الثَّوْرِيَّ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى ذَلِكَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكُسْوَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عِيسَى الْحَافِظُ قَالَ وَحَدَّثَنَاهُ الْفَضْلُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ النُّعْمَانِ عن

مالك عن ابن عدلان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ إِلَّا بِرِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ مَالِكُ بْنُ عِيسَى وَكَانَ مُحَدِّثًا مُحْسِنًا مِنْ طَرِيقِ النُّعْمَانِ عَنْ مَالِكٍ وَلَا أَدْرِي مَنِ النُّعْمَانُ هَذَا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْهُ وَرُبَّمَا كَانَ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ فَإِنْ كَانَ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ فَهُوَ فِي قَصْدِ مَالِكٍ لِرِوَايَتِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَا أَدْرِي مَنْ هُوَ وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَمَحْفُوظٌ مَعْرُوفٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هَكَذَا يَرْوِيهِ النَّاسُ وَهُوَ طَرِيقُهُ الْمَعْرُوفُ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا وَالثَّوْرِيَّ قَدْ رَوَيَاهُ عَنِ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا رَأَيْتُ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَإِنَّمَا يَرْوُونَهُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنِ الْعَجْلَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ عَجْلَانَ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم للملوك طَعَامُهُ وَكُسْوَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا ما يطيق

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ عَجْلَانَ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكُسْوَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا بُكَيْرُ بْنُ عبد الله ابن الْأَشَجِّ عَنْ عَجْلَانَ يَعْنِي أَبَا مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَمْلُوكِ كُسْوَتُهُ وَطَعَامُهُ وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّ الْعَجْلَانَ أَبَا مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ قَبْلَ وَفَاتِهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكُسْوَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْعَجْلَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَقُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِالْمَعْرُوفِ إِلَّا مَالِكٌ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ بِالْمَعْرُوفِ وَهِيَ لَفْظَةٌ حَسَنَةٌ تَحْتَمِلُ

التَّأْوِيلَ وَقَدْ جَعَلَهَا قَوْمٌ مُعَارِضَةً لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ وَهَذَا الْحَدِيثُ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعُبَادَةَ وَأَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِمْ وَأَحْسَنُهَا حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ وَغَيْرُهَا مُخْتَلَفٌ فِي أَلْفَاظِهَا وَأَسَانِيدِهَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنِ الْمَعْرُوفِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى أَبِي ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا عَلَيْهِ بُرْدٌ وَإِذَا عَلَى غُلَامِهِ مِثْلُهُ فَقُلْنَا يَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ أَخَذْتَ بُرْدَ غُلَامِكَ إِلَى بُرْدِكَ فَكَانَتْ حُلَّةً وَكَسَوْتَهُ ثَوْبًا غَيْرَهُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيَكْسُهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا يُكَلِّفْهُ مَا يغلبه فإن كلفه مما يغلبه فليغنه وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَحَدِيثُ أَبِي مُعَاوِيَةَ مِثْلُهُ بِمَعْنَاهُ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فَإِنْ كُلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ وَقَالَ مَنْ جَعَلَ قَوْلَهُ بِالْمَعْرُوفِ مُعَارِضًا لِقَوْلِهِ أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ قَالُوا الْمَعْرُوفُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُسَاوِي سَيِّدَهُ فِي مَطْعَمٍ وَلَا مَلْبَسٍ وَحَسْبُهُ أَنْ يَكْسُوَهُ وَيُطْعِمَهُ مَا يُعْرَفُ لِمِثْلِهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَلْبَسِ قَالُوا وَقَوْلُهُ أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ هُوَ أَمْرٌ مَعْنَاهُ النَّدْبُ

وَالِاسْتِحْسَانُ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِوَاجِبٍ وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ اخْتِلَافًا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذكرنا ما حدثناه عبد الرحمان بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ ابن محمد بن أحمد بن عبد الرحمان الْقُرَشِيُّ الْجُمَحِيُّ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَنَعَ لِأَحَدِكُمْ خَادِمُهُ طَعَامًا وَقَدْ وَلِيَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ فَلْيَأْكُلْ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ قَلِيلًا فَلْيَضَعْ فِي يَدِهِ مِنْهُ أَكْلَةً أَوْ أَكْلَتَيْنِ قَالَ دَاوُدُ يَعْنِي لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُنَيْنِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَ خَادِمُ أَحَدِكُمْ بِطَعَامِهِ قَدْ وَلِيَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ فَلْيَقُلْ لَهُ اجْلِسْ فَإِنْ أَبَى فَلْيَتَنَاوَلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ وَأَشَارَ الْحَنِينِيُّ بِيَدِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ طَعَامُهُ وَطَعَامُ غُلَامِهِ وَاحِدًا سَوَاءً فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا حَرَجَ وَالَّذِي أُحِبُّ لَهُ أَنْ لَا يُخَيِّبَهُ مِمَّا يَتَنَاوَلُ لَهُ عَمَلُهُ وَيُقَدِّمَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَفِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الْمَمَالِيكِ عَلَى مَالِكِيهِمْ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْمَمَالِيكِ وَاجِبَةٌ عَلَى سَادَاتِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ صِغَارًا كَانُوا أَوْ كِبَارًا زَمْنَى كَانُوا أَوْ أَقْوِيَاءَ يَلْزَمُ اَلسَّيِّدَ

النَّفَقَةُ عَلَى مَمْلُوكِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَهُ مِنَ الْإِنْفَاقِ أَوِ الْبَيْعِ أَوِ الْعِتْقِ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ فِي كُلِّ مَا يُطِيقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُحَسِّنُهُ وَيُخَارِجُهُ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ عَلَى سَيِّدِهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ اِبْنُ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا أَبْقَى غِنًى وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ثُمَّ اتَّبَعَ الْحَدِيثَ تَقُولُ امْرَأَتُكَ أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ طَلِّقْنِي وَيَقُولُ مَمْلُوكُكَ أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ بِعْنِي وَيَقُولُ وَلَدُكَ إِلَى مَنْ تَكِلُنِي فَهَذَا بَيِّنٌ فِي وُجُوبِ نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَالْبَنِينَ وَالْمَمَالِيكِ وَلَيْسَ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْمَمَالِيكِ ذُكْرَانًا كَانُوا أَوْ إِنَاثًا بِالْمَعْرُوفِ اخْتِلَافٌ عَلَى قَدْرِ حَالِ الْمَمْلُوكِ أَوِ المملوكة أخبرنا عبد الرحمان حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ لَا يَتَصَدَّقُ الْمَمْلُوكُ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ بِشَيْءٍ لَهُ بَالٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَكَذَلِكَ لَا يُصِيبُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا أَرَى عَلَيْهِ بَأْسًا أَنْ يُسْقَى مِنْ لَبَنِ مَاشِيَتِهِ إِذَا وَلِيَهَا ظَمْآنًا يَمُرُّ بِهِ وَأَنْ يُنْبِلَ مِنْ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ مَنْ غَشِيَهُ قَالَ يُونُسُ وَسَأَلْتُ رَبِيعَةَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا إِلَّا مِنَ الطَّعَامِ يَأْكُلُهُ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ إِنْ وَلِيَ لِسَيِّدِهِ حَائِطًا فَأَتَاهُ مِسْكِينٌ أَنْ يُنَاوِلَهُ الْقَبْضَةَ ونحوها

الحديث السادس والعشرون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 518 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال أيما بيعين تبايعا فالقول الْبَائِعِ أَوْ يَتَرَادَّانِ (31 80) هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيُّمَا بَيِّعَيْنِ تَبَايَعَا وَلَمْ يَقُلْ فَاخْتَلَفَا وَهِيَ لَفْظَةٌ مَدَارُ الْحَدِيثِ عَلَيْهَا وَمِنْ أجلها ورد وسقطت لمالك كَمَا تَرَى وَفِي قَوْلِهِ فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ أَصْلٌ تَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ كَثِيرًا مِنْ فُرُوعِهِ وَاشْتُهِرَ عِنْدَهُمْ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ شُهْرَةً يُسْتَغْنَى بِهَا عَنِ الإسناد كما اشتهر عندهم قول عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَمِثْلُ هَذَا مِنَ الْآثَارِ الَّتِي قَدِ اشْتُهِرَتْ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ اسْتِفَاضَةً يَكَادُ يُسْتَغْنَى فِيهَا عَنِ الْإِسْنَادِ لِأَنَّ اسْتِفَاضَتَهَا وَشُهْرَتَهَا عِنْدَهُمْ أَقْوَى مِنَ الْإِسْنَادِ

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ وَهَذَا مُرْسَلٌ لِأَنَّ عَوْنًا لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المؤمن قال حدثنا محمد بن بكر ابن دَاسَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن قيس بن محمد بن الأشعث عن أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ اشْتَرَى الْأَشْعَثُ رَقِيقًا مِنْ رَقِيقِ الْخُمْسِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بِعِشْرِينَ أَلْفًا فَأَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَيْهِ فِي ثَمَنِهِمْ فَقَالَ إِنَّمَا أَخَذْتُهُمْ بِعَشَرَةِ آلَافٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَاخْتَرْ رَجُلًا يَكُونُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ قَالَ الْأَشْعَثُ أَنْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِكَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ فَهُوَ مَا يَقُولُ

رَبُّ السِّلْعَةِ أَوْ يَتَتَارَكَانِ هَكَذَا فِي كِتَابِي فِي مُصَنَّفِ أَبِي دَاوُدَ وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَارُودِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مِثْلَهُ سَوَاءٌ وَلِأَبِي الْعُمَيْسِ يُعْرَفُ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا لَا عَنِ الْأَعْمَشِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ بِحَمْلِ الْعِلْمِ وَهَذَا الْإِسْنَادُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَهُمْ مَشْهُورٌ وَمَعْلُومٌ وَاللَّهُ أعلم وحدثنا عبد الله بن ممد قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو داودقال حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ بَاعَ مِنَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ رقيا فَذَكَرَ مَعْنَاهُ وَالْكَلَامُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَعُمَرُ بْنُ قَيْسٍ الْمَاصِرُ عن القاسم ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ وَعُمَرُ بْنُ قَيْسٍ الْمَاصِرُ هَذَا كُوفِيٌّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ ابْنُ عَوْنٍ وَغَيْرُهُ ذَكَرَ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَابِقٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قَيْسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ الْمَاصِرِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَبَايَعَ الْمُتَبَايِعَانِ بَيْعًا لَيْسَ بَيْنَهُمَا شُهُودٌ فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ أَوْ يَتَرَادَّانِ الْبَيْعَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ الْأَشْعَثَ اشْتَرَى مِنْ عَبْدِ اللَّهِ رَقِيقًا مِنْ رَقِيقِ الْإِمَارَةِ فَأَتَاهُ فَقَاضَاهُ فَاخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ أَتَرْضَى أَنْ أَقْضِيَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ أَوْ يَتَرَادَّانِ وَرَوَاهُ حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ حَضَرْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَذَكَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَاهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ مِنْ جِهَةِ الِانْقِطَاعِ مَرَّةً وَضُعِّفَ بَعْضُ نَقْلَتِهِ أُخْرَى فَإِنَّ شُهْرَتَهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ يَكْفِي وَيُغْنِي وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِذَا اخْتَلَفَ

الْمُتَبَايِعَانِ فِي الثَّمَنِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا البيع وبدىء الْبَائِعُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي إِمَّا أَنْ تَأْخُذَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ وَإِمَّا أَنْ تَحْلِفَ عَلَى دَعْوَاكَ وَتَبْرَأَ فَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا رُدَّ الْبَيْعُ وَإِنْ نَكَلَا جَمِيعًا رُدَّ الْبَيْعُ وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ كَانَ الْبَيْعُ لِمَنْ حَلَفَ وَسَوَاءٌ عِنْدَ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ أَنْ تَكُونَ قَائِمَةً وَكَذَلِكَ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إِنَّ السِّلْعَةَ إِذَا كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي تَحَالَفَا وترادا على حسبما ذكرنا عن هؤلاء سواء ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ السِّلْعَةَ إِذَا بَانَ بِهَا الْمُشْتَرِي إِلَى نَفْسِهِ لَمْ يَتَحَالَفَا وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ وَإِنَّمَا يَتَحَالَفَانِ إِذَا كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً بِيَدِ الْبَائِعِ هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ سَحْنُونُ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ اجْتَمَعَ الرُّوَاةُ وَقَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَخَذَ بِهِ هو رخر قَوْلِ مَالِكٍ وَاخْتَلَفُوا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إِذَا فَاتَتِ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَهَلَكَتْ وَلَمْ تَكُنْ قَائِمَةً فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ كُلُّهُمْ حَاشَا أَشْهَبَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ بْنُ الْحَسَنِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ صَاحِبِ مَالِكٍ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ وهو قول عبيد الله بن الحسن الْعَنْبَرِيِّ قَاضِي الْبَصْرَةِ

وَقَالَ زُفَرُ إِنِ اتَّفَقَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الثَّمَنَ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا قِيمَةَ الْبَيْعِ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ هَلَكَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ وَعِنْدَ الْمُشْتَرِي هُمَا أَبَدًا إِذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ السِّلْعَةَ إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً أَوْ قِيمَتَهَا إِنْ كَانَتْ فَائِتَةً وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الثَّمَنِ الْقَوْلُ أَبَدًا قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَسَوَاءٌ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ فَاتَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْقَوْلُ أَبَدًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ وَضَعَّفَ أَبُو ثَوْرٍ الْحَدِيثَ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يُوجِبْ بِهِ حُكْمًا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُجَجٌ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ تَكَادُ تَتَوَازَى وَأَمَّا أَبُو ثَوْرٍ فَلَمْ يَقُلْ بِشَيْءٍ مِنْ مَعْنَى حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ وَشَذَّ فِي ذَلِكَ إِلَى قِيَاسٍ يُعَارِضُهُ قِيَاسٌ مِثْلُهُ لِخَصْمِهِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ فَمِنْ حُجَّةِ أَبِي ثَوْرٍ أَنَّ الْبَائِعَ مُقِرٌّ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنِ السِّلْعَةِ مُصَدِّقٌ لِلْمُشْتَرِي فِي زَوَالِهَا عَنْ ملكه فَصَارَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَرَوَى ابْنُ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقِيَاسُ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَا فَادَّعَى الْبَائِعُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَلْفًا أَنْ يَكُونَ الْمَقُولُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي وَلَا يَتَحَالَفَانِ وَلَا يَتَرَادَّانِ لِأَنَّهُمَا

قَدْ أَجْمَعَا عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ وَاخْتَلَفَا فِي مِلْكِ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنَ الثمن ما لا يقربه الْمُشْتَرِي فَهُمَا كَرَجُلَيْنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَقَرَّ هُوَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إِلَّا أَنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ لِلْأَثَرِ فِي حَالِ قِيَامِ السِّلْعَةِ فَإِذَا فَاتَتِ السِّلْعَةُ عَادَ الْقِيَاسُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْقِيَاسُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ امْتَثَلَهُ كُلُّ مَنْ ذَهَبَ فِي هَذَا الْبَابِ مَذْهَبَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَمِنَ الْمَالِكِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ أَوْ يَتَرَادَّانِ الْإِشَارَةَ إِلَى رَدِّ الْأَعْيَانِ فَإِذَا ذَهَبَتِ الْأَعْيَانُ خَرَجَ مِنْ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ لِأَنَّ مَا فَاتَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ لَا سَبِيلَ إِلَى رَدِّهِ وَصَارَ الْمُبْتَاعُ مُقِرًّا بِثَمَنٍ يُدَّعَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْهُ فَدَخَلَ فِي بَابِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ الشَّافِعِيِّ وَأَشْهَبَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ وَجَعَلَ الْمُتَبَايِعَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ أَبَدًا أَنَّهُ يَقُولُ إِنَّ الْبَائِعَ لَمْ يُقِرَّ بِخُرُوجِ السِّلْعَةِ عَنْ مِلْكِهِ إِلَّا بِصِفَةِ مَا لَا يُصَدِّقُهُ عَلَيْهَا الْمُبْتَاعُ وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي لَمْ يُقِرَّ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إِلَيْهِ إِلَّا بِصِفَةِ مَا لَا يُصَدِّقُهُ عَلَيْهَا الْبَائِعُ وَالْأَصْلُ أَنَّ السِّلْعَةَ

لِلْبَائِعِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْ مِلْكِهِ إِلَّا بِيَقِينٍ مِنْ إِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَإِقْرَارُهُ مَنُوطٌ بِصِفَةٍ لَا سَبِيلَ إِلَى دَفْعِهَا لِعَدَمِ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي بِدَعْوَاهُ فَحَصَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَوَرَدَتِ السُّنَّةُ بِأَنْ يَبْدَأَ الْبَائِعُ بِالْيَمِينِ وذلك والله علم لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ السِّلْعَةَ لَهُ فَلَا يُعْطَاهَا أَحَدٌ بِدَعْوَاهُ فَإِذَا حَلَفَ خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ فِي أخذ بِمَا حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَإِلَّا حَلَفَ أَنَّهُ مَا ابْتَاعَ إِلَّا بِمَا ذَكَرَ ثُمَّ يُفْسَخُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا وَبِهَذَا الْمَعْنَى وَرَدَتِ السُّنَّةُ مُجْمَلَةً لَمْ تَخُصَّ كَوْنَ السِّلْعَةِ بِيَدِ وَاحِدٍ دُونَ آخَرَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّرَادَّ إِذَا وجب بالتحالف والسلعة حاضة وَجَبَ بَعْدَ هَلَاكِهَا لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَقُومُ مَقَامَهَا كَمَا تَقُومُ فِي كُلِّ مَا فَاتَ مَقَامَهُ وَمَنِ ادَّعَى فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ خُصُوصًا فَقَدِ ادَّعَى مَا لَا يَقُومُ مِنْ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَلَا مَعْنَاهُ قَالُوا وَلَيْسَ اخْتِلَافُ الْمُتَبَايِعَينِ مِنْ بَابِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدِّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ ورد به الشرع في المدعي والمدعى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعِي بِغَيْرِ ذَلِكَ وَكُلُّ أَصْلٍ فِي نَفْسِهِ يَجِبُ امْتِثَالُهُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُجَجٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَمَدَارُهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي قِلَّةِ الثَّمَنِ وَكَثْرَتِهِ وَالسِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ لَمْ تَفُتْ وَلَمْ تَتَغَيَّرْ فِي بَدَنٍ أَوْ سُوقٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَبْضُهَا أُحْلِفَ الْبَائِعُ أو لا عَلَى مَا ذَكَرَ أَنَّهُ مَا بَاعَهَا إِلَّا بِكَذَا فَإِنْ حَلَفَ خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ فِي أَخْذِهَا بِذَلِكَ أَوْ يَحْلِفُ مَا ابْتَاعَ إِلَّا بِكَذَا ثم يراد إِلَّا أَنْ يَرْضَى قَبْلَ الْفَسْخِ أَخْذَهَا بِمَا قَالَ الْبَائِعُ قَالَ سَحْنُونٌ بَلْ

بِتَمَامِ التَّحَالُفِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَرَوَاهُ سَحْنُونٌ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ شُرَيْحٌ إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَلَا بَيِّنَةَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُمَا إِنْ حَلَفَا تَرَادَّا وَإِنْ نَكَلَا تَرَادَّا وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ تُرِكَ الْبَيْعُ يُرِيدُ عَلَى قَوْلِ الْحَالِفِ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلُ قَوْلِ شُرَيْحٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا اسْتُحْلِفَا فُسِخَ وَإِنْ نَكَلَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ وَذَكَرَهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَبَضَهَا الْمُبْتَاعُ ثُمَّ فَاتَتْ بِيَدِهِ بِنَمَاءٍ أَوْ نُقْصَانٍ أو تغير سوق أو بيع أو كتابة أَوْ عِتْقٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ هَلَاكٍ أَوْ تَقْطِيعٍ فِي الثِّيَابِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ مَعَ يَمِينِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارًا فَبَنَاهَا أَوْ طَالَ الزَّمَانُ أَوْ تَغَيَّرَتِ الْمَسَاكِنُ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَيْسَ يَجْعَلُ شَيْئًا مِنْ هَذَا كُلِّهِ فَوْتًا فِي مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَهُ يَتَحَالَفَانِ إِذَا فَاتَتِ السِّلْعَةُ وَتَقُومُ الْقِيمَةُ مَقَامَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَمِنْ أَصْلِ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْهُمَا بِمَا لَا يُشْبِهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْآخَرِ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ مَنِ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ وَلَوِ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الْأَجَلِ فَقَالَ الْبَائِعُ حَالٌّ وَقَالَ الْمُشْتَرِيَ إِلَى شَهْرٍ فَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضَا تَحَالَفَا وَتَرَادًّا وَإِنْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى رِوَايَةِ ابن وهب

وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ إِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ فَاتَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلنَّاسِ عُرْفٌ وَعَادَةٌ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ فِي شِرَائِهَا بِالنَّقْدِ وَالْأَجَلِ فَلَا يَكُونُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قَوْلُهُ وَيُحْمَلَانِ عَلَى عُرْفِ النَّاسِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنِ ادَّعَى الْعُرْفَ هَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَجَلِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا قَالَ الْبَائِعُ هُوَ حَالٌّ وَقَالَ الْمُشْتَرِي إِلَى شَهْرٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ الْبَائِعُ إِلَى شَهْرٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي إِلَى شَهْرَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ رخر غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا عَنْ هَؤُلَاءِ ذَكَرَهُ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُسْتَهْلِكُ لِلسِّلْعَةِ تَحَالَفَا وَرَدَّ الْقِيمَةَ وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ هَلَكَتْ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ الْمُشْتَرِي تَحَالَفَا فَإِنْ حَلَفَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ قِيمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا عَلَى السِّلْعَةِ وَلَا جَانِيًا وَلَا يَضْمَنُ إِلَّا جَانٍ أَوْ مُتَعَدٍّ قَالَ الْمَرْوَزِيُّ وَهَذَا القياس

الحديث السابع والعشرون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 618 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ آخِرُ مَا أَوْصَانِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الْغَرْزِ أَنْ قَالَ أَحْسِنْ خُلُقَكَ لِلنَّاسِ يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ وَتَابَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَعْنَبِيُّ وَرَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ عن مالك عن يحيى بن سعيد عن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَهُوَ مَعَ هَذَا مُنْقَطِعٌ جِدًّا وَلَا يُوجَدُ مُسْنَدًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ وَلَا غَيْرِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْبَزَّارُ لَا أَحْفَظُ فِي هَذَا مُسْنَدًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ بِهَذَا اللَّفْظِ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ يَا مُعَاذُ اتَّقِ اللَّهَ وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ وَإِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعْهَا حَسَنَةً قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ قَالَ هِيَ مِنْ أَكْبَرِ الْحَسَنَاتِ رَوَاهُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ وَقَدْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ

الْآجُرِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ حَفْصٍ خَالُ النُّفَيْلِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي قَالَ اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُ كُنْتَ وَأَتْبِعِ السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ أَوْ حَسِّنْ خُلُقَكَ لِلنَّاسِ مَعْنًى وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قال رخر مَا أَوْصَانِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بن سفيبن قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ محكول عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ يَقُولُ إِنَّ آخِرَ كَلِمَةٍ فَارَقْتُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعِلْمِ أَفْضَلُ قَالَ لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَحَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد ابن عيسى ابن السُّكَيْنِ الْبَارِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الزُّبَيْرُ ابن محمدبن الزُّبَيْرِ الرَّهَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ بْنُ الْفُضَيْلِ الْجَرَشِيُّ عَنْ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ إِنَّ آخِرَ شَيْءٍ فَارَقْتُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ شَيْءٍ أَنْجَى لِابْنِ

آدَمَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ قَالَ أَنْ يَمُوتَ وَلِسَانُهُ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفِي حُسْنِ الْخُلُقِ أَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَةٌ وَقَدْ مَضَى مِنْهَا فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السلام إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل الظامىء بِالْهَوَاجِرِ وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا بُعِثْتُ لأتمم محاسن الأخلاق فِي مَوْضِعِهِ مِنْ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنْهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السلام أكمل المؤمنين إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ عَلِيٍّ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أَنَا زَعِيمُ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ وَبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةَ وَبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَلِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ لَاعِبًا لِمَنْ حَسُنَتْ مُخَالَطَتُهُ لِلنَّاسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ

الْغَرْزُ مَوْضِعُ الرِّكَابِ مِنْ رَحْلِ الْبَعِيرِ كَرِكَابِ السَّرْجِ وَفِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذًا بِتَحْسِينِ خُلُقِهِ إِذْ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ أَمْرٌ بِالرِّفْقِ بِالنَّاسِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ الخليفة إذا بعث عاملا أو يُوصِيَهُ بِذَلِكَ وَبِمِثْلِهِ تَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الحديث الثامن والعشرون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 718 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يُعْرَفُ لِأُمِّ سَلَمَةَ بِهَذَا اللَّفْظُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ وَجْهٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جبير ابن معطم عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَدْ رُوِيَ فِي مَعْنَى هذ الْبَابِ حَدِيثٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ وَأَمَّا هَذَا اللَّفْظُ فَإِنَّمَا هُوَ مَعْرُوفٌ لِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَشْهُورٌ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ إِسْنَادِهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا محمد ابن إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أُمِّ حَبِيبَةَ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ حَبِيبَةَ

عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتِ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَوْمِهِ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ وَهُوَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَحَلَّقَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ وَعَقَدَ عَشَرَةً قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ سُفْيَانُ أَحْفَظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الزُّهْرِيِّ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ قَالَ سُفْيَانُ وَقَدْ رَأَيْنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَتَيْنِ مِنْ أزواجه أم حبيبة وزينب بنت جحش وثنتين رَبِيبَتَيْهِ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَبِيبَةُ بِنْتُ أُمِّ حَبِيبَةَ أَبُوهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ مَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ هَكَذَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَخَالَفَهُ عُقَيْلٌ فَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ إِلَّا ثَلَاثَ نِسْوَةٍ لَمْ يَذْكُرْ حَبِيبَةَ بِنْتَ أُمِّ حَبِيبَةَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ وَالزُّبَيْرِيُّ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ عَنْ زَيْنَبَ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ حَبِيبَةَ كَمَا رَوَاهُ عُقَيْلٌ قَالَ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ عِنْدَنَا

قَالَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُسَدَّدٌ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ سُفْيَانَ فَذَكَرُوا فِيهِ حَبِيبَةَ قَالَ وَذَلِكَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ عِنْدَنَا قَالَ وَإِنَّمَا رَوَاهُ هَؤُلَاءِ عَنْ سُفْيَانَ بِآخِرَةٍ قَالَ وَقُلْتُ لِمُسَدَّدٍ فَإِنَّهُمْ يَرْوُونَ عَنْ سُفْيَانَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ هَكَذَا وَسَمِعُوهُ بِآخِرَةٍ يَقُولُ حَبِيبَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وممن عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ كَمَا قَالَ النَّيْسَابُورِيُّ نُعَيْمٌ وسعيد ابن مَنْصُورٍ وَمُسَدَّدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ الْجُدِّيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ الْجُدِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتِ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَوْمٍ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ وَهُوَ يَقُولُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يأجوج ومأجوج

مِثْلُ هَذَا وَحَلَّقَ عَشَرَةً فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَاهُ أَسَدُ بْنُ مُوسَى كَمَا رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُمَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِيهِ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ فَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ الزِّنَا وَأَوْلَادُ الزِّنَا وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ عِنْدِي فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ اسْمٌ جَامِعٌ يَجْمَعُ الزِّنَا وَغَيْرَهُ مِنَ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ وَالْمُنْكَرُ فِي الدِّينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مِقْلَاصٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ فِي تَفْسِيرِ الْخَبَثِ حِينَ يَكْثُرُ الْخَبَثُ قَالَ أَوْلَادُ الزِّنَا وَمِمَّا يَشْهَدُ لِهَذَا التَّأْوِيلِ مَا حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عُدَيٍّ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ظَهَرَ الرِّبَا وَالزِّنَا فِي قَرْيَةٍ أَذِنَ اللَّهُ فِي هَلَاكِهَا وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ فِي هَذَا الْبَابِ فَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الله

ابن أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ هِيَ حَيَّةٌ قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ غَضْبَانُ فَاسْتَتَرْتُ بِكُمِّ دِرْعِي فَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَمْ أفهمه فقلت يا أم المؤمنين كَأَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل وهو غضبان فقالت نعم أو ما سَمِعْتِ مَا قَالَ قُلْتُ وَمَا قَالَ قَالَتْ قَالَ إِنَّ السُّوءَ إِذَا فَشَا فِي الْأَرْضِ فَلَمْ يُتَنَاهَ عَنْهُ أَرْسَلَ اللَّهُ بَأْسَهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِيهِمُ الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِمُ الصَّالِحُونَ يُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَهُمْ ثُمَّ يَقْبِضُهُمُ اللَّهُ إِلَى مَغْفِرَتِهِ وَرِضْوَانِهِ أَوْ إِلَى رِضْوَانِهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ وَقَالَ يَحْيَى أَبُو يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنِي مُهَاجِرُ بْنُ الْقِبْطِيَّةِ أَنَّهُ سَمِعَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ جَالِسَةٌ فِي هَذِهِ الْبَطْحَاءِ تَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُخْسَفَنَّ بِجَيْشٍ يَغْزُونَ هَذَا الْبَيْتَ بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمُ الْكَارِهُ قَالَ يُبْعَثُ كُلُّ رَجُلٍ عَلَى نِيَّتِهِ وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رَفِيعٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْقِبْطِيَّةِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ حَدَّثَنَا خَلَفٌ يَعْنِي ابْنَ خَلِيفَةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بن مرثد عن المعرو بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا ظَهَرَتِ الْمَعَاصِي فِي أُمَّتِي عَمَّهُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا فِيهِمْ يَوْمَئِذٍ أُنَاسٌ صَالِحُونَ قَالَ بَلَى قُلْتُ كَيْفَ يُصْنَعُ بِأُولَئِكَ قَالَ يُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَهُمْ ثُمَّ يَصِيرُونَ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ وَسَهْلُ بْنُ مُوسَى وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ سَمِعْتُ بِلَالَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ إِنَّ الْخَطِيئَةَ إِذَا أُخْفِيَتْ لَمْ تَضُرَّ إِلَّا صَاحِبَهَا فَإِذَا ظَهَرَتْ لَمْ تُغَيَّرْ ضَرَّتِ الْعَامَّةَ وَقَدْ رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا جَيِّدًا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِنَحْوِ مَعْنَاهُ نَحْوَ حَدِيثِ زَيْنَبَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَصِيبِيُّ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ مَنْصُورٍ أَبُو جَعْفَرٍ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ المسيبي حدثنا

أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأنصاري عن أنس ابن مَالِكٍ قَالَ ذُكِرَ خَسْفٌ قِبَلَ الْمَشْرِقِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ يُخْسَفُ بِأَرْضٍ فِيهَا مُسْلِمُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا أَكْثَرَ أَهْلُهَا الْخَبَثَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّارُ قال حدثنا محمد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ حدثني جعفر بن هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَمْرٍو الصَّنْعَانِيُّ عَنِ الرَّضِينِ بْنِ عَطَاءٍ الشَّامِيِّ قَالَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ أَنِّي مُهْلِكٌ مِنْ قَوْمِكَ مِائَةَ أَلْفٍ أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنْ خِيَارِهِمْ وَسِتِّينَ أَلْفًا مِنْ شِرَارِهِمْ قَالَ يَا رَبِّ تُهْلِكُ شِرَارَهُمْ فَمَا بَالُ خِيَارِهِمْ قَالَ إِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ عَلَى الْأَشْرَارِ فَيُوَاكِلُونَهُمْ وَيُشَارِبُونَهُمْ وَلَا يَغْضَبُونَ بِغَضَبِي حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يوسف بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عمر عن النيب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَصَابَ اللَّهُ قَوْمًا بِبَلَاءٍ عَمَّ بِهِ مَنْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى أَعْمَالِهِمْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ مَثَلُ الْمُنْتَهِكِ لِحُدُودِ اللَّهِ وَالْمُدَّهِنِ فِيهَا وَالْقَائِمِ بِهَا مَثَلُ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ اصْطَحَبُوا فِي سَفِينَةٍ فَجَعَلَ أَحَدُهُمْ يَحْفِرُهَا فَقَالَ الْآخَرُ إِنَّمَا تُرِيدُ أَنْ تُغْرِقَنَا وَقَالَ الْآخَرُ دَعْهُ فَإِنَّمَا يَحْفِرُ مَكَانَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ دَخَلَ هَذَا فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ الْآيَةَ فَلَمْ يَذْكُرْ فِي النَّجَاةِ إِلَّا مَنْ نَهَى وَسَكَتَ عَمَّنْ لَمْ يَنْهَ وَأَمَّا مَنْ رَضِيَ فَلَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأُمَرَاءِ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعُقُوبَةَ إِنَّمَا تُسْتَوْجَبْ بِفِعْلِ مَا نُهِيَ عَنْهُ وترج فِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ وَقَدْ لَزِمَ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ كُلَّ مُسْتَطِيعٍ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَمَنْ مُكِّنَ فِي الْأَرْضِ لَمْ يَضْعُفَ عَنْ ذَلِكَ وَمَنْ ضَعُفَ لَزِمَهُ التَّغْيِيرُ بِقَلْبِهِ فَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ بِقَلْبِهِ فَقَدْ رَضِيَ وَتَابَعَ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يُقَالُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِذَنْبِ الْخَاصَّةِ وَلَكِنْ إِذَا صَنَعَ الْمُنْكَرَ جِهَارًا اسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ ذَكَرَهُ مَالِكٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ عمرو بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهَذَا مَعْنَاهُ إِذَا قَدِرُوا وَكَانُوا فِي عِزٍّ وَامْتِنَاعٍ مِنَ الْأَذَى (وَاللَّهُ أعلم)

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي هُمْ أَعَزُّ وَأَمْنَعُ لَا يُغَيِّرُونَ إِلَّا عَمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حماد ابن زَيْدٍ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادَةَ وَهِشَامِ بْنُ حَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَا أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ سليمان ابن حَرْبٍ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةٌ تَعْرِفُونَ

عَنْهُمْ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ بَرِيءَ وَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَقْتُلُهُمْ قَالَ لَا مَا صَلَّوْا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قاسم بن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحَمَّادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ عَنِ الْعُرْسِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَلِيكُمْ وُلَاةٌ يَعْمَلُونَ أَعْمَالًا تُنْكِرُونَهَا فَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا وَذَكَرَهُ بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ الْعُرْسُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عُمِلَ بِالْمَعْصِيَةِ فَمَنْ شَهِدَهَا وَكَرِهَهَا كَانَ كَمَنْ غَابَ عَنْهَا وَمَنْ غَابَ عَنْهَا وَرَضِيَهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ وَرَوَى أَبُو جُحَيْفَةَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلُ مَا تُغْلَبُونَ عَلَيْهِ مِنْ دِينِكُمُ الْجِهَادُ بِأَيْدِيكُمْ ثُمَّ الْجِهَادُ بِأَلْسِنَتِكُمْ ثُمَّ الْجِهَادُ بِقُلُوبِكُمْ فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ قَلْبُهُ الْمَعْرُوفَ وَيُنْكِرْ قَلْبُهُ الْمُنْكَرَ نُكِّسَ فَجُعِلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَقَالَ عبد الله بن مسعود بحسب المؤمن إِذَا رَأَى مُنْكَرًا لَا يَسْتَطِيعُ تَغْيِيرَهُ أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ لَهُ كَارِهٌ حدثناه

أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عبد الملك أبو عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَبِيعَ بْنَ عَمِيلَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ فَذَكَرَهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْأَعْمَشُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إِنَّكُمْ فِي زَمَنٍ النَّاطِقُ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الصَّامِتِ وَالْقَائِمُ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الْقَاعِدِ وَسَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ الصَّامِتُ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ النَّاطِقِ وَالْقَاعِدُ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَرَوْنَهُ طَارِقًا كَيْفَ يَكُونُ أَمْرُ مَنْ عَمِلَ بِهِ الْيَوْمَ كَانَ هُدًى وَمَنْ عَمِلَ بِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ كَانَ ضَلَالَةً فَقَالَ اعْتَبِرْ ذَلِكَ بِرَجُلَيْنِ مِنَ الْقَوْمِ يَعْمَلُونَ بِالْمَعَاصِي فَصَمَتَ أَحَدُهُمَا فَسَلِمَ وَقَالَ الْآخَرُ إِنَّكُمْ تَفْعَلُونَ وَتَفْعَلُونَ فَأَخَذَهُ فَذَهَبُوا بِهِ إِلَى سُلْطَانِهِمْ فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى عَمِلَ مِثْلَ عَمَلِهِمْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأعمش عن سليمان ابن مَيْسَرَةَ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ الْأَحْمَسِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ النَّاطِقُ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الصَّامِتِ وَذَكَرَهُ مِثْلَهُ سَوَاءً بِمَعْنَاهُ

وَبِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ زَاذَانَ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكُمْ زَمَانٌ خِيَارُكُمْ فِيهِ مَنْ لَمْ يَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ إِنِّي لَأَشْتَرِي دِينِي بَعْضَهُ بِبَعْضٍ مَخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ كُلَّهُ قَالَ خَالِدٌ فَحَدَّثْتُ بِهِ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ حُذَيْفَةُ إِنِّي لَأَصْنَعُ أَشْيَاءَ أَكْرَهُهَا مَخَافَةَ أَكْثَرَ مِنْهَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُكْرِمٍ حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الْأَحْنَفِ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ يَا أَبَا بَحْرٍ أَلَا تَتَكَلَّمُ قَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ إِنْ كَذَبْتُ وَأَخَافُكُمْ إِنْ صَدَقْتُ وَرَوَى مُجَالِدٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ فِي خطبته أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ وَإِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي

إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ بِكَ إذا بقيت فِي حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ وَقَدْ مَرَجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ الله قالت عَلَيْكَ بِخُوَيْصَةِ نَفْسِكَ وَدَعْ عَوَامَّهُمْ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ التَّمَّارُ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ جَارِيَةَ اللَّخْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيُّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ فَقُلْتُ يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ كَيْفَ تَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ بِنَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ وَقَالَ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامٌ الصَّبْرُ فِيهَا كَقَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ مِنَ الْآثَارِ مَا يُوَضِّحُ أَنَّ الْحَرَجَ مَرْفُوعٌ عَنْ كُلِّ مَنْ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ فِي تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ أَوْ يَضْعُفُ عَنِ الْقِيَامِ بِذَلِكَ

وَفِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ وَغَيْرِهِ ما يكفي ويشفي لمن وفق لِفَهْمِهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لَا شَرِيكَ لَهُ

الحديث التاسع والعشرون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 818 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْمَلُوا وَخَيْرُ أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن قَوْلُهُ اسْتَقِيمُوا أَيْ لَا تَزِيغُوا وَتَمِيلُوا عَمَّا سُنَّ لَكُمْ وَفُرِضَ عَلَيْكُمْ فَقَدْ تُرِكْتُمْ عَلَى الْوَاضِحَةِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا وَلَيْتَكُمْ تُطِيقُونَ ذَلِكَ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَتَّصِلُ مُسْنَدًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي فَأَمَّا حَدِيثُ ثَوْبَانَ فَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زياد حدثنا الأعمش عن سالم ابن أَبِي الْجَعْدِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ وَلَا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ

عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ الشَّامِيِّينَ فِي هَذَا فَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ أَنَّ أَبَا كَبْشَةَ السَّلُولَ حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنِي ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْمَلُوا وَخَيْرُ أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْبَرَنَا يَعِيشُ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الله بن العاصي قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةَ وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إلا مؤمن قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سَدِّدُوا وَقَارِبُوا يُفَسِّرُ قَوْلَهُ اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا يَقُولُ سَدِّدُوا وَقَارِبُوا فَلَنْ تَبْلُغُوا حَقِيقَةَ الْبِرِّ ولن تطيقوا

الْإِحَاطَةَ فِي الْأَعْمَالِ وَلَكِنْ قَارِبُوا فَإِنَّكُمْ إِنْ قَارَبْتُمْ وَرَفَقْتُمْ كَانَ أَجْدَرَ أَنْ تَدُومُوا عَلَى عَمَلِكُمْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ قَالَ لَنْ تُطِيقُوهُ

الحديث الثلاثون

حَدِيثٌ مُوفِي ثَلَاثِينَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 918 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فَيَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ وَإِذَا أردت في الناس فتنة فاقبضني إليك غَيْرَ مَفْتُونٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَتْهُ طَائِفَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى ابن سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو الْحَدِيثَ مِنْهُمْ عبد الله بن يوسف التنسي وَغَيْرُهُ وَلَا أَعْرِفُهُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ إِلَّا فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ الْحَضْرَمِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ الثِّقَاتُ وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَحَدِيثِ ثَوْبَانَ وَحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَرُوِيَ لِأَخِي أَبِي أُمَامَةَ أَيْضًا وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي اللَّيْلَةَ رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ أَحْسَبُهُ قَالَ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

وَرَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلَاجِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ اللَّجْلَاجِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَائِشٍ الْحَضْرَمِيَّ يَقُولُ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ غَدَاةٍ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مَا رَأَيْتُكَ أَسْفَرَ مِنْكَ وَجْهًا الْغَدَاةَ قَالَ وَمَا لِي وَقَدْ تَبَدَّى لِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ قَالَ فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ قَالَ قُلْتُ فِي الْكَفَّارَاتِ قَالَ وَمَا هُنَّ قَالَ الْمَشْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ إِلَى الْجُمُعَاتِ وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَإِبْلَاغُ الْوُضُوءِ أَمَاكِنَهُ فِي الْمَكَارِهِ قَالَ وَمَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ يَعِشْ بِخَيْرٍ وَيَمُتْ بِخَيْرٍ وَيَكُونُ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَمِنَ الدَّرَجَاتِ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَبَذْلُ السَّلَامِ وَأَنْ تَقُومَ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ سَلْ تُعْطَهُ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الطَّيِّبَاتِ وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ وَأَنْ تَتُوبَ عَلَيَّ وَإِذَا أَرَدْتَ فِي قَوْمٍ فِتْنَةً فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ فَتَعَلَّمُوهُنَّ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُنَّ لَحَقٌّ وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْرُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي صَدَقَةُ عَنِ ابن

جَابِرٍ قَالَ مَرَّ بِنَا خَالِدُ بْنُ اللَّجْلَاجِ فَدَعَاهُ مَكْحُولٌ فَقَالَ يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ حَدِّثْنَا حَدِيثَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَائِشٍ الْحَضْرَمِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَقَالَ فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ قَالَ قُلْتُ أَنْتَ أَعْلَمُ أَيْ رَبِّي قَالَ فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ فَعَلِمْتُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الآية وكذلك نري إبرهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من المؤقنين قَالَ فَفِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ قُلْتُ فِي الْكَفَّارَاتِ قَالَ وَمَا هِيَ قُلْتُ الْمَشْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ إِلَى الْجُمُعَاتِ وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ أَمَاكِنَهُ فِي الْمَكَارِهِ قَالَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ يَعِشْ بِخَيْرٍ وَيَمُتْ بِخَيْرٍ وَيَكُونُ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَمِنَ الدَّرَجَاتِ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَبَذْلُ السَّلَامِ وَأَنْ يَقُومَ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ قَالَ قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الطَّيِّبَاتِ وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ وَأَنْ تَتُوبَ عَلَيَّ وَإِذَا أَرَدْتَ فِي قَوْمٍ فِتْنَةً فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَلَّمُوهُنَّ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُنَّ لَحَقٌّ وَرَوَاهُ مِهْضَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ السَّكْسَكِيِّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ

عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلَاجِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عائش الحضرمي قال بشر ابن بَكْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الْوَلِيدُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ فيه أصح قال وحديث بشر ابن بَكْرٍ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِشٍ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ فَحَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ لَيْثٍ عَنِ ابْنِ سَابِطٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَاءَى لِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقُلْتُ لَبَّيْكَ رَبِّي وَسَعْدَيْكَ قَالَ فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى قُلْتُ فِي الْكَفَّارَاتِ وَالدَّرَجَاتِ فَأَمَّا الْكَفَّارَاتُ فَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ وَنَقْلُ الْأَقْدَامِ فِي الْجُمُعَاتِ وَانْتِظَارُ الصَّلَوَاتِ إِلَى الصَّلَوَاتِ وَأَمَّا الدَّرَجَاتُ فَإِفْشَاءُ السَّلَامِ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ وَالصَّلَاةُ وَالنَّاسُ نِيَامٌ قَالَ صَدَقْتَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَاشَ بِخَيْرٍ وَكَانَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عَمَلًا بِالْحَسَنَاتِ وَتَرْكَ السَّيِّئَاتِ وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذَنْبِي وَتَتُوبَ عَلَيَّ وَإِذَا أَرَدْتَ بِقَوْمٍ فِتْنَةً وَأَنَا فِيهِمْ فَنَحِّنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَأَيْتُ رَبِّي مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَنَامِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الحديث الحادي والثلاثون

حَدِيثٌ حَادٍ وَثَلَاثُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 28028028 028 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى هُدًى إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى ضَلَالَةٍ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ أَوْزَارِهِمْ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا (15 41) وَهَذَا الْحَدِيثُ يَسْتَنِدُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ جَرِيرٍ وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَحُذَيْفَةَ وَغَيْرِهِمْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ

قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ سَنَّ سُنَّةَ هُدًى فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهُ أَوْ مِثْلُ أَجْرِ مَنِ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ سُنَّةَ ضَلَالَةٍ فَاتُّبِعْ عَلَيْهَا كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَمِثْلُ أَوْزَارِ مَنِ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَكْثَرُهُمْ لَا يُصَحِّحُونَهُ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ أَحْيَانًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ أَبَا رَافِعٍ وَغَيْرُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَحِّحُ سَمَاعَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَنَحْنُ إِذْ ذَاكَ بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ سَمِعَ الْحَسَنُ مِنْ عُثْمَانَ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ حَدَّثَنَا إبراهيم بن مرزوق البصري بمصر حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ جَرِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا

وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذَكَرَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن سعيد حدثنا محمد ابن إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبَلِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْفَرَائِضِيُّ الْحَنِينِيُّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنُ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي قَدْ أُمِيتَتْ بَعْدِي كَانَ لَهُ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بن أصبغ حدثنا أحمد ابن زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ قَالَ سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يَخْطُبُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَقْرُورٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ سنجر حدثنا إسماعيل ابن أبي ويس حَدَّثَنَا كَثِيرٌ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي قَدْ أُمِيتَتْ بَعْدِي فَإِنَّ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنَ النَّاسِ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ

وَمَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِثْلُ إِثْمِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنَ النَّاسِ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِ النَّاسِ شَيْئًا وَحَدَّثَنَا عُبَيْدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا كثير ابن عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال لبلال بن الحرث الْمُزَنِيِّ اعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي قَدْ أُمِيتَتْ فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَى آخِرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ هَذَا الْبَابِ أَبْلَغُ شَيْءٍ فِي فَضَائِلِ تَعْلِيمِ الْعِلْمِ الْيَوْمَ وَالدُّعَاءِ إِلَيْهِ وَإِلَى جَمِيعِ سُبُلِ الْبِرِّ وَالْخَيْرِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مِنْهَا كَثِيرٌ جِدًّا وَمِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَعْنَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقَطِعُ عَمَلُ الْمَرْءِ بَعْدَهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ عِلْمٍ عَلِمَهُ فَعُمِلَ بِهِ بَعْدَهُ وَصَدَقَةٍ مَوْقُوفَةٍ يَجْرِي عَلَيْهِ أَجْرُهَا وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ قود جَمَعْنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ فِي صَدْرِ كِتَابِ جَامِعِ بَيَانِ الْعِلْمِ وَفَضْلِهِ وَمَا يَنْبَغِي فِي رِوَايَتِهِ وَحَمْلِهِ مَا فِيهِ شِفَاءٌ وَاسْتِغْنَاءٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَعَلَى قَدْرِ فَضْلِ مُعَلِّمِ الْخَيْرِ وَأَجْرِهِ يَكُونُ وِزْرُ مَنْ عَلِمَ الشَّرَّ وَدَعَا إِلَى الضَّلَالِ لِأَنَّهُ يَكُونُ عَلَيْهِ وِزْرُ مَنْ تَعَلَّمَهُ مِنْهُ وَدَعَا إِلَيْهِ وَعَمِلَ بِهِ عَصَمَنَا اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قاسم بن عيسى المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حُبَابَةَ الْبَزَّارُ الْبَغْدَادِيِّ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ

الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْمُنْذِرَ بْنَ جَرِيرٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ عَلَيْهِمُ الْعَبَاءُ وَالصُّوفُ عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ قَالَ فَرَأَيْتُ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّرُ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِي آخِرِهِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَمِثْلُ أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن سن في الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ وِزْرِهِمْ شَيْئًا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يوسف يعقوب بن مسدد ابن يَعْقُوبَ حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرقي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عبد الله ابن مَسْعُودٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ قَالَ مَا قَدَّمَتْ مِنْ سُنَّةٍ صَالِحَةٍ يُعْمَلُ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ فَلَهُ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَا أَخَّرَتْ مِنْ سُنَّةٍ سَيِّئَةٍ يُعْمَلُ بِهَا بَعْدَهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا

الحديث الثاني والثلاثون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَثَلَاثُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 128 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ وَهَذَا أَيْضًا مَحْفُوظٌ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ شُهْرَةً يَكَادُ يُسْتَغْنَى بِهَا عَنِ الْإِسْنَادِ وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ أَحَادِيثُ مِنْ أَحَادِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَمْرِو بْنِ عَوْفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ فال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي قَدْ خَلَّفْتُ فِيكُمُ اثْنَتَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا أَبَدًا كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّتِي وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الديبلي قال حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْفَرَائِضِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُنَيْنِيُّ عَنْ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَذَكَرَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ قَدْ هُدِيَ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِمَا

الحديث الثالث والثلاثون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَثَلَاثُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 228 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ حُسْنَ الْأَخْلَاقِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَتَّصِلُ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى الْمَقْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ حُبَابَةَ الْبَزَّازُ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنُ عَجْلَانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنُ عَجْلَانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا بعثت

لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ وَهَذَا حَدِيثٌ مَدَنِيٌّ صَحِيحٌ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى الصَّلَاحُ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ والدين وَالْفَضْلُ وَالْمُرُوءَةُ وَالْإِحْسَانُ وَالْعَدْلُ فَبِذَلِكَ بُعِثَ لِيُتَمِّمَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَتِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ أَجْمَعَ آيَةٍ لِلْبِرِّ وَالْفَضْلِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا قَالَتْ مَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ صِدْقُ الْحَدِيثِ وَصِدْقُ النَّاسِ وَإِعْطَاءُ السَّائِلِ وَالْمُكَافَأَةُ وَحِفْظُ الْأَمَانَةِ وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَالتَّدَمُّمُ لِلصَّاحِبِ وَقِرَى الضَّيْفِ وَالْحَيَاءُ رَأْسُهَا قَالَتْ وَقَدْ تَكُونُ مَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ فِي الرَّجُلِ وَلَا تَكُونُ فِي ابْنِهِ وَتَكُونُ فِي ابْنِهِ وَلَا تَكُونُ فِيهِ وَقَدْ تَكُونُ فِي الْعَبْدِ وَلَا تَكُونُ فِي سَيِّدِهِ يَقْسِمُهَا اللَّهُ لِمَنْ أَحَبَّ وَقَدْ أَحْسَنَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ فِي قَوْلِهِ لَيْسَ دُنْيَا إِلَّا بِدِينٍ وَلَيْسَ الدِّينُ إِلَّا مَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ إِنَّمَا الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ فِي النَّا رِ هُمَا مِنْ فُرُوعِ أَهْلِ النِّفَاقِ حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الحرث بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ شَهْرِ بن حوشب

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا بُعِثْتُ عَلَى تَمَامِ مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ

الحديث الرابع والثلاثون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَثَلَاثُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 328 - قَالَ مَالِكٌ أَكْرَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْغِلْمَانُ شَيْئًا مِنَ الذَّهَبِ لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ لِلرِّجَالِ الْكَبِيرِ مِنْهُمْ وَالصَّغِيرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ تَخْتُّمِ الذَّهَبِ وَعَنْ لِبَاسِ الذَّهَبِ لِلرِّجَالِ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ إبراهيم ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ وَعَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَعَنْ لِبْسِ الْقِسِيِّ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمِنْ غَيْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ مَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ وَطَرَحَهُ وَقَالَ يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَمَا ذَهَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ خَاتَمَكَ فَانْتَفِعْ بِهِ قَالَ لَا وَاللَّهِ لَا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ نَافِعٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ فِي اللِّبَاسِ دُونَ التَّمَلُّكِ وَهُوَ أَمْرٌ لَا خِلَافَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنُ جَابِرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي أَنْ يَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ وَهُوَ لِنِسَائِهِمْ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنُ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بن ثوبان وعمرو بن الحرث عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي رُقَيَّةَ قَالَ سَمِعْتُ مَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ يَقُولُ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قُمْ فَأَخْبِرِ النَّاسَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُقْبَةُ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الْحَرِيرُ وَالذَّهَبُ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حَلَالٌ لِإِنَاثِهِمْ وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ جَهَنَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ كَانَ يتختم بالذهب وهذا غير صَحِيحٌ عَنْهُمْ وَلَوْ صَحَّ عَنْ أَحَدِهِمْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَخَتَّمُ بالذهب البراء بن عازب وقد ذكر الحلواني قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حدثنا يحيى ابن سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ قَالَ أَبُو السَّفَرِ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ رَأَيْتُ عَلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ قَالَ فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَيْلَكَ يَا أَبَا السَّفَرِ أَتَكْذِبُ أَنَا ذَهَبْتُ بِكَ إِلَى الْبَرَاءِ أَفَرَأَيْتَهُ أَنْتَ عَلَيْهِ وَلَمْ أَرَهُ أَنَا عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا كَرَاهَةُ مَالِكٍ لِلصَّغِيرِ التَّخَتُّمَ بِالذَّهَبِ فلأنه متعبد فيه أبواه وحاضنته وكافله فكما لَا يَجُوزُ لَهُ أَنَّ يَسْقِيَهُ الْخَمْرَ وَغَيْرَهَا من المحرمات لأنه متعبد فيه بذلك هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الحديث الخامس والثلاثون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَثَلَاثُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 428 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ فِيهِ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَسَأَلَهُمَا فَقَالَا أَخْرَجَنَا الجوع فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَخْرَجَنِي الْجُوعُ فَذَهَبُوا إِلَى أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ الْأَنْصَارِيِّ فَأَمَرَ لَهُمْ بِشَعِيرٍ عِنْدَهُ يُعْمَلُ وَقَامَ فَذَبَحَ لَهُمْ شَاةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكِّبْ عَنْ ذَاتِ الدَّرِّ فَذَبَحَ لَهُمْ شَاةً وَاسْتَعْذَبَ لَهُمْ مَاءً فَعُلِّقَ فِي نَخْلَةٍ ثُمَّ أُتُوا بِذَلِكَ الطَّعَامِ فَأَكَلُوا مِنْهُ وَشَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ نَعِيمِ هَذَا الْيَوْمِ (49 28) وَهَذَا الْحَدِيثُ يَسْتَنِدُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ مَا كَانَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ مِنْ ضِيقِ الْحَالِ وَشَظَفِ الْعَيْشِ وَمَا زَالَ الْأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ يَجُوعُونَ مَرَّةً وَيَشْبَعُونَ أُخْرَى وَتُزْوَى عَنْهُمُ الدُّنْيَا وَفِيهِ طَلَبُ الرِّزْقِ وَالنُّزُولُ عَلَى الصَّدِيقِ وَأَكْلِ مَالِهِ وَالسُّنَّةُ فِي الضِّيَافَةِ وَبِرِّ الضَّيْفِ بِكُلِّ مَا يُمْكِنُ وَيُحْضَرُ إِذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا لِذَلِكَ وَفِيهِ كَرَاهِيَةُ ذبح ما يجري نفعه مياومة وَمُدَاوَمَةُ كَرَاهِيَةُ إِرْشَادٍ لَا كَرَاهِيَةُ تَحْرِيمٍ وَفِيهِ استعذاب الماء وتخيره وتبريده للريح وغيره ذَلِكَ فِي مَعْنَاهُ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا سَدَّ الْجُوعَ وَسَتَرَ الْعَوْرَةَ مِنْ خَشِنِ الطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ لَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْمَرْءُ فِي الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنَّمَا يُسْأَلُ عَنِ النَّعِيمِ هَذَا قَالَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِآدَمَ إنك لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى وَبِقَوْلِهِ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا نَظَرٌ وَاخْتِلَافٌ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِ ذَلِكَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ فَاسْمُهُ مَالِكُ بْنُ التَّيْهَانِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الصَّحَابَةِ وَنَسَبْنَاهُ وَذَكَرْنَا خَبَرَهُ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ ههنا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا فِي هَذِهِ السَّاعَةِ قَالَا الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا فَقُومُوا فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَى رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ مَرْحَبًا وَأَهْلًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ فُلَانٌ قالت انطلق ليستعذب لنا من الماء إذا جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَمَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمُ أَضْيَافًا مِنِّي قَالَ فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ رُطَبٌ فَقَالَ كُلُوا مِنْ هَذَا وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ فَقَالَ له

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ فَذَبَحَ لَهُمْ شَاةً فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعَذْقِ وَشَرِبُوا فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوَوْا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا الْجُوعُ ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ يَمْدَحُ بِهَا أَبَا الْهَيْثَمِ ابْنَ التَّيْهَانِ فَلَمْ أَرَ كَالْإِسْلَامِ عِزًّا لِأُمَّةٍ وَلَا مِثْلَ أَضْيَافِ الْأَرَاشِيِّ مَعْشَرَا نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَفَارُوقُ أُمَّةٍ وَخَيْرُ بَنِي حَوَّاءَ فَرْعًا وَعُنْصُرًا فَوَافَقَ لِلْمِيقَاتِ قَدْرَ قَضِيَّةٍ وَكَانَ قَضَاءُ اللَّهِ قَدْرًا مُقَدَّرَا إِلَى رَجُلٍ نَجِدٍ يُبَارِي بِجُودِهِ شُمُوسَ الضُّحَى جُودًا وَمَجْدًا وَمَفْخَرَا وَفَارِسِ خَلْقِ اللَّهِ فِي كُلِّ غَارَةٍ إِذَا لَبِسَ الْقَوْمُ الْحَدِيدَ الْمُسَمَّرَا فَفَدَى وَحَيَّا ثُمَّ أَدْنَى قِرَاهُمُ فَلَمْ يُقْرِهِمْ إِلَّا سَمِينًا مُعَمِّرَا وَقَرَأْتُ عَلَى قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعْدٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ بِمَكَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في ساعة لا يخرج فيه وَلَا يَلْقَاهُ فِيهَا أَحَدٌ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ مَا أَخْرَجَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ قَالَ خَرَجْتُ لِلِقَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّظَرِ فِي وَجْهِهِ قَالَ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ مَا أَخْرَجَكَ يَا عُمَرُ قَالَ الْجُوعُ قَالَ وَأَنَا قَدْ وَجَدْتُ بَعْضَ الَّذِي تَجِدُ انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ وَكَانَ كَثِيرَ النَّخْلِ وَالشَّاهِ

وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خَدَمٌ فَأَتَوْهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ وَوَجَدُوا امْرَأَتَهُ فَقَالُوا أَيْنَ صَاحِبُكِ فَقَالَتْ ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا الْمَاءَ مِنْ قَنَاةِ بَنِي فُلَانٍ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ بِقِرْبَةٍ فَوَضَعَهَا ثُمَّ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَجَعَلَ يَلْتَزِمُهُ وَيَفْدِيهِ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ فَانْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى ظِلٍّ وَبَسَطَ لَهُمْ بِسَاطًا ثُمَّ انْطَلَقَ إلى نخله فجاء يفنو فَوَضَعَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَنَقَّيْتَ لَنَا مِنْ رُطَبِهِ فَقَالَ أَرَدْتُ أَنْ تَتَخَيَّرُوا مِنْ رُطَبِهِ وَبُسْرِهَ فَأَكَلُوا ثُمَّ شَرِبُوا مِنَ الْمَاءِ فَلَمَّا فَرَغُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي أَنْتُمْ عليه مسؤولون هَذَا الظِّلُّ الْبَارِدُ وَالرُّطَبُ الْبَارِدُ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْبَارِدُ ثُمَّ انْطَلَقَ يَصْنَعُ لَهُمْ طَعَامًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تَذْبَحْ ذَاتَ دَرٍّ قَالَ فَذَبَحَ لَهُمْ عَنَاقًا فَأَكَلُوا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ لَكَ مِنْ خَادِمٍ قَالَ لَا قَالَ فَإِذَا أَتَانَا شَيْءٌ أَوْ قَالَ سَبْيٌّ فَأْتِنَا قَالَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَانِ لَيْسَ لَهُمَا ثَالِثٌ فَأَتَاهُ يَعْنِي أَبَا الْهَيْثَمِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَرْ أَحَدَهُمَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ خِرْ لِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ خُذْ هَذَا فَإِنِّي رَأَيْتُهُ يُصَلِّي وَاسْتَوْصِ بِهِ معروفا فأتى بِهِ امْرَأَتَهُ فَحَدَّثَهَا بِحَدِيثِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ مَا أَنْتَ بِبَالِغٍ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ حَتَّى تُعْتِقَهُ قَالَ هُوَ عَتِيقٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا وَلَا خَلِيفَةً إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَبِطَانَةٌ لَا تَأْلُوهُ خَبَالًا وَمَنْ يُوقَ بِطَانَةَ الشَّرِّ فَقَدْ وُقِيَ

وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ أَبُو عَوَانَةَ وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ كَمَا رَوَاهُ شَيْبَانُ وَقَدْ رَوَاهُ حُسَيْنٌ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ شَيْبَانَ مُخْتَصَرًا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ أَبَا الْهَيْثَمِ ابْنَ التَّيْهَانِ الْأَنْصَارِيَّ فَأَكَلُوا مِنْ رُطَبِهِ وَبُسْرِهِ وَشَرِبُوا مِنَ الْمَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا وَالَّذِي نفسي بيده النعيم الذي أنتم عنه مسؤولون يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَذَا الظِّلُّ الْبَارِدُ وَالرُّطَبُ الْبَارِدُ وَالْمَاءُ الْبَارِدُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ لَكَ مِنْ خَادِمٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ سَوَاءٌ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مُخْتَصَرًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْحَمَّالُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَأَطْعَمْنَاهُمْ رُطَبًا وَسَقَيْنَاهُمْ مِنَ الْمَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ وَأُمِّ سَلَمَةَ بِأَسَانِيدَ صَالِحَةٍ وَمَعَانٍ مُتَقَارِبَةٍ وَذَكَرَ الْفِرْيَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ لَذَّةِ الدُّنْيَا

الحديث السادس والثلاثون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَثَلَاثُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 528 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ رَعَى الْغَنَمَ قِيلَ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَنَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ التَّحَدُّثِ عَنِ الْمَاضِينَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ لِسِيَرِهِمْ وَأَخْبَارِهِمْ وَفِيهِ أَنَّ التَّحَرُّفَ فِي الْمَعِيشَةِ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إِذَا لَمْ تَنْهَ عَنْهُ الشَّرِيعَةُ نَقِيصَةٌ وَفِيهِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالْمُرْسَلِينَ أَحْوَالُهُمْ فِي تَوَاضُعِهِمْ غَيْرُ أَحْوَالِ الْمُلُوكِ وَالْجَبَّارِينَ وَكَذَلِكَ أَحْوَالُ الصَّالِحِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا أَعْلَمُهُ يُرْوَى إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُرْسَلًا وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ عَنْ جَابِرٍ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ قَاضِي حَلَبَ قال حدثنا أبو سعيد عمر ابن حفص العسكري قال حدثنا أبو خيثمة مصعب بن سَعِيدٍ بِحَلَبَ إِمْلَاءً قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ مررنا بمثر الْأَرَاكِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ مِنْهُ فَإِنِّي قَدْ كُنْتُ أَجْتَنِيهِ وَأَنَا أَرْعَى الْغَنَمَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَعَيْتَ الْغَنَمَ قَالَ نَعَمْ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ رَعَى الْغَنَمَ وَحَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ بِالْكُوفَةِ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَمَرِ أَرَاكٍ فَقَالَ عَلَيْكُمْ بأسوده فإني كنت أجتنيه إذ كنت أدعى الْغَنَمَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ قَالَ نَعَمْ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ رَعَى الْغَنَمَ وَحَدَّثَنَا يَعِيشُ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أُبَيٌّ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَجْنِي الْكَبَاثَ فَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ مِنْهُ فَإِنَّهُ أَطْيَبُهُ قَالَ قُلْنَا وَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَهَلْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ رَعَاهَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْإِسْنَادُ هَكَذَا عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ وَخَالَفَهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَقَدْ أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ إِمْلَاءً فِي الْجَامِعِ بِبَغْدَادَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ جَابِرًا قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ نَجْنِي الْكِبَاثَ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ مِنْهُ فَإِنَّهُ أَطْيَبُهُ قَالُوا كُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَهَلْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ رَعَاهَا قَوْلُ اللَّيْثِ فِيهِ عن جابر أولى بالصواب مِنْ قَوْلِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الحديث السابع والثلاثون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَثَلَاثُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 628 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنْ كَانَ دَوَاءٌ يَبْلُغُ الدَّاءَ فَإِنَّ الْحِجَامَةَ تَبْلُغُهُ (54 27) وَهَذَا يُحْفَظُ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ وَمِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ وَالْأَلْفَاظُ مُخْتَلِفَةٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ وَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إن كان في شيء مما تتداوون به خَيْرٌ فَالْحِجَامَةُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ صَاحِبُنَا رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَصْبَغَ بْنِ مِيكَائِلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ

إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَبْرُورَ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنْ كَانَ شَيْءٌ يَنْفَعُ مِنَ الدَّاءِ فَإِنَّ الْحِجَامَةَ تَنْفَعُ مِنَ الدَّاءِ اطْلُبُوا الْحِجَامَةَ صَبِيحَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ تِسْعَ عَشْرَةَ أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَحْيَى بْنِ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ مِنْ سَهْمِ بَاهِلَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ وَالْقُسْطُ الْبَحْرِيُّ فَلَا تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قال حدثنا عمرو ابن مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قال سمعت حصين ابن أَبِي الْحُرِّ يُحَدِّثُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ خَيْرُ مَا تَدَاوَوْا بِهِ الْحِجَامَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حدثنا أحمد بن محمد ابن إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ

قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ الْخَصَفِيُّ عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ كَيَّةِ نَارٍ وَرَفَعَ الْحَدِيثَ (وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ بُسْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ كَيَّةٍ وَأَنَا أَنْهَى عَنِ الْكَيِّ) وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ هَذِهِ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ لَدْغَةِ نَارٍ تُوَافِقُ دَاءً وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا مَدْخَلَ لِلْقَوْلِ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ مَضَى في التداوي في باب زيد ابن أَسْلَمَ مَا فِيهِ شِفَاءٌ وَظَاهِرُهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الْحِجَامَةِ الْعُمُومُ

وَتَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ بِأَنْ يُقَالَ خَيْرُ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ فِي فَضْلِ كَذَا أَوْ لِعِلَّةِ كَذَا الْحِجَامَةُ وَإِنْ كَانَ الشِّفَاءُ مِنْ كَذَا فَفِي كَذَا أَوْ يَكُونُ الْحَدِيثُ عَلَى جَوَابِ السَّائِلِ فَحُفِظَ الْجَوَابُ دُونَ السُّؤَالِ كَأَنَّهُ قَالَ الشِّفَاءُ فِيمَا سَأَلْتَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ دَوَاءً يَبْلُغُ الدَّاءَ الَّذِي سَأَلْتَ عَنْهُ فَالْحِجَامَةُ تَبْلُغُهُ وَهَذَا كَثِيرٌ مَعْرُوفٌ فِي الْأَحَادِيثِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحِجَامَةَ لَيْسَتْ دَوَاءً لِكُلِّ دَاءٍ وَإِنَّمَا هِيَ لِبَعْضِ الْأَدْوَاءِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى مَا تَأَوَّلْنَا وَذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَالْحِجَامَةُ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الحديث غير مَمْنُوعٌ مِنْهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَقَدْ جَاءَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ جَمِيعًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنِ احْتَجَمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ أَوِ اطَّلَى فَأَصَابَهُ وَضَحٌ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ وَجَاءَ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مُحْتَجِمًا فَلْيَحْتَجِمْ يَوْمَ السَّبْتِ وَهَذَانِ حَدِيثَانِ لَيْسَ في واحد منهما حجة ومرسل الزهري ومحول أَشْبَهُ مِنْ مُرْسَلِ الْحَجَّاجِ لِأَنَّ مُسْنَدَ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ مِمَّا يَنْفَرِدُ بِهِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فَكَيْفَ مُرْسَلُهُ قَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَنْ الْحِجَامَةِ يَوْمَ السَّبْتِ فَقَالَ يُعْجِبُنِي أَنْ تَتَوَقَّى لِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا قَالَ وَكَانَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ يَرْوِي فِيهِ رُخْصَةَ حَدِيثٍ لَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ سَمْعَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال من احْتَجَمَ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَمَرِضَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ قَالَ وَأَخْبَرَنِي السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال من احْتَجَمَ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَأَصَابَهُ وَضَحٌ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ وَذَكَرَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْبَصْرِيِّ قَالَ يُقَالُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنَ الشَّهْرِ إِذَا وَافَقَ ذَلِكَ أَحَدٌ فَاحْتَجَمَ فِيهِ كَانَ لَهُ دَوَاءً لِسَنَةٍ كُلِّهَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَامِلٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الْحِجَامَةِ يَوْمَ السَّبْتِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَالِاطِّلَاءِ فِيهِمَا فَقَالَ مَكْرُوهٌ وَفِيهِ النَّهْيُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ النَّهْيُ فِيهِ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

الحديث الثامن والثلاثون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَثَلَاثُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 728 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ وَهُوَ يُرِيدُ السَّفَرَ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ اللَّهُمَّ ازْوِ لَنَا الْأَرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَمِنْ كَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَمِنْ سُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ (54 34) أَمَّا قَوْلُهُ ازْوِ لَنَا الْأَرْضَ فَمَعْنَاهُ اطْوِ لَنَا الطَّرِيقَ وَقَرِّبْهُ وَسَهِّلْهُ وَأَصْلُ الِانْزِوَاءِ الِانْضِمَامُ وَوَعْثَاءُ السَّفَرِ شِدَّتُهُ وَخُشُونَتُهُ وَالْكَآبَةُ الْحُزْنُ وَالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ أَنْ لَا يَنْقَلِبَ الرَّجُلُ وَيَنْصَرِفَ مِنْ سَفَرِهِ إِلَى أَمْرٍ يُحْزِنُهُ وَيَكْتَئِبُ مِنْهُ وَأَمَّا سُوءُ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ فَكُلُّ مَا يَسُوؤُكَ النَّظَرُ إِلَيْهِ وَسَمَاعُهُ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ وَأَمَّا الْغَرْزُ فَمَوْضِعُ الرِّكَابِ وَلَا يَكُونُ الْغَرْزُ إِلَّا فِي الرِّحَالِ بِمَنْزِلَةِ الرُّكُوبِ لِلسُّرُوجِ وَهَذَا يَسْتَنِدُ مِنْ وجوه صحاح من حديث عبد الله ابن سَرْجَسٍ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ زُغْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا

سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الله بن بكير قالا حدثنا حماد ابن زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ عَلَى الْأَهْلِ اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا فِي سَفَرِنَا وَاخْلُفْنَا فِي أَهْلِنَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَمِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ وَمِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعُتْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَزَادَ وَسُئِلَ عَاصِمٌ عَنِ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ قَالَ صَارَ بَعْدَ مَا كَانَ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي رَجَعَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ وَمَنْ رَوَاهُ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ فَمَعْنَاهُ أَيْضًا مِثْلُ ذَلِكَ أَيْ رَجَعَ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ عِنْدَهُمْ مِنْ كَوْرِ الْعِمَامَةِ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ إِنَّمَا يَرْوُونَهُ بِالنُّونِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِي

إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ إِلَى سَفَرٍ قَالَ اللَّهُمَّ بَلَاغًا يُبَلِّغُ خَيْرًا وَمَغْفِرَةً وَرِضْوَانًا بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ وَاطْوِ لَنَا الْأَرْضَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ قالا حدثنا حمزة ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي صَفْوَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ يَرْكَبُ رَاحِلَتَهُ قَالَ بِأُصْبُعِهِ هَكَذَا وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا بِنُصْحٍ وَاقْلِبْنَا بِذِمَّةٍ اللَّهُمَّ ازْوِ لَنَا الْأَرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وكآبة المنقلب

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ السَّمُرِيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ أَخْبَرَنَا أسامة ابن زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا قَالَ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ قَالَ فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ اللَّهُمَّ ازْوِ لَهُ الْأَرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّ عَلِيًّا الْأَزْدِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَلَّمَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا فِي سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ والملل وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ آئِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَرْبَهَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ فَإِذَا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ وانبعثت به

قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَقُولُ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِي سَفَرِي هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ تَائِبُونَ آيِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أخبرني أبو الزبير أن عليا الزدي أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَلَّمَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى السَّفَرِ كَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا اللَّهُمَّ اطْوِ لَنَا الْبُعْدَ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن

عَجْلَانَ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ اللَّهُمَّ اطْوِ لَنَا الْأَرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ وَرُوِّينَا مِنْ وُجُوهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يُرِيدُ سَفَرًا وَمُخْرَجًا فَقَالَ حِينَ يَخْرُجُ بِسْمِ اللَّهِ آمَنْتُ بِاللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ وَاعْتَصَمْتُ بِاللَّهِ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ رُزِقَ خَيْرَ ذَلِكَ الْمُخْرَجِ وَصُرِفَ عَنْهُ شَرُّهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عثمن حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْوَلِيدِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا أَوْ سَافَرَ فَأَدْرَكَهُ اللَّيْلُ قَالَ يَا أَرْضُ رَبِّي وَرَبُّكِ اللَّهُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكِ وَشَرِّ مَا فِيكِ وَشَرِّ مَا دَبَّ عَلَيْكِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شر كل أسد وأسود وحية وعقرب ومن سَاكِنِ الْبَلَدِ وَمِنْ شَرِّ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبَلِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ بِمَكَّةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ الصَّيْدَلَانِيُّ

قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادٌ النُّمَيْرِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَلَا شَرَفًا مِنَ الْأَرْضِ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الشَّرَفُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى كُلِّ حَالٍ

الحديث التاسع والثلاثون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَثَلَاثُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 828 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِآلِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ (58 13) وَهَذَا حَدِيثٌ يَرْوِيهِ مَالِكٌ مُسْنَدًا رَوَاهُ عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَبِي زَنْدٍ وَجُوَيْرِيَّةُ بْنُ أَسْمَاءٍ وَقَدْ روي من غير حَدِيثُ مَالِكٍ أَيْضًا وَهُوَ حَدِيثٌ فِيهِ طُولٌ يَسْتَنِدُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بن الحرث بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث حدثه قال اجتمع ربيعة بن الحرث وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَا وَاللَّهِ لَوْ بَعَثْنَا هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ لِي وَالْفَضْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَاهُ فَأَمَّرَهُمَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَةِ فَأَدَّيَا مَا يُؤَدِّي النَّاسُ وَأَصَابَا مَا يُصِيبُ النَّاسُ قَالَ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ لَا تَفْعَلَا فَوَاللَّهِ مَا هُوَ بِفَاعِلٍ فانتحاه ربيعة بن الحرث فَقَالَ وَاللَّهِ مَا

تَفْعَلُ هَذَا إِلَّا نَفَاسَةً عَلَيْنَا فَوَاللَّهِ لَقَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا نَفَسْنَاهُ عَلَيْكَ فَقَالَ أَنَا أَبُو حَسَنٍ أَيُّ قَرْمٍ فَأَرْسِلُوهُمَا فَانْظُرُوا ثُمَّ اضْطَجَعَ قَالَ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ سَبَقْنَاهُ إِلَى الْحِجْرِ فَقُمْنَا عِنْدَهَا حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا ثُمَّ قَالَ أَخْرِجَا مَا تُصْدِرَانِ ثُمَّ دَخَلَ وَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَ فَتَوَاكَلْنَا الْكَلَامَ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَحَدُنَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ وَأَوْصَلُ النَّاسِ وَقَدْ بَلَغْنَا النِّكَاحَ فَجِئْنَا لِتُؤَمِّرَنَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ فَنُؤَدِّي إِلَيْكَ مَا يُودِي الْعُمَّالُ وَنُصِيبُ مَا يُصِيبُونَ قَالَ فَسَكَتَ طَوِيلًا حَتَّى أَرَدْنَا أَنْ نُكَلِّمَهُ حَتَّى جَعَلَتْ زَيْنَبُ تُلْمِعُ إِلَيْنَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ أَلَّا تُكَلِّمَاهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ ادْعُوَا لِي مَحْمِيَّةَ وَكَانَ على الخمس ونوفل بن الحرث بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَجَاءَاهُ فَقَالَ لِمَحْمِيَّةَ أَنْكِحْ هَذَا الْغُلَامَ ابْنَتَكَ لِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ فَأَنْكَحَهُ وقال لنوفل بن الحرث أَنْكِحْ هَذَا الْغُلَامَ لِي فَأَنْكَحَنِي ثُمَّ قَالَ لِمَحْمِيَّةَ اصْدِقْ عَنْهُمَا مِنَ الْخُمْسِ كَذَا وَكَذَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ يُسَمِّهْ لِي وَهَكَذَا رَوَاهُ جُوَيْرِيَّةُ بْنُ أَسْمَاءٍ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ أَنَا أَبُو حَسَنٍ الْقَرْمُ وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد الحرث عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث أَنَا أَبُو حَسَنٍ الْقَرْمُ وَفِيهِ إِنَّمَا الصَّدَقَةُ غُسَالَةُ أَوْسَاخِ النَّاسِ وَحَدِيثُ الزُّهْرِيِّ هَذَا أَتَمُّ مَعْنًى وَأَحْسَنُ سِيَاقَةً وَأَثْبَتُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ

مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَشِفَاءٌ وَبَيَانٌ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَكَمٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْقَاضِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابن كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمُ عَنِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عُثْمَانُ بْنُ جَرِيرٍ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْنَاقِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ قَالَ قِيلَ لِيَزِيدَ بْنِ أَرْقَمَ مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ تَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ قَالَ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَبَّاسٍ وَآلُ عَقِيلٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ بِأَسْرِهِمْ لَا يَحِلُّ لَهُمْ أَكْلُ الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ أَعْنِي الزَّكَوَاتِ وَقَدْ مَضَى مِنْ بَيَانِ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ رَبِيعَةَ وَغَيْرِهِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ

الحديث الأربعون

حَدِيثٌ مُوفِي أَرْبَعِينَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 928 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ حَادٌّ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى عَيْنَيْهَا صَبْرًا فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّمَا هُوَ صَبْرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَاجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ (29 108) وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعْرُوفٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ حَدِيثِ بُكَيْرِ بْنِ الأشج وهو حديث فيه طويل اخْتَصَرَهُ مَالِكٌ وَأَرْسَلَهُ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ قَالَا جَمِيعًا أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ الضَّحَّاكِ يَقُولُ أَخْبَرَتْنِي أَمُّ حَكِيمٍ ابْنَةُ أُسَيْدٍ عَنْ أُمِّهَا أَنَّ زَوْجَهَا تُوُفِّي وَكَانَتْ تَشْتَكِي عَيْنَيْهَا فَتَكْتَحِلُ بِكُحْلِ الْجِلَاءِ فَأَرْسَلَتْ مَوْلًى لَهَا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلَتْهَا عَنْ كُحْلِ الْجِلَاءِ فَقَالَتْ لَا تَكْتَحِلِي بِهِ إِلَّا مِنْ أَمْرٍ لا بد مِنْهُ يَشْتَدُّ عَلَيْكِ فَتَكْتَحِلِي بِاللَّيْلِ وَتَمْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ ثُمَّ قَالَتْ عِنْدَ ذَلِكَ

أُمُّ سَلَمَةَ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ وَقَدْ جَعَلْتُ عَلَى عَيْنَيَّ صَبْرًا فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ قُلْتُ إِنَّمَا هُوَ صَبْرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ قَالَ إِنَّهُ يُشِبُّ الْوَجْهَ فَلَا تَجْعَلِيهِ إِلَّا بِاللَّيْلِ وَتَنْزِعِيهِ بِالنَّهَارِ وَلَا تَمْتَشِطِي بِالطِّيبِ وَلَا بِالْحِنَّاءِ فَإِنَّهُ خِضَابٌ قَالَتْ قُلْتُ فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَمْتَشِطُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِالسِّدْرِ تُغَلِّفِينَ بِهِ رَأْسَكِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُحِدَّ لَا تَكْتَحِلُ بِشَيْءٍ يُزَيِّنُهَا وَيُشِبُّهَا فَإِنِ اضْطُرَّتْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ جَعَلَتْهُ لَيْلًا وَمَسَحَتْهُ بِالنَّهَارِ وَكُلُّ مَا جَاءَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِنَ الْحَدِيثِ فِي النَّهْيِ عَنْ اكْتِحَالِ الْمَرْأَةِ الْمُحِدِّ فَهَذَا يُفَسِّرُهُ وَيَقْضِي عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ فَتْوَى الْفُقَهَاءِ قَالَ مَالِكٌ لَا تَكْتَحِلُ الْمَرْأَةُ الْحَادُّ إِلَّا أَنْ تُضْطَرَّ فَإِنِ اضْطُرَّتْ فَتَكْتَحِلُ بِاللَّيْلِ وَتَمْسَحُهُ بِالنَّهَارِ وَيَكُونُ الْكُحْلُ بِغَيْرِ طِيبٍ وَلَا تَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْكُحْلَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الزِّينَةِ وَلِهَذَا مُنِعَتْ مِنْهُ بِالنَّهَارِ مَعَ اضْطِرَارِهَا إِلَيْهِ وَأُبِيحَ لَهَا بِاللَّيْلِ لِأَنَّ اللَّيْلَ خِلَافُ النَّهَارِ فِي رُؤْيَةِ النَّاسِ لَهَا وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا كَقَوْلِ مَالِكٍ قَالَ الشافعي

لَا تَكْتَحِلُ بِكُحْلٍ فِيهِ زِينَةٌ فَإِنِ اضْطُرَّتْ إِلَى كُحْلِ زِينَةٍ اكْتَحَلَتْ بِاللَّيْلِ وَمَسَحَتْهُ بِالنَّهَارِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا اكْتَحَلَتْ بِالْكُحْلِ الْأَسْوَدِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا تَخْتَضِبُ وَلَا تَكْتَحِلُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ حَدَّثَنِي بُدَيْلٌ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ وَلَا الْمُمَشَّقَةَ وَلَا الْحُلِيَّ وَلَا تَخْتَضِبُ وَلَا تَكْتَحِلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا عَلَى التَّزْيِينِ بِالْكُحْلِ وَأَمَّا عَلَى الِاضْطِرَارِ فَهُوَ مَعْنًى آخَرُ بِاللَّيْلِ خَاصَّةً وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كُحْلِ الْمَرْأَةِ الْمُحِدِّ وَسَائِرِ مَا تَجْتَنِبُهُ فِي عِدَّتِهَا وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَذَاهِبِ مُمَهَّدًا مَبْسُوطًا مُوعَبًا فِي بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَبِهِ التَّوْفِيقُ

الحديث الحادي والأربعون

حديث حاد وأربعون من البلاغات 38038038 038 - قال ملك السُّنَّةُ فِي الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَنْ يَخِرَّ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا وَلَا يَقِفُ يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ الَّذِي يَرْفَعُ رأسه ويحفضه قَبْلَ الْإِمَامِ إِنَّمَا نَاصِيَتُهُ بِيَدِ شَيْطَانٍ أَمَّا قَوْلُهُ السُّنَّةُ فَإِنَّهُ أَمْرٌ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّغْلِيظُ فِيمَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ أَوْ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ وَهَذَا وَعِيدٌ وَتَهْدِيدٌ وَلَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ بِإِعَادَةٍ فَهُوَ فِعْلُ مَكْرُوهٍ لِمَنْ فَعَلَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا أَكْمَلَ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَقَدْ أَسَاءَ وَخَالَفَ سُنَّةَ الْمَأْمُومِ وَعَلَى كَرَاهِيَةِ هَذَا الْفِعْلِ لِلْمَأْمُومِ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ مِنْ غير

أَنْ يُوجِبُوا فِيهِ إِعَادَةً وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَاصِيَتُهُ بِيَدِ شَيْطَانٍ وَلَمْ يَأْمُرْ فِيهِ بِإِعَادَةٍ وَذَكَرَ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ مُلَيْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَخْفِضُ قَبْلَ الْإِمَامِ فَإِنَّمَا نَاصِيَتُهُ بِيَدِ شَيْطَانٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ يَسْتَنِدُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَيَسْتَنِدُ قَوْلُهُ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا كَبَّرَ فكبروا وإذا رجع فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ رَوَاهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى وَحْدَهُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ

حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعِينَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا قَوْلَهُ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَفِي قَوْلِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةٍ وَيَكُونَ الْمَأْمُومُ فِي غَيْرِهَا مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ فِي ظُهْرٍ وَالْمَأْمُومُ فِي عَصْرٍ أَوْ يَكُونَ الْإِمَامُ فِي نَافِلَةٍ وَالْمَأْمُومُ فِي فَرِيضَةٍ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَا يُجْزِي أَحَدًا أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ وَلَا يُصَلِّيَ عَصْرًا خَلْفَ مَنْ صَلَّى ظُهْرًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ وَقَوْلُ جُمْهُورِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَمَنْ خَالَفَهُ فِي نِيَّتِهِ فَلَمْ يَأْتَمَّ بِهِ وَقَالَ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَلَا اخْتِلَافَ أَشَدُّ مِنِ اخْتِلَافِ النِّيَّاتِ إِذْ هِيَ رُكْنُ الْعَمَلِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ صَلَّى ظُهْرًا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي عَصْرًا أَوْ صَلَّى فَرِيضَةً خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي نَافِلَةً فَلَمْ يَأْتَمَّ بِإِمَامِهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْإِمَامِ جَائِزَةٌ لِأَنَّهُ الْمَتْبُوعُ لَا التَّابِعَ وَاحْتَجُّوا مِنْ قِصَّةِ مُعَاذٍ بِرِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطْوِيلَ مُعَاذٍ بِهِمْ فَقَالَ لَهُ

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مُعَاذُ لَا تَكُنْ فَتَّانًا إِمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي وَإِمَّا أَنَّ تُخَفِّفَ عَنْ قَوْمِكَ قَالُوا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَلَاتَهُ بِقَوْمِهِ كَانَتْ فَرِيضَتَهُ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا بِصَلَاتِهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَصَلَاةُ الْمُتَنَفِّلِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي جَوَازِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرَيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عن أحمد ابن حَنْبَلٍ بِجَوَازِ أَنْ يَقْتَدِيَ فِي الْفَرِيضَةِ بِالْمُتَنَفِّلِ ويصلي الظهرخلف مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ فَإِنَّ كُلَّ مُصَلٍّ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنْ قَالُوا إِنَّمَا أُمِرْنَا أَنْ نَأْتَمَّ بِهِ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ أَفْعَالِهِ أَمَّا النِّيَّةُ فَمُغَيَّبَةٌ عَنَّا وَمَا غَابَ عَنَّا فإنا لَمْ نُكَلَّفْهُ قَالُوا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَفْسِهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ إِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا فعرفنا أفعاله التي يأتم بِهِ فِيهَا وَهِيَ الظَّاهِرَةُ إِلَيْنَا مِنْ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ فَفِي هَذِهِ أُمِرْنَا أَنْ لَا نَخْتَلِفَ عَلَيْهِ قَالُوا وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ مُعَاذٍ إِذْ كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ هِيَ لَهُ نَافِلَةٌ وَلَهُمْ فَرِيضَةٌ وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ لَا يُخْتَلَفُ فِي صِحَّتِهِ

قَالُوا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَ مُعَاذٌ صَلَاتَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَافِلَةً وَيَزْهَدَ فِي فَضْلِ الْفَرِيضَةِ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ وَهَذَا مَانِعٌ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ تُقَامَ صَلَاةُ فَرِيضَةٍ لَمْ يُصَلِّهَا فَيَشْتَغِلَ بِنَافِلَةٍ عَنْهَا وَقَدْ رَوَى ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ جَابِرٍ أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّيَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّيَ مَعَهُمْ هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ فَرِيضَةٌ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَحَدِيثُ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مُعَاذًا فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ جَابِرٍ سَوَاءً وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ مُسَافِرٌ خَائِفٌ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ مُتَنَفِّلٌ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ إِنْ شَاءَ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّيَّاتِ لَا تُرَاعَى فِي ذَلِكَ والله أعلم

الحديث الثاني والأربعون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَأَرْبَعُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 138 - مَالِكٌ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ الْعُكُوفَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ رَمَضَانُ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ مَالِكٍ فِي بَابِ قَضَاءِ الِاعْتِكَافِ مِنَ الْمُوَطَّأِ عَنْ يحيى ابن سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُرْسَلًا كَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةُ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ إِلَّا يَحْيَى بْنَ يَحْيَى الْأَنْدَلُسِيَّ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ وَقِيلَ إِنَّهُ غَلَطٌ مِنْهُ لَا شَكَّ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَلَى ذِكْرِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا أَدْرِي أَمِنْ يَحْيَى جَاءَ ذَلِكَ أَمْ مِنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِنَّ يَحْيَى لَمْ يَسْمَعْ مِنْ بَابِ خُرُوجِ الْمُعْتَكِفِ إِلَى الْعِيدِ فِي الْمُوَطَّأِ إِلَّا آخِرَ الِاعْتِكَافِ مِنْ مَالِكٍ فَرَوَاهُ عَنْ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ فَوَقَعَ فِيهِ حَدِيثُهُ عَنْ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ وَجَدَ أَخْبِيَةً خِبَاءَ عَائِشَةَ وَخِبَاءَ حَفْصَةَ وَخِبَاءَ زَيْنَبَ فَلَمَّا رَآهَا سَأَلَ عَنْهَا فَقِيلَ لَهُ هَذَا

خِبَاءُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْدَلُسِيِّ الْقُرْطُبِيِّ الْمَعْرُوفِ بِشَبْطُونَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِمَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ كَمَا قَالَ يَحْيَى وَفِي أَلْفَاظِهِ خِلَافٌ لِأَلْفَاظِ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ لِمَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ (وَهُوَ مَحْفُوظٌ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ) مُسْنَدًا عَنْ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ فَهُوَ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مَعْرُوفٌ لَا حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ فَلِذَلِكَ لَمْ نَذْكُرْ هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ مِنْ أَجْلِ رِوَايَةِ يَحْيَى وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَنَا وَهَمًا وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ هُنَاكَ وَذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْمَعَانِي وَالْمَذَاهِبِ مَبْسُوطًا هُنَاكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فلا وجه لتكرير ذلك ههنا وإنما ذكرنا الحديث ههنا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي قَضَاءِ الِاعْتِكَافِ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ عَمْرَةَ هَذَا قَالَ مَالِكٌ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَرَادَ الِاعْتِكَافَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ رَمَضَانُ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ هَكَذَا ذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا فِي الْبَابِ كما ذكرناه ولهذا ما ذكرناه ههنا

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سفيان قالا حدثنا قاسم ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاسْتَأْذَنَتْهُ فَأَذِنَ لَهَا ثُمَّ اسْتَأْذَنَتْهُ حَفْصَةُ فَأَذِنَ لَهَا ثُمَّ اسْتَأْذَنَتْهُ زَيْنَبُ فَأَذِنَ لَهَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ فَلَمْ يَعْتَكِفْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْعَشْرَ وَاعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شوال

الحديث الثالث والأربعون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَأَرْبَعُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 238 - مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ أَعْمَارَ النَّاسِ قَبْلَهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ تَقَاصَرَ أَعْمَارَ أُمَّتِهِ أَلَّا يَبْلُغُوا مِنَ الْعَمَلِ مِثْلَ الَّذِي بَلَغَ غَيْرُهُمْ فِي طُولِ الْعُمْرِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرًا مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (19 15) لَا أَعْلَمُ هَذَا الْحَدِيثَ يُرْوَى مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَلَا أَعْرِفُهُ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا وَلَا مُسْنَدًا وَهَذَا أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا مَالِكٌ وَلَكِنَّهَا رَغَائِبٌ وَفَضَائِلٌ وَلَيْسَتْ أَحْكَامًا وَلَا بَنَى عَلَيْهَا فِي كِتَابِهِ وَلَا فِي مُوَطَّئِهِ حُكْمًا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفِّرٍ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنِيِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدَانَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْبَوَاقِي مَنْ قَامَهُنَّ ابْتِغَاءَ حِسْبَتِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ يغفر له ما تقدممن ذَنْبِهِ وَهِيَ لَيْلَةُ تِسْعٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ خَامِسَةٌ أَوْ ثَالِثَةٌ أَوْ آخِرُ لَيْلَةٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أمارة ليلة

الْقَدْرِ أَنَّهَا صَافِيَةٌ بَلْجَاءُ كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا سَاطِعًا سَاكِنَةٌ لَا بَرْدَ فِيهَا وَلَا حَرَّ وَلَا يَحِلُّ لِكَوْكَبٍ أَنْ يَرْمِي بِهِ فِيهَا حَتَّى يُصْبِحَ وَإِنَّ أَمَارَةَ الشَّمْسِ صَبِيحَتَهَا تَخْرُجُ مُسْتَوِيَةً لَيْسَ فِيهَا شُعَاعٌ مِثْلَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَلَا يَحِلُّ لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا يَوْمَئِذٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ لَيْسَ بِمَتْرُوكٍ بَلْ هُوَ مُحْتَمَلٌ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْجِلَّةِ وَهُوَ مِنْ عُلَمَاءِ الشَّامِيِّينَ وَلَكِنَّهُ يَرْوِي عَنِ الضُّعَفَاءِ وَأَمَّا حَدِيثُهُ هَذَا فَمِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ بَلَدِهِ وَأَمَّا إِذَا رَوَى عَنِ الضُّعَفَاءِ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا رَوَاهُ وَحَدِيثُهُ هَذَا إِنَّمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ لَا يَدْفَعُهُ أَصْلٌ وَفِيهِ تَرْغِيبٌ وَلَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنْ صَحِيحِ الْأَثَرِ وَمَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ مَا يَشْفِي وَيَكْفِي فِي بَابِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الرابع والأربعون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَأَرْبَعُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 338 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي لِأَنْسَى أَوْ أُنَسَّى لِأَسُنَّ أَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ فَلَا أَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ مُسْنَدًا وَلَا مَقْطُوعًا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْمُوَطَّأِ الَّتِي لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ مُسْنَدَةً وَلَا مُرْسَلَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ فِي الْأُصُولِ وَقَدْ مَضَتْ آثَارٌ فِي بَابِ نَوْمِهِ عَنِ الصَّلَاةِ تَدُلُّ عَلَى هذا المعنى نحو قول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا لِتَكُونَ سُنَّةً لِمَنْ بَعْدَكُمْ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ وَثَبَتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَلِّمًا فَمَا سَنَّ لَنَا اتَّبَعْنَاهُ وَقَدْ بَلَّغَ مَا أُمِرَ بِهِ وَلِمَ يَتَوَفَّاهُ اللَّهُ حَتَّى أَكْمَلَ دِينَهُ سُنَنًا وَفَرَائِضَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ وَجِيهُ بْنُ الْحَسَنِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلَيُّ حَدَّثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ شَكَّ أَبُو بَكْرٍ لَا يَدْرِي أَيَّهُمَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَقَدْ سَمَّاهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَصَلَّى خَمْسًا فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ صَلَّيْتَ خَمْسًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَذْكُرُ كَمَا تَذْكُرُونَ وَأَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ

الحديث الخامس والأربعون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَأَرْبَعُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 438 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَنْشَأَتْ بَحْرِيَّةٌ ثُمَّ تَشَاءَمَتْ فَتِلْكَ عَيْنٌ غَدِيقَةٌ هَذَا حَدِيثٌ لَا أَعْرِفُهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الِاسْتِسْقَاءِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةٌ ثُمَّ اسْتَحَالَتْ شَآمِيَّةً فَهُوَ أَمْطَرُ لَهَا وَابْنُ أَبِي يَحْيَى مَطْعُونٌ عَلَيْهِ مَتْرُوكٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نُبْلٌ وَيَقَظَةٌ اتُّهِمَ بِالْقَدَرِ وَالرَّفْضِ وَبِلَاغُ مَالِكٍ خَيْرٌ مِنْ حَدِيثِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِذَا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةٌ فَمَعْنَاهُ إِذَا ظَهَرَتْ سَحَابَةٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَحْرِ وَارْتَفَعَتْ يُقَالُ أَنْشَأَ فُلَانٌ يَقُولُ كَذَا إِذَا ابْتَدَأَ قَوْلَهُ وَأَظْهَرَهُ بَعْدَ سُكُوتٍ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ أَنْشَأَ فُلَانٌ حَائِطَ نَخْلٍ أَوْ بِئْرًا أَوْ كَرْمًا أَيْ عَمِلَ ذَلِكَ وَأَظْهَرَهُ لِلنَّاسِ وَكُلُّ مَا بَدَأَ مِنَ الْأَعْمَالِ وَظَهَرَ

فَقَدْ أَنْشَأَ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَهُ الْجِوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ أَيِ السُّفُنُ الظَّاهِرَاتُ فِي الْبَحْرِ كَالْجِبَالِ الظَّاهِرَاتِ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّمَا سَمَّى السَّحَابَةَ بَحْرِيَّةً لِظُهُورِهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْبَحْرِ يَقُولُ إِذَا طَلَعَتْ سَحَابَةٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَحْرِ وَنَاحِيَةُ الْبَحْرِ بِالْمَدِينَةِ الْغَرْبُ ثُمَّ تَشَاءَمَتْ أَيْ أَخَذَتْ نَحْوَ الشَّامِ وَالشَّامُ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي نَاحِيَةِ الشَّمَالِ كَأَنَّهُ يَقُولُ إِذَا مَالَتِ السَّحَابَةُ الظَّاهِرَةُ مِنْ جِهَةِ الْغَرْبِ إِلَى جِهَةِ الشَّمَالِ فَتِلْكَ عَيْنٌ غَدِيقَةٌ أَيْ مَاءٌ مَعِينٌ وَالْعَيْنُ مَطَرُ أَيَّامٍ لَا يُقْلِعُ وَقِيلَ الْعَيْنُ مَاءٌ عَنْ يَمِينِ قِبْلَةِ الْعِرَاقِ وَقِيلَ كُلُّ مَاءٍ مَرَّ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرَاتِ يَقُولُ فَتِلْكَ سَحَابَةٌ يَكُونُ مَاؤُهَا غَدَقًا وَالْغَدِيقُ الْغَزِيرُ وَغُدَيْقَةٌ تَصْغِيرُ غَدَقَةٍ وَسُمِّي الرَّجُلُ الْغَيْدَاقُ لِكَثْرَةِ سَخَائِهِ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا أَيْ غَزِيرًا كَثِيرًا قَالَ كُثَيِّرٌ وَتُغْدِقُ أَعْدَادٌ بِهِ وَمَشَارِبُ يَقُولُ يَكْثُرُ الْمَطَرُ عَلَيْهِ وَأَعْدَادٌ جَمْعُ عَدٍّ وَهُوَ الْمَاءُ الْغَزِيرُ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي الْمَاءِ الْعَدِّ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ إِذَا مَا زَيْنَبُ ذُكِرَتْ سَكَبْتُ الدَّمْعَ مُتَّسِقًا كَأَنَّ سَحَابَةً تَهْمِي بِمَاءٍ حُمِّلَتْ غَدَقًا

وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا خَرَجَ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ لَا عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ نُزُولَ الْمَاءِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ عِلْمًا صَحِيحًا لَا يُخْلَفُ (لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ) بَلْ قَدْ صَحَّ أَنَّ الْمُدْرِكَ لِعِلْمِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مرة قد يخطيء فِيهِ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَصَابَ مَرَّةً أُخْرَى فَلَيْسَ بِعِلْمٍ صَحِيحٍ يُقْطَعُ عَلَيْهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّوْءَ قَدْ يُخْوِي فَلَا يُنْزِلُ شَيْئًا وَإِنَّمَا هِيَ تَجَارِبُ تُخْطِيءُ وَتُصِيبُ وَعِلْمُ الْغَيْبِ عَلَى صِحَّةٍ هُوَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَنُزُولُ الْغَيْثِ مِنْ مَفَاتِيحِ الْغَيْبِ الخمس الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّهُ وَلَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ إِلَّا اللَّهُ وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ إِلَّا اللَّهُ وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ وَلَا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا اللَّهُ هَكَذَا حَدَّثَنِي بِهِ مَوْقُوفًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ لَمْ يَتَجَاوَزْهُ

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ تَلَا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ وَمِمَّنْ رَفَعَ هَذَا الْحَدِيثَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَصَالِحُ بْنُ قُدَامَةَ رَوَوْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قال مطرنا نبوء كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ وَهَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا كَانَ أَهْلُ الشِّرْكِ يَقُولُونَهُ مِنْ إِضَافَةِ الْمَطَرِ إِلَى الْأَنْوَاءِ دُونَ اللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ قَالَ ذَلِكَ وَاعْتَقَدَهُ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ النَّوْءَ مَخْلُوقٌ وَالْمَخْلُوقُ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا عَلَى مَعْنَى مُطِرْنَا فِي وَقْتِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ النَّوْءَ الْوَقْتُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَيْضًا يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ يُعْهَدُ فِيهِ وَيُعْرَفُ نُزُولُ الْغَيْثِ بِفِعْلِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ فَهَذَا لَيْسَ بِكَافِرٍ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِلْعَبَّاسِ مَا بَقِيَ مِنْ نَوْءِ الثريا وما

بَقِيَ مِنْ نَوْءِ الرَّبِيعِ عَلَى الْعَادَةِ وَالْعُرْفِ عِنْدَهُمْ أَنَّ تِلْكَ الْأَوْقَاتَ أَوْقَاتُ أَمْطَارٍ إِذَا شَاءَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارِ وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا فِي بَابِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث السادس والأربعون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَأَرْبَعُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 538 - مَالِكٌ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ بِالسَّبْعِ الْأَوَاخِرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ (19 14) هَكَذَا رَوَى يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ هَذَا الْحَدِيثَ وَتَابَعَهُ قَوْمٌ وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ بُكَيْرٍ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرُوا الْحَدِيثَ مِثْلَهُ سَوَاءٌ هُوَ مَحْفُوظٌ مَشْهُورٌ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لِمَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَمَحْفُوظٌ أَيْضًا لِمَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا مُسْلِمَةُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رِزْقٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرٍ الْبَهْزَانِيُّ الْبَصْرِيُّ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ

نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الأواخر فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال كَانُوا لَا يَزَالُونَ يَقُصُّونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَا أَنَّهَا فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ أَنَّهَا لَيْلَةُ السَّابِعَةِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا لَيْلَةَ السَّابِعَةِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ مُمَهَّدًا مبسوطا في ليلة القدر عند ذَكَرَ حَدِيثَ حُمَيْدٍ الطَّوِيلَ عَنْ أَنَسٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْقَلْزُمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ سمعت زر ابن حُبَيْشٍ يَقُولُ لَوْلَا سُفَهَاؤُكُمْ لَوَضَعْتُ يَدَيْ فِي أُذُنِي ثُمَّ نَادَيْتُ أَلَا إِنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ قَبْلَهَا ثَلَاثٌ وَبَعْدَهَا ثَلَاثٌ نَبَأُ مَنْ لَمْ يَكْذِبْنِي عَنْ نَبَأِ مَنْ لَمْ يَكْذِبْهُ يَعْنِي بِهِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الحديث السابع والأربعون

حَدِيثٌ سَابِعٌ وَأَرْبَعُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 638 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ (31 69) وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ الثِّقَاتُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ثِقَةٌ إِذَا حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَةٌ وَإِنَّمَا دَخَلَتْ أحاديثه عَنْ جَدِّهِ صَحِيفَةٌ يَقُولُ إِنَّهَا مَسْمُوعَةٌ صَحِيحَةٌ وَكِتَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَعْرَفُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ إلى أن يذكر ههنا ويوصف وقد ذكرناه من طريق في كتاب العلم والحمد لله وحديثا عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ هَذَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي حَتَّى ذَكَرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ وَلَا بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ بَاعَ بَيْعًا عَلَى شَرْطِ سَلَفٍ يُسْلِفُهُ أَوْ يَسْتَسْلِفُهُ فَبَيْعُهُ فَاسِدٌ مَرْدُودٌ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ يَقُولُ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفُ إِنَّهُ إِذَا طَاعَ الَّذِي اشْتَرَطَ السَّلَفَ بِتَرْكِ سَلَفِهِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ جَازَ الْبَيْعُ هَذَا قَوْلُهُ فِيَ مُوَطَّئِهِ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أصحابه أن البائع إذا أسلف المتشري مَعَ السِّلْعَةِ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًّا مُعَجَّلًا وَأَدْرَكَ ذَلِكَ فُسِخَ وَإِنْ فَاتَتْ رَدَّ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ سِلْعَتِهِ يَوْمَ قَبَضَهَا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا بَاعَهَا بِهِ فَأَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ قد رضي به على أن أسلف وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِي كَانَ هُوَ الَّذِي أَسْلَفَ الْبَائِعَ فُسِخَ الْبَيْعُ أَيْضًا بَيْنَهُمَا وَرَجَعَ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ سِلْعَتِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَتْ إِلَّا أَنْ تُنْقَصَ قِيمَتُهَا مِنَ الثَّمَنِ فَلَا يُنْقَصُ الْمُشْتَرِي مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِهِ عَلَى أَنْ أَسْلَفَ مَعَهُ سَلَفًا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَنْ بَاعَ عَبْدًا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَشَرَطَ أَنَّهُ يُسْلِفُهُ سَلَفًا فَإِنَّ الْبَيْعَ مَفْسُوخٌ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لَا حَاجَةَ لِي بِالسَّلَفِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَإِنْ رَضِيَ مُشْتَرِطُ السَّلَفِ بِتَرْكِ السَّلَفِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ فَاسِدًا فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ أُجِيزَ

وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَدْ رَوَى بَعْضُ الْمَدَنِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ تُرِكَ السَّلَفُ قَالَ وَهُوَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ عَقْدُ الْبَيْعِ فَاسِدًا فِي اشْتِرَاطِ السَّلَفِ كَالْبَيْعِ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ وَقَعَ فَاسِدًا فِي عَقْدِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ فَيُرَدُّ السَّلَفُ وَيَصْلُحُ بِالْقِيمَةِ وَقَدْ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الْبَرَكَانِيُّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ الْقَاضِي عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَبَيْنَ رَجُلٍ بَاعَ غُلَامًا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَزِقِّ خَمْرٍ أَوْ شَيْءٍ حَرَامٍ ثُمَّ قَالَ أنا أدع الزق أو الشيء الحرام قيل أَنْ يَأْخُذَهُ وَهَذَا الْبَيْعُ مَفْسُوخٌ عِنْدَ مَالِكٍ غَيْرُ جَائِزٍ فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مُشْتَرِطَ السَّلَفِ هُوَ مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِهِ أَوْ تَرْكِهِ وَلَيْسَ مَسْأَلَتُكَ كَذَلِكَ وَلَوْ قَالَ أَبِيعُكَ غُلَامِي بِمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنِّي إِنْ شِئْتُ أَنْ تَزِيدَنِي زِقَّ خَمْرٍ زِدْتَنِي وَإِنْ شِئْتُ تركته ثم ترك الزق خمر جاز اليع وَلَوْ أَخَذَهُ فُسِخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا فَهَذَا مِثْلُ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِ إِسْمَاعِيلَ وَكَانَ سَحْنُونٌ يَقُولُ إِنَّمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ إِذَا لَمْ يُقْبَضِ السَّلَفُ وَتُرِكَ وَأَمَّا إِذَا قُبِضَ السَّلَفُ فَقَدْ تَمَّ الرِّبَا بَيْنَهُمَا وَالْبَيْعُ حِينَئِذٍ حَرَامٌ مَفْسُوخٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ سَحْنُونٌ أَصْلَحَهُ بِتَرْكِ السَّلَفِ وَإِنَّمَا كَانَ يَرُدُّ السَّلَفَ وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ وَكَذَلِكَ قَرَأْنَاهُ عَلَى يَحْيَى بْنِ عُمَرَ إِذَا رُدَّ السَّلَفُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا حَكَاهُ الْفَضْلُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ وَأَمَّا لَفْظُ الْمُوَطَّأِ مِنْ رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ بُكَيْرٍ وَابْنِ وَهْبٍ وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى فَإِنَّمَا هُوَ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ تُرِكَ السَّلَفُ جَازَ الْبَيْعُ وَتُرِكَ غَيْرَ رَدٍّ لِأَنَّ الرَّدَّ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ وَإِذَا قُبِضَ السَّلَفُ فَهُوَ كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَصْلِ مَالِكٍ إِجَازَةُ بُيُوعٍ وَقَعَتْ فَاسِدَةً ثُمَّ أَدْرَكَهَا الْإِصْلَاحُ كَبَيْعِ الْغَاصِبِ يُخْبِرُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ مَالِكُهُ وَنَحْوِ هَذَا وَكَذَلِكَ نِكَاحُ الْعَبْدِ عِنْدَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ سَيِّدِهِ

الحديث الثامن والأربعون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَأَرْبَعُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 738 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ (31 72) وَهَذَا يَتَّصِلُ وَيَسْتَنِدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ مَعْرُوفٌ غَيْرُ مَرْفُوعٍ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد ابن زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا هشيم عن يونس ابن عُبَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم نهى عن بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ

وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَلْزَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْجَارُودِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ في بيعاة فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا بِعَشَرَةٍ وَالْأُخْرَى بِخَمْسَةَ عَشَرَ قَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ فِي إِحْدَى السِّلْعَتَيْنِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ الْمُشْتَرِي هُوَ فِي ذَلِكَ بِالْخِيَارِ بِمَا سَمَّى مِنَ الثَّمَنِ وَرَدَّ الْأُخْرَى وَلَا يُعَيِّنُ الْمَأْخُوذَةَ مِنَ الْمَتْرُوكَةِ فَهَذَا مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِيهِمَا جَمِيعًا بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّتَهُمَا شَاءَ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُمَا جَمِيعًا وَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَبْتَاعَ الرجل من آخر سلعة بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ قَدْ وَجَبَتْ لِلْمُشْتَرِي بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ وَافْتَرَقَا عَلَى ذلك وهكذا فسره مَالِكٌ وَغَيْرُهُ وَقَالَ مَالِكٌ هَذَا لَا يَنْبَغِي لِأَنَّهُ إِنْ أَخَّرَ الْعَشَرَةَ كَانَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ نَقَدَ الْعَشَرَةَ كَانَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى بِالْخَمْسَةَ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ إِذَا بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً بِدِينَارٍ نَقْدًا أَوْ بِشَاةٍ مَوْصُوفَةٍ إِلَى أَجَلٍ قَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ عَلَيْهِ بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لَا يَنْبَغِي لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَهَذَا مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ قَالَ مَالِكٌ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ الْعَجْوَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا بِدِينَارٍ وَالصَّيْحَانِيُّ عَشَرَةُ أَصْوُعٍ قَدْ وَجَبَتْ إِحْدَاهُمَا فَهَذَا مِنَ الْمُخَاطَرَةِ وَيُفْسَخُ عِنْدَ مَالِكٍ هَذَا الْبَيْعُ أَبَدًا فَإِنْ فَاتَ الْبَيْعُ ضِمْنَ الْمُبْتَاعُ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَكِيلًا غَيْرَ رَطْبٍ فَيَرُدُّ مَكِيلَتَهُ وَإِنَّ قَبْضَ

السِّلْعَتَيْنِ وَفَاتَتَا رُدًّا جَمِيعًا إِلَى الْقِيمَةِ يَوْمَ قَبَضَهُمَا الْمُشْتَرِي بَالِغًا مَا بَلَغَتْ وَأَمَّا إِذَا كَانَ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي السِّلْعَتَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْمُسَاوَمَةِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ أَوْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِيهِمَا جَمِيعًا بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّتَهُمَا شَاءَ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُمَا جَمِيعًا وَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي أَيِّ الثَّمَنَيْنِ شَاءَ وَبِالْخِيَارِ أَيْضًا فِي الْأَخْذِ أَوِ التَّرْكِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُمَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُولَ قَدْ بِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِينَارٍ نَقْدًا أَوْ بِأَلْفَيْنِ إِلَى سَنَةٍ قَدْ وَجَبَ لَكَ الْبَيْعُ بِأَيِّهِمَا شِئْتُ أَنَا أَوْ شِئْتَ أَنْتَ فَهَذَا بِيعٌ الثَّمَنُ فِيهِ مَجْهُولٌ وَالثَّانِي أَنْ يَقُولَ قَدْ بِعْتُكَ عَبْدِي هَذَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَكَ بِأَلْفٍ إِذَا وَجَبَ لَكَ عَبْدِي وَجَبَتْ دَارُكَ لِي لِأَنَّ مَا نَقَصَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِمَّا بَاعَ ازْدَادَهُ فِيمَا اشْتَرَاهُ فَالْبَيْعُ فِي هَذَا كُلِّهِ مَفْسُوخٌ فَإِنْ فَاتَ فَفِيهِ الْقِيمَةُ حِينَ قُبِضَ وَمِثْلُ هَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَبِيعَهُ سِلْعَةً بِكَذَا عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ بِالثَّمَنِ كَذَا كَرَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ أَبِيعُكَ ثَوْبِي هَذَا بِعَشْرِ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي بِالْعَشْرَةِ دَنَانِيرَ دَابَّةَ كَذَا أَوْ سِلْعَةَ كَذَا أَوْ مَثَاقِيلَ عَدَدِ كَذَا هَذَا كُلُّهُ مِنْ بَابِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ قَالَ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ نَهْيُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ لِأَنَّ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ تَكُونَ الْأَثْمَانُ مَعْلُومَةً وَالْبَيْعُ مَعْلُومًا وَإِذَا انْعَقَدَ الْبَيْعُ عَلَى السَّلَفِ وَالْمَنْفَعَةُ بِالسَّلَفِ مَجْهُولَةٌ فَصَارَ الثَّمَنُ غَيْرُ مَعْلُومٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلٌّ يُخَرِّجُ لِلْحَدِيثِ مَعْنًى عَلَى أَصْلِهِ وَمِنْ أَصْلِ مَالِكٍ مُرَاعَاةُ الذَّرَائِعِ وَمِنْ أَصْلِ الشَّافِعِيِّ تَرْكُ مُرَاعَاتِهَا وَلِلْكَلَامِ فِي ذَلِكَ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَا عَلِمْتُ مِنْ مَشْهُورِ مَذْهَبِهِمْ فِيمَنْ بَاعَ سِلْعَتَهُ بِدَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِالدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ وَكَانَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الصَّفْقَةِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَأَنَّ الْبَيْعَ إِنَّمَا وَقَعَ بِالدَّنَانِيرِ لَا بِالدَّرَاهِمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مِنْ بَابِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَمَا وَصَفْنَا وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ إِذَا كَانَ مِنْ بَابِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ عَلَى حَسْبَمَا ذَكَرْنَا مِنَ النَّقْدِ بِكَذَا وَالنَّسِيئَةِ بِكَذَا أَوْ إِلَى أَجَلَيْنِ أَوْ نَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ صِفَتَيْنِ مِنَ الطَّعَامِ مُخْتَلِفَتَيْنِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا كُلَّهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِأَحَدِ الْبَيْعَتَيْنِ وَإِنْ أَخَذَ السِّلْعَةَ عَلَى ذَلِكَ فَهِيَ بِأَقَلَّ الثَّمَنَيْنِ إِلَى أَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ إِذَا فَارَقَهُ عَلَى ذَلِكَ فَفَاتَ الْبَيْعُ عَلَيْهِ أَقَلُّ الثَّمَنَيْنِ نقدا

قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ الْقِيمَةُ كَسَائِرِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ عندهم

الحديث التاسع والأربعون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَأَرْبَعُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 838 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءَ وَصَلَّى النَّاسُ عَلَيْهِ أَفْذَاذًا لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ فَقَالَ نَاسٌ يُدْفَنُ عِنْدَ الْمَنْبَرَ وَقَالَ آخَرُونَ يُدْفَنُ بِالْبَقِيعِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول مَا دُفِنَ نَبِيٌّ قَطُّ إِلَّا فِي مَكَانِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَحُفِرَ لَهُ فِيهِ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ غَسْلِهِ أَرَادُوا نَزْعَ قَمِيصِهِ فَسَمِعُوا صَوْتًا يَقُولُ لَا تَنْزِعُوا الْقَمِيصَ فَلَمْ يُنْزَعِ الْقَمِيصُ وَغُسِّلَ وَهُوَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (16 27) قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ لَا أَعْلَمُهُ يُرْوَى عَلَى هَذَا النَّسَقِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ غَيْرَ بَلَاغِ مَالِكٍ هَذَا وَلَكِنَّهُ صَحِيحٌ من وجوه مختلفة وأحاديث شتى جميعها مَالِكٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَأَمَّا وَفَاتُهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ خَلَفِ بْنِ الْقَاسِمِ ابن سَهْلٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ الْمِسْوَرِ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعُتْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ

أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَاهُمْ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُصَلِّي بِهِمْ لَمْ يَفْجَئْهُمْ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَشَفَ حُجْرَةَ عَائِشَةَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وهم صفوف في الصلاة يَضْحَكُ فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ يَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ أَنَسٌ فَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلَاتِهِمْ فَرَحًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَتُوُفِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن عائشة أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِعَائِشَةَ أَيُّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَهَذَا لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ تُوُفِّيَ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وَفِي يَوْمِي وَدَوْلَتِي لَمْ أَظْلِمْ فِيهِ أَحَدًا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ

عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَأَمَّا دَفْنُهُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ فَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ مَنْ يُصَحِّحُ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ دُفِنَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ وَقَدْ جَاءَ الْوَجْهَانِ فِي أَحَادِيثَ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَدْرِ عَائِشَةَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَشُغِلَ النَّاسُ عَنْ دَفْنِهِ بِشَأْنِ الْأَنْصَارِ فَلَمْ يُدْفَنْ حَتَّى كَانَتِ الْعَتَمَةُ وَلَمْ يَلِهِ إِلَّا أَقَارِبُهُ وَلَمْ يُصَلِّ النَّاسُ عَلَيْهِ إِلَى عُصُبًا بَعْضُهُمْ قَبْلَ بَعْضٍ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنِ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ ابْنَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَمِعْنَا صَوْتَ الْمَسَاحِي مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَهُ وَأَمَّا صَلَاةُ النَّاسِ عَلَيْهِ أَفْذَاذًا فَمُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ النَّقْلِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ مَحْفُوظٌ فِي حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَشْجَعِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْحَدِيثُ الطَّوِيلُ فِي مَرَضِهِ وَوَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْكَابِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ عَنْ سلمة بن نبيط عن نعيم بن أبي هِنْدٍ عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ فِيهِ فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا قَوْمًا أُمِّيِّينَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ نَبِيٌّ قَبْلَهُ قَالَ عُمَرُ لَا يَتَكَلَّمَنَّ بِمَوْتِهِ أَحَدٌ إِلَّا ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا فَقَالُوا لِي اذْهَبْ إِلَى صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَادْعُهُ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ قَالَ فَذَهَبْتُ أَمْشِي فَوَجَدْتُهُ فِي الْمَسْجِدِ فَأَجْهَشْتُ فَقَالَ لِي لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ فَقُلْتُ إِنَّ عُمَرَ قَالَ لَا يَتَكَلَّمْنَ بِمَوْتِهِ أَحَدٌ إِلَّا ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا قَالَ فَأَخَذَ بِسَاعِدِي ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ فَأَكَبَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان وَجْهُهُ يَمَسَّ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اسْتَبَانَ لَهُ أَنَّهُ قَدْ تُوُفِّيَ فَقَالَ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ قَالُوا يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ

تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال نعم قَالُوا يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ هَلْ يُصَلَّى عَلَى الْأَنْبِيَاءِ قَالَ يَجِيءُ قَوْمٌ فَيُكَبِّرُونَ وَيَدْعُونَ وَيَجِيءُ آخَرُونَ حَتَّى يَفْرَغَ النَّاسُ قَالَ فَعَرَفُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ ثُمَّ قَالَ قَالُوا يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ هَلْ يُدْفَنُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ قَالُوا أَيْنَ قَالَ حَيْثُ قَبَضَ اللَّهُ رُوحَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ إِلَّا فِي مَكَانٍ طَيِّبٍ قَالَ فَعَرَفُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ ثُمَّ قَالَ عِنْدَكُمْ صَاحِبُكُمْ ثُمَّ خَرَجَ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْمُهَاجِرُونَ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ وَرَوَاهُ مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سلمة بن نبيط عن نعيم بن أبي هِنْدٍ عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ عَنْ سَالِمِ ابن عُبَيْدٍ قَالَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ لَا أَسْمَعُ رَجُلًا يَقُولُ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا ضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ وَكَانُوا أُمِّيِّينَ وَلَمْ يكن فيهم نبي قبله فقال اسْكُنُوا قَالُوا يَا سَالِمُ بْنَ عُبَيْدٍ اذْهَبْ إِلَى صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَادْعُهُ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ إِلَى آخِرِهِ وَأَمَّا دَفْنُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فمعروف أيضا رواه عن أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَمَعْرُوفٌ أَيْضًا رَوَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَائِشَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ اخْتَلَفُوا فِي دَفَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حِينَ قُبِضَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يُقْبَضُ النَّبِيُّ إِلَّا فِي أَحَبِّ الْأَمْكِنَةِ إِلَيْهِ فَقَالَ ادْفِنُوهُ حَيْثُ قُبِضَ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ وَجَدْتُ فِي كِتَابِي عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُقَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَدِّي عُبَيْدُ بْنُ عُقَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ يُقْبَضُ وَحَدَّثَنَا ابْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا محمد ابن أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُقَيْلِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ يُقْبَضُ

وَقَدِ اسْتَدَلَّ قَوْمٌ عَلَى فَضْلِ الْمَدِينَةِ بِدَفْنِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا وَأَنَّ الْمَوْلُودَ يُخْلَقُ مِنَ التُّرْبَةِ الَّتِي يُدْفَنُ فِيهَا وَرَوَوْا بِذَلِكَ أَثَرًا وَقَدْ أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَيْفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْخَفَّافُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ أَنَّ الْمَلَكَ يَنْطَلِقُ فَيَأْخُذُ مِنْ تُرَابِ الْمَكَانِ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ فَيُذْرِهِ عَلَى النُّطْفَةِ فَيُخْلَقُ مِنَ التُّرَابِ وَمِنَ النُّطْفَةِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى وَأَمَّا قِصَّةُ نَزْعِ الْقَمِيصِ وَأَنَّهُ غُسِّلَ فِي قَمِيصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسِّلَ فِي قَمِيصٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي بَابِ جعفر بما يغني عن ذكره ههنا وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَكَرُوا التَّخْيِيرَ وَالْحَدِيثَ كُلَّهُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ عَنْ أَبِيهِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ لَمَّا أَرَادُوا غُسْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ثِيَابِهِ كَمَا

نُجَرِّدُ مَوْتَانَا أَمْ نُغَسِّلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا أَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِمُ النُّوَّمَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلًا إِلَّا وَذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ أَنِ اغْسِلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَسَّلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ وَيُدَلِّكُونَهُ بِالْقَمِيصِ دُونَ أَيْدِيهِمْ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَهُ إِلَّا نِسَاؤُهُ وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي بَابِ دَفْنِ الْمَيِّتِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ مَا صَدَّقْتُ بِمَوْتِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَمِعْتُ وَقْعَ الْكَرَازِينِ وَلَا أَحْفَظُهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مُتَّصِلًا وَالْمَعْرُوفُ حَدِيثُ عَائِشَةَ مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ صَحَّ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ أَدْرَكَهَا مِنَ الْجَزَعِ عَلَيْهِ مَا أَدْرَكَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَظَنَّتْ أَنَّهُ غُشِيَ عَلَيْهِ وَأُسْرِيَ بِهِ إِلَى رَبِّهِ عَلَى نَحْوِ مَا ظَنَّ عُمَرُ حِينَ خَطَبَهُمْ فَقَالَ إِنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَمُتْ وَإِنَّهُ ذُهِبَ بِهِ إِلَى رَبِّهِ وَسَيَرْجِعُ فَيَقْطَعُ أَيْدِيَ رِجَالٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ فَأَتَاهُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ ثُمَّ تَلَا وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قد خلت من قبله الرسل أفائن مات أو قتل انقلبتهم على

أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا الْآيَةَ قَالَ عُمَرُ فَكَأَنِّي لَمْ أَسْمَعْ هَذِهِ الْآيَةَ إِلَّا يَوْمَئِذٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْكَرَازِينُ يَعْنِي الْمِسَاحِي وَالْمَحَافِرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مُسْنَدًا فِي هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ مَضَى فِي باب جعفر ابن مُحَمَّدٍ خَبَرُ غُسْلِهِ فِي قَمِيصِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وجرى ذكره ههنا لِمَا فِي خَبَرِ مَالِكٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّ الَّذِينَ غَسَّلُّوهُ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَاخْتُلِفَ فِي الْعَبَّاسِ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَقَثْمِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَشَقْرَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ شَهِدُوا غُسْلَهُ وَقِيلَ لَمْ يُغَسِّلْهُ غَيْرُ عَلِيٍّ وَالْفَضْلُ كَانَ يَصُبُّ الْمَاءَ وَعَلِيٌّ يُغَسِّلُهُ وَقِيلَ كَانَ النَّاسُ قَدْ تَنَازَعُوا ذَلِكَ فَصَاحَ أَبُو بَكْرٍ يَا مَعْشَرَ النَّاسِ كُلُّ قَوْمٍ أَوْلَى بِجَنَائِزِهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَانْطَلَقَ الْأَنْصَارُ إِلَى العباس فكلموه فأدخل معهم أوس ابن خَوْلِيٍّ وَكَانَ الْفَضْلُ وَالْعَبَّاسُ يُقَلِّبَانِهِ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَقَثْمُ يَصُبَّانِ الْمَاءَ عَلَى عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ بِالْبَابِ لَمْ يَحْضُرِ الْغُسْلَ يَقُولُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَحْضُرَهُ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أَرَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحْيِي أَنْ يَرَانِي أَرَاهُ حَاسِرًا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ جَمِيعِ صَحَابَتِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا

الحديث الخمسون

حَدِيثٌ مُوفِي خَمْسِينَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 938 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ (22 15) وَهَذَا يَسْتَنِدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ طُرُقٍ حِجَازِيَّةٍ صِحَاحٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي قال حدثنا محمد ابن أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَتْ أَكْثَرُ أَيْمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ نَافِعٌ عَنْ سَالِمٍ حَدَّثَنَاهُ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الديبلي حدثنا محمد بن علي ابن زَيْدٍ الصَّائِغُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَتْ يَمِينَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا مَا سَمِعْتُهَا مِنْهُ لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ هَكَذَا قَالَ عَنْ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَالِمٍ وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُوسَى عَنْ سَالِمٍ لَمْ يَذْكُرْ نَافِعًا أَخْبَرَنَا خَلَفُ بن

أَحْمَدِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَتْ يَمِينَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمرو بن العاصي أَخْبَرْنَاهُ خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ المقرىء حدثنا حيوة بن شريح عن أبي هانىء الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ شَاءَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ اصْرِفْ قُلُوبَنَا إِلَى طَاعَتِكَ وَرَوَاهُ النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ وَكَانَ يَقُولُ يَا مُقَلِّبَ القلوب ثبت قلوبنا عن دِينِكَ قَالَ وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُ أَقْوَامًا وَيَخْفِضُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ قَالَتْ لَهُ أَمُّ سَلَمَةَ مَا أكثر ما يقول يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ وَيَسْتَنِدُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَرَوَى الْمُسْتَوَرِدُ وَغَيْرُهُ أَنَّ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ يَمِينَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَنَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ وَهَذَا كُلُّهُ هُوَ الْيَمِينُ بِاللَّهِ وَذَلِكَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمَخْرَجُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا مَجَازٌ في الصفات مَفْهُومٌ عِنْدِ أَهْلِ الْعِلْمِ يُفِيدُهَا قَوْلُ اللَّهِ عز وجل ربنا لا تزع قلوبنا الآية

الحديث الحادي والخمسون

حَدِيثٌ حَادٍ وَخَمْسُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 48048048 048 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي الحرث بْنِ الْخَزْرَجِ تَصَدَّقَ عَلَى أَبَوَيْهِ بِصَدَقَةٍ فَهَلَكَا فَوَرِثَ ابْنُهُمَا الْمَالَ وَهُوَ نَخْلٌ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَدْ أُجِرْتَ فِي صَدَقَتِكَ وَخُذْهَا بِمِيرَاثِكَ (36 54) وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي رُجُوعِ الصَّدَقَةِ بِالْمِيرَاثِ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنُهَا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى مَعْنَى رُجُوعِ الصَّدَقَةِ إِلَى الْمُتَصَدِّقِ بِالْمِيرَاثِ وَالشِّرَاءِ وَبِالْهِبَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَذَكَرْنَا مَذَاهِبَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ قِصَّةِ لَحْمِ بَرِيرَةَ فِي بَابِ رَبِيعَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا وجه لتكرير ذلك ههنا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو بكر حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كُنْتُ تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِوَلِيدَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ وَتَرَكَتْ تِلْكَ الْوَلِيدَةَ قَالَ وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَجَعَتْ إِلَيْكِ بِالْمِيرَاثِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ رُجُوعِ الصَّدَقَةِ إِلَى الْوَارِثِ بِالْمِيرَاثِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَا فِي هَذَا الْخَبَرِ إِلَّا فِرْقَةً شَذَّتْ وَكَرِهَتْ ذَلِكَ وَفِرْقَةً اسْتَحَبَّتْ لِلْوَارِثِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا لَا مَعْنَى لِلِاشْتِغَالِ بِحِكَايَةِ قَوْلِهَا مَعَ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ لَهَا وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ فِيهِ لِينٌ ولكنه احتمل

الحدييث الثاني والخمسون

حَدِيثٌ ثَانٍ وَخَمْسُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 148 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ مِنَ الْجِعْرَانَةِ (20 27) وَهَذَا إِنَّمَا أَحْفَظُهُ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ مُحَرَّشٍ الْكَعْبِيِّ الْخُزَاعِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَنَسَبْنَاهُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَّا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ مَكَّةَ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنَّ قَاسِمَ بْنَ أَصْبَغَ حَدَّثَهُمْ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُزَاحِمِ بْنِ أَخِي مُزَاحِمٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَرِّشٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْجِعْرَانَةَ مُعْتَمِرًا فَدَخَلَ مَكَّةَ لَيْلًا فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَتَى الْجِعْرَانَةَ كَالْبَائِتِ فَمَرَّ بِبَطْنِ سَرَفٍ ثُمَّ أَتَى الْمَدِينَةَ هَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا فِي هَذَا الْإِسْنَادِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَلَكِنَّهُ كَذَلِكَ كَانَ فِيِ كِتَابِ قَاسِمٍ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوْحٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا

هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَبْدُ الْمَجِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُزَاحِمُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَرِّشٍ الْكَعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ حِينَ أَمْسَى مُعْتَمِرًا فَدَخَلَ مَكَّةَ لَيْلًا فَقَضَى عُمْرَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ تَحْتِ لَيْلَتِهِ فَأَصْبَحَ بِالْجِعْرَانَةِ كَبَائِتٍ حَتَّى إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ خَرَجَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ فِي بَطْنِ سَرَفٍ حَتَّى جَامَعَ الطَّرِيقَ طَرِيقَ الْمَدِينَةِ بِسَرَفٍ قَالَ مُحَرِّشٌ فَلِذَلِكَ خَفِيَتْ عُمْرَتُهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ مُزَاحِمٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ مُحَرِّشَ الْكَعْبِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ ثُمَّ أَصْبَحَ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ قَالَ فَرَأَيْتُ ظَهْرَهُ كَأَنَّهُ سَبِيكَةُ فِضَّةٍ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَا رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الطَّائِفِ فَكَانَ بِالْجِعْرَانَةِ اعْتَمَرَ مِنْهَا

الحديث الثالث والخمسون

حَدِيثٌ ثَالِثٌ وَخَمْسُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ ثَلَاثًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَعَامَ الْقَضِيَّةِ وَعَامَ الْجِعْرَانَةِ وَهَذَا يُرْوَى أَيْضًا مِنْ وُجُوهٍ قَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْهَا فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وعمر بن حسين قالا حدثنا قاسم ابن أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحَزَّامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ عُمَرٍ اعْتَمَرَ مِنَ الْجُحْفَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَصَدَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةِ سَبْعٍ آمِنًا هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثُمَّ اعْتَمَرَ الثَّالِثَةَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ حِينَ أَقْبَلَ مِنَ الطَّائِفِ مِنَ الْجِعْرَانَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا كَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَقُولُ كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقِعْدَةِ وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي وَغَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ هِشَامِ

ابْنِ عُرْوَةَ وَفِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ إِحْدَاهُنَّ فِي شَوَّالٍ وَاثْنَتَانِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ أَرْبَعًا فَذَكَرَ مِثْلَ مَا ذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْهُ وَزَادَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً مَعَ حُجَّتِهِ وَذَهَبَ إِلَى هَذَا جَمَاعَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ ثَلَاثَ عُمَرٍ كُلُّهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِحْدَاهُنَّ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَالْأُخْرَى فِي صُلْحِ قُرَيْشٍ وَالْأَخِرَةُ مَرْجِعَهُ مِنَ الطَّائِفِ زَمَنَ حُنَيْنٍ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ ثَلَاثَ عُمَرٍ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ بِعُمْرَتِهِ الَّتِي حَجَّ فيها

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي إِيجَابِ الْعُمْرَةِ وَجَوَازِهَا قَبْلَ الْحَجِّ وَجَوَازِ اعْتِمَارِ عُمَرٍ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَمَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالتَّنَازُعِ وَالْوُجُوهِ فِي باب بَابِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الرابع والخمسون

حَدِيثٌ رَابِعٌ وَخَمْسُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 348 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ رَكَعَ الرَّكْعَتَيْنِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّفَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ (20 112) هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ وَهُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنِ الْوَلِيدِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا انْتَهَى إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ قَرَأَ واتخدوا من مقام إبرهيم مصلى فصلى ركعتين فقرأ فاتحة الكتاب وقل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ عَادَ إِلَى الرُّكْنِ وَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ سَبْعًا رَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا ثُمَّ قَرَأَ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَصَلَّى سَجْدَتَيْنِ جَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ ثُمَّ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي الْحَجِّ رَوَاهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَجَمَاعَةٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ قَالَ فِيهِ ثُمَّ رَجَعَ فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا وَطُرُقُهُ كَثِيرَةٌ جِدًّا صِحَاحٌ كُلُّهَا فَأَمَّا رُكُوعُ الطَّائِفِ بِالْبَيْتِ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ وَطَافَ سَبْعًا فَإِنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْمَقَامِ إِنْ قَدَرَ وَإِلَّا فَحَيْثُمَا قَدَرَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا إِذَا صَلَّاهُمَا فِي الْحِجْرِ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ صَلَّى صَلَاةَ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ فِي الْحِجْرِ أَعَادَ

الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَإِنْ لَمْ يَرْكَعْهُمَا حَتَّى بَلَغَ بَلَدَهُ أَهْرَاقَ دَمًا وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَرَوْنَ الدَّمَ مَدْخَلًا فِي شَيْءٍ مِنْ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ فِي الْحَجِّ وَغَيْرِ الْحَجِّ وَإِنَّمَا يَرَوْنَ فِي ذَلِكَ الْإِعَادَةَ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ نَاسِيًا إِذَا ذَكَرَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَسِيَ رَكْعَتِي الطَّوَافِ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ أَوْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَرْكَعُهُمَا حَيْثُمَا ذَكَرَ مِنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَرْكَعُهُمَا حَيْثُمَا شَاءَ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْحَرَمِ وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ لَمْ يَرْكَعْهُمَا حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَلَدِهِ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ أَوْجَبَ الدَّمَ فِي ذَلِكَ فَحُجَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ النُّسُكُ وَالشَّعَائِرُ وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا فَلْيُهْرِقْ دَمًا إِلَّا أَنَّ مَالِكًا لَا يَرَى عَلَى مَنْ نَسِيَ طَوَافَ الْوَدَاعِ أَوْ تَرَكَهُ دَمًا وَهُوَ مِنَ النُّسُكِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يَرَ فِي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ غَيْرَ الْقَضَاءِ الْقِيَاسُ

عَلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْحَجِّ وَلَيْسَ رَكْعَتَا الطَّوَافِ بِأَوْكَدَ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ وَأَكْثَرُ أَحْوَالِهِمَا أَنْ يَحْكُمَ لَهُمَا بِحُكْمِهِمَا فِي الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ نَسِيَهُمَا أَوْ تَرَكَهُمَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا اسْتِلَامُ الرُّكْنِ فَسُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالرُّجُوعِ إِلَى الصَّفَا لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حدثنا حفص بن غياث عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم طَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْمَقَامِ قَرَأَ فيهما قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ قَرَأَ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ثُمَّ عَادَ إِلَى الْحِجْرِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ لِمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ أَنْ يَرْكَعَ عِنْدَ الْمَقَامِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَحَيْثُ أَمْكَنَهُ فَإِذَا رَكَعَ أَتَى الْحِجْرَ فَاسْتَلَمَهُ بيده ووضع يده عليه فِيهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا لِلسَّعْيِ وَمَنْ ترك الاستسلام فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَيْفَ صَنَعْتَ فِي اسْتِلَامِ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ فَقَالَ اسْتَلَمْتُ وَتَرَكْتُ فَقَالَ أَصَبْتَ

الحديث الخامس والخمسون

حَدِيثٌ خَامِسٌ وَخَمْسُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 448 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ وَالْمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ (20 166) وَهَذَا الْحَدِيثُ يَتَّصِلُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قال ابن وهب سألت سفيان ابن عُيَيْنَةَ عَنْ عُرَنَةَ فَقَالَ مَوْضِعُ الْمَمَرِّ فِي عَرَفَةَ ثُمَّ ذَلِكَ الْوَادِي كُلُّهُ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إِلَى الْعَلَمِ الْمَوْضُوعِ لِلْحَرَمِ بِطَرِيقِ مَكَّةَ وَأَمَّا بَطْنُ مُحَسِّرٍ فَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ بَطْنُ مُحَسِّرٍ حِينَ تَنْحَدِرُ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ عِنْدَ النُّخَيْلَاتِ عِنْدَ الْمُشَلَّلِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أحمد بن جعفر بْنُ عِمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَنْ رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَيْسَ دُونَ عُبَيْدِ اللَّهِ مَنْ يُحْتَجُّ بِهِ فِي ذَلِكَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَابِرٍ قَالَ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نحرت ههنا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ فَقَالَ قَدْ وقفت ههنا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَوَقَفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَقَالَ قَدْ وقفت ههنا وَالْمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وقفت ههنا بعرفة وعرفة كلها موقف ووقفت ههنا بجمع وجمع كلها موقف ونحرت ههنا بِمِنًى وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَكْثَرُ الْآثَارِ لَيْسَ فِيهَا اسْتِثْنَاءُ بَطْنِ عُرَنَةَ مِنْ عَرَفَةَ وَلَا بَطْنِ مُحَسِّرٍ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ وَكَذَلِكَ نَقَلَهَا الْحُفَّاظُ الْأَثْبَاتُ الثِّقَاتُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ أبِيهِ عَنْ جَابِرٍ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي الْحَجِّ لَيْسَ فِيهِ اسْتِثْنَاءُ عُرَنَةَ وَلَا مُحَسِّرٍ وَقَدْ رَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءً الْمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بطن

مُحَسِّرٍ وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ مَدَنِيٌّ ضَعِيفٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ إِلَّا مَا جَازَ بطن عرنة وكل الزدلفة مَوْقِفٌ إِلَّا مَا خَلْفَ بَطْنِ مُحَسِّرٍ قَالَ وَقَالَ لِي مَالِكٌ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ عَلَى الدَّوَابِّ والإبل أحب إلي من أن أقف قَائِمًا وَإِنْ وَقَفَ قَائِمًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَرِيحَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هَذَا الْمَوْقِفُ وَكُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ وَمَنْ أَجَازَ بَطْنَ عُرَنَةَ قَالَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ فَلَا حَجَّ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ لَا يَرَى أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ يُكْتَبَ حَدِيثُهُ وَحَدِيثُهُ هَذَا أَيْضًا مُنْقَطِعٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَأَمَّا بَطْنُ عُرَنَةَ فَهُوَ بِغَرْبِيِّ مَسْجِدِ عَرَفَةَ حَتَّى لَقَدْ قَالَ بَعْضُ العلماء إن الجدار الغربي من مسجد غرفة لَوْ سَقَطَ فِي بَطْنِ عُرَنَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَعَرَفَةُ مَا جَازَ وَادِي عُرَنَةَ الَّذِي فِيهِ الْمَسْجِدُ قَالَ وَوَادِي عُرَنَةَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْجِبَالِ الْمُقَابِلَةِ عَلَى عَرَفَةَ كُلُّهَا مِمَّا يَلِي حَوَائِطَ بَنِي عَامِرٍ وَطَرِيقَ حِضْنٍ فَإِذَا جَاوَزْتَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِعَرَفَةَ

وَأَمَّا وَادِي مُحَسِّرٍ فَهُوَ دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ فَكُلُّ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لِلدُّعَاءِ ارْتَفَعَ عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ وَكَذَلِكَ مَنْ وَقَفَ صَبِيحَةَ يَوْمِ النَّحْرِ للدعاء بالمشعر بالحرام وَهُوَ الْمُزْدَلِفَةُ ارْتَفَعَ عَنْ وَادِي مُحَسِّرٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْمُزْدَلِفَةُ مِمَّا يَلِي عَرَفَةَ وَلَيْسَ الْمَأْزِمَانِ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى أَنْ تَأْتِيَ وَادِيَ مُحَسِّرٍ عَنْ يَمِينِكَ وَشَمَالِكَ مِنْ تِلْكَ الْبُطُونِ وَالشِّعَابِ وَالْجِبَالِ كُلُّهَا مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ وَقَفَ مِنْ عَرَفَةَ بِعُرَنَةَ فَقَالَ مَالِكٌ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ يُهَرِيقُ دَمًا وَحَجُّهُ تَامٌّ وَهَذِهِ رِوَايَةٌ رَوَاهَا خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَعْبَانَ عُرَنَةُ مَوْضِعُ الْمَمَرِّ مِنْ عَرَفَةَ ثُمَّ ذَلِكَ الْوَادِي مِنْ فِنَاءِ الْمَسْجِدِ إِلَى مَكَّةَ إِلَى الْعَلَمِ الْمَوْضُوعِ لِلْحَرَمِ قَالَ وَعَرَفَةُ كُلُّ سَهْلٍ وَجَبَلٍ أَقْبَلَ عَلَى الْمَوْقِفِ فِيمَا بَيْنَ التِّلْعَةِ إِلَى أَنْ يُفْضُوا إِلَى طَرِيقِ نُعْمَانَ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ كَبْكَبٍ مِنْ عَرَفَةَ وَذَكَرَ أَبُو الْمُصْعَبِ أَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يَقِفْ وَحَجُّهُ فَائِتٌ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ إِذَا وَقَفَ بِبَطْنِ عُرَنَةَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَنْ أَفَاضَ مِنْ عُرَنَةَ فَلَا حَجَّ لَهُ وَقَالَ الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ مَنْ وَقَفَ بِعُرَنَةَ حَتَّى دَفَعَ فَلَا حَجَّ لَهُ وَذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ هَذَا الْقَوْلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَبِهِ أَقُولُ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ أَنْ يَقِفَ بِمَكَانٍ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يقف به

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لبطن عرنة من عرفة لم يجيء مَجِيئًا تَلْزَمُ حُجَّتُهُ لَا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الْإِجْمَاعِ وَالَّذِي ذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ ثُمَّ يَرْكَبُ فَيَرُوحُ إِلَى الْمَوْقِفِ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِالدُّعَاءِ قَالَ وَحَيْثُمَا وَقَفَ النَّاسُ مِنْ عَرَفَةَ أَجْزَأَهُمْ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا مَوْقِفٌ وَكُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ أَبِي الْمُصْعَبِ أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ فَرْضٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ فَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهُ إِلَّا بِيَقِينٍ وَلَا يَقِينَ مَعَ الِاخْتِلَافِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا فَرْضَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا فِي ذَلِكَ مَا تَنَازَعَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ وَوُجُوهُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَمَعَانِيهِ فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَكَذَلِكَ مَضَى الْقَوْلُ في باب بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ فِي أَحْكَامِ الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالْمُبَيَّتِ بِهَا مُمَهَّدًا ذَلِكَ كُلُّهُ مَبْسُوطًا وَاضِحًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ

اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ قَالَ أَتَانَا ابْنُ مُرْبِعٍ الْأَنْصَارِيُّ وَنَحْنُ بِعَرَفَةَ فِي مَكَانٍ يُبَاعِدُهُ عَمْرٌو عَنِ الْإِمَامِ فَقَالَ أَنَا رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُمْ يَقُولُ قِفُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ إِبْرَاهِيمَ وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ عائشة قالت كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْحُمْسَ وَكَانَ سَائِرُ النَّاسِ يَقِفُونَ بِعَرَفَةَ قَالَتْ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ فَيَقِفَ بِهَا ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَأَمَّا بَطْنُ مُحَسِّرٍ فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَسْرَعَ السَّيْرَ فِي بَطْنِ مُحَسِّرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْضَعَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَالْقَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْإِيضَاعُ سُرْعَةُ السَّيْرِ وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحرث عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ بِعَرَفَةَ وَقَالَ هَذَا الْمَوْقِفُ وَكُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ ثُمَّ دَفَعَ فَجَعَلَ يُسَيِّرُ الْعُنُقَ وَيَقُولُ السَّكِينَةَ حَتَّى جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ فَجَمَعَ بِهَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ ثُمَّ وَقَفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ عَلَى قُزَحَ قَالَ هَذَا الْمَوْقِفُ وَكُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ ثُمَّ دَفَعَ فَجَعَلَ يُسَيِّرُ الْعُنُقَ وَهُوَ يَقُولُ السَّكِينَةَ أَيُّهَا النَّاسُ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُحَسِّرٍ فَعَرَّجَ رَاحِلَتَهُ فَخَبَّتْ بِهِ حَتَّى خَرَجَ عَنْهُ ثُمَّ سَارَ سَيْرَهُ الْأَوَّلَ حَتَّى رَمَى ثُمَّ دَخَلَ الْمَنْحَرَ فَقَالَ هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ وَفِي حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ أبِيهِ عَنْ جَابِرٍ الْحَدِيثَ الطَّوِيلَ فِي الْحَجِّ رَوَاهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ جَمَاعَةَ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَفِيهِ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا وَفِيهِ أَنَّهُ أَرْدَفَ الفضل بن عباس حتى أتى محسر فَحَرَّكَ قَلِيلًا وَرَوَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُحَرِّكُ فِي مُحَسِّرٍ وَيَقُولُ إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا وَزَادَ غَيْرُ هِشَامٍ مُعْتَرِضًا فِي بَطْنِهَا جَنِينُهَا قَدْ ذَهَبَ الشَّحْمُ الذي يزينها

الحديث السادس والخمسون

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَخَمْسُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 548 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بِمِنًى هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ وَقَالَ فِي الْعُمْرَةِ هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقِهَا مَنْحَرٌ (20 178) قَالَ ابْنُ وَهْبٍ مَنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ إِلَى الْعَقَبَةِ وَمَا وَرَاءَ الْعَقَبَةِ فَلَيْسَ بِمَنْحَرِ وَمَكَّةُ فِي الْعُمْرَةِ مَنْحَرٌ فِجَاجُهَا بَيْنَ بُيُوتِهَا وَمَا قَارَبَهَا وَمَا تَبَاعَدَ مِنَ الْبُيُوتِ فَلَيْسَ بِمَنْحَرٍ قَدْ مَضَى فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا كَثِيرٌ مِنْ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَرْمَطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ بَدَنَةً بِالْحَرْبَةِ وَهُوَ بِمِنًى وَقَالَ هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَنْحَرُ فِي الْحَجِّ بِمِنًى إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَلَا طَرِيقَ لِمِنًى فِيهَا فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْحَرَ فِي عُمْرَتِهِ وَسَاقَ هَدْيًا يَتَطَوَّعُ بِهِ نَحَرَهُ

بِمَكَّةَ حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا وَهَذَا إِجْمَاعٌ أَيْضًا لَا خِلَافَ فِيهِ يُغْنِي عَنِ الْإِسْنَادِ وَالِاسْتِشْهَادِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ السُّنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ وَنَحَرَ فِي غَيْرِهِمَا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الْمَنْحَرَ لَا يَجُوزُ فِي الْحَجِّ إِلَّا بِمِنًى وَلَا فِي الْعُمْرَةِ إِلَّا بِمَكَّةَ وَمَنْ نَحَرَ فِي غَيْرِهِمَا لَمْ يُجْزِهِ وَمَنْ نَحَرَ فِي الْحَجِّ أَوْ فِي الْعُمْرَةِ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهُمَا مَوْضِعًا لِلنَّحْرِ وَخَصَّهُمَا بِذَلِكَ وَقَالَ الله عز وجل هديا بالغ الكعبة فلا بد مِنْ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ الْبَيْتَ وَمِنًى مِنْ مَكَّةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِنْ نَحَرَ فِي غَيْرِ مِنًى وَمَكَّةَ مِنَ الْحَرَمِ أَجْزَأَهُ قَالُوا وَإِنَّمَا لِمَكَّةَ وَمِنًى اخْتِصَاصُ الْفَضِيلَةِ وَالْمَعْنِيُّ فِي ذَلِكَ الْحَرَمُ لِأَنَّ مَكَّةَ وَمِنًى حَرَمٌ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ نَحَرَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ لَمْ يُجْزِهِ وَمِنْ أَحْسَنِ طَرِيقِ حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ مَا حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ وَجِيهُ بْنُ الْحَسَنِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حدثنا بكارابن قُتَيْبَةَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحرث بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي

طَالِبٍ قَالَ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ فَقَالَ هَذِهِ عَرَفَةُ وَهَذَا الْمَوْقِفُ وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ ثُمَّ أَفَاضَ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَأَرْدَفَ أُسَامَةُ وَجَعَلَ يَسِيرُ عَلَى يَمِينِهِ وَالنَّاسُ يَضْرِبُونَ يَمِينًا وَشَمَالًا وَهُوَ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ ثُمَّ أَتَى جَمْعًا فَصَلَّى بِهَا الصَّلَاتَيْنِ جَمْعًا فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى قُزَحَ فَقَالَ هَذَا قُزَحُ وَهَذَا الْمَوْقِفُ وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ ثُمَّ أَفَاضَ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى وَادِي مُحَسِّرٍ قَرَعَ نَاقَتَهُ حَتَّى جَازَ الْوَادِي ثُمَّ وَقَفَ وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ ثُمَّ أَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ثُمَّ أَتَى الْمَنْحَرَ بِمِنًى فَقَالَ هَذَا الْمَنْحَرُ وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ فَاسْتَقْبَلَتْهُ جَارِيَةٌ مِنْ خَثْعَمَ شَابَّةٌ فَقَالَتْ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ أَفَيُجْزِي أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ فَقَالَ حُجِّي عَنْ أَبِيكِ وَلَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوَيْتَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ فَقَالَ رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً فَلَمْ آمَنُ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا فَأَتَى رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ قَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ ثُمَّ أَتَى الْبَيْتَ فَطَافَ بِهِ ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ فَقَالَ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سِقَايَتَكُمْ فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَيْهَا لَنَزَعْتُ مِنْهَا وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ

سَعِيدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرٌ قَالَ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْقَوْلُ خَرَجَ عَلَى الْمَنْحَرِ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهُ قَالَهُ فِي حَجَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الحديث السابع والخمسون

حديث سابع وخمسون من البلاغات 648 - قال ملك لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُجَاوِزَ الْمُعَرَّسَ إِذَا قَفَلَ يَعْنِي مِنْ حَجَّتِهِ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ وَإِنْ مَرَّ بِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَلْيَقُمْ حَتَّى تَحِلَّ الصَّلَاةُ ثُمَّ يُصَلِّي مَا بَدَا لَهُ لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَّسَ بِهِ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَاخَ بِهِ (20 206)

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمُعَرَّسُ هُوَ الْبَطْحَاءُ الَّتِي تَقْرُبُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ فَبَلَاغُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُوَ مُسْنَدٌ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي بَابِ نَافِعٍ لِأَنَّ مَالِكًا رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَصَلَّى بِهَا قَالَ نَافِعٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ عبد الله ابن عُمَرَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَدَرَ مِنَ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَصَلَّى بِهَا قَالَ نَافِعٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ ابن عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ لَا يُحِيلُ فِيهَا إِلَّا عَلَى ثِقَةٍ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا الْمُحَصَّبُ فَيُقَالُ لَهُ الْأَبْطُحُ وَهُوَ قُرْبُ مَكَّةَ وَفِيهِ مَقْبَرَةُ مَكَّةَ وَهُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ قَبْلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ وَفِي خُرُوجِهِ عَنْهَا مُنْصَرِفًا فَقَالَ قَوْمٌ النُّزُولُ بِهِ سُنَّةٌ وَقَالَ آخَرُونَ لَيْسَ بسنة وكان ملك يَسْتَحِبُّ ذَلِكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ والحرث بْنُ مِسْكِينٍ قِرَاءَةً

عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أخبرني عمرو بن الحرث أَنَّ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَرَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ ثُمَّ رَكِبَ إِلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُحَصَّبِ ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنَ اللَّيْلِ فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَرَوَى الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَنْفِرَ مِنْ مِنًى نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخِيفِ بَنِي كِنَانَةَ يَعْنِي الْمُحَصَّبَ وَرَوَى نُزُولَهُ فِي الْمُحَصَّبِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عَائِشَةُ وَأَبُو جُحَيْفَةَ وَأَنَسٌ وَغَيْرُهُمْ وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنَ عُمَرَ كَانُوا يَنْزِلُونَ الْأَبْطَحَ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُ ذَلِكَ وَقَالَتْ إِنَّمَا نَزَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ مَنْزِلًا أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ وَرَوَى الزُّهْرِيِّ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَيْسَ الْمُحَصَّبُ بِسُنَّةٍ إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ أسمح لخروجه

وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَيْسَ الْمُحَصَّبُ بِشَيْءٍ إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُقَالُ أَيْضًا لِلْمُحَصَّبِ الْأَبْطَحُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ سَأَلْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ عَنِ التَّحْصِيبِ بِالْأَبْطَحِ فَقَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّمَا كَانَ مَنْزِلًا نَزَلَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ دَفَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْأَبْطَحِ فِي قُبَّةٍ يَعْنِي الْمُحَصَّبَ وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا نَعْلَمُهُ يُحَصِّبُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا ابْنُ شَعْبَانَ حدثنا محمد ابن أَحْمَدَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ لَا حَصْبَةَ لِمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَعْبَانَ إِنَّمَا التَّحْصِيبُ لِمَنْ صَدَرَ آخِرَ أَيَّامِ مِنًى وَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ

الحديث الثامن والخمسون

حَدِيثٌ ثَامِنٌ وَخَمْسُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 748 - قَالَ مَالِكٌ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ الدُّعَاءُ فِي الصَّلَاةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ وَهَذَا إِجْمَاعٌ إِذَا كَانَ الدُّعَاءُ بِمَا فِي الْقُرْآنَ وَعِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَدْعُو بِمَا شَاءَ فِي دِينٍ وَدُنْيَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ وَلَا قَطِيعَةِ رَحِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ حدثنا عبد الله بن يزيد المقرىء حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِّيُّ عَنِ الصُّنَابِحِيُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهُ بِيَدِهِ وَقَالَ يَا مُعَاذُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ وَقَالَ أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ اللَّهُمَّ أَعْنِي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ وَأَوْصَى بِذَلِكَ مُعَاذٌ الصُّنَابِحِيَّ وَأَوْصَى بِذَلِكَ الصُّنَابِحِيُّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنِي شقيق

ابن سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَذَكَرَ حَدِيثَ التَّشَهُّدِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ لِيَتَحَرَّ أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو بِهِ وَثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ وَالْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث التاسع والخمسون

حَدِيثٌ تَاسِعٌ وَخَمْسُونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 848 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ كَانَ يُقَالُ إِنَّ أَحَدًا لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ وَهَذَا لَا يَكُونُ رَأْيًا وَإِنَّمَا هُوَ تَوْقِيفٌ مِمَّنْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَلَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ مِثْلُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ إِذَا قَالَ كَانَ يُقَالُ لَمْ نَشُكَّ أَنَّهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَذَلِكَ كَانَ مَالِكٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ فِي ذَلِكَ فَحَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ محمد حدثنا خالد ابن سَعْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِدِمْيَاطَ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ

عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم أن أَحَدَكُمْ لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى بْنِ جَمِيلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْمِلُوا فِي طَلَبِ الدُّنْيَا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنْهَا وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ وَسَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا قَالَ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ عَنْ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ نَفَثَ رُوحُ الْقُدُسِ فِي رَوْعِي إِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا الناس وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرِّزْقِ عَلَى أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُنَالُ فَضْلُهُ بِمَعْصِيَتِهِ

وَمِنْ حَدِيثِ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَرْثِ أَنَّهُ أخبره عن سعيد ابن أَبِي هِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسْتَبْطِئُوا الرِّزْقَ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ لِيَمُوتَ حَتَّى يَبْلُغَ آخِرَ رِزْقٍ هُوَ لَهُ فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فِي أَخْذِ الْحَلَالِ وَتَرْكِ الْحَرَامِ وَرُوِيَ مِثْلُ هَذَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من وُجُوهٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَمَعْنَاهُ فَأَخَذَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ أُقَلِّبُ طَرْفِي مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ لِأَعْلَمَ مَا فِي النَّاسِ وَالْقَلْبُ يَنْقَلِبْ فَلَمْ أَرَ حَظًّا كَالْقَنُوعِ لِأَهْلِهِ وَأَنْ يُجْمِلَ الْإِنْسَانُ مَا عَاشَ فِي الطَّلَبْ وَمِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ عُبَادَةَ الْغَافِقِيِّ قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا يَكْثُرْ هَمُّكَ مَا يُقَدَّرْ يَكُنْ وَمَا تُرْزَقْ يَأْتِكَ وَفِيمَا أَجَازَ لَنَا أَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْمُزَنِيُّ إِمْلَاءً قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن

عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مروان بن معاوية الغزاري قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا الصَّبَاحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ وَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ لَا يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يُسْلِمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ وَلَا يُؤْمِنُ جَارٌ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ قُلْنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَمَا بَوَائِقُهُ قَالَ غَشْمُهُ وَظُلْمُهُ وَلَا يَكْسِبُ مَالًا مِنْ حَرَامٍ فَيُنْفِقَ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُتَقَبَّلَ مِنْهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَمْحُو السيىء بالسيىء ولكن يمحو السيىء بِالْحَسَنِ إِنَّ الْخَبِيثَ لَا يَمْحُو الْخَبِيثَ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ الْأَلْفَاظِ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ وَأَكْثَرُهُ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

الحديث الستون

حَدِيثٌ مُوفِي سِتِّينَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 948 - قَالَ مَالِكٌ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا أَنَّهَا لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَهَذَا كَمَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهِيَ سُنَّةٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِيهَا إِذَا لَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ فَإِنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ إِلَى أَنَّهَا جَائِزَةٌ لِلْوَارِثِ إِذَا أَجَازَهَا لَهُ الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَذَهَبَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ وَطَائِفَةٌ إِلَى أَنَّهَا لَا تَجُوزُ وَإِنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ عَلَى عُمُومِ ظَاهِرِ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا فِي بَابِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ أَحَادِيثُ حِسَانٍ فِي أَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَخُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَنَقَلَهُ أَهْلُ السِّيَرِ فِي خُطْبَتِهِ بِالْوَدَاعِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ فِيهِ إِلَى إِسْنَادٍ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقِّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ صَيْدِ الْمَجُوسِيِّ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْبَحْرِ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ فَقَدْ مَضَى ذِكْرُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَمَضَى الْقَوْلُ فِي مَعَانِيهِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ مِنَ الْمَذَاهِبِ هُنَاكَ وَمَضَى فِي بَابِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ تَصْحِيحُ ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهَ

الحديث الحادي والستون

حَدِيثٌ حَادٍ وَسِتُّونَ مِنَ الْبَلَاغَاتِ 58058058 058 - مَالِكٌ أَنَّهُ بلغه أنه كان يقول الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ كَمَا يَنْبَغِي وَالَّذِي لَا يَعْجَلُ شَيْءٌ أَنَاهُ وَقَدَرَهُ حَسْبِيَ اللَّهُ وَكَفَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ دَعَا لَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ مَرْمًى قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْخَبَرَ شَيْءٌ إِنَاهُ بِتَخْفِيفٍ يَعْجَلُ مِنَ الْفِعْلِ الرُّبَاعِيِّ وَشَيْءٌ رَفْعًا فِي مَوْضِعِ الْفَاعِلِ وَإِنَاهُ مَكْسُورُ الْهَمْزَةِ مَقْصُورٌ في موضع المفعول وقدره كَذَلِكَ اسْمٌ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ وَتَابَعَ يَحْيَى عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَرَوَتْهُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ كَانَ يُقَالُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ كَمَا يَنْبَغِي الَّذِي لَمْ يُعَجِّلْ شَيْئًا أَنَاهُ وَقَدَّرَهُ فَجَعَلَ لَمْ فِي مَوْضِعِ لَا وَيُعَجِّلُ مُثَقَّلٌ وَشَيْئًا مَفْعُولُ يُعَجِّلُ أَنَاءَهُ مَمْدُودٌ مَفْتُوحُ الْهَمْزَةِ وَقَدَّرَهُ فِعْلٌ مُثَقَّلٌ فَالْمَعْنَى فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَتَقَدَّمُ شَيْءٌ وَقْتَهُ أَيِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مِنْ حُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَقَضَائِهِ أَنْ لَا يتقدم

شَيْءٌ وَقْتَهُ وَحِينَهُ الَّذِي قَدَّرَ لَهُ وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي قَدَّرَ لَهُ وَقْتٌ وَأَنَاءُ الشَّيْءِ وَقْتُهُ وَغَايَتُهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ أَيْ وَقْتَهُ وَالْمَعْنَى فِي رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُعَجِّلْ شَيْئًا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ تَأَخُّرُهُ وَلَا نَقَضَ شَيْئًا مِنْ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ أَيْ كُلُّ مَا سَبَقَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ يَكُونُ كَمَا قَضَاهُ وَقَدَّرَهُ أَيْ مَا أَخَّرَهُ فَهُوَ مُؤَخَّرٌ أَبَدًا لَا يُعَجَّلُ وَلَا يُنْقَضُ مَا أَبْرَمَ مِنْ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَكَذَلِكَ لَا يَبْدُو لَهُ فَيُؤَخِّرُ مَا قَضَى بِتَعْجِيلِهِ وَلَا يُجْرَى خَلْقُهُ إِلَّا بِمَا سَبَقَ فِي قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ وَالْمَعْنَى كُلُّهُ فِي الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُ يَجْرِي عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنَ الْمَصِيرِ إِلَيْهِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَآنَيْتَ أَخَّرْتَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي أَتَى فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ وَهُوَ يَخْطُبُ فِي الْجُمُعَةِ آنَيْتَ وَآذَيْتَ أَيْ أَخَّرْتَ الْمَجِيءَ وَآذَيْتَ النَّاسَ بِالتَّخَطِّي قَالَ الشَّاعِرُ وَآنَيْتُ الْعِشَاءَ إِلَى سُهَيْلٍ أَوِ الشِّعْرَى فَطَالَ بِيَ الْإِنَاءُ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ لُؤْلُؤٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عمرو سهل

ابن مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ نُعَيْمُ بْنُ مُوَرِّعِ بْنِ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ المخزومي عن أبيه عن جده عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَلَا أُعَلِّمُكَ عُوذَةً كَانَ إِبْرَاهِيمُ يُعَوِّذُ بِهَا ابْنَيْهِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَأَنَا أُعَوِّذُ بِهَا الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ قَالَ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ كَفَى بِسَمْعِ اللَّهِ وَاعِيًا لِمَنْ دَعَا إِلَّا مَرْمًى وَرَاءَ أَمْرِ اللَّهِ لِرَامٍ رَمَى وَأَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ الْوَرَّاقُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى حَدَّثَنَا أَبُو توبة بن مورع العنبري عن محمد ابن خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ سَوَاءً وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الفرياني قال حدثنا منجاب بن الحرث قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إِلَى النَّخْلِ الَّذِي فِيهِ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ فَوَجَدَهُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ ثُمَّ قَالَ

يَا إِبْرَاهِيمُ مَا نَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ قُلْتُ تَبْكِي يَا رَسُولَ الله أو لم تَنْهَ عَنِ الْبُكَاءِ قَالَ مَا نَهَيْتُ عَنْهُ وَلَكِنِّي نَهَيْتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ صَوْتٍ عِنْدَ نَغْمَةِ لَهْوٍ وَلَعِبٍ وَمَزَامِيرِ شَيْطَانٍ وَصَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ خَمْشِ وُجُوهٍ وَشَقِّ جُيُوبٍ وَرَنَّةِ الشَّيْطَانِ وَهَذِهِ رَحْمَةٌ وَمَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ يَا إِبْرَاهِيمُ لَوْلَا أَنَّهُ أَمْرُ حَقٍّ وَوَعْدُ صِدْقٌ وَأَنَّهَا سَبِيلٌ مَأْتِيَّةٌ وَأَنَّ آخِرَنَا سَيَلْحَقُ بِأَوَّلِنَا لَحَزِنَّا عَلَيْكَ حُزْنًا أَشَدَّ مِنْ هَذَا وَإِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَتَيْنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا شَرَطْنَاهُ وَأَكْمَلْنَا بِعَوْنِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ مَا رَسَمْنَاهُ وَبِحَوَلِهِ وَطَوْلِهِ وَصَلْنَا إِلَى ذَلِكَ وَأَدْرَكْنَاهُ وَلَهُ الْحَمْدُ كَثِيرًا دَائِمًا طَيِّبًا مُبَارَكًا عَدَدَ كَلِمَاتِهِ وَمِلْءَ أَرْضِهِ وَسَمَاوَاتِهِ (وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى محمد وآله وصحبه وسلم تسليما)

باب ما في هذا الديوان من حديث مالك الذي ثبتت عليه أبوابه خاصة, وهو جميع ما في الموطأ

جميع ما في هذا الديوان من حديث مالك الذي ثبتت عليه أبوابه خاصة وهو جميع ما في الموطأ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدِهِ وَمُرْسَلِهِ وَمُنْقَطِعِهِ ثمانمائة وثلاثة وخمسون حديثا منها لإبرهيم بن عقبة حديث واحد ولإبرهيم بن أبي عبلة حديث واحد ولإسمعيل بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ حديث واحد ولإسمعيل بن أبي حكيم أربعة أحاديث ولإسحق بْنِ أَبِي طَلْحَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيثًا وَلِأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ اثْنَانِ مِنْهَا لِغَيْرِ يَحْيَى وَلِأَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ وَلِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ تِسْعَةُ أَحَادِيثَ وَلِحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ سَبْعَةُ أَحَادِيثَ وَلِحُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَعْرَجِ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ وَلِخُبَيْبِ بْنِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حَدِيثَانِ وَلِدَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ وَلِرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ اثْنَا عَشَرَ حَدِيثًا وَلِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ حَدِيثًا وَلِزَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ

حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِزَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِزِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِزِيَادِ بْنِ سَعْدٍ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ وَلِطَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ يَحْيَى وَلِابْنِ شِهَابٍ مِائَةُ حَدِيثٍ وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ حَدِيثًا وَلِأَبِي الزُّبَيْرِ ثَمَانِيَةُ أَحَادِيثَ وَلِابْنِ الْمُنْكَدِرِ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ طَلْحَةَ حَدِيثَانِ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ ولمحمد ابن أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ حَدِيثَانِ وَلِأَبِي الرِّجَالِ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ وَلِمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ حديثان ولموسى بن ميسرة حيثان وَلِمُوسَى بْنِ أَبِي تَمَّامٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِمُسْلِمِ بن أبي مريم ثلاثة أحاديث ولمخرمة ابن سُلَيْمَانَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِلْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِنَافِعٍ مَوْلَى بْنِ عُمَرَ ثَمَانُونَ حَدِيثًا لأبي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكٍ حَدِيثَانِ وَلِنُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ وَلِصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ سَبْعَةُ أَحَادِيثَ وَلِصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ حَدِيثَانِ وَلِصَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ حديث واحد ولصيفي مولى بن أَفْلَحَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ حَدِيثَانِ وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي

بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا وَلِأَبِي طُوَالَةَ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ وَلِأَبِي الزِّنَادِ أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ حَدِيثًا وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يزيد خمسة أحاديث ولعبد الله ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ حَدِيثَانِ وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَشَرَةُ أحاديث ولعبد الرحمن ابن حَرْمَلَةَ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِعَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ وَلِعَبْدِ الْحَمِيدِ أَوْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ الزُّهْرِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِعَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِعَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ وَلِعُثْمَانَ ابن حَفْصِ بْنِ خَلَدَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدِيثَانِ وَلِعَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ حَدِيثَانِ وَلِعَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ أربعة أحاديث ولعمرو بن الحرث حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِعَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِلْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَشَرَةُ أَحَادِيثَ وَلِعَطَاءٍ الْخُرَسَانِيِّ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ وَلِقَطَنِ بْنِ وَهْبٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِسَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِسَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ سِتَّةُ أَحَادِيثَ وَلِأَبِي حَازِمٍ تِسْعَةُ أَحَادِيثَ وَلِسَلَمَةَ بْنِ صَفْوَانَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِسَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ الْأَنْصَارِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِسَالِمٍ أَبِي النَّضِرِ خَمْسَةَ

عَشَرَ حَدِيثًا وَلِسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَشَرَةُ أَحَادِيثَ وَلِسُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ ثَلَاثَةَ عَشَرَ حَدِيثًا وَلِشَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ حَدِيثَانِ وَلِهِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِهِشَامِ بْنِ هَاشِمٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ حَدِيثًا وَلِأَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ حَدِيثَانِ وَلِلْوَلِيدِ بْنِ عَبَّادٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِيَزِيدَ بْنِ قسيط حديث واحد وليزيد ابن خُصَيْفَةَ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ وَلِيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِيَزِيدَ بْنِ الْهَادِي ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ وَلِيَزِيدَ بن زياد بن حَدِيثَانِ وَلِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ حديثا ولابن حماس حديثان وليعقوب ابن زَيْدٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِأَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِأَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ حَدِيثَانِ وَلِأَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَلِأَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدِيثَانِ وَمِنْ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ عَنِ الثِّقَاتِ وَمَا أَرْسَلَهُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَحَدٌ وَسِتُّونَ حَدِيثًا فَهَذَا جَمِيعُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْأَنْدَلُسِيِّ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أُضِيفَ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ كَانَ مَوْقُوفًا فِيهِ مَرْفُوعًا فِي غَيْرِهِ وَمِثْلُهُ لَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ فَذَكَرَ لِصِحَّتِهِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاشَا حَدِيثَيْنِ لِأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وحديث لطلحة بن عبد الملك فإن

عليه السلام هذه الثلاثة الأحاديث خاصة من غير رِوَايَةُ يَحْيَى (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيئِينَ وَعَلَى آلِهِ الطيبين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وَعَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا دَائِمًا أَبَدَ الْآبِدِينَ آمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْشَدَ أَبُو عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَصِفُ هَذَا الدِّيوَانَ سَمِيرُ فُؤَادِي مُذْ ثَلَاثِينَ حِجَّةٍ وَصَيْقَلُ ذِهْنِي وَالْمُفَرِّجُ عَنْ هَمِّي بَسَطْتُ لَكُمْ فِيهِ كَلَامَ نَبِيِّكُمْ بِمَا فِي مَعَانِيهِ مِنَ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ وَفِيهِ مِنَ الْآدَابِ مَا يُهْتَدَى بِهِ إِلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَيُنْهَى عَنِ الظُّلْمِ انْتَهَى جَمِيعُ كِتَابِ التَّمْهِيدِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَحُسْنِ عَوْنِهِ وَجَمِيلِ صُنْعِهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْهُ فِي عَقِبِ شَهْرِ شَعْبَانَ الْمُكَرَّمِ مِنْ سَنَةِ سَبْعِينَ وخمسمائة

§1/1